الله أكبر في الذَّبِّ عن الصدِّيق الأكبر
تأليف
عبد الرحمن بن سعد الشثري
http://www.saaid.net/
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعلَ في كلِّ زمان فترة من الرسل , بقايا من أهل العلم يَدعُونَ من ضلَّ إلى الهدى , ويَصبرونَ منهم على الأذى , يُحيونَ بكتاب الله الْموتى , ويُبصِّرونَ بنور الله أهلَ العَمَى , فكم من قتيلٍ لإبليسَ قد أحيوه , وكم من ضالٍّ تائهٍ قد هَدَوه , فما أحسنَ أثرَهم على الناس , وأقبحَ أثرَ الناس عليهم , يَنفونَ عن كتاب الله تحريفَ الغالين , وانتحالَ المبطلين , وتأويلَ الجاهلينَ , الذينَ عقدوا ألوية البدع , وأطلقوا عقال الفتنة , فهم مُختلفونَ في الكتاب , مُخالفونَ للكتاب , مُجمعونَ على مفارقة الكتاب , يقولونَ على الله , وفي الله , وفي كتاب الله بغير علم , يَتكلَّمونَ بالْمتشابه من الكلام , ويَخدعونَ جُهَّالَ الناس بما يُشبِّهونَ عليهم , فنعوذُ بالله من فِتَنِ الضالين (1) .
والصلاة والسلام على عبدالله ورسوله القائل :
( إنَّ الله لا يَقبضُ العِلمَ انتزاعاً يَنتزعُه مِنَ العبادِ , ولكنْ يَقبضُ العِلمَ بقبضِ العلماءِ , حتَّى إذا لَمْ يُبْقِ عَالِمَاً اتَّخَذَ الناسُ رُؤساءَ جُهَّالاً , فَسُئِلُوا فأفتوا بغير علمٍ , فَضَلُّوا وأَضَلُّوا ) (2) .
والمَروِيِّ عنه صلى الله عليه وسلم قولُه :
( يَرثُ هذا العِلمَ مِنْ كلِّ خَلَفٍ عُدولُه , يَنفُونَ عنه تأويلَ الْجاهلينَ , وانتحالَ الْمُبطلينَ , وتحريفَ الغالين ) (3) .
ورضي الله عن صحابته والتابعين , ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدِّين .
أما بعد :(1/1)
فقد وقفتُ على كلام المدعو ( ... ) في جريدة ( ... ) في الخامس والعشرين من ذي الحجة عام 1425هـ في العدد ( 13375 ) فرأيتُ لهذا الْمُبتلَى من الكلام ما يُوجبُ للمؤمن الْمُعافى مِمَّا ابتُلي به هذا : أنْ يُكثر من حمد الله تعالى وشكره , ومن سؤال الله العافية , وأيُّ بليََّةٍ أعظم من القول على الله تعالى بلا علم .
وخلوُّ الذهن من العلم , وعدمُ الشعور بشيء منه : أخفُّ ضرراً , وأقلُ خطراً مِمَّا ابتُليَ به هذا الْمُبتلَى , من تحريف الكَلم , والخروج عمَا عليه أهل السنة والجماعة , والتعرُّض لخير خلق الله تعالى بعد الأنبياء عليهم السلام بالكذب والبهتان .
وما حالُ هذا الْمُبتلَى إلاَّ حالَ ذلك المُغفَّل القائل : ( سأعملُ عملاً أُذكرُ به في التاريخ , فما كانَ منه في جمعٍ حاشدٍ إلاَّ أنْ خلَع ثيابه وتعرَّى أمامهم , فتحقَّقَ له الذي أراده ) (4) .
فواجبٌ تحذير المسلمين من هذه الفتنة ، ومن هذا المفتون ، المتجاوز لحدود ربِّ العالمين ( (((( ((((((((((( (((((( ((((((((((((((( ((((( ((((((((( ((((((((((( ((( (((((((( (((( ((((((((((( ((((( ( .
وإنه من الضلالِ المبين ، والغشِّ للمسلمين ، والتدليس على شبَبَتِهم ما افتراه هذا الكاتب على خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم غضباً واحتجاجاً منه على أبي بكر الصديق رضي الله عنه لحربه للمرتدين .
والمصيبة تعظمُ : إذا عُلم بأنَّ هذا الْمُبتلَى يُحاولُ أن يكسو مقالته بلِحَاء الشريعة ، ونسبتها إلى مذهب أهل السنة والجماعة نتيجة لردود الأفعال ، ضد فكر التكفير - زَعَمَ - وهكذا من ردِّ الباطل بأضلَّ وأبطل منه ، والضلالة بأخريات , ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم .(1/2)
وفعلُ هذا الْمُبتلَى من جادة الأخسرين أعمالاً ، وقد فضحَ الله المنافقين بها ، وهتكَ أستارهم فيها في مواضع من كتابه ، منها في صدر سورة البقرة , إذ قالوا لتأييد إفسادهم : ( ((((((( (((((( ((((((((((( (((( ( فكذَّبهم الله تعالى بقوله : ( (((( (((((((( (((( ((((((((((((((( (((((((( (( ((((((((((( (((( ( .
ولَمَّا صَدُّوا عما أَنزلَ الله تعالى حكَى الله عنهم اعتذارهم : ( (((( ((((((((( ((((((((((( (((((( (((( (((((((((( (((( (((((((((( (((((((((((( (((( ( .
فالواجبُ ردُّ الباطل والأهواء المضِلَّة بالكتاب والسنة , وما عليه سلف الأمة من الصحابة رضي الله عنهم فمن تبعهم بإحسان .
ولا أرَى مثلَ هذا التوجُّهِ من هذا الْمُبتلَى وجريدته ، إلاَّ من السقوط في الفتنة ( (((( ((( (((((((((((( ((((((((( ( ( .
ومَنْ أرادَ اللهُ سعادته جعلَه يعتبرُ بما أصابَ غيره فيسلك مسلك مَنْ أيده الله ونصره ، ويجتنب مسلك من خذله الله وأهانه ... (5) .
وهذه الرسالةُ مما أحتسبه عند الله تعالى كِفاحاً ودفاعاً عن دين الصدِّيق رضي الله عنه , وصوناً لأفكار شباب المسلمين من هذا الوباء , مبتعدين عن النِزاع والمماظة , والخوض في تلك المخاضة , ولكنْ : من جرَّ أذيال الناس بباطلٍ , جرُّوا ذيله بحقٍّ (6) .
هاشمٌ جدنا فإن كنتِ غَضْبَى فاملئي وجهَكِ الجميلَ خُدوشاً (7) .(1/3)
قال الْمُبتلَى المفتون : ( نتحدثُ فيها عن جذور الفكر الذي قادَ إلى الإرهاب كسلوك , بدءاً من فكر الخوارج والمُكفِّرين , ومروراً بفكر المتطرِّفين الغلاة , وانتهاءً بأفكار المنظِّرين لفكر الإرهاب الجديد ) إلى أن قال : ( لَمْ يخرج فكرُ التكفير إلى الوجود بغتة , بل إنَّ له جذوراً وسوابق في التاريخ الإسلامي , ولعلَّ أولَ وأهمَّ واقعة تاريخية عبَّرَت عن ميلاد فكرة التكفير في الإسلام هي : حروب الردة , التي خاضها الخليفة أبو بكر الصديق في مطلع عهده , حيث عَنِيَ تكفيرَ المرتدين وقتالهم بالسيف حكماً قاطعاً بتراجعهم عن ملَّة الإسلام , وخروجهم عن عقيدته , وهو الأمرُ الذي حسمه الخليفة الأول أبو بكر الصديق رضي الله عنه , مُحتسباً عصيانَ المرتدينَ عن دفع الزكاة تمرُّداً على الدين , لا على السلطة فحسب , باعتبار أنَّ الزكاة من أركان الإسلام الأساسية , وبذلك تكونُ حروب الرِّدة أول بيان رسميٍّ يُعلن ميلاد أيديولوجيا التكفير , ويقرن التعبير عن حكم التكفير بقتال الجهة التي يشملها الحكم إياه , ثُمَّ بدأ التكفيرُ في طوره التاريخي الثاني : بظهور فرقة الخوارج ... وبرزَ فكرهم ظاهراً ليتسلَّلَ إلى فكر الأمة الإسلامية في أطوار متعدِّدة من تاريخها , فمن تكفير المرتدين إلى تكفير مرتكب الكبيرة إلى تكفير بعض الفرق من الباطنية والطرق الصوفية وأصحاب البدع حيث تدرَّجت فكرة التكفير وتنامت ... والواقعُ أنَّ عناصرَ الشبه والتقارب بين أفكار التكفير القديمة وأفكار التكفير الحديثة قائمة ومتكرِّرة ... فكرُ العنف والتطرُّف والغلو , والذي يتقاطع مع فكر التكفير في أكثر من مناسبة وشاهد تاريخي , إذ يُمثِّلُ الإرهاصات الأولى للتكفير باعتباره أعلى أشكال التعبير عنه وان اختلفت النتيجة التي تنتهي إليها من حيث الحكم على الآخر والعلاقة به ) الخ .
فنخلصُ من كلام هذا الْمُبتلَى إلى ما يلي :(1/4)
أولاً : تفريق الْمُبتلَى بين الخوارج والمكفِّرين , فالخوارج على حسب قوله خرجوا في زمن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه , وأما المكفِّرون : فهم الصحابة رضي الله عنهم بتكفيرهم لمانعي الزكاة , فاستحلُّوا دمائهم : باسم حروب الرِّدة , حيث قال : ( بدءاً من فكر الخوارج والمُكفِّرين ) .
ثانياً : أنَّ الْمُبتلَى اعتبر الصديقَ رضي الله عنه أول من أوجد أيديولوجيا التكفير ؟!! حيث قال الْمُبتلَى : ( حيث عنيَ تكفيرَ المرتدين وقتالهم بالسيف حكماً قاطعاً بتراجعهم عن ملَّة الإسلام , وخروجهم عن عقيدته ) .
ثالثاً : أنَّ حُكمَ الصحابة رضي الله عنهم على كل المرتدين بالرِّدَّة من أجل امتناعهم عن دفع الزكاة فقط , حيث قال الْمُبتلَى : ( مُحتسباً عصيانَ المرتدين عن دفع الزكاة تمرُّداً على الدين ) .
رابعاً : أنَّ إجماع الصحابة رضي الله عنهم على حرب المرتدين هي أول واقعة تاريخية عبَّرت عن ميلاد التكفير في الإسلام ؟؟!! حيث قال الْمُبتلَى : ( وبذلك تكونُ حروب الرِّدة أول بيان رسمي يُعلن ميلاد أيديولوجيا التكفير ) .
خامساً : أنَّ عقيدة الخوارج المكفِّرين لمرتكب الكبيرة إنما هم امتداد لفكر الصحابة رضي الله عنهم المكفِّرين للمرتدين عن الدين , حيث قال الْمُبتلَى : ( ثمَّ بدأ التكفير في طوره التاريخي الثاني : بظهور فرقة الخوارج ... فمن تكفير المرتدين إلى تكفير مرتكب الكبيرة ) .
سادساً : لَمْ يَجِدِ الْمُبتلَى من يُشْبِهُ الصحابةَ رضي الله عنهم في حفاظهم على الإسلام في قتالهم للمرتدين إلاَّ الخوارج !!؟ حيث قال الْمُبتلَى : ( والواقعُ أنَّ عناصرَ الشَبَهِ والتقاربِ بين أفكار التكفير القديمة وأفكار التكفير الحديثة قائمةٌ ومتكررةٌ ) .
أيها المسلمون :(1/5)
لقد امتلأت كتب العقائد السنيَّة في بيان موقف أهل السنة والجماعة فيمن تعرَّض لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عموماً , ولخلفائه الراشدين رضي الله تعالى عنهم خصوصاً .
وقبلَ أنْ أسوقَ بعض النقول , أذكرُ معنى السَّبِّ ؟ .
السَبُّ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : ( هو الكلامُ الذي يُقصدُ منه الانتقاصُ , والاستخفافُ , وهو ما يُفهمُ منه السَّبُّ في عقولِ الناسِ على اختلافِ اعتقاداتهم ) (8) .
ويذكرُ رحمه الله تعالى : أنَّ حدَّ السَبِّ وضابطه هو العُرف ، فيقول : ( فما عدَّه أهلُ العُرفِ سبَّاً , وانتقاصاً ، أو عيباً ، أو طعناً ونحو ذلك فهو من السَبِّ ) (9) .
ويقولُ ابن حجر : ( الشتمُ : هو الوصفُ بما يقتضي النقص ) (10) .
وأما النقولُ الواردةُ عن السلف فيمن تعرَّض للصحابة عموماً , وللصدِّيق رضي الله عنه خصوصاً , فكثيرةٌ منها :
قول الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى : ( ومَنْ أحسنَ القولَ في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه الطاهرات من كلِّ دَنَسٍ , وذرياته المقدَّسين من كلِّ رجسٍ , فقد بريء من النفاق ) (11) .
ولَمَّا سبَّ عبيد الله بن عمر المقدادَ بن الأسود رضي الله عنه , همَّ عمرُ رضي الله عنه بقطع لسانه , فكلَّمه فيه أصحابُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم , فقال : ذروني أقطعُ لسانَ ابني حتى لا يجترئ أحدٌ مِنْ بعدي يسبُّ أحداً مِنْ أصحابِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم أبداً (12) .
ولَمَّا بلَغَ علياً رضي الله عنه أنَّ ابن السوداء تنقَّص أبا بكرٍ وعمرَ رضي الله عنهما , فدعا به وبالسيف , فهمَّ بقتله , فكُلِّمَ فيه فقال : لا يُساكِنِّي بلَداً أنا فيه , فنفاه إلى الشام (13) .
وقال أيضاً - رضي الله تعالى عنه - : ( ما أَرَى رَجُلاً يسبُّ أبا بكر رضوان الله عليه يتيسر له توبة .(1/6)
وانتقل جرير بن عبد الله البجلي , وحنظلة بن الربيع , وعدي بن حاتم , ومحمد بن عبدالعزيز التيمي رضي الله تعالى عنهم من الكوفة , وقالوا : لا نُقيمُ ببلدةٍ يُشتمُ فيها عثمان رضي الله عنه .
وكذلك فعل العلامة الخِرَقِي الحنبلي ت334هـ رحمه الله , حيث خرجَ من بغداد لَمَّا ظَهَرَ سبُّ الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين (14) .
وكذلك فعل العالم المالكي محمد بن نظيف البزاز الإفريقي ت355هـ رحمه الله , حيث خرج من إفريقية (15) هرباً إلى المشرق لَمَّا ظَهَرَ فيها سَبُّ السلف (16) .
وقال الإمام مالك رحمه الله تعالى :
( لا ينبغي الإقامةُ بأرض يكونُ العملُ فيها بغير الحقِّ والسبِّ للسلف ) (17) .
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام الشافعي رحمه الله تعالى :
( عاشرتُ الناس , وكلَّمتُ أهلَ الكلام , فما رأيتُ قوماً أوسخَ وسخاً , ولا أقذرَ قذراً , ولا أضعفَ حُجَّةً , ولا أحمقَ من الرافضة , ولقد وُلِّيتُ قضاء الثغور فنفيتُ منهم ثلاثة رجالٍ جهمِيْيَنِ ورافضياً , أو رافضِيْيَنِ وجهمياً , وقلتُ : مثلكم لا يُساكنُ أهلَ الثغور , فأخرجتُهم ) (18) .
وسَألَ عبد الرحمنُ بن أبزَى أباهُ عبد الرحمن :
( فيمن سبَّ أبا بكرٍ ما كنتَ تصنعُ به ؟ قال : كنتُ أضربُ عنقه , قلتُ : فعُمَر ؟ قال : أضربُ عنقه .
وقال طلحةُ بن مُصرِّف رحمه الله تعالى :
كان يُقالُ : بُغضُ بني هاشم نفاقٌ , وبُغضُ أبي بكر وعمر نفاقٌ , والشاكُّ في أبي بكر رضي الله تعالى عنه كالشاكِّ في السنة .
وعن عبد الله بن أحمد قال :
سألتُ أبي عن رجلٍ سبَّ رجلاً من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم , قال : أرى أنْ يُضرب , فقلتُ : له حدٌّ , فلم يقف على الحدِّ , إلاَّ أنه قال : يُضربُ وما أَرَاهُ على الإسلام .
وقال الأجلح :
سمعنا أنه ما سبَّ أبا بكر وعمر أحدٌ إلا ماتَ قتلاً , أو فقراً ) (19) .
( وسُئل محمد بن يوسف الفريابي عمَّن شتمَ أبا بكرٍ رضي الله عنه ؟ .
قال : كافرٌ .(1/7)
قيل : فيُصلَّى عليه ؟ .
قال : لا .
وسأله : كيف يُصنعُ به وهو يقولُ لا إله إلا الله ؟ .
قال : لا تَمَسُّوهُ بأيديكم , ادفعوه بالخشب حتى تُواروه في حفرته ) (20) .
وقال الإمامُ مالكٌ رحمه الله تعالى :
( مَنْ شتمَ أحداً من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم : أبا بكر , أو عمر , أو عثمان , أو معاوية , أو عمرو بن العاص , فإنْ قالَ : كانوا على ضلالٍ , أو كفرٍ , قُتلَ ) (21) .
وقال هشام بن عمَّار رحمه الله تعالى :
( سمعتُ مالكاً يقول : من سبَّ أبا بكرٍ وعُمَرَ رضي الله عنهما قُتِلَ ) (22) .
وقال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى :
( على هذا مَضَت سيرةُ أهل العلم , وأفتى بعض الشافعية : أنَّ من سبَّ أبا بكرٍ , أوْ عُمَرَ , أو عثمانَ , أو علياً رضي الله عنهم فهو كافرٌ ) (23) .
وقال الهيثمي : ( ونَقل بعضهم عن أكثر العلماء : أنَّ من سبَّ أبا بكرٍ وعمرَ كان كافراً ) (24) .
وقد أنكرَ الإمامُ أحمد رحمه الله تعالى على مَنْ جمعَ الأخبارَ التي فيها طعنٌ على بعض أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم , وغضِبَ لذلك غضَباً شديداً وقال : ( لو كان هذا في أفناء (25) الناس لأنكرتُهُ , فكيفَ في أصحاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم , وقال : أنا لَمْ أكتب هذه الأحاديث , قلتُ لأبي عبدالله : فَمَن عرفتُهُ يكتبُ هذه الأحاديثَ الرديئة ويجمعها أَيُهجرُ ؟ قال : نعمْ , يستأهلُ صاحبُ هذه الأحاديث الرديئة الرَّجْمُ ) (26) .
فكيف بهذا الْمُفتري على أبي بكر رضي الله عنه لأنه حاربَ المرتدين .
وقد كان أئمة السلف رحمهم الله تعالى يقولون :
( معاويةُ رضي الله عنه بِمَنْزِلةِ حَلْقةِ الباب , مَنْ حرَّكَهُ اتهمناه على مَنْ فوقه ) (27) .
فكيف بهذا الْمُبتلَى وطعنه في الصدِّيق رضي الله عنه , فمَنْ فوْقَ الصدِّيق إلاَّ النبي صلى الله عليه وسلم ؟ .(1/8)
وقال الربيع بن نافع رحمه الله تعالى : ( معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه سِتْرُ أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم , فإذا كَشَفَ الرَّجل السِتْرَ اجتَرَأَ على ما وراءَهُ ) (28) .
فيا تُرى مَنْ سيجترأُ عليه هذا الْمُبتلَى بعد أبي بكر إلاَّ النبي صلى الله عليه وسلم .
وقال الإمام أبو زرعة رحمه الله تعالى :
( إذا رأيتَ الرَّجُلَ ينتقصُ أحداً من أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديقٌ ) (29) .
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى : ( فيا ويلَ مَنْ أبغضهم , أو سبَّهم , أو أبغضَ أو سبَّ بعضهم , ولا سيِّما سيِّدُ الصحابة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم , وخيرهم , وأفضلهم أعني الصدِّيق الأكبر , والخليفة الأعظم أبا بكر بن أبي قحافة رضي الله عنه , فإنَّ الطائفةَ المخذولةَ من الرافضة يُعادون أفضلَ الصحابة , ويُبغضونهم , ويسبُّونهم , عياذاً بالله من ذلك , وهذا يدلُّ على أنَّ عقولهم معكوسة , وقلوبهم منكوسة , فأينَ هؤلاء من الإيمان بالقرآن , إذ يسبُّون مَنْ رضيَ الله عنهم ) (30) .
وقال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى : ( لكنَّ الله أشقاهم فخذلهم بالتكلُّم في أنصار الدين , كلٌّ مُيسَّرٌ لِمَا خُلِقَ له ) (31) .
فكيف إذا كان هذا الانتقاص مِنْ أجلِ حربه للمرتدِّين ؟ .
وروى الإمام أحمد عن ابن أبي ليلى قال : ( تَدَارَوْا في أبي بكرٍ وعُمَرَ , فقال رجُلٌ من عَطارِد : عمرُ أفضلُ من أبي بكرٍ , فقال الجارودُ : بل أبو بكرٍ أفضلُ منه , فبلغَ ذلك عمرَ , قال : فجعلَ يضربُهُ ضرباً بالدُّرَّةِ حتَّى شَغَرَ (32) , ثمَّ أقبلَ إلى الجارود فقال : إليك عنِّي , ثمَّ قال عمرُ : أبو بكرٍ كانَ خيرَ الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في كذا وكذا , ثم قال عمرُ : مَنْ قال غير هذا أقمنا عليه ما نقيمُ على الْمُفتري ) (33) .
وكذلك قال أميرُ المؤمنين علي بن أبى طالب رضي الله عنه :(1/9)
( لا يُفضِّلُنِي أحدٌ على أبى بكرٍ وعمرَ رضي الله عنهما إلاَّ جلدتُهُ حدَّ المُفتري ) (34) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
( فإذا كانَ الخليفتانِ عُمَرُ وعليٌّ رضي الله عنهما يَجلدان حدّ الْمُفتري لِمَنْ يُفضِّلُ عليَّاً على أبي بكرٍ وعمر , أوْ مَنْ يُفضِّلُ عمرَ على أبي بكرٍ , معَ أنَّ مُجرَّدَ التفضيلِ ليس فيهِ سبٌّ ولا عيبٌ , عُلِمَ أنَّ عقوبةَ السَّبِّ عندَهُما فوقَ هذا بكثير ) (35) .
الله أكبر , أفلا نعلمُ أيها المسلمون :
ألا يخافُ هذا الكاتب الْمفتون أن تكون عقوبته بطعنه في أبي بكرٍ رضي الله تعالى عنه , وأنه أوَّل من أوجدَ التكفير لحربه للمرتدِّين أكبر من عقوبة حدِّ الْمُفتري .
وعن الفضل بن زياد قال : ( سمعتُ أبا عبد الله وسُئل عن رجلٍ انتقصَ معاوية وعمرو بن العاص أيُقالُ له رافضيٌّ ؟ قال : إنه لَمْ يجترئ عليهما إلاَّ وله خبيئةُ سوءٍ , ما يُبغضُ أحدٌ أحداً مِنْ أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلاَّ وله داخلةُ سوءٍ ) (36) .
وقال الإمامُ أحمد رحمه الله تعالى فيما هو أقلّ من فعل هذا الكاتب : ( .. فمَنْ فعلَ ذلك فقد وَجَبَ على السلطان تأديبُه وعقوبتُه , ليسَ له أنْ يعفوَ عنه ، بل يعاقبُه ويستتيبُه ، فإنْ تابَ قُبِلَ منه ، وإنْ ثبتَ أعادَ عليه العقوبةَ وخلَّدهُ في الحبس حتَّى يموتَ أو يُراجعَ ) (37) , ( وحكى الإمام أحمد هذا عمَّن أدركه من أهل العلم , وحكاه الكرماني عنه وعن إسحاق , والحميدي , وسعيد بن منصور , وغيرهم ) (38) .
فانظروا يا علماء الإسلام : إلى قول إمامِ أهلِ السنةِ فيمن يَعيبُ أو يَطعنُ في واحدٍ مِنَ الصحابة رضي الله عنهم , ووجوب عقوبته وتأديبهِ , وليس له أن يعفو عنه , فكيفَ إذا كان الطعنُ في أعظم الصحابة , ومِنْ أجلِ حربه للمرتدين عن الإسلام .(1/10)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : ( .. وأمَّا إنْ سبَّهُم سبَّاً لا يقدحُ في عدالتهم ولا في دينهم , مثل وصفِ بعضهِم بالبخلِ , أو الْجُبْنِ , أو قلَّة العلم , أو عدم الزهد , ونحو ذلك فهو الذي يستحقُّ التأديبَ والتعزيرَ , ولا نحكمُ بكفره بمجرَّدِ ذلك ، وعلى هذا يُحملُ كلام مَنْ لَمْ يُكَفِّرْهُم مِنَ العلماء ) (39) .
وذكر أبو يعلى من الأمثلة على ذلك : ( اتِّهَامهم بقلَّةِ المعرفة بالسياسة ) (40) .
فهل يقول عاقلٌ يا علماء الإسلام بأنَّ افتراء هذا الكاتب على صدِّيق هذه الأمة رضي الله عنه : بأنه أولّ مَنْ أنشأَ أيديولوجيا التكفير بحربه للمرتدِّين لا يقدحُ في عدالته ودينه رضي الله عنه ؟؟؟ .
وقال الإمامُ مالك رحمه الله تعالى عن أناسٍ فعلوا أقلَّ مِمَّا فعلَ هذا الكاتب الْمُبتلَى : ( إنما هؤلاءِ أقوامٌ أرادوا القدحَ في النبيِّ صلى الله عليه وسلم فلَمْ يُمكنهم ذلك , فقدَحُوا في أصحابه حتى يُقال : رجلُ سوءٍ ، ولو كانَ رجلاً صالحاً لكانَ أصحابهُ صالحين ) (41) .
أَمَا يَخشى هذا الكاتب وأمثاله أن ينطبقَ عليهم قول الإمام أحمد رحمه الله : ( إذا رأيتَ رجلاً يذكرُ أحداً من الصحابة بسوءٍ فاتهمه على الإسلام ) (42) .
وإنَّنِي في هذا المقام أشكرُ علماءَ الأزهر على إصدارهم البيان الآتي في علمانيِّي العصر الحاضر , حيث قالوا :(1/11)
( لقد رأيناهم يغتالون التاريخ الإسلامي كلَّه فلا يرونَ فيه إلا سلسلةً من الْمجونِ والْمظالِم !! .. بل لَمْ يَسلَمْ من سِهامهم السابقونَ الأولونَ من المهاجرينَ والأنصار ، فرأيناهم يَرَوْنَ في أبي بكر الصدِّيق رضي الله عنه مُغتصباً لحقوق النبيِّ صلى الله عليه وسلم !! مُستحِلاً لقتال المسلمين بِما خاضه من حروب الرِّدَّة !! وينتصرون لإخوانهم المرتدِّين !! ناقلينَ في ذلك أحاديثَ الإفك من المستشرقين ، ضاربينَ عرض الحائط بحقائق الكتاب والسنة وإجماع المسلمين .. إننا من جانبنا نُعلنُ - إبراءَ الذمَّة - أنَّ مثل هذا التصرُّف العلماني ثورة على دين الأمة !! وعدوانٌ سافرٌ على مرجعيتها المقدَّسة كتاباً وسنة !! .. كما أنه من ناحية أخرى يُولِّدُ تطرُّفاً مُقابلاً نشهدُه في حوادث العنف التي تتابعت على مسرح الحياة المصرية في الآونة الأخيرة , وإننا بقدر ما نُعلنُ إدانتنا للتطرُّف الذي يُنسبُ إلى الدِّين ، وإنكارنا على ما يقعُ في هذا الجانب من أحداثٍ داميةٍ ، فإننا ندينُ وبنفس القدر هذا الغلوَّ في معاداة الإسلام ، ورفض شريعته ، وتزييف تاريخه ، وتشويه رموزه وأعلامه .. وإنَّ مَثَلَنا ومَثَل هؤلاء كَمَثَلِ قومٍ استهموا في سفينة ، فأصابَ فريقٌ منهم أعلاها وأصاب آخرونَ أسفلها ، فإذا الذين في أسفلها يُحاولون أنْ يَخرقوا في نصيبهم خرقاً ليستقوا منه الماء ، فلو تُركوا وما يُريدون لَغَرَقَتِ السفينةُ بِمَنْ فيها أجمعين !! .. إنَّ هذا الذي تشهده الساحةُ المعاصرةُ من استطالة دُعاة العلمانية واستماتتهم في عزل هداية الإسلام عن مسيرة هذه الأمة ، والزجِّ بِها في مجاهل الأرض وخوادع السُبل يُعدُّ خيانةً عُظمى لهذه الأمة وللحقيقة المجرَّدة !! وإنَّ التمكينَ لذلك يُعدُّ إعانةً على هذه الخيانة ، ومَسلَكاً عدائياً لا تصلحُ به دنيا ولا يبقى معه دين ! ... إنَّ ثوابتَ هذه الأمة ومُحكِّماتِ هذه الْمِلَّةِ قد أصبحت(1/12)
عرضاً مُباحاً لهؤلاء يتخوَّضونَ فيه طعناً , وتسفيهاً , وتشويهاً , وتزييفاً بلا حريجةٍ دينيةٍ أو خُلُقيةٍ !! .. إننا نُعلنُ براءتنا إلى الله عزَّ وجلَّ من كلِّ دعوةٍ تُخاصم شريعة الله تعالى ، وتُجاهرُ أحكامها بالعداء ، ونُعلنُ أنَّ مثل هذه الدعوات امتدادٌ للوجود الاستعماريِّ في بلادنا ! وأنها لا تجتمعُ مع أصلِ الإسلام بحالٍ من الأحوال !! كما ندعو الصحفَ المصرية جميعها : القومية - أي الحكومية - منها , والمعارضة : أن لا تُسوِّدَ أعمدتها بإشاعةِ أحاديث الإفك التي يتداولها هؤلاء ، فإنْ أبتْ إلاَّ أنْ تفعلَ , فلا أقلَّ مِنْ أنْ تُتيحَ لحملَةِ الشريعةِ ودعاةِ الإسلام من المساحة ما يكفي لدفعِ التُهمة بالْحُجة ، ومقارعةِ الكلمة بالكلمة إحقاقاً للحقِّ ، وإبطالاً للباطل ، واتقاءً لسخط الله عز وجل ، فإنَّ هذا هو أدنى ما يُمكنُ قبوله منها باعتبارها تصدرُ في بلادٍ لا تزالُ تنتسبُ إلى الإسلام , وقد آلينا على أنفسنا - نحن الموقعين على هذا البيان - أنْ نقومَ بواجبنا تجاهَ ديننا وأُمَّتنا , وأنْ نصدعَ بكلمة الحقِّ لا نخافُ في الله لومة لائم ، كما اتفقنا فيما بيننا على التصدِّي لكلِّ ما يُثارُ حولَ الإسلام من شبهاتٍ ومفترياتٍ مِنْ خلالِ الحواراتِ والمناظراتِ العلميةِ الجادةِ لكلِّ مَنْ يرغبُ في الحوار والمناظرة ، لتكونَ نوعاً من استفاضة البلاغ , وإقامة الحجة على الكافة ، ليهلِكَ مَنْ هلكَ عن بيِّنةٍ ، ويَحْيَى من حَيَّ عن بيِّنةٍ ، مسترشدينَ بقول المولى سبحانه : ( (((((( (((((( ((((((( ((((((( (((((((((((((( (((((((((((((((( (((((((((((( ( (((((((((((( ((((((((( (((( (((((((( ( ( كما ندعو الأمة جميعاً إلى أنْ تكونَ على بيِّنة مِنْ أمرِ هؤلاء الذين يحرثونَ الطريقَ أمامَ أعدائها في الدنيا ، ويجرُّونها بدعوتهم إلى جحيم الْخُلد وشقاء الأبد في الآخرة ! ( ((((((((((((((( (((( ((((((( (((((( ((1/13)
((((((((((( (((((((( ((((( (((( ( (((( (((( ((((((( ((((((((((((( (((( ( .
هذا بلاغٌ لكم والبعثُ موعدنا وعند ذي العرشِ يَدْرِي الناسُ ما الخبرُ )(43) .
وندعو لسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية , رئيس القضاة , والشئون الإسلامية - رحمه الله تعالى - على موقفه مع عبدالله الخنيزي مؤلفِ كتاب ( أبو طالب مؤمن قريش ) حيث قال سماحته رحمه الله تعالى :
من محمد بن إبراهيم إلى المكرم مدير شرطة الرياض سلمه الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , وبعد :
فبالإشارة إلى المعاملة الواردة منكم برقم 944 وتاريخ 10/11/1381 المتعلقة بمحاكمة عبد الله الخنيزي , فإنه جرى الإطلاع على المعاملة الأساسية ووجدنا بها الصك الصادر من القضاة الثلاثة المقتضي إدانته ، والمتضمن تقريرهم عليه :
يُعزَّر بأمور أربعة :
أولاً : مصادرة نسخ الكتاب وإحراقها , كما صرَّح العلماء بذلك في حكم كتب المبتدعة .
ثانياً : تعزير جامع الكتاب بسجنه سنةً كاملةً ، وضربه كلَّ شهرين عشرين جلدة في السوق مدة السنة المُشار إليها بحضور مندوب من هيئة الأمر بالمعروف , مع مندوب الإمارة والمحكمة .
ثالثاً : إستتبابته , فإذا تاب وأعلن توبته , وكتب كتابة ضدَّ ما كتبه في كتابه المذكور , ونُشرت في الصحف , وتَمَّت مدة سجنه خُلِّي سبيله بعد ذلك ، ولا يُطلق سراحه وإنْ تَمَّت مدة سجنه ما لَمْ يقم بما ذكرنا في هذه المادة .
رابعاً : فصله من عمله ، وعدم توظيفه في جميع الوظائف الحكومية ، لأنَّ هذا من التعزير .
هذا ما يتعلَّق بالتعزير الذي قرَّرته اللجنة , وبعد استكماله يبقى موضوع التوبة يُجرى فيه ما يلزم إن شاء الله , والسلام عليكم ( ص/ف 27 في 10/1/ 1382 ) .
( توبته )
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم .. وفقه الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , وبعد :(1/14)
فبالإشارة إلى خطاب جلالتكم رقم 17/7/337 في 14/3/1382 بشأن عبد الله الخنيزي مؤلف كتاب ( أبو طالب مؤمن قريش ) وما رأى جلالتكم من إحضاره لدينا وأخذ اعترافاته كتابةً بالتكذيب لِما كتبه .
ونفيد جلالتكم أننا استدعينا المذكور ، وقرَّر التوبة المرفقة ، والتزم بالكتابة والنشر في الصحف ردَّاً على ما افتراه في كتابه ، كما أخذنا عليه التعهد بعدم إعادة طبع الكتاب أو الإذن لأحد بطبعه ، ومتى حصل ذلك فإنه معرَّض للعقوبة , ونُعيد إلى جلالتكم أوراق المعاملة , والله يحفظكم ( ص/ ف 496 في 2/4/1382 ) .
إعترافه بالخطأ خطياً
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا عبد الله الخنيزي مؤلف كتاب ( أبو طالب مؤمن قريش ) أعترفُ بأنَّ كتابي المذكور يشتمل على ما يأتي :
(1) الجزم بإيمان أبي طالب .
(2) انتهاك حرمة أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم : برمي بعضهم بالزنا ، وتفسيق البعض ، وتكفير البعض ، ونسبة البعض إلى أخذ الرشوات مقابل وضع الحديث , واختلاقه على النبيِّ صلى الله عليه وسلم .
(3) أحاديث مختلَقة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم اعتمدتُ عليها في الكتاب المذكور .
أعترفُ بوقوع هذه الأشياء في كتابي ( أبي طالب مؤمن قريش ) وأنني إذ أعترفُ بذلك أُقرُّ بخطئي في ذلك جميعه ، وأتوبُ إلى الله من هذه الأشياء ، وأعتقدُ في أبي طالب بما صحَّ به الحديث أنه مات على ملَّة عبد المطلب وهي الكفر (44) .
وأقولُ في جميع الصحابة أنهم أفضل الخلق بعد الأنبياء ، وأنَّ نصوص الكتاب والسنة الدالة على فضلهم تشملُ مَنْ تكلَّمتُ في شأنهم في الكتاب المذكور ، وأُبرئُ جنابَهم من جميع ما رميتهم به من الزنا والفسق والكفر , وأخذ الرشوات مُقابل الكذب على النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وأترضَّى عن جميع الصحابة ، وأعتبرُ الطعن فيهم طعناً في الشريعة لأنهم نَقَلَتُها .
كما أني تائبٌ إلى الله من ذكر الأحاديث الموضوعة .(1/15)
وأعتقدُ الإمساك عمَّا شجر بين الصحابة ، وأقول : إنَّ هذه الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كذبٌ ، ومنها ما قد زيدَ فيه ونُقص وغيِّر عن وجهه ، الصحيح منه هم فيه معذورون : إمَّا مجتهدون مصيبون ، وإمَّا مجتهدون مخطئون , وخطؤهم مغفور لهم , كما أني تائبٌ إلى الله من ذكر الأحاديث الموضوعة التي ذكرتها في هذا الكتاب ونسبتها إلى الرسول الله صلى الله عليه وسلم , حَذَراً من الوعيد الثابت عن النبيِّ صلى الله عليه وسلَّم في قوله : ( مَنْ كَذَبَ عليَّ مُتعمِّداً فليتبوأ مقعدَه من النار ) (45) , وفي رواية (46) : ( مَنْ قالَ عليَّ ما لَمْ أقل فليتبوأ مقعده من النار ) .
وكما أُعلن توبتي من هذه الطامات التي تُعتبر جناية على الشريعة الإسلامية , ومُنكَراً , وزوراً , وبُهتاناً , أتعهَّدُ بأنْ أردَّ مافي الكتاب المذكور من الأخطاء رَدَّاً مُفصَّلاً مُستمَدَّاً من كتب المُعتبرين عند أهل الحقِّ , هذا وأسأل الله أن يقبل مِنِّي توبتي ، ويجزيَ عنِّي مَنْ صاروا سبباً في هذه التوبة خيرَ الجزاء , وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم ( توقيعه ) .
كما أَنِّي أتعهدُ بعدم إعادة طبع الكتاب مِنْ قِبَلِي , وعدم الإذن مني لِمَنْ شاءَ إعادة طبعه , وعليه أُوقع 3/4/1382 ( توقيعه ) انتهى (47) .
أيها المسلمون :
إنَّ صُوَرَ الرِّدَّةِ التي حَصَلَتْ بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم , تتمثل بإيجاز في ( أنَّ العربَ افترقت في رِدَّتِها : فطائفةٌ رجعت إلى عبادة الأصنام وقالوا : لو كانَ نبيَّاً لَمَا مات .
وفرقةٌ قالت : نؤمنُ بالله ولا نُصلِّي .
وطائفةٌ أقرُّوا بالإسلام وصلُّوا ، ولكنْ منعوا الزكاة .
وطائفةٌ شهدوا أن لا إله إلا الله , وأنَّ محمداً صلى الله عليه وسلَّم رسول الله , ولكنْ صدَّقوا مسيلمة أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أشركه معه في النبوة .(1/16)
ولم يشكَّ أحدٌ من الصحابة في كُفرِ مَنْ ذكرنا , ووجوبِ قتالهم إلاَّ مانع الزكاة .. ثُمَّ زالت الشبهةُ عن الصحابة رضي الله عنهم , وعرفوا وجوبَ قتالِهم فقاتلوهم ) (48) .
لِذا فإنَّ مِنْ توفيق المرء وحسنِ علمه وعمله أنه إذا تطرَّق لأقوال وأفعال الصحابة رضي الله عنهم , أو بَحَثَ فيما يتعلَّقُ بهم , استحضرَ في ذهنه أنهم صفوة الخلق بعد الأنبياء والمرسلين ، وأنَّ الله قد اصطفاهم لحمل رسالته ، وأنهم تلَقَّوا العلم من فِيِّ رسول صلى الله عليه وسلم , وفعله , وتقريره , ومشاهدة جميع أحواله , ففهموا حقَّ الفهم مُرادَ الله , ومرادَ رسوله صلى الله عليه وسلم ، وعملوا بما علموا .
ألَمْ يعلم ( الْمفتون ) ومَنْ على شاكلته :
أنَّ الطعنَ في أبي بكر رضي الله عنه ولو بالإشارة طعنٌ في الدِّين .
قال الإمام البربهاري رحمه الله تعالى :
( واعلم أنَّ مَنْ تناولَ أحداً من أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه إنَّما أرادَ محمداً وقد آذاه في قبره ) (49) .
وعن أبي قتادة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال :
( فإنْ يُطِيعُوا أبا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَرْشُدُوا ) (50) .
وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما :
( لو اجتمعتما في مشورةٍ ما خالفتكما ) (51) .
فهذا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُخبرُ أنه لا يُخالفهما ولا يعصيهما لو اتفقا , فلماذا يتهم الْمفتون اتفاقهما , وبل اتفاق جميع الصحابة على قتال المرتدِّين أنهم بذلكَ أحدثوا فكر التكفير في الأمة .
وما أشبهَ الْمفتون بتلك الفرقة التي دخلَت على جندب بن عبد الله رضي الله عنه فقالوا : ( ندعوكَ إلى كتاب الله , فقال : أنتم , قالوا : نحنُ , قال : أنتم , قالوا : نحنُ , فقال : يا أخابيثَ خلق الله ؟ في اتباعنا تختارون الضلالة , أم في غير سنتنا تلتمسون الهدى , اخرجوا عَنِّي ) (52) .(1/17)
أما آنَ للمفتون أنْ يتمعَّن في قول إبراهيم النخعي (53) : ( لو بلغني أنهم - يعنى الصحابة - لَمْ يُجاوزوا بالوضوء ظفراً لَمَا جاوزتُه به , وكفى بنا على قومٍ إزراءً أنْ نُخالف أعمالهم ) .
ويقول شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى : ( ومَنْ نَسَبَ جمهور أصحابه صلى الله عليه وسلم إلى الفسق والظلم ، وجعل اجتماعهم على الباطل , فقد أَزْرَى بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وازدراؤه كفرٌ ) (54) .
وقال السبكي : ( فيتلخَّصُ : أنَّ سبَّ أبي بكر رضي الله عنه على مذهب أبي حنيفة وأحد الوجهين عند الشافعية كفرٌ ) (55) .
وقال سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله تعالى : ( وإنِ امتنعَ مِنَ الزكاة وكابرَ عليها , وقاتلَ دونها , فكذلك يُقاتلُ , كما قاتلَ الصحابةُ مانعي الزكاة مع أبي بكر رضي الله عنه , وحكموا عليهم بالرِّدَّة ) (56) .
أيها المسلمون :
ومن خطورة كتابة هذا الكاتب : إبرازُهُ لِمذهب غُلاة المرجئة , بعدم دخول الأعمال في مسمَّى الإيمان , شعَرَ بذلك أَمْ لَمْ يشعر .
قال الله تعالى : ( ((((((( ((((((((( (((((((((( (((((((((( ((((((((((((( ((((((((((((((( (((((( (((((((((((((( ((((((((((( ((((((((((((((( ((((((((((((( (((((( (((( (((((((( ( ((((( (((((((( (((((((((((( ((((((((((( ((((((((((( ((((((((((( ((((((((( ((((((((((( ( (((( (((( ((((((( ((((((( ((( ( .
ثمَّ قال سبحانه بعدها : ( ((((( (((((((( (((((((((((( ((((((((((( ((((((((((( ((((((((((( ((((((((((((((( ((( ((((((((( ( ((((((((((( ((((((((( (((((((( ((((((((((( (((( ((((( (((((((((( (((((((((((( ((((( (((((( (((((((((( ((((((((((( ((( ((((((((( ((((((((((((( (((((((( (((((((((( ( (((((((( (( ((((((((( (((((( (((((((((( (((((((((( (((( ( .(1/18)
فجعل سبحانه إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة مع الإيمان بالله وترك الشرك - شرطاً في تخليه السبيل ، وعصمة الدم ، واستحقاق الأُخوَّة من المؤمنين ، وجعل نقضَ ذلك مُوجباً للقتال على الكفر .
ولهذا قال أنس رضى الله عنه - وهو ممن أدرك ظهور المرجئة - : ( هو دينُ الله الذي جاءت به الرُّسل , قبلَ هرج الأحاديث , واختلاف الأهواء , وتصديقُ ذلك في كتاب الله عز وجل في آخر ما نزل ( ((((( (((((((( ( قال : توبتهم خلعُ الأوثان وعبادتها ( (((((((((((( ((((((((((( ((((((((((( ((((((((((( ((((((((((((((( ((( ((((((((( ( ( ) (57) .
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيرها : ( ولهذا اعتمدَ الصديقُ رضي الله عنه في قتال مانعي الزكاة على هذه الآية الكريمة وأمثالها , حيث حرَّمت قتالهم بشرط هذه الأفعال ، وهي : الدخولُ في الإسلام , والقيام بأداء واجباته ، ونبَّهَ بأعلاها على أدناها , فإنَّ أشرفَ الأركان بعد الشهادة الصلاة التي هي حقٌّ لله عزَّ وجلَّ ، وبعدها أداءُ الزكاة التي هي نفعٌ متعدٍ إلى الفقراء أو المحاويج ، وهي أشرفُ الأفعال المتعلِّقة بالمخلوقين , ولهذا كثيراً ما يَقرنُ الله بين الصلاة والزكاة , وقد جاء في الصحيحين (58) عن ابن عمر رضي الله عنهما ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أُمِرْتُ أنْ أُقاتلَ الناسَ حتَّى يشهدوا أنْ لا إله إلا الله , وأنَّ محمداً رسولُ الله ، ويُقيموا الصلاةَ ، ويُؤتُوا الزكاةَ ... " الحديث , وقال أبو إسحاق : عن أبي عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال : " أُمرتم بإقام الصلاةِ وإيتاء الزكاة ، ومَنْ لَمْ يُزكِّ فلا صلاةَ له " (59) , وقال عبدالرحمن بن يزيد بن أسلم : " أبى الله أن يقبل الصلاة إلاَّ بالزكاة ، وقال : يَرحم الله أبا بكرٍ ما كانَ أفقهه " ) (60) .(1/19)
حتى لقد قال عمر رضي الله عنه : ( والذي نفسي بيده لو أطاعنا أبو بكرٍ لكفرنا في صبيحةٍ واحدةٍ , إذْ سألوا التخفيفَ عن الزكاة فأبى عليهم , قال : لو منعوني عقالاً لجاهدتهم ) (61) , بعد أن تبيَّنَ لهم الأمرُ وزالت الشبهة رضي الله عنهم .
لقد كان الصحابةُ رضى الله عنهم أجلّ وأفقه مِنْ أن يقولوا : نسألهم ، فإنْ كانوا مُقرِّين بوجوبها مع الامتناع عن أدائها بالكلية فهم مسلمون ، وإنْ كانوا جاحدين لوجوبها فهم مرتدُّون ، ولكلِّ حالةٍ أحكامها !! .
فقد انعقدَ إجماعهم رضي الله عنهم على أنَّ الامتناع عن أدائها بالكلية - وهو الواقعُ من المرتدين , وليس عن دفعها للإمام - هو رِدَّةٌ صريحةٌ ، تضمنُ إسقاط حقِّ الله في المال ، والتفريق بين الصلاة والزكاة , وهم لَمْ يُخالف أحدٌ منهم قطُّ في تكفير تارك الصلاة , لحديث عبد الله بن شقيق العقيلي رحمه الله تعالى قال : ( كانَ أصحابُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم لا يرونَ شيئاً من الأعمال تركُه كفرٌ غيرُ الصلاة ) (62) .
قال الشوكاني : ( والظاهرُ من الصيغة أنَّ هذه المقالة اجتمعَ عليها الصحابة , لأنَّ قوله : كانَ أصحاب رسول الله جمعُ مضاف , وهو من المشعرات بذلك ) (63) .
ولذا ألزمهم الصدِّيق رضى الله عنه وعنهم ، حتَّى انعقدَ إجماعهم على هذه ، كما انعقدَ على تلك ، وبناءً على ذلك سَمَّوا الْمُمتنعين عن أداء الزكاة مُرتدِّين في كلِّ النصوص الواردة عنهم ، وقاتَلوهم قتالَ سائر المرتدِّين , أي : كمن ادَّعى نبوة مسيلمة , وسجاح , والأسود ، دون تفريقٍ بينهم في شيءٍ من أحكام القتال ، وشهدَ لهذا فقهاءُ السلف .(1/20)
كما قال الحافظُ أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله : ( والمصدقُ لهذا : جهاد أبي بكر الصدِّيق رحمه الله تعالى بالمهاجرين والأنصار على منع الزكاة ، كجهاد رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الشرك سواء ، لا فرق بينهما في سفك الدماء , وسبي النساء , واغتنام المال ، فإنما كانوا مانعين لَها غير جاحدين بِها ) (64) .
وقال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى : ( والصحابةُ لَمْ يقولوا : أأنتَ مقرٌّ لوجوبها أو جاحداً لَها ؟ هذا لَمْ يُعهد عن الخلفاء والصحابة ، بلْ لقد قالَ الصدِّيقُ لعمر رضى الله عنه : " والله لو منعوني عقالاً أو عناقاً كانوا يُؤدُّونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها " (65) , فجعلَ المُبيحَ للقتال مُجرَّد المنعِ لا جحدَ الوجوب ، وقد رُوي أنَّ طوائفَ منهم كانوا يُقرُّون بالوجوب لكنْ بخلوا بها ، ومع هذا فسيرةُ الخلفاء فيهم جميعاً سيرةٌ واحدةٌ ، وهي قتلُ مُقاتلتهم وسبيُ ذراريهم , وغنيمةُ أموالهم , والشهادة على قتلاهم بالنار ، وسمَّوهم جميعاً أهل الرِّدَّة ) (66) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : ( وأمَّا قتال مانعي الزكاة إذا كانوا ممتنعينَ عن أدائها بالكلية أو عن الإقرار بها فهو أعظمُ من قتال الخوارج ) (67) .
أيها المسلمون :(1/21)
فتبين لنا مما مضى أنَّ هذا الْمُبتلَى وَدَّعَ الأمانةَ العلمية , وكَسَرَ طَوْقَهَا بِما أَحدثَ , وحرَّفَ , وغيَّرَ , وبدَّلَ , وما إلى ذلك مِنْ شَوَاظِ العصبيَّةِ والغُلوِّ , وما عَلِمَ المسكينُ أنَّ علماء السنة - نضَّرَ الله وجوههم - سيقعدون إن شاء الله تعالى له وللغُلاةِ كُلَّ مَرْصَدٍ , فيرمون في آثارهم بالشُّهُبِ , ويُطاردونهم , ويأخذون بنواصيهم , فيُعرِّفونهم بالحقِّ , ويُعرِّفونهم بأقدارهم , ومبلغِ علمهم , حتَّى لا تتسرَّبَ كتاباتهم لأهل السنة في هذه البلاد وغيرها - زادها الله تعالى وأهلها شرفاً - فأهلُ السنة ينتظرون من علمائهم الفتاوى والبيانات في التحذير من روابض أهل الصحافة , حتى لا تَتَشرَّب نفوس شبابنا بِبِدَعِهم , ومساوي نحلتهم , فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( سيأتي على الناسِ سَنَواتٌ خدَّاعاتٌ ، يُصدَّقُ فيها الكاذبُ ، ويُكَذَّبُ فيها الصادقُ ، ويُؤتمنُ فيها الخائنُ ، ويُخوَّنُ فيها الأمينُ ، ويَنطقُ فيها الرُّويبضةُ ، قيل : وما الرُّويبضةُ ؟ قال : الرَّجلُ التافهُ في أمرِ العامَّةِ ) (68) .
فأهل البدع أَضرُّ على أمتنا من أهل الذنوب (69) .
ففعلة هذا الكاتب خيانةٌ , تخرق حجاب الأمانة , ومَنْ هتكَ أمانته , جَرَحَ عَدَالَتَه ( وَمَا خائِنٌ بمُزَكَّى ) .
ومن أهم الأسباب الواقية من هذا اللاَّغي ومَنْ على شاكلته :
إعمالُ أحكام الشريعة الغراَّء : بمنع سُكنى الْمُبتلَى بين الأصحَّاء , ( ولهذا نصَّ الفقهاء رحمهم الله تعالى على مشروعية الحجر على الْمُفتي الْمَاجن , والْمُتطبب الجاهل , وإذا سكن الْمُبتلى بين الأصحاء فلهم أن يمنعوه ) (70) .
إلحاقُ أدب القضاء , في ظهر هذا الْمُبتلَى وأعوانه .
منعُ تسويق الجرائد والمجلات التي تنشر مثل هذا الإفساد , وهجرها في حَيِّزِ العدم , وهجر أهلها في حيِّز العوام .(1/22)
قال أبو محمد عبدالله بن أحمد بن قدامة المقدسي ت620هـ رحمه الله تعالى : ( ومِنَ السنة : هجران أهل البدع , ومباينتهم , وترك الجدال والخصومات في الدين , وترك النظر في كتب المبتدعة , والإصغاء إلى كلامهم , وكل محدثة في الدين بدعة ) (71) .
وله رحمه الله كتاب لطيف بعنوان : تحريم النظر في كتب أهل الكلام (72) .
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى : ( قال المروزي : قلتُ لأحمد رحمه الله تعالى : استعرتُ كتاباً فيه أشياء رديئة , ترى أنْ أخرقه أو أحرقه ؟ قال : نعم ) .
وقال أيضاً : ( وكلُّ هذه الكتب المتضمنة لمخالفة السنة : غير مأذونٍ فيها , بلْ مأذونٌ في محقها وإتلافها , وما على الأمة أضرّ منها , وقد حرَّق الصحابة رضي الله عنهم جميع المصاحف المخالفة لمصحف عثمان رضي الله تعالى عنه , لَمَّا خافوا على الأمة من الاختلاف , فكيف لو رأوا هذه الكتبَ التي أوقعت الخلافَ والتفرُّق بين الأمة ) (73) .
إصدارُ البيانات والفتاوى من قبل علماء الإسلام في مثل هذا الْمُبتلَى , فهم أخطرُ على الأمة من الخوارج , وتحطيمُهم وأمثالهم بالكشف والبيان , بالقلم واللسان .
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى :(1/23)
( وأنتَ إذا تأمَّلت تأويلات القرامطة , والملاحدة , والفلاسفة , والرافضة , والقدرية , والجهمية , ومَنْ سَلَك سبيلَ هؤلاء من المقلِّدينَ لَهم في الحكم والدليل , ترى الإخبار بمضمونها عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لا يقصرُ عن الإخبار عنه بالأحاديث الموضوعة المصنوعة , التي هي مما عملته أيدي الوضَّاعين , وصاغته ألسنة الكذابين , فهؤلاء اختلقوا عليه ألفاظاً وضعوها , وهؤلاء اختلقوا في كلامه معاني ابتدعوها , فيا مِحنةَ الكتاب والسنة بين الفريقين , وما نازلة نزَلت بالإسلام إلاَّ من الطائفتين , فهما عدوَّان للإسلام كائدان , وعن الصراط المستقيم ناكبان , وعن قصد السبيل جائران , فلو رأيتَ ما يصرفُ إليه المحرِّفون أحسنَ الكلام وأبينه وأفصحه , وأحقَّه بكل هدى وبيان وعلم , من المعاني الباطلة , والتأويلات الفاسدة , لكدتَ تقضي من ذلك عجباً , وتتخذُ في بطن الأرض سَرَباً , فتارةً تعجب , وتارةً تغضب , وتارةً تبكي , وتارةً تضحك , وتارةً تتوجَّع , لِمَا نزل بالإسلام وحلَّ بساحة الوَحْي , مِمَّنْ هم أضلُّ من الأنعام .
فكشفُ عورات هؤلاء , وبيان فضائحهم , وفساد قواعدهم : من أفضل الجهاد في سبيل الله .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت : " إنَّ روحَ القدسِ معكَ ما دمتَ تُنافحُ عن رسوله " (74) .. ) (75) .
وختاماً : اعلم أخي المسلم :
أنه لا يجوز إطلاق لفظ الفسق أو الكفر على الغير إلاَّ بدليل , وبعد توفُّر الشروط , وانتفاء الموانع (76) .
فعن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا يرمي رجلٌ رجلاً بالفسوق , ولا يرميه بالكفر , إلا ارتدَّت عليه , إنْ لَمْ يكن صاحبه كذلك ) (77) .(1/24)
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : ( وهذا يقتضي أنَّ من قال لآخر : أنت فاسق , أو قال له : أنت كافر , فإنْ كان ليس كما قال , كان هو المستحق للوصف المذكور , وأنه إذا كان كما قال , لم يرجع عليه بشيء , لكونه صَدَق فيما قال , ولكن لا يلزم من كونه لا يصير بذلك فاسقاً ولا كافراً , أن لا يكون آثماً في صورة قوله له : أنت فاسق , بل في هذه الصورة تفصيل : إن قصد نصحه أو نصح غيره ببيان حاله جاز , وإن قصد تعييره وشهرته بذلك , ومحض أذاه لَمْ يَجُزْ , لأنه مأمور بالستر عليه وتعليمه وعظته بالحسنى , فمهما أمكنه ذلك بالرفق لا يجوز له أن يفعله بالعنف , لأنه قد يكون سبباً لإغرائه وإصراره على ذلك الفعل , كما في طبع كثير من الناس من الأنفة , ولا سيَّما إن كان الآمر دون المأمور في الْمَنْزلة ) (78) .
وقرَّر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى هذه القاعدة في مواضع من فتاواه , منها قوله : ( فإنَّ نصوص الوعيد التي في الكتاب والسنة , ونصوص الأئمة بالتكفير والتفسيق ونحو ذلك , لا يستلزم ثبوت موجَبها في حق المعيَّن , إلاَّ إذا وُجدت الشروط وانتفت الموانع , لا فرق في ذلك بين الأصول والفروع , هذا في عذاب الآخرة , فإنَّ المستحقَّ للوعيد من عذاب الله ولعنته وغضبه في الدار الآخرة خالد في النار , أو غير خالد , وأسماء هذا الضرب من الكفر والفسق , يدخل في هذه القاعدة , سواء كان بسبب بدعة اعتقادية , أو عبادية , أو بسبب فجور في الدنيا , وهو الفسق بالأعمال ) (79) .
وقال رحمه الله تعالى : ( لكنَّ تكفير الواحد المعيَّن منهم , والحكم بتخليده في النار , موقوفٌ على ثبوت شروط التكفير وانتفاء موانعه , فإنا نطلق القول بنصوص الوعد والوعيد , والتكفير والتفسيق , ولا نحكم للمعيَّن بدخوله في ذلك العام , حتى يقوم فيه المقتضي الذي لا مُعارض له ) (80) .(1/25)
وقال رحمه الله تعالى : ( هذا مع أني دائماً , ومَنْ جالسني يعلمُ ذلك مِنِّي , أني من أعظم الناس نهياً عن أنْ يُنسب معيَّنٌ إلى تكفيرٍ وتفسيقٍ ومعصية , إلاَّ إذا عُلم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية , التي مَنْ خالفها كان كافراً تارة , وفاسقاً أخرى , وعاصياً أخرى .. وما زال السلفُ يتنازعون في كثير من هذه المسائل , ولَمْ يشهد أحدٌ منهم على أحدٍ , لا بكفرٍ ولا بفسقٍ ولا بمعصيةٍ ) (81) .
هذا ما أردتُ بيانه دفاعاً عن دين الإسلام من أهل الزيغ والتحريف والتبديل , والله من وراء القصد , وهو سبحانه الهادي إلى سواء السبيل .
( (((( ((((((( (((( ((((((((((( ((( (((((((((((( ( ((((( ((((((((((( (((( (((((( ( (((((((( (((((((((( (((((((((( ((((((( (((( ( (82) .
وصلى الله وسلَّم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه وسلَّم .
كتبه
عبدالرحمن بن سعد الشثري (83)
( 1 ) خطبة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى في كتابه : الرد على الجهمية والزنادقة ص55-57 .
( 2 ) رواه الإمام البخاري واللفظ له ح100 ( بابٌ : كيفَ يُقبضُ العلمُ ) ؟ .
وقال رحمه الله تعالى : ( وكتبَ عمرُ بنُ عبد العزيز إلى أبي بكر بنِ حزمٍ : انظر ما كانَ من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبهُ , فإني خِفتُ دُرُوسَ العلمِ وذهابَ العلماءِ , ولا تقبلْ إلاَّ حديثَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم , وليُفشُوا العلمَ , وليَجلسوا حتَّى يُعلَّمَ مَن لا يَعلَمُ , فإنَّ العلمَ لا يَهلِكُ حتَّى يكونَ سِرَّاً ) .
ورواه الإمام مسلم ح2673 بابُ : رفع العلم وقبضه , وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان .(1/26)
( 3 ) رواه البيهقي في الكبرى ح20700 ( بابُ الرجل من أهل الفقه يُسأل عن الرجل من أهل الحديث فيقول : كُفُّوا عن حديثه لأنه يغلط أو يُحدِّث بما لَمْ يَسمع , أو أنه لا يُبصر الفتيا ) وابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق ج7/38 , وصحَّحه الإمام أحمد رحمه الله تعالى ( فتح المغيث للسخاوي ج1/297 ) .
( 4 ) الانتصار لأهل السنة والحديث في ردِّ أباطيل حسن المالكي للشيخ المحدِّث عبدالمحسن بن حمد العباد البدر وفقه الله تعالى ص9 .
( 5 ) يُنظر : مجموع الفتاوى ج35/388 .
( 6 ) يُنظر : براءة أهل السنة من الوقيعة في علماء الأمة للشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد وفقه الله تعالى ص10 بتصرُّف .
( 7 ) براءة أهل السنة ص24 .
( 8 ) الصارم المسلول على شاتم الرسول صلى الله عليه وسلم لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3/1041 .
( 9 ) المرجع السابق ج3/993 .
( 10 ) فتح الباري ج6/291 .
( 11 ) شرح الطحاوية ص553 .
( 12 ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة ج7/1263 رقم 2377 , والشفا للقاضي عياض ج2/310 .
وفي منتخب كنْز العمال ج4/424 : ( دعوني فأقطع لسانه , فتكون سنة يُعمل بها من بعدي , لا يُوجد رجل شتمَ رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلاَّ قُطع لسانه ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( ولعلَّ عمرَ رضي الله عنه إنما كفَّ عنه لَمَّا شفعَ فيه أصحابُ الحقِّ , وهم أصحابُ النبي صلى الله عليه وسلم ولعلَّ المقدادَ كانَ فيهم ) الصارم المسلول ج3/1104 .
( 13 ) رواه اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد ج7/1264 رقم 2379 .(1/27)
وقال شيخ الإسلام رحمه الله : ( ولا يُظهِرُ عليٌّ رضي الله عنه أنه يُريدُ قتلَ رجلٍ إلاَّ وقتلُه حلالٌ عنده , ويُشبه واللهُ أعلمُ أنْ يكونَ إنما ترَكهُ خوفَ الفتنةِ بقتله , كما كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُمسكُ عن قتلِ بعض المنافقين , فإنَّ الناسَ تشتت قلوبُهم عقبَ فتنةِ عثمانَ رضي الله عنه , وصار في عسكره من أهل الفتنةِ أقوامٌ لهم عشائرُ لو أرادَ الانتصار منهم لغضبت لهم عشائرهم , وبسبب هذا وشَبَهِهِ كانت فتنةُ الجمل ) الصارم المسلول ج3/1101 .
( 14 ) طبقات الحنابلة ج2/75 , ويُنظر : تاريخ بغداد ج11/234 , وسير أعلام النبلاء للذهبي ج15/363 .
( 15 ) أفريقية - قديماً - اسمٌ لبلاد واسعة ومملكة كبيرة قبالة جزيرة صقلية , وينتهي آخرها إلى قبالة جزيرة الأندلس ( معجم البلدان ج1/228 ) وأما أفريقيا اليوم فإسم لإحدى قارات العالم الست , وهي ثاني أكبر القارات مساحة بعد آسيا .
( 16 ) الديباج المذهب لابن فرحون ص318 .
( 17 ) الانتقاء لابن عبد البر ص36 .
( 18 ) السنة للخلال ج3/499-500 , وقال المحقق : ( إسناده صحيح ) , ويُنظر : تاريخ ابن معين برواية الدوري ج4/404 , وتاريخ مدينة دمشق ج49/80 .
( 19 ) يُنظر : فضائل الصحابة للإمام أحمد ج2/968 رقم 1895 , ومسائل الإمام أحمد لابنه عبدالله ص431 رقم 1009 , وكتاب السنة للخلال ص255 رقم 304 , وص290 رقم 353 , وص493 رقم 782 , واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد ج7/1261-1271 , ومناقب أحمد لابن الجوزي ص214 .
( 20 ) رواه الخلال في كتاب السنة ص499 رقم 794 , وابن بطة في الشرح ولإبانة ص160 رقم 191 , وذكره شيخ الإسلام في الصارم المسلول ج3/1061-1062 , والهيثمي في الصواعق المحرقة ص258 .
( 21 ) الصواعق المحرقة للهيتمي ج1/140 .
( 22 ) الصواعق المحرقة للهيتمي ج1/144 .(1/28)
( 23 ) الرد على البكري ج1/599 لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى , وتلخيص كتاب الاستغاثة لابن كثير رحمه الله ج2/694 .
( 24 ) الزواجر ج2/943 .
( 25 ) أفناء جمع فَنأ - بفتح النون وسكونها - أما بالفتح فمعناه : الكثرة , وأما بالسكون فيعني الجماعة ( القاموس المحيط ص61 , ولسان العرب ج10/331 ) .
( 26 ) السنة للخلال ج3/501 وقال المحقق : إسناده صحيح .
( 27 ) تاريخ دمشق للحافظ ابن عساكر ج59/210 .
( 28 ) تاريخ دمشق للحافظ ابن عساكر ج59/209 .
( 29 ) رواه أحمد بن علي بن ثابت المعروف بالخطيب البغدادي ( ت463هـ ) في الكفاية في علم الرواية ص97 , وابن عساكر في تاريخه ج38/32 , ويُنظر : تهذيب الكمال للمزي ج19/96 .
( 30 ) تفسير ابن كثير ج2/385 .
( 31 ) رسالة في الرَّد على الرافضة ص8-9 .
( 32 ) قال ابن الأثير : ( من شغر الكلب إذا رفع إحدى رجليه ليبول , وقيل : الشغر البعد , وقيل : الاتساع ) النهاية في غريب الحديث ج2/482 مادة شغر .
( 33 ) رواه الإمام أحمد رحمه الله في فضائل الصحابة ج1/300 رقم 49 ، وصحَّحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الصارم المسلول ج3/1106-1107 .
( 34 ) فضائل الصحابة ج1/82 ، والسنة لابن أبي عاصم ج2/575 .
( 35 ) الصارم المسلول على شاتم الرسول صلى الله عليه وسلم ج3/1107 .
( 36 ) رواه ابن عساكر في تاريخه ج59/210 , ويُنظر : السنة للخلال ج2/447 , والبداية والنهاية لابن كثير ج8/139 .
( 37 ) طبقات الحنابلة ج1/24 , الأحكام السلطانية للقاضي أبي يعلى ص282 .
( 38 ) الصارم المسلول ج3/1057 .
( 39 ) الصارم المسلول ج3/1110 .
( 40 ) يُنظر : الصارم المسلول ج3/1066 .
( 41 ) رسالة في سبِّ الصحابة ص47 .(1/29)
( 42 ) رواه ابن بطة في الشرح والإبانة ص170 رقم 231 , واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة ج7/1252 رقم 2359 , وابن الجوزي في مناقب الإمام أحمد ص160 , وابن كثير في البداية والنهاية ج8/139 .
( 43 ) مجلة البيان ج54/39-42 .
( 44 ) ( عن سعيد بن المسيَّب عن أبيه قال : ( لَمَّا حضرت أبا طالب الوفاة , جاءه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عمُّ , قل لا إله إلا الله , كلمة أشهد لك بها عند الله , فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية : يا أبا طالب , أترغبُ عن ملة عبد المطلب , فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه , ويُعيدُ له تلك المقالة , حتى قال أبو طالب آخر ما كلَّمهم : هو على ملة عبد المطلب , وأبى أن يقول : لا إله إلا الله , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمَا والله لأستغفرنَّ لكَ ما لَمْ أُنهَ عنكَ , فأنزلَ الله عزَّ وجلَّ : ( ((( ((((( (((((((((( ((((((((((( ((((((((((( ((( ((((((((((((((( ((((((((((((((( (((((( ((((((((( ((((((( (((((((( (((( (((((( ((( (((((((( (((((( (((((((( ((((((((( ((((((((((( ((((( ( وأنزلَ الله تعالى في أبي طالب , فقال لرسول الله : ( (((((( (( ((((((( (((( (((((((((( ((((((((( (((( ((((((( ((( (((((((( ( (((((( (((((((( ((((((((((((((((( (((( ( ) رواه البخاري رحمه الله ح1249 باب إذا قال المشرك عند الموت لا إله إلا الله , ومسلم رحمه الله واللفظ له ح24 باب الدليل على صحة إسلام مَنْ حضره الموت ما لم يشرع في النَّزع وهو الغرغرة .
( 45 ) رواه الإمام البخاري رحمه الله ح107 باب إثم من كذب على النبيِّ صلى الله عليه وسلم , والإمام مسلم رحمه الله ح3 باب تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم .(1/30)
( 46 ) للإمام أحمد ح469 , وابن حبان ح28 ذكر إيجاب دخول النار لمن نسب الشيء إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو غير عالم بصحته , والبيهقي في الكبرى ح20111 باب من يشاور , قال الشافعي رحمه الله : يُشاور من جمع العلم والأمانة , والطبراني في الكبير ح426 , وغيرهم , وقال الهيثمي : ( وهو حديث رجاله رجال الصحيح ) مجمع الزوائد ج1/134 .
( 47 ) مجموع فتاوى سماحته ج12/187-190 .
( 48 ) مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ص29-30 .
( 49 ) شرح السنة للبربهاري ص54 .
( 50 ) رواه الإمام مسلم رحمه الله ح681 بابُ قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها .
( 51 ) رواه الإمام أحمد رحمه الله ح18023 وقال الهيثمي رحمه الله : ( رواه أحمد ورجاله ثقات إلاَّ أن ابن غنم لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم ) مجمع الزوائد ج9/53 .
( 52 ) يُنظر : إعلام الموقعين للإمام ابن القيم رحمه الله ج4/139 .
( 53 ) يُنظر : الإبانة عن شريعة الفرق الناجية .. ج1/362 لابن بطة ت387هـ رحمه الله تعالى .
( 54 ) رسالة في الرد على الرافضة ص 8 وانظر ص 17 .
( 55 ) فتاوى السبكي ج2/590 .
( 56 ) مجموع فتاوى سماحته ج7/29 .
( 57 ) رواه المقدسي رحمه الله في الأحاديث المختارة ح2122 ج6/126 , وقال المحقق : إسناده حسن .
ويُنظر : تفسير الطبري ج10/78 , وشعب الإيمان للبيهقي ح6856 ج5/341-342 , وتفسير ابن كثير ج2/337 , والدر المنثور ج4/132 .(1/31)
( 58 ) البخاري ح6526 بابُ قتل مَنْ أبى قبول الفرائض وما نسبوا إلى الرِّدة , ومسلم ح22 باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله , ويقيموا الصلاة , ويؤتوا الزكاة , ويؤمنوا بجميع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم , وأنَّ مَنْ فعلَ ذلك عصم نفسه وماله إلاَّ بحقها , ووكلت سريرته إلى الله تعالى , وقتال مَنْ منعَ الزكاة أو غيرها من حقوق الإسلام , واهتمام الإمام بشعائر الإسلام .
( 59 ) رواه الإمام الطبراني رحمه الله في الكبير ح10095 ج10/103 , وقال الهيثمي رحمه الله : ( رواه الطبراني في الكبير وله إسناد صحيح ) مجمع الزوائد ج3/62 .
( 60 ) تفسير ابن كثير ج2/337 , ويُنظر : تفسير الطبري ج10/87 , وتفسير القرطبي ج8/81 , وتفسير البغوي ج2/271 , وتفسير البحر المحيط لأبي حيان ج5/13 , وتفسير روح المعاني للآلوسي ج10/58 .
( 61 ) رواه ابن أبي شيبة رحمه الله ح32735 ج6/438 .
( 62 ) رواه الإمام الترمذي رحمه الله ح2622 باب ما جاء في ترك الصلاة , وصحَّح إسناده : النووي في المجموع ج3/18 , والعراقي في طرح التثريب ج2/134 , والألباني في صحيح سنن الترمذي ح2114 .
( 63 ) نيل الأوطار ج1/372 .
( 64 ) الإيمان لأبي عبيد ص57 .
قال الشيخ سفر الحوالي وفقه الله تعالى : ( تنبيه : انظر دلالة الآيات الصريحة على أنَّ إيتاء الزكاة شرطٌ في عصمة الدم وثبوت الأخوة في الدين , وكيف فهمَها الصحابة والسلف وفسَّروها ، بل وعملوا بها مُجمعين على ما أقسمَ عليه صدِّيقهم " والله لأقاتلنَّ من فرَّق بين الصلاة والزكاة " وقالوا : " لو أطاعنا أبو بكر كفرنا " وقاتَلوهم هذه المقاتلة التي فسَّرها السلف كما ترى ) ظاهرة الإرجاء في الفقه الإسلامي ج2/148 .(1/32)
( 65 ) رواه البخاري ح6526 باب قتل من أبى قبول الفرائض وما نسبوا إلى الردة , ومسلم ح20 باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله , ويقيموا الصلاة , ويؤتوا الزكاة , ويؤمنوا بجميع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم , وأنَّ من فعل ذلك عصم نفسه وماله إلاَّ بحقها , ووكلت سريرته إلى الله تعالى , وقتال مَنْ منعَ الزكاة أو غيرها من حقوق الإسلام واهتمام الإمام بشعائر الإسلام .
( 66 ) الدرر السنية ج8/35 .
( 67 ) منهاج السنة ج4/501 .
( 68 ) رواه الإمام أحمد ح7899 ، وابن ماجة ح4036 باب شدَّة الزمان ، وجوَّد إسناده الحافظ في فتح الباري ج13/84 .
( 69 ) يُنظر : مجموع الفتاوى ج7/284 .
( 70 ) تحريف النصوص من مآخذ أهل الأهواء في الاستدلال ص171 ضمن المجموع المبارك - الردود - للشيخ العلامة بكر بن عبدالله أبو زيد وفقه الله تعالى , ويُنظر : فهرس مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ج37/93 .
( 71 ) لمعة الاعتقاد ص33 ت/بدر البدر , ويُنظر : قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر ص157 لمحمد صديق حسن خان القنوجي رحمه الله , ت/عاصم بن عبدالله القريوتي , واعتقاد أهل السنة ج1/180 .
( 72 ) من إصدار دار عالم الكتب , تحقيق : محمد بن عبدالرحمن دمشقية .
( 73 ) الطرق الحكمية ص275 .
( 74 ) رواه الإمام مسلم رحمه الله ح2490 بلفظ : ( إنَّ روح القدس لا يزال يُؤيدكَ ما نافحتَ عن الله ورسوله ) باب فضائل حسان بن ثابت رضي الله عنه .
( 75 ) الصواعق المرسلة ج1/299-302 .
( 76 ) يُنظر : إحكام الفصول في أحكام الأصول ص718 للباجي ت474هـ .
( 77 ) رواه الإمام البخاري رحمه الله ح5698 باب ما يُنهى من السباب واللعن , وللإمام مسلم رحمه الله نحوه , كتاب الإيمان ح61 .
( 78 ) فتح الباري ج10/466 .
( 79 ) مجموع الفتاوى ج10/372 .
( 80 ) مجموع الفتاوى ج28/500-501 .
( 81 ) مجموع الفتاوى ج3/229 .(1/33)
( 82 ) الآية 88 من سورة هود .
( 83 ) آمل منك أخي الكريم : موافاتي باقتراحاتك وملاحظاتك على 0555775888 والمؤمن مرآة أخيه , والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه .
??
??
??
??
8
9
___(1/34)