الدورة التاسعة عشرة
إمارة الشارقة
دولة الإمارات العربية المتحدة
السياسة الشرعية في الاحتياطات التأديبية
للحد من
العنف في نطاق الأسرة
إعداد
الأستاذ الدكتور حسن بن محمد سفر
أستاذ نُظم الحكم والقضاء والمرافعات الشرعية بجامعة الملك عبد العزيز
المحكّم القضائي الدولي المعتمد بوزارة العدل
الخبير بمجمع الفقه الإسلامي الدولي
منظمة المؤتمر الإسلامي
1430هـ/2009م
بسم الله الرحمن الرحيم
السياسة الشرعية في الاحتياطات التأديبية
للحد من
العنف في نطاق الأسرة
مقدمة
... الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد
فقد أحسن مجمع الفقه الإسلامي الدولي صنعاً حينما اختار موضوع ( العنف في نطاق الأُسرة ) كون هذه القضية من أهم القضايا والنوازل المعاصرة والتي تستوجب من الباحثين والدارسين لها العناية والاهتمام الكبير . فقد أضحت تقض مضاجع النظام الأُسري الإسلامي ، والبُنيان الاجتماعي للمجتمع المدني .
ومن هذا المنطلق فإن طرح هذه القضية في دورة المجمع ينبع من حرص أمانة المجمع على تناول القضايا والنوازل المعاصرة باعتبارها تمس حياة الناس في المجتمع الإسلامي الذي أراده الشارع مجتمعاً قوياً متماسكاً ، بناء يتراحم فيما بينه ، وتخيم على نظامه الأُسري روح السكينة والوئام والسكن النفسي . ونظراً لأهمية الموضوع فإني سوف أتناوله بمشيئة الله تعالى وفق المنهجية والنقاط المتعلقة بالموضوع .
سائلاً الله عز وجل العون والسداد والتوفيق .
وكتبه
أ.د. حسن بن محمد سفر
المبحث الأول
أهمية الأُسرة في النظام الإسلامي والعلاقات بين أفرادها(1/1)
جاءت الشريعة الإسلامية بنظام شامل يحمل في طياته المعاني الإنسانية والتراحم والعطف فاهتم بالأُسرة اهتماماً بالغاُ كونها الوحدة الأولى للمجتمع وأول مؤسساته التي تكوّن العلاقات فيها في الغالب مباشرة ، ويتم داخلها تنشئة الفرد اجتماعياً ، ويكتسب منها الكثير من معارفه ومهاراته وميوله وعواطفه واتجاهاته في الحياة ، ويجد فيها أمنه وسكنه (1) .
وشرع الإسلام لهذه الأُسرة تشريعات وأنظمة خاصة بتكونها وأمنها وسلامتها حتى في حالات الخلل الوظيفي واضطرابات الحياة الزوجية وفقدان الزوجان مكامن المودة والسُكنى بينهما (2) . ومن هنا جاءت القوانين والتشريعات تحدد حقوق وواجبات كل من الزوجين لتكون الفرقة والانفصال أداة للتكامل وليس الصراع بين الطرفين ، وذلك مراعاة لثمرة الزواج وهم الأبناء والبنات (3) .
لقد نظر الإسلام للأُسرة على أنها النواة التي يبني منها المجتمع ، فنظم أحوالها تنظيماً دقيقاً لم يشهد له مثيلاً لدى أي أمة من الأمم ولا أي نظام لا في القديم ولا في الحديث . وقد أبانت مصادر التشريع الإسلامي النظم التي ينبغي أن تسير بموجبها الأسرة في الإسلام ، حيث أوضحت الحقوق بين الزوجين وحقوق الأولاد وواجباتهم جميعاً تجاه بعضهم بعضاً وتجاه الحق تبارك وتعالى وتجاه المجتمع ، فجاءت بترتيبات دقيقة لحياة سعيدة لم تشهد لها البشرية مثالاً من قبل (4) .
__________
(1) ) ... الإسلام وتنظيم الأُسرة : ص36 ، راجع أعمال المؤتمر الإسلامي ، الرباط ، 1971م .
(2) ) ... انظر نظام الأُسرة في الإسلام . حسن بن محمد سفر : ص14 .
(3) ) ... راجع الأُسرة والتغيرات المعاصرة . نورة السعد : ص275 ، السجل العلمي للملتقى العلمي الأسرة والتغيرات المعاصرة ، جامعة الإمام .محمد بن سعود الإسلامية ، 1429هـ/2008م .
(4) ) ... راجع كتابنا الحقوق بين الزوجين في ظل نظام الأسرة في الإسلام : ص29 .(1/2)
ولما كان الإسلام حريصاً على استمرار تكامل الحياة الأُسرية وتعاونها أناط المسؤولية في رعاية شؤونها والإنفاق والتربية والعمل وكل ما يتعلق بالسعي نحو سعادتها وجلب الرزق لها بالرجل ، والذي هيأه الله بطبيعته لمثل هذه الأعمال والقدرة عليها ، وهيأ المرأة بطبيعة خلقها لمسؤوليات أخرى جسام غير ما أوكل للرجل (1) . وبعد أن أرسى نظام الإسلام القواعد المتعلقة بالأسرة ركز على أُسس يقوم عليها نظامها ليتبين منها الأهمية في ذلك فمن تلك الأسس :
أولا : ... وحدة الأصل والنشأة ، أشار إليها القرآن الكريم في قوله تعالى : { وَهُوَ الَّذِيَ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ } (2) ، وقال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَة ٍ } (3) ، ليتضح بهذا البيان القرآني الرائع الأصل والنشأة في التكوين .
ثانياً : ... المودة والرحمة . وقد أشار إليها المصدر الأول للتشريع في قوله تعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً } (4) ، وقوله سبحانه : { هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا } (5) .
ثالثاً : ... ووضع الأساس الثالث على العدل والمساواة وعدم الإيذاء فقال تعالى : { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ً } (6) .
وجاء الإسلام بصور متعددة لبيان أهمية الأُسرة والتكافل الاجتماعي فيها كنظام النفقة والميراث وحُسن التعامل في السلوك والآداب .
__________
(1) ) ... انظر : الأسرة في المجتمع الإسلامي . محمد اشتاتو : ص16 ، دين ، العدد 4819 ، 7/2/1992 .
(2) ) ... الأنعام : 98 .
(3) ) ... النساء : 1 .
(4) ) ... الروم : 21 .
(5) ) ... الروم : 189 .
(6) ) ... البقرة : 228 .(1/3)
وإنه من خلال نظرة الشريعة الإسلامية إلى المفهوم العام للأسرة والاهتمام بها يمكن القول بأن نظام الأسرة في الإسلام هو : « تلك الأحكام والمبادئ والقواعد التي تتناول الأسرة بالتنظيم بدءاً من تكوينها ومروراً بقيامها واستقرارها ، وانتهاءاً بتفرقها وما يترتب على كل ذلك من آثار ، قصداً إلى إرسائها أُسس متينة تكفل ديمومتها (1) ، وإعطاءها الثمرات الخيرة المرجوة منها » وطرد جميع ما يحوّل سكنها إلى الإيذاء والعنف .
المبحث الثاني
الطبيعة العلاقية بين أفراد الأسرة في الإسلام
عندما أرسى الإسلام قواعد لتنظيم الأسرة وأشار إلى ضرورة الالتزام بالآداب القرآنية والسُنن النبوية بيّن بعض الاعتبارات الدالة على ما تحظى به الأسرة من اهتمام وعلاقة بين أفرادها ، فمن ذلك :
أولاُ : ... وضع الأحكام والضوابط والآداب التي تحكم العلاقات الأُسرية بصورة مفصلة تكفل نجاحها وأداء وظيفتها وتحقيق مقاصد تكوين الأسرة .
ثانياً : ... بيان أهمية هذه الروابط والعلاقات . تجلى ذلك في حثّ الزوجين على الألفة والوفاق وحسُن المعاشرة وعدم الإيذاء والتبكيت ووثق هذه الأهمية والضرورة فسمي العقد بينهم ( ميثاقاً غليظاً ) (2) .
ثالثاً : ... خص عقد الزواج وتكوين الأسرة والرابطة بين أفرادها ببعض الأحكام والواجبات والحقوق مفردها ببعض الأحكام دون سائر العقود للدلالة على الأهمية ودوام الاستمرارية والاستقرارية .
__________
(1) ) ... انظر : نظام الأسرة في الإسلام . عقلة : ج1 ، ص16 ، الرسالة ، عمان ، 1983م .
(2) ) ... انظر : عقد الزواج وآثاره . الشيخ محمد أبو زهرة : ص55 .(1/4)
رابعاً : ... تناول التشريع القرآني في بعض آياته المتعلقة بأنظمة الأسرة طبيعة العلاقة بين أفرادها في صور وصيغ وأساليب تظهر فيها جلية التلازم بين الشعور الإيماني والحس العقيدي من جهة ، وبين سائر أحكام الأسرة وقضاياها حيث تم الربط بعبادة الله ، وربطها بالبر والإحسان وأرسى لهذا النظام الحقوق والواجبات ووجوب احترامها وحسُن التعامل معها فقال - صلى الله عليه وسلم - : « إن من أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلقاً وألطفهم بالله » (1) . فالإيمان بالله وتقواه هما صمام الأمان في التعامل بين الزوجين والأبناء والآباء والأمهات والمجتمع ، لأن فيها ضوابط للعلاقات وإقامتها على أساس من المودة ، والألفة ، والرحمة ، وحُسن المعاشرة .
خامساً : تتجسد أبهى صور العلاقة بين أفراد الأسرة في أن عقد الزواج يقع على أكرم مخلوق ألا وهو الإنسان ، ومن هنا يتضح منهج الإسلام في نظام الأسرة بانفراده بأحكام لا توجد في غيره من الشرائع والقوانين (2) .
__________
(1) ) ... الترغيب والترهيب عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها : ج5 ، ص118 .
(2) ) ... لم تعرف القوانين الأجنبية معنى الحق كما عرفته الشريعة . فقد ربطت الشريعة الحق بالحقيقة من أول الأمر حيث أصبح كل صاحب حق يعرف أن حقه مرتبط بما أنزل الله من حق . ويستفاد من هذا أنه لا يجوز أن يعتدي على حق غيره أو يقصر فيما عليه من واجب هو لغيره ، لأنه بذلك يتعدى حدود الله التي هي حقائق أنزلها الحق في كتابه ، امتثالاً لقوله تعالى : { وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ } { الكهف : 105 } . راجع حقوق أعضاء الأسرة في القوانين الأجنبية : القانون الروماني ، القانون الفرنسي ، القانون الانجليزي في كتاب الأسرة والحقوق والواجبات . دراسة مقارنة في الشريعة والقوانين . أحمد حمد : ص318 ، دار الكتب الجامعية ، بيروت ، الطبعة الثانية 1406هـ/1986م .(1/5)
سادساً : النهي في التشريعات الإسلامية عن صور الأذى للمرأة والأبناء والتي كانت تنتشر في المجتمعات الجاهلية .
سابعاً : أبان المنهج الإسلامي في خلافات الأسرة أن يقوم الحل للمشاكل قائماً على الصراحة وعدم التعمد إلى التكتم والمداراة مع عدم صفاء النفوس وعندها لا تلبث الخلافات أن تتفاقم وتطفوا على السطح بصورة ربما استحكمت وتعذر معها العلاج . فالمقتضي الشرعي يستوجب طرق وسائل المعالجة بالحكمة والموعظة الحسنة والهجر ثم أبان الفقهاء بالتأديب (1) .
المبحث الثالث
التأديب في نطاق الأسرة في النظام الإسلامي
شرع الإسلام في نصوصه وتوجيهاته التأديب لتنظيم أوضاع المجتمعات ، فإذا انحرف السلوك في المجتمع المكوّن من الأفراد والجماعات أباح هذا الحق ، لأن نظام الحياة وطبيعة العيش وسُنة الوجود تقتضي أن يكون هناك تفاوت في الدرجة بين بعض خلقه وبعضهم الآخر ، لينتظم أمرهم ، ويستقيم سلوكهم ، وتطيب حياتهم . ولما كان الرجل أعلى درجة وأقدر على اقتحام الصعاب في مجالات لا تستطيع المرأة القيام بها والمشاركة فيها لذلك فإن المسؤولية التأديبية في المجتمع تناط به . وقد ثبتت مشروعيتها حسب ما سنبينه بعد تعريفنا للتأديب .
فالتأديب : مصدر أدب بضم الدال كحُسَن ومنه سمي حًسَن الخلق أدباً . وفي اصطلاحات الفقهاء لا يخرج استعمالها عندهم عن هذا المعنى الذي يعني رياضة النفس وتعليمها ، ومعاقبتها على الإساءة (2) .
وقد عرّفه الفقهاء كالإمام ابن قدامة { 542هـ } رحمه الله بقوله : "التأديب هو الضرب والوعد والتعنيف " (3) . إلا أنه يلاحظ عليه اقتصاره على المعاقبة وتصحيح الانحراف .
وعرفه الفقيه ابن المبرد { 840هـ } رحمه الله بقوله : عبارة عن " الردع بالضرب والزجر " (4) .
__________
(1) ) ... راجع التشريع الجنائي في الإسلام : 1/423 .
(2) ) ... لسان العرب ، مادة أدب : 1/43 .
(3) ) ... المغني : 2/350 .
(4) ) ... الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي : 2/234 .(1/6)
وعرفه البعض بأنه مرادف للتعزير حيث نرى أن كثيراً من الفقهاء يطلقون مصطلحه في أبواب الجنايات والعقوبات (1) ، ويريدون به التعزير على المعصية التي لا حد فيها ولا كفارة أو ما يستتبعه من جزاء آخر ، مراعاة في زجر الشخص عن مفاسد واستصلاح تصرفاته (2) . ومثال ذلك الاتجاه ما أشار إليه الإمام الماوردي{ 364هـ } رحمه الله حيث قال : " التعزير تأديب على ذنوب لم تشرع فيها الحدود " (3) . ونحى منحا الشيخ الماوردي العلامة الفقيه المالكي ابن فرحون { 799هـ } رحمه الله حيث قال : " التعزير استصلاح وزجر على ذنوب لم يشرع فيها حدود ولا كفارات " (4) . فالتأديب يعتبر من وجهة نظري أوسع دائرة من التعزير باعتبار تعلقه بتأديب المكلف وغيره وعلى المعاصي والانحرافات وغيرها ، إضافة إلى كونه رياضة محمودة يتخرج بها الإنسان في فضيلة من الفضائل (5) . فهو تعليم ومعاقبة خفيفة ينزلها الولي غير القاضي بمن له الولاية عليه بقصد إصلاحه . ويختلف ذلك باختلاف الانحراف وملابساته والمؤدب وحالته (6) . قال الإمام النووي {631 هـ } رحمه الله : " ويسمى ضرب الزوج زوجته ، والمعلم الصبي ، والأب ولده تأديباً لا تعزيراً " (7) . وقال الإمام الخطيب الشربيني { 561هـ } رحمه الله : " ومنهم من يخص لفظ التعزير بالإمام أو نائبه ، وضرب الباقي بتسميته تأديباً لا تعزيراً " (8) .
__________
(1) ) ... انظر تبصرة الحكام بهامش فتح العلي المالك : 2/293 .
(2) ) ... انظر ولاية التأديب الخاصة في الفقه الإسلامي . إبراهيم التنم : ص53 ، رسائل جامعية .
(3) ) ... الأحكام السلطانية : ص386 .
(4) ) ... التبصرة : 2/293 .
(5) ) ... كشاف اصطلاحات الفنون ، مادة أدب : 1/53 .
(6) ) ... موسوعة فقه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : ص177 ؛ موسوعة فقه إبراهيم النخعي رحمه الله : 1/334 للشيخ محمد رواس قلعه جي .
(7) ) ... روضة الطالبين : 10/175 .
(8) ) ... مغني المحتاج : 4/199 .(1/7)
ومما تقدم يتضح أن هناك ترابطاً قوياً وانسجاماً متلاحماً بين مقاصد التأديب والإصلاح فكلاهما يهدفان إلى حفظ الفرد وصلاحه واكتسابه المحامد والشمائل والخلال العالية الرفيعة .
وقد ثبتت مشروعية التأديب وشروطه وضوابطه ، وهو ما سأتناوله في المبحث الرابع .
المبحث الرابع
مشروعية التأديب في مصادر التشريع
شرع النظام الإسلامي التأديب كوسيلة من وسائل التقويم والإصلاح وجعل أمر مسؤوليتها في عنق الولي أو الأولياء . وقد ثبتت مشروعية هذا الحق بأدلة كثيرة نذكر بعضاً منها :
أولاً : الأدلة من الكتاب العزيز
قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ٍ } (1) . أبان الفقهاء أن وجه الاستدلال بالآية هو الأمر بوقاية النفس عن النار بترك المعاصي وفعل الطاعات (2) ، ووقاية الأهل بأن يؤمروا بالطاعة وينهوا عن المعصية ويصلح الرجل أهله إصلاح الراعي للرعية . ويدخل في هذا الأمر الزوج ، لأن زوجته من أهله ووقايتهم تكون بالنصيحة والإرشاد وإلا فبوسائل التأديب الأخرى المشروعة كالهجر والتوبيخ مثلاً (3) . وروي عن سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في تأويل الآية « علموهم وأدبوهم » (4) ، وقال أيضاً : « قوا أنفسكم بأفعالكم وقوا أهليكم بوصيتكم » (5) ، وذكر الإمام شيخ الشافعية الكيا الهراسي { 451هـ } رحمه الله في تعلقه على الآية : " وهذا يدل على أن علينا تعليم أولادنا وأهلينا الدين والخير وما لا يستغنى عنه من الأدب ، وهو ما يستدل به من الآية الكريمة وغيرها" (6) .
__________
(1) ) ... التحريم : 6 .
(2) ) ... روح المعاني : 10/156.
(3) ) ... الجامع لأحكام القرآن : 18/127 .
(4) ) ... رواه الحاكم في المستدرك . كتاب التفسير ، في تفسير سورة التحريم : 2/536 ، وقال هذا الحديث صحيح .
(5) ) ... الجامع لأحكام القرآن : 18/127 .
(6) ) ... أحكام القرآن للهراسي : 4/426 .(1/8)
ثانياً : الأدلة من السُنة النبوية الشريفة
(1) جاء في الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، الإمام راع ومسؤول عن رعيته ، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته ، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها ، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته إلا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته » (1) .
... ... وقد أبان الفقهاء أن وجه الاستدلال من هذا الحديث النبوي الشريف بيانه وتوضيحه - صلى الله عليه وسلم - للمسؤولية العامة والخاصة الملقاة على عاتق كل راع ، وذلك بأمره بالقيام بمقتضيات ومستلزمات رعايته من تهذيب وإصلاح مَن تحت يده والعمل على تأديبهم وتقويمهم ، ومعاقبتهم عند الإساءة .
(2) وعن ابن عمر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « لا يسترعي الله تبارك وتعالى عبداً رعية قلّت أو كثرت إلا سأله الله تبارك وتعالى عنها يوم القيامة أقام فيهم أمر الله تبارك وتعالى أو أضاعه ، حتى يسأله عن أهل بيته خاصة » (2) . فدل هذا الحديث على عظم وخطورة المسؤولية التي يتحملها العبد في هذه الدنيا ، وأنه مسؤول عنها يوم القيامة ، أحفظ أم ضيع ؟ وذلك يقتضي حُسن قيام العبد بمتطلبات الولاية وموجباتها على أحسن الوجوه من بذل النصيحة ، والعمل على الإصلاح والتقويم ، والتهذيب ، والرعاية ، والتأديب (3) .
... ... ... وهذه الأحاديث تدل على مشروعية التأديب بسبب المسؤولية والرعاية والولاية .
ثالثاُ : الإجماع على مشروعيته
__________
(1) ) ... رواه البخاري في صحيحه . كتاب النكاح ، وكتاب الأحكام ؛ ورواه مسلم في صحيحه . كتاب الإمارة ، باب فضيلة الإمام العادل .
(2) ) ... رواه الإمام أحمد في مسنده : 2/15 .
(3) ) ... انظر نيل الأوطار : 6/212 .(1/9)
... ... اتفق العلماء رحمهم الله وانعقد إجماعهم على مشروعية التأديب في كل معصية (1) لا حد فيها ولا كفارة . ولما كان التأديب نوعاً من أنواع التهذيب ووسيلة من وسائل الإصلاح والتقويم أجمعوا على مشروعيته (2) .
رابعاً : مشروعية التأديب من المعقول
... ... جرى عرفاً أن التأديب وسيلة تقويمية لانحراف السلوك وتهذيبه وتحسينه ، ليتوارث النشئ الفضائل والقيم والعادات الفاضلة ، رغبة في حمل ما يجمله وترك ما يشينه ، ولتعلوا همته ويصلح حاله ثبت بالمعقول مشروعيته (3) .
المبحث الخامس
شروط لتأديب
ضماناً لحُسن استعمال الحق وعدم التعسف فيه اعتبرت الشريعة الإسلامية فيمن يقوم بالتأديب شروطاً يجب توافرها من أجل سلامة وضمان وتحقيق مقاصد التأديب ، ويمكن أن نقسمها إلى قسمين :
أولاً : ... الشروط المتفق عليها وهي
(1) الإسلام : وهو شرط أساسي وضروري ذهب عامة أهل العلم إلى وجوب توفره في جميع الولايات ، ومنها ولاية التأديب فلا ولاية لكافر على نفس مسلم مهما كانت درجة قرابته منه وهو قول عامة أهل العلم ، قال ابن المنذر { 241هـ } رحمه الله : أجمع عامة من نحفظ عنهم من أهل العلم على هذا (4) .
قال الإمام ابن القيم رحمه الله : " إن أولاد الكفار ... تجري عليهم أحكام الكفر في أمور الدنيا مثل ثبوت الولاية عليهم لآبائهم وحضانة آبائهم لهم وتمكين آبائهم من تعليمهم وتأديبهم ... " (5) . ...
__________
(1) ) ... أحكام القرآن لابن العربي المالكي : 2/597 .
(2) ) ... فتح القدير : 5/345 .
(3) ) ... انظر السياسة الجنائية في التشريع الإسلامي . مصطفى حسنين : ص38 ، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، الرياض ، 1405هـ .
(4) ) ... انظر الولاية للإمام الونشريسي : ص115 ؛ المغني : 9/367 .
(5) ) ... أحكام أهل الذمة : 2/589 .(1/10)
ومن هذا يتبين شرط الإسلام يعتبر شرط صحة في تولي ولاية التأديب ، وبفقده يسلب المؤدب حق ممارسة التأديب على موليه (1) .
(2) البلوغ : ذهبت جماهير أهل العلم إلى اشتراط البلوغ في الولي الخاص والعام ، إذ هو أمارة تكامل القوى العقلية ، لأن غير البالغ لا يلي أمر نفسه لقصوره وعجزه ، ولذا اعتبرت الولاية نظراً له (2) .
... ولما كانت الولاية معتبرة بشرط النظر لم يصح إسنادها لمن لا يعرف المصلحة ولا يقدرها لنقصان عقله ، وإذا كان الصغير ممنوعاً من التصرف في شؤونه وأمواله ، مستحقاً لأن يولى عليه لم تصح توليته على غيره (3) .
فالبلوغ يعتبر شرط صحة في كل ما يشترط له تمام الأهلية ، ومن ذلك الولاية على النفس التي يدخل في ضمنها ويتفرع عنها ولاية التأديب (4) .
(3) العقل : قال عبد العزيز البخاري أنه هو معنى " يمكن به الاستدلال من الشاهد على الغائب والاطلاع على عواقب الأمور والتمييز بين الخير والشر " (5) . . وقد أجمع أهل العلم على اشتراطه في الولي وعدم صحة تولية المجنون لفساد تدبيره وعدم تمييزه لما فيه المصلحة ، أو أنه ليس أهلاً لأي عقد أو تصرف ، فلأن لا يلي أمر غيره من باب أولى (6) .
__________
(1) ) ... انظر كتابنا " نظام القضاء وطرق الإثبات والمرافعات الشرعية : ص35 ، ط5 ، 1429هـ .
(2) ) ... الحاوي للماوردي : 9/118 ؛ المغني : 9/568 .
(3) ) ... ولاية التأديب : ص227 .
(4) ) ... بدائع الصنائع : 2/239 ؛ عقد الجواهر الثمينة : 2/23 ؛ كشاف القناع : 3/446 .
(5) ) ... شرح كشف الأسرار : 4/437 .
(6) ) ... بدائع الصنائع : 2/239 ؛ روضة الطالبين : 6/311 ؛ المغني : 9/366 ؛ الفروع : 5/176 .(1/11)
(4) القدرة : من المعلوم بالضرورة أن جواز التكليف مبني على القدرة التي يوجد بها الفعل المأمور به . فالعجز ينفي الوجوب ، وهذا شرط في أداء كل أمر ومنه ولاية التأديب (1) . ، لأنها شرعت لمصلحة المؤدب عن طريق قيام من له حق هذه الولاية (2) .
ثانياً : الشروط المختلف فيها
... ... اختلف الفقهاء رحمهم الله في ثلاثة شروط مما يجب توافره في الولي المؤدب ، وهي:
(أ ) شرط الرشد (3) .
(ب ) شرط الحرية (4) .
(ت ) شرط العدالة (5) .
... ... ونرى أن ولاية التأديب يشترط فيها هذه الشروط لما في التأديب من مقاصد وأمن من الحيف وإساءة السلوك والتشفي ، وعدم توافرها فيه ريبة وعدم أمن واطمئنان وسلامة سلوك ومعاملة وتقصير (6) .
المبحث السادس
ضوابط التأديب
__________
(1) ) ... البحر المحيط : 1/385 .
(2) ) ... الحاوي : 9/118 .
(3) ) ... حاشية ابن عابدين : 5/95 ؛ بداية المجتهد : 2/305 ؛ الإنصاف : 5/322 .
(4) ) ... بدائع الصنائع : 2/239 ؛ روضة الطالبين : 6/311 ؛ مغني المحتاج : 3/454 ؛ الفتاوى الهندية : 1/542 ؛ كشاف القناع : 5/498 .
(5) ) ... غياث الأمم في التيات الظلم " الغياثي " لإمام الحرمين أبي المعالي الجويني : ص88 ؛ الأحكام السلطانية لأبي يعلى الحنبلي : ص 20 ، 61 .
(6) ) ... قواعد الأحكام في مصالح الأنام . العز بن عبد السلام : 2/252 .(1/12)
... ... من الُمجمع عليه في الشرائع والقوانين أن التأديب من الوسائل الهامة في إنجاح عملية المعالجة لكثير من النوازل والقضايا ، وتأتي صور التأديب ممثلة في القواعد السياسية الشرعية في محيط الأسرة وفق الطرق الآتية ، وما تشمله من مراعاة لقواعد وضوابط التأديب (1) ، مثل :
(1) التأديب بالوعظ .
(2) التأديب بالتوبيخ .
(3) التأديب بالهجر .
(4) التأديب بالحرمان .
(5) التأديب بالطرد .
(6) التأديب الحبس .
(7) التأديب بالضرب .
__________
(1) ) ... راجع الاستدلالات لمراتب التأديب في الشريعة الإسلامية من : بدائع الصنائع : 7/64 ؛ تبيين الحقائق : 3/208 ؛ التعزير في الشريعة الإسلامية : ص437 ؛ أحكام القرآن لابن العربي : 1/532 ؛ السياسة الشرعية لابن تيمية : ص119 ؛ كشاف القناع : 6/124 ؛ معين الحكام للطرابلس : ص194 ؛ مواهب الجليل : 4/15 ؛ إحياء علوم الدين : 3/78 ؛ التمهيد لابن عبد البر : 4/87 ؛ معالم السًنن : 7/5 ؛ مغني المحتاج : 3/353 ؛ التشريع الجنائي : 1/448 ؛ تبصرة الحكام : 2/297 ؛ الموافقات للشاطبي : 4/198 ؛ بُلغة السالك : 2/439 .(1/13)
... فإذا استوجبت الواقعة التأديب فليصار إلى المراتب السالفة الذكر ، لأن المقاصد والمآلات هي الإصلاح والتهذيب ، والردع والزجر ، والمنفعة العامة وحفظ المصالح مع وجوب مراعاة أن هناك ضوابط للتأديب ، فلا يلجأ إلى التأديب بوسائل غير جائزة ومشروعة شرعاً كالسب والشتم واللعن وسب الآباء والأمهات والفحش من القول ، لأن في ذلك إهانة لكرامة المؤدب واحتقار معاني آدميته وضياع حقوقه ، مما يتسبب في جعل المؤدب شخصاً حاقداً على مجتمعه وأمته ودينه ، مكنّا الضغينة والبغضاء لأفراد بيته من زوج أو أب أو أخ بحيث لو سنحت له الفرصة للانتقام لانتقم وتعدى على الآخرين . كذلك منع الفقه الأسري التأديب بالإهانة والخطر كضرب الوجه، وموضع المقاتل (1) . فقد روى أبو هريرة - رضي الله عنه - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال : « إذا ضرب أحدكم أخاه فلتجنب الوجه » (2) .
ومن الوسائل غير المشروعية في التأديب وهي ضوابط له : التجويع والتعرض للبرد ونحوه . وقد أبان الفقهاء عدم جواز التأديب بالحبس في مكان يمنع فيه الإنسان الطعام والشراب ، أو مكان حار أو تحت شمس ولهيب الحرارة أو لفح البرد بحيث يتضرر من ذلك تضرراً ظاهراً ، أو تسد النوافذ ويكتم بالدخان أو يمنع من الملابس في البرد (3) ، كما تحرم المعاقبة والتأديب بالتجريد من الثياب لما في ذلك من كشف العورة (4) ، والتمثيل بالجسم كما يفعل بعض الأزواج بجذع الأنف أو الأذن أو كسر العظم والحرق وقطع الأنامل (5) .
__________
(1) ) ... انظر الفتاوى الهندية : 3/414 ؛ السياسة الشرعية : ص157 .
(2) ) ... رواه مسلم في صحيحه ، كتاب البر والصلة والآداب ، باب النهي عن ضرب الوجه .
(3) ) ... انظر حاشية ابن عابدين : 2/115 ؛ الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف : 9/439 .
(4) ) ... تبصرة الحكام : 2/304 ؛ الأحكام السلطانية : ص390 .
(5) ) ... المغني : 12/526 .(1/14)
ولم يعهد بشيء من هذه التأديبات الشنيعة واللاإنسانية في عهود أحد من الصحابة والتابعين ، لأن الواجب التأديب ولا يكون بالإتلاف (1) . وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التمثيل بالأسرى ، فيكف بالمسلم وقد أشارت وصاياه - صلى الله عليه وسلم - بقوله: « ولا تمثلوا » (2) .
كما أن هناك وسائل للتأديب تفنن فيها المؤدبون كالتعذيب بالنار وكي الأولاد وإحراق الأجسام للزوجة أو الأبناء أو العض القاسي بقص الإيلام والتوجيع وصب الزيت على الرؤوس أو الكي أو حلق شعر الفتاة أو الضرب المتلف ، وكذا إغراء الحيوان كالسبع ، أو قطع شيء من المؤدب أو جرحه أو الضرب المبرح حتى الموت (3) .
... وعلى ضوء ذلك فإنه لا يجوز التأديب بقصد إتلاف المؤدب كله أو بعضه سواء كان هذا التأديب ناشئاً من آلة الضرب أم من حالة الجاني نفسه وكل ذلك خارج عن مقصود الشرع وأصوله العامة ، ولأن الواجب حصول الأدب والتقويم والإصلاح لا الإتلاف والتمثيل والعنف (4) . ولدينا دراسات عن ممارسة العنف بحجة التأديب في الدول الغربية والإسلامية (5) .
المبحث السابع
العنف في نطاق الأسرة : أسبابه ودوافعه
__________
(1) ) ... الشرح الكبير : 4/354 .
(2) ) ... رواه مسلم في صحيحه . كتاب الجهاد والسير ، باب في تأمير الإمام الأمراء على البعوث .
(3) ) ... أسنى المطالب : 4/9 .
(4) ) ... انظر تبيين الحقائق : 3/211 .
(5) ) ... راجع حالات عنف أسري في فرنسا تحصد مقتل 166 أسرة . تقرير ص39 . الاقتصاد والنظرات الصحية ، العدد 5471 ، 2008م ؛ حالات العنف والإيذاء الجسدي يمثل 91% . دراسة جمعية حماية الأسرة ، العدد 16483 ، يونيو 2007م ؛ وراجع الدراسة البحثية الميدانية للدكتور علي الزهراني ، كلية الطب جامعة الطائف . دراسة إحصائية عن أن 38,7% يتعرضون للإساءة بأفعال وكلمات عنف بدني ونفسي نساء وأطفال ، العدد 1125 .(1/15)
تقرر في المطالب المتقدمة ما أشار إليه الفقهاء حول شرعية التأديب ، وأنه يعتبر حقاً للمولى عليه على وليه بالكيفية التي تمت الإشارة إليها والاستدلالات التي تم الاعتماد عليها ، وأنه يجب المطالبة بممارسة تنفيذ ذلك التأديب والقيام به على أحسن الوجوه حتى تحصل النتائج الحميدة .
وبالاستقراء لمقاصد التأديب يتبين أنه حق يندرج تحت قاعدة الشريعة العامة " جلب المصالح وتحصيلها ودرء المفاسد وتقليلها (1) .
فالشريعة الإسلامية في أحكامها عندما تقرر هذا الحق لم تقرره جزافاً أو ينفذ بلا حساب وضوابط ، ففيه مراعاة للآداب والضوابط الشرعية التي تكتنف هذا الحق وقت إيقاعه . فالتأديب الذي يقوم على العنف تحرمه الشريعة الإسلامية ، وترتب عليه الإجراءات الجزائية . لذلك يجب أولاً : بيان العنف وصوره وأسبابه في النقاط الآتية (2) :
أولاً : معنى العنف
تناول كثير من العلماء والمفكرين مفهوم العنف بشكل موسع إلا أنهم لم يتفقوا على تعريف موحد بسبب ما يكتنف المصطلح من مضامين أيديولوجية وسياسية وثقافية (3) . وعلى ضوء ذلك عرف العنف بأنه " استخدام القوة أو القسوة بشكل مكثف وهو مضاد للرفق " (4) .
__________
(1) ) ... انظر قواعد الأحكام في إصلاح الأنام . شيخ الإسلام العز بن عبد السلام : 1/22 ، دمشق ، دار القلم ، 1421هـ .
(2) ) ... راجع حقوق الإنسان وتطبيقاته في الأنظمة السعودية . ناصر البقمي : ص207 ، ط1 ، 1429هـ .
(3) ) ... انظر معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية : ص88 .
(4) ) ... المعجم الفلسفي . جميل صليبة : 2/145 .(1/16)
وعُرف بأنه " جرائم تقع على الإنسان بواسطة أفعال تتصف بالشدة والقسوة بغية إلحاق الأذى بنفسه أو بماله أو بذويه " (1) ، كالزوجة والأبناء والأقارب والمجتمع . فالعنف ضد الأسرة هو سلوك يتضمن الإيذاء المعنوي ، أو المادي ، أو الحرمان من كل الحقوق أو بعضها أو إهمالها بطريقة متعمدة تلحق بها ضرراًُ جسيماً وذلك ممن لهم حق الولاية عليها . وهذا العنف الإيذائي بأسلوبه الوحشي يتجاوز التأديب المقنن في الشريعة ، وله صور متعددة وهي كما سنبينها بعد في ثانياً .
ثانياً : أنماط العنف الموجه في نطاق الأسرة
لقد أشارت الأدبيات العالمية والعربية والمحلية الاجتماعية التي تناولت العنف الأسري بأن صور العنف كثيرة ، غير أننا نحصر أنماطه في الذي تتعرض له الأسرة وهو :
} محرم { العنف البدني : له صور متعددة وممارسات مختلفة كالضرب باليد ، أو استخدام أداة حديدية ، والرفس ، والجلد ، والخنق ، واللطم ، والكي ، والدهس ، والوخز ، والسكب بمواد سائلة حارقة للبدن ، والصعق الكهربائي ، وكسر الأنف والعظام وغير ذلك (2) .
} صفر { العنف اللفظي : يشمل القذف ، والتوبيخ ، والسخرية ، والتنابز بالألقاب ، والتحقير ، التهديد ، والوصم بالفقر ، والتهديد بالطلاق ، أو الزواج بأمرأة أخرى (3) .
}
__________
(1) ) ... جرائم العنف وأساليب مواجهتها : ص24 ، مركز الدراسات والبحوث ، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية .
(2) ) ... انظر الأزواج والزوجات يقولون بصراحة لا للضرب ، مجلة الفرحة ، الكويت ، العدد 19 : ص25 .
(3) ) ... انظر العنف الأسري ضد النساء . الوديعان ، جامعة الملك سعود ، : ص92 ، المجلة الأمنية .(1/17)
ربيع أول { العنف الجنسي : ويندرج تحت هذا العنف التحرش الجنسي بالقول أو بالفعل خصوصاً في محيط الذين يعملون بالاختلاط في المؤسسات والمتاجر مستخدمين وسائل الضغط على النساء والفتيات ، كالفصل من العمل أو الاستغناء عن الخدمات إذا لم يرضخوا بتحقيق الرغبة ، كصورة من صور الابتزاز والإكراه على البغاء أو التصوير الفاضح بالجوالات أو الفيديو (1) .
} ربيع ثان { العنف الاجتماعي الخاص : وهو حجب المرأة عن حقوقها أو إلغاء دورها في الرأي وإجبارها على الزواج ممن لا ترغبه أو عضلها (2) ، أو التحجير عليها حتى تبلغ سن العنوسة بهدف السطو والاستفادة من دخلها إذا كانت موظفة ، إلى غير ذلك من صور العنف النفسي والصحي والاقتصادي (3) .
المبحث الثامن
دوافع وآثار العنف الأسري
تشير الدراسات الشرعية والاجتماعية وتحليلات أنظمة الأسرة أن الدافع تجاه العنف يتواجد مع كل فرد من أفراد الأسرة ، فالعنف غريزة إنسانية فُطر الإنسان عليها تعبر عن نفسها في حال فشل المجتمع في وضع قيود محكمة على مرتكبيها من أعضاء المجتمع (4) . ويمكن تصنيف الدوافع إلى ما يلي :
}
__________
(1) ) ... راجع ندوة الخبراء حول العنف الأسري : ص14 ، البحوث ، الرياض ، العدد 1564 ، 1429هـ .
(2) ) ... راجع فتوى سماحة مفتي عام المملكة " السجن عقوبة لعضل النساء أو التحجير عليهن . انظر الفتوى ، الحياة ، العدد 15352 ، 1426هـ/أبريل 2005م . الدراسات والبحوث .
(3) ) ... راجع كتابنا نظام الأسرة في الإسلام : ص25 ، ط1 ، 1420هـ/1999م ؛ وانظر ملتقى الحماية الاجتماعية ضحايا العنف : ص9 ، ندوة الأمن العام ، العدد 16630 ، الرياض ، أكتوبر 2008م .
(4) ) ... راجع العنف الأسري . جلال إسماعيل : ص141 ، دار قباء ، القاهرة 1999م .(1/18)
محرم { الدوافع الذاتية : وهي تنبع من ذات الإنسان وتقوده إلى ممارسة العنف الأسري كعيش الفرد منذ الصغر وما عاشه من عنف في محيط البيئة وما يعانيه من اضطربات نفسية ، أو ميله إلى الخمور والمسكرات والمخدرات ، أو ممارسته للأفعال المخلة بالقواعد والآداب الشرعية ، كبُعده عن تعاليم الدين ، وتركه للصلاة ، وانخراطه مع قرناء السوء وترك العنان له وانفلاته من الالتزام بالطاعة لوالديه وغيرها من الدوافع (1) .
} صفر { الدوافع الاقتصادية : وهي عامل مهم وسبب رئيسي وجزء هام من ملامح العنف وممارسته ، وذلك لارتباطه بالمعيشة الحياتية اليومية من حيث توفير سُبل العيش لمن يعول وهي من خلال الدراسات لنازلة العنف تشكل الدافع الرئيسي لرب الأسرة لممارسة العنف مع أبنائه أو مع زوجته كسبب يفرغ فيه شحنات خيبته وفشله في توفير ضروريات الحياة المادية والأساسية التي تحتاجها الأسرة ، كما أن الدراسات الأسرية والعنف داخل البيت أثبتت أن ثمة علاقة قوية تجمع بين الجنس والفقر وبين العنف ، ففي بعض الأحيان عندما يعجز رجل البيت عن تلبية متطلباته الاقتصادية والمادية يلجأ إلى طُرق أخرى توفر له النواحي المادية كصورة من صور العنف كالاستيلاء على ممتلكات المرأة (الزوجة) أو الأم ، أو الأب ، بالقوة أو السطو على مدخراتهم (2) .
__________
(1) ) ... انظر الخدمة الاجتماعية وظاهرة العنف . عايض الشهراني : ص123 ، السجل العلمي لملتقى الأسرة ، 1429هـ .
(2) ) ... انظر الخدمة الاجتماعية ورعاية الأسرة : المنظور الاقتصادي . محمد سلامة : ص145 ، المكتب الجامعي ، الإسكندرية ، 1989م .(1/19)
(3) الدوافع الاجتماعية : وتتمثل في الخلافات الزوجية والأسرية ، والتدخل الذي يفسد أجواء البيت الأسري ، والتباين الاجتماعي والثقافي والعائلي ، وكل هذا يؤدي إلى تصدع فيزيقي وسيكولوجي يمكن أن يؤدي إلى تفجر العنف واستمرار الصراع والاضطراب الذي يخيم على الأسرة (1) ، ويهدد بُنيان المجتمع ويُفككه (2) .
المبحث التاسع
علاج العنف في نطاق الأسرة
من المعلوم من الدين بالضرورة أن الإسلام أرسى قواعد الأسرة على أُسس عظيمة من المودة والمحبة ، وشرع لها من الأحكام ما يحقق الاستقرار والطمأنينة ، وعند استقراءنا لواقعنا اليوم نجد الحيدة عن هذا المنهج إذ انتشر العنف في محيط الأسرة ، فينبغي كواجب شرعي وقانوني وإنساني أن نرشد بالتذكير والتقويم طرق المعالجة لهذه النازلة في دنيا الأسرة والمجتمع وفق الوسائل الوقائية الآتية :
أولاً : المنهج العقدي
تمثل العقيدة محور ارتكازي في تصرفات بني آدم ، وتتكئ عليها الشخصية وهي تدفع إلى السلوك الحميد ، وترفض السلوك السيئ . فينبغي للأسرة أن تقوم بتنمية هذا الجانب الإيماني لدى الفرد . والدولة لدى المجتمع كوقاية من الانحراف ، ووضع البرامج التي تؤثر في الشخص ، كالدروس والمحاضرات والندوات في مجالس الأحياء والمساجد ودور العلم .
ثانيا : منهج العبادة
__________
(1) ) ... العنف الأسري والخلافات الزوجية : ص14 ، المجتمع ، حملة العنف الأسري رحماء بينهم ، 2007م ، الرياض .
(2) ) ... راجع الدراسة القيمة عن العنف من قبل أول متخصصة سعودية في طب إيذاء الأطفال الاستشارية الدكتورة نسرين الحارثي وسجل حالات العنف والإيذاء للبالغين . الدراسة في مستشفى تورنتو كندا . مجلة المرأة : ص38 ، العدد 16672 ، نوفمبر 2008م .(1/20)
من حيث التعريف باللمسات التي تحدثها العبادة في حياة الفرد والمجتمع من خلال تنشئتهما على توثيق العلاقة بالله تعالى ثم بالآخرين ، وتقوم على الألفة والمحبة ، وبث روح التسامح والتعاطف والرحمة وتهذيب السلوك ، ليبتعد العنف والانحراف عن طريق الفرد ، وتشكل في نفسه اتجاهات إيجابية ، وتنعكس على أعماله طابع الود والرحمة والعطف .
ثالثاً : المنهج الترويحي
يتمثل هذا المنهج في التأثير الكبير والنقلة النوعية والكمية في حياة الإنسان . فعندما تأخذ النفس الإنسانية حظها وحقها من الراحة والقدرة على الانسجام مع هذه المروحات الحميدة تثمر التجديد في النشاط وتكسر الملل وترفع من ضغوط العمل وصعوبة التكليفات فيزيل التوتر والاحتقان النفسي والاجتماعي الذي بسببه يتولد العنف فيقضي عليه .
رابعاً : المنهج الحواري
وهو يمثل الآخر آلية للإصلاح والتقويم والتهذيب ، ففتح قنوات من الحوار بين أفراد الأسرة من شأنه أن يوجد نوعاً من العلاقة الشفافة وإزالة الجدار الصلب وتقريب الأسرة من بعضها ، ودراسة المشكلات بموضوعية بعيداً عن التوتر والضغائن والبغضاء والانتقام واستخدام العنف لإفراغ شحنة الضغوط . فالحوار المتصف بالحلم والأناة وسعة الصدر والملاطفة في الكلام هو من مفاتيح الدخول إلى بوابات القلب ، ويقضي على العنف ويزرع المحبة .
الخاتمة
أولاً : ... إن الشريعة الإسلامية شريعة العطاء والتجديد في أحكامها صالحة للتطبيق في عموم الأزمنة والأمكنة ، ففقهاً بفروعه السبعة : العبادات ، والسلوك ، والآداب ، والمعاملات المالية ، والنكاح وما يتعلق به ، والأحوال الشخصية ( نظام الأسرة ) ، والجنايات ، والقضاء ، والسياسة الشرعية يمثل العطاء وإبراز الدور الكبير في معالجة قضايا ونوازل المجتمع الإنساني .(1/21)
ثانياً : ... إن العنف إذا كان في الماضي نتاج قسوة الحياة ، فإنه اليوم أصبح يأخذ أشكالاً متنوعة ومتعددة ، وأن التفنن في ممارسته ظاهرة مقلقة وصاعقة للدول والحكومات ، فالأمر يستوجب طَرق وسائل للدراسة والمعالجة ، وهذا البحث المتواضع يقدم بعضاً من هذه الأمور .
ثالثاً : ... لما كانت الأسرة تمثل مؤسسة هامة في تعزيز الأمن في المجتمع ، وبروز أهميتها في التأثير القوي على أعضائها فوجب الاهتمام بها وتشكيل صياغة فقهية شرعية تساهم في قيامها وتكوينها السليم وطرد جميع ما يهدد أمنها ويفكك وحدتها .
رابعاً : ... إن طرح ومناقشة العنف في نطاق الأسرة من قبل مجمعنا الموقر لهو مبادرة مباركة وجهد مشكور خصوصاً وقد ظهرت بوادرها جلية وواضحة . فالمحاكم في عالمنا العربي والإسلامي وفي الغرب تغص بقضايا العنف الأسري، فالزوجة تشكو زوجها من شج الوجه والضرب ، والأب يشكو ابنه الذي عقه وركله برجله ، والأخوة يستخدمون الحق تعسفاً في حق أخواتهم وأمهاتهم ، فضلاً عن قتل الزوجة وتعذيب الأطفال إلى درجة القتل العمد . فالعنف الأسري أصبح هاجس العالم بأسره ، ليس العالم العربي والإسلامي فحسب ، بل حتى الدول الغربية تعاني منه . عنف في حق المرأة ، وعنف في حق الطفل البريء ، فلا بد من وضع صيغ قوية من قبل مجمعنا في تجريم العنف وإنزال أشد العقوبات في حق الممارسين له والمحدثين أضرار مادية ومعنوية ونفسية في أعضاء المجتمع .
خامساً : ... إن جرائم العنف تتطلب من الدول والحكومات تصميم برامج لمكافحتها ، وتشريعات جنائية في صور مدونات وتقنينات من هدي الشريعة الغراء في النظام الجنائي لإصدار أحكام حاسمة في القصاص العادل من مرتكبي جريمة العنف والتعذيب والقتل .(1/22)
سادساً : ... المدان في جرائم العنف إدانة لا تصل إلى درجة القتل يجب أن يودع في المؤسسات العقابية ويخضع إلى عملية تأهيل وتهذيب اجتماعي حتى يستأصل منه الشر والعدوان ، ويظهر على سلوكه الاستقامة ويندمج في المجتمع عضواً صالحاً وأباً رحيماً .
سابعاً : ... إن وسائل الإعلام تلعب دوراً مهماً في مكافحة الجرائم عامة ، وجرائم العنف خاصة . فالدور الإعلامي يجب أن يكون إيجابياً وليس سلبياً تحريضاً فالتصدي للعنف ونشر جرائمه وقيام الحملات التغيرية في المجتمعات إلى الأفضل والأمان مسؤولية من مسؤوليات إعلامنا العربي والإسلامي .
ثامناً : ... وجوب تدخل السلطات القضائية في حسم أمر نزع الولاية من الشخص المكلف بالأسرة إذا ثبتت عدم كفاءته واستخدامه لجريمة العنف بحكم ولايته الشرعية كاستغلال لهذا الحق ، وإيجاد بديل بما يسمى في الفقه المعاصر الأسر البديلة في تولي رعاية الأطفال والبنات الذين يقعون ضحايا للعنف الأسري .
تاسعاً : ... وضع خطوط ساخنة في الدول يمكنها من التدخل السريع قبل ارتكاب جرائم العنف ولها من الصلاحيات الواسعة للإنقاذ الفوري والاقتحام الدوري بعد إذن ولي الأمر في الدولة الإسلامية .
عاشراً : ... إن الشريعة الإسلامية سباقة رائدة في مثل هذه التشريعات من خلال الخطوط العريضة والأحكام والمبادئ والقواعد التي جاءت بها لحماية حقوق الإنسان وجنح الأفراد ، لذا فإننا نجد لزاماً أن نستخرج ونستفيد من عطاء الشريعة للمسارعة في وضع تقنينات صارمة تجتث من جذورها ظاهرة العنف ، وتردع المتطاول على من له حق الولاية عليه ظلماً وعدواناً .
التوصيات(1/23)
تعتبر العناية بالأسرة في الشرائع السماوية عامة والشريعة الإسلامية مطلب شرعي وفريضة واجبة ، ووطنية ملحة فيستحق أن يبذل بشأنها كل الغالي والنفيس . فالمجتمع كله إنما هو مجموعة أسر وبقدر رعاية الأسرة والاهتمام الدائم بها يجني المجتمع ثمرة الاستقرار والسعادة ، ولهذا فإننا نوصي من خلال هذا البحث والدراسة المتواضعة بما يلي :
أولاً : ... إيجاد استراتيجية شرعية فقهية علمية للتعامل مع ظاهرة العنف الأسري على مستوى الأفراد والمؤسسات في الدول الإسلامية .
ثانياً : ... أكدت الدراسات والبحوث العلمية والميدانية والمسح لفئات متضررة أن العنف بات يهدد الأمن والسلام ، وأن معالجته لا زالت دون المستوى المأمول ، فيجب أيجاد حلول للحد منه ونشر الوعي والتعاون للنهوض بعملية التنمية في أي مجتمع في ظل تزايد ضحاياه الذين باتوا يتزايدون .
ثالثاً : ... الاعتراف بوجود ممارسات للعنف الأسري في الدول الإسلامية على نطاق يستلزم التدخل العاجل للتصدي له والقضاء عليه .
رابعاً : ... التعجيل بتبني المجمع الفقهي توصية للدول بإصدار نظام شامل فيه رقابة صارمة للحد من العنف الأسري .
خامساً : ... تجريم وتحريم ومعاقبة أي مقدم على أي نوع من أنواع العنف الذي ينتج عنه ضرر على الضحايا من الزوجات والأبناء والبنات وغيرهم مع بيان وتحديد مفاهيم الولاية والقوامة في الشريعة الإسلامية بأسلوب عصراني وخطاب تجديدي ، حتى لا يتم استغلالها واستخدام الحق فيها تعسفاً .
سادساً : ... الدعوة إلى ضبط الإفتاء في مسألة علاج الشقاق بين الزوجين وعدم التوسع في دائرة المعالجة بالضرب ، كما حدث من قِبل علماء وفقهاء ومفتيين من المسلمين في الغرب ، وأن الإفتاء يجب أن يصدر من أهله المتخصصين الراسخين في العلم من العلماء والفقهاء المالكين ناصية الاجتهاد والمتوفرة فيهم شروطه .(1/24)
سابعاً : ... وجوب المسارعة بتفعيل دور المحاكم الأسرية في محاكمنا الشرعية في الدول الإسلامية لتتولى البت في قضايا العنف الأسري والاستعانة بالخبراء في هذا المجال .
ثامناً : ... توفير الرعاية والخدمات والإيواء لضحايا العنف عبر البرامج العلاجية والتأهيلية في دول عالمنا الإسلامي .
تاسعاً : ... المطالبة بوضع استراتيجية إعلامية واضحة المعالم للتصدي للعنف ومحاربته عبر الصور المختلفة التي يملكها الإعلام العربي والإسلامي مما يتطلب وضع برامج احترافية لمواجهته .
عاشراً : ... لزوم تجريم أنواع العنف الأسري كافة والذي ينتج عنه الضرر على الضحية أو ذويها ، والدعوة إلى تطبيق العقوبات التعزيرية الرادعة التي تصل إلى حد القتل قصاصاً وتعزيراً .
حادي عشر : ... الإشادة بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1820 بالإنهاء الفوري لأعمال العنف الجنسي ضد المدنيين في النزاعات المسلحة ، حيث جاء في القرار " إن مجلس الأمن يطلب الوقف الفوري والكامل من قبل جميع الفرقاء في أي نزاع مسلح لكل فعل عنف جنسي ضد المدنيين " . خصوصاً النساء والبنات من أي نوع من أنواع العنف الجنسي ، وفي أي نزاع أُسري ، حربي ، سياسي ، انتقامي .
ثاني عشر : ضرورة قيام الخطباء والوعاظ والمرشدين في المساجد ودور العلم بتوعية أفراد المجتمع بخطورة العنف ، والتوصية بنشر ثقافة الحوار بين أفراد الأسرة والتفاعل مع قضايا المجتمع ونوازله .
- ? - -
فهرس الموضوعات
الموضوع ... رقم?الصفحة
¨?مقدمة ... 1
? المبحث الأول : أهمية الأسرة في النظام الإسلامي والعلاقات بين أفرادها ... ?
·?وحدة?الأصل?والنشأة ... 3
? المودة والرحمة ... ?
·?العدل?والمساواة?وعدم?الإيذاء ... 3
? المبحث الثالث : الطبيعة العلاقية بين أفراد الأسرة في الإسلام ... ?
¨?المبحث?الثالث???التأديب?في?نطاق?الأسرة?في?النظام?الإسلامي ... 7
? تعريف التأديب ... ?
¨?المبحث?الرابع???مشروعية?التأديب?في?مصادر?التشريع ... 9
? أولاً : الأدلة من الكتاب العزيز ... ?(1/25)
·?ثانياً???الأدلة?من?السُنة?النبوية?الشريفة ... 9
? ثالثاً : الإجماع على مشروعيته ... ??
·?رابعاً???مشروعية?التأديب?من?المعقول ... 11
? المبحث الخامس : شروط التأديب ... ??
·?أولاً???الشروط?المتفق?عليها ... 12
o الإسلام ... ??
o البلوغ ... 12
o العقل ... ??
o القدرة ... 13
? ثانياً : الشروط المختلف فيها ... ??
? أ)?شرط?الرشد ... 13
( ب) شرط الحرية ... ??
? ج)?شرط?العدالة ... 13
? المبحث السادس : ضوابط التأديب ... ??
¨?المبحث?السابع???العنف?في?نطاق?الأسرة???أسبابه?ودوافعه ... 18
? أولاً : معنى العنف ... ??
·?ثانياً???أنماط?العنف?الموجه?في?نطاق?الأسرة ... 18
} محرم { العنف البدني ... ??
} صفر { ?العنف?اللفظي ... 19
} ربيع أول { العنف الجنسي ... ??
} ربيع ثان { ?العنف?الاجتماعي?الخاص ... 20
? المبحث الثامن : دوافع وآثار العنف الأسري ... ??
·?الدوافع?الذاتية ... 21
? الدوافع الاقتصادية ... ??
·?الدوافع?الاجتماعية ... 22
? المبحث التاسع : علاج العنف في نطاق الأسرة ... ??
·?أولاً???المنهج?العقدي ... 23
? ثانياً : منهج العبادة ... ??
·?ثالثاً???المنهج?الترويحي ... 23
? رابعاً : المنهج الحواري ... ??
¨?الخاتمة ... 25
? التوصيات ... ??
¨?الفهرس ... 30(1/26)