الجمهورية العربية السورية
وزارة الإعلام
مديرية الرقابة
السماح بالتداول رقم :79969
تاريخ : الأحد 7/ربيع الآخر/1426هجري
الموافق : 15/ أيار / 2005 ميلادي
الموضوع : المتابعة علم و فن
المؤلف : محمد منير لكود
تقديم : المربية غازية لكود
تدقيق لغوي : ريم لكود - حسام لكود
تنسيق : م.حنان لكود
الطبعة الأولى
2005/2006
حقوق الطبع والنشر محفوظة لمعهد المحيط للغات والمتابعة
سورية - دمشق - داريا هـ6210393
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم :
إنّ الإحاطة بتربية الفرد تربية شمولية للفكر والنفس والجسد بالقول والعمل تفتح آفاقاً فسيحة تتطلب تضافر الجهود لبناء مجتمع صالح خلاق يواكب العصر حيث يبدأ هذا الجهد من تأسيس الأسرة حتى النضوج العلمي و النفسي والجسدي للجيل اللاحق ؛ موازياً بين الروح والعلم والعقل والعاطفة ومتسلحاً بالمعرفة لمتابعة واعية شاملة ومستمرة للأجيال.
ومما لا شك فيه أن هذا الأمر يفرض علينا وقفة متأنية مع الذات ونظرة ثاقبة للوراء تحيط بكل التفاصيل قبل المضي قدماً إلى الأمام في البناء الروحي والفكري لتحديد الهدف ، وشحذ الهمم ،واختيار الأساليب الناجعة لاستخدامها في تدارك التقصير، إن وجد، في أساس البناء ، والإسراع بترميمه لنضمن صموده أمام الرياح العاتية ومواكبته العصر قبل فوات الأوان .
من هنا نلمس فائدة هذا الكتيب الذي يعرض علينا بإيجاز خطوات المتابعة لمسيرة الجيل والنهوض به روحاً و فكراً وعملاً وجسداً ليستطيع تحمل مسؤولية بناء الأمة .
والله ولي التوفيق . . وهو وراء القصد .
غازية طه لكود
مقدمة:(1/1)
يبرز اكتساب الخبرة والمعرفة لجميع العلوم ، من كون الإنسان متمتعاً بالصحة العقلية والنفسية، ذلك أن العقل هو أداة التوازن ، التي يتم بواسطتها تنسيق وترتيب وتصنيف الأفكار العلمية ، وتقوم بضبط تصرفات الفرد ، حسب المعتقدات والمقاييس الأخلاقية والتقاليد الاجتماعية السائدة ، فالعاقل هو الذي يعزل الأفكار السلبية عن الإيجابية ، فيسلك الطريق الصحيح والسليم ، وبناء على ذلك نقول:"المحاكمة العقلية" ، فبها نميز بين مسألتين لبيان الرأي واتخاذ القرار المناسب .
والعقل يلزمه متابعة في التدريب والصقل ، بصورة مستمرة على مدى حياة الإنسان ، ليزداد معرفة و خبرة في جميع نواحي العلوم ، وتطوره لا يقف عند حد من الحدود.
وإزاء ذلك ؛ يخضع العقل لمؤثرات خارجية قد تكون إيجابية أو سلبية تترسخ فيه ، ويصعب التحول عنها ، فتكون هي المقياس الذي يبنى على أساسه الرأي والقرار الذي يتخذه الفرد في شؤون حياته اليومية ، وربما له علاقة بالأسرة ، أو المجتمع ، أو مؤسسة من مؤسسات الدولة ، لذلك من الضروري أن يكون العقل سليماً من الآفات الاعتقادية السلبية المتجذرة في أعماق التاريخ ، وتلك الأفكار الخاطئة المكتسبة حديثاً والتي يرفضها العلم والمنطق.
وأن تكون الصحة النفسية سليمة من الأمراض ، كالعُقد النفسية ، و الاكتئاب ، وفقدان الثقة بالنفس ، والخوف ، والحرمان العاطفي ، والتوحد ، والغرور والتمحور حول الذات ، والقلق ، والتسلط ، والكره، وغيرها من الأمراض النفسية.
لذلك يجب المحافظة على الصحة العقلية والنفسية عند الإنسان ، وتقع هذه المسؤولية على عاتق الوالدين بالدرجة الأولى ابتداءً من اختيار كلاً من الزوجين للآخر ، ثم المرحلة الجنينية للطفل ، فمرحلة الطفولة ، وصولاً لسن الرشد .
أهمية اختيار الزوج أو الزوجة :(1/2)
غالباً ما نلاحظ عند اتخاذ قرار لإنشاء شراكة ما بين اثنين أو أكثر ، لمنشأة صناعية أو تجارية أو زراعية ، أنه يلزم تدوين وتوثيق بنود اتفاق تُلزم الشركاء الرجوع إليها عند الحاجة و الضرورة .
فما بالك في تكوين أسرة تحتضن بنيناً وبنات ، وتقارب بين عائلتين كانتا بعيدتين كل البعد جغرافياً ونسباً ، فاتخاذ القرار في هذه الحال يجب بل ومن الضروري أن يكون مدروساً بجدٍ وحذر وتأن ، وأن يؤخذ رأي المقربين والأصدقاء الموثوق بهم ، وذلك لما لهذا القرار من أثر في بناء شخصية الأبناء ثمرة هذا التقارب من جهة،والعائلتين ومكانتهما الاجتماعية واستقرارهما العاطفي من جهة أخرى ، فالزواج ليس عملية اقتران بين الزوجين فحسب ، وإنما هو دخول كلٍ منهما إلى مجتمع الآخر، فتتفاوت العادات والتقاليد والدوافع والمفاهيم والخبرات ، كما أن المجتمع المحيط بالزوجة ، سوف ينخرط ويتواصل مع المجتمع الذي يحيط بالزوج ، وسيتقاسم هذان المجتمعان صلة القرابة مع أولاد الزوجين صفة الأجداد والجدات والأعمام والعمات والأخوال والخالات ، فإن لم يتحقق التكافؤ في المعرفة والعلم والعمل والمال والسيرة الاجتماعية والمسلكية وحُسن استخدام الألفاظ والجمل والعبارات المناسبة ، فستقلب الموازين وتتسبب بانشقاق هذه الأسر لتجعلها أحزاباً ، ثم تنشأ حوادثاً قد تكون مزعجة وأليمة ، وفي كثير من حالات الزواج ، يتأثر العروسان بمؤثرات ذات منشأ بيئي أو اجتماعي ، له علاقة بنشأة كلٍ منهما في محيط أسرة لها أولويتها في المنهج والمسلك والترابط الفكري والعاطفي ، غالباً مركزه الأبوان .(1/3)
فعلى سبيل المثال عمليات نقل الدم : حيث يحرص الأطباء دوماً ، على أن تكون زمرة الدم المراد نقلها من إنسان إلى آخر من نفس الزمرة ، ورغم ذلك فإن الجسم يستنفر دفاعه حتى يتأكد أن الزائر الجديد هو صديق ،فتستقر قواه المستنفرة . أما إن كانت زمرة الدم مختلفة، فإنها ستؤدي إلى حتف ذلك الإنسان الذي نُقل إليه الدم .
وتختلف الظروف في اختيار الزوجة أو الزوج ، فإما أن تكون :
1-لعامل الصدفة .
2-مشاورات تتم بوساطة النساء من جهة الزوجين .
3-علاقة حب وغرام .
4-أحد الأصدقاء رشح الزوج أو الزوجة ليتم الاختيار
وتبعاً لمقومات الاختيار يتبين ما يلي :
1-أن كلاً من الزوجين مكمل للآخر .
2- يتم التفاهم بين الزوجين بالتنازل أو مسايرة كل منهما للآخر .
3-و قد لا يحصل التفاهم بينهما ، فينتج:
أ- الخلاف والنزاع وربما يتطور لدرجة ضرب أحدهما الآخر .
ب- قد تحدث جريمة قتل بغير قصد بسبب التدافع الحاصل أثناء الخلاف .
ج- لجوء الزوجة إلى أهلها وذويها فتتسع دائرة الخلاف لتشمل عائلتي الزوجين ، ثم وساطة أهل الجاه والخير للخروج من مأزق قد يكون تافهاً في بادئ الأمر ولم تكن لهما القدرة على تجاوز أو حل مشكلاتهما الحياتية التي اعترضت سبيل مسيرتهما الزوجية .
د- في حال لم تتوصل لجان الوساطة إلى حل المشكلة بسبب تعنت طرفي النزاع ، فليس لهما إلا مخرجاً واحداً ألا وهو الطلاق في سن مبكرة من عمر الزواج، والذي هو أكره الحلال عند الله .
هـ- وربما نشاهد المسرحيات المتنقلة لتجاذب الأطفال ،التي تدور بين العائلتين في أروقة المحاكم وبيوت الأجداد ، والتي تتأثر بها صحة الأطفال العقلية والنفسية .
وهنا أود التأكيد على ضرورة الالتزام بوصية رسول الله (صلى) حين قال :
"تنكح المرأة لأربع : لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك " صحيح البخاري "5090" .
و قال أيضاً:(1/4)
"إن جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ، إن لم تفعلوا تكن فتنة وفساد في الأرض عظيم.." .
وبالمداخلة ما بين حديثي رسول الله (صلى) ، نستخلص أن شرط الدين مشترك لاختيار الزوجة أو الزوج ، ولذلك فإنه يجب على كل منهما أن يتخذ الدين المنزّل من عند الله معتقداً له ، ويلتزم بآدابه وتعاليمه ، ليصبح ضميره الداخلي ومشاعره وتصرفاته تشرق سلاماً ووئاماً وخيراً على الآخر ، وعندها يكون كل من الزوجين مكملاً للآخر ، فيهيئان بيئة مناسبة لتربية الأطفال.
وفي جميع الأحوال فإن مسؤولية الوالدين تجاه أولادهم قائمة لا يعفيان منها . وفي ذلك يقول رسول الله (صلى) :
"كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته والأمير راع والرجل راع على أهل بيته و المرأة راعية على بيت زوجها وولده فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته " . صحيح البخاري (5200)
وقد اقتصرت الحديث عن مسؤوليتهما تجاه ثلاث مراحل وهي :
1-المرحلة الجنينية .
2-مرحلة الطفولة .
3-مرحلة البلوغ إلى سن الرشد .
ولهذه المراحل أهمية بالغة في تطور وتبلور شخصية الإنسان ، فهي التي تجعله قادراً على اتخاذ القرارات ، وتحديد الأولويات الصحيحة لشق طريقه في الحياة ،ومواجهة الصعوبات والعقبات التي تعترضه.
مسؤولية الوالدين عن المرحلة الجنينية:
تبين الأبحاث العلمية التي أجريت أن الجنين يتأثر بالكحول والعقاقير الطبية في حال تناولها الإنسان ، وقد نبهنا الله سبحانه وتعالى إلى ضرر الخمر في قوله:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}المائدة:(90).
رجس : خبيث ، قذر ، نجس .(1/5)
الخمر هو شراب تدخل في تركيبه مادة الكحول ، إن تناوله الإنسان يجعله في حالة غيبوبة أو فقدان للتوازن ، وذهاب للعقل ، وعندها يفقد الإنسان الإدراك لما يحصل حوله ، فيطمع في ماله الطامعون ، ويعتدي على شرفه المسيئون الخسيسون ، فتذهب هيبته ووقاره .
وهنا أريد التأكيد على جانب مهم جداً لما يلحق بالجنين من ضرر قبل ولادته ، فبعد أن تعرفنا على خطورة شرب الخمر لنتأمل قوله تعالى :
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ12/23ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ13/23ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} سورة المؤمنون (12-13-14).
إن الله سبحانه يبين لنا في هذه الآيات تسلسل تطور الجنين في رحم الأم ، نطفة _ علقه _ مضغة _ عظام _ فكسا العظام لحماً.
وعندما يتناول الإنسان الخمر ، فإن مادة الكحول تسري في دمه ، ويمتد تأثيرها إلى النطف عند الرجل والبويضة عند المرأة ، وتجعلهما عليلين ضعيفين ، فكيف سيكون نتاجهما برأيك... ؟
أثبت العلم أن الكحول والعقاقير يمكن أن تصبح سبباً لمجموعة من الأمراض التي يتعرض لها الأطفال حديثو الولادة ؛ كأمراض الكلى والكبد والقلب وجميع أشكال التخلف العقلي بدءاً من الاختلال النفسي إلى البله التام ، ففي حالة السُّكر يجب تجنب حدوث الحمل نهائياً .
من هذه الحقائق التي بيّنها العلم ، نستطيع تفسير أحد جوانب معنى (رِجس ) الذي وصف به الخمر والميسر والأنصاب والأزلام .
كما تبين علمياً أن الجنين السليم وراثياً ، يمكن أن ينمو بصورة غير طبيعية ، إذا تعرض لتأثير العوامل الضارة المختلفة في تلك الفترة الحرجة بالذات ، وهي الأيام الأولى بعد الحمل ، والفترة ما بين الأسبوعين الأول والسابع للحمل .(1/6)
ففي الأسابيع الثلاثة الأولى للحياة الجنينية يجري انفصال جميع البدايات الجنينية الأساسية ، وتتحدد مناحي تطور مختلف المجموعات الخلوية التي تتشكل منها فيما بعد مختلف الأعضاء والأنسجة .
وفي الفترة ما بين الأسبوعين الرابع والسابع للحمل ، تتشكل المشيمة والتي هي صلة الوصل بين جسم الأم والجنين ، وتأتي أهمية هذه المرحلة من كونها تترافق بنمو الأعضاء الداخلية للجنين ، وتكوّن جملته العصبية المركزية ، والأطراف .
فيجب على الأم أن تهتم بصحتها النفسية وخاصة قبل الفترة التي تسبق الحمل ، وأيضاً مراقبة تطور الجنين الذي يكون فيها شديد الحساسية لمختلف أشكال المؤثرات التي تنتقل إليه عن طريق الأم ، وعلى الأب مراعاة هذه المؤثرات والعمل جاهداً لعدم حدوثها ، لأن المسؤولية مشتركة ، ويتحمل عواقبها الوالدان بالدرجة الأولى .
روت لي ابنتي قصة من واقعنا عن إحدى صديقاتها، فقالت :
لي صديقة تعاقبت لديها ولادات متقاربة لمولودَين متتاليين ، ولما عرفَت أنها حامل بالمولود الثالث ؛ ولظنها بعدم قدرتها على تحمل رعاية ثلاثة مواليد بأعمار متقاربة ، تأزمت نفسيتها وتكدرت ، ورفضته متأففة طوال فترة الحمل ، وعندما وضعته وتمت الولادة ، تدفقت مشاعرها وحنينها تجاهه ، فضمته إلى صدرها لترضعه من حليبها ، فرفض الرضاعة منها ، وكأن لسان حاله يقول معاتباً : كما رفضتني وأنا في أحشائك ، لي الحق أيضاً أن أرفض تناول حليبك ، وهذه الحال جعلت الأسرة في حيرة شديدة ، وجعلت الأم على وجه الخصوص في حالة من تأنيب الضمير والذهول، فاضطر الوالدان لاستبدال حليب الأم بحليب آخر طيلة فترة الإرضاع .
وقد تتأزم حالة الأم النفسية ، إذا علمت أنها حامل بأنثى ، لأن زوجها لا يرحب بذلك ، فيكفهر وجهه ، ويجهل أن تحديد الذكورة والأنوثة عائد إليه بالذات ، فذلك كله بقدرة الله سبحانه الخالق المبدع كما بيّن لنا في قوله :(1/7)
{أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى36/75أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى37/75ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى38/75فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى} سورة القيامة :(36-39) .
وبيّن العلم أن النطف تصدر عن الرجل وهي نطف مذكرة أو مؤنثة ، فالتي تخترق جدار البويضة أولاً ، هي التي تحدد جنس المولود . فليهدأ الإنسان ، وليؤمن بالله ويستغفره ، ليطمئن قلبه.
مسؤولية الوالدين عن مرحلة الطفولة .
إن الطفل منذ لحظة ولادته ، يصبح كائناً اجتماعياً ، لأن مخه يحمل صفات وراثية تحدد الخصائص التي تميز سلوكه عن السلوك الغريزي للحيوان ، وبينت الأبحاث أن مخ الطفل يمارس النشاط العقلي منذ الأسابيع الثلاثة الأولى من عمره ، فالابتسامة ، وبريق العينين ، والتنفس بسرعة ، وتحريك اليدين والرجلين ، وشعوره بالتأثيرات السمعية والبصرية ، ما هي إلا قرائن لظهور حاجاته الروحية للمعاشرة والتأمل والتفكير .
والأم التي تغني لابنها ، وتهدهده ، وتبتسم له ، وتضمه إلى صدرها ، وتهمس له بكلمات الحب والرعاية والشوق ، وإن كان جائعاً تطعمه ، أو متسخاً تنظفه ، وتؤمن له الدفء والحنان اللازميين ، وتحرر يديه ورجليه لتأمين الراحة له ، فكل ما تقوم به قرائن لإشباع حاجات الأمومة لديها .
ونتيجة لحاجة كل منهما للآخر نلاحظ ما يلي :
1-تظهر لدى الطفل بحضور الأم مظاهر البهجة والسرور والشعور بالراحة والهدوء والاطمئنان .
2-إن غياب الأم أو قلة حنانها وعطفها ، يسبب للطفل تدهوراً في
صحته النفسية والجسدية ، وشعوراً بالعجز والحقد والكراهية تجاه الآخرين ، كما يصيبه بالقلق والاضطراب والخوف ورؤية الكوابيس ، فيصبح إنطوائياً حزيناً ، وهذا ما يفسر رغبته بالابتعاد والانزواء.
3-ومن المحال إيجاد بديل للأم ، فعطاءها الروحي والمعنوي والمادي بلا حدود ولا منة فهي لا تنتظر أي مكافأة أو مقابل .(1/8)
4-وأيضاً غياب الطفل عن أمه يسبب لها تدهوراً في صحتها النفسية والجسدية والعقلية.
5-على الرغم من أن الأبناء يصبحون آباءً فإنهم أحياناً يتصرفون في حضرة أمهاتهم كالأطفال ويستذكرون دفء عاطفتها وحلاوة أحاديثها العذبة .
ولكن لا يعني فقدان الطفل لأمه حكماً مبرماً بأن ينشأ بشخصية فاشلة ومتأخرة في نموها العقلي والنفسي ، فكم من الشخصيات الفذّة ترعرعت ونمت بصورة متألقة غنية في روحها وهي فاقدة لأمها منذ الولادة .
وكثيراً من الشخصيات الخطرة على المجتمع ، وغير المتكاملة عقلياً ، نشأت في أحضان أمهاتها تحوفها وترعاها أسر ذات فعاليات عالية اجتماعياً.
وإنما أردت التأكيد على أهمية التماس الانفعالي بين الطفل وأمه ، وإبراز الدور الكبير للأم في تكوين شخصية ولدها ، ونموه النفسي العام ، فالأسرة التي هي الأم والأب والجد والجدة للأبوين ،ترتبط في مخيلة الطفل بإمكانية الحصول على المساعدة والحماية وضمان الهدوء والطمأنينة وتوطيد الثقة بالنفس ، ومن خلال إشباع حاجات الطفل العضوية والروحية تتحدد طبيعة العلاقات المتبادلة ما بين الطفل والمجتمع من حوله .
وحكمة الخالق عز وجل ، اقتضت توزيع الأدوار في تربية الأبناء ما بين المرأة والرجل ولكلٍ وظيفته ، حسب بنيته وتركيبته المناسبتين لكل دور ، فالرجل يتقاسم مع الأم بنية الطفل الوراثية من حيث الشكل واللون والذكاء .....الخ.
قال تعالى في سورة الطارق :
{فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ5/86خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ6/86يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ7} .
في الآية :
ماء : وهو مزيج من ماءي الرجل و المرأة .
دافق : القذف بقوة داخل الرحم .
الصلب : الظهر .
الترائب : ضلوع الصدر .(1/9)
فالمرأة تستضيف هذا المزيج من الماء في رحمها ، للتكوين الذي خلقت من أجله لاستمرار البقاء ، إلى أن يشاء الله ، وهي مؤتمنة على صحته وسلامته وتغذيته داخل رحمها ، والتشريع يحاسبها إن أصابه مكروه عن قصد أو إسقاط من غير ضرورة .
وبعد الولادة أيضاً فبنيتها مهيأة لإرضاع الطفل ، ونعومة جسدها ملائمة لخلايا الطفل حديث الولادة ، فالوضعية التي يكون فيها أثناء الإرضاع محاطاً بذراعي أمه ملفوفاً و بمكان يسمح لحرارتها أن يشكل منبعاً للدفء ، ولإحساس الأم بأن وليدها هو جزء منها ، تتهيج بين ضلوعها العاطفة والحنان لخدمته ورعايته العضوية والروحية .
والرجل إزاء هذا الدور الذي منح من الخالق لزوجته ، لا يسعه إلا أن ينظر ويتفاعل معه بالمشاعر والأحاسيس المفعمة بالحب والبهجة والسرور ، وتقديم كل ما يلزم من حاجات على وجه السرعة ، وحماية الأم ووليدها بكل ما يستطيع من قوة ، وتأمين الرعاية الصحية ، والقيام بمهام منزلية متعددة ، والحفاظ على الهدوء .
وتصرف الأب على هذا النحو ، يولد جواً من التفاهم والود المتبادل النابع من الأعماق ، فترتاح الأم لذلك وتشعر بالسعادة والسرور والاطمئنان ، وفي هذا الجو المفعم بالحب والحنان ، نرى الأب يتقرب من طفله ويكلمه بكلمات رقيقة ، ومداعبات لطيفة ، فيتولد لديه الإحساس بالفخر والعطف والمحبة والولع،والاندفاع لرعاية أسرته ولذا نراه مسرعا ًبالعودة إليها قلقاً عليها ، وبالمقابل تتشكل لدى الطفل تجاه والده مشاعر مماثلة من المودة ، فنراه مرفرفاً بيديه ورجليه ، ونلمح بريقاً في عينيه ، وارتفاعاً بصوت مناغاته ،ونجده مراقباً والده بالنظر إليه .(1/10)
والشائع بين معظم الآباء أنّ مثل هذه الأعمال من اختصاص النساء فقط ، ولا شأن لهم بها ؛ علماً أنّ ابتعاد الآباء عن أطفالهم حديثي الولادة يفقدهم التنعم والشعور بلذة العاطفة والحنان اللتين لا يمكن الإحساس بهما إلا إذا تم التقرب من الطفل وتبادل مشاعر المداعبة وعذب المحاكاة معه .
كما نلحظ شعور الأم بخيبة الأمل ، لعدم اكتراث زوجها بالضيف الجديد القادم إلى هذه الأسرة ، فتفقد بعضاً من مشاعر الحب ، ويعتريها الضيق والضجر ، ويتكدر مزاجها ، لينعكس ذلك على تصرفاتها ، وتفقد بعضاً من عافيتها التي يتأثر بها وليدها ، فيُشحن جوّ المنزل بالخصومات والمشاحنات وعدم الارتياح .
وخلال المرحلة التي يستطيع فيها الطفل الحركة والتنقل من تلقاء نفسه ، تظهر لديه بدايات نمو الثقة بالنفس ، والمحاولة لاستطلاع ما يحيط به من أشياء ، فتنشط حالته الصحية والنفسية والجسدية ، لذلك يجب متابعته في كل حركة ، وأخذ الحذر والحيطة والمراقبة الشديدة ، لأن الطفل في هذه المرحلة يتحسس الأشياء بواسطة فمه ، كونه العضو الأكثر فاعلية ، وإزاء ذلك يجب رفع المواد الضارة عن متناول يده ، كالأدوية ومواد التنظيف ، والانتباه للأشياء الصغيرة التي يلتقطها كي لا يضعها في أنفه ؛ كقطع "بلاستك" أو إسفنج أو حبوب كالحمص والفستق والبازلاء وغيرها ، فدخول أجسام غريبة في الأنف تسبب التهابات و إنتانات وغيرها من الآفات الصحية ، كما يجب الحذر من دخوله المطبخ وخاصة عند وجود "مقلاة الزيت أو الماء المغلي أو قدر الطبخ" فذلك قد يسبب للأسرة والطفل مأساة ترافقهم مدى الحياة ؛ لأنّ الطفل في هذه المرحلة يتولد عنده فضول زائد وكبير للمعرفة ، ولا يدرك مخاطر هكذا أشياء .(1/11)
وأثناء حذرنا من المخاطر التي قد تحدث ، يجب أن نراعي إلى حد كبير حالة الطفل النفسية ، فلا نلجأ إلى المنع والمعاقبة بالقمع ، والإكثار من استخدام علامات النهي (لا) - (دع هذا) أو عبارات الردع ، فلا نغفل عن قول الله سبحانه في سورة الرحمن (1-4) :
{الرَّحْمَنُ1/55عَلَّمَ الْقُرْآنَ2/55خَلَقَ الْإِنسَانَ3/55عَلَّمَهُ الْبَيَانَ4}.
فإن حركة الطفل سلوك مميز لجميع الأطفال كي يتعلموا البيان ، وتتطور لديهم المعرفة والإطلاع والاستقصاء عن كل شيء ، وهذا متعلق بالعمليات الفيزيولوجية المتطورة التي تجري في قشرة المخ ، فهو في هذه المرحلة بحاجة لتكوين انطباعات مختلفة عن كل ما يراه ، ولا يمكن إشباع هذه الحاجة إذ كلما حصل الطفل على انطباعات أكثر ظهرت لديه رغبة بالحصول على المزيد ، وهذه الرغبة تتحول فيما بعد إلى حاجة للمعرفة والإطلاع تضمن نموه النفسي والمتكامل الذي لا يمكن أن يتم دون التعلم واستيعاب الخبرات التي اكتسبتها البشرية ،فنجده يشعر بالبهجة والمتعة كلما تعرف على أمر جديد.
ولهذا السبب نلاحظ متابعة الأطفال لبرامج التلفاز التي تقصّ عليهم الحكايات والمغامرات ، وهنا يجب على الأهل التركيز على الأفلام الهادفة ، لأنها ستكون المبادئ الأساسية للأفكار التي سترسخ في عقولهم وتصبح مقياساً لتصرفاتهم وسلوكهم وتفاعلهم في المجتمع ، وإذا منعنا هذه المؤثرات والانطباعات عن الطفل ، فإنه يصبح مضطرباً وشرساً وعنيداً وغير مطيع ، وقد يؤدي هذا إلى عرقلة نموه وتطوره العقلي والنفسي والجسدي ، وربما يزيد في نسبة الوفيات لدى الأطفال .
ويجب ألا ننسى المؤثرات والانطباعات التي تتولد عند الأطفال عن طريق الألعاب، وألا نميز باختيار الألعاب بين البنين والبنات ، وأن نترك حرية الاختيار للطفل وحده ، ونبتعد عن شراء الدمى التي تبعث في نفس الطفل الفزع والخوف والصدمات الانفعالية بالأصوات التي تطلقها .(1/12)
ويجب أن نبتعد بمزاحنا عن تلك الحركات التي نظن بأنها مسلية ، وتدخل الفرحة والبهجة في نفوس أطفالنا ، فنفاجأ بأنها قلبت الموازين وأدخلت الفزع والرعب في نفوسهم ،فيرافقهم ذلك مدى الحياة .
ويتأثر الطفل بالمصاحبة ، فإن أبدت الأم أنها خائفة من الصرصور ، وراحت تركض مبتعدة ، فإن الطفل يلحق بها متأثراً ، ويعتريه الخوف والفزع كلما واجهته مثل هذه المشكلة .
لذلك يجب اصطحاب الأطفال إلى الطبيعة ، وأن نريهم الكائنات المتنوعة فيها ؛ كالنمل والنحل و"الدبور" والسحالي والقطط والكلاب والقنافذ والسلاحف والفئران والأفاعي والضفادع والطيور بأشكالها ، ونأخذهم في زيارة إلى حديقة الحيوان ، ليتعرفوا على الوحوش والحيوانات البرية والأليفة ، ونشرح لهم عن طبيعة كل كائن والفائدة منه ، بحيث تنمو لديهم المعرفة والانطباع بشكل إيجابي ، لأن ميزات الإنسان مكتسبة من البيئة التي تحيط بالأسرة، أو المجتمع،ومن ظروف المعايشة ومن تأثير المصاحبة المستمرة والطويلة.
وكان خلفاء بني أمية وأمراؤهم يرسلون أولادهم إلى البادية ، ليتعلموا من الطبيعة وجغرافية المكان ، تحمل العطش وشظف العيش والخشونة والشجاعة، أمام وحوش البر سهلاً وجبلاً ، وصفاء الذهن والذكاء واستقصاء الأثر والحدس والفطنة والفراسة ، والقتال والعفو عند المقدرة ، والكرم وحسن الضيافة وإغاثة الملهوف وحماية المستجير ، فبرفقة الأبطال يتعلمون ضبط النفس والإقدام والتصميم والمقدرة على اجتياز الصعاب ، فهذه الميزات يكتسبها الإنسان بالمعايشة والمصاحبة والخبرة والتمرين المستمر .
وبناء على ما تقدم ، يجب الانتباه إلى أولادنا من صحبة الآخرين أولئك الذين تعلموا ونشؤوا في مناخ مشبع بالتخاذل والأنانية والحقد والحسد والشغب والفوضى والوقاحة والتعجرف ؛ لأن ذلك يقودهم إلى الخيانة والغش والانتقام والجريمة والإدمان على السجائر والمخدرات والمسكرات وارتيادهم الملاهي الليلية .(1/13)
كما أنه لا يمكن عزلهم تماماً عن المجتمع ، كي لا ينشؤون انطوائيين خجولين متلعثمين لا يستطيعون الإفصاح عن رأيهم .
والإنسان ليس رجلاً آلياً نخزّن فيه المعلومات ونطلبها منه "بكبسة زر" ، وإنما هو عنصر بشري يشعر ويحس ويطمح ، ويكتسب سلوكه ممن يحيطون به حسب قناعته بالمعلم والموجه اللذين يقدمان له تلك المعلومات أو الخبرات مواتية للظرف والزمن المناسبين.
وعندما يقارب الطفل عامه الثالث تطرأ على شخصيته تطورات قد تفاجئنا ، فهو الآن يطالبنا بتنفيذ حاجاته بنفسه ، ويريد أن يخلع سرواله الداخلي ليذهب إلى الحمّام ، وعند الانتهاء باستطاعته ارتداءه ، ويحاول أحياناً أن يدخل رجليه في فتحة واحدة من السروال ، أو أن يلبسه مقلوباً أو موروباً ، وأيضاً يحاول فتح غطاء قارورة المشروبات الغازية ثم إغلاقها ، وإذا خالفته بما يريد فعله فعليك تحمل صراخه ومشاكسته وعناده والتدحرج على الأرض بغضبٍ والدموع الغزيرة تنهمر على خديه ، فيفاجأ الوالدان بهذا المشهد الجديد .
إن هذه المرحلة من العمر تتطلب من الأهل الإحاطة بجميع الأسباب والظروف المتنوعة ، والتصرف بحكمة والتفنن في مواجهة تصرفات طفلهم بأن يظهروا الاستياء مرة ، والتغاضي مرة أخرى ، والتوبيخ والتقريع أو المعاقبة في أصعب الظروف ، لأنه في هذه المرحلة يكون الوعي الذاتي قد تشكل لدى الطفل ، أي إدراكه لشخصيته المميزة "الأنا" وإحساسه بإمكانياته المتفردة.(1/14)
وفي هذه المرحلة إذا تمكنت الأم من إدراك حقيقة طفلها ، فإن ذلك سيساعدها على تجنب الخلاف معه بأن تُشبع حاجاته ، فتوكل إليه بعض الأعمال مجزأة تناسب قدرته ، مثل نقل الصحون أو الأكواب إلى المطبخ ، وتوجيهه بأن لا يخفق بذلك ، ثم توكل إليه عملاً جديداً ؛كأن تقول له : " تعال يا مرتب و رتب ألعابك في مكانها" أو " ساعدني في رفع هذه الوسادة يا صغيري "، "أنا أعرف أن باستطاعتك الأكل بالملعقة ، احملها باليد اليمنى فذلك أفضل " ، وأيضاً ينمو لدى الطفل اختيار لما يرغب من أشياء ، ورفض لأشياء أخرى ، وهذا السلوك يظهر جلياً عند مخالطته الآخرين كباراً وصغاراً ، فترتفع أصوات المعارضة والغضب والمشاكسة والعناد والبكاء الشديد ، لأنه في ذلك يريد استقلاليته ، وتلبية رغباته ونزعاته .
يجب أن نكون معتدلين في دلال الطفل وملاطفته وتلبية حاجاته ورغباته وأهوائه ، وعدم تقييد شعور المبادرة والاعتماد على النفس عنده ، وعدم الإصرار على كسر إرادته ، فلنضع أنفسنا مكانه في حالة الهيجان والغضب الشديد ، ولذا فإن عناد الطفل ومشاكسته وغضبه ، هو صورة هيجان وتأثر شديد ، فلا يعي أي شيء ولا يسمع ولا يستوعب ولا يفهم ، وإذا ضُرب فإن الحالة ستسوء ويزيد الوضع توتراً ، لذلك يفضل الانتظار حتى يهدأ ، ثم نلجأ إلى إقناعه ، لنثبت له صحة ما نعتقد ، إن مخالفتنا لإرادة الطفل ثم العودة لإرضائه بعد الغضب والبكاء هو تصرف خاطئ ، لأنه يرسخ العناد والمشاكسة لديه ، فكلما أراد مطلباً يلجأ إلى نفس الأسلوب.
إن عمر الطفل الذي يسبق المدرسة ، هو مرحلة حرجة مليئة بالانعطافات الخطيرة والمفاجئة في سلوكه.(1/15)
في هذه المرحلة يتشكل لدى الطفل شعور وعي للذات ، والسعي لإشباع رغباته دون إدراكه لإمكانية ذلك أو عدمه ، فيعتبر والديه وجميع الألعاب تخصه وحده فقط ، ولا يتقبل أحداً أن يشاركه أو يأخذ منه شيئاً ، لأن شعور ال(أنا) بدأ ينمو لديه وهذا الشعور هو أهم شكل من أشكال نشاط الشخصية ، لأن وعي وإحساس الطفل لطاقاته الجسدية ، منطلق لوعي صفاته الأخلاقية ، فإذا استطاع الوالدان معرفة الفترة التي يتشكل فيها وعي الذات لدى الطفل ، يكون التعامل معه أسلماً و أسهلاً لإدارة النواحي الإيجابية وتنميتها ، والسيطرة والحد من ظهور النواحي السلبية ؛ كأن يُطلب من الطفل تقطيع قالب الحلوى الذي أُحضر لحفلة نجاحه بالروضة ، ونشعره بأن جميع هؤلاء جاؤوا للمشاركة بنجاحه ، وهم فرحون ومسرورون لأجله ، فنشجعه على توزيع الحلوى إكراماً لهم وشكرهم على المشاركة .
ويجب أن نكون حذرين من تضخيم شعور الأنانية وحب التملك لديه ، كأن نقول له : (هذه لك وحدك ) _ (لا تسمح للآخرين أن يمسوا كتبك لأنهم سيمزقونها ) _ ( لا تعطي ألعابك للآخرين فسوف يكسرونها ) ، فهذا التحذير يقود شخصيته لمنعطف خطر على نفسه وعلى المجتمع .
ومن مسؤوليات الوالدين تعليم الأبناء قواعداً أساسية وهامة قد ترافقهم مدى الحياة ، والتأكد من متابعة ترسيخها لتصبح عادة لديهم :
1-الصحة البدنية العامة :
- التنظيف بالماء والتجفيف بعد الخروج والتبول .
- غسل اليدين بالماء والصابون بعد الخروج من الحمام.
- غسل اليدين بالماء والصابون قبل الطعام وبعده .
- تقليم الأظافر وقاية من الجراثيم التي تتخذها ملجأ ومخبأ .
- نظافة الأسنان والمحافظة عليها، وعدم استخدامها لكسر الأشياء الصلبة ، وعدم الإفراط في تناول السكاكر والشوكولا.
- نظافة الأنف ، وعدم نقره بالإصبع ، واستخدام المناديل الورقية.(1/16)
- حماية العين من المؤثرات الخارجية ؛ كمشاهدة التلفاز والجلوس إلى الحاسوب لمدة زمنية طويلة ، وحمايتها من الغبار والمواد المؤذية ، والحذر من تعرضها لصدمات من قِبل أجسام صلبة ، أو النظر إلى النور المبهر طويلاً ، مع مراعاة النوم المبكر.
- عدم المشي حافي القدمين أو القفز من أماكن مرتفعة .
- الابتعاد عن تناول الأدوية بدون وصفة طبية .
- غسل الفاكهة والخضراوات قبل تناولها .
- تناول الأطعمة المختلفة، وذلك لأهمية تنوع الغذاء وحاجة الجسم للفيتامينات والبروتينات والمعادن الضرورية .
- عدم مضغ الإصبع أو وضع القلم في الفم .
2-الصحة السلوكية :
- المحافظة على الصلاة في مواعيدها .
- طاعة الوالدين والقائمين على تربيته العلمية والاجتماعية .
- مساعدة الوالدين والمرضى و المقعدين، وذوي الحاجات الخاصة .
- عدم الإساءة إلى الجيران،والاهتمام براحتهم .
- استقبال الضيوف بوجه بشوش .
- الابتعاد عن نشر الفوضى في المنزل ،و عدم الكتابة على الجدران.
- العناية بترتيب الحوائج والسرير ونظافة غرفته.
- الاهتمام بالملابس وعدم تمزيقها واتساخها .
- العناية بالكتب والقرطاسية .
- عدم العبث بالأجهزة المنزلية و الابتعاد عن كل ما يؤذي ، كالكهرباء ، والأدوات الجارحة والكبريت ،والحذر من النار دوماً، وعدم الاقتراب من الغاز ومواقده.
- عدم التسلق لتناول الأشياء المرتفعة بل طلب المساعدة من الوالدين .
- الالتزام بآداب الطريق وعبور الشارع،والحذر من الأخطار المتنوعة التي يمكن أن تعترضه.
- المحافظة على نظافة الحي والمدرسة .
- عدم هدر الماء والاعتناء بجمال الطبيعة والبيئة.
- الابتعاد عن العنف مع زملائه والآخرين .
- عدم اللعب مع زملائه بالكرات الزجاجية المعروفة باسم (الفساتق ، أو الدحل ، أو الماظ ) لأنها لون من ألوان القمار، وسوف تؤثر في نفسيته، فتحمله الكراهية والحقد تجاه زملائه .
- الرفق بالحيوان .
- عدم الخوف .(1/17)
- قول الصدق والابتعاد عن الكذب .
إنّ تطبيق هذه القواعد سيكون في غاية السهولة إن وجّه الأبناء إلى تنفيذها أثناء حصول حدث ما ، مع التأكد من متابعة التطبيق والإشراف عليه في حال حصول أحداث مماثلة ،و التحلي بالصبر والعمل الدؤوب، كي ترسخ هذه القواعد في عقله فيتخذها مقياساً يميز من خلاله،ويكون له العون في تخطي الحواجز والعقبات عندما يكون لوحده.
مسؤولية الأبوين وأسرة المدرسة عن رعاية الطفل في صحته العقلية والنفسية .
نبهنا النبي (صلى) إلى أهمية التعلم في الحديث الشريف حين قال : "إنما العلم بالتعلم " صحيح البخاري باب العلم رقم(10) .
وكما تسعى الحكومات الوطنية جل اهتمامها لرفع مستوى العلوم والمعارف لدى أبنائها جيل المستقبل الباني أركان الوطن ثقافةً وحضارةً، الحارس ماضيها العريق ، فقد خصصت لهذا المجال مؤسسات ترعى شؤون جميع ما يلزم من خدمات للتعلم ،وأشرفت على تطبيق المناهج المدروسة بعناية فائقة ، لتوافق جميع الأعمار والمستويات ؛بدءاً من مرحلة رياض الأطفال إلى مراحل التعليم العالي والمتخصص ، فتقوم على تدريس مختلف نواحي العلوم في مدارسها وجامعاتها للتعليم العام والخاص، لتغطية خدمات الوطن ، والاكتفاء الذاتي للكادر البشري المتخصص بأي جانب من جوانب الحياة الاقتصادية والسياسية والعسكرية والاجتماعية والتعليمية .
والمناهج التي وضعتها الجهات الرسمية ، جميعها ترتكز إلى بعضها البعض ، كالبناء الطابقي لا نستطيع فيه إشادة الطابق العلوي قبل الانتهاء من وضع الأساس الذي يعتمد عليه، وكلما كان الأساس متيناً استطعنا أن نصل إلى أعلى المستويات بقوة متميزة .(1/18)
وأبناؤنا الطلبة كل يوم وطيلة العام الدراسي يروحون إلى المدرسة ويرجعون منها، لينهلوا من العلم في جميع المواد قدراً وافراً ، حسب قدرة كل منهم، ومدى قابليته للفهم والإدراك ،ومقدار تمتعه بالذكاء والاستيعاب والالتزام بالدوام مع عدم التأخير عن موعد الدراسة أو التغيب عن المدرسة.
ومثلما نسعى جاهدين لتغذية أجسامنا بمختلف أنواع الأطعمة والشراب لتنمو وتبقى بصحة وعافية ،مخصصين لذلك الأموال الكافية؛كذلك يجب أن نعمل بجد ونبذل الجهد الكبير واللازم للحفظ والاستذكار واكتساب الخبرة والمعرفة، وصرف الأموال لتنمية عقولنا وأفكارنا تنمية صحيحة وسليمة .
وعندما يبلغ الطفل عامه السادس يكون قد أصبح في سن تؤهله لدخول المدرسة الابتدائية الرسمية ، ولكن قبل دخوله المدرسة يجب على الأبوين أن يهيئاه بجلسات عائلية ، ويشرحا له بعبارات الترغيب عن محاسن المدرسة ، ولقائه لعدد كبير من أقرانه ، ويشتريا له حقيبة مدرسية جديدة زاهية الألوان ، وأقلاماً ملونة .(1/19)
وإن لم يكن قد خاض تجربة سابقة لحياة الجماعة في رياض الأطفال ، فسيكون اليوم الأول له في المدرسة يحمل الكثير من المفاجآت والاستفسارات التي تجول في ضميره الداخلي فتحوز الرضا والقبول وعلى وجهه ابتسامة وبريق في العينين ، أو تنضوي على غصة حزينة وخوف عميق مما يخبئ له هذا العالم الجديد من أسرار يصعب عليه حل لغزها ، فنراه في هذه الحال" يقدّم رجلاً ويؤخر أخرى" ، ويكون الحل أسهلاً على الأهل إن وجد معه أحد أخوته أو رفاقه من أبناء الحي ، فيطمئن ويتشجع لخوض هذه التجربة ، ثم يخرج من محيط مجتمعه الأسري الذي ألفه واعتاده واطمأن إليه لما وجد فيه من خدمات مادية وروحية بصحبة والديه وإخوته وجدّه وجدّته وأعمامه وعماته وأخواله وخالاته و أولادهم جميعاً ورفاقه من أبناء الحي ، متأثراً في هذا المجتمع بعلومه وثقافته ونشاطه الاجتماعي وسلوكه بإيجابياته وسلبياته ، لينتسب لأسرة من نوع جديد والتي تحتل المرتبة الثانية في حياته ، بعد أمه وأبيه وإخوته ، والتي تحتضن عدداً غير قليل من الأقران ، وأولئك الذين تقدموه من التلاميذ ، بإشراف الجهاز الإداري والمعلمين الذين يبذلون قصارى جهدهم في نموه اللغوي والفكري والانفعالي والاجتماعي والجسدي ، من أجل إتاحة الفرصة لتطور ذكائه ومعارفه وصحته.
ولكن قد يواجه الطفل صعوبات في مراحل دراسته الابتدائية ، فتجعله يخاف أو يكره الذهاب إلى المدرسة ، لعدة أمور منها :
- تلك التكتلات التي قد تحدث بين التلاميذ ، وتجعلهم أحزاباً أو فئات ، يتقاتلون في باحة المدرسة أو خارجها ، وقد لا يحوز رضا هذه الفئة أو تلك ، لعدم إقدامه وجرأته وضعف بنيته الجسدية ، أو ميله للمسالمة ، فقد يتعرض للضرب ونزف الدماء والكدمات الموجعة ، وتمزق الثياب وتبعثر أغراضه المدرسية ، أو يتأثر بتصرفات الآخرين اللفظية والحركية التي قد لا تروق لوالديه .(1/20)
- وإن كان التلميذ عاطفياً وشديد الحساسية ومولعاً بمعلمه ويحبه حباً شديداً ، ولاحظ أن معلمه غير عادل في توزيع عواطفه بينه وبين أقرانه ، أو أنه تعرض لتأنيب أو تقريع بسبب مشكلة عابرة ، فإن نفسيته تتأثر بدرجات متفاوتة ، هبوطاً وصعوداً ، حسب الحالة واستمرارها ، لدرجة أنها قد تفسد العلاقة ما بين التلميذ ومعلمه ، فيرفضه، لينعكس ذلك على مدى انتباهه واستيعابه ، وقدرته على حفظ دروسه وفهمها ، فالمعلم الحاذق هو الذي يراعي الحالة النفسية والعضوية لدى الطفل ، فيستميله ويجذبه ويشجعه بكلمات بسيطة ورقيقة ، أو يكافئه "بمرحى" أو ببطاقة شكر ، ليجعله متجدد النشاط والإنجاز في جميع المواد.
- وقد يواجه التلميذ مشكلة عدم قدرته على فهم المواد الدراسية ، أو حفظها أو استيعابها ، بسبب ضعف في طريقة تدريسها ، أو أن حجم المنهاج يفوق قدرته العقلية ، أو لعلة تأخره وتغيبه ، أو لتغيب المعلم عن المدرسة ، الذي يقوم بإعطاء طلابه ثلاثة أو أربعة دروس دفعة واحدة ليعوض غيابه ، وذلك لمواكبة الخطة الدراسية المفروضة كنظام ومنهج متّبع لا يمكن تجاوزه وعلى المعلم التقيد به ، وكل ذلك يكون سبباً لتقصير التلميذ وعدم استطاعته حفظ وفهم هذا الكم من الدروس ، فتضعف ثقته بنفسه في أداء المذاكرات الشفهية ،أو التحريرية ، أو الامتحان الذي يحدد نجاحه أو رسوبه ، فنجده خائفاً ومرتبكاً تنتابه رهبة و دقات قلب سريعة ، وذلك لإدراكه أن عليه تحمل مسؤولية عواقب هذا تجاه المعلم والمدير والأبوين .
- قد يكون نظام الإدارة ديكتاتورياً وشديداً وقاسياً ، يصعب التكيف معه ، فعندما يتأخر التلميذ أحياناً ، فذلك قد يسبب غياباً عن المدرسة لخوفه من المساءلة والعقاب ، ولخوفه من المدير بشكل خاص ؛ وذلك لقلة مشاهدته أو مخالطته يومياً ، ولإدراك التلميذ أن المدير هو المرجع الوحيد للمدرسة بكاملها وهو المتصرف بشؤونها .(1/21)
وهذه الصعوبات والمشكلات سواء كانت جزئية أو عمومية ، يجب معرفة أسبابها من التلميذ ،ومعالجتها في حينها من قِبل إدارة المدرسة،أو معلم الصف ، وبالمشاركة مع الأبوين ، كي لا ينشأ بسببها تخلف التلميذ من الناحية العلمية والنفسية ، والشعور بالإحباط الذي قد يتطور إلى أشكال عدة ، فيتطلب لمعالجتها جهداً كبيراً من المرشد النفسي أو الطبيب، للتوصل إلى الشفاء منها .
مسؤولية الوالدين وأسرة المدرسة عن مرحلة سن الرشد عند الطفل:
عندما يصبح الطفل في سن الثانية عشر ، أو الثالثة عشر ، يكون قد أنهى المرحلة الابتدائية ، وتأهل لدخول المدرسة الإعدادية ثم الثانوية من بعدها ، والتلميذ في هذه المرحلة قد يترك المدرسة ، ويرفض متابعة الدراسة لأسباب عديدة منها :
- وجود التكتلات التي عانى منها في فترة الدراسة الابتدائية ، فهي أيضاً موجودة في المرحلة الإعدادية والثانوية ، ويصعب عليه مواجهتها ، فتكون السبب في معاناة جديدة ومستمرة إلى نهاية دراسته الثانوية .
- وقد ينهي المرحلة الابتدائية بعلامات قليلة ، أو بمستوى أقل من الوسط في بعض المواد، وذلك مرتبط بمدى استيعابه وذكائه .
- عدم قدرة الأهل على شراء ما يلزمه من ملابس وقرطاس وكتب ومصاريف شخصية، وذلك يجعل معنوياته منخفضة بين رفاقه.
- جمع النقود بالمجهود العضلي أثناء العطل ، وتوفرها بين يديه ، فيعتاد عليها بعد أن كانت شحيحة .
هذه الأسباب وغيرها تجعل عبء متابعة الدراسة ثقيلاً عليه ، وتتطلب منه جهداً فكرياً عظيماً ، وأحياناً قد تسبب له الإحباط ، والشعور بالفشل ، وأنه عديم الفائدة .(1/22)
وغالباً ما ينتسب التلميذ إلى المدرسة الإعدادية ، بعد اجتياز المرحلة الابتدائية بنجاح ، وأحياناً يشترط في انتسابه أداء سبر معلومات لتحديد درجة استيعابه وذكائه ، ليكون مقبولاً في المدرسة الإعدادية ، ويسهل عليه التكيف في هذا الجو الجديد ، إن رافقه عدد من زملائه الذين قضوا معه المرحلة السابقة .
ويقضي التلميذ في المرحلة الإعدادية ، فترة ما بين ثلاث أو أربع سنوات ، يكون فيها المنهاج أكبر وذا شمولية أوسع ، وبعد تقدمه لامتحان الشهادة الإعدادية وحيازته عليها بعلامات مقبولة ، يخضع لمفاضلة عامة ، تؤهله إما لإتمام دراسته الثانوية العامة بفرعيها العلمي والأدبي ، أو الثانوية الصناعية أو التجارية أو الزراعية أو المهنية .
ويطمح الوالدان في هذه المرحلة التي توصل إليها ولدهما ، آملين منه تنفيذ مخططهما الذي رسماه له مسبقاً :
- فهذا أب يريد من ابنه أن يصبح طبيباً ، أو مهندساً ، وقد صعُب عليه تحقيق هذا الهدف .
- وآخر يريده أن يكون مزارعاً ناجحاً مثله ، ليتابع العناية بالأرض التي ورثها ، وتلك التي أفنى عمره في جمع الأموال لشرائها.
- وأم تريد لابنتها أن تتفوق على ابنة عمتها التي أزعجتها في انتقاداتها التي لا تنسى .
ونتيجة لهذا الصراع ، يشعر التلميذ بالضغط والإجهاد كي يحقق طموح الوالدين ورغباتهما ، وربما يصيبه الإحباط لخوفه من الفشل في منافسة الآخرين بهدف لا ميل لديه إليه ، فيدعوه ذلك للتهرب والكذب والخداع .
المراهقة :
يعاني تلميذ المرحلة الإعدادية والثانوية أيضاً ، من ظروف فزيولوجية في طبيعة نموه الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي والروحي والأخلاقي ، والتي تبدأ من سن الثانية عشر ، وتستمر إلى الحادي والعشرين من عمره ، حيث يحدث نمو سريع ومتلاحق في جسمه ووظائف أعضائه ، وفي اتجاهاته ، ومشاعره ووجدانه ، وهذه المرحلة من النمو معروفة باسم(المراهقة) .(1/23)
وتكون فترة المراهقة في المجتمعات البدائية قصيرة ، وذلك لسهولة تحقيق الاستقلال الاقتصادي ،(وعند الفتيات يظهر هذا النمو مبكراً بمقدار عامين أو ثلاثة) .
أما في المجتمعات المتحضرة ، فإنها تطول نظراً لما يتطلبه استقلال المراهق من الإعداد العلمي والفكري والمهني والتخصصي الطويل ،ليقوى على مسايرة الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية السائدة ، والتي تتسم في ظل الحضارة الحديثة بالتعقيد .
وقد تواجه المراهق مشكلات و أزمات ، بسبب نظرة المحيطين به إليه ؛ فإن تصرف كرجل كان محل انتقادهم ، وإن تصرف كطفل عابه الآباء ، وفترة الانتقال هذه من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرجولة تجعله في عالم يجهل معظم أسراره وخباياه وطرائق التعامل فيه ، وقد يعتري المراهق بعض الحالات منها :
- صداع حاد يحول بينه وبين الاستمرار في القراءة والاستذكار .
- إهمال الواجبات الدراسية ، أو التأزم لصعوبتها .
- عدم التكيف مع المعلمين ، و الزملاء و الإخوة و الأخوات .
- الشعور بالحياء والخجل والانطواء والتأمل الذاتي والنقد وخاصة الموجه من الآباء والآخرين .
- فقدان الشعور بالثقة تجاه ذاته.
- الشعور بالضيق والقلق والاكتئاب والخوف والحزن.
- الشعور بالتعب والإرهاق والإعياء دون سبب.
- الرغبة بالنوم لفترات طويلة .
- البقاء خارج المنزل لساعات طويلة من الليل .
- الإكثار من الاهتمام بمظهره الخارجي .
- ركب المخاطر وإظهار الرجولة .
- الميل للكذب وعدم الأمانة والسرقة ، أو التدخين أو الإدمان على المخدرات ، أو شرب الخمر ، وربما التورط في الجريمة .
ويتوقف نمط المراهقة على ظروف تربية الشاب أثناء طفولته ، ومقدار ما حمل من مؤثرات إيجابية أو سلبية جعلها مقياساً له في اتخاذ قراراته، ومدى صحته العقلية والنفسية والجسدية وموقف الآخرين منه ، وقابليته للتمسك بآداب الدين وأخلاقياته ومبادئه، وصولاً إلى سن المراهقة التي تأخذ أشكالاً متعددة منها :(1/24)
- المراهقة السوية الطبيعية الخالية من المشاكل .
- المراهقة التي يفضل صاحبها الانسحاب والانزواء بعيداً عن معترك الحياة الاجتماعية .
- المراهقة التي يميل صاحبها إلى المشاكسة والعدوان والعناد .
والظاهرة الأبرز لدى المراهق، النمو الجسدي ، والدافع الجنسي القوي الذي يصعب إخفاؤه وسط رقابة الأهل والمجتمع ، وقد تسبب هذه الظاهرة للفتاة الخوف والقلق إن لم تجد في محيطها من تتواصل معه،كالأم والجدّة والخالة والعمة،لتبوح بالتغيرات المفاجئة التي تحدث معها، وتلاحظها فتخشى منها .
ويرافق هذه الظاهرة حساسية عصبية ،ويقظة وتحفز لكل كلمة، أو حديث يدور حول هذه التغيرات، أو ما يرافقها من الشرح المفصل والمكشوف؛ في حين يسعى صاحبها جاهداً ليكون الحديث عنها همساً وسراً .
وكما يسعى الإنسان لاختيار ما لذّ وطاب ، من طعام وشراب ، لإشباع دوافع الجوع والعطش ، بعد استبعاد القبيح منها ، وما حرمه الله ، فيجب أن يسعى أيضاً للتعقل والتبصر والمقاومة ، إزاء قدرته ورغبته الجنسية ، وما يفرضه الدين والعادات الاجتماعية السائدة ، وأحياناً يضعف أمام رغباته ، فيلجأ إلى العادة السرية ، أو الميل إلى الجنس الآخر ، أو ربما من نفس جنسه لإشباع هذه الرغبة.
ونبهنا الرسول (صلى) إلى ذلك في حديثه :
"يا معشر الشباب من استطاع الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاءٌ "
صحيح البخاري (5066) .(1/25)
وفي هذه الفترة ، يميل المراهق إلى التأمل في مكونات جسده ، ويقارنها مع أجساد الآخرين ، ويستعرض عضلاته بحجمها وقدرتها ، فتبرز المنافسة والمبارزة بين الأقران ، وفي حال فاز أحدهم يعتريه الابتهاج ونشوة النصر ، ليكسب مبايعة أقرانه من حوله ، فيشعر بالقيادة ،ونجده يطرح آراءه لتشكيل تكتلات هو مركزها ، أما في حال الخسارة فإنه يشعر بالنقص والهروب والانعزال، وربما يلجأ للانضمام إلى فئة أخرى،ليأخذ بثأره و"يكيل الصاع صاعين"، ليعيد اعتباره ومعنوياته التي فقدها أمام زملائه.
كما أنه ينزع إلى الاستقلالية وتحرير ذاته من قيود وأنظمة المجتمع والأسرة ، التي يصعب اختراقها و الخروج عنها ، ويمكن في هذه الفترة أن تقوده أفكاره للثورة على كل أشكال الاستبداد والتسلط وقهر الشعوب ، فيميل للانضمام إلى الأحزاب التي تحمل المثل العليا لتحرير هذه الشعوب.
ومن أجل مساعدة المراهق والإمساك بيده للانتقال من مرحلة الطفولة وصولاً إلى بر أمان النضج والرشد ، يجب على الأهل الانتباه والحذر في التوجهات التي يوجهون بها أولادهم ؛ على أن تكون إيجابية وبناءة ، وأن يستمعوا إليه ،ويحسنوا الحوار معه لطرح آرائه ، فيساعد ذلك على كشف توجهاته ، وإصلاح ما عاب منها ، وتكليفه بتحمل المسؤولية مع الوالدين لقضاء حاجات الأسرة اليومية ، وتأمين ما يلزم من أدوات وتقنيات راقية ؛ تضمن غزارة المعلومات والوصول إليها بسهولة.
ولتحقيق التعلم يلزم ما يلي :
1-الصبر وبذل الجهود الكبيرة والمستمرة بالمتابعة اليومية للعلم المراد ترسيخه.
2- الالتحاق بالدورات التعليمية المختلفة،والتأسيسية المتابِعة لجميع مواد المنهاج.
3-تعود التكلم باللغة العربية الفصحى ، ونطق الحروف من مخارجها؛ لتكون واضحة ومفهومة ، ويمكن أيضاً طرح أسئلة وأجوبة باللغة المراد تعلمها.
4- التدريب على مهارات التركيز والدراسة والحفظ.
5-تعلم فن الاستماع والحوار.(1/26)
6-رياضة الفكر ونشاطه الذي ينمي التفكير والإبداع،ومعالجة المواضيع على أساس المنطق والعلم السديد.
7-تنمية الوعي من خلال أفلام ثقافية هادفة و موجهة.
8-التعلم عن طريق اللعب والمسابقات الثقافية.
9-تعلم مبادئ المعلوماتية لأهميتها في مختلف نواحي الحياة .
10-تعلم الإسعافات الأولية لضرورتها في الحالات الطارئة.
ويجب أن نعي جانبين أساسيين :
1-تلقين العلوم, وهذه مهمة الأستاذ المختص في المدرسة.
2-متابعة حل المسائل والتمارين كواجبات مدرسية، وهذه من مهام الأسرة في البيت؛ والإشراف على تنفيذها ، أو المساعدة من قبل المختصين .
1-تلقين العلوم:
تعمل وزارة التعليم العالي على تأهيل المعلمين والمدرسين،وإعدادهم لاكتساب الخبرة والدراية لكيفية نقل خلاصة علوم وخبرات الأجيال السابقة ، والإرث الحضاري للبشرية جمعاء في مختلف ميادين الحياة ، وخاصة في الميدان العلمي ، لأن المعلم حامل للعلم ، ناقل إياه للتلاميذ ، وفي هذا المجال ، من الضروري أن يتمتع المعلم بخصائص عقلية ونفسية إيجابية ؛ لأنه مسؤول عن الصحة العقلية والنفسية لأجيال متعاقبة على مدى خدمته في التعليم ، وقد يطول ذلك إلى ثلاثين عاماً ؛ فإن لم يكن ذا قدرة على هذه المسؤولية فسوف يدّمر مستقبل غالبية تلك الأجيال في علومهم وصحتهم العقلية و النفسية .
وأيضاً يجب أن تتوفر لديه الرغبة والحماس ، وأن يتحلى بالصبر على استيعاب التلاميذ ؛ لأنه سيواجه فروقاً فردية في نشأتهم ، وتربيتهم الأسرية .
وتكلّف مديريةُ التربية المعلمَ الذي ترى فيه الخبرة والكفاءة ، بإدارة العمل التربوي والتعليمي لكل مدرسة من مدارسها ، ومن مهام هذا المدير في كل عام إلى جانب أعماله الأخرى ؛ تنظيم البرنامج الأسبوعي بالتعاون مع المعلمين لتوزيع مواد الدراسة ، وفق المنهج الذي وضعته وزارة التربية.(1/27)
ومن واجب المعلم تحضير دروس المواد ، حسب البرنامج اليومي ، وتدوينها في دفتره الخاص ؛مرتباً أفكار الدرس والخطة التي سينفذها ، كما يجدول أسماء الطلاب ، ويضع الإشارات الإيجابية والسلبية ، للتعرف على التلاميذ وفروقهم الفردية ، في الاستيعاب والذكاء والسلوك والحركة والمهارات التي يجيدونها.
والمعلم الذي اتخذ التعليم مهنة له ، مثله كمثل أصحاب المهن والصناعات الأخرى ، فيجب أن يكون ماهراً في نقل ومعالجة المادة العلمية.
مثلاً: إن لم يكن صانع الخبز ماهراً في إضافة المواد الأولية بنسب وكميات محسوبة ، وطريقة عجنها ، وزمن تخميرها ، وطريقة معالجة العجين ، وكيفية إدخاله إلى الفرن بشكل جيد وسليم ، ودرجة الحرارة اللازمة لينضج ، فإن صناعته ستكون سيئة تنفر منها النفوس ولا تشتهيها.
كذلك المعلم ، إن لم يمتلك القدرة على التفنن والإبداع والابتكار بطريقة معالجة العلوم والخبرات وأدائها بشكل جيد ، مع حرصه الشديد على جذب انتباه التلاميذ بالتشويق وطرح الأسئلة ومشاركتهم لاستنتاج الأفكار ، والاستعانة بالوسائل التعليمية اللازمة لتوضيح تلك الأفكار ، مع حلّ لبعض الأمثلة ،ليتم فهم وترسيخ الموضوع ،وتحقيق الهدف التعليمي المرجو منه، لتخرج هذه الأفكار نابضة بالحياة وجذابة وشيقة يقبل عليها التلاميذ بشغف ، ويجدون فيها المتعة والفائدة ، فيتفاعلون معها ويستوعبونها ، فيسهل عليهم استرجاعها واستذكارها وقت الحاجة ، وإن لم تكن كذلك ، ستصبح جافة منفرّة ينصرف انتباه التلاميذ عنها، فيتعذر فهمها ، وإن فُهمت وتم استيعابها فإنّ هذا الاستيعاب يكون ذا مستوى متدن ، مما يجعل المعلومات المستوعَبة تتصف بالجمود وعدم الرسوخ وصعوبة الاحتفاظ بها .
2- المتابعة :(1/28)
هي المعرفة العملية التي بواسطتها يكتسب الإنسان الخبرة اللازمة ، لتوضيح وفهم وترسيخ أفكار أي علم من العلوم ، فبدونها لا يقوى على تطبيق ذلك العلم الذي تعلمه ،والمتابعة وتلقين العلوم مكمل كل منهما للآخر، فوجود أحدهما لا يلغي الآخر.
مثلاً :
طالب في كلية الهندسة ، أنهى دراسته الجامعية بنجاح ومُنح إجازة في الهندسة ؛ أي مُنح إجازة تؤهله لتطبيق العمل الهندسي ، واكتساب الخبرة اللازمة في عمل الهندسة ، وبدون هذه الخبرة وهذا التطبيق ، لا يستطيع مزاولة العمل الهندسي ، فكثير من الشباب والشابات الذين تخرجوا من جامعاتهم ، وركنوا إلى طاولات وظائفهم في مؤسسات الدولة ، ولم يزاولوا علومهم في ميدان العمل ، قد تلاشت هذه العلوم لديهم التي تلقنوها في سنين دراستهم الجامعية .
كذلك تلميذ المدرسة ، واعتباراً من الصف الأول يتلقن دروس المواد المقررة في المدرسة ، والتي بمثابة العلم النظري ، ثم يعود إلى البيت لمتابعة تلك الدروس بالتمرين على حل المسائل والأسئلة المتنوعة المتعلقة بنفس الموضوع وحفظها ، وبمقدار ما يعمل
في حل المسائل والتمارين وحفظها ، يزداد خبرة ومعرفة ، وتترسخ في عقله تلك المواضيع والعلوم .(1/29)
ودروس المنهاج المدرسي ترتكز إلى بعضها البعض كالبنيان ، فإن فشل الطالب في تطبيق الدرس الأول ، فسيلزمه جهداً مضاعفاً لفهم الدرسين معاً ، وإن أهمل واجباته لفترة طويلة ، فإنه يقصّر في دروسه ، وينخفض تحصيله الدراسي والمعرفي ، مما يسبب له المشاكل والصعوبات ، فيلجأ إلى التغيب عن المدرسة والكذب والخداع ، وكيل التهم إلى المعلم الذي لا يضبط التلاميذ ، ولا يستطيع أن يُفهم الدرس ، وغير كفء ، وبنظر هذا الطالب أنه يترك جميع التلاميذ ويقصده بالذات ، ونجد التلميذ يكتب واجباته المدرسية نقلاً عن أحد زملائه ، كيفما اتفق دون فهم لطريقة الحل ، أو طريقة معالجة المسألة ، وأحياناً أخرى تبقى دون كتابة ، والمعلم الخبير لا تفوته معرفة هكذا ألاعيب فسرعان ما يكتشفها ،وعندها يقف التلميذ خجلاً ، مطأطأ الرأس أمام أستاذه و زملائه في الصف، ليقدم الأعذار والاعتذار والوعود التي لم يصدُق بتنفيذها قبلاً ، وإذا ما استمر الحال هكذا ، فإنه سيفقد الخجل ، ليستبدله بالتبجح والوقاحة ، على مبدأ :
(إن لم تستح فافعل ما شئت ) .
وعلى صعيد عملي ، صادفت أعداداً كبيرة من التلاميذ ، صحتهم العقلية والنفسية سليمة ، ولكنهم قضوا عدداً من السنين الدراسية في المرحلة الابتدائية وهم لا يعرفون تهجئة الأحرف ، أو القراءة والكتابة ، أو عمليات الجمع والطرح ، ويرجع السبب في ذلك إلى الإهمال والصعوبات التي عانوا منها خلال تلك السنين دون متابعة لحل الوظائف البيتية أو حفظها ، وكذلك لم يجدوا من الأهل أحداً ليمسك بيدهم لتخطي المراحل الأولى من تعلمهم ، أو لعدم كفاءة المعلم وقلة تفننه في جذب انتباه التلاميذ .(1/30)
وغالباً ما نلاحظ التلاميذ حين عودتهم من المدرسة يقذفون حقائبهم وملابسهم في أرجاء المنزل ، ويتركونها مبعثرة هنا وهناك ، وأصواتهم تعلو محتجّة : (أمي أين الطعام) ، (إني جائع) ، (أمي إنّ رأسي يوجعني) ، ثم لا يلبثون في المنزل إلا قليلاً، لتراهم في ملعب الكرة ، أو صالات الكمبيوتر ، لممارسة رغباتهم لساعات طويلة ، مهملين متابعة واجبهم الدراسي ، في الوقت الذي يكون فيه الأب بعمله ، تاركاً مهمة متابعة الأبناء بدروسهم على كاهل الأم التي لا تقوى على اللحاق بهم حيث هم موجودون ، وحين عودتهم مساءً ، يكون المنزل قد شُحن بالتوتر ، والجو الصاخب ، ومساءلة الأب للأم التي لم تردعهم عن الخروج ، والأبناء في هذه الحال ، يؤلفون الأعذار الواهية المرتكزة إلى أساليب الكذب والخداع ، ليبرروا مواقفهم تجاه آبائهم ، ونرى الأيام تمضي ، والدروس تتعاقب تباعاً حتى نهاية العام الدراسي .
لذلك يجب على الأبوين ، أن يحرصا كل الحرص على متابعة أولادهما بمدارسهم ، وتفقد نشاطهم الدراسي ، ونسبة حضورهم ، وسلوكهم الاجتماعي مع الإدارة والمعلمين وزملائهم ، من خلال اجتماع أولياء الأمور الذين يُدعون إليه من قبل إدارة المدرسة.
ومن الضروري التواصل مع الإداريين والمعلمين ، وخلق مناخ من الصداقة والأُخوة مابين الأبوين وأسرة المدرسة ، وذلك لسبر أعماق أفراد هذه الأسرة التي يعيش ولدهما في أحضانها نصف عمره ، والمؤثرة فيه فكرياً وثقافياً واجتماعياً ، وبالمصاحبة يكتسب سلوكها وطباعها ومعتقدها ، ومن خلالها يكشفون ما تبقى من مجهول في أعماق ولدهما ، و يعرفون أيضاً من هم رفاقه ، وكيف يفكرون ، فيطمئن قلباهما لما هو خير ولصالح ولدهما.
فالوقاية لا المعالجة من مرض قد يستفحل ويصعب مكافحته ، والأمثلة على ذلك كثيرة في هذه الحياة.(1/31)
أيضاً يفضّل تعاون الآباء والأمهات في الحي من خلال الزيارات المتبادلة لمتابعة أبنائهم ، وخاصة الشباب منهم ، لأن هذه المرحلة حرجة جداً في حياتهم ، ففيها تتكون وتتبلور معظم أفكار الإنسان ، وعليها يقيس ويتخذ قراراته ، فإن تركناه هكذا دون مراقبة وتعقب عن بعد ، فإن كيانه قد يُهدد بالانحراف والفشل ، فالأسرة المتوازنة تلك التي تسهر على المتابعة الدراسية والنفسية والعقلية لأبنائها ، وسلوكهم الاجتماعي والثقافي ، واختيار ما هو مفيد لتنمية مداركهم ومعارفهم ، ووضع البرنامج اليومي لكسب أكبر وقت لحل واجبهم وحفظ واستذكار دروسهم يوماً بيوم ، ليعودوا إلى المدرسة بمعنويات عالية ، قادرين على استعادة فهم وحلّ المسائل وواجبات دروسهم أمام زملائهم ، غير مخادعين ، شعارهم الجد والاجتهاد للوصول إلى الأهداف التي رسموها لاستمرارية حياتهم في المجتمع الذي سيكونون رواده بالمستقبل القريب إن شاء الله.
الخاتمة .
قال الله تعالى في سورة الرعد _الآية 11) :
"له مُعَقِباتٌ من بين يديه ومن خلفهِ يحفظونَهُ من أمر الله إن الله لا يغيرُ ما بقومٍ حتى يُغيرُوا ما بأنفسهم وإذا أراد اللهُ بِقَومٍ سوءاً فلا مرد له وما لهم من دُونِه من والٍ" .
له معقبات : ملائكة يعقب بعضها بعضاً في حفظه .
يحفظونه من أمر الله : يحفظونه حفظاً مبدؤه ومصدره أمر الله .
إن المشهد اليومي لغالبية أبنائنا الذي نلاحظه على مسرح الحياة اليومية لمشكلاتهم في التقصير الدراسي والسلوك الاجتماعي والأفكار الضعيفة ، والتي هي مصدر القرار والرأي ؛ ليس هو إلا حصاد ما زرعه بنا آباؤنا.
ولذا سعيت جاهداً لأمسك بطرف خيط المتسبب بهذا التخلف الثقافي لمجتمعاتنا العربية ، فما وجدت إلا الدائرة التي تتعاقب فيها الأجيال متأثرة بزبد الماضي ، متجاهلة أو غافلة عن مضمون رسالة الله إلى نبينا محمد ، والأنبياء أجمعين ، ولاهثة لتلبية أهواء النفس ، وهدر الوقت .(1/32)
فإن لم يستيقظ الإنسان ويطوّر فاعليته وقدراته التي وهبها الله له فلن يتغير حاله ، لأن عجلة الحياة ستبقى تدور .
ولقد اختصرت أفكار هذا الكتيب قدر الإمكان ، حرصاً مني على عدم الإطالة ، فغدا كعناوين للتذكير لخوفي أن لا يُقرأ ، فيركن إلى رفوف المكتبات الخاصة المعروضة للمنظرة والتباهي ، وتركت الإسهاب في التفصيل للمصادر والمراجع المتخصصة بمضمون هذا الكتيب.
وأرجو أن أكون قد وفّقت في طرح أفكاره للحصول على الفائدة المرجوة لجميع البشر .
أسرة معهد المحيط للغات والمتابعة ترجو لكم من الله الأجر والثواب والتوفيق.
فهرس الموضوعات
4،3،5 الإهداء - تقديم - مقدمة .
7 أهمية اختيار الزوج أو الزوجة .
8 ظروف اختيار الزوج أو الزوجة .
10 وصية رسول الله لاختيار الزوج أو الزوجة .
12 مسؤولية الوالدين عن المرحلة الجنينية للطفل.
16 مسؤولية الوالدين عن مرحلة الطفولة .
25 بلوغ الطفل عامه الثالث .
29 قواعد في الصحة البدنية والسلوكية .
32 مسؤولية الوالدين وأسرة المدرسة عن رعاية
الطفل في صحته العقلية والنفسية .
33 بلوغ الطفل عامه السادس .
37 مسؤولية الوالدين وأسرة المدرسة عن سن
الرشد عند الطفل .
40 المراهقة هي الحد الفاصل ما بين الطفولة
وسن الرشد .
45 شروط تحقيق التعلم .
46 تلقين العلوم .
49 المتابعة .
54 الخاتمة .
56 فهرس المواضيع .
58 المراجع .
فهرس المصادر والمراجع
1- القرآن الكريم .
2- صحيح البخاري ،الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري الجعفي،دار السلام بالرياض،الطبعة الثانية1999 .
3- الإنسان الفعال المزايا العشر للإنسان المتفوق، جمال جمال الدين،دار الفكر بدمشق،الطبعة الأولى 2004.
4- الصحة النفسية دراسة في سيكولوجية التكيف ، نعيم الرفاعي، منشورات جامعة دمشق ،الطبعة الثانية عشر1999.
5- تربية مشاعر الأطفال في الأسرة، ي . إ .كولتشيتسكايا ، منشورات دار علاء الدين ،طبعة أولى،دمشق 2000 .(1/33)
6- علم النفس التربوي، د.علي منصور،منشورات جامعة دمشق ، الجزء الأول، الطبعة الخامسة 1997/1998.
7- علم نفس الطفولة والمراهقة ، د .مالك سليمان مخول ،منشورات جامعة دمشق ، طبعة سادسة1998 .
8- لكود القشعم بحث في التاريخ والأدب والجغرافية البشرية ، محمد منير بن عبد المجيد لكود ،حقوق التأليف والطبع والنشر محفوظة للمؤلف ،الجزء الأول ،الطبعة الثانية2003 .
"إن أعظم عمل للمربي هو أن يقوِّم السلوك وأن يشكِّل العقل ، وأن يغرس في تلميذه العادات الطيبة ، ومبادئ الفضيلة والحكمة وأن يكوِّن في نفسه فكرة عن النوع الإنساني ، ويقوده إلى حب ما هو حميد وجدير بالثناء ، وأن يعوِّده النشاط والحيوية والاجتهاد في أداء ما يعمل" .
جون لوك
??
??
??
??
16
15(1/34)