الفرقان في بيان حقيقة التقارب والتسامح بين الفرق والأديان
تأليف
عبد الرحمن بن سعد الشثري
http://www.saaid.net/
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله العليِّ الكبير ، مجيب دعوة المضطرين ، وكاشف كرب المكروبين ، وموهن مكر الماكرين ، سبحانه لا يهدي كيد الخائنين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين , نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين , ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد : فأداء لبعض ما أوجب الله من البلاغ والبيان ، والنصح والإرشاد ، والدعوة إلى الحقِّ ، والتواصي به ، والدلالة عليه ، وبذل الأسباب لدفع الشرور عن المسلمين ، والتحذير منها ، حتى تكون أمة الإسلام كما أراد الله منها ، أمة متماسكة ، مترابطة متراحمة ، تَدينُ بالإسلام : اعتقاداً ، وقولاً ، وعملاً , مستمسكة بالوحيين الشريفين : الكتاب والسنة ، لا تتقاسمها الأهواء ، ولا تنفذ إليها الأفكار الهدامة ، ولا يبلغ منها الأعداء مبلغهم , كما قال الله تعالى : ? ????? ??????????? ???????? ??????? ?????? ??????? ??????? ?????????????? ? , وقال الله تعالى : ( (((((( (((((( (((((((( (((((((((((( ((((((((((((( ( (((( ((((((((((( ((((((((( (((((((((( (((((( ((( (((((((((( ( ((((((((( (((((((( ((((( (((((((((( ((((((((( ((((( ( .(1/1)
وإننا نعيشُ في هذا الزمان الذي انفتحَ فيه العالَمُ بعضه على بعض , حتى كثرت في ديار المسلمين الأخلاط , وكَثُرَ سَوادُ أهل الفرق , في وسط مِنْ تَدَاعي الأُمَمِ علينا , كما في حديث ثوبان رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلَّم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم : يُوشكُ أنْ تَداعَى عليكم الأُمَمُ من كلِّ أُفُقٍ كما تَدَاعى الأَكَلَةُ على قَصْعَتِها , قال قلنا يا رسولَ الله : أَمِنْ قِلَّةٍ بنا يومئذٍ , قال صلى الله عليه وسلَّم : أنتم يومئذٍ كثيرٌ , ولكنْ تكونونَ غُثاءً كغثاء السَّيلِ , تُنْتَزَعُ المهابةُ من قلوب عدوِّكم , ويُجعلُ في قلوبكم الوَهْنُ , قال : قلنا : وما الوَهْنُ , قال صلى الله عليه وسلَّم : حبُّ الحياةِ , وكراهيةُ الموتِ (1) .
وأمامَ هذا : غيابُ كثير من رؤوس أهل العلم حيناً , وقعودهم عن تبصير أمتنا الإسلامية في الاعتقاد أحياناً , وفي حالة غفلة سرت إلى مناهج التعليم , بضعف التأهيل العَقَدي , وتثبيت مسلَّمات الاعتقاد في أفئدة أولاد المسلمين , وقيام عوامل الصدِّ والصدود عن غرس عقيدة السلف وتعاهدها في عقول الأمة .
في أسباب تمورُ بالمسلمينَ موراً , يجمعها غايتان :
الأولى :
كسر حاجز ( الولاء والبراء ) بين المسلم والكافر , وبين السني والبدعي , وهو ما يُسمَّى في التركيب المُوَلَّدِ باسم : ( الحاجز النفسي ) فيُكسرَ تحت شعارات مضلِّلَة : ( التسامح ) ( تأليف القلوب ) ( نبذ الشذوذ والتطرف والتعصب ) ( الإنسانية ) ونحوها من الألفاظ ذات البريق , والتي حقيقتها ( مؤامراتٌ تخريبية ) تجتمع لغاية القضاء على المسلم المستمسك بدينه .
الثانية :(1/2)
فُشُوُّ ( الأُميَّةِ الدينية ) حتى ينفرط العقد وتتمزق الأمة , ويسقط المسلم بلا ثمن في أيديهم وتحت لواء حزبياتهم , إلى غير ذلك مما يُعايشه المسلمون في قالب ( أزمة فكرية غُثائية حادَّة ) أفقدتهم التوازن في حياتهم , وزلزلت السند الاجتماعي للمسلم ( وحدة العقيدة ) كلٌّ بقدر ما علَّ من هذه الأسباب ونَهَلَ , فصارَ الدَّخَلُ , وثارَ الدَّخَنُ , وضعفت البصيرة , وَوَجَدَ أهلُ الأهواء والبدع مجالاً فسيحاً لنثر بدعهم ونشرها , حتى أصبحت في كفِّ كلِّ لاقطٍ , وذلك من كلِّ أمرٍ تعبديٍّ مُحْدَثٍ لا دليل عليه ( خارج عن دائرة وقف العبادات على النصِّ ومورده ) .
فامتدت من المبتدعة الأعناق ! وظهر الزيغ ! وعاثوا في وسائل الإعلام الفساد ! وتجارت الأهواء بأقوام بعد أقوام ! فكم سمعنا بآلاف من المسلمين , وبالبلد من ديار الإسلام , يعتقدون طُرُقاً ونِحَلاً مَحَاها الإسلام , إلى آخر ما هنالك من الويلات التي يتقلَّبُ المسلمون في حرارتها , ويتجرَّعون مرارتها (2) .
وإنَّ من أعظم هذه الويلات :
ما كثرت الدعوة إليه في وسائل الإعلام المختلفة : من التعايش مع الآخرين , والانفتاح .. والتسامح .. والتعددية في الحوار الفكري .. واحترام الرأي الآخر .. والتغيير .. ونبذ كلِّ ما يُخالف الفكر الوسطي ... الخ .
وقد يقول قائل :
ما فائدة إخراج مثل هذه الرسالة بكشف حقيقة ما يُسمَّى ( بالتعايش والتسامح والتقريب بين الفرق والأديان ) وأنَّ ذلك لن يُقدِّم ولن يؤخر إلاَّ أن يشاء الله ؟ .(1/3)
والجوابُ : أنَّ كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلَّم : قد دلاَّ على أنه لا يزال في هذه الأمة طائفة متمسكة بالحق الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلَّم إلى قيام الساعة , كقوله صلى الله عليه وسلَّم : ( لا تَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قائمةٌ بأمرِ الله لا يَضُرُّهُم مَنْ خَذَلَهُم ولا مَنْ خَالَفَهُمْ , حتَّى يأتِيَهُمْ أمرُ الله وهُم على ذلك ) (3) .
وأنَّ أمته صلى الله عليه وسلَّم لا تجتمع على ضلالة ؟ .
لحديث ابن عمرَ رضي الله عنهما أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلَّم قالَ : ( إنَّ الله لا يَجْمَعُ أُمَّتِي - أو قال - أُمَّةَ محمدٍ صلى الله عليه وسلمَ على ضَلالَةٍ , وَيَدُ الله على الجَماعةِ ) (4) .
وقال صلى الله عليه وسلَّم : ( مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ الله في أُمَّةٍ قبلِي إلاَّ كانَ له مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وأَصحابٌ يَأخذُونَ بسُنَّتِهِ ويَقتدُونَ بأَمْرِهِ , ثُمَّ إِنَّهَا تَخلُفُ مِن بَعْدهِمِ خُلُوفٌ , يقولونَ مَا لا يفعلونَ , ويَفعلونَ ما لا يُؤمَرُونَ , فمَنْ جاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُْوَ مُؤْمنٌ , ومَنْ جاهَدَهُمْ بلسانهِ فهو مؤمنٌ , ومَنْ جاهدهم بقلبه فهو مؤمنٌ , وليسَ وراءَ ذلكَ مِنَ الإيمانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ ) (5) .
وإنكار القلب هو :
الإيمانُ بأنَّ هذا منكر , وكراهته لذلك , فإذا حصل هذا , كان في القلب إيمان , وإذا فَقَدَ القلب معرفة هذا المعروف وإنكار هذا المنكر , ارتفع هذا الإيمان من القلب .
ثمَّ لو فُرض : أننا علمنا أنَّ الناس لا يتركون هذا المنكر , ولا يعترفون بأنه منكر ؟ لم يكن ذلك مانعاً من إبلاغ الرسالة وبيان العلم , بل ذلك لا يُسقط وجوب الإبلاغ , ولا وجوب الأمر والنهي , في إحدى الروايتين عن إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى , وقول كثير من أهل العلم (6) .
وبعد هذه المقدمة : أقول ومن الله تعالى وحده التوفيق :(1/4)
إنَّ الدعوة إلى ما يُسمَّى : التعايش مع الآخرين .. الانفتاح .. التسامح .. الإخاء الديني (7) .. الحرية .. المساواة .. السلام العالمي .. الإنسانية (8) .. العالمية (9) .. نبذ التعصب الديني , التعددية في الحوار الفكري , احترام الرأي الآخر .. التغيير , نبذ كل ما يُخالف الفكر الوسطي , تبادل الحضارات والثقافات ... الخ (10) .
( ولعلَّ (11) ) من يدعو إلى هذا الفكر : يجهل أنَّ المناداة بما يُسمَّى ( التعايش مع الآخرين , واحترام الرأي الآخر ... إلخ ) ( هي من دعوة الداعين (12) ) إلى ( وحدة الأديان (13) ) (14) .
ولمَّا كانت الدعوة إلى وحدة الأديان (15) كفراً بُواحاً , وردة ظاهرة , يُدركها العوام فضلاً عن الخواص , لذا فقد حرص المنظِّرون لها على إيجاد ذرائع مبطَّنة , واستحداث وسائلَ مقنعة للوصول إلى مآربهم في هذه الدعوة .
لذا نجد بعض الجهلة من أرباب الإعلام وغيرهم , يُجاهر بضرورة التعايش ( مَعَ مَنْ ؟ ) ( بين الأديان ! ) .
وقبل ذلك :
ضرورة التعايش مع جميع الفرق المنتسبة إلى الإسلام , ووجوب احترام آرائها !!؟ (16) .
( إنَّ هذه الدعوة بجذورها ، وشعاراتها ، ومفرداتها ، هي من أشدِّ ما ابتُليَ به المسلمون في عصرنا هذا .. وهذه الدعوة الآثمة ، والمكيدة المهولة ، قد اجتمعت فيها بلايا التحريف ، والانتحال ، وفاسد التأويل ، فلا ولاءَ ، ولا براءَ ، ولا تقسيم للملأ إلى مسلمٍ وكافرٍ أبداً ، فضلاً عن سني وبدعي , ولا لتعبدات الخلائق إلى حق وباطل .
ونصبوا لذلك مجموعة من الشعارات , وصاغوا له كوكبة من الدعايات ، وعقدوا له المؤتمرات ، والندوات ، والجمعيات ، والجماعات ، إلى آخر ما هنالك من مخططات وضغوط ، ومباحثات ظاهرة ، أو خفية ، مُعلَنة ، أو سرِّية ، وما يتبع ذلك من خطوات نشيطة ، ظهرَ أمرها وانتشرَ , وشاعَ واشتهرَ .(1/5)
وإنَّ هذه الأمة المرحومة ، أمة الإسلام ، لن تجتمع على ضلالة , لحديث ابن عمرَ رضي الله عنهما أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلَّم قالَ : إنَّ الله لا يَجْمَعُ أُمَّتِي - أو قال - أُمَّةَ محمدٍ صلى الله عليه وسلمَ على ضَلالَةٍ , وَيَدُ الله على الجَماعةِ (17) .
ولا يزالُ فيها - بحمد الله - طائفة ظاهرة على الحق ، حتى تقوم الساعة ، من أهل العلم والقرآن ، والهدى والبيان ، تنفي عن دين الله تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين ، فكان حقاً علينا وعلى جميع المسلمين : التعليم ، والبيان ، والنصح ، والإرشاد ، وصد العاديات عن دين الإسلام , ومن حذَّر فقد بشَّر ) (18) .
أيها المسلمون : إنَّ الدعوة للتعايش مع الآخرين واحترام الرأي المخالف (19) هو :
عبارة عن إنكار لأحكام كثيرة معلومة من الدين بالضرورة , منها :
( استحلال (20) ) موالاة الكفار , ( وعدم (21) ) تكفيرهم (22) .
وموالاة المبتدعة والفسقة , وعدم ( تبديعهم وتفسيقهم (23) ) .
قال أحد دُعاة التقريب الشيخ محمد عبده في سرده لأصول الإسلام في اعتقاده : ( الأصل السابع للإسلام : مَوَدَّة المُخالفين في العقيدة ) (24) .
وقد نشرت جريدة الوطن ص1 وص23 في يوم الخميس 16/5/1426هـ العدد 1728 : ( لقاء أبها للحوار الوطني يدعو إلى تغيير الخطاب الذي يصف غير المسلم بالكافر ) ؟!! .
وقد أنكر عليهم معالي الشيخ صالح بن فوزان الفوزان - وفقه الله تعالى - فقال :
( الحمد لله , والصلاة والسلام على نبيِّنا محمد وآله وصحبه ومن والاه , وبعد :(1/6)
فقد خلق الله الخلق لعبادته وفطرهم على توحيده وطاعته ( ((((((((( ((((((((((((( ((((((((( (((( ((((((( ((((((((( ((( (((((( ( ( , ( (((( ((((((( (((((((((( ((((((((( ((((((( (((((((( (((((((( ( ( , فالله أراد لهم بإرادته الدينية الإيمان والخير , وأرادَ لهم الشيطان ودُعاة السوء الكفر والشر , قال تعالى : ( ((((((( (((( ((((((((((( (((((( (((((((((((((( (((((( ((((((((( ((( (((((((((( ((((((((( (((((((((( ( (((((( ((((((( ((((((( (((( (((((( ((((((( ((( ((((((( (((((((((( ((((((((( ((((((((( ((((((((((( (((((((((((( ((( (((((((((( (((((( (((((((( (((( ( , ولذلك أرسل الرسل وأنزل الكتب , وأقام الحُجج , فمن الناس من قبل الحق ودخل الإيمان طائعاً مختاراً , ومن الناس من رفض قبول الحق ودخل في الكفر طائعاً مختاراً .
وقد وضع الله فوارق بين المؤمنين والكفار في الدنيا والآخرة , ونهى عن التسوية بين الفريقين , وجعل لكلِّ فريق جزاءً وأحكاماً في الدنيا والآخرة , ووضع لكلِّ فريق اسماً مُميّزاً , كالمؤمن والكافر , والبَرِّ والفاجر , والمشرك والموحِّد , والفاسق والمنافق , والمطيع والعاصي .(1/7)
ونهى عن التسوية بين المختلفين في هذه الأسماء والسلوكيات فقال سبحانه : ( (((( (((((( ((((((((( ((((((((((((( ((((((((((((( ((( (((((((((((( ((((((((((( (((((((((( ((((((((((( ((((((((((((( ( , وقال تعالى : ( (((( (((((((( ((((((((( (((((((((( ((((((((((( ((((((((((((( ((((((((((((((((( ((( (((((((( (((( (((((((( ((((((((((((( ((((((((((((( (((( ( , يعني لا نجعلهم سواء , لأنَّ ذلك لا يليق بعدل الله , وأمر المؤمنين بالبراءة من الكفار والمشركين ولو كانوا من أقاربهم , قال تعالى : ( (((( ((((((( (((((( (((((((( (((((((( (((( (((((((((((( ((((((((((( (((((((( (((( (((((((( (((((((((((( ((((( ((((((((((( ((((((( ((((((( ((((((((((( ((( ((((( (((( ((((((((( (((((( ((((((( ((((((((( (((((((((((( ((((((((((((( (((((((((((((((( ((((((( (((((( ((((((((((( (((((( (((((((((( ( , وهذا أصل من أصول الإيمان والدين , مُتقرِّرٌ في الكتاب والسنة وكتب العقيدة الصحيحة , لا يُماري فيه مسلم , ولكننا في هذه الأيام صرنا نقرأ في بعض الصحف نقلاً عمَّا دار في مؤتمر الحوار الوطني محاولة واقتراحاً من بعض المشاركين - نرجو أن تكون تلك المحاولة والاقتراح صادِرَين عن جهل - وذلك كما نشر في بعض الصحف أن يُترك لفظ الكافر ويُستبدل بلفظ مسلم وغير مسلم , أو يُقال : المسلم والآخر (25) , وهل معنى ذلك أن نترك ما ورد في القرآن والسنة وكتب العقيدة الإسلامية من لفظ الكفر والشرك , والكفار والمشركين , فيكون هذا استدراكاً على الكتاب والسنة , فيكون هذا من المحادة لله ولرسوله ؟ ومن تغيير الحقائق الشرعية , فنكون من الذين حرَّفوا كتاب ربهم وسنة نبيهم , ثمَّ ما هو الدافع لذلك ؟ هل هو إرضاء الكفار , فالكفار لن يرضوا عنا حتى نترك ديننا , قال تعالى : ( ((((( (((((((( ((((( ((((((((((( (((( (((((((((((( (((((( (((((((( (((((((((( ((1/8)
( , وقال تعالى : ( (((( (((((((((( (((((((((((((((( (((((( ((((((((((( ((( ((((((((( (((( (((((((((((((( ( ( , ( ((((((( (((( ((((((((((( ((((( ((((((((( (((((((((((( (((((((( ( ( , ثمَّ إنه لا يجوز لنا إرضاء الكفار والتماس مودتهم لنا وهم أعداءٌ لله ولرسوله , قال تعالى : ( ((((((((((( ((((((((( (((((((((( (( ((((((((((( (((((((( (((((((((((( (((((((((((( ((((((((( ((((((((( (((((((((((((( (((((( ((((((((( ((((( ((((((((( ((((( ((((((((( ( , وإنْ كان مُراد هؤلاء المُنادين بتغيير هذه المُسمَّيات الشرعية : التلطُّف مع الكفار وحسن التعامل معهم فهذا لا يكون على حساب تغيير المُسمَّيات الشرعية بل يكون ذلك بما شرعه الله نحوهم , وذلك بالأمور التالية :
1 - دعوتهم إلى الإسلام الذي هو دين الله الذي شرعه للناس كافة , قال تعالى : ( (((((( (((((( ((((((( ((((((( (((((((((((((( (((((((((((((((( (((((((((((( ( (((((((((((( ((((((((( (((( (((((((( ( ( , فنحن ندعوهم لصالحهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة .
2 - عقد الصلح معهم إذا طلبوا ذلك , قال تعالى : ( ((((( ((((((((( ((((((((( (((((((((( ((((( (((((((((( ((((( (((( ( ((((((( (((( (((((((((( ((((((((((( (((( ( , وكذلك إذا احتاج المسلمون إلى عقد الصلح معهم وكان في ذلك مصلحة للمسلمين , كما صالح النبي صلى الله عليه وسلم الكفار في الحديبية (26) , وبموجب الصلح يتم التمثيل الدبلوماسي بينهم وبين المسلمين .
3 - عدم الاعتداء عليهم بغير حق , قال تعالى : ( (((( (((((((((((((( ((((((((( (((((( (((((( (((( ((((((((((( ( ((((((((((( (((( (((((((( ((((((((((( ( ( .(1/9)
4 - الإحسان إلى من أحسن منهم إلى المسلمين فلم يُقاتلوا المسلمين ولم يُخرجوهم من ديارهم , قال تعالى : ( (( ((((((((((( (((( (((( ((((((((( (((( (((((((((((((( ((( ((((((((( (((((( (((((((((((( (((( ((((((((((( ((( ((((((((((( (((((((((((((( (((((((((( ( (((( (((( (((((( ((((((((((((((( ((( ( (27) .
5 - التعامل معهم في المنافع المباحة من تبادل التجارة وتبادل الخبرات النافعة والاستفادة من علومهم الدنيوية والمفيدة لنا في حياتنا .
6 - الوفاء بالعهود معهم , واحترام دماء المعاهدين وأموالهم وحقوقهم , لأنَّ لهم ما للمسلمين , وعليهم ما على المسلمين , قال تعالى : ( ((((( (((((((((((((( (((((( (((((((((((((((( (((((( ( ( , وقال تعالى : ( (((( ((((((((((( ((((((((( ((((((( (((((( (((( (((( ((((((((((( ( ( , والنفس التي حرَّم الله هي نفس المسلم ونفس المعاهد , ومَن قتل معاهداً متعمِّداً فقد قال فيه النبيُّ صلى الله عليه وسلَّم : ( مَن قَتلَ مُعاهداً لَم يَرح رائحة الجنة , وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين سنة ) رواه البخاري (28) , ومن قتل معاهداً خطأً فهو كمن قتل مؤمناً خطأً , عليه الدية والكفارة , قال تعالى : ( ((((( ((((( ((( (((((( (((((((((( ((((((((((( ((((((((( (((((((( (((((((((( (((((( ((((((((( ((((((((((( (((((((( (((((((((( ( ( .(1/10)
وأخيراً : إنني أنصح هؤلاء المنادين بتغيير المسميات الشرعية أن يتوبوا إلى الله , وألا يَدخلوا في شيء لا يحسنونه وليس هو من اختصاصهم , لأنه من القول على الله بغير علم , وقد قال تعالى : ( (((( (((((( ((( (((((( (((( ((((( (((((( ( ( , وقال تعالى : ( (((( ((((((( (((((( ((((((( ((((((((((((( ((( (((((( ((((((( ((((( (((((( (((((((((( (((((((((((( (((((((( ((((((((( ((((( ((((((((((( (((((( ((( (((( ((((((((( ((((( (((((((((( ((((( (((((((((( ((((( (((( ((( (( ((((((((((( (((( ( , فجعلَ القول عليه بغير علم فوق الشرك لخطورة ذلك , إذا كان هؤلاء يعترفون بالتخصصات وعدم دخول المرء فيما ليس هو من تخصّصه , فكما لا يتدخلون في الطب مثلاً لأنه ليس من تخصصهم , فلماذا يتدخلون في أمور الشرع , بل وفي أخطر أمور الشرع , وهو العقيدة , وليس من تخصصهم ؟ ما أردتُّ بهذا إلا النصيحة والبيان , والله ولي التوفيق , وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه ) (29) .
و(30) إلغاء الجهاد في سبيل الله وتوابعه , ووسمه بالإرهاب ... الخ (31) , وهذا مُسموعٌ في إذاعات كثير من الدول العربية من تسمية المُجاهدين في فلسطين والعراق وكشمير والشيشان .. بالثُوَّار , والمقاتلين , والمُسلَّحين , والإرهابيين ! .
وليعلم كل مسلم :
أنَّ حقيقة ( الدعوة : للتعايش مع الآخرين , واحترام الرأي المُخالف ) (32) هي دعوة فلسفيَّة النزعة , سياسيَّة النشأة , إلحاديَّة الغاية ؟ تبرزُ في لباس جديد ليأخذ المنافقون ثأرهم من المسلمين : عقيدةً , وأرضاً , ومُلكاً , فهم يستهدفون الإسلام والمسلمين في :
أولاً / الدعوة إلى وحدة الدِّين الإسلامي مع الأديان الأخرى ؟ (33) .
وقد صدر من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الفتوى رقم 19402 في 25/1/1418هـ , وهذا نصُّها :(1/11)
( الحمد لله وحده , والصلاة والسلام على من لا نبي بعده , وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين , أما بعد :
فإنَّ اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء استعرضت ما ورد إليها من تساؤلات , وما يُنشر في وسائل الإعلام من آراء ومقالات بشأن الدعوة إلى وحدة الأديان :
دين الإسلام , ودين اليهود , ودين النصارى , وما تفرَّع عن ذلك من دعوة إلى بناء : مسجد وكنيسة ومعبد في مُحيط واحد (34) , في رحاب الجامعات , والمطارات , والساحات العامة (35) , ودعوة إلى طباعة القرآن الكريم , والتوراة , والإنجيل في غلاف واحد , إلى غير ذلك من آثار هذه الدعوة , وما يُعقد لها من مؤتمرات , وندوات , وجمعيات في الشرق والغرب , وبعد التأمُّل والدراسة فإنَّ اللجنة تُقرِّرُ ما يلي :
أولاً : أنَّ من أصول الاعتقاد في الإسلام المعلومة من الدين بالضرورة , والتي أجمع عليها المسلمون : أنه لا يوجد على وجه الأرض دين حقٍّ سوى دين الإسلام , وأنه خاتمة الأديان , وناسخٌ لجميع ما قبله من الأديان والملل والشرائع , فلم يَبْقَ على وجه الأرض دينٌ يُتعبُّد الله به سوى الإسلام , قال الله تعالى : ( ((((( (((((((( (((((( ((((((((((( (((((( ((((( (((((((( (((((( (((((( ((( (((((((((( (((( (((((((((((((( (((( ( , والإسلام بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلَّم هو ما جاء به دون ما سواه من الأديان .(1/12)
ثانياً : ومن أصول الاعتقاد في الإسلام أنَّ كتاب الله تعالى ( القرآن الكريم ) هو آخر كتب الله نزولاً وعهداً بربِّ العالمين , وأنه ناسخٌ لكلِّ كتاب أُنزل من قبل , من التوراة والزبور والإنجيل وغيرها , ومهيمنٌ عليها , فلم يبق كتابٌ منزل يُتعبد الله به سوى ( القرآن الكريم ) قال الله تعالى : ( ((((((((((((( (((((((( ((((((((((( ((((((((((( (((((((((( (((((( (((((( (((((((( (((( ((((((((((( ((((((((((((( (((((((( ( ((((((((( ((((((((( (((((( ((((((( (((( ( (((( (((((((( (((((((((((((( ((((( (((((((( (((( ((((((((( ( ( .
ثالثاً : يجب الإيمانُ بأنَّ ( التوراة والإنجيل ) قد نُسخا بالقرآن الكريم , وأنه قد لحقهما التحريف والتبديل بالزيادة والنقصان , كما جاء بيانُ ذلك في آيات من كتاب الله الكريم , منها قول الله تعالى : ( ((((((( ((((((((( ((((((((((((( ((((((((((( ((((((((((( ((((((((((( ((((((((( ( (((((((((((( (((((((((( ((( (((((((((((( ( ((((((((( ((((( (((((( (((((((((( ((((( ( (((( ((((((( (((((((( (((((( (((((((((( ((((((((( (((( ((((((( ((((((((( ( ( , وقوله جلَّ وعلا : ( (((((((( (((((((((( ((((((((((( ((((((((((( ((((((((((((( (((( (((((((((( (((((( (((( ((((( (((( ((((((((((((( ((((( ((((((( ((((((( ( (((((((( ((((( (((((( (((((((( ((((((((((( (((((((( ((((( (((((( ((((((((((( (((( ( , وقوله سبحانه : ( (((((( (((((((( (((((((((( ((((((((( ((((((((((((( ((((((((((((( ((((((((((((( (((( ((((((((((( ((((( (((( (((( ((((((((((( (((((((((((( (((( (((( ((((( (((( ((((( (((( (((( ((((( (((( (((((((((((( ((((( (((( (((((((((( (((((( ((((((((((( (((( ( .(1/13)
ولهذا : فما كان منها صحيحاً فهو منسوخٌ بالإسلام , وما سوى ذلك فهو مُحرَّفٌ أو مُبدَّلٌ , وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلَّم أنه غضب حين رأى مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه صحيفة فيها شيء من التوراة , وقال عليه الصلاة والسلام : ( أفي شك أنت يا ابن الخطاب ؟! ألم آت بها بيضاء نقيَّة ؟ لو كان أخي موسى حيَّاً ما وسِعَه إلاَّ اتَّباعي ) رواه أحمد والدارمي وغيرهما (36) .
رابعاً : ومن أصول الاعتقاد في الإسلام أنَّ نبيِّنا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلَّم هو خاتم الأنبياء والمرسلين , كما قال تعالى : ( ((( ((((( (((((((( (((((( (((((( (((( (((((((((((( (((((((( ((((((( (((( ((((((((( ((((((((((((( ( ((((((( (((( ((((((( (((((( (((((((( (((( ( , فلم يبق رسول يجبُ اتباعه سوى محمد صلى الله عليه وسلَّم , ولو كان أحد من أنبياء الله ورسله حيَّاً لَمَا وسعه إلاَّ اتباعه صلى الله عليه وسلم , وأنه لا يسع أتباعهم إلاَّ ذلك , كما قال الله تعالى : ( (((((( (((((( (((( (((((((( ((((((((((((( (((((( (((((((((((( (((( ((((((( (((((((((( (((( (((((((((( ((((((( ((((((((( (((((( (((((((( (((((((((((( ((((( (((((((((((((((( ( ((((( (((((((((((((( (((((((((((( (((((( ((((((((( ((((((( ( ((((((((( ((((((((((( ( ((((( ((((((((((((( (((((((( ((((((( ((((( ((((((((((((( (((( ( , ونبيُّ الله عيسى عليه الصلاة والسلام إذا نزل في آخر الزمان يكون تابعاً لمحمد صلى الله عليه وسلَّم , وحاكماً بشريعته , وقال الله تعالى : ( ((((((((( ((((((((((( (((((((((( ((((((((( ((((((((( ((((((( (((((((((((( (((((((((( ((((((((( ((( (((((((((((( (((((((((((( ( .(1/14)
كما أنَّ من أصول الاعتقاد في الإسلام أنَّ بعثة محمد صلى الله عليه وسلَّم عامة للناس أجمعين , قال الله تعالى : ( (((((( ((((((((((((( (((( (((((((( ((((((((( (((((((( (((((((((( ((((((((( (((((((( (((((((( (( ((((((((((( (((( ( , وقال سبحانه : ( (((( ((((((((((( (((((((( (((((( ((((((( (((( (((((((((( (((((((( ( , وغيرها من الآيات .
خامساً : ومن أصول الإسلام أنه يجبُ اعتقاد كفر كلِّ مَنْ لَم يَدخل في الإسلام من اليهود والنصارى وغيرهم , وتسميته كافراً , وأنه عدوٌّ لله ورسوله والمؤمنين , وأنه من أهل النار كما قال تعالى : ( (((( (((((( ((((((((( ((((((((( (((( (((((( ((((((((((( ((((((((((((((((( ((((((((((( (((((( (((((((((((( ((((((((((((( ((( ( , وقال جلَّ وعلا : ( (((( ((((((((( ((((((((( (((( (((((( ((((((((((( ((((((((((((((((( ((( ((((( (((((((( (((((((((( ((((((( ( (((((((((((( (((( (((( (((((((((((( ((( ( , وغيرها من الآيات .
وثبت في صحيح مسلم (37) أنَّ النبي صلى الله عليه وسلَّم قال : ( والذي نفسي بيده لا يسمعُ بي أحدٌ من هذه الأمة يهودي ولا نصراني , ثم يموت ولَم يُؤمن بالذي أُرسلتُ به إلاَّ كان من أهل النار ) .
ولهذا : فمَن لَم يُكفِّر اليهود والنصارى فهو كافرٌ , طرداً لقاعدة الشريعة : ( مَنْ لَم يُكفِّر الكافر فهو كافرٌ ) (38) .(1/15)
سادساً : وأما هذه الأصول الاعتقادية , والحقائق الشرعية , فإنَّ الدعوة إلى : ( وحدة الأديان ) والتقارب بينها , وصهرها في قالب واحد , دعوة خبيثة ماكرة , والغرض منها : خلط الحقِّ بالباطل , وهدم الإسلام , وتقويض دعائمه , وجرُّ أهله إلى ردَّةٍ شاملة , ومصداق ذلك في قول الله سبحانه : ( (((( (((((((((( (((((((((((((((( (((((( ((((((((((( ((( ((((((((( (((( (((((((((((((( ( ( , وقوله جلَّ وعلا : ( ((((((( (((( ((((((((((( ((((( ((((((((( (((((((((((( (((((((( ( ( .
سابعاً : وإنَّ من آثار هذه الدعوة الآثمة : إلغاء الفوارق بين الإسلام والكفر , والحق والباطل , والمعروف والمنكر , وكسر حاجز النفرة بين المسلمين والكافرين , فلا ولاء ولا براء , ولا جهاد ولا قتال لإعلاء كلمة الله في أرض الله , والله جلَّ وتقدَّس يقول : ( (((((((((( ((((((((( (( ((((((((((( (((((( (((( (((((((((((( (((((((( (((( (((((((((((( ((( (((((( (((( (((((((((((( (((( (((((((((( ((((( ((((((((( (((( ((((((((( (((((((( ((((((((((( (((((( ((((((((( (((((((((((( ((( (((( (((((( (((((((((( (((( ( , ويقول جلَّ وعلا : ( (((((((((((( ((((((((((((((( (((((((( ((((( (((((((((((((((( (((((((( ( (((((((((((((( (((( (((( (((( ((((((((((((( (((( ( .
ثامناً : أنَّ الدعوة إلى ( وحدة الأديان ) إنْ صَدَرَت من مسلمٍ فهي تُعتبرُ ردَّة صريحة عن دين الإسلام , لأنها تصطدم مع أصول الاعتقاد , فترضى بالكفر بالله عزَّ وجل , وتُبطل صدق القرآن , ونسخه لجميع ما قبله من الكتب , وتُبطل نسخ الإسلام لجميع ما قبله من الشرائع والأديان , وبناءً على ذلك فهي فكرة مرفوضة شرعاً , مُحرَّمةٌ قطعاً بجميع أدلِّة التشريع في الإسلام , من قرآن وسنة وإجماع .
تاسعاً : وتأسيساً على ما تقدَّم :(1/16)
1 - فإنه لا يجوزُ لمسلمٍ يُؤمن بالله رباً , وبالإسلام ديناً , وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلَّم نبيَّاً ورسولاً : الدعوة إلى هذه الفكرة الآثمة , والتشجيع عليها , وتسليكها بين المسلمين , فضلاً عن الاستجابة لها , والدخول في مؤتمراتها وندواتها , والانتماء إلى محافلها .
2 - لا يجوزُ لمسلم : طباعة التوراة والإنجيل منفردين , فكيف مع القرآن الكريم في غلاف واحد !! فمن فعله أو دعا إليه فهو في ضلال بعيد , لِمَا في ذلك من الجمع بين الحقِّ ( القرآن الكريم ) والمُحرَّف أو الحق المنسوخ ( التوراة والإنجيل ) .
3 - كما لا يجوزُ لمسلم : الاستجابة لدعوة ( بناء مسجد وكنيسة ومعبد ) في مجمع واحد , لِما في ذلك من الاعتراف بدين يُعبد الله به غير دين الإسلام , وإنكار ظهوره على الدين كلِّه , ودعوة مادية إلى أن الأديان ثلاثة : لأهل الأرض التديُّن بأيٍّ منها , وأنها على قدم التساوي , وأنَّ الإسلام غير ناسخ لِما قبله من الأديان , ولا شكَّ أنَّ إقرار ذلك أو اعتقاده أو الرضا به كفرٌ وضلال , لأنه مخالفة صريحة للقرآن الكريم , والسنة المطهرة , وإجماع المسلمين , واعتراف بأنَّ تحريفات اليهود والنصارى من عند الله , تعالى الله عن ذلك .(1/17)
كما أنه لا يجوز تسمية الكنائس ( بيوت الله ) وأنَّ أهلها يَعبدون الله فيها عبادة صحيحة مقبولة عند الله , لأنها عبادة على غير دين الإسلام , والله تعالى يقول : ( ((((( (((((((( (((((( ((((((((((( (((((( ((((( (((((((( (((((( (((((( ((( (((((((((( (((( (((((((((((((( (((( ( , بل هي : بيوت يكفر فيها بالله , نعوذ بالله من الكفر وأهله , قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى ( 22/162 ) : ( ليست - أي : البِيَع والكنائس - بيوت الله , وإنما بيوت الله المساجد , بل هي بيوتٌ يُكفر فيها بالله , وإن كان قد يُذكر فيها , فالبيوتُ بمنزلة أهلها , وأهلها كفار , فهي بيوت عبادة الكفار ) .
عاشراً : ومما يجب أن يُعلم : أن دعوة الكفار بعامة , وأهل الكتاب بخاصة , إلى الإسلام واجبة على المسلمين بالنصوص الصريحة من الكتاب والسنة , ولكن ذلك لا يكون إلاَّ بطريق البيان والمجادلة بالتي هي أحسن , وعدم التنازل عن شيء من شرائع الإسلام , وذلك للوصول إلى قناعتهم بالإسلام ودخولهم فيه , أو إقامة الحجة عليهم ليهلك من هلك عن بينة , ويحيا من حيَّ عن بينة , قال الله تعالى : ( (((( (((((((((( ((((((((((( ((((((((((( (((((( (((((((( (((((((( ((((((((( (((((((((((( (((( (((((((( (((( (((( (((( (((((((( ((((( ((((((( (((( (((((((( ((((((((( ((((((( (((((((((( (((( ((((( (((( ( ((((( (((((((((( (((((((((( ((((((((((( ((((((( ((((((((((( (((( ( , أمَّا مجادلتهم , واللقاء معهم , ومحاورتهم لأجل النزول عند رغباتهم , وتحقيق أهدافهم , ونقض عُرى الإسلام , ومعاقد الإيمان , فهذا باطلٌ يأباه الله ورسوله والمؤمنون , والله المستعان على ما يصفون , قال الله : ( (((((((((((((( ((( ((((((((((( (((( (((((( (((( ((((((( (((( (((((((( ( ( .(1/18)
وإنَّ اللجنة إذ تقرَّر ذلك وتبينه للناس , فإنها توصي المسلمين بعامة وأهل العلم بخاصة بتقوى الله تعالى ومراقبته , وحماية الإسلام , وصيانة عقيدة المسلمين من الضلال ودعاته , والكفر وأهله , وتحذرهم من هذه الدعوة الكفرية الضالة : ( وحدة الأديان ) ومن الوقوع في حبائلها , ونُعيذ بالله كلَّ مسلم أن يكون سبباً في جلب هذه الضلالة إلى بلاد المسلمين وترويجها بينهم , نسأل الله سبحانه بأسمائه الحسنى , وصفاته العُلى أن يُعيذنا جميعاً من مضلاَّت الفتن , وأن يجعلنا هداة مهتدين , حُماة للإسلام على هدى ونور من ربنا حتَّى نلقاه وهو راض عنَّا .
وبالله التوفيق , وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلَّم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو عضو نائب الرئيس الرئيس
بكر أبو زيد صالح الفوزان عبد العزيز آل الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
ثانياً / إيجاد التشويش على الإسلام , والبلبلة في (39) المسلمين عامة , وفي أهل السنة خاصة , وشحنهم بسيل من الشبهات والشهوات , ليعيش المسلمُ بين نفس نافرة , ونفس حاضرة .
ثالثاً / قصرُ مدِّ مذهب أهل السنة والجماعة واحتواؤه , ومنع الدعوة إليه في الحوارات والمؤتمرات بين الفرق والأديان ؟ .
قال أحد دُعاة الحوار د. يوسف الحسن : ( إنَّ الحوار الذي نفهم ليس دعوة مبطنةً , فمن التزم الحوار وقبله نهجاً , يكفُّ عن الدعوة والتبشير في الوقت الذي فيه يُحاور , فالحوار الذي نقصد له مصالح أخرى مشتركة , لا يدخل التبشير أو الدعوة ضمنها ) (40) .
وقال الدَّعي الآخر : د. حسن إسماعيل عبيد : ( إنَّ الحوار يرفض مبدأ أي توجُّه إحلالي يسعى إلى نسخ الدِّيانات القائمة , وتمثلها , واستيعابها في دينٍ ما , بحسبان أنه الأقوم أو الأفضل أو الأحسن , إنَّ الحوار يدعو إلى التعايش السلمي كعملية ممكنة في ظلِّ معطيات واقع الأديان القائمة واختلاف منطلقاتها العقائدية .. ) (41) .(1/19)
قال الله تعالى : ( (((((((((( (((((((((( (((((( ((((((((( (((((((((((( (((((((((( ((((((((( ((((((((( (((((( ((((((((((( (((((( ( ( .
رابعاً / ( تأتي على (42) ) الإسلام من القواعد ، مستهدفة إبرام القضاء على مذهب أهل السنة واندراسه - خاصة - ووهن المسلمين - عامة - ونزع الإيمان من قلوبهم وَوَأدِه .
خامساً / حلُّ الرابطة الإسلامية بين العالم الإسلامي في شتَّى بقاعه , لإحلال الأخوة البلدية اللعينة : أخوَّة اليهود والنصارى , أخوة الوطن .
( فالدين لله , والوطن للجميع ! ) (43) .
قال أحد دُعاة التقريب - سعود المولى - : ( إنَّ الأغيار في العقيدة , غير المسلمين لهم مكانهم الطبيعي , وليس مكانهم المقرون بالْمِنَّة ... فليس في الاجتماع السياسي الإسلامي مواطنون درجة أولى , ومواطنون درجة ثانية , المواطنون درجة واحدة وانتسابهم إلى الدولة انتسابٌ واحد ) (44) .
ويقول زميله : فهمي هويدي : ( ليس صحيحاً أنَّ المسلمين في هذه الدنيا صنفٌ متميِّز ومتفوِّق من البشر لمجرَّد كونهم مسلمين , وليس صحيحاً أنَّ الإسلام يُعطي أفضيلة للمسلمين .. ) (45) .
إنَّ هذا الدَّعيَّ ينقض أصلاً عقدياً عاماً في خيرية هذه الأمة , قال تعالى : ( ((((((( (((((( (((((( (((((((((( (((((((( ((((((((((( ((((((((((((((( (((((((((((( (((( ((((((((((( ((((((((((((( (((((( ( (((((( ((((((( (((((( ((((((((((( ((((((( ((((((( ((((( ( ((((((((( ((((((((((((((( (((((((((((((( (((((((((((((( ((((( ( .
وإنَّ هذه النزعة التي يُطنطِنُ حولها المُنافقون والجاهلون وهي : تقديم رابطة ( الوطن ) على رابطة ( الدين ) هي نزعة نفاق , لم يزل أهل الإسلام يعرفون ذلك من أهل النفاق بلحن القول , مُذْ كان الإسلام مُحاصَراً في المدينة .(1/20)
قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله تعالى في تفسيره لقول الله تعالى : ? ??????? ??????? ???????????? ?????????? ???????????????? ??????????? ??? ??????? ?????? ??????????????? ? ( فقالت هذه الطائفة : يا أهل يثرب , يريدون : يا أهل المدينة , فنادوهم باسم الوطن المنبئ عن التسمية به , إشارة إلى أنَّ الدين والأخوَّة الإيمانية ليس لهما في قلوبهم قدر , وأنَّ الذي حَمَلهم على ذلك مجرَّد الخور الطبيعي ) (46) .
سادساً : إلغاء أحكام أهل الذِّمَّة ؟ .
قال أحدُ دُعاة التقريب - محمد عمارة - : ( لَم تكن الجزية إذاً ضريبة ( دينية ) علَّة وجوبها هي ( المُخالفة في الدين ) بل كانت بدلاً من الجندية عندما اقتضت الضرورة الأمن قصر الجندية على المسلمين , فلمَّا زالت هذه الضرورة وكلَّما تخلَّفت سقطت هذه الضريبة , وقامت المساواة الحقَّة والحقيقة بين المواطنين على اختلاف الشرائع والمذاهب و ( الأديان ) واليوم ... وبعد التطوُّر الذي بلغته الأمة , والذي ساوى بين أبنائها جميعاً في شرف الجندية وتأدية ضريبة الدم , والذود عن الوطن , هل هناك مبرِّرٌ لبقايا فكرٍ أو حديث - مجرَّد فكر أو حديث - عن هذه الجزية تظل معشعشة في عقول متخلِّفة , ظانة أو زاعمة أنَّ سقوط هذه الضريبة هو تعطيل لحكم من أحكام الله !؟ ... ) (47) .
قال الله تعالى : ( (((((((((( ((((((((( (( ((((((((((( (((((( (((( (((((((((((( (((((((( (((( (((((((((((( ((( (((((( (((( (((((((((((( (((( (((((((((( ((((( ((((((((( (((( ((((((((( (((((((( ((((((((((( (((((( ((((((((( (((((((((((( ((( (((( (((((( (((((((((( (((( ( .(1/21)
وبعد أن أسقطوا الجزية , يُريدون أن يُسقطوا كل أحكام أهل الذَّمة , يقول الدَّعي فهمي هويدي : ( كل هذه الآراء سواء منها ما يتعلَّق بتصنيف الخلق , أو قسمة الأرض والديار , لا تستند إلى نصوص شرعية من كتاب أو سنة , وإنما هي اجتهادات طرحها الفقهاء والباحثون في ضوء قراءاتهم للواقع الذي عايشوه ) (48) .
نعم : لفظ ( الذمة ) ليس موجوداً في القرآن الكريم , ولكن أحكام الذمة موجودة قطعاً , وأما السنة : فيقول ابن الأثير رحمه الله تعالى : ( قد تكرَّر في الحديث ذكر الذمة , والذِّمام , وهما بمعنى : العهد , والأمان , والضمان , والحُرمة , والحق , وسمِّي أهل الذمة لدخولهم في عهد المسلمين وأمانهم ) (49) .
سابعاً / كفُّ أقلام المسلمين وألسنتهم عن تبديع وتفسيق من فسَّقهم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلَّم ( فضلاً عن (50) ) تكفير من كفَّرهم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلَّم , إن لم يُؤمنوا بمذهب أهل السنة ، ويتركوا ما سواه من المذاهب والأديان .
ثامناً / تستهدفُ هذه النظرية إبطال أحكام الإسلام المفروضة على المسلمين أمام الكافرين من اليهود والنصارى وغيرهم , وأمام المبتدعة ممن ينتسب للإسلام , من وجوب دعوتهم ومناصحتهم , فإن لم يستجيبوا فيجبُ عداوتهم وبغضهم , والتصريح لهم بالعداوة والبغض (51) .
قال أحد دُعاة التقريب محمد عبده في سرده لأصول الإسلام في اعتقاده : ( الأصل السابع للإسلام : مَوَدَّة المُخالفين في العقيدة ) (52) .(1/22)
لعلَّ الشيخ محمد عبده يجهل ما قال الله تعالى في كتابه , كقوله تعالى : ( ((((((((((( ((((((((( (((((((((( (( ((((((((((( ((((((((((( (((((((((((((( (((((((((((( ( (((((((((( (((((((((((( (((((( ( ((((( ((((((((((( (((((((( ((((((((( (((((((( ( (((( (((( (( ((((((( (((((((((( ((((((((((((( (((( ( , وقول الله تعالى : ( (( (((((( ((((((( ((((((((((( (((((( (((((((((((( (((((((( ((((((((((( (((( (((((( (((( (((((((((((( (((((( ((((((((( ((((((((((((( (((( (((((((((((((( (((( ((((((((((((( (((( ((((((((((((( ( (((((((((((( (((((( ((( ((((((((((( (((((((((( ((((((((((( ((((((( ((((((( ( (((((((((((((( ((((((( ((((((( ((( ((((((((( ((((((((((( (((((((((( (((((( ( (((((( (((( (((((((( ((((((((( (((((( ( (((((((((((( (((((( (((( ( (((( (((( (((((( (((( (((( ((((((((((((((( (((( ( .
وقال فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى : من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ سماحة الشيخ جاد الحق علي جاد الحق , شيخ الأزهر , وفقه الله للخير .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أما بعد : فقد اطلعت على مقالة لسماحتكم نشرتها صحيفة الجزيرة السعودية في عددها الصادر في ( يوم الجمعة 16 / 5 / 1415 هـ ) بعنوان : ( علاقة الإسلام بالأديان الأخرى ) وَرَدَ في أولها من كلامكم ما نصُّه :(1/23)
( الإسلام يحرص على أن يكون أساس علاقاته مع الأديان والشعوب الأخرى هو السلام العام , والود والتعاون , لأن الإنسان عموماً في نظر الإسلام هو مخلوق عزيز كرَّمه الله تعالى وفضله على كثير من خلقه , يدل لهذا قول الله تعالى في سورة الإسراء : ( (((((((( ((((((((( (((((( ((((((( ((((((((((((((( ((( ((((((((( (((((((((((( (((((((((((((( ((((( ((((((((((((( ((((((((((((((( (((((( ((((((( ((((((( ((((((((( ((((((((( (((( ( والتكريم الإلهي للإنسان بخلقه وتفضيله على غيره يُعدُّ رباطاً سامياً , يشدُّ المسلمين إلى غيرهم من بني الإنسان , فإذا سمعوا بعد ذلك قول الله تعالى في سورة الحجرات : ( ((((((((((( (((((((( ((((( (((((((((((( (((( (((((( ((((((((( ((((((((((((((( (((((((( (((((((((((( ((((((((((((((( ( (((( (((((((((((( ((((( (((( ((((((((((( ( (((( (((( ((((((( ((((((( (((( ( أصبحَ واجباً عليهم أن يقيموا علاقات المودة والمحبة مع غيرهم من أتباع الديانات الأخرى ، والشعوب غير المسلمة , نزولاً عند هذه الأخوة الإنسانية ، وهذا هو معنى التعارف الوارد في الآية . . ) إلخ .(1/24)
ولقد كدَّرني كثيراً ما تضمنته هذه الجمل من المعاني المُخالفة للآيات القرآنية والأحاديث النبوية ، ورأيتُ من النصح لسماحتكم التنبيه على ذلك : فإنه لا يخفى على سماحتكم أنَّ الله سبحانه قد أوجبَ على المؤمنين بُغضَ الكفار ، ومعاداتهم ، وعدم مودتهم وموالاتهم ، كما في قوله عز وجل : ? ????????????????? ?????????? ?????????? ??? ????????????? ??????????? ????????????????? ????????????????? ??????????? ????????????????? ???????? ????? ????????????? ???????? ????????????? ????????? ?????? ?????? ??? ???????? ?????????? ???????????????? ????? , وقال سبحانه في سورة آل عمران : ? ????????????????? ?????????? ??????????? ??? ????????????? ?????????? ???? ?????????? ??? ???????????????? ????????? ???????? ??? ????????? ?????? ??????? ???????????????? ???? ?????????????? ????? ???????? ??????????? ??????????? ?????? ????????????? ?????? ????????????? ???? ??????? ?????????????? ?????? , وقال سبحانه في سورة الممتحنة : ? ????????????????? ?????????? ??????????? ??? ????????????? ???????? ????????????? ?????????????? ?????????? ?????????? ???????????????? ??????? ????????? ?????? ????????? ?????? ????????? ????????????? ??????????? ??????????????? ???? ???????????? ????????? ?????????? ???? ??????? ??????????? ?????????? ? ????????? ???????????????? ??????????? ??????????? ?????????? ???????????????? ?????????? ????????? ??????? ????????????? ?????? ????????????? ????? ???????????? ??????? ??????? ?????? ???????? ????????????? ??? ???? ???????????????? ???????????? ?????? ??????????? ??????????????? ??????????? ?????????????? ???????????????? ????????????? ?????????? ???? ???????????? ??? ???(1/25)
???????????? ?????????????? ?????? ???????????????? ??????? ??????????????? ?????????? ????????????? ??????????? ?????? ???????????? ???????? ??? ????? ??????? ?????? ?????????? ???????? ???? ??????????????? ???????????? ???????? ????? ?????????? ???????????? ???????? ????????????? ??????? ???????? ????????????? ??? ????? ?????? ?????????? ??????? ???????? ??????????? ?????????????? ????????????? ??????????????????? ????????? ??????? ???????????? ????????? ?????????? ? الآية , وقال سبحانه في سورة المجادلة : ( (( (((((( ((((((( ((((((((((( (((((( (((((((((((( (((((((( ((((((((((( (((( (((((( (((( (((((((((((( (((((( ((((((((( ((((((((((((( (((( (((((((((((((( (((( ((((((((((((( (((( ((((((((((((( ( الآية .
فهذه الآيات الكريمات وما جاء في معناها من الآيات الأخرى , كلُّها تدلُّ على وجوب بغض الكفار ، ومعاداتهم ، وقطع المودة بينهم وبين المؤمنين حتى يؤمنوا بالله وحده .
أما التعارف الذي دلَّت عليه آية الحجرات فلا يلزم منه المودة ولا المحبة للكفار ، وإنما تدلُّ الآية : أنَّ الله جعل بني آدم شعوباً وقبائل , ليتعارفوا ، فيتمكنوا من المعاملات الجائزة بينهم شرعاً , كالبيع والشراء وتبادل السفراء ، وأخذ الجزية من اليهود والنصارى والمجوس ... وغير ذلك من العلاقات التي لا يترتب عليها مودة ولا محبة .
وهكذا تكريم الله سبحانه لبني آدم لا يدل على جواز إقامة علاقة المودة والمحبة بين المسلم والكافر ، وإنما يدل ذلك على أن جنس بني آدم قد فضَّله الله على كثير من خلقه .
فلا يجوزُ أن يُستنبط من الآيتين ما يُخالف الآيات المحكمات المتقدِّمة وغيرها الدالة على وجوب بُغضِ الكفار في الله ومعاداتهم ، وتحريم مودتهم وموالاتهم , لِما بينهم وبين المسلمين من البون العظيم في الدين .(1/26)
والواجبُ على أهل العلم تفسير القرآن بما يُصدِّقُ بعضه بعضاً ، وتفسير المشتبه بالمحكم ، كما قال الله جل وعلا : ( (((( (((((((( ((((((( (((((((( ((((((((((( (((((( (((((((( ((((((((((( (((( (((( ((((((((((( (((((((( (((((((((((((( ( ((((((( ((((((((( ((( ((((((((((( (((((( ((((((((((((( ((( ((((((((( (((((( (((((((((((( (((((((((((( (((((((((((((( (((((((((((( ( ( الآية ، مع أنَّ الحكم بحمد الله في الآيات المحكمات المذكورة وغيرها واضحٌ لا شبهة فيه ، والآيتان اللتان في التعارف والتكريم ، ليس فيهما ما يُخالف ذلك .
وقد ورد في المقال أيضاً ما نصُّه : ( فنظرة المسلمين إذن إلى غيرهم من أتباع اليهودية والنصرانية هي نظرة الشرك إلى شركائه في الإيمان بالله والعمل بالرسالة الإلهية التي لا تختلف في أصولها العامة ) .
وهذا - كما لا يخفى على سماحتكم - حكمٌ مُخالفٌ للنصوص الصريحة في دعوة أهل الكتاب وغيرهم إلى الإيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلَّم ، وتسمية مَنْ لَمْ يستجب منهم لهذه الدعوة كُفَّاراً .(1/27)
ومن المعلوم أنَّ جميع الشرائع التي جاءت بها الأنبياء قد نُسخت بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم ، فلا يجوزُ لأحد من الناس أن يَعمل بغير الشريعة التي جاء بها القرآنُ الكريمُ والسنةُ الصحيحةُ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم كما قال سبحانه : ? ????? ??????????? ?????? ????????????? ???????????? ??????? ???????????? ????????????? ???????? ??? ?????? ??????????? ???? ??????????? ?????? ??????????? ?????????????? ????? ????? ??????????? ??????? ????????????? ??????????? ????? , وقال تعالى : ? ?????????????? ??????????? ????? ???????????? ???????????? ???????????????? ????????? ????????? ???????? ????????? ???????????????? ???? ???????????????? ?????? , وقال سبحانه : ( (((( ((((((((((( (((((((( (((((( ((((((( (((( (((((((((( (((((((( ((((((( ((((( (((((( ((((((((((((( (((((((((( ( (( ((((((( (((( (((( ((((((( ((((((((( ( (((((((((((( (((((( ((((((((((( (((((((((( (((((((((( ((((((( (((((((( (((((( (((((((((((((( ((((((((((((( (((((((((( ((((((((((( ((((( ( , وقال سبحانه : ( (((((( (((((( ((((((((( ((((((((( (((( (((( (((( ((((((((((( (((((( (((((((( ( ( , وقال سبحانه : ( (((((( (((((( ((((((((( ((((((((( (((( (((( ((((((( ((((((((( ( ((((( (((( ((((((( (((( ((((((( ((((((( ( ( الآية ، وقال عن اليهود والنصارى في سورة التوبة : ( (((((((((((( ((((((((((((( ((((((((((((((( (((((((((( (((( ((((( (((( ((((((((((((( (((((( (((((((( (((((( (((((((((( (((( (((((((((((((( (((((((( (((((((( ( (( ((((((( (((( (((( ( (((((((((((( ((((( ((((((((((( (((( ( , والآيتين بعدها .(1/28)
والآياتُ في هذا المعنى كثيرة ، كلُّها تدلُّ على كفر اليهود والنصارى باتخاذهم أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله ، وقول اليهود : عزيرٌ ابن الله ، وقول النصارى : المسيحُ ابن الله ، وتكذيبهم لمحمد صلى الله عليه وسلم ، وعدم إيمانهم به إلاَّ مَن هداه الله منهم للإسلام .
وقد روى مسلم في صحيحه (53) عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( والذي نفسُ محمدٍ بيده لا يَسمعُ بي أحدٌ من هذه الأمة يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ ثمَّ يَموتُ ولَمْ يُؤمن بالذي أُرسلت به إلا كانَ مِن أهلِ النار ) .
وفي الصحيحين (54) عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لَعنَ الله اليهودَ والنصارى اتخذوا قبورَ أنبيائهم مساجد ) , والأحاديث الدَّالة على كفر اليهود والنصارى ، وأنهم أعداءٌ لنا كثيرة .
وإباحة الله سبحانه للمسلمين طعام أهل الكتاب ونساءهم المحصنات منهنَّ لا تدُلُّ على جواز مودَّتهم ومحبتهم ، كما لا يَخفى على كلِّ مَن تدَّبر الآيات , وأعطى المقام حقَّهُ من النظر والعناية , وبذلك كلِّه يتبين لسماحتكم خطأ ما ورد في المقال من :
1 - القول بأنَّ الود والمحبة من أساسيات العلاقة في الإسلام بين الأديان والشعوب .
2 - الحكم لأتباع اليهودية والنصرانية بالإيمان بالله , والعمل بالرسالة الإلهية التي لا تختلف في أصولها العامة .(1/29)
وتواصياً بالحقِّ كتبتُ لسماحتكم هذه الرسالة ، راجياً من سماحتكم إعادة النظر في كلامكم في هذين الأمرين ، وأن ترجعوا إلى ما دلَّت عليه النصوص ، وتقوموا بتصحيح ما صدر منكم في الكلمة المذكورة , براءة للذمة ، ونصحاً للأمة ، وذلك مما يُحمد لكم إن شاء الله ، وهو يدلُّ على قوة الإيمان ، وإيثار الحق على غيره متى ظهرت أدلته , والله المسئول بأسمائه الحسنى وصفاته العلى , أن يوفقنا وإياكم وسائر علماء المسلمين لمعرفة الحقِّ واتباعه ، وأن يَمُنَّ علينا جميعاً بالنصح له ولعباده ، وأن يجعلنا جميعاً من الهداة المهتدين ، إنه جواد كريم , وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وآله وصحبه (55) .
تاسعاً / تستهدف كفَّ ونسيان المسلمين عن ذروة سنام الإسلام : الجهاد في سبيل الله , وكم في ( مجاهدة (56) ) الكافرين والمبتدعة أعداء الله ورسوله صلى الله عليه وسلَّم والمؤمنين من ( إرهاب ) لهم , وإدخال للرعب في قلوبهم , فينتصر به الإسلام , ويُذَلُّ به أعداؤُه , ويَشْفِ الله به صدورَ قومٍ مؤمنين .
فَوَا عَجَبَاً من تفريط المسلمين بهذه القوة الشرعية , لظهور تفريطهم في مواقفهم المتهالكة :
موقفِ : اغتيال الجهاد ووأده .
وموقفِ : تأويل الجهاد بالدفاع , لا للاستسلام ( على (57) ) كلمة الإسلام , أو الجزية - ممن يجوز قبولها منهم - إن لم يُسلموا .
وموقفِ : تلقيب الجهاد باسم ( الإرهاب ) للتنفير منه .
عاشراً / تستهدف هدم قاعدة الإسلام وأصله (58) الولاء والبراء , ( والذي (59) ) ليس في كتاب الله تعالى حكمٌ فيه من الأدلة أكثر ولا أبين من هذا الحكم ، بعد وجوب التوحيد وتحريم ضده (60) .
فترمي هذه النظرية الماكرة : إلى كسر حاجز براءة المسلمين من الكافرين , ( والبراءة من (61) ) المبتدعة وأصحاب الكبائر ( ومفاصلتهم (62) ) والتديُّن بإعلان بغضهم وعداوتهم , والبعد عن موالاتهم وتوليهم وموادَّتهم وصداقتهم , بعد دعوتهم .(1/30)
ثمَّ إنَّ القاعدة التي يجتمع عليها ( المتحاورون بين الفرق (63) ) : ( نجتمع فيما اتَّفقنا عليه , ويعذرُ بعضنا بعضاً فيما اختلفنا عليه ؟ .
وهذا تقعيد حادثٌ فاسدٌ , إذ لا عُذرَ لِمَن خالف ( في (64) ) قواطع الأحكام في الإسلام , فإنه بإجماع المسلمين لا يسوغُ العذر ولا التنازلُ عن مسلَّمات الاعتقاد , وكم من فرقة تُنابذ أصلاً شرعياً وتُجادل دونه بالباطل ؟ ) (65) .
وأُعيذُ بالله تعالى كلَّ مسلم من تَسَرُّبِ حُجَّةِ يهود ؟ .
فهم مختلفون على الكتاب , مُخالفون للكتاب , ومع هذا يُظهرون الوحدة والاجتماع , وقد كذَّبهم الله تعالى , فقال سبحانه : ( (((((((((((( (((((((( ((((((((((((( (((((( ( ( .
وكان من أسباب لعنتهم ما ذكره الله تعالى بقوله : ( (((((((( (( ((((((((((((( ((( ((((((( ((((((((( ( ( .
وإنَّ المؤمن للمؤمن كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : ( المؤمنُ للمؤمن كاليدين تَغسلُ إحداهما الأخرى , وقد لا ينقلعُ الوَسَخُ إلا بنوعٍ من الخشونة , لكنَّ ذلك يُوجب من النظافة والنعومة , ما نَحمدُ معه ذلك التخشين ) (66) .
وقال إبراهيم بن ميسرة رحمه الله تعالى : ( من وقَّرَ صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام ) (67) , وقال الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى : ( المؤمن يقف عند الشبهة ، ومَن دَخَلَ على صاحب بدعة فليست له حُرمة ) (68) , وقال عبد الله بن عمر السرخسي رحمه الله تعالى : ( أكلتُ عند صاحب بدعة أكلة , فبلغَ ذلك ابن المبارك , فقال : لا كلَّمته ثلاثين يوماً ) (69) .
وقال الإمام أبو داود صاحب السنن للإمام أحمد : أرى رجلاً من أهل السنة مع رجل من أهل البدعة ، أترك كلامه ؟ قال : ( لا ، أو تعلمه أن الرجل الذي رأيته معه صاحب بدعة ، فإنْ تَرَكَ كلامه فكلِّمه , وإلاَّ فألحقه به , قال ابن مسعود : المرء بخدنه ) (70) .(1/31)
وقال الإمام أحمد رحمه الله تعالى : ( إذا سلَّم الرجل على المبتدع فهو يُحبُّه , قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : ألا أدلكم على ما إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم ) (71) .
وقال الإمام البغوي تعليقاً على حديث الثلاثة الذين خلِّفوا رضي الله عنهم : ( وفيه دليلٌ على أنَّ هجران أهل البدع على التأبيد .. وقد مضت الصحابة والتابعون وأتباعهم وعلماء السنة على هذا ، مُجمعين متفقين على معاداة أهل البدعة ومهاجرتهم ) (72) .
وقال الخطيب والديلمي : ( إذا ماتَ صاحب بدعةٍ فقد فُتحَ في الإسلام فتحٌ ) (73) .
فكيف بالداعي لها ؟! .
الحادي عشر / تستهدفُ تعظيم أئمة الاعتزال والمبتدعة , وبعض الفلاسفة المارقين عن الدين , وتصويرهم بصورة المُتحرِّرين والإصلاحيين , في مقابل الحطِّ من بعض أئمة السنة , ونبزهم بألقاب السوء , وبثِّ ونشر كتب أهل البدع والفسق بين أهل السنة وفي مكتباتهم (74) .
قال أبو محمد عبدالله بن أحمد بن قدامة المقدسي ت620هـ رحمه الله تعالى : ( ومن السنة : هجران أهل البدع , ومباينتهم , وترك الجدال والخصومات في الدين , وترك النظر في كتب المبتدعة , والإصغاء إلى كلامهم , وكل محدثة في الدين بدعة ) (75) , وله رحمه الله كتاب لطيف بعنوان : تحريم النظر في كتب أهل الكلام (76) .
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى : ( قال المروزي : قلتُ لأحمد رحمه الله تعالى : استعرتُ كتاباً فيه أشياء رديئة , ترى أنْ أخرقه أو أحرقه ؟ قال : نعم ) .
وقال أيضاً : ( وكلُّ هذه الكتب المتضمنة لمخالفة السنة : غير مأذون فيها , بل مأذون في محقها وإتلافها , وما على الأمة أضرّ منها , وقد حرَّق الصحابة رضي الله عنهم جميع المصاحف المخالفة لمصحف عثمان رضي الله تعالى عنه , لَمَّا خافوا على الأمة من الاختلاف , فكيف لو رأوا هذه الكتب التي أوقعت الخلاف والتفرُّق بين الأمة ) (77) .(1/32)
وانظروا رحمني الله وإياكم إلى ما فعله فضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الدولة السنية السعودية , رئيس القضاة والشئون الإسلامية رحمه الله تعالى : مع مؤلفِ كتاب : أبو طالب مؤمن قريش , حيث قال فضيلته رحمه الله تعالى :
( من محمد بن إبراهيم إلى المكرم مدير شرطة الرياض سلمه الله .
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته , وبعد :
فبالإشارة إلى المعاملة الواردة منكم برقم 944 وتاريخ 10/11/1381 المتعلقة بمحاكمة ... فإنه جرى الإطلاع على المعاملة الأساسية ووجدنا بها الصك الصادر من القضاة الثلاثة المقتضي إدانته ، والمتضمن تقريرهم عليه : يُعزَّر بأمور أربعة :
أولاً : مصادرة نسخ الكتاب وإحراقها , كما صرَّح العلماء بذلك في حكم كتب المبتدعة .
ثانياً : تعزير جامع الكتاب بسجنه سنة كاملة ، وضربه كلَّ شهرين عشرين جلدة في السوق مدة السنة المُشار إليها بحضور مندوب من هيئة الأمر بالمعروف مع مندوب الإمارة والمحكمة .
ثالثاً : استتابته , فإذا تاب وأعلن توبته وكتب كتابة ضدَّ ما كتبه في كتابه المذكور ونُشرت في الصحف وتمَّت مدة سجنه خُلِّي سبيله بعد ذلك ، ولا يُطلق سراحه , وإن تمَّت مدة سجنه ما لَم يقم بما ذكرنا في هذه المادة .
رابعاً : فصله من عمله ، وعدم توظيفه في جميع الوظائف الحكومية ، لأنَّ هذا من التعزير .
هذا ما يتعلَّق بالتعزيز الذي قررته اللجنة , وبعد استكماله يبقى موضوع التوبة يجرى فيه ما يلزم إن شاء الله , والسلام عليكم , ص/ف 27 في 10/1/ 1382هـ .
توبته
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم .. وفقه الله .
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته , وبعد :
فبالإشارة إلى خطاب جلالتكم رقم 17/7/337 في 14/3/1382 بشأن ... مؤلف كتاب : أبو طالب مؤمن قريش , وما رأى جلالتكم من إحضاره لدينا وأخذ اعترافاته كتابة بالتكذيب لِما كتبه .(1/33)
ونفيد جلالتكم أننا استدعينا المذكور ، وقرَّر التوبة المرفقة ، والتزم بالكتابة والنشر في الصحف ردَّاً على ما افتراه في كتابه ، كما أخذنا عليه التعهد بعدم إعادة طبع الكتاب أو الإذن لأحد بطبعه ، ومتى حصل ذلك فإنه معرَّض للعقوبة , ونعيد إلى جلالتكم أوراق المعاملة , والله يحفظكم , ص/ ف 496 في 2/4/1382هـ
اعترافه بالخطأ خطياً
بسم الله الرحمن الرحيم : أنا ... مؤلف كتاب : أبو طالب مؤمن قريش , أعترف بأن كتابي المذكور يشتمل على ما يأتي :
(1) الجزم بإيمان أبي طالب .
(2) انتهاك حرمة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : برمي بعضهم بالزنا ، وتفسيق البعض ، وتكفير البعض ، ونسبة البعض إلى أخذ الرشوات مقابل وضع الحديث واختلاقه على النبيِّ صلى الله عليه وسلم .
(3) أحاديث مختلقة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم اعتمدتُ عليها في الكتاب المذكور .(1/34)
أعترف بوقوع هذه الأشياء في كتابي : أبي طالب مؤمن قريش , وأنني إذ أعترف بذلك أُقر بخطئي في ذلك جميعه ، وأتوب إلى الله من هذه الأشياء ، وأعتقد في أبي طالب بما صحَّ به الحديث أنه مات على ملَّة عبد المطلب وهي الكفر ، وأقول في جميع الصحابة أنهم أفضل الخلق بعد الأنبياء ، وأنَّ نصوص الكتاب والسنة الدالة على فضلهم تشمل من تكلَّمتُ في شأنهم في الكتاب المذكور ، وأُبرئ جنابهم من جميع ما رميتهم به من الزنا والفسق والكفر وأخذ الرشوات مقابل الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم ، وأترضَّى عن جميع الصحابة ، وأعتبر الطعن فيهم طعناً في الشريعة لأنهم نَقَلَتُها ، كما أني تائبٌ إلى الله من ذكر الأحاديث الموضوعة , وأعتقدُ الإمساك عمَّا شجر بين الصحابة ، وأقول : إنَّ هذه الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كذب ، ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغيِّر عن وجهه ، الصحيح منه هم فيه معذورون : إما مجتهدون مصيبون ، وإما مجتهدون مخطئون , وخطؤهم مغفور لهم ، كما أني تائب إلى الله من ذكر الأحاديث الموضوعة التي ذكرتها في هذا الكتاب ونسبتها إلى الرسول الله صلى الله عليه وسلم حذراً من الوعيد الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : ( من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ) , وفي رواية : ( من قال عليَّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار ) وكما أُعلن توبتي من هذه الطامات التي تُعتبر جناية على الشريعة الإسلامية ومنكراً وزوراً وبهتاناً أتعهَّد بأن أردَّ ما في الكتاب المذكور من الأخطاء ردَّاً مفصَّلاً مستمدَّاً من كتب المعتبرين عند أهل الحق , هذا وأسأل الله أن يقبل مني توبتي ، ويجزي عني من صاروا سبباً في هذه التوبة خير الجزاء , وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم ( توقيعه ) .
كما أني أتعهد بعدم إعادة طبع الكتاب من قبلي , وعدم الإذن مني لمن شاء إعادة طبعه , وعليه أوقع 3/4/1382 ( توقيعه ) (78) .(1/35)
الثاني عشر / تستهدف إسقاط جوهر الإسلام , واستعلائه , وظهوره وتميزه , بجعل دين الإسلام المحكم المحفوظ من التحريف والتبديل , في مرتبة متساوية مع غيره من كل دين محرَّف منسوخ , بل مع العقائد الوثنية الأخرى , وجعل مذهب أهل السنة في مرتبة متساوية مع المذاهب الفاسدة .
وقد قام أحد دُعاة التقارب مع الآخر ؟ بنشر مقالٍ ذكر فيه : أنَّ من لَم يتَّبع النبيَّ صلى الله عليه وسلم ولم يُطعه ، بل بقي يهودياً أو نصرانياً فهو على دين حق ؟ .
فأصدر سماحة شيخنا عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله تعالى هذا البيان :
( الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد : فقد اطلعتُ على المقال المنشور بجريدة الشرق الأوسط بعددها رقم ( 5824 ) وتاريخ 5/6/1415هـ كتبه من سَمَّى نفسه : عبد الفتاح الحايك تحت عنوان : ( الفهم الخاطئ ) .
وملخَّص المقال : إنكاره لِما هو معلومٌ من دين الإسلام بالضرورة ، وبالنصِّ والإجماع ، وهو عمومُ رسالة محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس ، وادعاؤه أنَّ من لَم يتَّبع محمد صلى الله عليه وسلم ولم يُطعه ، بل بقي يهودياً أو نصرانياً فهو على دين حق ، ثمَّ تطاول على ربِّ العالمين سبحانه في حكمته في تعذيب الكفار والعصاة وجعل ذلك من العبث .
وقد قام بتحريف النصوص الشرعية ووضعها في غير مواضعها ، وفسَّرها بما يُمليه هواه ، وأعرض عن الأدلة الشرعية والنصوص الصريحة الدالة على عموم رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، وعلى كفر من سمع به ولم يتَّبعه ، وأنَّ الله لا يقبل غير الإسلام ديناً ، إلى غير ذلك من النصوص الصريحة التي أعرض عنها , لينخدع بكلامه الجهَّال .(1/36)
وهذا الذي فعله كفرٌ صريحٌ ، وردةٌ عن الإسلام ، وتكذيبٌ لله سبحانه ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، كما يَعلمُ ذلك مَن قرأ المقال من أهل العلم والإيمان , والواجب على وليِّ الأمر إحالته للمحكمة لاستتابته والحكم عليه بما يقتضيه الشرع المطهَّر .
والله سبحانه وتعالى قد بيَّن عموم رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، ووجوب اتباعه على جميع الثقلين ، وذلك لا يجهله مَن له أدنى مسكة من علم من المسلمين ، قال الله تعالى : ( (((( ((((((((((( (((((((( (((((( ((((((( (((( (((((((((( (((((((( ((((((( ((((( (((((( ((((((((((((( (((((((((( ( (( ((((((( (((( (((( ((((((( ((((((((( ( (((((((((((( (((((( ((((((((((( (((((((((( (((((((((( ((((((( (((((((( (((((( (((((((((((((( ((((((((((((( (((((((((( ((((((((((( ((((( ( , وقال تعالى : ( ((((((((( (((((( (((((( ((((((((((((( (((((((((( ((((( (((((( (((((( ( ( , وقال تعالى : ( (((( ((( ((((((( ((((((((( (((( (((((((((((((( (((((((((((( (((( (((((((((( (((((( ((((((((((( ( ( , وقال تعالى : ( ((((( (((((((( (((((( ((((((((((( (((((( ((((( (((((((( (((((( (((((( ((( (((((((((( (((( (((((((((((((( (((( ( , وقال تعالى : ( (((((( ((((((((((((( (((( (((((((( ((((((((( (((((((( (((((((((( ( , وقال تعالى : ( (((((( ((((((((((((( (((( (((((((( ((((((((((((((( ((((( ( , وقال تعالى : ( ((((( (((((((((( (((((((( ((((((((((( ((((((((((((((( (((((((((((((( ( (((((( ((((((((((( (((((( ((((((((((( ( ((((( (((((((((( ((((((((( (((((((( ((((((((((( ( (((((( ((((((( ((((((((((((( (((( ( , وقال سبحانه : ( ((((((((( ((((((( (((((( ((((((((((((( (((((( ((((((((( ((((((((( (((((((((((((( (((((((( ((( ( .(1/37)
وروى البخاري ومسلم ، عن جابر رضي الله عنه ، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أُعطيتُ خمساً لَمْ يُعطهنَّ أحدٌ قبلي : نُصرتُ بالرُّعب مسيرةَ شهر , وجُعلت لي الأرضُ مسجداً وطهوراً , فأيُّما رجلٍ من أُمَّتي أدركته الصلاةُ فليُصلِّ , وأُحلَّت لي المغانمُ ولَم تُحل لأحد قبلي , وأُعطيتُ الشفاعةَ , وكان النبيُّ يُبعثُ إلى قومه خاصة وبعثتُ إلى الناس عامَّة ) (79) .
وهذا بيانٌ صريحٌ لعموم وشمول رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع البشر ، وأنها نَسخت جميع الشرائع المتقدمة ، وأنَّ من لَم يَتَّبع محمد صلى الله عليه وسلم ولم يُطعه فهو كافرٌ عاص مستحق لعقابه ، قال تعالى : ( ((((( (((((((( ((((( (((( ((((((((((( (((((((((( ((((((((((( ( ( , وقال تعالى : ( (((((((((((( ((((((((( (((((((((((( (((( (((((((((( ((( ((((((((((( (((((((( (((( ((((((((((( ((((((( ((((((( (((( ( .
وقال تعالى : ( ((((( (((((( (((( (((((((((((( (((((((((( (((((((((( (((((((((( (((((( (((((((( (((((( ((((((( ((((((( ((((((( (((( ( , وقال تعالى : ( ((((( (((((((((( (((((((((( (((((((((((( (((((( (((( (((((((( (((((((((( ((((( ( , والآيات في هذا المعنى كثيرة .
والله سبحانه قد قرن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم بطاعته ، وبيَّن أنَّ من اعتقد غير الإسلام فهو خاسرٌ لا يقبل منه صرف ولا عدل ، فقال تعالى : ( ((((( (((((((( (((((( ((((((((((( (((((( ((((( (((((((( (((((( (((((( ((( (((((((((( (((( (((((((((((((( (((( ( , وقال تعالى : ( ((( (((((( (((((((((( (((((( ((((((( (((( ( ( .(1/38)
وقال تعالى : ( (((( (((((((((( (((( (((((((((((( (((((((((( ( ((((( (((((((((( ((((((((( (((((((( ((( ((((((( ((((((((((( ((( ((((((((((( ( ((((( (((((((((( ((((((((((( ( ( ، وقال تعالى : ( (((( ((((((((( ((((((((( (((( (((((( ((((((((((( ((((((((((((((((( ((( ((((( (((((((( (((((((((( ((((((( ( (((((((((((( (((( (((( (((((((((((( ((( ( .
وروى مسلمٌ في صحيحه (80) أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( والذي نفسُ محمدٍ بيده لا يَسمعُ بي أحدٌ من هذه الأمةِ يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ ثم يموتُ ولم يُؤمن بالذي أُرسلتُ به إلا كانَ من أصحابِ النار ) .
وقد بيَّن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بفعله وقوله بطلان ديانة مَن لَم يدخل في دين الإسلام ، فقد حاربَ اليهود والنصارى ، كما حاربَ غيرهم من الكفار ، وأخذ ممن أعطاه منهم الجزية حتى لا يَمنعوا وصول الدعوة إلى بقيتهم ، وحتى يدخل من شاء منهم في الإسلام دون خوف من قومه أن يصدوه أو يمنعوه أو يقتلوه .
وقد روى البخاري ومسلم (81) ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( بينما نحنُ في المسجدِ إذْ خَرَجَ علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلَّم فقالَ : انطَلِقُوا إلى يهودَ , فخرجنا مَعَهُ , حتَّى جئنا بيت المدراس , فقام النبيُّ صلى الله عليه وسلَّم فناداهم : يا معشرَ يهودَ أَسلِمُوا تَسْلَمُوا , فقالوا : قد بلَّغتَ يا أبا القاسمِ , فقال صلى الله عليه وسلم : ذلكَ أُريدُ , ثمَّ قالها الثانية , فقالوا : قد بلَّغتَ يا أبا القاسم , ثمَّ قالَ الثالثة ) الحديث .
والمقصود : أنه صلى الله عليه وسلم ذهب إلى أهل الديانة من اليهود في بيت مدراسهم فدعاهم إلى الإسلام ، وقال لهم : ( أسلموا تسلموا ) وكرَّرها عليهم ، وكذلك بعث بكتابه إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام ، ويُخبره أنه إن امتنع فإنَّ عليه إثم الذين امتنعوا من الإسلام بسبب امتناعه منه .(1/39)
فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما (82) ، أنَّ هرقل دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقرأه فإذا فيه : ( مِنْ محمدٍ عبد الله ورسوله إلى هرقلَ عظيمِ الرومِ , سلامٌ على من اتَّبَعَ الهُدَى , أمَّا بعدُ : فإنِّي أدعوكَ بدِعايةِ الإسلامِ , أَسْلِمْ تَسْلَمْ يُؤتكَ الله أجرَكَ مرَّتين , فإنْ تولَّيتَ فإنَّ عليكَ إثمَ الأَرِيِسِيِّينَ (83) ( (((( (((((((((( ((((((((((( ((((((((((( (((((( (((((((( (((((((( ((((((((( (((((((((((( (((( (((((((( (((( (((( (((( (((((((( ((((( ((((((( (((( (((((((( ((((((((( ((((((( (((((((((( (((( ((((( (((( ( ((((( (((((((((( (((((((((( ((((((((((( ((((((( ((((((((((( (((( ( ) , ثمَّ لَمَّا تولَّوا ورفضوا الدخول في الإسلام قاتلهم صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه رضي الله عنهم وفرض عليهم الجزية .
ولتأكيد ضلالهم وأنهم على دين باطل بعد نسخه بدين محمد صلى الله عليه وسلم أمرَ اللهُ المسلمَ أن يَسأل الله في كلِّ يوم وفي كل صلاة وفي كل ركعة أن يهديه الصراط المستقيم الصحيح المتقبَّل ، وهو : الإسلام ، وأن يُجنِّبه طريق المغضوب عليهم ، وهم : اليهود وأشباههم الذين يعلمون أنهم على باطل ويُصرُّون عليه ، ويُجنبه طريق الضالين الذين يتعبَّدون بغير علم ويزعمون أنهم على طريق هدى وهم على طريق ضلالة ، وهم : النصارى ، ومن شابههم من الأمم الأخرى التي تتعبَّدُ على ضلال وجهل (84) .
وكلُّ ذلك ليعلم المسلمُ علم اليقين أن كلَّ ديانة غير الإسلام فهي باطلة ، وأنَّ كلَّ من يتعبَّدُ لله على غير الإسلام فهو ضال ، ومَن لَم يعتقد ذلك فليس من المسلمين .
والأدلة في هذا الباب كثيرة من الكتاب والسنة .(1/40)
فالواجب على صاحب المقال - عبد الفتاح - أن يُبادر بالتوبة النصوح ، وأن يكتب مقالاً يُعلن فيه توبته ، ومن تاب إلى الله توبة صادقة تاب الله عليه , لقول الله سبحانه : ( ((((((((((( ((((( (((( (((((((( (((((( ((((((((((((((( (((((((((( ((((((((((( (((( ( , وقوله سبحانه : ( ((((((((((( (( ((((((((( (((( (((( (((((((( ((((((( (((( ((((((((((( ((((((((( ((((((( (((((( (((( (((( ((((((((((( (((( ((((((((( ( ((((( (((((((( ((((((( (((((( (((((((( (((( ( , ولقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم : ( الإسلامُ يهدم ما كان قبله , والتوبةُ تهدمُ ما كان قبلها ) (85) , وقوله صلى الله عليه وسلم : ( التائبُ من الذنب كمن لا ذنبَ له ) (86) , والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .
وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يُرينا الحقَّ حقاً ويرزقنا اتباعه ، وأن يُرينا الباطلَ باطلاً ويرزقنا اجتنابه ، وأن يَمُنَّ علينا وعلى الكاتب عبد الفتاح وعلى جميع المسلمين بالتوبة النصوح ، وأن يُعيذنا جميعاً من مُضلات الفتن وطاعة الهوى والشيطان ، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه , وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ) (87) .
الثالث عشر / تستهدف السماح للكفار بإقامة شعائر دينهم في أرض الجزيرة العربية خاصة , وفي بلاد المسلمين عامة , والسماح ببناء معابدهم , فضلاً عن السماح لبعض الفرق المنتسبة للإسلام كالروافض بإقامة حسينيات لهم وإظهار شعائرهم .
وقد ذكرت جريدة الوطن في عددها رقم 1728 في 16/5/1426هـ ص23 عن اللقاء الثاني التحضيري لمؤتمر الحوار الوطني الخامس :
( ناقش الحاجز النفسي الذي ينتج عن عدم السماح لغير المسلمين بممارسة شعائرهم ) .(1/41)
( قالت سيدة محسن أبو طالب : إنَّ عدم السماح لغير المسلمين بممارسة شعائرهم الدينية يخلق حاجزاً نفسياً كبيراً لديهم تجاه الإسلام , مِمَّا يُؤدِّي إلى صعوبة دعوتهم إلى الإسلام فيما بعد , وأضافت أنه ليس شرطاً أن تُقام لهم دور عبادة داخل السعودية , وشدَّدت - سيدة - أبو طالب على أنَّ ذلك يَخلق نظرة فوقية لديهم تجاه الإسلام .. ) انتهى .
قال فضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السنية السعودية , رئيس القضاة - رحمه الله تعالى - في حكم من تبرَّع بأرض لكنيسة :
( من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم ... أيده الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , وبعد :
فأرفع لجلالتكم من طيِّه قصاصة ما نشر في جريدة - الحياة اللبنانية - مع أنه يغلب على ظني أنكم اطلعتم على هذا الخبر في الجريدة المذكورة قبل كتابي هذا , وإلى الله المشتكى مما جلبه أعداء الإسلام من هذه الأمور التي تَمسُّ الشعور الديني إلى الغاية , نسأل الله أن يحفظ الإسلام عن كيدهم , ويرجع عليهم ما يكيدونه له بالخسار والدمار إنه خير مسئول .
وهذه ردَّةٌ صريحةٌ من ... نعوذ بالله من الحور بعد الكور .
وقد قال الله تعالى : ( (((( ((((((((( ((((((((((( (((((( (((((((((((( ((((( (((((( ((( (((((((( (((((( ((((((((( ( (((((((((((( (((((( (((((( (((((((((( (((((( (((( ((((((( (((((((((( (((((((( ((((((((( ((((((((( ((( (((((( (((( ((((((((((((( ((( (((((( (((((((( ( (((((( (((((((( ((((((((((((( (((( (((((((( ((((( (((((((((((( (((((((((((((((( ((((((((((( ((((((((((( ((((((((((((((( (((( ((((((( (((((((((( ((((((((((( (((( (((((((( (((( ((((((((((( (((((((((((( (((((((((( ((((((((((((( (((( ( .(1/42)
وتعلمون حفظك الله ما يجب عليكم تجاه هذا الأمر الخطير من الإنكار غيرةً لدين الإسلام الذي رضيه الله ديناً لعباده المؤمنين , ومنَّ عليكم به وجعلكم أنصاراً وحماة له , إننا نهيب بشهامتكم وبغيرتكم أن تُبادروا بالإنكار على هذا الرجل ، وأرجو الله أن يحفظكم ويحفظ بكم الإسلام والمسلمين , والسلام عليكم ورحمة الله ) (88) .
وصدر من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الفتوى رقم ( 21413 ) في 1/4/1421هـ بشأن المعابد الكفرية مثل الكنائس هذا نصها :
( الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .. وبعد : فقد اطَّلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة المفتي العام من عدد من المستفتين المقيدة استفتاءاتهم في الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم ( 86 ) وتاريخ 5/1/1421هـ ورقم ( 1326 - 1327 - 1328 ) وتاريخ 2/3/1421هـ بشأن حكم بناء المعابد الكفرية في جزيرة العرب مثل : بناء الكنائس للنصارى , والمعابد لليهود وغيرهم من الكفرة ، أو أن يُخصِّص صاحب شركة أو مؤسسة مكاناً للعمالة الكافرة لديه يُؤدُّون فيه عباداتهم الكفرية .. إلخ .
وبعد دراسة اللجنة لهذه الاستفتاءات أجابت بما يلي :(1/43)
كلُّ دين غير دين الإسلام فهو كفرٌ وضلالٌ ، وكلُّ مكان يُعدُّ للعبادة على غير دين الإسلام فهو بيتُ كفرٍ وضلالٍ ، إذ لا تجوز عبادة الله إلا بما شرع سبحانه في الإسلام ، وشريعة الإسلام خاتمة الشرائع : عامة للثقلين الجن والإنس وناسخة لما قبلها ، وهذا مُجمعٌ عليه بحمد الله تعالى , ومن زعم أنَّ اليهود على حق ، أو النصارى على حق سواء كان منهم أو من غيرهم فهو مُكذِّبٌ لكتاب الله تعالى وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلَّم وإجماع الأمة ، وهو مرتدٌ عن الإسلام إن كان يدَّعي الإسلام بعد إقامة الحُجة عليه إن كان مثله ممن يخفى عليه ذلك , قال الله تعالى : ( (((((( ((((((((((((( (((( (((((((( ((((((((( (((((((( (((((((((( ( ، وقال عزَّ شأنه : ( (((( ((((((((((( (((((((( (((((( ((((((( (((( (((((((((( (((((((( ( ، وقال سبحانه : ( (((( ((((((((( ((((( (((( ((((((((((( ( ( .
وقال جلَّ وعلا : ( ((((( (((((((( (((((( ((((((((((( (((((( ((((( (((((((( (((((( ( ، وقال سبحانه : ( (((( ((((((((( ((((((((( (((( (((((( ((((((((((( ((((((((((((((((( ((( ((((( (((((((( (((((((((( ((((((( ( (((((((((((( (((( (((( (((((((((((( ((( ( ، وثبت في الصحيحين (89) وغيرهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلَّم قال : ( كان النبيُّ يُبْعَث إلى قومه خاصة ، وبُعثْتُ إلى الناس عامَّة ) .(1/44)
ولهذا صار من ضروريات الدين : تحريمُ الكفر الذي يقتضي تحريم التعبُّد لله على خلاف ما جاء في شريعة الإسلام ، ومنه تحريم بناء معابد وفق شرائع منسوخة يهودية أو نصرانية أو غيرها , لأنَّ تلك المعابد سواء كانت كنيسة أو غيرها تُعتبر معابد كفرية , لأنَّ العبادات التي تُؤدَّى فيها على خلاف شريعة الإسلام الناسخة لجميع الشرائع قبلها والمبطلة لها ، والله تعالى يقول عن الكفار وأعمالهم : ( (((((((((((( (((((( ((( ((((((((( (((( (((((( ((((((((((((( (((((((( ((((((((( (((( ( .
ولهذا أجمعَ العلماءُ على تحريم بناء المعابد الكفرية (90) مثل :
الكنائس في بلاد المسلمين ، وأنه لا يجوز اجتماع قبلتين في بلد واحد من بلاد الإسلام ، وألاَّ يكون فيها شيء من شعائر الكفار لا كنائس ولا غيرها ، وأجمعوا على وجوب هدم الكنائس وغيرها من المعابد الكفرية إذا أُحدثت في أرض الإسلام ، ولا تجوز معارضة ولي الأمر في هدمها بل تجب طاعته .
وأجمع العلماء - رحمهم الله تعالى- على أنَّ بناء المعابد الكفرية ومنها : الكنائس في جزيرة العرب أشدُّ إثماً وأعظمُ جُرماً ، للأحاديث الصحيحة الصريحة بخصوص النهي عن اجتماع دينين في جزيرة العرب ، منها قول النبيِّ صلى الله عليه وسلَّم : ( لا يَجتمعُ دينانِ في جزيرةِ العَرَبِ ) رواه الإمام مالك وغيره , وأصله في الصحيحين (91) .
فجزيرةُ العرب : حرمُ الإسلام وقاعدته التي لا يجوز السماح أو الإذن لكافر لاختراقها ، ولا التجنُّس بجنسيتها ، ولا التملُّك فيها ، فضلاً عن إقامة كنيسة فيها لعبَّاد الصليب ، فلا يجتمعُ فيها دينان إلا ديناً واحداً هو دينُ الإسلام الذي بَعَثَ الله به نبيه ورسوله محمداً صلى الله عليه وسلَّم ، ولا يكونُ فيها قبلتان إلا قبلة واحدة هي قبلة المسلمين إلى البيت العتيق (92) ، والحمد لله الذي وفَّق ولاة أمر هذه البلاد إلى صدِّ هذه المعابد الكفرية عن هذه الأرض الإسلامية الطاهرة .(1/45)
وإلى الله المشتكى مِمَّا جلَبه أعداءُ الإسلام من المعابد الكفرية من الكنائس وغيرها في كثير من بلاد المسلمين ، نسألُ الله أن يَحفظ الإسلام من كيدهم ومكرهم .
وبهذا يُعلم أنَّ السماح والرضا بإنشاء المعابد الكفرية مثل الكنائس ، أو تخصيص مكان لها في أيِّ بلد من بلاد الإسلام من أعظم الإعانة على الكفر وإظهار شعائره , والله عزَّ شأنه يقول : ( (((((((((((((( ((((( ((((((((( ((((((((((((( ( (((( (((((((((((( ((((( (((((((( ((((((((((((((( ( ((((((((((( (((( ( (((( (((( ((((((( ((((((((((( ((( ( .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : ( من اعتقد أنَّ الكنائس بيوت الله , وأنَّ الله يُعبد فيها ، أو أنَّ ما يفعله اليهود والنصارى عبَادة لله وطاعة لرسوله ، أو أنه يُحبُّ ذلك أو يرضاه ، أو أعانهم على فتحها وإقامة دينهم ، وأن ذلك قربة أو طاعة فهو كافر ) , وقال أيضاً : ( من اعتقد أنَّ زيارة أهل الذمة كنائسهم قربة إلى الله فهو مرتدٌ , وإن جهل أنَّ ذلك محرَّم عُرِّف ذلك ، فإن أصرَّ صار مرتداً ) (93) انتهى .
عائذين بالله من الحور بعد الكور ، ومن الضلالة بعد الهداية ، وليحذر المسلم أن يكون له نصيبٌ من قول الله تعالى : ( (((( ((((((((( ((((((((((( (((((( (((((((((((( ((((( (((((( ((( (((((((( (((((( ((((((((( ( (((((((((((( (((((( (((((( (((((((((( (((((( (((( ((((((( (((((((((( (((((((( ((((((((( ((((((((( ((( (((((( (((( ((((((((((((( ((( (((((( (((((((( ( (((((( (((((((( ((((((((((((( (((( (((((((( ((((( (((((((((((( (((((((((((((((( ((((((((((( ((((((((((( ((((((((((((((( (((( ((((((( (((((((((( ((((((((((( (((( (((((((( (((( ((((((((((( (((((((((((( (((((((((( ((((((((((((( (((( ( , وبالله التوفيق , وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(1/46)
عضو عضو عضو الرئيس
بكر أبو زيد صالح الفوزان عبدالله الغديان عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ
الخامس عشر / الدعوة لتحرير المرأة المسلمة على النمط الغربي النصراني ؟ .
السادس عشر / تسهيل نشر الرِّبا بين المسلمين , واستصدار الفتاوى المُجيزة له ولكثير من المعاملات المحرَّمة من ضعاف الأنفس من المُرتزَقة من أهل العلم ؟ .
قال الله تعالى : ( ((((((((((( ((((((((( ((((((((((( (((( (((((((( ((((( ((((((((((( (((((((((((((( ((((((((((((( ((((((((( (((((((( ((((((((((((( ((((((((((( ((( ((((((( (((( ( ( .
السابع عشر / ثمَّ غاية الغايات (94) : بسطُ جَنَاح الكفرة من اليهود والنصارى , والشيوعيين , والبعثيين , والمنافقين , وأهل البدع على المسلمين , هذا بعض ما تستهدفه هذه النظرية والدعوة الآثمة .
وإنَّ من شدة الابتلاء : أن يستقبل نزرٌ من المسلمين ، ولفيف من المنتسبين إلى الإسلام هذه ( النظرية ) ويركضوا وراءها وإلى ما يُعقد لها من مؤتمرات ونحوها ، وتعلو أصواتهم بها ، مسابقين هؤلاء المبتدعة إلى دعوتهم الفاجرة ، وخطتهم الماكرة لوحدة الدين الإسلامي بين فرقه ( 73 ) فرقة , وغيرها من الفرق التي أخرجها العلماء من هذه الفرق ( 73 ) والتي كلُّها في النار إلا واحدة .
فيلوون ألسنتهم باستنكار نقد البدع وأهلها , وإنْ كان في بعض هؤلاء ( النَّزْرِ ) صلاحٌ وخير , لكنه الوَهَنُ وضعف العزائم حيناً , وضعف إدراك مدارك الحقِّ ومناهج الصواب أحياناً , بل في حقيقته من ( التولِّي يوم الزحف ) عن ( مواقع الحراسة ) لدين الله والذبِّ عنه , وحينئذٍ يكون الساكت عن كلمة الحقِّ كالناطق بالباطل في ( الإثم ) .
قال أبو علي الدَّقاق رحمه الله : ( الساكتُ عن الحقِّ شيطان أخرس , والُمتكلِّم بالباطل شيطانٌ ناطق ) (95) .(1/47)
وعن أبي عامر عبدالله بن لحي قال : ( حَجَجْنَا مع معاويةَ بن أبي سفيان , فلمَّا قدِمنا مكةَ قامَ حينَ صلَّى صلاةَ الظهر فقال : إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلَّمَ قال : إنَّ أهلَ الكتابين افتَرَقُوا في دينهم على ثِنْتيْنِ وسبعينَ مِلَّةً , وإنَّ هذه الأمةَ ستفترقُ على ثلاثٍ وسبعينَ ملةً - يعني الأهواء - كلُّها في النارِ إلاَّ واحدة وهي الجماعةُ , وإنه سيخرجُ في أُمَّتِي أقوامٌ تَجَارَى بهم تلكَ الأهواءُ كما يَتَجارَى الكَلَبُ بصاحبهِ , لا يَبقَى منهُ عِرْقٌ ولا مَفْصِلٌ إلاَّ دَخَلَهُ , والله يا معشرَ العرب : لَئِن لَمْ تقوموا بما جاءَ به نبيُّكم صلى الله عليه وسلَّم لغيرُكم من الناس أحرَى أنْ لا يقومَ بهِ ) (96) .
أيريد هؤلاء - أصلحهم الله - اختصار الأمة إلى فرقة وجماعة واحدة , مع قيام التمايز العَقَدي المضطرب ؟؟! أم أنها ( دعوة إلى وحدة تُصَدِّعُ كلمة التوحيد ) فاحذروا يا مسلمون , فاحذروا يا مسلمون , فاحذروا يا مسلمون ....
وما حجتهم إلا المقولات الباطلة :
لا تُصَدِّعوا الصَّفَّ من الداخل !! لا تُثيروا الغبار من الخارج !! لا تُحَرِّكُوا الخلاف بين المسلمين ..
وأضعفُ الإيمان أن يُقال لهؤلاء : هل سكتَ المبطلون لنسكت , أم أنهم يُهاجمون الاعتقاد على مرأى ومسمع ويُطْلَبُ السكوت ؟ اللهم لا ...
فاعلموا هدانا الله وإياكم صراطه المستقيم :(1/48)
أنه ما ( جنى على المسلمين جناية أعظم من مناظرة المبتدعة (97) , ولم يكن قهرٌ ولا ذلٌّ أعظم مما تركهم السلف على تلك الجملة , يموتون من الغيظ كَمَداً ودرداً , ولا يجدون إلى إظهار بدعتهم سبيلاً , حتى جاء المغرورون ففتحوا لهم إليها طريقاً , وصاروا إلى هلاك الإسلام دليلاً , حتى كثرت بينهم المشاجرات , وظهرت دعوتهم بالمناظرة , وطرقت أسماع من لم يكن عرفها من الخاصة والعامة حتى تقابلت الشبه في الحجج , وبلغوا من التدقيق في اللجج , فصاروا أقراناً وأخداناً , وعلى المداهنة خِلاَّناً (98) , بعد أن كانوا في الله أعداءً وأضداداً , وفي الهجرة في الله أعواناً يكفرونهم في وجوههم عياناً , ويلعنونهم جهاراً , وشتَّان ما بين المنْزلتين , وهيهات ما بين المقامين ) (99) .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ( تلا رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ( (((( (((((((( ((((((( (((((((( ((((((((((( (((((( (((((((( ((((((((((( (((( (((( ((((((((((( (((((((( (((((((((((((( ( ((((((( ((((((((( ((( ((((((((((( (((((( ((((((((((((( ((( ((((((((( (((((( (((((((((((( (((((((((((( (((((((((((((( (((((((((((( ( ((((( (((((((( ((((((((((((( (((( (((( ( ((((((((((((((( ((( (((((((((( (((((((((( (((((((( ((((( (((( ((((( ((((( (((((((( ( ((((( (((((((( (((( ((((((((( ((((((((((( ((( ( قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم : إذا رأيتم الذين يتَّبعونَ ما تشابهَ منه فأولئك الذين سمَّى الله فاحذروهم ) (100) .(1/49)
قال النووي رحمه الله تعالى : ( واعلم أنَّ الجدالَ قد يكونُ بحقٍّ , وقد يكونُ بباطلٍ , قال الله تعالى : ( (((( ((((((((((((( (((((( ((((((((((( (((( ((((((((( (((( (((((((( ( , وقال تعالى : ( (((((((((((( ((((((((( (((( (((((((( ( ( , وقال تعالى : ( ((( ((((((((( (((( (((((((( (((( (((( ((((((((( ((((((((( ( فإن كان الجدال للوقوف على الحقِّ وتقريره كان محموداً , وإن كان في مدافعة الحقِّ أو كان جدالاً بغير علم كان مذموماً , وعلى هذا التفصيل تُنزَّلُ النصوص الواردة في إباحته وذمِّه ) (101) .
وإننا لنتلو قول الله تبارك وتعالى : ( (((( (((( (((( (((((((((( (((((( ((((( ((( (((((((( ((((((((( ((( (((((((( ( ((((( ((((((((( (((((((((( ((((( ((((((((((((( ( ((((((( (((((( (((((((((((((( ((((( ( (102) .
وأيضاً :
فإنَّ مفهوم ( التسامح ) الذي يتكئ عليه دعاة التقريب ومن تبعهم ويدعون إليه : مفهوم فضفاض , يتضمن حقاً وباطلاً , يُحتِّمُ ضرورة الاستفصال عن المدلول المراد :
فإنْ أرادوا بالتسامح : تشجيع المسلمين عموماً , وأهل السنة خصوصاً على ( الصفح (103) ) في المعاملة , بالتنازل عن بعض الحقوق الشخصية مالية أو معنوية , فهذا حقٌّ جاء به الإسلام .
وإن أرادوا بالتسامح : المُداهنة , وإعطاء المسلمين عموماً وأهل السنة خصوصاً الدنيَّة في دينهم , وتسوية المسلمين بالمجرمين , وإباحة جناب المجتمع المسلم لجحافل المقرِّبين والمُنافقين , لإشاعة الفاحشة الفكرية والخلُقية في الذين آمنوا , باسم ما يدعو إليه دعاة التقريب بين الأديان وبين المذاهب المنتسبة للإسلام , من مصطلحات :
( الفكر الوسطي ؟ فقه التغيير ؟ التعددية في الحوار الفكري ؟ عدم إقصاء الآخر ؟ إيجاد ثقافة جديدة ؟ عدم تضخيم المواقف ؟ تغليب مصلحة الوطن ؟ ) .(1/50)
وما لم يُصرِّحوا به من ( الحريَّة الدينية ؟ ) وما شابهها من زخرف القول , فما هذا بتسامح , بل رميٌ بالإسلام وراء ظهورهم .
يقول أحد دعاة التقريب : ( إنَّ التسامح يُعدُّ خطاً حضارياً يقضي بمنح الآخرين حريَّة التعبير عن الآراء والأفكار التي تُغاير الآخرين , كما يَسمحُ بالعيش وفقاً للمبادئ والمعتقدات التي لا نَدينُ بها سويَّة ؟ إنَّ التسامح أصبح إذاً مسألةً لا يُمكن فصلها عن الحريَّة وحقوق الإنسان ... إنَّ التسامح يجبُ أن يشمل الجميع , وكل الأديان على وجه الأرض ... ) (104) .
ويقول البهاء حسين ابن الميرزا المولود بإيران سنة 1233 ، والهالك سنة 1309 (105) : ( يجبُ على الجميع ترك التعصبات ، وأن يتبادلوا زيارة الجوامع والكنائس (106) مع بعضهم البعض , لأنَّ اسم الله يُذكر في جميع هذه المعابد مادام الكل يجتمعون لعبادة الله ، فلا خلاف بين الجميع ، فليس منهم أحدٌ يعبد الشيطان ، فيحقُّ للمسلمين أن يذهبوا إلى كنائس النصارى ، وصوامع اليهود ، وبالعكس يذهب هؤلاء إلى المساجد الإسلامية ) (107) .(1/51)
بل ودعا دُعاة التقريب بين الأديان إلى ما ليس له سابقة في تاريخ المسلمين , ولا تستقيم إلاَّ على قانون الزنادقة والملحدين من إقامة الصلاة خلف معتنقي الأديان الأخرى ؟! وقد وقع ذلك في عدَّة مؤتمرات - مؤامرات - منها : مؤتمر الإيمان بالله الواحد والجماعة الإنسانية من أجل التعاون بين المسلمين والمسيحيين في أفريقيا على صعيد العمل والشهادة , عام 1394هـ , والمؤتمر الإسلامي المسيحي الدولي الأول , المنعقد في قرطبة , عام 1394هـ , واللقاء التخطيطي لمؤتمر الخطوات القادمة في الحوار الإسلامي المسيحي , المنعقد في سويسرا عام 1396هـ , ومؤتمر الصداقة الإسلامي المسيحي الدولي الثاني في قرطبة عام 1397هـ , ومؤتمر الكنيسة والجامع ومساهمتهما في انسجام الأديان والمصالحة بينهما , في نيودلهي عام 1398هـ , ومن ذلك : مُشاركة مفتي سوريا الشيخ أحمد كفتاروا عام 1986م في الاحتفال بمرور ألف سنة على وجود وإنشاء الكنيسة الروسية , ومن ذلك : يوم الصلاة من أجل السلام , الذي دعا إليه البابا يوحنا بولس الثاني في أسيزي عام 1986م حيث صلَّى من ينتسب إلى الإسلام مع إخوانه اليهود والنصارى وجميع الوثنيين مع صيام ذلك اليوم , وفي عام 1987م اشترك بعض دُعاة التقريب مع جميع الملل في الاحتفال بمناسبة مرور 1200 عام على تأسيس أهم المعابد البوذية قرب العاصمة اليابانية القديمة كيوتو , وفي عام 1990م استمع المشاركون من دُعاة التقريب وغيرهم في مؤتمر : الإصغاء إلى كلام الله المسيحية والإسلام المنعقد في سويسرا إلى تلاوة تفسير من القرآن والكتاب المقدَّس , ثمَّ أدوا الصلاة جميعاً , وفي عام 1990م ردَّد المصلُّون من جميع الأديان في مؤتمر ( الابتهال من أجل أطفال العالم ) وعلى رأسهم دُعاة التقريب خلف أحد الكهنة ابتهاله الذي يقول فيه : أنقذوا أطفالنا , واحموا أطفالنا (108) .
هذا بعض ما ظهر , وما خفي فهو أعظم , والله أعلم .(1/52)
قال العلامة بكر أبو زيد : ( فما أشبهَ الليلة بالبارحة ، فإنَّ عملَ منافقي اليوم , ضِرارٌ بالإيمان والمؤمنين بوجه أشدّ نكاية وأذى للإسلام والمسلمين ) (109) .
هذا مُؤَدَّى مفهوم التسامح الذي يُنادي به دعاة التقريب , ليضفوا عباءتهم الفضفاضة على كلِّ مبتدع وفاسق , ( فضلاً (110) ) عن المشرك الوثني ( فضلاً (111) ) عن اليهودي والنصراني , بمنحه التقدير والاحترام من جهة حضارته وعقيدته , ولا بأس بأنْ يدعوا إلى دينه ؟ نعوذ بالله من الضلالة بعد الهدى ؟ .
وأُنبَّه : أنَّ ما يدعو إليه كثير من أهل الصحافة من ( فقه التغيير ) وهو ما يُسمَّى ( بالتحديث في الفكر ) فلعلَّهم يتجاهلون أو يجهلون بأنَّ المراد به : ( الاتجاه العقلاني الداعي إلى الابتداع في الدين أو تكييفه وتطويره ( باسم التجديد , أو التغيير ) لمسايرة العصر ومواكبة التطوَّر , وخاصة في مجال الأصول العقدية والتشريعية .
وذلك : كالتجديد والتغيير في بعض القضايا العَقَدية , كالصفات , والموقف من الصحابة رضي الله عنهم , والولاء والبراء , والحكم بغير ما أنزل الله , واعتبار الاختلاف فيها أمراً مستساغاً لا ينبغي الإنكارُ على المخالف فيها .... إلى آخر خفايا هذه الدعوة الخبيثة ( فقه التغيير , أو التجديد ) (112) .
ألا إنه واجبٌ على المسلمين الحذر والتيقظ من مكايد أعدائهم , وواجبٌ على المسلمين ، الحذر من ارتداء الكفرة والمبتدعة مُسُوحَ الحِوَار ، وجَلب الشخصيات المتميِّعة ونحو ذلك من أساليبهم ، التي هي بحق : ( (((((( ((((( (((((( (((((((((((( ((((((((((((((( (((((((((( ((((((((((( (((( ( .(1/53)
وليعلم كل مسلم : أَنه لا لقاء بين أهل الإسلام والكتابيين وغيرهم من أمم الكفر , ولا بين أهل السنة وغيرهم من الفرق المبتدعة المنتسبة للإسلام إلاَّ وفق الأصول الشرعية التي نصَّت عليها الآية الكريمة , قال الله تبارك وتعالى : ( (((( (((((((((( ((((((((((( ((((((((((( (((((( (((((((( (((((((( ((((((((( (((((((((((( (((( (((((((( (((( (((( (((( (((((((( ((((( ((((((( (((( (((((((( ((((((((( ((((((( (((((((((( (((( ((((( (((( ( ((((( (((((((((( (((((((((( ((((((((((( ((((((( ((((((((((( (((( ( , وهي توحيد الله تعالى ونبذ الإشراك به , وطاعته في الحكم والتشريع , وإتباع خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم الذي بشرَّت به التوراة والإنجيل .
فيجبُ أن تكون هذه الآية شعار كل مجادلة بين أهل الإسلام وبين أهل الكتاب , وبين أهل السنة وغيرهم من الفرق المنتسبة للإسلام , وكل جهد يُبذل لتحقيق غير هذه الأصول فهو باطلٌ . . باطلٌ . . باطلٌ (113) .
( ((((((((((( (((((((( ((((((((((((( (((( ((((((((((((( ((((((((((((( ((((((((((((( (((((((( ((((((( ((((((((( ((((((((( (((((((( ((((((( (((((((( ((((((( (((((((((( ((((((((((( (((( (((((((((( ( (((( (((((((( (((((((((((( ( (((( (((( ((((((( ((((((( (((((((((( ((((( ( .
( إنَّ الشيعة وأتباعهم اليوم وهم يُنادون بالتقارب واحترام الآخر ؟ ويزعمون أنه لا خلافَ بينهم وبيننا نحن أهل السنة والجماعة , ويدعوننا أن نرجع إلى كتبهم ..
فكيف نحتج ونثقُ يا دُعاة التعايش والتسامح والتقارب بكتب الشيعة التي تواتر فيها الطعنُ في كتاب الله , وأنه ناقص ومحرَّف , ومن ذلك ما رواه إمامهم الكليني : ( عن أبي عبدالله ع قال : إنَّ القرآن الذي جاء به جبرئيل ع إلى محمد ص , سبعةَ عشرَ ألف آيةٍ ) (114) .(1/54)
وقال شيخهم هاشم بن سليمان البحراني الكتكاني , في مقدمة تفسيره ( ص36 ) : ( إعلم أنَّ الحق الذي لا محيص عنه , بحسب الأخبار المتواترة الآتية وغيرها , أنَّ هذا القرآن الذي في أيدينا , قد وقع فيه بعد رسول الله ص شيء من التغييرات , وأَسقط الذين جمعوه بعده , كثيراً من الكلمات والآيات .. ) .
وقال شيخهم المجلسي : ( ولكنَّ أصحابه ص عملوا عمل قوم موسى , فاتَّبَعوا عِجْلَ هذه الأمة وسامريها أعني أبا بكر وعمر فغصب المنافقون خلافته , خلافة رسول الله ص من خليفته , وتجاوزا إلى خليفة الله , أي الكتاب الذي أنزله فحرَّفوه , وغيَّروه , وعملوا به ما أرادوا ) (115) .
كيف نجتمع يا دُعاة التعايش والتسامح والتقارب مع الشيعة على كتاب الله على حسب تأويلهم المنحرف , وتفسيرهم الباطني ؟ .
ومن ذلك تفسيرهم قول الله سبحانه وتعالى : ( ( (((((((( ((((((((( ((( ((((( (((((( ((((((( ( أي إماماً ( (((( ((((((((((( (((( ( أي بالأئمة ( ((((((((((((((( ((((((((((( ( أي أبو بكر وعمر ) , وقوله تعالى : ( ( ((((((( (((( (( (((((((((((( ((((((((((( (((((((((( ( أي إمامين اثنين ( ((((((( (((( ((((((( ((( (((( ( أي إمامٌ واحد ( ((((((((( ((((((((((((( (((( ( ) (116) .
وكقوله تعالى : ( ( ((((((((((((( ((( ((((( (((( ((( (( ((((((((((( (((( (((((((((( ( ((((((( ((((((((((( ( أي عمر بن الخطاب ( (((((( (((((((( ( أي عليٍّ ع ( (((((((( (((( ( ) (117) .
وكقوله تعالى : ( ( (((((((((((( (((((((( ((((((( (((((((( ( أي بنور إمام الأرض , فيستغني الناس بنور الإمام عن نور الشمس والقمر ) (118) .(1/55)
وكقوله تعالى : ( ( (((( (((((( (((( (((( (((((((( ((((((( ( (( ((((((( (((( (((( ( (((( (((((( ((((((( (((( ((((((((( ( أي إلا الأئمة ع ( (((( (((((((((( (((((((((( ((((((((((( ( فالأئمة ع هم وجه الله , وهم الوجه الذي يُؤتى الله منه ) (119) .. إلخ .
كيف نجتمع يا دُعاة التعايش والتسامح والتقارب مع الشيعة وهم يزعمون بنزول كتب إلاهية سماوية على أئمتهم بعد القرآن ؟ كمصحف فاطمة رضي الله عنها , رووا أنَّ إمامهم قال عن هذا المصحف المزعوم : ( مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات , والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد , قال قلت : هذا والله العلم , قال : إنه العلم وما هو بذاك .. ) (120) .
وصحيفة الناموس : رووا أنَّ إمامهم قال : ( إنَّ شيعتنا مكتوبون بأسمائهم وأسماء آبائهم .. ليس على ملَّة الإسلام غيرنا وغيرهم ) (121) , إلى غير ذلك من كتبهم المنزَّلة وهي : مصحف علي ؟ وصحف علي ؟ وكتاب علي ؟ وصحيفة ذؤابة سيفه ؟ ولوح فاطمة ؟ وصحيفة فاطمة ؟ وكتاب أُنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم قبل موته ؟ والجفر الأبيض والجفر الأحمر ؟ وصحيفة الناموس ؟ وصحيفة العبيطة ؟ والجامعة ؟ .
وعقد شيخهم الكليني (122) باباً بعنوان : ( بابُ أنَّ الأئمة ع عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عزَّ وجلَّ , وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها ) وفيه عدة روايات .
كيف نجتمع يا دُعاة التعايش والتسامح والتقارب مع الشيعة في السنة : وهم يزعمون أنَّ أقوال أئمتهم الاثنى عشر كأقوال الله ورسوله صلى الله عليه وسلَّم ؟ ومن ذلك قولهم : ( إنَّ حديث كل واحد من الأئمة الظاهرين قول الله عز وجل , ولا اختلاف في أقوالهم كما لا اختلاف في قوله تعالى ) !!! (123) .(1/56)
وأنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم كتمَ جزءاً من الشريعة وأودعه عند أئمتهم ؟ وقد فضحهم محمد بن الحنفية رضي الله عنه فقال : ( ويزعمون أن نبي الله صلى الله عليه وآله كتم تسعة أعشار القرآن , ولو كان نبي الله كاتماً شيئاً مما أنزل الله لكتم شأن امرأة زيد ) (124) .
كيف نجتمع مع الشيعة وهم يُؤمنون بحكايات الرقاع , ويبنون عليها دينهم , حتى إنهم رجَّحوا هذه التوقيعات , على ما رُوي بإسناد صحيح عن النبيِّ صلى الله عليه وسلَّم في حال التعارض , قال شيخهم الحر العاملي : ( فإنَّ خطَّ المعصوم أقوى من النقل بوسائط .. ) (125) .
كيف نجتمع يا دُعاة التعايش والتسامح والتقارب مع الشيعة : وهم يقذفون زوجات رسول ربِّ العالمين صلى الله عليه وسلَّم , أمهات المؤمنين رضي الله عنهنَّ بالزنا , وأنَّ عائشة وحفصة رضي الله عنهما هما من قتل النبي صلى الله عليه وسلم , ومن ذلك قول شيخهم المجلسي : ( إنَّ العياشي روى بسند معتبر عن الصادق : أنَّ عائشة وحفصة لعنة الله عليهما وعلى أبويهما , قتلتا رسول الله بالسمِّ دبرتاه ) (126) .
وأقسم شيخهم القمي على وقوعهما رضي الله عنهما في الزنا !! بقوله : ( والله ما عنى بقوله : ? ????????????????? ? إلا الفاحشة ) (127) .
وقال شيخهم رجب البرسي : ( إنَّ عائشة جمعت أربعين ديناراً من خيانة , وفرَّقتها على مُبغضي عليٍّ ( ) (128) .
وقال شيخهم المجلسي : ( إذا ظهر المهديُّ , فإنه سيُحيي عائشة , ويُقيم عليها الحدَّ ) (129) .
وقال سيدهم علي غروي - أحد أكبر علماء الحوزة - : ( إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله لا بدَّ أن يدخل فرجه النار , لأنه وطئ بعض المشركات ) (130) .(1/57)
كيف نجتمع يا دُعاة التعايش والتسامح والتقارب مع الشيعة : وهم يرفضون الإجماع إلا بوجود أحد أئمتهم المعصومين , قال شيخهم ابن المطهر الحلي : ( الإجماع إنما هو حجة عندنا لاشتماله على قول المعصوم , فكل جماعة كثرت أو قلت , كان قول الإمام في جملة أقوالها فإجماعها حجة لأجله , لا لأجل الإجماع ) (131) .
كيف نجتمع يا دُعاة التعايش والتسامح والتقارب مع الشيعة : وهم يتعمَّدون مخالفة المسلمين , لأنَّ في مخالفة المسلمين الرشاد في اعتقادهم ؟ .
رووا : أنَّ الصادق قال في الحديثين المختلفين : ( اعرضوهما على أخبار العامة - أي أهل السنة - فما وافق أخبارهم فذروه , وما خالف أخبارهم فخذوه ) (132) .
كيف نجتمع يا دُعاة التعايش والتسامح والتقارب مع الشيعة : وهم يُكفِّرون جميع المسلمين , وعلى رأسهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلَّم , وعلى رأسهم الخلفاء الثلاثة رضي الله عنهم , وزوجات رسول الله صلى الله عليه وسلَّم , ورضي الله عنهنَّ ) (133) .
ومن ذلك قول شيخهم محمد رضا المظفر : ( مات النبيُّ ص ولا بدَّ أن يكون المسلمون كلهم , لا أدري الآن قد انقلبوا على أعقابهم ) (134) .
ورووا أنَّ أبا جعفر قال : ( كان الناسُ أهلَ الردَّة بعد النبيِّ ص إلا ثلاثةً , فقلتُ : ومن الثلاثةُ ؟ فقال : المقدادُ بنُ الأسودِ , وأبو ذرٍّ الغفاريُّ , وسلمانُ الفارسي ) (135) .
ومما يعتقدون في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ما قاله شيخهم المجلسي : ( إنَّ أبا بكر وعمر كانا كافرين , الذي يُحبهما فهو كافر أيضاً ) (136) .(1/58)
وفي كتاب مفتاح الجنان ( بل مفتاح النيران ! ) لعباس القمي , دعاء علماء الشيعة المشهور على أبي بكر وعمر وابنتيهما عائشة وحفصة رضي الله عنهم , والذي هو من أذكار الصباح والمساء عندهم , ونصه : ( اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد , والعن صنمي قريش وجبتيها , وطاغوتيها , وإفكيها , وابنتيهما اللذين خالفا أمرك وأنكرا وحيك , وجحدا إنعامك , وعصيا رسولك , وقلبا دينك , وحرَّفا كتابك , وأحبا أعدائك .. وألحدا في آياتك .. فقد أخربا بيت النبوة ... وقتلا أطفاله , وأخليا منبره من وصيِّه , ووارث علمه , وجحدا إمامته , وأشركا بربهما .. وخلدهما في سقر , وما أدراك ما سقر , لا تبقي ولا تذر , اللهم اللعنهم بكل منكر أتوه , وحق أخفوه .. ونفاق أسروه .... ) (137) .
ومما يعتقدون في عثمان رضي الله عنه : ( أنَّ من لَم يجد في قلبه عداوة لعثمان , ولم يستحلَّ عرضه , ولم يعتقد كفره , فهو عدوٌ لله ورسوله , كافرٌ بما أنزل الله ) (138) .
كيف نجتمع يا دُعاة التعايش والتسامح مع الشيعة القائلين : ( إنا لم نجتمع معهم - أي مع أهل السنة - على إلهٍّ , ولا على نبيٍّ , ولا على إمامٍّ , وذلك أنهم يقولوا : إنَّ ربَّهُمُ هو الذي كان محمداً نبيُّه , وخليفته بعده أبو بكر , ونحن لا نقول بهذا الرَّبِّ , ولا بذلك النَّبيِّ , بل نقول : إن الرَّبَّ الذي خليفة نبيِّه أبو بكرٍ ليس ربُّنا , ولا ذلك النبيُّ نبيُّنا ) (139) .
يا دُعاة التقريب : ( لقد كانت دعوة التقريب بين أهل السنة والشيعة هي ( البدعة الكبرى ) التي أرادت أن تُعطي الكفر والضلال والإلحاد صفة الشرعية , واسم الإسلام .(1/59)
وقد سبَّبت دعوة التقارب والتعايش خسارة كبرى لأهل السنة , وضرراً كبيراً لا يتصوَّرُه إلا من وقفَ على عدد القبائل التي ترفَّضت بجملتها , فضلاً عن الأفراد , حتى تحوَّلت العراق - مثلاً - بسبب هذه الدعوة من أكثرية سنية إلى أكثرية شيعية , وشيوخ الروافض يُخطِّطون لنشر الرفض بكلِّ وسيلة تحت شعار التقريب , وبعد العراق بدأوا في كلِّ بلاد العالم الإسلامي , واشتروا الأقلام , وغرُّوا ضعاف النفوس والإيمان , وخدعوا أصحاب الغفلة والجهل , وجعلوا منهم أبواق دعاية للرفض والروافض .
وبسبب دعوة التقارب والتعايش والتسامح مع الآخر ؟ : سكتَ أكثر علماء أهل السنة عن بيان باطل التسامح والتقارب واحترام الآخر من الروافض وغيرهم , وإيضاح الحقِّ .
وباسم الحوار والتقارب والتعايش مع الآخر : وُجدت كتب ونشرات ورسائل الرافضة وغيرهم من المبتدعة في كثير من مكتبات أهل السنة .
وباسم الحوار والتقارب والتسامح مع الآخر : أصبح علماء الرافضة وغيرهم يتحرَّكون وسط بلاد السنة بيسر وسهولة , وينشرون كتبهم , ويستضيفهم بعض الجهلة وأرباب الدنيا في بلاد السنة لإلقاء محاضراتهم .
فهل ينتبه الذين سقطوا في فتنة التقارب والتسامح مع الآخر ؟ فما أكبر وأخطر مسؤليتهم , ألا يقرءون كتب الروافض العقدية والحديثية المعتبرة عندهم ... ألا يقرئون كتب التاريخ .. ألا يقرؤون كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلَّم .. ألا يدرسون التوحيد .. فإن كانوا مُخلصين فسيرجعون عن هذه البدعة فوراً , وإن كانت الأخرى فبأس ما قدَّمت لهم أنفسهم .. ) (140) .
قال أصحاب الفضيلة رئيس وأعضاء اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن عبدالله بن باز , وفضيلة نائبه عبد الرزاق عفيفي رحمهما الله تعالى , وعضوية فضيلة الشيخ عبدالله بن قعود , وفضيلة الشيخ عبدالله الغديان وفقهما الله تعالى , في الفتوى رقم 7807 :(1/60)
( إنَّ الدروز والنصيرية والإسماعيلية , ومَن حذا حذوهم من البابية والبهائية قد تلاعبوا بنصوص الدين , وشرعوا لأنفسهم ما لم يأذن به الله , وسلكوا مسلك اليهود والنصارى في التحريف والتبديل , اتباعاً للهوى , وتقليداً لزعيم الفتنة الأول : عبدالله بن سبأ الحميري رأس الابتداع والإضلال والإيقاع بين جماعة المسلمين , وقد عمَّ شرُّه وبلاؤه وافتُتِن به جماعات كثيرة فكفروا بعد إسلامهم , وتمكَّنت بسببه الفرقة بين المسلمين , فكانت الدعوة إلى التقارب بين هذه الطوائف وجماعة المسلمين الصادقين دعوة غير مفيدة , وكان السعي في تحقيق اللقاء بينهم وبين الصادقين من المسلمين سعياً فاشلاً , لأنهم واليهود والنصارى تشابهت قلوبهم في الزيغ , والإلحاد , والكفر , والضلال , والحقد على المسلمين , والكيد لهم , وإن تنوَّعت منازعهم ومشاربهم , واختلفت مقاصدهم وأهواؤهم , فكان مَثَلُهم في ذلك مَثَل اليهود والنصارى مع المسلمين .
ولأمرٍ مَا : سعى جماعة من علماء الأزهر المصريين مع القُمِّي الإيراني الرافضي في أعقاب الحرب العالمية الثانية , وجدُّوا في التقارب المزعوم , وانخدع بذلك قلَّة من كبار العلماء الصادقين ممَّن طَهُرت قلوبهم , ولم تعركهم الحياة , وأصدروا مجلة سمَّوها : مجلة التقريب , وسرعان ما انكشف أمرهم لِمن خُدع بهم , فباء أمرُ جماعة التقريب بالفشل , ولا عجبَ , فالقلوب متباينة , والأفكار متضاربة , والعقائد متناقضة , وهيهات هيهات أن يجتمع النقيضان , أو يتفق الضدان ) (141) .
وسُئل فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى :
( س7 : من خلال معرفة سماحتكم بتاريخ الرافضة ، ما هو موقفكم من مبدأ التقريب بين أهل السنة وبينهم ؟ .(1/61)
ج7 : التقريب بين الرافضة وبين أهل السنة غير ممكن , لأن العقيدة مختلفة ؟ فعقيدة أهل السنة والجماعة توحيد الله وإخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى ، وأنه لا يُدعى معه أحد , لا ملَك مقرَّب ولا نبيٌّ مرسل , وأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يعلمُ الغيب ، ومن عقيدة أهل السنة : محبة الصحابة رضي الله عنهم جميعاً والترضي عنهم , والإيمان بأنهم أفضل خلق الله بعد الأنبياء , وأن أفضلهم أبو بكر الصديق ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي ، رضي الله عن الجميع ، والرافضة خلاف ذلك , فلا يُمكن الجمع بينهما ، كما أنه لا يُمكن الجمع بين اليهود والنصارى والوثنيين وأهل السنة ، فكذلك لا يُمكن التقريب بين الرافضة وبين أهل السنة لاختلاف العقيدة التي أوضحناها .
س8 : وهل يُمكن التعامل معهم لضرب العدو الخارجي كالشيوعية وغيرها ؟ .
ج8 : لا أرى ذلك مُمكناً ، بل يجبُ على أهل السنة أن يتحدوا وأن يكونوا أمة واحدة وجسَدَاً واحداً , وأن يَدْعُوا الرافضة أن يلتزموا بما دلَّ عليه كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم من الحقِّ ، فإذا التزموا بذلك صاروا إخواننا وعلينا أن نتعاون معهم ، أمَّا مَا داموا مصرِّين على ما هم عليه من بغض الصحابة وسبِّ الصحابة إلا نفراً قليلاً , وسبِّ الصديق وعمر , وعامة أهل البيت كعلي رضي الله عنه وفاطمة والحسن والحسين ، واعتقادهم في الأئمة الاثني عشرة أنهم معصومون , وأنهم يعلمون الغيب , كلُّ هذا من أبطل الباطل , وكلُّ هذا يُخالف ما عليه أهل السنة والجماعة ) (142) .
فيا مَنْ تأثَّر بفتنة وبدعة التعايش والتسامح والتقارب مع الآخر ؟ اقرأ ما قاله العلامة الشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد وفقه الله تعالى : ( إنَّ جزيرة العرب هي بارقة الأمل للمسلمين في نشر عقيدة التوحيد , لأنها موئلُ جماعة المسلمين الأُوَل , وهي السُّور الحافظ حول الحرمين الشريفين , فينبغي أن تكون كذلك أبداً , فلا يُسمح فيها بحال :(1/62)
بقيام أيِّ نشاط عَقَدِيٍّ أو دَعَوي - مهما كان - تحت مظلَّة الإسلام , مُخالفاً منهاج النبوة الذي قامت به جماعة المسلمين الأولى : صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم , وجدَّده وأعلى منارَهُ شيخ الإسلام : محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى (143) .
فالجماعة واحدة : جماعة المسلمين تحت عَلَم التوحيد على طريق النبوة , لا تتوازعُهم الفرق والأهواء , ولا الجماعات والأحزاب .
وإنَّ قبول أيّ دعوة تحت مظلَّة الإسلام تُخالف ذلك , هي وسيلةُ إجهازٍ على دعوة التوحيد , وتفتيتٍ لجماعة المسلمين ، وإسقاطٍ لامتياز الدعوة ، وسقوطٍ لجماعتها ، وكسرٍ لحاجز النفرة من البدع والمبتدعين ، والفسق والفاسقين .
والجماعاتُ إن استشرى تعدُّدها في الجزيرة فهو خطرٌ داهمٌ , يُهدِّدُ واقعها , ويَهدمُ مستقبلها , ويُسلِّم بيدها ملفَّ الاستعمار لها , وبه تكون مجمعَ صراعٍ فكريٍ وعقديٍ وسلوكي ..
ولمَّا كانت الجزيرةُ والحجازُ معقلَ الإسلام ومبدأه ومنتهاه ، والموئلَ الذي يأوي إليه الإسلامُ والمسلمون في ساعات عصيبة , وأزمات مختلفة , وفي آخر الزمان , وقد جاء في بعض الأحاديث مايدلُّ على ذلك , فعن عمر رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : ( إنَّ الإسلامَ بَدَأَ غريباً وسيعودُ غريباً كما بدأَ ، وهو يَأرِزُ بين المسجدينِ كما تأْرِزُ الحَيَّةُ في جُحْرِهَا ) (144) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إنَّ الإيمانَ لَيأْرِزُ إلى المدينةِ كما تَأرزُ الحيةُ إلى جُحْرِهَا ) (145) .
فواجبٌ واللهِ تنظيفُ هذه الجزيرة من تلكم المناهج الفكرية المبتدَعة , والأهواء الضالَّة , وأن تبقى عُنوانَ نُصرةٍ للكتاب والسنة , والسيرِ على هدي سلف الأمة , حرباً للبدع والأهواء المُضِلَّة ) انتهى (146) .(1/63)
وإنَّ إفشال تلك المؤتمرات العالمية التي هي في حقيقتها : ( مؤامرات ) على المسلمين ، مُؤكَّدٌ بوعد الله تعالى للمسلمين في قوله جلَّ وعزَّ : ? ??? ????????????? ???????? ??????? ? .
وقد تقدَّم قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم : ( لا تَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قائمةٌ بأمرِ الله لا يَضُرُّهُم مَنْ خَذَلَهُم ولا مَنْ خَالَفَهُمْ , حتَّى يأتِيَهُمْ أمرُ الله وهُم على ذلك ) .
( ولكنَّ هذا - وأيمُ الله - لا بُدَّ له من موقفين :
موقف رفع راية الجهاد ، وتوظيف القدرات بصدِّ العاديات .
وموقف للبناء وتحصين المسلمين بإسلامهم على وجهه الصحيح ) (147) .
وختاماً : ( يَجبُ عليك أيها المسلم : الكفر بهذه النظرية : ( وحدة كل دين محرَّف منسوخ مع دين الإسلام الحقِّ المُحكم المحفوظ من التحريف والتبديل الناسخ لِما قبله , ووحدة مذهب أهل السنة الفرقة الناجية , مع الفرق المبتدعة المنتسبة للإسلام ) وهذا من بدهيات الاعتقاد والمسلَّمات في الإسلام .
فدعوة التقارب رغوبٌ عن ملَّة إبراهيم عليه السلام ( ((((( (((((((( ((( ((((((( (((((((((((( (((( ((( (((((( ((((((((( ( ( , ( ((( ((((( (((((((((((( (((((((((( (((( (((((((((((( (((((((( ((((( (((((((( ((((((((( ((((( ((((( (((( ((((((((((((((( (((( ( , ( (((( (((((((((( (((( (((((((((((( (((((((((((((( ((((((((((( ((((((((((( ((((((((((((( (((((((( (((((( (((( ((((((((( ( (((( ((((((((( (((((((( (((( (((( ( ( , ( (((((((((( (((((((( (((((( (((( ((((((((( ((((((((((( ( (((( (((( (((((( (((((((((((( (((((((( ( ((((( ((((( (((( ((((((((((((((( ((((( ( .(1/64)
ودعوة التقريب ابتغاءٌ لدين غير الإسلام ( ((((( (((((((( (((((( ((((((((((( (((((( ((((( (((((((( (((((( (((((( ((( (((((((((( (((( (((((((((((((( (((( ( , ( (((((( (((((((((( (((((((( (((( ((((((((( ((((( (((((( ((((((((((( ( ((((( (((((((((( ((((((((( (((( ((( ((((((( ( ( .
ودعوة التقريب طعنٌ في النبي صلى الله عليه وسلم ( (((( ((((((((((( (((((((( (((((( ((((((( (((( (((((((((( (((((((( ((((((( ((((( (((((( ((((((((((((( (((((((((( ( (( ((((((( (((( (((( ((((((( ((((((((( ( (((((((((((( (((((( ((((((((((( (((((((((( (((((((((( ((((((( (((((((( (((((( (((((((((((((( ((((((((((((( (((((((((( ((((((((((( ((((( ( , ( (((((( (((((( (((( (((((((( ((((((((((((( (((((( (((((((((((( (((( ((((((( (((((((((( (((( (((((((((( ((((((( ((((((((( (((((( (((((((( (((((((((((( ((((( (((((((((((((((( ( ((((( (((((((((((((( (((((((((((( (((((( ((((((((( ((((((( ( ((((((((( ((((((((((( ( ((((( ((((((((((((( (((((((( ((((((( ((((( ((((((((((((( (((( ( .(1/65)
ودعوة التقريب طعنٌ في القرآن وهيمنته على الكتب السابقة ( (((( ((((((((( ((((((((( (((((((((((( ((((( (((((((((( ( ((((((((( ((((((((( ((((((( (((( (( ((((((((( ((((((((((( (((( (((((( (((((((( (((( (((( ((((((((( ( (((((((( ((((( ((((((( ((((((( (((( ( , ( ((((((( (((((((( (((((((((( ((((((((((( (((((((((( ( ((((( ((((((((( (( ((((((((( ((((((((((( (((((( ((((((((((( (((((( ((((((( (((( ((((((((( ( ( , ( (((((( (((( ((((( ((((((((( ((((((((((( (((((((( (((((((((( (((((( ((((((( (((((((( (((((( ((((((( ((( (((((((( (((((((((( ((( ((((((((((((((( ((((( ((((((((((( (((((( (((((((((( ((( ((((((((((( ((((( ((((((((( (((((((((((( ((( (((((((((( ((((((( (((((((( (((( ((((((( ((((( (((((( ((((((((((( (((((( (((( ((((((( (((( ((((((( (((((((((( (((((((( (((((((((((((((( ((((((((( ((((( (((((((( (((( (((((((( (((((( (((((((((((( ((((((((( ((((( (((((((( ((((((((((( (((( ((((((((( ((((((((((( (((((( (((( (((((((((( (((( (((((((((( (((((((((((( (((( ( .
ودعوة التقريب اتباع لغير سبيل المؤمنين ( ((((( ((((((((( (((((((((( (((( (((((( ((( (((((((( (((( (((((((((( (((((((((( (((((( ((((((( ((((((((((((((( (((((((((( ((( (((((((( ((((((((((( (((((((( ( (((((((((( (((((((( ((((( ( .(1/66)
ودعوة التقريب موالاة لأعداء الدين ( (( (((((( ((((((( ((((((((((( (((((( (((((((((((( (((((((( ((((((((((( (((( (((((( (((( (((((((((((( (((((( ((((((((( ((((((((((((( (((( (((((((((((((( (((( ((((((((((((( (((( ((((((((((((( ( (((((((((((( (((((( ((( ((((((((((( (((((((((( ((((((((((( ((((((( ((((((( ( (((((((((((((( ((((((( ((((((( ((( ((((((((( ((((((((((( (((((((((( (((((( ( (((((( (((( (((((((( ((((((((( (((((( ( (((((((((((( (((((( (((( ( (((( (((( (((((( (((( (((( ((((((((((((((( (((( ( .
وإنَّ حال الدعاة إليها من اليهود والنصارى ومَنْ تبعهم من المبتدعة , مع المسلمين عامة ومع أهل السنة خاصة , هم كما قال الله تعالى : ? ???????? ????????? ??????????? ????????? ???????? ???????? ???????? ?????????? ?????????????? ???? ????????????? ? .
فلا تلتفت أيها المسلم : إلى غلط الغالطين ، ولا إلى من خدعتهم دعوة إخوان الشياطين ، ولا إلى المأجورين ، ولا إلى أفراد من الفرق الضالة من المنتسبين إلى الإسلام ، للمناصرة ، والترويج لهذه النظرية ، فيتسنَّمُونَ الفُتيا وما هم بفقهاء ، ولا بصيرة لهم في الدين ، وإنما حالُهم كما قال الله تعالى : ( (((((( (((((((( (((((((((( ((((((((( ((((((((((((( ((((((((((((( ((((((((((((( (((( ((((((((((( ((((( (((( (((( ((((((((((( (((((((((((( (((( (((( ((((( (((( ((((( (((( (((( ((((( (((( (((((((((((( ((((( (((( (((((((((( (((((( ((((((((((( (((( ( .
اللهم إنِّي قد بينتُ ونصحتُ في هذا كلَّ مسلم قدَّر نفسه حقَّ قدرها , مؤمناً بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً ، فأذعنَ للحقِّ ، اللهم فاشهد ) (148) .(1/67)
وأختمُ رسالتي هذه بما رواه يزيد بن عميرة قال : ( كان معاذُ لا يجلس مجلساً للذكر إلاَّ قال : الله حَكَمٌ قِسْطٌ ، هلَكَ الْمُرتابون ، إنَّ مِنْ ورائكم فِتَناً يَكثرُ فيها المالُ ، ويُفتحُ فيها القرآنُ ، حتى يَأخُذَهُ المؤمنُ والمنافقُ ، والرَّجلُ والمرأةُ ، والصغيرُ والكبيرُ ، والعبدُ والْحُرُّ ، فيوشِكُ قائلٌ أنْ يقول : ما للناس لا يَتَّبعونِي وقدْ قرأتُ القرآنَ ، ما هُمْ بمُتَّبِعيَّ حتَّى أبتدعَ لَهم غيرَهُ ، فإيَّاكم وما ابتُدعَ فإنَّ ما ابتُدع ضلالةٌ ، وأُحذِّركم زَيْغَةَ الحكيمِ ، فإنَّ الشيطانَ قد يقولُ كلمةَ الضلالةِ على لسان الحكيم ، وقد يقولُ المنافقُ كلمةَ الحقِّ ، قالَ : قلتُ لمعاذ : ما يُدرينِي رحمكَ الله أنَّ الحكيمَ قد يقولُ كلمةَ الضلالةِ ، وأنَّ المنافقَ قدْ يقولُ كلمةَ الحقِّ ، قال : بلى ، اجتنب مِِِنْ كلام الحكيمِ المشتهِرَاتِ التي يُقالُ لها : ماهذه ، ولا يَثْنِينَّكَ ذلكَ عنه ، فإنه لعلَّه أنْ يُراجع ، وتلَّقَ الحقَّ إذا سمعته ، فإنَّ على الحقِّ نوراً ) (149) .(1/68)
وقال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : ( كانَ الناسُ يسألونَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن الخير ، وكنتُ أسِأَلُه عن الشرِّ مخافةَ أنْ يُدركنِي ، فقلتُ يا رسول الله : إنا كنَّا في جاهلية وشرٍّ ، فجاءنا اللهُ بهذا الخيرِ ، فهل بعدَ هذا الخير شرٌّ ؟ قال صلى الله عليه وسلم : نعم ! فقلتُ : هل بعد ذلك الشرِّ من خيرٍ ؟ قال صلى الله عليه وسلم : نعم , وفيه دَخَنٌ , قلتُ : وما دَخَنُه ؟ قال صلى الله عليه وسلم : قومٌ يستنونَ بغير سُنَّتِي ، ويهدونَ بغير هديِي ، تعرفُ منهم وتُنكر , فقلتُ : هل بعد ذلك الخير مِنْ شرٍّ ؟ قال صلى الله عليه وسلم : نعم قومٌ من جلدتنا ! ويتكلمونَ بألسنتنا ! قلتُ يا رسول الله : فما ترى إنْ أدرَكني ذلك ؟ قال صلى الله عليه وسلم : تلزمُ جماعةَ المسلمينَ وإمامهم ! فقلتُ : فإنْ لَمْ تكنْ لَهم جماعةٌ ولا إمامٌ ؟ قال صلى الله عليه وسلم : فاعتزلْ تلكَ الفِرَقَ كُلَّها ، ولو أنْ تعضَّ على أصلِ شجرةٍ ، حتى يُدركَكَ الموتُ وأنتَ على ذلك ) (150) .
قال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى :
( قال أبو العالية : تعلَّموا الإسلام , فإذا تعلَّمتمُوه فلا ترغبوا عنه , وعليكم بالصراط المستقيم , فإنه الإسلام , ولا تنحرفوا عن الصراط يميناً ولا شمالاً , وعليكم بسنة نبيكم صلى الله عليه وسلَّم , وإياكم وهذه الأهواء , انتهى .
تأمَّل كلام أبي العالية هذا ما أجلَّهُ , واعرف زمانه الذي يُحذِّرُ فيه من الأهواء التي من اتبعها فقد رغب عن الإسلام , وتفسير الإسلام بالسنة , وخوفه على أعلام التابعين وعلمائهم من الخروج عن السنة والكتاب !! يتبين لك معنى قوله تعالى : ( (((( ((((( ((((( (((((((( (((((((( ( ( (151) .
وقوله : ( (((((((( (((((( (((((((((((( ((((((( ((((((((((( ((((((((( (((( (((( (((((((((( (((((( ((((((((( (((( ((((((((( (((( (((((((( ((((((((((( ((((( ( (152) .(1/69)
وقوله تعالى : ( ((((( (((((((( ((( ((((((( (((((((((((( (((( ((( (((((( ((((((((( ( ( (153) , وأشباه هذه الأصول الكبار التي هي أصل الأصول , والناس عنها في غفلة , وبمعرفته يتبين معنى الأحاديث في هذا الباب وأمثالها , وأما الإنسان الذي يقرأها وأشباهها , وهو آمن مطمئن أنها لا تناله !! ويظنها في قومٍ كانوا فبادوا !! ( ((((((((((((( (((((( (((( ( (((( (((((((( (((((( (((( (((( (((((((((( (((((((((((((( (((( ( (154) ) (155) .
أسأل الله سبحانه أن يهدي ضالَّ المسلمين , وأن يُذهب عنا وعنهم البأس , وأن يصرف عنا وعنهم كيد الكائدين , والفتن والفواحش ما ظهر منها وما بطن , وأن يثبتنا جميعاً على الإسلام حتى نلقاه .
اللهم ارزقني الإخلاص والصواب في القول والعمل , اللهم وأصلح لي نيَّتي وذريَّتي وأحسن لي خاتمتي , اللهم واستر عورتي , وآمن روعتي , اللهم واحفظني من بين يديَّ , ومن خلفي , وعن يميني , وعن شمالي , اللهم وأعوذ بعظمتك أنْ أُغتالَ من تحتي , اللهم واغفر لي ولوالدي وأهلي وجميع المسلمين , اللهم واكفيني شرَّ كلِّ ذي شرٍّ أنت آخذٌ بناصيته , إنَّك ربي على صراط مستقيم .
ويرحم الله عبداً قال : آمين .
يا ربِّ لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك , وعظيم سلطانك , والحمد لله رب العالمين , وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد , وعلى آله وصحبه أجمعين , سبحانك اللهم وبحمدك , أشهد أن لا إله إلا أنت , أستغفرك وأتوب إليك .
كتبه
عبدالرحمن بن سعد الشثري (156)
( 1 ) رواه الإمام أحمد ح22397 وغيره , وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع ح8183 .
( 2 ) هجرُ المبتدع للعلامة بكر بن عبدالله أبو زيد , ص5-6 بتصرف يسير .
(3) رواه الإمام البخاري ح3641 بابُ سؤالِ المشركينَ أنْ يُريَهُمُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم آيةً , فأراهُمُ انشقاقَ القَمَر .(1/70)
( 4 ) رواه الترمذي , باب ما جاء في لزوم الجماعة , ح2167 , وصحَّحه الألباني في المشكاة ج3/11 , وأما لفظ : ( لا تجتمع أمتي على ضلالة ) فقد ضعَّفه العيني في عمدة القاري ج2/52 .
( 5 ) رواه مسلم ح50 باب : بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان , وأنَّ الإيمان يزيد وينقص , وأنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان .
( 6 ) يُنظر : اقتضاء الصراط المستقيم ج1/147-149 .
( 7 ) في كتاب محمد البهي : الإخاء الديني ، ومجمع الأديان , سياسة غير إسلامية ص 3 قال ما نصه : ( الإخاء الديني : جماعة تُمارسُ نشاطها المشترك بين المسلمين والمسيحيين , في المركز العام لجمعيات الشبان المسلمين بالقاهرة . . . . ) يُنظر : الإبطال للشيخ بكر أبو زيد .
( 8 ) قال الشيخ بكر أبو زيد : ( وهذه نظيرة وسائل الترغيب الثلاثة التي تنتحلها الماسونية : الحرية ، والإخاء ، والمساواة , أو : السلام ، والرحمة ، والإنسانية , وذلك بالدعوة إلى : الروحية الحديثة , القائمة على تحضير الأرواح ، روح المسلم ، وروح اليهودي ، وروح النصراني ، وروح البوذي ، وغيرهم ، وهي من دعوات الصهيونية العالمية الهدامة ، كما بيَّن خطرها الأستاذ محمد محمد حسين - رحمه الله تعالى - في كتابه : الروحية الحديثة دعوة هدامة / تحضير الأرواح وصلته بالصهيونية العالمية ) الإبطال ص6 .
( 9 ) ( العالمية : مذهب معاصر ، يدعو إلى البحث عن حقيقة واحدة يستخلصها من ديانات العالم المتعددة ، وحقيقته نسف للإسلام ) يُنظر : معجم المناهي اللفظية للشيخ بكر أبو زيد ص270-371 .
( 10 ) وهذا إنْ أُريد به التعامل الدنيوي , والمواطنة الحسنة , وحسن الجوار , فلا بأس به ( الفوزان ) .
( 11 ) ولكن لعل ( الفوزان )
( 12 ) قد يُراد به ( الفوزان ) هي المدخل الرئيس ( السلمي ) .(1/71)
( 13 ) أيضاً : ( يستعمل مصطلح الحوار خارج نطاق دعوة التقريب بين الأديان , فيما يُعرف بقضايا : التعايش ) دعوة التقريب بين الأديان لأحمد بن عبد الرحمن القاضي , رسالة دكتوراة ج1/348 .
( 14 ) بمعنى : الاعتقاد أنَّ كل الأديان بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم يجوز البقاء عليها ( الفوزان ) .
( 15 ) بهذا المعنى ( الفوزان ) .
( 16 ) يُنظر : نواقض الإيمان للشيخ عبد العزيز العبد اللطيف ص 379 بتصرف .
( 17 ) تقدَّم تخريجه .
( 18 ) الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان للشيخ بكر أبو زيد شفاه الله تعالى ص11 .
( 19 ) والرضى به ( الفوزان ) .
( 20 ) تحريم ( السلمي ) .
( 21 ) ووجوب ( السلمي ) .
( 22 ) والبراءة منهم ومما يعبدون , ووجوب مفارقة ( السلمي ) .
( 23 ) إنكار بدعتهم وفسقهم ( الفوزان والسلمي ) .
( 24 ) الإسلام والنصرانية مع العلم والمدنية لمحمد عبده , مطبعة المنار بالقاهرة ص73 .
( 25 ) قالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى في الفتوى رقم 19402 في 25/1/1418هـ : ( وإنَّ من آثار هذه الدعوة الآثمة - أي الدعوة إلى وحدة الأديان - : إلغاء الفوارق بين الإسلام والكفر , والحق والباطل , والمعروف والمنكر , وكسر حاجز النفرة بين المسلمين والكافرين , فلا ولاء ولا براء ) .
( 26 ) يُنظر : صحيح الإمام البخاري ح2581 باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط , وصحيح الإمام مسلم ح1784 باب صلح الحديبية في الحديبية .(1/72)
( 27 ) نقل الذهبي في سيره ج1/237 من حديث الزهري عن سليمان بن يسار : ( أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث ابن رواحة إلى خيبر فيخرص بينه وبين يهود , فجمعوا له حُليَّاً من نسائهم , فقالوا : هذا لك وخفِّف عنَّا , قال : يا معشر يهود , والله إنكم أبغض خلق الله إليَّ , وما ذاك بحاملي أن أحيف عليكم , والرشوة سُحتٌ , فقالوا : بهذا قامت السماء والأرض ) الله أكبر .
( 28 ) ح2995 باب إثم من قتل معاهداً بغير جرم .
( 29 ) جريدة الوطن عدد 1735 في 23/5/1426هـ .
( 30 ) كما يدعو إلى إلغاء ( السلمي ) .
( 31 ) يُنظر كتاب : الإبطال للشيخ بكر أبو زيد , وفتوى اللجنة الدائمة للإفتاء رقم 7807 برئاسة فضيلة الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى , مجموع فتاوى اللجنة ج2/123-134 .
( 32 ) بهذا المعنى ( الفوزان ) .
( 33 ) يُنظر : دعوة التقريب بين الأديان - دراسة نقدية في ضوء العقيدة الإسلامية - للشيخ أحمد بن عبد الرحمن القاضي , رسالة دكتوراة .
( 34 ) كما في وادي الراحة بصحراء سيناء ( يُنظر : دعوة التقريب للقاضي ج4/1472 , الإخاء الديني لمحمد البهي ص22-25 ) .
( 35 ) ولَمْ يقتصر الأمر على إقامة المساجد والكنائس والبِيَع في مُحيط واحد , بل ضُمَّ إلى هذه الثلاث معابد الوثنيين , وقد عاينَ الدكتور محمد البهي رحمه الله تعالى في أكبر ساحات العاصمة الإندونيسية جاكرتا مجمعاً لمعابد الأديان الْمُعترَف بِها هناك , وهي : الإسلام والنصرانية والبوذية والهندوسية ( يُنظر : دعوة التقريب للقاضي ج4/1473-1474 ) .
( 36 ) رواه الإمام أحمد ح15195 , والدارمي ح435 , وقال ابن حجر : ( ورجاله موثوقون ) فتح الباري ج13/334 .
( 37 ) ح153 باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس , ونسخ الملل بملته .(1/73)
( 38 ) قال الإمام النووي رحمه الله تعالى : ( وأنَّ مَنْ دافعَ نصَّ الكتاب أو السنة المقطوع بها المحمول على ظاهره فهو كافرٌ بالإجماع , وأنَّ من لم يُكفِّر مَن دان بغير الإسلام كالنصارى أو شكَّ في تكفيرهم أو صحَّحَ مذهبهم فهو كافرٌ وإنْ أظهر مع ذلكَ الإسلام واعتقده ) روضة الطالبين ج10/70 , ويُنظر : مصرع التصوف ص32 للبقاعي ت885 هـ وقال رحمه الله ص235-236 : ( ولهذا قال ابن المقري في مختصر الروضة : من شكَّ في اليهود والنصارى وطائفة ابن عربي فهو كافر , وحكى القاضي عياض في الباب الثاني من القسم الرابع من الشفاء : الإجماع على كفر من لَم يُكفِّر أحداً من النصارى واليهود وكل مَن فارق دين المسلمين أو وقف في تكفيرهم , أو شكَّ , قال القاضي أبو بكر : لأنَّ التوقيف والإجماع اتفقا على كفرهم , فمن وقف في ذلك فقد كذَّب النص أو التوقيف أو شكَّ فيه , والتكذيب أو الشك فيه لا يقع إلا من كافر , انتهى ) .
وقال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى في ذكره لنواقض الإسلام : ( الثالث : مَنْ لَمْ يُكفِّر المشركين أو شكَّ في كفرهم , أو صحَّحَ مذهبهم كفر إجماعاً ) مؤلفات الشيخ في العقيدة ص213 .
( 39 ) صفوف ( السلمي ) .
( 40 ) الحوار الإسلامي المسيحي , الفرص والتحديات ص12 .
( 41 ) سوسيولوجيا الأديان , بحث مقدَّم لمؤتمر الحوار بين الأديان في الخرطوم عام 1994م ( 10 ) .
( 42 ) هدم ( السلمي ) .
( 43 ) قال عنها الشيخ بكر أبو زيد وفقه الله في معجم المناهي اللفظية ص267 : ( كلمة توجب الردة , نسأل الله السلامة ) .
( 44 ) الحوار الإسلامي المسيحي , ضرورة المغامرة ص200 .
( 45 ) المسلمون والآخرون , أشواك وعقد على الطريق , مجلة العربي عدد 267 ربيع الأول 1401هـ .
( 46 ) تيسير الكريم الرحمن ج6/203 , ويُنظر : دعوة التقريب بين الأديان لأحمد القاضي ج4/1525-1536 بتصرف .
( 47 ) الإسلام والوحدة القومية ص95-96 .(1/74)
( 48 ) مجلة العربي الكويتية عدد 169 جمادى الأولى 1401هـ .
( 49 ) النهاية في غريب الحديث لابن الأثير ج2/168 .
( 50 ) الأفضل أن تحذف , وتكون العبارة : وتكفير .. ( الراجحي ) .
( 51 ) قال الإمام أحمد رحمه الله : ( الذي كنا نسمع وأدركنا عليه من أدركنا من أهل العلم : أنهم كانوا يكرهون الكلام والجلوس مع أهل الزيغ , وإنما الأمور في التسليم والانتهاء إلى ما كان في كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا في الجلوس مع أهل البدع والزيغ لترد عليهم , فإنهم يلبسون عليك ولا هم يرجعون , فالسلامة إن شاء الله في ترك مجالستهم والخوض معهم في بدعتهم وضلالتهم ) الإبانة الكبرى لابن بطة ج2/471-472 .
وقال الإمام الصابوني في وصف عقيدة السلف : ( ويبغضون أهل البدع .. ولا يسمعون كلامهم ولا يجالسونهم , ولا يجادلونهم في الدين ولا يناظرونهم , ويرون صون آذانهم عن سماع أباطيلهم , التي إذا مرَّت بالآذان وقرت في القلوب ضرت , وجرت إليها الوساوس ) عقيدة السلف المطبوع ضمن الرسائل المنيرية ج1/131 .
وقال بكر أبو زيد : ( وقد كان السلف رحمهم الله يحتسبون الاستخفاف بهم , وتحقيرهم , ورفض المبتدع وبدعته ) حلية طالب العلم ص29 .
( 52 ) الإسلام والنصرانية مع العلم والمدنية لمحمد عبده , مطبعة المنار بالقاهرة ص73 .
( 53 ) ح153 باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس , ونسخ الملل بملته .
( 54 ) رواه البخاري ح1324 باب : ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما , ومسلم ح529 باب : النهي عن بناء المساجد على القبور , واتخاذ الصور فيها , والنهي عن اتخاذ القبور مساجد .
( 55 ) مجموع سماحته ج8/155-159 .
( 56 ) جهاد ( الراجحي ) .
( 57 ) وترك ( الفوزان ) .
( 58 ) قاعدة ( الفوزان ) .
( 59 ) والتي ( الفوزان ) .(1/75)
( 60 ) يُنظر : النجاة والفكاك ص14 , للشيخ العلامة حمد بن عتيق رحمه الله تعالى .
( 61 ) ومعاداة ( الفوزان ) .
( 62 ) ومناصحتهم ( الفوزان ) .
( 63 ) الحزبيون من الإخوانيين وغيرهم ( الفوزان ) .
( 64 ) الأفضل حذفها ( الراجحي ) .
( 65 ) حكم الانتماء إلى الفرق والأحزاب والجماعات الإسلامية للشيخ/بكر بن عبدالله أبو زيد ص149 .
( 66 ) مجموع الفتاوى ج28/53 .
( 67 ) رواه اللالكائي في السنة ج1/139 ، وقال الألباني في تعليقه على المشكاة ج1/66 : ( رُوي موصولاً ومرفوعاً من طرق كثيرة , قد يرتقي الحديث بمجموعها إلى درجة الحسن ) .
( 68 ) رواه اللالكائي في السنة ج1/140 .
( 69 ) رواه اللالكائي في السنة ج1/139 .
( 70 ) طبقات الحنابلة لأبي يعلى ج1/160 .
( 71 ) الآداب الشرعية لابن مفلح ج1/233 .
( 72 ) شرح السنة للبغوي ج1/266 .
( 73 ) الصواعق المحرقة على أهل الرفض والضلال والزندقة لابن حجر الهيثمي ج1/9 .
( 74 ) قال العلامة بكر أبو زيد وفقه الله تعالى : ( تنبيه : عظمت الفتنة في عصرنا بمدح الملاحدة المنتسبين إلى الإسلام والافتخار بهم ، وإظهار مقالاتهم ، وساعد على ذلك طبع المستعمرين - المستشرقين - لكتبهم ، ونشرها ، وكل هذه مخاطر يجب الحذر منها ، وعلى من بسط الله يده أن يكف أقلام أصحابها وألسنتهم ، طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم - في نصرة هذا الدين ، وحماية لأهله من شرورهم ) الإبطال ص30 .
( 75 ) لمعة الاعتقاد ص33 ت/بدر البدر , اعتقاد أهل السنة ج1/180 , ويُنظر : قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر ص157 لمحمد صديق حسن خان القنوجي , ت/عاصم بن عبد الله القريوتي .
( 76 ) من إصدار دار عالم الكتب , تحقيق : محمد بن عبد الرحمن دمشقية .
( 77 ) الطرق الحكمية ص275 .
( 78 ) مجموع فتاوى فضيلته ج12/187-190 .
( 79 ) رواه البخاري ح328 كتاب التيمم , ومسلم 521 كتاب المساجد ومواضع الصلاة .(1/76)
( 80 ) ح153 بابُ وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلَّم إلى جميع الناس , ونسخ الملل بملته .
( 81 ) البخاري ح6545 باب في بيع المكره ونحوه في الحقِّ وغيره , ومسلم ح1765 باب إجلاء اليهود من الحجاز .
( 82 ) البخاري ح7 باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , ومسلم ح1773 باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام .
( 83 ) قال النووي : ( واختلفوا في المراد بهم على أقوال : أصحُّها وأشهرها أنهم الأكَّارون أي : الفلاَّحون والزراعون , ومعناه : أنَّ عليك إثم رعاياك الذين يتبعونك وينقادون بانقيادك ونبَّه بهؤلاء على جميع الرعايا لأنهم الأغلب , ولأنهم أسرع انقياداً , فإذا أسلم أسلموا , وإذا امتنع امتنعوا , وهذا القول هو الصحيح ) شرح صحيح مسلم ج12/109 .(1/77)
( 84 ) لقد صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم أنه فسَّر ( (((((( ((((((((((((( (((((((((( ( باليهود ( (((( ((((((((((((( ( بالنصارى , وممن روى ذلك من الأئمة : أحمد في مسنده ح19400 , وابن حبان في صحيحه وصححه ح6246 , والترمذي وحسنه ح2953 , والطبراني في الأوسط ح3813 , وفي الكبير ح237 , والبيهقي في شعب الإيمان ح4329 , وفي السنن الكبرى ح12710 , والمروزي في السنة ح156 , وأبو يعلى في مسنده ح7179 , وأبو عبيد القاسم بن سلام في الأموال ح765 , وتَّمام الرازي في الفوائد ح418 , وابن أبي عاصم في الأوائل ح158و159 , وعلاء الدين بن علي المتقي في كنز العمال ح2968 , وسعيد بن منصور في سننه ح179 , وصحَّحه كل من : شيخ الإسلام ابن تيمية كما في الفتاوى ج1/64 , وتلميذه ابن القيم في مفتاح دار السعادة ج1/37 , وابن أبي العز الحنفي في شرحه للعقيدة الطحاوية ص594 , والهيثمي في مجمع الزوائد ج1/49 , وأحمد شاكر في تعليقه على الطبري ج1/185 , والألباني في السلسلة الصحيحة برقم 3263 , وحسنه الحافظ ابن حجر في الفتح ج8/159 , رحمهم الله تعالى جميعاً .
( 85 ) رواه مسلم ح121 بلفظ : ( أما علمت : أنَّ الإسلام يهدم ما كان قبله , وأنَّ الهجرة تهدم ما كان قبلها , وأنَّ الحج يهدم ما كان قبله ) باب كون الإسلام يهدم ما قبله , وكذا الهجرة والحج .
( 86 ) رواه ابن ماجة ح4250 باب : ذكر التوبة , والبيهقي في الكبرى ح20350 , وغيرهما , وحسَّن سنده ابن حجر في الفتح ج13/471 .
( 87 ) جريدة الشرق الأوسط عدد 5895 في 17/8/1415هـ .
( 88 ) مجموع فتاوى سماحته ج12/185-186 .
( 89 ) رواه البخاري ح328 كتاب التيمم , ومسلم 521 كتاب المساجد ومواضع الصلاة .(1/78)
( 90 ) ممَّن ذكر الإجماع : سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله تعالى ( يُنظر : تقديم سماحته لكتاب : حكم بناء الكنائس والمعابد الشركية ص2 للشيخ إسماعيل الأنصاري رحمه الله تعالى ) .
( 91 ) رواه الإمام مالك ح1584 , وابن أبي شيبة ح32992 , والبيهقي في الكبرى ح18531 وغيرهم , وروى البخاري 2997 عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ) باب : إخراج اليهود من جزيرة العرب , وكذا رواه مسلم ح1637 باب : ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصى فيه , وروى مسلم أيضاً ح1767 عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سمعَ رسول الله صلى الله عليه وسلَّم يقول : ( لأُخرجنَّ اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدعَ إلا مسلماً ) باب : إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب .
( 92 ) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم : ( لا تكون قبلتان في بلد واحد ) رواه أبو داود ح 3022 باب في إخراج اليهود من جزيرة العرب , وجوَّد إسناده ابن تيمية ( أحكام الذمة لابن القيم ج2/686 ) ورواه أحمد ح1949 والترمذي ح633 بلفظ : ( لا تصلح قبلتان في أرض واحدة ) باب ما جاء ليس على المسلمين جزية .
( 93 ) نقله عنه الحجاوي في الإقناع ج4/287 , والرحيباني في مطالب أولي النهى ج6/281 , والبهوتي في كشاف القناع ج6/170 .
( 94 ) لهم ( الراجحي ) .
( 95 ) يُنظر : إعلام الموقعين ج2/177 , والجواب الكافي ص69 كلاهما للإمام ابن القيم رحمه الله تعالى , والتحذير من مختصرات الصابوني للشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد ص68-71 .
( 96 ) أخرجه الإمام أحمد ح16979 , وعمرو ابن أبي عاصم في السنة ح2 , وأبو داود ح4597 باب شرح السنة , وصححه الألباني في ظلال الجنة : رقم 2 .(1/79)
( 97 ) ويا ليتهم يُناظرونهم ويُجادلونهم بالتي هي أحسن , لإثبات الحق , وإبطال الباطل , وليأطروهم على الحق أطراً , لكان خيراً لنا ولهم ! ( يُنظر : الأذكار للنووي ص330 , وفتح القدير للشوكاني ج4/481 , وشرح لمعة الاعتقاد لابن عثيمين ص112 ) .
( 98 ) صدق والله فقد سمعنا مِن بعض دعاتنا مَن كان يُكفِّر بعض الفرق المنتسبة للإسلام كالرافضة , ثمَّ هو اليوم يحتضن بعض زعمائهم , ويصفهم بإخوانه , ويصف بعض معاملة أهل السنة مع الرافضة بالتطرُّف ؟! .
( 99 ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة ج1/19 .
( 100 ) رواه مسلم ح2665 باب النهي عن اتباع متشابه القرآن .
( 101 ) الأذكار ص330 .
( 102 ) يُنظر : الإبطال لنظرية الخلط بين الأديان , وكتاب : الرد على المخالف من أصول الإسلام , كلاهما للشيخ بكر أبو زيد شفاه الله تعالى .
( 103 ) الصدق ( الفوزان ) .
( 104 ) جريدة الحياة , عدد 12398 يوم الخميس 28/9/1417هـ .
( 105 ) ( البهائية امتداد لفرقة البابية , والبابية أو البهائية : فرقة ضالة كافرة , انبثقت من الشيعة الاثنى عشرية ( الرافضة ) وموطنها الأول إيران , وسميت بالبابية نسبة لأول زعيم لها , والذي لقَّب نفسه بالباب , وسميت بالبهائية : نسبة لزعيمها الثاني , والذي لقَّب نفسه بهاء الله , وقد ادَّعى كلٌ من الباب والبهاء : النبوة والرسالة , ثم زعم كل واحد منهما أنَّ الله تعالى قد حلَّ فيه , تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً ) الموجز في الأديان والمذاهب المعاصرة , للشيخين : ناصر القفاري , وناصر العقل ص156-160 بتصرف يسير .(1/80)
( 106 ) وقد جاء في أهداف ( برنامج وستمنستر للتلاقي الديني ) المنبثق عن الكنيسة الكاثوليكية في لندن , الذي يشمل جميع الأديان , والتقاليد الوثنية , والحركات الدينية الحديثة : ( تنظيم زيارات متحضرة لبيوت العبادة , لتشجيع الفهم من خلال التجربة ) وقد تخلَّل مؤتمر الأديان في السودان عام 1413هـ الذي ضمَّ ممثلين لمختلف الأديان في العالم : زيارات لعدد من الكنائس والمساجد في الخرطوم , وملكال , وجوبا ( يُنظر : دعوة التقريب للقاضي ج4/1476-1477 ) .
( 107 ) أهمية الجهاد .. رسالة دكتوراة للشيخ علي العلياني , دار طيبة ط3 سنة 1422هـ ص 508-509 .
( 108 ) يُنظر : البيانات المسيحية الإسلامية المشتركة ص57-59-68-113-127 جمع جوليت حداد , الدعاة والدعوة الإسلامية المعاصرة المنطلقة من مساجد دمشق للدكتور محمد الحمصي ج2/726 , مجلة الفيصل عدد5 ذو القعدة 1397هـ , دعوة التقريب للقاضي ج4/1478-1482 .
( 109 ) الإبطال للشيخ بكر أبو زيد ص28 .
( 110 ) الأفضل حذفها , وتصبح العبارة : وعن المشرك .. ( الراجحي ) .
( 111 ) الأفضل حذفها , وتصبح العبارة : وعن اليهودي .. ( الراجحي ) .
( 112 ) يُنظر : الموقف المعاصر من المنهج السلفي في البلاد العربية - دراسة نقدية - لمفرح القوسي , رسالة دكتوراة ص223-226 دار الفضيلة بالرياض , ومسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة , للشيخ ناصر بن عبدالله القفاري , رسالة ماجستير , دار طيبة بالرياض .(1/81)
( 113 ) وإننا نجد دُعاة التقارب بين الأديان يستدلُّون بقوله تعالى : ( ((((((((((( (((((((( ((((( (((((((((((( (((( (((((( ((((((((( ((((((((((((((( (((((((( (((((((((((( ((((((((((((((( ( (((( (((((((((((( ((((( (((( ((((((((((( ( (((( (((( ((((((( ((((((( (((( ( على أهمية التقريب , يقول أحدهم وهو : د. عبدالعزيز التويجري : ( فالتعارف هنا يتَّسعُ ليشمل التعاون والتعايش , وكل ضروب العمل الإنساني المشترك لِما فيه الخير والمنفعة لبني البشر ) الحوار والتفاعل الحضاري من منظور إسلامي ص22 .
لماذا لا يأخذ دعاة التقارب بفهم السلف لكتاب الله تعالى , فهذا شيخ المفسرين ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى يقول في تفسيره ج26/140 : ( وقوله ( لتعارفوا ) يقول : ليعرف بعضكم بعضاً في النسب ) ويقول ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره ج7/385 : ( أي ليحصل التعارف بينهم , كل يرجع إلى قبيلته ) .
بل نقل د. شوقي أبو خليل - أحد دعاة التقريب - معنى الآية إلى ما هو أبعد مما ذكره إخوانه من دعاة التقريب , فقال بأنَّ المعنى : الاعتراف بالآخر واحترامه ( الإسلام والتفاهم والتعايش بين الشعوب ص65 ) نسأل الله السلامة والعافية .
( 114 ) الكافي ج2/634 .
( 115 ) حياة القلوب للمجلسي ج2/541 .
( 116 ) تفسير البرهان ج2/373 ، وتفسير الصافي ج3/134 ، وتفسير نور الثقلين للحويري ج3/60 .
( 117 ) تفسير القمي ج2/115 .
( 118 ) تفسير القمي ج2/253 ، وتفسير البرهان ج4/87 ، وتفسير الصافي ج4/331 .
(119) تفسير القمي ج2/147و345 , وكنز الفوائد للكراجكي ص219 , ومناقب آل أبي طالب للمازندراني ص/63و343 , وتفسير الصافي ج5/110 , وتفسير القرآن الكريم لعبدالله شبر ص378 .
( 120 ) أصول الكافي ج1/239 .
( 121 ) بحار الأنوار ج26/123 , بصائر الدرجات ص47 .
( 122 ) أصول الكافي ج1/227 .(1/82)
( 123 ) أصول الكافي مع شرح جامع للمازندراني ج2/272 , وانظر مثلاً : عقائد الإمامية للمظفر ص66 , الحكومة الإسلامية للخميني ص13 , الخميني والدولة الإسلامية لمحمد جواد مغنية ص59 .
( 124 ) انظر : أحوال الرجال ص38 , وكتاب الإيمان لمحمد العدني ص249-250 .
( 125 ) من لا يحضره الفقيه لابن بابويه القمي ج4/151 , ووسائل الشيعة ج20/108 .
( 126 ) حياة القلوب للمجلسي ج2/700 .
( 127 ) تفسير القمي ج2/377 .
( 128 ) مشارف أنوار اليقين للبرسي ص86 .
( 129 ) حق اليقين للمجلسي ص347 .
( 130 ) كشف الأسرار للموسوي ص24 .
( 131 ) تهذيب الوصول إلى علم الأصول , لحسن بن المطهر الحلي ص70 , وأوائل المقالات للمفيد ص153 .
( 132 ) علل الشرائع للقمي ص531 , ووسائل الشيعة ج27/118 .
( 133 ) مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة للشيخ ناصر القفاري ج1/375-390 بتصرف وزيادات .
( 134 ) السقيفة ص19 .
(135) رجال الكشي ص6 , الكافي كتاب الروضة ج12/312-322 ( مع شرح جامع للمازندراني ) .
(136 ) حق اليقين للمجلسي ص522 , وكشف الأسرار للخميني ص112 .
(137) مفاتيح الجنان للقمي ص114 , وممن ذكر هذا الدعاء كاملاً من علماء الشيعة : الكفعمي في البلد الأمين ص511-514 , والكاشاني في علم اليقين ج2/701-703 , والحائري في مفتاح الجنان ص113-114 , ومنظور حسين في تحفة عوام مقبول ص423-424 , وغيرهم كثير .
( 138 ) نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت ق57/أ لعلي بن هلال الكركي المتوفى سنة 984هـ .
( 139 ) الأنوار النعمانية لنعمة الله الجزائري ج2/ 278-279 .
( 140 ) يُنظر : مسألة التقريب للشيخ ناصر القفاري ج2/278-281 بتصرف .
( 141 ) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ج2/133-134 .
( 142 ) مجموع فتاوى سماحته رحمه الله تعالى ج5/130-131 .
( 143 ) يُنظر : الموجز في الأديان والمذاهب المعاصرة , للشيخين : ناصر القفاري , وناصر العقل ص188 .(1/83)
( 144 ) رواه مسلم ح146 بابُ : بيان أن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً وإنه يأرز بين المسجدين .
( 145 ) رواه البخاري ح1777 , ومسلم ح147 باب : بيان أن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً وإنه يأرز بين المسجدين .
( 146 ) خصائص جزيرة العرب ص70 للشيخ العلاَّمة بكر بن عبد الله أبو زيد .
( 147 ) يُنظر : الردُّ على المخالف من أصول الإسلام للشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد .
( 148 ) كتاب الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان ص28-29 بتصرف يسير .
( 149 ) رواه أبو داود ح4611 بابُ لزوم السنة , وعبد الرزاق في مصنفه ح20750 , والحاكم في المستدرك ح8422 كتاب الفتن والملاحم , وقال : ( هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ) .
( 150 ) رواه البخاري ح3411 باب علامات النبوة في الإسلام , ومسلم واللفظ له ح1847 باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن ، وفي كلِّ حال ، وتحريم الخروج على الطاعة ومفارقة الجماعة .
( 151 ) الآية 130 من سورة البقرة .
( 152 ) الآية رقم 131 من سورة البقرة .
( 153 ) الآية 130 من سورة البقرة.
( 154 ) الآية 99 من سورة الأعراف .
( 155 ) كتاب فضل الإسلام ص28-29 لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى .
( 156 ) آمل منك أخي الكريم : موافاتي باقتراحاتك وملاحظاتك على 0555775888 والمؤمن مرآة أخيه , والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه .
??
??
??
??
6
7
____(1/84)