العوامل الاجتماعية المؤثرة في منهج تعليم القرآن
في المؤسسات القرآنية
إعداد
د. هاشم علي الأهدل
جامعة أم القرى – مكة المكرمة
بحث مقدم للملتقى الثالث للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم
بإشراف جمعية تحفيظ القرآن بمنطقة الرياض
شوال 1427
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
…تقوم المؤسسات التربوية بأدوار تربوية واجتماعية تساهم في تغيير المجتمع نحو الأفضل، وبمقدار الجهد المبذول يجد المصلحون آثار ذلك في الواقع وسيظهر ثماره في المجتمع وأنشطته وبرامجه ومؤسساته المختلفة.
ومن ناحية أخرى، فإن أي برنامج تربوي في تلك المحاضن التربوية لا ينبغي أن يكون منبتاً عن المجتمع، وبعيداً عن أهدافه وحاجاته، ولا يصح أن يهتم بقضايا لا تهم المجتمع ، ولا تساهم في تقدم أفراده. من أجل ذلك أكد التربويون على أن تُشتق الأهداف من خلال الأفراد والمجتمعات، وبذلك يتفاعل الأفراد سواءً كانوا مربين أو متربين في تحقيق الأهداف، وعندما يحصل التفاعل الكافي، يحصل التغيير المنشود.
ومن الضروري أن يلم المختصون بأهداف المجتمع وتطلعاته التي يرمي إليها من خلال التنشئة الاجتماعية والتعليم التربوي لكي تؤخذ في الاعتبار حين وضع الأنشطة والبرامج المتعلقة بإعداد أجيال المستقبل .
و المؤسسات القرآنية التي تقوم بدور فعال في تحقيق آثار تربوبة إيجابية في الملتحقين بها ، ينبغي أن تراعى الجوانب الاجتماعية المختلفة حين وضع مناهجها ، وبذلك يكون المجتمع مصدراً مهماً لوضع المناهج والأهداف . وهذه الدراسة تناقش العوامل الاجتماعية المؤثرة في إعداد المنهج .
أهداف الدراسة
- التعريف بالمفهوم الشامل للمنهج
- بيان العوامل الاجتماعية المؤثرة في بناء المنهج بمفهومه الشامل .
- زيادة مجالات الترابط بين المجتمع والمؤسسات القرآنية .
- بيان نماذج واقعية لتطبيق مبدأ مراعاة العوامل الاجتماعية في إعداد المنهج القرآني.
المنهج وعناصره(1/1)
تعارف التربويون المعاصرون على أن المنهج هو الأسلوب الذي يتبعه المعلمون للوصول إلى الأهداف والغايات التربوية والتعليمية . والمنهج هو جميع ما تقدمه المؤسسة التعليمية إلى دارسيها، للوصول إلى غاياتها وطموحاتها، وللسعي إلى تنفيذ خطتها. وعرف الدمرداش سرحان المنهج بأنه : " يتضمن جميع ما تقدمه المدرسة إلى تلاميذها تحقيقاً لرسالتها الكبرى في بناء البشر، و وفق أهداف تربوية محددة ، وخطة علمية سليمة ، بما يساعد على تحقيق نموهم الشامل جسمياً وعقلياً ونفسياً واجتماعياً وروحياً " (1) .ومن وجهة نظر التربية الإسلامية ، عرفه محمود شوق بأنه " نظام من الخبرات التي تقدمها المؤسسة التربوية للمتعلمين – منها ما يتعلق بالمنزَّل من عند الله ، وأخرى تتعلق بالمكتسب بواسطة البشر – لتساعدهم على اكتسابها تحت إشرافها، وذلك بهدف تحقيق نموهم نمواً شاملاً ومتكاملاً ومتوازناً، وتمكينهم من السلوك قولاً وعملاً وفق تعاليم الدين الحنيف " (2) .
وباختصار فيعرف المنهج بأنه خطة عامة للتربية ، وهذا التعريف يعطي مفهوماً واسعاً للمنهج ، لأنه إلى جانب النتائج التعلمية المقصودة أو المخطط لها ، يضم محتويات المواد والأنشطة التعليمية اللازمة لتحقيق الأهداف المرسومة للمنهج ، وكذلك تخطيط الأهداف، وتوفير الوسائل التعليمية، والمواد الدراسية، وكلها يدخل في نطاق مفهوم المنهج .
وعلى هذا يكون المنهج خطةً عامةً تهدف إلى نقل التلاميذ من حالة فكرية ومهارية ووجدانية إلى حالة أرقى منها حسب أهداف مرسومة ،وعبر خبرات مقصودة . وبناءً على ذلك فإن المنهج يتكون من عدة عناصر هي :
1- المقررات الدراسية
__________
(1) - المناهج المعاصرة، ص15
(2) - الاتجاهات الحديثة، ص32(1/2)
وهي نتاج الجهد البشري ، وتتألف من تجميع للمعلومات والخبرات والحقائق والمفاهيم ، وهي الأساس لكل تقدم ثقافي ، ويُراعى في تنظيم هذه المقررات ما يلي : أن تكون ذات صلة قوية بالوسط الذي يعيش فيه الطلاب أو الطالبات ، ومراعيةً لمطالب النمو ومستوياته، وأن تكون وثيقة الصلة بالمجتمع وحاجاته ، ومتابعةًً للمعرفة وتطورها في العالم .
2 – الكتب والمراجع :
وهي الوعاء الذي يحتوي المقررات والموضوعات الدراسية ، "وينبغي أن يعتني بتأليف هذه الكتب بحيث يتوافر فيها التدرج والترابط والتكامل ، وبحيث تكون مناسبة لمستوى التلاميذ، ومحققة للربط الوثيق بين المدرسة والحياة ، و داعية إلى تحقيق جميع الأهداف التربوية ومعينة على ذلك " (1) .
3 – الوسائل التعليمية
ولها أهميتها في توصيل الخبرة بأقصر الأوقات ، وأيسر التكاليف ، وتتنوع حسب المواقف التعليمية، وحسب المواد الدراسية، ويُفضل أن تكون مستقاةً من البيئة التي يعيش فيها الطلاب .
4 – الأنشطة
فعن طريقها تُغرس المبادىء والقيم ، وتكون الاتجاهات والميول ، وتُصقل المهارات ، ويُعدل السلوك . ولذلك ينبغي الاهتمام بها ، وحث التلاميذ للمشاركة فيه ، والاهتمام بما توفره المؤسسة التعليمية من برامج تصب في خدمة المنهج وتعزيز دوره.
5 – أساليب التقويم
ولا بد من قياس نتائج إعداد المنهج وآثار العملية التعليمية والتربوية ، ولا بد أن يتسم التقويم بالشمولية والموضوعية والتنوع ، وذلك كي يقيس ما حققه المنهج من أهداف
6 – طرق التدريس
وهي تختلف من مادة لأخرى ، ولها خطوات وإجراءات يقوم بها المعلم داخل الحجرة الدراسية ، وللمعلم دور كبير في ممارسة الطريقة التدريسية مع طلابه .
7 – التجهيزات الدراسية
__________
(1) - المناهج المعاصرة، ص17(1/3)
وتشمل مباني وغرف الدراسة ، والمرافق المختلفة التي تسمح للطلاب ممارسة الأنشطة المختلفة ، وتهيء لهم البيئة المناسبة للفهم والاستيعاب، ومن التجهيزات : المعامل والمختبرات والأجهزة التي تعينهم على فهم المقررات الدراسية ، ويُهتم بالفصل الدراسي المريح في درجة حرارته، أو بعده عن الضوضاء والأصوات المزعجة ، وتحقيقه للأمن النفسي للمتعلمين .
خطوات تخطيط المنهج
…إن على المهتمين بالعملية التربوية والتعليمية في المؤسسات القرآنية ، سواءً كانوا مشرفين أو معلمين أو غيرهم أن يسعوا لإعداد منهج محدد للمؤسسة القرآنية التي يشرفون عليها ، أو يساهمون في تسيير أمورها . وهذا المنهج يتطلب تخطيطاً مراعياً للعناصر المختلفة للمنهج، وأن يكون شاملاً لمختلف الجوانب التعليمية، والتربوية، والإدارية، والتنظيمية. وبدون وجود هذه الخطة ماثلةً أمام المعلمين والمربين في المؤسسات القرآنية، فإن الأمر سينتابه الفوضوية ، وعدم الجدية في تطبيق الأهداف المتوقعة.
ومن الأساسيات المهمة في الخطة أن تجد متابعةً من مشرفي المؤسسات القرآنية ، وألا يُترك الأمر لاجتهادات المعلمين ، يقول عبدالمعطي طليمات : "نجد أن بعض معلمي الحلقات يتهاون في تطبيق الخطة العامة للتدريس في الحلقة من قِبل المشرفين عليه، والبعض منهم لا يقوم حتى باتباع منهج ذاتي، أو خطة خاصة به في ذلك، ويحلو له ترك الأمر على عواهنه، فلا تحضير ، ولا إعداد، ولا وضوح حتى في الأهداف، فضلاً عن الأساليب والوسائل، ظناً منه أن منهج الحلقة القرآنية واضح يسير، وأنه لا يعدو كونه تسميعاً للطالب أو مراجعة له" (1) .
__________
(1) - الحلقات القرآنية ..دراسة منهجية شاملة، ص168(1/4)
ولذلك ينبغي على أهل القرآن أن يستفيدوا من المهارات الإدارية والتخطيطية عند وضع مناهج تعليم القرآن في أي مؤسسة قرآنية، سواءً كانت صغيرة أو كبيرة , وسواءً كانت حكومية أو أهلية ، وأن يتجنبوا الارتجالية والتجريب في تنفيذ ومتابعة الحلقات والفصول القرآنية .
ذكر جودت و عبد الله أن " التخطيط عبارة عن تصور لما ينبغي أن يكون عليه المنهج من حيث التصميم (تحديد الأهداف، واختيار المحتوى ، وتنظيمه ) . وكذلك الصورة التي يجب أن يكون عليها تنفيذ المنهج ( جميع الدراسات الخاصة بمعالجته في الواقع، أو الميدان التربوي) بالإضافة إلى عملية التقويم التي يجب أن يراعيها المنهج من حيث تحديد أساليب التقويم التي توضح العائد التعليمي التعلمي لدى الطلاب، للاستفادة من ذلك في تحسين المنهج وتطويره، ويمكن تحديد ما إذا كانت الأهداف قد تم تحقيقها"(1) .
ثم ذكرا عدداً من الخطوات اللازمة لتخطيط أي منهج دراسي ،و هي كما يلي باختصار :
الخطوة الأولى - توضيح التبرير المنطقي لعملية التخطيط .
الخطوة الثانية - تحديد مجال المنهج المدرسي .
الخطوة الثالثة - اختيار الأهداف .
الخطوة الرابعة - اختيار المحتوى وتنظيمه .
الخطوة الخامسة - اختيار الخبرات التعليمية وتنظيمها .
الخطوة السادسة - اختيار طرائق التدريس وتوضيحها .
الخطوة السابعة - تحديد اجراءات التقويم ووسائله .
الخطوة الثامنة – تجريب المنهج الذي تم تخطيطه .
الخطوة التاسعة – تعميم المنهج .
__________
(1) - تنظيمات المناهج وتخطيطها وتطويرها، ص352(1/5)
وإن من واجبات المنهج أن يهتم بالنمو الشامل للتلاميذ في المراكز القرآنية ، أي أن يستفيدوا من استيعابهم للمنهج في النواحي المتعددة للشخصية السوية . ويتم الوصول إلى هذه الغاية بوسائل متعددة ، منها حسن احتيار المعلمين ، وتعدد المناشط التربوية الهادفة، والتركيز على اختيار مقاطع قرآنية، ( أو سور، أو آيات ) توضع في المنهج، ليتم تدارسها أثناء مادة التلاوة أو التجويد أو التفسير أو الحفظ أو القراءات أو علوم القرآن . ثم يتم توظيف تلك المقاطع والآيات والسور التوظيف الأمثل لتحقيق تربية النشء، وغرس القيم والعادات المفيدة للفرد والمجتمع .
العوامل المؤثرة في بناء المنهج
إن إعداد المنهج يستلزم – كما مر بنا سابقاً- مراعاة العديد من العوامل المختلفة ، ولكل منها تطبيقاته عند بناء المنهج ، والعوامل المؤثرة في بناء المنهج هي العوامل التي تساهم في إعداد وتهيئة المنهج ، حتى يصبح جاهزاً للتطبيق في المؤسسات التعليمية المختلفة ، ومن هذه العوامل ما يلي :
1 – طبيعة المجتمع المحلي : من حيث المبادىء التي يتمسك بها المجتمع ، والمؤسسات المختلفة التي تساهم في تنميته وتوجيهه.
2 – الأنظمة واللوائح : حيث الجهة التي تتبع المؤسسة التعليمية أو تشرف عليها ، من ناحية ساعات التدريس ، وعدد الحصص، وأوقات الدوام، ونظام الامتحانات، وطرق التقويم .
3 – طريقة إعداد المعلمين : فلا بد من إعداد المنهج إعداداً يتناسب مع البرامج الموضوعة لإعداد المعلمين ، ويؤثر تأهيل المعلم على اختيار الحقائق والأفكار والمفاهيم .
4 – نوعيات التلاميذ : حيث يؤثر اختلاف قدرات التلاميذ على التعلم في إعداد المنهج ، وهذا الاختلاف يتطلب أنماطاً مختلفة من المواد والموضوعات ، ويلزم كذلك تنويع الأنشطة المصاحبة مراعاةً لاهتمامات التلاميذ وميولهم .(1/6)
5 – التجهيزات المدرسية : ففي البيئات التي يتوفر بها معامل ومختبرات ، وأماكن لمزاولة النشاط، تضع في حسبانها أن تتضمن المناهج تزويد الطلاب بخبرات معرفية وعملية تستفيد من تلك التجهيزات، أما إذا لم تتوفر فلن يتضمن المنهج تلك الخبرات .
أنواع العوامل الاجتماعية
…إن من ضمن العوامل المؤثرة في بناء المنهج معرفة طبيعة المجتمع، والعوامل الاجتماعية المختلفة التي ترسم حياة أفراده. فالمجتمع يتكون من عدة عناصر، وتؤثر فيه متغيرات عديدة ، وهناك عوامل متعددة تساهم في إحداث التغير الاجتماعي ، وتعدل من مناشط الحياة المختلفة ، وتبين الفروق بين المجتمعات ، وبالتالي فإن إعداد المنهج سيتأثر بتلك العناصر والمتغيرات، ومراعاة هذه المتغيرات يكون بوضعها عند التخطيط للمنهج، وإدراج ما يتعلق بها ضمن محتويات المواد التعليمية . وقد اختلفت آراء المفكرين في تسمية هذه العوامل وتحديد أنواعها. ومن هذه العوامل ما يلي :العامل البيئي أو الجغرافي، العامل السكاني، والعامل التكنولوجي، والعامل الاقتصادي، والعامل الفكري والفلسفي، والاحتكاك والانتشار الثقافي، والسياق الثقافي العام "(1).
وهذه العوامل يسميها بعضهم بالأسس الاجتماعية ، يقول محمد الخوالدة : "ويمكن تلخيص العوالم العديدة التي تدخل في مكونات الأساس الاجتماعي لبناء المنهاج التربوي في محددات أساسية هي :
1 – محددات تتعلق بالبيئة ومكوناتها .
2 - محددات تتعلق بالمجتمع ومكوناته .
3 - محددات تتعلق بالثقافة ومكوناتها (2) .
__________
(1) - علم اجتماع التربية، ص272
(2) - أسس بناء المناهج التربوية وتصميم الكتاب التعليمي ، ص132(1/7)
والعوامل الاجتماعية ذكرها مرعي والحيلة ضمن العموميات المكونة للثقافة ، والعموميات هي المكونات الثقافية للمجتمع، وهي : "التي يشترك فيها جميع أفراد المجتمع الناضجين، وتشمل الأفكار، والعادات، والتقاليد، وأنماط السلوك ومصطلحاته، واللغة التي يتكلمها ويكتبها الناس، وطرق التحية وأنواعها، وأنواع المأكولات، والملابس، والمنازل، والأنماط الأساسية للعلاقات الاجتماعية، ونوع الولاء والطاعة والاحترام، والتوقعات السلوكية بين الصغار والكبار، وبين النساء والرجال، والقيم والاتجاهات الموجهة لسلوكهم "(1).
أهمية العوامل الاجتماعية للمنهج
لكل مجتمع خصائص وسمات وثقافة تميزه عن غيره من المجتمعات ، وهذا الاختلاف يؤثر حتماً على طبيعة الحياة الاجتماعية التي يعيشها أفراد ذلك المجتمع . والمنهج الدراسي الجيد يراعي هذه الخصائص ، ويتأقلم مع متطلبات أفراد المجتمع وحاجاتهم . ولا بد من أن يضع مخططوا المناهج المحددات الثقافية بالتفصيل ، ويدرسوا أثر كل منها في عملية التربية ، ويحددوا المفاهيم والمبادىء المناسبة لتحقيق التوازن الاجتماعي ، " وعندما يفهم المربون الجو الاجتماعي الذي يعيش فيه التلاميذ ، والمؤثر في عملية التنشئة الاجتماعية لديهم، وتشكيلهم، وتطبيعهم، يجب أن توضع المناهج وفقاً لظروف حياة الناشئة "(2).
وعلى واضعي المناهج مراعاة هذه المحددات عند التخطيط ، لكي ينشأ المتربي مرتبطاً بالنظام الاجتماعي الذي يعيش فيه ، ويستفيد من الموارد المتاحة التي تعينه على تنمية شخصيته ، وتعزيز هويته ، وتطويره نحو الأفضل.
العوامل الاجتماعية المؤثرة في بناء منهج تعليم القرآن
__________
(1) - المناهج التربوية الحديثة، ص202
(2) - علم الاجتماع التربوي بين التأليف والتدريس، ص123(1/8)
لا يمكن للباحث في العلوم الاجتماعية أن يحصر جميع المتغيرات المؤثرة في أي نشاط إنساني ، وذلك لطبيعة البحث الاجتماعي والتربوي . وسنحاول أن نبرز بعض العوامل المؤثرة في بناء المنهج ، وفي هذه الدراسة المتعلقة بمنهج تعليم القرآن ، نقسم العوامل الاجتماعية إلى قسمين هما :
أ – خصوصيات ثقافية : وتشمل العقيدة، واللغة، والمراحل العمرية لأفراد المجتمع، والعادات والتقاليد والأعراف.
ب - مؤسسات اجتماعية : وسوف تقتصر الدراسة على المسجد ، ووسائل الإعلام، والجامعات والمدارس ، والمجتمع .
وفيما يلي تفصيل هذه العوامل .
أولاً – خصوصيات ثقافية
وتشمل العقيدة، واللغة والمراحل العمرية ، والعادات والتقاليد والأعراف ، وفيما يلي علاقة كل منها بمنهج تعليم القرآن:
1 - عقيدة المجتمع ومنهج تعليم القرآن
تعتبر العقيدة من أهم العوامل الاجتماعية التي تؤثر في سلوك الأفراد والمجتمعات، و لكل مجتمع خصوصيته العقدية، ولابد أن يظهر ذلك في المنهج ، ولا يصح أن يُهمش الجانب العقدي في المدارس الإسلامية، لأنه هو الذي يحدد المسيرة والاتجاه نحو مرضاة الله سبحانه وتعالى .
فلكل مجتمع مبادؤه التي يقوم عليها وعقيدته التي يعتنقها ، وبالتالي تؤثر في سلوك أفراده ، وتؤثر في برامجه وأنشطته ومؤسساته المختلفة . وهذه العقيدة تحدد الأهداف التي يسعى إليها المجتمع ، ويبذل جهده لبلوغها عن طريق تربية أفراده ، لكي يكونوا على مستوى معين من القدرات والإمكانيات المعرفية والمهارية .(1/9)
فالثوابت من الدين هي من الأسس التي يجب أن توضع في المناهج ، ولا ينبغي التفريط فيها بأي حال من الأحوال . يقول عبدالرحمن صالح : "والمنهاج الدراسي في المجتمع المسلم يهدف إلى إكساب المتعلمين فهماً صحيحاً للعقيدة الإسلامية ، كما يهدف إلى غرس المثل والقيم العليا ، ومن أهداف المنهج الدراسي التصدي للاتجاهات والعقائد الدخيلة ، ومما يعين على تحقيق هذا الهدف قيام المدرسة بعرض تلك الأفكار وتحليلها ، ثم الحكم عليها من خلال التصور الإسلامي "(1).
ولتثبيت العقيدة الصحيحة في المجتمع، يبين المنهج أسس العقيدة ، وما ينافيها، ويبين أسماء الله الحسنى وصفاته، وإبرازها من خلال محتوى المنهج ، والقرآن الكريم بين عقيدة المجتمع الإسلامي بأوضح صورة، وما على واضعي المناهج إلا أن يؤكدوا على المفاهيم العقدية من خلال النصوص القرآنية.
__________
(1) - المنهاج الدراسي .. أسسه وصلته بالنظرية التربوية الإسلامية ،ص199(1/10)
…وحين تعليم القرآن ينبغي أن يؤكد المنهج على تجنب البدع المحدثة في قراءة القرآن وتلاوته التي أحدثها القدماء أو المعاصرون . وإن إبعاد كل ما لم يرد به الشرع في التعامل مع القرآن هو من باب حفظ الدين الذي تكفل الله به، قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}(الحجر:9). يقول بكر أبو زيد : "فمن عظيم آثار حفظ الله لكتابه شدُّ السلف على مسلك تجريده من أي إحداث أو أمر مضاف ، في : رسمه، وترتيله ، وقراءته ، وإقرائه وأدائه ، وأذكاره ، وهذا عنوان إعجازه يدخل في قرنه الخامس عشر ، دون أن يصل إليه : تغيير وتبديل ، أو تحريف وتعديل، زيادةً أو نقصاً، فسبحان من أنزله ، وحفظه ، وهيأ له حفاظاً ، وأنصاراً، وجعل المسلمين له حراساً ، وأجناداً ،، وكان من آثار رحمته سبحانه في حفظ كتابه ، تنبيه العلماء ، وبخاصة القراء منهم، على محدثات جَهَلَةِ القراء، واتصال حبلا الإيقاظ عما يداخله في زمان أو مكان ، أو كيفية ، ومقدار ، أ, جنس ، وأسباب في محيط قاعدة الإسلام ، المعروفة منه بالاضطرار، وهي : (وقف العبادات على النص ومورده لا غيره) " (1) .
وفي المجتمعات التي يكثر فيها الابتداع في الدين ، أو الإتيان بأمور محدثة في الشرع ، ينبغي على واضعي المناهج التأكيد على مفهوم توحيد الله بالعبادة ، وعدم عبادته إلا بما شرع سبحانه ، وبينه رسول - صلى الله عليه وسلم - . وأن يتم إدراج ذلك ضمن الشروح والتوضيحات التي يقوم بها المعلم مع طلابه ، وبأسلوب يناسب مستوى إدراكهم وفهمهم .
__________
(1) - بدع القراء القديمة والمحدثة ، ص5(1/11)
ومن أهم خصوصيات الأمة بعد كتاب ربها هو بسنة نبيها محمد - صلى الله عليه وسلم - ، ولذلك تعمد بعض المؤسسات القرآنية إلى إدراج الحديث النبوي ضمن منهجها ، وتحث الطلاب على حفظ أحاديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم - . ومن الأمثلة على ذلك (مشروع استحفاظ الحديث النبوي الشريف) في دمشق، و الذي أشرف عليه نور الدين محمد عتر ، ووجد تشجيعاً ودعماً من الأمين العام للهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم ، التابعة لرابطة العالم الإسلامي .وكان المنهج يحتوى على حفظ الأصول السبعة المتمثلة في الكتب التالية : موطأ الإمام مالك ، صحيح البخاري، صحيح مسلم، سنن أبي داود، سنن الترمذي، سنن النسائي، سنن ابن ماجه، وحفظ (رياض الصالحين) مقدمةً لتلك الأصول السبعة. وقد أصدر الأمين العام، وفقه الله، قراراً بتكريم الحافظات اللواتي يحفظن القرآن الكريم والكتب الستة، بناءً على اختبار يجرى لهن في حفظ القرآن، رعايةً لاختصاص الهيئة(1) .
2 - اللغة ومنهج تعليم القرآن
…تعتبر اللغة هي وعاء الثقافة في المجتمع ، وتؤثر اللغة في التفكير والسلوك ، واللغة التي ينطق بها أفراد المجتمع تؤثر في منهج تعليم القرآن إعداداً ، ومحتوىً ، وتقييماً . والقرآن الذي نزل بلسان عربي يختلف تعليمه من مجتمع عربي لآخر غير عربي . فالمجتمع الذي يتكلم أفراده باللغة العربية يسهل عليهم تعلم القرآن ، ولا توجد صعوبة في إعداد منهج لتعليم القرآن لأبناء العرب، لأن محتوى المنهج مكتوب باللغة العربية .
__________
(1) - فضل الحديث النبوي الشريف وجهود الأمة في حفظه ومشروع إحياء استحفاظه وأهمية ذلك بالنسة لحفاظ القرآن الكريم ، ص 159(1/12)
وفي مجتمعات المسلمين وغيرها ، هناك أفراد لا يجيدون اللغة العربية ، إما لأنها ليست اللغة الأم بالنسبة لهم ، أو لأن أصولهم غير عربية، أو نشأوا في بلدان أجنبية, ويعانون صعوبةً في نطق بعض الحروف العربية ، ولذلك حين يراد تعليم القرآن في أمثال تلك المجتمعات، ينبغي أن يراعى في المنهج اختلاف اللغة، وصعوبة نطق بعض الحروف العربية عند الأعاجم ، و يكون البدء مع هؤلاء من أبجديات اللغة التي تُدرس للأطفال في الروضات، أو في الصفوف الأولى من الدراسة. وقد يكون من المهم التركيز على الحروف العربية وطريقة نطقها قبل وأثناء الدرس القرآني، وتخصيص بعضاً من الوقت لهذا الأمر ، وذلك حتى يتم تعليم القرآن بالنطق الصحيح لكلمات القرآن .
وكذلك يراعى منهج تعليم القرآن أسلوب التقويم ، ويُقبل من هؤلاء ما لا يُقبل من المتكلمين باللغة العربية ، سواءَ من ناحية الترتيل أو التجويد أو غيرهما .
وقد اقترح أحد الباحثين طريقةً مثلى في تعليم وتحفيظ القرآن لغير الناطقين باللغة العربية، تعتمد على تعليم الحروف بطريقة التهجي قبل قراءة القرآن، وذلك باستخدام كتاب "القاعدة البغدادية"، ثم يُنتقل بهم إلى معرفة الحروف والكلمات والجمل لتصحيح القراءة نظراً في المصحف، ثم الحفظ في المرحلة الأخيرة (1).
وفي تعليم القرآن للناطقين باللغة العربية، أو في المجتمع العربي يختلف المنهج حسب المرحلة العمرية أو الدراسية ، فالكلمات التي يتضمنها منهج كل مرحلة تختلف عن غيرها من حيث مستوى الصعوبة أو الكثافة تبعاً لمستوى النضج والإدراك. وكذلك الوقوف أثناء الدرس القرآني، عند بعض الكلمات، وتوضيح معناها يختلف من طلاب لآخرين.
__________
(1) - كيف تحفظ القرآن ،ص52(1/13)
ومن المشاريع الناجحة التي راعت لغة الدارسين للقرآن ومستواهم الثقافي : ما قام به المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بمكة ، من خلال مشروع حلقات تلاوة القرآن الكريم لحجاج بيت الله الحرام، وقد عايش الباحث بنفسه هذا المشروع. وتقوم فكرته على استقطاب حجاج بيت الله الذين يقدمون إلى مكة في موسم الحج، وتعليمهم ما لا يسعهم جهله من القرآن ، والعناية بتحقيق القراءة الصحيحة لسورة الفاتحة أولاً ثم قصار السور(1) . وقد كان بعض هؤلاء الحجاج لا يحسن القراءة الصحيحة للقرآن، وهو لا يحسن العربية أيضاَ – في الغالب – فمنَّ الله عليهم بتلك الحلقات القرآنية المناسبة لإمكانياتهم وقدراتهم المعرفية والثقافية ، وكان المنهج مقتصراً على فاتحة الكتاب وقصار السور ، وذلك للأسباب التالية :
أ – أن هذه السور مما يحتاجها المسلم في صلاته ، وربما لم يتيسر للكثير من الحجاج تعلمها وإتقانها في بلدانهم، بل وُجد من لم يحفظها أصلاً .
ب – قصر المدة التي يمكثها أغلب الحجاج في مكة، فهي أيام معدودة قبيل الحج .
ج – كثرة الحجاج مقارنةً بأعداد المدرسين ، مما يصعب معه استيعاب جميع الحجاج في جميع المساجد من جهة ، ويصعب أيضاً زيادة المحتوى المقرر للتدريس من جهة أخرى.
وقد استفاد من المشروع العديد من المسلمين من مختلف أنحاء العالم كما هو واضح في الجدول التالي :
الجنسيات المستفيدة
عربية ... اليمن – الأردن – فلسطين – تونس- الجزائر – المغرب – السودان – الصومال
آسيوية ... باكستان – إيران – الهند – بنجلاديش – سريلانكا – كازاخستان – أفغانستان – إندونيسيا –
ماليزيا – تايلاند – روسيا
أفريقية ... نيجيريا – النيجر – كينيا – غينيا – توجو – بوركينافاسو – موريشيوس – جنوب أفريقيا
أوروبية ... تركيا– بريطانيا – فرنسا
__________
(1) - التقرير السنوي لعام 1426 لمشروع حلقات تلاوة القرآن الكريم لحجاج بيت الله الحرام(1/14)
ومن ناحية أخرى فإن المنهج في تعليم القرآن ينبغي أن يهتم بتعليم قواعد اللغة العربية: نحوها وصرفها وإعرابها، وفهم معاني كلماتها ، فذلك أدعى لفهم القرآن، وحفظه، وتدبر معانيه ، ومن ثم العمل به. ولتحصيل التدبر الأمثل لكتاب الله عز وجل، بين عبدالرحمن الميداني ضرورة ملاحظة قواعد اللغة العربية وقال : "على دارس أي نص عربي بليغ لا سيما كتاب الله عز وجل أن يكون خبيراً بدلالات الصيغ المختلفة لمادة الكلمة العربية ، لأن الفهم الصحيح للنص مرتبط بمعرفة ذلك ...، وأن يكون خبيراً بالدلالات التي يدل عليها التقديم أو التأخير بين عناصر الجملة العربية ، حتى يحسن فهم النص وتدبر مستواه البياني ...، وأن يكون خبيراً عالماً بقواعد علم النحو، لأن فهم النص بشكل صحيح كامل مرتبط ارتباطا ًكلياً بمعرفة موضع كل كلمة في الجملة العربية ، ومعرفة إعرابها ، وهذا لا يتيسر إلا لمن عنده زاد طيب من هذا العلم ، وإلا وقع في أخطاء فكرية فاحشة ، وهو يشرح معنى النص " (1) .
__________
(1) - قواعد التدبر الأمثل لكتاب الله عز وجل ، ص151(1/15)
…ولا يقتصر مراعاة اللغة في المنهج القرآني على تعليم الدارسين فقط ، بل يشمل أيضاً مراعاة اللغة عند إعداد المعلمين والمشرفين. وقد قامت اللجنة التعليمية بالقسم النسائي لجمعية تحفيظ القرآن الكريم بجدة بمراعاة هذا العامل الاجتماعي في برنامج إعداد المعلمات للطالبات غير العربيات في قسم الناطقات بغير اللغة العربية " ومعلمات هذا القسم من طالباته اللاتي أكملن مستوياته، ودرسن المستوى الثالث في الفصول العربية، وممن هن لسن من أصل عربي، وأثبتن جدارةً وتميزاً في تطبيق قواعد التجويد والتلاوة الصحيحة ، ... ، ومن الأهداف التي يسعى هذا القسم لتحقيقها إنشاء فصول لتدريس قواعد اللغة العربية للمعلمات، لمساعدتهن في إتقان اللغة العربية التي لا بد منها لتدريس القرآن الكريم على الوجه الأمثل، ولغة المادة النظرية التجويدية والشرح لها في هذه الفصول هي اللغة الانجليزية ، وهناك فصل في بداية تأسيسه بلغة الأردو" (1) .
3 - المراحل العمرية لأفراد المجتمع و منهج تعليم القرآن
لقد اصطلح خبراء علم النفس على تقسيم مراحل العمر إلى عدة مراحل هي : الطفولة المبكرة و الطفولة المتوسطة و الطفولة المتأخرة و المراهقة والشباب، و كل مرحلة من هذه المراحل لها طبيعتها التربوية الخاصة ومنهجها المناسب، ولكل منها برامج وخطوات تلائم الجوانب الإيمانية والفكرية والجسدية ، و تتلاءم مع احتياجاتها ورغباتها .
ومن خصائص النمو التي ينبغي مراعاتها عند بناء المناهج :
1 – النمو عملية شاملة متكاملة : حيث تعمل الخبرات المختلفة بتحقيق نمو الشخصية .
2 – النمو عملية مستمرة ومتدرجة : فالخبرات السابقة تصب في الخبرات الجديدة.
3 – النمو يؤدي إلى النضج ،والنضج يؤدي إلى التعلم .
4 – النمو يختلف من تلميذ لآخر .
__________
(1) - صناعة المعلمة ، ص128(1/16)
ويبدأ تعليم القرآن في المراحل العمرية المبكرة وذلك في فترة تفتح الذهن وخلوه من الشواغل ، وقد كان ذلك هو ديدن السلف في تعليم القرآن للناشئة ، وكانوا يحرصون ألا يُبدأ بأي علم غير القرآن الكريم تلاوةً وحفظاً . وهناك قصص كثيرة من حياة الصغار في عهد السلف رحمهم الله تعالى ، ومن الصحابة الصغار الذين اشتهروا بحفظ القرآن عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - حيث يقول عن نفسه : " توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا ابن عشر سنين وقد قرأت المحكم (المفصل) "(1)
والطفل يتربى في المنزل منذ سنواته الأولى على فكر والديه ومن حولهما من الأقارب والجيران ، ثم يذهب إلى المدرسة حيث يتزود بالمعلومات والمعارف ، ويمارس الأنشطة والعلاقات المختلفة التي تؤثر في تشكيل شخصيته ، وقد تُغير في سلوكه وتصرفاته ، وتُغير كثيراً مما ألفه في المنزل .
ويتعاون المنزل والمدرسة خلال مراحل الدراسة من أجل القيام بالمسئولية التربوية وإعداد الأجيال لنفع أنفسهم ومجتمعهم ، وحين يصبح ذلك الطفل شخصيةً مستقلةً ، ذا قناعاتٍ وتوجهاتٍ ذاتية، تصبح الخبرات والتوجيهات التي تعرض عليه مجال تفكير واختيار ، ويكون من الصعوبة تغيير تلك القناعات التي تشربها خلال سنواته الأولى . وعلى المراكز القرآنية أن يكون لها دور توجيهي ، واستغلال حقيقي لتلك المراحل العمرية المبكرة، وأن تضع في مناهجها حسن الإعداد والتوجيه للملتحقين بها من أبناء وبنات المسلمين .
__________
(1) - رواه البخاري برقم5035 في كتاب فضائل القرآن باب تعليم الصبيان القرآن(1/17)
وتؤثر المراحل العمرية للمجتمع القرآني في طبيعة المنهج المعد لهم . فالدارسون في المرحلة الابتدائية يختلف منهجهم القرآني عن طلاب المرحلة الثانوية . كما أن الدارسات في المرحلة المتوسطة يختلف منهجهن عن طالبات المرحلة الجامعية . وذلك لأن لكل مرحلة تفكيرها واهتمامها وميولها ، وبالتالي فإن النصائح والإرشادات الموجهة إليهم تختلف اختلافاً كبيراً، وعلى سبيل المثال فإن المعلم الذي يشرح تفسير سورة الفاتحة يختلف أسلوبه وعباراته وأمثلته بحسب أعمار و مستويات الطلاب الذين أمامه .
ومن تطبيقات هذه القاعدة التربوية أن يتجنب المسئولون في المؤسسات القرآنية تجميع طلاب من مراحل عمرية مختلفة في فصل واحد ، وأن يحرصوا على تخصيص معلم مؤهل لكل مرحلة عمرية . وهذا الأسلوب أدعى لحسن توجيه الدارسين وإرشادهم ، وأدعى لثباتهم في الحلقات ، وعدم تسربهم منها .
4 - العادات والتقاليد والأعراف ومنهج تعليم القرآن
تحرص المجتمعات على نقل تراثها الثقافي إلى الأجيال الجديدة، كي تقوي من تماسكها ، وتستقل بشخصيتها، وتحافظ على هويتها. وتعتبر العادات والتقاليد والأعراف من ضمن هذا التراث . وفيما يلي التعريفات التي توضح الفروق بين هذه الكلمات ، كما أوردها عبدالله الرشدان :
أ - تعرف العادة بأنها : " أنماط من السلوك التي تنتقل من جيل إلى جيل، وتستمر لفترة طويلة حتى تثبت ، وتستقر، وتصل إلى درجة الاعتراف الأجيال المتعاقبة بها "(1).
ب - التقاليد هي : " ممارسات اجتماعية مكتسبة، يكتسبها الفرد من المجتمع الذي تربى وعاش فيه، وهي أشكال من السلوك والتصرفات الجماعية، لها مكان القداسة لدى أفراد مجتمع معين ، لأنها في نظرهم الأفعال التي تحفظ هيبتهم ، وتمنحهم العزة والاعتبار في المجتمع الذي يعيشون فيه "(2).
__________
(1) - علم اجتماع التربية ، ص139
(2) - المرجع السابق ، ص147(1/18)
ج -الأعراف هي : "مجموعة العادات والتقاليد التي سادت بين الناس ،و أصبحت بمثابة الشرع أو القانون في الأهمية والاحترام، وهي من صنع الجماعة، تحكي أوضاعهم ، وتنقل أخبارهم، وتحفظ أمجادهم عبر العصور "(1) .
إن من المسلمات اليوم أن العالم أصبح قريةً واحدة ، وأصبحت المجتمعات تتغير بسهولة وفي فترات قصيرة . ومن خلال عالم الاتصالات والاحتكاك المباشر وغير المباشر بين الأفراد تنتقل المبادىء والقيم، وتتغير العادات والأعراف ، وتعتبر كل هذه المتغيرات من التحديات التي تواجه المنهج. وينبغي ملاحظة أن هذه المصطلحات تؤخذ في الاعتبار إذا لم تخالف الثوابت الأساسة من الدين ، ولم تعارض المبادئ والأخلاق.
وبغض النظر عن الفرق بين هذه المصطلحات ، فإنه ما من شك في أن اختلاف العادات والتقاليد والأعراف من مجنمع لآخر تؤثر في تخطيط المنهج . فالمجتمع الذي تعود معظم أفراده على أن يمارسوا أعمالهم الوظيفية إلى صلاة المغرب مثلاً ، لا يناسب أن تكون الحلقات القرآنية بعد العصر ، لأنهم ليسوا متفرغين لذلك ، وفي هذه الحالة ينبغي أن يعدل المنهج من وقت الحلقات القرآنية إلى بعد صلاة المغرب أو بعد صلاة العشاء .
كما أن المنهج ينبغي أن يغير في أوقات الدوام حسب حضور الطلاب وغيابهم ، وما تعودوا عليه في مجتمعاتهم ، ويكون التساهل تبعاً لذلك . ففي أيام الاختبارات الدراسية ، وفي أيام الإجازات الصيفية وغيرها ، يقل حضور الطلاب للحلقات القرآنية ، وهنا على المسئولين عن المنهج القرآني مراعاة ذلك عند إعداده ، أو عند توزيع المقرر على أيام السنة . ويذكر محمد غيلان الشواهد التالية لأثر هذه العادات على الحلقات القرآنية :
__________
(1) - المرجع السابق ، ص 161(1/19)
أ – تأثر الحلقات بالاختبارات ، سواءً كانت اختبارات فصلية أو نهائية ، فكثير من أولياء الأمور يرغبون في إعطاء أبنائهم إجازة لتلك الاختبارات ، لئلا يلقى اللوم عند حصول الطالب على نتائج غير مرضية على الجمعية .
ب – تأثر الحلقات بالإجازات السنوية ، وخاصةً الصيفية، حيث نرى كثيراً من الطلاب يذهبون للاصطياف مع ذويهم ، أو يسافرون إلى قراهم وبلدانهم.
ج – يطلب كثير من المعلمين تغيير وقت العمل في الحلقات أثناء الإجازات الصيفية مراعاةً لحال الطلاب ، حيث يشترك كثير منهم في المراكز الصيفية والأندية الرياضية في المساء (1).
والمجتمع الذي تعود أفراده على الرفاهية ، ينبغي أن يراعي المنهج أنواع الحوافز التي تعطى للمتعلمين، حتى تكون مقنعةً وجاذبةً لهم. وحين يعاني المجتمع من الأوضاع الاقتصادية الصعبة ، ويضطر الأهالي إلى الاستعانة بأبنائهم في تحصيل الرزق، وبالتالي صرفهم عن النشاط القرآني ، فإن على المنهج أن يبتكر أساليب لاستقطاب أمثال هؤلاء ، وتحفيزهم بالوسائل المتنوعة لكي ينضموا ويتفاعلوا مع المؤسسة القرآنية . وفي تجربةٍ لمركزٍ قرآنيٍ يسمى مركز السيدة خديجة في قيرغيزستان " تم التنسيق لإضافة مشغل خياطة لتدريب فتيات المركز، وتم وضع خطة لهذا التأهيل المهني بالقدر الذي لا يؤثر على حفظ القرآن الكريم ، ولا على الجوانب التربوية، وفي نفس الوقت يحقق للطالبة تأهيلاً مهنياً تكرم بها نفسها، وذلك إكراماً لكتاب الله عزوجل"(2) .
__________
(1) - صناعة المشرف والمعلم ، ص227
(2) - تعليم القرآن الكريم للمرأة في قيرغيزستان ، ص312(1/20)
وهناك عادات وتقاليد تتعلق بالمرأة ، وهي تختلف من مجتمع لآخر . وكمثال على مراعاة البيئة الاجتماعية للعمل القرآني النسائي ، تذكر مديرة اللجنة النسائية في جمعية المحافظة على القرآن الكريم في الأردن عن فكرة فريدة بعنوان (نادي المرأة القرآني الدائم) ، وفكرة النادي تقوم على " أن تجتمع النساء في أحد أيام الأسبوع، ما بين ساعتين إلى ثلاث ساعات، يستمعن إلى التوعية والإرشاد من خلال القرآن الكريم وتفسيره ، وتناول حديث شريف ومناقشته، وقضايا تهم المرأة من أحكام فقهية، أو تربية الأبناء، أو معاملة الأزواج، والاطلاع على قضايا العصر، ومستجداته، وكيفية التعامل معه"(1) .
ولا شك أن المنهج ينبغي أن يراعي التفريق بني الجنسين في العملية التعليمية ، وفي الظروف الأسرية ، وفي أوقات الحفظ ، ومقداره. ولا يلزم أن يُطبق المنهج الذكوري بحذافيره على الإناث ، وذلك لاختلاف الطبائع والمشاعر ، واختلاف التركيبة الجسمية التي خلقهما الله عليها .
ثانياً – المؤسسات الاجتماعية
وتشمل المسجد، والإعلام، والمدارس والجامعات،والمجتمع ، وفيما يلي علاقة كل منها بمنهج تعليم القرآن:
1 - المسجد ومنهج تعليم القرآن
__________
(1) - العمل القرآني النسائي في الأردن، ص356(1/21)
تتفاعل مؤسسات المجتمع مع العملية التربوية من نواحي متعددة ، ومن الناحية الاجتماعية فلا شك أن المسجد هو أحد المؤسسات الاجتماعية والتربوية المهمة في المجتمع المسلم ، وأحد أركانه الذي لا يقوم إلا به، ولذلك لا تُستغرب علاقته الوثيقة بالمراكز القرآنية . ذلك أن كثيراً من تلك المراكز تقع في المساجد ، ومن خلال المساجد تُغرس المعتقدات والشرائع والقيم ، ومن خلالها يتعود الناشئة على أهم ركن في الإسلام، ألا وهو الصلاة . وفي المسجد أيضاً يتعلم المسلمون القرآن، قال - صلى الله عليه وسلم - : (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة ، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ، ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه )(1) .
ودور المنهج في المراكز القرآنية أن يحث الناشئة والشباب على مداومة ارتياد المساجد والتعلق بها في جميع الظروف والأحوال ، وأن يحرصوا على ملازمة حلق القرآن ، ولا تكن هذه الحلق هي آخر العهد بالمسجد في حياتهم اليومية . وينبغي تربية الشباب من خلال المنهج على الاستفادة من إمام المسجد ، ومن أنشطة المسجد ، ومن جماعة المسجد .
__________
(1) - رواه مسلم برقم 2701 في كتاب الذكر والدعاء باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر(1/22)
وعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن في الصفة فقال : (أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان، أو إلى العقيق ، فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير إثم ولا قطيعة رحم ؟ ) فقلنا : يارسول الله نحب ذلك، قال - صلى الله عليه وسلم - : (أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد ، فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله خير له من ناقتين ، وثلاث خير له من ثلاث ، وأربع خير له من أربع ،ومن أعدادهن من الإبل)(1) .
ويمكن أن يضع المنهج في مفرداته استخدام المسجد لتحفيز الطلاب وتشجيعهم على المثابرة والاهتمام، وتعليمهم بعض المهارات المفيدة للشخصية المعاصرة، ومن ذلك :
أ - تخصيص يوم في الأسبوع، أو في الشهر مثلاً لعرض قراءات للطلاب، ومواهبهم في الحفظ أمام المصلين.
ب – عرض أحد الطلاب الحفظة لطريقته في المراجعة والحفظ، وكيفية المواءمة بين الحفظ القرآني والتحصيل المدرسي .
ج –تعويد طلاب الحلقة على تنظيم مسابقات قرآنية لأبناء الحي، والإشراف عليها من خلال إمام المسجد أو مدرس الحلقة.
د – إعداد كلمات هادفة من خلال القرآن وتفسيره، بإشراف مدرسي الحلقات، أو كتابة رسائل عن أهداف الحلقات القرآنية، وتُعرض في لوحة المسجد، أو تُرسل إلى أولياء الأمور .
2 - وسائل الإعلام ومنهج تعليم القرآن
للإعلام المعاصر،بإمكانياته الجذابة ، وقدراته الحديثة ، دوره الكبير جداً في التأثير على المجتمعات وتشكيل شخصية الناشئة، ولا بد أن يستفيد منه المصلحون في تعزيز مبادىء الأمة وقيمها. وتعظم المهمة وتتفاقم المعضلة حين يكون التعارض بين ما تفرزه تلك الوسائل ، وبين ما يتزود به الناشئة في المنزل والمدرسة والمسجد. وهذه القضية تبرز ضرورة التنسيق بين الإعلاميين والتربويين من أجل الوصول إلى مستقبل أفضل للأجيال .
__________
(1) - رواه مسلم برقم 803 في كتاب صلاة المسافرين باب فضل قراءة القرآن في الصلاة وتعلمه(1/23)
ومن ناحية أخرى ، فإنه يصعب حجز الثقافات الأخرى عن الوصول إلى المجتمع الإسلامي عبر وسائل الإعلام المختلفة ، ولكنه يمكن للتربية أن تزود المتربين بالحصانة اللازمة لفحص الأفكار الوافدة لاستقبال المفيد و درء المخاطر .
وفي خضم هذه التأثيرات يظهر دور المراكز القرآنية عموماً وحلقات التحفيظ خصوصاً في تربية الأجيال ، ودورها في إبراز المفاهيم الصحيحة والتوجيهات التربوية المقتبسة من القرآن الكريم ، والتي تضبط تصرفات المتعلمين .
وفي التعامل مع وسائل الإعلام لا بد للمنهج القرآني أن يقوم بواجب التخلية والتحلية، أي تخلية أذهان المتعلمين من السلبيات التي يبثها الإعلام السلبي ، والتحلية بتزيين المتعلمين بالفضائل القرآنية والآداب النبوية.
ومن متطلبات منهج تعليم القرآن أن يستفيد من الوسائل الإعلامية سواءً كانت مسموعة، أو مقروءة، أو مرئية، والتي تكون في متناول استفادة الطلاب والمعلمين ، أو تكون قريبة جغرافياً من المؤسسة القرآنية ، ومن أوجه الاستفادة منها ما يلي :
- اختيار الطلاب المتميزين للمشاركة في برامج التلاوات القرآنية التي تنشر عبر تلك الوسائل .
- إعداد برامج قرآنية متنوعة ، بمشاركة من طلاب الحلقات وأساتذتهم ، ومشرفيهم .
- الإعلان عن أنشطة تلك المؤسسة القرآنية ، وبيان دورها في خدمة المجتمع .
- حث أفراد المجتمع للمشاركة في أنشطة المؤسسة القرآنية ، ودعمها مادياً ومعنوياً .
وهناك برامج إعلامية تختص بتحسين التلاوة، أو تعليم التجويد، أو تفسير آيات من القرآن، وهذه البرامج يمكن أن تكون جزءاً من المنهج، وذلك بأن يحث الأستاذ تلاميذه على متابعة تلك البرامج لتحسين أدائهم، وزيادة استيعابهم لما يتعلموه 0(1/24)
ولا شك أن هناك برامج أخرى ، يمكن أن تتفتق عنها أذهان العاملين بصدق في المؤسسات القرآنية أو الإعلامية. ولكن الأهم من ذلك هو أن توضع هذه البرامج ضمن الخطة الدراسية ، وأن يخصص لها الوقت المناسب ضمن المنهج الدراسي ، وأن تُدعم من لدن المشرفين على تلك المؤسسات ، ومن غيرهم من المهتمين بالمنهج القرآني . ويقتضي هذا الأمر أيضاً التنسيق المسبق أو اللاحق مع مسئولي الوسائل الإعلامية .
ومن الوسائل الإعلامية الحديثة الشبكة العنكبوتية (الانترنت) ، وهي تحوي العديد من المواقع الالكترونية المهتمة بالقرآن وعلومه المختلفة. وفي تعليم القرآن في المؤسسات القرآنية ، ينبغي أن يستفيد المنهج من تلك المواقع ، وخاصةً لمعلمي الحلقات . فالمعلم من أهم ركائز تحقيق المنهج ، ولا بد للمنهج من أن يهتم بتطويره, وزيادة قدراته ومعلوماته. ومن خلال تلك المواقع يمكن أن يستفيد المعلم منها في متابعة أخبار الأنشطة القرآنية المختلفة ، وتفيده في زيادة معلوماته ، وربط الأحداث بالنظرة القرآنية . كما أن تلك المواقع تحوي العديد من تفاسير وكتب القرآن ، والتي قد لا تتوفر في البيئة القرآنية، وهذه الميزة تغطي جانباً من متطلبات تحقيق المنهج القرآني سواءً لإفادة الطلاب أو لتطوير المعلمين .
ومن القضايا المهمة التي ينبغي أن يتطرق إليها منهج تعليم القرآن : ما يتعلق بالاتهامات والأباطيل التي يطلقها أعداء الإسلام ضد القرآن وأهله ، ومؤسساته التي تحتضنه . وهذا هو ديدن أعداء الإسلام الذين فضحهم القرآن بقوله تعالى : {يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون} الصف 8 .(1/25)
يقول سلمان العمري : "ولذلك فإننا لانستغرب أن يطلق الإعلام الصهيوني والأصولية النصرانية المتشددة في الآونة الأخيرة سهامه ضد جمعيات ومدارس تحفيظ القرآن الكريم بالمملكة ، مستفيداً مما يسمى بالحرب العالمية ضد الإرهاب ، وهذه الحملات تتجاوز جمعيات التحفيظ إلى القرآن الكريم ذاته،وليس أدل على ذلك من أنها تزامنت مع هجوم مماثل حتى على مناهج التعليم الديني في التعليم العام ، بدعوى أنها أيضاً تكرس الغلو والتطرف الديني"(1) .
ولذلك لا بد أن يحتوي منهج تعليم القرآن ما يتعلق بتوضيح مثل هذه الادعاءات ، والرد عليها ، وذلك بأسلوب يتناسب مع نضج التلاميذ، وقدرتهم على الفهم والاستيعاب .
3 – المدارس والجامعات ومنهج تعليم القرآن
تؤثر المؤسسات التعليمية المختلفة في منهج تعليم القرآن المعطى في المساجد والحلقات، حيث تلزم المدارس في بعض البيئات الإسلامية طلابها بحفظ أجزاء من القرآن ، أو تفسير آيات منه. وكذلك من ضمن المواد الإجبارية في بعض الجامعات الإسلامية أن يقوم الطلاب بحفظ وتفسير آيات من القرآن. ومن التطبيقات العملية لتأثر المنهج ما يلي :
أ – تخصيص منهج الحفظ والتلاوة في المسجد ليكون متوافقاً مع المنهج المطلوب من طلاب التعليم العام، ومتوافقاً مع المنهج الجامعي.
ب – إقامة دروس علمية لشرح وتفسير القرآن وعلومه من خلال الحلقات القرآنية في المساجد .
ويمكن للمدارس والجامعات أن تكون روافد لدعم حلقات تحفيظ القرآن ، مما يجعل الأعداد المتكاثرة من الطلاب تلتحق بتلك الحلقات ، وهذا الكم من الطلاب سيساهم في بث الحيوية والنشاط فيها ، وزيادة التنافس المحمود بين طلابها، وتفعيل الأنشطة المختلفة ، والتي تعتبر جزءاً حيوياً من المنهج .
__________
(1) - البيان في الدفاع عن القرآن، ص80(1/26)
ولذلك فإن من واجب المسئولين في المدارس والجامعات زيادة الترابط مع البرامج القرآنية ودعم مناهجها المختلفة، يقول عبدالعزيز فتني : "إن تفعيل دور المدرسة لخدمة الحلقة القرآنية وتجنيدها لخدمة الجمعية من خلال تشجيع الطلاب على الحلقات القرآنية ، ومتابعتهم في الاستمرارية بها من غير انقطاع و لاغياب "(1) .
ومن الوسائل العملية لربط المدارس النظامية التابعة لوزارات التربية والتعليم مع الجمعيات الخيرية لتعليم وتحفيظ القرآن ، ما قامت به جمعية التحفيظ في جدة من " إعداد حقيبة لمعلمي القرآن الكريم في المدارس النظامية تسمى (حقيبة معلم القرآن)، تتوافق مع المراحل الدراسية للطلاب والمنهج المقرر"(2). وهذه الحقيبة من الطرق المبتكرة التي تيسر على الطلاب والمعلمين تعلم وتعليم القرآن ، وتساهم في تنفيذ المنهج القرآني بإتقان أكثر، وحسب المراحل الدراسية للطلاب .
4 - المجتمع ومنهج تعليم القرآن
لكل مجتمع حاجاته التي ينبغي تلبيتها ، ومشكلاته التي ينبغي إزالتها ، أو وضع الحلول المناسبة للتخفيف من أثرها . ولابد للمهتمين أن يكونوا ملمين بوضع المنهج وحاجاته ومشكلاته لمراعاتها عند إعداد المنهج القرآني .
فالحاجة هي حالة من عدم الاتزان، أو التوتر الذي يتطلب إشباعاً ، وذلك منعاً لحدوث مشكلات ومصاعب تؤثر في الاستقرار وتؤخر في النمو . والحاجات متعددة ، وهي تختلف من مجتمع لآخر، ومن مجال لآخر أيضاً .
وفي المجال القرآني، لا بد أن ينظر المنهج إلى حاجة المجتمع من الخبرات القرآنية، وهذه الخبرات تختلف في مؤهلاتها ومستوياتها، ومدى إتقانها، وحفظها لأجزاء القرآن، من مجتمع لآخر .
__________
(1) - استقرار واستقطاب الطلاب ،ص49
(2) - الجمعيات الخيرية وربطها بالمدارس النظامية ، ص111(1/27)
ففي بعض البيئات يندر وجود المؤهلين لتدريس القرآن، فيكون هدف المنهج في هذه الحالة هو تخريج معلمين لديهم قدر محدود من الحفظ، مع توفر القدر الكبير من الإتقان. وفي البيئات التي يكثر فيها خريجو الحلقات القرآنية ، يركز المنهج على تخريج مؤهلين لديهم قدر أكبر من الحفظ والإتقان، وتحصيل عدد من الدورات التأهيلية مثلاً، والحصول على إجازات في التلاوات والقراءات.
والمجتمع بحاجة إلى أن يكثر حفاظ القرآن بين جنباته ، وأن يزداد إقبال الطلاب على القرآن وعلومه حتى يكثر الخير والهدى في مؤسساته، لذلك لابد من زيادة اهتمام التلاميذ، وتوضيح أهداف التعلم ، وتوضيح الفوائد التي يجنيها المتعلم من الالتحاق بتلك المراكز القرآنية ، وإذا كانت الأهداف تلبي رغباتهم و دوافعهم أمكن تعزيز التعليم،وخير الدوافع وأحسنها هو ما ارتبط بحاجات الدارس وسعى تلقائياً نحو تحقيقها . وإن من واجب المنهج أن يذكر الدارسين بالهدف من تعلم القرآن ، والهدف من التلاوة أو الحفظ أو التفسير أو غير ذلك ، لكي تزداد نتائجه وتبرز آثاره . و يمكن للمعلم أن يطلب من كل منهم كتابة الثمار المرجوة من التعلم ومناقشتها سوياً .
والقرآن الكريم ، والسنة النبوية مليئةٌ بالنصوص التي تحث على تعلم القرآن ، وجميع ما يتعلق به من العلوم والمعارف ، وهذه من الأمور التي تحث على تحريك الدوافع النفسية لبلوغ الدرجات العليا في الدنيا والآخرة. كما أن سير السلف الصالح تبين كم رفع الله بهذا الكتاب أقواماً ، وجعلهم من القدوات والأعلام التربوية التي اقتدى بها الكثيرون، ليس من عاصرهم فقط ولكن من أتي بعدهم أيضا .(1/28)
وللمجتمع مشكلات وعوائق تحول دون تحقيق الأهداف التربوية ، ولا بد أن يضع المنهج في محتواه وأنشطته ما يتعلق بالمتغيرات التي تظهر في المجتمع وتؤثر سلباً أو إيجاباً في المتعلمين في ربوع المراكز القرآنية . ومن المهم جداً أن يتعرف واضعوا المناهج على المشكلات والانحرافات التي تظهر في المجتمع أو في جزء منه ، ولا بد من أخذها في الاعتبار حين وضع المنهج وإقراره . وتلك المشكلات والانحرافات يجب أن يسهم المنهج في علاجها أو التقليل من مساوئها ، ومساعدة المجتمع في التخلص منها ، وحماية المتعلمين من الانزلاق فيها ، "وللمنهج حاجاته التي لا بد أن يعرفها التلاميذ ، وأن يحاول المنهج مواجهتها والاهتمام بها ، فذلك مما يساعد في عدم ظهور المشكلات والتغلب على ما هو قائم من هذه المشكلات "(1) . و التعلم يؤدي إلى تعديل السلوك، فليست المعرفة فقط هي المقصودة من التعلم ، وإنما يشمل التعلم حسن التعامل مع المواقف والمشكلات المختلفة ، وأن يتوافق العلم مع العمل . فليس العلم للعلم فقط ، وإنما العلم والقراءة والحفظ من أجل العمل والتطبيق، حتى لا يكون المتعلم من الذين يقولون ما لا يفعلون .
ومن المشكلات التي يمكن معالجتها في مناهج تعليم القرآن : انحراف الشباب ، التدخين ، الغيبة ، النميمة ، وغيرها . وللفتيات أيضاً مشاكلهن الخاصة . ويتم ذلك من خلال الوقوف عند بعض آيات القرآن والتعليق عليها بما يتناسب ومستويات الدارسين.
ومن التجارب القرآنية التي أخذت وضع المجتمع وحاجاته ، مشكلاته ، بعين الاعتبار ما يلي :
1 – المؤسسات القرآنية في السودان ، ولكل منها طريقتها وأسلوبها وطلابها وتشمل :
أ – المؤسسات المعنية بتحفيظ القرآن الكريم ، وتشمل : الخلاوي، الحلقات، المراكز، المدارس القرآنية .
__________
(1) - المنهج المدرسي ،ص205(1/29)
ب - المؤسسات المعنية بتأهيل حفاظ القرآن الكريم ، وتشمل : معاهد وجامعات(1) .
2 – نظام الحجرات التي جاءت كبديل للمؤسسة التعليمية القرآنية المغلقة والمقموعة- الكتاتيب القرآنية، والمدرسة _ طيلة الحقبة الشيوعية في آسيا الوسطى والقوقاز(2) .
3 – تجربة لجنة القرآن الكريم ، وهي لجنة وقفية بوثيقة شرعية صادرة من المحكمة الشرعية السنية في لبنان ، وتعمل في الميادين التالية : دور الإقراء للحفظ والتلاوة، حلقات تحفيظ القرآن الكريم ، الدورات الصيفية لتعليم القرآن الكريم والدورات الشرعية، مسابقة حفظ القرآن الكريم السنوية ، المركز الصيفي الداخلي . وسبب إنشاء هذه اللجنة هو الوضع الاجتماعي في لبنان ، حيث إن هذا البلد " متعدد الطوائف والملل والنحل ، فيه أكثر من سبعة عشر طائفة، وخمسمائة حزب وجمعية متعددة المشارب والاتجاهات ، ثم إن ضعف الوازع الديني والتربية الإيمانية وندرة المعاهد الشرعية، هذا بالإضافة إلى انتشار المدارس التبشيرية ، والتحاق أعداد كبيرة من أبناء المسلمين بها، كل ذلك وغيره أدى إلى ذوبان المسلمين في محيطهم ، والتأثر بالعادات والتقاليد التي تخالف دينهم وشريعتهم ، حتى أصبح تعلم القرآن الكريم وعلومه من الأمور المستغربة التي لا تكاد تجد لها مشجعاً " (3) .
__________
(1) - سبل تطوير المؤسسات القرآنية في السودان، ص196
(2) - سبل تطوير المؤسسات القرآنية (مراكز وحلقات ) في دول آسيا الوسطى وداغستان، ص238
(3) - سبل تطوير الحلقات القرآنية والدورات الصيفية .. نموذج تجربة لجنة القرآن الكريم في لبنان ، ص 246(1/30)
وهناك مؤثرات ومتغيرات أخرى في المجتمع تؤثر في المجتمع ، وبالتالي فإنها تؤثر في بناء المنهج ، ومنها الوضع الاقتصادي ، والوضع السياسي، والمصادر الطبيعية في البيئة ، والتقدم التقني ، والخدمات الصحية ، والمستويات المعيشية ، ووسائل الاتصال ، وطرق الانتقال والسفر وغيرها . وعلى واضعي المناهج في المؤسسات القرآنية دراسة البيئة ، وفهم طبيعتها ، وحاجاتها ، وأنواع المؤسسات والمتغيرات المؤثرة فيها ، وذلك حتى يتم مراعاتها حين وضع المناهج .
أهم نتائج البحث
1 – يتكون المنهج من عدة عناصر هي : المقررات الدراسية ، والكتب والمراجع، والوسائل التعليمية، والأنشطة، وأساليب التقويم، وطرق التدريس، والتجهيزات المدرسية.
2 – العوامل المؤثرة في بناء المنهج القرآني هي : طبيعة المجتمع، والأنظمة واللوائح، وإعداد المعلمين، ونوعيات التلاميذ.
3 – العوامل الاجتماعية متعددة ، منها ما يتعلق بالبيئة، ومنها ما يتعلق بالثقافة، ومنها ما يتعلق بالمؤسسات التربوية.
4 – يتأثر منهج تعليم القرآن بعوامل منها :العقيدة ، و اللغة ، والمسجد ، والإعلام ، والعادات .
أهم التوصيات
1 – تبصير المعلمين والمشرفين في المؤسسات القرآنية بالعوامل الاجتماعية المؤثرة في منهج تعليم القرآن الكريم.
2 – زيادة البحث في العوامل المختلفة المؤثرة في منهج تعليم القرآن الكريم .
3 – حصر التجارب والبرامج القرآنية من مختلف أنحاء العالم للاستفادة منها في المؤسسات القرآنية حين الحاجة إليها.
الخاتمة
وضح البحث المفهوم الواسع للمنهج ، واتصاله بجميع مناشط العملية التربوية وأماكنها وأطرافها . ثم ركز البحث على أهمية مراعاة العوامل الاجتماعية عند إعداد منهج تعليم القرآن . وركز هذا البحث على العوامل الاجتماعية وارتباطها بتعليم القرآن ، وقُسمت إلى قسمين :
أولاً – خصوصيات ثقافية ، وتشمل ما يلي :
1 - عقيدة المجتمع ومنهج تعليم القرآن .
2 - اللغة ومنهج تعليم القرآن .(1/31)
3 - المراحل العمرية لأفراد المجتمع و منهج تعليم القرآن .
4 - العادات والتقاليد والأعراف ومنهج تعليم القرآن .
ثانياً – المؤسسات الاجتماعية ، وتشمل ما يلي :
1 - المسجد ومنهج تعليم القرآن .
2 - وسائل الإعلام ومنهج تعليم القرآن .
3 – المدارس والجامعات ومنهج تعليم القرآن .
4 - المجتمع ومنهج تعليم القرآن .
ومن خلال استعراض هذه العوامل أبرز البحث العديد من التجارب والبرامج القرآنية التي راعت هذه العوامل ، وتنوعت أماكن تنفيذها سواءً كانت في داخل المملكة العربية السعودية أو خارجها .
المراجع
- الاتجاهات الحديثة في تخطيط المناهج الدراسية في ضوء التوجيهات الإسلامية . محمود شوق . القاهرة : دار الفكر العربي ، 1421 .
- استقرار واستقطاب الطلاب . عبدالعزيز فتني. ضمن سجل أوراق العمل ، الملتقى الثاني للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم (أساليب وتقنيات تحقيق الريادة) ، 25-27 رجب 1426هـ. المنظمون : الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة جدة .
- أسس بناء المناهج التربوية وتصميم الكتاب التعليمي. محمد محمود الخوالدة. عمان : دار المسيرة . ط1425 .
- بدع القراء القديمة والمعاصرة . بكر بن عبد الله أبو زيد . الطائف : دار الطرفين ، 1410 .
- البيان في الدفاع عن القرآن .. رؤية استطلاعية تحليلية لحملات الهجوم على حلقات ومدارس تحفيظ القرآن الكريم بالمملكة العربية السعودية . سلمان محمد العمري . تقديم: محمد سالم العوفي ، الأمين العام لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة. الرياض . ط1426 .
- تعليم القرآن الكريم للمرأة في قيرغيزستان . جنارجل محمد قتاضي مقصوتوف(أم نورالدين) . الملتقى العلمي الثاني للهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم تحت شعار ( نحو تعليم قرآني متكامل) جدة 7-9 رمضان 1426 . مكة: رابطة العالم الإسلامي .(1/32)
- التقرير السنوي لعام 1426 لمشروع حلقات تلاوة القرآن الكريم لحجاج بيت الله الحرام . إشراف المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بمكة المكرمة ، السنة الرابعة 1426هـ .
- تنظيمات المناهج وتخطيطها وتطويرها.جودت سعادة وعبدالله إبراهيم عمان:دار الشرق ،2001 .
- الجمعيات الخيرية وربطها بالمدارس النظامية . محمد عيسى فلاتة . ضمن سجل أوراق العمل ، الملتقى الثاني للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم (أساليب وتقنيات تحقيق الريادة) 25-27 رجب 1426هـ . المنظمون : الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة جدة .
- الحلقات القرآنية .. دراسة منهجية شاملة . عبدالمعطي محمد طليمات . جدة : دار نور المكتبات ، 1421 .
- سبل تطوير الحلقات القرآنية والدورات الصيفية ... نموذج تجربة لجنة القرآن الكريم في لبنان. مصطفى خضر علوش (المشرف الإداري للجنة القرآن الكريم في لبنان) . الملتقى العلمي الثاني للهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم تحت شعار (نحو تعليم قرآني متكامل) جدة 7-9 رمضان 1426 . مكة: رابطة العالم الإسلامي.
- سبل تطوير المؤسسات القرآنية في السودان . مأمون الزاكي (مدير معهد الإمام الشاطبي لتأهيل الحفاظ بالسودان) . الملتقى العلمي الثاني للهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم تحت شعار ( نحو تعليم قرآني متكامل) جدة 7-9 رمضان 1426 . مكة: رابطة العالم الإسلامي.
- صناعة المشرف والمعلم . محمد غيلان . ضمن سجل أوراق العمل ، الملتقى الثاني للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم (أساليب وتقنيات تحقيق الريادة) ، 25-27 رجب 1426هـ. المنظمون : الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة جدة .(1/33)
- صناعة المعلمة . اللجنة التعليمية بالقسم النسائي في جمعية تحفيظ القرآن الكريم بجدة . ضمن سجل أوراق العمل ، الملتقى الثاني للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم (أساليب وتقنيات تحقيق الريادة) ، 25-27 رجب 1426هـ. المنظمون : الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة جدة .
- العمل القرآني النسائي في الأردن . أميمة فرح.الملتقى العلمي الثاني للهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم تحت شعار ( نحو تعليم قرآني متكامل) جدة 7-9 رمضان 1426 . مكة: رابطة العالم الإسلامي.
- علم اجتماع التربية . عبدالله الرشدان . الأردن : دار الشروق . ط1999 .
- علم الاجتماع التربوي بين التأليف والتدريس . فايز مراد دندش . الاسكندرية : دار الوفاء . ط2003.
- فضل الحديث النبوي الشريف وجهود الأمة في حفظه ومشروع إحياء استحفاظه وأهمية ذلك بالنسة لحفاظ القرآن الكريم . نور الدين عتر (رئيس قسم علوم القرآن والسنة بجامعة دمشق) . الملتقى العلمي الثاني للهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم تحت شعار ( نحو تعليم قرآني متكامل) جدة 7-9 رمضان 1426 . مكة: رابطة العالم الإسلامي.
- قواعد التدبر الأمثل لكتاب الله عز وجل ..تأملات . عبدالرحمن حسن حبنكة الميداني . دمشق : دار القلم ،1400 .
- كيف تحفظ القرآن الكريم .. قواعد أساسية وطرق عملية . د. يحي عبدالرزاق الغوثاني . جدة : دار نور المكتبات، 1418، الطبعة الثانية .
- المناهج التربوية الحديثة .. مفاهيمها وعناصرها وأسسها وعملياتها . توفيق مرعي ومحمد الحيلة . عمان : دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة . ط1423.
- المناهج المعاصرة، الدمرداش سرحان . الكويت : مكتبة الفلاح . الطبعة الثالثة ،1401.
- المنهاج الدراسي .. أسسه وصلته بالنظرية التربوية الإسلامية . عبدالرحمن صالح عبدالله . الرياض : مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية . ط 1405 .(1/34)
- المنهج المدرسي ، أسسه ،وتطبيقاته التربوية . محمد مجاور و فتحي الديب . الكويت: دار القلم ، الطبعة التاسعة ،1414 .(1/35)
أهم نتائج البحث
1 – يتكون المنهج من عدة عناصر هي : المقررات الدراسية ، والكتب والمراجع، والوسائل التعليمية، والأنشطة، وأساليب التقويم، وطرق التدريس، والتجهيزات المدرسية.
2 – العوامل المؤثرة في بناء المنهج القرآني هي : طبيعة المجتمع، والأنظمة واللوائح، وإعداد المعلمين، ونوعيات التلاميذ.
3 – العوامل الاجتماعية متعددة ، منها ما يتعلق بالبيئة، ومنها ما يتعلق بالثقافة، ومنها ما يتعلق بالمؤسسات التربوية.
4 – يتأثر منهج تعليم القرآن بعوامل منها :العقيدة ، و اللغة ، والمسجد ، والإعلام ، والعادات .
أهم التوصيات
1 – تبصير المعلمين والمشرفين في المؤسسات القرآنية بالعوامل الاجتماعية المؤثرة في منهج تعليم القرآن الكريم.
2 – زيادة البحث في العوامل المختلفة المؤثرة في منهج تعليم القرآن الكريم .
3 – حصر التجارب والبرامج القرآنية من مختلف أنحاء العالم للاستفادة منها في المؤسسات القرآنية حين الحاجة إليها.
الخاتمة
وضح البحث المفهوم الواسع للمنهج ، واتصاله بجميع مناشط العملية التربوية وأماكنها وأطرافها . ثم ركز البحث على أهمية مراعاة العوامل الاجتماعية عند إعداد منهج تعليم القرآن . وركز هذا البحث على العوامل الاجتماعية وارتباطها بتعليم القرآن ، وقُسمت إلى قسمين :
أولاً – خصوصيات ثقافية ، وتشمل ما يلي :
1 - عقيدة المجتمع ومنهج تعليم القرآن .
2 - اللغة ومنهج تعليم القرآن .
3 - المراحل العمرية لأفراد المجتمع و منهج تعليم القرآن .
4 - العادات والتقاليد والأعراف ومنهج تعليم القرآن .
ثانياً – المؤسسات الاجتماعية ، وتشمل ما يلي :
1 - المسجد ومنهج تعليم القرآن .
2 - وسائل الإعلام ومنهج تعليم القرآن .
3 – المدارس والجامعات ومنهج تعليم القرآن .
4 - المجتمع ومنهج تعليم القرآن .(2/1)
ومن خلال استعراض هذه العوامل أبرز البحث العديد من التجارب والبرامج القرآنية التي راعت هذه العوامل ، وتنوعت أماكن تنفيذها سواءً كانت في داخل المملكة العربية السعودية أو خارجها .(2/2)