القنوات الفضائية وآثارها على مختلف جوانب الحياة
الحمد لله وبعد : فإن مما لا يختلف فيه اثنان ما يؤديه الإعلام من دور فاعل ومؤثر في توجيه المجتمعات والتأثير عليها في مجمل قضاياها المختلفة ؛ في العقائد والأخلاق والسلوك والسياسة والاقتصاد ، حيث احتل حيزاً كبيراً في حياة الناس اليومية بحيث لا يستطيع الإنسان الاستغناء عن وسائله المختلفة ، وصار جزءاً من تركيبة المجتمع ونظامه . وإن من يستقرئ واقعنا اليوم يجد عشرات بل مئات القنوات التي توجه وتدير مجتمعات العرب والمسلمين ، ولكن كثيراً من هذه القنوات لا تخدم قضايا الأمة على الوجه المطلوب ، بل إنها تتجاهلها ، وبعضها يتعمد الإضرار بالمجتمعات الإسلامية من خلال ما بث أفكار وثقافة هابطة شوشت عقول قطاعات عريضة من المسلمين بسبب ما تنشره من مفاهيم مغلوطة عن الدين ومعلومات مضللة عن الدنيا . إن أخطر ما تقوم به تلك القنوات هو أسلوبها المتدرج في إنهاك المعتقدات والأصول لدى المجتمعات الإسلامية ، حيث تبدأ بطريقة مدروسة تربوياً ، ونفسياً، بشكل غير مباشر ، خطوة خطوة في مهاجمة المعتقدات ، ابتداءً من المهم إلى الأهم ، فتهدمها شيئاً فشيئاً. إن تلك القنوات تسعى إلى التحكم في مجتمعاتنا واحتوائها وأسر عقول أبنائنا وبناتنا لتعيد تشكيلها وفقاً لخطط رسمها الأعداء ، وإن أخطر ما في هذا التحكم الإعلامي هو توهم الأمة المسلمة أنها تملك إرادتها، وتصنع رأيها ، وتتخذ قرارها بنفسها دون أن تشعر بأنها إنما تدور في الفلك المرسوم من أعدائها ، وتُحرَّك بأجهزة التحكم عن بعد "الريموت" فاقدة أعز ما تملك من عقول وعواطف أبنائها وبناتها . فكم أشعلت هذه القنوات من نيران العداوة والبغضاء ، وكرَّهت الزوج بزوجته والزوجة بزوجها ، وقيل للابن أنت حر وقيل للبنت تمردي على القيود أنت ملكة نفسك . الحجاب قيدُ وأغلال والزواج ظلم وتعد وتسلط وتجبر ، وإنجاب الأبناء عمل غير مُجْدٍ .(1/1)
أما طاعة الوالدين فعبث ، والمحبة للزوج ذلة وضعف ، وخدمته جبروت وقسوة . هذه هي رسالة كثير من القنوات الفضائية التي قلبت الحقائق لدرجة يصعب على الشخص تصديق سرعة تحول الناس في سلوكياتهم وتفكيرهم وأخلاقياتهم. فالفضائيات أصبحت مشاهد يندى لها الجبين وأحداث قد نفرت منها الأخلاق : تشرذم عائلي هنا ، وخيانة فجريمة هناك ، حب مخز، وتبرج فاحش مثير يفسد المرأة والرجل كلاهما. وهذا ما يريده أعداء الإسلام الذين لا يزالون يكيدون المؤامرة تلو الأخرى لإفساد المسلمين وإضعافهم وتحطيم معنوياتهم وقد صرح بهذا الكثير من رؤسائهم واستنتجوا أن زرع الفتن ومحاربة العقول أهون بكثير من حرب السلاح والدبابات بل و أسرع نتائجاً. ولما كان لابد من إشاعة الفتنة في المجتمع ولما كانت المرأة هي أخطر وسائل الدمار على الرجال وعلى الأمة جمعاء ، فقد جندها العدو لتكون سلاحاً فتاكاً حتى قال قائلهم : ( إنه لا أحد أقدر على جر المجتمع إلى الدمار من المرأة فجندوها لهذه المهمة). فهي العنصر الضعيف العاطفي ، ذو الفعالية الكبيرة ، والتأثير المباشر في هذا المجال . يقول كبير من كبراء الماسونية :( يجب علينا أن نكسب المرأة ، فأي يوم مدت إلينا يدها فزنا بالحرام ، وتبدد جيش المنتصرين للدين). ويقول أحد أقطاب المستعمرين: ( كأس وغانية تفعلان في تحطيم الأمة المحمدية أكثر مما يفعله ألف مدفع ، فأغرقوها في حب المادة والشهوات). هذا تلخيص سريع لواقع القنوات العربية وتأثيرها بشكل عام . وهاكم التفاصيل : هناك أكثر من مائتي قناة فضائية عربية ، وتزيد سنويًا بمقدار عشر فضائيات وتصل النسب الإجمالية للبث إلى (130.575 )ساعة بث، بمتوسط يصل إلى 400 ساعة بث يوميًا.(1/2)
وفي دراسة علمية أعدها إتحاد إذاعات الدول العربية ( نشرت في ربيع الأول 1423هـ ) ورد أن هناك (57) قناة متنوعة البرامج ، (65) قناة متخصصة على النحو التالي: (13)قناة تخصصت في البرامج التعليمية والثقافية، (12)قناة تخصصت في البرامج الإخبارية والأعمال الدرامية (12)قناة تقدم كل ما يتعلق بالسينما، (11)قناة تقدم الموسيقى والأغاني، (6)قنوات تهتم ببرامج الأطفال والرياضة، وجاء في الإحصائية أن(78) قناة تبث على نظام البث المفتوح، في حين يصل عدد القنوات التي تعتمد البث المشفر إلى (59 ). وأصبحت مشاهدة هذه القنوات تشغل حيزاً كبيراً في حياة الجمهور العربي حيث يشاهدها 69% منهم لمدة أربع ساعات يومياً كما يشاهدها 31% لمدة ثلاث ساعات يومياً، 34.5% لمدة ساعتين و15 % لمدة ساعة واحدة يومياً. وتمتلك شركات خاصة 50% من إجمالي عدد القنوات العربية وتستخدم هذه القنوات البث التماثلي ماعدا القنوات التي يحملها القمر نايل سات فإنها تستخدم البث الرقمي. أما المشكلة الكبيرة التي تعاني منها القنوات العربية فهي مشكلة الإنتاج حيث تحتاج هذه القنوات إلى 438 ألف ساعة إنتاج سنويا ولا ينتج منها سوى 30% فقط. كما أن هذه القنوات تعاني من أزمة هوية في ظل العولمة الإعلامية؛ بسبب استناد ثقافة العاملين به إلى معايير وقيم غربية لا صلة لها بالثقافة العربية والإسلامية، ولا تراعي الخصوصيات الثقافية الوطنية للشعوب العربية، ودخول مستثمرين في هذا المجال همهم الأول تحقيق فوائد تجارية ربحية دون اعتبار للجانب المعنوي أو الأخلاقي أو ثوابت الأمة الدينية. كما أن العديد من القنوات قد تم اختراقها بواسطة جهات أجنبية، لا يهمها إلا تسخير هذه القنوات لخدمة مصالحها، مما أوقع المتلقي في مشكلة معقدة لا تجعله قادرًا على الحفاظ على هويته. * الأضرار الاجتماعية مما تبثه هذه القنوات : 1 ــ الاستهتار بالمنكرات.(1/3)
وهذه القضية نجدها في تزايد يوماً بعد آخر وخصوصاً عند الشباب ، حيث تجد الواحد منهم منذ صغره يصر شرب الدخان ويميل إلى تكوين العلاقات المحرمة ويترقب سبل ذلك ويتفاخر في ذلك . أما الفتيات المتابعات لقنوات الإسفاف فنلحظ جنوحاً فظيعاً نحو أنواع من الارتكاسات الأخلاقية بما تظهر معه نذر الخطر على أخلاقيات المجتمع بأسره ، فكل فتاة وكل امرأة لديها استعداد فطري كالرجال للتفاعل مع الغرائز التي وظفتها الشريعة الإسلامية توظيفاً حسنا ووجهتها إلى ما فيه صلاح الأمة . فمنذ سنوات قريبة بدأ الغزو المكثف لإزالة حاجز التقاء الرجل مع المرأة لقاءً محرماً . فزين الأمر بأنها علاقة شريفة وصداقة حميمة وحب صادق ! وإذا وقع المحظور فهو نتيجة طبيعية للمشاعر الفياضة بين الطرفين . لم تُسمَع كلمة الزنا والزاني والزانية في هذه القنوات البتة ! بل زين الأمر حتى للمرأة البغي التي تعرض نفسها على الرجال الأجانب فسميت بائعة الهوى وصاحبة الحب المتدفق! وصرف الشاب عن الطاعة والدعوة إلى مشاهدة الأفلام والمسلسلات والتشبه بالكفار ! وصرفت الفتاة إلى الأزياء والحلي والعري والخلاعة. فالمجال خصب والمرتع وخيم ، وهناك شهوات تؤجج ونيران تتقد بحثاً عن الحرام ! فانتشرت العلاقات المحرمة وهدرت الطاقات وضيعت الأوقات . ورغبة في الإلهاء وإرضاء الغرور والتغرير بدأت العبارات الرنانة تتكرر كل يوم: أنتِ جميلة وفاتنة وراقية وصاحبة ذوق! وأصبح الحديث كله عن الحب المزعوم في حلة ملطخة بالعهر والرذيلة. وخلال سنوات قليلة صدق بعض النساء هذه الدعاوى فتمردن على الزوج وحددن النسل بطفل أو اثنين ، وتفلتت المرأة في طريق مظلم ليس فيه إلا عواء الذئاب والهاوية تقترب.(1/4)
2 ـــ الدعوة إلى الجريمة بعرض مشاهد العنف والقتل والخطف والاغتصاب، والدعوة إلى تكوين العصابات للاعتداء والإجرام، وتعليم السرقة والاحتيال والاختلاس والتزوير، والدعوة إلى الاختلاط والسفور والتعري وتشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال، والدعوة إلى إقامة العلاقات الجنسية الفاسدة لتشيع الفاحشة وتنشر الرذيلة إضافة إلى ما فيها من إكساب النفوس طابع العنف والعدوان بمشاهدة أفلام العنف والدماء والرصاص والأسلحة والجريمة، ناهيك عما تسببه تلك المشاهدات من إضاعة للفرائض والواجبات و إهمال للطاعات والعبادات ولا سيما الصلوات الخمس التي هي ركن من أركان الإسلام. إلى غير ذلك من الأضرار والأخطار التي يصعب حصرها ويطول عدها . 3 ـــ ومن التداعيات الاجتماعية في هذا الجانب : مسخ الفطر وتبديل الشخصيات : فعندما تتولى القنوات إيصال المناظر المغرية للشباب ، فإن ذلك يتسبب في إنتكاس فطرته وسقوط رجولته حيث يعمد إلى المسلك الأنثوي لينافس البنات في الميوعة والنعومة . أما الفتيات فقد جعلت منهن القنوات الأعيب لمصممي الأزياء في شرق الدنيا وغربها فهذه موضة ألوان حمار الوحشي وهذه موضة قرد الشبانزي وهذه موضة الجرذان الهندية ، إلى غير ذلك فتأتي تلك المسلمة العفيفة الساذجة لتتلفف هذه الأضحوكات تحت مسمى الموضة والتمدن الذي تأخذه عبر القنوات وبرامج الموضة ثم يتتابع هؤلاء النسوة في تقليد بعضهن للخروج عن المألوف حتى ولو جعلها ذلك في عدد السفيهات . أظهر استطلاع أجرته جريدة المدينة ( في عددها 14552) من خلال مجموعة كبيرة ممن يقتنون أجهزة استقبال للقنوات أن 62% منهم يرى أن القنوات الفضائية العربية تعتمد على المرأة بشكل أساسي وذلك لجذب المشاهدين، وقال 89% منهم أن أكثر ما تقدمه هذه القنوات يتعارض مع قيمنا وعاداتنا، وطالب 95% منهم بفرض رقابة ما على ما تبثه هذه القنوات الخطرة ، بسبب تسويق أنماط الحياة الغربية .(1/5)
ومن أمثلة ذلك: برنامج عُرض في مصر بعد الإفطار في رمضان يستضيف الممثلين والممثلات: استضاف ذات مرة إحدى الراقصات فسألتها مقدمة البرنامج: كيف وصلت إلى ما وصلت إليه من مجد!!!؟ قالت: (أنا هربت من أسرتي وأنا عمري 12 سنة، ومارست حياتي حتى وصلت وأصبحت فلانة صاحبة الشهرة والملايين). ثم سألتها المذيعة: أنت تزوجت 3 مرات رسمياً و 4 عرفياً ( زواج سري ) ؟ فقالت: (لا بل 4 رسمياً و 7 عرفياً) . هذا في رمضان!. ثم سألت المذيعة ضيفة أخرى في ليلة أخرى عن عدد مرات الزواج فقالت: 4 رسمياً أما العرفي فلا أعرف له عدداً، فسألوها: ولماذا كل هذا العدد؟ هل لأن العيب في الرجال ؟. قالت: (لا! إن العيب في نظام الزواج؛ لأنه نظام بالٍ متخلف عفاه الزمن!). ولما اعترض بعض الناصحين على البرنامج، خاصة في التوقيت الذي يذاع فيه في رمضان، كان الجواب هو استضافة الشخصية نفسها في العام التالي على حلقتين وكان عنوانها: "سر التفوق"! ليرسخ في أذهان البنات أن الأسرة قيد، والحل هو الهروب. يقول أحد الباحثين معلقاً : إن نسبة الهروب قد زادت بنسبة 30% في الإناث في الشريحة من 12 - 20 سنة بسبب هذه المقابلات . وبسبب هذه البرامج وأمثالها ظهرت عدة أمراض اجتماعية خطيرة منها: - زنا المحارم الذي أصبح ظاهرة في بعض المجتمعات الإسلامية، مما يعني انهيار كيان الأسرة . يقول أحد الباحثين ( د/ أحمد المجذوب ) : وُجدت في إحدى الدول الإسلامية (12000 ) قضية إسقاط نسب أي (12000 ) لقيط ، وهذه قنبلة موقوتة داخل المجتمع تدل على مدى انتشار زنا المحارم مما يعني انهيار كيان الأسرة التي هي محل عناية وتعظيم في كل الشرائع. - ظاهرة اللواط والزنا الجماعي والاغتصاب الجماعي التي انتشرت مع ثقافة الجنس الوافدة التي تبثها بعض القنوات والتي اشتهر بها عبدة الشيطان. هذا إلى جانب المخدرات وحوادث العنف التي تزايدت معدلاتها.(1/6)
4 ـــ أما أثر القنوات على الأطفال ، فقد ورد في تقرير لمنظمة اليونيسكو، رقم (33) أن المراهقين في البلاد العربية ، يقضون ما بين اثنتي عشرة ساعة إلى ستين ساعة أمام الشاشات أسبوعيًا، وأن الأطفال في سن الخامسة حتى السابعة يُبدون أقصى اهتمام بمشاهدة التلفاز، وفي المرحلة التي تسبق هذه الفترة فإن الطفل في سن الثلاث سنوات يقضي ( 45) دقيقة يوميًا أمامه ، وفي سن أربع سنوات ينفق ساعة ونصف الساعة يومياً. ويظهر التأثير السلبي الهائل للقنوات على الأطفال بشكل واضح في تبدل تكوينهم الشخصي والنفسي ، ويستطيع المراقب إدراك ذلك من خلال نشوء اهتمامات جديدة لدى الأبناء وأنماط من السلوك تحاكي سلوك الممثلين أو الشخصيات الخرافية الوهمية . أما الأطفال الذين يولدون والدُّش في بيوتهم فإنه يغدو بعد حينٍ : أهمَّ موجِّه لتفكيرهم وسلوكهم وذوقهم واهتماماتهم، وقد لا يلاحظ ذلك كثير من الآباء والأمهات، وخاصة أولئك الذين لا يهمهم إلى أين تسير السفينة أو من يوجِّه الدفة. وهذه نماذج مختلفة من عدة بلدان لأطفال قاموا بتقليد ما شاهدوه في الشاشات : 1 ـ في أمريكا : عرضت شبكة التلفزيون الأمريكي ( إن.بي.سي. N.B.C ) تمثيلية يداهم فيها المجرمون ركاب إحدى قطارات الأنفاق ويقتلون أحد هؤلاء الركاب ، فإذا بأحد الصبية يقتل مخبر شرطة في أحد قطارات الأنفاق بالطريقة نفسها التي شاهدها على شاشة التلفزيون . 2 ـ في ألمانيا : قام شابان شقيقان بخطف فتاة قاصراً وطالبا ذويها بفدية قدرها مليونا مارك وذلك إثر مشاهدتهما حادث اختطاف في فيلم تلفزيوني ، وقد أخفيا الفتاة حسب الفكرة التي اكتسباها من الفيلم . 3 ـ في فرنسا : قامت إحدى الطالبات ويبلغ عمرها 19 عاماً مع صديقها الذي يبلغ من العمر 22 عاماً بقتل خمسة أشخاص خلال 25 دقيقة تشبهاً ببطل فيلم عنوانه ( قاتل بطبيعته ) .(1/7)
4 ـ في الهند : أقدمت فتاتان في الهند ــ تقليداً لما شاهدتاه في أحد الأفلام ــ على صب الكيروسين على أجساد هما أملاً في قدوم البطل الخارق لإنقاذهما من الحريق. 5 ـ في مصر : دفع طفل في مدينة كوم أمبو في أسوان حياته ثمناً لتقليد بطل المسلسل التلفزيوني الأجنبي " هرقل " الذي انتهى التلفزيون المصري من بثه قبل أيام . وتبين أن الطفل وعمره 10 سنوات اتفق وصديقه على تعليق نفسه في سقف الحجرة من رقبته ، على أن يحضر زميله بسيفه فيقطع الحبل لإنقاذه . وضع المجني عليه رقبته في المشنقة ، ولم يحضر " هرقل " لينقذه فمات الطفل خنقاً. 6 ـ في الكويت : قام شاب يعاونه ثلاثة مراهقين باختطاف طفلة في الحادية عشرة واغتصابها ، وكان ذلك نتيجة ما كان يشاهده في الأفلام . 7 ـ وفي الإمارات العربية المتحدة : ظهرت أولى نتائج انتشار استخدام الأطباق المستقبلة للبث التلفزيوني للأقمار الصناعية بعد أقل من سنتين وهي عبارة عن ظهور عصابة مؤلفة من عشرة من الأحداث يصل عمر بعضهم إلى خمسة عشرة عاماً وأكبرهم في العشرين قاموا بقتل حارس باكستاني . وتقول الشرطة أن الحادث هو جريمة القتل الأولى في البلاد لعصابة منظمة من أحداث . هذه مجرد أمثلة عن تأثير البرامج التي تبثها شاشات القنوات فتؤثر تأثيراً مباشراً على نفسية الأطفال والمراهقين والشباب وتدفعهم إلى التقليد . وقد كشف استفتاء أن 50 % من الأطفال الذكور والإناث قد أجابوا بـ ( نعم ) عندما سئلوا : هل تقلد أحياناً أشياء رأيتها في التلفزيون؟. أوضحت إحدى الدراسات أن الطفل الذي يشاهد التلفزيون 27 ساعة في الأسبوع سيشاهد 100 ألف عمل من أعمال العنف من سن الثالثة حتى العاشرة . وقد وردت الكثير من الأخبار عن أطفال لم تتجاوز أعمارهم عشر سنوات قاموا بجرائم قتل دون وعي لخطورة ما يقومون به بل دفعتهم رغبة في تقليد ما يشاهدونه لذا يجب أن تكون هناك رقابة شديدة على ما يشاهده الأطفال في التلفزيون . ((1/8)
جريدة الوطن لأحد 20 محرم 1424هـ ). وفي خبر نشرته إحدى الصحف : أن طالبة عربية في الثالثة عشرة من العمر سجلت شريطاً إباحياً على الهاتف مع طالب في الخامسة عشرة من العمر، ثم وزعته في اليوم الثاني على زميلاتها في الصف الأول المتوسط متباهية بأن هناك من يحبها وتحبه، وأنهما اتفقا على الزواج لذلك تعتبر ما تفعله أمرا عادياً. أهم ما في هذا الخبر الخطير أن الأم عندما أبلغت بما حدث قالت إن ابنتها تحب تقليد الفنانين الذين تراهم في الأفلام والمسلسلات التي تزدحم بها شاشات الفضائيات العربية وغير العربية، لذلك لا تستغرب منها أن تفعل ما فعلته، وتطالب المدرسة بعدم معاقبة ابنتها لأن المسؤولية تقع على الفضائيات وشركات إنتاج الأفلام والمسلسلات. ( جريدة الوطن الإثنين 28 شوال 1424هـ ، العدد 1179) ومن آثار القنوات الاجتماعية والنفسية على الأطفال أنها : 1. تحرم الطفل من التجربة الحياتية الفعلية التي تتطور من خلالها قدراته إذا شغل بمتابعتها . 2. تحرم الطفل من ممارسة اللعب الذي يعتبر ضرورياً للنمو الجسمي والنفسي فضلاً عن حرمانه من المطالعة والحوار مع والديه. 3. أفلام القنوات تعطل خيال الطفل لأنه يستسلم للمناظر والأفكار التي تقدم له دون أن يشارك فيها فيغيب حسه النقدي وقدراته على التفكير. 4. كما أنها تستفرغ طاقات الأطفال الهائلة وقدراتهم على الحفظ في حفظ أغاني الإعلانات وترديد شعاراتها. 5.تشبع في النشء حب المغامرة كما تنمي المشاغبة والعدوانية وتزرع في نفوسهم التمرد على الكبار والتحرر من القيود الأخلاقية. 6.تدعو النشء إلى الخمر والتدخين والإدمان وتلقنهم فنون الغزل والعشق. 7. لها دور خطير في إفساد اللغة العربية وتدعيم العجمة وإشاعة اللحن. 8. تغيير أنماط الحياة من حيث الإفراط في السهر وقلة النوم .(1/9)
يقول أحد الباحثين : "إن تأثير القنوات على الأطفال تأثير ثابت، ولا ينبغي للمسؤولين أن يقللوا من خطره، أو يهوِّنوا من أمره، ولاشك في أن طريقة معالجة القنوات للأحداث ، يجعلها مصدرًا للخوف والرعب، وعندما يخلط الأطفال بين الواقع والخيال، ويتعرضون للتأثير الضار باستمرار، ويرون المجرم بطلاً خفيف الظل ، والقانون لا ينتصر إلا في النهاية، ورجل الشرطة موضع تهكم وسخرية، والقاضي إنسانًا مترددًا ومضحكًا، ورجل الدين رجلاً معقداً متخلفاً ، فإن احتمال عدم التأثير بذلك كله أمر جِدُّ عسير " أ . هـ. 5 ـــ أما أثر القنوات على التربية الأسرية : فبسبب حجم التأثير الإعلامي الكبير فقد تبدل مفهوم الإشراف الأسري على الأبناء وتحدد هذا المفهوم بمسؤولية العناية الصحية والجسدية وتكبير الأبناء دون النظر إلى مدلول التربية أو اتجاهات التنشئة وانعكاسات ذلك على كثير من المعايير القيمية التي يقوم عليها بناء المجتمع الإسلامي العربي . فلم تعد الأسرة الحاضن الوحيد والمناسب للنشء إذ وفرت الثورة التكنولوجية أنماطاً من وسائل الترفيه واللهو مما جعل دور الأسرة هامشياً ولا أدل على ذلك أن ما يقضيه الشاب أو الشابة أمام القنوات أكثر مما يقضيه من وقت مع والديه أو حتى في المدرسة . وبرزت نظرية التحول إلى ( الفرد الرقمي ) وهذه تفترض تحول الإنسان من الصياغات العاطفية والإنسانية إلى شخص آلي مولع بـ ( الأزرار ) والأرقام ناهيك عن الانفصال العاطفي .... فلقد دلت دراسات أمريكية ( أن القنوات تجمع العائلة فيزيائياً ويفرقها عاطفياً ) لذلك قد لا نستغرب أن نشاهد فتاة في العشرين لا تأكل مع أهلها وتذهب الخادمة بالطعام إلى غرفتها وقد يمر يومان أو ثلاثة دون أن تجلس مع والديها .. إن التفكك الأسري الذي نعيشه هو ضريبة الحياة الاستهلاكية التي تم استيرادها من الغرب .. دون محاولة إيجاد توازن بين مخرجات التكنولوجيا وحاجيات المجتمع العربي .(1/10)
6 ـــ ومن آثار القنوات الفضائية على الحياة الزوجية : أنها زهَّدت الأزواج في زوجاتهم: فالثورة الإعلامية المعاصرة تعتبر من أهم أسباب المشاكل الاجتماعية التي انعكست سلبياتها على جميع جوانب الحياة الاجتماعية ومنها العلاقة الزوجية ، وخاصة بعض القنوات الفضائية التي سرقت كثيراً من الأزواج من زوجاتهم بل ومن بيوتهم ، وغيّرت أمزجتهم وتطلعاتهم ، فبعد أن كان الزوج راضياً بزوجته أصبح زاهداً فيها عندما بدأ يرى يومياً ملكات جمال العالم أمامه. بل إن هناك قنوات فضائية تعرض بعض الحركات الجنسية التي لا تستطيع المرأة أن توفر مثلها لزوجها . وإن كثيراً من الزوجات ولو كانت على جانب كبير من الجمال تشعر بأن هذه القنوات الفضائية هي أساس المشاكل الزوجية ، وسبب عزوف الأزواج عن البقاء في بيوتهم .(مجلة الأسرة العدد 112رجب 1423 هـ). كما أن القنوات الفضائية تزيد من الخلاف الزوجي وربما يؤدي بعض الأحيان إلى حالات من الطلاق.فحين تكثر مشاهدة البرامج والمسلسلات الفضائية تترسب المواقف التي شوهدت في العقل الباطن دون أن يشعر أحد الزوجين بذلك ، فتكون هي المرجع في تقويم المواقف واتخاذ القرارات وأحياناً تبذر بذرة الشك في نفس الزوج أو الزوجة في حال تشابه المواقف . فالخلافات الزوجية يتم مناقشتها عادة بين الزوجين من خلال الموروث المخزون لديهما . فإذا كان هذا الموروث مستقى مما يرى ويسمع ويقرأ في وسائل الإعلام ، فإن القرار الذي سيتخذه سيكون متأثراً بطبيعة الحال بوسائل الإعلام ، وأغلب الظن أن أكثر حوادث الطلاق تمت بأسباب ووسائل مشابهة تماماً لما يحدث في الأعمال التلفزيونية ولكن الزوجين لا يعترفان بأن قرارهما قد اتخذه التلفزيون . ( مجلة الفرحة العدد 74 ).(1/11)
* أما آثار القنوات عقدياً : 1 ــ إضعاف عقيدة الولاء والبراء : فالبرامج التي تعرض في القنوات من بعض غير المسلمين يوجد لها المتابع والمشجع من أبناء المسلمين وهؤلاء لا يخفون إعجابهم وتعلقهم بهم وبشخصياتهم وسلوكياتهم. وأيضاً من خلال المقابلات مع الفنانين الكفرة تجد الجمهور يتابعهم ويتابع إنتاجهم ويتصل بهم ويطلب التوقيع على " الأوتوغراف " ويفرح بذلك ويفاخر به . ولا شك أن هذا من دافع المحبة لهم . ومن الطرف الثاني تجده يكره المستقيمين وأهل الخير ولا شك أن ذلك من أضرار ذلك السم القاتل الفتاك . 2 ــ ومن الأضرار على العقيدة : التشبه بالكفار والانبهار بعاداتهم وتقاليدهم حيث تعرضهم بعض القنوات وتقدمهم على أنهم مثال الأخلاق الجيدة والسلوكيات القويمة ، وتتجاهل واقعهم القبيح فهم أشقياء وفي حيرة واضطرابات وتفكك أسري وانحلال أخلاقي وتشتت اجتماعي ، فهذه الصورة لا تعرضها القنوات الفضائية عن واقع الغرب . وبسبب ذلك لا تكاد تمر من طريق وإلا تجد واحداً من أبناء المسلمين والبنات المسلمات وقد تأثروا بشيء من تلك التعليقات وتشبهوا بالكفار ، وهذا التشبه يورث المحبة ولا شك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( إن المشابهة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة وموالاة في الباطن ، كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر ، وهذا أمر يشهد به الحس والتجربة حتى أن الرجلين إذا كانا من بلد واحد ثم اجتمعا في دار غربة كان بينهما من المودة والائتلاف أمر عظيم وإن كانا في مصرهما لم يكونا متعارفين أو كانا متهاجرين ). 3 ــ ومن أضرار القنوات على العقيدة : مضاهاة الله في شرعه وحكمه . فقد بلغ الأمر أن تجرأ بعض الممثلات في إحدى القنوات الفضائية إلى أن تعد عملها المسف أخلاقياً أمراً لا يؤاخذ الله عليه!!.(1/12)
4 ــ ومن الأضرار بث الشبهات حول الإسلام في مجال الاعتقاد أو التشريع أو المنهج الأخلاقي أوفي شخص الرسول صلى الله عليه وسلم أو في نقلة سنته من الصحابة رضي الله عنهم وغير ذلك ، حيث يتاح المجال في بعض هذه القنوات لغير المسلمين ، وكذلك للعلمانيين والمبتدعة وغيرهم والعقلانيين والمنحرفين والمنتكسين وغير هؤلاء ليقولوا ما شاؤوا عن الإسلام ونبيه وكتابه . * أثر القنوات ثقافياً : بدلاً من أن تكون الفضائيات العربية والإسلامية معبرة عن ثقافة الأمة مؤدية لرسالتها الخالدة ناطقة بخطابها المؤثر ، وبدلاً من أن تكون أداةً للتبادل الثقافي بين الشعوب الإسلامية ، فإنها تحولت إلى أدوات تغريب وتذويب ومسخ لشخصية الأمة وعملت على تربية الأجيال على التفاهات الغربية والانحلال المادي . كما أنه أصبح مألوفاً أن تتحدث المذيعة بلهجتها العامية وتترك اللغة العربية . فهناك عدد من القنوات الموجهة والممولة خارجيًا التي لا هم لها إلا ضرب هوية الأمة الدينية والثقافية، والطعن في رموز هذه الأمة لاسيما علماء الشريعة الراسخين والتهوين من شأنهم كما حدث في إحدى القنوات مؤخرًا التي أصبح ديدنها فتح باب السخرية من علماء الإسلام ورموزه الأعلام والتقليل من شأنهم في مجتمعاتنا العربية والإسلامية . والمثير للدهشة أن ما أقدمت عليه القناة المذكورة من فتح الباب للنقاش المذهبي العقيم هو أمر أقرب ما يكون إلى المهاترات التلفزيونية، فللمناظرات العلمية أجواؤها ومستوياتها البعيدة كل البعد عن مثل هذا، ولكن تحت هوس البحث عن الإثارة واستقطاب جمهور أوسع يتم ذبح الثوابت الدينية، مقابل ما تقوم به قنوات أخرى من ذبح للفضائل الأخلاقية، وكلا النموذجين يروج للفساد والإفساد في الأرض. إن هذا الكم الهائل من الفضائيات العربية والإسلامية قد فشل في إمداد وتغذية العقل المسلم بما يحتاجه من ثقافة ووعي وخطاب يعبر عن شخصيته وينطلق من ثوابته .(1/13)
فمثلاً عندما اندلعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر رددت الفضائيات العربية كالببغاء المصطلحات الأمريكية " الإرهاب الإسلامي "، "الحرب الاستباقية" ، "تحرير العراق وأفغانستان" ، دون وعي بأن هذه المصطلحات معجونة بالمصالح السياسية. وقد نجحت واشنطن في استغلال سلاح الإعلام بأسلوب فاق تأثيره في بعض الأحيان تأثير القنابل والصواريخ. فثورة الفضائيات جلبت على المتلقي شراً كبيراً؛ والمعلومة التي يتلقاها الفرد منتجة في ظل ثقافة الآخر. والتلقي إنما يتلقى المعلومة والثقافة معًا. يرى بعض الباحثين أن الفضائيات العربية قد فشلت فشلاً ذريعًا في تحقيق أهم أهدافها ، وهو تحسين صورة العرب والمسلمين أمام الغرب، والقدرة على توجيه خطاب للآخر يوضح له وجهة نظر العرب والمسلمين في القضايا الراهنة بلغة جديدة. وأوضح أن هذه القنوات أضاعت على العالم العربي فرصة ثمينة لإشاعة المصداقية وضرورة استخدام العقل والمنطق والعلم في زمن انتصرت فيه كل هذه الوسائل وبقيت هي تردد لغة قديمة لا تقدم ولا تؤخر. ومن آثار هذه القنوات على المناخ الثقافي للأمة : ما تبثه من لهو ولعب وعبث بالأجيال وعواطفهم وأحاسيسهم، وما يترتب على ذلك من هدر في الأوقات والثروات، وما ينتج عن ذلك من ضعف ووهن عام في جسد الأمة وروحها، وانسلاخ الإنسان المسلم عن تراثه وحضارته والعيش بعيداً عنها بشخصية مضطربة، ولا شك أن محصلة ذلك هي تكريس للجاهلية والتخلف أمام عدو يتربص بنا الدوائر، وقد نهانا تعالى عن ذلك بقوله: {الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً وغرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم كما نسوا لقاءَ يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون} . تكشف إحدى الدراسات عن دور القنوات الفضائية في ضرب الثقافة الإسلامية والعربية فتقول: أولا : التركيز على وظيفة الترفيه على حساب وظيفة نقل الواقع وفهمه وتحليله ونقده .(1/14)
فالبرامج الفنية تمثل نسبة 60% من ساعات البث بينما برامج اللغة الواقعية 25% والتقارير الاخبارية تمثل 5% من ساعات بث القنوات العربية . ثانيا: غياب الخطاب الديني الذي يعبر عن هموم الأمة ويعالج مشكلاتها. وحل محل ذلك الفيديو كليب الذي حظي بشعبية كبيرة، حيث أكد استبيان أجرته إحدى المجلات ( مجلة ولدي العدد الرابع والعشرون شعبان 1421 هـ) أن 98 % من الأبناء يتابعون " الفيديو كليب " بشغف ! وبين الاستبيان الذي أُجري في كل من الكويت والسعودية والإمارات أن : : 1 ـ الأبناء من سن 3 أعوام إلى 18 عام يشاهدون " الفيديو كليب " 2 ـ 92.3 % من الأبناء يتابعون باستمرار " الفيديو كليب " 3 ـ 7.7 % من الآباء لا يحرصون على متابعة الأبناء 4 ـ 39 % من الأبناء تعجبهم كلمات الأغنية و 31 % يشاهدونها لجمال المغني أو المغنية والراقص أو الراقصة و 26 % منهم يجذبهم إخراج الأغنية وعلاقة المرأة بالرجل فيها. و25 % يتابعها لما تحتويه من إثارة وتشويق . ثالثا: تشير الدراسة إلى غياب الواقع العربي والإسلامي سياسياً واقتصادياً وثقافياً ودينياً وعلمياً عن خريطة القنوات الفضائية العربية. وتؤكد الدراسة على أن القنوات الفضائية العربية سعت إلى مخاطبة العاطفة في المقام الأول سواء في برامجها الفنية أو الواقعية أو التقريرية وذلك بنسبة تصل إلى 65% وجاءت الأهداف المعرفيه في الترتيب الثاني بنسب تصل إلى 30% من إجمالي البرامج وتأخرت الأهداف السلوكية لتقديم في 5% فقط من البرامج. ــ لقد أثرت هذه القنوات في تشكيل الأطر الفكرية التي سيُعمِلها الفرد في التكامل مع الواقع أو تفسيره من خلال تأثيرها التراكمي الذي يبني خلفيات التفكير. هذه الأطر تصبح بمرور الوقت بمثابة الشاشة التي يسقط عليها واقعه؛ وعليه تصبح معاييره غير مستمدة من ثقافته.(1/15)
ــ كما أن تعرضه المستمر لرسائل أجنبية يولد لديه شعوراً بالنقص حينما يرى واقعه مخالفاً لتلك الصورة المنقولة إليه عن العالم الخارجي، فيعتقد أن الآخرين هم الأفضل. فهناك "التقدم والقوة" وهنا "التخلف والعجز"، والأخطر من ذلك أن يرد هذا التخلف إلى الثقافة السائدة أو الدين. ــ ولا يخفى أن هذا سيجعله ينسلخ من أمته شيئاً فشيئاً، أي يصبح تابعاً منتسباً لغيرها؛ ليس فاعلاً معها؛ بل فاعلاً في مصلحة غيرها وربما ضد مصلحتها. ــ وهناك اتجاه خطير بدأ يظهر الآن يسمونه: "تسفيه المعلومة" من خلال تزييف الإحساس بها؛ فيعطيك كلاماً فارغاً بصورة علمية، ويوهمك أنها معلومات؛ فيصيبك نوع من الاستخفاف بها، فإذا ما جاءت المعلومات الحقيقية لم تُلقِ لها بالاً! . ـــ ذكرت إحصائية حول تأثير الفضائيات وعلاقتها بالتعليم أن بعض التلاميذ في البلاد العربية عندما يتخرج من الثانوية العامة يكون قد أمضى أمام التلفاز ( 15000 ساعة ) فيما يقضي في فصول الدراسة ( 10800 ساعة ) فقط. أما في الجامعات فإن الطالب يقضي حوالي ( 600 ساعة ) سنوياً بينما متوسط الساعات التي يقضيها أمام الفضائيات بمعدل ( 1000 ساعة ) سنوياً. ومن أسباب ذلك أن الجامعات تعطل يوم الخميس والجمعة وكذلك أيام الأعياد والمناسبات.. بينما البث المباشر يستمر على مدى 24 ساعة في جميع الأيام دون انقطاع. وفي الجامعة أو المدرسة يصاب الطالب بالملل إذا زادت عدد الساعات الدراسية بينما يبقى المشاهد أمام الإرسال المباشر ساعات طويلة دون أدنى إحساس بالملل. وذكرت الإحصائية أيضاً أنه من خلال دراسة أجريت على 500 فلم طويل تبين أن موضوع الجنس والحب والرعب يشكل نسبة 72 % منها. ـــ أما أعداء الإسلام فإن لهم الدور الكبير والفعال في الحرب الثقافية على الأمة حيث يستعد الفاتيكان لبناء محطة تلفزيونية كبيرة للبث في كافة أنحاء العالم بواسطة الأقمار الصناعية وتسمى بمشروع " نيومين".(1/16)
وبلغت تكاليف المؤتمر العالمي للتنصير 21مليون دولار وحضره 8 آلاف مبشر درسوا فيه كيفية الاستفادة من البث المباشر لنشر النصرانية إلى العالم الإسلامي. * أثر القنوات أخلاقياً : في السابق كان من الصعب على أعداء الأمة الوصول إلى أفكار الشباب وعقول الناشئة لبث ما لديهم من سموم وعرض ما عندهم من كفر و إلحاد و مجون، أما الآن فقد أصبح يحمل أفكارهم أثير الفضاء برياحه المهلكة وأعاصيره المدمرة التي أتت على المبادئ والقيم، ودمرت الأخلاق، واقتلعت جذور الفضيلة والصلاح . فتمكنوا من خلال القنوات الفضائية من الوصول إلى العقول والأفكار، ومن الدخول إلى المساكن والبيوت، يحملون نتنهم وسمومهم، ويبثون كفرهم وإلحادهم و مجونهم، وينشرون رذائلهم وحقاراتهم وفجورهم في مشاهد زور، ومدارس خنى، وفجور، تطبع في نفوس النساء والشباب محبة العشق والفساد والخمور، بل إنها بمثابة شرك الكيد وحبائل الصيد تقتنص القلوب الضعيفة وتصطاد النفوس الغافلة، فتفسد عقائدها، وتحرف أخلاقها وتوقعها في الافتتان، ولا أشد من الفتنة التي تغزو الناس في عقر دورهم ووسط بيوتهم محمومة مسمومة محملة بالشر والفساد. ومن أمثلة ذلك : التساهل في تكوين العلاقة المحرمة بين الرجل والمرأة واعتبار ذلك أمراً طبيعياً وسنجد استساغة حمل المراهقات سفاحاً واعتياد ذلك وشرح كيفية التخلص منه وسنجد عدم الاستهجان أو الاستغراب لمواعدة الرجل المرأة الأجنبية لأمر محرم مع شرح الكيفية والوسيلة لتحقيق ذلك والتحايل لأجله وهكذا الخلوة بينهما والقيام بحركات مثيرة من لمس ونحوه بل أن كثير من الناس لم يعود و يستغربون أن تعرض بعض القنوات مشهد رجل وامرأة يضطجعان في فراش واحد اعترفت اليونسكو في إحصائية لها بأن البث الفضائي في البلاد العربية هدم الدين والأخلاق.(1/17)
وأظهرت إحصائية بعضاً من السلبيات الأخلاقية المنعكسة على الأسرة بسبب متابعتها للقنوات الفضائية وجاء ضمن ذلك : 85% يحرص على مشاهدة القنوات التي تعرض المناظر الإباحية. 53% قلت لديهن تأدية الفرائض الدينية. 32% فتر تحصيلهم الدراسي. 42%يتطلعون للزواج المبكر ولو كان سراً. 22% تعرضوا للإصابة بأمراض جنسية نتيجة ممارسة عادات خاطئة يقول فتى يا فع عمره 13 سنة تُرك ليتابع الأفلام الكرتونية المعروضة عبر إحدى القنوات الفضائية . لكن لما انصرف والداه عنه دفعه الفضول وحب كشف المجهول لأن يتنقل من قناة إلى أخرى فشاهد أشياء غير لائقة ولم يزل هذا دأبه وكانت النتيجة أنه أصيب بخلل في تصوراته فقال : صرت أنظر لأي امرأة أمامي وكأنها دون ثياب ؟! حتى أمي وأخواتي . إن مسؤولية القنوات الفضائية عن جرائم الشرف والعديد من الانحرافات الأخلاقية الأخرى كهروب الفتيات والزواج السري وغيرها كبيرة.حيث ساهمت في تلك الانحرافات ولا زال نموذج الراقصة أو الفنانة التي تهرب من بيت الأسرة تحت دعاوى الضغوط الأسرية وإظهارها بعد ذلك بمظهر القدوة والبطولة يؤثر في وجدان العديد من الفتيات بل صرن يمارسنه في الواقع . كما أن الترويج لمفهوم معين للحب يقوم على التلاقي بين الفتى والفتاة بعيداً عن الأسرة والأطر الشرعية عبر الإلحاح الإعلامي بكل وسائله أثر بشكل كبير على المجتمع وعلى طبيعة العلاقات التي تحكم الرجل بالمرأة . ((1/18)
مجلة الأسرة العدد 122) ومن الأضرار الأخلاقية : الإخلال بهوية المجتمعات الإسلامية والقضاء على البقية الباقية مما لديها من تراثها وأخلاقياتها ، حيث تقدم النموذج الغربي المتحلل من الأخلاق والآداب الإسلامية وبذلك دخل المجتمع المسلم في نفق التبعية والتقليد لما فيه هلاكه ومثال ذلك : أن القنوات الفضائية المنحرفة تعرض العلاقة بين الرجل والمرأة على أنها علاقة جنسية ويتحتم على كل منهما أن يقتحم الأعراف الشرعية لأجلها فيتعرف كل منهما على الآخر ويختلي معه ويختلط به ويمارس معه ما تشاء نفسه ليس لأحد عليه أمر لا نهي كائن حتى لو كانت تلك العلاقة علاقة سفاح . ومن الأمثلة : تصوير الخمور بأنه لا حرج فيه وأنه شيء اعتيادي يشبه شربة العصر والماء . وهكذا تصبح النماذج العفنة وما ماثلها قدوة لكل من أراد السقوط في أوصال العُهر والفواحش .. هروب من المنزل .. مخادعة وسفاح.. وتخطي لشريعة الله واعتراض على أحكامها. تدل الإحصائيات الأخيرة التي أجريت في أسبانيا أن 39% من الأحداث المنحرفين قد اقتبسوا أفكار العنف من مشاهدة الأفلام والمسلسلات والبرامج العدوانية . وفي أحد الأبحاث عن سلبيات القنوات العربية : أن 41% ممن جرى عليهم الاستبيان يرون أن التلفاز يؤدي إلى نشر الجريمة . و 47% يرون أنه يعلم إلى النصب والاحتيال . ( من كتاب التلفزيون بين المنافع والمضار). وتبين دراسة أخرى حول الجريمة والعنف في مئة فيلم وجود 68 % منها مشهد جريمة أو محاولة قتل . ووجد في 13 فيلم فقط 73 مشهدا للجريمة. ولذلك فلا نستغرب أن عصابات الجريمة أكثرهم من الأحداث والصغار لأنهم تأثروا بالأفلام التي رأوها. يقول أحد الباحثين الغربيين : إن الأفلام التجارية التي تنشر في العالم تثير الرغبة الجنسية في موضوعاتها ، كما أن المراهقات من الفتيات يتعلمن الآداب الجنسية الضارة .(1/19)
فإذا كانت ضارة بميزان الغرب فكيف بميزان الشرع الذي لا تراعي قنواتنا الفضائية أدنى ضوابطه؟!! . وقد ثبت للباحثين أن فنون التقبيل والحب والمغازلة والإثارة الجنسية والتدخين يتعلمها الشباب من خلال القنوات والأفلام . وفي تقرير مفصل بعنوان مراقبة أمريكا : وجد أن السهرة التلفزيونية الواحدة تحتوي حوالي 12 جريمة قتل ، و15 عملية سطو و20 عملية اغتصاب إضافة إلى عدد كبير من الجرائم المتنوعة والواقع أن نسبة الجرائم حسب المعلومات الأمنية 5 % بينما تصل على الشاشة إلى 65 % . ( جريدة الحياة 15 / 10 / 1413 هـ ) . وكانت قاصمة الظهر في الحرب الأخلاقية التي تشنها بعض القنوات العربية على الأمة برنامج ( ستار اكاديمي ) الذي كان يبث على مدى 24 ساعة يومياً، ويصوّرُ إقامةً مختلطةً لمجموعةٍ من النساءِ وأشباهِ الرجال، في أحدِ الأوكار، وتَنْقُلُ بالصوتِ والصورةِ سلوكَهم الرخيصَ ، غير المحكوم بقيم أو أخلاق. تصورهم وهم يأكلون، وهم يرقصون، وهم يتبادلون القُبُلَ والأحضان، ويتنافسون على المنكر. فمن يكن منهم أكثر إجادة للرقص فاز . ومن يكن أكثرهم حميمية مع صديقاته.. ولطيفاً ورومانسياً.. يكن هو الفائز..! ومن يجيد المقامات والغناءَ والعزف، وأنواعِ الغفلةِ.. يكن هو الأول عليهم..! ثم إذا أقبل السحر ركزت الكاميرا على غرفِ نومهم، وهم مستغرقون في نومٍ حقيقي بلباسٍ مبتذل. أما الشريط الإخباري أسفلَ الشاشة.. فيحمل رسائلَ غرامٍ.. لا تقل مجوناً عمَّا تنقله الكاميرا. لقد جنى القائمون على هذا البرنامج بالمتاجرة بالأخلاق وإفساد شبابنا وبناتنا الملايين من الاتصالات الهاتفية : فأنتَ من ترشحُ اليوم ليكون الفائزَ بهذه الرقصة?! وأنتِ من ترشحين من الشباب ليكون الفائزَ عندكِ?! . ومن هو الشابُ الذي دخل قلبَكِ وتتمنين أن تقضين أوقاتاً دافئة معه?! . ساعدي هذا الشاب، وأنتَ ساعد هذه الفتاة ، التي أُعجبت بقِوامها واتصل وأعطها صوتك .(1/20)
وهكذا يمزقون الفضيلة وينحرون الحياء والعفاف!. 79 مليون ممن صوت لهذا البرنامج ــ حسب الإحصائيات التي تعلنها هذه القناة ، ولعلها مبالَغ فيها ــ . فكم عدد المتابعين والذين كفوا عن التصويت ؟. أين هذا التصويت من الحرب ضد أفغانستان (3 ملايين صوت فقط)؟. أمباح للشباب أن يصوتوا للفنانة التي يتمنى أحدهم أن يقضي ليلته بجوارها ، وحرام أن يرفع أصبعاً واحدة تقول لأمريكا " لا لحرب العراق" ؟. أحلال أن تُبذل الأموال الطائلة للحفلات المختلطة الصاخبة، وحرام أن تتبرع عجوز مسنة بعشرة ريالات للمسلمين في الشيشان دون أن توصم بدعم "الإرهاب" ؟. • شاب يركع لصديقته : أثناء الإعلان عن المرشحين الفائزين ، كان من بين المرشحين شاب استُدعي إلى المسرح واعتذرت المذيعة عن عدم مشاركة مطربتين شابتين بسبب إصابتهما بحادث مروري، إلا أن إحدى الشابتين المصابتين دخلت القاعة فجأة سالمة من الأذى ، وهنا لم يتمالك هذا الشاب نفسه فركع لها على طريقة الديانات الوثنية الشرقية، فمد يديه إلى الأمام وانحنى عدة مرات لها ترحيباً بوصولها. * بعد أن تمت التصفيات بين بعض الفتيات : خرجت إحداهن من هذا الماخور الذي يسمونه زوراً وبهتاناً بالأكاديمية , ثم رُكَّزت الكاميرا على صديقها الذي تعرَّف عليها في هذه المسابقة , ولم يكن يعرفها من قبل ، فكان يبكي كالبنات ويضرب الطاولة بيديه وهو يقول ( آه .. ما أقدر على فراقها..) فتأتي فتاة أخرى وتضمه وتقبله فيقوم ويقبلها ويضمها وهو يفرك رأسه على صدرها مردداً .. ( أنا أحبها أحبها..) ثم يأتي صديقه ليهدئه على فراقه لفتاة أحلامه فيقوم بضم صديقه ويتمايل على جسده... وهكذا مشاهد حقيرة وساقطة ومائعة ... يراها شبابنا وبناتنا لتزرع في نفوسهم أبشع صور السقوط والانحطاط ليصبح ما رأوه طبيعياً في حياتهم يمارسونه دون أدنى حرج ...!(1/21)
* تقول إحدى ضحايا ستار أكاديمي : كنت أرى البنات والشباب يقبلون بعضهم بعضاً بين ساعة وأخرى .. وتارة أخرى يضمون بعضهم بعضاً .. فقلت في نفسي يا إلهي هؤلاء يضمون بعضهم بعضاً ويتراقصون .. فضلاً عن قبلاتهم الساخنة التي لا تنقطع وأمام العالم جميعاً .. وأنا ما زلت خائفة ومترددة من التحدث حتى بالهاتف مع صديق ما...!? تقول : وأصبحت بعد أيام فقط من متابعتي لهم على الهواء اشعر بأنني فعلاً فتاة متخلفة ومحرومة من الحياة الرومانسية المليئة بالحب ودفء المشاعر.. ثم أصبحت أتمنى في كل لحظة أن أكون أنا التي في الاكاديمية الآن لأحظى بالجلوس ساعات طوال مع المشارك الفلاني في هذا البرنامج الرائع.. أريد أن ارقص معه .. أريد أن أتصنع الزعل منه ليأتي ويراضيني ويقبلني .. ويفعل معي كما يفعل مع الفتيات الأخريات..! تكمل وتقول: وأصبحت أذهب إلى المدرسة وما عندي حديث إلا عن المشارك الفلاني في هذا البرنامج وأصبحت أتخيله بالغرفة معي! وبدأت اشعر بالجرأة داخلي بالتحدث مع الشباب والتعرف على أي واحد من الذئاب الذين يتسكعون في الأسواق.. وأقول في نفسي إلى متى وأنا ( حارمة ) نفسي من كل هذا?! • فتاة في الثانية عشرة تصرخ وتقول : زوجوني بعد مشاهدتها لهذا البرنامج وأهلها عنها غافلون . { إِنَّ الذين يُحِبُونَ أن تَشيعَ الفاحِشَةُ في الذين آمَنُواْ لَهُم عَذابٌ أليمٌ في الدُنيا والآخرةِ واللهُ يَعلَمُ وأنتُم لا تَعلمُونَ} . ويقول تعالى {واللهُ يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهواتِ أن تميلوا ميلاً عظيماً } . فيما يجري دلالات كثيرة، منها : أولاً : انخداع الشباب وسقوطهم ضحايا ثقافة تقديس الجسد الذي تدفع له شركات الدعاية والإعلان الملايين من خلال ترويج أي منتج لتسليع الجسد اللذيذ! وجاءت الحفلات والسهرات الفضائية لتنشره في البيوت.(1/22)
ثانيا : حالة الفراغ الفكري، وغياب الهدف ، واختصار النشاط في أوهام التنافس في الديكور الشكلي واقتناء الكماليات. وثالثاً: تنكر شريحة من الجيل القادم لأبسط قيم وأعراف المجتمع المسلم . أسباب وقوع الشباب والشابات فريسة هذا البرنامج وأمثاله من البرامج الهابطة : أولاً : ضعف الإيمان: وخلو القلب من حب الله ورسوله قال : " ثلاث من كنّ فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود إلى الكفر كما يكره أن يُقذف في النار ". متفق عليه. ثانياً : غياب الرقابة من الوالدين ... . ثالثاً : الفراغ: فإنّ الوقت إذا لم يُشغل بالطاعة أُشغل بالمعصية،. رابعاً : التقليد الأعمى للغير: قال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه في الحديث المتفق عليه: ( لتتبعن سنن من كان قبلكم ، حذو القذة بالقذة ،شبراً بشبر، وذراعاً بذراع, حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه: قلنا: يا رسول الله: اليهود والنصارى ؟، قال : وهل الناس إلا أولئك ". * ــ من آثار القنوات صحياً : ـــ الجمعيات الطبية العالمية تؤكد وجود مرض "الدش": توصلت دراسة طبية أجريت على عينة قوامها 500 طالبة ممن يشاهدن الدش بشكل منتظم إلى نتائج تشير إلى إصابة هؤلاء الفتيات بأمراض في الجهاز التناسلي والمجرى البولي وحدوث تغيرات كبيرة طرأت على سلوكهن، حيث انحصر تفكيرهن غالبية الوقت في الجنس. ويقول الأطباء أن هذا المرض أصبح معترفاً به من قبل الجمعيات الطبية العالمية وتم تسجيله بكتب الطب الحديثة باسم "دش سيندرُم" ويؤدي إلى تغيير عادات وسلوك المصابين به . ومن نتائج هذا المرض حدوث زعزعة أخلاقية لـ 53% من الفتيات بعد أن تعرضن للتشويش الفكري من جراء ما شاهدنه في التلفزيون . ومن النتائج أيضا ضعف الالتزام الدراسي لدى الفتيات من خلال 32% من العينة تم تغيبهن عن حضور المحاضرات .(1/23)
ومن أهم نتائج مرض "الدش" زيادة نسبة المعاناة من الأمراض النسائية بشكل عام بنسبة وصلت إلى 8% عن النسبة العادية. كما أدى المرض إلى حدوث تحولات وتغيرات جذرية في الفكر العاطفي لدى الفتيات فقد وافقت 33% من الفتيات على فكرة الاختلاط والتجارب العاطفية المبكرة . (جريدة الوطن العدد (696) السنة الثانية ـ الأثنين 17 جمادى الآخرة 1423هـ). ومن المشاكل الصحية التي يخلفها الجلوس الطويل أمام القنوات: ــ ضعف البصر . ــ والكسل والتخمة بسبب تقييد حركة الجسم , وحرمانه من الرياضة . ــ وأثبتت الدراسات الحديثة أنَّ تعرُّض الأطفال للموجات الكهرومغناطيسية المنبعثة من التلفاز تسبب للأطفال القلق والاكتئاب والشيخوخة المبكرة . ( جريدة الوطن العدد 669 السنة الثانية ـ الثلاثاء 20 جمادى الأولى 1423هـ ). كما أن الإدمان على مشاهدة القنوات وبرامجها الهابطة يؤدي إلى إثارة الغرائز البهيمية مبكراً عند الأطفال وإيقاد الدوافع الجنسية قبل النضوج الطبيعي مما ينتج أضراراً عقلية ونفسية وجسدية. * ومن أضرارها أمنياً : ومن الأضرار : الإخلال بالأمن واستساغة الجريمة واعتيادها . ومن أمثلة ذلك : الأفلام البوليسية التي تسهل أمر الجريمة ، وتعلم المنحرفين أنواع الجرائم ، من خطف النساء والأطفال والسرقة وكيفية التخطيط لها وكيفية الوصول للأماكن المستهدفة والأدوات المستخدمة. ومن ذلك توضيح الخطوط المتبعة لإخفاء معالم الجريمة والتخلص من أدواتها وإتلاف كل ما يدل عليها أو على الجناة . ومن ذلك التشجيع على تعاطي المخدرات وإظهار المتعاطين بمظهر البطولة والقوة والذكاء وتوضيح وسائل وطرق تعاطيها . كل تلك المشاهد لها متابعوها من مختلف الشرائح والأعمار ليصيروا فيها بعد عصابات مدربة تدريباً عالياً من خلال المشاهد التي حفظوا خطواتها فسعوا إلى تطبيقها في ممارستهم .(1/24)
* آثار القنوات سياسياً : أخفقت معظم قنواتنا الفضائية في أن تكون على قدر التحدي في هذه المرحلة العصيبة التي أصبح فيها العداء سافراً تجاه المسلمين والعرب. فكم هو مخجل أن تُقام عبر القنوات الفضائية المهرجان الغنائية وتقدم الجوائز الفاخرة للمطربين والمطربات في الوقت الذي يعاني الفلسطينيون من مجازر شارون. وبينما كنا نرى تمايل أجساد الفتيات والشباب على مدرجات المهرجانات الغنائية ؛ كانت أجساد الأطفال والشباب في فلسطين ترسم ملحمة الشرف والبطولة الحقيقية. الهندوس يحرقون المسلمين في المساجد ووسائل النقل العامة أمام أنظار الحكومة الهندية، والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان العربي والمسلم في كل مكان ناهيك عن مجازر الروس في الشيشان، ودفن الأبرياء في أفغانستان. كل هذا الواقع الأليم لا نكاد نجد له حضوراً فاعلاً وبناءً في القنوات العربية والإسلامية إلا ما رحم ربك . والأخطر من ذلك تعمية الحقائق وتسميتها بغير – أو بعكس – اسمها، ومع التكرار والاستمرار تغيب الحقيقة وتفسح مكانها لعكسها. القائمة طويلة ويصعب حصرها لكن هذه عينة منها : 1ــ المنطقة العربية الإسلامية تسمى ( الشرق الأوسط ) وهو مصطلح مضلل موغل في العنصرية ، فهو يتخذ من أوروبا والغرب مقياساً نصبح نحن شرقاً أوسط لهم واليابان شرقاً أقصى ، ولا معنى لهذا المصطلح إلا تضليل الناس عن أن المنطقة إسلامية وتبرير إدخال إسرائيل إليها طالما أصبحنا مجرد رقعة جغرافية بلا هوية تميزها ، وقس على ذلك كثيراً . 2ــ تركستان ( الشرقية والغربية ) تسمى وسط آسيا ولا يشار إلى إسلاميتها ، حتى أسماء المدن الإسلامية تدفن وتستبدل بها أسماء أجنبية يرددها الإعلام العربي كالببغاء : فأباظيا تصبح أبخازيا، والدار البيضاء تصبح كازابلانكا،و" خوجة علي " تصبح كوجالي وهكذا. 3ــ فلسطين المحتلة أصبحت بالكاد ( الضفة الغربية وقطاع غزة ). 4ــ العدو الصهيوني أصبح ( إسرائيل ) .(1/25)
5ــ الأراضي المحتلة غدت (أراضي متنازع عليها). 6ــ المتمسكون بالإسلام غدو ( أصوليين ) أو (إرهابيين) . 7ــ ومن الأمثلة أيضاً : ما يحدث حالياً لمسلمي كوسوفا الذين يصفهم الإعلام الغربي وتابعه الإعلام العربي بالانفصاليين الألبان ، فهم انفصاليون يستحقون ما يفعله الغرب بهم ، وهم ألبان لا دخل لنا بهم وفوق هذا وذاك فهُم "أقلية " لا يحق لهم الاستقلال رغم أنهم يشكلون 90 % من سكان الإقليم.( مجلة الأسرة العدد 63جمادى الآخرة 1419 هـ) ـــ الفضائيات سلاح دمار شامل : يقول توكر أسكيو / مدير مكتب البيت الأبيض للاتصالات تعليقاً على مشروع قناة تلفازية لجذب الشباب العرب إلى أمريكا ( نحن نخوض حرباً في الأفكار بالقدر نفسه الذي نخوض فيه الحرب على الإرهاب ، لذلك وجهة نظري ترى أن تخفيف الملابس عبر الإعلام هو أفضل وسيلة للاختراق ). ويقول بعض الساسة الغربيين : لم يعد هناك حاجة لإرسال الجيوش لاحتلال الدول الأخرى بفضل وجود القنوات الفضائية.حيث باتت وسيلة عظيمة جداً تستخدم لإحداث كثير من التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية. أشارت دراسة أمريكية إلى احتمال تفكك الصين إلى 10 دول بسبب سيل الأفكار الذي يتلقاه الصينيون يومياً . وهذا تماماً ما حدث في الاتحاد السوفياتي السابق ، حيث توقعت المؤسسة الأمريكية (بيرسيبشن إنترناشونال ) أن عام 1986 م هو عام سقوط الاتحاد السوفياتي ، وقد صدقت توقعاتها . وتم ذلك بعد أن سمح البرلمان السوفياتي بتطوير نظام التلفزيون الفائق الدقة الذي يستدعي البث عبر الأقمار الصناعية . وبعد ذلك بدأ المواطن في الاتحاد السوفياتي باستلام ثقافة بديلة من خارج حدود دولته مما أدى إلى التعلق بالنموذج الغربي في الحكم والديموقراطية والرأسمالية.( جريدة الشرق الأوسط ، العدد 5533 ، 10 / 8 / 1414 هـ ). والحمد لله رب العالمين(1/26)