فهؤلاء الأنبياء الأطهار والأصفياء الأبرار يصرحون باسم محمّد. فلا حاجة بنا بعدها إلى الاستنباط والاستخراج.
- البشرى السّادسة والعشرون:
قال أشعيا النبي عليه السلام معلناً باسم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني جعلت اسمك محمّداً. يا محمّد يا قدوس الرّبّ اسمك موجود من الأبد"1.
فهل بقي بعد ذلك لزائغ مقال أو لطاعن عن مجال؟ وقول أشعيا أن اسم محمّد موجود من / (2/109/ب) الأبد موافق لقول داود الذي حكيناه: "إن اسمه موجود قبل الشمس"2. وقوله: "يا قدوس الرّبّ". يعني: يا مَنْ طَهَّره الرّبّ وخلّصه من شوائب بشريته واصطفاه لنفسه.
- البشرى السّابعة والعشرون:
وشهد لهذه الأمة بالصلاح والديانة: "سأرفع علماً لأهل الأرض بعيداً، فيصفر لهم من أقاصي الأرض فيأتون سراعاً"3. فالنداء هو ما جاء به النبيّ عليه السلام من التلبية في الحجّ. وهم الذين جعلوا لله الكرامة فوحدوه وعبدوه
__________
1 أشعيا 63/15-16، ونصّه كالآتي: "تطلع من السماوات وانظر من مسكن قدسك ومجدك. أين غيرتك وجبروتك؟ زفير أحشائك ومراحمك نحوي امتنعت. فإنك أنت أبونا وإن لم يعرفنا إبراهيم وإن لم يدرنا إسرائيل، أنت يا ربّ أبونا ولينا منذ الأبد اسمك".
ويلاحظ الاختلاف بينه وبين ما أورده المؤلِّف وغيره من علماء المسلمين. (ر: هذه البشارة في الدين والدولة ص 166، والجواب الصّحيح 3/326، وهداية الحيارى ص 151، والأجوبة الفاخرة ص 176) .
2 مزمور 72/17، وقد تقدم النّصّ في البشارة الخامسة عشرة.
3 أشعيا 5/26. لقد اقتصر المؤلِّف على ذكر مقدمة هذه البشارة وقد وردت تامة في الدين والدولة ص 145، كالآتي: "قال أشعيا: إني رافع آية للأمم من بلد بعيد. وأصفر لهم من أقاصي الأرض سفيراً فيأتون سراعاً عجالاً. لا يملون ولا يعثرون ولا ينعسون ولا ينامون ولا يحلون مناطقهم. ولا ينقطع معقد خفافهم. سهامهم مسنونة. وقسيهم موترة. وحوافر خيلهم كالجلاميد صلابة. وعجلهم مسرعة مثل الزوابع. وزئيرهم كنهم الليوث. وكشبل الأسد الذي يزأر وَبَنْهَم للفريسة. فلا ينجو منه ناج. ويرهقهم يومئذ مثل دوي البحر واصطكاكه. ويرمون بأبصارهم إلى الأرض فلا يرون إلاّ النكبات والظلمات. وينكشف النور عن عجاج جموعهم. (وهذا النّصّ موجود في النسخة الحالية بألفاظ متقاربة سفر أشعيا 5/26-30) . قال ابن ربن: "فهؤلاء بنو إسماعيل عليه السلام وأُمّة النبيّ صلى الله عليه وسلم الذين صَفَّر الله لهم صغيراً فجاؤا من بلدانهم سراعاً لا يملون ولا يسأمون وكانت سهامهم مسنونة...."الخ. اهـ.
(ر: البشارة في مقامع هامات ص 275، الجواب الصّحيح /327، وهداية الحيارى ص 150، الأجوبة الفاخرة ص 176، الإعلام ص 278، 279، إظهار الحقّ ص 527، مقامع هامات ص 275) .(2/673)
وأفردوه بالربوبية وكسروا لأصنام وعطلوا الأوثان. والعلم المرفوع هو النبوة، وصفيره هو دعاؤهم إلى بيته ومشاعره فيأتونه سامعين مطيعين.
- البشرى الثّامنة والعشرون:
قال أشعيا النبي والمراد مكة شرّفها الله: "سُرِّي واهتزي أيتها العاقر التي لم تلد. وانطقي بالتسبيح. وافرحي إذ لم تحبلي. فإن أهلك يكونون أكثر من أهلي"1.
يعني بأهلي: أهل بيت المقدس. ويعني بالعاقر: مكة شرّفها الله. / (2/110/أ) لأنها لم تلد قبل نبيّنا عليه السلام نبيّاً2. ولا يجوز أن يريد بالعاقر بيت المقدس؛ لأنه بيت الأنبياء ومعدن الوحي فلم تزل تلك البقعة وَلاَّدة.
__________
1 أشعيا 54/1، ونصّه: "ترنمي أيتها العاقر التي لم تلد أشيدي بالترنم أيتها التي لم تمخضي لأن بني المستوحشة أكثر من بني ذات البعل) .
(ر: البشارة في الدين والدولة ص 158، والجواب الصّحيح 3/327، وهداية الحيارى ص 150، والأجوبة الفاخرة ص 176، الإعلام ص 278، 279، إظهار الحق ص 527، 928، مقامع هامات ص 275) .
2 وأما إسماعيل عليه الصلاة والسلام فإنه لم يولد بمكة. وإنما قِدم إليها بعد ولادته مع أبيه إبراهيم عليه الصلاة والسلام. لذلك لم يولد بمكة نبيّ سوى نبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم.(2/674)
- البشرى التّاسعة والعشرون:
قال أشعيا النبيّ - ونصّ على خاتم النبوة: "ولد لنا غلام يكون عجباً وبشيراً. والشامة على كتفه. أركون السلام. إله جبار. سلطانه سلطان السلامة. وهو ابن عالمه. يجلس على كرسي داود"1.
قال المؤلِّف (الأركون) هو العظيم بلغة الإنجيل، والأراكنة، المعُظَّمون: (لما أبرأ المسيح مجنوناً من جنونه قالت اليهود: إن هذا لا يخرج الشياطين من الآدميين إلاّ بأركون الشياطين"2. يعنون: عظيمهم.
وقال المسيح أيضاً في الإنجيل: "إن أركون هذا يدان"3. يريد إما إبليس أو الشرير العظيم الشّرّ من الآدميين.
وسماه إلهاً على نحو قول التوراة: "إن الله جعل موسى إلهاً لفرعون"4. أي: حاكماً عليه ومتصرفاً فيه. وعلى نحو قول داود للعظماء من قومه: / (2/110/ب) إنكم آلهة"5. فقد شهد أشعيا بصحّة أمر محمّد رسول الله ووصفه بأخص علاماته وأوضحها وهي: شامته6. فلعمري لم تكن الشامة لسليمان ولا للمسيح. وقد
__________
1 أشعيا 9/6. "لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابناً. وتكون الرياسة على كتفه. ويدعى اسما عجيباً. مشيراً إلهاً قديراً. أبا أبدياً. رئيس السلام لنمو رياسته وللسلام. لا نهاية على كرسي داود وعلى مملكته ليثبتها ويعضدها بالحق والبر من الآن إلى الأبد".
(ر: البشارة في الدين والدولة ص 146، 147، الجواب الصّحيح 3/327، 328، والأجوبة الفاخرة ص 177) .
2 متى 9/32-34.
3 يوحنا 16/11، كالآتي: "فلأن رئيس هذا العالم قد دين".
4 خروج 4/16.
5 مزمور 82/6.
6 جاء في الحديث عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: رأيت خاتماً في ظهر رسول الله عليه السلام كأنه بيضة حمام ... ". أخرجه مسلم 4/1823، والترمذي 5/602، وغيرهم. وعن السائب بن يزيد رضي الله عنه. وفيه: "فنظرت إلى خاتمه بين كتفيه". أخرجه البخاري 4/163، ومسلم 4/1823.(2/675)
وصفه بالجلوس على كرسي داود. يعني: أنه سيرث بني إسرائيل نبوتهم وملكهم ويبتزهم رئاستهم.
- البشرى الثّلاثون:
قال أشعيا ووصف أمة محمّد عليه السلام: "ستمتلئ البادية والمدن من أولاد قيدار. يسبحون من رؤوس الجبال ينادون، هم الذين يجعلون لله الكرامة ويسبحونه في البر والبحر"1.
- البشرى الحادية والثّلاثون:
وقال أشعيا والمراد هاجر أو مكة: "أنا رسمتك على كفي، وستأتيك أولادك سراعاً. ويخرج عنك من أراد أو يخيفك ويخزيك، فارفعي بصرك إلى ما حولك فإنهم سيأتونك ويجتمعون إليك. قسماً باسمي إني أنا الحيّ لتلبسي الحلل وتزيني بالأكاليل مثل العروس، ولتضيقن خراباتك من كثرة سكانك والراغبين فيك. ولينهزمن كلّ من يناوؤك ولتكثرن أولادك / (2/111/أ) حتى تقولي من رزقني هؤلاء كلهم وأنا وحيدة فريدة نزور رقوب؟: فمن رَبَّى هؤلاء ومن تكفل لي بهم؟! "2.
__________
1 أشعيا 42/11-12. بألفاظ متقاربة. (ر: البشارة في الجواب الصّحيح 3/328، هداية الحيارى ص 152، الإعلام ص 273، مقامع هامات ص 225، إظهار الحقّ ص 226، 227، محمّد رسول الله صلى الله عليه وسلم 65، 66.
قال الإمام ابن تيمية: "وقيدار هو ابن إسماعيل باتّفاق الناس. وربيعة ومضر من ولده. ومحمّد صلى الله عليه وسلم من مضر. وهذا الامتلاء والتسبيح في البر والبحر لم يحصل لهم إلاّ بمبعث محمّد صلى الله عليه وسلم. والتسبيح: الصلوات الخمس، وقد جعلت لهم الأرض مسجداً وطهوراً. فهم يصلون الخمس في البر والبحر". اهـ.
2 أشعيا 49/16-21، بألفاظ متاقربة. (ر: البشارة في الدين والدولة ص 164، 165، الجواب الصّحيح 3/328، 329) .(2/676)
وذلك إفصاح من أشعيا بشأن الكعبة. فهي التي ألبسها الله الحلل الديباج الفاخرة ووكّل بخدمتها الخلفاء والملوك. ومكة هي التي رَبَّى لها الأولاد من حجاجها والقاطنين بها. فالحمد لله الذي أوضح لنا الدين وقمع الملحدين.
- البشرى الثّانية والثّلاثون:
قال أشعيا: "مثل الريح العقيم يأتي من التيمن. والظالم يظلم. والمنتهب ينتهب"1.
(التيمن) تهامه. وشُبِّه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالريح العقيم في تدميره الكافرين، وأنه عليه السلام يبعث في زمن جاهلية يظلم بعضها بعضاً وينتهبه، فجاء الأمر كما تنبأ به أشعيا عليه السلام.
- البشرى الثّالثة والثّلاثون:
قال أشعيا ونَبَّه على انتشار العلم من الحجاز إلى أقطار الأرض: "يا سكان التيمن اسقوا العطاش الماء، وقوتوهم بخبزكم"2. فالماء هَا هنا كناية عن العلم. قال المسيح في الإنجيل: / (2/111/ب) "من شرب من هذا الماء يعطش. ومن شرب من الماء الذي أسقيه لا يعطش أبداً. بل تنبع مع بطنه عين ماء الحياة"3.
__________
1 أشعيا 21/1، 2، كالآتي: "وحي من جهة برية البحر. كزوابع في الجنوب. عاصفة يأتي من البرية من أرض مخوفة. قد أعلنت لي رؤيا قاسية. الناهب ناهباً والخرب مخرباً ... ". وردت هذه البشارة في: الدين والدولة ص 148-151، في نصّ مطول فقد كان النّصّ مقدمة للبشارة الثامنة عشرة.
2 أشعيا 21/14، 15، كالآتي: "هاتوا ماء لملاقاة العطاش يا سكان أرض تيماء. وافوا الهارب بخبزه. فإنهم من أمام السيوف قد هربوا ... ". قال ابن ربن في تعليقه على البشارة: "فمن هؤلاء العطاش الذين أقبلوا من جهة التيمن الذين أمر الله عزوجل أهل بلدانهم بتلقيهم؟ أو من هؤلاء الذين أجلتهم الحروب أو شردت بهم؟ ومن الذين أمر الله باستقبالهم بالمياه والمطاعم غير العرب عند نهوضها لمحاربة الأمم المحيطة بهم الحائلة بينهم وبين المرعى والماء من الفرس والروم وغيرهم؟ (ر: الدين والدولة ص 152، وذكرت هذه البشارة في كتاب محمّد صلى الله عليه وسلم ص 33، عبد الأحد".
3 يوحنا 4/14.(2/677)
يريد بالماء: العلم والحكمة. وذلك إخبار من أشعيا عن ظهور كتاب الله وسنة نبيّه. وكذلك قوله: "قوتوهم بخبزكم" على نحو قول المسيح في الإنجيل: "أنا هو خبز الحياة الذي من أكل منه لم يمت"1. وهذه كلّها كلمات متروكة الظاهر مؤولة.
-[البشرى] 2 الرّابعة والثّلاثون:
قال أشعيا حاكياً عن الله تعالى: "اشكر حبيبي وابني أحمد"3. فسمّاه الله حبيباً وسمّاه ابناً على اصطلاح اللسان العبراني. كتسمية إسرائيل ابناً غير أنه خصّه عليهم بمزيه. فقال: "حبيبي ابني اشكره". فَتَعَبُّد مثل أشعيا بشرك محمّد صلى الله عليه وسلم ووضف عليه وعلى قومه شكره وإجلاله ليتبيّن قدره ومنْزلته عنده. وتلك منقبة لم يؤتها غيره من المرسلين.
-[البشرى] 4 الخامسة والثّلاثون:
قال أشعيا: "إن الأمة التي كانت في الظلمات رأت نوراً باهراً. والذين كانوا في الدجى وتحت ظلال الموت سطع عليهم الضوء. فلقد أكثرت من الأتباع / (2/112/أ) والأحزاب لم يستكثر للاغتباط بهم. فأما هم فإنهم فرحوا بين يديك كمن يفرح يوم الحصاد وعند اقتسام الغنائم. لأنك فككت النير أيضاً الذي كان أذلهم والعصا التي كانت على أعناقهم. وكسرت القضيب الذي كان يستعبدهم مثل كسرك من كسرت في يوم مدين"5.
__________
1 يوحنا 6/35، 48.
2 ليست في ص، وأثبتّها من م.
3 لم أقف على هذا النّصّ في سفر أشعيا. وقد ذكر النّصّ أيضاً في الجواب الصّحيح 3/329، 300، وهداية الحيارى ص 162، والأجوبة الفاخرة ص 177. ولم يقف د. السقا أيضاً على موضع هذا النّصّ في تعليقه على كتاب: هداية الحيارى.
4 ليست في ص، وأثبتّها من م.
5 أشعيا 9/2-4، بألفاظ متقاربة. ر: البشارة في: الدين والدولة ص 146.(2/678)
وذلك موافق لقول الله تعالى في نعت نبيّه محمّد صلى الله عليه وسلم: {وَيَضَعُ عَنْهُم إِصْرَهُم وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَت عَلَيهُم} . [سورة الأعراف، الآية: 157] . وبرسول الله صلى الله عليه وسلم زالت1 ظلمة الشرك وحصل ضوء الإيمان. فكسر الأصنام وأباد الأوثان. وأعلن بالقرآن وعبد الرحمن.
-[البشرى] 2 السّادسة والثّلاثون:
قال أشعيا: "إنا سمعنا من أطراف الأرض صوت محمّد"3.
وهذا إفصاح وليس بجمجمة وإعراب من أشعيا باسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليُرنا أهل الكتاب نبيّاً نصّت الأنبياء على اسمه صريحاً سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
-[البشرى] 4 السّابعة والثّلاثون:
قال أشعيا - وسمي رسول الله صلى الله عليه وسلم / (2/112/ب) ربّاً وإلهاً كتسمية موسى في التوراة -: "إنّ الرّبّ الإله سيظهر بالعزّ والحول والقوّة. أجره معه وعمله أمامه. فهو كالراعي الذي يحوط غنمه ويذودهم عن مراتع الهلاك"5.
__________
1 في م: أزالت.
2 ليست في ص، وأثبتّها من م.
3 ورد في سفر أشعيا 24/16، بنصّ مقارب لما ذكره عليّ بن ربن في الدين والدولة ص 152، 153. فقال: "قال أشعيا: إنا سمعنا من أطراف الأرض مزموراً وترتيلاً للبر والخير وهو يقول: إن لي سراً إن لي سراً. ويقول: يا ويحي. فجر الفجار فجر الفجار فجوراً فهأنذا محدق بكم يا سكان الأرض الرعب والمهواة والفخ. فمن نجا من الحرب وقع في المهواة، ومن صعد من المهواة اشتمل عليه الفخ. لأن أبواب السماء تفتحت وتزعزعت أساسيات الأرض وارتاعت". فهذا في تفسير ما رقوس. فأما في العبراني الذي هو الأصل فإنه يقول: "إنا سمعنا من أطراف الأرض صوت محمّد". ومكة أطراف الأرض وعلى ساحل البحر. فليعلمونا متى وفي أي دهر نزل بأهل الإشراك والكفر من الروعات والنقم والنكبات مثل ما عَمَّهم ونزل بهم في هذه الدولة؟!! ". اهـ.
(ر: البشارة في: الجواب الصّحيح 3/330، وهداية الحيارى ص 162، والأجوبة الفاخرة ص 177) .
4 ليست في ص، وأثبتّها من م.
5 أشعيا 40/10، 11، وقد وردت البشارة في الدين والدولة ص 154.(2/679)
والدليل على ما قلناه أنه جعل (الرّبّ الإله) المذكور هو إنساناً له أجر وعمل. وقوله: (أجره معه) . يشير إلى الغنائم التي أحلت له وصفاياها، وقد وصفه أشعيا بالجهاد في سبيل الله واستيلائه على أعدائه بالحول والقوّة والعزّ. وكذلك كان عليه السلام. وهو1 وأمته الذين قهروا الجبابرة وكسروا الأكاسرة وأبادوا الفراعنة والقياصرة واستولوا على ممالك العالم2 وهابتهم طبقات بني آدم. ومن شَدَّ طَرَفاً من مغازيهم عرف صحّة ما قلناه.
-[البشرى] 3 الثّامنة والثّلاثون:
قال أشعيا وذكر ما امتن الله به على أهل الحجاز واليمن من أهل ملة محمّد صلى الله عليه وسلم: "إن المساكين والضعفاء والذين جفت ألسنتهم من الظمأ سأسقيهم ماء حيث لا ماء لهم. / (2/113/أ) أنا الرّبّ أجيب دعوتهم ولن أهملهم بل أفجر لهم في الجبال الأنهار. وأجري بين القفار العيون. وأجعل في البدو آجاماً. وأجري في الأرض العطشى معيناً. وأنبت في القفار غروساً. ليعلم الناس أن يد الرّبّ فعلت ذلك. وقدوس إسرائيل ابتدعه"4.
فقد نصّ على أرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفها بصفاتها وما فجر بها من الأنهار وأجرى من العيون وأنبت من الخيرات لأهلها. وذكر أن يده هي التي فعلت ذلك. وقد أكثر أشعيا عليه السلام من ذكر محمّد وأحمد ووصفه أرضه وبلاده وبيته ومنازل أبيه إسماعيل. فلم يبق لجاحد علة ولا لمنكر ريبة.
__________
1 ليست في م.
2 في م: العجم.
3 ليست في ص، وأثبتّها من م.
4 أشعيا 41/17، 20. وقد وردت هذه البشارة في: الدين والدولة ص 156، وأعلام النبوة ص 203.(2/680)
-[البشرى] 1 التّاسعة والثّلاثون:
قال أشعيا أيضاً: "لتسبحني وتحمدني حيوانات البر من بنات آوى حتى الأنعام. لأني أجريت الماء في البدو لتشرب منها أمتي المصطفاة التي اصطفيتها"2.
هذا يصدّقه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد وَلَّى على أهل مكّة عتاب بن أسيد فقال له: "يا عتاب / (2/113/ب) أتدري على ما ولّيتك؟. ولّيتك على أهل الله". قالها مرّتين أو ثلاثاً3. وكنَّى عن أهل الحجاز والبراري ببنات آوى والأنعام لسكنى الفيافي والقفار. وأخبر أشعيا أن الله تعالى اصطفى هذه الأمة من بين سائر الأمم.
-[البشرى] الأربعون:
قال أشعيا: "أنا الرّبّ ولا إله غيري. أنا الذي لا يخفى عليه خافية. بل يخبر العباد بما لم يكن قبل أن يكون، وأكشف لهم الحوادث والغيوب. وأُتِم مشيئتي كلها إني سأدعو طائراً من البدو البعيد الشاسع"4.
والطائر المدعو من البدو البعيد الشاسع هو محمّد رسول الله صلى الله عليه وسلم5.
__________
1 ليست في ص، وأثبتّها من م.
2 أشعيا 43/20، 21. وقد وردت البشارة في: الدين والدولة ص 157، والأجوبة الفاخرة ص 177.
3 تقدم تخريجه. ر: ص: 250.
4 أشعيا 46-9-11. كالآتي: "اذكروا الأوليات منذ القديم. لأني أنا الله وليس آخر الإله. وليس مثلي مخبر منذ البدء بالأخير ومنذ القديم بما لم يفعل. قائلاًً رأيي. يقوم، وأفعل كلّ مسرتي. داع من المشرق الكاسر من أرض بعيدة. رجل مشورتي قد تكلمت فأجريه". وقد وردت البشارة في: الدين والدولة ص 157، والأجوبة الفاخرة ص 182.
5 قال القرافي موضحاً البشارة السابقة: "فهذا (طائراً) هو: محمّد صلى الله عليه وسلم. لأنه من البدو الشاسع عن إقليم بني إسرائيل. وسماه طائراً لطيران ملكه. وهديه في الآفاق. والحمل على الطائر الحقيقي لا يبقى في هذا الكلام العظيم فائدة. فتعين حمله على معنى نفيس لائق بهذا السياق العظيم ولم تقع في هذا العالم ما يليق بهذا الخبر سوى محمّد صلى الله عليه وسلم فتعيّن". اهـ. (الأجوبة الفاخرة ص 182، 183) .(2/681)
-[البشرى] 1 الحادية والأربعون:
قال أشعيا متنبئاً على ما شرحه الكتاب العزيز من نعيم أهل الجنة: "يا معشر العطاش توجهوا إلى الماء والورود. ومن ليس معه فضة فليذهب و [يمتر] 2 ويأكل ويشرب من الخمر واللبن مجاناً بلا ثمن"3. ذلك تصديق لقوله تعالى: / (2/114/أ) {فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّر طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّن خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٍ مِّن عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُم فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ} . [سورة محمّد صلى الله عليه وسلم، الآية: 15] . وفي ذلك تكذيب للنصارى واليهود وكطائفة من أهل الأهواء إذ قالوا: ليس في الجنة شيء من هذه الملاذ.
[البشرى] 4 الثّانية والأربعون:
قال أشعيا وتنبأ على دعاء محمّد رسول الله صلى الله عليه وسلم الكافة وأخبر أن رسالته عامة إلى الناس أجمعين: "إني أقمتك شاهداً للشعوب، ومدبّراً وسلطاناً للأمم. لتدعو الأمم الذين لم تعرفهم. ويأتيك الأمم الذين لم يعرفوك هرولة وشدّاً من أجل الرّبّ إلهك. قدوس إسرائيل هو الذي أحمدك، فاطلبوا ما عند الرّبّ واستجيبوا له. وليرجع الخاطئ عن خطيئته والفاجر عن فجوره وليتب5 إلي لأرحمه"6.
__________
1 ليست في ص، وأثبتّها من م.
2 في ص، م (يمتار) والصواب ما أثبتّه.
3 أشعيا 55/1، وقد وردت البشارة في: الدين والدولة ص 160.
4 ليست في ص، وأثبتّها من م.
5 في م: زاد (ولينيب) .
6 أشعيا 55/4-7، كالآتي: "هو ذا جعلته شارعاً للشعوب. رئيساً وموصياً للشعوب. ها أمة لا تعرفها تدعوها وأمة لم تعرفها تركض إليك من أجل الرّبّ إلهك وقدوس إسرائيل. لأنه قد مجدك. اطلبوا الرّبّ ما دام يوجد ادعوه، وهو قريب ... ".
وقد وردت البشارة بنصّ المؤلِّف في: الدين والدولة ص 160.(2/682)
فهذه نبوة مفصحة وبشرى مصرحة باسم أحمد صلى الله عليه وسلم. وكأن كلماتها قد جمعها أشعيا من الكتاب العزيز والسنة الطاهرة.
-[البشرى] 1 الثّالثة والأربعون:
وقال أشعيا: "إن الله سبحانه نظر في الناس فلم ير من يعين على الحقّ فأنكر ذلك. / (2/114/ب) وبعث وليه فأنفذه بذراعه ومهد له بفضله. فاستلأم العفاف والبر كالدرع ووضع على رأسه إكليل الإغاثة والفلح. ولبس الخلاص لينتقم من المبغضين له المعاديين. ويجزي أهل الجزاء2 جزاءهم أجمعين ليدوم اسم الله في مغارب الأرض وليخشع في مشارقها لجلاله سبحانه"3. فقد استلأم عليه السلام بالبر والتقى ولبسه والتحفه وارتدى، وخلّص أولياءه وانتقم من أعدائه. وأعلن باسم الله في مشارق الأرض ومغاربها. فهذه نبوات ظاهرة وبشارات متضافرة يؤمن بها من قضى الله له بالتوفيق ويجحدها من عدل به عن نهج الطريق.
-[البشرى] 4 الرّابعة والأربعون:
قال أشعيا وتنبأ بها على مكّة: "قومي وأزهري مصباحك فقد دنا وقتك وكرامة الله طالعة عليك، فقد تخلل5 الأرض الظلام وغطى على الأمم كلّها
__________
1 ليست في ص، وأثبتّها من م.
2 في م: الجزائر.
3 أشعيا 59/16-19، وقد وردت البشارة في: الدين والدولة ص 160، 161.
4 ليست في ص، وأثبتّها من م.
5 في م: (محل) .(2/683)
الضباب، يشرق عليك إشراقاً. يظهر عليك كرامته. فتسير الأمم إلى نورك. والملوك إلى ضوء طلوعك1./ (2/115/أ) إنهم سيأتونك ويحجون إليك من البلد البعيد. ويتربى بنوك وبناتك على السرر والأرائك"2.
وهذه نبوءة على تخصيص مكّة بشدّ الرحال إليها وتمليك أهلها وظهور الإيمان بالله منها. وإزالة ظلم الجهل بمصباح العلم المأخوذ عن أولادها. فمن أبى من المخالفين تنْزيل هذا الكلام على مكّة والكعبة [فليرنا] 3 كعبة أخرى في الأرض شرقاً وغرباً وشريعةً هاديةً من الضلال. وملة ثابتة خالدة على مرّ الأحوال.
-[البشرى] 4 الخامسة والأربعون:
وقال أشعيا باسم الكعبة وحجها وتعظيمها: "إنه سيرد عليك أبناؤك من بلد بعيد. ومعهم فضتهم وذهبهم من أجل اسم الرّبّ إلهك قدوس إسرائيل الذي أحمدك. وتبنى أبناء الغرباء سورك. وتخدمك ملكوهم. وتفتح أبوابك آناء5 الليل والنهار فلا تغلق. وتدخل إليك أرسال الأمم. وتقاد إليك ملوكهم أذلة. وكلّ أمة لا تخضع لك تتبدد تبديداً. والشعوب التي لا تخدمك/ (2/115/ب) تصطلم اصطلاماً. وتأتيك الكرامة من صنوبر لبنان البهي. ومن الأبهل لتبخر به بيتي وموضع قدمي ومستقر كرامتي. والقوم الذين كانوا يذلونك يأتون لتقبيل آثار أقدامك. وأجعلك كرامة إلى الأبد وغبطة وفرحاً إلى دهر الداهرين
__________
1 في م: طوع.
2 أشعيا 60/1-4. وقد وردت البشارة في: الدين والدولة ص 161، مقامع هامات ص 276،الإعلام ص 279، هداية الحيارى ص149،الأجوبة الفاخرة ص177.
3 في ص، م (فليرينا) والصواب ما أثبتّه.
4 ليست في ص، وأثبتّها من م.
5 في م: لها.(2/684)
و [سترضعين] 1 ألبان الشعوب. وتصيبين من ذخائر الملوك. و [تعلمين] 2 أني أنا الرّبّ مخلصك. والذي يجعل مصابحك تزهر إلى الأبد"3.
فهذا أشعيا قد نصّ فصرح وحقق أمر بيت الله العتيق وأفصح [فليوجد لنا] 4 المخالف بيتاً لله تعالى موصوفاً بهذه الصفات مخصوصاً بهذه الكرامات مشتملاً على قدم إبراهيم مقبلاً مقبولاً في الغداة والأًصيل.
-[البشرى] 5 السّادسة والأربعون:
قال أشعيا مخاطباً للنبيّ محمّد صلى الله عليه وسلم: "هكذا يقول الرّبّ قدوس إسرائيل ستقوم لك الملوك إذا رأوك وتسجد لك السلاطين. لأن وعد الله حقّ وأنا الذي انتخبتك واخترتك وفي / (2/116/أ) شدائدك أعنتك. لنفسي اجتبيتك وجعلتك ميثاقاً للشعوب ونوراً للأمم. لترث الأرض وتطلق الأسرى المسجونين وتؤمنهم. وتجعل الجبال طرقاً مذللة. وتوافيك الأقوام من بلاد شاسعة. فسبحي أيتها السماء6 واهتزي أيتها الأرض فرحاً وابتهجي أيتها الجبال بالحمد. فقد تلاقى الرّبّ شعبه ورحم المساكين من خلقه"7.
اعلم أن هذه النبوة لا تليق بغير رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مختار الله ومجتباه ومنتخبه من خلقه. الذي أعانه على شدائده. وهو رجل واحد بغير أعوان ولا معتضد بأنصار حتى قهر الملوك فدانوا بدينه. والتزموا شرعه وتقيدوا بأحكامه وأخذوا بسنته طوعاً وكرهاً واختياراً وجبراً. وورث الأرض وفتحها هو وأمته شرقاً وغرباً
__________
1 في ص، م (سترضعين ... تعلمي) والصواب ما أثبتّه.
2 في ص، م (تعلمي) والصواب ما أثبتّه.
3 أشعيا 60/1-9, وقد وردت البشارة في: ب 2 163، وذكرت مقدمة هذه البشارة في نفس الإصحاح في البشارة الثامنة عشرة. ر: ص: 488.
4 في ص، م (فليوجدنا) والصواب ما أثبتّه.
5 في ليست في ص، وأثبتها من م.
6 في ص: تكررت لفظه: (أيتها) .
7 أشعيا 49-7-13. وقد وردت البشارة في: الدين والدولة ص 163، 164. وذكرت مقدمة هذه البشارة في نفس الإصحاح في البشارة العشرون ص: 489.(2/685)
وجنوباً وشمالاً. وقيد الملوك والطغاة. وفكّ الأسرى والمسجونين. وأمن الجبال الوعرة ودكّها فصارت شرائع وطرقاً1 مسلوكة. وقد كانت العرب قبل مبعثه صلى الله عليه وسلم / (2/116/ب) محبوسة بأرضها [لا يتجاوزونها] 2 من خوف فارس وكسرى وقيصر وغيرهما من الملوك. وأطلقها الله برسوله من سجنها. وأورثهم أرض فارس وقيصر وغيرهما وملكهم أموالهم فاستخرجوا ذخائرهم وحازوا معاقلهم وتملكوا عقائلهم.
فإن قيل: ما معنى قول أشعيا في أوّل هذه البشارات: "يا قدوس إسرائيل".
قلنا: هو إنما يخاطب في أيامه بني إسرائيل. وبنو إسرائيل إذا دعوا الله قالوا: يا قدوس إسرائيل افعل بناكذا وكذا. فاحتاج أن يخاطبهم بما يفهمون.
-[البشرى] 3 السّابعة والأربعون:
قال أشعيا وتنبأ على الكعبة والركن الأسود: "هكذا يقول الرّبّ: هأنذا ناصب للأمم علماً وآية. وهي أنهم يأتونك بأبنائهم وبناتهم على أيديهم وأكتافهم وتكون الملوك ظؤورتك4 وعاقل نسائهم مرضعاتك ويخرون على وجوههم سجداً لك ويلحسون تراب أقدامك. فتعلمين حينئذٍ أني أنا الرّبّ الذي لا يخزى الراجون لدى"5.
الظوؤورة: جمع ظئر. وهي: الداية والمزيِّنة / (2/117/أ) والمرضعة يشير إلى ما قام الملوك ونساء الملوك من خدمة المسجد الحرام وتحلية الكعبة وتزيينها بالديباج والذهب والفضة وتغليفها بالمسك وغسلها بالماورد المفتوق فيه الطيب6 الفاخر. وتذللهم
__________
1 في م: (طرق) وهو خطأ.
2 في ص (لا يتجاوزها) ، وفي م (لا يتجاوزها) والصواب ما أثبتّه.
3 ليست في ص، وأثبتّها من م.
4 في م: خاوورتك.
5 أشعيا 49/22-23. وقد وردت هذه البشارى في: الدين والدولة ص 165، 166. وذكرت مقدمة هذه البشارة في نفس الإصحاح في البشارتين: العشرين والسّادسة والأربعين.
6 في م: زاد: (و) .(2/686)
حولها وخضوعهم لأهلها وتطوافهم حولها. وتقبيلهم حجرها. حفاة الأقدام حسر الرؤوس مبتذلين متواضعين. فأي بيان أبين من هذا البيان لمن نوّر الله قلبه وجوهر لبه وأراد به الخير وحماه من الهوى؟!!.
-[البشرى] 1 الثّامنة والأربعون:
قال هوشاع2 النبيّ وتنبأ على محمّد رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الرّبّ أنا الرّبّ الإله الذي رعيتك في البدو. وفي أرض قفر خراب غير مأهول. وفي أرض لا أنيس بها"3.
وما يعرف من هذا حاله سوى محمّد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أبوه إسماعيل عليه السلام.
-[البشرى] 4 التّاسعة والأربعون:
قال هوشع متنبأ على أمة محمّد عليه السلام: "قال الله: إنها أمة جليلة عزيزة لم يكن مثلها قط / (2/172/ب) ولا تكون. النار تحرق من أمامها ومن خلفها"5.
وتلك أمة النبيّ محمّد صلى الله عليه وسلم وهي التي لا تقوم لها شيء من الأمم كأنها النار في إحراقها، وقد وصفها الله بالجلالة والعزّة6 وأنه لم يكن في العالم مثلها ولا يكون
__________
1 ليست في ص، وأثبتّها من م.
2 هوشع: اسم عبري معناه: (الخلاص) . وهو ابن بئري. وهو عند أهل الكتاب من الأنبياء الصغار الاثني عشر. وقد عاصر هوشع سقوط السامرة التي كان ينتمي إليها - سنة 722هـ. ق. م. وكان معاصراً لأشعيا الذي تنبأ في مملكة الجنوب (يهوذا) . وينسب إلى هوشع سفر باسمه يحتوي على (14) إصحاحاً. (ر: قاموس ص 1005، 1006) . يقول سبينوزا: "إن سفر هوشع قد كتب بعد موته بمدة طويلة. ولا يذكر السفر إلاّ جزءاً ضئيلاً من نبوته - ثم يقول: - ولكني أعجب حقاً من أننا لا نعرف شيئاً عن رجلٍ استمرت نبوته أكثر من 84 سنة. كما يشهد الكتاب نفسه. (ر: رسالة في اللاهوت ص 314، 315) .
3 هوشع 13/4-6 بألفاظ متقاربة. وقد وردت البشارة في: كتاب الدين والدولة ص 167.
4 ليست في ص، وأثبتّها من م.
5 لم أعثر على هذا النّصّ في سفر هوشع. وقد وردت في البشارة في: الدين والدولة ص 167، 168.
6 في م: العز.(2/687)
أبداً. وتلك تزكية ومدحة جليلة وثناء فخم من الله لهذه الأمة. وهو دليل محبته لها لأنه تعالى إذا أحب شيئاً فخّمه وعظمه. فلله ربنا الحمد السرمد والمدح المؤبد.
-[البشرى] 1 الخمسون:
قال هوشع النبيّ على محمّد صلى الله عليه وسلم: "وقد بلغ وقت النعمة ودنا ميقات الجزاء، فليعرف بنو إسرائيل الجهلة النبي السفير وليتبينوا2 شأنه. فإنه لا خفاء بالرجل الذي عليه روح السفارة. وإن كثرة إثمهم وخطاياهم هي التي حملتهم على الخبث"3.
قوله: "قد بلغ وقت النعمة". يعني بذلك وقت محمّد صلى الله عليه وسلم، فشهد هوشاع أنه نعمة على العالمين نظيره قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} . [سورة الأنبياء، الآية: 107] .
-[البشرى] 4 الحادية الخمسون:
قال هوشاع وهو أحد الاثني / (2/118/أ) عشر وتنبأ على أمة محمّد عليه السلام: "إن
__________
1 ليست في ص، وأثبتّها من م.
2 في م: وليهوا.
3 ورد النّصّ في سفر هوشع 9/7-9، كالآتي: "جاءت أيام العقاب جاءت أيام الجزاء، سيعرف إسرائيل النبيّ أحمق إنسان الروح مجنون من كثرة إثمك وكثرة الحقد. أفرايم منتظر عند إلهي النبي فخ صياد على جميع طرقه. حقد في بين إلهه. قد توغلوا فسدوا كأيام جبعة سيذكر إثمهم سيعاقب خطاياهم". وقد ذكر هذه البشارة أيضاً القرطبي في الأعلام ص 275، 276، بلفظ مقارب لما ذكره المؤلِّف. ولكنه أخطأ في نسبه النّصّ إلى سفر أشعيا.
4 ليست في ص، وأثبتّها من م.(2/688)
إفرام قد اكتفى بالكذب والفرية، وبنو إسرائيل ويهوذا قد عنوا بالكذب والخيانة حتى نزلت أمة الله الأمة المقدسة المؤمنة"1. وهذه صفة أمة محمّد صلى الله عليه وسلم.
-[البشرى] 2 [الثّانية] 3 والخمسون:
قال ميخا النبيّ وتنبأ على بيت الله الحرام وما يحجه من الناس: "إنه يكون في- آخر الأيام بيت الرّبّ مبنياً على قلل الجبال وفي أربع رؤوس العوالي. يأتيه جميع الأمم يقولون: تعالوا نطلع إلى جبل الرّبّ"4.
وذلك كله صفة البيت العتيق وجبل عرفة. فإن زعم أهل الكتاب أن ذلك بيت المقدس لم يصحّ قوله: "إن ذلك إنما يكون في آخر الأيام". وبيت المقدس قد كان موجوداً معظماً في زمن ميخاً قائل هذه النبوءة. والنبيّ إنما يتنبأ على شيء لم يأت ولا يتنبأ على ما هو حاضر عنده.
-[البشرى] 5 الثّالثة والخمسون:
قال حبقوق وسمى محمّد رسول الله مرّتين في نبوته: "إن الله جاء من التيمان. والقدوس / (2/118/ب) من جبل فاران. لقد أضاءت السماء من بهاء محمّد. وامتلأت الأرض من حمده. شعاع منظره مثل النور. يحوط بلاده بعزّة. تسير المنايا أمامه. وتصحب سباع الطير أجناده. قام فمسح الأرض فتضعضعت له الجبال
__________
1 ورد النّصّ في سفر هوشع 11/12، كالآتي: "قد أحاط بِيَ أفرايم بالكذب. وييت إسرائيل بالمكر. ولم يزل يهوذا شارداً عن الله وعن القدس الأمين". وقد نقل القرافي هذه البشارة عن المؤلِّف في الأجوبة الفاخرة ص 177، 178. وقال: "فصرح بأن بني إسرائيل واليهود على الكذب والضلال حتى تأتي الأمة المقدسة. ولم يأت بعد نبي إسرائيل أمة غيرنا. فإن النصارى داخلون في بني إسرائيل. فيكون نحن الأمة المقدسة. وهو المطلوب". اهـ.
2 ليست في ص، وأثبتّها من م.
3 في ص، م (الاثنى) والصواب ما أثبتّه.
4 سفر ميخا 4/1، 2، وقد وردت البشارة في: الدين والدولة ص 168، وتحفة الأريب ص 278، والأجوبة الفاخرة ص 178.
5 ليست في ص، وأثبتّها من م.(2/689)
القديمة. وانخفضت الروابي. وتزعزعت ستور أهل مدين. ولقد حاز المساعي القديمة - ثم قال: زجرك في الأنهار واحتدام أصواتك في البحار. وركبت الخيول. وعلوت مراكب الإنقاذ. وستترع في قسيك إغراقاً وترعاً. وترتوي السهام بأمرك يا محمّد ارتواء. ولقد رأتك الجبال فارتاعت. وانحرف عنك شؤبوب1 السيل. ونعرت2 المهاري نعيراً ورعباً. ورفعت أيديها وجَلا وخوفاً. وسارت العساكر في بريق سهامك ولمعان نيازكك3. تدوخ الأرض غضباً وتدوس الأمم زجراً. لأنك ظهرت بخلاص أمتك وإنقاذ تراث آبائك"4.
اعلم أنه من رام صرف نبوة حبقوق هذه عن محمّد صلى الله عليه وسلم فقد رام ستر النهار وحبس الأنهار. وأنّى يقدر/ (2/119/أ) على ذلك وقد سماه باسمه مرّتين وأخبره بقوة أمته وسير المنايا أمامهم واتباع جوارح الطير آثارهم. وهذه النبوة لا تليق إلاّ بمحمّد ولا تصلح إلاّ له ولا تنَزَّل إلاّ عليه فمن حاول صرفها عنه فقد حاول ممتنعاً.
-[البشرى] 5 الرّابعة والخمسون:
قال صفنيا النبي عليه السلام وتنبأ على كلمة التوحيد هي شهادة أن لا إله إلاّ الله: "أيّها الإنس تَرجوا اليوم الذي أقوم فيه للشهادة. فقد حان أن أُظهر
__________
1 الشُّؤبوب: الدفعة من المطر. وحدّ كلّ شيء. وشدّة دفعه. وجمعه: شآبيب. (ر: القاموس ص 127) .
2 النعير: الصراخ والصياح في حرب أو شر. (ر: القاموس ص 624) .
3 في م: بناؤكك.
4 ورد النّصّ في سفر حبقوق 3/3-15، كالآتي: "الله جاء من تيمان. والقدوس من جبل فاران. سلاه - جلاله غطى السماوات والأرض امتلأت من تسبيحه، وكان لمعان كالنور ... ". ولم يذكر بالنسخة الحالية اسم محمّد صلى الله عليه وسلم كما ذكر المؤلِّف. وقد وردت البشارة في: الدين والدولة ص 169، 170، أعلام النبوة ص 204، مقامع هامات ص 227، الإعلام ص 274، الجواب الصّحيح 3/330، هداية الحيارى ص 162، 163، محمّد صلى الله عليه وسلم ص 71، إبراهيم خليل، الأجوبة الفاخرة ص 178.
5 ليست في ص، وأثبتّها من م.(2/690)
حكمي لحشر الأمم كلها. هنالك أجدد لهم اللغة المختارة ليعلنوا باسم الرّبّ جميعاً ويعبدوه في ربقة واحدة. ويأتون بالذبائح في تلك الأيام من معابر أنهار كوش"1.
واللغة المختارة هي لغة العرب. وهي التي طبقت الأرض وملأت الدنيا وتكلم غير أهلها وهجروا لغاتهم لخفتها. ومعابر أنها ركوش هي نواحي اليمن والحجاز، وهي التي تساق منها الأغنام والهدي إلى بيت الله الحرام. فمن ظن أن (كوش) تحمل أغنامه وذبائحه إلى الشام وبيت المقدس فقد ظنّ عجزاً.
-[البشرى] 2 الخامسة والخمسون: (2/119/ب)
قال زكريا النبيّ وتنبأ أيضاً على جمع كلمة التوحيد وصيرورة الدين ديناً واحداً: "أنه يكون الرّبّ يومئذٍ ربّاً واحداً ويكون اسمه اسماً واحداً"3.
وقد صار الأمر كذلك بمحمّد رسول الله صلى الله عليه وسلم، شرقاً وغرباً فجنوباً وشمالاً، فمن شَذَّ عن ذلك فإلى النار.
-[البشرى] 4 السّادسة والخمسون:
قال زكريا أيضاً: "وفي ذلك اليوم يكون اسم الرّبّ القدوس على كلّ شيء حتى على لجام الفرس"5.
فقد تمت هذه النبوة ببعثة محمّد صلى الله عليه وسلم. وصار اسم الله على كلّ شيء من ثوب
__________
1 ورد النّصّ في سفر صفنيا 3/8-10، كالآتي: "لذلك فانتظروني يقول الرّبّ إلى يوم أقوم إلى السلب. لأن حكمي هو بجمع الأمم وحشر الممالك لأصب عليهم سخطي كلّ حمو غضبي. لأنه بنار غيرتي تؤكل كلّ الأرض. لأني حينئذ أحول الشعوب إلى شفة نقية ليدعوا كلّهم باسم الرّبّ ليعبدوه بكتف واحدة. من عبر أنها كوش المتضرعون إلي. متبددي يقدمون تقدمتي". وقد وردت البشارة في: الدين والدولة ص 171، 172، وأعلام النبوة ص 206.
2 ليست في ص، وأثبتّها من م.
3 سفر زكريا 14/9، وقد وردت البشارة في: الدين والدولة ص 172، 173.
4 ليست في ص، وأثبتّها من م.
5 ورد النّصّ في سفر زكريا 14/20، كالآتي: "في ذلك اليوم يكون على أجراس الخيل قدس للرّبّ". وقد وردت البشارة في: الدين والدولة ص 173.(2/691)
ودار وسلاح وذهب وفضة وغير ذلك. وذلك شيء لم يكن يعرف قبل بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
-[البشرى] 1 السّابعة والخمسون:
قال أرميا النّبيّ عليه السلام وخاطب بها محمّداً صلى الله عليهما حاكياً عن الله: "من قبل أن أصورك في الرحم عرفتك. ومن قبل أن تخرج من الرحم قدستك وجعلتك نبيّاً للأمم. لأنك بكل ما آمرك تصدع2. وإلى كلّ من أرسلتك تتوجه. وأنا معك لخلاصك يقول الرّبّ: / (2/120/أ) أفرغت كلامي في فمك إفراغاً. فانظر فقد سلطتك اليوم على الأمم والممالك لتنسف وتهدم وتبتر وتسحق وتغرس وتبني ما رأيت"3.
قال المؤلِّف: قول أرميا: "أفرغت كلامي في فمك إفراغاً"، نظير لقول الله تعالى في التوراة: "أجعل كلامي في فمه"4. يعني النبيّ عليه السلام. وهذه نبوات متضافرة ودلالات متظاهرة. فسبحان من بخس اليهود والنصارى حظهم من الإيمان بها والتمسك بسببها.
-[البشرى] 5 الثّامنة والخمسون:
قال أرميا أيضاً وتنبأ على نصر الأمة المحمّدية على اليهود والنصارى وغيرهم: "إني مُهيِّج عليكم يا بني إسرائيل من البعد أمة عزيزة أمة قديمة. أمة
__________
1 ليس في ص، وأثبتها من م.
2 في م: تصنع.
3 أرميا 1/4-10. وقد وردت البشارة في: الدين والدولة ص 173، 174، مقامع هامات ص 223، هداية الحيارى ص 170، 171.
4 تثنية 18/18.
5 ليست في ص، وأثبتها من م.(2/692)
لا تفقهون لسانها وكلّها مجرب جبار"1. فهذه هي الأمة الحنيفية العربية التي سلطها الله على كلّ من كفر به وعبد معه عجلاً ووثناً. واتّخذ من دونه آلهة أخرى. وقد صدق الله في خبره ووفى بقوله سبحانه تعالى.
-[البشرى] 2 التّاسعة والخمسون:
وقال أرميا متنبئاً على أمة محمّد صلى الله عليه وسلم: "إني جاعل شريعتي في / (2/120/ب) أفواههم وأكتبها في قلوبهم، وأكون لهم إلهاً ويكونون لي شعباً. ولا يحتاج الرحل أن يتعلم من غيره الدين والملة ومعرفة الله. بل يصير الكلّ عارفين بالله صغيرهم وكبيرهم, وأنا أغفر حينئذٍ ذنوبهم ولا أقرعهم بخطاياهم"3.
هذه النّبوة الجليلة القدر شاهدة بأن هذه الأمة هي أمة الله. وأن هذا الشعب الطاهر شعبه، وكفى بذلك فضلاً وشرفاً. فلا نعلم أمة تقرأ كتاب ربّها عن ظهر قلب المَلِك إلى الأتوني سوى هذه الأمة المحمدّية. فأما من عداها من الأمم فإنما يقرؤون من الصحف ويسمعون من غيرهم.
-[البشرى] السّتّون:
قال أرميا أيضاً وتنبأ على إزالة ملك الفرس وهلاك فارس بالمسلمين من أمة محمّد صلى الله عليه وسلم: "يقول الرّبّ: إني كاسر قوس4 [عيلم] 5 رأس عزّهم وجبروتهم
__________
1 سفر أرميا 5/15، 16. وقد وردت البشارة في: الدين والدولة ص 174. والأجوبة الفاخرة ص 182.
2 ليست في ص، وأثبتّها من م.
3 سفر أرميا 31/33-35. وقد وردت البشارة في: الدين والدولة ص 174.
4 في م: نفوس.
5 في ص، م (عيكم) . والتصويب من نصّ سفر أرميا. وعليكم أو عيلام: اسم عبري من أصل أكادي معناه: (مرتفعات) وهي بلاد فيما وراء دجلة، وإلى الشرق من مملكة بابل. وقد سميت بعيلام نسبة إلى عيلام بن سام ونسله العيلاميون. (ر: قاموس ص 651) .(2/693)
وإني أغري بعيلم أربعة رياح من أربع جهات السماء، وأبدد أهلها في تلك الجهات، وأفض عيلم قدام أعدائهم فضّاً. وأفُلُّهم قدام طالبي أنفسهم فلاًّ, وأنْزل عليهم البلاء والرجز / (2/121/أ) الأليم حتّى أفنيهم ثم أنصب كرسي بعيلم، وأبيد من هناك من الملوك"1.
عيلم هي العراق. والملوك الذين كانوا بها هم ملوك الفرس ونزوله تعالى (بعيلم) هو نزول الأمة المحمّدية التي ذكر في النبوة المتقدمة أنها شعبه وأمته، ونصب كرسيه بها هو إقامة الخلفاء من أهل بيته بها وبناؤهم بها المساجد والجوامع والمدارس لإقراء كلامه وسنن رسله، ولا خفاء أن ذلك كلّه لم يتحقق إلاّ بمحمّد وأمته.
-[البشرى] 2 [الحادية] 3 والسّتّون:
قال أرميا وشافه بها محمّداً رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعد آلات الحرب فإني أُبدد بك الشعوب، وأبدد بك الخيل وفرسانها والمراكب وركبانها، وأبدد بك الطغاة لتجازي الكذابين بأوزارهم التي ارتكبوها. هذا قول الرّبّ"4. فقد صدق الله ورسله، وبدّد برسول الله صلى الله عليه وسلم شعوب المشركين وخيلها وفرسانها ومراكبها وركبانها وانتقم به وبأمته من الكذابين من الفرس والديلم والروم وأهل الكتاب، فكذب الفرس أنهم / (2/121/ب) أناطوا الألوهية والربوبية بالنار. واليهود أنهم قذفوا أنبياءهم وحكموا بأن معبودهم جسم من الأجسام. وكذب النصارى لاعتقادهم أن ربّهم الذي خلقهم ورزقهم هو رجل من بني آدم. وكذب اليهود
__________
1 أرميا 49/35-38. وقد وردت البشارة في: الدين والدولة ص 175.
2 ليست في ص، وأثبتّها من م.
3 في ص، م (الأحد) والصواب ما أثبتّه.
4 أرميا 51/20-24، وقد وردت البشارة في: الدين والدولة ص 176.(2/694)
إناطتهم الربوبية بالأنداد من الحجارة والخشب، وكذب الصائبة وغيرهم إناطتهم الربوبية بالكواكب ونجوم السماء، فسلط الله عليهم رسوله محمّداً صلى الله عليه وسلم، فأباد1 أبدادهم وأخمد نيرانهم وكسر صلبانهم ومحق أوثانهم وأفنى فرسانهم.
-[البشرى] 2 الثّانية والسّتّون:
قال حزقيال النبيّ متنبئاً على هذه الأمة العربية المحمّدية: "إن كرمة أخرجت ثمارها وأغصانها، فأشرفت على الأكابر والسادات، وارتفعت وبسقت أفنانها، فلم تلبث تلك الكرمة أن قلعت3 بالسخط ورمي بها على الأرض فأكلتها. فعند ذلك غرس4 غرس في البدو وفي الأرض المهملة المعطلة / (2/122/أ) العطشى وخرجت من أغصانه فأكلت تلك حتى لم يوجد فيها [عصا] 5 قوية ولا قضيب بأمر السلطان"6.
يريد بالغرس الأوّل: ملل النصارى واليهود وسائر الطوائف. وكيف سخط الله عليهم وأباد جموعهم واجتثت أصولهم وفروعهم. ويريد بالغرس الجديد الذي غرسه في البدو والأرض العطشى هذه الأمة الغريبة والشريعة المحمّدية
__________
1 في م: زياد (أيد) .
2 ليست في ص، وأثبتّها من م.
3 في م: قلت.
4 ليست في م.
5 في ص، م (غضوا) والتصويب من الدين والدولة ص 177.
6 حزقيال 19/10-14، وقد وردت البشارة في الدين والدولة ص 177، أعلام النبوة ص 205، ومقامع هامات ص 228، والإعلام ص 276، هداية الحيارى ص 172، محمد رسول الله ص 69، 70، الأجوبة الفاخرة ص 178، 179.(2/695)
واستيلاءها على ممالك من تقدم حتى لم يدع لها عزّاً ولا سلطاناً إلاّ احتوت عليه وأكلته وهذه نبوءة واضحة وبشارة صادقة.
-[البشرى] 1 الثّالثة والسّتّون:
وقال حزقيال أيضاً وهو يتهدد اليهود ويصف أمة محمّد صلى الله عليه وسلم: "وأن الله مظهرهم عليكم وباعث فيهم نبيّاً، ومنَزِّل عليهم كتاباً. ومملكهم رقابكم فيقهرونكم ويذلونكم بالحقّ، وتخرج رجال بني قيدار في جماعات الشعوب، معهم ملائكة على خيل بيض متسلحين فيحيطون بكم، وتكون عاقبتكم إلى النار"2. نعوذ بالله من النار.
-[البشرى] 3 الرّابعة والسّتّون: / (2/122/ب)
قال دانيال النبيّ عليه السلام وذكر محمّداً رسول الله صلى الله عليه وسلم باسمه فقال: "ستنْزع في قسي إغراقاً، ترتوي السهام بأمرك يا محمّد ارتواء"4. فهذا تصريح بغير تعريض وتصحيح ليس فيه تمريض. فإن نازع في ذلك منازع فليوجد لنا] 5 آخر اسمه محمّد له سهام تنْزع. وأمر مطاع لا يدفع.
__________
1 ليست في ص. وأثبتّها من م.
2 لم أعثر على هذا النّصّ في سفر حزقيال بالنسخة الحالية. ولكن توجد بعض ألفاظ هذا النّصّ في سفر حزقيال 38/14-23، وقد ورد البشارة بالنّصّ الذي ذكره المؤلِّف في الجواب الصّحيح 3/331، وهداية الحيارى ص 164، ومقامع هامات ص 225، والإعلام ص 273، الأجوبة الفاخرة ص 179.
3 ليست في ص. وأثبتّها من م.
4.لم أعثر على نصّ بهذا اللفظ في سفر دانيال. وقد تقدم ذكر هذا النّصّ في البشارة الثّالثة والخمسون التي وردت في سفر حبقوق. وقد وردت هذه البشارة بنصّها في: الجواب الصّحيح 3/4، الأجوبة الفاخرة ص 179.
5 في ص، م (فليوجدنا) والصواب ما أثبتّه.(2/696)
-[البشرى] 1 الخامسة والسّتّون:
قال دانيال عليه السلام: "طوبى لمن أدرك أيام الألف والثّلاثمائة والخمسة والثّلاثين"2.
وقد اعتبر العلماء العارفون بأيام الناس وتواريخهم فلم يجدوا ذلك ينْزل على واقعة بعد أيام دانيال سوى عدد من كان من المسلمين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عام الحديبية وهي مقدمات الفتح3.
-[البشرى] 4 السّادسة والسّتّون:
قال دانيال النبيّ عليه السلام حين سأله بختنصر عن تأويل رؤيا رآها ثم نسيها: "رأيت أيّها الملك صنماً عظيماً قائماً بين يديك رأسه من ذهب، وساعداه من الفضة. وبطنه وفخذاه من الناس وساقاه من حديد، ورجلاه من خزف،
__________
1 ليست في ص. وأثبتّها من م.
2 سفر دانيال 12/12، وقد وردت البشارة في: الدين والدولة ص 183، وقال ابن ربن معلقاً عليها: "فأعملت فيه الفكر فوجدته يوحي إلى هذا الدين وهذه الدولة العباسية خاصة. وذلك أنه لا يخلو دانيال من أن يكون أراد بهذا العدد الأيام والشهور والسنين. أو سراً من أسرار النبوة يخرجه الحساب.
فإن قال قائل: إنه أراد به الأيام. فإنه لم يحدث لبني إسرائيل ولا في العالم بعد أربع سنين فرح ولا حادثة سارة. ولا بعد ألف وثلاثمائة وخمس وثلاثين شهراً. فإن ذلك مائة وأحد عشرة سنة وأشهر فإن قالوا: عنى به السنين، فإنما ينتهي ذلك إلى هذه الدولة، لأن زمن دانيال إلى المسيح نحو من خمسمائة سنة. ومصداق ذلك ما أوحي إليه: "إنه يأتي عليه وعلى قومه سبعون أسبوعاً في السبي، ثم يرجعون إلى بيت المقدس ويبعث المسيح". ومن المسيح إلى سنتنا هذه ثمانمائة وسبع وستون سنة. وينتهي ذلك إلى هذه الدولة العباسية منذ ثلاثون سنة أو يزيد شيئاً.
فإن قال قائل: إنه ليس بسنين أيضاً بل سرّ من أسرار النبوة يخرجها الحساب. فإني فكرت فيه فوجدت عدد هذه الأيام مساوياً لما يجتمع مع عدد حروف: "محمّد خاتم الأنبياء مهدي ماجد". فإنه إذا جمع حروف هذه الألفاظ بحساب الجمل خرج منها ما بيّنا وهي خمسة أسماء ... ". اهـ.
3 قال ابن حزم في جوامع السيرة ص 20: "اختلف في عدد المسلمين في غزوة الحديبية، فقيل: إنهم بضع عشرة مائة من الصحابة. وقيل: ألف وخمسمائة لا تزيد أصلاً. وقيل: ألف وثلاثمائة. وقيل: ألف وأربعمائة. وقال بعضهم: كانوا سبعمائة. وهذا وهم شديد ألبتة. والصحيح بلا شكّ بين الألف والثلاثمائة إلى ألف وخمسمائة". (ر: السيرة 3/427، 428، لابن هشام، الطبقات 1/69، لابن سعد، المغازي (تاريخ الإسلام) ص 363، للذهبي، البداية والنهاية 4/164، لابن كثير".
4 ليست في ص، وأثبتّها من م.(2/697)
ورأيت حجراً لم يقطعه يد إنسان قد جاء وصَكَّ / (2/123/أ) ذلك الصنم فتفتت وتلاشى وعاد رفاتاً. ثم نسفته الريح فذهب وتحوّل ذلك الحجر فصار جبلاً عظيماً حتى ملأ الأرض كلّها. هذا ما رأيت أيّها الملك.
فقال بختنصر: "صدقت. فما تأويلها؟ ".
قال دانيال: "أنت الرأس الذي رأيته من الذهب. ويقوم بعدك ولداك اللذان رأيت من الفضة وهم دونك. ويقوم بعدهما مملكة أخرى وهي دونهما وهي التي تشبه النحاس. والمملكة الرّابعة تكون قوية مثل الحديد الذي يدق كلّ شيء. فأما الرجلان التي رأيت من خزف فمملكة ضعيفة وكلمتها مشتتة. وأما الحجر الذي رأيت قد صَكَّ ذلك الصنم العظيم ففتته فهو نبيّ يقيمه الله إله السماء والأرض من قبيلة شريفة قوية، فيدق جميع ملوك الأرض وأممها حتى تمتلئ منه الأرض ومن أمته. ويدوم سلطان ذلك النبيّ إلى انقضاء الدنيا. فهذا تعبير رؤياك أيّها الملك"1. فقد أخبر دانيال عن الله تعالى أن2 نبيّنا هو خاتم الأنبياء ودولته خاتمة الدول. وصدق بنبوته هذه جميع النبوات الواردة في رسول الله صلى الله عليه وسلم3.
__________
1 سفر دانيال 2/31-45. وقد وردت البشارة في: الدين والدولة ص 180، 181، أعلام البنوة ص 207، 209، مقامع هامات ص 229، 230، الإعلام ص 277، الفصل 1/194، 195، لابن حزم. الجواب الصّحيح 4/3، هداية الحيارى ص 165، محمّد صلى الله عليه وسلم ص 69، 70، إبراهيم خليل، الأجوبة الفاخرة ص 179، 180، إظهار الحقّ ص 530، 531، الفصل في الملل والنحل 1/194، 195.
2 ليست في (م) .
3 يوضح لنا الأستاذ إبراهيم خليل - الذي كان قسيساص فأسلم - تحقق هذه النبوة التي أخبر بها دانيال على النحو الآتي:
1- سنة 701 ق. م مملكة بابل. ويرمز لها بالرأس من الذهب في عهد نبوخذ نصر.
2- سنة 612 ق. م مملكة الكلدانيين في عهد ميداس، ويرمز لها بالفضة.
3- سنة 326 ق. م المملكة الإغريقية في عهد الإسكندر المقدوني. ويرمز لها بالناس.
4- سنة 53 ق. م الإمبراطورية الرومانية في عهد بومباي. ويرمز لها بالحديد.
5- سنة612م الإمبراطورية البيزنطية في الغرب. والإمبراطورية الساسانية في الشرق.
6- سنة 637م الإسلام. وكتب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام، وتفويض الإمبراطورية البيزنطية والفارسية.(2/698)
-[البشرى] 1 السّابعة والسّتّون: / (2/123/ب)
قال دانيال النبيّ أيضاً: "رأيت في نومي كأن الرياح الأربع قد هاجت وتموج بها البحر. واعتلج اعتلاجاً شديداً. ثم صعد منه أربع حيوانات عظام مختلفة الصور؛ الأوّل مثل الأسد وله أجنحة نسر. والحيوان الثاني مثل الدّبّ وفي فمه ثلاثة أضلاع، وسمعت قائلاً يقول له: قم فكل من اللحم واستكثر منه. والحيوان الثالث مثل النمر. وفي جبينه أربعة أجنحة من حديد عظام فهو يأكل ويدق برجليه ما بقي. ورأيته مخالفاً لتلك الحيوانات وكانت له عشرة قرون فلم يلبث أن نجم له قرن صغير من بين تلك القرون ثم صار لذلك القرن عيون، ثم عظم القرن الصغير جداً أكثر من سائر القرون، فسمعته يتكلم كلاماً عجيباً وكان ينازع القديسين ويقاوهم. قال دانيال: فقال لي الرّبّ: تأويل الحيوان الرابع مملكة رابعة تكون في آخر الممالك وهي أفضلها وأجلها تستولي على جميع الممالك وتدوسها وتدقها وتأكلها / (2/124/أ) رغداً"2.
فقد شهد دانيال النبيّ عليه السلام وأخبر عن الله أن أمتنا هي الدائمة إلى الأبد. وأن ملتنا هي التي لا يقاومها أحد. وهي التي كانت أكلت الأمم ودقتها وداستها واستولت عليها بإذن الله. ووعده الحقّ وخبره الصدق. فهل يبقى بيان أبين من الله تعالى على ألسن أنبيائه الأطهار؟ وقد3 قال من فسر كتب أهل الكتاب: "إن الحيوان الأوّل هو
__________
1 ليست في ص، وأثبتّها من م.
2 دانيال 7/2-22. وقد وردت البشارة في الدين والدولة ص 181، 183، أعلام البنوة ص 207، الأجوبة الفاخرة ص 181، 182، محمّد صلى الله عليه وسلم ص 86، 105، 133، عبد الأحد داود.
3 هذا كلام عليّ بن ربن الطبري.(2/699)
دولة أهل بابل. والحيوان الثاني دولة أهل الماهين1. والحيوان الثالث دولة الفرس، والحيوان الرابع دولة العرب. وفي ذلك تصديق قول الله في التوراة لإبراهيم عليه السلام: "إني أبارك إسماعيل ولدك وأعظمه جدّاً جِدّاً2 ومن تولى الله تعالى تعظيمه وتفخيمه وبركته كيف لا يكون كذلك؟ !!.
-[البشرى] 3 الثّامنة والسّتّون:
قال دانيال: "سألت الله وتضرعت إليه أن يبيّن لي ما يكون من بني إسرائيل، وهل يتوب عليهم ويرد إليهم ملكهم ويبعث فيهم الأنبياء أو يجعل ذلك في غيرهم؟ قال دانيال / (2/124/ب) عليه السلام: "فظهر لي الملك في صورة شاب حسن الوجه فقال: السلام عليك يا دانيال إن الله يقول: إن4 بني إسرائيل أغضبوني وتمردوا عليَّ وعبدوا من دوني آلهة أخرى. فصاروا من بعد العلم إلى الجهل ومن بعد الصدق إلى الكذب. فسلطت عليهم بختنصر فقتل رجالهم وسبي ذراريهم وهدم بيت مقدسهم وحرق كتبهم وكذلك فعل من بعده بهم. وأنا غير راضٍ ولا مقيلهم عثرتهم. فلا يزالون في سخطي حتى أبعث مسيحي ابن العذراء البتول فأختم عليهم عند ذلك باللعن والسخط فلا يزالون ملعونين، عليهم الذلة والمسكنة، حتى أبعث نبيّ بني إسرائيل الذي بشرت به هاجر وأرسلت إليها ملاكي فبشرتها، فأوحي إلى ذلك النبيّ وأعلمه الأسماء، وأزينه بالتقوى. وأجعل البر شعاره. والتقوى ضميره. والصدق قوله. والوفاء طبيعته. والقصد سيرته. والرشد سنته. أخصه بكتابٍ مصدق لما بين يديه من الكتب وناسخ لبعض ما فيها، أسري / (2/125/أ) به إليّ، وأرقيه من سماء
__________
1 هي: دولة الماديين: نسبة إلى مادي بن يافث. وكانت مملكتهم قوية تشتمل على فارس وتوابعها وأشور وغيرها. (ر: قاموس ص 729-731) .
2 تكوين 17/17.
3 ليست في ص، وأثبتّها من م.
4 ليست في (م) .(2/700)
إلى سماء، حتّى يعلو فأُدنيه وأُسلِّم عليه وأوحي إليه ثم أرده1 إلى عبادي بالسرور والغبطة، حافظاً لما استودع، صادعاً بما أمر، يدعو إلى توحيدي باللين من القول والموعظة الحسنة. لا فظّ ولا غليظ. ولا صخاب في الأسواق، رؤوف بمن والاه، رحيم بمن آمن به، خشن على من عاداه، فيدعو قومه إلى توحيدي وعبادتي، ويخبرهم بما رآى من آياتي فيكذبونه ويؤذونه - قال المؤلِّف - ثم سرد دانيال قصة رسول الله صلى الله عليه وسلم حرفاً حرفاً مما أملاه عليه الملك حتى وصل آخر أيام أمته بالنفخة وانقضاء الدنيا"2. ونبوته كبيرة وهي الآن في أيدي النصارى واليهود يقرؤونها. وفيها ما وصفنا من إشادة الله بذكر هذه الأمة وذكر نبيّها واتصال مملكتهم بالقيامة. ولكن الحسد وفساد المربي صار قتّار عن السعادة والله الموفّق.
-[البشرى] 3 التّاسعة والسّتّون:
قال يوحنا الإنجيلي: قال يسوع المسيح في الفصل الخامس عشر / (2/125/ب) من إنجيله: "إن الفارقليط روح الحقّ الذي يرسله أبي هو يعلمكم كلّ شيء"4.
__________
1 في م: أردوه.
2 ورد النّصّ مطولاً في سفر دانيال الإصحاحات: (9، 10، 11، 12) . وبألفاظ مختلفة عما ذكره المؤلِّف. والنّصّ في النسخة الحالية ليس ملزماً لأهل الكتاب لأن يعد من البشارات. وقد وردت البشارة في: الجواب الصّحيح 4/4، 5، وهداية الحيارى ص 166، 167، الأجوبة الفاخرة ص 181، 182.
3 ليست في ص، وأثبتّها من م.
4 ورد النّصّ في إنجيل14/26،كالآتي:"وأما المعزى الروح القدس الذي سيرسله الأب باسمي فهو يعلمكم كلّ شيء ويذكركم بكلّ ما قلته لكم". وقد وردت بشارات الأناجيل المصرخة بلفظ (الفارقليط) في المراجع الآتية: الدين والدولة ص174،185، أعلام النبوة ص211-213، الجواب الصّحيح 4/6-8، هداية الحيارى ص 117-134، تحفة الأريب ص 267-270، الإعلام بمناقب ص 203، للعامري، الإعلام ص 268-270، للقرطبي، النصيحة الإيمانية ص 319-320، مقامع هامات ص 550، محمّد صلى الله عليه وسلم ص 219، 229، عبد الأحد داود، محمّد صلى الله عليه وسلم ص 72، إبراهيم خليل، الرسالة السبعية بإبطال الديانة اليهودية ص 40، للمهتدي إلى الإسلام الحبر إسرائيل ابن القطان شموئيل الأورشليمي، الفصل في الملل والنحل1/195،الأجوبة الفاخرة ص165،168، السيرةالنبوية1/295، لابن هشام.(2/701)
(فالفارقليط) هو: محمّد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الله بعد المسيح، وهو الذي علّم الناس كلّ شيء، قال يهودي لرجل من الصحابة1: علمكم نبيّكم كلّ شيء حتى الخراة؟ فقال أجل: "لقد نهى أن يستقبل أحدنا القبلة ببول أو غائط"2. وقد سماه المسيح (روح الحقّ) وذلك غاية المدحة وأعلى درجات المنحة.
واعلم أن النصارى اختلفوا في تفسير لفظة الفارقليط على أقوال: فقيل: إنه (الحماد) . وقيل: (الحامد) . وقيل: (المعز) . وأكثر النصارى على أنه (المخلًِّص) . فإن فرّعنا عليه فلا خفاء بكون محمّد رسول الله صلى الله عليه وسلم مخلِّصاً للناس من الكفر والمعاصي والجهل. ومنقذهم من دركات الهلاك بإرشادهم إلى توحيد الله وعبادته. قال عليه السلام: "إني آخذ بحجركم وأنتم تقحمون في النار"3. وبذلك سمّى المسيح نفسه في الإنجيل؛ إذ قال: "إني لم آت لأدين العالم بل لأخلّص العالم"4. والنصارى يقرؤون في صلاتهم: "يا والدة الإله لقد ولدتي لنا / (2/126/أ) مخلّصاً". وإذا كان المسيح مخلّصاً لا بدّ من مخلص آخر لأمته.
فأما على بقية الأقوال، فليس لفظ أقرب إلى محمّد من الحامد والحماد. فقد وضح أن
__________
1 هو سلمان الفارسي رضي الله عنه. والقائل له ذلك هو: رجل من المشركين وليس من اليهود كما ذكر المؤلِّف.
2 أخرجه مسلم 1/223، 224، وأحمد 5/438، وأبو داود 1/3.
3 أخرجه البخاري في كتاب الرقاق باب 26. (ر: فتح الباري 11/316) . ومسلم 4/1789، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
4 يوحنا 12/47.(2/702)
(الفارقليط) هو: محمّد عليه السلام1.
-[البشرى] 2 السّبعون:
__________
1 إن الطبعات الحديثة للأناجيل لا توجد فيها لفظة: (فارقليط) . وأبدلت بألفاظ أخرى مثل: (المُعزي، المحامي، المعين، المخلص، الوكيل، الشافع) . علماً بأن كلمة (الفارقليط) كانت موجودة في الترجمة العربية للأناجيل المطبوعة في لندن سنة 1821م، 1831م، 1844م. وقد وقفت على مخطوطة لترجمة التوراة والزبور والإنجيل في إسطنبول بمكتبه عاطف أفندي تحت رقم: (7) . وفيها ذكرت لفظة (الفارقليط) . ومعلوم لدينا أن اليهود والنصارى يسعون إلى إخفاء البشارات بالنبيّ صلى الله عليه وسلم من كتبهم المقدسة لديهم أو تحريف معناها. وذلك مما أخبرنا الله عزوجل عنهم فقال تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [سورة البقرة، الآية: 146] . فما معنى كلمة: (فارقليط) التي اخلف النصارى في معناها؟ إن (فارقليط) معربة من كلمة: (بيركليتوس) اليونانية (PERIQLYTOS) التي تعني اسم: أحمد، صيغة المبالغة من الحمد. والأدلة على ذلك كثيرة منها:
1- شهادة العلامة علي بن ربنّ الطبري - الذي كان مسيحياً فأسلم - في القرن الثالث الهجري بذلك في كتابه: الدين والدولة ص 184.
2- إن هذه الكلمة كانت سبباً في إسلام القس الأسباني: أنسلم تورميدا في القرن التاسع الهجري بعدما أخبره أستاذه القسيس (نقلاً ومرتيل) - بعد إلحاح منه - أن الفارقليط هو اسم من أسماء محمّد صلى الله عليه وسلم. فكان ذلك سبباً في إشهار إسلامه وتغيير اسمه إلى عبد الله الترجمان وتأليف كتابه: تحفة الأريب في الرّدّ على أهل الصليب، وذكر فيه قصته مفصلة. ر: ص: 65-75.
3- شهادة القسيس (دافيد بنجامين كلداني) - الذي هداه الله إلى الإسلام وغيّر اسمه إلى: (عبد الأحد داود) - في كتابه القيم: (محمّد في الكتاب المقدس) بذلك فقد وضح فيه أن الفارقليط ليس هو الروح القدس وليس أي شيء يدعيه النصارى، وإنما هو اسم محمّد صلى الله عليه وسلم. وبيّن ذلك بأدلة من نصوص الأناجيل وقواميس اللغة اليونانية. (ر: ص: 207-229 من كتابه المذكور) .
4- ذكر الأستاذ عبد الوهّاب النجار في قصص الأنبياء ص 397، 398، أنه كان في سنة 1894م زميل دراسة اللغة العربية للمستشرق الإيطالي. (كارلو نالينو) وقد سأله النجار في ليلة 27/7/1311هـ ما معنى: (بيريكلتوس) ؟. فأجابه قائلاً: إن القسس يقولون إن هذه الكلمة معناها: (المعزي) . فقال النجار: إني أسأل الدكتور كارلونالينو الحاصل على الدكتوراه في آداب اليهود باللغة اليونانية القديمة. ولست أسأل قسيساً. فقال: إن معناها:"الذي له حمد كثير".فقال النجار: هل ذلك يوافق أفعل التفضيل من حمد؟ فقال الدكتور: نعم. فقال النجار: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسماء (أحمد) فقال الدكتور: يا أخي أنت كثيراً ثم افترقا. (ر: للتوسع في المزيد من الأدلة: إظهار الحق ص 511-514، دراسة الكتب المقدسة ص 125-129، موريس بوكادي) .
2 غير موجودة في ص، وأثبتّها من م.(2/703)
قال يوحنا التلميذ أيضاً لتلاميذه: "إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي وأنا أطلب من الأب أن يعطيكم فارقليطاً آخر يثبت معكم إلى الأبد. روح الحقّ الذي لم يطق العالم أن يقبلوه؛ لأنهم لم يعرفوه. ولست أدعكم أيتاماً لأني سآتيكم عن قريب"1.
قد نقلنا تفسيرهم (للفارقليط) وأنه على صحيح أقوالهم: (المُخلِّص) وقد ذكر المسيح أنه لا بدّ من (فارقليط) آخر يثب إلى الأبد. وثبوت النبي إلى الأبد ممتنع. فلم يبق إلاّ حمل الكلام على الشريعة التي جاء بها النبيّ. وهذه شريعة نبيّنا صلى الله عليه وسلم باقية على أس قويم ومنهج من الحقّ مستقيم. لا تنقض بوفاقه ولا تنقرض ولا يتخلل الخلل خلالها ولا يعترض. وذلك نظير قوله تعالى: {وَخَاتَمَ النَّبِيِّين} . [سورة الأحزاب، الآية: 41] . وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا نبي بعدي"2.
فالنصارى في ذلك بين أمرين: وهو إما أن يقولوا: إنه محمّد رسول الله، / (2/126/ب) وإما أن يقولوا: إن المسيح أخلف قوله ولم يفِ بوعده وتركهم أيتاماً بغير نبيّ يتكفل بأمورهم ولم يأتهم عن قريب كما وعد، بل إنما أراد أن هذا النبيّ المخلص هو الذي يأتيهم عن قريب، ولم أر أحداً من النصارى يحسن تحقيق مجيء هذا (الفارقليط) الموعود به. إذ بعضم يزعم أنه ألسن نارية نزلت من السماء على التلاميذ3 ففعلوا الآيات والعجائب. وذلك خلاف ما أخبر به المسيح؛ إذ المسيح ذكر (فارقليطاً) آخر. وذلك يشير إلى أوّل تقدم لهم. وهذه الألسن لم يتقدم محيؤها ولم تعرف أوّلاً. ثم ذلك كذب من قائله؛ إذ سِير التلاميذ تشهد بأنهم بعد المسيح امتهنوا تقتيلاً وعذبوا بأنواع
__________
1 يوحنا 14/15-19.
2 أخرجه البخاري في كتاب الأنبياء باب (50) . (ر: فتح الباري 6/495) . ومسلم 3/1471، عن أبي هريرة رضي الله عنه. وأخرجه أحمد 5/278، وأبو داود 4/452، والترمذي 3/338، عن ثوبان رضي الله عنه. وقال الترمذي: "حديث صحيح".
3 أعمال الرسل 2/1-4.(2/704)
العذاب. وذلك تكذيب لمن زعم أنه نزل عليهم من السماء ألسن من نار تؤيدهم على أعدائهم. ثم المسيح يقول: إن هذا (الفارقليط) الآخر يأتي بعده ويدوم مع الناس إلى الأبد ويعلّم الخلائق كلّ شيء. وأنه قد سمي روح الحقّ. فكيف تقول النصارى إنه هو هذا الذي يزعمون أنه ألسنة من نار نزلت ثم انقضت ومضت ولم تدم إلى الأبد ولم تعلّم أحداً شيئاً؟!. / (2/127/أ) ، هل هذا إلاّ جهل من قائله، وحمل لكلام الأنبياء والرسل على الخلف والكذب؟!
فقد وضح أن هذا الموعود به على لسان المسيح إنما هو محمّد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد وصفه المسيح: "بأنه لم يطق العالم أن يقبلوه؛ لأنهم لم يعرفوه". يريد أنه يأتي في زمن الغالب على أهله عبادة الأوثان وتعظيم الصلبان وسجر النيران. قد نبتت على ذلك أجسادهم وثبتت عليه آباؤهم وأجدادهم فما راعهم إلاّ رسول قد جاءهم من التوحيد بما لم يعرفوه. وهاجم جمعهم بفطم1 ما ألفوه فقالوا ما سمعنا بهذا في آبائنا الأوّلين2. وقالوا: أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب3. فلذلك لم يقبلوه والنبيّ على الحقيقة لا يعرفه إلاّ من فاض عليه من فيضه. وارتاض في فسيح روضه.
-[البشرى] 4 [الحادية] 5 والسّبعون:
قال يوحنا: "قال المسيح: من يحبني يحفظ كلمتي، وأبي يحبه وإليه نأتي،
__________
1 في م: بعظم.
2 اقتباس من قوله تعالى: {وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأوَّلِينَ} . [سورة القصص، الآية: 36] .
3 اقتباس من الآية الكريمة في سورة ص: الآية: 5.
4 ليست في ص، وأثبتّها من م.
5 في ص، م (الأحد) والصواب ما أثبتّه.(2/705)
وعنده نتخذ المنْزل، كلمتكم بهذا لأتي عندكم مقيم، والفارقليط روح القدس الذي يرسله أبي هو يعلمكم كلّ شيء / (2/127/ب) وهو يذكركم كلّ ما قلت لكم، أستودعكم سلامي لا تقلق قلوبكم ولا تجزع فإني منطلق وعائد إليكم، لو كنتم تحبونني كنتم تفرحون بمضيي إلى الأب. فإن أنتم ثبتم فيّ ثبت كلامي فيكم كان لكم كلّ ما تريدون وبهذا يمجد أبي"1.
وقد شهد المسيح عليه السلام بأن محمّدا هو (روح القدس) 2. كما شهد أوّلاً بأنه روح الله، وأن الله أرسله، وأنه يعلم الناس كلّ ما يحتاجونه إليه من أمر معاشهم ومعادهم، وأخبر تلاميذه أنهم إن ثبتوا على وصيته في تعظيم أمر هذا المخلّص الثاني والتزام أوامره واجتناب نواهيه والحثّ على اتباعه كان لهم ما أرادوا. نظير ذلك من الكتاب العزيز قوله تعالى: {وَلَو أَنَّ أَهْلَ الكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوا لَكَفَّرْنَا عَنْهُم سَيِّئَاتِهِم وَلأَدْخَلْنَاهُم جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَلَوْ أَنَّهُم أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِم لأَكَلُوا مِن فَوْقِهِم وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم} . [سورة المائدة، الآية: 65-66] .
قال المؤلِّف: إنه لما قربت مدة المسيح وانتهاء مقامه في الأرض ودنا رفعه منها حمَّل أصحابه هذه الأمانة ليؤدوها إلى من بعدهم. / (2/128/أ) وكذلك فعل سائر الأنبياء والرسل كما نقلنا عنهم. ولهم في ذلك مقاصد:
__________
1 يوحنا 14/23-31.
2 اعترض بعض علماء البروتستانت بشبهات على هذه البشارة. ذكرها الشيخ رحمة الله الهندي وردّ عليها. ومن تلك الشبهات: أنه جاء في هذه العبارة تفسير (فارقليط) بروح القدس وروح الحقّ وهما عبارتان. عن الأقنوم الثالث. فكيف يصحّ أن يراد بـ (فارقليط) محمّد صلى الله عليه وسلم؟!.
وقد ردّ الشيخ رحمة الله الهندي على ذلك بجواب مفصل مقنع خلاصته: "وليس المراد بروح الله وروح الحقّ الأقنوم الثالث الذي هو عين الله على زعمهم كما هو ظاهر. فتفسير (فارقليط) بروح القدس وروح الحقّ لا يضرنا لأنهما بمعنى: (الواعظ) . كما أن روح الحقّ وروح الله بهذا المعنى في رسالة يوحنا الأولى فيصح إطلاقها على محمّد صلى الله عليه وسلم بلا ريب". اهـ. ر: إظهار الحقّ ص 544-545.(2/706)
أحدها: أن يقوموا لله تعالى بما وجب من حقّه في تعظيم من عظَّم من أهل صفوته، فقد قال الله تعالى في التوراة لإبراهيم: "إني سأعظّمه جدّاً جِدّاً"1. قال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ الله مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُم رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُم لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ} . [سورة آل عمران، الآية: 81] .
والثّاني: أن يحصلوا لأممهم أجرين: أجر الإيمان بنبيّ حاضر ونبيّ كريم مرتقب ودليله قوله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة يؤتون أجرهم مرتّين - وذكر منهم - رجلاً من أهل الكتاب آمن بنبيّه ثم أدركه وآمن به"2.
والثّالث: دفع الشكوك عن ضعفاء أتباع هذا النبيّ فإنه اتصل بهم أن الأنبياء من المتقدمين قد تنبؤا عليه وذكروه باسمه ووصفوا بلده وأرضه وقومه وميزته زالت عنهم عوارض الشكوك فأثبتوا فيهم. لذلك قال الله تعالى في محكم كتابه: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُم فِي التَّورَاةِ وَالإِنْجِيلِ} . [سورة الأعراف، الآية: 157] . وعزّ من قائل: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ3 وَمُوسَى} . [سورة
الأعلى، الآية: 18-19] . وقال سبحانه: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِينَ} . [سورة الشعراء، الآية: 196] .
__________
1 تكوين 17/17.
2 أخرجه البخاري في كتاب العالم باب (31) . (ر: فتح الباري 1/190) ، ومسلم 1/134، 135، وأحمد 2/33، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.
قال الحافظ ابن حجر: "وقد ثبت أن الآية الموافقة لهذا الحديث وهي قوله تعالى: {أولئك يؤتون أجرهم مرّتين} . نزلت في طائفة آمنوا منهم كعبد الله بن سلام وغيره".
3 / (2/128/ب) .(2/707)
-[البشرى] 1 الثّانية والسّبعون:
قال المسيح وتنبأ بذلك على شهادة الرسول له بالنبوة والرسالة وتكذيب اليهود فيما رموه به من الكذب والزور ونسبوه إلى أمه الطاهرة من الفجور. قال فيما حكاه يوحنا عنه: "إذا جاء الفارقليط الذي أبي أرسله، روح الحقّ الذي من أبي هو يشهد لي، قلت لكم هذا حتّى إذا كان تؤمنوا به ولا تشكوا فيه"2.
تدبّروا - أتَمَّ الله علينا وعليكم نعمة الإسلام ووفّقنا وإيّاكم لشكر متابعته عليه السلام - ما اشتملت عليه فصول (الفارقليط) من الإفصاح بشأن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
واعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شهد للمسيح في غير موضع من الكتاب العزيز بالنبوة والرسالة وصدقه فيما جاء به من عند الله كقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً} . [سورة المؤمنون، الآية: 50] . وقوله تعالى: {إِنَّمَا المَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ} . [سورة النساء، الآية: 171] .
وقد أكذب اليهود في فريتهم على المسيح وعلى أمه إذ نسبوه إلى بنوة الزنا. وقالوا: إن به شيطاناً يتخبطه ويغويه. / (2/129/أ) وزعموا أن (بعل زبول) رئيس الشياطين هو الذي يعينه على الآيات والعجائب كما شهد بذلك الإنجيل. فلهذا استشهد المسيح بمحمّد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "روح الحقّ الذي أبي أرسله هو يشهد لي". وقول المسيح هذا يشعر بتقدم رسالة محمّد
__________
1 ليست في ص، وأثبتّها من م.
2 يوحنا 15/26، 27.(2/708)
رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن المسيح عليه السلام ذكر ذلك بلفظ الماضي فقال: "الله أرسله"، ولم يقل: (إنه يرسله) . ويؤيدّ ذلك قول محمّد رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وقد سئل: متى وجبت لك النبوة؟ فقال عليه السلام: كنت نبيّاً وإن آدم لمنجدل في طينته"1. وقول المسيح للتلاميذ: "ذكرت لكم هذا قبل أن يكون حتى إذا كان لا تشكوا". تحريض لهم على متابعته والمسارعة إلى متابعته. والكلام وإن كان مع من كان حاضراً من التلاميذ، والمطلوب منه ما قدمناه من المقاصد الثلاث.
وقد روي أن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك بعض الحواريين وهو سلمان الفارسي ويوصيه ذلك الحواري: / (2/129/ب) "أسلم سلمان2. ولا جرم أن طائفة من
__________
1 تقدم تخريجه. (ر: ص: 421) .
2 قصة إسلام سلمان الفارسي رضي الله عنه أخرجها ابن إسحاق. (ر: السيرة 1/273-282) لابن هشام) . وعنه الإمام أحمد في مسنده 5/441-444، وابن سعد في الطبقات 4/75-77، والبيهقي في الدلائل 2/82-91، الطبراني في الكبير 6/222-226. وقد وهم المؤلِّف رحمه في ظنه أن سلمان رضي الله عنه قد أدرك بعض الحواريين. وإنما كان الذي أدركه سلمان أسقف الكنيسة في الشام. ثم صاحب الموصل. ثم نصيبين. ثم في عمورية بأرض الروم. ممن كانوا على الدين الصحيح لعيسى عليه السلام. وقد أنبأه صاحب عمورية بعلامات النبي صلى الله عليه وسلم. ولا يعقل أن يكون سلمان قد أدرك بعض الحواريين الذين كانوا مع عيسى عليه السلام. لأن ما بين عيسى ومحمّد صلوات وسلامه عليهما 600 سنة تقريباً.(2/709)
النصارى عند مبعثه ابتدرت إلى الإيمان كنصارى نجران1. وإلى هلم جرا الداخلون في دين محمّد صلى الله عليه وسلم من النصارى واليهود أكثر من الخارجين منه. فما يحصى2 من أسلم منهم من علمائهم وصنفوا الكتب في معائب ما كانوا عليه ومحاسن ما صاروا إليه. والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم. وحقَّ القول على آخرين فلم يستنيروا بنور الهدى. وصدف بهم عن وصايا3 المسيح ما حقّ عليهم من الارتكاس في مهاوي الرّدى. فهم المرادون بقول الكتاب العزيز: {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيهِ كَلِمَةُ العَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ} . [سورة الزمر، الآية: 19] . ويقول أشعيا النبيّ عليه السلام: "عرف الثور والحمار ربّه وجهل ذلك بنو إسرائيل"4. ولقد بَكَّتهم بطرس صاحب المسيح في الفصل الثالث من رسالته الثانية فقال: "لقد كان خيراً لهم ألا يعرفوا طريق الحقّ من أن يعرفوه ثم ينصرفون إلى خلافه ولنوكهم الظاهره أنالتهم الأمثال الصادقة القائلة، إنهم كالكلب العائد في قيئه والخنْزير الذي اغتسل ثم تمرغ / (2/130/أ) في الحمأة"5.
__________
1 قدم على النبيّ صلى الله عليه وسلم وفد نصارى نجران وفيهم رؤوساهم السيّد والعقائب والأسقف فساءلهم وساءلوه ونزل فيهم الوحي بصدر سورة آل عمران في الرّدّ عليهم والفصل من القضاء بينه وبينهم ثم نكولهم عن المباهلة (الملاعنة) التي دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إليها. وموادعتهم للنبي صلى الله عليه وسلم على أن يتركهم على دينهم ويدفعون له الجزية ويبعث معهم رجلاً من الصحابة يحكم بينهم. فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح معهم. وقد أخرج ابن إسحاق القصة مطولة. ر: السيرة 2/254-266) ، وعنه البيهقي في الدلائل 5/382-391، موصولاً عن كرز بن علقمة رضي الله عنه. الذي كان أخ أسقف نجران أبو حارثة وقد أقر له بنبوة محمّد صلى الله عليه وسلم وأسلم بعد رجوعهم إلى نجران فضرب كرز وجه ناقته نحو المدينة حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم.
وأخرج القصة مطولة أيضاً ابن سعد في الطبقات 1/357-358، من طريق محمّد بن عليّ القرشي. وذكر أن السيد والعاقب رجعا بعد ذلك فأسلما. وأخرج البخاري القصة مختصراً. (ر: فتح الباري 8/93، 94) ، ومسلم 4/1882، عن حذيفة رضي الله عنه.
2 في م: (يحمى) .
3 في ص: تكررت (عن وصايا) .
4 أشعيا 1/3.
5 رسالة بطرس الثانية 2/21.(2/710)
-[البشرى] 1 الثّالثة والسّبعون:
قال المسيح فيما رواه يوحنا أيضاً: "إن خيراً لكم أن أنطلق لأني إن لم أذهب لم يأتكم الفارقليط؛ فإذا انطلقت أرسلته إليكم، فإذا جاء فهو يوبخ العالم على الخطيئة، وإن لي كلاماً كثيراً أريد قوله ولكنكم لا تستطيعون حمله. لكن إذا جاء روح الحقّ ذاك الذي يرشدكم إلى جميع الحقّ. لأنه ليس ينطق من عنده بل يتكلم بما يسمع. ويخبركم بكلّ ما يأتي. ويعرفكم جميع ما للأب"2. قال المؤلِّف: في هذا الفصل عدة معاني فليتدبرها اللبيب:
منها: أن المسيح عليه السلام اعترف بأن هذا (الفارقليط) الآتي أفضل منه؛ إذ قال: "إن الخيرة لهم في انطلاقه ومجيء الفارقليط الآخر".
ومنها: قوله: "فإذا انطلقت أرسلته". وهذا صحيح المعنى من حيث إن مجيء المصطفى موقوف على ذهاب المسيح.
ومنها أنه أخبر: "أن هذا الآتي هو الذي يوبخ العالم على الخطيئة". وقد فعل ذلك رسول الله ووبخ العالم على خطاياهم، المجوس على عبادة النار، ووبخ اليهود على عبادة عزير والعجل، ووبخ النصارى على عبادة / (2/130/ب) الثالوث، ووبخ الصابئة على عبادة الكواكب، ووبخ كفار العرب والهنود على عبادة الأصنام والأنداد، فكان أمره في ذلك مصحِّحاً لما نطق به المسيح من أنه إذا جاء عليه السلام وبّخ الأمم على الخطيئة.
ومنها: أن المسيح أخبر أن هذا (الفارقليط) الآخر الآتي: "هو الذي يخبرنا بكلّ ما يأتي، ويعرفنا كلّ شيء للأب". وهذه حال محمّد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فإن أبوا
__________
1 ليست في ص، وأثبتّها من م.
2 يوحنا 16/7-16.(2/711)
ذلك فليخبرونا مَنْ هو الذي جاء مخلِّصاً (فارقليط) آخر بعد المسيح فوبخ العالم على الخطيئة. وأرشد الخلق إلى عبادة الله وطاعته، وحذرهم من عصيانه ووبال مخالفته، وعرفهم ما لله تعالى عليهم من الحقوق في أنفسهم وأموالهم، ودامت شريعته واستمرت مع الناس إلى الأبد؟!.
وقد قال المسيح في الفصل الأوّل: "إن هذا الرجل الآتي بعده يعلم الناس كلّ شيء، وأنه يدوم معهم إلى الأبد. [فليوجدوا لنا] 1 ذلك وإلاّ فليكذبوا قول المسيح هذا ويردوا2 صحّته. فقد دار أمرهم فيه بين الإسلام أو تكذيب المسيح في خبره.
فإن رجعوا القهقرى وزعموا / (2/131/أ) أنها الألسن النارية التي يزعمون أنها نزلت من السماء على التلاميذ وانقضت ومضت.
قلنا: الويل لكم. ألم يقل المسيح: "إن هذا الفارقليط شيء واحد". فكيف يقولون: إنها عدة وجماعة نزلت؟!. وقال: "إنه يدوم إلى الأبد عندكم". فكيف تزعمون أنه أقام أياماً قلائل ثم ذهب؟! 3. لقد كاد الله هذه العقول وحاد بها عن سواء السبيل.
وفي هذا الفصل من كلام المسيح4 دلالة على أن كلّ ما ينطق به محمّد صلى الله عليه وسلم من آية مبرورة وسنة مأثورة وموعظة وأدب ونهي وطلب فهو متلقى بالقبول. إذ يقول: "إنه لا يتكلم من عنده بل بما يسمع". نظيره قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} . [سورة النجم، الآية:3-4] .
- البشرى الرّابعة والسّبعون:
قال المسيح فيما حكاه يوحنا التلميذ عنه: "قالت امرأة من أولاد يعقوب
__________
1 في ص، م (فليوجدنا) والصواب ما أثبتّه.
2 في م: وتروا.
3 في م: (فكيف تزعمون أنهم أقاموا أياماً قلائل ثم ذهبوا) .
4 في ص (دالة) وصحّحته من م.(2/712)
للمسيح: يا سيد آباؤنا سجدوا في هذا الجبل وأنتم تقولون إنه أورشليم؟ فقال المسيح: يا هذه آمني فإنه ستأتي ساعة لا في هذا الجبل ولا في أورشليم يسجدون / (2/131/ب) للأب"1.
قال المؤلِّف: وهذا القول من المسيح عليه السلام تنويه بأمر الكعبة. فإن التوجه إليها على يد محمّد صلى الله عليه وسلم نسخ ما عداها. وصار السجود لله تعالى لا في أورشليم ولا في غيرها بل إلى جهة الكعبة لا غير2.
-[البشرى] 3 الخامسة والسّبعون:
قال المسيح لمن حضره: "الحقّ أقول لكم إنه سيأتي قوم من المشرق والمغرب فيتكئون مع إبراهيم وإسحاق ويعقوب. وتخرج بنو الملكوت إلى الظلمة البرّانية خارجاً. هنالك يكون البكاء وصرير الأسنان"4.
قال المؤلِّف: وذلك القول من المسيح تنويه بأمة محمّد إذ ليسوا من الذين خاطبهم المسيح بهذا الكلام، فهم الذين يكونون في رفقة إبراهيم وإسحاق ويعقوب. قال الله تعالى: {إِنَّ أَولَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ والَّذِينَ آمَنُوا والله وَلِيُّ المُؤْمِنِينَ} . [سورة آل عمران، الآية: 68] .
__________
1 يوحنا 4/19-21. وقد نقل هذه البشارة القرافي في الأجوبة الفاخرة ص 168.
2 قال تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} . [سورة البقرة، الآية: 144] .
3 ليست في ص، وأثبتّها من م.
4 متى 8/11، 12، لوقا 13/26-30. ونقل هذه البشارة القرافي في الأجوبة الفاخرة ص 168، 169.(2/713)
-[البشرى] 1 السّادسة والسّبعون:
قال متى التلميذ: "سأل التلاميذ المسيح فقالوا: يا معلم لماذا تقول الكتبة إن إلياء يأتي؟ فقال عليه السلام: إن إلياء يأتي ويعلمكم كلّ شيء. وأقول لكم: إن إلياء قدجاء فلم يعرفوه بل فعلوا/ (2/132/أ) به كالذي أرادوا"2.
وقد فسروا إليا بأنه نبيّ. وقد ذكر: "إن إلياء قد أتى ولم يعرفوا قدره". فلا بدَّ من الوفاء بقول المسيح إن إلياء يأتي ويعلم الناس كلّ شيء. ولم يأتِ بعد المسيح من علَّم الناس كلّ شيء من أمر الدنيا والآخرة سوى محمّد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
-[البشرى] 3 السّابعة والسّبعون:
قال يوحنا الحواري: "قال المسيح إن أركون العالم سيأتي وليس لي شيء"4.
قال المؤلِّف: (الأركون) بلغته العظيم القدر. و (الأراكنة) هم العظماء. وقد قال أشعيا في وصف محمّد رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أركون السلام"5. يعني: عظيم الخير والبر. وقال المسيح عليه السلام: "إن أركون العالم يدان"6. يشير إلى السلطان الظالم، والإدانة هي شدّة المحاسبة. فقول المسيح: "إن أركون العالم سيأتي وليس لي شيء". يريد أن: (الفارقليط) الذي قدمنا ذكره يأتي ويستولي على سائر الملك وينسخ كلّ شرع فلا يبقى مع شرعه شرع معتبر ولا حكم مقرر.
__________
1 ليست في ص، وأثبتّها من م.
2 متى 17/10-12.
3 ليست في ص، وأثبتّها من م.
4 ورد النّصّ في إنجيل يوحنا 14/30، كالآتي: "لأن رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيَّ شيء". وقد وردت البشارة في: الجواب الصّحيح 4/7، 17، هداية الحيارى ص 118، 131، 135، الأجوبة الفاخرة ص 169.
5 أشعيا 9/6.
6 يوحنا 16/11.(2/714)
-[البشرى] 1 الثّامنة والسّبعون:
قال يحيى بن زكريا - عليهم السلام - لأصحابه: "إن الذي يأتي من بعدي / (2/132/ب) هو أقوى مني وأنا لا أستحق [أحل معقد] 2 خفه"3.
وما ذلك إلاّ محمّد عليه السلام. ولا يليق أن يكون المسيح أصلاً؛ لأن المسيح جاء مع يحيى لا بعده4. فيحيى أكبر منه بستة أشهر لا غير كما نطق به الإنجيل5.
-[البشرى] 6 التّاسعة والسّبعون:
قال متى التلميذ: "قال المسيح: ألم تقرؤوا أن الحجر الذي أرذله البناؤن صار رأساً للزاوية من عند الله7 كان هذا. وهو عجيب في أعيننا ومن أجل ذلك أقول لكم: إن ملكوت الله ستؤخذ منكم وتدفع إلى أمة أخرى تأكل ثمرتها. ومن سقط على هذا الحجر يتشدخ. وكلّ من سقط عليه يمحقه"8.
فليت شعري من هذه الأمة التي دفعت لها ملكوت الله فأكلت ثمرتها بعد المسيح غير أمة محمّد؟! ومَن هو هذا الذي كلّ من غزاه انشدخ، وكلّ مَن تولى هو غزوه وقتاله محقه سوى محمّد صلى الله عليه وسلم وأمته؟!.
__________
1 ليست في ص، وأثبتّها من م.
2 في ص، م: (أجلس مقعد) ، وصحّحت من نصّ الإنجيل.
3 متى 3/11، مرقص 1/7، لوقا 3/16، يوحنا 1/26، 27. وقد وردت البشارة في: النصيحة الإيمانية ص 185-187، محمّد صلى الله عليه وسلم ص 166، 185، عبد الأحد داود، الأجوبة الفاخرة ص 170.
4 في م: زاد (و) .
5 إنجيل لوقا الإصحاح الأوّل.
6 ليست في ص، وأثبتّها من م.
7 ورد النّصّ الذي استشهد به المسيح في مزمور 118/22، 23.
8 متى 21/34-46، وقد وردت البشارة في: الجواب الصحيح 4/7، وهداية الحيارى ص: 118، 119، 132، وإظهار الحقّ ص 535، 536، محمّد صلى الله عليه وسلم ص 73، إبراهيم خليل، مقامع هامات ص 132، الأعلام ص 272، الأجوبة الفاخرة ص 170.(2/715)
فإن زعم النصارى أنه عني بالحجر نفسه.
قلنا لهم: ما هكذا أخبرتمونا عنه، بل الذي حكيتم لنا أن شرذمة من اليهود وقعوا / (2/133/أ) عليه فمحقوه وقتلوه وصلبوه. وهذا شيء لم نسمعه إلاّ منكم ولا نُقل إلينا إلاّ عنكم.
وإذا قلتم: إن أراذل اليهود ظهروا عليه وشدخوه بطل قولكم إن المسيح عني بالمثل نفسه. فإن أبيتم إلاّ أن يكون المسيح هو رأس الزاوية فقد أكذبتم نفوسكم في القتل والصلب والإهانة؛ لأن الرأس من الناس1. والرئيس منهم هو الذي يرتفع ويجل عن امتداد يد الهوان إليه. فإن ثبتم على دعوى القتل والصلب والإهانة تعيّن صرف المثل المذكور إلى من جاء بعد المسيح، ولم يأتِ بعده مَن صيّره الله رأساً للعالم وأوتيت أمته ثمرة الملكوت سوى محمّد وأمته.
وقد أخبر المسيح عليه السلام بأن اليهود والنصارى يسلبون الملك والرئاسة ويصير ذلك إلى المسلمين إذ يقول: "إن ملكوت الله ستؤخذ منكم وتدفع إلى أمة أخرى تأكل ثمرتها". والمسيح عليه السلام صادق في قوله محقّ في خبره. ولم يأتِ بعد أمة المسيح مَن صار الملك والرئاسة والشريعة القائمة والكلمة القاهرة سوى هذه الأمة / (2/133/ب) العربية التي بها الأنبياء قبل المسيح كما قدمناه2. فهذا ما بقي في الإنجيل من البشرى برسول الله صلى الله عليه وسلم مما حماه الله عن أيدي الأعادي.
__________
1 في م: (هو) .
2 قال ابن القيم: "وتأمل قوله في البشارة: (ألم تر إلى الحجر الذي أخره البناؤن صار رأساً للزاوية؟!) كيف تجده مطابقاً لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم: (ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل بنى داراً فأكملها وأتمها إلاّ موضع لبنة منها، فجعل الناس يطوفون بها ويعجبون منها، ويقولون: هلا وضعت تلك اللبنة؟ فكنت أنا تلك اللبنة") .(2/716)
- البشرى الثّمانون:
قال يوحنا التلميذ في كتاب رسائل التلاميذ المسمّى فراكسيس: "يا أحبائي إيّاكم أن تؤمنوا بكلّ روح، ميّزوا الأرواح التي من عند الله من غيرها. واعلموا أن كلّ روح تؤمن بأن يسوع المسيح قد جاء وكان جسدانياً فهي من عند الله. وكلّ روح لا تؤمن بأن يسوع المسيح، وكان جسدانياً فليست من عند الله. بل من المسيح الكذاب الذي سمعتم به وهو الآن في العالم"1.
فقد شهد الحواري بأن محمّد من عند الله؛ لأن محمّد قد آمن أن المسيح قد جاء وكان جسدانياً. فأما اليهود فلم يؤمنوا بالمسيح ولا كثير من أهل ذلك الزمان. واليهود إلى الآن في انتظار مسيح آخر. ولا مسيح يأتي سوى المسيح الدجّال الكذاب الذي حذرت منه الأنبياء - عليهم السلام -. فهذا الحواري يوحنا قد شهد / (2/134/أ) بصدق محمّد وأمته، وأن اعتقادهم في المسيح هو الاعتقاد الحقّ، وقد أكذب النصارى بقوله هذا في دعوى ربوبية المسيح. إذ فرَّق في قوله بين الله وبين الميسح. وشهد أن الله غيره وأنه غير الله.
-[البشرى] 2 [الحادية] 3 والثّمانون:
قال شمعون الصفا رئيس الحواريين في كتاب فراكسيس: "إنه قد حان أن يبتدأ الحكم من بيت الله ابتداء"4. فبيت الله الذي ذكره الحواري هو الكعبة شرّفها الله. ومنها كان ابتداء الحكم الجديد. ولا يحسن تنْزيل هذا الكلام على
__________
1 رسالة يوحنا الأولى 4/1-3. وقد وردت البشارة في: الدين والدولة ص 185، الجواب الصّحيح 4/7-8، وهداية الحيارى ص 135، الأجوبة الفاخرة ص 182.
2 ليست في ص، وأثبتّها من م.
3 في ص، م (الأحد) والصواب ما أثبتّه.
4 رسالة بطرس الأولى 4/17. وقد وردت البشارة في: الدين والدولة ص 186، الجواب الصّحيح 4/8.(2/717)
بيت المقدس؛ لأن حكم ذاك كان مستمراً عند صدور هذا الكلام من شمعون. ولا يليق إلاّ بشرع جديد ولا يقال فيما كان مستمراً إنه قد حان أن يبتدأ.
-[البشرى] 1 الثّانية والثّمانون:
قال فولس الذي يسمونه فولس الرسول في رسالة من رسائله وهي الرّابعة إلى بعض إخوانه: "إنه كان لإبراهيم ابنان أحدهما من أَمَةٍ والآخر من حرة، فأما ابن الأمة فكان مولده كمولد سائر البشر، وأما ابن الحرة فإنه ولد بالعِدَةِ / (2/134/ب) من الله وهما شبيهان بالناموسين والغرضين. أما هاجر فشبيهة بجبل سيناء الذي في بلاد أرابيا2 الذي هو نظير أورشليم هذه. وأما سارة فهي نظير أورشليم التي في السماء"3. فقد أفاد قول فولس هذا أموراً:
منها: أن إسماعيل وأمه هاجر قد كانا أوطنا أرض العرب (أرابيا) ، لأن عجمة فولس العرب (الأرب) . فنقل العين همزة.
ومنها: أن جبل سيناء4 متّصل بوادي العرب التي هي أرابيا. وهو الذي قالت التوراة: "جاء الله من سيناء"5.
ومنها: أن بيت مكّة نظير بيت المقدس بشهادة فولس.
ومنها: أن كلا الولدين صاحب ناموس وشريعة وأحكام وفرائض. وقد تعصب فولس هذا على إسماعيل وأمه في موضعين من هذا الكلام وهما قوله: "إن إسماعيل مولده كمولد سائر البشر". و"تشبيه هاجر بالكعبة التي في الحجاز، وسارة بالكعبة التي في السماء". وقد غلط فولس فيهما جميعاً.
__________
1 ليست في ص، وأثبتها في م.
2 في م: (أربيا) .
3 رسالة بولس إلى غلاطية 4/22-26. وقد وردت البشارة في: الدين والدولة ص 187.
4 في م: تتصل.
5 تكوين 21/21.(2/718)
أما قوله: "إسماعيل لم يولد بِعدَة من الله تعالى"، فليس الأمر كما ذكر / (2/135/أ) بل ما ولد إسماعيل إلاّ بعد أن مَنَّ الله على ما بينته من التوراة.
أما قوله:"إن هاجر شبيهة بسيناء". فَمِنْ غَلَطِه أيضاً وسوء استنباطه واستخراجه، وذلك أن هذا التشبيه الذي صار إليه ليس منصوصاً عليه لا في التوراة ولا في الإنجيل ولا في شيء من النبوات ألبتة ولم يتقدم إلى القول به أحد من الحواريين. فلم بثق1 الإنجيل فولس هذا: "إن الحرة في المجلة أفضل من الأمة؟! ". فشبّه الأمة ببيت الله في الأرض، وشَبَّه الحرة ببيت له في السماء استحساناً لذلك بعقله. وذلك شيء لا اعتبار له ولا تعويل عليه. وتحكيم العقل في كلّ مورد ومصدر جهل وخرق من فاعله. فالفاضل في الحقيقة من كان عند الله فاضلاً أو شهدت له نبوة نبي بالفضل. وقد اعتبرنا - رحمك الله - شهادات التوراة والنبوات والأناجيل الأربعة فَلَم نجد لما ذكره هذا الرجل من تفضيل ساره وابنها على هاجر وابنها [أصلاً] 2 يتمسك به، بل قد وجدنا التوراة خاصة تشير إلى تفضيل هاجر وابنها وذلك في عدة مواضع: / (2/135/ب) .
منها: أَنّا وجدنا التوراة تنطق صريحاً أن الله ارتضى هاجر لبكر3 إبراهيم، ورأينا التوراة فضلت البكر من الأولاد في الميراث وحسن الثناء فجعلت للبكر سهمين من الميراث ولمن سواه سهماً واحداً4. وقالت في حقّ بعضهم: "ابني بكري أرسله يعبدني"5. فمن ولدت البكر لإبراهيم أفضل ممن لم تلده لأن الشجرة إنما يعرف فضلها من ثمرتها وقد أثمرت هاجر بكراً طيباً.
__________
1 أي: كسر ونقص. (ر: القاموس ص 1118) .
2 في ص، م (أصل) والصواب ما أثبتّه.
3 تكوين 15/2-5، 16/15، 16.
4 تثنية 21/17.
5 خروج 4/22، 23.(2/719)
ومنها: أن الله تعالى قال لإبراهيم: "دع أَمَتَك وابنك ولا يهمنك أمرهما"1. وتكفل الله بهما وتولاهما وإنما يتولى الله الصالحين من عباده. فتسلمهما سبحانه من يد إبراهيم خليله وكان خير كافل لهما.
ومنها: ظهور الملك لهاجر ومكالمتها من غير حجاب ورأفته بها وقوله لها: "شدي يديك بهذا الصبي، فإن الله تعالى قد سمع تضرعك وأن ولدك هذا يعظمه الله جِدّاً جدّاً"2. وهذا لم يتفق لسارة أصلاً.
ومنها: تفجير الله لها عين ماء من أرض صلد وبرية معطشة موحشة كلّ / (2/136/أ) ذلك قد شهدت به التوراة. فمن رام غضّاً من هاجر وابنها من اليهود والنصارى فقد أزرى على نفسه وكشف عورته بيده وأبان عن جهله بالتوراة والنبوات.
ومنها: جعل بيتها ومسكنها وضريحها بيتاً مقدساً محجوجاً إليه3
تُعفِّر الملوك والأكابر جباهها بترابه ويطوفون به كما يطوف بعرش الرحمن، لا مندوحة لمن استطاع إليه سبيلاً عن إتيانه وحجه.
ومنها: سلامة نسلها من المسخ فلم يمسخ أحد من أولاده هاجر قردة ولا خنازير، ولم يلعن صريحاً كما لعن بنو إسرائيل على لسان موسى وأشعيا وداود وعيسى بن مريم في نبواتهم وصحفهم على ما تشهد به التوراة وكتب الأنبياء.
__________
1 تكوين 21/12-14. وقد ذكره المؤلِّف بالمعنى.
2 تكوين 21/17، 18.
3 لعله سبق قلم من المؤلِّف. فهذا تعبير غير لائق يخالف العقيدة الصحيحة. فإن الله عزوجل قد جعل مكّة حرماً مقدساً منذ خلق السماء والأرض كما ثبت ذلك في الصحيحين. ولم يرد في حديث مرفوع أو أثر صحيح أن هاجر أو إسماعيل أو غيره من الأنبياء دفنوا في المسجد الحرام كما أن ذلك يخالف نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن اتّخاذ القبور مساجد. (ر: تحذير الساجد من اتّخاذ القبور مساجد، للألباني) .(2/720)
ومنها: تنبؤ الأنبياء-عليهم السلام-عليها وعلى نسلها وموضع سكنها وشهادتهم بدوام مملكتهم وقيام شريعتهم ولزوم أحكامهم إلى قيام القيامة [فليوجد لنا] 1 فولس هذا المتعصب على أبوينا [اللذين] 2 كانا في كفالة الله واحداً من هذه الفضائل لمن تعصب له. {وَأّنَّ الفَضْلَ بِيَدِ الله يُؤْتِهِ مَن يَشَاءُ وَالله ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ} . [سورة الحديد، الآية: 29] . (2/136/ب) .
-[البشري] 3 الثّالثة والثّمانون:
قال موسى في السفر الأوّل من التوراة: "قال إبراهبم: يا ربّ ها أنا ميّت وليس لي ولد وإنما يرثني غلامي اليعازر الدمشقي. فقال الله: كلا لا يرثك هذا بل ابنك الذي يخرج من صلبك هو الذي يرثك، فاخرج انظر إلى نجوم السماء فإن كنت محصيها فإنك ستحصي ولدك أيضاً"4. وما نعلم الآن من طبق الأرض وملأ أكناف الدنيا من ولد إبراهيم سوى ولد إسماعيل، فأما اليهود من ولد إسحاق فهم خول وذمة لبني إسماعيل في سائر الأرض كلها، وإنما ورد ذلك مورد الامتنان والإنعام على إبراهيم، ولم يكن الله تعالى ليمتن على خليله بالأولاد الدبري المسموخين قردة وخنازير وعباد العجول.
وأما النصارى من ولد إسحاق فمشردون شَرَّدهم بنو إسماعيل خلف منقطع البحور وفي أطراف مغرب الأرض. فهذه نبوة ظاهرة وآية قاهرة لا يقدر مخالف على جحدها وردها.
__________
1 في ص، م (فليوجدنا) والصواب ما أثبتّه.
2 في ص، م (الذين) والصواب ما أثبتّه.
3 ليست في ص، وأثبتّها من م.
4 تكوين 15/2-6. وقد وردت البشارة في: الدين والدولة ص 133، 134، ومحمّد صلى الله عليه وسلم ص 56، عبد الأحد داود.(2/721)
-[البشرى] 1 الرّابعة والثّمانون:
وفي هذا السفر الأوّل من التوراة قال موسى عليه السلام: "فلما أصبح إبراهيم أخرج هاجر وولدها إسماعيل ودفع لها زادا ومزادا. وانتهى في أمرهما إلى ما أمره به ربّه تعالى. فحملت الصبيّ على كتفها وشخصت / (2/137/أ) فوصلت إلى برية سبع فنفذ ماؤها، فوضعت الصبي تحت شجرة شيح إذ سمع الله صوت الصبي فنادى مَلَك الله هاجر من السماء فقال: ما بالك يا هاجر ليفرج كربك وروعك فقد سمع الله صوت الصبي قومي فاحمليه وتمسكي به، فإن الله جاعله لأمة عظيمة ومعظمة جِدّاً جدّاً. وأن الله فتح عينيها فرأت بئر ماء فدنت وملأت المزادة وشربت وسقت الصبي. وكان الله معها ومع الصبي حتى تربَّى. وكان مسكنه في بريقة فاران"2.
فهذه أربع وثمانون بشارة عن الأنبياء وأتباع الأنبياء. وقد تضمنتها كتب الله المنَزَّلة من لدن إبراهيم الخليل إلى أتباع المسيح منوّهة باسم محمّد صريحاً واسم أرضه التي يخرج منها وبلده التي نشأ بها. مصرحة بتعظيم شأنه وتفخيم أمره. شاهدة بأنه عليه السلام خاتم الأنبياء وأنه حبيب الله وروحه ومختاره من عباده. مُعَرِّفة العباد / (2/137/ب) بعظم خطره عند الله وزلفته لديه، وأن دينه خير الأديان وشريعته خير شريعة. وملته أفضل ملة. وأمته أصدق أمة. وأن شريعته ناسخة لجميع الشرائع وأنها لا تنسخ بل تبقى ما بقيت الدنيا3.
قال المؤلِّف: وإنما نقلت قليلاً من كثير. ويسيراً من خطير، ولو استوعبت جميع ما في كتب الله من الإشارة بذكر المصطفى صلى الله عليه وسلم وذكر أمته لأطلت الكتاب وخرجت إلى حد الإسهاب. فهذا القسم الأوّل من هذا الباب. والله الموفّق.
__________
1 ليست في ص، وأثبتّها من م.
2 تكوين 21/14-21. وقد وردت البشارة في: الدين والدولة ص 132، 133.
3 قال القرافي: "فإن قالوا: كيف تتمسكون بهذه الكتب - وهي غير صحيحة عندكم؟! - قلنا: نبوة نبيّنا عليه السلام ثابتة بالمعجزات غنية عن هذه الكتب. وإنما نذكر ما فيها من الدلالة على نبوته عليه السلام إلزاماً لأهل الكتاب الذين يعتقدون صحتها - وهي مثل جميع كتبهم في الصحّة - فإن كان يحسن الاستدلال بها تَمَّ مقصودنا. وإن كانت لا يحسن بها الاستدلال بطل جميع ما بيد أهل الكتاب - لأن جميعه مثلها -. وكيف يسع أهل الكتاب أن يعتقدوا صحّة هذه الكتب ولا يقبلوا ما فيها من الدلالة على محمّد عليه السلام المواصل فصل حدّ القطع من كثرتها؟! وإنما عميت منهم البصائر وحنثت السرائر، فلا يجد الحقّ في قلوبهم محلاً، ولأسماع التذكر أهلاً". اهـ. (ر: الأجوبة الفاخرة ص 183) .(2/722)
القسم الثّاني منه: في آيات رسول الله صلى الله عليه وسلم وإثبات معجزاته الباهرة للعقول الخارقة للعادة:
واعلم أنه قد كان في الأنبياء - عليهم السلام - من له الآية والنبوة معاً مثل: موسى والمسيح وقد ذهبت آياتهما بذهابهم. فلم يبقَ في أيدي الناس منها إلاّ ذكرها. ومنهم من كانت له آية وليست له نبوة مذكورة مثل اليسع فإنه أحيا ميتاً في حياته وميتاً بعد وفاته ولم ينقل عنه أنه تنبأ نبوة ألبتة.
ومنهم من كانت له نبوة1 / (2/133/أ) ولم يكن له آية مثل حزقيال النبي ويوشاع2. ومنهم من لم تكن له3 آية ولا نبوة وهو معدود في الأنبياء مثل مالاخي4 وناحوم5.
__________
1 المراد بالنبوة هنا: الإخبار بما يستقبل من الحوادث.
2 يعني: هوشع. قد تقدمت ترجمته. ر: ص: 687.
3 ليست في (م) .
4 ملاخي: اسم عبري معناه (رسولي) وهو عند أهل الكتاب آخر الأنبياء في العهد القديم. ويلقب بـ: (الختم) . لأن نبوته كانت ختاماً لذلك العهد. ولا يعرف شيء عن سيرته وزمنه إلاّ عن طريق التخمين والاستنباط من السفر المنسوب إليه باسمه وعدد إصحاحاته (4) إصحاحات. (ر: قاموس ص 613، 614) .
5 ناحوم: اسم عبري معناه: (معز) . ويعتبرونه أحد الأنبياء الاثني عشر الصغار، ويعتقد أنه كان ممن سبوا إلى بابل. ولا يعرف شيء عن سيرته وزمنه. وينسب إليه سفر باسمه، عدد إصحاحاته (3) إصحاحات. (ر: قاموس ص 944) .(2/723)
وقد أثبت أهل الكتاب نبوة جماعة من النسوان مثل مريم1 وحنة2 وخلدى واستار ورفقاً ولم يكن لواحدة منهن كتاب ولا آية وهن [معدودات] 3 في زمرة الأنبياء عندهم.
فأما سيّدنا محمّد صلى الله عليه وسلم فقد جمع الله له النبوة والآية والتنبؤ. فتنبأ به الأنبياء وأخبروا بمجيئه قبل كونه على ما تقدم في القسم الأوّل من هذا الباب. وأما النبوة فأخبر صلى الله عليه وسلم بذلك وأنبأ وعَرَّف بأشياء كثيرة من المغيّبات التي لا يتصور الوقوف على علمها إلاّ بتوقيف4 من الله وإنباء منه سبحانه وكان ذلك يصدر منه على أنواع:
فمنه: ما أخبر به صلى الله عليه وسلم مما وقع واتّفق وسلم في الأزمان الماضية والعصور المتفرقة من عظائم الأمور ومهام الخطوب من مبتدأ خلق الله العالم إلى قيام القيامة؛ فذكر شأن / (2/138/ب) آدم وحواء وشأن مشاهير بني آدم مثل: شيث وإدريس ونوح وإبراهيم والأسباط5 ويوسف وموسى والمسيح وسرد قصصهم ومجرياتهم، وذكر مشاهير سير الملوك والجبابرة والفراعنة وما اتّفق للأنبياء والأصفياء معهم. هذا مع القطع بأميته عليه الصلاة والسلام، وأنه كان عربياً لا
__________
1 مريم أخت موسى عليه السلام. وتقدمت ترجمتها.
2 حنة: بنت فنوئيل. يعتقدون أنها نبية. وكانت أرملة. وعمرت إلى سن (84) سنة. وكانت لا تفارق الهيكل ليلاً ونهاراً. ويزعم النصارى أنها عرفت المسيح وهو طفل وأعلنت أنه هو: (المسيا) أي: المسيح المنتظر. (ر: لوقا 2/36-38، قاموس ص324) .
3 في ص، م (معدودة) والصواب ما أثبتّه.
4 في م: بتوفيق.
5 الأسباط: بنو يعقوب اثنا عشر رجلاً. ولد كلّ رجل منهم أمة من الناس. فسمّوا الأسباط من السبط وهو التتابع فهم جماعة. وقيل: أصله من السبط بالتحريك وهو الشجر أي: في الكثرة بمنْزلة الشجرة الواحدة سبطة. (ر: تفسير ابن كثير 1/193، المفردات ص 222 للأصفهاني) .(2/724)
يحسن الخط ولا قرأ ولا سمع كتاباً1 قط. بل إنما نشأ بأرض قفار بين أجبل وسياسب2 منقطعة الأطراف عن العمران فوافق خبره ما في صحف الأوّلين لم يخرم منه حرفاً.
ومنه: ما أخبر به أصحابه وحوارييه وأهل بيته فوقع في زمانه واتّفق في أيامه، ومن أخبر إنساناً في نفسه ممالم يلفظ به لم يمتر في أنه صادق محقّ.
ومنه: ما أخبر به مما3 سيقع بعد موته بزمان فوقع كما أخبر عليه السلام ولم يغادر منه [حرفاً واحداً] 4. وذلك مودع في كتابه الذي جاء به من عند الله وفي سنته الصادقة التي نقلها إلينا نقلة هذا الكتاب. فلو تطرق التشكيك إليها لتطرق إلى الكتاب العزيز. وقد ثبت نقل الكتاب بأقوالهم وصحّ. فكذلك ثبتت (2/139/أ) السنة بأقوالهم أيضاً والحكم فيهما واحد من حيث لزوم العمل. قال عليه الصلاة والسلام: "أوتيت القرآن ومثله معه"5.
ولو قال قائل من اليهود والنصارى لعلّ أصحاب هذا النبيّ تمالؤوا على دعوى هذه المغيّبات والآيات لنبيّهم وقيَّدوها في كتابه وسننه ترويجاً وإفكاً
__________
1 قال تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} . [سورة العنكبوت، الآية: 48] .
2 أي: الوديان.
3 ليست في (ص) والزيادة من (م) .
4 في ص، م (حرف واحد) والصواب ما أثبتّه.
5 أخرجه الإمام أحمد في مسنده 4/131، وأبو داود 4/200، والآجري في الشريعة ص 51، وابن عبد البر في التمهيد 1/150، كلّهم من طريق حريز بن عثمان عن عبد الحكم بن أبي عوف عن المقدام بن معديكرب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه أنه قال: ... ، فذكره في سياق كويل.
قلت: إسناده صحيح. فإن حريز بن عثمان وعبد الرحمن بن أبي عوف ثقتان. والله أعلم. (ر: التقريب 1/159، 494) .(2/725)
لقوبلوا1 بمثل ذلك فيمن [ينتمون] 2 إليه. فما أجابوا به عن أنفسهم كان جواباً مِنَّا لهم. وكلّ سؤال انقلب على سائله سقط جوابه عن المسؤول. فهذا ما يتعلق بإنبائه عن الغيب الذي لا يدخل تحت مقدرة البشر.
وأما آياته عليه الصلاة والسلام وخوارقه ومعجزاته فكثيرة جِدّاً. وقد صنف العلماء وأرباب السير فيها التصانيف الكثيرة3. ونحن نقتصر في هذا المختصر
__________
1 في م: لتقولوا.
2 في ص، م (ينتموا) والصواب ما أثبتّه.
3 للعلماء في تقسيم الآيات والبراهين الدالة على نبوة محمّد صلى الله عليه عدة اعتبارات:
- فمنهم من قسمها باعتبار المدركين لها إلى حسية ومعنوية. (ر: البداية 6/76، لابن كثير) .
- ومنهم من قسمها باعتبار سندها إلى متواترة وغير متواترة. (ر: الشفا 1/493-495، للقاضي عياض، وشرح الزرقاني على المواهب 5/81) .
- ومنهم من قسمها باعتبار زمنها إلى منقرضة وباقية. (ر: الجواب الصّحيح 4/70، لابن تيمية، الجامع لأحكام القرآن 1/72، للقرطبي) .
- ومنهم من قسمها باعتبار التحدي إلى مُتحدّي بها وغير متحدي بها. (ر: السيرة الحلبية 3/278 للحلبي) .
وأوضح هذه التقسيمات وأيسرها التقسيم الأوّل - وهو للإمام ابن كثير -. لأنه ينصب على المعجزة نفسها. وتفصيل ذلك كالآتي
المعجزات المعنوية: ومنها: القرآن الكريم، وأخلاق النبي صلى الله عليه وسيرته الشريفة، وسيرة أصحابه - رضي الله عنهم -.
أما المعجزات الحسية فتنقسم إلى قسمين هما:
1- المعجزات السماوية (أي: المتعلقة بالسماء وما فيها) مثل: انشقاق القمر، الاستسقاء والاستصحاء والإسراء والمعراج، احتباس الشمس حتى تصل عير قريش بعد الإسراء والمعراج.
2- المعجزات الأرضية: وهي: متنوعة فمنها: ما هو متعلق بالإنسان كتفله صلى الله عليه على الجروح والأمراض وشفائها. ومنها ما هو متعلق بالحيوان كسجود البعير له صلى الله عليه وشكوى البعير له وشهادة الضب له صلى الله عليه. ومنها ما هو متعلق بالنبات كتسليم الشجر عليه وإجابة دعوته صلى الله عليه. ومنها ما هو متعلق بالجمادات كتسليم الحجر عليه ونبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه. ومنها إجابه دعائه صلى الله عليه كدعائه للصحابة واستجابة دعائه فيهم. ومنها إخباره صلى الله عليه بالمغيّبات التي تحقق وقوع بعضها وينتظر تحقق البعض الآخر. ومنها حمايتهصلى الله عليهمن الأعداء. (ر: البداية والنهاية6/76-290) .
أما مصنفات العلماء في دلائل النبوة فهي كثيرة جِدّاً من أبرزها: دلائل النبوة لابن منده، ولأبي نعيم والبيهقي والشافا للقاضي عياض وغيره ذلك. (ر: للتوسع في معرفة الكتب المؤلف في هذا الفن كتاب: (معجم ما ألف عن رسول الله صلى الله عليه للمنجد) .(2/726)
منها على لُمْعة [بها] 1 يحصل الغرض والمعونة من الله سبحانه2.
1- معجزة: قد اشتهر عند أهل التواتر أن محمّداً صلى الله عليه وسلم كان أمّيّاً عربيّاً ناشئاً بأرض لا علوم بها ولا معارف ولا كتب تتضمن معرفة أخبار / (2/129/ب) المتقدمين يعرفون ذلك من حاله ضرورة. فلم يفجأهم3 أن تلي عليهم كتاباً من الله فيه مائة وأربع عشر سورة4. وقال لهم: هذه آية صدقي وإن مَن جاء منكم بمثل هذا الكتاب أو بعشر سور من مثله أو بسورة واحدة من مثله فلست صادقاً في أن الله أرسلني إليكم. فأجمعوا ولم يقدموا وأصمتوا ولم يتكلموا. هذا مع تقريعهم وعيب آلهتهم وانتقاص أوثانهم وأصنامهم وتسفيه
__________
1 إضافة يقتضيها السياق. والله أعلم.
2 قد اعتمد المؤلِّف في القسم الثاني من الباب العاشر على كتاب: (الشفا بتعريف حقوق المصطفى) للقاضي عياض. وخاصة فيما يتعلق بذكر معجزات النبي صلى الله عليه. وقد كان المؤلِّف ينقل من كتاب الشفا نقلاً حرفياً في معظم ما ينقله. وأحياناً يختصر النّصّ ويكتفي بذكر أمثلة على مواطن الاستشهاد أو يذكره بالمعنى. ولذلك سنعتمد على كتاب (الشفا) كنسخة ثالثة للكتاب ونبيّن مواطن الخلاف أو الخطأ التي حدثت بفعل النسخ إن شاء الله تعالى.
3 في م: يعجاهم.
4 وقيل: مائة وثلاث عشرة سورة بجعل الأنفال وبراءة سورة واحدة فأما عدد آيات القرآن العظيم فستة آلاف ومائتا آية. واختلفوا فيما زاد على ذلك. وأما كلماته فسبع وسبعون ألف كلمة وأربعمائة وتسع وثلاثون كلمة. وأما حروفه فثلاثمائة ألف وأربعون ألفاً وسبعمائة وأربعون حرفاً. وقيل: ثلاثة وعشرون ألفاً وخمسة عشر حرفاً. وقيل: واجد وعشرون ألف حرف ومائة وثمانون حرفاً. (ر: مقدمة تفسير ابن كثير 1/8، مباحث في علوم القرآن ص 146، مناع القطان) .(2/727)
أخلاقهم وإظهار تعجيزهم على رؤوس الملأ نيفاً وعشرين سنة بقوله: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا القُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُم لِبَعْضٍ ظَهِيراً} . [سورة الإسراء، الآية:88] .وقوله تعالى: {قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ الله إِنْ كُنْتُم صَادِقِينَ} . [سورة هود، الآية:13] .
فأخبر أنهم [لا يقدرون] على ذلك ولا [يفعلونه] أبداً فكان كما جزم وحَتّم. وقال تعالى: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ} 1. فكلما زادهم تقريعاً ازدادوا خضوعاً. هذا وَهُمْ أهل البراعة في النظم والنثر والخطب يرتجلون ذلك ارتجالاً، ويتنافسون فيه تنافساً ويتناقشون عليه مناقشة. فما عدلوا إلى الحرب إلاّ والذي دُعوا إليه من المعارضة أشقّ عليهم وأصعب.
فمن وجوه إعجازه: حسن تأليفه، ورقة ترصيفه وفصاحته وبلاغته الخارقة لعادة / (2/140/أ) أهل البيان حتى قال البلغاء منهم حين سمعوه: إن هذا إلاّ سحر مبين2. ثم هو في سرد القصص الطوال وأخبار القرون الماضية
__________
1 قال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} . [سورة يونس، الآية: 38] .
2 قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلاّ سِحْرٌ مُبِينٌ} . [سورة سبأ، الآية:43] .
والذي سوّل لهم القول بذلك هو الوليد بن المغيرة الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه فسمع منه القرآن الكريم ثم رجع إلى قريش فقال لهم: فوالله ما فيكم رجل أعلم بالأشعار مني ولا أعلم برجز ولا بقصيدة مني ولا بأشعار الجن. والله ما يشبه الذي يقول شيئاً من هذا. ووالله إن لقوله الذي يقول حلاوة وإن عليه لطلاوة وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله، وإنه ليعلو وما يعلى وإنه ليحطم ما تحته. فقال له أبو جهل: لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه. قال: فدعني حتى أفكر فلما فكر قال: هذا سحر يؤثر يأثره عن غيره. فنَزل قوله تعالى: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً} . [سورة المدثر، الآية: 11] .
(أخرجه ابن جرير في تفسيره29/156، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي 2/507، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وبنحوه أخرجه ابن إسحاق) . (ر: السيرة 1/334، 335) ، وأبو نعيم في الدلائل ص 232-235) .(2/728)
[التي يضعف] 1 في عادة الفصحاء عندها الكلام ويذهب ماء البيان -آية لمتأمله من ربط الكلام بعضه ببعض. والتئام سرده، وتناسب وجوهه مع نظمه العجيب وأسلوبه الغريب المباين لأساليب كلام الفصحاء ومناهج نثرها ونظمها.
ومن وجوه إعجازه: ما انطوى عليه من الإخبار بالمغيّبات مما لم يكن فوقع على الوجه الذي أخبر به كقوله: {لَتَدْخُلُنَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ} 2. وقوله: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} 3. وقوله: {وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُم وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ} 4. وكقوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ الله وَالفَتْحُ ... } . [سورة النصر، الآية: 1] . إلى آخرها. فدخل الناس في دين الله أفواجاً ودخلوا المسجد الحرام آمنين كما قال عليه السلام، واستخلف الله أصحابه وأمته في الأرض. ومكَّن لهم دينهم وملَّكهم من أقصى الشرق / (2/140/ب) إلى أقصى الغرب حتى دوَّخوا البلاد وملؤوا أقطار العالم. كما قال عليه السلام: "زويت لي الأرض فأريت مشارقها ومغاربها. وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي
__________
1 في ص، م (الذين تضعف) والصواب ما أثبتّه.
2 قال تعالى: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً} . [سورة الفتح، الآية: 27] . وقد كان هذا في عمرة القضاء في ذي القعدة سنة سبع من الهجرة. (ر: تفسير ابن كثير 4/215) .
3 { ... وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} . [سورة التوبة، الآية: 33، سورة الصّف الآية: 9] .
4 {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} . [سورة النور، الآية: 55] .(2/729)
منها"1. وتلى عليهم ذلك وأخبرهم به وهم في حالة لا يستطيع أحدهم أن يذهب لقضاء الحاجة فكان كما أخبر صلى الله عليه وسلم.
وقال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} . [سورة الحجر، الآية:9] . فهو محفوظ من تغيير الأعداء والمخالفين وتبديلهم إلى قيام الساعة. هذا مع اشتماله على هتك أستارهم وإبداء عوارهم. وأنَّى يقدرون ويستطيعون إضاعة ما تكفل الله بحفظه!.
ومن وجوه إعجازه: ما اشتمل عليه من تقريع اليهود والنصارى والمنافقين بما اشتملت عليه كتبهم وصحفهم بتكذيب من كذبوا من الرسل وقتل من قتلوا من الأنبياء2 وعبادتهم العجل وعزيراً والمسيح وأمه. فلا جرم أن كثيراً منهم لما عرف ذلك وأدركته السعادة وساعده التوفيق أسلم من فوره وصدق نبوته وآمن برسالته فسعد في دنياه وأخراه. ومنهم من غلبت عليه شقاوته وأدركته النفاسة3 وخشي أن يستلب الرئاسة فاستمر على غيه وانهمك في بغيه حتى هلك / (2/141/أ) وسكن من الجحيم في أسفل درك. ثم هو فيما اشتمل عليه من توحيد الباري وتنْزيهه وتقديسه وتحميده وتمجيده وتسبيحه وتهليله وترغيبه وترهيبه، ووصف الباري تعالى بسعة الرحمة والمغفرة والرضوان والحلم والصفح، وما أعدّ لعباده من البر والنعم وإكرام النّزل إن صاروا إليه - آية من الآيات يعرفها ويقر بها وقف على ذلك وقابل به ما اشتملت عليه الكتب المقدمة والصحف
__________
1 أخرجه مسلم 4/2215، 2216، وأبو داود 4/97، والترمذي 4/410، وأحمد 5/278، عن ثوبان رضي الله عنه.
2 قال تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً} . [سورة النساء، الآية: 155] .
3 النّفاسة: الحسد. ونفس عليه الشيء نفاسة: لم يره أهلاً له. (ر: القاموس ص 745) .(2/730)
المتقدمة والصحف الدَّارسِة كما بيّناه فيما مضى من هذا المختصر1. فلو لم يأتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم بآية وخارق سوى سورة واحدة من هذا الكتاب العزيز لاستقلت ونهضت بإثبات النبوة2. فكيف وقد أتى عليه السلام بخوارق عظام وآيات طوام؟!.
__________
1 إن هذه النتيجة الحتمية التي يتوصل إليها كلّ منصف عاقل يقارن بين مضامين القرآن الكريم - الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه - وبين التوراة وكتب الأنبياء السابقين والأناجيل المحرفة، حيث إن دليل تحريف التوراة والأناجيل ثابت في مضامينها كما أن دليل تصديق القرآن الكريم ثابت في مضمونه بما احتواه من الكمال في المعارف والأخلاق والأحكام.
وقد ذكر نتيجة هذه المقارنة عدد من العلماء منهم: أبو الحسن العامري في كتابه: الإعلام بمناقب الإسلام ص 132، 133، والمهتدي نصر بن يحيى المتطبب في النصيحة الإيمانية ص 331-342، والإمام ابن تيمية في الجواب الصّحيح 4/78، 79، والمهتدي موريس بوكاي في كتابه: دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة ص 284-286.
2 اعلم أن القرآن الكريم لا تنقضي عجائبه ولا تفنى غرائبه ولا تحصى إعجازاته مع كرة بحث العلماء في كل دهر وشدّة فحصهم عنها في كلّ عصر ومصر. قال تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً} . وقد أفرد علماؤنا تصانيف عديدة في أوجه إعجاز القرآن الكريم، ومنهم: الخطابي، وله: (إعجاز القرآن) . والرماني وله: (النكت في إعجاز القرآن) . والباقلاني وله: (إعجاز القرآن) . والسيوطي وله: (معترك الأقران في إعجاز القرآن) . وفي ذلك يقول د. حسن عتر في: (بينات المعجزة الخالدة ص 225) : وقد تتابع فحول العلماء قديماً وحديثاً على استقراء أوجه الإعجاز في كتاب الله تعالى. فمنهم المكثرون ومنهم المقلون. فعد القرطبي عشرة أوجه. والرماني سبعة أوجه. وعدها القاضي عياض أربعة. وعدها الباقلاني ثلاثة. فصّل أحدها في عشرة أمور. وترى الأوجه عند بعض العلماء على جانب من التداخل أو التكرار بينما يذكر بعضهم جانباً من الأوجه ويغفل بعضها الآخر". اهـ. (ر: للتوسع في أوجه الإعجاز: أعلام النبوة ص 97-125، للماوردي. البرهان في علوم القرآن 2/93-106، للزركشي. الداعي إلى الإسلام ص 393-431، للأنباري النحوي، الشفا بتعريف حقوق المصطفى 1/500-542، للقاضي عياض. البداية والنهاية 6/76-81، لابن كثير. إظهار الحقّ ص 367-412، لرحمة الله الهندي، التبيان في علوم القرآن ص 85-152، محمّد الصابوني. أما الإعجاز العلمي في القرآن فيراجع: العلوم الطبيعية في القرآن - د. يوسف مروة. دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة - د. موريس بوكاي. ظواهر جغرافية في ضوء القرآن الكريم - لإبراهيم حسن النصيرات وغير ذلك) .(2/731)
2 - معجزة: انشقاق القمر. قال ابن مسعود1: واستدل رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدق نبوته لانشقاق القمر فرقتين، وقال ابن مسعود: لقد رأيت الجبل بين فرقتي القمر فقال عليه السلام: اشهدوا. فقال كفار قريش: سحركم / (2/141/ب) ابن أبي كبشة. فقال رجل: إن كان سحر، فإنه لا يبلغ الأرض كلّها فاسألوا من يأتيكم من بلد آخر هل رأوا ذلك فجاء الناس من الآفاق فأخبروا بمثل ذلك. فقال الكفار: هذا سحر مستمر. رواه خلق كثير من أعيان الصحابة خيار المسلمين كأنس بن مالك2، وابن عباس3 وابن عمر4، وعلي بن أبي طالب5، وجبير6 بن مطعم، في خلق كثير. ورواه عن هؤلاء
__________
1 حديث ابن مسعود رضي الله عنه في انشقاق القمر أخرجه البخاري في كتاب المناقب باب (27) . (ر: فتح الباري 6/631) . ومسلم 4/2158، وأحمد في مسنده 1/377، 413، 447، والترمذي 5/370، وأبو نعيم ص 279، 281، والبيهقي 2/264، وكلاهما في الدلائل.
2 حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أخرجه البخاري في كتاب المناقب باب (27) . (ر: فتح الباري 6/631) ، ومسلم 4/2159، والإمام أحمد 3/275، 278، والترمذي 5/371، والبيهقي في الدلائل 2/262.
3 حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أخرجه البخاري في كتاب المناقب. (ر: فتح الباري 6/631) ، ومسلم 4/2159، وأبو نعيم في الدلائل ص 280.
4 حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، أخرجه مسلم 4/2159، والترمذي 5/371، والبيهقي في الدلائل 2/267، وأبو نعيم في الدلائل ص 279.
5 حديث عليّ أبي طالب رضي الله عنه أخرجه البخاري في مشكل الآثار 1/301، قال: ثنا علي بن عبد الرحمن بن محمّد بن المغيرة المخزومي ثنا الوليد (هو محمّد بن سليمان) ثنا حديج بن معاوية الجعفي عن أبي إسحاق عن أبي حذيفة (وهو سلمة بن صهيب الأرجي) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: ... ". فذكره.
قلت: إسناده حسن. فإن حديج بن معاوية صدوق يخطئ. وباقي رجاله ثقات. (ر: التقريب2/40،2/166،1/256،2/73،1/371، حسب ترتيب رجال الإسناد) .
6 حديث جبير بن معطم رضي الله عنه. أخرجه الإمام أحمد في مسنده 4/82، والترمذي 5/372، وابن حبان. (ر: الموارد ص519) .والبيهقي في الدلائل2/268، كلهم من طريق حصين بن عبد الرحمن عن محمّد بن جبير بن معطم عن أبيه قال: ... فذكره.
قلت: إسناده صحيح. (ر: التقريب 1/182، 2/150) .(2/732)
أعلام التابعين ووجوه الأمة. وقد تضمنها الكتاب العزيز. قال الله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وانْشَقَّ القَمَرُ وَإِنْ يَرَوا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌ} . [سورة القمر، الآية: 1-2] . فلا التفات بعد ذلك إلى قول مخذول. ولو جاز هذه الآية لجاز ردّ آية موسى وعيسى - عليهما السلام.
والطريق في النقل واحد، وإذا كان إنما اعتماد المتأخر على نقل من تقدم فمن أصارهم بتصحيح أخبارهم أولى من غيرهم. هذا وهم ينقلون عن أسلافهم المنكر والمستحيل. ونحن إنما ننقل مُحَوِّزات العقول.
وإن طعن في آية انشقاق القمر يهودي1 قلنا له: ما دليلك على2 انشقاق البحر لموسى؟ أو يشكك في ذلك نصراني. قلنا له: ما حجتك على انشقاق حجاب الهيكل عند صلب الشبه3 الذي أشركته مع الله في الربوبية؟ فإذا قالا: النقل الصحيح والخبر الصريح. قلنا: من أصار عباد الصلبان والعجول أولى بالقبول من أخبار الموحدّين العدول؟!.
3- معجزة: حبست الشمس لرسول الله صلى الله عليه وسلم ووقفت عن جريانها، خَرَّج الطحاوي4 في مشكل / (2/142/أ) الحديث أسماء بنت عميس5 رضي الله عنها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوحى إليه ورأسه في حجر علي فلم
__________
1 ليست في (م) .
2 في م: (مادلك) .
3 إنجيل متى 27/51، لوقا 23/45.
4 هو: أبو جعفر أحمد بن محمّد بن سلامة الأزدي المصري الطحاوي. ولد سنة 239هـ. انتهت إليه رئاسة الحنفية بمصر. توفي بالقاهرة سنة 321هـ. (ر: ترجمته في: الجواهر المضيئة 1/102-105، وفيات الأعيان 1/53-55، وسير أعلام النبلاء 15/27) .
5 أسماء بنت عميس الخثعمية كانت زوجة جفعر بن أبي طالب ثم أبو بكر الصديق ثم علي بن أبي طالب. وماتت بعده - رضي الله عنهم أجمعين -. ولها ستون حديثاً.(2/733)
يصلِّ علي العصر حتى غربت الشمس فقال عليه السلام: أصليت العصر يا عليّ؟ قال: لا. فقال عليه السلام: اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس. قالت أسماء: فرأيتها غربت ثم رأيتها طلعت بعد ما غربت ووقفت على الجبال. وذلك بالصهباء بخيبر"1.
__________
1 حديث حبس الشمس لعليّ رضي الله عنه أخرجه الطحاوي في مشكل الآثار 2/8-11، وابن الجوزي في الموضوعات 1/355-357، وابن كثير في الشمائل ص 144، وذكره السيوطي في اللآلئ المصنوعة 1/336-341، والشوكاني في الفوائد المجموعة ص 350-357، وابن عراق الكناني في تنْزيه الشريعة 1/378.
قال الإمام ابن تيمية: "فضل عليّ وولايته لله وعلوّ منْزلته عند الله معلوم ولله الحمد من طرق ثابتة أفادتنا العلم اليقيني لا يحتاج معها إلى كذب ولا إلى ما لا يعلم صدقه. وحديث ردّ الشمس له قد ذكر طائفة كالطحاوي والقاضي عياض وغيرهما وعدوا ذلك من معجزات النبيّ صلى الله عليه. لكن المحقّقين من أهل العلم والمعرفة بالحديث يعلمون أن هذا الحديث كذب موضوع". اهـ.
ثم أورد ابن تيمية طرق الحديث واحدة واحِدة، مُبيّناً ما فيها من ضعف. ثم اعتذر عن أحمد بن صالح المصري في تصحيحه هذا الحديث بأنه اغتر بسنده. وعن الطحاوي بأنه لم يكن عنده نقد جيد للأسنانيد كجهابذة الحفاظ. (انظر: منهاج السنة 8/165-198، بتصرف) .
وقال الإمام ابن كثير عن هذا الحديث: "هذا الحديث ضعيف ومنكر من جميع طرقه. فلا تخلو واحدة منها عن شيعي ومجهول الحال. أو شيعي ومتروك. ومثل هذا الحديث لا يقبل فيه خبر واحد إذا اتّصل سنده؛ لأنه من باب ما تتوفر الدواعي على نقله بالتواتر أو الاستفاضة لا أقل من ذلك". - ثم قال: "والأئمة ينكرون صحّة هذا الحديث ويردونه ويبالغون في التشنيع على رواته كما قدمنا عن غير واحد من الحفاظ كمحمّد ويعلى بن عبيد الطنافسيين وكإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني خطيب دمشق. وكأبي بكر محمّد بن حاتم البخاري المعروف بابن زنجويه، وكالحافظ أبي القاسم ابن عساكر، والشيخ أبي الفرج ابن الجوزي. وغيرهم من المتقدمين والمتأخرين. وممن صرح بأنه موضوع شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي والعلامة أبو العباس ابن تيمية". (ر: شمائل الرسول صلى الله عليه ص 144-163، بتصرف يسير) .
وقال الشيخ الألباني في تعليقه على الحديث: "وهذه القصة لا تثبت". (ر: سلسلة الأحاديث الصحيحة 1/355) .(2/734)
قال العلماء1: لا ينبغي لمن سبيله العلم التخلف عن حديث أسماء، فإنه علم من أعلام النبوة.
وروى يونس2 بن بكير عن ابن إسحاق لما أسري بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم وأخبر قومه بالرفقة والعلامة التي في العير، قالوا: متى تصل؟ فقال: يوم الأربعاء؛ فلما كان يوم الأربعاء أشرفت قريش ينظرون وقد وَلَّى النهار ولم تصل بعد، فدعا فزيد له في النهار ساعة ووقفت الشمس عن جريانها وسيرها حتى وصلت العير فشاهدوها3.
وإن اعترض على ما شهدت أسماء رضي الله عنها مُخالف من النصارى قيل له: ألم تروُوا عن مريم المجدلانية التي أبرأها / (2/142/ب) المسيح من الجنون أموراً عظاماً من أمور المسيح؟ فإذا قالوا: بلى. قيل لهم: ما الذي جعل امرأة حديثة عهد بجنون أولى بالصدق والعدالة من امرأة غريبة لبيبة عاقلة؟
وإن قدح في ذلك يهودي؛ قيل له: ألم تحكوا عن مريم أخت موسى وهارون أموراً جمة من أعلام موسى؟ فإذا كانت أخت الإنسان مؤتمنة على ما تحكيه من أعلام أخيها وعِزُّه عِزٌّ لها، فأسماء أولى بذلك وهي أجنبية.
__________
1 زاد في الشفا 1/549: "قال الطحاوي: وهذان الحديثان ثابتان ورواتهما ثقات، وحكى الطحاوي أن أحمد بن صالح كان يقول: لا ينبغي لِمَن سبيله العلم التخلف عن حفظ حديث أسماء؛ لأنه من علامات النبوة". اهـ
قلت: ورد ذلك في مشكل الآثار 2/11، للإمام الطحاوي..
2 يونس بن بكير بن واصل الشيباني، أبو بكر، مؤرخ، قال عنه الذهبي: الإمام الحافظ الصدوق صاحب المغازي والسير، روى له مسلم في الشواهد لا في الأصول. وثقه ابن معين، وقال الحافظ ابن حجر: يخطئ. مات سنة 199هـ. (ر: سير أعلام النبلاء 9/245-248، التهذيب 11/382، التقريب 2/384، الأعلام 8/260) .
3 أخرجه البيهقي في الدلائل 2/404، من طريق يونس بن بكير عن أسباط بن نصر الهمذاني عن إسماعيل بن عبد الرحمن الثقفي، قال: ... ، فذكره.
قلت: الحديث مرسل. فإسماعيل القرشي أو السدي، من الرابعة. روى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. (ر: التهذيب 1/275، التقريب 1/72) . وفيه أسباط بن نصر الهمذاني، صدوق. كثير الخطأ. يغرب. (ر: التقريب 2/384) .(2/735)
4- معجزة: نبع الماء العذب من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم والروايات فيه كثيرة وأمره مشهور منشور بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه جمع كثير من الصحابة منهم: أنس وجابر وابن مسعود، قال أنس1 وغيره: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت صلاة العصر فالتمس الناس الوضوء فلم يجدوه، فَأُتِيَ عليه السلام بوضوء فوضع يده في الإناء وأمر الناس أن يتوضؤوا منه. قال أنس: فرأيت الماء ينبع من بيد أصابعه صلى الله عليه وسلم فتوضؤوا من عند آخره. قيل له: فكم كنتم؟ قال: زهاء / (2/143/أ) ثلاثمائة رجل، وذلك بالسوق عند الزوراء"2.
وفي الصحيح عن ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما معنا ماء، فأتي بماء فصبّه في إناء ثم وضع كفه فيه فجعل الماء ينبع من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم "3.
وفي الصحيح أيضاً عن جابر بن عبد الله: "عطش الناس يوم الحديبية ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة فتوضأ منها وأقبل الناس نحوه فقالوا: ليس عندنا ماء إلاّ ما في ركوتك هذه. فوضع عليه الصلاة والسلام يده في الركوة فجعل الماء يفور من أصابعه كأمثال العيون، قال: فقلت: كم كنتم؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا خمس عشرة مائة"4. روى ذلك جمع كثير من الصحابة5.
__________
1 حديث أنس رضي الله عنه أخرجه البخاري في كتاب الوضوء باب (46) . (ر: فتح الباري 1/304) . وفي كتاب المناقب. (ر: 6/580) ، ومسلم 4/1783، والترمذي 5/556، والبيهقي في الدلائل 4/21-125.
2 الزوراء بالمدينة المنورة عند السوق والمسجد. (ر: فتح الباري 6/585) .
3 أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب (25) . (ر: فتح الباري 6/587) ، والترمذي 5/557، وابن أبي شيبة في مصنفه 11/274، وأبو نعيم ص 406ن والبيهقي 4/129، 130، كلاهما في الدلائل.
4 أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب (25) ، (ر: فتح الباري 6/581) ، ومسلم 2/1856،وأبو نعيم ص406،407، والبيهقي4/115-118،كلاهما في الدلائل.
5 حديث معجزة نبع الماء من بين أصابع النّبيّ صلى الله عليه راه جمع الصحابة منهم أنس بن مالك، والبراء بن عازب، والبراء بن مالك، وجابر بن عبد الله، وسلمة بن الأكوع، والمسور، ومروان بن الحكم، وابن عباس، وعمران بن الحصين، وأبو قتادة، وزياد بن الحارث الصداني - رضي الله عنهم أجمعين -.(2/736)
وعن عبادة بن الصامت في حديث مسلم الطويل في غزوة بواط1، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا جابر2 ناد الوضوء -[وذكر الحديث بطوله -] 3 ولم يجد سوى قطرة في عَزْلاء شَجْب4 فأتى به النّبيّ عليه السلام فغمزه5 بيده وتكلم بشيء لا أدري ما هو، وقال: ناد بجفنة الرّكْب6 / (2/143/ب) فأتيت بها فوضعها بين يديه فبسط يده في الجفنة وفَرَّق أصابعه وصب جابر عليه. وقال: بسم الله، قال: فرأيت الماء يفور من بين أصابعه. ثم فارت الجفنة واستدارت حتى امتلأت وأمر الناس بالاستقاء فاستقوا حتى رووا. فقلت: هل بقي أحد له حاجة؟ فرفع عليه السلام يده من الجفنة وهي ملأى"7.
وبالجملة فحديث نبع الماء من بين أصابعه عليه السلام متواتر مستفيض، وقد روى مالك في الموطّأ عن معاذ بن جبل: "في غزوة تبوك أنهم وردوا العين وهي تَبِضُّ8 بشيء من ماء مثل الشِّراك9 فغرفوا بأيديهم من العين في إناء
__________
1 بواط: جبل من جبال جهينة من ناحية رضوى (ينبع) . وقد كانت عزوة بواط ثاني غزواته صلى الله عليه في شهر ربيع الأوّل من السنة الثانية للهجرة النبوية الشريفة. (ر: السيرة 2/284، لابن هشام، معجم البلدان 1/503، المعالم الأثيرة في السنة والسيرة ص 54، محمّد شراب) .
2 ساقطة من (ص) ، والزيادة من (م) .
(وذكر الحديث بطوله) هذه الأضافة من الشفا 1/553.
4 عَزْلاَء شَجب: أي: فم قربة بالية، وعزلاء: فم المزادة الأسفل وجمعه: العزالى.
وشجب: السقاء الذي قد أخلق وبلي وصار شَنَّا. وهو من الشب: الهلاك، ويجمع على شجُب وأشجاب. (ر: النهاية في غريب الحديث 3/231، 2/444) .
5 الغَمْز: العصر والكبس باليد. (ر: المرجع السّابق 3/385) .
6 جفنة الرّكب: أكبر قصاع الرّكب. (ر: المرجع السّابق 1/280) .
7 أخرجه مسلم 4/2301-2308، والبيهقي في الدلائل 6/7-10.
8 بَضَّ الماء: إذا قطر وسال. (ر: النهاية في غريب الحديث 1/132، لابن الأثير.
9 الشِّراك: أحد سيور النعل التي تكون على وجهها. (ر: المرجع السّابق 2/467) .(2/737)
حتى اجتمع منه شيء ثم غسل عليه السلام فيه وجهه ويديه وأعاده فيها فجرت بماء كثير فاستقى الناس"1.
قال ابن إسحاق: فانخرق من الماء ما له حسّ كحسّ الصواعق2.
وروى البراء3 وسلمة بن الأكوع4 في قصة الحديبية: "أنه عليه السلام أتى بئراً ما تروي خمسين شاة، قال: فنَزحناه فلم ندع فيها ماء، فجلس عليه السلام على جانبها وأتي بدلو / (2/144/أ) فتفل فيها ودعا الله، فجاشت البئر بالماء فارتووا وأرووا ركابهم".
وقيل5: بل غزر عليه السلام سهماً من كنانته في قعر البئر فروى الناس حتى ضربوا بعطن6 وكان عدتهم أربع عشرة مائة7.
__________
1 أخرجه الإمام مالك في الموطّأ كتاب قصر الصلاة في السفر ص 108، وعنه الإمام مسلم 4/1784، وأحمد في مسنده 5/237، 238، وأبو نعيم ص 522، والبيهقي 5/236، كلاهما في الدلائل.
2 أخرجه ابن إسحاق معلقاً. (ر: السيرة 4/232، 233) .
3 حديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما أخرجه البخاري في كتاب المناقب باب (25) . (ر: فتح الباري 6/581، 7/441) ، وأبو نعيم في الدلائل ص 409، والبيهق في الدلائل 4/110.
4 وبمثله حديث سلمة بن الأكوع رضي الله تعالى عنهما أخرجه مسلم 3/1433، والبيهقي في الدلائل 4/111.
5 في الشفاء 1/557، قال: "وفي غير هاتين الروايتين من طريق ابن شهاب في الحديبية فأخرج سهماً من كنانته ... ".
6 العَطَن: مبرك الإبل وحل الماء. وضرب ذلك مثلاً في اتساع الناس في الرّوي. (ر: النهاية في غريب الحديث 3/258) .
7 أخرجه البخاري في كتاب الشروط باب (15) في سياق طويل. (ر: فتح الباري 5/329-333) ، وابن إسحاق بنحوه، (ر: السيرة 3/427، 428، وعنه البيهق في الدلائل 4/111، 112، كلهم من طريق الزهري عن عروة بن الزبير عن مروان ابن الحكم والمسور بن مخرمة قالا:....، فذكره.
وأما الجمع بين الرواية الأولى "أنه صلى الله عليه جلس على البئر ثم دعا بإناء فمضمض ... "، والرواية الثانية: "أنه صلى الله عليه انتزع سهماً من كنانته ثم أمرهم أن يجعلوه في البئر...."، فقد قال الحافظ ابن حجر: "ويمكن الجمع بأن يكون الأمران معاً وقعا". (ر: فتح الباري 5/337) .(2/738)
وروى أبو قتادة قال: "اشتكى الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره العطش فدعا بميضأة ثم التقم فمها - فالله أعلم أنفث فيها أم لا - فشرب الناس حتى رووا ملؤوا كلّ إناء معهم، فَخُيِّل إلي أنها كما أخذها مني"1. وروى مثله عن عمران بن الحصين وفي كتاب مسلم: "أنه عليه السلام قال لأبي قتادة: احفظ عليّ ميضأتك فإنه سيكون لها نبأ" فكان ما ذكرت"2.
وعن عمران بن حصين: "أنه صلى الله عليه وسلم وأصحابه أصابهم عطش في بعض أسفاره فبعث رجلين، وقال: ستجدان امرأة بمكان كذا معها بعير عليه مزادتان فأتيا بها، فذهبا إلى حيث ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجداها أتيا بها النبي عليه السلام فجعل في إناء من مزادتيها. وقال فيه ما شاء الله أن يقول، ثم أعاد الماء في المزادتين ثم فتحت / (2/144/ب) عِزَالَيْها3 وأمر الناس فملأوا أسقيتهم كلّها حتى ملأوا كلّ إناء معهم. قال عمران: وتخيل إلي أن المزادتين لم يزدادا إلاّ امتلاءً. ثم أمر عليه السلام فجمع لها من الأزواد حتى ملأوا ثوبها وقال: اذهبي فإنا لم نرزأ من مائك شيئاً ولكن الله هو الذي سقانا" - الحديث بطوله - فرجعت4 إلى قومها فكان ذلك سبب إسلامهم"5.
__________
1 أخرجه مسلم 1/472-475، وأبو نعيم ص 407، والبيهقي 6/132-134، كلاهما في الدلائل.
2 هو فم المزادة الأسفل. (ر: النهاية 3/231) .
3 هو: فم المزادة الأسفل. (ر: النهاية 3/231) .
(فرجعت إلى ... ) ، من زيادات المؤلِّف على ما ورد في الشفا 1/559.
5 أخرجه البخاري في كتاب المناقب باب (25) . (ر: فتح الباري 6/580) ، ومسلم 1/484-486، وأحمد في منسده 4/434، وأبو نعيم في الدلائل ص 411، 412، والبيهقي في الدلائل 6/130، 131.(2/739)
وقال سلمة بن الأكوع] 1: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل من وضوء؟ ". فجاء رجل بإداوة2 فيها نطفة3 من ماء فأفرغها في قدح فتوضأنا كلّنا ندغفقه4 دغفقة حتى تطهرنا5 عن آخر فكنا أربع عشرة مائة"6.
وفي حديث عمر: "وذكر ما أصابهم في جيش العسرة من العطش حتى إن الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه. فرغب أبو بكر إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم في الدعاء فرفع يده فلم يرجعهما حتى أسكبت السماء فملؤوا ما معهم من آنية فلم تجاوز السحابة العسكر"7.
__________
1 هذه الزيادة من الشفا 1/559.
2 الإداوة: بالكسر: إناء صغير من جلد. يُتخذ للماء كالسطحية ونحوها. وجمعها: أَدَاوَى. (ر: النهاية 1/33 لابن الأثير) .
3 يقال للماء الكثير والقليل. وهو بالقليل أخصّ. والمراد به هَا هنا: الماء القليل. وبه سمي المني نطفة لقلته. وجمعها: نطف. (ر: النهاية 5/74، 75) .
4 دَغْفَق الماء: إذا دَفَقَه وصبَّه صبّاً كثيراً واسعاً. (ر: المرجع السّابق 2/123) .
5 في م: (نظرنا) .
6 حديث سلمة بن الأكوع رضي الله تعالى عنهما أخرجه مسلم 3/1354، 1355، والبيهقي في الدلائل 4/118، 119.
7 أخرجه أبو نعيم في الدلائل ص 523، وابن حبان. (ر: الموارد ص 418) ، والبزار. (ر: كشف الأستار 1/354) . والحاكم 1/159، والبيهقي في الدلائل 5/231، كلهم من طريق نافع بن جبير عن عبد الله بن عباس أنه قيل لعمر بن الخطاب: حدّثنا من شأن ساعة العسرة. فقال: ... ، فذكره.
قال الحاكم: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي وقال الذهبي.
قال الهيثمي في المجمع 6/197، 198: "رواه البزار والطبراني في الأوسط. ورجال البزار ثقات". اهـ.(2/740)
وعن [عمرو بن سعيد] 1: "أن أبا طالب قال للنبيّ عليه السلام وهو رديفه بذي المجاز: عطشت / (2/145/أ) وليس عندي ماء، فنَزل نبي الله صلى الله عليه وسلم وضرب بقدمه الأرض فخرج الماء فقال: اشرب"2.
وقيل له3 في سنة من السنين: هلك الناس من العطش "فاستسقى عليه السلام فلم يفرغ من دعائه حتى سقي الناس وجاءه أهل العوالم يشكون كثرة المطر فقال عليه السلام: "اللهم حوالينا ولا علينا"4.
قال المؤلِّف - عفا الله عنه -: هذه عدة من المعجزات تتعلق بهذا الفن. وفيها ما هو مساوٍ لآية موسى عليه السلام. وفيها ما هو أبهر للعقول من فعل موسى. إذ نبع الماء من الأرض والحجر معتاد لا عجب. فأما نبع الماء من أصابع يد آدمي هو العجب.
فإن نازع في هذه الآيات المتعلقة بسقي الخلق الكثير في المعاطش5 من بين أصابعه عليه السلام منازع من اليهود. قيل له: من أين لك أن موسى عليه السلام سقى بني إسرائيل ماءً عذباً من
__________
1 في ص، م، والشفا (عمر بن شعيب) ، وهو خطأ. وصححته من الطبقات لابن سعد. والإصابة لابن حجر.
2 أخرجه ابن سعد في الطبقات 1/152، قال: حدّثنا إسحاق بن يوسف الأزرق عن عبد الله بن عون عن عمرو بن سعيد أن أبا طالب، قال: ... فذكره. ونقله الحافظ ابن حجر عن ابن سعد في الإصابة 7/116، وسكت عنه.
قلت: الحديث مرسل. فإن عمراً بن سعيد القرشي، أبو سعيد البصري، ثقة. من الخامسة. (الطبقة الصغرى من التابعين) . (ر: الجرح والتديل 6/236، التهذيب 8/35، التقريب 2/70) .
(وقيل له: في ... ) هذه من زيادات المؤلِّف على الشفا 1/560.
4 أخرجه البخاري في كتاب الاستسقاء باب (6) . (ر: فتح الباري 2/501، 508) ، ومسلم 2/612-614) ، والإمام أحمد في مسنده 3/104، 261، وأبو داود 1/148، وأبو نعيم ص 448، والبيهق 6/139-142، كلاهما في الدلائل عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
5 في م: العطش.(2/741)
حجر [الصوَّان] ؟ 1. أذلك شيء عاينته أم هو الخبر والنقل والرواية؟ فإنه يفزع في ذلك إلى نقل اليهود إذ لا طريق له سواه، فيقال له عند ذلك: ما الذي جعل عباد/ (2/145/ب) العجل وبعلز بول الصنم والزهرة أولى بالعدالة من عباد الله المؤمنين المخلصين له؟!
وإن نازع في ذلك نصراني. قيل له: ألم تروُوا أن المسيح عليه السلام لما قرب من أورشليم قال لرجلين من تلاميذه: اذهبا إلى القرية التي أمامكما فإنكما ستجدان أتاناً وجحشاً فأتياني بهما ففعلاً وأتيا بالأتان والجحش2. فما دليلكم على تصحيح ذلك عن المسيح؟ أذلك3 مما يمكن اليوم معرفته دون الرواية؟! فما الذي جعلكم أحقّ بما تروون منا بما نروي عن ثقاتنا؟!! وقد بعث نبيّنا رجلين ووصف لهما المرأة والماء الذي معها، وذلك أعجب من قول المسيح في الأتان والجحش.
5- معجزة: وهي تكثير الطعام اليسير ببركته صلى الله عليه وسلم. روى جابر بن عبد الله، قال: "سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً فأعطاه يسيراً من شعير فما زال الرجل يأكل منه وأهله وضيفه حتى كاله بعد حين. فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لو لم تكله لأكلتم منه وقام4 بكم"5.
__________
1 في م، ص: (الطران) ولا معنى له. وصححته بما يوافق السياق. فالصواب: حجر شديد يقدح به. (ر: القاموس ص 1563) .
2 متى 21/1-11، مرقص 11/1-11.
3 في م: زاد: (لا) .
4 في م: (لقام) .
5 أخرجه مسلم 4/1784، والبيهقي في الدلائل 6/114) .(2/742)
وقال / (2/146/أ) أبو1 طلحة في حديثه المشهور: "أطعم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانين رجلاً من أقراص شعير جاء بها أنس تحت إبطه"2.
وقال جابر بن عبد الله: "أطعم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق من صاع شعير وعناق3 ألف رجل حتى تركوه وانحرفوا4، وإن البرمة5 لتغط6 كما هي وإن العجين ليخبر"7.
وقال أبو8 أيوب: "صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولصاحبيه أبي بكر وعمر قدر ما يكفيهما من الطعام، فقال النبيّ عليه السلام: ادع لي ثلاثين رجلاً من أشراف الأنصار. فدعوتهم فأكلوا حتى تركوه ثم قال عليه السلام: ادع لي ستين رجلاً. فأكلوا حتى تركوه ثم قال عليه السلام: ادع لي سبعين رجلاً. فدعوتهم فأكلوا حتى تركوه فلم يخرجوا حتى أسلموا وبايعوا، قال أبو أيوب: فأكل من طعامي ذلك مائة وثمانون رجلاً"9.
__________
1 هو: أبو طلحة الأنصاري، زيد بن سهل الأسود الأنصاري النجاري الصحابي المعروف باسمه وكنيته.
2 في الشفا 1/562، " ... فأمر بها ففتت وقال فيها: ما شاء الله أن ي قول: ... ". اهـ. أخرجه البخاري في كتاب المناقب باب (25) . (ر: فتح الباري 6/586) ، ومسلم 3/1612، والترمذي 5/595، 596، وأبو نعيم في الدلائل ص 415، والبيهقي في الدلائل 6/88، عن أنس بن مالك رضي الله عنه".
3 العَنَاق: هي الأنثى من أولاد المعزّ ما لم يتم له سنة. (ر: النهاية 3/311) .
4 أي: مالوا عن الطعام. (ر: فتح الباري 7/399) .
5 البُرْمَة: القدر مطلقاً وجمعها بِرَام، وهي في الأصل المتّخذة من الحجر المعروف بالحجاز واليمن. (ر: النهاية 3/372) .
6 لتَغِطُّ: أي: تغلي ويسمع غطيطها. (ر: النهاية 3/372) .
7 في الشفا 1/562، " ... وكان رسول الله صلى الله عليه بصق في العجين والبرمة وبارك". اهـ. أخرجه البخاري في كتاب المغازي باب (29) . (ر: فتح الباري 7/395، 396) ، ومسلم 3/1610، والترمذي 5/595) .
8 أبو أيوب الأنصاري، خالد بن زيد النجاري. الصحابي المعروف رضي الله عنه.
9 أخرجه أبو نعيم ص 428، وأبو بكر الغرياني ص 28، والبيهقي 6/94، كلهم في الدلائل من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن سعيد الجريري عن أبي الورد بن تمامة عن أبي محمّد الخضرمي عن أبي أيوب رضي الله عنه. وذكره الهيثمي في المجمع 8/303، وقال: "أخرجه الطبراني وفي إسناده من لم أعرفه. ونقله ابن كثير في البداية 6/111، وقال: غريب متناً وإسناداً". اهـ.
قلت: سعيد الجريري، ثقة. اختلط قبل موته بثلاث سنين. (ر: التقريب 1/291) ، وأبو الورد، وأبو محمّد لم أقف على توثيق لهما ولا على متابعة.(2/743)
وقال سمرة بن جندب: "أُتي عليه السلام بقصعة فيها لحم فتعاقبوها من غدوة إلى الليل يقوم قوم ويقعد آخرون"1.
وقال عبد الرحمن2 بن أبي عمرة [عن أبيه] 3 وسلمة بن الأكوع4 وأبو هريرة5 / (2/146/ب) وعمر بن الخطاب6: "أصاب الناس مخمصة7 مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم في
__________
1 أخرجه الإمام أحمد في مسنده 5/18، والترمذي 5/553، والفريابي في الدلائل ص 30، والحاكم 2/618، وأبو نعيم ص 528، والبيهقي 6/93، كلاهما في الدلائل، كلهم من طريق يزيد بن هارون تنا سليمان التيمي عن أبي العلاء سمرة بن جندب رضي الله عنه، قال: ... ،قال الترمذي: "حديث حسن صحيح".وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي. وقال البيهقي: "هذا إسناد صحيح".
2 عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري الخزرجي، أبوه صحابي شهير، ولد في عهد النّبي صلى الله عليه، وأمه هند بنت المقدم بن عبد المطلب بنت عم النبيّ صلى الله عليه، ذكره مطين وابن السكن في الصحابة. وقال ابن أبي حاتم: "ليست له صحبة. وحديث مرسل". قال ابن سعد: "كان ثقة كثير الحديث". وذكره ابن حبان في الثقات. (ر: الطبقات 5/83، الجرح والتديل 5/273، الإصابة 5/73، التهذيب 6/219) .
3 هذه الإضافة من الشفا 1/564.
أما حديث أبي عمرة الأنصاري رضي الله عنه فقد أخرجه الإمام أحمد في مسنده 3/417، وابن حبان في صحيحه. (ر: المورد ص 31) ، والفريابي في الدلائل ص 13، والحاكم 2/618، 619، والبيهقي في الدلائل 6/121، كلهم من طريق الأوزاعي عن المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري عن أبيه، قال: ... فذكره.
قال الحاكم: "صحيح الإسناد، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي.
وذكره الهيثمي في المجمع 1/24، 25، وقال: "رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط، ورجاله ثقات".
4 حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أخرجه مسلم 3/1354، 1355، والبيهقي في الدئل 4/118، 119.
5 حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أخرجه مسلم 1/55، 56، وأحمد في المسند 2/421، و3/11، والفريابي في الدلائل ص: 17، و18، وأبو نعيم ص: 418، والبيهقي 6/120، كلاهما في الدلائل.
6 وبنحوه حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخرجه الفريابي في الدلائل ص 19، 20، وذكره الهيثمي في المجمع 8/307.
وقال: رواه أبو يعلى في الصغير والكبير وفيه عاصم بن عبيد الله العمري وَثَّقه العجلي وضعّفه جماعة. وبقية رجاله ثقات. قال السيوطي في الماهل ص 122: أخرجه أبو يعلى بسند جيد.
7 المَخْمَصة: المجاعة.(2/744)
بعض مغازيه فدعا ببقية الأزواد فجاء الرجل بالقبضة الطعام وفوق ذلك فجمعه على نطع1، قال سلمة: فحزرته كَرَبْضَة2 العنْز ثم دعا الناس بأوعيتهم فلم يبق في الجيش وعاء إلاّ ملأؤه ثم فضلت فضلة من ذلك".
وقال أبو هريرة: "أمرني النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن [أدعو] 3 له أهل الصفة4 فتتبعتهم حتى جمعتهم فوضعت بين أيدينا قصعة فأكلنا ما شئنا وفرغنا، وهي مثل ما كانت [حين] 5 وضعت إلاّ أن فيها أثر الأصابع"6.
وقال عليّ بن أبي طالب رضوان الله عليه: "جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بني عبد المطلب وكانوا أربعين ومنهم من يأكلالجذعة7 ويشرب الفرق8، فصنع لهم
__________
1 النِّطْع: بالكسر وبالفتح وبالتحريك: بساط من الأديم، جمعه: أنطاع. (ر: القاموس ص 991) .
2 رَبْضَة العنْز: ويروي بكسر الراء: أي: جثتها إذا بركت. من ربَض في المكان يربض. إذا لصق به وأقام ملازماً له. (ر: النهاية 2/184) .
3 في ص، م: (أدع) ، وصححته من الشِّفا 1/565.
4 أهل الصفة: هم فقراء المهاجرين، ومن لم يكن له منهم منْزل يسكنه فكانوا يأوون إلى موضع مظلل في مسجد المدينة يسكنونه. (ر: النهاية 3/37) .
5 ليست في ص، م، وأضيفت من الشفا 1/565.
6 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 6/314، وعنه الفريابي في الدلائل ص 29، عن حاتم بن إسماعيل عن أنيس عن إسحاق بن سالم عن أبي هريرة رضي الله عنه. وأورده الهيثمي في المجمع 8/311، وقال: "رواه الطبراني في الأسط ورجاله ثقات". اهـ.
وله شاهد من حديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أخرجه أبو نعيم ص 421، والبيهقي 6/129، كلاهما في الدلائل. وأورده الهيثمي في المجمع 8/307، وقال: "رواه الطبراني بأسنادين وإسناده حسن".
7 الجذعة: الداخلة في السنة الثانية من المعزّ، ومن الضأن ما تمت له سنة. (ر: النهاية 1/250) .
8 الفَرَق: - بالتحريك - مكيال يسع ستة عشر رطلاً. وهي اثنا عشر مداً. أو ثلاثة آصع عند أهل الحجاز. (ر: النهاية 3/437) .(2/745)
مداً من طعام فأكلوا حتى شبعوا وبقي كما هو، ثم دعا بعُسٍّ1 فشربوا حتى رووا وبقي العُسُّ كأنه لم يشرب منه"2.
وقال أنس: "بنى عليه السلام بزينب وأمرني أن أدعو من لقيت فدعوت من لقيت فقدَّم إليهم / (2/147/أ) مُدّاً من تمر جُعل حيساً3 فتناولوا منه حتى شبعوا وعدتهم زهاء ثلاثمائة رجل، ثم قال لِيَ: ارفع. فرفعت فما أدري أكان حين وضع أكثر أم حين رفع"4.
وقال عمر: "أمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أزود أربعمائة راكب من أحمس5. فقلت: ما عندنا إلاّ آصع من تمر. فقال عليه السلام: اذهب وزودهم. فذهبت فزودتهم منه وكأنه بحاله". وذكر هذه الآية جمع كبير من الصحابة6.
__________
1 العُسُّ: القدح الكبير، وجمعه: عِسَاس، وأَعْسَاس. (ر: النهاية 3/236) .
2 أخرجه الإمام أحمد في مسنده (1/159) ، عن عفان عن أبي عوانة عن عثمان بن المغيرة عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجد عن عليّ رضي الله عنه ... ، فذكره.
وأورده الهيثمي في المجمع (8/305) ، وقال: "رواه أحمد ورجاله ثقات". وقال السيوطي في المناهل ص 122: أخرجه أحمد والبيهقي وسنده جيد. وله وجه آخر من طريق ابن عباس عن علي - رضي الله عنهم -، أخرجه أبو نعيم ص 425، والبيهقي 2/179، 180، كلاهما في الدلائل.
3 الحيس، جمع: هو الطعام المتخذ من التمر والأقط والسمن، وقد يجعل عوض الأقط الدقيق أو الفتيت. (ر: النهاية 1/467) .
4 أخرجه البخاري في كتاب النكاح باب 64. (ر: فتح الباري 9/226) ، بنحوه، ومسلم 2/1051، والفريابي ص 25، وأبو نعيم ص 424، كلاهما في الدلائل.
5 الحُمْس: جمع الأَحْمَس؛ وهم قريش، ومن ولدت قريش. وكنانة، وجديلة قيس. سموا حمساً لأنهم تحمسوا في دينهم. أي: تشددوا. والحماسة: الشجاعة. (ر: النهاية 1/440) . والمراد بهم هنا: وفد قبيلة مزينة وجهينة، كما ورد في الدلائل 5/366، للبيهقي.
6 منهم: دكين بن سعيد المزني رضي الله عنه. أخرج حديثه الإمام أحمد في مسنده 4/174، وأبو نعيم في الدلائل ص 427، كلاهما من طريق إسماعيل عن قيس عنه.
وأورده الهيثمي في: مجمع الزوائد 8/308، وقال: "روه أحمد والطبراني ورجالهما رجال الصحيح".
ومنهم: النعمان بن مقرن ض أخرجه أحمد في مسنده 5/445، والبيهيقي في الدلائل 5/365-367، كلاهما من طريق حصين بن سالم بن أبي الجعد عنه. وقال السيوطي في المناهل ص 122: سنده صحيح.(2/746)
وقال جابر في حديث وفاء دين أبيه بعد موته: "بذلت لغرماء أبي من اليهود كلّ ماله فلم يرضوا به وكان مال أبي تمراً ولم يكن في ثمره سنتين ما يفي بدينهم، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد جداد المثر وهي في البياد فمشى بينها ودعا الله، قال جابر: فوفيت منه غرمائي وفضل لنا مثل ما نجد في كلّ سنة. فتعجب اليهود من ذلك"1.
وقال أبو هريرة: "أصاب الناس مخمصة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل من شيء؟ فقلت: نعم. شيء من تمر في مزود. قال: فأتني به فأدخل / (2/147/ب) يده فأخرج قبضة فبسطها ثم دعا بالبركة، ثم قال: ادع عشرة. فدعوتهم فأكلوا حتى شبعوا، ثم قال: ادع عشرة. فأكلوا حتى أكل الجيش كله وشبعوا. فقال عليه السلام: خذ ما جئت به. فأكلت منه حياة رسول الله، وأبي بكر، وعمر، وجهزت منه كذا وكذا وسقاً في سبيل الله، قال أبو هريرة: وكان عدة ذلك التمر بضعة عشرة تمرة"2.
وحديث أبي هريرة أيضاً حين أصابه الجوع: "فاستتبعه النبي صلى الله عليه وسلم فوجد قدحاً من لبن قد أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره عليه السلام أن يدعو أهل الصفة، قال: فقلت في نفسي: ما هذا القدح فيهم كنت محتاجاً أن أصيب منه شربة أتقوّى بها. فدعوتهم، فقال: اسقهم. فشربوا حتى رووا من عند آخرهم. ثم قال
__________
1 أخرجه البخاري في كتاب الاستقراض باب 9. (ر: فتح الباري 5/60، وأبو نعيم ص 435، 436، والبيهقي 6/149، 150، كلاهما في الدلائل.
2 أخرجه أحمد 2/352، والترمذي 5/346، والبيهقي في الدلائل 6/109، كلهم من طريق حماد بن زيد عن المهاجر عن أبي العالية عن أبي هريرة رضي الله عنه قال الترمذي: "حسن غريب من هذا الوجه. وقد روي الحديث من غير هذا الوجه".
قلت: الوجه الآخر أخرجه أبو نعيم ص 434، والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه 6/10، كلاهما في الدلائل من طريق يزيد بن أبي منصور عن أبيه رضي الله عنه.
وله وجه آخر أخرجه أبو نعيم ص 434، والبيهقي 6/10، 100، عن أبي الفتح هلال بن محمّد بن جعفر الحفار عن الحسن بن يحيى بن عباس القطان عن حفص بن عمرو عن سهيل بن زياد أبو زياد عن أيوب السختياني عن محمّد بن سيرين عنه.(2/747)
عليه السلام: بقيت أنا وأنت يا أبا هريرة. اقعد فاشرب. فما زلت أشرب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اشرب. حتى قلت: والذي بعثك بالحقّ ما أجد له مسلكاً. فأخذ القدح وسمّى الله تعالى / (2/148/أ) وشرب الفضلة"1.
وروى هذا الحديث الجم الغفير والخلق الكثير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تلقى ذلك التابعون بإحسان ثم أخذ ذلك عنهم أكابرهم الأعلام من المسلمين.
فمن نازع في هذه الآيات البيّنات وتوقف في شيء منها من أهل الكتاب.
قلنا له: بأي وجه ثبت عندك أن موسى أطعم قومه في البرية مَنّاً وسلوى2، وأطعم المسيح أصحابه ومن حضر إليه من أهل القرى خبزاً وسمكاً وهم الجمع الكبير من سمك وخبز يسير فأشبعهم وفضلت فضلة كبيرة3، وبارك إلياس على دقيق الإسرائيلية فقام بها وبجيرانها ثلاث سنين. و [أشهرا] 4؟.
فإذا فزع إلى الروايات والأخبار الصحيحة عنده. قيل له: قد أجبت نفسك عنا وكفيتنا مؤنة الجواب. فإن رام قدحاً في أخبارنا لم ينفك من عكس ذلك عليه.
6- معجزة: ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم كلام الحجر والشجر وشهادتها له بالنبوة وإجابة داعيه صلى الله عليه وسلم. قال ابن عمر: "كنا معه في سفر فدنا أعرابي فقال: يا أعرابي / (2/148/ب) إلى أين تريد؟ فقال: إلى أهلي. قال: هل أدلك
__________
1 أخرجه البخاري في كتاب الرقاق باب 17. (ر: فتح الباري 11/281) . والترمذي 4/559، والحاكم 3/15، وأبو نعيم ص 422، والبيهقي 6/101، 102.
2 سفر الخروج، الإصحاح (16) .
3 متى 14/13، مرقص 6/30-44، لوقا 9/10-17، يوحنا 6/1-11.
4 سفر الملوك الأوّل؛ الإصحاح (17) .(2/748)
على خير؟ قال: وما هو خير؟ قال: تشهد1 أن لا إله إلاّ الله، وأني رسول الله2. قال: من يشهد لك على ما تقول؟ قال: هذه الشجرة السَّمُرة3 التي بشاطئ الوادي. فأقبلت السَمّرة تخد الأرض حتى قامت بين يديه فاستشهدها ثلاثاً فشهدت لله ولرسوله ثم رجعت إلى مكانها"4.
وقال بريدة5: "سأل أعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم آية، فقال: قل لتلك الشجرة رسول الله يدعوك. قال: ففعل. فمالت الشجرة عن يمينها وشمالها وبين يديها وخلفها ثم جاءت تخد الأرض حتى وقفت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: السلام عليك يا رسول الله، فقال الأعرابي: مرها فلترجع إلى موضعها. فأمرها فرجعت حتى استوت بمكانها كما كانت. فقال الأعرابي: مرني أن أسجد لك. فأبى عليه السلام فقال: ائذن لي في تقبيل يدك ورجليك. فأذن له صلى الله عليه وسلم "6.
__________
1 في م (أشهد) , وفي ص (أشهر) ، والصواب ما أثبتّه.
2 في الشفا 1/573: "وأن محمداً عبده ورسوله".
3 السَّمُرة: ضرب من شجر الطلح. جمعه: السَّمر. (ر: النهاية 2/399) .
4 أخرجه الدارمي في المقدمة 1/9، والبيهقي في الدلائل 6/14، والبزار في مسنده. (ر: كشف الأستار 3/143) ، كلهم من طريق محمّد بن فضيل عن أبي حيان عن عطاء عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما.
قال السيوطي في المناهل ص 124: "الحديث أخرجه الدارمي والبيهقي والبزار بسند صحيح.
قلت: هو حديث معل. ذكره ابن أبي حاتم في العلل 2/392، وقال: إن أباه قال: أنا أنكر هذا؛ لأن أبا حيان لم يسمع عن عطاء ولم يرو عنه وليس هذا الحديث من حديث عطاء".
5 بريدة بن الحصيب، أبو سهل الأسلمي، الصحابي المعروف.
6 أخرجه أبو نعيم في الدلائل ص 390، والبزار في مسنده (ر: كشف الأستار 3/132) ، كلاهما من طريق حيان بن عليّ عن صالح بن حيان عن ابن بريدة عن أبيه، قال: ... فذكره. قال الهيثمي في المجمع 9/13، ورواه البزار وفيه صالح بن حيان وهو ضعيف.
قلت: وهو كما قال الهيثمي. فقد قال الحافظ في التقريب 1/358: "صالح بن حيان القرشي. ضعيف من السادسة".(2/749)
وفي الصحيح عن جابر بن عبد الله في حديثه الطويل: "ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم / (2/149/أ) يقضي حاجته فلم يجد شيئاً يستتر به فإذا بشجرتين بشاطئ الوادي فأخذ بغصن من إحدى الشجرتين، وقال: إنقادي بإذن الله. فانقادت معه كالبعير الذلول وفعل بالأخرى مثل ذلك، ثم قال: التئما عليّ بإذن الله. فالتأمتا1 - وفي [رواية] 2 أخرى - قال يا جابر اذهب فقل لهذه الشجرة تلحق بصاحبتها. [فزحفت الشجرة] 3 حتى لحقت بأختها فجلس خلفها فقضى حاجته"4.
وكذلك حكى أسامة بن زيد عن النخلات والحجارة وأنه دعاها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبلن يتعادين حتى قضى عليه السلام حاجته ثم رجعن يتعادين إلى أماكنهن5.
وقال يعلى6 بن مرة: "رأيت شجرة من الطلح جاءت فأطافت برسول الله
__________
1 الرواية الأولى، أخرجها مسلم 4/2306-2309، والبيهقي في الدلائل 6/107، في سياق طويل.
2 ليست في ص، م. وأضيفت من الشفا 1/575.
3 في ص، م: (فخرجت الشجرة تحصر) ، وصححت من الشفا 1/575.
4 أما الرواية الأخرى؛ فقد أخرجها البيهقي في الدلائل 6/18، 19، من طريق إسماعيل بن عبد الملك عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه، في سياق طويل. وأخرجه بهذا الإسناد أبو داود في سننه 1/17، وابن ماجه (ر: صحيح سنن ابن ماجه 1/60، للألباني) ، مختصراً. ولم يذكرا قصة انقياد الشجرتين لأمره صلى الله عليه. ولا قصة سجود الجمل له صلى الله عليه. وقال الشيخ الألباني: صحيح.
5 أخرجه أبونعيم في الدلائل ص393،والبيهقي في الدلائل6/24،25،كلاهمامن طريق معاوية بن يحيى الصدفي عن الزهري عن خارجة بن يزيد عن أسامة بن زيد رضي الله عنه.
وذكره السيوطي في الخصائص 2/60، وعزاه أيضاً إلى أبي يعلى وقال: حسنه ابن حجر في المطالب العالية، وبمثل ذلك ذكره السيوطي في المناهل ص 124.
6 يعلى بن مرة الثقفي رضي الله عنه، أبو المرازم، شهد خيبر وبيعة الشجرة والفتح. يعد في الكوفيين. وقيل: إنه بصري. له ستة وعشرون حديثاً. (ر: الاستيعاب 4/1587، الإصابة 6/353) .(2/750)
صلى الله عليه وسلم ثم رجعت إلى منبتها فقال عليه السلام: "إنها استأذنت في السلام عليّ"1.
روى هذه المعجزات جماعة من علماء الصحابة وزهادهم كعبد الله ابن عمر وبريدة وجابر وابن مسعود2 ويعلى بن مرة وأسامة بن زيد3 وأنس بن مالك4 وعليّ بن أبي طالب5 وابن عباس6 / (2/149/ب) وغيرهم7. وتلقى ذلك عنهم الجم الغفير والخلق الكثير من التابعين.
__________
1 أخرجه الإمام أحمد في مسنده4/173،وعنه أبو نعيم في الدلائل، ص: 382، 391، والبيهقي في الدلائل6/23،كلهم من طريق عبد الرزاق، ثنامعمر عن عطاء بن السائب عن عبد الله بن حفص عن يعلى بن مرة الثقفي، قال: ... ، فذكره في سياق طويل.
وذكره الهيثمي في: مجمع الزوائد 9/9، وقال: "رواه أحمد بإسنادين والطبراني بنحوه، وأحد إسنادَى أحمد رجاله رجال صحيح".
قلت: للحديث متابعات ذكرها الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة 1/795-797، رقم الحديث: 485، وقال: "فالحديث بهذه المتابعات جيد".
2 حديث ابن مسعود رضي الله عنه أخرجه البيهقي في الدلائل 6/20، وذكره الهيثمي في المجمع 9/12، وقال: "رواه الطبراني في الأوسط والكبير باختصار بنحوه - وذكر له زيادة - ثم قال: رواه البزار بنحوه وفي إسناد الأوسط رفعة بن صالح وقد وثق على ضعفه، وبقية رجاله حديثهم حسن وأسانيد الطريقين ضعيفة".
وقال السيوطي في المناهل ص 124،: "أخرجه البيهقي والطبراني بسند حسن".
3 تقدم تخريج أحاديث ابن عمر وبريدة وأسامة - رضي الله عنهم -. (ر: ص: 848، 849، 850) .
4 حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أخرجه البيهقي في الدلائل 2/154، وذكره السيوطي في الخصائص 1/202، وعزاه أيضاً إلى ابن أبي شيبة وأبي يعلى والدارمي وأبي نعيم من طريق الأعمش عن أبي سفيان عنه.
5 حديث علي رضي الله عنه سيأتي تخريجه. (ر: ص: 756) .
6 حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، أخرجه الترمذي 5/544، والحاكم 2/620، والبيهقي في الدلائل 6/15.
قال الترمذي: "حديث حسن غريب صحيح". وقال الحاكم: "على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.
7 روى هذه المعجزة أيضاً عمر بن الخطاب، وذكر حديثه الهيثمي في المجمع 9/12/ وقال: رواه البزار. (ر: كشف الأستار3/133) ، وأبو يعلى وإسناد أبي يعلى حسن.
ورواه أيضاً غيلان بن سلمة الثقفي. وعبادة بن الصامت، وأبو أمامة، وجابر بن سمرة - رضي الله عنهم أجمعين -. وأخرج أحاديثهم أبو نعيم في الدلائل ص 391، 392، 395، 397.(2/751)
قال الأستاذ الإمام ابن1 فورك - رحمة الله عليه -: "بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم [سائر] 2 ليلاً [في غزوة الطائف] 3 اعترضت له سدرة فانفرجت له نصفين فدخل بينهما ومَرَّ وبقيت السدرة على حالها إلى يوم الناس هذا، وذلك بالطائف وهي الآن تعرف بسدرة النبي صلى الله عليه وسلم يحترمها الناس"4.
فإن ارتاب بشيء من هذه الآيات يهودي أو نصراني فيقال له: ألست زعمت أن موسى عليه السلام أقام عصاه في قبة الزمان بين عصي قومه فأخضرت وذلت أغصاناً وورقاً وأثمرت لوزاً5؟! ألست زعمت في إنجيلك أن المسيح أتي شجرة تين وهو وأصحابه ليصيبوا منها فلما لم يجد فيها ثمرة دعا عليها فيبست وجفت لوقتها وساعتها وصارت جذعاً يابساً؟ 6 فما طريقك في تصحيح ماادعيته بعد ألفي عام؟ فإنه كلمارضي جواباًخُصم به.
7- معجزة: ومن معجزاته عليه السلام حنين الجذع وهو مشهور معروف وحديثه متواتر، قد خرجه أهل الصحيح ورواه الأكابر / (2/150/أ) من أصحابه منهم: أُبَيُّ7 بن كعب وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك
__________
1 هو: محمّد بن الحسن بن فورك الأنصاري الأصبهاني الشافعي أبو بكر، عالم بالأصول والكلام، من أئمة الأشاعرة، مات مسموماً سنة 406هـ. على مقربة من نيسابور. (ر: طبقات الشافعية 4/127-135، وفيات الأعيان 3/402، الأعلام 6/83، للزركلي) .
2 في ص، م (سائراً) والصواب ما أثبتّه.
3 هذه الإضافة من الشفا 1/578.
4 لم يخرجه السيوطي في المناهل ص 125، وقال القاري في شرحه للشفا 3/55،: "ولعلها كانت في زمانهم، وأما في زماننا فليست مشهورة". اهـ.
قلت: ذكره الماوردي في أعلام النبوة ص 193، بلا إسناد.
5 سفر العدد 17/7، 8.
6 متى 21/19-20، مرقص 11/13، 14.
7 حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أخرجه عبد الله بن حنبل عن أبيه في المسند 5/137، وعنه أبو نعيم في الدلائل ص 401، وابن ماجه (ح: 1414) ، والدارمي 1/17، والبيهقي في الدلائل 6/67، كلهم من طريق عبد الله بن محمّد بن عقيل عن الطفيل ابن أبي بن كعب عن أبيه. وأورده الهيثمي في المجمع 2/183، وقال: "رواه ابن ماجه باختصار رواه عبد الله من زياداته في المسند وفيه رجل لم يُسَمَّ، وعبد الله بن محمّد بن عقيل فيه كلام وقد وثق". اهـ.
قال الشيخ الألباني: "حديث حسن". (ر: صحيح ابن ماجه 1/238) .(2/752)
وعبد الله1 بن عمر وعبد الله2 ابن عباس وسهل بن [سعد] 3 وأبو سعيد4 الخدري وبريدة5 وأم سلمة6 والمطلب بن أبي7 وداعة [كلهم يحدّث بمعنى هذا الحديث] 8.
__________
1 حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أخرجه البخاري في كتاب المناقب. (ر: فتح الباري6/601) ، والترمذي في كتاب الجمعة2/379، والبيهقي في الدلائل6/66.
2 حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أخرجه أحمد 1/249، والدارمي 1/19، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 4/798، والبيهقي في الدلائل 2/558، كلهم من طريق حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار عنه. قال الإمام اللالكائي: إسناد صحيح على شرط مسلم يلزمه إخراجه. ووافقه الإمام ابن كثير في الشمائل ص 246، 247.
3 في ص، م: (سهل بن عبد الله) ، وهو خطأ وصححته من الشفا 1/582.
وحديث سهل بن سعد رضي الله عنه أخرجه أبو نعيم ص 403، والبيهقي 2/559، كلاهما في الدلائل من طريق عباس بن سهل بن سعد الساعدي عن أبيه رضي الله عنه.
قلت: عباس بن سهل بن سعد، ثقة. من الرابعة. (ر: التقريب 1/397، وأصل حديث سهل في البخاري (ر: فتح الباري 2/397) ، ومسلم 1/386، ولم يذكرا فيه معجزة حنين الجذع.
4 حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أخرجه الدارمي 1/18، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 4/801، وأبو نعيم ص 402، كلهم من طريق أبي أسامة عن مجالد عن أبي الوداك عنه.
وأورده الهيثمي في المجمع 2/183، 184، وقال: "رواه أبو يعلى وفيه مجالد بن سعيد وقد وثقه جماعة وضعّفه آخرون". اهـ. وقال ابن كثير: إسناده غريب. (الشمائل، ص: 250) .
5 بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه، الصحابي المعروف وأخرج حديثه في حنين الجذع الدارمي في سننه 1/16، عن محمّد بن حميد عن تميم بن عبد المؤمن عن صالح بن حيان عن ابن بريدة عن أبيه.
قلت: في إسناده صالح بن حيان القرشي، وهو ضعيف. وقد تقدم. (ر: ص: 554) .
6 حديث أم سلمة رضي الله عنها، أخرجه أبو نعيم. (ر: الشمائل ص 250، لابن كثير) والبيهقي في الدلائل 2/563، كلاهما من طريق عمار الدهني عن أبي سلمة عبد الرحمن عن أم سلمة. وأروده الهيثمي في المجمع 2/186، وقال: "رواه الطبراني في الكبير ورجاله موثقون. وقال ابن كثير: إسناده جيد ولم يخرجوه". اهـ.
7 المطلب بن أبي وداعة القرشي السهمي رضي الله عنه أسلم يوم الفتح، ثم نزل الكوفة، ثم نزل بالمدينة وله بها دار وبقي فيها دهراً. وله من الأحاديث تسعة أحاديث. (ر: الاستيعاب 3/1402) ، الإصافة (6/104، 105) ، وأما حديثه في حنين الجذع، فقد قال السيوطي: "أخرجه الزبير بن بكار في أخبار المدينة". (ر: المناهل ص 126، الخصائص 2/128) .
8 هذه الإضافة من الشفا 1/582.(2/753)
قال الترمذي: "وحديث أنس صحيح". قال جابر1: "كان في المسجد جذع من النخل كان عليه السلام يقوم إليه في خطبته فلما اتّخذ له المنبر سمعنا لذلك الجذع صوتاً كصوت العشار2 - وفي رواية أنس3 - حتى ارتج المسجد بخواره فكثر بكاء الناس لما رأوه - وفي رواية المطلب - حتى تصدع وانشق - فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده عليه فسكت. فقال عليه السلام: إن هذا بكى لما فقد من الذكر، فوالذي نفسي بيده لولا ما التزمه لم يزل هكذا. تحزناً على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر به صلى الله عليه وسلم فدفن تحت المنبر"4.
وحكى الإسفراييني5: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه إلى نفسه فجاء يخرق الأرض فالتزمه ثم أمره فعاد إلى مكانه6.
__________
1 حديث جابر رضي الله عنه أخرجه البخاري في كتاب المناقب باب (25) . (ر: فتح الباري 6/601، وأبو نعيم ص 400، والبيهقي 6/66، كلاهما في الدلائل.
2 العشار: جمع عُشرَاء. وهي الناقة التي أتى على حملها عشرة أشهر ثم اتّسع فيه فقيل لكل حامل: عُشراء. وأكثر ما يطلق على الخيل الإبل. (ر: النهاية 3/240، فتح الباري 2/400) .
3 حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أخرجه الترمذي 5/554، والدارمي 1/19، وأبو يعلى (ر: الشمائل ص 240، لابن كثير) ، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 4/198، والبيهقي في الدلائل 2/558، من طريق عمر بن يونس عن مكرمة بن عمار بن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عنه.
قال الترمذي: "حديث حسن صحيح". وقال اللالكائي: "إسناده صحيح على شرط مسلم يلزمه إخراجه". اهـ.
4 قال في الشفا 1/583،: "كذا في حديث المطلب وسهل بن سعد وإسحاق عن أنس". اهـ.
5 هو: إبراهيم بن محمّد الإسفراييني الشافعي، أبو إسحاق، الفقيه، المتكلم، الأصولي، بنى مدرسة بنيسابور، توفي سنة 418هـ. ودفن في إسفراييني. (ر: طبقات الشافعية 3/111، سير أعلام النبلاء 17/353، الأعلام 1/61، للزركلي) .
6 قال الخفاجي في نسيم الرياض شرح الشفا 3/62: "وهذه زيادة منه، لا يقال مثلها من قبل الرأي، وهو إمام ثقة، على أن هذا رواه الإمام البيهقي في دلائله والحافظ أبو القاسم في تاريخه عن العباس كما في الشرح الجديد، ولو وقف عليه المصنّف عزاه له". اهـ.
قلت: لم يوه الإمام البيهقي في دلائله، وهذه الرواية التي حكاها الإسفراييني تخالف الروايات الصحيحة الأخرى التي أجمعت على أن الرسول صلى الله عليه هو الذي ذهب إلى الجذع فاحتضنه أو مسح عليه. علماً بأن القصة واحدة لم تتكرر، فلعلّ الإسفراييني اختلط عليه حديث حنين الجذع مع حديث استجابة الشجرة لدعوته صلى الله عليه وإقبالها عليه وقد تقدم. والله أعلم.(2/754)
وكان الحسن البصري / (2/150/ب) إذا حدَّث بحديث الجذَع بكى وقال: "يا عبد الله الخشبة تحن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شوقاً لمكانه من الله فأنتم أحقّ أن تشتاقوا إليه"1.
روى حديث الجذع عالم كبير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلقاه التابعون بإحسان وهو من الأحاديث الصحيحة المستفيضة2.
8- معجزة: ومن معجزاته عليه السلام تسبيح الطعام بين يديه صلى الله عليه وسلم قال الصحابة: "لقد كنا نسمع تسبيح الطعام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يؤكل"3.
9- معجزة: ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم تسبيح الحصى في يده. قال أنس: "أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم كفاً من حصى فسبحن في يده حتى سمعنا التسبيح ثم صبهن في يد أبي بكر فسبحن"4.
__________
1 أخرجه البغوي. (ر: الشمائل ص 241، لابن كثير) ، وعنه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 4/799، والبيهقي في الدلائل 2/559، كلاهما من طريق مبارك بن فضالة. قال: حدّثنا الحسن البصري عن أنس رضي الله عنه.
قلت: إسناده صحيح. فقد صرح مبارك السماع. (ر: التهذيب 10/27، والتقريب 2/227) .
2 قال الحافظ في الفتح 6/592: "فإن حنين الجذع وانشقاق القمر نقل كلاً منهما نقلاً مستفيضاً، يفيد القطع عند من يطلع على طرق ذلك من أئمة الحديث دون غيرهم ممن لا ممارسة في ذلك" اهـ. وبمثل ذلك قال الإمام ابن كثير في الشمائل ص 239، 251.
3 أخرجه البخاري في كتاب المناقب باب (25) . (ر: فتح الباري 6/587) ، والترمذي 5/557، والدارمي 1/14، 15، وأبو نعيم في الدلائل ص 406، والبيهقي في الدلائل 6/62، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
4 أخرجه ابن عساكر. (ر: تهذيب تاريخ ابن عساكر 1/108، الخصائص 2/125، للسيوطي) ، والماوردي في أعلام النبوة ص 194، عن ثابت عن أنس رضي الله عنه. وله شاهد من حديث أبي ذرٍ رضي الله عنه. أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط 2/142، وأبو نعيم في الدلائل 432، والبزار. (ر: كشف الأستار 3/136) . كلهم من طريق الوليد بن عبد الرحمن الجرشي عن جبير بن نفير الخضرمي عنه. وأورده الهيثمي في: مجمع الزوائد 8/302، وقال: "رواه البزار بإسنادين، ورجال أحدهما ثقات، وفي بعضهم ضعف".
قلت: رجال الإسناد السابق ثقات، وإسناده صحيح متصل. (ر: التقريب 2/334، 1/126) .
أما الإسناد الآخر الذي فيه ضعف فقد أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 2/806، والبزار. (ر: كشف الأستار 3/135) ، وأبو نعيم ص 432، والبيهقي 6/64، كلاهما في الدلائل كلهم من طريق قريش بن أنس عن صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن سويد به.
قال البزار: "صالح لين الحديث"، وقال البيهقي: "وصالح لم يكن حافظاً". وقال الحافظ ابن حجر: "ضعيف يعتبر به". (ر: التقريب 1/358) ، إذن الإسناد يزيد الحديث قوة إلى الإسناد السابق.
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح 6/592: "وأما تسبيح الحصى فليست له إلاّ هذه الطريق الواحدة مع ضعفها". اهـ.
قلت: وما أوتينا من العلم إلاّ قليلاً، فهذا ذهول منه رحمه الله تعالى السند الآخر الصحيح كما سبق بيانه. والله أعلم.(2/755)
وقال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: "كنا بمكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إلى بعض نواحيها فما استقبله جبل ولا شجر إلاّ قال: السلام عليك يا رسول الله"1.
وقال جابر بن عبد الله: / (2/151/أ) "لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يمرّ بحجر ولا شجر إلاّ سجد له صلى الله عليه وسلم" 2.
وفي حديث العباس: "إذ3 اشتمل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أهل بيته بملاءة
__________
1 أخرجه الدارمي في المقدمة 1/12، والترمذي 5/553، والحاكم 2/620، وأبو نعيم في الدلائل ص 389، كلهم من طريق الوليد بن أبي ثور عن السدي عن عباد ابن أبي يزيد عن عليّ رضي الله عنه. قال الترمذي: حديث غريب.
وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي.
قلت: هذه غفلة من الحاكم والذهبي رحمهما الله. والصواب ما قاله الترمذي. فإن الوليد بن عبد الله بن أبي ثور الهمذاني، وينسب إلى جده، ضعيف، يكتب حديثه ولا يحتج به. (ر: الجرح والتعديل 9/2، التقريب 2/333) . وفي إسناده أيضاً عباد بن أبي يزيد أو ابن يزيد الكوفي، مجهول. (ر: التقريب 1/394) .
2 أخرجه أبو نعيم ص 443، والبيهقي 6/69، كلاهما في الدلائل من طريق مالك بن إسماعيل أبو غسان عن إسحاق ابن الفضل عن الغيرة بن عطية عن أبي الزبير به.
قلت: له شاهد من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه، أخرجه مسلم 4/1782، وأحمد 5/89، 95، الترمذي 5/553، والدارمي 1/12.
3 في م: إذا.(2/756)
ودعا لهم بالستر من الناس كستره إيّاهم بملاءته. فأمّنت أسكفة الباب وجدران البيت: آمين آمين"1.
10- ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم اضطراب الجبل لهيبته وسكونه بأمره. [عن أنس] 2: "صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان [أُحداً] 3 فرجف بهم فقال عليه السلام: اثبت أحد فإنما عليك نبيّ وصدِّيق وشهيدان. فقتل عمر وعثمان"4.
ومثل ذلك عن أبي هريرة: "في حراء [- وزاد - معه عليّ] 5 وطلحة والزبير، فقال عليه السلام اسكن حراء فإنما عليك نبيّ أو صدِّيق أو شهيد"6.
شاهد7 ذلك رواه جماعة من أعيان الصحابة ومشاهير الأمة.
__________
1 أخرجه أبو نعيم في الدلائل ص 432، 433، والبيهقي في الدلائل 6/71، كلاهما من طريق محمّد بن يونس الكديمي ثنا عبد الله بن عثمان بن إسحاق بن سعد بن أبي وقاص ثنا مالك بن حمزة عن أبيه عن أبي أسيد الساعدي البدري رضي الله عنه.
وأخرج ابن ماجه في كتاب الأدب. (ر: ضعيف ابن ماجه ص 299) ، طرفاً عن طريق أبي إسحاق الهدوي عن عبد الله بن عثمان به. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد /273، وقال: "روى ابن ماجه بعضه في الأدب ورواه الطبراني وإسناده حسن".
قلت: إسناده ليس بحسن، ففيه ضعيف مجهول. فإن محمّد بن يونس الكديمي أبو العباس السامي، ضعيف. ولم يثبت أن أبا داود روى عنه. (ر: التقريب 2/222) ، وعبد الله بن عثمان بن إسحاق بن سعد بن أبي وقاص المدني. مستور. من التاسعة. (ر: التقريب 1/432) .
2 هذه الإضافة من الشفا 1/590.
3 في ص، م (أحد) والصواب ما أثبتّه.
4 أخرجه البخاري في كتاب فضائل الصحابة باب (5) . (ر: فتح الباري 7/22) ، والترمذي 5/583، وأبو داود 4/212، وأحمد في مسنده 5/331، 346، والبيهقي في الدلائل 6/350، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه.
5 هذه الإضافة من الشفا 1/591.
6 أخرجه مسلم 4/1880، والترمذي 5/582، البيهقي في الدلائل 6/352. وله شاهد من حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه. أخرجه أبو داود 4/211، والترمذي 5/609، وأبو نعيم في الدلائل ص 430، وقال الترمذي: "حسن صحيح".
7 ليست في م.(2/757)
11- معجزة: قال ابن عمر: "قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر: {وَمَا قَدَرُوا الله حَقَّ قَدْرِهِ} . [سورة الزمر، الآية: 67] . ثم قال: يمجد الجبار نفسه فيقول: أنا الجبار أنا الكبير المتعال....، قرجف المنبر حتى قلنا: ليخرن عنه"1.
12- معجزة: ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم / (2/151/ب) سقوط الأوثان بإشارته. قال ابن عباس: "كان حول البيت ثلاثمائة وستّون صنماً مثبتة الأرجل بالرصاص، فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح جعل يشير إليها2 بقضيب كان في يده ولا يمسّها، ويقول: {وَجَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} . [سورة الإسراء، الآية: 81] . فما أشار إلى وجه صنم إلاّ وقع لقفاه، ولا لقفاه إلاّ وقع لوجهه حتى ما بقي منها صنم"3.
ومثله في حديث ابن مسعود4.
__________
1 أخرجه مسلم 4/2148، 2149، وأحمد في مسنده 2/72، 88، وابن ماجه. (ر: صحيح ابن ماجه 1/39) ، وابن أبي عاصم في السنة 1/240.
2 في م: إليهما.
3 أخرجه أبو نعيم في 519، 520، والبيهقي 5/71، 72، كلاهما في الدلائل من طريق ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن عليّ بن أبي بكر عن عليّ بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. وتابع عليّاً عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس، أخرجه ابن هشام. (ر: السيرة 4/84) ، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 6/179، وقال: "رواه الطبراني ورجاله ثقات، ورواه البزار باختصار". اهـ.
قلت: للحديث شواهد منها:
حديث ابن عمر رضي الله عنه أخرجه ابن حبان. (ر: الموارد ص 416) ، وأبو نعيم ص 519، والبيهقي 5/72، كلاهما في الدلائل.
وحديث أبي هريرة رضي الله عنه، أخرجه مسلم 3/1405، 1406.
4 وحديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنهما أخرجه البخاري في كتاب المغازي باب (48) . (ر: فتح الباري8/15،16) ، ومسلم 3/1408، والبيهقي في الدلائل5/71.(2/758)
13- معجزة: ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم سجود الأشياء له. قال بحيرا1 الراهب حين رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا سيّد العالمين يبعثه الله رحمةً للعباد، فقال له أشياخ من قريش: ما علمك بذلك يا بحيرا؟ فقال: إنه لم يبق شجر ولا [حجر] 2 إلاّ سجد له وَخَرَّ بين يديه ولا يسجد إلاّ لنبيّ"3.
__________
1 بحيرا الراهب، ذكره ابن منده في الصحابة وتبعه أبو نعيم، وقصته معروفة في المغازي. وذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة في (القسم الرابع فيمن ذكر في كتب الصحابة غلطاً وبيان ذلك) . ثم قال: "وما أدري أدرك البعثة أم لا؟ واختلف في أمره، فقيل: كان من يهود تيماء،.وقيل: كان نصرانياً من عبد القيس".
وقال الحافظ: "إنما ذكرته في هذا القسم؛ لأن تعريف الصحابي لا ينطبق عليه. وهو: (مسلم لقي النّبيّ صلى الله عليه مؤمناً به ومات على ذلك) . فقولنا (مسلم) ؛ يخرج من لقيه مؤمناً به قبل أن يبعث كهذا الرجل". اهـ. والله أعلم. (ر: تجريد أسماء الصحابة 1/44، للذهبي، الإصابة 1/183، 184) .
2 في ص، م (مدر) ، وصححت من الشفا1/593، ومن رويات الحديث في مصادرها.
3 أخرجه ابن إسحاق معلقاً. (ر: السيرة 1/236-239) ، والترمذي 5/550، وابن أبي شيبة 7/327، ح رقم 36540، وعنه البيهقي في الدلائل 2/24-26، وأبو نعيم ص 170-171، والحاكم 2/615-616، وعنه. وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه". وتعقبه الذهبي بقوله: "أظنه موضوعاً. فبعضه باطل". كلهم من طريق قراد أبو نوح عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي بكر بن أبي موسى الأشعري عن أبيه رضي الله عنه. قال:.... فذكره في سياق طويل - وفيه -: "إن الراهب ناشد أبا طالب أن يرد الرسول صلى الله عليه إلى مكّة خوفاً عليه من أهل الكتاب، فلم يزل يناشده حتى ردّه وبعث معه أبو بكر بلالاً، وزوده الراهب من الكعك والزيت". اهـ.
قال الترمذي: "حسن غريب لا نعرفه إلاّ من هذا الوجه".
وقال الذهبي في السيرة ص 57،: "حديث منكر جدّاً، وأين كان أبو بكر؟ كان ابن عشر سنين، فإنه أصغر من رسول الله صلى الله عليه بسنتين ونصف، وأين كان بلال في هذا الوقت؟ فإن أبا بكر لم يشتره إلاّ بعد المبعث، وأيضاً فلو أثر هذا الخوف في أبي طالب وردّه، كيف كانت تطيب نفسه أن يمكنه من السفر إلى الشام تاجراً لخديجة؟ وفي الحديث ألفاظ منكرة تشبه ألفاظ الطرقية". اهـ. بتصرف.
وذكره ابن كثير في البداية 2/285-286، وتكلم على الحديث بكلام قريب من الذهبي وزاد فيه قوله: "من الغرائب أنه من مرسلات الصحابة". اهـ. بتصرف.
قلت: عبد الرحمن بن غزوان الخزاعي، ويقال الضبِّي المعروف بقراد ثقة له أفراد. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال: "كان يخطئ". وقال الدارقطني: "ثقة له أفراد". (ر: التهذيب 6/223، التقريب 1/494) .(2/759)
14- معجزة: ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم إظلاله بالغمام؛ وفي الحديث1: "أنه عليه السلام أقبل وغمامة تظله من الشمس فلما دنا من القوم وجدهم قد سبقوه إلى فيء الشجر، فلما جلس مال الفيء إليه"2.
"ورأت خديجة بنت خويلد زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم مع ميسرة / (2/152/أ) غلامها من الشام وغمامة تظله من حرّ الشمس"3.
ومن أنكر ذلك من اليهود والنصارى ورد4 عليهم مثله في غمام موسى وعيسى، واضطرتهم الحال إلى التصديق وإلاّ شَوَّشُوا5 قواعدهم إذ طريق الثبوت واحد.
__________
1 أي: الحديث السابق الذي رواه بحيرا الراهب، وفيه ذكر سجود الشجر والحجر للنبي صلى الله عليه وإظلاله بالغمام صلى الله عليه.
2 قال الذهبي في السيرة ص 57: "أي: من الأمور المنكرة في هذا الحديث - فإذا كان عليه غمامة تظله، كيف يتصور أن يميل فيء الشجرة؟ لأن ظل الغمامة يعدم فيء الشجرة التي نزل تحتها؟!!! " اهـ.
وقال ابن كثير في البداية والنهاية 2/286، في تعليقه على الحديث أيضاً: "إن الغمامة لم تذكر في حديث أصح من هذا". اهـ. مع غرابة هذا الحديث ونكارته كما تقدم من بقية كلامه فيما سبق.
3 أخرجه ابن سعد في الطبقات1/130،وعنه أبو نعيم في الدلائل ص172، من طريق محمّد الواقدي عن موسى بن شيبة عن عميرة بنت عبد الله بن كعب بن مالك عن أم سعد بن الربيع عن نفيسة بنت أمية أخت يعلى قالت:..فذكرته في سياق طويل.
وذكره السيوطي في الخصائص 1/154، 155، وعزاه أيضاً إلى ابن عساكر. (ر: تهذيب تاريخ دمشق 1/273-274) .
قلت: محمّد بن عمر الواقدي، الأسلمي، المدني القاضي، متروك مع سعة علمه. (ر: التقريب 2/194، وذكره الذهبي في السيرة ص 63، 64، وقال: حديث منكر.
4 في م: (أورد) .
5 في م: (شقشقوا) .(2/760)
15- معجزة: قالت عائشة: "كان عندنا داجن1 فإذا كان عندنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قَرَّ وثبت مكانه فلم يجئ ولم يذهب، وإذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء وذهب"2.
16- معجزة: ومن معجزاته عليه السلام كلام العجماء وشهادتها له بالنّبوّة والرسالة؛ قال عمر: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في محفل من أصحابه إذ جاء أعرابي ومعه ضبّ قد صاده فقال: من هذا؟ قالوا: نبي الله. فقال: واللات والعزى لا آمنت بك حتى يؤمن بك هذا الضّبّ. وطرحه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي عليه السلام: يا ضبّ. فأجابه بلسان مبين: لبيك وسعديك يا زين مَن وافى القيامة. فقال: من تعبد؟ قال: الذي في السماء عرشه وفي الأرض سلطانه وفي البحر سبيله وفي الجنة رحمته وفي / (2/153/ب) النار عقابه. قال: فمن أنا؟ قال: رسول ربّ العالمين3 وخاتم النبييّن قد أفلح مّن صدّقك وخاب مَن كذّبك. فأسلم الأعرابي"4.
__________
1 الداجن: هي: الشاة التي يعلفها الناس في منازلهم، جمعها: دواجن. والمداجنة: حسن المخالطة، وقد يقع على غير الشاء من كلّ ما يألف البيوت من الطير وغيرها. (ر: النهاية 2/102) .
2 أخرجه الإمام أحمد في مسنده 6/112، 150، 209، وأبو نعيم في الدلائل ص 380، والبيهقي في الدلائل 6/31، كلهم من طريق يونس بن أبي إسحاق عن مجاهد عن عائشة رضي الله عنها.
وأورده الذهبي في السيرة النبوية - تاريخ الإسلام - ص 249، بالإسناد السابق، قال: صحيح.
وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 9/6، 7، وعزاه أيضاً إلى أبي يعلى والبزار والطبراني في الأوسط، وقال: "رجال أحمد رجال الصحيح".
وقال السيوطي في المناهل ص 129،: "وهو حديث صحيح".
وعزاه أيضاً إلى الدارقطني وابن عساكر من طرق عن عائشة رضي الله عنها. (ر: الخصائص 2/105) .
3 في ص: (الله) ، وصححت من م، والشفا 1/595.
4 أخرجه أبو نعيم في الدلائل ص 376، 377، والبيهقي في الدلائل 6/36، 37، كلاهما من طريق محمّد بن عليّ بن الوليد السلمي البصري، ثنا أبو محمّد بن عبد الأعلى، ثنا معتمر بن سليمان، ثنا كهمس بن الحسن، ثنا داود بن أبي هند عامر الشعبي، ثنا عبد الله بن عمر عن أبيه رضي الله تعالى عنهما قال:..... فذكره.
قال البيهقي: "وقد رواه الحاكم في المعجزات بالإجازة عن ابن عدي الحافظ بنحو إسناده.
ثم قال: وروي ذلك من حديث عائشة، وأبي هريرة، وماذكرناه هو أمثل الإسناد فيه".
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 8/295-297، في سياق طويل، وقال: "رواه الطبراني في الصغير والإوسط عن شيخه محمّد بن عليّ بن الوليد البصري، قال البيهقي:"والحمل في هذا الحديث عليه"،قال الهيثمي: (وبقية رجاله رجال الصحيح".
قلت: محمّد بن عليّ بن الوليد، قال عنه الحافظ في اللسان 5/292، صدق والله البيهقي في قوله: "الحمل في هذا الحديث على السلمي، فإنه خبر باطل، وروى عنه الإسماعيلي في معجمه وقال: بصري منكر الحديث.
ولكن قال السيوطي في الخصائص2/108،:"لحديث عمر طريق آخر ليس فيه محمّد ابن الوليدأخرجه أبو نعيم، وقد وردمثله من حديث عليّ، أخرجه ابن عساكر".اهـ.(2/761)
وهذا أعجب من كلام الأخرس للمسيح، إذ كلام جنس الآدمي غير بعيد بخلاف الحيوان البهيم.
17- معجزة: ومن معجزاته عليه السلام كلام الذئب. وقد جرى ذلك مراراً. قال أبو سعيد الخدري: "بينا راعٍ يرعى غنماً له إذ عرض له الذئب لشاة فانتزعها الراعي منه فأقعى1 الذئب، وقال للراعي: [ألا تتقي الله؟] 2 حلت بيني وبين رزقي. فقال الراعي: العجب من ذئب يتكلم بكلام الآدميّين. فقال الذئب: ألا أخبرك بأعجب من ذلك؟ رسول الله بين الحرتين يحدّث الناس بأنباء ما قد سبق، فجاء الراعي فأسلم وحدّث الناس بذلك"3.
وفي طريق آخر4: "أنت أعجب مني أقمت في غنمك وتركت نبيّاً لم يبعث الله نبيّاً قط أعظم منه، قد فتحت له أبواب الجنة وأشرف أهلها ينظرون إليه وإلى أصحابه. فأسلم الراعي لذلك".
__________
1 أقعى: ألصق أسته بالأرض ونصب ساقيه وفخذيه ووضع يديه على الأرض. (ر: النهاية 4/89) .
2 هذه الإضافة من الشفا 1/595.
3 أخرجه الإمام أحمد 3/83، 84، والترمذي مختصراً 4/413، وأبو نعيم في الدلائل ص 373، والحاكم 4/467، والبيهقي في الدلائل 6/41، كلهم من طريق القاسم ابن الفضل عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال:..... فذكره.
قال الترمذي: "حسن غريب لا نعرفه إلاّ من حديث القاسم بن الفضل وهو ثقة مأمون عند أهل الحديث وثقه يحيى القطان وابن مهدي".
وقال الحاكم: "حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي.
وقال البيهقي:"هذا إسناد صحيح وله شاهدمن وجه آخرعن أبي سعيدالخدري رضي الله عنه".
وقال الشيخ الألباني في تخريج الحديث: "وهذا سند صحيح، رجاله ثقات، رجال مسلم غير القاسم هذا، وهو ثقة اتفاقاً". (ر: سلسلة الأحاديث الصحيحة1/191) .
4 أخرجه الإمام أحمد في مسنده 2/306، بنحوه، وأبو نعيم في الدلائل ص 374، كلاهما من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الأشعث بن عبد الله عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 8/295، وقال: "رواه أحمد ورجاله ثقات".
وقال السيوطي في المناهل ص 130،: "أخرجه أحمد بسند جيد".
وفي الخصائص 2/102: "أخرجه أحمد وأبو نعيم بسند صحيح".(2/762)
وفي طريق آخر1: "أنت أعجب مني أقمت في غنمك وتركت نبيّاً لم يبعث الله نبيّاً قط أعظم منه، قد فتحت له أبواب الجنة وأشرف أهلها ينظرون إليه وإلى أصحابه. فأسلم الراعي لذلك".
وقال صفوان2 بن أمية وأبو3 سفيان بن حرب: رأينا ذئباً يطرد ظبياً فدخل الظبي الحرم فانصرف الذئب / (2/153/أ) قال: فعجبنا من ذلك. فقال الذئب: أعجب من ذلك محمّد بن عبد الله بالمدينة يدعوكم إلى الجنة وتدعونه إلى النار. فقال أبو سفيان: "واللات والعزى لإن ذكرت هذا بمكة لتتركنها خلوفاً4.
__________
1 أخرجه الإمام أحمد في مسنده 2/306، بنحوه، وأبو نعيم في الدلائل ص 374، كلاهما من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الأشعث بن عبد الله عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 8/295، وقال: "رواه أحمد ورجاله ثقات".
وقال السيوطي في المناهل ص 130،: "أخرجه أحمد بسند جيد".
وفي الخصائص 2/102: "أخرجه أحمد وأبو نعيم بسند صحيح".
2 صفوان بن أمية الجحمي رضي الله عنه، أسلم بعد عزوة حنين، له ثلاثة عشر حديثاً.
3 هو: صخر بن حرب بن أمية القرشي رضي الله عنه، مشهور باسمه وكنيته. أسلم يوم الفتح، له حديث واحد.
4 هذا الخبر لم يخرجه السيوطي في المناهل ص 130.(2/763)
18- معجزة: قال أنس بن مالك1: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر حائط رجل من الأنصار وفيه غنم فسجدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: نحن أحقّ بالسجود لك منها يا رسول الله"2.
وقال أبوهريرة: "دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم حائطاً، فجاء بعير فسجدله"3.
__________
1 أخرجه أبو محمّد عبد الله بن حامد الفقيه في دلائل النبوة. (ر: الشمائل ص 273، والبداية 6/160، كلاهما لابن كثير) . وأبو نعيم في الدلائل ص 379، كلاهما من طريق إبراهيم بن العلاء الزبيدي عن عباد بن يوسف الكندي عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: ... فذكره.
قال ابن كثير بعد ذكره الحديث: "غريب وفي إسناده من لا يعرف".
قلت: في إسناده أبو جعفر الرازي وهو: عيسى بن أبي عيسى عبد الله بن ماهان، صدوق، سيّء الحفظ، من كبار السبعة، مات في حدود الستّين.
قال ابن حبان: "كان ينفرد عن المشاهير بالمناكير لا يعجبني لاحتجاج بحديثه إلاّ فيما وافق الثقات". (ر: التهذيب 12/59، التقريب 2/406) .
والربعي بن أنس البكري أو الحنفي، صدوق له أوهام، رمي بالتشيع، من الخامسة مات سنة أربعين أو قبلها. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال: "الناس يتقون من حديثه ما كان من رواية أبي جعفر عنه لأن في أحاديث عنه اضطراباً كثيراً". (ر: التهذيب 3/207، التقريب 1/243) .
فإسناده ضعيف لرواية أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس. والله أعلم.
2 تتمة الحديث: "فقال: "إنه لا ينبغي من أمتي أن يسجد لأحد، ولو كان ينبغي أن يسجد أحد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها". وذكره أيضاً الماوردي في أعلام النبوة ص 188) .
3 أخرجه البزار. "ر: كشف الأستار 3/150) ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه دخل حائطاً فجاء بعير فسجد له، فقالوا: نحن أحقّ أن نسجد لك. فقال: لو أمرت أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها".
ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 9/7، وقال: "رواه البزار - وروى الترمذي طرفاً من آخره: "لو أمرت أحداً ... إلى آخره - وإسناده حسن"، ووافقه السيوطي في المناهل ص 131.(2/764)
وقال ثعلبة بن مالك1، وجابر ابن عبد الله2، ويعلى بن مرة3، وعبد الله بن جعفر4، وعبد الله5 بن أبي أوفى: "كان ببعض حيطان المدينة جمل لا يدخل أحد الحائط إلاّ شدّ عليه الجمل، فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه
__________
1 حديث ثعلبةبن أبي مالك، أخرجه أبو نعيم في الدلائل ص382،عن أبي بكربن خلاد عن أحمدبن إبراهيم بن ملحان عن يحيى بن بكيرعن الليث بن سعد عن أبي الهاد عنه.
قلت: رجاله ثقات، إلاّ أن يعلبة بن أبي مالك القرظي، إمام بني قريظة، مختلف في صحبته. قال ابن معين: "له رؤية". وقال ابن حبان: "هو من ثقات التابعين". وقال أبو حاتم: "هو تابعي وحديثه مرسل". وقال الذهبي: "له رؤية وطال عمر له حديثان مرسلان". وقال الحافظ: "حديثه عن عمر في صحيح البخاري ومن يقتل أبوه بقريظة، ويكون هو بصدد من يقتل لولا الإنبات. لا يمتنع أن يصح سماعه فلهذا الاحتمال ذكرته في الإصابة". اهـ. (ر: التجريد1/69،الجرح والتعديل2/463، التقريب1/119، الإصابة 1/209) .
2 أخرجه أحمد 3/310، وعنه أبو نعيم في الدلائل ص 380، والدارمي 1/11، وابن أبي شيبة في مصنفه 6/315، كلهم من طريق الأجلح عن ذيال بن حرملة عن جابر رضي الله عنه، قال: ... فذكره بلفظ المؤلِّف.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 9/10، وقال: "رواه أحمد ورجاله ثقات، وفي بعضهم ضعف".
قلت: له وجه آخر صحيح من طريق إسماعيل بن عبد الملك عن أبي الزبير عنه".
أخرجه البيهقي في الدلائل6/18،في سياق طويل، وقد تقدم تخريجه. (ر: ص: 750) .
3 حديث يعلى بن مرة عن أبيه في سياق طويل، أخرجه أحمد في مسنده 4/172، والحاكم 2/617، وعنه البيهقي في الدلائل 6/20، كلهم من طريق الأعمش عن المنهال بن عمرو عنه عن أبيه.
قال الحاكم: "صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي.
وللحديث عدة طرق ذكرها الإمام ابن كثير في الشمائل ص 263-267، وقال: "فهذه طرق جيدة متعددة تفيد غلبة الظن أو القطع عند المتبحرين أن يعلى بن مرة حدث بهذه القصة في الجملة". اهـ.
4 حديث عبد الله بن جعفر رضي الله عنه أخرجه أبو داود 3/23، وابن أبي شيبة 6/321، والبيهقي في الدلائل 6/26، كلهم من طريق مهدي بن ميمون عن محمّد أبي يعقوب عن الحسن بن سعد عنه.
وأخرجه مسلم بالإسناد نفسه 1/268، إلاّ أنه لم يذكر فيه سجود الجمل للنبي صلى الله عليه.
5 حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه، أخرجه أبو نعيم ص 384، والبيهقي 6/29، كلاهما في الدلائل من طريق فائد أبي الورقاء عنه.
قلت: فائد بن عبد الرحمن، أبو الوفاء العطار، متروك، من صغار الخامسة. (ر: التقريب 2/107) .(2/765)
فوضع الجمل. مشفره في الأرض وبرك بين يديه فخطمه، وقال: ما بين السماء والأرض شيء إلاّ ويعلم أني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلاّ عاصي الجنّ والإنس".
19- معجزة: روى الإسفرائيني: أن العضْبَاء1 ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم / (2/ 153/ب) بعد وفاته لم تأكل ولم تشرب ثم ماتت غما عليه صلى الله عليه وسلم 2.
وروى أن يعفور حماره بعد وفاته جاء إلى بئر فردَّى نفسه فيه فهلك3.
__________
1 قال ابن الأثير: "هو علم لها منقول من قولهم: ناقة عضباء، أي: مشقوقة الأذن. ولم تكن مشقوقة الأذن. - وقال بعضهم: إنها كانت مشقوقة الأذن، والأوّل أكثر. وقال الزمخشري: هو منقول من قولهم: ناقة عضباء، وهي: القصيرة اليد". (انظر: النهاية 3/251) .
2 ورد النّصّ في الشفا 1/601، كالآتي: "وفي قصة العضباء وكلامها للنبي صلى الله عليه وتعريفها له بنفسها ومبادرة العشب إليها في الرعي وتجنب الوحوش عنها وندائهم لها: إنك لمحمّد..، وأنها لم تأكل ولم تشرب بعد موته حتى ماتت، ذكره الإسفرائيني". اهـ.
قلت: لم يخرجه السيوطي في مناهل الصفا ص 131، وقال الخفاجي في نسيم الرياض 3/82: "وهذا الحديث لم يخرجوه ولا يعرف من رواه". وقال القاري في شرحه للشفا: "قال الدلجي: وأما قصة العضباء فلم أدرِ من رواها".
3 أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات 1/293، 294، والسيوطي في اللآليء المصنوعة 1/276، وذكره ابن عراق في تنْزيه الشريعة 1/326، من حديث أبي منظور - وكانت له صحبه - في سياق طويل. وقال رواه ابن حبان من طريق محمّد بن مزيد أبي جعفر مولى أبي هاشم. وقال: "لا أصل له". وقال ابن الجوزي: "هذا حديث موضوع، فلعن الله واضعه، فلأنه لم يقصد إلاّ القدح في الإسلام والاستهزاء به". اهـ.
وأخرجه أبو نعيم في الدلائل ص 386، مختصراً من طريق عبد الله بن أذنية الطائي عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل رضي الله عنه.
قلت: عبد الله بن أذنية، قال عنه ابن حبان: "حدثّنا جمزة بن داود، ثنا إسماعيل بن عيسي بن زاذان الأيلي، ثنا عبد الله بن أذينة، بنسخة لا يحل ذكرها إلاّ على سبيل القدح"، وقال ابن عدي: "هو عبد الله بن عطارد بن أذنية الطائي بصري منكر الحديث"، وقال الحاكم والنقاش: "روى أحاديث موضوعة". وقال الدارقطني: "متروك الحديث". (ر: اللسان 3/257) .(2/766)
20- معجزة: روى ابن وهب: أن حمام الحرم أظلت رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح عند دخوله مكّة فدعا لها بالبركة1.
21- معجزة: [عن عبد الله بن قرط] 2 قال: قُرِّب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بدنات خمس أو ستّ في يوم عيد لينحرهن فازدلفن إليه بأيّهن يبدأ صلى الله عليه وسلم3.
الباب العاشر: في البشائر الإلهيّة بالعزّة المحمّديّة
22- معجزة: قالت أم [سلمة] 4: "بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحراء إذ نادته ظبية: يا رسول الله! قال: ما حاجتك؟ قالت: صادني هذا الأعرابي ولي خشفان5 في ذلك الجبل أرضعهما وأرجع. قال: أو تفعلين؟ قالت: نعم. فأطلقها فذهبت ورجعت فانتبه الأعرابي وأسلم وخلَّى عن الظبية فخرجت تعدو في الصحراء وهي تقول: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنك رسول الله"6.
__________
1 لم يخرجه السيوطي في مناهل الصفا ص 131.
وقال الخفاجي في نسيم الرياض 3/82، 83،: "وهذا الحديث لم يخرجوه". وقال القاري في شرحه للشفا: "قال الدلجي: "وأما قصة العضباء فلم أدر من رواها ولا حديث حمام مكة".
2 في ص، م: (روى ابن وهب) . وهو خطأ من الناسخ حيث كرر ما قبله، والتصويب من الشفا 1/602.
وهو: عبد الله بن قرط الأزدي الثمالي، قال البخاري وأبو حاتم وابن حبان: "له صحبة، شهد اليرموك واستعمله أبو عبيدة على حمص في عهد عمر، وكان على حمص في خلافة معاوية واستشهد بأرض الروم سنة 56هـ". (ر: الاستيعاب 3/978، الإصابة 4/118، 119) .
(3) أخرجه أبو داود 2/148، وابن حبان. (ر: الموارد ص 258) ، والحاكم 4/221، كلهم من طريق ثور عن راشد بن سعد عن عبد الله بن عامر بن لحي عن عبد الله ابن قرط (.
قال الحاكم: ((صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) . ووافقه الذهبي.
قلت: وهو كما قال الحاكم.
4 في ص، م: (أم سليم) ، وصححت من الشفا 1/602، وهي هند بنت أبي أمية المخزومية أم المؤمنين رضي الله عنها.
5 الخِشْفُ: مثلثة: ولد الظبي أوّل ما يولد، أو أوّل مشيه. (ر: القاموس ص 1039) .
6 ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 8/298، وقال: "رواه الطبراني، وفيه أغلب بن تميم، وهو ضعيف". اهـ.
وأورده السيوطي في الخصائص 2/101، وعزاه أيضاً لأبي نعيم، ثم قال: في "إسناده أغلب بن تميم وهو ضعيف. ولكن للحديث طرق كثيرة تشهد بأن للقصة أصلاً". اهـ.
قلت: الطرق التي أشار إليها السيوطي - يقصد بها الشواهد على طريقة المتقدمين مثل البيهقي وغيره - ومن هذه الشواهد:
أ- حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أخرجه أبو نعيم في الدلائل ص 376، من طريق صالح المري - وهو ضعيف - عن ثابت به.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 8/297، وعزاه إلى الطبراني في الأوسط". اهـ.
ب- حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه، أخرجه أبو نعيم ص 375، والبيهقي 6/34، في الدلائل.
جـ حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أخرجه البيهقي في الدلائل 6/35.
فبمجموع هذه الشواهد يرتقي الحديث إلى درجة الحسن لغيره ويدل على أن للحديث أصلاً وقصة. قال الحافظ السخاوي في المقاصد الحسنة ص 156: "حديث تسليم الغزالي، اشتهر على الألسنة وفي المدائح النبوية، وليس له-كما قاله ابن كثير- أصل. ومن نسبه إلى النبي فقد كذب. ولكن قد ورد الكلام - يعني: ورد تكليم الغزالة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حديثنا هذا لا تسليمها - في الجملة في عدة أحاديث يتقوى بعضها ببعض، أوردها شيخنا. (أي: الحافظ ابن حجر) ، في المجلس الحادي والستين من تخريج أحاديث المختصر (أي: مختصر ابن الحاجب في الأصول". اهـ.(2/767)
23- معجزة: ومن معجزاته تسخير السباع لغلمانه، قال سفينه1 مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرسلني عليه السلام إلى معاذ باليمن فانكسرت بيَ السفينة فطلعت إلى جزيرة فاستقبلني الأسد / (2/154/أ) فقلت: أنا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعي كتابه. فهمهم وجعل يغمزني بمنكبه حتى أقامني على الطريق. فلما رجعت من اليمن لقيت الأسد أيضاً
__________
1 سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو عبد الرحمن، اختلف في اسمه كثيراً، كان عبداً لأم سلمة فأعتقته وشرطت عليه خدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما عاش، وسفينة لقب له؛ فإنه حمل مرة متاع الرفاق فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: وما أنت إلاّ سفينة. فلزمه ذلك. توفي بعد سنة سبعين. (ر: الاستيعاب 2/684، سير أعلام النبلاء 3/172، الإصابة 3/109) .(2/768)
فهمهم بشيء فقصصت ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنه يقول: سَلِّم على رسول الله صلى الله عليه وسلم"1.
وكذلك جرى لسفينة في فتوح الشام2 حكاه الواقدي.
__________
1 ورد النّصّ في الشفا 1/603، 604، كالاتي: "ومن هذا الباب ما روي من تسخير الأسد لسفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ وجهه إلى معاذ باليمن فلقي الأسد فعرفه أنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعه كتابه فهمهم وتنحى على الطريق، وذكر في منصرفه مثل ذلك. وفي رواية أخرى عنه: أن سفينة تكسرت به فخرج إلى جزيرة فإذا الأسد ... فقلت: أنا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يغمزني بمنكبه حتى أقامني على الأرض".اهـ.
قال السيوطي في المناهل ص 132: "حديث تسخير الأسد لسفينة إذ وجهه إلى معاذ.... لم أقف عليه هكذا، وأخرج البيهقي أن ذلك وقع لسفينة حين ضلّ عن الجيش في أرض الروم.
أما حديث:"إنه تكسرت به سفينة ... "، الحديث، فقد أخرجه البزار والبيهقي".اهـ.
قلت: الرواية الأخيرة أخرجها الحاكم 3/606، والبزار. (ر: كشف الأستار 3/271) ، وأبو نعيم في الدالائل ص 583، 584، والبيهقي في الدلائل 6/45، 46، كلهم من طريق محمّد بن المنكدر أنّ سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ركبت البحر فانكسرت سفينتي التي كنت فيها فركبت لوحاً من ألواحها فطرحني اللوح في أجمة فيها الأسد فأقبل إليّ يريدني. فقلت: يا أبا الحارث أنا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فطأطأ رأسه وأقبل إليّ فدفعني بمنكبه حتى أخرجني من الأجمة ووضعني على الطريق وهمهم فظننت أنه يودعني".
وعزاه السيوطي أيضاً إلى ابن سعد وأبي يعلى وابن منده. (ر: الخصائص 2/108) .
وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي".
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 9/369، 370، وقال: "رواه البزار والطبراني بنحوه، ورجالهما وثقوا". اهـ.
2 أخرجه البيهقي في الدلائل 6/46، من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الحجبي عن ابن المنكدر أن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطأ الجيش بأرض الروم أو أسر في أرض الروم، فانطلق هارباً يلتمس الجيش فإذا هو بالأسد ... ، فذكره بنحوه. ونقله ابن كثير عن البيهقي في البداية 6/168.(2/769)
24- معجزة: وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذن شاء [لقوم من بني] 1 عبد القيس بين أصابعه ثم خلاّها فصار ذلك مَيْسماً2 وبقي فيها وفي نسلها بعد3.
25- معجزة: أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عطش في بعض أسفاره وكانوا ثلاثمائة رجل فجاءته عنْزل فحلبها عليه السلام فأروى الجند هم على غير ماء ثم قال لرافع: املكها وما أراك تقدر. فربطها فوجدها قدذهبت. فقال عليه السلام: إن الذي جاءبهاهوالذي ذهب بها4. رواه ابن5 قانع وغيره.
__________
1 في ص، م: (لعبد القيس) ، وصححت من الشفا 1/604.
2 الوَسْم: اسم الآلة التي يكوى بها ويُعَلَّم، وأطلقت على العلامة والأثر التي تتركها الآلة مجازاً. (ر: المصباح المنير ص 660) .
3 لم يخرجه السيوطي في المناهل ص 133. وقال الخفاجي في نسيم الرياض 3/93: "وهذا الحديث لا يعلم من رواه من المحدّثين". وقال القاري في شرحه للشفا: "قال الدلجي: لا أدري من رواه".
4 أخرجه أبو نعيم في الدلائل ص 426، والبيهقي في الدلائل 6/137، كلاهما من طريق خلف بن خليفة عن أبان بن بشير عن شيخ من أهل البصرة عن نافع وكانت له صحبه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره.
قلت: أبان بن بشير المكتب قال ابن أبي حاتم: مجهول. وذكره ابن حبان في الثقات.
وقال البخاري: لا أدري سمع من أبي هاشم أم لا. (ر: لسان الميزان 1/20، ابن أبي حاتم في الجرح 2/298) ، وفي الإسناد جهالة ظاهرة.
وله تابع أخرجه البيهقي من طريق خلف بن خليفة عن أبي هاشم الرماني عن نافع.
قلت: أبو هامش الرماني، الواسطي، ثقة، من السادسة. ممن لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة، ولم يثبت عنه أنه روى عن نافع. مات سنة 122، وقيل: 145. (ر: التهذيب 12/286، التقريب 2/483، الجرح والتعديل 9/140) . ونقله ابن كثير في البداية 6/103، عن البيهقي، وقال: "حديث غريب جدّاً متناً وإسناداً".
5 عبد الباقي بن قانع الأموي، بالولاء، البغدادي، أبو الحسين، قاض، كان ثقة أميناً حافظاً، ولكنه تغير في آخر عمره. وقال الدارقطني: "كان يخطئ ويصر على الخطأ". له كتاب: (معجم الصحابة) تعقبه ابن فتحون وبين ما فيه من أوهام في الحديث. توفي سنة 351هـ. (ر: سير أعلام النبلاء 15/526، البداية 11/242، لابن كثير، الإعلام 3/272) .(2/770)
قال المؤلِّف: هذه الآية نظير آية صالح عليه السلام.
26- معجزة: روى الواقدي أن النبيّ عليه السلام أرسل رسله إلى الملوك يدعوهم إلى الدين والإيمان / (2/154/ب) بالله عزوجل فخرجوا متوجهين فأصبحوا في يوم واحد وكلّ رجل منهم يتكلم بلغة القوم الذين أرسل إليهم1.
قال المؤلِّف: هذه الآية مضاهية ما حكاه الإنجيل عن أصحاب المسيح الذين أرسلهم2. فإن قدحوا فيها ومنعوا صحّتها لم يسلموا من مقابلتهم مثل ذلك فيما نقلوه، إذ طريق الثبوت واحد.
27- معجزة: قال أبو هريرة: أهديت يهودية للنبي عليه السلام بخيبر شاة مسمومة فأكل وأكل القوم. فقال عليه السلام: "ارفعوا أيديكم، إن الذراع تخبرني أنها مسمومة"، ثم قال لليهودية: "ما حملك على ذلك؟ ". قالت: قلت: إن كان نبيّاً لم يضرَّه، وإن كان ملكاً أرحت الناس منه. فقال عليه السلام: "ما كان الله ليسلّطكِ عليَّ".
__________
1 أخرجه ابن سعد في الطبقات 1/264، عن بريدة والزهري وزيد بن رومان والشعبي - دخل حديث بعضهم في بعض - مرسلاً. وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 7/347، رقم: 36628، ثنا حاتم بن إسماعيل عن يعقوب عن جعفر بن عمرو، قال: ... فذكره.
قلت: حاتم بن إسماعيل أبو إسماعيل، صحيح الكتاب صدوق يهم، من الثامنة، مات سنة 186هـ، أو 187هـ. (ر: التقريب 1/137) . وجعفر بن عمرو الخمري، المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة 195هـ، أو 196هـ. (ر: التقريب 1/131) . فالحديث مرسل.
2 سفر أعمال الرسل 2/1-21.(2/771)
روى ذلك جابر1 بن عبد الله، والحسن2، وأبو سلمة3، وأنس4، وأبو هريرة5، وأبو سعيد6. قال ابن عباس7: "فدفعها لأولياء بشر بن البراء فقتلوها، وقد خُرِّج حديث الشاة في الصحيح".
__________
1 حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أخرجه أبو داود 4/174، وعنه البيهقي في الدلائل 4/262، من طريق سليمان بن داود المهري عن ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب الزهري عنه.
قلت: إسناده حسن. فإن يونس بن يزيد بن أبي النجاد الأيلي، ثقة إلاّ أن في روايته عن الزهري، وهما قليلاً. وفي غير الزهري خطأ. (ر: التقريب 2/386) .
2 هو: الحسن بن أبي الحسن يسار البصري، تابعي ثقة فاضل مشهور، كان يرسل كثيراً. توفي سنة 116هـ. (ر: سير أعلام النبلاء 4/563، التهذيب 2/263) .
قلت: رواية الحسن البصري أخرجها ابن سعد 2/200، عن عمر بن حفص عن مالك بن دينار عنه.
3 هو: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، تابعي ثقة مكثر من الحديث، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة. توفي سنة94هـ. (ر: سير أعلام النبلاء4/278، التهذيب 12/127) . وروايته أخرجها أبو داود 4/174، وعنه البيهقي في الدلائل 4/262، وابن سعد في الطبقات 2/172، والدارمي 1/32، كلهم من طريق محمّد ابن عمرو عنه - مرسلاً. وفيه: "فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتلت".
قال البيهقي: "ورويناه عن حماد بن سلمة عن محمّد بن عمرو بن أبي سلمة عن أبي هريرة، ويحتمل أنه لم يقتلها في الابتداء، ثم لما مات بشر بن البراء أمر بقتلها. والله أعلم". اهـ.
قلت: وبالإسناد الذي وصله البيهقي يكون الحديث حسناً. فإن محمّد بن عمرو الليثي، صدوق، له أوهام. (ر: التهذيب 9/333، التقريب 2/196) .
4 حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أخرجه البخاري في كتاب الهبة باب (28) . (ر: فتح الباري 5/230) ، ومسلم 4/1721، وأبو داود 4/173، أحمد في مسنده 3/218، وأبو نعيم في الدلائل ص 197، والبيهقي في الدلائل 4/259.
5 حديث الشاة المسمومة، رواه أبو هريرة رضي الله عنه، وأخرجه البخاري في كتاب الجزية باب (7) . (ر: فتح الباري6/272) ، وأبوداود4/173، والدارمي1/33، والبيهقي في الدلائل 4/256.
6 حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أخرجه أبو نعيم في الدلائل ص 196، والحاكم 4/109، وصححه ووافقه الذهبي، وذكره الهيثمي في المجمع 8/299، وقال: "رواه البزار". (كشف الأستار 3/141) . ورجاله ثقات.
7 حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، أخرجه أحمد في مسنده1/305، وابن سعد 2/200، 201، كلاهمامن طريق عبادبن العوام عن هلال بن خباب عن عكرمة عنه.
وعزاه السيوطي في الخصائص 1/425، أيضاً إلى أبي نعيم.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 8/298، وقال: "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، غير هلال بن خباب، وهو ثقة". اهـ.
قلت: وهو ثقة كما قال الهيثمي. (ر: الجرح والتعديل 9/75) .(2/772)
28- معجزة: روى فهد1 بن عطية، قال: "أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبي وقد شَبَّ ولم يتكلم / (2/155/أ) قط، فقال له: من أنا؟ فقال: أنت رسول الله2.
وهذه الآية مضاهية لآية المسيح في كلامه المجنون الأخرس، وكما لا يقدح تكذيب اليهود لا يقدح تكذيب النصارى لآية محمّد عليه السلام.
29- معجزة: قال مُعَرِّض3 بن معيقب: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فرأيت عجباً، أتي بصبي يوم ولد فقال له: من أنا؟ قال رسول الله. فقال له: صدقت بارك الله فيك. وذلك في حجّة الوداع بمكّة فهو مبارك اليمامة صدق الله ورسوله"4.
__________
1 قال الخفاجي في نسيم الرياض 3/97: "قال البرهان الحلبي: لا أعرفه بدال ولا براء، والذي في البيهقي أنه شمر بن عطية بعض أشياخه فيحتمل أنه تحرف على الناسخ".
وقال القاري: "وكلاهما لا يعرف على ما ذكره الدلجي تبعاً للحلبي".
2 أخرجه البيهقي في الدلائل 6/61، عن أبي عبد الله الحافظ، ثنا أبو العباس محمّد بن يعقوب، ثنا أحمد بن عبد الجبار، ثنا يونس بن بكير عن الأعمش عن شمر بن عطية عن بعض أشياخه قال:....، فذكره.
قلت: إسناده منقطع وفيه جهالة ظاهرة، وشمر بن عطية الأسدي صدوق، من السادسة. (ر: التقريب 1/354) .
3 مُعَرِّض بن مُعَيقيب اليمامي، جاء منه حديث في المعجزات تفرد به ولده عنه، قال ابن السكن: "له حديث في أعلام النبوة لم أجده عند الكديمي عن شيخ مجهول فلم أتشاغل بتخريبه". اهـ. (ر: الإصابة 6/124) .
4 أخرجه ابن قانع. (ر: الإصابة 6/124) ، والبيهقي في الدلائل 6/59، كلاهم من طريق محمّد بن يونس الكديمي عن شاصونه بن عبد عبيد عن معرض بن عبد الله بن معرض بن معيقيب اليماني من أبيه عن جدّه.
قال الحافظ: "ومعرض وشيخه مجهولان، وكذلك شاصونه، واستنكروه على الكديمي". اهـ.
وقال السيوطي في المناهل ص 135: "أخرجه البيهقي وابن عساكر، وقال ابن دحية: إنه موضوع" اهـ.
قلت: الكديمي ضعيف. وقد تقدمت ترجمته. (ر: ص 757) ، وقال ابن عدي عنه. اتهم بوضع الحديث وبسرقته، وادعى رؤية قوم لم يرهم ورواية عن قوم لا يعرفون. وترك عامة مشايخنا الرواية عنه". اهـ. (ر: الكامل 6/292) .(2/773)
30- معجزة: قال الحسن1: "أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أنه طرح بُنَيَّة له في وادي كذا، فمضى معه إلى الوادي وناداها باسمها: يا فلانة أجيْبِي بإذن الله. فخرجت وهي تقول: لبيك وسعديك. فقال لها: إن أبويك قد أسلما فإن أحببت أن أردك إليهما، فقالت: لا حاجة لي بهما وجدت الله خيراً لي منهما"2.
31- معجزة: ومن معجزاته حياة الشاب الأنصاري بعد موته: قال أنس: "توفي شاب من الأنصار وله أم عجوز عمياء قال أنس: فسجيناه وعزيناها، فقالت: أمات ولدي؟ قلنا: نعم. فقالت: اللهم إن كنت تعلم/ (2/155/ب) إني هاجرت [إليك] 3 وإلى نبيّك رجاء أن تعينني على كلّ شدّة، فلا تحملن عليّ هذه المصيبة، قال أنس: فما برحنا حتى كشف الثوب عن وجهه فطعم وطعمنا4.
__________
1 هو: الحسن البصري. رحمه الله.
2 الحديث لم يخرجه السيوطي في مناهل الصفا ص 135.
وقال القاري في شرحه للشفا 3/99: "والحديث عن الحسن لم نعلم من رواه، كذا ذكره الدلجي ... ، ثم رأيت الحديث في دلائل البيهقي صريحاً في إحيائها حديث ذكر ... ، " الخ. اهـ.
قلت: لم أقف عليه في دلائل البيهقي، وقد أورده الماوردي في أعلام النبوة ص 141.
3 هذه الإضافة من الشفا 1/615.
4 أخرجه ابن أبي الدنيا في كتابه: (من عاش بعد الموت ص 19، 20) ، وابن عدي. (ر: الكامل4/62) ، وأبو نعيم في الدلائل ص618، والبيهقي في الدلائل6/50، 51، كلّهم من طريق صالح المري عن ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: ... ، فذكره.
قال ابن عدي: "صالح بن بشير المُرِّي البصري هو رجل قاص، ضعفه ابن معين، والبخاري، وأحمد بن حنبل، والنسائي، وقال ابن عدي: عامة أحاديثه منكرات ينكرها الأئمة عليه، وليس هو بصاحب حديث، وإنما أتي من قلة معرفته بالأسانيد والمتون، وعندي مع هذا لا يتعمد الكذب بل يلغط بينا". (ر: الكامل 4/64، التقريب 1/358) .(2/774)
قال المؤلِّف: قال نقلة الإنجيل: "إن المسيح أحيا ابن المرأة"1، وهذه الآية أعظم شأناً منها؛ إذ هي جرت على يد امرأة ضعيفة من أتباع نبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم ببركة هجرتها إليه صلى الله عليه وسلم فكما لا يضرّ ردّ اليهود لآية المسيح فكذلك لا يضرّ ردّ النصارى لآية محمّد صلى الله عليه وسلم.
32- معجزة: عن عبد الله بن عبيد الله الأنصاري، قال: كنت فيمن دفن ثابت2 بن قيس بن الشماس وكان قتل باليمامة فسمعناه حين أدخلناه القبر يقول: محمّد رسول الله، أبو بكر الصّدِّيق، عمر الشهيد، عثمان الرحيم، فنظرنا فإذا هو ميّت"3.
33- معجزة: أخرى من جنسها، قال النعمان4 بن بشير: "بينا زيد5 بن خارجة ماراً في بعض سكك المدينة إذخَرَّ ميتاً فرفع وسُجِّي فسمعوه بين العشائين النساء يصرخن حوله يقول: "أنصتوا أنصتوا.
__________
1 يوحنا 11/1-46.
2 ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري الخزرجي، خطيب الأنصار، شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، استشهد في يوم اليمامة سنة 12هـ، له حديث واحد. (ر: الاستيعاب 1/200، سير أعلام النبلاء 1/308، الإصابة 1/203) .
3 أخرجه ابن أبي الدنيا في كتابه من عاش بعد الموت ص 29، والبيهقي عنه في الدلائل 6/58، عن خلف بن هشام البزار عن خالد الطحان عن حصين بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عبيد الأنصاري: أن رجلاً من قتلى مسيلمة تكلم، فقال: محمّدرسول الله أبوبكر الصّدِّيق عثمان اللين الرحيم، لا أدري أيش قال لعمر".اهـ.
قلت: إسناده ضعيف. فإن عبد الله بن عبيد الأنصاري، مجهول، من الثالثة. (ر: التقريب 1/431) .
4 النعمان بن بشير الأنصاري الخزرجي، أوّل مولود بعد الهجرة النبوية، الصحابي المعروف، له مائة وأربعة عشر حديثاً.
5 زيد بن خارجة الأنصاري الخزرجي، شهد بدراً، قال الذهبي: المتكلم بعد الموت على الصحيح، توفي زمن عثمان بن عفان، له حديث واحد. (ر: الاستيعاب 2/547، التجريد 1/198، الإصابة 3/27) .(2/775)
وحسر عن وجهه/ (2/156/أ) وقال: محمّد رسول الله النبي الأمّيّ خاتم النّبيّين كان ذلك في الكتاب الأوّل، ثم قال: صدق صَدق [وذكر أبا بكر وعمر وعثمان] 1، ثم قال: السلام عليك يا رسول الله، ثم خرَّ ميتاً كما كان"2.
34- معجزة: قال سعد بن أبي وقاص وجماعة من الصحابة: لما كان يوم أحد أصيبت عين [قتادة] 3 حتى وقعت على وجنته فردّها رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت أحسن عينيه4.
__________
1 هذه الإضافة من الشفا 1/616.
2 أخرجه ابن أبي الدنيا في كتابه: (من عاش بعد الموت ص 22) ، وعنه البيهقي في الدلائل 6/55، عن أبي مسلم عبد الرحمن بن يونس عن عبد الله بن إدريس عن إسماعيل بن أبي خالد، قال: جاءنا يزيد بن النعمان بن بشير بكتاب أبيه النعمان بن بشير ... ، فذكره في سياق طويل.
ثم رواه البيهقي في الدلائل 6/57، عن أبي نصر بن قتادة عن أبي عمرو بن نجيد عن عليّ بن الحسين بن الجنيد عن المعافي بن سليمان عن زهير بن معاوية عن إسماعيل بن أبي خالد ... ، فذكره. قال البيقهي: "هذا إسناد صحيح". اهـ.
وله شواهد، منها: حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أخرجه ابن أبي الدنيا في: (من عاش بعد الموت ص 26، 27) .
ورواية سعيد بن المسيب أخرجها البيهقي 6/55، 56، وقال: "هذا إسناد صحيح، وله شواهد". اهـ.
وقال ابن كثير في الشمائل ص 298-301، 565،: "وأما قصة زيد بن خارجة وكلامه بعد الموت وشهادته للبني ولأبي بكر وعمر وعثمان بالصدق فمشهورة مروية من وجوه كثيرة صحيحة". اهـ.
3 في ص، م: (أبي قتادة) ، وصححت من للشفا 1/617.
وهو قتادة بن النعمان الأوسي الظفري. صحابي مشهور، يكنى أبا عمرو، مات في خلافة عمر - رضي الله عنهم -. له سبعة أحاديث.
4 أخرجه ابن إسحاق، قال: "حدّثني عاصم بن عمر بن قتادة قال: ... ، فذكره. (ر: السيرة 9/119) ، وعنه البيهقي في الدلائل 3/215، وإسناده منقطع، وقد وصله أبو نعيم في الدلائل ص 483، من طريق ابن إسحاق عن عاصم بن عمر عن محمود ابن لبيد عن قتادة بن النعمان ... ، فذكره.
وأوردهالحافظ في الإصابة5/230بالإسنادالسابق وعزاه أيضاًللدارقطني وابن شاهين.
قلت: إسناده صحيح، فإن ابن إسحاق إمام في المغازي، وقدصرح بالسماع من عاصم.
وأما عاصم بن عمر بن قتاة الأوسي، فهو ثقة عالم بالمغازي.
وأما محمود بن لبيد الأوسي، فإنه صحابي صغير وجل روايته عن الصحابة. (ر: التقريب 1/385، و2/233) .
وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري عن قتادة أخرجه البيهقي في الدلائل 3/253، وعزاه الحافظ في الإصابة 5/230 إلى الدارقطني أيضاً.(2/776)
قال المؤلِّف: هذا أغرب مما نقلته التوراة عن يوسف الصّدِّيق عليه السلام في عيني أبيه، فقد جمع الله لنبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم ما تفرق من آيات الرسل والأنبياء وذلك فضل من الله يؤتيه من يشاء.
35- معجزة: نقل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أثر سهم في وجه أبي1 قتادة الأنصاري في يوم ذي قَار2، قال أبو قتادة: فما ضرب عليّ ولا قاح3.
__________
1 هو: أبو قتادة بن ربعي الأنصاري، الصحابي المعروف بكنيته، واختلف في اسمه فالمشهور أنه الحارث، وقيل: النعمان أو عمرو.
2 وتسمى: غزوة الغابة. وهي ماء على ليلتين - وقيل: ليلة من المدينة بينهما وبين خيبر وكانت سنة ست من الهجرة الشريفة. (ر: السيرة 3/390-400، لابن هشام، المغازي ص 333، وما بعدها للذهبي) .
3 أخرجه الواقدي في مغازيه 2/544، 545، والحاكم 3/480، كلاهما من طريق يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن جدّه رضي الله عنه. قال: "أدركني رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم ذي قرد فنظر إليّ، فقال: اللهم بارك له في شعره، وبشّره. وقال: أفلح وجهك. قلت: ووجهك يا رسول الله. قال: قتلت مسعدة. قلت: نعم. قال: فما هذا الذي بوجهك؟ قلت: سهم رميت به يا رسول الله. قال: فادن. فدنوت منه فبصق عليه فما ضرب عليّ قط ولا قاح". اهـ. وسكت عنه الحاكم والذهبي.
قلت: يحيى بن عبد الله ذكره البخاري في تاريخه 8/283، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 9/160، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً.
وعبد الله بن أبي قتادة الأنصاري، ثقة من الثانية. مات سنة 95. (ر: التقريب 1/441) .
وتابع يحيى عليه عكرمة بن عبد الله بن أبي قتادة، أخرجه البيهقي في الدلائل 4/91-193، في سياق طويل.
وتابعه أيضاً عليه ثابت بن عبد الله بن أبي قتادة به ذكره الحافظ في الإصابة 7/155، وعزاه إلى أبي نعيم والطبراني، قال الطبراني: "لم يروه عن أبي قتادة إلاّ ولده ولا سمعناه إلاّ من عنده". اهـ. بتصرف.
وثابت بن عبد الله بن أبي قتادة، ذكره ابن حبان في الثقات 4/91، وله ترجمة في التاريخ الكبير 2/168.(2/777)
36- معجزة: روى النسائي عن عثمان1 بن حنيف، قال: جاء أعمى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ادع الله أن يكشف لي بصري. قال: انطلق فتوضأ ثم صل ركعتين ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيّك محمّد نبيّ الرحمة، يا محمّد إني أتوجه بك / (2/156/ب) إلى ربّك أن يكشف عن بصري. اللهم شفّعه فِيَّ. قال: فرجع الأعمى وقد كشف الله عنه بصره2.
قال المؤلِّف: هذه الآية تُؤمه آية3 الإنجيل، وتؤمه آية اليسع في نعمان الرومي وقد حكيناهما فيما تقدم4.
__________
1 عثمان بن حنيف بن واهب الأنصاري رضي الله عنه، أبو عبد الله أخو سهل بن حنيف، عمل لعمر ثم لعلي، سكن الكوفة، وتوفي في خلافة عثمان، وتوفي في خلافة عثمان، وله حديثان. (ر: الاستيعاب 3/1033، سير أعلام النبلاء 3/320، الإصابة 4/220) .
2 أخرجه أحمد في مسنده4/138، والترمذي5/531، والنسائي في عمل اليوم والليلة ص 204، 205، وابن ماجه. (ر: صحيح ابن ماجه 1/231) ، والحاكم 1/313، والبيهقي في الدلائل 6/166، كلهم من طريق عثمان بن عمر عن شعبة عن أبي جعفر، قال: سمعت عمارة بن خزيمة يحدّث عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه، أن: ... ، فذكره.
قال الترمذي: "حسن صحيح غريب لا يعرف إلاّ من هذا الوجه".
وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي.
وقال البيهقي: "ورويناه في كتاب الدعوات بإسناد صحيح عن روح بن عبادة عن شبعة".
قلت: وهذا الحديث مما استدل به المبتدعة على جواز التوسل في الدعاء بجاه النبي صلى الله عليه وسلم، أو غيره من الصالحين أو التوسل بالذات، ولكن هذا الحديث لا حجّة لهم فيه، بل هو دليل على النوع الثالث من أنواع التوسل المشروع وهو التوسل إلى الله تعالى بدعاء الرجل الصالح. (للتوسع ر: التوسل ص 75، وما بعدها، للألباني، والتوصل إلى حقيقة التوسل ص 236، وما بعدها للرفاعي) .
3 أي: تُنْسي، وأصله: أَمِهَ. أي: نسي. (ر: القاموس ص 1603) .
4 ر: ص: 179.(2/778)
37- معجزة: ومن معجزاته عليه السلام إبراء علّه الاستسقاء: مرض ابن ملاعب الأسنة1 بالاستسقاء فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولاً، فأخذ عليه السلام قبضة من الأرض فتفل عليها ثم أعطاها رسوله فأخذها متعجباً يرى أنه قد هزى به. فأتاه بها وهو على شفا2 فشربها الرجل فشفاه الله تعالى3.
قال المؤلِّف - رحمه الله - حكت التوراة4 أن موسى أمر قومه أن يسقوا مَنِ اتَّهمها زوجها بالزنى من طين يكون أسفل المذبح مخلوط برماد بقرة، فإن كانت المرأة فجرت أسفح بطنها وفخذاها5، وإن كانت برية سلمت من ذلك وحملت بذكر6، وهذه الآية أنْزل منها.
__________
1 قال البرهان الحلبي: إن ابن ملاعب الأسنة لا يعرف اسمه ولا ترجمته, وأما ملاعب الأسنة فهو: عامر بن مالك العامري الكلابي، أبو براء يقال له أيضاً ملاعب الرماح لتقدمه وشجاعته في الحرب فكأنه يلاعبها. (ر: نسيم الرياض 3/106، وبهامشه شرح القاري) .
وقال الذهبي في التجريد1/288: "إنه عم عامربن الطفيل، والصحيح أنه لم يسلم، وقد قدم المدينة فعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام فلم يسلم".اهـ. (ر: أيضاً الإصابة4/16) .
2 شفا: هو حرف كل شيء، والمراد به هنا: الاحتضار.
3 أخرجه الواقدي في مغازيه1/350، وعنه أبو نعيم في الدلائل ص513، 514، عن عروة.
قلت: الواقدي متروك. وقد تقدم ذكره. (ر: 760) .
4 ورد ذلك في سياق طويل جدّاً في سفر العدد 5/11-31.
5 في التوراة: "يرم بطنها ويسقط فخذها".
6 في م: بكرا.(2/779)
38- معجزة: روى العقيلي1 عن حبيب2 بن فديك أن أباه ابيضت عيناه فكان لا يبصر به شيئاً فنفث رسول الله صلى الله عليه وسلم/ (2/157/أ) في عينيه فأبصر، فرأيته بعد يدخل الخيط في الإبرة وهو ابن ثمانين سنة3.
39- معجزة: لما تعسر فتح خيبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأعطين الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله. فلما أصبح دعا عليّاً رضوان الله عليه وكان أرمد، فجيء به يقاد فتفل في عينيه فبرأ لوقته، وتقدم بالراية4.
وفي هذه القصة عدة من الآيات شفاء عينيه، والإخبار عن دوام حياته وحياة الرسول إلى الغد، وأن خيبر لم تفتح قبل الغد مع كونها محصورة، وأن عليّاً رضوان الله عليه محبوب الله، وأن الفتح يكون على يده.
__________
1 هو: الإمام الحافظ أبو جعفر محمّد بن عمرو بن موسى صاحب كتاب الضعفاء، ثقة جليل، توفي سنة: 322هـ، بمكّة المكرّمة. (ر: شذرات الذهب 2/295، والأعلام 6/319) .
2 حبيب بن فويك، ويقال: بدل الواو: دال، ويقال: راء، ابن عمر السلاماني، أبو فديك، وهو من بني سلامان بن سعد، وقد قدم في وفد بني سلامان على النبي صلى الله عليه وسلم في شوّال سنة عشر من الهجرة، وله حديثان كما ذكر الحافظ في الإصابة. (ر: الاستيعاب -/322، والتجريد 1/199، والإصابة 1/322، 323) .
3 أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 6/328، وعنه أبو نعيم ص 466، والبيهقي 6/173، كلاهما في الدلائل. قال: ثنا محمّد بن بشر عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن رجل من بني سلامان بن سعد عن أمه أن خالها حبيب بن فديك حدّثها ... ، فذكره.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد8/301، وقال رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم. اهـ.
وأورده الحافظ في الإصابة 1/323، وقال: "ابن السكن: لم يروه غير محمّد بن بشر ولا أعلم لحبيب غيره، ثم ذكر له الحافظ حديثاً آخر رواه ابن منده.
4 أخرجه البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه، في كتاب الفضائل باب (9) . (ر: فتح الباري 7/70) ، ومسلم 4/1871، 1872، عن سعد بن أبي وقاص وعن سهل بن سعد رضي الله تعالى عنهما.
والبيهقي في الدلائل 4/205-213، عن سهل بن سعد وأبي هريرة وسلمة بن الأكوع وبريدة - رضي الله عنهم أجمعين -.(2/780)
40- معجزة: ورُمي كلثوم1 بن الحصين يوم أحد في نحره فتفل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فبرأ2، وتفل على ضربة بساق سلمة3 بن الأكوع يوم خيبر فبرأت4.
وأصاب السيف رجل زيد5 بن معاذ فتفل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصحت وبرأت6.
__________
1 هو: أبو رُهم الغفاري رضي الله عنه، الصحابي المشهور باسمه وكنيته، وله أربعة أحاديث.
2 لم يخرجه السيوطي في المناهل ص 137.
وقال القاري في شرحه للشفا 3/108: "قال الدلجي: لا أدري من رواه".
قلت: ذكره الحافظ في الإصابة 7/68، في ترجمة كلثوم بن حصين. فقال: وذكر أبو عروبة أنه رمي بسهم في نحره يوم أحد فبصق عليه صلى الله عليه وسلم فبرأ.
3 هو: سلمة بن عمرو بن الأكوع، الصحابي المعروف، له سبعة وسبعون حديثاً.
4 أخرجه البخاري في كتاب المغازي باب غزوة خيبر. (ر: فتح الباري 7/457) ، وأحمد في مسنده 4/48، والبيهقي في الدلائل 4/251، كلهم من طريق مكي بن إبراهيم عن يزيد بن أبي عبيد، قال: ... ، فذكره.
5 زيد بن معاذ الأنصاري، أخو سعد سيّد الأوس، فيمن قتل كعب بن الأشرف، ذكره عبد بن حميد في التفسير، وقال الحافظ: "لم أر له ذكراً إلاّ في هذه الرواية". اهـ. (ر: الإصابة 3/34) .
6 قال السيوطي في المناهل ص 137: "أخرجه عبد بن حميد في تفسيره عن عكرمة. وأخرجه الواقدي بأسانيد لكن قال الحارث بن أوس بدل زيد بن معاذ، وأخرجه البيهقي في الدلائل3/192، 199، من حديث جابر. وقال بدلهما عباد بن بشر. اهـ.
قلت: الحديث أخرجه ابن إسحاق، قال: فحدّثني ثور بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس، قال: فذكره في سياق طويل في قتل كعب بن الأشرف اليهودي، وبأن الذي أصيب هو الحارث بن أوس. (ر: السيرة 3/81) .
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 6/199، وقال: "رواه الطبراني، وفيه ابن إسحاق وهو مدلِّس وبقية رجاله رجال الصحيح". اهـ.
إلاّ أن ابن إسحاق قد صرح بالسماع فينتفي تدليسه. وإسناده متصل، وقد أشار الحافظ في الفتح 7/338، في كتاب المغازي باب قتل كعب بن الأشرف إلى حديث ابن عباس من طريق ابن إسحاق، وقال الحافظ: وعند ابن إسحاق بإسناد حسن عن ابن عباس.
وأخرجه البيهقي في الدلائل 3/187-200، من طرق أخرى.(2/781)
41- معجزة: انكسرت ساق عليّ1 بن الحكم يوم الخندق فتفل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم / (2/157/ب) فبرأ مكانه ولم ينْزل عن فرسه2.
42- معجزة: اشتكى عليّ وجعاً فركله برجله، وقال: اللهم اشفه، فما اشتكى ذلك الوجع بعد3.
43- معجزة: قطع أبو جهل يوم بدر يد معوَّذ4 بن عفراء فجاء يحمل يده فبصق عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وألصقها فلصقها فلصقت وصحت مثل أختها5. رواه ابن6 وهب.
__________
1 عليّ بن الحكم السلمي، أخو معاوية بن الحكم، له صحبة. من أهل قباء. (ر: الاستيعاب 3/1089، الإصافة 4/268) .
2 أخرجه البيهقي في الدلائل 6/185، من كتاب المعجم لأبي القاسم البغوي، وذكره ابن حجر في الإصابة 4/268، وقال: "روى البغوي والطبراني وابن السكن وابن منده من طريق كثير بن معاوية بن الحكم السلمي عن أبيه، قال: ... ، فذكره.
قال ابن منده: "غريب لا نعرفه إلاّ من هذا الوجه".
وقال ابن حجر: "في الإسناد صفار بن حميد لا يعرف". اهـ.
3 أخرجه الترمذي 5/523، والإمام أحمد في مسنده 1/128، وفي فضائل الصحابة 2/697، والحاكم2/620، 621، وأبو نعيم في الدلائل ص450، 451، والبيهقي 6/179، كلهم من طريق شعبه عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة رضي الله عنه.
قال الترمذي: "وهذا حديث حسن صحيح".
وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي".
4 معوّذ بن الحرث النجّاري الأنصاري الخزرجي المعروف بابن عفراء، وهي أمه وأخوه معاذ، وقد ثبت ذكرهما في صحيح البخاري في قصة بدر في قتل أبي جهل وفيه - فضربه ابنا عفراء حتى برد - وهما معوذ ومعاذ -.
وقال ابن عبد البر: "كان ممن قتل أبا جهل ثم قاتل بعد ذلك حتى استشهد، قتل أبو مسافع". (ر: الاستيعاب 4/1442، الإصابة 6/107، 129) .
5 لم يخرجه السيوطي في المناهل ص 138، ولم أقف على تخريجه.
6 هو: عبد الله بن وهب بن مسلم، القرشي، أبو محمّد، المصري، الفقيه، ثقة، حافظ، عابد، توفي سنة 197هـ. (ر: سير أعلام النبلاء 9/223، والتهذيب 6/65، والتقريب 1/460) .(2/782)
قال المؤلِّف: هذه والله أبهر للعقول من آية الإنجيل في اليد اليابسة1، وفي أذن العبد ملخس ليلة الفزع2، فالويل لمن كذب بشيء من ذلك.
44- معجزة: أصيب شقّ خبيب3 بن يساف يوم بدر حتى مال فردّه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ونفث عليه فبرأ وصحّ4.
قال المؤلِّف: هذا نظير ما حكوه من شفاء المخلع في الإنجيل.
45- معجزة: جاءت امرأة من خثعم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبي لها لم يتكلم، فأخذ عليه السلام ماء فتمضمض به وغسل يديه فأعطاها إيّاه وأمر بسقيه الصبي، ففعلت فبرأ الغلام وعقل عقلاً يفضل عقول
__________
1 متى 12/9-13، مرقص 3/1-6.
2 يوحنا 18/10.
3 خُبَيب بن يَساف ويقال: يَسَاف بن عِنَبة الأنصاري الأوسي، شهد المشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم ومات في خلافة عمر، وقيل: في خلافة عثمان - رضي الله عنهم -. (: الاستيعاب 2/443، سير أعلام النبلاء 1/501، الإصابة 2/103) .
4 أخرجه البيهقي في الدلائل 3/97، 6/178، وأحمد بن منيع. (ر: الإصابة 2/103) ، من طريق محمّد بن إسحاق والمسلم أبي سعيد كلاهما عن خبيب بن عبد الرحمن بن خبيب بن يساف عن أبيه عن جدّه، قال: ... ، فذكره.
وأورده أبو نعيم في الدلائل ص 484، عن ابن إسحاق معلقاً.
قلت: إسناده صحيح، فإن خبيب بن عبد الرحمن ثقة. (ر: الجرح 3/378، والتقريب 1/222) ، وأبوه عبد الرحمن، قال عنه الحافظ في التعجيل ص 166: "عن أبيه وله صحبة، وعنه ابنه، وذكره ابن حبان في الثالثة من الثقات. (6/274) ، وكأنه لم يثبت له من والده سماع، أو ظن أ، والده ليس من الصحابة". اهـ. (ر: من روى عن أبيه عن جدّه ص 193، 194، لابن قطلوبغا) .(2/783)
الناس وتكلم1. وهذه نظيرة آية الإنجيل وأبهر منها.
46- معجزة: قال/ (2/158/أ) ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: "جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بابن لها به جنون فمسح صدر الصبي فثع2 ثعة فخرج منه مثل الجرو الأسود فذهب وعوفي الغلام"3.
قال المؤلِّف: من نازعنا في هذه الآية وما يشاكلها، قلنا له: ما دليلك على أن المسيح أخرج الجني من ابن الرجل الذي سأله4، ومن مريم خادمته5؟ فما أجاب به فهو جواب لنا.
__________
1 أخرجه الإمام أحمد في مسنده 6/379، وأبو نعيم في الدلائل ص 464، وابن أبي شيبة في المصنف 6/321، رقم: 31755، كلهم من طريق يزيد بن أبي زياد عن سليمان بن عمرو بن الأحوص الأزدي عن أمه أم جندب قالت: ... ، فذكرته.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 9/6، وقال: "رواه أحمد والطبراني ورجاله وثقوا، وفي بعضهم ضعف".
قلت: يزيد بن أبي زياد الهاشمي، مولاهم، الكوفي، ضعيف، كبر فتغير وكان شيعياً، من الخامسة، مات سنة 36هـ. (ر: التهذيب11/287، والتقريب2/365) ، وسليمان ابن عمرو بن الأحوص الجشمي، كوفي، مقبول من الثالثة. (ر: التقريب 1/328) .
2 الثَّعُ: القيء، والثَّعة: المرة الواحدة. (ر: النهاية 1/212) .
3 أخرجه أحمد في مسنده1/254، 268، والدارمي1/11، 12، وأبو نعيم ص465، 466، والبيهقي 6/182، 187، كلاهما في الدلائل، كلهم من طريق حماد ابن سلمة عن فرقد السبخي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ... ، فذكره.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 9/5، وقال: "رواه أحمد والطبراني وفيه فرقد السبخي، وثّقه ابن معين والعجلي، وضعّفه غيرهما".
قلت: فرقد بن يعقوب السبخي، أبو يعقوب البصري، صدوق، عابد، لكنه لين الحديث كثير الخطأ، من الخامسة. (ر: الجرح والتعدل7/81، 82، والتقريب2/108) .
4 متى 17/14-21، مرقص 9/14-29، لوقا 9/37-43.
5 لوقا 8/2، 3.(2/784)
47- معجزة: كان في كفّ شرحبيل1 الجعفي سلعة2 تمنعه القبض على السيف وعنان الدابة، فشكاها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فما زال عليه السلام يمسحها بكفه المباركة حتى رفع كفّه وقد زالت ولم يبق لها أثر3.
48- معجزة: سألت جارية رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً وهو يأكل فأعطاها من بين يديه وكانت قليلة الحياء، فقالت: إنما أريد من الذي في فيك. فناولها من فيه - ولم يكن عليه السلام يسأل شيئاً فيمنعه - فلما استقرّ في جوفها ألقى عليها من الحياء ما لم تكن امرأة بالمدينة أشدّ حياء منها ببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم4.
__________
1 شرحبيل بن عبد الرحمن الجفعي، قال ابن السكن وأبو حاتم وابن حبان: له صحبة. سكن البصرة. (ر: الاستيعاب 2/700، الإصابة 3/200) .
2 سِلْعَة: هي زيادة في البدن بين الجلد واللحم كالغدة تتحرك إذا حركت وتكون من حمصة إلى بطيخة. (ر: القاموس ص 942) .
3 أخرجه البخاري في التاريخ الكبير 4/250، والطبراني في المعجم الكبير 7/267، والبيهقي في الدلائل 6/176، كلهم من طريق يونس بن محمّد المؤدب عن حماد بن يزيد عن مخلد بن عقبة بن شرحبيل الجعفي عن جدّه عبد الرحمن عن أبيه قال: ... ، فذكره.
وعزاه الحافظ في الإصابة 3/200، أيضاً إلى ابن السكن والبغوي.
وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 8/301، وقال: "رواه الطبراني ومخلد ومن فوقه لم أعرفهم، وبقية رجاله رجال الصحيح".
قلت: مخلد بن عقبة بن شرحبيل بن السمط الكندي، قال العلائي في الوشي: لا أعرف حال عقبه ولا مخلد. (ذكره الحافظ في اللسان 6/9) ، وذكره ابن أبي حاتم 8/348، ولم يذكر فيه جرحاً أو تعديلاً.
وحماد بن يزيد بن مسلم المقري، أبو زيد، البصري، ذكره ابن أبي حاتم. 3/151، ولم يذكر فيه جرحاً أو تعديلاً.
4 أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 8/236، 275، عن أبي أمامة رضي الله عنه.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 8/351، 9/24، وقال: "رواه الطبراني وفيه: عليّ ابن يزيد الألهاني، وهو ضعيف".اهـ. وهو كما قال الهيثمي. (ر: التقريب 2/46) .(2/785)
49- ومن معجزاته / (2/158/ب) إجابة دعائه وهذا باب متسع جدّاً، وإجابة دعائه صلى الله عليه وسلم متواتر معلوم ضرورة فكان إذا دعا لرجل أدركت الدعوة ولده وولد ولده.
قال أنس: "قالت أمي: يا رسول الله خويدمك أنس ادع الله له. فقال: اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما آتيته. قال أنس: فوالله إن مالي لكثير وإن ولدي وولد ولدي ليعادُّون اليوم على نحو المائة وما أعلم أحداً أصاب من رفيع العيش ما أصبت، ولقد دفنت بيدي هاتين مائة من ولدي ولا أقول سقطاً ولا ولد ولد"1.
ودعا صلى الله عليه وسلم لبعد الرحمن بن عوف بالبركة2. قال عبد الرحمن: "فلو رفعت حجر لرجوت أن أصيب تحته ذهباً3، ومات عبد الرحمن فحفر الذهب في تركته بالفؤس حتى مَجَلَت منه4 أيدي الرجال وكان له أربع زوجات فأخذت كلّ زوجة في ربع الثمن مائة ألف درهم5، وقيل: بل صولحت مطلقته في مرضه على ثمانين ألف6، وأوصى عبد الرحمن بخمسين ألفاً بعد صدقاته / (2/159/أ)
__________
1 أخرجه البخاري في كتاب الصوم باب (61) . (ر: فتح الباري 2/284) ، ومسلم 4/1929، والإمام أحمد في مسنده 3/108، 188، 248، والترمذي 5/639-641، والبيهقي في الدلائل 6/194-197، عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
2 أخرجه البخاري في كتاب النكاح باب (56) . (ر: فتح الباري 9/221) ، ومسلم 2/1042، والبيهقي في الدلائل 6/218، عن أنس رضي الله عنه. وفي الحديث دعاء النبي لعبد الرحمن لفظ: "بارك الله لك".
3 أخرجه أبو داود 2/235، مختصراً، والبيهقي في الدلائل 6/19، في سياق طويل كلاهما من طريق حماد بن سلمة عن ثابت البناني وحميد الطويل عن أنس بن مالك رضي الله عنه. قلت: إسناده صحيح.
4 مَجَلَت: قرحت من العمل. والمَجْل أو المَحْلَة: قشرة رقيقة يجتمع فيها ماء من أثر العمل. (ر: القاموس ص 1365) .
5 ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء 1/90، من طريق معمر عن ثابت عن أنس.
6 أخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب 2/847، عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف.
وقال ابن عبد البر: "وقد روى غير ابن عيينة في هذا الخبر أنها صولحت بذلك عن ربع الثمن من ميراثه".(2/786)
الماشية في حال صحّته وعوارفه الكثيرة1، وأعتق ثلاثين2 عبداً، وتصدق في مجلس واحد بقافلة فيها سبعمائة جمل بما عليها من البر والبضاعة حتى أقتابها3 وأحلاسها4 رضي الله عنه5. كلّ ذلك ببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ودعا عليه السلام لسعد بن أبي وقاص أن يجيب الله دعوته6 فما دعا قطّ إلاّ استجيب له7 فكانت دعوته مشهورة.
__________
1 ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء 1/90، من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة.
قلت: عبد الله بن لهيعة الحضرمي، أبو عبد الرحمن، صدوق، خلط بعد احتراق كتبه، مات سنة 174هـ. (ر: التقريب 1/444) .
2 أخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب 2/848، وأبو نعيم في الحلية 1/99، والحاكم 3/308، من طريق ابن إسحاق، ثنا أبو هشام الحسين بن عليّ عن جعفر بن برقان، قال: "بلغني أن عبد الرحمن بن عوف أعتق ثلاثين ألف بيت". وسكت عنه الحاكم والذهبي.
قلت: جعفر بن برقان الكلابي، صدوق يهم في حديث الزهري، من السابعة مات سنة 150هـ. (ر: التقريب 1/129) ، فإسناده منقطع.
3 الأَقْتَاب: مفرده: قَتَب: وهو: الرَّحل الصغيرعلى قدرسنام البعير. (ر: القاموس ص157) .
4 الأحلاس: مفرده: حِلْس: وهو الكساء الذي على ظهر البعير تحت البَرْذَعة ويبسط في البيت تحت حرّ الثياب. (ر: القاموس ص 694) .
5 أخرجه أحمد في مسنده 6/115، عن عبد الصمد بن حسان عن عمارة عن ثابت عن أنس. قال: " ... فذكره في سياق طويل". اهـ.
قلت: عمارة بن زاذان، الصيدلاني، صدوق كثيرةالخطأ من السابعة. (ر: التقريب2/49) .
6 عن سعد رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم استجب لسعد إذا دعاك"، أخرجه الترمذي 5/607، وأحمد في فضائل الصحابة 2/750، وابن حبان. (ر: الموارد ص 547) ، والحاكم 3/499، وأبو نعيم ص 567، والبيهقي 6/189، كلاهما في الدلائل وكلهم من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عنه. قال الترمذي: "حديث صحيح". وقال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي".
7 إنّ مما ظهر من استجابة الله تعالى لدعاء سعد ما رواه البخاري عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة رضي الله عنه. قال شكا أهل الكوفة سعداً إلى عمر رضي الله عنه، فعزله واستعمل عليهم عماراً، فشكوا حتى ذكروا أنه لا يحسن يصلي، فأرسل إليه. فقال: يا أبا إسحاق إن هؤلاء يزعمون أنك لا تحسن تصلي. قال أبو إسحاق: أما أنا والله فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخرم عنها أصلي صلاة العشاء فأركد في الأوليين وأُخُف في الأخريين. قال: ذاك - الظن بك يا أبا إسحاق - فأرسل معه رجلاً أو رجالاً إلى الكوفة فسأل عنه أهل الكوفة ولم يدع مسجداً إلاّ سأل عنه، ويثنون معروفاً. حتى دخل مسجداً لبني عبس، فقام رجل منهم يقال له: أسامة ابن قتادة يكنى أبا سَعْدة. قال: أما إذ نشدتنا فإن سعدا كان لا يسير بالسرية ولا يقسم بالسوية لا يعدل في القضية.
قال سعد: أما والله لأدعون بثلاث: اللهم إن كان عبدك هذا كاذباً قام رياء وسمعة فأطل عمره وأطل فقره وعرضه بالفتن. وكان بعد إذا سئل يقول: شيخ كبير مفتون، أصابتني دعوة سعد.
قال عبد الملك: فأنا رأيته بعد قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر وإنه ليتعرض للجواري في الطرق يغمزهن". اهـ.
أخرجه البخاري (ر: فتح الباري 2/236) ، ومسلم مختصراً 1/334، وقد ذكرت حوادث متعددة أخرى ظهرت فيها إجابة الله عزوجل دعاء سعد رضي الله عنه. ومنها في مستدرك الحاكم 3/499-501، ودلائل النبوة لأبي نعيم ص 568-569، وللبيهقي 6/189-191، والخصائص للسيوطي 2/280-282.(2/787)
ودعا عليه السلام أن يعزّ الله الإسلام بعمر فاستجيب1 له وعَزَّ بهالإسلام، قال ابن مسعود: ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر2.
وأصاب [أهل] 3الإسلام عطش فقال عمر: يا رسول الله ادع الله لنا أن يسقينا. فدعا عليه السلام فجاءت سحابة فسقت الناس حاجتهم ثم أقلعت4.
__________
1 أخرجه ابن حبان. (ر: الموارد ص 535) ، والحاكم 3/83، كلاهما من طريق هشام ابن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن البني صلى الله عليه وسلم قال: اللهم أعزَّ الإسلام بعمر بن الخطاب خاصة. قال الحاكم: "حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وابن حجر. (ر: فتح الباري 7/48) .
وله شاهد من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بمثله، أخرجه الحاكم، وقال: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي.
وشاهد آخر من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم أعزَّ الإسلام بأحب الرجلين إليك، بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب". قال: وكان أحبهما إليه عمر. أخرجه الترمذي 5/576، وقال: "حسن صحيح". وأخرجه أحمد في مسنده 15/95، وفي فضائل الصحابة 1/249، وابن حبان. (ر: الموارد ص 535) .
2 أخرجه البخاري في كتاب فضائل الصحابة باب (6) . (ر: فتح الباري 7/41، 177) ، وأحمد في فضائل الصحابة 2/277) .
3 إضافة يقتضيها السياق. والله أعلم.
4 في الشفا 1/628: "وأصاب الناس في بعض مغازيه عطش فسأله عمر الدعاء ... ". وقد تقدم تخريج الحديث الذي رواه ابن عباس عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهم -. (ر: ص: 740) ، في غزوة تبوك وفيه: أن الذي رغب الدعاء من البني هو أبو بكر الصّدِّيق رضي الله عنه.(2/788)
ودعا عليه السلام في الاستسقاء فسقوا، فجاءه أهل العوالي يشكون كثرة المطر وتهديم الدور فدعا صلى الله عليه وسلم برفعه فأقلع1.
وقال عليه السلام لأبي قتادة: "أفلح وجهك اللهم بارك له في شعره، وبشره"، فعاش سبعين سنة وكأنه ابن خمس عشرة سنة2.
وقال للنابغة3: لا يفض اللهفاك4، قال: فعاش / (2/159/ب) مائة وعشرين سنة. وقيل: أكثر من ذلك فما سقطت له سن5.
__________
1 تقدم تخريجه (ر: ص: 741) .
2 تقدم تخريجه. (ر: ص: 777) .
3 النابغة الجعدي رضي الله عنه، لَقَبُ الصحابي الشاعر المشهور أبو ليلى، اختلف في اسمه فقيل: قيس بن عبد الله، وقيل: عبد الله أو حبان، قال ابن قتيبة: عُمِّر إلى زمن ابن الزبير، ومات بأصبهان وله مائتان وعشرون سنة. وعن الأصمعي أنه عاش مائتين وثلاثين سنة. (ر: الاستيعاب 4/1516، الإصابة 6/218-220) .
4 أي: لا يسقط الله أسنانك. وتقديره: لا يكسر الله أسنان فيك. فحذف المضاف لعلم المخاطب. كما يقال: يا خيل الله اركبي: أي: يا ركاب خيل الله. (ر: غريب الحديث 1/191، للخطابي، والنهاية 3/453) .
5 أخرجه أبو نعيم ص 458، 459، والبيهقي 6/232، كلاهما في الدلائل من طريق يعلى بن الأشدق. قال: سمعت النابغة - نابغة بني جعدة يقول: أنشدت رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الشعر فأعجبه:
بلغنا السماء مجدنا وثراءنا وإنا لنرجو فوق ذلك مظهر
قال لي: إلى أين المظهر يا أبا ليلى؟ قال: قلت: إلى الجنة، قال: كذلك إن شاء الله.
فلا خير في حلم إذا لم تكن له بوادر تحمي صَفْوه أن يُكدّرا
ولا خير في جهل إذا لم يكن له حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أجدتَ لا يفضض فوك". قال يعلى: فلقد رأيته ولقد أتى عليه نيف ومائة سنة، وما ذهب له سن".
وأورده الحافظ في الإصابة 6/219، 220، بإسناد من طريق البغوي، ثم قال: أخرجه البزار والحسن بن سفيان في مسنديهما وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/74) ، والشيرازي في الألقاب كلهم من رواية يعلى بن الأشدق، وهو ساقط الحديث إلاّ أنه توبع. فقد رواه عبد الله بن جراد في غريب الحديث (1/190) ، للخطابي، و (في الدلائل 6/233 للبيهقي) ، وفي كتاب العلم للمرحبي وغيرهما عن عبد الله بن جراد قال: سمعت النابغة يقول: ... ، فذكره.
ورواه كرز بن أسامة في المؤتلف والمختلف للدارقطني والصحبة لابن السكن - وكانت له وفادة مع النابغة - فذكره.
وأورده الليثي في الأربعين البلدانية للسفلي، ورواه رجل لم يسم في مسند الحرث بن أبي أسامة، ورواه الطرماح في كتاب الشعراء لأبي زرعة الرازي، كلهم عن النابغة بألفاظ متقاربة". اهـ. بتصرف.(2/789)
وقال لابن عباس: "اللهم فقّهه في الدين وعلّمه التأويل"1. فسمي بعد الحبر2 وترجمان القرآن. وقال لعبد الله3: "اللهم بارك له في صفقة يمينه"4، فما اشترى شيئاً إلاّ ربح فيه.
ودعا عليه السلام للمقداد بالبركة5.
__________
1 أخرجه أحمد في مسنده1/266، 314، 328، 335، وفي فضائل الصحابة 2/956، وابن سعد 2/365، والحاكم 3/534، وعنه البيهقي في الدلائل 6/193، كلهم من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ... ، فذكره.
قال الحاكم: "حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي.
وأخرجه البخاري في كتاب الوضوء باب (10) . (ر: فتح الباري 1/244) ، ومسلم 4/1927، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عدا قوله: "وعلّمه التأويل".
2 الحِبْر: الأثر المستحسن، والحَبْر: بالفتح والكسر: العالم. وجمعه: أحبار. لما يبقى من أثر علومهم في قلوب الناس ومن آثار أفعالهم الحسنة المقتدي بها. وإلى هذا المعنى أشار أمير المؤمنين رضي الله عنه بقوله: "العلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة وآثارهم في القلوب موجودة". (ر: المفردات ص 106، للراغب، النهاية 1/328) .
3 هو: عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي، أبو جعفر رضي الله عنه. من المشهورين بالجود والكرم، له خمسة وعشرون حديثاً.
4 أخرجه البيهقي في الدلائل 6/220، والبغوي. (ر: الإصابة 4/48) ، من طريق فطر ابن خليفة عن أبيه عن عمرو بن حريث رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ على عبد الله بن جعفر وهو يبيع شيئاً يلعب به، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم، قال: اللهم بارك له في تجارته".
ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 9/289، وقال: "رواه أبو يعلى والطبراني ورجالهما ثقات".
وأورده السيوطي في الخصائص 2/288، وقال: "أخرجه ابن أبي شيبة وأبو يعلى والبيهقي بسند حسن". اهـ.
5 أخرجه أبو نعيم في الدلائل ص 461، عن أبي بكر الطلحي وسليمان بن أحمد، قالا: ثنا عبيد بن غنام عن أبي بكر بن أبي شيبة عن خالد بن مخلد عن موسى بن يعقوب عن عمته قُرَيْبَة بنت عبد الله بن وهب عن أمها كريمة بنت المقداد بن عمرو عن ضباعة بنت الزبير وكانت تحت المقداد، قالت: كان الناس إنما يذهبون لحاجتهم فرط اليومين والثلاث فيبعرون كما تبعر الإبل، فلما كان ذات يوم خرج المقداد لحاجته حتى بلغ الحجبة وهو ببقيع الغرقد فدخل خربة لحاجته، فبينما هو جالس إذ أخرج جرذ من حجره ديناراً، فلم يزل يخرج ديناراً دينَاراً حتى بلغ سبعة عشر دينارا، فخرج بها النبيّ صلى الله عليه وسلم فأخبرها. فقال: هل اتبعت يدك الحجر؟ قال: لا. والذي بعثك بالحق. فقال: لا صدقة عليك فيها، بارك الله لك فيها.
قالت ضباعة: فما فني آخرها حتى رأيت غرائر الوَرِقِ في بيت المقداد". اهـ.
قلت: إسناده ضعيف. فإن موسى بن يعقوب المطلبي صدوق سيّء الحفظ وعمته قريبة بنت عبد الله الأسدية مقبولة. (ر: التقريب 2/289، 2/611) .(2/790)
فصارت عنده غرائر1 من المال.
ودعا بمثل ذلك لعروة بن أبي الجعد2.
فقال عروة: لقد صرت أقوم في السوق فما أرجع حتى أربح أربعين ألفاً3.
وقال البخاري في حديثه: "فكان لو اشترى التراب لربح فيه". [روى مثل هذا لغرقدة أيضاً] 4، وندت له ناقة فدعا الله فجاءه بها إعصار ريح حتى ردّها عليه صلى الله عليه وسلم.
__________
1 الغَرَائر: الأكياس الكبيرة.
2 أخرجه البخاري في كتاب المناقب باب (28) . (ر: فتح الباري 6/632) ، وأحمد في المسند 4/375، وأبو داود 3/256، والبيهقي في الدلائل 6/220، عن عروة بن أبي الجعد البارفي رضي الله عنه:"أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه ديناراً يشتري له به شاة، فاشتر له به شاتين، فباع إحداهما بدينار، فجاء دينار وشاة، فدعا له بالبركة في بيعه، وكان لو اشترى التراب لربح فيه".
3 هذه الزيادة من قول عروة، أخرجها الإمام أحمد في المسند 4/376، وأبو نعيم في الدلائل 461، كلاهما من طريق سعيد بن زيد عن الزبير بن خريت عن أبي لبيد عن عروة البارقي، قال: ... ، فذكره في سياق طويل.
وبنفس الإسناد السابق ذكره أبو داود3/256، والترمذي3/559، ولم يذكر الزيادة السابقة.
قلت: إسناده حسن، فإن سعيد بن زيد بن درهم الأزدي وأبي لبيد لِمَازَه بن زَبَّار الأزدي صدوقان. (ر: التقريب 1/296، 2/138) .
4 هذه الإضافة من الشفا1/630، ولم يخرج السيوطي الروايتين: "دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لغرقدة - وندت له ناقة ... ". (ر: المناهل ص 46، الطبعة الحجرية القديمة) .
قال القاري في شرحه للشفا 3/121: "روي مثل هذه لغرقدة". قال الدلجي: "لا أدري من رواه". "وندت له". أي: لغرقدة (ناقة فدعا الله) أي: النبي صلى الله عليه وسلم على ما هو ظاهر الكلام ... الخ. اهـ.
وقال الخفاجي في نسيم الرياض 3/121، 122: "وروي مثل هذا لغرقدة) .
غرقدة صحابي يسمى أبا شبيب، روى عنه ابنه (وندت له ناقة) الضمير للنبي صلى الله عليه وسلم، وليس ضمير (له) لغرقدة كما توهمه البعض. "فجاء بها إعصار ريح حتى ردّها الإعصار عليه". أي: على النبي صلى الله عليه وسلم وهذا لم يُخَرِّجوه، وكون الضمير لغرقدة لا يناسب المقام وإن اتفقوا عليه ... ". اهـ. بتصرف.
قلت: قوله:"وروي مثل هذا لغرقدة"، فقدأخرجه ابن قانع في الصحابة، قال: حدّثناعلي ابن محمّد، حدّثنا مسدد، حدّثنا ابن عيينة عن شبيب بن غرغدة، حدّثني الحيّ من غرقدة أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه ديناراً ليشتري به أضحية، أو قال: شاة، فاشترى شاتين. الحديث. قال ابن قانع:"كذاقال. وهوتصحيف وإنما هو من عروة لاعن غرقدة".اهـ.
قال الحافظ ابن حجر: "وهذا الحديث في صحيح البخاري من حديث سفيان بن عيينة لكنه عن عروة بن الجعد، والحديث مشهور من حديثه، وأما غرقدة والد شبيب ذُكر في الصحابة ولا يصح، هكذا قال ابن منده".اهـ. (ر: الإصابة5/197، 198) .
أما كلام الخفاجي إن الضمير في: "وندت له ... "، يعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فهو كلام جيّد ومقبول إلاّ أن الحديث لم يخرجوه.(2/791)
ودعا عليه السلام لأم أبي هريرة1، وقد كانت نالت منه فأسلمت من ساعتها2 وقصتها مشهورة.
ودعا لعليّ - رضوان الله عليه - أن يُكفى الحرّ والبرد، فكان عليّ بعدها يلبس لباس الصيف في الشتاء ولباس الشتاء في الصيف ولا يصيبه حرّ ولا برد3.
__________
1 هي: أميمة بنت صبيح أو صفيح بن الحارث، اختلف في اسمها فجاء عن أبي هريرة أنه ابن أميمة، وترجم الطبراني في النساء ميمونة بنت صبيح أم أبي هريرة وساق قصة إسلامها. (ر: الإصابة 8/18، 19) .
2 أخرجه مسلم 4/1938، وأحمد في مسنده 2/320، والبيهقي في الدلائل 6/203، كلهم من طريق عكرمة بن عمار عن أبي كثير الغُبَري عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: ... فذكره في سياق طويل - وفيه دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم: "اللهم اهد أم أبي هريرة".
3 أخرجه ابن ماجه. (ر: صحيح ابن ماجه1/26، للألباني) ، وأبو نعيم ص462، والبيهقي 4/213، كلاهما في الدلائل من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عليّ رضي الله عنه ... ، فذكره في سياق طويل، وفيه: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لعليّ: "اللهم أذهب عنه الحرّ والبرد".
ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 9/125، وقال: "رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن"، ووافقه الألباني.(2/792)
ودعا لفاطمة سلام الله عليها: ألاّيجيعها. قالت: فماجعت قط بعدها1.
وسأله الطفيل بن عمرو آية لقومه/ (2/160/أ) فقال: اللهم نَوَّر له. فسطع نور بين عينيه، فقال الطفيل: اللهم في غير وجهي فإني أخاف أن يقولوا مُثْله2.
فتحوَّل النور إلى طرف سوطه كالقنديل، فكان يضيء في الليلة المظلمة فسمي ذا النور3.
__________
1 أخرجه أبو نعيم ص 462، والبيهقي 6/108، كلاهما في الدلائل من طريق مُسْهِر ابن عبد الملك الهمداني عن عتبة أبي معاذ البصري عن عكرمة عن عمران بن حصين رضي الله عنه، قال ... ، فذكره في سياق طويل. وفيه دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة: "اللهم مشبع الجاعة ورافع الوضعة لا تجع فاطمة بنت محمّد".
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 9/207، وقال: "رواه الطبراني في الأوسط وفيه عتبة بن حميد، وثقّه ابن حبان وغيره، وضعّفه جماعة، وبقية رجاله وثّقوا". اهـ.
قلت: عتبة بن حُنَيد الصبي. أبو معاذ أبو معاوية البصري، صدوق له أوهام. (ر: التقريب 2/4) ، وفيه أيضاً مسهر بن عبد الملك الهمداني الكوفي، لين الحديث. (ر: التقريب 2/249) .
2 أي: يعتبرها قومه عيباً وتشويهاً أصابه من آلهتهم-على حدّ زعمهم-لتركه دينهم.
3 أخرجه ابن إسحاق معلقاً. (ر: السيرة 2/25-29) ، في قصة إسلام الطفيل وقومه في سياق طويل، وعنه أبو نعيم ص 238-240، والبيهقي 5/360-363، كلاهما في الدلائل معلقاً، ووصله ابن عبد البر في الاستيعاب 2/220، عن ابن إسحاق عن عثمان بن الحويرث عن صالح بن كيسان أن الطفيل ... ، فذكره.
قلت: إسناده منقطع، فإن صالح بن كيسان لم يرو عن الطفيل. (ر: التهذيب4/350) .
وأخرجه ابن سعد في الطبقات 4/237-239، عن الواقدي وهو ضعيف. وذكره ابن عبد البر في الاستيعاب 2/221، عن هشام بن الكلبي، وفي الدرر ص 53، بدون إسناد.
وذكره الحافظ في الإصابة 3/287، في ترجمة الطفيل بن عمرو الدوسي وعزاه أيضاً إلى الطبري وأبي الفرج الأصبهاني كلاهما من طريق ابن الكلبي". اهـ.(2/793)
ودعا عليه السلام على مضر فأقحطوا حتى استعطفته قريش فدعا لهم فسقوا وأخصبوا1.
ودعا عليه السلام على كسرى أن يمزق الله ملكه2 ففعل الله ذلك وقتله ابنه شِيْروَيه3 ولم يقم بعدها للفرس قائمة.
وأخبر عليه السلام فيروز4 عامل كسرى في الليلة التي قتل فيها وهو بالمدينة، فكان الأمر كما أخبر فأسلم فيروز فأسلم من معه5.
__________
1 أخرجه البخاري في كتاب الاستسقاء وكتاب التفسير. (ر: فتح الباري 2/492، 8/173) ، ومسلم 4/2155-2157، وأحمد في المسند 1/380، 431، وأبو نعيم ص 447، والبيهقي 2/324-327، كلاهما في الدلائل عن ابن مسعود رضي الله عنه في سياق طويل - فيه - دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم على قريش لما كذبوه واستعصوا عليه، فقال: "اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف". فأخذتهم السنة حتى حصدت كلّ شيء، فأتاه أبو سفيان فقال: أي محمّد إن قومك قد هلكوا، فادع الله أن يكشف عنهم، فدعا.
2 أخرجه البخاري في كتاب الجهاد باب (101) . (ر: فتح الباري 6/108) ، وأبو نعيم ص 348، والبيهقي 4/387، 388، كلاهما من في الدلائل عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - وفيه -: فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمزقوا كل ممزق.
3 شيرويه بن كسرى، واسم أبيه أبرويز بن هرمز بن أنوشروان بن قباز، ولم يعش شيرويه بعد قتله أباه إلاّ ستة أشهر أو دونها. (ر: البداية 2/180، لابن كثير) .
4 فيروز الديلمي رضي الله عنه، ويقال ابن الديلمي، ويكنى أبا الضحاك ويقال: أبا عبد الرحمن، يماني كناني أبناء الأساورة من فارس الذين كان كسرى بعثهم إلى اليمن لطرد الحبشة، وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وروى عنه أحاديث ثم رجع فأعان على قتل الأسود العنسي، ومات في خلافة عثمان، وقيل: في خلافة معاوية باليمن سنة 53هـ. (ر: الطبقات 5/533، الإصابة 4/214) .
5 أخرجه أبو نعيم ص 346، في سياق طويل، والبيهقي في الدلائل 4/391، مختصراً عن دحية الكلبي رضي الله عنه، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 5/310-312، مطولاً، وقال: "رواه البزار عن إبراهيم بن إسماعيل عن يحيى بن سلمة عن أبيه وكلاهما ضعيف.
وأخرجه ابن سعد 1/259، من طريق الواقدي عن ابن عباس والمسور بن رفاعة والعلاء بن الحضرمي وعمرو بن أمية الغمري - دخل حديث بعضهم في بعض - في سياق طويل.
وأخرجه أبو نعيم في الدلائل ص 348، وابن أبي الدنيا في دلائل النبوة. (ر: الإصابة 1/175) . عن ابن إسحاق منقطعاً.
أخرجه ابن جرير. (ر: البداية 4/269 لابن كثير) عن ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب مرسلاً.
وأخرجه أبو نعيم وابن سعد في شرف المصطفى. (ر: الخصائص 2/17 للسيوطي) ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن مرسلاً.
وأورده ابن هشام عن الزهري منقطعاً. (ر: السيرة 1/112) ، في سياق طويل.
وقد وردت في الروايات السابقة أن كسرى كتب إلى (باذان) عامله باليمن فأرسل باذان قهرمانه - أي: وكيله - واسمه: (بابويه) ورجلاً من الفرس اسمه: (خرخسرة) إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أسلم باذان وأسلمت الأبناء من فارس بعد تحققه من صدق خبر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل كسرى. (ر: للتوسع الإصابة 1/175، 176، 2/149) .
وقد ذكر الماوردي في أعلام النبوة ص 154-155، القصة بنحو ما ذكره المؤلِّف وفي الشفا 1/672.(2/794)
وقطع عليه إنسان صلاته فدعا عليه أن يقطع الله أثره فَأُقْعد1.
وقال لآخر: كُلْ بيمينك. فقال: لا أستطيع. فقال له: لا استطعت. فلم يرفعها بعد إلى فيه2.
__________
1 أخرجه أبو داود 1/188، وعنه البيهقي في الدلائل 5/243، من طريق سعيد بن عبد العزيز عن مولى ليزيد عن غران عن يزيد بن نمران قال: رأيت رجلاً بتبوك مقعداً فقال: مررت بين يدي النبيّ صلى الله عليه وسلم وأنا على حمار وهو يصلي، فقال: "اللهم اقطع أثره، فما مشيت عليها بعد".
قلت: إسناده ضعيف. ففيه مجهولان: الأوّل: مولى ليزيد بن نمران، قيل: اسمه سعيد، وهو مبهم لا يعرف. (ر: التقريب 2/574) ، والمجهول الثاني: راوي الحديث: "رأيت رجلاً ... ".
وله تابع لا يصح. أخرجه أبو داود من طريق ابن وهب المصري عن معاوية عن سعيد بن غزوان عن أبيه أنه نزل بتبوك وهو حاج فإذا رجل مقعد فسأله عن أمره فقال له: ... ، فذكره. وإسناده ضعيف. فإن معاوية بن صالح بن حُدَيْر، صدوق له أوهام. (ر: التقريب 2/259) ، وسعيد بن غزوان، شامي مستور من السادسة. (ر: التقريب 1/303) .
2 أخرجه مسلم3/1599، والبيهقي في الدلائل6/238، عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه.
وذكر الحافظ في الإصابة 1/153 أن الرجل الذي دعا عليه الرسول صلى الله عليه وسلم هو: بُسر ابن راعي العير الأشجعي. كذا ذكره ابن منده وأبو نعيم وابن ماكولا وآخرون.(2/795)
وقال لعتيبة1 بن أبي لهب: "اللهم سَلِّط عليه كلباً من كلابك"، فأكله الأسد بعد أن حرسه أهله وصانوه2.
ودعا على النفر الذين وضعوا السَّلَى3 عليه ساجد وسماهم واحداًواحداً، قال ابن مسعود: فلم ينج منهم واحد / (2/160/ب) لقد رأيتهم قتلى يوم بدر4.
__________
1 في م: عتبة. وهو خطأ فإنه عتبة قد مات مسلماً. (ر: الإصابة 4/216) ، وفي رواية البيهقي أنه لهب بن أبي لهب، وقال: وأهل المغازي يقولون: عتبة بن أبي لهب، وقال بعضهم: عتيبة. (ر: الدلائل 338) .
2 أخرجه الحاكم 3/539، وعنه البيهقي في الدلائل 2/338، من طريق أبي نوفل بن أبي عقرب عن أبيه قال: كان لهب بن أبي لهب يسب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم سلّط عليه كلباً ... "، الحديث.
قال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي.
وله شاهد من حديث هبار بن الأسود رضي الله عنه، أخرجه أبو نعيم في الدلائل، ص 454، وابن منده وابن قانع. (ر: الإصابة 6/280) ، كلهم من طريق عروة بن الزبير عنه. قال: كان أبو لهب وابنه عتيبة قد تجهزا إلى الشام وتجهزت معهما. فقال ابنه عتيبة: والله لأنطلقن إليه فلا تؤذينه في رَبِّه، فانطلق حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: يا محمّد، هو يكفر بالذي دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم ابعث عليه كلباً من كلابك ... "، الحديث في سياق طويل.
قلت: إسناده صحيح.
وأخرجه ابن إسحاق، وعنه أبو نعيم في الدلائل ص 455-457، من طرق أخرى مرسلة عن محمّد بن كعب القرظي وعن طاوس.
3 السَّلَى: الجلد الرقيق الذي يخرج فيه الولد من بطن أمه ملفوفاً فيه. وقيل: هو في الماشية السلى، وفي الناس المشيمة. والأوّل أشبه لأن المشيمة تخرج بعد الولد. ولا يكون الولد فيها حين يخرج. (ر: النهاية 2/396) .
4 أخرجه البخاري في كتاب الضوء باب (69) . (ر: فتح الباري 1/249، 594) ، ومسلم 3/1418، وأحمد في المسند 1/393، 417، وأبو نعيم ص 266، والبيهقي 3/82، كلاهما في الدلائل عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: ... ، فذكره في سياق طويل. وفيه دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على المشركين: "اللهم عليك بقريش - اللهم عليك بقريش اللهم عليك بقريش، ثم سمى اللهم عليك بعمرو بن هشام وعتبة بن ربيعة وشبيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط وعمارة ابن الوليد".قال عبد الله: فوالله لقد رأيتهم صرعى يوم بدر ... ".واللفظ في البخاري.(2/796)
وكان الحكم1 بن العاص يَخْتَلج2 بوجهه في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه السلام: "كذلك فكن". فابتلي بهذه العلة إلى أن مات3.
قال المؤلِّف: هذه الآية نظيرة ما في الإنجيل من دعاء المسيح على شجرة تين فيبست4.
ودعا عليه السلام على مُحَلَّم5 بن جَثَّامة فهلك فلفظته الأرض فواروه فلفظته أيضاً دفعات فجعلوه بين رضمتين - وهما جانبي الوادي - ثم رضموه بالحجارة6.
__________
1 الحكم بن أبي العاص بن أمية القرشي الأموي رضي الله عنه، عم عثمان بن عفان، ووالد مروان، أسلم يوم الفتح وسكن المدينة ثم نفاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف ثم أعيد إلى المدينة في خلافة عثمان ومات بها سنة 32هـ. وقال ابن السكن: "يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم دعا عليه ولم يثبت ذلك". اهـ. (ر: الإصابة 2/28، 29) .
2 أي: كان يحرك شفتيه وذقنه استهزاء وحكاية لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فبقي يرتعد ويضطرب إلى أن مات، وأصل الخَلْج: الجذب والنَّزع. (ر: النهاية 2/59، 60) .
3 أخرجه الحاكم 2/621، وعنه البيهقي في الدلائل 6/239، عن العباس محمّد بن يعقوب عن إبراهيم بن سليمان عن ضرار بن صرد عن عائذ بن حبيب عن عبد الله المزني عن عبد الرحمن بن أبي بكر ... ، فذكره.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه". وتعقبه الذهبي بقوله: "فيه ضرار، وهو واهٍ". اهـ.
وذكره الحافظ في الإصابة 2/29، وقال: "في إسناده نظر، وفيه ضرار بن صرد هو منسوب للرفض". اهـ.
قلت: ضرار بن صرد التيمي، صدوق له أوهام. وخطئ ورمي بالتشيع. (: التقريب 1/374) .
4 متى 21/19، 20، مرقص 11/13، 14.
5 مُحَلَّم بن جَثَّامة الليثي، أخو الصعب بن جثامة، قال ابن عبد البر: يقال: إنه الذي قتل عامر بن الأضبط، وقيل: إنه غير الذي قتل، وأنه نزل حمص، ومات بها أيام ابن الزبير، ويقال: إنه الذي مات في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ودفن فلفظته الأرض، قال الحافظ: جزم بالأوّل ابن السكن. (ر: الاستيعاب 4/1461، الإصابة 6/49) .
6 ملخص قصة محلم بن جثّامة أنه كان في سرية بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتل رجلاً سَلَّم عليهم بتحية الإسلام وقد كانت بين محلم والرجل عداوة قديمة، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا عليه فقال: "اللهم لا تغفر لمحلم بن جثامة" ثلاثاً.
وقد أخرجها أحمد في المسند 5/112، 6/10، 11، وأبو داود 4/171، وابن عبد البر في الاستيعاب 4/1462، والبيهقي في الدلائل 6/306، كلهم من طريق ابن إسحاق. (ر: السيرة4/364-366) ، قال: حدّثني محمّد بن جعفر بن الزبير عن زياد بن سعد بن ضمير السلمي وكاناشهداحنيناً مع النبي صلى الله عليه وسلم، قال:..، فذكره في سياق طويل.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد7/11، وقال:"رواه أحمد والطبراني ورجاله ثقات".
وأما خبر موت محلم ولفظ الأرض جثته - ثلاث مرات - ثم جعلوه بين صدين ورضموه بالحجارة، فقد أخرجه ابن ماجه، (ر: صحيح ابن ماجه 2/347، 348، للألباني) ، عن عمران بن حصين رضي الله عنه، في سياق طويل. وقد حَسَّن الشيخ الألباني الحديث لتعدد طرقه.
وله شاهد من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أخرجه ابن جرير في تفسيره 5/222، من طريق ابن إسحاق عن نافع عنه.
وشاهد آخر من حديث قبيصة بن ذؤيب رضي الله عنه أخرجه البيهقي في الدلائل (4/310) ، من طريق ابن إسحاق.
وأخرجه ابن إسحاق. (ر: السيرة 4/366) ، والبيهقي في الدلائل 4/310، عن الحسن البصري مرسلاً.(2/797)
وجحد رجل1 بيع فرس وهي التي شهد بها خزيمة2.
فقال: اللهم إن كان كاذباً فلا تبارك له فيها. فأصبحت من ليلتها على ثلاث قوائم3.
__________
1 هو: سواء بن الحارث المحاربي، ذكره الخطيب البغدادي في الأسماء المبهمة ص 120، والحافظ في الإصابة 3/147، في قصة جحده بيع فرسه للنبي صلى الله عليه وسلم.
2 هو: الصحابي الجليل المعروف خزيمة بن ثابت الأنصاري الأوسي ثم الخطمي، ذو الشهادتين، له ثمانية وثلاثون حديثاً.
أما حديث شهادة خزيمة لبيع النبي صلى الله عليه وسلم للفرس فهو حديث صحيح، أخرجه أبو داود 3/308، والنسائي في كتاب البيوع، (ر: صحيح النسائي 3/961 للألباني) ، والحاكم2/17، 18، عن عمارة بن خزيمة عن عمه رضي الله عنه ... ، فذكره في سياق طويل.
وقال الحاكم: "حديث صحيح الإسناد ورجاله ثقات باتفاق الشيخين"، ووافقه الذهبي والألباني.
3 ورد في الشفا 1/635، كالآتي: "فأصبحت شاصية برجلها، أي: رافعة". وقال الخفاجي في نسيم الرياض 3/130: "المراد أن رجلها مرفوعة والإسناد مجازي، وارتفاع رجلها كناية عن أنها مات وانتفخ بطنها حتى صارت رجلها مرفوعة كما يشاهد في الجيف بعد أيام". اهـ.
قلت: لم أجد فيما اطلعت عليه في تخريج الحديث من أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا على تلك الفرس سوى ما ذكره القاضي عياض في الشفا، غير أن الحافظ ابن حجر نقل في الإصابة 3/147 خبراً ينقض ما ذكره القاضي عياض في الشفا، والمؤلِِّف، فقال الحافظ في ترجمة سواء بن الحارث: "روى ابن شاهين وابن منده من وجه آخر عن زيد بن الحباب عن محمّد بن زرارة عن المطلب بن عبد الله، قال: قلت لبني الحارث بن سواء: "أبوكم الذي جحد بيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: لا تقل ذلك، فلقد أعطاه بكرة وقال: إن الله سيبارك لك فيها، فما أصبحنا نسوق سارحاً ولا نازحاً إلاّ منها". اهـ. وسكت عنه الحافظ.(2/798)
50- ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم انقلاب الأعيان له، روى الفِرَبْري1 عن البخاري بإسناده عن أنس بن مالك: أن أهل المدينة فزعوا مرة فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرساً لأبي2 طلحة كان به قطاف3 فكان بطيئاً فلمارجع عليه السلام قال: إناوجدناه لَبَحراً4 فكان بعد لا يحارى"5.
__________
1 هو: محمّد بن يوسف بن مطر. أبو عبد الله الفربري، أوثق من روى (صحيح البخاري) عن مصنفه، سمعه منه مرتين، الأولى سنة 248هـ، والثانية سنة 252هـ، ورواه عنه كثيرون. توفي سنة 320هـ. (ر: مقدمة فتح الباري 491، الأعلام 7/148) .
2 هو: زيد بن سهل الأنصاري، زوج أم أنس - رضي الله عنهم -، الصحابي المعروف له خمسة وعشرون حديثاً.
3 القِطاف: تقارب الخطو في سرعة. من القطف. وهو القطع. والمراد أنه كان بطئ المشي، واسم الفرس (المندوب) ، سمي بذلك من الندب، وهو الرهن عند السباق. وقيل: لندب كان في جسمه، وهو أثر الجرح. (ر: النهاية 4/84، فتح الباري 5/241) .
4 أي: واسع الجري. وسمي البحر بحراً لسعته. وقال الأصمعي: يقال للفرس بحر إذا كان واسع الجري، أو لأن جريه لا ينفد كما لا ينفد البحر. (ر: النهاية (1/99) ، وفتح الباري 5/241) .
5 أخرجه البخاري في كتاب الهبة باب (33) . (ر: فتح الباري 5/240) ، ومسلم 4/1802، والإمام أحمد 3/147، 185، 261، 271، والترمذي 4/171، 172، وابن ماجه (ر: صحيح ابن ماجه 2/124) ، وأبو نعيم في الدلائل ص 439، والبيهقي في الدلائل 6/153، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، كلهم بألفاظ متقاربة.(2/799)
وخفق فرسا لُجَعيل الأشجعي1 بمخفقة2 كانت في يده وبرك3 عليها فلم يملك رأسها نشاطاً وباع من باطنها باثني عشر ألفاً4.
وركب حماراً قطوفاً5 / (2/161/أ) لسعد بن عبادة فَرَدَّ هِمْلاجا6لا يساير7.
وكانت شعرات من شعره صلى الله عليه وسلم في قلنسوة8 خالد بن الوليد، فلم يشهد بها قتالاً إلاّ رزق النصر9.
__________
1 جعيل بن زيد الأشجعي، وقيل: ابن ضمرة، وقيل: فيه أيضاً جعال. وقد غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وله حديث واحد. (ر: الاستيعاب 1/246، الإصابة 1/250) .
2 مخفقة: الدِّرة: السوط. (ر: النهاية 2/56) .
3 أي: دعا لها بالبركة.
4 أخرجه الطبراني في الكبير 5/235، والبيهقي في الدلائل 6/153، كلاهما من طريق محمّد بن عبد الله الرقاشي عن رافع بن سلمة بن زياد عن عبد الله بن أبي الجعد الأشجعي عن جعيل الأشجعي رضي الله عنه، قال غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم ... ، الحديث. وفيه دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم للفرس: "اللهم بارك له فيها".
وتابع الرقاشي عليه زيد بن الحباب عن رافع، أخرجه البيهقي في الدلائل 6/145.
وذكره ابن عبد البر في الاستيعاب 1/246، وقال: "حديث حسن". وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 5/265، 266، وقال: "رواه الطبراني، ورجاله ثقات". وأورده الحافظ في الإصابة 1/250، وقال: روى حديثه النسائي بسند صحيح.
5 القِطاف: تقارب الخطو في سرعة. من القَطْف، وهو القطع. (النهاية 4/84) .
6 الهِمْلاج: فارسي معرَّب، أي: سريع الهرولة. (ر: القاموس ص 269) .
7 أخرجه ابن سعد في الطبقات 1/176، مرسلاً عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، قال: زار رسول الله صلى الله عليه وسلم سعداً ... ، فذكره بنحوه.
قلت: إسحاق بن عبد الله الأنصاري، ثقة. من الرابعة مات سنة 132هـ. (ر: التقريب 1/59) .
وله شاهد من حديث عصمة بن مالك الخطمي رضي الله عنه، أورده الهيثمي في مجمع الزوائد 8/110، وقال: "رواه الطبراني وفيه الفضل بن المختار، وهو ضعيف". اهـ.
8 قَلَنْسُوة وقَلَنْسية: إذا فتحت ضممت السين، وإذا ضممت كسرتها، تلبس في الرأس، جمعها: قلانس. (ر: القاموس ص 731) .
9 أخرجه الحاكم 2/299، وعنه البيهقي 6/249، وأبو نعيم ص 444، كلاهما في الدلائل، كلهم عن سعيد بن منصور عن هشيم عن عبد الحميد بن جعفر عن أبيه أن خالد بن الوليد فقد قلنسوة له يوم اليرموك. فقال: اطلبوها. ثم طلبوها فوجدوها فإذا هي قلنسوة له خَلِقَة. فقال خالد: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلق رأسه فابتدر الناس جوانب شعره فسبقتهم إلى ناصية فجعلتها في هذه القلنسوة فلم أشهد قتالاً وهي معي إلاّ رزقت النصر". قال الذهبي: إسناده منقطع.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 9/352، وقال: "رواه الطبراني وأبو يعلى بنحوه ورجالهما رجال الصحيح، وجعفر سمع من جماعة من الصحابة فلا أدري سمع من خالد أم لا؟ ".(2/800)
وفي الصحيح عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما أنها أخرجت جبة طيالسة1 وقالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسها"، فنحن نغسلها للمرض يستشفى بها2.
وكانت قصعته عليه السلام عند بعض العلماء وكان يجعل فيها الماء للمرضى فيستشفون3 ببركتها4.
وأخذ جهجاه الغفاري5 القضيب6 من يد عثمان ليكسره على ركبته فصاح الناس به فأخذته الأكلة7 فقطعها ومات بها قبلالحول8.
__________
1 الطَّيْلَس: هو: الأسود، أي: جبة سوداء. وهي كلمة أعجمية معربة أصلها: تالسان. (ر: القاموس ص 714) .
2 أخرجه مسلم 3/1641، وأحمد في المسند 6/247، 353، وأبو داود 4/49، مختصراً، وابن ماجه. (ر: صحيح ابن ماجه 2/280 للألباني) .
3 في ص: (فيشفون) ، والمثبت من م.
4 ورد النّصّ في الشفا 1/638، كالآتي: "وحدّثنا القاضي أبو عليّ عن شيخه أبي القاسم بن المأمون، قال: كانت عندنا قصعة من قصاع النبي صلى الله عليه وسلم فكنا نجعل فيها الماء للمرضى فيستشفون بها". اهـ.
قال الخفاجي في نسيم الرياض 3/134: "عن شيخه أبي القاسم بن المأمون بن محمّد هشام الرعيني السبتي المعروف بابن المأمون الإمام المشهور". اهـ.
5 جهجاه بن سعيد، وقيل: ابن قيس، وقيل: ابن مسعود الغفاري، شهد بيعة الرضوان بالحديبية ومات بعد عثمان بأقل من سنة رضي الله تعالى عنهما. وله حديث واحد. (ر: الاستيعاب 1/269، الإصابة 1/265) .
6 القضيب؛ هو: عصا النبي صلى الله عليه وسلم التي كان الخلفاء يتداولونها.
7 الأَكِلة: داء في العضو يُؤْتَكل منه، أي: الحكة. (ر: القاموس ص 1243) .
8 ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب 1/269، وقال الحافظ في الإصابة 1/265: "روى البارودي (وأبو نعيم في الدلائل ص 581) من طريق الوليد بن مسلم عن مالك وغيره عن نافع عن ابن عمر قال: ... ، فذكره.
ورواه ابن السكن من طريق سليمان بن بلال وعبد الله بن إدريس عن عبيد اله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مثله.
ورواه من طريق فليح بن سليمان عن عمته عن أبيها وعمّها أنهما حضرا عثمان قال: فقام إليه جهجاه بن سعيد الغفاري حتى أخذ القضيب من يده فوضعها على ركبته فكسرها فصاح به الناس، ونزل عثمان فدخل داره، ورمى الله الغفاري في ركبته فلم يحل عليه الحول حتى مات.
ورويناه في المحامليات من طريق حماد بن زيد عن يزيد بن حازم عن سليمان بن يسار أن جهجاه ... ، نحو الأوّل". اهـ.
قلت: إسناده صحيح. والله أعلم.(2/801)
وسكب من فضل وضوئه في بئر قباء فما نزفت بعد1.
ومرّ على بئر فسأل عنه فقيل: اسمه (بيسان) ، وماؤه ملح، فقال عليه السلام: "بل هو (نعمان) ماؤه طيب"، فصار كذلك"2.
وكان لأم3 مالك عُكَّة تهدي فيها للنبي سمناً فكانت أبداً تجدها مملوءة سمناً فكانت تقيم بإدامهم4.
وغرس لسلمان الفارسي ثلاثمائة ودية5 فلم يمت منها / (2/161/ب) واحدة، وأطعمت من عامها خلاً واحدة غرسها غيره فلم تطعم فنَزعها ثم وضعها فلحقت بأخواتها، وقصة سلمان مشهورة.
وأعطاه نذراً6 من الذهب، وقال: أَدِّه فيما7 عليك، فقال: أين يقع هذا
__________
1 أخرجه ابن سعد 1/505، عن الواقدي عن سعيد بن محمّد عن سعيد بن رقيش عن أنس رضي الله تعالى عنهما قال: ... ، فذكره. وفيه أن اسم البئر (بئر غرس) . وله تابع أخرجه البيهقي في الدلائل 6/136، من طريق إبراهيم بن طهمان عن يحيى بن سعيد عن أنس رضي الله عنه.
قلت: فإسناده صحيح. والله أعلم.
2 ذكره السيوطي في الخصائص1/461، وقال:"أخرج الزبير بن بكار، قال: ثني إبراهيم ابن حمزة بن إبراهيم بن بسطاس عن محمّد بن إبراهيم بن الحارث، قال: ... ، فذكره.
قلت: إسناده منقطع. فإن محمّد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، أبو عبد الله المدني ثقة، له أفراد، من الرابعة. (روايتهم عن كبار التابعين) ، مات سنة 120هـ. (ر: التقريب 2/140) .
3 هي: أم مالك بنت أُبي بن مالك الأنصارية الخزرجية، أخت عبد الله بن أبي بن سلول، ذكرها ابن سعد، وقال: أسلمت وبايعت وأمها سلمى بنت مطرف بن الحارث الأوسية، وتزوج أم مالك رافع بن العجلان، لها حديث واحد. (ر: الاستيعاب 4/1956، والإصابة 277، 278) .
4 أخرجه مسلم 4/1784، وعنه البيهقي في الدلائل 6/114، عن جابر رضي الله عنه في سياق طويل. وأخرجه أبو نعيم في الدلائل ص 559، بإسناده من طريق يحيى بن جعدة عن جدته أم مالك رضي الله عنها.
5 الوَدِيُّ - بتشديد الياء -: صغار النخل. الواحدة: وَدِيَّة. (ر: النهاية 5/170) .
6 في م: (قدرا) .
7 في: الذهب فيها.(2/802)
فيما عليّ يا رسول الله؟ فأخذه عليه السلام فَقَلَّبه على لسانه فوفَّى منه أربعين أوقية كانت عليه وبقي منه له مثل ذلك1.
قال حنش2 بن عقيل: شرب رسول الله صلى الله عليه وسلم [سويقا] 3 وسقاني فَضْلَه، وما برحت أجد شبعاً ورياً وبرداً4.
وصلى معه قتادة5 بن نعمان العشاء الآخرة في ليلة مظلمة فأعطاهعرجوناً، وقال: انطلق فإنه سيضيء لك من بين يديك عشراً ومن خلفك عشراً. فأضاء له العرجون حتى دخل بيبته6.
__________
1 أخرجه أحمد في المسند 5/441-444، ابن سعد 1/184، 4/75، وأبو نعيم في الدلائل ص 258-264، والطبراني في الكبير 6/222-226، والبيهقي في الدلائل 2/92-97، كلهم من طريق ابن إسحاق. (ر: السيرة 1/273-282) . قال: حدّثني عاصم بن عمرة بن قتادة الأنصاري عن محمود بن لبيد عن ابن عباس عن سلمان الفارسي - رضي الله عنهم -، قال:..، فذكره في سياق طويل جداً.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 9/335-340، وقال: "رواه أحمد والطبراني ورجاله رجال الصحيح غير محمّد بن إسحاق وقد صرح بالسماع".
قلت: وهو كما قال الهيثمي. فإسناده متصل صحيح.
2 حَنَش - بفتحتين ثم شين معجمة -: ابن عَقيل - بفتح أوّله -، أحد بني نغيلة من مليك، أخي غفار، دعاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فأسلم، وتوفي في خلافة عمر رضي الله تعالى عنهما. (ر: الإصابة 2/42) .
3 في ص، م (سويق) والصواب ما أثبتّه.
4 ذكره ابن حجر في ترجمته في الإصابة 2/42، وقال: "له حديث طويل ذكره ابن الأثير بغير عزو، وعزاه ابن فتحون في الذيل لقاسم فوجدته في الدلائل له من طريق موسى بن عقبة عن المسور بن مخرمة - وذكر خبراً طويلاً ملخصه: أنهم خرجوا حجاجاً مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه حتى إذا كانوا بالعَرْج إذا هاتف بالطريق: قفوا. فوقفوا ثم استفسرهم الهاتف عن أشياء ثم سأله عمر قال: فمن أنت؟ قال: أنا الحنش ابن عقيل أحد بني نغيلة بن مليك لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم على ردهة بني جعال فدعاني إلى الإسلام فأسلمت فسقاني فضلة سويق فما زلت أجد ريها إذا عطشت وشبعها إذا جعت ... "، اهـ. ملخصاً.
5 هو: قتادة بن العنمان الأوسي الظفري الصحابي المعروف، له سبعة أحاديث.
6 أخرجه أحمد في المسند3/65، في سياق طويل، وأبو نعيم في الدلائل ص562، كلاهما من طريق سعيد بن الحارث عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 9/321، وقال: "رواه أحمد والطبراني والبزار ورجال أحمد رجال الصحيح".(2/803)
ودفع لعكاشة1 بن محصن جذل2 حطب حين انكسر سيفه، وقال: اضرب به. فعاد في يده سيفاً صارماً طويلاً أبيض شديد المتن وذلك في يوم بدر فقاتل به وشهد المشاهد إلى أن استشهد في قتال الردة وكان يسمى: "العون"3.
هاتان الآيتان تجريان مجرى انقلاب العصا حية صلوات الله على سيّدنا محمّد وسلامه / (2/162/أ) ودفع لعبد الله4 بن جحش يوم أحدوقد ذهب سيفه عسيب5 نخل فرجع في يده سيفاً6.
__________
1 هو: عكاشة بن محصن الأسدي، الصحابي المعروف.
2 الجِذْل: بالكسر والفتح: أصل الشجرة يقطع، وقد يجعل جذلاً. (ر: النهاية 1/251) .
3 أخرجه ابن إسحاق معلقاً. (ر: السيرة 2/326) ، وعنه البيهقي في الدلائل3/98، 99، وأخرجه الواقدي في مغازيه 1/93، وعنه البيهقي في الدلائل 3/99، عن عمر ابن عثمان الجحشي عن أبيه عن عمته، قالت: قال عكاشة: ... ، فذكره.
وأخرجه ابن سعد 1/188، عن عليّ بن محمّد عن أبي معشر عن زيد بن أسلم ويزيد بن رومان وإسحاق بن عبد الله بن أبي قروة وغيرهم ... ، فذكره مرسلاً. وذكره الذهبي في المغازي ص 100، 101، وابن عبد البر في الدرر ص 108.
4 هو: عبد الله بن جحش بن رياب الأسدي، أحد السابقين إلى الإسلام، استشهد بغزوة أحد.
5 عسيب: أي: جريدة من النخل، وهي: السَّعفة مما لا ينبت عليه الخوص. (ر: النهاية 3/234) .
6 ذكره ابن عبد البرّ في الاستيعاب 3/879، والحافظ ابن حجر في الإصابة 4/46، وابن كثير في البداية 4/42، قالوا: ذكر الزبير في الموفقيات أن عبد الله بن جحش انقطع سيفه يوم أحد فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عرجوناً. فصار في يده سيفاً وكان يسمى العرجون. وقال: وقد بقي هذا السيف حتى بيع من بغا الكبير بمائتي دينار.
وأخرجه البيهقي في الدلائل 3/250، من طريق سعيد بن عبد الرحمن الجحشي عن أشياخه: "أن عبد الله....، فذكره.(2/804)
51- ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم بركة يده في إمرارها على ضروع الشياة الحوَائل1 فتدر ألبانها كفعله في شاة2 أم3 معبد. وشاة4 معاوية5بن ثور، وشاة6 أنس،
__________
1 الحوائل: جمع حائلة، أي: غير حالمة. والشاة العديمة اللبن. (ر: النهاية 1/463) .
2 خبر شاة أم معبد أخرجه الحاكم 3/9، وأبو نعيم ص 337، والبيهقي 1/277، كلاهما في الدلائل كلهم من طريق حزام بن هشام عن أبيه عن جده حبيش بن خالد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فذكره في سياق طويل.
وعزاه السيوطي في الخصائص 1/309، أيضاً إلى البغوي وابن شاهين وابن السكن وابن منده والطبراني. اهـ.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه - ثم ذكر بعض الأدلة على صحته وصدق رواته - ". ووافقه الذهبي.
وله شاهد من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أخرجه البيهقي في الدلائل 2/491، 492، وشاهد آخر من حديث أبي معبد الخزاعي رضي الله عنه أخرجه ابن سعد 1/230.
3 أم معبد، هي: عاتكة بنت خالد الخزاعية رضي الله عنها، صحابية مشهورة بكنيتها، لها حديثان. (ر: الاستيعاب 4/495، الإصابة 8/218، 282) .
4 خبر شاة معاوية، ذكره الحافظ في الإصابة1/161، 6/110، والسيوطي في الخصائص 2/46، وقال: أخرجه ابن سعد (1/304) ، وابن شاهين وثابت في الدلائل من طريق الجعدبن عبد الله بن ماعز البكائي عن أبيه، قال: وفد معاوية بن ثور على النبي صلى الله عليه وسلم فذكره-وفيه-: وأعطاه صلى الله عليه وسلم فأعنْزاً عفراً وبرك عليهن، قال الجعد: فالسنة ربما أصابت بني البكاء ولا تصيبهم. وقال محمّد بن بشر بن معاوية في ذلك شعراً جاء فيه:
وأبي الذي مسح النّبيّ برأسه ودعا له بالخير والبركات
أعطاه أحمد إذا أتاه أعنْزاً عفراً نواجل لن باللجبات
يملأن وفد الحي كلّ عشية ويعود ذلك الملأ بالغدوات
5 هو: معاوية بن ثور بن عبادة بن البكاء العامري البكائي، وفد على النّبيّ صلى الله عليه وسلم وكتب له كتاباً ووهب له من صدقه عامة معونة له، ومسح على رأس ابنه بشر ودعا له. (ر: الاسيتعاب 4/1413، الإصابة 1/161، 6/110) .
6 حديث شاة أنس رضي الله عنه لم يخرجه السيوطي. (ر: المناهل ص 141) ، وقال الخفاجي في نسيم الرياض 3/143، (وشاة أنس) قصتها كقصة شام أم معبد، إلاّ أن الشراح لم يذكروها. اهـ.(2/805)
وغنم حليمة مرضعته وشارفها1، وشاة عبد الله بن مسعود وكانت لم يَنْزُ عليها فحل2، وشاة المقداد3. وكلّ ذلك مستفيض عند أهل العلم والحديث.
52- ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم تحويل الماء لبناً وهو أعجب من تحويل الماء خمراً وزيتاً كما حكى أهل الكتاب عن كتابي4 الإنجيل5 وسفر الملوك6.
قال حماد7 بن سلمة: "زود رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه سقاء من ماءبعد أن
__________
1 أخرجه ابن حبان. (ر: الموارد ص 512) ، وأبو نعيم في الدلائل ص 155-157، والطبراني في الكبير 24/212-215، والبيهقي في الدلائل 1/133، 134، كلهم من طريق ابن إسحاق. (ر: السيرة 1/214-218) ، قال: حدثني جهم بن أبي جهم عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، قال: حدثت عن حليمة بنت الحارث أم رسول الله التي أرضعته، قال:....، فذكرته في سياق طويل جداً.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 8/223، 224، وقال: "رواه أبو يعلى والطبراني ورجالهما ثقات. وعزاه السيوطي أيضاً إلى ابن راهويه وابن عساكر، وقال: أخرجه أبو يعلى والطبراني وغيرهما، بسند حسن". (ر: الخصائص1/91-93، والمناهل ص142) .
2 أخرجه الإمام أحمد في المسند 1/462، وابن سعد 1/156، 157، 184، وأبو نعيم في الدلائل ص 329، والبيهقي في الدلائل 6/84، كلهم من طريق عاصم عن زر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:..، فذكره. قال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح. (ر: المسند رقم: 4412) .
3 أخرجه مسلم3/1625، 1626، والبيهقي في الدلائل6/85، 86، عن المقداد رضي الله عنه ... ، في سياق طويل.
4 في ص: (آيتي) ، والمثبت من م.
5 تحويل الماء خمراص ورد في إنجيل يوحنا 2/1-11.
6 تحويل الماء زيتاً كانت معجزة للنبي المسيح عليه السلام وقد ورد ذكرها في سفر الملوك الثاني 4/1-7.
7 حمدا بن سلمة بن دينار البصري، الربعي بالولاء، أبو سلمة، مفتي البصرة، ثقة عابد، أثبت الناس في ثابت، تغير حفظه بآخره. مات سنة 167هـ. (سير أعلام النبلاء 7/444، التهذيب 3/11، الأعلام 2/272) .(2/806)
أوكاه ودعا فيه فلما حضرتهم الصلاة نزلوا فَحَلُّوه فوجدوه لبناً طيباً وفي فمه زبدة"1. وهذا أنزل من تحويل الماء دماً كما فعل موسى بمصر.
53- ومسح عليه السلام بيده المباركة رأس عمير2 بن سعد وبرك فعاش ثمانين سنة لم يشب رأسه3.
وكل ذلك ببركة يد رسول الله صلى الله عليه وسلم / (2/162/ب) وفعل ذلك بغير واحد من المسلمين
__________
1 قال السيوطي في المناهل ص 142: "أخرجه ابن سعد (في الطبقات 1/172) عن سالم بن أبي الجعد مرسلاً".
قلت: سالم بن أبي الجعد الغطفاني، ثقة، وكان يرسل كثيراً، من الثالثة، مات سنة سبع أو ثمان وتسعين وقيل مائة. (ر: التقريب 1/279) .
2 هو: عمير بن سعد عبيد الأنصاري الأوسي كان يقال له: نسيج وحده واستعمله عمر على حمص، مات في خلافة عمر، وقيل: في خلافة عثمان. ولم يذكر الحافظ في ترجمته أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على رأسه. (ر: الاستيعاب 3/1215، الإصابة 5/32) .
والظاهر أن من وقعت له هذه المعجزة هو: عبادة بن سعد بن عثمان الزرقي رضي الله عنه، وليس عميراً - كما ورد عند المؤلِّف وفي الشفا 1/644 -. وقد صرح بذلك القاري في شرحه للشفا 3/144، والخفاجي في نسيم الرياض 3/145.
وقال السيوطي في المناهل ص 142: "أخرجه الزيبر بن بكار في أخبار المدينة عن محمّد بن عبد الرحمن بن سعد، وسماه عبادة لا عمير". اهـ.
3 ذكره الحافظ في الإصابة 3/81، وقال: "روى الزبير بين بكار في أخبار المدينة من طريق محمّد بن عبد عبادة يسقي، فلم يعرفه عبادة ثم جاء سعد فوصفه له فقال: ذلك رسول الله الْحِق به. فلحقه فمسح رأسه ودعا له، يقال: مات وهو ابن ثمانين سنة وما شاب".اهـ. ثم أشار الحافظ إلى هذه المعجزة في ترجمة عبادة الزرقي 4/29.(2/807)
منهم السائب1 بن يزيد ومدلوك2، ومسح على بطن عتبة3 بن فرقد وظهره فكان يوجد له طيب يغلب طيب نسائه4
__________
1 هو: السائب بن يزيد بن سعيد، وقال: عائد بن الأسود أو الأزدي، ويعرف بابن أخت النمر، له ولأبيه صحبة، وكان العلاء الحضرمي خاله، استعمله عمر على سوق المدينة ومات سنة 82هـ،. وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة - رضي الله عنهم -. (ر: الإصابة 3/62) .
وقصته ذكرها السيوطي في الخصائص 2/138، وقال: "أخرج ابنُ سعد وابن منده والبغوي والبيهقي (في الدلائل 6/209) ، وابن عساكر عن عطاء مولى السائب بن يزيد، قال: كان رأس السائب أسود الهامة إلى مقدم رأسه وكان سائره أبيض فقلت: يا مولاي ما رأيت أحد أعجب شعراً منك! قال: وما تدري يا بني لم ذلك؟! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِيَ وأنا مع الصبيان، فقال: من أنت؟ قلت: السائب بن يزيد. فمسح بيده على رأسي، وقال: بارك الله فيه. فهو لا يشيب أبداً". اهـ.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 9/412، بنحوه وقال: "رواه الطبراني في الصغير والأوسط والكبير، ورجال الكبير رجال الصحيح غير عطاء مولى السائب، وهو ثقة، ورجال الصغير، والأوسط ثقات". اهـ.
وقد أخرج البخاري في كتاب الوضوء باب (40) . (ر: 1/296) ، ومسلم 4/1823) ، عن السائب قال: "ذهبَت بيَ خالتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن ابن أختي وَقِع، فمسح رأسي دعا لي بالبركة، ثم توضأ ... "، الحديث. اهـ.
2 مدلوك الفزاري، مولاهم، أبو سفيان، قال ابن أبي حاتم: له صحبة وذكره ابن سعد فيمن نزل الشام من الصحابة. (ر: الجرح والتعديل 8/427) ، وقال الحافظ في الإصابة 6/75، أخرج البخاري في التاريخ الكبير (4/2/55) ، وابن سعد والبغوي والطبراني من طريق مطر بن علاء الفزاري حدثتني عمتي آمنة أو أمية بنت أبي الشعثاء وقطبة مولاة لنا قالتا: سمعنا أبا سفيان - زاد البغوي في روايته مدلوكاً - يقول: ذهب بيَ مولاي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلمت، فدعا لي بالبركة ومسح رأسي بيده، قالت: فكان مقدم رأس أبي سفيان أسود ما مسه النبي صلى الله عليه وسلم وسائره أبيض. وأخرج ابن منده وأبو نعيم من وجه آخر عن مطر". اهـ.
وعزاه السيوطي أيضاً في الخصائص 2/138، إلى ابن منده وابن السكن وابن عساكر والبيهقي في الدلائل 6/215، من طريق مطر بن علاء به.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد9/412،وقال:"رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم".
3 عتبة بن فرقد بن يربوع السلمي، أبو عبد الله، شهد خيبر وقُسِم له منها، ولاه عمر في الفتوح، ففتح الموصل سنة 18هـ، وكان في أذربَيجان ثم نزل الكوفة ومات بها. (ر: الاستيعاب 3/1029، الإصابة 4/216) .
4 أخرجه البيهقي في الدلائل6/216،الطبراني في الصغيروالكبير. (ر: الإصابة 4/216) ، عن حصين بن عبد الرحمن عن أم عاصم امرأة عتبة بن فرقد، قالت: ... ، فذكرته.
وذكره السيوطي في الخصائص 2/141، وقال: "أخرجه الطبراني في الكبير والأوسط بسند جيد".(2/808)
وجرح عائذ1 بن عمرو يوم حنين2 فسلت الدم عن وجهه ودعا له فكانت له غرة كغرة الفرس ببركة يدنبي الله صلى الله عليه وسلم3.
ومسح على رأس قيس4 بن زيد الجُذامي ودعا له فعاش مائة سنة ورأسه أبيض وموضع كفّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم وما مرت عليه يد رسول الله صلى الله عليه وسلم أسود غربيب، فكان يدعى الأغر5.
__________
1 عائذ بن عمرو بن هلال المزني رضي الله عنه، أبو هبيرة، كان ممن بايع تحت الشجرة سكن البصرة، ومات في إمارة ابن زياد، له ثمانية أحاديث. (ر: الاستيعاب 2/799، الإصابة 4/21) .
2 من الغزوات المشهورة، وكانت في السنة العاشرة من الهجرة، وحنين تصغير حين، وهو واد من أودية مكّة، يقع شرقها بقرابة ثلاثين كيلاً، يسمى اليوم بـ: (وادي الشرائع) . (ر: معجم المعالم الجغرافية ص 107، للبلادي) .
3 أخرجه الحاكم 3/587، 588، والطبراني في الكبير 18/20، من طريق حشرج بن عبد الله بن حشرج عن أبيه عن جده، قال: قال عائذ بن عمرو ... ، وذكر الحديث.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 9/415، قال: "رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم، وعزاه السيوطي في الخصائص 1/449، 450، أيضاً إلى أبي نعيم وابن عساكر بالإسناد السابق.
وعَقَّب الذهبي على الحاكم بقوله: "سمعه زيد بن الحريش منه (أي: من حشرج بن عبد الله) وإسناده فيه مجهولان". اهـ. ولم يبيّن من هما المجهولان.
قلت: المجهول الأوّل، هو: حشرج بن عائذ بن عمرو المزني، قال عنه أبو حاتم الزاري: لا يعرف. (ر: الجرح والتديل 3/295، 296) .
والثاني: هو: عبد الله بن حشرج بن عائذ، قال عنه أبو حاتم الزاري: لا يعرف. (ر: الجرح والتعديل 5/40) .
4 قيس بن زيد بن حباب الجذامي رضي الله عنه، والد نائل بن قيس الشامي، ويقال له: قيس الأغر، ذكره ابن السكن والبخاري وابن حبان والبغوي في الصحابة، ووقع لابن أبي حاتم أن قيس الجذامي ليست له صحبة، وقد ذكره ابن سعد في طبقة أهل الفتح. وقال: "كان سيداً عقد له النبيّ صلى الله عليه وسلم على قومه لما وفد عليه". (ر: الجرح والتعديل 7/98، التجريد 2/26، الإصابة 5/252، 253، التقريب 2/130) .
5 لم يخرجه السيوطي في المناهل ص 143.
قلت: ذكر الحافظ في الإصابة 5/252، في سياق طويل، وقال: "أخرجه ابن منده وأبو عليّ ابن السكن باختصار كلاهما من طريق أبي الحسن أحمد بن عمير بن حوصاء الحافظ عن منصور بن الوليد بن سلمة بن يحيى عن الطفيل بن قيس بن الجذامي عن أبيه أنه وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " الحديث. بتصرف. وسكت الحافظ عن الخبر ولم يتكلم فيه.(2/809)
وكذلك فعل بعمرو بن ثعلبة الجهني1، ومسح على وجه رجل من
المسلمين فكان لا يزال على وجهه نور2، وكان لوجه قتادة3 بن ملحانبريق حتى كان ينظر في وجهه كما ينظر في المرآة لأنه صلى الله عليه وسلم مسح بيده على وجهه4.
ووضع يده عليه السلام على رأس حنظلة5 بن حذيم وبرك عليه،
__________
1 أخرجه البيهقي في الدلائل 6/216، من طريق أبي الوضاح بن سلمة الجهني عن أبيه عن عمرو بن ثعلبة الجهني.
وذكره الحافظ في ترجمة عمرو بن ثعلبة الجهني ثم الزهري. (ر: الإصابة 4/288) ، قال: "قال السكن: له صحبة، وروى البغوي وابن السكن وابن منده من طريق الوضاح بن سلمة الجهني عن أبيه عن عمرو بن ثعلبة قال: لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيالة فأسلمت، فمسح على وجهي فمات عمرو بن ثعلبة من مائة سنة وما شابت منه شعرة. وقال ابن منده: لا يعرف إلاّ من هذا الوجه. قال ابن حجر: وفي إسناده من لا يعرف وقد خلطه ابن منده بالذي قبله فوهم. (يقصد عمرو بن ثعلبة ابن وهب الأنصاري". اهـ.
2 قال القاري في شرحه للشفا 3/146: "قال الحلبي: هذا الآخر لا أعرفه. وقال الدلجي: لعله خزيمة بن سواء بن الحارث، إذ روى ابن سعد عن وجه السعدي أنه صلى الله عليه وسلم مسح فصارت له غرة بيضاء". اهـ.
قلت: أخرج المدائني عن رجاله أن أسيد بن أبي إناس مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه وألقى يده على صدره، فكان أسيد يدخل البيت المظلم فيضيء، وأخرجه أيضاً ابن عساكر. (ر: الخصائص 2/142، للسيوطي) .
3 قتادة بن ملحان القيسي رضي الله عنه، قال البخاري وابن حبان: له صحبة يعد في البصريين، له حديثان. (ر: الجرح والتعديل 7/132، الإصابة 5/229) .
4 أخرجه الإمام أحمد في المسند 5/28، 81، وعنه البيهقي في الدلائل 6/217، عن عارم ويحيى بن معين وهريم بن عبد الأعلى كلهم عن معتمر بن سليمان عن أبيه عن أبي العلاء بن عمير الحريري، قال: كنت عند قتادة بن ملحان حين حضر، فمر رجل في أقصى الدار، قال: فأبصرته في وجه قتادة، قال: وكنت إذا رأيته كأن على وجهه الدهان. قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على وجهه". اهـ.
ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 9/322، وقال: "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح". وهو كما قال الهيثم. اهـ.
وذكره الحافظ في الإصابة 5/229، وعزاه لابن شاهين من طريق سليمان اليتمي عن حيان بن عمرو قال:....، فذكره.
5 حنظلة بن حذيم بن حنيفة التميمي رضي الله عنه، ويقال الأسدي والمالكي، له ولأبيه وجده صحبة. له ثلاثة أحاديث. (ر: الجرح والتعديل 3/239، الإصابة 2/42، 43) .(2/810)
فكان حنظلة يؤتى بالرجل قد ورم وجهه وبالشاة قد ورم ضرعها فيضعه على موضع كف رسول الله صلى الله عليه وسلم فيذهب الورم ويجد الشفاء1.
ونضح وجه / (2/163/أ) زينب2 بنت أم سلمة بماء، فما يعرف كان في وجه امرأة من الجمال ما في وجهها3.
__________
1 أخرجه الإمام أحمد في المسند 5/67، في سياق طويل، والبيهقي في الدلائل 6/214، مختصراً كلاهما من طريق الذيال بن عبيد بن حنظلة بن حذيم بن حنيفة، قال: سمعت جدي حنظلة يحدّث أبي وأعمامه ... ، وذكر الحديث.
ونقله الحافظ عن الإمام أحمد في ترجمة حنظلة بن حذيم. (ر: الإصابة 2/43) . ثم قال: رواه الحسن بن سفيان في مسنده من وجه آخر عن الذيال، ورواه الطبراني بطوله منقطعاً، ورواه أبو يعلى من هذا الوجه وليس بتمامه، وكذا رواه يعقوب بن سفيان والمنجنيقي في مسنده وغيرهما. اهـ. ملخصاً.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 9/411، وقال: "رواه الطبراني في الأوسط والكبير بنحوه وأحمد في حديث طويل ورجال أحمد ثقات".
2 زينب بنت أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومية رضي الله عنها ربيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمها أم سلمة بنت أبي أمية، يقال: ولدت بأرض الحبشة، وكان اسمها (برة) فغيره النبيّ صلى الله عليه وسلم، تزوجها عبد الله بن زمعة الأسدي، وكانت من فقهاء المدينة، وذكرها ابن سعد فيمن لم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً وروى عن أزواجه، ولها سبعة أحاديث. (ر: الاستيعاب 4/1854-1856، الإصابة 8/96) .
3 ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب 4/1855، بدون إسناد، وذكره الحافظ في الإصابة 8/96، قال: "وروينا في القطعيات من طريق عطاف بن خالد عن آمنة عن زينب بنت أبي سلمة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل يغتسل تقول أمي: ادخلي عليه، فإذا دخلت نضح في وجهي من الماء ويقول: ارجعي، قالت: فرأيت زينب وهي عجوز كبيرة ما نقص من وجهها شيء - وفي رواية ذكرها أبو عمر - فلم يزل ماء الشباب في وجهها حتى كبرت وعمرت". اهـ.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد9/262،وقال:"رواه الطبراني وأم عطاف لم أعرفها".(2/811)
ومسح على رأس صبي به عاهة فبرأ واستوى شعره1، وفعل ذلك بجماعة من المجانين والمرضى فشفوا وصحوا.
قال المؤلِّف: وعند هذه الآية صح قول أشعيا النبي حيث يقول متنبئاً على محمّد رسول الله صلى الله عليه وسلم: "روح الرّبّ عليّ من أجل هذا مسحني وأرسلني، لأنذر العميان بالنظر والمأسورين بالتخلية، وأبشّر بالسنة المقبولة"2. فقد أنذر العميان وأطلق الأسارى من أيدي ملوك مثل كسرى وغيره، وكانت العرب في أسارهم يؤدون لهم الأتاوة والخراج، وبشر بالسنة المقبولة صلى الله عليه وسلم، وأطلق المجانين من أيدي الشياطين.
__________
1 قال القاري في شرحه للشفا 3/147: "لا يعرف من رواه بهذا اللفظ إلاّ أن أبا نعيم روى عن الوازع أنه انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بابن له مجنون فمسح وجهه ودعا له، فلم يكن في الوفد أحد بعد دعوته له أعقل منه، وروى مثله في خبر المهلب بن قَبالة، وروى هُلْب بن قُنَافَة كذا ذكره أبو عمر، وقيل: هو الصواب ولعلهما قصتان لرجلين، وقال الطبري: هو المهلب بن يزيد بن عدي الطائي، وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أقرع فمسح على رأسه فنبت شعره فسمي الهلب". اهـ.
وقال السيوطي في المناهل ص 144: "أخرجه أبو نعيم عن الوازع إنه انطلق إلى ... الحديث" اهـ.
قلت: المناسب لسياق الكلام أن يكون المراد بقصة الحديث المذكور هو: الهلب الطائي، فقد ذكره الحافظ في الإصابة 6/291، في ترجمته، فقال: قال ابن دريد: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أقرع فمسح على رأسه فنبت شعره فسمي الهلب، والأهلب: الكثير الشعر، والهُلب، وهو يزيد ابن قُنَافَة، وقال ابن الكلبي: ويقول الشاعر:
كان وما في رأسه شعرة فأصبح الأقرع وافي الكشير
2 سفر أشعيا 61/1، 2.(2/812)
وأتاه رجل به أَدْرَة فأمره عليه السلام أن ينضحها بماء من عين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمج فيها، فذهب الرجل وفعل ذلك فشفي من إدرته1.
قال المؤلِّف - عفا الله عنه - هذا أعجب من قول المسيح لنعمان الأبرص: اذهب إلى عين كذا وانغمس فيها / (2/163/ب) سبع مرات فبرئ2، وألطف من قول موسى لأخته مريم وقد تبرصت: اخرجي عن عسكرنا وابعدي عنه سبعة أيام. حتى عوفيت3.
وأعظم من آية الإنجيل التي حكوها في صاحبة4 النَّزيف.
وعن طاوس5 قال: لم يؤت النّبيّ صلى الله عليه وسلم بأحد به جنون فصك في صدره إلاّ ذهب الجنون عنه6.
__________
1 لم يخرجه السيوطي. (ر: المناهل ص 144) ، وقال القاري في شرحه للشفا 3/148: "قال الدلجي: لا أعلم من رواه، وقال الخفاجي في نسيم الرياض 3/148: هذا الحديث لم يخرجوه". اهـ.
قلت: قال ابن الأثير في النهاية 1/31، في مادة (أدر) : فيه الحديث: "أن رجلاً أتاه وبه أدرة، فقال صلى الله عليه وسلم: أئتِ بعُس، فحسا منه ثم مجه فيه وقال: انتضح به فذهبت عنه".
الأُدرة - بالضم -: نفخة في الخيصة. يقال: رجل أدر بَيِّنُ الأَدَر - بفتح الهمزة والدال - وهي التي يسميها الناس القيلة". اهـ.
وأخرج ابن سعد في الطبقات 1/505، عن الواقدي عن أُبَي بن عباس بن سهل بن سعد عن أبيه، قال: "سمت عدة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيهم أبو أسيد وأبو حميد وأبو سهل بن سعد، يقولون: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بئر بضاعة فتوضأ في الدلو ورده في البئر ومج في الدلو مرة أخرى وبصق فيها وشرب من مائها، وكان إذا مرض المريض في عهد يقول: اغسلوه من ماء بضاعة، فيغسل فكأنما حلّ من عقال". اهـ.
2 سفر الملوك الثاني 5/20-27.
3 سفر العدد 12/1-15.
4 متى 9/18-26، مرقس 5/21-43، لوقا 8/40-56.
5 طاووس بن كيسان الخولاني الهمداني بالولاء، أبو عبد الرحمن، يقال: اسمه ذكوان، وطاووس لقب، من أكابر التابعين، ثقة فقيه، فاضل، أصله من الفرس ومولده ونشأته باليمن، مات سنة 106هـ. وقيل: بعد ذلك. (ر: سير أعلام النبلاء 5/38، التهذيب 5/8، الإعلام 3/224) .
6 لم يخرجه السيوطي. (ر: المناهل ص 144) ، وقال القاري في شرحه 3/148: "كذا وقفه المصنف على طاوس، ولم يعلم من رواه من المخرجين". اهـ. وبنحو ذلك ذكره الخفاجي في نسيم الرياض 3/148.(2/813)
قال المؤلِّف: هذا ألطف مما فعل المسيح إذ ما خرج الجني من الصبي الذي كلمه أبوه فيه حتى صرع الصبي ولبطه وكاد1 أن يموت2، وهذا طاوس يخبر أنه بمجرد مسّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صدر المجنون فيذهب جنونه.
وأخذ عليه السلام قبضة من تراب يوم حنين ورمى بها وجوه الكفار وقال: "شاهت الوجوه". وانهزموا يمسحون التراب عن أعينهم3.
وشكى إليه أبو هريرة النسيان وقلة الحفظ فأمره ببسط ثوبه والنبي يحدّث فلما حدّثه ضَمَّ الثوب إلى صدره، قال أبو هريرة: فما نسيت شيئاً سمعته بعد4.
وكان جرير5 بن عبد الله لا يثبت على الخيل فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم / (2/164/أ) صدره ودعا له فكان أثبت العرب وأفرسهم6.
__________
1 في م: كان.
2 متى 17/14-21، مرقس 9/14-29، لوقا 9/37-43.
3 أخرجه مسلم 3/1389، والبيهقي في الدلائل 5/137-139، عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، في سياق طويل، وأخرجه مسلم 3/1402، والبيهقي 5/140، عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، وأخرجه أحمد في المسند 5/276، والبيهقي 5/143، عن أبي عبد الرحمن الفهري رضي الله عنه.
4 أخرجه البخاري في كتاب العلم باب (42) . (ر: فتح الباري 1/215) . وفي كتاب المناقب باب (25) . (ر: فتح الباري 6/633) ، ومسلم 4/1939-1941، والترمذي في 5/642، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
قلت: أجمع أهل الحديث على أن أبا هريرة أكثر الصحابة حديثاً. فله من الأحاديث خمسة آلاف وثلاثمائة وأربعة وسبعون حديثاً، بتكرار الأسانيد، أما المتون فلا تتجاوز ألفي حديث. وقد كان ذلك بهذه المعجزة العظيمة. (ر: مقدمة مسند بقية بن مخلد، الإصابة 7/301) .
5 هو: جرير بن عبد الله بن جبر بن مالك البجلي رضي الله عنه، أبو عمر، الصحابي المشهور، له مائة حديث.
6 أخرجه البخاري في كتاب الجهاد باب (154) . (ر: فتح الباري 6/154) ، ومسلم 4/1925، 1926، وأحمد في المسند 4/362، وفي فضائل الصحابة 2/891، عن جرير رضي الله عنه.(2/814)
ومسح رأس عبد الرحمن1 بن زيد بن الخطاب وكان دميماً ودعا له فَفَرع الرجال تماماًوطُولاً2.
54- ومِن آياته عليه السلام اطلاعه على الغيوب، وإعلام الله له بما يكون قبل كونه.
قال العلماء والأئمة: "وهذه المعجزة من جملة معجزاته معلومة لنا على القطع واصلة إلينا بتواتر النقل لكثرة رواتها واتفاق معانيها".
قال حذيفة: "قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاماً فما ترك شيئاً يكون إلى أن تقوم الساعة إلاّ حدّثنا به، حفظه مَنْ حفظه، ونسيه مَنْ نسيَه، وقد علم3 أصحابي هؤلاء أنه ليكون مني الشيء، فأعرفه فأذكره كما يذكر الرجل وجهاً إذا غاب عنه ثم إذا رآه عرفه"4.
ثم قال حذيفة: " [واللهِ] 5 ما أدري أنسيَ أصحابي أم تناسوه، والله ما ترك
__________
1 عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب القرشي، أُمُّه لبابة الأنصارية، ولد سنة خمس فيما قيل، وقال مصعب: كان له عند موت النبي صلى الله عليه وسلم ست سنين. زَوَّجه عمر ابنته فاطمة، ولاّه يزيد بن معاوية إمرة مكّة. ومات في ولاية عبد الله بن الزبير. (ر: الإصابة5/70) .
2 أورده الحافظ في الأصابة 5/70، وقال: "قال الزبير: حدّثني إبراهيم بن محمّد بن عبد العزيز، قال: ولد عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب فكان ألطف مَنْ وُلِد، فأخذه جده أبو لبابة في خرقة فأحضره عند النبي صلى الله عليه وسلم وقال: ما رأيت مولوداً أصغر خلقة منه، فحنكه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسح رأسه ودعا له بالبركة، قال: فما رؤي عبد الرحمن في قوم إلاّ فرعهم طُولاً".
قلت: قوله: "أَلْطَفُ مَنْ ولد"، أي: أصغر المولودين وأدقّهم جسماً وضعفاً. (ر: النهاية 4/251) .
3 في م: علمه.
4 أخرجه البخاري في كتاب القدر باب (4) . (ر: فتح الباري 11/494) ، ومسلم 4/2217، والبيهقي في الدلائل 6/312، 313، عن حذيفة رضي الله عنه.
5 الإضافة من سنن أبي داود.(2/815)
رسول الله صلى الله عليه وسلم من قائد فتنة إلى أن تنقضي1 الدنيا يبلغ من معه ثلاثمائة فصاعداً إلاّ قد سمّاه لنا باسمه واسم أبيه وقبيلته2. (/ (2/164/ب) .
وقال أبو ذرّ: "لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يحرك طائر جناحيه في السماء إلاّ ذَكَّرنا منه علماً"3.
وقد خرج أهل الصحيح والأئمة ما أعلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه من الظهور على أعدائه وفتح مكّة4 وبيت المقدس5 واليمن والشام
__________
1 في م: تقضي.
2 قال السيوطي في المناهل ص 145: "الحديث من أفراد أبي داود، وظاهر صنع المؤلِّف أنه تتمة الحديث الأوّل بإسناده، وليس كذلك. وإنما أخرجه منفصلاً بسند آخر من طريق ابن قبيصة بن ذؤيب عن أبيه عن حذيفة. اهـ.
قلت: أخرجه أبوداود4/95،عن محمّدبن يحيى بن فارس عن ابن أبي مريم عن ابن فروخ عن أسامة بن زيد عن ابن لقبيصة بن ذؤيب عن أبيه عن حذيفة رضي الله عنه ... ، فذكره.
وفي إسناده: عبد الله بن فروخ الخراساني أو اليماني، صدوق يغلط. وقال عنه البخاري: يعرف وينكر. (ر: التهذيب5/311، والتقريب1/440، والكامل 4/199، لابن عدي) . وفيه أسامة بن زيد الليثي، صدوق يهم. (ر: التقريب 1/53) .
3 أخرجه الإمام أحمد في المسند 5/153، 162، من طريق الأعمش عن منذر عن أشياخ من التيم قالوا: قال أبو ذرّ: ... ، فذكره.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 8/266، قال: "رواه أحمد والطبراني وزاد: - فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما بقي شيء يُقرِّب من الجنة ويباعد من النار إلاّ وقد بيّن لكم) . ورجال الطبراني رجال الصحيح، غير محمّد بن عبد الله بن يزيد المقري وهو ثقة، وفي إسناد أحمد من لم يسم". اهـ.
ثم ذكر الهيثمي للحديث شاهداً عن أبي الدّرداء رضي الله عنه، وقال: "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح". اهـ.
وقال السيوطي في المناهل ص145: "أخرجه أحمد والطبراني بسندصحيح، وأخرجه أبويعلى والطبراني وابن منيع عن أبي الدرداء أيضاً".اهـ. (ر: الخصائص2/184) .
4 أخرجه البخاري في كتاب المغازي باب (35) . (ر: فتح الباري 7/452) ، وفي كتاب التفسير، تفسير سورة الفتح. (ر: فتح الباري 8/583) ، ومسلم 3/1411-1413، والبيهقي في الدلائل 4/154-160، عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود وسهل بن حنيف وغيرهم - رضي الله عنهم -.
5 أخرجه البخاري في كتاب الجزية باب (5) . (ر: فتح الباري 6/277) ، والبيهقي في الدلائل 6/321، عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه.(2/816)
واليمن1. وظهور الأمن حتى تظعن المرأة من الحيرة2 إلى مكّة لا تخاف إلاّ الله3. وأنّ المدينة سَتُغزى4. وتفتح خيبر على يد عليّ فيغد يومه5، وأخبرهم بما يفتح الله على يدي أمته من الدنيا وما يؤتون من زهرتها6.
__________
1 أخرجه البخاري في كتاب فضائل المدينة باب (5) . (ر: فتح الباري 4/90) ، ومسلم 2/1008،1009،والبيهقي في الدلائل6/320،عن سفيان بن أبي زهيرالنميري رضي الله عنه.
2 الحيرة: مدينة بين النجف والكوفة بالعراق. (ر: المعالم الأثيرة في السنة والسيرة ص 105، محمّد شراب) .
3 أخرجه البخاري في كتاب المناقب باب (25) . (ر: فتح الباري 6/610) ، وأحمد في المسند 4/257، 278، وأبو نعيم ص 541، والبيهقي 6/323، كلاهما في الدلائل عن عدي بن حاتم رضي الله عنه في سياق طويل.
4 أخرجه البخاري في كتاب فضائل المدينة، باب (5) . (ر: فتح الباري 4/89) ، ومسلم 2/1010.
وقال السيوطي في المناهل ص 146: "أخرجه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه، بلفظ: "تتركون المدينة على خير ما كانت لا يغشاها إلاّ العوافي". (تنبيه) : هذا الأمر لم يقع بعد كما اختاره النووي وغيره أن ذلك إنما يقع قرب الساعة، وزعم المصنف في شرح مسلم أنه وقع، فلذا ذكره فيما أخبره به فوقع كما أخبر". اهـ.
5 أخرجه البخاري في كتاب المغازي. (ر: فتح الباري 7/476) ، ومسلم 3/1441، 4/1871، 1872، والبيهقي في الدلائل 4/205-211، عن سلمة بن الأكوع وسهل بن سعد - رضي الله عنهم -.
6 أخرجه البخاري في كتاب الجزية، باب. (ر: فتح الباري 6/257) ، ومسلم 4/2098، وأحمد في المسند 4/137، والبيهقي في الدلائل 6/319، عن عمرو بن عوف رضي الله عنه. وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فأبشروا وأملوا ما يسركم، فوالله ما أخشى عليكم الفقر، ولكني أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها فتلهيكم كما أَلْهَتْهُم".
وأخرجه البخاري في كتاب الزكاة. (ر: فتح الباري 3/327) ، ومسلم 2/728، 729، عن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن مما أخاف عليكم من بعدي ما يفتح على عليكم من زهرة الدنيا وزينتها ... ". الحديث.(2/817)
وقسمتهم كنوز كسرى وقيصر1. وأنه ستكون لهأنماط2. ويغدو أحدهم في حلة ويروح في أخرى وتوضع بين يديه صحفة وترفع أخرى ويسترون بيوتهم كما تستر الكعبة3. وأنهم سيمشون المطيطاء4 وتخدمهم بنات فارس والروم ويقاتلهم الترك والخزر والروم5.ويقاتلهم الترك والخزر والروم6.
__________
1 أخرجه البخاري في كتاب المناقب باب (25) . (ر: فتح الباري 6/625) ، ومسلم 4/2237، والترمذي 4/431، وأحمد في المسند 2/233، وأبو نعيم في الدلائل ص 543، والبيهقي في الدلائل 6/324، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفس محمّد بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله".
2 الأنماط: هي: نوع من البسط له خَمْل رقيق، واحدها: نمط. (ر: النهاية 5/119) .
والحديث أخرجه البخاري في كتاب المناقب باب (25) . (ر: فتح الباري 6/629) ، ومسلم 3/1650، 1651، والبيهقي في الدلائل 6/219، 320، عن جابر رضي الله عنه، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل لك من أنماط؟ "، قلت: يا رسول الله وأنَّى؟ فقال: "إنها ستكون لكم أنماط ... ". الحديث.
3 أخرجه الإمام أحمد في مسنده4/487،والحاكم3/15،والبيهقي في الدلائل6/524، كلهم من طريق داود بن أبي هند عن أبي حرب بن أبي الأسود الدؤلي عن طلحة البصري رضي الله عنه، قال: ... ، فذكره في سياق طويل.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه". وقال الذهبي: "صحيح سمعه جماعة من داود".
4 المُطَيْطَاء - بالمدّ والقصر -: مشية فيها تبختر ومَدُّ اليدين، يقال: مَطَوْت ومَطَطْتُ، بمعنى: مددت. وهي من المصغرات التي لم يستعمل لها مكبر. (ر: النهاية 4/340) .
5 أخرجه الترمذي 4/456، والعقيلي في الضعفاء 4/162، والبيهقي في الدلائل 5/525، كلهم من طريق موسى بن عبيده عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنه، قال: ... ، الحديث. قال الترمذي: "هذا حديث غريب". وقد رواه أبو معاوية عن يحيى ابن سعيد الأنصاري عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه. (وأخرجه بهذا الطريق أبو نعيم في الدلائل ص 539) . ولا يعرف لحديث أبي معاوية عن يحيى بن سعيد أصل، إنما المعروف حديث موسى بن عبيدة، وقد روى مالك بن أنس هذا الحديث عن يحيى بن سعيد مرسلاً ولم يذكر فيه عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر". اهـ.
قلت: له شاهد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 10/140، وقال: "رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن".
6 أخرجه البخاري في كتاب المناقب باب (25) . (ر: فتح الباري 6/604) ، ومسلم 4/2233، 2234، والإمام أحمد في مسنده 2/233، والترمذي 4/430، وأبو نعيم في الدلائل ص 543، والبيهقي في الدلائل 6/236، عن أبي هريرة رضي الله عنه.(2/818)
وأخبرهم بذهاب كسرى وفارس1 حتى لا كسرى ولا فارس بعده. وذهاب قيصر حتى لا قيصر بعده2.
وأخبرهم أن الروم ذوات قرون إلى آخر الدهر3.
وأخبرهم بذهاب الأمثل / (2/165/أ) فالأمثل من الناس4،وقبض العلم وظهور الفتن والهرج5. وقال: "إنه زويت له الأرض فأري مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمته ما زوي له منها"6.
فلهذا امتدت مملكة أمته - صلوات الله عليه وسلامه - من المشارق إلى المغارب كما ترى، حتى بلغت من أقصى الهند إلى بحر طنجة حيث لا عمارة وراءه.
__________
1 قال السيوطي في المناهل ص 148، وفي الخصائص 2/193: "أخرجه الحارث بن أبي سلمة عن ابن مُحَيْريز مرفوعاً: "فارس نطحة أو نطحتان ثم لا فارس بعد هذا، والروم ذوات القرون كلما هلك قرن خلفه قرن".
قلت: الخبر مرسل، فإن عبد الله بن محيريز الجمحي ثقة من الثالثة. (ر: التهذيب 1/449) .
2 تقدم تخريجه. (ر: ص: 818) . التعليق رقم: (1) .
3 أخرجه مسلم 4/2222، بنحوه عن المستورد القرشي رضي الله عنه، عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تقوم الساعة والروم أكثر الناس".
قال الخفاجي في نسيم الرياض 3/156: "ذات القرون - بالتعريف - جمع قرن، وهم الجماعة في عصر واحد، أي: كلما مضى قرن خلفه قرن وقوم يملك ملكهم منهم. وقيل: المراد بهم قرون شعورهم التي كانوا يطولونها ويعرفون بها للإشارة إلى طول هممهم". اهـ.
4 أخرجه البخاري في كتاب المغازي باب (37) . (ر: فتح الباري 7/444) ، وأحمد في المسند 4/193، عن مرداس الأسلمي رضي الله عنه.
5 أخرجه البخاري في كتاب الفتن 5، 25. (ر: فتح الباري 13/13) ، ومسلم 4/2057، 2231، 2232، والترمذي 4/424، عن أبي هريرة وابن مسعود وأبي موسى - رضي الله عنهم -.
6 تقدم تخريجه. (ر: ص: 729، 730) .(2/819)
وقال عليه السلام: "لا تزال طائفة من أمّتي ظاهرة على الحقّ لا يضرّهم من ناوأهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك. فقيل: يا رسول الله وأين هم يومئذٍ؟. قال: بيت المقدس" 1.
وأخبر عليه السلام بملك بني أمية2 واتّخاذهم مال الله دولاً3.
وأخبر
__________
1 أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب (28) . (ر: فتح الباري 6/632) ، عن المغبرة ابن شعبة ومعاوية رضي الله تعالى عنهما، قال معاذ: "وهم بالشام". وأخرجه الإمام أحمد في المسند 4/369، عن معاوية رضي الله عنه، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7/290، وقال: "رواه أحمد والبزار والطبراني وأبو عبد الله الشامي ذكره ابن أبي حاتم ولم يجرحه أحد، وبقية رجاله رجال الصحيح".
وأخرجه بنحوه عبد الله بن أحمد في مسنده 5/269، عن أبي أمامة رضي الله عنه.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7/291، وقال: "رواه عبد الله وجادة عن خطّ أبيه والطبراني ورجاله ثقات".
وقال السيوطي في المناهل ص150:"أخرجه الطراني وعبد الله بن أحمدوسنده صحيح".
2 أخرجه الترمذي 5/414، والحاكم 3/170، 171، وعنه البيهقي في الدلائل 6/509، 510، كلهم من طريق القاسم بن الفضل الحداني عن يوسف بن سعد، ويقال له يوسف بن مازن الراسبي، قال: قام رجل إلى الحسن بن علي بعد ما بايع معاوية ... ، فذكره بنحوه في سياق طويل.
قال الترمذي: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلاّ من هذا الوجه من حديث القاسم بن الفضل، وهو ثقة، ويوسف بن سعد رجل مجهول". اهـ. ملخصاً.
وقال الحاكم: "إسناده صحيح". ووافقه الذهبي. وقال: وروي عن يوسف بن قيس أيضاً وما علمت أن أحداً تكلم فيه. والقاسم وثّقوه، روه أبو داود والتبوذكي".اهـ.
قلت: يوسف بن سعد الجمحي البصري، ويقال: هو يوسف بن مازن، ثقة، من الثالثة. (ر: التهذيب 2/380) .
3 أخرجه الإمام أحمد في المسند 3/80، والحاكم 4/480، والبيهقي في الدلائل 6/507، كلهم من طريق جرير عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد الخدري، قال: ... ، فذكره.
وتابع الأعمش عليه مطرف بن طريف عن عطية به أخرجه الحاكم 4/480.
قلت: إسناده ضعيف. فإن عطية بن سعد جنادة العوفي، صدوق يخطئ كثيراً، كان شيعياً مدلّساً. (ر: التهذيب 7/200، التقريب 2/24) . لكن له شواهد يتقوى بها منها: حديث أبي ذرٍّ رضي الله عنه: أخرجه الحاكم 4/480، وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
ومنها: حديث أبي هريرة ومعاوية وابن عباس - رضي الله عنهم -، أخرجها البيهقي في الدلائل 6/507.(2/820)
بخروج بني العباس بالريات السود1 وملكهم أضعاف ما ملكوا2.
وأخبر عليه السلام بخروج المهدي3.
وأخبرنا بما ينال أهل بيته رضوان الله عليهم أجمعين4.
وأخبر بقتل عليّ بن
__________
1 أخرجه ابن ماجه. (ر: ضعيف سنن ابن ماجه ص 334) ، والحاكم 4/463، والبيهقي في الدلائل 6/515، كلهم في طريق سفيان الثوري عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان رضي الله عنه، مرفوعاً. قال: ... ، فذكره. - وفيه -: "ثم تطلع الرايات السود من المشرق ... ،" الحديث.
قلت: في إسناده أبو قلابة، وعبد الله بن زيد الجرمي، ثقة في نفسه إلاّ أنه مدلس، وقد عنعن. (التقريب 1/417) . وقال الشيخ الألباني: ضعيف منكر. (ر: الأحاديث الضعيفة 1/119، 85) .
2 أخرجه العقيلي في الضعفاء 3/5، من طريق عبد العزيز بن بكّار بن عبد العزيز بن أبي بكرة عن أبيه عن جده عن أبي بكر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يلي ولد العباس من كلّ يوم يليه بنو أمية يومين ولكل شهر شهرين". وفيه: عبد العزيز بكار البكراوي فحديثه غير محفوظ، وقال الذهبي في الميزان 2/624: حديثه باطل.
3 الأحاديث الواردة في المهدي وردت من طرق كثيرة جدّاً صحيحة وحسنة، أخرجها أصحاب السنن وغيرهم. فقد أخرجها الترمذي 4/438، 439، وأبو داود 4/106-109، وابن ماجه في كتاب الفتن. (ر: صحيح ابن ماجه 2/389) ، وأحمد في المسند 3/21، وابن حبان. (ر: الموارد ص 463) ، والحاكم 4/463-464، والبيهقي في الدلائل 6/514-516، عن أبي هريرة وابن مسعود وأبي سعيد الخدري وعليّ وجابر بن سمرة وأم سلمة وعائشة - رضي الله عنهم أجمعين -. راجع للتوسع كتاب: (الردّ على من كذب بالأحاديث الصحيحة الواردة في المهدي وعقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر للشيخ عبد المحسن العباد) .
4 ورد النص في الشفا 1/657، كالآتي: "وما ينال أهل بيته وتقتيلهم وتشريدهم ... ". أخرجه الحاكم 4/464، عن ابن مسعود رضي الله عنه، وقال الذهبي: إنه حديث موضوع.
وأخرجه الحاكم أيضاً 4/486 عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وقال: "حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه". وخالفه الذهبي. فقال: "لا والله. وكيف؟ وإسماعيل بن رافع متروك، ثم لم يصح السند إليه".(2/821)
أبي طالب رضوان الله عليه، وأن أشقى الناس الذي يخضب لحيته الكريمة من رأسه1.
وقال عليه السلام: "يقتل عثمان وهو يقرأ بالمصحف"2. وأن الله سيلبسه قميصاً وأن المنافقين/ (2/165/ب) يريدون خلعه3، وأنه سيقطر دمه "على قوله تعالى: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: من الآية:137] 4.
__________
1 أخرجه الإمام أحمد في مسنده 4/263، وفي فضائل الصحابة 2/687، والحاكم 3/140، 141، وأبو نعيم في الدلائل ص 552، كلهم من طريق محمّد بن إسحاق عن يزيد بن محمّد بن خيثمم المحاربي عن محمّد بن كعب القرظي عن محمّد بن خيثم عن عمار بن ياسر رضي الله عنه، قال: ... ، فذكر نحوه في سياق طويل. قال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم". ووافقه الذهبي.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 9/139، وقال: "رواه أحمد والطبراني والبزار باختصار ورجال الجميع موثقون، إلاّ أن التابعي لم يسمع من عمار".
قلت: إسناده حسن متصل، فقد قال الحافظ في التهذيب 9/148: "إنه إسناد متصل، لأن محمّد بن خيثم ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فما المانع من سماعه من عمار؟ وعند ابن منده من طريق محمّد بن سلمة عن ابن إسحاق التصريح بسماع محمّد بن كعب من ابن خيثم وسماع يزيد من محمّد بن كعب. اهـ.
وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 7/246: "محمّد بن خيثم أبو يزيد المحاربي روى عن عمار بن ياسر، ورى عنه محمّد بن كعب". اهـ.
وله شاهد من حديث فضالة بن أبي فاضلة الأنصاري، أخرجه الإمام أحمد 1/102، والبيهقي في الدلائل 6/438، بنحوه. وذكره الهيثمي مجمع الزوائد 9/140، وقال: "رواه البزار وأحمد بنحوه ورجاله موثقون". اهـ.
2 أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم بقتل عثمان شهيداً أخرجه البخاري في كتاب المناقب باب (7) عن أبي موسى الأشعري وعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهما. (ر: فتح الباري 7/53) ، ومسلم 4/1864، عن أبي موسى الأشعري.
وقال السيوطي في المناهل ص 51، "أخرجه الشيخان عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه بدون آخره (يقصد قوله: وهو يقرأ بالمصحف".
3 أخرجه الإمام أحمد في المسند 6/75، 86، 114، 149، وفي فضائل الصحابة 1/453، وابن ماجه، (ر: صحيح ابن ماجه 1/25، للألباني) ، والترمذي 5/587، وابن أبي عاصم في السنة 2/559، و560، من طرق عن عائشة - رضي الله عنهما -، قال الترمذي: حسن غريب. وقال الألباني في ظلال الجنة: صحيح على شرط مسلم.
قلت: له شاهد من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أخرجه البيهقي في الدلائل 6/392، 393.
4 أخرجه الحاكم 3/103، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وتعقبه الذهبي بقوله: كذب بحت، وفي الإسناد أحمد بن عبد الحميد الجعفي، وهو المتهم به.(2/822)
وقال عليه السلام: "إن الفتن لا تظهر ما دام عمر حيّاً"1.
وأخبر عليه السلام بقتال الزبير لعليّ2.
وأخبر أن عماراً3 تقتله الفئة الباغية4. وقال لعبد الله بن الزبير: "ويل للناس منك وويل لك من الناس"5.
وقال في قزمان6 وقد أبلى مع المسلمين: "إنه لمن أهل النار". فقتلنفسه7.
__________
1 أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب (17) . (ر: فتح الباري 13/48) ، ومسلم 4/2218، والبيهقي في الدلائل 6/386، 387، عن حذيفة رضي الله عنه.
2 أخرجه الحاكم 3/367، وعنه البيهقي في الدلائل 6/415، وابن الجوزي في العلل المتناهية 2/364، من طريق عبد الملك بن مسلم الرقاشي عن أبي جروة المازني. قال: "سمعت عليّاً والزبير، وعليّ يقول له: نشدتك الله يا زبير، أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنّك تقاتلني وأنت ظالم، قال: بلى ولكن نسيت".
ونقله ابن كثير في البداية 6/242، وقال: "غريب. قال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح".
قلت: عبد الملك الرقاشي، لين الحديث. (ر: التقريب 1/523) .
3 هو: عمار بن ياسر العنسي رضي الله عنه، الصحابي المعروف. له اثنان وستون حديثاً.
4 أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب (63) . (ر: فتح الباري 1/541) ، ومسلم 4/2235، 2236، وأحمد في مسنده 2/161، 164، 4/319، والترمذي 5/628، والبيهقي في الدلائل 6/420، 421، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
5 أخرجه الحاكم 3/554، من طريق موسى بن إسماعيل التبوذكي عن الهنيد بن القاسم عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه أنه أتى ... ، فذكره في سياق طويل.
وعزاه السيوطي في الخصائص1/117أيضاً إلى البزار وأبو يعلى والطبراني والحاكم والبيهقي.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 8/273، وقال: "رواه الطبراني والبزار باختصار ورجال البزار رجال الصحيح غير هنيد بن القاسم وهو ثقة".
قلت: هنيد بن القاسم ذكره ابن أبي حاتم 9/121، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، ولم يرو عنه غير موسى بن إسماعيل التبوذكي. وذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء3/366،وقال:"رواه أبو يعلى في مسنده وما علمت في هنيد جرحاً".اهـ.
6 قزمان بن الحرث، حليف بن ظفر، أبو العيذاق، مات كافراً يوم أحد. قال الذهبي: لا ينبغي أن يذكر في الصحابة. قتل يوم أحد فقال: ما أقاتل على دين. (ر: التجريد 2/15، الإصابة 5/240، فتح الباري 7/472) .
7 أخرجه البخاري في كتاب المغازي باب (38) . (ر: فتح الباري 7/471) ، ومسلم 1/106، عن سهل بن سعد رضي الله عنه.(2/823)
وقال عليه السلام لجماعة فيهم أبو هريرة وسمرة1 بن جندب، وحذيفة: "آخركم موتاً في النار". فكان بعضهم يسأل بعضاً، فكان سمرة آخرهم موتاً هرم فاصطلى بالنار فاحترق2 فيها3.
وقال في حنظلة4 الغسيل: "سلوا زوجته فإني رأيت الملائكة تغسله". فأخبرتهم أنه خرج للحرب جنباً أعجله الحال على الغسل5، قال أبو سعيد:
__________
1 سمرة بن جندب الغزاري رضي الله عنه، الصحابي المعروف، له مائة وثلاثة وعشرون حديثاً.
2 في م: فاغترف.
3 أخرجه أبو نعيم ص555،556، والبيهقي6/459،كلاهما في الدلائل من طريق حماد ابن سلمة عن عليّ بن زيد عن أوس بن خالد عن أبي محذورة رضي الله عنه، قال:..، فذكره.
وذكر الهيثمي في مجمع الزوائد 8/293، وقال: "رواه الطبراني، وأوس بن خالد لم يرد عنه غير عليّ بن زيد وفيهما كلام، وبقية رجاله رجال الصحيح".
قلت: أوس بن خالد الحجازي، أبو خالد، مجهول. (ر: التقريب 1/85) . وعليّ بن زيد بن جدعان التيمي البصري، الضعيف. (ر: التقريب 2/37) .
وله شاهد لا يصّح أخرجه البيهقي في الدلائل 6/458، من طريق أبي نضرة عن أبي هريرة ... ، فذكره بنحوه.
قال البيهقي: "رواته ثقات إلاّ أن أبا نضرة العبدي لم يثبت له عن أبي هريرة سماع"اهـ.
وذكره الذهبي سير أعلام النبلاء 3/184، وقال: "حديث غريب جداً ولم يصح لأبي نضرة سماع من أبي هريرة". اهـ.
وقال السيوطي في المناهل ص 153: "أخرجه الطبراني والبيهقي من طريق عن أبي هريرة موصولة ومنقطعة ومرسلة، وروى قضية احتراقه بلاغاً عن بعض أهل العلم، وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن محمّد بن سيرين أن سمرة كان أصابه كراز، وكان لا يكاد يدفأ فأمر بقدر عظيمة فملأت ماء وأوقد تحتها واتّخذ فوقها مجلساً وكان يصل إليه بخارها فيدفئه فبينما هو كذلك إذ خسف به فاحترق". اهـ.
وأخرج ابن سعد 6/34، 7/50، منقطعاً عن أبي يزيد المدني بنحوه، وذكره ابن عبد البر في الاستيعاب 2/58، 654، والذهبي في سير أعلام النبلاء 3/158، وقال: فهذا إن صحّ، فهو مراد النبي صلى الله عليه وسلم يعني نار الدنيا". اهـ.
4 هو: حنظلة بن أبي عامر بن صيفي الأنصاري الأوسي، المعروف بغسيل الملائكة استشهد في غزوة أحد رضي الله عنه. (ر: الاستيعاب 2/380، التجريد 1/142) .
5 أخرجه أبو نعيم في الدلائل ص 484، 485، والسراج في مسنده. (ر: الإصابة 2/45) ، والحاكم 3/204، والبيهقي في الدلائل 3/246، كلهم من طريق ابن إسحاق. (ر: السيرة 3/107، معلقاً) . قال: حدّثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن جدّه رضي الله عنه، قال: ... ، فذكره.
قال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه". وسكت عنه الذهبي.
قلت: إسناده صحيح ورجاله ثقات. وقد صرح ابن إسحاق بالسماع. وله شاهد من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بنحوه. ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 3/26، وقال: "رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن".(2/824)
وجدنا رأسه يقطر ماء.
وقال عليه السلام: "الخلافة في قريش"1. فها هي لم تعدهم.
وقال: "يكون في ثقيف كذاب ومبير"2. فكانا وهما: الحجاج3، والمختار4.5.
وقال:"إن فاطمة أوّل أهل بيته لحوقاً به"./ (2/166/أ) فكانت6.وأنذر عليه السلام بالردة7.
__________
1 أخرجه الإمام أحمد في المسند 4/185، عن عتبة بن عبد السلمي رضي الله عنه، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 4/195، وقال: "رواه أحمد والطبراني ورجاله ثقات".
وقال الألباني: "حديث صحيح". (ر: سلسلة الأحاديث الصحيحة 4/446، صحيح الجامع ح 3342) .
وأخرجه البخاري في كتاب الأحكام باب الأمراء من قريش. (ر: فتح الباري 13/114) ، ومسلم في كتاب الإمارة باب الخلافة في قريش 3/1452، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان".
2 مبير: أي: مهلك. من البوار: الهلاك.
3 تقدمت ترجمته. (ر: ص: 562) .
4 المختار بن أبي عبيدة الثقفي الكذاب، أبو إسحاق، ولد عام الهجرة، وليست له صحبة ولا رؤية وأخباره غير مرضية حكاها عنه ثقات مثل: الشعبي وغيره. خرج على بني أمية سنة 61هـ. وادعى النبوة وقتله مصعب بن الزبير بالكوفة سنة 67هـ. (ر: سير أعلام النبلاء 3/538، الإصابة 6/198-200، البداية 8/289، الأعلام 8/70) .
5 أخرجه مسلم 4/1971، 1972، والبيهقي في الدلائل 6/485، عن أسماء رضي الله عنها في سياق طويل، - وفيه -: "أنها قالت للحجاج: أما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدّثنا "أن في ثقيف كذاباً ومبيراً". فأما الكذاب المختار بن أبي عبيد، والمبير الحجاج ابن يوسف.
6 أخرجه البخاري في كتاب المناقب باب (25) . (ر: فتح الباري 6/627، 628) ، ومسلم 4/1905، عن عائشة رضي الله عنه.
7 في م: (وأنذر عليه السلام بالردة) ، ساقطة.
وأخرجه البخاري في كتاب الحدود باب (9) . (ر: فتح الباري 12/85) ، ومسلم 1/82، وأحمد في المسند 1/230، والبيهقي في الدلائل 6/360، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض".(2/825)
وقال: "الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تصير ملكاً". فكانت كذلك بولاية الحسن رضوان الله عليه1.
وأخبر بشأن أويس2 القرني ووصفه بحليته وأن له والدة وأنّه كان به برص فدعا الله فشفاه إلاّ موضع الدرهم، وأن عليّاً وعمر [سيلقيانه] 34. فكان كل ذلك صلوات الله على سيّدنا محمّد وآله.
__________
1 أخرج أحمد في المسند 5/220، والترمذي 4/436، وأبو داود 4/311، والحاكم 3/145، والبيهقي عنه في الدلائل 6/342، كلهم من طريق سعيد بن جمهان عن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الخلافة ثلاثون عاماً ثم يكون بعد ذلك الملكُ"، قال سفينة: أمسك خلافة أبي بكر رضي الله عنه سنتين، وخلافة عمر رضي الله عنه عشر سنين، وخلافة عثمان رضي الله عنه اثني عشر سنة، وخلافة عليّ رضي الله عنه ست سنين، - رضي الله عنهم - "، وللفظ لأحمد.
قال الترمذي: "وهذا حديث حسن. قد رواه غير واحد عن سعيد بن جمهان ولا نعرفه إلاّ من حديث سعيد بن جمهان".
قلت: سعيد بن جمهان الأسلمي، صدوق له أفراد، من الرابعة. (ر: التقريب 1/292) . وقال الشيخ الألباني: حديث صحيح. (ر: سلسلة الأحاديث الصحيحة 1/742، ح: 459، صحيح الجامع الصغير ح: 3341) .
2 أويس بن عامر بن جَزْء القَرَني المرادي اليماين، الزاهد المشهور، خير التابعين مطلقاً بشهادة النبيّ صلى الله عليه وسلم، وكان قد أسلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولكن منعه من القدوم بره بأمه، واستشهد بصفين عام 37هـ مع أصحاب عليّ رضي الله عنه.
(ر: الطبقات6/161،سير أعلام النبلاء4/19،والتهذيب1/386،والإصابة1/118، البداية 6/202) .
3 في ص، م (سيلقياه) والصواب ما أثبتّه.
4 أخرجه مسلم 4/1968، 1969، وأحمد في المسند 1/38، والبيهقي في الدلائل 6/375-377، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في سياق طويل.(2/826)
وأخبر عليه السلام أنه سيكون بعد ثلاثون دجّالاً فيهم أربع نسوة وآخرهم الدّجّال الكذّاب1 وكلهم يكذّب على الله وعلى رسوله.
وقال عليه السلام: "خير القرون2 قرني ثم الذين يلونهم ... ". الحديث3. فكان الأمر كذلك.
وقال: "لا يأتي زمان إلاّ والذي بعده شرّ منه"4.
__________
1 ورد النص في الشفا 1/479، كالآتي: "وسيكون في أمته ثلاثون كذّاباً فيهم أربع نسوة، وفي حديث آخر: ثلاثون دجّالاً كذّاباً، آخرهم الدّجّال الكذّاب كلهم يكذب على الله ورسوله".
قلت: أما الحديث الأوّل: "أنه سيكون في أمته ثلاثون كذّاباً فيهم أربع نسوة"، فقد أخرجه الإمام أحمد في مسنده 5/396، عن حذيفة رضي الله عنه بنحوه، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7/335، وقال: "رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط والبزار ورجال البزار رجال الصحيح".
وقال السيوطي في المناهل ص 155: "أخرجه أحمد والطبراني والبزار بسند صحيح عن حذيفة".
أما الحديث الآخر: "ثلاثون دجّالاً كذّاباً ... "، فقد أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه في كتاب المناقب باب (25) . (ر: فتح الباري 6/616) ، ومسلم 4/2240، والترمذي 4/432، والبيهقي في الدلائل 6/480، عن جابر بن سمرة رضي الله عنه.
وأخرجه الترمذي 4/432، عن أبي هريرة وثوبان رضي الله تعالى عنهما.
2 القرن: أهل كلّ زمان، وهو: مقدار التوسط في أعمار أهل كلّ زمان. مأخوذ من الاقتران، وكأنه المقدار الذي يقترن فيه أهل ذلك الزمان في أعمارهم وأحوالهم، وقيل: القرن: أربعون سنة، وقيل: ثمانون، وقيل: مائة، وقيل: هو مطلق من الزمان وهو مصدر: قرن، يقرن. (ر: النهاية 4/51، المصباح المنير ص 500) .
3 أخرجه البخاري في كتاب الشهادات باب (19) . (ر: فتح الباري 5/258، 259) ، ومسلم 4/1962، 1964، والترمذي 4/433، والبيهقي في الدلائل 6/552، عن عمران بن حصين رضي الله عنه.
4 أخرجه البخاري في كتاب الفتن باب (6) . (ر: فتح الباري 13/19) ، والترمذي 4/426، عن أنس رضي الله عنه.(2/827)
وأخبر عليه السلام بظهور القدرية1 والرافضة2 والخوارج ووصفهم بصفاتهم3 والمُخْدَج الذي فيهم4، وأن سيماهمالتحليق5.
__________
1 عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "إنه سيكون في أمتي أقوام يكذبون بالقدر ... "، أخرجه الترمذي 4/397، بنحوه، والبيهقي في الدلائل 6/548، قال الترمذي: "حديث صحيح غريب، وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "القدرية مجوس هذه الأمة ... ". الحديث.
أخرجه أبو داود 4/252، والحاكم 1/85، واللالكائي في شرح أصول 639، وابن أبي عاصم في السنة 149، وقال الحاكم: "صحيح على شرط السيخين، إن صحّ سماع أبي حازم عن ابن عمر". ووافقه الذهبي. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7/208، وقال: "رواه الطبراني في الأوسط وفيه زكريا بن منظور وثقه أحمد بن صالح وغيره وضعّفه جماعة".
وقال الألباني في الظلال 1/150: "حديث حسن، وبأن له طرقاً يتقوى بها".
قلت: له شواهد، منها: حديث جابر بن عبد الله أخرجه ابن ماجه، وحسّنه الألباني. (ر: صحيح ابن ماجه 1/22) ، ومنها: حديث ابن عباس بلفظ مختلف ومتفق في معناه، أخرجه الترمذي 4/395، وقال: "حسن صحيح".
2 عن عليّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يكون في أمتي قوم في آخر الزمان يسمون الرافضة يرفضون الإسلام". أخرجه عبد الله في زوائده على مسند الإمام أحمد 1/103، وابن أبي عاصم في السنة 2/474، والبيهقي في الدلائل 6/547، 548، كلهم من طريق أبي عقيل يحيى بن المتوكل عن كثير النَّواء عن إبراهيم بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عن أبيه عن جده عليّ رضي الله عنه.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 10/25، وقال: "رواه عبد الله والبزار وفيه كثير بن إسماعيل النواء ضعيف".
وقال البيهقي: "تفرد به النواء وكان من الشيعة، وروى من وجه آخر ضعيف وذكر له وجهاً آخر من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بمثله ثم قال: وروي في معناه من أوجه أخر كلها ضعيفة. والله أعلم".
قلت: في إسناده أيضاً يحيى بن المتوكل وهو ضعيف. (ر: التقريب 2/356، وقال الشيخ الألباني: حديث ضعيف. (ر: الظلال 4/474) .
3 أخرجه البخاري وغيره - مطولاً - في كتاب المناقب باب (24) . (ر: فتح الباري 6/618) ، وفي كتاب استتابة المرتدين في باب (6) ، في قتل الخوارج والملحدين وفي باب (7) باب من ترك قتال الخوارج للتآلف. (ر: فتح الباري 12/282، 290) ، وأخرجه مسلم في أحاديث كثير 2/740-750، وأحمد في المسند 2/291، 3/224، 5/36، والترمذي 4/417، 418، عن عليّ وأبي سعيد وأبي ذر وابن مسعود - رضي الله عنهم أحمعين -.
4 أخرجه البخاري في كتاب المناقب عن أبي سعيد رضي الله عنه في سياق طويل - وفيه - قوله صلى الله عليه وسلم في ذكر الخوارج: "آيتهم إحدى يديه - أو قال: ثدييه - مثل ثدي المرأة - أو قال -: مثل البضعة تدردر ... ". وأخرج مسلم 2/747 عن عبيدة عن عليّ رضي الله عنه قال: ذكر الجوارج فقال: "فيهم رجل مخدج اليد - أو مودن اليد أو مثدون اليد - لولا أن تبطروا لحدثتكم بما وعد الله الذين يقتلونهم على لسان محمّد صلى الله عليه وسلم. قال: قلت: أنت سمعته من محمّد صلى الله عليه وسلم؟ قال: إي وربّ الكعبة: ثلاث مرات ... ".
الخِداج: النقصان، يقال: خدجت الناقة، إذا ألقت ولدها قبل أوانه، وإن كان تام الخلق، والمخدج والمودن والمثدون كلها بمعنى، وهو: الناقص الخلق. (ر: النهاية 28/12، فتح الباري 12/395) .
وقال الخطيب البغدادي: "إن اسم مخدج اليد الذي كان في جيش الخوارج هو: نافع ذو الثدية. (ر: الأسماء المبهمة ص 312) .
5 أخرجه مسلم 2/745، عن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر قوماً يكونون في أمته يخرجون في فرقة من الناس سيماهم التحالق، قال: "هم شرّ الخلق - أو من أشرّ الخلق ... ". الحديث. وأخرجه مسلم 2/750 عن سهل بن حنيف رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يتيه قوم قبل المشرق محلقة رؤوسهم".(2/828)
وأخبر عليه السلام بأن رعاء الشاة يتطاولون في البنيان وأن الأمة تلد ربتها1، وأن قريشاً والأحزاب لا يغزونه أبداً وهو الذي يغزوهم2.
وأخبر عليه السلام بأن أمته يغزون في البحر كالملوك على الأسرة3.
__________
1 أخرجه البخاري في كتاب الإيمان باب (37) . (ر: فتح الباري 1/114) ، ومسلم 1/114، عن أبي هريرة رضي الله عنه في سياق طويل.
وأخرجه مسلم 1/36 عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وقد اختلف العلماء قديماً وحديثاً في معنى: "إذا ولدت الأمة رَبَّتَها"، وملخَّصها أربعة أقوال هي:
1- قال الخطابي: "معناه: اتساع الإسلام واستيلاء أهله على بلاد الشرك وسبي ذراريهم، فإذا ملك الرجل الجارية واستولدها، كان الولد منها بمنْزلة ربّها، لأنه ولد سيّدها"، قال النووي وغيره: إنه قول الأكثيرين.
2- أن تبيع السادة أمهات أولادهم ويكثر ذلك، فيتداول الملاك المستولدة حتى يشتريها ولدها ولا يشعر بذلك. وعلى هذا فالذي يكون من الأشراط غلبة الجهل بتحريهم بيع أمهات الأولاد أو الاستهانة بالأحكام الشرعية.
3- وهو من نمط الذي قبله، قال النووي: "لا يختص شراء الولد أمه بأمهات الأولاد، بل يتصور في غيرهن بأن تلد الأمة حراً من غير سيّدها بوطء شبهة، أو رقيقاً بنكاح أو زنا ثم تباع الأمة في الصورتين بيعاً صحيحاً وتدور في الأيدي حتى يشتريها ابنها أو ابنتها.
4-أن يكثر العقوق في الأولاد، فيعامل الولد أُمَّه معاملة السيد لأمته من الإهانة بالسب والضرب والاستخدام، فأطلق عليه ربّها مجازاً لذلك. وإليه ذهب الحافظ ابن حجر. (ر: شرح النووي على مسلم 1/158، 159، فتح الباري 1/122، 123) .
2 أخرجه البخاري في كتاب المغازي باب (29) . (ر: فتح الباري 7/405) ، والبيهقي في الدلائل 3/475، عن سليمان بن صرد رضي الله عنه.
وأخرجه البزار. (ر: كشف الأستار 2/336) ، عن جابر رضي الله عنه، وحسنه الحافظ ابن حجر. (ر: فتح الباري 7/405) .
3 أخرجه البخاري في كتاب الجهادباب (3) . (ر: فتح الباري6/10) ،ومسلم 3/1518، 1519،والترمذي4/153،وأبو داود3/6،وأبو نعيم ص 555، والبيهقي 6/450، كلاهما في الدلائل وغيرهم عن أنس بن مالك رضي الله عنه في سياق طويل - وفيه - قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا ملوكاً على الأسرة - أو مثل الملوك على الأسرة ... ". والشّكّ من راوي الحديث إسحاق بن عبد الله واللفظ للبخاري.(2/829)
وأخبر / (2/166/ب) فقال: "لو أن الدين والعلم عند الثريا لنالهرجل من فارس"1. فكان جميع ما قال وأخبر به صلى الله عليه وسلم.
وهاجت ريح في غزاته فقال عليه السلام: "هاجت لموت منافق". فلما رجعوا إلى المدينة وجدوا ذلك2.
وقال لجلسائه: "ضرس أحدكم في النار أعظم من أحد". قال أبو هريرة: فذهب القوم وبقيت أنا ورجل فقتل مرتداً يوم اليمامة3.
وأخبر عليه السلام بالذي غَلَّ خرزاً من المغنم فوجدت في رحله4 وبالذي
__________
1 أخرجه البخاري في كتاب التفسير باب سورة الجمعة. (ر: فتح الباري 8/641) ، ومسلم 4/1972، والترمذي 5/385، والبيهقي في الدلائل 6/333، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فأنزلت عليه سورة الجمعة: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} [الجمعة: من الآية3] قال: قلت: من هم يا رسول الله؟ فلم يراجعه حتى سأل ثلاثاً - وفينا سلمان الفارسي - وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان - ثم قال: لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال - أو رجل - من هؤلاء".
2 أخرجه مسلم 4/2145، والإمام أحمد في المسند 3/315، 341، عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم من سفر فلما كان قرب المدينة هاجت ريح شديدة تكاد أن تدفن الراكب، فزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بعثت هذه الريح لموت منافق"، فلما قدم المدينة، فإذا منافق عظيم من المنافقين قد مات". وأخرجه ابن إسحاق معلقاً. (ر: السيرة 3/404، 405، وعنه البيهقي في الدلائل 4/59، 61، وذكر أن اسم المنافق هو: رفاعة بن زيد بن التابوت أحد بني قينقاع وكان عظيماً من عظماء يهود وكهفاً للمنافقين.
3 ذكره السيوطي في الخصائص 2/246، وقال: "أخرجه الواقدي والطبراني وأبو نعيم وابن عساكر عن رافع بن خديج، قال: ... "، فذكره في سياق طويل. ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 8/293، وقال: "رواه الطبراني، وقال في (الرحّال) بالحاء المشددة، وهكذا قاله الواقدي والمدائني وتبعهما عبد الغني بن سعيد ووهم في ذلك. والأكثرون قالوا: إنه بالجيم - الدارقطني وابن ماكولا، وفي إسناد هذا الحديث الواقدي وهو ضعيف". اهـ.
قلت: ذكره الحافظ في الإصابة 2/232، في ترجمة رجال (بالجيم) بن عنفوه الحنفي، نقلاً عن سيف بن عمرو في الفتوح عن مخلد بن قيس البجلي قال: ... ، فذكره، وسكت عنه الحافظ.
4 أخرجه أحمد في المسند 4/114، وأبو داود 3/68، والنسائي 4/64، وابن ماجه، (ر: ضعيف ابن ماجه ص 229، للألباني) ، والبيهقي في الدلائل 4/255، كلهم من طريق يحيى بن سعيد عن محمّد بن يحيى بن حبان عن ابن أبي عمرة عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: ... ، فذكره.
قلت: في إسناده: ابن عمرة، هو: عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري مقبول. (ر: التقريب1/493،2/456) ،وقال الألباني:"حديث ضعيف". (ر: أحكام الجنائز ص79) .(2/830)
غَلَّ الشملة1، وأخبر بناقته2. وحيث هي باقية حين ضلت وكيف تعلقت بشجرة بوادي كذا فوجدت على النعت الذي ذكر3.
وأخبر بكتاب حاطب4 إلى أهل مكّة5. وبالمال الذي تركه العباس عند أم الفضل6 فكان ذلك سبب إسلامه7.
__________
1 أخرجه البخاري في كتاب المغازي باب (40) . (ر: فتح الباري 7/487) ، ومسلم وأبو داود 3/68، عن أبي هريرة رضي الله عنه. وفي رواية البخاري: أن الذي غل الشملة عبد أسود اسمه: (مِدَعم) والشَّملة: هو الكسا والمئزر يتشح به، وجمعه: الشِّمال. (ر: النهاية 2/502) .
2 في ص: (وأخبر بناقته) ساقطة، وأضيفت من م.
3 أخرجه أبو نعيم ص 515، والبيهقي 4/59، كلاهما في الدلائل عن عروة بن الزبير مرسلاً. وفي الإسناد: ابن لهيعة، وهو صدوق خلط بعد احتراق كتبه. (ر: الجرح 5/145، التقريب1/244) ،وأخرجه البيهقي في الدلائل4/59،60 أيضاً عن عقبة ابن موسى مرسلاً.
4 حاطب بن أبي بلتعة بن عمرو اللخمي رضي الله عنه، وقصته مشهورة في الصحيحين والسيرة، توفي سنة 30هـ، في خلافة عثمان رضي الله تعالى عنهما. له أربعة أحاديث ذكرها الحافظ في الإصابة 1/314.
5 أخرجه البخاري في كتاب المغازي باب (46) . (ر: فتح الباري 7/304، 519) ، ومسلم 4/1914، عن علي رضي الله عنه في سياق طويل.
6 أم الفضل امرأة العباس بن عبد المطلب، اسمها: لبابة بنت الحارث الهلالية أسلمت قبل الهجرة وقيل بعدها، وماتت في خلافة عثمان. ولها ثلاثون حديثاً. (ر: الإصابة 8/266) .
7 أخرجه أبو نعيم ص 482، والبيهقي 3/237، كلاهما في الدلائل من طريق ابن إسحاق. (ر: السيرة 3/121) ، قال: حدّثني الزهري عن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه، قال: ... ، فذكره في سياق طويل.
قلت: إسناده متصل صحيح، وقد صرح ابن إسحاق بالسماع.
وأخرجه ابن سعد 2/46، والبيهقي في الدلائل 3/211، 258، عن عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب مرسلاً بنحوه في سياق طويل.(2/831)
وأخبر عليه السلام بأنه سيقتل أُبّيّ1 بن خلف فقتله2. وقال في عتبة بنأبي لهب: "إنه سيأكله الأسد". فأكله بعد أن حُرِس3.
وأخبر عن مصارع أهل بدر قبل كونها فكان جميع ذلك4.
وقال: "إن الحسن يصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين"5.
وأخبر عليه السلام بقتل أهل مؤتة6 يوم قتلوا". وبينه وبينهم أكثر من شهر7.
__________
1 أحد رؤساء الكفر بمكّة ومن المؤذين للنبي صلى الله عليه وسلم، قتله النبي صلى الله عليه وسلم بأحد.
2 أخرجه أحمد في المسند 1/353، وأبو نعيم في الدلائل ص 476، كلاهما عن محمّد ابن إسحاق. (ر: السيرة 3/121-123) ، قال: حدّثني من سمع عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه قال: ... ، فذكره في سياق طويل. وذكره الهيثمي بطوله في مجمع الزوائد 6/89، وقال: "رواه أحمد وفيه راوٍ لم سم، وبقية رجاله ثقات".
وأخرجه الحاكم في المستدرك 3/324 عن ابن إسحاق ثنا يحيى بن عباد بن عبد الله ابن الزبير عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها، قالت: ... ، فذكرته، وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي.
وأخرجه البيهقي في الدلائل 3/258، 259، عن عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب مرسلاً.
3 تقدم تخريجه. (ر: ص: 796) .
4 أخرجه مسلم 3/1403، 4/2203، وأبو داود 3/58، والبيهقي في الدلائل 3/46-48، عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
5 أخرجه البخاري في كتاب المناقب باب (25) . (ر: فتح الباري 6/628) ، والإمام أحمد في المسند 5/44، 49، وفي فضائل الصحابة 2/768، والترمذي 5/651، وأبو داود 4/216، والبيهقي في الدلائل 6/422، 443، عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: "أخرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم الحسن فصعد به على المنبر فقال: "ابني هذا سيّد، ولعلّ الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين". - واللفظ للبخاري -.
6 مؤتة: بلدة أردنية، تقع في جنوب الكرك غير بعيدة منها. (ر: معجم المعالم الجغرافية ص 304، للبلادي) .
7 أخرجه البخاري في كتاب المناقب باب (25) . (ر: فتح الباري 6/628) ، وفي كتاب المغازي. (ر: فتح الباري 7/512) ، والبيهقي في الدلائل 4/366، 367، عن أنس رضي الله عنه، - وفيه -: قال أنس: "فنعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس قبل أن يجيء الخبر، قال: أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذها جعفر فأصيب ثم أخذها عبد الله ب رواحة فأصيب ثم أخذ الراية بعد سيف من سيوف الله خالد بن الوليد ... ".(2/832)
وأخبر بموت النجاشي1/ (2/167/أ) ومات وهو بأرض الحبشة2. وبينهما ما قد علم.
وأخبر فيروز بقتل كسرى يوم قتل فأسلم فيروز ومن معه3.
وأخبر أبا4 ذرٍّ بطريده ورآه في المسجد نائماً وحده فقال: كيف بك يا أبا ذرٍّ إذا أخرجت منه؟ قال: أسكن المسجد الحرام. قال: فإذا أخرجت منه5 - الحديث بطوله -، فجرى ذلك كله. وأخبر بعيشهوحده وبموته وحده فمات بالرَّبْدة6 وحده7. وقصته مشهورة.
__________
1 هو: أصحمة بن أبحر النجاشي، ملك الحبشة واسمه بالعربية عطية، والنجاشي لقب له، اسلم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وحسن إسلامه. ولم يهاجر ولا له رؤية. فهو تابعي من وجهٍ، صاحب من وجهٍ، توفي في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فصلى عليه بالناس صلاة الغائب، ونقل بعض العلماء أن ذلك كان في شهر رجب سنة 9هـ. (ر: سير أعلام النبلاء 1/428-443، الإصابة 1/112) .
2 أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب (4) . (ر: فتح الباري 3/116) ، ومسلم 2/656، 657، والبيهقي في الدلائل 4/410، 411، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
3 تقدم تخريجه. (ر: ص: 794) .
4 أبو ذرٍّ الغفاري رضي الله عنه، الصحابي المشهور، اختلف في اسمه واسم أبيه، والمشهور أنه جندب بن جنادة، له مائتا وواحد وثمانون حديثاً.
5 أخرجه أحمد في المسند6/457،والطبراني في الكبير مختصراً2/157،كلاهما من طريق شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد الأنصارية قالت: ... ، فذكرته في سياق طويل.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 2/22، وقال: "رواه الطبراني في الأوسط وفيه شهر وفيه كلام وقد وُثِّق.
قلت: شهر بن حوشب الأشعري، صدوق كثير الإرسال والأوهام من الثالثة. (ر: التقريب 1/355) .
6 كانت قرية عامرة ولكنها خربت سنة 319هـ، بسبب الحروب. وتقع في الشرق إلى الجنوب من بلدة الحناكية. (مائة كيلا عن المدينة في طريق الرياض) . (ر: المعالم الأثيرة ص 125، محمّد شراب) .
7 أخرجه الحاكم 3/50، 51، وعنه البيهقي في الدلائل 5/221، 222، من طريق ابن إسحاق. (ر: السيرة 4/228) ، قال: حدّثني بريدة بن سفيان الأسلمي عن محمّد ابن كعب القرظي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: ... ، فذكره في سياق طويل.
قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وخالفه الذهبي بقوله: فيه إرسال.
قلت: محمّد بن كعب القرظي لم يذكر أبو حاتم أنه روى عن ابن مسعود. (ر: الجرح والتعديل 8/67) ، وفي إسناده أيضاً بريدة بن سفيان الأسلمي، ليس بالقوي وفيه رفض. (ر: التقريب 1/96) ، وذكره الحافظ في الإصابة 7/62، في ترجمة أبي ذرّ، وقال: وفي السيرة النبوية لابن إسحاق بسند ضعيف عن ابن مسعود.(2/833)
وأخبر عليه السلام بأن أسرع أزواجه لحوقاً به أطولهن يداً فكانت زينب لطول يدها بالصدقة1.
وأخبر بقتل الحسن رضوان الله عليه بالطَّف2. وأخرج بيده تربة وقال: "في هذه مضجعه"3.
وقال لزيد بن صوحان4: "يسبقه عضو منه إلى الجنة"، فقطعت يده في الجهاد5.
__________
1 أخرجه مسلم 4/1907، والبيهقي في الدلائل 6/374، عن عائشة رضي الله عنها. وأخرجه يونس بن بكير في زيادات المغازي. (ر: فتح الباري 3/287) ، وعنه البيهقي في الدلائل 6/374 عن زكريا بن أبي زائدة عن عامر الشعبي مرسلاً.
2 الطّقّ: في اللغة: ما أشرف من أرض العرب على ريف العراق، وهو أرض - من ضاحية الكوفة في طريق البرية، فيها مقتل الحسن رضي الله عنه. ويسمى الموضع الذي قتل فيه: (كربلاء) في طرف البرية. (ر: النهاية3/129،معجم البلدان 4/35،36،445) .
3 أخرجه البيهقي في الدلائل 6/470، من طريق عمارة بن غَزَيَّة عن محمّد بن إبراهيم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها قال: ... ، فذكرته في سياق طويل. - وفيه - ذكر الطّف.
قلت: إسناده حسن. فإن ابن غزية الأنصاري لا بأس به. (ر: التقريب 2/51) , وله شواهد تقويه إلاّ أنه ليس فيها ذكر (الطف) ومنها:
حديث نجيء الحضرمي عن عليّ رضي الله عنه نحوه أخرجه أحمد في المسند 1/85، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 9/190: "رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني ورجاله ثقات ولم ينفرد نجيء بهذا".
ومنها: حديث أنس رضي الله عنه أخرجه أحمد في المسند 3/242، وابن حبان. (ر: الموارد ص 554) ، وأبو نعيم ص 553، والبيهقي 6/469، كلاهما في الدلائل، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/190) : "رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني بأسانيد وفيها عمارة بن زاذان، وثّقه جماعة، وفيه ضعف، وبقية رجال أبي يعلى رجال الصحيح". اهـ.
قلت: عمارة بن زاذان - الصيدلاني صدوق كثير الخطأ. (ر: التقريب 2/49) .
ومنها: حديث أبي الطفيل رضي الله عنه، قال الهيثمي في مجمع الزوائد 9/139: "رواه الطبراني، إسناده حسن".
4 زيد بن صوحان حجر العبدي الكوفي، أبو سليمان، أخو صعصعة وسيحان اختلف في صحبته. فقال ابن عبد البر والذهبي: لا صحبة له. وقال ابن الكلبي والرشاطي: إن له صحبة. وإليه ذهب الحافظ ابن حجر، قطعت يده يوم القادسية وقتل يوم الجمل. (ر: الاستيعاب2/550-553،وسير أعلام النبلاء3/525،الإصابة3/30،36،45) .
5 أخرجه ابن عدي. (ر: الكامل 7/123) ، وعنه البيهقي في الدلائل 6/416، عن أبي يعلى عن إبراهيم بن سعيد الجوهري عن حسين بن محمّد عن الهذيل بن بلال عن عبد الرحمن بن مسعود العبدي عن عليّ رضي الله عنه مرفوعاً قال: ... ، فذكره.
قال البيهقي: هذيل بن بلال غير قوي. اهـ. وهو كما قال البيهقي. (ر: لسان الميزان 6/192) .
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 9/401: "رواه أبو يعلى وفيه من لم أعرفهم".
قلت: عبد الرحمن بن مسعود العبدي الجندي لم أقف له على ترجمة، إلاّ أ، للحيدث شاهداً أخرجه ابن منده من طريق الجريري عن عبد الله بن بريدة عن أبيه، قال: ... ، فذكره بنحوه. (ر: الإصابة 3/46) .(2/834)
وقال في الذين معه على الجبل: "اثبت حراء، فإنما عليك نبيّ وصدّيق وشهيد". فقتل عمر وعثمان وعليّ وطلحة والزبير وطعن سعد1.
وقال لسراقة2:"كيف بك إذا ألبست سواري كسرى؟ ".فلما أُتي عمربهماألبسهماإياه. وقال: الحمدلله الذي سلبهماكسرى وألبسهما سراقة3.
وقال عليه السلام لعمر في سهيل4 بن عمرو حين / (2/167/ب) قالله ما قال: "عسى أن يقوم مقاماً يسرك يا عمر". فقام بمكّة حين بلغه وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخطب خطبة يثبت فيها بصائرهم على الإسلام5 وكذلك فعل بالشام أيضاً.
__________
1 تقدم تخريجه. (ر: ص: 757) .
2 سراقة بن مالك بن جعشم الكناني المدلجي رضي الله عنه، قصته مشهورة في الهجرة، له تسعة عشر حديثاً.
3 أخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب 2/158، والبيهقي في الدلائل 6/25، كلاهما من طرق عن الحسن مرسلاً في سياق طويل.
وذكره أيضاً. (ر: السيرة ص 377) ، والحافظ في الإصابة 3/69، عن الحسن ثم قال: وروى ذلك عنه ابن أخيه عبد الرحمن بن مالك بن جعشم. اهـ.
وقال البيهقي: "قال الشافعي، وإنما ألبسهما سراقة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لسراقة - ونظر إلى ذراعيه: كأني بك قد لبست سواري كسرى".
4 سهيل بن عمرو بن عبد شمس القرشي العامري، رضي الله عنه خطيب قريش تولى أمر الصلح بالحديبية، سكن مكّة ثم المدينة، ثم الشام ومات بها سنة 18هـ في طاعون عمواس.
5 أخرجه الحاكم 3/282، وعنه البيهقي في الدلائل 6/367، عن الحسن بن محمّد مرسلاً، ونقله الحفاظ في الإصابة 3/146، عن البيهقي وقال: وروى - أوّله يونس ابن بكير في مغازي ابن إسحاق عنه عن محمّد بن عمرو بن عطاء، وهو في المحامليات موصول من طريق سعيد بن أبي هند عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها. اهـ.(2/835)
وقال لخالد بن الوليد حين وجّهه لأكيدر1: "إنك ستجده يصيد البقر". فكان الأمر كذلك2.
إلى ما أخبر به عليه السلام جلساءه من أسرارهم وبواطنهم ونَبَّه عليه السلام من أسرار المنافقين وكفرهم وإلحادهم حتى صار أحدهم يقول لأصحابه: اسكت فوالله لو لم يكن عنده مَنْ يُخبر لأَخْبَرتْه حجارة البطحاء3.
__________
1 أكيدر بن عبد الملك بن عبد الجن الكوفي، ملك دومة الجندل، - وهي بين الشام والحجاز - واختلف في إسلامه، فذكر ابن منده وأبو نعيم أنه أسلم، وتعقب ذلك ابن الأثير فقال: ومن قال إنه أسلم فقد أخطأ ظاهراً، بل كان نصرانياً، ولما صالحه النبي صلى الله عليه وسلم عاد إلى حصنه وبقي فيه، ثم إن خالد بن الوليد أسره في أيام أبي بكر فقتله.
قال الحافظ: "والذي يظهر أن أكيدر صالح على الجزية كما قال ابن إسحاق ويحتمل أن يكون أسلم بعد ذلك كما قال الواقدي ثم ارتد بعد النبي صلى الله عليه وسلم مع من ارتد كما قال البلاذري ومات علي. والله أعلم". (ر: الإصابة 1/129-131) .
2 قال السيوطي في المناهل ص 162: "أخرجه ابن إسحاق والبيهقي عن يزيد بن رومان وعبد الله بن أبي بكر مرسلاً، ووصله ابن منده في معرفة الصحابة من طريق آخر عن بجير بن بجره الطائي صحابي". اهـ.
قلت: أخرجه أبو نعيم ص 526، والبيهقي 5/250، 251، كلاهما في الدلائل من طريق ابن إسحاق. معلقاً. (ر: السيرة 4/231) ، عن يزيد بن رومان وعبد الله بن أبي بكر مرسلاً.
قال ابن منده: "هذا مرسل، وقد وقع لنا مسنداً، ثم أخرج من طريق أبي المعارك السماح بن المعارك بن مرة بن صخر بن بجير بن بجرة الطائي حدّثني أبي الطائي، حدّثني أبي عن جدي عن أبيه بجير بن بجرة قال: ... ، فذكره، وفيه أبيات منها:
تبارك سائق البقرات إني رأيت الله يهدي كل هاد
قال الحافظ ابن حجر: "وأخرجه ابن السكن وأبو نعيم من هذا الوجه، وأبو المعارك وآباؤه لا ذكر لهم في كتب الرجال". (الإصابة 1/142) .
وقال الحافظ: "ورويناه في زيادات المغازي من طريق يونس بن بكير عن سعد بن أوس عن بلال بن يحيى، قال: ... "، فذكره. (ر: الإصابة 1/129) ، وأخرجه البيهقي في الدلائل 5/251، من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة مرسلاً.
3 هذه مقالة أبي سفيان لعتاب بن أسيد والحارث بن هشام قبل إسلامهم في يوم فتح مكّة حينما أذّن بلال فوق الكعبة، ذكرها ابن هشام منقطعاً. (ر: السيرة 4/80) ، وأخرجها ابن سعد 3/235 بسياق مختلف مرسلاً عن ابن أبي مليكة.(2/836)
وأعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بصفة السحر الذي سحره لبيد1 بن الأعصم وحيث جعله، فوجد على تيك الصفة وفي ذلك المكان2.
وأعلم قريشاً أن الأَرَضَة قد أكلت صحيفتهم التي كتبوها على بني هاشم خلا قوله: باسمك اللهم3.
ووصف عليه السلام لقريش بيت المقدس حين كَذَّبوه في خبر الإسراء4، وأعلمهم بشأن العير الواصلة فلم يخرم من ذلك حرف5.
__________
1 لَبيد بن الأعصم من بني زريق من الخزرج، حليف اليهود كان تاجراً منافقاً. (ر: فتح الباري 10/226) .
2 أخرجه البخاري في كتاب الطب باب (47) . (ر: فتح الباري 10/221) ، ومسلم 4/1719، 1720، عن عائشة رضي الله عنها في سياق طويل.
3 أخرجه البيهقي في الدلائل 2/314، 315، عن ابن إسحاق منقطعاً.
وأخرجه ابن عبد البر في الدور ص 38-42، والبيهقي في الدلائل 2/311-312، كلاهما من طريق موسى بن عقبة عن ابن شهاب الزهري مرسلاً.
وأخرجه أبو نعيم في الدلائل ص 272 عن عروة بن الزبير مرسلاً، وفي إسناده أيضاً ابن لهيعة، وهو ضعيف.
وذكره ابن هشام عن بعض العلم. (ر: السيرة 2/19، 20) .
4 أخرجه البخاري في كتاب مناقب الأنصار باب (41) . (ر: فتح الباري 7/196) ، ومسلم 1/156، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه في سياق طويل.
وأخرجه الإمام أحمد في المسند1/309،عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بنحوه.
5 أخرجه البيهقي في الدلائل 2/355-357، من طريق إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي عن عمرو بن الحارث عن عبد الله بن سالم الأشعري عن محمّد بن الوليد بن عامر عن الوليد بن عبد الرحمن عن جبير بن نضير عن شداد بن أوس رضي الله عنه، قال: ... ، فذكره في سياق طويل.
ثم قال البيهقي: "هذا إسناد صحيح، وروي ذلك مفرقاً في أحاديث غيره". اهـ.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 1/79، وقال: "رواه البزار والطبراني في الكبير، وفيه إسحاق بن إبرهيم بن العلاء، وثقه يحيى بن معين وضعّفه النسائي".
قلت: لم أجد ترجمة إسحاق في: "الضعفاء والمتروكين". للنسائي.
وقال أبو حاتم 2/201، عن إسحاق بن إبراهيم: شيخ، وقال: سمعت يحيى بن معين أثنى عليه، وقال: لا بأس به ولكنهم يحسدونه". اهـ.(2/837)
إلى ما أخبر به عليه السلام من الحوادث التي ستكون ولما تجيء بعد، كقوله: "عمران بيت المقدس / (2/168/أ) خراب يثرب، وخراب يثرب خروج الملحمة، وخروج الملحمة فتح القسطنطينية"1. وهذا نوع من معجزاته لا يكاد يحصر لكثرته واتساعه.
55- ومن ومعجزاته عليه السلام عصمته من أعدائه على كثرتهم: قال الله له: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} [الطور: من الآية48] . وقال سبحانه: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: من الآية67] . وقال سبحانه: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر: من الآية36] . وقال عزّ من قائلٍ: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ} [الحجر:95] .وقال: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [لأنفال: من الآية30] . الآيات.
قالت عائشة: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحرس حتى نزل قوله: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: من الآية67] . فأخرج عليه السلام رأسه من القبة فقال: أيها الناس انصرفوا فقد عصمني ربّي عزوجل2".
__________
1 أخرجه أحمد في المسند 5/232، 245ت، وأبو داود 4/110، من طريق مكحول عن جبير بن نفير عن مالك بن يخامر عن معاذ بن جبل رضي الله عنه. قال الألباني: صحيح. (ر: صحيح الجامع 2/754،ح:4096أحمد في المسند4096،المشكاة ح: 5424) .
2 أخرجه الترمذي5/234، والحاكم2/313،والبيهقي في الدلائل2/184،كلهم من طريق مسلم بن إبراهيم ثنا الحارث بن عبيد ثنا سعيد الجُرَيْري عن عبد الله بن شقيق عن عائشةرضي الله عنها. قال الترمذي: حديث غريب، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
قلت: في إسناده الحارث بن عبيد الإيادي، صدوق يخطئ، من الثامنة. (ر: التقريب 1/142) .
وسعيد بن إياس الجريري، ثقة من الخامسة. اختلط قبل موته بثلاث سنين. (ر: التقريب 1/290) .(2/838)
وكان عليه السلام إذا نزل منْزلاً اختار له أصحابه شجرة يقيل تحتها فأتاه أعرابي وهو غورث1 بن الحارث فاخترط سيفه، وقال: من يمنعك مني؟ فقال: الله. فأرعدت يده وسقط سيفه وضرب برأسه الشجرة حتى سال دمه2.
والحديث في الصحيح3، فنَزل قوله: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: من الآية67] .
وجرى ذلك له مرات، منها يوم بدر وقد انفرد من أصحابه4.
ومنها في غزوة غطفان5 مع رجل يقال/ (2/168/ب) له دعثور6
ابن الحارث وأنه أسلم فلما رجع إلى
__________
1 غورث بن الحارث، اخلتف في إسلامه، ذكر الذهبي في التجريد أنه أسلم، وقال الحافظ ابن حجر بعد أن ذكر طرق الأحاديث: فهذه الطرق ليس فيها أنه أسلم، وكأن الذهبي لما رأى ما في ترجمة دعثور بن الحرث سيأتي - أن الواقدي ذكر له شبهاً بهذه القصة وأنه ذكر أنه أسلم فجمع بين الروايتين فأثبت إسلام غورث، فإن كان كذلك ففيما صنعه نظر من حيث إنه عزاه للبخاري وليس فيه أنه أسلم، ومن حيث إنه يلزم من الجزم بكون القصتين واحدة مع احتمال كونهما واقعتين إن كان الواقدي أتقن ما نقل، وفي الجملة، هو على الاحتمال، وقد يتمسك من يثبت إسلامه بقوله: "جئتكم من عند خير الناس". اهـ. (ر: التجريد 2/3، الإصابة 5/191) .
2 قال القاري في شرحه 3/204: "وما رواه من الزيادة - يعني قوله: "وضرب رأسه الشجرة حتى سال دمه"، فغير معروف عند أرباب الرواية". اهـ.
وقال الخفاجي في نسيم الرياض 3/204: "وهذا الحديث بهذا اللفظ قالوا: لم يوجد في الكتب المعتبرة عند أهل الأثر ولم يذكروه في أسباب النُّزول". اهـ.
قلت: الحديث بلفظ المؤلِّف أخرجه الإمام ابن جرير في تفسيره 6/308، عن محمّد ابن كعب القرظي مرسلاً.
3 أصل الحديث السابق أخرجه البخاري من غير الزيادة السابقة: "وضرب برأسه الشجرة ... " في كتاب المغازي باب (31) . (ر: فتح الباري 7/426، 429) ، ومسلم 4/1786، 1787) ، وابن إسحاق. (ر: السيرة 3/288) ، والبيهقي في الدلائل 3/373 عن جابر رضي الله عنه.
4 لم يخرجه السيوطي. (ر: المناهل ص 163) ، وقال الخفاجي: "هذا الحديث لم يخرجه أحد". (ر: نسيم الرياض 3/205) .
5 وتسمى أيضاً غزوة (ذو أمر) وهو: موضع بنجد من ديار غطفان من ناحية النُّخَيْل. (ر: السيرة 3/68، لابن هشام، معجم البلدان 1/252) .
6 دعثور بن الحارث الغطفاني، قال الذهبي: "دعثور في حديث عجيب الإسناد والأشبه غورث"، وقال الحافظ بعد أن ذكر قصته من طريق الواقدي: "وقصته هذه شبيهة بقصة عورث بن الحارث المخرجة في الصحيح من حديث جابر، فيحتمل التعدد أو أحد الاسمين لقب إن ثبت الاتّحاد".اهـ. التجريد1/166، الإصابة 2/163) .(2/839)
قومه الذين أغووه بذلك قالوا له: أين ما كنت تعدنا؟ وكان أبسلهم وأشجعهم، قال: إني نظرت إلى رجل أبيض طويل دفع في صدري فوقعت لظهري وسقط السيف من يدي فعرفت أنه ملك فأسلمت1.
وكانت حمالة2 الحطاب تضع العضاء - وهي جمر3 - على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأنما يطؤها كثيباً أهيل4.5.
__________
1 أخرجه الواقدي في مغازيه1/193-196، وعنه البيهقي في الدلائل3/168،169، من طريق عبد الله بن رافع بن خديج عن أبيه قال: ... ، فذكره في سياق طويل. وذكره الماوردي في أعلام النبوة ص 133.
قال البيهقي: "وقد روي في غزوة ذات الرقاع قصة أخرى في الأعرابي الذي قام على رأسه بالسيف، وقال: من يمنعك مني؟ فإن كان الواقدي قد حفظ ما ذكر في هذه الغزوة فكأنهما قصتان. والله أعلم". اهـ.
2 هي: أم جميل العوراء، واسمها: أروى بنت حرب بن أمية، زوج لهب، وأخت أبي سفيان وكانت من سادات قريش. (ر: السيرة1/435، تفسيرابن كثير4/603، 604) .
3 العِضَاه: شجرة أم غَيْلاَن, وكل شجر عظيم له شوك، الواحدة عِضَة - بالتاء - وأصلها: عِضَهه، وقيل: واحدته: عضاهه. (ر: النهاية 3/255، المصباح ص 415) .
وقال القاري في شرحه للشفا 3/207: "- وهي جمر - جملة حالية، ولعل المراد تشبيه الشوك بالجمرة حال حدتها، فإن الجمرة هي النار المتوقدة ثم اعلم أن بعضهم ذكر في معناه أنه شجر لجمره حرارة شديدة، وقد قال أهل التفسير: إنها كانت تضع الشوك، ولذا سميت (حمالة الحطب) ، على أحد الأقوال، ولعلها كانت الشوك مرة والجمرة مرة أخرى أو كانت تجمع بينهما. والله أعلم". اهـ.
4 كثيبا أهيل: أي: رملاً سائلاً حيث لم يتضرر بها. (كذا ذكره القاري) .
5 أخرجه الإمام ابن جرير في تفسيره 30/339، عن عطية الجدلي مرسلا.
قلت: عطية بن سعد الجدلي، صدوق يخطئ كثيراً، كان شيعياً مدلساً من الثالثة. (ر: التقريب 2/24) .(2/840)
وقد ذكر ابن إسحاق أن حمالة الحطب حين بلغها قول الله تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبّ} [المسد: من الآية1] 1. وذمّها الله مع زوجها جميعاً أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس ومعه أبو بكر وفي يدها فهر من حجارة فلما وقفت عليهما لم تر سوى أبي بكر وأخذ الله ببصرها عن نبيّه فلم تره فقالت: يا أبا بكر، أين صاحبك؟ فقد بلغني أنه هجاني والله لو وجدته لضربته بهذا الفِهْر2 فاه3.
وقال الحكم بن أبي العاص: "تواعدنا على النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا رأيناه سمعنا صوتاً ما ظننا أنه بقي بتهامة أحد، فوقعنا مغشياً علينا فما أفقنا حتى قضى صلاته وانصرف إلى أهله، ثم تواعدنا ليلة أخرى فجئنا حتى إذا رأيناه جاءت الصفا والمروة / (2/169/أ) فحالت بيننا وبينه4.
__________
1 قال العلماء في هذه السورة معجزة ظاهرة ودليل واضح على النبوة، فإنه منذ قوله تعالى: {سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ} [المسد الآية:3] ، الآيات، فأخبر عنهما بالشقاء وعدم الإيمان لم يقيض لهما أن يؤمنا ولا واحد منهما لا باطناً ولا ظاهراً، ولا سرّاً ولا معلناً، فكان هذا من أقوى الأدلة الباهرة الباطنة على النبوة الظاهرة. اهـ. (ر: تفسير ابن كثير 4/604) .
2 الفِهْر: الحجر ملء الكف، وقيل: هو: الحجر مطلقاً. (ر: النهاية 3/481) .
3 أخرجه ابن إسحاق معلقاً. (ر: السيرة1/436) ،وابن أبي حاتم. (ر: تفسير ابن كثير 4/604) ،والحاكم4/362، وعنه البيهقي في الدلائل2/195، وذكره الذهبي. (ر: السيرة ص146،147) ،كلهم من طريق سفيان بن عيينة عن الوليد بن كثير عن ابن تدرس عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، قال: ... ، فذكرته في سياق طويل.
قال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي.
قلت: له شاهد من حديث سعيد بن جبير رضي الله عنه، أخرجه أبو نعيم في الدلائل ص 193، وابن حبان. (ر: الموارد ص 516) ، بنحوه. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 7/147: "رواه أبو يعلى والبزار بنحوه، وقال البزار: إنه حسن الإسناد. قلت: ولكن فيه عطاء بن السائب وقد اختلط". اهـ.
4 أخرجه أبو نعيم في الدلائل 2/209، 210، من طريق داود بن أبي هند عن قيس ابن حبتر، قال: قالت ابنة ابن الحكم: قلت لجدي الحكم: ... ، فذكرته. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 8/230، وقال: "وراه الطبراني ورجاله ثقات غير بنت الحكم فلم أعرفها". اهـ.
وقال السيوطي في المناهل ص 163: "أخرجه الطبراني وأبو نعيم في الدلائل وسنده جيد". اهـ. وزاد في الخصائص 1/215: أخرجه ابن منده.(2/841)
وعن عمر قال: تواعدت أنا وأبو1 جهم بن حذيفة ليلة لقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئنا منْزله فسمعناه يقرأ: {الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ} [سورة الحاقة، الآيات: 1-8] ، إلى قوله تعالى: {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَة} . [الحاقة الآيتان: 1-8] . فضرب أبو جهم على عصدي وقال: انج. وفررنا هاربين2.
ولما اجتمعت قريش على قتل نبيّ الله وبَيَّتوه خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام على رؤوسهم وقد ضرب الله على أبصارهم فذر التراب على رؤوسهم وذهب فجعل الرجل يتناول من على رأسه تراباً وذهبوا خائبين3.
ومن هذا القبيل كفاية الله له في الغار بما هيأ الله له من الآيات من نسج العنكبوت على باب الغار حتى قال أمية بن خلف حين قالوا: ندخل
__________
1 أبو الجهم بن حذيفة بن غانم القرشي العدوي رضي الله عنه، اسمه: عامر، وقيل: عبيد، من مسلمة الفتح، كان عالماً بالنسب ومن معمري قريش ومن مشيختهم، توفي آخر خلافة معاوية رضي الله تعالى عنهما. (ر: الاستيعاب4/1623،الإصابة7/34، 35) .
2 قال الخفاجي في نسيم الرياض 3/209: "هذا الحديث لم يوجد بهذا اللفظ إلاّ أنه في مسند أحمد بما يقرب منه عن عمر بن الخطاب ... ، فذكره في سياق طويل.
قلت: أخرجه أحمد 1/17، عن المغيرة عن صفوان عن شرع بن عبيدة قال: قال عمر: ... ، فذكره. وليس في الحديث أن عمر بن الخطّاب صاحب أبا جهم.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 9/65، وقال: "رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات إلاّ أن شريح بن عبيدة لم يدرك عمر". اهـ. وهو كما قال الهيثمي. (ر: التهذيب 4/288) ، وشريح ثقة، إلاّ أنّه كان يرسل كثيراً. (ر: التقريب 1/349) .
3 أخرجه أبو نعيم ص 203، 204، والبيهقي 2/469، 470، كلاهما في الدلائل من طريق ابن إسحاق. (ر: السيرة 2/139، 140) . قال: حدّثني يزيد بن زياد عن محمّد بن كعب القرظي مرسلاً. قال البيهقي: "وروي عن عكرمة ما يؤكد هذا".(2/842)
الغار-: إن على الغار من نسج العنكبوت ما أرى أنه قبل أن يولد محمّد. ووقفت حمامتان على فم الغار، فقالت قريش: لو كان فيه أحد لما كان هناك الحمام1.
وقصته مع سراقة مشهورة، وذلك أن قريشاً جعلت في رسول الله الجعائل فركب سراقة بن مالك واتبعه حتى إذا قرب منهما دعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم / (2/169/ب) فساخت قوائم فرسه في أرض صلبة ومحجر صلد، فخر عنها واستقسم بأزلامه فخرج له ما يكره، ثم اتبعهما ثانية حتى إذا دنا منهما وسمع قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله لا يلتفت قال أبو بكر: أُتينا يا رسول الله. فقال: {لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} . [التوبة: من الآية40] . فساخت قوائم فرسه ثانية إلى ركابها فَخَرّ عنها زجرها فنهضت ولقوائمهما مثل الدخان. فناداهم بالأمان فكتب له النبي صلى الله عليه وسلم كتاب أمان كتبه أبو بكر، وقيل: كتبه ابن2 فهيرة. وأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يدع الطلب
__________
1 أخرجه ابن سعد 1/228، وأبو نعيم في الدلائل ص 325، والبيهقي في الدلائل 2/482، كلهم من طريق أبي مصعب المكي عن أنس بن مالك وزيد بن الأرقم والمغيرة بن شعبة - رضي الله عنهم -.
وعزاه السيوطي في الخصائص1/306 أيضاً إلى ابن مردويه، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد5/55،56،وقال:"رواه البزار والطبراني وفيه جماعة لم أعرفهم".اهـ.
وأورده ابن كثير في البداية3/200،وقال:"هذا حديث غريب جداً من هذا الوجه".
وقال الألباني: حديث منكر. (ر: سلسلة الأحاديث الضعيفة 3/259-264) .
وأخرجه أحمدفي المسند1/348، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بنحوه في سياق طويل.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 7/30: "وراه أحمد والطبراني، وفيه عثمان بن عمرو الجزري، وثّقه ابن حبان وضعّفه غيره، وبقية رجاله رجال الصحيح".
وذكره ابن كثير في البداية 3/198، 199، عن الإمام أحمد وقال: "وهذا إسناد حسن، هو من أجود ما روي في قصة نسج العنكبوت". اهـ.
وقال أحمد شاكر في تعليقه على المسند (ح 3251) : "في إسناده نظر. وذكره الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة 3/262، وقال تعقيباً على قول ابن كثير: وليس بحسن في نقدي، لأن عثمان بن عمرو بن ساج الجزري لا يحتج به. وفيه ضعف". اهـ. (ر: الجرح 6/162، التقريب 2/13) .
2 هو: عامر بن فهيرة التيمي رضي الله عنه، مولى أبي بكر الصِّدِّيق وأحد السابقين وكان مولوداً من الأزد استشهد ببئر معونة. (ر: الإصابة 3/14) .(2/843)
يلحق بهم فانصرف سراقة يقول للناس: كفيتم ما ها هنا. ووقع في نفسه ظهور النبي صلى الله عليه وسلم1.
ورآهم آخر من الرعاة فخرج ينشد يعلم قريشاً، فلما ورد مكّة ضرب على قلبه فأنسي ما قدم له حتى رجع إلى موضعه2.
قال ابن إسحاق: "وجاءه أبو جهل بصخرة وهو ساجد وقريش ينظرون إليه ليطرحها عليه، فلزقت بيده ويبست يده إلى حد عنقه فرجع القهقري وسأله فدعا له حتى انطلقت يداه، وكان حلف لقريش لئن رآه ليدمغنه فسألوه عن شأنه / (2/170/أ) فذكر أنه عرض له دونه فَحْلٌ ما رأى مثله هَمَّ به أن يأكله، فقال عليه السلام: ذلك جبريل لو دنا مني لأخذه"3.
__________
1 قصة سراقة في الهجرة أخرجها البخاري في كتاب المناقب باب (25) . (ر: فتح الباري 6/622) ، وفي كتاب مناقب الأنصار باب (45) . (ر: فتح الباري 7/338، 339) ، ومسلم 3/1592، 4/2309، 2310، وأحمد في المسند 1/2-3، وأبو نعيم في الدلائل ص 329، 330، والبيهقي في الدلائل 2/484-487، عن البراء وعن سراقة بن مالك رضي الله تعالى عنهما.
2 لم يخرجه السيوطي. (ر: في المناهل ص 55، الطبعة الحجرية) . وقال القاري في شرحه 3/214: "غير معروف عند أهل الأثر"، وقال الخفاجي في نسيم الرياض 3/214: "لا يعرف من وراه".
3 أخرجه أبو نعيم في الدلائل ص 205، والبيهقي في الدلائل 2/190، 191، كلاهما عن محمّد بن إسحاق. (ر: السيرة 1/364-39) ، عن بعض أهل العلم. (وفي إسناد البيهقي قال ابن إسحاق: حدّثني شيخ من أهل مصر قديم منذ بضع وأربعين سنة) ، عن سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عباس قال: ... ، فذكره في سياق طويل. قلت: إسناده صحيح.(2/844)
وذكر السمرقندي1 أن رجلاً من بني المغيرة أتى النبي صلى الله عليه وسلم ليقتله فطمس الله على بصره فلم [يره] 2. وكان يسمع قراءته ولا يهتدي إليه فرجع إلى أصحابه فلم يرهم حتى نادوه3.
وعن أبي هريرة قال: "إن أبا جهل وعد قريشاً لئن رأى محمّداً ليؤذينّه، فلما صلى النبي أعلموه فأقبل فلما قرب منه ولَّى هارباً ناكصاً على عقبيه متقياً بيديه فسئل عن ذلك، فقال: لما دنوت منه أشرفت على خندق مملوء ناراً كدت أهوي فيه وأبصرت هولاً عظيماً وخفق أجنحة قد ملأت الأرض. فقال عليه
__________
1 أبو الليث نصر محمّد السمرقندي، الفقيه الحنفي، الملقب بإمام الهدى له تصانيف منها: تفسير القرآن وتنبيه الغافلين. توفي سنة 373هـ. (ر: سير أعلام النبلاء 16/322، الجواهر المضيئة 2/196، الأعلام 8/27) .
2 في ص، م (يراه) والصواب ما أثبتّه.
3 أورده القرطبي في تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً} [يّس: من الآية9] عن مقاتل قال: ... ، فذكره بلفظ المؤلِّف. (ر: تفسير القرطبي 15/9، 10) .
وأخرجه البيهقي في الدلائل 2/196، 197، من طريق محمّد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله عزوجل: {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً} [يّس: من الآية9] ، قال: "وذلك أن أناساً من بين مخزوم تواصوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ليقتلوه منهم أبو جهل والوليد بن المغيرة ونفر من بني مخزوم، فبينا النبي صلى الله عليه وسلم قائم يصلي، فلما سمعوا قراءته أرسلوا الوليد ليقتله، فانطلق حتى انتهى إلى المكان الذي كان يصلي النبي صلى الله عليه وسلم فيه، فجعل يسمع قراءته ولا يراه ... " الخ. قال البيهقي: "وروي عن عكرمة ما يؤكد هذا". اهـ.
قلت: في إسناده محمّد بن مروان، السدي الصغير كوفي متهم بالكذب. (ر: التقريب 2/206) ، وقول البيهقي: "روي عن عكرمة"، يشير إلى ما أخرجه ابن جرير في تفسير 22/152، عن عكرمة قال: "قال أبو جهل لئن رأيت محمّداً لأفعلن ولأفعلن، فنَزَلت: {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالاً ... } [الآيات، يّس: من الآية8] . فكانوا يقولون: هذا محمّد، فيقول: أين هو؟ أين هو؟ لا يبصره.
وأخرجه أبو نعيم في الدلائل ص 199، 200، من طريق النضر بن عبد الرحمن أبو عمرو الخزاز عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فذكره بنحوه. إلاّ أنّ في إسناده النضر بن عبد الرحمن وهو متروك. (ر: التقريب 2/302) .(2/845)
السلام: "تلك الملائكة، لو دنا لاختطفته عضواً عضواً"1.
وعن شيبة2 بن عثمان الحجبي، قال: لما كان يوم حنين وكان حمزة قتل أبي وعمي، قلت: اليوم أدرك ثأري من محمّد. فلما اختلط الناس أتيته من خلفه ورفعت سيفي لأصبه عليه فلما دنوت منه ارتفع لي شواظ من نار أسرع من / (2/170/ب) البرق فوليت هارباً، وأحس بيَ النبي صلى الله عليه وسلم فدعاني فوضع يده على صدري وهو أبغض الخلق إليَ فما رفعها إلاّ وهو أحبّ الخلق إليَّ، وقال لي: أُدن فقاتل، فتقدمت أمامه أضرب بسيفي وأقيه بنفسي ولو لقيت تلك الساعة أبي لأوقعت به دونه3.
وعن فضالة4 بن عمير، قال: أردت قتل النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح وهو يطوف بالبيت فلما دنوت، قال: أفضالة؟ قلت: نعم. قال: ما كنت تحدث به نفسك؟ قلت: لا شيء. فضحك واستغفر ليَ ووضع يده على صدري فسكن قلبي.
__________
1 أخرجه البخاري مختصراً في كتاب التفسير سورة: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق الآية:1] . (ر: فتح الباري 8/724) ، وأخرجه مسلم مطوّلاً 4/2154، وأبو نعيم في الدلائل ص: 208، والبيهقي في الدلائل 2/189، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
2 شيبة بن عثمان، وهو: الأوقص القرشي العبدي، الصحابي المعروف، خادم الكعبة، وإليه ينسب سدنة الكعبة، مات سنة 59هـ، وله ثلاثة أحاديث.
3 أخرجه ابن إسحاق معلقاً. (ر: السيرة 4/124) ، وأخرجه أبو نعيم ص 195، والبيهقي 5/145 كلاهما في الدلائل من طريق عبد الله بن المبارك عن أبي بكر الهذلي عن عكرمة، قال: قال شيبة: ... ، فذكره.
وعزاه السيوطي في الخصائص 1/449، أيضاً إلى أبي القاسم البغوي وابن عساكر، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 6/185، وقال: "رواه الطبراني، وفيه أبو بكر الهذلي وهو ضعيف". اهـ.
قلت: وهوكما قال الهيثمي، فإن أبا بكر الهذلي متروك الحديث. (ر: التقريب2/401) .
4 في ص، م (فضالة بن عمرو) والتصويب من سيرة ابن هشام 4/85.
وهو: فضالة بن عمير بن الملوح الليثي، له ذكر وشعر يوم الفتح. (ر: التجريد 2/8، الإصابة 5/210) .(2/846)
فوالله ما رفع يده حتى ما خلق الله من شيء أحب إليّ منه صلى الله عليه وسلم1.
ووفد عامر2 بن الطفيل وأربد3 بن قيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عامر قال لأربد: أنا أشغل عنك وجه محمّد بالحديث فاضربه أنت. فلما خرجا من عنده ولم يصنع شيئاً، قال: أين ما عزمت عليه؟ قال: والله ما هممت به إلاّ وجدتك بيني وبينه أفأضربك بالسيف؟ 4.
ومن عصمة الله له أن كثيراً من اليهود والكهنة أنذروا به قريشاً ووصفوه لهم وأخبرهم بسطوته / (2/171/أ) بهم وحَضُّوهم على قتله فحماه الله وعصمه من كلّ سوء حتى بلغ فيه كرامته.
قال المؤلِّف: وقد روي عن أفاضل الصحابة أنهم سمعوا ليلة ولادة رسول
__________
1 ورواه ابن هشام معلقاً. (ر: السيرة 4/85) ، وابن عبد البر في الدر بلا سند ص 264، وعنه الحافظ في الإصابة 5/210.
2 عامر بن الطفيل بن مالك العامري ذكره جعفر المستغفري في الصحابة وهو غلط، قال الذهبي: أجمع أهل النقل على أن عامراً مات كافراً وقد أخذته غدة، فكان يقول: غدة كغدة البعير وموت في بيت سلولية. (ر: التجريد1/285، الإصابة 5/127) .
3 أربد بن قيس بن جزء بن خالد العامري، كان أخو لبيد بن ربيعة لأمه، أرسل الله عزوجل عليه وعلى جمله صاعقة فأحرقتهما، فأنْزل الله عزوجل: {وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} [الرعد: من الآية13] ، وقد رثاه أخوه لبيد بأبيات ذكرها ابن إسحاق. (ر: السيرة 4/285-291) ، تفسير ابن كثير 2/524، 525) .
4 أورده البيهقي في الدلائل 5/318، 319، من طريق ابن إسحاق بلا سند. (ر: السيرة 4/284، 285) ، في سياق طويل وأخرجه أبو نعيم في الدلائل ص 206، 207، من طريق عبد العزيز بن عمران عن عبد الله وعبد الرحمن ابنا زيد بن أسلم عن أبيهما عن عطاء بن يسار عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، قال: ... ، فذكره بنحوه.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 7/44، 45: "رواه الطبراني في الأوسط والكبير بنحوه، وفي إسنادهما عبد العزيز بن عمران وهو ضعيف". اهـ.
قلت: عبد العزيز بن عمران الزهري، المذني، الأعرج، متروك، احترقت كتبه فحدث من حفظه فاشتد غلطه. (ر: التقريب 1/511) ، وأورده ابن عبد البر في الدرر في السير ص 307، 308، بلا سند.(2/847)
الله صلى الله عليه وسلم يهودياً ينادي صاحبه على أطم1 من آطام2 المدينة: يا فلان إنه قد طلع في هذه الليلة نجم أحمد3. وذلك مواطئ لقول المجوسالذي حكاه النصارى في إنجيلهم عند مولد المسيح4، وأنَّى لهم بتحقيق تلك الحكاية عن المجوس إلاّ بالطريق التي ثبتت به أخبارنا، فإن قدحوا في صحة أخبارنا لم يسلموا من مثل ذلك فيما صاروا إليه، وقد حكى الصنارى أنّ أم المسيح حين خافت عليه هيرودس هوبَتْ إلى مصر وهو طفل5، فأما رسول الله فعصمه الله من كيد أعدائه وهو بين أظهرهم وقد جهدوا جهدهم ولم نحتج إلى ما نقله المخالفون.
56- ومن معجزاته عليه السلام إمداد الله له بالملائكة وطاعة الجن له، قال الله تعالى في كتابه الكريم: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا} ، [سورة الأنفال: من الآية12] . وقال عزّ من قائل: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ6 فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ ... } ، [سورة الأنفال: من الآيتان 9-10] ، وقال: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ
__________
1 الأطم: بناء مرتفع والمراد به هنا: الحصن. (ر: النهاية 1/54) .
2 في م: أطم.
3 أخرجه الحاكم 2/286، وأبو نعيم ص 75، والبيهقي 1/110، كلاهما في الدلائل، كلهم من طريق ابن إسحاق. (ر: 1/11، 212) ، حدّثني صالح بن إبراهيم عن يحيى ابن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصاري، قال: حدّثني من شئت من رجال قومي عن حسان بن ثابت رضي الله عنه: ... ، فذكره.
قلت: في إسناده انقطاع فإن يحيى بن عبد الله لم يسم عمن سمع.
وله شاهد من حيدث حويصة بن مسعود رضي الله عنه بنحوه أخرجه أبو نعيم في الدلائل ص 77، إلاّ أنّ في إسناده الواقدي وهو متروك، غير أن محمّد بن إسحاق إمام في المغازي والسير، فإذا روى رواية لم يخالفه فيها أحد فهي مقبولة عند المحقِّقين من المحدّثين والمؤرّخين، وروايته هذه رويت من وجه آخر، وإن كان فيها ضعف إلاّ أنّها تدل على أ، لها أصلاً. والله أعلم.
4 متى 2/1-7، لوقا 2/8-14.
5 متى 2/13-15.
(2/171/ب) .(2/848)
الْقُرْآنَ} ، [الاحقاف: من الآية29] ، وقد رأى الجن جماعة من أصحاب نبيّنا عليه السلام وكذلك شاهدوا جبريل وهو يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان1، ورأى جبريل عليه السلام ابن عباس2 وأسامة3 وغيرهما.
وأبصر سعد4 جبريل وميكائيل عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن شماله في صورة رجلين عليهما ثياب بيض5.
وقد كانت الملائكة تصافح عمران بن حصين صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم6.
ورأى ابن مسعود الجن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم7.
ولما قتل مصعب بن عمير أخذ راية المسلمين ملك على صورته فكان النبي
__________
1 أخرجه البخاري في كتاب الإيمان باب (37) . (ر: فتح الباري 1/114) ، ومسلم 1/36، 37، وابن ماجه. (ر: صحيح ابن ماجه 1/16) ، عن عبد الله بن عمر عن أبيه رضي الله تعالى عنهما، في سياق طويل.
2 أخرجه أحمد في المسند 1/293، 294، والبيهقي في الدلائل 7/75، كاهما من طريق حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 9/279، وقال: "رواه أحمد والطبراني بأسانيد، ورجالهما رجال الصحيح".
3 حديث أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهما، أخرحه البخاري في المناقب باب (25) . (ر: فتح الباري 6/629) ، ومسلم 4/1906، والبيهقي في الدلائل 7/68.
4 هو: سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.
5 كان ذلك في عزوة أحد، أخرجه البخاري في كتاب المغازي باب (18) . (ر: فتح الباري 7/358) ، ومسلم 4/1802، والبيهقي في الدلائل 3/254، 255، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.
6 أخرجه مسلم 2/899، 900، والبيهقي في الدلائل 7/79، 80، عن عمران بن حصين رضي الله عنه.
7 قال البيهقي في الدلائل 2/230: "والأحاديث الصحاح تدل على أن عبد الله بن مسعود لم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن، وإنما كان معه حين انطلق به وبغيره ويريهم آثار الجن وآثار نيرانهم".
وأخرجه الإمام مسلم 1/332، عن عامر، قال: سألت علقمة: هل كان ابن مسعود شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن؟ قال: فقال علقمة: أنا سألت ابن مسعود فقلت: هل شهد أحد منكم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن؟ قال: لا. ولكنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ففقدناه ... ". الحديث. وأخرجه البيهقي في الدلائل 2/229، عن الشعبي عن علقمة بمثله.(2/849)
عليه السلام يقول له: تقدم يا مصعب. فقال: لست بمصعب. فعرف أنه ملك1.
قال المصنِّف: إن طعن في هذه الشهادات المتضافرة يهدي أو نصراني وَرَد عليهم فيما حكوه عن بطرس وابني زيدي من أنهم رأوا الملائكة بالجبل2 وقد جاءت للمسيح، وكذلك ما رواه اليهود من مجيء الملائكة لإبراهيم ولوط وموسى3. وكل سؤال انعكس على السائل سقط جوابه عن المسؤول.
وقد أَرَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم جبريلَ / (2/172/أ) لحمزة في الكعبة فخر حمزةُ مغشياً عليه4.
وحكى جماعة من العلماء أن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قال: "بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم [جالس] 5 إذ أقبل شيخ في يده عصا فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد عليه النبيّ. وقال: نغمة الجن فمن أنت؟ قال: أنا هامة بن الهيثم بن لاقش
__________
1 أخرجه ابن سعد 2/29، 42، وقال: أنا الواقدي ثني الزبير بن سعيد النوفلي عن عبد الله بن الفضل بن العباس، قال: ... ، فذكره.
قلت: إسناده منقطع، فعبد الله بن الفضل، ثقة من الرابعة. (ر: التقريب 1/440) ، وفيه أيضاً الواقدي وهو متروك.
وله تابع أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 7/369، رقم 36770، من طريق موسى ابن عبيدة عن محمّد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ، فذكره. وإسناده ضعيف. فإن موسى بن عبيدة، ضعيف، من صغار السادسة. (ر: التقريب 2/286) ، ومحمّد بن ثابت، عن أبي هريرة، مجهول من السادسة. (ر: التقريب 2/149) .
2 متى 4/11، لوقا 22/43.
3 تكوين 18/2-22، 18/23-33.
4 أخرجه البيهقي مطولاً في الدلائل 7/81، وقال: "هكذا روى هذا (الحديث) عن عمار بن أبي عمار وهو مرسل".
قلت: عمار بن أبي عمار، مولى بني هاشم، أبو عمرو، صدوق ربما أخطأ، من الثالثة. (ر: التقريب 2/48) .
5 في ص، م (جالسا) والصواب ما أثبتّه.(2/850)
بن إبليس - فذكر أنه لقي نوحاً ومن بعده ... ، في حديث طويل، وأقرأه عليه السلام سوراً من القرآن1.
وقد حكى الواقدي أنّ خالداً قتل العُزَّى عندما هدم بيتها2.
57- ومن دلائل نبوته ما نطقت به قدماء الشعراء الموحدّين من التنويه
__________
1 ذكره السيوطي في اللألئ المصنوعة 1/174، وابن عراق في تنْزيه الشريعة 1/238، 239، وقال: أخرجه العقيلي (في الضعفاء 1/98) ، من طريق إسحاق بن بشر الكاهلي وجاء من حديث أنس من طريق أبي سلمة محمّد بن عبد الله الأنصاري بنحوه، وهكذا قال العقيلي بنحوه ولم يسقه. ثم قال: وليس للحديث أصل، وتعقب بأن الكاهلي قد تابعه محمّد بن أبي معشر نحوه رواه البيهقي في الدلائل (5/418-420) ، وقال عقب إخراجه: أبو معشر روى عنه الكبار، إلاّ أنّ أهل الحديث ضعفّوه، قال: وقد روي من وجه آخر هذا أقوى منه، وجاء أيضاً من حديث عمر أخرجه أبو نعيم في الدلائل (ص 370-372) من طريق عطاء الخراساني عن ابن عباس عن عمر، وأخرجه الفاكهي في أخبار مكّة عن ابن عباس لم يذكر عمر، وأخرجه أبو جعفر المستغفري في الصحابة عن سعيد بن المسيب: قال: قال عمر. ولحديث أنس طريق ثانٍ ليس فيه أبو سلمة الأنصاري أخرجه أبو نعيم في الدلائل، وجاء عن عائشة مرفوعاً: أن هامة بن هيثم بن لاقش في الجنة. أخرجه علي بن الأشعث أحد المتروكين المتهمين في كتاب السنن. اهـ.
قلت: ومع مجموع هذه الطرق فلا يزال الحديث ضعيفاً.
2 أخرجه ابن إسحاق معلقاً. (ر: السيرة 4/112) ، وابن سعد 2/145، وأخرجه أبو نعيم ص 535، والبيهقي 5/77، كلاهما في الدلائل من طريق محمّد بن فضيل عن الوليد بن جميع عن أبي الطفيل رضي الله عنه، قال: ... ، فذكره في سياق طويل، - وفيه -: أن العُزى امرأة عريانة ناشرة شعرها تحثو التراب على رأسها، فعممها خالد بنالسيف حتى قتلها.
قلت: في إسناده الوليد بن عبد الله بن جميع الزهري، صدوق يهم، رمي بالتشيع. (ر: التقريب 2/333) . وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 6/179، وقال: "رواه الطبراني، وفيه يحيى بن المنذر وهو ضعيف". اهـ.(2/851)
بشأنه صلى الله عليه وسلم مثل: تبع1 والأوس2 بن حارثة، وكعب3 بن لؤي،
__________
1 تُبَّع: سم لملك اليمن، وقد تقدم. (ر: ص 88) . والمراد هنا هو: تبع الثاني أبو كرب تبان أسعد بن كلي كرب بن زيد، وقد حاصر المدينة وأراد تخريبها إذ جاءه حبران من أحبار اليهود فقالا له: أيها الملك لا تفعل، فإنك إن أبيت إلاّ ما تريد حيل بينك وبينها، ولم نأمن عليك عاجل العقوبة. فقال لهما: ولم ذلك؟ فقالا: هي مهاجر نبي يخرج من هذا الحرم من قريش في آخر الزمان تكون داره وقراره. فتناهى عن ذلك تبع وساق الحبرين معه إلى اليمن، وعمر البيت الحرام وكساه.
قال السهيلي: وقد قال تبع حين أخبره الحبران عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شعراً:
شهدت على أحمد أنّه رسول من الله باري النسم
فلو مُدَّ عمري إلى عمره لكنت وزيراً له وابن عم
وجاهدت بالسيف أعداءه وفَرَّجت عن صدره كلّ همّ
(ر: سير ابن هشام 1/54-66، ابن سعد 1/158، 159، المعارف ص 348، لابن قتبية، الروض الأنف 1/35، البداية 2/163-167) .
2 أوس بن حارثة بن ثعلبة العنقاء، من بني مزيقياء، من الأزد، وإليه تنسب قبيلة الأوس من الأنصار، وكان أوس من عدة ناس في الفترة هداهم الله تعالى للتوحيد لم يعبدوا الأصنام وكانوا يعاشرون أهل الكتاب فيخبرونهم بما في كتبهم من ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فيذكرونه في خطبهم وأشعرهم، ولأوس شعر فيه أخرجه الخرائطي في (الهواتف) وابن عساكر عن جامع بن جران، قال: لما حضرت الأوس بن حارثة الوفاة أوصى ابنه مالكاً بوصايا ثم أنشأ يقول - ومنه -:
ألم يأت قومي أن لله دعوة يفوز بها أهل السعادة والبر
إذا بعث المبعوث من آل غالب بمكّة فيما بين زمزم والحَجَر
هنالك فابغوا نصره ببلادكم بني عامر إن السعادة في النصر
(ر: البداية 2/331، 332، لابن كثير، الخصائص 1/49، 50، للسيوطي، نسيم الرياض 3/258، الأعلام 2/31، للزركلي) .
3 أخرج قصته أبو نعيم في الدلائل ص 89، من طريق الحسن بن زبالة المخزومي من محمّد بن طلحة التيمي عن محمّد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، قال: كان كعب بن لؤي بن غالب بن فهر يجمع قومه يوم الجمعة ... ، فيخطبهم فيقول: أما بعد:
فاسمعوا وتعلموا وافهموا واعلموا، ليل ساج ونهار وضاح ... ، - وذكر خطبة طويلة فيها -: "حرمكم زَيِّنوه وعَظِّموه، وتمسكوا به فسيأتي له نبأ عظيم وسيخرج منه نبي كريم ثم يقول:
نهار وليل كلّ أوْب بحادث سواء عليها ليلها ونهارها
يؤوبان بالأحداث حين تأوبا وبالنعم الضافي علينا ستورها
على غفلة يأتي النبي محمّد فيخبر أخباراً صدوقاً خبيرها
قلت: أورده الماوردي في أعلام النبو ص 229، بلا سند، وابن كثير في البداية 2/244، عن أبي نعيم، وفي إسناده محمّد بن الحسن بن زبالة، أبو الحسن المدني، كذاب. (ر: التقريب 2/154) .(2/852)
وسفيان1 بن مجاشع،
وقس2 بن ساعدة،
__________
1 سفيان بن مجاشع بن دارم التميمي المجاشعي، جد الفرزدق والأقرع بن حابس، أخرج ابن سعد 1/169 عن قتادة بن السكن العرني، قال: كان في بني تميم سفيان ابن مجاشع أتى أسقفا فقال له: إنه يكون ببلاد العرب نبي اسمه محمّد. فولد له ولد سماه محمّداً. وأخرجه أبو نعيم في الدلائل ص 94 عن خليفة بن عبده، قال: سألت محمّد بن عدي بن ربيعة كيف سَمَّاك أبوك في الجاهلية محمّداً؟ فقال: ... ، فذكره بنحوه في سياق طويل. وعزاه السيوطي في الخصائص 1/40، 41، إلى البيهقي والبطراني والخرائطي في (الهواتف) ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 8/233: "وراه الطبراني وفيه من لم أعرفهم". ونقل الصالحي عن ابن ظفر عن سفيان بن مجاشع أنه رأى قوماً من تميم اجتمعوا على كاهنة لهم فسمعها تقول: العزيز من والاه، والذليل من خالاه، والموفور من مالاه، والموتور من عاداه. فقال سفيان: من تذكرين لله أبوك؟ فقالت: صاحب حِل وحرم وهدى وعلم ... فقال سفيان لله أبوك من هو؟ فقالت: نبي مؤيَّد قد أتى حين يوجد ودنا أوان يولد، يبعث إلى الأحمر والأسود بكتاب لا يفند اسمه محمّد. فقال سفيان: لله أبوك أعرابي أم أعجمي؟ قالت: أما والسماء ذات العنان والشجرات ذات الأفنان، إنه لمن معد بن عندنان، فَقَدْك يا سفيان. فأمسك عنها ثم ولد له غلام فسمّاه محمّداً.... (ر: الإصابة 6/59، 193، سبل الهدى والرشاد 1/142) .
2 قُسُّ بن ساعد الإيادي، البليغ الخطيب المشهور، وأحد حكماء العرب، وكان أسقف نجران، ذكره ابن السكن وابن شاهين والمروزي وأبو موسى في الصحابة، وصرح ابن السكن بأنه مات قبل البعثة، وهو أوّل من آمن بالبعث من أهل الجاهلية، وأوّل من توكا على عصا في الخطبة، وأوّل من قال: أما بعد، وقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم حكمته في عكاظ، ومن خطبه:
إن لله ديناً هو أحب الأديان إليه من دينكم الذي أنتم عليه، ونبياً قد حان حينه وأظلكم أوانه، وأدرككم إبّانه، فطوبى لمن آمن به فهداه وويل لمن خالفه وعصاه....، ومن شعره:
الحمد لله الذي لم يخلق الخلق عبث لم يُخْلنا حيناً سدى من بعد عيسى واكترث
أرسل فينا أحمدا خير نبي قد بعث صلى عليه الله ما حجّ له ركب وحثّ
أخرج حديث قس وفيه شعره وخطبه أبو نعيم في الدلائل ص 103، والبيهقي في الدلائل 2/101-113، والطبراني والبزار. (ر: المجمع 9/419) ، وغيرهم عن ابن عباس وأنس بن مالك - رضي الله عنهم - في سياق طويل.
قال البيهقي: "وقد روي من وجه آخر عن الحسن البصري منقطعاً، وروي مختصراً من حديث سعد بن أبي وقاص وأبي هريرة، وإذا روى حديث من أوجه وإن كان بعضها ضعيفاً دَلَّ على أن للحديث أصلاً". اهـ.
وأورد أخباره ابن كثير، ثم قال: "وهذه الطرق على ضعفها كالمتعاضدة على إثبات أصل القصة". اهـ.
(ر: الإصابة 5/285، 286، البداية 2/230-237، الأعلام 5/196) .(2/853)
وما ذكرهسيف1 بن ذي يزن الملك، وما عرف به زيد2 بن عمرو بننفيل. وورقة3 بن نوفل،
__________
1 سيف بن ذي يزن، آخر من ملك اليمن من قحطان، وأخباره مشهورة في التواريخ والسير، أما تبشيره ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم فقد أخرجه الماوردي في أعلام النبوة ص 234-236، وأبو نعيم ص 95-99، البيهقي 2/9-14، كلاهما في الدلائل، وابن عساكر. (ر: تهذيب تاريخ 1/362-366) ، كلهم من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، قال: ... ، فذكره في سياق طويل جداً - وفيه: أن الملك سيف قال لعبد المطلب: إذا ولد بتهامة غلام به علامة، بين كتفيه شامة كانت لكم الإمامة ولكم به الزعامة إلى يوم القيامة، هذا زمنه الذي يولد فيه، أو قد ولد، اسمه محمّد، يموت أبوه وأمه، وكفله جده وعمه ... إلى آخر ما ذكر من وصف النبي صلى الله عليه وسلم وأحواله.
قلت: حديث منكر، فإن محمّد بن السائب الكلبي متهم بالكذب. (ر: التقريب 2/163) ، وله شاهد من حديث زرعة بن سيف بن ذي يزن، أخرجه البيهقي في الدلائل 2/9-14، بطوله. (ر: للتوسع: السيرة 1/104-111، لابن هشام المعارف ص 357، لابن قتيبة، الإصابة 3/190، البداية 2/328) .
2 زيد بن عمرو بن نفيل العدوي، والد سعيد بن زيد، وابن عم عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، وكان ممن طلب التوحيد وخلع الأوثان، ولا يأكل مما ذبح عليها، وكان يحيي المؤودة، ويعبد الله على دين إبراهيم عليه السلام، مات قبل البعثة بخمس سنين. وسئل عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "إنه يبعث يوم القيامة أمة وحده". قال الذهبي: "إسناده حسن". ومن شعره:
أرباً واحداً أم ألف ربّ أدين إذا تُقُسِّمَت الأمور
عزلت اللات والعزى جميعاً كذلك يفعل الجَلْد الصّبَّور
(ر: أخباره في صحيح البخاري كتاب المناقب. (ر: فتح الباري 7/142-145) ، دلائل 2/120-126، للبيهقي، السيرة 1/286-295 لابن هشام، السيرة ص 85-92، للذهبي، الإصابة 3/31) .
3 ورقة بن نوفل بن أسد القرشي الأسدي، ابن عم خديجة أم المؤمنين، اعتزل الأوثان، وتنصَّر وقرأ الكتب السابقة، وقصته مشهورة في حديث ابتداء الوحي بغار حراء، وذكره الطبري والبغوي وابن قانع وابن السكن وغيرهم في الصحابة، وقال ابن حجر: في إثبات الصحبة له نظر، وتوفي بعد بدء الوحي بقليل، وفي حديث عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ورقة فقال: "يبعث يوم القيامة أمة وحده". قال الهيثمي في مجمع الزوائد 9/419: "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح". اهـ.
ومن شعره:
هذي خديجة تأتيني لأخبرها وما لنا يخفي الغيب من خبر
بأن أحمد يأتيه فيخبره جبريل إنك مبعوث إلى البشر
(ر: أخباره في صحيح البخاري كتاب التعبير. (ر: فتح الباري 9/37) ، ومسلم 1/139، السيرة 1/284-303، لابن هشام، دلائل 2/120-128، 135-154، للبيهقي ص 118-124، للذهبي، الإصابة 6/317-319) .(2/854)
وعثكلان الحميري1شامول2 صاحب تبع.
__________
1 قال القاري في شرحه 3/263: لم أر من ذكره في معرض البيان. اهـ.
قلت: ذكره الحافظ في الإصابة 5/107، وقال: "عسكلان بن عواكن الحميري، أحد المعمرين كان ممن بشر برسالة النبي صلى الله عليه وسلم ثم أدرك البعثة وأرسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بشعر يمدحه ويذكر فيه إسلامه ولم يبلغنا أنه هاجر، وروى حديثه البلوي عن عمارة بن زيد عن عبد الله بن العلاء عن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن جده، قال: سافرت إلى اليمن قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنة فنَزلت على عثكلان بن عواكن الحميري وكان شيخاً كبيراً ... ، فذكر قصة طويلة وفيها -: "أن عثكلان قال لعبد الرحمن: أنبئك بالمعجبة، وأبشرك بالمرغبة، إن الله قد بعث في الشهر الأوّل من قومك نبيّاً، ارتضاه صفياً، وأنْزل عليه كتاباً، وجعل له ثواباً، ينهى عن الأصنام، ويدعو إلى الإسلام، ثم حَمَّله إلى النبي صلى الله عليه وسلم أبياتا منها:
أشهد بالله ذي المعالي وفالق الليل والصباح
إنك في السر ومن قريش يا ابن المفدى من الذباح
أشهد بالله ربّ موسى أنك أرسلت بالبطاح
ثم قال الحافظ: "أخرجه ابن عساكر في تاريخه الكبير من هذا الوجه، والبلوي ضعيف، رواية عنه عمر بن مدرك، اتهمه يحيى بن معين". اهـ.
2 أخرجه ابن سعد 1/158، 159، وعنه ابن عساكر. (ر: تهذيب تاريخ ابن عساكر 3/336-338) ، عن الواقدي عن سليمان بن داود بن الحصين عن أبيه عن ابن عباس عن أبي بن كعب، قال: لما قدم تبع المدينة ونزل بقناة فبعث إلى أحبار اليهود فقال: إني مُخَرِّب هذا البلد حتى لا تقوم به يهودية ويرجع الأمر إلى دين العرب. قال: فقال له ساول اليهودي - وهو يومئذٍ أعلمهم -: أيها الملك، إن هذا بلد يكون إليه مهاجر نبي من بني إسماعيل، مولده مكة واسمه أحمد، وهذه دار هجرته، إن منْزلك هذا الذي أنت به يكون به من القتلى الجراح ... ، الخ. في سياق طويل وفيه ذكر سامول صفة النبي صلى الله عليه وسلم.
وأورده ابن قتيبة في المعارف ص 351، بنحوه، والماوردي في علام النبوة ص 230، وليس فيه تسمية هذا الحبر اليهودي، وأن تبع نزل في سفح أحد.(2/855)
وما حكاه علماء اليهود وأسلم لَمَّا حقق أمره مثل عبد الله1 بن سلام وابني2 سعية وابن3 يامين ومخيريق4 وكعب الأحبار5 من أحبار اليهود وعلمائهم.
__________
1 عبد الله بن سلام بن الحارث، أبو يوسف الإسرائيل ثم الأنصاري، رضي الله عنه، من ذرية يوسف عليه السلام، كان من بني قينقاع، كان اسمه الحصين فغيّره النبي صلى الله عليه وسلم، أسلم أوّل ما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وقصة إسلامه مشهورة، أخرجها البخاري وغيره عن أنس أن عبد الله بن سلام أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمه المدينة، فقال: إني سائلك عن ثلاث خصال لا يعلمها إلاّ نبي ... ، الحديث. وفيه قصته مع اليهود أنهم قوم بهت، مات بالمدينة سنة 43هـ رضي الله عنه، وله خمسة وعشرون حديثاً. (ر: صحيح البخاري كتاب مناقب الأنصار والتفسير. (فتح الباري 7/249، 272، 8/165) ، السيرة 2/186، لابن هشام، دلائل 2/526-532، للبيهقي، ودلائل ص 355-357، لأبي نعيم، سير أعلام النبلاء 2/413، الإصابة 4/80) .
2 هما: أسد، وقيل: أسيد، وثعلبة ابنا سَعْيَة، رضي الله تعالى عنهما، وقيل: سَعْيَة القرظي، ممن أسلم من اليهود، وقد أخرج أبو نعيم ص 81، والبيهقي 2/80، كلاهما في الدلائل وابن السكن. (ر: الإصابة 1/31) ، كلهم من طريق ابن إسحاق. (ر: السيرة 1/272) ، قال: حدّثني عاصم بن عمرو بن قتادة أن شيخاً من بني قريظة حدّثه أن إسلام ثعلبة وأسد ابني سعية، وأسد بن عبيد إنما كان عن حديث ابن الهيبان - من أحبار اليهود بالشام - فذكره قصته بطولها ... ، وأنه كان يُعْلمهم بقدوم النبي صلى الله عليه وسلم قبل الإسلام، فلما كان الليلة التي في صبحها فتح قريظة، قال لهم هؤلاء الثلاثة: يا معشر يهود إنه والله للرجل الذي كان وصف لنا ابن الهيِّبان فاتقوا الله واتبعوه. فأبوا عليهم، فنَزل الثلاثة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلموا. اهـ. وأخرجه ابن سعد 1/16،عن الواقدي، وذكره الحافظ في الإصابة1/31، من طرق عدةعن ابن إسحاق.
3 ابن يامين بن عمير بن عمرو بن كعب بن حجاش، من بني النضير، وقيل: إنه بنيامين أو منبه، ويقال: بليامين-باللام-وهو أحد الحبرين اللذين قدما من اليمن مع تبع، واسم الآخر: سخيت. (ر: الروض الأنف1/163، نسيم الرياض 3/264) .
4 أخرج أبو نعيم في الدلائل ص 78، والطبري في تاريخه 2/531، كلاهما عن ابن إسحاق معلقاً. (ر: السيرة 2/188) ، قال: وكان من حديث مخيريق وكان حبراً عالماً، وكان رجلاً غنياً كثير الأموال من النخل، وكان يعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفته، وما يجد في علمه، وغلب عليه إلف دينه، لم يزل على ذلك حتى إذا كان يوم أحد، وكان يوم أُحُد يوم السبت قال: يا معشر يهود، والله إنكم لتعلمون أن نصر محمّد عليكم الحق. قالوا: إن اليوم يوم السبت. قال: لا سبت لكم. ثم أخذ سلاحه فخرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأحد وقاتل حتى قتل. اهـ. وأخرجه الواقدي في المغازي 1/263، وعنه ابن سعد 1/501، 502، وذكره الحافظ في الإصابة 6/73.
5 كعب بن ماتع الحميري، أبو إسحاق المعروف بكعب الأحبار، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً وأسلم في خلافة عمر رضي الله عنه، وكان حسن الإسلام متين الديانة، ثقة، وكان خبيراً بكتب اليهود، له ذوق في معرفة صحيحها من باطلها في الجملة، روى عنه عدة من الصحابة منهم: أبو هريرة، وابن عباس، توفي كعب بحمص ذاهباً للغزو في أواخر خلافة عثمان رضي الله عنه سنة 32هـ. (ر: ابن سعد 7/445، سير أعلام النبلاء 3/489-494، التقريب 2/135، الجرح 7/161، الإصابة 5/322-324) .(2/856)
وكذلك ما حكاه أحبار النصارى و [متديّنوهم] 1 مثل: بحيرا الراهب2 / (2/172/ب) ، و [نسطور الحبشة] 3 وصاحب بصرى4 وضغاطر5 وأسقف الشام6
__________
1 في ص، م (متديّنيهم) والصواب ما أثبتّه.
2 تقدمت ترجمته. (ر: ص: 759) .
3 في م، ص: (يصطهون) وهو خطأ، والتصويب من الشفا1 /719، وقال الخفاجي: ونسطور الحبشة، احترز به عن نسطور الشام وغيره. ونسطور الشام قصته مذكورة في السير وهي: قريبة من قصة بحيرا. (ر: ابن سعد 1/130، تهذيب تاريخ ابن عساكر 1/273) ، وفي بعض النسخ (الشفا) نسطور بدون إضافة للحبشة، وقد قال الشراح (الشفا) : "إن نسطور الحبشة غير معروف، ولعله من علماء أهل الكتاب الذين كانوا عند النجاشي". اهـ. (ر: نسيم الرياض 3/265) .
4 قال الخفاجي: وصاحبها: ملكها الذي أرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم دحية رضي الله عنه بكتابه، وهو: الحارث بن أبي شمر الغساني - كما قاله ابن حجر - وقال: إنه مات عام الفتح، ولم يذكر قصته وإسلامه وما أخبر به عن أمره صلى الله عليه وسلم. (ر: نسيم الرياض 3/265، فتح الباري 1/38) .
قلت: أخرج قصته ابن سعد 1/261، عن ابن عباس والمسور بن رفاعة والشَّفاء والعلاء بن الحضرمي وعمرو بن أمية الضمري - رضي الله عنهم -، دخل حديث بعضهم في حديث بعض قالوا: ... ، فذكره في سياق طويل - وفيه -: أن شجاع بن وهب رسولُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابه إلى الحارث الغساني، وكان بغوطة دمشق فلم يُسْلِم وتَوَعَّد النبي صلى الله عليه وسلم بجيش يُسَيِّره إليه وكتب إلى قيصر يخبره بذلك. فكتب إليه قيصر أن لا تسر إليه والْهَ عنه، وأسلم حاجب الحارث واسمه: (مُرّي) ، وكان رومياً وكان يقول: إني قد قرأت الإنجيل فأجد صفة هذا النبي صلى الله عليه وسلم بعينه فأنا أومن به وأصدّقه أخاف من الحارث أن يقتلني. وبعث مُرّي بكتاب مع شجاع إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقرئه به السلام ويخبره أنه على دينه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صدق"، أما الحارث فقال عنه صلى الله عليه وسلم: "باد ملكه". فمات الحارث عام الفتح. وأخرجه ابن سعد أيضاً 3/64، من طريق الواقدي بنحوه، ونقله عنه ابن كثير في البداية 4/268، مختصراً، والسيوطي في الخصائص 2/18، 19.
5 ضغاطر الرومي الأسقف، ويقال: اسمه: تغاطر، وهو أسقف من كبار الروم أسلم على يد دحية رضي الله عنه، لما أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل وغَيَّر لباسه وأظهر إسلامه فقتلوه، وكان ذلك في سنة ست من الهجرة، وهو الذي أبهمه البخاري في حديث أبي سفيان في قصة قيصر حيث قال: كتب هرقل إلى صاحب له برومية كان نظيره في العلم. (ر: التجريد 1/272، وفتح الباري 1/33، 42، 43، دلائل ص 101-103، لأبي نعيم، الإصابة 3/277، نسيم الرياض 3/266) .
6 قال القاري في شرحه 3/266: "ولعله نسطور المحترز عنه فيما تقدم". اهـ. وقال الخفاجي: (وفي نسخة (أساقفة الشام) ويعني بهم: صاحب إيليا وهرقل ابن الناطور وغيرهم". (ر: نسيم الرياض 3/266) .(2/857)
والجارود1، والنجاشي ملك الحبشة2، وسلمان وأساقفة نجران3 ممن آمن وحقّق وأسلم وصدق.
58- ومن دلائل نبوته عليه السلام ما نطقت به الكهان:
مثل شافع4 بن كليب وشقّ وسَطِيح5
__________
1 الجارود بن المعلى رضي الله عنه، ويقال ابن عمرو بن المعلى، أبو غياث، واسمه بشر، وكان سيد عبد القيس على دين النصرانية، وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة عشرة فأسلم، وكان حسن الإسلام صُلْباً على دينه، وأدرك الرِّدة ولما ارتد قومه دعاهم إلى الحقّ، وقتل الجارود بأرض فارس سنة 21هـ، وفي خلافة عمر رضي الله تعالى عنهما. (ر: السيرة 4/293، 294، لابن هشام، دلائل 5/328، للبيهقي، الإصابة 1/226، البداية 5/48) .
2 تقدمت ترجمته. (ر: ص: 833) .
3 هم الذين وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من نجران في ستين راكباً فيهم أربعة عشر رجلاً من أشرافهم وكان لهم علم بالكتاب وفيهم أسقفهم وإمامهم أبو حارثة بن علقمة وقد شَرُفَ فيهم ودرس كتبهم وكانت ملوك الروم من النصرانية يُحلّونه ويخدمونه، وقد أبى وفد نصارى نجران قبول الإسلام وفيهم نزلت صدر سورة آل عمران، ودعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المباهلة فنكلوا وصالحوه على الجزية، وقد أسلم بعضهم حينمنا رجعوا إلى نجران، ومنهم: كوز بن علقمة أخ لأبي حارثة حينما أقر له بأن محمّداً صلى الله عليه وسلم هو النبي المنتظر، فأضمرها كوز حتى أسلم بعد ذلك.
(ر: صحيح البخاري كتاب المغازي. (فتح الباري 8/93) ، السيرة 2/254-266، لابن هشام، دلائل ص 353-354، لأبي نعيم، دلائل 5/382-393 للبيهقي) .
4 شافع بن كليب، هو: كاهن من كهان العرب، أخبر تبعاً بخبر النبي صلى الله عليه وسلم وبمهاجرته إلى المدينة - كما تقدم بيانه - وقال الحافظ الحلبي ومن تبعه: لا أعرفه. (ر: نسيم الرياض 3/271) .
5 شقّ وسطيح: هما كاهنان من كهان العرب، وشِقُّ - بكسر الشين - هو: شِق بن صعب بن يَشْكر، وجده الأعلى ربيعة بن أنمار، وكان بيد واحدة ورجل واحدة، وعين واحدة، ولذلك سمي شِقٌّ شِقّاً، لأنه كان كشق الإنسان أي: كنصفه.
وسَطِيح - بفتح السين وكسر الطاء - هو: ابن ربيع بن ربيعة بن مسعود، وسمي سطيح سطيحاً لأنه كان كالقطعة من اللحم الملقاة على الأرض وكأنه سطح عليها، فإن جسده لا عظم فيه غير جمجمة رأسه، فكان يدرج كالثوب فإذا غضب انتفخ وقيل: إنه عاش ثلاثمائة سنة.
وقصتهما وذكرهما للنبي صلى الله عليه وسلم مذكورة في السيرة مشهورة ولهما قصص كثيرة في التواريخ وأدركا زمانه صلى الله عليه وسلم.
(ر: السيرة 1/48-54، لابن هشام، أعلام النبوة ص 240-242، للماوردي، دلائل ص122-128،لأبي نعيم، دلائل 1/126-130، للبيهقي، البداية 2/268-269، الخصائص 1/57-61، نسيم الرياض 3/271) .(2/858)
وسواد1 بن قارب الدوسي وخنافر2.
__________
1 سواد بن قارب الدوسي أو السدوسي، الصحابي رضي الله عنه، وكان كاهناً من كهان العرب - قبل إسلامه -، كان له رئي من الجن يزتيه ويخبره بالمغيّبات فبينما هو ذات ليلة إذ أتاه فضربه برجله وقال له: قم يا سواد بن قارب فاسمع مقالتي إن كنت تعقل، قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى الله عزوجل وإلى عبادته، ثم أتاه ليالي يقول له مثل مقالته، فركب ناقته وأتى المدينة واجتمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمن به وأخبره بخبر رؤيته وما قال له من الأشعار فسر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت: وهذا الحديث له عدة طرق ذكرها الحافظ في الإصابة 3/148، 149، والسيوطي في الخصائص 1/170-172، وأخرجه البخاري في التاريخ 2/2/202، والحاكم 2/603، والبيهقي في الدلائل 2/248-254، وأبو نعيم في الدلائل ص 111-114، وابن إسحاق. (ر: السيرة 1/268) ، وابن شاهين في الصحابة والحسن بن سفيان في مسنده وغيرهم. وأصل هذا الحديث في صحيح البخاري كتاب المناقب. (فتح الباري 7/177) ، مختصراً دون ذكر اسم سواد، وقال البيهقي: "يشبه أن يكون سواد بن قارب". اهـ. وجزم به ابن حجر في الفتح.
2 خُنَافر بن التوأم الحميري، كان كاهناً من حمير ثم أسلم على يد معاذ بن جبل، وقصة إسلامه أنه كان له رئي في الجاهلية ففقده بعد ظهور الإسلام، ثم أتاه ذات ليلة فقال له: ... ، فذكر كلاماً طويلاً جاء فيه قول: - فرقان بين الكفر والإيمان أتى به رسول من مضر ثم من أهل المدر ابتعث فظهر، فجاء بقول قد بهر، وأوضح نهجاً قد دثر، فيه مواعظ لمن اعتبر، قلت: ومَن هذا المبعوث بالآي الكبر؟ قال: أحمد خير البشر، فإن آمنت أعطيت البشر، وإن خالفت أصليت سقر، فآمنت يا خنافر وأقبلت إليك أبادر، قال خنافر: فاحتملت أهلي وأقبلت على معاذ بن جبل بصنعاء فبايعته على الإسلام. اهـ. أورد قصته الحافظ في الإصابة 2/151، بطولها ثم قال الحافظ: في إسناده مقال، وذكره الأزدي وقال: إسناد خبره ضعيف. اهـ.(2/859)
وأفعى نجران1، وجِذْل بن جِذْل الكندي2، وابن خَلَصة الدوسي3،
__________
1 قال الخفاجي: هو: ملك من ملوك نجران كان كاهناً، وهو الأفعى بن الأفعى الجرهمي، فعن عاصم بن عمر بن قتادة، قال: قدم شيخ من صدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أربعون رجلاً يَحُفُّون به فقال: يا رسول الله - فذكر كلامه وفيه -: وقد سمعت أفعى نجران يذكر في غابر الزمان أنه سيبعث نبي من صفته أن له خاتماً يسطع نوره بين كتفيه يبعث بمكة ويهاجر إلى طيبة، فبالذي فضلك بالرسالة وإيضاح الدلالة إلا كشفت لي عن خاتم نبوتك، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: حفظت على طول العهد وإن فيك لمعتبراً، ثم كشف له عن خاتم النبوة فأكب عليه يقبله. اهـ.
وأفعى نجران هو الذي حكم بين أولاد نزار لما تشاحوا في ميراث أبيهم وهم: مضر وربيعة وأنمار وإياد، وقال: يا مضر، أنت أبو النبي التهامي، فإنا نجد في الآثار أنه من ولد نزار بن معد بن عدنان، وإني لأرى النبوة بين عينيك نوراً، وأجلسه على سرير ملكه وجلس تحته. (ر: نسيم 3/272، تاريخ الطبري 2/25، سبل الهدى 1/342-344، للصالحي، الأعلام 2/5) .
2 قال الخفاجي: هو كاهن من كهان العرب أخبر بمبعثه صلى الله عليه وسلم قديماً، ولم نر تفصيل قصته، إلاّ أنّ التلمساني قال: جذل من كنده وهي قبيلة معروفة، لما ولدته أمه التمست ذَكَرَهُ فلم تجده من شدّة البرد، فظنته جارية فطرحته وزوجها في سكرات الموت، فاشتغلت بموته، ثم ذكرت بعد ثلاث رؤيا بشرت فيها بولد ذكر تسميه باسم أبيه، فقامت وهي تظن أنه مات فوجدت كلبه ترضعه فحملته وَسمَّته باسم أبيه. (ر: نسيم الرياض 3/272) .
3 ابن خلصة الدوسي، كاهن من كهان العرب، بشر بالنبي صلى الله عليه وسلم، أخرج خبره الخرائطي في كتاب الهواتف من طريق عيسى بن يزيد عن صالح بن كيسان عمن حدّثه عن مرداس بن قيس الدوسي، قال: حضرت النبي صلى الله عليه وسلم وذكرت عنده الكهانة وما كان من تعبيرها عند مخرجه، فقلت: يا رسول الله عندنا شيء من ذلك أخبرك به ... ، فذكر قصة طويلة منها: - أن كاهنهم ابن خلصة كان يصيب كثيراً ثم أخطأ مرة بعد مرة ثم قال لهم: يا معشر دوس حرست السماء وخرج خير الأنبياء، فقلنا: من أين؟ قال: بمكة وأنا ميت وإنه مات عقب ذلك. وذكره السيوطي في الخصائص1/185،186، وعزاه أيضاً إلى ابن عساكر، وقال الحافظ في الإصابة 6/79: "وعيسى بن يزيد أظنه ابن داب وهو كذاب، وفي السند عبد الله بن محمّد ابن البلوي أيضاً". اهـ.(2/860)
وسعدى1 بنت كريز، وفاطمة ابنة النعمان2، إلى ما سمع من الأصنام3 ونطقت به هواتف الجان4، ووجد مكتوباً على الحجارة المدفونة بالقلم الأوّل5. إلى ما ظهر عند مولده من الآيات مما حكته
__________
1 سعدي بنت كريز بن ربيعة بن عبد شمس العبشمية رضي الله عنها، خالة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكانت قد تكهنت لقومها، ذكر أبو سعد النيسابوري في كتاب شرف المصطفى من طريق محمّد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان وهو الملقب بالديباج عن أبيه عن جده، قال: كان إسلام عثمان أنه ... ، فذكر قصة طويلة فيها -: أن خالته سعدى أخبرت عثمان ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم وتزوجه بابنته رقية فصدقها وكان ذلك سبب إسلامه، وفي ذلك تقول خالته سعدى:
هدى الله عثمان الصفي بقوله فأرشده والله يهدي إلى الحقّ
فبايع بالرأي السديد محمّداً وكان ابن أروى لا يصد عن الحقّ
وذكره الحافظ في الإصابة 8/106، 107، في سياق طويل وسكت عن الخبر ونقله الخفاجي في نسيم 3/273، مختصراً.
2 أخرجه ابن سعد 1/167، والبيهقي في الدلائل 2/261، من طريق عاصم بن عمر ابن قتادة والزهري عن علي بن حسين - مرسلاً - قال: كانت امرأة في بني النجار يقال لها فاطمة بنت النعمان كان لها تابع من الجن فكان يأتيها، فأتاها حين هاجر النبي صلى الله عليه وسلم فانقض على الحائط، فقالت: مالك لم تأت كما كنت تأتي؟ قال: قد جاء النبي الذي يُحَرِّم الزنا والخمر، وذكره السهيلي في الروض الأنف 2/213، عن ابن إسحاق معلقاً.
3 ومن ذلك ما سمعه عمر بن الخطاب رضي الله عنه - قبل إسلامه - من صارخ يقول: يا جليح أمر نجيح رجل فصيح يقول: لا إله إلاّ الله. أخرجه البخاري في كتاب المناقب. (ر: فتح الباري 7/177) ، وقد ذكر ابن إسحاق. (ر: السيرة 1/268-269) ، والبيهقي في الدلائل 2/243-260) ، وأبو نعيم في الدلائل ص 115-122، والسيوطي في الخصائص 1/170-173، وغيرهم كثيراً مما سمعه المشركون من أجواف أصنامهم يقول إن أمرهم بطل بظهور الرسول صلى الله عليه وسلم ويأمرهم باتباعه.
4 ومن ذلك سمعه سواد بن قارب رضي الله عنه وقد تقدم، وسماع ذياب بن الحارث هاتفاً يقول: يا ذياب يا ذياب اسمع العجاب بعث محمّد بالكتاب، وسماع ابن قرة الغطفاني هاتفاً يقول: جاء حقّ فسطع ودم باطل فانقمع، إلى غير ذلك. وللخرائطي كتاب (الهواتف) جمع فيه ذلك. وذكره أيضاً أبو نعيم في الدلائل ص 107-114، والبيهقي في الدلائل2/248،261،والهيثمي في مجمع الزوائد8/246-255، وابن كثير في البداية 2/332-356، والسيوطي في الخصائص 1/173-182.
5 وقد نقله المؤرخون في قصص كثيرة، منها: ما ورى عن طلحة رضي الله عنه، قال: وجد في البيت حجراً منقوراً في الهدمة الأولى، فدعي رجل فقرأه، فإذا فيه: عبدي المنتخب المتوكل المنيب المختار، مولده بمكة ومهاجره طيبة، لا يذهب حتى يقيم السنة العوجاء ويشهد أن لا إله إلاّ الله وأمته الحمادون ... ، ذكر ابن ظفر أنه وجد بالخط العبراني على حجر: باسمك اللهم جاء الحق من ربّك بلسان عربي مبين. لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله، وكتبه موسى بن عمران.
(ر: التاريخ الكبير1/1/445، للبخاري، دلائل 2/61، للبيهقي الخصائص 1/62، 63، للسيوطي، سبل الهدى والرشاد 1/103-107، 507-509، للصالحي) .(2/861)
أمه والنسوة الثقات من كونه حال بروزه كان رافعاً بصره إلى السماء1، وأنها رأت نوراً خارجاً معه2، ورأين النجوم وقد تدلت من الأفق3، والنور قد أضاء حتى ملأ الأرض إلى ما جرى عند ولادته من ارتجاج
__________
1 أخرجه ابن سعد 1/102، عن عكرمة مرسلاً، وأخرجه أبو نعيم في الدلائل ص 138، عن ابن أبي هند بنحوه، وفيه انقطاع فإن داود بن أبي هند القشيري، وإن كان ثقة يهم بآخرة إلاّ أنه من الطبقة الخامسة مات سنة أربعين ومائة وقيل: قبلها. (ر: التقريب 1/235) .
وأخرجه البيهقي في الدلائل 1/113، عن أبي الحكم التنوخي مرسلاً.
2 أخرجه أحمد في المسند 4/128، والحاكم 2/600، وعنه البيهقي في الدلائل 1/83، وابن حبان. (ر: الموارد ص 512) ، كلهم عن طريق سعيد بن سويد عن العرباض بن سارية السلمي رضي الله عنه.
وقال الحاكم: "حديث صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 8/226، وقال: "رواه أحمد بأسانيد والبزار والطبراني بنحوه، وأحد أسانيد أحمد رجاله رجال الصحيح غير سعيد بن سويد وقد وثقه ابن حبان". اهـ. وله شاهد من حديث أبي أمامة رضي الله عنه أخرجه أحمد في المسند 5/262، والبيهقي في الدلائل 1/84، كلاهما من طريق فريج بن فضالة عن لقمان ابن عامر عنه. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 8/225، وقال: "رواه أحمد وإسناده حسن وله شواهد تقويه". ورواه الطبراني.
3 أخرجه أبو نعيم ص 135، والبيهقي 1/111 كلاهما في الدلائل من طريق يعقوب ابن محمّد الزهري عن عبد العزيز بن عمران عن عبد الله بن عثمان عن أبي سويد الثقفي عن عثمان بن أبي العاص عن أمه: أنها حضرت آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ضربها المخاض ... ، فذكرته.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 8/223: "رواه الطبراني، وفيه: عبد العزيز بن عمران وهو متروك". اهـ. وهو كما قال الهيثمي. (ر: التقريب 1/511) .(2/862)
أبواب كسرى وسقوط شرفاته1، وغيض ماء بحيرة طبرية، وخمود نار فارس وكان لها ألف عام لم تخمد2، وحراسة السماء بالشهب وقطع رصد الشياطين3.
__________
1 في م: شرافته.
2 أخرجه أبو نعيم ص138-141،والبيهقي1/126-129، كلاهما في الدلائل، والماوردي في أعلام ص240، وابن السكن في الصحابة. (ر: الإصابة 6/279) . والخرائطي في الهواتف. (ر: البداية 2/268) ، وابن عساكر. (ر: الخصائص 1/87) ، كلهم من طريق يعلى بن عمران البجلي عن مخزوم بن هاني المخزومي عن أبيه - وقد أتت عليه خمسون ومائة سنة قال: لما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ، فذكر في سياق طويل.
وذكره الذهبي في السيرة ص 35-38، وقال: "هذا حديث منكر غريب". اهـ.
وقال ابن عساكر: "حديث غريب لا نعرفه إلاّ من حديث مخزوم عن أبيه، تفرد به أبو أيوب البجلي". اهـ.
قلت: وأخرجه عبدان في كتاب الصحابة من طريق سعيد بن مزاحم عن معروف ابن حربوذ عن بشير بن تيم، قال: لما كانت ليلة مولد النبي صلى الله عليه وسلم ... ، فذكر القصة بطولها. وقال الحافظ في الإصابة 1/187: إنه مرسل. اهـ.
3 قال تعالى حكاية عن الجن: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً} [الجن الآيان:8-9] .(2/863)
وكونه عليه السلام لم يكن له ظل في شمس / (2/173/أ) ولا قمر لأنه نور كله1، وكان الذباب لا يسقط على جسدهوثيابه2.
وأعلم أصحابه بموته ودنوّ أجله3. وأخبرهم أن قبره بالمدينة يكون4 وفي
__________
1 قال السيوطي في المناهل ص 42: "أخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، من طريق عبد الرحمن بن قيس وهو وضاع كذاب عن عبد الملك بن الرائد وهو مجهول عن ذكوان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يرى له ظل في شمس ولا قمر، ولا أثر قضاء حاجة".
2 هذا الخبر لم يخرجه السيوطي في المناهل ص 173. وقال القاري في شرحه للشفا 3/282: "قال الدلجي: لا علم لي بمن رواه". وقال الخافجي في نسيم الرياض 3/282: "هذا ما قاله ابن سبع أيضاً إلاّ أنهم قالوا: لا يعلم من روى هذا".
3 نعى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه إلى أبي مويهبة مولاه وقد أخرج حديث أبي مويهبة رضي الله عنه الإمام أحمد في مسنده 3/488، والحاكم 3/55-56، كلاهما من طريق عبيد بن حنين مولى الحكم بن أبي العاص عن أبي مويهبة مولى رسول الله، قال: ... ، وذكره في سياق طويل. وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي.
كما نعى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ابنته فاطمة رضي الله عنها، وقد أخرجه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها من طرق. (ر: فتح الباري 8/135، كتاب المغازي باب (83) ،وفي كتاب الاستئذان باب (43) ، ر:11/79، 80، (ر: صحيح مسلم 4/1904، 1905) .
4 قال السيوطي في المناهل ص 173: "أخرجه أبو نعيم في الدلائل عن معقل بن يسار بلفظ: "المدينة مهاجري ومضجعي، من الأرض". وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 3/313، عن معقل وقال: "رواه الطبراني في الكبير وفيه عبد السلام بن أبي الجنوب وهو متروك". اهـ. وهو كما قال الهيثمي. (ر: التقريب 1/505، الكامل في الضعفاء 5/1762) .(2/864)
بيته سكنه1. ونداء الملائكة عند غسله: ألا تنْزعوا قميصنبيّ الله صلى الله عليه وسلم2.
59- ومن دلائل نبوّته صلى الله عليه وسلم ما أظهر الله على يد أصحابه وأمته من الكرامات والآيات البيّنات، وذلك زيادة في تخصيصه وآياته وصدقه وزلفته عند الله تعالى، وهذه الدلالة متّسعة جداً فلنقتصر منها على لمعة يسيرة يحصل
__________
1 أخرجه الترمذي 3/338، عن عائشة رضي الله عنهما، قالت: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا في دفنه، فقال أبو بكر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً ما نسيته، قال: "ما قبض الله نبياً إلاّ في الموضع الذي يجب أن يدفن فيه". قال الترمذي: "حديث غريب، وعبد الرحمن بن أبي بكر المليكي يُضَعَّف من قبل حفظه". اهـ.
قلت: إلاّ أنّ له طرقاً وشواهد تقوّيه:
فقد أخرجه ابن ماجه، (ر: ضعيف ابن ماجه ص: 125، للألباني) ، وابن إسحاق، (ر: السيرة 4/417) ، وابن سعد 2/292، والبيهقي في الدلائل 7/260، من طريق ابن عباس عن أبي بكر الصّديق رضي الله عنهم.
وأخرجه البيهقي في الدلائل 7/259، عن سالم بن عبيد - وكان من أصحاب الصفة - عن أبي بكر رضي الله عنهما.
وأخرجه البيهقي في الدلائل 7/261، عن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع عن أبي بكر.
ورواه مالك 1/320 بلاغاً
ورواه ابن سعد 2/71، بسند صحيح عن أبي بكر مختصراً موقوفاً، وهو في حكم المرفوع. اهـ.
وذكره السيوطي في الخصائص2/485،وقال: له طرق عدة موصولة ومرسلة. اهـ.
وقال الشيخ الألباني: "إنه حديث ثابت بما له من الطرق والشواهد". (ر: أحكام الجنائز ص: 137، 138) .
2 أخرجه الترمذي 3/338، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا في دفنه، فقال أبو بكر: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً نسيته، قال: "ما قبض الله نبيّاً إلاّ في الموضع الذي يحب أن يدفن فيه". قال الترمذي: "حديث غريب. وعبد الرحمن بن أبي بكر المليكي يُضَعِّف من قبل حفظ". اهـ.
قلت: إلاّ أنّ له طرقاً وشواهد تقويه:
فقد أخرجه ابن ماجه. (ر: ضعيف ابن ماجه ص 125، للألباني) ، وابن إسحاق. (ر: السيرة 4/417) ، وابن سعد 2/292، والبيهقي في الدلائل 7/260، من طريق ابن عباس عن أبي بكر الصّدّيق - رضي الله عنهم -.
وأخرجه البيهقي في الدلائل 7/259 عن سالم بن عبيد - وكان من أصحاب الصفة عن أبي بكر رضي الله تعالى عنهما.
وأخرجه البيهقي في الدلائل 7/261، عن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع عن أبي بكر، ورواه مالك 1/230 بلاغاً.
ورواه ابن سعد 2/71، بسند صحيح عن أبي بكر مختصراً موقوفاً، وهو في حكم المرفوع. اهـ. وذكره السيوطي في الخصائص2/485، وقال: "له طرق عدة موصولة ومرسلة". اهـ. وقال الشيخ الألباني: "إنه حديث ثابت بما له من الطرق والشواهد". (ر: أحكام الجنائز ص 137، 138) .(2/865)
الغرض، ففي صدور الكرامات والآيات على يد الأتباع برهان ظاهر على صدق المتبوع1.
- قالت عائشة: لما حضرت أبا بكر الوفاة، قال: يا بنية إن أحبّ الناس إليَّ بعدي أنت، وإن أعزّ الناس عليّ فقره بعدي أنت وإني كنت نحلتك جداد عشرين وسقاً من مالي فوددت والله أنك حزتيه، وإنما هو أخواك وأختاك2. قالت: هذان أخواي، فمن أختاي، قال: ذو بطن ابنة خارجة فقد ألقي في روعي / (2/173/ب) أنها جارية، فولدت أم كلثوم3.
__________
1 قال الإمام ابن تيمية: "ومن أصول أهل السنة والجماعة: التصديق بكرامات الأولياء، وما يجري الله على أيديهم من خوارق العادات في أنواع العلوم والمكاشفات وأنواع القدرة والتأثيرات، كالمأثور عن سالف الأمم في سورة الكهف وغيرها، وعن صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين وسائر قرون الأمة، وهو موجود فيها إلى يوم القيامة". (ر: مجموع الفتاوى 3/156) .
وقال: "إن كرامات الأولياء هي من دلائل النبوة، فإنها لا توجد إلاّ لمن اتّبع النبي الصادق فصار وجودها كوجود ما أخبر به النبي من الغيب، والأولياء دون الأنبياء والمرسلين، فلا تبلغ كرامات أحد قط إلى مثل معجزات المرسلين، كما أنهم لا يبلغون في الفضيلة والثواب إلى درجاتهم ولكن قد يشاركونهم في بعضها كما قد يشاركونهم في بعض أعمالهم. وكرامات الصالحين تدل على صحة الدين الذي جاء به الرسول، لا تدل على أن الولي معصوم، ولا على أنه يجب طاعته في كل ما يقول". (ر: النبوات ص 8، 157، مجموع الفتاوى 11/274، 275) .
وقال حصل في موضوع الأولياء التباس وخلط عظيم بين الناس: فطائفة أنكروا وقوعها ونفوها بالكلية وهم الجهمية والمعتزلة ومن تابعهم. وفي هذا إنكار لما هو ثابت في القرآن والسنة، فخالفوا النصوص وكابروا الواقع. وطائفة غلت في إثباتها وهم علماء الضلال ومشائخ الطرق الصوفية والمنحرفين. الذين اعتقدوا أن السحر والشعوذة والدجل من الكرامات، واستغلوها وسيلة للشرك والتعلق بأصحابها من الأحياء والأموات حتى نشأ عنه الشرك الأكبر بعبادة القبور وتقديس الأشخاص. وطائفة توسطوا في موضوع الكرامات بين التفريط والإفراط وهم أهل السنة والجماعة.
2 في الطبقات لابن سعد وردت العبارة كالآتي: "وإنما هو مال الوارث، وهما أخواك وأختاك".
3 أخرجه ابن سعد 3/194، من طريق الزهري وهشام بن عروة كلاهما عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: ... ، فذكرته. قلت: إسناده صحيح. والله أعلم.(2/866)
- وروي عن عمر أنه نادى: يا سارية1 الجبل. يقول ذلك لبعض أمراء المسلمين حين أحاط به العدو، وبينهما أكثر من شهر، فأسمع الله سارية صوتَه، فكانت سبب سلامة المسلمين2، وهذه كرامة لا توازيها كرامة.
- وروى سيف بن عمر الأسدي3 أن عمر اعترض الذين سيَّرهم إلى العزاة فرأى فيهم فتية فكرهم وتفرَّس فيهم الشّرّ، وتعجب الناس من كراهيته فيهم، ولم يرد أن يشهر أمرهم للناس، فكان فيهم من غزا عثمان وقتله وقتل عليّ بن أبي طالب وأثاروا الفتن على الناس بعد4.
__________
1 سارية بن زنيم بن عبد الله الدئلي الكناني، اختلف في صحبته، فقال ابن عساكر: له صحبة، وقال الذهبي: "إنه أدرك النبي صلى الله عليه وسلم"، وقال المرزباني: "كان سارية مخضرماً"، وقال العسكري: "روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يلقه"، وذكره ابن حبان في التابعين، وقد ولاّه عمر ناحية الفرس، وأمّره على جيش وسيّره إلى فارس سنة 23هـ، وذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة في القسم الأوّل، وقال: بأنهم كانوا لا يؤمرون على الجيش إلاّ الصحابة". (ر: التجريد 1/203، الإصابة 3/52، 53، الأعلام 3/69) .
2 أخرجه البيهقي في الدلائل 6/370، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة7/1230، وأبو نعيم في الدلائل ص 579، كلهم من طريق ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن ابن عجلان عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما.
وذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة 3/53، وعزاه أيضاً للزين عاقولي في زوائد ابن الأعرابي في كرامات الأولياء، وحرملة في جمعه لحديث ابن وهب، وقال الحافظ: إسناده حسن. وذكره ابن كثير أيضاً في تاريخه 7/131، ثم قال: إسناد جيد. ثم أورد للقصة طرقاً أخرى، وقال في آخرها: فهذه طرق يشد بعضها بعضاً. اهـ.
3 سيف بن عمر الأسدي التميمي الكوفي، من أصحاب السير، ضعيف في الحديث، عمدة في التاريخ، من كتبه: الجمل، والفتوح الكبير، والرّدّة، وينقل عنه الطبري كثيراً في تاريخه، توفي ببغداد سنة 200هـ. (ر: التقريب 1/344، التهذيب 4/295، الأعلام 3/150) .
4 ذكره الطبري في تاريخه 3/6، 7 في حوادث سنة 14هـ، ممن خرجوا إلى القادسية، وهؤلاء الفتية الذين كرههم عمر رضي الله عنه فتية دُلْم سباط مع معاوية بن خديج، فكان منهم رجل يقال له: (سودان بن حُمْران) قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، وإذا منهم حليف لهم يقال له: (عبد الرحمن بن ملجم) قتل عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه.(2/867)
- وروي أنّ عليّاً1 رضوان الله عليه قدم عليه قوم من الخوارج من أهل البصرة فيهم رجل يقال له: الجعد بن بَعْجَة، فقال له: اتّق الله يا عليّ فإنك ميت. فقال عليّ رضوان الله عليه: بل مقتول، ضربة على هذا تخضب هذه - يعني لحيته من رأسه -، عهد معهود وقضاء مقضي وقد خاب من افترى2.
- ولما حضر الناس لبيعة عليّ جاءه عبد الرحمن3 بن مْلْجَم المُرَادِي / (2/174/أ) فردّه
__________
1 ليست في م.
2 أخرجه الإمام أحمد في فضائل الصحابة 1/542، والحاكم 3/143، والبيهقي في الدلائل 6/438، والخطيب في الأسماء المبهمة ص 49، كلهم من طريق شريك عن عثمان بن المغيرة عن زيد بن وهب، قال: ... ، فذكره.
قلت: إسناده ضعيف. فإن شريك بن عبد الله بن أبي نمر صدوق يخطئ، سّيء الحفظ. (ر: التهذيب 1/351، والتقريب 1/351) ، إلاّ أنّ البيهقي فقال: "إن لهذا الحديث شواهد يقوي بها". اهـ. وذكر منها: حديث أبي فضالة الأنصاري، وثعلبة ابن يزيد، ثم قال: "ورويناه في كتب السنن بإسناد صحيح عن زيد بن أسلم عن أبي سنان الدؤلي عن عليّ رضي الله عنه في إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بقتله". اهـ.
3 قاتل عليّ رضي الله عنه، خارجي مفترٍ، شهد فتح مصر، واختلط بها مع الأشراف، وكان ممن قرأ القرآن والفقه ومن العُبّاد.
قال الإمام الذهبي: "وهو عند الخوارج من أفضل الأمة، وكذلك تعظمه النصيرية، وعند الروافض أشقى الخلق في الآخرة، وهو عندنا - أهل السنة - ممن نرجو له النار، ونُجَوِّز أن الله يتجاوز عنه، لا كما يقول الخوارج والروافض فيه، وحكمه حكم قاتل عثمان وقاتل الزبير وقاتل طلحة وقاتل سعيد بن جبير وقاتل عمار وقاتل خارجة وقاتل الحسين، فكل هؤلاء نبرأ منهم ونبغضهم في الله ونكل أمورهم إلى الله عزوجل. (ر: ابن سعد3/32-40، تاريخ الإسلام-عهد الخلفاءص653، 654، للذهبي) .(2/868)
مرتين أو ثلاثاً ثم أتاه، فقال: ما يحبس أشقاها ليخضبن هذه من هذه ثم تمثل:
أشدد حيازيمك1 للموت فإن الموت لاقيك2
ولا تجزع من الموت3 إذا حلّ بواديك4
- ودعا عبد الله بن جحش قبل يوم أحد بيوم فقال: اللهم إنَّا لاقو عدوّنا غداً، وإني أقسم عليك يا رب لما يقتلوني ويبقروا بطني ويجدعوني5، فإذا قلت لي: لم فُعِل بك هذا؟ فأقول: اللهم فيك. فلما التقوا وفعلوا به ذلك، فمرّ عليه الذي سمعه بالأمس يدعو بذلك فقال: اللهم أما هذا فقد استجيب له، وأنا أرجو أن يعطى ما سأل في الآخرة6.
__________
1 في م: (رحبان الملك) ، والحَيْزُوم: الصدر، أو ما استدار بالظهر والبطن. أو ضلع الفؤاد، وما اكتنف الحلقوم من جانب الصدر. (ر: القاموس ص 1413) .
2 في الطبقات لابن سعد: (آتيك) .
3 في الطبقات لابن سعد: (القتل) .
4 أخرجه ابن سعد 3/33، عن الفضل بن دكين أبي نعيم عن فطر بن خليفة عن أبي الطفيل قال: ... ، فذكره. قال ابن سعد: "وزاد في غير أبي نعيم في هذا الحديث بهذا الإسناد عن عليّ بن أبي طالب: إنه لعهد النبي صلى الله عليه وسلم إليّ". اهـ.
5 في م: (ويجدعوا بيَ) .
6 أخرجه أبو نعيم في الحلية1/109، والبيهقي في كتاب السنن6/307، 308، كلاهما من طريق إسحاق بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه سعد رضي الله عنه، قال: ... ، فذكره.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 9/304، 305: "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح". اهـ.
وعزاه الحافظ في الإصابة 4/46 أيضاً إلى البغوي.
وأخرجه أبو نعيم في الحلية 1/109، والبيهقي في الدلائل 3/249، 250، عن سعيد بن المسيب مرسلاً.(2/869)
- وذكر سيف بن عمر أنه لما كانت وقعة البحرين والمسلمون أميرهم العلاء1 بن الحضرمي فلما كانوا بالدهناء2 حيث لا ماء أراد الله أن يريهم آية عظيمة فلما نزل الناس نَفَرت ركابهم في جوف الليل فلم يبق معهم منها بعير إلاّ زاد ولا مزاد، وذلك حين نزل الناس وقبل أن يَحُطُّوا، فهجم عليهم من الغم ما لم يهجم على أمة / (2/174/ب) حتى أفضى بعضهم إلى بعض فنادى منادي العلاء: أن اجتمعوا. فاجتمعوا إليه، فقال: ما هذا الذي ظهر فيكم وغلب عليكم؟ فقالوا: كيف لا نكون كذلك ونحن إن بلغنا غدالم تَحْم شمسه حتى نصير حديثاً. فقال: لا تراعوا ألستم مسلمين؟ ألستم في سبيل الله؟ ألستم أنصار الله؟ قالوا: بلى. قال: فأبشروا فوالله لا يخذل الله من كان في مثل حالكم. فلما طلع الفجر صلّى بنا، ومنا المتيمم ومنا من بات3 على طهوره لعدم الماء، فلما قضى صلاته جثا على ركبتيه وجثا الناس فنصب في الدعاء ونصبوا معه فلمع لهم سراب مع طلوع الشمس فالتفت إلى الصفّ، وقال: رايد ينظر ما هذا؟ فرجع فقال: سراب. فأقبل على الدعاء، ثم لمع لهم آخر فكذلك ثم لمع آخر فقال العلاء: ماء. فقام وقام الناس فنَزلوا على ماء كثير فشربوا واغتسلوا، فما تعالى النهار حتى أقبلت الإبل تُكْرَد4 من كل وجه فأناخت إليهم وعليها أزوادهم، فقام كل رجل
__________
1 العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه، الصحابي المعروف، واسم أبيه عبد الله بن عماد، له أربعة أحاديث.
2 الدَّهْنَاء: الوادي الذي ببلاد بني تميم ببادية البصرة في أرض بني سعد. (ر: معجم البلدان 2/493) .
3 في م: (كان) .
4 أي: تُساق. (ر: القاموس ص 402) .(2/870)
منهم إلى ظهره فأخذه فما فقدوا سِلْكاً فأرووها وشربوا العَلَّ1 بعد النَّهَل2 ثم ترحوا، قال: وفيهم أبو هريرة صاحب / (2/175/أ) رسول الله صلى الله عليه وسلم فعمد إلى إداوة فملأها ثم تركها على الماء فلما أبعدوا قال أبو هريرة لرفيقه: ارجع بيَ إلى الماء. فرجع فإذا الإداوة مملوءة والأرض بلاقع3 فحقق وحققوا أنها آية من الله عزوجل.
- ولما انتهى العلاء إلى البحر وجد العدوّ قد تحرَّز من المسلمين في الجانب الآخر فجمع المسلمين وخطبهم فقال: إن الله - وله - الحمد قد أراكم من آياته في البر ماء تعتبرون4 به في البحر فانهضوا إلى عدوّكم واستعرضوا البحر إليهم فإن الله قد جمعهم لكم بدارين5، فقالوا: نفعل والله ولا نهاب بعد الدهناء أحداً. فارتحلوا بأجمعهم حتى جاءوا ساحل البحر فدعا ودعوا: "يا أرحم الراحمين، يا كريم يا حليم، يا أحد يا صمد، يا حيّ يا محيي الموتى، يا حيّ يا قيوم، لا إلهَ إلاّ أنت يا ربنا". فأجازوا6 البحر فإذن الله يمشون على مثل رملة ميثاء7 فوقها ماء يغمر أخفاف الإبل، وإن ما بين الساحل ودارين مسيرة يوم وليلة لسفن
__________
1 العَلُّ والعَلَلُ: الشربة الثانية، أو الشرب بعد الشرب تباعاً. (ر: القاموس ص1238) .
2 النَّهَل: أوّل الشرب. (ر: القاموس ص 1377) .
3 البَلْقع: الأرض القفر. جمعه: بلاقع. (ر: القاموس ص 910) .
4 في م: (تعبرون) .
5 دارين: فرضة بالحبرين يجلب إليها المسك من الهند، والنسبة إليها: (دَارِيٌّ) وهي حالياً قرية أو جزيرة من شرق المملكة العربيّة السّعوديّة بالقرب من القطيف. (ر: معجم البلدان 2/432، المعالم الأثيرة ص 115، محمّد شراب) .
6 في م: (فأخذوا) .
7 المِيْثاء: الأرض السهلة. (ر: القاموس ص 226) .(2/871)
البحر في بعض الأحوال، فالتقوا بعدوّهم فما تركوا منهم مخبراً وسبوا الذراري واستاقوا الأموال فبلغ / (2/175/ب) سهم نفل الفارس ستة آلاف، والراجل ألفين فلما فرغوا من عدوّهم رجعوا عودهم على بدئهم1 حتى عبروا أيضاً، فقال عفيف بن المنذر2 شاعرهم:
ألم تر أن الله ذَلَّل بَحْرَه وأنزل بالكفار إحدى الجَلاَئِل3
دَعَوْنا الذي شَقَّ البحار فجاءنا بأعجب من فَلْق البحار الأوائل
ولما اتّصل الخبر بأبي بكر رضي الله عنه قال: إن هذا من عظيم الآيات، اللهم اخلف محمّداً فينا4.
- ومن كرامات هذه الأمة كلام العجماء: ورى سيف بن عمر أنسعداً5 والمسلمون بالقادسية6 وهم في الغزاة قرموا إلى اللحم فأرسلوا مَنْ يطلب لهم شيئاً من الغنم والبقر فتحصن أصحابها وأحرزوا ماشيتهم
__________
1 في م: (درهم) .
2 ذكره الحافظ في الإصابة 5/109، في القسم الثالث ممن ليسوا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم باتّفاق من أهل العلم والحديث، قال: "عفيف بن المنذر التميمي، أحد بني عمرو بن تميم، ذكره سيف في الفتوح، وأنه شهد مع العلاء الحضرمي في قتال الحطيم وأبلى فيه بلاء حسناً، وهو القاتل يذكر خوضهم البحر مع العلاء ... ، وذكر الأبيات. اهـ. وذكر هذه الأبيات أيضاً ياقوت الحموي في معجم البلدان 2/432.
3 في م: (الجلاجل) .
4 ذكره الطبري في تاريخه 2/522-528، وقال: كتب إليَ السّرَّي عن شعيب عن سيف عن الصعب بن عطية بن بلال عن سهم بن منجاب عن منجاب بن راشد، قال: ... ، فذكره في سياق طويل. ونقله ابن كثير في البداية 6/370، مختصراً.
5 هو: سعد بن أبي وقاص مالك الزهري، الصحابي المعروف رضي الله عنه.
6 القادسية: بين النجف والجفّ إلى الشمال الغربي في الكوفي، وإلى الجنوب من كربلاء. (ر: معجم البلدان4/291، معجم المعالم الجغرافية ص 248، عاتق البلادي) .(2/872)
فرأى عاصم1 بن عمرو رجلاً على أجمة2 فسأله أن يدله على البقر والغنم، فحلف له وقال: لا أعلم. وإذا هو راعي تلك الأجمة فصاح منها ثور: كذب والله هَا نحن أولاء، فدخل فاستاق الثيران فأتى بها العسكر، فقسمها عاصم على المسلمين فأخصبوا، وبلغ ذلك الحجاج بن يوسف أيامه فأنكره فحضر/ (2/176/أ) إليه جماعة ممن سمع الثور يقول ذلك فشهدوا به عنده3.
- ومن كراماتهم في هذه الغزاة ما رآه رستم4 - الذي كان على الفرس - رأى فيما يرى النائم كأن ملكاً نزل من السماء حتى دخل عسكر فارس فختم السلاح أجمع ثم دفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فدفعه النبي صلى الله عليه وسلم إلى عمر رضي الله عنه5.
- ومن كراماتهم المشهور: أن أسيد6 بن حضير، وعباد7 بن بشر كانا عند
__________
1 عاصم بن عمر التميمي رضي الله عنه، من الصحابة، أحد الشعراء الفرسان، أخو القعقاع بن عمرون أنشد أشعاراً كثيرةً في فتوح العراق، وكان له ولأخيه بالقادسية مقامات محمودة وبلاء حسن. (ر: الإصابة 4/6، الأعلام 3/248) .
2 الأَجَمَة: الشجر الكثيف الملتف. جمعه: أُجُم. (ر: القاموس ص 1388) .
3 ذكره الطبري في تاريخه 3/13، 14، عن سيف بن عمر، وفيه أن الذين شهدوا عند الحجاج بصحة هذه الكرامة منهم: نذير بن عمرو، والوليد بن عبد شمس وزاهر.
4 رستم بن فرخزاد، قائد جيش الفرس بالقادسية، وكان منجماً، وقد فَوَّضته بوران بنت كسرى ملكة الفرس أمر الملك عشر سنين ثم يصير الملك إلى آل كسرى، وقتله هلال بن علّفة التيمي في القادسية. (ر: البداية 7/29-51) .
5 ذكره الطبري في تاريخه 3/25، 26، عن سيف بن عمر، وابن كثير في البداية 7/42، 43.
6 أسيد بن الحضير بن سماك الأنصاري الأشهلي رضي الله عنه، الصحابي المعروف - له ثمانية عشر حديثاً.
7 عباد بن بشر بن وقش الأنصاري رضي الله عنه، له حديث واحد أورده أبو داود والطبراني وابن شاهين، قال إسماعيل القاضي عن ابن المديني. لا أعلم له غيره. (ر: الإصابة 4/22) .(2/873)
نبي الله صلى الله عليه وسلم في ليلة ظلماء حندس يتحدثان حتى إذا خرجا من عنده أضاءت لهما عصى أحدهما فمشيا في ضوئها، فلما تفرق بهما الطريق أضاءت لكل واحد منهما عصاه فمشى في ضوئها، انفرد بإخراجه البخاري1.
- ومن ذلك أن أم2 أيمن مولاة خرجت من مكّة مهاجرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وهي ماشية ليس معها زاد وهي صائمة في يوم شديد الحرّ فأصابها عطش شديد، فبينا هي بالروحاء3 أو قريباً منها إذا بحفيف شيء فوق رأسها، قالت: فرفعت رأسي فإذا أنا بدلو من السماء / (2/176/ب) مدلى برشاء أبيض. قالت: فدنا مني حتى إذا كان حيث استمكن منه تناولته فشربت منه حتى رويت. قال: فلقد كنت بعد ذلك أطول في الشمس في اليوم الشديد الحركي أعطش فما عطشت بعدها4.
__________
1 أخرجه البخاري في كتاب مناقب الأنصار باب (13) . (ر: فتح الباري 7/124، 125) ، وعنه البيهقي في الدلائل 6/78، عن أنس رضي الله عنه.
2 أم أيمن رضي الله عنها مولاة النبي صلى الله عليه وسلم وخاضنته اسمها: بنت ثعلبة، وماتت في خلافة عثمان - رضي الله عنهم -، ولها خمسة أحاديث. (ر: الإصابة 8/212-214) .
3 الروحاء: محطة على الطريق بين المدينة وبدر، على مسافة 74كم، من المدينة. (ر: العالم الأثير ص 131، محمّد شراب) .
4 أخرجه ابن سعد في الطبقات 8/224، أبو نعيم في الحلية 2/67، وابن السكن. (ر: الإصابة 8/213) ، من طريق جرير بن حازم وهشام بن حسان عن عثمان بن القاسم، قال: ... ، فذكره.
وأخرجه البيهقي في الدلائل 6/125، عن ثابت وأبو عمران الجوفي وهشام بن حسان قالوا:. .، فذكروه وإسناده منقطع.
وأورده الحافظ في الإصابة 8/218، عن ابن سعد وابن السكن، وسكت عنه.(2/874)
- ومن ذلك أيضاً أن البراء بن مالك لقي جيشاً من المشركين وقد استعلى المشركون على المسلمين فقالوا له: يا براء إن رسول الله قال: إنك لو أقسمت على الله لأبرَّك1، فأقسم على ربّك. فقال: أقسمت عليك يا ربّ لما منحتنا أكتافهم. فمنحوا أكتافهم. ثم التقوا أيضاً على قنطرة السوس قاتلوا في المسلمين فقالوا له: أقسم يا براء على ربّك. فقال: أقسمت عليك يا ربّ لما منحتنا أكتافهم. فمنحوا أكتافهم2.
- وفي رواية أنه لما كان يوم تستر3 انكشف المسلمون، فقال البراء: أقسمت عليك يا ربّ لما منحتنا أكتافهم وألحقتني بنبيّك. فمنحوا أكتافهم فاستشهد4.
ومن ذلك أيضاً أن الملائكة كانت تسلم على عمران بن الحصين وتصافحه فلما اكتوى انقطعت عنه، فلما كان قبيل موته عاودته فسلمت عليه رضي الله عنه5.
__________
1 أخرجه الترمذي 5/650، من طريق ثابت وعليّ بن زيد عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كم من أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له، لو أقسم على الله لأبره، منهم البراء بن مالك". قال الترمذي: هذا حديث صحيح حسن.
2 أخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب 1/154، والحاكم 3/291، 292، والبيهقي في الدلائل 6/318، كلهم من طريق سلامة بن روح عن عُقيل بن خالد عن ابن شهاب عن أنس رضي الله عنه، قال: ... ، فذكره. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد لم يخرجاه". ووافقه الذهبي.
3 تُسْتَر - بالضم ثم السكون وفتح التاء الأخرى -: وهو تعريب شوشة، أعظم مدينة بخوزستان، فيها أقبر البراء بن مالك، وفتحت سنة 20هـ، وجعلها عمر رضي الله عنه من أرض البصرة لقربها منها. (ر: معجم البلدان 1/29) .
4 ذكره الطبري في تاريخه 3/181، وابن كثير في البداية 7/95، 96، وابن حجر في الإصابة 1/148، 149.
5 تقدم تخريجه. (ر: ص: 849) .(2/875)
- ومن ذلك / (2/177/أ) قال بعضهم1: غزونا مع العلاء بن الحضرمي دارين فدعا بثلاث دعوات فاستجيب له فيهن، نزلنا منْزلاً فطلب الماء ليتوضأ فلم يجده، فقام فصلى ركعتين وقال: اللهم إنا عبيدك وفي سبيلك نقاتل عدوّك، اللهم اسقنا غيثاً نتوضأ منه ونشرب فإذا توضأنا لم يكن لأحد في نصيب غيرنا، فسرنا قليلاً فإذا نحن بماء حين أقلعت عنه السماء فتوضأنا منه وتزودنا.
- قال الراوي: فملأت إداوتي2 وتركتها مكانها حتى أنظر هل استجيب له أم لا؟ فسرنا قليلاً ثم قلت لأصحابي: نسيت إداوتي، فجئت إلى ذلك المكان فإذا به كأنه لم يصبه ماء قط وأخذت إداوتي، ثم سرنا حتى أتينا دارين والبحر بيننا بين العدوّ، وقال: يا عليم يا حكيم يا عليّ يا عظيم، إنّا عبيدك وفي سبيلك نقاتل عدوّك فاجعل لنا إليهم سبيلاً. وتَقحَّم3 البحر فخضنا ما يبلغ لبودنا4 فخرجنا إليهم، فلما رجعنا مرض بفؤاده فمات فطلبنا ماء نغسله فلم نجده فلففناه في ثيابه ودفناه فسرنا/ (2/17/ب) غير بعيد فإذا نحن بماء كثير، فقال بعضنا لبعض: فلو رجعنا فاستخرجناه ثم غسلناه. فرجعا فطلبناه فلم نجده. فقال رجل من القوم: إني سمعته يقول: "يا عليّ يا عظيم يا حكيم أخفِ عليهم موتي ولا تطلع على عورتي أحداً". فرجعنا وتركناه5.
__________
1 هو: سهم بن منجاب، كما ذكر ذلك ابن الجوزي في صفة الصفوة 1/659، وأشار إليه البيهقي في الدلائل 6/53.
2 الإِدَاوة - بالكسر - إناء الطهارة أو المهطرة، وجمعه: الأَدَاوَى. (ر: القاموس ص 1624) .
3 أي: دخل البحر، يقال: أقحم فرسه النظر: أدخله. (ر: القاموس ص 1480) .
4 لِبْدٌ ولِبَدة: كلّ شعر أو صوف متلبد. (ر: القاموس ص 404) .
5 ذكر هذه الرواية بنصّها ابن الجوزي في صفة الصفوة 1/695، 696، والبيهقي مختصراً في الدلائل 6/53.(2/876)
- ودخلت في أذن رجل من أهل البصرة حصاة فعالجها الأطباء فلم يقدروا عليها حتى وصلت إلى صماخه فأسهرت ليله ونغصت عيش نهاره، فشكى ذلك إلى بعض أصحاب الحسن فقال: ويحك إن كان شيء ينفعك الله به فدعوة العلاء بن الحضرمي التي دعا بها في البحر وفي المفازة. قال: وما هي رحمك الله؟ قال: يا عظيم يا حليم يا حكيم1. فدعا بها فوالله ما برحنا حتى خرجت من أذنه ولها طنين حتى صكَّت الحائط وبرأ2.
- قال المؤلِّف: هكذا رأيتها في عدة مصنفات وفيها تقديم وتأخير وزيادة ونقصان، فالرأي أن يدعو الإنسان بهذه الرواية مرّة وبالرواية الأخرى مرّة أخرى ليأتي على كلّ ما ورد منها3.
- وقال / (2/178/أ) ثابت البناني4: شكا قَيِّمُ أنس بن مالك إلى أنس عطش أرضه فصلّى أنس ودعا، فثارت سحابة حتى غشيت أرضه وملأت، صهريجه فأرسل غلامه فقال: انظر أين بلغت هذه؟ فنظر فإذا هي لم تعد أرضه5.
__________
1 في صفوة الصفوة: (يا عليم) .
2 ذكر هذه القصة ابن الجوزي في صفة الصفوة 1/196، عن عمرو بن ثابت، قال: ... ، فذكره.
3 قصة العلاء الحضرمي رضي الله عنه، أخرجها ابن سعد 4/362، وأبو نعيم في الدلائل ص 574، والبيهقي في الدلائل 6/52، 53، والهيثمي في مجمع الزوائد 9/379، والذهبي في تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء ص 237) ، وابن كثير في البداية 6/292، 293، وغيرهم.
4 ثابت بن أَسْلَم البُناني - بضم الموحدة ونوين مخففين -: أبو محمّد البصري، ثقة عابد، من الرابعة، روى عن أنس وابن عمر - رضي الله عنهم - وغيرهم، مات سنة مائة وبضع وعشرين من الهجرة، وله ست وثمانون. (ر: (ر: الجرح والتعديل 2/449، التقريب 1/115) .
5 أخرجه ابن سعد 7/21، وابن عساكر في تاريخه 3/168، كلاهما من طريق جعفر ابن سليمان الضُّبَعي عن ثابت البناني، قال:. .، فذكره.
قلت: إسناده حسن، فإن جعفر الضبعي صدوق. (ر: التقريب 1/131) ، وله تابع أخرجه ابن سعد 7/21، 22، وعنه ابن عساكر 3/168، عن ثمامة بن عبد الله في سياق أطول بنحوه. يوذكره ابن الجوزي في صفوة الصفوة 1/712.(2/877)
- وقالت مولاة أبي أمامة الباهي: كان أبو1 أمامة يحب الصدقة ويجمع لها الدنانير الدراهم والفلوس وما يُؤكل حتى البصلة ونحوها فلا يقف سائل إلاّ أعطاه ما تهيأ له، قالت: فأصبحنا يوماً وليس معنا ولا عندنا شيء من الطعام وليس في البيت سوى ثلاثة دنانير. فوقف به سائل فأعطاه ديناراً ثم آخر فأعطاه ديناراً ثم وقف ثالث فأعطاه الثالث، قالت: فغضبت. فاستلقى على فراشه وأغلقت عليه الباب حتى أذن المؤذن بالظهر فجئته فأيقظته فراح إلى مسجده صائماً فرققت عليه فاستقرضت ما هيأت له به عشاء وسراجاً ووضعت المائدة ودنوت من فراشه لأمهد له فوجدت تحته ثلاثمائة دينار فقلت في نفسي: ما صنع الذي صنع إلاّ ثقة بذلك فعددتها فإذا ثلاثمائة دينار فتركتها/ (2/178/ب) على حالها حتى انصرف عن المسجد بعد العشاء فلما دخل البيت ورأى ما هيأت له حمد الله وتبسم في وجهي وجلس وتعشّى فلما فرغ قلت: يغفر الله لك جئت بما جئت به ثم تركته بمضيعة. قال: وما ذاك؟ قلت: ما جئت به من هذه الدنانير. ورفعت الفراش عنها، ففزع حين رآها وقال: ويحك ما هذا؟ قلت: لا أعلم إلاّ أني وجدتها هَا هنا على ما ترى. قالت: فكثر فزعه2.
__________
1 أبو أمامة الباهي، اسمه: صُدي بن عجلان بن الحارث، الصحابي المعروف، له مائتان وخمسون حديثاً.
2 أخرجه أبو نعيم في الحلية 10/129، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال: حدّثني مولاة أبي أمامة رضي الله عنه قالت: ... ، فذكرته. - وزاد فيه -: "قالت: (مولاة أبي أمامة) : فقمت فقطعت زناري وأسلمت، قال: ابن جابر: فأدركتها في مسجد حمص وهي تعلم النساء القرآن والسنن والفرائض وتفقهن في الدين". اهـ.(2/878)
- وقال ميمون1 بن مهران: شهدت جنازة عبد الله بن عباس بالطائف فلما وضع ليصلى عليه جاء طائر أبيض حتى دخل في أكفانه فالتمس فلم يوجد فلما سُوِّيَ عليه سمعنا صوتاً ولا نرى شخصاً يقول: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي} [سورة الفجر الآيات: 27-30] 2.
- ولما أتى العطاء إلى زينب زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمر رضوان الله عليه وقسمته في وجوه البرّ رفعت يديها إلى السماء، وقالت: اللهم لا يدركني عطاء لعمر3 بعد عامي هذا. فماتت قبل أن يدركها4.
__________
1 ميمون بن مِهْران الجزري، أبو أيوب، أصله كوفي، نزل الرِّقة، ثقة فقيه، ولي الجزيرة لعمر بن عبد العزيز، وكان يرسل، من الرابعة، مات سنة 117هـ. (ر: الجرح 8/233، التقريب 2/292) .
2 أخرجه أبو نعيم في الحلية 1/329، من طريق الفرات بن السائب عن ميمون بن مهران.
قلت: إسناده ضعيف. فإن فرات بن السائب أبو سليمان، ضعيف الحديث، منكر الحديث، قاله أبو زرعة وأبو حاتم. (ر: الجرح والتعديل 7/80) ، إلاّ أنّ له طرقاً أخرى كثيرة صحيحة، منها:
ما أخرجه الحاكم 3/543، 544، والذهبي في سير أعلام النبلاء 3/358، من طريق مروان بن شجاع عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير.
وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 9/85، وقال: "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح". وذكره الحافظ في الإصابة 4/94، من طرق، فقال: "أخرجه الزبير بن بكار بسند له إلى موسى بن عقبة عن مجاهد ... " فذكره. وأخرجه يعقوب بن سفيان من طريق عبد الله بن مامين عن أبيه. وأخرجه المدائني عن حفص بن ميمون عن أبيه. اهـ. ملخصاً. وقال الذهبي في سيرأعلام النبلاء3/358: "فهذه قضية متواترة". اهـ.
3 في م: (أحمر) .
4 أخرجه ابن سعد 8/109، وأبو نعيم في الحلية 2/54، كلاهما من طريق محمّد بن عمرو بن علقمة عن يزيد بن خصيفة عن عبد الله بن رافع عن برزة بنت رافع، قالت: ... ، فذكرته في سياق طويل.
قلت: أورده الذهبي في سير أعلام النبلاء 2/212، والحافظ في الإصابة 8/32، وسكتا عنه. وفي إسناده: محمّد بن عمرو الليثي صدوق له أوهام. (ر: التقريب 1/196) ، وبرزة أو برة بنت رافع لم أقف على ترجمتها. وباقي رجاله ثقات. وأخرجه ابن سعد 8/109، أيضاً بسند فيه الواقدي عن محمّد بن كعب، قال: ... ، فذكره مختصراً.(2/879)
- وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: / (2/179/أ) أسلمت أم1 شريك عزيّة بنت جابر بن حكيم الدوسية وجعلت تدخل على أهل مكّة فتدعو النساء إلى الإسلام سرّاً ترغبهن فيه، فلما ظهر أمرها لأهل مكّة قالوا: نبعثك إلى قومك. قالت: فحملوني على بعير ليس تحتي شيء ثم تركوني ثلاثاً لا يطعمونني ولا يسقونني، وكانوا إذا نزلوا منْزلاً أوثقوني في الشمس واستظلوا هم وحبسوا عني الطعام والشراب، فبينما هم كذلك، وأنا في الشمس إذا بشيء بارد على صدري فتناولته فإذا هو دلوٌ من ماء فشربت منه قليلاً ثم نزع مني فرفع ثم عاد فتناولته فشربت منه ثم رفع مراراً ثم نزل ليَ فشربت حتى رويت ثم صببت سائره على جسدي وثيابي، فلما استيقظوا وجدوا أثر الماء على ثيابي ووجدوا هيئتي حسنة، فقالوا: حَلَلْتِ سقاءنا فشربتي منه. قالت: لا والله. ولكنه كان من الأمور كيت وكيت. فقالوا: لئن كنت صادقة لدينك خير من ديننا. فلما نظروا إلى أسقيتهم وجدوها كما تركوها فأسلموا، ثم جاءت هي فوهبت نفسها لرسول الله صلى الله عليه وسلم بغير مهر فقبلها ودخل بها2.
__________
1 أم شريك القرشية العامرية من بني عامر بن لؤي، اختلف في نسبتها أنصارية أو عامرية من قريش أو أزدية من دوس، قال ابن حجر: "واجتماع هذه النسب ممكن كأن يقول: قرشية تزوجت في دوس فنسبت إليهم، ثم تزوجت في الأنصار فنسبت إليهم، أو لم تتزوج بل هي نسبت أنصارية بالمعنى الأعم". اهـ. وقد كانت ممن وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم. (ر: ابن سعد 8/154، حلية الأولياء 2/66، سير أعلام النبلاء 2/255، الإصابة 8/248، 249) .
2 نقل المؤلِّف هذه الكرامة من ابن الجوزي في صفة الصفوة 2/53، 54، عن ابن عباس. وأخرجها ابن سعد 8/155، عن الواقدي - وهو متروك - عن الوليد بن مسلم عن منير بن عبد الله الدوسي قال: ... ، فذكره، وإسناده مرسل.
وأخرجها أبو نعيم في حلية الأولياء 2/66، من طريق محمّد بن مروان السدي - أحد المتروكين -، وأبو موسى في الذيل. (ر: الإصابة 8/248) ، كلاهما من طريق مححّد بن السائب اللكبي - وهو متروك متهم بالكذب - عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، أنه قال: ... ، فذكره.(2/880)
- وكانت (2/179/ب) حفصة1 ابنة سيرين2 تسرج المصباح وتقومإلى مصلاها فربما طفئ المصباح فيضيء لها البيت حتى تصبح3.
- قال المؤلِّف: ووقفت على كرامة غريبة لسلف هذه الأمة وهي ما رواه سيف بن عمر في الفتوح قال: حاصر المسلمون بهرسير4 من أرض العراق فلما اشتد عليهم الحصار وأبطأ على المسلمين الفتح أشرف عليهم رسول من الحصن، فقال: إن الملك يقول لكم هل لكم إلى المصالحة على أنّ لنا ما يلينا من دجلة إلى الجبل ولكم ما يليكم من دجلة إلى الجبل؟ أما شبعتم، لا أشبع الله بطونكم. فبدر الناس أبو مفزَّر الأسود بن قطبة وقد أنطقه الله بشيء لا يدري ولا نحن ما هو فأجابه بالفارسية وهو لا يعرف من الفارسية شيئاً ولا نحن. فرجع الرسول إلى الملك بما سمع من أبي مفزر ورأيناهم يقطعون إلى المدائن هاربين فقلنا له: يا أبا مفزر ما قلت له؟ قال: لا والذي بعث محمّدً بالحقّ ما أدري ما هو إلاّ أنّ عَلَيَّ سكينة، وأنا أرجو أن أكون قد أُنطقت بالذي هو خير. وأنْبَأَت الناس
__________
1 هي: حفصة بنت سيرين أم الهذيل الأنصارية البصرية، سيدة جليلة من سيدات التابعيات، اشتهرت بالعبادة والفقه وقراءة القرآن والحديث، روت عن أخيها يحيى وأنس بن مالك وأم عطية الأنصارية وغيرهم، توفيت سنة 101هـ، وهي ابنة سبعين سنة. وفي رواية سنة 92هـ. (ر: ترجمتها في: صفوة الصفوة 4/24-26، التهذيب 12/438، أعلام النساء 1/273، 274، عمر كحالة) .
2 في م: (سيرويه) .
3 أخرجه هذه الكرامة ابن الجوزي في صفوة الصفوة 4/26، عن هشام بن حسان.
قلت: هشام بن حسان الأزدي، ثقة من أثبت الناس في ابن سيرين. (ر: التقريب 2/3189) .
4 بَهُرَسِير - بالفتح ثم الضم، وفتح الراح، وكسر السين المهلمة، وياء ساكنة وراء -: من نواحي سواد، وهي معربة من (دِه أردشير) أو (بِه أردشير) ، كأن معناه: خير مدينة أردشير، وهي في غربي دجلة. (ر: معجم البلدان 1/515) .(2/881)
يسألون عن ذلك حتى / (2/180/أ) جاءه سعد فقال: يا أبا مفزّر ما قلت للرسول فوالله إنهم لهراب؟ ثم نادى سعد في الناس ثم نَهَدَ1 بهم فوجد القوم قد هربوا وتركوا المدينة ووجدوا منهم قوماً خارج المدينة فأسروهم، وسألهم المسلمون لأي شيء هربوا وتركوا المدينة؟ فقالوا: بعث الملك إليكم يعرض عليكم الصلح فأجاب متكلمكم إنه لا صلح بيننا أبداً حتى نأكل عَسَل إفريدين بأُترج كوثي. فقال الملك: لا طاقة لا طاقة لأحد بهؤلاء وأسرع الجلاء والهرب2.
- وقال مالك3 بن دينار رضي الله عنه: لما ولي عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - قال: رعاة الشاء في رؤوس الجبال: من هذا الخليفة الصالح الذي قد قام على الناس؟ قال: فقيل لهم: وما علمكم بذلك؟ قالوا: إنه إذا قام خليفة صالح كفت الذئاب والسباع عن شائنا4.
- قال مالك بن أنس الإمام رضي الله عنه: "كان يونس بن يوسف5 من العباد ومن خيار الناس فذهب يوماً إلى المسجد فلقيته امرأة في طريقه
__________
1 أي: نهض بهم. (ر: القاموس ص 413) .
2 أورده الطبري في تاريخه 3/118، 119، وابن كثير في البداية 7/70، 71، عن سيف بن عمر.
3 مالك بن دينار البصري، الإمام الزاهد العابد، أبو يحيى من ثقات التابعين ومن أعيان كتبه: المصاحف. توفي سنة 130هـ. (ر: حلية الأولياء 2/357، سير أعلام النبلاء 5/362، التهذيب 10/14) .
4 أخرجه أبو نعيم في الحلية 5/255، من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل عن عليّ ابن مسلم الطوسي عن يسار بن حاتم عن جعفر الضبعي عن مالك بن دينار.
قلت: سيار بن حاتم العَنَزي صدوق له أوهام. (ر: التقريب 1/434) ، إلاّ أنّ أبا نعيم ذكر للخبر شاهدين: أوّلهما: عن جسر القصاب، والآخر عن موسى بن أعين. وأورده ابن الجوزي في صفوة الصفوة 2/118.
5 اختلف في اسمه، فقيل: يوسف بن يونس، وقيل: يونس بن يوسف، أبو عمرو بن عماس، وكان متعبداً مجتهداً يصلي الليل. (ر: صفوة الصفوة 2/134) .(2/882)
فوقع في نفسه منها، فقال: اللهم إنك جعلت بصري / (2/180/ب) لي نعمة وقد خشيت أن يكون عليّ نقمة فاقبضه إليك. قال: فعمي. وكان ابن أخ له1 يقوده إلى المسجد فإذا استقبل الجدار اشتغل الصبي يلعب مع الصبيان فإن نابته نائبة حصب الصبي فأقبل إليه، فبينا هو ذات يوم صحوة في المسجد إذ أحس في بطنه بشيء فحصب الصبي فشغل الصبي مع الصبيان حتى خاف الشيخ على نفسه. فقال: اللهم كنت جعلت لي بصري نعمة فخشيت أن يكون علي نقمة فسألتك فقبضته إليك، وقد خشيت الآن الفضيحة فاردد عليّ بصري. فانصرف إلى منْزله بصيراً، بغير قائد. قال مالك: فرأيته أعمى ورأيته بصيراً صحيحاً2.
- وحجّ3 المنصور4 سنة سبع وأربعين ومائة فلما قدم المدينة بعث إلى جفعر5 بن محمّد وقال: أحضره إلي مُتعباً، قتلني الله إن لم أقتله.
__________
1 في م: (لي) .
2 ذكر هذه الكرامة ابن الجوزي في صفوة الصفوة 2/134، 135.
3 ذكره هذه الكرامة القاضي أبو علي المحسن بن عليّ التنوخي ت سنة 384هـ، في كتابه الفرج بعد الشدة 1/318-320، والذهبي سير أعلام النبلاء 6/266، كلاهما من طريق الفضل بن الربيع، قال: حجّ أبو جعفر المنصور ... ، فذكره في سياق طويل.
وقد أورد القاضي التنوخي هذا الخبر من وجهين مختلفين، أحدهما: من بعض الكتب بغير إسناد، والآخر: من طريق أبي الفرج الأصفهاني. (ر: الفرج 1/313-318) .
4 عبد الله بن محمّد بن عليّ العباس، أبو جعفر المنصور، ثاني الخلفاء العباسيين، ولي الخلافة بعد أخيه السفاح سنة 136هـ، وهو الذي بنى بغداد، مات بمكة محرماً بالحج سنة 158هـ. (ر: سير أعلام النبلاء 7/83، الجوهر الثمين ص91 لابن دقماق، البداية 10/121، الأعلام 4/117) .
5 جعفر بن محمّد الباقر بن عليّ زين العابدين الهاشمي القرشي، أبو عبد الله الملقب بالصادق، فقيه، إمام، صدوق، كان يغضب من الرافضة ويمقتهم إذا علم أنهم يتعرضون لجده أبي بكر الصدّيق، فإن أمه هي أم فروة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر الصّدّيق، وأمها هي أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، ولهذا كان جعفر يقول: ولدني أبو بكر الصّدّيق مرتين، ولد ومات بالمدينة سنة148هـ. (ر: سير أعلام النبلاء 6/255، التهذيب2/103، التقريب1/132، حلية الأولياء3/192، الأعلام2/126) .(2/883)
فتغافل عنه الربيع1 لينساه، ثم أعاد ذكره للربيع، وقال: ابعث من يأتي به قتلني الله إن لم أقتله. فلما كان في الثالثة أحضره الربيع، وقال: أبا عبد الله اذكر الله فإنه قد أرسل إليك للتي لا شوي لها. فقال جعفر - رضوان الله عليه -: لا حول ولا قوّة إلاّ بالله / (2/181/أ) العلي العظيم. ثم أعلم المنصور بحضوره. فلما دخل قال: يا عدوّ الله اتّخذك أهل العراق إماماً يُؤَدُّون إليك زكاة أموالهم وتلحد في سلطاني وتبغيه الغوائل، قتلني الله إن لم أقتلك. فقال: يا أمير المؤمنين إن سليمان عليه السلام أعطي فشكر، وإن أيوب ابتلى فصبر، وأن يوسف ظلم فغفر، وأنت من ذلك السِّنخ2. فقال له المنصور: [أنت عندي يا أبا عبد الله] 3 البريء الساحة، والسليم الناحية، القليل الغائلة، جزاك الله من ذي رحم أفضل ما ذوي الأرحام عن أرحامهم. ثم تناول يده فأجلسه معه على فراشه ثم دعا بالغالية والطيب فغلَّفه بيده حتى خلت لحيته قاطرة، ثم قال: في حفظ الله وكلأته. ثم قال: يا ربيع الحقّ أبا عبد الله بجائزته وكسوته، سِرْ أبا عبد الله في حفظ الله وفي كنفه. قال الربيع: فلحقه بذلك فقلت له: إني قد رأيت من هذا الرجل في أمرك ما لم تره، ورأيت بعد ذلك ما قد رأيت فما قلت يا أبا عبد الله حين دخلت عليه؟
__________
1 هو: الربيع بن يونس، الوزير الحاجب الكبير. أبو الفضل الأموي، من موالي عثمان رضي الله عنه. كان وزيراً للمنصور، وكان من نبلاء الرجال. وألبائهم، توفي سنة 169هـ. (ر: سير أعلام النبلاء 7/335، شذارت الذهب 1/274) .
2 السِّنخ - بالكسر -: الأصل. (ر: القاموس ص 323) .
3 في م، ص: (إلى وعندي أبا عبد الله) ، وهو خطأ، والتصويب من كتاب الفرج بعد الشدة.(2/884)
قال: قلت: اللهم احرسني بعينك التي لا تنام / (2/181/ب) واكنفني بركنك الذي لا يرام، واغفر لي بقدرتك عليّ، فلا أهلك وأنت رجائي، اللهم إنك أكبر وأجل ممن أخاف وأحذر، اللهم بك أدفع في نحره وأستعيذ بك من شرّه1.
- مسألة:
[إن] 2 قال بعض النصارى: أن لا نبيّ بعد المسيح، أكذبه ما في كتاب فراكسيس وهو رسائل الحوريين إذ قال في الفصل الحادي عشر منه: "إنه قدم في تيك الأيام أنبياء من بيت المقدس فقام أحدهم يسمى أغابوس3 فتنبأ لهم وقال: إنه سيكون في هذه البلاد قحط شديد"4.
__________
1 ورد الدعاء في كتاب الفرج بعد الشدة 1/319، وفي سير أعلام النبلاء 6/266، كاملاً كالآتي: "اللهم أحرسني بعينك التي لا تنام، واكفني بركنك الذي لا يرام، واذكرني برحمتك، واعف عني بقدرتك، لا أَهْلَكُ وأنت رجائي، ربِّ كم من نعمة أنعمت بها عَلَيَّ، قَلَّ لك عندها شكري فلم تحرمني، وكم من بلية ابتليتني بها قَلَّ لك عندها صبري فلم تخذلني، فيا مَنْ قَلَّ عند نعمه شكري فلم يحرمني، ويا مَنْ قَلَّ عند بليّته صبري فلم يخذلني، يا مَنْ رآني على الخطايا فلم يهتكني، يا ذا المعروف الذي لا ينقضي أبداً، ويا ذا النعماء التي لا تحصى عدداً، صَلِّ على محمّد وعلى آل محمّد، بك أدرأ في نحره، وأعوذ بك من شرّه، اللهم أعني على ديني بدنياي، وعلى آخرتي بتقواي، واحفظني فيما غبت عنه، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين، يا مَنْ لا تضره الذنوب، ولا تنقصه المغفرة، اغفر لي ما لا يضرّك وأعطني ما لا ينقصك، إنك أنت الوهّاب، أسألك فرجاً قريباً، وصبراً جميلاً، ورزقاً واسعاً، والعافية من جميع البلايا، وشكر العافية".
2 إضافة يقتضيها السياق. والله أعلم.
3 ورد في قاموس الكتاب ص 89، ترجمته كالآتي: "ربما كانت الكلمة من أصل عبري معناها: (المحبوب) ، وأغابوس: نبي مسيحي كان في أورشليم في عصر الرسل (الحواريين) الأوّل، وذهب إلى أنطاكية وتنبأ بجوع عظيم، وقد حدث هذا الجوع في أيام كلوديوس قيصر، ولما مَرَّ بولس بقيصرية في رحلته الأخيرة إلى أورشليم جاء أغابوس من اليهودية وربط يديه ورجليه بمنطقة بولس، وحذر بولس من أنهم سيقيدونه هكذا متى وصل أورشليم، ويقول التقليد إن أغابوس كان واحداً من السبعين تلميذاً اللذين أرسلهم المسيح". اهـ.
4 سفر أعمال الرسل 11/28، 21/11.(2/885)
وقال أيضاً في هذا الفصل: "إنه كان في بيعة أنطاكية أنبياء منهم: برنابا وشمعون ولوقش وما ناين وشاؤل فهؤلاء الخمسة بأنطاكية"1.
وقال أيضاً في الفصل الخامس عشر من الكتاب: "إنه كان [لفيلبس المبشر] 2 أربع بنات متنبئات"3.
وقال لوقا في كتاب فراكسيس أيضاً: "إن النفر المتوجهين إلى أنطاكية كان نزولهم على بيت عيناً لأنهم كانوا أنبياء"4.
قال مؤلِّفه: من زعم أنه لا نبي بعد المسيح فهو جاهل بدين النصارى / (2/182/ب) إذ لا خلاف عندهم أن فولس صاحب الأربع عشر رسالة هو رسول جاء بعد رفع المسيح، وقد حكى في رسالته أنه أدرك من أصحاب المسيح شمعون الصفا ويعقوب، فقد بطل قول من قال: إنه لا نبيّ بعد المسيح.
فإن قيل: فقد حَذَّرَنا المسيح عليه السلام في الإنجيل من الأنبياء الكذبة الذين يلبسون لباس الحملان وهم في الباطن بصور الذئاب الضارية ثم وصفهم فقال: ومن ثمارهم تعرفونهم5.
قلنا: هذا تصريح من المسيح عليه السلام بمجيء الصادق إذ خصّ التحذير بالكذبة ولولا ذلك لم يقل: "ومن قِبَل ثمارهم تعرفونهم". ولقال: لا نبيّ بعدي، ولم يحوجهم إلى الاستدلال بثمارهم على كذبهم، كلا ولكنه صريح
__________
1 سفر أعمال الرسل 13/1، كالآتي: "وكان في أنطاكية في الكنيسة هناك أنبياء ومعلّمون، برنابا، وسمعان الذي يدعى نيجر، ولوكيوس القيرواني، ومناين الذي تربي مع هيردوس رئيس الرِّبع، وشاؤل".
2 في م، ص (لفولس المفسر) والتصويب من النصّ.
3 سفر أعمال الرسل 21/8، 9.
4 سفر أعمال الرسل 11/27.
5 متى 7/15-20، في سياق طويل، وقد اختصره المؤلّف.(2/886)
بمجيء النبي الصادق ونصّ عليه في غير موضع من إنجيله كما تقدم، ثم الكاذب من لم يقم على نبوّته برهان.
وقد جاء نبيّنا محمّد رسول الله صلى الله عليه وسلم بآيات ظاهرة ودلالات متضافرة كانشقاق القمر وتسليم الحجر واستجابة الشجر وإبراء الأبرص والأجذم والمجنون والآدر / (2/182/ب) ونطق الذارع وخسف الأرض بعدوّه عند الإتباع وتفجير الماء ونطق العجماء والإخبار عن الغيوب، والنصر في مواطن الحروب والكتاب العزيز الذي أخرس الشقاشق1 وفضح المنافق وعجز الجنّ والإنس عن الإتيان بمثله وأناط الفصحاء والحكماء حبالهم بحبله.
قال المسيح عليه السلام: "ومن قِبَل ثمارهم تعرفونهم"، وقد علم الموافق والمفارق أن محمّداً صلى الله عليه وسلم لم تثمر شجرة دعوته عبادة غير الله، فلم يشرك مع الله سواه، ولا جعل له نِدّاً من خلقه، ولا ادّعى له ولداً، ولا قال: اعبدوا إلهين اثنين ولا ثالث ثلاثة، ولا عَبَدَ رجلاً ولا عجلاً لا كوكباً ولا وثناً، بل أمر بعبادة الله إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، والإخلاص له وتنْزيهه عن النقائص والآفات والحلول في المحدثات والتدنس بالزوجات، ولم يجعل الله ولداً ولا والدً بل خلع الأنداد ونبذ الأضداد، وأمر بطاعة الله ونهى عن معصيته وزهد في الدنيا ورغب في الأخرى، وجاء بكتاب من عند الله يشتمل على الأمر بالمعروف والنهي
__________
1 الخطباء، والشِّقْشِقَة: الخُطْبَة. (ر: القاموس ص 1160) .(2/887)
عن المنكر / (2/183/أ) وبر الوالدين وصلة الرحم وحفظ الجار وفرض الصدقات والأمر بالصيام والصلاة والحثّ على محاسن الأخلاق ومكارم العادات، ثم كسر الأصنام وعطل الأوثان وأخمد النيران وأعلن بالأذان1.
فأما هو في نفسه صلى الله عليه وسلم فأربى على سائر الأمم في العبادة وتقدم إخوانه من المرسلين في الإرشاد والإفادة، فهذه ثمار محمّد صلى الله عليه وسلم التي صارت أعلق به من الغرام ببني عذرة، والإقدام بابن أبي صفرة.
وقد بين يوحنا الإنجيلي أن التحاذير إنما كان من الدجال قال في رسالته الثانية: "إنه قد خرج في العالم ضُلاّل كثيرون لا يعترفون بالمسيح الجسداني، فمن كان من2 هؤلاء فهو الضالّ المضل، فأما المقيم على تعليم السيد المسيح فالأب يكون معه"3.
والتعليم الذي أمر به المسيح هو توحيد الباري وتنْزيهه، وقوله: "أنا نبيّ الله ورسوله وعبده، لا أعمل
__________
1 وهذا من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم، فإن دعوته وما اشتملت عليه شريعته من الكمال في أمور الدين والدنيا، والآداب والفضائل لا تكون إلاّ وحياً من عالم الغيب والشهادة العليم الحكيم.
ومن دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم - إضافة على ما سبق - قرائن أحواله صلى الله عليه وسلم وسيرته قبل النبوة وبعدها، واتّصافه صلى الله عليه وسلم بالأخلاق العظيمة والكمال الإنساني، وزهده في الدنيا بعد إقبالها عليه صلى الله عليه وسلم.
ومن دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم أيضاً نصرة الله عزوجل وحفظه إيّاه، وتمكين أسباب النصر له الخارجة عن عادة البشر، وإعلاء أمره وإظهار دعوته على رؤوس الأشهاد في سائر البلاد.
ومن دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم أيضاً أن الداعين إلى دينه من بعده والشاهدين بحقيقة أمره كانوا خيار الناس وأبرارهم كأبي بكر الصّدّيق وعمر وعثمان وعليّ وغيرهم من الصحابة - رضوان الله عليهم - المبسوطة أخبارهم في كتب التاريخ مما يشهد بزهدهم وورعهم وكمال أخلاقهم - كيف لا يكونوا كذلك وقد تربوا في مدرسة المصطفى صلى الله عليه وسلم - وقد أقبلت عليهم الدنيا بزهرتها فأدبروا عنها، فمن كانوا كذلك لم يظن بهم الأباطيل والكذب. والله أعلم.
2 ليست في م.
3 رسالة يوحنا الثانية 1/7-11.(2/888)
بمشيئتي بل بمشيئة من أرسلني"1. كما تقدم فهذا تعليم المسيح الذي دعا إليه وعلّمه، فمن أقام عليه فهو مؤمن بالمسيح، ومن راغمه فهو الضالّ المضل كما / (2/183/ب) أخبر المسيح عليه السلام.
قال المؤلِّف - عفا الله عنه -:واعلم أنه لو جاز أن يتمسك بنهي عيسى في الإنجيل عن الأنبياء الكذبة في ردّ محمّد صلى الله عليه وسلم لجاز أن يتمسك بنهي موسى في التوراة عن الأنبياء الكذبة في ردّ عيسى، فقد قال الله في السفر الخامس من التوراة بعد ذكر النبي الصادق: "فأما الذي يقول ما لم آمره به ويدعو باسم آلهة أخرى فليقتل ذلك قتلاً فإنما يريد أن يضلكم عن الطريق - ثم قال -:إن أشكل عليكم معرفة ما لم أقله مما قلته فانظروا فإني لا أتم قول الكاذب ولا أكمل فعله، لأنه قال ما لم أقله وإن ما تَقَوَّله كذب وجرأة وصفاقة وجه، فلا تخافوه ولا تفزعوا منه"2.
ولمّا لم يقدح ذلك في حقّ عيسى لم يقدح مثله من الإنجيل في حقّ محمّد صلى الله عليه وسلم.
فإن قيل: فمن هم الكذبة الذين ذكروا في توراة موسى وإنجيل عيسى؟
قلنا: لا يلزمنا بيانهم ولكنا نتبرع بذلك ونقول: قد نَجَمَ كذابون ونَبَغ متمحلون وقد أخبر بمجيئهم بطرس صاحب / (2/184/أ) المسيح، فقال: "اعلموا أنه ما [جاءت] 3 قط نبوة من مشيئة البشر بل من روح القدس سيق بها قوم عند الله مطهرون، وقد كانت أيضاً في الشعب أنبياء كذبة كما أنه
__________
1 ورد النّصّ في نجيل متى 6/29، 38، 39، كالآتي: "هذا هو عمل الله أن تؤمنوا بالذي هو أرسله ... ، لأني قد نزلت من السماء ليس لأعمل مشيئتي بل مشية الذي أرسلني".
2 تكوين 18/15-22.
3 في ص، م (خاب) والتصويب من النّصّ.(2/889)
يكون أيضاً فيكم معلمون كذبة أولئك الذين يدخلون إلى فرقة الهلكة، ويفتتن بنجاستهم قوم كثير، ويفترون على صحة الحقّ أولئك الذين دينونتهم لا تبطل وهلكتهم لا تنعس"1.
فأخبر بطرس بأنه قد كان ويكون في شعب بني إسرائيل من يفتري على الله الكذب.
قلت: وقد جرى مثل ذلك من أراذل العرب وأدعياء النبوة الكاذبة جماعة كالأسود العنسي2 باليمن، ومسيلمة3 باليمامة، وطليحة4، وسجاح5
__________
1 رسالة بطرس الثانية 1/21، 2/1-3.
2 اسمه: عيهلة بن كعب، يلقب ذا الخمار، لأنه كان معتمراً مختمراً أبداً، ادعى النبوة في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان الأسود رجلاً مشعبذاً يريهم الأعاجيب، وكانت ردته أوّل ردة في الإسلام، وجاء كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى من بقي من المسلمين باليمن بقتله، فقتله أحدهم، وقد كانت فترة ملكه منذ ظهر إلى أن قتل ثلاثة أشهر سنة اهـ. (ر: البداية 6/306-311، الكامل في الأثير 2/336-338، الأعلام /111) .
3 مسيلمة بن ثمامة بن كبير الحنفي الوائلي، ولد باليمامة، ويتلقب برحمن اليمامة، وهو أحد من وفدوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة 9هـ، من بني حنيفة، وبعد عودة الوفد ارتد مسيلمة وادعى النبوة، فأرسل إليه أبو بكر الصّدّيق بقيادة خالد بن الوليد فهزموا جيش مسيلمة وقتله وحشي بن حرب قاتل حمزة، وذلك سنة 11هـ. (ر: البداية 5/50، 51، 6/320-327، الكامل 2/361، 362، الأعلام 8/125) .
4 طليحة بن خويلد الأسدي، كان من أشجع العرب، قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد بني أسد سنة 9هـ، وبعد رجوعهم ارتد طليحة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وادّعى النبوة، فأرسل إليه أبو بكر جيشاً بقيادة خالد وهزموا جيش طليحة الذي فرّ مع زوجته إلى الشام ثم أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه، وبايع عمر بن الخطاب، ثم لحق بجيش المسلمين وأبلى في الجهاد بلاء حسناً حتى استشهد بنهاوند سنة 21هـ. (ر: البداية 6/318، الكامل 2/343، 348، الأعلام 3/230) .
5 سجاح بنت الحارث بن سويد التغليبة، وكانت من نصارى العرب، وادعت النبوة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وحدوث الرّدّة في القبائل، وقد اجتمع معها مسيلمة الكذاب، وأقامت في قومها بني تغلب إلى زمان معاوية فأجلاهم عنها عام الجماعة، ويذكر أنها أسلمت وحسن إسلامها وانتقلت إلى البصرة ومات بها سنة 55هـ، وأنه صلى عليها سمرة بن جندب عامل معاوية إذ ذاك على البصرة، وقيل: غير ذلك. (ر: البداية 6/319-321، الكامل 2/354-357، الأعلام 3/78) .(2/890)
في آخرين فحام على أكثرهم حَمَام الحِمام1 وصُرعوا بسيوف أهل الإسلام، وأحق الله الحقّ وأبطل الباطل وحَلَّى نبيه حلية الرسالة وعطل العاطل.
فإن قيل: قال المسيح في الإنجيل: "إنه سيقوم مسيح كذاب وأنبياء كذبة ويأتون بآيات وعلامات فيضلوا الناس إن قدروا على ذلك". وحتى يتم / (2/184/ب) ما قاله دانيال عليه السلام في نبوته2.
قلنا: أما [المتنبؤون] 3 فقد ذكرنا مجيئهم وكيف أكذبهم الله وأبادهم، وأما المسيح الكذاب فهو الدجال الكذاب الضالّ المضل الذي حذرته الأنبياء قومهم، وقال فيه نبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم: "إنه جعد4 قطط5 أعور العين اليمنى كأنها عنبة طافية، أشبه الناس بعبد العزى6 بن قطن"7.
__________
1 الحمام: ككتاب: قضاء الموت وقدره. (ر: القاموس ص 1417) .
2 ورد النّصّ في إنجيل متى 34/5-15، في سياق طويل، وقد ذكره المؤلِّف مختصراً كما ورد في نفس الإصحاح 24/24، ما يأتي: "لأنه سيقوم مسحاء كذبة وأنيباء كذبة ويعطون آيات عظيمة وعجائب حتى يضلوا لو أمكن المختارين أيضاً".
3 في ص، م (المتنبئين) والصواب ما أثبتّه.
4 جَعْد: الجِعد في صفات الرجال يكون مدحاً وذماً، فالمدح، معناه: أن يكون شديد الأسْر والخلق، أو يكون جعد الشعر، وهو ضدّ السِّبْط، لأن السبوطة أكثرها في شعور العجم. وأما الذمّ، فهو: القصير المتردد الخلْق، وقد يطلق على البخيل أيضا. (ر: النهاية 1/275) .
5 القطط: الشديد الجعودة. (ر: النهاية 4/81) .
6 عبد العزى بن قطن بن عمرو الخزاعي، من بني المصطلق من خزاعة، وأمه هالة بنت خويلد، وليس له صحبة، فقد هلك في الجاهلية. (ر: فتح الباري 6/488، 13/101) .
7 أخرجه البخاري في كتاب الفتن باب (26) . (ر: فتح الباري 30/90) ، ومسلم 1/155، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، وأخرحه مسلم 4/51، 52، عن النواس بن سمعان رضي الله عنه في سياق طويل.(2/891)
"بين عينيه: (ك ف ر) ، يقرأ كل مؤمن ومؤمنة كاتب وغير كاتب"1. "تتقدمه سوء مجاعة"2.
فقال أعرابي: "بأبي أنت يا رسول الله بلغني أن الدجال الكذاب يجيء إثر جوع ومعه جبال من الثريد، أترى لي صلى الله عليك أن أتبطن من ثريده حتى إذا تضلعت آمنت بالله وكفرت بالدجال. فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إذاً يكفيك الله بما يكفي به المؤمنين"3.
__________
1 أخرجه البخاري. (ر: فتح الباري 13/91، ومسلم 4/2248، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وأخرجه مسلم 4/2249، عن حذيفة رضي الله عنه.
قال الإمام النووي: "الصحيح الذي عليه المحقّقون أن هذه الكتابة على ظاهرها، وأنها كتابة حقيقية، جعلها الله آية وعلامة من جملة العلامات القاطعة بكفره، وكذبه وإبطاله، يظهرها الله تعالى لكل مسلم، كاتب وغير كاتب، ويخفيها عمن أراد شقاوته وفتنته، ولا امتناع في ذلك". اهـ،. (ر: شرح النووي لصحيح مسلم 18/60، فتح الباري 13/100) .
2 أخرجه أحمد في المسند 6/455، 456، من طريق شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي فذكر الدجال، فقال: "إن بين يديه ثلاث سنين ... ، الحديث في سياق طويل.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 8/347، 348: "رواه كله أحمد والطبراني من طرق، وفي إحدها: "يكون قبل خروجه سنون خمس جدب"، وفيه شهر بن حوشب وفيه ضعف وقد وثق". اهـ.
قلت: شهر بن حوشب الأشعري، مولى أسماء بنت يزيد، صدوق، كثير الإرسال والأوهام، وقد تقدم. (ر: ص: 833) .
وله شاهد من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، أخرجه ابن ماجه. (ر: ضعيف ابن ماجه ص 329) .
3 لم أقف على من رواه بهذا اللفظ، ولكن ورد في الحديث الصحيح أن مع الدجال جبل خبز ونهر ماء. أخرجه البخاري. (ر: فتح الباري 13/89) ، مسلم 4/54، عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.(2/892)
واعلم أن قصة الدجال مشهورة عند سائر1 الأمم، ولم يبعث نبي بعد نوح عليه السلام إلاّ وقد حذّره قومَه2، وقصة صاف3 بن صياد صحيحة / (2/185/أ) عند أهل الحديث4 ونحن نؤثر الاختصار.
__________
1 أجمع أهل السنة والجماعة على خروج الدجال في آخر الزمان، فإن الإيمان بذلك واجب يدخل ضمن الإيمان باليوم الآخر، لأنه من أشراط الساعة الكبرى ومن أنكر خروجه فقد خالف ما دلت عليه الأحاديث المتواترة وخالف ما عليه أهل السنة الجماعة، ولم ينكر خروجه إلاّ بعض المبتدعة كالخوارج والجهمية وبعض المعتزلة وبعض الكتاب العصريّين والمنتسبين إلى العلم كالشيخ محمّد عبده، والشيخ محمّد فهيم أبو عبية، وغريهم ممن لم يعتمدوا على حجة صحيحة يدفعون بها النصوص المتواترة سوى عقولهم وأهوائهم ومثل هؤلاء لا عبرة بهم ولا بقولهم، والواجب على المؤمن الإيمان بما صحّ الله ورسوله واعتقاد ما يدلّ عليه، لأن مقتضى الإيمان بالله ورسوله هو التسليم لما جاء عنهما والإيمان به. والله أعلم.
2 أخرجه البخاري في كتاب الأنبياء، باب (3) . (ر: فتح الباري 6/370) ، ومسلم 4/1145، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله بما هو أهله، ثم ذكر الدجال، فقال: "إني لأنذركموه. ما من نبي إلاّ أنذره قومه، لقد أنذره نوح قومَه ... " الحديث.
3 صاف - ويقال: عبد الله بن صياد - أبو صائد كان من يهود المدينة، ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أعور مختوناً، وكان دجالاً يتكهن أحياناً فيصدق ويكذب، وقد فُقد ابن صياد يوم الحرة، وذكره الذهبي في التجريد وقال: إنه أسلم فهو تابعي، له رؤية.
وقد التبس على العلماء ما جاء في ابن صياد وأشكل عليهم أمره: فقال بعضهم: إنه غير الدجال الأكبر، وإليه ذهب البيهقي وابن تيمية وابن كثير.
قال بعضهم: إنه الدجال، وإليه ذهب القرطبي، والنووي والشوكاني فيما يفهم من كلامهما. ولكل منهم دليله فيما ذهب إليه.
(ر: التجريد 1/319، التذكرة ص 702، للقرطبي، شرح النووي لصحيح مسلم 18/46، 47، نيل الأوطار 7/230، الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ص 77، النهاية 1/173، لابن الأثير، الإصابة 5/136، أشراط الساعة ص 283-304، يوسف الوابل) .
4 ابن صياد وما جاء فيه من الأحاديث أخرجها البخاري. (ر: فتح الباري 3/318، 13/223) ، ومسلم 4/2240-2247، وأحمد في المسند 5/148، وغيرهم.(2/893)
قد شهد يوحنا الإنجيلي أن المسيح الكذاب الآن موجود في الدنيا غير أنه لم يظهر بعد، فقال في الفصل الرابع من رسالته الأولى: "إن المسيح الكذاب الذي سمعتم به سيأتي، وإنه الآن في العالم"1.
وذلك مصدق لما ذكره محمّد رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن ابن صياد اليهودي2.
وقد أطنب فولس في ذكره في الرسالة التاسعة وحذر إخوانه من فِتنَتِهِ فقال: "يا إخواني أطلب إليكم ألا تعجلوا ولا تشدهوا من كلمة ولا من روح ولا من رسالة تأتيكم، فإنه لعل إنساناً يطغيكم بنحو من الأنحاء، وليس يكون ذلك حتى يأتي [الارتداد] 3 أولاً ويظهر إنسان الخطيئة ابن البوار الصداد اللدان، ويستكبر على كلٍّ وحتى يجلس في هيكل الله ويخبر عن نفسه، وإنما هو الأثيم الذي يأتي في آيته بالقوى والآيات والعجائب الكاذبة ومكائد الشيطان، وجسد يبيده سيدنا يسوع المسيح بروح فيه"4.
وقد شهد يوحنا / (2/185/ب) الإنجيلي في رسالته الأولى أن الدجاجلة من بني إسرائيل لا من غيرهم، فقال: "إن هذه الساعة هي آخر الزمان وقد
__________
1 رسالة يوحنا الأولى 4/3، كالآتي: "وهذا هو روح ضد المسيح الذي سمعتم أنه يأتي، والآن هو في العالم".
2 ورد في حديث تميم الداري رضي الله عنه أنه رأى المسيح الدجال في جزيرة في البحر، وقد صدقه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال. أخرجه الإمام مسلم 4/2261-2264، عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها في سياق طويل.
3 في ص، م (العتو) والتصويب من النّصّ.
4 رسالة بولس إلى تسالونيكي 2/1-12، في سياق طويل بألفاظ متقاربة، وقد اختصر المؤلِّف بعضه.(2/894)
سمعتم أنه يجيء المسيح الكذاب، والآن قد كان مسيحون كذابون كثيرون ومِنَّا خرجوا"1.
فأخبر أن الدجاجلة الكذابين من بني إسرائيل لا من بني إسماعيل2، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بين يدي الساعة [دجالين كذابين] 3 قريباً من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله". وفي راوية: "فيهم أربع نسوة"4.
فإن قيل: كيف يجوز إجراء الخوارق على يدي أرباب المخارق.
قلنا: قال الأستاذ أبو إسحاق الإسفرائيني5: "أما على يد مُدَّعي النبوة فلا، وأما على يد مدعّي الربويبة فنعم. إذا الأوّل يؤدي إلى إفحام الرسل والتباس دليل التصديق على المكلّفين بخلاف ذلك في مدعي الربوبية فإن سمات الحدث عليه ظاهرة"6.
__________
1 رسالة يوحنا الأولى 2/18، كالآتي: "أيها الأولاد هي الساعة الأخيرة، وكما سمعتم أن ضد المسيح يأتي، قد صار الآن أضداد للمسيح كثيرون، من هنا نعلم أنها الساعة الأخيرة. منا خرجوا".
2 إن اليهود ينتظرون المسيح الدجال ويزعمون أنه من سلالة داود عليه السلام، وقد ورد في الحديث الصحيح أن الدجال يتبعه سبعون ألفاً من يهود أصبهان. أما النصارى فإنهم ينتظرون مسيح الضلالة ويزعمون أنه المسيح الذي قتله وصلبه اليهود وأنه ابن الله وسيأتي يوم القيامة لمحاسبة الخلائق. وأما المسلمون فإنهم ينتظرون - تصديقاً للصادق الأمين صلى الله عليه وسلم - مسيح الهدى عيسى بن مريم عبد الله ورسوله فيكسر الصليب ويقتل المسيح الدجال والخنْزير ويحكم بشريعة محمّد صلى الله عليه وسلم.
3 في ص، م (دجالون كذابون) والصواب ما أثبتّه.
4 تقدم تخريجه. (ر: ص: 827) .
5 نقل عن الأستاذ أبي إسحاق الإسفرائيني أنه ينفي الكرامة ولا يرى جوازها، وبأن خوارق العادة لا تكون إلاّ لنبي. وهو بذلك يوافق مذهب المعتزلة. (ر: النبوات ص 5، لابن تيمية، شرح جوهرة التوحيد ص 154، للبيجوري) .
6 قال النووي: "قال المازري: إن قيل: إظهار المعجزة على يد الكاذب ليس بممكن، وكيف ظهرت هذه الخوارق للعادة على يده؟
فالجواب: أنه إنما يَدَّعي الربوبية، وأدلة الحدوث تخل ما ادعاه وتكذبه، وأما النبيّ فإنما يَدَّعي النبوة وليست مستحيلة في البشر، فإذا أتى بدليل لم يعارضه شيء صُدِّق. وأما قول الدجال (أرأيتم إن قلت هذا ثم أحييته أتشكون في الأمر؟ فيقولون: لا) . فقد يُسْتَشْكَل لأن ما أظهره الدجال لا دلالة فيه لربوبيته لظهور النقص عليه ودلائل الحدوث وتشويه الذات وشهادة كذبه وكفره المكتوبة بين عينيه وغير ذلك". اهـ. (ر: شرح النووي لصحيح مسلم 18/71، 72) .
وقال ابن حجر: "قال الخطابي: فإن قيل: كيف يجوز أن يجري الله الآية على يد الكافر؟ فإن إحياء الموتى آية عظيمة من آيات الأنبياء فكيف ينالها الدجال وهو كذاب مفترٍ يدّعي الربوبية؟
فالجواب: أنه على سبيل الفتنة للعباد، إذ كان عندهم ما يدل على أنه مبطل غير محقّ في دعواه، وهو أنه أعور مكتوب على جبهته: (كافر) يقرأه كل مسلم، فدعواه داحضة مع وسم الكفر ونقص الذات والقدر، إذ لو كان إلهاً لأزال ذلك من وجهه، وآيات الأنبياء سالمة من المعارضة فلا يشتبهان". اهـ.
ونقل الحافظ أيضاً بنحو كلام الخطابي عن الطبري وابن العربي. (ر: فتح الباري 13/103) .(2/895)
والذي ارتضاه الأئمة أن الله يفعل ما يريد ويضل من يشاء من العبيد غير أن الكاذب ينتج الله له [ما يُكَذِّبه] 1 ويناقضه، أو يخلق العلم الضروري بالمكلّفين بكذبه2.
والذي يدل على جريان الخارق على يد المارق نصّ التوراة والإنجيل والقرآن والسنة كما تقدم. والله أعلم وأحكم.
نجز الكتاب الملقَّب بـ: [تخجيل مَنْ حَرَّفَ الإِنْجِيلَ] ولله الحمد، رحم الله مَنْ قرأه ودعا لمؤلِّفه بالرحمة والرضوان وكاتبه وجميع المسلمين.
وصلى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وأتباعه وذرّيّاته والتابعين وتابع التابعين إلى يوم الدين.
__________
1 بياض في ص، م، والكلمة المثبتة من اجتهاد المحقِّق لموافقته سياق الكلام. والله أعلم.
2 قال ابن العربي: "الذي يظهر على يد الدجال من الآيات من إنزال المطر والخصب على من يُصَدِّقه والجدب على من يكذبه، واتباع كنوز الأرض له، وما معه من جنة ونار ومياه تجري، كلّ ذلك محنة من الله واختبار ليهلك المرتاب وينجو المتيقن، وذلك كله أمرٌ مُخَوِّف، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "لا فتنة أعظم من فتنة الدجال"، وكان يستعيذ منها في صلاته تشريعاً لأمته". اهـ. (ر: فتح الباري 13/103) .
وبنحو ذلك ذكره ابن كثير في البداية 1/165.(2/896)
خاتمة البحث
الحمد لله فاتحة كل خير وخاتمة كلّ نعمة، أحمده عزوجل وأشكره على توفيقه وعونه، وعلى جميع نعمه الظاهرة والباطنة وبعد.
فإن مَنْ أهم النتائج التي توصلت إليها من خلال بحثي ما يأتي:
1- إن الاطلاع على الكتاب المقدسة عند أهل الكتاب وغيرهم جائز لأهل العلم ممن أراد مجادلتهم وبيان ما فيها من التحريف والتبديل والباطل، وإنه غير جائز للعامي والحدث الغر من الناس.
2- إن مجادلة اليهود تكون في الأمور الآتية:
- إثبات وقوع النسخ في شريعتهم من التوراة وما يتبعها من الكتب المقدسة لديهم.
- بيان مواطن التحريف والتبديل والتناقض في كتبهم المقدسة وإثبات عدم حجيتها وصلاحيتها.
- بيان بطلان عقائدهم الفاسدة وأقوالهم الباطلة في الذات الإلهية والنبوة والأنبياء اليوم الآخر وغيرها.
- إظهار فصائحهم المخزية وأفعالهم القبيحة خلال تاريخهم.
- إثبات نبوة عيسى عليه السلام.
- إثبات نبوة محمّد صلى الله عليه وسلم ونسخ الإسلام للشرائع السابقة.
3- إن مجادلة النصارى تكون في الأمور الآتية:(2/899)
- إثبات وحدانية الله عزوجل وتنْزيهه عن الضد والند والولد.
- إثبات بشرية المسيح عليه السلام وعبوديته لله عزوجل.
- بطلان أسس العقيدة النصرانية المنحرفة (التثليث والاتّحاد، صلب المسيح تكفيراً عن الخطيئة، محاسبة المسيح للناس يوم القيامة) .
- نقد قانون الأمانة.
- تفسير الألفاظ التي ضلّ فيها النصارى في كتبهم المقدسة لديهم.
- بيان مواطن التحريف والتبديل والتناقض في كتبهم المقدسة لديهم.
- إظهار فضائح اعتقاداتهم وعباداتهم وطقوسهم وحيل رهبانهم وأحبارهم.
-إثبات نبوة محمّد صلى الله عليه وسلم ونسخ الإسلام للشرائع السابقة.
4- إن دلائل نبوّة محمّد صلى الله عليه وسلم متنوعة ومتعددة، فمنها بشارات الأنبياء السابقين صلوات الله وسلامه عليهم، والإرهاصات السابقة لبعثته صلى الله عليه وسلم، والمعجزات الكثيرة ومن أعظمها معجزة القرآن الكريم الخالدة، ودعوته صلى الله عليه وسلم إلى مكارم الأخلاق وكمال شريعته، وسيرته صلى الله عليه وسلم وأحواله قبل البعثة وبعدها، وتأييد الله له بالنصر والتمكين في الأرض، وسيرة أصحابه - رضي الله عنهم - الذين حملوا لواء الدعوة من بعده، وكرامات الأولياء والصالحين من أمته صلى الله عليه وسلم، وغير ذلك من الدلائل التي تكفي مفرداتها في إثبات النبوة والرسالة للنبي صلى الله عليه وسلم، فكيف بمجموعها؟!!.
5- إن ما توصل إليه علماء المسلمين قديماً من نتائج في علم الأديان مثل: بيان بعض مواطن التحريف والتناقض في الكتب المقدسة، وإن(2/900)
النصرانية الحالية (المنحرفة) من مبتدعات بولس واختراعاته وغير ذلك من التنائج تؤكده أبحاث الباحثين المعاصرين من اليهود والنصارى وأقوال مفكريهم وأحبارهم.
وهذا دليل على أسبقية علمائنا المسلمين ودقة ملاحظاتهم واستنتاجاتهم.
6- إن في السنة النبوية المطهرة مادة غنية يستفيد منها الباحث في علم الأديان، ينبغي الاستفادة منها ودراستها دراسة مستفيضة من هذا المنظور.
__________
وأما التوصيات التي أقترحها فمنها:
1- ينبغي تدريس العقيدة الإسلامية الصحيحة مقرونة بأدلتها من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة وأئمة السلف، ثم الاهتمام بتدريس مادة الأديان الفرق في الكلّيّات والجامعات الإسلامية لتثبيت العقيدة الصحيحة ولما لها نم الفوائد الكثيرة، خاصة في البلاد الإسلامية التي تواجه حملات التنصير والاستشراق والغزو الفكري.
2- أن يضاف إلى منهج مادة الأديان والفرق بالجامعة الإسلاميّة دراسة الهندوسية والبوذية وبعض الوثنيات الأخرى المعاصرة بدل الاقتصار على اليهودية والنصرانية، حيث إن طلاب الجامعة الإسلاميّة يمثلون شتى بقاع الأرض ويواجهون مختلف الأديان والفرق، لذلك ينبغي توجيههم وإعدادهم للمسؤولية الملقاة على عاتقهم.
3- ينبغي أن لا تقتصر دراسة الأديان والفرق على الدراسة الوصفية أو التاريخية، وإنما يجب أن تكون دراسة نقدية تميز بين الصحيح والباطل والخبيث الطيب، وتسلّح الطلاب ببعض أساليب المجالسة وأدوات الهجوم والنقد للعقائد الباطلة والأفكار الفاسدة.(2/901)
4- الاستفادة من تراث علمائنا المسلمين في علم الأديان - خاصة في مجال نقد الكتب المقدسة عند اليهودية والنصارى - عن طريق ترجمتها وتبسيطها ونشر الأجزاء النقدية منها في كتيبات صغيرة ليسهل توصيل ما بها من المعلومات النقدية إلى الشخص العادي من اليهود والنصارى وغيرهم وتعريفهم بما في كتبهم المقدسة لديهم من مواطن الضعف والقصور، وإبراز البديل لأديانهم الباطلة وهوالإسلام الحقّ الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
5- المتابعة المستمرة لخطط التنصير والاستشراق والغزو الكفري وفضح أهدافها وأساليبها وبيان أخطارها ووضع الخطط الكفيلة بمقاومتها.
والله أعلم.
اللهم اغفر لي فيما أذنبت لا تؤاخذني فيما أخطأت وتقبل مني فيما قدمت ... فأنت نعم الولي ونعم النصير.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.(2/902)
مصادر ومراجع
...
فهرس المراجع:
- القرآن الكريم.
1- أبحاث الفكر اليهودي - د. حسن ظاظا، الطبعة (1) ، دار القلم، بيروت، دمشق 1407هـ.
2- أثر أهل الكتاب في الفتن والحروب الأهلية د. جميل عبد الله المصري، الطبعة (1) ، مكتبة الدار بالمدينة المنورة، 1410هـ/ 1989م.
3- أثناسيوس الرسولي (القديس) - الأبّ متى المسكين، الطبعة (1) ، مطبعة دير القديس أنبار مقار، وادي النطرون، القاهرة، 1981م.
4- الأجوبة الفاخرة عن الأسئلة الفاجرة - للإمام القرافي (شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي ت 682هـ) ، الطبعة (1) ، دار الكتب العلمية، بيروت، 1406هـ/ 1986م، ونسخة أخرى بتحقيق الطالب ناجي محمّد داود - رسالة دكتوراه مقدمة في جامع أم القرى بمكة للعام الجامعي 1405-1405هـ.
5- أحكام الجنائز وبدعها - للمحدِّث محمّد ناصر الدّين الألباني، الطبعة (4ت) ، المكتب الإسلامي، بيروت 1406هـ.
6- الإحكام في أصول الأحكام - للآمدي (سيف الدين أبو الحسن عليّ بن أبي عليّ ت 631هـ) مكتبة محمّد عليّ صبيح، القاهرة، 1387هـ.
7- أخبار بطاركة كرسي المشرق من كتاب المجدل - عمرو بن متى، طبعة روما، مكتبة المثنى، بغداد، 1896م.
8- أخبار بطارقة كرسي المشرق من كتاب المجدل - ماري سليمان، طبعة روما، مكتبة المثنى، بغداد، 1896م.
9- اختلافات في تراجم الكتاب المقدس وتطورات هامة في المسيحية - اللواء أحمد عبد الوهّاب، الطبعة (1) ، القاهرة.
10- الأدب الجدلي والدفاعي في اللغة العربية بين المسلمين والنصارى واليهود - للمستشرق الألماني: مورتز شتاينشنيدر (باللغة الألمانية) ، طبع لاينبرج عام 1877م، وأعيد طبعه عام 1966م، بفيسبادن - ألمانيا.(2/961)
POLEMISCHE UND APOLOGE TSCHE LITERATUR IN ARABISCHER SPACHE ZWISCHEN MUSLIMEN CHRISTEN UNOJUDEN, MORITZ STEINS CHNEIDER
11- أدلة الوحدانية في الرّدّ على النصرانية - للإمام أحمد بن إدريس القرافي، تحقيق: عبد الرحمن دمشقية، الطبعة (1) ، 1408هـ/ 198م.
12- أدلة اليقين في الرّدّ على كتاب ميزان الحقّ وغيره من مطاعن المبشرين - عبد الرحمن الجزيري، الطعبة (1) ، مطبعة الإرشاد، القاهرة، 1353هـ/ 1934م.
13- أسباب نزول القرآن - لأبي الحسن عليّ بن الواحدي، تحقيق: السيد أحمد صقر، الطبعة (2) ، دار القبلة، جدة، 1404هـ/ 1984م.
14- الاستيعاب في معرفة الأصحاب - لابن عبد البرّ (الإمام يوسف بن عبد الله بن محمّد بن عبد البرّ ت 463هـ) ، تحقيق: عليّ محمّد البجاوي، مكتبة نهضة مصر، القاهرة.
15- أسد الغابة في معرفة الصحابة - لعز الدين ابن الأثير - (أبي الحسن عليّ بن محمّد الجرزي ت 630هـ) ، كتاب الشعب - القاهرة.
16- إسرائيل حرفت الأناجيل والأسفار المقدسة - المهندس أحمد عبد الوهّاب، الطبعة (1) ، مكتبة وهبه، القاهرة، 1972م.
17- أسرار الكنيسة السبعة - الإرشيديا كون حبيب جرجس، الطبعة (6) ، مكتبة المحبة، القاهرة، 1977م.
18- الأسفار المقدسة في الأديان السابقة للإسلام - د. عليّ بن عبد الواحد وافي - دار نهضة مصر - القاهرة.
19- الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة - للخطيب البغدادي (الحافظ أبي بكر أحمد بن عليّ الخطيب البغدادي ت 463هـ) تحقيق: د. عزّ الدين على السيد الطبعة (1) ، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1405هـ/ 1984م.
20- الإصابة في تمييز الصحابة-لابن حجر (الحافظ أحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني ت 852هـ) دار الكتب العلمية - بيورت.
21- أصول الدين - للرازي (فخر الدين محمّد بن عمر الخطيب الرازي ت 606هـ) تحقيق: طهَ عبد الرؤوف، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة.(2/962)
22- أصول الدين - للبغدادي (أبي منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي البغدادي ت 429هـ) ، الطبعة (2) ، دار الكتب العلمية، بيروت، 1400هـ/ 1980م.
23- الأصول والفروع - لابن حزم (الإمام أبي محمّد عليّ بن أحمد ابن حزم ت 456هـ) ، دار الكتب العلمية، بيروت 1404هـ/ 1984م.
24- إظهار الحقّ - للشيخ رحمة الله الهندي، تحقيق: د. أحمد حجازي السقا، دار التراث العربي، القاهرة.
25- اعتقادات فرق المسلمين والمشركين - فخر الدين الرازي، مراجعة عليّ سامي النشار، مكتبة ألبا، مكّة المكرّمة، 1402هـ/ 1982م.
26- الأعلام - للأستاذ خير الدين الزركلي، الطبعة (5) ، دار العلم للملايين، بيروت 1980م.
27- الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام - للإمام القرطبي (أبي عبد الله محمّد بن أحمد بن أبي بكر الأنصاري القرطبي ت 671هـ) ، تحقيق: د. أحمد حجازي السقا، دار التراث العربي، القاهرة، ونسخة أخرى بتحقيق: الطالب فايز سعيد صالح عزام، رسالة دكتوراه مقدمة في جامعة أم القرى، بمكّة، للعام الجامعي 1405هـ.
28- الإعلام بمناقب الإسلام - لأبي الحسن العامري ت 381هـ، تحقيق: أحمد عبد الحميد غراب، الطبعة (1ـ) ، مؤسسة دار الأصالة - الرياض، 1408هـ/ 1988م.
29- أعلام النبوة - للماوردي (أبي الحسن عليّ بن محمّد الماوردي الشافعي ت 450هـ) ، تحقيق: محمّد المعتصم بالله البغدادي، الطبعة (1) ،دار الكتاب العربي، بيروت،1407هـ/ 1987م.
30- أعلام النساء في عالمي العرب الإسلام، عمر رضا كحالة، الطبعة (3) ، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1397هـ/ 1977م.
31- إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان - لابن القيم (الإمام أبي عبد الله محمّد بن أبي بكر بن قيم الجوزية ت 751هـ) .(2/963)
32- إفحام اليهود - للمهتدي السموآل بن يحيى المغربي ت 570هـ، تحقيق: د. محمّد عبد الله الشرقاوي، الطبعة (1) ، دار الهداية القاهرة، 1406هـ/ 1986م.
33- أقانيم النصارى - د. أحمد حجازي السقا - الطبعة (1) ، دار الأنصار، القاهرة.
34- الاقتصاد في الاعتقاد - لأبي حامد الغزالي، الطبعة (1ت) ، دار الكتب العلمية، بيروت، 1403هـ.
35- اقتضاء الصراط المستقيم ومخالفة أصحاب الجحيم - لابن تيمية (الإمام تقي الدين أبي العباس أحمد بن تيمية ت 728هـ) ، تحقيق: حامد الفقي، الطبعة (1) ، دار الكتب العلمية، بيروت، 1407هـ/ 1987م.
36- الله واحد أم ثالث - محمّد مجدي مرجان، دار النهضة العربية - مصر.
37- الله واحد في الثالوث القدوس - القمص زكريا إبراهيم - الطبعة الرابعة، مركز العبية، السويس، مصر.
38- الانتصارات الإسلامية في كشف شبه النصرانية - نجم الدين الطوفي (سليمان بن عبد القوي الطوفي الصرصري ت 716هـ) ،تحقيق: د. أحمد حجازي السقا، مطبعةدارالبيان، مصر.
39- إنجيل برنابا - تحقيق: سيف الله أحمد فاضل، الطبعة (2) ، دار القلم - الكويت - 1403هـ.
40- إنجيل نور لحياتي - إصدار الكنيسة القبطية - القاهرة.
41- الإنجيل والصليب - الأستاذ عبد الأحد داود - القاهرة - 1351هـ.
42- أهل الذمة في مصر العصور الوسطى - د. قاسم عبده قاسم، الطبعة (1) ، دار المعارف، القاهرة، 1977م.
43- إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون، إسماعيل باشا البغدادي، دار العلوم الحديثة، بيروت.
44- بدائع الزهور في وقائع الدهور - لأبي البركات محمّد بن أحمد ابن إياس الناصري الحنفي، تحقيق: محمّد مصطفى، الطبعة (2) ، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1402هـ/ 1982م.(2/964)
45- البداية والنهاية لابن كثير (الحافظ عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير ت 774هـ) ، دار الفكر العربي، القاهرة.
46- البهران في عقائد أهل الأديان، للسككي الحنبلي (العلامة أبي الفضل عباس بن منصور التريني ت 683هـ) ، تحقيق: د. بسام عليّ العموش الطبعة (1) ، مكتبة المنار، الأرد، 1408هـ/ 1987م.
47- بنو إسرائيل في الكتاب والسنة - د. محمّد سيد طنطاوي، الطبعة (1) ، الزهراء للإعلام العربي، القاهرة، 1407هـ/ 1987م.
48- البيان والإعراب - للمقريزي (تقي الدين أحمد بن عليّ المقريزي ت 845هـ) المحموديةالتجارية، القاهرة،1356هـ.
49- بينات المعجزة الخالدة - د. حسن ضياء الدين عتر، دار النصر، حلب، 1395هـ.
50- تأويل مختلف الحديث للإمام ابن قتيبة الدينوري ت 276هـ، دار الكتاب العربي، بيروت.
51- تاج العروس من جواهر القاموس - للزبيدي (محمّد مرتضى الحسيني الزبيدي ت 1205هـ) ، تحقيق: إبراهيم الترزي: إصدار وزارة الإعلام بالكويت سنة 1392هـ/ 1972م.
52- تاريخ الإسلام السياسي والديني والثقافي والاجتماعي - د. حسن إبراهيم حسن، الطبعة (1) ، مكتبة النهضة المصرية، القاهرية، 1967م.
53- تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - للذهبي (للسنوات 663-680هـ) ميكروفيلم بدار الكتب المصرية تحت رقم 10761 تاريخ، القاهرة.
54- تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام (السيرة النبوية، المغازي، عهد الخلفاء الراشدين، للذهبي (الحافظ شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي ت 748هـ) ، تحقيق: د. عمر عبد السلام تدمري وغيره، الطبعة (1) ، دار الكتاب العربي، بيروت 1407هـ/ 1987م.
55- تاريخ الأدب العربي، كارل بروكلمان، (باللغة الألمانية) .(2/965)
56- تاريخ الإسرائيليين - شاهين بك مكاريوس، مطبعة المقتطف بمصر، 1904م.
57- تاريخ الكنائس والأديرة في القرن الثاني عشر الميلادي - لأبي المكارم، إعداد وتعليق الراهب صموئيل السرياني.
58- التاريخ الكبير - للإمام البخاري (محمّد بن إسماعيل ت 256هـ) ، دار الكتب العلمية - بيروت.
59- تاريخ الكنيسة - يوسابيوس القيصري، ترجمة القصص مرقس داود - مكتبة المحبة، القاهرة، 1979م.
60- تاريخ المسيحية (المسيحية في العصور الوسطى) - جاء المنفلوطي، دار التأليف والنشر للكنيسة الأسقفية، القاهرة.
61- التاريخ المجموع - سعيد بن البطريق (البطريق أفيتشيوس) ، مطبعة الآباء اليسوعيين، بيروت، 1905م.
62- تاريخ المسيحية (فجر المسيحية) ، حبيب سعيد.
63- تاريخ الأمم والملوك - لابن جرير الطبري (الإمام محمّد بن جرير الطبري) ، الطبعة (4) ، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، 1403هـ/ 1983م.
64- تاريخ بغداد أو مدينة الإسلام، للخطيب البغدادي (أحمد بن عليّ الخطيب ت 463هـ) ، دار الكتب العلمية، بيروت.
65- تاريخ دمشق، لابن عساكر (الحافظ عليّ بن الحسن بن هبة الله ابن عساكر ت 571هـ) ، صورة مخطوطة بمكتبة الظاهرية بدمشق، نشر مكتبة الدار بالمدينة المنورة 1407هـ.
66- التبصير في الدين - لأبي المظفر الإسفرايئني ت 471هـ، تحقيق: كمال يوسف الحوت، الطبعة (1) ، عالم الكتب، بيروت، 1403هـ/ 1983م.
67- تثبيت دلائل النبوة - للقاضي عبد الجبار (عبد الجبار بن أحمد الهمذاني تحقيق: د. عبد الكريم عثمان، دار العربية، بيروت.
68- تجريد أسماء الصحابة، للحافظ الذهبي، دار المعرفة، بيروت.(2/966)
69- تحفة الأريب في الرّدّ على أهل الصليب - لأبي محمّد عبد الله الترجمان الميورفي ت 832هـ، تحقيق: عمر وفيق الداعون، الطبعة (1) ، دار البناء الإسلامية، بيروت، 1408هـ.
70- ترانيم ومدائح منتخبة، مكتبة المحبة، القاهرة.
71- تعجيل المنعفة بزوائد رجال الأئمة الأربعة - لابن حجر العسقلاني ت 852هـ) ،طبعة دار المحاسن، القاهرة،1966م.
72- تفسير القرآن العظيم - للإمام ابن كثير ت 774هـ، الطبعة (1) ، دار المعرفة بيروت، 1407هـ/ 1987م.
73- تقريب التهذيب - للحافظ ابن حجر، تحقيق: عبد الوهّاب عبد اللطيف - دار المعرفة، بيروت.
74- تلبيس إبليس، لابن الجوزي (جمال الدين عبد الرحمن بن الجوزي ت 597هـ) ، الطبعة (2) ، دار الكتب العلمية، بيروت، 1407هـ/ 1987م.
75- تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل - للقاضي أبي بكر الباقلاني (محمّد بن الطيب الباقلاني ت 403هـ) ، تحقيق: عماد الدين أحمد حيدر، الطبعة (1) ، مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت، 1407هـ.
76- تنْزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة - عليّ بن محمّد بن عراق، مراجعة عبد الوهّاب عبد اللطيف وعبد الله الغماري، 1375هـ.
77- تنقيح الأبحاث للملل الثلاث: (اليهودية، المسيحية، الإسلام) - لسعد بن منصور بن كمونة اليهود، دار الأنصار، مصر.
78- تهذيب تاريخ دمشق الكبير لابن عساكر - تهذيب الشيخ عبد القادر بدران ت 1346هـ، الطبعة (2) ، دار المسيرة، بيروت، 1399هـ/ 1979م.
79- تهذيب التهذيب، للحافظ ابن حجر، الطبعة (1) ، دار الفكر، بيروت، 1404هـ/ 1984م.
80- التوراة السامرية - ترجمة الكاهن السامري: أبو الحسن إسحاق الصوري، تحقيق: د. أحمد السقا، الطبعة (1) ، دار الأنصار، القاهرة، 1398هـ/ 1978م.(2/967)
81- الثقات - لابن حبان (الحافظ أبي حاتم محمّد بن حبان التميمي البستي ت 354هـ) ، دائرة المعارف العثمانية - حيدر آباد - الهند 1398هـ.
82- جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للإمام أبي جعفر الطبري، الطبعة (2) ، مطبعة الحلبي، مصر، 1388هـ/ 1968م.
83- الجامع الصحيح - للإمام البخاري (محمّد بن إسماعيل البخاري ت 256هـ) ، مع فتح الباري.
84- الجامع الصحيح - للإمام الترمذي (محمّد بن عيسى بن سَوْرة الترمذي ت 279هـ) ، بتحقيق: أحمد محمّد شاكر، الطبعة (1) ، دار الكتب العلمية، بيروت، 1356هـ/ 1937م.
85- الجامع الصحيح للإمام مسلم (مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري ت 261هـ) ، بتقحيق: فؤاد عبد الباقي، الطبعة (1) ، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1375هـ/ 1955م.
86- الجامع لأحكام القرآن - للإمام القرطبي (أبي عبد الله محمّد بن أحمد الأنصاري ت 671هـ) ، تحقيق: أحمد عبد العليم البردوني، دار الكاتب العربي للطباعة، القاهرة، 1387هـ.
87- الجرح والتعديل - لابن أبي حاتم (عبد الرحمن بن أبي حاتم ت 377هـ) ، مطبعة دائرة المعارف النظامية بحيدر آباد، 1381هـ.
88- الجواب الصحيح لمن بدّل دين المسيح - للإمام ابن تيمية، نشر السيّد عليّ صبح المدني، مطابع المجد التجارية، جدة.
89- الجوهر الثمين في سير الخلفاء والملوك والسلاطين - لابن دقماق (إبراهيم بن محمّد بن أيدمر العلائي ت 809هـ) ، تحقيق: د. سعيد عاشور، إصدارات جامعة أم القرى بمكّة.
90- حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة - جلال الدين عبد الرحمن السيوطي ت 911هـ، تحقيق: محمّد أبو الفضل إبراهيم، الطبعة (1) ، مطبعة البابي الحلبي، القاهرة، 1387هـ/ 1967م.
91- الحروب الصليبية في المشرق والمغرب - محمّد العروسي المطوي، الطبعة (2) ، دار المغربي الإسلامي، بيروت، 1982م.(2/968)
92- الحكمة والتعليل في أفعال الله تعالى - د. محمّد ربيع هادي المدخلي، الطبعة (1) ، مكتبة لينة للنشر والتوزيع، القاهرة، 1409هـ/ 1988م.
93- حلّ مشاكل الكتاب المقدس - القس منسي يوحنا، مكتبة المحبة، القاهرة.
94- حلية الأولياء وطبقات الأصفياء - للحافظ أبي نعيم (أحمد بن عبد الله الأصفاني ت 430هـ) ، الطبعة (1) ، مطبعة السعادة، مصر، 1394هـ.
95- حول تاريخ الأنبياء عند بني إسرائيل، م. ص. سيجال، ترجمة: د. حسن ظاظا، دار القلم، دمشق بيروت،1407هـ/1987م.
96- حياة قسطنطين العظيم - يوسابيوس القيصر، ترجمة القمص مرقس داود، مكتبة المحبة، القاهرة، 1970م.
97- الخصائص الكبرى - للحافظ السيوطي (أبي الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ت 911هـ) ، الطبعة (1) ، دار الكتب العلمية، بيوت، 1405هـ/ 1985م.
98- خطط المقريزي (المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار) - للإمام المقريزي (تقي الدين أحمد بن عليّ بن عبد القادر ت 845هـ) ، مطبعة بولاق، القاهرة، 1270هـ.
99- دائرة المعارف القرن البريطانية، الطبعة (15) ، في عام 1983م.
THE NEW ENCYCLOPEDIA BRITANICA (READ REFERINCE) .
100- دائرة معارف العشرين - محمّد فريد وجدي، الطبعة (3) ، دار المعرفة، بيروت، 1971م.
101- دائرة المعارف القرن الأمريكية، طبعة عام 1959م.
ENCYCLOPEDIA AMERICANA
102- دائرة المعارف اليهودية، أورشيلم - إسرائيل 1978م.
ENCYCLOPEDIA JU-DAICA JERUSALAM – ISRAEL – 1978.
103- الداعي إلى الإسلام - للأنباري النحوي (كمال الدين أبي البركات عبد الرحمن بن محمّد الأنباري ت 577هـ) ، تحقيق: سيد حسن باغجوان، الطبعة (1) ، دار البشائر الإسلامية، بيروت، 1409هـ/ 1988م.(2/969)
104- درء تعارض العقل والنقل - للإمام ابن تيمية، تحقيق: د. رشاد سالم، الطبعة (1) ، إصدار جامعة الإمام محمّد بن سعود الإسلامية، الرياض، 1399هـ/ 1979م.
105- دراسة تحليلية لإنجيل مرقس تاريخياً وموضوعياً، د. محمّد عبد الحليم مصطلى أبو السعد، الطبعة (1) ، مطبعة الجيلاوي، القاهرة، 1404هـ/ 1984م.
106- الدر المنثور في التفسير بالمأثور - للسيوطي (جلال الدين عبد الرحمن السيوطي ت 911هـ) ، المطبعة الميمنية - القاهرة.
107- الدرر في اختصار المغازي والسير - لابن عبد البرّ ت 463هـ، تحقيق: د. مصطفى ديب البغا، الطبعة (2) ، مؤسسة علوم القرآن، دمشق، 1404هـ/ 1984م.
108- دلائل النبوة - للبيهقي (أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي ت 458هـ) ، تحقيق: د. عبد المعطي قلعجي، الطبعة (1) ، دار الكتب العلمية، بيروت، 1405هـ/ 1985م.
109- دلائل النبوة - لأبي نعيم الأصفهاني ت 430هـ، تحقيق: د. محمّد رواس قلعة جي وعبد البرّ عباس، الطبعة (2) ، دار النفائس - بيروت، 1406هـ/ 1986م.
110- دلائل النبوة - للغريابي (الحافظ أبي بكر جعفر بن محمّد الغريابي ت 301هـ) ، تحقيق: محمود بن الحداد وأم عبد الله بنت محروس العسلي، دار طيبة، الرياض.
111- الدين والدولة في إثبات نبوة محمّد صلى الله عنه وسلم - عليّ بن ربن الطبري ت 247هـ، تحقيق: عادل نويهض، الطبعة (2) ، دار الآفاق الجديدة، بيروت، 1979م.
112- الديانات والعقائد في مختلف العصور - الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار، الطبعة (1) ، مكّة المكرّمة، 1401هـ/ 1981م.
113- ذيل مرآن الجنان - لليونيني البعلبكي (قطب الدين أبي الفتح موسى بن محمّد اليونيني ت 726هـ) ، الطبعة (1) ، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد الدكن، الهند، 1374هـ/ 1954م.
114- الرّدّ الأثري المفيد على البيجوري في شرح جوهرة التوحيد - عمر بن محمود أبو عمر، الطبعة (1) ، دار الكتب الأثرية، الأردن، 1409هـ/ 1989م.(2/970)
115- الرّدّ على النصارى - صالح بن الحسين الجعفري ت 668هـ، مخطوطة بمكتبة أيا صوفيا رقم 2246م بتركيا.
116- الرّدّ على النصارى - صالح بن الحسين الجعفري، تحقيق: د. محمّد محمّدِحسانين، الطبعة (1) ،مكتبة وهبة، القاهرة،1409هـ.
117- الرسالة السبعية بإبطال الديانة اليهودية - للمهتدي الحبر إسرائيل بن شموئيل الأورشليمي. تحقيق: عبد الوهّاب طويلة، الطبعة (1) ، دار القلم، دمشق، بيروت 1410هـ/ 1989م.
118- رسالة في اللاهوت والسياسة - باروخ سبينوزا، ترجمة د. حسن حنفي، الهيئة المصرية للتأليف، القاهرة، 1971م.
119- الروح للإمام ابن قيِّم الجوزية ت 751هـ، تحقيق: محمّد اسكندريلدا الطبعة (1) ، دار الكتب العلمية، بيروت، 1402هـ/ 1982م.
120- الروضة الأنف في شرح السيرة النبوة لابن هشام - للإمام عبد الرحمن السهيلي ت 581هـ، تحقيق: عبد الرحمن الوكيل، الطبعة (1) ،دار الكتب الحديثة، القاهرة،1387هـ/1967م.
121- الروضتين في أخبار الدولتين: النورية والصلاحية - لأبي شامة (شهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي ت 665هـ) ، تحقيق: د. محمد حلمي محمّد أحمد، إصدار المؤسسة المصرية العامة بإشراف وزارة الثقافة المصرية.
122- السامريون واليهود - د. سيد فراج سيد، دار المريخ للنشر - الرياض.
123- سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد - للإمام محمّد بن يوسف الصالحي ت 942هـ، تحقيق: د. مصطفى عبد الواحد، إصدار المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، 1392هـ/ 1972م.
124- سلسلة الأحاديث الصحيحة - للألباني (الشيخ محمّد ناصر الدين الألباني) من منشورات المكتب الإسلامي، بيروت.
125- سلسلة الأحاديث الضعيفة - للألباني، من منشورات المكتب الإسلامي، بيروت.(2/971)
126- السلوك لمعرفة دول الملوك - للمقريزي، نشر د. محمّد مصطفى، زيادة الطبعة (2) ، مطبعة لجنة التأليف والترجمة، القاهرة، 1970م.
127- السنكسار الجامع لأخبار الأنبياء والرسل والشهداء والقديسين - وضع الأنبا بطرس الجميل والأنبا ميخائيل والأنبا يوحنا وغيرهم، نشر مكتبة المحبة القبطية الأرثوذكسية، القاهرة.
128- سنن أبي داود - للحافظ أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني ت 275هـ، تحقيق: محمّد محيي الدين عبد الحميد، دار الباز للنشر والتوزيع، بمكّة المكرّمة.
129- سنن الدارمي - لأبي محمّد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ت 255هـ، عناية محمّد أحمد دهمان - دار إحياء السنة النبوية - بيروت.
130- السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم، تأليف: مجموعة من اللاهوتيين، نشر وطبع مجمع الكنائس في الشرق الأدنى، بيروت، 1973م.
131- سنن النسائي - للحافظ أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي ت 303هـ، الطبعة (1) ، مطبعة الحلبي، 1383هـ/ 1964م.
132- السنة - لابن عاصم (الحافظ أبي بكر عمرو بن أبي عاصم الضحّاك الشيباني ت 287هـ) ، ومعه ظلال الجنة في تخريج السنة - للشيخ محمّد ناصر الدين الألباني، الطبعة (1) ، المكتب الإسلامي، بيروت، 1400هـ.
133- سير أعلام النبلاء - للذهبي (الإمام شمس الدين محمّد بن أحمد الذهبي ت 748هـ) ، تحقيق: د. شعيب الأرناؤوط وزملائه، الطبعة (1) ، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1402هـ/ 1982م.
134- السيرة النبوية - لابن هشام (أبي محمّد عبد الملك بن هشام الذهبي النحوي ت 218هـ) ، تحقيق: د. همام عبد الرحيم سعيد ومحمّد أبو صعيليك، الطبعة (1) ، مكتبة المنار، الأردن، 1409هـ/ 1988م.
135- شرح الشفا - عليّ القاري، مطبوع بهامش نسيم الرياض، الطبعة (1) ، المطبعة الأزهرية المصرية، 1327هـ.
136- شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة - للإمام اللالكائي (أبي القاسم هبة الله ابن الحسن بن منصور البطري اللالكائي ت 418هـ) ، تحقيق: د. أحمد سعد حمدان، الطبعة (1) ، دار طيبة، الرياض.(2/972)
137- شرح جوهرة التوحيد - إبراهيم بن محمّد البيجوري ت 1277هـ، الطبعة (1) ، دار الكتب العلمية - بيروت، 1403هـ/ 1983م.
138- شرح صحيح مسلم - للإمام النووي (محيي الدين أبي زكريا يحيى بن شرف الخزامي ت 676هـ) ،المطبعة المصرية، القاهرة.
139- شرح العقيدة الطحاوية - للإمام ابن أبي العزّ الحنفي، الطبعة (4) ، المكتب الإسلامي، بيروت، 1391هـ.
140- شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري - الشيخ عبد الله بن محمّد الغنيمان، الطبعة (1) ، مكتبة الدار بالمدينة، 1405هـ.
141- شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل، لابن قيّم الجوزية ت 751هـ، تحرير الحساني حسن عبد الله، دار التراث، القاهرة.
142- شفاء الغليل في بيان ما وقع في التوراة والإنجيل من التبديل - للجويني (أبي المعالي إمام الحرمين عبد الملك بن عبد الله الجويني ت 478هـ) ، تحقيق: د. أحمد السقا، الطبعة (1) ، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، 1398هـ/ 1978م.
143- الشفاء بتعريف حقوق المصطفى - للقاضي عياض بن موسى اليحصبي الأندلسي ت 544هـ) ، تحقيق: محمّد أمين قرة عليّ وزملائه، الطبعة (2) ، مؤسسة علوم القرآن، دمشق، 1407هـ/ 1986م.
144- شمائل الرسول صلى الله عنه وسلم ودلائل نبوته وفضائله وخصائصه، لابن كثير ت 774هـ، تحقيق: مصطفى عبد الواحد، دار المعرفة، بيروت.
145- الشمائل المحمّدية - للإمام الترمذي ت 279هـ، إخراج: محمّد عفيف الزغبي، الطبعة (2) ، دار المطبوعات الحديثة، جدة 1406هـ/ 1986م.
146- صبح الأعشى في صناعة الإنشا - للقلقشندي (أبي العباس احمد بن عليّ القلقشندي ت 821هـ) ، نسخة مصورة عن الطبعة الأميرية - المؤسسة المصرية لتأليف والترجمة، إشراف وزارة الثقافة المصرية.(2/973)
147- الصحاح - للعلامة إسماعيل بن حماد الجوهري، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، الطبعة (2) ، 1402هـ.
148- الصفات الإلهية في الكتاب والسنة النبوية - د. محمّد أمان بن عليّ الجاهي، الطبعة (1) ، إصدار المجلس العلمي بالجامعة الإسلاميّة، 1408هـ.
149- صفة الصفوة - لابن الجوزي (الإمام جمال الدين أبي الفرج بن الجوزي ت 597هـ) ، تحقيق: محمود فاخوري ومحمّد رواس قلعة جي، الطبعة (2) ،دار الوعي، حلب،1389هـ/1969م.
150- الصليب في الإسلام - حبيب زيات - مطبعة القديس يولس في حريصا، 1935م.
151- صحيح الجامع الصغير وزيادته - للشيخ محمّد ناصر الدين الألباني، الطبعة (2) ، المكتب الإسلامي، بيروت، 1406هـ.
152- صحيح سنن ابن ماجه - للشيخ محمّد نصار الدين الألباني، الطبعة (1) ، نشر مكتب التربية العربية لدول الخليج.
153- صحيح سنن النسائي - للشيخ محمّد نصار الدين الألباني، الطبعة (1) ، نشر مكتب التربية العربي لدول الخليج، المكتب الإسلامي، بيروت، 1409هـ.
154- الضعفاء الكبير - للعقيلي (الحافظ أبي جعفر محمّد بن عمرو العقيلي ت 322هـ) ، الطبعة (1) ، دار الكتب العلمية، بيروت، 1404هـ/ 1984م.
155- ضعيف الجامع الصغير - للشيخ محمّد ناصر الدين الألباني، الطبعة (2) ، المكتب الإسلامي، بيروت، 1408هـ، 1988م.
156- ضعيف سنن ابن ماجه - للشيخ الألباني، الطبعة الأولى، نشر مكتبة التربية العربية لدول الخليج.
157- طبقات الشافعية - للسبكي (تاج الدين أبي نصر عبد الوهّاب ابن تقي الدين ت 771هـ) ، تحقيق: عبد الفتاح الحلو ومحمود الطناحي، الطبعة (1) ، مكتبة عيسى البابي الحلبي، القاهرة.(2/974)
158- الطبقات الكبرى - لابن سعد (محمّد بن عبد الله بن سعد البصري ت 230هـ) ، دار صادر، بيروت، 1377هـ.
159- العبادات المسيحية، الأرشمندريت إلياس، القاهرة، 1981م.
160- العقائد الوثنية في الديانة النصرانية - محمّد طاهر التنير ت 1352هـ، تحقيق: محمّد بن إبراهيم الشيباني، الطبعة (1) ، مكتبة ابن تيمية الكويت، 1408هـ/ 1987م.
161- عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن - الشيخ حمود بن عبد الله التويجري، الطبعة (2) ، دار اللواء، الرياض، 1409هـ/ 1989م.
162- علاقة الإسلام باليهودية - أ. د. محمّد خليفة حسن أحمد، دار الثقافة للنشر، القاهرة، 1988م.
163- علل الحديث - لابن أبي حاتم (الإمام عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي ت 327هـ) ، دار المعرفة، بيروت، 1405هـ/ 1985م.
164- العلل المتناهية في الأحاديث الواهية - لابن الجوزي ت 597هـ، تحقيق: إرشاد الحقّ الأثري، فيصل آباد، لاهور، باكستان.
165- العلم الشامخ في إيثار الحقّ على الآباء والمشايخ - العلامة صالح بن مهدي المقبلي ت 1108هـ، الطبعة (2) ، دار الحديث، 1405هـ/ 1985م.
166- غريب الحديث، - للخطابي (الإمام أبي سليمان أحمد بن محمّد الخطابي البستي ت 388هـ) ، تحقيق: د. عبد الكريم العزباوي، إصدارات جامعة أم القرى بمكّة، 1402هـ/ 1982م.
167- الغزو الفكري والعالم الإسلامي - د. عليّ عبد الحليم محمود، الطبعة (2) ،مكتبة عكاظ للنشر والتوزيع،1402هـ/1982م.
168- الفارق بين المخلوق والخالق - باجة دي زاده (الأستاذ عبد الرحمن بن سليم البغدادي) ، دار الكتاب الإسلامي، القاهرة.
169- فتاوى ابن تيمية - للإمام ابن تيمية، جمع عبد الرحمن بن قاسم، الطبعة (1) ، مطابع الرياض.(2/975)
171- فتح الباري شرح صحيح البخاري - لابن حجر العسقلاني ت 852هـ، تحقيق: الشيخ عبد العزيز بن باز، دار المعرفة، بيروت.
172- فتح المنان في نسخ القرآن - عليّ حسن العريفي، الطبعة (1) ، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1973م.
173- الفصل في الملل والأهواء والنحل - للإمام ابن حزم الظاهري ت 456هـ، تحقيق: د. محمّد إبراهيم نصر، ود. عبد الرحمن عميرة، دار الجيل، بيرت، 1405هـ/ 1985م.
174- فضائل الصحابة ت للإمام أحمد بن حنبل، تحقيق: وصي الله بن محمّد عباس، الطبعة (1) ، إصدارات جامعة أم القرى، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1403هـ/ 1983م.
175- الفكر الديني اليهودي - د. سحن ظاظا، الطبعة (2) ، دار القلم، بيروت، دمشق، 1407هـ.
176- فلسفة الفكر الديني بين الإسلام والمسيحية - لويس عرديه وج. قنواتي، ترجمة صبحي الصالح، ود. فريد جبر، الطبعة (1) ، دار العلم للملايين، بيوت، 1967م.
177- فهرس الكتاب المقدس - د. جورج بوست، الطبعة (5) ، مكتبة المشعل، بيروت.
178- الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة - للإمام محمّد عليّ الشوكاني ت 1250هـ، تحقيق: عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني-الطبعة (2) ،المكتب الإسلامي، بيروت، 1392هـ.
179- قاموس أكسفورد للكنيسة المسيحية (بالإنجليزية) .
THE OXFORD DICTIONARY OF THE CHRISTIAN CHURCH – F.C. CROSS AND F.L. LIVINGSTONE.
180- القاموس الجديد العالمي للكنيسة المسيحية (بالإنجليزية) .
THE NEW INTERNATIONAL DICTIONARY OF THE CHRISTIAN CHRUCH – J.D DOUGLAS.(2/976)
181- قاموس الكتاب المقدس - جيمس هاستنج (باللغة بالإنجليزية) ، طبعة ابدنبورج بريطانيا الطبعة (2) ، 1963م.
182- قاموس الكتاب المقدس - تأليف: مجموعة من الأستاذة اللاهوتيين - القاهرة.
183- القاموس المحيط - للفيروزآبادي (مجد الدين محمّد بن يعقوب ت 817هـ) ،الطبعة (2) ،مؤسسة الرسالة، بيروت،1407هـ/ 1987م.
184- القبائل العربية في مصر في القرون الثلاثة الأولى للهجرة - عبد الله خورشيد البري، دار الكتاب العربي، القاهرة، 1967م.
185- القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم - د. موريس بوكاي، دار المعارف، القاهرة.
186- قصص الأنبياء - للحافظ ابن كثير ت 774هـ، تحقيق: محمّد أحمد عبد العزيز، الطبعة (1) ، دار الكتب العلمية، بيروت، 1403هـ/ 1983م.
187- قصص الأنبياء - الأستاذ عبد الوهّاب النجار، الطبعة (3) ، دار إحياء التراث، بيروت.
188- قصة الحضارة - ول ديورانت، ترجمة محمّد بدران وغيره، بإشراف جامعة الدول العربية، الطبعة (3) ، القاهرة، 1973م.
189- قصة الكنيسة القبطية (تاريخ الكنيسة الأورثوذكسية المصرية) - إيريس حبيب المصري، الطبعة (5) ، مطبعة الكرنك، الإسكندرية، 1984م.
190- الكامل في ضعفاء الرجال - لابن عدي (الإمام الحافظ أبي أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني ت 365هـ) ، تحقيق: يحيى مختار غزاوي، الطبعة (3) ، دار الفكر، بيروت، 1409هـ.
191- الكتاب المقدس - ترجمة تفسيرية - الطبعة (2) ، طبعة جي، سي. سنتر القاهرة.
192- الكتاب المقدس - طبعة دار الكتاب المقدس، القاهرة.
193- الكتاب المقدس - منشورات دار المشرق، بيروت، 1983م.
كشف الأستار عن زوائد البراز - للحافظ نور الدين الهيثمي ت 807هـ. تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، الطبعة (1) ، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1979م.(2/977)
195- كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، مصطفى بن عبد الله الشهير بـ (حاجي خليفة) ، دار العلوم الحديثة، بيروت، 1360هـ/ 1941م.
196- الكنْز الجليل في تفسير الإنجيل - د. وليم إدي، طبع ونشر مجمع الكنائس في الشرق الأدنى، بيروت، 1973م.
197- الكنْز المرصود في قواعد التلمود - د. روهلنج، ترجمة د. يوسف نصر الله، الطبعة (1) ، دار القلم، بيروت، دمشق، 1408هـ/ 1987م.
198- لب اللباب في تحرير الأنساب - جلال الدين عبد الرحمن السيوطي، مكتبة المثنى، بغداد.
199- لسان العرب - لابن منظور (أبي الفضل جمال الدين بن مكرم ابن منظور الإفريقي) ، دار صادر، بيروت.
200- لسان الميزان - لابن حجر العسقلاني ت 852هـ، الطبعة (2) ، مؤسسة الأعلمي، بيروت، 1390هـ/ 1971م.
201- اللالئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة، للسيوطي ت 911هـ، بيروت، 1395هـ.
202- اللباب في تهذيب الأنساب - لابن الأثير الجزري (أبي المحاسن عليّ بن أبي الكرم الشيباني ت 630هـ) ، دار صادر - بيروت - 1400هـ/ 1980م.
203- لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية-للإمام السفاريني، (محمّد بن أحمد السفاريني) ،المكتب الإسلامي، بيروت.
204- ما هي النصرانية؟ - الشيخ محمّد تقي العثماني، مكتب دار العلوم كراتشي، 1403هـ.
205- مجمع الزوائد ومنبع الفوائد - للحافظ الهيثمي (نور الدين عليّ بن أبي بكر الهيثمي ت 807هـ) ، مؤسسة المعارف، بيروت، 1406هـ/ 1986م.
206- المجتمع القبطي في مصر في القرن 19م، - رياض سوريال، مكتبة المحبة، القاهرة.(2/978)
207- مجموعة الرسائل الكبرى - للإمام ابن تيمية ت 728هـ، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
208- مجموعة الشرع الكنسي (قوانين الكنيسة المسيحية الجامعة) ، جمع وترتيب الأرشمندريت حنانيا إلياس كاب، مطبعة النور، بيروت، 1975م.
209- محاضرات في النصرانية، الأستاذ محمّد أبو زهرة، الطبعة (3) ، دار الكتاب الحديث، الكويت.
210- محمّد رسول الله هكذا بشرت به الأناجيل، بشرى زخارى ميخائيل، الطبعة (2) ، عالم الكتب، القاهرة.
211- محمّد صلى الله عنه وسلم في التوراة والإنجيل والقرآن - إبراهيم خليل أحمد، دار المنار، القاهرة، 1409هـ/ 1989م.
212- محمّد في الكتاب المقدس - الأستاذ عبد الأحد داود، ترجمة فهمي شما، الطبعة (2) ، دار الضياء للنشر، قطر، 1405هـ.
213- محمّد نبي الإسلام في التوراة والإنجيل والقرآن - الأستاذ محمّد عزت الطهطاوي، مطبعة التقدم، القاهرة.
214- المختار في الرّدّ على النصارى - للجاحظ (أبي عثمان عمرو ابن بحر الجاحز ت 255هـ) ، تحقيق: د. محمّد عبد الله الشرقاوي، الطبعة (1) ، دار الصحوة للنشر، القاهرة، 1405هـ/ 1984م.
215- مختصر علم اللاهوت - الحقير فرنسيس أيوب رئيس أساقفة حلب، منشورات المطبعة الكاثوليكية، بيروت.
216- مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة-للإمام ابن قيم الجوزية اختصره الشيخ محمّد بن الموصلي، مكتبة المتنبي، القاهرة.
217- المدخل إلى السنن الكبرى - للحافظ أبي بكر البيقهي ت 458هـ، تحقيق: د. محمّد ضياء الرحمن الأعظمي، دار الخلفاء لكتاب الإسلامي، الكويت.
218- المدخل إلى الكتاب المقدس - حبيب سعيد - نشر دار التأليف والنشر للكنيسة الأسقفية بالقاهرة، بالاشتراك مع مجمع الكنائس بالشرق الأقصى.(2/979)
219- مسألة صلب المسيح بين الحقيقة والافتراء - أحمد ديدات - ترجمة عليّ الجوهري، دار الاعتصام، القاهرة.
220- المستدراك على الصحيحين في الحديث - للحافظ الحاكم (أبي عبد الله محمّد بن عبد الله النيسابوري ت 405هـ) ، وبذيله التلخيص للحافظ الذهبي، طبع بإشراف د. يوسف المرعشلي، دار المعرفة، بيروت.
221- مسند الإمام أحمد بن حنبل - للإمام أحمد بن حنبل الشيباني ت 241هـ، الطبعة (2) ، دار الكتب العلمية، بيروت، 1398هـ/ 1978م.
222- المسيح إله أم إنسان؟ - محمّد مجدي مرجان، دار النهضة العربية، مصر.
223- المسيحية نشأتها وتطورها، شارل جنيبر، ترجمة: د. عبد الحليم محمود، المكتبة العصرية، صيدا.
224- مشكل الآثار - لأبي جعفر الطحاوي (الإمام أحمد بن محمّد ابن سلامة الأزدي) الطبعة (1) ، حيدر آباد - 1333هـ.
225- مشكاة المصابيح - للتبريزي (محمّد بن عبد الله الخطيب) ، تحقيق: الشيخ محمّد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، 1399هـ.
226- المصباح المنير في غريب الشرح الكبير - أحمد بن محمّد المقري الفيومي ت 770هـ، المكتبة العلمية، بيروت.
227- مصر في العصور الوسطى، د. عليّ إبراهيم حسن، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة.
228- مصنف ابن أبي شيبة - لابن أبي شيبة (عبد الله بن محمّد بن أبي شيبة العبسي، ت 235هـ) ، ضبطه كمال يوسف الحوت، الطبعة (1) ، دار التاج، بيروت، 1409هـ/ 1989م.
229- المعارف للإمام ابن قتيبة (أبي محمّد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري ت 276هـ) ، الطبعة
__________
(1) ، دار الكتب العلمية، بيروت، 1407هـ/ 1987م.
230- المعالم الأثيرة في السنة والسيرة، محمّد محمد حسن شراب، الطبعة (1) ، دار القلم، دمشق، بيروت، 1411هـ/ 1991م.(2/980)
231- معجم البلدان - ياقوت الحموي (شهاب الدين أبي عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي، ت 626هـ) ، دار صادر، بيروت، 1376هـ/ 1957م.
232- المعجم الفلسفي - إصدار مجمع اللغة العربية بالقاهرة - عالم الكتب، بيروت، 1399هـ/ 1979م.
233- معجم قبائل العرب القديمة والحديثة - عمر رضا كحالة، الطبعة (2) ، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1398هـ/ 1978م.
234- المعجم الكبير - للحافظ الطبراني (أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني ت 360هـ) ، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، الطبعة (1) ، الدار العربية للطباعة، بغداد.
235- معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية - المقدم عاتق بن غيث البلادي، الطبعة (1) ، دار مكّة للطباعة، مكّة، 1402هـ.
236- المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي - نشر د. أ. ي. ونسنك مكتبة بريل في ليدين بهولندا، 1936م.
237- المعجم الأوسط للحافظ الطبراني، تحقيق: د. محمود الطحان، الطبعة (1) ، مكتبة المعارف، الرياض.
238- المغازي - محمّد بن عمر الواقدي، تحقيق: د. مارسدن جونس مؤسسة الأعلمي، بيروت.
239- المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة للحافظ محمّد بن عبد الرحمن السخاوي ت 902هـ، تحقيق: محمّد عثمان الخشت، الطبعة (1) ، دار الكتاب العربي، بيروت، 1405هـ.
240- مقارنة الأديان (اليهودية - المسيحية) - د. أحمد شلبي، الطبعة (7) ، مكتبة النهضة العربية، القاهرة، 1983م.
241- مقامع هامات الصلبان ومراتع روضات الإيمان في الرّدّ على عبدة الأوثان - لأبي عبيدة الخرزجي ت 582هـ، تحقيق: د. محمّد شامة وقد نشره بعنوان: (بين الإسلام والمسيحية) ، مكتبة وهبة، القاهرة.(2/981)
242- مقدمة مسند بقية بن مخلد ت 276هـ، تحقيق: د. أكرم ضياء العمري الطبعة (1) ،مطبعة بساط، بيروت،1404هـ/1984م.
243- الملل والنحل - للشهرستاني (أبي الفتح محمّد عبد الكريم الشهرستاني ت 548هـ) ، تحقيق: محمّد سيد كيلاني، دار المعرفة، بيروت.
244- من دحرج الحجر؟ - فرانك موريسون (باللغة الإنجليزية) ، طبع فايبر أنه فليبر، لندن:
WHO MOVED THE STONE? FANK MORISON, PB. FABER AND FABER, LONDON.
245- المناظرة الكبرى بين الشيخ رحمة الله والدكتور القسيس فندر - تحقيق: د. محمّد عبد القادر خليل، الطبعة (1) ، دار ابن تيمية للنشر، الرياض، 1405هـ.
246- مناهل الصفا بتخريج أحاديث الشفا - للحافظ السيوطي ت 911هـ) ، الطبعة الحجرية البقديمة.
247- مناهل الصفا بتخريج أحاديث الشفا - للحافظ السيوطي، تحقيق: سمير القاضي، الطبعة (1) ، دار الجنان ومؤسسة الكتب الثقافية، بيروت 1408هـ/ 1988م.
248- المنتخب الجليل مِن تخجيل مَنْ حَرَّف الإنجيل - لأبي الفضل المالكي السعودي، مخطوطة بمكتبة أحمد الثالث تحت رقم: (17659، بتركيا، ومصورة ميكروفيلم بمركز البحث العلمي بجامعة أم القرى، تحت رقم: 68/15 عقيدة) .
249- المنتخب الجليل مِن تخجيل مَنْ حَرَّف الإنجيل - لأبي الفضل المالكي، مكتبة أحمد المليجي، مصر، 1322هـ.
250- المنجد في اللغة والأعلام-الطبعة (27) ،المكتبة الشرفية، بيروت.
251- منهاج السنة النبوية - لابن تيمية ت 728هـ، تحقيق: د. محمّد رشاد سالم، الطبعة (1) ، نشر جامعة الإمام محمّد بن سعود بالرياض.
252- منهج الأشاعرة في العقيدة - د. سفر بن عبد الرحمن الحوالي، الطبعة (1) ، الدار السلفية، الكويت، 1407هـ.
253- موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان - للحافظ الهيثمي، تحقيق: محمّد عبد الزراق حمزة، دار الكتب العلمية، بيروت.(2/982)
254- المواقف في علم الكلام - القاضي عبد الرحمن بن أحمد الإيجي، عالم الكتب، بيروت.
255- موجز تاريخ المسيحية - القمص يسطس الدويري، مطبعة ملجأ الأيتام القبطي الخيري، بمصر، 1949م.
256- موسوعة أطراف الحديث النبوي الشريف - إعداد: محمّد السعيد بن بسيوني زغلول، الطبعة
(1) ، عالم التراث، بيروت، 1410هـ/ 1989م.
257- الموسوعة العربية الميسرة، دار نهضة لبنان، بيروت، 1406هـ/ 1986م.
258- موسوعة تاريخ الأقباط والمسيحية - زكي شنودة، الطبعة (1) ، مكتبة النهضة المصرية، 1974م.
259- الموضوعات - لابن الجوزي (أبي الفرج عبد الرحمن بن عليّ ابن الجوزي ت 597هـ) ، من منشورات المكتب السلفية بالمدينة المنورة - 1360هـ.
260- الموطّأ - للإمام مالك بن أنس، تصحيح: محمّد فؤاد عبد الباقي، كتاب الشعب، القاهرة.
261- المسيح في مصادر العقائد المسيحية - المهندس أحمد عبد الوهّاب، الطبعة (1) ،مكتبة وهبة، القاهرة،1398هـ/1978م.
262- مباحث في علوم القرآن للشيخ مناع القطان، الطبعة (12) ، مؤسسة الرسالة، بيروت.
263- المطالب العالية للحافظ بن حجر العسقلاني، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي الطبعة (1) ، المطبعة العصرية، الكويت.
264- المفردات في غريب القرآن - للراغب الأصفهاني ت 502هـ، تحقيق: محمّد سيّد كيلاني، دار المعرفة، بيروت.
265- مَن روى عن أبيه عن جدّه، لابن قطلوبغا (الشيخ الزين أبي العدل قاسم بن قطلوبغا، ت 879هـ) ، تحقيق: الدكتور باسم الجوابرة، الطبعة (1) ، مكتبة المعلا، الكويت، 1409هـ.
266- النبوات - للإمام ابن تيمية ت 728هـ، دار يالكتب العلمية، بيروت، 1405هـ/ 1985م.(2/983)
267- النبوة والأنبياء - للشيخ محمّد عليّ الصابوني، الطبعة (1) ، عالم الكتب، بيروت، 1405هـ. ن
268- النبوة والأنبياء في اليهودية والمسيحية والإسلام - أحمد عبد الوهّاب، الطبعة (1) ، مكتبة وهبة، القاهرة، 1400هـ.
269- النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة - لابن تغري بردي (جمال الدين أبي المحاسن يوسف بن تغري بردي الأتابكي ت 874هـ) ، طبعة دار الكتب المصرية، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، القاهرة.
270- النسخ بين الإثبات والنفي - د. محمّد محمود فرغلي - دار الكتاب الجامعي.
271- نسيم الررياض في شرح شفاء القاضي عياض - للخفاجي (أحمد شهاب الدين الخفاجي المصري) ، الطبعة (1) ، المطبعة الأزهرية المصرية، 1327هـ.
272- نقد التوراة أسفار موسى الخمسة - د. أحمد حجازي السقا، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، 1976م.
273- النصرانية والإسلام - محمّد عزت الطهطاوي - دار الأنصار، القاهرة.
274- النصيحة الإيمانية في فضيحة الملة النصرانية - للمهتدي نصر بن يحيى بن عيسى المتطبب، تحقيق: الطالب محمود عبد الرحمن قدح، رسالة ماجستير مقدمة في الجامعة الإسلاميّة للعام الجامعي: 1407هـ.
275- نقض أساس التقديس - للإمام ابن تيمية، مخطوط بمكتبة المخطوطات بالجامعة الإسلاميّة، ميكروفيلم تحت رقم: (3625) .
276- النكت على كتاب ابن الصلاح - للحافظ ابن حجر ت 852هـ، تحقيق: د. ربيع المدخلي، إصدار المجلس العلمي بالجامعة الإسلاميّة، 1404هـ/ 1984م.
277- النهاية في غريب الحديث والأثر - لابن الأثير (مجد الدين أبي السعادات المبارك ابن محمّد الجزري ت 606هـ) ، تحقيق: محمود محمّد الطناحي وطاهر أحمد الزواوي، نشر أنصار السنة المحمدية، لاهور، باكستان.
278- النهاية في الفتن والملاحم، للإمام ابن كثير ت 774هـ، تحقيق: محمّد أحمد عبد العزيز، دارالحديث،1401هـ/1980م.(2/984)
279- نواسخ القرآن، لابن الجوزي - تحقيق: محمّد أشرف المليباري، إصدار المجلس العلمي، بالجامعة الإسلاميّة.
280- هداية الحياري في أجوبة اليهود والنصارى - للإمام ابن القيم (محمّد بن أبي بكر بن قيّم الجوزي ت 751هـ) ، تحقيق: د. أحمد حجازي السقا، الطبعة (2) ، المكتبة القيمة، القاهرة، 1399هـ.
281- هدية العارفين بأسماء المؤلِّفين وآثار المصنفين - إسماعيل باشا البغدادي، دار العلوم الحديثة، بيروت.
282- همجية التعاليم الصهيونية - بولس حنا مسعد - المكتب الإسلامي، 1388هـ/ 1969م.
283- الوافي بالوفيات - للصفدي (صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي ت 764هـ) ، دار النشر فرانز شتاير، فيسبادن بألمانيا - 1402هـ.
284- الوسائل العلمية للإصلاحات القبطية - حبيب جرجس، المطبعة التجارية، مصر.
285- وفيات الأعيان - لابن خلكان. (أبي العباس شمس الدين أحمد ابن محمّد بن أبي بكرت 681هـ) ، الطبعة (1) ، مطبعة السعادة، 1367هـ.
286- يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء - د. رؤوف شلبي.
287- اليهودية - د. محمّد بحر عبد المجيد، مكتبة سعيد رأفت، القاهرة، 1978م.
288- اليهودية والمسيحية - د. محمّد ضياء الرحمن الأعظمي، الطبعة (1) ، مكتبة الدار بالمدينة المنورة، 1409هـ/ 1988م.(2/985)