الْمَرأَةُ وَالقِيَادَةُ
بقلم
أحمد بن عبد العزيز الحمدان
بسم الله الرحمن الرحيم
الْمَرأَةُ وَالقِيَادَةُ
مقدمة
الْحَمْدُ للهِ مُجِيْبِ مَنْ سَأَلَهُ، وَمُثِيْبِ مَنْ عَلَّقَ بِهِ رَجَاهُ وَأَمَلَهُ، الكَرِيْمِ الَّذِي مَنْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ قَبِلَهُ، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ أَرْدَاهُ وَخَذَلَه.
وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، خِيْرَةُ أَنْبِيَائِهِ وَرُسِلِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الْبَرَرَةِ، وَصَحْبِهِ الْخِيَرَةِ، وَمَنْ عَلَى نَهْجِهِ سَارَ وَاقْتَفَى أَثَرَهُ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْماً كَثِيْراً، أَمَّا بَعْدُ.
فَفِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ الْمُوَافِقِ لِلْعَاشِرِ مِنْ شَهْرِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، مِنَ العَامِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِيْنَ بَعْدَ الأَرْبَعِ مِئَةِ وَالأَلْفِ، نَلْتَقِي فِي جَامِعِ الأَخَوَينِ بِحَيِّ الرِّحَابِ بِمُحَافَظَةِ جُدَّةَ، فِي مُحَاضَرَةِ ((الْمَرأَةُ وَالقِيَادَةُ)) ضِمْنَ سِلْسِلَةِ مُحَاضَرَاتٍ عُنْوَانُهَا ((الْمَرأَةُ شُجُونٌ وَشُؤُونٌ-الْحَلْقَةُ الأُوْلَى)).
وَسَتَكُونُ الْمُحَاضَرَةُ –إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى- فِي خَمْسَةِ عَنَاصِرَ؛ وَهِيَ:
أَوَّلاً: التَّمْهِيدُ.
ثَانِياً: الْمَفَاسِدُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى قِيَادَةِ الْمَرأَةِ لِلسَّيَّارَةِ.
ثَالِثاً: مَا احتَجَّ بِهِ مَنْ يُنَادُونَ بِقِيَادَةِ الْمَرأَةِ لِلسَّيَّارَةِ.
رَابِعاً: الْمَوقِفُ الرَّسْمِيُّ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
خَامِساً: الْخَاتِمَةُ.
العُنْصُرُ الأوّل: تمهيد
الدينُ عند اللهِ - عز وجل - دينُ الإسلام، قال تعالى { إن الدين عند اللهِ الإسلام } .
[سورة آل عمران، الآية 19].(1/1)
وهو الدينُ الذي لا يقبلُ اللهُ من العبادِ ديناً سِواهُ، قال تعالى { ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين } .
[سورة آل عمران، الآية 85].
وهو الدين الخاتم الذي لا دين بعده وسواه، قال تعالى { وأنزلنا إليك الكتابَ بالحقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ } .
[سورة المائدة، الآية 48].
وقال تعالى { ما كان محمَّدٌ أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسولَ اللهِ وخاتمَ النبيين } .
[سورة الأحزاب، الآية 40].
وهو الدين الكامل الذي لا نقص فيه، المستوفي لجميع احتياجاتِ البشرِ الماضيةِ والحاضرةِ والمستقبلةِ إلى قيامِ السَّاعَةِ، قال تعالى { اليومَ أكملتُ لكم دينكم وأتممتُ عليكم نعمتي ورضيتُ لكم الإسلامَ ديناً } .
[سورة المائدة، الآية 3].
قال العلامةُ ابنُ سعدي –رحمه الله-: { اليومَ أكملتُ لكم دينكم } بتمامِ النصرِ، وتكميلِ الشرائعِ الظاهرة والباطنة، الأصولِ والفروعِ؛ ولهذا كان الكتاب والسنةُ كافيين كلَّ الكفايةِ في أحكامِ الدينِ أصولهِ وفروعهِ.
ومعلومٌ أنّ نصوصَ الكتابِ والسُّنَّةِ متناهيةٌ، والمسائلُ والوقائعُ غيرُ متناهيةٍ؛ لذلك كانتِ النصوصُ العامَّةُ، والقواعدُ الشرعيةُ هي الأسس التي تُبنى عليها أحكامُ النوازل، فيأتي الفقيهُ ويقيسُ النظيرَ بنظيره، ويُلحقُ الفرعَ بالأصلِ، ويدرجُ المسائلَ الفقهيةَ المتناثرةَ تحت القاعدةِ التي تجمعها.
لذلك ظهر ((علمُ أصولِ الفقه)) و((قواعدُ الفقه)) حتى لا يظلَّ النَّاسُ في حيرةٍ من أمرهم، لا يعرفون حكم اللهِ تعالى في المسائلِ حين لا يجدون نصاً يخصُّ المسألةَ المستفتى فيها بعينها.
وهذا من كمال الشريعة، ومما يظهر لنا عظمتها، وقدرتها على أنَّ تعطي كلَّ مسألةٍ الحكم الصالحَ لها، وهو الذي يسمونه: ((صلاح الشريعة لكلِّ زمانٍ ومكان)).(1/2)
ونحن إذا نظرنا إلى مسألتنا التي نتحدث عنها؛ وهي ((قيادةُ المرأةِ للسيارةِ)) نجدها من المسائلِ الحادثةِ التي لم يرد فيها نصٌّ يخصُّها بحكم، فهي لذلك تحتاجُ إلى نظرِ الفقيهِ لينظر في حقيقتِها، وما تؤدي إليه، وما يحفها من مصالح ومفاسد، ثم ينظر إلى القواعد التي يمكن أن تندرج تحتها، ثم يعطيها الحكم اللائق بها.
فَيُقَالُ: ((الأَصلُ فِي الأَشْيَاءِ الإِبَاحَةُ حَتَّى يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى التَّحرِيْمِ))، وهذه قَاعِدَةٌ فِقْهِيَّةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا بَيْنَ الفُقَهَاءِ –رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى- فَمِنْ قَائِلٍ بِهَا، وَمِنْ قَائِلٍ –كَالإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ-: ((الأَصلُ فِي الأَشْيَاءِ التَّحرِيْمُ حَتَّى يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى الإِبَاحَةِ))، وَمِنْ قَائِلٍ بِالتَّوَقُّفِ كَجُمْهُورِ الْحَنَفِيَّةِ.
[الأشباه والنظائر للسيوطي ص60، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص73، وقواعد الأصول لابن اللحام].
وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ عُلَمَاءَنَا يَرَونَ الرَّأْيَ الأَوَّلَ؛ وَهُوَ ((الأَصلُ فِي الأَشْيَاءِ الإِبَاحَةُ حَتَّى يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى التَّحرِيْمِ)).
ثم ننظر، هل هذه القاعدة تنطبق على ((قيادة المرأة للسيارة؟)).
الجواب: لا، لاتنطبق عليها؛ وذلك أنَّ النصوصَ والقواعدَ الشرعيةَ تدلُ على المنع، فهذه القاعدةُ لا تنطبق على مسألتنا هذه من هذا الوجه، أي كون الأمور التي تلازمُها وتحفها تمنع من القولِ بهذه القاعدة.
وهذا بيانٌ لذلك:
أَوَّلاً: ((أَنَّ دَرءَ الْمَفَاسِدِ –إِذَا كَانَتْ مُكَافِئَةً لِلْمَصَالِحِ، أَوْ أَعظَمَ- مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ))، وَالدَّلِيْلُ قَولُهُ تَعَالَى: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيْهِمَا إِثْمٌ كَبِيْرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا } .
[سورة البقرة، الآية 219].(1/3)
وَقَدْ حَرَّمَ اللهُ الْخَمرَ وَالْمَيْسِرَ مَعَ مَا فِيْهِمَا مِنَ الْمَنَافِعِ، دَرءً لِلْمَفْسَدَةِ الْخَاصَّةِ بِتَنَاوُلِهِمَا.
وَذَكَرَ العُلَمَاءُ –رَحِمَهُمُ اللهُ- أَنَّ الشَّرِيعَةَ كُلَّهَا مَبْنَاهَا عَلَى جَلبِ الْمَصَالِحِ وَدَرءِ الْمَفَاسِدِ، وَهَذِهِ هِيَ القَاعِدَةُ العَامَّةُ الَّتِي تَرجِعُ إِلَيْهَا أُصُولُ الشَّريْعَةِ وَفُرُوعُهَا.
ولو نظرنا إلى جميع القواعدِ الشرعيَّةِ لوجدناها إمَّا تُقَرِّرُ مصلحةً، أو تدفع مفسدة، ودفعُ المفسدةِ في حالِ التعارضِ مقدَّم.
قَالَ اللهُ تَعَالَى { إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدلِ وَالإِحسَانِ وَإِيْتَآءِ ذِي القُربَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحشَآءِ وَالْمُنْكَرِ وَالبَغْي } .
[سورة النحل، الآية 90].
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - : هَذِهِ أَجْمَعُ آيَةٍ لِلْخَيرِ وَالشَّرِّ.
قَالَ النَّاظِمُ –رَحِمَهُ اللهُ-:
الدِّينُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَصَالِحِفِي جَلْبِهَا وَالدَّرءِ لِلقَبَائِحِ
[روضة الفوائد شرح منظومة القواعد لابن سعدي، د.مصطفى مخدوم ص34و35].
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - ، عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((إِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ)).
[متفق عليه: صحيح البخاري: كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة/باب الاقتداء بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ومسلم: كتاب الفضائل/باب توقيره - صلى الله عليه وسلم - ].
وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ فِي قِيَادَةِ الْمَرأَةِ السَّيَّارَةَ مَصَالِحُ جَمَّةٌ، وَقَدْ جَاءَ الشَّرعُ بِجَلْبِ الْمَصَالِحِ.(1/4)
فَيُقَالُ لَهُ: كَمَا أَنَّ الشَّرعَ جَاءَ بِجَلْبِ الْمَصَالِحِ، فَهُوَ كَذَلِكَ جَاءَ بِدَرءِ الْمَفَاسِدِ، بَلْ نَصَّ العُلَمَاءُ عَلَى تَقدِيْمِ دَرءِ الْمَفَاسِدِ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ.
ثُمَّ إِنَّ الْمَصَالِحَ الْمُعتَبَرَةَ هِيَ الْمَصَالِحُ الَّتِي يُحَدِّدُهَا الشَّارِعُ الْحَكِيْمُ لاَ الَّتِي يَمِيلُ إِلَيْهَا العِبَادُ بِآرَائِهِمْ وَرَغَبَاتِهِمْ وَضُغُوطِ وَاقِعِهِم.
قَالَ الشَّاطِبِيُّ –رَحِمَهُ اللهُ-: الْمَصَالِحُ الْمُجتَلَبَةُ شَرعاً، وَالْمَفَاسِدُ الْمُستَدفَعَةُ إِنَّما تُعتَبَرُ مِنْ حَيْثُ تُقَامُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لِلْحَيَاةِ الأُخْرَى، لاَ مِنْ حَيْثُ أَهْوَاءُ النُّفُوسِ فِي جَلْبِ مَصَالِحِهَا العَادِيَّةِ، أَوْ دَرءِ مَفَاسِدِهَا العَادِيَّةِ.
[الموافقات للشاطبي 2/27].
ثم يقال: هل مفاسدُ ((قيادةِ المرأةِ للسيارة)) أكثرُ وأرجح، أم مصالحها أكثرُ وأرجح؟
هذا ما سنبينه في العنصرِ الثاني من هذه المحاضرة –إن شاء الله تعالى-.
ثانياً: قاعدةُ ((سدِّ الذَّرائعِ)) قاعدةٌ شرعيةٌ عظيمةٌ، تكلم عنها العلامةُ ابن قيّم الجوزية –رحمه الله- في كتابه الماتع ((إعلامِ الموقعين عن ربِّ العالمين)) وأطال النفس جداً، وذكر لها تسعةً وتسعين دليلاً، وَبَيَّنَ اتفاقَ العلماءِ على اعتبارِ أصلِ هذه القاعدة، وأنّ جميعَ أوامرِ الشرع إنما جاءتْ لدرء المفاسد، فعبادةُ الله تعالى شرعتْ لدرءِ مفسدةِ عبادةِ غيرِه، والحدودُ أقيمت لدرء مفسدة وقوع التعدي على الأنفس والأموال والأعراض، وأكلُ المضطر للميتة أُذن به لدرء مفسدة الهلاك، وهكذا، نجد كلَّ شعيرةٍ، وكلَّ أمر قد جاء يدرأُ مفسدةً ستقع لولا تشريعُ تلك الشعيرة وذلك الأمر، وهذا من حكمة الله تعالى العظيمة.
ثم يقال: هل ((قيادةِ المرأةِ للسيارة)) تحتاج إلى أن تطبق عليها هذه القاعدة؟(1/5)
هذا ما سنبينه في العنصرِ الثاني من هذه المحاضرة –إن شاء الله تعالى-.
ثالثاً: ((مَا أَفْضَى إِلَى مُحَرَّمٍ فَهُوَ مُحَرَّمٌ))، وَالدَّلِيْلُ قَولُهُ تَعَالَى { وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّونَ اللهَ عَدواً بِغَيْرِ عِلْمٍ } .
[سورة الأنعام، الآية 108].
فَنَهَى اللهُ عَنْ سَبِّ آلِهَةِ الْمُشْرِكِينَ –مَعَ أَنَّ فِيْهَا مَصلَحَةً-؛ لأَنَّ سَبَّهَا يُفْضِي إِلَى سَبِّ اللهِ تَعَالَى.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ يَتَبَيَّنُ حُكْمُ قِيَادَةِ الْمَرأَةِ لِلسَّيَّارَةِ، فَإِنَّ قِيَادَةَ الْمَرأَةِ لِلسَّيَّارَةِ تَتَضَمَّنُ مَفَاسِدَ كَثِيْرَةً.
هذا ما سنبينه في العنصرِ الثاني من هذه المحاضرة –إن شاء الله تعالى-.
العُنْصُرُ الثَّانِي: المفاسدُ المترتبةُ على قيادةِ المرأةِ للسيارة
قرر الشرعُ الحكيم مَهَمَّةَ الإنسانِ في هذه الأرض؛ وهي عبادةُ اللهِ تعالى، قال تعالى { وما خلقت الجنَّ والإنس إلا ليعبدون - ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون - إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين } .
[سورة الذاريات، الآيات 56-58].
فكلُّ ما كان محققاً لهذا الهدف الأسمى، والغايةِ العظمى، فهو مما جاء الشرع بتقريره، وكلُّ ما جاء ليصرف النَّاسَ عنها، فهو مما جاء الشرعُ بمنعه.
واللهُ - عز وجل - قد جعل لكلِّ فردٍ من أفرادٍ جماعةِ المسلمين واجباتٍ وحقوق، إذا أدَّى كلٌّ منهم الواجباتِ التي عليه، وحصل على الحقوقِ التي له، استقامت الحياة، وعاش الناس في سعادة يتمكنون من خلالها أن يقوموا بعبادة ربهم كما أراد اللهُ تعالى منهم، وإذا لم يقع ذلك اضطربت أمورهم، وعاشوا في فوضى.(1/6)
فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: ((أَلاَ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلاَ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ)).
[متفق عليه: صحيح البخاري: كتاب الجمعة/باب الجمعة في القرى والمدن، ومسلم: كتاب الإمارة/باب فضيلة الإمام العادل].(1/7)
وإذا نظرنا إلى ما أعطى الله - عز وجل - الرجل من حقوق وما كلفه به من واجبات، وما أعطى المرأة من حقوق وكلفها به من واجبات، نجد أنَّ الشرع قد جعل مهمّةَ المرأةِ في هذه الحياةِ: الحملُ والإنجابُ، وتربيةُ النشء، والعنايةُ بالبيت، والتبعل للزوجِ، وهي مهام لا يستطيع الرجل القيامَ بها؛ لأنه لا يملك مقوماتِ ذلك؛ في جسده وعقله ونفسه، وهو قد شُغل بطلبِ الرزق، والضربِ في الأرض، ومقارعة الخطوبِ خارج المنزل، ولا يملك القدرة مع هذه المهام الجسام أن يعود إلى بيته ليعتني به بنفس الكفاءة التي تملكها المرأة، أما المرأة فقد هيأها الله لهذه المهمةِ في جسدها الذي هُيِّأَ للحمل والولادةِ والإرضاعِ، وفي نفسها التي هيئت بعواطفَ تمكنها من العطف والحنانِ على أبنائها، والصبر على شؤونهم وشؤون بيتها، والمحبة لزوجها التي تجعلها سكناً له، وفي عقلها الذي يميل إلى التركيز على كلِّ صغيرةٍ وكبيرةٍ من شؤون محيطها الصغير الذي تعيشه مع زوجها وأبنائها، فتتمكن من العناية بكل ما يحتاجه الصغير في عالمه الصغير، ولولا ذلك لفسدت البيوت، ونشأ الأبناء منزوعي الرحمة غيرَ أسوياء، وفقدوا من يستطيع مراقبة شؤونهم، ومعرفة تصرفاتهم واحتياجاتهم، أما إذا وجدوا أماً غيرَ متفرغة، وأباً عاجزاً عن القيامِ بواجب الأمِ، فسيخرجون ناقمين غيرَ أسوياء؛ لذلك خفف الله تعالى عن المرأة كثيراً مما حَمَّلَهُ الرجلَ حتى تتمكن من القيام بالمهامِ الجسامِ داخلَ بيتِها.
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - رضي الله عنه - ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : ((إِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا، قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْت)).
[رواه الإمام أحمد].
وكلُّ أمرٍ يُعَطِّلُ، أو يُضعِفُ قيامَ المرأةِ بهذه المهام فإنَّهُ يمنعُ منه.(1/8)
قَالَ الشَّاطِبِيُّ –رَحِمَهُ اللهُ-: الْمَصَالِحُ الْمُجتَلَبَةُ شَرعاً، وَالْمَفَاسِدُ الْمُستَدفَعَةُ إِنَّما تُعتَبَرُ مِنْ حَيْثُ تُقَامُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لِلْحَيَاةِ الأُخْرَى، لاَ مِنْ حَيْثُ أَهْوَاءُ النُّفُوسِ فِي جَلْبِ مَصَالِحِهَا العَادِيَّةِ، أَوْ دَرءِ مَفَاسِدِهَا العَادِيَّةِ.
[الموافقات للشاطبي 2/27].
وهنا يأتي السؤالُ المقصودُ: هل ((قيادةُ المرأةِ للسيارةِ)) مما يعين على أمور الآخرة، أم أنّه لأمور الدنيا التي لا تعين على أمور الآخرة، أو تضرّ بالآخرة؟ وهل تضرّ بالدنيا؟
فإن كانت قيادة المرأة للسيارة لا تعين على أمور الآخرة، فلا يلتفت إلى مصالحها، وإن كانت تضرّ بالآخرة، أو تضرّ بالدنيا، فيمنع منها للضرر المترتب عليها.
ثم الجواب يظهر من مفاسدِ قيادةِ المرأةِ للسيارةِ الآتية:
1- المفسدةُ الأولى: أمر الله تعالى المرأة أن تقرَّ في بيتها، وأن يكون قرارها في بيتها هو الأصل، وأن لا تخرج منه إلا لحاجة، كما في قوله تعالى { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ } .
[سورة الأحزاب، الآية 33].
فَهَذَا أَمْرٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى لِلنِّسَاءِ بِالقَرَارِ فِي البُيُوتِ وَعَدَمِ الْخُرُوجِ مِنْهَا إِلاَّ لِحَاجَة.
قَالَ القُرطُبِيُّ –رَحِمَهُ اللهُ-: الشَّرِيْعَةُ طَافِحَةٌ بِلُزُومِ النِّسَاءِ بُيُوتِهِنَّ، وَالانْكِفَافِ عَنِ الْخُرُوجِ مِنْهَا إِلاَّ لِضَرُورَةٍ.
وَمَعلُومٌ أَنَّ ((قيادةَ المرأةِ للسيارةِ)) تَسْتَلزِمُ البُرُوزَ لِلنَّاسِ، وَالاخْتِلاَطَ وَالْخُلوَةَ بِالأَجَانِبِ، وَالسَّفَرَ الَّذِي لاَ يَحتَمِلُ التَّقَيُّدَ بِالْمَحرَمِ، وَإِهْمَالَ حَقِّ الزَّوجِ وَالأَبْنَاءِ وَالبَيْتِ، فهذه أوَّلُ المفاسدِ.(1/9)
وَالقِيَادَةُ عِنْدَ كَثِيْرٍ مِنْ النَّاسِ –خَاصَّةً الفَارِغَ مِنْهُمْ- لَهَا لَذَّةٌ، فَتَجِدُ أَحَدَهُمْ يَجُولُ بِسَيَّارَتِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِهِ حَاجَةٌ إِلَى ذَلِكَ، وَكُلَّمَا مَلَّ مِنَ البَيْتِ، أَوْ وَقَعَ لَهُ إِشْكَالٌ فِيهِ خَرَجَ.
ومعلومٌ أن وجود السيارةِ تحت تصرف المرأة سيجعلها تكثر الخروج من بيتها وتهمل زوجها وأبناءها، فتحرك السيارة متى شاءت، وتستكثر الدخول والخروج دون حاجة؛ من ذهاب للتسوق، والزيارة، والتنزه، بل ربما الاستمتاعَ بقيادة السيارة وجوب الشوارعِ والسكك دون حاجةٍ كما يفعل بعض الرجال، وخاصة الشباب.
ورضي الله عن زوجِ موسى - عليه السلام - إذ لم تكن خراجةً ولاجة، بل كانت حييةً مستورة، فأثنى عليها اللهُ - عز وجل - لخلقها العظيمِ هذا، فعن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في تفسير قوله تعالى { فَجَآءَتْهُ إِحْدَهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَآءٍ } قال: جاءت تمشي على استحياء، قائلة بثوبها على وجهها، ليست بسلفع، خرَّاجةٍ ولاجة، وفي رواية: جاءت مستترة بكم قميصها.
[رواه ابن أبي حاتم 9/2964، والحاكم 2/407 وقال: صحيح على شرطهما، ولم يخرجها، وسكت عنه الذهبي، والآية 25 من سورة القصص].
*والسلفع من النساء: الجريئة السليطة.
*والخراجةُ الولاّجةُ: كثيرةُ الدخولِ والخروجِ، أي لا تقرَّ في بيتها.
بل إنَّ الشارع الحكيم الذي جعل صلاة الرجلِ في المسجد تضَعَّفُ على صلاته في بيتهِ وسوقه بخمسةٍ وعشرين ضعفاً، شرع للنساء أن يجعلن صلاتهنّ -التي يتفرغن فيها لعبادةِ الله تعالى بالوقوفِ والخضوع بين يديه- في بيوتهنّ، فهذا أفضل وأكمل لهن، كل ذلك حتى لا يخرجن خارج بيوتهنَّ ولا يراهنّ الرجالُ وإن كنَّ مستترات.(1/10)
فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : ((صَلاَةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ عَلَى صَلاَتِهِ فِي بَيْتِهِ وَفِي سُوقِهِ خَمْساً وَعِشْرِينَ ضِعْفاً)).
[متفق عليه: صحيح البخاري: كتاب الأذان/باب فضل صلاة الجماعة، ومسلم: كتاب المساجد/باب فضل صلاة الجماعة].
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : ((لاَ تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمْ الْمَسَاجِدَ وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ)).
[رواه الإمام أحمد، وأبو داود: كتاب الصلاة/باب ما جاء في خروج النساء إلى المساجد].
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - ، عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ، فَإِذَا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ)).
[رواه الترمذي: كتاب الرضاع/باب ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات، وقال: حديث حسن صحيح غريب].
ومعلومٌ أنّ كثرةَ خروجها ودخولها -الذي جاء الشرع بمنعه- يعرضها لأعينِ الناسِ وإن كانت عفيفةً، كلما ركبتِ السيارةَ، وكلما نزلت، وكلما خرجت، وكلما دخلت، وهذا من أسباب وقوعِ الفساد، خاصَّة إذا كانت جميلةً، أو فارعة الطولِ، أو فيها ما يجلب النظر، هذا على افتراضِ أنها لا تكشف شيئاً من جسدها.
وهذا كذلك سيؤدي إلى عدم اكتراث الزوج بخروج زوجه ودخولها، وأين تكون؛ لأنّ كثرة وقوع ذلك يجعل من الصعب بمكان متابعتُها، فتكون –حينئذ- ضوابط الخروج والدخول قد سقطت، فلا تسل عما يقع بعد ذلك، والشيطان كما أخبر عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((يجري من الإنسانِ مجرى الدم)).
[متفق عليه: صحيح البخاري: كتاب الاعتكاف/باب زيارة المرأة زوجها في معتكفه، ومسلم: كتاب السلام/باب بيان أنه يستحب لمن رؤي خالياً بامرأة].(1/11)
2-المفسدةُ الثانيةُ: نَزْعُ حَيَاءِ الْمَرأَةِ الَّذِي يَمْنَعُهَا الوُقُوعَ فِي الفَوَاحِشِ كَمَا يَمْنَعُ الإِيْمَانُ الْمَرأَةَ مِنْهَا.
قَالَ الرَّاغِبُ: الْحَيَاءُ: اِنْقِبَاضُ النَّفْسِ عَنْ الْقَبِيحِ, وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ الإِنْسَانِ لِيَرْتَدِعَ عَنْ اِرْتِكَابِ كُلِّ مَا يَشْتَهِي فَلاَ يَكُونَ كَالْبَهِيمَةِ.. وَلاَ يَكُونُ الْمُسْتَحِي فَاسِقاً.
وَقَالَ بَعضُ العُلَمَاءِ: الْحَيَاءُ: اِنْقِبَاضُ النَّفْسِ خَوْفَ الذَّمِ بِنِسْبَةِ الشَّرِّ إِلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ الشَّرُّ مُحَرَّماً كَانَ الْحَيَاءُ وَاجِباً، وَإِنْ كَانَ الشَّرُّ مَكْرُوهاً كَانَ الْحَيَاءُ مُسْتَحَباً.
لِذَلِكَ جَاءَ فِي الصَّحِيْحَيْنِ: عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رضي الله عنه - ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - : ((الْحَيَاءُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ بِخَيْرٍ)).
[متفق عليه: صحيح البخاري: كتاب الأدب/باب الحياء، ومسلم: كتاب الإيمان/باب بيان عدد شعب الإيمان].
وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ الْمَعَاصِيَ مَذَلَّةً, فَتَرَكْتُهَا مُرُوءَةً, فَصَارَتْ دِيَانَة.
وَفِي الصَّحِيْحَيْنِ: قَالَ رَسُولُ الْهُدَى - صلى الله عليه وسلم - : ((الْحَيَاءَ مِنَ الإِيْمَانِ)).
[متفق عليه: صحيح البخاري: كتاب الإيمان/باب الحياء من الإيمان، ومسلم: كتاب الإيمان/باب بيان عدد شعب الإيمان].
فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الْحَيَاءَ إِيْمَاناً؛ لأَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي مَنْعِ الإِنْسَانِ مِنْ اقْتِحَامِ الْمَعَاصِي.
وَفِي صَحِيْحِ مُسْلِمٍ: قَالَتْ أُمُّ الْمُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَارِ، لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ.
[(1/12)
رواه مسلم: كتاب الحيض/باب استحباب استعمال المغتسلة من الحيض فرصة، وهو في البخاري تعليقاً: كتاب العلم/باب الحياء في العلم].
وَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : ((الْحَيَاءُ وَالإِيْمَانُ قُرِنَا جَمِيعاً، فَإِذَا رُفِعَ أَحَدُهُمَا رُفِعَ الآخَرُ)).
[رواه الطبراني في الكبير].
3-المفسدةُ الثالثةُ: إهمالُ المرأةِ حقَّ بيتها وزوجها وأبنائها: حين يكون خروجها من بيتها كثيراً، وإذا كانت البيوت الآن تشكوى من هذا الجانب، فكيف لو فتح باب ((قيادةِ المرأة للسيارة؟)).
4-الْمَفْسَدَةُ الرابعةُ: قِيَادَةُ الْمَرأَةِ لِلسَّيَّارَةِ يَلزَمُ مِنْهُ –فِي الغَالِبِ- نَزْعُ الْحِجَابِ بِحُجَّةِ الْحَاجَةِ إِلَى رُؤْيَةِ الطَّرِيْقِ: وَالْحِجَابُ جَاءَ إِلْزَامُ النِّسَاءِ بِهِ فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِجْمَاعِ.
وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: يُمْكِنُ أَنْ تَقُودَ الْمَرأَةُ السَّيَّارَةَ وَهِيَ فِي حِجَابِهَا.
فَيُقَالُ لَهُ: أولاً: هَذَا خِلاَفُ الوَاقِعِ، وَوَاقعُ حالِ من سبقنا في هذا المضمارِ يدلُّ على خلافِ هذا القولِ الذي يُرَادُ منه تهدِئةِ النفوسِ ودغدغةِ المشاعِرِ، وَلَوْ افْتَرَضْنَا أَنَّهُ طُبِّقَ فِي أَوَّلِ الأَمْرِ، فَإِنَّهُ سُرعَانَ مَا يُتْرَكُ، وَالسَّعِيْدُ مَنِ اتَّعَظَ بِغَيْرِهِ، فَإِنَّ ((سُنَّةَ التَّطَوُّرِ إِلَى التَّدَهْوُرِ)) سُرعَانَ مَا تُؤَدِّي بِهِنَّ إِلَى نَزْعِ الْحِجَابِ.(1/13)
ثانياً: قائدُ السيارةِ يحتاجُ رجالُ الأمن إلى التحقق من شخصه عند نقاطِ التفتيشِ، والبواباتِ الخاصَّةِ، وعند الاشتباه في أمره؛ لسبب من الأسباب، وعند وقوعه في مخالفة، ولا بدّ من مطابقة ما في البطاقةِ على شخصه، فكيف ستفعل المرأة مع رجال الأمن في هذا الموقف؟ هل ستبقى مثل السلعة الرخيصة التي يقلبها من شاء؟ فتكون كالعنز الهزيلة التي هانت على صاحبها، فأخرجها من بيته الذي احتفظ فيه بغنمه التي تعزُّ عليه وينتفع بها، وذهب بها إلى السوق، فتسلط عليها المفاليسُ، وأخذ كلُّ مفلسٍ يقلبها، ويسومها، وينقص من قدرها بادعائه أنها هزيلة، ولولا هزالُها وهوانها على صاحبها لما أنزلها السوق:
لقد هزلت حتى بدا من هزالها كلاها وحتى سامها كلُّ مفلسِ
هل ستكون المرأة المسلمة الحرَّةُ العفيفةُ، والدُّرَّةُ المصونةُ، واللؤلؤةُ المكنونةُ كلما أراد مفلسٌ أن يوقفها فعل بحجَّةِ الاشتباه، وبحجَّةِ التأكد من الشخصيَّةِ؟ ومن هذا الذي سيرضى لأهله هذا؟
وأعجب ما سمعتُهُ من دعاةِ ((قيادةِ المرأةِ للسيارةِ)) أن قالوا: نوظف نساء في قطاعِ المرورِ للتعامل مع النساءِ اللاتي يقدن السيارة، ومن ثم لا تضطر المرأة إلى التكشف أمام رجل الأمن.
ومثلُ هذه الحجَّةِ يقال لصاحبِها: ((السعيد من اتعظ بغيره)) فقد سبقنا من يصطلي الآن بنارِ فعاله، فها هي أمريكا، بعد أن فتحت هذا الباب، هل أنهت المشكلة؟(1/14)
الجواب: لا، بل زادتها تعقيداً، وجاءت بطوامَ جديدة قد لا تكون دارت في خلد من جاء بها، فها هي أمريكا التي سبقتنا في هذا المضمار، قبل ثلاثين سنة، وباسم المساواة بين الجنسين، أُدخِلَتِ المرأةُ لتكون شرطيَّةً، وسبق ذلك حملةٌ دعائيَّةٌ واسعةُ الانتشار: أنّ المرأةَ كالرجل، وأنّها تستطيع أن تتحمل أعباء هذه الوظيفة، وتم توظيف 700 شرطيةً مسترجلةً في ((شرطة واشنطن))، وبعد ثلاث سنوات فقط بدأت الفضايح، لقد أصبحت إجازة يوم واحد تعطى من الضابط للشرطيَّةِ تعني الاعتداء الجنسي الكامل عليها، وإلاّ فلا إجازة، وتم استفتاءٌ على 333 شرطيّةً، ظهر أنّ نصفهنّ قد استجبن لرغباتِ الضباطِ الشهوانيّةِ الحيوانيّة، فحصلن على الإجازات، وخُفِّفَ عنهنّ العمل، والبقيّةَ ظللن يعانين حرمانَهنّ من الإجازاتِ والفرص.
وقال أحد كبار ضباط التحقيقات الفيدرالية: إن وضعتُ ضابطتين في سيارة واحدة تشاجرتا وتعاركتا، وإن وضعتُها مع ضابطٍ تسافدا في المقعدِ الخلفي!!!
وقال ضابط كبير في الشرطة: إنّ أكثرَ شيءٍ محطِّمٍ لقوَّةِ البوليسِ هو: مزاملةُ ضابطٍ لضابطةٍ.
وقالت الضابطةُ ((جَى جَى-JJ)): لقد حصلتُ على ثلاثِ ميدالياتِ شكرٍ لإخلاصي في العمل، ثم تم طردي لما رفضت الاستجابةَ للضابط، بحجّة أنّي أسيء إلى سمعة الشرطة.
وهذه نتيجة حتميَّةٌ لكلِّ من خالف المرأةَ في فطرَتِهَا، فأخرجها من مملكتها، وخلطها بذئابِ البشر الذين لا همَّ لهم إلاّ إرواءُ غرائزهم الحيوانيَّة، والذين لا يعترفون بقدر المرأةِ وحصانتِها إلا إذا كانت محاطةً بسياج العفَّةِ والفضيلةِ، متربعةً على عرشِ مملكتها في بيتها، وإذا خرجت التزمت حجابها، فإن لم تكن كذلك، مالت قلوبهم إليها، وهفت نفوسهم إليها، وسعوا إلى الوصول إليها:
نظرةٌ فابتسامةٌ فسلامٌ فكلامٌ فموعدٌ فلقاءُ(1/15)
وصدق تعالى إذ بَيَّنَ لنا فوائدَ قرارِ النساءِ في البيوتِ، والتزامهنَّ الحجابَ، وغضِّ البصرِ عنهنَّ، فذكر من الفوائدِ: الكفَّ عن التعرضِ للنساءِ بأذى النظرِ والقولِ والفعلِ، فقال { ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يؤذين } .
[سورة الأحزاب، الآية 59].
وذكر من الفوائدِ: بقاءَ القلوبِ طاهرةً من التعلقِ بالحرامِ، فقال { ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهنَّ } .
[سورة الأحزاب، الآية 53].
وذكر من الفوائدِ: حصولَ الخير الوفير لهنّ ببقاءِ عفتِهنَّ، فقال { وأن يستعففن خيرٌ لهنَّ } .
[سورة النور، الآية 60].
وذكر من الفوائدِ: الطهارةَ من الخبثِ والدنس، كما قال العلامةُ ابن سعدي–رحمه الله-: مَنْ حَفِظَ بَصَرَهُ وَفَرجَهُ، طَهُرَ مِنَ الخبثِ الذي يتدنسُ به أهلُ الفواحشِ، والشيءُ الذي لا يجتهدُ صاحبُهُ في حفظِهِ ومراقبتِهِ، وعملِ الأسبابِ الموجبةِ لحفظِهِ، لم ينحفظ، ثم يقع صاحبُه في البلايا والمحن، قال تعالى { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إنّ الله خبيرٌ بما يصنعون } .
[تيسير الكريم الرحمن لا بن سعدي، والآية 30 من سورة النور].
ويكفي أنّ نعلم أنَّ 90% من النساء الأمريكيات العاملات في محيطٍ فيه رجالٌ اعترفن بأنهنَّ يتعرضن للتحرش الجنسي من قبل رؤسائهنَّ ومن يعملون معهنَّ وختم صاحبُ الإحصاء تقريرَه قائلاً: ونعلم أنّ النسبةَ، كالعادةِ أكبر، ولكن بعض النساء يستحين من التصريحِ بما يقع لهنَّ، وبعضُهنَّ تخافُ من رئيسِها أن يطردها، وبعضهنّ عُجَّزٌ أوقبيحاتٌ لا يرغب فيهنَّ الرجالُ، وبعضُهنَّ لا ترى في ذكر الحقيقةِ شيئاً يفيدُها.(1/16)
وفي كتاب ((الابتزاز الجنسي-Sexual Shakedown)) للمؤلفة ((لين فارلي-Lin Farley)) الذي قامت مع طالباتها في جامعة ((كورنيل الأمريكية)) بدراسة ميدانية مكثفة، مدتها ثلاثُ سنوت، تعاونت فيها مع عدد ضخم من الهيئات والمنظمات النسوية، والصحفيات والباحثات، أثبتت فيها أنّ المرأةَ العاملةَ الأمريكية تتعرض لأنواعٍ شتى من الابتزاز الجنسي، قلّ من تسلم منه حتى بلغ الأمر ببعضهن إلى عدم القدرة على الذهاب إلى العمل إلا بعد تعاطيهنّ حبوباً مهدئةً كل صباحٍ بسبب المعاناة من الابتزاز الجنسي.
وتقول إحدى السكرتيرات: إنَّ الرِّجَالَ فِي العَمَلِ يُعَرُّونَنَا مِنْ كَرَامَتِنَا.
وتقول ((لين فارلي)): إنَّ تاريخ ابتزازِ المرأةِ العاملةِ جنسياً قد بدأ منذ ظهور الرأسمالية منذ التِحَاقِ المرأةِ بالعمل.
ويقول الكاتب الأمريكي ((إبتون سنكلير)) في كتابه ((الغابة)): لا يوجد مكانٌ في المدينة تستطيع أن تَذْهَبَ إليه فتاةٌ لتعملَ إذا هي اهتمت بعفتها، فعليها أن تتجاهل قيمها الأخلاقية وعفتها إذا هي أرادت البقاء.. فأي عاهرة تستطيع أن تحتل مكانها بسهولة إذا هي رفضت الانصياع لرغبات رئيسها الجنسية.. وفي تلك المصانع كانت تدور قصص لا يمكن روايتُها لبشاعتها وخستها ودناءتها.
وتقول ((هيلين كامبل)) في كتابها ((سجناء الفقر)): إن كثرةَ المتقدماتِ للعملِ يجعلهنَّ تحت رحمةِ صاحبِ العملِ، أو مديرِه، أو الرؤساءِ الفرعيين، الذين يختارون الفتيات الجميلات المرغوبات، وفي كثير من الأحيان يشترط المسؤول على المتقدمةِ أن تدخل معه غرفته الخاصة ليتأكد من مواصفاتها التي يريد، ثم يقرر هل تقبل، أو تطرد، فغيرها في الطابور كثير، وفي الوظائف التي تحتك بالجمهور، يرغمها رئيسها على إرضائهم، حتى لا يفقد زبائنه، أو يشتكيه مراجعو دائرته، إن كثيراً من الفتيات العاملات يتعرضن للإيذاء الجسدي والنفسي.(1/17)
وتقول ((روز شنيدرمان)) مسؤولةُ ((اتحاد النقابات العمالية النسوية الأمريكية)): لا يوجد مصنع اليوم لا تحدث فيه حوادث الاعتداء الجنسي.
ومن أعجب ما يمكن أن يسمعه أحدُنا في هذا الباب ((نظريةُ التحرر الجنسي)) التي نادت بها العضوُ النشطةُ في ((اتحادِ النقاباتِ العماليةِ النسويةِ الأمريكيةِ)) ((إيما جولدمان)): التي جابت الولايات المتحدة الأمريكية تدعو إلى نظريتِها هذه؛ وهي ((نظريةُ التحرر الجنسي)) وتقصد بها: أنّ للمرأة الأمريكيّةِ الحريّة في أن تحافظ على عفتِها وعرضها وشرفها وأخلاقها، وأن تتحرر من ابتزاز الرجال الجنسي لها، فكانت النتيجة إيقافَها، فألفت كتابَها ((التجارة في النساء)) قالت فيه: لا يوجد مكان اليوم تعامل فيه المرأةُ على أساسِ عملِها بل على أساس الجنس، وإنها حتى تحتفظَ بلقمة عيشها فإنّه لا بدّ أن تقدم مقابل ذلك جسدها للراغبين في الفاحشة.
وتقول الباحثة ((لين فارلي)): إنَّ ابتزاز المرأة العاملة جنسياً أدى إلى تعاسةٍ وشقاءٍ لا يمكن تصورُهما لتلك النسوة وأهليهنّ، وماتت كثيراتٌ منهنّ نتيجة الأمراضِ الجنسيّة والنفسيّة التي سببها القهر والإذلال.
وتقول: إنّ الاعتداءاتِ الجنسيةَ على المرأةِ العاملةِ منتشرةٌ انتشاراً ذريعاً في الولاياتِ المتحدةِ وأوربا، وهي القاعدةُ وليست الاستثناءَ في أي عمل تمارسه المرأةُ مختلطة بالرجال.
وفي إحصاء عام 1974م. أي قبل أكثر من ثلاثين سنة، أظهر أنّ ربع مليون امرأة أمريكية تركت العمل في ذلك العام بسبب التحرش الجنسي من الرجال، علماً بأنّ أعداد العاملات منهنّ والباحثاتِ عن العمل كان خمسين مليون امرأة، معدل دخلهنّ ثلث معدل دخل الرجل.(1/18)
ومن آلاف الحالات التي درستها الباحثة ((لين فارلي)) وجدت أنّ من بينها شرطيّات تمّ ابتزازهنَّ من قِبَلِ الضباط، وطالبات دراسات عليا من قبل المشرفين عليهنّ، وطالبات في المدارسِ من قبل المعلمين، بل حتى في هيئةِ الأمم المتحدة التي نصبت نفسها مدافعةً عن المرأة ضدَّ الابتزاز الجنسي تتعرض الموظفات فيها إلى ذلك، وقامت الباحثة بدراسة حالاتِ مجموعةٍ منهنّ.
وفي عام 1976م. تمت دراسة 875 حالة لهؤلاء الموظفات في هيئة الأمم المتحدة فأجابت أكثر من 50% مِنْهُنَّ أَنَّهُنَّ يتعرضن للابتزاز الجنسي، إلا أنّ هذه الدراسة تمت مصادرتُها من قِبل المسؤولين.
وفي الجامعات محاضن العلم، ففي جامعة ((كليفورنيا)) في ((بركلي)) أظهر استفتاءٌ أجري هناك أنّ خُمُسَ الطالباتِ تعرضنّ لاعتداء جنسي من الدكاتره.
وفي جامعة ((ييل-yale)) رفعت الطالبات احتجاجاً على الاعتداءات الجنسيّة التي تقع عليهنّ من الدكاتره في الجامعة، وأنّ إدارة الجامعة تتجاهلُ شكواهنّ المتكررة، ثم تتابعت الاحتجاجاتُ من جامعاتٍ عِدَّةٍ، فاعترفت الجهاتُ المسؤولةُ أنّ هذه المشكلةَ موجودةٌ في جميع المدارسِ والمعاهدِ والكلياتِ والجامعات في أمريكا، بل إن المعلمات يتعرضن لما يتعرض له الطالبات.
بل اعترف من حصلن على درجة الدكتوراه أنّهنَّ ما استطعن أن يصلن إلى هذه المرتبةِ وهذا التخصص لولا رضوخهنّ لما يطلب المشرفون منهنّ، وبعضُهنّ كانت متزوّجةً، وزوجها يعمل في الجامعةِ نَفْسِهَا !!!
يقول المفتش السري ((ريتشارد هاملتون)): إنها حالات يصعب التبليغ عنها، ويصعب إثباتها؛ لذلك تخشى المرأة العاملةُ من التبليغ عمّا يقع لها خشيةً من أن يسجل ضدّها أن قذفت رجلاً شريفاً تريد تشويهَ سمعتِه.
وتقول الباحثة ((لين فارلي)): إنَّ المرأة التي ترضى أن تضع نفسها في مكان تكون فيه صيداً جنسياً للرجال، يجعل الرِّجَالَ يَرَونَ أَنَّهُ مِنْ حَقِّهِمْ أَنْ يَصطَادُوهَا.(1/19)
ويقول ((مكتب المرأةِ في لجنة الحقوق المدنية بالولاياتِ المتحدة)): إنّ الابتزاز الجنسيَّ واسعُ الانتشارِ جداً، ويمثلُ مشكلةً عويصةَ الحلِّ.
بل في ((إدارات القضاء والمحاكم)) تقول ((ديانا وليمز)) عضو ((مجلس العلاقات الاجتماعية في إداراتِ القضاء)): إنَّ هذا الاعتداءاتِ منتشرةٌ جداً، ورفعت هي دعوى ضدّ قاضٍ قام بالاعتداء عليها، واعترف بما اقترف، فكانت النتيجة أن حكمت لها المحكمة بتعويض مالي، والقاضي في منصبِه.
وتقول: إنّ الابتزاز الجنسي الذي تتعرض له المرأةُ العاملةُ مع الرجالِ أمرٌ شائعٌ في جميعِ أنواعِ العمل، ابتداءً من الجامعاتِ وانتهاءً بالموتيلاتِ والمطاعم، ولا يكادُ يوجد اليومَ عملٌ من الأعمالِ لا تتعرض فيه المرأةُ العاملةُ إلى الابتزازِ الجنسيِّ.
ويكفي أنّ نعلم أنّه في كتاب ((مِرك الطبي العملي-MANUAL MERK)) الصادر عام 1972م. قبل 32سنة، في المجتمع الأمريكي المتطور في مجالِ التقنيةِ والتدريبِ والتوجيهِ، ولديه من الإمكانات ما لا يوجد عند أحدٍ غيرِه، ولديه من وسائل منع الحمل المأذونِ بها ملا يوجد عند غيرِهِ، ولديه عياداتٌ غيرُ رسميّة للإجهاض، مع كلِّ هذا فإنَّ أكثر من مليون طفل يولدون سنوياً سفاحاً، غير الذين يتم إسقاطهم قبل الولادة، وأنّ 600 ألف حالة لأمهاتٍ في سنِّ المراهقة.
وفي يوم الإثنين الماضي نشرت وسائلُ الإعلام خبر التظاهرةِ الهائلةِ التي خرج فيها مليون أمريكي وأمريكيّة في ((واشنطن)) يطالبون بحقِّ الإجهاض، بعد أن رأوا ويلاتِ كارثةِ خروج مليون طفلٍ سنوياً بدون أب، كما يقول أحد الكتاب الأمريكيين.
[ استفيدت هذه المعلومات من كتاب عمل المرأة في الميزان د.محمد البار ].
هذه قصيدة لطيفة، يقول فيها الشاعرُ:
أفيقي أخية...
تعالت هتافاتهم: حرورها... تعالت هتافاتهم: أطلقوها، دعوها تمارس حق الحياة...
تميط اللثام... وتلقي الحجاب... تحطم كل قيود القديم... تثور على كل شيء قديم...(1/20)
تعالت شعاراتُ أهل الفساد... لكي يخدعوها... فباسم التقدمِ واسم التحررِ
واسمِ التمدن، قالوا: دعوها... دعوها تمارس ما تشتهي... دعوها تعاشر من تشتهي...
دعوها تطالبكم بالحقوق... دعوها تشارككم في الحقوق... دعوها دعوها ولا تمنعوها...
أفيقي أخيةَ... وقولي: دعوني... دعوني فإني أريد حيائي... أريد إبائي... دعوني... دعوني...
فإني أبية... أنا لست ألعوبة في يديكم... تريدون أن تعبثوا بشبابي... فألقي حجابي...
وأخرج ألقى قطيع الذئاب... وبعضَ الكلاب... فتنهشني فأكونَ ضحية... تريدونني أن أكون مطية...
أريد سعادتي في منزلي... لأحفظ نفسي... لأسعد زوجي... لأرعى بناتي... وأرعى بنيه...
أفيقي أخية... يريدون هدم صروح الفضيلة... يريدون قتل المعاني الجميلة...
يريدون وأدك والنفسُ حية... أنا لستُ أَقْبَلُ هذا الهراء... وهذا العداء... فهيا اخرسوا أيها
الأدعياء... فأنتم دعاةُ الهوى والرذيلة... لقد جرب الغرب ما تدعون... فهاهم لما زرعوا
يحصدون... حصادَ الهشيم... ترى البنت تخرج من بيتها قبل البلوغ... فترجع تحمل في
بطنها... نتاج اللقاح... فتجهضه... لتعيد اللقاء... وحيناً... تدعه يلاقي الحياة...
فتلقيه... في ملجأ أو حضانة... فيبحث عن أمه أو أبيه... لكي يطعموه...
لكي يمنحوه الحنان الكبير... لكي يرضعوه... ولكنه لا يرى ما يريد...
فينشأ يحمل حقداً دفيناً لكل الوجود... فيخرج للكون دون قيود...
يقتل هذا ويسلب هذا... ويغصب تلك بغير حدود...
أفيقي أخية...
أهذي الحقوقُ كما تزعمون؟... فأفٍّ لكم ولما تَدَّعُون... أنا لست أقبل هذا الهراء...
فهيا أخرسوا أيها الأدعياء... أنا لست أقبل غيرَ تعاليمِ ديني... ففيها النجاةُ...
وفيها الحياةُ... وفيها السعادةُ حتى الممات...
أفيقي أخية... أفيقي أخية.(1/21)
5-المفسدةُ الخامسةُ: ((قيادةُ المرأةِ للسيارةِ)) يلزم منه تعاملها مع كلِّ من يتعاملُ معهم الرَّجُلُ حالَ قيادتِهِ للسيارة، فالرجلُ لابدّ أن يقف عند محطات الوقود لتعبئةِ خزانِ سيارتِه، ولابدّ أن يقف عند الورشةِ لإصلاحها إذا تعطّلت، ولابدّ أن يقف عند محالِّ إصلاح الإطارات إذا تعطّل إطاره، ولابدّ أن يقف وقوفاً يطول إذا وقع له حادثٌ مروري، ولابدّ أن يوقف السيارةَ في الحجز إذا وقعت منه مخالفة، أو يوقف هو وراء القضبانِ بسبب مخالفةٍ يرتكبها، أو قيادةٍ طائشةٍ للسيارة، فكيف ستفعل المرأةُ المسلمةُ العفيفةُ الشريفةُ المطيعةُ لأمرِ اللهِ تعالى وأمرِ رسولِهِ - صلى الله عليه وسلم - في هذه المواقف، إذا كان الشرع الحكيم قد نهاها عن الاختلاطِ بالرجالِ في أماكنِ العبادةِ، التي تتوجه فيها القلوبُ لخالقها، وتذلّ النفوسُ لبارئها، وتتطهرُ عن الأدناسِ والأرجاسِ، فكيف بغيرِها من أمكانِ الرِّيَبِ.
قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: لقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات في مروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد.
وَقَالَتْ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مُحْرِمَاتٌ، فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا، فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاه.
[رواه الإمام أحمد، وأبو داود: كتاب المناسك/باب في المحرمة تغطي وجهها، وابن ماجه: كتاب المناسك/باب المحرمة تسدل الثوب على وجهها].(1/22)
وَقَالَتْ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: إِنِّي –وَاللهِ- مَا رَأَيْتُ أَفْضَلَ نِسَاءِ الأَنْصَارِ، أَشَدَّ تَصدِيْقاً بِكِتَابِ اللهِ وَلاَ إِيْمَاناً بِالتَنْزِيْلِ، إِنَّهُ لِمَّا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى آيَةَ الْحِجَابِ، وَخَرَجَ الرَّجُلُ يَتْلُوهَا عَلَى زَوجِهِ وَأَهْلِهِ، فَمَا مِنْهُنَّ امْرَأَةٌ إِلاَّ قَامَتْ إِلَى مِرطِهَا الْمُرَحَّلِ فَاعْتَجَرَتْ بِهِ (أَيْ غَطَتْ وَجْهَهَا) تَصدِيْقاً وَإِيْمَاناً بِمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنْ كِتَابِهِ، فَأَصبَحنَ وَرَاءَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مُعْتَجِرَاتٍ كَأَنَّ عَلَى رُؤُوسِهِنَّ الغِرْبَان.
[رواه ابن أبي حاتم، كما في الدر المنثور 6/181].
وَعَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَخْبَرَتْ أَنَّ النِّسَاءَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كُنَّ إِذَا سَلَّمْنَ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ قُمْنَ، وَثَبَتَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَنْ صَلَّى مِنْ الرِّجَالِ مَا شَاءَ اللهُ، فَإِذَا قَامَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ الرِّجَالُ.
[رواه البخاري: كتاب الأذان/باب خروج النساء إلى المساجد بالليل].
وَمَعَ كُلِّ هَذَا كَانَ رُسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرشِدُهُنَّ إِلَى جَعلِ صَلاَتِهِنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ فَإِنَّ صَلاَتَهُنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ خَيْرٌ لِهُنَّ مِنْ صَلاَتِهِنَّ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَكَيْفَ بِغَيْرِهِ مِنَ البِقَاعِ؟
عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِيْنَ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: ((خَيْرُ مَسَاجِدِ النِّسَاءِ قَعْرُ بُيُوتِهِنَّ)).
[رواه الإمام أحمد].(1/23)
وَعَنْ أُمِّ حُمَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّهَا جَاءَتْ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أُحِبُّ الصَّلاَةَ مَعَكَ، قَالَ: ((قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ تُحِبِّينَ الصَّلاَةَ مَعِي، وَصَلاَتُكِ فِي بَيْتِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلاَتِكِ فِي حُجْرَتِكِ، وَصَلاَتُكِ فِي حُجْرَتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلاَتِكِ فِي دَارِكِ، وَصَلاَتُكِ فِي دَارِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلاَتِكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ، وَصَلاَتُكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلاَتِكِ فِي مَسْجِدِي)) قَالَ: فَأَمَرَتْ، فَبُنِيَ لَهَا مَسْجِدٌ فِي أَقْصَى شَيْءٍ مِنْ بَيْتِهَا وَأَظْلَمِهِ، فَكَانَتْ تُصَلِّي فِيهِ حَتَّى لَقِيَتْ اللهَ - عز وجل - .
[رواه الإمام أحمد].
وَسَأَلَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَطَاءً عَنْ طَوَافِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ: كَيْفَ أَيُخَالِطنَ الرِّجَالَ؟ قَالَ: لَمْ يَكُنَّ يُخَالِطْنَ، كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا تَطُوفُ حَجْرَةً مِنْ الرِّجَالِ لاَ تُخَالِطُهُمْ، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ: انْطَلِقِي نَسْتَلِمْ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: انْطَلِقِي عَنْكِ، وَأَبَتْ، يَخْرُجْنَ مُتَنَكِّرَاتٍ بِاللَّيْلِ فَيَطُفْنَ مَعَ الرِّجَالِ، وَلَكِنَّهُنَّ كُنَّ إِذَا دَخَلْنَ الْبَيْتَ سُتِرْنَ حِينَ يَدْخُلْنَ، وَأُخْرِجَ الرِّجَالُ.
[رواه البخاري: كتاب الحج/باب طواف النساء مع الرجال].
حَجْرَةً: أَيْ نَاحِيَةً, مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهمْ: نَزَلَ فُلاَنٌ حَجْرَةً مِنْ النَّاسِ، أَيْ مُعْتَزِلاً.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ –رَحِمَهُ اللهُ-: الْمَعْنَى، إِذَا أَرَدْنَ دُخُولَ الْبَيْتِ وَقَفْنَ حَتَّى يَدْخُلْنَ حَال كَوْنِ الرِّجَالِ مُخْرَجِينَ مِنْهُ.(1/24)
وقالت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها لمولاها نبهان لما أعتق: يا بني إنك لن تراني بعد اليوم إنها وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن من أعتق عبدها فلا يراها.
وكان النساء في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا حضرن الصلاة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابتعدن عن الرجال وابتعد الرجال عنهن عملاً بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووعيده لكل امرأة صلت في الصفوف المقدمة خوف اقترابها من الرجال ولكل رجل صلى في الصفوف المؤخرة خوف اقترابه من النساء ،
فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها)). وقال - صلى الله عليه وسلم - للرجال: ((تقدموا فأتموا بي وليأتم بكم من بعدكم، لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله)).
وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبعدهن عنه ولكونهن يجلسن في آخر الصفوف بينهن وبين الرجال بون يعلم أنهن مع هذا البون لا يسمعن موعظته فكان يأتيهن ليعظهن ويأمرهن بالصدقة.
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((إنما التصفيق للنساء)) حتى لا يسمع الرجال أصوات النساء في تنبيه شرعي في أقدس مكان عبادة وهو المسجد فكيف بالتنبيه غير الشرعي بل كيف بالكلام بلين القول ومرققه؟
وكان الرجال يصلون مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقال للنساء: لا ترفعن رءوسكن حتى يستوي الرجال جلوساً.
خوفاً من أن يرين الرجال وهم سجود وقد تبدوا عورة أحدهم.
وجعل - صلى الله عليه وسلم - للنساء يوماً دون الرجال يعظهن ويعلمهن فيه.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((لو تركنا هذا الباب للنساء)).
قال نافع: فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات. أي حتى في غير وقت دخول النساء لشدة متابعته لأمره - صلى الله عليه وسلم - .(1/25)
عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ - رضي الله عنه - ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِلنِّسَاءِ: ((اسْتَأْخِرْنَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ)) فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ.
[رواه أبو داود: كتاب الأدب/باب مشي النساء مع الرجال في الطريق].
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ولكن ليخرجن وهن تفلات))
والتفلات: التاركات للزينة الخارجات بلباس البذلة.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يقول: ((لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم)) فقام رجل فقال: يا رسول الله، إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال: ((انطلق فحج مع امرأتك)).
فإذا كان هذا في أشرف مكان وأطهره وأقدسه وهو المسجد بيت الله الحرام يأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجال والنساء بالابتعاد عن الاختلاط والابتعاد عن السفور والابتعاد عن الخلوة والسفر بغير محرم في مجتمع الصحابة وأمهات المؤمنين الطاهر الذي تمسك رجاله بغض البصر ونساؤه بالبعد عن أسباب الفتنة فكيف بغيرهم من الرجال والنساء الذين كثر فيهم الجهل ورغبوا عن التمسك بأسباب الحشمة ورفضوا التصون والعفاف؟(1/26)
وَمَعلُومٌ أَنَّ هَذِهِ الْمَوَاقِفَ تَعرِيضٌ لِلْمَرأَةِ أَنْ تَقَعَ فِي الفِتْنَةِ، وَتَعَرُّضُهَا لِلتَّحَرُّشِ الْجِنْسِيِّ، كَمَا لَوْ وَقَفَتْ عِنْدَ مَحَطَّةِ الوُقُودِ، أَوْ لإِصْلاَحِ إِطَارِ السَّيَّارَةِ عِنْدَ مَحَلِّ ((البَنْشَرِ))، أَوْ تَعَطَّلَتْ سَيَّارَتُهَا وَذَهَبَتْ إِلَى الوَرشَةِ، أَوْ تَعَطَّلَتْ فِي الشَّارِعِ وَجَاءَتِ الذِّئَابُ البَشَرِيَّةُ تَدَّعِي الْحِرصَ عَلَى مُسَاعَدَتِهَا، أَوْ وُقُوفُهَا عِنْدَ نِقَاطِ التَّفْتِيْشِ، أَوْ قِيَامُهَا بِمُخَالَفَةِ أَنْظِمَةِ الْمُرُورِ، وَإِيْقَافُهُمْ لَهَا، أَمَّا إِذَا وَقَعَ لَهَا حَادِثٌ مُرُورِيٌّ فَحَدِّثْ عَنِ الْمَفَاسِدِ وَلاَ حَرَجَ، وَكَمْ مِنَ الْمَرَّاتِ سَتَجِدُ مَنْ يُسَاوِمُهَا عَلَى عِرضِهَا كُلَّمَا احْتَاجَتْ إِلَى مُسَاعَدَةٍ، وَهَذَا مَا رَأَيْنَاهُ فِي دُوَلِ الغَربِ بِأُمِّ أَعْيُنِنَا، لَمْ يُخْبِرنَا بِهِ أَحَدٌ.
6-المفسدةُ السادسةُ: كَثْرَةُ السَّيَارَاتِ الَّتِي نُعَانِي مِنْهَا الآنَ، حَتَّى استَنْزَفَتْ جُزءً كَبِيْراً مِنْ دَخْلِ الأَفْرَادِ؛ شِرَاءً وَصِيَانَةً وَإِصلاَحاً وَإِمْدَاداً بِالوَقُودِ، وَسَتَرَى كَيْفَ تَفْعَلُ النِّسَاءُ بِسَيَّارَاتِهِنَّ؛ تَزْييناً وَتَلويناً وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ عُرِفَتِ الْمَرأَةُ بِهِ مِنْ حُبِّ الكَمَالِيَّاتِ، حَتَّى لَوْ اسْتَطَاعَتْ أَنْ تَجْعَلَهَا بِلَونِ ثِيَابِهَا لَفَعَلَتْ.(1/27)
وَاستَنْزَفَتْ جُزءً كَبِيْراً مِنْ الدَّخْلِ العَامِّ؛ تَلْوِيثاً لِلبِيْئَةِ، وَازْدِحَاماً فِي الشَّوَارِعِ، وَتَكْثِيْفاً لِرِجَالِ الشُّرطَةِ وَالْمُرُورِ وَالنَّظَافَةِ، وَتَوسِعَةً لِلشَّوَارِعِ إِلَخْ. وَنَحنُ نَرَى صَيْحَاتِ الْمَسْؤُولِيْنَ فِي هَذِهِ الْجِهَاتِ وَغَيْرِهَا تُطَالِبُ بِأَنْ يُحَدَّ مِنْ اسْتِخْدَامِ الرِّجَالِ لِلسَّيَّارَاتِ خَاصَّةً فِي أَوْقَاتِ الذُّروَةِ الْمُرُورِيَّةِ، فَكَيْفَ لَو أُذِنَ لِلنِّسَاءِ بِالقِيَادَةِ؟ لاَ شَكَّ أَنَّنا سَنَزِيدُهَا ((ضِغْثاً عَلَى إِبَّالَةٍ)).
7-المفسدةُ السابعةُ: تَحفِيْزُ الذِّئَابِ البَشَرِيَّةِ لِتَصَيُّدِ النِّسَاءِ فِي السَّيَّارَاتِ، كَمَا يَحصُلُ الآنَ فِي الدُّوَلِ الَّتِي تَقُودُ فِيْهَا الْمَرأَةُ السَّيَّارَةَ، وَمِنْ أَشَدِّهَا الْمَرأَةُ الغَربِيَّةُ، وَإِذَا كُنَّا نُعَانِي مِنْ هَذَا الآنَ، إِذَا خَرَجَتِ الْمَرأَةُ مَعَ سَائِقٍ، فَكَيْفَ إِذَا خَرَجَتْ بِمُفْرَدِهَا؟
وهي كذلك فتحُ لباب الفسادِ أمامِ فئامٍ من النساءِ ضعيفاتِ النفوسِ لاستخدامِ السياراتِ في تحقيق ما يردن.
8-المفسدةُ الثامنةُ: انتشار حوادث السيارات أكثر مما هي عليه الآن، خاصة إذا علمنا أن تحكم المرأة في السيارة في وقت الأزمات، كما هو مشاهدٌ في الغرب، أضعفُ بكثيرٍ من تحكمِ الرجل، هذا إذا سلمنا أنها تسلم من حوادث التحرشِ والمعاكسات.
9-المفسدةُ التاسعة: ((قيادةُ المرأةِ للسيارةِ)) امتهانٌ لها، لا تشريف، واستدراجٌ لها، لا تكريم، والمنع منها: تكريم للمرأة، وإبعاد لها عن المفاسدِ ومواطن الرِّيَبِ.(1/28)
10-المفسدةُ العاشرةُ: زيادةُ العبء على الجهات الأمنية: بزيادةِ حوادث السير، وحوادثِ التحرش بالنساء، وزيادةِ الضغط في ساعات الذروة، وقيامِ الحاجةِ لزيادةِ أعداد رجال الشرط والمرور، وفتحِ بابٍ لأهل الفساد ليطالبوا بتجنيد النساء حتى تقع المفاسد التي ذكرناها، ولكن أهل الفساد لا يبالون بمصالح البلاد والعباد، وهمهم الأكبر تحقيق شهواتهم، وتنفيذُ مخططاتِ أعداء الأمَّةِ.
11-المفسدةُ الحاديةَ عشرةَ: في الإذن بـ((قيادةِ المرأةِ للسيارةِ)) إحزانٌُ لأهل هذه البلاد، وللمؤمنين في مشارقِ الأرضِ ومغاربها، الذين يرون أنَّ هذه البلادَ المعقلُ الأخيرُ للإسلام، فهي الفريدةُ في تطبيقِ الشريعةِ، وفي وجود هيئاتِ الأمر بالمعروفِ والنهي عن المنكر، وفي تماسك وتلاحمِ أهلِها مع ولاةِ أمرِهم وعلمائِهِم، وفي منع ((قيادةِ المرأةِ للسيارة)) وفي البقاء –في العموم- على المحافظةِ والاستقامة، فإذا فتحنا البابَ وشابهنا أهل الكتاب فماذا بقي من خصائصِنا وتميزِنا؟
بل يخشى علينا أن تتغير نظرةُ المسلمين إلينا، وأن يشكوا في صدق تمسكنا بديننا، وأن يُلْغُوا نظرتَهم إلى خصوصِيَّتِنا، ويخشى علينا أن ينفضَّ عقدُ تماسكِ شبابِنا المؤمنِ، وأن نفتح على أنفسِنا باباً نبكي في المستقبل على فتحِه، وأن نُفْرِحَ أعداءَ الأُمَّةِ الذين ما فتئوا يدندنون حول هذه القضيَّةِ ويُطَالِبُونَ بِهَا، ويُظْهِرُونَ حُزْنَهُمْ عَلَى نِسَاءِ هَذَهِ البِلاَدِ أَنَّهُنَّ لاَ يَقُدنَ السَّيَّارَةَ، وَكَأَنَّ مُشْكِلاَتِ الْمَرأَةِ الْمُسْلِمَةِ سَتَنْتَهِي إِذَا قادت المرأةُ السيارة، وسيتطورُ المجتمعُ ويلحق بركاب المدنيةِ مع خروج المرأةِ لتقود السيارة.(1/29)
وفي 27/6/1424هـ. قامت إحدى الصحف المحلية بعمل استفتاءٍ عن قيادة المرأة للسيارة إذا كانت لضرورة، وقد تجاوزت الخامسة والثلاثين من عمرها، وفي أوقات معينة، وما جاء عصر اليوم التالي للاستفتاء 28/6 حتى بلغت عدد المشاركات قرابة 34 ألفاً، 89% منهم يرفضون قيادة المرأة للسيارة حتى لهذه الفئة المحدودة في هذا النظام المضيق؟ و10% يؤيدون، و1% لا يعرفون.
فما كان من الجريدة إلا أن اعتذرت، وأغلقت الباب، وكتب رئيس تحريرها يعتذر أنه لم يعلم بهذا الاستفتاء.
العُنْصُرُ الثَّالِثُ: مَا احْتَجَّ بِهِ الْمُنَادُونَ بِقِيَادَةَ الْمَرأَةِ لِلسَّيَّارَةِ
1- قَولُهُمْ: ((الأَصلُ فِي الأَشْيَاءِ الإِبَاحَةُ حَتَّى يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى التَّحرِيْمِ))،
وَلاَ يُوجَدُ نَصٌّ فِي الكِتَابِ وَلاَ فِي السُّنَّةِ وَلاَ الإِجْمَاعِ يُحَرِّمُ قِيَادَةَ الْمَرأَةِ لِلسَّيَّارَةِ.
وهذا قد أجبنا عنه بالتفصيل، وكيف أنّه مُعَارَضٌ بعدَّةِ قواعدَ فقهية، وبعشراتِ الأدلة.
2- قَولُهُمْ: هُنَاكَ مِنَ العُلَمَاءِ مَنْ يَرَى جَوَازَ قِيَادَةِ الْمَرأَةِ لِلسَّيَّارَةِ، وَمَا دَامَ أَنَّ الْمَسأَلَةَ خِلاَفِيَّةٌ، فَإِنَّ لِلإِنْسَانِ أَنْ يَأْخُذَ بِأَيِّ الرَّأْيَينِ شَاءَ.
وهذا مردود عليه؛ بأن كبار العلماء في هذه البلاد متفقون على ما منع المرأة من ((قيادةِ السيارة)) فلا وجه للتشويش عليهم، ثم إنّ اختلاف العلماءِ لا يعني جواز الاحتجاج بخلافهم على الأخذ بالرخصِ، أو الاحتجاج بالخلافِ على الإباحة، بل قال الله تعالى { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } وألوا الأمر هم الحكامُ والعلماء. وسيأتي بيان موقفهم –إن شاء الله- في العنصر الرابع.
3-احتجوا بالضرورة، وأن هناك أراملَ ومطلقاتٍ فقيراتٍ لا يستطعن جلب السائقين.(1/30)
فيقال لهم: (1) جاء الشرع الحكيم بتحقيق المصالح الراجحة العامة، لا لتحقيق المصالح المغمورة الخاصة، فلا يمكن أن يُفرَّط في مصالحِ المجتمعِ بأسره من أجل مصلحةِ فئةٍ.
(2 ) أنّ هذه الفئة لا يستطعن شراء سيارة لفقرهن فكيف يُتركُ المجتمع بأسره لتحقيق مصلحة مظنونة مغمورة ؟
(3) عدد من هذه الفئة يمكنهن قضاء لوازمهنّ من خلال سائق يجلب مع محرم له، أو وسائل النقل العامة، أو نحو ذلك.
(4) ليت هؤلاء الذين ينادون بهذا يلتفتون إلى العناية بأحوال هؤلاء الفقيرات، ويعملون على توفير فرص عمل شريف كريم لهن يغنيهن الله به عن مد يد طلب المساعدة إلى الأغنياء، أو يعملون على توفير وسائل مواصلات عامة تسهل عليهن أمر التنقل، بدلاً من المناداة بتسليمهن السيارات وفتح أبواب الشرور على المجتمعات.
4- رابع ما احتجوا به: أنَّ ((قيادة المرأة للسيارة)) يجعلها تستغني عن السائق الأجنبي الذي لا يكادُ يخلو منه بيت، وفي هذا توفير للمال، وحفظ للدخل القومي، وتجنيب للمجتمع شرور السائق الأجنبي.
ويقال: إقفال باب من أبواب الشر لا يعني فتح باب آخر، والغايةُ مهما كانت نبيلةً فإنها لا تبرر الوسيلةَ الممنوعة، ثم إننا لو نظرنا إلى المجتمعات القريبةِ منا لَمَّا أذنت للنساءِ بقيادةِ السيارة، هل أُخْرِجَ السائق الأجنبي من البيت؟ الجواب: لا، بل بقوا كما هم؛ لأنّ غالب قيادة المرأة للسيارة يأتي من غير حاجة، بل للتفاخر، والرغبة في تقليد من قدن السيارات، ويبقى السائق لقضاء شؤون البيت، وأخذ الأبناء للمدارس، وغير ذلك.
5- قَولُهُمْ: إِذَا كَانَتِ الْمَرأَةُ مَضْبُوطَةً فَلَنْ يَتَعَرَّضَ لَهَا أَحَدٌ بِسُوءٍ، سَوَاءٌ أَقَادَتِ السَّيَّارَةَ أَمْ لاَ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ، فَسَتَفْسُدُ سَوَاءٌ أَقَادَتِ السَّيَّارَةَ أَمْ لاَ، فلا داعي لهذا التحجير، ولابدَّ أنْ نَثِقَ بالمرأةِ.(1/31)
وهذا كلامُ من لم يشم رائحةَ الشريعة، ولا يعرف أحكامها، ولو قلنا بهذا القول لألغينا جميع الضوابط الشرعية، ولقلنا: لماذا يُحَرِّمُ الشارعُ علينا إطلاق النظر في النساء، ألا يثق فينا؟ ولماذا يحرم علينا الخلوة بالمرأة الأجنبية، ألا يثق فينا؟ ولماذا يمنع خروج الرجال عراةً أمام النساء، ألا يثق فيهم؟ ولماذا يمنع مبيت الرجل مع المرأة الأجنبية، ألا يثق فيهما؟
قال تعالى { وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهنّ من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن } .
وقال تعالى { يانساءَ النبي لستن كأحد من النساءِ إن اتقيتن فلا تخضعن بالقولِ فيطمع الذي في قلبه مرضٌ وقلن قولاً معروفاً . وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهليةِ الأولى وأقمن الصلاةَ وآتين الزكاةَ وأطعن اللهَ ورسولَهُ إنما يريد اللهُ ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً } .
فطهارة القلوب وزكاؤها، والبقاء على جادة الحقِّ والهدى، والحصولُ على لذة الإيمان يكون ما التزام أوامر الشارعِ لا مع تركها، ومع طاعة الله ورسوله لا مع ارتكاب المعاصي.
قَالَ الشَّاعِرُ أَحْمَدُ شَوْقِي:
بَرَزَ الثَّعْلَبُ يَوماًفِي شِعَارِ الوَاعِظِينا
فَمَشَى فِي الأَرضِ يَهْذِيوَيَسُبُّ الْمَاكِرِينا
وَيَقُولُ: الْحَمْدُ للهِ إِلَهِ الْعَالَمِيْنا
يَا عِبَادَ اللهِ، تُوبُوافَهُوَ كَهْفُ التَّائِبِينا
وَازْهَدُوا فِي الطَّيْرِ، إِنَّ العَيْشَ عَيْشُ الزَّاهِدِينا
وَاطْلُبُوا الدِّيْكَ يُؤَذِنْلِصَلاَةِ الصُّبْحَ فِيْنا
فَأَتَى الدِّيْكَ رَسُولٌمِنْ إِمَامِ النَّاسِكِيْنا
عَرَضَ الأَمْرَ عَلَيْهِوَهُوَ يَرجُو أَنْ يَلِيْنا
فَأَجَابَ الدِّيْكُ: عُذْراًيَا أَضَلَّ الْمُهْتَدِيْنَا
بَلِّغَ الثَّعلَبَ عَنِّيعَنْ جُدُودِي الصَّالِحِينا
عَنْ ذَوِي التِّيْجَانِ مِمَّنْدَخَلَ البَطْنَ اللَّعِيْنا
أَنَّهُمْ قَالُوا وَخَيْرُ القَولِ قَولُ العَارِفِينا:
(((1/32)
مُخْطِىءٌ مَنْ ظَنَّ يَوماًأَنَّ لِلثَّعْلَبِ دِيْنا))
[الشوقيات لأحمد شوقي 4/150].
6- قَولُهُمْ: إذا كانت المرأة تركب الجمل، فلماذا لا تركب السيارة؟
فيقال: ومن هو الذي منع المرأةَ أن تركب السيارة؟ حتى يقال: لماذا لا تركب السيارة كما كانت تركب الجمل؟ إنَّ مدار حديثِنا عن قيادتِها للسيارة، لا عن ركوبها.
ثم يقال لهم: هاتوا دليلاً واحداً أنَّ المرأةَ في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت تركب الجمل بمفردها، وتكشف عن وجهها، وتسير بين الناس في نواديهم ينظرون إليها؟
ألم تكن المرأة في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - تركب الهودجَ، لا ترى الرجال ولا يرونها، وفي الصحيحين: في قصة الإفك، حمل الرجال الهودج ووضعوه على الراحلة يظنون عائشة رضي الله عنها فيه، ولم تكن فيه، وهذا يدل على أنّ المرأة كانت تدخل في الهودج وتختفي عن الأعين، والرجال هم الذين يقودون الجمل لا هي!
وإذا كان الجمل بدون هودج فإنّ المرأةَ تكون رديفةً لا قائدة، ففي حجَّةِ الوداع استأذنت أمُّ المؤمنين عائشةُ رضي الله عنها رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في أن تأتي بعمرة مثل بقية النساء، فلم يأذن لها أن تذهب بمفردها بضعة أميال، والطريق عامرة بالناس، بل أمر أخاها عبد الرحمن - رضي الله عنه - أن يخرج بها، فأردفها، وخرج بها إلى التنعيم.
ثم هل ركوب الجمل فيه الأخطار الموجودة في ركوب المرأة السيارة التي ذكرنا شيئاً منها؟
وهل ركوب الجملِ يقع كل يوم، أم أنّه في السفر وقطع المسافاتِ البعيدةِ فقط؟ وهذه لا تحصل إلا في بعضِ الأحايين، فكيف نعلق هذا المتكرر الذي تعتمد عليه مصالح الناس اليومية بهذا الذي لا يقع إلا عند الحاجة خارج البلدان والطرقِ المطروقة؟
7- قَولُهُمْ: نحن لن نأذن بقيادة المرأة للسيارة دفعة واحدة كما فعل غيرُنا، بل سنجعل ذلك لذواتِ الاحتياجاتِ الخاصةِ، في أوقات العمل، ولسن معينة، ونحو ذلك مما سئمنا سماعه.(1/33)
ويقال لهم: إنكم تعلمون أنّ هذه مقدمةٌ غيرُ مقصودةٍ، بل المقصودُ ما وراءها؛ من فتح الباب على مصراعيه، وهذه ((شنشنةٌ نعرفها من أخزم)).
8- قَولُهُمْ: الإذنُ للمرأةِ بقيادةِ السيارةِ سيخفف الضغوط الدوليةَ علينا، ونحن نرى كيف يضغط علينا هؤلاء، فلنرضهم بهذا حتى يقلعوا عنّا.
ويقال لهم: إن كنتم تظنون أن أعداء اللهِ سيكفون عنكم إذا رأوكم تنازلتم عن شيء من الحق الذي عندكم فأنتم واهمون؛ لأن الله تعالى أعلم منا ومنكم بأعدائنا، فهو خالقهم، العليم بما تكنه صدورهم { ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير } .
هؤلاء لن يكفوا عنا إذا تنازلنا عن شيء من ديننا حتى يروا أننا قد تركنا ديننا بالكلية، ولن يرضوا بتركنا لديننا حتى نلحق بهم وندين بدينهم، عياذاً بالله.
قال تعالى { ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم } .
وقال تعالى { ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا } .
وقد حذرنا اللهُ - عز وجل - أشدَّ التحذير من هذا التخاذل، فقال { فاستقمْ كمآ أُمرتَ ومن تابَ معكَ ولا تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تعملون بصيرٌ . ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسَّكُمُ النَّارُ وما لكم من دون اللهِ من أوليآءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ } .
[سورة هود، الآيتان 112و113].
قال العلامةُ ابن سعدي –رحمه الله-: أمر الله نبيه محمداً - صلى الله عليه وسلم - ومن معه من المؤمنين أن يستقيموا كما أُمروا، فيسلكوا ما شرعه الله من الشرائع، ويعتقدوا ما أخبرهم الله به من العقائد الصحيحة، ولا يزيغوا عن ذلك يمنةً ولا يسرةً، فإنه تعالى لا يخفى عليه من أعمالِهم شيئاً، ولا يميلوا إلى الكفارِ بموافقتِهم على باطلهم، فإنهم إذا مالوا إليهم ووافقوهم على باطلهم أدخلهم الله النار، عياذاً بالله.
وقال تعالى { ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً . إذاً لأذقناك ضعف الحياةِ وضعف المماتِ ثم لا تجدُ لك علينا نصيراً } .
[(1/34)
سورة الإسراء، الآيتان 74و75].
قال العلامةُ ابن سعدي –رحمه الله-: ولولا أن ثبتك الله على الحقِّ الذي عندك لركنت إليهم، ووافقتهم على بعض باطلهم، ولو وقع ذلك منك لضاعفنا عليك عذاب الدنيا والآخرة.
وقال تعالى { فترى الذين في قلوبهم مرضٌ يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرةٌ فعسى اللهُ أن يأتي بالفتحِ أو أمرٍ من عندِهِ فيُصبِحُوا على مآ أسَرُّوا نادمينَ } .
[سورة المائدة، الآية 52].
قال العلامة ابن سعدي –رحمه الله-: أي فترى المنافقين وضعاف الإيمان يتولون اليهودَ والنصارى ويقولون: نخشى أن تصيبنا دائرة، فيتمكن اليهود والنصارى منا، وهذا منهم سوء ظن بالله وبدينه، والفتح والعزةُ لله ولرسوله وللمؤمنين، ولكن ضعاف الإيمان يتخاذلون ثم يندمون.
العُنْصُرُ الْرَّابِع: الْمَوقِفُ الرَّسْمِيُّ مِنْ قِيَادَةِ الْمَرأَةِ لِلسَّيَّارَةِ
قال الأمير نايف بن عبد العزيز: إنّ قيادةَ المرأةِ للسيارةِ مرفوضٌ في مجتمعنا، وليس لدى الدولة أدنى توجهٍ لإجازته. وقال: ليست هناك دراسة بهذا الخصوص، وإن لكل مجتمع خصوصيته.
[جريدة الاقتصادية 26/1/1420هـ].
:: أما علماءُ هذه البلادِ فمجمعون على منعه ::
خَامِساً: الْخَاتِمَةُ.
أَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى لَنَا وَلِلْمُسْلِمِينَ التَّوْفِيقَ وَالْهِدَايَةَ وَالسَّدَادَ. وَاللهُ الْمُوَفِّقُ.
تمت
وإلَيْكُمُ صُوِرٌ ونَمَاذِج مِن قِيَادَةِ الِمرأَةِ للسْيَارَة
---
ملاحظة : ( حقوق الاستفادة من هذه المادة مشاعة لكل مسلم بشرط العزو إليها )
زورونا على موقع نوافذ الدعوة
www.dawahwin.com
بريد موقع نوافذ الدعوة
info@dawahwin.com(1/35)