http://thakafa.net/vb/showthread.php?p=39556
العبيكان يجيز الذهاب للسحرة لفك السحر وضرب "المتلبس" بالجن
---------------------------------
شرط أن لا يفعل "المريض" أي شئ "محرم"
العبيكان يجيز الذهاب للسحرة لفك السحر وضرب "المتلبس" بالجن
العربية نت
كشف مستشار وزير العدل السعودي، الشيخ عبدالمحسن العبيكان عن جواز "الاستعانة بالسحرة والجن لفك سحر المسحور"، وإمكانية "استخدام الضرب لطرد الجان من جسم متلبسه".
وقال لـ"العربية.نت" إنه: من الجائز أن يذهب المسحور إلى الساحر عند الضرورة، خاصة إذا كان السحر قويا ولا يمكن أن يحله غير الساحر- مستشهدا بقول حسن البصري لا يحل السحر إلا ساحر- أما في حال كان السحر ضعيفا فيتم حله بالرقية الشرعية والقراءة.
وأضاف: "السحر محرم شرعا، لكنه طالما وجد سحرة يسحرون فالضرورة تقتضي على الإنسان أن يتخلص منه عن طريق هؤلاء السحرة في بعض الأحيان"، مشيرا إلى وجود الكثير ممن تضرر من الأمراض وتفريق الأسر بسبب السحر، وقال: "يذهب المسحور للساحر ولا يهمه ان كان مشعوذا أو دجالا، المهم أن يفك السحر عنه.. وعلى المريض ألا يفعل أي محرم كأن يطلب منه الساحر أن يذبح لغير الله".
وأجاز العبيكان كذلك استخدام الضرب أحيانا لطرد الجن من جسم المتلبس، "استخدم شيخ الإسلام ابن تيمية الضرب كوسيلة لطرد الجان في حالات معينة، وخاصة إذا انتشر الجن في الجسم، وفقد الإنسان الاحساس ويكون المتكلم بصوت الجان، وفي هذه الحال يستخدم الضرب في أماكن لا تضر"، ولكنه أوضح أنه ليس كل شخص يجيد استخدام هذه الطريقة، فبعضهم يستخدم الضرب رغم أن الشخص "المتلبس" بالجن يشعر بذلك فيصاب بضرر.(1/1)
وأشار الشيخ عبدالمحسن إلى أن للسحر أشكالا عديدة منها ما يوضع في الشراب، أو على شعر الرأس، وقال إن هناك عدة علامات تظهر على الإنسان المسحور عند علاجه بالرقية الشرعية، من أبرزها التنميل والخدور عند القراءة، والضيق في الصدر، والصداع في الرأس، كما أن الجن - والكلام للعبيكان- يتحدثون أحيانا على لسان الشخص المسحور، ويخبرونه أنهم قد سحروه من قبل فلان وأن السحر موجود في المكان الفلاني. وبين العبيكان أنه من الممكن الاستعانة بالجن الصالحين لفك السحر.
وحول رفض الطب النفسي الاعتراف بحقيقة تحدث الجن على لسان الإنسان قال العبيكان: "هذا هراء، هناك فرق بين المرض النفسي والسحر، مشيرا إلى أن العديد من الأطباء العاملين في مجال الطب النفسي، يفرقون بين ذلك، ويشيرون على الشخص بأن يذهب للقراء، لأن مرضه يحتاج للقراءة وليس للطب النفسي".
@@@@@@
رد على العبيكان في مسألة حل السحر بسحر مثله
بسم الله الرحمن الرحيم
………
القول المبين
في تحريم حلِّ السحر عند السحرة والمشعوذين
بيان في الرد على « عبد المحسن العبيكان »
في تجويزه الذهاب للسحرة لِحَلِّ السحر عن المسحور
كتبه الشيخ
عبد الكريم بن صالح الحميد
حفظه الله تعالى
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين .. أما بعد :
فقدِ اطَّلعْتُ على ما شَاعَ وذاعَ من كَلامِ « عبد المحسن العبيكان » في تجويزه وإباحته إتيان السَّحَرة لِحَلِّ السِّحر ! ، وهذا أمرٌ خطير يترتب عليه من فساد الاعتقاد ما لاَ يُحيط به إلا رب العباد ، فإنَّ من أعظمِ التذلُّلِ والخضوعِ للشيطان أن ينصرف قلب العبد عن خالقه بتوجه إرادته إلى ساحر نَجِسٍ مُوَالٍ للشيطان ليحل عنه السِّحْرَ ونحوه .(1/2)
وليعلم مَن فعل ذلك أنَّ الثمن دينه ، وأنه لَم تتحرك نيته وإرادته بالتوجه إلى الساحر إلاَّ لفساد اعتقاده وظنه بالله ظَنَّ سُوء ، وإلاَّ فَلو صَدَق الله وعَلِم أنَّ الأمر كله له سبحانه وأن السَّحَرة وشياطينهم تضر ولا تنفع لَمَا استقرَّت في قلبه إرادة ذلك فضلاً أن يفعله لورود النهي الأكيد عن ذلك ، وأنه من عمل الشيطان ، وحرام فعله حيث إنه لا يحصل إلا بالتقرب إلى الشيطان وَعَمَل أوْ قَول ما يُرضيه من الساحر ، وممن يأتي إليه .
أما الساحر فلم يحصل له السِّحر إلا بالكفر ، وأما مَن يأتيه لِحَل السحر فإنما أَتاه لإدباره وإعراضه عن ربه وما شَرَع له من الرقية بالقرآن والأذكار والدعاء ، ومن الأدوية المباحة إلى عدو الله الساحر الخبيث الكافر ، مع علمه أنه شيطانُ إنسٍ يتقرب إلى شيطان جِنّ ، فأي خير يُرجى بهذا المسلك ؟! ؛ فلينظر مَن أتى الساحر بمن تعلَّق قلبه في الشفاء ! ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ومَن تعلق شيئاً وُكِل إليه ) (1)؛ قال الشيخ « عبد الرحمن بن حسَن آل الشيخ » - رحمه الله - : ( أي مَن تعلَّق قلبه شيئاً بحيث يعتمد عليه ويرجوه وَكَله الله إلى ذلك الشيء ) انتهى (2).
إنَّ الذين يذهبون إلى السحرة يرجون نفعهم إنما يزدادون سوءاً ، ولو ندَر وحصل بعض النفع فهو كنفع الخمر بل أشد ، وحسبك أنه نفع للبدن بفساد الدين ، وذلك خسران مبين ، وأنَّى لهم النفع والله عز وجل يقول : { وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى } (3)، فهذا خبر بشمول الضرر .
__________
(1) أخرجه النسائي في « سننه الكبرى » برقم ( 4079 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ؛ وحسَّنه ابن مفلح في « الآداب الشرعية » ( 3 / 68 ) .
(2) « فتح المجيد بشرح كتاب التوحيد » ، ص ( 296 ) .
(3) سورة طه ، من الآية : 69 .(1/3)
والتحذير هنا لِمَن قد يغتر بفتاوى قوم لَم يتقوا الله في المسلمين فيفتحون لهم أبواب الضلالة بفتاويهم الضالة حيث يُهَوِّنون عليهم حلَّ السحر بإتيان الساحر وهو ( النشرة ) التي هي حل السحر بسحر مثله .
والساحر مادته شيطانية ، ويكفي مَن أتاه من الخسران أنه استعان بالشيطان مُعْرِضاً عن ربه الرحمن .
وحَسْبُ مَن أتى الساحر أنه أتى من نفى الله عنه وعن عمله الفلاح ، قال - تعالى- : { وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى } (1) ، فأيُّ خيرٍ يرجى وأيُّ شَرٍّ يُتقى بعد هذا ؟! .
وقد بوَّب الشيخ « محمد بن عبد الوهاب » - رحمه الله - في كتابه ( التوحيد ) لهذه المسألة باباً خاصاً عنوانه : ( باب ما جاء في النشرة ) ، وذَكر حديث « جابر بن عبد الله » رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل عن النشرة ، فقال : ( هي مِن عَمَل الشيطان ) (2).
وقال : ( ورُوِيَ عن الْحَسَن " البصري " أنه قال : " لا يحل السحر إلا ساحر" ) .
وقال : قال ابن القيم : ( " النشرة " حل السحر عن المسحور ، وهي نوعان : أحدهما : حل بسحر مثله ، وهو الذي من عمل الشيطان ، " وعليه يحمل قول الحسَن - يعني : أنه لا يحل السحر إلاَّ ساحر - " .
فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب ، فيبطل عمله عن المسحور .
والثاني : النشرة بالرقية والتعوذات والأدوية والدعوات المباحة فهذا جائز ) انتهى (3).
__________
(1) سورة طه ، من الآية : 69 .
(2) أخرجه أحمد في « مسنده » برقم ( 14167 ) ، وأبو داود في « سننه » برقم ( 3868 ) ، وقال النووي في « المجموع شرح المهذب » ( 9 / 67 ) : ( إسناده صحيح ) ؛ وأخرجه الحاكم في « مستدركه » برقم ( 8292 ) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه وقال : ( هذا حديث صحيح ولَم يخرجاه ) ووافقه الذهبي .
(3) « إعلام الموقعين » ( 4 / 396 ) .(1/4)
وفي ( فتح المجيد ) قال الشارح - رحمه الله - : ( والحاصل أن ما كان منه بالسحر فيَحْرُم ، وما كان بالقرآن والدعوات والأدوية المباحة فجائز ، والله أعلم ) انتهى (1).
وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( فلا تأتوا الكهان ) (2)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَن أتى كاهناً فصدَّقه بما يقول فقد كَفَر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ) (3)، والساحر أخبث من الكاهن .
وقد قال « عبد الله بن مسعود » رضي الله عنه : ( مَن أتى كاهناً أو ساحراً فصدَّقه بما يقول فقد كَفَر بما أُنزِل على محمد صلى الله عليه وسلم ) (4).
فالحذر الحذر من هذا الخطر ، فلا يجوز إتيان الساحر للرقية ، وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن الله لَم يجعل شفاء أمته فيما حرَّم عليها ، والسِّحر مُحَرَّم بالإجماع ؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ولا تَدَاوَوْا بِحرام ) (5).
__________
(1) « فتح المجيد » ، ص ( 308 ) .
(2) أخرجه مسلم في « صحيحه » برقم ( 537 ) من حديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه .
(3) أخرجه البزار في « مسنده » برقم ( 3904 ) ، وغيره ، من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه ، وقال المنذري في « الترغيب والترهيب » ( 4 / 17 ) : ( إسناده جيد ) .
(4) أخرجه البزار في « مسنده » برقم ( 1873 ) وغيره ، وأخرجه أبو نعيم في « حلية الأولياء » ( 5 / 104 ) مرفوعاً .
(5) أخرجه أبو داود في « سننه » برقم ( 3874 ) ، والبيهقي في « سننه الكبرى » برقم ( 19465 ) من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه ، وقال ابن مُفلح في « الآداب الشرعية » ( 2 / 336 ) : ( إسناده حسَن ) .(1/5)
قال ابن القيم - رحمه الله - : ( وهنا سِرٌّ لطيف في كون المحرمات لا يُستشفى بها ، فإنَّ شرطَ الشفاء بالدواء تلقِّيه بالقبول واعتقاد منفعته وما جعل الله فيه من بركة الشفاء ، فإن النافع هو المبارك وأنفع الأشياء أبركها ، والمبارك من الناس أينما كان هو الذي ينتفع به حيث حلَّ ، ومعلوم أن اعتقاد المسلم تحريم هذه العين مِمَّا يَحُول بينه وبين اعتقاد بَرَكَتِها ومنفعتها وبين حُسْنِ ظنه بها ، وتلقى طبعه لها بالقبول ، بل كلما كان العبد أعظم إيماناً كان أكره لها وأسوأ اعتقاداً فيها ، وطبعه أكره شيء لها ؛ فإذا تناولها في هذه الحال كانت داء له لا دواء إلا أن يزول اعتقاد الخبث فيها وسوء الظن والكراهة لها بالمحبة ، وهذا ينافي الإيمان ، فلا يتناولها المؤمن قط إلا على وجه داء ) انتهى (1).
قوله - رحمه الله - : ( فإذا تناولها في هذه الحال كانت داء له لا دواء ) يعني في حال حضور إيمان العبد واعتقاده كفر الساحر وشؤمه ونفي الفلاح عما يأتيه فتزداد العلة بإتيانه .
وقوله : ( إلاَّ أن يزول اعتقاد الخبث فيها وسوء الظن والكراهة لها بالمحبة ، وهذا ينافي الإيمان ) يعني أنْ يعتقد في الساحر أنه مبارك وطيب ولا ضرر في إتيانه ، فهذا معنى قوله : ( وهذا ينافي الإيمان ) ، وهما أمران أحلاهما مر - والعياذ بالله - ، ويا ويل من أباح إتيان السحرة ، قال تعالى : { لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاءَ مَا يَزِرُونَ } (2).
وإنه لا يُستبعد مع هذه الفتاوى الضالة الْمُضِلّة أنْ يَرُوج احتراف السحر للرقية ، ويكثر السحرة ، ويروج تعلُّم السِّحْر وتعليمه والمجاهرة بذلك كله ! .
__________
(1) « زاد المعاد » ( 4 / 157 ) .
(2) سورة النحل ، من الآية : 25 .(1/6)
أما ما يذكر عن « سعيد بن المسيب » - رحمه الله - من قوله : ( لا بأس به ) - يعني النشرة - فحاشاه أن يريد به النشرة السِّحْرية الْمُحَرَّمة ، وإنما أراد - رحمه الله - بالنشرة الرقية الشرعية ، وسميت نشرة لأنه ينشر بها عنه ما خامَرَه من الداء ، أي : يُزال ويكشف (1).
أما قول « عائشة » - رضي الله عنها - لرسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا رسول الله .. هَلاَّ تَنشَّرْت ؟! " فقد أجابها بما هو حجة على المبطلين حيث قال صلى الله عليه وسلم : ( أما واللهِ فقد شفاني ، وأكره أن أثير على أحدٍ من الناس شَرًّا ) (2).
فالْمُجِيزُ إتيانِ السَّحَرَةَ للنشرة يفتح على الناس شراً بنص قول الرسول صلى الله عليه وسلم ، وعائشة - رضي الله عنها - ليست مُشَرِّعَة ولَم تكن تعلم حرمة ذلك ، فبين لها النبي صلى الله عليه وسلم أن ذلك يفتح على الناس شراً .
والعَجَب أنْ يستدل - أيضاً - مَن يُجيز النشرة السِّحْرية بقوله : ( وإن كانوا يقصدون " لا يُفلح " بمعنى أنه لن ينجح في العلاج وحل السحر ، فنقول لهم : القرآن يُكَذَّب هذا المعنى الذي يقولون به ، فالله - عز وجل - يقول : { فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِه ِ } (3)، فيحصل منهم التفريق والواقع يؤكد أن السحرة ينجحون في حله ؛ وبالتالي لا يمكن أن نفسر تلك الآية بأن الساحر لا ينجح في حل السحر لأن هذا مصادم للقرآن وللواقع ) انتهى .
__________
(1) أنظر : « فتح المجيد » ، ص ( 307 ) .
(2) أخرجه البخاري في « صحيحه » برقم ( 5716 ) .
(3) سورة البقرة ، من الآية : 102 .(1/7)
ويقال له : بل أنت بتَسْميتك التفريق بين المرء وزوجه وحلّ ذلك نجاحاً مصادمٌ للقرآن حيث قال - تعالى - : { وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } (1) ، فبين - تعالى - أنهم يضرون ولا ينفعون ، وإنما نفعهم بحل السحر كما أثبت - سبحانه - أنَّ للخمر نفْع ، كذلك فقد نفى الله عنهم الفلاح - كما تقدم - ، فإثبات ضررهم ونفي نفعهم ونفي الفلاح عنهم وعما يأتونه يكفي بعضه لِمَن أهَمَّه دينه للجزم بحرمة ذلك وعدم جوازه بحال .
والنجاح المزعوم في ذلك أعظم حرمة وخبثاً وقبحاً من انتفاع البدن بالخمر ، لأن التوجه إلى الساحر بهذا القصد يترتب عليه فساد الاعتقاد بخلاف الخمر .
أما قوله : ( والذين يأمرون الناس بالاقتصار على الرقية يخالفون ما فعله الرسول من استخراج السحر وحله ) فيقال له : ما أفقهك ! ، وهل استخرج الرسول صلى الله عليه وسلم السحر بإتيان الساحر أو بإتيان الوحي إليه ؟! ، فكيف يستدل بهذا ؟! ، والرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( وأكره أن أثير على أحد من الناس شراً ) ، فالمحتج بالنجاح المزعوم بإتيان الساحر أقبح من المحتج بنفع الجسم بالخمر - كما تقدم - ، وقد فتح على الناس شراً ولن ينفعهم عند الله .
__________
(1) سورة البقرة ، من الآية : 102 .(1/8)
ثم قد يُقال : ( قد يدَّعي مدَّعٍ الاضطرار باللجوء للساحر ) ، فالجواب : أن ذلك باطل ، ولا ضرورة تُلجئ إليه إلاَّ لِمَن أيِسَ من رَوْح الله وظَنَّ بالله السوء ، وأن الاستشفاء بكلامه وذكره ودعائه وما جعله الله سبباً للشفاء من العلاجات الطبيعية غير المحظورة لا ينفع ولا يفيد ، وإنما الشفاء والعافية عند الساحر ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله لَم يَجعل شِفَاءكم في حرام ) (1).
وختاماً .. فقد تبين ما في هذا الأمر العظيم والخطر الجسيم من مخالفة الخالق الكريم ورسوله صلى الله عليه وسلم الشفيق الرحيم ، وما يترتب على ذلك من فساد العقيدة ، فالحذَر من مُوجِبَات الخطَر وجالبات الضَّرَر .
ولا شكَّ أن مَن لَم يَهُون ويَرْخُص عليه دِينه لو ضُمِن له الشفاء عند الساحر - الرِّجْس ، النَّجِِس ، عدوِّ ربه - فإنه لا يأتيه لِعِلْمه أن شفاء بدنه عنده ثَمَن لفساد دينه ! ، كيف وهؤلاء السحرة الأخابث يزيدون العلَّة ! ، كيف وهو لَم يُعدم من الطُّرُق الشرعية السليمة لشفائه كما تقدم بيانه - ولله الحمد والمنة - .
__________
(1) أخرجه ابن حبان في « صحيحه » برقم ( 1391 ) ، وأبو يعلى في « مسنده » برقم ( 6966 ) بهذا اللفظ من حديث هند أم سلمة - رضي الله عنها - ؛ وأخرجه عن أم سلمة - أيضاً - البيهقي في « سننه الكبرى » برقم ( 19463 ) ، والطبراني في « معجمه الكبير » برقم ( 749 ) بلفظ : ( إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرَّم عليكم ) ؛ وصححه شيخ الإسلام ابن تيمية في « مجموع الفتاوى » ( 21 / 568 ) .
وأورده البخاري في « صحيحه » ( 5 / 2129 ) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه معلقاً ، وأخرجه ابن أبي شيبة في « مصنفه » برقم ( 23833 ) ، وغيره عنه رضي الله عنه موقوفاً ، وصحح إسناده الحافظ ابن حجر في « فتح الباري » ( 10 / 82 ) .(1/9)
قال « عبد الله بن مسعود » رضي الله عنه : ( إنكم ترون الكافر من أصح الناس جِسماً وأمرضهم قلباً ، وتلْقَوْن المؤمن من أصَحِّ الناس قلباً وأمرضهم جِسْماً ! ، وأيْمُ اللهِ لو مَرِضَت قلوبُكم وصَحَّت أجسامكم لكنتم أهون على الله من الْجُعلان ! ) انتهى (1)؛ فتأمل هذا الأثر حقَّ التأمل .
والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .
عبد الكريم بن صالح الحميد
بريدة ـــ 13 / 6 / 1427
@@@@
رد آخر :
http://www.roqia-info.com/showthread.php?t=24819
انتقد أستاذ الفقه بكلية المعلمين بمكة المكرمة الأسبق الدكتور سعد بن محمد النباتي بشدة تصريحات الشيخ عبد المحسن العبيكان في مسألة حل السحر بالسحر إذا تأكد أن الساحر يقوم بحل السحر دون الإضرار بالآخرين.. وقال إن الشارع كذب الكهان كلهم ونهى عن تصديقهم وإثباتهم . وبين النباتى فى تصريح (للمدينة) ان استخراج السحر بسحر وبألفاظ عجمية أو بما لا يفهم معناه أو بنوع آخر مما لا يجوز فإنه ممنوع وهذا هو الصواب
مجانبة الصواب
ولأننا قد تعلمنا من كتاب ربنا أنه يجب بيان الحق للناس.، فأقول في مسألة "حل السحر بسحر مثله إذا تأكد أن الساحر يقوم بحل السحر دون الإضرار بالآخرين. إن هذا القول قد جانب ما أثر عن أهل العلم وسأبين حكم ذلك معتمدا على الأدلة من الوحيين وأقوال السلف وبيان رأي المخالف ومناقشته وما ينتج عن تلك الفتوى أولاً: الأدلة من القرآن الكريم التي تدل على النهي عن الذهاب إلى السحرة فأذكر منها قوله تعالى: (ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق) قال ابن عطية السحرة يعلمون أن لاحظ ولا نصيب لهم في الآخرة. فكيف يجوز الذهاب إليهم وألقى ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى"
__________
(1) أنظر : « الحلية » لأبي نعيم ( 1 / 135 ) ، و « الزهد » لابن السري ، ص ( 247 ) .(1/10)
ومن نفى الله الفلاح عنهم لا يصح ان نذهب إليهم لطلب العلاج في أمور السحر.
أدلة السنة
ثانياً: الأدلة من السنة النبوية في النهي عن الذهاب إلى السحرة عموماً منها:
ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من أتى عرافاً أو كاهناً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً.
وفي صحيح مسلم عن معاوية بن الحكم السلمي قال قلت يا رسول الله أموراً كثيرة كنا نضعها في الجاهلية كنا نأتي الكهان قال: فلا تأتوا الكهان قال كنا نتطير قال ذاك شيء يجده أحدكم في نفسه فلا يصدنكم " وغير ذلك من النصوص الواردة في هذه المسألة.
أقوال العلماء
ثالثاً: أقوال أهل العلم في النهي عن الذهاب إلى السحرة.
قال الإمام أحمد رحمه الله العراف طرف من السحر والساحر أخبث لأنه شعبة من الكفر. ونقل الإمام النووي "أن الشارع كذب الكهان كلهم ونهى عن تصديقهم وإثباتهم. قال ابن تيمية في النبوات الكهانة والسحر تناقض النبوة فإن هؤلاء تعينهم الشياطين تخبرهم وتعينهم بتصرفات خارقة ومقصودهم الكفر والفسوق والعصيان، وقال في موضع آخر "إن الأنبياء يفتحون الأعين العمي والآذان الصم والقلوب الغلف والسحرة يفسدون السمع والبصر والعقل حتى يخيل الإنسان الأشياء بخلاف ما هي عليه فيتغير حسه وعقله .. فهؤلاء مخالفون للأدلة السمعية والعقلية.. مخالفون لصحيح المعقول وصحيح المنقول.
أما حل السحر عن المسحور أو ما يسمى بالنشرة الأصح فيها أنها تنقسم إلى قسمين:(1/11)
القسم الأول: أن تكون النشرة بآيات الله أو الأدعية الواردة في ذلك أو الأدوية المباحة فهذا مباح بل ذكر النووي أنها سنة وكفى دليلاً على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم "اعرضوا علي رقاكم لا بأس بالرقي ما لم يكن فيه شرك". وكذلك قوله في صحيح مسلم من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل . وهذه مطلوبة لأنها مصلحة بلا مضرة. أما ماأخرجه أبو داود في المراسيل "النشرة من عمل الشيطان" فالمراد بها النشرة المحرمة التي تخالف الكتاب والسنة ويكون القصد بها الشر
النشرة المحرمة
القسم الثاني: إذا كانت النشرة بشيء محرم كحل السحر بسحر مثله فهذه لا يوجد دليل شرعي على إباحتها بل هي محرمة ويدل عليها ما جاء عن أبي داود النشرة من عمل الشيطان" وكذلك الأحاديث التي ذكرتها في النهي عن الذهاب إلى السحرة أما ما جاء عن سعيد بن المسيب "في صحيح البخاري " وقال قتادة قلت لسعيد بن المسيب رجل به طب أو يؤخذ عن امرأته أيحل عنه أو ينشر قال: لا بأس إنما يريدون به الإصلاح فأما ما ينفع فلم ينه عنه. وقد توقف الامام أحمد لما سئل عن رجل يزعم انه يحل السحر فقال قد رخص فيه بعض الناس قيل انه يجعل في الطنجير ماء ويغيب فيه. ويفعل كذا فتفض يده كالمنكر وقال ما أدري ما هذا قيل له فترى أن يؤتي مثل هذا يحل السحر قال ما درى ما هذا المغني 10/117 وذكر ابن حجر في الفتح أن الإمام الأمام أحمد سئل عمن يطلق السحر عن المسحور فقال لا بأس به والذي يظهر لي من هذه الأقوال أنه لا رخصة للمصاب بسحر أو مس أن يذهب إلى السحرة لحل السحر عنه ولا يحل له ذلك. وذلك لعدة أمور.(1/12)
أولاً: أيهما نتبع كلام النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في صحيح مسلم فلا تأتوا الكهان وقوله "من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وغيرها من الأحاديث أم كلام سعيد بن المسيب والطبري والشعبي وغيرهم من علماء السلف. بل كلام النبي صلى الله عليه وسلم أولى بالإتباع ولا اجتهاد مع النص .
النشرة المباحة
ثانياً: كلام سعيد بن المسيب وغيره من علماء السلف رحمه الله تعالى: على النشرة المباحة كما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل وكلام سعيد يحمل على هذا قال شارع الطحاوي "واتفقوا كلهم أيضاً على أن كل رقية أو تغريم أو قسم فيه شرك بالله فإنه لا يجوز التكلم به وأن أطاعته به الجن أو غيره وكذلك كل كلام فيه الكفر لا يجوز التكلم له وكذلك الكلام الذي لا يعرف معناه لا يتكلم بإمكان أن يكون فيه شركاً لا يعرف لهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم " لا بأس بالرقي ما لم تكن شركاً،وقال ابن قدامه رحمه الله في المغني عندما ذكر قول سعيد بن المسيب إنما نهى الله عما يضروا لم ينه عما ينفع وقال أيضاً ان استطعت أن تنفع أخاك فافعل فهذا من قولهم يدل على أن المعزم ونحوه لم يدخلوا في حكم السحرة ولأنهم لا يسمون به وهو مما ينفع ولا يضر وقال الشنقيطي رحمه الله التحقيق الذي لا ينبغي العدول عنه في هذه المسألة ،،،إن استخراج السحر بسحر وبألفاظ عجمية أو بما لا يفهم معناه أو بنوع آخر مما لا يجوز فإنه ممنوع وهذا هو الصواب أن شاء الله كما ترى أضواء البيان
تعرض النبي للسحر
ثالثا: السحر الذي وضع للنبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين لم يعلم بموضعه وهو سيد الخلق إلا عن طريق الوحي كما جاء في الحديث فهل يعلم السحرة والكهان ذلك وهل لهم أفضلية يصلون بها إلى معرفة السحر أم الكذب والإثم والفجور.(1/13)
رابعاً: للأسف الشديد نعلم خلقا كثيرا أصابهم مس من سحر وغيره خالفوا أمر الشريعة فذهبوا إلى السحرة والكهان فلم يزل ما أصابهم من مرض فهذا يدل على كذبهم وإثمهم وكيف تكون لهم الرخص وهم على غير هدى ولو كان السحرة يستطيعون علاجهم ما نرى مصابا أو مريضا بالسحر على وجه الأرض.
الاضطرار والرخصة
خامسا: الاضطرار والرخصة لذلك المبتلى لمن كان قلبه مطمئنا بالإيمان كما في قصة عمار بن ياسر قال تعالى: "إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان" أما السحرة والكهان فيذهب إليهم وقلبه غير مطمئن بالإيمان بل بتصديق الساحر وتنفيذ أوامره وطلباته الشركية وقلبه متعلق بغير الله لاسيما أن صادف تحسنا في حالته.
سادساً: الرخصة للمضطر في ذلك يصرف القلوب عن فطرتها وعقيدتها السليمة ويدخل الشك والظن وعدم الالتجاء إلى الله عند الشدائد ويتعلق الناس بغير الله تعالى فيلجأون إلى الكهان وربما يكون في جميع أمورهم كما كانت العرب تتحاكم إلى الكهنة في المدينة وكان منهم أبو برزة الأسلمي قبل أن يسلم رضي الله عنه فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم أبطل ذلك.
سابعاً: يؤدي الرخصة في ذلك إلى نهب أموال الناس بالباطل ويكثر حلوان الكاهن وربما يكثر عمل السحر حتى يلجأ الناس إلى السحرة الكهنة لطلب العلاج فتصبح الأمة سلعة رخيصة بين يدي السحرة والكهنة.
ثامناً: لو أخذ بهذا القول لمهدنا الطريق لدخول السحرة إلى بلادنا لينشروا فسادهم في بلادنا وتصبح بلاد الحرمين حرسها الله وحماها مرتعاً للسحرة والكهنة والفجار أو سافر المبتلى بذلك إلى السحرة وأصبحوا لقمة سائغة وطعاماً شهياً يفترسها أهل السحر والكهانة بدون سخر وعناء وتعب أو تفتح مدارس تعليم السحر في بلادنا خفية وتفسد ما الله به عليم وكلا هذه الأحوال لا تليق ببلاد الحرمين ومهبط الوحي ومنبع الرسالة ودار التوحيد.(1/14)
تاسعاً: المسلم إذا ابتلاه الله بشيء من ذلك أو غيره يذهب إلى أهل الإيمان والصلاح والعقل والتقى ليدلوه على طريق الصواب والهدي ويدعون الله أن يكشف كربته فهذا أولى وأحرى بالمخرج بإذن الله. "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه"
عاشراً: المسلم إذا ابتلي يجب عليه أن يلج الطرق المشروعة لدفع الابتلاء ويصبر ويحتسب حتى ينال الأجر العظيم ولا يضيع أجره قال تعالى: "إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب" الزمر آية 10، ويعلم أن الابتلاء علامة محبة الله للمؤمن كما جاء في الحديث "إن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضى فله الرضا ومن سخط فله السخط". ولو لا الصبر والاحتساب لضاع الأجر.
الحادي عشر: إن الإضطرار إلى فعل المحظورات أحياناً يكون فى الأمورالحسية وليس فى الأمورالغيبية مثل المضطر إلى أكل لحم الميتة يجوز له ذلك عند الاضطرار الشديد أما الأمور الغيبية فلا اضطرار فيها ولا يعلم بحقائق ذلك إلا الله.
نقلا عن جريدة المدينة(1/15)