سلسلة بحوث وتحقيقات مختارة من مجلة الحكمة (30)
تحقيق
Almodhe1405@hotmail.com
almodhe@yahoo.com
N
الغرر السافر فيما يحتاج إليه المسافر
للإمام الزركشي
ترجمة المؤلف :
*اسمه ونسبه وحياته:
هو العلامة الهمام الفذ: محمد بن عبد الله بن بهادر، أبو عبد الله بدر الدين الزركشي، الشافعي، الفقيه المتفنن، والأصولي البارع، والأديب الحاذق، والمحدث الماهر، صاحب التصانيف النافعة، والفنون الرائعة.
ولد الإمام الزركشي في مصر سنة (745هـ)، من أسرة تركية الأصل، وكان أبوه مملوكًا فتعلم صناعة الزركش، وهي نسج الحرير بالذهب، و(زركش) كلمة فارسية مركبة من: (زر) أي: ذهب و(كش) أي: ذو. فمجموعها زركش، فتعلمها منذ صغره ولذلك نسب إليها.
ثم وجهه الله سبحانه نحو العلم الشرعي، فحفظ "المنهاج في الفقه الشافعي" للإمام النووي وأقبل على العلم جادًا مخلصًا دؤوبًا لا يمل من ارتشاف ضربه.
وشغف بالحديث النبوي فرحل في سبيله إلى بلاد الشام، وسمع من كبار علماء زمانه من أمثال ابن قدامة المقدسي، وابن كثير، وغيرهم.
وكان ينوع علومه ويسوع فهومه، فتعلم الأصول، والفروع، ولازم الأسنوي والبلقيني.
ثم بعد أن أكمل مرحلة التلقي والتحصيل، ونضج فكره، وتوسعت معرفته، قرر الاستقرار في مصر، حيث انقطع إلى العلم والإفتاء، والتدريس، والتأليف، وكان لا يشغله شاغل عن ذلك.
قال ابن العماد الحنبلي في "شذرات الذهب" (6/235) : (درس، وأفتى، وولي مشيخة خانقاه كريم الدين بالقرافة الصغرى) ثم قال (كان منقطعًا إلى الاشتغال بالعلم لا يشتغل عنه بشيء وله أقارب يكفونه أمر دنياه.
وقال الحافظ ابن حجر في "الدرر الكامنة" (4/117): (كان الزركشي منقطعًا في منزله لا يتردد إلى أحد إلا إلى سوق الكتب، وكان يطالع في حانوت الكتبي طول نهاره، ومعه أوراق يعلق فيها ما يعجبه ثم يرجع فينقله إلى تصانيفه).
* ثناء العلماء عليه:(1/1)
قال ابن قاضي شهبة في "طبقات الشافعية": (كان فقهيًا أصوليًا أديبًا فاضلاً في جميع ذلك).
وقال ابن تغري بردي في "المنهل الصافي": (برع في الفقه وغيره وشارك في عدة فنون وتصدى للإفتاء والتدريس، وأكثر من الكتابة بخطه ما بين شروح ومختصرات ومجاميع، وكان غير مزاحم على الرئاسة، يلبس الخلق من الثياب، ويحضر بها المجامع والأسواق ولا يحب التعاظم).
ونقل كلام العلماء في مدحه يطول وفي هذا القدر كفاية.
* شيوخة:
من أبرز شيوخه:
1- العالم العلامة ابن قدامة المقدسي، المتوفي سنة (780هـ)ز
2- الحافظ الإمام أبو الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي، المتوفي سنة (774هـ).
3- جمال الدين الإسنوي، المتوفي سنة (772هـ).
4- سراج الدين البلقيني، المتوفي سنة (805هـ).
5- شهاب الدين الأذرعي، المتوفي سنة 783هـ).
* تلاميذه:
ومن أبرزهم :
1- العلامة شمس الدين محمد بن عبد الدائم البرمادي، المتوفي سنة (831هـ).
2- القاضي المفتي نجم الدين عمر بن حجي الدمشقي الشافعي، المتوفي سنة (830هـ).
* وفاته:
توفي - رحمه الله - في يوم الأحد، ثالث عشر من شهر رجب الفرد، في سنة (794)، عن مسيرة علمية زاخرة بالعطاء... أخرج فيها كنوزًا رائعة في شتى العلوم والفنون، فرحمة الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته إنه سميع قريب.
* مؤلفاته:
تعدت مؤلفات الأمام الزركشي خمسة وأربعين كتابًا، شملت مختلف العلوم من علوم القرآن، والحديث الشريف، والفقه أصولاً وفروعًا، والتوحيد، والتاريخ والبلاغة، والأدب، وغيرها.
وكان في خط الأمام الزركشي ضعف، بل وصف العلماء خطه بأنه ضعيف جدًا، وسيء، ولذلك يكثر التصحيف عند النقل من كتبه المخطوطة بخط يده - رحمه الله -.
وهذه بعض مؤلفاته:
1- البحر المحيط. في أصول الفقه. مطبوع، وهو كتاب رائع جدًا.
2- إعلام الساجد بأحكام المساجد. في الفقه، مطبوع.
3- الإجابة لما استدركته عائشة على الصحابة. مطبوع.
4- البرهان في علوم القرآن. مطبوع.(1/2)
5- التذكرة في الأحاديث المشتهرة. مطبوع.
6- تخريج أحاديث الشرح الكبير للرافعي. مطبوع.
7- رسالة في معنى "لا إله إلا الله". في التوحيد. مطبوعة.
8- القواعد في فروع الشافعية. مطبوع.
9- الغرر السافر في ما يحتاج إليه المسافر. وهي هذه الرسالة التي بين يديك.
وغير هذه المصنفات الكثيرة .
* نبذة عن رسالة الغرر السافر:
ذكرها في مصنفاته حاجي خليفة في "كشف الظنون" (2/1201)، وذكر أنها تتألف من ثلاثة أبواب ومطلعها: (الحمد لله...). وإسماعيل باشا في "هدية العارفين" (6/175).
وذكرها رضا كحالة في "معجم المؤلفين" حينما عد مؤلفات الزركشي.
وغير ذلك، وكتب في أولها: (جزء يتعلق بالسفر تأليف العلامة بدر الدين الزركشي رحمه الله تعالى ورضي عنه بمنه وكرمه).
وأصل هذه الرسالة النسخة الخطية المخطوطة في المكتبة الظاهرية.
ومنها هذه الرسالة النسخة الخطية المخطوطة في المكتبة الظاهرية.
ومنها نسخة في مكتبة الجامعة الأردنية تحت رقم (191 مخطوط).
وهي نسخة جميلة، وقع التصحيف في بعض المواضع فيها.
* مصادر ترجمته:
من أراد التوسع في معرفته ما يتعلق بالإمام الزركشي فلينظر:
1- الدر الكامنة للحافظ ابن حجر (4/17).
2- النجوم الزاهرة (12/134).
3- طبقات المفسرين للداودي (1/157).
4- حسن المحاضر للسيوطي (1/437).
5- طبقات القاضي ابن شهية.
6- نزهة النفوس والأبدان للخطيب الجوهري (1/354).
7- إنباه الغمر للحافظ ابن حجر (1/446).
8- شذرات الذهب لابن عماد الحنبلي (6/335).
9- هدية العارفين (6/174 - 175).
10- الأعلام للزركلي (6/286).
11- معجم المؤلفين لرضا كحالة (9/121 و 10/ 205). وغيرها.
جزء يتعلق بالسفر
تأليف
العلامة بدر الدين الزركشي رحمه الله تعالى بمنّه وكرمه
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك.
بسم الله الرحمن الرحيم(1/3)
الحمد لله الذي جعل الأرض ذلولا نمشي في مناكبها (1)، والأنعام حمولة نستوي في مراكبها (2)، والسماء بناءً نهتدي في كواكبها (3). نحمده على نعمه التي فتح أبواب مطالبها، ومننه التي قرن مستقبلها بذاهبها. وصلى الله على سيدنا محمد (، الحالّ من العلا في أشرف مراتبها، والحالّ عقد الضلالة، والهازم لمواكبها، وعلى آله وصحبه، ما ترددت النجوم في مطالعها ومغاربها. فبعد..
فهذا كتاب للغريب أنيس (4) ، وللوحيد جليس (5). يكون رفيقًا للمسافر في سفره، معينًا له على قضاء وطره (6)، مؤنسًا له بفوائده، مساعدًا له في مصادره وموارده. سميته بـ "الغرر السافر في ما يحتاج إليه المسافر"، ناسجًا له على غير منوال (7)، منشئًا له على غير مثال، والله - سبحانه - أسأل لنفع والإثابة عليه، وأن يجعله خالصًا لوجهه مقربًا للفوز لديه، إنه سميع مجيب.
ورتبته على ثلاثة أبواب:
الباب الأول: في مدلول السفر وفوائده.
الباب الثاني: فيما يتعلق به عند السفر.
الباب الثالث: في الآداب المتعلقة بالسفر.
الباب الأول
* في حقيقة السفر وفوائده:
أصل السفر في اللغة (8): الظهور والبروز. ومنه أسفر الصباح إذا لمع، وسمي السفر سفرًا؛ لأنه يسفر عن أخلاق الرجال (9)، أي: يظهر أحوالها. ومنه سفرت المرأة عن وجهها، إذا كشفته وأظهرته. ومنه سميت المكنسة: مسِفَرة، لأنها تسفر التراب عن وجه الأرض. ويقال: رجل سافر، وقوم سَفْر جمع سافر كراكب وركب، إلا أنهم لم ينطقوا بسافر. وسافر شاذ في الأفعال فيما وقع في باب (فاعل) من (فعل) واحد، وأكثره أن يكون من اثنين. والأصل فيه قوله تعالى: ?وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ? [المزمل: من الآية20] وقال تعالى:?هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ? [الملك:15](1/4)
ورُوِيَ عن النبي ( أنه قال: "سافروا تصحّوا وتغنموا" أخرجه البيهقي في سننه من حديث ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم بإسناد ضعيف. وفي رواية الطبري "تسلموا" بدل "تغنموا " (10).
قال ابن عبد البر (11): وهذا عندي لا يعارض حديث "السفر قطعة من العذاب" (12)، بل ذلك العذاب: هو التعب والمشقة، كالدواء المر المعقب للصحة، لذلك قيل: السفر مصحة.
* وأما فوائده:
فقد أشار إليها الشافعي رحمه الله، فيما روي عنه من قوله (13):
تغرب عن الأوطان تكتسب العلي
تَفَرُّجُ هَمَّ، واكتسابُ معيشةٍ
فإن قيل: في الأسفار ذلٌ وخسةٌ
فموت الفتى خيرٌ له من حياته
وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
وعلمٌ، وآداب، وصحبةٌ ماجدِ
وقطعُ الفيافي، وارتكاب الشدائدِ
بدارِ هوانٍ، بين واشٍ وحاسدٍفأما الأولى: وهي انفراج الهم.
فإن الله أجرى العادة، أن الملازم لمكان واحد، وطعام واحد يسأم منه، لا سيما إذا كان في هم كثير، انتقل عن تلك الحالة أو تشاغل بغيرها، تصرّف عنه الهم على التدريج، وانبعثت روحانيته لما يروم.
قال يحيى بن عدي: إن الطبيعة تمل الشيء الواحد إذا دام عليها، ولذلك اتخذت ألوان الطعام، وأطلق التزويج بأربع نسوة (14) ، ورسم التنزه والتحول من مكان إلى مكان، والإكثار (15) من الإخوان، والتفنن في الآداب، والجمع بين الجد والهزل.
قال الحريري:
وَجدتُ بها ما يملأُ العينَ قرةً
ويسلي عن الأوطانِ كلَّ غريبوأما الثانية: وهي اكتساب المعيشة.
فإنها لا تكون إلا بالتحرك، للحديث السابق : "سافروا تغنموا" (16)، وفي التوراة: "ابن آدم خُلقْتَ من الحركة فتحرك، وإني معك". وقالت العرب: "البركات مع الحركات"، وقالوا: "أسفر الرجل عن الظفر"، وقيل: "من ضعف عمله اتكل على رزق غيره". وقال علي رضي الله عنه: "الرزق مقدمة اللون".(1/5)
وقال أحمد ابن أبي داؤد: "الاستعجال قرين الاحتياج". ومن الكلم النوابع: "صعود الإكام (17) وهبوط الغيطان قرين القعود بين الحيطان". ولله در السراج الوراق حيث يقول:
دع الهوينا وانتصب واكتسب
وكن عن الراحة في معزل
واكدح فنفس المرء كداحة
فالصفع موجود مع الراحةوقال آخر:
ليس ارتحالك في نفس الغني سفرا
بل المقام على فقر هو السفر
وقال النبي ( لوفد عبد القيس: "ما المروءة فيكم؟ قال: العفة والحرفة"، ورُئِيًَ عكرمة وراء نهر بلخ، فقيل له ما جاء بك ها هنا؟ قال: بناتي (18). وقال رجل لمعروف الكرخي: يا أبا محفوظ! أتحرك لطلب الرزق أم أجلس؟ قال: لا بل تحرك، فإنه أصلح لك، فقال له أتقول هذا؟! فقال: وما أنا قلت، ولكن الله عز وجل أمر به، قال الكريم: ?وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً? [مريم:25] ولو شاء أن ينزله عليها (19).
وأنشد الثعالبي:
ألم تر أن الله قال لمريم
ولو شاء أن تجنيه من غير هزها
وهزي إليك الجذع تساقط الرطب
ولكن (علمنا) كل شيء له سبب
وقال النابغة:
إذا المرء ُ لم يطلب معاشًا لنفسهِ
فَسِرْ في بلاد الله والتمس الغنى
شكى الفقرَ، أو لامَ الصديقَ فاكثرا
تَعُش ذا يَسار أو تموتَ فتُعذرا
وقال ابن عبد ربه: هل يجوز في عقل، أو يمثل في وهم، أو يصح في قياس أن يحصد زرع بغير بذر، أو يجني ثمر بغير غرس، أو يورى زند بغير قدح، أو ينموا مال بغير طلب.
وأما الفائدة الثالثة: وهي حصول العلم والأدب.
فقد كان السلف يرحلون في طلب الفائدة، ورحل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في طلب حديث واحد (20). وقال موسى : "لا تلوموا، فإني أدركت منه ما لم يدرك أحد". يريد: أن الله تعالى كلمه. ونظم هذا أبو تمام، فقال:
فإن موسى صلى روحه لله
صار نبيًا، وأعْظِم بغيبته
صلاةً كثيرةَ القُدُسِ
في جذوة للصلاةِ أو قبسٍ
وقال آخر:
أولى التغرب، ما ارتقى
در البحور إل النحور.(1/6)
وأما الفائدة الرابعة: وهي الآداب.
فلما يرى من الأدباء، ولقاء العلماء والعقلاء الذين لا يردون قطره، فيكتسب من أخلاقهم وخلايقهم، ويتحلى بفوائدهم وحقايقهم، كما قيل:
إذا أعجبتكَ خلالُ امرئٍ
فليس على المجد والمكرمات
فكُنه، يكُنْ فيكَ ما تعجب
إذا رُمتها حاجبّ يحَجب
وأما الخامسة:: وهي صحبة الأمجاد.:
فيشهد لها الحس والواقع، وصحبة الأمجاد ترفع المنقوص، وترقيه إلى رتبة أهل الخصوص، وتدخِلُهُ في زمرتهم، وتنسجه في لحمتهم، ولله در القائل:
نزلتُ على آل المهلب شاتيًا
فما زالَ بي إحسانهم، وجميلهم
غريبًا عن الأوطان في زمن المَحْلِ
وبرهمْ، حتى حسبتهُم أهلي
وزاد عليه القاضي الرشيد بن الزبير، فقال:
ولما نزلنا في ظلال بيتهم أمنّا
ولو لم يزد إحسانهم وجميلهم
ونلنا الخِصبَ في زمن المَحْلِ
على البر من أجلي حسبتهم أهلي
وقيل:
لولا الضرورات ما فارقتكم أبدًا
و (لا) تقلبت من ناس إلى ناس
وقيل:
وكل امرئ يولي (من) الجهل محبب
وكل مكانِ ينبتُ العزَّ طيبُ
وقال الثعالبي: "من فضايل السفر: أن صاحبه يرى من عجائب الأمصار، ومن بدايع الأقطار، ومحاسن الآثار، ما يزيده علمًا بقدرة الله تعالى، ويدعوا شكرًا على نعمه".
وقال المأمون: "لا شيء ألذّ من السفر في كفاية؛ لأنك كل يوم تحل محلة لم تحلها، وتعاشر قومًا لم تعاشرهم". وقال عنترة: "السفر يشدُّ الأبدان، وينشط الكسلان، ويشهي الطعام". وقال ابن رشيق: "كتب إلى بعض إخواني: مثل الرجل القاعد - أعزك الله - كمثل الماء الراكد إن ترك تغير، وإن ترك تكدر، ومثل المسافر كالسحاب الماطر، هؤلاء يدعونه رحمة، وهؤلاء يدعونه نقمة، فإذا اتصلت أيامه ثقل مقامه وكثر لوّامه، فأجمع لنفسك فرحة الغيبة، وفرحة الأوبة. والسلام".
وقالت الحكماء : "لا تدرك الراحة إلا بالتعب، ولا الرغبة إلا بالنصب".
وقال ابن شرف القيرواني:
وصيّر الأرض دارا والورى رحلا
حتى ترى مقبلا في الناس مقبولا(1/7)
ولهذه الفوائد أو بعضها أكثر الناس من الأسفار حتى قيل:
كريشة بمهب الريح ساقطة
لا تستقر على حال من القلق
وفيه قول أبي الطيب:
يخيّل لي أن البلاد مسامع
وأني فيها ما يقول العواذل
معناه: أن العاذل ما له كلمة مستقرة في أُذن المحب.
وقال ابن اللبان:
كأنما الأرض عني غير راضية
فليس لي وطن فيها ولا وطر
ويقول الشهاب المناري:
إن عشت عشت بلا أهل ولا وطن
أظن قبري بطون الوحش ترحل بي
وإن قضيت فلا قبر ولا كفن
بعد الممات، ففي الحالين لي ظعن
فصل
* وللسفر فوائد غزيرة غير ما سبق:
أحدهما: رفع الإنسان نفسه من الذل إذا كان بين قوم لئام، كما قيل:
إذا جاورتك الليالي بساقط
ألم تر ما لاقاه في جنب جاره
وقدرك مرفوع فعنه تحول
كبير أناس في بجاد مزمل
وقيل:
فسر في بلاد الله والتمس الغنى
فما الكد في الدنيا ولا الناس قاسم
وقد خرج النبي ( من مكة - شرفها الله تعالى_، وهي أحب البقاع إليه، وهاجر إلى طيبة لما نأى المقام، فكان من أمره ما كان، ثم عاد إليها وفتحها الله عليه. فيستنبط منه مشروعية الانتقال من مكان الضرر.
وإن صريح الأمر والرأي لامرئ
إذا بلغته الشمس أن يتحولا
الثاني: أن فيه تعديلا للبدن وصحة له، كما سبق "سافروا تصحوا (21) وروي "السفر مصحة، ومصحة ومصحة (22)، والفتح أعلى، أي: يصح عليه.
الثالث: يحصل مقام الغربة لنفسه، فإنه قد ورد فيه ما يبعث على ذلك، فذكر الحافظ ابن عبد البر رحمه الله (23): أن وكيعًا روى عن مالك (عن) (24) سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة يرفعه: "لو يعلم الناس ما للمسافر لأصبحوا على ظهر سفر، إن الله لينظر إلى الغريب في كل يوم مرتين"، قال: وهذا حديث غريب لا أصل له من حديث مالك ولا غيره. (وهو حديث حسن).
وفي "الطيوريات" من حديث رشدين بن سعد عن أبي علقمة عن أبي هريرة يرفعه: "لو يعلم الناس رحمة الله للمسافر لأصبح الناس على ظهر سفر، إن الله عز وجل بالمسافر رحيم " (25).(1/8)
الرابع: أنه إذا مات يحكم له بالشهادة، لما روى ابن ماجة والدارقطني في سننيهما من حديث ابن عباس يرفعه: "موت الغريب شهادة".
وذكره الدارقطني من حديث ابن عمر وصححه (26).
الخامس: روى النسائي وابن ماجة في سننيهما عن عبد الله بن عمرو قال: مات رجل بالمدينة (ممن) ولد بها فصلى عليه رسول الله ( ثم قال: "يا ليته مات بغير مولده" قالوا: ولم ذاك يا رسول الله؟ قال: "إن الرجل إذا مات بغير مولده قيس له من مولده إلى منقطع أثره في الجنة". وفي إسناد هذا الحديث نظر (27).
وقد جاء في الترمذي مصححًا: "من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها، فأني أشفع لمن يموت بها " (28).
السادس: أن الأعمال التي تفوته بسبب السفر تكتب له وإن لم يعملها، إذا كان العائق لها مجرد السفر، وفي صحيح البخاري عن أبي موسى قال: قال رسول الله ( : " إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمله مقيمًا صحيحًا" (29).(1/9)
السابع: أنه مستجاب الدعوة، عن أبي هريرة يرفعه: "ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة الوالد، ودعوة المسافر" رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة، وقال الترمذي: حسن (30). وروى سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن مطر بن عكامس، أن النبي ( قال: "إذا قضى الله لرجل أن يموت بأرض جعل له إليها حاجة" رواه الترمذي، وقال: غريب، لا يعرف لمطر غيره (31)، وأخرجه الحاكم في مستدركه سندًا ومتنا، ثم أخرجه عن أبي حمزة عن أبي إسحاق: "ما جعل الله أجل رجل بأرض إلا حصلت له فيها حاجة" (32). ثم قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد اتفقا جميعًا إخراج جماعة من الصحابة ليس لكل واحد منهم إلا راو واحد (33). وقال عثمان بن سعيد الدارمي (34)، قلت ليحيى بن معين: مطر بن عكامس لقي النبي ( ؟ قال: لا أعلم روى هذا الحديث، وأخرجه الترمذي أيضًا من حديث أبي المليح عن أبي عزة واسمه يسار بن عبد، وله صحبة، قال: قال رسول الله (: "إذا قضى الله لعبد أن يموت بأرض جعل له إليها حاجة" أو قال فيها حاجة (35)". وقال : حسن صحيح (36). وأخرجه الحاكم، وقال: حديث صحيح، ورواته عن آخرهم ثقات، وسمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعت العباس (بن محمد) الدوري (37) يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: اسم أبي عزة يسار بن عبد له صحبة، وأما المليح فإني سمعت الدارقطني يلزم البخاري ومسلمًا إخراج حديث أبي المليح عن أبي عزة، فقد احتج البخاري بحديث أبي المليح عن بريدة، وحديث أبي عزة رواه جماعة من الثقات الحفاظ. وأخرجه ابن عدي من جهة عبيد الله بن أبي حميد الهلالي عن أبي المليح به. قال: وعبيد الله متروك الحديث (38). وأخرجه ابن ماجة والحاكم أيضًا من حديث إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن عبد الله بن مسعود عن النبي ( قال: "إذا كان أجل أحدكم بأرض أتت له إليها حاجة، فإذا بلغ أقصى أثره فتوفاه الله، فتقول الأرض يوم القيامة: يا رب هذا ما(1/10)
استودعتن " (39). قال الحاكم (40): قد احتج البخاري برواة هذا الحديث عن آخرهم. وفي لفظ له: "إذا كان منية أحدكم بأرض أتيح له الحاجة، فيقصد إليها أقصى أثره فيقبض منها. فتقول الأرض يوم القيامة: رب هذا ما استودعتني". وقال: قد أسنده ثلاثة من الثقات عن إسماعيل: (عمرو بن علي المقدمي ومحمد بن خالد الوهبي وهشيم ) (41). وساق أسانيدهم. ثم قال: وأوقفه عنه سفيان بن عيينة، فيجيء على شرطهما في إخراج الزيادة من الثقات في الوصل والسند. انتهى.
وأنشد بعضهم في هذا المعنى:
إذا ما حمام المرء كان ببلدة
دعته إليها حاجة فيطير
وكان الشافعي رضي الله عنه ينشد قبل مجيئه إلى مصر (42):
وإني أرى نفسي تتوق إلى مصر
فو الله ما أدري أللخفض والغني
ومن دونها أرض المهامة والقفر
أقاد إليها؟ أم أقاد إلى قبري؟
واتفق في عصرنا أن شابًا سافر من مصر إلى مكة لقصد الحج، فتوفي هناك، فأقام أهله عليه العزاء. فدخلت عليهم امرأة من العرب فأنشدتهم:
إذا لم تزرنا النائبات بأرضنا
ركبنا المطايا نحوها فنزورها
فصل
وأما عيوب السفر : فأجلها فقد الأحباب، وتقطيع الأكباد، وترك المألوف، واقتحام المخوف، وقد روي في حديث:" المسافر وما له على قَلَتٍ" (43) أي هلاك.
وأخرج البخاري في صحيحه من طريق مالك عن سُمي عن أبي صالح عن أبي هريرة (، أن رسول الله ( قال: "السفر قطعة من العذاب، يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه، فغذا قضي نهمته فلعجل إلى أهله " (44). قال أبو عمر بن عبد البر (45): هذا حديث تفرد به مالك عن سمي ولا يصح آخره، وانفرد به أيضًا سمي، فلا يحفظ عن غيره. وهو صحيح ثابت احتاج الناس فيه إلى مالك، وليس له غير هذا الإسناد من وجه يصح.(1/11)
وروي عبيد الله بن المنتاب عن سليمان بن إسحاق الطلحي عن هارون الفروي عن عبد الملك بن الماجشون قال: قال مالك: ما بال أهل العراق يسألون عن حديث: "السفر قطعة من العذاب"؟ قيل له: لم يروه غيرك. فقال: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما حدثت به (46). ولا معارضة بينه وبين الأحاديث الدالة على مدح السفر، كما ظنه قوم، لاحتمال أن يكون العذاب - وهو التعب والنصب - مبتدأ للصحة والراحة (47).
قال ابن بطال (48): "لأن في الحركة والرياضة منفعة لأهل الدعة والرفاهة، كالدواء المر المعقب للصحة، وإن كان في تناوله كراهية".
والنهمة (بكسر النون وسكون الهاء): الحاجة وبلوغ الغرض. قال ابن التين: وضبطناه أيضًا بكسرها. وقوله " فلعجل إلى أهله" أي: يسرع بالرجوع إليهم ليزيل عذابه ويطيب له طعامه وشرابه.
وذكر الخطابي (49) أن فيه حجة لمن رأى تغريب الزاني بعد جلده. قال تعالى: ? وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ? [النور: من الآية2].
وقال ابن عبد البر (50): "فيه دليل على أن طول التغريب عن الأهل والوطن لغير حاجة من دين أو دنيا لا يصلح ولا يجوز، وأن من انقضت حاجته لزمه الاستعجال لأهله".
* لطيفة:
ذكر السمعاني في "تاريخه"، قال: لما قدم الأستاذ أبو القاسم القشيري بغداد، وعقد له مجلس الوعظ. فروى في أول مجلسه الحديث المشهور: " السفر قطعة من العذاب"، فقام إليه سائل، وقال: لم سمى النبي ( السفر قطعة من العذاب؟ فقال: لأنه من فرقة الأحباب. فاضطرب الناس وتواجدوا، وما أمكنه أن يتم المجلس فنزل.
* ومن معايبه.(1/12)
أنه يورث ضيق الأخلاق. وقالوا: لا تعرف صاحبك حتى تعصيه أو تسافر معه . وقالوا: "الحريص والمسافر مريضان لا يعادان". وقال بعضهم يمدح: أفلح بسام وإن طال السفر. وقال علي (: "السفر ميزان القوم". وقيل: "عسرك في بلدك خير من يسرك في غربتك " . وقيل لأعرابي: "ما الغبطة؟ (قال): الكفاية مع لزوم الأوطان والجلوس مع الإخوان. قيل: ما الذلة؟، قال: التنقل في البلدان، والتنحي عن الأوطان". وحكي ابن عبد البر: أن الأمام الشافعي / خرج في بعض أسفاره فضمه الليل إلى مسجد فبات فيه، وغذا في المسجد قوم يتحدثون، يضربون المنا، وهجر المنطق، فتمثل:
وأنزلني طول النوى دار غربة
إذا شئت لاقيت امرؤا لا أشاكله (51)
وأنشدوا:
وكل غريب سوف يمشي بذلة
إذا بات عن أوطانه وجفا الأهلا
وأنشدوا:
وإن اغتراب المرء من غير حاجة
وحسب الفتى ذلا، وإن أدرك الغنى
ولا فاقة يسموا لها لعجيبُ
(ولو) نال ملكًا، أن يقال غريبُ
ومما ينسب إلى الشافعي / ، رواه ابن السمعاني بإسناده (عنه):
إن الغريب له مخافة سارق
فإذا تذكر أهله وبلاده
وخضوع مديون وذلة موثق
ففؤاده كجناح طير خافق (52)
وقد قال تعالى حاكيًا عن من دخل الجنة: ?يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ? [يّس: من الآية26].
وأنشد ابن عطية:
على العز مطلوب وملتمس
وأحسنه ما نيل في الوطن
وكان الحجاج يقول: "لولا فرح الإياب لما عذبت أعدائي إلا بالسفر". وقيل: "الغربة ذلة فإن أعقبها قلة فهي نفس مضمحلة". وقال إبقراط: (يداوي كل عليل بعقاقير أرضه فإن الطبيعة تنزع إلى غذائها وعادتها". وقال جالينوس: يستروح العليل إلى تربة أرضه كما تستروح الأرض الجدبة لوابل القطر. ولله در بن الرؤبي حيث يقول:
وحَبّبَ أوطان الرجال إليهم
إذا ذكروا أوطانهم ذكْرتهم
مآربُ قضاها الفؤاد هنالكا
عهود الصبا فيها فحنّوا لذالكا
وأراد الحطيئة سفرًا فلما أراد الركوب قالت له زوجته: متى الرجوع؟ فانشد:
عُدّي السنين إذا ارتحلت لرجعتي(1/13)
ودعي الشهور فإنهن قصار
فإنشدته:
أذكر صبابتنا غليك وشوقنا
وأرحم بناتك إنهن صغار
فحط رحله ولم يخرج.
قالوا: وقد يكون الأكد مع الكد، والغيبة مع الغَيْبَة كما يقيل:
وما زلت أقطع عرض البلاد
وأدرع بالخوف تحت الدجا
وأطوي وأنشر ثوب العُلا
من المشرقين إلى المغربين
واستصحب الجدي والفرقدين
إلى أن رجعت بخفي حنين
وقال امرؤ القيس:
لقد طوّفت في الآفاق حتى
قنعت من الغنيمة بالإياب
وقال آخر:
ألا رُبَّ باغي حاجة لا ينالها
وآخر قد تقضي له وهو جالس
وهذا ونحوه قليل من كثير، وإنما الحكم للأغلب. والنجاح مع المطلوب أكثر، والحرمان للعاجز أصحب.
فصل
* في حكمه:
اعلم أن السفر مشروع في الجملة، ولكنه ينقسم إلى: طلب وهرب، وكل منهما ينقسم إلى الأحكام الخمسة (53).
أما الهرب، فينقسم إلى: واجب، ومستحب، وحرام، ومكروه، ومباح.
أما الواجب: كالخروج من أرض غلب فيها الحرام، فإن طلب الحلال فريضة على المسلم.
وأما المستحب: فالخروج من أرض غلب فيها البدع إذا لم يقدر على إنكارها، قال تعالى: ?وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ? [الأنعام: من الآية68].
وأما الحرام: فالخروج من ارض تعيّن عليه فيها وظيفة كمن يتعين قضاء البلد.
وأما المكروه: فالخروج من أرض وقع فيها الطاعون فرارًا منه، فقد نهى النبي ( عن ذلك (54).
وأما المباح: فخروج المريض من الأرض الوخمة إلى النزهة(55)، وقد أذن النبي ( في ذلك للرعاء حين استوخموا المدينة (56).
وأما سفر الطلب، فينقسم أيضًا إلى واجب ومندوب وحرام ومكروه ومباح.
فالواجب: سفر الجهاد والحج وتحصيل القوت، لأن ما لا يتم (الواجب) (57) إلا به فهو واجب والمستحب: السفر لطلب العلم والزيارة والعشرة والرباط (58).
والحرام: سفر المعاصي (59).
والمكروه: سفر الاستكثار من المال وغيره.(1/14)
والمباح: سفر التنزه والتجارة، وكسب الزائد على القوت الذي لا ينتهي به إلى حد الطغيان للغنى.
وأما سفر السياحة لا لغرض، ولا إلى مكان مقصود فمنهي عنه، وفي الحديث: (إلا رهبانية في الإسلام ولا تبتل ولا سياحة في الإسلام" (60) وقال الإمام أحمد: ما السياحة من الإسلام في شيء ولا من فعل النبيين ولا الصالحين. ولأن السفر مشتت للقلب، فلا ينبغي للمريد أن يسافر إلا في طلب علم أو مشاهدة شيخ يقتدي به. انتهى.
وفي الحديث: السياحة أمتي الصوم ورهبانيتهم الجهاد" (61)، ويروي: "سياحتهم الجهاد، ورهبانيتهم الجلوس في المسجد، وانتظار الصلاة" (62). والأول رواه ابن جرير في تفسيره (63) بسنده إلى أبي هريرة مرفوعًا وموقوفًا. قال بعضهم: والموقوف أصح. رواه ابن جرير أيضًا بإسناده عن عبيد بن عمير عن النبي ( مرسلاً (64). وإسناده جيد.
وأما حديث: "السياحة في الجهاد" فروا أبو داود مرفوعًا (65).
وفي صحيح ابن حبان مرفوعًا "رهبانية أمتي الجهاد " (66). وعن عكرمة في قوله تعالى: ?السائحون? قال: هم طلبة الحديث (67).
الباب الثاني:
فيما يتعلق به عند السفر:
وفي ذلك آداب:
الأول: تقديم الاستخارة. فإن الله تعالى أجرى العادة بسلامة العاقبة عند حصول ذلك وفي البخاري عن جابر أن رسول الله ( كان يعلمهم الاستخارة في الأمور كلها (68).
قال ابن الصلاح: ويستحب له أن يكرر الصلاة مع الاستخارة ثلاث مرات (69) ثم ينبغي أن يشاور من يثق بدينه وخيره (70).
الثاني: إذا عزم فليبدأ بالتوبة من المعاصي، ويخرج من مظالم الخلق، ويقضي ما أمكنه من ديونهم، ويرد الودائع، ثم يستحل ممن كان بينه وبينه معاملة في شيء، أو مصاحبة، ويكتب وصيته (71) ويشهد عليه بها، ويوكل من يقضي دينه ما لم يتمكن قضائه، ويترك لأهله ومن يلزمه نفقته نفقتهم ومؤنتهم.(1/15)
الثالث: في إرضاء والديه ومن يتوجه عليه بره وطاعته، فإن منعه الوالد، أو منع الزوج الزوجة، أو صاحب الدين المديون من السفر، ففيه كلام في موضعه (72).
الرابع: أن لا يقصد اليوم بالسفر لما في ذلك م التطير. لكن أخرج الخطيب البغدادي في تاريخه عن الهيثم عن عمر بن مجاشع عن تميم بن الحارث عن أبيه عن علي رضي الله عنه: "أنه كان يكره أن يتزوج الرجل أو يسافر إذا كان القمر في محاق الشهر أو العقر".
قال الهيثم : والمحاق لثلاث بقين من الشهر. ونقل خلافه. وكتب بعض العقلاء على ظهر كتاب "الأنواء" لابن قتيبة:
أنزل وقد خوفني للقران
ذنوبي أخاف، فأما للقران
وما هو من شره كائن
فإني من شره آمن
جالخامس: يحرم السفر يوم الجمعة بعد الفجر وقبل الزوال، سواء كان مباحًا، كالزيارة والتجارة، أو طاعة، كالغزو. وقيل: يجوز مطلقًا. وقيل: يجوز في سفر الجهاد دون غيره. وفي كتاب "الأفراد" للدارقطني بإسناد فيه ابن لهيعة عن ابن عمر يرفعه: "من سافر يوم الجمعة دعت عليه الملائكة: أن لا يصحب في سفره" (73). وفي "فضائل الأوقات" للبيهقي عن الأوزاعي قال: "كان عندنا رجل صياد يسافر يوم الجمعة، يصطاد، ولا ينتظر الجمعة، فخرج يومًا فخسف ببغلته فلم يبقى منها إلا ذنبها " (74). قال ابن الصلاح: إسناده قوي.
قال محمد بن كثير الراوي عن الأوزاعي: "رأيت موضع مكانه ببيروت يلقى فيه التراب".
وعن مجاهد: "أن قومًا سافروا يوم الجمعة حين زالت الشمس، فاضطرم عليهم خبائهم من غير أن يروا نارًا" (75).
وأما بعد الزوال، فقيد الرافعي في "المحرر" تحريمه بالمباح دون الواجب والمندوب.وقال في "الشرح": وهل كون السفر طاعة عذرًا في إنشائه بعد الزوال. وهو الذي صححه النووي (76) وذكر البيهقي عن الزهري: "أن النبي ( خرج يوم الجمعة من أول النهار". وهو منقطع لا تقوم به حجة (77).(1/16)
وأخرج أيضًا عن عمر رضي الله عنه قال: لا تحبس الجمعة عن سفر (78). وقال الطحاوي: لا يعرف عن الصحابة خلافه.
واعلم أن للسفر بعد صلاة الجمعة أصل من كتاب الله تعالى. قال الله تعالى: ?فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ? [الجمعة: من الآية10] . وقد استحسنت ما يفعله أهل الشام من إقامة أسواق البيع بعد صلاة الجمعة (79). قال سعيد بن جبير: "إذا انصرفت يوم الجمعة فساوم بشيء وإن لم تشتره. وعن ابن سيرين: إنه ليعجبني أن تكون لي حاجة فأقضيها بعد الانصراف". وحكى المحب الطبري عن بعضهم أنه يكره السفر ليلة الجمعة (80). وهو غريب، ولعله لمن لا يصليها من غده، أو تتعطل الجمعة بغيبته. وحكى الدارمي (81) عن إبراهيم النخعي، السيد الجليل، أنه كان إذا أراد السفر يوم الجمعة سافر غدوة الخميس إلى أن يرتفع النهار~، فإن أقام إلى العشي لم يخرج حتى يصلي الجمعة.(1/17)
السادس: يستحب له أن يطلب رفيقًا، موافقًا، زاغبًا في الخير، كارهًا الشر، إن نسي ذكّره، وإن ذكر أعانه. وإن تيسر له مع ذلك كونه عالمًا فليتمسك به، فإنه يمنعه بعلمه وعمله، ما يطرأ على المسافرين من مساوئ الأخلاق والضجر، ويعينه على مكارم الأخلاق ويحثه عليها. وقد أخرج الخطيب البغدادي في كتاب "الجامع" من جهة محمد بن مسلم عن أبي جعفر محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي ( أنه قال: "الجار قبل الدار.، والرفيق قبل الطريق، والزاد قبل الرحيل " (82). ورواه الطبراني من حديث رافع بن خديج أيضًا (83). رواه الخطيب بسنده أيضًا إلى الوليد عن الأوزاعي، قال: "الرفيق بمنزلة الرقعة من الثوب، إذا لم تكن مثله شانته " (84). وذكر ابن عبد البر في "الاستيعاب" في ترجمة خفاف بن ندية: أن رسول الله ( قال له: "يا خفاف ابتغ الرفيق قبل الطريق، فإن عرض لك أمر نصرك، وإن احتجت إليه ردفك". وقال : لا أعلم له غير هذا الحديث (85).
وذكره العسكري في "الأمثال" من حديث علي وسعيد بن معروف بن رافع عن أبيه عن جده مرفوعًا (86).
وفي "الحلية" لأبي نعيم عن سفيان الثوري: "جاء رجل إليه، فقال: إني أريد الحج! قال: فلا تصحب من يكرم عليك، فإن ساويته في النفقة أضر بك، وإن تفضل عليك استذلك".
وفي "مكارم الأخلاق" للخرائطي عن الحسن البصري: "لا تصحب رجلاً يتكرم عليك فيفسد ما بينك وبينه - يعني من السفر". وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إذا سافرتم فاصحبوا ذوي الجود واليسر" (87).
فائدة.(1/18)
روى أكثم عن النبي (: "خير الرفقاء أربعة" (88). وقد تكلم على معناه السهيلي في "التعريف". وقال القاضي أبو بكر: أقل الصحبة ثلاثة، لأن أحدهم إن مضى يحتطب أو يستقي بقي إثنان. قال النووي: واستحب العلماء أن يكون من الأجانب لا من الأصدقاء، ولا من الأقارب. قال: والمختار أن الصديق المألوف به أولى لأنه أعون له على مهماته، وأرفق به في أموره. (ثم قال) (89): يحرص كل منهما على إرضاء رفيقه في جميع طريقه، ويحتمل كل منهما صاحبه، ويرى له فضلاً، وخدمة، ويصبر على ما يقع منه في بعض الأوقات.
السابع: أن يُعلم إخوانه. فعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال رسول الله (: "إذا أراد أحدكم سفرًا فليودع إخوانه فإن الله جاعل له في دعائهم البركة". أخرجه أبو بكر الخرائطي في كتاب "مكارم الأخلاق" (90). وأخرج الطبراني في "الأوسط" من جهة سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ( : "إذا أراد أحدكم سفرًا فليسلم على إخوانه، فإنهم يزيدونه بدعائهم إلى دعائه خيرًا" (91).
وأخرج العقيلي من طريق ليث بن أنس بن ذنيم قال: سمعت ابن سيرين يقول: من خرج إلى أرض أو بلد فسلم علينا، لزمنا إتيانه إذا قدم، ومن لم يسلم علينا إذا خرج لم يلزمنا إتيانه إذا قدم إلا أن نأخذ عليه بالفضل (92).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: من السنة إذا أراد الرجل سفرًا أن يأتي إخوانه فيسلم عليهم، وإذا قدم من سفر جاء إخوانه فسلموا عليه (93).
ويستحب طلب الدعاء والوصية من أهل الخير والصلاح (94). ففي السنن عن أبي هريرة (، أن رجلاً قال: يا رسول الله، إني أريد أن أسافر فأوصني. قال: "عليك بتقوى الله، والتكبير على كل شرف"، فلما أن ولى الرجل، قال: "اللهم أطو له البعيد وهو عليه السفر".قال الترمذي: حسن (95):(1/19)
ويستحب الدعاء عند الوداع. فعن قزعة بن يحيى البصري، قال: قال لي ابن عمر: هلّم أودعك كما ودعني رسول الله ( : "استودعك الله دينك، وأمانتك، وخواتيم عملك". رواه أبو داود والنسائي والحاكم (96).
وعن عبد الله الخطمي قال النبي ( إذا أراد أن يودع جيشًا، قال: "استودع الله دينكم، وأمانتكم، وخواتيم أعمالكم". روياه أيضًا (97). وإنما ذكر الدين مع الوداع لأن السفر موضع خوف وخطر، وقد يصيبه منه المشقة والتعب، فيكون سببًا لإهمال بعض الأمور المتعلقة بالدين. فدعا له بالمعونة، والتوفيق فيهما. وقيل: الأمانة هاهنا أهله ومن يخلفه منهم، وماله الذي أودعه (98)، ويستحفظه أمينة ووكيله، ومن في معناه.
وأخرج الطبراني في "الأوسط" من حديث زيد بن أسلم عن ابن عمر ( قال: كان رسول ( إذا ودع رجلاً من أصحابه، قال: "زودك الله التقوى، وغفر لك ذنبك، ولقاك الخير حيث توجهت". وقال: لم يروه عن زيد بن أسلم إلا إسماعيل بن رافع (99).
الثامن: يستحب السفر يوم الخميس. ففي البخاري عن كعب بن مالك، قال: "قلما كان رسول الله ( يخرج في سفر إلا يوم الخميس " (100).
قال النووي: فإن لم يكن، فيوم الأثنين، لأنه ( هاجر من مكة يوم الإثنين.
ويستحب أن يكون باكرًا، لحديث صخر الغامدي، أن النبي ( قال: "اللهم بارك لأمتي في بكورها"، وكان إذا بعث جيشًا أو سرية بعثهم من أول النهار، وكان صخر - راوي الحديث - (رجلاً) تاجرًا، فكان يبعث تجارته أول النهار، فأثرى وكثر ماله. رواه أبو داود، والترمذي، وقال: حسن. لكن في إسناده مجهول (101).(1/20)
التاسع : إذا سافر بحج أو غزو أو غيرهما، يستحب أن يحرص على أن تكون نفقته حلالاً خالصًا من الشبهة، فإن خالف وحج أو غزا بمال مغصوب، عصى وصح حجه في الظاهر، لكنه ليس حجًا مبرورًا. كذا قاله النووي. ومراده عصى بالتصرف في المال المغصوب لا بالحج والغزو. ويدل على أنه لم يعص بهما، أنه يكتب له ثواب ويثاب عليه، والإنسان لا يثاب على معصية. أنتهى. وهذا ممنوع بل الظاهر أن لا ثواب فيه، كما قالوا في الصلاة في الدار المغصوبة (102).
ويستحب أن يستكثر من الزاد والنفقة، ليواسي به المحتاجين، وليكن زاده طيبًا، لقوله تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ .... ? [البقرة: من الآية267].
والمراد بالطيب هنا: الجيد، وبالخبيث: الرديء. ويكون طيب النفس بما ينفقه ليكون أقرب إلى قبوله.
ويستحب له ترك المماحلة في ما يشتريه لأسباب سفره لا سيما في سفر حجه أو غزوه، وكذا كل قربة. كذا قاله الإمام الجليل أبو الشعثاء جابر بن زيد التابعي وغيره. ويستحب أن لا يشارك غيره في الزاد والنفقة، والراحلة، لأن ترك المشاركة أسلم فإنه يمتنع بسببها من التصرف في وجوه الخير، والبر، والصدقة. ولو أذن له شريكه، لم يوثق باستمرار رضاه، فإن شارك جاز.
ويستحب أن يقتصر على دون حقه. وأما اجتماع الرفقة على طعام يجمعونه يومًا يومًا، فحسن، ولا بأس بأكل بعضهم من بعض إذا وثق بأن أصحابه لا يكرهون ذلك، وإن لم يثق فلا يزيد على قدر حصته. وليس هذا من باب الربا في شيء، فقد صحت الأحاديث في خلط الصحابة رضي الله عليهم أزوادهم (103). وعن وحشي بن حرب أن أصحاب رسول الله ( قالوا: يا رسول الله، نأكل ولا نشبع؟! قال: "فلعلكم (104) تفرقون. قال: فاجتمعوا على طعامكم، واذكروا اسم الله يبارك لكم فيه " (105).(1/21)
العاشر: يستحب التبكير. فقد أخرج أصحاب السنن عن عمارة بن جديد عن صخر الغامدي ( عن النبي ( قال: "اللهم بارك لأمتي في بكورها"، وكان إذا بعث سرية أو جيشًا بعثهم من أول النهار. وكان صخر رجلاً تاجرًا، وكان يبعث تجارته من أول النهار فأثرى وكثر ماله. قال:
(الترمذي): حديث حسن، ولا يعرف لصخر عن النبي ( غير هذا الحديث.
وقال أبو القاسم البغوي: لا أعلم روى صخر الغامدي غير هذا. وكذلك قال ابن السكن وابن عبد البر (106). وذكر بعضهم أنه روى حديثًا آخر، وهو قوله: "لا تسبوا الأموات فتؤذوا الأحياء " (107). وعمارة بن جديد الراوي عنه، قال أبو حاتم: مجهول. وقال أبو زرعة: لا يعرف. وقال ابن السكن وابن عبد البر: مجهول، لم يرو عنه غير يعلي بن عطاء الطائفي. وقد أخرجه أبو بكر الخرائطي في "مكارم الأخلاق" من حديث علي بن أبي طالب، وابن عمر، وجابر، وأنس بن مالك، وابن مسعود، وأبي هريرة رضي الله عنهم (108).
وللحديث شاهد في الصحيحين من حديث أبي هريرة ( قال: قال رسول الله ( "ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفا، ويقول الآخر أعط ممسكًا تلفا " (109).
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: "ما بعد صلاة الصبح وقت تُقسمُ فيه الأرزاق بين العباد، وهو وقت نشاط النفس، وراحة البدن، وصفاء الخاطر).
الحادي عشر: تستحب الصلاة عند إرادة السفر. ففي الطبراني مرفوعًا: "ما خلف أحد عند أهله أفضل من ركعتين يركعهما حين يريد سفرًا". وهو حديث المقطم بن مقدام الصحابي (110).(1/22)
قال النووي (111): ويستحب أن يقرأ في الأولى: ?قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ(، وفي الثانية: (الإخلاص)، وأن يقرأ بعد سلامة (آية الكرسي)، فإنها عظيمة النفع جدًا. وقد جاء في حديث: "من قرأ آية الكرسي قبل خروجه من منزله لم يصبه شيء يكرهه حتى يرجع " (112). ويقرأ معها (لإيلاف قريش)، فقد جاء فيها آثار (عن) السلف، مع ما علم من بركة القرآن في كل حين (113). وقد أخرج أبو بكر الخرائطي في كتاب "مكارم الأخلاق" من جهة سعيد بن مرداس عن إسماعيل بن محمد عن أنس بن مالك، أنه أتى النبي ( فقال: إني نذرت سفرًا، وقد كتبت وصيتي من مالي. أي الثلاثة أدفعها؟ إلى ابي، أم إلى أخي، أم إلى ابني؟ فقال النبي (: "ما استخلف عبد في أهله خليفة أحب إلى الله من أربع ركعات يصليهن في بيته إذا شد عليه ثياب سفره يقرأ فيهن بفاتحة الكتاب وقل هو الله أحد. ثم يقول: إني افتقرت بهن إليك فاخلفني بهن في أهلي ومالي، فهن خليفته في أهله وماله، وذود حول داره، حتى يرجع على أهله " (114).
الثاني عشر: يستحب للمسافر الصدقة في موضعين، إذا وضع رحله في الركاب فيشتري سلامته من الله عز وجل، وإذا رجع شكر الله. قاله ابن سراقة في كتاب "الأعداد".
الثالث عشر: أخرج البيهقي في سننه من جهة الحسن عن أنس ( قال: لم يرد رسول الله ( سفرًا، إلا قال حين ينهض من جلوسه: "اللهم بك انتشرت، وإليك توجهت، وبك اعتصمت، أنت ثقتي ورجائي. اللهم أكفني ما أهمني وما لا أهتم به، وما أنت اعلم به مني. اللهم زودني التقوى، واغفر لي ذنبي، ووجهني إلى الخير حيثما توجهت"، ثم يخرج (115).
قال: وكان الخطابي يقول في انتشرت: ابتسرت يعني: ابتدأت في سفري (116).(1/23)
قال النووي (117): والسنة أن يدعوا بما صح عن أم سلمة، أن النبي ( كان يقول إذا خرج من بيته: "بسم الله توكلت على الله. اللهم إني أعوذ بك أن أَضل أو أُضل، أو أَزل أو أُزل، أو أَظلم أو أُظلم، أو أجهل أو يجهل علي". قال الترمذي: حسن صحيح (118). ويستحب الدعاء بما في حديث أنس ( قال: قال رسول الله ( : "من قال إذا خرج من بيته: بسم الله، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فيقال له: كُفيت وتنح عنه الشيطان".
قال الترمذي: حسن صحيح (119).
الرابع عشر: أخرج الخطيب أبو بكر في كتاب "الجامع" من جهة محمد بن عقبة بن هرم السدوسي ثنا أبو أمية بن فضل الثقفي ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: "خمس لم يكن النبي ( يدعهن في سفر ولا حضر: المرآة، والكحلة، والمشط، والمدري، والسواك" (120). وأخرجه ابن عدي في كامله من جهة أبي أمية إسماعيل بن يحيى الثقفي عن هشام به (121). وقال : لا أعلم رواه عن هشام غيره، وهو متروك في الحديث (122). وقد رواه عن هشام، أيوب بن واقد، وهو ضعيف يروي المناكير.
وروي الطبراني في الأوسط من حديث إبراهيم بن أبي عبلة عن أم الدرداء، قالت: سألت عائشة. فذكر نحوه، وزاد: "قارورة دهن"(123).
وأخرج في "الطيوريات" عن الهيثم بن جميل ثنا رجل من قريش عن مكحول عن واثلة ابن الأسقع ( أن رسول الله ( قال: "القوس والسيف في السفر بمنزلة الزاد " (124).(1/24)
قال بعضهم: وينبغي للمسافر أن يستصحب عصا، تأسيًا بموسى ( وفيها فوائد (125) منها: أن تقتل الحية، والعقرب، والذئب، والفحل الهائج. ويتوكأ عليها الكبير والسقيم والأقطع، والأعرج، والخطيب. فتنوب للأعرج عن ساق أخرى، والأعمى عن قائد، وهي للقصار والرباع وهي سناد للملة، ومحراك للتنور. ولدق الحمص والسمسم، وتخبط الشجر والشرط والمكاري للراعي في غنم. وللراكب مركبه، ووتدًا ن الحائط وتركزها فتجعلها قبلة. وإن شئت مظلة، فتدخلها في عروة المزود فطرفها في يديك والباقي في يد صاحبك. وإن كان فيها زج كانت عنزة، فإن زدت شيئًا كانت عكازًا، فإن زدت شيئًا كانت رمحًا. وكانت آية موسى عليه الصلاة والسلام في عصاه (126)، وكانت لا تفارق يد سليمان عليه السلام في مقامه حتى سلط الله الأرضة، وهو ميت، فسقط، وكانت للجن آية (127).
الخامس عشر: يستحب لإخوانه توديعه، ولا بأس بأن يكون هو راكب معهم، وهم مشاة. ولا سيما إذا كان المودع كبيرًا. قال البزار في مسنده: لما وجه النبي ( معاذًا إلى اليمن، كان النبي ( يمشي، ومعاذ راكب. وأخرج الحاكم في مستدركه من جهة سعيد بن المسيب، أن أبا بكر الصديق ( لما بعث الجيوش نحو الشام (يزيد بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، وشرحبيل بن حسنة رضي الله عنهم) مشى معهم حتى بلغ ثنية الوداع، فقالوا: "يا خليفة رسول الله تمشي ونحن راكبان". وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (128).
السادس عشر: ينبغي السفر مع غير الصاحب، وإن تيسر له. فقد روى أكثم عن النبي ( أنه قال:(1/25)
أُغزُ مع غير قومك يحسن خلقك" (129). ذكره السهيلي في "الروض". قال: وقال في "الإذكار" في كتاب (فوائد الأخيار) معنى هذا: أن الرجل إذا غزا مع غير قومه يتحفظ ولم يسترسل، وتكلف من رياضة نفسه مالا يتكلفه في صحبة من يثق باحتماله، لنظرهم غليه بعين الرضا ونصحه إذلاله. فلذلك يحسن خلقه لرياضة نفسه على الغير، والاحتمال. قال السهيلي: وهو أحسن من التأويل. غير أن الحديث مختلف في لفظه، فقد ورد فيه: "سافر مع قومك". وذكر الروايتين أبو عمر في حمواته ويستحب أن يرافق جماعة لقوله (: "لو أن الناس يعلمون من الوحدة ما أعلم، ما سار راكب بليل وحده". رواه البخاري (130). كذا احتج به النووي. وفيه نظر من جهة أنه خاص بالليل، والمسالة عامة في سفر الليل والنهار.
وقد جعل النبي ( الواحد شيطانًا (131) مجازًا؛ لأنه صاحب الشيطان فحذف المضاف. فإن قيل: قد اشتهر عن خلائق أنها تستحب الوحدة في السفر؟ ! فأجاب: "أن الوحدة إنما تكره لمن يستأنس بالناس، فيخاف عليه بالانفراد، الضرر من الشياطين ونحوهم". أما الصالحون فأنهم استأنسوا بالله، واستوحشوا من الخلق في كثير من أوقاتهم فلا ضرر عليهم في الوحدة بل مصلحة، وراحة لهم.
ثم ينبغي أن يسير مع الناس ولا ينفرد بطريق، ولا ركب، يباين الطريق، فأنه يخاف الآفات من ذلك.
الباب الثالث
في الآداب المتعلقة بالسفر:(1/26)
ما يقول إذا ركب. عن ربيعة قال: شهدت عليا أُتي بدابة ليركبها، فلما وضع رجله في الركاب، قال: "بسم الله"، فلما استوى على ظهرها، قال: "الحمد لله"، ثم قال:? سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ? ثم قال: "الحمد لله (ثلاث مرات"، ثم قال: "الله أكبر (ثلاث مرات)"، ثم قال: "سبحانك إني ظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت". ثم ضحك. فقيل: "يا أمير المؤمنين من أي شيء ضحكت"؟ قال: رأيت النبي ( فعل كما فعلت، ثم ضحك، فقلت: "يا رسول الله، من أي شيء ضحكت"؟ قال: "إن ربك يعجب من عبده إذا قال: اغفر لي ذنوبي، يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيره". أخرجه أبو داود، والنسائي، والترمذي وقال: حسن صحيح. ورواه الحاكم في مستدركه ثم قال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه(132).
قلت: قال عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة، قلت لأبي إسحاق السبيعي: ممن سمعت هذا الحديث؟ قال: من يونس بن حيان. فلقيت يونس بن حيان، فقلت: ممن سمعته؟ قال: من رجل سمعه من علي بن ربيعة. ورواه بعضهم عن يونس بن حيان عن شقيق عن عتبة الأسدي عن علي بن ربيعة الوالبي به. ورواه مسلم من حديث ابن عمر نحوه (133).
وأخرج المرعشي في سننه عن مجاهد عن أبي يعمر عن أبن مسعود قال: "إذا ركب الرجل الدابة فلم يذكر اسم الله (ردفه) (134) الشيطان، فقال له: تغن. فإذا لم يحسن. قال له: تمن " (135). وأخرج أحمد في مسنده، والحاكم من حديث محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم التيمي عن عمر بن الحكم بن ثوبان عن (أبي لاس) (136) الخزاعي، قال: "حملنا(1/27)
رسول الله ( على إبل من إبل الصدقة ضعاف (بلج)".. فقلنا يا رسول الله ما نرى أن تحملنا هذه، فقال: "ما من بعير إلا على ذروته شيطان. فاذكروا اسم الله (عز وجل) إذا ركبتموها كما أمركم (الله) ثم أمتهنوها لأنفسكم . فإنما يحمل الله". وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وله شاهد صحيح (137)، ثم أخرجه من حديث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن معاذ بن أنس عن أبيه، وكان من أصحاب النبي (، (أن النبي ( قال: "اركبوا هذه الدواب سالمة، ودعوها (138) سالمة ولا تتخذوها كراسي " (139). وأخرج ابن حبان في صحيحه (140)، عن عبيد الله بن موسى ثنا أسامة بن زيد حدثني محمد بن حمزة بن عمرو الأسلمي قال: سمعت أبي يقول: قال رسول الله (: "فوق كل ظهر بعير شيطان، فإذا ركبتموهن فاذكروا اسم الله، ولا تقتصروا عن حاجتكم" وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (141). وله شاهد على شرطه ثم ساقه من حديث ابن أبي الزناد عن أبيه عن الأعرج عن أبي هريرة ( قال: سمعت رسول الله ( يقول: "إن على كل ذروة بعير شيطان، فامتهنوهن بالركوب، وإنما يحمل الله عز وجل" (142).
* ما يدعو به في سفره.
عن أبي هريرة ( قال: كان رسول الله ( إذا سافر قال: "اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل. أطولنا الأرض، وهو علينا (السفر)". أخرجه أبو داود والنسائي (143). وأخرجه مسلم من حديث ابن عمر أتم منه (144). وأخرج من حديث عبد الله بن سرجس ( قال: كان رسول الله ( يتعوذ من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، والحور بعد الكور، ودعوة المظلوم. وهكذا رواه مسلم (بالراء) ويروي (بالنون) (145).
وعثاء السفر : شدته ومشقته، واصله من (الوعث) وهو الرمل الدقيق الذي يغوص فيه الرجل ويشتد المشي عليهم. ثم جعل ذلك مما يشق ويؤلم.
والكآبة: تغير النفس والانكسار من الحزن والهم. يقال: رجل كئيب، أي: حزين. ونقل كآبة كآبة بتخفيف الهمزة وإسكان الألف (كرأفة ورافة).(1/28)
والمنقلب (بفتح اللام): المرجع. ومعناه: أن يرجع من سفره فيجد أهله أصيبوا بمصيبة نسأل الله السلامة.
والحور بعد الكور. قيل: الرجوع عن الاستقامة والحالة الجميلة بعد أن كان عليها. والحور: الرجوع، من قوله تعالى: ? إنه ظن أن لن يحور? [سورة الانشقاق/14] أي: يرجع. والكون (بالنون): الوجود. يقول: لا تردنا إلى حال بعد وجودنا على خير منها. وأما على رواية (الراء) فقيل معناه: أن يعود إلى النقصان بعد الزيادة. وقيل: من الرجوع عن (الحالة المرضية) بعد أن كان فيها. يقال: كان في الكور. أي: في الجائحة. شبه اجتماع الجائحة باجتماع العمامة إذا لفت. ويقال: كار عمامته إذا لفها، وحار عمامته: إذا نقضها. فكأنه استعاذ من انتقاص أموره بعد ثباتها. حكاه أبو إسحاق الحربي وغيره.
ما جاء في استحباب ذكر الله في حال سيره وإقامته.
روى جعفر الفريابي في كتاب فضل الذكر عن عون بن عبد الله، قال: قال ابن مسعود ( إن الجبل ليقول للجبل: "يا فلان مر بك اليوم ذاكرًا لله عز وجل. فإن قال: نعم، سره ذلك". ورواه البيهقي، وقال: استبشارًا بذكر الله (146).
قال عون بن عبد الله (الراوي عن ابن مسعود): أفيسمعن الزور إذا قيل، ولا يسمعن الخير؟! (147) هي للخير أسمع، وقرأ ?وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً *أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً? [ مريم:88 - 91).
وعن أنس بن مالك ( قال: ما من حاج ولا رواح إلا تنادي بقاع الأرض بعضها بعضًا: يا جارة، هل مر بك اليوم عبد فصلي عليك لله أو ذكر الله عليك؟ فمن قائلة: لا. ومن قائلة: نعم. فإذا قالت: نعم. رأت عليها بتلك لها فضلاً (148).
وقال أبو الدرداء (: أذكروا الله في أسفاركم عند كل حجرة وشجرة لعلها تأتي يوم القيامة تشهد لكم (149).(1/29)
وقال الحليمي: من الآداب: الذكر عند كل أضطجاعة، وعند كل شيء، وعند كل حجر ومدر وشجر. واستدل له الشافعي بما رواه أبو هريرة ( قال: قال رسول الله (: "من اضطجع مضطجعاً لم يذكر الله فيه كان عليه تره يوم القيامة، ومن مشى ممشى لم يذكر الله فيه كان عليه ترة يوم القيامة " (150).
وروي أيضًا عن أبي هريرة ( قال: جاء رجل إلى النبي ( فقال: إني أريد سفرًا، فقال له: "أوصيك بتقوى الله، والتكبير على كل شرف" (151).
* ما يقول إذا علا وإذا هبط:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "كنا إذا صعدنا كبرنا، وإذا نزلنا سبحنا". رواه البخاري (152).
قال الأئمة: التكبير عند أشراف الجبال استشعار لكبرياء الله عندما يقع عليه العين من عظم خلق الله، أنه أكبر من كل شيء. وأما تسبيحه في بطون الأودية، فهو مستنبط من قصة يونس عليه السلام وتسبيحه في بطن الحوت. قال تعالى: ? فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ? [الصافات:143] فافتعل النبي ( هذا التسبيح في بطون الأودية لينجيه الله منها. وقيل معنى التسبيح عند الهبوط: تنزيه الله تعالى عن صفات الانخفاض والضعة (153).
* ما يقول إذا خاف قومًا:
عن أبي موسى ( قال: كان النبي ( إذا خاف قومًا: "اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم". أخرجه أبو داود والنسائي، والحاكم في مستدركه في باب قسم الفيء والغنيمة. ثم قال: صحيح على شرط الشيخين وأكبر ظني أنهما لم يخرجاه (154).
وأخرج أبو نعيم في حديث الهجرة أن النبي ( دعا على سراقة حين اتبعه وأبا بكر، فقال: "اللهم اكفناه بما شئت" فساخت به فرسه في الأرض إلى بطنها (155). هكذا وجد ...
(1) اقتباس من قوله تعالى (سورة اتلملك : 15): ? هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا ?.
(2) اقتباس من قوله تعالى (سورة الأنعام: 142): ? )وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً?.(1/30)
(3) اقتباس من قوله تعالى: (سورة النحل: 16): ? وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ?
(4) الأنيس: المؤانس الذي يستأنس به من الوحشة، والإيناس ضد الإيحاش. مختار الصحاح (ص 28)، طبعة مؤسسة الرسالة.
(5) أي: صاحب.
(6) الواطر: الحاجة، وجمعه أوطار. ومنه قوله تعالى (سورة الأحزاب 37) : ? فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً ?
(7) المنوال: الخشب الذي يلف عليه الحائك الثوب، وجمعه أنوال، ويقال للقوم إذا استوت أخلاقهم: هم على منوال واحد. ومعنى كلامه: أي غير مشابه له من بابه. (المختار: 686).
(8) انظر معجم مقايس اللغة لابن فارس: (3/82 - 83)، ولسان العرب (4/367 - 371)، طبقة دار صادر، تاج العروس (3/269 - 272)، طبقة دار صادر.
(9) الأسرار المرفوعة (216)، كشف الخفا للعجلوني (1/ 549). وروي الخطاب في كتابه الجامع لآداب الراوي وأخلاق السامع (1793) عن صدقة بن محمد أنه قال: "يقال: إن السفر ميزان الرجال، وإنما سمي سفرًا؛ لأنه يسفر عن أخلاق الرجال".
(10) روي هذا الحديث عن عدة من الصحابة هم:
1- ابن عمر. رواه الطبراني في الأوسط (المجمع 5/324)، والقضاعي في الشهاب (622)، والخطيب في تاريخه (10/387)، وتمام في فوائده (رقم 855)، والبيهقي (7/102)، وابن عدي في الكامل (6/190)*، وابن عبد البر في التمهيد (22/37)، بلفظ "سافروا تصحوا" وزادوا جميعً إلا تمام "وتغنموا"، والطبراني: "وتسلموا" بدلاً عن "وتغنموا". كلهم عن محمد بن رداد به.
قال الطبراني: لم يروه عن ابن دينار إلا محمد بن رداد.
قال ابن عدي: لا أعلم يرويه غير ابن الرداد هذا.
قال الهيثمي: وفيه ابن رداد وهو ضعيف.
وضعفه أبو حاتم، وأبو زرعة وابن عدي. وعد الذهبي في الميزان هذا الحديث من منكراته. وله طريق أخرى عند الطبراني في الأوسط (المجمع 3/210)، وابن عبد البر في التمهيد (22/37)، والأستذكار (276/282)، وفيه عبد الله بن هارون وهو ضعيف.(1/31)
قال أبو حاتم (العلل لأبنه 2/306): هذا حديث منكر. وقال مثله الألباني في الضعيفة (255).
2- أبو هريرة. رواه أحمد (2/280) عن طريق ابن لهيعة عن دراج عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ "سافروا تصحوا"، وابن لهيعة قد اختلط، ودراج ليس بذاك وله مناكير.
ورواه القضاعي في الشهاب (623) بنفس الففظ. عن ابلن الرداد عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا. وابن الرداد، تقدم بيان حاله.
ورواه الطبري في الأوسط (9/144)، طبعة دار المعارف، بلفظ: "سافروا تستغنوا" وسنده ضعيف كما قال العراقي في تخريج الأحياء (3/75)، بل حكم عليه الصغاني بالوضع (ص7) وفيه مبالغة وقال الألباني في الضعيفة (253): ضعيف.
3- أبو سعيد الخدري. ورواه ابن عدي في الكامل (3/454)، وأبو نعيم في الطب. وفي السند سوار وهو متروك الحديث، وشيخه عطية العوفي وهو مدلس. انظر لسان الميزان (3/128 - 129).
4- ابن عباس. رواه البيهقي (7/102). وابن عبد البر في التمهيد (22/37). وفيه القاسم الأنصاري. ضعيف جدًا كما قال ابن معين. انظر لسان الميزان (4/ 462)، ورواه ابن عدي (7/57). وفيه نهشل بن سعيد وهو متهم بالكذب.
5- رواه ابن عدي في الكامل (3/344). وفيه أبو بكر الهذلي سلمي بن عبد الله وهو متروك.
6- عن عمر. موقوفًا عليه. رواه عبد الرزاق عن معمر عن طاووس عن ابيه عن عمر به. وهو أشبه.
وانظر الضعيفة (253 - 255)، والروض البسام للدوسري (3/57 - 58).
(11) في الاستذكار (27/282) تحقيق د. عبد المعطي قلعجي. والتمهيد (22/36) تحقيق سعيد عراب.
(12) رواه البخاري وغيره ويأتي تخريجه إن شاء الله.
(13) مرآة الجنان وعبرة اليقظان (2/26)، ديوان الشافعي (74)، مناقب الشافعي للرازي.
(14) قال تعالى (سورة النساء: 3): ?فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ? .
(15) في الحاشية: (والاستكثار).
(16) تقدمك تخريجه.(1/32)
(17) جمع (أكمة) وهي: الرابية، وهو دون الجبل. والغيطان: جمع (غائط): وهو المكان المطمئن من الأرض. وقيل هو، المتسع من الأرض مع طمأنينة. انظر لسان العرب (12/20، 7/364)، دار صادر.
(18) انظر الطبقات لابن سعد (5/ 291)، وتهذيب الكمال (20/ 285)، طبعة مؤسسة الرسالة، تحقيق د. بشار عواد.
(19) تاريخ بغداد: (13/199)، طبعة دار الفكر.
(20) علقة البخاري في الصحيح بصبغة الجزم (3 - كتاب العلم، 19 - باب الخروج في طلب العلم)، فتح الباري (1/208) طبعة دار الريان، وأخرجه أحمد في المسند، والبخاري في الأدب (970)، وأبو يعلى (كما قال الحافظ)، والحاكم (2/437) وصححه ووافقه الذهبي. قال المنذري: رواه أحمد وإسناده حسن. قال الحافظ في الفتح( 1/210): والإسناد حسن وقد اعتضد.
(21) تقدم تخريجه.
(22) لم أجدهما.
(23) التمهيد (22/36)، والحديث ضعيف. في سنده أحمد بن يوسف المنبجي. قال ابن عبد البر: وليس في الرواة من ينظر في أمره غير المنبجي أ.هـ. قال الذهبي في الميزان (1/166): أحمد بن يوسف المنبجي لا يعرف، وأتى بخبر كذب هو آفته. وترجمه في اللسان (1/328 - 392) حيث ذكر له الخبر الذي ذكره ابن عبد البر. وله طريق أخرى عند الديلمي لكن فيها بشير بن زاذان وهو متهم.
انظر: تنزيه الشريعة (2/184)، والتذكرة (122)، وكشف الخفا (2/224).
(24) سقطت من المخطوطة، ولا بد منها.
(25) ضعيف، ويأتي تخريجه فيما بعد إن شاء الله.
(26) روى هذا الحديث عدة من الصحابة منهم:(1/33)
1- ابن عباس: رواه ابن ماجة (1613)، والطبراني في الكبير (11/246)، والعقيلي في الضعفاء (4/365). وفيه الهذيل بن الحكم: منكر الحديث، كما قال البخاري وابن حبان وضعفه ابن عدي. قال الحافظ في "تلخيص الحبير" (2/149): إسناده ضعيف. وظن بعض العلماء منهم عبد الحق أن الدارقطني صحح الحديث، وليس كذلك، فإنه صحح قول من قال أنه عن الهذيل عن عبد العزيز عن نافع عن ابن عمر كما قال ابن القطان، والحافظ في "التلخيص"، وانظر الكامل (1/257).
ورواه الطبراني في الكبير عن طريق أخرى، وفيه زيادة منكرة جدًا، وفي السند عمرو بن الحصين. قال الحافظ في "التلخيص" (1/149): وهو متروك. وكذا قال الهيثمي في المجمع (2/218)×. ونقي ذلك الكناني في "تنزيه الشريعة" (2/179) ثم قال: بل كذاب. وفيه أيضًا ابن علانة وهو ضعيف بل اتهمه بعضهم. وأورده ابن الجوزي في الموضوعات (2/221)، وانظر "فيض القدير" (6/246).
ورواه الدارقطني في "الأفراد"، والبزار، وابن عدي في "الكامل" (1/257) من وجه آخر عن عكرمة به، وفيه ابراهيم بن بكر الكوفي، وكان يسرق الحديث. وقال الحافظ في "التلخيص" (1/149): وإسناده ضعيف أيضًا.
2- أبو هريرة. رواه العقيلي في الضعفاء (2/288). وفيه أبو رجاء بن فضل الخراساني: منكر الحديث كما في "الضعفاء"، والميزان (2/472). قال الإمام أحمد: هو حديث منكر، وضعفه الحافظ في "التلخيص" (1/149). وقال ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (2/408): هذا الحديث لا يصح.
3- أنس أخرجه المخلّص في فوائده، وفيه من لم يسم، قاله الكناني في تنزيه الشريعة (2/179).
4- عنترة أخرجه الطبراني في الكبير (18/87 - 88). قال الحافظ في "التلخيص" (2/149): لا يصح. وأورد السيوطي في "اللآليء" (2/132 - 133) طرقًا لتقوية الحديث، وكلها لا تنفع، بعضها أشد ضعفًا من بعض.(1/34)
وجملة القول : أن الحديث ضعيف جدًا، وحكم الشيخ الألباني في الضعيفة (425) بوضعه. ومما تقدم تعلم أن المؤلف وقع في وهمين هما:
1- أن الحديث ليس في سنن الدارقطني وإنما في "الأفراد" له.
2- أن الدارقطني لم يصحح الحديث، وإنما صحح إلتباسًا وقع في السند. والله الموفق سبحانه وتعالى.
(27) رواه النسائي (4/ 7 - 8))، عن ابن وهب عن المعافري عن حيي بن عبد الله الجُبليّ - وقد تصحف في المطبوع إلى الجيلي - واللفظ له، وابن ماجة (1614)، وابن حبان (2943) طبعة مؤسسة الرسالة، وفي حيي كلام يسير، والصحيح قبول حديثه إذا روى عنه ثقة كما قال ابن عدي. وقال الحافظ في "التقريب": صدوق يهم.
وأخرجه أحمد (2/ 177) من طريق ابن لهيعة عن حيي به. وقد حسن الحديث الشيخ الألباني، أنظر صحيح سنن النسائي (1728)، والشيخ شعيب الأرناؤط في تحقيقه لصحيح ابن حبان (7/196 - 197). وقد سقطت كلمة (ممن) من المخطوطة فاستدركتها من المصادر التي روت الحديث.
(28) رواه الترمذي (3917)، وابن ماجة (3112)، وأحمد (2/ 104 و 1 و 4/74)، وابن حبان في صحيحه (3741)، والبغوي في "شرح السنة" (2020)، والبيهقي.
قال الترمذي: وفي الباب عن سبيعة بنت الحارث الأسلمية. وقال: هذا حديث حسن غريب من حديث أيوب. ولم يذكر تصحيحًا. هذا في طبعة الشيخ أحمد شاكر، رحمه الله تعالى، لكن نقل التبريزي في "مشكاة المصابيح" عن الترمذي التصحيح حيث قال (2/70): رواه أحمد والترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب إسنادًا. فالله أعلم. وقال البغوي: هذا حديث حسن. وقد صحح الحديث الألباني كما في صحيح الترمذي (3076) وقال الأرناؤوط على إسناد ابن حبان: على شرط الشيخين.
- أما حديث سبيعة فآخرجه الطبراني في الكبير (24/ 747)، وأبو نعيم في "أخبار اصبهان" (2/103) من طرق، وفي سنده كلام يسير. انظر مجمع الزوائد (3/306).(1/35)
- وورد الحديث عن الصميتة. رواه الطبراني في الكبير (24/823)، وابن حبان (3742)، والنسائي في الكبرى كما في تحفة الأشراف (11/345). وورد عن غير الصميتة، فانظر مجمع الزوائدج (3/306)، والكبير للطبراني (24/331 - 332). قال المنذري في الترغيب (2/223): ورواه البيهقي. كما حسن أحد أسانيد الطبراني.
(29) البخاري (2996)، طبعة دار الريان، وأحمد (4/ 140)، والبيهقي (3/374)، وقد ذكر الحافظ كلامًا نفسيًا في شرحه للحديث في "الفتح"، من شاء فلينظره (6/159 - 160)، وانظر نصب الراية" (2/150).
(30) رواه أبو داود (1536)، واللفظ له، والترمذي (1905، 3448)، وابن ماجة (3862) والبخاري في الأدب (481)، والطيالسي (2517)، وأحمد (2/258، 348، 478، 517، 523) وابن حبان (2699)، طبعة مؤسسة الرسالة، والقضاعي في الشهاب (306)، والبزار في كشف الأستار (4/39)، وابن عساكر في تاريخ دمشق وغيرهم وفي إسناد الحديث كلام لا يضر جدًا. بحيث يقبل التحسين لغيره. قال الترمذي: هذا حديث حسن. وحسنه لغيره الشيخ الألباني كما في صحيح سنن أبي داود (1359) وغيره.
- وقد ورد الحديث عن عقبة بن عامر، رواه أحمد (4/ 154)، والطبراني كما في المجمع (10/151)، والخطيب في التاريخ (12/380). قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير ابن الأزرق، وهو ثقة. وقال المنذري (4/85): إسناده جيد.
(31) رواه الترمذي (2146)، وأبو داود في القدر، والحاكم (1/42)، والطبراني في الكبير (20/343)، وابن أبي حاتم في "المراسيل" (199). قال الترمذي (طبعة أحمد شاكر): هذا حديث حسن غريب. أ.هـ.
وقد اختلف في صحبه عكامس، فلم يثبتها الأكثرون. والصحيح إثباتها . انظر "الإصابة" (3/ث 8018)، "تجريد أسماء الصحابة" للذهبي (2/880)/، (تهذيب الكمال" للمزي (ترجمة 5996)، "الثقات" (3/391) ابن سعد (6/217). قال الذهبي في تعليقه على "المستدرك" (1/42): على شرطهما - يعني الشيخين -.(1/36)
- وللحديث شاهد قوي من حديث أبي عزة يسار بن عبد، وله صحبة كما قال ابن معين، والترمذي، والحاكم والذهبي وابن حجر وغيرهم. رواه الترمذي (2147)، وأحمد (3/429)، والبخاري في "الأدب" (780)، والحاكم (1/42). قال الترمذي: هذا حديث صحيح، وقال الحاكم: صحيح، ورواته عن آخرهم ثقات. وخلاصة القول أن الحديث صحيح. وقد صححه الشيخ الألباني، انظر صحيح سنن الترمذي (1745، 1746).
(32) المستدرك (1/42).
(33) هذا كلام الحاكم في "المستدرك" (1/42). علمًا أنه لم يكن شرط البخاري ومسلم أن يكون للرجل راويان أو أكثر حتى يخرجا له، بل لهما شروط أخرى ذكرها أهل العلم. وأجود من تكلم في ذلك الحافظ في "هدي الساري"، وذكرها الحازمي، وابن طاهر. وقد وهّموا الحاكم في ما ذهب إليه. والله أعلم.
(34) تاريخه: (الترجمة :767).
(35) تقدم تخريجه قبل قليل.
(36) في الترمذي (4/394)، طبعة أحمد شاكر، قول الترمذي: (صحيح) فقط. والله أعلم.
(37) تاريخ الدوري (2/680)، وانظر تهذيب الكمال (ترجمة: 7072)، تهذيب التهذيب (11/386).
(38) الكامل (4/327)، وليس فيه قول ابن عدي المذكور، وإنما نقله عن النسائي، وذكر كلام علماء آخرين مثل يحيى والبخاري.
وخلاصة القول فيه أنه: متروك. انظر الكامل (4/322)، الميزان (3/5)، التهذيب (7/9).
(39) رواه ابن ماجة (4263)، وابن أبي عاصم في "السنة" (346)، والحاكم (1/41 - 42) واللفظ له. قال البوصيري في "الزوائد": إسناده صحيح ورجاله ثقات. وقال الحاكم: قد احتج الشيخان برواة هذا الحديث عن آخرهم. ورافقه الذهبي، وهو كما قالا.
(40) المستدرك (1/42).
(41) توضيح من الزركشي، ونقل كلام الحاكم بمعناه. وصحح الحديث الحاكم على شرطهما وافقه الذهبي. وصححه الشيخ الألباني كما الصحيحة (1222). و(عمرو بن علي) صوابه (عمر) بغير واو، كما في ابن ماجة (2/1424) والحاكم (1/41).(1/37)
(42) روى الجرجاني السهمي في "تاريخ جرجان" (ص90) بسنده إلى أحمد بن عبد الله بن فتيل، قال سمعت الشافعي يقول: قلت بيتين من الشعر:-
أرى دائمًا نفسي تتوق إلى مصر
فو الله ما أدري أ للفوز والغني
ومن دونها أرض المفازة والقفر
أساق إليها أم أساق إلى القبر
قال أبو سعيد (أحمد): فسيق - والله - إليهما جميعًا.
وانظر تاريخ بغداد (2/70)، معجم الأدباء (6/2414)، ديوان الشافعي (78).
(43) رواه السِّنفي في (أخبار أبي العلاء المعري) من طريق أبي العلاء، وحاله معروف، والديلمي في "الفردوس" من طريق آخر، وفيه بشير بن زاذان، وأحمد بن الفرج الحمصي، وكلاهما ضعيف، وفي رواية السِّلفي أبو العلاء وبشير نفسه. وقد أنكر الحديث الإمام = النووي في "شرح المهذب" ونسبه لعلي، وهو أشبه. وضعفه الحافظ في "التلخيص" (3/98). والشيخ الألباني في "الأرواء" (5/383 - 384)، وانظر "كشف الخفا" (1/66).
(44) رواه مالك في "الموطأ" (رقم 1792)، طبعة فؤاد عبد الباقي، وعنه البخاري (1804، 3001، 5429)، ومسلم (4938)، وابن ماجة (2882)، وأحمد (2/236) والدارمي (286) والطبراني في الصغير (1/220) والبيهقي (5/259)، والحديث صحيح بلا شك، ولا يضر تفرد الأمام مالك، فإنه من أوثق الناس، لا يسأل عنه، وعند الشيخين زيادة (من وجهة) بعد (نهمته). وانظر "فتح الباري" (3/729)، طبعة دار الريان.(1/38)
(45) في التمهيد (22/33)، وأما قوله (ولا يصح آخره) فمردود، فهو ثابت في الصحيحين كما تقدم، وقوله (وانفرد به أيضًا سمي) مردود كذلك فقد تابعه سهيل بن أبي صالح - عند أبن ماجة. وقد رواه هو - رحمه الله - في الأستذكار (27/281) ثم قال: حديث مالك عن سمي صحيح، وحديث الدراوردي عن سهيل أيضًا صحيح. وليس سمي بأروى عن أبي صالح من أبنه سهيل عنه، وإن كان سمي أحفظ وأقل خطًا من سهيل. أهـ. وأما قوله: (وليس له إسناد غير هذا الأسناد يصح) فمردود أيضًا بما تقدم كما له سند آخر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. رواه الدارقطني والحاكم. قال الحافظ في الفتح (3/729)، إسناده جيد. وقال هو في التمهيد (22/34): اسناده صحيح. انظر التمهيد (22/34 - 36)، الاستذكار (27/ 279 - 282)، فتح الباري (729)، طبعة الريان.
(46) رواه ابن عبد البر في الاستذكار (27/280، تحقيق د. عبد المعطي قلعجي).
(47) قاله ابن عبد البر: كما في التمهيد (22/36)، والاستذكار (27/282).
(48) ذكره الحافظ في الفتح (3/730)، وقال مثل ذلك ابن عبد البر في التمهيد (22/36)، والاستذكار (27/282).
(49) ذكره في الفتح (3/730).
(50) في التمهيد (22/36).
(51) معجم الأدباء (6/2408)، طبعة دار الغرب الإسلامي، ديوان الشافعي (107).
(52) ديوانه (69).
(53) انظر إحياء علوم الدين (2/ 380 - 387)، طبعة دار الحديث، وفيه تفصيل أوسع.
(54) ثبت الحديث عن عدة من الصحابة منهم:
1- أسامة بن زيد، رواه البخاري (5728)، ومسلم (2218).
2- عبد الرحمن بن عوف. رواه البخاري (5729)، ومسلم (2219) وأبو داود (3103)، وأحمد (5/ 206) وانظر للفائدة: "التمهيد" لابن عبد البر (6/210 - 217، 8/ 363 - 372) وفتح الباري (10/189 - 205) وفيها تفاصيل حول هذه المسألة، من أراد ذلك فليراجعهما.
(55) الأرض النزهة: الفسيحة، البعيدة عن الوخم. "فتح الباري" (10/199).
(56) روى الحديث البخاري (5727)، ومسلم (1671).(1/39)
(57) زدتها لأن الكلام لا يصلح إلا بها، ولعلها سقطت سهوًا من الناسخ.
(58) ليست بهذا الأطلاق. فالسفر لطلب العلم الذي هو من الواجبات يلحق بالواجب لنفس القاعدة المذكورة. وقال (: "طلب العلم فريضة على كل مسلم" رواه ابن ماجة (224) والطبراني في الأوسط (1/16)، والكبير (10/420)، وهو حديث صحيح مشهور جدًا، بل قال السيوطي: إنه متواتر. وله رسالة جمع فيها طرقه والفاظه وهي مطبوعة بتحقيق على الحلبي. وأما الزيارة فمنها الواجب ومنها المستحب. وأما الرباط فوجوبه في بعض الأحيان أظهر من أن يُستدل عليه.
(59) وهو من أكثر أنواع السفر في زماننا، خاصة السفر إلى بلاد الكفر لأجل الفساد والفجور والسفر إلى منتجعات الخنا والديانة والعرى والبهيمية، وإلى مأوى الشياطين ومدن اللانسانية الحمقاء. وأن كان السفر لأمر آخر من تجارة أو تطيب أو غير ذلك، فإنه قلما يخلوا من الفساد. والأدلة في تحريم ذلك أكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تذكر. والله المستعان.
(60) لم أجده فيما تحت يدي من المصادر.
(61) لم أجده بهذا اللفظ. وأورده القرطبي في تفسيره (8/270).
(62) لم أجده بهذا اللفظ مرفوعًا.
(63) تفسير الطبري، مرفوعًا (17287) وموقوفًا (17288)، طبعة العلامة أحمد شاكر وأخيه محمود
بلفظ "السائحون: الصائمون"، وأورده السيوطي في الدر (4/298)، طبعة دار الفكر، ونسبه إلى ابن جرير وأبي الشيخ وابن مردويه وابن النجار مرفوعًا. وأورده ابن كثير في تفسيره (2/375): قال: والموقوف أصح.
تنبيه: لم يرو الطبري في تفسيره اللفظ الذي ذكره الزركشي لا الأول ولا الثاني، مرفوعًا ولا موقوفًا.
(64) في تفسيره (17285، 17286) لكن بلفظ: سئل النبي ( عن السائحين، فقال: "هم الصائمون". وهو مرسل جيد، كما قال الزركشي وسبقه شيخه ابن كثير بهذا القول.(1/40)
(65) وتمامه، عن أبي أمامة، أن رجلاً قال: يا رسول الله، أئذن لي في السياحة. قال النبي ( "إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله تعالى". رواه أبو داود (2486) والطبراني في الكبير (8/215) والبيهقي في السنن (9/161) وفي "شعب الإيمان" (4/14)، والحاكم (2/73) وصححه ووافقه الذهبي. وصححه عبد الحق الإشبيلي، كما ذكر القرطبي في تفسيره (8/270)، وقال العراقي في اتحاف السادة المتقين (7/295): اسناده جيد. وحسنه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود (2172). وله شاهد مرسل صحيح رواه ابن المبارك عن ابن لهيعة عن عمارة بن غزية به وفيه زيادة "والتكبير على كل شَرَف".
(66) لم أجده بهذا اللفظ عند ابن حبان. لكن ورد من حديث أبي أمامة، وهو تمام الحديث المتقدم آنفًا، وله شاهد من حديث أنس. رواه أحمد (3/266) والبيهقي في الشعب(4/14) وفيه زيد العمي وهو ضعيف.
(67) رواه ابن أبي حاتم في تفسيره، وأبو الشيخ بلفظ:" هم طلبة العلم" ولا فرق كبير بينهما، وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره (2/375)، والسيوطي في "الدر" (4/298).
أقول: قد كانت السياحة هكذا سابقًا، أما اليوم !! فالله المستعان.
(68) رواه البخاري (6382، 7390) والترمذي (480)، وأبو داود (1538)، والنسائي (6/80)، وابن ماجة (1383) وأحمد (3/244)، وابن حبان (887، وأبو يعلي (4/2086) والبيهقي (3/52، 5/249) وفي "الأسماء والصفات (3/244)، وابن حبان (887)، وأبو يعلى (4/2086) والبيهقي (3/52، 5/249) وفي "الأسماء والصفات" (124 - 125)، ورواه البخاري في "الأدب" (703، وابن السني (596).
(69) ورد في عمل اليوم والليلة لابن السني، مرفوعًا: "الإستخارة سبقًا". قال الحافظ في الفتح (11/191): وسنده واه جدًا أهـ. ولم أعثر على نص في استحباب تكرار الاستخارة ثلاثًا أو أكثر. والله أعلم بالصواب. [ورد تكرار الإستخارة عن السلف، كما فعل عمر في استخارته حول كتابة القرآن، (المجلة)].(1/41)
(70) بناءًا على قوله تعالى (آل عمران: 159): ?وشاورهم في الأمر? وقوله (الشورى: 38): ?وأمرهم شورى بينهم?.
(71) كتابة الوصية واجبة على القول الصحيح لمن كان له أو عليه حقوق أو واجبات، كما في حديث ابن عمر وغيره.
(72) والصحيح عدم جواز الخروج عند عدم حصول الإذن غلا إذا أصبح الخروج أوجب من ذلك. والله أعلم.
(73) رواه الدارقطني في الأفراد، وذكره الهندي في كنز العمال (17540)، طبعة مؤسسة الرسالة. وقال: رواه ابن النجار عن ابن عمر. قال الحافظ في "التلخيص" (2/70): وفيه ابن لهيعة. وكذا قال ابن القيم في الزاد (1/383)، طبعة مؤسسة الرسالة. الشوكاني في النيل (3/281)، وقال الألباني في الضعيفة (218): ضعيف. ورواه عبد الرزاق (5542) وابن أبي شيبة (2/15) عن حسان بن عطية. موقوفًا. وسنده صحيح. ولعله هو أصل الحديث. وانظر السلسلة الضعيفة (1/253 - 254).
(74) "فضائل الأوقات" (رقم 264) وفي "شعب الإيمان" (1/215) وفيه (إلا أذنها) بدلاً عن (ذنبها) وفيه محمد بن كثير الصنعاني: كثير الغلط.
(75) رواه ابن أبي شيبة (2/15) عن حفص بن غياث عن ليث عن مجاهد. والبيهقي في الشعب (1/215) وفضائل الأوقات (رقم 265). وانظر "اللمعة" للسيوطي (ص59) وعزاه لابن أبي شيبة فقط.
(76) انظر "روضة الطالبين" (2/38 - 39)، طبعة المكتب الإسلامي. "والمجموع شرح المهذب" (4/3659) كلاهما للإمام النووي.
(77) رواه أبو داود في "المراسيل"، وعن البيهقي في السنن (3/187) ثم قال: وهذا منقطع أهـ. وهو مرسل لا تقوم به حجة. وانظر نيل الأوطار (3/281) والسلسلة الضعيفة (1/254).
(78) رواه عبد الرزاق (5573)، وابن أبي شيبة (2/15)، والبيهقي (3/187). قال الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي: رجال ثقات. وقال الشيخ الألباني في الضعيفة (1/254): وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات. وانظر "زاد المعاد" للحافظ ابن القيم (1/384).
(79) وتوجد آثار ذلك إلى يومنا هذا.(1/42)
(80) وممن قال بهذا القول: ابن جريج. انظر مصنف عبد الرزاق (5543).
(81) الصواب (العبدري) وليس (الدارمي). والأثر ذكره النووي في المجموع (4/365)، وقال: هذا مذهب باطل، لا أصل له. وانظر "موسوعة فقه إبراهيم النخعي" للدكتور قلعجي (2/138).
(82) رواه الخطيب في "الجامع لآداب الراوي وأخلاق السامع" (رقم 1772). وضعفه العجلوني في "كشف الخفا" (1/391) وغيره.
(83) رواه الطبراني في الكبير (4/268)، والخطيب في الجامع (رقم 1771) وفي سنده أبان، وهو متروك. قال الكمال ابن أبي شرين: الحديث منكر. وقال الزبيدي في "إتحاف السادة المتقين" (4/324): سنده ضعيف. وانظر "مجمع الزوائد" (8/164) و"كشف الخفا" (1/204)، و"فيض القدير" (2/157)، و"الميزان" (2/159، ترجمة 3274).
(84) "الجامع لآداب الراوي وأخلاق السامع" (2/351 رقم 1774)، تحقيق د. محمد عجاج الخطيب.
(85) أورده ابن عبد البر في "الاستيعاب" (2/33 - 34)، والحافظ في الإصابة (2/282 - 283) والزبيدي في الإتحاف (4/324)، والعجلي في كشف الخفا (1/205)، وأشار إلى ضعفه.
تنبيه: وقع تصحيف في المخطوطة (ردفك) والصحيح (رفدك) كما في المصادر السابقة، وهو من الرفد: وهو الإعانة. انظر "النهاية في غريب الحديث" (2/241).
فائدة: خفاف هو ابن عمير بن الحارث بقي إلى زمن عمر رضي الله عنه. وندبة اسم أمه. وله هذا الحديث فقط كما في "الاستيعاب" (2/34). وغيره.
(86) تقدم ذكره.
(87) وعن معاذ بن جبل موقوفًا: قال: سافر مع ذوي الجود والميسر. أورده الهندي في كنز العمال (17490) وأشار إلى أنه في مسند الفردوس عن معاذ. وهو في مجمع الزوائد (5/258).(1/43)
(88) رواه ابن ماجة (28279، والبيهقي (9/157) عن أنس، أن رسول الله ( قال: "يا أكثم... الحديث" قال البوصيري في "الزوائد": وفي إسناده عبد الملك الصنعاني، وأبو سلمة العاملي وهما ضعيفان. وقال السيوطي: قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: العاملي متروك، والحديث ضعيف أهـ. وضعفه الشيخ الألباني إلا الجملة المذكورة.
قلت: وحديث أكثم وإن كان ضعيفًا، فإن جملة "خير الرفقاء أربعة" لها من الشواهد ما يصححها فقد روي أبو داود (2611)، والترمذي (1555)، وابن حبان (4717)، والطحاوي (1/238) والبيهقي (9/156) عن ابن عباس مرفوعًا بلفظ: "خير الأصحاب أربعة" أو "خير الصحابة أربعة" قال الحاكم: صحيح علي شرطهما ولم يخرجاه؛ ووافقه الذهبي. وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، وابن القطان في "فيض القدير" (3/474)، والشيخ الألباني السلسلة الصحيحة (986)، والشيخ شعيب في تحقيقه لابن حبان (11/17)، والشيخ حسين سليم أسد في تحقيقه لمسند أبي يعلى (4/459 ، 5/104) وموارد الظمآن (1663)، وانظر تحفة الأشراف (5/68)، وفيض القدير (3/473)، و"اتحاف السادة المتقين"، و"موارد الظمآن" (1663)، و"الترغيب" (4/71).
(89) في المخطوطة: "قال ثم" والصواب ما أثبتناه.
(90) قال العراقي كما في الإتحاف (6/410): رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق بسند ضعيف أهـ. قال الزبيدي: وهو حديث غريب، وسنده ضعيف جدًا أهـ. فيه نفيع الأعمى وهو متهم بالكذب وقد عد الذهبي، في الميزان (ترجمة 9115)، هذا من أكاذيبه.
(91) رواه الطبراني في الأوسط (رقم 2863)، طبعة دار المعارف، وأبو يعلى (6686). قال الهيثمي (3/210): وفيه يحيى بن العلاء البجلي، وهو ضعيف أهـ. قلت: وفيه عمرو بن الحصين العقيلي، متروك الحديث. ثم أن يحيى رمي بالوضع. وقد ضعف الحديث الحافظ العراقي كما في "فيض القدير" (1/269) والزبيدي وابن حجر كما في الإتحاف (5(401). ولا يصلح هذا شاهد للحديث السابق، لما رأيت.(1/44)
(92) الأثر في "الضعفاء الكبير" للعقيلي (4/18، رقم 1570). وفيه ليث بن أنس: مجهول. ونعيم متكلم فيه. انظر الضعفاء للعقيلي (4/17)، والذهبي في الميزان (3/420).
(93) رواه الخطيب في "الجامع لأداب الراوي وأخلاق السامع" (رقم 1784)، وروى عن يحيى بن معين مثله موقوفًا عليه (1785).
(94) انظر الأذكار للنووي (355).
(95) رواه ابن أبي شيبة (9657، 15470) وعنه ابن ماجة (2771) كلاهما إلى قوله: "والتكبير على كل شرف" وعن ابن أبي شيبة رواه تاما: الترمذي (3445)، وأحمد (2/325، 331، 476) والحاكم (1/445)، والبيهقي (5/251)، وابن حبان، (2702، 2692)، وابن خزيمة (2561)، وغيرهم.
قال الترمذي: حديث حسن. وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. والصواب أن الحديث حسن فقط من أجل أسامة وهو ابن زيد الليثي فإن حديث حسن، ولا يرتقي إلى درجة الصحيح وإن كان من رجال مسلم. وحسنه الشيخ الألباني في الصحيحة (1730)، والشيخ شعيب (6/410) والشيخ حسين سليم (موارد الظمآن: 2378). انظر المشكاة (2438) والأتحاف (4/443) والمجمع (4/301).
والشرف: المكان المرتفع، كالجبل والأكمة ونحو ذلك؛ انظر "معجم مقايس اللغة" (3/263).
(96) رواه أبو داود (2600)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" كما في تحفة الأشراف (6/24)، وأحمد (2/25، 37، 136) والبيهقي (5/251). وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود (2265). وله طرق أخرى عن ابن عمر:
- عن نافع عنه. رواه الترمذي (3442)، وابن ماجة (2826)، قال الترمذي: غريب من هذا الوجه.
- وعن سالم عنه . رواه الترمذي (3443)، وأحمد (2/7)، وأبو يعلى (5624، 5674) والبيهقي (5/251). قال الترمذي: حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
- عن القاسم بن محمد عن. رواه الحاكم (1/442) وصححه على شرطهما ووافقه الذهبي.
- عن مجاهد عنه. رواه النسائي في عمل اليوم والليلة (509)، وابن حبان (2693) والبيهقي (9/173).(1/45)
قال الشيخ شعيب: إسناده قوي. وصححه الشيخ حسين أسد في تحقيقه لموارد الضمآن (2376).
(97) رواه أبو داود (2601)، والحاكم (2/98097) وسكت عليه هو والذهبي. وصححه النووي في الأذكار (585) والشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود (2266)، وانظر الإتحاف (4/325).
(98) قال ذلك غير واحد منهم الخطابي في "معالم السنن" (3/76).
(99) قال الزبيدي في إتحاف السادة المتقين (6/402): رواه الطبراني عن علي بن عبد العزيز، والمحاملي، والخرائطي في "مكارم الأخلاق"، والبغوي في معجمه .أهـ.
قلت: وللحديث شاهد من حديث أنس. رواه الترمذي (3444)، والحاكم (2/97)، وابن السني (496 - 497)، والطبراني في الدعاء كما قال العراقي في الإتحاف (4/325). قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وسكت عليه الحاكم والذهبي.
وقال الشيخ الألباني: حسن صحيح، كما صحيح سنن الترمذي (2739). وانظر المشكاة (2437) وكنز العمال (1759)، وإتحاف السادة المتقين (6/402)، وله شواهد أخرى عن أبي هريرة، وابن عمر وغيرهما.
(100) رواه البخاري (2949)، وأبو داود (2605)، وعنه البيهقي (9/151)، رواه الدارمي (2/214)، وأبن أبي شيبة (15464)، وعبد الرزاق (9270)، وسعيد بن منصور (2/156). وله لفظ آخر في البخاري (2950).
(101) رواه ابن أبي شيبة (15466)، وسعيد بن منصور (2/157) وعنه أبو داود (2606)، ورواه الترمذي (1212)، وابن ماجة (2236)، وأحمد (3/416، 4/384)، والدارمي (2/214) والطبراني في الكبير (7/28 - 29) والبيهقي (9/151). قال الترمذي: حديث حسن. ورده ابن القطان كما في الميزان (3/175).
قلت: وقد جمعت طرق الحديث فوجدته قد رواه ستة عشر نفسًا من الصحابة وتابعيان، ولئن كان كل سند لم يخل من كلام، ولكن مجموعها مع حديث صخر يقضي بتصحيح الحديث. هذا ما توصلت إليه والله أعلم بالصواب. بل إن حديث صخر حسن لذاته. وقد صححه الشيخ الألباني في صحيح الترمذي (968) وغيره، ولعله يقصد أنه صحيح لغيره.(1/46)
(102) الراجح من أقوال أهل العلم، هو جواز الصلاة في الدار المغصوبة، والثوب المغصوب أو المسروق، والوضوء بالماء المغصوب أو المسروق، وأشباه هذه المسائل، واختار صحة الصلاة جمع من أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية.
(103) الأحاديث الصحيحة في هذا الباب كثيرة، وسيمر بنا بعضها.
(104) المخطوطة "فلعلكم" وهو تصحيف ظاهر جدًا.
(105) رواه أبو داود (3764)، وابن ماجة (3286)، وأحمد (3/501) وابن حبان (5224)، والحاكم (2/103)، والبيهقي (5/258)، ونسبه في المشكاة (4252) إلى الترمذي، ولم أجده في سننه.
قال العراقي في تخريج الأحياء (2/5: إسناده حسن، وقال الحافظ: وفي صحته نظر. وحسنه الشيخ الألباني في الصحيحة (664). وللحديث شواهد كثيرة منها:
1- حديث أبي هريرة مرفوعًا "طعام الواحد يكفي الأثنين، وطعام الأثنين يكفي الثلاثة، وطعام الثلاثة يكفي الأربعة" رواه البخاري (5392)، ومسلم (2058).
2- حديث جابر مرفوعًا: "طعام الواحد يكفي الأثنين". رواه مسلم (2059) من عدة طرق.
3- حديث عمر مرفوعًا "كاوا جميعًا ولا تفرقوا فإن البركة مع الجماعة" رواه ابن ماجة (2658) وصححه الشيخ الأبباني في الصحيحة (2691).
4- وعن جابر مرفوعًا. "إن أحب الطعام إلى الله ما كثرت عليه الأيدي" رواه أبو يعلى (2045) ورجاله ثقات. وانظر "مجمع الزوائد) (5/21) والمسند لأبي يعلى بتحقيق حسين أسد (4/39).
5- حديث عبد الرحمن بن أبي بكر. في صحيح مسلم (2056).
6- حديث أضياف أبي بكر ( في صحيح مسلم (2057).
وله شواهد أخرى جمعتها، لكن لا يتسع المقام لذكرها.
(106) أعاد ذكر حديث صخر للاستدلال به على استحباب التكبير. وقد تقدم بيان حاله وذكر بعض الشواهد له.
(107) رواه النسائي (8/33)، والطبراني في الكبير (12/36)، والحاكم (3/329) عن ابن عباس. وقد أورد الحديث في مجمع الزوائد (8/76 - 78) من طرق كثيرة. ولم أر فيها ولا في غيرها حديث صخر، فالله أعلم.(1/47)
(108) تقدم إيراد بعضها وذكر من رواها.
(109) رواه البخاري (1442)، ومسلم (1010).
(110) رواه ابن أبي شيبة (2/81)، وابن عساكر في تاريخه (16/297/2)، والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق (2/220 - 221)، والطبراني في المناسك مرسلاً، كما في الإتحاف (3/465).
فائدة: وقد وقع للزركشي تصحيف تبعًا للنووي، فإن الصواب: المطعم بن مقدام الصنعاني وهو تابعي كبير وليس صحابيًا، فتصحف عند النووي رحمه الله إلى: المقطم بن مقدام الصحابي، وقد وقع ذلك بخطه رحمه الله، وفي نسخ مقروءة عليه من الأذكار، مع كثرة تحريه وضبطه. ونبه على ذلك شمس الدين، كما نقله عنه الزبيدي في الأتحاف (2/221)، والحافظ في "تخريج الأذكار"، وابن علان في شرحه للأذكار (5/105). وضعف الحديث الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة (372).
(111) انظر الأذكار للنووي (354) بتحقيق علي الشريجي وقاسم النووي، واتحاف السادة المتقين (3/465)، وفيض القدير (5/444).
(112) قال الحافظ في "تخريج أحاديث الأذكار": لم أجده بهذا اللفظ. وانظر الأذكار (354) وأشار غليه في الأتحاف (4/331) ولم يخرجه.
(113) وكل هذه الاستحبابات التي ذكرها الأمام الزركشي في هذا الموضع (الحادي عشر) ليس عليها دليل صحيح. والله أعلم. وانظر السلسلة الضعيفة (1/374).
(114) قال الحافظ العراقي في اتحاف السادة المتقين (6/403): رواه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" وفيه من لا يعرف. وساقه الزبيدي بسنده، ثم قال: هذا حديث غريب أهـ. وفيه أكثر من ضعيف.
وبذا يكون الحديث ضعيف جدًا. وانظر تحاف السادة (6/403 - 404).(1/48)
(115) رواه البيهقي (5/250) واللفظ له، وأبو يعلى (2770)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (495) وابن حبان في "المجروحين" (2/86)، والطبري في "تهذيب الآثار" من مسند علي (1/97، رقم 166). قال الهيثمي في المجمع (10/130): رواه أبو يعلى وفيه عمرو بن مساور وهو ضعيف أهـ. وسكت عليه البوصيري (2/20)، وانظر "المطالب العالية" بتحقيق الشيخ الأعظمي (3/237). وعمرو: منكر الحديث كما قال البخاري، والحديث ضعيف جدًا. وانظر الميزان (3/223)، ومسند أبي يعلى بتحقيق الشيخ حسين أسد (5/158).
فائدة: قال ابن الأثير في النهاية: (ابتسرت) كذا رواه الأزهري، والمحدثون يروونه بالنون والشين المعجمه (يعني: انتشرت) آي: تحركت وسرت أهـ.
(116) ذكره عنه البيهقي في السنن الكبرى (5/250).
(117) في الأذكار (60).
(118) رواه أبو داود (5094)، والترمذي (3427)، والنسائي (8/285)، وابن ماجة (3884) وأحمد (6/306، 6/322)، والحاكم (1/519، 4/136). قال الترمذي: حسن صحيح. وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. وصححه النووي في الأذكار (55)، والألباني في صحيح سنن أبي داود (4248). وفي اتحاف السادة المتقين (4/326 - 327) توسع في التخريج ، والكلام على الأسانيد.
(119) رواه أبو داود (5095)، والترمذي (3426)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (89)، والبيهقي (5/251). قال الترمذي: حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وصحح الحديث شيخ الإسلام ابن تيمية، والحافظ ابن حجر، والنووي، والألباني في صحيح سنن الترمذي (2724).
(120) قال الهيثمي في المجمع (5/171): رواه الطبراني في الأوسط، وفيه اسماعيل بن يحيى أبو أمية وهو متروك أهـ. ورواه ابن النجار، واللفظ له كما في الكنز (17614). وأورده في اتحاف السادة المتقين (6/411)، وأورده ابن القيسراني في الموضوعات (4329).
(121) صوابه (أسماعيل بن يعلى) كما في الكامل (1/315)، والميزان للذهبي (1/445).(1/49)
(122) الكامل (1/315).
(123) تقدم تخريجه آنفًا.
(124) لم أجده فيما بين يدي من المصادر، ولم يتيسر لي الوقوف على كتاب الطيوريات وهو للحافظ السلفي، لكن الأسناد الذي ذكره الزركشي - هذا - ظاهر الضعف، وفيه رجل لم يسم، وذكره الحافظ ابن اليسراني في الموضوعات (1076).
(125) قال تعالى في سورة طه: 17 - 18: ?وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى?.
(126) قال تعالى في سورة طه: 19 - 21: ?قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى * فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى * قَالَ خُذْهَا وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى?. وتفصيل ذلك في مواضع كثيرة من القرآن.
(127) قال تعالى في سورة سبأ 14 ? فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ? .
(128) المستدرك (3/80) عن سعيد بن المسيب به. وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي، لكن قال: مرسل.
(129) رواه ابن ماجة (2827)، والبغوي (1/168)، وتقدم الكلام عليه. وضعفه الحافظ البوصيري في الزوائد، وقال الشيخ الألباني في ضعيف ابن ماجة (622): ضعيف جدًا. ورواه البيهقي (9/157) عن طريق أخرى. وفيها مجاهيل.
(130) رواه البخاري (2998)، والترمذي (1673)، وابن ماجة (3768)، وأحمد (2/23)، وابن أبي شيبة (9/38) وابن حبان (2704)، وابن خزيمة (2569)، والحاكم (2/101) وغيرهم وقال الحاكم: صحيح الأسناد، ولم يخرجاه! ووافقه الذهبي !! أهـ. وقد أخرجه البخاري كما ترى. وفي الحديث فوائد، من شاء فلينظرها في فتح الباري (6/161)، طبعة دار الريان.(1/50)
(131) كما في الحديث الصحيح "الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب" رواه مالك (2/978)، وعنه أبو داود (2607)، والبغوي في شرح السنة (11/21). قال الترمذي: حديث حسن. وقال الحاكم : صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي. وذكره الألباني في الصحيحة (62).
(132) رواه أبو داود (2602)، والترمذي (3446)، والنسائي في الكبرى كما في تحفة الأشراف (7/436 رقم 10248)، وأحمد (1/97)، والحاكم (2/98)، وابن حبان (2380)، وغيرهم. قال الترمذي: حسن صحيح. وصححه الحاكم على شرط مسلم. ووافقه الذهبي.
قلت: وليس كذلك، فإن المنهال من رجال البخاري فقط، وميسرة بن حبيب ليس من رجال الشيخين، فليس هو على شرط أي من الشيخين، وإنما هو صحيح فقط. وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود 02267).
(133) رواه مسلم (1342)، وأبو داود (2599)، والترمذي (3447)، والنسائي في الكبرى كما في تحفة الأشراف (6/16)، وفي عمل اليوم والليلة (548)، وأحمد (2/144)، وابن خزيمة (2542)، وابن حبان (2695، 2696)، والحاكم (2/254)، والبيهقي (5/251)، وغيرهم.
(134) في المخطوطة (وذم) والتصحيح من "مجمع الزوائد" و"كنز العمال".
(135) قال الحافظ الهيثمي (10/131): رواه الطبراني موقوفًا، ورجاله رجال الصحيح أهـ، وانظر كنز العمال (24995).
(136) في المخطوطة "ابن أويس" وهو تصحيف ظاهر.
(137) رواه أحمد (4/221 )، وابن خزيمة (2377، 2543)، والحاكم (1/444)، والبيهقي (5/252)، وابن عبد البر في التمهيد (5/302). قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
قلت : وفيه محمد بن اسحق، وهو مدلس، لكنه صرح بالتحديث في إحدى الروايتين عند أحمد (4/221)، والراجح في حديث ابن اسحق أنه حسن. قال الهيثمي (10/131): رواه أحمد والطبراني بأسانيد ورجال أحدها رجال الصحيح غير محمد بن أسحق وقد صرح بالسماع في أحدها أهـ.
(138) في المستدرك "وابتدعوها" (1/444).(1/51)
(139) رواه أحمد (3/439)، والحاكم (1/444)، وابن خزيمة (2544) ، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني في تعليقه على صحيح ابن خزيمة (4/142). وللحديث شواهد منها:
1- حديث سهل بن حنظلة، رواه أبو داود (2448)، وابن خزيمة (2545) وصححه النووي في رياض الصالحين، والألباني في تعليقه على ابن خزيمة.
2- حديث أبي هريرة. رواه أبو داود (2567)، وعنه البيهقي (5/255).
3- عبد الله بن جعفر. رواه الحاكم (2/99)، وصححه ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.
فائدة: (ابتدعوها): أي تركوها ورفهوا عنها إذا لم تحتاجوا إلى ركوبها. (النهاية، لسان العرب).
(140) ليس الحديث في صحيح ابن حبان، وإنما هو في مستدرك الحاكم (1/444) سندًا ومتنًا، ويوضح الأمر أكثر كلام الحاكم في آخر الحديث.
(141) رواه أحمد (3/494)، والدارمي (21/285)، وابن حبان (1703، 2694) وابن خزيمة (2546)، والطبراني في الكبير (2993)، والحاكم (1/444) . كلهم عن أسامة بن زيد الليثي به. وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
قلت: وإنما هو حسن فقط من أجل الليثي. وتقدم الكلام عليه في حديث غير هذا.
(142) رواه ابن خزيمة (2547)، والحاكم (1/444)، وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبلي وهو كما قالا. وقال الشيخ مصطفى الأعظمي في تعليقه على ابن خزيمة (4/144): إسناده صحيح.
(143) رواه أبو داود (2598)، وأحمد (1/256، 2/144، 5/83)، والترمذي (3438)، والنسائي (8/274). والحديث صحيح، وله شواهد كما سيأتي بعضها مثل حديث عبد الله بن سرجس، وصحح الحديث الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود (2263).
(144) تقدم تخريجه.
(145) رواه مسلم (1343)، والترمذي (3439)، والنسائي (8/272)، وابن ماجة (3888) وأحمد (5/83)، والدارمي (2/287). وانظر شرح النووي على مسلم (9/111 - 112) وشرح السيوطي للنسائي (8/272).(1/52)
أما قول الزركشي رحمه الله: (رواه مسلم بالراء ويروي بالنون) فإنه غير مسلم. فقد قال النووي في شرحه لمسلم (9/111): (الحور بعد الكون): هكذا هو في معظم النسخ عن صحيح مسلم (بعد الكون) بالنون. بل لا يكاد يوجد في نسخ بلادنا إلا بالنون. وكذا ضبطه الحفاظ المتقنون في صحيح مسلم. ثم قال: ورواه العذري: (بعد الكور) بالراء أهـ. وكلا الروايتين صحيح رواهما مسلم، والترمذي وغيرهما.
(146) رواه الأصبهاني في "الترغيب" (1369): وفي الحلية (4/242) والبيهقي في الشعب (537، 538، 691)، ورواية البيهقي التي أشار إليها الزركشي برقم (537).
(147) في المخطوطة سُطرت كلمات لم تتضح لي، استدركتها من مصادرها التي تقدمت.
(148) لم أظفر به، مع كثرة بحثي عنه في مظانه.
(149) رواه أحمد في الزهد عن عطاء مرسلاً. وذكره الهندي في الكنز (17618) ونسبه لابن شاهين في "الترغيب" في الذكر. وانظر كشف الخفا للعجلوني (1/114 رقم 303).
(150) رواه أبو داود (4856، 5059)، والترمذي (3380)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (407) وأحمد (2/446) والحاكم (1/496) وابن حبان (853) وغيرهم. وصحح الحديث جمع من أهل العلم منهم الترمذي قال: حسن صحيح. والحاكم، والذهبي. والألباني في الصحيحة (74 - 77).
وقد خرجت الحديث وشواهده لكن لا يتسع المقام لذكرها.
فائدة: (ترة): يعني حسرة وندامة. وقد فسرت في نفس الحديث. وفسرها بذلك الترمذي (5/461).
فائدة أخرى: وهذا الحديث بطرقه وألفاظه يوجب الذكر ولو قليلاً والصلاة على النبي ( ولو مره في المشي والجلوس، وغير ذلك. وقال به غير واحد من أهل العلم. انظر "فيض القدير" (5/439)، والسلسلة الصحيحة (1/119 - وما بعدها).
(151) تقدم تخريجه.
(152) رواه البخاري (2993)، والدارمي (2/288)، وابن خزيمة (2562)، والدارقطني (2/233) وانظر للفائدة "فتح الباري" (6/158 - دار الريان).(1/53)
ومن السنة أن يكون التكبير غير مرتفع جدًا، وأن يضاف إليه التهليل، كما في حديث أبي موسى الأشعري في البخاري (2992، 4205، 6384) وغيره.
(153) انظر فتح الباري (6/158)، دار الريان، فقد نقل عن المهلب كلامًا أوسع من هذا هنا.
(154) رواه أبو داود (1537)، والنسائي في الكبرى كما في التحفة (6/465)، وفي "عمل اليوم والليلة" (601)، وأحمد بسندين (4/414)، وابن حبان (4765)، وابن السني (328) والحاكم (2/142)، والبيهقي (5/253). وصححه الحاكم على = شرطهما. ووافقه الذهبي. وهو كما قالا، رحمهما الله تعالى. وصححه الحافظ العراقي، والزبيدي كما في الإتحاف (5/105)، والنووي في "رياض الصالحين"، والشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود (1360)، والأرناؤوط في تعليقه على ابن حبان.
(155) جزء من حديث طويل عن البراء بن عازب. رواه أحمد (1/2-3)، وابن أبي شيبة (14/328، 331)، والمروزي في مسند أبي بكر (62، 65)، وابن حبان (6281، 6870) والبيهقي في الدلائل (2/484). وأصل الحديث في الصحيحين: البخاري (3615)، ومسلم (2009)، وفيهما (فدعا عليه)، ولم يذكرا لفظ الدعاء. وفي لفظ للبخاري (3911): اللهم أصرعه.
وللحديث شاهد من حديث صهيب بن سنان. رواه مسلم (3005)، والترمذي (3340)، وأحمد (6/17)، والنسائي في الكبرى كما في التحفة (4/198)، وعبد الرزاق (9751)، والطبراني في الكبير (7319، 7320). وفيه دعاء: (اللهم أكفنيهم بما شئت).
والله أعلم بالصواب وهو الموفق سبحانه. سبحانك اللهم وبحمدك. أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
??
??
??
??
الغرر السافر فيما يحتاج إليه المسافر
11(1/54)