وزارة التعليم العالي والبحث العلمي
جامعة بغداد /كلية التربية (ابن رشد)
قسم العلوم التربوية والنفسية
القيم التربوية في فكر الإمام الحسين( - عليه السلام - )
أطروحة قدمها
حاتم جاسم عزيز السعدي
إلى مجلس كلية التربية (ابن رشد) في جامعة بغداد وهي جزء من متطلبات درجة دكتوراه فلسفة في فلسفة التربية
بإشراف
الأستاذ المساعد الدكتور
مقداد اسماعيل الدباغ
1425هـ ... 2005م
بسم الله الرحمن الرحيم
اشهد بأن إعداد هذه الأطروحة جرى تحت إشرافي في جامعة بغداد /كلية التربية(ابن رشد) وهي جزء من متطلبات نيل درجة دكتوراه فلسفة في التربية (فلسفة تربوية).
اسم المشرف:ا.م.د.مقداد إسماعيل الدباغ
التوقيع :
... ... ... ... التاريخ: / ... /2005
بناء على التوصيات المتوافرة ، ارشح هذه الأطروحة للمناقشة .
الأستاذ الدكتور
عبد الله حسن الموسوي
رئيس قسم العلوم التربوية والنفسية
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)
صدق الله العظيم
(الأنبياء:87)
-
الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة (حديث شريف)(1/1)
ا
اسم الطالب ... حاتم جاسم عزيز السعدي
عنوانه ... ديالى/بعقوبة/حي الاوقاف
عنوان البحث ... القيم التربوية في فكر الامام الحسين (عليه السلام)
تاريخ مناقشة البحث ... الخميس 30/6/2005(1/1)
... ... ... ...
إلى الدم المسكوب في كربلاء
إلى الراية الحمراء
إلى صرخة الحق يوم عظم البلاء
ألا من ناصرٌ ينصرني ... ... .
لبيك ... لبيك ... أبا الإباء
أرجوك أن تقبل منا هذا العطاء
فنكون معكم سيدي فنفوز فوزاً عظيما..
... ... ... ... ... ...
(
حاتم
شكر و امتنان
الحمدُ للهِ الذي جعلَ الحمدَ مفتاحاً لذكرهِ وخلقَ الأشياء ناطقة بحمده وشكره،والصلاةُ والسلامُ على نبيهِ محمدٍ المشتقَّ،اسمهُ من اسمهِ المحمودِ،وعلى آلهِ الطاهرينَ أولي المكارمِ والجودِ.
بعد أن وفقني الله وشارفتُ على الانتهاء من إتمام هذه الأطروحة المرتبطة بالإمام الحسين ( - عليه السلام - ) الذي قال : (شكرك لنعمة سالفة يقتضي نعمة آنفة)،فأنه ومن باب العرفان بالجميل ،يسعدني أن أتقدم بجزيل الشكر وعظيم الامتنان إلى الأستاذ الفاضل الدكتور مقداد الدباغ،الذي اشرف على هذه الأطروحة،وكان خير معين للباحث من خلال ما قدمه من رؤية منهجية شاملة وملاحظات قيمة ومقترحات علمية ساهمت في إخراج الأطروحة بهذا الشكل العلمي المحكم،فله اخلص تحيتي وأصدق مودتي وأوفر أحترامي.
كما يسعدني أن أتقدم بالشكر والعرفان للأستاذ المساعدالدكتور ليث كريم حمد،لما أبداه من استعداد دائم لتقديم النصح والمشورة ،ويسجل الباحث عميق شكره وأمتنانه إلى كل من أسهم في تحكيم أدوات البحث من الخبراء في أقسام العلوم التربوية والنفسية والتاريخ،ويخص بالذكر الدكتورة بشرى عناد التميمي والدكتورة وحيدة حسين الركابي،واخيراً لا يسع الباحث إلا أن يتقدم بوافر الشكر والتقدير لكل من ساهم وأعان الباحث على أن تخرج الأطروحة بشكلها الحالي من أصدقاء وزملاء،ولا يتسع المجال لذكرهم،فليجزي الله الجميع عني خير الجزاء،وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
(
الباحث
حاتم جاسم عزيز
ملخص الأطروحة(1/1)
... شغل موضوع القيم اهتمام الكثير من الفلاسفة والمفكرين ، منذ بداية الفكر الإنساني ، إلا إن الاهتمام بدراسة القيم وإخضاعها للبحث العلمي من جانب العلماء والباحثين لم يظهر بشكل واضح إلا في العقود الماضية من القرن العشرين.
... وتعد القيم الموجه الأساس لسلوكيات الفرد ، لذا فأن فقدان القيم وضياع الإحساس بها أو عدم التعرف عليها يجعل الفرد يسلك في أعمال عشوائية ، فضلاً عن إن القيم تؤثر في بناء المجتمع ووحدة تماسكه ، إذ إن المجتمعات بحاجة إلى منظومة قيمية تستند عليها عندما تقوم بالتفاعل الإيجابي مع بعضها البعض ويستلزم هذا التشابه في كل مجتمع ، إذ تستطيع هذه القيم أن تكفل وتضمن قيم المجتمع وأهدافه ويعتمد ذلك على مدى قبول المجتمعات لمثل هذه القيم أو رفضها ، إذ إن قبولهم لها يؤدي بالتالي إلى وحدة بناء وتماسك المجتمع ورفضها سيؤدي إلى تفككه وأنحلاله.وإذا ما أردنا بناء مجتمع موحد ومتماسك يستند إلى قيم ثابتة ، لابد لنا من العودة إلى التراث الذي يحمل عناصر الأصالة والذي يمنح الإنسان أسلوب الحياة وأنماط السلوك والقيم والعادات والتقاليد.وتراثنا العربي الإسلامي حافل بالكثير من المربين الذين يستحق كل منهم دراسة مستقلة لأجل التعرف على فكرهم التربوي وبناء قيمنا التربوية في ضوءه وترسيخها في أذهان طلبتنا ، ويأتي الحسين ( - عليه السلام - ) في مقدمة أولئك المربين الذين تتلمذوا على يد الرسول (صلى الله عليه وآله) والإمام علي ( - عليه السلام - ) ، فكان مثالاً للإيمان والشجاعة والتضحية وغيرها من القيم التي تجسدت في شخصيته قولاً وفعلاً.فصار مثالاً يقتدى به ليس على مستوى الامة الإسلامية فحسب بل على الصعيد العالمي والإنساني.لذا فأن أهمية البحث الحالي تتجلى من خلال:(1/2)
1. أن هذه الدراسة –وعلى حد علم الباحث – ومن خلال اطلاعه على الدراسات السابقة ،هي الدراسة الأولى في العراق والوطن العربي والإسلامي التي تتعرض لدراسة القيم التربوية في فكر الإمام الحسين( - عليه السلام - ).
2. أهمية القيم في حياة المجتمع،للدور الذي تلعبه في تكامل البنية الاجتماعية وانسجام أفراد المجتمع وتماسكهم في ما يواجههم من تحد مصيري في عالم اصبح فيه لموقف المجتمع الموحد أهمية كبيرة لبقائه وديمومته.
3. إن بذر القيم التربوية التي هي قوام منهج الإسلام الشامل في نفوس الأفراد، هي الضمان لتحقيق أهداف التربية الإسلامية. ومن هنا فتحديد الأهداف لا بد أن يراعي صفة الشمول التي تكتسبها تلك القيم، بحيث تتكامل فيها النواحي العقدية مع النواحي المنهجية، وهذه مع النواحي الأخلاقية.. وفي غياب هذا التكامل، تذهب الجهود المبذولة هدرًا وتنتهي إلى بناء مهزوز وطريق مسدود.
4. ترتبط القيم التربوية في أمة من الأمم، ارتباطًا صميمًا بثقافتها، وعليه فإن فصل القيم التربوية الإسلامية عن إطارها الثقافي السليم، ودمجها في مناخ من الازدواجية الثقافية، أو تركها تحت طائلة الغزو الثقافي، يعرضها للذوبان، وينزع منها الفعالية في صياغة الشخصية الإسلامية القوية وصنع الواقع الحضاري السليم.
5. تبصير التربويين بالقيم التربوية الإسلامية التي يحتاج المجتمع الإسلامي إلى تعزيزها وتنميتها وذلك من اجل إعداد الإنسان اعداداً صحيحاً قادراً على مواجهة متطلبات المرحلة المقبلة.(1/3)
6. إن الصراع بين الثقافة الإسلامية والثقافة الغربية (بمفهومها الحضاري الشامل) ، لا بد أن يحتدم في الاتجاه الإيجابي الفعال الذي ينتهي إلى تحرير الثقافة الإسلامية والقيم المنبثقة منها، من أجواء الثقافة الغربية القائمة على أسس ومقومات مناقضة لأسس الإسلام ومقوماته، التي منها الربانية والثبات. فالثقافة الإسلامية تعبر عن أسس قائمة على القيم الدينية والأخلاقية المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ، ومن ثم فإن الهدف من مثل هذا اللون من ألوان التعليم هو بناء الإنسان المسلم، الراسخ الإيمان بالله، الذي لا يتعدى حدود الله، بل يحاول أن يفهم ظواهر الكون، خارجية أم داخلية، في ضوء قدرة الله سبحانه وتعالى القادر على كل شيء.
وإزاء ما تم عرضه من دواعي ومسوغات ، حدد الباحث الأهداف التي سعى إلى تحقيقها وتلخصت في :
1. التعرف على القيم التربوية الواردة في الرسائل والخطب والوصايا والمحاورات والحكم الصادرة عن الإمام الحسين ( - عليه السلام - ).
2. بناء منظومة قيمية في ضوء الرسائل والخطب والوصايا والمحاورات والحكم الصادرة عن الإمام الحسين ( - عليه السلام - ).(1/4)
وقد وضع الباحث حدوداً لبحثه تمثلت بالرسائل والوصايا والخطب والمحاورات والحكم الصادرة عن الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) ، فضلاً عن كتب التاريخ المعتمدة.وتحقيقاً لاهداف البحث تطلب أستخدم منهج تحليل المحتوى وذلك بالقيام ببناء تصنيف بعدي ، بعد جمع البيانات واختيار مجتمع البحث الذي ستجرى عليه عملية التحليل ، قام الباحث ببناء التصنيف بعد قراءة الخطب والوصايا والحكم والرسائل والمحاورات من خلال صياغة قائمة بالقيم التربوية ووضع التعاريف المناسبة لها ، ومن ثم عرضها على مجموعة من الخبراء والتوصل في النهاية إلى التصنيف الذي أشتمل على ثلاثة مجالات ويضم في مجموعه على (23) قيمة تربوية والذي على أساسه تم التحليل للمحتوى المحدد بعد أن حدد الباحث وحدة التحليل وقواعد وأسس التحليل ، وقد أعتمد الباحث على بعض المعالجات الإحصائية مثل النسبة المئوية ومعادلة سكوت.
وكان من أهم النتائج التي توصل إليها الباحث هي:
1. حصل مجال علاقة الإنسان مع الآخرين على الترتيب الأول وذلك بحصوله أعلى التكرارات وأعلى عدد للقيم ،إذ بلغ عدد القيم التي ضمها هذا المجال (14) قيمة تربوية،في حين كان عدد التكرارات (609) تكرار فكرة قيمية.
2. حصلت قيمة الإيمان على الترتيب الأول في القيم كافة ،إذ حصلت على أعلى التكرارات في القيم كافة ،إذ بلغ عدد التكرارات التي حصلت عليها (233) تكرار ،في حين جاءت قيمة التعاون في نهاية القيم بحصولها على (15) تكرار.
3. ضمت منظومة القيم المقترحة (23) قيمة تربوية .
وفي ضوء نتائج البحث توصل الباحث إلى مجموعة من التوصيات والمقترحات منها:(1/5)
1. تبني واضعي المناهج الدراسية وخاصة تلك المتعلقة بترسيخ القيم مثل مادة التربية الإسلامية المنظومة القيمية المطروحة في هذا البحث ومحاولة تثبيتها في نفوس الطلبة من خلال طرح المواضيع التي تؤكد عليها، ومن المستحسن اقتباس بعض النصوص التي قالها الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) ووضعها كشعارات داخل هذه المناهج أو تظمينها كمحتوى في بعض الكتب مثل المطالعة والنصوص والأدب في المراحل الدراسية المختلفة.
2. الدعوة لعقد الندوات والمؤتمرات والحلقات النقاشية التي يسهم فيها الأساتذة والطلبة لمناقشة القيم الإسلامية بشكل عام ودور الثورة الحسينية في أحياء والمنادات لاعلاء هذه القيم بشكل فعلي،وطرح جوانب من حياة الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه ( - عليه السلام - ).
3. القيام بدراسة مماثلة وذلك بالاعتماد على التصنيف الحالي ولشخصيات إسلامية أخرى مثل الإمام علي ( - عليه السلام - ) والإمام جعفر الصادق ( - عليه السلام - )ومقارنة نتائجها بالدراسة الحالية.
4. أجراء دراسات أخرى تتناول الأبعاد المختلفة في شخصية الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) .
ثبت المحتويات
الموضوع ... الصفحة
الإهداء ... أ
شكر وامتنان ... ب
ملخص الأطروحة ... ت-ث-ج-ح
ثبت المحتويات ... خ-د-ذ-ر
ثبت الجداول ... ز
ثبت الملاحق ... س
الفصل الأول:مشكلة البحث وأهميته
مشكلة البحث ... 1
أهمية البحث ... 7
هدفا البحث ... 15
حدود البحث ... 15
تحديد المصطلحات ... 16-23
الفصل الثاني:جوانب نظرية
المبحث الأول:حياة و الإمام الحسين واستشهاده( - عليه السلام - ) ... 25-37
اسمه ونسبه وولادته ... 25
حياته ونشأته ... 26-28
رحلته الاستشهادية ... 29-30
المكونات التربوية ... 30-35
الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) في ظلال السنة ... 36-40
المبحث الثاني:القيم من وجهة نظر الفلسفات الوضعية الغربية ... 42-59
الفلسفة المثالية ... 43-44
الفلسفة الواقعية ... 45-46
الفلسفة البرجماتية ... 47-50
ثبت المحتويات
الموضوع ... الصفحة
الفلسفة الماركسية ... 51-52(1/6)
الفلسفة الوضعية المنطقية ... 53-54
الفلسفة الوجودية ... 55-56
الفلسفة الطبيعية الرومانتيكية ... 57-59
المبحث الثالث:القيم من وجهة نظر الفلسفة الإسلامية ... 60-85
مفهوم القيم الإسلامية ... 63-66
تصنيف القيم ... 66-71
تصنيف القيم الإسلامية ... 72-76
خصائص القيم الإسلامية ... 76-82
تعقيب ... 83-85
الفصل الثالث:دراسات سابقة
أولاً:دراسات تناولت الفكر التربوي ... 88-92
ثانياً:دراسات تناولت القيم بشكل عام ... 93-98
ثالثاً:دراسات تناولت القيم التربوية بشكل خاص ... 99-104
مناقشة الدراسات السابقة ... 105-106
الفصل الرابع:منهج البحث
مصادر البيانات واختيار العينة ... 108-110
التصنيف وتحديد فئات التحليل ... 111-106
وحدة تحليل المحتوى ... 106-113
وحدة التعدد (التكميم) ... 113-114
خطوات التحليل ... 114-115
قواعد التحليل وأسسه ... 115-116
الصدق ... 117
ثبت المحتويات
الموضوع ... الصفحة
الثبات ... 118-119
المعالجات الإحصائية ... 120
الفصل الخامس:عرض النتائج وتفسيرها
تجميع القيم وفق مجالاتها ... 124-125
1.علاقة الإنسان مع ربه ... 125-126
قيمة الإيمان ... 127-129
قيمة الزهد ... 129-131
قيمة الشهادة ... 131-133
2.علاقة الإنسان مع نفسه ... 133-135
قيمة الشجاعة ... 135-137
قيمة العز والكرامة ... 137-139
قيمة العلم ... 139-142
قيمة الحكمة ... 142-143
قيمة الحرية ... 144-146
قيمة العفة والاحتشام ... 146-148
3.علاقة الإنسان مع الآخرين ... 148-150
قيمة العدل ... 150-152
قيمة الصدق ... 152-154
قيمة الحق ... 154-156
قيمة التراحم ... 156-157
قيمة الكرم ... 158-160
قيمة الصبر ... 160-162
قيمة العمل ... 162-163
ثبت المحتويات
الموضوع ... الصفحة
قيمة الحلم ... 164-165
قيمة التواضع ... 165-167
قيمة الأمانة ... 167-168
قيمة التضحية ... 169-170
قيمة الإيثار ... 170-172
قيمة التسامح ... 172-173
قيمة التعاون ... 173-174
المنظومة القيمية المقترحة ... 175
الاستنتاجات ... 176-177
التوصيات ... 178
المقترحات ... 179
المصادر ... 181-196
الملاحق ... 198-238
ملخص الأطروحة باللغة الإنكليزية
ثبت الجداول
الجدول ... عنوان الجدول ... الصفحة(1/7)
1 ... عدد الرسائل والخطب والوصايا والمحاورات والحكم الخاضعة للتحليل ... 102
2 ... معامل الاتفاق على تحديد الفكر وتسمية القيم في عينة البحث ... 112
3 ... تكرارات وترتيب والنسبة المئوية لكل قيمة من القيم التربوية ... 115
4 ... المجالات القيمية وتكراراتها ونسبها المئوية ... 117
5 ... تكرارات القيم وترتيبها والنسبة المئوية المكونة للمجال الأول ... 118
6 ... تكرارات القيم وترتيبها والنسبة المئوية المكونة للمجال الثاني ... 127
7 ... تكرارات القيم وترتيبها والنسبة المئوية المكونة للمجال الثالث ... 142
ثبت الملاحق
الملحق ... عنوان الملحق ... الصفحة
1 ... استبانة آراء خبراء التاريخ ... 189
2 ... استبانة آراء الخبراء حول صلاحية القيم التربوية بصورته الأولية ... 190
3 ... القيم التربوية مع توصيفها وتعريفها بشكلها النهائي ... 191
4 ... استبانة آراء الخبراء حول انتماء القيم التربوية إلى مجالاتها ... 196
5 ... التوزيع النهائي للقيم وفق مجالاتها ... 197
6 ... أسماء خبراء التاريخ بحسب الألقاب العلمية والحروف الهجائية ... 198
7 ... أسماء الخبراء المحكمين بحسب الألقاب العلمية والحروف الهجائية ... 199
8 ... استمارة التحليل ... 200
9 ... الخطب والرسائل والمحاورات والوصايا والحكم التي خضعت للتحليل ... 201(1/8)
المبحث الأول:حياة الأمام الحسين واستشهاده( - عليه السلام - )
أسمه ونسبه:
هو الأمام الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب وأمّه فاطمة بنت محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وهو ثالث ألائمّه الاثنى عشر من أهل البيت الطاهر( - عليه السلام - ) وأبو الائمة التسعة من بعده، وثاني السبطين، وسيدي شباب أهل الجنّة، وريحانتي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، وأحد الخمسة أصحاب الكساء، وسيد الشهداء (1) وقد كان يكنى أبو عبد الله ،أما ألقابه فكثيره نذكر منها على سبيل المثال الرشيد،الوفي،الطيب،السيد،الزكي (2) ،واشهر رتبة ما لقبه به جده (صلى الله عليه وآله) في قوله عنه وعن أخيه : (أنهما سيدا شباب أهل الجنة).وكذلك السبط لقوله(صلى الله عليه وآله): (حسين سبط من الأسباط) (3) .
ولادته:
__________
(1) . البري، محمد بن أبي بكر الأنصاري:الجوهرة في نسب الإمام علي وآله،تحقيق الدكتور محمد التونجي،ط1،دمشق،مكتبة النوري،1982.،ص38.
(2) . الاصفهاني،أبي الفرج علي بن الحسين:مقاتل الطالبيين،تحقيق كاظم المظفر،ط2،قم،مؤسسة دار الكتاب،د.ت.ص51.
(3) . الأمين،السيد محسن:أعيان الشيعة،بيروت،دار المعارف،د.ت،579:1.(1/1)
ولد في المدينة المنوّرة في الخامس من شعبان سنة أربع من الهجرة،الموافق لـ 9 / 1 / 626 م ، حسب ما توصل إليه البحَّاثة المُحقق آية الله الشيخ محمد صادق الكرباسي (1) ،لكن المشهور هو أن ولادته كانت في الثالث من شهر شعبان من تلك السنة أو السنة الخامسة .ولما ولد جيء به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاستبشر به، وأذن في أُذنه اليمنى وأقام في اليسرى،وحنكه بريقه، فلمّا كان اليوم السابع سمّاه حسينا، وعقّ عنه بكبش، وأمر أُمّه( - عليه السلام - ) أن تحلق رأسه وتتصدق بوزن شعره فضّة، كما فعلت بأخيه الحسن، فامتثلت (عليها السلام) ما أمرها به.وقد ورد عن الإمام الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام من أن النبي (صلى الله عليه وآله) أشتق أسم الحسين من أسم الحسن وانه لم يكن بينهما أمد ومدة إلا الحمل (2) .
حياته:
كان قد أدرك من حياة النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم خمس أو ست سنوات إلا ما كان بينه وبين أبي محمد الحسن ( - عليه السلام - ) وهو ستة أشهر وعشرة أيام تعلم فيها الكثير من أخلاق جده وادبه العظيم، وأقام مع أبيه 36 سنة وعندما تولى سيدنا علي ( - عليه السلام - ) مسؤولية الخلافة كان الحسين ( - عليه السلام - ) جندياً مضحياً يقاتل من أجل تثبيت راية الحق إذ شارك في حروب أبيه الثلاث: الجمل، صفين، النهروان، واقام مع أخيه الحسن 46 سنة وعاش بعد أخيه أبي محمد الحسن( - عليه السلام - ) عشر سنين،ولقد كان للإمام الحسين عدة زوجات منهن : ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي، أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التيمي، شاه زنان بنت كسرى يزدجرد ملك الفرس الرباب بنت امرئ القيس بن عدي.
نشأته:
__________
(1) * لمزيد من التفصيل راجع : دائرة المعارف الحسينية، 157:1 .
(2) . أبن عساكر،أبي القاسم علي بن الحسن الشافعي :تاريخ مدينة دمشق (ترجمة الإمام الحسين) ،تحقيق محمد باقر المحمودي ،ط2،قم ،مجمع أحياء الثقافة الإسلامية،1414هـ.،ص20-33.(1/2)
... نشأ الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) مع أخيه الحسن( - عليه السلام - )،في بداية حياته في أحضان جده المصطفى(صلى الله عليه وآله) فتغذى من صافي معينه وعظيم خلقه ووابل عطفه وحظى بوافر حنانه ورعايته حتى انه ورثه أدبه وهديه وسؤدده وشجاعته،ففي افياء بيت النبوة العابق بالطهر والقداسة نشأ الإمام الحسين،إذ تمازجت في أنفاسه روافد الفيض والإشراق،وكانت تلك بداية نشأة الإمام عليه السلام،أعظم بها من بداية صنعتها يد محمد (صلى الله عليه وآله) ومن ثم علي وفاطمة عليهما السلام،وكانت نشأته في أحضان طاهرة وحجور طيبة ومباركة أماً وأباً وجداً.روي أنفاسه أيمان علي( - عليه السلام - ) وصاغ روحه حنو فاطمة( - عليه السلام - ).وظل الوليد المبارك يشب في كنف الرسول وظل الوالدين الطاهرين والرسول يوليه من العناية والرعاية ما يبهر الباب الصحابة،ولطالما بعث الرسول بكلماته النيرة على سمع المئات المحتشدة من المسلمين يقول : (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ) (1) و(الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا) ويقول(حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسيناً،حسين سبط من الأسباط) (2) أي إن المحبة الشديدة والصلة الأكيدة والعلاقة التامة بيني وبين الحسين جعلته جزءً مني وجعلتني جزءً منه من شدة الاتصال وعدم الانفكاك.ويرفعه بين الناس،وهم ينظرون فينادي :(أيها الناس هذا حسين بن علي فاعرفوه)،وقد يتبوء له مقعداً في حضنه المبارك ويشير إليه فيقول:(اللهم أني أحبه فأحبه)،ولطالما يحمله هو وأخوه على كاهله الكريم وينقلهما من هنا إلى هناك،والملأ من المسلمين يشهدون. وهكذا كانت النشأة الأولى للإمام الحسين( - عليه السلام - ) في بداية حياته في ظل المدرسة المحمدية المباركة.
__________
(1) .الترمذي،محمد بن عيسى:صحيح الترمذي،كتاب المناقب،القاهرة،مطبعة بولاق،1292هـ،306:2.
(2) . الترمذي،محمد بن عيسى:صحيح الترمذي،المصدر نفسه ،307:2.(1/3)
لقد كانت الحقبة القصيرة التي عاشها الإمام الحسين مع جده (صلى الله عليه وآله) من أهم الحقب وأروعها في تاريخ الإسلام كله،فقد وطد الرسول(صلى الله عليه وآله) فيها أركان دولته المباركة وأقامها على أساس العلم والإيمان،وهزم جيوش الشرك،وهدم قواعد الإلحاد،وأخذت الانتصارات الرائعة تترى على الرسول(صلى الله عليه وآله) وأصحابه الأوفياء إذ أخذ الناس يدخلون في دين الله أفواجاً. (1)
والإمام الحسين ( - عليه السلام - )نشأ من بداية حياته في عمق الشأن الاجتماعي وفي صميم الأحداث، فجده رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله) كان قطب رحى المجتمع وقائده الأعلى، وأبوه علي ( - عليه السلام - )كان وزير الرسول، وساعده الأيمن، بل كان نفسه بنص آية المباهلة.
فكان حضوره في ساحة الشأن العام أمراً طبيعياً، لالتصاقه بجده الرسول (صلى الله عليه وآله)، والذي كان يحتضن حفيده حتى وهو في الصلاة، ويأخذه معه على المنبر،فأن الإنسان يحمل أهدافاً كبيرة، أو يمتلك مستوى علمياً متقدماً، فذلك لا يؤثر شيئاً في حركة الواقع والحياة، ما لم يصاحبه حضور اجتماعي، يشق الطريق أمام تلك الأهداف الكبرى، ويترجم العلم إلى فعل ملموس،والنظرية إلى تطبيق فعلي وهذا لن يتم إلا من خلال تفاعله مع المجتمع.
لذلك كان الأنبياء والأئمة يعيشون في وسط الناس ، ويتفاعلون معهم، ولم يكونوا منعزلين على قمم الجبال، أو في الكهوف والمغارات، ولا كانوا يتعالون ويترفعون عن الناس في أبراج عاجية،وخاصة الدين الإسلامي فأنه يرفض أي شكل من أشكال الرهبنة والانعزال بهدف التعبد أو الابتعاد عن الناس بسبب تخلفهم أو فسادهم.
__________
(1) . لجنة تأليف:أعلام الهداية (الإمام الحسين) ،ط1،قم،المجمع العلمي لأهل البيت،1422هـ.ص59-61.(1/4)
فمهما كان مستوى المجتمع من حيث التخلف والجهل، أو من حيث طغيان أجواء الفساد والانحراف فإن ذلك لا يبرر الهروب والعزوف عن الناس لدى المصلحين الإلهيين كافة ولدى الدين الإسلامي خاصة.
صحيح أن مخالطة الناس وهم يعيشون حالة الجهل والتخلف أو يخضعون لأجواء الفساد والانحراف، قد تسبب الكثير من الأذى والمعاناة للرجال الإلهيين، لكن ذلك هو طريق التغيير والإصلاح، كما أنه وسيلة لنيل ثواب اللَّه ورضوانه. (1)
فقد ورد عن رسول اللَّه محمد (صلى الله عليه وآله) أنه قال: ( المؤمن الذي يخالط الناس، ويصبر على أذاهم، أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم ). (2)
وفي حديث آخر مروي عنه أنه (صلى الله عليه وآله) فقد رجلاً، فسأل عنه فجاء، فقال: يا رسول اللَّه إني أردت أن آتي هذا الجبل فأخلوَ فيه وأتعبّد. فقال رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله): يصبر أحدكم ساعة على ما يكره في بعض مواطن الإسلام خير من عبادته خالياً أربعين سنة. وفي نص آخر: ستين سنة. (3)
رحلته الاستشهادية
__________
(1) .الصفار،حسن موسى: البعد الاجتماعي في حياة الإمام الحسين،شبكة الشيعة الإسلامية.
(2) . الهندي،علاء الدين علي التقي:كنز العمال،بيروت،مؤسسة الرسالة ،1401هـ.حديث رقم 686.
(3) . الهندي،علاء الدين علي التقي: المصدر نفسه.، حديث رقم 11354.(1/5)
خرج من المدينة بأهله وصحبه متوجهاً إلى مكة ممتنعاً عن بيعة يزيد وكان خروجه ليلة الأحد ليومين بقيا من شهر رجب سنة 60 هـ وهو يتلو قوله تعالى: (فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (القصص:21). فدخل مكة لثلاث مضين من شعبان سنة 60 هـ وهو يتلو قوله تعالى: (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ) (القصص:22) .ثم وافته كتب أهل الكوفة ووفودهم بالبيعة والطاعة حتى اجتمع عنده اثنا عشر ألف كتاب.وعلى اثر ذلك أرسل من مكة ابن عمه مسلم بن عقيل إلى الكوفة سفيراً وممثلاً. بلغه أن يزيد بن معاوية أرسل إليه من يغتاله ولو كان متعلقاً بأستار الكعبة.ونتيجة لذلك خرج من مكة في اليوم الثامن من شهر ذي الحجة ـ يوم التروية ـ سنة 60 هـ بعد أن خطب فيها معلناً دعوته.وبعد رحلة طويلة وشاقة دخل العراق في طريقه إلى الكوفة ولازمه مبعوث ابن زياد ـ الحر بن يزيد الرياحي ـ حتى أورده كربلاء.وكان وصوله الى كربلاء في اليوم الثاني من المحرم سنة 61 هجرية.(1/6)
وما إن حط رحله بكربلاء حتى أخذت جيوش ابن زياد تتلاحق حتى بلغت ثلاثين ألفاً. وبعد معركة باسلة استشهد هو وأهل بيته وأصحابه يوم الجمعة لعشر خلون من شهر محّرم الحرام سنة 61 من الهجرة، وقيل يوم السبت في كربلاء (1) في واقعة الطف. (2)
حُمِل رأسه الشريف إلى الكوفة في ليلة الحادي عشر من المحرم. حملت عائلته من كربلاء في اليوم الحادي عشر وجيء بهم إلى الكوفة سبايا، ثم حملوا منها إلى الشام. دفنه ابنه زين العابدين ( - عليه السلام - )في اليوم الثالث عشر من المحرم.وكان أول من زاره الصحابي الكبير جابر بن عبد الله الأنصاري في العشرين من شهر صفر سنة 61 هـ كما زاره في هذا اليوم ابنه زين العابدين ( - عليه السلام - ) مع باقي العائلة وذلك في طريقهم إلى المدينة بعد أن طيف بهم في الكوفة والشام. (3)
قبره في كربلاء ينافس السماء علوًا وازدهاراً، عليه قبة ذهبية ترى من عشرات الأميال، ويزدحم المسلمون من شرق الأرض وغربها لزيارته، والصلاة في حرمه، والدعاء عند رأسه الشريف.
__________
(1) ( كربلاء مدينة إسلامية مقدسة ، و هي مشهورة في التاريخ الإسلامي و كذلك قبل الإسلام بزمن بعيد . و تقع مدينة كربلاء على بعد 105 كم إلى الجنوب الغربي من العاصمة العراقية بغداد ، على حافة الصحراء في غربي الفرات و على الجهة اليسرى لجدول الحسينية . و تقع المدينة على خط طول 44 درجة و 40 دقيقة ، و على خط عرض 33 درجة و 31 دقيقة ، و يحدّها من الشمال محافظة الأنبار ، و من الجنوب محافظة النجف ، و من الشرق محافظة بابل و قسم من محافظة بغداد ، و من الغرب بادية الشام و أراضي المملكة العربية السعودية .
(2) . البغدادي،ابي بكر محمد بن أبى الثلج: تاريخ الائمة،قم،مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي،مطبعة الصدر،1406هـ،ص8.
(3) . الطبرسي،أبي الفضل علي: مشكاة الأنوار،ط2،النجف،المكتبة الحيدرية،1965،ص170.(1/7)
إنّ حياة الإمام الحسين من ولادته إلى شهادته حافلة بالأحداث والاشارة _ فضلاً عن الإحاطة _ إلى كل ما يرجع إليه يحتاج إلى تأليف مفرد، وقد أغنانا في ذلك ما كتبه المؤلّفون والباحثون عن جوانب من حياته ( - عليه السلام - ) إذ تحدثوا في مؤلّفاتهم المختلفة عن النصوص الواردة من جدّه وأبيه في حقّه، وعن علمه ومناظراته ، وخطبه وكتبه وقصار كلمه، وفصاحته وبلاغته، ومكارم أخلاقه وكرمه وجوده، وزهده، وعبادته، ورأفته بالفقراء والمساكين، وعن أصحابه والرواة عنه، والجيل الذي تربّى على يديه. وذلك في مؤلّفات قيمة. غير أنّ للحسين ( - عليه السلام - ) وراء ذلك، خصيصه أُخرى وهي كفاحه وجهاده الرسالي والسياسي الذي عُرِفَ به، والذي اصبح مدرسة سياسية دينية، لعلها أصبحت الطابع المميز له ( - عليه السلام - ) والصبغة التي اصطبغت حياته الشريفة بها، وأسوة وقدوة مدى أجيال وقرون، ولم يزل منهجه يؤثّر في ضمير الامّة ووعيها، ويحرّك العقول المتفتّحة، والقلوب المستنيرة إلى التحرّك والثورة ومواجهة طواغيت الزمان بالعنف والشدّة.
المكونات التربوية:(1/8)
... أثبتت الدراسات التربوية والاجتماعية المستفيضة الأثر الواضح للوراثة والمحيط الاجتماعي في تكوين شخصية الإنسان والتي تم تعريفها من قبل العالمين(اوجبورن ونيمكوف) على إنها(التكامل النفسي والاجتماعي للسلوك عند الإنسان،وتعبر عادات الفعل والشعور والاتجاهات والآراء عن هذا التكامل) (1) ،إذ ينعكس هذا الأثر على جوانبها الجسدية والنفسية والروحية جميعها،فأغلب الصفات تنتقل من الوالدين والأجداد إلى الأبناء،أما بالوراثة المباشرة أو بخلق الاستعداد والقابلية للاتصاف بهذه الصفة أو تلك،ثم يأتي دور المحيط التربوي ليقرر النتيجة النهائية للشخصية.ولمسألة الدور النسبي لكل من الوراثة والمحيط في النمو البشري مكان أساسي في كل فلسفة تربوية وذلك على اعتبار أن موضوع الوراثة والمحيط على صلة وثيقة بالتربية والعملية التربوية. (2)
ولقد توافرت في الإمام الحسين ( - عليه السلام - )العناصر التربوية الفذة جميعها التي لم يظفر بها غيره فأخذ بجوهرها ولبابها وقد أعدته لقيادة الأمة،ولحمل رسالة الإسلام بجميع إبعادها ومكوناتها،كما امدته بقوى روحية لا حد لها من الإيمان العميق بالله،والخلود إلى الصبر على ما انتابه من المحن والخطوب.ولقد ظفر الإمام الحسين بمكونات تربوية عملت على تقويمه وبنائه وتزويده بأضخم الثروات الفكرية والقيمية وهي :
اولاً:الوراثة
__________
(1) . وصفي،عاطف:الثقافة الشخصية،بيروت،دار النهضة العربية،1981،ص103
(2) . عاقل،فاخر:علم النفس التربوي،ط3،بيروت،دار العلم للملايين،1976،ص31.(1/9)
... لقد قسمت الوراثة من قبل العلماء على نوعين هما الوراثة البايولوجية والتي تعني انتقال الخصائص الشخصية والاجتماعية من جيل إلى جيل أو من فئة إلى فئة أو من شخص إلى شخص والوراثة الحضارية إذ كما تنتقل بالوراثة الخصائص الحياتية والعضوية من جيل إلى آخر كذلك تنتقل الخصائص الحضارية والثقافية من جيل إلى آخر ومن فئة اجتماعية إلى فئة اجتماعية أخرى. (1)
وقد حددت الوراثة بأنها مشابهة الفرع لأصله،ولا تقتصر هذه المشابهة في المظاهر الشكلية وانما تشمل الخواص الذاتية،والمقومات الطبيعية،كما نص على ذلك علماء الوراثة وقالوا:أن ذلك أمراً بيناً في الكائنات الحية جميعها،فبذور الفاصوليا تخرج الفاصوليا،وبذور القطن تخرج القطن وهكذا،فالفرع يحاكي أصله ويساويه في خواصه،وأدق صفاته احياناً،ويقول(مندل) في هذا الخصوص:(إن كثيراً من الصفات الوراثية تنتقل بدون تجزئة او تغير من أحد الاصلين أو منهما إلى الفرع). (2)
__________
(1) . الأصفى،الشيخ محمد مهدي: وارث الانبياء ؛دراسات وبحوث مؤتمر الإمام الحسين،طهران ،المجمع العلمي لاهل البيت،1424هـ،260:1.
(2) . القريشي،باقر شريف:حياة الإمام الحسين بن علي(عليهما السلام)، ط1،بيروت،دار البلاغة،1993،33:1.(1/10)
وتاسيساً على ذلك فأن الأبناء يرثون الوالدين في خصائصهم وصفاتهم الجسمية والعقلية والنفسية،وكذلك يرثون أجدادهم في بعضها،وفي هذا الصدد يقول فاخر عاقل:(أن وراثة المولود لا يحددها ابواه المباشران فقط بل هو يرث من جدوده وأباء جدوده وجدود جدوده وهكذا) (1) وعن الإمام جعفر الصادق( - عليه السلام - ) انه قال :(أن الله تبارك وتعالى إذا أراد أن يخلق خلقاً جمع كل صورة بينه وبين أبيه إلى آدم،ثم خلقه على صورة أحدهم،فلا يقولن أحد هذا لا يشبهني ولا يشبه شيئاً من آبائي) (2) .ولقد أكد رسول الله (صلى الله عليه وآله) دور الوراثة في نقل الصفات الجسمية والخلقية وذلك من خلال تأكيده حسن الاختيار في الزواج فقال:(تخيروا لنطفكم فأن العرق دساس) (3) ،ومصطلح العرق يقابله في الاصطلاح المعاصر مصطلح الجينات(Genes) ،وتحذير الرسول(صلى الله عليه وآله) من العرق الدساس ناتج من أن الصفات النفسية والروحية والخلقية تنتقل بالوراثة،أو يكون العامل الوراثي خالقاً للاستعداد في نفس الوليد للاتصاف بصفة من الصفات التي يحملها الوالدان أو الأجداد ويقول بيرون:(أن أبني وهو منسوب ألي،ولكني أرى أجداده الماضين ينازعوني هذا الملك العزيز لدي،فأنهم يشوهون طهارة نفسه،ويكدرون صفاء روحه بما رسب في أعماقهم من نزعات شريرة مجهولة انتقلت أليه بالوراثة) (4) .
__________
(1) . عاقل،فاخر:علم النفس التربوي،المصدر سابق،ص36.
(2) . الصدوق،ابو جعفر محمد بن علي:علل الشرايع،النجف،المكتبة الحيدرية،1385هـ،ص103.
(3) . الكاشاني،محمد بن المرتضى الفيض:المحجة البيضاء،ط2،قم،جامعة المدرسين،د.ت،93:3.
(4) . القريشي،باقر شريف:النظام التربوي في الإسلام،بيروت،دار التعارف للمطبوعات،1408هـ.،ص57.(1/11)
وأشار القرآن الكريم إلى دور الوراثة وما تنقله من أدق الصفات وذلك على لسان نوح ( - عليه السلام - ) إذ قال تعالى: (وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً*إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً)(نوح:26-27) وبذلك تدلل الآية الكريمة بوضوح على انتقال الكفر والإلحاد بالوراثة من الأباء إلى الأبناء،وفي ضوء ما سبق فأن الحسين( - عليه السلام - ) قد ورث من جده الرسول(صلى الله عليه وآله) صفاته الخلقية والنفسية،ومكوناته الروحية التي امتاز بها على سائر الأنبياء،وقد حددت كثير من الروايات مدى ما ورثه الإمام الحسين وأخوه الحسن( - عليه السلام - ) من الصفات الجسمية من جدهما محمد (صلى الله عليه وآله) فقد روي عن عقبة بن الحارث،انه قال :صلى أبو بكر ثم خرج يمشي فرأى الحسن ( - عليه السلام - ) يلعب مع الصبيان فحمله على عاتقه وقال:بأبي شبيه بالنبي لا شبيه بعلي،وعلي ( - عليه السلام - ) يضحك. (1) وقد جاء عن علي ( - عليه السلام - ) أنه قال :(من سره أن ينظر إلى أشبه الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله) ما بين عنقه وشعره فلينظر إلى الحسن،ومن سره أن ينظر إلى أشبه الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله) ما بين عنقه إلى كعبه خلقاً ولوناً فلينظر إلى الحسين) (2) .
__________
(1) . ابن حجر،شهاب الدين ابي الفضل العسقلاني:فتح الباري في شرح البخاري،مصر،مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده،1378هـ،كتاب بدء الخلق في باب صفة النبي(صلى الله عليه وآله).
(2) . القريشي،باقر شريف:حياة الإمام الحسين بن علي(عليهما السلام)،المصدر السابق،45:1.(1/12)
وكما ورث هذه الصفة من جده فقد ورث منه مثله وسائر نزعاته وصفاته فعن إبراهيم بن علي الرافعي عن جدته زينب بنت أبي رافع قالت:رأيت فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) أتت بأبنيها إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في شكواه الذي توفي فيه فقالت:يا رسول الله هذان أبناك فورثهما فقال:أما حسن فأن له هيبتي وسؤددي وأما حسين فأن له جرأتي وجودي. (1)
ثانياً:الأسرة
__________
(1) .ابن الأثير،عز الدين أبي الحسن علي بن محمد :أسد الغابة في معرفة الصحابة،كتاب النساء،مصر،مطبعة الوهبية،1285هـ.467:5.(1/13)
... الأسرة هي المحيط التربوي الأساسي المسؤول عن إعداد الطفل للدخول في الحياة الاجتماعية وتشترك كل من الوراثة والمحيط في بناء الإنسان تربوياً إذ لا يمكن فصل بعضهما عن بعض،لأنهما متكاملان متكاتفان،إذ تخلق الوراثة القابلية والاستعداد للاتصاف بهذه الصفة أو تلك أن وجدت المحيط التربوي المناسب،وتشترك الوراثة مع المحيط في خلق الشخصية بما في ذلك الجوانب العقائدية والقيم.وتعد الأسرة نقطة البدء التي يتم من خلالها إنشاء وتنشأة العنصر الإنساني،وتؤثر في كل مراحل حياته سلباً أو ايجاباً،إذ تساهم في تشكيل شخصية الطفل مساهمة فعالة وذلك من خلال إكسابه العادات والقيم التي تبقى ملازمة له طوال حياته،فهي البذرة الأولى في تكوين النمو الفردي والسلوك الاجتماعي،وهي أكثر فعالية في أيجاد التوازن في سلوك الشخص من سائر العوامل التربوية الأخرى،فمنها يتعلم الطفل اللغة،ويكتسب القيم والتقاليد والعادات الاجتماعية.ولقد قامت الكثير من البحوث التربوية التي تؤكد مدى أهمية الأسرة في تكوين الطفل وتقويم سلوكه.ولقد حظي الإمام الحسين( - عليه السلام - ) بأسرة ما لها نظير،أليها تنتهي كل مكرمة وفضيلة في الإسلام،فما أظلت السماء أسرة أسمى ولا أزكى من أسرة آل الرسول(صلى الله عليه وآله)،فقد نشأ الإمام الحسين( - عليه السلام - ) في ظل هذه الآسرة وتغذى بطباعها واخلاقها،فكانت النشأة الأولى في أحضان الرسول(صلى الله عليه وآله) فقام بدوره بتربية ريحانته فأفاض عليه بمكرماته ومثله وغذاه بقيمه ومكوناته ليكون صورة عنه فعن هاني بن هاني عن علي ( - عليه السلام - ) انه قال :(لما ولد الحسين سميته حرباً فجاء النبي (صلى الله عليه وآله) فقال :أروني أبني ما سميتموه ؟قلنا :حرباً قال:بل هو حسين) (1)
__________
(1) . الفيروزآبادي،مرتضى الحسيني:فضائل الخمسة من الصحاح الستة،،ط1،قم،المجمع العلمي لآهل البيت،1422هـ.،203:3..(1/14)
وهذا الحديث يؤكد مدى اهتمام الرسول(صلى الله عليه وآله) بالحسين من لحظة ولادته،فكان يصحبه معه في أكثر أوقاته فيشمه عرقه وطيبه،ويرسم له محاسن أفعاله،ومكارم أخلاقه،وقد علمه وهو في غضون الصبا سورة التوحيد. (1) ولقد سقى الرسول(صلى الله عليه وآله) الحسين من لسانه عندما أشتد به العطش وقد روي عن أبى هريرة أنه قال:رأيت النبي(صلى الله عليه وآله) يمص لعاب الحسن والحسين كما يمص الرجل التمرة. (2) وبهذا دليل على إن الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) كان يغذي الحسين برحيقه.
__________
(1) . القريشي،باقر شريف:حياة الإمام الحسين بن علي(عليهما السلام)،المصدر السابق،70:1.
(2) . الفيروزآبادي،مرتضى الحسيني :فضائل الخمسة من الصحاح الستة،المصدر السابق،217:3.(1/15)
وبعد وفاة الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) استمرت التربية الحسينية على النهج الرباني وذلك على يد الإمام علي ( - عليه السلام - ) الذي يعد المربي الأول بعد الرسول (صلى الله عليه وآله) فهو واضع أصول التربية ، ومناهج السلوك ، وقواعد الآداب ، فقد غذى الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) بالحكمة والعفة والنزاهة ، ورسم له مكارم الأخلاق والآداب ، وغرس في نفسه معنوياته المتدفقة فجعله يتطلع الى الفضائل من حق وخير وذلك من خلال كم هائل من الوصايا الحافلة بالقيم الكريمة والمثل الإنسانية التي رسم من خلالها الأسس التربوية التي تبعث على التوازن والاستقامة في السلوك والتي منها هذه الوصية-على سبيل المثال لا الحصر- إذ قال عليه السلام وهو يوصي ولده ( - عليه السلام - ) :(يا بني أوصيك بتقوى الله عز وجل في الغيب والشهادة،وكلمة الحق في الرضا والقصد في الغنى والفقر،والعدل في الصديق والعدو والعمل في النشاط والكسل،والرضا عن الله تعالى في الشدة والرخاء....) وهي وصية طويلة جداً حفلت بآداب السلوك وتهذيب الأخلاق،والدعوة إلى تقوى الله التي هي القاعدة الأولى في وقاية النفس من الانحراف والآثام وتوجيهها الوجهة الصالحة التي تتسم بالهدى والرشاد. (1)
__________
(1) . القريشي،باقر:حياة الإمام الحسين بن علي(عليهما السلام)،المصدر السابق،75:1..(1/16)
ومثلما يعلم الجميع ان الأسرة بمفهومها العام لا تعني الوالد فقط وانما تضم الوالدة ايضاً،لذا فقد عنت سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء تلميذة القرآن والمدرسة المحمدية بتربية وليدها الحسين،فغمرته بالعطف والحنان لتكون له بذلك شخصيته الاستقلالية،والشعور بذاتياته،لتشيع في نفسه فكرة الفضيلة على أتم معانيها،وفي جو تلك الأسرة الكريمة التي ما عرف التأريخ الإنساني لها نظيراً في أيمانها وهديها نشأ الإمام الحسين( - عليه السلام - )،وقد صار( - عليه السلام - ) بحكم نشأته فيها من أفذاذ الفكر الإنساني ومن أبرز أئمة المسلمين.
الإمام الحسين في ظلال السنة
... في السنة النبوية الطاهرة كوكبة ضخمة من الأحاديث التي أبرزت معالم شخصية الإمام الحسين( - عليه السلام - ) وحددت أبعاد فضله على سائر المسلمين وقد تضافرت النصوص بذلك،وتواترت وهي على أقسام بعضها ورد في أهل البيت ( - عليه السلام - ) عامة،مما هو شامل للإمام الحسين قطعاً،وبعضها اختص بالإمام الحسين وأخيه الحسن (عليهما السلام)،أما القسم الثالث من الأحاديث فقد وردت فيه خاصة،وسوف يقتصر الباحث على بعض هذه الأحاديث النبوية وليس جميعها وذلك لسعتها وكما يأتي:
اولاً:الأحاديث التي وردت في أهل البيت(عليهم السلام)
أما ما اثر عن النبي (صلى الله عليه وآله) في فضل عترته ولزوم مودتهم فطائفة كبيرة من الأخبار إلا أن الباحث سيقتصر على بعضها وكما يلي :
1. سنن ابن ماجة
روى ابن ماجة بسنده عن انس بن مالك قال :سمعتُ رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول:نحن ولد عبد المطلب سادة أهل الجنة،أنا وحمزة وعلي وجعفر والحسن والحسين والمهدي. (1)
2. مسند الإمام أحمد بن حنبل
__________
(1) . الفيروزآبادي،مرتضى الحسيني:فضائل الخمسة في الصحاح الستة،المصدر السابق،131:3.(1/17)
روى بسنده عن عبد الرحمن الأزرق عن علي ( - عليه السلام - ) قال:دخل علي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنا نائم على المنامة فأستسقى الحسن او الحسين قال : فقام النبي (صلى الله عليه وآله) إلى شاة لنا بكيء (1) فحلبها فدرت فجاءه الحسن ( - عليه السلام - ) فنحاه النبي (صلى الله عليه وآله) فقالت فاطمة :يا رسول الله كأنه أحبهما إليك قال :لا ولكنه أستسقى قبله ثم قال :أني وإياك وهذين وهذا الراقد في مكان واحد يوم القيامة. (2)
3. صحيح الترمذي
روى أبو بكر(رض) قال رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله):خيم خيمة وهو متكئ على قوس عربية،وفي الخيمة علي وفاطمة والحسن والحسين ( - عليه السلام - ) فقال: (معشر المسلمين أنا سلم لمن سالم أهل الخيمة،وحرب لمن حاربهم وولي لمن والاهم،لا يحبهم إلا سعيد الجد،ولا يبغضهم إلا شقي الجد رديء الولادة) (3) .
4.صحيح الترمذي
روى جابر بن عبد الله الانصاري قال :رأيت رسول الله في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصوى يخطب فسمعته يقول:(يا أيها الناس أني تركت فيكم ما أن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي) (4) .
ثانياً:الأحاديث التي وردت بحق الحسن والحسين(عليهما السلام)
حفلت مصادر السيرة النبوية والأحاديث بحشد كبير من الأخبار التي أثرت عن النبي (صلى الله عليه وآله) في حق الحسن والحسين(عليهما السلام) ومدى أهميتهما ومقامهما الكريم عنده ونعرض فيما يأتي لبعضها:
1. صحيح الترمذي
__________
(1) * بكيء: قليلة اللبن.
(2) .الفيروزآبادي،مرتضى الحسيني:فضائل الخمسة في الصحاح الستة،نفس المصدر ،133:3.
(3) .الترمذي،محمد بن عيسى:صحيح الترمذي،المصدر السابق،319:2.
(4) . الترمذي،محمد بن عيسى:صحيح الترمذي،المصدر السابق،308:2.(1/18)
روى بسنده عن ابن عباس قال :كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعوذ الحسن والحسين( - عليه السلام - ) يقول:أعيذكما من كلمات الله التامة،من كل شيطان وهامة،ويقول:هكذا كان أبراهيم ( - عليه السلام - ) يعوذ أسحاق وأسماعيل. (1)
2. صحيح البخاري
روى بسنده عن ابن ابي نعم قال :كنت شاهداً لابن عمر وسأله رجل عن دم البعوض فقال:ممن أنت ؟فقال من أهل العراق قال:أنظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوض وقد قتلوا أبن النبي (صلى الله عليه وآله) وسمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول :هما ريحانتي من الدنيا. (2)
3.صحيح النسائي
روى بسنده عن عبد الله بن شداد عن أبيه قال :خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أحدى صلاتي العشاء وهو حامل حسناً أو حسيناً ( - عليه السلام - ) فتقدم النبي (صلى الله عليه وآله) فوضعه ثم كبر للصلاة فصلى فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها قال أبي :فرفعت رأسي فأذا الصبي على ظهر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو ساجد،فرجعت إلى سجودي فلمى قضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الصلاة قال الناس :يا رسول الله أنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه حدث أمر أو أنه يوحى إليك قال :كل ذلك لم يكن ولكن أبني أرتحلني فكهرت أن أعجله حتى يقضي حاجته. (3)
4.صحيح الترمذي
روى بسنده عن انس بن مالك يقول:سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) أي أهل بيتك أحب إليك؟قال :الحسن والحسين،وكان يقول لفاطمة(عليها السلام):أدعي أبني فيشمهما ويضمهما أليه. (4)
5.صحيح الترمذي
__________
(1) . الترمذي،محمد بن عيسى:صحيح الترمذي،المصدر السابق،6:1.
(2) . البخاري،أبو عبد الله محمد بن إسماعيل: الأدب المفرد،الهند،مطبعة الخليلي،1306هـ،باب45،ح85.
(3) . النسائي،احمد بن شعيب:صحيح النسائي،المصدر السابق،171:1.
(4) . الترمذي،محمد بن عيسى:صحيح الترمذي،المصدر السابق،306:2.(1/19)
روى بسنده عن أسامة بن زيد قال :طرقت باب النبي(صلى الله عليه وآله) ذات ليلة في بعض الحاجة فخرج النبي (صلى الله عليه وآله) وهو مشتمل على شيء لا أدري ما هو،فلما فرغت من حاجتي قلت :ما هذا الذي أنت مشتمل عليه؟قال:فكشفه فأذا حسن وحسين على وركيه،فقال:هذان أبناي وأبنا أبنتي ،اللهم أني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما. (1)
6.صحيح الترمذي
روى بسنده عن أبي بريدة يقول كان النبي (صلى الله عليه وآله): يخطب فجاء الحسن والحسين وعليهما قميصان أحمران وهما يمشيان ويعثران فنزل (صلى الله عليه وآله) عن المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه، وقال: صدق الله إذ يقول: (إنما أموالكم وأولادكم فتنة (2) لقد نظرت إلى هذين الصبيين وهما يمشيان، ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي، ورفعتهما). (3)
ثالثاً:الأحاديث التي وردت في الحسين( - عليه السلام - )
وتواترت الأخبار التي أثرت عن النبي(صلى الله عليه وآله) في فضل ريحانته الإمام الحسين وهي تحدد معالم شخصيته،كما تحمل جانباً كبيراً من اهتمام الرسول(صلى الله عليه وآله) به،وفيما يأتي بعض منها:
1. صحيح الترمذي
روى بسنده عن يعلي بن مرة قال :قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):(حسين مني وأنا من حسين،أحب الله من أحب حسيناً ،حسين سبط من الأسباط). (4)
2. مسند الإمام أحمد بن حنبل
__________
(1) . الترمذي،محمد بن عيسى: صحيح الترمذي،المصدر السابق،240:2.
(2) ( الفتنه:المحنة والابتلاء وشدة تكليف الانسان
(3) . الترمذي،محمد بن عيسى: صحيح الترمذي،المصدر السابق،306:2.
(4) . الترمذي،محمد بن عيسى:صحيح الترمذي،المصدر السابق،307:2.(1/20)
روى بسنده عن أنس بن مالك أن ملك المطر أستأذن ربه أن يأتي النبي(صلى الله عليه وآله) فأذن له قال لأم سلمة:أملكي علينا الباب لا يدخل علينا أحد،قال:وجاء الحسين ليدخل فمنعته فوثب فدخل فجعل يقعد على ظهر النبي (صلى الله عليه وآله) وعلى منكبه وعلى عاتقه قال :فقال الملك للنبي (صلى الله عليه وآله):أتحبه؟قال:نعم،قال:أما أن أمتك ستقتله وأن شأت أريتك المكان الذي يقتل فيه،فضرب بيده فجاء بطينة حمراء فأخذتها أم سلمة فصرتها في خمارها،قال:قال ثابت –يعني أحد رواة الحديث- بلغنا أنها كربلاء. (1)
3.مسند أحمد بن حنبل
روى يعلي بن مرة قال:خرجنا مع النبي(صلى الله عليه وآله) إلى طعام دعونا له،فأذا حسين يلعب بالسكة فتقدم النبي (صلى الله عليه وآله) وبسط يديه فجعل الغلام يفر ها هنا،وها هنا ويضاحكه النبي (صلى الله عليه وآله) حتى أخذه فجعل أحدى يديه تحت ذقنه والأخرى في فأس رأسه فقبله وقال:(حسين مني وأنا من حسين،أحب الله من أحب حسيناً،حسين سبط من الأسباط). (2)
__________
(1) .بن حنبل احمد: مسند أحمد بن حنبل،المصدر السابق،243:3.
(2) . بن حنبل احمد:مسند احمد بن حنبل،المصدر السابق،172:4.(1/21)
مشكلة البحث
... التربية هي العمل الذي يساعد الكائن الحي على ان ينمي استعداداته الجسمية والفكرية ومشاعره الاجتماعية،والجمالية والاخلاقية من اجل انجاز مهمته الانسانية ما استطاع الى ذلك سبيلا (1) .وقد اكد البعض إن (التربية في جوهرها عملية قيمية) سواءاً عبرت عن نفسها في صورة واضحة أو ضمنية،فالمؤسسة التعليمية بحكم ماضيها وحاضرها ووظائفها وعلاقاتها بالاطار الثقافي الذي تعيشه مؤسسة تسعى الى بناء القيم في كل مجالاتها النفسية والاجتماعية والخلقية والفكرية والسلوكية (2) .وقد حظي موضوع القيم اهتماماً كبيراً من قبل المتخصصين في عدة ميادين مثل الفلسفة وعلم الاجتماع والتربية،اذ تعد القيم من اهداف التربية (3) .وذلك لان من اهم وظائف التربية هو الحفاظ على التراث الثقافي ونقله من جيل لآخر،فالمعرفة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية ينبغي ان يتعلمها الجيل الجديد في المجتمع لضمان استمراره في الحياة.فالتراث هو الذي يحمل عناصر الاصالة وهو الذي يمنح الثقافة التواصل مع الماضي والقدرة على المعاصرة والتطور في المستقبل وهو الذي يمنح الانسان اسلوب الحياة وانماط السلوك والقيم والعادات والتقاليد. (4)
__________
(1) . توق،محي الدين وعبد الرحمن عدس: أساسيات علم النفس التربوي،انكلترا،مؤسسة جون وايلي وأولاده،ط6،،1984،ص6-14.
(2) . عبد الملك،انور:الفكر العربي في معركة النهضة،بيروت،ط8،دار الاداب،،1987،ص32.
(3) . احمد،لطفي بركات:القيم والتربية،الرياض،ط1،دار المريخ،،1983،ص32.
(4) .ندوة التحديات الفكرية التي تواجه الشخصية العربية،مكتب التربية لدول الخليج العربي،الرياض،1984،ص274.(1/1)
لقد اهتم الإسلام اهتماماً كبيراً بالاخلاق والقيم اذ جعل من اهدافه الرئيسة العناية بخلق الانسان وتنميته لتصبح جزءً من شخصية الانسان العربي وقد يكون هذا من اهم العوامل التي حفظت الامة العربية من التدهور والانحلال الخلقي الذي تعاني منه المجتمعات والحضارات المتقدمة المعاصرة إذ يسود ضياع القيم والاخلاق والانتحار وغيرها من مظاهر التأزم الخلقي والنفسي. (1)
__________
(1) . حمادة،عبد المحسن عبد العزيز:التربية والتقدم في الامة العربية،المؤتمر الفكري الثاني للتربويين العرب،الامانة العامة للاتحاد،بغداد،1978،ص6.(1/2)
في حين اتهمت الكثير من الدراسات التي حاولت تحليل المجتمع العربي بحثاً عن عوامل تخلفه،لا سيما الاجنبية منها،الجذور والينابيع الاساسية التي يستقي منها هذا الوجود قيمه وبناءه الاجتماعية وعلى رأس تلك الينابيع الاساسية الدين والتراث الاسلامي والتاريخ العربي الاسلامي بل والعقل العربي الاسلامي،اذ يرى المستشرق "غوستاف فون غرونبوم" ان (الاسلام يفرض شروطاً على مجمل حياة المؤمن وافكاره) ويرى كذلك انه (ليس هنالك اي شيء،مهما يكن صغيراً أو شخصياً أو خاصاً،لا يستحق التنظيم من قبل أدارة مقدسة) وهو لا يحمل هذا القول على محمله الحسن،بمعنى ان ثمة رقابة ذاتية خلقية يفرضها الاسلام دوماً على أي شكل من أشكال سلوك المؤمن،بل يقصد منه تعطيل المبادرة والحرية والعمل الارادي والعقل،ويؤكد أن الثقافة العربية السائدة ثقافة تستند الى القيم الجبرية والسلفية والاتباع،بدلاً من الحرية والتجديد والابداع.ومن تلك الدراسات ايضاً والتي حملت الثقافة العربية مسؤولية التخلف،تلك التي نجدها عند عالم الانثروبولوجيا الصهيوني "رافائيل بطي" في كتابه العقل العربي :اذ يرى أن الدين الاسلامي (ليس جانباً واحداً في الحياة،بل المركز الذي يشع كل شيء أخر منه.فكل العادات والتقاليد دينية،والدين كان وما يزال للغالبية التقليدية في البلدان العربية القوة المعيارية المركزية في الحياة) بينما خسر الدين في الغرب "وظيفته المعيارية" ولم يعد ينظم حياة أبنائه.وهو بذلك يحمل الدين الاسلامي سبب تخلف الامة العربية وتراجعها عن الغرب.(1/3)
وقد ذهب الى ما ذهب اليه بعض المستشرقين باحثون عرب وعلى رأسهم فاضل الانصاري في كتابه "الجغرافية الاجتماعية" والذي أكد فيه أن (التقاليد والقيم البدوية أثرت في المجتمعات الزراعية العربية بتأثير الهجرة البدوية المستمرة فأصبحت حياة معظم الريفيين،في سهول الرافدين أو النيل أو بلاد الشام وسهول المغرب،أمتداداً لحياة المجتمعات البدوية في كثير من قيمها وسلوكياتها اليومية ... ولم يقتصر تأثير البداوه هذا على المجتمعات الزراعية الريفية في الوطن العربي،وأنما تجاوزها الى المجتمعات المدنية أيضاً) (1) .وهو بذلك يعزي سبب تخلف وتأخر المجتمعات العربية الى تمسكها بالقيم البدوية والتي تشكل بدورها الثقافة العربية،وعلى النقيض من ذلك نجد بعض الفلاسفة والمفكرين يشيدون بدور الاسلام بأنقاذ البشرية من التخلف والانحطاط،أذ أكد ذلك الفيلسوف الانكليزي "برناردشو" في مقولته الخالدة(لقد كان دين محمد موضع تقدير سام لما ينطوي عليه من حيوية مدهشة وأنه لا بد من القول أن محمداً رسول الله منقذ الانسانية،وأنه لو أتيح لرجل مثله أن يتولى زعامة العالم الحديث فأنه لمن المؤكد أنه سينجح في أيجاد الحل لكل مشاكله).وفي هذا الصدد كتب "جيكوب زيزلر" يقول مشيراً الى عظمة الاسلام وتأثيره التأريخي :(على مدى خمسة قرون ساد الاسلام العالم بقوته وعلمه وحضارته الفائقة،فبعد أن ورث الاسلام الكنوز العلمية والفلسفية للحضارة اليونانية،نقل هذه الكنوز –بعد أن أثراها- لاوربا الغربية،وهكذا وسع من الافاق الفكرية للعصور الوسطى وترك أثراً بارزاً على أوربا فكراً وحياة) (2) .
__________
(1) . عبد الدائم،عبد الله:نحو فلسفة تربوية عربية،بيروت،مركز دراسات الوحدة العربية،ط1،،1991،ص142-146.
(2) . علوان،عبد الله:معالم الحضارة في الاسلام وأثرها في النهضة الاوربية،بيروت،دار السلام،1980،ص168.(1/4)
وفي هذا المدار أيضاً يطالعنا المؤرخ الانكليزي "ويلز" في كتابه "ملامح من تاريخ الانسانية":أن أوربا مدينة للاسلام بالجانب الاكبر من قوانينها الادارية والتجارية (1) في حين أننا نرى في المجتمعات العربية والاسلامية الكثير من الانظمة والقوانين السائدة والتي تنص على أن الدين الرسمي لذلك المجتمع هو الاسلام،ولكن في واقع الحال ليس من الاسلام في شيء وأنعكس ذلك على التربية فنجدها غريبة عن الاسلام وأصوله. (2)
إننا نصف الأمة الإسلامية بالتخلف ونحن على يقين أن من أهم أسباب تخلفها الجري وراء نموذج الغرب، ومحاولة الاقتداء به والسير في ركابه ورؤية الحياة كما يراها هو، والاصطباغ بصبغته المادية التي حولت الإنسان إلى بهيمة سائمة، بل أضل سبيلاً. إن في (مجتمعنا العربي الإسلامي) أزمة، لا بل أزمات، يعبر عنها في الممارسات السياسية والاجتماعية، والاقتصادية والتربوية والخلقية، وتأخذ طابع الازدواجية في السلوك، والانحراف شبه الكلي عن أصالة المبادئ والقيم التي تنتمي إليها الأمة. والأزمة تلح علينا بصور عدة من زمن، ونراها تقعد وتهبط تبعاً لمؤثرات كثيرة وأحداث متلاحقة، إلا أن حدتها قد اشتدت وأصبحت تنذر بشر مستطير ،منه تدهور الأمة وانحلالها وانعدام أثرها وفاعليتها، واختزال دورها إلى مستوى هامشي لا يعتد به.
__________
(1) . الناصر،خالد:أزمة الديمقراطية في الوطن العربي،بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية،الديمقراطية وحقوق الانسان في الوطن العربي،1986،ص37.
(2) . عاقل،فاخر:معالم التربية،دراسات في التربية العامة والتربية العربية،بيروت،1964،ص14.(1/5)
لذا فان السبب الحقيقي من وراء تخلف الأمة العربية هو عدم الألتزام بالقيم الاسلامية وهذا ما أكدته الكثير من الدراسات النظرية والميدانية والتي اجمعت على وجود خلل في منظومة القيم نتيجة العزوف عن القيم الاسلامية واللهث وراء القيم الغربية ومنها دراسة الجمالي والذي أكد إن الكثير من المسلمين بعد أن نسوا دينهم وهجروا قرآنهم،وصاروا يقلدون غيرهم ويستوردون عقائد ومباديء متطرفة وبعيدة عن منهجنا الاسلامي (1) .وهذا ما توصل اليه فرحان ايضاً من خلال بحثه عن القيم التربوية في عالم متغير من منظور أسلامي والذي قدمه في مؤتمر القيم والتربية في عالم متغير الى أن القيم السائدة في العالم العربي لا تعبر عن قيم الاسلام وحضارته،فألاسلام شيء والمسلمون شيء آخر وبينهما فرق شاسع في التصور والممارسة. (2)
كما أكد عبد الرحمن منذ دخول القرن الحادي والعشرين تجري عملية عولمة لكل شأن أقتصادي وأجتماعي وتربوي وثقافي وأخلاقي وفي أطار هذه العولمة التي غالبيتها قيم أمريكية مطلوب من امتنا العربية أن تعيد النظر بما لدينا من نظريات ومناهج وتجري عملية تأصيل لها،وذلك لأن ميدان التربية من أهم الميادين التي تتاثر والتي تحتاج لأعادة الفحص النقدي وأعادة البناء والتكوين أذ أن التربية وسيلة التغيير دائماً. (3)
__________
(1) . الجمالي،محمد فاضل:الفلسفة التربوية في القرآن،تونس،دار الكتاب الحديث،ط3،1966،ص6.
(2) . فرحان،اسحق أحمد:القيم التربوية في عالم متغير من منظور أسلامي،بحث مقدم في مؤتمر القيم والتربية في عالم متغير،جامعة اليرموك،الاردن،1999،ص2.
(3) .عبد الرحمن تيشوري:متى نؤسس لتربية عربية مستقبلية لمواجهة قيم العولمة الوافدة،الموقع المنشاوي للدراسات والبحوث WWW.MINSBAWI.COM.2002-2003(1/6)
وتاسيساً على ما تقدم هناك أزمة في القيم الاسلامية نتيجة اللهث وراء القيم الغربية ويرى الصدر (1) ان علاج الازمة يكمن في تحويل الانسان من فريسة لحركة التأريخ الى موجه لتلك الحركة عن طريق ربط الانسان بالقيم الاخلاقية ذات المصدر الالهي. (2)
__________
(1) (الصدر:هو العلامة والمفكر الاسلامي السيد محمد باقر الصدر (رحمه الله) صاحب كتاب فلسفتنا وكتاب أقتصادنا والكثير من الكتب الفلسفية والاسلامية.
(2) . اللاوي ،محمد عبد:دراسات في المدرسة الفكرية للامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر-طاب ثراه-،جامعة وهران ،الجزائر،2004،ص198.(1/7)
ففي تراثنا التربوي نظام شامل للتربية والاعداد للحياة وتوجيه الشباب التوجيه التربوي الصحيح وتقويم سلوكهم الذي يرتكز على اسس تعليمية وتربوية سليمة نابعة من تعاليم الدين الاسلامي الحنيف والذي جاء وافياً بمطالب الحياة كلها:وانه لحري بكل مرب مخلص ان يستبصر بجوانب الفكر التربوي الاسلامي وابراز ايجابيته وما يزخر به من آداب وفضائل.وذلك من خلال العودة الى تراثنا وتأصيل قيمنا التربوية لدى ابنائنا من خلال القدوة الحسنة والمتمثلة برجالات الاسلام الفذة والذين يمثلون قيمها بأعلى مستوياتها من خلال ربطهم النظرية بالتطبيق الفعلي،وعلى رأس تلك الرجالات الحسين( - عليه السلام - ) والذي لم تجرى اي دراسة عنه في العراق –حسب علم الباحث- رغم انه يعد في دنيا الاسلام قمة من قمم الرجال الذين صنعوا العظمة في تاريخ الاسلام والانسانية وسكبوا النور في دروب البشرية ، من خلال عطائه الفكري الفذ والمتمثل بالمئات من الوصايا والحكم والخطب والاشعار والادعية والتي ملأت كتب التاريخ،فضلاً عن الرسائل (1) والخطب (2)
__________
(1) ( الرسالة:نص مدون يبعث به المرسل الى المرسل اليه،يتضمن افكاره وتوجيهاته حول موضوع معين،وهذه الافكار والتوجيهات تعبر عما يعتقده المرسل حول الموضوع معززة بالادلة مما يثبت صحتها.(المصدر: رضا،غانم جواد:الرسائل الفنية في العصر الاسلامي حتى نهاية العصر الاموي،مطبعة اسعد،بغداد،(د.ت)ص1-16.
(2) ( الخطبة:هي مشافهة الجمهور،واقناعه بالبراهين القاطعة والحجج العقلية والنقلية بصحة ما يقوله الخطيب،مما يؤدي الى السيطرة على مشاعر وعواطف السامعين والتأثير فيهم.والحسين كان خطيباً مفوهاً وواعظاً وناصحاً ومدافعاً عن قيم الاسلام الاصيلة .(المصدر: الجبوري ،محمد سعيد مرعي :أدب الحكمة في عصر صدر الاسلام،رسالة ماجستير (غير منشورة)،كلية التربية/جامعة بغداد،1989،ص105..(1/8)
والوصايا (1) والمحاورات (2) الصادرة عن الحسين ( - عليه السلام - ) نجد السلوك والممارسة العملية في حياته الشخصية التي توضح لنا جانباً من الفكر والتشريع وتجسد الصيغة التطبيقية،والتي من خلالها يمكن ان نبني منهجاً تربوياً اسلامياً يحفظ لنا هويتنا العربية الاسلامية ويرسخ قيمنا التربوية الخاصة بنا.لذا جاءت هذه الدراسة لكي تسلط الضوء على انسان فذ كبير وعلى وجود هائل من التالق والاشراق وعلى حياة زاهرة بالفيض والعطاء من اجل التعرف على القيم التي نادت بها وسعت الى تحقيقها.
أهمية البحث:
__________
(1) (الوصية:توجيه وارشاد الرجل الى آله او عشيرته او معارفه قبيل وفاته ليرشدهم الى الطريق الذي ينبغي لهم ان يسلكوه ،والاخلاق التي ينبغي ان يتحلوا بها.(المصدر: النص،إحسان:الخطابة العربية في عصرها الذهبي ،دار المعارف ،ط2،مصر(د.ت)ص11).
(2) ( المحاورة:حديث مشترك بين شخصين يدور حول موضوع معين،ويكون دور المتحدث حسب طبيعة الموضوع وقربه من اي منهم ،وعلى حسب مقام المتحدث فربما تكون المحاورة بشكل سؤال وجواب(المصدر: مبارك،زكي:النثر الفني في القرن الرابع الهجري،دار الجيل،بيروت،1975،ص158)(1/9)
... تعد القيم من المفاهيم الأساسية في ميادين الحياة جميعها،وهي تمس العلاقات الإنسانية بكافة صورها،إذ إنها ضرورة اجتماعية وهي معايير واهداف لا بد أن نجدها في كل مجتمع منظم سواء كان متأخراً أو متقدماً،فهي تتغلغل في نفوس الأفراد على شكل اتجاهات ودوافع وتطلعات ،وتظهر في السلوك الظاهري الشعوري واللاشعوري،وفي المواقف التي تتطلب ارتباط هؤلاء الأفراد،ولا يمكن ان نفرضها على الأفراد وانما تكتسب من خلال تأثير المنزل والمدرسة والمسجد ومن خلال الأصدقاء والأقران والقادة خارج المنزل. (1) وتؤثر القيم في بناء المجتمع ووحدة تماسكه،إذ يؤدي اتساقها في نظام قيمي موحد يجمع عليه أفراد المجتمع إلى تماسك بنية ذلك المجتمع،فإذا ما كانت تلك القيم متسقة ومشتركة بين جميع أعضائه،آدت إلى تماسك بنية ذلك المجتمع،أما إذا كانت غير واضحة في نظام قيمي موحد،أدت إلى صراع بين أفراد ذلك المجتمع،وساد التفكك والضعف،فالنظام القيمي الموحد الواضح هو الذي يسهل عملية تضامن المجتمع،ويزيد من قوة تماسكه،لأنه يعتمد على الأهداف والقيم المشتركة بين أفراده. (2)
لذا فأن المجتمعات بحاجة إلى منظومة قيم تستند عليها عندما تقوم بالتفاعل الإيجابي مع بعضها البعض ويستلزم هذا التشابه في كل مجتمع،إذ تستطيع هذه القيم أن تكفل وتضمن قيم المجتمع وأهدافه ويعتمد ذلك على مدى قبول المجتمعات لمثل هذه القيم أو رفضها إذ إن قبولهم لها يؤدي بالتالي إلى وحدة بناء وتماسك المجتمع ورفضها سيؤدي إلى تفككه وانحلاله. (3)
__________
(1) . بكر،عبد الجواد السيد:فلسفة التربية الإسلامية في الحديث الشريف،ط1،مصر،دار الفكر العربي،1983،ص81.
(2) . زاهر،ضياء:القيم في العملية التربوية،مؤسسة الخليج العربي،1984،ص8-9.
(3) . نشواني،عبد الحميد:علم النفس التربوي،عمان،دار الفرقان للنشر والتوزيع،1984،ص95.(1/10)
ومن خلال ما تقدم يتضح إن القيم لها أهمية بالغة بالنسبة للأفراد والجماعات والمجتمع على حد سواء لأنها تتصل اتصالاً مباشراً بالأهداف التي يسعى المجتمع إلى تحقيقها عن طريق التربية،إذ ترتبط القيم بالتربية وذلك من خلال أهمية القيم في صياغة الأهداف التربوية المبنية على فلسفة التربية والتي تنبثق اصلاً عن فلسفة المجتمع،وتأتي أهمية القيم في تعبيرها عن فلسفة مجتمع ما واطار حياته وتوجيهه للتربية وفلسفتها وأهدافها التي تعتمد في بلورتها وصياغتها على وضوح القيم،لاختيار نوع المعارف والمهارات وتعيين الأنماط السلوكية المرغوبة. (1)
وبذلك يمكن القول إن لكل مجتمع تربيته الخاصة والتي تعكس فلسفته وأهدافه وظروف حياته،والوان نشاطه،وقيمه ومعتقداته،أي تعكس عموماً ايديولوجيته في الحياة،لتجعل الصغار يشبون على هذه الايديولوجية،فينضمون إلى حملتها من الكبار. (2)
__________
(1) . ابو العينين،علي خليل:القيم الإسلامية والتربية،المدينة المنورة،مكتبة ابراهيم الحلبي،1988،ص36.
(2) . النوري،عبد الغني ،وعبد الغني عبود:نحو فلسفة عربية للتربية،القاهرة،دار الفكر العربي،ط1،1976،ص23.(1/11)
ولقد سعت التربية الإسلامية إلى ذلك من خلال تربية الذات الإنسانية والتي تعد محور نشاط هذه التربية وبها تتشكل ذات الإنسان المسلم عن طريق عملية تنمية وتغذية لمواهب الإنسان بصورة متزنة،وهي لهذا تتعهد بناء الإيمان والعلم والخلق والعمل الصالح بصورة متلاحمة منسجمة. (1) كما تؤكد التربية الإسلامية أهمية التمسك بالقيم الروحية والخلقية فضلاً عن حرية الفكر والانفتاح على المصادر المختلفة للثقافة وأن تنمي في الفرد قدرات ومهارات واتجاهات معينة مثل العمل بروح الفريق وتغليب المصلحة المشتركة وكذلك أهمية العمل. (2)
__________
(1) . بكر،عبد الجواد السيد:المصدر السابق،ص170.
(2) . حجاج،عبد الفتاح:التربية والمجتمع عبر العصور،المؤتمر الفكري الثالث لاتحاد التربويين العرب،الأمانة العامة للاتحاد،بغداد،1978،ص55.(1/12)
وإذا كانت القيم الخلقية التي تشكل في ضوئها أهداف التربية الخلقية تختلف من مجتمع إلى آخر إذ اختلف الفلاسفة فيما بينهم في تفسيرها ، ففسرها بعضهم تفسيراً بيولوجياً ومنهم من فسرها تفسيراً اجتماعياً ، واختلفوا ايضاً في معنى الحق والخير فأصبحت لهم فيها مذاهب متعددة وأراء مختلفة لا تستند إلى اصل ثابت ومنبع واحد ، فنرى " كونفوشيوس " يؤمن بان المرء يولد مفطوراً على الخير وفي ذلك يقول : (( إن الناس يولدون خيرين سواسية بطبيعتهم ، وكاُنهم كلما شبوا اختلف الواحد منهم عن الآخر تدريجياً وفق ما يكتسب من عادات )) (1) ، في حين على العكس من ذلك نجد ان " جون لوك " يجد إن (التربية هي أساس الأخلاق وليست الفطرة). (2) ويرى " اوجست كونت " إن الأخلاق (عملية وضعية ، نسبية متغيرة ليست مطلقة ، اجتماعية ليست فردية ، منهجية ليست تلقائية) (3) .إلا أن هذا الاختلاف لا محل له في الإسلام ، فالقيم الخلقية في الإسلام يصورها القران الكريم ، وقد تشكلت بصورة حية في أخلاق الرسول ( صلى الله عليه وآله) ، وعلى هذا ، فلا اختلاف ولا مذاهب شتى في القيم الخلقية المستمدة منها فقد سئلت عائشة،عن خلق الرسول فقالت ( كان خلقه القران ). (4)
__________
(1) . الشهرستاني،ابو الفتح:الملل والنحل،تحقيق محمد الكيلاني،القاهرة،مطبعة البابي،1317هـ،ص22.
(2) عسكر،علاء صاحب :نحو رؤية للقيم في ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية،أطروحة دكتوراه،كلية التربية(ابن رشد)،جامعة بغداد،2002 ،ص171 .
(3) بديوي،السيد محمد : الأخلاق بين الفلسفة وعلم الاجتماع ، القاهرة ، دار المعارف ، 1980 ، ص168 .
(4) بكر،عبد الجواد السيد : المصدر السابق، ص229 ..(1/13)
وبما إن الفكر انعكاس صادق لحياة الجماعة الإنسانية ، فان نوعه يتحدد بنوع هذه الحياة وبالإطار العقائدي الذي يوجه مسارها ، وطالما أننا نعيش في مجتمع إسلامي ، فان الفكر الذي يعكس حياتنا الثقافية والأخلاقية – في المجال التعليمي – هو الفكر التربوي الإسلامي بكل أصوله وركائزه ومحدداته ومقوماته وأساليبه النابعة من شريعتنا الإسلامية من ناحية ، ومن واقعنا الإسلامي من ناحية ثانية ، ومن تطلعاتنا المستقبلية من ناحية ثالثة. (1)
ولقد سجلت حركة الفكر صفحة من أروع صفحاتها في التاريخ بظهور الإسلام وانتصاره وانتشاره ، إذ أطلق حريات الإنسان وحطم القيود التي فرضت على عقله وأرادته لانه انتقل بالعرب من القبيلة إلى الأمة ومن التعددية إلى التوحيد ومن الخرافة والأسطورة إلى العقل والمنهج العلمي. (2) وبذلك بلغ المسلمون مكانة رفيعة بين الأمم من خلال تمسكهم بالمثل والقيم العليا التي ينطوي عليها جوهر دينهم ، ونتيجة هذه الحركة الفكرية تركوا لنا الكثير من المصادر والمؤلفات الإسلامية المكتوبة والمنقولة والتي تضمنت خلاصة فكرهم وإبداعهم الحضاري والثقافي ما يشكل اليوم التراث العربي الإسلامي والذي يشكل الفكر التربوي جانباً مهماً من هذا التراث بما يتضمنه من آراء ومواقف وقيم تربوية صائبة ودروس تفيدنا في فكرنا التربوي المعاصر نستطيع من خلاله ردم فجوات الضعف في معتقداتنا وممارستنا التربوية. (3)
__________
(1) احمد، لطفي بركات: في الفكر التربوي الاسلامي ، الرياض ، دار المريخ ، ط1، 1982 ، ص9 .
(2) العزب ،مرسي محمد: حرية الفكر، بيروت ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، 1979 ، ص10 .
(3) العزب،مرسي محمد : المصدر السابق ،ص786 .(1/14)
وهنا حقيقة من الضروري التوقف عندها، وهي أن الكثير من الجهود الفكرية في المجالات التربوية وغيرها، لم تتجاوز مرحلة التأرجح والمراوحة بين الكلام عن القيم التربوية الإسلامية وعطائها الحضاري والتاريخي، مع العجز عن تطوير وسائلها ورؤيتها وأدواتها المعاصرة، وبين القيم التربوية الغربية ومحاولة دفع الافتتان بها، سواء كانت هذه الجهود في مجال المقارنة وبيان التميز في النظرية والإنتاج، أو كانت هذه الجهود في مجال المقاربة ومحاولة التفتيش عن المواقع المشتركة، لعل ذلك يعطي القيم التربوية الإسلامية بعض الثقة عند (الآخر) أو عند تلامذته في الواقع الإسلامي. (1)
ومما ينبغي لنا عمله في هذه المرحلة هو تمثل تراثنا بشكل صحيح ، ومن ثم القدرة على غربلته وفحصه والإفادة من العقلية المنهجية التي أنتجته ، والقدرة على إنتاج فكري معاصر يوازيه ، وليس كما يفعل البعض من الوقوف أمام التراث للتبرك والمفاخرة من غير أن تكون له القدرة على العودة إلى الينابيع التي استمد منها ، فينتج تراثاً معاصراً قادراً على قراءة مشكلات العصر ، وتقديم الحلول الموضوعية الموافقة لحركة الحياة. (2)
__________
(1) .عبد المجيد بن مسعود:القيم الإسلامية التربوية في المجتمع المعاصر،(كتاب الآمة-67)،قطر،وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية،مركز البحوث والدراسات،2004،ص20
(2) حسنة،عمر عبيد : مراجعات في الفكر والدعوة والحركة ،الرياض ، الدار العالمية للكتاب الاسلامي، ط2 ، 1992 ، ص20 .(1/15)
... إذ إن التراث هو الذي يحمل عناصر الأصالة (1) ، ومن خلاله يتعلم الإنسان أسلوب حياته وأنماط سلوكه وقيمه وعاداته وتقاليده، فهو أصالة في المعرفة وعمق في التفكير ، وغنى لا يفنى ، وأساس وطيد لكل جديد ، وزرع الثقة بالنفس ، والوسيلة الفعالة للتقدم والتطور. (2)
وقد جاءت الرسالة الإسلامية الخاتمة لهداية الإنسان، وتحريره من جميع ألوان الانحراف في فكره وسلوكه، وتحريره من ضلال الأوهام ومن عبادة الآلهة المصطنعة، وتحريره من الانسياق وراء الشهوات والمطامع، وتهذيب نفسه من بواعث الأنانية والحقد والعدوان، وتحرير سلوكه من الرذيلة والانحطاط.
وقد اختصر رسول الله (صلى الله عليه وآله) الهدف الأساسي من البعثة بقوله المشهور: (إنّما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
وقد واصل الأوصياء والأئمة من أهل البيت ( - عليه السلام - ) هذه المهمة لتترجم في الواقع في أعمال وممارسات وعلاقات، ولهذا كانت القيم الأخلاقية هي المحور الأساسي في حركاتهم، وقد جسد الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) في نهضته المباركة المفاهيم والقيم الأخلاقية الصالحة، وضرب لنا وأصحابه وأهل بيته أروع الأمثلة في درجات التكامل الخلقي. (3)
__________
(1) ( الاصالة:التميز بالجودة والابتكار وتنطبق عادة على الثقافات التي لم تتخللها عناصر أجنبية.(المصدر: المشايخي،اركان سعيد:الفكر التربوي العربي الإسلامي لدى الرازي والنووي وابن القيم،أطروحة دكتوراه،كلية التربية(ابن رشد)،جامعة بغداد،1993،ص7).
(2) فهد،ابتسام محمد : الفكر التربوي العربي الإسلامي لدى بعض فلاسفة العرب والمسلمين في القرنين الرابع والسادس الهجريين ، أطروحة دكتوراه، كلية التربية، جامعة بغداد ، 1994 ، ص2 .
(3) . محمود العذاري:القيم الأخلاقية في النهضة الحسينية،شبكة الشيعة الإسلامية.(1/16)
والإسلام ،ثورة فكرية وأخلاقية ،ثورة قيمية أبرزت حقائق وأقرت تعاليم.وهو ثورة إنسانية إذا ما قيست بهمجية الحياة العربية الغابرة،وضيق الايديولوجيات الدينية السابقة مثل الوثنية واليهودية.وهذه الثورة الإسلامية الإنسانية تتميز بأنها ثورة مستمرة ومستجدة،آية ذلك إقرارها قيماً إنسانية تضع الإنسان في أسمى منزلة على الأرض وتحله مرتبة منفردة لا يضاهيها سواها لدى سائر الكائنات الحية. (1)
أن الثورات والحركات المقدسة ،قد ابتدأت في الحقيقة بالأنبياء العظام،وقد ورد ذكر تلك الثورات،والحركات المقدسة،وجهاد الأنبياء المقدس في سورة الشعراء إذ يذكر القرآن الكريم قصص موسى وإبراهيم ونوح وهود ولوط وصالح وشعيب وخاتم الأنبياء محمد (صلوات الله عليهم جميعاً)،بأنهم قاموا في سبيل مكافحة عبادة الأصنام والنضال ضد الظلم والاستبداد والجهل والتعصب والإسراف والتبذير والإفساد في الأرض والفحشاء والامتيازات الاجتماعية الوهمية.
__________
(1) . العوا،عادل:المؤتمر الفكري التربوي الإسلامي،الأصول والمبادئ، المنظمة العربية للتربية والثقافة،تونس،1987،ص229.(1/17)
وقد سلك الإمام الحسين( - عليه السلام - ) الطريق نفسه الذي سلكه الأنبياء،لكنه بالطبع واجه ظروفاً غير تلك التي واجهت الأنبياء والسبب في سيره على خط الأنبياء والصالحين الذي دعا إليه الله سبحانه وتعالى ونبيه الكريم محمد(صلى الله عليه وآله) وقدم نفسه الطاهرة قرباناً هو الانحراف الذي حدث في ذلك الوقت على يد الحكام والعزوف عن اتباع الحق والأقوال الواردة في تاريخ عاشوراء خير دليل على ذلك إذ قال عليه السلام وهو يخاطب الجموع من حوله ناصحاً لهم باتباع الحق والرجوع عن الباطل (آلا ترون أن الحق لا يعمل به،وان الباطل لا يتناهى عنه.....) وامثالها الكثير والتي تدعو إلى ضرورة التمسك بالقيم الإسلامية والعمل بها.لقد أراد الإمام أن يسجل اعتراضه،وعدم رضاه ومطالبته بالعدالة والحق(وبالتالي نشر راية الإسلام) بواسطة سيل من الدماء التي تدفقت من بدنه وأبدان أهله واصحابه،والتاريخ يثبت لنا أن الخطب والأقوال التي تسجل بالدم لا يمكن أن تمحى من الوجود أبداً،ذلك إنها تعبر عن خلوص نية ،وعمق إرادة،وكمال إخلاص،وصفاء فكر. (1)
وإننا في هذا الزمان – كما كان الناس قَبْلَنا – بحاجة إلى فكر نوراني ملهب ورشيد في آن واحد كفكر الإمام الحسين( - عليه السلام - ) ، وإلى الانفتاح الإنساني الواسع على شخصيته عسى أنْ نستفيد من مخزونه الروحي والقيمي والثقافي واستثماره في معالجة قضايانا الكئود ، وحل إشكاليات الإنسان العميقة في هذا العصر .
فلم يعد الحسين مجرد ثورة وحركة جهادية ، بل هو مشعل نور متوهج ومتألق في كل شيء .
__________
(1) . المطهري،مرتضى:الملحمة الحسينية،بيروت،ط1،الدار الإسلامية،1990،3/333-343.(1/18)
وإذا كان الناس قد أفرطوا في حب الحسين والتأثر بمواقفه السياسية والجهادية ، فإننا نطالبهم بالإفراط في اتخاذه قدوتهم في المعرفة والأخلاق والإصلاح الاجتماعي والأدب والتربية الجهادية والانتصار على شهوات الذات ، والمبالغة في الارتباط بكل جانب من جوانب حياته المضيئة.( فالإنسان المؤمن وغير المؤمن بحاجة إلى معرفة " الحسين " الثائر" والحسين " المصلح الاجتماعي " وبحاجة لروح الحسين " العرفاني " والحسين " الشاعر "والحسين " المربي " والحسين " المرشد الأخلاقي " والحسين " السياسي " المتمكن ، والحسين المجاهد المقاتل الذي لا يأبه " الموت " ولا يخافه .
وبذلك يمكن أنْ يتحول المنبر الحسيني إلى منظومة ثقافية واسعة ، وحركة عقلانية منظمة تطل على شخصية الإمام من جوانبها جميعها دون تركيز على " الجانب المأساوي " وحده، نعتز به ميراثاً إنسانياً لا فعلاً يختصر شخصية الحسين ويهمش فعاليتها ، بل ينبغي تفحص تراث الإمام الحسين - عليه السلام - )) في الفكر والعلم والتربية والأخلاق والقيم والأدب والشعر والعرفان الروحي ، والإصلاح الاجتماعي ، والنشاط السياسي ، وأنْ تعقد حواراً بين هذا التراث والواقع الإنساني ، فتستنطقه الأمة في قضاياها الإنسانية المعاصرة ، وتستمد منه معرفة مستنيرة قادرة على مواجهة إشكاليات العصر.
وتاسيساً على ما تقدم فأن أهمية البحث الحالي تتجلى من خلال:
1. أن هذه الدراسة –وعلى حد علم الباحث – ومن خلال اطلاعه على الدراسات السابقة ،هي الدراسة الأولى في العراق والوطن العربي والإسلامي التي تتعرض لدراسة القيم التربوية في فكر الإمام الحسين( - عليه السلام - ).
2. أهمية القيم في حياة المجتمع،للدور الذي تلعبه في تكامل البنية الاجتماعية وانسجام أفراد المجتمع وتماسكهم في ما يواجههم من تحد مصيري في عالم اصبح فيه لموقف المجتمع الموحد أهمية كبيرة لبقائه وديمومته.(1/19)
3. إن بذر القيم التربوية التي هي قوام منهج الإسلام الشامل في نفوس الأفراد، هي الضمان لتحقيق أهداف التربية الإسلامية. ومن هنا فتحديد الأهداف لا بد أن يراعي صفة الشمول التي تكتسبها تلك القيم، بحيث تتكامل فيها النواحي العقدية مع النواحي المنهجية، وهذه مع النواحي الأخلاقية.. وفي غياب هذا التكامل، تذهب الجهود المبذولة هدرًا وتنتهي إلى بناء مهزوز وطريق مسدود.
4. ترتبط القيم التربوية في أمة من الأمم، ارتباطًا صميمًا بثقافتها، وعليه فإن فصل القيم التربوية الإسلامية عن إطارها الثقافي السليم، ودمجها في مناخ من الازدواجية الثقافية، أو تركها تحت طائلة الغزو الثقافي، يعرضها للذوبان، وينزع منها الفعالية في صياغة الشخصية الإسلامية القوية وصنع الواقع الحضاري السليم.
5. تبصير التربويين بالقيم التربوية الإسلامية التي يحتاج المجتمع الإسلامي إلى تعزيزها وتنميتها وذلك من اجل إعداد الإنسان إعداداً صحيحاً قادراً على مواجهة متطلبات المرحلة المقبلة.
6. إن الصراع بين الثقافة الإسلامية والثقافة الغربية (بمفهومها الحضاري الشامل) ، لا بد أن يحتدم في الاتجاه الإيجابي الفعال الذي ينتهي إلى تحرير الثقافة الإسلامية والقيم المنبثقة منها، من أجواء الثقافة الغربية القائمة على أسس ومقومات مناقضة لأسس الإسلام ومقوماته، التي منها الربانية والثبات. فالثقافة الإسلامية تعبر عن أسس قائمة على القيم الدينية والأخلاقية المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ، ومن ثم فإن الهدف من مثل هذا اللون من ألوان التعليم هو بناء الإنسان المسلم، الراسخ الإيمان بالله، الذي لا يتعدى حدود الله، بل يحاول أن يفهم ظواهر الكون، خارجية أو داخلية، في ضوء قدرة الله سبحانه وتعالى القادر على كل شيء. (1)
__________
(1) . بن مسعود،عبد المجيد: المصدر السابق،ص70.(1/20)
7. إن البحث الحالي يعد محاولة في تأصيل الفكر التربوي في التراث وذلك بالكشف عن مضامينه القيمية والأخلاقية ومساهمة في مواجهة ما تعانيه الامة العربية والإسلامية من حالات التمزق الداخلي والتبعية الفكرية،ولعل فيه زيادة نوعية للبحوث في هذا المضمار.
هدفا البحث :
يهدف البحث الحالي إلى:
1. التعرف على القيم التربوية الواردة في الرسائل والخطب والوصايا والمحاورات والحكم الصادرة عن الإمام الحسين ( - عليه السلام - ).
2. بناء منظومة قيمية في ضوء الرسائل والخطب والوصايا والمحاورات والحكم الصادرة عن الإمام الحسين ( - عليه السلام - ).
حدود البحث ومصادره :
1. يتحدد البحث الحالي بالرسائل والخطب والوصايا والمحاورات والحكم الصادرة عن الإمام الحسين ( - عليه السلام - ).
2. كتب التاريخ المعتمدة والتي حددها الباحث كما يأتي:
- تاريخ الطبري،أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ،ت223-310هـ.
- تاريخ اليعقوبي ،احمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب بن واضح،ت153هـ.
- تاريخ ابن عساكر،أبو القاسم علي ابن الحسن بن هبة الله الشافعي،571هـ.
- الكامل في التاريخ،عز الدين أبي الحسن الشيباني(ابن الاثير)،ت 437هـ.
- مروج الذهب للمسعودي،أبي الحسن بن الحسين،ت345هـ.
- أعيان الشيعة،السيد محسن الامين.
- بحار الأنوار،محمد باقر المجلسي،ت1111هـ.
- تحف العقول،ابو محمد الحسن بن علي بن شعبة الحراني،القرن الثالث الهجري.
- وسائل الشيعة،محمد بن الحسن الحر العاملي،ت1104هـ.
- مقاتل الطالبيين،أبو الفرج الاصفهاني،283-354هـ.
- الكافي،ثقة الإسلام أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني الرازي،ت 328-329هـ.
- البداية والنهاية،أبو الفداء اسماعيل بن كثير الدمشقي،ت773هـ.
- مستدرك الوسائل ،ميرزا حسين النوري الطبرسي،ت1320هـ.
تحديد المصطلحات(1/21)
... يعرض الباحث مجموعة من المصطلحات الرئيسة ذات العلاقة المباشرة ببحثه إذ يعد تحديد المصطلحات وتوضيح معانيها من مستلزمات البحث العلمي ، وذلك لأنه يعين الباحث في تكوين صورة منظمة لما يحيط به من معارف وحقائق ليدرك الكثير من الظواهر والوقائع والعلاقات تحقيقا للفائدة العملية لهذه المفاهيم والمصطلحات ، وكلما تمكن الباحث من تجديد وتوضيح معاني مصطلحات البحث الذي هو بصدده كان البحث دقيقا في منهجه وإجراءاته إذ يسهل عند ذاك تحقيق أهدافه .
القيم
القيم مفردها قيمة ، وهي اسم من الفعل قام ، بمعنى وقف واعتدل ، انتصب، استوى وقد وردت في الصحاح على إنها الاستقامة وتعني اعتدال الشيء واستواؤه والقيمة : الثمن الذي يقوم به المتاع ، أي يقوم مقامه فقومت المتاع أي جعلت له قيمة. (1)
وتأتي احياناً القيمة بمعنى الفائدة والمنفعة فيتحدث عامة الناس عن
- فوائد مادية : كقيمة الهواء والماء.
- فوائد ثقافية : كقيمة العلم.
- فوائد روحية : كقيمة الصلاة والزكاة والصوم. (2)
اذا ما اردنا تعريف هذا المصطلح فلابد من الإشارة إلى إن الدراسة العلمية لمفهوم القيمة تجري ضمن خطين متوازيين هما :
1- المفهوم الفلسفي التجريدي ، الذي يجعل نصب عينيه ضبط وتحديد الخصائص البنائية للقيم ، أي معناها العام وخصائصها التجريدية .
2- المنظور الإجرائي ، ويهدف إلى تحديد الخصائص الوظيفية للقيم ، إي وظائفها وكيفية قياسها.
__________
(1) . الرازي،محمد بن ابي بكر:مختار الصحاح،الكويت،دار الرسالة،1982،ص557.
(2) . ذياب،،فوزية : القيم والعادات الاجتماعية ، القاهرة ،دار الكتاب العربي للطباعة والنشر ، 1966،ص20(1/22)
وتاسيساً على ذلك فقد وردت تعريفات عديدة لهذا المصطلح منها تعريف السيد (1958) والذي يعرف القيم بأنها ( معايير اجتماعية ذات صبغة انفعالية قوية تتصل بالمستويات الخلقية التي تقدمها الجماعة ، ويمتصها الفرد في بيئته الخارجية الاجتماعية ويقيم بها موازين يزن بها افعاله ، ويتخذها هادياً ومرشداً ، فهي بهذا إطار نفسي اجتماعي معياري مقنن). (1)
وتعرف هنا (1959) القيم بأنها : (عبارة عن تنظيمات معقدة لاحكام عقلية انفعالية معممة نحو الأشخاص أو الأشياء أو المعاني سواء أكان التنظيم الناشي عن هذه التقديرات المتفاوتة صريحاً او ضمنياً وان من الممكن التصور إن هذه التقديرات على أساس إنها امتداد يبدا بالتقبل ويمر بالتوقف وينتهي بالرفض). (2)
ويعرف كلاكهوهن Kluckhohn”" (1967)القيمة بأنها : ( مفهوم صريح او ضمني يميز الفرد أو الجماعة للمرغوب فيه وتؤثر في عملية الاختيار مما هو متاح من أشكال ووسائل العمل وغاياته ). (3)
__________
(1) السيد ،فؤاد البهي: علم النفس الاجتماعي ، ط3، القاهرة ، دار الفكر العربي، 1958، ص294.
(2) هنا،عطية محمود : التوجيه التربوي والمهني ، القاهرة ، مكتبة النهضة المصرية ، 1959، ص602.
(3) .Kluckhohn. Clyde and Henry A.Murray. Permation the Center Minata. In Kluckhohn Clyde and Henry A.Murray(eds.) Personality. New york .Alfred A Knoph. PP. 50(1/23)
كما عرفها كاتون “Catton”(1969) على إنها ( اسم يستعمل ليدل على مجموعة قواعد ومبادئ ومعايير مستمرة عبر الزمن وتتضمن حكم معياري ينظم رغبات الناس وميولهم المتنوعة ، وفي نطاق ذلك يستطيع الأفراد وضع الأهداف والفعاليات وأساليب الحياة ... الخ على سلسلة متصلة من الاستحسان وعدم الاستحسان ، مع بعض الثبات ، ويبدو ان استجاباتهم هي دالة القيم المكتسبة ثقافياً ). (1)
وقد عرف زاهر (1984) القيم بأنها ( مجموعة من الأحكام المعيارية المتصلة بمضامين واقعية يتشربها الفرد من خلال انفعاله وتفاعله مع المواقف والخبرات المتنوعة ، ويشترط أن تنال هذه الأحكام قبولاً من جماعة معينة لكي تتجسد في سياقات الفرد السلوكية أو اللفظية أو اتجاهاته أو اهتماماته ). (2)
إننا إذا ما أمعنا النظر في التعاريف السابقة ، وجدنا عناصر مشتركة تتردد فيها فالقيم من خلال تلك التعاريف عبارة عن معيار أو مقياس يمكن من الاختيار بين البدائل أو الغايات المتصلة بالوجود وبين ضروب السلوك المختلفة الموصلة إلى الغاية . كما ورد عنصر آخر في هذه التعاريف للقيمة وهي إنها تسهم في تحقيق التكامل وتنظم أنشطة أفراد المجتمع .
كما إن القيم تختلف من حيث طبيعتها وعمقها وإمكانياتها في التأثير لدى تحولها إلى أنماط سلوكية في دنيا الواقع .
__________
(1) .Bair.K.Whats Value an analysis of the Conception Kurt Bair and nicholas Rescher (eds) “Value and the future” New york :Free Press .1969 P.36
(2) زاهر،ضياء : المصدر السابق، 1984، ص24.(1/24)
ومن الجدير بالذكر لابد لنا هنا أن نفصل ما بين القيم والعادات على الرغم من ان القيم تتفق مع العادات والاتجاهات في كونها دوافع وطاقات للسلوك ، تتأثر بالسياق الثقافي للمجتمع . على ان مصطلح العادة كناية عن استجابة آلية لوضعيات ومواقف معينة ، يجري اكتسابها في الحالات السوية نتيجة التعلم. (1)
وهي بذلك حركة نمطية بسيطة تجلب اللذة لمن يقوم بها ، أي إنها مجرد سلوك متكرر لفرد معين بطريقة تلقائية في مواقف محددة ، في حين ان القيمة تتضمن تنظيمات اكثر تعقيداً من السلوك المتكرر واكثر تجريداً كما تنطوي القيمة على أحكام معيارية للتمييز بين الصواب والخطا والخير والشر ، وهذا كله لا يمكن توافره في العادة .
الفكر:
... من يراجع قواميس اللغة والدراسات المنطقية والعلمية التي عرفت الفكر وتحدثت عنه ، يجد إن للفكر تحديداً واضحاً وتعريفاً دقيقاً في هذه الدراسات والعلوم ، ومن المفيد هنا ان نعرض عدة تعاريف للفكر كما وردت لبعض أعلام الفكر والعلم واللغة : جاء في لسان العرب : الفكر من فكر. (2)
والفكر يفيد معنى : التفكير والتأمل والاسم الفكر والفكرة ورجل فكير أي كثير التفكير . (3)
وقد عرف جعفر(1978) الفكر على انه (العمل على مواجهة الحقائق والامور الواقعة للوصول إلى الحلول المناسبة والملائمة لها). (4)
__________
(1) رزوق،اسعد : موسوعة علم النفس ، ط1،بيروت ،المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، ، 1977، ص204.
(2) ابن منظور ، ابو الفضل جمال الدين محمد : لسان العرب،بيروت ، تقديم الشيخ عبد الله العلايلي ، مطبعة لسان العرب ، (د.ت)،مادة فكر.
(3) الرازي ، محمد بن ابي بكر بن عبد القادر : المصدر السابق،مادة فكر.
(4) ياسين،جعفر : المدخل الى الفكر الفلسفي عند العرب ،( الموسوعة الصغيرة-24 ) بغداد ،وزارة الثقافة والاعلام، 1978 ص208.(1/25)
وقال الراغب الاصفهاني : ( الفكر قوة مطرقة للعلم إلى المعلوم ، والتفكر جولان تلك القوة بحسب نظر العقل ، وذلك للإنسان دون الحيوان ، ولا يقال الا فيما يمكن ان يحصل له صورة في القلب ). ولهذا روي : ( تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في الله منزهاً أن يوصف بصورة ). (1) قال تعالى: (َ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) (البقرة:219). وقال ابن منظور : الفكر أعمال الخاطر في شي. (2)
وقد عرف الشيخ محمد رضا المظفر الفكر بقوله الفكر ( المقصود منه إجراء عملية عقلية في المعلومات الحاضرة لاجل الوصول إلى المطلوب ). والمطلوب هو : العلم بالمجهول الغائب ؛ وبتعبير آخر ادق : إن الفكر هو حركة عقلية بين المعلوم والمجهول. (3)
وعرفه نوري (1971) بأنه (نشاط نوعي يتميز به الإنسان ويشمل عمليات الإدراك والفهم والذاكرة والمحاججة والتقليد والاستنباط وتظهر من خلاله عمليات الانسان الاجتماعية ). (4)
وعرف فاضل(1976) الفكر عموماً بأنه ( الآراء والمبادئ والنظريات التي يطلقها أو يعتمدها العقل الإنساني في تحديده لمواقف معينة تجاه الكون والإنسان والحياة). (5)
__________
(1) الاصفهاني،ابي القاسم الحسين بن محمد(502هـ) : المفردات في غريب القران ،تحقيق محمد سيد كيلاني،بيروت،دار المعرفة، مادة فكر
(2) ابن منظور ، ابو الفضل جمال الدين محمد : المصدر السابق،مادة فكر.
(3) المظفر،الشيخ محمد رضا : المنطق ،ط3،بيروت،د.ت، 1/23 .
(4) جعفر،نوري : اللغة والفكر ، الرباط ، مكتبة القومي ، 1971 ، ص260 .
(5) محمد،فاضل زكي : الفكر السياسي العربي الإسلامي بين ماضيه وحاضره ، ( الكتب الحديثة -105) ط2، بغداد ، وزارة الثقافة والاعلام ، 1976 ص19 .(1/26)
وهكذا يضع هذا الفريق من الأعلام بين ايدينا الإيضاح والتعريف لكلمة ( الفكر والتفكير ) وهكذا تتضح حقيقة التفكير وتشخيص معناها بأنها : حركة عقلية وقوة مدركة يكتشف الإنسان عن طريقها القضايا المجهولة لديه والتي يبحث عنها ويستهدف تحصيلها ،فتنمو معارفه وعلومه وافكاره في الحياة .
ونستنتج من ذلك إن الإسلام حينما دعا إلى التفكر انما دعا إلى العلم والمعرفة واكتشاف قوانين الطبيعة والمجتمع والحياة ، وهو بذلك اعطى للحياة والحضارة والمعرفة الإسلامية صفة الحركية وهي سر النمو والتطور والفاعلية والبقاء المؤثر في مسيرة البشرية ،كما إنها حصانة من السقوط والتوقف والغياب التاريخي .
الإمام :
... الإمام في اللغة : من يأتم به الناس، وأم القوم أي تقدمهم ، والإمام كل من ائتم به قوم سواء اكانوا على الخطا أم على الصواب . إمام كل شي قيمة والمصلح له ، والإمام يعني المثال ، والإمام هو الخيط الذي يمد على البناء ويسوى عليه ( لإدراك استقامة البناء ) والحادي إمام الإبل لانه الهادي لها ، و( ام ) القوم في الصلاة و ( الإمام ) الذي يقتدى به وجمعه ( ائمة ) وتقول كان ( امامه ) أي قدامه. (1)
فالإمام والخليفة لفظتان تعبران عن معنى واحد عند الفرق الإسلامية الكبرى وهو الرياسة العامة في أمور الدين والدنيا نيابة عن النبي ( - صلى الله عليه وسلم - ) وسمي القائم بهذه المهمات أماماً لأن الناس يسيرون وراءه فيما شرع لهم ويرشدهم أليه.وسمي بالخليفة،كما كان الشائع في عصر الراشدين أو ما بعده،لأنه يخلف الرسول في أدارة شؤون الأمة وقيادتها. (2)
__________
(1) الرازي ، محمد بن ابي بكر : (1982)،المصدر السابق،( مادة ام ) .. ابن منظور :المصدر السابق،مادة ( امه ) .
(2) . القزويني،علاء الدين السيد امير محمد:الفكر التربوي عند الشيعة الإمامية،ط2،،الكويت،مكتبه الفقيه،1986،ص138.(1/27)
إذاً فالإمام هو الإنسان الذي يأتم به ويقتدى بقوله أو فعله محقاً كان أو مبطلاً . (1)
كما ورد في قوله تعالى : (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ) (الاسراء:71) أما في القران الكريم فقد وردت كلمة ( إمام ) و( إمامهم ) و( أئمة) اثنى عشر مرة وهي :
1-( فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ) (الحجر:79). 2-( وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ) (يّس:12). 3-( وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً) (هود:17).
4-( وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً) (الاحقاف:12).
5-( يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ) (الاسراء:71)
فكلمة الإمام الواردة في هذه الايات تكشف عن معنى : الكتاب ، والمرجع والمصلح ، والهادي ، والرمز .
6- (وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً) (الفرقان:74).
7- (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (البقرة:124).
8- (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ) (الانبياء:73)
9- (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) (القصص:5).
.1- (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ) (السجدة:24).
__________
(1) العسكري،مرتضى : معالم المدرستين ، بيروت، مؤسسة النعمان للطباعة والنشر ، د. ت 1/161.(1/28)
11- (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ) (التوبة:12).
12- (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنْصَرُونَ) (القصص:41).
غير أن الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم قيد الإمامة بشروط ذكرها في قوله تعالى لابراهيم :(وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (البقرة:124). ... إذاً فالإمامة الشرعية جعل من الله وعهد لا يناله من اتصف بالظلم سواء أكان ظالما لنفسه أم لغيره وبذلك أصبح " الإمام " مصطلحاً شرعياً وتسمية إسلامية. (1) عند الشيعة خاصة،إذ أنها لم تتحقق عن أختيار ورغبة الناس بقبول شخص أو تعيينه لهذا المنصب،وأنما هي خاضعة لارادة الله يختار من يشاء من عباده ممن تتوافر فيه شروط الإمامة.وبناءاً على ذلك عرفها السيد علي أكبر ناصري بأنها(الرياسة العامة الالهية خلافة عن رسول الله ( - صلى الله عليه وسلم - )،في أمور الدين والدنيا.وحفظ حوزة الملة بحيث يجب أتباعه على كافة الامة) وفي ضوء ذلك فالإمامة هنا تولي السلطة التي كانت للنبي ( - صلى الله عليه وسلم - ) دون أستثناء. (2)
__________
(1) . العسكري، السيد مرتضى :المصدر السابق،1/353.
(2) . القزويني،علاء الدين السيد أمير محمد:المصدر السابق،ص139.(1/29)
والإمامة ، بالنسبة للشيعة عامة وللفاطميين خاصة ، تعد أساس الدين والمحور الذي تدور عليه كل العقائد ، سواء العبادة العملية منها " الظاهر " أو العلمية " الباطن " فالدين لا يستقيم امره الا بها ، ولا يصح وجوده إلا بوجودها. (1)
التربية:
__________
(1) الكرماني، احمد حميد الدين: مصابيح الإمامة ، ط1، بيروت ، دار المنتظر للطباعة والنشر والتوزيع ،1996 ، ص5 .(1/30)
... جاء في الصحاح رباه تربية أي غذاه وهذا لكل ما ينمى كالولد والزرع ونحوه (1) ورباه تربية أي احسن القيام عليه ، ووليه حتى يفارق الطفولية ، كان ابنه أو لم يكن (2) .ويعرف المعجم الفلسفي التربية بأنها (تبليغ الشيء إلى كماله) وأكد أفلاطون أن التربية هي التي (تضفي على الجسم والنفس كل جمال وكمال ممكن لهما) (3) في حين يعرفها "فينكس"على أنها(عملية قصدية يتم عن طريقها توجيه نمو الأفراد الإنسانيين) (4) ويعرف " النجيحي" (1966) التربية بأنها ( عملية إعداد المواطن الذي يستطيع التكيف مع المجتمع الذي ينشا منه ، ولذلك فهي تعمل على تشكيل الشخصية الإنسانية في أدوار المطاوعة الأولى تشكيلاً يقوم على أساس ما يسود المجتمع من تنظيمات سياسية واجتماعية واقتصادية ، ولهذا كان لابد للاطار الثقافي الذي يقوم عليه المجتمع من ان يحدد ابعاد العملية التربوية واتجاهاتها بحيث لا تخرج عن هذا الاطار الا تطويراً له وتقدماً به في عملية زيادة اخذه بيد المجتمع نحو مستقبل افضل ). (5)
__________
(1) الرازي ،محمد بن ابي بكر: مختار الصحاح، ط1 ، بيروت ، دار الكتب العلمية ، 1994 ، ص127 ، مادة ربا .
(2) ابن منظور ،ابي الفضل جمال الدين: لسان العرب ، دار ادب الحوزة ، قم ، 1405 ه ، جزء الاول ص401 مادة تربية .
(3) . ناصر،أبراهيم:فلسفات التربية،ط1،الاردن،دار وائل،2001،ص92.
(4) .فيليب،هـ،فينكس:فلسفة التربية،ترجمة وتقديم محمد لبيب النجيحي،د.ت،ص37.
(5) . النجيحي،محمد لبيب:مقدمة في فلسفة التربية،الانجلو المصرية،القاهرة،1966،ص17.(1/31)
وقد عرف أبو العينين(1988) التربية على إنها ( النشاط الفردي والاجتماعي الهادف إلى تنشئة الإنسان فكرياً وعقلياً ووجدانياً وحسياً وجمالياً وخلقياً ، وتزويده بالمعارف والاتجاهات والقيم والخبرات الازمة لنموه نمواً سليماً طبقاً لاهداف الإسلام ). (1)
إذا تأملنا التعاريف السابقة وجدنا إنها تتضمن العناصر والمعاني الآتية.
1- إن التربية عملية تنموية تهدف إلى تطوير الشخصية الإنسانية للبلوغ به حد الكمال المناسب .
2- إن الذي يمارس هذه العملية هو المجتمع من خلال ما يتوفر فيه من مؤسسات وقنوات متعددة .
التعريف الإجرائي للتربية :( عملية ذات نظم وأساليب متكاملة ، تنبع من التصور الإيماني لحقائق الألوهية والكون والإنسان والحياة ، وتهدف إلى إعداد الإنسان للقيام بحق الخلافة في الأرض ، وذلك عن طريق إيصاله إلى درجة كماله التي هيأه الله لها ).
__________
(1) ابو العينين ،علي خليل: منهجية البحث في التربية الإسلامية ، مجلة رسالة الخليج العربي ، العدد (24) السنة الثامنة ، 1988 ص110 .(1/32)
المبحث الثاني:القيم من وجهة نظر الفلسفات الوضعية الغربية :
... لقد كانت مشكلة القيم الاخلاقية موضع جدل ومناقشة بين الاخلاقيين منذ زمن بعيد ووضحت مذاهبهم فيها ابان العصر الحديث ، وقد صنفها البعض رغم كثرتها في اتجاهين رئيسين ، الاتجاه العقلي والاتجاه التجريبي ، وعن الاتجاه الاول صدرت جملة المذاهب الميتافيزيقية من حدسية ومثالية وعن الاتجاه الثاني صدرت جملة المذاهب التجريبية من نفعية وتطورية ووضعية وبرجماتية ، ويعرف الاتجاه الاول بمذهب الصوريين او الحدسيين او المطلقين ، في حين يعرف الاتجاه الثاني بمذهب التجريبين او الوضعيين او العمليين وتأسيساً على ما سبق فقد اتخذت الفلسفات من القيم الاخلاقية مواقف متعددة أهمها ما يأتي :
أ . اتجاه يرد القيم الاخلاقية الى طبيعة الافعال ذاتها ، فالخير خير في ذاته بغض النظر عن الظروف المحيطة به ، ومن انصار هذا الاتجاه في العصر الحديث "كودورث" (R.Cudworth) وزملاؤه من افلاطوني كمبردج .
ب . اتجاه يرد القيم الاخلاقية الى ادارة الجنس البشري ويمثله "كانت"(Kant) في مناداته بالامر المطلق ، الذي يحتم على الإنسان ان يكون سلوكه بمثابة قانوناً عاماً للطبيعة كلها فمثلاً في قوله " افعل بحيث يكون من فعلك قانوناً عاماً للطبيعة كلها " ، وهذا يوضح ان(Kant)حين وضع مذهبه الاخلاقي انتزعه من طبيعة العقل نفسه إذ جعل خيرية الافعال وشريتها قائمة في الارادة الخيرة دون الاكتراث بالغاية التي تستهدفها هذه الارادة .
ج.اتجاه يرد القيم الاخلاقية الى قوة غيبية وحقائق متعالية ، ومن انصار هذا الاتجاه في العصر الحديث برجسون وزملاؤه من الحدسيين. (1)
__________
(1) . احمد،لطفي بركات:في الفكر التربوي الإسلامي،المصدر السابق،ص108-109.(1/1)
ومن خلال العرض التالي للفلسفات سنجد ان القيم تقسم على صنفين ، صنف يلتمس لذاته ويطلب كفاية ويكون مطلقاً لا يحده زمان ولا مكان وصنف نسبي ينشده الناس وسيلة لتحقيق غاية ، ولهذا يختلف باختلاف حاجات الناس ومطالبهم ، كما ان القيم الخلقية عند البعض لا تتغير ولا تتعدل ولا تتطور فهي لا تخضع لتفكير الجماعات ولا تبالي بارادة الناس فالقيم الملزمة في الجماعة ( أ ) تكون كذلك في مختلف الجماعات بغض النظر عن اختلاف الاطر العقائدية والثقافية في هذه الجماعات فهي قيم لها صفة الديمومة دون ارتباطها بزمان معين او مكان محدد . اي انها قيم موضوعية ومطلقة ويمثل هذا الاتجاه قديماً افلاطون في محاوراته المشهورة مع "ثارميدس" (Charmides) و"ليسيس" (Lysis) اذ اضفى على قيم العفة والاعتدال والشجاعة صفات الواحدية والمطلقية والثبات وعدها صادقة في كل زمان ومكان وانها لا تتغير ولا تتعدل باختلاف الناس والاحوال . في حين نجدها عند البعض الآخر قابلة للتغير والتطوير مع تغير وتطور المجتمع وهي تختلف من مجتمع لاخر،اذ يعد القيم نسبية متغيرة بتغير المجتمع وما يطرا عليه من تعديل في الاتجاهات والعادات وانماط السلوك ، فليس هناك خيرية مطلقة ولا شرية مطلقة بل هناك عدة مواقف كل منها يتسم بخيرية او شرية لا تتشابه مع الموقف الاخر . (1)
وفي ضوء هذه الاختلافات والصراعات ما بين الفلسفات سيقوم الباحث بعرض موجز للقيم من وجهة نظر المذاهب الفلسفية الرئيسة وكما يأتي :
الفلسفة المثالية Idealism
__________
(1) .أحمد،لطفي بركات:في الفكر التربوي الإسلامي،المصدر السابق،ص32.(1/2)
... اقترن المذهب المثالي بالفلاسفة القدماء " افلاطون" و "سقراط " ، في حين يمثلها من الفلاسفة المحدثين " عمانوئيل كانت" و" باركلي وهيجل " ، اما في عصرنا المعاصر فترتبط بكل من " كروتشة" و"جنتلي " ، وتعد هذه الفلسفة من وجهة نظر فلاسفتها نظرية كاملة للكون وللحياة ، وقد قدم فلاسفتها تصورات هذه الفلسفة وفق مذاهب او انماط مختلفة مثل المثالية الافلاطونية ، والمثالية الذاتية ، والمثالية النقدية ، والمثالية الموضوعية .
ان نظرة الفلسفة المثالية تقوم على أساس الاعتقاد بوجود عالمين احدهما مادي والاخر معنوي( سماوي) ، وان الإنسان الكامل يستمد قيمه من عالم السماء. (1)
يرى أصحاب الفلسفة المثالية ان القيم مطلقة وغير متغيرة وهي صالحة لكل زمان ومكان فهي لا تتغير بتغير الافراد من جيل الى جيل او من مجتمع الى مجتمع فهي ثابتة في جوهرها إذ إنها ليست من صنع البشر بل هي جزء من طبيعة الكون ذاتها ، ودور الإنسان هو حمل هذه القيم وعلى عاتقه تتحقق الغائية الالهية على الارض ، فهو همزة الوصل بين الحدث ( الواقعة ) والقيمة. (2)
__________
(1) قنصوه ،صلاح: نظرية القيم في الفكر المعاصر ، بيروت ، دار التنوير للطباعة والنشر ، 1984 ، ص32 .
(2) نيلر،جورج : مقدمة في فلسفة التربية ، ترجمة نظمي لوقا، القاهرة ، مكتبة الانجلو المصرية ، 1977 ، ص39 .(1/3)
وتعتمد الفلسفة المثالية على الأساس القيمي الذي وضعه الفيلسوف اليوناني افلاطون وهو أساس يتمثل عالم القيم الذي يجمعه مثلث القيم العليا عنده وهو الحق والخير والجمال ، فقيمة الحق تتعلق بكل ماهو معرفة وقيمة الخير بكل ماهو سلوكي ، في حين تختص قيمة الجمال بكل ما هو وجداني ، ان هذه القيم العليا الثلاث كامنة في طبيعتها وهي ثابتة لا تتغير بتغير الظروف والملابسات وكائنة في العالم الخارجي اي انها سابقة على الوجود المحسوس وكائنة في عالم المثل. (1)
لقد جعل " افلاطون " الخير مصدراً لوجود الموجودات جميعها، إذ وضع مثال الخير في المنزلة الرفيعة الاولى اذ يقول : ( ان جميع الموجودات المعقولة تستمد وجودها وماهيتها من الخير ... ولا يمكن التطلع الى مثل الخير من غير مشقة وعناء . ومن غير ان يدرك الفكر ان هذا المثل الاسمى هو سبب كل صالح وجميل ). (2)
ما الفرد إلا مطبق للقيم في ضوء الفلسفة المثالية وهي مطلقة وثابتة وموضوعية ولا تتغير بتغير الفرد ، ولا تخضع للافراد واختلافاتهم ، فقيم الخير والحق والجمال لا تختلف عن ذواتها بمرور الزمن ، فهي مطلقة في جميع الازمنة والامكنة تحدد الصالح و السيئ والخير والشر ، إذ أكد أفلاطون وجود أشكال خالدة خارج الكون المادي لما هو خير وتحددت مصادر القيم وفق هذه الفلسفة من مصدرين هما مصدر الهي ومصدر عقلاني وترتبط هذه المصادر بطبيعة الاشياء وصفات الأفعال.
__________
(1) الجعفري،ماهر إسماعيل و آخرين : فلسفة التربية ،بغداد،دار الكتب للطباعة والنشر، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، 1993،ص40 .
(2) افلاطون : محاورات افلاطون ، ترجمة زكي نجيب محمود ، القاهرة ، د. ت ، ص13 .(1/4)
وبما إن هذه القيم مطلقة وثابتة فهي أذن صالحة لكل زمان ومكان ، واذا ما حصل تنافر بين هذه القيم وبين ماهو مطلوب للحياة ، فان هذا لا يعني إن القيم غير صادقة وانما اساليب حياتنا هي الخاطئة وتحتاج الى تصحيح ، كما ان اي تغيير في نظمنا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية مقبول ما دام متفقاً مع هذه القيم . (1)
الفلسفة الواقعية Realism
__________
(1) بيومي،محمد احمد : مبحث القيم في علوم الإنسان ، الاسكندرية ، دار المعرفة الجامعية ، 1981 ، ص163 .(1/5)
... ... يمثل كل من : ارسطو وتوما الاكويني وهوبز وغيرهم من الفلاسفة الواقعيين مثل بيري وهولت وفكن تصورات هذه الفلسفة ، ومن الجدير بالذكر فان هناك عدة مذاهب او انماط في الفلسفة الواقعية ومن هذه المذاهب الواقعية العقلية ، والواقعية الطبيعية ، والواقعية الجديدة ، والواقعية النقدية المعاصرة. (1) وتقوم فكرة هذه الفلسفة على ان مصدر كل الحقائق هو العالم الواقعي ، فلا تؤخذ الحقائق او تستنتج من الحدس والالهام ، انما تاتي من هذا العالم ، اي عالم التجربة والخبرات اليومية ، ويشير "جون لوك" (j.Look) احد اقطاب هذه الفلسفة في العصر الحديث ، ان المعارف موجودة في العلم الفيزيقي ( الطبيعي ) ويصل اليها الإنسان من خلال اتباع الاسلوب العلمي والمشاهدات المنطقية الواقعية. (2) وبهذا ُتناقض الفلسفة الواقعية منطلقات الفلسفة المثالية ، بل تختلف معها اختلافاً جذرياً، اذ ان المثالية تنكر العالم المادي ، وترى ان عالم الحقيقة الوحيدة هو عالم المثل او عالم الافكار والفضائل ،وان العالم الطبيعي ليس مستقلاً عن الإنسان وحقيقته داخل ذات الإنسان او عقله ، لذا نرى الفلسفة الواقعية اتجهت عكس ذلك إذ آمنت بالواقع المادي المحسوس ،الماثل للعيان ، وله وجوده المستقل عن العقل والمثل. (3)
... ولذلك رفض الواقعيون ان يكون للقيم اي مكان خارج حدود الطبيعة والعالم ، فالخير عندهم ما تلاءم مع الطبيعة والشر هو ما يبعد الافراد عن هذه الملاءمة . ويرون ايضاً ، بما ان كلاً من الطبيعة البشرية والطبيعة المادية ثابتة ، فان القيم التي توفق بينهما ثابتة ايضاً. (4)
__________
(1) . هندي،صالح واخرون:أسس التربية،ط2،عمان،دار الفكر،1990.،ص65.
(2) . ناصر،ابراهيم:مقدمة في التربية،ط2،الأردن،1979.،ص24.
(3) . محمد،احمد علي الحاج:فلسفة التربية،ط1،عمان،دار المناهج،2002،ص79.
(4) . نيلر،جورج : مقدمة في فلسفة التربية ،المصدر السابق،ص96.(1/6)
والقيم عند الواقعيين اجتماعية ، تحقق للإنسان سعادة ومنفعة وتكون بمثابة المحفز له على العمل والنجاح لتحقيق الذات . ويتفق الواقعيون على ان القيم موضوعية ذات أساس دائم ، لكنهم يختلفون فيما بينهم حول اسباب ذلك الاعتقاد ، كما يتفقون على ان الناس يمكن ان يميزوا القانون الخلقي باستعمال العقل الذي وهبه الله للإنسان. (1)
وهناك من الواقعيين من يرد القيم الى الخبرة الحسية دون العقل ، وهم اصحاب النزعة التجريبية والوضعية والطبيعية ، اذ يعتقدون ان القيم نسبية وليست مطلقة وان هذه القيم تتغير وفقاً للظروف التي تنشأ في ظلها ، لذلك فهي تختلف باختلاف بيئتها ، ولذا فان دراستها تنصب على وصفها كما هي موجودة بالفعل دون ان تتجاوز المجال الواقعي الى تصوير ما ينبغي ان يكون مما ليس بكائن فعلاً . (2)
وينظر الواقعيون للقيم على انها معايير لضبط وتوجيه السلوك الإنساني في المجتمع ، وهي حقائق موضوعية قابلة للبحث والتجديد ، وتختلف القيم من مجتمع لاخر ، فما هو خير في مجتمع ، قد يكون شراً في مجتمع اخر ، بناءً على المنفعة التي يجنيها اغلب الناس ، ذلك ان ثقافة كل مجتمع هي التي تضع للقيم مقاييس ، وضوابط ، وتضفي عليها معاني ودلالات كي تصبح جزءاً من نسج الامة . الا انه نسبية القيم في الواقعية لا يعني عدم وجود قيم إنسانية متفق عليها لدى التيارات المختلفة في الواقعية ، اذ ان رغم وجود اختلافات بينهما ، لكننا نجد قاسماً مشتركاً لعدد من القيم ، هي محل تقدير واحترام ، بغض النظر عن اختلافها الفكري مثل : العمل والاخاء والتعاون وقيم العلم ... الخ . (3)
الفلسفة البرجماتية Pragmatism
__________
(1) . زاهر،ضياء:القيم في العملية التربوية،المصدر السابق،ص13.
(2) . الطويل،توفيق:الفلسفة الخلقية نشأتها وتطورها،القاهرة،دار النهضة العربية،1967.ص12.
(3) .محمد،احمد علي الحاج:فلسفة التربية،المصدر السابق،ص85-86.(1/7)
... ... البرجماتية لفظ مشتق من اللفظ الاغريقي Pragma)) اي العمل ويقال انها قديمة قدم الإنسان نفسه ، لانها تعني اسلوب الحياة ايا كان هذا الاسلوب ، ولقد ارتبطت الفلسفة البرجماتية ارتباطاً وثيقاً بالتراث التجريبي الانكليزي الذي يؤكد اننا لا نستطيع ان نعرف شيئاً الا من خلال خبرتنا الحسية. (1)
لقد ظهرت الفلسفة البرجماتية ابان القرن التاسع عشر رد فعل لموجات الفلسفة المثالية التي كانت تطغى على الفكر الامريكي والتي جاءت اليه من اوربا وعلى وجه التحديد من المانيا،فكانت البرجماتية استجابة لمطالب بيئتها وصورة للواقع الامريكي الجديد وقد تاثرت بنظرية التطور التي ظهرت في ذلك القرن.
__________
(1) . نيلر،جورج:في فلسفة التربية،ترجمة محمد منير مرسي،القاهرة،عالم الكتب،،1972،ص69.(1/8)
ويعد "بيرس" (Price) (1839-1914م) من الرواد الأوائل للفلسفة البرجماتية إذ كان فيلسوفاً رياضياً عالج الكثير من المشكلات الفلسفية ابتداءً من المنطق والعلم والميتافيزيقيا والقيم ، وقد استعمل بيرس كلمة برجماتية من دراسته للفيلسوف الالماني " كانت " وهذا يعني تاثر البرجماتية بالمثالية رغم كونها كانت رد فعل على هذه الفلسفة المثالية كما اسلفنا – وبخاصة فلسفة كانت – إذ ميز كانت بين ما هو برجماني وبين ما هو عملي ، إذ إن العملي ينطبق على القوانين الاخلاقية التي يعدها اولية ( قبلية ) بينما البرجماتي ينطبق على قواعد الفن واسلوب التناول الذي يعتمدان على الخبرة ويطبقان في مجال الخبرة . ويقول ديوي ان البرجماتية في راي بيرس وحسب ما وردت في المبادي التي تضمنها منهجه ليست مجرد اداة لنفع خاص او فائدة معينة ، وهي لا تجد العمل لذاته ، وانما هي تعني اننا كي نفهم المدركات العقلية فلا بد ان نكون قادرين على تطبيقها ، والفكرة التي لا تقبل التطبيق تكون فكرة لا معنى لها. (1)
أما "وليم جيمس" ( 1842- 1910 م) فهو يعد ايضاً من رواد هذه الفلسفة اذ كانت فلسفته تجريبية متطرفة وقد ناهض المذاهب المثالية فاهتم بتحديد المشكلات الفلسفية واراد ان يحدد ما اذا كانت هناك مشكلات فلسفية معينة لها معنى حيوي يقيني او انها مجرد لهو وسفسطة لفظية .
__________
(1) ..Baln,J.I ( 1946) M enand Movements in American Philosophy – Prentice- Hill Lnc Englwood Cliffs . P. 255.(1/9)
... اما الرائد الثالث في هذه الفلسفة فهو "جون ديوي" ( 1859- 1952 ) ويعد صاحب الفضل الاكبر في ارساء معالم البرجماتية الحديثة ... فهو فيلسوف امريكا المعبر عن اتجاهاتها العقلية وهو احد صناع التراث الامريكي ، وقد جعل من البرجماتي منهجا ً علمياً تجريبياً محدداً. (1)
ولقد وضع لها اسماً جديداً (Instrumentalism) نسبة إلى ( وسيلة ) واحياناً تسمى بـ( الآداتية ) نسبة الى ( آداة ) .ويعزى سبب تبني "ديوي" لهذه الافكار العملية الى ان الحياة في الولايات المتحدة الامريكية في حياته قد تطورت من مجتمع زراعي بسيط الى أمة صناعية متحضرة ومعقدة ، لذا طور ديوي من افكاره التربوية بشكل موسع لتسجم مع التطور السريع الحاصل في تلك الفترة .
لعل الصفة المميزة لديوي هي محاولته استعمال منهج العلوم في التفكير في القيم الاخلاقية والسياسية والجمالية وغيرها تفكيراً قد ينتهي الى تغييرها تغييراً يناسب ظروف الحياة الحاضرة او بعبارة اخرى اتخاذه من الفكر ذريعة للعمل على نحو يحقق للإنسان ما يبتغيه في مجتمع صناعي برجماتي من اول نشاته ، إذ انه تأثر في أول مراحله بالفلسفة الهيجلية ثم اتخذ لنفسه اسلوباً خاصاً ( البرجماتية ) بقية حياته ، اذ تعد الاعوام العشرة الممتدة من 1894- 1904م هي التي شكلته من الوجهة الفلسفية تشكيلاً حاسماً. (2)
__________
(1) .مرسي،محروس سيد : التربية والطبيعة الإنسانية في الفكر الإسلامي وبعض الفلسفات الغربية، ط1، القاهرة ،دار المعارف ، 1988،ص96-100.
(2) . عسكر ،علاء صاحب: المصدر السابق،ص147.(1/10)
والقيم في ضوء الفلسفة البرجماتية امر نسبي تتوقف على الظروف والافراد وخبراتهم ، في الحكم على القيم لا يختلف عن الحكم على اي شي اخر من حيث اعتماده على الحقائق ، وبما ان الحقائق امر نسبي وتختلف من ظرف لاخر او من خبرة لاخرى ، فعليه القيم امر نسبي ايضاً ، فالقيم لديهم تخضع للتجربة التي من خلالها يتم الاختيار ، ونتيجة لذلك فان احكام الناس ونظراتهم ورغباتهم الى القيم متغيرة ، فالقيم ذاتية وليست موضوعية ، فقيمة اي شي تكمن في ما يقدمه من منفعة او ما يشبع من حاجة ملحة. (1)
وبما إن الفلسفة البرجماتية لا تؤمن بوجود قيم مطلقة ، فانها لا تؤمن بقيم الحق والخير والجمال ، ويعتقد اصحابها ان هذه القيم من صنع الإنسان وهو الذي يخلق قيمه الخاصة وان هذه القيم تتغير بتغير الزمان والمكان ، فالإنسان هو الذي يخلق الجمال من خلال التجربة. (2)
والحق حسب راي "جون ديوي" ( يصنع كالصحة والغنى والقوة في سياق الخبرة) ومقابل ذلك فانهم يتنكرون للمعيار الثابت للسلوك،فيرون انه لا يوجد هناك شيء حقيقي او خير الى الابد ،فالقديم يتغير تاركاً مكانه للجديد،وما كان خيراً بالامس قد لا يكون كذلك اليوم. (3)
__________
(1) . الحياري،حسن احمد : أسرار الوجود وانعكاساتها التربوية ، اربد ، دار الأمل، 1994،ص29.
(2) حمودة، نبيه محمود: التأصيل الفلسفي للتربية ، القاهرة ، مطبعة الانجلو المصرية ، 1980،ص 114-115 .
(3) . فرحان،محمد جلوب:دراسات في فلسفة التربية،وزارة التعليم العالي والبحث العلمي،جامعة الموصل،1989،ص116.(1/11)
لذا تقاس القيم البراجماتية بنتيجتها،أي بما يعود منها من خير ومنفعة على الفرد والمجتمع في الموقف الذي تطبق فيه،اذ يقوم الفرد باستباط القيم من واقع خبرته بنفسه باستخدام ذكائه وتفكيره.ولقد اكد "جون ديوي" ذلك بقوله(إن القيم التي بمقتضاها يعمل الإنسان ويسعى اما ان تكون من خلق الإنسان فيدركها،ثم يعمل على تحقيقها،او ان تكون من خلق الإنسان،يخلقها لتكون له وسائل يوائم بها بين نفسه وبين العالم الطبيعي والمجتمع الذي يعيش فيه،فهي ليست شيئاً سابقاً بوجوده على وجود العالم ) (1) .ولقد ركز اقطاب هذه الفلسفة على القيم الاجتماعية وذلك لتأكيد دور وأهمية المجتمع.وقد ذكر"جون ديوي" ما اسماه بالذكاء الاجتماعي،ويعني به القدرة على ملاحظة واختيار المواقف الاجتماعية المتعددة وفهمها والعمل بها من اجل الحصول على القوة الاجتماعية لتحقيق اهداف وتطلعات المجتمع.والقيم الاخلاقية وفق رأي اصحاب هذه الفلسفة تخضع للتجربة ويتم التوصل للحقيقي منها عن طريق الاختبار الناقد للتبعات المختلفة المترتبة على كل قيمة،واستعمال الطريقة العلمية في حل المشكلات التي تنتج عن تناقض تبعات مختلفة من اجل الوصول الى نهج هادف صحيح يتطابق مع نهج المجتمع. (2)
وبهذا فالاخلاق لها طبيعة اجتماعية ،اي انها لا تنبع من الذات او الضمير او العقل،وانما يكتسب الفرد القيم الاخلاقية عن طريق خبراته وتفاعله مع ما حوله،مثلها مثل المعارف والعادات والمهارات والاتجاهات والتي يكتسبها عن طريق الخبرة. (3)
__________
(1) . الراوي،حسن مسارع:نحو استراتيجية جديدة للتعليم في العراق،بغداد،1976،ص67.
(2) . مرعي،توفيق احمد ومحمد محمود الحيلة:المناهج التربوية الحديثة ،ط1،عمان،دار المسيرة ،2000م،ص137.
(3) .محمد،احمد علي الحاج:فلسفة التربية،المصدر السابق،ص96.(1/12)
ولقد عد البرجماتيون القيم أساس الأخلاق،على الرغم من أن نقاد البرجماتية يقولون انها تخلو من القيم،وهذا الامر ينكره كل برجماتي... يؤكدون ان ما يعنيه مناهضوا البرجماتية ونقادها من انها تخلو من قيم ثابته وان القيم فيها نسبية،وانها غير مستقرة في مجتمع متغير.لذا فالقيم عندهم لا تعلم وانما تكتشف من قبل الفرد وهو الذي يختار الاصلح منها لحياته.
وكانت فكرة البراجماتيين عن القيم محاولة لسد الفراغ الذي حدث نتيجة للغارات التي شنتها علوم القرن التاسع عشر على نظريات القيم ويقول "فير تشيلد" في هذا الصدد(نظراً لاهتمام القرن التاسع عشر بالعلوم اهتماماً بالغاً،فأن القيم انزوت في ركن مظلم.فقد بهر ضياء العلوم ابصار الناس واعماهم عن كل شيء اخر،حتى ان التربية تشبعت بالعلوم،بل واصبح طلبة الجامعة اللذين يتخصصون فيها ينظرون بأزدراء الى الطلبة الذين يتخصصون في العلوم الإنسانية او الدراسات الثقافية) (1) .
الفلسفة الماركسية Marxism
... ... اقترن اسم الفلسفة الماركسية بمؤسسها " كارل ماركس " ( 1818-1883 م) ولقد تميز ماركس بانكاره للدين واهتمامه بالمادة إذ عدها المحور الأساس لفلسفته ، وقد تاثر بالفيلسوف الالماني " هيجل " في وضع فلسفته المادية الجدلية ، والمادة عنده تعني كل الكائنات الحية وغير الحية من ابسطها حتى اكثرها تعقيداً ، وللمادة وجود مستقل عن الإنسان وعن شعوره ، حتى شعوره هذا حصيلة للتطور المستمر للعالم المادي. (2)
__________
(1) . بول و ودرنج:نحو فلسفة للتربية،ترجمة سعد مرسي احمد و فكري حسن ريان،القاهرة،عالم الكتب،1966،ص67.
(2) .مرسي،محروس سيد: التربية والطبيعة الإنسانية في الفكر الإسلامي وبعض الفلسفات الغربية المصدر السابق،ص65 .(1/13)
للماركسية موقفان من القيم احدهما صريح والاخر غير معلن ، ففي موقفها الصريح ترد الماركسية القيم الى الأساس الاقتصادي اما موقفها الاخر( غير المعلن) فموجود في البناء الاعلى او الايديولوجية ، فالقيم وبخاصة الخلقية منها ، تنشا بمولد المجتمع الإنساني وعندئد يفرض المجتمع على افراده مطالب محددة ، معبراً عنها في المستويات والمقاييس الخلقية وهي موضوعات غير ثابتة ، اي متغيرة تتحول بتطور المجتمع بسبب تغير الانتاج وبخاصة علاقات الانتاج .
القيم الروحية مرفوضة في الفلسفة الماركسية ولا وجود لها اذ قال ماركس ( الدين افيون الشعوب ) وذلك لان الدين في نظره المسكن لحدة الالام التي تنتج من متناقضات العالم المادي (1) .
وبذلك تنكر الماركسية الدين ووجود الله لانه يعني وجود الكائنات لا تنتمي الى مكان او زمان ، وهي اسطورة ابتدعها رجال الدين للتغرير بالجماهير ، لذا فان العقيدة الدينية عندهم تؤدي الى الانحراف. (2)
لا تؤمن الماركسية بوجود اخلاق ابدية مطلقة ، وانما بوجود اخلاق نسبية واقعية ، وهي ترفض اي تعاليم اخلاقية مقررة من قبل ، حتى لو كانت باسم الدين ، لذا فان الاخلاق لا توجد خارج المجتمع الإنساني ، وانما تتبع مصالح النضال الطبقي البروليتاري ، اي انها تستمد من القضاء على التفاوت الطبقي ، ومن اقامة المساواة بين الناس وتحقيق الاشتراكية العلمية. (3)
__________
(1) احمد،لطفي بركات : في فلسفة التربية ، القاهرة ، مكتبة الخانجي ، 1978،ص32 .
(2) .سباني،جورج : تطور الفكر السياسي ، ترجمة راشد البراوي ، مصر ، 1971،107:5 .
(3) . بيومي،محمد احمد : علم اجتماع القيم ، الاسكندرية ، دار المعرفة الجامعية ، 1981 ، ص66 .(1/14)
وتسعى هذه الفلسفة الى تأكيد القيم الوطنية واحترام الكبار وتقدير العاملين للصالح العام والنظام واحترام العمل وهذه القيم هي مثال القيم الاخلاقية في المجتمعات القديمة. (1)
وتدافع الماركسية عن نفسها ، بان لها اخلاقها الخاصة بها وذلك على لسان " لينين " حين اجاب عن تساؤل : هل توجد اخلاق شيوعية حيث قال ( يزعمون غالباً ليس لنا اخلاق خاصة بنا ، وتتهمنا البرجوازية في الاغلب باننا نهدم كل الاخلاق ، وفي ذلك خلط يشوش الافكار ليزرع الاضطراب ، ويبث الضلال في عقول العمال والفلاحين فباي معين نفكر ،نحن الاخلاق ، وننكر التخلق ). (2)
وترى الماركسية ان الإنسان من حيث هو فرد لا قيمة له،بل يستمد قيمته من مجتمعه الذي يعيش فيه والذي هو جزء منه،فهي تؤمن بالاجتماعية لابالذاتية او الفردية،فالفرد لا يرى الا من خلال المجتمع.والفرد يأخذ عادته وتقاليده وقيمه من المجتمع الذي ينتمي اليه،لذا فهي حاربت غرائز الفرد وميوله. (3)
وتجد الماركسية ان قيمة التغيير هي مبدأ الحياة ،فكل ما في الوجود قابل للتغيير والتطور،ولا تؤمن بالثبات ،اذ ان السكون والجمود على حالة واحدة يعني انعدام الحياة،ويتحقق هذا التغيير نتيجة عوامل داخلية نابعة منه وليس خارجة عنه،وترتكز القيم الماركسية على ثلاثة اسس هي:المادية الجدلية،والمادية التاريخية،والصراع الطبقي،كما انها ترفض مفهوم القيم بمعناه المتعالي عن الواقع. (4)
الفلسفة الوضعية المنطقية Logical Posistivism
__________
(1) . العراقي،سهام محمود:تاريخ تطور اتجاهات الفكر التربوي،الاسكندرية،1984،ص250.
(2) عسكر،علاء صاحب : المصدر السابق، ص134 .
(3) . مرسي،محروس سيد:المصدر السابق،ص74.
(4) . الدرابسة،محمد عبدالله عايش:مدى تمثل الايتام للقيم الاسلامية،اطروحة دكتوراه ،كلية التربية(ابن رشد)،جامعة بغداد،2001م،ص46.(1/15)
... ... ظهرت هذه الحركة الفلسفية في القرن العشرين ، مذهباً جديداً جمع بين المنطق والعلم والفلسفة في ان واحد ، واطلقت عليها تسميات عدة منها الوضعية المنطقية والتجريبية المنطقية Logical Empiricism او كما يحلو للبعض تسميتها بالتجريبية العلمية Scientifi Empiricism ، وقد دعا اتباع هذا المذهب الى ايجاد فلسفة علمية تقوم على توحيد العلوم وجعل مهمة الفلسفة العمل على ربط اللغة بالتجربة ربطاً علمياً ، وصياغة الواقع الخارجي صياغة منطقية وهي لذلك استخدمت منهج التحليل المنطقي ، بالاستفادة من قيمة المذهب العقلي ، وما تم البرهنة عليه من مبادي المنطق ، وكذا المذهب التجريبي وما انتهى الاتفاق عليه من مناهج العلوم التجريبية والطبيعية ، وذلك من اجل التفكير الفلسفي بخصائص المعرفة العلمية. (1)
لذا رفضت الوضعية المنطقية اثارة الاسئلة حول معنى الحياة والموت وذلك لعدم قدرتها على تقديم اجابات محددة حول هذه الاسئلة والتثبت منها تجريبياً ، فمواجهة مشكلات الواقع سبيلها التحليل والتحقيق العلميين. (2)
ويعد العالم النمساوي " شيليك "مؤسس هذه الحركة الفلسفية وأول من دعا اليها وذلك ضمن جماعة من الفلاسفة اطلقت على نفسها (جماعة فينا) ضمت صفوة من العلماء والفلاسفة منهم " كارناب " و " فيليب فرانك" و " الفرداير" .
__________
(1) . محمد،احمد علي الحاج : المصدر السابق، ص139- 140 .
(2) احمد، لطفي بركات: في مجالات الفكر التربوي ، ط1 ، بيروت ، دار الشروق ، 1983، ص140 .(1/16)
وخلاصة فكرهم ، انهم يؤمنون بالعلم الى اقصى حد،ففي رأيهم ان قضايا الفلسفة خالية من المعنى،ومشكلاتها الأساسية ليست مشكلات في حقيقتها،ولا تعدو ان تكون تلاعباً بالالفاظ،وعلى الفلاسفة التقاعد وترك مهمة الفلسفة للعلماء كونهم القادرين على متابعة الفلسفة،بتوضيح الافكار،وتحليل عبارات العلم والدراسة الدقيقة للواقع،والوصول الى معرفة قوانين العالم الموضوعي. (1)
وقد هدفت هذه الحركة الفلسفية الى رد العالم بمختلف صوره ومفاهيمه ومباحثه الى لغة التحليل،وان وضع الامور في عالم الواقع وحده مجال البحث العلمي.لذا تقوم هذه الفلسفة بتحليل الدوافع الكامنة وراء السلوك التي تدفعه لاتخاذ قرار ما،فهي موجهة للسلوك. (2)
تنظر هذه الفلسفة الى عالم القيم على انه عالم فريد مستقل بذاته،اي ان القيمة مستقلة عن واقعها،اي منفصلة عن التاريخ والوقائع والاحداث،ولا يمكن ان نفسر وجود القيم عن طريق مختلف الظواهر الوجودية القائمة في الثقافة والمجتمع. (3)
__________
(1) احمد علي الحاج : المصدر السابق ، ص40-41 .
(2) . احمد،لطفي بركات : في مجالات الفكر التربوي ، المصدر السابق، ص144.
(3) . مطر،اميره حلمي:مقالات فلسفية حول القيم والحضارة،القاهرة،مكتبة مدبولي،د.ت،ص64.(1/17)
والقيم الوضعية نسبية حسب حاجات الفرد والمجتمع،فهي نتيجة تفاعل الافراد مع بعضهم البعض ،ووليدة العمليات الاجتماعية والثقافية. (1) وعليه تعد القيم عندهم وسائل تعتمد على دوافع اجتماعية ،رافضة كل الاسس المعتمدة على النزعات الفردية،الا انه تترسخ لدى الفرد عندما يعلم ان المجتمع موافق عليها وتطفأ عند الفرد اذ ما علم ان المجتمع ضدها. (2) لذا كان أصحاب هذه الفلسفة مع الاجتماعيين في ربط الحياة الخلقية بالحياة الاجتماعية بسبب إن القيم الخلقية وليدة المجتمع تتغير بتغيره وتتطور بتطوره. (3) وتعد القيم عندهم نوعاً من الميتافيزيقيا وذلك لانها لا تقع تحت الحس او الفعل او المكان مثل قيم الحق والخير والجمال،فهي ليست علماً ولا تصلح ان تكون كذلك،بل هي مجرد شعور ذاتي عند الإنسان نحو الشيء وليست كائنة فيه. (4)
الفلسفة الوجودية Existentialism
... يمكن تعريف الوجودية من خلال تحليل لفظ (Existentialism) الى مقطعين ، الاول (Existence) ويعني الوجود ، والثاني (Lism) ويعني به الاسبقية ، وبهذا يكون المعنى أسبقية الوجود ، والوجودية تؤكد اسبقية وجود الإنسان الفرد ، إذ عدت الوجود الإنساني اولى المشكلات الفلسفية التي ينبغي ان يدور حولها التفكير الفلسفي ، ، لان الموجودات الاخرى معانٍ ورموز حية يعيشها الإنسان. (5)
__________
(1) . احمد، لطفي بركات:القيم والتربية،ط1،الرياض،دار المريخ،1983، ص79.
(2) . أبو العينين، علي خليل:فلسفة التربية الإسلامية في القرآن الكريم،ط3،المدينة المنورة،مكتبة ابراهيم الحلبي،1988،ص92.
(3) . الطويل،توفيق:قضايا في رحاب الفلسفة والعلم،القاهرة،دار النهضة العربية،د.ت،ص46.
(4) . محمود،زكي نجيب:طراز من الفردية الجديدة،مجلة الفكر المعاصر،العدد(12)،الدار المصرية للتاليف والترجمة،1966،ص110.
(5) . محمد،احمد علي الحاج :فلسفة التربية، المصدر السابق ، ص 128-129 .(1/18)
لقد برزت هذه الفلسفة إلى الوجود على يد المفكر الدنماركي " سيرن كيركجارد " (1813-1855م) وذلك عند محاولته الرد على الفيلسوف الالماني " هيجل "(1770-1831م) والذي يعد من اصحاب الفلسفة المثالية في التصورات العقلية ، وحفل بالمعنى المطلق المنفصل عن الزمن للوجود ، وبنى كل الحقائق على المفاهيم الكلية والمجردات العقلية النظرية واهمل بذلك وجود الافراد أفراداً وغض النظر عن الموجودات العينية ، بل احتقرها وعدها تافهة لأنها لا تمثل الواقع والحقيقة في شي. (1)
وقد عدّ " كيركجارد" البعد عن المعاني المجردة والالتصاق بالكائنات الموجودة ، ورد المعاني الى الافراد الذين يتصفون بها هي الفلسفة الحقيقية ، فحسب وجهة نظره لا معنى ولا فلسفة للبحث في الموت فعلاً على انه معنى كلي مجرد ، ولكن البحث في هذا الموضوع يصبح ذا معنى اذا اتجه الى الشخص الذي يموت ويعاني الموت ، فذوات الموجودات الفعلية لا المعاني المجردة هي الجديرة بان تكون لب الفلسفة ، وبهذا وضع " كيركجارد " أساس الفلسفة الوجودية وجعل ذلك الأساس الفرد الموجود لا العقل والفكرة المجردة وهناك نزعتان غلبتا في الوجودية ، يمثل النزعة الاولى كل من " كيركجارد ، ويسبرز " اما النزعة الثانية فهي الحادية يمثلها كل من " هيدجر" و "سارتر " اذ يعد سارتر رائد الوجودية في الحاضر ، فقد حاول ان يوضح مفاهيمها ويزيل عنها ما اعتراها من غموض. (2)
__________
(1) . قورة ،حسين سليمان: الأصول التربوية في بناء المناهج ، ط7، القاهرة ، دار المعارف ، 1982، ص221.
(2) خزعلي،قاسم محمد محمود : نحو فلسفة تربوية للطفل في ضوء الرؤية القرآنية والحديث الشريف، أطروحة دكتوراه ، كلية التربية ( ابن رشد ) ، جامعة بغداد ،2001م ،ص91.(1/19)
تؤكد الوجودية مبدأً أساسياً هو إن الوجود يسبق الماهية وان الإنسان وحده الذي يحتوي على الوجود او يعين وجوده وهي ترفض وجود ماهية سابقة على وجود الإنسان اي ان الإنسان يوجد اولاً ثم تتحدد ماهيته فيما بعد ، وماهيته تحدد افعاله ، وافعاله تحدد تكونه ووجوده ، ومن خلال وجوده يصنع حقيقته.وبما ان ماهية الإنسان تتوقف على افعاله ، او ان افعال الفرد هي التي تحدد كينونته وماهيته ، فانه حر في اختيار افعاله ، ليتغلب على ضعفه ونقائصه . وبذلك تختلف الوجودية عن المثالية ، اذ تبدا الوجودية بالافعال في حين تبدا المثالية من الافكار كما ان الوجودية ترى ان الإنسان يوجد خارج ذاته ،بينما ترى المثالية ان وجود الإنسان وجود ذاتي وتؤكد الوجودية حرية الاختيار ، فان اختياراتنا هي التي تصنع قيمنا ، لهذا ترفض الوجودية عموماً المعايير الاخلاقية المطلقة ، حتى وان كانت موجودة فسيظل الإنسان حراً في اختيارها (1) . وبذلك فالإنسان حر في اختيار قيمه ، وحريته هذه هي مصدر الزامه وتسقط كل سلطة خارج حريته يفرض قيماً عليه . لذا فأن القيم تنبع من داخل الإنسان ، وهي تعيش في داخله . والإنسان الحر هو ينبوع القيمة ومبدعها ، لان القيمة ليست شيئاً معطى ، بل هي ابداع فاعل على الدوام. (2)
__________
(1) محمد،احمد علي الحاج : فلسفة التربية،المصدر السابق ، ص130-131.
(2) العوا،عادل : العمدة في فلسفة القيم، دمشق،دار اطلاس للدراسة والنشر ، 1986، ص 258-259.(1/20)
إذن فالقيم نسبية وليست مطلقة وهي عاطفية وشخصية ، اذ ان كل فرد يبتكر قيمه الخاصة من خلال اختيارته وافعاله ، والقيم التي تستحق التقدير عند الوجودي هي تلك التي تدفع الفرد ليكون اصيلاً في فرديته وحريته . فحرية الاختيار تجعل الفرد يمنح الاخرين رخصة في اختيار ما يشاؤون مما يؤدي الى ابتكار اخلاق اجتماعية وعقد اجتماعي (1) . وتطالب الوجودية الإنسان ان يطور مفاهيمه القيمية والاخلاقية بنفسه وان لا يمتثل للقيم الاجتماعية ومعايير المجتمع المجرد الامتثال او التبعية ، ويرى سارتر ان الإنسان يتعرف على قيمه عن طريق ممارسته لحريته ، فحريته هي أساس القيم فالفرد هو المسؤل الاول والاخير عن اختيار قيمه الخاصة به والتي يتبعها في حياته وانه ليس مسؤولاً عن صنع نفسه فحسب ، ، بل هو مسؤول عن صنع علمه ايضاً ، اذ ان كل ما يحدث لللإنسان انما يحدث بسببه. (2)
الفلسفة الطبيعية الرومانتيكية Romantic Naturlism
... لقد نهضت هذه الفلسفة مرتين : اولاً عقب الجمود الذي ساد الحياة في العصور الوسطى إذ سادت النزعة الدينية وشاع الزهد في حياة الناس والاعداد ليوم القيامة ليفوز المرء برضا ربه ، وذلك عن طريق تعذيب النفس والانقطاع للعبادة والبعد عن الملذات . قامت هذه الحركة الطبيعية لبعث الحيوية في النفوس انطلاقاً من صلة الإنسان بحياته الحاضرة .
__________
(1) وليم ،ج. صمويلسون و فريد ا . ماركوويتز : مقدمة في فلسفة التربية ، ترجمة ماجد عرسان الكيلاني ، ط1 ، عمان ، دار الفرقان ، 1998، ص22.
(2) عسكر،علاء صاحب : المصدر سابق ، ص 142 .(1/21)
اما المرة الثانية فكانت عقب الحرب العالمية الاولى بعد انزواء حركة الاصلاح في القرن التاسع عشر .فقد قامت الحركة الطبيعية الرومانتيكية بثورتها التربوية على الاوضاع التربوية وقت ذاك فاصابتها بهزة شديدة داعية للتغيير والتجديد. (1)
... فكانت نهضتها الأولى على يد مؤسسها " جان جاك روسو " ( 1712-1778م ) والذي يعد واضع الملامح الرئيسة لهذه الفلسفة أذ دعا الى وجوب رجوع الإنسان الى الطبيعة وهناك يتفق الناس بعقد اجتماعي على اقامة مجتمع عادل يرضى به الجميع ، فيقومون بتشكيل حكومة تمنح الجميع كل الحقوق ، ولقد اكد " روسو " على التربية كوسيلة لخلق الإنسان الطبيعي ، ويقصد الطبيعي هنا الذات المثالية ، او الإنسان الكامل . وان متطلبات اعداد هذا الإنسان تقتضي ان يوضع في متناوله استعراض لكل التراث الإنساني ، بحيث يكون من الميسور له الاتصال بالخبرات والحاجات الراهنة. (2)
وتلخص المعالم الفلسفية لهذه النظرية في نقطتين:النقطة الاولى هي الاعتقاد بان نفس الإنسان خيرة في تكوينها،مبرأة من الشر عندما هبطت من عليائها وتنزلت على الإنسان من قدسيتها اللاهية .أما النقطة الثانية هي التركيز على الحاضر وعدّه عماد المستقبل واصل تطوره. (3)
__________
(1) .سرحان، منير المرسي: في اجتماعيات التربية ، ط2 ، القاهرة ، مكتبة الانجلو المصرية ، 1982، ص49 .
(2) .فرحان ،محمد جلوب: المصدر السابق،ص93.
(3) . قورة،حسين سليمان:المصدر السابق،ص227.(1/22)
اما نظرة الطبيعيين وبخاصة "روسو" الى القيم فأنهم يرون إن القيم والمعايير والمقاييس جميعها التي يعمل على وفقها الناس ما هي الا انعكاس لميولهم وحاجاتهم ورغباتهم ،أو انها تعبير عنها،وأن استمراريتها مرتبطة بالظروف التي خلقتها وأن القيم لم تكن مصنوعة بفعل قوة خارقة مسيطرة على هذا العالم وانها غير مفروضة على الناس او خالدة (1) .لذا فهم لا يعتقدون بخلود القيم والمباديء،وانما هي برأيهم مفاهيم تفرضها الضرورات وتزيلها الضرورات اذا تغيرت الظروف.
لقد اسس "روسو" المباديء الاخلاقية على العاطفة وعدّها المرشد الأمين الكافي لتحقيق السعادة .وانتقد بدوره الاخلاق المؤسسة على العقل وعدّها أخلاقاً صناعية نابعة من الحياة الاجتماعية وهي –بدورها –صناعية. (2)
لقد جاءت الفلسفة الطبيعية على النقيض من الفلسفات الاخرى التي غالت في تقديس العقل،والغت طفولة الإنسان ،وجوانبه الوجدانية والعاطفية،وأهملت حرية الإنسان وحقوقه وعدّت الإنسان شريراً عدوانياً،والتربية أداة كبح الشر واعلاء الغرائز،لذا انطلقت فلسفة التربية الطبيعية من فكرة العودة الى الطبيعة فهي خير بيئة يمكن ان يعيش فيها مستغلاً،ذلك ان كل ما هو طبيعي يحمل صفة النقاء والسلامة،لان الطبيعة تخضع لقوانين ثابتة وتوازن داخلي وتحافظ ذاتياً على نفسها دوماً. (3)
وهي بذلك تجد ان للإنسان حرية في اختيار قيمه من البيئة المحيطة به بما ينسجم مع ميوله وتطلعاته ورغباته من اجل العيش بسعادة وبذلك تختلف القيم بأختلاف الطبيعة المحيطة به ومتطلباتها ،فالقيم على وفق ذلك نسبية ومتغيرة.
__________
(1) . الرحيم،احمد حسن:الفلسفة والتربية والحياة،النجف الاشرف،مطبعة الاداب،1977،ص220.
(2) . فرحان،محمد جلوب: المصدر السابق،ص90.
(3) . محمد،احمد علي الحاج:فلسفة التربية،المصدر السابق،ص125.(1/23)
وترى الفلسفة الطبيعية ان الاشياء في ذاتها ليست خيرة او شريرة او صحيحة او خائبة،اذ اننا نصدر هذه الاحكام من واقع تأثيرنا في هذه الاشياء وتأثرنا بها ،فالقيم بهذا المعنى هي عبارة عن احكام يصدرها الإنسان على الاشياء،اي انها تنشق من واقع تفاعلنا مع الاشياء ومن واقع خبراتنا بها في مواقف معينة. (1)
المبحث الثالث:القيم من وجهة نظر الفلسفة الإسلامية :
__________
(1) . السيد،محمد توفيق وآخرون:بحوث في علم النفس،القاهرة،مكتبة الانجلو المصرية،1970،ص118.(1/24)
... يقوم الدين في الفكر العربي الإسلامي على أساس التوحيد وسيادة الإنسان تحت حكم الله والتقاء القيم الروحية مع القيم المادية ، ولقاء القلب والعقل والدنيا والاخرة (1) . والإسلام ، فضلاً عمّا سبقه وعاصره ، ثورة فكرية واخلاقية ، ثورة قيمية ابرزت حقائق واقرت تعاليم ، وهو ثورة إنسانية اذا ما قيست بهمجية الحياة العربية الغابرة ، وضيق الايديولوجيات الدينية السابقة وهذه الثورة الإسلامية الإنسانية تتميز بانها ثورة مستمرة ومستجدة ، اية ذلك اقرارها قيماً إنسانية تضع الإنسان في اسمى منزلة على الارض (2) . فالقيم الإسلامية جاءت من عند الله سبحانه وتعالى وهي ليست مثالية خيالية ، وانما هي قيم تطبيقية عملية يمكن تحقيقها بالجهد البشري في ظل المفاهيم الإسلامية الصحيحة وامكانية غرسها في كل بيئة بغض النظر عن نوع الحياة السائدة فيها ، فهي لا تعارض بل تشجع بالمنطق العقائدي ذاته كل التطور والتقدم وفي المجالات جميعها وتفتح الطريق لاستقبال نتائج الفكر الإنساني والحضارة البشرية (3) . والقيم الإسلامية قيم حية متطورة قادرة على الحركة وصالحة لمختلف البيئات والعصور وذلك لانها استمدت مقوماتها الأساسية من مصدرين أساسين هما القران الكريم والسنة النبوية (4) .
__________
(1) . الجندي،انور : القيم الأساسية للفكر الإسلامي والثقافة العربية ، مطبعة الرسالة ، د.ت، ص281 .
(2) . العوا،عادل: قضايا القيم الأصول والمبادئ :في وقائع المؤتمر الفكري التربوي الإسلامي، المنظمة العربية للتربية والثقافة،تونس،1987.ص229 .
(3) .علاء،صاحب عسكر :المصدر السابق، ص110 .
(4) . الجندي،انور : المصدر السابق ، ص41 .(1/25)
فالبناء الاخلاقي في القران بناء جديد يجعل العقل حكماً وينصب الضمير رقيباً ويحدد هدفه الاسمى وهو السعي لابتغاء مرضاة الله ، ومع ان الإنسان ولد محروماً من المعارف العقلية والحسية جميعها إلا انه زود بملكات قادرة على ان تقدم له ما يتمنى من هذه المعارف (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (النحل:78) . وان الله عندما صاغ نفس الإنسان
وسواها استودعها فكرتي الخير والشر (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) (الشمس:7ـ8) فالإنسان اذن زود ببصيرة اخلاقية وهدى طريقي الفضيلة والرذيلة (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * ولساناً وشفتين * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) (البلد:8ـ10) ونتيجة لامتلاك الإنسان العقل فقد تميز عن سائر المخلوقات بالقدرة على اختيار البدائل اختياراً حراً واعياً،وهذه الحرية الواعية في اختيار العقل هي التي تحدد القيمة الاخلاقية المميزة لافعاله تاكيداً لدور العقل في البناء القيمي للإنسان. (1)
__________
(1) . رضوان،زينب :النظرية الاجتماعية في الفكر الإسلامي ،أصولها وبناؤها في القرآن والسنة،ط1،القاهرة،دار المعارف،1982،ص184-185.(1/26)
ولم يكن الإسلام مثل غيره من الأديان الأخرى –مع احترامنا الشديد لها- ليؤطر تعاليمه بحدود علاقة الإنسان بربه،انما وسع من تلك الدائرة لتمتد الى ميدان علاقة الإنسان بغيره.بما ان تشابك العلاقات الإنسانية،وتعقدها بحاجة الى تنظيم لئلا تتحكم المصلحة الشخصية بها مما يقود الى التضارب،فقد اقام الإسلام الدولة الإسلامية،ودعى معتنقيه اليها وذلك لضمان حماية مصالح المسلمين وتنظيمها.فالدين الإسلامي منظومة متكاملة من التعاليم التي لم تكن لتكتفي بجانب على حساب الجانب الاخر،وفي هذا الصدد يؤكد "علي بيكوفتش" بأن(الإسلام يؤمن بأن الحياة يجب تنظيمها-ليس بالايمان فحسب- ولكن ايضاً بالعلم والعمل الذي تتسع رؤيته للعالم بحيث يستوعب،بل يدعو الى قيام المسجد والمصنع جنباً الى جنب....،ويرى ان الشعوب لا يكفي اطعامها وتعليمها فقط،وانما يجب ايضاً تيسير حياتها،والمساعدة على سموها الروحي). (1)
ولقد حدد رسول الله ( - صلى الله عليه وسلم - )الغاية الاولى من بعثته ، والمنهاج المبين في دعوته بقوله :(انما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) ، فكأن الرسالة التي خطت مجراها في تاريخ الحياة ، وبذل صاحبها –عليه الصلاة واله – جهداً كبيراً في مد اشعاعها وجمع الناس حولها ، لا تنشد اكثر من تدعيم فضائلهم وانارة افاق الكمال إمام اعينهم،حتى يسعوا اليها على بصيرة. (2)
__________
(1) . بيكوفتش،علي عزت:الإعلان الإسلامي،ترجمة محمد يوسف عدس،ط1،القاهرة،دار الشروق،1999.،ص66.
(2) . المشايخي،اركان سعيد خطاب:الفكر التربوي العربي الإسلامي لدى الرازي والنووي وأبن القيم الجوزية،اطرحة دكتوراه،كلية التربية(ابن رشد)،جامعة بغداد،2004،ص110.(1/27)
فمن اهداف الإسلام الأساسية ان يربى الإنسان على الاخلاق الكريمة ويبعده عن الرذائل وسوء الخلق وذلك لان كمال الايمان عند الإنسان المسلم بحسن الخلق فقد ورد عن الإمام جعفر الصادق ( - عليه السلام - ) عن رسول الله ( - صلى الله عليه وسلم - ) انه قال: (إن اكمل المؤمنين ايماناً احسنهم خلقاً). (1) ونحن حين نستقرأ الفكر التربوي الإسلامي ازاء نظرته الى القيم،نجد انه ينظر اليها نظرة تكاملية،اذ يأخذ بالقيم المثالية المستخلصة من الشريعة الإسلامية السمحاء مثل القيم المتعلقة بالتوحيد والتقوى والعمران والسعي لكسب الرزق والحرية والاحسان والكرم والامانة والحلم والصدق.فضلاً عن أخذه بالقيم المادية المرتبطة بواقع الحياة المتسقة مع تراثنا الاجتماعي وهي تلك القيم التي تنظم علاقة الفرد مع نفسه وذلك من قبيل قيم الطهارة والنظافة والمسؤولية الجسمية واشباع الدوافع الاولية والدوافع العقلية من تعلم ونظر وتأمل وتلك التي تنظم علاقة الفرد مع غيره من قبيل قيم الاخوة والالفة والتعارف والتضحية وتحمل المسؤولية والولاء للجماعة والانتماء اليها. ولقد حدد "لطفي بركات" مجموعة من الخصائص المميزة للفكر التربوي الإسلامي وذلك على النحو الآتي:
1. العمق.
2. التأمل الواعي.
3. العمومية والشمول.
4. الواقعية والمثالية.
5. التسامح والحرية.
6. التاثير الاجتماعي.
7. التطابق بين النظرية والتطبيق.
8. احداث التوافق بين الفرد والجماعة.
9. توفير الصحة النفسية والثقافية.
10. تشكيل المباديء والانظمة.
11. انه ذو طبيعة توجيهية وليست تفصيلية.
12. انه ذو طبيعة مستمرة ومتطورة.
13. انه تعبير عن الواقع الاجتماعي. (2)
__________
(1) . الكافي 99:2.وكنز العمال2:3.
(2) . احمد،لطفي بركات:الفكر التربوي الإسلامي،المصدر السابق،ص32-34.(1/28)
وهكذا تعمل التربية الإسلامية على ان يستخدم الإنسان قدراته واستعداداته كلها استخداماً متكاملاً يعني ان (يحدث توازناً بين مادياته ومعنوياته)،اذ ان هدفها الإنسان بكيانه متكاملاً وبطاقاته وقدراته كلها وهي بذلك تعني بالجانب العقلي والروحي والجسمي والخلقي والاجتماعي والجمالي. (1) ويؤكد "عبد المجيد"إن النظرة الإسلامية للقيم تتصف بالكمال، لأنها تنبع من المذهبية الكاملة، لأن مصدرها هو الله عز وجل الذي يعلم خبايا الإنسان والكون وسننه، التي في إطارها يتحرك الإنسان ويمارس وظيفته في الحياة: (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (الملك:14)(يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ)(غافر:19) .فالإسلام الذي حرر الإنسان من عبودية نفسه، ومن الغرور، أمده بالتصور الصحيح، وحدد له الضوابط التي ينبغي أن يقف عندها، إذا هو أراد أن يحترم عقله ونفسه،التي إذا تجاوزها لطيش أو غرور، وقع لا محالة في تناقضات صارخة، وحكم على نفسه بالتيه والدوران في دوامة محرقة. (2)
وعلى ذلك فالإسلام ينظر للمجتمع وحركته واهدافه نظرة شمولية متوازنة ومتكاملة ليصل الى تحقيق اهدافه الاخلاقية والإنسانية فهو لا يميز قيماً على اخرى،اذ انها تنظم وتنسق في ظل توازن وتعادل بين هذه القيم جميعها سواءاً كانت روحية أم مادية أم سياسية أم اجتماعية لتحقيق النمو المتكامل في الشخصية الإسلامية بشكل خاص والمجتمع بشكل عام.
مفهوم القيم الإسلامية:
__________
(1) . بكر،عبد الجواد السيد:المصدر السابق،ص175.
(2) . بن مسعود،عبد المجيد:المصدر السابق،ص82.(1/29)
... لقد وردت كلمة (قيمة) و (قيم) في القرآن الكريم في آيات عديدة منها قوله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)(البينة:5) و قوله تعالى: (فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ)(البينة:3) وقوله تعالى: (ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّم)(التوبة:36) وقوله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا* قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً)(الكهف:1-2) وقوله تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ)(الروم:43) .ومن خلال ملاحظتنا للآيات السابقة نجد أن جميعها جاءت بمعنى الاستقامة والاستواء والعدل والاحسان والحق،وقد أرتبطت في جميع الآيات بالدين.(1/30)
أن مفهوم القيمه لم تكن معروفة بهذه التسمية عند السلف الصالح،فأستعمال هذا المصطلح قد درج على السنة المفكرين في العصر الحديث،بعد أن ترجموه الى اللغة الانكليزية. (1) فقد أهتم علماء المسلمين بموضوع القيم وبحثها على أنها أحكام شرعية تحت مصطلح الفضائل والاخلاق والآداب،ولا يخلو كتاب حديث أو فقه أو تفسير من الاشارة الى هذا الموضوع،بل كتبت مؤلفات كثيرة بهذا الخصوص منها على سبيل المثال كتاب تهذيب الاخلاق وتطهير الاعراق لأبن مسكويه وكتاب الأخلاق لمحي الدين بن عربي وتسع رسائل في الحكمة والطبيعيات لأبن سينا وكتاب شعب الايمان للبيهقي وكتاب أحياء علوم الدين للإمام الغزالي،وقد خصص بعضهم لذلك أبواباً خاصة كما فعل الإمام البخاري في صحيحه اذ جعل للقيم باباً خاصاً تحت عنوان كتاب (الآداب).وقد أورد علماء المسلمين تقسيمات وتفصيلات عديدة لهذه القيم فقد ذكر أبن سينا أن أصول الفضائل:العفة،والشجاعة،والحكمة والعدالة. (2) في حين ذكر أبن حزم ان أصول الفضائل كلها أربعة،عنها تتركب كل فضيلة وهي:العدل،والفهم،والنجدة،والجود. (3) أما الغزالي فأنه قال: (اذا صلحت قوة العلم حصل منها ثمرة الحكمة،وحسن القوة الغضبية وأعتدالها يعبر عنه بالشجاعة،وحسن قوة الشهوة وأعتدالها يعبر عنه بالعفة) (4) .
__________
(1) . عسكر،علاءصاحب:المصدر السابق،ص199.
(2) . بن سينا،الحسين بن عبد الله: تسع رسائل في الحكمة والطبيعيات(الرسالة التاسعة في علم الأخلاق) ،ط1،دار الجوائب،1298هـ،ص107.
(3) . الأندلسي،ابن حزم:رسائل ابن حزم،تحقيق الدكتور أحسان عباس،ط1،منشورات المؤسسة العربية للدراسات والنشر،1980،ج1،ص379.
(4) . الغزالي،ابو حامد:أحياء علوم الدين،كتاب الشعب،القاهرة،دار الشعب،دت،1436:8.(1/31)
وفضلاً عن محاولات علماء المسلمين القدماء في توضيح معنى القيم وتقسيماتها ،هناك محاولات عصرية متعددة قام بها بعض الباحثين التربويين المسلمين لتحديد مفهوم القيم الإسلامية وتعريفها منها:
1. عرفها الرفاعي 1980 بأنها: (مجموعة من المباديء والقواعد والمثل العليا التي نزل بها الوحي والتي يؤمن بها الإنسان ويتحدد سلوكه في ضوئها وتكون مرجع حكمه في كل ما يصدر عنه من أفعال وأقوال وتصرفات تربطه بالله والكون). (1)
2. عرفها قمحية1984 بأنها: (مجموعة الاخلاق التي تصنع نسيج الشخصية الإنسانية وتجعلها متكاملة،قادرة على التفاعل مع أفراد المجتمع،والعمل من أجل النفس والاسرة والعقيدة). (2)
3. عرفها فرحان و مرعي 1988 بأنها: (موجهات ودوافع للسلوك،لها جانب معرفي وسلوكي،وهي آلهية المصدر وتهدف الى أرضاء الله دائماً). (3)
4. عرفها الريان 1991 بأنها: (معيار نابع من الشرع وينبثق من العقيدة الإسلامية ليحدد سلوك الافراد،تجاه الاشخاص،والافعال،ويكون محل التزام من الجميع). (4)
__________
(1) . الرفاعي،عبد الرحيم:القيم الأخلاقية في التربية الإسلامية من واقع منهج المدرسة الابتدائية العامة،رسالة ماجستير،كلية التربية ،جامعة طنطا،القاهرة،1980.،ص15.
(2) . قمحية،جابر:المدخل إلى القيم الإسلامية،القاهرة،دار الكتاب المصري،1984،ص41.
(3) . فرحان،أسحق وتوفيق مرعي:اتجاهات المعلمين في الأردن نحو القيم الإسلامية في مجال العقائد والعبادات والمعاملات كما حددها الإمام البيهقي:مجلة أبحاث اليرموك،سلسلة العلوم الإنسانية والاجتماعية،مجلد44،عدد 2،1988،ص97.
(4) . الريان،محمد هاشم:أساليب تدريس القيم والمفاهيم،مركز التدريب التربوي،الأردن،وزارة التربية،1991،ص655.(1/32)
5. عرفها شومان 1993 بأنها: (القيم النابعة من الشريعة والمنبثقة من العقيدة الإسلامية والمرتبطة بمصادر التشريع الإسلامي التي تكون محل التزام وأحترام من قبل الفرد والمجتمع). (1)
6. عرفها القيسي 1995 بأنها: (مجموعة من المثل العليا والغايات والمعتقدات والتشريعات والوسائل والضوابط والمعايير لسلوك الفرد والجماعة مصدرها الله عز وجل). (2)
7. عرفها الدرابسة 2001 بأنها: (مجموعة من المعايير والغايات النابعة عن العقيدة الإسلامية،التي توجه سلوك الفرد والمجتمع،تهدف الى ارضاء الله تعالى،للحكم على الافكار والاشخاص والانماط السلوكية والمواقف الفردية والجماعية من حيث حسنها وقبحها والرغبة والالتزام بها لما لها من القوة والتاثير عليهم). (3)
8. عرفها عسكر2002 بأنها: (مجموعة المعايير والمباديء الموجه لسلوك الفرد المسلم الظاهر والباطن لتحقيق غايات خيرة مستوحاة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة). (4)
تصنيف القيم :
... ان ترتيب القيم داخل السلم القيمي يتباين من فلسفة لاخرى ومن وقت لاخر ، وذلك لان القيم في حقيقة الامر تعكس الواقع الاجتماعي السائد ، وعليه فان فئات القيم الإنسانية تتنوع في البناء الواحد ويعزى السبب في ذلك الى تباين الاهتمامات والمصالح الروحية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية وكذلك الى اختلاف تفضيلات الافراد انفسهم وتباين احكامهم التقديرية والواقعية لمظاهر النشاط الاجتماعي. (5)
__________
(1) . علي سعيد شومان:المصدر السابق،ص11.
(2) . القيسي،مروان:المنظومة القيمية الإسلامية كما تحددت في القرآن والسنة الشريفة:مجلة دراسات العلوم الإنسانية،مجلد422،ملحق6.،ص3223.
(3) . الدرابسة،محمد عبد الله:المصدر السابق،ص21.
(4) .علاء صاحب عسكر:المصدر السابق،ص23.
(5) فرج،محمد سعيد: البناء الاجتماعي والشخصي،الإسكندرية،دار المعرفة،1989، ص394.(1/33)
والقيم تتعدد وتختلف نتيجة لاختلاف الفلسفات ، الا ان تعددها يطرح موازنة بعضها ببعض مفهومين بينهما تشابه وتباين معاً وهما مفهوما التسلسل والتصنيف ، فالتسلسل يدل على ترتيب مواضيع او مفاهيم واخضاع بعضها لبعض على نحو يؤلف سلسلة يكون كل حد فيها اعلى مما يسبقه وذلك حسب معيار ينضدها . اما التصنيف فانه يدل على توزيع عناصر بين فئات مختلفة ( زمر او طبقات ) بحسب احتوائها ، او عدم احتوائها ، على سمة او عدة سمات ينظر اليها بوصفها كواشف . وقد يطلق لفظ التصنيف على حصيلة هذا التوزيع . ويبقى من الثابت ان كلاً من التسلسل والتصنيف ، تنضيد وترتيب ، ولكن أساس التسلسل اومعياره قد يكون - تصاعدياً اي من الادنى نحو الاعلى – او تنازلياً في المنحنى المعاكس . اما التصنيف فانه ترتيب بحسب كاشف هو الخاصة الطبيعية او الاصطلاحية التي توزع الفئات بحسب اتسامها به او عدم اتسامها. (1)
ويرى الكثير من العلماء والباحثين الذين تعرضوا لدراسة القيم انه من العسير تصنيفها تصنيفاً شاملاً يتم الاتفاق عليه من الجميع ، الا ان ذلك لم يمنعهم من المحاول لتصنيف القيم في ابعاد مختلفة ، كل بحسب المنظور الذي ينظر به والفلسفة التي يؤمن بها والايديولوجية التي يدعوا اليها ، لذا ظهرت تصنيفات عديدة للقيم من اهمها هي :
اولاً : على أساس بعد المحتوى
... هناك محاولات مختلفة لتقسيم القيم من حيث محتواها ، الا ان ابرزها كان التصنيف الذي قدمه " سبرانجر " في كتابه انماط الرجال الذي قسم فيه القيم الى ستة انماط هي :
1- القيم النظرية :
__________
(1) العوا،عادل : قضايا القم الأصول والمبادئ،المصدر السابق، ص221.(1/34)
... ويعبر عنها في اهتمام الفرد وميله الى اكتشاف الحقيقة ، فيتخذ اتجاهاً معرفياً من العالم المحيط به ، ويسعى وراء القوانين التي تحكم هذه الاشياء بقصد معرفتها ، ويتميز الاشخاص الذين تسود عندهم هذه القيمة بنظرة موضوعية نقدية معرفية تنظيمية. (1)
2- القيم الاقتصادية :
ويقصد بها اهتمام الفرد وميله الى ما هو نافع ، وهو في سبيل هذا الهدف يتخذ من العالم المحيط به وسيلة للحصول على الثروة وزيادتها عن طريق الانتاج والتسويق واستهلاك البضائع واستثمار الاموال . ولذلك نجد ان الاشخاص الذين تتضح فيهم هذه القيم يمتازون بنظرة عملية تقوم الاشياء والاشخاص تبعاً لمنفعتها ، لذا فهم يكونون عادة من رجال الاعمال والمال. (2)
3- القيم الجمالية :
ويعبر عنها من خلال اهتمام الفرد وميله الى كل ما هو جميل من ناحية الشكل ، لذا فهو ينظر الى العالم المحيط به نظرة تقدير على أساس التكوين والتنسيق والتوافق الشكلي . وهذا لا يعني ان الذين يمتازون بهذه القيم ان يكونوا فنانين بالضرورة ، بل ان بعضهم لا يستطيع الابداع الفني وانما يقتصر على تذوق النتاجات الفنية فحسب. (3)
4- القيم الاجتماعية :
ويقصد بها اهتمام الفرد بالآخرين ويسعى إلى مساعدتهم وابداء المعونة متى ما تطلب الامر ذلك ، لانه يجد في ذلك متعة واشباع لرغباته ، وهو ينظر الى غيره من الناس على انهم غايات ، وليسوا وسائل لغايات اخرى ، لذا فالذين يحملون هذه القيم يتصفون بالعطف والحنان والايثار والتضحية. (4)
5- القيم السياسية :
__________
(1) . بكر،عبد الجواد السيد : فلسفة التربية الإسلامية في الحديث الشريف ، المصدر السابق ، ص85 .
(2) . ذياب، فوزية: القيم والعادات الاجتماعية مع بحث ميداني لبعض العادات الاجتماعية ، بيروت ، دار النهضة العربية ، 1980، ص74.
(3) ذياب، فوزية: نفس المصدر، ص75 .
(4) بكر ،عبد الجواد السيد: المصدر السابق،ص85 .(1/35)
ويقصد بها اهتمام الفرد وميله للحصول على القوة ، لذا فالاشخاص الذين يحملون هذه القيم يتصفون بحب السيطرة والتحكم في الاشياء والاشخاص من خلال قيادتهم في نواحي الحياة المختلفة وتوجيههم والتحكم في مصائرهم ، حتى وان لم يكونوا من رجال الحرب او السياسة. (1)
6- القيم الدينية :
يهتم حامل هذه القيم في معرفة ما وراء هذا العالم الظاهري واصل الإنسان ومصيره والطبيعة الإنسانية والوجود ويرى ان هناك قوة تسيطر على العالم الذي يعيش فيه . وهو يحاول ان يربط نفسه بهذه القوة بصورة ما ،الا ان هذا لا يعني ان الذين يمتازون بهذه القيم هم من النساك الزاهدين. (2)
ثانياً : على أساس بعد المقصد .
تنقسم القيم من حيث المقصد على قسمين هما :
1- قيم وسائلية :
وهي تلك القيم التي ينظر اليها الافراد والجماعات على انها وسائل لغايات ابعد ، فالحرب في نظر الرجل العسكري ذات قيمة وسائلية ، لانها وسيلة تكسبه الترقي في المنصب والفخر والشرف بنجاحه وجهاده .
2- قيم غائية او هدفية :
... ويقصد بها الأهداف والفضائل التي يضعها الافراد والجماعات ويسعون الى تحقيقها من خلال وسائل معينة مثل الصحة التي تعد غاية في حد ذاتها كذلك حب البقاء ، وقد تستخدم بعض القيم الوسائلية لتحقيق قيم غائية كالعملية الجراحية قيمة وسائلية للمريض من اجل حفظ حياته او اطالة بقائه. (3)
ثالثاً : على أساس بعد الشدة .
تختلف القيم من حيث شدتها اختلافاً كبيراً ، وتقدر شدة القيم بدرجة الالزام التي تفرضها ، وبنوع الجزاء الذي تقرره وتوقعه على من يخالفها ، ويمكن ان نميز ثلاثة مستويات لشدة القيم والزامها وهي :
1- القيم الملزمة :
__________
(1) .ذياب،فوزية : المصدر السابق، ص75 .
(2) ذياب،فوزية : المصدر السابق ، ص75 .
(3) .بكر،عبد الجواد السيد : المصدر السابق ، ص86 .(1/36)
... وهي القيم التي تتصل اتصالاً وثيقاً بالمبادي التي تساعد على تحقيق الانماط المرغوب فيها والتي تصطلح عليها الجماعة في تنظيم سلوك افرادها من الناحية الاجتماعية والعقائدية والخلقية . وتكون القيم الملزمة ذات قدسية ويرعى المجتمع تنفيذها بقوة وحزم سواء عن طريق العرف وقوة الراي العام او عن طريق القانون والعرف معاً ومن ذلك مسؤولية الاب نحو اسرته والقيم التي ترتبط بتحديد حقوق الفرد ووقايتها من العدوان من الغير. (1)
2- القيم التفضيلية :
... وهي القيم التي لا يلزم المجتمع افراده على التمسك بها وانما يشجعهم عليها ، اذ ليس لها من القدسية والاتصال العميق بالمصلحة العامة للجماعة ما للقيم الامرة الناهية . وامثلة ذلك قيم اكرام الضيف ورعاية الجار وزواج الاقارب وغيرها من القيم التي لا يتطلب لمن يخالفها العقاب الصارم الحاسم الصريح.
3- القيم المثالية :
... وهي القيم التي يجد الناس صعوبة تحقيقها بصورة كاملة ، رغم انها تؤثر بشكل قوي في توجيه سلوك الافراد مثل القيم التي تؤكد المساواة التامة بين افراد المجتمع. (2)
رابعاً :- على أساس العمومية .
يمكن تقسيم القيم من حيث شيوعها وانتشارها على قسمين هما :
1- قيم عامة :
... وهي القيم التي تنتشر في المجتمع كله بغض النظر عن ريفه وحضره وطبقاته وفئاته المختلفة . ويتوقف هذا الانتشار على مدى التجانس داخل المجتمع من حيث احواله الاقتصادية والظروف المعيشية ، لذا فان هذه القيم تكثر في المجتمعات التي دأبت على اذابة الفوارق بين الطبقات .
2- قيم خاصة :
وهي القيم المتعلقة بمناطق محدودة ، او بطبقة او جماعة خاصة او بمواقف او مناسبات اجتماعية معينة مثل اخراج الزكاة في اواخر شهر رمضان والاحتفال بيوم عاشوراء في شهر محرم. (3)
خامساً : على أساس بعد الوضوح .
__________
(1) .ذياب،فوزية : المصدر السابق ، ص80 .
(2) . بكر ،عبد الجواد السيد: المصدر السابق، ص86 .
(3) . ذياب،فوزية : المصدر السابق ، ص83 .(1/37)
تنقسم القيم من حيث وضوحها على نوعين :
1- القيم الظاهرة الصريحة :
وهي قيم التي يصرح بها ويعبر عنها بالكلام ، وقد تكون هذه القيم غير حقيقية لان العبرة في القيم ليست بالكلام المنطوق بل بالعمل والسلوك الفعلي ، اذ لا يكفي ان يقول شخص بلسانه ، انه وطني مثلاً ، من دون ان يبادر الى حمل السلاح والنزول الى ساحة المعركة لاثبات ذلك . ولو ان مجاهداً قذف بنفسه الى المعركة مضحياً بحياته في سبيل الذود عن وطنه ، دون ان يعلن بانه وطني ، لحكمنا عليه دون شك بان القيمة الوطنية مفضلة عنده على كل شي اخر.
2- القيم الضمنية :
وهي تلك القيم التي تستخلص ويستدل على وجودها من ملاحظة الاختبارات والاتجاهات التي تتكرر في سلوك الافراد بصفة منمطة لا بصفة عشوائية ، ويرى " لابيير " ان القيم الضمنية هي في الغالب القيم الحقيقية ، لانها هي القيم التي يحملها الإنسان مندمجة في سلوكه. (1)
سادساً : على أساس بعد الدوام .
تصنف القيم من حيث دوامها على نوعين :-
1- القيم العابرة :
وهي القيم الوقتية العارضة القصيرة الدوام السريعة الزوال مثل القيم المرتبطة بالموضة ، وهي قيم تتعلق بالحاضر ولا تتصل بالماضي ، واكثر من يحمل هذه القيم هم المراهقون والناس السطحيون .
2- القيم الدائمة :
وهي القيم التي تتصف بالديمومة والبقاء لمدد طويلة ، والديمومة هنا نسبية ومن هذه القيم ، القيم المتعلقة بالعرف والتقاليد ، لذلك هذه القيم على العكس من القيم العابرة من حيث ارتباطها بالماضي واتصافها بالقداسة والالزام لانها تمس الدين والاخلاق كما تمس الحاجات الضرورية للناس. (2)
تصنيف القيم الإسلامية :
1- تصنيف الهاشمي وعبد السلام 1980
__________
(1) . ذياب،فوزية: المصدر السابق،ص87-89 .
(2) . مرعي،توفيق واحمد بلقيس : الميسر في علم النفس الاجتماعي ،عمان ، دار الفرقان للنشر والتوزيع ، 1984، ص233 .(1/38)
صنف كل من الهاشمي وعبد السلام حسب ما ورد في ندوة خبراء التربية الإسلامية ، القيم الإسلامية على أساس النظرة الإسلامية للإنسان وقسموها على أقسام ثلاثة هي: قيم متصلة بعلاقة الإنسان بربه ، وقيم متصلة بعلاقة الإنسان مع نفسه ،وقيم متصلة بعلاقة الإنسان مع الاخرين ، وقد تم تحديدها في ست ابعاد هي :
أ . البعد الروحي : ويشمل ، التوحيد ، الصلاة ، التقوى ، الخشية ، الرجاء .
ب . البعد البيولوجي : ويشمل ، رعاية الجسم ، قوة الجسم ، الاشباع ، عمران الحياة ، السعي للرزق .
ت . البعد العقلي : ويشمل النشاط ، التفكير ، التعلم ، التعليم .
ث . البعد الانفعالي : ويشمل ، المحبة ، الرضا ، الامل ، الاعتدال .
ج . البعد الاجتماعي : ويشمل ، الاخوة ، الدعوة ، المعاملة ، المسؤولية ، التعاون.
ح . البعد السلوكي : ويشمل ، الاحسان ، الامان ، الصدق . (1)
2- تصنيف عبد الغفور 1982
صنف عبد الغفور القيم الإسلامية الى قسمين هما :
أ . قيم عقائدية : وتتمثل في الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر خيره وشره .
ب . قيم خلقية : وتتمثل في الصدق ، الامانة ، التسامح ، العفو ، الامر بالمعروف والنهي عن المنكر... الخ. (2)
3- تصنيف أبو العينين 1988
صنف ابو العينين القيم في القران الكريم إلى الفئتين الآتيتين :
اولاً : القيم الروحية : وتتمثل في الايمان بالله تعالى والوحدانية واخلاص العبودية لله سبحانه وتعالى .
ثانياً : وقد قسمها على القسمين الآتيين :
__________
(1) .الهاشمي،عبد الحميد وفاروق عبد السلام : البناء القيمي للشخصية كما ورد في القران الكريم ، بحوث ندوة خبراء أسس التربية الإسلامية ، ط2 ، مكة المكرمة ، مركز البحوث التربوية والنفسية.، ص116 .
(2) .عبد الغفور ،منصور: دراسة تحليلية للقيم البيئية لدى المراهقين من طلاب التعليم العام والازهري واثر ذلك على مستوى القلق ،رسالة ماجستير ، القاهرة كلية التربية ، جامعة اسيوط ،ص55.(1/39)
أ .قيم فردية : وهي القيم المتعلقة بالفرد ، وتشتمل على
- قيم عقلية : مثل العلم والحق في حياة الإنسان .
- قيم اخلاقية : وتشتمل على قيمة التقوى ومصدر هذه القيم من عند الله تعالى .
- قيم نفسية : وهي التي تعكس فكرة الإنسان عن ذاته .
- قيم مادية : وهي القيم الخاصة بالاشياء المادية مثل الطعام واللباس وغيرها .
- قيم جمالية : وهي التي تصور تقدير الإنسان للجمال مثل جمال الكون وجمال الإنسان .
ب. قيم اجتماعية : وهي القيم المتعلقة بعلاقة الفرد بغيره من الافراد كالزواج والعلاقات الاسرية والمساواة والاحترام وغيرها. (1)
4. تصنيف السويدي 1989
... صنفت السويدي القيم الى ثلاثة محاور رئيسة هي:
أ . قيم تنظم علاقة الإنسان بخالقه،وتتمثل بالايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره،وبمحبة الله تعالى والرجوع أليه والتوبة له والخشية منه والتوجه اليه بالعبادة الخالصة.
ب . قيم تنظم علاقة الإنسان مع نفسه،وتتمثل في الطهارة والنظافة وتحمل المسؤولية والتعلم والاحتشام.
ت . قيم تنظم علاقة الإنسان بغيره،وتتمثل بقيم الاخوة والايثار والتضحية وحسن الخلق والتعاون والرحمة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر. (2)
5. تصنيف هندي وآخرين 1990
... صنف هندي وآخرون القيم الى سبعة ابعاد هي :
- البعد الجسمي:ويتمثل بالعناية بالجسم من حيث الصحة الجسمية والرياضة وتناول الغذاء الجيد.
- البعد العقلي:ويتمثل بنمو عقل المتعلم والكشف عن استعداداته وأنمائه وأكسابه مهارات عقلية على التفكير السليم والتذكر.
- البعد الاخلاقي:ويشتمل على الايثار والشجاعة وحب الناس والتضحية.
__________
(1) . أبو العينين،علي خليل:القيم الإسلامية والتربية،المدينة المنورة،مكتبة ابراهيم الحلبي،1988.،ص72.
(2) . السويدي،وضحة:تنمية القيم الخاصة بمادة التربية الإسلامية لدى تلميذات المرحلة الإعدادية بدولة قطر،برنامج مقترح،ط1،الدوحة،دار الثقافة،1989.ص79.(1/40)
- البعد الانفعالي :ويشتمل على الحب والكره والغضب.
- البعد الاجتماعي:ويشتمل على القيم التي يكتسبها الفرد من خلال احتكاكه بالمجتمع الذي يعيش فيه.
- البعد الديني:ويشتمل على التوحيد واخلاص العبودية لله .
- البعد الجمالي:ويهتم بتذوق الفرد للجمال. (1)
6. تصنيف شومان 1993
... صنف شومان القيم التربوية الإسلامية الى ستة أصناف هي :
أ . قيم العقيدة:تتعلق بتوحيد الله وربوبيته.
ب . قيم تشريعية:تتعلق بقضايا اليتامى والانفاق وغيرها.
ت . قيم اجتماعية:تتعلق بنظرة الجاهليين الى البنت ومعاملتهم لها بصورة تختلف عن الابن .
ث . قيم سياسية:تتعلق بالعهود والمواثيق وغيرها.
ج . القيم العلمية:وهي القيم التي تتعلق بالسؤال عن الظواهر الطبيعية وتفسيرها،مثل سير الجبال وحركة الكواكب.
ح . القيم الاخلاقية:وتشمل العدل والشورى والحرية والطاعة. (2)
7. تصنيف الدليمي 1995
... صنفت الدليمي الأهداف القيمية للفكر التربوي العربي الإسلامي الى خمسة اصناف هي:
أ . الهدف القيمي الايماني :ويعني الغاية التي تؤدي الى ترسيخ القيم الايمانية العقائدية التربوية الإسلامية والتمسك بها وتضم القيم الاتية:الايمان ،التقوى،العبادة ،الاستعانة،الاستغفار.
ب . الهدف القيمي الاخلاقي:وتعني الغاية التي تؤدي الى ترسيخ القيم الاخلاقية الإسلامية والتمسك بها وتضم القيم الاتية:الصدق،العدل،الحق،الاستقامة،التوبة،الامانة،الطاعة.
ت . الهدف القيمي الاجتماعي : ويعني الغاية التي تؤدي الى ترسيخ القيم الاجتماعية التربوية الإسلامية والتمسك بها ، وتضم القيم الاتية : العدالة ، الاحترام ، حب الاهل ، التقدير ، صلة الرحم .
__________
(1) . هندي،صالح وآخرون:المصدر السابق،ص27.
(2) . شومان،علي سعيد:المصدر السابق،ص48.(1/41)
ث . الهدف القيمي الاقتصادي : ويعني الغاية التي تؤدي الى ترسيخ القيم الاقتصادية التربوية الإسلامية والتمسك بها ، وتضم القيم الاتية : اللااسراف ، حسن التوزيع ، العمل ، الاصلاح.
ج . الهدف القيمي العسكري :ويعني الغاية التي تؤدي الى ترسيخ القيم التربوية الجهادية وتضم القيم الاتية :حسن الاعداد للحرب ، حفظ دين الله ، النصر. (1)
8.تصنيف الحياري 1999
... صنف الحياري القيم الى قسمين هما:
أ . قيم ألهية المصدر: وهي القيم التي يعتمد بشكل مباشر وقوي على علم ثابت الدلالة ولا يستطيع ان يصل اليه الإنسان عن طريق قدراته الذاتية مهما بلغ من درجاته العلمية،فلا بد من الاعتماد على ما جاء من عند الله سبحانه وتعالى ،مثل قيمة خلق الإنسان وقيمة الحياة الدنيا وقيمة التضحية بالمال.
2. قيم مصدرها الإنسان: إذ يستطيع الإنسان ان يصل الى القيمة الحقيقية لهذه القيم وما تدر عليه من فوائد من خلال قدراته الذاتية وأساليبه العلمية وتقنياته البحثية ويندرج تحت هذا النوع جميع القيم المادية. (2)
9. تصنيف الدرابسة 2001
... صنف الدرابسة القيم الإسلامية والمستمدة من القرآن الكريم والاحاديث النبوية الشريفة الى تسعة أقسام هي:
1- القيم العقائدية :وتشمل مايأتي
- الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر.
- الايمان بالقضاء والقدر خيره وشره.
2- القيم التعبدية: وتشمل الصلاة،الصوم،الزكاة،الحج،الجهاد....وغيرها
3- القيم الاخلاقية:وتشمل آداب المعاملة،الصدق،الكرم،التسامح،الامانة....وغيرها.
__________
(1) . الدليمي،نوال إبراهيم:الفكر التربوي في وصايا الخلفاء العباسيين )العصر الأول 132-218) دراسة تحليلية،أطروحة دكتوراه،كلية التربية(ابن رشد)،،جامعة بغداد،1995،ص330 .
(2) . قحطان،فائزة عبد الله:القيم التربوية الممارسة لدى طالبات جامعة تعز في الجمهورية اليمنية،رسالة ماجستير،كلية التربية،جامعة اليرموك،2002،ص27.(1/42)
4- القيم الاجتماعية:وتشمل التكافل،صلة الرحم،التعاون،حب الناس،الصداقة....وغيرها.
5- القيم الفردية:وتشمل الاتزان الانفعالي،الصبر،تقدير الذات،الثقة بالاخرين،تحمل المسؤولية...وغيرها.
6- القيم المعرفية:وتضم طلب العلم ،نشر العلم،آداب الحوار،تقدير العقل،المنهجية العلمية...وغيرها.
7- القيم السياسية:وتشمل الحكم بما انزل الله ،العدل، المساواة ،الحرية،الديمقراطية والشورى....وغيرها
8- القيم الاقتصادية:وتضم الكسب الحلال والتنمية،تقدير العمل،اتقان العمل،التخطيط،المحافظة على المال العام.
9- القيم الترويحية والبيئية:وتضم تذوق الفنون،الترويح البدني والهوايات الهادفة،الاهتمام بالبيئة. (1)
10. تصنيف قحطان 2002
... صنف قحطان القيم الى اربعة اقسام هي :
أ . القيم الفكرية والعقدية:وهي القيم التي تعبر عن وحدانية الله سبحانه وتعالى وعن عبودية الإنسان له،انطلاقاً من الايمان بالله،وملائكته،وكتبه،ورسله،واليوم الآخر والخلود وتعبر عن الاهتمام بالفرد وميوله ورغباته وتطلعاته الى العلم والمعرفة.
ب . القيم الاجتماعية :وهي القيم التي تهتم بالفرد وميله نحو المجتمع والتضحية من اجله والعمل على تحقيق السعادة للاخرين.
ت . القيم الاقتصادية:وهي التي تعبر عن اهتمام الفرد وميله الى ما هو نافع ومفيد،والاهتمام بزيادة الانتاج وعمليات التسويق وأستثمار الاموال.
ث . القيم الجمالية:وهي التي تعبر عن اهتمام الفرد وميله الى ما هو جميل من ناحية الشكل،والنظر الى العالم المحيط به نظرة تقديرله من ناحية التكوين والتنسيق والانسجام والتوافق الشكلي والاهتمام بالبيئة ونظافتها. (2)
خصائص القيم الإسلامية :
__________
(1) . الدرابسة،محمد عبد الله:المصدر السابق،ص290.
(2) . قحطان،فائزة عبد الله:المصدر السابق،ص27-28.(1/43)
... للقيم الإسلامية خصائص عدة تميزها عن القيم في الفلسفات والمجتمعات الاخرى وذلك لانها نابعة من الإسلام بمصادره الرئيسة القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، اذ ان الاطار القيمي في الإسلام يمتاز بخصائص منفردة تميزه عن الديانات الاخرى السماوية وغير السماوية ، فهو كل متكامل يجمع في اطار منسق جميع مشتملاته من عقيدة وعبادات ومعاملات وتشريعات وتوجيهات فاوامر ونواهي وتوجيهات للاخلاق وللاداب العامة وهذه تجتمع في كل متكامل متناسق مترابط فكرياً ومنطقياً. (1)
والدين الإسلامي يهدف الى تربية الذات الإنسانية ، فهذه الذات هي محور نشاط التربية الإسلامية والتي بها تتشكل ذات الإنسان المسلم ( الشخصية المسلمة ) ، كما ارادها الإسلام ، وفي الحديث الشريف ، يقول البخاري : ( كتبت عن الف وثمانين رجلاً ليس فيهم الا صاحب حديث ، كلهم يقول : الايمان قول وعمل). (2)
فالايمان ما وقر في القلب وصدقه العمل ، لذا يبغي الإسلام تحقيق الصلة القوية بين العبادة والسلوك وبين العقيدة والعمل وبين الدنيا والاخرة .
ومن خلال ما ذكر سابقاً يمكن القول ان القيم الإسلامية اتصفت بخصائص عدة هي:-
1- الهية المصدر ( ربانية ):
__________
(1) سلطان، محمود السيد: مفاهيم تربوية واسلامية ، ط1 ، الرياض ، دار المريخ للنشر ، 1982، ص24 .
(2) . البخاري،أبو عبد الله محمد بن إسماعيل : صحيح البخاري ، دار ومطابع الشعب ، 1378هـ.، ج1، ص2 .(1/44)
فقد اتخذت هذه القيم منطلقها من القران الكريم والسنة النبوية الشريفة ، وكذلك اجتهاد العلماء والفقهاء باختلاف مدارسهم وعصورهم معتمدين على هذين المنطلقين . اذ يعد القران الكريم والسنة المطهرة الأساسيين اللازمين للحديث والبحث عن القيم الإسلامية ، اما المصادر الاخرى كالاجماع والقياس فيجب أن تكون مستندة على المصدرين الرئيسيين ولا تناقضهما ، وتاتي القيم الإسلامية في صورة امر بالفعل او امر بالترك ، وهي تحدد توجهات الإنسان في حياته حيال الاشياء والمواقف تاركة له مساحة من الاختيار . (1)
إنّ القيم تمثل ـ في نظر الإسلام ـ ظاهرة كونية لا يمكن نفيها. فنفي القيم لا يتم إلا باسم قيم أخرى. لقد أراد نيتشه (Nietgache) مثلا أن يحطم قائمة القيم القديمة ولكنه وضع قائمة بديلة، فالقيم تستمد حقيقتها من كونيتها هذا من جهة، ومن جهة اُخرى فإنّ الإنسان ينزع إلى عدّ القيم قيماً كونية، فالإنسان لا يلتزم بقيم يؤمن بأنها ستتغير، أو أنها قيم بالنسبة لهذا الفرد دون الآخر، فكونية الإنسان من حيث هو خليفة الله في الأرض(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ)(البقرة:30) تلازمها كونية القيم. (2)
2- التوازن والوسطية :
__________
(1) . فرحان،اسحق وتوفيق مرعي : المصدر السابق، ص98 .
(2) . الصدر،محمد باقر:الإسلام يقود الحياة، فصل خلافة الإنسان وشهادة الأنبياء،شبكة الشيعة الإسلامية،ص129 ـ 172.(1/45)
تقوم القيم الإسلامية على ان يستخدم الإنسان قدراته واستعداداته كلها استخداماً متكاملاً ومتوازناً بين مادياته ومعنوياته اذ ان القيم الإسلامية لا تقوم على تنمية جانب على حساب جانب اخر في الفرد المسلم بل تقوم على نظرة متكاملة للطبيعة الإنسانية وعن سلامة الفهم الموضوعي والعميق الصادق لخصائص الإنسان والمجتمع والثقافة والمعرفة البشرية. (1)
__________
(1) . الدليمي،نوال إبراهيم : القيم السائدة في كتب التربية الإسلامية للمرحلة الإعدادية ، رسالة ماجستير ،كلية التربية(ابن رشد) ، جامعة بغداد، 1989، ص40 .(1/46)
إذ دعا الإسلام الإنسان المسلم بان يحدث توازناً بين مطالب المادة والروح وبين مطالب الفرد والمجتمع اذ قال سبحانه وتعالى : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) (الاسراء:29) كما دعت القيم الإسلامية الى احداث توازن ما بين مطالب الحياة الدنيا والاخرة ، اذ قال الإمام علي ( - عليه السلام - ) :( اعمل لدنياك كانك تعيش ابداً واعمل لاخرتك كانك تموت غداً ) .وبذلك يطالب الإسلام الإنسان المسلم بان لا يطغى عنده جانب على الجانب الاخر قال سبحانه وتعالى : (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)(القصص:77) . ومن خلال ذلك نلاحظ ان وسطية القيم الإسلامية وسطية انتقائية لا تلفيقية ، فقد عمد الإسلام الى القيم الجيدة عند العربي فابقاها وضبطها ، واضاف اليها وزود الإنسان بقيم ليعيش عالمه المادي والمعنوي في توازن دقيق ، وزوده بقيم تهتم بالفرد ، كما تهتم بالجماعة ، كما وازن بين الدنيا والاخرة ، والقوة والرحمة والبخل والكرم ...الخ ، وبهذا كانت هذه القيم معبرة تعبيراً صحيحاً من الفطرة البشرية والطبيعة الإنسانية في واقعية كاملة . (1)
3- الشمول والعمومية :
__________
(1) . دراز،محمد عبد الله : دراسات اسلامية في العلاقات الاجتماعية والدولية ، الكويت ، دار القلم ، 1980 ، ص126 .(1/47)
القيم الإسلامية قيم شاملة لمناحي الحياة جميعها، فهي لا تهتم بجانب على حساب الجانب الاخر اذ يقول (صلى الله عليه وآله): ( بايعوني على ان لا تشركوا بالله شيئاً ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا اولادكم ولا تاتوا ببهتان تفترونه بين ايديكم وارجلكم ولا تعصوا في معروف فمن وفي منكم فاجره على الله ، ومن اصاب من ذلك شيئاً ثم ستره الله فهو الى الله ان شاء عفا عنه وان شاء عاقبه ، فبايعناه على ذلك ). (1) ، فالقيم الإسلامية قيم شاملة وصالحة لكل زمان ومكان وإنسان ، ومستمدة هذه الشمولية والصلاحية من شمولية الدين الإسلامي ومبادئه .
4- الايجابية :
__________
(1) . البخاري،أبو عبد الله محمد بن إسماعيل :صحيح البخاري ، المصدر السابق ، ج1،ص11 .(1/48)
الإيجابية تعني الدعوة الى فعل الخير والنهي عن فعل المنكر ، فالدين الإسلامي دين خير يؤدي بمعتنقيه الى سعادة الدنيا والاخرة ، وهو نعمة من نعم الرب على الإنسانية اذ قال سبحانه وتعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (المائدة:3) ، ولقد اكد الدين الإسلامي ضرورة اتصاف الإنسان المسلم بقيم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لانها من اقوى الوسائل في حماية الاخلاق الفردية والاجتماعية وهي من اهم مظاهر الاخوة والتكافل الاجتماعي بين الناس اذ يقول سبحانه وتعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) (آل عمران:110) وهناك آيات قرآنية كثيرة تدعوا الى ضرورة واهمية تمسك الإنسان بفعل الخير كما في قوله تعالى :( فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ)(البقرة:148).
5- الإنسانية :(1/49)
تعنى القيم الإسلامية بتكريم الإنسان وتحقيق إنسانيته ، اذ اكد الدين الإسلامي إن الإنسان هو أرقى واكرم مخلوق في هذه الدنيا ، لان كل الموجودات سخرت له وفي ذلك يقول سبحانه وتعالى : (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) (الاسراء:70) ، ولقد حققت القيم الإسلامية المساواة بين كافة الناس ، اذ لا فرق بين غني ولا فقير ولا ضعيف او قوي ولا عربي او اعجمي الا بالتقوى .وبذلك حقق الإسلام عالميته من خلال الدعوة الى اسلمة بني البشر كافة تحت مظلة إنسانية واحدة اذ يقول سبحانه وتعالى مخاطباً رسوله الكريم محمد(صلى الله عليه وآله) : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)(سبأ:28).
6- الثبات :
تقسم القيم الإسلامية بانها قيم ثابتة لا تتغير بتغير الزمان والمكان والإنسان ولا تتبع لمزاج الشخص وذلك لانها قيم ربانية ، فالله خالق الإنسان وهو العالم بما يصلح للإنسان في كل زمان ومكان ، فقيم مثل الحق والعدل والصدق والايثار قيم ثابتة عند المسلم لا تتغير في حياته من بيئة لاخرى ومن وقت لاخر وهذا ماهو معهود عند بعض المجتمعات والتي ترتبط عندهم القيم بقدر ما تحققه من نفع وفائدة ، لذا فهي تتغير حسب الظروف .
أما في العالم الإسلامي فالشعوب الإسلامية تستوعب القيم الأخلاقية على أنها بعد من أبعاد الايمان. فالأخلاق مرتبطة بالدين بصورة مباشرة، لذلك فالمساس بكونية القيم هو مساس بالدين، فالإسلام يتضمن مبادئ عامة لأخلاق كونية، وذلك لان الإسلام دين كوني، والأخلاق الملازمة له هي أخلاق كونية، لذلك فنسبية القيم تعدّ من طرف الفكر الإسلامي مشكلة خطيرة، فهي تحدث قطيعة مع الماضي، وتؤدي إلى زوال هوية الأمّة الإسلامية.(1/50)
7- الاستمرارية :
وتعني قابليتها للتطبيق في كل زمان ومكان ، فضلاً عن اتسامها بالتطور وهو مبدا مستمد من طبيعة الإسلام ، اذ ان تعاليم الإسلام عامة صالحة لكل زمان ومكان ، ويمكن القول ان القيم الإسلامية قد اتخذت من اسس الإسلام ومبادئه مواقف تربوية حية يتحقق فيها التفاعل بين داخل الإنسان وخارجه ، وبشكل مستمر ، يضمن بناء الفرد وبناء المجتمع. (1)
8- البساطة والوضوح :
القيم الإسلامية عموماً والعقائدية والتعبدية على وجه الخصوص تتصف ببساطتها ووضوحها ، اذ لا غموض فيها ولا تعقيد ، وذلك لاجل ان يكون فهمها سهلاً على المسلم ومن ثم تطبيقها وهذا متأتٍ أساساً من وضوح اسسها فالإسلام دين يسر وليس دين عسر .
9- الواقعية :
ترتبط القيم الإسلامية بالواقع وامكانياته وفي الوقت نفسه الوصول إلى ما ينبغي ان يكون عليه هذا الواقع ، فهي تتعامل مع الحقائق الموضوعية ذات الوجود الحقيقي المستيقن والاثر الواقعي الايجابي ، لا مع تصورات عقلية مجردة ولا مثاليات لا مقابل لها في عالم الواقع ، وهي تراعي الفطرة والتكوين الإنساني عن طريق الاستجابة للنزعات الفطرية والطبيعية في الإنسان .
10- العمق :
القيم الإسلامية لا تسند على فكراً سطحي أو هامشي بل تسبر غور الاشياء دون الوقوف عند حد الامور الجزئية او الاكتفاء بالنظر الى الظواهر نظرة بسيطة وسطحية . (2) ويبدو ذلك واضحاً في قوله تعالى : (فَلْيَنْظُرِ الْأِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ)(الطارق:5).
تعقيب:
__________
(1) . بكر،عبد الجواد السيد : المصدر السابق ، ص172 .
(2) . احمد ،لطفي بركات: القيم والتربية ، المصدر السابق، ص106 .(1/51)
لقد انتهت بعض الفلسفات الغربية إلى تفتيت القيم وتشتتها عن طريق النزعة التاريخية والنزعة الاجتماعية اللتين تجعلان المجتمع أو التأريخ المصدر الوحيد للقيم. و الأمر نفسهُ بالنسبة لمذهب المنفعة الذي جعل المنفعة أساساً لعملية التقويم. فما ينفع هذا الفرد قد لا ينفع فرداً آخر. وهكذا تشتتت الأخلاقية في النسبية فأصبحت القيم عبثاً وانعكاساً للأمر الواقع ولأزمة الحضارة .إذ إنّ القيم الأخلاقية تفقد قوتها الإلزامية إذا كانت نسبية، فالنسبية تُزيل عن القيم قدسيتها وقوتها الإلزامية.
في حين الفلسفة الإسلامية ترى بأنّ الواقع لا يمكن أن يكون مصدراً للقيم الأخلاقية، وهذا عكس ما تراه الفلسفة البرجماتية والمذاهب النفعية الأخرى ومذهب علماء الاجتماع الغربيين في الأخلاق، فكلّ هذه المذاهب ترجع مصدر القيم الأخلاقية إلى الواقع كما يتجلّى في المنفعة أو المردود العملي أو المجتمع، فالمذاهب النفعية يرجع معيارية الفعل الأخلاقي إلى الميول والرغبات، فهو ينظر إلى الطبيعة البشرية نزوعاً لتحقيق أكبر قدر ممكن من اللذة والمنفعة، والأمر نفسه بالنسبة للمذهب البرجماتي الذي جعل المردود العملي مقياساً للخير والشر، أما علماء الاجتماع فقد جعلوا المجتمع مصدراً للأخلاق.(1/52)
إنّ الإسلام لا ينفي علاقة القيم الأخلاقيه بالواقع سواء أكان في جانبها الاجتماعي أم الفردي أم المادي أم الروحي، أذ يؤكد علاقة القيم الأخلاقية بالطبيعة البشرية، لكن الطبيعة البشرية ليست عبارة عن مجرد مجموعة من الميول والرغبات والغرائز، فالطبيعة البشرية تتضمن ـ في نظر الإسلام ـ البعد المادي والأبعاد الأخرى مثل البعد العقلي والعاطفي والروحي، فهي ـ من هذا المنظور ـ تطلع إلى ما يجب أن يكون.فضلاً عما سبق من ارتباط القيم في الفلسفات الغربية بالواقع والمنفعة فإنّ القيم الأخلاقيه مرتبطة أيضاً بالقانون ففي النظام الرأسمالي مثلاً، الناس متساوون إمام القانون حتى ولو كانت أوضاعهم الاجتماعية مختلفة. أما في النظام الاشتراكي فهذه القيم تمثل هدفاً يقود السياسة ويوجهها. مع العلم بأن البنية الاقتصادية هي مصدر هذه القيم، وكل القيم الأخلاقية بالنسبة لماركس. في حين أن هذه القيم في الرؤية الإسلامية هي واجبات شرعية ذات أبعاد أخلاقية وحضارية. .
ومن هنا يكفي للفرد في النظام الرأسمالي في موقفه من القيم أن يحترم القانون. ويكفي للفرد في النظام الاشتراكي في موقفه من هذه القيم (قيم الحداثة) أن يلتزم في المجال السياسي، أي يلتزم مع متطلبات الطبقة الحاكمة (البروليتاريا). أما في الرؤية الإسلامية فالفرد لا يكتفي بهذه المواقف، فهو تجاه قيم تخص ذاته في علاقتها مع الله وفي علاقتها بالمصير الدنيوي والأُخروي معاً، لذلك فموقفه من هذه القيم هو موقف تعبدي، وليس مجرد موقف احترام وانتماء.(1/53)
أما بالنسبة إلى فلسفة أفلاطون المثالية فأنّ أفلاطون قد ربط الوجود الإنساني بوجود عالم مثالي، ونظر إلى العلاقة بينهما على أنها علاقة تطلع، غير أنّ أفلاطون يرى بأنّ الوجود (الوجود الإنساني) ظل لعالم المثل، وأنّه وجود ناقص. فالتطلع إلى عالم المثل هنا هو تطلع يتم عن طريق الابتعاد عن العالم المادي، لأنّه عالم ناقص، فهو مجرد نسخة ظلية لعالم المثل. وهذا مخالف للفلسفة الإسلامية إذ إنّ كل جوانب هذا الوجود (المادية والمعنوية) في آيات تعبر عن قدرة الخالق ورحمته، ومن هنا الاختلاف بين الروحانية الأفلاطونية والروحانية الإسلامية. وتجدر الإشارة إلى أنّ أكثر الفلاسفة المسلمين لم يستوعبوا هذه الفكرة وراحوا يوفّقون بين الشريعة وفلسفة أفلاطون أو الفلسفة اليونانية على العموم. في حين أن الصدر-أحد فلاسفة الإسلام المعاصرين- استوعب بعمق الاختلاف الجذري بين الروحانيتين الأفلاطونية (اليونانية) والإسلامية، فالروحانية الأفلاطونية ترى بأن كمال الإنسان يكمن في ابتعاده عن العالم المادي للتقرب أكثر فأكثر من عالم المثل (هذا هو الجدل الصاعد حسب تعبير أفلاطون) أما الروحانية الإسلامية كما صاغها الصدر فهي روحانية الإنسان الخليفة، الذي يعبر عن خلافته ضمن علاقته بظواهر الكون من حيث هي آيات تتجلى عن طريقها علاقة الوجود بالله. وهكذا فهناك تطلع وحركة في فلسفة كل من أفلاطون والصدر. لكن هناك اختلاف في حقيقة هذه الحركة وأبعادها، الحركة عند أفلاطون تأملية، أما عند الصدر فالحركة جهادية ثورية تسعى إلى تغيير المجتمع والطبيعة، وهناك اختلاف كذلك في الهدف أو الغاية القصوى، التي تسعى نحوها حركة الإنسان.(1/54)
المثل الأفلاطونية مثل غامضة ليس لها كيان واضح والله مفهوم مجرد أكثر مما هو إله حي يرتبط به الإنسان ضمن علاقة ذاتية شخصية، وليس الأمر كذلك بالنسبة لهدف حركة الإنسان في فلسفة الصدر ،فالمثل الأعلى حي قيوم له الصفات والأسماء الحسنى، فهو ليس مجرد هدف صاغه عقل الإنسان، بل المثل الأعلى (الله سبحانه وتعالى) قد اتصل بالإنسان عن طريق الرسالات السماوية فضلاً عن اتصاله بالإنسان عن طريق الطبيعة البشرية، أي عن طريق الفطرة وما تتضمنه من تطلع نحو الخالق. يقول الصدر في هذا السياق مقارناً بين آثار العقيدة وحب الله في حياة الإمام علي عليه السلام وبين القول بوجود الله عند الفلاسفة: "... هذه الشجاعة خلقها في قلب علي عليه السلام حبُّه لله، لا اعتقاده بوجود الله. هذا الاعتقاد الذي يشاركه فيه فلاسفة الاغريق أيضاً، أرسطو أيضاً يعتقد بوجود الله، افلاطون أيضاً يعتقد بوجود الله، الفارابي أيضاً يعتقد بوجود الله، ماذا صنع هؤلاء للبشرية، وماذا صنعوا للدين أو الدنيا؟ ليس الاعتقاد وإنما حب الله فضلاً عن الاعتقاد، هذا هو الذي صنع هذه المواقف من القيم التي أمن بها فعكسها بشكل فعلي. (1) وهذا الأمر ينطبق بالضرورة على الإمام الحسين( - عليه السلام - ) وكل الأئمة من بعده.وذلك لكون القيم لديهم كونية وملزمة، فالقيم لا معنى لها إذا لم تكن كونية وملزمة. ولا تكون كذلك إلا إذا استمدت وجودها وإلزاميتها من مصدر متعالٍ.
__________
(1) . الصدر،محمد باقر: الإسلام يقود الحياة (فصل خلافة الإنسان وشهادة الأنبياء)،شبكة الشيعة الإسلامية،ص129.(1/55)
دراسات سابقة:
سيعرض الباحث في هذا الفصل بعض الدراسات والبحوث السابقة التي تم تحديدها في ضوء هدفي البحث الحالي،إذ إن الدراسات والبحوث هي تراكم علمي على امتداد التاريخ الى الحاضر تبنى في نسق علمي واضح تدرج فكرة او تتبع مشكلة أو نسج خيوط فلسفة لفكر أو نظام تعليمي،فضلاً عن ان للدراسات اثرها في انضاج فكر الباحث اذ تجعله قادراً على ان يبرمج خطة بحثه بعناية ووضوح تام ،ولا سيما عندما يجد تشابهاً فيما توصل اليه أو حين يكشف عن نتائج مخالفة،وهذا كله يغني الباحث ويزيد ثقته في الاسترسال للوصول الى هدفه،وتسليط الضوء على مشكلته والاستزادة في البحث والسير بخطى ثابتة.
لقد كان موضوع القيم من المواضيع التي نالت اهتمام المفكرين والعلماء والباحثين في الدراسات التربوية والفلسفية والاجتماعية ،مما دفعهم الى اجراء العديد من الدراسات والبحوث،تناول البعض منها القيم السائدة في المناهج الدراسية ولمختلف مراحل التعليم في حين تناولت دراسات اخرى القيم الاخلاقية والصراع القيمي والنسق القيمي واخلاقيات مهنة التربية والتعليم.
وتسهيلاً لمراجعة نتائج هذه الدراسات فسيعرضها الباحث بحسب نوعها وبحسب الترتيب الزمني لاجرائها،وسيعرض الباحث الدراسات على وفق خطة تشتمل هدف البحث ومنهجه وما توصل اليه الباحثون من نتائج وذلك على وفق ثلاثة محاور هي:
المحور الاول : دراسات تناولت الفكر التربوي.
المحور الثاني : دراسات تناولت القيم بشكل عام.
المحور الثالث : دراسات تناولت القيم التربوية بشكل خاص.
اولاً:الدراسات التي تناولت الفكر التربوي
1.دراسة سماري 1990م (1)
__________
(1) . سماري،جواد كاظم:الوضعية المنطقية في الفكر العربي المعاصر. رسالة ماجستير ،كلية الآداب،جامعة بغداد ،1990.(1/1)
... اجرى سماري دراسة بعنوان(الوضعية المنطقية في الفكر العربي المعاصر)هدفت الدراسة إلى معرفة الوضعية المنطقية في الفكر العربي المعاصر،وقد استخدم الباحث المنهج الوصفي التحليلي،فتناولت الدراسة الوضعية المنطقية منذ نشأتها وتطورها وتأثيرها في الفكر العربي المعاصر وأصولهاوالخصائص المميزة لها.
وتناولت الدراسة فكر زكي نجيب محمود منذ بداية حياته ودراسته في مصر وذهابه الى انكلترا وعودته الى مصر بعد حصوله على شهادة الدكتوراه،وقد اراد سماري من هذا التقسيم التعرف على فكره في كل مرحلة من مراحل حياته ومدى تأثيركل مرحلة بظروفها الخاصة بفكره وفلسفته مشيراً الى مؤلفاته وترجماته.
واشارت الدراسة الى رحلته مع الوضعية المنطقية وكيف تعامل معها ومع الفكر العربي،واشارت الدراسة الى مجالات الفكر والثقافة عنده فبينت وجهة نظره من التراث العربي بين قديمه وحديثه وكذلك موقفه من الحضارة والعقل والحرية والفن والنقد الادبي.
وقد توصلت الدراسة الى نتائج عدة من ابرزها:
1. ان الوضعية المنطقية في الفكر العربي المعاصر ظهرت في المدة الموازية لظهور الاتجاهات الفلسفية من وجودية وواقعية وغيرها من الاتجاهات الفلسفية التي انفتح عليها العقل العربي انذاك.
2. ان الثنائية التي برزت عند زكي نجيب محمود جاءت في كتابه(تجديد الفكر العربي) لم تكن الا تلفيقاً،وانه بمحاولة تلك لم يتخل عن اتجاهه الوضعي.
3. ان الوضعية المنطقية،بوصفها اتجاها فلسفياًمعاصراً لم تبرز في الفكر العربي المعاصر،الامنذ مطلع الخمسينيات من القرن العشرين من خلال داعيتها زكي نجيب محمود.
4. ان الذين وقعوا تحت تأثير الوضعية المنطقية من خلال تتلمذهم على يد محمود لم يبدوا الكثير من الحماس لها،وانحصر اهتمامهم في بعض ما يتعلق بها.(1/2)
2.دراسة الدليمي 1995م (1)
... اجرت الدليمي دراسة بعنوان (الفكر التربوي في وصايا الخلفاء العباسيين العصر الاول 132-218هـ) هدفت إلى التعرف على الفكر التربوي في وصايا الخلفاء العباسيين في العصر الاول من خلال الاجابة عن السؤالين الآتيين:
1. ما العوامل المؤثرة في فكر الخلفاء في العصر العباسي الاول(132-218هـ)؟
2. ما مضامين الفكر التربوي في وصايا الخلفاء في العصر العباسي الاول وكيف يتوزع عليهم؟
وللاجابة عن السؤال الاول تضمن البحث اطاراً نظرياً تناولت الباحثة فيه عرض العوامل المؤثرة في فكر الخلفاء العباسيين وقد تمثلت بالعامل الديني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والتربوي والثقافي ،ولقد اوضحت الباحثة من خلال عرض هذه العوامل ان الخلفاء العباسيين كانوا قد تاثروا الى حد كبير بها مما انعكس مضمون هذا التاثير في تشكيل افكارهم التي تضمنتها وصاياهم.
__________
(1) . الدليمي،نوال ابراهيم:الفكر التربوي في وصايا الخلفاء العباسيين )العصر الاول 132-218) دراسة تحليلية،اطروحة دكتوراه ،كلية التربية(ابن رشد)،جامعة بغداد،1995.(1/3)
وللاجابة عن السؤال الثاني اتبعت الباحثة منهجية تحليل المحتوى وذلك من خلال اعداد اداة مناسبة للبحث ،اذ بنت تصنيفاً يتم في ضوئه تحليل الوصايا كافة وقد بنت التصنيف على وفق إجراءات متعددة ثم وضعته بشكله الاولي وهو يتضمن اربع فئات هي فئة المنطلقات الفلسفية ،فئة الاهداف القيمية ،فئة طرائق التربية والتعليم واخيراً فئة أساليب الجزاء،وقد قدم الى خبراء متخصصين لاجل الحكم على مدى صلاحية فئاته وعناصره.ولاجل ايجاد صدق المحتوى حللت الباحثة الوصايا كافة من اجل استنباط المفاهيم المكونة لفئات وعناصر الفكر التربوي الذي وضع بشكله الاولي وقدمتها الى الخبراء انفسهم مرة ثانية.وقد استخدمت الباحثة الفكرة بوصفها وحدة التحليل ،والتكرار بوصفه وحدة التعداد .وقد وضعت الباحثة أسس وقواعد وخطوات للتحليل من قبل الباحثة سارت بموجبها،وتم الحصول على البيانات من خلال استمارة خاصة اعدت لذلك.
وقد توصل البحث الحالي الى نتائج نوعية (تصنيف الفكر التربوي ) وكمية من خلال تحليل وصايا الخلفاء كافة .
فاظهرت نتائج التحليل الكمي ان تأكيد الخلفاء في وصاياهم قد انصب حول فئة الاهداف القيمية للفكر التربوي اذ حصلت على (495)فكرة تربوية قيمية وبنسبة مئوية بلغت (44%) بينما جاءت فئة المنطلقات الفلسفية للفكر التربوي بالترتيب الثاني،اذ حصلت على تكرار (427) فكرة تربوية وبنسبة مئوية بلغت (38%).اما توزيع الفكر التربوي على الخلفاء العباسيين فقد كان ترتيبهم بالشكل الاتي :
- تفوق المنصور اذ حصل على الترتيب الاول بحصوله على تكرار (368) فكرة تربوية وبنسبة مئوية بلغت (33%) .
- تبوأ المأمون الترتيب الثاني بحصوله على تكرار (210) فكرة تربوية وبنسبة مئوية (19%) .
- تبوأ الرشيد الترتيب الثالث وذلك بحصوله على تكرار (202) فكرة تربوية وبنسبة مئوية بلغت (18%).(1/4)
3.دراسة الموسوي 2000م (1)
... اجرى الموسوي دراسة بعنوان ( الفكر التربوي عند الحسن البصري) هدفت الدراسة الى التعرف على الفكر التربوي عند الحسن البصري من خلال الاجابة عن السؤالين الآتيين:-
? ما الأسس الفكرية عند الحسن البصري ومامبادؤها؟
? ماالتربية عند الحسن البصري فكراً وتطبيقاً؟
استعمل الباحث منهج البحث التاريخي،والبحث الوصفي (التحليلي،البنائي) وقد اقتصر البحث على الفترة التاريخية التي عاش فيها الحسن البصري ،فضلاً عما تركه الحسن من (رسائل،وخطب،ووصايا،واقوال)تضمنت الدراسة خمسة فصول تناول الفصل الأول اهمية الرجوع الى التراث العربي الأسلامي عامة والتراث التربوي العربي الإسلامي خاصة عندما نريد بناء منهج تربوي معاصر في حين تضمن الفصل الثاني الأطار النظري والذي اشتمل على العوامل الثقافية والدراسات السابقة .اماالفصل الثالث فقد تناول الباحث فيه شخصية الحسن البصري ومكانته العلمية وشيوخه وكذلك الرؤية الفكرية للحسن البصري في الوجود،الحياة،الانسان،العدل والقيم.وجاء الفصل الرابع متضمناً اراء الحسن البصري التربوية.في حين تضمن الفصل الخامس اهم نتائج الدراسة والتوصيات والمقترحات وكان من اهم تلك النتائج مايأتي:-
1. توصل الباحث الى الأسس الفكرية للحسن البصري المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
توصل الباحث الى أن الحسن البصري فكر تربوي شامل تضمن منهجاً تربوياً ومبادئ تربوية.
4.دراسة المشايخي 2001م (2)
... اجرى المشايخي دراسة بعنوان (الفكر التربوي عند الخطيب البغدادي،رؤية معاصرة) وقد هدفت الدراسة الى:-
__________
(1) . الموسوي،صالح نهير راهي :الفكر التربوي عند الحسن البصري ،رسالة ماجستير، كلية التربية (ابن رشد ) ،جامعة بغداد ،2000م.
(2) . المشايخي،اركان سعيد خطاب.الفكر التربوي عند الخطيب البغدادي،رؤية معاصرة،رسالة ماجستير، كلية التربية(ابن رشد)،جامعة بغداد،2001م.(1/5)
1.التعرف على افكار الخطيب البغدادي وآرائه التربوية التي تضمنتها مؤلفاته 0
2.ايجاد اوجه التشابه والاختلاف بين افكار الخطيب البغدادي وآرائه التربوية مع الافكار والآراء التربوية للنظريات المعاصرة.
استعمل الباحث منهجية البحث التاريخي الوصفي التحليلي.تضمنت الدراسة خمسة فصول تناول الفصل الاول اهمية البحث الحاجة اليه في حين تضمن الفصل الثاني مبحثين تناول الاول العوامل الثقافية التي تفاعل بعضها مع بعض وكونت الفكر عند الخطيب البغدادي أما المبحث الثاني فقد عرض به الباحث بعض الدراسات السابقة والتي تناولت موضوع الفكر التربوي عند بعض اعلام العرب المسلمين.أما الفصل الثالث فقد اشتمل على مبحثين تناول الاول شخصية الخطيب البغدادي والثاني تناول مصادر الفكر عند الخطيب البغدادي والرؤيةالفكرية للخطيب البغدادي ،وكذلك الفصل الرابع تضمن مبحثين ايضاً،تناول الباحث في المبحث الاول فكر الخطيب البغدادي،أما في المبحث الثاني فتناول مباديء النظريات التربوية المعاصرة(التواترية،التقدمية).أما الفصل الخامس فقد تضمن اهم نتائج الدراسة والتوصيات والمقترحات وكان من اهم النتائج مايأتي:-
1.للخطيب البغدادي فكر تربوي شامل متكامل.
2.الهدف العام الذي نادى به الخطيب هو تحقيق العبودية الخالصة لله في حياة الانسان على مستوى الفرد والجماعة والانسانية.
3.قدم الخطيب تعلم القرآن الكريم على سائر العلوم.
4.التربية عند الخطيب قائمة على الفلسفة النفعية التي تعتمد على العلم وفضله وفائدته.
5.بين الخطيب منزله العقل وجعله اساس العلم وقسمه الى عقل غريزي ومكتسب.
ثانياً:الدراسات التي تناولت القيم بشكل عام.
1.دراسة الهيتي 1977م (1)
__________
(1) . الهيتي،خلف نصار:القيم السائدة في صحافة الأطفال العراقية،رسالة ماجستير،كلية التربية، جامعة بغداد ،1977.(1/6)
... اجرى الهيتي دراسة بعنوان ( القيم السائدة في صحافة الاطفال العراقية ) ولقد كان هدف البحث هو الاجابة عن السؤال الآتي:ما القيم السائدة في صحافة الاطفال ،وكيف تترتب ،وما التغييرات القيمية التي حصلت في تلك الصحافة خلال سنوات اصدارها ؟ولتحقيق هدف البحث اعتمد الباحث على منهج تحليل المحتوى لعينة من مجلة "مجلتي" و جريدة "المزمار" والتي تصدر عن رئاسة تحرير مجلتي والمزمار التابعة لوزارة الثقافة والفنون العراقية ،والتي بلغت (809) صفحة،اختارها الباحث بطريقة عشوائية من الصفحات الصالحة للتحليل .وللايفاء بمتطلبات طريقة تحليل المحتوى من موضوعية ومنهجية وتكميم ،كان للبحث تصنيف "تصنيف وايت" ووحدات للتحليل ،ووحدات للتعداد ،وقواعد واضحة وصريحة للتحليل وقياس الثبات .
اظهرت نتائج التحليل ان قيم المعرفة ،حب الناس ،الجمال ،الخبرات الجديدة،حرية الوطن،العمل،الوحدة العربية،الاندماج بالجماعة،الذكاء،التصميم،الوطنية،النشاط،التعبير الذاتي المبدع،الملكية الاشتراكية،الحرص والانتباه،الصحة وسلامة الجسم هي القيم الاكثر تكراراً.وقد عدتّ هذه القيم الست عشرة هي القيم السائدة.كما اوضحت نتائج عرض ومناقشة القيم ضمن مجموعاتها ،ان مجموعة القيم الوطنية هي المجموعة الوحيدة التي كانت جميع قيمها من ضمن القيم السائدة،في حين كانت مجموعة القيم الاخلاقية المجموعة الوحيدة التي لم تظهر اي قيمة من قيمها ضمن القيم السائدة.
2.دراسة السويدي 1989م (1)
__________
(1) . السويدي،وضحة:تنمية القيم الخاصة بمادة التربية الإسلامية لدى تلميذات المرحلة الإعدادية بدولة قطر،برنامج مقترح،ط1،الدوحة،دار الثقافة،1989.(1/7)
... اجرت السويدي دراسة بعنوان(تنمية القيم الخاصة بمادة التربية الاسلامية لدى تلميذات المرحلة الاعدادية بدولة قطر،برنامج مقترح) هدفت الدراسة الى اعداد اطار قيمي مقترح لمنهج التربية الاسلامية للمرحلة الاعدادية بالمدارس القطرية ،ووضع برنامج مناسب لتنمية مجموعة من القيم التي تم تحديدها في الاطار القيمي.
استعملت الباحثة المنهج الوصفي التحليلي ،وقد تطلب ذلك قيام الباحثة بالخطوات الاتية:
1.تحليل محتوى كتب التربية الاسلامية للمرحلة الاعدادية والخروج بتصنيفات خاصة بنوعية القيم وتدرجها على سلم القيم.
2.تصميم المقاييس الخاصة بالقيم الدينية المتضمنة بهذه الكتب وتطبيقها على عينة من تلميذات المرحلة الاعدادية بدولة قطر.
3.تصميم بطاقة ملاحظة معلم التربية الاسلامية.وقد تكونت عينة الدراسة من (360)تلميذة من تلميذات الصف الثالث الاعدادي بمدارس قطر بمدينة الدوحة وضواحيها،علماً بان العينة تمثل خمس المجموع الكلي لتلميذات الصف الثالث الاعدادي بمدارس قطر،وقد اختيرت العينة بالطريقة العشوائية.ولقد كانت من اهم نتائج الدراسة:
أ.تضمنت كتب التربية الاسلامية على (18) قيمة دينية رئيسة وهي :العقيدة وحسن الخلق،العبادة ،الرحمة ،العلم،حب العطاء،علو الهمة ،الصبر،ادآب السلوك،محبة الاخرين،الاحتشام.
ب.انصب اهتمام كتب التربية الاسلامية على المعرفة الدينية .
ج.ان القيم المتضمنة في كتب التربية الاسلامية وصل عددها الى (1210) قيمة دينية منها (930) قيمة وردت بشكل صريح وبنسبة (76.86%) و (280) قيمة وردت بشكل ضمني اي بنسبة (23.14%) وهذا يعني ان القيم الضمنية نالت ما يقرب من ربع مجموع القيم الواردة في كتب التربية الاسلامية رغم ما للقيم الضمنية من تأثير فعال على سلوك التلميذات .(1/8)
3.دراسة الياسري 1997م (1)
... اجرى الياسري دراسة بعنوان (تمثل معلمات رياض الاطفال للقيم المتضمنة في الاهداف التربوية ) والتي هدفت الى التعرف على تمثل معلمات رياض الاطفال للقيم المتضمنة في الاهداف التربوية لرياض الاطفال في العراق .ومن اجل تحقيق هدف البحث قام الباحث ببناء مقياس للقيم والتي تم اشتقاقها من الاهداف التربوية لرياض الاطفال وقد حددت بـ(40) قيمة موزعة على (10) مجالات إذ تتمثل كل قيمة في المقياس بفقرة واحدة،وتتكون كل فقرة من موقف لفظي يتبعه ثلاثة بدائل للاجابة .
وقد قام الباحث بحساب القوة التمييزية للفقرات من خلال تطبيق المقياس على عينة مؤلفة من (150) معلمة ،وباستعمال أسلوب المجموعتين المتطرفتين إذْ تبين إن هناك (4) فقرات كانت القيمة التائية المحسوبة لها غير دالة أحصائياً عند مستوى دلالة (0.05) فتم استبعادها من الصيغة النهائية للمقياس.
وقام الباحث بالتحقيق من صدق المقياس وذلك باستخدام الصدق الظاهري من خلال عرض المقياس على مجموعة من المحكمين،اما بالنسبة للثبات فقد تم حسابه بطريقة التجزئة النصفية حيث بلغت قيمته(0.73).
ولقد كانت من اهم النتائج التي توصلت اليها الدراسة هي:
1. ظهور ضعف في تمثل المعلمات للقيم عند خريجات الدورات التربوية القصيرة بعد الشهادة الاعدادية،والحاصلات على شهادات أخرى غير تربوية،اذ كانت نسبة التمثل المقبول أقل بكثير من نسبة التمثل غير المقبول،وفسر هذا الضعف بأنه قد يعود لنوع التأهيل،وعدم علاقته بطبيعة العمل في رياض الاطفال.
2. ظهور تمثل مقبول للقيم بين المعلمات من فئة الخدمة (1-5) سنة بنسبة ليست كبيرة.
3. ظهور تمثل مقبول للقيم عند بقية المعلمات من فئات مدة الخدمة (6-10) سنة و (11-15) سنة و (16-20)سنة.
__________
(1) . الياسري،عبد زيد عبد الحسين :تمثل معلمات رياض الأطفال للقيم المتضمنة في الأهداف التربوية، أطروحة دكتوراه ،كلية التربية(ابن رشد)جامعة بغداد،1997.(1/9)
4.دراسة العمري وآخرين 1999م (1)
... أجرى العمري وآخرين دراسة بعنوان(المنظومة القيمية لدى طلبة جامعة اليرموك ودراسة الارتباطية القانونية لبعض العوامل المؤثرة فيها) لقد هدفت الدراسة الى التعرف على اكثر من مصدر للتباين المشترك المستقل بين مجموعتين من المتغيرات المستغلة مثل السن ،الجنس،تعليم الوالدين،الدخل،التخصص في الثانوية العامة،ومعدل الثانوية العامة،والتخصص الجامعي،والمعدل الجامعي في المتغيرات التابعة:القيم النظرية،السياسية ،الاجتماعية،الجمالية،الدينية عند طلبة جامعة اليرموك.وقد كشفت نتائج الدراسة عن مصدرين مشتركين للتباين في قيم طلبة الجامعة والمتغيرات المستغلة في الدراسة إذْ عكس المصدر الاول اثر جنس الطالب وعمره وتخصصه في المدرسة الثانوية في القيم النظرية والاجتماعية والجمالية،كما عكس المصدر الثاني تبني تخصص الطالب في الجامعة،ومكان اقامته (مدينة-ريف) في قيمه النظرية والاجتماعية والدينية،انهم كانوا يتسمون بقيم اجتماعية ودينية اعلى منها عند الطلبة المقيمين في القرى،في حين انه لم يكن هناك اي اثر للمعدل التراكمي والسنة الدراسية في اي من القيم الست التي تقيسها اداة الدراسة.
كما اشارت النتائج انه لايوجد اثر ذو دلالة احصائية لمتغيرات تعليم الوالدين ودخل الاسرة وان متوسط القيمة النظرية والسياسية من اعلى المتوسطات وان متوسط القيمة الاقتصادية هو ادنى المتوسطات كما اظهرت الدراسة ان الانحرافات المعيارية للقيم جميعها متقاربة باستثناء القيمة الدينية اذ انها اكثر القيم تبايناً.
5.دراسة الدرابسة 2001م (2)
__________
(1) . العمري،خالد وآخرين :المنظومة القيمية لدى طلبة جامعة اليرموك ودراسة الارتباطية القانونية لبعض العوامل المؤثرة فيها.جامعة اليرموك،الاردن،1999.
(2) الدرابسة،محمد عبد الله عايش:مدى تمثل الأيتام للقيم الإسلامية،أطروحة دكتوراه ،كلية التربية(ابن رشد)،جامعة بغداد ،2001م.(1/10)
... كانت دراسة الدرابسة بعنوان(مدى تمثل الايتام للقيم الاسلامية) وقد هدفت الدراسة الى الكشف عن مدى تمثل الايتام للقيم الاسلامية في الاردن وذلك من خلال الاجابة عن الأسئلة الاتية:
1.ما مدى تمثل الايتام للقيم الاسلامية في المؤسسات الاجتماعية في الاردن؟
2.هل هناك فروق ذات دلالة احصائية في مدى تمثل الايتام للقيم الاسلامية تعزى للجنس؟
3.هل هناك فروق ذات دلالة احصائية في مدى تمثل الايتام للقيم الاسلامية تعزى لطول مدة اليتم؟
وتحقيقاً لاهداف البحث بنى الباحث مقياساً لتمثل القيم الاسلامية،اذ قام الباحث ببناء اداة لتصنيف القيم الاسلامية ضمن تسعة مجالات وهي:القيم العقائدية والقيم التعبدية،والقيم الاخلاقية،والقيم الاجتماعية،والقيم الفردية،والقيم السياسية،والقيم المعرفية،والقيم الاقتصادية،والقيم الترويحية والبيئية.
وقد طبق المقياس على عينة البحث البالغة (187) يتيماً ويتيمة،وحسب معامل الارتباط بطريقة بيرسون بين درجات مقياس القيم الاسلامية،فضلاً عن حساب معامل الارتباط بين كل مجال من المجالات،وقد اظهرت نتائج البحث ما يأتي:
1. أن ايتام المؤسسات الاجتماعية يتمثلون القيم الاسلامية تمثلاً عالياً.
2. لاتوجد فروق ذات دلالة احصائية عند مستوى الدلالة(0.05) في تمثل الايتام للقيم الاسلامية وفقاً لمتغير الجنس.
3. وجود فروق ذات دلالة أحصائية عند المستوى(0.05) في تمثل الايتام للقيم الاسلامية وفقاً لمتغير طول مدة اليتم.أي بمعنى انه كلما طالت مدة اليتم في المؤسسات الاجتماعية كان تمثله للقيم الاسلامية.
وقد قدم الباحث رؤية مستقبلية للقيم لا تنصب على المؤسسات الاجتماعية بذاتها وانما جاء الحديث فيها مطابقاً لرؤيته للامة العربية بما يتناسب وأصالتها ومدى حاجتها للمعاصرة وتكوين الانسان المسلم الصالح،وصولاً الى المجتمع الاسلامي المأمول.(1/11)
6.دراسة عسكر 2002 م (1)
... اجرى عسكر دراسة بعنوان(نحو رؤية للقيم في ضوء القران الكريم والسنة النبوية ) قد هدفت الدراسة الى :(التعرف على القيم في ضوء القران الكريم والسنة النبوية الشريفة)،لقد استعمل الباحث أسلوب المنهج التأريخي الوصفي والتحليل البنائي وقد تحدد البحث بدراسة موضوع القيم في الجانب الاخلاقي في ضوء القران الكريم والسنة النبوية الشريفة.وقد تضمنت الدراسة ستة فصول تناول الفصل الاول اهمية البحث والحاجة اليه وقد تجلت أهمية البحث في محاولة بناء منظومة قيم أخلاقية يتم تلمسها من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة لمعالجة مشكلة (أزمة القيم).أما الفصل الثاني فقد تناول فيه الباحث الاطار النظري والدراسات السابقة .أما الفصل الثالث فقد أختص بمفهوم القيم من حيث طبيعة القيم ووظائفها وتصنيفها فضلاً عن صلة القيم بالثقافة والتربية والطبيعة الانسانية.أما الفصل الرابع فقد تناول الدراسات النقدية لمفهوم القيم في الفلسفات الغربية قديماً وحديثاً.أما الفصل الخامس فقد اختص بفلسفة القيم في الاسلام وتوزع على ثلاثة مباحث تناول في الاول مفهوم القيم الاسلامية والمبحث الثاني تناول فيه القيم التربوية والاخلاقية في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة اما المبحث الثالث فقدم فيه بعض علماء وفقهاء وفلاسفة الاخلاق في الاسلام،وكان الفصل الاخير يحوي على منظومة القيم المستقبلية في ضوء القران الكريم والسنة النبوية والتي اكد فيها الباحث على القيم التالية:العدالة،الحرية ، البطولة ،الالتزام الخلقي ، الحكمة ، الصبر ، التواضع ، العفة ، عزة النفس ، القناعة ، الحياء ، العمل ، الصدق والأمانة.
ثالثاً:الدراسات التي تناولت القيم التربوية بشكل خاص
__________
(1) . عسكر،علاء صاحب : نحو رؤية للقيم في ضوء القران الكريم والسنة النبوية،أطروحة دكتوراه، كلية التربية(ابن رشد) ، جامعة بغداد ، 2002.(1/12)
1.دراسة شومان 1993م (1)
... اجرى شومان دراسة بعنوان (القيم التربوية التي تضمنها السؤال في القران الكريم ) استهدفت الدراسة الى تقصي القيم التربوية في الاسئلة القرانية بحسب المعاني المجازية التي يرمي اليها السؤال في القران،ولقد اعتمد الباحث لدراسة الاسئلة القرانية على المنهج التحليلي الاستنباطي وتوصلت الدراسة الى مجموعة من النتائج كان من اهمها :
1. ان معاني السؤال في القران الكريم اشتملت على قيم تربوية هامة ورئيسة هي"
- القيم المادية
- القيم الاخلاقية
- القيم الروحية
- القيم العقيدية
- القيم التشريعية
- القيم الجهادية
- القيم السياسية
- القيم العلمية
- القيم الجمالية
2. ان القيم التي تتعلق بالشريعة الاسلامية ثابتة لا تتغير وصالحة لكل زمان ومكان وذلك لانها مرتبطة بالعقيدة وباهداف التربية الاسلامية.
واوصى الباحث بضرورة اجراء دراسة متخصصة للقيم التربوية التي تركز عليها مناهج التعليم في الاردن وفي مراحل التعليم الاساسية بشكل خاص لاهميتها في حياة الاجيال كما اوصى الباحث بدراسة متعمقة ومتخصصة لاهداف الاسئلة القرانية لان الدراسة ركزت على القيم التربوية في تلك الاسئلة .
2.دراسة الطيب1996م (2)
... اجرت الطيب دراسة بعنوان (القيم التربوية لشعيرة الصلاة الاسلامية) لقد هدفت الدراسة الى التعرف على القيم التربوية لشعيرة الصلاة من وجهة نظر تربوية ودرجة استجابة الطلبة لقيمها المتعددة ،ولتحقيق هدف البحث استعملت الباحثة المنهج الوصفي التحليلي .كشفت نتائج الدراسة عن وجود عدد من القيم التربوية المتضمنة في شعيرة الصلاة وهي :
__________
(1) . شومان،علي سعيد: القيم التربوية التي تظمنها السؤال في القرآن الكريم،رسالة ماجستير،كلية الشريعة للدراسات الإسلامية،جامعة اليرموك،،الاردن،1993م.
(2) . الطيب،نور الهدى الشيخ :القيم التربوية لشعيرة الصلاة الإسلامية ،رسالة ماجستير،كلية التربية،جامعة أم درمان الإسلامية،السودان،1996م.(1/13)
- القيم الدينية
- القيم الاخلاقية
- القيم العقلية
- القيم الجمالية
- القيم الصحية
- القيم الاجتماعية
- القيم النفسية
- القيم الروحية
وقد اوصت الباحثة باجراء دراسات مشابهه للتعرف على القيم التربوية في الشعائر الاسلامية الاخرى مثل الصوم والحج ....الخ.
3.دراسة الخلف 1996م (1)
... قام الخلف بدراسة تحت عنوان (القيم التربوية الواجب توافرها لدى طلبة كليات التربية الرياضية من وجهة نظرهم) هدفت الدراسة الى التعرف على القيم التربوية الواجب توافرها لدى طلبة كليات التربية الرياضية من وجهة في الجامعات الاردنية،وتكونت عينة الدراسة من ( 398 ) طالباً وطالبة وبنسبة ( 45% ) من مجتمع الدراسة،وقد استخدم الباحث استبانة اشتملت على (111) فقرة تمثل القيم التربوية موزعة على سبعة ابعاد هي (القيم العقائدية،قيم العبادات ،القيم السياسية،القيم الاقتصادية،القيم المعرفية،القيم الاجتماعية،القيم الجمالية) ولتحليل النتائج تم حساب المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية وتحليل التباين الاحادي وتحليل التباين الثنائي،اما اهم النتائج التي توصلت اليها الدراسة هي:
- وجود فروق ذات دلالة احصائية عند مستوى الدلالة (0.05) بين متوسطات استجابات الذكور والاناث للقيم الواجب توافرها ولصالح الذكور في ابعاد القيم الآتية (بعد القيم السياسية ،بعد القيم الاقتصادية،بعد القيم المعرفية) في حين تفوقت الاناث في بعد القيم الجمالية.
- وجود فروق ذات دلالة احصائية عند مستوى الدلالة (0.05) بين متوسطات استجابات طلبة الجامعة للقيم الواجب توافرها ولصالح جامعة مؤتة في ابعاد القيم الآتية (القيم السياسية،القيم الاجتماعية،القيم المعرفية،الجمالية،القيم الاقتصادية).
__________
(1) 2.الخلف،معين:القيم التربوية الواجب توافرها لدى طلبة كليات التربية الرياضية من وجهة نظرهم،رسالة ماجستير ،قسم الإدارة واصول التربية،كلية التربية،جامعة اليرموك،اربد،الاردن،1996.(1/14)
- وجود فروق ذات دلالة احصائية عند مستوى دلالة (0.05) بين متوسطات استجابات طلبة المراحل الدراسية ،إذْ سجلت استجابات طلبة السنة الثانية اعلى متوسطات حسابية في ابعاد (القيم السياسيةوالاقتصاديةوالمعرفية والاجتماعية).في حين سجلت استجابات طلبة السنة الثالثة اعلى متوسطات حسابية في بعد القيم الجمالية،بينما سجلت استجابات طلبة السنة الرابعة اعلى متوسطات حسابية في بعد قيم العبادات.
- وجود فروق ذات دلالة احصائية عند مستوى الدلالة (0.05) بين متوسطات استجابات طلبة المدينة وطلبة الريف ولصالح طلبة المدينة في ابعاد (القيم السياسية والاقتصادية والمعرفية)
4.دراسة Mullane,S,P1996 م (1)
... أجرى مولان(Mullane ) دراسة هدفت الى تحديد تصورات طلبة البكلوريوس للعدالة والقيم التربوية للعملية التاديبية،وتحديد ما اذا كانت مستويات تطور الروح المنوية لدى الطلاب ترتبط بتصوراتهم للعدالة والقيم التربوية ام لا.وتالفت طرائق البحث من تحليلات وصفية كمية،ومقارنات للمجموعات والتقنيات الارتباطية،ثم اجراء تحليل وصفي فيما يتعلق بالاسئلة المفتوحة على استبانة استطلاعية استعملت لتحديد تصورات العدالة والقيم التربوية.وكان الاستبيان يتالف من فقرات عديدة لتشكل مقياساً يمثل العدالة في كل مرحلة من العملية التاديبية.وتم تحديد تطور الروح المعنوية بواسطة اختبار تحديد الموضوعات،وهي اداة معيارية مصممة بواسطة الحاسوب.وقد تم جمع البيانات من (73) طالباً من طلبة البكلوريوس ممن كانت لهم قضايا تأديب تم الحكم فيها في جامعة ميامي عام 1994م في الولايات المتحدة الامريكية.وكانت من اهم النتائج التي توصلت اليها الدراسة ما يأتي :
__________
(1) .Mullane,S,P(1996).The fairness and educational value of on undergradnate disciplinory progrom from a moral development purspective.Eric,order no; AAC.(1/15)
- تصورات الطلبة للعدالة والقيم التربوية ومستوى تطور الروح المعنوية لديهم لم تكن ترتبط بالجنس أو العرق والحالة الانضباطية السابقة،او نوع التهمة ،او شدة العقوبة.
- مقارنة بالمعايير الطبيعية لاختبار تحديد الموضوعات فان عينة البحث ككل ،والطالبات بشكل خاص اظهرت مستويات متدنية من تطور الروح المعنوية أقل من عينة طلاب الكليات الاخرى في مرحلة البكالوريوس.وكلما كان مستوى تطور الروح المعنوية للطلاب اعلى،كلما كان اكثر احتمالاً ان يعدّ الطلاب العملية التاديبية على انها ذات قيمة تربوية مستقلة عن تصوراتهم للعدالة.
5.دراسة Aleen 1998 م (1)
... اما دراسة الن (Aleen ) التي اشار اليها سفيان في دراسته (1998)،فهدفت الى استقصاء القيم التربوية المتأصلة عند الطلبة وعلاقتها ببعض المتغيرات الديمغرافية (المجموعة العرقية،الجنس،المرتبة بين الاخوة،الطبقة الاجتماعية)،وقد اختار الباحث عينة مكونة من (500) طالب بين المبتدئ والمتخرج من اربعة مواقع في الولايات المتحدة الامريكية،وطبق عليهم استبانة القيم التربوية التي اعدها الباحث اعتماداً على دراسة القيم(لالبورت،وفيرنون وليندزي) ،وتصنيف سبرانجر وقد احتوت الاستبانة على ستة مجالات هي :القيم الجمالية،المهنية،القيادية،العلمية،الاجتماعية،الفلسفية.
وقد توصلت الدراسة الى وجود فروق دالة بين الذكور والاناث في القيم المهنية والجمالية لصالح الذكور،وتفاعل دال بين القيم المهنية والجنس،وفروق دالة في القيم الاجتماعية والقيم المهنية بالنسبة لمرتبة الولادة لصالح الفتات الاكبر سناً وفي القيم العلمية بين مستويات الطلبة المتوسطين والطلبة المتدنين لصالح الطلبة المتوسطين.
__________
(1) سفيان،نبيل صالح :الذكاء الاجتماعي والقيم الاجتماعية وعلاقتهما بالتوافق النفسي والاجتماعي لدى طلبة علم النفس ،جامعة تعز،اطروحة دكتوراه ،كلية التربية،جامعة بغداد ،1998م.(1/16)
6.دراسة قحطان2002 م (1)
... قامت قحطان بدراسة (القيم التربوية الممارسة لدى طالبات جامعة تعز في الجمهورية اليمنية) والتي هدفت الى التعرف على القيم التربوية الممارسة لدى طالبات جامعة تعز من وجهة نظر الطالبات انفسهن ،وبيان اثر مجموعة من المتغيرات على هذا الهدف وهي :الكلية ،المستوى الدراسي،البيئة الاجتماعية،الحالة الاقتصادية(المادية)،وذلك من خلال الاجابة عن السؤالين الآتيين:
1. ما القيم التربوية الممارسة لدى طالبات جامعة تعز من وجهة نظر الطالبات انفسهن؟
2. هل هناك اختلاف في القيم التربوية الممارسة لدى طالبات جامعة تعز كما وردت في اداة الدراسة يعزى لمتغيرات:الكلية والمستوى الدراسي والبيئة الاجتماعية والحالة الاقتصادية؟
تكون مجتمع الدراسة من طالبات جامعة تعز في كليات (التربية،الاداب،العلوم،التجارة) للعام الدراسي 2000-2001م ،وبلغ عددهن (8001) طالبة وتكونت عينة الدراسة من (801) طالبة اختيرت بطريقة عشوائية طبقية بنسبة (10%) من كل كلية ومستوى دراسي ،ومن اجل تحديد القيم التربوية الممارسة لدى الطالبات ،قامت الباحثة بتطوير استبانة اشتملت على (65) قيمة تربوية موزعة على اربعة مجالات هي (القيم الفكرية والعقدية،القيم الاجتماعية،القيم الاقتصادية،القيم الجمالية)،واخضعت اداة الدراسة الى اجراءات الصدق والثبات من اجل التاكد لملاءمتها للبحث ،وبعد استخدام الوسائل الاحصائية المناسبة مثل تحليل التباين المتعدد(Manova) لقياس اثر متغيرات الدراسة المستغلة على مجالات القيم التربوية ،وتحليل التباين الثلاثي لقياس اثر متغيرات الدراسة على منظومة القيم بشكل عام،وقد اسفرت الدراسة عن مجموعة من النتائج كان من اهمها:
__________
(1) . قحطان،فائزة عبد الله:القيم التربوية الممارسة لدى طالبات جامعة تعز في الجمهورية اليمنية،رسالة ماجستير،كلية التربية،جامعة اليرموك،2002م.(1/17)
- ان ممارسة طالبات جامعة تعز للقيم التربوية كانت ايجابية،وبدرجة عالية على معظم فقرات اداة الدراسة ومجالاتها بصورة عامة ،اذ بلغ المتوسط الحسابي العام (3.07) من (4).
- ان مجالات القيم التربوية الممارسة لدى طالبات جامعة تعز قد جاءت على الترتيب التالي، المجال الفكري والعقائدي،المجال الجمالي ،المجال الاجتماعي ،المجال الاقتصادي) وفي ضوء النتائج قدمت الباحثة عدداً من التوصيات التي تدعم ممارسة منظومة القيم لدى طالبات جامعة تعز في الجمهورية اليمنية.
مناقشة الدراسات السابقة
... بالرغم من البحث والتقصي بكافة الوسائل المتاحة للباحث -ومن ضمنها الانترنيت- الا انه لم يعثر على دراسات سابقة عربية واجنبية ذات صلة مباشرة بالقيم في فكر الامام الحسين( - عليه السلام - ) بشكل عام والقيم التربوية بشكل خاص .الا انه أرتأى ان يعرض عدداً من الدراسات العربية والاجنبية التي عنيت بالفكر التربوي عند بعض مفكرينا،والدراسات التي تناولت القيم بشكل عام والقيم الاسلامية بشكل خاص واخيراً دراسات تناولت القيم التربوية .ونتيجة اطلاع الباحث على هذه الدراسات فقد استفاد منها في الجوانب التي تتعلق بالمنهجية والوسائل الاحصائية والنتائج مما عزز من ثقة الباحث باستخدامه المنهجة المناسبة في دراسته الحاليةومن خلال عرض واستقراء الدراسات السابقة وتحليلها ومناقشة نتائجها توصل الباحث الى مجموعة من الدلائل والمؤشرات هي :
1. تباينت الدراسات السابقة من حيث الهدف الذي تسعى الى تحقيقه،فدراسات هدفت الى التعرف على الفكر التربوي واخرى سعت الى الكشف عن قيم معينة ومن ضمنها القيم التربوية وثالثة هدفت الى تمثل هذه القيم لدى عينة من مجتمع(اطفال،معلمات) وكان من اهداف بعض هذه الدراسات هو بناء منظومة للقيم في ضوء ما توصلت اليه من نتائج.(1/18)
2. يتضح لنا من استعراض الدراسات السابقة انفاً،ان هذه الدراسات قد اجريت في اقطار عربية عديدة منها العراق،الاردن،قطر ،السودان ،اليمن.اما الدراستان الاجنبيتان الوحيدتان فقد اجريتا في الولايات المتحدة الامريكية.
3. اكدت معظم الدراسات العربية أهمية القيم الأخلاقية الإسلامية مثل دراسة السويدي 1989م ودراسة شومان 1993م ودراسة الطيب 1996م ودراسة الدرابسة 2001م ودراسة عسكر 2002م في حين تناولت الدراسات الاخرى القيم بشكل عام من غير التركيز على القيم الاسلامية مثل دراسة الهيتي 1977م،وهذا مؤشر يتضح للباحث من خلاله ضرورة التركيز على القيم الاسلامية لأنها تعبر عن واقع المجتمع العربي مما ينعكس على نتائج البحث سلباً أو ايجاباً.
4. تباينت الدراسات السابقة فيما بينها من حيث المنهجية التي اعتمدتها،فقد اعتمد البعض على المنهج التاريخي الوصفي التحليلي كدراسة الموسوي 2000م والمشايخي 2001م وعسكر 2002م في حين اعتمدت دراسة شومان 1993 على المنهج التحليلي الاستنباطي،اما دراسة الهيتي 1977م والدليمي فقد اعتمدتا منهج تحليل المحتوى ،الا ان معظم الدراسات الاخرى فكان المنهج الوصفي التحليلي هو المنهج المتبع فيه مثل دراسة السويدي 1989م ودراسة الطيب 1996م.
5. اختلفت الدراسات السابقة فيما بينها بأستخدامها الاداة المناسبة لتحقيق اهدافها،وعند استعراض تلك الدراسات للتعرف على الادوات المستخدمة في كل منها نلاحظ الاتي:
أ . دراسات قام الباحثون فيها ببناء مقاييس وتصانيف،ومنها دراسة السويدي 1989م ،ودراسة الدليمي 1995م،ودراسة مولان 1996م،دراسة الياسري 1997م، دراسة الدرابسة 2001م،ودراسة قحطان 2002م .
ب . دراسات استخدمت مقاييس وتصانيف جاهزة تم تكييفها وتعديلها من قبل الباحثين ،ومنها دراسة الهيتي 1977م، ودراسة ألين 1998م ،ودراسة العمري وآخرين 1999م.(1/19)
6. قامت بعض الدراسات ببناء منظومة للقيم الاسلامية في ضوء ما توصلت االيه من نتائج مثل دراسة شومان 1993م، ودراسة الطيب 1996م،ودراسة عسكر 2002م،وهذا النوع من الدراسات اعتمد على اساس بناء تصانيف بعدية.
7. اختلفت الدراسات السابقة في أطرها النظرية ،فقسم منها اقتصر على مشكلة البحث واهميتها والدراسات السابقة مثل دراسة الهيتي 1977م،ودراسة الين 1998م،أما الدراسات الأخرى فقد تبنت أطراً نظرية .(1/20)
منهج البحث
... لغرض تحقيق أهداف البحث المتعلقة بتحديد القيم التربوية في فكر الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) وبناء منظومة قيمية على وفق ذلك ، تطلب استعمال طريقة في التحليل تسمى طريقة تحليل المحتوى. إذ تعد هذه الطريقة من انسب طرائق البحث التي تستخدم في مثل هذه الدراسات إذ تستخدم هذه الطريقة في تحليل محتوى المجلات والكتب والصحف والقصص الأدبية والمذكرات والأمثال الشعبية ... الخ ، أي مواد الاتصال جميعها التي عن طريقها تنتقل الأفكار والآراء والمعلومات بين الناس سواء كانت مكتوبة أم مسموعة. (1) ومما يستلزم اتباع طريقة تحليل المحتوى في هذا البحث ، هو كون المادة المحللة مادة وفيرة ، ولكون هذه الطريقة تستخدم عادة لتحويل معلومات كثيرة إلى فئات اصغر ذات معنى اكبر. (2) كما إن هذه الطريقة تعد من الطرائق العلمية والتي استخدمت في كثير من الدراسات التي استهدفت الكشف عن القيم في المواد المحللة كدراسة الهيتي 1977م ودراسة الدليمي 1995م. ويعرف تحليل المحتوى بأنه مجموعة الخطوات المنهجية التي تسعى إلى اكتشاف المعاني الكامنة في المحتوى والعلاقات الارتباطية بهذا المعنى ، من خلال البحث الكمي والموضوعي والمنظم للسمات الظاهرة في هذا المحتوى . (3) وتوجد هناك إجراءات أساسية يتم اتباعها عند تحليل المحتوى هي :
1- مصادر البيانات واختيار العينة
__________
(1) . السلمان،عبد العال واخرون : تحليل المحتوى، مصر ، مركز البحوث النفسية والتربوية ، جامعة القاهرة ، 1984 ، ص4 .
(2) . Chaney, David, Processes of Mass communication. London , Wheaton and Co, 1972 , P.117.
(3) . عبد الحميد ،محمد: التحليل الكمي للمحتوى وبحوث الإعلام في ضوء المنظور المنهجي ، الحلقة الدراسية الثانية لبحوث الإعلام في مصر ، القاهرة ، 1981 ، ص18 .(1/1)
لغرض تحديد القيم التربوية في فكر الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) فقد أطلع الباحث على معظم كتب التاريخ المعتمدة من اجل تدوين الحكم والوصايا والخطب والمحاورات والرسائل والتي نسبت إلى الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) التي بلغت المئات وقد واجه الباحث صعوبات كبيرة في حصر هذه المصادر ، إذ انه غير متخصص بمجال التاريخ كي يتسنى له المعرفة الكاملة بتلك المصادر وعليه توجه الباحث باستبانة ضم فيها مصادر التاريخ المعتمدة إلى أساتذة التاريخ (1) راجياً منهم بيان رأيهم فيها وترتيبها حسب الأهمية لاجل حصول الباحث على بياناته بمصداقية وموضوعية ( ملحق1) وإضافة ما يجدونه مناسباً من المصادر بما يخدم أهداف البحث،وقد ارتأى الباحث في بادئ الأمر إن يقتصر بحثه على تلك الخطب والوصايا والمحاورات والرسائل والحكم بعد وفاة الإمام الحسن( - عليه السلام - ) بعد أن آلت الإمامة إلى الحسين( - عليه السلام - ) وقيادة الامة بعد أخيه الحسن( - عليه السلام - ) بوصفها بدء الدور الرسالي للحسين( - عليه السلام - )،إلا إن ذلك كان غير ممكن لصعوبة فرز الوصايا والحكم والرسائل والمحاورات وتحديد الأزمان التاريخية التي قيلت فيها مما قد يسبب الخلط احياناً بين تلك الأقوال وتوخياً للدقة والموضوعية وبعد استشارة الباحث لخبراء التاريخ ارتأى أن لا يقتصر بحثه على تلك الحقبة فحسب.وبعد أن قام الباحث بحصر تلك الحكم والوصايا والرسائل والخطب والمحاورات واستبعاد المتشابه منها ،عرض الباحث تلك الحكم والوصايا والرسائل والخطب والمحاورات على مجموعة من المختصين (2)
__________
(1) ( وجه الباحث استبانة إلى أساتذة التاريخ لتحديد كتب التاريخ المعتمدة التي يمكن ان يعتمدها الباحث انظر ملحق ( 1 ).
(2) ( عرض الباحث ما تم جمعه من الحكم والوصايا والرسائل والخطب والمحاورات على بعض المختصين وهم :
1.أ.م.د.ابراهيم علي شكر.
2.أ.م.د.مقداد أسماعيل الدباغ.
3.م.د.بشرى عناد التميمي.(1/2)
بعد أن قام الباحث بقراءة تلك الحكم والوصايا والرسائل والخطب والمحاورات بتأني ،وقد طلب من المختصين ذلك ايضاً وبعد ذلك تم حصر تلك الحكم والوصايا والرسائل والخطب والمحاورات وتصنيفها إلى أبواب حسب مسمياتها وكما هو موضح في الجدول الآتي.
جدول(1)
يبين عدد الرسائل والخطب والوصايا والمحاورات والحكم التي ستخضع للتحليل
الرسائل ... الخطب ... الوصايا ... المحاورات ... الحكم
9 ... 14 ... 7 ... 36 ... 38
ومن ملاحظة الجدول السابق نجد إن الباحث قد استبعد الأدعية والأشعار والأراجيز التي نسبت إلى الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) وذلك للأسباب الآتية :
1- تكرار الموضوع في الأدعية فضلاً عن تكرار العبارات والأفكار نفسها مما يؤثر في نتائج البحث فضلاً عن ان الكثير من تلك الأدعية لا يمكن نسبتها إلى الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) وهذا الأمر ينطبق على الأشعار والأراجيز ، إذ إن الحسين ( - عليه السلام - ) لم يعرف شاعراً وانما كان يستعير بعض الأشعار والأراجيز وفق المناسبة ، لذا لا يمكن نسبها إليه فضلاً عن إن بعضها مجهولة النسب .
2- تتضمن الأدعية الكثير من الآيات القرآنية التي ا ستبعدها الباحث من عموم المادة المحللة وذلك لصعوبة تفسير الآيات القرآنية لاختلاف مذاهب التفسير من حيث تفسير النص بظاهره وباطنه ولو أخذت التفاسير المعتمدة جميعها وهي كثيرة فان ذلك سيؤدي إلى ازدواج المعنى وهذا يؤثر في عملية التحليل .(1/3)
... كما أستثنى الباحث فضلاً عما سبق الأحاديث التي نقلها الإمام الحسين عن جده (صلى الله عليه وآله وسلم) والأقوال المروية عنه عن أبيه وأخيه (عليهما السلام)،وذلك لأنها لا تعد أقوالاً للإمام الحسين ( - عليه السلام - ) وانما هو ناقل لها،فضلاً عن ذلك أستثنى الباحث المسائل الشرعية التي أجاب عنها الإمام الحسين( - عليه السلام - ) ،مثل أوقات الصلاة وكيفية الوضوء والصيام وغيرها من المسائل الشرعية،وذلك لانها لا تدخل في دائرة البحث وتحتاج إلى متخصص في الفقه والشريعة للفرز فيما بينها لاختلاف المصادر في طرحها.
وقد ناقش الباحث مسوغات الاستثناء هذه مع مجموعة من المختصين (1) في التربية وعلم النفس ولهم دراية وخبرة في تحليل المحتوى للاطلاع على آرائهم في هذا الخصوص ، وقد اتفق الجميع عليها ، إذ إن استثناء موضوعات معينة من التحليل – إذا ما حددها الباحث – أجراء مألوف إذ تعد من ضمن القواعد التي يضعها الباحث ، وقد استخدمت في العديد من الدراسات التي تناولت تحليل المحتوى كدراسة الهيتي 1977م ، ودراسة نوال الدليمي 1995م.
3- التصنيف وتحديد فئات التحليل :
__________
(1) ( 1- أ . م . د مقداد الدباغ.
2- أ . م .د ليث كريم حمد السامرائي.
4-أ.م.د.صفاء طارق حبيب.
3- أ.م . د وحيدة حسين الركابي.(1/4)
... ... يتضح من هدف البحث إن القيمة التربوية هي الفئة المعتمدة في التحليل،ونتيجة لاستخدام الباحث طريقة تحليل المحتوى التي يكون التصنيف ضمن الخطوات اللازمة فيها. (1) لذلك أطلع الباحث على التصانيف الجاهزة للقيم المستخدمة في عدد من الدراسات والبحوث السابقة إلا انه لم يجد تصنيفاً يلائم بحثه،وبما إن الباحث اعتمد طريقة تحليل المحتوى فانه يمكن أن يلجأ إلى أمرين أحدهما إن يتخذ تصنيفاً جاهزاً ملائماً أو يعمل على وضع تصنيف خاص به وهناك طريقتان لتحليل المحتوى أحدهما وجود أداة مسبقة للبحث ( تصنيف ) تدعى بالطريقة القبلية ، سواء كانت هذه الأداة مستعارة أم موضوعة من الباحث أي يقدم فيها الباحث اطاراً نظرياً مسبقاً ليكون حلاً مبدئياً يفترض وجوده في المحتوى المراد تحليله ، أما الطريقة الثانية في تحليل المحتوى التي تجري دون الاعتماد على وجهة نظر مسبقة بالمحتوى المحلل فتدعى بالطريقة البعدية في التحليل وهي الأسلوب الذي يتم فيه فرز مادة المحتوى الخام جميعها ثم تصنيفها إلى مفاهيم ومجاميع ، دون أن يكون هناك رأي مسبق بمحتواها أي دون الاعتماد على تصنيف ما وذلك من خلال استنباط الباحث قائمة من القيم والمفاهيم من خلال قراءته لمحتوى المادة المحلل وهذا الأمر يتطلب مقدرة عالية وبصيرة من المحلل في استنباط تلك القائمة من القيم (2) وهنا تجدر الإشارة إلى إن الباحث سيعتمد أسلوب التحليل البعدي على وفق المسوغات الآتية :-
__________
(1) .Berlson ,Bernard .” Content Analysis “ in Gardner lindzey , 1959 P. 510 .
(2) . الهيتي ،خلف نصار وعبد العال السلمان : مقدمة في منهجية تحليل المحتوى ، جامعة بغداد ، مركز البحوث التربوية والنفسية ، 1987، ص13 .(1/5)
1- يقرر الكثير ممن تعرضوا لبحث القيم ودراستها ، انه من العسير ، تصنيفها تصنيفاً شاملاً فيقول " كلاكون " :(نحن لم نكتشف بعد تصنيف شامل للقيم ) كما يؤكد " سورلي ":( انه من المستحيل أن تكون هناك قاعدة يمكن على أساسها تحديد أنواع القيم كلها ). (1)
2- التصانيف جميعها التي اطلع عليها الباحث لا تشير إلى القيم التربوية بالرغم من أهمية تلك القيم في حياة المجتمعات ، إذ على أساسها تبنى سلوكيات الأفراد من خلال القدوة أو الأنموذج الذي يعد كل ما يصدر عنه عبارة عن قيمة تربوية الهدف منها بناء مجتمع .
3- التصانيف الأجنبية جميعها لا تلائم الثقافة العربية ، وان اقتباس تلك التصانيف دون استيعاب الظروف الموضوعية والذاتية للمجتمع الذي وضعت فيه ، قد يؤدي إلى اختلال في مفهوم القيم ذاتها ولكي يعد الباحث أداة بحثه اتبع الإجراءات الآتية :-
1- دراسة مجتمع البحث دراسة متأنية من خلال قراءة الوصايا والرسائل والخطب والمحاورات والحكم التي تم جمعها من الباحث من خلال الاطلاع على مصادر التأريخ المعتمدة والتي أشار إليها خبراء التأريخ والتي تتضمن المحتوى الفكري للإمام الحسين ( - عليه السلام - ) والذي يتصف بالثقافة والتربية العربية الإسلامية المستندة إلى القرآن الكريم والسنة النبوية الصادقة والمدرسة العلوية المعبرة عن القيم الإسلامية . وفي ضوء ذلك تم تكوين تصور للتصنيف الذي سيتم بناءه بشكل يلائم طريقة البحث وهدفه وطبيعة بياناته .
2- الاطلاع على دراسات سابقة في مجال تحليل المحتوى تناولت طريقة إعداد التصانيف مثل دراسة الدليمي 1995م و دراسة الدرابسة 2002م .
3- الاستفادة مما تم عرضه في الإطار النظري من هذا البحث والذي تم فيه عرض تصنيفات متعددة للقيم فضلاً عن عرض الأدبيات المختلفة وقراءتها من الباحث لاجل التوصل إلى قائمة القيم المعتمدة .
__________
(1) . ذياب،فوزية : (1980)،المصدر السابق، ص73 .(1/6)
4- ومن خلال الإجراءات السابقة تم صياغة قائمة القيم التربوية ووضع التعاريف المناسبة لها ثم عرضها على نخبة من الخبراء في مجال التربية وعلم النفس والفكر الإسلامي واللغة العربية وقد ترك المجال مفتوحاً للزيادة عليها والتعديل والحذف(ملحق2) . ولقد درس الباحث ملاحظات الخبراء ومناقشتهم فيها والأخذ ببعض الآراء .ومن ثم تم وضعها بالشكل النهائي (ملحق3).
5- وبعد التوصل إلى قائمة القيم التربوية والتي بلغت (23) قيمة مع تعريفاتها،قام الباحث بعد الاطلاع على الدراسات والأدبيات ذات العلاقة والاستعانة بآراء عدد من الخبراء إلى توزيع القيم التربوية التي حصل عليها إلى ثلاثة مجالات هي علاقة الإنسان بربه وعلاقة الإنسان بنفسه وعلاقة الإنسان بالآخرين ومن ثم وضعها في أستبانة وقدمها إلى مجموعة من الخبراء لبيان انتماء هذه القيم إلى مجالاتها من عدم انتمائها (ملحق4).
4- وحدة تحليل المحتوى .
... تعتمد وحدة تحليل المحتوى على هدف البحث والمادة الخاضعة للتحليل وتوجد هناك أنواع عديدة من وحدات التحليل مثل وحدة الكلمة والفكرة والموضوع ومقاييس المساحة والزمن إلا إن اكثرها شيوعاً واستخداماً هي وحدة الكلمة ووحدة الفكرة والتي تعني :
- الكلمة : وهي اصغر الوحدات وهي وحدة سهلة الاستخدام وخاصة في تحليل المحتوى بواسطة الكمبيوتر .(1/7)
- الفكرةTheme) ( : ويقصد بالفكرة المعنى المطلوب إيصاله إلى القارئ أو المستمع وتكون أما على شكل جملة أو عبارة ( فقرة كاملة ) (1) وهي تعبر عن فكرة منفردة ،أو تنقل خبراً منفرداً من المعلومات ، فتنتزع من جزء المحتوى ، والفكرة اصعب من الكلمة في التحليل لأنها اكثر تعقيداً فقد تبدو للمحلل وكأنها تشير إلى اكثر من قيمة في آن واحد ، مما يجعل الثبات في حالة استخدام الفكرة اقل منه عند استخدام الكلمة ، فهي صعبة لصعوبة تحقيق ثبات عال عند استخدامها. والبحث الحالي يتبنى وحدة الفكرة للتحليل وذلك للمسوغات الآتية :
1- وحدة الفكرة هي الأكثر استخداماً وفائدة في مثل هذه البحوث والتي تهدف إلى التعرف على قيم أو أفكار أو اتجاهات ضمن محتوى يمثل في جملة بسيطة أو مركبة ، ولان الكلمة بحد ذاتها لا تعد مؤشراً للتوجه القيمي فضلاً عن أن الحكم القيمي يتضح من خلال الفكرة .
2- لها من السعة ما يكفي لاعطاء معنى ، ومن الصغر ما يقلل من احتمال تضمنها لقيم عديدة، قياساً بوحدات اكبر مثل الموضوع .
3- يعدها "وايت" الوحدة الأساسية للتحليل القيمي كما يعدها "هولستي" وحدة لا مفر من استخدامها في أبحاث القيم. (2)
__________
(1) . عزيز،عمر ابراهيم : المصدر السابق، ص105 .
(2) . الهيتي،خلف نصار : (1977)،المصدر السابق ، ص62 .(1/8)
تنقسم وحدة الفكرة على نوعين هما الفكرة الصريحة والفكرة الضمنية ، والفكرة الصريحة هي جملة ، أو جملة مركبة ، يقال فيها صراحة وبشكل مباشر ، بان هدفاً أو معياراً للحكم مرغوب أو غير مرغوب فيه . والمقصود بذلك أن الكُتاب غالباً ما يعمدون إلى أسلوب الوعظ والإرشاد ، فينصحون القارئ والمستمع بان يفعل أو يتجنب شيئاً معيناً بشكل مباشر. (1) في حين إن الفكرة الضمنية تستنبط من الجملة أو العبارة بشكل غير مباشر وعادة ما نستعمل وحدة الفكرة الضمنية في تحليل نص أو رسم كلا متكامل. (2)
4- وحدة التعداد ( التكميم )
ويعني بها تحويل المحتوى إلى كميات رقمية ، وقد اعتمد الباحث وحدة التكرار كوحدة تكميم والتي تعني حساب التعدد لظهور كل قيمة من القيم المحددة ببساطة من اجل إعطائها بعداً كمياً وقد أعطى لكل وحدة في المحتوى وزناً متساوياً أي إعطاء نقطة واحدة حينما يظهر أي مفهوم من المفاهيم ، وتعد هذه الطريقة هي الأكثر شيوعاً في مثل هذه البحوث. (3)
5- خطوات التحليل.
تم اتباع مجموعة خطوات متسلسلة للتحليل كما يأتي:
أ- بناء استمارة أو جدول التحليل (ملحق8).
ب- قراءة الموضوع (الحكمة ،الوصية، الرسالة ،المحاورة ،الخطبة ) قراءة متأنية ومتعمقة من أجل التعرف على الفكرة التي تحتويها.
ج- تأشير الفكرة التي تظهر للباحث أثناء القراءة.
د- إعطاء تكرار واحد للقيمة التي تظهر من خلال الفكرة في الاستمارة المعدة لذلك.
6- قواعد التحليل وأسسه.
__________
(1) . الهيتي،خلف نصار : نفس المصدر، ص62 .
(2) . السلمان ،عبد العال واخرون : المصدر السابق ،ص19.
(3) . السلمان ،عبد العال واخرون: المصدر السابق،ص19.(1/9)
إن طبيعة المادة المحللة ونوعها هو الذي يفرض على الباحث قواعد التحليل التي تساعد على رفع درجة الاتفاق بين المحللين عند إيجاد الثبات ،إذ إن وضع قواعد صريحة وواضحة للتحليل يسهم في رفع الثبات ،فلقد أكد "هولستي" ضرورة وضع قواعد محددة وتدريب المحللين عليها ،حتى في الحالات التي يمتلك فيها أولئك المحللون المهارات اللازمة للتحليل. (1)
ولقد وضع الباحث قواعد وأسس للتحليل من خلال الاطلاع على مجموعة من الدراسات والأدبيات المشابهة وكذلك من خلال مناقشته لمجموعة من الخبراء (2) . فقد وضعت القواعد الآتية للتحليل :
أ . عندما تحتوي الفكرة الرئيسة على فكرة فرعية ، تعامل كل فكرة فرعية على إنها وحدة مستقلة في التحليل .
ب . يُعدّ كل من المعطوف والمعطوف عليه أفكاراً مستقلة في التحليل .
ج . إذا ظهرت في الجملة فكرتان وكانت أحداهما سبباً والأخرى نتيجة أو أحداهما وسيلة والأخرى غاية ، فأن كلاً منهما تعامل فكرة مستقلة .
د. إذا كانت الفكرة لا تعطي مدلولاً قيمياً واضحاً لعدم اكتمال الفكرة أو لارتباطها بما قبله أو بعدها فيصار إلى قراءة الفكرة السابقة واللاحقة لتتضح دلالتها القيمية .
هـ. إذا بدا للمحلل أن فكرة ما تتضمن اكثر من قيمة ، يؤخذ بالقيمة التي يبدو التأكيد عليها اكثر من غيرها .
وفيما يأتي نموذج تم تحليله لتبيان قواعد التحليل وأسسه بشكل عملي : ( الصدق عز ، والكذب عجز ، والسر أمانة ، والجوار قرابة ، والمعونة صداقة ، والعمل تجربة ، والخلق الحسن عبادة ، والصمت زين ، والشح فقر ، والسخاء غنى ، والرفق لب) (3) .
أ . تحديد الفكر ( وحدات التحليل التي تحمل قيماً )
1- الصدق عز والكذب عجز .
2- السر أمانة .
3- الجوار قرابة .
4- المعونة صداقة.
__________
(1) . عزيز،عمر ابراهيم : المصدر السابق،ص107.
(2) ( . أ.م.د . صفاء طارق كرمة ، م.د. محمد عبد الله ، م.د. سفيان صائب المعاضيدي .
(3) .بن ابي يعقوب ،أحمد:تاريخ اليعقوبي 2: 246 .(1/10)
5- العمل تجربة.
6- الخلق الحسن عبادة .
7- الصمت زين.
8- الشح فقر والسخاء غنى.
9- الرفق لب.
ب- تسمية القيمة التي تتضح من خلال كل فكرة .
الفكرة ... القيمة
1 ... الصدق
2 ... الأمانة
3 ... صلة الرحم
4 ... التعاون
5 ... العمل
6 ... الإيمان
7 ... الحلم
8 ... الكرم
9 ... الرحمة
7. الصدق :
... يعد الصدق من الشروط اللازمة التي ينبغي توافرها في الأداة التي يعتمدها أي باحث وعليه فأن أي تصنيف يجب أن يكون صادقاً ويقيس الهدف الذي وضع من اجله. (1) ويراد بصدق الأداة هنا هو قدرتها على قياس ما وضعت من اجل قياسه وذلك من خلال صلاحيتها للتحليل وقدرتها على أستخراج الأفكار من المادة المحللة. (2) ولتحقيق ذلك اعتمد الباحث على الصدق الظاهري الذي يعد أحد جوانب صدق المحتوى وذلك من خلال عرض قائمة القيم على مجموعة من الخبراء للحكم على صلاحيتها في قياس ما وضعت من اجله ، ويؤخذ على هذه الطريقة احياناً عدم جدية الخبراء في الحكم وحرصاً من الباحث على توخي الدقة في الإجابة من الخبراء ، فقد ارتأى مقابلة المحكمين ومناقشتهم في قائمة القيم بعد توزيع الاستبانة عليهم ، إذ إن هذه الطريقة تبصر الباحث اكثر مما لو اعتمد على طريقة توزيع الاستبانة فقط . وقد اشار بود “Budd” على إن طريقة المحكمين من طرائق قياس الصدق المعتمدة في منهج تحليل المحتوى ، ويعدها وسيلة من وسائل الصدق المنطقي ، إذ من خلالها يمكن للباحث أن يأخذ رأي المحكمين للحكم على مدى سلامة الطريقة المعتمدة في التحليل. (3)
__________
(1) . الظاهر،زكريا محمد واخرون : مبادئ القياس والتقويم في التربية،ط1، الأردن ، مكتبة دار الثقافة للنشر ، 1999 ،ص132.
(2) . فرج،صفوت: القياس النفسي ، ط1، القاهرة ، دار الفكر العربي للطباعة ، 1980 ، ص136 .
(3) . Budd, Richard and others , Content Analysis in communication, New York , Macmillan, 1967 , P . 69 .(1/11)
وبعد المناقشة مع لجنة المحكمين بجلسات عدة تم تبادل الآراء ووجهات النظر وإبداء الملاحظات تم التوصل في النهاية إلى قائمة القيم التربوية(ملحق 3) وذلك بعد الأخذ بالتعديلات اللازمة ومن ثم عرض الباحث للمرة الثانية التصنيف النوعي (نتيجة التحليل) على لجنة الخبراء والمحكمين نفسها وارفق معه كافة الحكم والوصايا والخطب والمحاورات والرسائل التي حللت وذلك للتأكد من صدق مجالاته وعناصره ومفاهيمه ومدى إمكانية إخضاعه لعملية تكميم نتائج التحليل،وقد أجمع المحكمون على صدقه وصلاحيته وذلك بنسبة اتفاق (80%) فأكثر من مجموع الخبراء. وبذلك حقق الباحث صدق المحتوى للتصنيف وهو صدق يفي بمتطلبات هذا البحث ، وقد اصبح جاهزاً بحيث يمكن الاعتماد عليه في التحليل .
8- الثبات
... يعد الثبات شرطاً من الشروط التي ينبغي توافرها في الأدوات المستخدمة في البحوث ، ويعني مفهوم الثبات أن يعطي الاختبار أو المقياس النتائج نفسها إذ ما أعيد تطبيقه مرة ثانية وفي الظروف نفسها. (1) ومن شروط منهج تحليل المحتوى (كونه من المناهج العلمية ) أن تتوافر فيه خاصية الثبات والتي تعني الحصول على النتائج نفسها إذا ما أعيد تحليل محتوى المواد نفسها بشرط أن تتبع الشروط والتعليمات نفسها التي اتبعت في التحليل فضلاً عن حسن اختيار المحللين وتدريبهم على تلك التعليمات. (2)
ويمكن الحصول على الثبات في تحليل المحتوى من نوعين من الاتساق ، وهما :
1- الاتفاق بين المحللين وفيه يقوم محللان مختلفان يعملان بصورة مستقلة في وقت واحد بتحليل عينة من النصوص والتوصل إلى النتائج نفسها بشرط أن تستخدم معايير التحليل والوحدات المعتمدة نفسها .
__________
(1) . عزيز،حاتم جاسم : تقويم المناهج الدراسية لاقسام العلوم التربوية والنفسية في كليات التربية من وجهة نظر التدريسيين،رسالة ماجستير ،كلية التربية(أبن رشد)،جامعة بغداد،2002،ص63 .
(2) 2. Budd, Richard and other....,(op.cit) P. 66 .(1/12)
2- الاتفاق عبر الزمن : وهو يعني أن يتوصل محلل منفرد ( يمكن أن يكون الباحث نفسه ) أو مجموعة من المحللين ، إلى النتائج نفسها ، عند استخدام التصنيف نفسه في تحليل المحتوى نفسه ، ولكن بأوقات زمنية مختلفة. (1)
ومن اجل حساب معامل الثبات ، اختار الباحث عينة عشوائية من( محاورات ، وحكم ، ووصايا ، وخطب ، ورسائل ) الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) بنسبة (10%) من مجتمع البحث الأصلي ، حللت أربع مرات بشكل منفصل . حللها الباحث مرتين يفصل بينهما (30) يوماً لإيجاد الاتساق عبر الزمن ، في حين حلل التحليل الثالث والرابع ، محللان خارجيان (2) عملا بشكل منفصل لإيجاد الاتساق بين المحللين . وفي ضوء ذلك استخرج الباحث معامل الثبات على تحديد الفكر التي تتضمن قيماً وعلى تسمية القيم التي احتوتها انظر جدول(2)، ولغرض حساب معامل الثبات استخدم الباحث معادلة "سكوت" التي تعد المعادلة الأكثر فائدة في مثل هكذا بحوث ، فهي قد طورت اساساً لاستخراج الثبات في تحليل المحتوى. (3)
جدول (2)
يبين معامل الاتفاق على تحديد الفكر وتسمية القيم في عينة البحث
نوع الثبات ... تحديد الفكر ... تسمية القيم
بين محاولتي الباحث عبر الزمن ... 90% ... 87%
بين الباحث والمحلل الأول ... 84% ... 82%
بين الباحث والمحلل الثاني ... 81% ... 77%
__________
(1) . Berlson, Bernard. ‘Content Analysas’ in Gardner Lindzey , ( ed) , Hand Book of Social Psychology Vol – 1 – NeW York, Addison –wesley , 1959 . P. 514 .
(2) (1.أ.م.د.وحيدة حسين الركابي.
2.م.د.بشرى عناد التميمي.
(3) . Scott, William A. “Reliability of content Analysis; The case of Nominal Scale coding , “ Public opinion quarterly , Vol. 19 , No. 3 , 1955 , P – 321 – 325 .(1/13)
وتعد معاملات الثبات التي حصل عليها الباحث من خلال محاولتي الباحث مع نفسه عبر الزمن والبالغة ( 90% ) بالنسبة لتحديد الفكر و( 87% ) بالنسبة لتسمية القيم وبين الباحث والمحلل الأول والبالغة ( 84% ) بالنسبة لتحديد الفكر و ( 82% ) بالنسبة لتسمية القيم ، والباحث والمحلل الثاني والبالغة ( 81% ) بالنسبة لتحديد الفكر و( 77% ) بالنسبة لتسمية القيم جيدة وتكفي لضمان الثقة بثبات التحليل لأغراض هذه الدراسة ، إذ تشير الأدبيات في هذا المجال إلى إن الثبات الذي تكون قيمته ( 95,.) يعد عالياً جداً ، في حين الثبات الذي تكون قيمته من (80,.- 90,.) يعد جيد جداً أما الثبات الذي نسبته اقل من (70,.) فهو ضعيف وغير كاف. (1)
9- المعالجات الإحصائية للبيانات
... لقد اعتمد الباحث المعالجات الإحصائية الآتية :
أ تجميع التكرارات التي حصلت عليها كل قيمة .
ب حساب النسبة المئوية لتكرار كل قيمة ، وذلك من خلال ضرب تكرار القيمة في (100) وتقسيمها على المجموع الكلي لتكرار القيم .
ت ترتيب القيم في سلم قيمي تنازلي من القيمة التي حصلت على أعلى تكرار إلى القيمة التي حصلت على أدنى تكرار .
ث استخدام معادلة سكوت Scott ) ( لحساب معامل الثبات . (2)
Po - Pe
R = -----------------
1 - Pe
إذ أن:
R =معامل الثبات
Po = الاتفاق بين الملاحظين (نسبة الاتفاق الملاحظ)
Pe = الاتفاق الناجم عن الصدفة (نسبة الاتفاق المتوقع)
1 =أكبر أتفاق ممكن (نسبة الاتفاق التام)
__________
(1) . Nunnally , Jum S . Psychometric Theory . New Yowk , Mc griw – Hill – 1967 .
(2) . Scott, William and Michael Wertheimer.Introduction to Psychological Research.New York,Wiley,1967,P.195.(1/14)
عرض النتائج وتفسيرها
... يتضمن هذا الفصل عرضاً مفصلاً للنتائج التي أسفرت عنها هذه الدراسة وتفسيرها وصولاً إلى تحقيق أهدافها:
1.التعرف على القيم التربوية في فكر الإمام الحسين( - عليه السلام - ).
2.بناء منظومة قيميه في ضوء ذلك.
ولتحقيق هدفي البحث حدد الباحث القيم التربوية وذلك من خلال وضع تصنيف بعدي على وفق إجراءات منهجية متبعة في مثل هكذا بحوث،وفي ضوء تحليل الرسائل والمحاورات والخطب والحكم والوصايا كافة(مجتمع البحث) وحسب الإجراءات التي تم توضيحها في الفصل الثالث (منهج البحث) تم استخلاص القيم التربوية في فكر الإمام الحسين( - عليه السلام - ) على شكل قوائم ثم تبويب هذه القيم في ثلاث مجالات تبويباً منظماً مترابطاً لمنظومة قيميه متكاملة (تصنيف) تتمثل فيها القيم التربوية في فكر الإمام الحسين( - عليه السلام - ) بصورته النوعية واستخدام هذا التصنيف لتكميم هذه القيم واستخلاص صورته الكمية وبهذا تم بناء منظومة قيميه في ضوء فكر الإمام الحسين( - عليه السلام - ) تحتوي على (23) قيمة موزعة على ثلاثة مجالات،يمثل المجال الأول علاقة الإنسان مع ربه والمجال الثاني علاقة الإنسان مع نفسه أما المجال الثالث فيمثل علاقة الإنسان مع الآخرين .(1/1)
ومن الجدير بالذكر هنا،أن الباحث أثناء توزيعه القيم على المجالات التي تنتمي إليها وجد صعوبة نوعاً ما في الفصل بين إنتماء هذه القيم إلى المجال الذي تنطوي تحته،إذ أن بعض هذه القيم قد ترتبط بالظاهر إلى أكثر من مجال،إلا أن الباحث أبتداءاً وضع أساس ومعيار في هذا التقسيم،وهو الالتزام الذي تحدده القيمة على الفرد أتجاه ربه أو نفسه أو الآخرين،وذلك لأن بعض هذه القيم التي تمثل التزام الفرد أتجاه نفسه مثلاً قد يكون تأثيرها على الآخرين مثل قيمة العلم،أو تلك التي يكون فيها التزام الفرد أتجاه ربه قد يكون تأثيرها على الفرد مثل قيمة الأيمان،وأثناء توزيع الاستبانة على الخبراء،كان الباحث يوضح هذه النقطة وهي أنه حدد القيمة تحت مجالها على أساس الالتزام الذي تفرضه على الفرد وتتم المناقشة في هذا الأمر وإبداء وجهات النظر،وبعد جمع الاستبانه وتحديد نسبة أتفاق (80%) فأكثر حصل الباحث على التوزيع النهائي للقيم وفق مجالاتها وكما هو موضح في الملحق(5).
جدول(3)
يوضح تكرارات وترتيب والنسبة المئوية لكل قيمة من القيم التربوية
ت ... القيم ... التكرار ... الترتيب ... النسبة المئوية
1 ... الإيمان ... 233 ... 1 ... 20.72
2 ... العدل ... 100 ... 2 ... 8.89
3 ... الصدق ... 94 ... 3 ... 8.36
4 ... الحق ... 87 ... 4 ... 7.74
5 ... التراحم ... 75 ... 5 ... 6.67
6 ... الشجاعة ... 55 ... 6 ... 4.89
7 ... العز والكرامة ... 51 ... 7 ... 4.53
8 ... العلم ... 44 ... 8 ... 3.91
9 ... الكرم ... 43 ... 9 ... 3.82
10 ... الصبر ... 35 ... 10 ... 3.11
11 ... الحكمة ... 34 ... 11 ... 3.02
12 ... الزهد ... 33 ... 12 ... 2.93
13 ... العمل ... 31 ... 13 ... 2.75
14 ... الحلم ... 28 ... 14 ... 2.49
15 ... الحرية ... 26 ... 15 ... 2.31
16 ... التواضع ... 25 ... 16 ... 2.22
17 ... الشهادة ... 23 ... 17 ... 2.04
18 ... الأمانة ... 21 ... 18 ... 1.86
19 ... التضحية ... 19 ... 19 ... 1.69
20 ... الإيثار ... 18 ... 20.5 ... 1.6
21 ... التسامح ... 18 ... 20.5 ... 1.6
22 ... العفة والاحتشام ... 16 ... 22 ... 1.42
23 ... التعاون ... 15 ... 23 ... 1.33
المجموع ... 1124 ... 100%(1/2)
من خلال ملاحظة الجدول السابق الذي بين فيه الباحث القيم التربوية التي حصل عليها مرتبة بشكل تنازلي حسب تكراراتها ونسبها المئوية،أن عدد الفكر القيمية التي حصل عليها الباحث من خلال التحليل بلغت (1124) فكرة قيميه موزعة على (23) قيمة تربوية،وقد عد تكرار الفكرة لأي قيمة من القيم التربوية مؤشراً للأهمية المعطاة لها في فكر الإمام الحسين( - عليه السلام - ).
ونلاحظ من الجدول السابق أن قيمة الإيمان قد حصلت على أعلى تكرار في القيم كافة،إذ بلغ مجموع الفكر التي حصلت عليها (233) فكرة قيميه وبنسبة مئوية قدرها (20.72%)،وهذا يعكس أهمية الإيمان في فكر الإمام الحسين( - عليه السلام - ) وحياته ،إذ أن للإيمان أهمية خاصة في حياة المسلم عموماً،وذلك لأن كل القيم تفقد أهميتها إذا لم يرافقها أيمان صادق،وبالضرورة من تتوفر فيه صفة الإيمان،لا بد أن تتمثل عنده القيم الأخرى،وذلك لأن الإيمان الحق ينظم علاقة الإنسان بربه وعلاقة الإنسان بنفسه بالإضافة إلى علاقة الإنسان بأخيه الإنسان ومجتمعه،فهي قيمة ملازمة لكل القيم التي يحملها الإنسان المسلم،فمن خلال الإيمان يعطى التصور الرشيد عن الخالق والكون والإنسان وهو مصدر الحق والعدل والاستقامة والرشاد وغيرها من القيم الأخرى.
أما القيمة التي حصلت على أدنى تكرار من بين القيم كافة،فقد كانت قيمة التعاون،إذ حصلت على تكرار وقدره (15) وبنسبة مئوية(1.33%) وهذا لا يعني بالضرورة أن هذه القيمة ليست ذات أهمية في فكر الإمام الحسين( - عليه السلام - ) وأنما أهميتها أقل من بقية القيم الأخرى،وتراوحت القيم الأخرى بين هاتين القيمتين.
تجمع القيم وفق مجالاتها:(1/3)
صنفت القيم الواردة في الجدول (3) بحسب مجالاتها القيمية ويتضمن الجدول (4) المذكور فيما يأتي تلك المجالات وما حصلت عليه من تكرارات،إذ أن القيم قد توزعت على مجالات التصنيف جميعها الذي أصبح بعد تحليل خطب الإمام الحسين( - عليه السلام - ) ورسائله ومحاوراته وحكمه ووصايه يضم ثلاثة مجالات كما هو موضح في الجدول الآتي.
جدول(4)
يبين المجالات القيمية وتكراراتها ونسبها المئوية
ت ... المجال ... عدد القيم ... التكرار ... الترتيب ... النسبة المئوية
1 ... علاقة الإنسان بربه ... 3 ... 289 ... 2 ... 25.71
2 ... علاقة الإنسان بنفسه ... 6 ... 226 ... 3 ... 20.1
3 ... علاقة الإنسان بالآخرين ... 14 ... 609 ... 1 ... 54.18
المجموع ... 23 ... 1124 ... 100%
ويظهر من الجدول السابق أن المجالات القيمية التي تم ذكرها قد تباينت في عدد القيم التي حصلت عليها ومجموع تكراراتها،فقد حصل مجال علاقة الإنسان بالآخرين على أعلى تكرار،وذلك لأن نسبة القيم التي أدرجت تحته كانت الأكثر من بين المجالات الأخرى،إذ بلغت (14) قيمة من مجموع القيم الكلي مما أثر على عدد التكرارات التي حصل عليها،إذ بلغ عدد التكرارات التي حصل عليها (609) تكرار بنسبة مئوية قدرها(54.18%).في حين حصل مجال علاقة الإنسان بربه على الترتيب الثاني،إذ بلغ عدد التكرارات التي حصل عليها (289) تكرار بنسبة مئوية (25.71%) بالرغم من أنه يحتوي على أقل عدد من القيم والتي بلغت (3) قيم ويعزى سبب احتواءه على هذا العدد من التكرارات إلى احتواءه على قيمة الإيمان التي حصلت على أعلى التكرارات.أما المجال الثالث فكان مجال علاقة الإنسان بنفسه والذي حصل على (226) تكرار بنسبة مئوية (20.1%) ألا أنه حصل على الترتيب الثاني من حيث احتواءه على القيم ،إذ بلغت عدد القيم التي تنطوي تحته (6) قيم.
وسوف يعرض الباحث القيم ومناقشتها ضمن مجالها القيمي كما يأتي:
أولاً:علاقة الإنسان مع ربه.(1/4)
... أن تنمية القيم التربوية في الشخصية المسلمة تعتمد على تكوين الوازع الذاتي في النفس البشرية،إذ يصبح الإنسان كائناً ذا ضمير حي واحساس مرهف،يراقب نفسه بنفسه،ويحاسب نفسه قبل ان يحاسبه غيره.فالوازع الديني والباعث الأخلاقي اللذان يسهم الدين في تثبيتهما في أعماق النفس البشرية هما الضمان الأول والأكيد لسعادة المجتمع وهناءه،وتعد القيم صمام الأمان الكفيلة بضبط علاقات الفرد بربه ونفسه ومجتمعه. (1)
لذا فالإنسان مطالب بواجبات عدة تجاه الخالق يكفل أداءه لها ببث الطمأنينة في نفسه وضمان إستقراره في الحياة،ففائدتها عائدة أساساً على الفرد الذي يؤديها لأن الله غني عن عباده،لا تنفعه طاعتهم ولا تضره معصيتهم،وأهم تلك الواجبات تتلخص في الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وما أنزل من حقائق والطاعة المطلقة له وتدبر آياته وشكره على نعمائه والرضا بقضائه والتوكل عليه وعدم اليأس من رحمته والموت في سبيله،وكذلك قيامه بالعبادات المنوطة به،والعبادة لا تعني مجرد أداء الفرائض والشعائر الدينية،إنما تشمل أيضاً ما يقوم به الإنسان من معاملات وقيم وسلوك،وطريقة عبادة الله بالعلم والعمل والخشية.من ملاحظة الجدول التالي نجد أن هذا المجال قد ضم ثلاث قيم هي قيمة الأيمان،وقيمة الزهد،وقيمة الشهادة.
جدول (5)
يبين تكرارات القيم وترتيبها والنسبة المئوية المكونة للمجال الأول
ت ... القيمة ... التكرار ... الترتيب ... النسبة المئوية
1 ... الإيمان ... 233 ... 1 ... 80.62
2 ... الزهد ... 33 ... 2 ... 11.41
3 ... الشهادة ... 23 ... 3 ... 7.95
المجموع ... 289 ... 100%
1-قيمة الإيمان
__________
(1) . الفريحات ،تهاني:مستوى الاعتقاد لمنظومة القيم التربوية الإسلامية ودرجة ممارستها لدى طالبات الجامعات الحكومية في الأردن،رسالة ماجستير،كلية التربية،جامعة اليرموك،الأردن،1998،ص2.(1/5)
يتضح من الجدول ( 5 ) إن هذه القيمة قد جاءت بالترتيب الأول بحصولها على أعلى تكرار وهو(233) فكرة بنسبة مئوية بلغت(80.62%).وذلك لان الإيمان بالله تعالى يعد المرتكز الأول في النظام القيمي الإسلامي وهو القيمة الأعلى والأسمى التي تنبثق منها القيم الأخرى ،والإيمان بالله يستدعي الإيمان بكل ما أمر الله به، ، كالإيمان بالثواب والعقاب ، وذكر الله ، وذكر الموت ، والاعتراف بالذنب ، والاستغفار ، والتوبة ، والرضا بالقضاء.وقد عرف الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام الإيمان بأنه: ( أداء الفرائض واجتناب المحارم ، والإيمان هو معرفة بالقلب و إقرار باللسان وعمل بالأركان ) (1) .
ويقصد بالقيمة الإيمانية هنا، تلك العقيدة المتكاملة التي يتحرك بها المسلم في مجال الحياة، عابدًا لربه ومجاهدًا في سبيله، وساعياً في الخيرات بإذنه. وهذه العقيدة، إيمان وثيق بالله لا يتزعزع، وثقة تامة في عدله وقضائه، وتصديق شامل بكتبه ورسله، ومعرفة يقينية باليوم الآخر على نحو ما ورد في القرآن الكريم والسنة المطهرة. والإيمان الحق بالله عز وجل لا بد من توفره على معرفة حقه بصفات الله تعالى، وإلا ما كان إيمانًا ولا كان معرفة بالخالق جل جلاله.
__________
(1) . الحراني،أبو محمد الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة(القرن الرابع الهجري):تحف العقول،قم،منشورات الشريف الرضي،1380هـ،ص 315.(1/6)
أن أبلغ تعبير عن القيم التربوية الإسلامية -على ضوء ما سبق- هو ما تجسده سورة العصر التي يقول فيها الله تبارك وتعالى: (وَالْعَصْرِ(إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (العصر:1-3). هذه الآيات الكريمة تبرز لنا بوضوح الإطار المتكامل لحركة الإنسان وقيامه بعمارة الحياة. إنها تبين لنا أنه لا مجال للحديث عن القيم الإسلامية إلا بالاستناد إلى الركيزة الكبرى، وهي الإيمان بالله عز وجل. فمن هذا الإيمان، الذي هو القيمة الأعلى والأسمى، تنبثق القيم الأخرى، كما ينبثق النور من الشمس. فجماع القيم التربوية الإسلامية إنما يرتكز في الصفات والخصائص التي جاءت عقب الإيمان بالله في هذه السورة الكريمة، وهي العمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر.وقد سئل الإمام علي بن أبي طالب ( - عليه السلام - ) عن الإيمان ،فقال:(الإيمان على أربع دعائم :الصبر ،واليقين،والعدل،والجهاد.والصبر منها على أربع شعب:على الشوق والشفق،والزهد،والترقب:فمن أشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات،ومن أشفق من النار أجتنب المحرمات،ومن زهد في الدنيا إستهان بالمصيبات،ومن أرتقب الموت سارع إلى الخيرات.واليقين منها على أربع شعب :على تبصرة الفطنة،وتأول الحكمة،وموعظة العبرة،وسنة الأولين:فمن تبصر في الفطنة تبينت له الحكمة،ومن تبينت له الحكمة عرف العبرة،ومن عرف العبرة فكأنما كان في الأولين.والعدل منها على أربع شعب:على غائص الفهم،وغور العلم،وزهرة الحكم ورساخة الحلم:فمن فهم علم غور العلم ،ومن علم غور العلم صدر عن شرائع الحكم ،ومن حلم لم يفرط في أمره وعاش في الناس حميدا.(1/7)
والجهاد منها على أربع شعب:على الآمر بالمعروف،والنهي عن المنكر،والصدق في المواطن،وشنان الفاسقين:فمن أمر بالمعروف شد ظهور المؤمنين،ومن نهى عن المنكر أرغم أنوف الكافرين،ومن صدق في المواطن قضى ما عليه،ومن شنئ الفاسقين وغضب لله،غضب الله له وأرضاه يوم القيامة) (1) والإيمان بالله حاجة ضرورية ، وفي هذا الصدد قال باسكال : (كل شيء غير الله لا يشفي لنا غليلاً). ويرى الفيلسوف المعاصر الدوس هكسلي انّه (لا تستريح البشرية حتى يتجرّد الإنسان من عوائقه ونزعاته ، ولا يكون متجرّداً إلاّ إذا ارتبط برباط آخر ألا وهو الله) (2) .
ويرى عالم النفس السويسري كارل يونج (إن انعدام الشعور الديني يسبب كثيراً من مشاعر القلق والخوف من المستقبل ، والشعور بعدم الأمان ، والنزوع نحو النزعات المادية البحتة ، كما يؤدي إلى فقدان الشعور بمعنى ومغزى هذه الحياة ، ويؤدي ذلك إلى الشعور بالضياع) (3) .
__________
(1) . بن أبي الحديد،عز الدين عبد الحميد بن هبة الله:شرح نهج البلاغة ،القاهرة،دار أحياء التراث العربي،1385هـ،ص570.
(2) . المبارك،محمد : نحو إنسانية سعيدة، بيروت،دار الفكر،1389هـ،ص 135.
(3) . العيسوي،عبدالرحمن :دراسات في تفسير السلوك الإنساني،بيروت ، دار الراتب الجامعية،1419هـ،ص193.(1/8)
وبناءاً على ذلك نستنتج أنه من تمثلت لديه قيمة الإيمان يكون بالضرورة تمثل القيم الأخرى لديه،وعليه حصلت هذه القيمة على أعلى التكرارات في فكر الإمام الحسين ( - عليه السلام - ).فقد كان الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) وهو في أشد محنه يدعو أهل بيته وأصحابه إلى ضرورة التمسك بالتقوى واللجوء إلى الله فها هو يوصي أخته زينب وهو في ساحة المعركة فيقول ( - عليه السلام - ): (يا أخيه أتقي الله،وتعزي بعزاء الله،وأعلمي أن أهل الأرض يموتون،وأن أهل السماء لا يبقون،وأن كل شيء هالك ألا وجه الله،الذي خلق الأرض بقدرته،يبعث الخلق فيعودون،وهو فرد وحده)،ولم يقتصر الأمر على الدعوة فقط ،وإنما كان قلبه ( - عليه السلام - ) متعلق بالله فها هو يأمر أحد أصحابه أن يشاغل أعداءه كي يصلي لله ويعبده فيقول ( - عليه السلام - ): (أرجع إليهم فأن إستطعت أن تؤخرهم إلى غدوة وتدفعهم عنا العشية،لعلنا نصلي لربنا الليلة وندعوه ونستغفره،فهو يعلم أني كنت أحب الصلاة له وتلاوة كتابه وكثرة الدعاء والاستغفار) (1) .وفي هذا نرى عظمة الصلاة وأيمان المقاتل وأثر الدعاء وفي مثل تلك الأوقات الحرجة خاصة نجده يشتاق إلى الصلاة والدعاء واللجوء إلى الله لان ذلك عنوان المؤمن.
2- قيمة الزهد
__________
(1) .الطبري،ابو جعفر محمد بن جرير:المصدر السابق،314:3/ابن الاثير،عز الدين أبي الحسن:الكامل في التاريخ،دار احياء التراث،بيروت،1404هـ،558:2.(1/9)
... نالت هذه القيمة على الترتيب الثاني ضمن هذا المجال ،إذ بلغ مجموع التكرارات التي حصلت عليها (33) تكرار بنسبة مئوية قدرها (11.41) ،والزهد لغة ضد الرغبة والتزهد هو التعبد (1) ،وقال الحافظ بن رجب معنى الزهد في الشيء هو الإعراض عنه لاستقلاله واحتقاره وارتفاع الهمة عنه،فيقال شيء زهيد أي قليل حقير.لقد ذم القرآن الكريم الرغبة في الدنيا ودعا إلى الزهد فيها والترغيب في الآخرة في أكثر من آية،إذ قال تعالى:( قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى)(النساء: من الآية77) ،كما قال عز وجل:(اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ)(الحديد: من الآية20) ،وقال عز من قائل: ( تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ )(لأنفال: من الآية67) ، وفي كل تلك الآيات إشارة ودعوة صادقة من الله سبحانه وتعالى إلى ترك الدنيا ومباهجها واللجوء إلى الآخرة ومغانمها ولا يتم ذلك إلا من خلال الزهد بها.وقال سفيان الثوري أن الزهد في الدنيا إنما هو قصر الأمل،وقصر الأمل ليس بلبس العباء واكل الغليظ وانما معناه من قصر أمله أحب لقاء الله،وقال شقيق البلخي (الزاهد الذي يقيم زهده بفعله والمتزهد الذي يقيم زهده بلسانه)،وقد ورد عن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي انه قال:جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) :فقال دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس فقال (صلى الله عليه وآله) :أزهد في الدنيا يحبك الله وأزهد فيما عند الناس يحبك الناس. (2)
__________
(1) . الرازي ، محمد بن ابي بكر بن عبد القادر : مختار الصحاح ،الكويت،دار الرسالة،1982،ص276.
(2) .موقع الشيخ محمد أبن الشيخ طه الولي،(رواه أبن ماجه)WWW.Mohamadelwali.com..(1/10)
وعن أبي جعفر ( - عليه السلام - ) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (استحيوا من الله حق الحياء فقيل يارسول الله :ومن يستحي من الله حق الحياء؟ فقال :من أستحيي من الله حق الحياء فليكتب أجله بين عينيه وليزهد في الدنيا وزينتها ويحفظ الرأس وما حوى والبطن وما طوى ولا ينسى المقابر والبكى) (1) .وعن الإمام علي ( - عليه السلام - ) أنه قال : الزهد بين كلمتين من القرآن،قال الله سبحانه وتعالى : (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُم)(الحديد: من الآية23)، ومن لم يأس على الماضي ولم يفرح بالآتي فقد أخذ الزهد بطرفيه) وعن الإمام علي ( - عليه السلام - ) أيضاً أنه قال: (الزهد في الدنيا قصر الأمل وشكر كل نعمة،والورع عما حرم الله عليك) (2) .
__________
(1) . المجلسي،محمد باقر(111هـ):بحار الأنوار،طهران،المكتبة الإسلامية ،د.ت،317:70/الطبرسي،ميرزا حسين النوري(1320هـ):مستدرك الوسائل،قم،مؤسسة آل البيت،1407هـ،332:2.
(2) .موقع البلاغWWW.balagh.com(1/11)
ولقد كان الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) زاهداً في الدنيا شاكراً لله،فما أنقطع عن الاتصال بربه والعزوف عن الدنيا في كل لحظاته وسكناته،وقد بقي يجسد إتصاله هذا بصيغة العبادة لله،وقد بدا عليه عظيم خوفه من الله وشدة مراقبته له حتى قيل له:ما أعظم خوفك من ربك،فقال ( - عليه السلام - ): (لا يأمن يوم القيامة إلا من خاف الله في الدنيا) (1) ،وكان ( - عليه السلام - ) يؤكد دوماً على ضرورة مراقبة الإنسان أعماله ودعوته إلى الرغبة في لقاء الله،إذ قال ( - عليه السلام - ): (ليرغب المؤمن في لقاء ربه حقاً حقا) (2) ،وذلك لأن الإنسان إذا تذكر الآخرة من خلال رغبته في لقاء ربه زهد في الدنيا،لذا نجده عليه السلام يحمد الله لأن هذه الدنيا دار فناء وزوال فقال ( - عليه السلام - ): (الحمد لله الذي خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال،متصرفة بأهلها حالاً بعد حال،فالمغرور من غرته والشقي من فتنته،فلا تغرنكم هذه الدنيا،فأنها تقطع رجاء من ركن إليها، وتخيب طمع من طمع فيها) (3) .وقد قال رجل للحسين ( - عليه السلام - ):بنيت داراً أحب أن تدخلها وتدعو الله،فدخلها ( - عليه السلام - ) فنظر إليها،فقال: (أخربت دارك،وعمرت دار غيرك،غرك من في الأرض،ومقتك من في السماء) (4) .وقد سئل ( - عليه السلام - ) كيف أصبحت ،فأجاب بلغة الزاهد العابد الذاكر لله دوماً فقال ( - عليه السلام - ): (أصبحت ولي رب فوقي،والنار أمامي،والموت يطلبني،والحساب محدق بي،وأنا مرتهن بعملي،لا أجد ما أحب،ولا أدفع ما أكره،والأمور بيد غيري،فان شاء عذبني،وأن شاء عفى عني،فأي فقير أفقر مني) (5) .
__________
(1) . المجلسي،محمد باقر:المصدر السابق،190:44.
(2) . الطبري،ابو جعفر محمد بن جرير:المصدر السابق،307:3/ابن عساكر،ابي القاسم علي:المصدر السابق،605:11.
(3) . المجلسي،محمد باقر:المصدر السابق،5:45.
(4) .الطبرسي، ميرزا حسين النوري:المصدر السابق،467:3 حديث 13.
(5) . المجلسي،محمد باقر:المصدر السابق،116:78 حديث1..(1/12)
ونتيجة لذلك كان ( - عليه السلام - ) كثير البر والصدقة،فقد روي أنه ورث أرضاً وأشياء فتصدق بها قبل أن يقبضها،وكان يحمل الطعام في وسط الليل إلى مساكين أهل المدينة لم يبتغ بذلك إلا الأجر من الله والتقرب إليه. (1)
3- قيمة الشهادة
__________
(1) .لجنة التأليف:أعلام الهداية(الإمام الحسين-سيد الشهداء-)،ط1،قم،المجمع العلمي لاهل البيت،1422هـ،ص47.(1/13)
حصلت هذه القيمة على الترتيب الثالث في مجال علاقة الإنسان بربه فقد حصلت على (23) فكرة قيميه تدل عليها بنسبة مئوية قدرها (7.95%) وقد جسدها الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) في سلوكه بشكل عملي في واقعة الطف رغم أنها لم تحظى بتكرارات كثيرة في النصوص الواردة منه( - عليه السلام - ) وقد يعزى ذلك إلا فقدان الكثير من النصوص الحسينيه . والشهيد من أسماء الله عز وجل وقيل الشهيد الذي لا يغيب عن علمه شيء ، والشهيد لغة الحاضر،والشهيد :المقتول في سبيل الله والاسم منه شهادة وأستشهد :قتل شهيداً (1) ،ولقد عد الله كل من يقتل في سبيله حياً ،إذ قال تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) (آل عمران:169)، فالشهادة قيمة عليا تكون للأفضل فالأفضل من الأمة ، وأفضلهم من قتل في سبيل الله.والوسيلة التي من خلالها يتم بلوغ هذه القيمة هو الجهاد في سبيل الله ، إذ يعد من أعظم الطاعات وأشرف الأوامر الإلهية لبلوغ أقصى غاية يسعى إليها الإنسان المسلم وهو الموت في سبيل الله ، ولأنه كذلك فقد أصبح الباب العظيم الذي يشرف إليه خواص الأولياء فيعرجون من خلاله إلى ربهم المتعالي حيث السعادة العظمى ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، وقد قال أمير المؤمنين وقدوة المجاهدين علي( - عليه السلام - ) : (إن الجهاد باب من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائه ، وهو لباس التقوى ودرع الله الحصينة وجنته الوثيقة) (2) .
__________
(1) .ابن منظور:لسان العرب،المصدر السابق،ج5،ص214.
(2) .بن أبي الحديد:المصدر السابق،ص50.(1/14)
وقد رسم الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) لنفسه طريق الشهادة ولم يتردد للحظة واحدة للجهاد في سبيل الله من أجل نيل الرتبة الأعلى التي عدها الإمام علي ( - عليه السلام - ) فوز كبير حين ضربه أبن ملجم على رأسه الشريف فقال مقولته الشهيرة (فزت ورب الكعبة ) وإمتداداً لهذا الخط الاستشهادي صرح الإمام الحسين في أكثر من مناسبة برغبته بالموت في سبيل الله إذ قال ( - عليه السلام - ) : (فأني لا أرى الموت إلا شهادة ، والحياة مع الظالمين ألا برما ) (1) ،ولم يكتف ( - عليه السلام - ) بذلك وإنما كان يرحب بالموت على سبيل نيل العز والشهادة فقال ( - عليه السلام - ) : (مرحباً بالقتل في سبيل الله ) (2) ،وهذا ما يجب أن يتصف به الإنسان المسلم وهو التسليم لأمر الله والخضوع له والموت في سبيله وتأكيداً لذلك نجد أن الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) يقول : (أما والله أني لأرجو أن يكون خيراً ما أراد الله بنا قتلنا أم ظفرنا ) (3)
__________
(1) . الطبري،ابو جعفر محمد بن جرير:المصدر السابق،307:3/ابن عساكر،ابي القاسم علي:المصدر السابق،605:11.
(2) . الطبري،ابو جعفر محمد بن جرير:المصدر السابق،306:3/الأمين ،السيد محسن:المصدر السابق،581:1.
(3) . الطبري،ابو جعفر محمد بن جرير:المصدر السابق،307:3/ابن الأثير،عز الدين أبي الحسن:المصدر السابق،553:2..(1/15)
ففي كلا الحالتين إنتصار للإنسان المؤمن ونتيجة لذلك لم ينتصر أعداء الحسين ( - عليه السلام - ) رغم كثرتهم وقتلهم له ، بل هو الذي أنتصر عليهم بالمبادئ والقيم والموت في سبيل الحق ، لأنه بلغ المنزلة التي يسعى إليها كل مؤمن وهي الشهادة في سبيل الله ، لذا أنتصر الدم في الطف على السيف وأنتصرت الكلمة على الرمح وأنتصر الفكر على الظلم والجهل ، والدليل على ذلك الانتصار هو خلود الحسين حياً في ضمائر المؤمنين بل والإنسانية جمعاء ، فها هو غاندي يقول : (لقد طالعت بدقة حياة الإمام الحسين ، شهيد الإسلام الكبير ، ودققت النظر في صفحات كربلاء وأتضح لي أن الهند إذا أرادت إحراز النصر ، فلا بد لها من اقتفاء سيرة الحسين ) (1) ،في حين مات كل من وقف معادياً له ،وما زال إلى اليوم من يموت من أنصار الحسين وهو يدافع عن كلمة الحق يعد في دائرة الشهداء حتى وأن مات على فراشه،إذ قال الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) : (ما من شيعتنا ألا صديق شهيد ) فقال زيد بن الارقم :أنى يكون ذلك وهم يموتون على فرشهم ؟ فقال الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) : (لو لم تكن الشهادة إلا لمن قتل بالسيف لأقل الله الشهداء) (2) .وهذا القول يأتي متوافقاً مع حديث للرسول (صلى الله عليه وآله) عن سهل بن حنيف (رض) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : (من سأل الله تعالى الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وأن مات على فراشه) (3) .
ثانياً:علاقة الإنسان مع نفسه
__________
(1) . مكتبة الإمام الحسين،قالوا في الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) ،شبكة الشيعة الإسلامية.
(2) . المجلسي،محمد باقر:المصدر السابق،173:82 حديث 6.
(3) .النيسابوري،مسلم بن حجاج:صحيح مسلم:كتاب الامارة-باب استحباب طلب الشهادة في سبيل الله،حديث3532.(1/16)
... للفرد أتجاه ذاته مجموعة من الواجبات التي يقررها القرآن الكريم عليه والتي يجب أن يؤديها لترتفع بها نفسه وتشرف وتصبح خليقة بالتكريم الذي أسبغه الله عليها،وفي الوقت ذاته تكفل له تحقيق السعادة والفلاح وذلك لان التربية الإسلامية تريد للفرد أن ينمو نمواً متوازناً داخل نفسه من خلال ضبط سلوكه وتكوين الرقابة الذاتية نتيجة لنمو الضمير المحاسب الذي يمثل أوامر ونواهي الله سبحانه وتعالى،فقد جاء الإسلام لتطابق شرائعه وأحكامه وآدابه مقتضى الفطرة البشرية،فليس المطلوب من الإنسان أن يميت غرائزه،ويكبت شهواته،وحرمانه من التمتع بما رزقه الله من نعم الدنيا،لأن ذلك مناف للإسلام،إذ قال تعالى :( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ)(لأعراف: من الآية32).لذلك قسمت واجبات الإنسان اتجاه نفسه إلى شقين هما أوامر ونواهي:(1/17)
فبالنسبة إلى الأوامر فأن الفرد مطالب بأن يحقق لذاته طهارة النفس قال تعالى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ( فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) (الشمس:7-8) ،كما عليه أن يتحلى بالعفة ونقاء السريرة كما في قوله تعالى: (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ )(النور: من الآية33) وان يكون صادقاً في قوله كما في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (التوبة:119) ودمثاً في أخلاقه يتسم بالرقة والتواضع لأنها من الوصايا التي أوصى بها لقمان ( - عليه السلام - ) أبنه وهو يعظه فقد جاء على لسانه في قوله تعالى: (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) (لقمان:19). وغيرها من واجبات الفرد إتجاه ذاته،إلا أن تلك الواجبات لا تنتهي عند هذا الحد،فالخير لا يتحقق للإنسان بمجرد أن يلتزم بالأوامر الربانية فقط،وإنما عليه أن يمتنع عما يؤدي إلى ضرورة إيذاء النفس وأحداث الضرر في ذاته كبتر عضو من أعضائه إذ قال تعالى: ( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة)(البقرة: من الآية195).كما يقدم الشرع مجموعة من النواهي منها الابتعاد عن الكذب وقول الزور إذ قال تعالى: ( وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ)(الحج: من الآية30) والبخل والتكبر والاختيال إذ قال تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً ( الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً)(النساء: من الآية37:36) ،وغيرها من الصفات الخلقية التي قد تفسد علاقة الإنسان مع نفسه وبالتالي تنعكس نتائجها على الآخرين. (1)
__________
(1) . رضوان،زينب :المصدر السايق،ص198.(1/18)
من ملاحظة الجدول التالي نجد أن هذا المجال قد ضم (6) قيم وكان مجموع الأفكار القيمية التي حصل عليها هذا المجال (226) فكرة نالت قيمة الشجاعة فيها أعلى التكرارات،إذ بلغت عدد التكرارات التي حصلت عليها هذه القيمة (55) بنسبة مئوية (24.33%) في حين حصلت قيمة العفة والاحتشام على المرتبة الأخيرة ضمن هذا المجال،إذ بلغت تكراراتها (16) بنسبة مئوية مقدارها(7.1%).
جدول(6)
يبين تكرارات القيم وترتيبها والنسبة المئوية المكونة للمجال الثاني
ت ... القيمة ... التكرار ... الترتيب ... النسبة المئوية
1 ... الشجاعة ... 55 ... 1 ... 24.33
2 ... العز والكرامة ... 51 ... 2 ... 22.56
3 ... العلم ... 44 ... 3 ... 19.47
4 ... الحكمة ... 34 ... 4 ... 15
5 ... الحرية ... 26 ... 5 ... 11.5
6 ... العفة والاحتشام ... 16 ... 6 ... 7.1
المجموع ... 226 ... 100%
1-قيمة الشجاعة(1/19)
لقد نالت هذه القيمة على الترتيب الأول في هذا المجال ،إذ حصلت على (55) تكرار بنسبة مئوية قدرها (24.33%)، فالشجاعة:شدة القلب عند البأس،والرجل الشجاع قيل الذي فيه خفة كالهوج لقوته. (1) وقد عرفها ابن الأزرق بأنها : ( الخلق الذي يصدر به الفعل المتوسط بين فعلي التهور والجبن ) (2) كما عرف ابن أبي الربيع الشجاعة بأنها : ( اعتدال القوة الغضبية وأنها التهاون بالآلام ، والأقدام على ما ينبغي كما ينبغي ) (3) وذكر الغزالي : ( إن خلق الشجاعة،يصدر منه : الكرم ، والنجدة ، والشهامة ، وكبر النفس ، والاحتمال ، والحكم ، والثبات ، وكظم الغيظ،والتودد،والوقار،وامثالها ) وعدها الغزالي من أمهات الأخلاق وأصولها فضلاً عن الحكمة والعفة والعدل . (4)
__________
(1) . الرازي،أبي بكر:المصدر السابق،ص330.
(2) . بن الأزرق ،ابن عبد الله: بدائع السلك في طبائق الملك ، تحقيق د. علي سامي النشار ،منشورات وزارة الإعلام في الجمهورية العراقية ، 1977، 419:1 .
(3) . بن ابي الربيع، احمد بن محمد: سلوك المالك في تدبير الممالك ، دراسة وتحقيق ناجي التكريتي ، منشورات تراث عويدات ، 1978،ص77 .
(4) . الغزالي،ابو حامد : أحياء علوم الدين، المصدر السابق ، 1437:8.(1/20)
ولقد كان الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) يتسم بهذه القيمة ، فحينما نرجع بالتاريخ إلى الوراء نجد إن للإمام الحسين ( - عليه السلام - ) بطولات نادرة في الفتوحات الإسلامية ، ففي عهد الخليفة عثمان بن عفان (رض) ، قد التحق بالجيش الإسلامي ، للفتح في أفريقيا ، وكان الجيش بقيادة عقبة بن نافع بن عبد القيس ، كما شارك الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) في حروب المسلمين مع الفرس في طبرستان وجهاتها ، والجيش بإمرة سعيد بن العاص. (1) ثم في حروب الإمام علي ( - عليه السلام - ) الثلاثة الجمل وصفين والنهروان،إلا إن كل تلك الحروب مهما بلغت من القوة والأصالة فإنها لا تبلغ شجاعته يوم عاشوراء ، تلك التي كانت آية رائعة في تاريخ الإنسانية بلا شك ، إذ لم يشاهد الناس في جميع مراحل التاريخ أشجع ولا اربط جأشاً ، ولا أقوى جناناً من الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) فقد وقف يوم الطف موقفاً حير فيه الألباب ، وأخذت الأجيال تتحدث بإعجاب واكبار عن بسالته وصلابة عزمه فيقول العقاد بهذا : ( ليس في بني الإنسان من هو أشجع قلباً ممن اقدم على ما اقدم عليه الحسين في يوم عاشوراء) (2) .
__________
(1) . الحسني،هاشم معروف : سيرة الأئمة الاثنى عشر، بيروت،دار التعارف،1990،16:2 .
(2) . العقاد ،عباس محمود: أبو الشهداء ، ص46،شبكة الشيعة الاسلامية .(1/21)
لقد تحدى أبو الأحرار ببسالته النادرة الطبيعة البشرية فسخر من الموت وهزأ من الحياة ، وقد قال لاصحابه حينما أمطرت عليه سهام الأعداء : ( قوموا رحمكم الله إلى الموت الذي لا بد منه ، فأن هذه السهام رسل القوم إليكم ... ) فقد كان يعلم ( - عليه السلام - ) انه مقتول لا محالة إلا إن ذلك لم يمنعه من أداء واجبه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولم يرتعد قلبه خوفاً من مواجهة الموت حتى وان سار إليه بقدميه فقد خطب ( - عليه السلام - ) في أصحابه عند خروجه إلى العراق قائلاً:( كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء فيملان مني اكراشاً جوفاً واجرابة سغباً ، لا محيص عن يوم خط بالقلم ) (1) ،ومن هنا نجد إن مصدر شجاعة الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) وإقدامه هو إيمانه بالله وبقضاءه .
إن المرء ليعجز عن الوصف والقول حين يطالع صفحة الشجاعة من شخصية الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) فانه ورثها عن إبائه ساعداً عن ساعد ، وفؤاداً عن فؤاد ، فهو من معدنها واصلها ، وهو الشجاع في قول الحق والمستبسل في الدفاع عنه ، فها هو يقف بوجه معاوية مخاطباً : ( يا معاوية ، فضح الصبح فحمة الدجى وبهرت الشمس أنوار السراج ، ولقد فضلت حتى أفرطت ، واستأثرت حتى أجحفت ، ومنعت حتى بخلت ، وجرت حتى جاوزت ) (2) ،وقد ورث ذلك عن جده محمد (صلى الله عليه وآله) الذي وقف أمام اعتى قوة مشركة حتى انتصر عليها بالعقيدة والإيمان والجهاد في سبيل الله تعالى .
2-قيمة العز والكرامة
__________
(1) . الأمين ،السيد محسن:المصدر السابق،1 : 593 / المجلسي،محمد باقر:المصدر السابق،44 : 366 .
(2) . بن أبي يعقوب ،أحمد:المصدر السابق، 2 : 228 / الأمين ،السيد محسن:المصدر السابق،1 : 583 .(1/22)
نالت هذه القيمة الترتيب الثاني بحصولها على (51) تكرار بنسبة مئوية قدرها (22.56%) .والعز خلاف الذل ،والعز يعني القوة والشدة والغلبة،والعز والعزة:الرفعة والامتناع. (1) وقد عرف يحيى بن عدي علو الهمة (العزة) بأنها: (استصغار ما دون النهاية من معالي الأمور وطلب المراتب السامية،وأستحقار ما يجود به الإنسان عند العطية والاستخفاف بأوساط الأمور وطلب الغايات والتهاون بما يملكه وبذل ما يمكنه من غير امتنان ولا اعتداد به) (2) .ولقد وردت كلمة العز والعزة في آيات عديدة في القرآن الكريم منها قوله تعالى: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)(المنافقون: من الآية8)أي له العزة والغلبة سبحانه وقوله تعالى: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً )(فاطر: من الآية10).ومن أبرز الصفات التي أتصف بها الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) الإباء عن الضيم حتى لقب (بأبي الضيم) وهي من أعظم ألقابه ذيوعاً وانتشاراً بين الناس فقد كان المثل الأعلى لهذه الظاهرة ، فهو الذي رفع شعار الكرامة الإنسانية ورسم طريق الشرف والعزة ، فلم يخنع ، ولم يخضع فها هو يصرح لأخيه محمد بن الحنفية مجسداً ذلك الآباء بقوله ( - عليه السلام - ): (يا أخي ! والله لو لم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوى لما بايعت ليزيد بن معاوية) (3) ، وآثر الموت تحت ظلال الأسنة على العيش ذليلاً مسلوب الإرادة فوقف صارخاً بوجه جحافل الشر والظلم قائلاً ( - عليه السلام - ) : (والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ، ولا أقر إقرار العبيد إني عذت بربي وربكم أن ترجمون) (4) ،
__________
(1) .ابن منظور:) 2003) ،المصدر السابق،228:6.
(2) . بن عدي،ابن زكريا يحيى:تهذيب الأخلاق،القدس ،مطبعة دير مرقس للسريان،1930،ص30.
(3) . المجلسي،محمد باقر:المصدر السابق،329:44.
(4) . الطبري،ابو جعفر محمد بن جرير:المصدر السابق،330:4/الأمين ،السيد محسن:المصدر السابق،602:1..(1/23)
لقد تجلت صورة الثائر المسلم بأبها صورها وأكملها في أباء الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) يقول ابن أبي الحديد بهذا الصدد وهو يصف الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) : ( سيد أهل الإباء الذي علم الناس الحمية ، والموت تحت ظلال السيوف اختياراً على الدنية أبو عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب ( - عليه السلام - ) عرض عليه الأمان هو وأصحابه فأنف من الذل ، وخاف ابن زياد أن يناله بنوع من الهوان مع أنه لا يقتله ، فاختار الموت على ذلك) (1) ،فنادى قائلاً : (ما أهون الموت على سبيل نيل العز وأحياء الحق ، ليس الموت في سبيل العز إلا حياة خالدة وليست الحياة مع الذل إلا الموت الذي لا حياة معه) (2) ،لذا وصفه المؤرخ الشهير اليعقوبي بأنه شديد العزة (3) ،وكيف لا يعد شديد العزة وكلامه يوم الطف يعبر عن أسمى مواقف العزة لاصحاب المبادئ والقيم وحملة الرسالات وهو يصور العزة والمنعة والاعتداد بالنفس فيقول ( - عليه السلام - ) : (ألا وان الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة ، وهيهات منا الذلة ، يأبى الله ذلك ورسوله والمؤمنون ، وحجور طابت وطهرت ، وأنوف حمية ، ونفوس أبية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام...) (4) ،
__________
(1) . ابن أبي الحديد:المصدر السابق،302:1.
(2) . الطبري،ابو جعفر محمد بن جرير:المصدر السابق،306:3/الأمين ،السيد محسن:المصدر السابق،581:1.
(3) . بن أبي يعقوب ،أحمد:المصدر السابق،293:2.
(4) . الأمين ،السيد محسن:المصدر السابق،603:1..(1/24)
وبذلك يستذكر الإمام ( - عليه السلام - ) قول الله سبحانه وتعالى : ( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)(المنافقون: من الآية8)،فيأبى الله له الذل وهو سيد المؤمنين في زمنه ، وتأبى له نفسه العظيمة التي ورثت عز النبوة أن يقر على الضيم،لذلك يعلمنا الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) هذه القيمة التربوية ، أي كيف يكون العز والإباء والحفاظ على كرامة الإنسان وكيف تكون التضحية من أجل الرسالة.
3-قيمة العلم(1/25)
... جاءت هذه القيمة بالترتيب الثالث من حيث الأهمية ضمن مجالها ،إذ بلغ عدد التكرارات التي حصلت عليها (44) وبنسبة مئوية قدرها (19.47%)،وأهميتها في فكر الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) تأتي منسجمة مع ما أولاها الإسلام من أهمية،إذ عنى الإسلام بهذه القيمة في الآيات الأولى التي نزلت على الرسول محمد (صلى الله عليه وآله)،وهذا يؤكد أهميتها في حياة المسلمين،فالعلم كلمة لها قدسيتها في الإسلام وهي تحمل في طياتها كل ما فيه صلاح البشر جميعاً،بل أن البشر فضلوا على الملائكة بالعلم وبه استحقوا خلافة الله في الأرض،إذ نزلت الآيات الأولى وهي تؤكد ضرورة القراءة –وهي واحدة من أهم أدوات العلم- قال تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ( خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ( الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ( عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) (العلق:1-5). ... وبعد ذلك توالت الآيات الربانية والتي تؤكد باستمرار على قيمة العلم والمتعلمين لدرجة ربطته بالإيمان ، إذ قال تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ )(المجادلة: من الآية11) ودليلاً على عظمة العلم وشرفه إن الله سبحانه وتعالى طالب نبيه (صلى الله عليه وآله) بزيادة طلب العلم مع ما أعطاه الله من العلم والحكمة،فقال مخاطباً نبيه (صلى الله عليه وآله) : ( وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً)(طه: من الآية114). ...(1/26)
ويعد الإسلام العلم فريضة وواجباً على كل مسلم ومسلمة، والمعروف أن الواجب لا يحق التنازل عنه، وقد أثر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوله: (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة) (1) .ولشدة اهتمام الرسول(صلى الله عليه وآله) بالعلم ونشره،كان يقول: (إنما بعثتُ معلماً)،وكذلك لأهمية العلم والعلماء في الإسلام،عد الرسول (صلى الله عليه وآله)،طلب العلم جهاداً،وتعليمه صدقة،ومدارسته عبادة،وهو الوسيلة إلى العز والرفعة عند الله والناس،فقد ورد عنه (صلى الله عليه وآله) قوله: (تعلموا العلم،فأن تعلمه حسنة،ومدارسته تسبيح،والبحث عنه جهاد،وتعليمه من لا يعلمه صدقة،وبذله لأهله قربة،لأنه معالم الحلال والحرام،وسالك بطالبه سبيل الجنة،ومؤنس في الوحدة،وصاحب في الغربة،ودليل على السراء،وسلاح على الأعداء،وزين الإخلاء،يرفع الله به أقواماً،يجعلهم في الخير أئمة يقتدى بهم،ترمق أعمالهم وتقتبس آثارهم،وترغب الملائكة في خلتهم،لأن العلم حياة القلوب،ونور الأبصار من العمى،وقوة الأبدان من الضعف،وينزل الله حامله منازل الأحياء،ويمنحه مجالسة الأبرار في الدنيا والآخرة) (2) .وقد جاء عن الإمام علي( - عليه السلام - )أقوال كثيرة في فضل العلم ومكانته منها قوله ( - عليه السلام - ) : (كفى بالعلم شرفاً أنه يدعيه من لا يحسنه،ويفرح إذا نسب أليه من ليس من أهله،وكفى بالجهل خمولاً انه يتبرأ منه من هو فيه،ويغضب إذا نسب إليه) (3) ،وقوله ( - عليه السلام - ) : (لا كنز أنفع من العلم) (4) .
__________
(1) .أبن ماجة في سننه:المقدمة،ص17/المجلسي،محمد باقر:المصدر السابق،77:1،حديث54.
(2) . الحراني،أبو محمد الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة:المصدر السابق،ص21/الهندي،علاء الدين علي التقي:كنز العمال،بيروت،مؤسسة الرسالة،1401هـ،167:10.
(3) .ياقوت الحموي:معجم الأدباء،بغداد،مطبعة المأمون،د.ت،65:1.
(4) . المجلسي،محمد باقر:المصدر السابق،183:1.(1/27)
ويقول الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) في العلم : (العلم لقاح المعرفة، وطول التجارب زيادة في العقل والشرف والتقوى، ...) (1) .
كما كان ( - عليه السلام - ) يحث على العلم، والمعرفة، ويشجع عليهما، بحيث لم يكن يقصر ذلك على عمر معين. فقد روي "أن أعرابيا من البادية قصد الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) فسلم عليه فرد ( - عليه السلام - ) وقال:
يا أعرابي فيم قصدتنا؟
قال: قصدتك في دية مسلمة إلى أهلها.
قال ( - عليه السلام - ): أقصدت أحدا قبلي؟
قال: عتبة ابن أبي سفيان فأعطاني خمسين دينارا، فرددتها عليه وقلت: لأقصدن من هو خير منك وأكرم، وقال عتبة: ومن هو خير مني وأكرم لا أم لك؟
فقلت إما الحسين بن علي، وإما عبد الله بن جعفر، وقد أتيتك بدءا لتقيم بها عمود ظهري، وتردني إلى أهلي.
فقال الحسين( - عليه السلام - ): والذي فلق الحبة، وبرء النسمة، وتجلى بالعظمة ما في ملك ابن بنت نبيك إلا مائتا دينار فأعطه إياها يا غلام، وإني أسألك عن ثلاث خصال إن أنت أجبتني عنها أتممتها خمسمائة دينار.
فقال الأعرابي: أكل ذلك احتياجا إلى علمي، أنتم أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة؟
فقال الحسين( - عليه السلام - ): لا ولكن سمعت جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أعطوا المعروف بقدر المعرفة.
فقال الأعرابي: فسل، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فقال الحسين( - عليه السلام - ): ما أنجى من التهلكة؟
فقال: التوكل على الله.
فقال: ما أروح للمهم؟
قال: الثقة بالله.
فقال: أي شيء خير للعبد في حياته؟
قال: عقل يزينه حلم، فقال: فإن خانه ذلك؟ قال: مال يزينه سخاء وسعة، فقال: فإن أخطأه ذلك؟ قال: الموت، والفناء خير له من الحياة، والبقاء.
__________
(1) . المجلسي،محمد باقر:المصدر السابق،128:78.(1/28)
قال فناوله الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) خاتمه وقال: بعه بمائة دينار، وناوله سيفه وقال: بعه بمائتي دينار، واذهب فقد أتممت لك خمسمائة دينار". (1)
أما السلام، والعفو، والتسامح التي يولدها العلم فقد ورد عن الأمام الحسين ( - عليه السلام - ) فيها قوله: (من أحجم عن الرأي، وعييت به الحيل، كان الرفق مفتاحه) (2) .
ولقد كان مجلس الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) في المسجد النبوي، تلتف حوله حلقة واسعة من طلاب المعرفة، ورواد العلم، وأصحاب الحاجات، وقد سأل رجل من قريش معاوية أين يجد الحسين؟ فقال له معاوية: ( إذا دخلت مسجد رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله) فرأيت حلقة فيها قوم كأن على رؤوسهم الطير فتلك حلقة أبي عبد اللَّه . (3)
4- قيمة الحكمة
__________
(1) . الحسيني،نور الله:إحقاق الحق،قم،مكتبة النجفي،د.ت. 440:11.
(2) . المجلسي،محمد باقر:المصدر السابق،78: 128 حديث11.
(3) . القريشي،باقر شريف: ، حياة الإمام الحسين،المصدر السابق، 137:1.(1/29)
جاءت هذه القيمة بالترتيب الرابع ضمن هذا المجال وذلك بحصولها على (34) تكرار بنسبة مئوية قدرها (15%)، والسبب في حصولها على هذا الترتيب بالرغم من أهميتها أنها مرتبطة بالعدل ،إذ أن الحكمة تعني العدل (1) وعرف أبن أبي الربيع الحكمة:هي علة صحة الفكر والروية والتمييز في سائر الأشياء،قوامها في القوة الفكرية،وعرفها أيضاً بأنها(أدراك أفضل المعلومات بأفضل العلوم) (2) .بينما عرفها ارسطو طاليس بأنها (أقتران العلم بالفهم مصروفاً إلى كل ما هو بطبعه أعجب وأسمى) (3) .وتسمى الحكمة بالعقل النظري،وهي كمال القوة النظرية في أدراك حقائق الموجودات وأحكامها،على ما هي عليه،وغايته حصول الاعتقاد اليقيني بحالها ويندرج تحتها عشر فضائل هي صفاء الذهن،الذكاء،حسن التصور،سهولة التعلم،جودة الفهم،صدق الظن،الكياسة،الفطنة،الحفظ،الذكر. (4) وذكر مسكويه انه أجمع الحكماء أن أجناس الفضائل أربعة وهي:الحكمة ،والعفة،والشجاعة،والعدالة. (5)
__________
(1) . ابن منظور: 2003،المصدر السابق،540:2.
(2) . بن أبي الربيع،أحمد بن محمد:سلوك الممالك في تدبير الممالك،مطبعة جمعية المعارف المصرية،1286هـ،ص69-76.
(3) . طاليس،أرسطو:علم الأخلاق،ترجمة أحمد لطفي السيد،القاهرة،،مطبعة الكتب المصرية1924،131:2.
(4) .قانون السياسة ودستور الرياسة: مؤلف مجهول،دراسة وتحقيق محمد جاسم الحديثي،بغداد،دار الشؤون الثقافية العامة،1987،ص61.
(5) . مسكويه،أبي علي أحمد الرازي:تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق،ط2،،بيروت،دار مكتبة الحياة،د.ت،ص38..(1/30)
وبذلك تكون الحكمة هي مفتاح معرفة حقائق الأشياء ولهذا أعتبرها القرآن الكريم خيراً كثيراً وكما قال تعالى: (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) (البقرة:269) كما قال تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)(النحل: من الآية125)،فالحكمة كما أشار إليها القرآن الكريم يجب أن تكون أداة الدعوة الأولى وبداية الحوار،وهو الإقناع عن طريق الأدلة العقلية،وأما الموعظة الحسنة فهي المرحلة الثانية في الحوار والدلالة على الخير،وتكون بالكلمة الطيبة والأسلوب الإيجابي المحبب،البعيد عن الانفعال والعنف،أما المرحلة الأخيرة فهي الجدال ويجب أن يتسم بالتي هي أحسن،وهو الحوار المرن البعيد عن التعصب والتزمت.هذه هي الخطوات التي رسمها القرآن الكريم للإنسان الرسالي والتي يجب أن يتسم بها إذا ما أراد تحقيق الاستجابة الإيمانية بخلوص نية وصدق،والحسين ( - عليه السلام - ) بوصفه أنسأن رسالي وتلميذ القرآن سار على الخطوات التي دعا إليها لحاملي رسالته والمبشرين بدينه،فكان لا يدخر جهداً في أن تحقق نهضته أهدافها المنشودة وفق هذا البرنامج الرباني فكان ( - عليه السلام - ) يخاطب المرتدين بقوله: (أنا أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله)،فأن السنة قد أميتت،وان البدعة قد أحييت،وان تسمعوا قولي وتطيعوا أمري أهدكم سبيل الرشاد) (1) ،ثم يضيف قائلاً: (وقد دعوت إلى الأمان والبر والصلة فخير الأمان آمان الله،ولن يؤمن الله يوم القيامة من لم يخفه في الدنيا) (2) ،
__________
(1) . الطبري،ابو جعفر محمد بن جرير:المصدر السابق،280:3.
(2) . الطبري،ابو جعفر محمد بن جرير:المصدر السابق،297:3..(1/31)
ولم يكتف الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) في دعواه على المرحلة الأولى وهي الحكمة وأنما مارس دور الواعظ والمرشد فقام ( - عليه السلام - ) خطيباً فيهم: (عباد الله اتقوا الله وكونوا في الدنيا على حذر،فان الدنيا لو بقيت لاحد أو بقي عليها أحد كانت الأنبياء أحق بالبقاء وأولى بالرضى وأرضى بالقضاء،غير أن الله تعالى خلق الدنيا للبلاء وخلق أهلها للفناء...).ولقد كان الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) يتصف بكل ما في الحكمة من فضائل ويدعو لها مثل الفطنة والكياسة والذكاء وحسن التصور إذ يقول ( - عليه السلام - ) في إحدى حكمه: (لا تتكلف ما لا تطيق،ولا تتعرض لما لا تدرك،ولا تعد بما لا تقدر عليه،ولا تنفق إلا بقدر ما تستفيد،ولا تطلب من الجزاء إلا بقدر ما صنعت ... ) (1) .وهناك الكثير من النصوص الواردة في فكر الإمام الحسين( - عليه السلام - ) ما يشير إلى حكمته وفطنته حتى وهو في أشد المواقف خطورة.
5-قيمة الحرية
__________
(1) . الأمين ،السيد محسن:المصدر السابق،621:1.(1/32)
حصلت هذه القيمة على الترتيب الخامس ضمن المجال الثاني وكما هو مبين في الجدول ( 4 ) وذلك بحصولها على (26) تكرار بنسبة مئوية قدرها (11.5%) ،ويقصد بالحرية هي قدرة الإنسان على فعل الشيء أو تركه بإرادته الذاتية وهي ملكة خاصة يتمتع بها كل إنسان عاقل ويصدر بها أفعاله ،بعيداً عن سيطرة الآخرين لأنه ليس مملوكاً لأحد لا في نفسه ولا في بلده ولا في أمته.والحرية في الإسلام حق من الحقوق الطبيعية للإنسان، فلا قيمة لحياة الإنسان بدون الحرية. وقد بلغ من تعظيم الإسلام لشأن "الحرية" أن جعل السبيل إلى إدراك وجود الله تعالى هو العقل الحر، الذي لا ينتظر الإيمان بوجوده بتأثير قوى خارجية، وإنما يتم بإرادة حرة بعيداً عن الضغط والإكراه إذ قال تعالى:( لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَي)(البقرة: من الآية256) فنفي الإكراه في الدين، الذي هو غاية ما يملكه الإنسان،وذلك للدلالة على نفيه فيما سواه وأن الإنسان مستقل فيما يملكه ويقدر عليه لا يفرض عليه أحد سيطرته، بل يأتي هذه الأمور، راضياً غير مجبر، مختاراً غير مكره. وعندما أقر الإسلام الحرية ، لا يعني بطبيعة الحال ،أنه أطلقها من كل قيد وضابط ، لأن الحرية بهذا الشكل أقرب ما تكون إلى الفوضى ، التي يثيرها الهوى والشهوة ،ومن ثم تؤدي إلى ضياع الفرد الذي سيؤدي بالضرورة إلى ضياع المجتمع لذا وضع الإسلام مجموعة من الضوابط والتي عدت قيوداً ضرورية تضمن حرية الجميع وهذه الضوابط هي :
أ- ألا تؤدي حرية الفرد أو الجماعة إلى تهديد سلامة النظام العام وتقويض أركانه .
ب- ألا تسبب في ضياع حقوقا أعم منها،وذلك بالنظر إلى قيمتها في ذاتها ورتبتها ونتائجها.
ج - ألا تؤدي حرية الفرد أو المجتمع إلى الإضرار بحرية الآخرين.(1/33)
وبناءاً على الضوابط والقيود السابقة ندرك أن الإسلام لم يقر الحرية لفرد على حساب الجماعة ،كما لم يثبتها للجماعة على حساب الفرد ،ولكنه وضع موازنة بينهما ،فأعطى كلاً منهما حقه. (1)
قد تتعرض الحرية الفردية أو الاجتماعية إلى الانتهاك،لذا فقد ميز (الطريحي) نوعين من الانتهاك هما :
1. الانتهاك الخارجي:ويقصد به الانتهاك الذي يصدر من قبل قوة خارجة عن الإنسان،وهذه القوة،قد تكون دولة أو جهة غير رسمية أو إنسان آخر.
2. الانتهاك الداخلي:وهو الانتهاك الذي يأتي من قبل الإنسان نفسه على نفسه،فيصادر حقوقه،أو يتنازل عنها بنفسه. (2) وهذا النوع من الانتهاك أشد خطورة بكثير من النوع الأول،لصعوبة زوال أثاره،فيما لو تمكن من الإنسان،لذا نجد الإمام الحسين( - عليه السلام - ) لم يغفل جانبه وأنما أشار أليه،وأكد عليه في أشد المواقف وأخطرها ليوجه الناس إلى مدى خطورته على الإنسان،وعليه نجده يقف بوجه أعدائه ويخاطبهم متحدياً لهم بأنه لن يتنازل عن حريته وذلك بقوله( - عليه السلام - ):(والله لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر إقرار العبيد) (3) .وقد بدأ الإمام الحسين( - عليه السلام - ) بتوضيح هذا الانتهاك مبتدئاً بنفسه ليكون تأثير ذلك أبلغ في نفوس الآخرين.ثم قال ( - عليه السلام - ) :(الناس عبيد الدنيا،والدين لعق على ألسنتهم،فأن محصوا بالبلاء قل الديانون) (4) .
__________
(1) .موقع الإسلام اليوم:المشرف العام على الموقع الشيخ د.سلمان بن فهد العودة.
(2) . النجفي،فخر الدين الطريحي:المنتخب،قم،منشورات الشريف الرضي،1413هـ.،ص410.
(3) . الطبري،ابو جعفر محمد بن جرير:المصدر السابق،318:1.
(4) . الدمشقي،أبو الفداء إسماعيل بن كثير(774هـ):البداية والنهاية،بيروت،دار أحياء التراث،1408هـ،203:8.(1/34)
لقد كان الإمام الحسين( - عليه السلام - ) حتى لحظات حياته الأخيرة وهو يطالب الإنسان-ومن بينهم أعدائه- بعدم التفريط بحريتهم بأيديهم،فحين كان واقعاً على الأرض في كربلاء،ولم يفصل بينه وبين الموت سوى لحظات خاطب قتلته قائلاً:(ويحكم ياشيعة آل أبي سفيان،أن لم يكن لكم دين،وكنتم لا تخافون المعاد،فكونوا أحراراً في دنياكم) (1) .
أما بالنسبة للانتهاك الخارجي فأنه يتحدد بالظلم الخارجي والذي يكون صادر من جهة خارجية،وأظهر مصاديق الانتهاك الخارجي هو ظلم الحاكم تحديداً،إذ لديه القدرة على الضغط في استلاب حريات الناس،وقد بين الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) هذا الانتهاك وهو يخاطب جده (صلى الله عليه وآله) إذ يقول ( - عليه السلام - ) :(بأبي أنت وأمي يا رسول الله-يخاطب بذلك جده (صلى الله عليه وآله) حين وقف على قبره الشريف- لقد خرجت من جوارك كرهاً،وفرق بيني وبينك حيث أني لم أبايع ليزيد بن معاوية،.......،وها أنا أخرج من جوارك على الكراهة فعليك مني السلام). (2)
__________
(1) . الدمشقي،أبو الفداء إسماعيل بن كثير: المصدر نفسه ،203:8.
(2) . النجفي ،فخر الدين الطريحي: المصدر السابق،ص410.(1/35)
وتأسيساً على ما تقدم نجد أن الحسين ( - عليه السلام - ) كان قد دعا إلى ضرورة مطالبة الإنسان بحقه في الحرية بكافة أشكالها وألوانها أن كانت حرية شخصية أو حرية فكرية أو اجتماعية،منذ مئات السنين ومارسها بشكل عملي لدرجة أنه ضحى بكل ما لديه من أجل أن لا ينال من حريته أحد،في حين يتصور البعض أن المطالبة بهذا الحق هو من إنجازات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة (1) والتي تجد جذورها في الثورة الفرنسية 1798م،وكأن هذا المبدأ الذي يشكل قيمة أساسية في حياة الإنسان قد بدأ مع الإعلان المذكور والذي أقر عام 1948.وقد تجاوز هذا الإجحاف حده إلى درجة أن المستشرق(روز نتال) زعم بأن المسلمين في العصر الوسيط ما كانوا يملكون مفهوماً للحرية الإنسانية وما شابهها للمفهوم الإغريقي. (1)
6-قيمة العفة والاحتشام
__________
(1) السيد،رضوان : حقوق الإنسان والفكر الإسلامي المعاصر، مجلة العربي،الكويت،2001.ص154.(1/36)
... جاءت هذه القيمة بالترتيب السادس ضمن مجال علاقة الإنسان مع نفسه فقد حصلت على (16) تكرار نسبة مئوية قدرها (7.1%) وقد جاءت هذه القيمة بدلالات لغوية مختلفة ، عفّ عن الحرام أي كفّ (1) ،وقد وردت تعريفات عديدة للعفّة منها تعريف ابن أبي الربيع بأنها: (علة الورع ، وضبط النفس عن الشهوات المؤذية الفانية) (2) ،وعرفها أرسطو طاليس بأنها : (التوسط في شهوات البطن والفرج) وقال أيضاً :التوسط في الحياء محمود ، والطرفان مذمومان،وطرف الزيادة يسمى الخجل،وطرف النقصان،يسمى القحة،ويعني الخلاعة. (3) وذكر مسكويه أن العفّة هي ( فضيلة الحس الشهواني ، وظهور هذه الفضيلة في الإنسان يكون بأن يصرف شهواته بحسب الرأي ، يعني أن يوافق التمييز الصحيح حتى لا ينقاد لها ، ويصير حراً غير متعبد لشيء من شهواته ) وقد أورد مجموعة من الفضائل التي تقع تحت العفّة وهي : الحياء ، والدعة ، والصبر ، والسخاء ، والحرية ، والقناعة والدماثة ، والانتظام ، وحسن الهدي ، والمسالمة ، والوقار ، والورع. (4) إذن فالحياء واحدة من الفضائل التي تقع تحت العفّة ، والحياء لغة تعني الحشمة (5) ،أما اصطلاحاً فهي انقباض النفس وحشمتها مما يستقبح ويذم عليه. (6)
__________
(1) .الرازي،ابو بكر: المصدر السابق،ص422.
(2) .ابن أبي الربيع:المصدر السابق،،ص69.
(3) . قانون السياسة ودستور الرياسة :المصدر السابق،ص181-183.
(4) . مسكويه،أبي علي أحمد الرازي:المصدر السابق،ص40-41.
(5) . الفيروزآبادي،محمد بن يعقوب:القاموس المحيط،ط2،القاهرة،المطبعة الحسينية المصرية،1342هـ،323:4.
(6) . الجرجاني،السيد علي بن محمد:التعريفات،أسطنبول،،مطبعة محمد أسعد 1300هـ،ص65..(1/37)
وجاءت لفظة العفّة في القرآن الكريم في مواضع عديدة منها كما في قوله تعالى: (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ )(النور: من الآية33) و قال تعالى : (لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلونَ النَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) (البقرة:273). وغيرها من الآيات القرآنية التي تدعو الإنسان المؤمن عن الكف من المحرمات وصيانة النفس عن جميع الشهوات والرذائل.ولقد دعا الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) إلى ضرورة الاتصاف بالحياء وعده شعبة من شعب الإيمان إذ قال (صلى الله عليه وآله) : (الأيمان بضع وسبعون شعبة ، فأفضلها قول لا اله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان ) (1) .لقد كانت نفس الحسين ( - عليه السلام - ) تعفّ عن الشهوات وعن الانصياع لمطالب الحياة ومباهجها فيقول ( - عليه السلام - ) : ( والأجمال في الطلب من العفّة ، وليست العفّة بمانعةٍ رزقاً ) (2) وكيف لا وهو لا يقتصر على أن تعفّ نفس الإنسان الشهوات والوقوع في المحارم بل يدعو إلى الوقوف بوجه السلطان الذي يتصف بهذه الصفات فيقول ( - عليه السلام - ) : (من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرام الله ، ناكثاً لعهد الله ، مخالفاً لسنة رسول الله ، يعمل في عباد الله يالأثم والعدوان فلم يغير عليه بفعل ولا قول ، كان حقاً على الله أن يدخله مدخله ) (3) ،
__________
(1) . النيسابوري ،مسلم بن الحجاج:صحيح مسلم،المصدر السابق،63:1.
(2) . المجلسي،محمد باقر:المصدر السابق،27:103،مستدرك الوسائل35:13.
(3) . الطبري،ابو جعفر محمد بن جرير:المصدر السابق،306:3/ابن الأثير،عز الدين أبي الحسن:المصدر السابق،552:2..(1/38)
ولم ترتض غيرة الحسين ( - عليه السلام - ) وحشمته أن يعتدى على النساء فوقف في يوم كربلاء كالجبل يصد عن نساءه ونساء أنصاره سهام الأعداء وضرباتهم وهو ينادي: (أنا الذي أقاتلكم وتقاتلوني والنساء ليس عليهن جناح ) (1) ، وفي ساحة المعركة وهو أحوج ما يكون إلى ناصر بعد أن أستشهد كل من حوله تأبى غيرتهُ وحشمتهُ أن تشترك معه امرأة في القتال بعد أن برزت إحدى نساء أصحابه وهي ترى الأعداء يحيطون به من كل جانب ، فردها ( - عليه السلام - ) إلى المخيم قائلا لها : (جزيتم من أهل بيت خيراً ، أرجعي رحمك الله إلى النساء فأجلسي معهن ، فأنه ليس على النساء قتال ) (2) .
ثالثاً:علاقة الإنسان مع الآخرين
__________
(1) . الأمين ،السيد محسن:المصدر السابق،609:1/المجلسي،محمد باقر:المصدر السابق،51:45.
(2) . الطبري،ابو جعفر محمد بن جرير:المصدر السابق،321:3/ابن الأثير،عز الدين أبي الحسن:المصدر السابق،564:2/المجلسي،محمد باقر:المصدر السابق،17:45.(1/39)
... لم تقتصر التربية الإسلامية على بناء علاقة الإنسان مع ربه ونفسه فحسب وإنما توسعت بذلك لتشمل الآخرين وذلك لان الإنسان كائن اجتماعي بالفطرة،لذا نجدها تؤكده على أن لا يمارس حقوقه على نحو يمس بحقوق غيره وذلك من خلال تنظيم العلاقة بينهما.إذ تعد دراسة القيم ضرورة لازمة على المستويين الفردي والجماعي،فعلى المستوى الفردي نجد أن المرء في تعامله مع الأشخاص والمواقف والأشياء بحاجة إلى نسق ونظام للقيم يعمل بمثابة موجهات لسلوكه ودوافع لنشاطه،وبديهي أنه إذا غابت هذه القيم أو تضاربت فأن الإنسان يغترب عن ذاته وعن مجتمعه ويفقد دوافعه للعمل ويقل إنتاجه.أما على المستوى الجماعي فأن أي تنظيم جماعي بحاجة إلى نسق للقيم يشابه تلك الأنساق القيمية لدى الفرد يضمنه أهدافه ومثله العليا التي عليها تقوم حياته ونشاطاته وعلاقاته،فإذا ما تضاربت هذه القيم ولم تتضح فأنه سرعان ما يحدث الصراع القيمي والاجتماعي الذي يدفع بالنظام الاجتماعي إلى التفكك والانهيار. (1) فقامت التربية الإسلامية بتحديد مجموعة من التزامات الفرد اتجاه غيره،فبدأت بمن يحيطون به والمقربين منه،فأمرته بضرورة الإحسان إلى والديه وطاعتهما إذ قال تعالى: (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) (الإسراء:24) كما أكد الإسلام على أن لا يشمل الإحسان الوالدين فقط وإنما أيضاً الاقربين إذ قال تعالى: (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى)(النساء: من الآية36)،كما أوجب الإسلام احترام حياة الأولاد وأداء حقوقهم كاملة قال تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ)(الأنعام: من الآية151).
__________
(1) . زاهر، ضياء:المصدر السابق،ص9.(1/40)
وقد وسع الإسلام علاقة الإنسان مع الآخرين لتشمل الجار ،وعد الرسول محمد(صلى الله عليه وآله) من يؤذي جاره خارجاً عن دائرة الإيمان،كما نهى عن احتقار الناس على أي نحو كان سواء تعلق بشخصه أو سلوكه ووأجب الإسلام فضلاً عن ذلك مجموعة من القيم التي تنظم علاقة الإنسان بغيره مثلاً أداء الامانه: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا)(النساء: من الآية58) والوفاء بالعهد كقوله تعالى: ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً)(الإسراء: من الآية34) والتراحم كقوله تعالى: (وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ )(الفتح: من الآية29)والعفو كقوله تعالى: ( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاس)(آل عمران: من الآية134)والعدل والرحمة كقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى)(النحل: من الآية90).
من ملاحظة الجدول التالي نجد أن هذا المجال قد ضم (14) قيمة وهو بذلك شمل تقريباً ثلثي قائمة القيم الكلية،لذا حصل على أعلى مجموع للأفكار القيمية والتي بلغت(609) فكرة نالت قيمة العدل فيها أعلى التكرارات،إذ بلغت عدد التكرارات التي حصلت عليها هذه القيمة (100) فكرة بنسبة مئوية (16.42%) في حين حصلت قيمة التعاون على المرتبة الأخيرة ضمن هذا المجال،إذ بلغت تكراراتها (15) بنسبة مئوية مقدارها(2.46%).كما هو موضح في الجدول الآتي.
جدول (7)
يبين تكرارات القيم وترتيبها والنسبة المئوية المكونة للمجال الثالث
ت ... القيمة ... التكرار ... الترتيب ... النسبة المئوية
1 ... العدل ... 100 ... 1 ... 16.43
2 ... الصدق ... 94 ... 2 ... 15.43
3 ... الحق ... 87 ... 3 ... 14.29
4 ... التراحم ... 75 ... 4 ... 12.31
5 ... الكرم ... 43 ... 5 ... 7.06
6 ... الصبر ... 35 ... 6 ... 5.74
7 ... العمل ... 31 ... 7 ... 5.09
8 ... الحلم ... 28 ... 8 ... 4.59
9 ... التواضع ... 25 ... 9 ... 4.1
10 ... الأمانة ... 21 ... 10 ... 3.44
11 ... التضحية ... 19 ... 11 ... 3.11
12 ... الإيثار ... 18 ... 12.5 ... 2.96(1/41)
13 ... التسامح ... 18 ... 12.5 ... 2.96
14 ... التعاون ... 15 ... 14 ... 2.46
المجموع ... 609 ... 100%
1- العدل
... نالت هذه القيمة الترتيب الأول ضمن مجال علاقة الإنسان بالآخرين فكان عدد التكرارات التي حصلت عليها (100) بنسبة مئوية قدرها (16.42%)، والعدل لغة هو الاستقامة والحكم بالحق وهو ضد الجور (1) ،وفي الشريعة عبارة عن الاستقامة في الطريق الحق بالاختيار عما هو محظور.واصطلاحاً هو أن يعطي المرء ما عليه،ويأخذ ما له،أما الإحسان هو أن يعطي أكثر مما عليه ويأخذ أقل مما له (2) .وأقرب التعريفات التي توضح مفهوم العدل ما قاله بعض الحكماء:انه إعطاء كل ذي حق حقه،بلا إفراط ولا تفريط.فالعدل أذن هو التوازن بين قوى الفرد وطاقاته الروحية والمادية،وهو التوازن بين الفرد والمجتمع،ثم بين المجتمع وغيره من المجتمعات،ولا سبيل إلى هذا التوازن إلا بتحكيم شريعة الله سبحانه،وما أنزل من كتاب وحكمه.وليس معنى العدل المساواة المطلقة،فان المساواة بين المختلفين كالتفريق بين المتماثلين،كلاهما ليس من العدل في شيء،فضلاً عن إن المساواة المطلقة أمر مستحيل،لأنه ضد طبيعة الإنسان وطبيعة الأشياء.
__________
(1) .ابن منظور: (2003)،المصدر السابق،706:2.
(2) .أبو البقاء:الكليات،تحقيق عدنان درويش ومحمد المصري،دمشق،1974،253:3.(1/42)
يقول الأستاذ عباس محمود العقاد بهذا الخصوص: (المساواة المثلى هي العدل الذي لا ظلم فيه على أحد،ولهذا لم يستطع فقهاء التعريفات أن يجعلوها مساواة في الواجبات،لان المساواة في الواجبات،مع اختلاف القدرة عليها ظلم قبيح)ويضيف قائلاً: (ولم يستطيعوا أن يجعلوها مساواة في الحقوق،لأن المساواة في الحقوق مع اختلاف الواجبات،ظلم اقبح من ذلك،لأنه إجحاف يأباه العقل،واضرار يحيق بالمصلحة العامة،كما يحيق بمصلحة كل فرد من ذوي الحقوق والواجبات) وقوام الأمر إذن،أن تكون المساواة العادلة مساواة في الفرص والوسائل،فلا يحرم إنسان فرصته لإحراز القدرة التي تمكنه من النهوض بواجب من الواجبات،ولا يحرم وسيلته التي يتوسل بها إلى بلوغ تلك الفرصة،ما استطاع من وسائل السعي المشروع. (1)
__________
(1) .د.يوسف القرضاوي:الكتاب والميزان وأسرار أخرى،موقع إسلام أون لاين،2004.(1/43)
أما بسط العدل بجميع رحابه ومناهجه فهو من أهم ماعنى به الإسلام في جميع تشريعاته قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)(المائدة: من الآية8).وما بعث الله أنبياءه إلا لنشر العدل وأشاعته بين الناس،قال تعالى: ( وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُم)(الشورى: من الآية15)،وتأكيداً لأهمية العدل فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (عدل ساعة خير من عبادة سبعين سنة قيام ليلها وصيام نهارها) (1) ،كما قال (صلى الله عليه وآله): (لعمل الإمام العادل في رعيته يوماً واحداً أفضل من عبادة العابد في أهله مائة عام).وتأسيساً على ذلك جعل الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) أهم مواصفات الإمام هو الحكم بالعدل بين الناس إذ قال ( - عليه السلام - ): (فلعمري ما الإمام إلا الحاكم بالكتاب،القائم بالقسط،الدائن بدين الحق،والحابس نفسه على ذات الله) (2) ،وتأكيداً على العدل الإلهي قال الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) : (ما أخذ الله طاقة أحد إلا وضع عنه طاعته،ولا أخذ قدرته ألا وضع عنه كلفته) (3) .
__________
(1) .الطبرسي،ابي الفضل علي:المصدر السابق،ص316.
(2) . الطبري،ابو جعفر محمد بن جرير:المصدر السابق،353:5.
(3) . . الحراني،أبو محمد الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة:المصدر السابق،175/المجلسي،محمد باقر:المصدر السابق،117:78 حديث 4.(1/44)
ولقد ساوى الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) نفسه مع أنصاره،إذ شاركهم في السراء والضراء وفي آمالهم و آلامهم،وعاش في وسطهم يتعرض لما يتعرضون له،ولم يضع فاصلاً بينه وبينهم،فكانت أمواله وأطفاله معهم يبذلها من أجل الحق،وكان ( - عليه السلام - ) لأنصاره وأتباعه أسوة وقدوة وهو القائل ( - عليه السلام - ) : (نفسي مع أنفسكم،وأهلي مع أهليكم فلكم فيَّ أسوة)،وهذه هي العدالة في أبهى صورها عندما يتمثلها الإنسان المؤمن وهو يقف في وسط أصحابه وأهله فيجعلهم راضين بحكمه وقيادته.
2- قيمة الصدق
جاءت هذه القيمة بالترتيب الثاني بحصولها على (94) تكرار نسبة مئوية قدرها (15.43) والصدق لغة هو مطابقة القول الضمير والمخبر عنه معاً (1) ،والمطابقة تعني توافق ما لدى الإنسان - من قول أو فكر أو قصد أو عمل- مع الواقع الخارجي،فالصدق يرتبط إذن بمفهوم الانسجام والعلاقة الصحيحة بالله عز وجل ،وبالنفس ،وبالآخرين،واصطلاحاً:هو استواء السر والعلانية والظاهر والباطن،والصدق عموم مطلق،إذ كل صادق مخلص وليس كل مخلص صادق. (2)
ويعد الصدق ركن من أركان الدين وهو أفضل خصال الإنسان وأوضح دلائل الإيمان،ومقدمة لجميع أنواع الخير،فهو يهدي إلى البر وركيزة مهمة لاستقرار المجتمع وتنامي الثقة بين أفراده،ولأهمية الصدق،قد وصف الله به نفسه وأضافه إلى ذاته،قال تعالى: (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً)(النساء: من الآية122) وأن الله يحب الصادقين والذين يوفون بوعودهم،لذلك ذكر الله نبيه إسماعيل ( - عليه السلام - ) ومدحه بقوله تعالى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً) (مريم:54).
__________
(1) . الاصفهاني،أبو القاسم الحسين بن محمد الراغب:مفردات في غريب القرآن،المطبعة الفنية الحديثة،1971،ص409.
(2) . الغزالي،أبو حامد:روضة الطالبين وعمدة السالكين،مطبعة السعادة،1924،ص248.(1/45)
فالصدق جنة واقية من العذاب ذلك لان حركة الصادق تتطابق مع كل معاني الخير وتتناغم وحركة الكون في كل ذرة من ذراته وكل جرم من أجرامه السماوية،وقد وضح لنا الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) أهمية الصدق وقيمته العبادية والأخلاقية فقال (صلى الله عليه وآله): (إن الصدق يهدي إلى البر،والبر يهدي إلى الجنة،وان الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً،وان الكذب يهدي إلى الفجور،والفجور يهدي إلى النار،وان الرجل ليكذب،حتى يكتب عند الله كذابا) (1) .
__________
(1) . البخاري،محمد بن إسماعيل:صحيح البخاري،1987،المصدر السابق،30:7/الهندي،علاء الدين علي التقي:المصدر السابق،345:3.(1/46)
فالصدق قيمة أخلاقية عليا تبني عليها الحضارات بنيانها والمجتمعات أسسها وبغيره سيصبح البناء بلا قواعد ينهار عند أول هزة وأضعف ريح تعصف به ذلك لأن للصدق أصالة الحياة ووسيلتها وغاية وجودها. والوفاء بالعهد لون من الصدق بل توأم له كما أشار الإمام علي( - عليه السلام - ) إلى ذلك بقوله ( - عليه السلام - ): (إن الوفاء توأم الصدق، ولا اعلم جنة أوقى منه ولا يغدر من علم كيف المرجع ولقد أصبحنا في زمان قد اتخذ أكثر أهله الغدر كيساً، ونسبهم أهل الجهل فيه إلى حسن الحيلة ما لهم قاتلهم الله قد يرى الحوّل القلّب وجه الحيلة ودونه مانع من أمر الله ونهيه رأي عين بعد القدرة عليها وينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين) (1) ،ومن هنا كان الوفاء بالعهود أمراً لازماً قال تعالى: ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً)(الإسراء: من الآية34)،كما أن الوفاء بالعهود والمواثيق من الأخلاق الفاضلة في جميع الأديان إلهية كانت أم وضعية، وقد جسد الإمام الحسين( - عليه السلام - ) هذه القيم الأخلاقية في اشد المواقف خطورة، فبعد اتفاق الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) مع الحر بن يزيد الرياحي على أن يسايره فلا يعود إلى المدينة ولا يدخل الكوفة طلب منه الطرماح بن عدي أن ينزل قبيلة طي ليلتحق به عشرون ألف طائي فقال له الإمام ( - عليه السلام - ): (انّه كان بيننا وبين هؤلاء القوم قول لسنا نقدر معه على الانصراف) (2) ،فقد وفّى ( - عليه السلام - ) بعهده وان كان قد أفقده عشرين ألف ناصر له وهو بحاجة إلى أي ناصر.
__________
(1) الخوئي،ميرزا حبيب الهاشمي:منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة،ط4،طهران،المكتبة الإسلامية،1405هـ،189:4.
(2) . ابن الأثير،عز الدين أبي الحسن:المصدر السابق،50:4.(1/47)
فلم يمارس الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) الكذب والخداع والتمويه في كلامه، وإنّما ركز على حقائق معلومة للجميع، فوضّح أهداف حركته وهي إصلاح الواقع إذ قال ( - عليه السلام - ): (ما خرجت أشراً ولا بطراً وأنما خرجت لغرض الاصلاح في دين جدي محمد ) وحينما جاءته الأخبار عن مقتل مسلم بن عقيل لم يخف الأخبار عن أصحابه وإنما اخبرهم بذلك وشجعهم على الانصراف إذ قال ( - عليه السلام - ): (هذا الليل قد غشيكم فأتخذوه جملا،وليأخذ كل رجل منكم بيد صاحبه أو رجل من أخوتي وتفرقوا في سواد هذا الليل وذروني وهؤلاء القوم،فأنهم لا يطلبون غيري،ولو أصابوني وقدروا على قتلي لما طلبوكم) (1) ،وكان بين مدة وأخرى يخبرهم أنه سيقتل وتسبى حريمه إذ قال ( - عليه السلام - ): (إني مقتول لا محالة ، وليس لي من هذا بد ،وإني أعرف من يقتل من أهل بيتي وقرابتي وشيعتي) ، ولم يخبرهم انه سينتصر عسكرياً.فضلاً عن ذلك شدد الإمام الحسين( - عليه السلام - ) على ضرورة الوقوف بوجه الحاكم الكاذب والناكث لعهده وذلك لأن نتائج ذلك ستكون سلبية على العباد إذ قال ( - عليه السلام - ): (أيها الناس،إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال:من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرم الله،ناكثاً عهده،مخالفاً لسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله)،يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان،فلم يغير عليه بفعل ولا قول،كان حقاً على الله أن يدخله مدخله) (2) .
3-قيمة الحق
__________
(1) . ابن الأثير،عز الدين أبي الحسن:المصدر السابق،559:2/الطبري،ابو جعفر محمد بن جرير:المصدر السابق،315:3،
(2) . الطبري،ابو جعفر محمد بن جرير:المصدر السابق،403:5.(1/48)
من خلال ملاحظة الجدول السابق نجد أن هذه القيمة حصلت على الترتيب الثالث ضمن مجال علاقة الإنسان بالآخرين ،وذلك بحصولها على (87) تكرار نسبة مئوية قدرها (14.28%) وهي نتيجة منسجمة مع البناء الفكري والخط الثوري الذي سار عليه الإمام الحسين( - عليه السلام - ) والذي تربى على نصرة الحق والوقوف بوجه الظلم. فالحق لغة ضد الباطل (1) ،أما أصطلاحاً فهو الحكم بمقتضى الحكمة ووزن الأمور بميزان الشرع.لقد تبنى الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) الحق بجميع رحابه ومفاهيمه ، وأندفع إلى ساحات النضال ليقيم الحق في عموم ألامة الإسلامية ، وينقذها من التيارات العنيفة التي خلقت في أجوائها قواعد للباطل ، وخلايا للظلم ، وأوكار للطغيان تركتها تتردى في مجاهيل سحيقة من هذه الحياة ، فرأى الإمام ( - عليه السلام - ) إن الآمة قد غمرتها الأباطيل والأضاليل ، ولم يعد ماثلاً في حياتها أي مفهوم من مفاهيم الحق ، فأنبرى ( - عليه السلام - ) إلى ميادين التضحية والفداء ليرفع راية الحق ، وقد أعلن ( - عليه السلام - ) هذا الهدف في خطابه الذي ألقاه أمام أصحابه قائلا : (ألا ترون إلى الحق لا يعمل به ، والى الباطل لا يتناهى عنه ليرغب المؤمن في لقاء الله...) (2) .ويقول ( - عليه السلام - ) في النتائج التي يؤدي إليها التهاون في أداء هذا الواجب، وهو الدعوة إلى الحق والعمل به: (وما سلبتم ذلك إلا بتفرقكم عن الحق، واختلافكم في السنة بعد البينة الواضحة، ولو صبرتم على الأذى وتحملتم المؤونة في ذات الله كانت أمور الله عليكم ترد، وعنكم تصدر، وإليكم ترجع، ولكنكم مكنتم الظلمة من منزلتكم، وأسلمتم أمور الله في أيديهم يعملون بالشبهات.
__________
(1) .الرازي،ابو بكر :المصدر السابق،ص146.
(2) . الطبري،ابو جعفر محمد بن جرير:المصدر السابق،307:3 /ابن عساكر،ابي القاسم علي:المصدر السابق،605:11.(1/49)
سلطهم على ذلك فراركم من الموت، وإعجابكم بالحياة التي هي مفارقتكم، فأسلمتم الضعفاء في أيديهم، فمن بين مستعبد مقهور، وبين مستضعف على معيشته مغلوب، يتقلبون في الملك بآرائهم، ويستشعرون الخزي بأهوائهم) (1) .
أما الصلابة في الحق فهي من مقومات أبي الشهداء ومن أبرز ذاتيته فقد شق الطريق في صعوبة مذهلة لاقامة الحق ، ودك حصون الباطل ، وتدمير خلايا الجور وذلك من خلال الوقوف أمام أعتى قوى الظلم في زمنه منادياً عليهم: (ويحكم يا شيعة آل أبي سفيان! إن لم يكن لكم دين ، وكنتم لا تخافون المعاد ، فكونوا أحراراً في دنياكم هذه وأرجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عرباً كما تزعمون) (2) .
لقد كان الحق من العناصر الوضائة في شخصية أبي الأحرار ، وقد استشف النبي (صلى الله عليه وآله) فيه هذه الظاهرة الكريمة فكان (صلى الله عليه وآله) يرشف دوماً تغرهُ الكريم ذلك الثغر الذي قال كلمة الله وفجر ينابيع العدل والحق في الأرض .
4- قيمة التراحم
__________
(1) . . الحراني،أبو محمد الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة:المصدر السابق،168.
(2) . الأمين ،السيد محسن:المصدر السابق،609:1/الاصفهاني،أبي الفرج علي:مقاتل الطالبيين،المصدر السابق،ص118/المجلسي،محمد باقر:المصدر السابق،51:45.(1/50)
حصلت هذه القيمة على الترتيب الرابع ضمن المجال الثالث وذلك بحصولها على (75) تكرار بنسبة مئوية قدرها (12.31%) ، والتراحم هو الرقة والتعاطف بين شخصين أو قومين . (1) والرحمة :الرقة والتعطف والرحم :القرابة. (2) وقد عرف مسكويه صلة الرحم بأنها : ( مشاركة ذوي اللحمة في الخيرات التي تكون في الدنيا) عدها من الفضائل التي تقع تحت العدالة. (3) كما عرفها أبن أبي الربيع بأنها : ( مشاركة ذوي اللحمة في الخيرات ومواصلتهم ) وجعلها أيضاً واحدة من أقسام العدل. (4) أن من فضائل الأخلاق التي أكدها القرآن الكريم في علاقة الإنسان مع الآخرين هو صلة الرحم ، وقد بدء بالأقرب وهما الوالدان ، إذ قال تعالى : (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً)(الاسراء:24)،كما قال تعالى في التأكيد على الإحسان إلى الوالدين والاقربين : (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى)(البقرة: من الآية83)،وقد ربط الله سبحانه وتعالى قطع الأرحام بالإفساد في الأرض لعظيم شأنها عنده سبحانه وتعالى ، إذ قال في كتابه الكريم : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) (محمد:22) ،كما قال (صلى الله عليه وآله) : (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا أشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) (5) .
__________
(1) .ابن منظور:المصدر السابق،102:4.
(2) .الرازي،ابو بكر:المصدر السابق،ص238.
(3) . مسكويه،أبي علي أحمد الرازي:المصدر السابق،ص44.
(4) .أبن ابي الربيع: (1978)،المصدر السابق،ص73.
(5) . النيسابوري،مسلم بن الحجاج: المصدر السابق،1999:4.(1/51)
لقد كان الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) عنوان للرحمة والتراحم ، إذ كان يعطي السائل ويرد الملهوف ويحترم الكبير ويعطف على الصغير ويحافظ على أواصر الصلة والقربى وينبذ التفرقة والقطيعة وكل ما يدعو لها من نميمة وظلم ،فها هو يقول لأبن عباس : (لا تقولن خلف أحد إذا توارى عنك ألا مثل ما تحب أن يقول عنك إذا تواريت عنه) (1) ،وهو بذلك يؤكد على ضرورة عدم اغتياب الآخرين لأنها مدعاة للتفرقة ، وفي حديث أخر له ( - عليه السلام - ) : (يا هذا كف عن الغيبة فأنها أدام كلاب النار ) (2) ،إذ على المؤمن الذي يبتغي بلوغ الجنة أن يتصف بصفات لا يقطع بها أرحامه مع الناس جميعاً وذلك لأن الإسلام ينظر إلى البشر جميعاً على أنهم أخوه ومن صلب واحد ، لذا يخاطبنا سبحانه وتعالى بقوله :(يَا بَنِي آدَمَ )(لأعراف: من الآية26)،فكان الإمام ينظر إلى ذلك الأمر من هذا الباب ،فكان عندما يبعث برسائله يخاطبهم بقوله: ( من الحسين بن علي إلى إخوانه من المؤمنين والمسلمين ) ، كما عد ( - عليه السلام - ) صلة الرحم من أسباب بسط الرزق وطول العمر فقال ( - عليه السلام - ) : (من سره أن ينسأ في أجله ويزاد في رزقه فليصل رحمه ) (3) ،كما انه ( - عليه السلام - ) أمتدح من يصل الآخرين وخاصتاً من قطعه وأعتبره أوصل الناس إذ قال ( - عليه السلام - ) : (وأن أوصل الناس من وصل من قطعه ، والأصول على مغارسها بفروعها تسمو ، فمن تعجل لأخيه خيراً وجده إذا قدم عليه غداً ) (4) .
__________
(1) . المجلسي،محمد باقر:المصدر السابق،124:78 حديث 10.
(2) . . الحراني،أبو محمد الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة:المصدر السابق،175/المجلسي،محمد باقر:المصدر السابق117:78/الأمين ،السيد محسن:المصدر السابق،620:1.
(3) . المجلسي،محمد باقر:المصدر السابق،91:74 حديث 15.
(4) . المجلسي،محمد باقر:المصدر السابق،121:78حديث 4/الأمين ،السيد محسن:المصدر السابق،620:1.(1/52)
وبقي يدعو إلى صلة الرحم حتى أخر لحظة في حياته ، فها هو الشمر ينادي على أبناء أخت له كانوا من أنصار الحسين ( - عليه السلام - ) ، ويدعوهم إلى الانسحاب من نصرة الحسين وهو يأمن لهم حياتهم فما كان من الحسين إلا أن طلب منهم أن يجيبوه حرمة لصلة الرحم التي تربطه بهم فقال ( - عليه السلام - ) مخاطباً إياهم : ( أجيبوه وأن كان فاسقاً فأنه من أخوالكم) (1) .
5-قيمة الكَرَم
حصلت هذه القيمة على الترتيب الخامس ضمن المجال الثالث ،إذ بلغ عدد التكرارات التي حصلت عليها (43) بنسبة مئوية قدرها (7.06%) ، وذلك لأن الكَرَم واحدة من الصفات التي تميز العرب عموماً وأهل البيت خصوصاً ،الكَرَم بفتحتين على الكاف والراء ضد اللؤم و(الكريم) الصفوح (2) والكرَم هو إعطاء بسهولة وطيب النفس وقد عرف أبن سينا السخاء-والذي يأتي بمعنى الكرم والدلالة عليه- بأنه: (يسلس قوته لبذل ما يحوزه من الأموال التي لأهل جنسه إليها حاجة،وحسن المواساة بما يجوز أن يواسي به منهما) (3) في حين عرفه مسكويه بأنه : (التوسط في الإعطاء،وهو أن ينفق الأموال في ما ينبغي،على مقدار ما ينبغي،وعلى ما ينبغي) (4) على حين عرف ابن أبي الربيع الكرم بأنه: (أنفاق المال بسهولة من النفس في الأمور الجليلة) وقد عده واحداً من أقسام السخاء والتي هي الكرم والإيثار والنبل والسماحة والمسامحة والمواساة. (5) وقد ذكر أبن حزم ان الحرص متولد عن الطمع،والطمع متولد عن الحسد،والحسد متولد عن الرغبة،والرغبة متولدة عن الجور والشح والجهل. (6)
__________
(1) . الطبري،ابو جعفر محمد بن جرير:المصدر السابق،314:3.
(2) . الرازي،ابو بكر:المصدر السابق،ص568.
(3) .بن سينا:المصدر السابق،ص100.
(4) . مسكويه:المصدر السابق،ص41-42.
(5) .ابن أبي الربيع:المصدر السابق،ص81-82.
(6) . الاندلسي،أبن حزم:المصدر السابق،380:1.(1/53)
لقد نهى الله سبحانه وتعالى عن البخل وعده من الصفات الذميمه التي على الإنسان تجنبها،إذ قال تعالى: (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً) (النساء:37).كما انه حذر من الحب المفرط للمال والحرص عليه،إذ قال تعالى: (وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَمّاً ( وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً) (الفجر:19-20) ودعا إلى الإنفاق لانه دلالة الإيمان،إذ قال تعالى: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) (آل عمران:92) وفضلاً عن الآيات الكثيرة التي دعت إلى ضرورة تحلي الإنسان المؤمن بالكرم والعطاء،وردت الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي تدعوا إلى ذلك منها قوله(صلى الله عليه وآله) : (السخي قريب من الله،قريب من الجنة ،قريب من الناس، بعيد من النار ، والبخيل بعيد من الله ، بعيد من الجنة ،بعيد من الناس، قريب من النار ) (1) ،كما روي عنه (صلى الله عليه وآله) إنه قال : (لا ينبغي خصلتان في مسلم : البخل ، وسوء الخلق ) (2) .
__________
(1) .الطبرسي،ابي الفضل علي:المصدر السابق،ص232/الهندي،علاء الدين علي التقي:المصدر السابق،338:6.
(2) . الطبرسي،ابي الفضل علي:المصدر السابق،ص231/الهندي،علاء الدين علي التقي:المصدر السابق،447:3.(1/54)
ومن أهم مزايا أبي الأحرار ( - عليه السلام - ) الجود والسخاء ، فقد كان ملاذاً للفقراء والمحرومين ، وملجأ لمن جارت عليه الأيام ، وكان يثلج قلوب الوافدين إليه بهباته وعطاياه يقول كمال الدين بن طلحة: (وقد أشتهر النقل عنه أنه كان يكرم الضيف ، ويمنح الطالب ويصل الرحم ، ويسعف السائل ، ويكسو العاري ، ويشبع الجائع ، ويعطي الغارم ويشد من الضعيف ، ويشفق على اليتيم ، ويغني ذا الحاجة ، وقل أن وصله مال إلا فرقه ، وهذه سجية الجواد وشنشنة الكريم) ويُذكر إن مالاً وزعه معاوية بين الزعماء والوجهاء ، فلما فصلت الحمالون ، تذاكر الجالسون بحضرة معاوية أمر هؤلاء المرسل إليهم الأموال حتى انتهى الحديث إلى الحسين ( - عليه السلام - )، فقال معاوية : وأما الحسين فيبدأ بأيتام من قتل مع أبيه بصفين ، فإن بقي شيء نحر به الجزور وسقى به اللبن. (1) ومن هذا نجد إن حتى أعداء الحسين ( - عليه السلام - ) يشيدون بكرمه وسخاءه ، إذ لا يجدون دون ذلك مهرباً.وقصده إعرابي فسلم عليه وسأله حاجته ، وقال : سمعت جدك يقول : إذا سألتم حاجة ما فاسألوها من أربعة ، أما عربي شريف ، أو مولى كريم ، أو حامل القرآن ، أو صاحب وجه صبيح ، فأما العرب فشرفت بجدك ، وأما الكرم فدأبكم وسيرتكم ، وأما القرآن ففي بيوتكم نزل ، وأما الوجه الصبيح فأني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : (إذا أردتم أن تنظروا إلي فأنظروا إلى الحسن والحسين) (2) .ولطالما ظل الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) يدعو إلى الكرم بالفعل والقول فقام خطيباً وهو يقول ( - عليه السلام - ) : (أيها الناس من جاد ساد ، ومن بخل رذل ، وإن أجود الناس من أعطى من لا يرجو) (3)
__________
(1) . القريشي،باقر شريف: (1993)المصدر السابق،67:2.
(2) . الفيروزآبادي،السيد مرتضى الحسيني: (1422هـ)،252:3.
(3) . الأمين ،السيد محسن:المصدر السابق،620:1/المجلسي،محمد باقر:المصدر السابق،121:78 حديث 4..(1/55)
فتجسد الكرم في فكره وفعله فقال ( - عليه السلام - ) : (من قبل عطاءك ، فقد أعانك على الكرم) (1) كما إنه ( - عليه السلام - ) جعل من خصلة البخل أسوء ما يمكن أن يتصف بها الملك فقال ( - عليه السلام - ) : (شر خصال الملوك:الجبن من الأعداء ، والقسوة على الضعفاء ، والبخل عند الإعطاء) (2) كما أنه عليه السلام جعل من الشح فقر ومن السخاء غنى إذ قال ( - عليه السلام - ) : (الشح فقر ، والسخاء غنى ، والرفق لب ) (3) .هذه المجموعة من الأقوال بعض مما ورد عنه ( - عليه السلام - ) من تأكيده على الكرم والسخاء وهي تكشف عن مدى تعاطفه وحنوه على الفقراء ، وأنه ( - عليه السلام - ) لم يبغ أي مكسب سوى ابتغاء مرضاة الله والتماس الأجر في الدار الآخرة تأكيداً لقوله تعالى : (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً) (الانسان:9). 6-قيمة الصبر
جاءت هذه القيمة بالترتيب السادس ضمن المجال الثالث من خلال حصولها على (35) تكرار ونسبة مئوية قدرها (5.74%)، والصبر لغة:هو حبس النفس عما تنازع إليه من ضد ما ينبغي أن يكون عليه،وضده الجزع. (4) أو هو حبس النفس عن الجزع (5) ،أما اصطلاحاً فهو استطاعة الفرد على ضبط أعصابه في أحرج المواقف (6) ،
__________
(1) . المجلسي،محمد باقر:المصدر السابق،352:71 حديث 21.
(2) . المجلسي،محمد باقر:المصدر السابق،189:44 حديث 2،الامين،السيد محسن:المصدر السابق،620:1.
(3) .بن أبي يعقوب ،أحمد:المصدر السابق،246:2.
(4) . الطبرسي،أبو علي بن الحسن: مجمع البيان في تفسير القرآن ،المصدر السابق،855:4.
(5) . الرازي،محمد بن أبي بكر بن عبد القادر: (1983)،المصدر السابق،ص354.
(6) . العذاري،شهاب الدين :ملامح المنهج التربوي عند أهل البيت،(سلسلة المعارف الإسلامية-42)،الكويت،مركز الرسالة،د.ت،ص20.(1/56)
ومما يدعو إلى تماسك الشخصية وتوازنها الصبر على الأحداث وعدم الانهيار أمام محن الأيام وخطوبها،ولقد أكد الإسلام على أهمية التحلي بهذه القيمة وحث المسلمين عليها،إذ من يتخلق بها فأن الله يثيبه بغير حساب،قال تعالى: (وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)(النحل: من الآية96)،وقال تعالى: (وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً) (الانسان:12) وقال تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ) (السجدة:24) ،وقد أثنى الله سبحانه وتعالى على نبيه أيوب ( - عليه السلام - ) لصبره بقوله: (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) (صّ: من الآية44)،وهناك آيات كثيرة وردت في القرآن الكريم تحث على الصبر وتشيد بفضله بلغت بحدود سبعين آيه وهذا يؤكد عظيم أمره وذلك لأنه يساهم في تربية ملكات الخير في النفس،فليس هناك فضيلة إلا وهي محتاجة أليه ولذا نجد إن الرسول (صلى الله عليه وآله) قد أكد عليه في أحاديث كثيرة،فقد روى الإمام الباقر( - عليه السلام - ) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (عجباً للمؤمن،ان الله عز وجل لا يقضي له قضاء إلا كان له خيراً،إن أبتلى صبر،وان أعطي شكر) (1) ،كما روى أنس بن مالك عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (الصبر عند الصدمة الأولى) (2) .من خلال هذه المجموعة من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة نجد بياناً وتوجيهاً لأهمية الصبر،وفائدته في حياة الإنسان،وجزاء الصابرين في عالم الآخرة.
__________
(1) .الطبرسي،ابي الفضل علي:المصدر السابق،ص22.
(2) .البخاري،ابو عبد الله محمد:صحيح البخاري،المصدر السابق،105:2.(1/57)
فالصبر بلسم للقلوب المكلومة التي أثكلها الخطب وجار عليها الزمان والإنسان ،وهو عزاء للنفوس الحزينة التي هامت بتيار الهواجس والهموم،وهو تسلية للمعذبين يجدون فيه الاطمئنان،وتحت كنفه ينعمون بالراحة والاستقرار. (1)
والحسين ( - عليه السلام - ) ضرب أروع الأمثلة في الصبر وتحمل الشدائد طوال عمره الشريف،وأعظم موقف يشهد له بعظيم صبره،هو وقفته في يوم عاشوراء،إذ كان يزداد صبراً وعزيمة كلما أشتد الموقف قساوة،فتسلح بالصبر على الأذى في سبيل الله تعالى وهو القائل: (ومن رد علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين) (2) .والحسين ( - عليه السلام - ) شخصية منفردة بجميع صفات الكمال،وتجسدت فيه كل صور الأخلاق،وقد أراد أن يضفي من كماله على أصحابه وأهل بيته بوصاياه لهم بالصبر الجميل،وتوطين النفس،وأحتمال المكاره،ليستعينوا بذلك في تحمل الأعباء ومكابدة الآلام،وليحوزوا على منازل الصابرين وما أعد الله لهم فخاطبهم قائلاً: (إن الله تعالى أذِنَ في قتلكم وقتلي في هذا اليوم،فعليكم بالصبر والقتال) (3) .ثم ناداهم وهو يرى السيوف تتناوشهم قائلاً لهم ( - عليه السلام - ) : (صبراً يا بني عمومتي،صبراً يا أهل بيتي،لا رأيتم هواناً بعد هذا اليوم أبدا) (4) .كل ذلك لانه يجد ان الجنة طريقها الصبر وتحمل الأهوال والثبات على الموقف،فربط ( - عليه السلام - ) بين الإيمان والصبر،فها هو يوصي أخته زينب ( - عليه السلام - ) قائلاً: (يا أخيه،أتقي الله وتعزي بعزاء الله،وأعلمي إن أهل الأرض يموتون وان أهل السماء لا يبقون،وان كل شيء هالك إلا وجهه .......)
__________
(1) . القريشي،محمد باقر: (1408هـ)،المصدر السابق،ص283
(2) . المجلسي،محمد باقر:المصدر السابق،330:44.
(3) . المجلسي،محمد باقر:المصدر السابق،86:45.
(4) . المجلسي،محمد باقر:المصدر السابق،36:45.(1/58)
فعزاها بهذا ونحوه،ثم قال لها: (يا أخيه،أني أقسم عليك فأبري قسمي،لا تشقي علي جيباً ولا تخمشي علي وجهاً) (1) فهو هنا لا يوصيها بمال أو بنون وأنما بأرضاء الله من خلال الصبر على بلاءه وعدم الانكسار أمام مصائب الحياة،وهل هناك مصيبة أعظم من الموت،لا يصبر عليها إلا من تشبع بروح الإيمان الحق.
7-قيمة العمل
تأتي قيمة العمل بالترتيب السابع بحصولها على (31) تكرار بنسبة مئوية قدرها (5.09%) ،ويعد العمل قيمة ووسيلة للإنتاج والتنمية الشاملة والارتقاء بمستوى الفرد والمجتمع،وقيمة كل إنسان بعمله، وعطاءه وإن شرف الإنسان فيما يقدم من عمل يخدم به غيره من جهة، ويفيد به نفسه وأسرته من جهة أخرى. فالإنسان العامل له قيمة خاصة في الدين الإسلامي، وقد عهد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه أمسك يد عامل وقبلها، وحين رأى علامات التعجب من أصحابه قال لهم: تلك يد يحبها الله ورسوله. أما الإنسان العاطل الذي يعيش على فتات الآخرين، وصدقاتهم فإن الإسلام لا يقيم له وزنا يذكر، فقد ورد في الأثر: (ملعون من ألقى كله على الناس)، ما دام الإنسان قادرا على العمل، ولا يعاني فاقة سببت له العطل عن القيام بأي عمل من شأنه أن يدر عليه ما يسد به حاجاته، وعائلته.
__________
(1) . الطبري،ابو جعفر محمد بن جرير:المصدر السابق،319:4/المفيد،الشيخ محمد بن محمد بن النعمان:الإرشاد،قم،مكتبة بصيرتي،د.ت،ص232.(1/59)
والعمل عنصر فعال في كل طرق الكسب التي أباحها الإسلام ،و هو شرف عظيم باعتباره قوام الحياة ولذلك فان الإسلام أقر بحق الإنسان فيه في أي ميدان يشاؤه و لم يقيده إلا في نطاق تضاربه مع أهدافه أو تعارضه مع مصلحة الجماعة. و لأهمية العمل في الإسلام ،اعتبر نوعا من الجهاد في سبيل الله ،كما روى ذلك كعب بن عجرة (رض) قال : (مر على النبي صلى الله عليه و سلم رجل ،فرأى أصحاب الرسول الله صلى الله عليه و سلم من جلده و نشاطه ،فقالوا :يا رسول الله ،لو كان هذا في سبيل الله ،فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إن كان خرج يسعى على ولده صغارا ،فهو في سبيل الله ،و إن خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين، فهو في سبيل الله ،و إن كان خرج يسعى على نفسه يعضها فهو في سبيل الله ،و إن كان خرج يسعى رياء و مفاخرة فهو في سبيل الشيطان).
لقد تم التأكيد في فكر الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) على العمل، وقيمته كما يتضح ذلك في قوله: ( ولا تتكل على القدر اتكال مستسلم، فإن ابتغاء الرزق من السنة) (1) . على أن يبتغي الإنسان الاعتدال في العمل لا أن يعده الغاية القصوى التي يسعى إليها فيهلك نفسه دونها على حساب الجوانب الإنسانية الأخرى، وآثر عن الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) في ذلك قوله: (لا تتكلف ما لا تطيق، ولا تتعرض لما لا تدرك، ولا تعتد بما لا تقدر عليه) (2) .
8-قيمة الحِلم
__________
(1) . الطبرسي، ميرزا حسين النوري:المصدر السابق،35:13.
(2) . الأمين ،السيد محسن:المصدر السابق،621:1.(1/60)
نالت هذه القيمة الترتيب الثامن ضمن مجال علاقة الإنسان مع الآخرين وذلك بحصولها على (28) تكرار فكرة قيمية بنسبة مئوية بلغت (4.59%) ،والحِلم بالكسر:الأناة والعقل وفي حديث عن النبي (صلى الله عليه وآله) في صلاة الجماعة: (ليليني منكم أولوا الأحلام والنهى ) (1) أي ذوي الألباب والعقول ،ومن الحِلم الاناة والتثبت في الأمور. (2) أما أصطلاحاً فقد عرفه مسكويه بأنه : (فضيلة النفس تكسبه الطمأنينة فلا تكون شغبة ولا يحركها الغضب بسهولة وسرعة ) (3) في حين عرفه بن عربي بأنه : ( ترك الانتقام عند شدة الغضب مع القدرة على ذلك) (4) .وعرف الجرجاني الحِلم بأنه: (الطمأنينة عند سورة الغضب،وقيل :تأخير مكافآت الظالم) (5) .وينبغي أن يكون المربي والقائد حليماً حتى ينال احترام وتقدير الآخرين،ويملك زمام قلوبهم ومشاعرهم بحِلمه،قال أمير المؤمنين علي ( - عليه السلام - ) : (بالحلِم تكثُر الأنصار) وقال ( - عليه السلام - ) : (بالاحتمال والحِلم يكون لك الناس أنصاراً وأعواناً ) ، وقال ( - عليه السلام - ) : (ضادّوا الغضب بالحِلم تحمدوا عواقبكم في كل أمر). (6) وقد عدّ ( - عليه السلام - ) الحِلم من مكارم الأخلاق،إذ سئل ( - عليه السلام - ) عن مكارم الأخلاق فقال ( - عليه السلام - ) : ( الورع والقناعة والصبر والشكر والحِلم والحياء والسخاء والشجاعة والغيرة والبر وصدق الحديث وأداء الأمانة) (7) .
__________
(1) . الترمذي:المصدر السابق،كتاب الصلاة،حديث211.
(2) . ابن منظور: (2003) المصدر السابق،574:2.
(3) . مسكويه،ابي علي أحمد بن محمد بن يعقوب الرازي :المصدر السابق،ص42.
(4) . بن عربي،محي الدين:الأخلاق،مصر،مطبعة التقدم ،ص16،د.ت.
(5) . الجرجاني،السيد علي: (1845)،المصدر السابق،ص98.
(6) . العذاري ،شهاب الدين:المصدر السابق.ص78.
(7) . الشيرازي،محمد الحسيني:طريق النجاة،ط1،بيروت ،دار الصادق،1419هـ،ص466.(1/61)
وقد تأدب الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) بآداب النبوة ، وحمل روح جده الرسول (صلى الله عليه وآله) يوم عفى عمن حاربه ووقف ضد الرسالة الإسلامية ، فكان الحِلم من أسمى صفات أبي الشهداء ( - عليه السلام - ) ومن أبرز خصائصه ، إذ كان لا يقابل مسيئاً بإساءته ، ولا مذنباً بذنبه ، وإنما كان يغدق عليهم ببره ومعروفه شأنه في ذلك شأن جده الرسول (صلى الله عليه وآله) الذي وسع الناس جميعاً بأخلاقه وفضائله.فها هو يوصي أبن عباس في محاورته له فيقول الإمام ( - عليه السلام - ) : (يا أبن عباس ، لا تتكلمن بما لا يعنيك ، فإنني أخاف عليك الوزر ، ولا تتكلمن بما يعنيك حتى ترى له موضعاً ، فرب متكلم قد تكلم بحق فعيب ، ولا تمارين حليماً ولا سفيهاً ، فأن الحليم يغلبك ، والسفيه يرديك ) (1) .ولم تغب عنه صفة الحِلم وهو في ساحة المعركة والعدو يحيط به من كل جانب ،إذ طلب منه أحد أصحابه وهو في الطف أن يهاجمهم فأجابه الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) بلسان الحليم : ( ما كنت لأبدهم بالقتال ) (2) ،فيعود ويخاطب معسكر الأعداء بعد أن تأكد من أنهم قد ساروا في طريق الضلالة وإنه ليس هناك من سبيل لهدايتهم فقال ( - عليه السلام - ) : ( دعوني فلاذهب في هذه الأرض العريضة حتى ننظر ما يصير إليه أمر الناس ) (3) وبذلك ألقى عليهم الحجة بحِلمه إذا ما قتلوه وهو أبن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله).
9-قيمة التواضع
__________
(1) . المجلسي،محمد باقر:المصدر السابق،124:78.
(2) . الطبري،ابو جعفر محمد بن جرير:المصدر السابق،309:3/ابن الأثير،عز الدين أبي الحسن:المصدر السابق،555:2.
(3) . الطبري،ابو جعفر محمد بن جرير:المصدر السابق،312:3/ابن عساكر،ابي القاسم علي:المصدر السابق،219/ابن الأثير،عز الدين أبي الحسن:المصدر السابق،557:2.(1/62)
بلغ مجموع التكرارات التي حصلت عليها هذه القيمة (25) تكرار ونسبة مئوية مقدارها (4.1%) ،فكانت بالترتيب التاسع ضمن مجال علاقة الإنسان مع الآخرين. والتواضع لغة هو التذلل والتخاشع وهو نقيض الكبر والعجب (1) .وهو أن يرى المرء نفسه عظيماً ، بسبب ما يرى في نفسه من تفوق في القوة أو العلم أو الذكاء ، أو النسب أو غير ذلك ... أو يتوهم انه يملك من الصفات ما هو عظيم لا نقص فيه . فيعجب المرء بنفسه فيدفعه هذا الإعجاب بالنفس إلى الغرور والتكبر . ولقد نهى القرآن الكريم عن التكبر ودعا إلى التواضع ، لانه عد الكبر من الصفات الذميمة التي لا يحبها الله إذ قال تعالى : (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) (لقمان:18) كما قال تعالى : (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً) (الاسراء:37) ، ولقد عد الله جهنم للذي يتعالى عن الناس ويتكبر فقال تعالى : (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ) (الزمر: من الآية60). والتكبر هو نتيجة لحالة العجب ( الإعجاب بالنفس المفرط ) مما يدفعه إلى الغرور ، وعدم معرفة قدر نفسه ، ومن لا يعرف قدر نفسه يهلك ، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (ثلاث مهلكات : شح مطاع ، وهوى متبع ، و إعجاب المرء بنفسه) (2) . والرسول الكريم يدعونا إلى التواضع لانه من فضائل الأخلاق التي تعبر عن سمو النفس وكمالها ، كما إن التواضع يرفع الإنسان ، أما التكبر فيسبب له الاحتقار والاهانة قال (صلى الله عليه وآله) : ( ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله ) (3)
__________
(1) . الفيروزي ابادي ، محمد بن يعقوب: (1342 هـ)،المصدر السابق، 98:3 .
(2) . الطبرسي،ابي الفضل علي : المصدر السابق ، ص315 / الهندي،علاء الدين علي التقي:المصدر السابق،45:16 .
(3) ..الهندي،علاء الدين علي التقي:المصدر السابق،701:3 .(1/63)
وقال ايضاً : ( من تواضع لله ، رفعه الله ، ومن تكبر ، خفضه الله ) (1) وقد ورد عن عيسى المسيح ( - عليه السلام - ) – وهو كسائر الأنبياء معلم الأخلاق ومربي الأجيال وأسوة للذين يريدون التقدم – انه طلب ذات يوم من تلاميذه الحواريين أن يغسل أرجلهم ؟ فقالوا : معاذ الله ، أنت نبي الله ونحن تلاميذك ، فكيف تغسل أرجلنا ؟ فقال عيسى المسيح ( - عليه السلام - ) : بحقي عليكم ألا ما تركتموني اغسل أرجلكم . فقالوا يا معلمنا ويا سيدنا ولم تريد ان تفعل هذا الفعل ؟ فاجاب عيسى ( - عليه السلام - ) : حتى تتعلموا مني ، وتكونوا في الناس هكذا ، أي حتى تحترموا الناس وتتواضعوا لهم إلى درجة غسل أرجلهم ، فاضطروا أولئك التلاميذ للقبول ، فغسل ( - عليه السلام - ) أرجلهم. (2)
__________
(1) . الهندي،علاء الدين علي التقي:المصدر السابق،113:3 .
(2) . الشيرازي،محمد الحسيني : السبيل إلى إنهاض المسلمين، ط1، كربلاء ، دار صادق ، 2004، ص101 .(1/64)
ولقد جُبل الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) على التواضع ومجافاة الأنانية فقد كان يعيش في الأمة لا يأنف من فقيرها ولا يرتفع على ضعيفها ولا يتكبر على أحد فيها ، إذ ورث هذه الخصائص من جده الرسول (صلى الله عليه وآله) الذي أقام أصول الفضائل ومعالي الأخلاق في الأرض فقد روي : انه ( - عليه السلام - ) مر بمساكين يأكلون في ( الصفة ) ، فقالوا : الغداء ، فقال ( - عليه السلام - ) : إن الله لا يحب المتكبرين ، فجلس وتغدى معهم ثم قال لهم : قد أجبتكم فاجيبوني ، قالوا : نعم فمضى بهم إلى منزله وقال لزوجته : اخرجي ما كنت تدخرين . (1) وقد وجد على كاهله الشريف بعد وقعة الطف اثراً بليغاً كأنه من جرح عدة صوارم متقاربة ، وحيث عرف الشاهدون انه ليس من اثر جرح عادي ، سألوا علي بن الحسين ( - عليه السلام - ) عن ذلك ؟ فقال : ( هذا مما كان ينقل الجرب على ظهره إلى منازل الأرامل واليتامى والمساكين ) (2) .
10- قيمة الأمانة
__________
(1) . ابن عساكر،ابي القاسم علي:المصدر السابق،حديث 196 / الأمين ،السيد محسن:المصدر السابق،580:1 .
(2) . الأمين ،السيد محسن:المصدر السابق،132:4 .(1/65)
جاءت هذه القيمة بالترتيب العاشر كما ملاحظ من الجدول (7) إذ بلغ مجموع التكرارات التي حصلت عليها (21) تكرار ونسبة مئوية قدرها (3.44%) ،والأمانة لغة ضد الخيانه،والأمانة تقع على الطاعة والعبادة والوديعة والثقة (1) وقد عد ابن أبي الربيع الخيانة من الرذائل الصادرة عن القوة الشهوانية وعرفها بأنها (الاستبداد بما يؤتمن عليه الإنسان ، وجحده ودائعه ) (2) .وفي القران الكريم وردت آيات تؤكد ضرورة اتصاف الإنسان بالأمانة باعتبارها قيمة مهمة من القيم التي توثق علاقة الإنسان بالآخرين فقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ) (النساء: من الآية58)كما قال تعالى : ( فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) (البقرة: من الآية283)،وقد كان الرسول محمد(صلى الله عليه وآله) يسمى في الجاهلية بالصادق الأمين ، فنجد أنه (صلى الله عليه وآله) قد أكد ضرورة أتصاف الإنسان المسلم بهذه الصفة فقال (صلى الله عليه وآله) : (ليس منا من خان بالأمانة ) (3) ،وروي عن الإمام الصادق ( - عليه السلام - ) : ( ما بعث الله نبياً قط ، إلا بصدق الحديث ، وأداء الأمانة إلى البر والفاجر ) (4) ،وما تجاهل الحسين ( - عليه السلام - ) أهمية الأمانة ودورها في حياة المجتمع وهو أبن بنت رسول الله عنوان الأمانة ، فشدد عليها ودعا إلى حفظها حتى وأن كانت لفظية وليست مادية فقال ( - عليه السلام - ) : ( الصدق عز ، والكذب عجز ، والسر أمانة...)
__________
(1) . ابن منظور : (2003)، المصدر السابق ، 233:1.
(2) . بن أبي الربيع : (1978)،المصدر السابق ، ص83 .
(3) .الطبرسي،أبي الفضل علي:المصدر السابق،ص52.
(4) . الكليني،أبو جعفر محمد :المصدر السابق،باب أداء الامانة.(1/66)
فهو يدعونا إلى أن نصون الأمانة وأن كانت سراً باعتباره من خصوصيات الناس التي يجب أن لا تكشف ، لقد أراد الله سبحانه وتعالى أن تكون العلاقة التي تربط الإنسان بأخيه الإنسان ، وبينه وبين ربه ، علاقة تفاعلية إيجابية وذلك لأن الإنسان خليفة الله في الأرض وكل خليفة يجب أن يتسم بالصدق والأمانة كما أنه هو الذي تحمل هذه المسؤولية – مسؤولية الأمانة – التي تعهد بحملها بعد أن عرضها الله على السماوات والأرض إذ قال تعالى : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً) (الأحزاب:72) ،والأمانة هي قول الحق والاجهار بالصدق من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والوقوف بوجه الظلم ،لأنه دعاء إلى الإسلام كما قال الإمام الحسين( - عليه السلام - ) :(بدء الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة منه لعلمه بأنها إذا أديت وأقيمت استقامت الفرائض كلها هينها وصعبها ، وذلك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دعاء الإسلام مع رد المظالم ومخالفة الظالم ، وقسمة الفيء والغنائم وأخذ الصدقات من مواضعها ، ووضعها في حقها ) (1) ،
__________
(1) . الحراني،أبو محمد الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة:المصدر السابق،168/المجلسي،محمد باقر:المصدر السابق،79:100 حديث 37..(1/67)
وفضلاً عن ذلك فقد صرح الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) بأنه قام بثورته بالخروج على الظالم ليؤدي دوره الرسالي كأنسان أولاً وإمام ثانياً من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فكتب لأخيه محمد بن الحنفية قائلاً ( - عليه السلام - ) : ( أني لم أخرج أشراً ، ولا بطراً ، ولا مفسداً ، ولا ظالماً ، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي ، أريد أن أمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ، وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب ، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق) (1) .
11- قيمة التضحية
__________
(1) . المجلسي،محمد باقر:المصدر السابق،239:44.(1/68)
نالت هذه القيمة على الترتيب الحادي عشر بحصولها على (19) تكرار بنسبة مئوية قدرها (3.11%)،والتضحية هي تقبل الخسائر من أجل الأهداف السامية وفي الإسلام بذل كل ما في الاستطاعة من نفس ومال وبنون في سبيل الله ، ووفقاً لذلك قسمت التضحية إلى ثلاثة أنواع هي : التضحية بالنفس ، وتعد أعلى أنواع التضحية ، وفيها يجود المسلم بنفسه لله سبحانه وتعالى كما في قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)(التوبة111). وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله).والنوع الثاني هو التضحية بالمال سواء على سبيل الواجب المقدر شرعاً في صورة الزكاة ، وما يفرضه الحاكم المسلم من الأموال على الرعية ، أو في صورة الصدقات التطوعية التي يخرجها المسلم طائعاً مختاراً طمعاً فيما عند الله تعالى كما في قوله الله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَّشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ. الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة 261-262).(1/69)
وبين سبحانه أن الإنفاق في سبيله قرض حسن فقال: (مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (البقرة 245).وهناك الكثير من الآيات القرآنية التي تشيد بمن يضحي بماله في سبيل الله .أما النوع الثالث من التضحية فهو التضحية بالأهل والعشيرة ، وهذا ما حدث مع الأنبياء عليهم السلام ، فقد هاجر الخليل إبراهيم بإسماعيل وهو ما يزال رضيعاً ضعيفاً لا يقوى على شيء ووضعه في صحراء قاحلة لا زرع فيها ولا ضرع ، وهاجر النبي محمد (صلى الله عليه وآله) وصحبه الكرام من مكة وهي أحب بلاد الله إليهم ، هاجروا طاعة لله تعالى وابتغاء المثوبة والأجر منه ، كما قال تعالى: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِنْدِ اللهِ وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ) (آل عمران 195).(1/70)
وهكذا أقيم المجتمع المسلم الأول على أكتاف رجال قاموا بالتضحية بكل أنواعها أنفاقاً للمال وبذل للوقت والجهد وتضحية بالنفس والأهل ، كل ذلك في سبيل الله وتبعهم رجال واصلوا المسيرة وعلى رأسهم سيد الشهداء الحسين ( - عليه السلام - ) ،الذي مثل التضحية بكل أنواعها أعظم تمثيل ، فلقد ضحى بالنفس والمال والأهل والبنون في سبيل الله وخضوعاً لامر الله فها هي أم سلمه تحذره من الذهاب إلى كربلاء خشية موته فيجيبها ( - عليه السلام - ) قائلاً : (يا أماه قد شاء الله عز وجل أن يراني مقتولاً مذبوحاً ظلماً وعدواناً ، وقد شاء أن يرى حرمي ورهطي ونسائي مشردين ، وأطفالي مذبوحين مظلومين مأسورين وهم يستغيثون فلا يجدون ناصراً ولا معيناً ) (1) .كما أنه كان ينادي يوم الطف في أعلى صوته قائلاً ( - عليه السلام - ) : ( إن كان دين محمد لا يستقيم ألا بقتلي فيا سيوف خذيني ) فهل هناك تصريح بالتضحية في سبيل الله أكثر من ذلك.ومن هذا نجد الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) كان مستعداً للتضحية بنفسه في سبيل المبادئ التي يحملها قبل أن تقوم واقعة كربلاء وليس كما يصوره البعض بأنه أخطأ من الناحية التكتيكية كما يسمى بالمصطلح العسكري ، وذلك لأن الإمام الحسين على يقين من نبل مبادئه ومصداقيتها ، لذا سعى بالتضحية بحياته من أجل تلك المبادئ والقيم ، وقد سئل الفيلسوف الإنكليزي برنارد رسل : هل أنت مستعد للتضحية بحياتك من أجل أفكارك ؟ ،قال : لا ، لأني على يقين من حياتي ، ولكني لست على يقين من أفكاري .
12-قيمة الإيثار
__________
(1) . المجلسي،محمد باقر:المصدر السابق،331:44 .(1/71)
من ملاحظة الجدول (7) نجد إن هذه القيمة قد جاءت بالترتيب (12.5) وذلك بحصولها على (18) فكرة قيمية وبنسبة مئوية قدرها (2.95%)، والإيثار لغة التفضيل وآثره عليه أي فضله،وفي التنزيل: (لقد أثرك الله علينا) أي فضلك وقدمك. (1) أما أصطلاحاً فقد عرفه أبن أبي الربيع بأنه ( كف الإنسان عن بعض حوائجه وبذلها لمستحقيها ) (2) .وهو أن تقدم غيرك على نفسك في الأموال والمنافع والمصالح وفي كل شيء آخر يعود على الإنسان بخير وإن كنت بحاجة إليها، لذا جاء في القرآن الكريم قوله تعالى: (وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (الحشر:9) ،ولقد تربى الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) على نكران الذات وإيثار الغير على نفسه وأن كان في حاجة لما يعطي، فقد روي أن الإمام علي بن أبي طالب وزوجته وأولاده،أعطوا طعامهم ثلاثة متتاليه إلى المحتاجين من مسكين وفقير ويتيم ،وهم صائمون ،فنزلت الآية الكريمة فيهم بقوله تعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلاَ شُكُورًا)(سورة الإنسان/8-9).لتكون شاهداً بعظمة أهل البيت الكرام (عليهم السلام) وإيثارهم.
__________
(1) . ابن منظور: (2003)،المصدر السابق،76:1.
(2) .بن ابي الربيع:المصدر السابق،ص82.(1/72)
وقد أكد القرآن الكريم في الكثير من آياته أنه تتجلى إنسانية الإنسان، ويصدق إيمانه باهتمامه بالمحتاجين والفقراء في مجتمعه، ومهما بلغ الإنسان من العلم، أو اجتهد في العبادة، فإنه لن تتحقق إنسانيته، ولن يصح تدينه، إذا ما تجاهل مناطق الضعف في المجتمع، وفي ذلك يقول سبحانه وتعالى: (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ)(سورة الماعون/ 1-3).
لقد آثر الإمام الحسين الآخرين على نفسه في كل المواقف التي أحاطت به ، فما كان يحصل على مال ألا وزعه على المحتاجين واليتامى والمساكين ، وقد شهد له بذلك معوية كما سبق أن ذكرنا ، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل زاده الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) أنه في أشد المواقف حراجة طلب من أصحابه أن يتفرقوا من حوله كي ينجوا بحياتهم ويتركوه وحيداً يجابه الأعداء في واقعة الطف إذ قال لهم ( - عليه السلام - ) : (ليأخذ كل رجل منكم بيد صاحبه أو رجل من أخوتي وتفرقوا في سواد هذا الليل وذروني وهؤلاء القوم ، فأنهم لا يطلبون غيري ، ولو أصابوني وقدروا على قتلي لما طلبوكم ) (1) .فهل هناك معنى للإيثار أسمى من ذلك عندما تؤثر السلامة لغيرك على نفسك وأنت أحوج ما تكون إليه.
13-قيمة التسامح
__________
(1) . الطبري،ابو جعفر محمد بن جرير:المصدر السابق،315:3/ابن الأثير،عز الدين أبي الحسن:المصدر السابق،559:2.(1/73)
لقد نالت هذه القيمة على الترتيب نفسه الذي جاءت به قيمة الإيثار من خلال حصولها على العدد نفسه من التكرارات الذي بلغ (18) تكرار بنسبة مئوية قدرها (2.95%)،والتسامح : التساهل والمسامحة أي المساهلة ، والسماحة الجود . (1) وذكر أبن أبي الربيع إن المسامحة هي ( ترك بعض ما يجب عند الحاجة إلى ذلك) (2) .لذا فإن الجذر الأصلي لمعنى التسامح قد أشير إليها في تاريخ الفكر الإسلامي بكلمة (سماحة ) ففي حديث للنبي محمد (صلى الله عليه وآله) يقول : (رحم الله عبداً ، سمحاً إذا باع ، سمحاً إذا أشترى ، سمحاً إذا اقتضى ).وقد أشتهر الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) بتسامحه وعفوه فقد روي عنه ( - عليه السلام - ) إنه قال : (لو شتمني رجل في هذه الاذن – وأومأ إلى اليمنى – وأعتذر لي في اليسرى لقبلت ذلك منه ، وذلك إن أمير المؤمنين علي أبن أبي طالب ( - عليه السلام - ) حدثني إنه سمع جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : لا يرد الحوض من لم يقبل العذر من محق أو مبطل) (3) .كما روي إن غلاماً له جنى جناية كانت توجب العقاب ، فأمر بتأديبه ، فأنبرى العبد قائلاً : يا مولاي والكاظمين الغيظ ، فقال ( - عليه السلام - ) : خلو عنه ، فقال : يامولاي والعافين عن الناس ، فقال ( - عليه السلام - ) : قد عفوت عنك ، قال : يامولاي والله يحب المحسنين ، فقال ( - عليه السلام - ) : أنت حر لوجه الله . (4)
__________
(1) .الرازي،محمد ابوبكر :المصدر السابق،ص312.
(2) .بن أبي الربيع:المصدر السابق،ص81.
(3) .الحسيني،نور الله:المصدر السابق،431:11.
(4) . الأمين ،السيد محسن:المصدر السابق،53:4.(1/74)
إنّ إتباع الحق يقاتلون من أجل هداية الأعداء إلى المنهج الرباني لتحكيمه في التصور وفي السلوك وفي واقع الحياة ، وهم لا يقاتلون انتقاماً لذواتهم وإنّما حبّاً للخير ونصراً للحق ، ولذا نجدهم رحماء شفوقين حتى مع أعدائهم ليعودوا إلى رشدهم ويلتحقوا بركب الحق والخير، وقد جسد الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) وأصحابه أروع ملاحم الإنسانية والرحمة والتسامح ، ففي طريقة إلى كربلاء التقى بأحد ألوية جيش ابن زياد وكانوا عطاشى، فأمر الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) أتباعه بسقي الجيش وقال لهم: (اسقوا القوم وارووهم من الماء ورشفوا الخيل ترشيفا) وقد سقى الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) بنفسه ابن طعان المحاربي (1) .فهل هناك صوره أروع من ذلك تبين مدى تسامح الإمام الحسين وعفوه حتى لأعداءه وهو يعلم إن الأمر لو كان معكوساً لما فعلو معهم ذلك وفعلاً هذا ما حدث في واقعة الطف.
14-قيمة التعاون
__________
(1) .المفيد،الشيخ محمد بن محمد: الإرشاد،قم،مكتبة بصيرتي،د.ت،ص224 .(1/75)
حصلت هذه القيمة على الترتيب الأخير ،إذ بلغ مجموع التكرارات التي حصلت عليها (15) تكرار بنسبة مئوية قدرها (2.46%).وتعاون تأتي من (العون) وهو الظهير على الأمر ، وتعاون القوم أي أعان بعضهم بعضاً . (1) وقد شدد القران الكريم على ضرورة التعاون بين الناس ولكن بشرط ان يكون باتجاه البر والتقوى أي بالاتجاه الإيجابي ، قال تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)(المائدة: من الآية2)كما قال تعالى : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)(آل عمران: من الآية103)" ويشبه الرسول (صلى الله عليه وآله) المجتمع الإسلامي بالجسم الواحد ، ليعلمنا التعاون ، ويركز في نفوسنا الاخوة والمحبة ، فقد روي عنه (صلى الله عليه وآله) قوله : ( مثل المؤمنين في توادهم ، وتراحمهم وتعاطفهم ، كمثل الجسد ، إذا اشتكى منه عضو ، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) (2) كما قال (صلى الله عليه وآله) : ( المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ، ولا يسلمه ، ومن كان في حاجة أخيه ، كان الله في حاجته ، ومن فرج عن مسلم كربه ، فرج الله عنه كربه من كربات يوم القيامة ) (3) .
__________
(1) . الرازي،محمد بن ابي بكر : المصدر السابق ، ص463 .
(2) . الهندي،علاء الدين علي التقي:المصدر السابق،149:1 .
(3) . الطبرسي،أبو علي بن الحسن : مجمع البيان في تفسير القران ،المصدر السابق، ص274 .(1/76)
وهنا يؤكد الرسول الكريم انه عند ممارستنا لعلاقتنا مع الآخر أن تتغلب على سوء طباعنا وافعالنا ، وان نجعل من إحساسنا بالغير سبباً لحب الآخرين لنا ، وحبنا لهم ، لذا علينا ان نجعل من العقل والإرادة عنصرين متساندين لتأسيس علاقات إيجابية مع الآخر ، وننمي بواسطتهما فضائل لا تستقيم حياتنا مع الآخر بدونهما،ونمكن عقولنا من السيطرة الكاملة على شهواتنا والسمو بذواتنا في أية صيغة من صيغ العلاقة السوية مع الذات،والآخر ومع الله سبحانه وتعالى.والإمام الحسين( - عليه السلام - ) بمقتضى نصوصه وكلماته التي تناولناها في القيم السابقة أمر مثلاً بأن لا يسيء المؤمن للآخرين في أية علاقة ثنائية أو جماعية،وان تقوم علاقاته بهم على مبدأ الاحترام المتبادل،وتأكيداً على هذه القيمة قال الإمام الحسين( - عليه السلام - ) في إحدى خطبه الإرشادية: (وأعلموا أن حوائج الناس إليكم من نعم الله عليكم،فلا تملوا النعم،فتحورا نقماً،وأعلموا ان المعروف مكسب حمداً،ومعقب أمراً،فلوا رأيتم المعروف رجلاً رأيتموه حسناً جميلاً يسر الناظرين...) (1) ،كما ركز الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) في بناء أنماط العلاقات على القيم والنزعة الأخلاقية مثل قيم التنافس الشريف في تحصيل المكارم وكسب المغانم والتأكيد على التعاون في تبادل المنافع وقضاء الحوائج الشخصية والاجتماعية،إذ يقول ( - عليه السلام - ) : (يا أيها الناس،نافسوا في المكارم،وسارعوا في المغانم،ولا تحتسبوا بمعروف لم تعجلوا،وأكسبوا الحمد بالنجح،ولا تكتسبوا بالمطل دماً،فمهما يكن لاحد عند أحد صنيعة له رأى انه لا يقوم بشكرها فالله له بمكافأته،فأنه أجزل عطاءً وأعظم أجراً) (2) ،
__________
(1) . المجلسي،محمد باقر:المصدر السابق،121:78 حديث 4/الأمين ،السيد محسن:المصدر السابق،620:1.
(2) . الأمين ،السيد محسن:المصدر السابق،620:1/المجلسي،محمد باقر:المصدر السابق،121:78حديث 4..(1/77)
ويستمر الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) بمطالبة الإنسان المسلم بضرورة السعي والعجلة في تقديم العون لأخيه المسلم لان الله سبحانه وتعالى سيضاعف له المكافأة،إذ يقول ( - عليه السلام - ) : (فمن تعجل لأخيه خيراً وجده إذا قدم عليه غداً،ومن أراد الله تبارك وتعالى بالصنيعة إلى أخيه كافأه بها في وقت حاجته،وصرف عنه من بلاء الدنيا ما هو أكثر منه،ومن نفس كربة مؤمن فرج الله عنه كرب الدنيا والآخرة) (1) .
الاستنتاجات
1. إن بذر القيم التربوية التي هي قوام منهج الإسلام الشامل في نفوس الأفراد هي الضمان لتحقيق أهداف التربية الإسلامية ، ومن هنا فتحديد الأهداف لا بد أن يراعي صفة الشمول التي تكتسبها تلك القيم ، بحيث تتكامل في كل نواحيها العقدية والروحية والأخلاقية وتتمثل فيها كل العلاقات من حيث علاقة الإنسان بربه ونفسه وغيره،وألا في غياب هذا التكامل ، ستذهب كل الجهود المبذولة هدراً وتنتهي إلى بناء مهزوز وطريق مسدود.
2. إن القيم التربوية ترتبط أرتباطاً صميمياً بثقافة الأمة ، لذا فأن فصل القيم التربوية الإسلامية عن إطارها الثقافي السليم ، ودمجها في مناخ من الازدواجية الثقافية ، أو تركها تحت طائلة الغزو الثقافي من خلال التأثر بالقيم الغربية ، يعرضها للذوبان وينزع منها الفعالية في صياغة الشخصية الإسلامية القوية وصنع الواقع الحضاري السليم .
__________
(1) .الأمين ،السيد محسن:المصدر السابق،620:1/المجلسي،محمد باقر:المصدر السابق،121:78 حديث4.(1/78)
3. إن المصدر الذي أستقي منه الحسين ( - عليه السلام - ) قيمه هو القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة والتي قام عليها النظام التربوي الإسلامي ، إذ العقل لوحده والذي تستند إليه المذاهب المادية الوضعية في ذلك ليس مبرأ من الهوى ، فضلاً عن كونه محدود الآفاق في علمه بحقيقة الإنسان والحياة ، وارتباط القيم بالدين قائم على أساسين هما : الأول يتعلق بصحة ومصداقية القيم الصادرة من الدين وملاءمتها للفطرة والأساس الثاني : يتعلق بالشحنة القوية التي تتحرك بها القيم عبر النفوس ، والتي تستمد قوامها من مبادئ الدين .
4. إن القيم التربوية مرتبطة الواحدة بالأخرى ، إذ ليس من الصواب الاهتمام بقيمة وإهمال القيم الأخرى وذلك لأن كل واحدة منها تكمل الأخرى ، وهذا التداخل فيما بينها يجعلها تشكل كتلة واحدة فالعدل بحاجة إلى الشجاعة والحكمة والعز، والكرامة لا بد لها من التضحية والشجاعة والتي قد يكون طريقها الشهادة وهكذا تتداخل هذه القيم فيما بينها لتشكل الإنسان المؤمن ، الذي هو هدف التربية الإسلامية.
5. بحصول قيمة الإيمان على أعلى التكرارات ضمن مجالها والمجالات الأخرى يؤكد الدور الرسالي الذي كان يقوم به الحسين ( - عليه السلام - ) الذي نادى بأعلى صوته : (ما خرجت أشراً ولا بطراً وإنما خرجت لغرض الإصلاح في أمة جدي محمد ...) وتنسجم هذه النتيجة والتي هي التأكيد على القيمة الإيمانية مع المرحلة التي عاشها الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) والتي بدء بها خط الانحراف عن النهج الإسلامي يدب في أوصال المجتمع المسلم ، فضلاً عن انسجامها مع الطبيعة الفكرية لشخصية الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) والذي يعد إمتداداً للرسالة المحمدية.(1/79)
6. إن أول شيء تثمره القيم التربوية الإسلامية في البناء الشخصي للإنسان المسلم هو تقوية صلته بالله عز وجل ، إلى الدرجة التي تجعله يراقبه في السر والعلن ، في كل حركاته وسكناته ، فهو لا يقدم على شيء إلا وهو يراعي حرمة الله.ومعنى ذلك إن المسلم في علاقته بربه ، يستشعر الخشية والخوف منه ، في نفس الوقت الذي يتوجه إليه بالرجاء.وهذا ما لاحظناه في تأكيدات الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) فهو يستحضر الله في كل حركاته وسكناته وما من عمل يقوم به أو يدعو له إلا وكان الذكر الرباني حاضراً فيه.ومن ذلك نستنتج إن نظام القيم التربوية في الإسلام يجمع شتات الإنسان ويركز طاقاته وإمكانياته حول مركز واحد هو الولاء لله عز وجل وابتغاء وجهه الكريم.
7. ما لا حظه الباحث في ضوء نتائج البحث إن المنهج التربوي الإسلامي في فكر الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) كيان مترابط الأجزاء تتشابك فيه العقيدة مع العبادات وهذه مع الأخلاق ، والكل يعطينا تلك الثمرة الطيبة التي هي الإنسان المسلم ، وبالنتيجة المجتمع الإسلامي الفاضل فمثلاً الزكاة عبادة اجتماعية ، لا يخفى دورها في دعم بنيان المجتمع الاجتماعي والاقتصادي من خلال ما تزود به بيت مال المسلمين ، ومن خلال معاني المحبة والتكافل التي تبثها بين الأغنياء والفقراء ، وقس على ذلك بقية الفرائض.
التوصيات:
في ضوء ما توصل أليه الباحث من استنتاجات يورد التوصيات الآتية:
1. قيام كليات التربية ومعاهد المعلمين والمعلمات في الجامعات العراقية بتضمين مادة فلسفة التربية التصنيف الذي توصل أليه البحث الحالي كتعريف للطلبة بجانب مهم من تراثهم الفكري التربوي.
2. تبني وزارتي التربية والتعليم العالي والبحث العلمي المنظومة القيمية المطروحة في هذا البحث لأجل ترسيخها في نفوس الطلبة من خلال رسمها للأهداف التربوية في كلا الوزارتين .(1/80)
3. تبني واضعي المناهج الدراسية وخاصة تلك المتعلقة بترسيخ القيم مثل مادة التربية الإسلامية المنظومة القيمية المطروحة في هذا البحث ومحاولة تثبيتها في نفوس الطلبة من خلال طرح المواضوعات التي تؤكدها، ومن المستحسن اقتباس بعض النصوص التي قالها الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) ووضعها شعارات داخل هذه المناهج أو تظمينها محتوى في بعض الكتب مثل المطالعة والنصوص والأدب في المراحل الدراسية المختلفة.
4. على الباحثين الاهتمام بأحياء نفائس التراث التربوية الإسلامية التي تغيب عن أذهان الكثيرين في هذا العصر،فالاهتمام بهذا الجانب مسؤولية كل مربي لأبراز دور تراثنا وفضله على المدنية.
5. الدعوة لعقد الندوات والمؤتمرات والحلقات النقاشية التي يسهم فيها الأساتذة والطلبة لمناقشة القيم الإسلامية بشكل عام ودور الثورة الحسينية في أحياء والمناداة لاعلاء هذه القيم بشكل فعلي،وتضمين جوانب من حياة الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه ( - عليه السلام - ).
المقترحات :
... يقترح الباحث الآتي :
1. القيام بدراسة مماثلة وذلك بالاعتماد على التصنيف الحالي ولشخصيات إسلامية أخرى مثل الإمام علي ( - عليه السلام - ) والإمام جعفر الصادق ( - عليه السلام - )ومقارنة نتائجها بالدراسة الحالية.
2. أجراء دراسة مقارنة للقيم التربوية في فكر الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) وبعض قادة الفكر في العصر الحاضر مثل غاندي على سبيل المثال للكشف عن مضامين القيم في الفكر التربوي المعاصر.
3. أجراء دراسات أخرى تتناول الأبعاد المختلفة في شخصية الإمام الحسين( - عليه السلام - ) .
4. القيام بدراسة تتناول الشخصيات التي أحاطت بالحسين ( - عليه السلام - ) في ثورته ودورها في تلك الثورة من خلال عرض المواقف البطولية وروح الإيثار والتضحية التي أعطت ثورة الامام الحسين ( - عليه السلام - ) هذه الخصوصية في نفوس المسلمين ،ومن هذه الشخصيات على سبيل المثال شخصية الحر الرياحي.(1/81)
5. أجراء دراسة مقارنة مع الدراسات التي وضعت منظومة قيمية في ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة للكشف عن أوجه التشابه والاختلاف.(1/82)
ملحق(1)
جامعة بغداد
كلية التربية
قسم العلوم التربوية والنفسية
(استبانة آراء خبراء التاريخ)
الأستاذ الفاضل ...........................................................المحترم
تحية طيبة.
... يروم الباحث إجراء دراسة تهدف إلى ((التعرف على القيم التربوية في فكر الإمام الحسين( - عليه السلام - ) ))،مما يتوجب على الباحث قراءة كتب التاريخ التي تضم خطب ووصايا ورسائل وحكم ومحاورات الإمام الحسين( - عليه السلام - )،ولما يتوسمه الباحث فيكم من علمية وموضوعية ومصداقية،لذا يتوجه إليكم بهذه الاستبانة والتي تضم مجموعة من المصادر التاريخية،راجياً منكم ترتيبها حسب الأهمية والموضوعية وإضافة أي مصدر ترونه مناسباً.
مع فائق الشكر والامتنان
مستدرك الوسائل الإرشاد للشيخ المفيد
تاريخ الطبري الكافي للكليني
بحار الانوار تاريخ اليعقوبي
تاريخ المسعودي البداية والنهاية
أعيان الشيعة تاريخ أبن عساكر
مقتل الحسين للخوارزمي تحف العقول
مقاتل الطالبيين تاريخ الائمة لبي الثلج البغدادي
الاحتجاج
الكامل في التاريخ لابن الاثير
طالب الدكتوراه
حاتم جاسم عزيز
ملحق (2)
جامعة بغداد
كلية التربية
قسم العلوم التربوية والنفسية
(استبانة آراء الخبراء حول صلاحية القيم التربوية بصورته الأولية)
الأستاذ الفاضل ...........................................................المحترم
تحية طيبة.(1/1)
... يروم الباحث إجراء دراسة تهدف إلى ((التعرف على القيم التربوية في فكر الإمام الحسين( - عليه السلام - ) ))،ولغرض تحقيق هدف البحث قام الباحث بقراءة الوصايا والرسائل والخطب والحكم والمحاورات الصادرة عن الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) .وبعد الاطلاع على الأدبيات ذات العلاقة بموضوع بحثه قام الباحث بأعداد قائمة بالقيم التربوية مع تعريف ووصف لكل قيمة من هذه القيم.ونظراً لما يعهده الباحث فيكم من خبرة واسعة وسعة اطلاع،فأنه يود الاستعانة بآرائكم وملاحظاتكم القيمه وبيان رأيكم في ما يأتي:-
1.صلاحية توصيف وتعريف كل قيمة.
2.صلاحية القيم المحددة كقيم تربوية.
3.إضافة أو حذف أو تعديل ما ترونه مناسباً.
والباحث إذ يقدر تفضلكم بإبداء المساعدة،فأنه يقدم لكم جزيل شكره وامتنانه
طالب الدكتوراه
حاتم جاسم عزيز
ملحق(3)
قائمة القيم التربوية مع تعاريفها
1. قيمة الأيمان .
- الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر وبالقضاء والقدر خيره وشره .
- الإيمان :ما وقر في القلب وصدقه العمل .
2. قيمة الشهادة .
- الموت في سبيل الحق .
3. قيمة العلم .
- أدراك الشي بحقيقته وهو اليقين .
- العلم هو نور يقذفه الله في قلب من يحب
- طلب العلم .
- النضج وبلوغ الرشد واستحكام العقل .
- إدراك حقائق الإسلام بالعقل والمنطق .
4. قيمة الشجاعة .
- وهي عكس الجبن والتخاذل ، أي الجرأة والأقدام والصمود بوجه التحديات ومجابهة المخاطر .
5. قيمة العفة والاحتشام .
- صيانة النفس عن جميع الشهوات والرذائل .
- تأدب النفس عن شهواتها بتأديب الشرع
- الكف عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن .
6. قيمة الزهد .
- ترك الدنيا وبهجتها .
7. قيمة الحلم .
- ضبط النفس عند الغضب
- هو ترك الانتقام عند شدة الغضب مع القدرة على ذلك ومجازاة الإساءة بالإحسان.
- كف النفس عن مقابلة الإساءة بالإساءة
- تحكيم المسلم دينه وعقله عند إيذائه للآخرين وإيذاء الآخرين له .(1/2)
8. قيمة العدل .
- هو وضع الشي في موضعه بعيداً عن الظلم لتحقيق المساواة بين الناس في الحكم والقول والمعاملة واداء الحقوق .
- نقيض الظلم والجور .
- القضاء ( الحكم ) بين الناس بأنصاف.
9. التواضع .
- ويقصد به لين الجانب ، وعدم المبالغة في تقدير الذات.
- كراهية التعاظم.
- تحرز الإنسان من الإعجاب والكبر.
- عدم الغرور أو التكبر أو الزهو بالنفس والاعتزاز بها بشكل مبالغ به ، ويكون مع الله ومع الناس بالقول والعمل .
.1. قيمة الصدق .
- وهو نقيض الكذب والافتراء .
- مطابقة الكلام لواقع الشي المخبر عنه ، ويكون ظاهراً او باطناً في الأقوال والأفعال والأحوال ( المواقف ) .
11. قيمة الأمانة .
- ضد الخيانة .
- هي احترام الآخرين وممتلكاتهم وعهودهم ، كذلك هي القيام بالعمل الذي يوكل للفرد على اكمل وجه ، وكذلك هي التكاليف التي الزم الله بها عباده .
- والامين هو الذي يامنه الناس على كل شي .
12- الصبر والثبات .
- حبس النفس عن الرجوع .
- مقاومة النفس الهوى،لئلا تنقاد لقبائح اللذات.
- ترك الشكوى من الم البلوى لغير الله .
- الوقوف على المبادئ عند الشدائد.
13- قيمة الحرية ( إرادة الاختيار ) .
- ممارسة الإنسان لافعاله بمليء أرادته دون قسر أو إكراه .
- الخلاص من العبودية .
- اتخاذ القرارات دون قسر .
- الحرية تكون حرية العبادة ، وحرية الرأي .
- تعزز تحرر الإنسان من القيود كافة .
- التحرر من الخوف والضعف لغير الله .
14.قيمة العز والكرامة .
- وهو نقيض الذل والخضوع والاستسلام للضالمين .
- استصغار ما دون النهاية من معالي الأمور وطلب المراتب السامية.
- علو الهمة .
15. قيمة الكرم والعطاء .
- بذل الإنسان كل ما عنده في سبيل الآخرين حتى لو كان بحاجة لما يبذل.
- الجود بالمال أو البنين أو بالنفس في سبيل الحق(والجود بالنفس أقصى غاية الجود) .
16. الإيثار .
- تفضيل الآخرين وتقديمهم على نفسك رغم الحاجة .(1/3)
- نكران الذات في سبيل تحقيق السعادة للآخرين .
- دفع الضرر عن الآخرين .
- نبذ الأنانية .
17. قيمة التراحم .
- صلة الرحم .
- مشاركة ذوي اللحمة في الخيرات التي تكون في الدنيا.
- عدم القطيعة مع الأقارب وان قطعوك .
18- قيمة الحق .
- نقيض الباطل .
- الحكم بمقتضى الحكمة ، وهو العمل بما ينافي الباطل
- وزن الأمور بميزان الشرع.
19- قيمة التضحية .
- تقبل الخسائر من اجل الأهداف السامية
- بذل الإنسان كل ما عنده في سبيل إحقاق الحق ورد الباطل .
- بذل كل ما في الاستطاعة في سبيل الله تعالى والمصلحة العامة .
.2- قيمة التعاون .
- مشاركة الآخرين ومساعدتهم في إتمام أعمالهم من دون مقابل مادي.
- مساعدة البعض للبعض لتحقيق المنفعة العامة
- رعاية مصالح المحتاجين .
21- قيمة التسامح .
- التساهل ، السماحة ، الرحمة .
- التعامل بالرفق واللين والحسنى .
- كظم الغيض وعدم التعامل بمقتضاه .
- الصفح وترك العقوبة مع القدرة عليها .
22- قيمة العمل .
- بذل الجهد .
- اقتران الفعل بما يستحسنه الشرع .
- نبذ الكسل والاتكال واللامبالاة .
- اقتران القول بالفعل في تنفيذ الواجبات.
- إتقان العمل أجادته .
23- قيمة الحكمة .
- الإصابة في الفعل والقول .
- وضع الشي في نصابه .
- نفاذ البصيرة .
- التحكم العقلاني في السلوك .
- التمسك بالتصرف الحكيم .
ملحق(4)
جامعة بغداد
كلية التربية
قسم العلوم التربوية والنفسية
(استبانة آراء الخبراء حول أنتماء القيم التربوية إلى مجالاتها)
الأستاذ الفاضل ...........................................................المحترم
تحية طيبة.(1/4)
... يروم الباحث أجراء دراسة تهدف إلى ((التعرف على القيم التربوية في فكر الإمام الحسين( - عليه السلام - ) ))،وبعد مراجعة عدد من الدراسات والأدبيات،ومن خلال أستطلاع آراء عدد من الخبراء المتخصصين تمكن الباحث من تحديد (23) قيمة تربوية بوصفها تمثل فكر الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) .وأستكمالاً لإجراءات البحث فقد وزع الباحث هذه القيم إلى ثلاثة مجالات من خلال مراجعة عدد من الدراسات السابقة والأدبيات واستطلاع آراء عدد من الخبراء المتخصصين في هذا المجال ونظراً لما يعهده الباحث فيكم من خبرة واسعة وسعة اطلاع تساعد الباحث في الوصول إلى هدفه،يرجى التفضل بـ:
1. وضع علامة (() في حقل (تنتمي) إذا كانت القيمة تنتمي إلى المجال المدرجة تحته.
2. وضع علامة (() في حقل (لا تنتمي ) إذا كانت القيمة لا تنتمي إلى المجال المدرجة تحته.
3. في حالة كون القيمة لا تنتمي إلى المجال ،كتابة المجال الذي يمكن أن تنتمي إليه في حقل (تعديل) كما يمكن ابداء أي ملاحظات ترونها.
والباحث إذ يقدر تفضلكم بإبداء المساعدة،فأنه يقدم لكم جزيل شكره وامتنانه
طالب الدكتوراه
حاتم جاسم عزيز
ملحق(5)
التوزيع النهائي للقيم التربوية على وفق مجالاتها
أولاً:علاقة الإنسان بربه
1.الإيمان
2.الزهد
3.الشهادة
ثانياً:علاقة الإنسان بنفسه
1.العلم
2.الحرية
3.الشجاعة
4.العفة والاحتشام
5.العز والكرامة
6.الحكمة
ثالثاً:علاقة الإنسان بالآخرين
1.الحلم
2.العدل
3.الصدق
4.الصبر
5.الحق
6.الكرم
7.التراحم
8.الإيثار
9.العمل
10.التواضع
11.التعاون
12.الأمانة
13.التضحية
14.التسامح
ملحق(6)
خبراء التاريخ بحسب الألقاب العلمية والحروف الهجائية
الاسم ... المرتبة العلمية ... الجامعة ... الكلية
الدكتور حسين الداقوقي ... أستاذ ... بغداد ... التربية(ابن رشد)
الدكتورة صباح ابراهيم الشيخلي ... أستاذ ... بغداد ... الآداب
الدكتور طارق نافع الحمداني ... أستاذ ... بغداد ... التربية(ابن رشد)(1/5)
الدكتور عبد الحسين مهدي الرحيم ... أستاذ ... بغداد ... التربية (ابن رشد)
الدكتور خضير نعمة ... أستاذ مساعد ... ديالى ... التربية الأساسية
الدكتور عباس جبر ... أستاذ مساعد ... كربلاء ... التربية
الدكتور قيس عبد الواحد المسعودي ... أستاذ مساعد ... كربلاء ... التربية
الدكتورة نعمة محمد علي ... مدرس ... بغداد ... التربية(ابن رشد)
ملحق(7)
أسماء الخبراء والمحكمين بحسب الألقاب العلمية والحروف الهجائية
الاسم ... المرتبة العلمية ... الجامعة ... الكلية
الدكتور احمد حسن الرحيم ... أستاذ ... بغداد ... مركز البحوث التربوية
الدكتور ابراهيم علي شكر ... أستاذ مساعد ... ديالى ... التربية الأساسية
الدكتور سامي مهدي العزاوي ... أستاذ مساعد ... ديالى ... التربية الأساسية
الدكتور صاحب الجنابي ... أستاذ مساعد ... بغداد ... التربية(ابن رشد)
الدكتور صفاء طارق حبيب ... أستاذ مساعد ... بغداد ... التربية(ابن رشد)
الدكتور ليث كريم حمد ... أستاذ مساعد ... ديالى ... التربية الاساسية
الدكتور مقداد اسماعيل الدباغ ... أستاذ مساعد ... بغداد ... التربية(ابن رشد)
الدكتور وحيدة حسين الركابي ... أستاذ مساعد ... المستنصرية ... التربية
الدكتور اركان المشايخي ... مدرس ... بغداد ... مركز البحوث التربوية
الدكتور بشرى عناد التميمي ... مدرس ... ديالى ... التربية الاساسية
الدكتور داود عبد السلام ... مدرس ... بغداد ... التربية(ابن رشد)
الدكتور سفيان صائب المعاضيدي ... مدرس ... بغداد ... مركز البحوث النفسية
ملحق(8)
استمارة التحليل
ت ... الفكرة ... نوع الفكرة ... القيمة ... التكرار
صريحة ... ضمنية
ملحق (9)
الخطب والرسائل والمحاورات والوصايا والحكم التي خضعت للتحليل
اولاً:خطب الإمام الحسين( - عليه السلام - )
1- ( يا أيٌّها الناس نافسوا في المكارم ، وسارعوا في المغانم ، ولا تحتسبوا بمعروف لم تعجلوا ، واكسبوا الحمد بالنجح ، ولا تكتسبوا بالمطل ذمَّاً ، فمهما يكن لأحد عند أحد صنيعة له رأى أنَّه لا يقوم بشكرها ، فالله له بمكافأته فإنه أجزل عطاءاً ، وأعظم أجراً .(1/6)
واعلموا أنَّ حوائج الناس إليكم من نعم الله عليكم ، فلا تملُّوا النعم ، فتحور نقماً ( أي ترجع عليكم نقماً ) ، واعلموا أنَّ المعروف مكسب حمداً ، ومعقب أجراً ، فلو رأيتم المعروف رجلاً رأيتموه حسناً جميلاً يسر الناظرين ، ولو رأيتم اللؤم رأيتموه سمجاً ( قبيحاً ) مشوهاً تنفر منه القلوب وتغض دونه الأبصار .
أيُّها الناس من جاد ساد ، ومن بخل رذل ، وأنَّ أجود الناس من أعطى من لا يرجوه ، وأنَّ أعفى الناس من عفى عن قدرة ، وأنَّ أوصل الناس من وصل من قطعه ، والأصول على مغارسها بفروعها تسمو ، فمن تعجل لأخيه خيراً وجده إذا قدم عليه غداً ، ومن أراد الله تبارك وتعالى بالصنيعة إلى أخيه كافأه بها في وقت حاجته ، وصرف عنه من بلاء الدنيا ما هو أكثر منه ، ومن نفَّس كربة مؤمن فرَّج الله عنه كرب الدنيا والآخرة ، ومن أحسن ، أحسن الله إليه ، والله يحب المحسنين) (1)
2- أحد خطب الحسين ( - عليه السلام - ) في يوم عاشوراء وقت الصبح: (الحمد لله الذي خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال، متصرفة بأهلها حالاً بعد حال، فالمغرور من غرته، والشقي من فتنته، فلا تغرنكم هذه الدنيا فإنها تقطع رجاء من ركن إليها وتخيب طمع من طمع فيها، وأراكم قد اجتمعتم على أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم، وأعرض بوجهه الكريم عنكم، وأحلّ بكم نقمته، وجنبكم رحمته، فنعم الرب ربنا وبئس العبيد أنتم، أقررتم بالطاعة، وآمنتم بالرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم إنكم زحفتم إلى ذريته وعترته تريدون قتلهم لقد استحوذ عليكم الشيطان فأنساكم ذكر الله العظيم، فتباً لكم ولما تريدون، إنا لله وإنا إليه راجعون، هؤلاء قوم كفروا بعد إيمانهم فبعداً للقوم الظالمين).
فتقدم شمر عليه فقال:ياحسين ما هذا الذي تقول؟أفهمنا حتى نفهم.
__________
(1) .بحار الانوار121:78حديث 4،أعيان الشيعة620:1.(1/7)
فقال( - عليه السلام - ): (اتقوا الله ربكم ولا تقتلوني،فأنه لا يحل لكم قتلي ولا أنتهاك حرمتي،فاني ابن بنت نبيكم وجدتي خديجة زوجة نبيكم،ولعله قد بلغكم قول نبيكم:الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة). (1)
3-قال ( - عليه السلام - ) في مسيره إلى كربلاء : (انه قد نزل من الأمر ما قد ترون،وإن هذه الدنيا قد تغيَّرت و تنكَّرت و أدبر معروفها فلم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء و خسيس عيش كالمرعى الوبيل ، أ لا ترون أن الحق لا يعمل به ، و أن الباطل لا يتناهى عنه ، ليرغب المؤمن في لقاء الله محقاً ، فإني لا أرى الموت إلا سعادة (شهادة) والحياة مع الظالمين إلا برما ، إن الناس عبيدُ الدنيا و الدين لَعِقٌ على ألسنتهم يحوطونه ما دَرَّت معايشهم فإذا مُحِّصوا بالبلاء قلَّ الدَّيانون ). (2)
4-خطبته في كربلاء،بعد أن حمد الله وأثنى عليه قال( - عليه السلام - ): ( أيها الناس ! أنى لم أتكم حتى أتتني كتبكم وقدمت علي رسلكم ان اقدم علينا فانه ليس لنا امام لعل الله ان يجمعنا بك على الهدى والحق ، فأن كنتم على ذلك فقد جئتكم فاتعطوني ما اطمئن اليه من عهودكم ومواثيقكم، وان لم تفعلوا وكنتم لقدومي كارهين انصرفت عنكم إلى المكان الذي جئت منه إليكم ). (3)
__________
(1) .بحار الانوار5:45
(2) .الكامل في التاريخ552:2،أعيان الشيعة596:1،الارشاد:224،تاريخ الطبري307:3
(3) .الارشاد:224،بحار الانوار376:44،أعيان الشيعة596:1.(1/8)
5- خطبته قبل وصوله إلى كربلاء بعد أن أتم ( - عليه السلام - ) صلاة العصر أنصرف بوجهه إلى أصحاب الحر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال( - عليه السلام - ): (أما بعد أيها الناس فأنكم ان تتقوا الله وتعرفوا الحق لاهله تكن أرضى لله عنكم ، ونحن آهل بيت محمد واولى بولاية هذا الأمر عليكم من هؤلاء المدعين ما ليس لهم والسائرين فيكم بالجور والعدوان ، وان ابيتم الا الكراهية لنا والجهل بحقنا ، وكان رايكم الان غير ما اتتني به كتبكم وقدمت به على رسلكم انصرفت عنكم). (1)
5- خطبة الإمام الحسين في حرب صفين،فقام ( - عليه السلام - )فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله وقال:( يا أهل الكوفة انتم الاحبة الكرماء ، والشعار دون الدثار ، فجدوا في إحياء ما دثر بينكم ، وتسهيل ما توعر (2) عليكم . الا ان الحرب شرها ذريع ، وطعمها فضيع ، وهي جرع مستحساه ، فمن اخذلها اهبتها ، واستعد لها عدتها ولم يألم كلومها عند حلولها فذاك صاحبها ، ومن عاجلها قبل اوان فرصتها واستبصار سعيه فيها فذاك قمن (3) . ان لا ينفع قومه وان يهلك نفسه ، نسأل الله بقوته ان يدعمكم بالفئة ) (4) .
6- خطبته عند وفاة اخيه الحسن( - عليه السلام - ): ( رحمك الله ابا محمد ان كنت لتباصر الحق فطانه ، وتؤثر الله عند تداحض الباطل في مواطن التقية بحسن الرؤية ، وتستشف جليل معاظم الدنيا بعين لها حاقرة ، وتقبض عليها يداً طاهرة الاطراف نقية الاسرة ، وتردع بادرة غرب اعدائك بأيسر المؤنة عليك ، ولا غرو وانت ابن سلالة النبوة ورضيع لبان الحكمة ، فإلى روح وريحان وجنة نعيم ، اعظم لنا ولكم الاجر عليه ، ووهب لنا ولكم السلوة وحسن الاسى عنه ). (5)
__________
(1) .الكامل في التاريخ552:2،أعيان الشيعة596:1،الارشاد:224،بحار الانوار377:44.
(2) ( توعر:أي تعسر وصعب
(3) ( قمن :أي جدير
(4) .بحار الانوار405:32.
(5) .تاريخ ابن عساكر(ترجمة الامام الحسن عليه السلام):233.(1/9)
7- خطبته في منى في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ( اعتبروا ايها الناس بما وعظ الله به أولياءه من سوء ثنائه على الاخبار إذ يقول (لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْأِثْمَ)(المائدة: من الآية63)وقال (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ )(المائدة: من الآية78)إلى قوله ( لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)(المائدة: من الآية79)وانما عاب الله ذلك عليهم لانهم كانوا يرون من الظلمة الذين بين اظهرهم المنكر والفساد فلا ينهوهم عن ذلك رغبة فيما كانوا ينالون منهم ورهبة مما يحذرون والله يقول ( فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ)(المائدة: من الآية44) وقال (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)(التوبة: من الآية71)فبدأ الله بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة منه لعلمه بأنها إذا أديت وأقيمت استقامت الفرائض كلها هينها وصعبها ، وذلك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دعاء إلى الإسلام مع رد المظالم ومخالفة الظالم ، وقسمة الفيء والغنائم واخذ الصدقات من مواضعها ، ووضعها في حقها . ثم انتم ايها العصابة عصابة بالعلم مشهورة ، وبالخير مذكورة وبالنصيحة معروفة وبالله في انفس الناس مهابة يهابكم الشريف ، ويكرمكم الضعيف ويؤثركم من لا فضل لكم عليه ولا يدلكم عنده ، تشفعون في الحوائج إذا امتنعت من طلابها ، وتمشون في الطريق بهيبة الملوك وكرامة الاكابر ، اليس كل ذلك انما نلتموه بما يرجى عندكم من القيام بحق الله ، وان كنتم عن اكثر حقه تقصرون ، فاستخففتم بحق الائمة ، فأما حق الضعفاء فضيعتم ، واما حقكم بزعمكم فطلبتم ، فلا مال بذلتموه ولا نفساً خاطرتم بها للذي خلقها ، ولا عشيرة عاديتموها في ذات الله انتم تتمنون على الله جنته ومجاورة رسله وامانة من عذابه.(1/10)
لقد خشيت عليكم أيها المتمنون على ان تحل بكم نقمة من نقمائه ، لانكم بلغتم من كرامة الله منزلة فضلتم بها ومن يعرف بالله لا تكرمون وانتم بالله في عباده تكرمون ، وقد ترون عهود الله منقوضة فلا تقرعون ، وانتم لبعض ذمم ابائكم تقرعون وذمة رسول الله محقورة ، والعمى والبكم والزمن في المداين مهملة لا ترحمون ، ولا في منزلتكم تعملون ، ولا من عمل فيها تعتبون وبالادهان والمصانعة عند الظلمة تأمنون ، كل ذلك مما امركم الله به من النهي والتناهي وانتم عنه غافلون ، وانتم اعظم الناس مصيبة لما غلبتم عليه من منازل العلماء لو كنتم تسمعون.ذلك بأن مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله ، الأمناء على حلاله وحرامه ، فأنتم المسلوبون تلك المنزلة ، وما سلبتم ذلك ألا بتفرقكم عن الحق واختلافكم في السنة بعد البينة الواضحة ، ولو صبرتم على الأذى وتحملتم المؤونة في ذات الله كانت أمور الله عليكم ترد ، وعنكم تصدر ، واليكم ترجع ، ولكنكم مكنتم الظلمة من منزلتكم ، واسلمتم أمور الله في ايديهم يعملون بالشبهات ، ويسيرون في الشهوات ، سلطهم على ذلك فراركم من الموت واعجابكم بالحياة التي هي مفارقتكم ، فأسلمتم الضعفاء في ايديهم ، فمن بين مستعبد مقهور وبين مستضعف على معيشته مغلوب ، يتقلبون في الملك بأرائهم ، ويستشعرون الخزي بأهوائهم ، اقتداء بالاشرار ، وجرأةً على الجبار ، في كل بلد منهم على منبره خطيب يصقع ، فألارض لهم شاغرة وأيديهم فيها مبسوطة ، والناس لهم خول لا يدفعون يد لامس ، فمن بين جبار عنيد ، وذي سطوة على الضعفة شديد ، مطاع لا يعرف المبدي والمعيد ، فيا عجباً ومالي لا اعجب والأرض من غاش غشوم ومتصدق ظلوم ، وعامل على المؤمنين بهم غير رحيم ، فالله الحاكم فيما فيه تنازعنا ،والقاضي بحكمه فيما شجر بيننا .(1/11)
اللهم انك تعلم انه لم يكن ما كان منا تنافساً في سلطان ، ولا التماساً في فضول الحطام ، ولكن لنرى المعالم من دينك ، ونظهر الاصلاح في بلادك ، ويأمن المظلومون من عبادك ، ويعمل بفرائضك وسنتك واحكامك ، فأنكم الاتنصرونا وتنصفونا قوى الظلمة عليكم ، وعملوا في اطفاء نور نبيكم ، وحسبنا الله وعليه توكلنا واليه انبنا واليه المصير ). (1)
__________
(1) . تحف العقول : 168 ، بحار الانوار 100 : 79 حديث 37 .(1/12)
8- خطبته( - عليه السلام - )عند (أمام ) معاوية (( اما بعد : يا معاوية ! فلن يؤدي القاتل وان اطنب في صفة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)من جميع جزءاً ، وقد فهمت ما لبست به الخلف بعد رسول الله من ايجاز الصفة والتنكب عن استبلاغ البيعة ، وهيهات هيهات يا معاوية فضح الصبح فحمة الدجى وبهرت الشمس انوار السراج ، ولقد فضلت حتى افرطت ، واستأثرت حتى اجحفت ، ومنعت حتى بخلت ، وجرت حتى جاوزت ، ما بذلت لذي حق من اتم حقه بنصيب حتى اخذ الشيطان حظه الاوفر ، ونصيبه الاكمل ، وفهمت ما ذكرته عن يزيد من اكتماله وسياسته لأمة محمد ، تريد ان توهم الناس في يزيد ، كأنك تصف محجوباً ، او تنعت غائباً، او تخبر عما كان مما احتويته بعلم خاص ، وقد دل يزيد من نفسه على موقع رايه ، فخذ ليزيد فيما اخذ به من استقرائه الكلاب المهارشة عند التحارش ، والحمام السبق لأترابهن ، والقينات ذوات المعارف وضروب التلاهي ، تجده ناصراً ودع عنك ما تحاول .(1/13)
فما اغناك ان تلقى الله جور هذا الخلق بأكثر مما انت لاقيه ، فوالله ما برحت تقدر باطلاً في جور ، وحنقاً في ظلم حتى ملئت الاسقية ، وما بينك وبين الموت الا غمضة ، فتقدم على عمل محفوظ في يوم مشهود ، ولات بين مناص ، ورأيتك عرضت بنا بعد هذا الأمر ، ومنعتنا عن آبائنا ، ولقد لعمر الله اورثنا الرسول " ص " ولادة ، وجئت لنا بها ما حججتم به القائم عند موت الرسول ، فأذعن للحجة بذلك ، وردة الإيمان إلى النصف ، فركبتم الاعاليل ، وفعلتم الافاعيل وقلتم : كان ويكون ، حتى اتاك الامر يا معاوية من طريق كان قصدها لغيرك ، فهناك فاعتبروا يا اولي الابصار ، وذكرت قيادة الرجل القوم بعهد رسول الله " ص " وتأميره له ، وقد كان ذلك ولعمرو بن العاص يومئذ فضيلة بصحبة الرسول ، وبيعته له ، زوما صار لعمروا يومئذ حتى انف القوم امرته ، وكرهوا تقديمه ، وعدوا عليه افعاله فقال " صلى الله عليه وآله وسلم " : لا جرم معشر المهاجرين لا يعمل عليكم بعد اليوم غيري ، فكيف يحتج بالمنسوخ من فعل الرسول في اوكد الأحوال وأولادها بالمجتمع عليه من الصواب ؟ ام كيف صاحبت بصاحب تابع وحولك من لا يؤمن في صحبته ، ولا يعتمد في دينه وقرابته ، وتتخطاهم إلى مسرف مفتون ، تريد ان تلبس الناس شبهة يسعد بها الباقي في دنياه وتشقى بها في أخرتك أن هذا لهو الخسران المبين ، واستغفر الله لي ولكم ). (1)
__________
(1) .تاريخ اليعقوبي228:2،أعيان الشيعة583:1.(1/14)
9- خطبته بأصحابه وأصحاب الحر بالبيضة فحمد الله وأثنى عليه،ثم قال:(( أيها الناس : ان رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " قال : (( من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرم الله ، ناكثاً لعهد الله ، مخالفاً لسنة رسول الله ، يعمل في عبادة الله بالاثم والعدوان فلم يغير عليه بفعل ولا قول ، كان حقاً على الله ان يدخله مدخله)) . الا إن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان ، وتركوا طاعة الرحمن ، واظهروا الفساد وعطلوا الحدود ، واستأثروا بالفيء ، واحلوا حرام الله ، وحرموا حلال الله ، وانا احق من غير . قد أتتني كتبكم وقدمت على رسلكم ببيعتكم انكم لا تسلموني ولا تخذلوني ، فأن تممتم على بيعتكم تصيبوا رشدكم ، فأنا الحسين بن علي ، وابن فاطمة بنت رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " ، نفسي مع انفسكم ، واهلي مع اهلكم ، فلكم في اسوة ، وان لم تفعلوا ونقضتم عهدكم وخلفتم بيعتي من اعناقكم فلعمري ما هي لكم بنكر ، لقد فعلتموها بأبي واخي وابن عمي مسلم ! والمغرور من اغتربكم ، فحظكم اخطأتم ، ونصيبكم ضيعتم ( فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ)(الفتح: من الآية10)، وسيغنى الله عنكم،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته). (1)
10- خطبته ( - عليه السلام - ) صبيحة يوم عاشوراء فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:( عباد الله اتقوا الله وكونوا في الدنيا على حذر ، فأن الدنيا لو بقيت لأحد او بقي عليها احد ، كانت الانبياء احق بالبقاء ، وأولى بالرضى ، وأرضى بالقضاء ، غير ان الله تعالى خلق الدنيا للبلاء ، وخلق اهلها للفناء ، فجديدها بال ، ونعيمها مضمحل ، وسرورها مكفهر ، والمنزل بلغة والدار قلعة ، فتزودوا ، فأن خير الزاد التقوى ، فاتقوا الله لعلكم تفلحون ) (2)
__________
(1) .تاريخ الطبري306:3،الكامل في التاريخ552:2.
(2) .تاريخ ابن عساكر(ترجمة الامام الحسين عليه السلام):215.(1/15)
11- وروي انه( - عليه السلام - ) لما عزم على الخروج إلى العراق قام خطيباً فقال: ( الحمد لله ما شاء الله ، ولا قوة الا با الله ، وصلى الله على رسوله ، خط الموت على ولد ادم مخط القلادة على جيد الفتاة ، وما اولهني الى اسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف ، وخير لي مصرع انا لاقيه كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء فيملاأن مني اكراشاً جوفاً واجرابه سغباً ، لا محيص عن يوم خط بالقلم ، رضى الله رضانا اهل البيت ، نصبر على بلائه ويوفينا اجر الصابرين لن تشذ عن رسول الله " ص " لحمته ، وهي مجموعة له في حظيرة القدس ، تقربهم عينه وينجز بهم وعده من كان باذلاً فينا مهجته ، وموطناً على لقاء الله نفسه فليرحل معنا فأنني راحل مصبحاً انشاء الله تعالى ). (1)
12- ( فأني لا اعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من اصحابي ، ولا أهل بيت أبر ولا أوصل من اهل بيتي ، فجزاكم الله عني خيراً ، الا واني لأضن يوماً لنا من هؤلاء ، الا واني قد اذنت لكم ، فأنطلقوا جميعاً في حل ، ليس عليكم حرج مني ولا ذمام هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً ) ثم قال ( - عليه السلام - ): ( وليأخذ كل رجل منكم بيد صاحبه او رجل من اخوتي وتفرقوا في سواد هذا الليل وذروني وهؤلاء القوم ، فأنهم لا يطلبون غيري ، ولو اصابوني وقدروا على قتلي لما طلبوكم ) (2) .
__________
(1) .أعيان الشيعة593:1،بحار الانوار366:44.
(2) .تاريخ الطبري315:3،الكامل في التاريخ559:2(1/16)
13-خطبته لاهل الكوفة،فقد دعا الإمام ( - عليه السلام - ) براحلته فركبها،ثم نادى بأعلى صوته يسمع جل الناس: (: أيها الناس!اسمعوا قولي،ولا تعجلوني حتى أعظكم بما لحق لكم علي،وحتى اعتذر اليكم من مقدمي عليكم،فان قبلتم عذري وصدقتم قولي،وأعطيتموني النصف،كنتم بذلك أسعد،ولم يكن لكم علي سبيل،وان لم تقبلوا مني العذر،ولم تعطوا النصف من أنفسكم (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ)(يونس: من الآية71) (إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) (لأعراف:196). ثم قال(أما بعد،فانسبوني فانظروا من أنا؟ثم ارجعوا الى أنفسكم وعاتبوها،فانظروا هل يحل لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟!ألست ابن بنت نبيكم(صلى الله عليه وآله وسلم)،وابن وصيه وابن عمه،وأول المؤمنين بالله والمصدق لرسوله بما جاء به من عند ربه،أو ليس حمزة سيد الشهداء عم أبي؟أو ليس جعفر الشهيد الطيار ذو الجناحين عمي؟!أو لم يبلغكم قول مستفيض فيكم:أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لي ولأخي:هذان سيدا شباب أهل الجنة؟!فان صدقتموني بما أقول،وهو الحق،والله ما تعمدت كذباً مذ علمت أن الله يمقت عليه أهله،ويضر به من اختلقه.
وان كذبتموني فان فيكم من ان سألتموه عن ذلك أخبركم،سلوا جابر بن عبد الله الانصاري،أو أبا سعيد الخدري،أو سهل بن سعد الساعدي،أو زيد بن أرقم،أو أنس بن مالك،يخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لي ولأخي،أفما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي؟!فان كنتم في شك من هذا القول،أفتشكون أثراً ما اني ابن بنت نبيكم؟فو الله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبي غيري منكم ولا من غيركم،انا ابن بنت نبيكم خاصة.
أخبروني،أتطلبوني بقتيل منكم قتلته؟أو مال استهلكته؟أو بقصاص من جراحة؟(1/17)
فنادى( - عليه السلام - ): (ياشبث بن ربعي،ويا حجار بن أبجر،وياقيس بن الاشعث،ويا زيد بن الحارث،ألم تكتبوا الي:أن قد اينعت الثمار واخضر الجناب،وطمت الجمام وأنما تقدم على جند لك مجند،فاقبل)
قالوا له:لم نفعل!
فقال: (سبحان الله !بلى والله لقد فعلتم)
ثم قال: (أيها الناس!اذ كرهتموني فدعوني انصرف عنكم الى مأمني من الارض)
فقال له قيس بن الاشعث:أولا تنزل على حكم بني عمك!فانهم لن يروك الا ما تحب،ولن يصل اليك منهم مكروه!
فقال الحسين( - عليه السلام - ): (أنت أخو أخيك،أتريد ان يطلبك بنو هاشم بأكثر من دم مسلم بن عقيل؟والله لا أعطيهم بيدي اعطاء الذليل ،ولا أقر اقرار العبيد!.
عباد الله(وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ) (الدخان:20) ( إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ)(غافر: من الآية27). (1)
ثانياً:رسائل الإمام الحسين( - عليه السلام - )
1. من كتاب له ( - عليه السلام - ) إلى معاوية جواباً عن كتاب كتبه إليه:
__________
(1) .تاريخ الطبري318:3،الكامل في التاريخ561:2،الارشاد:234،أعيان الشيعة602:1.(1/18)
(أما بعد فقد بلغني كتابك، تذكر أنه قد بلغك عني أمور أنت لي عنها راغب، وأنا بغيرها عندك جدير، فإن الحسنات لا يهدي لها ولا يسدد إليها إلا الله؛ وأما ما ذكرت أنه انتهى إليك عني، فإنه إنما رقاه إليك الملاقون، المشاءون بالنميمة، وما أريد لك حرباً، ولا عليك خلافاً، وأيم الله إني لخائف الله في ترك ذلك، وما أظن الله راضياً بترك ذلك، ولا عاذر بدون الإعذار فيه إليك وفي أوليائك القاسطين الملحدين، حزب الظلمة، وأولياء الشيطان. ألست القاتل حجر أخا كندة والمصلين العابدين، الذين كانوا ينكرون الظلم، ويستعظمون البدع، ولا يخافون في الله لومة لائم، ثم قتلتهم ظلماً وعدواناً من بعد ما كنت أعطيتهم الأيمان المغلظة، والمواثيق المؤكدة أن لا تأخذهم بحدث كان بينك وبينهم، ولا بإحنة تجدها في نفسك عليهم. أولست قاتل عمرو بن الحق صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، العبد الصالح الذي أبلته العبادة فأنحلت جسمه، وصفرت لونه، بعدما أمنته وأعطيته عهود الله ومواثيقه، أما لو أعطيته طائراً لنزل إليك من رأس الجبل، ثم قتله جرأة على ربك، واستخفافاً بذلك العهد. أولست المدعي زياد بن سمية، المولود على فراش عبيد ثقيف فزعمت أنه ابن أبيك، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الولد للفراش وللعاهر الحجر، فتركت سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تعمداً، واتبعت هواك بغير هدى مَنّ الله، ثم سلطته على العراقين، يقطع أيدي المسلمين وأرجلهم، ويسمل أعينهم، ويصلبهم على جذوع النخل كأنك لست من هذه الأمة وليسوا منك. أولست صاحب الحضرميين الذين كتب فيهم ابن سمية أنهم كانوا على دين علي، فكتبت إليه: أن اقتل من كان على دين علي، فقتلهم ومثّل بهم بأمرك ودين علي والله الذي كان يضرب عليه أباك ويضربك وبه جلست مجلسك الذي جلست، ولولا ذلك لكان شرفك وشرف أبيك الرحلتين..(1/19)
وقلت فيما قلت: انظر لنفسك ولدينك ولأمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، واتق شق عصا هذه الأمة، وأن تردّهم إلى فتنة؛ وإني لا أعلم فتنة أعظم على هذه الأمة من ولايتك عليها، ولا أعلم نظراً لنفسي ولديني ولأمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) علينا أفضل من أن أجاهدك، فإن فعلت فإنه قربة إلى الله، وإن تركته فإني أستغفر الله لذنبي، وأسأله توفيقه لإرشاد أمري.
وقلت فيما قلت: إني إن أنكرتك تنكرني، وإن أكدك تكدني، فكدني ما بدا لك فإن لأرجو أن لا يضرني كيدك فيَّ، وأن لا يكون على أحد أضرّ منه على نفسك، لأنك قد ركبت جهلك، وتحرصت على نقض عهدك، ولعمري ما وفيت بشرط، ولقد نقضت عهدك بقتلك هؤلاء النفر الذين قتلتهم بعد الصلح والأيمان، والعهود والمواثيق، فقتلتهم من غير أن يكونوا قاتلوا وقتلوا، ولم تفعل ذلك بهم إلا لذكرهم فضلنا، وتعظيمهم حقنا، قتلتهم مخافة أمر لعلك لو لم تقتلهم مت قبل أن يفعلوا، أو ماتوا قبل أن يدركوا، فابشر يا معاوية بالقصاص، واستيقن بالحاسب، واعلم أن لله تعالى كتاباً لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وليس الله بناس لأخذك بالظنة وقتلك أوليائه على التهمة ونفيك أوليائه من دورهم إلى دار الغربة، وأخذك الناس ببيعة ابنك غلام حدث، يشرب الخمر، ويلعب بالكلاب، لا أعلمك إلا وقد خسرت نفسك، وبترت دينك، وغششت رعيتك، وأخربت أمانتك، وسمعت مقالة السفيه الجاهل، وأخفت الورع التقي لأجلهم. والسلام). (1)
2- رسالة الحسين( - عليه السلام - ) إلى الحسن البصري عن القدر.
__________
(1) . بحار الأنوار 149:10،تاريخ ابن عساكر(ترجمة الامام الحسين):197 ضمن حديث 254.(1/20)
( فأتبع ما شرحت لك في القدر مما افضى الينا اهل البيت ، فأنه من لم يؤمن بالقدر خيره وشره فقد كفر ، ومن حمل المعاصي على الله عز وجل فقد افترى على الله افتراءً عظيماً ، ان الله تبارك وتعالى لا يطاع بأكراه ، ولا يعصى بغلبة ، ولا يهمل العباد في الهلكة ، لكنه المالك لما ملكهم ، والقادر لما عليه اقدرهم فأن ائتمروا بالطاعة لم يكن الله صادراً عنها مبطئاً ، وان ائتمروا بالمعصية فشاء ان يمن عليهم فيحول بينهم وبين ما ائتمروا به ، فعل وان لم يفعل ، فليس هو حملهم عليه قسراً ، ولا كلفهم جبراً ، بل بتمكينه اياهم بعد اعذاره وانذاره لهم واحتجاجه عليهم طوقهم ومكنهم ، وجعل لهم السبيل الى اخذ ما اليه دعاهم ، وترك ما عنه نهاهم جعلهم مستطيعين لاخذ ما امرهم به من شيء غير اخذيه ، ولترك ما نهاهم عنه من شيء غير تاركيه ، والحمد لله الذي جعل عباده اقوياء لما امرهم به ، ينالون بتلك القوة وما نهاهم عنه ، وجعل العذر لمن يجعل له السبيل،حمداً متقبلاً فأنا على ذلك أذهب وبه أقول،والله وأنا وأصحابي ايضاً عليه،وله الحمد). (1)
3-كتب رجل إلى الحسين ( - عليه السلام - ):يا سيدي أخبرني بخير الدنيا والآخرة،فكتب اليه الحسين (عليه السلام) ( أما بعد فأنه من طلب رضى الله بسخط الناس كفاه الله امور الناس ، ومن طلب رضى الناس بسخط الله وكله الله الى الناس ، والسلام). (2)
__________
(1) .بحار الانوار23:5 حديث 71،تحف العقول:162.
(2) . بحار الأنوار 371:71 حديث 3.(1/21)
4-كتب الإمام الحسين( - عليه السلام - )إلى عبد الله بن عباس حين سيره عبد الله بن الزبير إلى اليمن: ( أما بعد : بلغني إن ابن الزبير سيرك إلى الطائف فرفع الله لك بذلك ذكراً ، وحط به عنك وزراً ، وانما يبتلى الصالحون ، ولو لم تؤجر ألا فيما تحب لقل الأجر ، عزم الله لنا ولك بالصبر عند البلوى والشكر عند النعمى ، ولا اشمت بنا وبك عدواً حاسداً ابداً والسلام ). (1)
5- رسالتة ( - عليه السلام - ) إلى معاوية: ( أتاني كتابك ، وأنا بغير الذي بلغك عني جدير ، والحسنات لا يهدي لها الا الله ، وما أردت لك محاربة ولا عليك خلافاً ، وما اظن ان لي عند الله عذراً في ترك جهادك !! وما اعلم فتنة اعظم من ولايتك امر هذه الامة ). (2)
6- كتب ( - عليه السلام - ) مع هانيء بن هانيء السبيعي وسعيد بن عبد الله الحنفي-وكانا آخر الرسل من الكوفة إلى الحسين ( - عليه السلام - ): ( بسم الله الرحمن الرحيم ، من الحسين بن علي ، إلى الملأ من المؤمنين والمسلمين ، أما بعد : فأن هانئاً وسعيداً قدما علي بكتبكم – وكانا آخر من قدم علي من رسلكم – وقد فهمت كل الذي اقتصصتم وذكرتم ، ومقالة جلكم : انه ليس علينا أمام فأقبل ، لعل الله يجمعنا بك على الهدى والحق . وقد بعثت اليكم اخي وابن عمي وثقتي من اهل بيتي مسلم بن عقيل وأمرته ان يكتب الي بحالكم وأمركم ورأيكم . فأن كتب الي : انه قد اجمع رأي ملئكم ، وذوي الفضل والحجى منكم على مثل ما قدمت علي به رسلكم ، وقرأت في كتبكم ، اقدم عليكم وشيكاً ان شاء الله ، فلعمري ما الإمام الا العامل بالكتاب ، والاخذ بالقسط ، والدائن بالحق والحابس نفسه على ذات الله ). (3)
__________
(1) .تحف العقول:175،بحار الانوار117:78 حديث8.
(2) . بحار الأنوار 117:78 حديث 8،تحف العقول:175.
(3) .تاريخ الطبري:278:3،الكامل في التاريخ534:2،الارشاد:204،بحار الانوار334:44.(1/22)
7- رسالته ( - عليه السلام - ) إلى مسلم بن عقيل عند توجهه إلى العراق رداً على رسالته: ( اما بعد : فقد خشيت ان لا يكون حملك على الكتاب الي في الاستعفاء من الوجه الذي وجهتك له الجبن ، فأمض لوجهك الذي وجهتك له : والسلام عليك). (1)
8- كتابة ( - عليه السلام - ) لأشراف البصرة :( اما بعد : فأن الله اصطفى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) على خلقه ، واكرمه نبوته ، واختاره لرسالته ، ثم قبضه الله اليه وقد نصح لعباده وبلغ ما أرسل به (صلى الله عليه وآله وسلم) وكفا اهله واولياءه وأوصياءه وورثته وأحق الناس بمقامه في الناس ، فأستاثر علينا قومنا بذلك ، فرضينا وكرهنا الفرقة وأجبنا العافية ، ونحن نعلم انا احق بذلك الحق المستحق علينا ممن تولاه وقد احسنوا واصلحوا وتحروا الحق ، فرحمهم الله وغفر لنا ولهم . وقد بعثت رسولي اليكم بهذا الكتاب ، وانا ادعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فأن السنة قد اميتت ، وان البدعة قد احييت ، وان تسمعوا قولي وتطيعوا امري اهدكم سبيل الرشاد والسلام عليكم ورحمة الله ). (2)
__________
(1) . تاريخ الطبري279:3،الكامل في التاريخ534:2،الارشاد:204،بحار الانوار335:44،اعيان الشيعة589:1.
(2) . بحار الانوار340:44،تاريخ الطبري280:3،أعيان الشيعة590:1.(1/23)
9-أقبل الحسين ( - عليه السلام - ) حتى إذا بلغ الحاجز من بطن الرمة بعث قيس بن مسهر الصيداوي إلى أهل الكوفة،وكتب معه اليهم: ( بسم الله الرحمن الرحيم ، من الحسين بن علي إلى اخوانه من المؤمنين والمسلمين ، سلام عليكم ، فأني احمد اليكم الله الذي لا اله الا هو ، اما بعد ، فأن كتاب مسلم بن عقيل جائني يخبرني فيه بحسن رأيكم ، واجتماع ملئكم على نصرنا والطلب بحقنا ، فسألت الله ان يحسن لنا الصنع ، وأن يثيبكم على ذلك اعظم الاجر ، وقد شخصت اليكم من مكة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجة يوم التروية ، فأذا اقدم عليكم رسولي فأكمشوا أمركم وجدوا ، فأني قادم عليكم في ايامي هذه ان شاء الله ،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته). (1)
ثالثاً:محاورات الإمام الحسين( - عليه السلام - )
1. روى ابن عساكر بإسناده عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: (مر الحسين بمساكين يأكلون في الصفة فقالوا: الغداء فنزل وقال: (إن الله لا يحبُّ المتكبرّين) فتغدّى معهم، ثم قال لهم: قد أجبتكم فأجيبوني، قالوا: نعم. فمضى بهم إلى منزله فقال للرباب: اخرجي ما كنت تدخرين). (2)
2. اللقاء بين الحسين ( - عليه السلام - ) والشاعر الفرزدق
لما وصل رحل الحسين ( - عليه السلام - ) الى موضع يعرف بـ ( الصفاح ) لقاه الشاعر همام بن غالب المعروف بالفرزدق ، فقال له :
- اعطاك الله سؤلك ، واملك فيما تحب .
فقال له الحسين ( - عليه السلام - ) :
(بيّن ليّ خبر الناس خلفك ) .
فقال الفرزدق :
الخبير سألت ، قلوب الناس معك وسيوفهم مع بني أمية والقضاء ينزل من السماء والله يفعل مايشاء .
فقال له الحسين ( - عليه السلام - ):
__________
(1) .تاريخ الطبري301:3،الارشاد:220،بحار الانوار369:44،البدية والنهاية181:8.
(2) . ابن عساكر : ترجمة الإمام الحسين ( - عليه السلام - )من تاريخ مدينة دمشق: ص 151 رقم 196.(1/24)
( صدقت لله الامر يفعل مايشاء وكل يوم ربنا في شأن ان نزل القضاء بما نحب فنحمد الله على نعمائه وهو المستعان على اداء الشكر وان حال القضاء دون الرجاء فلم يعتد من كان الحق نيته والتقوى سريرته ). (1)
3- قال ابن الحنفية (2) :
(تنزل مكة فأن أطمأنت بك الدار والا لحقت بالرمال ، وشعب الجبال وخرجت من بلد الى آخر حتى تنظر مايصير اليه امر الناس ، فانك اصوب ماتكون رأياً واحزمهم عملاً ، حتى تستقبل الامور استقبالاً ولاتكون الامور ابداً اشكل عليك منها حتى تستدبرها استدباراً ) .
فأجابه الحسين ( - عليه السلام - ) :
( يا أخي : لو لم يكن في الدنيا ملجىء ولامأوى لما بايعت يزيد ابن معاوية ... يا اخي : جزاك الله خيراً ، لقد نصحت ، وأشرت بالصواب ، وانا عازم على الخروج الى مكة ، وقد تهيأت لذلك أنا وأخوتي وبنو أخي وشيعتي ، أمرهم امري ، ورأيهم رأيي ، واما أنت فلا عليك ان تقيم بالمدينة فتكون لي عينا ، لاتخف عني شيئاً من امورهم ). (3)
4-التقى عمر بن لوذان ، وهو شيخ من بني عكرمة بالحسين ( - عليه السلام - ) في العقبة فسأل الامام ( - عليه السلام - ) :
اين تريد يابن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ؟
اجابه الحسين ( - عليه السلام - ) :
إلى الكوفة .
فقال الشيخ :
( انشدك لما انصرفت فو الله ماتقدم الا على الاسنة وحدّ السيوف ، وان هؤلاء الذين بعثوا اليك لو كانوا كفوك مؤنة القتال ووطئوا لك الاشياء فقدمت عليهم كان ذلك رأياً ، فأما على هذه الحال التي تذكر فاني لااراه ان تفعل).
فقال له الحسين( - عليه السلام - ) :
__________
(1) .ابن الاثير:الكامل في التاريخ3/276 .
(2) ( هو محمد بن علي بن ابي طالب( - عليه السلام - )، واما امه فهي خولة بنت اياس الحنفية ، وقيل ابنة جعفر بن قيس بن مسلمة الحنفي، ولذا نسب لها فعرف بابن الحنفية (المسعودي: مروج الذهب، بيروت ، 1981م ، 63: 3).
(3) . تاريخ الطبري 6: 191 .(1/25)
( ياعبد الله : ليس يخفى عليّ الرأي ، وان الله تعالى ، لايغلب على امره ، ثم قال : والله لايدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي فاذا فعلوا سلط الله عليهم من يذلهم حتى يكونوا اذل فرق الامم ). (1)
5- التقى الحسين( - عليه السلام - ) بالطرماح في عذيب الهجانات ، فقال الطرماح للحسين ( - عليه السلام - ) : ( رأيت الناس قبل خروجي من الكوفة مجتمعين في ظهر الكوفة ، فسألت عنهم ، قيل انهم يعرضون ثم يسرحون الى الحسين ، فأنشدك الله ان لاتقدم عليهم فاني لاارى معك احداً ، ولو لم يقاتلك الا هؤلاء الذين اراهم ملازميك لكفى ، ولكن سر معنا لتنزل جبلنا الذي يدعى ( أجا ) فقد امتنعنا به من ملوك غسان وحمير ومن النعمان بن المنذر ومن الاسود والاحمر ، والله لايأتي عليك عشرة ايام حتى تأتيك طيء رجالاً وركباناً وانا زعيم لك بعشرين الف طائي يضربون بين يديك بأسيافهم الى ان يتبين لك ما انت صانع ) .
فقال له الحسين( - عليه السلام - ) :
(ان بيننا وبين القوم عهداً وميثاقاً ولسنا نقدر على الانصراف حتى تتصرف بنا وبهم الامور في عاقبة ). (2)
6- الحسين ( - عليه السلام - ) والمشرفي
أجتمع بالحسين ( - عليه السلام - ) في قصر بني مقاتل ، عمرو بن قيس المشرفي وابن عمه ، فقال لهما الحسين ( - عليه السلام - ) :
(جئتما لنصرتي )
قالا :
( انا كثيروا العيال وفي ايدينا بضائع للناس ولم ندر ماذا يكون ، ونكره ان نضيع الامانة ) .
فقال لهما الحسين ( - عليه السلام - ) :
( انطلقا فلا تسمعا ليّ واعية ولاتريا ليّ سواداً ، فإنه من سمع واعيتنا أو راى سوادنا فلم يجبنا أو يغثنا كان حقاً على الله عز وجل ان يكبه على منخريه في النار) (3) .
7- الحسين ( - عليه السلام - ) وابنه علي الاكبر
__________
(1) . تاريخ الطبري 6: 226 . انظر ارشاد الشيخ المفيد .
(2) . تاريخ الطبري 230:6 .
(3) . تاريخ ابن عساكر(ترجمة الإمام الحسين):235.(1/26)
سار موكب الحسين ( - عليه السلام - ) من قصر بني مقاتل في آخر الليل ، وبينما الركب يسير سمعوا الامام ( - عليه السلام - ) يقول :( انا لله وانا اليه راجعون والحمد لله رب العالمين ) .
كرر الامام هذا الاسترجاع ، فسأله ابنه علي الاكبر عن أسترجاعه ، فقال (عليه السلام) :( اني خفقت برأسي فعن لي فارس وهو يقول : القوم يسيرون والمنايا تسري اليهم ، فعلمت انها أنفسنا نعيت الينا ) .
فقال علي الاكبر :
لااراك الله سوءاً ، السنا على حق ؟
قال الامام ( - عليه السلام - ) :( بلى والذي اليه مرجع العباد ) .
فقال علي الاكبر :( يا أبتِ اذن لانبالي ان نموت محقين ) .
فقال الحسين ( - عليه السلام - ) :( جزاك الله من ولد خيراً ماجزى ولد عن والده ). (1)
8-قال الحر للحسين ( - عليه السلام - ) وهو يسايره في طريقه إلى كربلاء :يا حسين أني اذكرك الله في نفسك فأني أشهد لئن قتلت لتقتلن،فقال له الحسين( - عليه السلام - ): ( افبالموت تخوفني وهل يعدوا بكم الخطب ان تقتلوني وسأقول كما قال اخو الاوس لابن عمه.. )فأنشد بعض الاشعار ثم قال ( - عليه السلام - ): ( ليس شاني شأن من يخاف الموت ، ما اهون الموت على سبيل نيل العز واحياء الحق ، ليس الموت في سبيل العز الا حياة خالدة وليست الحياة مع الذل الا الموت الذي لا حياة معه ، أفبالموت تخوفني ، هيهات طاش سهمك وخاب ظنك لست اخاف الموت ، ان نفسي لأبكر وهمتي لأعلى من ان احمل الضيم خوفاً من الموت وهل تقدرون على اكثر من قتلي ؟ مرحباً بالقتل في سبيل الله ، ولكنكم لا تقدرون على هدم مجدي ومحو عزي وشرفي فاذاً لا ابالي بالقتل) (2) .
__________
(1) . تاريخ الطبري231:6.
(2) . تاريخ الطبري306:3،الإرشاد:225،أعيان الشيعة581:1.(1/27)
9- حواره مع الحر ( اما والله اني لأرجوا ان يكون خيراً ما اراد الله بنا قتلنا ام ظفرنا ) ( لأمنعنهم مما امنع منه نفسي ، انما هؤلاء انصاري واعواني ، وقد كنت اعطيتني ان لا تعرض لي بشيء حتى ياتيك كتاب من ابن زياد ) (1) .
10- كلامه مع ابو ذر (رضي الله عنه) ،إذ قال( - عليه السلام - ) :( يا عماه ان الله تعالى قادر ان يغير ما قد ترى ، والله " كل يوم في شأن " وقد منعك القوم دنياهم ، ومنعتهم دينك ، فما اغناك عما منعوك ، واحوجهم إلى ما منعتهم ، فاسأل الله الصبر والنصر ، واستعذ به من الجشع والجزع ، فان الصبر من الدين والكرم ، وان الجشع لا يقدم رزقاً ، والجزع لا يؤخر اجلاً ) (2) .
11- كلامه مع اخيه الحسن أذ قال ( - عليه السلام - ): ( ان الذي منعني من ابتدائك والقيام اليك انك احق بالفضل مني ، فكرهت ان انازعك ما انت احق به ) (3) .
12- رده على معاوية إذ قال ( - عليه السلام - ): ( والله ما أعطى احد قبلك ولا احد بعدك لرجلين اشرف ولا افضل منا ) (4) .
13- حواره مع الجماعة التي منعته من دفن اخيه الحسن( - عليه السلام - ) في حرم جده(صلى الله عليه وآله) فقال الحسين( - عليه السلام - ): (والله لولا عهد الحسن الي بحقن الدماء وان لا اريق في أمره محجمة دم،لعلمتم كيف تأخذ سيوف الله منكم مأخذها وقد نقضتم العهد بيننا وبينكم،وأبطلتم ما اشترطنا عليكم لانفسنا ) (5) .
__________
(1) . تاريخ الطبري307:3،الكامل في التاريخ553:2،البداية والنهاية187:8.
(2) .بحار الانوار412:22.
(3) .تاريخ أبن عساكر(ترجمة الإمام الحسين عليه السلام):152.
(4) . تاريخ أبن عساكر(ترجمة الامام الحسين عليه السلام):7.
(5) . تاريخ أبن عساكر(ترجمة الامام الحسين عليه السلام):224،الارشاد:193،بحار الانوار157:44.(1/28)
14-حواره مع الطرماح بن عدي إذ قال ( - عليه السلام - ): ( جزاك الله وقومك خيراً ! انه قد كان بيننا وبين هؤلاء القوم قول لسنا نقدر معه على الانصراف ، ولا ندري علام تنصرف بنا وبهم الامور في عاقبة ) (1) .
15-حواره مع زهير بن القين أذ قال ( - عليه السلام - ): ( ما كنت لأبدأهم بالقتال ) (2)
16-( دعوني فلأذهب في هذه الارض العريضة حتى ننظر ما يصير امر الناس) (3)
17-حواره مع أخوته من أم البنين إذ قال ( - عليه السلام - ):( اجيبوه وان كان فاسقاً فانه من اخوالكم ) (4) .
18- حواره مع ام سلمة عندما أخبرته بحديث الرسول(صلى الله عليه وآله) عن قتله في بأرض العراق،فرد عليه السلام قائلاً: ( يا اماه وانا والله اعلم ذلك ، واني مقتول لا محالة ، وليس لي من هذا بد ، واني والله لاعرف اليوم الذي اقتل فيه . واعرف من يقتلني ، واعرف البقعة التي ادفن فيها ، واني اعرف من يقتل من اهل بيتي وقرابتي وشيعتي وان اردت يا اماه اريك حفرتي ومضجعي) ثم اشار الى جهة كربلاء فقال لها ( يا اماه قد شاء الله عز وجل ان يراني مقتولاً مذبوحاً ظلماً وعدواناً ، وقد شاء ان يرى حرمي ورهطي ونسائي مشردين ، واطفالي مذبوحين مظلومين مأسورين مقيدين . وهم يستغيثون فلا يجدون ناصراً ولا معيناً) (5) .
__________
(1) .تاريخ الطبري308:3،الكامل في التاريخ554:2،البداية والنهاية188:8،اعيان الشيعة597:1.
(2) .تاريخ الطبري309:3،الكامل في التاريخ555:2،الارشاد:226.
(3) . .تاريخ الطبري312:3،الكامل في التاريخ557:2،مقاتل الطالبيين:113.
(4) .تاريخ الطبري314:3،،الارشاد:230،بحار الانوار391:44.
(5) . بحار الانوار331:44.(1/29)
19- حواره مع مساكين ، روى ابن عساكر باسناده عن ابي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال : ( مر الحسين بمساكين يأكلون في الصفقة فقالوا : الغداء فنزل وقال : ( ان الله لا يحب المتكبرين ) فتغدى معهم ، ثم قال لهم : قد اجبتكم فأجيبوني ، قالوا : نعم ، فمضى بهم إلى منزله فقال للرباب : أخرجي ما كنت تدخرين ) (1) .
20- حواره مع أخيه العباس( - عليه السلام - ) :( ارجع إليهم فأن استطعت ان تؤخرهم الى غدوة وتدفعهم عنا العشية ، لعلنا نصلي لربنا الليلة وندعوه ونستغفره ، فهو يعلم اني كنت احب الصلاة له وتلاوة كتابه وكثرة الدعاء والاستغفار ) (2) .
21-حواره مع محمد بن بشر الحضرمي أذ قال له الامام الحسين( - عليه السلام - ): ( رحمك الله انت في حل بيعتي فأعمل في فكاك ابنك ) فقال :أكلتني السباع حياً ان فارقتك،فقال (عليه السلام):فأعط ابنك هذه الاثواب والبرود يستعين بها في فداء أخيه) (3) .
22-قوله لزهير بن القين،إذ قال ( - عليه السلام - ):( اقبل ، فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه وابلغ في الدعاء ، لقد نصحت لهؤلاء وابلغت ، لو نفع النصح والابلاغ) (4) .
23-حواره مع أم وهب،إذ قال ( - عليه السلام - ): ( جزيتم من اهل بيت خيراً ، ارجعي رحمك الله إلى النساء فأجلسي معهن ، فأنه ليس على النساء قتال ) (5) .
__________
(1) .تاريخ أن عساكر:ترجمة الإمام الحسين(عليه السلام).
(2) .تاريخ الطبري314:3،الارشاد:230،الكامل في التاريخ558:2،البداية والنهاية190:8.
(3) .تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام الحسين(عليه السلام):154،اعيان الشيعة601:1،مقاتل الطالبيين:116.
(4) . تاريخ الطبري320:3،أعيان الشيعة599:1،بحار الانوار318:44.
(5) . تاريخ الطبري321:3،أعيان الشيعة603:1،بحار الانوار17:45،الكامل في التاريخ564:2.(1/30)
24- رده على حنظلة أبن أسعد الشبامي عندما خاطب معسكر أبن زياد وحذرهم من نتائج ما يقومون به من محاربة الحسين( - عليه السلام - )فقال له الحسين( - عليه السلام - ):( يا بن سعد ! رحمك الله ! انهم قد استوجبوا العذاب حيث ردوا عليك ما دعوتهم اليه من الحق ، ونهضوا اليك يستبيحوك واصحابك ، فكيف بهم الان وقد قتلوا اخوانك الصالحين )
قال:صدقت،جعلت فداك!أنت أفقه مني وأحق بذلك،أفلا نروح إلى الآخرة ونلحق باخواننا؟
فقال( - عليه السلام - ): (رح إلى خير من الدنيا وما فيها،والى ملك لا يبلى) (1) .
25-نداءه ( - عليه السلام - ) على معسكر الأعداء في الطف: ( ويحكم يا شيعة آل أبي سفيان : ان لم يكن لكم دين ، وكنتم لا تخافون المعاد ، فكونوا احراراً في دنياكم هذه وارجعوا إلى احسابكم ان كنتم عرباً كما تزعمون )
فناداه شمر فقال:ما تقول يابن فاطمة؟
قال أقول: ( أنا الذي اقاتلكم وتقاتلوني ، والنساء ليس عليهن جناح ، فا منعوا عتاتكم وطغاتكم وجهالكم عن التعرض لحرمي ما دمت حياً ) (2) .
26-كلامه ( - عليه السلام - ) مع أصحاب عمر بن سعد:( اعلى قتلي تحاثون ( تجتمعون ) ، اما والله لا تقتلون بعدي عبداً من عباد الله أسخط عليكم لقتله مني!وأيم الله اني لارجو أن يكرمني الله بهوانكم ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون أما والله لو قد قتلتموني لقد القى الله بأسكم بينكم وسفك دمائكم ،ثم لا يرضى لكم حتى يضاعف لكم العذاب الاليم) (3) .
27- حواره مع ابن الزبير: ( لا آتيه الا وأنا على الامتناع قادر ) (4) .
__________
(1) . تاريخ الطبري329:3،أعيان الشيعة605:1،الكامل في التاريخ568:2،بحار الانوار23:45.
(2) .أعيان الشيعة609:1،البداية والنهاية203:8،بحار الانوار51:45.
(3) .تاريخ الطبري334:3،الكامل في التاريخ572:8،البداية والنهاية204:8،أعيان الشيعة609:1.
(4) . تاريخ الطبري270:3،الكامل في التاريخ530:2.(1/31)
28- حواره مع ابو مخنف عند دخوله على الوليد بن عتبة إذ قال (عليه السلام):(اني داخل فأن دعوتكم او سمعتم صوتي قد على فاقتحموا علي بأجمعكم ، والا فلا تبرحوا حتى اخرج اليكم ). (1)
29- حواره مع الوليد عند دعوته للبيعة
فقال الوليد:دعوتك للبيعة ليزيد ،فقد أجتمع عليه الناس.
فقال الحسين( - عليه السلام - ): (انا لله وأنا اليه راجعون،أما ما سألتني من البيعة،فأن مثلي لا يعطي بيعته سراً،ولا اراك ان تجتزي بها مني سراً دون أن تظهرها على رؤوس الناس علانية)
قال:أجل
قال( - عليه السلام - ): (فاذا خرجت إلى الناس فدعوتهم إلى البيعة دعوتنا مع الناس،فكان أمراً واحداً (2) .
30- حواره مع اصحاب الابل الذاهبة إلى يزيد،إذ قال لهم ( - عليه السلام - ): ( لا اكرهكم ، من احب ان يمضي معنا إلى العراق اوفينا كراءه واحسنا صحبته ، ومن احب ان يفارقنا من مكاننا هذا اعطيناه من الكراء على قدر ما قطع من الارض ) (3) .
31- قال عليه السلام:( يا نافع ان من وضع دينه على القياس لم يزل الدهر في الارتماس ، مائلاً عن المنهاج ، ضاعنا في الاعوجاج ، ضالاً عن السبيل ، قائلاً غير الجميل ، يا ابن الازرق اصف الهي بما وصف به نفسه ، واعرفه بما عرف به نفسه ، لا يدرك بالحواس ، ولا يقاس بالناس ، فهو قريب غير ملتصق ، وبعيد غير متقص ، يوحد ولا يبغض ، معروف بالايات ، موصوف بالعلامات ، لا اله الا هو الكبير المتعال ) (4) .
__________
(1) . تاريخ الطبري270:3،الكامل في التاريخ530:2.
(2) .الكامل في التاريخ530:2.
(3) . تاريخ الطبري296:3،الكامل في التاريخ547:2،أعيان الشيعة594:1،الارشاد:219.
(4) .بحار الانوار297:4،مستدرك الوسائل261:17.(1/32)
32-حواره مع عبد الله بن عباس،قال الحسين( - عليه السلام - ): ( يا ابن عباس ، لا تتكلمن بما لا يعنيك فأنني اخاف عليك الوزر ، ولا تتكلمن بما لا يعنيك حتى ترى له موضعاً ، فرب متكلم قد تكلم بحق فعيب ، ولا تمارين حليماً ولا سفيهاً فأن الحليم يقلبيك، والسفيه يرديك ، ولا تقولن خلف احد اذا توارى عنك ، ألا مثل ما تحب أن يقول عنك إذا تواريت عنه ، واعمل عمل عبد يعلم انه مأخوذ بالاجرام مجزي بالاحسان) (1) .
33-حواره مع أخيه الحسن(عليهما السلام)إذ قال ( - عليه السلام - ): (وأنا والله وددت أن لي بعض ما بسط لك من لسانك) (2) .
34-قال رجل للحسين ( - عليه السلام - ):يا أبن رسول الله أنا من شيعتكم
قال ( - عليه السلام - ): (أتق الله ولا تدعي شيئاً يقول الله لك كذبت وفجرت في دعواك،أن شيعتنا من سلمت قلوبهم من كل غش وغل ودغل،ولكن قل أنا من مواليكم ومحبيكم) (3) .
35-حواره مع أهله حول أبن الزبير،إذ قال ( - عليه السلام - ): (ها ان هذا ليس شيء يؤتاه من الدنيا أحب إليه من أن اخرج من الحجاز إلى العراق،وقد علم أنه ليس له من الأمر معي شيء،وأن الناس لا يعدلوه بي،فود أني خرجت منها لتخلو له) (4) .
36-حواره مع عمر بن عبد الرحمن المخزومي عندما توجه إلى العراق
فقال الحسين( - عليه السلام - ): (جزاك الله خيراً يابن عم!فقد والله علمت أنك مشيت بنصح وتكلمت بعقل،ومهما يقض من أمر يكن،آخذت برأيك أو تركته،فأنت عندي أحمد مشير وأنصح ناصح) (5) .
رابعاً:وصايا الإمام الحسين( - عليه السلام - )
1-هذا ما أوصى به الحسين بن علي إلى أخيه محمد بن الحنفية:
__________
(1) بحار الانوار124:78.
(2) .تاريخ أبن عساكر(ترجمة الامام الحسين):146.حديث187.
(3) .بحار الانوار156:68حديث11.
(4) .تاريخ الطبري294:3،الكامل في التاريخ546:2،البداية والنهاية172:8،أعيان الشيعة593:1.
(5) . تاريخ الطبري294:3،الكامل في التاريخ545:2،أعيان الشيعة593:1،تاريخ أبن عساكر:202.(1/33)
(إن الحسين يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، جاء بالحق من عنده، وأن الجنة حق، والنار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور.وإني لم أخرج أشراً ولا بطراً، ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي (صلى الله عليه وآله) أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن ردّ علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم وهو خير الحاكمين،وهذه وصيتي يا أخي إليك وما توفيقي ألا بالله عليه توكلت وأليه أنيب) (1) .
2- قال ( - عليه السلام - ): (أوصيكم بتقوى الله،وأحذركم أيامه،وارفع لكم أعلامه،فكأن المخوف قد أفد بمهول وروده ونكير حلوله وبشع مذاقه،فأعتلق مهجكم،وحال بين العمل وبينكم،فبادروا بصحة الاجسام في مدة الاعمار،كأنكم ببغتات طوارقه فتنقلكم من ظهر الأرض إلى بطنها،ومن علوها إلى أسفلها،ومن أنسها إلى وحشتها،ومن روحها وضوئها إلى ظلمتها،ومن سعتها إلى ضيقها،حيث لا يزار حميم،ولا يعاد سقيم،ولا يجاب صريخ.أعاننا الله وأياكم على أهوال ذلك اليوم،ونجانا وأياكم من عقابه،وأوجب لنا ولكم الجزيل من ثوابه.
__________
(1) .بحار الانوار329:44.(1/34)
عباد الله !فلو كان ذلك قصر مرماكم ،ومدى مظعنكم كان حسب العامل شغلاً يستفرغ عليه احزانه ويذهله عن دنياه ويكثر نصيبه لطلب الخلاص منه،فكيف وهو بعد ذلك مرتهن باكتسابه،مستوقف على حسابه،لا وزير له يمنعه،و لا ظهير عنه يدفعه،ويومئذ( لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ)(الأنعام: من الآية158)أوصيكم بتقوى الله فإن الله قد ضمن لمن اتقاه أن يحوله عما يكره إلى ما يحب (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِب)(الطلاق: من الآية3)فإياك أن تكون ممن يخاف على العباد من ذنوبهم ويأمن العقوبة من ذنبه، فإن الله تبارك وتعالى لا يخدع عن جنته ولا ينال ما عنده إلاَّ بطاعته إن شاء الله). (1)
3- قال عليه السلام:(أياك وما تعتذر منه،فان المؤمن لا يسيء ولا يعتذر ،والمنافق يسيء كل يوم ويعتذر). (2)
4- قوله لابنه علي بن الحسين " زين العابدين "عليهم السلام ( إيَّاك وظلم من لا يجد عليك ناصراً إلاَّ الله عزَّ وجل ). (3)
5- قال الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) : ( لا تقولنَّ في أخيك المؤمن إذا توارى عنك إلاَّ مثل ما تحب أنْ يقولَ فيك إذا تواريت عنه).
__________
(1) .بحار الانوار120:78،تحف العقول:170.
(2) .أعيان الشيعة620:1،تحف العقول:177،بحار الانوار120:78.
(3) .أعيان الشيعة620:1،بحار الانوار308:75.(1/35)
6- وصية الإمام الحسين( - عليه السلام - ) لاخته زينب(عليها السلام): ( يا اخية اتقي الله وتعزي بعزاء الله ، واعلمي ان اهل الأرض يموتون ، وان اهل السماء لا يبقون ، وان كل شيء هالك الا وجه الله الذي خلق الأرض بقدرته ويبعث الخلق فيعودون ، وهو فرد وحده ، ابي خير مني وامي خير مني ، واخي خير مني ، ولي ولهم ولكل مسلم برسول الله اسوة ).( يا اخية : اني اقسم عليك فأبري قسمي ، لا تشقي علي جيباً ولا تخمشي علي وجهاً ، ولا تدعي بالويل والثبور انا اذا هلكت ). (1)
7-وصيته لابنه ( - عليه السلام - ) :( يا بني اصبر على الحق وان كان مراً ). (2)
حكم الإمام الحسين( - عليه السلام - )
1- قال ( - عليه السلام - ): ( شر خصال الملوك الجبن عن الأعداء، والقسوة على الضعفاء، والبخل عن الإعطاء). (3)
2- وقال ( - عليه السلام - ): (صاحب الحاجة لم يكرم وجهه عن سؤالك، فأكرم وجهك عن رده).
3- وقال ( - عليه السلام - ) لرجل اغتاب عنده رجلاً: (يا هذا كف عن الغيبة، فإنها إدام كلاب النار). (4)
4- وقال ( - عليه السلام - ): (من دلائل علامات القبول الجلوس إلى أهل العقول،ومن علامات أسباب الجهل المماراة لغير أهل الفكر،ومن دلائل العالم أنتقاده لحديثه وعلمه بحقائق فنون النظر). (5)
5- وقال ( - عليه السلام - ): (إن المؤمن اتخذ الله عصمته، وقوله مرآته، فمرة ينظر في نعت المؤمنين، وتارة ينظر في وصف المتجبرين، فهو منه في لطائف، ومن نفسه في تعارف، ومن فطنته في يقين، ومن قدسه على تمكين). (6)
__________
(1) .تاريخ الطبري316:3،الكامل في التاريخ560:2،الارشاد:232،مستدرك الوسائل452:2،البداية والنهاية191:8.
(2) .الكافي91:2،بحار الانوار76:71.
(3) .بحار الانوار189:44 حديث2،اعيان الشيعة620:1.
(4) .تحف العقول:175،اعيان الشيعة620:1،بحار الانوار117:78 حديث2.
(5) .تحف العقول:177،اعيان الشيعة620:1.
(6) .تحف العقول:177،بحار الانوار119:78 حديث15،(1/36)
6-وقوله - عليه السلام - : ( لا تصِفَنَّ لملك دواءً ، فإنْ نفعه لم يحمدك ، وإنْ ضرَّه اتهمك ). (1)
7-وقال ( - عليه السلام - ): (الإخوان أربعة : فأخ لك وله وأخ لك ، وأخ عليك ، وأخ لا لك ولا له ) فقال ( عليه السلام ) الأخ الذي هو لك وله فهو الأخ الذي يطلب بإخائه بقاء الإخاء ، ولا يطلب باخائه موت الإخاء ، فهذا لك وله ، لانه إذا تم الإخاء طلبت حياتهما جميعاً ، وإذا دخل الإخاء في حال التناقض بطل جميعاً . والأخ الذي هو لك : فهو الأخ الذي خرج بنفسه عن حال الطمع إلى حال الرغبة ، فلم يطمع في الدنيا إذا رغب في الإخاء ، فهذا موفر عليك بكليته . والأخ الذي هو عليك : فهو الأخ الذي يتربص بك الدوائر ، ويغشى السرائر ، ويكذب عليك بين العشائر ، وينظر في وجهك نظر الحاسد ، فعليه لعنة الواحد . والأخ الذي لا لك ولا له فهو الذي قد ملأه الله حمقاً فابعده سحقاً ، فتراه يؤثر نفسه عليك ، ويطلب شحاً ما لديك ). (2)
8-وقال ( - عليه السلام - ): ( افعل خمسة اشياء واذنب ما شئت ، فأول ذلك : لا تأكل رزق الله واذنب ما شئت ، والثاني : اخرج من ولاية الله واذنب ما شئت ، والثالث : اطلب موضعاً لا يراك الله واذنب ما شئت ، والرابع : اذا جاء ملك الموت ليقبض روحك فادفعه عن نفسك واذنب ما شئت ، والخامس : إذا أدخلك مالك في النار فلا تدخل في النار واذنب ما شئت ). (3)
9-وقال ( - عليه السلام - ): (وجد لوح تحت حائط مدينة من المدائن مكتوب فيه : آنا الله لا اله ألا انا ، ومحمد نبيي ، عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح ؟ وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن ؟ وعجبت لمن اختبر الدنيا كيف يطمئن إليها ؟ وعجبت لمن ايقن بالحساب كيف يذنب ). (4)
__________
(1) .بحار الانوار382:75 حديث47.
(2) .تحف العقول:176،بحار الانوار119:78 حديث 13،مستدرك الوسائل153:9.
(3) .بحار الانوار126:78 حديث 7.
(4) .بحار الانوار450:78 حديث 13.(1/37)
10- قال رجل : إن المعروف إذا أسدي إلى غير أهله ضاع ، فقال الحسين ( - عليه السلام - ) : ( ليس كذلك ولكن تكون الصنيعة مثل وابل المطر تصيب البر والفاجر ). (1)
11-وقال ( - عليه السلام - ): (من حاول امراً بمعصية الله تعالى كان أفوت لما يرجو ، واسرع لمجيء ما يحذر ). (2)
12-وقال ( - عليه السلام - ): (مالك إن يكن لك كنت له منفقاً ، فلا تبقه بعدك فيكن ذخيرة لغيرك ، وتكون أنت المطالب به الماخوذ بحسبانه ، واعلم انك لا تبقى له ، ولا يبقى عليك ، فكله قبل ان يأكلك ). (3)
13-وقال ( - عليه السلام - ): (لا تتكلف ما لا تطيق ، ولا تتعرض لما لا تدرك ، ولا تعد بما لا تقدر عليه ، ولا تنفق إلا بقدر ما تستفيد ، ولا تطلب من الجزاء إلا بقدر ما صنعت ، ولا تفرح إلا بما نلت من طاعة الله ،ولا تتناول إلا ما رأيت نفسك له أهلاً). (4)
14-وقال ( - عليه السلام - ): (يا هذا لا تجاهد في الرزق جهاد المغالب ، ولا تتكل على القدر اتكال مستسلم فأن ابتغاء الرزق من السنة ، والإجمال في الطلب من العفة ، وليست العفة بمانعة رزقاً ، ولا الحرص بجالب فضلاً ، وان الرزق مقسوم والأجل محتوم ، واستعمال الحرص طالب المأثم ). (5)
15- وقال ( - عليه السلام - ): ( من أحجم عن الرأي وعيبت به الحيل كان الرفق مفتاحه ). (6)
16-وقال ( - عليه السلام - ): ( من سره ان ينسأ في اجله ويزداد في رزقه فليصل رحمه ). (7)
__________
(1) .تحف العقول:175،اعيان الشيعة620:1،مستدرك الوسائل348:12،بحار الانوار117:78.
(2) .تحف العقول:177،بحار الانوار120:78،وسائل الشيعة421:11،الكافي373:2.
(3) .بحار الانوار357:71 حديث21.
(4) .اعيان الشيعة621:1.
(5) .مستدرك الوسائل35:13،بحار الانوار27:103 حديث 41.
(6) بحار الانوار128:78 حديث11.
(7) .بحار الانوار91:74حديث15.(1/38)
17-وقال ( - عليه السلام - ): ( ان قوماً عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار ، وان قوماً عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد ، وان قوماً عبدوا الله شكراً فتلك عبادة الاحرار وهي افضل العبادة ). (1)
18-وقال ( - عليه السلام - ): ( من عبد الله حق عبادته آتاه الله فوق أمانيه وكفايته ) . (2)
19- روي ان رجلاً قال للحسين ( - عليه السلام - ) اجلس حتى تتناظر في الدين ، قال : ( يا هذا انا بصير بديني ، مكشوف علي هداي ، فأن كنت جاهلاً بدينك فأذهب فأطلبه ، مالي وللمماراة وان الشيطان ليوسوس للرجل ويناجيه ، ويقول : ناظر الناس في الدين ، لئلا يظنوا بك اعجل والجهل ، ثم المراء لا يخلو من أربعة اوجه : أما أن تتمارى أنت وصاحبك في ما تعلمان ، فقد تركتما بذلك النصيحة ، وطلبتما الفضيحة ، واضعتما ذلك العلم ، أو تجهلانه فأظهرتما جهلاً ، وخاصمتما جهلاً ، واما تعلمه أنت فظلمت صاحبك بطلب عثرته ، او يعلمه صاحبك فتركت حرمته ، ولم تنزل منزلته ، وهذا كله محال ، فمن انصف وقبل الحق ، وترك المماراة فقد أوثق إيمانه واحسن صحبة دينه ، وصان عقله ). (3)
__________
(1) .تحف العقول:175،اعيان الشيعة620:1،بحار الانوار117:78حديث5.
(2) .بحار الانوار184:71 حديث44.
(3) .بحار الانوار135:2 حديث32.(1/39)
20- جاء رجل من الأنصار يريد أن يسأله حاجة ، فقال ( - عليه السلام - ) : ( يا أخا الأنصار صن وجهك عن بذلة المسألة ، وارفع حاجتك في رقعة ، فأني آت فيها ما سارك ان شاء الله ) فكتب : يا ابا عبد الله ان لفلان علي خمسمائة دينار ، وقد الح بي ، فكلمه ينظرني إلى ميسرة . فلما قرأ الحسين ( - عليه السلام - ) الرقعة دخل إلى منزله فأخرج منها الف دينار وقال ( - عليه السلام - ) له : (اما خمسمائة فأقض بها دينك واما خمسمائة فاستعن بها على دهرك ، ولا ترفع حاجتك ألا إلى أحد ثلاثة : إلى ذي دين ، او مرؤة اوحسب ، فأما ذو الدين فيصون دينه واما ذو المروءة فانه يستحيي لمرؤته ، واما ذو الحسب فيعلم انك لم تكرم وجهك ان تبذله له في حاجتك فهو يصون وجهك ان يردك بغير قضاء حاجتك ). (1)
21-وقال ( - عليه السلام - ): ( إن المسألة لا تصلح ألا لثلاثة : لحاجة مجحفة ، أو لحمالة مثقلة ، أو دين فادح ). (2)
22-وقال ( - عليه السلام - ): ( من قبل عطاءك ، فقد أعانك على الكرم ). (3)
23- وقال ( - عليه السلام - ): ( نحن قوم لا نعطي المعروف إلا على قدر المعرفة ). (4)
24-وقال ( - عليه السلام - ): ( للسلام سبعون حسنة ، تسع وستون للمبتدي ، وواحدة للراد ). (5)
25-وقال ( - عليه السلام - ): ( البخيل من بخل بالسلام ) . (6)
26-وقال ( - عليه السلام - ): ( السلام قبل الكلام عافاك الله ، ثم قال ( - عليه السلام - ) ( لا تأذنوا لاحد قبل أن يسلم ). (7)
__________
(1) .تحف العقول:176،اعيان الشيعة580:1،بحار الانوار118:78حديث12.
(2) .تاريخ ابن عساكر:139.
(3) .بحار الانوار352:71 حديث21.
(4) .اعيان الشيعة580:1.
(5) .تحف العقول:177،بحار الانوار120:78حديث17.
(6) .تحف العقول:177،اعيان الشيعة621:1،بحار الانوار120:78 حديث18.
(7) .تحف العقول:175،بحار الانوار117:78 حديث6،مستدرك الوسائل358:8.(1/40)
27-وقال ( - عليه السلام - ): ( لا يأمن من يوم القيامة ألا من خاف الله في الدنيا ). (1)
28-وقال ( - عليه السلام - ): ( البكاء من خشية الله نجاة من النار ). (2)
29-وقال ( - عليه السلام - ): ( بكاء العيون وخشية القلوب رحمة من الله ). (3)
30-وقال ( - عليه السلام - ): (ما اخذ الله طاقة أحد ألا وضع عنه طاعته ، ولا اخذ قدرته ألا وضع عنه كلفته ). (4)
31-وقال ( - عليه السلام - ): (العلم لقاح المعرفة،وطول التجارب زيادة في العقل، والشرف التقوى،والقنوع راحة الأبدان، ومن احبك نهاك ، ومن أبغضك أغراك ). (5)
32-سأل الحسين ( - عليه السلام - ) فأجاب
الغني (قلة أمانيك والرضى بما يكفيك ).
الفقر (الطمع وشدة القنوط ).
اللؤم ( إحراز المرء نفسه واسلامه عرسه ).
الخرق ( معاداتك أميرك ومن يقدر على ضرك ونفعك ). (6)
33-وقال ( - عليه السلام - ): (أصبحت ولي رب فوقي ، والنار أمامي ، والموت يطلبني ، والحساب محدق بي ، وأنا مرتهن بعملي ، لا أجد ما احب ، ولا ادفع ما اكره ،والأمور بيد غيري ، فأن شاء عذبني ، وان شاء عفى عني ، فأي فقير أفقر مني). (7)
34-سئل رجل الإمام الحسين ( - عليه السلام - ) ما الإيمان،فقال ( - عليه السلام - ): ( الإيمان ما سمعناه ، واليقين ما رأيناه ، وبين السمع والبصر أربع أصابع ).
قال : فما عز المرء ؟ قال : (استغناؤه عن الناس ).
قال : فما اقبح شيء ؟ قال : ( الفسق في الشيخ قبيح ، والحدة في السلطان قبيحة ، والكذب في ذي الحسب قبيح ، والبخل في ذي الغناء ،والحرص في العالم ). (8)
__________
(1) .بحار الانوار192:44 حديث5.
(2) .مستدرك الوسائل245:11.
(3) . مستدرك الوسائل245:11.
(4) .تحف العقول:175،بحار الانوار117:78حديث4.
(5) .بحار الانوار128:78.
(6) .بحار الانوار193:72 حديث14.
(7) .بحار الانوار116:78حديث1.
(8) .بحار الانوار384:36حديث5.(1/41)
35-وقال ( - عليه السلام - ): ( إن العز والغنى خرجا يجولان ، فلقيا التوكل فأستوطنا ). (1)
36-وقال ( - عليه السلام - ): ( أعجز الناس من عجز عن الدعاء ، وأبخل الناس من بخل بالسلام ). (2)
37-قال رجل للحسين ( - عليه السلام - ):بنيت داراً أحب أن تدخلها وتدعو الله،فدخلها( - عليه السلام - ) فنظر إليها،فقال : (أخربت دارك،وعمرت دار غيرك،غرك من في الأرض،ومقتك من في السماء). (3)
38-قال ( - عليه السلام - ): (أنا قتيل العبرة،قتلت مكروباً،وحقيق على الله أن لا يأتيني مكروب قط إلا رده الله وأقلبه إلي أهله مسروراً). (4)
تم بحمد الله
__________
(1) .مستدرك الوسائل218:11.
(2) .مستدرك الوسائل359:8،بحار الانوار294:93 حديث23.
(3) .مستدرك الوسائل467:3.
(4) .وسائل الشيعة328:10،اعيان الشيعة586:1،بحار الانوار279:44 حديث6.(1/42)
المصادر:
القرآن الكريم.
1. ابن الأثير،عز الدين أبي الحسن علي بن محمد (637هـ):أسد الغابة في معرفة الصحابة،كتاب النساء،مصر،مطبعة الوهبية،1285هـ.
2. أبن الأثير،عز الدين أبي الحسن(637هـ) :الكامل في التاريخ،دار أحياء التراث،بيروت،1404هـ.
3. ابن حجر،شهاب الدين ابي الفضل العسقلاني:فتح الباري في شرح البخاري،مصر،مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده،1378هـ.
4. أبن عساكر،أبي القاسم علي بن الحسن الشافعي(499-571هـ) :تاريخ مدينة دمشق (ترجمة الإمام الحسين) ،تحقيق محمد باقر المحمودي ،ط2،قم ،مجمع أحياء الثقافة الإسلامية،1414هـ.
5. ابن منظور ، أبو الفضل جمال الدين محمد : لسان العرب، تقديم الشيخ عبد الله العلايلي ، مطبعة لسان العرب ، بيروت (د.ت).
6. ابن منظور، أبو الفضل جمال الدين: لسان العرب ، دار أدب الحوزة ، قم ، 1405 هـ.
7. ابن منظور ، أبو الفضل جمال الدين محمد : لسان العرب،دار الحديث،القاهرة،2003.
8. أبو البقاء:الكليات،تحقيق عدنان درويش ومحمد المصري،دمشق،1974.
9. أبو العينين،علي خليل:القيم الإسلامية والتربية،المدينة المنورة،مكتبة إبراهيم الحلبي،1988.
10. أبو العينين، علي خليل:فلسفة التربية الإسلامية في القرآن الكريم،ط3،المدينة المنورة،مكتبة إبراهيم الحلبي،1988.
11. أبو العينين، علي خليل: منهجية البحث في التربية الإسلامية ، مجلة رسالة الخليج العربي ، العدد (24) السنة الثامنة ، 1988.
12. احمد،لطفي بركات : في فلسفة التربية ، القاهرة ، مكتبة الخانجي ، 1978.
13. احمد، لطفي بركات:القيم والتربية،ط1،الرياض،دار المريخ،1983.
14. احمد، لطفي بركات: في مجالات الفكر التربوي ، ط1 ، بيروت ، دار الشروق ، 1983.
15. الأصفهاني،أبي الفرج علي بن الحسين:مقاتل الطالبيين،تحقيق كاظم المظفر،ط2،قم،مؤسسة دار الكتاب،د.ت.
16. الأصفهاني،أبي الفرج علي بن الحسين:مقاتل الطالبيين،بيروت،دار المعرفة،د.ت.(1/1)
17. الأصفهاني ،أبو القاسم الحسين بن محمد الراغب(502هـ):مفردات في غريب القرآن،تحقيق محمد سيد كيلاني،بيروت،دار المعرفة،د.ت.
18. الأصفى،الشيخ محمد مهدي: وارث الأنبياء ؛دراسات وبحوث مؤتمر الإمام الحسين،طهران ،المجمع العلمي لاهل البيت،ج1،1424هـ.
19. أفلاطون : محاورات أفلاطون،ترجمة زكي نجيب محمود ، القاهرة، د.ت.
20. الأمين،السيد محسن:أعيان الشيعة،بيروت،دارالمعارف،د.ت.
21. الأندلسي،ابن حزم:رسائل ابن حزم،تحقيق الدكتور أحسان عباس،ط1،منشورات المؤسسة العربية للدراسات والنشر،1980.
22. البخاري،أبو عبد الله محمد بن إسماعيل: الأدب المفرد،الهند،مطبعة الخليلي،1306هـ.
23. البخاري،أبو عبد الله محمد بن إسماعيل : صحيح البخاري ، تسع أجزاء ، دار ومطابع الشعب ، 1378هـ.
24. البخاري،أبو عبد الله محمد بن أسماعيل:صحيح البخاري،تحقيق مصطفى الزين،ط3،بيروت،دار أبن كثير،1987.
25. بديوي،السيد محمد :الأخلاق بين الفلسفة وعلم الاجتماع ،القاهرة ، دار المعارف ، 1980.
26. البري، محمد بن أبي بكر الانصاري:الجوهرة في نسب الإمام علي وآله،تحقيق الدكتور محمد التونجي،ط1،دمشق،مكتبة النوري،1982.
27. البغدادي،ابي بكر محمد بن أبى الثلج: تاريخ الائمة،قم،مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي،مطبعة الصدر،1406هـ.
28. بكر،عبد الجواد السيد:فلسفة التربية الإسلامية في الحديث الشريف،ط1،مصر،دار الفكر العربي،1983.
29. بن أبي الربيع،أحمد بن محمد:سلوك المالك في تدبير الممالك،مطبعة جمعية المعارف المصرية،1286هـ.
30. بن أبي الربيع، احمد بن محمد: سلوك المالك في تدبير الممالك ، دراسة وتحقيق ناجي التكريتي ، منشورات تراث عويدات ، 1978.
31. بن الأزرق ،ابن عبد الله: بدائع السلك في طبائق الملك ، تحقيق د. علي سامي النشار ،منشورات وزارة الإعلام في الجمهورية العراقية ، 1977.(1/2)
32. بن أبي الحديد،عز الدين عبد الحميد بن هبة الله:شرح نهج البلاغة ،القاهرة،دار أحياء التراث العربي،1385هـ
33. بن أبي يعقوب،احمد :تاريخ اليعقوبي،منشورات أهل البيت،قم،د.ت.
34. بن حنبل ،أحمد: مسند احمد بن حنبل،مصر،المطبعة الميمنية،1313هـ.
35. بن سينا،الحسين بن عبد الله: تسع رسائل في الحكمة والطبيعيات(الرسالة التاسعة في علم الأخلاق) ،ط1،دار الجوائب،1298هـ.
36. بن عدي،ابن زكريا يحيى:تهذيب الأخلاق ،القدس،مطبعة دير مرقس للسريان،1930.
37. بن عربي،محي الدين:الأخلاق،مصر،مطبعة التقدم ،د.ت.
38. بن مسعود،عبد المجيد:القيم الإسلامية التربوية في المجتمع المعاصر،سلسلة كتاب الأمة التي يصدرها مركز البحوث والدراسات بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية،العدد 67، قطر،2004.
39. بول و ودرنج:نحو فلسفة للتربية،ترجمة سعد مرسي احمد و فكري حسن ريان،القاهرة،عالم الكتب،1966.
40. بيكوفتش،علي عزت:الإعلان الإسلامي،ترجمة محمد يوسف عدس،ط1،القاهرة،دار الشروق،1999.
41. بيومي،محمد احمد : مبحث القيم في علوم الإنسان ، الإسكندرية ، دار المعرفة الجامعية ، 1981.
42. بيومي،محمد احمد : علم اجتماع القيم ، الإسكندرية ، دار المعرفة الجامعية ، 1981.
43. الترمذي،محمد بن عيسى:صحيح الترمذي ،القاهرة،مطبعة بولاق،1292هـ.
44. توق،محي الدين وعبد الرحمن عدس:أساسيات علم النفس التربوي،ط6،انكلترا،مؤسسة جون وايلي وأولاده،1984.
45. الجبوري،محمد سعيد مرعي :أدب الحكمة في عصر صدر الإسلام،رسالة ماجستير،كلية التربية،جامعة بغداد،1989.
46. الجرجاني،السيد علي بن محمد:التعريفات،أسطنبول،،مطبعة محمد أسعد 1300هـ.
47. الجرجاني،السيد علي:التعريفات،فلوغل ليبسك،1845م.
48. جعفر،نوري : اللغة والفكر، الرباط ، مكتبة القومي ، 1971.
49. الجعفري،ماهر اسماعيل واخرون : فلسفة التربية ،بغداد،دار الكتب للطباعة والنشر، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ، 1993.(1/3)
50. الجمالي،محمد فاضل:الفلسفة التربوية في القرآن،ط3،تونس،دار الكتاب الحديث،1966.
51. الجندي،انور : القيم الأساسية للفكر الإسلامي والثقافة العربية ، مطبعة الرسالة ، د.ت.
52. حجاج،عبد الفتاح:التربية والمجتمع عبر العصور،المؤتمر الفكري الثالث لاتحاد التربويين العرب،الامانة العامة للاتحاد،بغداد،1978.
53. الحراني،أبو محمد الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة(القرن الرابع الهجري):تحف العقول،ط5،قم،منشورات الشريف الرضي،1380هـ.
54. حسنة،عمر عبيد : مراجعات في الفكر والدعوة والحركة ، ط2 ، الرياض ، الدار العالمية للكتاب الإسلامي ، 1992.
55. الحسني،هاشم معروف : سيرة الأئمة الاثنى عشر، بيروت،دار التعارف،1990.
56. الحسيني،نور الله:إحقاق الحق،قم،مكتبة النجفي،د.ت.
57. حمادة،عبد المحسن عبد العزيز:التربية والتقدم في الأمة العربية،المؤتمر الفكري الثاني للتربويين العرب،الأمانة العامة للاتحاد،بغداد،1978.
58. حمودة، نبيه محمود: التأصيل الفلسفي للتربية ، القاهرة ، مطبعة الانجلو المصرية ، 1980.
59. الحموي،ياقوت:معجم الأدباء،بغداد،مطبعة المأمون،د.ت.
60. الحياري،حسن احمد : أسرار الوجود وانعكاساتها التربوية ، اربد ، دار الأمل، 1994.
61. خزعلي،قاسم محمد محمود : نحو فلسفة تربوية للطفل في ضوء الرؤية القرآنية والحديث الشريف، أطروحة دكتوراه ، كلية التربية ( ابن رشد ) ، جامعة بغداد ،2001م .
62. الخلف،معين:القيم التربوية الواجب توافرها لدى طلبة كليات التربية الرياضية من وجهة نظرهم،رسالة ماجستير ،قسم الإدارة واصول التربية،كلية التربية،جامعة اليرموك،اربد،الاردن،1996.
63. الخوئي،ميرزا حبيب الهاشمي:منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة،ط4،طهران،المكتبة الاسلامية،1405هـ.
64. الدرابسة،محمد عبد الله عايش:مدى تمثل الأيتام للقيم الإسلامية،أطروحة دكتوراه ،كلية التربية(ابن رشد)،جامعة بغداد ،2001.(1/4)
65. دراز،محمد عبد الله : دراسات إسلامية في العلاقات الاجتماعية والدولية ، الكويت ، دار القلم ، 1980.
66. الدليمي،نوال إبراهيم : القيم السائدة في كتب التربية الإسلامية للمرحلة الإعدادية ، رسالة ماجستير ،كلية التربية(ابن رشد) ، جامعة بغداد، 1989.
67. الدليمي،نوال ابراهيم:الفكر التربوي في وصايا الخلفاء العباسيين )العصر الاول 132-218) دراسة تحليلية،أطروحة دكتوراه،كلية التربية(ابن رشد)،،جامعة بغداد،1995.
68. الدمشقي،أبو الفداء إسماعيل بن كثير(774هـ):البداية والنهاية،بيروت،دار أحياء التراث،1408هـ.
69. ذياب،فوزية : القيم والعادات الاجتماعية ، القاهرة ، دار الكتاب العربي للطباعة والنشر ، 1966.
70. ذياب، فوزية: القيم والعادات الاجتماعية مع بحث ميداني لبعض العادات الاجتماعية ، بيروت ، دار النهضة العربية ، 1980.
71. الرازي ، محمد بن أبي بكر بن عبد القادر : مختار الصحاح ،الكويت،دار الرسالة،1982.
72. الراوي،حسن مسارع:نحو استراتيجية جديدة للتعليم في العراق،بغداد،1976.
73. الرحيم،احمد حسن:الفلسفة والتربية والحياة،النجف الاشرف،مطبعة الاداب،1977.
74. رزوق، اسعد: موسوعة علم النفس ، ط1، بيروت ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1977.
75. رضا،غانم جواد.الرسائل الفنية في العصر الإسلامي حتى نهاية العصر الاموي،بغداد،مطبعة اسعد،(د.ت).
76. رضوان،زينب :النظرية الاجتماعية في الفكر الإسلامي ،أصولها وبناؤها في القرآن والسنة،ط1،القاهرة،دار المعارف،1982.
77. الرفاعي،عبد الرحيم:القيم الأخلاقية في التربية الإسلامية من واقع منهج المدرسة الابتدائية العامة،رسالة ماجستير،كلية التربية ،جامعة طنطا،القاهرة،1980.
78. الريان،محمد هاشم:أساليب تدريس القيم والمفاهيم،مركز التدريب التربوي،الاردن،وزارة التربية،1991.
79. زاهر،ضياء:القيم في العملية التربوية،ط2،القاهرة،مؤسسة الخليج العربي،1986.(1/5)
80. سباني،جورج : تطور الفكر السياسي ، ترجمة راشد البراوي ، مصر ، 1971.
81. سرحان، منير المرسي: في اجتماعيات التربية ، ط2 ، القاهرة ، مكتبة الانجلو المصرية ، 1982.
82. سفيان،نبيل صالح :الذكاء الاجتماعي والقيم الاجتماعية وعلاقتهما بالتوافق النفسي والاجتماعي لدى طلبة علم النفس ،جامعة تعز،أطروحة دكتوراه ،كلية التربية،جامعة بغداد ،1998.
83. سلطان، محمود السيد: مفاهيم تربوية واسلامية ، ط1 ، الرياض ، دار المريخ للنشر ، 1982.
84. السلمان،عبد العال واخرون : تحليل المحتوى ، مصر، مركز البحوث النفسية والتربوية ، جامعة القاهرة ، 1984.
85. سماري،جواد كاظم:الوضعية المنطقية في الفكر العربي المعاصر. رسالة ماجستير ،كلية الآداب،جامعة بغداد ،1990.
86. السويدي،وضحة:تنمية القيم الخاصة بمادة التربية الإسلامية لدى تلميذات المرحلة الإعدادية بدولة قطر،برنامج مقترح،ط1،الدوحة،دار الثقافة،1989.
87. السيد ،فؤاد البهي: علم النفس الاجتماعي ، ط3، القاهرة ، دار الفكر العربي، 1958.
88. السيد،محمد توفيق وآخرون:بحوث في علم النفس،القاهرة،مكتبة الانجلو المصرية،1970.
89. السيد،رضوان : حقوق الإنسان والفكر الإسلامي المعاصر، مجلة العربي،الكويت،2001.
90. الشهرستاني،ابو الفتح:الملل والنحل،تحقيق محمد الكيلاني،القاهرة،مطبعة البابي،1317هـ.
91. شومان،علي سعيد: القيم التربوية التي تظمنها السؤال في القرآن الكريم،رسالة ماجستير،كلية الشريعة للدراسات الإسلامية،جامعة اليرموك،،الاردن،1993.
92. الشيرازي،محمد الحسيني:طريق النجاة،ط1،بيروت ،دار الصادق،1419هـ.
93. الشيرازي،محمد الحسيني : السبيل إلى إنهاض المسلمين، ط1، كربلاء ، دار صادق ، 2004.
94. الصدوق،ابو جعفر محمد بن علي بن بابويه(381هـ):علل الشرايع،النجف،المطبعة الحيدرية،1385هـ.
95. طاليس،أرسطو:علم الأخلاق،ترجمة أحمد لطفي السيد،القاهرة،مطبعة الكتب المصرية،1924.(1/6)
96. الطبرسي،ابو علي بن الحسن(القرن السادس الهجري) : مجمع البيان في تفسير القران،بيروت،دار مكتبة الحياة،د.ت.
97. الطبرسي،أبي الفضل علي : مشكاة الأنوار في غرر الاخبار، ط2 ،النجف،المكتبة الحيدرية،1965.
98. الطبرسي،ميرزا حسين النوري(1320هـ):مستدرك الوسائل،قم،مؤسسة آل البيت،1407هـ.
99. الطبري،أبو جعفر محمد بن جرير(224هـ-310هـ):تاريخ الطبري،بيروت،دار الكتب الإسلامية،1406هـ.
100. طهطاوي،سيد احمد : القيم التربوية في القصص القرآني ، ط1، دار الفكر العربي ، مصر ، 1996.
101. الطويل،توفيق:قضايا في رحاب الفلسفة والعلم،القاهرة،دار النهضة العربية،د.ت.
102. الطويل،توفيق:الفلسفة الخلقية نشأتها وتطورها،القاهرة،دار النهضة العربية،1967.
103. الطيب،نور الهدى الشيخ :القيم التربوية لشعيرة الصلاة الإسلامية ،رسالة ماجستير،كلية التربية،جامعة أم درمان الاسلامية،السودان،1996.
104. الظاهر،زكريا محمد واخرون : مبادئ القياس والتقويم في التربية، ط1، الأردن،مكتبة دار الثقافة للنشر، 1999.
105. عاقل،فاخر:معالم التربية،دراسات في التربية العامة والتربية العربية،بيروت،1964.
106. عاقل،فاخر:علم النفس التربوي،ط3،بيروت،دار العلم للملايين،1976.
107. العاملي،محمد بن الحسن الحر:وسائل الشيعة،بيروت،دار أحياء التراث،1403هـ.
108. عبد الحميد ،محمد: التحليل الكمي للمحتوى وبحوث الإعلام في ضوء المنظور المنهجي ، الحلقة الدراسية الثانية لبحوث الإعلام في مصر ، القاهرة ، 1981.
109. عبد الدائم،عبد الله:نحو فلسفة تربوية عربية،ط1،بيروت،مركز دراسات الوحدة العربية،1991.
110. عبد الغفور ،منصور: دراسة تحليلية للقيم البيئية لدى المراهقين من طلاب التعليم العام والازهري واثر ذلك على مستوى القلق ،رسالة ماجستير ، القاهرة كلية التربية ، جامعة ( اسيوط ).(1/7)
111. عبد اللاوي،محمد:دراسات في المدرسة الفكرية للإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر-طاب ثراه-جامعة وهران ،الجزائر،2004.
112. عبد الملك،انور:الفكر العربي في معركة النهضة،ط8،بيروت،دار الآداب،1987.
113. العذاري،شهاب الدين :ملامح المنهج التربوي عند أهل البيت،(سلسلة المعارف الإسلامية-42)،الكويت،مركز الرسالة،د.ت.
114. العراقي،سهام محمود:تاريخ تطور اتجاهات الفكر التربوي،الإسكندرية،1984.
115. العزب،مرسي محمد : حرية الفكر ، بيروت ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1979.
116. عزيز،حاتم جاسم : تقويم المناهج الدراسية لأقسام العلوم التربوية والنفسية في كليات التربية من وجهة نظر التدريسيين،رسالة ماجستير ،كلية التربية(أبن رشد)،جامعة بغداد،2002.
117. عزيز،عمر ابراهيم : القيم السائدة في القصص الشعبية العربية والكردية للاطفال في الكتب المطبوعة في العراق ، جامعة بغداد ، كلية التربية ، رسالة ماجستير غير منشورة 1993.
118. عسكر،علاء صاحب : نحو رؤية للقيم في ضوء القران الكريم والسنة النبوية،اطروحة دكتوراه، كلية التربية(ابن رشد) ، جامعة بغداد ، 2002.
119. العسكري، مرتضى: معالم المدرستين ، بيروت مؤسسة النعمان للطباعة والنشر ، د. ت.
120. علوان،عبد الله:معالم الحضارة في الإسلام وأثرها في النهضة الأوربية،بيروت،دار السلام،1980.
121. العوا،عادل : العمدة في فلسفة القيم، دمشق،دار اطلاس للدراسة والنشر ، 1986.
122. العوا،عادل: قضايا القيم الأصول والمبادئ :في وقائع المؤتمر الفكري التربوي الاسلامي، المنظمة العربية للتربية والثقافة،تونس،1987.
123. العمري،خالد وآخرون :المنظومة القيمية لدى طلبة جامعة اليرموك ودراسة الارتباطية القانونية لبعض العوامل المؤثرة فيها.جامعة اليرموك،الاردن،1999.
124. العيسوي،عبدالرحمن :دراسات في تفسير السلوك الإنساني،بيروت ، دار الراتب الجامعية،1419هـ.(1/8)
125. الغزالي،ابو حامد:أحياء علوم الدين،كتاب الشعب،القاهرة،دار الشعب،دت.
126. الغزالي،أبو حامد:روضة الطالبين وعمدة السالكين،مطبعة السعادة،1924.
127. فرحان،اسحق أحمد:القيم التربوية في عالم متغير من منظور إسلامي،بحث مقدم في مؤتمر القيم والتربية في عالم متغير،جامعة اليرموك،الاردن،1999.
128. فرحان،أسحق وتوفيق مرعي:اتجاهات المعلمين في الاردن نحو القيم الإسلامية في مجال العقائد والعبادات والمعاملات كما حددها الآمام البيهقي:مجلة أبحاث اليرموك،سلسلة العلوم الانسانية والاجتماعية،مجلد44،عدد 2،1988.
129. فرحان،محمد جلوب:دراسات في فلسفة التربية،وزارة التعليم العالي والبحث العلمي،جامعة الموصل،1989.
130. فرج،صفوت: القياس النفسي،ط1،القاهرة ،دار الفكر العربي للطباعة،1980.
131. فرج،محمد سعيد: البناء الاجتماعي والشخصي،الإسكندرية،دار المعرفة،1989.
132. الفريحات ،تهاني:مستوى الاعتقاد لمنظومة القيم التربوية الإسلامية ودرجة ممارستها لدى طالبات الجامعات الحكومية في الأردن،رسالة ماجستير،كلية التربية،جامعة اليرموك،الأردن،1998.
133. فهد،ابتسام محمد : الفكر التربوي العربي الإسلامي لدى بعض فلاسفة العرب والمسلمين في القرنين الرابع والسادس الهجريين ، أطروحة دكتوراه ، كلية التربية(ابن رشد) ، جامعة بغداد ، 1994.
134. الفيروزآبادي،محمد بن يعقوب:القاموس المحيط،ط2،القاهرة،المطبعة الحسينية المصرية،1342هـ.
135. الفيروزآبادي،مرتضى الحسيني:فضائل الخمسة من الصحاح الستة،،ط1،قم،المجمع العلمي لآهل البيت،1422هـ.
136. فينكس،فيليب،هـ،:فلسفة التربية،ترجمة وتقديم محمد لبيب النجيحي،د.ت.
137. قانون السياسة ودستور الرياسة: مؤلف مجهول،دراسة وتحقيق محمد جاسم الحديثي،دار الشؤون الثقافية العامة،بغداد،1987م.(1/9)
138. قحطان،فائزة عبد الله:القيم التربوية الممارسة لدى طالبات جامعة تعز في الجمهورية اليمنية،رسالة ماجستير،كلية التربية،جامعة اليرموك،2002م.
139. القريشي،باقر شريف:النظام التربوي في الإسلام،بيروت،دار التعارف للمطبوعات،1408هـ.
140. القريشي،باقر شريف:حياة الإمام الحسين بن علي(عليهما السلام)، ط1،بيروت،دار البلاغة،1993م.
141. القزويني،علاء الدين السيد امير محمد:الفكر التربوي عند الشيعة الامامية،ط2،الكويت،مكتبه الفقيه،1986م.
142. قنصوه،صلاح : نظرية القيم في الفكر المعاصر ، بيروت ، دار التنوير للطباعة والنشر ، 1984م.
143. قمحية،جابر:المدخل الى القيم الاسلامية،القاهرة،دار الكتاب المصري،1984.
144. قورة ،حسين سليمان: الأصول التربوية في بناء المناهج ، ط7، القاهرة ، دار المعارف ، 1982.
145. القيسي،مروان:المنظومة القيمية الإسلامية كما تحددت في القرآن والسنة الشريفة:مجلة دراسات العلوم الإنسانية،مجلد422،ملحق6.
146. الكاشاني،محمد بن المرتضى الفيض:المحجة البيضاء،ط2،قم،جامعة المدرسين،د.ت.
147. الكرماني،احمد حميد الدين . مصابيح الإمامة ، ط1، بيروت ، دار المنتظر للطباعة والنشر والتوزيع ، 1996م.
148. الكليني،أبو جعفر محمد بن يعقوب الرازي:الكافي،طهران،دار النشر الإسلامي،د.ت.
149. لجنة تأليف:أعلام الهداية(الامام الحسين) ،ط1،قم،المجمع العلمي لأهل البيت،1422هـ.
150. المبارك،محمد : نحو إنسانية سعيدة، بيروت،دار الفكر،1389هـ.
151. مبارك،زكي:النثر الفني في القرن الرابع الهجري،دار الجيل،بيروت،1975م.
152. محمد،احمد علي الحاج:فلسفة التربية،ط1،عمان،دار المناهج،2002م.
153. محمد،فاضل زكي : الفكر السياسي العربي الإسلامي بين ماضيه وحاضره ، (سلسلة الكتب الحديثة -105) ط2، بغداد ، وزارة الثقافة والاعلام ، 1976.(1/10)
154. محمود،زكي نجيب:طراز من الفردية الجديدة،مجلة الفكر المعاصر،العدد(12)،الدار المصرية للتأليف والترجمة،1966.
155. المجلسي،محمد باقر(111هـ):بحار الانوار،طهران،المكتبة الاسلامية ،د.ت.
156. مرسي،محروس سيد : التربية والطبيعة الإنسانية في الفكر الإسلامي وبعض الفلسفات الغربية، ط1، القاهرة ،دار المعارف ، 1988م.
157. مرعي،توفيق واحمد بلقيس : الميسر في علم النفس الاجتماعي ،عمان ، دار الفرقان للنشر والتوزيع ، 1984م.
158. مرعي،توفيق احمد ومحمد محمود الحيلة:المناهج التربوية الحديثة ،ط1،عمان،دار المسيرة ،2000م.
159. المسعودي،ابي حسن بن الحسين(345هـ):مروج الذهب ومعادن الجوهر،بيروت،دار الأندلس،1983م.
160. مسكويه،أبي علي أحمد الرازي:تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق،ط2،،بيروت،دار مكتبة الحياة،د.ت.
161. المشايخي،اركان سعيد خطاب.الفكر التربوي عند الخطيب البغدادي،رؤية معاصرة،رسالة ماجستير، كلية التربية(ابن رشد)،جامعة بغداد،2001م.
162. المشايخي،اركان سعيد خطاب:الفكر التربوي العربي الاسلامي لدى الرازي والنووي وأبن القيم الجوزية،اطرحة دكتوراه،كلية التربية(ابن رشد)،جامعة بغداد،2004م.
163. المطهري،مرتضى:الملحمة الحسينية،ط1،بيروت،الدار الإسلامية،1990م.
164. مطر،اميره حلمي:مقالات فلسفية حول القيم والحضارة،القاهرة،مكتبة مدبولي،د.ت.
165. المظفر،الشيخ محمد رضا : المنطق ، ط3،بيروت،د.ت.
166. المفيد،الشيخ محمد بن محمد بن النعمان:الإرشاد،قم،مكتبة بصيرتي،د.ت.
167. الموسوي، صالح نهير راهي.الفكر التربوي عند الحسن البصري،رسالة ماجستير ، كلية التربية (ابن رشد ) ،جامعة بغداد ،2000م.
168. ناصر،ابراهيم:مقدمة في التربية،ط2،الاردن،1979م.
169. ناصر،أبراهيم:فلسفات التربية،ط1،الاردن،دار وائل،2001م.(1/11)
170. الناصر،خالد:أزمة الديمقراطية في الوطن العربي،ضمن مركز دراسات الوحدة العربية،الديمقراطية وحقوق الإنسان في الوطن العربي،بيروت،1986م.
171. النجفي،فخر الدين الطريحي:المنتخب،قم،منشورات الشريف الرضي،1413هـ.
172. النجيحي،محمد لبيب:مقدمة في فلسفة التربية،الانجلو المصرية،القاهرة،1966م.
173. ندوة التحديات الفكرية التي تواجه الشخصية العربية،مكتب التربية لدول الخليج العربي،الرياض،1984م.
174. النسائي،احمد بن شعيب:سنن النسائي،مصر،المطبعة الميمنية،1312هـ.
175. نشواني،عبد الحميد:علم النفس التربوي،عمان،دار الفرقان للنشر والتوزيع،1984م.
176. النص،احسان:الخطابة العربية في عصرها الذهبي ،ط2،مصر،دار المعارف ، (د.ت).
177. النوري،عبد الغني ،وعبد الغني عبود:نحو فلسفة عربية للتربية،ط1،دار الفكر العربي،القاهرة،1976م.
178. النيسابوري،مسلم بن الحجاج:صحيح مسلم،ط1،،بيروت،مؤسسة عز الدين للطباعة،1987م.
179. نيلر،جورج : مقدمة في فلسفة التربية ، ترجمة نظمي لوقا ، القاهرة ، مكتبة الانجلو المصرية ، 1977م.
180. نيلر،جورج:في فلسفة التربية،ترجمة محمد منير مرسي،القاهرة،عالم الكتب،،1972م.
181. الهاشمي،عبد الحميد وفاروق عبد السلام : البناء القيمي للشخصية كما ورد في القران الكريم ، بحوث ندوة خبراء أسس التربية الإسلامية ، ط2 ، مكة المكرمة ، مركز البحوث التربوية والنفسية.
182. هنا،عطية محمود : التوجيه التربوي والمهني ، القاهرة ، مكتبة النهضة المصرية ، 1959م.
183. هندي،صالح واخرون:أسس التربية،ط2،عمان،دار الفكر،1990م.
184. الهندي،علاء الدين علي التقي(975هـ):كنز العمال،بيروت،مؤسسة الرسالة ،1401هـ.
185. الهيتي،خلف نصار:القيم السائدة في صحافة الأطفال العراقية،رسالة ماجستير،كلية التربية، جامعة بغداد ،1977م.(1/12)
186. الهيتي،خلف نصار وعبد العال السلمان : مقدمة في منهجية تحليل المحتوى ، جامعة بغداد ، مركز البحوث التربوية والنفسية ، 1987م.
187. وصفي،عاطف:الثقافة الشخصية،بيروت،دار النهضة العربية،1981م.
188. وليم ،ج. صمويلسون و فريد ا . ماركوويتز : مقدمة في فلسفة التربية ، ترجمة ماجد عرسان الكيلاني ، ط1 ، عمان ، دار الفرقان ، 1998م.
189. الياسري،عبد زيد عبد الحسين :تمثل معلمات رياض الأطفال للقيم المتضمنة في الأهداف التربوية، أطروحة دكتوراه ،كلية التربية(ابن رشد)،جامعة بغداد،1997م.
190. ياسين،جعفر : المدخل إلى الفكر الفلسفي عند العرب ( الموسوعة الصغيرة-24) بغداد ، ، 1978م.
المصادر الأجنبية
191. Baln,J.I M enand Movements in American Philosophy – Prentice- Hill Lnc Englwood Cliffs. 1946.
192. . Bair.K.Whats Value an analysis of the Conception Kurt Bair and nicholas Rescher (eds) “Value and the future” New york :Free Press .1969.
193. Berlson ,Bernard .” Content Analysis “ in Gardner lindzey , 1959.
194. Budd, Richard and others , Content Analysis in communication, New York , Macmillan, 1967.
195. Chaney, David, Processes of Mass communication. London , Wheaton and Co, 1972
196. Kluckhohn. Clyde and Henry A.Murray. Permation the Center Minata. In Kluckhohn Clyde and Henry A.Murray(eds.) Personality. New york .Alfred A Knoph.
197. Scott, William A. “Reliability of content Analysis; The case of Nominal Scale coding , “ Public opinion quarterly , Vol. 19 , No. 3 , 1955 .
198. Scott, William and Michael Wertheimer.Introduction to Psychological Research.New York,Wiley,1967.(1/13)
199. Mullane,S,P.The fairness and educational value of on undergradnate disciplinory progrom from a moral development purspective.Eric,order no;AAC. 1996.
200. Nunnally , Jum S . Psychometric Theory . New Yowk , Mc griw – Hill – 1967.(1/14)