E
الحمد لله المنعم على عباده بتوفيقهم للقيام بالصالحات , والكف عن الشرور والسيئات .. والصلاة والسلام على من بعث بخير الرسالات .. نبينا محمد بن عبد الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعه من الله أفضل صلاة وأزكى سلام .. أما بعد : فهذه صفحات أعددتها وجمعتها أوردت فيها أهم وأكثر ما يسأل عنه في رمضان .. تيسيرا للمسلم الرجوع إليها ولعلها تساعد في تفرغ العلماء للطاعة في الشهر الفضيل .. ومن الله العون والتوفيق ..
(( هذه الأسئلة أو جلّها , والملف يحتوي قرابة أو أكثر من 100 صفحة ؛ فيها الأهلة , ومسائل طبية , ومسائل خاصة بالنساء , وخلافات العلماء في بعض المسائل , والمفطرات , والسفر والأعذار , .. وغيرها الكثير.. مرتبة وجاهزة للطباعة .. ))
****
وصية لطلاب العلم وطالباته ... لكي يتزودوا بالعلم النافع ويتمرنوا .. أن يقرأ كل واحد منهم السؤال ثم يجيب بنفسه , دون نظر في الأجوبة ؛ وبعد الإجابة ينظر في إجابته هل هي صحيحة أم – وليس هذا مقام حتى يتخوف من الجواب إنما هو قياس لمدى التحصيل العلمي فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد نفسه دون ذلك فلا تقعد به أمانيه أن يلحق بركب العلماء - , وفي هذا فوائد منها :
1 ) تنمية الملكة الفقهية ... ... 2) رسوخ الأجوبة في الذهن وبقاءها .
وفوائد كثيرة لا يجهلها من أخذ بها !
1 - إنسان عزم على السفر فنوى الفطر من الغد ، ثم بعد طلوع الفجر ألغى السفر قبل أن يأتي بأي مفطر ، ما حكم ذلك ؟
2 - إذا سافر المسلم أثناء شهر رمضان إلى بلد آخر كان قد تأخر أو تقدم في بداية شهر رمضان عن بلده ، وظل بهذا البلد حتى العيد ، فمع أي البلدين يفطر ؟
3 - هل يفطر الصائم بالنية الجازمة للفطر دون أكل أو شرب؟
4 - هناك حديث بأن دعاء الصائم مستجاب عند فطره. فهل يكون هذا الدعاء قبل أو أثناء أو بعد الفطر بقليل؟ أرجو ذكر نص الحديث.
5 - هل الدعاء المستجاب عند الفطر أم قبله ؟(1/1)
6 - ما حكم الذين يتقدمون في الأذان في رمضان ؟
7 - هل هناك دعاء مأثور عن النبي – صلى الله عليه وسلم - عند وقت الإفطار وما هو وقته؟ وهل يتابع الصائم المؤذن في الأذان أم يستمر في فطره ؟
8 - متى يفطر راكب الطائرة ؟
9 - في بعض البلاد هناك وقت يكون قبل الفجر بحوالي عشر دقائق يقولون إنه وقت الإمساك ، يبدأ الناس فيه الصيام ويمسكون عن الطعام والشراب . فهل هذا الفعل صحيح ؟
9 - لي أصدقاء يقومون بالإفطار قبل أذان المغرب بما يعادل عشر دقائق عذراً منهم؛ لحديث الرسول –صلى الله عليه وسلم- فيما معناه إذا أقبل الليل من ها هنا وأدبر النهار من ها هنا أفطر الصائم، وهل أذان المغرب أذان بوقت الإفطار أم لا؟ وماذا تنصحونهم مأجورين.
10 - كنت مسافرا بالطائرة، وقد حان موعد الإفطار، وهو الساعة 5.17، وأقلعت الطائرة بنا حوالي الساعة 5.50، وبعد مسيرة حوالي 8 دقائق في الجو أفطرت، لكن الشمس مازالت في الأفق، وهذا بحكم ارتفاعنا مع العلم أن وقت الإفطار في المدينة التي نحن فوقها قد حان، أو بالأحرى قد أظلمت. فهل صيامي صحيح أم لا؟
11 - رجل عندما كان في الخدمة العسكرية أفطر عمداً أياماً من شهر رمضان بسبب نظام الثكنة الصارم وقلة الطعام في وجبة الفطور في أغلب الأحيان، فهل تجب عليه الكفارة؟ أم ليس عليه إلا القضاء؟ وجزاكم الله خيراً.
12 - ما حكم وضع الفكس في الأنف وأنا صائم؟
13 - جامعت زوجتي في نهار رمضان من الدبر ؟!!
14 - زوجي جامعني في نهار رمضان وكنت راضية فهل عليّ كفارة أم لا ؟
15 - إذا تحركت شهوة المسلم في نهار رمضان ولم يجد طريقاً إلا أن يستمني فهل يبطل صومه ، وهل عليه قضاء أو كفارة في هذه الحالة ؟(1/2)
16 - الحالة الأولى: أنا شاب ملتزم ولله الحمد محافظ على الصلاة ولله الحمد ولكن في ذات مرة وفي نهار رمضان وسوس لي الشيطان بالقيام بممارسة العادة السرية وأنا الآن نادم على ما فعلت وتبت إلى الله من هذه الأمور وان هذا الأمر أحس به في نفسي كل ما تذكرته ويعكر علي حياتي لأني أخاف من الله أن يعاقبني عليه عقابا شديداً
الحالة الثانية: بعد أن تزوجت وفي ذات يوم وفي شهر رمضان المبارك وبعد صلاة الفجر وسوس لي الشيطان أن أُداعب زوجتي وقمت بوضع فرجي بين فخذيها حتى تم الإنزال.
والسؤال ماذا عليّ من كفارة في الحالين ؟
18 - سؤالي عن رجل جامع زوجته في صبيحة يوم من رمضان، بعد أذان الفجر بعد خصام بينهما دام أسبوعين أو أكثر, وعلمهما أن الإمساك قد وجب, وكان برضى الطرفين ورغبتهما ؟
19 - في شهر رمضان المبارك أطغتني شهوتي على زوجتي بعد صلاة الفجر وجامعتها فما الحكم ؟
20 - إذا قبل الرجل امرأته في نهار رمضان أو داعبها، هل يفسد صومه أم لا ؟ أفيدونا أفادكم الله.
21 - ما حكم الشرع في نظركم فيمن أنزل المني في نهار رمضان بتعمد أو بغير تعمد ؟
22 - إذا احتلم الصائم في نهار رمضان هل يبطل صومه أم لا؟ وهل تجب عليه المبادرة بالغسل ؟
23 - هل إبرة البنج مفطرة للصوم ؟
24 - ضرس العقل بدأ يخرج الآن وهو مؤلم جداً فهل يجوز أن :
1- أضع مرهم مسكن للآلام على اللثة أثناء الصيام ؟
2- أقوم بإجراء عملية جراحية لنزعه وأبقى صائمة وأنا تحت المخدر ؟
25 - لدي مشكلة مع صيامي ، وهو أنني مع بداية كل يوم صوم يحصل لي أن الأكل يصعد من المعدة حتى الحنجرة ، وأحيانا كثيرة يتعدى الحنجرة ، وهذا الأمر يومي ، فماذا عليَّ أن أفعل ؟ هل أعيد صيام تلك الأيام ؟ مع العلم أن هذا الأمر يحدث يوميّاً في رمضان .
26 - هل متابعة الإذاعة المرئية في شهر رمضان غير مفطر؟ ( بسبب المناظر المثيرة في بعض البرامج ).(1/3)
27 - هل يجوز تنظيف الأسنان بالفرشاة والمعجون في حال الصوم ؟ على حسب علمي أن هذا جائز طالما أن المعجون لم يصل إلى الجوف (لم يتم بلعه) . أرجو الإدلاء برأيك في هذا الموضوع.
28 - ما حكم استعمال السواك في نهار رمضان ؟ وهل يجوز بلع ريق السواك ؟
29 - ما حكم من أفطر متعمدا ؟
30 - ظننت أيام المدرسة أن هناك دعاءً مخصصاً فقط للإفطار وليس للسحور ؛ لأن في السحور النية محلها القلب لكن زوجي أخبرني أن هناك دعاءً مخصصاً للسحور أيضاً . رجاء التوضيح ؛ هل هذا صحيح ؟
31 - فما الحكمة من عدم إنزال "من الفجر" منذ البداية ؟
32 - سؤالي عن الآية 187 من سورة البقرة "وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر". ذكر ابن كثير في تفسيره رواية عن البخاري أن كلمة "من الفجر" لم تكن موجودة أساسا، وأن هذا أوقع صحابيّا في حيرة ولم يفهم المقصود من الآية.
بعد ذلك أوضح الله سبحانه وتعالى المسألة وأنزل ذكر كلمة "من الفجر".
33 - ما معنى قول الله تعالى (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) ؟
34 - ما هي الطرق التي أستطيع بها معرفة الفجر الصادق ؟ أجتهد صباحاً في تحري الفجر الصادق , وذلك لمعرفة وقت الصلاة والإمساك ، وذلك لي ولأصدقائي ، لأني أقيم في الصين , والمسلمون هنا يعتمدون التوقيت من الإنترنت , لكنه غير دقيق ، وبناء عليه فهم يصلون الفجر قبل دخول الوقت ، ولكن فيما لو لم أستطع ضبط التوقيت بشكل صحيح ( لأني أقربه إلى حين ذهاب العتمة وظهور الضوء ) ، فهل عليَّ إثم في ذلك ؟
35 - ما صحة حديث " إذا سمع أحدكم النداء ، والإناء على يده ، فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه " ؟
36 - ما حكم تناول الطعام أثناء أذان الفجر ؟ لقوله عليه الصلاة والسلام ( إذا أقيمت الصلاة والإناء في يد أحدكم فلا يدعه حتى يقضي حاجته ) .(1/4)
37 - هل السحور واجب؟ وما المراد بالبركة في قوله – صلى الله عليه وسلم " فإن في السحور بركة"؟
38 - هل يجب علينا الكف عن السحور عند بدء أذان الفجر، أم يجوز لنا الأكل والشرب حتى ينتهي المؤذن؟
39 - ما صحة حديث " من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له "؟
40 - هل نية الصيام كافية عن نية صوم كل يوم على حدة؟
41 - هل يؤمر الصبي الذي لم يبلغ الخامسة عشرة بالصيام، كما في الصلاة؟
42 - هناك صبي كان يصوم رمضان قبل أن يبلغ ، وفي أثناء صومه في نهار رمضان بلغ فهل يجب عليه قضاء ذلك اليوم ؟ وكذلك الكافر إذا أسلم ؟ وكذلك الحائض إذا طهرت ؟ وكذلك المجنون إذا أفاق ؟ وكذلك المسافر إذا عاد وكان مفطراً ؟ وكذلك المريض إذا تعافى وكان قد أفطر ؟ فماذا على هؤلاء من حيث الإمساك في ذلك اليوم والقضاء ؟
43 - على من يجب صيام رمضان؟
44 - ما معنى الصيام لغة وشرعاً؟
45 - سمعت من الإمام بأن الشيطان غير موجود في شهر رمضان ، إذا كان كلامه صحيحاً فلماذا يصعب على المسلمين ترك المعاصي في شهر رمضان ؟
46 - ماذا تقولون في تصفيد الشياطين في رمضان ؟
47 - ما هي الكلمة التي توجهونها للأمة الإسلامية بمناسبة شهر رمضان؟
48 - ما حكم التهنئة بدخول شهر رمضان بلفظ : (كل عام وأنت بخير) ؟
49 - ما هي سنن الصوم ؟
50 - هل هناك أدعية مخصصة عند دخول شهر رمضان المبارك من السنَّة ؟ وماذا يجب على المسلم أن يدعو به في تلك الليلة؟ أفيدوني بارك الله فيكم .
51 - هل يجوز لدولة ما أن تبني صيامها على الحسابات الفلكية دون الرؤية العينية لهلال رمضان وكذلك الإفطار على نفس منوال الحسابات دون الرؤية؟(1/5)
ثانياً: إذا ثبت في هذه الدولة أن يوم العيد الذي عين على أساس أنه عيد هو متمم لرمضان وليس غرة شوال. . . ماذا على الإنسان في هذه الدولة هل يخالف ويصوم أم يفطر معهم ويصلي صلاة العيد معهم؟ علماً بأن هناك خلافاً بين الناس: فريق ينادي بالصيام وفريق آخر يقر بعدم المخالفة.
52 - تواجهنا مشكلة كل عام، وهي بخصوص رؤية هلال رمضان، فبعض الإخوة يصومون مع بلاد الحرمين؛ لعدم الثقة في اللجنة هنا، فإننا لا نراهم يتحرون الرؤية، ولكن نراهم ينتظرون مكالمة تخبرهم بأن يصوموا أو لا، وهنا افترق الناس، فمنهم من يصوم معهم، ومنهم من يصوم مع السعودية، ودائما يكونون هنا متأخرين، فبماذا تنصحوننا؟ علماً أني في نيوزلندة .
53 - ما هي الطريقة الشرعية التي يثبت بها دخول الشهر؟ وهل يجوز اعتماد حساب المراصد الفلكية في ثبوت الشهر وخروجه؟ وهل يجوز للمسلم أن يستعمل ما يسمى (بالدربيل) في رؤية الهلال ؟
54 - مازال الناس يختلفون في أمر صوم رمضان؛ فبعضهم يصوم لرؤية الهلال ويفطر لرؤيته؛ أخذاً بقوله صلى الله عليه وسلم : "إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فاقدروا له" وبعضهم يصوم قبل رؤيته، ويوافق صومهم يوم طلوع هلال رمضان، والحال أن ذلك خلاف ظاهر الحديث وقد أشكل علينا الأمر، فأفتونا مأجورين.
56 - قولهم: ومن نوى الإفطار أفطر، هل هو وجيه ؟
57 - كنت وقت الإفطار في إحدى المناطق السكنية المكتظة، وكانت ساعتي ساعة العصر تبين أن المنطقة التي أنا فيها يؤذن الخامسة ودقيقتين فلما جاء الوقت الخامسة وست دقائق ولم أسمع أذاناً أفطرت، فلما ذهب من وقت إفطاري دقيقة أو أقل بقليل أذن المؤذن فهل آثم بذلك وهل أقضي ؟
58 - إذا اختلف الأذان من مسجد إلى مسجد آخر والاثنان قريبان وفي نفس المنطقة فعلى أيهما يتم الإفطار ؟(1/6)
59 - في رمضان قبل الماضي كنت مسافراً إلى جدة, وبعد صلاة الفجر نويت الإفطار لكي أجامع زوجتي، ولكنها رفضت. فأكملت صومي. فهل عليّ قضاء هذا اليوم ؟
60 - يوجد في الصيدليات معطر خاص بالفم، وهو عبارة عن بخاخ، فهل يجوز استعماله خلال نهار رمضان لإزالة الرائحة من الفم ؟
61 - في شهر رمضان يكون إقلاع بعض الرحلات وقت أذان المغرب فنفطر ونحن على الأرض ، وبعد الإقلاع والارتفاع عن مستوى الأرض نشاهد قرص الشمس ظاهراً، فهل نمسك أم نكمل إفطارنا ؟
62 - أيهما أفضل في رمضان للمسافر الصوم أو الفطر؟ وما هي مسافة القصر ؟ وهل إذا أنشأ السفر من يومه يفطر ؟ وهل يفطر السفار من المكارية والتجار والجمال والملاح وراكب البحر ؟ وما الفرق بين سفر الطاعة، وسفر المعصية ؟
63 - لو كنت سأسافر في رحلة لمكان يبعد 100 ميل أو أكثر ، فكم ركعة سنصلي قبل وبعد السفر ؟ أعتقد أنها ركعتان قبل وبعد الرحلة ( أليس كذلك ؟ )
64 - هل يجوز أن يسافر الصائم من بلده الحار إلى بلد بارد أو إلى بلد نهاره قصير ؟
65 - أ : هل تجوز السباحة في رمضان ؟
ب : هل إذا جرح الإنسان في رمضان في يده أو قدمه – مثلاً- فهل هذا يفسد الصيام ؟
ج :هل إذا أخذ الإنسان بعض العطور ووضعها في جسمه فهل هذا يفسد الصيام؟
د :هل الشتم والسب يفسد الصيام ؟
66 - هل يجوز لأصحاب الأعمال الشاقة أن يفطروا في رمضان ؟ كالذين يعملون في مصانع الحديد والصلب ونحو ذلك من الأعمال الشاقة.
67 - تكثر أنواع الأدوية لمرض الربو فمنها البخاخ المعروف ، وهناك أدوية على شكل كبسولة توضع داخل علبة مخصصة للشفط عن طريق الفم حيث تطحن داخل العلبة ويتم شفطها ، وهناك جهاز يوضع به دواء سائل مع الجهاز يوضع الأنبوب مع كمامة على الوجه ثم يشغل هذا الجهاز فيخرج هذا السائل مذابا بمحلول مائي على هيئة غاز ، هل هذه تعتبر من المفطرات ؟(1/7)
68 - الوالدة - أطال الله في عمرها - عملت فحصا يسمى المنظار ، وقد تم إدخاله من الفم إلى المعدة ، وقبل أن يعملوا لها هذا الفحص وضعوا لها مخدَّرًا موضعيًا (بخاخ في بداية الحلق) وكإجراء تحرزي وضعوا المغذَّي من دون تدفقه داخل الجسم ، ( أي مقفَّل) فما حكم صيامها ؟ جزاكم الله خيراً
69 - أنا مريض بالسكري، وأضطر لحقن نفسي بالأنسولين مرتين في اليوم. ولهذا فأنا لا أصوم وأخرج الفدية نقداً بقيمة المبلغ الذي أفطر به. هل يجوز إعطاء الفدية بهذه الطريقة أي نقداً، خصوصاً وأني أفطر في المطعم ولست متزوجاً، وهل يمكن توزيع هذه الفدية على ثلاثة مساكين أو أكثر؛ لأني لا أجد من هو محتاج للفطور ؟
70 - ما حكم أخذ الحقنة الشرجية عند الصائم للحاجة؟
71 - أنا مريضة بفشل كلوي ، ويستلزم مرضي هذا تناول علاج في أوقات مختلفة، ولاسيما بعد إجرائي لعملية زرع كلى ، حيث نصحني الأطباء بالمداومة على العلاج وإلا تعرضت للخطر ، وحيث إنني - والحمد لله- مسلمة، وأريد أن أصوم شهر رمضان ، ولكن مرضي يمنعني لظروف تناول الدواء في الصباح والظهر والليل ، وكل اثنتي عشرة ساعة . لذا أرجو إفتائي في هذا الأمر ، وما هي كفارة صيامي الواجب عليَّ أداؤها حال عدم تمكني من الصوم ؟
72 - يوجد بعض المرضى شفاهم الله تتعطل كلاهم عن العمل مما يضطرهم إلى ما يسمى بالغسيل؛ ويتمثل في استخدام كلية صناعية تقوم بتطهير الدم وتنقيته من الشوائب، وذلك في الأسبوع مرتين أو ثلاثة، بحيث يخرج دم الإنسان كله من جسده بأنبوب آخر بعد
التنقية، مع أنه يضاف للدم داخل الكلية الصناعية بعض المواد المطهرة، ولو لا هذا العمل - بإذن الله - تعالى لتعرضت حياة الإنسان للموت بسبب تعطل الكلى، فهذا الأمر ضروري.(1/8)
والسؤال: هل يؤثر الغسيل على الصيام إذا كان الإنسان صائماً؟ علماً بأن هذا ضرورة بالنسبة له ويشق عليه أن يفطر ويقضي وجسمه لا يستفيد سوى تنقية الدم من الشوائب، وقد كثر التساؤل – أرجو من سماحتكم الإفادة، جزاكم الله خيراً.
73 - هل تستطيع المرأة الحامل الفطر في رمضان إذا شعرت ببعض التعب ؟
74 - أريد أن أسأل في ما يخص تعجيل الإفطار في رمضان الكريم، وقد وردت أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- كثيرة في هذا الباب، ومن جراء هذا السؤال قد وقع عندنا خلاف كبير في هذه المسألة منهم من ذهب إلى أنه بعد غياب قرص الشمس يباشر الإفطار مستنداً إلى حديث الرسول –صلى الله عليه وسلم- إذا رأيتم قرص الشمس غرب فقد أفطر الصائم، والجمع الكبير من المسلمين العلماء والمتعلمون ذهب إلى حديث الرسول – صلى الله عليه وسلم- وهو ذهاب النهار وإتيان الليل وغياب قرص الشمس، أفيدونا وفصلوا لنا في هذه المسألة رحمكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
75 - صاحب شركة لديه عمال غير مسلمين، فهل يجوز له أن يمنعهم من الأكل والشرب أمام غيرهم من العمال المسلمين في نفس الشركة خلال نهار رمضان ؟
76 - زوجتي انقطع عنها دم النفاس بعد عشرين يوماً من الوضع، ولكن يخرج منها صفرة وكدرة فهل عليها الصيام ؟
77 - في رمضان الماضي لم تأتني العادة الشهرية بل نزلت إفرازات -أكرمكم الله- مابين لون داكن وفاتح لمدة خمسة أيام متفرقة فهل عليَّ أن أقضي هذه الأيام؟
78 - هل على النساء مؤاخذة إن أخذن عقاقير تمنع عنهن الحيض فترة الصيام ؟
79 - هل تستطيع الحائض أن تستمر في الطاعة ، كقراءة القرآن ؟
80 - هل المرأة الحائض لها أجر في شهر رمضان ؟(1/9)
81 - كان يخرج من زوجتي في رمضان الفائت دم و كنا نحسبه نزيف إثر حمل و حتى الآن لا نعلم بالضبط هو نزيف أو دورة، و لم تفطر زوجتي أثناء رمضان و بعده شكت في صومها فعادت صيام تلك الأيام التي صامتها في رمضان أثناء نزول الدم فهل في ذلك شيء ؟
82 - أتتني الدورة الشهرية وأنا عمري 11 سنه في أول شهر رمضان ولم أصم هذا الشهر حيث كنت جاهله ولم اخبر أهلي والآن لدي أطفال ولدي طفل عمره شهر ارضعه فهل اقضي ذلك الشهر وجزاكم الله خيراً.
83 - امرأة كبيرة في السن صامت الأيام الأولى من رمضان و مرضت و لم تكمل الباقي إلى رمضان الموالي حيث توفيت و هي مريضة فهل يجوز القضاء عنها و الإطعام؟ جزاكم الله خيراً.
84 - يوجد رجل صار عليه حادث اصطدام سيارة ووقع في درك الموت وأخذ مدة طويلة منها شهر رمضان المبارك وهو في غيبوبة الخطر لا يعرف شيئاً وبعد مدة منحه الخالق الكريم العظيم الشفاء، واكتملت صحته فماذا عليه من قضاء الصوم والصلاة ؟
85 - أفطرت خمسة أيام من رمضان بسبب المرض ، فهل يجب عليّ أن أصومها متتابعة ، أو يمكن أن أصوم يوماً كل أسبوع ؟
86 - رجل عليه صيام يوم قضاء من رمضان، وصام يوماً قضاءً لذلك اليوم وعند الضحى أفطر. فهل يجوز له ذلك؟ وإن كان لا يجوز فما الواجب عليه؟ وهل يجوز الإفطار إذا كان الصيام تطوعاً؟
87 - هل يجوز صيام التطوع وعلي شيء من القضاء أم لا؟ لأني لم أجزم بتبييت النية من الليل. فقلت في نفسي إن شاء الله سأصوم غير جازم ما بيني وبينه، وأخبرت بأنه لا بد من تبييت النية الجازمة لقضاء الفريضة، فهل يصح لي في هذه الحالة أن أجعلها تطوعاً وذلك لرغبتي الحالية بالصيام وعدم تفويته بما أني لم أجزم بتبييت النية للقضاء. وجزاكم الله خيراً
88 - ما حكم من مات وعليه قضاء من شهر رمضان؟ وإذا صام المسلم بعض رمضان ثم توفي عن بقيته فهل يلزم وليه أن يكمل عنه؟(1/10)
89 - أمي عليها دين صيام ثمانية أشهر من رمضان، أعاقها المرض المتزامن مع مجيء كل رمضان، والسؤال: ما العمل؟ هل أقضيه عنها؟ أذهبوا حيرتي جزاكم الله خيراً.
90 - علي صيام شهرين بسبب الحمل والرضاعة، وقدرتي الجسدية لا تعينني على ذلك، حيث إني مصابة بمرض في القلب، فهل يجوز أن أخرج الفدية بدلا من الصيام؟ وهل يجوز أن أنفق هذه الفدية في إطعام أسرتي؟ حيث إني لست مكلفة بالإنفاق عليهم، أم أنه يجب أن أنفقها على المساكين؟
91 - أفطرت في رمضان أياماً لا أعلم عددها بالضبط ربما 4 أو 5 أو 6، وذلك حينما كنت في أول سني البلوغ ظناً مني أن الحائض عدتها يجب أن تكون سبعة أيام كاملة، أي أنني كنت آكل وأشرب وأنا قد طهرت من الدورة حتى أكمل عدة سبعة الأيام . سؤالي هو أنني لم أقضها ولا أعلم عددها فكيف أتصرف ؟
92 - أنا فتاة فاتني قضاء ما علي من صوم لبعض الأيام في السنوات الماضية من عمري فهل يجوز القضاء بالصوم فقط أم الصوم والكفارة وإذا كانت كفارة فما مقدارها ؟
93 - أفطرت في إحدى السنوات الأيام التي تأتي فيها الدورة الشهرية، ولم أتمكن من الصيام حتى الآن ، وقد مضى عليَّ سنوات كثيرة، وأود أن أقضي ما عليَّ من دين الصيام ، ولكن لا أعرف كم عدد الأيام التي عليَّ ، فماذا أفعل ؟
94 - هل يجوز قضاء الصيام عن الميت؟ وكيف تكون الطريقة؟
95 - توفي والدي في شهر شوال لهذا العام وهو لم يصم في رمضان سوى أول يوم في الشهر وآخر يوم في الشهر، مع العلم أنه كان يعاني من مرض السكر وورم خبيث في صدره وكان يحاول الصيام بقية الأيام خلال الشهر ولكنه لم يستطع فكان يفطر، فهل من الممكن أن أصوم أنا الأيام التي لم يستطع والدي أن يصمها خلال شهر رمضان أم يجب علي الإطعام عن كل يوم لم يستطع والدي أن يصمه؟
96 - هل يجوز لي الصيام عن الميت صيام النوافل وهل يكتب له أجر ذلك؟
97 - ما حكم تكرار العمرة في رمضان؟(1/11)
98 - ما حكم إهمال بعض الآباء لبيوتهم وأبنائهم في رمضان بدعوى العبادة؟
99 - البعض يختم القرآن الكريم أكثر من مرة ربما عشر مرات باعتبار ختمة كل ثلاث ليال فأيهما أفضل ختمه مرة أو مرتين مع التدبر أم العبرة بالكم؟
100 - ما حكم صيام من ينام عن صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء ويصلي هذه الفروض مجتمعة في الساعة الثانية عشرة ليلاً ولا يصلي فرضاً في وقته إلا الفجر والعشاء في بعض الأحيان فما نصيحتكم لمثل هذا.
101 - كتبت في مقالة " صلاة الليل في رمضان " أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم الصلاة للوتر كثلاث ركعات ووضح ذلك بقوله: لا تجعلوها تشابه صلاة المغرب . وعليه فإن من أراد أن يصلي الوتر ثلاثا عليه أن يجد طريقة تجعلها تختلف (عن صلاة المغرب) . وهناك طريقتان : إما بالتسليم عقب الركعتين الأوليين ، وهو الأفضل ، أو بعدم الجلوس بعد الركعتين الأوليين .
102 - أنا أيضا أصلي ثلاث ركعات للوتر لكني أجعل صلاتي تختلف عن المغرب برفع يدي للتكبير قبل دعاء القنوت . فهل يصح ذلك ؟
103 - بعض أئمة المساجد في رمضان يطيلون في الدعاء ويعضهم يقصر ، فما هو الصحيح ؟
104 - قام الإمام في الركعة الثالثة في صلاة التراويح وأنهى الصلاة ثم أخبروه أنه صلى ثلاثة ، فهل يسجد للسهو أم يكملها أربعاً ؟
105 - هل نمنع الأطفال من المجيء للمسجد في التراويح مع الأمهات لكثرة الإفساد والإزعاج ؟
106 - إذا دخلت المسجد في صلاة العشاء متأخراً وفاتتني صلاة العشاء جماعة وصليتها منفرداً وتأخرت عن صلاة التراويح أثناء أدائي لصلاة العشاء وسبقني الإمام بصلاة التراويح ركعتين فكيف أؤدي الركعتين ؟ منفردا أم ماذا ؟
107 - أجد صعوبة في حفظ الأدعية عن ظهر قلب مثل دعاء القنوت في الوتر. فكنت أقرأ سورة مكانه ولما عرفت أنه فرض حاولت حفظه وجعلت في أثناء الصلاة أقرأه من كتاب أتناوله من على طاولة بجانبي وأنا ما أزال متجهاً إلى القبلة فهل هذا جائز؟(1/12)
108 - ما حكم رفع اليدين في دعاء القنوت في صلاة التراويح ؟ مع العلم أنا وقفنا على كلام للشيخ مقبل الوادعي رحمه الله يضعف فيه الحديث الذي ورد في هذه المسالة ،وجزاكم الله خير الجزاء.
109 - أريد أن أعتكف العشر الأواخر وأنا في البيت،هل أعتكف طوال النهار أم أعتكف بالليل فقط إذا لم أستطيع بالنهار؟ و هل يقبل اعتكافي ؟
110 - بعض أئمة المساجد في المدن الأخرى يتركون مساجدهم في العشرة الأواخر ويذهبون للاعتكاف في الحرم المكي الشريف. . أيهما أولى في هذه الحالة البقاء في إمامة المصلين أو الاعتكاف؟
111 - ما أقل مقدار للاعتكاف ؟ فهل يمكن أن أعتكف وقتا قصيراً أم لا بد من اعتكاف عدة أيام ؟
112 - هل يجوز الاعتكاف في أي وقت دون العشر الأواخر من رمضان ؟
113 - هل هناك فرق بين صلاة الوتر وصلاة الليل ؟
114 - هل يجوز للمأموم في صلاة التراويح أن يمسك بالمصحف خلف الإمام ؟
115 - أنا امرأة مسلمة أحافظ على أداء صلاة التراويح . وفي الغالب إذا لم أذهب إلى الصلاة في المسجد فإن أخي الذي يصغرني سناً لا يذهب أيضاً . وإذا ذهبنا إلى المسجد نصلي الوتر مع الإمام . وقد اعتدت على الاستيقاظ في جوف الليل لصلاة التهجد وقراءة القرآن ، ولكني بعد صلاة الوتر لا أستطيع أن أصلي صلاة التهجد . فما هو الخيار الأفضل بالنسبة لي ؟ أداء صلاة التراويح في المسجد حتى يصلي أخي في المسجد أم البقاء في البيت لأصلي صلاة التهجد في جوف الليل ؟ أيهما أكثر أجراً ؟.
116 - أرجو منكم إرسال دعاء ختم القرآن الكريم كما ورد في السنة النبوية .
117 - هل هناك قدر معين لا بد من قراءته في صلاة التراويح ؟
118 - يحين موعد عملي قبل أن ينتهي الإمام من صلاة التراويح وأنا محتاج للذهاب للعمل ، فماذا أفعل ؟(1/13)
119 - لقد سألت هذا السؤال من قبل وأرجو الإجابة عنه بما يفيدني فإنني تلقيت إجابة غير مرضية والسؤال عن التراويح هل هي 11 ركعة أم 20 ركعة . فالسنة تقول 11 والشيخ الألباني رحمه الله في كتاب القيام والتراويح يقول 11 ركعة وبعض الناس يذهبون للمسجد الذي يصلي 11 ركعة والبعض الآخر يذهبون للمسجد الذي يصلي 20 ركعة وأصبحت المسألة حساسة هنا في الولايات المتحدة فمن يصلي 11 يلوم الذي يصلي 20 والعكس وصارت فتنة حتى في المسجد الحرام يصلون 20 ركعة .
120 - لماذا تختلف الصلاة في المسجد الحرام والمسجد النبوي عن السنة . لماذا يصلون التراويح 20 ركعة في المسجد الحرام والمسجد النبوي؟
121 - هل يجوز للمعتكف الاتصال بالهاتف لقضاء حوائج المسلمين؟
122 - كيف يكون إحياء ليلة القدر؟ أبالصلاة أم بقراءة القرآن والسيرة النبوية والوعظ والإرشاد والاحتفال لذلك في المسجد؟
123 - اعتاد بعض المسلمين وصف ليلة سبع وعشرين من رمضان بأنها ليلة القدر، فهل لهذا التحديد أصل وهل عليه دليل؟
124 - أنا في مصر وأهلي في السعودية، وهم يخرجون زكاة الفطر عني فما الحكم؟
125 - إذا أرادت المرأة أن تصوم الست من شوال وعليها عدة أيام قضاء من رمضان فهل تصوم أولا القضاء أم لا بأس بأن تصوم الست من شوال ثم تقضي ؟
126 - هل يجوز أن أصوم الستة أيام من شوال بنفس النية بقضاء الأيام التي أفطرت فيها في رمضان بسبب الحيض ؟
127 - هل صيام الأيام الستة يلزم بعد شهر رمضان عقب يوم العيد مباشرة أو يجوز بعد العيد بعدة أيام؟ على أن تصام
متتالية في شهر شوال ؟
128 - هل يجوز صيام التطوع بنيتين: نية قضاء ونية سنة؟ وما حكم الصوم بالنسبة للمسافر والمريض؟ إذا كانا قادرين على الصيام فهل يقبل منهما أم لا ؟
129 - ما هو قدر الطعام الواجب إخراجه عمن أفطر في رمضان لمرض لا يرجى برؤه؟(1/14)
130 - جدتي كبيرة في السن ولا تعي الصيام ولا الصلاة، ففي رمضان الماضي قمنا بإطعام عن كل يوم مسكيناً، ونريد هذا العام أن نفعل الشيء ذاته فهل هذا الفعل صحيح ؟(1/15)
E
الحمد لله المنعم على عباده بتوفيقهم للقيام بالصالحات , والكفِّ عن الشرور والسيئات , والصلاة والسلام على من بُعث بخيرِ الرسالات ؛ نبينا محمد بن عبد الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعه من الله أفضل صلاة وأزكى سلام .. أما بعد :
فهذه صفحات أعددتها وجمعتها , أوردت فيها أهم وأكثر ما يُسأل عنه في رمضان بلغت 130 سؤالاً ؛ تيسيراً للمسلم الرجوع إليها , ولعلَّها تسهم في تفرغ العلماء للطاعة في الشهر الفضيل , ومن الله العون والتوفيق !
***************
مازال الناس يختلفون في أمر صوم رمضان؛ فبعضهم يصوم لرؤية الهلال ويفطر لرؤيته؛ أخذاً بقوله صلى الله عليه وسلم : "إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فاقدروا له" وبعضهم يصوم قبل رؤيته، ويوافق صومهم يوم طلوع هلال رمضان، والحال أن ذلك خلاف ظاهر الحديث وقد أشكل علينا الأمر، فأفتونا مأجورين.
الجواب:
من صام يوم الثلاثين من شعبان دون ثبوت الرؤية الشرعية , ووافق صومه ذلك اليوم أول دخول رمضان فلا يجزئه؛ لكونه لم يبنِ صومه على أساسٍ شرعي ، ولأنه يوم الشك ، وقد دلَّت السنة الصحيحة على تحريم صومه ، وعليه قضاؤه، قال ابن قدامة رحمه الله في ذلك: وعن أحمد رواية ثالثة: لا يجب ولا يجزئه عن رمضان إن صامه ، وهو قول أكثر أهل العلم؛ منهم أبو حنيفة ومالك والشافعي ومن تبعهم؛ لما روى أبو هريرة –رضي الله عنه - قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين" رواه البخاري، وعن ابن عمر – رضي الله عنهما – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاقدروا له ثلاثين" رواه مسلم، وقد صح أن النبي – صلى الله عليه وسلم – نهى عن صوم يوم الشك متفق عليه، وهذا يوم شك؛ ولأن الأصل بقاء شعبان فلا ينتقل عنه بالشك (انتهى) المغني.(1/1)
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 10/117-118]
ما هي الطريقة الشرعية التي يثبت بها دخول الشهر؟ وهل يجوز اعتماد حساب المراصد الفلكية في ثبوت الشهر وخروجه؟ وهل يجوز للمسلم أن يستعمل ما يسمى (بالدربيل) في رؤية الهلال ؟
الجواب:
الطريقة الشرعية لثبوت دخول الشهر أن يتراءى الناس الهلال ، وينبغي أن يكون ذلك ممن يوثق به في دينه وفي قوة نظره ، فإذا رأوه وجب العمل بمقتضى هذه الرؤية صوماً إن كان الهلال هلال رمضان وإفطاراً إن كان الهلال هلال شوال ، ولا يجوز اعتماد حساب المراصد الفلكية إذا لم تكن رؤية ، فإن كانت هناك رؤية ولو عن طريق المراصد الفلكية فإنها معتبرة ، لعموم قوله النبي – صلى الله عليه وسلم – ( إذا رأيتموه فصوموا ، وإذا رأيتموه فأفطروا ) رواه البخاري (1900) ، ومسلم (1080).
أما الحساب: فإنه لا يجوز العمل به ولا الاعتماد عليه.
وأما استعمال ما يسمى (بالدربيل) ، وهو المنظار المقرب في رؤية الهلال فلا بأس به، ولكن ليس بواجب ؛ لأن الظاهر من السنة أن الاعتماد على الرؤية المعتادة لا على غيرها، ولكن لو استعمل فرأى الشهر من يوثق به فإنه يعمل بهذه الرؤية ، وقد كان الناس قديماً يستعملون ذلك ، حيث كانوا يصعدون على ( المنائر ) في ليلة الثلاثين من شعبان أو ليلة الثلاثين من رمضان فيتراءونه بواسطة هذا المنظار ؛ على كل حال: متى ثبتت رؤيته بأي وسيلة فإنه يجب العمل بمقتضى هذه الرؤية لعموم قوله – صلى الله عليه وسلم -: "إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا".
[الفتاوى لابن عثيمين – كتاب الدعوة (1/150-151)].(1/2)
تواجهنا مشكلة كل عام، وهي بخصوص رؤية هلال رمضان، فبعض الإخوة يصومون مع بلاد الحرمين؛ لعدم الثقة في اللجنة هنا، فإننا لا نراهم يتحرون الرؤية، ولكن نراهم ينتظرون مكالمة تخبرهم بأن يصوموا أو لا، وهنا افترق الناس، فمنهم من يصوم معهم، ومنهم من يصوم مع السعودية، ودائما يكونون هنا متأخرين، فبماذا تنصحوننا؟ علماً أني في نيوزلندة .
الجواب :
الحمد لله رب العالمين، اللهم صلِ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
مسألة الهلال مسألة اختلف العلماء فيها بين قائل: إن رؤية الهلال إذا ثبتت في بلد من البلاد تعم جميع الأقطار، وهذا ما ذهب إليه بعض المالكية حيث يقول خليل: وعم إن نقل بهما عنهما أي: عم جميع الأقطار إذا نقل بعدلين عن عدلين، فإذا رؤي وثبت الهلال في مكان ما فإن هذه الرؤية تعم .
القول الثاني: هو أن الأقطار المتنائية لا يثبت الهلال في بعضها برؤية البعض الآخر، وهذا ما ذهب إليه كثير من العلماء أيضاً، وهو مبني على حديث ابن عباس –رضي الله عنهما- وهو في مسلم (1087) –وبوب عليه النووي : باب بيان أن لكل بلدٍ رؤيتهم، وأنهم إذا رأوا الهلال ببلدٍ يثبت حكمه لما بعد عنهم– بإسناده عن كريب، أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية –رضي الله عنه– بالشام، قالت: فقدمت الشام فقضيت حاجتها، واستهلَّ عليَّ رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس –رضي الله عنهما– ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم، ورآه الناس، وصاموا وصام معاوية –رضي الله عنه-، فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل الثلاثين، أو نراه، فقلت: أولا تكتفي برؤية معاوية –رضي الله عنه- وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم-.(1/3)
وحينئذٍ لا يعمل بالرؤية البعيدة، وبخاصة إذا كان البلدان لا يشتركان في ليل واحد، بحيث إنه ينقضي الليل في أحدهما قبل وصوله إلى المكان الآخر، ففي المسألة خلاف بين العلماء، وحتى في المجامع الفقهية، حيث قرر المجمع الفقهي بأن الاعتبار بالرؤية، وأنه يستأنس فقط بالحساب الفلكي الذي يعتمد على سير القمر ، وعلاقة القمر بالأرض وبالشمس .
القول الثاني: يقول إن الحساب قطعي، وأنه يعتمد عليه، فهو يثبت الحساب على هذا الهلال، وهذا ما ذهب إليه المجلس الأوروبي للبحوث والإفتاء.
فالمسألة واسعة إن شاء الله، فيمكنهم أن يصوموا إذا شاءوا مع السعودية أو مع أي بلد آخر إذا ثبتت الرؤية فيه ثبوتاً شرعياً، كما يمكنهم أن يتحروا الهلال في بلدتهم أو في مكان قريب من بلدهم، حيث قلنا إن تنائي الأقطار يمنع من اعتبار الرؤية في مكان آخر، مع الاستعانة بالفلك وبالمراصد أيضاً، ففي هذا الزمان تطور هذا العلم تطوراً كبيراً، بحيث -كما يقول البعض-: إن الإبرة إذا أرسلت في الجو يمكن الاهتداء إليها، فكيف بالقمر الذي يكون قد ولد أو خرج من الاقتران، وخرج من شعاع الشمس، أي: بعد ساعتين أو ثلاث ساعات من خروجه من شعاع الشمس فإنه يرى، إذا كان خرج منه في وقت يمكن أن يرى في ذلك المكان.
إذاً فالمسألة واسعة، نرجو من المسلمين ألا يختلفوا، فمن منهم قلد من يقول: إن تنائي الأقطار مانع من الإتباع فإنه قد قلد قولاً قوياً، ومن قلد كذلك القول الذي يقول بأن رؤية أي بلد تنسحب على البلد الآخر فهو قول أيضاً جيد، ومن استأنس وبحث عن الحساب الفلكي ليثبت به أو ليؤكد به رؤيته فهذا أيضاً دليل جديد قد يساعد كثيراً على الترجيح.
إلا أنه إذا رئي الهلال قطعاً، وقال الحساب الفلكي إنه لا يرى فحينئذ لا نعتمد على الحساب الفلكي، خلافاً للمجلس الأوروبي الذي قال بالاعتماد على الفلك حينئذ، إذا رأته مستفيضة أي جماعة كبيرة فإننا نقدم الرؤية على الحساب الفلكي.(1/4)
هذا باختصار ما نراه في هذه المسألة، ونوصي بعدم الافتراق وعدم الاختلاف، وأن يتباحثوا فيما بينهم، ويتفقوا على إحدى الطرق التي ذكرناها، فكلها منصوصة في كتب أهل العلم .
هل يجوز لدولة ما أن تبني صيامها على الحسابات الفلكية دون الرؤية العينية لهلال رمضان وكذلك الإفطار على نفس منوال الحسابات دون الرؤية؟
ثانياً: إذا ثبت في هذه الدولة أن يوم العيد الذي عين على أساس أنه عيد هو متمم لرمضان وليس غرة شوال. . . ماذا على الإنسان في هذه الدولة هل يخالف ويصوم أم يفطر معهم ويصلي صلاة العيد معهم؟ علماً بأن هناك خلافاً بين الناس: فريق ينادي بالصيام وفريق آخر يقر بعدم المخالفة.
الجواب:
ج1: هذه المسألة مما وقع فيه الخلاف بين أهل العلم فمنهم من يرى الاعتداد بالحساب مطلقاً ومنهم من لا يراه مطلقاً ومنهم من يفصل والراجح هو التفصيل وهو اعتبار الحساب في نفي الرؤية لا في إثباتها فإذا كان الحساب الموثوق يمنع من الرؤية فإنه لو جاء أحد وقال: إني رأيت الهلال لن نقبل قوله لكن لا نثبت الهلال بمجرد أن الحساب يثبته لاحتمال أن يهل ولا يرى والعبرة بالرؤية لا بمجرد ولادة الهلال ، والله أعلم.
أما من حيث العمل فإذا صام أهل بلدك فصم وإذا أفطروا فأفطر لما روى أبو داود والترمذي وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون))، وقد روي عن عائشة رضي الله عنها بلفظ:((الفطر يوم يفطر الناس والأضحى يوم يضحي الناس)) قال الترمذي في جامعه: إنما معنى هذا الصوم والفطر مع الجماعة وعظم الناس.
ج2: يتبين من الجواب السابق أن الإنسان يتبع ما عليه أهل بلده من صيام أو فطر ولا يجوز له مخالفتهم قال الإمام أحمد في رواية: يصوم مع الإمام وجماعة المسلمين في الصحو والغيم وقال: ((يد الله على الجماعة)).
[[ الشيخ د. خالد بن عبد الله المصلح ]](1/5)
هل هناك أدعية مخصصة عند دخول شهر رمضان المبارك من السنَّة ؟ وماذا يجب على المسلم أن يدعو به في تلك الليلة؟ أفيدوني بارك الله فيكم .
الجواب:
فلا أعلم دعاءً خاصاً يقال عند دخول شهر رمضان، وإنما هو الدعاء العام عن سائر الشهور، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رأى الهلال في رمضان وفي غيره يقول :" اللهم أهله علينا باليمن والإيمان، والسلامة والإسلام، هلال خير ورشد، ربي وربك الله ".
وفي بعض الروايات أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول:" الله أكبر، اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، ربي وربك الله " هذا الدعاء الوارد عند رؤية الهلال لرمضان ولغيره، أما أن يختص رمضان بأدعية تقال عند دخوله فلا أعلم شيئاً في ذلك، لكن لو دعا المسلم بأن يعينه الله على صوم الشهر، وأن يتقبله منه فلا حرج في ذلك، لكن لا يتعين دعاء مخصص.
[[ المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ العلامة د. صالح بن فوزان الفوزان ، الجزء الرابع ص (92) فتوى رقم (91) .]]
ما هي سنن الصوم ؟
الجواب:
الحمد لله .. سنن الصوم كثيرة ؛ منها :
أولاً :
يسن إذا شتمه أحد أو قائله أن يقابل إساءته بالإحسان ويقول : إني صائم ، لما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ( الصيام جنة فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم مرتين والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي الصيام لي وأنا أجزي به والحسنة بعشر أمثالها ) البخاري برقم 1894 ، ومسلم 1151
ثانياً :
يسن للصائم السحور لما ثبت في الصحيحين من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : قال النبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم ( تسحروا فإن في السحور بركة ) رواه البخاري برقم 1923 ، ومسلم برقم 1095
ثالثاًً :(1/6)
يسن تأخير السحور لما رواه البخاري عن أنس عن زيد بن ثابت رضي الله عنهم قال ( تسحرنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قام إلى الصلاة قلت : كم كان بين الأذان والسحور قال قدر خمسين آية ) رواه البخاري 1921
رابعاً :
يسن تعجيل الفطر لقوله - صلى الله عليه وسلم - ( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر ) رواه البخاري برقم 1957 ، ومسلم برقم 1098 ، راجع السؤال رقم ( 49716 )
خامساً :
يسن أن يفطر على رطب فإن لم يجد فعلى تمر فإن لم يجد فعلى ماء ، لحديث أنس - رضي الله عنه - قال ( كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفطر على رطبات قبل أن يصلي ، فإن لم يكن فعلى تمرات ، فإن لم تكن حسا حسوات من ماء ) رواه أبو داود برقم 2356 ، والترمذي 696 ، وحسنه في الإرواء 4 / 45
سادساً :
يسن إذا أفطر أن يقول ما ورد ، والذي ورد هو التسمية ، وهي واجبة على الصحيح لأمره - صلى الله عليه وسلم - ، وورد " اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت ، اللهم تقبل مني إنك أنت السميع العليم " وهو ضعيف كما قال ابن القيم زاد المعاد 2 / 51 ، وورد أيضا " ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله " رواه أبو داود 2357 ، والبيهقي 4 / 239 ، وحسنه في الإرواء 4 / 39
وقد وردت أحاديث في فضل دعوة الصائم منها :
1- عن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ( ثلاث دعوات لا ترد : دعوة الوالد ، ودعوة الصائم ، ودعوة المسافر ) رواه البيهقي 3 / 345 ، وصححه الألباني في الصحيحة 1797
2- عن أبي أمامة مرفوعا ( لله عند كل فطر عتقاء ) رواه أحمد ( 21698 ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب 1/ 491
3- عن أبي سعيد الخدري مرفوعا ( إن الله تبارك وتعالى عتقاء في كل يوم وليلية - يعني في رمضان - وإن لكل مسلم في كل يوم وليلة دعوة مستجابة ) رواه البزار ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب 1 / 491 .
وتراجع الأسئلة ( 37745 ، 37720 ، 13999 ، 14103 ).
[[(1/7)
الإسلام سؤال وجواب]].
ما حكم التهنئة بدخول شهر رمضان بلفظ : (كل عام وأنت بخير) ؟
الجواب:
الحمد لله
ليس للتهنئة بدخول شهر رمضان لفظ معين لا ينبغي للمسلم أن يتعداه إلى غيره ، فيجوز التهنئة بأي لفظ اعتاده الناس مثل : ( كل عام وأنتم بخير) ونحو ذلك من الألفاظ التي ليس فيها محظور شرعي .
والله أعلم .
[[ الإسلام سؤال وجواب ]]
ما هي الكلمة التي توجهونها للأمة الإسلامية بمناسبة شهر رمضان؟
الجواب:
بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعده:
فإني أنصح إخواني المسلمين في كل مكان، بمناسبة دخول شهر رمضان المبارك بتقوى الله عز وجل، والمسابقة إلى كل خير، والتواصي بالحق والصبر عليه، والتعاون على البر والتقوى، والحذر من كل ما حرم الله من سائر المعاصي في كل مكان وزمان ولاسيما في هذا الشهر الكريم، لأنه شهر عظيم، تضاعف فيه الأعمال الصالحات، وتغفر فيه الخطايا لمن صامه وقامه إيماناً واحتساباً.
لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: "إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين".
وقوله – صلى الله عليه وسلم – " الصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم" .
وقوله – صلى الله عليه وسلم -: كل عمل ابن آدم له؛ الحسنة بعشرة أمثالها إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي، للصائم فرحتان، فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك".
وكان – صلى الله عليه وسلم – يبشر أصحابه، بدخول رمضان يقول لهم: "أتاكم شهر رمضان، شهر بركة، ينزل الله فيه الرحمة، ويحط الخطايا، ويستجيب الدعاء، ويباهي الله بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيراً، فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله" .(1/8)
وقال عليه الصلاة والسلام: "من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" .
والأحاديث في فضل شهر رمضان والترغيب في مضاعفة العمل فيه كثيرة.
فأوصي إخواني المسلمين: بالاستقامة في أيامه ولياليه، والمنافسة في جميع أعمال الخير، ومن ذلك الإكثار من قراءة القرآن الكريم بالتدبر والتعقل، والإكثار من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والاستغفار، وسؤال الله الجنة والتعوذ به من النار وسائر الدعوات الطيبة.
كما أوصي إخواني أيضاً: بالإكثار من الصدقة ومواساة الفقراء والمساكين، والعناية بإخراج الزكاة وصرفها في مستحقيها، مع العناية بالدعوة إلى الله سبحانه وتعليم الجاهل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالرفق والحكمة والأسلوب الحسن، مع الحذر من جميع السيئات ولزوم التوبة والاستقامة على الحق، عملاً بقوله سبحانه: "وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" الآية [النور: 31].
وقوله عز وجل: "إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" [الأحقاف:13-14] .
وفق الله الجميع لما يرضيه، وأعاذ الجميع من مضلات الفتن ونزغات الشيطان، إنه جواد كريم.
[مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى (3/147-148)].
ماذا تقولون في تصفيد الشياطين في رمضان ؟
الجواب:
الحمد لله
روى البخاري ( 1899 ) ومسلم ( 1079 ) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ ، وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ ).(1/9)
وقد اختلف العلماء في معنى تصفيد الشياطين في رمضان على أقوال .
قال الحافظ ابن حجر نقلا عن الحليمي : " يحتمل أن يكون المراد أن الشياطين لا يخلصون من افتتان المسلمين إلى ما يخلصون إليه في غيره لاشتغالهم بالصيام الذي فيه قمع الشهوات وبقراءة القرآن والذكر ، وقال غيره - أي غير الحليمي - المراد بالشياطين بعضهم وهم المردة منهم .... وقوله صفدت ... أي شدت بالأصفاد وهي الأغلال وهو بمعنى سلسلت .... قال عياض يحتمل أنه على ظاهره وحقيقته وأن ذلك كله علامة للملائكة لدخول الشهر وتعظيم حرمته ولمنع الشياطين من أذى المؤمنين ، ويحتمل أن يكون إشارة إلى كثرة الثواب والعفو وأن الشياطين يقل إغواؤهم فيصيرون كالمصفدين ، قال ويؤيد هذا الاحتمال الثاني قوله في رواية يونس عن بن شهاب عند مسلم فتحت أبواب الرحمة ، قال ويحتمل أن يكون .... تصفيد الشياطين عبارة عن تعجيزهم عن الإغواء وتزيين الشهوات . قال الزين بن المنير والأول أوجه ولا ضرورة تدعو إلى صرف اللفظ عن ظاهره " فتح الباري 4/114
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن قول النبي صلى الله عليه وسلم ( وصفدت الشياطين ) ومع ذلك نرى أناسا يصرعون في نهار رمضان ، فكيف تصفد الشياطين وبعض الناس يصرعون ؟
فأجاب بقوله : " في بعض روايات الحديث : ( تصفد فيه مردة الشياطين ) أو ( تغل ) وهي عند النسائي ، ومثل هذا الحديث من الأمور الغيبية التي موقفنا منها التسليم والتصديق ، وأن لا نتكلم فيما وراء ذلك ، فإن هذا أسلم لدين المرء وأحسن عاقبة ، ولهذا لما قال عبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل لأبيه : إن الإنسان يصرع في رمضان . قال الإمام : هكذا الحديث ولا تكلم في هذا .
ثم إن الظاهر تصفيدهم عن إغواء الناس ، بدليل كثرة الخير والإنابة إلى الله تعالى في رمضان . "
انتهى كلامه [ مجموع الفتاوى 20 ](1/10)
وعلى هذا فتصفيد الشياطين تصفيد حقيقي الله أعلم به ، ولا يلزم منه ألا يحصل شرور أو معاصي بين الناس .
والله أعلم .
[[الإسلام سؤال وجواب]]
سمعت من الإمام بأن الشيطان غير موجود في شهر رمضان ، إذا كان كلامه صحيحاً فلماذا يصعب على المسلمين ترك المعاصي في شهر رمضان ؟
الحمد لله
أولاً :
القول بأن الشيطان غير موجود في رمضان غير صحيح ، والذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الشياطين تسلسل وتقيد في رمضان .
روى البخاري (1899) ومسلم (1079) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ ، وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ ). راجع السؤال (39736) .
ثانياً :
قال القرطبي :
"فَإِنْ قِيلَ : كَيْفَ نَرَى الشُّرُورَ وَالْمَعَاصِيَ وَاقِعَةً فِي رَمَضَان كَثِيرًا ، فَلَوْ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ (أي : سلسلت) لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ ؟
فَالْجَوَابُ : أَنَّهَا إِنَّمَا تَقِلُّ عَنْ الصَّائِمِينَ الصَّوْم الَّذِي حُوفِظَ عَلَى شُرُوطِهِ وَرُوعِيَتْ آدَابُهُ , أَوْ الْمُصَفَّد بَعْض الشَّيَاطِينِ وَهُمْ الْمَرَدَةُ لا كُلُّهُمْ كَمَا جاء فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ , أَوْ الْمَقْصُودِ تَقْلِيل الشُّرُورِ فِيهِ ، وَهَذَا أَمْر مَحْسُوس فَإِنَّ وُقُوع ذَلِكَ فِيهِ أَقَلّ مِنْ غَيْرِهِ , إِذْ لا يَلْزَمُ مِنْ تَصْفِيد جَمِيعهمْ أَنْ لا يَقَعُ شَرّ وَلا مَعْصِيَة لأَنَّ لِذَلِكَ أَسْبَابًا غَيْر الشَّيَاطِينِ كَالنُّفُوسِ الْخَبِيثَةِ وَالْعَادَات الْقَبِيحَة وَالشَّيَاطِينِ الإِنْسِيَّة اهـ . من فتح الباري .
وسئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام (ص466) :
كيف يمكن التوفيق بين تصفيد الشياطين في رمضان ووقوع المعاصي من الناس ؟
فأجاب :(1/11)
المعاصي التي تقع في رمضان لا تنافي ما ثبت من أن الشياطين تصفد في رمضان ، لأن تصفيدها لا يمنع من حركتها ، ولذلك جاء في الحديث : ( وَيُصَفَّدُ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ ، فَلَا يَخْلُصُوا إِلَى مَا كَانُوا يَخْلُصُونَ إِلَيْهِ فِي غَيْرِهِ ) رواه أحمد (7857) والحديث ذكره الألباني في ضعيف الترغيب (586) وقال : ضعيف جداً .
وليس المراد أن الشياطين لا تتحرك أبدا بل هي تتحرك ، وتضل من تضل ، ولكن عملها في رمضان ليس كعملها في غيره اهـ .
والله اعلم .
[[الإسلام سؤال وجواب]]
ما معنى الصيام لغة وشرعاً؟
الجواب:
فأجاب: الصيام لغة: مجرد الإمساك. فكل إمساك تسميه العرب صوما حتى الإمساك عن الكلام يسمى صوماً.
قال تعالى: "فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيّاً" الآية [مريم: 26].
والإمساك عن الحركة يسمى صياماً كما في قول الشاعر:
خَيْلٌ صِيام وخيل غير صائمة = تحت العجاج وأخرى تَعلُك اللُّجُما
وشرعاً: الإمساك بنية عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس.
ويعرفه بعضهم بأنه: إمساك مخصوص في وقت مخصوص من شخص مخصوص عن أشياء مخصوصة.
[[فتاوى رمضان (1/27 –28) الشيخ العلامة د. عبد الله بن جبرين]].
على من يجب صيام رمضان؟
الجواب:
الصيام يجب أداءً على كل مسلم , بالغ , عاقل , قادر , مقيم , خال من الموانع .
فهذه ستة أوصاف: مسلم . بالغ . عاقل. قادر . مقيم . خالٍ من الموانع .
فأما الكافر: فلا يجب عليه الصوم ولا غيره من العبادات .(1/12)
ومعنى قولنا: "لا يجب عليه الصوم" أنه لا يلزم به حال كفره، ولا يلزمه قضاؤه بعد إسلامه، لأن الكافر لا تقبل منه العبادة حال كفره، لقوله تعالى: "وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ" الآية،[التوبة:54] . ولا يلزمه قضاء العبادة إذا أسلم لقوله تعالى: "قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ" الآية [الأنفال: 38].
لكنه يعاقب على ما تركه من واجبات، حال كفره؛ لقوله تعالى عن أصحاب اليمين وهم يتساءلون عن المجرمين: " مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ* وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ*حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ"[المدثر:42-47].
فذكرهم: ترك الصلاة وإطعام المسكين من أسباب دخولهم النار؛ يدل على أن لذلك تأثيراً في دخولهم النار.
بل إن الكافر يعاقب على كل ما يتمتع به من نعم الله من طعام وشراب ولباس لقول الله تعالى: " لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"[المائدة:93].
فنفي الجناح عن المؤمنين فيما طعموا يدل على ثبوت الجناح على غير المؤمنين فيما طعموا .
ولقوله تعالى: "قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ" الآية [الأعراف: 32].
فقوله: " لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ" يدل على أن الحكم في غير المؤمنين يختلف عن الحكم في المؤمنين.(1/13)
ولكن إذا أسلم الكافر في أثناء رمضان، لم يلزمه قضاء ما سبق إسلامه، فإذا أسلم في ليلة الخامس عشر مثلاً، فالأيام الأربعة عشر لا يلزمه قضاؤها.
وإذا أسلم في أثناء اليوم لزمه الإمساك دون القضاء، فإذا أسلم عند زوال الشمس مثلاً، قلنا له: أمسك بقية يومك ولا يلزمك القضاء؛ فنأمره بالإمساك؛ لأنه صار من أهل الوجوب ولا نأمره بالقضاء؛ لأنه قام بما وجب عليه وهو الإمساك من حين أسلم، ومن قام بما يجب عليه لم يكلف بإعادة العبادة مرة ثانية.
أما العقل: وهو الوصف الثاني للوجوب:
فالعقل هو ما يحصل به الميزة: أي التمييز بين الأشياء، فإذا لم يكن الإنسان عاقلاً فإنه لا صوم عليه كما أنه لا يجب عليه شيء من العبادة سوى الزكاة.
ومن هذا النوع – أي: ممن ليس له عقل – أن يبلغ الإنسان سناً يسقط معه التمييز، وهو ما يعرف عند العامة بالهذرات، فلا يلزم المهذري صوم، ولا يلزم عنه إطعام؛ لأنه ليس من أهل الوجوب.
أما الوصف الثالث: فهو البلوغ.
ويحصل البلوغ بواحد من أمور ثلاثة:
1. إما بأن يتم الإنسان خمس عشرة سنة.
2. أو أن تنبت العانة، وهي الشعر الخشن الذي يكون عند القبل.
3. أو ينزل المني بلذة سواء كان ذلك باحتلام أو بيقظة.
4. وتزيد المرأة أمراً رابعاً هو: الحيض، فإذا حاضت المرأة بلغت.
وعلى هذا: فمن تم له خمس عشرة سنة من ذكر أو أنثى، فقد بلغ.
ومن نبتت عانته ولو قبل خمس عشرة سنة من ذكر أو أنثى، فقد بلغ.
ومن أنزل منيًّا بلذة من ذكر أو أنثى ولو قبل خمس عشرة سنة، فقد بلغ.
ومن حاضت ولو قبل خمس عشرة سنة، فقد بلغت.
وربما تحيض المرأة وهي بنت عشر سنين.
وهنا يجب التنبه لهذه المسألة التي يغفل عنها كثير من الناس، فإن بعض النساء تحيض مبكرة ولا تدري أنه يلزمها الصوم وغيره من العبادات التي يتوقف وجوبها على البلوغ؛ لأن كثيراً من الناس يظن أن البلوغ عند تمام خمس عشرة سنة! وهذا ظن لا أصل له!(1/14)
فإذا لم يكن الإنسان بالغاً، فإن الصوم لا يجب عليه، ولكن ذكر أهل العلم أن الولي مأمور بأن يأمر موليه الصغير من ذكر أو أنثى بالصوم ليعتاده حتى يتمرن عليه ويسهل عليه إذا بلغ، وهذا ما كان الصحابة رضي الله عنهم يفعلونه، فإنهم كانوا يصومون أولادهم الصغار حتى إن الواحد منهم ليبكي فيعطى لعبة من العهن يتلهى بها حتى تغرب الشمس.
وأما الوصف الرابع: فهو أن يكون الإنسان قادراً على الصوم.
أي يستطيع أن يصوم بلا مشقة، فإن كان غير قادر فلا صوم عليه.
ولكن غير القادر ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: أن يكون عجزه عن الصوم مستمراً دائماً كالكبير والمريض مرضاً لا يرجى برؤه، فهذا يطعم عن كل يوم مسكيناً، فإذا كان الشهر ثلاثين يوما أطعم ثلاثين مسكيناً، وإذا كان الشهر تسعة وعشرين يوماً أطعم تسعة وعشرين مسكيناً، وللإطعام كيفيتان:
الكيفية الأولى: أن يخرج حبًّا من أرز أو بر، وقدره ربع صاع بصاع النبي – صلى الله عليه وسلم – أي خمس صاع بالصاع المعروف هنا ويساوي كيلوين وأربعين جراماً بالبر الجيد الرزين، يعني أنك إذا وزنت من البر الرزين الدجن ما يبلغ كيلوين وأربعين جراماً فإن هذا صاع بصاع النبي – صلى الله عليه وسلم - ، والصاع بصاع النبي – صلى الله عليه وسلم – أربعة أمداد، فيكفي لأربعة مساكين.
ويحسن في هذه الحال: أن تجعل معه إذا دفعته إلى الفقير أن تجعل معه شيئاً يؤدمه من لحم أو غيره حسب ما تقتضيه الحال والعرف.
وأما الوجه الثاني من الإطعام: فأن يصنع طعاماً يكفي لثلاثين فقيراً أو تسعة وعشرين فقيراً حسب الشهر ويدعوهم إليه كما ذكر ذلك عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – حين كبر، ولا يجوز أن يطعم شخصاً واحداً مقدار ما يكفي الثلاثين أو التسعة والعشرين؛ لأنه لابد أن يكون عن كل يوم مسكين.(1/15)
أما القسم الثاني من العجز عن الصوم: فهو العجز الذي يرجى زواله وهو العجز الطارئ، كمرض حدث للإنسان أثناء الصوم، وكان يشق عليه أن يصوم، فنقول له: أفطر واقض يوماً مكانه؛ لقول الله تعالى: "فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" الآية [البقرة: من 184].
أما الوصف الخامس: فهو أن يكون مقيماً، وضده مسافر.
المسافر: وهو الذي فارق وطنه لا يلزمه الصوم لقوله تعالى: "فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" .
ولكن الأفضل أن يصوم إلا أن يشق عليه فالأفضل الفطر؛ لقول أبي الدرداء رضي الله عنه: كنا مع النبي – صلى الله عليه وسلم – في يوم شديد الحر وما فينا صائم إلا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وعبد الله بن رواحة.
أما إذا شق عليه الصوم؛ فإنه يفطر ولابد؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – شكي إليه أن الناس قد شق عليهم الصيام فأفطر، ثم قيل له: إن بعض الناس قد صام فقال: "أولئك العصاة، أولئك العصاة" .
أما الوصف السادس: فهو أن يكون خالياً من الموانع.
أي: من موانع الوجوب، وهذا يختص بالمرأة، فيشترط في وجوب الصوم عليها أداءً ألاّ تكون حائضاً ولا نفساء.
فإن كانت حائضاً أو نفساء: لم يلزمها الصوم، وإنما تقضي بدل الأيام التي أفطرت؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم – مقراً ذلك: "أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم"، فإذا حاضت المرأة فلا صوم عليها وتقضي في أيام أخر.
وهنا مسألتان ينبغي التفطن لهما:
المسألة الأولى: أن بعض النساء تطهر في آخر الليل، وتعلم أنها طهرت ولكنها لا تصوم ذلك اليوم ظناً منها أنها إذا لم تغتسل لم يصح صومها وليس الأمر كذلك، بل صومها يصح وإن لم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر.(1/16)
وأما المسألة الثانية: فهي أن بعض النساء تكون صائمة فإذا غربت الشمس وأفطرت جاءها الحيض قبل أن تصلي المغرب، فبعض النساء تقول: إنه إذا أتاها الحيض بعد الفطر وقبل صلاة المغرب فإن صومها ذلك النهار يفسد وكذلك بعض النساء يبالغ أيضاً ويقول: إذا جاءها قبل صلاة العشاء فإن صومها ذلك اليوم يفسد وكل هذا ليس بصحيح.
فالمرأة إذا غربت الشمس، وهي لم تر الحيض خارجاً فصومها صحيح حتى لو خرج بعد غروب الشمس بلحظة واحدة فصومها صحيح.
وهذه ستة أوصاف إذا اجتمعت في الإنسان وجب عليه صوم رمضان أداء ولا يحل له أن يفطر، فإن تخلف واحد منها فعلى ما تقدم.
[[فقه العبادات لابن عثيمين. ص:173- 178]].
هناك صبي كان يصوم رمضان قبل أن يبلغ ، وفي أثناء صومه في نهار رمضان بلغ فهل يجب عليه قضاء ذلك اليوم ؟ وكذلك الكافر إذا أسلم ؟ وكذلك الحائض إذا طهرت ؟ وكذلك المجنون إذا أفاق ؟ وكذلك المسافر إذا عاد وكان مفطراً ؟ وكذلك المريض إذا تعافى وكان قد أفطر ؟ فماذا على هؤلاء من حيث الإمساك في ذلك اليوم والقضاء ؟
الجواب:
الحمد لله
هؤلاء المذكورون في السؤال ليس حكمهم واحداً ، وسبق أن ذكرنا اختلاف العلماء وشيئا من أقوالهم في جواب السؤال رقم (49008) .
ويمكن تقسيم هؤلاء المذكورين في السؤال إلى مجموعتين :
فالصبي إذا بلغ ، والكافر إذا أسلم ، والمجنون إذا أفاق لهم حكم واحد ، وهو وجوب الإمساك ولا يجب عليهم القضاء .
وأما الحائض إذا طهرت والمسافر إذا أقام والمريض إذا شفي فحكمهم واحد أيضا ، فلا يجب عليهم الإمساك ولا يستفيدون بإمساكهم شيئاً ، ويجب عليهم القضاء .
والفرق بين المجموعة الأولى والثانية : أن المجموعة الأولى وجد فيهم شرط التكليف ، وهو البلوغ والإسلام والعقل . وإذا ثبت تكليفهم وجب عليهم الإمساك , ولا يلزمهم القضاء لأنهم أمسكوا حين وجب عليهم الإمساك ، أما قبل ذلك فلم يكونوا مكلفين بالصيام .(1/17)
وأما المجموعة الثانية فإنهم مخاطبون بالصيام لذا كان واجباً في حقهم ، لكن وُجد عندهم عُذرٌ يبيح لهم الفطر , وهو الحيض والسفر والمرض فخفف الله عنهم وأباح لهم الفطر ، فزالت حرمة اليوم في حقهم ، فإذا زالت أعذارهم أثناء النهار لم يستفيدوا شيئا من إمساكهم ، ولزمهم القضاء بعد رمضان .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى :
" إذا قدم المسافر إلى بلده وهو مفطر : فإنه لا يجب عليه الإمساك ، فله أن يأكل ويشرب بقية يومه ؛ لأن إمساكه لا يفيده شيئاً لوجوب قضاء هذا اليوم عليه ، هذا هو القول الصحيح ، وهو مذهب مالك والشافعي ، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله لكن لا ينبغي له أن يأكل ويشرب علناً " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 58 ) .
وقال أيضا :
" إذا طهرت الحائض أو النفساء أثناء النهار لم يجب عليها الإمساك ، ولها أن تأكل وتشرب ، لأن إمساكها لا يفيدها شيئاً لوجوب قضاء هذا اليوم عليها ، وهذا مذهب مالك والشافعي وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد ، وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : ( من أكل أول النهار فليأكل آخره ) ، يعني : من جاز له الفطر أول النهار جاز له الفطر في آخره " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 59 ) .
وسئل الشيخ أيضا :
من أفطر في نهار رمضان لعذر شرعي فهل يجوز له أن يأكل ويشرب بقية اليوم ؟
فأجاب بقوله :
" يجوز له أن يأكل ويشرب ؛ لأنه أفطر بعذر شرعي ، وإذا أفطر بعذر شرعي فقد زالت حرمة اليوم في حقه ، وصار له أن يأكل ويشرب ، بخلاف الرجل الذي أفطر في نهار رمضان بدون عذر ، فإنا نلزمه بالإمساك ، وإن كان يلزمه القضاء ، فيجب التنبه للفرق بين هاتين المسألتين " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 60 ) .
وقال أيضا :(1/18)
" ذكرنا أثناء بحثنا في الصيام أن المرأة إذا كانت حائضاً وطهرت في أثناء النهار : فإن العلماء اختلفوا هل يجب عليها أن تمسك بقية اليوم فلا تأكل ولا تشرب ، أو يجوز لها أن تأكل وتشرب بقية اليوم ، وقلنا : إن في ذلك روايتين عن الإمام أحمد رحمه الله : إحداهما : - وهي المشهور من المذهب - أنه يجب عليها الإمساك ، فلا تأكل ولا تشرب .
والثانية : أنه لا يجب عليها الإمساك ، فيجوز لها أن تأكل وتشرب ، وقلنا : إن هذه الثانية هي مذهب مالك والشافعي رحمهما الله ، وإن ذلك هو المروي عن ابن مسعود رضي الله عنه فإنه قال : ( من أكل أول النهار فليأكل آخره ) ، وقلنا : إن الواجب على طالب العلم في مسائل الخلاف الواجب عليه أن ينظر في الأدلة ، وأن يأخذ بما ترجح عنده منها ، وأن لا يبالي بخلاف أحد ما دام أن الدليل معه ؛ لأننا نحن مأمورون بإتباع الرسل ؛ لقوله تعالى : ( وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ ) .(1/19)
وأما الاحتجاج بما صح به الحديث حيث أمر النبي صلى الله عليه وسلم بصيام عاشوراء في أثناء اليوم ، فأمسك الناس بقية يومهم ، نقول : لا مستند لهم في هذا الحديث ؛ لأن صوم يوم عاشوراء ليس فيه زوال مانع ، وإنما فيه تجدد وجوب ، وفرق بين زوال المانع وتجدد الوجوب ؛ لأن تجدد الوجوب معناه أن الحكم لم يثبت قبل [ وجود ] سببه ، وأما زوال المانع فمعناه أن الحكم ثابت مع المانع لولا هذا المانع ، ومادام هذا المانع موجوداً مع وجود أسباب الحكم ، فمعناه أن هذا المانع لا يمكن أن يصح معه الفعل لوجوده ، ونظير هذه المسألة التي أوردها السائل نظيرها : ما لو أسلم إنسان في أثناء اليوم ، فإن هذا الذي أسلم تجدد له الوجوب ، ونظيرها أيضاً : ما لو بلغ الصبي في أثناء اليوم وهو مفطر ، فإن هذا تجدد له الوجوب فنقول لمن أسلم في أثناء النهار : يجب عليك الإمساك ، ولكن لا يجب عليك القضاء ، ونقول للصبي إذا بلغ في أثناء النهار : يجب عليك الإمساك ، ولا يجب عليك القضاء ، بخلاف الحائض إذا طهرت ، فإنه بإجماع أهل العلم يجب عليها القضاء ، الحائض إذا طهرت أثناء النهار أجمع العلماء على أنها إن أمسكت بقية اليوم لا ينفعها هذا الإمساك ولا يكون صوماً ، وأن عليها القضاء ، وبهذا عرف الفرق بين تجدد الوجوب وبين زوال المانع ،
فمسألة الحائض إذا طهرت من باب زوال المانع ، ومسألة الصبي إذا بلغ أو ما ذكره السائل من إيجاب صوم يوم عاشوراء قبل أن يفرض رمضان ، هذا من باب تجدد الوجوب ، والله الموفق " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 60 ) .
[[ الإسلام سؤال وجواب]]
هل يؤمر الصبي الذي لم يبلغ الخامسة عشرة بالصيام، كما في الصلاة؟
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
نعم يُؤْمر الصِّبيان الذين لم يَبْلُغوا بالصيام إذا أطاقوه، كما كان الصَّحابة –رضي الله عنهم– يفعلون ذلك بصبيانهم.(1/20)
وقد نصَّ أهل العلم على أن الولي يَأمُر من له ولاية عليه من الصغار بالصوم من أجل أن يتمرنوا عليه ويألفوه، وتنطبع أُصول الإسلام في نُفُوسهم حتى تكون كالغريزة لهم. ولكن إذا كان يشق عليهم أو يضرهم فإنهم لا يلزمون بذلك، وإنني أنبه هنا على مسألة يفعلها بعض الآباء أو الأمهات وهي منع صبيانهم من الصيام، على خلاف ما كان الصَّحابة –رضي الله عنهم– يفعلون، يدَّعُون أنهم يمنعون هؤلاء الصِّبيان رحمة بهم وإشفاقاً عليهم، والحقيقة أن رحمة الصِّبيان أمرهم بشرائع الإسلام وتعويدهم عليها وتأليفهم لها. فإن هذا -بلا شك- من حسن التربية وتمام الرعاية.
وقد ثبت عن النبي –صلى الله عليه وسلم– قوله: "إنَّ الرَّجُل رَاع فِي أَهْل بَيْتِه وَمَسْئُولٌ عَن رَعِيَّتِهِ" البخاري (893)، ومسلم (1829)، والذي ينبغي على أولياء الأمور بالنسبة لمن ولاهم الله عليه من الأهل والصغار أن يتقوا الله تعالى، فيهم وأن يأمروهم بما أمروا أن يأمروهم به من شرائع الإسلام.
[[الفتاوى لابن عثيمين – كتاب الدعوة (1/145 –146)]].
هل نية الصيام كافية عن نية صوم كل يوم على حدة؟
الجواب:
من المعلوم أن كل شخص يقوم في آخر الليل ويتسحر، فإنه قد أراد الصوم ولا شك في هذا، لأن كل عاقل يفعل الشيء باختياره لا يمكن أن يفعله إلا بإرادة.
والإرادة هي النية، فالإنسان لا يأكل في آخر الليل إلا من أجل الصوم، ولو كان مراده مجرد الأكل لم يكن من عادته أن يأكل في هذا الوقت. فهذه هي النية ولكن يحتاج إلى مثل هذا السؤال فيما لو قدر أن شخصاً نام قبل غروب الشمس في رمضان وبقي نائماً لم
يوقظه أحد حتى طلع الفجر من اليوم التالي فإنه لم ينو من الليل لصوم اليوم التالي فهل نقول إن صومه اليوم التالي صوم صحيح بناء على النية السابقة؟
أو نقول: إن صومه غير صحيح لأنه لم ينوه من ليلته؟(1/21)
نقول: إن صومه صحيح لأن القول الراجح أن نية صيام رمضان في أوله كافية؛ فلا يحتاج إلى تجديد النية لكل يوم؛ اللهم إلا أن يوجد سبب يبيح الفطر فيفطر في أثناء الشهر فحينئذ لابد من نية جديدة لاستئناف الصوم.
[[الفتاوى لابن عثيمين، كتاب الدعوة (1/144-145)]].
ماصحة حديث " من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له "؟
الجواب:
حديث " من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له " :
أخرجه أبو داود وغيره ـ كما سيأتي ـ فقال في 2/823،باب النية في الصيام ح ( 2454 ) :
حدثنا أحمد بن صالح ، حدثنا عبد الله بن وهب ، حدثني ابن لهيعة ،ويحيى بن أيوب عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم ، عن ابن شهاب ،عن سالم بن عبد الله ، عن أبيه ،عن حفصة زوج النبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له" .
تخريجه :
*أخرجه ابن خزيمة 3/212 ح ( 1933 ) عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ،ويونس بن عبد الأعلى ، كلاهما عن عبد الله بن وهب به بنحوه .
*وأخرجه أحمد 6/287 عن حسن بن موسى الأشيب ، والطحاوي في " شرح المعاني " 2/54 ، والطبراني في " الكبير "23/206ح (367) من طريق عبد الله بن يوسف ، كلاهما ( حسن ، وعبد الله ) عن ابن لهيعة به بنحوه ،إلاّ أن حسن بن موسى لم يذكر ابن عمر .(1/22)
*وأخرجه الترمذي 3/108 ، باب ما جاء " لا صيام لمن يعزم من الليل " ح ( 730 ) من طريق سعيد بن أبي مريم ، والنسائي 4/196 ، باب ذكر اختلاف الناقلين لخبر حفصة ( 2339 ) ، والدارمي 1/431 ح ( 1650 ) من طريق سعيد بن شرحبيل ، والنسائي ح ( 2332 ) من طريق شعيب بن الليث بن سعد ، كلاهما ( سعيد ، وشعيب ) عن الليث سعد ، والنسائي ح ( 2333 ) من طريق أشهب ، وابن حبان في " المجروحين " 2/46 ، والدارقطني 2/135 ح ( 2193 ) ، والبيهقي 4/203 من طريق عبد الله بن عباد المصري ،عن المفضل بن فضالة ، أربعتهم ( ابن أبي مريم ، والليث ، وأشهب ، والمفضل ) عن يحيى بن أيوب به بنحوه إلاّ أن سعيد بن شرحبيل أسقط ابن شهاب في حديثه ، وقال المفضل في حديثه : عن يحيى بن أيوب ، عن يحي بن سعيد الأنصاري ،عن عمرة ،عن عائشة ، وفي رواية أشهب قال : عن يحيى وآخر .
*وأخرجه ابن أبي شيبة 2/292 ح ( 9111 ) ـ ومن طريقه ابن ماجه 1/542 باب ما جاء في فرض الصوم من الليل والخيار في الصوم ح ( 1700 ) ـ عن خالد بن مخلد القطواني ، عن إسحاق بن حازم ، عن عبد الله بن أبي بكر به بنحوه ، إلاّ أنه لم يذكر الزهري في حديثه .
*وأخرجه مالك في " الموطأ " 1/288 ح ( 5 ) ، ومن طريقه النسائي 4/197 ح ( 2341 ) .(1/23)
والنسائي 4/197 ح ( 2337 ، 2338 ) من طريق ابن المبارك ، وعبد الرزاق 4/275 ح ( 7786 ) ـومن طريقه البخاري في " التاريخ الأوسط" 2/252 . كلاهما (ابن المبارك ، وعبد الرزاق ) عن معمر ، والنسائي 4/197 ح ( 2334 ) من طريق ابن جريج ، والنسائي 4/197 ح ( 2335 ) من طريق عبيد الله بن عمر ، والنسائي 4/197 ح ( 2338 ) من طريق ابن المبارك ، عن ابن عيينة ، والبخاري في " الأوسط " 2/253 من طريق عبد الرحمن بن إسحاق المدني ، وعقيل سبعتهم ( مالك ، وابن جريج ، وعبد الله ، ومعمر ، وابن عيينة ، وعبد الرحمن ،وعقيل ) عن الزهري به بنحوه إلاّ أنهم جميعاً – سوى ابن جريج – جعلوه موقوفاً على حفصة ، ولم يذكر معمر – فيما رواه عنه عبد الرزاق – ابن عمر في حديثه ،وقال أي معمر ـ فيما رواه عنه ابن المبارك – وابن عيينة : عن ابن شهاب ، عن حمزة بن عبد الله ابن عمر ،عن أبيه عن حفصة قولها ، وزاد عقيل : وابن عمر ، وجعله مالك : عن الزهري عن حفصة وعائشة قولهما .
*وأخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " 2/55 من طريق صالح بن أبي الأخضر ، والبخاري – معلقاً – في " التاريخ الأوسط " 2/253 عن عبد الرحمن بن نمر ، كلاهما ( صالح ، وابن نمر ) عن سالم ،عن أبيه موقوفاً عليه .
*ورواه مالك في " الموطأ " 1/288 ح ( 5 ) ، ومن طريقه النسائي 4/198 ح ( 2343 ) ، والنسائي 4/192 ح ( 2342 ) من طريق المعتمر بن سليمان ، وعبد الرزاق 4/275 ح ( 7787 ) ، كلاهما ( المعتمر ، وعبد الرزاق ) عن عبيد الله بن عمر ، وعبد الرزاق ح ( 7787 ) عن ابن جريج ، والطحاوي في " شرح المعاني " 2/55 من طريق موسى بن عقبة ،
أربعتهم ( مالك ، وعبيد الله ، وابن جريج ، وموسى ) عن نافع ، عن ابن عمر قوله، إلاّ أن ابن جريج وعبيد الله بن عمر – فيما رواه عنه عبد الرزاق – جعلاه عن حفصة موقوفاً عليها .
الحكم عليه :(1/24)
إسناد أبي داود متصل ورجاله ثقات ، سوى يحيى بن أيوب ، فإنه صدوق ، وابن لهيعة وهو مضعّف .
وقد تبين من التخريج السابق أنه وقع اختلاف على عبد الله بن أبي بكر بن حزم في إسقاط ذكر الزهري من الإسناد ، والصواب مع من أثبته ، لأن اللذين أسقطاه هما : إسحاق بن حازم ، ويحيى بن أيوب – فيما رواه سعيد بن شرحبيل ، عن الليث بن سعد عنه – وكلاهما صدوق ، وقد خولفا : فأما إسحاق بن حازم فخلاصة حاله ما ذكره ابن حجر في التقريب ( 100 ) : " صدوق تكلم فيه للقدر " وقد خالف من هو أوثق منه ، وأما سعيد بن شرحبيل فهو " صدوق " أيضاً ، كما في التقريب ( 237 ) ، وقد خالفه شعيب بن الليث ، وابن وهب في روايتهما عن الليث ، وهما أوثق منه ، ولعلّ هذا الاضطراب من قبل يحيى بن أيوب نفسه ، فقد سبق كلام الأئمة في حفظه ، حتى قال فيه الإمام أحمد : سيئ الحفظ .
فالمحفوظ إذن في حديث عبد الله بن أبي بكر ، هو ذكر الزهري بينه وبين سالم ،فيبقى الاختلاف في رفع الحديث ووقفه .
وقد ظهر من التخريج السابق أن عبد الله بن أبي بكر ، ومن تابعه عن الزهري – وهو ابن جريج – قد خولفا في رفع هذا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث رواه الأكثرون من أصحاب الزهري موقوفاً على حفصة ، وبعضهم يجعله موقوفاً على ابن عمر ، وبعضهم يجمع بينهما ، وهذا بيان رواياتهم ـ ملخصاً ـ :
1 – الزهري عن سالم عن ابن عمر عن حفصة موقوفاً عليها : وقد روى هذا الوجه عنه مالك ، وعبيد الله ، وعبد الرحمن بن إسحاق المدني ، وعقيل ، ويونس ،ومعمر - فيما رواه عنه عبد الرزاق - ، إلاّ أنه – أي معمر – لم يذكر ( ابن عمر ) في حديثه ، وزاد عقيل : وابن عمر مع حفصة ، وجعله مالك : عن الزهري ، عن حفصة ،وعائشة قولهما .
2 – الزهري عن سالم عن ابن عمر قوله : وقد رواه عنه صالح بن أبي الأخضر ،وعبد الرحمن بن نمر ، ويونس ،وعقيل الأيليان.(1/25)
وقد تابع سالماً – فيما رواه الجماعة بجعله موقوفاً على ابن عمر أو حفصة – راويان آخران وهما :
1 – نافع ، وقد رواه عن ابن عمر موقوفاً عليه – فيما رواه عنه مالك وموسى بن عقبة ، وعبيد الله بن عمر – فيما رواه عنه المعتمر بن سليمان - ، ورواه نافع ، عن ابن عمر ، عن حفصة موقوفاً عليها ـ فيما رواه عنه ابن جريج وعبيد الله بن عمر ـ فيما رواه عنه عبد الرزاق ـ .
2 – حمزة بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، عن حفصة موقوفاً عليها : وقد رواه عنه سفيان بن عيينة ، ومعمر – فيما رواه عنه ابن المبارك – عن الزهري عنه - .
ولأجل تتابع هؤلاء الحفاظ من أصحاب الزهري على رواية هذا الوجه ، فقد نصّ جماعة من الأئمة على ترجيح الوجه الموقوف ومنهم :
1 – الإمام أحمد : حيث قال : " ماله عندي ذلك الإسناد ، إلا أنه عن ابن عمر وحفصة إسنادان جيدان " ا هـ . نقله عنه الميموني ، كما في شرح العمدة لشيخ الإسلام ابن تيمية 1/183 ، وابن عبد الهادي في التنقيح 2/282 .
2 – البخاري : حيث قال في " التاريخ الأوسط " 2/253 : "غير المرفوع أصح " ا هـ .
ونقل الترمذي عنه في " العلل الكبير " (118) ح ( 202 ) أنه خطأه – أي مرفوعاً – ثم قال : "وهو حديث فيه اضطراب ، والصحيح عن ابن عمر موقوف ،ويحيى بن أيوب صدوق " ا هـ .
3 – أبو حاتم الرازي : فقد نقل عنه ابنه في " العلل " 1/225 قوله : " وقد روي عن الزهري عن حمزة عن ابن عمر عن حفصة قولها ، وهذا عندي أشبه " ا هـ .
4 – النسائي : ففي " التحفة " للمزي 11/286 أنه قال : " الصواب عندنا موقوف ، ولم يصح رفعه – والله أعلم – لأن يحيى بن أيوب ليس بالقوي ، وحديث ابن جريج ،عن الزهري غير محفوظ " ا هـ .
5 – الترمذي 3/108 : " حديث حفصة [ غريب ] لا نعرفه مرفوعاً إلاّ من هذا الوجه ، وقد روي عن نافع عن ابن عمر قوله ، وهو أصح ، وهكذا أيضاً روي عن الزهري مرفوعاً ، ولا نعلم أحداً رفعه إلاّ يحيى بن أيوب ... " ا هـ.(1/26)
6 – الطحاوي في شرح المعاني 2/55 .
7 – الدارقطني كما في " العلل " [ 5/ق 166 ] حيث قال : " رفعه غير ثابت " ا هـ .
8 – ابن عبد البر ، كما نقله عنه العنيني في " عمدة القاري " 10/305 .
9 – ابن التركماني ، كما في " الجوهر النقي " 4/202 .
10 – المزي كما في التحفة 11/285 .
11 – ابن القيم ، كما يظهر من كلامه في تهذيب السنن 3/331 .
12 – ابن عبد الهادي في " التنقيح " 2/280 .
13 – ابن كثير في تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب ص (306) ح (247 ).
وقد خالف هؤلاء الأئمة آخرون فصححوه مرفوعاً ومنهم :
1 – ابن خزيمة ، - كما تقدم - .
2/3 - نقل الحافظ ابن حجر في الفتح 4/169 ح(1924 ) أن ابن حبان والحاكم صححاه ، ولم أجدهما في المطبوع من صحيحهما .
4 – البيهقي 4/202 حيث قال : " وهذا حديث قد اختلف على الزهري في إسناده ، وفي رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وعبد الله بن أبي بكر أقام أسناده ورفعه ، وهو من الثقات الأثبات " ا هـ . ثم ساق طريق ابن جريج التي تابع فيها ابن أبي بكر على الرفع – وهذا – فيما يظهر ميل منه إلى ترجيح المرفوع .
5 – الخطّابي ، كما في " المعالم " 3/332 .
6 – ابن حزم في المحلى 6/161 .
7 – النووي في " المجموع " 6/289 .
فهذا ما يتعلق بالاختلاف في رفعه ووقفه ، على أن في الحديث اختلافاً أوسع من هذا لكن ما ذكرته هو غالب الخلاف فيه ،وما لم اذكره فهو عائد إليه ،والله أعلم .
وأما ما يتعلق بالاختلاف في إسناده على الزهري :
فقد رواه الإمام مالك ،عن الزهري ،عن عائشة وحفصة قولهما – فلم يذكر سالماً – وما رواه عن نافع ،عن ابن عمر قوله ، وتابعه عليه عبيد الله بن عمر ـ كما تقدم ـ فهذان الوجهان كلاهما محفوظ عن الإمام مالك ، إلاّ أن رواية الزهري ،عن عائشة وحفصة منقطعة ، لأنه لم يدركهما رضي الله عنهما ، ولذا قال النسائي – كما في التحفة 11/285 ـ : " أرسله مالك بن أنس " .(1/27)
وأما الطريق التي رواها عبد الله بن عباد المصري عن الفضل بن فضالة ،عن يحيى بن أيوب ،عن يحيى بن سعيد الأنصاري ،عن عمرة ،عن عائشة مرفوعاً " من لم يبيت ... " فلا تصلح شاهداً للوجه المرفوع، لأن هذا الإسناد مقلوب – كما قال ابن حبان – والصواب فيه :عن يحيى بن أيوب ،عن عبد الله بن أبي بكر ،عن الزهري ،عن سالم ،عن أبيه ،عن حفصة ،وآفة هذا الإسناد ،هو عبد الله بن عباد المصري ، قال عنه ابن حبان في " المجروحين " 2/46 :"شيخ يقلب الأخبار ،روى عن المفضل بن فضالة ... ثم ساق الحديث السابق– ثم قال :روى عنه روح بن الفرج ،أبو الزنباع نسخة موضوعة ".ا هـ.
وحديث عائشة هذا من رواية روح عنه،وهو على ضعفه،فقد تفرد به كما قال الدارقطني .
وقد جاء حديث آخر من حديث ميمونة بنت سعد مرفوعاً بنحو حديث الباب أخرجه الدارقطني 2/136 ح ( 2197 ) لكنه من رواية الواقدي ، وهو متروك، ينظر نصب الراية 4/435 .
والخلاصة مما تقدم ما يلي :
1 – أن الصواب عن عبد الله بن أبي بكر ، هو إثبات الزهري بينه وبين سالم .
2 – أن الحديث اختلف في رفعه ووقفه على الزهري ، وأن الراجح وقفه ، لأن المتقنين لحديث الزهري والعارفين به ، رووه موقوفاً ، وهم أيضاً أكثر من الذين رفعوه ،وأن حذاق الأئمة – كما قال ابن عبد الهادي في التنقيح 2/280 – من المتقدمين على ترجيح الموقوف ، إما على ابن عمر ،أو على حفصة رضي الله عنهم ، وسند الموقوف صحيح .
3 – أن ما روي مرفوعاً في هذا الباب ،عن عائشة أو ميمونة بنت سعد ، فإنه لا يصح ، والله أعلم .
[[ د. عمر المقبل ]]
هل يجب علينا الكف عن السحور عند بدء أذان الفجر، أم يجوز لنا الأكل والشرب حتى ينتهي المؤذن؟
الجواب:
إذا كان المؤذن معروفاً بأنه لا ينادي إلا على الصبح فإنه يجب الكف عن الأكل والشرب وسائر المفطرات من حين يؤذن.(1/28)
أما إذا كان الأذان بالظن والتحري حسب التقاويم فإنه لا حرج في الشرب أو الأكل وقت الأذان، لما ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: "إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم".
قال الراوي في آخر هذا الحديث: "وكان ابن أم مكتوم رجلاً أعمى، لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت" متفق على صحته.
والأحوط للمؤمن والمؤمنة الحرص على إنهاء السحور قبل الفجر عملاً بقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" وقوله – صلى الله عليه وسلم - "من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه".
أما إذا علم أن المؤذن ينادي بليل لتنبيه الناس على قرب الفجر، كفعل بلال فإنه لا حرج في الأكل والشرب حتى ينادي المؤذنون الذين يؤذنون على الصبح عملاً بالحديث المذكور .
[[تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام، لسماحة الشيخ ابن باز ص: (170)]]
هل السحور واجب؟ وما المراد بالبركة في قوله – صلى الله عليه وسلم " فإن في السحور بركة"؟
الجواب:
السحور هو الأكلة قبيل الإمساك وهو مستحب، يقول عليه الصلاة والسلام: "تسحروا فإن في السحور بركة" البخاري (1923)، ومسلم (1095).
والأمر في قوله: "تسحروا" للإرشاد، ولأجل ذلك علله بالبركة التي هي كثرة الخير.
وروي أنه – صلى الله عليه وسلم – ترك السحور لما كان يواصل، فدل على أنه ليس بفرض، ومن الأحاديث الدالة على استحباب السحور: أنه – صلى الله عليه وسلم – أمر أصحابه – رضوان الله عليهم – أن يتسحروا ولو بتمرة أو بمذقة لبن حتى يتم الامتثال.
ويقول – صلى الله عليه وسلم -: "فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر" مسلم (1096).(1/29)
والمراد بالبركة التي في الحديث أن الذي يتسحر يبارك له في عمله فيوفق لأن يعمل أعمالاً صالحة في ذلك اليوم، بحيث إن الصيام لا يثقله عن أداء الصلوات، ولا يثقله عن الأذكار وعن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بخلاف ما إذا ترك السحور فإن الصيام يثقله عن الأعمال الصالحة لقلة الأكل، ولكونه ما عهد الأكل إلا في أول الليل.
[[فتاوى الصيام، للعلامة الشيخ د. عبدالله بن جبرين ص: (16 –17)]]
ما حكم تناول الطعام أثناء أذان الفجر ؟ لقوله عليه الصلاة والسلام ( إذا أقيمت الصلاة والإناء في يد أحدكم فلا يدعه حتى يقضي حاجته ) .
الجواب:
الحمد لله.
أولاً :
الحديث الذي ذكره السائل لم يرو بهذا اللفظ ، ولفظه : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِذَا سَمِعَ أَحَدُكُمْ النِّدَاءَ وَالإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ فَلا يَضَعْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ ) رواه أحمد (10251) وأبو داود (2350) وصححه الألباني في صحيح أبي داود . وسيأتي معناه عند العلماء .
ثانياً :
يلزم الصائم الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الصادق ، إلى غروب الشمس . فالعبرة بطلوع الفجر ، لا بالأذان . قال الله تعالى ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) البقرة/187.
فمن تيقن طلوع الفجر الصادق لزمه الإمساك ، وإن كان في فمه طعام لزمه أن يلفظه ، فإن لم يفعل فسد صومه.
وأما من لم يتيقن طلوع الفجر ، فله أن يأكل حتى يتيقن . وكذا لو علم أن المؤذن يؤذن قبل الوقت ، أو شك أنه يؤذن في الوقت أو قبله ، فله أن يأكل حتى يتيقن ، والأولى له أن يُمسك بمجرد سماع الأذان .
وأما الحديث المذكور ، فحمله العلماء على أن المؤذن كان يؤذن قبل طلوع الفجر .
قال النووي رحمه الله في المجموع (6/333) :(1/30)
" ذكرنا أن من طلع الفجر وفي فيه (فمه) طعام فليلفظه ويتم صومه , فإن ابتلعه بعد علمه بالفجر بطل صومه , وهذا لا خلاف فيه , ودليله حديث ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ بِلالا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ) رواه البخاري ومسلم , وفي الصحيح أحاديث بمعناه .
وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إِذَا سَمِعَ أَحَدُكُمْ النِّدَاءَ وَالإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ فَلا يَضَعْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ ) وفي رواية : ( وكان المؤذن يؤذن إذا بزغ الفجر ) فروى الحاكم أبو عبد الله الرواية الأولى , وقال : هذا صحيح على شرط مسلم , ورواهما البيهقي ، ثم قال : وهذا إن صح محمول عند عوام أهل العلم على أنه صلى الله عليه وسلم علم أنه ينادي قبل طلوع الفجر بحيث يقع شربه قبيل طلوع الفجر . قال : وقوله ( إذا بزغ ) يحتمل أن يكون من كلام من دون أبي هريرة ، أو يكون خبراً عن الأذان الثاني , ويكون قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا سَمِعَ أَحَدُكُمْ النِّدَاءَ وَالإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ ) خبراً عن النداء الأول ، ليكون موافقا لحديث ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم . قال : وعلى هذا تتفق الأخبار .
وبالله التوفيق , والله أعلم " انتهى .
وذكر ابن القيم رحمه الله في تهذيب السنن أن بعض السلف أخذ بظاهر الحديث الوارد في السؤال ، وأجازوا الأكل والشرب بعد سماع أذان الفجر ، ثم قال :(1/31)
" وَذَهَبَ الْجُمْهُور إِلَى اِمْتِنَاع السُّحُور بِطُلُوعِ الْفَجْر , وَهُوَ قَوْل الأَئِمَّة الأَرْبَعَة , وَعَامَّة فُقَهَاء الأَمْصَار , وَرَوَى مَعْنَاهُ عَنْ عُمَر وَابْن عَبَّاس . وَاحْتَجَّ الأَوَّلُونَ بِقَوْلِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّن اِبْن أُمّ مَكْتُوم , وَلَمْ يَكُنْ يُؤَذِّن إِلا بَعْد طُلُوع الْفَجْر ) كَذَا فِي الْبُخَارِيِّ , وَفِي بَعْض الرِّوَايَات ( وَكَانَ رَجُلا أَعْمَى لا يُؤَذِّن حَتَّى يُقَال لَهُ : أَصْبَحْت أَصْبَحْت ) . . . وَاحْتَجَّ الْجُمْهُور بِقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّن لَكُمْ الْخَيْط الأَبْيَض مِنْ الْخَيْط الأَسْوَد مِنْ الْفَجْر ) , وَبِقَوْلِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّن اِبْن أُمّ مَكْتُوم ) , وَبِقَوْلِهِ ( الْفَجْر فَجْرَانِ , فَأَمَّا الأَوَّل فَإِنَّهُ لا يُحَرِّم الطَّعَام ، وَلا يُحِلّ الصَّلاة , وَأَمَّا الثَّانِي فَإِنَّهُ يُحَرِّم الطَّعَام ، وَيُحِلّ الصَّلاة ) رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي سُنَنه " انتهى
وقد وردت آثار عن بعض السلف ، تدل على إباحة الأكل للصائم ، حتى يتيقن طلوع الفجر ، وأورد ابن حزم رحمه الله منها جملة كثيرة ، ومنها : ( أن عمر بن الخطاب كان يقول : إذا شك الرجلان في الفجر فليأكلا حتى يستيقنا ...
عن ابن عباس قال : أحل الله الشراب ما شككت ; يعني في الفجر . . .
وعن مكحول قال : رأيت ابن عمر أخذ دلوا من زمزم وقال لرجلين : أطلع الفجر ؟ قال أحدهما : قد طلع , وقال الآخر : لا ; فشرب ابن عمر)
وقال ابن حزم معلقا على الحديث المسئول عنه وجملة من الآثار المشابهة : " هذا كله على أنه لم يكن يتبين لهم الفجر بعد ; فبهذا تتفق السنن مع القرآن " انتهى من المحلى (4/367) .(1/32)
ولاشك أن أكثر المؤذنين اليوم يعتمدون على الساعات والتقاويم ، لا على رؤية الفجر ، وهذا لا يعتبر يقينا في أن الفجر قد طلع ، فمن أكل حينئذ ، فصومه صحيح ، لأنه لم يتيقن طلوع الفجر ، والأولى والأحوط أن يمسك عن الأكل .
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ما نصه : ما الحكم الشرعي في صيام من سمع أذان الفجر واستمر في الأكل والشرب ؟
فأجاب : " الواجب على المؤمن أن يمسك عن المفطرات من الأكل والشرب وغيرهما إذا تبين له طلوع الفجر ، وكان الصوم فريضة كرمضان وكصوم النذر والكفارات ؛ لقول الله عز وجل ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) البقرة/187 . فإذا سمع الأذان وعلم أنه يؤذن على الفجر وجب عليه الإمساك . فإن كان المؤذن يؤذن قبل طلوع الفجر ، لم يجب عليه الإمساك ، وجاز له الأكل والشرب حتى يتبين له الفجر .
فإن كان لا يعلم حال المؤذن هل أذن قبل الفجر أو بعد الفجر ، فإن الأولى والأحوط له أن يمسك إذا سمع الأذان ، ولا يضره لو شرب أو أكل شيئا حين الأذان لأنه لم يعلم بطلوع الفجر .
ومعلوم أن من كان داخل المدن التي فيها الأنوار الكهربائية لا يستطيع أن يعلم طلوع الفجر بعينه وقت طلوع الفجر ، ولكن عليه أن يحتاط بالعمل بالأذان والتقويمات التي تحدد طلوع الفجر بالساعة والدقيقة ، عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لا يَرِيبُكَ ) وقوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ ) والله ولي التوفيق ".
انتهى نقلا عن "فتاوى رمضان" جمع أشرف عبد المقصود (ص 201) .(1/33)
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ما نصه : ( قلتم حفظكم الله إنه يجب الإمساك بمجرد سماع المؤذن ويحدث ومن عدة سنوات أنهم لا يمسكون عن الطعام حتى نهاية الأذان ، فما حكم عملهم هذا ؟
فأجاب فضيلته بقوله : الأذان لصلاة الفجر إما أن يكون بعد طلوع الفجر أو قبله ، فإن كان بعد طلوع الفجر فإنه يجب على الإنسان أن يمسك بمجرد سماع النداء ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( إنَّ بِلالا كَانَ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ، فَإِنَّهُ لا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ ) . فإذا كنت تعلم أن هذا المؤذن لا يؤذن إلا إذا طلع الفجر فأمسك بمجرد أذانه ، أما إذا كان المؤذن يؤذن بناء على ما يعرف من التوقيت ، أو بناء على ساعته فإن الأمر في هذا أهون .
وبناء على هذا نقول لهذا السائل : إن ما مضى لا يلزمكم قضاؤه ، لأنكم لم تتيقنوا أنكم أكلتم بعد طلوع الفجر ، لكن في المستقبل ينبغي للإنسان أن يحتاط لنفسه ، فإذا سمع المؤذن فليمسك )
انتهى نقلا عن "فتاوى رمضان" (ص 204) .
وقال الشيخ رحمه الله منبها على ما يقال عن التقويم وعدم دقته : ( لأن بعض الناس الآن يشككون في التقويم الموجود بين أيدي الناس ، يقولون : إنه متقدم على طلوع الفجر ، وقد خرجنا إلى البر وليس حولنا أنوار ، ورأينا الفجر يتأخر ، حتى بالغ بعضهم وقال : يتأخر ثلث ساعة .(1/34)
لكن الظاهر أن هذا مبالغة لا تصح ، والذي نراه أن التقويم الذي بين أيدي الناس الآن فيه تقديم خمس دقائق في الفجر خاصة ، يعني لو أكلت وهو يؤذن على التقويم فلا حرج ، إلا إذا كان المؤذن يحتاط ويتأخر ، فبعض المؤذنين جزاهم الله خيرا يحتاطون ولا يؤذنون إلا بعد خمس دقائق من التوقيت الموجود الآن ، وبعض جهال المؤذنين يتقدمون في أذان الفجر ، زعما منهم أن هذا أحوط للصوم ، لكنهم ينسون أنهم يهملون ما هو أشد من الصوم وهو صلاة الفجر ، ربما يصلي أحد قبل الوقت بناء على أذانهم ، والإنسان إذا صلى قبل الوقت ولو بتكبيرة الإحرام ، ما صحت صلاته ...)
من مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله (ج 19 سؤال رقم 772)
والله أعلم .
ما صحة حديث " إذا سمع أحدكم النداء ، والإناء على يده ، فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه " ؟
الجواب:
رواه أبو داود ـ وغيره كما سيأتي ـ في 2/761 ، باب في الرجل يسمع النداء والإناء
على يده ح (2350) فقال :حدثنا عبد الأعلى بن حماد ،حدثنا حماد ،عن محمد بن عمرو،عن أبي سلمة عن أبي هريرة – رضي الله عنه - 61556; قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- 61541; : "إذا سمع أحدكم النداء،والإناء على يده،فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه " .
تخريجه :
*أخرجه الدارقطني 2/128 ح ( 2162 ) من طريق أبي داود .
*وأخرجه الحاكم 1/426 من طريق الحسن بن سفيان ،عن عبد الأعلى بن حماد به بلفظه.
*وأخرجه أحمد 2/510 ،وفي 4/423 ، والحاكم 1/203،205 من طرق عن حماد بن سلمة به بلفظه .(1/35)
*وأخرجه أحمد 2/510 ، وابن جرير 2/175 عن أحمد بن إسحاق الأهوازي ، والبيهقي 4/218 من طريق أحمد بن عبيد الله النرسي ، ومحمد بن أحمد الرياحي ، ( أحمد ، والأهوازي ، والنرسي ، والرياحي ) عن روح بن عبادة، عن حماد بن سلمة ، عن عمار بن أبي عمار ، عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظه ، لكن زاد أحمد ، والأهوازي، والرياحي في حديثهم : " وكان المؤذن يؤذن إذا بزغ الفجر " .
*وعلقه ابن حزم في المحلى 6/233 عن حماد بن سلمة ،عن حميد ،عن أبي رافع أو غيره ،
عن أبي هريرة موقوفاً بلفظ :" أنه سمع النداء ، والإناء على يده ، فقال : أحرزتها ورب الكعبة " .
*وأخرجه أحمد 2/423 عن غسان بن الربيع البصري ،عن حماد بن سلمة عن يونس بن عبيد ، عن الحسن مرسلاً بلفظه .
الحكم عليه :
إسناد أبي داود متصل ورجاله ثقات ،سوى محمد بن عمرو ، فإنه صدوق له أوهام .
وحديث الباب صححه الحاكم ، وجوّد إسناده شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة 1/52 .
وقال أبو حاتم الرازي – كما في العلل لابنه 1/123-124 ، 256-257 عن طريق حماد عن محمد بن عمرو : " ليس بصحيح " ، ولم يبين أبو حاتم سبب ذلك ، وهناك أسباب يمكن أن يعزى إليها عدم تصحيحه للحديث وهي :
1 – تفرد حماد عن محمد بن عمرو بن علقمة بالحديث .
2 – رواية الحديث عن حماد على أوجه مختلفة وهي أربعة – كما تقدم في التخريج .
3 – خطأ حماد في الإسناد الآخر ، وهو روايته عن عمار بن أبي عمار ، قال أبو حاتم :
" أما حديث عمار فعن أبي هريرة موقوف ، وعمار ثقة " ا هـ .
فهذه إشارة من أبي حاتم إلى وهم حماد في رفعه – والله أعلم – ويؤيد هذا أن حماداً
قد اختلف عليه – كما تقدم – فكأنه لم يضبط هذا الحديث .
وأما قول شعبة : كان حماد يفيدني عن عمار بن أبي عمار ، وقول ابن المديني : هو أعلم(1/36)
الناس بثابت ، وعمار بن أبي عمار – كما في السير 7/445،446 – فلا ينافى ما ذهب إليه أبو حاتم من تعليل الوجه المرفوع ، إذ يحمل ثناء شعبة وابن المديني عليه على العموم
، وكلام أبي حاتم مستثنى من هذا العموم ليتم الجمع بين أقوال الأئمة ما دام ذلك ممكناً .
هذا ، وقد جاء معنى هذا الحديث عن جماعة من الصحابة ومنهم :
1 – جابر بن عبد الله رضي الله عنهما :
أخرجه أحمد 3/348 من طريق ابن لهيعة، عن أبي الزبير قال : سألت جابراً عن الرجل يريد الصيام ، والإناء على يده ليشرب منه ، فيسمع النداء ؟ قال جابر : كنا نتحدث أن
النبي –صلى الله عليه وسلم- قال : ليشرب " .
وهذا إسناد ضعيف من أجل ابن الهيعة ، وقد تقدم الكلام عليه مراراً، ولم أقف على من
تابعه .
2 – بلال بن رباح رضي الله عنه :
أخرجه أحمد 6/12 وغيره من طريق أبي إسحاق السبيعي ،عن عبد الله بن معقل المزني ،
وفي 6/13 من طريق شداد مولى عياض بن عامر ، كلاهما ( عبد الله ، وشداد ) عن بلال ـ رضي الله عنه – " أنه جاء إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- يؤذنه بالصلاة ، فوجده يتسحر في مسجد بيته " هذا لفظ حديث شداد .
وإسنادا الإمام أحمد فيهما ضعف ، أما الطريق الأول ، ففيه عنعنة أبي إسحاق وهو مدلس
، ولم أقف له على طريق صرّح بالسماع ، وأيضاً فلم أقف على ما يبين إداراك عبد الله
بن معقل لبلال .
وأما الطريق الثاني فهو منقطع ، لأن شداداً لم يدرك بلالاً،كما قال أبو داود وغيره
،وهو أيضاً لا يعرف ، كما نقله ابن حجر عن الذهبي في تهذيب التهذيب 4/291 .
ولذا قال الحافظ في التقريب /264 : " مقبول ، يرسل " .
وقصة بلال هذه جاءت من مسند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، حيث قال : كان علقمة بن علاثة عند رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فجاء بلال يؤذنه بالصلاة ، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: " رويداً يا بلال ، يتسحر علقمة ، وهو يتسحر برأس " .(1/37)
أخرجه الطيالسي ص (258) ،والطبراني في " الكبير " كما في المجمع 3/153- وفي سنده
قيس بن الربيع ،قال عنه الحافظ في التقريب(457):"صدوق تغير لما كبر ، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدّث به " .
3 – أنس بن مالك -رضي الله عنه- :
أخرجه البزار 1/467 ح ( 983 ) كشف – من طريق مطيع بن راشد،عن توبة العنبري أنه سمع
أنس به مالك يقول ، قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: " انظر مَنْ في المسجد فادعه، فدخلت ـ
يعني المسجد – فإذا أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فدعوتهما ، فأتيته بشيء فوضعته
بين يديه، فأكل وأكلوا ، ثم خرجوا، فصلّى بهم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- صلاة الغداة " .
قال البزار : " لا نعلم أسند توبة عن أنس إلاّ هذا وحديثاً آخر ، ولا رواهما عنه إلاّ مطيع " ا هـ . ومطيع بن راشد لا يعرف ، كما قال الذهبي في الميزان 4/130 ، وفي التقريب (535)" مقبول " ، وهو على ضعفه تفرد به عن توبة العنبري .
4 – أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه :
أخرجه ابن جرير 2/175 من طريق الحسين بن واقد، عن أبي غالب، عن أبي أمامة قال : أقيمت الصلاة والإناء في يد عمر ،قال : أشربها يا رسول الله ؟ قال : نعم ، فشربها ".
وفي إسناده الحسين بن واقد ، وقد ترجمته في الحديث الأول ، وأن الإمام أحمد قد استنكر
بعض حديثه ، وهو ممن يدلس كما وصفه بذلك الدارقطني والخليلي ، وقد عنعن في هذا
الإسناد .
و أبو غالب صاحب أبي أمامة، ضعّفه ابن سعد، وأبو حاتم، والنسائي، وابن حبان ،ووثقه
الدارقطني ، وقال ابن معين : صالح الحديث كما في تهذيب الكمال 34/170،وقد لخص ابن حجر هذه الأقوال بقوله في التقريب(664) : " صدوق يخطيء " .
وفي الباب آثار عن جماعة من الصحابة ،ذكر جملة منها ابن أبي شيببة في المصنف 2/276
– 278،وابن حزم في المحلى : 6/232 – 233 ،وابن حجر في فتح الباري 4/161 ح ( 1917 )
، 4/162 ح (1918) ، والله أعلم .
[[ د. عمر المقبل ]](1/38)
ما هي الطرق التي أستطيع بها معرفة الفجر الصادق ؟ أجتهد صباحاً في تحري الفجر الصادق , وذلك لمعرفة وقت الصلاة والإمساك ، وذلك لي ولأصدقائي ، لأني أقيم في الصين , والمسلمون هنا يعتمدون التوقيت من الإنترنت , لكنه غير دقيق ، وبناء عليه فهم يصلون الفجر قبل دخول الوقت ، ولكن فيما لو لم أستطع ضبط التوقيت بشكل صحيح ( لأني أقربه إلى حين ذهاب العتمة وظهور الضوء ) ، فهل عليَّ إثم في ذلك ؟
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
نسأل الله أن يجزيك خير الجزاء على تحريك الحق والصواب في عبادتك ، ونسأله تعالى أن يوفقك ويزيدك من فضله على حبك للعلم وحرصك على التعلم .
واعلم أن الفجر فجران : فجر كاذب لا يدخل معه وقت صلاة الفجر ، ولا يمنع من الطعام والشراب والجماع لمن أراد الصوم ، وفجر صادق ، وهو الذي يدخل معه وقت صلاة الفجر ، ويمنع من الطعام والشراب والجماع في الصيام ، وهو المقصود بقوله تعالى : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) البقرة/187.
وقد صرَّح النبي صلى الله عليه وسلم بالفرق بينهما في أحاديث كثيرة ، بعضها في التفريق بينهما من حيث الأوصاف ، وبعضها الآخر من حيث التفريق بينهما في الأحكام ، وبعضها جمعت بين الأوصاف والأحكام .
انظر هذه الأحاديث في جواب السؤال رقم ( 26763 ) .
وقد جاء التفريق واضحاً بين الفجرين في كلام الصحابة ، والتابعين ، ومن بعدهم من أئمة العلم .
قال ابن كثير رحمه الله :
"وقال عبد الرزاق : أخبرنا ابن جريج عن عطاء قال : سمعت ابن عباس يقول : هما فجران ، فأما الذي يسطع في السماء : فليس يُحِلّ ولا يحرِّم شيئاً ، ولكن الفجر الذي يستبين على رؤوس الجبال هو الذي يحرّم الشراب .(1/39)
قال عطاء : فأما إذا سطع سطوعاً في السماء - وسطوعه أن يذهب في السماء طولاً - : فإنه لا يحرم به شراب لصيام ولا صلاة ، ولا يفوت به حج ، ولكن إذا انتشر على رؤوس الجبال : حرم الشراب للصيَّام ، وفات الحج .
وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس وعطاء ، وهكذا رُوي عن غير واحد من السلف رحمهم الله" .
" تفسير ابن كثير " ( 1 / 516 )
وقال ابن قدامة رحمه الله :
"وجملته : أن وقت الصبح يدخل بطلوع الفجر الثاني إجماعاً ، وقد دلَّت عليه أخبار المواقيت ، وهو البياض المستطير المنتشر في الأفق ، ويسمَّى " الفجر الصادق " ؛ لأنَّه صدقك عن الصبح وبيَّنه لك ، والصبح ما جمع بياضاً وحمْرة ، ومنه سمِّي الرجل الذي في لونه بياض وحمرة : "أصبح"
فأما الفجر الأول : فهو البياض المستدق صعداً من غير اعتراض فلا يتعلق به حكم ، ويسمَّى " الفجر الكاذب " ثم لا يزال وقت الاختيار إلى أن يسفر النهار .
" المغني " ( 1 / 232 ) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"وذكر العلماء أن بينه - أي : الفجر الكاذب - وبين الثاني ثلاثة فروق :
الفرق الأول : أن الفجر الأول ممتد لا معترض ، أي : ممتد طولاً من الشرق إلى الغرب ، والثاني : معترض من الشمال إلى الجنوب .
الفرق الثاني : أن الفجر الأول يظلم ، أي : يكون هذا النور لمدة قصيرة ثم يظلم ، والفجر الثاني : لا يظلم بل يزداد نوراً وإضاءة .
الفرق الثالث : أن الفجر الثاني متصل بالأفق ليس بينه وبين الأفق ظلمة ، والفجر الأول منقطع عن الأفق بينه وبين الأفق ظلمة .
وهل يترتب على الفجر الأول شيء ؟ لا يترتب عليه شيء من الأمور الشرعيَّة أبداً ، لا إمساك في صوم ، ولا حل صلاة فجر ، فالأحكام مرتبة على الفجر الثاني" انتهى .
" الشرح الممتع " ( 2 / 107 ، 108 ) .
ثانياً :
وأما ما يوجد في التقاويم فإنه ليس مصدر ثقة في معرفة وقت صلاة الفجر ، فقد ثبت خطأ هذه التقاويم .(1/40)
فالواجب عليكم عدم اعتماد التقاويم في معرفة صلاة الفجر ، وعليكم تحري الوقت الصحيح بما ذكرناه لك من فروق بين الفجر الكاذب والصادق ، وإذا لم تستطع النظر في كل يوم في السماء : فإنه يمكنك وضع وقت احتياطي بعد أذان التقويم ، وبلادنا يختلف فيها هذا الوقت من بلد لآخر ، ومن فصل لآخر ، فيمكنك اعتماد وقت " نصف ساعة " مثلاً لتصلي فيه الفجر ، على أن تحتاط في الإمساك عن الطعام والشراب قبل ذلك .
ويمكنكم وضع تقويم صحيح لتعتمده الأجيال بعدكم بعد أن تتحروا الفجر الصادق خلال عام كامل ، وفي أوقات متفرقة ، عسى أن يكتب لكم أجر تصحيح عبادات المسلمين .
وعلى هذا ، فإذا أمكنكم متابعة وقت الفجر بأنفسكم ، فإنكم تعملون بذلك في الصلاة والصيام ، وإن لم يمكن ، فإنكم لا تصلون حتى يغلب على ظنكم دخول وقت الصلاة .
وأما في الصيام فلكم أن تأكلوا وتشربوا حتى تتيقنوا طلوع الفجر ، لقوله تعالى : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ) البقرة/187 .
ما معنى قول الله تعالى (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) ؟
الجواب:
الحمد لله
قال الله تعالى : ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) البقرة/187.
ومعنى ذلك أن الله تعالى أباح للصائم الأكل والشرب ليلاً حتى يتبين له (أي يتيقن) طلوع الفجر .(1/41)
والمراد من الخيط الأبيض النهار ، والخيط الأسود الليل .
قال الحافظ : وَمَعْنَى الآيَةِ حَتَّى يَظْهَرَ بَيَاضُ النَّهَارِ مِنْ سَوَادِ اللَّيْلِ , وَهَذَا الْبَيَانُ يَحْصُلُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ .
وَقَوْلُهُ : ( مِنْ الْفَجْرِ ) بَيَانٌ لِلْخَيْطِ الأَبْيَضِ , وَاكْتَفَى بِهِ عَنْ بَيَانِ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ لأَنَّ بَيَانَ أَحَدِهِمَا بَيَانٌ لِلآخَرِ اهـ .
وقد فهم بعض الصحابة رضي الله عنهم الآية على خلاف معناها ، ففهموا أن المراد منها الخيط الحقيقي ، فكان أحدهم يجعل تحت وسادته أو يربط في رجله خيطين أحدهما أبيض والآخر أسود ويظل يأكل حتى يتبين له أحدهما من الآخر ، وسبب هذا الخطأ في فهم معنى الآية أن الله تعالى أنزل الآية أولاً بدون قوله ( مِنَ الْفَجْرِ ) ، ففهمها بعض الصحابة على المعنى المتبادر إلى الذهن من كلمة "الخيط" ثم أنزل الله تعالى بعد مدة (قال بعض العلماء إنها سنة) أنزل قوله ( مِنَ الْفَجْرِ ) فعلموا أن المراد بالخيط الأبيض ضوء الفجر (النهار) وبالخيط الأسود الليل .
روى البخاري (1917) ومسلم (1091) عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : أُنْزِلَتْ ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ) وَلَمْ يَنْزِلْ (مِنْ الْفَجْرِ) فَكَانَ رِجَالٌ إِذَا أَرَادُوا الصَّوْمَ رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِي رِجْلِهِ الْخَيْطَ الأَبْيَضَ وَالْخَيْطَ الأَسْوَدَ ، وَلَمْ يَزَلْ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رُؤْيَتُهُمَا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدُ : (مِنْ الْفَجْرِ) فَعَلِمُوا أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ .
فهؤلاء الصحابة حَمَلُوا الْخَيْطَ عَلَى ظَاهِرِهِ , فَلَمَّا نَزَلَ (مِنْ الْفَجْرِ) عَلِمُوا الْمُرَادَ .(1/42)
وقد فهم عدي بن حاتم رضي الله عنه الآية كما فهمها هؤلاء حتى صحح له النبي صلى الله عليه وسلم هذا الفهم وبين له المعنى المراد من الآية .
روى البخاري (1916) عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ عَمَدْتُ إِلَى عِقَالٍ أَسْوَدَ وَإِلَى عِقَالٍ أَبْيَضَ فَجَعَلْتُهُمَا تَحْتَ وِسَادَتِي فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فِي اللَّيْلِ فَلا يَسْتَبِينُ لِي فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ. وفي رواية للبخاري (4510) : (إِنَّكَ لَعَرِيضُ) . وفي رواية أخرى له أيضاً (4509) : ( إِنَّ وِسَادَكَ إِذًا لَعَرِيضٌ أَنْ كَانَ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ وَالأَسْوَدُ تَحْتَ وِسَادَتِكَ) . وفي أخرى (4510) : (إِنَّكَ لَعَرِيضُ الْقَفَا) .
وقصة عدي رضي الله عنه وقعت بعد نزول قوله تعالى : (مِنَ الْفَجْرِ) أي بعد حديث سهل السابق .
وقد اعتذر بعض العلماء عن خطأ عدي في هذا الفهم مع نزول قوله تعالى (مِنَ الْفَجْرِ ) بأن عديا لم يبلغه حديث سهل ، أو لم يكن من لغة قومه استعمال الخيط الأبيض والخيط الأسود للدلالة على الليل والنهار .
ولذلك ترجم ابن حبان لحديث عدي بقوله : "ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْعَرَبَ تَتَفَاوَتُ لُغَاتُهَا" وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّ عَدِيًّا لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ فِي لُغَتِهِ أَنَّ سَوَادَ اللَّيْلِ وَبَيَاضَ النَّهَارِ يُعَبَّرُ عَنْهُمَا بِالْخَيْطِ الأَسْوَدِ وَالْخَيْطِ الأَبْيَضِ .(1/43)
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ : حَدِيث عَدِيٍّ مُتَأَخِّرٌ عَنْ حَدِيثِ سَهْلٍ , فَكَأَنَّ عَدِيًّا لَمْ يَبْلُغْهُ مَا جَرَى فِي حَدِيثِ سَهْلٍ ، وَإِنَّمَا سَمِعَ الآيَةَ مُجَرَّدَةً فَفَهِمَهَا عَلَى مَا وَقَعَ لَهُ اهـ .
وقال الحافظ : وَأَمَّا عَدِيٌّ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي لُغَةِ قَوْمِهِ اِسْتِعَارَةُ الْخَيْطِ لِلصُّبْحِ , أَوْ نَسِيَ قَوْلَهُ (مِنْ الْفَجْرِ) حَتَّى ذَكَّرَهُ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اهـ .
وقَالَ النَّوَوِيُّ تَبَعًا للقاضي عِيَاضٍ : وَإِنَّمَا حَمَلَ الْخَيْطَ الأَبْيَضَ وَالأَسْوَدَ عَلَى ظَاهِرِهِمَا بَعْضُ مَنْ لا فِقْهَ عِنْدَهُ مِنْ الأَعْرَابِ كَالرِّجَالِ الَّذِينَ حُكِيَ عَنْهُمْ سَهْلٌ وَبَعْضُ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي لُغَتِهِ اِسْتِعْمَالُ الْخَيْطِ فِي الصُّبْحِ كَعَدِيٍّ اهـ .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم (إِنَّكَ لَعَرِيضُ الْقَفَا)
فقد زعم بعضهم أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد بذلك أنه فِيهِ غَبَاوَةٌ وَغَفْلَةٌ .
وادعى هؤلاء أن عُرْضَ الْقَفَا مِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الغباوة, وَأَنْشَدَوا فِي ذَلِكَ شِعْرًا .
وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ كَثِيرٌ من العلماء مِنْهُمْ الْقُرْطُبِيُّ والقاضي عياض والنووي .
قال القرطبي :(1/44)
"حَمَلَهُ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى الذَّمِّ لَهُ عَلَى ذَلِكَ الْفَهْمِ وَكَأَنَّهُمْ فَهِمُوا أَنَّهُ نَسَبَهُ إِلَى الْجَهْلِ وَالْجَفَاءِ وَعَدَمِ الْفِقْهِ , وَلَيْسَ الْأَمْرُ عَلَى مَا قَالُوهُ . . وَإِنَّمَا عَنَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ وِسَادَك إِنْ كَانَ يُغَطِّي الْخَيْطَيْنِ اللَّذَيْنِ أَرَادَ اللَّهُ فَهُوَ إِذًا عَرِيضٌ وَاسِعٌ , وَلِهَذَا قَالَ فِي أَثَرِ ذَلِكَ : إِنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ , فَكَأَنَّهُ قَالَ : فَكَيْفَ يَدْخُلَانِ تَحْتَ وِسَادَتِك ؟ وَقَوْلُهُ " إِنَّك لَعَرِيضُ الْقَفَا " أَيْ إِنَّ الْوِسَادَ الَّذِي يُغَطِّي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَرْقُدُ عَلَيْهِ إِلا قَفًا عَرِيضٌ لِلْمُنَاسَبَةِ اهـ باختصار .
وقَالَ الْقَاضِي : مَعْنَاهُ إِنْ جَعَلْت تَحْت وِسَادك الْخَيْطَيْنِ الَّذِينَ أَرَادَهُمَا اللَّه تَعَالَى وَهُمَا اللَّيْل وَالنَّهَار فَوِسَادُك يَعْلُوهُمَا وَيُغَطِّيهِمَا , وَحِينَئِذٍ يَكُون عَرِيضًا , وَهُوَ مَعْنَى الرِّوَايَة الأُخْرَى فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ (إِنَّك لَعَرِيض الْقَفَا) وَهُوَ مَعْنَى الرِّوَايَة الأُخْرَى : (إِنَّك لَضَخْمٌ) اهـ .
انظر : فتح الباري شرح حديث رقم (1917) ، (1916). ، شرح مسلم للنووي حديث رقم (1090) ، (1091).
ومن الأحكام المستنبطة من الآية الكريمة أن من شك في طلوع الفجر فله أن بأكل ويشرب حتى يتيقن طلوعه لأن الله تعالى قال : (حَتَّى يَتَبَيَّنَ) .
رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : أَحَلَّ اللَّهُ لَك الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ مَا شَكَكْت. قال الحافظ : إِسْنَاده صَحِيحٍ.(1/45)
وَرَوَى اِبْنُ أَبِي شَيْبَةَ عن أَبِي الضُّحَى قَالَ : سَأَلَ رَجُلٌ اِبْنَ عَبَّاسٍ عَنْ السُّحُورِ , فَقَالَ اِبْنُ عَبَّاسٍ : كُلْ مَا شَكَكْت حَتَّى لا تَشُكَّ . قَالَ اِبْنُ الْمُنْذِرِ : وَإِلَى هَذَا الْقَوْلِ صَارَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ .
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (6/247) :
"من أتى مفطرا ، وهو شاك في طلوع الفجر فصومه صحيح ، لأن الله سبحانه وتعالى قال ( فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) البقرة/187. وضد التبين الشك والظن ، فما دمنا لم يتبين لنا فلنا أن نأكل ونشرب ، وهذه المسألة لها خمسة أقسام :
1- أن يتيقن أن الفجر لم يطلع ، مثل : أن يكون طلوع الفجر في الساعة الخامسة ، ويكون أكله وشربه في الساعة الرابعة والنصف فصومه صحيح .
2- أن يتيقن أن الفجر طلع ، كأن يأكل الساعة الخامسة والنصف فهذا صومه فاسد .
3- أن يأكل وهو شاك هل طلع الفجر أو لا ، ويغلب على ظنه أنه لم يطلع ؟ فصومه صحيح .
4- أن يأكل ويشرب ، ويغلب على ظنه أن الفجر طالع فصومه صحيح .
5- أن يأكل ويشرب مع التردد الذي ليس فيه رجحان فصومه صحيح" اهـ .
والله أعلم .
سؤالي عن الآية 187 من سورة البقرة "وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر". ذكرابن كثير في تفسيره رواية عن البخاري أن كلمة "من الفجر" لم تكن موجودة أساسا، وأن هذا أوقع صحابيّا في حيرة ولم يفهم المقصود من الآية.
بعد ذلك أوضح الله سبحانه وتعالى المسألة وأنزل ذكر كلمة "من الفجر".
فما الحكمة من عدم إنزال "من الفجر" منذ البداية؟
الجواب :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:(1/46)
فقد أخرج البخاري في تفسير القرآن ، باب( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود) برقم (4511) عن سهل بن سعد –رضي الله عنه- قال: أنزلت "وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود" ولم ينزل (من الفجر) وكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود، فلا يزال يأكل حتى يتبين له رؤيتهما، فأنزل الله بعد (من الفجر) فعلموا أنه يعني الليل والنهار .
وأخرج الإمام أحمد في مسنده (19427) والبخاري (4509) ومسلم (1090). عن عدي بن حاتم قال: لما نزلت هذه الآية "وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود) عمدت إلى عقالين: أحدهما أسودَ والآخر أبيض، قال : فجعلتهما تحت وسادتي، قال: ثم جعلت أنظر إليهما فلا تُبِينُ لي الأسود من الأبيض ولا الأبيض من الأسود، فلما أصبحت غدوت إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فأخبرته بالذي صنعت، فقال: "إن وسادك إذا لعريض إنما ذلك بياض النهار من سواد الليل".
دل الحديثان على أن الآية أول ما نزلت اشتبه على بعض الصحابة المراد بالخيط الأبيض من الخيط الأسود فيها ، فقد عمد عدي –رضي الله عنه- إلى عقالين أحدهما أسود والآخر أبيض، وجعلهما تحت وسادته وجعل ينظر إليهما حتى تبين له الخيط الأبيض من الأسود فأمسك عند ذلك عن الطعام ، فأزال الله هذا الالتباس الذي وقع عنده بقول (من الفجر)، أي أن المراد بذلك الليل والنهار وليس ما ظنه عدي –رضي الله عنه-، وهذا له نظائر أخرى يزيل فيها الله تعالى الالتباس الذي يكون حول بعض الآيات ، من ذلك :(1/47)
ما رواه البخاري (2832) ومسلم (1898) من حديث زيد بن ثابت –رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أملى عليه (لا يستوي القاعدون من المؤمنين) ، (والمجاهدون في سبيل الله) فجاءه ابن أمِّ مكتوم وهو يُمِلُّهَا عليَّ ، قال: يا رسول الله! والله لو أستطيع الجهاد لجاهدت. وكان رجلاً أعمى، فأنزل الله على رسوله –صلى الله عليه وسلم- وفخذه على فخذي، فَثَقُلَتْ عليَّ حتى خفت أن ترضَّ فخذي ، ثم سُرِّيَ عنه فأنزل الله: (غير أولي الضرر).
أما الحكمة في مثل هذا فهي كما قال الله "ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها" [البقرة:106]. قال ابن جرير رحمه الله على هذه الآية: "وما نبدل من حكم آية فنغيره، أو نترك تبديله، فنقره بحاله نأت بخير منها لكم –من حكم الآية التي نسخناها فغيرنا حكمها– إما في العاجل؛ لخفته عليكم من أجل أنه وضع فرض كان عليكم، فأسقط ثقله عنكم..... (نأت بخير منها)؛ لأنه إما بخير منها في العاجل؛ لخفته على من كلفه، أو في العاجل لعظم ثوابه وكثرة أجره".
ومن الحكم أيضاً التسليم المطلق لأمر الله ووحيه، والإيمان بكمال علمه وحكمته، قال العلامة برهان الدين الجعبري المتوفى سنة 732 هـ في كتابه (رسوخ الأحبار في منسوخ الأخبار)،: "الفصل السادس في حكمته –أي النسخ– هي الدلالة على كمال علم الله تعالى،
ومنه تكليف عباده على مقتضى حكمته وإظهاراً لتمام قدرته بتصرفه في عبيده، واختياراً لما استمرت عليه طباعهم، وإليه الإشارة بقوله تعالى (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم) أ.هـ ص5.
[[الشيخ عبد الرحمن العقل]]
ظننت أيام المدرسة أن هناك دعاءً مخصصاً فقط للإفطار وليس للسحور ؛ لأن في السحور النية محلها القلب لكن زوجي أخبرني أن هناك دعاءً مخصصاً للسحور أيضاً .
رجاء التوضيح ، هل هذا صحيح ؟.
الجواب:
الحمد لله(1/48)
نعم ، هناك أدعية خاصة وردت بها السنة يقوله الصائم عند فطره ، فيقول : " ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله " ، وله أن يدعو بما يشاء ، لا لكون ذلك ورد في السنة تنصيصاً ، بل لأنه محل نهاية عبادة ، ويشرع للمسلم أن يدعو عند ذلك .
سئل الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله :
هل هناك دعاء مأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم عند وقت الإفطار؟ وما هو وقته ؟ وهل يتابع الصائم المؤذن في الأذان أم يستمر في فطره ؟
فأجاب :
" إن وقت الإفطار موطن إجابة للدعاء ؛ لأنه في آخر العبادة ؛ ولأن الإنسان أشد ما يكون - غالباً - من ضعف النفس عند إفطاره ، وكلما كان الإنسان أضعف نفساً وأرق قلباً كان أقرب إلى الإنابة والإخبات إلى الله عز وجل ، والدعاء المأثور ( اللهم لك صمت ، وعلى رزقك أفطرت ) ، ومنه أيضاً : قول النبي عليه الصلاة والسلام ( ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله ) ، وهذان الحديثان وإن كان فيهما ضعف لكن بعض أهل العلم حسنهما ، وعلى كل حال فإذا دعوت بذلك أو بغيره عند الإفطار فإنه موطن إجابة " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 341 ) .
وانظر في تخريج حديث " ذهب الظمأ ... " و " اللهم لك صمت " جواب السؤال رقم ( 26879 ) ، وفيه بيان ضعف الأول وحسن الثاني ، وفيه فتوى لشيخ الإسلام ابن تيمية في موضوع الدعاء .
وأما السحور فليس هناك دعاء خاص يقال عنده ، فالمشروع هو أن يسمي الله في أوله ، ويحمده إذا فرغ من الطعام ، كما يفعل ذلك عند كل طعام .
لكن من أخَّر سحوره إلى الثلث الأخير من الليل فإنه يدرك بذلك وقت النزول الإلهي فيه ، وهو وقت استجابة الدعاء .(1/49)
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ : مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ ) . رواه البخاري ( 1094) ومسلم ( 758 ) . فيدعو في هذا الوقت لكونه وقت إجابة لا من أجل السحور .
وأما النية فمحلها القلب ولا يشرع التلفظ بها باللسان ، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " ومن خطر بقلبه أنه صائم غداً فقد نوى " .
وانظر جواب السؤال ( 37643 ) و ( 22909 ) .
والله أعلم .
ما حكم من أفطر متعمدا ؟
الجواب:
من أفطر متعمدا في يوم من أيام رمضان فقد أتى ذنبا عظيما ومهلكا من المهلكات،يدل لذلك ما جاء في البخاري (1834) ومسلم (1111) من حديث حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جاءه رجل فقال له ((هلكت ! قال:وما أهلكك ؟ قال:وقعت على أهلي في نهار رمضان)).
فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على إن إفساده صومه هلاك،فالواجب على من وقع في ذلك أن يتوب إلى الله تعالى توبة صادقة ،وأن يكثر من العمل الصالح ،ومن ذلك الإكثار من صوم التطوع الذي يكمل به ما نقص من الفرض،كما جاء به الحديث في الصلاة وسائر العمل ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته،فإن صلحت فقد أفلح وأنجح،وإن فسدت فقد خاب وخسر،فإن انتقص من فريضته شيء قال الرب:انظروا هل لعبدي من تطوع ؟ فيكمل به ما انتقص من الفريضة ،ثم يكون سائر عمله على ذلك)) أخرجه أحمد(9490) وأبوداود(864) والترمذي (413)والنسائي (465) وابن ماجه (1425) عن أبي هريرة رضي الله عنه.(1/50)
كما عليه أن يديم العمل على هذا؛فإن الله تعالى علق حصول المغفرة على ذلك فقال تعالى (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى)(طه:82) .
وأما ما يتعلق بالقضاء فإن قول عامة أهل العلم أنه يجب القضاء على من أفطر متعمدا ،بأن يصوم يوما مكان اليوم الذي أفسده.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن من أفطر يوما من رمضان وجب عليه أن يصوم في قضائه اثني عشر يوما.
وفي قول يجب عليه أن يصوم شهرا،وفي قول:يجب عليه أن يصوم ثلاثة آلاف يوم،وبه قال النخعي ووكيع بن الجراح.
وقال آخرون: لا يجزيه القضاء ولو صام الدهر كله؛لأنه أفسد صيامه متعمدا من غير عذر فلا يكفيه أن يأتي بيوم مكان هذا اليوم الذي أفسده؛لأن القضاء إنما شرع للمعذور، قال الله تعالى ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)(البقرة: من الآية184) فمن أفسد الصوم من غير عذر وصام يوما مكانه فقد أحدث في دين الله ما لم يأذن به الله ،فيدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري (2550) ومسلم (1718) من حديث القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)).
ومما يذكر في هذا السياق ما رواه البخاري في صحيحه معلقا قال:يذكر عن أبي هريرة رفعه((من أفطر يوما من رمضان من غير عذر و لامرض ،لم يقضه صيام الدهر و إن صامه))،وهو حديث وصله أصحاب السنن من حديث أبي المطوس عن أبيه عن أبي هريرة،إلا أن إسناده ضعيف كما أفاده كلام البخاري حيث قال:أبو المطوس لا أعرف له غير هذا الحديث ،وقال أيضا:أبو المطوس لا أدري سمع أبوه من أبي هريرة أو لا.
وقد أشار البخاري إلى أن ابن مسعود يقول بما دل عليه حديث أبي هريرة ،فقد صح عنه عند عبد الرزاق(7475) وابن أبي شيبة (9784) أنه قال: من أفطر يوما من رمضان متعمدا لم يجزه صيام الدهر،حتى يلقى الله إن شاء غفر له وإن شاء عذبه.(1/51)
وهذا القول هو أقرب إلى الصواب ،وعليه فالمخرج من هذا التوبة والإكثار من العمل الصالح لا سيما الصوم ،وفق الله الجميع لما فيه الخير.
[[ الشيخ د. خالد بن عبد الله المصلح]]
ما حكم استعمال السواك في نهار رمضان ؟ وهل يجوز بلع ريق السواك ؟
الجواب:
الحمد لله
السواك مستحب في جميع الأوقات ، في الصيام وغير الصيام ، في أول النهار وآخره . ودليل ذلك :
1- روى البخاري (887) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي أَوْ عَلَى النَّاسِ لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاةٍ ).
2- روى النسائي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ ) رواه النسائي (5) . وصححه الألباني في صحيح النسائي (5) .
ففي هذه الأحاديث دليل على استحباب السواك في جميع الأوقات ، ولم يستثن النبي صلى الله عليه وسلم الصائم ، بل عموم الأحاديث يشمل الصائم وغير الصائم .
ويجوز بلع الريق بعد السواك ، إلا إذا كان تحلل من السواك شيء في الفم فإنه يخرجه ثم يبتلع ريقه . كما أن الصائم يجوز له أن يتوضأ ثم يخرج الماء من فمه ثم يبتلع ريقه ولا يلزمه أن يجفف فمه من ماء المضمضة .
قال النووي في " المجموع" (6/327) :
قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ : إذَا تَمَضْمَضَ الصَّائِمُ لَزِمَهُ مَجُّ الْمَاءِ , وَلا يَلْزَمُهُ تَنْشِيفُ فَمِهِ بِخِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا بِلا خِلافٍ اهـ .
قال البخاري رحمه الله :(1/52)
بَاب سِوَاكِ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ لِلصَّائِمِ . . . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ ) . قال البخاري : وَلَمْ يَخُصَّ الصَّائِمَ مِنْ غَيْرِهِ . وَقَالَتْ عَائِشَةُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ ) . وَقَالَ عَطَاءٌ وَقَتَادَةُ : يَبْتَلِعُ رِيقَهُ .
قال الحافظ في الفتح :
أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ كَرِهَ لِلصَّائِمِ الاسْتِيَاكَ بِالسِّوَاكِ الرَّطْبِ . . . وَقَدْ تَقَدَّمَ قِيَاسُ اِبْنِ سِيرِينَ السِّوَاكَ الرَّطْبَ عَلَى الْمَاء الَّذِي يُتَمَضْمَضُ بِهِ . . .
"وَلَمْ يَخُصَّ صَائِمًا مِنْ غَيْره" أَيْ وَلَمْ يَخُصَّ أَيْضًا رَطْبًا مِنْ يَابِسٍ , وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ تَظْهَرُ مُنَاسَبَةُ جَمِيعِ مَا أَوْرَدَهُ فِي هَذَا الْبَاب لِلتَّرْجَمَةِ , وَالْجَامِعُ لِذَلِكَ كُلِّهِ قَوْله فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة : ( لأَمَرْتهمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلّ وُضُوءٍ ) , فَإِنَّهُ يَقْتَضِي إِبَاحَتَهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَعَلَى كُلّ حَالٍ . .
( وَقَالَ عَطَاء وَقَتَادَةُ يَبْتَلِعُ رِيقَهُ ) مُنَاسَبَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ جِهَة أَنَّ أَقْصَى مَا يُخْشَى مِنْ السِّوَاك الرَّطْب أَنْ يَتَحَلَّلَ مِنْهُ فِي الْفَمِ شَيْءٌ وَذَلِكَ الشَّيْءُ كَمَاءِ الْمَضْمَضَةِ فَإِذَا قَذَفَهُ مِنْ فِيهِ لا يَضُرُّهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَبْتَلِعَ رِيقَهُ . انتهى كلام الحافظ ابن حجر باختصار .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
الصواب أن التسوك للصائم سنة في أول النهار وفي آخره.
ا.هـ فتاوى أركان الإسلام ص 468 .
((1/53)
والسواك سنّة للصائم في جميع النهار وإن كان رطبا ، وإذا استاك وهو صائم فوجد حرارة أو غيرها من طَعْمِه فبلعه أو أخرجه من فمه وعليه ريق ثم أعاده وبلعه فلا يضره . الفتاوى السعدية 245 .
( ويجتنب ما له مادة تتحلل كالسواك الأخضر ، وما أضيف إليه طعم خارج عنه كالليمون والنعناع ، ويُخرج ما تفتت منه داخل الفم ، ولا يجوز تعمد ابتلاعه فإن ابتلعه بغير قصده فلا شيء عليه ) ا.هـ من رسالة "سبعون مسألة في الصيام" .
والله أعلم.
[[ الإسلام سؤال وجواب ]]
هل يجوز تنظيف الأسنان بالفرشاة والمعجون في حال الصوم ؟ على حسب علمي أن هذا جائز طالما أن المعجون لم يصل إلى الجوف (لم يتم بلعه) . أرجو الإدلاء برأيك في هذا الموضوع.
الجواب:
الحمد لله
سئل سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله عن استعمال معجون الأسنان؟
فقال : لا حرج في ذلك مع التحفظ عن ابتلاع شيء منه ، كما يشرع استعمال السواك للصائم ..
" فتاوى الشيخ ابن باز " ( 4 / 247 )
وقال الشيخ محمد الصالح بن عثيمين :
ويتفرع على هذا : هل يجوز للصائم أن يستعمل الفرشة والمعجون أو لا ؟
الجواب : يجوز ، لكن الأولى ألا يستعملها لما في المعجون من قوة النفوذ والنزول إلى الحلق ، وبدلاً من أن يفعل ذلك في النهار يفعله في الليل . "
الشرح الممتع لابن عثيمين ( 6 / 407 ، 408 ).
[[الشيخ محمد صالح المنجد]]
هل متابعة الإذاعة المرئية في شهر رمضان غير مفطر؟ (بسبب المناظر المثيرة في بعض البرامج).
الجواب:
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله:
النظر إلى النساء والأولاد المرد هل يؤثر على الصيام؟
فأجاب: نعم كل معصية فإنها تؤثر على الصيام؛ لأن الله تعالى إنما فرض علينا الصيام للتقوى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" [البقرة:183].(1/54)
وقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: "من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه" أخرجه البخاري (6057) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -.
وهذا الرجل الذي ابتلي بهذه البلية نسأل الله أن يعافيه منها هذا لا شك أنه يفعل الحرام فإن النظر سهم من سهام إبليس والعياذ بالله.
وكم من نظرة أوقعت في قلب صاحبها البلايا فصار - والعياذ بالله - أسيرا لها، كم من نظرة أثرت على قلب الإنسان حتى أصبح أسيراً في عشق الصور .
ولهذا يجب على الإنسان إذا ابتلي بهذا الأمر أن يرجع إلى الله – عز وجل – بالدعاء بأن يعافيه منه، وأن يعرض عن هذا ولا يرفع بصره إلى أحد من النساء أو أحد من المرد، وهو مع الاستعانة بالله تعالى واللجوء إليه وسؤال العافية من هذا الداء سوف يزول عنه إن شاء الله تعالى.
لدي مشكلة مع صيامي ، وهو أنني مع بداية كل يوم صوم يحصل لي أن الأكل يصعد من المعدة حتى الحنجرة ، وأحيانا كثيرة يتعدى الحنجرة ، وهذا الأمر يومي ، فماذا عليَّ أن أفعل ؟ هل أعيد صيام تلك الأيام ؟ مع العلم أن هذا الأمر يحدث يوميّاً في رمضان .
الجواب:
الحمد لله
خروج بقايا من الطعام أو شيء من السوائل من المعدة إلى الحلق ليس من فعل الإنسان ، لكن قد يكون مرضاً ، وقد يكون بسبب امتلاء المعدة بالطعام .
وهذا يسمى " القلَس " والواجب على من حصل له ذلك أن يخرجه من فمه إن استطاع ، فإن لم يتمكن من إخراجه ورجع لمعدته : فلا حرج عليه ، ولا يؤثر ذلك على صيامه .
قال ابن حزم رحمه الله :
"ولا يَنْقُضُ الصَّوْمَ قَلْسٌ خَارِجٌ مِنْ الْحَلْقِ , مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ رَدَّهُ بَعْدَ حُصُولِهِ فِي فَمِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى رَمْيِهِ " انتهى .
" المحلى " ( 4 / 335 ) .
وانظر تفصيل هذه المسألة في جوابي السؤالين : ( 40696 ) و ( 12659 )
ضرس العقل بدأ يخرج الآن وهو مؤلم جداً فهل يجوز أن :(1/55)
1- أضع مرهم مسكن للآلام على اللثة أثناء الصيام ؟
2- أقوم بإجراء عملية جراحية لنزعه وأبقى صائمة وأنا تحت المخدر ؟
الجواب:
الحمد لله
نعم ، يجوز معالجة الأسنان ، ووضع مرهم أو نحوه على اللثة في الصيام . لكن بشرط ألا يبتلعه .
وفي كتاب "سبعون مسألة في الصيام :
وهناك أشياء ليست من المفطّرات ، نذكر منها على سبيل المثال :
1. الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان لعلاج الذبحة الصدرية وغيرها إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .
2. حفر السن ، أو قلع الضرس ، أو تنظيف الأسنان ، أو السواك وفرشاة الأسنان ، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .
3. المضمضة ، والغرغرة ، وبخاخ العلاج الموضعي للفم إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .
انتهى من كتاب سبعين مسألة في الصيام
وكذلك لا بأس بإجراء عملية جراحية في نهار رمضان تحت تأثير المخدر ، مادام التخدير لن يستغرق اليوم كله ، أي : من طلوع الفجر إلى غروب الشمس . لأن حكم المخدر حينئذ حكم النوم .
راجع سؤال رقم : (12425) .
هل إبرة البنج مفطرة للصوم ؟
الجواب:
الحمد لله
إبرة البنج الموضعي لا تفطر الصائم ، لأنها ليست أكلا ولا شربا ولا في معناهما .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
بالنسبة للبنج الذي يوضع في السن في نهار رمضان هل علي قضاء ذلك اليوم إذا أخذت هذا البنج؟
فأجاب : "لا ، لأن البنج لا يفطر . البنج موضعي يؤثر على الموضع بالخدورة ولكنه لا يصل إلى المعدة فمن بُنِّجَ وهو صائم نفل أو فرض فصيامه صحيح " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
وينظر : "فتاوى الشيخ ابن باز" (15/259).
لكن إذا كان البنج كاملا وأدى إلى غياب الوعي طوال اليوم ، لزم القضاء .
قال ابن قدامة رحمه الله : " متى أغمي عليه جميع النهار , فلم يفق في شيء منه , لم يصح صومه , في قول إمامنا والشافعي ".(1/56)
ثم قال : " متى أفاق المغمى عليه في جزء من النهار , صح صومه , سواء كان في أوله أو آخره " انتهى من "المغني" (3/12).
وعلى هذا ، إذا اخذ الصائم إبرة البنج أثناء الصيام ، فصيامه صحيح ، ولا يبطل صومه بذلك، وإذا أخذها قبل الفجر ، وظل نائما تحت تأثير البنج حتى غربت الشمس ، فلا يصح صومه ذلك اليوم.
إذا احتلم الصائم في نهار رمضان هل يبطل صومه أم لا؟ وهل تجب عليه المبادرة بالغسل؟
الجواب:
الاحتلام لا يبطل الصوم لأنه ليس باختيار الصائم وعليه أن يغتسل غسل الجنابة؛ إذا رأى الماء؛ وهو المني.
ولو احتلم بعد صلاة الفجر وأخر الغسل إلى وقت صلاة الظهر فلا بأس .. وهكذا لو جامع أهله في الليل ولم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر لم يكن عليه حرج في ذلك فقد ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه كان يصبح جنباً من جماع ثم يغتسل ويصوم، انظر ما رواه البخاري (1926)، ومسلم (1109) من حديث عائشة وأم سلمة – رضي الله عنهما -.
وهكذا الحائض والنفساء لو طهرتا في الليل ولم تغتسلا إلا بعد طلوع الفجر لم يكن عليهما بأس في ذلك وصومهما صحيح .. ولكن لا يجوز لهما ولا للجنب تأخير الغسل أو الصلاة إلى طلوع الشمس بل يجب على الجميع البدار بالغسل قبل طلوع الشمس حتى يؤدوا الصلاة في وقتها.
وعلى الرجل أن يبادر بالغسل من الجنابة قبل صلاة الفجر حتى يتمكن من الصلاة في الجماعة ... والله ولي التوفيق.
[[فتاوى رمضان الشيخ العلامة عبدالعزيز بن باز 2/441]]
ما حكم الشرع في نظركم فيمن أنزل المني في نهار رمضان بتعمد أو بغير تعمد؟
الجواب:
ذهب جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وغيرهم إلى أن تعمد إنزال المني بطريق غير الجماع يفطر الصائم ويفسد صومه سواء كان باستمناء أو بغيره.(1/57)
والعمدة في ذلك ما رواه الشيخان من حديث أبي هريرة، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله تعالى: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به " وفي رواية البخاري له: "يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي "، وفي رواية لمسلم: "يدع طعامه وشهوته من أجلي " فقوله: "شهوته" عام في جميع الوسائل التي تستفرغ بها الشهوة حتى فيما دون الجماع ومما يدل على ذلك ما في صحيح مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وفي بضع أحدكم صدقة" قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: "أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ وكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر". فإن البضع وإن كان يراد به الجماع ولكن ما دونه من مقدماته وما يحصل به التلذذ داخل في الحديث؛ لشمول معنى الشهوة له وهي ما تتلذذ به النفس وتميل إليه. ولذلك استحب الشافعية للصائم ترك الشهوات مطلقاً فقالوا في تعليل كراهية القبلة للصائم في مغني المحتاج (2/160): "ولأن الصائم يسن له ترك الشهوات مطلقاً"؛ فهذا وإن كان غير مسلم إلا أن من تعمد إنزال المني بالاستمناء أو المباشرة لم يدع شهوته وقصر ذلك على الجماع فقط فيه نظر ظاهر للمتأمل.
أما نزول المني بغير تعمد فلا شيء فيه ولا يؤثر على الصيام بالاتفاق لقول الله تعالى {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} (الأحزاب: 5) وقد جاء في ذلك حديث رواه الترمذي وغيره عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً: "ثلاث لا يفطرن الصائم: الحجامة والقيء والاحتلام" إلا أن هذا الحديث ضعفه الأئمة أحمد والذهبي وابن خزيمة وغيرهم وقال عنه الترمذي: حديث أبي سعيد غير محفوظ. فالمرجع في ذلك إلى الإجماع والنصوص الدالة على رفع القلم عن النائم وعدم المؤاخذة بما لم يتعمده. والله أعلم.
[[الشيخ د. خالد بن عبد الله المصلح]](1/58)
إذا قبل الرجل امرأته في نهار رمضان أو داعبها، هل يفسد صومه أم لا؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب:
تقبيل الرجل امرأته ومداعبته لها ومباشرته لها بغير الجماع وهو صائم كل ذلك جائز ولا حرج فيه؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يقبل وهو صائم ويباشر وهو صائم، ولكن إن خشي الصائم الوقوع فيما حرم الله عليه لكونه سريع الشهوة، كره له ذلك، فإن أمنى لزمه الإمساك والقضاء ولا كفارة عليه، عند جمهور أهل العلم، أما المذي فلا يفسد به الصوم في أصح قولي العلماء، لأن الأصل السلامة وعدم بطلان الصوم، ولأنه يشق التحرز منه، والله ولي التوفيق.
[[الفتاوى لابن باز رحمه الله تعالى، كتاب الدعوة (2/164-165)]]
في شهر رمضان المبارك أطغتني شهوتي على زوجتي بعد صلاة الفجر وجامعتها فما الحكم ؟
الجواب:
حيث ذكر المستفتي أنه أطغته شهوته فجامع زوجته بعد الفجر في رمضان فالواجب عليه عتق رقبة فإن لم يستطع فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً لكل مسكين مد ( بُرّ ) وعليه قضاء اليوم بدلاً عن ذلك اليوم ، وأما المرأة فإن كانت مطاوعة فحكمها حكم الرجل ، وإن كانت مكرهة فليس عليها إلا القضاء .
والأصل في وجوب الكفارة على الرجل : ما رواه أبو هريرة – رضي الله عنه – قال (بينما نحن جلوس عند النبي – صلى الله عليه وسلم – إذ جاءه رجل فقال : يا رسول الله هلكت قال : " مالك ؟ " قال : وقعت على امرأتي وأنا صائم ، فقال صلى الله عليه وسلم : " هل تجد رقبة تعتقها " قال :لا ، قال :" فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين " قال : لا ، قال : " فهل تجد إطعام ستين مسكيناً ؟ " قال : لا ، قال : فمكث النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : فبينما نحن على ذلك أتي النبي – صلى الله عليه وسلم – بعرق فيه تمر – والعرق المكتل – فقال : " أين السائل ؟ " فقال : أنا ، فقال : " خذه فتصدق به " .(1/59)
أما إيجاب قضاء يوم مكان اليوم الذي جامع زوجته فيه لما في رواية أبي داود وابن ماجه :" وصم يوماً مكانه " . وأما إيجاب الكفارة والقضاء على المرأة إذا كانت مطاوعة ؛ فلأنها في معنى الرجل ، وأما عدم إيجاب الكفارة عليها في حال الإكراه ؛ فلعموم قوله صلى الله عليه وسلم – : " عُفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " .
[[ الشيخ عبدالرحمن العجلان ]]
سؤالي عن رجل جامع زوجته في صبيحة يوم من رمضان، بعد أذان الفجر بعد خصام بينهما دام أسبوعين أو أكثر, وعلمهما أن الإمساك قد وجب, وكان برضى الطرفين ورغبتهما؟
الجواب:
الجماع بعد طلوع الفجر لمن يجب عليه الصيام في نهار رمضان محرم، وعليهما التوبة وقضاء ذلك اليوم، وعلى كل واحد منهما الكفارة؛ وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً، وعلى المسلم أن يحذر طاعة الشيطان وتلاعبه بالعبد، فهذا الشيطان اللعين حرمهما من بعض في أوقات تحل للمرء زوجته، وأوجد النزاع بينهما لأجل أن يصطلحا على فعل محرم؛ وهو الجماع في نهار رمضان بعد فترة التقاطع الطويلة.
[[ الشيخ عبد الرحمن العجلان ]]
الحالة الأولى: أنا شاب ملتزم ولله الحمد محافظ على الصلاة ولله الحمد ولكن في ذات مرة وفي نهار رمضان وسوس لي الشيطان بالقيام بممارسة العادة السرية وأنا الآن نادم على ما فعلت وتبت إلى الله من هذه الأمور وان هذا الأمر أحس به في نفسي كل ما تذكرته ويعكر علي حياتي لأني أخاف من الله أن يعاقبني عليه عقابا شديداً
الحالة الثانية: بعد أن تزوجت وفي ذات يوم وفي شهر رمضان المبارك وبعد صلاة الفجر وسوس لي الشيطان أن أُداعب زوجتي وقمت بوضع فرجي بين فخذيها حتى تم الإنزال.
والسؤال ماذا عليّ من كفارة في الحالين؟.
الجواب:(1/60)
ليس عليك أيها الأخ الكريم في الحالين إلا التوبة وقضاء اليوم الذي أفسدته فيكون عليك صيام يومين يوم للحال الأولى ويوم للحال الثانية أما الكفارة التي تذكر فهي في حق من جامع أهله في نهار رمضان ولا يكون الإنسان مجامعاً إلا إذا أدخلت قدر الحشفة وهو رأس الذكر في فرج امرأته فالحمد لله ليس عليك كفارة لكن عليك التوبة الصادقة والقضاء لليومين والله أعلم.
إذا تحركت شهوة المسلم في نهار رمضان ولم يجد طريقاً إلا أن يستمني فهل يبطل صومه ، وهل عليه قضاء أو كفارة في هذه الحالة ؟
الجواب:
الاستمناء في رمضان وغيره حرام ، لا يجوز فعله ؛ لقوله تعالى : " والذين هم لفروجهم حافظون ، إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون " . وعلى من فعله في نهار رمضان وهو صائم أن يتوب إلى الله ، وأن يقضي صيام ذلك اليوم الذي فعله فيه ، ولا كفارة لأن الكفارة إنما وردت في الجماع خاصة .
(فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى (2192) الجزء العاشر ص (256) ).
زوجي جامعني في نهار رمضان وكنت راضية فهل عليّ كفارة أم لا؟
الجواب:
وجوب الكفارة على المرأة التي يجامعها زوجها في نهار رمضان وهي مطاوعة راضية للعلماء فيه قولان:
الأول:(1/61)
أن الكفارة تجب عليها كما تجب على الرجل؛ لأن الأصل أن النساء شقائق الرجال ما لم يرد دليل التخصيص، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي جامع أهله في نهار رمضان -كما في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال-: ((هل تجد ما تعتق رقبة؟)) قال: لا قال: ((فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟)) قال: لا قال: ((فهل تجد ما تطعم ستين مسكيناً؟ )) قال: لا ثم جلس فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر فقال: (( تصدق بهذا)) فقال: أعلى أفقر منا؟ فما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا، فضحك النبي ص حتى بدت أنيابه. ثم قال: ((اذهب فأطعمه أهلك)). ولأنها انتهكت حرمة الشهر بالجماع، ولأنها هتكت صوم رمضان بالجماع فوجبت عليها الكفارة كالرجل. وبهذا قال جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والحنابلة وهو أحد قولي الشافعي.
الثاني:
أنه لا كفارة عليها لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوجب على امرأة الرجل الذي قال: هلكت كفارة، مع احتمال أنها مطاوعة راضية، وقد سئل الإمام أحمد عمن أتى أهله في نهار رمضان أعليها كفارة؟ فقال: ما سمعنا أن على إمرأةٍ كفارةً. وهذا أحد القولين عن الإمام أحمد والشافعي وبه قال الحسن البصري.
فكلتا الفتويين قال بها بعض أهل العلم، والذي يترجح لي من هذين القولين هو القول بعدم وجوب الكفارة، إذ لو وجبت على المرأة لبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل، فإنه من المعلوم أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. والله تعالى أعلم.
وفقنا الله وإياك لما يحبه الله ويرضاه
جامعت زوجتي في نهار رمضان من الدبر ؟!!
الجواب:
فإجابة عن سؤالك نقول :
في هذه الفعلة شناعات ومهلكات :(1/62)
أولاً: أن هذا من المحرم في الصيام وفي غيره فإن إتيان المرأة في دبرها من كبائر الذنوب وقد جاء في أحاديث عديدة أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من أتى امرأة في دبرها فاتق الله واترك هذه الفعلة، وإصرارك عليها يبيح للمرأة طلب الطلاق والفراق ولو قدرنا أن المرأة وافقت على هذا الفعل القبيح فإنه يجب على القاضي التفريق بينكما.
ثانياً: أن في هذا انتهاكاً لحرمة الصيام وإفساداً له فإذا كان إتيان المرأة في القبل مهلكاً كما جاء في البخاري(6164) ومسلم(1111) من حديث حميد بن عبدالرحمن عن أبي هريرة: ((أن رجلاً جاء النبي فقال: يا رسول الله هلكت ؟ قال: وما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم)) فكيف بإتيان المرأة في دبرها؟
والذي يترتب على هذا الفعل خمسة أمور:
1ـ فساد الصوم لأنه قد فعل مفطراً يفسد صومه، قال تعالى:{فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}(البقرة: من الآية187) .
2ـ وجوب إمساك بقية اليوم، لأن فساد الصوم بالفطر لا يسقط حرمة اليوم ووجوب إمساكه.
3ـ التوبة إلى الله تعالى من هذه الموبقة والإكثار من العمل الصالح، قال تعالى:{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى} (طه:82)(1/63)
4ـ الكفارة وهي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يجد فإطعام ستين مسكيناً على الترتيب، كما دل عليه حديث أبي هريرة المتقدم فإن فيه: ((قال: أعتق رقبة، قال: ما أجدها، قال: فصم شهرين متتابعين، قال: لا أستطيع، قال: فأطعم ستين مسكيناً، قال: ما أجد، فأتي بعرق فقال: خذه فتصدق به، فقال: يا رسول الله أعلى غير أهلي فو الذي نفسي بيده ما بين طنبي المدينة أحوج مني؟ فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه)).
5ـ القضاء على قول الجمهور والصواب أنه لا ينفعه القضاء لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه: ((من أفطر يوماً من رمضان من غير عذر ولامرض لم يقضه صيام الدهر وإن صامه)) وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعاً عند أصحاب السنن ولا يصح مرفوعاً وجاء مثله عن ابن مسعود. والقاعدة: أن كل من أخرج عبادة عن وقتها من غير عذر لم ينفعه فعلها بعده. والله أعلم.
ما حكم وضع الفكس في الأنف وأنا صائم؟
الجواب:(1/64)
وضع الفكس أو غيره مما له رائحة كالطيب مثلاً على الأنف لا يفطر الصائم على الصحيح من قولي أهل العلم؛ لأن التفطير ليس فيه نص ولا إجماع والأصل عدم فساد الصيام وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه حقيقة الصيام ص (51) في كلامه على الفطر بالكحل: " فلو كان هذا مما يفطر لبينه النبي صلى الله عليه وسلم كما بين الإفطار بغيره فلما لم يبين ذلك علم أنه من جنس الطيب والبخور والدهن، والبخور قد يتصاعد إلى الأنف ويدخل في الدماغ وينعقد أجساماً والدهن يشربه البدن ويدخل إلى داخله ويتقوى به الإنسان وكذلك يتقوى بالطيب قوة جيدة فلما لم ينه الصائم عن ذلك دلّ على جواز تطيبه وتبخره وادهانه وكذلك اكتحاله" وأقول أيضاً: وكذلك وضع الفكس ونحوه على أنفه. وقد صرح فقهاء الحنفية بأن الصائم إذا وجد طعم الدواء دون تناوله وأكله فإنه لا يضر قال في رد المحتار (2/396): "قوله: (كطعم أدوية) أي لو دق دواء فوجد طعمه في حلقه " وقال: " طعم الأدوية وريح العطر إذا وجد في حلقه لم يفطر ". وهذا مذهب الشافعية فيما يظهر لأنهم اشترطوا في الفطر وصول عين إلى الجوف قال في أسنى المطالب (1/415): " وخرج بالعين الأثر كوصول الريح بالشم إلى الدماغ ".
وعدم التفطير برائحة الفكس هو الذي يظهر لي من مذهب الحنابلة جرياً على قولهم: " ويكره للصائم شمّ ما لا يأمن أن يجذبه نفسه إلى حلقه كسحيق مسك وكافور ودهن ونحوها كبخور وعود وعنبر " انتهى من كشاف القناع.
أما ما يجده الصائم في حلقه فهو أثر دواء فلا يؤثر في صحة الصوم. وقد صرح فقط المالكية بالتفطير بذلك قال في التاج والإكليل (3/348): "وفي التلقين: يجب الإمساك عما يصل إلى الحلق مما ينماع أو لا ينماع ثم قال: ومثلها الكحل والدهن والشموم الواصلة إلى الحلق وإن من الأنف ". والله أعلم.
[[الشيخ د. خالد بن عبد الله المصلح]](1/65)
رجل عندما كان في الخدمة العسكرية أفطر عمداً أياماً من شهر رمضان بسبب نظام الثكنة الصارم وقلة الطعام في وجبة الفطور في أغلب الأحيان، فهل تجب عليه الكفارة؟ أم ليس عليه إلا القضاء؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب:
إذا كان قد أفطر بالأكل والشرب ونحو ذلك، فإنما يجب عليه الكفارة إذا كان قد جاء رمضان الآخر وهو لم يصم، ويطعم عن كل يوم مسكين كما أفتى بذلك ابن عباس وأبو هريرة رضي الله عنهم، ويصوم الأيام التي تركها، فنقول: إنه يجب عليه أن يصوم كل الأيام التي تركها، وإن كان قد جاءه رمضان الثاني وهو لم يصمها، فإنه يجب عليه مع الصيام أن يطعم عن كل يوم مسكيناً وهذا في حق ما لو أفطر في كل شيء ما عدا الجماع، أما لو أفطر بالجماع فإنه تجب عليه الكفارة المغلظة، وهي كفارة الظهار مع قضاء الصيام والتوبة، والله أعلم.
[[الشيخ د. عبدالله السلمي]]
كنت مسافرا بالطائرة، وقد حان موعد الإفطار، وهو الساعة 5.17، وأقلعت الطائرة بنا حوالي الساعة 5.50، وبعد مسيرة حوالي 8 دقائق في الجو أفطرت، لكن الشمس مازالت في الأفق، وهذا بحكم ارتفاعنا مع العلم أن وقت الإفطار في المدينة التي نحن فوقها قد حان، أو بالأحرى قد أظلمت. فهل صيامي صحيح أم لا؟
الجواب:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه، وبعد:
فقد أجمع أهل العلم على أن الصوم من طلوع الفجر إلى غروب الشمس لقوله تعالى: "وكلوا واشربوا حتى يتبيّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل" [البقرة:187]، ولما ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إذا أقبل الليل من ها هنا وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم" صحيح البخاري (1954)، صحيح مسلم (1100).(1/66)
ولكل صائم حكم المكان الذي هو فيه سواء كان على سطح الأرض أم كان على طائرة في الجو، فإذا أقلعت الطائرة قبل غروب الشمس بدقائق واستمر معه النهار، فلا يجوز له أن يفطر ولا أن يصلي المغرب حتى تغرب شمس الجو الذي يسير فيه، حتى ولو مرّ بسماء بلد أهلها قد أفطروا وهو في سمائها يرى الشمس.
وعليه فمن أفطر في الطائرة بتوقيت بلد وهو يعلم أن الشمس لم تغرب فصيامه فاسد، وعليه قضاء ذلك اليوم. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه. [تراجع فتاوى اللجنة الدائمة (10/295-296)].
[[الشيخ عبد الرحمن العثمان]]
لي أصدقاء يقومون بالإفطار قبل أذان المغرب بما يعادل عشر دقائق عذراً منهم؛ لحديث الرسول –صلى الله عليه وسلم- فيما معناه إذا أقبل الليل من ها هنا وأدبر النهار من ها هنا أفطر الصائم، وهل أذان المغرب أذان بوقت الإفطار أم لا؟ وماذا تنصحونهم مأجورين.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإذا كان المؤذنون يؤخرون الأذان بعد غروب الشمس بمقدار هذا الوقت (عشر دقائق)، فصيام هؤلاء صحيح؛ لأن العبرة بغروب الشمس، وليس بأذان المؤذن.
وينبغي تعزير المؤذنين الذين يتعمّدون تأخير الأذان بعد غروب الشمس بمثل هذا الوقت، ولو بقصد الاحتياط؛ إذ عملهم هذا من التورع البارد المذموم الذي لا ينبغي بحال، وهو ابتداع في الدين، فإن اتخاذهم هذا العمل عادة – من تعمّد تأخير الأذان عن غروب
الشمس بعشر دقائق أو نحوها- يُلبس على الناس دينهم، فيعتقد العوام أن غروب الشمس بمجرده لا يبيح الفطر، وهذا مخالف لقوله –صلى الله عليه وسلم-:"إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من ها هنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم" أخرجه البخاري (1954)، ومسلم (1100) من حديث عمر – رضي الله عنه -.(1/67)
وعلى هذا فإن العبرة بالتحقق من غروب الشمس، وأما الأذان فإنما هو علامة على ذلك، فلو أخطأ المؤذن فأذن قبل الغروب لم يجز للصائم الفطر، ولو تأخّر بعد غروب الشمس لم يلزم الصائم الإمساك إلى أن يسمع الأذان، بل له الفطر بمجرد تيقنه من غروب الشمس.
أما إذا كان المؤذنون لا يؤذنون إلا عند غروب الشمس ولا يؤخرونه، فلا شك أن أصحابك قد أفطروا في نهار رمضان، وذلك بتقديمهم الإفطار قبل غروبها بعشر دقائق.
فعليهم التوبة إلى الله من هذا الصنيع، وقضاء ما أفطروه من تلك الأيام.
فإن كانوا لا يعلمون عدد ما أفطروه من الأيام، فعليهم أن يتحروا عددها بالاجتهاد والتقدير، وعسى الله أن يتوب عليهم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
[[الشيخ سامي الماجد]]
في بعض البلاد هناك وقت يكون قبل الفجر بحوالي عشر دقائق يقولون إنه وقت الإمساك ، يبدأ الناس فيه الصيام ويمسكون عن الطعام والشراب . فهل هذا الفعل صحيح ؟
الجواب:
الحمد لله
هذا الفعل غير صحيح .
لأن الله تعالى أباح للصائم أن يأكل ويشرب حتى يتبين طلوع الفجر . قال الله تعالى ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ) البقرة / 187 .
وروى البخاري (1919) ومسلم (1092) عَنْ ابْنِ عُمَرَ وعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم أَنَّ بِلالا كَانَ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ، فَإِنَّهُ لا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ ) .
قال النووي رحمه الله :
فِيهِ : جَوَاز الأَكْل وَالشُّرْب وَالْجِمَاع وَسَائِر الأَشْيَاء إِلَى طُلُوع الْفَجْر اهـ .
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (4/199) :(1/68)
من البدع المنكرة ما أحدث في هذا الزمان من إيقاع الأذان الثاني قبل الفجر بنحو ثلث ساعة في رمضان ، وإطفاء المصابيح التي جعلت علامة لتحريم الأكل والشرب على من يريد الصيام زعما ممن أحدثه أنه للاحتياط في العبادة اهـ
وسئل الشيخ ابن عثيمين عما يوجد في بعض التقاويم من تحديد وقت للإمساك قبل الفجر بنحو ربع ساعة فقال :
هذا من البدع ، وليس له أصل من السنة ، بل السنة على خلافه ، لأن الله قال في كتابه العزيز (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ) البقرة/187 . وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم ، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر) . وهذا الإمساك الذي يصنعه بعض الناس زيادة على ما فرض الله عز وجل فيكون باطلاً وهو من التنطع في دين الله وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ ، هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ ، هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ ) رواه مسلم (2670) اهـ .
والله أعلم .
[[الإسلام سؤال وجواب]]
متى يفطر راكب الطائرة ؟
الجواب:
الحمد لله
( إذا غربت الشمس فأفطر على الأرض ثم أقلعت به الطائرة فرأى الشمس لم يلزمه الإمساك لأنه أتمّ صيام يومه كاملا فلا سبيل إلى إعادته للعبادة بعد فراغه منها . وإذا أقلعت به الطائرة قبل غروب الشمس وأراد إتمام صيام ذلك اليوم في السفر فلا يُفطر إلا إذا غربت الشمس في المكان الذي هو فيه من الجوّ ، ولا يجوز للطيار أن يهبط إلى مستوى لا تُرى فيه الشمس لأجل الإفطار لأنه تحايل لكن إن نزل لمصلحة الطيران فاختفى قرص الشمس أفطر ) .
من فتاوى الشيخ ابن باز مشافهة . انظر كتيب "سبعون مسألة في الصيام" .
قالت اللجنة الدائمة :(1/69)
إذا كان الصائم في الطائرة واطلع بواسطة الساعة والتليفون عن إفطار البلد القريبة منه وهو يرى الشمس بسبب ارتفاع الطائرة فليس له أن يفطر لأن الله تعالى قال : ( ثم أتموا الصيام إلى الليل ) وهذه الغاية لم تتحقق في حقه ما دام يرى الشمس .
وأما إذا أفطر بالبلد بعد انتهاء النهار في حقه فأقلعت الطائرة ثم رأى الشمس فإنه يستمر مفطراً لأن حكمه حكم البلد التي أقلع منها وقد انتهى النهار وهو فيها .ا.هـ
وقالت اللجنة في فتوى أخرى :
إذا كان الشخص بالطائرة في نهار رمضان وهو صائم ويريد الاستمرار بصيامه إلى الليل فإنه لا يجوز أن يفطر إلا بعد غروب الشمس ا.هـ
مجموع فتاوى اللجنة الدائمة (10/136-137) .
والله أعلم .
[[الإسلام سؤال وجواب]]
هل هناك دعاء مأثور عن النبي – صلى الله عليه وسلم - عند وقت الإفطار وما هو وقته؟ وهل يتابع الصائم المؤذن في الأذان أم يستمر في فطره؟
الجواب:
نقول إن وقت الإفطار موطن إجابة للدعاء لأنه في آخر العبادة ولأن الإنسان أشد ما يكون غالباً من ضعف النفس عند إفطاره.
وكلما كان الإنسان أضعف نفساً وأرق قلباً كان أقرب إلى الإنابة والإخبات إلى الله عز وجل.
والدعاء المأثور: "اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت".
ومنه أيضاً قول النبي عليه الصلاة والسلام: "ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله".
وهذان الحديثان، وإن كان فيهما ضعف لكن بعض أهل العلم حسنهما.
وعلى كل حال: فإذا دعوت بذلك، أو بغيره عند الإفطار فإنه موطن إجابة، وأما إجابة المؤذن وأنت تفطر فنعم مشروعة؛ لأن قوله عليه الصلاة والسلام: "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول" يشمل كل حال من الأحوال إلا ما دل الدليل على استثنائه، والذي دل على استثنائه إذا كان يصلي وسمع المؤذن؛ لأن في الصلاة شغلا، كما جاء به الحديث.(1/70)
على أن شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمة الله عليه – يقول: إن الإنسان يجيب المؤذن ولو كان في الصلاة لعموم الحديث، ولأن إجابة المؤذن ذكر مشروع ولو أن الإنسان عطس وهو يصلي يقول: الحمد لله، ولو بشر بولد أو بنجاح ولد وهو يصلي يقول: الحمد لله، نعم يقول الحمد لله ولا بأس، وإذا أصابك نزغ من الشيطان وفتح عليك باب الوساوس فتستعيذ بالله منه وأنت تصلي.
لذا نأخذ من هذا قاعدة: وهو أن كل ذكر وجد سببه في الصلاة فإنه يقال؛ لأن هذه الحوادث يمكن أن نأخذ منها عند التتبع قاعدة.
لكن مسألة إجابة المؤذن – وشيخ الإسلام ابن تيمية يقول بها – أنا في نفسي منها شيء، لماذا؟
لأن إجابة المؤذن طويلة توجب انشغال الإنسان في صلاته انشغالاً كثيراً والصلاة لها ذكر خاص لا ينبغي الشغل عنه.
فنقول: إذا كنت تفطر وسمعت الأذان تجيب المؤذن.
بل قد نقول: إنه يتأكد عليك أكثر لأنك تتمتع الآن بنعمة الله وجزاء هذه النعمة الشكر ومن الشكر إجابة المؤذن فتجيب المؤذن ولو كنت تأكل ولا حرج عليك في هذا.
وإذا فرغت من إجابة المؤذن فصل على النبي – صلى الله عليه وسلم – وقل: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته.
[فتاوى الشيخ محمد الصالح العثيمين (1/531 – 532)].
ما حكم الذين يتقدمون في الأذان في رمضان؟
الجواب:
الذين يتقدَّمون في الأذان في أيام الصوم يتسرعون في أذان الفجر ويزعمون أنهم يحتاطون بذلك للصيام وهم في ذلك مخطئون لسببين:
السبب الأول: أن الاحتياط في العبادة هو لزوم ما جاء به الشرع، والنبي – صلى الله عليه وسلم – يقول "كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر" وما قال حتى يقرب طلوع الفجر، إذاً فالاحتياط للمؤذنين: أن لا يؤذنوا حتى يطلع الفجر.(1/71)
السبب الثاني: قد أخطأ هؤلاء المؤذنون الذين يؤذنون للفجر قبل طلوع الفجر، وزعموا أنهم يحتاطون لأمر احتياطهم فيه غير صحيح، لكنهم يفرطون في أمر يجب عليهم الاحتياط له وهو صلاة الفجر، فإنهم إذا أذنوا قبل طلوع الفجر صلى الناس وخصوصاً الذين لا يصلون في المساجد من نساء أو معذورين عن الجماعة صلاة الفجر، وحينئذ يكون أداؤهم لصلاة الفجر قبل وقتها.
وهذا خطأ عظيم!! لهذا أوجه النصيحة لإخواني المؤذنين أن لا يؤذنوا إلا إذا تبين الصبح وظهر لهم، فإذا ظهر لهم سواء شاهدوا بأعينهم أو علموه بالحساب الدقيق فإنهم يؤذنون، وينبغي للمرء أن يكون مستعداً للإمساك قبل الفجر خلاف ما يفعله بعض الناس إذا قرب الفجر جداً قدم سحوره زاعماً أن هذا هو أمر الرسول – صلى الله عليه وسلم – بتأخير السحور، ولكن ليس بصحيح فإن تأخير السحور إنما ينبغي إلى وقت يتمكن الإنسان فيه من التسحر قبل طلوع الفجر، والله أعلم.
[[فتاوى الشيخ محمد الصالح العثيمين (1/529 – 530)]].
هناك حديث بأن دعاء الصائم مستجاب عند فطره.
فهل يكون هذا الدعاء قبل أو أثناء أو بعد الفطر بقليل؟
أرجو ذكر نص الحديث.
هل الدعاء المستجاب عند الفطر أم قبله؟
الجواب:
الحديث رواه عبد الله بن عمرو بن العاص –رضي الله عنهما- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إن للصائم عند فطره لدعوة ما ترد" وهو حديث حسن أخرجه ابن ماجه (1753) والحاكم (1535) وغيرهما.
وقد بين عبد الله بن عمرو –رضي الله عنهما- متى يكون الدعاء؛ فقد قال ابن أبي مليكة بعد أن روى عنه هذا الحديث: "سمعت عبد الله بن عمرو يقول إذا أفطر: اللهم إني أسألك برحمتك..." وهذا يدل على أن الدعاء يكون بعد الفطر وأما نص الدعاء الذي ذكره فإنما أراد به التمثيل.
هل يفطر الصائم بالنية الجازمة للفطر دون أكل أو شرب؟
الجواب:(1/72)
من المعلوم أن الصوم جامع بين النية والترك، فينوي الإنسان بصومه التقرب إلى الله – عز وجل – بترك المفطرات، فإذا عزم على أنه قطع صومه فعلاً فإن الصوم ينقطع، ولكنه إذا كان في رمضان يجب عليه الإمساك حتى تغيب الشمس، لأن كل من أفطر في رمضان بغير عذر لزمه الإمساك والقضاء، وأما إذا لم يعزم ولكن تردد فموضع خلاف بين العلماء، منهم من قال: إن صومه يبطل لأن التردد ينافي العزم، ومنهم من قال: إنه لا يبطل لأن الأصل بقاء نية الصوم حتى يعزم على تركها وإزالتها.
[فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين (1/474 –475)]
إذا سافر المسلم أثناء شهر رمضان إلى بلد آخر كان قد تأخر أو تقدم في بداية شهر رمضان عن بلده ، وظل بهذا البلد حتى العيد ، فمع أي البلدين يفطر ؟
الجواب:
الحمد لله
" إذا سافر الرجل من بلد إلى بلد اختلف مطلع الهلال فيهما ، فالقاعدة أن يكون صيامه وإفطاره حسب البلد الذي هو فيه حين ثبوت الشهر ، لكن إن نقصت أيام صيامه عن تسعة وعشرين يوماً ، وجب عليه إكمال تسعة وعشرين يوماً لأن الشهر الهلالي لا يمكن أن ينقص عن تسعة وعشرين يوماً، وهذه القاعدة مأخوذة من قول النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا رأيتموه فصوموا ، وإذا رأيتموه فأفطروا ) وقوله ( إنما الشهر تسع وعشرون ، فلا تصوموا حتى تروه ، ولا تفطروا حتى تروه ) . ومن حديث كريب أن أم الفضل بعثته إلى معاوية في الشام ، وفيه أن كريباً أخبر ابن عباس رضي الله عنهما أن الناس رأوا هلال رمضان ليلة الجمعة في الشام ، فقال ابن عباس : لكنا رأيناه ليلة السبت ، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه ، فقال كريب : ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه ؟ فقال : لا ، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وإليك أمثلة تبين هذه القاعدة :(1/73)
المثال الأول : انتقل من بلد صام أهله يوم الأحد إلى بلد صام أهله يوم السبت ، وأفطروا يوم الأحد عن تسعة وعشرين يوماً ، فيفطر معهم ويلزمه قضاء يوم .
المثال الثاني : انتقل من بلد صام أهله يوم الأحد إلى بلد صام أهله يوم الاثنين ، وأفطروا يوم الأربعاء عن ثلاثين يوماً ، فيبقى صائماً معهم ولو زاد على ثلاثين يوماً لأنه في مكان لم ير الهلال فيه ، فلا يحل له الفطر ، ويشبه هذا ما لو سافر صائماً من بلد تغيب فيه الشمس الساعة السادسة إلى بلد لا تغيب فيه إلا الساعة السابعة ، فإنه لا يفطر حتى تغيب الشمس في الساعة السابعة لقوله تعالى ( ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذالِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) .
المثال الثالث : انتقل من بلد صام أهله يوم الأحد إلى بلد صام أهله يوم الاثنين ، وأفطروا يوم الثلاثاء عن تسعة وعشرين يوماً ، فيفطر معهم ويكون صومهم تسعة وعشرين يوماً ، وصومه ثلاثين يوماً .
المثال الرابع : انتقل من بلد صام أهله يوم الأحد ، وأفطروا يوم الثلاثاء عن ثلاثين يوماً إلى بلد صام أهله يوم الأحد ، وأفطروا يوم الاثنين عن تسعة وعشرين يوماً ، فيفطر معهم ، ولا يلزمه قضاء يوم ؛ لأنه أتم تسعة وعشرين يوماً .
دليل وجوب فطره في المثال الأول أنه رؤي الهلال ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا رأيتموه فأفطروا ) ودليل وجوب قضاء اليوم قول النبي صلى الله عليه وسلم ( إنما الشهر تسع وعشرون ) فلا يمكن أن ينقص عن تسع وعشرين ليلة .
ودليل وجوب بقائه صائماً فوق الثلاثين في المثال الثاني قول النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا رأيتموه فأفطروا ) فعلق الفطر بالرؤية ، ولم تكن فيكون ذلك اليوم من رمضان في ذلك المكان فلا يحل فطره .(1/74)
وأما حكم المثال الثالث والرابع فواضح .
هذا ما ظهر لنا في هذه المسألة بأدلتها وهو مبني على القول الراجح من اختلاف الحكم باختلاف المطالع ، أما على القول بأنه لا يختلف الحكم بذلك وأنه متى ثبتت رؤيته شرعاً بمكان لزم الناس كلهم الصوم أو الفطر فإن الحكم يجري على حسب ثبوته لكن يصوم أو يفطر سرًّا لئلا يظهر مخالفة الجماعة " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (19/69) .
وبمثل هذا سئل الشيخ ابن باز رحمه الله فأجاب :
" إذا صمتم في السعودية أو غيرها ثم صمتم بقية الشهر في بلادكم فأفطروا بإفطارهم ، ولو زاد ذلك على ثلاثين يوماً ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (الصوم يوم تصومون ، والفطر يوم تفطرون ) لكن إن لم تكملوا الشهر تسعة وعشرين يوما فعليكم إكمال ذلك ، لأن الشهر لا ينقص عن تسع وعشرين " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (15/155) .
[[ الإسلام سؤال وجواب ]].
إنسان عزم على السفر فنوى الفطر من الغد ، ثم بعد طلوع الفجر ألغى السفر قبل أن يأتي بأي مفطر ، ما حكم ذلك ؟
الجواب:
الحمد لله
دلت الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع على أن للمسافر أن يفطر في رمضان ، ثم يقضي عدد الأيام التي أفطرها ، قال الله تعالى ( وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) البقرة/185 .
ومن كان في بلده ، ثم عزم على السفر ، فلا يسمى مسافرا حتى يفارق عمران بلده . فلا يحل له أن يأخذ برخص السفر كالفطر والقصر بمجرد نية السفر ، لأن الله تعالى إنما أباح الفطر للمسافر ، ولا يكون مسافرا حتى يفارق بلده .
قال ابن قدامة في "المغني" (4/347) بعد أن ذكر أن من سافر أثناء اليوم فله الفطر ، قال :(1/75)
" إذا ثبت هذا ؛ فإنه لا يباح له الفطر حتى يُخَلِّف البيوتَ وراء ظهره , يعني أنه يجاوزها ويخرج من بين بنيانها . وقال الحسن : يفطر في بيته , إن شاء , يوم يريد أن يخرج . وروي نحوه عن عطاء . قال ابن عبد البر : قول الحسن قول شاذ , وليس الفطرُ لأحدٍ في الحضرِ في نظرٍ ولا أثر . وقد روي عن الحسن خلافه " .
ثم قال ابن قدامة : " لقول الله تعالى ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) البقرة/185 . وهذا شاهد (أي حاضر لم يسافر) , ولا يوصف بكونه مسافرا حتى يخرج من البلد , ومهما كان في البلد فله أحكام الحاضرين , ولذلك لا يقصر الصلاة " انتهى
وسئل الشيخ ابن عثيمين : عن رجل نوى السفر فأفطر في بيته لجهله ، ثم انطلق ، هل عليه الكفارة ؟
فأجاب : " حرام عليه أن يفطر وهو في بيته ، ولكن لو أفطر قبل مغادرته بيته فعليه القضاء فقط " انتهى . "فتاوى الصيام" (ص 133) .
وقال في "الشرح الممتع" (6/218) :
" جاءت السنة والآثار عن الصحابة رضي الله عنهم أنه إذا سافر في أثناء اليوم فله الفطر ، ولكن هل يشترط أن يفارق قريته ؟ أو إذا عزم على السفر وارتحل فله أن يفطر ؟
الجواب : في هذا قولان عن السلف .
ذهب بعض أهل العلم إلى جواز الفطر إذا تأهب للسفر ولم يبق عليه إلا أن يركب ، وذكروا ذلك عن أنس رضي الله عنه أنه كان يفعله ، وإذا تأملت الآية وجدت أنه لا يصح هذا ؛ لأنه إلى الآن لم يكن على سفر فهو الآن مقيم وحاضر ، وعليه ؛ فلا يجوز له أن يفطر إلا إذا غادر بيوت القرية . . .
فالصحيح أنه لا يفطر حتى يفارق القرية ، ولذلك لا يجوز أن يقصر الصلاة حتى يخرج من البلد ، فكذلك لا يجوز أن يفطر حتى يخرج من البلد " انتهى باختصار تصرف يسير .
وبناء على ذلك ، فمن عزم على السفر ليلا ، فلا يجوز له أن يصبح مفطرا ، بل يلزمه أن ينوي الصوم ، فإن أصبح وسافر ، جاز له الفطر بعد مفارقة بلده .(1/76)
والحاصل : أن من نوى الفطر من الليل بحجة أنه سيسافر غدا ، فقد أخطأ . ويلزمه قضاء يوم مكان ذلك اليوم ، حتى لو فرض أنه لم يسافر ؛ لأنه لم ينو الصيام من الليل ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ لَمْ يُجْمِعْ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ ) رواه أبو داود (2454) والترمذي (730) وصححه الألباني في صحيح أبي داود . ويلزمه في حالة عدم السفر أن يمسك عن المفطرات بقية اليوم ، احتراما للشهر ، لأنه أفطر من غير عذر شرعي .
انظر : "الشرح الممتع" (6/209) .
فعلى السائل أن يستغفر الله ويتوب إليه مما فعل ، ويقضي ذلك اليوم .
والله أعلم .
[[الإسلام سؤال وجواب]]
قولهم: ومن نوى الإفطار أفطر، هل هو وجيه؟
الجواب:
نعم هو وجيه، وذلك أن الصيام مركب من حقيقتين: النية وترك جميع المفطرات، فإذا نوى الإفطار، فقد اختلت الحقيقة الأولى وهي أعظم مقومات العبادة، فالأعمال كلها لا تقوم إلا بها.
ومعنى قولهم: أفطر، معناه: أنه حكم له بعدم الصيام، لا بمنزلة الآكل والشارب، كما فسروا مرادهم.
ولذلك لو نوى الإفطار وهو في نفل، ثم بعد ذلك أراد أن ينوي الصيام قبل أن يحدث شيئاً من المفطرات، جاز له ذلك، لكن أجره وصيامه المثاب عليه من وقت نيته فقط، وإن كان الذي نوى الإفطار في فرض، فإن ذلك اليوم لا يجزئه ولو أعاد النية قبل أن يفعل مفطراً، لأن الفرض شرطه أن النية تشمل جميعه من طلوع فجره إلى غروب شمسه، بخلاف النفل.
وها هنا فائدة يحسن التنبيه عليها، وهي أن قطع نية العبادة نوعان:
نوع لا يضره شيء: وذلك بعد كمال العبادة، فلو نوى قطع الصلاة بعد فراغها أو الصيام، أو الزكاة، أو الحج أو غيرها بعد الفراغ ، لم يضر لأنها وقعت وحلت محلها، ومثلها لو نوى قطع نية طهارة الحدث الأكبر أو الأصغر بعد فراغه من طهارته، لم تنتقض طهارته.(1/77)
والنوع الثاني: قطع نية العبادة في حال تلبسه بها، كقطعه نية الصلاة وهو فيها، والصيام وهو فيه، أو الطهارة وهو فيها، فهذا لا تصح عبادته ومتى عرفت الفرق بين الأمرين، زال عنك الإشكال.
[الفتاوى السعدية للشيخ عبد الرحمن السعدي (228 – 229)].
كنت وقت الإفطار في إحدى المناطق السكنية المكتظة، وكانت ساعتي ساعة العصر تبين أن المنطقة التي أنا فيها يؤذن الخامسة ودقيقتين فلما جاء الوقت الخامسة وست دقائق ولم أسمع أذاناً أفطرت، فلما ذهب من وقت إفطاري دقيقة أو أقل بقليل أذن المؤذن فهل آثم بذلك وهل أقضي؟
الجواب:
إن كنت قد أفطرت بناءً على أن المغرب قد دخل وقته فليس عليك قضاء، لاسيما وأنك اعتمدت على ما يعتمد عليه المؤذنون في أذانهم فصيامك صحيح.
[[ الشيخ د. خالد بن عبد الله المصلح ]]
إذا اختلف الأذان من مسجد إلى مسجد آخر والاثنان قريبان وفي نفس المنطقة فعلى أيهما يتم الإفطار ؟
الجواب:
الحمد لله
المدار في الفطر على غروب الشمس ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ ) رواه البخاري (1954) ومسلم (1100).
والمقصود بالغروب : هو سقوط قرص الشمس واختفاؤه ، ولا عبرة بالحمرة الشديدة الباقية في الأفق ، فحيث غاب جميع القرص ، فقد حل الفطر .
وأكثر المؤذنين اليوم يعتمد على التقاويم ، وهذا لا بأس به ، لكن منهم من يقصر في ضبط ساعته كما ينبغي .
وإذا اختلف المؤذنون ، فإما أن تنظروا أشدهم دقة في الوقت ، بحيث يؤذن مع أول الوقت تماما ، فلا يتقدم ولا يتأخر ، وتعتمدوا على أذانه دون غيره .
وإما أن تعتمدوا على التقويم بأنفسكم ، بعد التأكد من ضبط الساعة ، حتى وإن لم يؤذن المؤذن .
والله أعلم .
[[الإسلام سؤال وجواب]](1/78)
في رمضان قبل الماضي كنت مسافراً إلى جدة, وبعد صلاة الفجر نويت الإفطار لكي أجامع زوجتي، ولكنها رفضت. فأكملت صومي. فهل عليّ قضاء هذا اليوم ؟
الجواب:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فإن العمل إنما يكون عبادة لله –تعالى- بنية العامل، وإلا كان عادة من العادات. ومن ذلك الصيام، فإنه لا بد له من نية قبل الشروع فيه، ثم يستصحبها العمل؛ بمعنى ألا يقطعها. فإن نوى القطع فسدت العبادة. وهذا في صيام الفرض آكد؛ فلا يجوز أن يبقي الصائم جزءاً -ولو يسيراً- من نهاره بغير نية الصيام.
أما صيام النفل فالأمر فيه أوسع، حيث يكتب له من الأجر بقدر صيامه.
وعلى هذا فيجب على السائل ومن كانت هذه حاله قضاء هذا اليوم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
[[ الشيخ عبدالعزيز الدريهم ]]
يوجد في الصيدليات معطر خاص بالفم، وهو عبارة عن بخاخ، فهل يجوز استعماله خلال نهار رمضان لإزالة الرائحة من الفم ؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
يكفي عن استعمال البخاخ للفم في حالة الصيام استعمال السواك الذي حث عليه – صلى الله عليه وسلم-، وإذا استعمل البخاخ ولم يصل شيء إلى حلقه فلا بأس به، مع أن رائحة فم الصائم الناتجة عن الصيام ينبغي ألا تكره؛ لأنها أثر طاعة ومحبوبة لله عز وجل، وفي الحديث: "خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" أخرجه البخاري (7492)، ومسلم (1151) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -.
في شهر رمضان يكون إقلاع بعض الرحلات وقت أذان المغرب فنفطر ونحن على الأرض ، وبعد الإقلاع والارتفاع عن مستوى الأرض نشاهد قرص الشمس ظاهراً، فهل نمسك أم نكمل إفطارنا ؟
الجواب:(1/79)
أكمل إفطارك ، ولاتمسك ؛ لأنك أفطرت بمقتضى الدليل الشرعي؛ لقوله -تعالى- :" ثم أتموا الصيام إلى الليل "[البقرة:187]، وقوله- صلى الله عليه وسلم-:"إذا أقبل الليل من هاهنا، وأشار إلى المشرق وأدبر النهار من هاهنا، وأشار إلى المغرب وغربت الشمس فقد أفطر الصائم".
مجموع فتاوى ورسائل الشيخ/محمد بن عثيمين-رحمه الله- فتوى رقم (1174) .
أيهما أفضل في رمضان للمسافر الصوم أو الفطر؟
وما هي مسافة القصر؟
وهل إذا أنشأ السفر من يومه يفطر؟
وهل يفطر السفار من المكارية والتجار والجمال والملاح وراكب البحر ؟
وما الفرق بين سفر الطاعة، وسفر المعصية ؟
الجواب:
الحمد لله
الفطر للمسافر جائز باتفاق المسلمين، سواء كان سفر حج، أو جهاد، أو تجارة أو نحو ذلك من الأسفار التي لا يكرهها الله ورسوله عليه الصلاة والسلام.
وتنازعوا في سفر المعصية، كالذي يسافر ليقطع الطريق ونحو ذلك، على قولين مشهورين، كما تنازعوا في قصر الصلاة.
فأما السفر الذي تقصر فيه الصلاة: فإنه يجوز فيه الفطر مع القضاء باتفاق الأئمة، ويجوز الفطر للمسافر باتفاق الأمة، سواء كان قادراً على الصيام أو عاجزاً، وسواء شق عليه الصوم، أو لم يشق، بحيث لو كان مسافراً في الظل والماء ومعه من يخدمه جاز له الفطر والقصر.
ومن قال: إن الفطر لا يجوز إلا لمن عجز عن الصيام فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وكذلك من أنكر على المفطر، فإنه يستتاب من ذلك.
ومن قال: إن المفطر عليه إثم، فإنه يستتاب من ذلك، فإن هذه الأحوال خلاف كتاب الله، وخلاف سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وخلاف إجماع الأمة وهكذا السنة للمسافر أنه يصلي الرباعية ركعتين، والقصر أفضل له من التربيع عند الأئمة الأربعة: كمذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد والشافعي في أصح قوليه.(1/80)
ولم تتنازع الأمة في جواز الفطر للمسافر؛ بل تنازعوا في جواز الصيام للمسافر: فذهب طائفة من السلف والخلف إلى أن الصائم في السفر كالمفطر في الحضر، وأنه إذا صام لم يجزه بل عليه أن يقضي.
ويروى هذا عن عبد الرحمن بن عوف، وأبي هريرة – رضي الله عنه -، وغيرهما من السلف، وهو مذهب أهل الظاهر.
وفي الصحيحين من حديث جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: "ليس من البر الصوم في السفر"، لكن مذهب الأئمة الأربعة أنه يجوز للمسافر أن يصوم، وأن يفطر.
كما في الصحيحين عن أنس قال: "كنا نسافر مع النبي – صلى الله عليه وسلم – في رمضان فمنا الصائم، ومنا المفطر، فلا يعيب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم".
وقد قال الله تعالى: "وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ" الآية،[البقرة:185].
وفي المسند عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: "إن الله يحب أن يؤخذ برخصه كما يكره أن تؤتى معصيته" .
وفي الصحيحين ما معناه: "أن رجلاً قال للنبي – صلى الله عليه وسلم -: إني رجل أكثر الصوم أفأصوم في السفر؟ فقال: "إن أفطرت فحسن، وإن صمت فلا بأس". وفي حديث آخر "خياركم الذين في السفر يقصرون ويفطرون".
أما مقدار السفر الذي يقصر فيه ويفطر:
فمذهب مالك والشافعي وأحمد أنه مسيرة يومين قاصدين بسير الإبل والأقدام، وهو ستة عشر فرسخا، كما بين مكة وعسفان، ومكة وجدة، وقال أبو حنيفة: "مسيرة ثلاثة أيام".
وقال طائفة من السلف والخلف: بل يقصر ويفطر في أقل من يومين.
وهذا قول قوي، فإنه قد ثبت أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يصلي بعرفة، ومزدلفة ومنى، يقصر الصلاة، وخلفه أهل مكة وغيرهم يصلون بصلاته، لم يأمر أحداً منهم بإتمام الصلاة.
وإذا سافر في أثناء يوم، فهل يجوز له الفطر؟(1/81)
على قولين مشهورين للعلماء، هما روايتان عن أحمد.
أظهرهما: إنه يجوز ذلك.
كما ثبت في السنن أن من الصحابة – رضوان الله عليهم - من كان يفطر إذا خرج من يومه، ويذكر أن ذلك سنة النبي – صلى الله عليه وسلم –.
وقد ثبت في الصحيح عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه نوى الصوم في السفر، ثم إنه دعا بماء فأفطر، والناس ينظرون إليه.
وأما اليوم الثاني: فيفطر فيه بلا ريب، وإن كان مقدار سفره يومين في مذهب جمهور الأئمة والأمة.
وأما إذا قدم المسافر في أثناء يوم ففي وجوب الإمساك عليه نزاع مشهور بين العلماء؛ لكن عليه القضاء سواء أمسك أو لم يمسك.
ويفطر من عادته السفر، إذا كان له بلد يأوي إليه، كالتاجر الجلاب الذي يجلب الطعام، وغيره من السلع، وكالمكاري الذي يكري دوابه من الجلاب وغيرهم، وكالبريد الذي يسافر في مصالح المسلمين، ونحوهم.
وكذلك الملاح الذي له مكان في البر يسكنه.
فأما من كان معه في السفينة امرأته، وجميع مصالحه، ولا يزال مسافراً فهذا لا يقصر، ولا يفطر.
وأهل البادية: كأعراب العرب، والأكراد، والترك، وغيرهم الذين يشتون في مكان، ويصيفون في مكان، إذا كانوا في حال ظعنهم من المشتى إلى المصيف، ومن المصيف إلى المشتى: فإنهم يقصرون.
وأما إذا نزلوا بمشتاهم، ومصيفهم، لم يفطروا، ولم يقصروا. وإن كانوا يتتبعون المراعي، والله أعلم.
[[مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (25/209 – 213)]]
لو كنت سأسافر في رحلة لمكان يبعد 100 ميل أو أكثر ، فكم ركعة سنصلي قبل وبعد السفر ؟ أعتقد أنها ركعتان قبل وبعد الرحلة ( أليس كذلك ؟ )
الجواب:
الحمد لله
أولاً :(1/82)
لم يأتِ في السنَّة النبوية تحديد لمسافة السفر ، وقد اختلف العلماء في تحديدها اختلافاً كبيراً ، والصحيح : أن مرجع ذلك إلى عرف كل بلد ، فما تعارف الناس على أنه سفر فهو السفر الذي يكون فيه الفطر والقصر ، وهذا القول قد اختاره جماعة من المحققين , منهم ابن قدامة المقدسي وشيخ الإسلام ابن تيمية ، وانظر في هذا أجوبة الأسئلة : (10993) و ( 38079 ) .
ثانياً :
المسافر لا يترخص بأحكام السفر إلا إذا خرج من بلده وجاوزها ، ويظل يترخص بتلك الرخص ما دام مسافراً حتى يرجع إلى بلده .
فلا يجوز له أن يقصر الصلاة إلا أن يتجاوز بنيان بلده أو عامر قريته ، ولا يحل له القصر وهو في بيته أو بلده .
واختلف العلماء في الفطر ، فجوَّز بعضهم له الفطر إذا عزم على السفر عزماً مؤكداً وجهز راحلته ، ومنع منه الجمهور فلم يجوزوا الفطر إلا حيث جاز له القصر وهو مجاوزة البنيان ، وهذا القول هو الأقوى والأحوط .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" هل يشترط أن يفارق قريته إذا عزم على السفر وارتحل ، فهل له أن يفطر ؟
الجواب : في هذا أيضاً قولان عن السلف .
ذهب بعض أهل العلم إلى جواز الفطر إذا تأهب للسفر ولم يبق عليه إلا أن يركب ، وذكروا ذلك عن أنس رضي الله عنه أنه كان يفعله ، وإذا تأملت الآية – أي : قوله تعالى ( وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر ) - وجدتَ أنه لا يصح هذا ؛ لأنه إلى الآن لم يكن على سفر ، فهو الآن مقيم وحاضر .
وعليه : فلا يجوز له أن يفطر إلا إذا غادر بيوت القرية . . .
أما قبل الخروج : فلا ؛ لأنه لم يتحقق السفر .
فالصحيح : أنه لا يفطر حتى يفارق القرية ، ولذلك لا يجوز أن يقصر الصلاة حتى يخرج من البلد ، فكذلك لا يجوز أن يفطر حتى يخرج من البلد " انتهى .
" الشرح الممتع " ( 6 / 346 ) .(1/83)
وعليه : فلا يجوز لمن عزم على السفر أن يقصر في بيته ؛ لأن القصر من أحكام السفر ورخصه ، وهو في بيته ليس مسافراً ، وهذا قول جمهور العلماء ، وفي المسألة أقوال شاذة مثل قول من قال بجواز القصر وهو في بيته ، وقول من قال إنه لا يقصر إذا سافر في النهار إلا أن يدخل الليل ، وقول ثالث وهو أنه يجوز له القصر إذا جاوز حيطان داره .
قال النووي رحمه الله :
" مذهبنا أنه إذا فارق بنيان البلد قصر , ولا يقصر قبل مفارقتها وإن فارق منزله وبهذا قال مالك وأبو حنيفة وأحمد وجماهير العلماء , وحكى ابن المنذر عن الحارث بن أبي ربيعة أنه أراد سفرا فصلى بهم ركعتين في منزله , وفيهم الأسود بن يزيد وغير واحد من أصحاب ابن مسعود , قال : وروينا معناه عن عطاء وسليمان بن موسى ، قال : وقال مجاهد : لا يقصر المسافر نهارا حتى يدخل الليل , قال ابن المنذر : لا نعلم أحدا وافقه ، وحكى القاضي أبو الطيب وغيره عن مجاهد أنه قال : إن خرج بالنهار لم يقصر حتى يدخل الليل , وإن خرج بالليل لم يقصر حتى يدخل النهار , وعن عطاء أنه قال : إذا جاوز حيطان داره فله القصر , فهذان المذهبان فاسدان , فمذهب مجاهد منابذ للأحاديث الصحيحة في قصر النبي صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة حين خرج من المدينة , ومذهب عطاء وموافقيه منابذ لاسم السفر " انتهى .
"المجموع" ( 4 / 228 ) .
ويجوز للمسافر الجمع بين الصلاتين قبل السفر إذا كان سيشق عليه أداء الصلاة الثانية وهو في طريق سفره ، أما القصر فلا .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" وليس للقصر أو الإقامة مدة معينة على القول الصحيح ما دمتم عازمين على الرجوع إلى أوطانكم , أما إن نويتم الإقامة المطلقة : فقد انقطع حكم السفر في حقكم .(1/84)
وتبدأ أحكام السفر إذا فارق المسافر وطنه وخرج من عامر قريته أو مدينته ، ولا يحل لكم أن تجمعوا بين الصلاتين حتى تغادروا البلد إلا أن تخافوا أن لا يتيسر لكم صلاة الثانية أثناء سفركم " انتهى .
" مجموع فتاوى ابن عثيمين " ( 15 / 346 ) .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
" وإذا دخل وقت الظهر وأنت لم تبدأ السفر : فإنه يجب عليك أن تصلي صلاة الظهر تمامًا من غير قصر .
وأما صلاة العصر : فإن كان سفرك ينتهي وقت العصر ؛ فإنك تصلي العصر تامة في وقتها إذا وصلت ، أما إذا كان السفر يستمر من الظهر إلى بعد غروب الشمس بحيث يخرج وقت العصر وأنت في السفر ، ولا يمكنك النزول لما ذكرت من أن صاحب السيارة لا يوافق على التوقف : فلا مانع من الجمع في هذه الحالة ؛ لأن هذه حالة عذر تبيح الجمع ، ولكن مع الإتمام .
إذا صليت العصر مع الظهر جمع تقديم وأنت في بيتك ، وتريد السفر بعدها : فإنك تصلي الظهر والعصر تمامًا كل واحدة أربع ركعات ، ولا بأس بالجمع ؛ لأن الجمع يباح في هذه الحالة ، أما القصر : فإنه لم يبدأ وقته ؛ لأن القصر إنما يجوز بعد مفارقة البنيان الذي هو موطن إقامتك " انتهى .
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 3 / 62 ) .
وقال حفظه الله :
" أحكام السفر تبدأ بالخروج من البلد ، إذا خرج الإنسان من بلد إقامته ؛ بأن فارق عامر البلد ؛ أي : فارق البنيان ؛ فإنها تبدأ أحكام السفر في حقه ؛ من قصر الصلاة والفطر في رمضان وغير ذلك من أحكام السفر ، أما من كان داخل البنيان : فإنه لا تبدأ في حقه أحكام السفر ،
وإذا وجبت عليه الصلاة وهو في داخل البنيان : فإنه يصليها تمامًا وفي وقتها ؛ كالحاضرين ؛ لأنه لم يبدأ السفر في حقه ، حتى ولو انتقل من حارة إلى حارة في طريقه إلى السفر ؛ فإن هذا لا يعتبر مسافراً ، حتى يخرج من جميع البنيان ومن عامر البلد " انتهى .
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 3 / 62 ، 63 ) .
والله أعلم .
[[(1/85)
الإسلام سؤال وجواب]]
هل يجوز أن يسافر الصائم من بلده الحار إلى بلد بارد أو إلى بلد نهاره قصير؟
الجواب:
لا حرج عليه في ذلك إذا كان قادراً على هذا الشيء، فإنه لا حرج أن يفعل؛ لأن هذا من فعل ما يخفف العبادة عليه، وفعل ما يخفف العبادة عليه أمر مطلوب.
وقد كان النبي – عليه الصلاة والسلام – يصب على رأسه الماء من العطش أو من الحر وهو صائم. انظر: أبو داود (2365)، وأحمد (15903).
وكان ابن عمر رضي الله عنه يبل ثوبه وهو صائم.
وذكر عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه كان عنده حوض من الماء ينزل فيه وهو صائم.
كل هذا من أجل تخفيف أعباء العبادة، وكلما خفت العبادة على المرء كان أنشط لفعلها، وفعلها وهو مطمئن مستريح.
ولهذا نهى النبي عليه الصلاة والسلام أن يصلي الإنسان وهو حاقن؛ أي محصور بالبول فقال عليه الصلاة والسلام: "لا يصلي بحضرة الطعام ولا وهو يدافعه الأخبثان" مسلم (560).
كل ذلك من أجل أن يؤدي الإنسان العبادة وهو مستريح مطمئن مقبل على ربه.
وعلى هذا: فلا مانع من أن يبقى الصائم حول المكيف، وفي غرفة باردة، وما أشبه ذلك.
[[فتاوى الشيخ محمد الصالح العثيمين (1/505 – 506)]].
أ : هل تجوز السباحة في رمضان ؟
ب : هل إذا جرح الإنسان في رمضان في يده أو قدمه – مثلاً- فهل هذا يفسد الصيام ؟
ج :هل إذا أخذ الإنسان بعض العطور ووضعها في جسمه فهل هذا يفسد الصيام؟
د :هل الشتم والسب يفسد الصيام ؟
الجواب:
أ.تجوز السباحة في نهار رمضان ، ولكن ينبغي للسابح أن يتحفظ من دخول الماء إلى جوفه .
ب. إذا جرح الصائم في يده أو قدمه وخرج منه دم فإنه لا يفطر بذلك .
ج. إذا طيب الصائم جسمه أو ثوبه بطيب فإنه لا يفطر بذلك لكن لو استعطه في أنفه فإنه يفطر .
د.لا يجوز الشتم أو السب لا من الصائم ولا من غيره ولكن يتأكد تحريمه بالنسبة للصائم وإذا وقع منه وهو صائم فإنه لا يفطر ولكنه يأثم .
((1/86)
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى (6483) الجزء العاشر ص (280)).
هل يجوز لأصحاب الأعمال الشاقة أن يفطروا في رمضان ؟ كالذين يعملون في مصانع الحديد والصلب ونحو ذلك من الأعمال الشاقة.
الجواب:
الحمد لله
أفتى بعض العلماء بجواز الفطر لهؤلاء ، ثم أرسلت الفتوى للشيخين عبد الله بن محمد بن حميد ، وعبد العزيز بن باز رحمهما الله للتعقيب عليها ، فقالا :
" الأصل وجوب صوم رمضان ، وتبييت النية له من جميع المكلفين من المسلمين ، وأن يصبحوا صائمين إلا من رخص لهم الشارع بأن يصبحوا مفطرين ، وهم المرضى والمسافرون ومن في معناهم ، وأصحاب الأعمال الشاقة داخلون في عموم المكلفين وليسوا في
معنى المرضى والمسافرين ، فيجب عليهم تبييت نية صوم رمضان وأن يصبحوا صائمين ، ومن اضطر منهم للفطر أثناء النهار فيجوز له أن يفطر بما يدفع اضطراره ثم يمسك بقية يومه ويقضيه في الوقت المناسب ، ومن لم تحصل له ضرورة وجب عليه الاستمرار في الصيام ، هذا ما تقتضيه الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة ، وما دل عليه كلام المحققين من أهل العلم من جميع المذاهب .
وعلى ولاة أمور المسلمين الذين يوجد عندهم أصحاب الأعمال الشاقة أن ينظروا في أمرهم إذا جاء رمضان فلا يكلفوهم من العمل – إن أمكن – ما يضطرهم إلى الفطر في نهار رمضان ، بأن يجعل العمل ليلاً أو توزع ساعات العمل في النهار بين العمال توزيعاً عادلاً يوفقون به بين العمل والصيام .
أما الفتوى المشار إليها فهي في قضية فردية أفتوا فيها باجتهادهم مشكورين إلا أنه فاتهم ذكر القيود التي ذكرنا ، والتي قررها المحققون من أهل العلم في كل مذهب ، نسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه الخير " انتهى .
الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد رحمه الله ، رئيس مجلس القضاء الأعلى والرئيس العام للإشراف الديني على المسجد الحرام .(1/87)
الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله الرئيس العالم لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد .
[[مجموع فتاوى ابن باز (14/245) ]].
تكثر أنواع الأدوية لمرض الربو فمنها البخاخ المعروف ، وهناك أدوية على شكل كبسولة توضع داخل علبة مخصصة للشفط عن طريق الفم حيث تطحن داخل العلبة ويتم شفطها ، وهناك جهاز يوضع به دواء سائل مع الجهاز يوضع الأنبوب مع كمامة على الوجه ثم يشغل هذا الجهاز فيخرج هذا السائل مذابا بمحلول مائي على هيئة غاز ، هل هذه تعتبر من المفطرات ؟
الجواب:
الحمد لله
أدوية مرض " الربو " كثيرة ، ومنها ما يفطِّر ومنها ما لا يفطِّر ، ومن أشهر هذه الأدوية والعلاجات : البخاخ ، والأكسجين ، والتبخير ، والكبسولات .
أما البخاخ فهو غاز مضغوط يستعمله المريض ويصل إلى الرئتين عن طريق القصبة الهوائية لتوسيع الرئتين ، وهو ليس أكلاً ولا شرباً ولا شبيهاً بهما ، وقد أفتى علماء اللجنة الدائمة بعدم الفطر باستعمال هذا الدواء ، وهو ما يفتي به الشيخ ابن عثيمين وعامة علمائنا .
وانظر جواب السؤال رقم ( 37650 ) لتقف على فتاواهم .
وأما الأكسجين فهو أيضا ليس أكلاً ولا شرباً ، وعليه : فيمكن استعماله أثناء الصيام دون أي حرج .
وأما التبخير : فيكون استعماله عن طريق جهاز يقوم بتحويل الدواء - وعادة ما يكون الدواء محلولاً في ملح الصوديوم – السائل إلى بخار ورذاذ ناعم ، ويوضع الدواء في وعاء صغير خاص بالجهاز ، وعند تشغيل الجهاز يتم ضخ هواء بسرعة عالية مما يسبب تبخير هذا الدواء ، وبالتالي يتم استنشاقه من قبَل المريض إما عن طريق كمَّام يوضع على الفم ، أو أنبوب صغير يمكن وضعه داخل الفم .
ووصول قطرات الماء والملح إلى الجوف عن طريق هذا الجهاز أمر شبه حتمي ، ولا يستطيع المريض تفادي حدوثه ، وعليه : فإذا استعمل هذه الطريقة فليفطر وليقض يوماً آخر مكانه .(1/88)
وأما الكبسولات : فهي عبارة عن كبسولات يكون فيها الدواء على شكل بودرة جافة ، ويتم إدخال هذه الكبسولات إلى جهاز خاص فيه أداة لثقب هذه الكبسولات لتحرير جرعة الدواء ويتم شفطها من الجهاز بواسطة الفم .
واستعمال هذه الكبسولات مفسد للصيام ، لأن جزءاً من هذه البودرة يختلط بالريق وينزل إلى المعدة .
وقد سئل الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله :
بعض الناس مصاب بالربو ويحتاج إلى استعمال البخاخ أثناء صيامه ،فما حكم ذلك ؟
فأجاب :
" اختناق النفس المعروف بالربو يصيب بعض الناس ، نسأل الله لنا ولهم العافية ، فيستعمل دوائين ، دواء يسمى ( كبسولات ) يستعملها فهذه تفطر ؛ لأنه دواء ذو جرم يدخل إلى المعدة ، ولا يستعمله الصائم في رمضان إلا في حالة الضرورة ، وإذا استعمله في حال الضرورة فإنه يكون مفطراً يأكل ويشرب بقية يومه ، ويقضي يوماً بدله ، وإذا قدر أن هذا المرض مستمر دائماً معه فإنه يكون كالشيخ الكبير ، عليه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً ، ولا يجب عليه الصوم .
والنوع الثاني : من دواء الربو غاز ليس فيه إلا هواء يفتح مسام الشرايين حتى يتنفس بسهولة : فهذا لا يفطر ولا يفسد الصوم ، وللصائم أن يستعمله ، وصومه صحيح " انتهى .
( 19 / السؤال رقم 159 ) .
[[الإسلام سؤال وجواب]].
الوالدة - أطال الله في عمرها - عملت فحصا يسمى المنظار ، وقد تم إدخاله من الفم إلى المعدة ، وقبل أن يعملوا لها هذا الفحص وضعوا لها مخدَّرًا موضعيًا (بخاخ في بداية الحلق) وكإجراء تحرزي وضعوا المغذَّي من دون تدفقه داخل الجسم ، ( أي مقفَّل) فما حكم صيامها ؟ جزاكم الله خيراً
الجواب:(1/89)
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه، وبعد . فالجواب أن إدخال المنظار إلى المعدة - فقط - للكشف لا يضر الصيام، فالصيام صحيح وأيضاً البخاخ في الحلق لا يضر، فهو مثل البخاخ الذي يستعمله المصاب بالربو ،فلا يضر الصيام؛ لأن إدخال المنظار وكذا البخاخ بالحلق ليس بأكل أو شرب ولا بمعناهما، فالصيام معهما صحيح، والله أعلم .
[[أ.د. سليمان بن فهد العيسى]]
أنا مريض بالسكري، وأضطر لحقن نفسي بالأنسولين مرتين في اليوم. ولهذا فأنا لا أصوم وأخرج الفدية نقداً بقيمة المبلغ الذي أفطر به. هل يجوز إعطاء الفدية بهذه الطريقة أي نقداً، خصوصاً وأني أفطر في المطعم ولست متزوجاً، وهل يمكن توزيع هذه الفدية على ثلاثة مساكين أو أكثر؛ لأني لا أجد من هو محتاج للفطور؟
الجواب:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله اللهم صل على محمد وعلى آله وسلم تسليماً.
وبعد:
فالصحيح إن شاء الله تعالى أن المحتاج إلى أخذ حقنة الأنسولين أن صومه صحيح وليس عليه قضاء ويتم صومه؛ لأن هذا ليس بأكل ولا شرب، وليس بداخل إلى الجوف من المنفذ المعتاد.
وهو قياس يطابق اختيار ابن تيمية رحمه الله في أن مداواة الجائفة وكذلك الحقنة لا يكونان سبباً للفطر، والله أعلم.
[[د. محمد العروسي عبدالقادر]]
ما حكم أخذ الحقنة الشرجية عند الصائم للحاجة؟
الجواب:
حكمها عدم الحرج في ذلك إذا احتاج إليها المريض في أصح قولي العلماء، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – وجمع كثير من أهل العلم لعدم مشابهتها للأكل والشرب.
[[تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام ابن باز رحمه الله تعالى (ص: 182)]].(1/90)
أنا مريضة بفشل كلوي ، ويستلزم مرضي هذا تناول علاج في أوقات مختلفة، ولاسيما بعد إجرائي لعملية زرع كلى ، حيث نصحني الأطباء بالمداومة على العلاج وإلا تعرضت للخطر ، وحيث إنني - والحمد لله- مسلمة، وأريد أن أصوم شهر رمضان ، ولكن مرضي يمنعني لظروف تناول الدواء في الصباح والظهر والليل ، وكل اثنتي عشرة ساعة . لذا أرجو إفتائي في هذا الأمر ، وما هي كفارة صيامي الواجب عليَّ أداؤها حال عدم تمكني من الصوم ؟
الجواب:
فحيث إن الأطباء مسلمون مختصون ، وقد اتفقوا على تقرير واحد ، وأن الصوم يضر بالعملية ، وأن الفطر واجب حفاظاً على الصحة ، فلا مانع من الإفطار ثم القضاء عند القدرة ، فإن قرروا أن الصوم لا يناسب أبداً ودائماً ، فلا بد من الكفارة ، وهي إطعام مسكين عن كل يوم .
[[اللؤلؤ المكين من فتاوى ابن جبرين فتوى رقم (213) ص (155) ]]
يوجد بعض المرضى شفاهم الله تتعطل كلاهم عن العمل مما يضطرهم إلى ما يسمى بالغسيل؛ ويتمثل في استخدام كلية صناعية تقوم بتطهير الدم وتنقيته من الشوائب، وذلك في الأسبوع مرتين أو ثلاثة، بحيث يخرج دم الإنسان كله من جسده بأنبوب آخر بعد التنقية، مع أنه يضاف للدم داخل الكلية الصناعية بعض المواد المطهرة، ولو لا هذا العمل - بإذن الله - تعالى لتعرضت حياة الإنسان للموت بسبب تعطل الكلى، فهذا الأمر ضروري.
والسؤال: هل يؤثر الغسيل على الصيام إذا كان الإنسان صائماً؟ علماً بأن هذا ضرورة بالنسبة له ويشق عليه أن يفطر ويقضي وجسمه لا يستفيد سوى تنقية الدم من الشوائب، وقد كثر التساؤل – أرجو من سماحتكم الإفادة، جزاكم الله خيراً.
الجواب:
جرت الكتابة لكل من: سعادة مدير مستشفى الملك فيصل التخصصي بالخطاب رقم 1756/2 في 14/8/1406هـ وسعادة مدير مستشفى القوات المسلحة بالرياض بالخطاب رقم 1757/2 في 4/8/1406هـ؛ للإفادة عن صفة وواقع غسيل الكلى، وعن خلطه بالمواد الكيماوية، وهل تشتمل على نوع من الغذاء.(1/91)
وقد وردت الإجابة منهما بالخطاب رقم 5693 في 27/8/1406هـ ورقم 10/16/7807 في 19/8/1406هـ، بما مضمونه: أن غسيل الكلى عبارة عن إخراج دم المريض إلى آلة (كلية صناعية) تتولى تنقيته ثم إعادته إلى الجسم بعد ذلك، وأنه تتم إضافة بعض المواد الكيماوية والغذائية كالسكريات والأملاح وغيرها إلى الدم.
وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء والوقوف على حقيقة الغسيل الكلوي بواسطة أهل الخبرة أفتت اللجنة بأن الغسيل المذكور للكلى يفسد الصيام.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[[اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الجزء 10 ص: 189 – 191]ِ].
هل تستطيع المرأة الحامل الفطر في رمضان إذا شعرت ببعض التعب ؟
الجواب:
الحمد لله
ينبغي أن يُعْلَمَ أنه ليس كلُّ تعب أو مشقة يعتبر عذراً يبيح الفطر في رمضان ، لأن الصوم لا يخلو من مشقة وتعب ، إلا أنها مشقة يسيرة معتادة في الغالب .
وعلى هذا ؛ فالحامل إذا شعرت ببعض التعب فلا يخلو من حالين :
الأولى : أن يكون التعب يسيراً بحيث لا يشق عليها الصوم مشقة شديدة غير معتادة ، ولا تخاف على نفسها ولا على جنينها ، فحينئذ يجب عليها الصوم ، ولا يجوز لها الفطر .
الثانية :
أن تكون المشقة شديدة أو تخاف على نفسها أو على جنينها الضرر ، فالفطر لها أفضل ، وقد يكون واجبا .
انظر السؤال (3434) ، (50005) .
ويدل على الرخصة للحامل في الفطر قوله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ نِصْفَ الصَّلاةِ وَالصَّوْمَ ، وَعَنْ الْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ ) رواه النسائي (2274) وحسنه الألباني في صحيح سنن النسائي .
وإذا أفطرت الحامل فإنها يلزمها قضاء الأيام التي أفطرتها .
وهل يلزمها الإطعام في حال فطرها خوفا على جنينها ؟ في ذلك خلاف بين الفقهاء .(1/92)
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وهو يذكر اختلاف العلماء فيما يجب على الحامل إذا أفطرت : " القول الثالث : يلزمها القضاء فقط دون الإطعام ، وهذا القول أرجح الأقوال عندي ؛ لأن غاية ما يكون أنهما – الحامل والمرضع - كالمريض والمسافر ، فيلزمهما القضاء فقط " انتهى من الشرح الممتع (6/362) .
انظر السؤال (49794) .
والله أعلم .
[[ الإسلام سؤال وجواب]]
أريد أن أسأل في ما يخص تعجيل الإفطار في رمضان الكريم، وقد وردت أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- كثيرة في هذا الباب، ومن جراء هذا السؤال قد وقع عندنا خلاف كبير في هذه المسألة منهم من ذهب إلى أنه بعد غياب قرص الشمس يباشر الإفطار مستنداً إلى حديث الرسول –صلى الله عليه وسلم- إذا رأيتم قرص الشمس غرب فقد أفطر الصائم، والجمع الكبير من المسلمين العلماء والمتعلمون ذهب إلى حديث الرسول – صلى الله عليه وسلم- وهو ذهاب النهار وإتيان الليل وغياب قرص الشمس، أفيدونا وفصلوا لنا في هذه المسألة رحمكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.(1/93)
السنة للصائم أن يعجل الفطر إذا تحقق من غروب الشمس، ففي الصحيحين [ البخاري ح ( 1954 )، ومسلم ح ( 1100 )] من حديث عمر -رضي الله عنه- قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا، وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ". وفي الصحيحين [ البخاري ح ( 1955 ) ومسلم ح ( 1101 ) ] من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ وَهُوَ صَائِمٌ فَلَمَّا غَرَبَتْ الشَّمْسُ قَالَ لِبَعْضِ الْقَوْمِ يَا فُلَانُ قُمْ فَاجْدَحْ لَنَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: لَوْ أَمْسَيْتَ قَالَ انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: فَلَوْ أَمْسَيْتَ قَال:َ" انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا"، قَالَ: إِنَّ عَلَيْكَ نَهَارًا، قَالَ: "انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا"، فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَهُمْ فَشَرِبَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ قَالَ إِذَا رَأَيْتُمْ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ.، وفي هذين الحديثين دليل على استحباب تعجيل الفطر، وأنه لا يجب إمساك جزء من الليل مطلقاً بل متى تحقق غروب الشمس حل الفطر، وقد ترجم عليهما البخاري بقوله: باب متى يحل فطر الصائم، وأفطر أبو سعيد الخدري حين غاب قرص الشمس " قال الحافظ ابن حجر: غرض هذه الترجمة الإشارة إلى أنه هل يجب إمساك جزء من الليل لتحقق مضي النهار أم لا وظاهر صنيعه يقتضي ترجيح الثاني لذكره أثر أبي سعيد في الترجمة، لكن محله إذا تحقق غروب الشمس" [فتح الباري (4/196)].
صاحب شركة لديه عمال غير مسلمين، فهل يجوز له أن يمنعهم من الأكل والشرب أمام غيرهم من العمال المسلمين في نفس الشركة خلال نهار رمضان ؟
الجواب:(1/94)
الحمد لله
أولاً :
" لا ينبغي للإنسان أن يستخدم عمالاً غير مسلمين مع تمكنه من استخدام المسلمين، لأن المسلمين خير من غير المسلمين ، قال الله تعالى { وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَائِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعواْ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } ولكن إذا دعت الحاجة إلى استخدام عمال غير مسلمين ، فإنه لا بأس به بقدر الحاجة فقط .
ثانياً :
وأما أكلهم وشربهم في نهار رمضان أمام الصائمين من المسلمين فإن هذا لا بأس به ، لأن الصائم المسلم يحمد الله عز وجل أن هداه للإسلام الذي به سعادة الدنيا والا?خرة ، ويحمد الله تعالى أن عافاه ، فهو وإن حُرم عليه الأكل والشرب في هذه الدنيا شرعاً في أيام رمضان ، فإنه سينال الجزاء يوم القيامة ، حين يقال له { كُلُواْ وَاشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِما أَسْلَفْتُمْ في الأَْيَّامِ الْخَالِيَةِ } لكن يمنع غير المسلمين من إظهار الأكل والشرب في الأماكن العامة لمنافاته للمظهر الإسلامي في البلد ."
[[انتهى من كلام الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله – مجموع الفتاوى 8/79 ]].
زوجتي انقطع عنها دم النفاس بعد عشرين يوماً من الوضع، ولكن يخرج منها صفرة وكدرة فهل عليها الصيام؟
الجواب:
إذا اتصل بدم النفاس صفرة وكدرة فإن حكمها حكم النفاس فلا صوم عليها ولا صلاة لها مادام مستمراً إلى أن ينقطع، والله أعلم.
[[ الشيخ د. خالد بن عبد الله المصلح ]]
في رمضان الماضي لم تأتني العادة الشهرية بل نزلت إفرازات -أكرمكم الله- مابين لون داكن وفاتح لمدة خمسة أيام متفرقة فهل عليَّ أن أقضي هذه الأيام؟
الجواب:
هذه الإفرازات ليست حيضاً فلا إعادة عليك إن كنت قد صمت.
[[ الشيخ د. خالد بن عبد الله المصلح]]
هل على النساء مؤاخذة إن أخذن عقاقير تمنع عنهن الحيض فترة الصيام ؟(1/95)
الجواب:
نزول دم الحيض يمنع المرأة الصوم بإجماع أهل العلم، فلا يحل لها الصوم ولا يجزئها روى البخاري (1951) ومسلم (80) من طريق عياض عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم ((أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم.)) وقد روى مسلم (335) من طريق عاصم عن معاذة قالت: سألت عائشة. فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم، ولا تقضي الصلاة. فقالت ((كان يصيبنا ذلك، فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة )) وأحكام الحيض معلقة بوجود الأذى، وهو دم الحيض، فإذا وجد ثبتت الأحكام المتعلقة به، وإذا فقد لم يثبت منها شيء. وبناءًا على ذلك فإن أخذت المرأة ما يمنع نزول الحيض فإنه يلزمها الصوم، ويجزئها ذلك.
لكن يبقى النظر في حكم أخذ ما يمنع نزول الحيض، فالذي يظهر أن ذلك جائز ما دام أنه لا يضرها، وإن كان الأفضل ترك الأمر على طبيعته وعدم منع نزول دم الحيض، فإن منع ما اقتضته الطبيعة والخلقة لا بد وأن يترك أثراً. كما أني أشير ألا تأخذ المرأة هذه الموانع إلا بمشورة طبية للنظر فيما يناسب من الموانع ولضبط الجرعة الكافية لمنع نزول دم الحيض، فإن من النساء من تأخذ علاجاً لمنع نزول الدم فتضطرب عليها عادتها اضطراباً يوقعها في حرج واشتباه، والله أعلم.
[[ الشيخ د. خالد بن عبد الله المصلح ]]
هل تستطيع الحائض أن تستمر في الطاعة ، كقراءة القرآن ؟
الجواب:(1/96)
الحيض والنفاس عارض كتبه الله على بنات آدم لحكمة ورحمة، وقد أجمع أهل العلم على أنه يمنع من الصلاة فرضها ونفلها وأنها لا تقضي إذا طهرت، وكذلك أجمعوا على أنه يحرم عليها الصوم فرضه ونفله مدة حيضها ونفاسها، وعليها القضاء إذا طهرت. وقد أجمعوا أيضا على أن للحائض والنفساء التسبيح والتهليل وسائر الأذكار إلا قراءة القرآن فقد اختلفوا في جوازها، والصواب أنها لا تمنع منها كما سيتبين، وكذلك لا تمنع من كل عمل صالح غير ما تقدم والطواف ، ففي البخاري (294) ومسلم (1211) من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت (( خرجنا لا نرى إلا الحج فلما كنا بسرف حضت ، فدخل علي رسول الله وأنا أبكي. قال: ما لك أنفست؟ قلت: نعم. قال: إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم، فافعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت.))
فلنجتهد رجلا ونساء في اغتنام هذه الفرصة التي منّ الله بها علينا بكل أنواع البر وصنوف الخير، ولا ينبغي أن يكون منع المرأة زمن الحيض والنفاس من الصلاة والصوم والطواف مانعاً لها من الاشتغال بسائر ألوان الباقيات الصالحات فإن ذلك من مداخل الشيطان.
أما بخصوص قراءة القرآن للحائض فقد اختلف أهل العلم رحمهم الله فيها على ثلاثة أقوال في الجملة:
القول الأول: جواز قراءة القرآن للحائض والنفساء من غير أن تمس المصحف، وهذا مذهب الإمام مالك وهو رواية عن أبي حنيفة وأحمد ،وبه قال البخاري وداود وابن حزم.
القول الثاني: جواز قراءة الحائض والنفساء شيئاً من القرآن كالآية أو الآيتين، وقيل: لا تمنع مما دون الآية.
القول الثالث: يحرم على الحائض والنفساء قراءة شيء من القرآن، وهذا قول جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة وغيرهم، وقال عنه الترمذي: وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم.(1/97)
وقد استدل كل فريق من هؤلاء بأدلة ،والذي يظهر لي أن القول بجواز قراءة الحائض والنفساء للقرآن هو أقرب الأقوال للصواب ؛ فإنه لو كانت الحائض ممنوعة من القراءة لبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بياناً واضحاً ينقله عنه الثقات الأثبات، كما هو الشأن في منع الحائض من الصلاة والصيام، ولم يقتصر الأمر على حديث اتفق الأئمة على تضعيفه، وهو ما رواه الترمذي وغيره عن ابن عمر رضي الله عنه مرفوعاً، قال ((لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن)). فقد قال عنه الإمام أحمد لما سأله ابنه كما نقل العقيلي في الضعفاء ص (90): " باطل أنكره إسماعيل بن عياش". وكذا قال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في العلل (1/49). وقد قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (21/460): " وهو حديث ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث". وقال عنه أيضاً في الفتاوى (26/191): " وليس لهذا أصل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا حدث به عن ابن عمر ولا عن نافع ولا عن موسى بن عقبة أصحابهم المعروفون بنقل السنن عنهم. وقد كان النساء يحضن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلو كانت القراءة محرمة عليهن كالصلاة لكان هذا مما بينه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته ، وتعلمه أمهات المؤمنين ، وكان ذلك مما ينقلونه إلى الناس ،فلما لم ينقل أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك نهيا لم يجز أن تجعل حراماً، مع العلم أنه لم ينه عن ذلك ، وإذا لم ينه عنه مع كثرة الحيض في زمنه علم أنه ليس بمحرم". وقد أجمل شيخ الإسلام أدلة القائلين بالجواز بعد ذكر ضعف الحديث، فقال في مجموع الفتاوى (21/460): " ومعلوم أن النساء كن يحضن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن ينهاهن عن قراءة القرآن. كما لم يكن ينهاهن عن الذكر والدعاء بل أمر الحيض أن يخرجن يوم العيد فيكبرن بتكبير المسلمين.(1/98)
وأمر الحائض أن تقضي المناسك كلها إلا الطواف بالبيت ، تلبي وهي حائض ، وكذلك بمزدلفة ومنى وغير ذلك من المشاعر."
[[ الشيخ د. خالد بن عبد الله المصلح]]
هل المرأة الحائض لها أجر في شهر رمضان ؟
الجواب:
نعم الحائض يكتب لها أجر ما نوته من الخير الذي منعها منه الحيض بلا ريب، فإن كل من عزم على العمل الصالح ومنعه منه مانع كتب له أجر ما نواه. يشهد لذلك ما رواه البخاري (4423) من طريق حميد الطويل عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: رجع من غزوة تبوك فدنا من المدينة، فقال(( إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم. قالوا يا رسول الله: وهم بالمدينة؟! قال: وهم بالمدينة ، حبسهم العذر)). وقد رواه مسلم (1911) من طريق الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة، فقال(( إن بالمدينة لرجالا ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم، حبسهم المرض)). فهذا يدل على أن كل من قصد عملاً ورغب فيه صادقاً ومنع منه أو عجز، كان كمن عمله في الأجر والمثوبة.
ويشهد لهذا أن الله تعالى يكتب للعبد أجر عمله الصالح الذي داوم عليه ، إذا منعه منه مانع كمرض أو سفر، ففي البخاري (2996) من طريق أبي بردة قال سمعت أبا موسى مراراً يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً)). وقد ألحق بعض العلماء الحائض والنفساء بالمريض والمسافر في أنها تثاب على الصلاة زمن الحيض ؛لأنها ممنوعة منها شرعاً، وهذا بشرط صدق الرغبة وصحة العزم على الفعل لولا المانع. والله أسأل أن يرزقنا من فضله نية صالحة وعملا راشداً متقبلاً.
[[الشيخ د. خالد بن عبد الله المصلح]](1/99)
كان يخرج من زوجتي في رمضان الفائت دم و كنا نحسبه نزيف إثر حمل و حتى الآن لا نعلم بالضبط هو نزيف أو دورة، و لم تفطر زوجتي أثناء رمضان و بعده شكت في صومها فعادت صيام تلك الأيام التي صامتها في رمضان أثناء نزول الدم فهل في ذلك شيء ؟
الجواب:
ليس في ذلك شيء لكن إن كانت زوجتك حاملاً فإن الدم الذي يخرج ليس حيضاً، وإن كان ذلك بسبب الوضع فهو نفاس لا حيضاً ولا دورة، وإن كان الدم بسبب السقط أي سقوطه قبل تمامه، فإن كان قبل ثمانين يوماً فهو دم فساد لا يمنع الصلاة والصيام، وإن كان بعد تسعين يوماً فحكمه حكم النفاس وإن كان بين الثمانين والتسعين فإن كان قد تبين فيه خلق إنسان فهو نفاس وإلا فدم فساد لا يمنع الصلاة والصوم. والله أعلم.
[[الشيخ د. خالد بن عبد الله المصلح]].
أتتني الدورة الشهرية وأنا عمري 11 سنه في أول شهر رمضان ولم أصم هذا الشهر حيث كنت جاهله ولم اخبر أهلي والآن لدي أطفال ولدي طفل عمره شهر ارضعه فهل اقضي ذلك الشهر وجزاكم الله خيراً.
الجواب:
نعم يجب قضاء ذلك الشهر قبل رمضان القادم ولكن لا يلزمك التتابع فلكِ أن تصومي يوماً وتفطري يوماً أو تصومي يوماً وتفطري يومين أو أكثر حتى ينتهي الشهر والله أعلم.
[[الشيخ د. خالد بن عبد الله المصلح]].
امرأة كبيرة في السن صامت الأيام الأولى من رمضان و مرضت و لم تكمل الباقي إلى رمضان الموالي حيث توفيت و هي مريضة فهل يجوز القضاء عنها و الإطعام؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
إن كانت لم تصح من المرض ولم تتمكن من الصيام لأجل ذلك ومرضها يرجى برؤه فليس عليها شيء ولا على أوليائها أما إن كان مرضاً لا يرجى برؤه فعليها الإطعام عن كل يوم مسكيناً واحداً فإن كانت لم تطعم فأطعموا عنها من تركتها.
[[الشيخ د. خالد بن عبد الله المصلح]](1/100)
يوجد رجل صار عليه حادث اصطدام سيارة ووقع في درك الموت وأخذ مدة طويلة منها شهر رمضان المبارك وهو في غيبوبة الخطر لا يعرف شيئاً وبعد مدة منحه الخالق الكريم العظيم الشفاء، واكتملت صحته فماذا عليه من قضاء الصوم والصلاة ؟
الجواب:
الحمد لله
إذا كان الواقع كما ذكرت من أن الرجل غاب عقله مدة طويلة لا يعي شيئا فيها من تأثر الصدمة - ومن هذه المدة شهر رمضان - فليس عليه قضاء ما مضى من الصوم والصلاة أيام غيبوبة عقله في أصح قولي العلماء لكونه غير مكلف بهما تلك المدة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[[فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ( 6/18 )]]
أفطرت خمسة أيام من رمضان بسبب المرض ، فهل يجب عليّ أن أصومها متتابعة ، أو يمكن أن أصوم يوماً كل أسبوع ؟
الجواب:
الحمد لله
اتفق الأئمة على أن الواجب في قضاء رمضان أن يصوم أياماً بعدد الأيام التي أفطرها ، لقول الله تعالى ( وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) البقرة/185 .
ولا يشترط في هذه الأيام أن تكون متتابعة ، فلك أن تصومها متتابعة ، ولك أن تصومها متفرقة ، سواء صمت كل أسبوع يوماً أو كل شهر يوماً أو حسب ما يتيسر لك ، والدليل على ذلك الآية السابقة، فإنها لم تشترط التتابع في قضاء رمضان ، وإنما أوجبت فقط أن يكون بعدد الأيام التي أفطرها .
انظر : "المجموع" (6/167) ، و "المغني" (4/408) .
وسئلت اللجنة الدائمة هل يجوز أن يصوم قضاء رمضان في أيام متفرقات ؟
فأجابت : نعم يجوز له أن يقضي ما عليه من أيام متفرقات ، لقول الله تعالى : ( وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) البقرة/185 . فلم يشترط سبحانه التتابع في القضاء . اهـ فتاوى اللجنة الدائمة (10/346) .(1/101)
وفي فتاوى الشيخ ابن باز (15/352) : إذا أفطر يومين أو ثلاث أو أكثر وجب عليه القضاء ولا يلزمه التتابع ، إن تابع فهو أفضل ، وإن لم يتابع فلا حرج عليه اهـ .
والله أعلم .
[[الإسلام سؤال وجواب]]
رجل عليه صيام يوم قضاء من رمضان، وصام يوماً قضاءً لذلك اليوم وعند الضحى أفطر. فهل يجوز له ذلك؟ وإن كان لا يجوز فما الواجب عليه؟ وهل يجوز الإفطار إذا كان الصيام تطوعاً؟
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
من صام يوم قضاء من رمضان فلا يجوز له الفطر، ويجب عليه أن يواصل صيامه. وإذا أفطر فقد أثم وعليه التوبة وصيام بدل هذا اليوم.
وأما إن كان الصيام تطوعا فله أن يفطر إذا شاء، ولا يلزمه إتمام الصوم؛ لقول عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله أهدي لنا حَيْس، فقال: "أرنيه، فلقد أصبحت صائماً" فأكل. رواه مسلم (1154) وغيره. والحيس: هو الطعام المتخذ من التمر والأقط والسمن. وإتمام صوم التطوع أفضل إذا تيسر لما فيه من إتمام العمل الصالح.
[[د. أحمد الخضيري]]
هل يجوز صيام التطوع وعلي شيء من القضاء أم لا؟ لأني لم أجزم بتبييت النية من الليل. فقلت في نفسي إن شاء الله سأصوم غير جازم ما بيني وبينه، وأخبرت بأنه لا بد من تبييت النية الجازمة لقضاء الفريضة، فهل يصح لي في هذه الحالة أن أجعلها تطوعاً وذلك لرغبتي الحالية بالصيام وعدم تفويته بما أني لم أجزم بتبييت النية للقضاء. وجزاكم الله خيراً
الجواب:
صيام الواجب لا بد فيه من تبييت النية من الليل، بمعنى أن الإنسان يصوم ما بين طلوع الفجر إلى غروب الشمس كاملاً بنية ويكون قد نوى أن يصوم هذا اليوم جميعه من طلوع فجره إلى غروب شمسه، وأما صيام النفل فإن الإنسان إذا لم يتعاط شيئاً من المفطرات بعد طلوع الفجر، ونوى الصيام بعد ذلك صح منه وأجزأه.(1/102)
وأما هل يجوز أن يتطوع الإنسان وعليه شيء من الفريضة فنقول نعم يجوز، فالإنسان إذا أراد أن يصوم مثلاً يومي الاثنين والخميس، أو أيام البيض وعليه صيام نذر أو كفارة أو قضاء من رمضان فإن صيامه للنوافل قبل ذلك صحيح، ولكن الأولى للإنسان ألا يقدم صيام النفل على الفرض، فالواجب المتعين على الإنسان أن يبدأ بما يجب عليه لتبرأ ذمته من الواجب ويخرج من العهدة، ثم بعد ذلك يتنفل بما شاء، وأما صيام الست من شوال فإن الإنسان لا يحصل فضيلتها إلا إذا أتم صيام رمضان فإذا كان الإنسان عليه قضاء شيء فلا يتنفل بصيام ست من شوال، وإنما يقضي رمضان أولاً ثم يتنفل لأن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال"من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر" رواه مسلم
(1164) من حديث أبي أيوب الأنصاري إن كان الذي يريد أن يصوم الست من شوال وعليه قضاء من رمضان فلا يصدق عليه أنه صام رمضان وبالله التوفيق، والله أعلم.
[[د. وائل التويجري]]
ما حكم من مات وعليه قضاء من شهر رمضان؟ وإذا صام المسلم بعض رمضان ثم توفي عن بقيته فهل يلزم وليه أن يكمل عنه؟
الجواب:
1- المريض مادام في مرضه لا يجب عليه أن يصوم، فإذا مات قبل برئه فقد مات قبل أن يجب عليه الصوم، فلا يجب أن يطعم عنه، لأن الإطعام بدل عن الصيام، فإذا لم يجب الصيام لم يجب بدله. قال الله تعالى "وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [البقرة:185].(1/103)
وتقرير دلالة هذه الآية على أنه إذا لم يتمكن من الصيام فلا شيء عليه: إن الله تعالى جعل الواجب عليه عدة من أيام أخر، فإذا مات قبل إدراكها فقد مات قبل زمن الوجوب، فكان كمن مات قبل دخول شهر رمضان، لا يجب أن يطعم عنه لرمضان المقبل ولو مات قبله بيسير.
وأما السنة فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من مات وعليه صيام صام عنه وليُّه" متفق عليه من حديث عائشة -رضي الله عنها- فمنطوق الحديث أن من مات وعليه قضاء من شهر رمضان فإنه يصوم عنه وليه وهو قريبه، فإن لم يصم وليه أطعم عنه عن كل يوم مسكيناً.
ومفهومه أن من مات ولا صيام عليه لم يصم عنه، وقد علمت مما سبق أن المريض إذا استمر به المرض لم يجب عليه الصوم أداء ولا قضاء في حال استمرار مرضه.
2- أما من مات في أثناء رمضان فإنه لا يلزم وليه أن يكمل عنه ولا أن يطعم عنه؛ لأن الميت إذا مات انقطع عمله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" فعلى هذا إذا مات فإنه لا يقضى عنه ولا يطعم عنه، بل حتى لو مات في أثناء اليوم فإنه لا يقضى عنه.
[[ الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله]].
أمي عليها دين صيام ثمانية أشهر من رمضان، أعاقها المرض المتزامن مع مجيء كل رمضان، والسؤال: ما العمل؟ هل أقضيه عنها؟ أذهبوا حيرتي جزاكم الله خيراً.
الجواب:
إذا كانت تستطيع القضاء ولو لم يكن بالتتابع فعليها القضاء، وإذا أيست من القدرة على القضاء فعليها أن تطعم عن كل يوم مسكيناً، لكل مسكين كيلو ونصف من قوت البلد. والله أعلم.
[[ الشيخ عبد الرحمن العجلان]].(1/104)
علي صيام شهرين بسبب الحمل والرضاعة، وقدرتي الجسدية لا تعينني على ذلك، حيث إني مصابة بمرض في القلب، فهل يجوز أن أخرج الفدية بدلا من الصيام؟ وهل يجوز أن أنفق هذه الفدية في إطعام أسرتي؟ حيث إني لست مكلفة بالإنفاق عليهم، أم أنه يجب أن أنفقها على المساكين؟
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إذا كان تأخير هذا الصيام عن شهري رمضان بسبب الحمل والرضاعة والوضع فعليك القضاء ولو بغير انتظام، فلا يلزم التتابع، ولا يجوز لك إخراج الفدية، إلا إذا أيست من القدرة على القضاء بقية حياتك بسبب المرض، وذلك بتقرير طبيبين مسلمين ثقتين، وحينئذ عليك الكفارة، وهي إطعام مسكين عن كل يوم، وقدره كيلو ونصف من قوت البلد، والمسكين هو من تجوز له الزكاة من غير والديك وأولادك، ومن ترثينه من الأقارب.
[[ الشيخ عبدالرحمن العجلان]].
أفطرت في رمضان أياماً لا أعلم عددها بالضبط ربما 4 أو 5 أو 6، وذلك حينما كنت في أول سني البلوغ ظناً مني أن الحائض عدتها يجب أن تكون سبعة أيام كاملة، أي أنني كنت آكل وأشرب وأنا قد طهرت من الدورة حتى أكمل عدة سبعة الأيام . سؤالي هو أنني لم أقضها ولا أعلم عددها فكيف أتصرف ؟
الجواب:
المكلّف إذا أفطر أياماً من رمضان بعد سن التكليف فإن الواجب عليه قضاؤها ولو بعد مضي مدة طويلة ، والأخت السائلة تذكر أنها أفطرت أياماً من رمضان بعد سن البلوغ ولم تقضها حتى الآن فنقول : الواجب عليك المبادرة إلى قضائها في أسرع وقت، وأما عددها فتبني على اليقين تحقيقاً لبراءة الذمة، فإذا كنت تشكين هل هي أربعة أيام أو خمسة أو ستة فاجعليها ستة، وأما الإطعام فلا يجب عليك إطعام لكونك جاهلة بالحكم.
أنا فتاة فاتني قضاء ما علي من صوم لبعض الأيام في السنوات الماضية من عمري فهل يجوز القضاء بالصوم فقط أم الصوم والكفارة وإذا كانت كفارة فما مقدارها ؟
الجواب:
الحمد لله(1/105)
لا يجوز للإنسان أن يؤخر قضاء ما عليه من رمضان بلا عذر حتى يدخل رمضان آخر ، فإن فعل ذلك لحقه الإثم ، واختلف العلماء هل يلزمه مع القضاء كفارة بسبب هذا التأخير أم لا
والنصيحة للأخت السائلة أن تحرص على قضاء ما عليها من أيام أولا بأول ، حتى لا تتراكم عليها العبادات ، وتصبح ذمتها مشغولة ، ثم يصعب عليها حينئذ القضاء .
وبخصوص مسألة الكفارة ، فقد سبق بيان خلاف العلماء في هذه المسألة في السؤال رقم ( 26865 ، 21710 )
ومن السؤالين السابقين تعلمين أنه لا يجب عليك كفارة مع القضاء على القول الراجح ، وإنما عليك التوبة إلى الله عز وجل ، والعزم على عدم العودة إلى مثل ذلك ، وإذا أخرجت الكفارة مع القضاء احتياطاً فلا بأس ومقدار الكفارة إطعام مسكين عن كل يوم من أيام القضاء .
راجع السؤال رقم : ( 43268 ) .
[[ الإسلام سؤال وجواب]].
أفطرت في إحدى السنوات الأيام التي تأتي فيها الدورة الشهرية، ولم أتمكن من الصيام حتى الآن ، وقد مضى عليَّ سنوات كثيرة، وأود أن أقضي ما عليَّ من دين الصيام ، ولكن لا أعرف كم عدد الأيام التي عليَّ ، فماذا أفعل ؟
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فيجب عليك ثلاثة أمور:
الأمر الأول : التوبة إلى الله من هذا التأخير ، والندم على ما مضى من التساهل ، والعزم على ألا تعودي لمثل هذا ؛ لأن الله يقول ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )(النور: من الآية31)، وهذا التأخير معصية ، والتوبة إلى الله من ذلك واجبة.(1/106)
الأمر الثاني : البدار بالصوم على حسب الظن ، لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ، فالذي تظنين أنك تركتيه من أيامٍ عليك أن تقضيه ، فإذا ظننت أنها عشرة فصومي عشرة أيام ، وإذا ظننت أنها أكثر أو أقل فصومي على مقتضى ظنك ؛ لقول الله سبحانه ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا )(البقرة: من الآية286) . وقوله عز وجل ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ )(التغابن: من الآية16) .
الأمر الثالث: إطعام مسكين عن كل يوم إذا كنت تَقْدِرين على ذلك ، يُصرف كله ولو لمسكين واحد ، فإن كنت فقيرة لا تستطيعين الإطعام ، فلا شيء عليك في ذلك سوى الصوم والتوبة، والإطعام الواجب عن كل يوم نصف صاع من قوت البلد ، ومقداره كيلو ونصف في حق من قدر على ذلك . والله ولي التوفيق .
[[ينظر : مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله (15 / 342 )]].
هل يجوز قضاء الصيام عن الميت؟ وكيف تكون الطريقة؟
الجواب:
روى البخاري (1952)، ومسلم (1147) من طريق عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم ((من مات وعليه صيام صام عنه وليه)) فإن كان الميت تمكن من قضاء ما عليه من صيام لكنه لم يصم حتى مات فأكثر أهل العلم على أن الواجب أن يطعم عن كل يوم مسكينٌ وذهب جماعة من أهل العلم إلى أن المشروع هو الصيام عن الميت في هذه الحال، وبهذا قال طاووس والحسن والزهري وقتادة وأبو ثور وداود وهو قديم قول الشافعي وهو قول بعض الحنابلة وهو الصواب الذي يدل عليه حديث عائشة وغيره من الأحاديث الصحيحة، والله أعلم.
[[ الشيخ د. خالد بن عبد الله المصلح]](1/107)
توفي والدي في شهر شوال لهذا العام وهو لم يصم في رمضان سوى أول يوم في الشهر وآخر يوم في الشهر، مع العلم أنه كان يعاني من مرض السكر وورم خبيث في صدره وكان يحاول الصيام بقية الأيام خلال الشهر ولكنه لم يستطع فكان يفطر، فهل من الممكن أن أصوم أنا الأيام التي لم يستطع والدي أن يصمها خلال شهر رمضان أم يجب علي الإطعام عن كل يوم لم يستطع والدي أن يصمه؟
الجواب:
إن كان منعه الصوم مرض ولم يتمكن من القضاء بمعنى أنه امتد به المرض إلى أن مات فليس عليه قضاء غفر الله له.
[[الشيخ د. خالد بن عبد الله المصلح]]
هل يجوز لي الصيام عن الميت صيام النوافل وهل يكتب له أجر ذلك؟
الجواب:
يجوز والأفضل منه الدعاء.
[[الشيخ د. خالد بن عبد الله المصلح]]
ما حكم تكرار العمرة في رمضان؟
الجواب:
لا ريب أن ما يفعله بعض الناس من تكرار العمرة في اليوم مرات أو يومياً أو في أيام متقاربة ليس من السنة في شيء، فإن أقل ما جاء عن السلف من المدة بين العمرتين هو عشرة أيام فالعمرة فيما دون ذلك غير مستحبة هذا إذا كان ينشئ لكل عمرة سفراً بمعنى أنه يعتمر ثم يرجع إلى بلده ثم يسافر ثانية إلى العمرة أما أن يجمع في سفر واحد عدة عمرات فهذا قد نهى عنه جماعة من السلف منهم سعيد بن جبير و طاووس وهما من أجلّ أصحاب ابن عباس قال طاووس: الذين يعتمرون من التنعيم ما أدري أيؤجرون عليها أم يعذبون؟
ومن أجازها من السلف لم يجزها على الصفة التي يفعلها بعض الناس من تكرار العمرة يومياً أو كل يومين أو في اليوم مرات فقد روى الشافعي في مسنده عن بعض ولد أنس بن مالك أنه قال: كنا مع أنس بن مالك بمكة فكان إذا حمم رأسه – أي اسود من الشعر – خرج فاعتمر، وجرت العادة أن متوسط نبات الشعر الذي يسود به الرأس عشرة أيام كما قال الإمام أحمد.(1/108)
والخلاصة، أوصي إخواني بالاجتهاد والجد في العمل الصالح، وأن يتحروا في ذلك موافقة السنة وهدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا هدي أكمل من هديه.
[[الشيخ د. خالد بن عبد الله المصلح]]
ما حكم إهمال بعض الآباء لبيوتهم وأبنائهم في رمضان بدعوى العبادة؟
الجواب:
إن من أبواب الخير في رمضان الاشتغال بالطاعات والقربات واجبها ومستحبها من الصلاة والعمرة وغير ذلك من العبادات، وهذه الطاعات مراتب ودرجات، الجهل بمراتبها وفقه درجاتها يفوّت على العبد خيراً كثيراً وأجراً كبيراً، فلا يجوز للعبد أن يشتغل بالمستحبات ويضيع الواجبات روى البخاري في صحيحه (6502) من طريق عطاء بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(( إن الله تعالى قال: وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه...)) فما يفعله بعض إخواننا من تضييع أولادهم ذكورا وإناثاً بسبب الاشتغال بالطاعة في شهر رمضان من العمرة أو الاعتكاف أو القيام أو غير ذلك من الإحسان أو بسبب الاشتغال بالأعمال الدنيوية أو الاجتماعات والسهرات تفريط فيما أوجب الله تعالى من حفظ الذرية وصيانة الأهل، قال الله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (التحريم:6).(1/109)
فلا يجوز لأولياء الأمور الإخلال بهذا الواجب والتعذر بالانشغال بالعبادات المستحبة فإنهم يقيمون سنة ويهدمون فرضاً، والناظر إلى هدي نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام يري أنه صلى الله عليه وسلم في أوج اشتغاله بالطاعات في العشر الأواخر التي يجتهد فيها ما لا يجتهد في غيرها كما في صحيح مسلم (1175) من طريق الأسود بن يزيد يقول: قالت عائشة رضي الله عنها (( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره))، ومع هذا الاشتغال لم يكن يغفل عن أهله، بل كان يوقظهم للصلاة كما في البخاري (2024) ومسلم (1174) من طريق مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت (( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله)) وهذا واحد من أحاديث عديدة تبرز عناية النبي صلى الله عليه وسلم بأهله مع اشتغاله بعبادة ربه واغتنام المواسم الفاضلة. وإنني أحذر الآباء والأمهات من التفريط فيما أوجب الله عليهم من رعاية أولادهم الذكور والإناث، فإن عواقب ذلك خطيرة يصطلي بنارها الأولاد ووالدوهم. حفظ الله الجميع من سيء القول والعمل وأعاننا على أداء الأمانة.
[[الشيخ د. خالد بن عبد الله المصلح]]
البعض يختم القرآن الكريم أكثر من مرة ربما عشر مرات باعتبار ختمة كل ثلاث ليال فأيهما أفضل ختمه مرة أو مرتين مع التدبر أم العبرة بالكم؟
الجواب:
قراءة القرآن الكريم من أجل القربات التي تشرع للمؤمنين في شهر رمضان المبارك، ولا غرو فإنه الشهر الذي أنزل فيه القرآن، قال الله تعالى{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}(البقرة: من الآية185).(1/110)
ولقد كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يختم القرآن في رمضان كل عام مرة، فختمه في العام الذي قبض فيه مرتين، روى البخاري (4998) من طريق أبي صالح عن أبي هريرة قال ((كان يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كل عام مرة، فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه)).
فينبغي للمؤمنين أن يجتهدوا في قراءة القرآن، ولو مرة، إتباعا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم, وتأسياً بما كان عليه عمل سلف الأمة وخيارها، فلقد كان لهم في رمضان مزيد عناية بكتاب الله قراءةً وتدبراً، ومما جاء في ذلك أن الزهري كان إذا دخل رمضان قال: فإنما هو تلاوة القرآن، وإطعام الطعام. وكان مالك إذا دخل رمضان ترك قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم، وأقبل على تلاوة القرآن من المصحف، وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على تلاوة القرآن.
ومما ينبغي التنبه له أن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وسلف الأمة الأخيار كانت قراءة تدبر فلم تكن هذاً كهذ الشعر ولا نثراً كنثر الدقل، بل وقوفاً عند عجائب القرآن وتدبراً لآياته وبذلك تتحقق الغاية المقصودة من إنزال الكتاب قال الله تعالى{ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}. (ص: الاية29)
روى الإمام البخاري و مسلم أن رجلا يقال له نهيك بن سنان جاء إلى عبد الله بن مسعود، فقال: يا أبا عبد الرحمن إني لأقرأ المفصل في ركعة. فقال عبدالله: هذاً كهذ الشعر، إن أقواما يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع. وفي رواية أحمد أن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قال له: هذا مثل هذ الشعر أو نثرا مثل نثر الدقل إنما فصل لتفصلوا .(1/111)
قال ابن العربي: في قوله تعالى{ وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً} (الفرقان:73). قال علماؤنا: يعني الذين إذا قرءوا القرآن قرءوه بقلوبهم قراءة فهم وتثبت, ولم ينثروه نثر الدقل; فإن المرور عليه بغير فهم ولا تثبت صمم وعمى عن معاينة وعيده ووعده.
وقال عبد الرحمن بن أبي ليلى: دخلت علي امرأة، وأنا أقرأ سورة هود. فقالت: يا عبد الرحمن هكذا تقرأ سورة هود؟! والله إني فيها منذ ستة أشهر، وما فرغت من قراءتها.
قال ابن القيم: فلا شيء أنفع للقلب من قراءة القرآن بالتدبر والتفكر.
وقال أيضاً: فقراءة آية بتفكر وتفهم خير من قراءة ختمة بغير تدبر وتفهم وأنفع للقلب وأدعى إلى حصول الإيمان وذوق حلاوة القرآن وهذه كانت عادة السلف يردد احدهم الآية إلى الصباح.
فأوصي إخواني وأخواتي بالاجتهاد في الجمع بين كثرة القراءة وتدبر القرآن ليدركوا الخير بأطرافه.
[[الشيخ د. خالد بن عبد الله المصلح]]
ما حكم صيام من ينام عن صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء ويصلي هذه الفروض مجتمعة في الساعة الثانية عشرة ليلاً ولا يصلي فرضاً في وقته إلا الفجر والعشاء في بعض الأحيان فما نصيحتكم لمثل هذا.
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم(1/112)
صيامه صحيح وعليه أن يجتهد في الإتيان بالصلاة في وقتها قال تعالى ((حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)) (البقرة: 238) وقال تعالى ((إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً)) (النساء: 103) فكل من أخرج الصلاة عن وقتها من غير ما عذر فهو داخل في قوله تعالى ((فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ)) (الماعون: 4-5) أما ما يتعلق بالصيام فلاشك أن صيام مثل هذا منقوص الأجر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال كما في حديث أبي هريرة في البخاري (( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)) فتأخير الصلاة عن وقتها من غير ما عذر من أعظم العمل بالزور فليتق الله هذا وليحافظ على الصلاة في أوقاتها وصيامه صحيح.
[[الشيخ د. خالد بن عبد الله المصلح ]]
كتبت في مقالة " صلاة الليل في رمضان " أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم الصلاة للوتر كثلاث ركعات ووضح ذلك بقوله: لا تجعلوها تشابه صلاة المغرب . وعليه فإن من أراد أن يصلي الوتر ثلاثا عليه أن يجد طريقة تجعلها تختلف (عن صلاة المغرب) . وهناك طريقتان : إما بالتسليم عقب الركعتين الأوليين ، وهو الأفضل ، أو بعدم الجلوس بعد الركعتين الأوليين .
أنا أيضا أصلي ثلاث ركعات للوتر لكني أجعل صلاتي تختلف عن المغرب برفع يدي للتكبير قبل دعاء القنوت . فهل يصح ذلك ؟
الجواب:
الحمد لله
قبل الجواب على هذا السؤال نشكر لك حرصك على إتباع السنة،ونسأل الله أن يجعلنا وإياك ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه .(1/113)
ما ذكرته – وفقك الله - من إرادتك عدم المشابهة بأن ترفع يدك للتكبير قبل دعاء القنوت ، فهذا ليس مرادا من نهي النبي صلى الله عليه وسلم في قوله في الحديث الذي أخرجه الحاكم ( 1/304) والبيهقي ( 3/31) والدار قطني ( ص172) وصححه الحاكم على شرطهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا توتروا بثلاث تشبهوا المغرب " . ومراده صلى الله عليه وسلم – كما بينه أهل العلم – هو النهي عن الجلوس للتشهد الأول بحيث تشبه صلاة المغرب .
انظر في ذلك :
فتح الباري لابن حجر4/301 قال الحافظ : إسناده على شرط الشيخين ، وعون المعبود شرح حديث رقم ( 1423 ) ، وصلاة التراويح للألباني ص97 .
ورفع اليدين للتكبير قبل دعاء القنوت ليس بفرق في الحقيقة ؛ لأن مواضع رفع اليدين في الصلاة أربعة :
1- عند تكبيرة الإحرام .
2- عند الركوع .
3- عند الرفع من الركوع .
4- عند القيام من التشهد الأول .
فلا يشرع للمصلي أن يرفع يديه في غير هذه المواضع الأربعة .
انظر في ذلك فتاوى أركان الإسلام للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله ص 312 .
والله أعلم .
[[الإسلام سؤال وجواب]].
بعض أئمة المساجد في رمضان يطيلون في الدعاء ويعضهم يقصر ، فما هو الصحيح ؟
الجواب:
الصحيح ألا يكون غلو ولا تقصير ، فالإطالة التي تشق على الناس منهي عنها ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغه أن معاذ بن جبل أطال الصلاة في قومه غضب عليه غضباً شديداً لم يغضب في موعظة مثله قط ، وقال لمعاذ بن جبل : ( يا معاذ أفتان أنت ) البخاري في الأدب (6106) ، ومسلم في الصلاة (465) ، فالذي ينبغي أن يقتصر على الكلمات الواردة أو يزيد .(1/114)
ولا شك في أن الإطالة شاقة على الناس وترهقهم ، ولاسيما الضعفاء منهم ، ومن الناس من يكون وراءه أعمال ، ولا يحب أن ينصرف قبل الإمام ويشق عليه أن يبقى مع الإمام ، فنصيحتي لإخواني الأئمة أن يكونوا بين بين ، كذلك ينبغي أن يترك الدعاء أحياناً حتى لا يظن العامة أن الدعاء واجب .
[[كتاب الدعوة ج/5 الشيخ ابن عثيمين (2/198)]].
قام الإمام في الركعة الثالثة في صلاة التراويح وأنهى الصلاة ثم أخبروه أنه صلى ثلاثة ، فهل يسجد للسهو أم يكملها أربعاً ؟
الجواب:
عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله بقوله :
يسجد للسهو ، ثم يكمل الصلاة مثنى مثنى ، كما لو كان هذا في الفريضة . انتهى
والله أعلم.
[[الإسلام سؤال وجواب]].
هل نمنع الأطفال من المجيء للمسجد في التراويح مع الأمهات لكثرة الإفساد والإزعاج ؟
الجواب:
الحمد لله
سألت الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله هذا السؤال فأجاب :
يُتركون كما جاء في الأحاديث ، ( ويسع الآخرين ما وسع الأولين ) . والله أعلم .
[[ الشيخ محمد المنجد]].
إذا دخلت المسجد في صلاة العشاء متأخراً وفاتتني صلاة العشاء جماعة وصليتها منفرداً وتأخرت عن صلاة التراويح أثناء أدائي لصلاة العشاء وسبقني الإمام بصلاة التراويح ركعتين فكيف أؤدي الركعتين ؟ منفردا أم ماذا ؟
الجواب:
الحمد لله
أولا :
إذا فاتتك صلاة العشاء ، وجئت والإمام يصلي التراويح ، فالأولى أن تدخل خلفه بنية العشاء ، فإذا سلم أتممت صلاتك ، ولا تصل منفردا ، ولا مع جماعة أخرى ، حتى لا تقام جماعتان في وقت واحد فيحصل بذلك تشويش وتداخل في الأصوات .
ثانيا :
أما ما فاتك من التراويح فإن أردت الإتيان به ، فإنك تشفع الوتر مع الإمام ، ثم تصلي ما فاتك ، ثم توتر .
ومعنى شفع الوتر مع الإمام : ألا تسلم معه في صلاة الوتر ، بل تقوم وتأتي بركعة ثم تسلم .(1/115)
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : إذا حضرت مع الناس وهم يصلون صلاة التراويح وقد فاتني شيء منها فهل أقضي ما فاتني بعد الوتر أم ماذا أصنع؟
فأجاب: " لا تقض ما فاتك بعد الوتر، لكن إن كنت تريد أن تقضي ما فاتك، فاشفع الوتر مع الإمام، ثم صل ما فاتك ثم أوتر. وهنا مسألة أنبه عليها:
لو جئت والإمام يصلي التراويح وأنت لم تصلِ العشاء فماذا تفعل؟ هل تصلي العشاء وحدك أم تدخل مع الإمام في التراويح بنية العشاء؟
الجواب: أدخل مع الإمام في التراويح بنية العشاء، وإذا سلم الإمام من التراويح فقم واقض ما بقي عليك من صلاة العشاء، وقد نص الإمام أحمد رحمه الله على هذه المسألة بعينها، واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية ، وهي القول الراجح ؛ لأن القول الراجح : أنه يجوز أن يأتمّ المفترض بالمتنفل بدليل حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلاة العشاء ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة، هي له نافلة ولهم فريضة " انتهى من "اللقاء الشهري".
والأفضل قضاؤها جماعة إن تيسر ، فإن لم يتيسر فلا حرج عليك من قضائها منفردا .
والله أعلم .
[[ الإسلام سؤال وجواب]].
أجد صعوبة في حفظ الأدعية عن ظهر قلب مثل دعاء القنوت في الوتر. فكنت أقرأ سورة مكانه ولما عرفت أنه فرض حاولت حفظه وجعلت في أثناء الصلاة أقرأه من كتاب أتناوله من على طاولة بجانبي وأنا ما أزال متجهاً إلى القبلة فهل هذا جائز؟
الجواب:
الحمد لله
1. لا بأس أن تقرأ دعاء القنوت من ورقة أو كتيب في صلاة الوتر حتى تتمكن من حفظه ثم تترك القراءة بعد ذلك وتدعو من حفظك كما أنه يجوز قراءة القرآن مِن المصحف في صلاة النافلة لمن لا يحفظ الكثير من القرءان .
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله ما حكم قراءة القرءان من المصحف في صلاة التراويح ؟ وما الدليل على ذلك من الكتاب والسنة ؟
فأجاب :(1/116)
لا حرج في القراءة من المصحف في قيام رمضان لما في ذلك من إسماع المؤمنين جميع القرآن ؛ ولأن الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة قد دلت على شرعية قراءة القرءان في الصلاة، وهي تعم قراءته من المصحف وعن ظهر قلب وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها أمرت مولاها ذكوان أن يؤمها في قيام رمضان وكان يقرأ من المصحف ذكره البخاري رحمه الله في صحيحه معلِّقا مجزوما به .
" فتاوى إسلامية " ( 2 / 155 ) .
2- لا يجب في دعاء القنوت أن يكون باللفظ الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بل يجوز للمصلي أن يدعو بغيره أو يزيد عليه ، بل لو قرأ آيات من القرآن الكريم وهي مشتملة على الدعاء حصل المقصود ، قال النووي رحمه الله : واعلم أن القنوت لا يتعين فيه دعاء على المذهب المختار ، فأي دعاء دعا به حصل القنوت ولو قنت بآية ، أو آيات من القرآن العزيز وهي مشتملة على الدعاء حصل القنوت ، ولكن الأفضل ما جاءت به السنة ..
" الأذكار النووية ص 50 "
3- وأما ما ذكره الأخ السائل من أنه كان يقرأ بدلاً من دعاء القنوت قرءاناً فلا شك أن هذا لا ينبغي فعله ، لأن المقصود من القنوت هو الدعاء ، ولذلك لو كانت هذه الآيات مشتملة على الدعاء جاز قراءتها والقنوت بها كقوله تعالى : ( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذا هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ) آل عمران / 8
4- وأما ما ذكره الأخ السائل من فرضية القنوت : فليس بصحيح إذ القنوت سنة ، وعلى هذا لو تركه المصلي فصلاته صحيحة .
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله ما حكم قراءة دعاء القنوت في الوتر في ليالي رمضان وهل يجوز تركه ؟ .
فأجاب :
القنوت سنة في الوتر وإذا تركه في بعض الأحيان : فلا بأس .
وسئل : عمن يستمر على القنوت في الوتر كل ليلة فهل أثر هذا عن سلفنا ؟.
فأجاب :(1/117)
لا حرج في ذلك بل هو سنة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما علم الحسين بن علي رضي الله عنهما القنوت في الوتر لم يأمر بتركه بعض الأحيان ولا بالمداومة عليه فدل ذلك على جواز الأمرين ، ولذا ثبت عن أبي ابن كعب رضي الله عنه حين كان يصلي بالصحابة رضي الله عنهم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يترك القنوت بعض الليالي ولعل ذلك ليعلم الناس أنه ليس بواجب . والله ولي التوفيق .
" فتاوى إسلامية " ( 2 / 159 ) .
[[الإسلام سؤال وجواب]].
ما حكم رفع اليدين في دعاء القنوت في صلاة التراويح ؟ مع العلم أنا وقفنا على كلام للشيخ مقبل الوادعي رحمه الله يضعف فيه الحديث الذي ورد في هذه المسالة ،وجزاكم الله خير الجزاء.
الجواب:
للعلماء في رفع اليدين قولان:فذهب جمهور العلماء من الفقهاء والمحدثين إلى أنه يسن رفع اليدين في دعاء الوتر،قياسا على ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم و أصحابه رضي الله عنهم من رفع اليدين في القنوت،وذلك فيما رواه البيهقي بإسناد لا بأس به عن أنس رضي الله عنه في قصة القراء الذين قتلوا،قال(( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما صلى الغداة يرفع يديه يدعوا عليهم،يعني الذين قتلوا)).
وقد سئل الإمام أحمد هل ترفع الأيدي في الوتر؟ فقال:نعم ، يعجبني.
وقد جاء رفع اليدين في القنوت عن جماعة من الصحابة ذكر ذلك البخاري في جزء رفع اليدين عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود وابن عباس وأبي موسى رضي الله عنهم ،وعن جماعة من التابعين،وهو مذهب أبي حنيفة،وقال البيهقي:إن عددا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قد رفعوا أيديهم في القنوت.
وذهب طائفة من أهل العلم إلى أنه لا يسن رفع اليدين في القنوت ،قال الزهري رحمه الله: لم تكن ترفع الأيدي في الوتر في رمضان،وجاء المنع أيضا عن الأوزاعي ،وهو مذهب مالك؛استنادا إلى عدم وروده عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[[الشيخ د. خالد بن عبد الله المصلح]].(1/118)
أريد أن أعتكف العشر الأواخر وأنا في البيت،هل أعتكف طوال النهار أم أعتكف بالليل فقط إذا لم أستطيع بالنهار؟ و هل يقبل اعتكافي ؟
الجواب:
فإجابة عن سؤالك نقول : أجمع أهل العلم على أن الاعتكاف لا يكون إلا في المساجد؛ لقول الله تعالى( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ)(البقرة: من الآية187) لا خلاف بينهم في ذلك في حق الرجل.
وذهب طائفة من أهل العلم إلى أن للمرأة أن تعتكف في بيتها،وهذا مذهب أبي حنيفة وقديم قول الشافعي و به قال الثوري والنخعي رحم الله الجميع،فيجوز لها أن تعتكف في مسجد بيتها،وهذا خلاف ما عليه جماهير أهل العلم،وظاهر النصوص لا تفرق بين الرجل و المرأة في مكان الاعتكاف،والله أعلم.
وعلى قول من قال بأنها تعتكف في بيتها،فيكون ذلك بأن تلزم الموضع الذي أعدته للصلاة وهيأته لذلك،فلا تفارقه إلا كما يفارق المعتكف مسجده.
[[الشيخ د. خالد بن عبد الله المصلح]].
بعض أئمة المساجد في المدن الأخرى يتركون مساجدهم في العشرة الأواخر ويذهبون للاعتكاف في الحرم المكي الشريف. . أيهما أولى في هذه الحالة البقاء في إمامة المصلين أو الاعتكاف؟
الجواب:
هذه الظاهرة، وهي ترك الأئمة لمساجدهم لأجل الاعتكاف في المسجد الحرام أو المسجد النبوي أو المجاورة فيهما، صورة أخرى من صور عدم التمييز بين مراتب الأعمال والجهل بفقه أولوياتها. فإن الإخوة الذين تولوا الإمامة في المساجد قد تحملوا أمانة يجب عليهم أداؤها، ولا شك أن ذهابهم إلى الاعتكاف في المسجد الحرام أو المسجد النبوي أو المجاورة فيهما دون أن يقيموا من يسد مكانهم تضييع لهذه الأمانة التي يجب عليهم حفظها وأداؤها، فهم إلى الإثم أقرب منهم إلى الأجر. وفق الله الجميع إلى ما فيه الخير.
[[الشيخ د. خالد بن عبد الله المصلح]].
ما أقل مقدار للاعتكاف ؟ فهل يمكن أن أعتكف وقتا قصيراً أم لا بد من اعتكاف عدة أيام ؟
الجواب:
الحمد لله(1/119)
اختلف العلماء في أقل زمن للاعتكاف .
فذهب جمهور العلماء إلى أن أقله لحظة ، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد .
انظر : الدر المختار (1/445) ، المجموع (6/489) ، الإنصاف (7/566) .
قال النووي في المجموع (6/514) :
وَأَمَّا أَقَلُّ الاعْتِكَافِ فَالصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لُبْثٌ فِي الْمَسْجِدِ , وَأَنَّهُ يَجُوزُ الْكَثِيرُ مِنْهُ وَالْقَلِيلُ حَتَّى سَاعَةٍ أَوْ لَحْظَةٍ اهـ باختصار .
واستدلوا على هذا بعدة أدلة :
1- أن الاعتكاف في اللغة هو الإقامة ، وهذا يصدق على المدة الطويلة والقصيرة ولم يرد في الشرع ما يحدده بمدة معينة .
قال ابن حزم : "والاعتكاف في لغة العرب الإقامة .. فكل إقامة في مسجد لله تعالى بنية التقرب إليه اعتكاف .. مما قل من الأزمان أو كثر ، إذ لم يخص القرآن والسنة عدداً من عدد ، ووقتاً من وقت" اهـ . المحلى (5/179) .
2- روى ابن أبي شيبة عن يعلى بن أمية رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : إني لأمكث في المسجد الساعة ، وما أمكث إلا لأعتكف . احتج به ابن حزم في المحلى (5/179) وذكره الحافظ في الفتح وسكت عليه . والساعة هي جزء من الزمان وليست الساعة المصطلح عليها الآن وهي ستون دقيقة .
وذهب بعض العلماء إلى أن أقل مدته يوم وهو رواية عن أبي حنيفة وقال به بعض المالكية .
وقال الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (15/441) :
"الاعتكاف هو المكث في المسجد لطاعة الله تعالى سواء كانت المدة كثيرة أو قليلة ، لأنه لم يرد في ذلك فيما أعلم ما يدل على التحديد لا بيوم ولا بيومين ولا بما هو أكثر من ذلك ، وهو عبادة مشروعة إلا إذا نذره صار واجبا بالنذر وهو في المرأة والرجل سواء" اهـ .
[[الإسلام سؤال وجواب]].
هل يجوز الاعتكاف في أي وقت دون العشر الأواخر من رمضان ؟
الجواب:(1/120)
نعم يجوز الاعتكاف في أي وقت ، وأفضله ما كان في العشر الأواخر من رمضان ؛ اقتداءً برسول الله عليه الصلاة والسلام وأصحابه رضي الله عنهم ، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه اعتكف في شوال في بعض السنوات .
وبالله التوفيق .
[[ اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 10/410]].
هل هناك فرق بين صلاة الوتر وصلاة الليل ؟
الجواب:
الحمد لله
صلاة الوتر هي من صلاة الليل ، ومع ذلك فهناك فرق بينهما .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" الوتر من صلاة الليل ، وهو سنة ، وهو ختامها ، ركعة واحدة يختم بها صلاة الليل في آخر الليل ، أو في وسط الليل ، أو في أول الليل بعد صلاة العشاء ، يصلي ما تيسر ثم يختم بواحدة " انتهى .
"فتاوى ابن باز" (11/309) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" والسنة قولاً وفعلاً قد فرقت بين صلاة الليل وبين الوتر ، وكذلك أهل العلم فرقوا بينهما حكماً ، وكيفية :
أما تفريق السنة بينهما قولاً : ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً سال النبي صلى الله عليه وسلم كيف صلاة الليل ؟ قال ( مثنى مثنى ، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة ) رواه البخاري . وانظر "الفتح" (3/20) .(1/121)
وأما تفريق السنة بينهما فعلاً : ففي حديث عائشة رضي الله عنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا راقدة معترضة على فراشه ، فإذا أراد أن يوتر أيقظني فأوتر . رواه البخاري . وانظر : "الفتح" (2/487) ، ورواه مسلم (1/51) بلفظ ( كان يصلي صلاته بالليل وأنا معترضة بين يديه فإذا بقي الوتر أيقظها فأوترت ) . وروى (1/508) عنها قالت ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء إلا في آخرها ) . وروى (1/513) عنها حين قال لها سعد بن هشام بن عامر : أنبئيني عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت ( ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة فيذكر الله ويحمده ، ويدعوه ، ثم ينهض ولا يسلم ، ثم يقوم فيصلي التاسعة ، ثم يقعد فيذكر الله ، ويحمده ، ويدعوه ، ثم يسلم تسليماً يسمعنا ) .
وأما تفريق العلماء بين الوتر وصلاة الليل حكماً : فإن العلماء اختلفوا في وجوب الوتر ، فذهب أبو حنيفة إلى وجوبه ، وهو رواية عن أحمد ذكرها في "الإنصاف" و "الفروع" ، قال أحمد : من ترك الوتر عمداً فهو رجل سوء ولا ينبغي أن تقبل له شهادة .
والمشهور من المذهب أن الوتر سنة ، وهو مذهب مالك ؛ والشافعي .
وأما صلاة الليل فليس فيها هذا الخلاف ، ففي "فتح الباري" (3/27) : "ولم أر النقل في القول بإيجابه إلا عن بعض التابعين . قال ابن عبد البر : شذ بعض التابعين فأوجب قيام الليل ولو قدر حلب شاة ، والذي عليه جماعة العلماء أنه مندوب إليه " انتهى .
وأما تفريق العلماء بين الوتر وصلاة الليل في الكيفية : فقد صرح فقهاؤنا الحنابلة بالتفريق بينهما فقالوا : صلاة الليل مثنى مثنى ، وقالوا في الوتر : إن أوتر بخمس ، أو سبع لم يجلس إلا في آخرها ، وإن أوتر بتسع جلس عقب الثامنة فتشهد ، ثم قام قبل أن يسلم فيصلي التاسعة ، ثم يتشهد ويسلم ، هذا ما قاله صاحب "زاد المستقنع" " انتهى .(1/122)
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (13/262-264) .
وبهذا يتبين أن صلاة الوتر من صلاة الليل ، ولكنها تخالف صلاة الليل في بعض الفروقات ، منها : الكيفية .
والله أعلم .
هل يجوز للمأموم في صلاة التراويح أن يمسك بالمصحف خلف الإمام ؟
الجواب:
الحمد لله
الأفضل له ألا يفعل ، ويستمع لقراءة إمامه وينصت لها .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : ما حكم حمل المأموم للمصحف في صلاة التراويح ؟
فأجاب :
" لا أعلم لهذا أصلا ، والأظهر أن يخشع ويطمئن ولا يأخذ مصحفا ، بل يضع يمينه على شماله كما هي السنة ، يضع يده اليمنى على كفه اليسرى الرسغ والساعد ويضعهما على صدره ، هذا هو الأرجح والأفضل ، وأخذ المصحف يشغله عن هذه السنن ، ثم قد يشغل قلبه وبصره في مراجعة الصفحات والآيات وعن سماع الإمام ، فالذي أرى أن ترك ذلك هو السنة ، وأن يستمع وينصت ولا يستعمل المصحف ، فإن كان عنده علم فَتَح على إمامه ، وإلا فتح غيره من الناس ، ثم لو قدر أن الإمام غلط ولم يُفتح عليه ما ضر ذلك في غير الفاتحة إنما يضر في الفاتحة خاصة ؛ لأن الفاتحة ركن لا بد منها أما لو ترك بعض الآيات من غير الفاتحة ما ضره ذلك إذا لم يكن وراءه من ينبهه ، ولو كان واحد يحمل المصحف على الإمام عند الحاجة فلعل هذا لا بأس به ، أما أن كل واحد يأخذ مصحفا فهذا خلاف السنة " انتهى .
وسئل رحمه الله :
بعض المأمومين يتابعون الإمام في المصحف أثناء قراءته فهل في ذلك حرج ؟
فأجاب :(1/123)
" الذي يظهر لي أنه لا ينبغي هذا ، والأولى الإقبال على الصلاة والخشوع ، ووضع اليدين على الصدر متدبرين لما يقرأه الإمام ، لقول الله عز وجل ( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) وقوله سبحانه : ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا ) " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 11 / 340 – 342 ) .
وانظر جواب السؤال رقم (10067) .
والله أعلم .
[[الإسلام سؤال وجواب]].
أنا امرأة مسلمة أحافظ على أداء صلاة التراويح . وفي الغالب إذا لم أذهب إلى الصلاة في المسجد فإن أخي الذي يصغرني سناً لا يذهب أيضاً . وإذا ذهبنا إلى المسجد نصلي الوتر مع الإمام . وقد اعتدت على الاستيقاظ في جوف الليل لصلاة التهجد وقراءة القرآن ، ولكني بعد صلاة الوتر لا أستطيع أن أصلي صلاة التهجد . فما هو الخيار الأفضل بالنسبة لي ؟ أداء صلاة التراويح في المسجد حتى يصلي أخي في المسجد أم البقاء في البيت لأصلي صلاة التهجد في جوف الليل ؟ أيهما أكثر أجراً ؟.
الجواب:
الحمد لله
ذهابك للمسجد ، وحضورك التروايح مع الجماعة ، ولقاؤك بأخواتك المسلمات ، كل ذلك خير وهدى والحمد لله . وكونك تعينين أخاك على هذا الخير ، طاعة أخرى تضاف لذلك .
ولا تعارض بين هذا وبين تهجدك آخر الليل ، فبإمكانك أن تجمعي بين هذه الفضائل كلها .
وذلك بأحد أمرين :
الأول : أن توتري مع الإمام ، ثم إذا تيسر لك التهجد بعد ذلك ، فصلِّ ما كتب الله لك ركعتين ركعتين ، دون أن تعيدي صلاة الوتر مرة أخرى ، لأنه لا وتران في ليلة .(1/124)
الثاني : أن تؤخري الوتر إلى آخر الليل ، فإذا سلم الإمام من صلاة الوتر فإنك لا تسلمين معه ، بل تقومين وتزيدين ركعة ، ليكون وترك آخر الليل .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : بعض الناس إذا صلى مع الإمام الوتر وسلم الإمام قام وأتى بركعة ليكون وتره آخر الليل ، فما حكم هذا العمل ؟ وهل يعتبر انصرف مع الإمام ؟
فأجاب :
" لا نعلم في هذا بأساً ، نص عليه العلماء ، ولا حرج فيه حتى يكون وتره في آخر الليل . ويصدق عليه أنه قام مع الإمام حتى ينصرف ، لأنه قام معه حتى انصرف الإمام وزاد ركعة لمصلحة شرعية حتى يكون وتره آخر الليل فلا بأس بهذا ، ولا يخرج به عن كونه ما قام مع الإمام ، بل هو قام مع الإمام حتى انصرف لكنه لم ينصرف معه ، بل تأخر قليلا " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (11/312) .
وسئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله سؤالا مشابها ، فأجاب :
" يفضّل في حق المأموم متابعة الإمام حتى ينصرف من التراويح والوتر ؛ ليصدق عليه أنه صلى مع الإمام حتى انصرف ، فيكتب له قيام ليلة ، وكما فعله الإمام أحمد وغيره من العلماء .
وعلى هذا فإن أوتر معه وانصرف معه ، فلا حاجة إلى الوتر آخر الليل ، فإن استيقظ آخر الليل صلى ما كُتب له شفعا (أي ركعتين ركعتين) ولا يعيد الوتر ، فإنه لا وتران في ليلة ...
وفضّل بعض العلماء أن يشفع الوتر مع الإمام (أي يزيد ركعة) ، بأن يقوم بعد سلام الإمام فيصلي ركعة ثم يسلم ، ويجعل وتره آخر تهجده ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم ( فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمْ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى ) ، وكذا قوله ( اجْعَلُوا آخِرَ صَلاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا ).
" انتهى نقلا عن "فتاوى رمضان" (ص 826) .
وأفتت اللجنة الدائمة بأن هذا الأمر الثاني : حسن .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (7/207) .
نسأل الله لك التوفيق والسداد .
والله أعلم .
[[الإسلام سؤال وجواب]].(1/125)
أرجو منكم إرسال دعاء ختم القرآن الكريم كما ورد في السنة النبوية .
الجواب:
الحمد لله
ليس في السنة النبوية دعاء خاص بعد ختم القرآن الكريم ، ولا حتى عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو الأئمة المشهورين ، ومن أشهر ما ينسب في هذا الباب الدعاء المكتوب في آخر كثير من المصاحف منسوباً لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، ولا أصل له عنه .
انظر : "فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (14/226) .
والدعاء بعد ختم القرآن إما أن يكون بعد ختمه في الصلاة ، أو خارجها ، ولا أصل للدعاء بعد الختمة في الصلاة ، وأما خارجها فقد ورد فعله عن أنس رضي الله عنه .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما حكم دعاء ختم القرآن في قيام الليل في شهر رمضان ؟ فأجاب :
" لا أعلم في ختمة القرآن في قيام الليل في شهر رمضان سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن الصحابة أيضا ، وغاية ما ورد في ذلك أن أنس بن مالك رضي الله عنه كان إذا ختم القرآن جمع أهله ودعا . وهذا في غير الصلاة " انتهى .
"فتاوى أركان الإسلام" (ص 354) .
وللشيخ بكر أبو زيد رسالة نافعة في هذه المسألة ، ومما جاء في خاتمتها :
من مجموع السياقات في الفصلين السالفين نأتي إلى الخاتمة في مقامين :
المقام الأول : في مطلق الدعاء لختم القرآن :
والمتحصل في هذا ما يلي :
أولاً :
أن ما تقدم مرفوعا وهو في مطلق الدعاء لختم القرآن :
لا يثبت منه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم , بل هو إما موضوع أو ضعيف لا ينجبر ،
ويكاد يحصل القطع بعدم وجود ما هو معتمد في الباب مرفوعاً ؛ لأن العلماء الجامعين الذين كتبوا في علوم القرآن وأذكاره أمثال : النووي , وابن كثير , والقرطبي , والسيوطي , لم تخرج سياقاتهم عن بعض ما ذكر ، فلو كان لديهم في ذلك ما هو أعلى إسناداً لذكروه .
ثانياً :(1/126)
أنه قد صح من فعل أنس بن مالك رضي الله عنه الدعاء عند ختم القرآن ، وجمع أهله وولده لذلك , وأنه قد قفاه (أي : تابعه) على ذلك جماعة من التابعين , كما في أثر مجاهد بن جبر رحمهم الله تعالى أجمعين .
ثالثاً :
أنه لم يتحصل الوقوف على شيء في مشروعية ذلك في منصوص الإمامين : أبي حنيفة والشافعي رحمهما الله تعالى .
وأن المروي عن الإمام مالك رحمه الله : أنه ليس من عمل الناس ، وأن الختم ليس سنة للقيام في رمضان .
رابعاً :
أن استحباب الدعاء عقب الختم , هو في المروي عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى , كما ينقله علماؤنا الحنابلة , وقرره بعض متأخري المذاهب الثلاثة .
المقام الثاني : في دعاء الختم في الصلاة :
وخلاصته فيما يلي :
أولاً :
أنه ليس فيما تقدم من المروي حرف واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أحد من صحابته رضي الله عنهم يفيد مشروعية الدعاء في الصلاة بعد الختم قبل الركوع أو بعده لإمام أو منفرد .
ثانياً :
أن نهاية ما في الباب هو ما يذكره علماء المذهب من الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى في رواية حنبل والفضل والحربي عنه - والتي لم نقف على أسانيدها - : من جعل دعاء الختم في صلاة التراويح قبل الركوع .
وفي رواية عنه - لا يعرف مخرجها - : أنه سهل فيه في دعاء الوتر ...
انظر : " مرويات دعاء ختم القرآن " .
وانظر جواب السؤال رقم ( 12949 ) .
والله أعلم .
[[الإسلام سؤال وجواب]].
هل هناك قدر معين لا بد من قراءته في صلاة التراويح ؟
الجواب:
الحمد لله
ليس هناك قدر معين لا بد من قراءته في صلاة التراويح ، غير أنه كلما أطال كان أفضل ، ما لم يصل إلى حد يشق على المأمومين .
قال الألباني رحمه الله :(1/127)
" وأما القراءة في صلاة الليل في قيام رمضان أو غيره ، فلم يَحُدَّ فيها النبي صلى الله عليه وسلم حداً لا يتعداه بزيادة ، أو نقص ، بل كانت قراءته صلى الله عليه وسلم فيها تختلف قصراً وطولاً ، فكان تارة يقرأ في كل ركعة قدر ( يا أيها المزمل ) ، وهي عشرون آية ، وتارة قدر خمسين آية ، وكان صلى الله عليه وسلم يقول ( من صلى في ليلة بمئة آية لم يُكْتَبْ من الغافلين ) .
وفي حديث آخر :
( ... بمئتي آية فإنه يكتب من القانتين المخلصين ) .
وقرأ صلى الله عليه وسلم في ليلة وهو مريض السبع الطوال ، وهي سورة ( البقرة ) ، و ( آل عمران ) ، و ( النساء ) ، و ( المائدة ) ، و ( الأنعام ) ، و ( الأعراف ) ، و ( التوبة ) .
وفي قصة صلاة حذيفة بن اليمان وراء النبي عليه الصلاة والسلام أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعة واحدة ( البقرة ) ثم ( النساء ) ثم ( آل عمران ) ، وكان يقرؤها مترسلاً متمهلاً .
وثبت بأصح إسناد أن عمر رضي الله عنه لما أمر أُبّيَّ بن كعب أن يصلي للناس بإحدى عشرة ركعة في رمضان ، كان أُبيٌّ رضي الله عنه يقرأ بالمئين ، حتى كان الذي خلفه يعتمدون على العِصِي من طول القيام ، وما كانوا ينصرفون إلا في أوائل الفجر .
وصح عن عمر أيضاً أنه دعا القُرَّاءَ في رمضان ، فأمر أسرعهم قراءة أن يقرأ ثلاثين آية ، والوسط خمساً وعشرين آية ، والبطيء عشرين آية .
وعلى ذلك فإن صلى القائم لنفسه فليطول ما شاء ، وكذلك إذا كان معه من يوافقه ، وكلما أطال فهو أفضل ، إلا أنه لا يبالغ في الإطالة حتى يُحيي الليل كله إلا نادراً ، إتباعا للنبي صلى الله عليه وسلم القائل ( وخير الهدي هدي محمد ) .
وأما إذا صلى إماماً ، فعليه أن يطيل بما لا يشق على من وراءه لقوله صلى الله عليه وسلم ( إذا قام أحدكم للناس فليخفف الصلاة ، فإن فيهم الصغير والكبير وفيهم الضعيف ، والمريض ، وذا الحاجة ، وإذا قام وحده فليطل صلاته ما شاء ) "(1/128)
انتهى من رسالة قيام رمضان .
وانظر السؤال رقم : (66504).
[[الإسلام سؤال وجواب]].
يحين موعد عملي قبل أن ينتهي الإمام من صلاة التراويح وأنا محتاج للذهاب للعمل ، فماذا أفعل ؟
الجواب:
الحمد لله
صلّ معه ما استطعت من صلاة التراويح جماعة ، ولا بأس أن تنصرف إلى عملك بعد ركعتين أو أربع أو ست ونحو ذلك ثم تكمل الصلاة في بيتك وتوتر في آخرها .
وإذا وجدت مسجداً يصلي مبكراً واستطعت إكمال الصلاة معه ثم الذهاب للعمال فهذا أحسن لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ ) رواه الترمذي (806) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
والله أعلم .
[[الإسلام سؤال وجواب]].
لقد سألت هذا السؤال من قبل وأرجو الإجابة عنه بما يفيدني فإنني تلقيت إجابة غير مرضية والسؤال عن التراويح هل هي 11 ركعة أم 20 ركعة . فالسنة تقول 11 والشيخ الألباني رحمه الله في كتاب القيام والتراويح يقول 11 ركعة وبعض الناس يذهبون للمسجد الذي يصلي 11 ركعة والبعض الآخر يذهبون للمسجد الذي يصلي 20 ركعة وأصبحت المسألة حساسة هنا في الولايات المتحدة فمن يصلي 11 يلوم الذي يصلي 20 والعكس وصارت فتنة حتى في المسجد الحرام يصلون 20 ركعة .
لماذا تختلف الصلاة في المسجد الحرام والمسجد النبوي عن السنة . لماذا يصلون التراويح 20 ركعة في المسجد الحرام والمسجد النبوي؟
الجواب:
لا نرى أن يتعامل المسلم مع المسائل الاجتهادية بين أهل العلم بمثل هذه الحساسية فيجعل منها سبباً لحصول الفرقة والفتن بين المسلمين .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عند الكلام على مسألة من يصلي مع الإمام عشر ركعات ثم يجلس وينتظر صلاة الوتر ولا يكمل صلاة التراويح مع الإمام :(1/129)
ويؤسفنا كثيراً أن نجد في الأمة الإسلامية المتفتحة فئة تختلف في أمور يسوغ فيها الخلاف ، فتجعل الخلاف فيها سبباً لاختلاف القلوب ، فالخلاف في الأمة موجود في عهد الصحابة ، ومع ذلك بقيت قلوبهم متفقة .
فالواجب على الشباب خاصة ، وعلى كل الملتزمين أن يكونوا يداً واحدةً ومظهراً واحداً ؛ لأن لهم أعداءً يتربصون بهم الدوائر .
" الشرح الممتع " ( 4 / 225 ) .
وقد غلا في هذه المسألة طائفتان ، الأولى أنكرت على من زاد على إحدى عشر ركعة وبدَّعت فعله ، والثانية أنكروا على من اقتصر على إحدى عشر ركعة وقالوا : إنهم خالفوا الإجماع .
ولنسمع إلى توجيه من الشيخ الفاضل ابن عثيمين رحمه الله حيث يقول :
وهنا نقول : لا ينبغي لنا أن نغلو أو نفرط ، فبعض الناس يغلو من حيث التزام السنة في العدد، فيقول : لا تجوز الزيادة على العدد الذي جاءت به السنَّة ، وينكر أشدَّ النكير على من زاد على ذلك ، ويقول : إنه آثم عاصٍ .
وهذا لا شك أنه خطأ ، وكيف يكون آثماً عاصياً وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل فقال : مثنى مثنى ، ولم يحدد بعدد ، ومن المعلوم أن الذي سأله عن صلاة الليل لا يعلم العدد ؛ لأن من لا يعلم الكيفية فجهله بالعدد من باب أولى ، وهو ليس ممن خدم الرسول صلى الله عليه وسلم حتى نقول إنه يعلم ما يحدث داخل بيته ، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن له كيفية الصلاة دون أن يحدد له بعدد : عُلم أن الأمر في هذا واسع ، وأن للإنسان أن يصلِّيَ مائة ركعة ويوتر بواحدة .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم " صلوا كما رأيتموني أصلي " فهذا ليس على عمومه حتى عند هؤلاء ، ولهذا لا يوجبون على الإنسان أن يوتر مرة بخمس ، ومرة بسبع ، ومرة بتسع ، ولو أخذنا بالعموم لقلنا يجب أن توتر مرة بخمس ، ومرة بسبع ، ومرة بتسع سرداً ، وإنما المراد : صلوا كما رأيتموني أصلي في الكيفية ، أما في العدد فلا إلا ما ثبت النص بتحديده .(1/130)
وعلى كلٍّ ينبغي للإنسان أن لا يشدد على الناس في أمر واسع ، حتى إنا رأينا من الإخوة الذين يشددون في هذا مَن يبدِّعون الأئمة الذين يزيدون على إحدى عشرة ، ويخرجون من المسجد فيفوتهم الأجر الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم " من قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة " رواه الترمذي ( 806 ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي ( 646 ) ، وقد يجلسون إذا صلوا عشر ركعات فتنقطع الصفوف بجلوسهم ، وربما يتحدثون أحياناً فيشوشون على المصلين .
ونحن لا نشك بأنهم يريدون الخير ، وأنهم مجتهدون ، لكن ليس كل مجتهدٍ يكون مصيباً .
والطرف الثاني : عكس هؤلاء ، أنكروا على من اقتصر على إحدى عشرة ركعة إنكاراً عظيماً، وقالوا : خرجتَ عن الإجماع قال تعالى { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً } ، فكل من قبلك لا يعرفون إلا ثلاثاً وعشرين ركعة ، ثم يشدِّدون في النكير ، وهذا أيضاً خطأ .
" الشرح الممتع " ( 4 / 73 – 75 ) .
أما الدليل الذي استدل القائلون بعدم جواز الزيادة في صلاة التراويح على ثمان ركعات فهو حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه سأل عائشة رضي الله عنها : " كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان ؟ فقالت : ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة يصلي أربعا فلا تسل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعا فلا تسل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثا فقلت يا رسول الله أتنام قبل أن توتر قال يا عائشة إن عينيَّ تنامان ولا ينام قلبي " .
رواه البخاري ( 1909 ) ومسلم ( 738 ) .
فقالوا : هذا الحديث يدل على المداومة لرسول الله في صلاته في الليل في رمضان وغيره .
وقد ردَّ العلماء على الاستدلال بهذا الحديث بأن هذا من فعله صلى الله عليه وسلَّم ، والفعل لا يدل على الوجوب .(1/131)
ومن الأدلة الواضحة على أن صلاة الليل ومنها صلاة التراويح غير مقيدة بعدد حديث ابن عمر أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام : " صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلَّى " .
رواه البخاري ( 946 ) ومسلم ( 749 ) .
ونظرة إلى أقوال العلماء في المذاهب المعتبرة تبين لك أن الأمر في هذا واسع ، وأنه لا حرج في الزيادة على إحدى عشرة ركعة :
قال السرخسي وهو من أئمة المذهب الحنفي :
فإنها عشرون ركعة سوى الوتر عندنا .
" المبسوط " ( 2 / 145 ) .
وقال ابن قدامة :
والمختار عند أبي عبد الله ( يعني الإمام أحمد ) رحمه الله ، فيها عشرون ركعة ، وبهذا قال الثوري ، وأبو حنيفة ، والشافعي ، وقال مالك : ستة وثلاثون .
" المغني " ( 1 / 457 ) .
وقال النووي :
صلاة التراويح سنة بإجماع العلماء ، ومذهبنا أنها عشرون ركعة بعشر تسليمات وتجوز منفردا وجماعة .
" المجموع " ( 4 / 31 ) .
فهذه مذاهب الأئمة الأربعة في عدد ركعات صلاة التراويح وكلهم قالوا بالزيادة على إحدى عشرة ركعة ، ولعل من الأسباب التي جعلتهم يقولون بالزيادة على إحدى عشرة ركعة :
1- أنهم رأوا أن حديث عائشة رضي الله عنها لا يقتضي التحديد بهذا العدد .
2- وردت الزيادة عن كثير من السلف .
انظر : المغني ( 2 / 604 ) ، والمجموع ( 4 / 32 )(1/132)
3- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي إحدى عشرة ركعة وكان يطيلها جداً حتى كان يستوعب بها عامة الليل ، بل في إحدى الليالي التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم صلاة التراويح بأصحابه لم ينصرف من الصلاة إلا قبيل طلوع الفجر حتى خشي الصحابة أن يفوتهم السحور ، وكان الصحابة رضي الله عنهم يحبون الصلاة خلف النبي صلى الله عليه وسلم ولا يستطيلونها فرأى العلماء أن الإمام إذا أطال الصلاة إلى هذا الحد شق ذلك على المأمومين وربما أدى ذلك إلى تنفيرهم فرأوا أن الإمام يخفف من القراءة ويزيد من عدد الركعات .
والحاصل : أن من صلى إحدى عشرة ركعة على الصفة الواردة عن الني صلى الله عليه وسلم فقد أحسن وأصاب السنة ، ومن خفف القراءة وزاد عدد الركعات فقد أحسن ، ولا إنكار على من فعل أحد الأمرين .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
والتراويح إن صلاها كمذهب أبي حنيفة ، والشافعي ، وأحمد : عشرين ركعة أو : كمذهب مالك ستا وثلاثين ، أو ثلاث عشرة ، أو إحدى عشرة فقد أحسن ، كما نص عليه الإمام أحمد لعدم التوقيف فيكون تكثير الركعات وتقليلها بحسب طول القيام وقصره .
الاختيارات ص ( 64 ) .
قال السيوطي :
الذي وردت به الأحاديث الصحيحة والحسان الأمر بقيام رمضان والترغيب فيه من غير تخصيص بعدد ، ولم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى التراويح عشرين ركعة ، وإنما صلى ليالي صلاة لم يذكر عددها ، ثم تأخر في الليلة الرابعة خشية أن تفرض عليهم فيعجزوا عنها . وقال ابن حجر الهيثمي : لم يصح أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى التراويح عشرين ركعة ، وما ورد أنه " كان يصلي عشرين ركعة " فهو شديد الضعف .
الموسوعة الفقهية ( 27 / 142 – 145 )
وبعد فلا تعجب أخي السائل من صلاة التراويح عشرين ركعة وقد سبقوا من أولئك الأئمة جيلا قبل جيل ، وفي كلٍّ خير .
والله أعلم .
[[الإسلام سؤال وجواب]].
هل يجوز للمعتكف الاتصال بالهاتف لقضاء حوائج المسلمين؟(1/133)
الجواب:
نعم يجوز للمعتكف أن يتصل بالهاتف لقضاء بعض حوائج المسلمين إذا كان الهاتف في المسجد الذي هو معتكف فيه؛ لأنه لم يخرج من المسجد.
أما إذا كان خارج المسجد فلا يخرج لذلك، وقضاء حوائج المسلمين إذا كان هذا الرجل معنياً بها لا يعتكف؛ لأن قضاء حوائج المسلمين أهم من الاعتكاف لأن نفعها متعدٍّ، والنفع المتعدي أفضل من النفع القاصر إلا إذا كان النفع القاصر من مهمات الإسلام وواجباته.
[[(كتاب الدعوة ، الجزء الثالث ، ص 61)]].
كيف يكون إحياء ليلة القدر؟ أبالصلاة أم بقراءة القرآن والسيرة النبوية والوعظ والإرشاد والاحتفال لذلك في المسجد؟
الجواب:
أولاً: كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يجتهد في العشر الأواخر من رمضان مالا يجتهد في غيرها بالصلاة والقراءة والدعاء، فروى البخاري ومسلم عن عائشة –رضي الله عنها- أن النبي –صلى الله عليه وسلم-:"كان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر"، ولأحمد ومسلم "كان يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في غيرها".
ثانياً: حث النبي –صلى الله عليه وسلم- على قيام ليلة القدر إيماناً واحتساباً، فعن أبي هريرة –رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال "من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" رواه الجماعة إلا ابن ماجه، وهذا الحديث يدل على مشروعية إحيائها بالقيام.
ثالثاً: من أفضل الأدعية التي تقال في ليلة القدر ما علمه النبي –صلى الله عليه وسلم- عائشة –رضي الله عنها-، فروى الترمذي وصححه عن عائشة –رضي الله عنها- قالت " قلت: يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟" قال:"قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني".(1/134)
رابعاً: أما تخصيص ليلة من رمضان بأنها ليلة القدر فهذا يحتاج إلى دليل يعينها دون غيرها، ولكن أوتار العشر الأواخر أحرى من غيرها والليلة السابعة والعشرون هي أحرى الليالي بليلة القدر؛ لما جاء في ذلك من الأحاديث الدالة على ما ذكرنا.
خامساً: وأما البدع فغير جائزة لا في رمضان ولا في غيره، فقد ثبت عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، وفي رواية:"من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد".
فما يفعل في بعض ليالي رمضان من الاحتفالات لا نعلم له أصلاً، وخير الهدي هدي محمد –صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[[اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (10/412-413)]].
اعتاد بعض المسلمين وصف ليلة سبع وعشرين من رمضان بأنها ليلة القدر، فهل لهذا التحديد أصل وهل عليه دليل؟
الجواب:
نعم، لهذا التحديد أصل وهو أن ليلة سبع وعشرين أرجى ما تكون ليلة للقدر كما جاء ذلك في صحيح مسلم من حديث أُبيّ بن كعب – رضي الله عنه – ولكن القول الراجح من أقوال أهل العلم التي بلغت فوق أربعين قولاً: أن ليلة القدر في العشر الأواخر، ولاسيما في السبع الأواخر منها، فقد تكون ليلة سبع وعشرين، وقد تكون ليلة خمس وعشرين، وقد تكون ليلة السادس والعشرين، وقد تكون ليلة الرابع والعشرين ولذلك ينبغي للإنسان أن يجتهد في كل الليالي حتى لا يحرم من فضلها وأجرها، فقد قال الله تعالى: "إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين". وقال - عز وجل "إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر".
(كتاب الدعوة، الجزء الخامس، ص 204).
أنا في مصر وأهلي في السعودية، وهم يخرجون زكاة الفطر عني فما الحكم؟
الجواب:(1/135)
الواجب أن يخرج المسلم زكاة الفطر عن نفسه من ماله، فإن تبرع أحد بإخراجها عنه فإنها تجزئ عنه. والأولى أن يخرجها في مكانه الذي تجب عليه وهو فيه؛ لأنها زكاة تتبع البدن، إلا أنه إذا كان ينقلها إلى مكان أحوج أو المصلحة في نقلها إليه أعظم من دفعها في مكانه الذي هو فيه فإن ذلك جائز.
[[الشيخ د. خالد بن عبد الله المصلح]].
إذا أرادت المرأة أن تصوم الست من شوال وعليها عدة أيام قضاء من رمضان فهل تصوم أولا القضاء أم لا بأس بأن تصوم الست من شوال ثم تقضي ؟
الجواب:
اختلف العلماء في جواز صيام التطوع قبل الفراغ من قضاء رمضان على قولين في الجملة:
الأول: جواز التطوع بالصوم قبل قضاء رمضان، وهو قول الجمهور إما مطلقاً أو مع الكراهة. فقال الحنفية بجواز التطوع بالصوم قبل قضاء رمضان؛ لكون القضاء لا يجب على الفور بل وجوبه موسع وهو رواية عن أحمد.
أما المالكية والشافعية فقالوا: بالجواز مع الكراهة, لما يترتب على الاشتغال بالتطوع عن القضاء من تأخير الواجب.
الثاني: تحريم التطوع بالصوم قبل قضاء رمضان, وهو المذهب عند الحنابلة.
والصحيح من هذين القولين هو القول بالجواز؛ لأن وقت القضاء موسع، والقول بعدم الجواز وعدم الصحة يحتاج إلى دليل، وليس هناك ما يعتمد عليه في ذلك.
أما ما يتعلق بصوم ست من شوال قبل الفراغ من قضاء ما عليه من رمضان ففيه لأهل العلم قولان:
الأول: أن فضيلة صيام الست من شوال لا تحصل إلا لمن قضى ما عليه من أيام رمضان التي أفطرها لعذر. واستدلوا لذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيما رواه مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري: من صام رمضان ثم أتبعه ستّاً من شوال كان كصيام الدهر. وإنما يتحقق وصف صيام رمضان لمن أكمل العدة.
قال الهيتمي في تحفة المحتاج (3/457):
(( لأنها مع صيام رمضان أي: جميعه، وإلا لم يحصل الفضل الآتي وإن أفطر لعذر)).
وقال ابن مفلح في كتابه الفروع (3/108):
(((1/136)
يتوجه تحصيل فضيلتها لمن صامها وقضى رمضان وقد أفطره لعذر, ولعله مراد الأصحاب, وما ظاهره خلافه خرج على الغالب المعتاد, والله أعلم)).
وبهذا قال جماعة من العلماء المعاصرين كشيخنا عبد العزيز بن باز وشيخنا محمد العثيمين رحمهما الله.
الثاني: أن فضيلة صيام الست من شوال تحصل لمن صامها قبل قضاء ما عليه من أيام رمضان التي أفطرها لعذر؛ لأن من أفطر أياماً من رمضان لعذر يصدق عليه أنه صام رمضان فإذا صام الست من شوال قبل القضاء حصل ما رتبه النبي صلى الله عليه وسلم من الأجر على إتباع صيام رمضان ستاً من شوال.
وقد نقل البجيرمي في حاشيته على الخطيب بعد ذكر القول بأن الثواب لا يحصل لمن قدم الست على القضاء محتجاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم ثم أتبعه ستاً من شوال (2/352) عن بعض أهل العلم الجواب التالي:
((قد يقال التبعية تشمل التقديرية لأنه إذا صام رمضان بعدها وقع عما قبلها تقديراً, أو التبعية تشمل المتأخرة كما في نفل الفرائض التابع لها ا هـ. فيسن صومها وإن أفطر رمضان)).
وقال في المبدع (3/52):
((لكن ذكر في الفروع أن فضيلتها تحصل لمن صامها وقضى رمضان وقد أفطر لعذر ولعله مراد الأصحاب، وفيه شيء)).
والذي يظهر لي أن ما قاله أصحاب القول الثاني أقرب إلى الصواب؛ لاسيما وأن المعنى الذي تدرك به الفضيلة ليس موقوفاً على الفراغ من القضاء قبل الست فإن مقابلة صيام شهر رمضان لصيام عشرة أشهر حاصل بإكمال الفرض أداء وقضاء وقد وسع الله في القضاء فقال{ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ} (البقرة: 185).
أما صيام الست من شوال فهي فضيلة تختص هذا الشهر تفوت بفواته. ومع هذا فإن البداءة بإبراء الذمة بصيام الفرض أولى من الاشتغال بالتطوع. لكن من صام الست ثم صام القضاء بعد ذلك فإنه تحصل له الفضيلة إذ لا دليل على انتفائها، والله أعلم.
[[(1/137)
الشيخ د. خالد بن عبد الله المصلح]].
هل يجوز أن أصوم الستة أيام من شوال بنفس النية بقضاء الأيام التي أفطرت فيها في رمضان بسبب الحيض ؟
الجواب:
الحمد لله
لا يصح ذلك ، لأن صيام ستة أيام من شوال لا تكون إلا بعد صيام رمضان كاملاً.
قال الشيخ ابن عثيمين في "فتاوى الصيام" (438) :
"من صام يوم عرفة ، أو يوم عاشوراء وعليه قضاء من رمضان فصيامه صحيح ، لكن لو نوى أن يصوم هذا اليوم عن قضاء رمضان حصل له الأجران: أجر يوم عرفة ، وأجر يوم عاشوراء مع أجر القضاء ، هذا بالنسبة لصوم التطوع المطلق الذي لا يرتبط برمضان ، أما صيام ستة أيام من شوال فإنها مرتبطة برمضان ولا تكون إلا بعد قضائه، فلو صامها قبل القضاء لم يحصل على أجرها ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر) ومعلوم أن من عليه قضاء فإنه لا يعد صائماً رمضان حتى يكمل القضاء" اهـ .
[[الإسلام سؤال وجواب]].
هل صيام الأيام الستة يلزم بعد شهر رمضان عقب يوم العيد مباشرة أو يجوز بعد العيد بعدة أيام؟ على أن تصام متتالية في شهر شوال؟
الجواب:
لا يلزمه أن يصومها بعد عيد الفطر مباشرة، بل يجوز أن يبدأ صومها بعد العيد بيوم أو أيام، وأن يصومها متتالية أو متفرقة في شهر شوال حسب ما يتيسر له، والأمر في ذلك واسع، وليست فريضة بل هي سنة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[[اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (10/391)]].
هل يجوز صيام التطوع بنيتين: نية قضاء ونية سنة؟ وما حكم الصوم بالنسبة للمسافر والمريض؟ إذا كانا قادرين على الصيام فهل يقبل منهما أم لا؟
الجواب:(1/138)
لا يجوز صيام التطوع بنيتين، نية القضاء ونية السنة، والأفضل للمسافر سفر قصر أن يفطر، ولكنه لو صام أجزأه، والأفضل لمن يشق عليه الصوم مشقة فادحة لمرضه أن يفطر، وإن علم أو غلب على ظنه أنه يصيبه ضرر أو هلاك بصومه وجب عليه الفطر؛ دفعاً للحرج والضرر، وعلى كل من المسافر والمريض قضاء صيام ما أفطره من أيام رمضان في أيام أخر، ولكنه لو صام مع الحرج أجزأه. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد.
ما هو قدر الطعام الواجب إخراجه عمن أفطر في رمضان لمرض لا يرجى برؤه؟
الجواب:
ليس له قدر محدد إنما ما يحصل به إشباع المسكين لقول الله تعالى {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ } (البقرة: من الآية184).
جدتي كبيرة في السن ولا تعي الصيام ولا الصلاة، ففي رمضان الماضي قمنا بإطعام عن كل يوم مسكيناً، ونريد هذا العام أن نفعل الشيء ذاته فهل هذا الفعل صحيح ؟
الجواب:
ليس عليكم إطعام لأنها ليست مكلفة.
[[الشيخ د. خالد بن عبد الله المصلح]].
********************
وفي الختام هذا جهد المقل .. الذي يسأل الله عفوه وغفرانه .. فساهم في نشره .. لتنال أجره ..
والله اسأل أن ينفع به الإسلام والمسلمين .. وأن يجعله ذخراً لي ولمن نشره ودلَّ عليه يوم الدين .. والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم .. محبرة الداعي ..
Me7barh@hotmail.com
http://me7barh.maktoobblog.com/(1/139)