السّلوك الواعي
لدى الخلية
تأليف :
هارون يحيى
ترجمة :
مصطفى الستيتي
استانبول - فبراير 2003
إلى القارئ
السبب وراء تخصيص فصل خاص لانهيار النظرية الداروينية هو أن هذه النظرية تشكل القاعدة التي يعتمد عليها كل الفلاسفة الملحدين. فمنذ أن أنكرت الداروينية حقيقة الخلق، وبالتالي حقيقة وجود الله، تخلى الكثيرون عن أديانهم أو وقعوا في التشكيك بوجود الخالق خلال المئة والأربعين سنة الأخيرة. لذلك يعتبر دحض هذه النظرية واجباً يحتمه علينا الدين، وتقع مسؤوليته على كل منا. قد لا تسنح الفرصة للقارئ أن يقرأ أكثر من كتاب من كتبنا، لذلك ارتأينا أن نخصص فصلاً نلخص فيه هذا الموضوع.
تم شرح جميع الموضوعات الإيمانية التي تناولتها كل هذه الكتب على ضوء الآيات القرآنية وهي تدعو الناس إلى كلام الله والعيش مع معانيه. شرحت كل الموضوعات التي تتعلق بالآيات القرآنية بطريقة لا تدع مكاناً للشك أو التساؤل في ذهن القارئ من خلال الأسلوب السلس والبسيط الذي اعتمده الكاتب في كتبه يمكن للقرّاء في جميع الطبقات الاجتماعية والمستويات التعليمية أن تستفيد منها وتفهمها. هذا الأسلوب الروائي البسيط يمكّن القارئ من قراءة الكتاب في جلسة واحدة، حتى أولئك الذين يرفضون الأمور الروحانية ولا يعتقدون بها، تأثروا بالحقائق التي احتوتها هذه الكتب ولم يتمكنوا من إخفاء اقتناعهم بها.
يمكن للقارئ أن يقرأ هذا الكتاب وغيره من كتب المؤلف بشكل منفرد أو يتناوله من خلال مناقشات جماعية. أما أولئك الذين يرغبون في الاستفادة منه فسيجدون المناقشة مفيدة جداً إذ إنهم سيتمكنون من الإدلاء بانطباعاتهم والتحدث عن تجاربهم إلى الآخرين.
إضافة إلى أن المساهمة في قراءة وعرض هذه الكتب التي كتبت لوجه الله يعتبر خدمة للدين . عرضت الحقائق في هذه الكتب بأسلوب غاية في الإقناع، لذلك نقول للذين يريدون نقل الدين إلى الآخرين: إن هذه الكتب تقدم لهم عوناً كبيراً.(1/1)
من المفيد للقارئ أن يطلع على نماذج من هذه الكتب الموجودة في نهاية الكتاب، ليرى التنوع الذي تعرضه هذه المصادر الغنية بالمواد الدينية الممتعة والمفيدة.
لن تجد في هذا الكتاب كما في غيره من الكتب، وجهات نظر شخصية للكاتب أو تعليقات تعتمد على كتب التشكيك، أو أسلوب غامض في عرض موضوعات مغرضة أو عروض يائسة تثير الشكوك وتؤدي إلى انحراف في التفكير.
حول المؤلف
ولد الكاتب الذي يكتب تحت الاسم المستعار هارون يحيى في أنقرة عام ،1956 بعد أن أنهى تعليمه الابتدائي والثانوي في أنقرة، درس الآداب في جامعة ميمار سنان في جامعة استنبول، وفي الثمانينيات بدأ بإصدار كتبه السياسية والدينية . هارون يحيى كاتب مشهور بكتاباته التي تدحض الداروينية وتعرض لعلاقاتها المباشرة مع الإيديولوجيات الدموية المدمرة.
يتكون الاسم القلمي أو المستعار، من اسمي ‘’هارون’’ و’’يحيى’’ في ذكرى موقرة للنبيَّين اللَّذَين حاربا الكفر والإلحاد، بينما يظهر الخاتم النبوي على الغلاف كرمز لارتباط المعاني التي تحتويها هذه الكتب بمضمون هذا الخاتم. يشير الخاتم النبوي إلى أن القرآن الكريم هو آخر الكتب السماوية، وأن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين. وفي ضوء القرآن والسنة وضع الكاتب هدفه في نسف الأسس الإلحادية والشركية وإبطال كل المزاعم التي تقوم عليها الحركات المعادية للدين، لتكون له كلمة الحق الأخيرة، ويعتبرهذا الخاتم الذي مهر به كتبه بمثابة إعلان عن أهدافه هذه.
تدور جميع كتب المؤلف حول هدف واحد وهو نقل الرسالة القرآنية إلى الناس، وتشجيعهم على الإيمان بالله والتفكر بالموضوعات الإيمانية والوجود الإلهي واليوم الآخر.(1/2)
تتمتع كتب هارون يحيى بشعبية كبيرة لشريحة واسعة من القراء تمتد من الهند إلى أمريكا، ومن إنكلترا إلى أندونيسيا وبولندا والبوسنة والبرازيل وإسبانيا؛ وقد ترجمت بعض كتبه إلى الفرنسية والإنكليزية والألمانية والبرتغالية والأردية والعربية والألبانية والروسية والأندونيسية.
لقد أثبتت هذه الكتب فائدتها في دعوة غير المؤمنين إلى الإيمان بالله، وتقوية إيمان المؤمنين، فالأسلوب السهل والمقنع الذي تتمتع به هذه الكتب يحقق نتائجاً مضمونة في التأثير السريع والعميق على القارئ. من المستحيل على أي قارئ يقرأ هذه الكتب ويفكر بمحتواها بشكل جدي أن يبقى معتنقاً لأي نوع من أنواع الفلسفة المادية. ولو بقي أحد يحمل لواء الدفاع عنها، فسيكون ذلك من منطلق عاطفي بحت، لأن هذه الكتب تنسف تلك الفلسفات من أساسها. إن جميع الإيديولوجيات التي تقول بنكران وجود الله قد دُحضت اليوم والفضل يعود إلى كتب هارون يحيى.
لا شك أن هذه الخصائص مستمدة من حكمة القرآن ووضوحه؛ وهدف الكاتب من وراء نشر هذه الكتب هو خدمة أولئك الذين يبحثون عن الطريق الصحيح للوصول إلى الله، وليس تحقيق السمعة أو الشهرة، علاوة على أنه لا يوجد هدف مادي من وراء نشر كتبه هذه.
وعلى ضوء هذه الحقائق، فإن الذين يشجعون الآخرين على قراءة هذه الكتب، التي تفتح أعينهم وقلوبهم وترشدهم إلى طريق العبودية لله، يقدمون خدمة لا تقدر بثمن.
من جهة أخرى، يعتبر تناقل الكتب التي تخلق نوعاً من التشويش في ذهن القارئ وتقود الإنسان إلى فوضى إيديولوجية، ولا تؤثر في إزاحة الشكوك من قلوب الناس، مضيعة للوقت والجهد، أما هذه الكتب فمن الواضح أنها لم تكن لتترك هذا الأثر الكبير على القارئ لو كانت تركز على القوة الأدبية للكاتب أكثر من الهدف السامي الذي يسعى إليه، ومن يشك بذلك يمكنه أن يرى أن الهدف الوحيد لكتب هارون يحيى هو هزيمة الكفر وتكريس القيم الإنسانية.(1/3)
لا بد من الإشارة إلى أن الحالة السيئة والصراعات التي يعيشها العالم الإسلامي في يومنا هذا ليست إلا نتيجة الابتعاد عن دين الله الحنيف والتوجه نحو الإيديولوجيات الكافرة، وهذا لن ينتهي إلا بالعودة إلى منهج الإيمان والتخلي عن تلك المناهج المضللة، والتوجه إلى القيم والشرائع القرآنية التي عرضها لنا خالق الكون لتكون لنا دستوراً. وبالنظر إلى حالة العالم المتردية والتي تسير به نحو هاوية الفساد والدمار، هناك واجب لا بد من أدائه وإلا... قد لا نصل في الوقت المناسب.
لا نبالغ إذا قلنا: إن مجموعة هارون يحيى قد أخذت على عاتقها هذا الدور القائد، وبعون الله ستكون هذه الكتب الوسيلة التي ستحقق شعوب القرن العشرين من خلالها السلام والعدل والسعادة التي وعد بها القرآن الكريم.(1/4)
تتضمن أعمال الكاتب: النظام الماسوني الجديد، اليهودية والماسونية، الكوارث التي جرتها الداروينية على العالم، الشيوعية عند الأمبوش، الإيديولوجية الدموية للداروينية: الفاشية، الإسلام يرفض الإرهاب، اليد الخفية في البوسنة، وراء حوادث الإرهاب، وراء حوادث الهولوكوست، قيَم القرآن، الموضوعات 1-2-،3 سلاح الشيطان: الرومانسية حقائق 1-،2 الغرب يتجه إلى الله، خدعة التطور، أكاذيب التطور، ، الأمم البائدة، لأولي الألباب، انهيار نظرية التطور في عشرين سؤالاً، إجابات دقيقة على التطوريين، النبي موسى، النبي يوسف، العصر الذهبي، إعجاز الله في الألوان، العظمة في كل مكان، حقيقة حياة هذا العالم، القرآن طريق العلم، التصميم في الطبيعة، بذل النفس ونماذج رائعة من السلوك في عالم الحيوان، السرمدية قد بدأت فعلاً، ، خلق الكون، لا تتجاهل، الخلود وحقيقة القدر، معجزة الذرة، المعجزة في الخلية، معجزة الجهاز المناعي، المعجزة في العين، معجزة الخلق في النباتات، المعجزة في العنكبوت، المعجزة في البعوضة، المعجزة في نحل العسل، المعجزة في النملة، الأصل الحقيقي للحياة، الشعور في الخلية، سلسلة من المعجزات، بالعقل يُعرف الله، المعجزة الخضراء في التركيب الضوئي، المعجزة في البروتين، أسرار DNA .
وكتب الكاتب للأطفال: أيها الأطفال كذب داروين!، عالم الحيوان، عظمة السماوات، عالم أصدقائك الصغار، النمل، النحل يبني خليته بإتقان، بناة الجسر المهرة: القنادس.(1/5)
وتتضمن أعمال الكاتب الأخرى التي تتناول موضوعات قرآنية: المفاهيم الأساسية في القرآن، القِيَم الأخلاقية في القرآن، فهم سريع للإيمان 1-2-،3 هجر مجتمع الجاهلية، المأوى الحقيقي للمؤمنين: الجنة، القيم الروحانية في القرآن، علوم القرآن، الهجرة في سبيل الله، شخصية المنافقين في القرآن، أسرار المنافق، أسماء الله، تبليغ الرسالة والمجادلة في القرآن، المفاهيم الأساسية في القرآن، إجابات من القرآن، بعث النار، معركة الرسل، عدو الإنسان المُعلن: الشيطان، الوثنية، دين الجاهل، تكبر الشيطان، الصلاة في القرآن، أهمية الوعي في القرآن، يوم البعث، لا تنس أبداً، أحكام القرآن المنسية، شخصية الإنسان في مجتمع الجاهلية، أهمية الصبر في القرآن، معارف عامة من القرآن، حجج الكفر الواهية، الإيمان المتكامل، قبل أن تتوب، تقول رسلنا، رحمة المؤمنين، خشية الله، كابوس الكفر، النبي عيسى آتٍ، الجمال في الحياة في القرآن، مجموعة من جماليات الله 1-2-،3 مدرسة يوسف، الافتراءات التي تعرض لها الإسلام عبر التاريخ، أهمية اتباع كلام الله، لماذا تخدع نفسك، كيف يفسر الكون القرآن، بعض أسرار القرآن، الله يتجلى في كل مكان، الصبر والعدل في القرآن، أولئك الذين يستمعون إلى القرآن.
المحتويات
المقدمة 8
الإيمان بالداروانية بعد عن العقل والمنطق 10
هل تعرفون أن في أجسامكم جهازا بإمكانه نسخ مليون صفحة مليئة بالمعلومات خلال عشرين دقيقة ؟ 14
إن إبداع (DNA)يكذّب نظريّة التطوّر 16
التصميم الشكلي للخلايا هو الدليل الكافي على بطلان نظريّة التطوّر 17
كيف تتعرف الخلايا على بعضها البعض؟ 18
يمكننا إنقاذ البشر من آثار الفلسفة الإلحادية بإثبات الأدلة على وجود الله عزّ وجلّ 20
معمل النفط في أجسامنا 22
جزيئة أي، تى، بي (ATP) طاقة الحياة في الخلايا 24
من الذي ينظم حركة المرور في الخلية؟ 26
هل تعلمون أن الكبد يعمل كمعمل عملاق ؟ 27(1/6)
الخلايا التي تنتحر كي لا تصيب الجسم بأي ضرر 28
الأجهزة الموجودة في الكبد للقضاء على البكتريا الضارة 30
لا حاجة لكم بمراقبة عملية التنفس لأن ثمة خلايا
وظيفتها القيام بهذه المهمة بدلا منكم 32
الخلايا التي تستطيع القيام بأعمال لا نستطيع نحن القيام بها 34
إن حياتكم تستمر بالتقسيم الواعي الذي تقوم به الخلايا للأعمال ! 35
هل خطر ببالكم أن العلميات التي تتم داخل الخلايا تقتضي وجود العقل؟ 36
هل تلاحظون عند تناولكم السكر وجود مصنع عملاق في أجسامكم
لتنظيم نسبة السكر في الدم؟ 38
الكلى التي تميز بين الجلوكوز والبروتين والصوديوم
هي دليل واضح على وجود الخالق 40
هل تعرفون ماذا يحدث عندما تتعرض أجسامكم إلى انخفاض في ضغط الدم ؟ 42
وعى الجهاز الدوري في الجسم 44
الجزيئة المعجزة التي تلين الشرايين 46
مثال واحد يكفي لبيان عبث النظريّة الداروينية 48
كل بروتين في أجسامنا يمتلك تصميما عالي الجودة ووظائف ضرورية 50
الأنزيمات المصححة للأخطاء 52
الإيمان بالنظرية الداروينية شرود كبير عن المنطق
ومثله مثل الإيمان بأساطير الأطفال 55
الأنزيمات التي تمتلك العلم والوعى والمهارة 56
مواهب تخطيط الإنتاج لخلايا العظام 58
التناسق العجيب في المخلوقات يكذّب الداروينية 60
الهيموجلوبين صياد الأوكسجين في الدم 62
الشعيرات التي تمتلك المقدرة على تعيين الجهات في المسالك التنفسية دون خطأ 63
اقرؤوا هذا المقال وأنتم تتخيلون أن ما سيأتي ذكره يحدث في أجسامكم 64
أنزيمات لايزوزوم التي تخدم جسم الإنسان 66
هل فكرتم في المعجزة العظيمة لعملية التنفس؟ 68
شبكة الاتصالات بين الخلايا 70
الهرمون المنتج في المخ هو مصدر آلام الولادة ولبن الأم 72
ما ذا لو لم تشعر بالعطش أبداً؟ 74
الهرمونات: الجزيئات التي يمكنها تمييز الجنس 76
هل يمكن للهرمون الذي له الفضل في الحركات الواعية للخلايا
أن لا يكون لديه وعي بنفسه؟ 78(1/7)
لا معادلة يمكن أن تظهر من تلقاء نفسها أو بالصّدفة! 80
هل من الممكن أن يكون للكلى معلومات طبّية ؟ 81
الهرمونات التي تكذّب الداروينية 82
هل تعرف أن الرئة تمتلك آلية للدفاع و التدخل السّريع ؟ 84
لولا الأنزيمات لاستمرت قراءتكم لهذا النّصّ أربعين ألف عام 85
المضادات الجسمية التي تأخذ الاحتياطات اللازمة
ضد الجراثيم التي لم ترها من قبل 86
خلايا الدفاع مخلوقة بذاكرة مليئة بالمعلومات 88
توجد علوم ومعجزات خفيّة لا حصر لها في ماترونه ولم تفكروا فيه 90
إن خصائص أية جزيئة مهما كانت صغيرة تكفي لإبطال نظرية التطور 92
هل تعلمون أنّ حياتكم مرتبطة بالحبال القطنية؟ 94
أعقد شبكة في الكون هي شبكة أدمغتنا 95
إنّ كل ما تعلمتموه هو أية من أيات خلق الله 96
الملحق: خديعة التّطوّر 98
المقدمة
طرحت نظرية التطور في أواسط القرن 19 على يد عالم إنجليزي في وقت كانت العلوم والتكنولوجيا على مستوى متدن. فقد كان علماء ذلك القرن يُجرون أبحاثهم في معامل بسيطة وبأجهزة بدائية جداً لا يمكن معها للعلماء أن يروا من خلالها البكتريا ، ومن المؤكد أن عدم دقة الأجهزة خلق بعض الاعتقادات الباطلة التي ترسبت في أذهانهم في غضون العصور الوسطى ولا تزال مؤثرة في ثقافتهم حتى الآن.
من أبرز هذه الاعتقادات الفكرة التي تقول:
إن للحياة طبيعة بسيطة في أساسها وهي الفكرة التي ترجع أصولها إلى الفيلسوف اليوناني الشهير أرسطو الذي قال:
( إنّ الحياة تبدأ صدفة بمجرد وجود بعض المواد التي لا حياة فيها، وتكون هذه المواد متلازمة جنبا إلى جنب في بيئة مبتلة رطبة ومن هنا تبدأ الحياة ).
وكذلك أعتمد داروين في بناء نظريته على هذه الفكرة وهي أن:
(الحياة لها طبيعة بسيطة في أساسها).(1/8)
ولقد اعتنق علماء علم الأحياء فكرة داروين وناصروها وبنوا أفكارهم على هذا المنطق، وكان من أهم مناصري داروين في ألمانيا العالم أرنيست هايكل الذي كان يعتقد أن الخلية الحية التي ترى تحت المجهر حينذاك كبقعة غامقة هي في أساسها بسيطة التكوين بطبيعتها وقال عنها كما تصورها:
(إن الخلية ما هي إلا بالونة بسيطة مملوءة بسائل هيلامي ).
وهكذا صيغت نظرية داروين معتمدة على مثل هذه التخيلات ، ومما أدى إلى خطأ أصحابها مثل هايكل (Heackel) وداروين (Darwin) وهكسلي (Huxley) حينما اعتقدوا أن للحياة تكويناً بسيطاً، خلق بالصدفة البحتة.
ولقد خطا العلم والتكنولوجيا خلال قرن ونصف القرن خطوات عملاقة من يوم وضعت نظرية داروين إلى يومنا هذا ، ولقد اكتشف العلماء الآن حقيقة الخلية التي تحدث عنها هايكل(Heackel) وهى أن الخلية عبارة عن بالونه بسيطة مملوءة بسائل هيلامي وشاهدوا حائرين أن حقيقة الخلية ليست بسيطة كما ظن علماء الماضي ، بل وتوصلوا إلى نظام كامل متكامل داخل الخلية الذي كان لا يمكن تخيله في عصر داروين.
وضع الأستاذ الدكتور ( ميشيل دانتون ) وهو أحد أشهر علماء علم الأحياء الجزيئي مثالاً لشرح ماهية الخلية حيث قال:
‘’لابد من تكبير الخلية مليون مرة لكي نتوصل إلى حقيقتها التي أنتجت لنا علم الأحياء الجزيئي’’، ولقد شبه لنا الخلية على أنها مركبة فضاء عملاقة تغطي أجواء مدينة كبيرة مثل مدينة نيويورك أو لندن ، وعندما نبحث هذه الخلية عن قرب نجد فيها ملايين الأبواب الصغيرة التي لو دخلنا من إحداها تحدث المفاجأة حيث نجد تكنولوجيا خارقة للعادة ونظام متكامل مبهر.(Michael Denton Evolution: A Theory in Crisis: London, Burnett Book, 1985, p.242)(1/9)
هذا الكتاب يتكلم عن معجزة الخلق في الخلية التي تعد أثراً صغيراً جداً يشتمل على نظم متكاملة مبهرة أكثر من مركبة الفضاء العملاقة، وسيضع هذا الكتاب نصب أعيننا الحركات اللاشعورية غير المتوقعة في جميع المواد التي تحتويها الخلية من جزيئات وأنزيمات وبروتينيات منتجة داخل الخلية. وشرح ماهية الخلايا الموجودة في جسم الإنسان والتي يبلغ عددها مائة بليون خلية تقريباً ، ويعرض أيضاً النماذج المتعلقة بكل خلية والتي تعرض لنا تطورات العلم والعقلية الجبارة الفذة وسيوضح أخيراً أن كل ما في الخلية الحية ما هو إلا آية من آيات الله تعالى وليس نتيجة الصدفة العمياء.
وفي الحقيقة فإن أدلة خلق الله وآثار قوته الخارقة وعلمه وصنعه لمخلوقاته موجودة في كل شئ وفي كل مكان وزمان ، فكل ما تقع عليه عين الإنسان يجد فيه قدرة خلق الله العظيم .
إن السبب الحقيقي الذي جعل كاتب هذا الكتاب يتناول موضوع الخلايا بصفة خاصة هو إلقاء الضوء مرة واحدة على الحقائق بأسلوب علمي ردا على من يدعي أن الحياة ما هي إلا نتيجة الصّدفة ومن ينكر وجود الله جل ذكره، ويثبت أن للحياة مميزات جزئية وكلية لا يمكن وجودها بالصدفة وإنما هي مخلوقة عن علم وقدرة ، غير أن السبب الرئيسي لتأليف هذا الكتاب هو تسبيح رب العالمين والاعتراف بقدرة الله في خلقه جل جلاله .
الإيمان بالداروانية بعد عن العقل والمنطق(1/10)
إن كل خلية في جسدنا تتكاثر بالانقسام ولابد من نسخ الحامض النووي (DNA ) الذي يوجد داخل نواة الخلية عند الانقسام، وعملية الانقسام هذه تتم وفق نظام دقيق لا قصور فيه يصيب الإنسان بحالة انبهار ، فجزيئة (DNA ) تشبه سلماً حلزونياً يحتوي على ثلاثة مليارات حرف تعتبر مركزا للمعلومات، ويأتي أنزيم اللولب ( هليكاز) إلى موقع الانقسام عند بداية عملية الانقسام فينقسم السلم الحلزوني (DNA ) إلى شريطين بعد حل اللولب المزدوج ويتم انفصال الشريطين عن بعضهما بكسر الروابط الهيدروجينية الموجودة بين القواعد المزدوجة في الشريطين وفي النهاية يفترق وجها (DNA ) عن بعضهما البعض بشكل ‘’هيلكس’’ الذي دخل في بعضهم البعض.
يقوم (DNA ) بوظيفته في الوقت المناسب ودون تأخير وبغير تخاذل أو إهمال ودون أدنى خطأ يذكر كما لا يصاب (DNA) بأي ضرر ولو بسيط ، أما الآن فلقد جاء الدور على أنزيم ( DNA-Polymerase ) بوليميراز فوظيفته تكملة وجهي الـ (DNA ) الذين انقسما إلى شريطين بشريط آخر لجعلهم وحدة متكاملة.
الأنزيم المكون من ذرات الذي يتوقع أن يكون له عقل وعلم ووعي يستطيع إن يثبت المعلومات اللازمة التي تأتى بها من أماكنها في الخلية وصفّها في مواقعها الصحيحة لتكملة النصف الثاني ويكون (DNA ) خلال هذه العملية دقيقا كل الدقة حيث لا يوجد أدني خطأ خلال العملية وبدقة متناهية جداً يثبت ثلاثة مليارات حرف الواحد وراء الآخر وفي نفس اللحظة يقوم أنزيم بوليميراز آخر بنفس العملية لتكملة النصف الأخر (DNA ) بينما يحدث كل هذا تمسك أنزيمات الربط ( (DNA من أطرافها لكي لا يحدث اختلاط بين جزءين منفصلين في شريطي ( DNA) .
كما نرى فإن كل أنزيم يعمل من خلال تنظيم عسكري صارم جداً خلال عمليه استنساخ (DNA ) الذي يحتاج إلى العقل والعلم للقيام بهذه العملية الدقيقة.(1/11)
هل لكم أن تتصوروا أن تقوموا بنسخ كتاب يحتوي على ثلاثة مليارات حرف عن طريق الآلة الكاتبة من غير أن يحدث خطأ في حرف من الحروف؟ طبعاً هذا مستحيل ... فبدون شك لابد أن يحدث خطأ في النسخ ولو بسيط.
ورغم ذلك فإن أنصار النظرية الداروينية يزعمون أن العمليات التي تقوم بها الأنزيمات ومليارات المعلومات الموجودة في ( DNA ) خلال الاستنساخ والتنظيم الهائل الذي لا خلل فيه يتم بمحض الصدفة العشوائية ، إن اعتقاد أنصار النظرية بمثل هذه الظنون التي لا يصدقها عقل حدث ضخم مثير للاهتمام بل أنه خارق للعادة . ونحن نجد أن السبب الوحيد لأيمانهم بهذه المعتقدات الخاطئة العمياء ونشرها هو تمسكهم بالإلحاد وتمردهم على الاعتراف بوجود الله ومشيئته .
هل تعرفون أن في أجسامكم جهازا بإمكانه نسخ مليون صفحة مليئة بالمعلومات خلال عشرين دقيقة ؟
وكما هو معروف بالنسبة إلينا فإن الخلايا تتكاثر بالانقسام ويتحتم عند الانقسام أو الاستنساخ وجود الحامض النووي (DNA) لتكوين خلية جديدة وخلال هذا الاستنساخ نقف عند حدث مثير للانتباه يستلزم التمحيص والتفكير .
إن الحامض النووي (DNA) الذي هو بنك المعلومات الضخم والذي يحتوي على جميع معلومات الكائن الحي لو أردنا تحويل هذه المعلومات إلى خطوط وحروف سنجدها تحتوي على ثلاثة مليارات حرف يشتمل على مليون صفحة وهي عبارة عن مجموعة من المجلدات المكونة لموسوعة عملاقة يبلغ عددها ما يقرب من 1000 مجلّد. ومن هنا نستنتج أن عملية الاستنساخ للحامض النووي (DNA ) توازي عملية نسخ مليون صفحة أو ألف مجلد لموسوعة.
هل تعرفون كم تستغرق عملية النسخ هذه ؟ إنها تستغرق ما بين 20 إلى 80 دقيقة تقريباً .(1/12)
انتبه عزيزي القارئ، هذا يعني أنه يتم نسخ مليون صفحة في مدة تتراوح ما بين 20 إلى 80 دقيقة دون أن يكون هناك أي نوع من الخطأ والنقص، فحتى وقتنا الحاضر لا يوجد أي نوع من أنواع التكنولوجيا المتطورة في النسخ تستطيع أن تقوم بعملية كهذه خلال مدة قصيرة، المدة التي ذكرت من قبل دون خطأ أو نقص ولاحظ بأن الذي يقوم بعملية النسخ
(DNA)ليس أجهزة تكنولوجية بل خلايا لا يمكننا رؤيتها بالعين المجردة.
والآن يجب علينا أن نفكر في من يمتلك العلم والعقل والتنظيم المبهر ومن الذي قرر ضرورة نسخ الحامض النووي (DNA) وانقسام كل الخلايا ومن قام بهذه العملية بغير خطأ وبسرعة فائقة؟ وقام بتصويب كل عملية من هذه العمليات. فمن قال أن هذا النظام المتطور المبدع المتكامل الذي لا يوجد فيه أي قصور هو محض الصدفة. فإن هذا القول خارج عن إطار العقل والمنطق تماماً ، وإذا حاولتم جمع ذرات الكون ووفرتم الشروط اللازمة لخدمة تكوين نظام استنساخ (DNA) بالطرق العشوائية البحتة ما استطعتم ذلك أبدا .
وهنا نرجع إلى صلب موضوعنا وهو أن من الواضح ومما لا ريب فيه أن خالق هذا النظام المبدع الذي مازال مستمراً في خلقه منذ مليارات السنين هو صاحب العلم و القدرة، هو الله جل شأنه رب العالمين.
وَلِلهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطاً
سورة النساء آية 126
إن إبداع (DNA ) يُكذّب نظرية التطور
نحن نجد أنه في جزيئة واحدة داخل (DNA) في جسم الإنسان مليون صفحة موسوعية تحتوي على معلومات ذات أهمية بالغة، والآن تأمل قليلاً لو وزعت ملايين الحروف على شارع ما بطريقة عشوائية ثم تم عمل مقالات مثل مقالات الجرائد اليومية من هذه الحروف ، فهل يمكن أن تتصور أن هذا العمل تم بمحض الصدفة العمياء ، بالطبع لا، إلا أنه جائز عند أنصار النظرية الداروينية .(1/13)
إن الأيدلوجية الداروينية تستخف بعقول شعوب العالم وتتعامل معهم كأطفال وتعرض الصدفة في نظريتها كقدرة إلهية تمتلك عبقرية مبهرة تفوق جميع عقول البشر على وجه الأرض .
فأنصار هذه النظرية يرون أن العبقرية الفذة المسماة بالصدفة التي عملت على تشكيل عقول الناس جميعاً والتي مرت عبر العصور في الأذهان وملكات التفكير وقوة الذاكرة وشدة المحاكاة وغيرها و غيرها من آلاف المميزات المادية والمعنوية .
كل هذا لا يحتاج إلا للوقت الكافي فقط وهم يرون أنه لو أعطيت إلى الصدفة الزمن الكافي والمادة المناسبة فسوف تكون قادرة على خلق جميع أنواع البشر والكائنات الحية مثل (النمل والخيول والزرافات والطاووس والفراشات والتين والزيتون والبرتقال والخوخ والرمان والبطيخ والشهد والطماطم والموز والورد وكذلك الآلاف من النباتات والحيوانات التي لم نستطع ذكرها وحصرها، ومما لاشك فيه أن كل هذه الدلائل الباهتة كاذبة وباطلة والله خالق كل شئ .
مَا قَدَرُوا اللهَ حقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
سورة الحج: الآية 74
التصميم الشكلي للخلايا
هو الدليل الكافي على بطلان نظرية التطور
يوجد في جسم الإنسان حوالي مائتي نوع من الخلايا تقريباً مختلفة الأشكال، ومن أهم وأبرز هذه الاختلافات هي التي توجد بين خلايا الأعصاب وخلايا العضلات وخلايا الدم في الشكل، فإن كل هذه الخلايا على الرغم من أنظمتها تتفق في الأساس إلا أن تصميمها البارع يجعلها تقوم بوظائفها على أكمل وجه وبكفاءة عالية كلٌ في موقع عمله.
فنحن أمامنا نموذجان لخلايا مختلفة في الشكل وهما خلايا الأعصاب وخلايا الدم، فخلايا الأعصاب يمتد طولها إلى المتر تقريباً وتبدأ من العمود الفقري وتنتهي عند القدم، وبذلك تصل الأوامر والإنذارات من المخ إلى مواقعها المطلوبة مارة بالخلايا على خط واحد مستقيم في أقصر وقت ممكن أي بسرعة فائقة جداً.(1/14)
أما خلايا الدم فيصل طولها إلى 7 ميكرومتر على عكس ما كان عليه شكل خلايا الأعصاب .
فإن هذا الحجم المتناهي في الصغر يجعلها تمر بسهوله من خلال الشعيرات الدموية حيث أصبح وَجْهَا الخلايا على هيئة اسطوانة صغيرة جداً مجوفة من الداخل مما يجعل الخلية ذات مساحة واسعة من الداخل يسمح لها بعملية استنشاق الأوكسجين (2CO) وطرد ثاني أكسيد الكربون (2CO) بصورة عالية جداً ولو تخيلتم وجود ملايين الخلايا في كل متر مكعب من الدم فسوف لا يصل تصوركم حجم المساحة التي تتم فيها عملية أخذ الأوكسجين.
وكذلك فإن الخلايا الموجودة في أعيننا وآذاننا تتميز على حسب أشكالها الكوكليو ( koklea ) الذي يوجد في الأذن الداخلية هو عبارة عن خلايا تتكون من شعيرات صغيرة جداً تتذبذب هذه الشعيرات بتأثير الموجات الصوتية وتعمل بتحويل ضغط الموجات إلى السائل الذي يوجد في الأذن إلى إنذار عصبي، والخلايا الموجودة في شبكية العين مخلوقة لتؤدي وظيفتها بأحسن صورة ممكنة ، فخلايا الشبكية ذات الشكل المخروطي تحتوي على العديد من الأغشية لتسهيل الاتصال العصبي ، وتحتوي كذلك على صبغات عديدة حساسة تجاه الضوء. إن هذا التركيب يكسب خلية الشبكية حساسية عالية تجاه الضوء. وهذا النظام يكسب كل خلية من الخلايا مستوى عالي الكفاءة لكي تصبح حساسة جداً .
وهناك أيضا خلايا ماصة للأغذية داخل الأمعاء الرفيعة صممت هيئتها على حسب وظيفتها لتكون مناسبة للقيام بهذه الوظيفة.
فيوجد فوق كل خلية غطاء من الشعيرات المجهرية المسماة بالمكروفيللي. والجزيئات الناقلة التي تقوى على هذه الشعيرات التي تأخذ ما تحتاج إليه من غذاء وتطرد الفائض عن حاجتها وبذلك يتم طور هام من أطوار هضم الغذاء.
ويجب ألا ننسى أن جميع الخلايا في جسم الإنسان تكونت عن طريق الانقسام والتكاثر داخل الخلية الواحدة.(1/15)
ولهذا أيعقل أن الخلايا هي التي اختارت الأشكال المناسبة لتأدية الوظيفة المطلوبة بكفاءة عند بناء الجسم .
فهذا كله يؤكد لنا أن الله وحده سبحانه وتعالى هو الذي خلق الأشكال اللازمة والمناسبة لتؤدي وظيفتها بكفاءة عالية .
كيف تتعرف الخلايا على بعضها البعض؟
لقد تعرفنا جميعا في المدارس على بعض المعلومات الخاصة بتكون جسم الإنسان، وبناءاً على هذه المعلومات فإن المضغة التي توجد في الرحم تتخذ شكلاً معيناً بمرور الوقت، فبعض الخلايا تكون لليدين، والبعض للأعضاء الداخلية، والبعض الآخر يكون للعينين. ولإنجاز هذه المهام تنفصل هذه الخلايا عن بعضها البعض مع كل خلية تعرف مكانها بالضبط وتعرف أيضا متى تتكاثر ومتى تتوقف عن عملية التكاثر، ولكن سوف تأتي أشياء أخرى تثير حيرتنا عند تشكيل المضغة .
فلو وزعنا الخلايا على الأعضاء المختلفة للمضغة بعضها عن البعض وذلك بتقليل نسبة الكالسيوم وقمنا برج هذه الخلايا في بيئة مناسبة للاختلاط والامتزاج ببعضها البعض فسوف نجد أخيرا أن كل خلايا العضو الواحد تجتمع وستشكل مجموعات معينة لمعرفة بعضها البعض. ( الأستاذ الدكتور أحمد نايان، Yasamda ve Hekimlikte Fizyoloji،نشريات متكسان، أنقرة ,1988 الطبعة العاشرة، ص. 40).
وهذا يعني أننا لو فرقنا الخلايا عن بعضها البعض ثم جمعناها مرة أخرى فسوف نجد أن الخلايا التي تشكل نفس العضو تتعارف وتشكل مجموعات معينة لخدمة أغراض معينة . إذن كيف تتعرف الخلايا بعضها على بعض؟ فهل تمتلك عقلا أو جهازا عصبيا أو عينا ؟ وكيف تميز نظيراتها عن باقي الخلايا الأخرى، وكيف تميز الاختلاف النوعي عن الخلايا المختلفة رغم أن تكوينها جزيئي، ولا تمتلك العقل ولا الوعي، فما الذي يدلهّا على المكان الذي تجتمع فيه لتكوين عضو كامل، من مصدر هذا الوعي العظيم للجزيئات؟ من المؤكد أن مصدر هذا الوعي هو الله رب العالمين الذي خلق الكون من عدم.(1/16)
سَنُريهِم آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِم حَتّى يِتِبَيّنَ
لَهُم أنَّهُ الحَقّ أَوَ لَم يَكفِ بِرَبّكَ أَنّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ شَهِيد
فاطر-الآية 53
يمكننا إنقاذ البشر من آثار الفلسفة الإلحادية بإثبات الأدلة على وجود الله عز وجل
إن الخلية الحية تكونت نتيجة الصدفة العشوائية على حد زعم أنصار النظرية الداروينية، ولكنّ الآلاف من النظم الحية تكذّب هذه الصدفة العابثة وهاك دليل من ضمن آلاف الأدلة تتمثل في التفاصيل الموجودة في داخل الشعيرات. تكون وظيفتها الوحيدة تحريك الخلية، وهناك بعض الخلايا تتحرك عن طريق شعيرات تشبه الرموش ومثال على ذلك. أن الخلايا الثابتة في الجهاز التنفسي تمتلك ما يقرب على المائة شعيرة، هذه الشعيرات تتحرك كمجاديف القارب مما يجعل الخلية تتحرك إلى الأمام وإذا أخذنا مقطعاً طولياً لشعيرة ما فسوف نرى أنها تتكون من تسعة قضبان صغيره تكون على شكل حلقتين متداخلتين في بعضهما البعض، وإحدى هاتان الحلقتان تتكون من ثلاثة عشر خيط رقيق والأخرى تتكون من عشرة خيوط رقيقة فقط، وهذه القضبان الصغيرة تتكون من بروتين يسمى توبولين .
إن هذه القضبان الصغيرة تتكون من بروتين اسمه داينين ( DYNEIN ) وله جزآن طوليّان إحداهما يدعى الاستطالة الداخلية والآخر الاستطالة الخارجية، والوظيفة الأساسية للبروتين المسمى داينين أنه يعمل كمحرك بين الخلايا بقوة ميكانيكية، والجزيئات التي تكوّن البروتين المسمى توبولين مرصوصة على هيئة أشكال حجر البناء المرصوص رصا مرتبا وتأخذ في النهاية شكلا أسطوانيا، إلا أنها تعتبر أكثر تعقيدا من ناحية التكوين مقارنة بأحجار البناء الخلية، و يوجد اثنان من هذه القضبان الصغيرة تقع منفصلة في وسط الشعيرات الثلاث عشرة، وعلى هذا فإن ذلك النظام المتكامل مازال موجوداً في كل خلية من خلايا الجهاز التنفسي عند كل إنسان حي .(1/17)
إن هذا النظام المعقد المكون من أجزاء لا ترى بالعين المجردة تتميز بالتناهي في الصغر .
وكل بروتين توبولين يحمل من فوقه عشرة جزيئات بارزة ومن تحته عشرة جزيئات مجوفة متناسقة مع بعضها البعض تماماً وبذلك تشكل بمجموعها بنية قوية جداً بحيث أن أدنى خطأ في تصميم هذا البنيان للجزيئات يضر بالبنية الأساسية للخلية.
وهذه الأجزاء التي حاولنا أن نشرحها لكم بكلمات موجزة تكون شعيرة واحدة فقد تتمثل وظيفتها الوحيدة في تحريك خليه واحدة من ضمن بلايين الخلايا في جسدكم .
والخلاصة مما سبق أن هذه الأجزاء جميعها توجد داخل الشعيرة التي توجد في الخلية الحية ضمن آلاف الشعيرات. ولكي نفهم جيداً مدى التناهي في الصغر في المساحة ينبغي أن نتأمل في المثال التالي :
لو تصورنا وضع هذه التفاصيل داخل شعر إنسان لما أدرك العقل مدى صعوبة هذه التفاصيل فكل ما تحدثنا عنه صغير جداً بالقياس لشعر الإنسان .
والخلاصة أن الله سبحانه وتعالى قد وضع نظاما متكاملا في مساحة صغيرة جداً حيث نعجز عن رؤيتها بالعين المجرّدة فمن المؤكد أنه يستحيل تصوّر أن الصدفة هي المدبرة والمكونة لهذا النظام المبهر ووضعه في مساحة صغيرة كهذه لتحريك خلية واحدة فقط وإنما هي تتم بقدرة الله سبحانه وتعالى وبعلمه الذي لا مثيل له ولا نهاية له سبحانه ( علم الإنسان ما لم يعلم ) .
معمل النفط في أجسامنا(1/18)
نمشي ونقف ونتنفس ونغمض أعيننا ونفتحها وخلاصة ذلك أن كل ما نحتاج له من الطاقة اللازمة لنظل على قيد الحياة تنتجها محطات لتوليد الطاقة تسمى ميتوكوندريا (Mitochondria) في خلايانا ومن خلال دراستنا سوف يظهر لنا أننا لسنا مبالغين حينما أطلقنا تعبير محطات توليد الطاقة على الميتوكوندريا. إن الأوكسجين (2O) يلعب دوراً رئيسيا لإنتاج الطاقة في الخلية وله مساعدان يساعدانه في إنتاج الطاقة وتأخذ الأنزيمات المختلفة أدوارها عند كل طور من أطوار إنتاج الطاقة فالأنزيمات التي أدت وظيفتها في أحد أطوار إنتاج الطاقة تترك مكانها للأنزيمات الأخرى وهي في كامل وعيها وكذلك تتحول الطاقة المخزونة في الأغذية إلى مواد تفيد الخلية عن طريق مئات التفاعلات الكيميائية وعشرات العمليات الوسطية ومئات الأنزيمات التي اشتركت في جميع أطوار هذه العمليات ويتم ذلك كله دون خلط أو تغيير في الأنزيمات أو خطأ في ترتيب الأدوار، فكلٌ يقوم بعمله باتفاق ونظام في فريق عمل جماعي رائع يتم عمله في غاية الجدية .
ومن ثم يمكننا القول أن الخلايا التي لا يصل حجمها أكثر من واحد في المائة مليمتر تعمل كمحطة للطاقة وأعقد تنظيما من معمل النفط أو السد الكهربائي .
إن معامل النفط تقوم على أيدي مهندسين متخصصين يقومون بأعمالهم في ضوء تقنية فنية، ويعرفون النقاط والخطوات التي سوف يسيرون عليها ولديهم قدرة على تحليل هذا النفط الخام تحت الظروف المتاحة لهم في معاملهم، ومن الجدير بالذكر أنه يستحيل أن نتصور تشغيل معامل النفط على أيدي أناس غير متخصصين وليس لديهم أدنى فكرة عن معنى كلمه النفط .
وبناءً على هذا الكلام تتحتم الدراية والمعرفة الكاملة لإنتاج الطاقة في الخلية الحية، فنظامها أكثر تعقيداً من النظام في معامل النفط ، ولاشك أنه من المضحك القول أن للخلية إمكانية التعلم. إذن كيف تصل الخلية وحدها إلى إنجاز مثل هذا الإنتاج الضخم؟(1/19)
وفي الحقيقة لا يوجد لدى أي خلية فرصة التعلم بمعنى الكلمة لذا فهي عملية حيوية بيولوجية فإذا لم يكن للخلية أية إمكانية لإنجاز هذه العملية من بدء نشأتها فلن تتاح لها الفرصة للوصول لهذه المهارة لأن الأوكسجين (2O) الذي يلعب دوراً رئيسياً في إنتاج الطاقة له تأثير سلبي على الخلية، ومن هنا فالخلية يجب أن تكون مدعمة بهذه المميزات اللازمة لها وهذا أكبر دليل على عدم إمكانية إيجاد الخلايا وتكوينها وقيامها بوظائفها بالصدف العمياء بل جميعها من صنع الخالق جل في علاه.
فهنا يظهر الله تعالى القدرة التي لا نهاية لها في صنعه البديع لما في مساحة واحد في المائة من مليمتر.
جزيئة أي، تي، بي (ATP) : طاقة الحياة في الخلايا
إن الطاقة أولاً تغلف في جزيئة خاصة تسمي ثلاثي فوسفاط الأدينوسين(ADENOZIN-TRIPHOSPHATE ) وثانياً تستخدم في جميع عمليات الإنتاج والتنقلات.
إن الإنسان في حالة الاسترخاء للراحة خلال يوم كامل يحتاج إلى خمسة وأربعين (45) كجراما من جزيئة (ATP) .
والجدير بالذكر والعجيب أنه لا يوجد في جسم الإنسان أكثر من 1 جرام تقريباً من (ATP) ولا ننسى أن الحياة في الخلية تعتمد على هذه الطاقة لذلك يتم بسرعة فائقة إنتاج (ATP) لدرجة أنه ينتج في كل لحظة عشرة ملايين جزيئة (ATP) في مائة بليون خلية تقريبا دون توقف.
كيف يتم هذا الإنتاج الضخم بهذه السرعة الهائلة ؟
عندما تحتاج الخلية إلى الطاقة يفتح باب علبة الطاقة ويؤخذ (ATP) واحد من ثلاث جزيئات فوسفات ( أخيرة) وتظهر الطاقة حرة بفتح جزيئة فوسفات أخرى مما يحصل تنفيذ العمليات داخل الخلية بسهولة، فهذه العمليات تتم في كل لحظة بسرعة محيرة وبغير عائق يعوقها، ولاشك أن الجزيئ الذي يتكون من ذرات لا يمكنه أن يقدر كمية الطاقة اللازمة للخلية والقيام بالإنتاج المناسب لها ، ويستحيل أن يتم بمحض الصدفة وجود نظام التغليف المناسب لتحقيق هذا الإنتاج السريع.(1/20)
فمن الذي خلق الخلية وحركة كل جزيء فيها وإنتاجه وخلق جزيء (ATP) وسخره للكائنات الحية بأكمل وجه أو ليس هو الله عز وجل خالق كل شئ سبحانه عما يصفون .
من الذي ينظم حركة المرور في الخلية؟
وجد ما تسمى جسيمة جولجي (golgi) في جميع الخلايا وتلعب دوراً هاماً في تجهيز البروتينيات المتحللة وتعمل على تمييز أنواعها وتفريقها فإن كثيراً من البروتينيات المختلفة التي توجد في أماكن مختلفة في الخلية تتحلل في شبكة اندوبلاسمية (: Endoplasmic Reticulum الذي يوجد في مكان آخر في الخلية فالبروتينيات تنتقل من الشبكة الإندوبلاسمية إلى جسيمة جولجي بعد تحللها بدقائق .
هناك تغيرات هامة لإنتاج مثل هذه العمليات من ضمن هذه التغيرات، أن البروتينيات تتعرض لتغيرات في جسيمة جولجى وهذا التغير يتحقق بإضافة كربوهيدرات والآخر يضاف إليه أيون كبريتات أو يضاف إليها أحماض دهنية، هذه التغيرات تختلف حسب نوعية البروتينيات والمواقع التي ستنتقل إليها، فجسيمة جولجي تقوم بعمليه تغليف البروتينيات وتوزيعها على المواقع المختلفة المناسبة التي ستتواجد فيها، وذكرنا أن جسيمة جولجي تقوم بإنتاج الأغلفة المختلفة بنفسها حسب نوعية الخلية فمن المؤكد أن إنجاز هذه العمليات يتم بصورة دقيقة جداً دون وقوع أي اختلاط في التفاعلات الكيمائية العضوية التي تكون لآلاف البروتينيات التى تم إنتاجها في (ER) وتوجيهها إلى المواقع المطلوبة. على ذلك يتضح أن جسيمة جولجي هي المسؤولة والمنظمة لعملية المرور داخل الخلية، أي أن هذا الجسم المتناهي في الصغر يقوم بهذه العمليات في الخلية بوعي تام وقدرة فائقة، فهو يقوم بتمييز البروتينيات التي تأتي إليه ويقوم بتفريقها عن بعضها البعض وبمعرفة احتياجاتها وإنتاجها كلّ على حسب احتياج البروتين من مواد وتحديد وظائفها والقيام بعملية التغليف للجسيمات؟(1/21)
رغم هذا الازدحام في المرور فإنه لا يحدث أي خلط في تنظيم العمليات. ومما لا شك فيه أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يلهم العقل وكل الجسيمات اتخاذ القرار والتنفيذ إلى الخلية بجميع أجزائها. ورغم ما يرون من قدرة الله وعلمه سبحانه وتعالى فإنهم يقفون متحيرين أمام هذه المعجزات التي تحدث داخل الخلية ويتعجبون لما يزعمه أنصار النظرية الداروينية منأن هذه العملية تتم بمحض الصدفة
هل تعلمون أن الكبد يعمل كمعمل عملاق ؟
لا يستطيع أحد أن يدعى أن وجود معمل مجهز كامل ذي تكنولوجيا عالية المستوى ما هو إلا نظام عفوي فطري، ولكن المثير للسخرية أن أنصار الداروينية يّدعون بأن المعمل المتكامل الذي يوجد داخل الكبد خلق من نفسه ويدافعون عن ذلك الهراء بغير دليل إذ أن الداروينية دين باطل وسحر مبين يسيطر على العقول .
تحدُث في الخلية الكبدية الواحدة ما يقرب من خمسمائة تفاعل كيمياوي مختلف، وإلى الآن من الصعب تقليد كثير من هذه العمليات التي تتم بأسلوب رفيع المستوى في خلال واحد من ألف من الثانية.
الخلايا داخل الكبد تحول كل الغذاء الذي نتناوله إلى جلوكوز حسب احتياج الخلايا إلى الطاقة، وتخزن السكر الذي لا يستهلك في صورة دهون تحت الجلد فتتحول الدهون والبروتينيات إلى سكر عندما يتعرض الجسم إلى نقص في السكر.
الخلاصة أن الكبد يحول الغذاء الذي نتناوله بشهية إلى مواد حسب احتياجات جسدنا ويخزن الباقي. لذا فان بلايين الخلايا الموجودة في الكبد تعمل بنفس الوعي والعلم دون الوقوع في أخطاء منذ بداية الخليقة إلى يومنا هذا .
الخلايا التي تنتحر كي لا تصيب الجسم بأي ضرر(1/22)
هناك بعض الخلايا في جسم الإنسان انتفت الحاجة إليها أو تكون مريضة أو مصابة، فهذه الخلايا تتلف نفسها بنفسها. ومعظم الخلايا تقوم بتوليد البروتينات الكافية لقتلها، ولكن هذه البروتينات لاتكون مؤثرة طالما كانت الخلية مفيدة للجسم وتمارس وظيفتها بشكل إيجابي. إلا أن هذه البروتينات القاتلة أو بعبارة أخرى آلة الموت داخل الخلية تبدأ في العمل فقط عندما تصبح الخلية مريضة أو في حالة إبدائها سلوكا غريبا أو في حال كون وجود الخلية يعرض جسم الكائن الحي إلى خطر أكيد.
و من الأهمية بمكان أن تقرر الخلية الانتحار في الوقت المناسب تماما، وإلا فإن بدء البروتينات القاتلة في التاثير سيسبب موت الخلية السليمة حتما، وهذا يعني استمرار موت الخلايا السليمة في الجسم و بالتالي هلاك الكائن الحي.
و كذلك استمرار الخلايا المصابة و المريضة في الحياة يؤدي إلى أضرار تستفحل باستمرار وتقود في النهاية إلى الموت. وبالنسبة إلى الخلية التي تقرر الانتحار وتسمح لبروتيناتها القاتلة في العمل فإنها تبدأ أولا في الانكماش كي تعزل نفسها عن الوسط الموجودة فيه، ومن ثم تظهر فقاعات على سطح الخلية حتى تبدو وكأنها تغلي. و بعدها تبدأ النواة ثم سائر أجزاء الخلية في الانقسام إلى أجزاء متعددة. وتتلف الفضلات الناتجة عن الانتحار في الحال بواسطة الخلايا السليمة الأخرى و الموجودة في منطقة الخلية المنتحرة، والغريب هنا أن الخلايا المنتحرة والميتة لا تتلف كلها بل يتم الإبقاء على بعضها لأن في ذلك فائدة لجسم الكائن الحي. وعلى سبيل المثال عدسة العين والجلد والأظافر، فهذه التراكيب تتألف من أنسجة ميتة و لكن وجودها مهم لجسم الكائن الحي لذلك لا يتم إتلافها. و المثير هنا هو كيفية اتخاذ الخلايا السليمة لقرارات مهمة للغاية من ناحية تمييز الخلايا الميتة الواجب إتلافها من الخلايا الميتة التي لا تزال ذات فائدة .(1/23)
ما الذي جعل الخلية السليمة تستطيع أن تميز بهذا الشكل العجيب؟ من الذي أوحى للخلية السليمة بأن ثمة خلية قد تلفت وأصبحت تشكل خطرا على الجسم؟ ومن خلال ما تقدم من عرض يتضح لنا أن الخلايا الحية مبرمجة على أداء وظائفها الحياتية على أحسن صورة و هو ما يسمح باستمرار حياة الكائن الحي . و لكن من صاحب هذا البرنامج الخارق؟
إن دعاة نظرية التطور لابد وأن أصابهم العمى المزمن لأنهم لم يكفوا عن التأكيد بأن الصدفة العمياء هي التي أودعت هذا البرنامج الخارق في الخلايا. ولكن الذي لا شك فيه أن الله تعالى بقدرته التي لا مثيل لها و بعلمه الذي لا حد له يتجلّى بكل وضوح عند النظر في مخلوقاته.
الأجهزة الموجودة في الكبد للقضاء على البكتريا الضارة
هناك أنواع كثيرة من البكتريا غير المرئية التي تدخل أجسامنا إما عن طريق الأغذية التي نتناولها أو الهواء الذي نستنشقه أو عن طريق أشياء كثيرة، وهناك أيضاً بعض البكتريا الضارة التي يتحتم انتزاع التأثير الضار فيها حتى لا تقوم بإتلاف نظام العملداخل الجسم لذا فقد خلق الله نوعا من الخلايا في أجسامنا التي دعمت بذاكرة قوية، هذه الخلايا وظيفتها الوحيدة هي الدفاع عن الجسم ومن ضمن هذه الخلايا الدفاعية التي توجد في الكبد والتي تعتبر محطة استراتيجية في نظام الدورة الدموية هذه الخلايا التي تسمى خلايا كبفر (KUPPFER ) تنتزع التأثير الضار وتهضم البكتريا التي تأتى إلى الكبد عن طريق الدم في خلال اقل من10,0 ثانية، كيف تميز وكيف تزيل بعض البكتريا الضارة للجسم من النافعة وكيف تزيل بعض البكتريا الضارة للجسم من غير أن تتضرر البكتريا المتبقية.
إن الخلايا تقوم بكل هذا دون أن تتلقى دروسا لوظائفها في الجسم أو معرفة المميزات التي تمتلكها .(1/24)
هناك نقطة يجب أن نقف عندها ألا وهي المكان الذي توجد فيه خلايا كوبفر (KUPPFER ) في الكبد من غير أن تشغل مكانا آخر أو يتدخل أي شئ في وضعه لها، وطبعاً يظهر لنا مرة أخرى أحد أدلة الخالق المبدع جل شأنه في دقة خلق أجسامنا، فلو كانت هذه الخلايا في عضو آخر في الجسد بدلاً من الكبد لما كان لها نفس التأثير القوي لتنقية الدم من البكتريا الضارة لينتقل عبر الدورة الدموية ليسير في الجسم بعد تنقيته في الكبد . لذا فإن عدد البكتريا التي تصل أو تنجح في الوصول داخل الدورة الدموية العامة لا تتعدى 1% واحد في المائة.
فما هي هذه الصدفة العمياء التي تستطيع أن تضع خلايا كوبفر في الكبد رغم وجود أعضاء أخرى في الجسم. الحقيقة أنه ليست هذه الخلايا هي التي تختار الأماكن المناسبة لها وتتخذها مقرا لها، فمن غير المعقول أن يكون للخلية وعياً يجعلها تختار مكانا متميزاً لها وتتخذه مقراً لها داخل جسد ما.
إن عدد الخلايا داخل جسم الإنسان يتعدى مائة بليون خلية تقريباً، وهذا التخطيط المبدع لابد له من عقل مبتكر وعلم لا قصور فيه .
ولا شك أن الله سبحانه وتعالى هو صاحب العلم العالم بكل شيء، الذي خلقنا من عدم بتصميم مبدع، فالله سبحانه وتعالى يعلم كل دقائق أجسامنا على أكمل وجه. إن الخلية التي تقرر الانتحار تبدأ بإعطاء الإشارة إلى بروتين الموت لبدء فاعلية العمل، وتبدأ في التقوقع أولاً، وتجرد نفسها ممن حولها، وتظهر صورتها كأنها بركان يغلي، وفي النهاية تتجزأ النواة ثم تنقسم الخلية وتتحول إلى أقسام مستقلة بذاتها والبقايا الميتة في الخلية تنفصل عن الخلايا المجاورة لتنعدم فورا،. والغريب أنه ليست كل الخلايا الميتة تنظف من طرف خلايا أخرى. هناك بعض الخلايا تترك عمدا لأن وظيفتها لم تنته بعد، أي ما يزال الجسم يحتاجها والمثال على ذلك (عدسة العين - الجلد - الأظافر) تتكون من خلايا ميتة يحتاجها الجسم.(1/25)
فالموضوعات المهمة التي يجب التفكير فيها أو أخذها في الاعتبار هو أن الخلايا تأخذ القرارات الخاصة باعدام الخلايا والإبقاء على البعض الآخر وانصياع كل الخلايا لهذه الأوامر بتنسيق وتناغم تام .
ترى من الذي يخلق غريزة اتخاذ وتنفيذ القرار داخل الخلية ومن صنفها ومن قرر أنها في حال من الأحوال تضر الكائن الحي التي هي في داخله، وما هي القوة الخفية التي أعطت هذا الكائن المتناهي في الصغر القدرة لمنع هذا الضرر. فكما ذكرنا فان جميع الخلايا مبرمجة لاستمرار حياة الكائن الحي على أعلى كفاءة ومستوى ممكن.
إذن من صاحب هذه القدرة وهذه التقنية رفيعة المستوى؟ من مصمم هذا البرنامج الدقيق؟
إن أصحاب وأنصار النظرية الداروينية يحاولون إثبات أن صاحب هذا البرنامج الخارق هو الصدفة العمياء.
سبحان الله عالم كل شيء فإن علمه اللامتناهي وبديع خلقه يظهران في جميع تفاصيل حياتنا لمن يدقق النظر والتفكير .
لا حاجة لكم بمراقبة عملية التنفس لأنّ ثمة خلايا وظيفتها القيام بهذه العملية بدلا عنكم
لو كانت عملية التنفس تقع تحت ملاحظتنا لكان من الممكن أن نموت بسهولة، كأثناء تعرضنا إلى النسيان أو إبحارنا في النوم العميق أو اندماجنا في العمل أو في أي شئ آخر .
إن عملية التنفس التي يكون لها الفضل الأول في إبقاء الكائن على قيد الحياة تنظّم من المركز التنفسي الذيهو في حجم حبة العدس و يوجد في منطقة معينة في الدّماغ وتتكون الخلايا العصبية فيه من ثلاث مجموعات :
المجموعة الأولى : هي الخلايا التي تأمر باستنشاق الهواء إلى داخلنا وبذلك تتم عملية تنفس الهواء الذي نحتاجه .
المجموعة الثانية : هي الخلايا التي تتحكم في سرعة التنفس ومسيرتها، وعندما تبدأ خلايا المجموعة الثانية في العمل ترسل إشارات ليتوقف العمل في خلايا المجموعة الأولى وبذلك يتم القيام بعملية الرقابة على تعبئة الهواء في الرئة مما يزيد من سرعة عملية الشهيق .(1/26)
أما خلايا المجموعة الثالثة : وهى خلايا خاملة وغير نشطة بعض الشيء أثناء عملية التنفس العادية لكنها تتدخل في العملية عندما نحتاج إلى نسب عالية من الهواء داخل الجسم وترسل الإشارات إلى عضلات البطن لكي تشترك في عملية التنفس.
لكن هل هذا يكفي كي نبقى على قيد الحياة ؟
إن عملية التنفس تُرَاقَبُ كيميائيا كما أن الهدف من عملية الشهيق هو أن يكون الأكسيجن (2O) وثاني أكسيد الكربون (2CO) بنسب معينة في الدم. إن التغيرات التي تحدث في هذه النسب المطلوبة تحرك مجموعة من الخلايا في مركز التنفس لكي تقوم بضبط هذه النسب غير المطلوبة إلى المستوى المطلوب وبمعايير دقيقة جداً .
ليس هناك لكمية الأوكسجين (2O) الداخلة في الدم على مركز التنفس تأثير مباشر لكن كيف تصل إلى مركز التنفس معلومات عن كمية الأوكسجين (2O) المتغيرة التي تصل إلى الدم، أي أن هناك مجموعة أخرى من الخلايا تتدخل في العملية لإظهار الوعي الجبار، وهذه الخلايا عبارة عن أجهزة استقبال حساسة جداً توجد في بعض الأوعية الدموية الكبيرة مثل الوريد خارج الدّماغ.
ترسل الإشارات إلى المركز التنفسي عند دخول الأوكسجين في الدم بنسبة معينة وبذلك يتم تنظيم عملية الاستنشاق و القيام بالتغييرات اللازمة .
كيف تعرف مجموعة من الخلايا اللاشعورية كمية الأوكسجين التي تحتاجها للبقاء على قيد الحياة؟
وكيف تقوم هذه الخلايا بهذا النظام الآلي المبهر منذ بداية الخليقة حتى آخر إنسان سوف يكون حياً على وجه الأرض؟
هذا النظام المبدع الذي لم يكشفه العلم إلا منذ عشرين عاماً فقط .(1/27)
إن هذا النظام حساس جداً لدرجة أنه لا يخطأ أبداً طوال رحلة الحياة مع العلم أننا نتحرك بحرية، نجلس ونجري وننام وتقوم بنقل الأوكسجين اللازم الذي تحتاجه الخلايا التي يزيد عددها على مائة بليون في أجسامنا تقريبا في كل لحظة، ويقوم في التو بطرد البقايا الضارة مثل (2CO) ثاني أكسيد الكربون وأيون الهيدروجين (2H) في لمح البصر .
إن أنصار النظرية الداروينية يصرّون على الاعتقاد الأعمى الذي مفاده وهو أن هذا الكمال المبهر وجد نتيجة الصدف العمياء، رغم معرفتهم بهذه الحقائق إلا أنهم متمسكون بالمادية، سبحان الله خالق هذا النظام البارع وهو صاحب العلم الذي لانهاية له.
الخلايا تستطيع أن تقوم بأعمال لا نستطيع نحن القيام بها !
لو تصورنا أن هناك أنواعا من غبار المعادن تقع أمام أعيننا وطلب منا تحديد أنواع هذه المواد وتشخيصها هل حقاً بإمكاننا تمييز هذه المواد ؟
إذا لم تكونوا من الدارسين والباحثين في هذا المجال فلن تستطيعوا أبداً تمييز هذه المواد أو تشخيصها، فهل يعقل أن الإنسان الواعي المدرك لا يستطيع أن يقوم بهذا العمل في حين أنه بكل سهولة ويسر تقوم كل خلية من الخلايا التي يصل عددها في الجسم مائة بليون تقريباً بهذا العمل دون صعوبة أو تفكير أو تخاذل، فهذه الكفاءة ليست موجودة في أجسامكم وخلاياكم أنتم فقط وإنما هي موجودة في خلايا أجساد مليارات البشر الذين عاشوا ويعيشون حالياً على وجه الأرض، جميع هؤلاء البشر تمتلك خلاياهم هذه الكفاءة العالية.
أي خلية في الجسم لديها القدرة على تمييز الحديد الذي يحتاجه الجسم ويدخل إليه بسهولة وكذلك الفسفور والصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم ومواد أخرى غيرها تستطيع الخلية تمييزها في كل وقت وتقوم بتجميعها كي تأخذ ما يحتاجه الجسم منها وتخزن ما يزيد عن حاجة الجسم في الوقت المناسب وتطرد الزيادة التي لا يحتاجها خارج الخلية .(1/28)
نقف هنا قليلاً. إن الخلية تتكون من النيترونات والبروتونات والنواة وهى لا يزيد حجمها عن001,0 مليمتر وهى لا تمتلك أعينا أو أذانا أو أيد أو مخا ولا تمتلك الوعي أيضا، فهي خلية لذرة عمياء لا وعى لها مع ذلك تدير هذه الأعمال المعقدة جداً في مساحة لا متناهية من الصغر. سبحان الله هو صاحب القدرة والعلم الذي لا نهاية له سبحانه عما يصفون.
إن حياتكم تستمر بالتقسيم الواعي
الذي تقوم به الخلايا للأعمال !
إن فيتامين ب12 من الفيتامينات المهمة جدا لاستمرار الحياة فهو عنصر أساسي من تلك التي تدخل في تكوين وإنتاج الدم، وعند نقصه الشديد قد يؤدي هذا إلى الموت المؤكد للإنسان ولكن هذا الفيتامين لا يكون فعالا بمفرده في الجسم ، لهذا يقوم الغشاء المخاطي الداخلي للمعدة بإفراز مادة خاصة تساعد على امتصاص هذه المادة أو الفيتامين المهم المسمى (ب12) الذي يستخدم لإنتاج الدم .
هناك خلايا مجهزة لامتصاص فيتامين ب12 توجد في قسم خاص داخل الأمعاء الدقيقة وهنا نتوقف للحظات ونتدبر الأمر .
إن الدم يتكون في نخاع العظام البعيد عن المعدة بعد الكثير من العمليات المعقدة. فكيف يمكن للفيتامين الذي يحتاجه نخاع العظام أن يعتمد على مادة تفرزها خلايا المعدة ؟. وكيف يحدث هذا التنسيق المذهل بين نخاع العظام و بطانة المعدة في انتاج المادة المساعدة على تفعيل دور B12 لكي تكون مزودة بالمعرفة الكاملة وأن تكون على دراية كاملة بالتفاصيل التي تتم لإنتاج الدم في أماكن بعيدة عنها وأيضا يجب أن تكون على دراية بمعرفة مدى أهمية هذا الإنتاج للجسم.
الخلاصة : هناك أنظمة داخل الجسم تقوم بوظائفها في أماكن قاتمة ومبهمة حينما نعرفها يزداد عجبنا ودهشتنا، وليس هذا فقط بل هناك عمليات أخرى تتم بين الخلايا في غاية الوعي والدقة .
ولا شك أن هذا الوعي الخارق للعادة والفاعلية المذهلة لا يمكن لإرادة الخلايا وحدها تحقيقها.(1/29)
إنّ الذي خلق فيتامين (ب) وخلق الخلايا و ألهمها العلم والمعرفة هو الله ربّ السّماوات والأرض.
هل خطر ببالكم أن العلميات التي تتم داخل الخلايا تقتضي وجود العقل؟
يوجد في الغذاء المهضوم الذي ينتقل من المعدة إلى الأمعاء أحماض قوية، هذه الأحماض تشكل خطراً جسيماً على الأمعاء وخاصة الإثني عشر وذلك لأنها غير مزودة بغشاء عازل مثل المعدة . كيف لا تتأذى الأمعاء من هذه الأحماض؟ هنا تأتي الأحداث المحيرة التي تقع داخل أجسامنا .
للإجابة على هذا السؤال قمنا بالبحث عن العمليات التي تتم أثناء الهضم فوجدنا أن الأحماض التي تأتي من المعدة وتصل إلى الأمعاء ( منطقة الإثني عشر) عندما تصل كميتها إلى ما يشكل خطراً على الأمعاء تفرز الإثنا عشر في الحال هرمونات تسمى (سيكوتين)، وهذا الهرمون يوجد في جدار الأمعاء (الإثني عشر) على هيئة هرمون خاص يسمى (Prosecretin) بروسيكرتين الذي يتحول إلى هذه المادة المسماة (سيكوتين) وهى مادة كيميائية تقوم بالتأثير على حموضة الغذاء المهضوم .
إن هرمون السكرين يصل إلى البنكرياس عن طريق الدم ويحفز البنكرياس على إفراز أنزيمات لتواجه الخطورة التي تعرض لها الإثني عشر وباقي الأعضاء ومن خلال هرمون السكرين يرسل جزيئات البيكربونات إلى الموقع المقصود وهذه الجزيئات تقوم بنزع تأثير الحامض الضار وبذلك تحمى الإثني عشر والأمعاء .
وما نراه أن البنكرياس يفهم الرسالة الموجهة إليه لإفراز البيكربونات ونرى المعدلات المنظمة التي تتحرك بها البنكرياس كما نرى كل هذه العمليات المعجزة .
ومما هو جدير بالذكر أن استعمال بعض الأفعال مثل (يعرف - يفهم) التي استخدمناها للتعبير عن الأدوار التي تقوم بها الخلايا إنما كان لمجرد بيان الفاعلية والإيجابية التي تتم بها هذه الأدوار في الجسم .(1/30)
وكما يعرف كل ذي عقل أن الإرادة التي تمتلكها الخلية واتخاذ القرارات والمعرفة والدراية لما يحدث في الأعضاء الأخرى ومعدلات الإنتاج، من الطبيعي عدم إمكان قبول أن الخلايا هي الخالقة لكل هذه الصفات، إن خالق الخلايا بمميزاتها هو صاحب العلم اللانهائي فهو القادر على كل شئ هو الذي يخلق كل هذه الخصائص في أجسامنا سبحانه جل شأنه .
هل تلاحظون عند تناولكم السكر وجود مصنع عملاق في أجسامكم لتنظيم نسبة السكر في الدم؟
إذا أكلتم غذاء يحتوي على مواد سكرية أكثر مما تحتاجه أجسامكم من سكر فهنا نظام الجسم يتدخل في العمل لمنع زيادة السكر في الدم .
-1 في البداية، تثبت خلايا البنكرياس جزيئات السكر في السائل الدموي وتميزها من ضمن آلاف الجزيئات، وبعد ذلك يقرر إذا كانت جزيئات السكر زائدة أم ناقصة ، كأن الخلايا تحصي هذه الجزيئات واحدة واحدة.
وهنا نقف قليلاً للتفكير في موضوع هذه الخلايا التي لا أعين لها و لا عقل و لا أيدي والتي يكون حجمها متناه في الصغر ولا نستطيع أن نراها بالعين المجردة، كيف لهذه الخلايا أن تعرف وضع وعدد جزيئات السكر داخل المادة السائلة.
-2 إذا أثبتت خلايا البنكرياس أن كمية السكر زائدة في الدم وقررت أن هذا السكر يجب تخزينه، تقوم بتحفيز خلايا أخرى بعيدة عنها لانجاز هذه المهمة عوضاً عنها.
-3إن هذه الخلايا البعيدة لا تقوم بتخزين السكر الزائد في الدم بمحض أرادتها ولكن خلايا البنكرياس ترسل إليها الإشارة التي تعطي الضوء الأخضر لبدء تخزين السكر. فالهرمون المسمى الأنسولين شفرته موجودة في (DNA) وهى خلايا البنكرياس في أول تكوينها .
- 4توجد أنزيمات خاصة (البروتينيات العاملة) في خلايا البنكرياس وهي تقوم بفك هذه الشفرة، وانقسام الأنسولين يتم من خلال مئات الأنزيمات التي تكوّن لكل واحد منها وظيفة مستقلة .(1/31)
- 5يتم نقل هرمونات الأنسولين المنتجة إلى الخلايا المستهدفة عن طريق الدم وتشبه هذه العملية شبكة النقل السريع .
- 6عندما تقرأ الخلايا الأخرى ما يشبه الأوامر المكتوبة في هرمون الأنسولين، وهي كما تتخيل تقوم بتخزين السكر وهي طائعة لهذا الأمر بلا قيد أو شرط و تنفتح الأبواب للخلايا لدخول جزيئات السكر فيها.
- 7بالطبع إن هذه الأبواب للخلايا لا يتم فتحها عشوائياً فالخلايا الخاصة بالتخزين تقوم بتمييز جزيئات السكر فقط من بين مئات الجزيئات المختلفة وتمسك بها وتخزنها في داخلها.
-8 إن الخلايا لا تعصي الأوامر الموجهة إليها أو تدركها خطأ كما أنها لا تخطئ في الإمساك بالمواد الأخرى ولا تقوم بتخزين جزيئات السكر أكثر من اللازم وهي تعمل بجدية تامة وحرص شديد .
عندما تشربون فنجاناً من الشاي تكون نسبة السكر فية زائدة فهذا النظام الدقيق يتدخل مباشرة ويخزن السكر الزائد في الجسم. إذا لم يعمل هذا النظام بدقة شديدة فسوف يزداد السكر في الجسم بدرجة قد تعرض الإنسان إلى ما يسمى بغيبوبة السكر التي تؤدى أحياناً كثيرة إلى الموت.
فمعجزة هذا النظام تكمن في مقدرته على العمل بطريقة عكسية عندما يتعرض الجسم إلى نقص نسبة السكر في الدم أقل من معدله الطبيعي، وهنا تعمل خلايا البنكرياس بطريقة مناسبة لهذه الحالة ويقوم بإنتاج هرمون آخر اسمه (كلوكاكون) ( Glucagon ) هذا الهرمون يحمل رسالة إلى الخلايا التي تخزن السكر وتأمرها أن تطلق هذا السكر المخزن لديها في الدم وبسرعة شديدة تطيع الأمر، فما مصدر هذا الوعي العظيم للجزيئات اللاشعورية والخلايا التي تقوم بإنجاز أعمال لا يستطيع الإنسان أن يقوم بها؟ أفلا يدل هذا على وجود رب خلاّق قادر يحرك الكون من الذرة إلى المجرة؟
كيف تقوم الخلايا بهذه الأعمال والحسابات الكبيرة بهذا النجاح من غير أن يكون لها أعين أو أذان أو عقل أو حتى نظام عصبي؟(1/32)
الكلى التي تميز بين الجلوكوز والبروتين والصوديوم هي دليل واضح على وجود الخالق
تقوم الكلى بعملية التنقية للدم الذي يسري في أجسامنا طوال مرحلة العمر. فالمواد المتبقية داخل الجسم بعد تنقيتة يطرد بعضها خارج الجسم في حين يعود إليه مرة أخرى عن طريق الكلى . هل تعرفون كيف تميز الكلى بين المواد البروتينية والبول والصوديوم والجلوكوز؟
إن المكان الذي ينقي المواد داخل الدم في الكلى هو المكان الذي يسمى (جلوميرول) أو المحفظة الدموية تتكون من أوعية دموية كروية الشكل. تتميز هذه الأوعية عن الأوعية الدموية الأخرى في الجسم كونها محاطة بثلاث طبقات. هذه الطبقات هي التي تقرر طبيعة المواد التي ترجع إلى الدم وطبيعة المواد التي تطرد خارج الجسم، ونلاحظ هنا نقطة مهمة جداً وهي أن طبقة الخلية تستطيع أن تثبت المواد داخل السائل الدموي الذي يأتي إليها ثم تقرر الأماكن التي تذهب إليها هذه المواد، فالمواد التي تأتي إلى الكلى عن طريق الدم مثل ( الجلوكوز و بيكربونات الصوديوم و أيون الكلورو اليوريا و الكرياتين ) و تطرد الكلى بعض هذه المواد إلى خارج الجسم والبعض الآخر يرجع إلى الجسم. عجباً طبقة صغيرة مثل هذه كيف تقرر أن هذه المواد التي تدخل إليها يجب طرد بعضها خارج الجسم والبعض الآخر يرجع إلى الجسم؟
والإجابة على هذه الأسئلة هو أن خالق هذه الطبقة الرقيقة خلقها بتصميم لا قصور فيه .
إن تمييز الجلوميرول يعتمد على الأقطاب الكهربائية للجزيئات في السائل وعلى حسب حجم الجزيئات،كيف وصل الجلوميرول إلى هذا المستوى العالي من الكفاءة والمهارة رغم أنه لم يتلق دروساً في علم الفيزياء أوالكيمياء أو الأحياء؟
إنه يمتلك هذه القدرة ويقوم بوظائفه دون قصور.(1/33)
لقد امتلك هذه القدرة بإلهام رباني، فالأجزاء اللاشعورية التي يظن البعض أنها لا تميز بين المواد التي تنقلها بل توصلها بشكل عشوائي غير منظملا تتصرّف كما يُظنّ بعشوائية وعبث، إلا أن هذا التصور بعيد كل البعد عن الحقيقة. فلو كان الأمر عشوائياً لما أمكن للجسم أن يحافظ على صحّته وسلامته.
هذا ما يفرض وجود منّظم عالم قدّر فهدى، وخلق فسوى.
هل تعرفون ماذا يحدث عندما تتعرض أجسامكم إلى انخفاض في ضغط الدم ؟
تصادف أحيانا بعض البشر الذين يقولون (ضغط الدّم لدي منخفض أو ضغط الدّم لدي مرتفع) في خلال اليوم.
ربما لا تعرفون أن ضغط الدم وضبطه وظيفة من وظائف الكلى.
من وظائف الكلى الأساسية ضبط ضغط الدم في الجسم كما لها وظائف أخرىكثيرة .
ومن أهم العوامل التي تساعد على ضبط ضغط الدم هي كمية المادة السائلة التي توجد في الشرايين. إذا كانت هذه المادة توجد بكثرة في الشرايين تعرض الإنسان إلى ارتفاع في ضغط الدم وهذا الارتفاع يضر جميع أجزاء الجسد.
إن تعرف الجسم إلى المادة السائلة الزائدة في الشرايين تتم خلال الأجهزة الإستقبالية الموجودة في حجرات القلب فعندما ينبسط القلب لكي يسمح بدخول الدم الزائد ترسل الأجهزة الإستقبالية الإشارة إلى المخ ليتبين الوضع ثم يعطي القلب الأمر إلى الشرايين المتجهة إلى الكلى بالانضباط لكي يؤدي ذلك إلى زيادة في تنقية الدم. إن الارتفاع في ضغط الدم الذي تسببه زيادة المادة السائلة في الشرايين يسجل خطراً بالغاً على الإنسان حيث أنه في معظم الأحيان يؤدي إلى الموت إن لم تؤخذ التدابير اللازمة على الفور.(1/34)
إن الارتفاع في ضغط الدم يؤدي إلى انفراج القلب، هذا الانفراج يؤدى إلى فتح ألياف العضلات الموجودة في القلب وبذلك تتحدد الجزيئات التي تحمل الرسائل المحبوسة في داخل الألياف ثم تختلط بالدم وبعد ذلك تصل هذه الرسائل إلى الكلى عن طريق الدم فيزيد كمية طرد المادة السائلة من الجسم لينخفض ضغط الدم إلى المستوى الطبيعي وتستمر دقات القلب في الانتظام بشكل طبيعي. ولا ينتهي الدور العام الذي تلعبه الكلى في ضبط ضغط الدم بل يستمر حتى ينخفض الضغط، ففي هذه الحالة توجد خلية خاصة في الكلى تسمى (ACE) تفرز منها المادة المسماه ‘’رنين’’ ولكن هذه المادة ليس لها تأثير مباشر لارتفاع ضغط الدم فهذه المادة تتحول إلى مادة أخرى بعيدة عن مكان الإنتاج فهي جزيئة أنجيوتنسين التي تفرز في الكبد وتتحد هذه الجزيئة مع رنين الذي يتحول بعد ذلك إلى جزيئة جديدة تسمى أنجيوتنسين-1 ولكن هذه الهرمونات أيضا ليس لها تأثير يعتد به لأن هذا الهرمون بعد ذلك أيضا يتحول في عضو آخر وهو الكبد إلى موليكول آخر مختلف المسمى أنجيوتنسين-1 عن طريق الأنزيم المسمى (ACE) التي تكون وظيفته الوحيدة هو تجزيء جزيئة أنجيوتنسين-1 فهذا الهرمون وهو المنتج الأخير، ويأثر على الشرايين لضبط نسبة ضغط الدم إلى مستواه الطبيعي، فإن لم تتكون هذه الجزيئة الأخيرة فلا جدوى لتأثير أي هرمون منتج آخر على نسبة ضغط الدم. فجزيئة أنجيوتنسين-2 تتحد مع الأجهزة الاستقبالية التي توجد على سطح
الشرايين هذه الأجهزة وظيفتها الوحيدة هي الاتحاد مع جزيئة أنجيوتنسين-2 لتتقلص الشرايين وتضبط كمية ضغط الدم.(1/35)
من أهم ما ذكرنا في هذا الموضوع ويجب علينا الأخذ به هو أن تأثير هذه المواد مرتبط بوجودها مع بعضها البعض، وعليه فإن عدم وجود هذه المواد يعني عدم وجود المادة الأخرى لذا يستحيل وجود هذا في جسم واحد في آن واحد بالصدفة العشوائية كما أنه يستحيل تكوين إحدى خطوات هذا النظام بالصدفة العشوائية، ولا جدال في عدم إمكانية منح الكلى ملكات الفهم واتخاذ القرارات المنظمة عند اللزوم. إن وجود كل هذه التفاصيل في نفس الوقت وفي جسم واحد وفي آن واحد يوضح لنا أن كل هذه التراتيب الحيويةهي من صنع الله سبحانه وتعالى.
وعى الجهاز الدوري في الجسم
يعد الأوكسجين (2O) من أهم المواد اللازمة لتغذية الأنسجة في الجسم لذلك وجب توصيل الأوكسجين بمقدار كاف إلى الأنسجة وبطريقة منظمة ومستمرة، فالذي يقوم بهذه الوظيفة وهي نقل الأوكسجين إلى الخلايا والأنسجة بلا قصور هو الجهاز الدوري للدم الذي يعد من أركان النظام المتكامل في الجسم. فعند نزول كمية الأوكسجين اللازمة إلى الأنسجة يلاحظ مباشرة ارتفاع نسبة سيولة الدم في الأنسجة آلياً .
إن أجزاء هذا النظام هي الأنسجة والخلايا والشرايين والبروتينيات التي لا وعى ولا علم أو قدرة لها على اتخاذ القرارات. إذن من الذي يملك العقل والعلم والقدرة على اتخاذ القرار الذي ينبأ نظام سريان الدم بأن نسبة الأوكسجين الداخلة قد نقصت في الأنسجة ويعطي الأمر للنظام بارتفاع نسبة السيولة في الدم، وبهذا يتخطى الجسم مرحلة الخطورة وبعد ذلك يرجع سيلان الدم إلى حالته الطبيعة.(1/36)
ثم ما الذي يثبت توصيل أي خبر إلى خلية ويضمن وصول الرسالة بلغة مفهومة إلى الخلايا ثم كيف للخلايا التي تصل إليها الرسالة أن تفهمها وتنفذ ما تحتويه كما ينبغي. ولا يمكن أن يكون للخلية قدرة القراءة والفهم. وفي الحقيقة هناك كثير من التفاصيل يمكن البحث عنها ولكن النتيجة لا تختلف. وهذه النتيجة لا وجود لوعي أو لشعور يمكّن الخلايا من القيام بهذه العمليات و ضبط كمية الأوكسجين (2O) في الدم. حتى الإنسان يعيش طيلة حياته دون أن يلاحظ وجود مثل هذه الأنظمة في جسمه.
ومن هنا نصل إلى النتيجة التي مفادها أن كل ما في أجسامنا يتحرك بأمر الله جل شأنه كما أن كل ما في الكون من كائنات حية وجماد يتحرك بأمر الله العلي العظيم.
إن الوعي الموجود لدى الأجسام الحية من أعضائها إلى خلاياها ومن بروتيناتها إلى جزيئاتها وكذلك في جميع ذراتها أثر من آثار خلق الله تعالى .
هَوَ اللهُ الخَالِقُ البَارِئُ المُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَآءُ الحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا
فِي السَّمَاواتِ وّالأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ
سورة الحشر: الآية 24
الجزيئة المعجزة التي تلين الشرايين
هناك ثلاثة علماء نالوا بالاشتراك جائزة نوبل في الفيزيولوجيا والطب في عام 1998 ونالوا هذه الجائزة لأنهم اكتشفوا بأن جدار الوعاء الدموي يقوم بإفراز أوكسيد النتريك الذي يعمل على تليين جدار الوعاء الدموي، إلا أن أكسيد النتريك لا يقوم بهذه المهمة وحده بل يلعب دور الوسيط لتليين جدار الشريان..(1/37)
ويمكنكم أن تتأملوا في الشكل إلى اليمين لكي تفهموا جيداً التطور في هذه العملية المتسلسلة، تتدخل أولاً الهرمونات الناقلة للإنذار الذي يوجد في الدم لتليّن الشرايين والذي يرتبط بالأجهزة الإستقبالية في جدران الشريان وبذلك تعطي الضوء لبداية العملية ويمكننا تشبيه هذه العملية بأحجار الدومينو حيث إن تحرك أول حجر يحرك الآخرين واحداً تلو الآخر بالترتيب المنظم، يعنى أن أول حجر هو الهرمون الناقل للإنذار الذي يكون في الدم فعندما ترتبط الأجهزة الإستقبالية بجدار الشريان يعرف جدار الخلية جيدا مما يوجب عليه القيام بإنتاج حامض النتريك فبعض جزيئات حامض النتريك تدخل في خلايا العضلات الملساء للوعاء الدموي كأنها تعرف جيدا ما يجب عليها من عمل فتنضم إلى أنزيم GTP بعد دخولها في الخلية متممين المرحلة الثانية في العملية حتى يتم الانتقال إلى المرحلة التالية لتليّن الشريان حينما يجتمع حامض النتريك بأنزيم (GTP) يبدأ إنتاج أنزيم آخر اسمه CGMP ولا شك أن لهذه المادة الجديدة وظيفة في العملية التتابعية، وللقيام بهذا العمل يذهب ميوزين فيحركه لفعل ذلك لأن هذا الأخير هو العامل الملين.
كيف تتحقق هذه الحركات الواعية لكل من الخلايا والهرمونات والجزيئات؟
هل يمكن أن تكون هذه العناصر هي صاحبة هذا الوعي الجبار؟
من المؤكد أن هناك حاجة ملحة، شيء خفي وراء الوعي والشعور الذي ينبأ الخلايا بما تنتجه ومتى تنتجه والذي يوجه الهرمونات والجزيئات إلى الأماكن التي يجب أن يعمل فيها وتصويب هذه العناوين.
والخلاصة، إن الله سبحانه وتعالى هو صاحب هذا الوعي اللانهائي وهو الذي خلق الخلايا والهرمونات والجزيئات وأعطاها القدرة على الحركة الواعية.
مثال واحد يكفي لبيان عبث النظرية الداروينية(1/38)
إن نظرية التطور هي الدعوى غير المنطقية التي تدعي أن ملايين العمليات تحدث بالصدف العشوائية، وهذه العمليات الصدفية حولت المواد الميتة إلى مواد حية وتكونت الأنظمة التي تعمل بلا قصور كخلايا العضلات وتقلصاتها، كذلك يتم تليين خلايا العضل وبتحرك ميوزين بوقوع آخر حجر في السلسلة. فما هي آخر مرحلة الآن؟
تصوروا هذه المرحلة مرة أخرى في أذهانكم. فإن الهرمونات والخلايا في هذه العملية تتحرك بالوعي الكامل فالهرمونات الناقلة للإنذار تذهب إلى أماكنها المخصوصة في جدار الخلية وتؤثر في المنطقة فتعطي الإشارة للبداية، فالملاحظ هنا أن نفس الوعي موجود في العملية التالية أيضا وكل إنذار يذهب إلى مكانه المطلوب من غير خطأ في داخل ظلمات جسم الإنسان إلى أن يصل إلى النجاح.
فبقراءة هذا المثال يكفي لنا معرفة مدى عبث النظرية الداروينيه
إن الألبومين ( ALBUMIN ) وهو أحد المواد البروتينية النقالة في الدم يجذب إليه المواد الدهنية مثل الكوليسترول والهرمونات والمواد السامة التي في العصارة الصفراوية وبعض أنواع الأدوية مثل البنسلين ( PENICILLIN ) ثم يسري في الدم داخل الجسم حيث يترك المادة السامة التي جذبها إليه داخل الكبد لكي يقوم الكبد بعمله وهو انتزاع الضرر من العصارة الصفراوية التي هي مادة سامة، أما المواد الغذائية والهرمونات فيتوجه كلٌ إليمكانه المناسب فتأملوا الآن واطرحوا هذه الأسئلة على أنفسكم.
-1الألبومين مثل الجزيئة لا وعي ولا علم له ويتكون من ذرات، كيف له أن يفرق بين كل من المواد الغذائية والمواد السامة والمواد الدهنية والأدوية؟
-2أكثر من ذلك كيف يعرف ويفرق بين الكبد والصفرة والمعدة ويوصل المواد التي يحملها إلى أماكنها الصحيحة كلّ مرة دون أن يخطأ أو يختلط عليه الأمر أو يتركها بمقدار غير مناسب؟(1/39)
-3إذا نظرتم إلى المواد الغذائية والمواد السامة والأدوية تحت المجهر فإن كنتم غير دارسين للطب فسوف لا تستطيعون أن تفرقوا بينها وسوف لن تعرفوا أبداً أي مادة يجب عليها الوصول إلى العضو المناسب وما هي الكمية المطلوبة؟
هذه المعلومات التي لا يمكن لكثير من الناس الوصول إليها حتى يحصلوا على قدر من الدراسات المتخصصة، ولكن الألبومين صغير الحجم والذي يتكون من ذرات، لديه كل هذه المقدرة والمعرفة ويقوم بوظيفته في الجسم على مر العصور، ومما لا شك فيه أن هذا الوعي من مجموعة ذرات متناهية في الصغر يحدث بعلم عالم الغيب وخالق الكون سبحانه رب العالمين صاحب القدرة اللانهائية.
كل بروتين في أجسامنا يمتلك تصميما عالي الجودة ووظائف ضرورية
إن تسليط الأضواء على الأدلة التي تثبت وجود الخالق تعتبر أفضل وسيلة لبيان كون الأشياء مخلوقة بقدرة الله عز وجل وليس بمحض الصدفة- وسوف نرى مثالا من أجسامكم لتروا قدرة الخالق، إن كل حركة نتحركها أثناء القيام أو الجلوس أو رفع اليد كل هذه الحركات تتم بمساعدة العضلات، فمن البديهي لزوم دخول الأوكسجين في خلايا العضلات والذي يتحمل مسؤولية نقل الأوكسجين هو أحد البروتينيات الموجودة في الجسم التي تسمى ميوجلوبين، وهذا البروتين يشبه بصفة عامة البروتين المسمى الهيموجلوبين ويعمل على نقل جزيئات الأوكسجين في الدم ولكن الميوجلوبين يختلف عن الهيموجلوبين حيث أن كفاءتة لا تسمح له أن ينقل أكثر من جزء أكسجين ( O2 ) واحد إلى العضلات، ولكن هذه ميزة لا تسمح للأكسجين أن يصل إلى العضلات إلا بكميات معينة.(1/40)
فلنفترض أنه تم تغيير أماكن الهيموجلوبين الذي ينقل الأوكسجين إلى الدم والميوجلوبين الذي ينقل الأوكسجين إلى العضلات في حالة تغيير الوظائف كلا إلى الآخر، ففي هذه الحالة سوف يفشل الميوجلوبين في نقل الأوكسجين من الكبد إلى ما يحتاجه الجسم وكذلك الهيموجولبين الذي سوف تكون وظيفته نقل الأوكسجين إلى العضلات بزيادة كبيرة جداً مما يرسب الأوكسجين في العضلات فجأة. وعلى ذلك فسوف يفسد كل توازن الجسم حيث لا يمكن أن يحدث شيء مثل هذا، فهذان النوعان من البروتين موجودان دائما في أماكنهما الصحيحة لذلك نحن نتنفس بسهولة ونتحرك كما نشاء فالهيموجلوبين والميوجلوبين هما مجرد أثنان من البروتينيات ضمن آلاف البروتينات الموجودة في جسم الإنسان، فالبروتينيات الأخرى تنتج وتعمل في أماكنها المطلوبة وبالمواصفات والمميزات اللازمة لأداء عملها بقدرة ومهارة، فكما نرى في النماذج الكثيرة الموجودة في جسم الإنسان أنه يملك تصميماً عالي الجودة لا قصور في، من هنا يستحيل أن يكون كل هذا النظام وليد الصدفة فلذا صاحب هذا التصميم هو الله رب العالمين سبحانه عما يصفون.
أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لاَّ يَخْلُقُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ
سورة النحل: الآية 17
الأنزيمات المصححة للأخطاء
قد تحدث بعض الأخطاء أحيانا بسبب العوامل الخارجية، فهذه الأخطاء تصحح عن طريق سلطات المراقبة أولاً بأول في DNA والقائم بعملية التصحيح هذه هي الأنزيمات المنتجة في DNA على حسب المعلومات فيها .
تتم عملية التصحيح في عدة خطوات
1- يثبت القسم الذي يوجد به الخطأ على شريط DNA عن طريق أنزيم يسمى نوكليياز NUCLEAZ
2 ويجزأ أنزيم النوكلياز قسم الخطأ الذي ثبت وبذلك يحدث الفراغ من سلم DNA
3 هناك أنزيم أخر اسمه بوليميراز فهو يقوم بنسخ المعلومة الصحيحة من نموذج النسخ السليم ويركب هذه المعلومة في الفراغ.(1/41)
ولكن لا ينتهي التصويب هكذا في الموقع الذي حدثت فيه عملية التصويب فإن الانقطاع يحدث على شريط ( سكر- فوسفات) ويصحح هذا الانقطاع عن طريق أنزيم DNA ليجاز ( DNA-LIGAZ ) كما يفهم من الأعمال التي يقومان بها فإن هذه الأنزيمات التي تعمل على تصحيح الأخطاء في DNA لا بد أن يكون لديها مميزات كثيرة في نفس الوقت ،فيجب عليها أن تعرف أماكن الوصول إلى المعلومة الصحيحة وكيفية ملءالفراغات التي حدثت في DNA) )
والغريب أن هذه الأنزيمات تقوم بالرقابة على تكوين (DNA) وهذه الأنزيمات هي البروتينيات التي قد أنتجت تحت سيطرة وأوامر(DNA) وعلى حسب المعلومات المسجلة في DNA)) هناك نظام رائع متداخل بعضه في بعض يستحيل أن يصل هذا النظام إلى هذا المستوى عن طريق الصدف وخطوة تلو الأخرى، لأن من الواضح أن وجود الأنزيم يلزمه وجود(DNA) ووجود (DNA) يلزمه وجود الأنزيم ووجودهما أيضا يتحتم عليه وجود الخلية وجميع الخصائص.
إن نظرية التطور التي تدعي بأن الأحياء تطورت بخطوات نتيجة الصدف المفيدة المتتالية تكذّبها لوغاريتمات أنزيم (DNA ) تكذيباً قطعياً لأنه يتحكم في وجود (DNA) والأنزيم في آن واحد فهذا يكشف لنا عن وجود خالق واع. َ
وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌ لَهُ قَانِتُون
سورة الرّوم - الآية 26
الإيمان بالنظرية الداروينية شرود كبير عن المنطق
و مثله مثل الإيمان بأساطير الأطفال(1/42)
الحروف التي في الشكل الأسفل التالي لا ترتب بطريقة عشوائية، في الحقيقية هي قسم في تعريف بروتين الهيموجلوبين الذي وظيفته نقل الأوكسجين في الدم ، وهذا التعريف مسجل في جميع سجلات الجسم أي (DNA) وعند حتمية إنتاج الهيموجلوبين تختار هذه الحروف من ضمن ثلاث مليارات حرف في (DNA) والذي يقوم بعملية الاختيار هو أنزيم ‘’ بوليمريز’’ الحساس جداً لدرجة أنه لا يخطأ أبداً في قراءة الحروف أو اختيارها اختيارا صحيحا كل مرة من بين مليارات الحروف بدقة كاملة وبفهم واع. ويأتي ريبوزوم الذي هو مركز الإنتاج في الخلية بعد الوصول إلى الحروف الصحيحة ويقرأ هذه الحروف بدقة كاملة ويفهم مغزاها ثم يقوم بإنتاجها بلا قصور، وهذا مثله مثل بناء ناطحة السحاب، فبناؤها يبدأ بالتخطيط السليم والدقيق من خلال مهندسين معماريين أكفاء ثم تسلم المخطوطات إلى الفنيين المتخصصين لكي يبقوا ضمن العمل المدروس.
لكن الداروينيين يدّعون بأن الحدث عالي المستوى والذي يتم تنفيذه في مكان لا نستطيع رؤيته بالعين المجردة لأنه متناهي في الصغر يحدث بالصدف العشوائية، ويدّعون أن الجزيئات التي تتكون من ذرات عمياء لاوعى ولا حياة لها هي المنفذة والمصممة لهذا التخطيط بإظهار العقل، إن الإيمان بالداروينية غير منطقي وتصديق النظرية مثل تصديق أساطير الأطفال والحكايات الخرافية التي تحكى لهم، وقد قامت الداروينية من خلال السيطرة على فهم كثير من الناس وخداعهم كما شوشت أفكارهم باستخدام أساليب السحر الملبّس لبوس العلم.
الأنزيمات التي تمتلك العلم والوعى والمهارة(1/43)
عند الاحتياج لإنتاج أحد البروتينيات في الخلية يأتي أنزيم (RNA) بوليمريز إلى بنك المعلومات الخاص بالخلية (DNA) ويقوم بنسخ جميع المعلومات عن هذا الأنزيم الذي يراد إنتاجه ولكن يحدث أحيانا أن المعلومات التي تم نسخها وإنتاجها تقع في أماكن مختلفة في (DNA)ولذلك فإن أنزيم (RNA) بوليمراز POLYMERAZE عندما ينسخ المعلومات من بدايتها إلى نهايتها يكون قد نسخ خلال هذه العملية بعض المعلومات التي ليس لها علاقة بالبروتين المطلوب وقد تؤدي المعلومات الزائدة إلى إنتاج شيء غير مطلوب، وخلال هذه الخطوة تأتي الأنزيمات المسماة سبلسيوسوميSPLICEOSOME) (للمساعدة وتخريج المعلومات بعد تمييزها من ضمن آلاف المعلومات ثم تربط الشرائط ببعضها التي لم تربط بعد.
وهذه العملية التي تسمى تهذيب (RNA) نجد الجزيئات التي تتكون من قليل من الذرات تقوم بأعمال على درجة كبيرة من الوعي. وهذه الذرات تدرك جيداً أن بوليميراز (RNA)يريد إنتاج بروتين و تميّز المعلومات اللازمة وغير اللازمة، وتتم هذه العملية دون خطأ رغم وجود آلاف المعلومات، غير أنها تأتي إلىالموقع وتبدأ عملها كلّ حسب الاحتياج إليه دون تخاذل أوتأخير.
كل ما ذكر سابقاً من خطوات ما هي إلا خطوة وسطية واحدة فقط وصغيرة داخل الخلية، فلا يمكن أن تظهر هذه الأعمال من ذرات لا وعي لها، وهي أعمال يجب أن تكون بالمشاركة بوعي وعلم ومهارة عالية وإحساس شديد بالمسؤولية .
ولكن أنصار نظرية التطور يدَّعون أن الطبيعة هي التي كونت هذا النظام الذي لا قصور فيه بالصدف العشوائية ويعارضون بذلك العقل والعلم والمنطق.
فهم يؤمنون بأشياء يستحيل للعقل الإيمان بها، ويدعون أن الطبيعة تصنع المعجزات وتحرك الذرات اللاشعورية بالصدف التي هي مليئة بالعقل والشعور .
ولكنهم مخطئون لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي ينظم كل هذه الأعمال الواعية والمدروسة .(1/44)
خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِليْهِ المَصِيرُ
سورة التغابن: الآية 3
مواهب تخطيط الإنتاج لخلايا العظام
إن عظامنا تكون كأنسجة لينة في بداية التكوين وتقوى وتتجمد داخل الأنسجة وذلك عندما تحاط هذه الأنسجة بالأوعية الدموية مع الخلايا الخاصة التي تسمى OSTEOBLAST) ) و (OSTEOCLAST ) فإن وظيفة أوستيوكلاست OSTEOCLAST فتح الفجوات في الأنسجة اللينة وهذا يتم عن طريق الأنزيمات المفرزة بواسطتها حيث أن عمليات الهدم هذه التي قامت بها خلايا اوستيوكلاست (OSTEOCLAST) وخلايا أوستيوبلاست (OSTEOBLAST)لا تتوقف عن العمل بل تقوم بعمل لصنع الهيكل العظمي وعلى هذا فإن النتيجة الطبيعية لهذا العمل المشترك بين فريقي الخلايا هو نمو العظام وتكوين الهيكل العظمي .
إن أعمال خلايا الأوستيوبلاست (OSTEOBLAST) تكون كبيرة وواضحة في عهد الطفولة لأن في هذه المرحلة من العمر يكون النمو سريعا جداً، لذا لا بد أن يكون التكوين أكثر من الهدم إلى أن يصل الهيكل العظمي إلى نضج معين فحين ذاك تصل كل خلايا الهدم والتكوين إلى حالة الاتزان.
إن خلايا العظام عند جميع البشر تقوم بنفس الوظيفة، تعرف جيداً كيف تنشأ سطح العظام ، وتعرف أيضاً الفرق بين عظام الحوض والجمجمة والأشكال التي يجب أن تشكل عليها، وما هو الوقت المناسب الذي يجب أن تتوقف فيه عملية المد أي التطويل، وما يجب أن تكون عليه العظام من سماكة، وأيضاً يعرفون أن الفترة هي فترة الطفولة مثلاً ويقومون بالأعمال المناسبة لهذه الفترة المهمة.
لا يحدث أي خلط في ترتيب هذه العمليات وفرق الخلايا تتفاعل في الوقت المناسب وتصل جميع العظام إلى المستوى الذي تستطيع به القيام بأعمالها بكفاءة بناءاً على التكوين المخطط .
إذن كيف اكتسبت خلايا العظام القدرة على الإنتاج والتخطيط؟(1/45)
إن الخلية التي تتكون من ذرات ليس لها القدرة على التخطيط واتخاذ القرار وليس لديها أي معلومة عن حالة التوازن في الجسم وأخذ التدابير اللازمة عند الحاجة.
إن بلايين الخلايا التي في جسم الإنسان تتصرف مثل إنسان واع مدرك بل قد تكون أكثر منه وعياً وإدراكاً وهذا دليل على أن الخلايا توجه بقدرة خارقة.
هو الله. إن الله سبحانه وتعالى هو صاحب هذه القدرة الخارقة فهو الذي يلهم الخلايا ما يجب أن تفعله وما لا يجب أن تفوم به .
التناسق العجيب في المخلوقات يكذب الداروينية
إن النظرية الداروينية ترى أن كل شيء في الدنيا يكون نتيجة الصدف العشوائية ولكن ما نراه من النظام المتكامل والتناسق العجيب والتوازن الدقيق الذي يسيطر على الكون، كل هذا يهدم دعوى وأسطورة الصدفة الداروينية، إن التناسق والتخطيط للتفاصيل غير المرئية يظهر ويؤكد هذه الحقيقة. فخلايا الدم هي التي تعطي اللون الأحمر للدم وكريات الدم مثل أقراص مقعرة كما تكون على درجة كبيرة من الليونة، هذه الميزة لكريات الدم الحمراء مهمة جداً لحياة الإنسان.
لو لم تملك كريات الدم الحمراء هذه الليونة البالغة لتوقفت في كثير من أماكن أجسامنا من غير حركة لأن قطر كريات الدم الحمراء ضعف قطر الشرايين التي تسير فيها الكريات تلك، لذا حلت هذه المشكلة فتحركت الكريات الحمراء داخل الشرايين بسهولة.
فالسؤال المطروح ماذا لو لم تكن كريات الدم الحمراء بهذه الليونة البالغة ؟
إن هذه المشكلة تظهر عند مرضى السكر لأن الكريات الحمراء عند مريض السكر تفقد هذه الليونة غالباً فتسد الخلايا الدموية غير اللينة في الأنسجة الحساسة للعيون، ويؤدي هذا الانسداد أحياناً إلى العمى.
فجميع النظم والتكوينات في الأحياء متناسقة ومتوازنة ودقيقة لدرجة أنه لا يعطي رصيداً للصدف لأن خالق كل شيء هو الله العالم القادر على كل شيء.(1/46)
الذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ البَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُور
ثُمَّ ارْجِعِ البَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِليْكَ البَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ
سورة الملك: 3-4
الهيموجلوبين صياد الأوكسجين في الدم
إن الأوكسجين ينقل إلى جميع الخلايا في أجسامنا عن طريق كريات الدم الحمراء. فيجب على الكريات القبض على جزيئات الأوكسجين التي تسري متحررة في الدم، وتتم العملية عن طريق البروتين المسمى هيموجلوبين (Hemoglobin) الموجود في الكريات الدموية. إن كريات الدم الحمراء صممت خصيصاً لنقل الهيموجلوبين لأنه يشتمل على تسعين في المائة (90%) من الكريات الحمراء لذلك أخرجت من داخله بعض الأجزاء التي توجد في الخلايا الأخرى مثل النواة ميتوكوندريا وبذلك يمكن للهيموجلوبين أن يقبض على الأوكسجين الكافي. إن الهيموجلوبين يمسك ذرات الأوكسجين دون أن يلمسها ومن غير أن يحدث أي تماس حتى لا يحترق الأوكسجين فلا يصل إلى الخلايا الأخرى.
لقد صمم الهيموجلوبين تصميماً خاصاً يتناسب مع طبيعة الأوكسجين القابل للاحتراق من خلال اللمس.
إن النظام الممنوح للهيموجلوبين لكي يتناسب مع طبيعة مسك الأوكسجين دون مساسه هو كما يلي:(1/47)
يتكون من اجتماع أربعة أنواع من البروتينيات يوجد فيها أقسام خاصة تعمل فيها ذرات الحديد، هذه الأقسام التي تحمل ذرات الحديد تسمى مجموعات ‘’هيمي’’ (Heme groups) هذه المجموعات هي الكلاّبات الخاصة التي تمتلك مواهب متميزة، فداخل الجزيئة طبقات وزوايا خاصة تمكن مجموعات هيمي من القبض على ذرات الأوكسجين دون المساس بها مثل الكلاّب، وتقوم بتوصيل الأوكسجين إلى الأنسجة التي هي في حاجة له فتتغير هذه الزوايا بنسبة معينة أثناء هذه العملية، وهذا الارتباط الخاص كما نرى فيه تناسق بارع بين أجزاء الجسم المتناهية في الصغر التي لا ترى بالعين المجردة، لذا فالقول بأن هذا التناسق وجد بالصدف أمر مستحيل قطعاً.
ليست الصدفة هي التي جعلت داخل الكريات الحمراء مكاناً مناسباً للهيموجلوبين أو صممت الكُلاّبات التي تستطيع أن تمسك ذرات الأوكسجين دون حرق- أي برمج خلايا الهيموجلوبين مثل صيادي الأوكسجين- وليست الصدف هي التي تجعل الهيموجلوبين يتعرف على جزيئات الأوكسجين ويميزه عن باقي المواد، ويستطيع الهيموجلوبين أن يرى الأماكن التي يجب عليه أن ينقل لها جزيئات الأوكسجين وكل هذا يعني أن هذا النظام الدقيق لا يمكن أن يكون بمحض الصدف العشوائية لأنّ ذلك يعد خروجاً عن نطاق العقل والمنطق. أوليس هذا دليل على وجود الله وخلقه وعلمه اللانهائي .
الشعيرات التي تمتلك المقدرة على تعيين الجهات في المسالك التنفسية دون خطأ
عندما نتنفس أو نستنشق الهواء المحمل بالأتربة الكثيرة جداً تنعزل هذه المواد الضارة عن الهواء وتحجز عند الأبواب الأمنية المعينة قبل أن تصل إلى الرئة.(1/48)
هناك طبقات تسمى المادة المخاطية أي الشعيرات الدموية توجد على سطح جميع المسالك التنفسية من الأنف إلى الشعب الهوائية، وهذه المادة المخاطية تتميز أنها ترطب سطح المسالك التنفسية حيث تلتصق بها المواد الرقيقة العالقة بالهواء المستنشق مثل الأتربة والغبار إذ يمتنع دخولها إلى الرئتين، ولكن هناك خطوة مهمة تتمثل في طرد هذه المواد الغريبة إلى الخارج حتى لا تتراكم في المسالك أو القنوات التنفسية بعد الإمساك بها عن طريق المادة المخاطية، ولطرد المواد نظام أمن آخر ويوظف لهذا الدور SILYA سيليا وهي تشبه السوط الحاد.
فهي تغطي سطح قنوات التنفس، فهناك فوق كل خلية على سطح قنوات التنفس ما يقرب عن مائتي سيليا تعمل كسياط تتحرك من 10 إلى 20 مرة خلال الثانية الواحدة مما يجعل حركة ضرب الأتربة وطردها مستمر نحو الحلق فجميع أعداد سيليا في هذه المنطقة تتحرك حركة دائمة نحو الحلق لطرد المواد العالقة، كذلك توجه حركة المادة المخاطية التي تحمل المواد الغريبة نحو الحلق أيضاً بسرعة، أما المادة المخاطية التي توجد في الأنف فسيليا يجعلها تتحرك كأسواط في حركة عكسية.
وكذلك تجعل المواد العالقة بالمادة المخاطية تصل إلى الحلق وبعد ذلك ترسل المادة المخاطية الحاملة للمواد الغريبة إلى الجهاز الهضمي حيث تخرج مع الفضلات أو تطرد خارج الجسم عن طريق السعال الذي يصاب به الإنسان من حين إلى آخر.
مما سبق نفهم أن الشعيرات التي تسمى سيليا رغم أنها لا تمتلك أعينا لترى بها أو عقولا تفكر بها فهي موجودة على بعد عدة كيلومترات من موقع الحلق مقارنة بأحجامها، تعرف أن هذه المواد الضارة إذا أرسلت إلى الرئة سوف تضر الجسم كله فتتحرك في الاتجاه المناسب بتناسق تام لمنع وصول هذه المواد الضارة إلى الرئة.(1/49)
إن هذه الشعيرات التي يصل طولها إلى اثنان في المليون من المتر رغم العمليات التي يقوم بها العلماء على مر السنين وبرغم التجارب المختلفة وباستخدام الأجهزة المختلفة لم يكتشفوا بعد نظامها العملي بالكامل ولا شك أن هذه الشعيرات تعمل بنظام عالي الجودة منذ بداية الخليقة لأنها تتحرك بإلهام من الخالق عز وجل تمتلك نظاماً بارعاً إذ لا تستطيع أن تكونها أي سلسلة من الصدف العشوائية.
اقرؤوا هذا المقال وأنتم تتخيلون أن ما سيأتي ذكره يحدث في أجسامكم
أن جزيئة الهيموجلوبين هي جزيئة خاصة تقوم بنقل الأوكسجين إلى الخلايا وحينما يأخذ الهيموجلوبين الأوكسجين من الرئة يترك ثاني أكسيد الكربون (2CO) فيمضي إلى العضلات وخلال هذه الفترة تنتج العضلات ثاني أكسيد الكربون (2CO) عند حرق المواد الغذائية، فعندما يصل الهيموجلوبين إلى العضلات يقوم بعكس وظيفته وهي أخذ ثاني أكسيد الكربون وترك الأوكسجين (2O).
يصف العلماء الهيموجلوبين الذي يقوم بوظيفتين مختلفتين تماماً عن بعضهما البعض بأنه جزيئة خارقة للعادة، يقول (جوردن راتري تايلور) - وهو من أنصار نظرية التطور - يقول في كتابه ‘’ سر التطور العظيم ‘’ The Great Evolution Mystery الذي يتحدث فيه عن جزيئة الهيموجلوبين:
لا شك أن هذه المادة جزيئة خارقة للعادة التي تميل إلى الاتحاد مع الأوكسجين 2O وفجأة بعد قليل تفقد هذا الميل وتتحول إلى اختيار ثاني أكسيد الكربون مما يجعلها جديرة بالاهتمام، ومما هو جدير بالذكر إن جزيئة الهيموجلوبين تتحرك ككائن على درجة عالية من الوعي وتقوم بالاختيار الدقيق في الوقت اللازم وبالمادة المختارة ولا تقوم بخلط الأوكسجين بثاني أكسيد الكربون أبداً.
- ومما هو جدير بالملاحظة أن ‘’جزيئة’’ صغيرة جداً لا تري إلا تحت الميكروسكوب تقوم بأعمال تقتضي أن يكون لها مميزات مثل التفكير والاختيار وسرعة اتخاذ القرار.(1/50)
إن البشر يمارسون حياتهم ويستمرون فيها في منتهى الراحة ويرجع ذلك إلى الوعي الخارق للعادة الذي يظهر لهذة الجزيئة.
إن إنتاج كريات الدم الحمراء في جسم الإنسان خلال ساعة يصل إلى 900 مليون وإن عدد الهيموجلوبين الذي يوجد في الكرة الحمراء الواحدة يصل إلى 300 مليون ومن هنا نفهم أهمية الموضوع وبصورة أدق إذا أخذنا في الاعتبار عدد جزيئات الهيموجلوبين جميعها بدون استثناء أصحاب هذه المواهب والصفات .
إن الحقيقة واضحة لكل ذي عقل واعي حيث أن هذا التميز البارع لا يوجد عشوائياً وإن الصدف لا تستطيع أن تكسب هذه المميزات ملايين الهيموجلوبين داخل جسم الإنسان.
إن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الهيموجلوبين وكيفه بجميع مميزاته داخل جسم الإنسان.
أنزيمات لايزوزوم التي تخدم جسم الإنسان
خلال اليوم الواحد توجد عمليات كثيرة في أجسامنا لا نحس بها وتقوم بهذه العمليات ما يقرب عن 100 بليون خلية، تقوم بوظائفها بلا تقصير. وتتكون الخلية من جزيئات صغيرة كل يعرف وظيفته جيداً فمنها ما ينتج الطاقة ومنها ما ينتج البروتين ومنها ما يقوم بالنقل ومنها ما يستخدم كمخزون. من ضمن المكونات الواعية داخل الخلية الـ (لايزوزوم) الذي يمكننا تعريفه أنه مطحنة الخلية والأنزيمات التي تفرز من هذا الجزء تقوم بكثير من عمليات الهدم في الجسم، إذ أن أنزيم (lizozom) تقوم بهدم الخلايا التي لا فائدة منها في الجسم وتجزئتها كما أنها تثقب الطبقات التي تحيط بأي مكون وتطحنها كما تجزء بعض الخلايا التي تتضخم عند الاستمرار في جسم الإنسان. لذا فإن عملية الهدم التي يقوم بها أنزيم لايزوزوم مهمة جداً بالنسبة إلى سلامة جسم الإنسان وصحته.(1/51)
ومما لا شك فيه أن عملية التوسيع التي يتعرض لها الرحم أثناء الحمل عند السيدات الحوامل تزيد من حجمه بصورة مختلفة عن حالته الطبيعية وبمرور الوقت وتطور مراحل الحمل يزيد حجم الرحم بزيادة حجم الجنين ولا شك أن هذه المرحلة لازمة لولادة الطفل في صحة جيدة، ولكن بعد الولادة ليس هناك حاجة لكبر حجم الرحم بهذا الشكل الكبير ولذا يجب إرجاع هذا العضو الذي زاد حجمه بشكل بالغ إلى حجمه الطبيعي، هذه العملية تتم عن طريق أنزيم لايزوزوم، فعند نهاية الولادة يبدأ إفراز الأنزيمات اللازمة مباشرة كأن الخلايا تتلقى الخبر بنهاية الولادة فتبدأ بالإفراز مدركة تماماً ما يجب عليها من أعمال وهذه الأنزيمات تقوم بتصغير الرحم بنسبة 40/1 بالهدم في خلاياه أثناء الأيام العشر الأولي بعد الولادة وكذلك يبدأ الرحم بالرجوع إلى حجمه الطبيعي للحفاظ على صحة الجسم وحيويته.
وأيضاً إن (الايزوزومات) توجد في مقدمة رأس الحيوان المنوي فهو يستخدم هذه الأنزيمات في داخله عندما يصل إلى البويضة حيث تكون لديه القدرة على اختراق الغطاء المحيط بالبويضة. هذه الأنزيمات تمتلك القدرة على اختراق هذا الغطاء وقطعه مما يؤدي إلى تلقيح (تهجين) الحيوان المنوي للبويضة، فنحن نرى بوضوح في هذه الأمثلة جميع النظم التي توجد في أجسامنا تعمل في صورة فريق عمل متضامن لأداء الوظائف بكفاءة عالية. في حين أن هناك نظاما لتوسيع الرحم عند الولادة وهناك أيضاً النظام الذي يعمل على إعادة رجوع الرحم إلى طبيعته السابقة، وكذلك تواجد أنزيم اللايزوزوم في مقدمة الحيوان المنوي الحي يستطيع اختراق الغشاء القوي المحيط بالبويضة لحفظها.
رغم كل هذا فإن أنصار النظرية الداروينية يبتعدون كل البعد عن العقل والمنطق لدرجة أنهم يزعمون أن كل هذه النظم البارعة المتداخلة تكونت عن طريق الصدف، وتستمر النظم بعد ذلك بشكل تام لا قصور فيه .(1/52)
إن عمل النظم بهذا الشكل المنظم المتناسق البديع الصنع وترابط هذه النظم بالنظم الأخرى من جميع أنحاء الجسم يعرض أمام أعيننا قدرة الخالق عز وجل وكماله وحده لا شريك له.
هل فكرتم في المعجزة العظيمة لعملية التنفس؟
منذ لحظة الولادة وأنتم تتنفسون بسهولة وتستمر حياتكم عن طريق عملية التنفس هذه. إن الانقطاع أو التوقف عن عملية التنفس لعدة دقائق يوقف فاعلية الجسم ويؤدي حتماً إلى الموت المؤكد .
هل تعرفون أن استمرار الحياة للإنسان مرتبطة بمادة تسمى سورفاكتان التي توجد في الرئة.
إن أكثر من 300 مليون ( ثلاثمائة مليون ) حويصلة هوائية توجد في الرئة محاطة بهذه المادة فليس من السهل على الحويصلات الهوائية أن تنفتح بمفردها عند كل شهيق وزفير ولكن مادة السورفاكتان هي التي تساعد الحويصلات على الانفتاح والانغلاق.
إن أغرب وأهم مميزات هذه المادة أنها تبدأ إنتاجها قبل ولادة الطفل بشهر كامل، وهنا نرى الإعجاز، كيف يحس الجنين بالحاجة لإنتاج هذه المادة وهو ما زال داخل رحم أمه ولازال لا يستعمل الرئة ثم يفاجئ بملازمة هذه المادة له أثناء عملية التنفس عندما يخرج إلى العالم الخارجي.
-1من يدري أن هذه المادة تساعد الحويصلات الهوائية على أداء وظيفتها داخل الرئة؟
-2ما هي المعلومة الكيميائية التي تضمن أن هذه المادة تساعد على تحريك الحويصلات الهوائية؟
إن عدم وجود هذه المادة يؤدي إلى الموت المؤكد للوليد في وقت قصير جداً بعد الولادة، ولكن هذا لا يحدث إلا نادراً فالطبيعي أن كل طفل يولد برئتين محاطتين بهذه المادة ويبدأ الوليد منذ اللحظة الأولى للولادة في التنفس وهذا يحدث منذ بداية الخليقة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
لا شك أن هذه المعجزة لا تتدخل فيها إرادة الطفل والأم ولكنها إرادة الله سبحانه وتعالى فهو خالق هذا النظام البديع الصنع الكامل الذي يقوم بوظيفته في الوقت المناسب وبدقة متناهية .(1/53)
يَا أَيّهَا الإِنسَانُ مَاغَرّكَ بِرَبّكَ الكَرِيمِ الذِي
خَلَقَكَ فَسَوّاكَ، فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ،
كَلاَّ بَل تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ
سورة الانفطار: الآية 6-8
شبكة الاتصالات بين الخلايا
إن ما يقرب من مائة تريليون خلية توجد في تناسق تام في أجسامنا وهي ملتزمة بمراقبة فاعليتها بدقة لتحقيق هذا التناسق وعلى ذلك فهي تنتج الجزيئات التي تقوم بنقل الرسائل التي يطلق عليها هرمون، فمثلاً الهرمون الدّرقي (TIROID) الذي يراقب سرعة الفعاليات الحيوية في جميع الخلايا، وأيضاً هرمون الأنسولين (INSULIN) يجعل السكر يدخل في جميع خلايا الجسم وأيضاً هرمون الديسيترون (Aldestrone ) الذي يصنع حالة التوازن بين نسبة الأملاح والماء في الدم بتأثير الكلى فيجب إنذار هرمون اريثيروبويتين ( ERITHROPOIETIN) لإنتاج كريات الدم الحمراء.
هناك مئات الهرمونات التي تعمل كحلقات اتصال بين الخلايا وهذه العمليات تتم بدقة فائقة وبنفس المستوى الرفيع في أجسام ملايين البشر، ومن المستحيل أن يوجد نظام في جسم الإنسان بغير الهرمونات وإلا حدث اضطراب وفوضى بالغة، إذن فكيف تعرف خلية ما يجب أن تفعله خلية أخرى بعيدة عنها بآلاف الكيلومترات إذا قمنا بقياسها بمقاييسنا المعتادة؟ وأي هرمون يقوم بهذا العمل ؟
غير أنه كيف تعرف المعدلات اللازمة لإنتاج هذا الهرمون والمواد اللازمة لإنتاجه والأماكن الآتية منها؟
والإجابة على كل هذه التساؤلات توضح لنا الحقيقة، ألا وهي أن كل شيء في الجسم مخلوق بتصميم معين ودقيق وبعلم واع ونظام محكم. إن مائة بليون خلية موجودة داخل أجسام ملايين البشر على وجه الأرض تعمل في نظام معجز هذا دليل على إبداع الله في خلقه عز وجل وحكمته في كل شيء على وجه الأرض وفي الكون أجمع.
شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالمَلاَئِكَةُ(1/54)
وَأُوْلُوا العِلْمِ قَآئِماً بِالقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلا هُوَ العَزِيزُ الحَكِيم
سورة آل عمران: الآية 18
الهرمون المنتج في المخ هو مصدر آلام الولادة ولبن الأم
إن آلام الولادة التي تأتي فجأة للأم عند نهاية فترة الحمل هي التبشير لبدء حياة جديدة للوليد فالهرمون المسمى اوكسيتوسين (OKSITOSIN) هو المسؤول عن بدأ آلام الولادة ويعطي المعلومة بهذا الحدث.
وهذا الهرمون الذي يفرز في المخ وتأثيره يظهر في موقعين أساسيين :
الأول: الخلايا المكونة للعضلات المسؤولة عن إفراز لبن الأم في الصدر في الوقت المناسب للولادة بعد إتمام شهور الحمل، تتقلص عضلات الرحم بشدة وهذا يحدث غالباً بعد إتمام فترة الحمل كاملة وهي (تسعة أشهر وعشرة أيام) لا قبل هذه المدة ولا بعدها لأنه في كلتا الحالتين يؤدي هذا بحياة الجنين إلى خطر مؤكد. وعندما يأتي ميعاد الولادة ترسل الإشارات من عنق الرحم إلى المخ ويستقبل المخ هذه الإشارات ويبدأ في إفراز هرمون الأوكسيتوسين ويرسله إلى عنق الرحم الذي يبعد عن المخ ولكنه يصل إلى الهدف تماماً وتتم عملية الولادة، وعلى الرغم من كل هذه الوظائف لهرمون (OKSITOSIN) فله أيضاً وظيفة أخرى هامة جداً هي إفراز لبن الأم في الصدر، الغذاء الهام للوليد الذي جاء إلى الدنيا حديثاً.
فلنتوقف هنا برهة ونفكر معا، الخلية الصغيرة الموجودة في قسم صغير جداً في المخ ترى كيف قررت إنتاج الهرمون الذي يقوم بتسهيل عملية الولادة في الرحم؟
وكيف يعرف طريقه داخل جسم الإنسان المعقد التركيب؟ وكيف يصل إلى الموقع المطلوب دون خطأ ودون الوصول إلى أي عضو آخر غير العضو المقصود؟(1/55)
لمن هذا الإدراك والعقل المدبر الذي يدرك أن الجنين قد أكمل مراحل نموه في رحم أمه بعد مضي تسعة أشهر وعشرة أيام والحفاظ عليه حياً ويتحرك هذا النظام في موعده المحدد. أنظر كيف يفكر هذا الهرمون في أن اللبن ضروري لتغذية الطفل ثم يقوم بتنبيه الغدد اللبنية لإفراز اللبن في صدر الأم.
إن هرمون الاوكسيتوسين هو واحد من ضمن آلاف الهرمونات التي تعمل جميعها للحفاظ على حياة الإنسان وصحته.
فكل واحد منها يعمل في نظام دقيق جداً ويأخذ القرارات وينفذها ويتصل بالخلايا وينتج السائل الذي يحتاجه الجسم ويحدد الكمية اللازمة لهذه العملية والتوقيت اللازم لإتمامها والمدة اللازمة لاستمرار إفرازه وأيضاً يقوم بعمليات أخرى كثيرة بلا تقصير.
إن هذا النظام المحير بتخطيطه لا يعمل وحده بالصدف العشوائية، بل الخالق عز وجل هو الرقيب على كل هذه الترتيبات الدقيقة التي تشتمل على الوعي الجبار، وما تصميم الهرمونات بكل تفاصيلها الدقيقة إلا أكبر دليل على معجزة الخلق والتدبير.
ما ذا لو لم تشعر بالعطش أبداً؟(1/56)
هناك أنظمة تشعر بأقل التغيرات التي تحدث في كمية الماء في أجسامنا خلال يومنا، ومن أهمها تلك التي توجد في المخ وهو القسم الذي يسمي الدماغ المتوسط (HIPOTALMUS) والذي يصل حجمه إلى حجم حبة الجلبّان، ومن أهم تخصصات الدماغ المتوسط قياس نسبة الماء في الدم. فعندما تنقص نسبة الماء في الدم يحدث هبوط ولو طفيف في ضغط الدم، فبعد ذلك يقوم بوظيفته المتمثلة في استقبال التغيرات التي تحدث في ضغط الدم في الوريد، فهذه الأجهزة الاستقبالية الحساسة التي تم إنذارها بتغير ضغط الدم تعطي إشارات عن الوضع الحالي لقسم الدماغ المتوسط في المخ ويقوم هو بدوره بأخذ التدابير اللازمة ويعطي الأوامر لغدة تقع أسفله مباشرة طولها لا يتعدي 1 سم تسمى الغدة النخامية (hipofiz) وهذه الغدة تقوم مباشرة بإنتاج هرمون (ADH) وإفرازها هذا الهرمون يخرج في رحلة طويلة عبر الدورة الدموية ويصل إلى الكلى، وهناك في الكلى توجد أجهزة استقبالية خاصة مناسبة تماماً لهذا الهرمون مثل مناسبة المفتاح للقفل، وعندما تصل الهرمونات إلى هذه الأجهزة الاستقبالية تصل إلى الكلى رسالة تحمل في مضمونها وجوب إقامة نظام للاقتصاد في الماء، أما من ناحيتنا فنحن ننظم عملية توازن الماء في أجسامنا حيث نشرب كوب ماء عندما نحس بالعطش وذلك دون أن نحس بما يحدث بداخلنا من أنظمة بديعة الصنع. ولولا هرمون الغدة النخامية وخلايا الكلى التي تفهم وتنفذ أوامره (اقتصدوا في استهلاك الماء) لاضطررنا إلى أن نشرب ما بين 15 إلى 20 لترا من الماء حتى لا نموت، وأيضاً لتعذر علينا أن ننام أو نجلس مدة طويلة حينما نجبر على عملية إخراج الماء الزائد إلى الخارج عن طريق الجهاز البولي.(1/57)
وكما نرى فإن جميع أجزاء هذا النظام الذي يوازن ويعادل نسبة الماء في أجسامنا يعمل بالاشتراك مع المخ، فإن الخلايا التي توجد في الوريد تبعث برسالة إلى المخ بأن المياه قد نقصت في الجسم ويدرك المخ مضمون الرسالة فيقرأها ويرسل الخبر إلى العضو المقصود أي إلى الكلى.
هذه العمليات تحدث عدة مرات خلال يومنا العادي دون أن نحس بها، وهذا ليس في جسمنا فقط ولكن في أجسام جميع البشر من حولنا، والبشر الذين عاشوا من قبل، والبشر الذين سوف يعيشون بعد ذلك على ظهر الأرض، كل هؤلاء يحملون نفس النظام في أجسامهم، جميعهم يمتلكون نفس الأجهزة الاستقبالية الحساسة، فخلايا أجسامهم تعرف العمل اللازم والذي يجب عليها أن تقوم به عند تغير ضغط الدم، فهي تمتلك النظام الخاص الذي يقيس التغيرات في ضغط الدم. هذا النظام المعقد الكامل كيف تَكَوَّن وامتلك نفس المميزات في جميع البشر؟
إن عدم إمكانية تكوّن مثل هذا النظام الدقيق بالصدف العمياء واضح كوضوح الشمس لكل إنسان عاقل، وأيضاً من الصعب اكتساب أجزاء معينة من هذا النظام خصائص دون الأخرى، ومن الواضح أيضاً عدم إمكانية الكشف عن الخلايا في هذه العمليات التي يصعب على الإنسان أن يفهمها بالقراءة إلا بعد بذل جهد كبير وتفكير عميق، غير أن هرمون (Vazopressin) واحد ضمن مئات الهرمونات الموجودة في أجسامنا وجميع هذه الهرمونات مرتبطة بروابط مماثلة مع أعضاء الجسم ولا يوجد أي هرمون يقوم بتوصيل رسالته إلى عضو غير مقصود، وعلى هذا فكل عضو يفهم مضمون الرسالة التي يحملها الهرمون ويقوم باللازم ولا شك أن وراء هذا النظام قوة جبارة وقدرة خارقة هو الله الذي لا إله إلا هو خالق كل شيء سبحانه، وعلى هذا فإن كل إنسان مسؤول عن التفكير في معجزات الخلق عندما يتأمّل في جسمه كما عليه شكر الله الذي خلقه من عدم.
الهرمونات: الجزيئات التي يمكنها تمييز الجنس(1/58)
هناك تناسق وتناغم تام بين الخلايا والهرمونات في جسم الإنسان، الجسم الذي يعرف جميع الهرمونات جيداً ويفهم مضمون الرسائل التي تحملها وأيضاً تعرف جيداً ومتى وأين تذهب وكيفية التأثير.
ورغم أن نفس الهرمونات تفرز سواء كان في الأنثى أو في الذكر، ولكن تأثير هذه الهرمونات يختلف تبعاً لاختلاف الجنس والمثال على ذلك:
إن الهرمون المسمى ( FSH ) بينما يكوّن البويضة في الأنثى فهو ذاته يكوّن الحيوان المنوي في الذكر، أما هرمون (LH ) في الأنثى هو الذي يجعل البويضة في حالة استعداد للتبييض، وأيضاً هرمون بروجيستيرون (Progesteron) وهو مسؤول عن جعل الرحم في حالة تأهب لنمو جنين بداخله، نفس الهرمون (LH) يقوم بوظيفة مختلفة عند الذكر حيث يأمر الخلايا بإفراز هرمون التستستيرون (testesteron) وهو المسؤول عن تكوين وظهور الخصائص الذكرية عند الذكر وتكوين الحيوانات المنوية. ومما هو جدير بالتفكير أن الهرمونات التي تمتلك نفس الخصائص وتنتج بنفس المعدلات إلا أن تأثيرها يختلف تماماً باختلاف الجنس.
فعندما يفرز الهرمون في جسم الإنسان كأنه يدرك الخلية الخاصة بالرجل فيسبب التغيرات المناسبة لطبيعة جسد الرجل يعمل مثلاً على تكوين العضلات في جسم الرجل، وأيضاً يقوم بتضخيم الصوت وإنبات شعر الذقن والشارب ونفس الهرمون يفرز في جسم المرأة وبنفس المعدل إلا أن تأثيراته تكون عكس الرجل تماماً.
وبناءاً على ما سبق فإن كان هذا الهرمون في جسم المرأة يعطي الصوت الناعم النسائي ويعطي للرجل الصوت الخشن الرجالي وينظم نمو الجسم على هذا الأساس ويقوم بالتمييز بينهما، هذا يعني أنه لديه معلومة عن طبيعة جسم الرجل والمرأة والحالة الكيميائية لجسم كل منهما، ويعني كذلك أنه صاحب إدراك واع حتى كأنما تعلم وتدرب على هذه المهارة وأداء الوظيفة بجدارة فائقة.
كيف يكون لهذه الهرمونات المعلومات الكيميائية ؟(1/59)
وكيف أن للخلايا التي تنتج هذه الهرمونات الإدراك الواعي للحالة الكيميائية لجسم الإنسان؟ فهي مثل الكيميائيين الذين لديهم معلومات محددة ينتجون الهرمونات على أساسها في داخلهم وأيضاً يوجهون الخلايا الأخرى إلى إنتاج الهرمونات حسب درجة الاحتياج.
كيف امتلكت الخلايا هذا الإدراك الذي يقوم بعمل كل هذه المهام ؟
إن الخلايا التي تكونها الذرات ليست من أصحاب هذا العقل، وهذا واضح جداً فهنا يظهر لنا وجود تخطيط محكم وتصميم واع في هذه التنظيمات المجهزة والتي تعمل على حسب طبيعة كلّ من الرجل والمرأة.
فلا شك أن هذا النظام هو من بديع صنع الله سبحانه و تعالى.
هل يمكن للهرمون الذي له الفضل في الحركات الواعية للخلايا أن لا يكون لديه وعي بنفسه ؟
إن ما يقرب من مائة بليون خلية داخل جسم الإنسان تقوم بوظائفها المقدرة لها وذلك عن طريق هرمونات الغدة الدرقية (Thiroid) فالخلايا تعمل بسرعة معينة ومناسبة وذلك حسب وجود كمية كبيرة من الهرمونات الدرقية في الجسم فإن لم يفرز هذا الهرمون بكميات كافية ومناسبة فسوف تتراجع العمليات التي تقوم بها الخلايا - وتتباطأ بالتدريج وتكاد تتوقف، تماماً لذا يجب وجود هرمون النّيرويت في الدم بكميات معينة دائماً.
من المستحيل أن تتخذ الغدة الدرقية لنفسها وظيفة تؤثر في الخلايا وتفرز ذلك وحدها لأنّه ليس لديها معلومات عن الخلايا الأخرى ولكن كل ما تفعله هو تنفيذ الأوامر التي تأخذها من (DNA ) وهي معلومات مفصلة ودقيقة عن الخلايا.
فالذي يعطي هذه الأوامر المكتوبة للغدة الدرقية وصاحب القدرة على إعطائها أوامر التنفيذ هو الله الذي يعلم كل شيء وهو السميع العليم سبحانه بخلقه. إن التخطيط والتصميم والوعي في العمل لا يكون لقطعة اللحم المسمّاة الغدة الدرقية التي لا وعي لها حتى عن نفسها ولكن المنظم لهذا كله هو الله سبحانه وتعالى فقط .(1/60)
ولكن أصحاب نظرية التطور ينكرون هذا ويدعون أن الغدة الدرقية تحس وحدها الحاجة إلى تحرك جميع الخلايا ولذا أفرزت من ذاتها الهرمون الذي يؤثر في جميع الخلايا، ولقد أنتجته وحدها وبصورة كاملة دون تقصير وأيضاً قررت من تلقاء نفسها أن الهرمون يوجد بشكل منظم وبكميات ثابتة في الدم. وطبعاً هذا هو ظنهم وحدهم فقط فلا يمكن أن يقبل العقل أن تنفيذ هذه الأعمال يكون عن طريق الغدة التي تفرز الهرمونات في جسم الإنسان لأن الله سبحانه وتعالى خلق كل شيء متناسق مع بعضه البعض وجعل وظائفه مترابطة ببعضها البعض فعنده علم كل شيء وهو علام الغيوب.
لا معادلة يمكن أن تظهر من تلقاء نفسها أو بالصدفة!
إن الأنسولين (Insulin) هو أحد الهرمونات التي لا غنى للإنسان عنها، فعند عدم إفراز هذا الهرمون فإن نسبة السكر في الدم تختل وتكون غير متوازنة مما يؤدي بالإنسان المصاب إلى الذهاب في غيبوبة سكر - إن هذا الأنسولين المهم جداً للجسم هو البروتين الذي يتكون من 51 حامض أميني متجمعة بترتيب معين ويظهر في شكل أسماء مكتوبة داخل دائرة وهي حوامض أمينية المكونة للأنسولين وَأَيُّ تغيُّر بسيط في هذا الترتيب للحوامض الأمينية يتسبب في عدم القيام بوظيفة الأنسولين كما ينبغي أن تكون، إن أية معادلة يراها الإنسان مكتوبة على ورقة فلا بد أن يظن بأنها لم تكتب من تلقاء نفسها بل هناك من كتبها، فهرمون الأنسولين له معدل ثابت وهذا المعدل يفرز بصورته الثابتة في جميع البشر منذ بداية الخليقة حتى الآن مما يعد أكبر دليل على أن الأنسولين لم يظهر على مر الزمان بالصدفة العشوائية ولا يستطيع أن يجعل مقدار إنتاج هذا الهرمون بنفس المعدل في مليارات البشر، إن هذا الإدعاء يخالف العلم والعقل والمنطق.
إن الله وحده هو الذي خلق الأنسولين بهذا المعدل في جسم الإنسان وحدد مميزاته التي يمتلكها وأوجده داخل الإنسان منذ بدء الخليقة.
هل من الممكن أن يكون للكلى معلومات طبية ؟(1/61)
إن كميات الكريات الحمراء في الدم التي تُضخ إلى الكلى والمعطيات المثبتة التي تتلقاها عن طريق الأجهزة الاستقبالية الحساسة تفهم بصورة مباشرة، فيتم عمل اللازم وعندما يحدث نقص في كمية الدم التي تسري في الكلى تفرز خلايا الكلى الهرمون المسمى ارتروبويتين ERITROPOIETIN الذي يفيد في زيادة إنتاج الدم اللازم في الوقت المناسب ويؤثر في مكان غير الكلى أي في نخاع العظام، فعند نقص الدم يذهب الهرمون إلى الخلايا الأساسية المنتجة للدم ويعطيها الإشارة إلى أن كمية كريات الدم الحمراء قد نقصت، وعندئذٍ يزيد سرعة إنتاج تلك الكريات الحمراء ويساعد على دخول كمية كبيرة في الدورة الدموية فيتم توازن كمية كريات الدم الحمراء.
كما نرى خلايا الكليتين تثبت المعطيات وتأخذ القرار لتنفيذ المطلوب. أما الهرمون الذي يقوم بوظيفة نقل الرسالة فيواصل طريقه داخل الجسم دون أن يضل الطريق ويصل إلى النخاع داخل العظام دون أن يتعرض لأي تلف في مضمون الرسالة، وبعد ذلك تقوم الخلايا الموجودة في النخاع بفك رموز الرسالة التي أتت إليها بواسطة الهرمون القادم من الكليتين وتتحرك وفق مضمون الرسالة وأيضاً جميع هذه العمليات تتم في كل شخص من مليارات الناس بنفس المستوى ويستمر هذا التناسق في جميع البشر بنفس الشكل.
إن الخلايا في جميع أعمالها تقوم بعملها بتنظيم عقلي واضح وتتصرف كأجزاء مطيعة وجادة في تنظيم خطواتها بلا تقصير وعلى ذلك يتحتم علينا أن نرد على الأسئلة، عمن وراء هذا التناسق العجيب والتنظيم الرهيب؟ يستحيل الإدعاء بأن الخلايا تمتلك هذا العقل من ذاتها أو عن طريق الصدف العشوائية: إن الذي ألهم الخلايا وأعطاها هذه الإرادة للقيام بالعمل على أحسن وجه هو الله القادر على كل شيء الرقيب على كل شيء ( ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي القدير)..
الهرمونات التي تكذب الداروينية(1/62)
هناك آلاف الأوامر تنطلق وتعطي من وإلى الخلايا في أجسامكم ما يجعل سير حياتكم سهلاً وملائماً دون أن تلاحظوا أو تشعروا بأي شيء.
فمثلاً .. عندما تتعرضون لنوع من الإثارة وتشعرون بالخوف ففي الحال تتحفز الخلايا العصبية و تصدر أوامرها العصبية مباشرة إلى الهدف الذي هو غدد موجودة فوق الكلى دون أن تضل الطريق فتحرك هذه الغدد، عندما تصل الرسالة إلى هذه الغدد تفرز هرمون يسمي الأدرينالين (Adrenalin) تتمثل وظيفته في جعل الجسم في حالة طوارئ منذ أن يختلط بالدم فيمنع حركة أعضاء الجهاز الهضمي ويتوقف سير الحركة الهضمية وبذلك تتجه كمية الدم التي تشارك في عملية الهضم إلى الأعصاب لتقويتها وفي نفس الوقت تزيد دقات القلب وضغط الدم، هذا ما يحقق الطاقة الزائدة للعضلات كما تزيد من تغذية عدسات العيون بالأوكسجين لزيادة كفاءتها وزيادة حساسيتها لإنذارات الضوء وعند اجتماع كل هذه العوامل في إنسان واحد يكون بكفاءة عالية جداً وعلى استعداد لمواجهة جميع المواقف سواء كان هروبا أو دفاعا أو هجوما.
إن خلايا الأعصاب تتكون من ذرات ميتة لا شعور لها ولا يمكن لهذه الذرات أن تدرك ما يحتاجه الجسم فهي تبعث الرسالة المناسبة إلى الأماكن المتعلقة بالموضوع والأماكن التي وصلتها الرسالة تتكون أيضاً من ذرات لا شعور لها ولا إحساس، ورغم كونها كذلك تفهم مضمون الرسالة وتنتج الهرمون المناسب وفي الحال يعرف هذا الهرمون بوعي وإدراك كامل هدف إنتاجه ثم يذهب إلى الأعضاء المستهدفة ويحولها إلى حالة طارئة.
إن الاعتقاد بأن وجود مثل هذا النظام المخطط والمنظم والموجه إلى هدفه بكل دقة أتى بالصدف العمياء مخالف للعقل والمنطق والضمير لذا فإن أنصار النظرية الداروينية يعرضون أنفسهم لموقف يسخر منه حتى الأطفال عندما يدَّعون أن كل هذه الأنظمة والأعضاء تكونت عن طريق الصدفة.(1/63)
يعترف مالكوم موجيريد MALCOM MUGGERIDGE بالوضع المعوج الذي توجد فيه النظرية الداروينية فعلى الرغم من أنه فيلسوف ملحد ويقتنع بالتطور قال: ‘’ إن نظرية التطور خاصة في مجالاتها التطبيقية ستكون أكبر مصدر للسخرية في كتب التاريخ في المستقبل، وسوف تقف الأجيال القادمة في حيرة أمام تقبل هذه النظرية التي هي مليئة بالغموض والتي تقبلها السابقون بسذاجة ‘’ . (The End of Christendom, 1980p.43)
إنها حقيقة واضحة لا شك فيها وهي التي تقول أن النظم العالية الصنع الدقيقة المحددة الوظائف والتي لا قصور فيها هي من خلق الله سبحانه وتعالى.
هل تعرف أن الرئة تمتلك آلية للدفاع و التدخل السريع ؟
تمتلك الرئة وحدة للإنقاذ والدفاع العاجل خاصة بها فبعض الخلايا تنفث مركبا قاتلا على البكتريا والجراثيم وبذلك تقوم بقتلها نهائيا خصوصا وأن هذه الجراثيم والبكتيريا استطاعت أن تتجاوز خطوط الدفاع الأولية و تصل إلى الرئة.
ولا يمكن معرفة إدراك خلايا الرئة للمواد الضارة بالنسبة لها وكيفية عمل الخليط الذي ينزع التأثير الضار لهذه المواد، ومما لا ريب فيه افتقار هذه الخلايا للعلم والإدراك والقدرة على اتخاذ القرار. إن هذا النظام المعقد المتداخل الدقيق الصنع هو من آثار قدرة الخالق عز وجل خالق السماوات والأرض في حالة تناسق وانتظام وجعل بينهما توازناً رهيباً.
إن الله سبحانه وتعالى يظهر لنا دائماً أدلة وجوده وقدرته وعلمه الذي لا نهاية له، فقد جعل الخلية الصغيرة الحجم تقوم بوظائف وأعمال في غاية الوعي والدقة مما يجعل الإنسان في حالة حيرة.
لولا الأنزيمات لاستمرت قراءتكم
لهذا النص أربعين ألف عام
إن الأنزيمات هي جزيئات البروتين التي تتحكم في السرعة المناسبة للتغيرات الكيمائية التي تحدث في جسم الإنسان والمتعلقة بحياتهو تكون في الوقت المناسب لتمكن الإنسان من البقاء على قيد الحياة.(1/64)
إن أنزيم واحد يمكنه زيادة سرعة الفاعليات بعشرة مليار أضعاف الفاعلية الأصلية ولولا هذه السرعة المهولة لأصبحت الخمس ثواني التي نستغرقها في قراءة جملة 1500عام ، وبذلك سوف لن يكون نسق الحياة بطيئا جداً فحسب بل إن الحياة ستكون مستحيلة.
ومن أهم الخصائص لهذه الأنزيمات أن لها خاصية التمييز. فهناك أنزيمات تقوم بالإسراع من الفعاليات المطلوبة للجسم وأحياناً تغير الوظيفة فتتحول من السرعة إلى التباطؤ لأنها لا تحتاج إلى السرعة وقت ذاك.
فكيف تدرك ما يحتاج إلى السرعة وما لا يحتاج إليها ؟
من المؤكد أن تكون على دراية بجميع الفعاليات وردود الأفعال الموجودة في الجسم وأيضاً يكون لديها دراية كاملة بالتّوقيت المناسب والنسب المطلوبة من ردود الأفعال، وأيضاً كل أنزيم يستطيع أن يزيد سرعة التفاعلات الكيمائية الداخلة فيها جزيئات معينة. فالأنزيم يمكن أن يرتبط به قسم لجزيئة خاصة به بشرط أن يكون شكل الأنزيم مناسباً تماماً للقسم الخاص بهذه الجزيئة مثل التناسق الذي يوجد بين المفتاح والقفل. أي يجب على الأنزيم أن يعرف الجزيئة المناسبة وأيضاً يجب أن يربطه بجزء صحيح له.
الأنزيمات التي تتكون من ذرات الكربون والهيدروجين والأوكسجين والتي لا يمتلك العقل والوعي كيف ولماذا تحملت مسؤولية سرعة التفاعلات الكيميائية التي تحدث داخل جسم الإنسان؟
وكيف تثبت الجزيئات المناسبة في أماكنها المناسبة؟ وكيف قدرت الصدف والذرات غير الحسية وجوب وجود الأنزيمات لاستمرار حياة الإنسان؟
إن نظرية التطور التي تعتبر الصدف والذرات اللاواعية آلهة، لا تستطيع أن تجيب على هذه الأسئلة لأن الجواب يسوق بداهة إلى الاعتراف بخالق لها.
المضادات الجسمية التي تأخذ الاحتياطات اللازمة ضد الجراثيم التي لم ترها من قبل(1/65)
كل يوم يدخل إلى جسم الإنسان كثير من الجراثيم ويحاول نظام الدفاع الموجود في جسم الإنسان انتزاع التأثير الضار منها ولكن بعض هذه الجراثيم والمواد الغريبة تتسلل وتقتحم جسم الإنسان وتدخل في الدورة الدموية وتشكل عندئذٍ خطراً كبيراً وتسمى هذه الجراثيم انتيجين (ANTIGEN) ، إن خلايا الدفاع تنتج المواد السامة (ANTIKOR) المضادة للانتيجين وتحاول المضادات الجسمية القضاء عليها أو منع تكاثرها.
إن أهم خصائص المضادات الجسمية أنها تعرف مئات الآلاف من الجراثيم الموجودة في الطبيعة وتعد نفسها لقتالها والأغرب من ذلك هو تعرف المضادات الجسمية على المضادات الحيوية المصنعة في المعامل.
عجباً.. كيف تعرف خلية صغيرة مئات الآلاف من الخلايا وأيضاً لديها فكرة عن المادة المصنعة في المعمل؟ ولو اعترفنا بتعرف المضادات الجسمية على المضادات الحيوية التي توجد في الجسم فالذي يثير الدهشة والحيرة معرفتها للمضادات الحيوية التي لم تلتق بها من قبل.
إن المضادات الجسمية كما تعرف المادة الغريبة الموجودة في الجسم فهي أيضاً على دراية بالأسلحة المضادة لها وعلى علم بإنتاج هذه الأسلحة في وقتها، ومما لا شك فيه أن معرفة نظام الجسم للعالم الخارجي تثير الدهشة فلا يمكن شرحه بالصدف فإن هذا الموقف يدخل أنصار نظرية التطور في مأزق عندما يفشلون في شرح خصائص المضادات الجسمية وذلك عن طريق تشخيص جميع المواد الغريبة في الجسم على حسب نظريتهم يتجهون بشروح خارج نطاق العقل والمنطق ويقول د.علي دميرسوي (ALI-Demirsoy) وهو أحد النماذج المثالية لعلماء النظرية الداروينية حيث كان موقفه كالآتي: يقول: (هناك خلية بمثابة كاهن واع أعدت وطورت نفسها منذ زمن لإنتاج المضاد الجسمي المضاد للمادة الكيمائية التي تجمعت صناعياً في هذا القرن).(1/66)
وكما نرى في تعبير د.دميرسوي فإن أنصار نظرية التطور يعترفون بالكمال والإبداع في خلق الأحياء ولكنهم يحاولون شرح ذلك بطرق غريبة، يحاولون سلب العقول عن طريق استخدام الألفاظ الرنانة والتعبيرات الساحرة للنظرية مثل (معجزة التطور) أو (هذه الخلية كأنها كاهن) وفي هذه الألفاظ استخدامات غير عادية، إن صفة كاهن تستخدم لوصف شخص متدين وواع جداً يفكر بجدية ولديه بعض المعلومات عن العالم الخارجي أما الخلية فلها من الصفات الخارقة للعادة حيث يكون لها معلومات لموجودات تبعد عن بيئتها تماماً، ومن الطبيعي أنه لاينتظر من الخلية التي تتكون من ذرات لا حياة فيها أن يكون لديها إحساس قوي وعلم عالي المستوى، كل هذا نتيجة صدف
عشوائية كما يدعي البعض، والدعوة لهذا خروج عن نطاق العقل والمنطق، هذا ما يؤكد أن الخصائص المميزة للمضادات الجسمية تأخذ أوامرها وإلهامها من الله رب العالمين الذي يعلم كل شيء بالتفاصيل الدقيقة.
خلايا الدفاع مخلوقة بذاكرة مليئة بالمعلومات
هل تتصور أن هناك خلايا تتلقى الإشارات عن الاعتداءات التي تحدث في أجسامكم من قبل الجراثيم في حينه، وتعلن حالة الطوارئ فيها، عند وقوع أية حالة تلوث تهاجم الجسم مثل تلوث الجرح أو دخول الجراثيم الجسم حينما تعلن خلايا الدفاع (كريات الدم البيضاء) حالة الطوارئ فمن هذه الخلايا الدفاعية ما يسمي (ماكروفاج) يجب على هذه الخلايا أن تحدد موقع التلوث في أسرع وقت ممكن للرد على العدوان وتتجه إلى الموقع في الحال. فهذه الخلايا تتلقى المعلومات عن بعض التغيرات التي حدثت في عمليات تثبيت الموقع الذي تتراكم فيه بقايا البكتريا وتظهر المواد المضرة التي تكونها الأنسجة الملوثة، وأيضا التي تحدث بسبب الأنسجة الملوثة لولا ذلك لكان من المستحيل أن تدافع عن الجسم من الأخطار التي تواجهه أكثر من مرة خلال اليوم.(1/67)
ولكن ما يثير العجب هو أن كثيراً من الخلايا (الماكروفاج) تواجه هذه الاعتداءات لأول مرة في حياتها، كيف تعلمت أن الآثار التي اكتشفتها الكائنات المجهرية تدل على وجود خطورة على الجسم، هل تلقّت دراسة وافرة في هذا الموضوع؟ إن هذه المعلومات محفورة في ذاكرتها من أول يوم خلقت فيه. فهناك قوة خفية تمنحها هذه الذاكرة وتعطيها مهارة الدفاع عن الجسم الموجودة فيه ضد العدوان. الله رب العالمين هو الذي أعطاها قدرة الدفاع عن الجسم ضد التأثيرات العدوانية التي تأتي من الخارج وخلقها بهذه القدرة على حفظ المعلومات.
توجد علوم و معجزات خفيّة لا حصر لها
في ما ترونه ولم تفكروا فيه
إن كل فرد متأكد أن دمه يتجلط عندما يصاب أحد أصابعه بجرح، فكيف يحدث التجلط خلال هذه الفترة الوجيزة؟ وماذا يحدث في أجسامنا؟
إن عملية تجلط الدم تشبه عملية الإسعافات الأولية التي تكون داخل سيارة الإسعاف التي تسير في الطريق فهي تقدم إسعافات أولية للمريض على الطريق إلى أن يصل المريض إلى المستشفى.
وكذلك الحال عندما يحدث أي نزيف في الجسم في أي مكان تأتي الصفائح الدموية (سيارة الإسعاف) بعمل الإسعافات الأولية. فهي متفرقة في أماكن مختلفة في الدم وعند حدوث أي نزيف توجد صفائح دموية قريبة وهي مثل عربة الإسعاف التي تكون في الطريق قريبة من موقع الحدث.
هناك بروتين اسمه فون ويليبران يشبه شرطي المرور يشير إلى موقع الحادثة ويمنع مرور الصفائح الدموية ويبقيها في الموقع.(1/68)
عندما تأتي أول صفيحة دموية إلى موقع الحادث كأنها تستدعي باللاسلكي الصفائح الدموية الأخرى إلى الموقع ويتم ذلك بواسطة إفراز، خلال ذلك يجتمع عشرون أنزيماً وتنتج هذه الأنزيمات بروتينا اسمه ترومبين هذا البروتين ينتج في الموقع نفسه أي على الجرح المفتوح مباشرة وهذه العملية تشبه تقديم العلاج والإسعاف اللازم للمريض على يد فريق الإسعاف، ويجب أن يكون هذا الإنتاج على قدر الاحتياج كما أن الإنتاج يجب أن يبدأ في وقته المناسب وينتهي في وقته المناسب فالأنزيمات التي تنتج هذا البروتين هي المقررة لتوقيت بدء العمل وتوقيفه.
إن إنتاج البروتين (الترومبين) بكمية كافية يؤدي إلى إنتاج ألياف الفبتينوجين ولهذه الألياف وظائف مهمة جداً بتشكيلها شبكة هامة في الدم وتتراكم الترومبينات عن طريق تعلقها في هذه الشبكة وعندما يصل التراكم إلى كثافة كبيرة يتوقف نزيف الدم ويتحسن ويلتئم تماماً عندئذٍ تفك جلطة الدم بعمليات شبيهة لها.
إن الأنزيمات والبروتينيات التي سبق ذكرها هي كائنات تكونت بترتيبات مختلفة لذرات عمياء لا شعور لها، فكل منها يقوم بوظيفة منذ بدء الجرح ويتحرك وينتظم بشكل عاجل لوقف النزيف وتنتج بعد ذلك البروتين مثل إنتاج الدواء للمريض وتستدعي الآخرين لمساعدتها فيمَا بقية الفريق معني بالاستدعاءات فتحضر إلى موقع الحادث فوراً وتقوم بوظائفها بلا تأخير أو تقصير.
ولا ننس أن الكائنات التي نتحدث عنها ‘’ ترسل المعلومات ‘’ و ‘’ تفهم ‘’ و ‘’وتنظم’’ و ‘’تنتج’’ الأنزيمات التي تتكون من تجمع الذرات التي لا شعور ولا عقل لها، ومما لا شك فيه أن إظهار الذرات لهذا الوعي معجزة كبيرة جداً لأنه من المستحيل أن يكون نظام كهذا في أجسام الكائنات الحية بالصدفة العشوائية.(1/69)
إن هذا النظام في جميع تفاصيله ثمرة تخطيط وحسابات مختلفة جميعها تشير إلى قدرة الله وعلمه اللانهائي. أما الإدعاء بأن هذا النظام حدث بالصدفة العابرة العشوائية فهذا خطأ أعظم كفيل بانهيار منطق أنصار النظرية الداروينية.
إن خصائص أية جزيئة مهما كانت صغيرة
تكفي لإبطال نظرية التطور
إن الترومبين (trombin) هو البروتين الذي يقوم بتحويل الفيبرينوجين (fibrinogen ) إلى فيبرين (fibrin ) عن طريق تجلط الدم.
وعلى الرغم من أن هذا البروتين يسري في الدم في الأوقات العادية باستمرار ولا يسبب تجلط الدم حدوث نزيف، ولو كان يعمل دائماً على تجلط الدم ما استطاع الكائن الحي أن يعيش بسببوجود بروتينيات الترومبين في الدم في جميع الأوقات. إذن كيف يكتسب البروتين خاصية تجلط الدم عند الضرورة فجأة؟ يوجد الترومبين في الدم بصورة غير فعالة على هيئة بروترومبين ويحوله إلى ترومبين فعال ممّا يساعد على تجلط الدم ولكن عامل ‘’ستوارت’’ لا يوجد في الدم بشكل فعال ولذلك يجب أن يتحول عند اللزوم إلى طبيعة فعالة. وكأننا الآن أمام معضلة.. هذه العملية تستوجب أن يكون هناك بروتين آخر اسمه ‘’اكسيليرين (akselerin )’’ لتفاعل ‘’عامل ستوارت’’ فهو يتفاعل مع ‘’اكسيليرين’’ ليحول البروترمبين إلى ترومبين وبتفاعله مع الأنسجة المصابة يتوقف نزيف الدم، من الملاحظ أن إكيليرين يوجد في الدم على هيئة برواكسيلرين غير فعال.
إذن ما الذي يجعله يتفاعل ؟ الجواب هو الترومبين (trombin ) ولكن لو تذكرتم أن ترومبين يقف في الترتيب لسلسلة عملية في البداية وهنا يلعب دوراً في إنتاج الاكسيليرين يشبه عملية وجود الحفيد قبل وجود الجدة ولكن بسبب بطء تفاعل بروترومبين عن طريق عامل ستوارت يوجد الترومبين دائماً بقلة في الدم يكفي بتحريك الإكسيليرين وتأتي بعد ذلك البروتينيات اللازمة لتجلط الدم وهي تتحرك حركات في غاية الانتظام مثل حركات أحجار الشطرنج.(1/70)
كل هذه المعلومات التي ذكرت حتى الآن في غاية السطحية وإن مثل هذا النظام الذي تقوم فيه بأعمال عشرات الأجزاء المرتبطة ببعضها من غير أن يهمل واحد فيهم وظيفته ولو مرة واحدة، والادعاء بأن هذا النظام جاء بالصدفة هو أسوأ ما يلاقيه الإنسان من ادعاءات ساذجة في حياته.
ولكن أنصار النظرية التطورية يدعون أن الكائنات الحية بجميع أنظمتها بما فيها وظيفة تجلط الدم تطورت خطوة خطوة إلى حالتها النهائية، ولكن ما نراه في هذه العملية أن جميع البروتينيات والأنزيمات مرتبطة ببعضها البعض ولا تنفع في شيء إذا غاب واحد منها بل ربما يؤدي غياب أحدها إلى موت الكائن الحي، وكذلك لا يستطيع الكائن الحي الانتظار حتى تتجمع الأجزاء الأخرى في نظام تجلط الدم الذي ليس أمامه غير الموت سبيلاً.
نرى في هذا المقال أن الإدعاء بأن الأحياء وُجدت بالتطور خارج عن نطاق العقل والعلم والمنطق، فأجسام غير أن أجسام الكائنات الحية تحافظ على استمرارية الحياة عن طريق مئات الأنظمة التي ترتبط ببعضها البعض وأن خالق هذه الأنظمة هو الله سبحانه وتعالى.
هل تعلمون أنّ حياتكم مرتبطة بالحبال القطنية؟
إن المخ يمتلك نظاماً يعطيه القدرة على القيام بأعمال كثيرة في وقت واحد والمثال على ذلك أن أي شخص بسبب النظام الكامل الذي يمتلكه في المخ يستطيع أن يقود سيارته وفي نفس الوقت يمكنه ضبط جهاز المذياع وأيضاً يتحكم في المقود بسهولة كبيرة دون أن يصدم أحدا من المارة أو يصدم سيارة أخرى رغم أنه يقوم بأعمال كثيرة في نفس الوقت في حين أنه يفهم كل ما يقال في المذياع، والخلاصة أن الإنسان يستطيع أن يقوم بأشياء كثيرة في آن واحد لكونه يمتلك قدرة خارقة في المخ الذي يقف وراء هذا التناسق الرهيب بين الأعمال، هو يربط بين خلايا الأعصاب بعضها ببعض.(1/71)
من أهم العناصر التي تكوّن هذا النظام المتكامل في المخ هي خلايا الأعصاب التي يبلغ عددها ما يقرب من عشرة مليار عصب ومائة بليون صلة ربط تقوم بوظيفة الاتصال بين الخلايا، إن هذا العدد كبير جداً ولقد شرح ما وراء كثرة العدد الدكتور ميشيل دانتون أستاذ علم كيمياء الأحياء.
حيث قال:
لا شك أن مائة بليون هو عدد كبير يفوق تصورنا. تخيلوا أن هناك أرضا مساحتها نصف مساحة أمريكا ولو افترضنا أن هذه الأرض مزروعة بأكملها بالأشجار وكل شجرة عليها عشرة آلاف ورقة وعدد هذه الأوراق التي على الشجر في هذه الأرض يناظر عدد الوصلات التي توجد في أمخاخنا، ولا ينتهي هذا النظام الخارق في المخ عند هذا الحد لأن المائة بليون رابطة توجد في أماكنها بالضبط، ولو لم تكن في أماكنها الصحيحة أو حدث أي خطأ في برامج الشبكة التي توجد في المخ لكانت عواقب هذا الخطأ جسيمة، لكن هذا الخطأ لا يحدث إلا عندما يمرض الإنسان ببعض الأمراض الاستثنائية.
أغلب الناس يظنون أن جميع هذه العمليات تتم بشكل طبيعي في أجسامهم ويمارسون حياتهم استناداً على ذلك ولكن في الحقيقة أن وراء هذه العمليات بلايين الأعمال التي تحدث باستمرار بصورة إعجازية.(1/72)
أما أنصار نظرية التطور فيدّعون أن المائة بليون رابطة تحدث نتيجة الصدف العشوائية، يقصدون من ذلك أن عشرة مليار خلية من المائة بليون خلية قررت أن تكون ضمن خلايا الأعصاب وذلك بتغيير إشكالها ومميزاتها والمعجزات التي أظهرتها لم تنته عند هذا الحد بل تظهر أيضا في الاتصالات التي أقامتها بينها بواسطة مائة بليون رابطة دون خطأ أو تقصير، فمن المؤكد أن هذه الادعاءات لأنصار النظرية الداروينية غير منطقية ولا عقلية وذلك يشبه الادعاء بأن شبكة الكهرباء التي تغذي مدينة اسطنبول مثلا قد تكونت عن طريق حدوث عاصفة ليلية بطريق الصدفة ووصلت بعدها الكهرباء إلى جميع منازل المدينة بلا استثناء، والحقيقة الواضحة أن صاحب القدرة العظيمة وراء كل هذا النظام القائم بلا قصور هو الله سبحانه وتعالى خالقنا وخالق كل شيء سبحانه عما يصفون.
أعقد شبكة في الكون هي شبكة أدمغتنا
قد ينقرض نسل البشر بسبب نقص أنزيم واحد فقط ويكفي مثال واضح لإثبات ذلك، إن خلايا الأعصاب تحيط بجسم الإنسان على هيئة شبكة، ويحدث باستمرار تبادل المعلومات خلال هذه الشبكة وعلى هذا فإن الإشارات الكهربائية التي تسري خلال الأعصاب تحمل في طياتها إنذارات وأوامر لا تحصى بين المخ والأعضاء ولكن خلايا الأعصاب ليست كالأسلاك على شكل كتلة واحدة تمتد من أول الجسم إلى آخره قصيرة المسافات، كلا بل توجد بينها مسافات (أي فراغ) ولا تشعر ببعضها.
إذن كيف يمر تيار الكهرباء بين الأعصاب؟
هناك نظام كيميائي في غاية التعقيد يأخذ مكانه في هذه النقطة في الجسم وهناك أيضاً سائل في غاية الخصوصية يوجد بين خلايا الأعصاب ويوجد فيه بعض الأنزيمات الكيميائية ولهذه الأنزيمات ميزة خارقة للعادة وهي ‘’ حمل الإلكترونات’’.(1/73)
فحينما تصل الإشارة الكهربائية إلى رأس العصب تحل الشحنة الإلكترونات الموجودة في هذه الأنزيمات وينقلون الإلكترونات إلى العصب الآخر عن طريق السباحة في السائل بين الأعصاب ويستمر التيار الكهربائي في نقل الكهرباء إلى العصب التالي. هل تتصور أن هذه العملية تتم في مدة أقل من ثانية وفي هذه الأثناء لا يتعرض التيار الكهربائي إلى الانقطاع أبداً وكما نرى لو كان جسم الإنسان بجميع أجزائه قد تعرض لنقص أنزيم واحد فقط لما تمكن من القيام بالتفاعلات العديدة التي تتم بداخله وما وجد الكائن الحي على صورته التي تسمى (إنسان) وهذا ينسحب على جميع الأنزيمات الموجودة في جسم الكائن الحي فهي تمتلك نفس الأهمية وذلك يسري على الآلاف من الأنزيمات الأخرى، وهنا نصل إلى نتيجة أن الكائن الحي ليس لديه الراحة والرفاهية تجعله ينتظر ملايين من الأعوام ليكتمل بالصدف العمياء كما تدعي نظرية التطور.
هناك حقيقة لا يمكن أن نغفلها وهي أن جميع الكائنات الحية بما فيها الإنسان قد وجدت بأنظمتها كاملة من غير نقص، مرة واحدة خلقها الله سبحانه و تعالى.
إنّ كل ما تعلّمتموه هو آية من آيات خلق الله(1/74)
كما سبق ذكره في الصفحات الماضية فإن خلايا الأعصاب في أجسامنا مثل شبكة دقيقة الصنع تنطلق وتعمل وتعطي الإنذارات والأوامر من الدماغ إلى الأعصاب، وبالعكس خلال هذه الشبكة التي تعتبر كتلة واحدة هناك فراغات بين خلايا الأعصاب، وعندما تصل الرسالة إلى هذه الفراغات وتنقل الأنزيمات التي تحمل الإلكترونات الرسالة من عصب إلى آخر تبقى هذه الأنزيمات حرة أمام رأس العصب بعد أن تصنع شحنتها هناك، فعند تراكمها أمام العصب تمنع مرور الأنزيمات الأخرى المشحونة بالإلكترونات وفي حال حدوث ذلك لا تنتقل الإشارات الكهربائية إلى العصب الآخر فينقطع التيار، لكن هذه المشكلة لا تحدث. فلولا وجود الأنزيم المسمى ( استيل كولين استيراز ) وسط عشرات آلاف الأنزيمات المختلفة الموجودة في جسم الكائن الحي لكانت حياة الكائن مستحيلة مما يعني انقطاع التيار الكهربائي عن الجسم كله.
وهنا لا بد أن يقف كل إنسان وقفة تفكير، فمن الذي أقام هذه الأنظمة بكل هذا الإتقان والكمال، لا تنسوا أدق التفاصيل التي توجد في جسم الكائن الحي، ومن الذي برمج الجزيئات التي لا شعور لها و لا علم و لا إرادة لكي تقوم بهذا التفاعل العقلاني الدقيق والمناسب؟
وليست الصدف التي تمتلك هذه العمليات العملاقة التي نراها في داخل الجسم والتي تتم دون أي قصور رغم عدم امتلاكها العقل والعلم، إن أنصار نظرية التطور لا يمتلكون الإجابة على هذه الأسئلة لأن خالق كل أنزيم و معّلمها وظائفها وموجد الحياة من العدم بلا نقص هو الله سبحانه وتعالى.
ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لاَ إِله إِلا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ
فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ
سورة الأنعام: الآية 102
الملحق
خديعةالتطوّر(1/75)
إنّ نظرية التّطور أو الدّراوينية هي نظرية ظهرت لتناهض فكرة خلق الأحياء ولكنها لم تتجاوز حد كونها سفسطة لا تمت إلى العلم بأية صلة إضافة إلى كونها نظرية بعيدة عن أي نجاح وانتشار. وتدّعى هذه النظرية أن الحياة نشأت من مواد غير حية نتيجة للمصادفات العمياء، ولكنّ هذا الإدّعاء سرعان ما تهاوى أمام ثبوت خلق الأحياء وغير الأحياء من قبل الله عز وجل. فالذي خلق الكون ووضع فيه الموازين الدقيقة هو بلا شك الخالق الفاطر سبحانه وتعالى. ونظرية التّطور لا يمكن لها أن تكون صائبة طالما تشبثت بفكرة رفض ‘’ خلق الله للكائنات ‘’ وتبني مفهوم ‘’المصادفة ‘’ بدلا عنها .
وبالفعل عندما نتفحص جوانب هذه النظرية من كافة أبعادها نجد أن الأدلة العلمية تفنّدها الواحد بعد الآخر، فالتصميم الخارق الموجود في الكائنات الحية أكثر تعقيدا منه في الكائنات غير الحية. ومثال على ذلك الذّرات فهي موجودة وفق موازين حساسة للغاية ونستطيع أن نميز هذه الموازين بإجراء الأبحاث المختلفة عليها إلاّ أنّ هذه الذّرات نفسها موجودة في العالم الحي وفق ترتيب آخر أكثر تعقيدا، فهي تعتبر مواد أساسية لتركيب البروتينات والأنزيمات والخلايا وتعمل في وسط له آليات ومعايير حساسة إلى درجة مدهشة.
إنّ هذا التصميم الخارق كان سببا رئيسيا لتفنيد مزاعم هذه النظرية بحلول نهايات القرن العشرين .
المصاعب التي هدمت الدراوينية(1/76)
ظهرت هذه النّظرية بصورة محددة المعالم في القرن التاسع عشر مستندة إلى التراكمات الفكرية والتي تمتد جذورها إلى الحضارة الإغريقية، ولكنّ الحدث الذي بلور هذه النظرية وجعل لها موطئ قدم في دنيا العلم هو صدور كتاب ‘’ أصل الأنواع ‘’ لمؤلفه تشارلس داروين. ويعارض المؤلف في كتابه عملية خلق الكائنات الحية المختلفة من قبل الله سبحانه وتعالى، وبدلا من ذلك يدعو إلى اعتقاده المبني على نشوء كافة الكائنات الحية من جد واحد، وبمرور الزمن ظهر الاختلاف بين الأحياء نتيجة حدوث التغييرات الطفيفة.
إنّ هذا الادعاء الدارويني لم يستند على أي دليل علمي ولم يتجاوز كونه ‘’جدلا منطقيا’’ ليس إلاّ باعترافه هو شخصيا حتى أن الكتاب احتوى على باب باسم ‘’مصاعب النظرية ‘’ تناول بصورة مطولة اعترافات داروين نفسه بوجود العديد من الأسئلة التي لم تستطع النظرية أن تجد لها الردود المناسبة لتشكل بذلك ثغرات فكرية في بنيان النظرية.
وكان يتمنى أن يجد العلم بتطوره الردود المناسبة لهذه الأسئلة ليصبح التطور العلمي مفتاح قوة للنظرية بمرور الزمن. وهذا التمني طالما ذكره في كتابه، ولكن العلم الحديث خيب أمل داروين وفند مزاعمه واحدا بعد الآخر .
ويمكن ذكر ثلاثة عوامل رئيسية أدت إلى انتهاء الداروينية كنظرية علمية وهي:
(1إنّ النظرية تفشل تماما في إيجاد تفسير علمي عن كيفية ظهور الحياة لأول مرة.
(2 عدم وجود أي دليل علمي يدعم فكرة وجود ‘’آليات خاصة للتطور ‘’ كوسيلة للتكيف بين الأحياء.
(3 إنّ السّجلات لحفريات المتحجرات تبين لنا وجود مختلف الأحياء دفعة واحدة عكس ما تدعيه نظرية التطور .
وسنشرح بالتفصيل هذه العوامل الثلاثة.
أصل الحياة :العائق غير المحلول أبدا(1/77)
تدّعي نظرية التّطور أنّ الحياة والكائنات الحية بأكملها نشأت من خلية وحيدة قبل 3^8مليار سنة. ولكن كيف يمكن لخلية حية واحدة أن تتحول إلى الملايين من أنواع الكائنات الحية المختلفة من حيث الشكل والتركيب؟ و إذا كان هذا التحول قد حدث فعلا فلماذا لم توجد أية متحجرات تثبت ذلك؟. لم تستطع النظرية الإجابة على هذه الأسئلة، وقبل الخوض في هذه التفاصيل يجب التوقف عند الإدعاء الأول والمتمثل في تلك ‘’الخلية الأم’’. ترى كيف ظهرت إلى الوجود؟ تدعي النظرية أن هذه الخلية ظهرت إلى الوجود نتيجة المصادفة وحدها وتحت ظل ظروف الطبيعة دون أن يكون هنالك أي تأثير خارجي أو غير طبيعي أي أنها ترفض فكرة الخلق رفضا قاطعا، بمعنى آخر تدعي النظرية أن هذه الخلية ظهرت بفعل القوانين الطبيعية دون وجود أي تصميم أو تخطيط بل عن طريق المصادفات العشوائية. فحسب هذه النظرية قامت مواد غير حية بإنتاج خلية حية نتيجة المصادفات.ولكن هذا الزعم يتناقض مع أسس القوانين البيولوجية الموجودة.
الحياة تنشأ فقط من الحياة
لم يتحدث تشارلس داروين أبدا عن أصل الحياة في كتابه المذكور، والسبب يتمثّل في طبيعة المفاهيم العلمية التي كانت سائدة في عصره والتي كانت تتقبل فرضية تكون الأحياء من مواد بسيطة جدا. وكان العلم آنذاك ما يزال تحت تأثير نظرية ‘’التولد التلقائي’’ التي كانت تفرض سيطرتها منذ القرون الوسطى ومفادها أنّ موادا غير حية قد تجمعت بالمصادفة و أنتجت موادا حية. وهناك بعض الحالات اليومية كانت تسوق البعض إلى تبني هذا الاعتقاد مثل تكاثر الحشرات في فضلات الطّعام وتكاثر الفئران في صوامع الحبوب. ولإثبات هذه الادّعاءات الغريبة كانت تجري بعض التجارب مثل وضع حفنة من الحبوب على قطعة بالية ووسخة من قماش وعند الانتظار قليلا ستبدأ الفئران في الظهور حسب اعتقاد الناس في تلك الفترة .(1/78)
وكانت هناك ظاهرة أخرى وهي تكاثر الدود في اللحم فقد ساقت النّاس إلى هذا الاعتقاد الغريب واتخذت دليلا له ولكن تم إثبات شيء آخر فيما بعد وهو أن الدود يتم جلبه بواسطة الذباب الحامل ليرقاته والذي يحط على اللحم للتغذية عليه. وفي الفترة التي ألف خلالها داروين كتابه ‘’أصل الأنواع’’ كانت الفكرة السائدة عن البكتيريا أنها تنشأ من مواد غير حية، ولكن أثبتت التطورات العلمية بعد خمس سنوات فقط من تأليف الكتاب عدم صحة ما جاء فيه وذلك عن طريق الأبحاث التي أجراها عالم الأحياء الفرنسي لويس باستير، ويلحض باستير نتائج أبحاثه كما يلي: ‘’لقد أصبح الإدعاء القائل بأن المواد غير الحية تستطيع أن تنشئ الحياة في مهب الريح’’ (1). وظل المدافعون عن نظرية التطور يكافحون لمدة طويلة ضد الأدلة العلمية التي توصل إليها باستير، ولكن العلم بتطوره عبر الزمن أثبت التعقيد الذي يتصف به تركيب الخلية، وبالتالي استحالة ظهور مثل هذا التركيب المعقد من تلقاء نفسه .
الجهود المبذولة دون جدوى في القرن العشرين(1/79)
لقد كان الأخصّائي الروسي في علم الأحياء الكسندر أوبارين Alexander Oparinأول من تناول موضوع أصل الحياة في القرن العشرين، وأجرى أبحاثا عديدة في ثلاثينات القرن العشرين لإثبات أن المواد غير الحية تستطيع إيجاد مواد حية عن طريق المصادفة، ولكن أبحاثه باءت بالفشل الذريع واضطر أن يعترف بمرارة قائلا : ‘’إنّ أصل الخلية يعتبر نقطة سوداء مظلمة في نظرية التطور ‘’ (2). ولم ييأس باقي العلماء من دعاة التطور واستمروا في الطريق نفسه الذي سلكه أوبارين وأجروا أبحاثهم للتوصل إلى أصل الحياة. وأشهر بحث أجري من قبل الكيميائي الأميركي ستانلي ميللر سنة 1953 حيث افترض وجود مواد ذات غازات معينة في الغلاف الجوي في الماضي البعيد ووضع هذه الغازات مجتمعة في مكان واحد وجهزها بالطاقة، واستطاع أن يحصل على بعض الأحماض الأمينية التي تدخل في تركيب البروتينات .
واعتبرت هذه التجربة في تلك السّنوات خطوة مهمة إلى الأمام ولكن سرعان ما ثبت فشلها لأن المواد المستخدمة في البحث لم تكن تمثل حقيقة المواد التي كانت موجودة في الماضي السحيق، وهذا الفشل ثبت بالتأكيد في السنوات اللاحقة (3).
وبعد فترة صمت طويلة اضطر ميللر نفسه أن يعترف بأن المواد التي استخدمها في إجراء التجربة لم تكن تمثل حقيقة المواد التي كانت توجد في الغلاف الجوي في سالف الزمان(4).
وباءت جميع التجارب التي أجراها الداروينيون طيلة القرن العشرين بالفشل، وهذه الحقيقة تناولها جيفري بادا Jeffroy Bada الأخصائي في الكيمياء الجيولوجية في المعهد العالي في سان ديغو سيكربس ضمن مقال نشره سنة 1998 على صفحات مجلة ‘’الأرض’’ ذات التوجه الدارويني و جاء في المقال ما يأتي:
‘’ نحن نودع القرن العشرين و مازلنا كما كنا في بدايته نواجه معضلة لم نجد لها إجابة وهي كيف بدأت الحياة ؟ ‘’ (5).
الآليات الخيالية لنظرية التطور(1/80)
القضية الثانية التي كانت سببا في نسف نظرية داروين كانت تدور حول ‘’ آليات التطور ‘’ فهذا الإدعاء لم يثبت له أي مكان في دنيا العلم لعدم صحته علميا ولعدم احتوائه على قابلية التطوير الحيوي. وحسب ادعاء داروين فإنّ التطور حدث نتيجة ‘’الانتخاب الطبيعي’’ وأعطى أهمية استثنائية لهذا الإدّعاء حتى أنّ هذا الاهتمام من قبله يتضح من اسم الكتاب الذي أسماه ‘’أصل الأنواع عن طريق الانتخاب الطبيعي ‘’ .
إنّ مفهوم الانتخاب الطبيعي يستند إلى مبدأ بقاء الكائنات الحية التي تظهر قوة وملاءمة تجاه الظروف الطبيعية وعدم انقراضها، فعلى سبيل المثال لو هدد قطيع من الإيلة من قبل الحيوانات المفترسة فإن الأيل الأسرع في العدو يستطيع البقاء على قيد الحياة، وهكذا يبقى القطيع متألفا من أفراد أقوياء سريعين في العدو. ولكن هذه الآلية لا تكفي أن تطور الإيلة من شكل إلى آخر، كأن تحولها إلى خيول مثلا. لهذا السّبب لا يمكن تبني ‘’الانتخاب الطبيعي’’ كوسيلة للتطور، و حتى داروين نفسه كان يعلم ذلك وأفاد به ضمن كتابه ‘’ أصل الأنواع ‘’ بما يلي: ‘’طالما لم تظهر تغييرات إيجابية فإن الانتخاب الطبيعي لا يفي بالغرض المطلوب’’(6).
تأثير لامارك(1/81)
والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف كانت ستحدث هذه التغييرات الإيجابية ؟ وأجاب داروين على هذا السؤال استنادا إلى أفكار من سبقوه من رجالات عصره مثل لامارك، و لامارك عالم أحياء فرنسي عاش ومات قبل داروين بسنوات كان يدعي أن الأحياء تعاني تغييرات ظاهرية وتورثها إلى الأجيال اللاّحقة وكلما تراكمت هذه التغييرات جيلا بعد جيل أدّت إلى ظهور أنواع جديدة، وحسب ادعائه فإنّ الزّرافات نشأت من الغزلان نتيجة محاولاتها للتغذي على أوراق الأشجار العالية عبر أحقاب طويلة. وأعطى داروين أمثلة مشابهة في كتابه ‘’أصل الأنواع’’ فقد ادّعى أن الحيتان أصلها قادم من الدببة التي كانت تتغذى على الكائنات المائية مضطرة إلى النزول إلى الماء بين الحين والآخر (7). إلاّ أن قوانين الوراثة التي اكتشفها مندل والتطور الذي طرأ على علم الجينات في القرن العشرين أدّى إلى نهاية الأسطورة القائلة بانتقال الصفات المكتسبة من جيل إلى آخر، وهكذا ظلت ‘’ آلية الانتخاب الطبيعي’’ آلية غير ذات فائدة أو تأثير من وجهة نظر العلم الحديث.
الداروينية الحديثة والطفرات الوراثية
قام الدّاروينيون بتجميع جهودهم أمام المعضلات الفكرية التي واجهوها خصوصا في ثلاثينات القرن العشرين وساقوا نظرية جديدة أسموها بـ’’النظرية التركيبية الحديثة’’ أو ما عرفت بـ’’الداروينية الحديثة ‘’، وحسب هذه النظرية هناك عامل آخر له تأثير تطوري إلى جانب الانتخاب الطبيعي، وهذا العامل يتلخص في حصول طفرات وراثية أو جينية تكفي سببا لحدوث تلك التغييرات الإيجابية المطلوبة، وهذه الطفرات تحدث إمّا بسبب التعرض للإشعاعات أو نتيجة خطأ في الاستنساخ الوراثي للجينات .(1/82)
وهذه النظرية مازالت تدافع عن التطور لدى الأحياء تحت اسم الداروينية الحديثة، وتدعى هذه النظرية بالتفصيل أن الأعضاء والتراكيب الجسمية الموجودة لدى الأحياء والمعقدة التركيب كالعين والأذن أو الكبد والجناح ...الخ لم تظهر أو تتشكل إلا بتأثير حدوث طفرات وراثية أو حدوث تغييرات في تركيب الجينات، ولكن هذا الإدعاء يواجه مطبّا علميا حقيقيا وهو أن الطفرات الوراثية تشكل على الدوام عامل ضرر على الأحياء ولم تكن ذات فائدة في يوم من الأيام. وسبب ذلك واضح جدا فإنّ جزيئة الـDNA معقدة التركيب للغاية وأي تغيير جزيئي عشوائي مهما كان طفيفا لابد وأن يكون له أثر سلبي، وهذه الحقيقة العلمية يعبر عنها العالم الأمريكي ب.ج.رانكاناثان B.G.Ranganathan الأخصائي في علم الجينات كما يلي:
‘’إنّ الطفرات الوراثية تتسم بالصغر والعشوائية والضرر ولا تحدث إلا نادرا وتكون غير ذي تأثير في أحسن الأحوال. إنّ هذه الخصائص العامة الثلاث توضح أنّ الطفرات لا يمكن أن تلعب دورا في إحداث التطور خصوصا أنّ أيّ تغيير عشوائي في الجسم المعقد لابدّ له أن يكون إمّا ضارا أو غير مؤثر، فمثلا أيّ تغيير عشوائي في ساعة اليد لا يؤدي إلى تطويرها، فالاحتمال الأكبر أن يؤدي إلى إلحاق الضرر بها أو أن يصبح غير مؤثّر بالمرة ‘’(8).(1/83)
وهذا ما حصل فعلا لأنّه لم يثبت إلى اليوم وجود طفرة وراثية تؤدّي إيى تحسين البنية الجينية للكائن الحي. والشواهد العلمية أثبتت ضرر جميع الطفرات الحاصلة، وهكذا يتضح أنّ هذه الطفرات التي جعلت سببا لتطور الأحياء من قبل الداروينية الحديثة ما هي إلا وسيلة تخريبية التأثير على الأحياء حيث تتركهم معاقين في أغلب الأحيان ( وأفضل مثال للطفرة الوراثية الحاصلة لجسم الإنسان هو الإصابة بمرض السرطان) ولا يمكن والحال كذلك أن تصبح الطفرات الوراثية ذات التأثير الضار آلية معتمدة علميا لتفسير عملية التّطور. أمّا آلية الانتخاب الطبيعي فهي بدورها لا يمكن أن تكون مؤثرة لوحدها فقط حسب اعترافات داروين نفسه، وبالتالي لا يمكن أن يوجد مفهوم يدعى بـ’’التطور’’، أي أنّ عملية التطور لدى الأحياء لم تحدث البتة.
سجلات المتحجرات : لا أثر للمخلوقات الانتقالية أو الحلقات الوسطى
تعتبر سجلاّت المتحجّرات أفضل دليل على عدم حدوث أي من السيناريوهات التي تدّعيها نظرية التطور، فهذه النظرية تدّعي أنّ الكائنات الحيّة من مختلف الأنواع نشأت بعضها من البعض الآخر، فنوع معين من الكائن الحي من الممكن أن يتحول إلى نوع آخر بمرور الزمن وبهذه الوسيلة ظهرت الأنواع المختلفة من الأحياء، وحسب النظرية فإنّ هذا التحول النوعي استغرق مئات الملايين من السنين. واستنادا على هذا الإدعاء ينبغي وجود أنواع انتقالية أو حلقات وسطى طوال فترة حصول التحول النوعي في الأحياء .(1/84)
على سبيل المثال ينبغي وجود كائنات تحمل صفاتا مشتركة من الزواحف والأسماك لأنها في البداية كانت مخلوقات مائية تعيش في الماء وتحولت بالتدريج إلى زواحف، أو يفترض وجود كائنات ذات صفات مشتركة من الطيور والزواحف لأنها في البداية كانت زواحفا ثم تحولت إلى طيور، ولكون هذه المخلوقات الافتراضية قد عاشت في فترة تحول فلابد أن تكون ذات قصور خلقي أو مصابة بإعاقة أو تشوّه ما، ويطلق دعاة التطور على هذه الكائنات الانتقالية اسم ‘’الحلقات الوسطى’’.
ولو فرضنا أن هذه ‘’الحلقات الوسطى’’ قد عاشت فعلا في الأحقاب التاريخية فلا بد أنها وجدت بأعداد كبيرة وبأنواع كثيرة تقدر بالملايين بل بالمليارات، وكان لابد أن تترك أثرا ضمن المتحجرات المكتشفة، ويعبر داروين عن هذه الحقيقة في كتابه:
‘’إذا صحت نظريتي فلا بد أن تكون هذه الكائنات الحية العجيبة قد عاشت في فترة ما على سطح الأرض ... وأحسن دليل على وجودها هو اكتشاف متحجرات ضمن الحفريات’’ (9).
خيبة آمال داروين
أجريت حفريات وتنقيبات كثيرة جدا منذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى الآن ولكن لم يعثر على أي أثر لهذه ‘’ الحلقات الوسطى أو الأشكال الانتقالية ‘’، وقد أثبتت المتحجرات التي تم الحصول عليها نتيجة الحفريات عكس ما كان يتوقعه الداروينيون من أن جميع الأحياء بمختلف أنواعها قد ظهرت إلى الوجود فجأة وعلى أكمل صورة .
وقد اعترف بهذه الحقيقة أحد غلاة الداروينيّة وهو ديريك وايكر W.Ager Derek الأخصائي البريطاني في علم المتحجرات قائلا:
إنّ مشكلتنا الحقيقية هي حصولنا على كائنات حية كاملة سواء على مستوى الأنواع أو الأصناف عند تفحصنا للمتحجرات المكتشفة، وهذه الحالة واجهتنا دوما دون العثور على أيّ أثر لتلك المخلوقات المتطورة تدريجيا (10).(1/85)
أي أن المتحجرات تثبت لنا ظهور الأحياء كافة فجأة دون أي وجود للأشكال الانتقالية. وهذا عكس ما ادعاه داروين طبعا، وهذا تعبير على كون هذه الكائنات الحية مخلوقة لأن التفسير الوحيد لظهور كائن حي فجأة دون أن يكون له جد معين هو أن يكون مخلوقا، وهذه الحقيقة قد قبلها عالم أحياء مشهور مثل دوغلاس فوتويما Douglas Futuyama الذي يقول:
إنّ الخلق والتطور مفهومان أو تفسيران سائدان في دنيا العلم لتفسير وجود الأحياء، فالأحياء إمّا وجدت فجأة على وجه البسيطة على أكمل صورة أو لم تكن كذلك، أي أنها ظهرت نتيجة تطورها عن أنواع أو أجداد سبقتها في الوجود، وإن كانت قد ظهرت فجأة وبصورة كاملة الشكل والتكوين فلابد من قوة لاحد لها وعقل محيط بكل شيء توليا إيجاد مثل هذه الكائنات الحية (11).
فالمتحجرات تثبت أن الكائنات الحية قد ظهرت فجأة على وجه الأرض وعلى أحسن شكل وتكوين، أي أن أصل الأنواع هو الخلق وليس التطور كما كان يعتقد داروين .
القصة الملفقة لتطور الإنسان
إنّ من أهم المواضيع المطروحة للنقاش ضمن نظرية التطور هو بلاشك أصل الإنسان، وفي هذا الصدد تدعي الداروينية بأن الإنسان الحالي نشأ متطورا من كائنات حية شبيهة بالقرد عاشت في الماضي السحيق، وفترة التطور بدأت قبل 4-5 ملايين سنة وتدعي النظرية وجود بعض الأشكال البينية خلال الفترة المذكورة، وحسب هذا الإدعاء الخيالي هناك أربعة مجاميع رئيسية ضمن عملية تطور الإنسان وهي :
-1أوسترالوبيثيكوس .
-2هومو هابيليس .
-3هومو اريكتوس .
-4هومو سابينس .(1/86)
يطلق دعاة التطور على الجد الأعلى للإنسان الحالي اسم ‘’ أوسترالوسيثيوكس ‘’ أو قرد الجنوب، ولكن هذه المخلوقات ليست سوى نوع منقرض من أنواع القرود المختلفة، وقد أثبتت الأبحاث التي أجراها كلّ من الأمريكي البروفيسور تشارلز أوكسنارد Charles Oxnard والبريطاني اللورد سوللي زاخرمان Solly Zuckermanوكلاهما من أشهر علماء التشريح على قرد الجنوب إن هذا الكائن الحي ماهو إلا نوع منقرض من القرود ولا علاقة له بالمرة بالإنسان (12).
والمرحلة التي تلي قرد الجنوب يطلق عليها من قبل الداروينيين اسم ‘’هومو’’ أو الإنسان، وفي كافة مراحل الـ ‘’ هومو’’ أصبح الكائن الحي أكثر تطورا من قرد الجنوب، ويتشبث الداروينيون بوضع المتحجرات الخاصة بهذه الأنواع المنقرضة كدليل على صحة نظريتهم وتأكيدا على وجود مثل هذا الجدول التطوري الخيالي، ونقول خيالي لأنه لم يثبت إلى الآن وجود أي رابط تطوري بين هذه الأنواع المختلفة. و هذه الخيالية في التفكير اعترف بها أحد دعاة نظرية التطور في القرن العشرين وهو أرنست ماير Ernest Mayer قائلا: ‘’إنّ السلسلة الممتدة إلى هومو سايينس منقطعة الحلقات بل مفقودة ‘’(13).
وهناك سلسلة يحاول الدراوينيون إثبات صحتها تتكون من قرد الجنوب (أوسترالوبيثيكوس) هوموهابيليس ـ هومواريكتوس ـ هوموسابنيس أي أن أقدمهم يعتبر جدا للّذي يليه، ولكن الاكتشافات التي وجدها علماء المتحجرات أثبتت أن قرد الجنوب و هوموهابيليس و هومواريكتوس قد وجدت في أماكن مختلفة وفي نفس الفترة الزمنية (14). والأهم من ذلك هو وجود أنواع من هومو أريكتوس قد عاشت حتى فترات حديثة نسبيا ووجدت جنبا إلى جنب مع هومو سايينس نياندرتاليسيسن و هوموسايينس (الإنسان الحالي) (15) .(1/87)
وهذه الاكتشافات أثبتت عدم صحة كون أحدهما جدا للأخر، و أمام هذه المعضلة الفكرية التي واجهتها نظرية داروين في التطور يقول أحد دعاتها وهو ستيفن جي كولد Stephen Jay Gould الأخصائي في علم المتحجرات في جامعة هارفارد ما يأتي:
‘’إذا كانت ثلاثة أنواع شبيهة بالإنسان قد عاشت في نفس الحقبة الزمنية، إذن ماذا حصل لشجرة أصل الإنسان ؟ الواضح أنه لا أحد من بينها يعتبر جدا للآخر، و الأدهى من ذلك عند إجراء مقارنة بين بعضها البعض لا يتم التوصل من خلالها إلى أية علاقة تطورية فيما بينها ‘’(16).
وبصريح العبارة أن اختلاق قصة خيالية عن تطور الإنسان والتأكيد عليها إعلاميا وتعليميا والترويج لنوع منقرض من الكائن الحي نصفه قرد ونصفه الآخر إنسان ما هو إلا عمل لا يستند إلى أي دليل علمي. وقد أجرى اللورد سوللي زاخرمان البريطاني أبحاثه على متحجرات قرد الجنوب لمدة 15 سنة متواصلة علما أن له مركزه العلمي كأخصائي في علم المتحجرات وقد توصل إلى عدم وجود أية سلسلة متصلة بين الكائنات الشبيهة بالقرد وبين الإنسان واعترف بهذه النتيجة بالرغم من كونه دارويني التفكير .
قام زاخرمان بتأليف جدول خاص للمعرفة أدرج فيها فروع المعرفة التي يعدها علمية ، وكذلك فروع المعرفة التي يعدها خارج نطاق العلم. وحسب جدول زاخرمان تشمل الفروع العلمية والتي تستند إلى أدلة مادية علمي الكيمياء والفيزياء. ويليهما علم الأحياء فالعلوم الاجتماعية وأخيرا، أي في حافة الجدول تأتي فروع المعرفة الخارجة عن نطاق العلم. ووضع في هذا الجزء من الجدول علم تبادل الخواطر والحاسة السادسة والشعور أو التحسس النائي( التلباثي) وأخيرا علم تطور الإنسان ويضيف زاخرمان تعليقا على هذه المادة الأخيرة في الجدول كما يلي:(1/88)
‘’ عند انتقالنا من العلوم المادّية إلى الفروع التي تمت بصلة إلى علم الأحياء النائي أو الإستشعار عن بعد وحتى استنباط تاريخ الإنسان بواسطة المتحجرات نجد أنّ كل شيء جائز وممكن خصوصا للمرء المؤمن بنظرية التطور حتى أنه يضطر أن يتقبل الفرضيات المتضادة أو المتضاربة في آن واحد’’ (17).
إذن إنّ القصة الملفقة لتطور الإنسان ليست إلاّ إيمان أعمى من قبل بعض الناس بالتأويلات غير المنطقية لأصل بعض المتحجرات المكتشفة .
التقنية الراقية في العين والأذن(1/89)
إنّ نظرية التّطور تعجز تمام العجز عن تفسير أمر آخر وهو كيفية وجود هذا المستوى الراقي من التحسس سواء في العين أو في الأذن. وقبل شرح موضوع العين دعونا نطلع ولو بإيجاز على كيفية أداء العين لوظيفة الإبصار، فالضوء المنعكس من جسم ما يسقط على شبكية العين بصورة مقلوبة، وهذا الضوء يتحول عن طريق الخلايا الموجودة في الشبكية إلى إشارات كهربائية تتدفق إلى مركز الإبصار الموجود في مؤخرة المخ، وبعد سلسلة من التفاعلات يتم تفسير هذه الإِشارات وتحويلها إلى صورة لذلك الجسم من قبل مركز الإبصار. و بعد هذا الاستعراض الموجز لنفكر قليلا وكما يأتي: إنّ المخ يكون بمعزل عن الضوء، أي أن داخله مظلم تماما، والضوء لا يستطيع الولوج داخله، أو بالأحرى لا يستطيع أبدا الوصول إلى مركز الإبصار، وربما كان من أشد الأماكن ظلمة ، ولكن المرء يستطيع الإبصار بواسطة هذا المركز الشديد الظلمة، إضافة إلى كون هذا الإبصار حادا وواضحا إلى درجة مذهلة يعجز عنه العلم المتقدم في القرن الحادي والعشرين أن ينجز مثيلا له، فمثلا انظروا إلى الكتاب الذي بين أيديكم وانظروا ما حولكم هل رأيتم صفاء ووضوحا في الصورة كالتي ترونها الآن؟ إن هذا الصفاء في الصورة لا يمكن أن يرى حتى في أحسن تلفزيون صنع حتى الآن. ومازال المهندسون البارعون يعملون بدأب منذ 100سنة للحصول على صفاء صورة كالتي ترونها الآن بعيونكم، و انظروا مرة أخرى إلى شاشة التلفزيون وتارة أخرى إلى الكتاب الذي بين أيديكم ،هناك فرق شاسع بين الصورتين من ناحية صفاء الصورة ووضوحها، إضافة إلى كون الصورة التلفزيونية ثنائية الأبعاد أماّ الصورة التي ترونها بعيونكم فثلاثية الأبعاد (مجسمة).(1/90)
وهناك أبحاث ومشاريع تجري منذ سنوات عديدة لإنتاج أجهزة التلفزيون صورتها ثلاثية الأبعاد وتضاهي الصورة التي تتحسسها عين الإنسان، ونجح الإنسان في صنع هذا التلفزيون ولكن لا يمكن مشاهدة الصّور على شاشته إلا باستخدام نظارة خاصة، إضافة إلى كون الصورة ثلاثية الأبعاد صنعية ليس إلا، فخلفية الصورة تبدو مشوشة والواجهة تبدو كأنها قطعة ورق، ولا يمكن أبدا أن تتشكل صورة مضاهية للصورة التي تكونها عين الإنسان، فالصورة التي تكونها الكاميرا أو التلفزيون لابد وأن تكون مشوشة بعض الشيء أو تفقد جزءا من صفائها. هنا يدعي الداروينيون أن هذا الصفاء والحدة في تشكيل الصورة من قبل العين قد اكتسب بالمصادفة، ولو أخبركم أحدهم بأن التلفزيون الموجود في الغرفة قد تشكل مصادفة أي اجتمعت الذرات مع بعضها وألّفت فيما بينها هذا الجهاز المدعو التلفزيون ، كيف تفسرون هذا الخبر؟ كيف تنجح الذرات في عمل شيء يعجز الملايين من البشر ؟
إذن فكما أنّ من المستحيل أن يظهر جهاز أقل تعقيدا من العين بالمصادفة كذلك العين نفسها والصورة التي تكونها من المستحيل أن يظهرا هكذا بالمصادفة، ونفس الشيء ممكن بالنسبة إلى الأذن، فالأذن الخارجية تقوم باستقبال الموجات الصوتية وتجمعها بواسطة صيوان الأذن وتنقلها إلى الأذن الوسطى والتي تقوم بدورها بتقوية هذه الموجات ونقلها إلى الأذن الداخلية والتي تقوم بتحويل هذه الموجات الصوتية إلى إشارات كهربائية تنتقل إلى المخ، وهنا يحصل مثلما يحصل أثناء الإبصار، فمركز السمع الموجود في المخ يقوم بتأويل هذه الإشارات الكهربائية إلى صوت مسموع .(1/91)
ويمكن إجراء نفس المناقشة الذهنية أي أن المخّ مقفل أمام الصوت كما هو أمام الضوء، أي أن داخل المخ يكون عديم الصوت مهما كانت الضوضاء عالية في المحيط الخارجي، مع هذا يتم الإحساس بأنقى الأصوات بواسطة المخ، ويمكنكم بمخكم هذا المعزول عن الصوت سماع اوركسترا تعزف سيمفونية، أو سماع ضوضاء الشارع ولكن لو تم قياس مستوى الصوت داخل المخ بواسطة جهاز متقدم عند لحظة الاستماع للموسيقى الصاخبة فمن المؤكد أن نجد الصمت المطلق داخل المخ .
ومثلما استخدمت التكنولوجيا للحصول على أدق الصور وأوضحها فنفس الشيء يذكر بالنسبة للصوت فالمحاولات جارية منذ عشرات السنين للحصول على أوضح الأصوات وأنقاها.إن أجهزة تسجيل الصوت وأجهزة الاستماع الى الموسيقى وأجهزة أخرى إلكترونية حساسة للصوت ليست سوى نتاج لهذه المحاولات الجارية. وبالرغم من وجود كل هؤلاء المهندسين والفنيين البارعين وهذه التكنولوجيا المتقدمة لم يتم التوصل حتى الآن إلى درجة النقاء الصوتي للأذن البشرية. فأجهزة الصوت المصنوعة من قبل أحسن الشركات لابد وأن يكون الصوت الذي تصدره معرضا لشيء من التشويش أو فقدان درجة معينة من الوضوح أما الصوت الذي تستقبله الأذن البشرية فيتميز بغاية الوضوح والنقاء، فالأذن البشرية لا تسلك سلوك أجهزة التسجيل أبدا كأن يكون هناك شيء من الضوضاء أو الأزيز المزعج ،إذ يتم استقبال الصوت كما هو دون تغيير، وهذا الأمر موجود وفعال منذ خلق الإنسان وحتى الآن. ولم يكن أي جهاز صنعه الإنسان صوتيا كان أم مرئيا بدرجة وضوح ودقة العين والأذن البشريتين ولكن هناك حقيقة كبرى تقف خلف حاسة السمع والبصر وتعبر عن نفسها بوضوح. فلنسأل أنفسنا:
لمن يعود الشعور الخاص بالسمع والبصر في المخ؟
من الذي يوجد داخل المخ ويشاهد هذا العالم الزاهي الألوان من حولنا أو يستمع إلى أصوات الطيور أو الموسيقى السيمفونية المؤثرة أو يشم رائحة الزهور الزكية ؟(1/92)
فالإشارات الكهربائية القادمة من الأعضاء الحية الموجودة في الأنف والأذن والعين تذهب إلى المخ ويمكن للمرء أن يطلع على كيفية تحول الإشارة الكهربائية إلى صورة في المخ عن طريق قراءة كتب علم الأحياء أو علم الفيزياء الحيوية أو الكيمياء الحيوية، ولكن هناك حقيقة تتعلق بهذا الأمر لا يمكن أن تجدوها في أي مصدر، من ذا الذي يشم أو يرى أو يسمع داخل المخ ؟ لأنه يوجد في المخ نظام خاص يستطيع الإبصار والسمع والشم دون الحاجة إلى عين أو أذن أو أنف، لمن يعود هذا النظام المتقدم ؟
إن هذا النظام المتقدم ما هو إلا الروح الذي خلقه الله العليم الحكيم، فالروح لا يحتاج إلى العين كي يبصر ولا يحتاج إلى الأذن كي يسمع ولا يحتاج إلى المخ للتفكير فيما هو أبعد من ذلك.حتما أن هذا النظام المتقدم لا يعود إلى المخ المتشكل من الأعصاب أو الخلايا العصبية لذلك يعجز الداروينيون الذين يظنون أن أصل كل شيء هو المادة عن الإجابة على هذه الأسئلة .
فعلى الإنسان أن يفكر مليا أمام هذه الحقيقة العلمية ، فعدة سنتيمترات مكعبة من المخ تستطيع إبصار الكائنات بشكل مجسم ( ثلاثي الأبعاد)، وأزهى الألوان بقدرة العزيز القهار فعلى الإنسان أن يخاف ربه ويشكره ويحمده على هذه النعم ويلتجئ إليه.
عقيدة مادية(1/93)
لقد استعرضنا النظرية الخاصة بالتطور ومدى تناقضها مع الأدلة والشواهد العلمية ومدى تناقض فكرها المتعلق بأصل الحياة مع القواعد العلمية، واستعرضنا أيضا كيفية انعدام التأثير التطوري لكافة آليات التطور التي تدعو إليها هذه النظرية وانعدام وجود أية آثار لمتحجرات تثبت وجود الأشكال الانتقالية أو الحلقات الوسطى للحياة عبر التاريخ، لهذا السبب نتوصل إلى ضرورة التخلي عن التشبث بالنظرية التي تعتبر متناقضة مع قواعد العلم والعقل، ولابد أن تنتهي كما انتهت نظريات أخرى عبر التاريخ والتي ادعت بعضها أن الأرض مركز الكون. ولكن هناك إصرار عجيب على بقاء هذه النظرية في واجهة الأحداث العلمية وهناك البعض يتمادى في تزمته ويتهم أي نقد للنظرية بأنه هجوم على العلم والعلماء .
والسبب يكمن في تبني بعض الجهات لهذه النظرية واعتبارها عقيدة صارمة لا يمكن التخلي عنها، وهذه الجهات يتميز تفكيرها بأنه نابع من المدرسة المادية بل متصلة بالفكر المادي اتصالا أعمى وتعتبر الداروينية التفسير المادي الوحيد للطبيعة.
وأحيانا تعترف هذه الجهات بالحقيقة السابقة، كما يقول ريتشار دليونتن Richard Lewontin أشهر الباحثين في علم الجينات والذي يعمل في جامعة هارفارد و هو من المدافعين الشرسين عن نظرية التطور ويعتبر نفسه ماديا ثم رجل علم :
‘’نحن نؤمن بالمادية، ونؤمن بأشياء مسلم بها سلفا وهذا الإيمان المسبق بالفلسفة المادية وارتباطنا بها هو الذي يجعلنا نضع تفسيرات مادية ومفاهيم مادية لجميع الظاهر في العالم. وليس قواعد العلم ومبادؤه،. وإيماننا المطلق بالمادية هو سبب دعمنا اللامحدود لكل الأبحاث الجارية لإيجاد تفسيرات مادية لكافة الظواهر التي توجد في عالمنا، ولكون المادية صحيحة صحة مطلقة فلا يمكن أبدا أن نسمح للتفسيرات الإلهية أن تقفز إلى واجهة الأحداث’’(18).(1/94)
إن هذه الكلمات تعكس مدى الدوغمائية والارتباط الأعمى بالفلسفة المادية لهؤلاء العلماء ، ويعتبر غلاة أصحاب هذه النظرية أنه لا يوجد هناك شيء غير المادة ، ولهذا السبب يؤمنون بأن المواد غير الحية هي سبب وجود المواد الحية، أي أن الملايين من الأنواع المختلفة كالطيور والأسماء والزرافات والنمور والحشرات والأشجار والزهور والحيتان وحتى الإنسان ليست إلا نتاجا للتحول الداخلي الذي طرأ على المادة بسبب عوامل طبيعية كالمطر المنهمر والرعد والصواعق. والواقع أن هذا الاعتقاد يتعارض تماما مع قواعد العقل والعلم ، إلا أن الداروينيين مازالوا يدافعون عن آرائهم خدمة لأهدافهم ‘’ لا يمكن أبدا أن نسمح للتفسيرات الإلهية أن تقفز إلى واجهة الأحداث ‘’.
و كلّ إنسان ينظر إلى قضية أصل الأحياء من وجهة نظر غير مادية لابد له أن يرى الحقيقة الساطعة كالشمس، إنّ كافة الكائنات الحية قد وجدت بتأثير قوة لا متناهية وعقل لا حد له أي خلقت من قبل خالق لها، وهذا الخالق هو الله العلي القدير الذي خلق كل شيء من العدم وقال له كن فيكون .ال.
قَالُو سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ
أَنتَ العَلِيمُ الحَكِيمُ
البقرة:32
11
11- جزيئة (DNA ) توجد في نواة الخلية فهي بنك المعلومات للجسم. فقبل انقسام الخلية لتكاثرها يتحتم عليها تكاثر (DNA ) الذي لديها.
كثير من الأنزيمات التي أنتجت على حسب المعلومات الموجودة في (DNA ) تقوم بنشاطها بأعلى درجات الترتيب والتنظيم.ئ؟
12
تأتي الأنزيمات المسماة هيليكاز (helikaz) DNA قبل استنساخ DNA حيث تقوم بفتح شكل حلزوني (DNA) كما تفتح جهتي السوستة فالأشكال التي باللون البرتقالي تبين العملية التي يقوم بها هذا الأنزيم.
عند فصل وتفريق شريطي (DNA) عن بعضهما البعض يتم تثبيت أنزيمات هيليكس. فاللون الأخضر في الصورة لمنح اندماجها مرة أخرى.
13(1/95)
وبين ذلك أنزيمات بوليميراز (DNA) حيث تبدأ عملها بإضافة المعلومات المناسبة أمام كلّ من الشريطين وبذلك يبدأ تكوين شريطي (DNA) فالأشكال ذات اللون الأصفر تمثل أنزيمات بوليميراز (DNA) وهي التي تقوم بعملية الاستنساخ
يتم استنساخ (DNA) من الخطأ أو النقص نتيجة أعمال عقلية واعية جادة ويتم تقسيم هذه الأعمال على هذه الكائنات غير الواعية.
15
08-02
دقيقة
3مليارات حرف
1 مليون صفحة
يتم استنساخ معلومات وراثية لا تحمل أي خطإ تعادل موسوعة تتكون من 1000 مجلد.
17
خلية الدم
خلية الأعصاب
خليّة شبكية العين
19
خلية طحالية
خلية غضروفية
خلية دموية
خلية بينية لنسيج رابط
خلية عضلية
خلية دهنية
خلية عظمية
إن الخلايا التي تعود إلى أعضاء مختلفة في جسم الجنين لو خلطت مع بعضها البعض في وسط ملائم لوجدت طريقها إلى مثيلالتها لتشكل فيما بينها التجمعات الخلوية المتخصصة (الأنسجة) على نفس الأساس الذي كانت عليه في أعضائها الاصلية (في جسم الجنين).
21
الشعيرات التي تشبه الرموش التي تقوم بتحريك بعض الخلايا الموجودة تكون لديها تكوين في غاية التعقيد.في الجانب: ترى الأنابيب المجهرية التي تكوّن كل خلية وفي أسفل نرى تكوّن الحلقات المتداخلة مع بعضها البعض في المقطع المأخوذ للشعيرات.
لشعيرات
الخلية
رؤية الشعيرات عن قرب
المقطع العمودي للشعيرات.
يد دينايين
الأنابيب المجهرية
22
الميتوكوندري الذي يتكون من بروتينيات داخل الخلية يعمل كمولد للكهرباء وينتج الطاقة اللازمة للخلية.
23(1/96)
مركز الطاقة الذي يوجد في خلايا أجسامنا لا يزيد حجمه على أكثر من واحد في المائة (1%) من مليمتر هي أعقد من سد كهربائي عملاق أو معمل كبير. فالطاقة التي تنتج بالعمل المشترك بين الآلاف من المهندسين والفنيين والعمال والمعماريين باستخدام أعلى تكنولوجيا في العمل هناك خلايا تتكون من ذرات دقيقة ومحدودة، ولا وعي أو علم لها تقوم بإنتاج مثل هذه الطاقة وبطرق متطورة كثيراً. ولقد تم تصميم كل التفاصيل من إرشاد للطاقة لإعادة المواد المتبقية في مركز الطاقة التي توجد في الخلايا وكل هذا خلق دون نقص أو قصور.
24
الحرارة
الضوء
المواضع التي يستخدم فيها ثلاثي فوسفات الأدينوسين و أشكال الطاقة التي يتحول إليها.
الحركة
الفعاليات الكيميائية
الإفراز
الفعاليات الفيزيائية داخل الخلية
الكهرباء
25
إن (ATP) لديه الطاقة التي تتكون في داخل الخلية، يرى في الجانب تكوين (ATP) وهو مصور من ثلاثة أبعاد بالتفصيل، ويحمل في تكوينه ثلاث جزيئات من الفوسفات.
هناك روابط بين جزيئات الفوسفات عالية الطاقة في موليكول (ATP) .
الطاقة التي تظهر عند تجزأة (ATP)
1 - لجزيئة (ATP) ثلاث مجموعات فوسفات، وكلما تترك مجموعات الفوسفات (ATP) تظهر الطاقة.
2 - إذا انفصل جزيء فوسفات واحد من (ATP) يتكون (ADP ) وإذا انفصل جزيئا الفوسفات يتكون( AMP )
3 - عندما يفك رباط جزيئات الفوسفات (ATP) ولذلك تنتقل كل الطاقة في (ATP) إلى الموليكولات المعينة.
26
إن التنظيم داخل الخلية أعقد وأنجح من تنظيمات البشر ( في حياتهم الطبيعية ) إن البروتين الذي أنتج في الخلية يعيش نفس المراحل التي تحدث لأي منتج عادي من لحظة خروجه من المصنع إلى المستهلك.
27
الجلوكوز يمضي في الأمعاء فيأتي إلى الكبد،
والأقسام المتبقية منه تتحول إلى جلوكوجين ،
عند مخزن جلوكوجين يتحول الجلوكوز إلى جلسرين وحامض دهني
يتحول الجلوكوجين إلى جلوكوز عند الحاجة إليه
سكر الكلوكوز
جلوكوجين
حامض دهني(1/97)
29
1- يبدأ انتحار الخلية بإشارة الإنذار التي تأتي إليها من داخل الخلية أو من خارجها فهذه الإشارة تحدد للخلية موعد الموت.
2- أما الذي تصل إليه هذه الإشارة هو البروتين المسؤول عن موت الخلية.
3 - هذه البروتينيات التي تتحول إلى الحالة النشطة تقوم بقتل الخلية المضرة فتحمي بذلك الجسم.
4 -بمجرد بدإ البروتينات في مهاجمة الخلية تعمد الخلايا المريضة و الضارة إلى القضاء على نفسها بنفسها، و بذلك تحافظ على سلامة الجسم .
يتفاعل مع البروتين القاتل الذي وصلته الإشارة
31
الكبد
الشريان الكبدي
خلايا الهيباتوسايت
الوريد الكبدي
جيب أنفي
إن خلايا كوبفر التي وضعت خصيصاً في الكبد لتقضي على البكتريا التي تصلها من الأمعاء بسرعة فائقة.
خلية كوبفر
الشريان الكبدي
الوريد الكبدي
خلية كوبفر
33
الشهيق
الزفير
المجموعة الأولى من الخلايا التي تقوم بضبط إيقاع التنفس
المجموعة الثّالثة من الخلايا التي تتدخّل في حالات الطوارئ.
المجموعة الثانية من الخلايا التي تقوم بضبط سرعة عملية التنفس وتواصلها.
34
لا يستطيع غالبية الناس التمييز بين المعادن،إلا أن جسم الإنسان يستطيع تمييز المعادن والعناصر الأخرى مثل الأوكسيجين و الصوديوم و البوتاسيوم و يفصل بينها و يمتص ما يفيده منها.
البروتينات التي تنظم عملية الدخول والخروج من الخلية و إليها.
الجزيئات التي تحاول الولوج داخل الخلية عبر غشائها.
محتوى الخلية
35
المواد الغذائية،
خلايا البطانة،
المعدة،
الأمعاء الدقيقة،
خلية في الأمعاء الدقيقة
البروتينات الرابطة لفيتامين ب.12
إن فيتامين ب 12 يستخدم في نخاع العظام ورغم ذلك تقوم بامتصاصه المعدة والأمعاء الرفيعة وتوصله إلى النخاع الموجود في العظام.
37
هرمون السكرتين الذي يصل البنكرياس عبر الدورة الدموية
البنكرياس
جزيئات البيكاربونات التي يفرزها البنكرياس
البنكرياس تقوم بتعديل حامض المعدة(1/98)
إن الأمعاء الدقيقة تقام عليها الحراسة الشديدة لحمايتها من خطورة الحامض الذي يأتي من المعدة بمشاركة منظمة للاتصالات بين الخلايا.
الأمعاء الدقيقة
هرمون السكرتين الذي يصل البنكرياس عبر الدورة الدموية
حامض
الطبقة الخاصة الواقية
المواد الغذائية
المعدة
39
امتصاص سكر الكلوكوزمن قبل الخلية
جزيئة هرمون الأنسولين
القسم الخارجي
القسم الداخلي
غشاء الخلية
البروتين النقال
الجزء المستقبل الموجود في جزيئة الأنسولين
الفجوة
النواة
الأندوزوم
جزيئة سكر الكلوكوز
عندما ينضم أنسولين (1) إلى الناقل في جدار الخلية تتحرك البروتينيات الخاصة (2) داخل الخلية. هذا يعتبر إنذارا لناقلات الجلوكوز، وأيضاً داخل الخلية يوجد أكياس جلوكوز (3) بعضها تقع قريبة من جدار المعدة (4) هذه الأكياس تتحرك نحو جدار الخلية بعد الإنذار مباشرة فتلتصق به (5) فتظهر ناقلات الجلوكوز أثناء عملية اللصق (6) كلما زاد عدد البروتينيات التي تنقل الجلوكوز إلى داخل الخلية تنقص نسبة الجلوكوز ويتم إنتاج الأنسولين بمعدل أقل من السابق. وبعد قليل ينحني جزء من جدار الخلية إلى الداخل في الخلية ومعه ناقلات البروتينيات (7) تكون الأكياس (8) وتسير إلى مناطق داخلية للخلية وينظم الأندوزوم (9) وعندما تتكون هذه الأكياس الأخرى تنتظر الإنذار الآخر (10) وتستمر هذه العملية بهذا الشكل دائماً .
تستخدم الخلايا المختلفة كالعضلة و غيرها سكر الكلوكوز كمصدر للطاقة ، و الكمية الزائدة
من هذا السكر يتم تخزينها على شكل كلايكوجين أ ونشا مخزون
يقوم الكبد بتحويل سكر الكلوكوز إلى كلايكوجين و دهن و بروتين
تقوم الخلايا باستهلاك سكر الكلوكوز أو خزنه،
تفرز خلايا ألفا الموجودة في البنكرياس هرمون الكلوكاجون إلى الدم،
هرمون الكلوكاجون،
يقوم الكبد بتحويل سكر الكلوكوز إلى كلايكوجين أو دهن أو بروتين،
بعد تناول الغذاء مباشرة ينتقل الكلوكوز إلى الدم(1/99)
كمية عادية من سكر الكلوكوز في الدم (90مغ/100ملّليتر)
كمية كبيرة من سكر الكلوكوز في الدم
كمّية قليلة من سكّر الكلوكوز في الدّم
خلايا بيتا الموجودة في البنكرياس تقوم بضخ هرمون الأنسولين إلى الدم،
هرمون الانسولين
41
النقاط الصفراء تمثل محفظة بومان
الكلوميرا ( الحويصلة الكلوية)، التي تقع داخلها محفظة بومان
العقدة الدموية التي تشكل الحويصلة الكلوية و التي تتألف من الأوعية الشعرية
الكلية
43
إنّ نظام التّوازن في الظّغط الدّموي هو في غاية الأهميّة بالنسبة إلى الجسم
الكبد
هرمون أنجيوتنسينوجين
هرمون أنجيوتنسين2
الوعاء الدموي
الرئة
الكلية
الرنين
هرمون أنجيوتنسين1
الدم
45
جهاز الدورة الدموية
الأوعية الشعرية
عندما تقل نسبة الأوكسيجين في الأعضاء يتسلم جهاز الدورة الدموية إيعازا عصبيا بزيادة ضخ ا لدم، ونتيجة لهذا الإيعاز تزداد كمية الدم في أنسجة هذه الأعضاء بنسبة كبيرة، و بالتالي يحصل على الأوكسيجين اللازم.
الخلايا الدموية الحاملة للأوكسيجين
نسيج جسمي
وعاء دموي
47
غشاء الوعاء الدّموي
طبقة بيضاء مطاطية
خلايا الطبقة الملساء
الطبقة الخارجية
تبدأ بإفراز أكسيدالنتريك من قبل أغشية خلايا بطانة الوعاء الدموي
وبالتالي تبدأ سلسلة من التفاعلات
ترتبط بالمستقبلات الموجودة في بطانة الوعاء الدموي،
بعض الهرمونات المتحركة داخل الوعاء الدموي،تقوم بوظيفة تحفيزية
ويصبح الأنزيم فعالا ليولد بالتالي أنزيمجي، أم، بي
وعندما تصل إليها تتحد مع أنزيم الجي، تي، بي الموجودة في هذه الخلايا
تتوجه جزيئات أوكسيد النتريك نحو خلايا العضلات الملساء
و بالنتيجة تنبسط الخلايا العصبية
ويتوجه هذا الأنزيم بدوره إلى المايوزين و يجعله فعالا
49
الأوعية الدموية،
البروتينات الخضراء اللون ،هي بروتينات البلازما الموجودة داخل الأوعية الدموية،
الزلاليات الموجودة في البلازما،(1/100)
إن الألبومين يضم إليه بعض المواد التي توجد في الدم، ويقوم بتوزيعها بطريقة دقيقة لا قصور فيها يترك السّام منها في الكبد والبعض الآخر في أماكنها المناسبة المحتاجة لها.
وظيفة الألبومينات (الزلاليات )هي جمع الفضلات السامة ونقلها إلى الكبد عبرجهاز الدورة الدموية،
الكبد،
51
الهموجلوبين الذي وظيفته نقل الأوكسجين إلى العضلات هو نفسه يستطيع أن ينقل جزيئة واحدة فقط من الأوكسجين، فهناك هيموجلوبين آخر ينقل الأوكسجين إلى أنسجة أخرى وهو أيضاً يستطيع أن ينقل أكثر من هيوجلوبين آخر وذلك لأن كل عضو يمتلك الكمية المناسبة التي يحتاجها من الأوكسجين 2O ويثبت القسم الذي به الخطأ.
المايكلوبين الذي يحمل الأوكسيجين إلى الخلايا العضلية فقط
+O2 مايكلوبين
الهيموكلوبين الذي يحمل الأوكسيجين إلى خلايا الأوعية الدموية
O2 +O2 الهيموكلوبين
53
1- أنزيم نكلياز DNA يقوم بمراقبة سلسلة الـDNA ويقوم بالكشف عن أي خطإ يعثر عليه.
2-و إذا عثر على خطإ فيقوم في الحال بإزالته و إخراجه.
3- وهناك أنزيم آخر اسمه بوليميراز (DNA) يأتي بالمعلومة الصّحيحة إلى المكان الشّاغر.
54
4-أنزيم البوليميراز (DNA) ركب المعلومة الصحيحة في الفراغ.
5 -الأنزيم الثالث المسمى ليجاز (DNA) يأتي إلى المكان الذي يوجد به خلل.
6-ويقوم بعملية الإصلاح في المكان المختل باستخدام الوسائل المناسبة.
55
الحروف التي توجد في الإطار الجانبي هي تعريف لبروتين الهيموجلوبين (DNA) وعند حتمية إنتاج الهيموجلوبين تختار هذه الحروف من ضمن ثلاث مليارات حرف في (DNA) ويقوم بعملية الاختيار أنزيم ‘’ بوليميراز ‘’ يقوم بنسخها بدقة دون خطأ، وبعد ذلك يرسل هذا التعريف المنسوخ إلى مصنع الخلية للقيام بعملية الإنتاج فيه.
57(1/101)
عند الاحتياج لإنتاج أحد البروتينيات يتم نسخ جميع المعلومات الخاصة بهذا البروتين من (DNA) ولكن أحياناً تحتوي هذه المعلومات على بعض المعلومات التي لسنا في حاجة إليها وكما هو موضح في الأعلى فإن القسم الأحمر هو قسم المعلومات غير المطلوبة التي نسخت ضمن عملية النسخ ويجب أن يترك هذا القسم الأحمر خلال عملية إنتاج البروتين الصحيح.
وخلال هذه الفترة تأتي الأنزيمات التي تسمى سبليسيوسوم (SPLICEOSOME)
التي تقوم بالمساعدة حيث تقوم بثني القسم غير المطلوب من الناحيتين حتى يلمس الجزء آخره.
وعند نهاية هذه العملية يتم فصل الجزء غير المطلوب ويتم ضم المعلومات المطلوبة إلى بعض وينقل تعريف البروتين إلى مصنع الخلية للقيام بعملية الإنتاج.
59
لهيكل العظمي للإنسان في الرسم الأعلى الذي ترونه، هل فكرتم أنه يتكون من خلايا صغيرة جداً تقوم بخطوات بسيطة جداً؟ هذه الخلايا تجهز وتصنع الهيكل العظمي للإنسان بدقة فائقة جداً مثل النحاتين الذين يصنعون التماثيل الرائعة. إن الله سبحانه وتعالى هو الذي يلهم هذه الخلايا اتباع جميع هذه الخطوات كي تصنع وتصمم جميع المفاصل بإنحناءاتها وبروزها وطولها وأشكالها وصلابة جميع أجزائها.
الخلايا العظمية،
الغضروف
مراكز التحول إلى عظم،
غضروف نام،
منطقة تحولت إلى عظم حديثا،
تكون نخاع العظم
الهيكل العظمي،
61
إن مرونة كريات الدم البيضاء وشكلها يجعلها تمر بسهولة من خلال أدق الشرايين.
62
مجموعات هيمي
63
في الجانب توجد الشعيرات الموجودة بالجهاز التنفسي تحت المجهر الإلكتروني (الميكروسكوب).
64
يتم حمل الأوكسيجين و ثاني أوكسيد الكاربون داخل الأوعية الدموية بواسطة الهيموكلوبين،
خلايا النسيج،
تطرح ثاني أوكسيد الكاربون،
تأخذ الأوكسيجين،
بلازما الدم،
كرية دم حمراء،
وعاء دموي شعري،
يأخذ الهيموكلوبين الأوكسيجين من الرئتين و يتخلص من ثاني أوكسيد الكاربون
65(1/102)
إلى الأسفل تظهر جزيئة الهيموكلوبين و التي يبلغ عددها ما يربو على 300 مليون جزيئة
جزيئة الهيموكلوبين،
كريّة الدّم الحمراء
1 في خلية كرية دم حمراء
67
دخول الحيمن (الحيوان المنوي) داخل البويضة بعد أن ثقب غلافها،
أنزيم اللايزوزوم الذي يكون فعالا في حالة تحلل الخلية وهدمها،
-صورة أنزيمات اللايزوزوم الفعالة كما ترى بواسطة المجهر الإلكتروني،
-عندما يبلغ الحيمن البويضة الهدف يستخدم أنزيمات اللايزوزوم التي يحملها لثقب البويضة،
69
إن مادة السورفاقتان تساعد على فتح الشعب الهوائية و غلقها التي يدخل من خلالها الهواء خلال عملية الاستنشاق في الرئة.
ألفيولات مغلّفة بالسّورفاكتان.
خلية الدم الحمراء
طبقة السورفاكتان
ثاني أوكسيد الكاربون
الأوكسجين
غشاء الوعاء الدموي الشعري
مقطع الألفيولين
ألفيولات مغلّفة بالسّورفاكتان.
الرئة
71
العظام
الغدة الدرقية
البويضة
الخصية
البويضة
الخصية
الغدّة فوق الكلويّة
هرمون النمو
هرمون TSH المنظم لعمل الغدة الرقية
هرمون FSH المحفز لإفراز الفوليكول
هرمون LH المحفز للغدد اللبنية
هرمون ACTH المحفز لطبقة القشرة في الغذة الكظرية
الغدة النخامية
الدماغ المتوسط
هرمون الأنتيدورتيك
هرمون الأوكسيتوسين
الكلى
الغدة الثديية
الرّحم
1: النمو
2: رقابة تيرويد
3: البويضة وإنتاج استروجين
4: إنتاج الحيوان المنوي
5: التبييض وإفراز الأستروجين والبروجستورين
6: إنتاج تستوستيرون
7: مراقبة أدر ينال كورتيكس
8: إمساك المادة عن طريق الكليتين
9: إفراز لبن الأم من الثدي
10: تقلص الرحم
إن الهرمونات تقوم بوظيفة نقل الرسائل بين الخلايا وكل هذه العمليات تتم بدقة فائقة دون تقصير من هذه الجزيئات، وإن كل ما يحدث في أجسامنا من أول عملية إطالة القامة إلى ضبط ضغط الدم ينظم عن طريق الهرمونات من غير أن نشعر به.
73
في الدماغ المتوسط، .ADHيتم إنتاج الأوكسيتوسين و الـ
الغدة النخامية
شريان دموي
هرمون الـ(1/103)
هرمون الأوكسيتوسين
الغدد اللبنية الموجودة في الصدر
هرمون الإيي،دي ،أتش، يؤثر على القنيوات الكلوية،والأوكسيتوسين يؤثر على الغدد اللبنية،
العضلات الملساء في الرحم،
يتم إفراز الأوكسيتوسين حالما يصل الأمر بذلك من المخ ، وهذا الهرمون يؤدي إلى بدإ الأم في الحمل و في الوقت المناسب إضافة إلى تحفيز الغدد اللبنية لإفراز اللبن،
في لحظة مناسبة يتم إفراز هرموني الإكسيتوسين و الإي ،دي ،أتش، إلى الدم من طرف المحور،ـ
74
هرمون الفازوبريسين أو
75
الخلايا المستقبلة في الدماغ المتوسط،
يصدر الدماغ المتوسط أمره إلى الغدد اللعابية لإيقاف إفرازاتها،و نتيجة لذلك يحدث جفاف في الفم.
بعد شرب كمية كافية من الماء تصدر إشارات من اللسان و المعدة بوجود احتياطي كاف من الماء.
تفرز الغدد فوق الكلوية هرمونات تحفز مركز الشعور بالعطش.
تنتقل المعلومات من الخلايا المتحسسة للضغط في القلب إلى الدماغ المتوسط
المعدة
القلب
الكلى
الغدة فوق الكلوية
77
الجهاز الهرموني لدى المرأة
استلام المعطيات الأولية.
هرون FSH يؤدي إلى تكون البويضة لدى المرأة.
هرمون الأل، أتش يؤدي إلى إطلاق البويضة لتصبح طليقة،و كذلك يؤدي إلى إفراز هرمون البروجيسترون.
الدماغ المتوسط
الغدة النخامية،
الجهاز الهرموني لدى الرجل
الدماغ المتوسط
الغدة النخامية.
هرمون الـLH الذي تفرزه الغدة النخامية يؤدي إلى إفراز التستوستورون.
هرمون الـ FSH الذي تفرزه الغدة النخامية يؤدي إلى إفراز التستوستورون.
يبدأ إنتاج الحيامن.
78
الشكل لجانبي يوضح بإيجاز كيفية تأثير مقدار الهرمون الدرقي الموجود في الجسم على الفعاليات الحيوية.
79
تأثير الغدة الدرقية.
الغدة النخامية.
مقدار قليل من الهرمون المحفز للغدة الدرقية.
يبطئ
مقدار كبير من الهرمون المحفز للغدة الدرقية.
الغدة النخامية.
العامل المحفّز لسرعة الإفراز.
الدماغ المتوسط .
يسرع في وتيرته
النشاط البطيء
يؤثر
الغدة الدرقية.(1/104)
المستوى الطبيعي للثيروكسين.
النشاط الزّائد
يبطئ
يؤثر
الدماغ المتوسط.
العامل المحدد لسرعة الإفراز.
الغدة الدرقية.
80
هنا في الأسفل يرى تعريف هرمون الأنسولين. فلو كان هناك أي نقص في هذه الأحماض الأمينية أو كان هناك تغيير في مكان واحد منها في الترتيب ما أدى الأنسولين وظيفته.
هرمون الأنسولين.
81
كثير.
متوازن
قليل
الكلى
هرمون الأريثروبيوتين
نخاع عظمي
الخلايا الدموية
82
شريان الأبهر.
النسيج اللّيمفاوي.
الغدة الكظرية اليمنى.
الكلى اليمنى.
83
القزحية تتوسع
الأوعية الشعرية الجلدية تتقلص
يبدأ القلب في زيادة ضرباته
الكبد يتوسع
العضلات تتوسع
كمية الدم المتوجهة إلى الأمعاء تتناقص
الكبد يقلل من طرحه للسكر
عندما نشعر بالقلق أو الخوف فإن الهرمون يفرز من خلال الغدد أعلى الكليتين مما يجعل الجسم في حالة طوارئ. فهناك في الشكل الموضح ترى التأثيرات الواضحة لهذا الهرمون في الجسم بصورة ملخصة.
84
إن خلايا الرئة لها نظام دفاعي خاص وعند تعرض الجسم لأية جراثيم من خلال الجهاز التنفسي تكشف عن هذه الوسائل الدفاعية مباشرة.
وبعد ذلك يتم ضخ المادة على هذه الجراثيم من المواد الأخرى، لأنه عند حدوث أي خطأ في الاختيار تُزال المادة المفيدة للجسم.
85
الجزيئة
الأنزيم
في الشّكل الجانبي يلاحظ وجود أنزيم على وشك الاتّحاد بجزيئة ما
87
الجسيمات المضادة في الخارج
خلايا (ب) تقوم بإنتاج المضادات الحيوية
المضادات الحيوية
تتلاءم الجسيمات المضادة مع المضادات الحيوية تلاؤما تاما
يتم إنتاجها في نخاع العظام
خلايا (ب)
88
عندما نصاب بجرح ما نكون واثقين من أن هذا الجرح سيندمل. ولكن أغلبنا لا يعرف من الذي يقوم بهذه الوظيفة.
89
يتوجه الماكروفاج نحو منطقة الجرح عبر جهاز الدوران الدموي.
وعاء دموي
يتوجه الماكروفاج(تركيب مناعي) مباشرة نحو منطقة الجرح
الماكروفاج يقوم بابتلاع البكتيريا
الفضلات البكتيرية الناتجة من الجراثيم
الجرح(1/105)
انتشار الفضلات البكتيرية في كل مكان
91
الأوعية الدموية
الجلد
الدم المتخثر.
خلايا الدم الحمراء
الأوعية الدموية
تكون القشرة
الليفين المتيبّس.
خلايا الدم البيضاء
خلايا الدم الحمراء
خلايا التخثر الدموي
تخثر الدم
عند حدوث أي نزيف في الجسم تأتي جميع البروتينيات اللازمة لوقف النزيف مكان الحادث مباشرة.
93
كثير من البروتينيات ترتبط ببعضها البعض لتأخذ دورها للقيام بعملية تجلط الدم بعد حدوث الجرح مباشرةَ. البروتينيات التي تتفاعل عند حدوث الجرح تقوم بتحريك البروتينيات الأخرى بالترتيب للعمل على تجلط الدم.
عندما يحدث جرح ما تبدأ الأنزيمات المخثّرة في ممارسة مهمها
الدم النازف إلى الخارج
جرح قطعي
اتجاه تدفق الدم
فايبرونوجان
بروثرومبين
وهكذا يتحول البروثرومبين الموجود في الدم بصورة طليقة إلى ثرومبين
يقوم عامل ستيوارت بالتأثير على البروثرومبين كمرحلة أولى في عملية التخثر
البروثرومبين
الثرومبين
يقوم الثرومبين بمهمة تحويل الفايبرينوجين إلى ألياف الفايبرين.،و هكذا يتكون تخثر الدم
ثرومبين
الفايبرين
الفايبرينوجين
94
الأنزيم الذي يقوم بمهمة نقل الإشارة الكهربائية من الخلية العصبية إلى مثيلاتها.
لفراغ الذي بين الخليتين والشحنات الكهربائية التي تنقل بين الخليتين عن طريق الأنزيم الخاص بهذه المهمة
97
طرف الخلية العصبية.
أنزيمات أسيتيل كولين التي تحمل الإشارات الكيميائية
الفراغ الموجود بين الخلايا العصبية.
طرف الخلية العصبية
أنزيم أسيتيل كولين أسترآز الذي يقوم بمهمة كنس الأنزيمات الحاملة للإشارات الكيميائية بعد انتهاء مهمّتها.
أنزيم أسيتيل كولين الذي ينظف الأنزيمات التي تنقل الإنذارات الكيماوية بعد نهاية وظائفها.
100(1/106)
إن تشارلز داروين الذي يعتبر عالم طبيعي غير محترف قد شرح نظريته في كتابه (أصل الأنواع) الذي نشر في عام 1859 وكثير من الموضوعات المعقدة التي صعب على داروين شرحها وتفسيرها ذكرها في كتابه تحت عنوان (صعوبات النظرية) واعترف بذلك وقال إنه سيظهر بعد ذلك حلول لهذه المشكلات ولكن لا شك أن هذا التمني كان مثل التعلق بوهم.
101
وكما سجل في اعترافات آخر مصادر النظرية التطورية فإن أصل الحياة ما زال مأزقا كبيرا بالنسبة إلى التطوريين.
103
ساق
عيون
أنتان
فم
إن أنصار النظرية التطورية حاولوا منذ بداية القرن أن يأتوا بمثال يدل على نماذج لتغيرات مفيدة عن طريق الإشعاعات حيث قاموا بتعريض بعض الذبابات للإشعاعات وبعد محاولات دامت عشرات الأعوام كانت النتيجة وجود (ذبابات) مريضة ومعاقة وناقصة، وفي الأعلى مثال لذبابة الفاكهة العادية، وفي الجانب مثال لذباب تعرَّض للأشعة التي تفسد الجينات.(1/107)