اللؤلؤ المنظوم
في تقريب العلوم
تأليف
أبي يزن حمزة بن فايع الفتحي
إمام وخطيب جامع الملك فهد بمحايل عسير
الطبعة الأولى
1426 هـ - 2005 م
حقوق الطبع محفوظة للمؤلف
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى له, وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71)…………………(الأحزاب )
وبعد ،،،
فمن فوائد الشعر ومحاسنه ، تسهيله للعلوم ، وتقريبه للفهوم واختصاره لمضائق العلم ، ومشكلات المسائل ، التي يعز فهمها ، ويعسر حفظها ، فكم من علوم طويلة أختصرت في أبيات قصيرة ، وكم من قواعد جامدة سهلتها منظومة رائدة ، حلت جمودها وكسرت حاجزها وأدنتها للتلامذة ، وعشاق المعرفة.
ومن هذا المنطلق درج أئمة كثيرون إلى جعل الأشعار العلمية ظرفا لعلوم مختلفة ، ومسائل متنوعة ، ليحصل الفهم ، ويتحقق التقريب ، ولقد وصلت إلينا مادة تراثية غزيرة في هذا الباب .
وقد راق لي هذا المسلك وأعجبني شكله وطريقه، فرأيت أن أقرب علوماً، وأنظم مسائل تكون نوعاً من توظيف الشعر في مسلك نبيل ، وتسهيلاً على الطلاب وتحبيباً لصنوف المعرفة ، لا سيما وأنني من أحباب الشعر وحفاظه بسائر أغراضه ، وقد ربيت على ذلك من الصغر ، والفضل بعد الله تعالى لوالدي الموقر، الذي رباني وإخوتي على الشعر ، بعد تربيتنا الدينية على الخير والصلاة، وكتب العلم التي كنا ننقلها من دار إلى آخر في رحلة عجيبة من مراحل حياتنا
الاجتماعية الأسيفة .(1/1)
إذ كان الوالد رعاه الله ، وأمتع به ، يحفظنا القصائد ، ويعقد بيننا المساجلات الملتهبة ، والمداولات الجميلة التي تلاقح العقول ، وتشحذ الأفكار ، وتنثر الأشعار ، فيفيد كل منا الآخر ، ويحمل من فكره وشعره درراً وروائعاً .
ثم حبب إلى مثل ذلك وبالغت فيه ، ولم أره حائلاً عن العلم وطلبه ، بل اندفعت لشعر العرب القديم ، وحفظت فيه ، وشعر صدر الإسلام ، والدولتين الأموية والعباسية , وأولعت كغيري بالمتنبي وأضرابه ، وتابعت خمول دورة الشعر في عصر الانحطاط إلى أن نهض به رواد النهضة كالبارودي وشوقي وحافظ ونظرائهم .
ولم يخل عصر من مجددين ومطبوعين في الشعر حتى عصرنا هذا - الذي كاد الشعر فيه أن يقل قدره ، وتذهب مكانته ، وتنصرف النفوس إلى غيره - برز عمالقة ، ولمع أفذاذ ، لا يعرفهم إلا من تأمل شعرهم وعاش روائعهم ونوادرهم .
وفي كل ذلك لي عناية ، إلا أن طغيان المأساة والخنوع على الأمة آخر أيام الرجل المريض ، ظهر ما يسمى (بأدب المأساة) يبرز ، واشتدت القصيدة السياسية ، التي تأخذ صوراً مختلفة .
وقد اعتنيت بذلك عناية فائقة ، وكنت أرى فيها متنفساً من الاختناق ، وفسحة من المضيق ، وبسمة من البؤس .
وفي خلال ذلك تعرفت على الأراجيز والشعر والتعليمي ، وشدني ما أسمعه من الشيوخ الكبار ، من نحو ما سمعته من ( متن الزبد ) من الوالد الفاضل الشيخ علي بن إبراهيم الفتحي .
حيث كان يردد بعض معاني متن الزبد لابن رسلان الشافعي كقوله :
إذا رآنا في رمضان نستاك ، يقول متبسماً :
نسن لا بعد زوال الصائم
وأكدوه لإنتباه النائم
ولتغير الفم وللصلاة
وسن باليمنى الأراك أو لاه
وقلت له في سفر عمرة قبيل الفجر : سأجدد الوضوء ، فقال على الفور :
كذاك تجديد الوضوء
إن صلى فريضة أو سنة ونفلا
وكثير ما كان يتمثل بقوله :
فاعمل ولو بالعشر كالزكاة
تخرج بنور العلم من ظلمات
فعالم بعلمه لم يعملن
معذب من قبل عباد الوثن
ويحفظ قطعاً من الرحبية من نحو :(1/2)
وأن زيداً خص لا محالة
بما حباه خاتم الرسالة
فكان أولى باتباع التابعي
لا سيما وقد نحاه الشافعي
وله في ذلك مواقف مفيدة ، تشحذ الهمة ، وتلهب العزيمة ، فجذبني مثل هذه المواقف ، وتلك المنظومات إلى الإقبال بالكلية إلى الشعر التعليمي ، وحفظت للشيخ حافظ الحكمي رحمه الله كثيراً ، لا سيما في ( السبل السوية ) ومن أوائل ما حفظت مائة بيت من ألفية العراقي رحمه الله ، التي شُغفت بها بحكم تخصصي ، ومحبتي للحديث النبوي .
وتعجبت كيف استطاع الناظم إدخال القواعد العلمية في الأبيات ، ورصها رصاً محكماً ، وإدراج الأسماء العسيرة ، واختصر مسافات طويلة ، ليقرب كتاب أبي عمرو بن الصلاح ، المشهور بالمقدمة التي سارت بها الركبان .
ثم هاج عندي القريض ، وتحركت قرائحي ومشاعري ، للولوج في هذا الباب ، فكان من أوائل ما كتبت منظومة لطيفة ، اسمها ( المذهبة في آداب الطلبة ) أقول في أولها :
وهذه منظومة ياللعجب
ناظمها ملازم هذا الطلب
ولا يزال حامل المحابر
مجتهداً دوماً إلى المقابر
قد جعل العلم له شعارا
يمتثل القران والآثارا
فلذة العلم له شفاء
ليس له من دونها غذاء
وكانت مفتاح نظمي وهي قرابة مائة وعشرين بيتاً ، رآها صفوة من مشايخي في الكلية فأثنوا عليها، وشجعوني على المواصلة .
وأذكر أنني أضفت على آداب الطالب فيها ، نظما لقواعد مهمة أدرجها الشيخ المحقق بكر أبو زيد حفظه الله وشفاه ، ذكرها في كتابه ( التعالم وأثره على الفكر والكتاب ) وقلت في نظمها :
وبجّل الأئمة الأخيارا
وكن عليهم مثنياً مكثارا
ولا تؤاخذ أحداً بهفوته
لدينه وعلمه وسيرته
ولو رددنا علمه بما ورد
لما سلم من فعلنا كل أحد
بل نأخذ المحاسن والفضائل
ونهجر المساوئ والغوائل
فهكذا قرره ذوو النظر
كالنووي والذهبي وابن حجر
والأصل في العلم هو التلقي
من الشيوخ سامعاً للنطق
وشيخك الصالح ذو الشمائل
لا بدعا يحمل أو غوائل
ونزه النفس فلا تشذا
كذا الترخص ورعاً ونبذا(1/3)
فلما سمعها بعض إخواننا الأدباء قال على وجه الاستفهام : هذه للعراقي ؟ فقلت لا بل للعبد الفقير ، وتعجب وأثنى خيراً .
ثم توالت المطالب العلمية ، وتحركت الأريحية الشعرية ، وكتبت منظومات عديدة ونظمت مسائل وردوداً مختلفة ، لعل الله ييسر نشر بعضها .
ومنها ألفية في أدب القاضي ، وجوابات على أسئلة ومناسبات أُسأل عنها ، تحت عنوان ( جوابات الساعة ) وكان من ذلك الإنتاج - التي أسأل الله فيها الإخلاص والنفع - نظم لمعة الاعتقاد لابن قدامة ، ونخبة الفكر للحافظ ابن حجر ، والكوكب الساري على تراجم البخاري ، ومئوية التحقيق الفريدة ، ومنظومتان أخريان ، تراهما في هذه السلسلة المتواضعة ، تحت مسمى :
( اللؤلؤ المنظوم في تقريب العلوم )
وقد حوت ست منظومات علمية ، يُعنى بها أحبابها وروادها .
ولست هنا إلا محباً للعلم والأدب ، أراد التيسير والتقريب لمعاشر الطلاب ، وقد رأيت ذلك في علماء الشناقطة ، وحرصهم البليغ في نظم العلوم ، وتقريبها ، حتى إنهم نظموا عدداً من العلوم الحديثة، وحفظوا آلاف الأبيات .
وقد ذكر النقلة عنهم أن المحاضر الموريتانية تخرج التلميذ حافظاً لأربعين ألف بيت ، إذا التزمها، ولم يقصر أو يتقاعس ، وهذا شيء يفوق الوصف .
وقد رأيت في شيخنا العلامة المتقن محمد بن الحسن ددو الشنقيطي شبه ذلك ، وهالني تمثله بالمنظومات ، والأبيات المختلفة في فنون عديدة ، حتى إن القلب ليشهد أن هذا هو التفوق العلمي والإتقان العجيب .(1/4)
أما تجربتي الشعرية ، وتربية والدي الأدبية ، فهذه تحتاج إلى حديث مستقل لعله أن يكون قريباً ، وسوف أكتب معالم مهمة (لثقافة طالب العلم الأدبية)، لأن الشعر بيان ساحر ، وحكمة أخاذة ، وعاطفة آسره ، وعلم رصين ، وديوان أمة ، وتاريخ حياة ، وكل ما قيل فيه قد لا يوفيه حقه من الإجلال والتوقير ، لأنه أبرز أنواع التعبير اللساني ، ولا يمنعه أو يذم محاسنه ، إلا فاسد القريحة ضيق المزاج ، كما ذكر ذلك السفاريني في غذاء الألباب .
والناظم هنا لا يترجم لنفسه ، لكن يكتب مقدمة استلزمها فحوى الكتاب هذا (اللؤلؤ المنظوم ) .
وإنني هنا أدعو طلبة العلم ، المتذوقين للشعر ، بالتحفظ منه ، ليحصل الجمال في كلامهم ، والحسن في إلقائهم ، وليقبلوا على المنظومات العلمية ، حفظاً، وشرحاً ، وتحليلاً ، فإنها تقيم اللسان ، وتثري الألفاظ ، وتضبط القاعدة ، وترسخ المعلومة ، وهو نوع مما قصدناه هنا .
وإنني لأعتذر عن قصور في النظم ، واضطراب في الأبيات ، يستلزمها الشعر التعليمي ، وأشكر كل من نصح ، وأبان ، وصحح ، لإخراجها على وجه مستكمل ، وشكل مستحسن .
والله المرجو والمأمول ، أن يجعلها خالصة لوجهه ، نافعة للطلاب ، حافزة للهمم ، آمين .
أبو يزن
القاهرة - بين السرايات
الأربعاء 24/3/1426 هـ
4/5/2005 م
الإهداء
إلى أبنائي البررة ، زينة الحياة ، وترياق الوجود ، وبسمة السعادة - يزن وأسيد ، ورزان ولميس - مهماز جد ، ومنارة فكر ، وإشعاعة أمل ، علها أن تضيء في الحياة العلمية ، وترتقي المرتقى الأكمل ، والمكانة النبيلة ..
ومنذ بكم شط المزار
كأننى مصاب بداء لا يهادن موضعا
تملكت أقطار الفؤاد جميعها
فما فسحت فيها لغيرك مهيعا
والله الموفق ………
مَنَائرُ الإسْعِادِ
نَظْم لُمْعَةِ الاعتِقاد
1- الحمد لله على التوحيدِ
ونعمة التوفيق والتسديد
2- والحمد يزداد بذا الزمان
حين أرى اليهودي والنصراني
3- لما أرى الفساد والضلال
وأبصر الأنكاد والأهوالَ(1/5)
4- وأبصر الغادي بلا إيمانِ
وذلك الساعي بلا قرآنِ
5- يزداد توحيدي لذ الرحمنِ
لأنني المكلوء بالإحسانِ
6- فنحمد الله على الإسلامِ
وخيره المبذول للأنامِ
7- لا سيما العزيز بالإيمانِ
في زمن الهوان والخسرانِ
8- ثم نصلي دونما تحديدِ
على النبي باعث بالتوحيدِ
9- من جاء بالنور وبالخيراتِ
وبالأفانينَ وبالآياتِ
10- جزاه ربنا بلا انتهاءِ
وخصه بالفضل والعطاءِ
11- وآلِهِ من ناشريِ الإسلامِ
وساحقي الكفارِ والإجرامِ
12- جزاهم اللهُ على الثباتِ
وكل ما أبدوه من هباتِ
13- وهذه (منائر الإسعادِ)
لكل من يسعى إلى الرشادِ
14- منظومة متينة الأركانِ
عَليَّةُ العمادِ والبنيانِ
15- نظمتُ فيها لُمْعَة العقيدةْ
للفِرقةِ الناجيةِ الرشيدةْ
16- مُختصرَ الموفقِ العلامةْ
ابنِ قدامهْ المتقن الفهَّامهْ
17- ألفيتُهُ قد أحسن الكلامَا
وأوضحَ البيانَ والمراما
18- دونَ تكلّفٍ ولا تطويل
مستنداً للنص والدليلِ
19- فاسْعَ إليها حافظاً وناشرا
معتقداً أصولها وذاكرا
20- وحفِِّظِ الصغار والطلابا
ليأمنوا الضلال والتلبابَا
21- وعِشْ عليها دائماً للأبَدِ
فإنها النجاةُ عند الصَّمدِ
22- وكن على طريقة الهُداةِ
مجتنباً مسالك الغواةِ
23- والله يهدينا في الاختلاف
لمنهج الأئمة الأسلافِ
24- يقول (عبد الله) بعد البسملةْ
الحمد لله على ما أفضله
25- فإنه المحمودُ في اللسانِ
وربُّنا المعبودُ في الزمانِ
26- لم يخلُ من إحاطتهْ مكانُ
أو يَشْغلُهْ عن شأنه شآنُ
27- جلَّ عن الأشباه والأندادِ
منزّهُ عن جملةِ الأولادِ
28- يَنفذُ حكمه بلا ترداد
في سائر الأنام والعباد
29- جَلَّ عن التمثيل والتفكير
وكل ما في القلب من تصوير
30- سبحانه ليس له نظيرُ
وإنَّه السميعُ والبصيرُ
31- وإنه له الأسامي الحسنى
وكلُّ وصفٍ طيِّب جَاءَ هنَا
32- أحاط بالأشهاد حقاً عِلما
والقهر للمخلوقِ عِزاً حكما
33- موصوفُ بالحقِ من الكتابِ
وما روى عن النبيْ الأوّابِ(1/6)
34- وكل وصف جاء في القرآنِ
أو صحَّ من سنة ذي البيان
35- فإنه من واجب الإيمانِ
دون تنكّرٍ ولا بهتانِ
36- نلقاه بالتسليم والقبولِ
وليس بالرد وبالتأويلِ
37- ونترك التشبيهَ والتمثيلا
كذلك التحريف والتعطيلا
38- وكلُّ مشكلٍ من الصفاتِ
نثبتُهُ من غير ما أناةِ
39- غيرَ مجادلين في معناهُ
ونوكل العلم إلى مأوه
40- فهذه طريقةُ الذي رسَخْ
في العلم واتعظْ وليسَ من نفَخْ
41- مِنْ زيغه ليبتغي تأويلا
ويبتغي الفتن ولا مأمولا
42- وقال (أحمدُ) في كل ما وردْ
نؤمن بها من غير ما تعَدْ
43- وإننا بها دوماً نصدِّقُ
وكل ما جاء الرسول حق
44- لا كيف لا معنى ولا نردُ
ولا نزيد ما وردْ ولا نَحُدُّ
45- وقولنا فيها كما يقولُ
لا نعتدي فيها ولا نجول
46- نؤمنُ بالقرآنِ كلاً فانتبِهْ
من محكِم مبيّن ومشتبهِْ
47- ولا نزيل صفة مما وصف
لشبهةٍ شَنَّعها مَن انحرَفْ
48- ليس لنا تجاوزُ القرآنِ
ولا الحديث المحكم البيانِ
49- وإننا لا نعلم الكيفيةْ
إلا بنص واضح القضية
50- والشافعيِْ قال مقولَ الراشدِ
فاستمعِ الحقّ ولا تعاندِ
51- آمنتُ بالله وباسِم اللهِ
وكل ما أتى على مراد اللهِ
52- وكل ما جاء عن الرسولِ من غير تبديل ولا غلول
53- وهكذا قد درج الأسلافُ
وليس ثَمَّ بينهم خِلافُ
54- وانتهجوا الإقرار والإمرارا
ولم يكونوا عندها حَيَارىَ
55- وقد أُمرنا باقتِفا آثارِهم
والاهتداء بنورِهم ومالَهم
56- عليكمُ بالسنةِ المرضيةْ
وسنة الأئمة البهيةْ
57- واجتنبوا بدائعَ الأمورِ
فكلٌّ بدعٍ يودي للشرورِ
58- فاتبعوا الآن ولا تبتدعوا
فقد كفيتم دينكم فاستمعوا
59- وقِفْ مع القومِ بحيثُ وقفوا
فإنهم عن علم قد وقَفُوا
60- فإنهم على الهدى التمامِ
ما فيه من زيغٍ ولا انفصامِ
61- وبعدُ فالتمِسْ آثارَ من سلفْ
ولو رُفضتَ عند جمع مَنْ تلَفْ
62- ولا تَمِلْ لمنطقِ الرجالِ
ولو أتى مزخرف المقالِ
63- (فالأدرمي)حج بهذا المبتدعْفي قصةٍ يفقهُها مَنِ انتفَعْ(1/7)
64- فانظر إليها نظَرَ اللبيبِ
مسترشداً بدرسها العجيبِ
65- وليسعكْ ما وسع الرسولَ
وصحبَه الأماثلَ العدولَ
66- كالوجه واليدين والنزولِ
نثبتها من غير ما تبديلِ
67- والنفس والرضا كذا المحبةْ
وفقك الله لما أحبه
68- ثم الكراهة والعلو والغضبُ
والاستواء وسخطه والعجَبُ
69- والضَحِكُ المرويْ عن الثقاتِ
وقِس عليها باقيَ الصفاتِ
70- فكل هذا قد حكاه السلفُ
وآمنوا به ولم يختلفوا
71- ولم يكونوا عنده مؤولةْ
ولا مشبِّهةْ ولا ممثلةْ
72- (ومالك)لما سئل كيف استوىَ؟
قد أفصحَ الجواب فيه واهتدىَ
73- الاستواءُ عندهمُ معلومُ
والكيف مجهول فلا تحوموا
74- وإنَّنا جميعاً نؤمن
ومَنْ سألْ مبتدعُ ممتهَنُ
75- ومِنْ صفاتِ ربِّنا الكلامُ
يَسْمَعُه الذي به يُرامُ
76- وإنه قديمُ ذو حروفِ
ليس بحادث ولا مكتوفِ
77- يناجي بالصوتِ وبالنداءِ
ليس بمخلوق ولا افتراءِ
78- وربنا يكلِّمُ العبادا
كما أتى موسى لَه ونادى
79- أسمعه من غير ما أسبابِ
كذاك جبريلَ بذا الكتاب
80- وأنه متى يشأ تُكلمَا
كما يشأ سبحانه وكيفما
81- ومن كلام الله ذا (القرآنُ)
مُنزَّلُ ليس به طِعانُ
82- وإنه كتابه المبينُ
وحبلُه الموثَّق المتينُ
83- أنزله الله على جبريلَ
وعلمَهْ جبريلُ ذا الرسولَ
84- بمنطق العاربةِ المبينِ
ولفظهِا الموثَّقِ الرصينِ
85- وأنه منزل منه بدا
ثم يعود عندما يأتي القضا
86- لأنه في آخِرِ الزمانِ
يُرفَعُ من كُتْبِ ومن إنسان
87- وأنه من سور قد أُحكمت
وآية قد فُصِّلت وبُيِّنتْ
88- وقد أتى في كلمات واضحة
وأحرفٍ مبينة وناصحة
89- وما تلاه قارئُ فأعربَهْ
إلا ونالَ فضلَه وأعجبَهْ
90- الحَرْفُ في عشر له تُدّخرُ
وثَمَّ أولُ لَهُ وآخَرُ
91- كذلك الأبعاض والأجزاءُ
وأنه يُتلى ولا خفاءُ
92- وأنه المحفوظُ والمسموعُ
كذلك المكتوبُ والمرفوعُ
93- وفيه محكمُ كذا تشابُهُ
وناسخُ ونحوه فانتبهوا
94- وفيه ما خُصَّ وما قد عُمِّمَ(1/8)
والأمرُ والنهي وما قد فُهِّم
95- والمسلمون اتفقوا في عدِّهِ
فلا تكن ممن سعى في ضدِّهِ
96- وأجمعوا من غير ما تمارِ
بكفر كل جاحد ختَّارِ
97- ولو لحرف واحدٍ قد جَحَدَ
فإنه من ديننا قد طُردَ
98- ومثل هذا حجة قد قطعتْ
بأنه من أحرف قد سَطعتْ
99- والمؤمنون ربَّهم قد أبصَروا
فلا تكن ممن بغوا وزوّروا
100- وهذا مقطوع به في الآخرةْ
فكم ترى من زائرة وناظرة
101- والمجرمون جرمُهم قد حجبَا
وغيرهم قد ارتضى واقتربَا
102- وإنهم يرونه عيَانا
كالقمرِ الذي استوى وبَانَا
103- وليس هذا يقتضي التشبيها
فكن لما أقوله نبيها
104- ومن صفات ربنا الفعالُ
سبحانه ليس له مثال
105- يفعل ما يشا وما يُريدُ
ليس له في حكمه نديدُ
106- وكلُّ أمرٍ ليس في مشيئتهْ
فلا يقع بعلمِهِ وحِكمتِهْ
107- فكل ما يكونُ من تقديرِهِ
وكل ما نراه من تدبيرهِ
108- فلا سبيل يدفع المقدورا
أو يبتغي أنْ يسبقَ المسطورا
109- أراد ما العالمُ فاعِلوه
ولو عصَمْ ما خان خالفوهُ
110- قد خلق الخلق كذا الأفعالا
وقّدّر الأرزاق والآجالا
111- يهدي إليه من يشأ برحمتهْ
وهو يَضلُ من يشأ بحكمتهْ
112- وإنه فيِ فعله لا يُسألُ
وغيره مُرِاجعُ ويُسألُ
113- وليس يُحتج بذا القضاءِ
في ترك ما يُنقلُ من أِنباءِ
114- بل يجبُ الإيمانُ والتعلمُ
فربنا الكريم والمعظِّمُ
115- لربِّنا الحجةُ لا للناسِ
بكتبه ورُسْلهِ الأشماسِ
116- وأمرُهُ للمستطيعِ المقتدرْ
للفعل والترك وكل ما ظهرْ
117- وأنه لِمَنْ عصى لم يجبُرِ
وكل تقصيرٍ له لم يأمرِ
118- والعبد ذو كَسْبٍ وذو أفعالِ
يُجزى عليها عند ذيِ الجلالِ
119- إن أحسنَ فحظّه الثوابُ
وإنْ أساَ فنولُهُ العقابُ
120- وكل هذا تم في التقديرِ
وليس فيه أيمّا تغييرِ
121- المؤمنُ الناطقُ باللسانِ
والساعي والعامل بالأركانِ
122- ومن يكن جَنانَه قد عَقدَ
يزيدُ بالطاعة ينقصْ بالردى
123- كالصدق والإخلاص والصلاةِ
والذكر والتوحيد والزكاةِ(1/9)
124- فالقول والعملْ من الإيمانِ
ولا تكن من زمرة الشيطانِ
125- مَنْ جعلَ الأعمالَ دون الطلبِ
يكفي عليه نصُّ هذي (الشُّعَبِ)
126- لأنه يزيد بالطاعاتِ
ويُنقصُهْ فظائع الزلاتِ
127- وأهلُه تفاضلوا فيِ العملِ
وخذْ على هذا حديث الخردلِ
128- وكل منقولٍ من الأخبارِ
نؤمنْ به من غر ما تمار
129- وحيث قد صح بذاك النقلُ
فليس مما يعتريه العقلُ
130- ما دامت الأخبار بالسماعِ
فليس للآراء أيُّ داعي
131- سواءً المشهور والمغيَّبُ
فكله حقُ وليس يُكذَبُ
132- من ذلك الإسراءُ والمعراجُ
فإنه حق ولا لجاجُ
133- أُسرىْ به يقظانَ لا مناما
ثم قريشُ أوسعت ملاما
134- وأنكرتْ وأعظمت إعظاما
وقبله لا تنكر المناما
135- من ذاك أيضاً ما أتى منقولا
من لطْم (موسى) الملَكَ الرسولا
136- صدّق به من غير ما ذُهولِ
لأنَّه تُلُقيِْ بالقبولِ
137- كذلك الأشراطُ عند الساعةِ
في زمن الأشرارِ والإضاعةِ
138- مثل خروج الأعور الدجالِ
يتبعه المسيح بالنصالِ
139- وأيضاً يأجوجُ ذوو الخطوبِ
كذا طلوع الشمس بالغروبِ
140- وشِبه هِذه من الآياتِ
فسِرْ على عقيدة الهداةِ
141- وما أتى في القبر من عذابِ
كذا نعيم طَيِّب الثوابِ
142- حقٌ علينا واجبُ أن نذعنَ
والمصطفى استعاذ منه واعتنى
143- بل أمر الأمة في الصلاةِ
يا ربِّ آمنا من الروعاتِ
144- وأيضاً الفتنةُ في القبورِ
وسُؤْلِ منكر معَ نكيرِ
145- حَقُ مصدَّقُ ليس افتئاتا
فنسأل الله لنا الثباتا
146- وأيضاً البعث ونفخ الصورِ
فيا له من مشهدٍ خطيرِ
147- ويُحشر الناسُ عراةً غرْلا
بُهْما حُفاة يومها كما جلا
148- فيقَفِونَ الموقفَ المشهودا
ليأتيَ المختارُ فيجَودا
149- فيشفعنْ للحكم وللقضاءِ
من ربنا الرحيم ذي الآلاءِ
150- وإنه مقامُهُ المحمودُ
منَّ به إلهنُاَ المعبودُ
151- ويشفعُ الرسولُ فيِ العصاةِ
من حامليِ كبائرِ الحياةِ
152- فيُخَرجون من لظى النيرانِ
ليُودعوا حدائقَ الجنانِ(1/10)
153- ويَشفعُ الملائكةْ والأنبياءْ
والمؤمنون بعدهم دون امتراءْ
154- وكافرٌ لم تنفعْ الشفاعة
يا قُبْحَ ما يلقاه تلك الساعةْ
155- ويبدأ الجبار بالحسابِ
دون مماراةٍ ولا اضطرابِ
156- وحينها سيُنصبُ الميزانُ
وتُنشرُ الصحيفة والديوانُ
157- ثم تطيرُ الصحف بالأعمالِ
والأخذُ باليمين والشمالِ
158- فصاحبُ اليمين للسرورِ
وصاحب الشمال للحَرورِ
159- وذلك الميزانُ ذو لسانِ
وكِفَّتان تبدو للعيانِ
160- وتوزنُ الصحائفُ المطويةْ
والخلقُ في كَرْبٍ وفي بليةْ
161- فمفلحُ ثمَّ كذاك خاسرُ
فحاذر الساعةَ ممن حاذروا
162- (والحوض)في القيامةْ للرسولِ
حق صحيح ليس بالمدخولِ
163- فماؤهُ أصفى من اللبنْ وقلْ
أحلى من العسلْ وكل ما فضُل
164- أبارقةْ مثل النجوم فيِ العددْ
مَنْ يشربْ لم يظمأ كذاك للأبدْ
165- ثم (صراطُ) النار لا إنكارُ
تجوزه الأبرارُ فالأبرارُ
166- وإنه الفظائع والمشرورُ
به يَزِلُّ الفاجر الكَفورُ
167- والجنةْ والنارُ لا تفنيانِ
قد خُلقت فيِ ظاهر القرآنِ
168- والجنةَْ مأوى أولياءِ اللهِ
بها خلودهم بلا اشتباهِ
169- والنارُ للأعداء كالعقابِ
بها خلود المشرك المُرتابِ
170- ويؤتى بالموتِ ككبش أملحِ
وينتهي كما روي بالمذبحِ
171- ويفرح الأخيارُ والأبرارُ
ويحزن الأشرارُ والفجارُ
172- ويكتبُ الخلود والدوامُ
لا موت ثَمَّةَ ولا إعدامُ
173- (محمدٌ) خاتمُ الأنبياءِ
وسيدُ الرسْل بلا امتراءِ
174- وكل مؤمن بلا محالةِ
يلزمهُ الإيمانُ بالرسالةِ
175- ولا يكونُ صادقَ الإيمانِ
حتى يسلّمْ دونما نكرانِ
176- ولا يكونُ الفصلُ والقضاءُ
حتى يجئ الشافعُ المعطاءُ
177- وأمتهْ سابقة الأنامِ
للجنة العظمى بلا كلامِ
178- من فضله له لواءُ الحمدِ
فلا يُضاهَى مجدُه بمَجْدِ
179- له المقام الأرَفعُ المحمودُ
وحوضه المكرَّمُ المورودُ
180- وإنه للأنبياءْ إمامُ
كذا خطيبهم فلا يُرامُ
181- وأمتهْ خيرُ الأنام أجمعينْ(1/11)
وصحبهُ خير صحاب المرسلينْ
182- ثم (أبو بكر) كريمُ الأمةِ
وأفضلُ الأصحاب والأئمةِ
183- وبعده(الفاروق) ذو الدلائلِ
كذاكَ (عثمانُ) أبو النوائلِ
184- ثم(علي)ِ المرتضى أبو حَسَنْ
وكم له من منقبةْ ومن فَننْ
185- وفضلهم في الخير واللطافةْ
كما ترى الترتيب في الخلافةِ
186- ثم أحقُّ الخلق بالخلافةْ
بعد النبيْ (ابنُ أبي قحافة)
187- لفضله على جميع الناسِ
وسَبْقهِ من غير ما التباسِ
188- قدّمه الرسولٌ في الصلاةِ
فكان خيرَهم بلا أناةِ
189- وأجمع الصحابة في المبايعةْ
ولم تكن بَيعتهم بضائعةْ
190- وبعده كان (عمرْ) لفضلهِ
وعهد من أوصى له بنُزْلِهِ
191- وبعدُ (عثمانُ) الرضي بالبلوى
قُدِّم بالشورى وليس بالهوى
192- ثم (عليْ) لفضلهِ ومَا اجتمعْ
عليه أهلُ عصره وما صنعْ
193- فهؤلاءْ مَنْ وُصِفوا بالرشدِ
ولا يزالوا في هدى من بعديِ
194- وإننا بالجنةِ لنشهدُ
لمن شهدْ نبينا ونعدُدُ
195- الخُلفَاءُ الأربعةْ ثم سعدْ
سعيد والزبير عامر الرعدْ
196- وطلحةُ الهمام ذو الإصابةْ
وعابدُ الرحمن ذو النجابةْ
197- ومنهم الحسنْ كذا الحسينُ
وثابتُ بن قُيسٍ المبينُ
198- وإنَّه ليس لنا أن نجزمَا
بجنةٍ لواحدٍ أو نَحكمُا
199- إلا الذيِ قد جزمَ الرسولُ
وقد جلاه النصُّ والدليلُ
200- لكننا نرجو له الإحسانَا
وللمسيء نحذرُ الخسرانَا
201- ولا نكفِّرْ قطُّ بالمعاصي
ما دام للقبلة ذا اختصاصِ
202- وإنه لا يُعدَم الإسلامُ
بالعملِ الذي به يُلامُ
203- لكنه إن كان مستحلا
فإنه يكفرُ لو تحلّى
204- بالخير والصلاة والإسلامِ
وذا هو التحقيق في الكلامِ
205- ثم من السنةِ والإصابةْ
تولّي الأخيار كالصحابةِْ
206- نُحبّهم ، نذكُرهم بالأحسنِ
وكل ما جاء لهم من مننِ
207- ثم ترحم دائماً واستغفِرِ
وكُفَّ للذي جَرَى واعتذرِ
208- واعتقدِ الفضلَ لهم والسَبقَ
ولا تكن ممن بغى واحترقَ
209- وأيضاً الترضي عن أزواجِ
نبينا المبارك المبهاجِ(1/12)
210- فإنهمْ للمؤمنْ أمهاتُ
وطاهرات العرض طيّباتُ
211- مُبَرآتُ من رديْ الأخلاقِ
وكل ما يقدحُ بالإطلاقِ
212- أفضلُهم خديجة التي رأىَ
من نصرها وبذلها ما لم يرَ
213- فهي أحقُّ الناس بالتقديمِ
وكم لها من موقف كريمِ
214- وأيضاً الصديقةْ ذاتُ العلمِ
ديّنهُُ حظيةُ بالشِّيَمِ
215- برأها اللهُ بذا القرآنِ
وارضى عن الباقي من النسوانِ
216- وكل من يقذف بعد النور
كافرُ بِاللهِ وبالمسطورِ
217- واعلَمْ معاويةْ له أفضالُ
سيدُ عِندَنا كذا وخالُ
218- وكان للنبيْ من الكتّابِ
مبرأً عن سوأةِ المرتابُ
219- والسمع والطاعة للأميرِ
من سنةِ البشير والنذيرِ
220- فنمتثلْ لسائر الأمراءِ
ونحتسبْ من غير ما مراءِ
221- سواء الأبرارُ والفجارُ
ولو أصابوا حقنا وجاروا
222- إلا إذا دَعَوا إلى المناهيِ
فلا تُطعهمْ طاعة ًللهِ
223- وَكل من وليْ هذي الخلافة
بالارتضاءْ كان وبالإخافةْ
224- وصار عندها هو الأميرُ
وقام إثرَه جَمْعُ غفيرُ
225- فإنَّه في ديننا يُطاعُ
ويحرم الخلاف والنزاعُ
226- والحجُ والجهادُ ماضيانِ
كذا الصلاة دونما نكرانِ
227- ثم من السنةِ هجْرُ المبتدعْ
وإننا إليهمُ لا نستمعْ
228- ونترك الجدالَ والخصومةْ
في هذه الشريعة المعلومةْ
229- وإننا في كتبهم لا ننظُرُ
إلا لرد زيغهم فننكرُ
230- وكل محدثةْ بهذا الدينِ
تسمى بدعةً بغير مَينِ
231- والمبتدعْ مجانبُ الإسلامِ
والسنة الغراء كالكرّامي
232- والرافضيِ والخارجيِ والقدريْ
والجهميِ والمرجيِ كذاكَ الأشعريْ
233- وأيضاً الكُلاَّبيِ والمعتزليْ
وشِبهها من البلاء المُصْطليِ
234- أما إذا الخلاف في الفروعِ
فليس بالمذموم والممنوعِ
235- ما دام صادراً عن اجتهادِ
وليس عن هوى وعن عنادِ
236- وإنه يُحمد بالتحريِ
ويجزي بالخير وكل أجرِ
237- والاختلاف عنهم مرحومُ
والاتفاق حُجةٌ تدومُ
238- ونسأل الله لنا الوقايةْ
من كل بدعةٍ ومن عَمايةْ
239- يحيينا إن عشنا على الإسلام(1/13)
والسنة الغراءِ بالدوام
240- وكوننا من تابعي محمدِ
به نظل نهتدي ونقتدي
241- يا رب فاحشُرنا معهْ في زمرتهْ
من ناصري دعوته وسنتهْ
242- برحتمكْ وفضلك الممدَّد
ثم هنا نهاية المعتقدِ
243- فرغتُ منها ثالث الليالي
بقدرة العظيم ذي الجلالِ
244- فالحمد لله على ما ألهما
فقد أتمَّ فضله وأكرمَا
245- ثم أصلي دائم الحياةِ
على محمدٍ خير الهداةِ
246- وآلهِ وصحبهِ الدعاةِ
مكمَّليِ الأخلاقِ والصفاتِ
24/4/1421هـ
منظومة فقه البخاري
في تراجمه المسماة
الكَوْكَبُ السَّاري
عَلَى تَرَاجِمِ البُخَارِيْ
1- كَمْ أحمدُ الله على التوفيقِ
والفتح والتسديد في الطَرِيقِ
2- حمداً كثيراً طيباً مباركا
فقد هَدانَا ربُّنا المَسالكا
3- مسالكَ الحديثِ والروايةْ
للحِفظِ والتحقيقِ والدرايةْ
4- وإِنَّناَ فخرُ بما يَصيرُ
خَليلُنا البشيرُ والنَّذيرُ
5- اَعِني رسول الله ذا الفضَائلِ
والخيرِ والإحسانِ والشمائلِ
6- نَصحبُهُ بالليلِ والنهارِ
وذِكرُهُ أحلى من السُّمارِ
7- ولفضلُهُ الشَهْدُ المصفَّى الممتِعُ
كأنَّه درُ نثِيرٌُيَلمَعُ
8- دَعْني من الأشواقِ والحنينِ
وسَلّني بالصادقِ الأمينِ
9- ماذا ترومُ بالدُّنا والدارِ
ونزهةٍ بيّنةٍ العوارِ
10- وسهرةٍ على كلام يُوجِعُ
ومؤلمٍ دوماً ولَيسَ يَنفعُ
11- ومجلسٍ من العلومِ خالي
ما فيهِ مِنْ حُسْنٍ ولا جَمالِ
12- وجلسةٍ جَوفاءَ ذي اضطرابِ
واهيةٍ هاويةٍ سَرابِ
13- وبَعْدُ ذي عندهُم تُسَمّى
بمجلسِ الذكر فلا تَذُمَّ
14- إحذَرْ من التهديدِ والتَهويلِ
لكلِ فعلٍ منهمُ وقيلِ
15- تُوَصَمْ على الفورِ بلا أناةِ
بأنَّكَ القَاطعُ للصَّلاتِ
16- وصاحبُ الشِّدةِ والتنطّعِ
وجامدٌ في القولِ غيرَ ألمعيْ
17- وتارِكُ البلاغِ والتبيين
وراغبٌ عن مسلكِ الميئينِ
18- يا قابلي الحقِ بلا جِدالِ
أُصغُوا لقولِ الناصحِ المِثاليِ
19- فإنَّهُ بِعونِ ربٍ قادرِ
مجانبُ طريقةَ الْمُكَابِرِ
20- لكنَّه تَاقَ إلى المعالي(1/14)
فلازمَ الجدِ على التوالي
21- وجَانَبَ السَفَهْ من الفعالِ
فكَانَ ذا عَزْمٍ وذا وِصالِ
22- بالهمة العظمى على النوالِ
فاستروح العقود واللآليِ
23- لآلئ الحديث والآثارِ
مع أحمد الزكي كذا البُخاريِ
24- وابنِ عيينةٍ مع الثوريِ
ومالكِ النَجم كذا الزهريِ
25- ومسلمُ وعارمُ وقرطمةْ
والترمذيْ والدارميْ وصاعقهْ
26- وحَدَّثَ وأخبَر بُندارُ
وابْنُ خزيمةَ كَذَا البزّارُ
27- وَتابَعَ المذكورَ فيه مِسْعَرُ
وخَالَفهْ جَمعُ ومِنهمْ غُندَرُ
28- وأرْسَلَهْ وهبٌ كذاك الأعرجُ
وآخِرُ الحديثِ عنهمْ مُدرجُ
29- واختلفوا فيه على حمّادِ
وحدَّثَ السَرَاجُ عن هنّادِ
30- وهُدبةُ عنه روى الشَيخانِ
وقرَّروا الوقف على الصغاني
31- وحدَّثَ الأشجُّ عن هُشَيمِ
ثم البخاريْ عن أبي نُعيَمِ
32- ومَعْمرٌ عنه روى الصنعاني
واختلط الآخر في أزمان
33- وقد أتى الوصلُ على اضطرابِ
والمرسلُ أشْبَهُ بَالصوابِ
34- وخالَفَ ابنُ مسهرْ الرواةَ
والدَّار قُطنْي وهمَّ الثّقاتَ
35- وحمزةُ الكناني والطبراني
وابنُ أبي حاتم والجُرجَاني
36- وأخطأَ الأوزَاعيْ في الإرسَالِ
والأكثرُ الوصلُ بِلا احتمالِ
37- والأولُ المحفوظُ والمنقولُ
ودونَهُ المنكرُ والمعلُولُ
38- وابنُ أبي عَروبهْ في قتادةْ
من أثبت النَّاس يحي أفادهْ
39- وهذِهِ الطرقْ إلى مكحولِ
محفوظةٌ عنه قَضَاْ الفُحُولِ
40- وِتَلكمُ الأخبارُ عن بقيةْ
مُدَلَّسهْ فكُنْ على تَقِيّهْ
41- والصالحون مِنْ سوى العلماءِ
أَخبارهم غَلَطْ بِلا امتِراءِ
42- وابنُ أبي ذئبِ الإمامُ الثَبْتُ
لاَغْروَ إذ فَخَّمْتُ أو بَجَّلتُ
43- فقل لي بِالله من الأحبابُ
اَمنْ وصفتُ؟أم همُ الأسلابُ !
44- فَمَنْ سمِعتَ يا أخي صِحابي
اَودعتُهم جميعَهم جِرابي
45- فلا تلُمنِ في هوى الأخيارِ
فحبُّهمْ حبٌ لذَا المختَارِ
46- ولا تَلُمنِ إذ هويتَ عِلمَهم
وذكرَهم ولفْظَهم وفضْلَهمْ
47- ولا تَلُمنِ في هوى سفيانِ(1/15)
وشُعبةٍ وصالحِ الكِيسَاني
48- فأنسْ بَمنْ سِمعتَ في الأسفارِ
وَطَالِعنْ بالليلِ والنهارِ
49- ولا تَلُمنِ إذ حَبَبْتُ أحمدا
ومالكاً ويونساً والأسودا
50- ولا تَلُمنِ إذ هَويتُ السُّنَنا
وأهلَها مَنْ اَتقن وأحْسَنَا
51- ولا تُلمنِ قولُهم حَدَّثَني
أسعدَني أطربَني أنعشني
52- ولا تلُمنِ إذ هويتُ العِلَلَ
للدارقني صنَّفَ وأذهلا
53- أفادَ أحسنَ ، كذاكَ اتعبَا
مَن بعدَه وأفحَم وأعجَبَ
54- يا إخوتي ما اللهوُ ما الأفراحُ
تعالَوا فانْعَموا هنا الفلاحُ
55- هَلُمُّوا فانظروا هَذَا المَتيناَ
وَرَوضةً وجنةً يقينا
56- هَلُمُّوا أقبلوا تِلْكَ السعادةْ
لا نزهةَ وطُرفةً وغَادةْ
57- هَلُمُّوا فانظروا تلك الداريِ
لوامعَ النّجومِ والأنوارِ
58- هَلُمُّوا فانظروا إلى الحياةِ
وروضة الأفنان والجنّاتِ
59- يَا بَاغيَ النجاةِ والسُّرورِ
تعالَ فانظُرْ سنةَ البشيرِ
60- وَلازمِ الحديثَ والآثارا
وَطَالعِ العِشَايا والأبكارَا
61- وكَرِّرْنْ كذاكَ في الأسفارِ
وحاضرٍ وسائرٍ وساريِ
62- ولا تَمَلَّ صُحْبةَ الحديثِ
وَبَادِرَنْ كالساعِي الحثيثِ
63- أهلُ الحديث صحبةُ النبيِّ
اَكْرِمْ بِهِمْ مِنْ مَعْشرٍ رضِيِّ
64- أصحابُهُ أحبابُهُ أنوارُهُ
قد حِفظوا الدّين فهُم أنصارُهُ
65- هُمُ النجومُ قد زهَت وأنورتْ
همُ العقولُ اكتملَتْ واذهلَتْ
66- همُ المصابيحُ لِهذا الكونِ
هُمُ المَناراتُ لهذا الدينِ
67- هُمُ سياجُ السنةِ المتينُ
هُمُ كَذَاكَ المَوِثقُ الأمِينُ
68- هُمُ الرخاْهُمُ النّدى هُمُ الهُدَى
هُم لُيوثُ الحربِ أصحابُ الفِدا
69- هُمُ الردى للكاذبِ الأثيمِ
هُمُ الهدى للسائلِ السقيمِ
70- أهلُ الحديثِ صَفْوةُ الإسلامِ
وزينةُ الحياةِ والأنامِ
71- وبَهْجَةُ النفوس والقلوبِ
وسَلوةُ المغبونِ والمكروبِ
72- فَكُنْ في ذا الزمان ذا إقبالِ
عَلَى الحديثِ ساهرَ الليالي
73- فَاهْنأ مَعَ البخاريْ في الصَبَاحِ(1/16)
ومسلِم أيضاً إلى الرَوَاحِ
74- ثم أبي داودَ والنَّسائيِ
مِنَ العَشِيْ لآخَر المسَاءِ
75- كَذَا أبي عيسى مع ابنِ ماجَهْ
لا تَنتهِيْ مَعَ الزَمانِ الحاجَةْ
76- فَأنَسْ بمن سمِعتَ في الأٍسفارِ
وجَدِّد الوصالَ بالأخيارِ
77- وأعَتَذِرْ في هِذِه المقالةْ
إذْ جَرَّني الأنسُ إلى الإطاَلَةْ
78- ذَكرَّني الشوقَ وقال حَاذرْ
ولَو دَعا الجبالَ لم تُغَادِرْ
79- وَقَد أتى من عَلَم الرسَالة
حَنينُ جِذعِهِ بِلا مُجادَلَةْ
80- بَكَى لِفُرقِةِ خِلِّهِ الرسولِ
فأجهَشَ الدمعَ بِلا تَقليلِ
81- إذْ كَانَ واعياًَ لما يقولُ
واعجباً لأنفسٍ تَحولُ
82- وبعدُ فاسْمَعْ هذهِ الأرجوزةْ
فقد حَوَتْ فوائداً مكنوزَةْ
83- ضَمَّنتها (طرائقَ البخاريْ)
وَنَهْجَه في البابِ باختصارِ
84- إذْ حيَّرَ العُقُولَ والأَفهامَا
وأدْهَشَ الأئمةَ الأعلامَا
85- وأوْدَعَ الصحيحَ في الأبْوابِ
لآلِئاً صِيغَتْ بلا اضطرابِ
86- وأبدَعَ الأئمةُ الأخيارُ
وَسَارعوا في نشرِه وطَاروا
87- فكان مني هِمّةٌ في ذلكْ
أَنْ أندرِجْ في تِلكُمُ المَسالِكْ
88- فَكَمْ لَهُ من راقمٍ وَشَارِحِ
وَمُنتَقٍ من بِحرِهِ وَسَابِحِ
89- فكَانَ صدقاًَ قولُهم يا صاحِ
مُقَدَّمَ الأسفارِ والصِحاحِ
90- بَلْ إنَّه أصحُّ كتبِ الأمةِ
بعدَ كتابِ الله في ذي السنةِ
91- فَهوَ نَسيجُ وحدِهِ لِمَا وَعَى
كَذَا كَفىُ جَدِّهِ لِما رَوَى
92- بَلْ قَرَّرَ الفحُولُ والجهَابَذَةْ
قَبولَهُ حَقاَ بِلا مُجَابَذَةْ
93- وأيدوا الحالِفَ بالطلاقِ
وأنه لَم يَحنَثْ بِاتفاقِ
94- وِفَقهُهُ في هذِهِ التراجِمْ
كما قَضَى الأئمة الأفاهمْ
95- يُنبيكَ عن فذٍ متينِ العِلمِ
قد بَلَغَ السُّحْبَ ذَكِيُّ الفَهمِ
96- تَراهُ ذا فهمٍ وذا تفكيرِ
منقطعَ الشَّبيهِ والنّظيِر
97- يُحرِّكُ الأبصَارَ والأَذْهانَا
ويُطربُ النُّفوسَ والآذَانَا
98- قَدْ شغفَ الأئمةَ الأكارِمْ
تبويبُهُ في هِذِه التَراجِمْ(1/17)
99- فَصنَّفوا في حَلِّها الأَسْفارَا
وأورَدوا النَّكاتِ والأسْرَارا
100- وإنَّني في صَفِّ هذا الرَكْبِ
إذْ أدركوا من سَهْلها وصَعْبِ
101- وكنتُ آنِساً بها مَسرورا
متابعاً لفقِهها مَبْهُورا
102- فاستمِعوا يَا معشَر الطلابِ
لِما حَوَتْ تَراجمُ الأبوابِ
103- واصغوا إلى منهجهِ الكَمَالِ
مَوضَّحاً بالشَّرحِ والمِثَالِ
104- يُترجِمُ البخاريْ بِالمرفوعِ
من كلِم المشفّع المتبوعِ
105- كقوله (الأمراء من قريشِ)
فاسمعْ حَباكَ الله طول العيشِ
106- مُجَانباً لشرطِهِ الذي حَوَى
وَمردفاً بِشاهدٍ لما حكى
107- وَربما اكتفَى بلفظِ الترجمةْ
وسَاقَ إثْرَها آياتٍ محكمَةْ
108- كأنَّه يقولُ يا جماعَة
مَا عِندي ما يحكيهِ هَذِيِ السَّاعَةْ
109- وغالبُ التراجِمْ في كتابِه
بلفظِ أو معنى الذي أتى بهْ
110- وربما أتى بما لا جدَوى
لكنْ إذا حقّقتَ كانَ أجدَى
111- كبابِ قَول الرجلِ (ما صَلّينا)
رَدَّاً على الكاره إذ يَعْنينا
112- وتكثُرُ التراجِمْ باستفهامِ
اذْ عُدِمَ الجزم بذا الكَلامِ
113- كبابِ هل يزورُ بالمساءِ
أو الصباحِ زورةَ الإخاءِ
114- وربما ترجمَ بالآراءِ
لعالمٍ من سالِفِ العلماءِ
115- كبابِ لا نِكَاحَ إلا بولي
وليسَ راجحاً لَهُ في النَّقلِ
116- كذا وراءْ الحولين لاِرضاعُ
لكنَّه لقوةٍ يُذاعُ
117- كَذَا على المسائلِ المختلفةْ
قد ذَكَر البخاري غيرَ ترجمَةْ
118- نحو (خُروجُ الناسِ للبَرَاز)
أتى بنصين بِلا ابترازِ
119- ثم لَدَى التعارضْ والتنافي
يُقرِّر الجمعَ بلا إجحافِ
120- ومِنْ تراجمِهْ فيها احتمَالُ
يُوضِحُها الحديثُ والمقالُ
121- وربما العكسُ فكان الأظهرا
تَرْجمةُ الحديثِ لا ما قَدْ قررَا
122- وَتِلكمُ الترجمةْ كالتأويلِ
لمُشْكل الحديثِ والتفصيلِ
123- نائبةً عن ذلك الفقيهِ
كقولهِ : العامُ الخصوصُ فيهِ
124- وشبهه المطلق والمقيَّدُ
والمشكِل الغامضُ إذ يُحدَّدُ
125- وهذا منها أعسَرُ الأبوابِ(1/18)
يَبين فيه أمثَلُ الأضرابِ
126- ومعظمُ النوعِ الذي قد يُشكلُ
كذا يقول الحافظ المبجَّلُ
127- وإنَّما يفعلُهُ البخاري
عند انعدامِ الشرطِ في الأخبارِ
128- مَقصِدُهُ الشحذُ للأذهانِ
وفتح هذا العلمِ للنبهانِ
129- ويظهر المضمرُ في المعاني
كذا خَبئُ هذه الأفنانِ
130- فعش مع الصحيح للبخاري
تظفر بدُرة هذهِ الأعصارِ
131- فهو بحقِ عمدةُ الأسفار
وحجة العباد عند الباري
132- وكانَ ما أدخلَ فيه أثَرا
إلا وصلّى للذي قد يسَّرا
133- وحول التراجمْ بين القبرِ
ومنبر الرسول يا لَلفخرِ
134- كذا رُوي في كامل الجرجاني
وشاع هذا النقلُ في الأزمانِ
135- وأشهَره في هدي ذاك الساري
حذامِ الحديث والآثارِ
136- لأنه في شرحِهِ الكبيرِ
أبان نهجَه مع التحريرِ
137- فوطَّأ الفتحَ بذي المقدمةْ
وأتعبَ الأقرانَ أيَّ متعبةْ
138- وأسهب الشهاب فيها أسهبَا
وكان نيّرا بها وما خبا
139- أورثها لآلئَ العلومِ
وحَاكَها بالعَسْجَدِ المنظومِ
140- فهي هُدى القراء والشراحِ
ليدركوا معانيَ الصحاحِ
141- وأعقبَ الحافظُ ذي المقدمةْ
بشرحهِ الفريدِ يا لَلعظَمةْ
142- فهو بحقٍ بُغيةُ الإنسانِ
لم يختلفْ في فضلهِ إثنانِ
143- وكان من قول إمام اليمنِ
ناهيكَ عن علم به بالسننِ
144- إذ طارت الريحُ بهذا الشرحِ
لا هجرةً للقومِ بعد الفتحِ
145- فحاجةُ الشروح من ذا الفتحِ
كحاجة الديجور نورَ الصبحِ
146- إذ كانت الشروحُ مثل النهرِ
وذلك الفتح نديدُ البحرِ
147- فهو لهذي الأمة خيرُ مفخرةْ
مفخرةُ في الكتْبِ أي مفخرةْ
148- وكل من أتى على الأزمانِ
قد رَشفوا من نبعِهِ الريانِ
149- توافرت في فضلِهِ الأخبارُ
وسارت الركبانُ والأشعارُ
150- وقرَّر الأئمةُ الأجلةْ
بلوغَه القصدَ بذي الأدلةْ
151- من كونه قد جمعَ الشروحَا
وحرَّر المنقولَ والمطروحَا
152- كذاك وعيه بذي الروايةْ
وجمعُه فيها لأقصى الغايةْ
153- إذ حرَّرَ المعاني والفوائدا
واستكمل المرويَ والزوائدا(1/19)
154- وذا هو مُعتَركُ الأقرانِ
فبزَّهم بالحفظ والإتقان
155- واعترف الجميعُ بالإذعانِ
بفضلِهِ حقاً بلا نكرانِ
156- وأيضاً ما يُعضلُ أو قد يُشكلُ
يَحُلُّه الحافظُ وهو الأمثلُ
157- قد أذهل الصديقْ والمخالفَا
تحقيقهَ في الفتح فاسمع عارفا
158- ثمَّ مع القبول والثناءِ
قد لَحظوا عليه في أشياءِ
159- تأويلَه للأسما والصفاتِ
إذ قلد البدعيْ بلا أناةِ
160- لكنًَه كان مريدَ الحقِ
ويبتغي رضاءَ ربِّ الخلقِ
161- فجانبَ السبيلَ والطريقا
وهو بذاك لم يكُنْ خليقا
162- لأنه من معدِنِ الأسلافِ
ونصرُهُ السنَّةَ غيرُ خافي
163- وحبُّهُ الحديثَ والآثارا
وقفوُهُ الأئمةَ الأبراراَ
164- وكلُّ هفوةِ من الأخطاءِ
غارقةٌ في بحرِهِ المعطاءِ
165- فنسأل الله له الغفرانَ
والعفوَ والسماحَ والإحسانَ
166- وليس من شرط ذوي العلوم
أن يَسلموا من خطأٍ مذمومٍ
167- ومن هو العالم ذو الكمالِ
الناجي من وهمْ ومن مقالِ
168- بل حسبُه نبلاً من الصفاتِ
تعديدهم للعيب والزلاتِ
169- ولا يجوز القول فيمن أخطأَ
بأن يُرد علمه لما جَرى
170- ولا يجوز القولُ فيمن صلَحا
إذا علمْ ثم اجتهدْ فجنحا
171- أن نُشهَر الإنكارَ والملامَا
لكي نَرُدَّ علمَه التمامَا
172- ولو نهجنا هذا بالإطلاقِ
فقد خلعنا رِبقة الإحقاقِ
173- لأَنَّه في الواقع المُشاهدِ
لم ينجُ عالمٌ من قول ناقدِ
174- وردُّنا للعلم لأْجلِ الزللِ
مستلزِمُ لردَّ علم الجُلِّ
175- ما هذا بالعدل ولا الإقساطِ
لكنه جورٌ وفعلُ خاطي
176- والأصل أن تحملَ من فضائلهْ
وتطرحَ المعيبَ من فعائلهْ
177- فهكذا قضا ذوي العقولِ
والمنهجِ السوي لا المنحولِ
178- أيضاً عليه درجَ الأئمةْ
من سَلَف الأمة وأهل السنةْ
179- ومما لاحظوا على الإمام
يُحيل أحياناً بلا إتمام
180- فربما النسيانُ قد دهاهُ
أو طولُ هذا السِفْر قد أعياهُ
181- لأنه في الهدى قال أعني
مقوله مكثتْ ربعَ قرنِ
182- وإنه إذ ينسى لا إنكارُ(1/20)
فالوقتُ تفنى دونه الأعمارُ
183- يا ليتنا نقرأه طولَ الدهرِ
ونجتني من روضه المزدهرِ
184- ونجتلبْ منه سبائك الذهبْ
فإنه سِحرُ حلالُ ذو عجَبْ
185- ونرتشفْ منه زُلالَ الماءِ
من سَلسَلٍ صافٍ بلا أقذاءِ
186- ما أزكى ريحَه وأحلى طعمَه
يا رب فامنَحْ علمَه وفهمَهُ
187- ويسَّرِ الشرحَ لذا الفقيرِ
طويلب العلم أخِ التقصيرِ
188- أقسمتُ بالله عظيمِ الصفحِ
ما طابت النفسُ بغير الفتحِ
189- أقولها رُغمَ أنوفِ الحسدة
معلنةً ، منشورةً ، مسدَّدة
190- كم غصَّ بالفتح ذوو الأحقاد
فجابهوا الطودَ بذي الأعوادِ
191- فاعجبْ لمرضَى سالموا الكفارا
والمسلمين أوسعوهم ثارا
192- نعوذ بالله من الأشرارِ
ومِنْ عمى القلوب والأبصارِ
193- ونسأل الله اتباع الهدْي
وصحةَ الفهم وحسنَ القصدِ
194- وترجَمَ البخاري بالقرآنِ
بآية ناصعةٍ البرهانِ
195- من غير موضح من الكلامِ
بل تكفي وحدَها على المرام
196- وربَّ ترجمةْ جاء البخاري
حاويةَ النصوص والأخبارِ
197- ولكنَّه بانَ له في بعضها
فائدةٌ حسنى وليس ثَمَّ مثلُها
198- فَحَدًّدهْ بالرمز والتنبيهِ
بقوله (بابٌ) تأمَّلْ فيهِ
199- وهكذا قد صنعَ الأئمةْ
عند ورود جملةٍ مهمة
200- يُقيّدون قبلها تنبيها
أو فائدةْ حسنى الطريفُ فيها
201- وهي عجيبةٌ بذي التراجمْ
أهملها أئمةُ أفاهمْ
202- وربما ترجمْ بما لا يظهرُ
بما يُخصْ واقعةْ ويعسُرُ
203- إدراكُ فهمه بذي القضيةْ
كقوله : الإمامُ في الرعيةْ
204- يستاك بينهم بلا حياءِ
ليدفَع الوهم بذا الجلاءِ
205- وإنه ليس فعالَ المِهنِ
بل طيِّبٌ يُروى بهذي السننِ
206- ثم هنا انقضت الطرائقْ
كتبتها والبالُ غيرُ رائقْ
207- نظمتُها كتْباً إليك عاجلة
فخُذها عشرةً إليك كاملةْ
208- وما يلي الترجمةْ من كلامِ
فقالوا : غالباً على أقسامِ
209- فترجمةْ يَعقبُها آثارُ
كثيرةٌ ، حميدةٌ ، أنوارُ
210- وبعضُها فيه حديثُ واحدُ
والثالثةْ آياً كريماً يُوردُ(1/21)
211- والرابعةْ قولٌ لذا الصحابي
أو تابعٍ جارٍ على الصوابِ
212- والخامسةْ لا شيء فيها البتةْ
وإنما تنبيك تلك الترجمةْ
213- فقيل ناسخُ الصحيح قد سَها
أو البخاري قد سها وما درَىِ
214- وقائلةْ قد جانبَ الصوابَا
ما مهَرَ الصحيحَ إذ أجاباَ
215- والأظهرُ الأليقُ بالإمامِ
لم يثبت الشرطُ لذا الكلامِ
216- أو ربما الدليل كان قبلها
أو بعدَها فانظرْ هناك حولَها
217- وقصدُه التمرينُ للطلابِ
ليربطوا الأدلةْ بالأبوابِ
218- كذا أفاده أعلامُ من شَرَحْ
وربما التكلفْ فيه قد وضَحْ
219- لأن في الأصل لدى الفِرَبري
لم تكتمل أشياءُ منه فادرِ
220- قرَّرهُ أبو الوليد الباجي
بقولِهِ : السًّرخْسيْ والمستملي
221- إنتخبوا من مصدر متينِ
فاختلفوا كذاك والكُشْمِيهني
222- والحمد لله تسامى (الكوكبُ)
وشعَّ نوره وزان الأدبُ
223- وتمَّ ما يُرادُ في المنظومِ
مِنْ سَوقِ ما يُبهرُ في الفهومِ
224- فالشكرُ لله على الدوامِ
تبارك المجيدُ ذو الإنعامِ
225- وصلى ذو العزة والكمالِ
وسلّم في سائر الأحوالِ
226- على النبيِّ الرحمةِ المهداةِ
وآلهِ وصحبهِ الهُداةِ
13/7/1418هـ
سَلْسالُ النهَر
نَظْم نُخبة الفِكَر
1- يقولُ مَنْ يرجو الولوعَ بالأثرْ
وَيَرتجي الوصولَ عند مَنْ غَبَرْ
2- مِنْ حاذقي الحديثِ والرواية
و ماهري الإسنادِ والدرايةْ
3- أحمَدُ ربي دائماً ولا أزلْ
أشكرهُ سبحانَه عزَّ وجَلْ
4- مَنَّ علينا بإتباع الأثَرِ
وخَصَّنا بفضله المنهمرِ
5- وبعدُ فالنخبةُ زين المصطلحْ
ومُلحة الكلامِ وأيُّ مُلَحْ
6- حَرَّرها المحدِّثُ الشَهيرُ
مَنْ ليسَ في الكونِ له نظيرُ
7- وصَاغَها بألطفِ العبارةْ
وأسهلِ الألفاظِ والإشارةْ
8- فصارت المفتاحَ للطلابِ
سويةً مِنْ ما اضطرابِ
9- فشاقني تقريُبها للصحبِ
منظومةً قد سُلسلت مِنْ عذبِ
10- وقد رأيتُ قبليَ الأميرا
حرَّرها بنظمِهِ تحريرا
11- واللهُ يجزيهِ على ما صَنَعَا
ويجزي عبداً بعدَه قد تَبِعَا(1/22)
12- وإنني بها لأحبو (يَزَنَ)
كذا أُسيداً حسَنها والرزنَ
13- وأبتغي من بعدها الثوابا
وما جهلتُ كوني لَن أعابا
14- فاصغِ لها معترفاً ومنصِفا
ولا تكنْ مشنِّعاً ومُجحفا
15- فإنها قد نُظمتْ على عَجلْ
فقّدر المقصودَ واشكُرْ مَنْ بَذَلْ
16- يومانِ مشغولُ وما ثَمَّ شُغُلْ
فجوِّدِ الكلامَ واصلحِ الخَلَلْ
17- فهاكَهَا الآنَ بلا إخلالِ
لكل ما خُطّ مَنَ المقالِ
18- قَالَ حذامِ الناسِ في الآثارِ
محدثُ الأنامِ والأقطارِ
19- الحمد لله حمداً كثيرا
فلم يزلْ عليماً وقديرا
20- وصَلَّى ربُّنا على البشيرِ
سيدنا محمدِ النذيرِ
21- وآله وصحبهِ الأخيارِ
وَسلَّم مَن غير ما إقصارِ
22- وبعدُ فالكُتْبُ في الاصطلاحِ
كثيرةٌ بسيطةُ الوِشاحِ
23- ومنها نوعٌ كان ذا اختصارِ
يسُهِّلُ فهمه بلا عِثارِ
24- فأمَّني الإخوانُ بالسؤالِ
وطالبوا التلخيصَ في المقالِ
25- وللمهمِّ منها قد أجَبتُ
وجامعاً إليها ما ابتكرتُ
26- رجاءَ الاندراجِ في المسالكِ
فتابعُ الأخيارِ غيرُ هالكِ
27- فَهذِهِ الأخبارُ ذو أنواعِ
فكن لما أقولهُ بوَاعِ
28- فالخبرُ المرويْ بلا تعيينِ
أو مع حصر زائدِ الإثينِ
29- أو حَصْرِ الإثين بلا جدالِ
أو واحد الإسنادِ والعواليِ
30- فما أتى منها بلا انحصارِ
يُوصَفُ (بالتواترِ) المدرارِ
31- وهو يُفيدُ العلمَ واليقينا
بشرطِهِ فكُنْ به مُبينا
32- ثانيهما (المشهورُ) في الأخبارِ
ويُدعى المسْتفيضَ في اختيارِ
33- والثالثُ (العزيزُ) ذو الندورِ
وليسَ في الصحيحِ بالمشهورِ
34- والزاعمُ العزيزَ فيه شرطَا
فقد تعامى عندهم وأخطَا
35- وكلَّها قطعا مِنْ غير الأولِ
(آحادُ) فافهمْ دونما تعجّلِ
36- وفيها مقبولُ كذا مردودُ
فَلُفهمِ المعنيُّ والمقصودُ
37- لأننا في البحث ذو احتياجِ
إلى الرواة دونما لَجاجِ
38- واستُثني من مقالنا التواترُ
فهو على أوصافِه يفاخرُ
39- وتلكمُ الآحادُ بالقرائنِ
مفيدةٌ للعلم بالتضامنِ(1/23)
40- هذا هو المختارُ في الخلافِ
وغايةُ التحقيق والإنصافِ
41- ثم (الغرابةْ) عندهم في الأثرِ
ما كان في الأصل والغير فادرِ
42- فالأولُ (المطلقُ) والمحصَّلُ
ما بعدَه النسبيُّ فيهِ قلّلوا
43- موصوفه بالهيئة الفرديةْ
فهاكَها عبارةً مرضيةْ
44- فالخبرُ المنقول بالعدولِ
مَنْ تمّ ضبطُهم بلا غُفولِ
45- متصلُ السند بلا إعلالِ
ولم يَشُذَّ مطلقاً بحالِ
46- هو (الصحيحُ) عندهم لذاتهِ
فاسَعَ إلى تحصيله وَهَاتِهِ
47- وهو على تفاوتٍ في الرُتَبِ
والخُلْفُ في الرواةِ عينُ السَبَبِ
48- وَلأْجلِها قد قدّموا البخاريِ
ومسلمٌ بعدُ بلا تمارِ
49- يَليهما شرطُهما في ذيِ السُنَنْ
وإنْ يَخِفَّ ضبطُه فهو (الحسَنْ)
50- لذاتِهِ وطرقُُهُ لو تكثُرُ
صارَ صحيحاً عندهم ويُشهَرُ
51- والحُسْنُ والصحةْ إنْ يجتمعا
فللتردُّدِ وقيل ومَعَا
52- لَهْ طريقانِ ، أما الترددُ
يُبينُه الواحدُ والتفردُ
53- وتُقبلُ الزيادةْ للرواةِ
ما لم تكنْ منافيةْ الثقاتِ
54- والراويْ إنّ خولِفَ في الإسنادِِ
بأرجحِ مِنْ جُملةِ الأمجادِ
55- فإنَّه (المحفوظُ) والمقابلُ
ما (شَذَّ) عِندهم كذاكَ يُنقلَ
56- وإنْ تكُ المخالفةْ مَعَ الضَعَفْ
فالراجحُ(المعروفُ) فافهمْ واعتَرِفْ
57- قَابَلَه (المنكرُ) والنسبيُّ
موافِقُهْ مُتابِعُ مَرْعيُّ
58- وإنْ وُجدْ متنُ له يُشبهُهُ
فسَمِّة (الشاهدَ) إذْ تُصِبْهُ
59- ثم تتبعُ الطرقْ لذلكا
(الاعتبارُ) فاجتهدْ هنالِكا
60- وكلُّ مقبولٍ من الأخبارِ
ولم يُعارَض (محكمُ) الآثارِ
61- وإنْ يُعارَض بعدَ فهم الجمعِ
فسمِّه (مختلِفاً) واستمِعِ
62- وإن أبى الجمعُ وجَاْ المؤخرُ
فإنَّه (الناسخُ) والمقرَّرُ
63- يُصار بعدَه إلى الترجيحِ
ثم إلى التوقف المُريحِ
64- وكلُّ مردودٍ لسَقْط في السَندْ
أو طعن راويةٍ ، وهذا ما نَجدْ
65- والسقط من مبادئ الإسنادِ
(مُعلَّقُ) من غير ما تردادِ
66- وإنْ يكنْ آخرَه (فمرسَلُ)(1/24)
والسقطُ باثنينِ فهذا مُعَضَلُ
67- بشرط يتلوهُ وإلا (منقطعْ)
فاسمعْ مقالي تَتعِظْ وتنتفعْ
68- والسقط كالواضح والخفيِ
وما اتضحْ يُدركُ باللقىِ
69- لذلك احتيج إلى التاريخِ
والعِيُّ فيه موجبُ التوبيخِ
70- والآخَرُ الخفيَّ (كالمدلسِ)
فكن لدى إيهامِه كالّكّيسِ
71- لأنه بعَنْ وذا وقالا
تحتملُ اللقاْ والاتصالا
72- (والمرسُلُ الخفِيُّ) من معاصِرِ
لَم يلقَ شيخَه فعِ وحاذِرِ
73- والطعنُ فيِ الراويِ لأجل الكذبِ
يسمى (موضوعاً) بلا تعجُبِ
74- أويُتهمْ بالمين في الراويةِْ
فإنَّه (المتروكُ) فيِ النهايةْ
75- أو وصفوه فاحشاً إذا غلِطْ
أو غفلَةُ فيه وكانَ ذا شَطَطْ
76- كفسقِه بالقولِ والأفعالِ
فإنَّهُ (المنكرُ) في الأحوالِ
77- والوهمُ المدركُ بالقرائنِ
(مُعلَّلُ) من غير ما تبايُنِ
78- وتجمعُ الطرقُ على استيعابِ
وإنَّه مِنْ جُملة الأغرابِ
79- ثم المخالفةْ على ألوانِ
بيّنهٌ للعالمِ النبهانِ
80- ما كانَ بالتغيير في السياقِ
(فمدرجُ) السند بلا اختلاقِ
81- أو يُدرَجُ الموقوفُ بالمرفوعِ
فمدرج المتن لدى الجموعِ
82- أو كانَ بالتَقديمِ والتأخيرِ
فإنَّهُ (المقلوبُ) في الشهيرِ
83- أو كانت الزيادةْ بِالرجالِ
فَسَمِّهِ (المزيدَ) في اتصالِ
84- أو رُّبما الإبدالُ للراوةِ
بلا مرجحٍ لدى الهداةِ
85- فإنَّهُ (مضطربُ) الأخبارِ
وقَد أتى عمداً للاْختبارِ
86- أو ذلك التغييرُ في السياقِ
مع بقاء الصورةْ باتفاقِ
87- فذلكَ (المصحفْ) و(المحرَّفُ)
وقسمه جديدُ ليس يُعرَفُ
88- ولَم يَجُزْ تعمدُ التغييرِ
للمتن بالنقصِ وبالتعبيرِ
89- إلا لعالمٍ بذي المعانيِ
يكون ذَا فهم وذا إتقانِ
90- وإنْ يكنْ يخفى لنا معناهُ
فتلكمُ الكتبْ لنا ترعاهْ
91- ككتبِ الغريب والإيضاحِ
لمشكلِ الحسان والصِّحاحِ
92- ثم (الجهالةْ) عندهم نوعانِ
أنْ يكثرَ النعتُ بلا تبيانِ
93- فيذكُره على خلافِ الأشهرِ
لمقصدٍ في نفسِهِ فلتحذرِ(1/25)
94- وَصنَّفوا فيه على الإجادةْ
مُوضِّحَ الأوهام والإفادةْ
95- أو ربما مُقِلُ في الروايةْ
وليسَ للناسِ به عِنايةْ
96- وصنفوا فيه من (الوحدانِ)
وبيّنوهُ أيما بَيَانِ
97- أو لا يُسَمى الراويْ لاختصارِ
(والمبهماتُ) فيه للأخيارِ
98- ومُبهمُ حديثُه لا يُقبلُ
ولو يكن إبهامُهُ يُعدِّلُ
99- كأن يقولَ الثقة أخبرني
وربما في غيره لا تغنيِ
100- فإن يُسمى وانفردْ عنه أحدْ
فَعينُهُ مجهولةُ كذا وَرَدْ
101- وإنْ روى اثنانِ ولم يوفّقِ
فحالُهُ مجهولةْ بالتحققِ
102- وإنّه المستورُ في الرواةِ
فَسِرْ في ذا الفنِ على أناةِ
103- و(بدعةُ) قبيحةُ مكفرهْ
مردودةٌ عند جميع الجَمهْرَةْ
104- وبدعةُ مفسقةْ لا تجرحُ
لغير داعيةْ كذاك صَححَّوا
105- إلا إذا رَوى على التأييدِ
فَرُدَّه من غير ما تحديدِ
106- هذا هو المختارُ في الكلامِ
وصَرَّحَ ابراهيمُ باهتمامِ
107- (وسَيئُ الحفظ) على اللزومِ
الشاُذفي رأي ذوي الفُهومِ
108- وإن يكن يطرأ للرجالِ
فسمِّهِ (مختلطاً) بحالِ
109- وإنْ يكنْ متابعٌ له وردْ
حَسِّنه للغيرِ بمجموعِ العَددْ
110- كذلك المرسَلُ والمستورُ
وغيرُها في قولهم مشهورُ
111- والمسنَدُ المنقولُ للرسولِ
يُسمَّى (مرفوعاً) بلا شُغُولِ
112- بالحكمِ قد جَاءَ وبالتصريحِ
مِنْ قولهِ وفعلهِ المليحِ
113- وربما انتهى إلى الصَحَابي
وهَذا (موقوفٌ) بلا اضطرابِ
114- ثم (الصحابيْ) من لقيْ النبيَّ
وكانَ مؤمناً بهِ ورضيّا
115- وماتَ حينهَا على الإسلامِ
ولو أتى بسوأة الأيامِ
116- كردةً في الدين وانحرافِ
على الصحيحِ الجاري في الخلافِ
117- أو ينتهي (للتابعي) المرضيِّ
مَنْ عَرَفَ الصحابيْ بِاللقيِّ
118- فَهذَا (مقطوعُ) بلا نزاعِ
ومثلُهُ روايةُ الأتباعِ
119- وذانِ عندهم يقالُ (الأثرُ)
والمسنَد الحدُّلَهُ مشتهِرُ
120- ما رَفَعَ الصحابيْ ذو النوالِ
في سندٍ ظاهرِ الاتصالِ
121- فإن يكنْ قَلَّ الرجالُ وانتهوا(1/26)
إلى الرسول المجتبي فقد رأوا
122- بأنه (المطلقُ) بالتمامِ
أو ربما انتهى إلى إمامِ
123- ذي صفةٍ عليةٍ كشعبةِ
وبعدَه علوُ أهلِ (النسِّبْةِ)
124- فما يَصِلْ لشيخ ذا المصنِّفِ
بِلا طريقةِ فذاكَ فاعرِفِ
125- بأنّه الموافقةْ ثم البَدَلْ
لشيخِ شيخهِ يكونُ قد وصَلْ
126- فإنْ يكنْ ضاهاهُ في الرجالِ
فذاكَ قد ساوى بلا جدالِ
127- فإنْ يكنْ تلميذَه تساوي
فصافحِ الشيخَ أُخَيَّ الراويِ
128- وَعُدَّ ما ذكرنا من أقسامِ
لغيرهِ (النزولُ) بالتمامِ
129- وكلُّ راوٍ شارَكَ الرجالا
في السنِ واللقاْ فلا محالا
130- فَسمِّهِ (الأقرانَ) ، و(المدبَّحُ)
أن يَرويْ كلُهمُ ولا تَحرُّجُ
131- فإنْ يكنْ روى عن الأقلِ
في السنِ واللقا وفي المحلِ
132- فَإنّه (الأكابر)ْ عن أصاغرِ
وإنّه مِن جملةِ (المفاخرِ)
133- ومنه الأْباءُ عن الأبناءِ
وعكسُهُ الواسعُ في الأرجاءِ
134- كمن روى عن أبه عن جدهِ
فافهمْ كلامي وانتبه لقصدِه
135- وإنْ رَوى عن شيخٍ راويانِ
وماتَ واحدٌ بلا تواني
136- فنعُته عندهُم (بالسابق)
لما ترى في رسمِهِ (واللاحقِ)
137- ولو له شيخانِ قد توافقا
في الاسْمِ عندهم ولم يُفارَقا
138- فباختصاصهِ يبين (المهُمَلُ)
وإنْ يكنْ كلاهما فُمشكِلُ
139- وإنْ جَحدْ بحزمِهِ المرويَّا
فرُدَّهُ ، ولا تُقُل نسيّا
140- وإنْ يكنْ رُد بالاحتمالِ
فاقبلْه في الأصحِ والمقالِ
141- وفيه مَنْ (حدَّتَ قبلُ ونسِيْ)
وكم به من أنفُسٍ وأرؤسِ
142- (مُسَلسلٌ) ما اتفقَ الرواةُ
في الصيغ التي لها صفاتُ
143- (وصيغُ الأداءِ) كسمعتُ
حدثني ، أخبرني ، قرأتُ
144- عَليهِ ، أو قرئِ عليهِ
وإنني أسمعُ ما يُبديهِ
145- وبعدَها أنبأني ناولنيْ
شافَهني ، كَتبْ إلىْ
146- وبعدَها عَنْ وروى وقالاَ
فدَقّق العلمَ تكن مِفضالا
147- فالأولانِ مِن سمْعٍ منفردا
فإنْ جَمَعْ فجملةُ قد وَرَدا
148- ثم (سمعتُ) أصرحْ في الأداءِ
وأَرفعُ الألفاظِ في الإملاءِ(1/27)
149- والثالثةْ والرابعةْ لمِن قرأ
بنفسهِ ، فإنْ جَمَعْ فهو قُرئِ
150- وأنبأَ عندهُم كأخبرا
خلافَ مقصودِ الذي تأخرا
151- (عَنْعنةُ المعاصِر) باجتماعِ
ُتحمَلُ عندهمْ على السماعِ
152- إلا لذي مدلَّسٍ فانتبهِ
وكنْ على تيقظٍ واتّقِهِ
153- وقيل لابد من اللقاءِ
ولو لمرةٍ بلا مراءِ
154- وإنه المختارُ والمشافهةْ
تكونُ في الإجازةِ المواجهةْ
155- تجوزاً باللفظ ، والمكاتبةْ
فيما أجازَ دونما مخاطبةِ
156- واشترطوا لصحةِ المناولةْ
اقترانَها بالإذنِ والمنازلةْ
157- وإنها لأرفعُ الأنواعِ
فيما أُجيزَ يا أخي السماعِ
158- والإذنُ مشروطُ في ذي الوجادةْ
وكل ما أوصاهُ أو أفادهْ
159- كذلكُ الإعلامُ والمعتبرُ
فيما سِوى ذاكَ فلا ينتشرُ
160- وشِبهُهُ الإجازةْ للعمومِ
كذلك المجهولُ والمعدومِ
161- وإنْ تكنْ أسماؤهم توافقتْ
وثَمّةَ أشخاصُهم تخالَفَتْ
162- فسمِّهِ (المتفقَ المفترقا)
وإنُّه جديرُ أنْ يُحقَّقا
163- وإنْ يكنْ أسماؤهم توافقَتْ
لكنها في النطق قد تشاكَلَتْ
164- فإنَّه (المؤتلف المختلفُ)
وكم به مِنْ صفوةٍ قد جَنَفوا
165- أما إذا توافقَ الأسماءُ
واختلفت بُعيدَها الآباءُ
166- أو عكسُهُ فَسمِّه (التشابُهَا)
ويرحمُ الله لبيباً نَبَّهَ
167- ومنه الأْسماءُ كذا تأتلفُ
لكنها أنسابهم تختلفُ
168- وترتسمْ مِنْ هذهِ أنواعُ
مُهِمُةُ ، لطيفةُ ، تُذاعُ
169- أنْ يحصلُ الوفاقُ والتشابُهُ
غيرَ حروفٍ عندها قد نَبّهوا
170- كذلك التقديمُ والتأخيرُ
فاعْنَ به فإنَّه جديرُ
171- ثم إلى (خاتمةِ) المطافِ
وجيزةٍ بهيةِ الألطافِ
172- مِنَ المهمْ ، معرفةُ (الطباقِ)
لسائر الرواةِ باتفاقِ
173- كذا (المواليدِ) إلى الوفاةِ
وأيضاً (البلدانٍ) والصفاتِ
174- كالجرحِ والتعديلِ والتجهيلِ
وكلِ علمٍ فيهم وقيلِ
175- ثُمَّ إلى (مراتب التجريحِ)
أبُينُها باللَسَن الفصيحِ
176- أسوأها المبالغةْ بأفعلِ
كأكذبِ الناسِ وهذ منجلي(1/28)
177- وبعدّها دجالُ أو وضاعُ
وقولُهم كذابُ قد أشاعوا
178- وأسهلُ الألفاظِ قول (لينُ)
وسيئُ الحفظِ كذاكَ بينوا
179- أو أنه (فيه مقال) ذكروا
وأرفعُ التعديل ما قد قررّوا
180- كأوثقِ الناس بلا أناةِ
أو أكَّد الصفةْ من الصفاتِ
181- كقولهمْ هَذَا (ثقةْ) مكررَّا
وهو ثقةْ وحافظُ لا يُمتَرى
182- وأدنى تعديلٍ من التجريحِ
كقولهمْ شيخُ بلا تصريحِ
183- والتزكيةْ مقبولةُ ممن عَرَفْ
أسبابَها ، وكان عدلاً يتصِفْ
184- كإنْ يجئْ من واحدٍ نبيلِ
والجرحُ ظاهرٌ على التعديلِ
185- إنْ أصدرَهْ مبيَّنَ التعليلِ
وربما خَلا مِنَ التعديلِ
186- فَحينَها التجريحُ بالإجمالِ
يُقبلُ في المختارِ مِنْ أقوالِ
187- ثم مِنَ المهم أن تَدري الكُنَى
والأسْماْ والذي لَهْ كُني
188- أو اسُمه كُنيتهُ أو كثُرتْ
نعوته ومَنْ تَرَاهُ وافقتْ
189- كنيتُه لاسْم أبيهِ والعكِسْ
أو ربما لزوجِهِ ، فامهَرْ وقِسْ
190- واعْتَنِ بالنسبةِ في غيرِ الأبِ
أو إلى أم ، وإلى مُسْتغَربِ
191- كذلك الوفاقُ في الأسماءِ
مِنَ الجدودِ وإلى الآباءِ
192- وربما الشيوخ والرواة
وكلِ ما جُرد للثقاةِ
193- وغيرهِم ومن ترى قد أُفردا
فاعْنَ به ولا تكن مُقِّلدا
194- واعتنِ بالكني وبالألقاب
وكلِ ما أضيف في (الأنسابِ)
195- كالنسبة للقبائلْ والأوطانِ
وربما صنائعِ المُهَّانِ
196- وربما بالنَّسبةِ يُلقَّبُ
كخالدِ الكوفي كان يَغضَبُ
197- وليَعرفِ (الأخوة) و(الموالي)
كذلك الآدابَ بالكمالِ
198- والسنَ للتحملْ والأداءِ
(وكتْبَه الحديث) باستيفاءِ
199- وصفةَ (العرض) كذا السماعِ
و(الرحلةْ)،و(التصنيفِ) بالأنواعِ
200- كمسندٍ أو بابٍ قد ائتلفْ
أو عللٍ ، أو يجمعُهُ على طَرَفْ
201- وليعرفِ (الأسبابَ) للآثار
وفيه تصنيف بعضِ الخيارِ
202- وصَنَّفوا في غالب الأنواعِ
فكن لما أقوله بواعِ
203- وهذه الأنواعُ في الختامِ
منقولةٌ مِنْ غيرِ ما خطامِ
204- وحصرُها هنا من العسيرِ(1/29)
فارْجِعْ إلى المبسوطِ والغزيرِ
205- والله ربُّنا هو الموفقُ
والهاديِ للذي تَرى وتُحدقُ
206- قد تَمّت (النُخبةُ) يا صحابي
فالحمد لله على الصوابِ
207- مصلياً على معلم الهدى
وآله وصحبه أهل الندى
24/5/1420هـ
مئوية التحقيق الفريدة
(نظم معالم كتاب فن تحقيق التراث)
مقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ( وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد ،،،
فقد أوعز إلينا أستاذنا الفاضل ، والعالم الجليل الأستاذ الدكتور / محمد إبراهيم شريف ، بقراءة كتاب (فن تحقيق التراث) والإفادة منه ، وهو الصادر من مركز الدراسات بالكلية ، بتعاون عدد من الدكاترة ، وإشراف أ.د/ محمد السيد الجليند ، فتم لي ذلك ، وأعجبت بغالب بحوثه ، ثم بدا لي نظمه والوقوف على أبرز مسائله ، تقريباً مني للمسائل العلمية في قالب شعري رائق ، يجذب السامع ، ويخطف الناظر والقارئ ، ليسهل حفظها واستيعابها لأنها من الآلات التي لا تنضبط إلا بالحفظ ، فكان ذلك في هذه المنظومة المتواضعة ، والله المسئول أن يجعلها خالصة لوجهه ، نافعة لعباده، صائبة لأهدافها ..... إنه جواد كريم .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ،،،
الجمعة 23 محرم 1426هـ
4 مارس 2005م
يُعرَّف التحقيق في اللسانِ
بأنه الإحكام للبيانِ
وأيضاً التحققْ والتيقنُ
والكلِم الرصين والمزين
وإنه السير إلى الحقائق
بجعلها في موضع الوثائق
وذلك التحقيق للكتاب
إخراجهُ من غير ما اضطرابِ
في صورة العالم والمؤلف
عند ابتداء الرقم والتكلف
والأمر يستدعي مزيد الجهد
للبحث والجمع وللتأكد
حتى نصيب نسخة المؤلف
لأنها الأقربُ للتعرف
أو شبهها للعصر والطلاب
فذا هو الأجودُ للكتابِ
ليحصل الصواب والإخراجُ
يَطيبُ للناس ولا لجاجُ
مستلزمُ لصحة (العنوان)
والاسم (والنسبة) والمعاني
عبد السلام عرف المحقَقا
عنوانه صحَّ ، وقد تألقا
نسبته للراقم الهمام
وكونه الأقربُ للمَرام
واهتمت الأمة بالتراث
(كالجامعة) ومركز الأبحاث(1/30)
وصار ذا التحقيق في (المدارس)
للحِذق والإبداع والتنافس
وصنفت من أجلها الرسائلُ
وخط ذا المقال والدلائلُ
وصار علماً يبهر الإنسانا
ويبتغي الإحسان والإتقانا
ومنهج التحقيق للتراث
يبرز في (مراحل ثلاث)
(الجمع) للنسخات والتحقيقُ
والنص لا يخفى ولا يضيق
فالأولى ذي التجميع والتحديدُ
والجد والقِران والتجويدُ
بهذه الأعمال والفهارس
والكاشف الجمَّاع في المدارس
نحو كتاب (كارلٍ) وفؤاد
وغيرهم من قاطعي البعاد
ويعسر التجميع للنسخات
في عالم الإقصاء والشتات
ثم حصول النسخ بالتصويرِ
من أعظم الممنون والميسورِ
وحددنْ منازلَ المخطوط
بالوصف والتاريخ والخطوط
وحددن الأصلَ والعمادا
واطّرحنْ الشبه والمُزادا
والثانيةْ التحقيق للكتاب
للاسم والعنوان بالصواب
واسترشدن بفهرس (النديم)
وشبهه من غير ما توهيم
كذلك المفتاح والمصباحِ
(والكشف للظنون) والإيضاح
فإن يفت الاسم والمؤلفُ
فالنص والأسلوب حقاً يعرف
لكنه بالحذق والمراسِ
وديمة البحث والالتماسِ
والنسخ المجموعة إذ تزيد
فالرمز والتصحيح والتسديد
وخدمة الكتاب ليس بالمقابلةْ
ولا هو التصحيح والمشاكلةْ
وإنما سهم للاقترابِ
من صورة المفقود بالكتابِ
وليس من مهنته التقويمُ
كذلك التصحيح والتقييمْ
وليس ذا الإتمامُ للمنقوصِ
إلا لذي الحاجةِ بالخصوصِ
فحينها يرمز بالمعلومِ
من منهج الكتابة المفهومِ
ويجعل الهامش للصفحاتِ
بسوق ذا الخلاف للنسْخاتِ
كذلك التخريج للنصوصِ
وبالمواضيع وبالشخوصِ
يصوِّب اللغات والإملاءَ
ليأمن الإنكار والهباءَ
ويربط الأجزاء للكتابِ
من غير إقحام ولا اقترابِ
ويحذر الإسراف في التعليق
للنفخ والتعالي والتزويق
والثالثة الإخراج والإبراز
وقد نأى الإغرابُ والألغاز
ويوضح النص بذا التنظيمِ
وروعة الإخراج والترقيمِ
معرفاً بالسفر والمؤلفِ
وحاله ونهجه الموصف
ومسلك التحقيق والتدقيق
بالرصد والتصوير والتنميق
ويختم الكتاب بالكشافِ
كالفهرس المبين للطافِ
ويمهر المحقق الخطوط(1/31)
كذلك الرموز والخيوط
والكتب المحتاجة في التحقيق
مراجع (الببليو) والتوثيقِ
كابن النديم الواصف الفياض
في كتب الأحباب والأبغاض
وعصرنا ازدان بذا (التاريخِ)
لراقمي الأسفار والترسيخِ
وبعدها المعاجم الثريةْ
للفظ والمعاني والعرية
كمعجم الخليل وابن فارسِ
(والمعرب)الموصوف بالتجانسِ
وبعدها الأسفار (للتراجم)
فإنها من أعجب العوالم
أمثلها ثلاثة (الوفيات)
لكنها لم تخل من هنات
ونحوها الأعلام للرحالةْ
والمعجم الدقيق (للكحالة)
وإنها أطيافُ في التصنيفِ
أنواع في السرد وفي التأليفِ
لكنها من أمتع المكتوبِ
في سيرة (الأناسي) والكروبِ
والأصل يُختارُ على (معيار)
وليس بالرغبة والخيار
فالأول المنسوب للمؤلفِ
بخطه أو لفظه الملطَّفِ
أو أنها ناقلةُ للسابقِ
أو فرعها من غير ما توافق
وإن تفت فالعبرةْ للقديمِ
من زمن التأليف والترقيمِ
مصطلح التحقيق للتصحيحِ
مرادفْ من غير ما ترجيحِ
والأول الموصوف باستعمال
(أحمد زكي باشا) بلا جدال
من نشره (للتاج) و(الأصنام)
وشبهها من كتب الفِهامِ
مراحل التحقيق بأْرض مصرِ
مرت بأربع من غير نُكرِ
الأولى (بولاق) بلا توثيقِ
لكنها موسومة بالتدقيقِ
ورمزها الهوريني وابن العدوي
ومثلهم من شيخة التروي
والثانيةْ الجمع للكتابِ
(كالخانجي) وعاشقي الضراب
والثالثة (دار الكتاب المصري)
واتجهت للنضج والتحري
وارتشفت من منهج (استشراق)
ورأسها الباشا بلا شقاق
والرابعة مرحلة (الأعلامِ)
وشيخة التحقيق والفِهامِ
كولد (الهارون) وابن صقرِ
ونجلَي شاكرٍ بغير حصرِ
اتسموا بالعلم والتجاربِ
وشعلة الإسلام والأعارب
فحققوا الرسالة والبيانا
وأيضاً التأويلَ والحيوانا
وفي العقود الأربعة الأخيرةْ
أفسحت الجوامعُ الغزيرةْ
لكنها لم تسعَ للتثقيفِ
في عالم التحقيق والتصنيفِ
فخصت المهنة في قلائلِ
من كاسري الرقود والقلاقلِ
والجاهل الفدْمُ للاتجارِ
دون تجارب ولا اعتبارِ
وجامعاتُ نهجها غريبُ
في جانب التحقيق ذا كئيب(1/32)
تحله في حالِ دون حالِ
كالترقيةْ وجيد الأعمالِ
واتجه الجميعُ في أسفار
لا ترقى للصغار والكبار
فخُصَّت الآنَ بالانعزال
في عالم الأشباح والخيال
يتصفُ المحقق الوقورُ
بأنه الأمينُ و(الصبور)
(مثبت) من صحة الكلام
وذلك التعليق والأسامي
كذلك الإجادة للغات
وفهم ذا العلم بلا آنات
وأيضاً الإلمام بالتحقيق
من غير تخريف ولا تسليق
والأمر لا يخلو من المصاعب
كقلة النسخات والمتاعبِ
كخلل الترتيب والخرومِ
وأيضاً التكرار والتقديمِ
وأيضاً السقط مع التحريفِ
وخلفة الخطوط والتصحيفِ
كيفية المقابلة للنسخ
تكونُ باثنتينِ دون شرخِ
قراءةُ النص على الأصحابِ
والرقم للفروق بالكتابِ
أو يقرأ الآن بحذق نفسِهِ
مقابلاً بلحظه وحسِهِ
وهذه أدقُّ مما سبقا
كما يقول بعض من قد حققا
نسبة ذا الكتاب للمؤلفِ
تحتاج للخبرة والتثقفِ
والفهم للخطوطِ والعصورِ
والجملةْ والإملاءِ والسطورِ
وأيضاً الخبرة بالمذاهب
وتلكم العقائد والمراتبِ
يُطلَقُ ذا التراثُ في أمورِ
كهذه القِلاع والقصورِ
وتلكم الأسفار في المعاني
والعادة والرصيد للإنسان
طريق الاستفادة بالتراث
بالنشر والنقد وبالغياث
لا نضفي ذا الجمودَ والتغالي
وإنما ننطقُ باعتدالِ
فمنه ما لا يجدي في الحياةِ
للبين والتطور المُواتي
لكنه يبقى من المفاخرِ
يُخَصُّ باللجان للتذاكرِ
ومنه ذا المشحون بالفوائد
نحوطه بالنشر والزوائدِ
كلغة التجديد والحاسوبِ
لنجعل اليابسَ كالخصيبِ
ونسدي ذا العلمَ إلى الأنامِ
ونخطف الأبصارَ بالتسامي
وندرك الغث من السمينِ
ونرتقي للمرتقى الثمينِ
ونفصلُ الحيَّ من التاريخِ
لنحيا في الدنيا بلا توبيخِ
فلنستفد مما جرى وحقِّقا
وننتقي مما نما واغدودقا
مما يمسّ الجانبَ التطبيقي
وليس في الهواء والتحليق
نحتاج للمختصر المفيد
في (النحو) والإعراب والتقعيد
(والمعجم الميسور) للتداول
من غير تعميق ولا تطاول
ومرجع (التاريخ للإسلامِ)
بالنفس الصحيح والإحكامِ
ومرجع موسوعي للتفقهِ(1/33)
يوصف باليسير والتنبهِ
ومرجعِ المعارف الدينيةْ
يُكتَبُ بالصدق وبالرويةْ
فذي هي الأغراض (للإحياءِ)
لذلك التراث والإنماءِ
لإنها توجد في الأسفار
تحتاج للتصنيف والإبصار
وحفه (بالفحص) والتحليل
وفائق الأناة والتفصيلِ
ولنحذر اليوم من (التكديس)
ومنهج التنميق والتقديسِ
وركضنا في عالم المطبوعِ
دون قراءات ولا رجوعِ
ونفعُنَا يكون بالتحليلِ
والنقد والتبيين والتأويلِ
لندرك الحصى من الجواهر
والخزف المشين والمفاخر
والتِرْكة بعد السبر لا توزَّعُ
إذ فيها ما يحلو وما قد يمنعُ
كالعلم (بالسحر والتنجيمِ)
وشبهها في المرتع الوخيم
فهذه خُلاصةُ الفوائدِ
من كتب التراث والأباعدِ
وهذه (مئوية التحقيق)
نظمتها للخِل والصديقِ
بعد اطلاعي (فن ذا التراث)
من (دارة العلوم) والأحداث
والله يجزي كل من أفادا
من علمه وعقله وزادا
ليخدم العلومَ والأسفارا
ويوسِعُ المجالَ والأفكارا
تمت المنظومة بعون الله تعالى وتوفيقه ،،
منظومة منهج البحث
في الفقه الإسلامي
من كتاب د. محمد الدسوقي
في سنة التمهيدي في ذي القاهرة
والروح في (دار العلوم) الباهرة
درسنا أستاذنا الشريف
محمد العالم المنيف
أفادنا من كتبه وعلمه
وزادنا من عقله وفهمه
وكم له من درر حسان
في العلم والتبصير والمعاني
وكان إذ أعطانا ذا الكتاب
في (منهج البحث) وقد أصاب
لابن الدسوقي الفاضل الفهوم
ليكشف البحث بذي العلوم
وكان من فصوله التفقيه
البحث والتجديد والتنبيه
يطلق ذا الفهم على التفهم
والعلم بالشيء بلا توهم
وأطلقت في أول الإسلام
على (شئون الدين) والأحكام
ثم غشاها الحد والتخصيص
وعادها التفكير والتمحيص
فخص بالأحكام ذي الشرعية
قد فصلت في الساحة العملية
مستنبط بالرأي واجتهاد
يحتاج للفكر وللترداد
وقسمت أحكامه (قسمين)
عبادة وعادة شيئين
يخص بالسعة وبالغناء
في عالم الحضارة الثراء
كذاك بالموضوعي وبالتجرد
من نزعات العنصر المهدد
وإنه الموزون في الحقوق
على مرونة بلا عقوق(1/34)
وأنه الأصيل في الميلاد
ليس بروماني أو إلحاد
اعترف القانون ذو الدولي
بأنه القيمي والسامي
صالح للإمداد والإرشاد
والحق ما جاء عن الأعادي
وشعبة الشرائع الشرقية
(أبانت) الحق بلا روية
(فلسفة) الإسلام في النعمان
ومالك والشافعي النوراني
لا لابن سيناء ولا الفرابي
وغيرهم من حاملي التباب
واتسع الفقه بالاجتهاد
من شيخة الإسلام والرشاد
من ضربوا الأمثال في التدريس
(ورائع الأبحاث) والتأسيس
فخلفوا التراث ذا العجيبا
يغدو به الشانئ ذا كئيبا
والفرق بين الفقه والشريعة
الفهم والأدلة المنيعة
تاريخه يبدأ (بالنزول)
على نبينا بلا نكول
منجم بتلكم الوقائع
وهذه الأسباب والنوازع
وشاغل الرسول ذا البيان
والنصح والإفهام والإنعام
(واجتهد الرسول) في أحواله
محدودة وصحبه الأعالي
ثم لدى الفراق والوفاة
اختلف الأصحاب في الحياة
كالخلف للمختار والتدوين
وحرب ذي الردة والتدفين
وانتشر الإسلام في بلاد
غريبة العرف والاعتقاد
فاجتهد الأعلام بالمناسب
لكل ما هب من الغرائب
بالأفق الرحيب والتبصير
كذلك الفهم بلا تحجير
وامتاز نهجه (بالاحتياط)
والضيق في الرأي والانبساط
حتى يسد جرأة الأقوام
على مقام الواحد العلام
وذمهم للرأي بالأهواء
ليس عن التفكير في الأنباء
ونهجهم منوط (بالأحداث)
ليس من الخيال والأجداث
(والتابعون) واصلوا الجهادا
وأكثروا الآراء والإيرادا
فافترضوا القضايا والمسائل
والمذهب الفقهي والمنازل
مدرسة الكوفة بالآراء
وطيبة الطيبة بالأنباء
كلاهما للنص ذو اعتماد
بانوا بذا الفهم والانتقاد
وبعد ذا قد نمت المذاهب
وزادت الفقهاء والمراتب
(مناهج الفقه) في الاجتهاد
ثلاثة من غير ما زياد
القول بالتعليل للنصوص
وقفو ذا النص بلا نكوص
وقصر ذي السنة في طوائف
ممجوجة الأحوال والطرائف
واتسع الفقه بذي الشئون
لكنه لم يخل من غبون
كالترف العقلي والخلاف
وحدة القمع بلا إئتلاف
والقفو للشيخ وللنبيل
على حساب النص والدليل
ثم لدى الضعف والاضطراب(1/35)
في عصرنا المملوء بالتباب
قد (ركد) الفقه بلا جدال
وانبرت الفقهاء للكلال
كالشرح والحواشي والتكرار
من غير تشديد ولا ابتكار
وجاء ذا الكفر والاحتلال
وحل ذا القانون والهزال
ونحي الفقه بذا الزمان
وخص بالأحوال للإنسان
ثم مع الركود والنكاد
لم تخل ذي الحياة من أمجاد
يجددون الدين والتفقيها
وينشرون الوعي والتنبيها
وامتازوا بالعمق وبالغزارة
كذلك الأصالة والجراءة
إذ نبذوا التقديس والتقليدا
وداوموا التطوير والتجديدا
أفادوا من تراثنا القديم
للزمن المطور العظيم
جزاهم الله عن الفقهاء
خير جزاء طاب بالهناء
(أطبق أهل الفقه) والتبصر
على وجوب الفكر والتطور
لمنهج الفقه بذي الأبحاث
لخلف ذي العصور والتراث
إذ كل عصر كان ذا إشكال
مختلف الأفكار والأشكال
فلا مناص يطلب الجديدا
يساير الحياة والسديدا
من غير إخضاع لذي الحياة
وإنما نمضي على هداة
في ظل ما كان من الشرائع
وفقه ذي المقاصد الروائع
ثم (مجال الفقه) في الظنية
ميدانه الرأي على روية
(تراثنا الفقهي) ذا مشحون
عن زخم الحياة لا يهون
لأنه الصالح للعصور
قد زان بالبدور والزهور
حتى نصيب منه ما نريد
لابد من أمرين يا يزيد
النشر للكتب وللأسفار
قد حققت من غير ما إضرار
(تقنينه) في صورة المواد
مرتباً لسائر الرواد
كتلكم (الهندية) و(العدلية)
وشبها في عالم البرية
لكنه يحتاج للتعاون
من سائر الهيئات والتضامن
لتضمن الدقة والشمول
وسرعة الإنجاز والفضول
(موسوعة) في الفقه بانفراد
مترجمة لسائر العباد
تغني عن والإكثار التعداد
لذلك التباين الصداد
(دعامة التقنين) والتحقيق
دراسة التاريخ والتدقيق
لحالة المجتمع الإسلامي
بالفقه ذا المطور المترامي
كذلك الدراسة بالمقارنة
لهذه المذاهب المباينة
وتعمل اللجان في التراث
بدقة النظار والبحاث
في مسلك التنوع والتضاد
وعسر ذا الترجيح للمراد
بالمنطق القوي والتدليل
وليس بالتعصب الكليل
وتهمل البواطل الضعاف
وترتقي الصحاح واللطاف(1/36)
(وديننا الآمر) باجتهاد
ينهى عن التقليد والترداد
يجعل ذا التفكير كالفرائض
ففكرن من غير ما تناقض
وعلة التخلف الإسلامي
تكمن في الجمود والتعال
والهون لامتداده الحضاري
تكميم ذي العقود بالأصار
فانهض لساح العلم والتفكير
لترتقي للمرتع النضير
ولا تكن في هامش الحياة
(مستهلكاً) حضارة البناة
(والاجتهاد الواجب) الملح
والقائم المدعم المصح
لكنه يحذو بذي الوسائل
وجودة الشروط والشمائل
حتى يكون أهله البناة
ولا يسود الغجر والغواة
والشاطبي قد جعل الوسائلا
مقاصد الدين كذا التناولا
لآلة الفهم والاستنباط
من غير توهيم ولا اشتطاط
يجمعها العلم كذا الكيفية
والقدرة والممارسة الروية
(حرية التفكير) للأعلام
تحتاج للتخطيط بالتمام
لهذه الشريعة الغراء
حتى تكون منبع السخاء
تربي في المسلم ذي المخافة
والغوص في الأفكار والإضافة
ورفضه التقليد للأخيار
وقفوه للنص والآثار
تهتم بالغاية والمقاصد
وتجمع القريب بالأباعد
تمقت ذو التعصب المكدودا
وتمدح التعدد المحمودا
تراعي ذي الأعراف والبيئات
دون مجافاة ولا انفلات
تستن بالقرآن والآثار
والرأي للأعلام باعتبار
(والعمل الجماعي) في العلوم
من أحسن المكتوب والمعلوم
وأنه الآكد في التفقه
لأنه وسيلة التنبه
محقق في لجنة الفتاوى
ومجمع البحوث والنداوي
لكنه يكمل بالمجامع
فشاركن من غير تمانع
(فالمجمع الفقهي) في الإسلام
أمنية الأيقاظ والأعلام
يجتمع العقول والأفكار
ويبرز الأفذاذ والأبرار
لكنه منقوص في الإقليم
مظنة القصور والتوهيم
والحل أن يمتد في الأقطار
دون محاباة ولا اختصار
يؤمه الصفوة والشيوخ
ومن علاه الحذق والرسوخ
في سائر العلوم والشئون
كالطب والمال وفي القانون
(مبادئ المجمع) كالتوالي
الاتفاق دونما جدال
في آلة الفهم والاجتهاد
والبحث للمشكل بازدياد
والبعد عن تعصب الفقهاء
والجمع للأمة في سواء
كذلك الإلزام في الختام
برؤية المجمع والأعلام
أما (المجالات) بهذا العصر
فإنها كثر وأي كثر(1/37)
مجال ذا العلم والاقتصاد
قضية السياسة النكاد
قضية التربية واجتماع
وموقع القلائل الضياع
وأيضاً البيئة والتقريب
والوقف والأسرة والتطريب
ففيها ما جد من المسائل
تحتاج للبحث وللتداول
ثم لدى الفقه والاجتهاد
لابد من جدوى ومن إفاد
بنقل ذاك الرأي للحياة
من منبع الأوراق والدواة
في مظهر يلائم الزمانا
ويرفع النظام والإنسانا
وتشمخ الدولة بالإسلام
بفضل تلك الصفوة الفهام
وينشرون الدين في الأقطار
بالحسنى والقدوة والإصرار
ويرفضون الدون والتغريبا
كذلك التوهين والتأنيبا
و(المنهج الآن) للاجتهاد
لابد من أس ومن عماد
النشر للتراث والتطوير
كذلك التنظيم والتأثير
والرعي للمقاصد النبيلة
والاهتمام الحق بالجليلة
نحو قضايا المال والسياسي
والوقف والبيئة والإيناس
والبعد عن محاور الهوامش
وكل ما شان من النوابش
فحينها (نرقى) إلى اجتهاد
يليق بالأنام والعباد
وذا هو المنهج في التفقيه
لابن الدسوقي العالم النبيه
أرشدنا إلينا ذا الدكتور
محمد الشريف والمشهور
بجودة الكلام والتنظير
ودقة التفكير والتبصير
فالله يجزيه عن التعليم
ويجزي كل عالم كريم
نظمته في بضعة الساعات
بفضل من منَّ بذي الهبات
فالحمد لله على التوفيق
ونعمة التفقيه والتحقيق
وأفضل الصلاة والتسليم
على نبي الرحمة الحكيم
وآله وصحبه الأخيار
من بزوا بالفقه وبالنظار
التبيان الوفي
في
الزواج العرفي
مقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ( وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد ،،،
فقد حضرت في (قاعة الرسائل) بكلية دار العلوم ، محاضرة لأحد أساتذة الكلية ، عن الزواج العرفي ، فتكلم كلاماً علمياً مفيداً في هذه القضية ، وهالني حسن إلقائه وترتيبه للموضوع ، ثم الخلاصة التي وصل إليها بعد النظر والبحث والتمحيص ، فرأيت أن أنظم هذا الكلام وأن أجعله قريب التناول من خلال هذه المنظومة اللطيفة في هذه المسألة ، وإنني لأهديه هذه المنظومة ، سائلاً الله عز وجل التوفيق والسداد .(1/38)
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ،،،
الجمعة 1صفر 1426هـ
11 مارس 2005م
أتيتُ من جزيرة الإسلامِ
ومِنْ بلاد العُربِ والأعلامِ
لأطلبَ العلومَ والفهومَ
وأُدركَ المجهولَ والمعلومَ
فحطّ بي القضا بأرض (مصر)
تلك التي (تسمو) بخير نهر
وكنت قد سمعت بالإسراف
في رحلة الزواج (بالأعراف)
فهالني المنظرُ والإحصاءُ
وعادني الحزن (والاستياء)
وكنت راغباً (بفهم) الوضع
قبل جواب جائزٍ ومنعِ
فالفقهُ بالحِذق لهذا الواقعِ
وليس بالتشديد والتمانعِ
حتى رأيتُ الدعوةْ والإعلانا
ورمتُ ذا الإفصاح والبيانا
لأنني كنتُ على انحراج
بفتحه لصحبة المنهاجِ
وحينَها رصدتُ هذا الموعدا
وكنتُ في الذهن له مُقيّدا
ثم انطلقتُ (قاعة الرسائل)
مبكراً من غير ما تثاقلِ
لأنني أرغب ذا الكلاما
وأطلب الإفهام والإحكاما
إذ كثُرَ الكلامُ والتشقيقُ
وعَزَّ ذا الإتقان والتحقيقُ
فقدَّم المقدِّمُ الكريمُ
وبان ذا المحاضر (إبراهيم)
(دكتور في الفقه)وفي الإفصاح
وخَصَّ ذا الكلامَ بالإملاحِ
من سادة الشيوخِ والدكاترِ
(بدارة العلوم) والمفاخرِ
وكان في موضوعه صريحا
لم يتْبعِ الجناح (والتجريحا)
له به (البحوث) والتجاربُ
وكثرة المرائي والتعاقبُ
افتتح الحديثَ بالمقدمةْ
ستاً تُساقُ بينّةْ متممةْ
فقال ذا الزواجُ كالنظامِ
من الإلهِ الواحدِ العلاَّمِ
وليس للفردِ للانتفاعِ
بل إنه دينيّ واجتماعي
وضاعت الأسرة في الأعصار
ومال ذا الفرد (للانحصار)
والظاهرةْ تفهمُ بالسياقِ
في الفكرِ (والزواج) والسباق
والحاكمُ استصدرَ ذا(القانونا)
ليصلح الأحوال والشئونا
وإنما يُطاع في (المعروف)
وليس في العصيان والحتوف
وليس ذا الفقيه من يحرم
وإنما الطبيبُ والمفهِّمُ
وأسند القول إلى (سفيانِ)
شيخِ الهدى والفقه والبيانِ
وانتقدَ المفتين (بالإكثار)
في جانب (التحريم) والحصارِ
وزعمهم بأنَّه التدينُ
وشدة الإخلاص والتصوّنُ
ورده لوضعه النفساني
والناس بين جالفٍ وحاني
أما الزنا فشأنه عظيمُ(1/39)
قد حاطه (التحريم) والتأثيمُ
مدِّمر للفرد والجماعةِ
ومهلك للأسرة المُضاعةِ
والفقهُ إذْ يعالجُ الأمورا
يمنحُها التكاملَ المنظورا
يجمعُها في لؤلؤٍ منتظمِ
من غير ذا خُرمٍ ولا تحطّمِ
والآنَ كيف ننظُرُ القضيةْ
بعد تمام التقدمةْ الوفيَّةْ
ثم الفقيهُ المبدي للأحكام
يخطو ذه الخطواتْ باهتمامِ
(تصورُ) المسألة بالتفصيلِ
(تكييفها) الآن بلا تقليلِ
والحكم في المسألة في(الأصول)
حيث اعتبار النص والنقولِ
والرابعة (الفتوى) بذا الخصوص
بعد هدى التنزيل والشخوص
والأمرُ يتضحْ بذا المثال
تحديد ذا (النسل) بلا تَطوالِ
العام في أحكامه التحريمُ
والفتوى للمريضةِ التفهيمُ
يجوزُ للأمراض والحاجاتِ
وليس للتحديد والبتاتِ
وحينما نجيءُ للتطبيقِ
لذلك (العرفيّ) والتدقيقِ
نبينه في (صورٍ ثلاثِ)
وليس في إحدى ولا أضغاثِ
والأحسنُ التسمية (بالسريّ)
وليس بالعرفي والحري
وإنما العرفيُّ ما يشاعُ
والضِبط المطرودُ والمذاعُ
وسُمّى العرفي بالإعلامِ
وفيه ما فيه من الأسقامِ
(الأولى) ذا الزواجُ بالأركانِ
بالوليْ والشاهدِ والإيذانِ
(والثانيةْ) الزواجُ بالشهودِ
دون وليْ والأمرُ بالتقييدِ
(والثالثة) الزواجُ في الخفاء
خالٍ من الشروط والإمضاءِ
والفقهُ ذا يكون بالتحقيقِ
وليس بالتخليط والتزويقِ
فالمسألةْ تنتمي (للأحوالِ)
في عالم التفقيه والتدوالِ
والحكم في الزواج (بالإيجابِ)
أو أنه يكون (باستحباب)
والآن نتجه إلى البيانِ
للصور الثلاث بالمعاني
(الأولى) جوزنْ بلا امتناعِ
لأنها كالمنهجِ المشاعِ
سَارَ بها معاشرُ الإسلامِ
من قِدَمِ الزمان والأعوامِ
لكنها لا تخلو من (معيب)
رغم اكتمال الشرط والمطلوبِ
(والأخرى) لا وليُّ فالبطلانُ
قال به (الجمهور) والنعمانُ
وجَّهَ ذا الحديث لاستحبابِ
وجوز الأمر بلا اضطرابِ
(الأرجح)المنسوب للجمهور
لقوة الحكمة والمأثورِ
(الثالثة)ليست من النكاحِ
بل إنها من منبع السفاح
ليس بها وليْ ولا شهودُ
واختفت الأوراق والقيودُ(1/40)
وقال ذا المحاضرُ النبهانُ
الفقه في ديارنا وجهانُ
مانعُ أو مبيحُ لاعتبارِ
وكلهم قالوا بلا إضرارِ
فمنهم البازغ من ذا العصر
يفضل العرفي دون الفجْرِ
والآخرُ المائل للدليلِ
يمنعه من غير ما تأويلِ
مبيناً أغراضَ ذا النكاحِ
الأنس والإنجابُ بانشراحِ
كذلك التجوابُ للغرائزِ
(بالمسلك المشروع) لا التجاوزِ
والعرفي قد سام بذي الأضرارِ
وقلَّ (نفعه) بلا تمارِ
وإنني أميل (للتحريم)
أو عدم الإباحة والتأثيمِ
للسببِ الآتي بلا جدالِ
(كالهدر) للنصوص والأقوالِ
ومنعُهُ لأكثر (المقاصد)
وجعله الأسرةَ في (المناكدِ)
وحاجة الأنام (للتوثيق)
من أعظم الأمور للتصديقِ
وإننا لندرء المفاسدا
ونجلب المصالح المحامدا
كذاك (لا ضَرَرْ ولا ضِرارُ)
كما يقول السيد المختارُ
ومِنْ ذِهِ قد سطر الفُقْهاءْ
(قواعداً) تزهو بها الأنظارُ
وتهت المحاضرةْ الغراءُ
وحل بالناظم ذا الهناءُ
نظمتها بعد رجوع المنزل
من غير إخلال ولا تقوّلِ
والشكرُ بعد اللهِ للدكتورِ
(محمدٍ) العالمِ المذكورِ
فالله يجزيه على التبيانِ
ويجزي كلَّ عالمٍ فهمانِ
أُهديه ذا النظم على الإتقانِ
وجودةِ الكلام واللسانِ
وحسنِ ذا الأداء والإيضاحِ
وغايةِ الجلاء والإفصاحِ
1 صفر 1426 هـ
11/3/2005 م
تمت المنظومة بعون الله تعالى وتوفيقه ،،
وبها يتم اللؤلؤ المنظوم .
سائلاً الله حسن القصد ، وجميل الختام
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
??
??
??
??
اللؤلؤ المنظوم(1/41)