السلوك الإداري في صحيح البخاري في فصول
(التيمم – الصلاة – صفة ثياب الصلاة)
بقلم / هناء عبد الرحيم يماني
المقدمة
الحمد له الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله , والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي أرسله الله بالهدى ودين الحق وعلى آله وصحبه وسلم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . وبعد .
لقد اقتضت حاجة الإنسان المشاركة مع أخيه الإنسان في العمل سوية لسد حاجاتهم المختلفة , كما اقتضت ضرورة التنسيق بين جهودهم للوصول إلى الأهداف التي يرومون لتحقيقها , ويرى ( زويلف : 17 ) بأنه يمكن القول " أن الإدارة أمر حتمي في أي مجتمع إنساني ولكل أنواع التنظيمات والجماعات مهما اختلفت أشكالها . فالجهد الجماعي لا يتم إلا بها ولا يتحقق التعاون الكامل بين الأفراد إلا من خلالها , ولا يتم تلبية حاجات الأفراد إلا بواسطتها " .
لقد كثرت وتعددت تعريفات الإدارة , ويعرفها ( مصطفى والنابة : 9 ) على أنها " عملية تنظيم تتكامل فيها الجهود لتنظيم الموارد البشرية والمادية نحو هدف معين أو هدف مشترك " , ويذكر ( سالم وآخرون : 15 ) تعريف آخر للإدارة عرفه كيمبول على النحو التالي " تشتمل الإدارة على جميع الواجبات والوظائف ذات العلاقة بإنشاء المشروع وتمويله وسياساته الرئيسية وتوفير كل المعدات اللازمة ووضع الإطار التنظيمي العام الذي سيعمل ضمنه واختيار موظفيه الرئيسيين " . فالإدارة وفقا لهذا التعريف تشمل خمس عناصر مهمة هي ( التمويل ورسم السياسات والتنظيم وتوفير المعدات واختيار الأفراد ) .
إن الإسلام منهج متكامل ونظام شامل للحياة الإنسانية دينيا ودنيويا , فهو دين الله تعالى الذي أوحى بتعاليمه السمحاء إلى الرسول محمد –صلى الله عليه وسلم- وكلفه بتبليغه للناس كافة ودعوتهم إليه من خلال القرآن الكريم .(1/1)
إن المنهج الإسلامي يقدم مفهوما للإدارة يتصف بالشمولية والإطلاق بعيدا عن الانحصار المعرفي في إزاء التعامل مع المفهوم المجرد للإدارة , إن كلمة الفكر الإداري الإسلامي كما عرفها د. حمدي عبد الهادي تعني " الآراء و المبادىء والنظريات التي سادت حقل الإدارة , ودراسة وممارسة عب العصور والأزمنة , ويعتب فكرا إسلاميا ما يصدر من هذه الآراء والمبادىء والنظريات وذلك بالاستناد إلى توجيهات القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة " ( الضحيان : 59 ) .
ومما سبق نستطيع تعريف النظرية الإسلامية على أنها : " مجموعة من التصورات والمفاهيم والأفكار والأحكام والقيم والأهداف ذات الحد الأقصى من التجريد والعمومية المرتبطة بإعداد الإنسان المسلم حسب الأصول الإسلامية وتسويغها وتقويمها اعتبارا من أسسها ومناهجها وأساليب تحقيقها وتنفيذها " (الشلعوط : 73 ) .
ويمكن أن نعرف النظام الإداري في الإسلام بأنه : " مجموعة الأحكام والتشريعات التي شرعها الإسلام لتنظيم جهود البشر جماعيا وفرديا وتوجيههم وجهة هادفة لتحقيق مصالحهم وسد حاجاتهم الدنيوية والأخروية وحفزهم بها إلى فعل الخير والبعد عن الشر ومنع الإفساد في الأرض " ( سمارة , 2000 : 23 ).
ومن ثم نجد أن النظرية الإسلامية ترتكز على النقاط التالية : ( الشلعوط : 74 )
مستمدة في أساسها من القرآن الكريم والسنة .
تتصف بالشمولية .
تشتمل على نظرية المنهج والمعرفة والأساليب والوسائل والإدارة وهي بهذا تختلف عن النظريات الوضعية الأخرى .
تعمل على توجيه السلوك الإنساني وقيمه .
تعتمد على التفاعل ما بين النظرية والممارسة العملية فالإسلام دين عمل وجهاد .
ونجد أن مصادر الفكر الإداري في الإسلام مستمدة من عدة مصادر وهي ( القرآن الكريم , السنة النبوية الشريفة , الإجماع , القياس ) .(1/2)
وهذا العمل سوف يتخصص في إبراز الجوانب الإدارية التي تضمنتها بعض أجزاء القرآن الكريم , وهذا يوجب علي إعطاء فكرة عن القرآن الكريم , القرآن الكريم كما يرى ( الشلعوط : 81 ) هو كلام الله سبحانه وتعالى أوحى به إلى سيدنا محمد –صلى الله عليه وسلم- وآياته دستور شامل لتنظيم حياة البشر الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعسكرية , وقد تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظه يقول تعالى { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } (الحجر : 9) , ويرى ابن عباس رضي الله عنهما بأن القرآن الكريم هو الكتاب المنزل على محمد – صلى الله عليه وسلم – فصار له كالعلم ويرى الزركشي بأن القرآن الكريم هو الوحي المنزل على محمد للبيان والإعجاز ( العبدلي : 16 ) .
لقد ذكر ( العلي : 112 ) في كتابه ( الإدارة في الإسلام ) أهم خصائص الإدارة كما تستند إلى منهجية القرآن الكريم , وهي :-
إدارة ذات كفاءة وجدارة وأخلاق .
إدارة شورية .
إدارة تهتم بالحاجات النفسية والروحية والمادية للإنسان .
إدارة ذات مسئولية رعوية وسلطة مطاعة .
إدارة ذات رقابة ذاتية .
ويذكر ( النحلاوي , 1420هـ : 69 ) أن الضروريات الخمس هي :
حفظ الدين .
المحافظة على النفس .
المحافظة على المال .
المحافظة على العقل .
المحافظة على العرض والنسل والأنساب .
ويذكر ( سمارة , 2000م : 99 ) أن مقومات الإدارة في الإسلام تتلخص فيما يلي :-(1/3)
العقل والذكاء والفطنة : إذ أن العقل مناط التكليف في الإسلام أما الذكاء والفطنة ليتمكن بهما القائد من القدرة على تسيير العمل ورسم الخطط والتنسيق بين المواقف وتحديد ما يلزم لكل موقف وليكون في وضع يمكنه من تسيير العمل على أكمل وجه وبأيسر التكاليف وأقل الوقت , يقول تعالى { إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون } , ويقول جل وعلا { وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون } , فلا بد لكل منصب قيادي من تميز عمن يقودهم برجاحة عقله ونباهته كي يتمكن من تدبير الأمور والتأثير فيمن يقودهم على نحو يفضي إلى حسن الأداء والقدرة على التأثير فيمن يقودهم كفريق واحد لتحقيق الأهداف المتوخاة من أعمالهم , فالدور الذي جعله الإسلام للقائد في جماعته يستلزم أن يكون حصيف الرأي , قوي الحجة , ذو معرفة ودراية شاملة بالعمل المسند إليه وكل ذلك يستلزم أن يتمتع القائد الإداري بعقل وذكاء وفطنة يتأهل بها إلى القيادة , وفي القرآن الكريم إشارة لذلك في قوله سبحانه وتعالى : { ... وزاده بسطة في العلم والجسم ... } ( البقرة : 247 ) .
الإسلام : إن عمل القيادة الإدارية في الإسلام هو توجيه النشاط البشري في العمل لتحقيق المصالح على ضوء الإسلام , أو توجيه النشاط الجماعي في عمل مشترك لتحقيق هدف مشروع أو عدة أهداف مشروعة مخطط إليها , يقول تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض , ومن يتولهم منكم فإنه منهم } ( المائدة : 51 ) .(1/4)
القدرة والكفاءة : إذ أن الإسلام يفرض على كل متولٍ لقيادة أو عمل أن يكون قادرا على القيام بما وكل إليه من عمل , وقد سأل أبو ذر الغفاري الولاية فنهاه النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال له أبو ذر : ألا تستعملني , قال : فضرب بيده على منكبي ثم قال – صلى الله عليه وسلم - : يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها ) , ويقول تعالى : { إن خير من استأجرت القوي الأمين } ( القصص : 26 ) .
الإخلاص والأمانة : من الأحكام الشرعية التي يجعلها الإسلام من لوازم أي عمل يمارسه الإنسان وعليهما يتوقف إتقان العمل وقبوله , والإخلاص في هذا الموضع المقصود به قيام الإنسان بما يتوجب عليه فيما أسند إليه من عمل ابتغاء مرضاة الله سبحانه وتعالى , والإخلاص بهذا المعنى يدفع إلى الجد والنشاط والإتقان للأعمال دونما مراقبة أو متابعة خارجية , وإنما الرقابة الذاتية التي تنتج عن طلب مرضاة الله , فالنية الصالحة تجعل الأعمال كلها عبادة لله , يقول – صلى الله عليه وسلم – " ثلاث لا يغل عليهن قلب امرأ مسلم : إخلاص العمل لله والنصح لأئمة المسلمين ... إنه من تكن الدنيا نيته يجعل الله فقره في عينه , ويشتت عليه ضيعته , ولا يأتيه إلا ما كتب له , ومن تكن الآخرة نبته يجعل الله غناه في قلبه ويكفيه ضيعته وتأتيه الدنيا وهي راغمة " , ويقول تعالى { إن خير من استأجرت القوي الأمين } .(1/5)
الحلم والأناة والصبر : حيث أن تعامل القيادة الإدارية إنما يكون مع البشر في نشاط جماعي هادف , ومهمة القيادة الإدارية , القدرة على التأثير الإيجابي في العاملين معه لتحقيق هدف مخطط له , وأي احتكاك بشري يؤدي إلى مثيرات الغضب , وإن لم القائد الإداري على قدر من الحلم والأناة والصبر فإن العمل سيضطرب والأهواء ستلعب دورا في إرباك العمل وتراجعه لانعدام روح التعاون بين العاملين والغضب يمنع من التركيز ويؤثر على جودة العمل وإتقانه والإخلاص فيه , لأن العمل الإداري يلزم فيه التأثير المتبادل بين الرئيس والمرؤوسين ,وبهذا التأثير المتبادل تتضافر جهود الأفراد إيجابا في توجيه النشاط العملي لتحقيق هدف مشترك وذلك في حالة التفاهم والرضى , أما في حالة الغضب والتباغض والتنافر بين القائد ومن يقودهم فإن التأثير يكون سلبيا على سير العمل , وبالتالي نجد أن من المقومات الهامة في القيادة أن يتمتع القائد الإداري بالإتزان والرزانة والهدوء والسماحة والقدرة على ضبط انفعالاته والتحكم في عواطفه , يقول تعالى { ... إنك لأنت الحليم الرشيد } ( هود : 87 ) , ويقول جل وعلا { إن إبراهيم لحليم أواه منيب } ( هود : 75 ) .
الرفق والابتعاد عن العجلة في رسم الخطط ووضع الأهداف واتخاذ القرارات الإدارية : فالرفق من المقومات اللازمة لكل قيادي , وذلك لما فيه من التعقل والاحتراز عن الخطأ ولأهمية الرفق في الحكم والإدارة , قال فيه النبي – صلى الله عليه وسلم - : " اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليه فإشفق عليه , ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به " .(1/6)
الرحمة واللين : قيمتان إنسانيتان يكون الإنسان بمقتضاهما مشفقا على نفسه وغيره وعطوفا , مما يجعله دائم التفقد لأحوال من يرعاهم متلمسا لحاجاتهم الإنسانية وهذا من شأنه أن يوجد الألفة والمودة والتماسك بين القيادة والعاملين وهذا تأثير قوي من القيادة الرحيمة اللينة بالمنقادين ليندفعوا باتجاه تحقيق الهدف المنشود , يقول تعالى : { فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك , فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين } ( آل عمران : 159 ) ,ويقول – صلى الله عليه وسلم – " الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء " .
العدالة والتقوى : وبهما تتوطد العلاقة مع الإدارة , فالتقوى والعدالة من أقوى المؤثرات في الأشخاص المحيطين به , لجعلهم يرتبطون بالقائد ويحترمونه ويتفاعلون معه ويحرصون على الولاء له والاستجابة إلى توجيهاته كلها , يقول تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته } ( آل عمران : 102 ) , ويقول جل وعلا : { فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير } ( هود : 112 ) , فالعدالة والتقوى تجعلان من يتصف بهما مثلا أعلى للمحيطين به , وتوجد لديهم الطمأنينة والاستقرار على أنفسهم ومصالحهم وحقوقهم مما يكون له الأثر في إصلاح العمل ونشاط العاملين وحسن الأداء بدقة وإتقان .(1/7)
النزعة الشورية : تعتبر الشورى من أسس الحياة الإسلامية في المجتمع الإسلامي ,وهي من لوازم القيادة الناجحة في أي موقع قيادي , فالقيادة الشورية من شأنها أن تذكي الروح المعنوية لدى جماعة العمل , من خلال إشراك الكل في الاهتمام بالعمل وإبداء الرأي في الخطط والأهداف والتنسيق ونحو ذلك مما يلزم في رفع مستوى الكفاءة في العمل , فالقيادة الغير متسلطة قريبة من المحيطين بها , وهذا من شأنه أن يوجد الطمأنينة لدى العاملين ويوجد المودة والألفة والتماسك والانتماء وكل ذلك يساهم في تكاتف الجماعة وتعاطفها على نحو يجعلها فريقا واحدا مما يضاعف إخلاص العاملين ويؤثر في الجماعة , يقول تعالى { وشاورهم في الأمر } ( آل عمران : 159 ) ,ويقول تعالى { وأمرهم شورى بينهم } ( الشورى : 38 ) وكل ذلك يساهم في تكاتف الجماعة وتعاطفها على نحو يجعلها فريقا واحدا مما يضاعف إخلاص العاملين ويؤثر في الجماعة .
التواضع : ويقصد به الخضوع والإذعان للحق والابتعاد عن الزهو والإعجاب بالنفس وهذه صفة لازمة لكل إنسان يقدر نفسه حق قدرها ويريد لها الخير , وقيل في تعريف التواضع : ( هو ضبط النفس عن الكبر والعجب والغرور ومعرفة النفس قدرها ) , ويقول تعالى : { تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا ... } ( القصص : 83 ) .
الحزم : ويقصد به ضبط الأمور وتم تعريف الحزم على أنه : ( النظر في الأمور قبل نزولها , وتوخي المهالك قبل الوقوع فيها , وتدبير الأمور على أحسن ما تكون من وجوهها ) .
ملكة التطوير الذاتي في المعرفة والمهارات الإدارية : لأن إتقان الأعمال لا بد له من زيادة المعرفة فيها إلى جانب زيادة المهارات اللازمة في الإتقان وإلى هذا تدعو النصوص الشرعية في قوله سبحانه وتعالى : { نرفع من نشاء درجات وفوق كل ذي علم عليم } ( يوسف : 76 ) , وقوله تعالى : { فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } ( النحل : 43 ) .(1/8)
ويذكر ( سمارة , 2000 : 137 ) أن من أهم خصائص الإدارة في الإسلام , ما يلي :-
تمتاز الإدارة في الإسلام بأنها ذات بعد روحي : بمعنى أن الإسلام لا يعرف الفصل بين الدين والدنيا .
الإدارة في الإسلام ذات بعد إنساني : فهي تكرم الإنسان وتعنى بحاجاته وتهتم به وذلك لأنها إدارة منضبطة بالأحكام الشرعية والإنسان في الشريعة الإسلامية هو محور اهتماماتها .
الإدارة في الإسلام ذات بعد قيمي : ففي الإسلام يتعين على الأفراد والمجتمع الإسلامي مراعاة القيم التالية : ( القيمة المادية – القيمة الإنسانية – القيمة الخلقية – القيمة الروحية ) .
الهوية الإسلامية : فالنظام الإداري الإسلامي نظام يرتكز على العقيدة الإسلامية ويصطبغ بالصبغة الإسلامية في كافة المجالات والأنماط الإدارية .
تمتاز الإدارة في الإسلام بأنها ذات بعد ثقافي : فرسالة الإسلام إنما بعث بها النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – ليتمم مكارم الأخلاق .
تستند إلى نظام إداري ثابت منبثق من العقيدة الإسلامية فيما يتعلق بالأعمال الإدارية وتوجيهها .
الممارسات الإدارية الشورية .
الاهتمام بالرقابة الذاتية والتركيز عليها من القضايا البديهية في الإسلام .
مراعاة اليسر ورفع الحرج في الأداء الإداري كله .
أما القيم الإسلامية فقد ذكر ( سمارة , 2000 : 71 ) أن القيم التي وردت في الأدلة الشرعية لا تخرج عن أربعة قيم رئيسية , وهي :-
القيمة الروحية : والمقصود بها إرضاء الخالق في الأعمال كلها .
القيمة الخُلقية : وهي مراعاة بعض الصفات عند القيام بالأعمال .
القيمة الإنسانية : وهي معيار سلوكي يرتبط بالإنسان من حيث هو إنسان بغض النظر عن جنسه ولونه وشكله .... .
القيمة المادية : معيار سلوكي مرتبط بالنتائج المادية التي يهدف إليها الإنسان في نشاطاته المادية كلها .
نبذة عن صحيح البخاري :(1/9)
صحيح البخاري للإمام الحافظ أبي عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي البخاري , المتوفي بخرتنك ستة ( 256هـ ) , وهو أول الكتب الستة في الحديث وأفضلها على المذهب المختار , وقال الإمام النواوي : اتفق العلماء على أن أصح الكتب بعد القرآن الكريم الصحيحان " صحيح البخاري " و " صحيح مسلم " وتلقتهما الأمة بالقبول وكتاب البخاري أصحهما صحيحا وأكثرهما فوائد ( جاهين : 10 ) .
ولد الحافظ سنة أربع وتسعين ومئة في شوال , وتدرج في طلب العلم منذ نعومة أظافره , وبدأ يصنف قضايا الصحابة والتابعين وأقوالهم وهو في سن الثامنة عشر , وقد مات البخاري ليلة عيد الفطر سنة ست وخمسين ومئتين وقد بلغ اثنتين وستين وجدوه لما أصبح ميتا ( العسقلاني , ج1 : 9 ) .
خطة العمل :-
سوف يتم تقسيم العمل إلى فصول , على النحو التالي :-
الفصل الأول : وسيتناول كتاب التيمم , مع إبراز ما اشتملت عليه أحاديث هذا الجزء من مبادىء ووظائف وأهداف إدارية , ومحاولة اكتشاف المدارس الفكرية المعاصرة التي يمكن استنباطها من الأحاديث , بالإضافة إلى بيان مبادىء النظرية الإسلامية الموجودة في الأحاديث .
الفصل الثاني : وسيتناول كتاب الصلاة , مع إبراز ما اشتملت عليه أحاديث هذا الجزء من مبادىء ووظائف وأهداف إدارية , ومحاولة اكتشاف المدارس الفكرية المعاصرة التي يمكن استنباطها من الأحاديث , بالإضافة إلى بيان مبادىء النظرية الإسلامية الموجودة في الأحاديث .
الفصل الثالث : وسيتناول كتاب صفة ثياب الصلاة , مع إبراز ما اشتملت عليه أحاديث هذا الجزء من مبادىء ووظائف وأهداف إدارية , ومحاولة اكتشاف المدارس الفكرية المعاصرة التي يمكن استنباطها من الأحاديث , بالإضافة إلى بيان مبادىء النظرية الإسلامية الموجودة في الأحاديث .
الفصل الرابع : الخاتمة ومراجع العمل .
والله من وراء القصد
أولا : كتاب التيمم(1/10)
يذكر ( الجوزية , 1423هـ : 137 ) أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يتيمم بضربة واحدة للوجه والكفين , ولم يصح عنه أنه تيمم بضربتين , ولا إلى المرفقين , قال الإمام أحمد : من قال : إن التيمم إلى المرفقين , فإنما هو شيء زاده من عنده . وكذلك كان يتيمم بالأرض التي يصلي عليها , ترابا كانت أو سبخة أو رملا . وصح عنه أنه قال : " حيثما أدركت رجلا من أمتي الصلاة فعنده مسجده وطهوره " , وهذا تصريح في أن من أدركته الصلاة في الرمل , فالرمل له طهور . ولما سافر هو وأصحابه في غزوة تبوك , قطعوا تلك الرمال في طريقهم وماؤهم في غاية القلة , ولم يرو عنه أنه حمل معه التراب ولا امر به ولا فعله من أصحابه , والله اعلم وهذا قول الجمهور .
وأما ما ذكر في صفة التيمم من وضع بطون أصابع يده اليسرى على ظهور اليمنى , ثم إمرارها إلى المرفق , ثم إدارة بطن كفه على بطن الذراع , وإقامة إبهامه اليسرى كالمؤذن إلى أن يصل إلى إبهامه اليمنى , فيُطبقها عليها , فهذا مما يُعلم قطعا أن النبي – صلى الله عليه وسلم – لم يفعله , ولا علّمه أحدا من أصحابه ولا أمر به ولا استحسنه وهذا هديه إليه التحاكم , وكذلك لم يصح عنه التيمم لكل صلاة ولا أمر به بل أطلق التيمم وجعله قائما مقام الوضوء وهذا يقتضي أن يكون حكمه إلا فيما يقتضي الدليل خلافه .
ويذكر ( العيني , ج4 : 2 ) أن في الشرع ( التيمم ) هو قصد الصعيد الطاهر واستعماله بصفو مخصوصة وهو مسح اليدين والوجه لاستباحة الصلاة وامتثال الأمر .
الباب المستنبط ... الحديث – رقمه – تفسيره
علاقته بمبادىء النظرية الإسلامية ... المدارس والنظريات الإدارية
الأهداف :-
يهدف الحديث إلى ذكر الأمور التي ميز الله بها نبيه – صلى الله عليه وسلم – من دون الخلق أجمعين .(1/11)
ويهدف الحديث إلى تفسير الآية الكريمة في سورة ( المائدة , 6 ) وهي : { فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا .. } , ويظهر ذلك من أن الله جل وعلا أحل للمسلمين الصلاة في أي مكان يكونون فيه خارج بيوتهم ومساجدهم , ووضح للمسلمين كيفية التصرف في حالة عدم وجود الماء .
الوظائف :-
التخطيط
الشاهد : { جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل }
يعرف ( النمر وآخرون : 95 ) التخطيط على أنه " عمل ذهني يعتمد على التفكير العميق والرؤية الصائبة التي يستخدمها المخطط في رؤية حاضره ومواجهة مستقبله " .
ويظهر في الحديث وظيفة من وظائف الإدارة وهي " التخطيط " , ويتجلى في تخطيط النبي – صلى الله عليه وسلم – للصلاة في أي مكان من الأرض حينما يدخل وقت الصلاة وذلك رحمة من الله .
وحيث أن مقومات التخطيط هي : ( الأهداف – التنبؤ – السياسات – البرامج – الإجراءات – طرق العمل أي الوسائل والإمكانات ) ( النمر وآخرون , 1417هـ : 101 ) , فيمكن تطبيق تلك المقومات على الحديث السابق كما يلي :-
الأهداف : وهي النتائج المطلوب تحقيقها في المستقبل وفي هذا الحديث يطلق عليها غايات أو أهداف استراتيجية لأنها في المستقبل البعيد , فهي تسمح بأداء الصلاة في أي مكان من الأرض في يدخل موعد الصلاة وهذا ليس في فترة معينة بل تمتد إلى ما شاء الله , والهدف من هذا الحديث هو تسهيل أداء الصلاة أمام المسلمين رحمة من الله ورأفة بهم .
التنبؤ : وهو نشاط ذهني مرتبط بالنشاط الإنساني , وهو نتيجة لارتباط النشاط الإنساني بعنصر الوقت , وقرر فايول أن " القدرة على التنبؤ قبل حدوث الأشياء هي جوهر الإدارة " ويظهر عنصر التنبؤ في الحديث أن الله شرّع لنبيه أمرا لم يكن مشرّعا من قبل تنبؤا بما يمكن أن يقابل المسلم وهي أن يحين موعد الصلاة وهم خارج بيوتهم أو مساجدهم .(1/12)
السياسات والإجراءات : وهي مجموعة المبادىء والقواعد التي تحكم سير العمل والمحددة سلفا , والسياسة التي شرّعها الله لتنفيذ الهدف السابق هي أنه جعل الأرض كلها مسجدا وطهورا فحيث ما دخل وقت الصلاة يجوز للمسلم أن يصلي .
تدبير الوسائل والإمكانات : وهي الطريقة التي يتم من خلالها ترجمة الأهداف إلى شيء ملموس , والوسائل هنا هي جعل الأرض مسجدا وطهورا .
ووفقا لأنواع التخطيط التي ذكرها (النمر وآخرون : 122 – 123 ) فيعد هذا التخطيط تخطيط طويل الأجل .
تنظيم
الشاهد : { ونصرت بالرعب مسيرة شهر}
يعرف ( النمر وآخرون , 1417هـ : 148 ) التنظيم على أنه عملية أو وظيفة أو عمل يقوم به المدير من أجل تجميع أوجه النشاط اللازمة لتحقيق الأهداف , فالتنظيم ليس هدفا في حد ذاته ولكنه وسيلة للوصول إلى الهدف بطريقة أفضل وبأسلوب أكفا .
ويذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 151 ) أن هناك عددا من المبادىء التنظيمية , وهي : ( مبدأ وحدة الهدف – مبدأ التخصص وتقسيم العمل – مبدأ وحدة القيادة أو الأمر – مبدأ نطاق الإشراف – مبدأ تكافؤ السلطة والمسئولية – مبدأ تفويض السلطة – مبدأ المركزية واللامركزية ) .
وفي الحديث السابق نلمس ( وظيفة التنظيم ) من حيث تنظيم نصرة الرسول – صلى الله عليه وسلم – على أعدائه من خلال قذف الرعب في قلوب الأعداء وبينهم وبين النبي -صلى الله عليه وسلم – شهر .
التوجيه ( القيادة )
الشاهد : { وبعثت إلى الناس عامة }
يذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 313 ) تعريفا للقيادة على أنها " النشاط الذي يمارسه شخص للتأثير في الآخرين وجعلهم يتعاونون لتحقيق هدف يرغبون في تحقيقه " وهي أيضا "فن التنسيق بين الأفراد والجماعات وشحذ هممهم لبلوغ غاية منشودة " , فلا يمكن أن تكون هناك قيادة بدون مجموعة من الأفراد وبدون وجود قائد يؤثر عليهم وبدون وجود هدف مشترك تسعى الجماعة إلى تحقيقه .(1/13)
يعرف ( سالم وآخرون , 1982م : 139 ) القيادة بأنها " العملية التي يتم من خلالها التأثير على سلوك الأفراد والجماعات وذلك من أجل دفعهم للعمل برغبة واضحة لتحقيق أهداف محددة " , ومن الحديث نلمس القيادة التي وهبها الله جل وعلا لرسوله – صلى الله عليه وسلم – نظرا للرسالة العظيمة التي أُمر بإبلاغها للناس , وحيث أن مصادر قوة القيادة كما ذكرها ( سالم وآخرون , 1982م : 140 ) هي : " قوة الإكراه – قوة المكافأة – القوة الشرعية أو القانونية – القوة الفنية – قوة الإعجاب " , فنجد أن مصدر القيادة لدى الرسول – صلى الله عليه وسلم – هي القوة الشرعية التي يستمدها القائد من المركز الرسمي الذي يحتله في التنظيم الإداري , ومن قوة الإعجاب والتي يحصل عليها الفرد نتيجة إعجاب تابعيه ببعض صفاته الشخصية بحيث تربطهم وتشدهم إليه نتيجة توافر نوع من السحر والجاذبية في شخصية القائد , وهذا ما توفر لدى النبي عليه الصلاة والسلام فقد توفرت لديه القوة الشرعية التي وهبها الله له لتبليغ رسالة التوحيد ووهبه صفات شخصية أثرت على تابعيه مما جعلهم يحبونه ويحبون رسالته من كرم أخلاقه وعظيم صفاته .
ومن الحديث نجد أن ( المجموعة التي تتطلبها عملية القيادة : الأمم التي بعث إليها النبي – صلى الله عليه وسلم – / والقائد : هو النبي – صلى الله عليه وسلم –/ والهدف : نشر رسالة التوحيد التي كلّف الله بها نبيه عليه الصلاة والسلام (
مبادىء إدارية :
مبدأ : وحدة الأمر
الشاهد : { وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة }
مبدأ ( وحدة الأمر ) من مبادىء فايول الإدارية , ويذكر (سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أن فايول قصد ( بوحدة الأمر ) أن لا يجوز أن يتلقى الفرد العامل أوامر من أكثر من رئيس أو مشرف واحد .(1/14)
ونلمس ( وحدة الأمر ) في الحديث السابق من حيث أن النبي – صلى الله عليه وسلم – بعث إلى الناس جميعا بخلاف الأنبياء والرسل السابقين الذي كان كل منهم يبعث إلى قومه خاصة .
السلطة
الشاهد : { أعطيت خمسا لن يعطهن أحد من قبلي }
وهو مبدأ من مبادىء فايول الإدارية , ويذكر (سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أن فايول قصد بالسلطة أنها المزيج من السلطة الرسمية المستمدة من المنصب الذي يشغله الإداري والسلطة الشخصية أي من الصفات الشخصية التي يتمتع بها , وفي هذا الحديث نجد أن الله جل وعلا أعطى النبي – صلى الله عليه وسلم – خمس ميزات لم يعطهن أحد من الأنبياء قبله نظرا لما أعطاه الله من السلطة في النبوة ونظرا لمنا يتمتع به النبي عليه الصلاة والسلام من صفات شخصية أهلته لأن يكون سيد البشرية جمعاء .
استخدام الخبراء
الشاهد : { أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من قبلي }
الشاهد : { وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة }
ويذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 40 ) أن المقصود بـ ( استخدام الخبراء) هو استخدام الأشخاص بناء على مؤهلاتهم وخبراتهم .
ويتضح لنا من الحديث أن استخدام الخبراء كان في إعطاء الرسول – صلى الله عليه وسلم – خمسا من المميزات التي لم يعطهن الله عز وجل لأحد من الأنبياء والرسل من قبله لتوفر الصفات التي أهلته ليتحمل مسئوليات ما أغطاه الله جل وعلا .
وفي بعث الله جل وعلا للنبي – صلى الله عليه وسلم – للناس عامة دليل على استخدام الخبراء وذلك لما يتوفر عند النبي – صلى الله عليه وسلم – من صفات بالإضافة على ما وهبه الله من النبوة .
متفرقات إدارية :-
إدارة الموارد البشرية
الشاهد : { فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل }(1/15)
يذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 243 ) أن إدارة الوارد البشرية هي مجموعة من القواعد والأساليب الخاصة بتنظيم ومعاملة العاملين بحيث يمكن الحصول على أكبر قدر من إمكانات الأفراد وطاقاتهم وقدراتهم بما يحقق كفاءة الأداء للفرد وللجماعة وبما يحقق أفضل المزايا وأعظم النتائج .
وهذا ينطبق على ما فعله النبي – صلى الله عليه وسلم – حيث أدار الموارد البشرية وهن أمته جمعاء وبين لهم ما ذا يفعلون إذا دخل وقت الصلاة وهو أن يصلوا في أي مكان – ما عدا الخلاء والمقابر – لأن الله جعل لهم الأرض مسجدا وطهورا بخلاف الأمم السابقة .
إدارة الوقت
الشاهد : { فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل }
يذكر ( البرعي وعابدين , 1408هـ ) أن الوقت في مفهومه المجرد هو شيء ثمين ( الوقت من ذهب ) يتحكم في جميع أعمالنا ويقسمها بين العمل والراحة ,ومفهوم الوقت في الإدارة الحديثة يتمثل في توفير واستغلال وقت العمل الرسمي للتركيز على النشاطات التي تجعل من المدير قائدا فعالا ومن المسئولين الآخرين من الموظفين أشخاصا منجزين للأعمال المطلوبة منهم بكفاءة وإنتاجية عالية وإخلاص وأمانة لكي تعم فائدة عملهم وتنفع المجتمع كله .(1/16)
وفي الحديث تتضح لنا إدارة الوقت من حيث جواز الصلاة في أي مكان من الأرض إذا دخل وقت الصلاة – ماعدا الخلاء والمقابر – من باب إدارة الوقت حتى لا يفوت المسلم وقت الصلاة . ... الحديث رقم( 323 ) : حدثنا محمد بن سنان , قال : حدثنا هشيم قال وحدثني سعيد بن النضر قال : أخبرنا سيّار قال : حدثنا يزيد – وهو ابن صهيب الفقير – قال : أخبرنا جابر بن عبد الله " أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال : أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من قبلي , نصرت بالرعب مسيرة شهر , وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا , فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل , وأحلت لي المغانم ولم تحل لأحد من قبلي وأعطيت الشفاعة وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة " ( عطا , 1421هـ / ج1 : 87 ) .
تفسير الحديث :
قوله [ أعطيت خمسا ] أي ذلك في غزوة تبوك وهي آخر غزوات رسول الله – صلى الله عليه وسلم – (العسقلاني , ج1 : 446 ) .
ويذكر ( العيني , ج4 : 8 ) أن [ أعطيت خمسا ] أي خمس خصال .
أما قوله [ نصرت بالرعب مسيرة شهر ] معناه : لأن العدو يخافني وبيني وبينه مسافة شهر وذلك من نصرة الله إياه على العدو ) آل سعود , 1409هـ / ج 1 : 333 ) , ويذكر ( العسقلاني , ج1 : 446 ) أن معنى ذلك أن الرعب يقذف في قلوب أعدائي , ويقوله [ مسيرة شهر ] أي لم يوجد لغيره النصر بالرعب في هذه المدة ولا في أكثر منها , أما ما دونها فلا .
ويذكر ( العيني , ج4 : 9 ) أن الحكمة في جعل الغاية شهر لأنه لم يكن بين المدينة وبين أحد من أعدائه أكثر من شهر .
وأما قوله [ جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ] فإن أهل الكتاب لم تكن أبيحت لهم الصلاة إلا في بيعهم وكنائسهم , ورخص الله تعالى لهذه الأمة أن يصلوا حيث أدركتهم الصلاة وذلك من رحمة الله تعالى ورأفته بهم تيسيرا للطاعة وتكثيرا لها لتكثر عليها مثوبتهم , وأحاديث أخرى تستثني من الأرض الحمّام والمقبرة )آل سعود , 1409هـ / ج 1 : 333 ) .(1/17)
ويضيف ( العسقلاني , ج1 : 446 ) أن معنى ذلك أن الأرض هي موضع السجود ولا يختص السجود منها بموضع دون غيره , وقيل أن المراد جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وجعلت لغيري مسجدا ولم تجعل له طهورا لأن عيسى كان يسبح في الأرض ويصلي حيث أدركته الصلاة , وقيل أنه أبيح لهم في موضع يتيقنون من طهارته بخلاف هذه الأمة فأبيح لها في جميع الأرض إلا فيما تيقنوا من نجاسته .
ويذكر ( العيني ,ج4 : 9 ) أن المقصود [ وجعلت لي الأرض مسجدا ] أي موضع السجود وهو وضع الجبهة على الأرض ولم يكن اختص السجود منها بموضع دون موضع , والأنبياء من قبل إنما أبيح لهم الصلاة في مواضع مخصوصة كالبيع والكنائس وقيل في موضع يتيقنون طهارته من الأرض وخصت هذه الأمة بجواز الصلاة في جميع الأرض إلا في المواضع المستثناة بالشرع أو موضع تيقنت نجاسته , وللتفرقة بين ما كان لسيدنا عيسى عليه السلام والنبي – صلى الله عليه وسلم – في أن عيسى عليه السلام يسبح في الأرض ويصلي حيث أدركته الصلاة ولكن الفرق في أن النبي – صلى الله عليه وسلم – جعلت له الأرض مسجدا وطهورا حيث كان يصلي في أي موضع أدركته الصلاة فيه وكذلك التيمم منه ولم يكن لعيسى عليه السلام إلا الصلاة دون التيمم .
وفي قوله [ فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل ] يعني تيمم ويصلي دليل على تيمم الحضري إذا عدم الماء وخاف فوت الصلاة وعلى أنه لا يشترط التراب إذ قد تدركه الصلاة في موضع من الأرض لا تراب عليها بل رمل أو جص أو غيرهما , وهناك آراء عيدية في هذا ذكرها (العيني , ج4 : 10 ) .
وقوله [ وأحلت لي الغنائم ] فإن الأمم المتقدمة كانوا على ضربين : منهم من لم يبح للأنبياء جهاد الكفار منهم فلم يكن لهم مغانم , ومنهم من أبيح لهم جهادهم فكانوا إذا غنموا مالا جاءت نارا فأحرقته ولا يحل لهم أن يمتلكوه ,كما أبيح ذلك لهذه الأمة والحمد لله على ذلك ) آل سعود , 1409هـ / ج 1 : 334) .(1/18)
ويذكر ( العيني , ج4 : 9 )أن ( الغنائم ) جمع غنيمة وهي مال حصل من الكفار بايجاف خيل وركاب .
وقوله [ وأعطيت الشفاعة ] فإنها هي الفضيلة العظمى التي لم يشارك فيها النبي – صلى الله عليه وسلم – أحد من الأنبياء وبها ساد الخلق كلهم حتى يقول : أنا سيد ولد آدم وذلك في يوم القيامة حين يشفع للخلق في الحساب ولا يشفع غيره ) آل سعود , 1409هـ / ج 1 : 335 ) .
ويذكر ( العيني , ج4 : 10 ) أن الشفاعة هي سؤال فعل الخير وترك الضرر عن الغير لأجل الغير على سبيل الضراعة , وقيل أن الشفاعة هي الدعاء والشفاعة هي كلام الشفيع للملك عند حاجة يسألها لغيره .
وفي قوله [ وبعثت إلى الناس عامة ] أي لقومه ولغيرهم من العرب والعجم والأسود والحمر ( العيني , ج4 : 10 ) .
علاقته بمبادىء النظرية الإسلامية
المرونة في الإدارة : الشاهد : { أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي } , ويذكر ( الشلعوط , 1423هـ : 91 ) أن المرونة في الإدارة هي من القواعد الأخلاقية المهمة لمهنة الإدارة التربوية الإسلامية , ويذكر أن طبيعة البشر تتطلب تنوع أسلوب التعامل ما بين الشدة واللين وما بين الحزم والمجاملة وما بين الصرامة والاعتدال وما بين التفرد بالقرار والمشاورة فيه .
ويتجلى مبدأ المرونة في الإدارة من باب أن الله أعطى للنبي – صلى الله عليه وسلم - خمس أمور تفرد بها ولم يعطها لأحد من الأنبياء رحمة بالعباد وتخفيفا عنهم من بعض الأمور .
التخطيط من أجل تعليم الأجيال الصاعدة : الشاهد : {وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل } , ويذكر (الشلعوط , 1423هـ : 106 ) أن هذا يشمل التعليم والتربية والاهتمام بالأجيال , فقد رسم لنا الإسلام الطريق لذلك .(1/19)
ويتجلى من الحديث الشريف تربية النبي – صلى الله عليه وسلم – وتعليمه للمسلمين في حالة عدم تواجدهم في بيوتهم أو مساجدهم , فالإسلام أحل لهم الصلاة في بقعة من بقاع الأرض ماعدا الحمّام والمقابر وهذا عكس أهل الكتاب الذين لم يحل للهم الصلاة خارج كنائسهم وبيعهم .
من الضروريات الخمس ( حفظ الدين ) : الشاهد : {وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل } , ويذكر ( النحلاوي , 1420هـ : 69 ) أن الضروريات الخمس هي : حفظ الدين – المحافظة على النفس – المحافظة على المال – المحافظة على العقل – المحافظة على العرض والنسل والأنساب .
وفي الحديث يتضح لنا حفظ الدين من خلال تشريع الله جل وعلا للمسلمين الصلاة في أي مكان من الأرض ماعدا المقابر والحمّامات رحمة ورأفة بهم , وحفاظا على دينهم .
ومن مقومات الإدارة في الإسلام ( العقل والذكاء والفطنة ) : الشاهد : { وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة } , ويذكر ( سمارة , 200 : 99 ) أن من مقومات الإدارة في الإسلام العقل والذكاء والفطنة , إذ أن العقل مناط التكليف في الإسلام أما الذكاء والفطنة ليتمكن بهما القائد من القدرة على تسيير العمل ورسم الخطط والتنسيق بين المواقف وتحديد ما يلزم لكل موقف وليكون في وضع يمكنه من تسيير العمل على أكمل وجه وبأيسر التكاليف وأقل الوقت .
ويتضح لنا من الحديث السابق أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان له من العقل والذكاء والفطنة مما وهبه الله جل وعلا ما خوله لتولي أمور لم يعطيها الله لأحد من الأنبياء مثل الشفاعة .(1/20)
من مقومات الإدارة في الإسلام ( القدرة والكفاءة ) : الشاهد : { أُعطيت خمسا لم يعطهن أحد من قبلي} , ويذكر ( سمارة , 2000 : 104 ) أن الإسلام يفرض على كل متول لقيادة أو عمل لأن يكون قادرا على القيام بما وكل إليه من عمل , فالقدرة والكفاءة من لوازم القيادة الرئيسية حيث أن الأعمال المناطة بالقيادة تستوجب ذلك حيث أن التوجيه والتنظيم والتخطيط والمثابرة للوصل إلى الأهداف وتحقيقها إنما يستلزم قدرة ومهارة وأي ضعف في أي من الجوانب عند القائد سيؤثر سلبيا على نجاح العمل وتطويره .
وفي الحديث السابق نجد أن القدرة والكفاءة الموجودة عند النبي – صلى الله عليه وسلم – هي التي أهلته للحصول على خمس أمور لم لأحد من قبله والأمور هي ما تم ذكره في الحديث .
من مقومات الإدارة في الإسلام ( الرحمة واللين ) : الشاهد : { أُعطيت الشفاعة } , ويذكر ( سمارة , 2000 : 109 ) أن الرحمة واللين قيمتان إنسانيتان يكون الإنسان بمقتضاها مشفقا على نفسه وغيره عطوفا مما يجعله دائم التفقد لأحوال من يرعاهم متلمسا لحاجاتهم الإنسانية وهذا من شأنه أن يوجد الألفة والمودة والتماسك بين القيادة والعاملين وهذا تأثير قوي من القيادة الرحيمة اللينة بالمنقادين ليندفعوا باتجاه الهدف المنشود .
وفي الحديث السابق نلمس الرحمة واللين من باب إعطاء النبي – صلى الله عليه وسلم – الشفاعة من دون الخلق أجمعين ليشفع لأمته يوم القيامة .
البعد الإنساني : الشاهد : { أعطيت الشفاعة } , ويذكر ( سمارة , 2000 : 138 ) أن الإدارة في الإسلام ذات بعد إنساني لكونها تهتم بالإنسان وتعنى بحاجاته وتهتم به وذلك أنها إدارة منضبطة بالأحكام الشرعية والإنسان في الشريعة الإسلامية هو محور اهتمامها , وهذا ما يتضح من الحديث السابق فقد أعطى الله عز وجل الشفاعة للنبي – صلى الله عليه وسلم – رحمة بالناس ورأفة بهم في ذلك الموقف الصعب .(1/21)
مراعاة اليسر ورفع الحرج : الشاهد : { وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا } , ويذكر ( سمارة , 2000 : 150 ) أن الأساس في الأجهزة الإدارية كلها إنما هو التيسير على العباد في تحقيق مصالحهم وسد حاجاتهم في المعاش والمعاد ,ومن هذا المنطلق كان اليسر ورفع الحرج من القواعد الشرعية التي يحتم الإسلام مراعاتها في كل عمل وفي كل أمر من أمور البشر في هذه الحياة , وفي الحديث السابق نلمس اليسر ورفع الحرج من باب أن المسلم يجوز له الصلاة في أي موقع من مواقع الأرض ماعدا القبور والخلاء وهذا بعكس ما أمر به الأولون الذين كانوا يصلون فقط في بيعهم وكنائسهم .
من أنواع العلاقات العامة في الإسلام ( الإعلام ) : الشاهد : { أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من قبلي} , ويذكر ( أبو سن , 1996م : 128 ) أن الإعلام كانت الطريقة الأولى لتنفيذ الهدف الأول للدولة الإسلامية وذلك عن طريق إبلاغ الناس عن طريق الإعلام .
الوثائق :
الغنائم
الشاهد : { أحلت لي المغانم ولم تحل لأحد من قبلي }
والوثيقة في الحديث السابق كانت الغنائم التي أحلت للنبي – صلى الله عليه وسلم – فالأمم المتقدمة كانوا على ضربين : منهم من لم يبح للأنبياء جهاد الكفار منهم فلم يكن لهم مغانم , ومنهم من أبيح لهم جهادهم فكانوا إذا غنموا مالا جاءت نارا فأحرقته ولا يحل لهم أن يمتلكوه , كما أبيح ذلك لهذه الأمة والحمد لله على ذلك ) آل سعود , 1409هـ / ج 1 : 334) . ... المدرسة الكلاسيكية
الإدارة العلمية
فايول ( مبدأ السلطة )
الشاهد : { أعطيت خمسا لن يعطهن أحد من قبلي }(1/22)
وهو مبدأ من مبادىء فايول الإدارية , ويذكر (سالم وآخرون , 1982م : 33) أن فايول قصد بالسلطة أنها المزيج من السلطة الرسمية المستمدة من المنصب الذي يشغله الإداري والسلطة الشخصية أي من الصفات الشخصية التي يتمتع بها , وفي هذا الحديث نجد أن الله جل وعلا أعطى النبي – صلى الله عليه وسلم – خمس ميزات لم يعطهن أحد من الأنبياء قبله نظرا لما أعطاه الله من السلطة في النبوة ونظرا لمنا يتمتع به النبي عليه الصلاة والسلام من صفات شخصية أهلته لأن يكون سيد البشرية جمعاء .
المدرسة الكلاسيكية
الإدارة العلمية
فايول ( مبدأ وحدة الأمر )
الشاهد : { وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة }
يذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أن من المبادىء الإدارية التي وضعها فايول في الإدارة هو "مبدأ وحدة الأمر" أي أنه لا يجوز أن يتلقى الفرد العامل أوامر من أكثر من رئيس أو مشرف واحد .
ونلمس ( وحدة الأمر ) في الحديث السابق من حيث أن النبي – صلى الله عليه وسلم – بعث إلى الناس جميعا بخلاف الأنبياء والرسل السابقين الذي كان كل منهم يبعث إلى قومه خاصة .
المدرسة الكلاسيكية
البيروقراطية
الشاهد : { أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من قبلي }
الشاهد : { وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة }
يذكر (سالم وآخرون, 1982م: 39 ) أن البيروقراطية في وضعها المثالي تهدف إلى توفير الحد الأعلى من الكفاية , وقد جاءت البيروقراطية كرد فعل على مدرسة العلاقات الإنسانية وآراء تيلور في المدرسة الكلاسيكية العلمية .
ويذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 40 ) أن من خصائص البيروقراطية (استخدام الخبراء) ويقصد بذلك استخدام الأشخاص بناء على مؤهلاتهم وخبراتهم.(1/23)
ويتضح لنا من الحديث أن استخدام الخبراء كان في إعطاء الرسول – صلى الله عليه وسلم – خمسا من المميزات التي لم يعطهن الله عز وجل لأحد من الأنبياء والرسل من قبله لتوفر الصفات التي أهلته ليتحمل مسئوليات ما أغطاه الله جل وعلا .
وفي بعث الله جل وعلا للنبي – صلى الله عليه وسلم – للناس عامة دليل على استخدام الخبراء وذلك لما يتوفر عند النبي – صلى الله عليه وسلم – من صفات بالإضافة على ما وهبه الله من النبوة .
مدرسة العلاقات الإنسانية
الشاهد : { وأعطيت الشفاعة }
العلاقات الإنسانية هي نوع من علاقات العمل الذي يهتم بالجوانب الإنسانية والاجتماعية في المنظمة وهي بذلك تستهدف الوصول بالعاملين إلى أفضل إنتاج في ظل أفضل ما يمكن أن يؤثر على الفرد من عوامل نفسية ومعنوية باعتباره إنسانا وجدانيا وانفعاليا أكثر منه رشيدا ومنطقيا (النمر وآخرون :63)
واهتمت المدرسة الإنسانية بعدة نقاط , وهي :- ( زويلف : 37 )
الاهتمام بالجانب الإنساني .
الاهتمام بالحوافز غير المادية
كشفت مدرسة العلاقات الإنسانية أهمية المنظمات غير الرسمية .
كشفت المدرسة الإنسانية ما للجماعة من أثر على سلوك الفرد .
وفي هذا الحديث تتجلى العلاقات الإنسانية من الفضيلة العظمى التي أعطاها الله للنبي – صلى الله عليه وسلم – وتفرد بها ولم يعطها أحد من الأنبياء ليشفع للمسلمين يوم القيامة من عذاب الله.
الاتجاه الظرفي في الإدارة
الشاهد : { وبعثت إلى الناس عامة }
وقوله : { لم يعطهن أحد من قبلي }
ويذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 47 ) أن الاتجاه الظرفي في الإدارة يعد أسلوبا حديثا في العمل الإداري يقوم على أساس أنه ليس هناك مفهوم أو نظرية إدارية يمكن تطبيقها في مختلف الأوقات والظروف على كل أنواع المؤسسات , وإنما يجب استخدام هذه المفاهيم والنظريات الإدارية بشكل انتقائي يتناسب مع الظروف التي تعيشها المؤسسة .(1/24)
وينطبق ما سبق على الحديث السابق من حيث أن النبي – صلى الله عليه وسلم – نظرا لظروف نبوته ومحتوى القرآن العظيم الذي جاء به والذي تميز به عن ما سبقه من الكتب الشريفة , ولذلك أعطى الله عز وجل للنبي – صلى الله عليه وسلم – بعض المميزات منها (الشفاعة) وهي الفضيلة الكبرى التي لم يشاركه فيها أحد من الأنبياء .
نظرية السمات
الشاهد : { وبعثت إلى الناس عامة }
يذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 145 ) أن نظرية السمات تقوم على أساس أن بعض الأفراد يصبحون قادة لأنهم ولدوا وهم يحملون صفات القيادة أي أن القائد بمفهوم هذه النظرية "يخلق ولا يولد" .
وما سبق ينطبق على النبي – صلى الله عليه وسلم – عندما ميزه الله بخمس ميزات لم تُعطى لأحد من الخلق أجمعين نظرا لما يتميز به النبي – صلى الله عليه وسلم – من صفات قيادية أهلته لحمل الصفات السابقة .
نظرية ماسلو
الحاجة إلى الأمن والحماية
الشاهد : { نصرت بالرعب مسيرة شهر}
يذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 73 ) أن ماسلو قام بترتيب الحاجات الإنسانية على شكل هرم تمثل قاعدته الحاجات الفسيولوجية الأساسية وتتدرج تلك الحاجات ارتفاعا حتى تصل إلى قمة الهرم حيث الحاجة إلى تحقيق الذات .
وينطبق في هذا الحديث (الحاجة للأمن والحماية) , ويذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 74 ) أن الله سبحانه وتعالى زود الإنسان بحاجاته إلى الأمن والحماية لكي يضمن استمرار إشباع حاجاته لمدد أطول في المستقبل , وفي الحديث يقول النبي – صلى الله عليه وسلم – " نُصرت بالرعب مسيرة شهر " , ويفسرها (آل سعود , 1409هـ / ج1 : 333) أن العدو يخف النبي عليه الصلاة والسلام وبين العدو وبينه مسافة شهر , وذلك من نصرة الله إياه على العدو , أي حقق الله جل وعلا للنبي الأمن والحماية لمساعدته في إتمام رسالته التي بعث من أجلها .
نظرية النظم
الشاهد : { فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل }(1/25)
يذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 81 ) مدخل النظم يؤكد على أن المنظمة تتكون من أجزاء ترتبط ببعضها البعض بعلاقة تفاعل وتداخل , أي أن كل جزء منها يؤثر في الأجزاء الأخرى ويتأثر بها , وأن الكيان الكلي يتأثر بهذه الأجزاء جميعا ويؤثر فيها , بمعنى أنه إذا حدث تغيير في أي من هذه الأجزاء فإن الأجزاء الأخرى والمنظمة بكاملها تتغير أيضا .
وأن أي نظام مفتوح يحصل على "مدخلات" من البيئة ويجري عليها "عمليات" أو نشاطات معينة ينتج عنها "مخرجات" تصب في البيئة .
والمدخلات : المسلمين الذين يدخل عليهم وقت الصلاة وهم خارج منازلهم أو مساجدهم .
العمليات : الطريقة التي تمكن المسلمين من أداء الصلاة خارج بيوتهم بدون الاضطرار إلى العودة إلى منازلهم أو مساجدهم لأداء الصلاة .
المخرجات : جعل الأرض مسجدا وطهورا حتى يتمكن المسلمين من أداء الصلاة خارج منازلهم أو مساجدهم أو بيوعهم .
الباب المستنبط ... الحديث – رقمه – تفسيره
علاقته بمبادىء النظرية الإسلامية ... المدارس والنظريات الإدارية
الأهداف :
بيان أن ما نزل بالسيدة عائشة من ضياع عقدها كان خيرا لها وللمسلمين من نزول آية التيمم ,وأنها السبب في نزول آية التيمم .
شرعية التيمم في حالة غياب الماء .
الذهاب للبحث عن العقد فيه إشارة إلى ترك إضاعة المال ( العسقلاني , ج1 : 444 ) .
الوظائف :-
تخطيط ( التدبير إلاهي )
الشاهد: { فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء فصلوا }
يعرف ( النمر وآخرون : 95 ) التخطيط على أنه " عمل ذهني يعتمد على التفكير العميق والرؤية الصائبة التي يستخدمها المخطط في رؤية حاضره ومواجهة مستقبله " .
ويظهر في الحديث " التخطيط من باب التدبير الإهي " , ويتجلى في ضياع السيدة عائشة لعقدها الذي أرسل النبي – صلى الله عليه وسلم – من يبحث عنه فأدركتهم الصلاة فلم يجدوا ماء فصلوا ثم شكوا أمرهم إلى الرسول – صلى الله عليه وسلم – فأنزل الله آية التيمم .(1/26)
والتخطيط هنا طويل الأجل لجميع المسلمين في كافة الأزمنة .
التوجيه ( القيادة )
الشاهد : { فشكوا إلى رسول الله }
يذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 313 ) تعريفا للقيادة على أنها " النشاط الذي يمارسه شخص للتأثير في الآخرين وجعلهم يتعاونون لتحقيق هدف يرغبون في تحقيقه " وهي أيضا "فن التنسيق بين الأفراد والجماعات وشحذ هممهم لبلوغ غاية منشودة " , فلا يمكن أن تكون هناك قيادة بدون مجموعة من الأفراد وبدون وجود قائد يؤثر عليهم وبدون وجود هدف مشترك تسعى الجماعة إلى تحقيقه .
ويتضح لنا في هذا الحديث التوجيه من حيث توجه الرجال إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – وذكرهم أمرهم الذي فعلوه وهو الصلاة بدون ماء حينما دخل وقت الصلاة ولا يوجد لديهم ماء .
ومن الحديث نجد أن ( المجموعة التي تتطلبها عملية القيادة : هي المجموعة التي شكت إلى رسول الله أمرها من الصلاة بدون وضوء عندما تعذر الحصول على الماء / والقائد : هو النبي – صلى الله عليه وسلم – الذي توجهوا إليه وشكوا أمرهم له / والهدف : هو معرفة صواب أمرهم من خطأه وتبرأة ذمتهم مما فعلوه ( .
التوجيه ( الاتصال )
الشاهد : { فشكوا ذلك إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - }
يذكر ( الشلعوط , 1423هـ : 132 ) أن الاتصال مبني على أساس نقل المعلومات وتبادلها والإفصاح عمّا يدور في النفس البشرية على شكل معنى يراد إيصاله إلى الآخرين وفي الغالب أن وسيلة الاتصال هي الكلام .
ويذكر أن عناصر عملية الاتصال : ( المرسل والمستقبل والرسالة والوسيلة والهدف والسلوك الناتج أي التغذية الراجعة ) .
وفي هذا الحديث تظهر لنا عملية الاتصال من خلال شكوى الأشخاص إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – أمرهم الذي أصابهم وتصرفهم الذي قاموا به وهو الصلاة بدون وضوء لتعذر الحصول على ماء .
ويتبين لنا أن عناصر الاتصال في الحديث هي ما يلي :-
المرسل : وهم الجماعة الذين أدركتهم الصلاة فلم يجدوا ماء فصلوا .(1/27)
المستقبل : هو النبي – صلى الله عليه وسلم – .
الرسالة : هي الأمر الذي فعلوه وهو صلاتهم بدون وضوء حينما حان وقت الصلاة ولم يجدوا ماء .
الوسيلة : كانت مخاطبة كلامية .
الهدف : تبرئة ذكتهم مما فعلوه ومعرفة صحة أمرهم أو خطأه .
السلوك الناتج : شكواهم للنبي – صلى الله عليه وسلم – كانت سببا في نزول آية التيمم لتعليمهم الطريقة التي يتبعوها إذا صاروا في موقف مماثل .
مبادىء إدارية :
مبدأ وحدة الأمر
الشاهد : { فشكوا إلى رسول الله }
يذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أن من المبادىء الإدارية التي وضعها فايول في الإدارة هو "مبدأ وحدة الأمر" أي أنه لا يجوز أن يتلقى الفرد العامل أوامر من أكثر من رئيس أو مشرف واحد .
ويتضح هذا جليا من حديث النبي – صلى الله عليه وسلم – حينما توجه له الأشخاص ليشكوا إليه ما حصل من أمرهم فكان موجعهم وقائدهم هو النبي – صلى الله عليه وسلم – الذي يتلقون منه الأوامر .
مبدأ المبادأة
الشاهد : {فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء فصلوا}
يذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أن من المبادىء الإدارية لفايول " مبدأ المبادأة " والذي يقصد به : التفكير في الخطة وتنفيذها عن طريق إفساح المجال للمرؤوسين لتطبيق هذا المبدأ ويجب على الرؤساء العمل على تشجيع المبادأة والابتكار في المرؤوسين .
وهذا المبدأ يتضح مما فعله الرجال الذين أرسلهم النبي – صلى الله عليه وسلم – عندما أدركتهم الصلاة فلم يجدوا الماء فصلوا , فلم يقفوا مكتوفي الأيدي ينتظرون عودتهم للرسول – صلى الله عليه وسلم – ليحل لهم أمرهم بل تصرفوا خوفا من أن يفوتهم موعد الصلاة ثم حكوا للنبي – صلى الله عليه وسلم – ما بدر منهم .
متفرقات إدارية :
السلطة
الشاهد : { فبعث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رجلا فوجدها }(1/28)
يعرف ( سالم وآخرون , 1982م : 127 ) السلطة هي " الحق في إصدار الأوامر والقوة في إجبار الآخرين على تنفيذها " , ويعرفها أيضا بأنها " الحق في اتخاذ القرارات التي تحكم تصرفات الآخرين " .
ومصادر السلطة ثلاثة : ( السلطة التشريعية – قبول المرؤوسين للسلطة – السلطة الشخصية ) .
والسلطة في الحديث السابق هي سلطة تشريعية , ويعرفها ( الضحيان ,1407هـ : 182 ) بأنها السلطة الإدارية المختصة بوضع النظم والتشريعات ولها ثلاث وظائف , وهي :-
سن القوانين التي تحتاج إليها الدولة وهذه تسمى بالوظيفة التشريعية .
مراقبة أموال الدولة وتسمى بالوظيفة المالية .
مراقبة السلطة التنفيذية ومدى احترامها لتنفيذ القوانين والأحكام وتسمى بالوظيفة السياسية .
ومن الحديث السابق نجد أن السلطة التشريعية لدى النبي – صلى الله عليه وسلم – هي التي أعطته الحق في إصدار الأوامر وبعث الرجل للبحث عن القلادة .
تفويض السلطة
الشاهد : { فبعث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رجلا }
يذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 130 ) أن تفويض السلطة يعني توزيع حق التصرف واتخاذ القرارات في نطاق محدد وبالقدر اللازم لإنجاز مهمات معينة .
ويذكر ( النمر وآخرون ,1417هـ : 162 ) أن تفويض السلطة يعني قيام الرئيس بتفويض جزء من سلطاته إلى شخص آخر في المستوى الأدنى منه في الهرم الإداري , ويصبح هذا الشخص مسئولا أمام من فوّض إليه السلطات عن نتائج الأعمال التي يقوم بها .
وهذا ما فعله النبي – صلى الله عليه وسلم - حينما فوّض السلطة إلى الرجل ليبحث له عن العقد .
إدارة الوقت
الشاهد : { فأدركتهم الصلاة فليس معهم ماء فصلوا }(1/29)
يذكر ( البرعي وعابدين , 1408هـ ) أن الوقت في مفهومه المجرد هو شيء ثمين ( الوقت من ذهب ) يتحكم في جميع أعمالنا ويقسمها بين العمل والراحة ,ومفهوم الوقت في الإدارة الحديثة يتمثل في توفير واستغلال وقت العمل الرسمي للتركيز على النشاطات التي تجعل من المدير قائدا فعالا ومن المسئولين الآخرين من الموظفين أشخاصا منجزين للأعمال المطلوبة منهم بكفاءة وإنتاجية عالية وإخلاص وأمانة لكي تعم فائدة عملهم وتنفع المجتمع كله .
وفي الحديث تتضح لنا إدارة الوقت من حيث اهتمام الصحابة بالوقت , فعندما دخل وقت الصلاة ولم يجدوا ماء خافوا أن تفوتهم الصلاة فصلوا ثم ذكروا أمرهم للرسول – صلى الله عليه وسلم – وإن دل هذا الأمر على شيء فيدل على عظيم اهتمام الصحابة بالوقت وحسن استغلاله في مرضاة الله .
اتخاذ القرارات
الشاهد : { فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء فصلوا فشكوا ذلك إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فأنزل الله آية التيمم }
يذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 349 ) أن عملية اتخاذ القرارات من المهام الأساسية للإدارة بل هي الركيزة الأساسية في العمل الإداري لأن العملية الإدارية لا تخرج عن كونها عملية اتخاذ القرارات فهي عملية متداخلة في جميع وظائف الإدارة ونشاطاتها .
ويضيف ( النمر وآخرون , 1417هـ : 354 ) أن مراحل اتخاذ القرارات تتمثل في النقاط التالية :-
تشخيص المشكلة محل القرار وتحديدها وتحليلها
جمع البيانات والمعلومات ووسائل الحصول عليها .
تحديد البدائل المتاحة وتقويمها .
اختيار البديل المناسب والأفضل .
متابعة القرار وتنفيذه .
ويمكن تطبيق المراحل والخطوات السابقة على الحديث كما يلي :-
تشخيص المشكلة وتحديدها : دخول وقت الصلاة وعدم وجود الماء .
جمع البيانات والمعلومات : البحث عن مصدر للماء للوضوء والصلاة فلم يجدوا الماء .
تحديد البدائل المتاحة : الصلاة بدون ماء أو عدم الصلاة .(1/30)
اختيار البديل المناسب والأفضل : نظرا لخوف الصحابة على دينهم والخوف من أن يفوت وقت الصلاة اختاروا البديل المناسب وهو الصلاة بدون وضوء .
متابعة القرار : بعد أن قاموا بأداء الصلاة بدون وضوء ذكروا أمرهم للنبي – صلى الله عليه وسلم – ليوجههم إلى الطريق الصحيح . ... الحديث رقم ( 324 ) - : حدثنا زكريا بن يحي , قال : حدثنا عبد الله بن نمير قال : حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة " أنها استعارت من أسماء قلادة , فهلكت , فيعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا , فوجدها , فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء فصلوا فشكوا ذلك إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فأنزل الله آية التيمم , فقال أسيد بن حضير لعائشة : جزاك الله خيرا , فوالله ما نزل بك أمر تكرهينه إلا جعل الله ذلك لك وللمسلمين فيه خيرا " ( عطا , 1421هـ / ج1 : 88 ) .
تفسير الحديث :
سبب نزول آية التيمم :
يذكر ( العيني , ج4 : 11 ) أن سبب نزول آية التيمم ما رواه عروة عن عائشة – رضي الله عنها – قالت : "أقبلنا مع النبي – صلى الله عليه وسلم – من غزوة كذا حتى إذا كنا بالمعرس قريبا من المدينة نعست من الليل وكانت علي قلادة تدعى السمط تبلغ السرة فجعلت أنعس فخرجت من عنقي فلما نزلت مع النبي – صلى الله عليه وسلم – لصلاة الصبح قلت يا رسول الله خرت قلادتي فقال للناس : إن أمكم قد ضلت قلادتها فابتغوها فابتغاها الناس , ولم يكن معهم ماء فاشتغلوا بابتغائها إلى أن حضرتهم الصلاة ووجدوا القلادة ولم يقدروا على ماء , فمنهم من تيمم إلى الكف ومنهم من تيمم إلى المنكب وبعضهم تيمم على جلده فبلغ ذلك الرسول – صلى الله عليه وسلم – فأنزلت آية التيمم " .
قوله [ فصلوا ] فيه دليل على أن من لم يجد ماء ولا ترابا فإنه لا يترك الصلاة , ولكن يصليها صلاة الوقت إلا أنه يستأنفها إذا وجد الماء أو التراب إن لم يجد ماء ( آل سعود , 1409هـ / ج1 : 339 ) .(1/31)
ويذكر ( آل سعود , 1409هـ / ج1 : 339 ) أن آية التيمم التي أنزلها الله هي : { فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه } ( المائدة : 6 ) .
ويذكر ( العسقلاني , ج1 : 444) أن معنى قوله [عقد] كل ما يعلق ويعقد في العنق ويسمى قلادة .
وقوله [ على التماسه ] أي لأجل طلبه .
وقوله [ ليسوا على ماء وليس معهم ماء ] ويستدل بذلك على جواز الإقامة في مكان لا ماء فيه وسلوك الطريق التي لا ماء فيها , وفي القول احتمال أن المعنى لا يوجد معهم ماء للوضوء أو ماء للشرب .
علاقته بمبادىء النظرية الإسلامية
من الضروريات الخمس ( حفظ الدين ) : الشاهد:{ فأنزل الله آية التيمم } , ويذكر (النحلاوي , 1420هـ : 69 ) أن الضروريات الخمس في الإسلام هي : حفظ الدين – المحافظة على النفس – المحافظة على المال – المحافظة على العقل – المحافظة على العرض والنسل والأنساب .
وفي الحديث يتضح لنا ضرورة المحافظة على الدين من باب أن الرجال الذين صلوا بدون وضوء حينما تعذر وجود الماء وأدركتهم الصلاة شكوا إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أمرهم خوفا منهم على دينهم , وإنزال الله عز وجل لآية التيمم كان بمثابة الحفاظ على الدين .
ومن مقومات الإدارة في الإسلام ( العقل والذكاء والفطنة ) : الشاهد : {فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء فصلوا } , ويذكر ( سمارة , 200 : 99) أن من مقومات الإدارة في الإسلام العقل والذكاء والفطنة , إذ أن العقل مناط التكليف في الإسلام أما الذكاء والفطنة ليتمكن بهما القائد من القدرة على تسيير العمل ورسم الخطط والتنسيق بين المواقف وتحديد ما يلزم لكل موقف وليكون في وضع يمكنه من تسيير العمل على أكمل وجه وبأيسر التكاليف وأقل الوقت .(1/32)
ويتضح لنا من الحديث السابق أن الرجال الذين أرسلهم النبي – صلى الله عليه وسلم – ليبحثوا عن العقد وأدركتهم الصلاة فصلوا ولم يضيعوا الصلاة وهذا إن دل فيدل على توفر العقل والفطنة والذكاء لاستدراك الأمور .
من مقومات الإدارة في الإسلام ( القدرة والكفاءة ) : الشاهد : { فوجدها } , ويذكر ( سمارة , 2000 : 104 ) أن الإسلام يفرض على كل متول لقيادة أو عمل لأن يكون قادرا على القيام بما وكل إليه من عمل , فالقدرة والكفاءة من لوازم القيادة الرئيسية حيث أن الأعمال المناطة بالقيادة تستوجب ذلك حيث أن التوجيه والتنظيم والتخطيط والمثابرة للوصل إلى الأهداف وتحقيقها إنما يستلزم قدرة ومهارة وأي ضعف في أي من الجوانب عند القائد سيؤثر سلبيا على نجاح العمل وتطويره .
وفي الحديث السابق نجد أن القدرة والكفاءة الموجودة عند الرجل الذي أرسله النبي – صلى الله عليه وسلم – للبحث عن العقد هي ما أهلته في إيجاد ذلك العقد .
الأمانة : الشاهد : { فوجدها } , وتتجلى صفة الأمانة التي حث الإسلام عليها في أن الرجل عندما وجد العقد سلمه للنبي – صلى الله عليه وسلم – وهذا إن دل فيدل على أمانته وحسن إسلامه .
الوثائق :
القلادة
الشاهد : { أنها استعارت من أسماء قلادة }
وبالتالي نجد أن الوثيقة التي تضمنها الحديث السابق كانت الوثيقة التي كانت لدى عائشة – رضي الله عنها – وفقدتها .
آية من القرآن
الشاهد : { فأنزل الله آية التيمم }
ونجد أن الوثيقة الثانية كانت آية من القرآن نزلت بسبب الحادثة التي تعرضت لها السيدة عائشة من فقدان القلادة , وبعث الرجال ليبحثوا عنها ودخول وقت الصلاة وعدم توفر المياه هو ما أنزل آية التيمم . ... المدرسة الكلاسيكية
الإدارة العلمية
فايول ( مبدأ وحدة الأمر )
الشاهد : { فشكوا إلى رسول الله }(1/33)
يذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أن من المبادىء الإدارية التي وضعها فايول في الإدارة هو "مبدأ وحدة الأمر" أي أنه لا يجوز أن يتلقى الفرد العامل أوامر من أكثر من رئيس أو مشرف واحد .
ويتضح هذا جليا من حديث النبي – صلى الله عليه وسلم – حينما توجه له الأشخاص ليشكوا إليه ما حصل من أمرهم فكان موجعهم وقائدهم هو النبي – صلى الله عليه وسلم – الذي يتلقون منه الأوامر .
المدرسة الكلاسيكية "الإدارة العلمية"
فايول ( مبدأ المبادأة )
الشاهد : { فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء فصلوا }
يذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أن من المبادىء الإدارية لفايول " مبدأ المبادأة " والذي يقصد به : التفكير في الخطة وتنفيذها عن طريق إفساح المجال للمرؤوسين لتطبيق هذا المبدأ ويجب على الرؤساء العمل على تشجيع المبادأة والابتكار في المرؤوسين.
وهذا المبدأ يتضح مما فعله الرجال الذين أرسلهم النبي – صلى الله عليه وسلم – عندما أدركتهم الصلاة فلم يجدوا الماء فصلوا , فلم يقفوا مكتوفي الأيدي ينتظرون عودتهم للرسول – صلى الله عليه وسلم – ليحل لهم أمرهم بل تصرفوا خوفا من أن يفوتهم موعد الصلاة ثم حكوا للنبي – صلى الله عليه وسلم – ما بدر منهم .
مدرسة العلاقات الإنسانية
الشاهد:{ فأنزل الله آية التيمم }
العلاقات الإنسانية هي نوع من علاقات العمل الذي يهتم بالجوانب الإنسانية والاجتماعية في المنظمة وهي بذلك تستهدف الوصول بالعاملين إلى أفضل إنتاج في ظل أفضل ما يمكن أن يؤثر على الفرد من عوامل نفسية ومعنوية باعتباره إنسانا وجدانيا وانفعاليا أكثر منه رشيدا ومنطقيا (النمر وآخرون :63)
واهتمت المدرسة الإنسانية بعدة نقاط من أهمها الاهتمام بالجانب الإنساني (زويلف : 37 ) .(1/34)
وفي هذا الحديث تتجلى العلاقات الإنسانية والاهتمام بالجانب الإنساني من حيث رحمة الله ورأفته بعباده حينما أنزل آية التيمم لرفع الحرج عنهم وليكون بديلا لغياب الماء حينما يدخل وقت الصلاة .
مدرسة العلاقات الإنسانية
الشاهد : { جزاك الله خيرا }
تركز مدرسة العلاقات الإنسانية اهتمامها على العنصر البشري , ويذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 63 ) أن العلاقات الإنسانية هي نوع من علاقات العمل الذي يهتم بالجوانب الإنسانية والاجتماعية في المنظمة , وهي بذلك تستهدف الوصول بالعاملين إلى أفضل إنتاج في ظل أفضل ما يمكن أن يؤثر على الفرد من عوامل نفسية ومعنوية باعتباره إنسانان وجدانيا وانفعاليا أكثر منه رشيدا ومنطقيا .
وهنا تتجلى العلاقات الإنسانية في دعاء أسيد بن حضير للسيدة عائشة بالخير لأنها السبب في إنزال الله لآية التيمم .
المدرسة الكلاسيكية
البيروقراطية
الشاهد : { فشكوا ذلك إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – }
يذكر (سالم وآخرون, 1982م: 39 ) أن البيروقراطية في وضعها المثالي تهدف إلى توفير الحد الأعلى من الكفاية , وقد جاءت البيروقراطية كرد فعل على مدرسة العلاقات الإنسانية وآراء تيلور في المدرسة الكلاسيكية العلمية .
ويذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 40 ) أن من خصائص البيروقراطية (استخدام الخبراء) ويقصد بذلك استخدام الأشخاص بناء على مؤهلاتهم وخبراتهم.
وفي هذا الحديث نجد أن الأشخاص التجؤا إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – ليشكوا له أمرهم من باب استخدام الخبراء.
نظرية الظروف ( الأوضاع )
الشاهد : { فشكوا إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فأنزل الله آية التيمم } .
وقوله : { فوالله ما نزل بك أمر تكرهينه إلا جعل الله ذلك لك وللمسلمين فيه خيرا}(1/35)
يذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 47) أن الاتجاه الظرفي في الإدارة يعد أسلوبا حديثا في العمل الإداري يقوم على أساس أنه ليس هناك مفهوم أو نظرية إدارية يمكن تطبيقها في مختلف الأوقات والظروف على كل أنواع المؤسسات , وإنما يجب استخدام هذه المفاهيم والنظريات الإدارية بشكل انتقائي يتناسب مع الظروف التي تعيشها المؤسسة .
والحديث السابق يطابق النظرية من حيث أن الظروف التي مر بها الرجال هي التي أدت إلى إنزال الله لآية التيمم ترخيصا لعباده ورفع الحرج عنهم للصلاة بالتيمم في حالة عدم وجود الماء .
الباب المستنبط ... الحديث – رقمه – تفسيره ... المدارس والنظريات الإدارية
الأهداف :
بيان صفة التيمم وأنها ضربة واحدة في الوجه والكفين وحسب .
بيان رحمة الله بالعباد حين شرع لهم التيمم في حالة غياب الماء .
بيان حب الصحابة للاجتهاد والمبادأة إذا مر بهم موقف ولم يكن معهم الرسول – صلى الله عليه وسلم – فلا يقفوا مكتوفي الأيدي بل يتصرفون ثم يخبرون النبي – صلى الله عليه وسلم – بما فعلوه .
بيان أسلوب الحوار في المجادلة والمبني على الأدلة لتأكيد الحجة .
بيان التعامل اللين الذي يعامل به النبي – صلى الله عليه وسلم – أصحابه , فإذا فعلوا أمرا لم يعنفهم أو يؤنبهم بل يجيز ما فعلوه ثم يريهم الطريقة الصحيحة .
الوظائف :
التوجيه
الشاهد: {إنما كان يكفيك أن تصنع هكذا وضرب بكفه ضربة على الأرض ثم نفضها ثم مسح بها ظهر كفه الشمال أو ظهر شماله بكفه ثم مسح بها وجهه }
يذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 18 ) أن التوجيه يتعلق مباشرة بإدارة العنصر الإنساني في المؤسسة .
ويضيف ( الشلعوط, 1423هـ : 128 ) أن التوجيه يتعلق بإرشاد المرؤوسين وتوجيههم خلال أدائهم للعمل من حيث إعطائهم التعليمات اللازمة والنصح والإرشاد للتنفيذ التي توضح ما خفي من أمور وإرشادهم لكيفية التعامل مع ما يواجهونه من مشكلات.(1/36)
ويتجلى التوجيه في الحديث السابق من خلال توجيه النبي – صلى الله عليه وسلم – لعمّار للكيفية الصحيحة لعملية التيمم إذا تعذر وجود الماء .
التوجيه ( الاتصال )
الشاهد : { قال له أبو موسى : ..,فقال عبد الله : .. }
يذكر ( الشلعوط , 1423هـ : 132 ) أن الاتصال مبني على أساس نقل المعلومات وتبادلها والإفصاح عمّا يدور في النفس البشرية على شكل معنى يراد إيصاله إلى الآخرين وفي الغالب أن وسيلة الاتصال هي الكلام .
ويذكر أن عناصر عملية الاتصال : ( المرسل والمستقبل والرسالة والوسيلة والهدف والسلوك الناتج أي التغذية الراجعة ) .
وفي الحديث السابق نجد أن الاتصال كان بين أبي موسى وعبد الله في تبادل المعلومات والحوار حول موضوع التيمم .
ومما سبق نجد أن ( المرسل : السائل وهو أبي موسى – المستقبل : وهو عبد الله الذي سأله أبي موسى وكان يحاوره فيما سأل – الرسالة : وهي سؤال أبي موسى في موضوع التيمم – الوسيلة : وكانت شفهية عن طريق الخطاب بالكلام – الهدف : الإقناع والوصل إلى حكم في موضع التيمم – السلوك الناتج : أن عبد الله اقر بما يقوله أبي موسى ولكن برر موقفه بأن الناس قد يتمادون في تبديل التيمم بالغسل في حالة الجنابة ) .
مبادىء إدارية :
استخدام الخبراء
الشاهد : {فكيف تصنع بقول عمّار حين قال له النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يكفيك }
ويذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 40 ) أن المقصود بـ ( استخدام الخبراء) هو استخدام الأشخاص بناء على مؤهلاتهم وخبراتهم .
ويتضح لنا من الحديث أن عمّار عندما واجه أمرا أشكله توجه إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – من باب الاستعانة بالخبراء .
مبدأ المبادأة
الشاهد : { حينما أجنب عمّار عندما بعثه النبي عليه الصلاة والسلام في حاجة فلم يجد ماء فتمرغ في الصعيد كما تتمرغ الدابة فذكر ذلك للنبي عليه الصلاة والسلام }(1/37)
يذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أن المقصود بالمبادأة : التفكير في الخطة وتنفيذها عن طريق إفساح المجال للمرؤوسين لتطبيق هذا المبدأ ويجب على الرؤساء العمل على تشجيع المبادأة والابتكار في المرؤوسين.
وهذا يتضح من موقف عمّار , فعندما أجنب ولم يجد ماءا بادر بالتمرغ في التراب حتى لا تفوته الصلاة , فأقر له النبي – صلى الله عليه وسلم – فعله ولكن علمّه الطريقة الصحيحة في التيمم .
مبدأ وحدة إصدار الأمر
الشاهد : { فذكر ذلك للنبي عليه الصلاة والسلام فقال له : إنما كان يكفيك أن تصنع هكذا }
من مبادىء فايول الإدارية "وحدة إصدار الأمر"بمعنى أنه لا يجوز أن يتلقى الفرد العامل أوامر من أكثر من رئيس أو مشرف واحد .
وهذا ما فعله عمّار , فقد توجه إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – عندما فعل ما فعله ليتلقى الأوامر منه فقط عليه الصلاة والسلام .
اختيار العمال وتدريبهم
الشاهد: {عندما بعثه النبي عليه الصلاة والسلام في حاجة }
من مبادىء الإدارة العلمية (لفريدريك تيلور) اختيار العمال وتدريبهم حسب الأساليب العلمية ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب له , وهذا ما فعله النبي – صلى الله عليه وسلم – عندما أرسل عمّار في حاجة فقد استعان بالعامل القادر على قضاء الحاجة التي يريدها .
متفرقات إدارية :
القيادة الديموقراطية
الشاهد: { حينما أجنب عمّار عندما بعثه النبي عليه الصلاة والسلام في حاجة فلم يجد ماء فتمرغ في الصعيد كما تتمرغ الدابة فذكر ذلك للنبي عليه الصلاة والسلام فقال له : إنما كان يكفيك أن تصنع هكذا وضرب بكفه ضربة على الأرض ثم نفضها ثم مسح بها ظهر كفه الشمال أو ظهر شماله بكفه ثم مسح بها وجهه }(1/38)
يذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 143 ) أن هذا النوع من القيادة يهدف إلى خلق نوع من المسئولية لدى المرؤوسين ومحاولة مشاركتهم في اتخاذ القرارات , فالقائد الديموقراطي يشارك السلطة مع الجماعة ويأخذ برأيهم في معظم قراراته ,وهذه المشاركة بين الرئيس والمرؤوس ينتج عنها رفع الروح المعنوية للأفراد وزيادة ولائهم والتزامهم كما يشعر الفرد بأهميته وقيمته في المؤسسة .
وفي الحديث تتضح قيادة النبي – صلى الله عليه وسلم – الديموقراطية عندما ذكر له عمّار ما فعله , فلم يؤنبه أو ينهاه عمّا فعله بل وجهه للطريقة الصحيحة التي يمكنه إتباعها إذا واجهه أمر مماثل لذلك .
اتخاذ القرارات
الشاهد : { حينما أجنب عمّار عندما بعثه النبي عليه الصلاة والسلام في حاجة فلم يجد ماء فتمرغ في الصعيد كما تتمرغ الدابة فذكر ذلك للنبي عليه الصلاة والسلام }
يذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 349 ) أن عملية اتخاذ القرارات من المهام الأساسية للإدارة بل هي الركيزة الأساسية في العمل الإداري لأن العملية الإدارية لا تخرج عن كونها عملية اتخاذ القرارات فهي عملية متداخلة في جميع وظائف الإدارة ونشاطاتها .
ويضيف ( النمر وآخرون , 1417هـ : 354 ) أن مراحل اتخاذ القرارات تتمثل في النقاط التالية :-
تشخيص المشكلة محل القرار وتحديدها وتحليلها
جمع البيانات والمعلومات ووسائل الحصول عليها .
تحديد البدائل المتاحة وتقويمها .
اختيار البديل المناسب والأفضل .
متابعة القرار وتنفيذه .
ويمكن تطبيق المراحل والخطوات السابقة على الحديث كما يلي :-
تشخيص المشكلة وتحديدها : وهذا ما قام به عمّار عندما أجنب ولم يجد الماء فتمرغ في التراب لكي يتطهر ويصلي , فكانت المشكلة لديه عدم وجود الماء مع ضرورة الطهارة .
جمع البيانات والمعلومات : لما شخّص عمّار المشكلة جمع البيانات والمعلومات عندما بحث عن الماء فلم يجده .(1/39)
تحديد البدائل المتاحة : كانت البدائل المتاحة أمام عمّار هو الوضوء بالتراب أو الصلاة بدون وضوء أو عدم الصلاة .
اختيار البديل المناسب والأفضل : اختار عمّار البديل الذي رآه صحيحا وهو التمرغ في التراب كبديل للماء .
متابعة القرار : بعد أن تمرغ في التراب ونفذ ما رآه صحيحا قام بمتابعة قراره برجوعه إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – ليتأكد من صحة ما فعله , وهذا ما دعا النبي – صلى الله عليه وسلم – إلا أن يريه الطريقة الصحيحة في صفة التيمم . ... الحديث رقم ( 333 ) - : حدثنا عمر بن حفص , قال : حدثنا أبي قال : حدثنا الأعمش قال : سمعت شقيق بن سلمة قال : كنت عند عبد الله وأبي موسى , فقال له أبو موسى : أرأيت يا أبا عبد الرحمن إذا أجنب فلم يجد ماء كيف يصنع؟ فقال عبد الله : لا يصلي حتى يجد الماء , فقال أبو موسى : فكيف تصنع بقول ( وذلك حينما أجنب عمّار عندما بعثه النبي عليه الصلاة والسلام في حاجة فلم يجد ماء فتمرغ في الصعيد كما تتمرغ الدابة فذكر ذلك للنبي عليه الصلاة والسلام فقال له : إنما كان يكفيك أن تصنع هكذا وضرب بكفه ضربة على الأرض ثم نفضها ثم مسح بها ظهر كفه الشمال أو ظهر شماله بكفه ثم مسح بها وجهه) ؟ قال : ألم تر عمر لم يقنع بذلك , فقال أبو موسى : فدعنا من قول عمّار , كيف تصنع بهذه الآية { فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا } (المائدة : 6 ) ؟ فما درى عبد الله ما يقول , فقال : إنا لو رخصنا لهم في هذا لأوشك إذا برد على أحدهم الماء أن يدعه , ويتيمم , فقلت لشقيق : فإنما كره عبد الله لذا ؟ قال : نعم ( عطا , 1421هـ / ج1 : 91).
تفسير الحديث :
يذكر( العسقلاني , ج1 : 454) أن
معنى قوله[فإذا لم تجد الماء لا تصلي ] أي إذا لم يجد الماء .(1/40)
ويذكر ( العيني , ج4 : 34 ) أن معنى قوله [ إذا لم يجد الماء ] هو استفهام والسؤال من أبي موسى الأشعري عن عبد الله بن مسعود يعني إذا لم يجد الجنب الماء لا يصلي وقوله " لم يجد " بصيغة الغائب وكذلك لا يصلي بصيغة الغائب .
وقوله [ لو رخصت ] أي قال عبد الله لأبي موسى الأشعري لو رخصت لهم في هذا أي في جواز التيمم للجنب إذا وجد أحدهم الماء وفي رواية الحموي ( إذا وجد أحدكم البرد ) قوله " قال هكذا " فيه إطلاق القول على الفعل ثم فسره بقوله يعني تيمم وصلى .
علاقته بمبادىء النظرية الإسلامية
من الضروريات الخمس ( حفظ الدين ) :
الشاهد : { أرأيت يا أبا عبد الرحمن إذا أجنب فلم يجد ماء كيف يصنع ؟ } ويذكر (النحلاوي , 1420هـ : 69 ) أن الضروريات الخمس في الإسلام هي : حفظ الدين – المحافظة على النفس – المحافظة على المال – المحافظة على العقل – المحافظة على العرض والنسل والأنساب .
وفي الحديث يتضح لنا ضرورة المحافظة على الدين من باب اهتمام أبي موسى وعبد الله من مناقشة أمور دينهم .
والشاهد : { إنا لو رخصنا لهم في هذا لأوشك إذا برد على أحدهم الماء أن يدعه ويتيمم } , وفي قول عبد الله لأبي موسى خوف على الدين والحرص على حفظه من إهمال الناس وعد تقدير الأمور بشكل سليم , ويظهر خوف عبد الله على دينه وغيرته عليه من باب نقاشه مع أبي موسى في أمر سبق ووقع مع النبي – صلى الله عليه وسلم – وأجازه ولم يمنعه , ولكن عبد الله خاف أن الناس لا يقدروا الأمور بشكل جيد وأنهم إذا برد عليهم الماء ولو بشكل بسيط فإنهم سيتركوه ويتيمموا .(1/41)
(أسلوب التربية بالقدوة) : الشاهد : { فكيف تصنع بقول عمّار حين قال له النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يكفيك ... } ويذكر الحديث أحد أساليب التربية الإسلامية وهي التربية بالقدوة , وتتضح من ذكر أبو موسى لعبد الله موقف عمّار مع النبي – صلى الله عليه وسلم – حين أجنب ولم يجد الماء وتدرمغ في التراب فأقر له النبي – صلى الله عليه وسلم – فعلته وعلمه الطريقة الصحيحة في التيمم .
أسلوب التربية بالممارسة والعمل : الشاهد : {إنما كان يكفيك أن تصنع هكذا وضرب بكفه ضربة على الأرض ثم نفضها ثم مسح بها ظهر كفه الشمال أو ظهر شماله بكفه ثم مسح بها وجهه } .
وتذكر ( أبو رزق , 1420هـ : 201 ) أن من أساليب التربية الإسلامية أسلوب التربية بالعمل والممارسة , وهذا ما فعله النبي – صلى الله عليه وسلم – مع عمّار حينما علّمه كيف يتيمم حيث قام وفعل ذلك أمامه حينما ضرب بكفه على الأرض ثم نفضها ثم مسح بها ظهر كفه الشمال ثم مسح بها وجهه , وفعل ذلك ليعلم عمّار الطريقة الصحيحة للتيمم بعمل ذلك أمامه .
( أسلوب الحوار بالأدلة ) : الشاهد : { فكيف تصنع يقول عمّار ... كيف تصنع بهذه الآية } , فعندما بدأ الحوار بين أبو موسى وعبد الله استخدم أبو موسى الأمثلة الحية التي سمعها من الرسول – صلى الله عليه وسلم – ومن آيات القرآن ليقنع عبد الله براية في جواز التيمم للذي أجنب ولم يجد ماءا , وكان موقف عبد الله موقف من يقتنع عند ورود الأدلة وليس فقط المجادلة من باب التمسك بالرأي .
اهتمام الصحابة في السؤال عما يخص أمور دينهم : الشاهد : { قال أبو موسى لعبد الله : أرأيت يا أبا عبد الرحمن إذا أجنب فلم يجد ماء كيف يصنع ؟ } , فنلمس هنا اهتمام الصحابة في السؤال عن كل ما يخص أمور دينهم واستغلال الوقت في النقاش بما هو مفيد .(1/42)
الرحمة : الشاهد : { كيف تصنع بهذه الآية – ويقصد بها آية التيمم – } , فإنزال الله لآية التيمم دليل كبير على رحمة الله بعبادة ورأفته بهم في حالة غياب الماء , وأيضا أنزل الله آية أخرى في سورة ( النساء : 29 ) وهي { ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما } وذلك عندما أجنب عمرو بن العاص في ليلة باردة فتيمم فأنزل الله هذه الآية رأفة بالمؤمنين ورحمة بهم .
ومن مقومات الإدارة في الإسلام ( العقل والذكاء والفطنة ) : الشاهد : { إنا لو رخصنا لهم في هذا لأوشك إذا برد على أحدهم الماء أن يدعه , ويتيمم} , ويذكر ( سمارة , 200 : 99 ) أن من مقومات الإدارة في الإسلام العقل والذكاء والفطنة , إذ أن العقل مناط التكليف في الإسلام أما الذكاء والفطنة ليتمكن بهما القائد من القدرة على تسيير العمل ورسم الخطط والتنسيق بين المواقف وتحديد ما يلزم لكل موقف وليكون في وضع يمكنه من تسيير العمل على أكمل وجه وبأيسر التكاليف وأقل الوقت .
ويتضح لنا من الحديث السابق أن عبد الله كان له من الذكاء والفطنة والعقل ما أقنع به أبو موسى وهو أن الناس لو سمعوا بهذا الأمر لجعلوه وفعلوه في كافة أمورهم أي كلما أجنبوا وكان الجو باردا ولو بدرجة بسيطة فعلوا ذلك وتيمموا , وهذا إن دل فيدل على عقل وفطنة عبد الله وخوفه على الإسلام.
من مقومات الإدارة في الإسلام ( الرحمة واللين ) : الشاهد : { إنما كان يكفيك أن تصنع هكذا ... } , ويذكر ( سمارة , 2000 : 109 ) أن الرحمة واللين قيمتان إنسانيتان يكون الإنسان بمقتضاها مشفقا على نفسه وغيره عطوفا مما يجعله دائم التفقد لأحوال من يرعاهم متلمسا لحاجاتهم الإنسانية وهذا من شأنه أن يوجد الألفة والمودة والتماسك بين القيادة والعاملين وهذا تأثير قوي من القيادة الرحيمة اللينة بالمنقادين ليندفعوا باتجاه الهدف المنشود .(1/43)
وفي الحديث السابق نلمس الرحمة واللين من باب أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان رحيما بعمّار لمّا سمع منه الذي فعله عندما أجنب ولم يجد الماء وخفف عنه ثقل التمرغ في التراب بإيضاح الطريقة الصحيحة للتيمم .
البعد الإنساني : الشاهد : { إنما كان يكفيك أن تصنع هكذا } , ويذكر ( سمارة , 2000 : 138 ) أن الإدارة في الإسلام ذات بعد إنساني لكونها تهتم بالإنسان وتعنى بحاجاته وتهتم به وذلك أنها إدارة منضبطة بالأحكام الشرعية والإنسان في الشريعة الإسلامية هو محور اهتمامها , وهذا ما يتضح من الحديث السابق فقد اهتم النبي – صلى الله عليه وسلم – بأمته وبحاجاتهم ويسر أمورهم ورفع الحرج عنهم في كثير من الأمور ومنها ما ذكره الحديث وهو طريقة التيمم في حالة انعدام الماء .
مراعاة اليسر ورفع الحرج : الشاهد : { إنما كان يكفيك أن تصنع هكذا } , ويذكر ( سمارة , 2000 : 150 ) أن الأساس في الأجهزة الإدارية كلها إنما هو التيسير على العباد في تحقيق مصالحهم وسد حاجاتهم في المعاش والمعاد ,ومن هذا المنطلق كان اليسر ورفع الحرج من القواعد الشرعية التي يحتم الإسلام مراعاتها في كل عمل وفي كل أمر من أمور البشر في هذه الحياة , وفي الحديث السابق نلمس اليسر ورفع الحرج من باب أن النبي – صلى الله عليه وسلم – وضح لعمّار الطريقة الصحيحة للتيمم بدلا مما فعله تيسيرا لأمته ورفعا للحرج عنهم .(1/44)
من مقومات الإدارة في الإسلام ( القدرة والكفاءة ) : الشاهد : { عندما بعثه النبي – صلى الله عليه وسلم في حاجة } , ويذكر ( سمارة , 2000 : 104 ) أن الإسلام يفرض على كل متول لقيادة أو عمل لأن يكون قادرا على القيام بما وكل إليه من عمل , فالقدرة والكفاءة من لوازم القيادة الرئيسية حيث أن الأعمال المناطة بالقيادة تستوجب ذلك حيث أن التوجيه والتنظيم والتخطيط والمثابرة للوصل إلى الأهداف وتحقيقها إنما يستلزم قدرة ومهارة وأي ضعف في أي من الجوانب عند القائد سيؤثر سلبيا على نجاح العمل وتطويره .
وفي الحديث السابق نجد أن القدرة والكفاءة الموجودة عند عمّار هي التي أهلته ليبعثه النبي – صلى الله عليه وسلم – لقضاء الحاجة التي أمره النبي – صلى الله عليه وسلم بأدائها .
الوثائق :
آية من القرآن
الشاهد : { كيف تصنع بهذه الآية [ فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا ] }
ونجد أن الوثيقة في الحديث السابق كانت آية من القرآن. ... المدرسة الإنسانية
( الرحمة )
الشاهد : { فانزل الله آية التيمم}
تركز مدرسة العلاقات الإنسانية اهتمامها على العنصر البشري , ويذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 63 ) أن العلاقات الإنسانية هي نوع من علاقات العمل الذي يهتم بالجوانب الإنسانية والاجتماعية في المنظمة , وهي بذلك تستهدف الوصول بالعاملين إلى أفضل إنتاج في ظل أفضل ما يمكن أن يؤثر على الفرد من عوامل نفسية ومعنوية باعتباره إنسانان وجدانيا وانفعاليا أكثر منه رشيدا ومنطقيا .
وتتضح العلاقات الإنسانية في الحديث السابق من إنزال الله لآية التيمم , ومن لإقرار الرسول – صلى الله عليه وسلم – لفعل عمّار عندما أجنب وهو في رحلة ولم يجد ماء فتمرغ في التراب وصلى , وإن دلت هذه الأمور على شيء فستدل على تخفيف الله عز وجل لعباده العبادات رحمة منه تبارك وتعالى.
المدرسة الكلاسيكية
البيروقراطية ( استخدام الخبراء )(1/45)
الشاهد : {فكيف تصنع بقول عمّار حين قال له النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يكفيك }
يذكر (سالم وآخرون, 1982م: 39 ) أن البيروقراطية في وضعها المثالي تهدف إلى توفير الحد الأعلى من الكفاية , وقد جاءت البيروقراطية كرد فعل على مدرسة العلاقات الإنسانية وآراء تيلور في المدرسة الكلاسيكية العلمية .
ويذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 40 ) أن من خصائص البيروقراطية (استخدام الخبراء) ويقصد بذلك استخدام الأشخاص بناء على مؤهلاتهم وخبراتهم.
ويتضح لنا من الحديث أن عمّار عندما واجه أمرا أشكله توجه إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – من باب الاستعانة بالخبراء .
المدرسة الكلاسيكية
الإدارة العلمية
فايول ( مبدأ المبادأة )
الشاهد : { حينما أجنب عمّار عندما بعثه النبي عليه الصلاة والسلام في حاجة فلم يجد ماء فتمرغ في الصعيد كما تتمرغ الدابة فذكر ذلك للنبي عليه الصلاة والسلام }
يذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أن من المبادىء الإدارية لفايول " مبدأ المبادأة " والذي يقصد به : التفكير في الخطة وتنفيذها عن طريق إفساح المجال للمرؤوسين لتطبيق هذا المبدأ ويجب على الرؤساء العمل على تشجيع المبادأة والابتكار في المرؤوسين.
وهذا يتضح من موقف عمّار , فعندما أجنب ولم يجد ماءا بادر بالتمرغ في التراب حتى لا تفوته الصلاة , فأقر له النبي – صلى الله عليه وسلم – فعله ولكن علمّه الطريقة الصحيحة في التيمم.
المدرسة الكلاسيكية
الإدارة العلمية
فايول (مبدأ وحدة إصدار الأمر)
الشاهد : { فذكر ذلك للنبي عليه الصلاة والسلام فقال له : إنما كان يكفيك أن تصنع هكذا }
من مبادىء فايول الإدارية "وحدة إصدار الأمر"بمعنى أنه لا يجوز أن يتلقى الفرد العامل أوامر من أكثر من رئيس أو مشرف واحد .
وهذا ما فعله عمّار , فقد توجه إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – عندما فعل ما فعله ليتلقى الأوامر منه فقط عليه الصلاة والسلام .
المدرسة الكلاسيكية(1/46)
الإدارة العلمية
تيلور (اختيار العمال وتدريبهم)
الشاهد: {عندما بعثه النبي عليه الصلاة والسلام في حاجة }
من مبادىء الإدارة العلمية (لفريدريك تيلور) اختيار العمال وتدريبهم حسب الأساليب العلمية ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب له , وهذا ما فعله النبي – صلى الله عليه وسلم – عندما أرسل عمّار في حاجة فقد استعان بالعامل القادر على قضاء الحاجة التي يريدها .
نظرية الظروف ( الأوضاع )
الشاهد : { حينما أجنب عمّار عندما بعثه النبي عليه الصلاة والسلام في حاجة فلم يجد ماء فتمرغ في الصعيد كما تتمرغ الدابة فذكر ذلك للنبي عليه الصلاة والسلام فقال له : إنما كان يكفيك أن تصنع هكذا وضرب بكفه ضربة على الأرض ثم نفضها ثم مسح بها ظهر كفه الشمال أو ظهر شماله بكفه ثم مسح بها وجهه } .
يذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 47) أن الاتجاه الظرفي في الإدارة يقوم على أساس أنه ليس هناك مفهوم أو نظرية إدارية يمكن تطبيقها في مختلف الأوقات والظروف على كل أنواع المؤسسات , وإنما يجب استخدام هذه المفاهيم والنظريات الإدارية بشكل انتقائي يتناسب مع الظروف التي تعيشها المؤسسة .
والحديث السابق يطابق النظرية من حيث أن الظروف التي مر بها عمّار وسؤاله النبي – صلى الله عليه وسلم – أدت إلى إيضاح النبي عليه الصلاة والسلام الطريقة الصحيحة لصفة التيمم .
ثانيا : كتاب الصلاة
يذكر ( الجوزية ,1423هـ : 138 ) أن النبي – صلى الله عليه وسلم – إذا قام إلى الصلاة قال : " الله أكبر " ولم يقل شيئا قبلها ولا تلفظ بالنية ألبته , ولا قال : أصلي لله صلاة كذا مستقبل القبلة أربع ركعات إماما أو مأموما ,ولا قال : أداء ولا قضاء ولا فرض الوقت , وهذه عشر بدع لم ينقل عنه أحد قط بإسناد صحيح ولا ضعيف ولا مسند ولا مرسل لفظة واحدة منها البتة , بل ولا عن أحد من أصحابه ولا استحسنه أحد من التابعين ولا الأئمة الأربعة .(1/47)
وكان يرفع يديه معها ممدودة الأصابع , مستقبلا بها القبلة إلى فروع أذنيه وروي إلى منكبيه فأبو حميد الساعدي ومن معه قالوا : حتى يحاذي بهما المنكبين , وكذلك قال ابن عمر , وقال وائل بن حجر : إلى حيال أذنيه . وقال البراء : قريبا من أذنيه . وقيل : هو من العمل المخيّر فيه , وقيل : كان أعلاها إلى فروع أذنيه , وكفّاه إلى منكبيه فلا يكون اختلافا ولم يختلف عنه في محل هذا الرفع , ثم يضع اليمنى على ظهر اليسرى .
ويذكر ( العسقلاني , ج1 : 348 ) أن الصلاة لها شروط تتمثل في ( الطهارة – ستر العورة – استقبال القبلة – دخول الوقت ) .
الباب المستنبط ... الحديث – رقمه – تفسيره
علاقته بمبادىء النظرية الإسلامية ... المدارس والنظريات الإدارية
الأهداف :-
وجوب الصلاة في الثياب ( عطا , 1421هـ / ج1 : 94 ) .
استحباب خروج المرأة من بيتها لتشهد صلاة العيدين ولو كانت حائضا أو بنتا في بيتها أو ليس عندها جلباب .
التأكيد على أهمية حضور المرأة لصلاة العيدين , والدليل على ذلك جواب الرسول – صلى الله عليه وسلم – للمرأة التي سألته عن إحدى النساء التي لا تملك جلبابا فقال لها : " لتلبسها صاحبتها من جلبابها " .
الوظائف :-
تنظيم
الشاهد : { أُمرنا أن نُخرج الحُيّض يوم العيدين وذوات الخدور }
يعرف ( النمر وآخرون , 1417هـ : 148 ) التنظيم على أنه عملية أو وظيفة أو عمل يقوم به المدير من أجل تجميع أوجه النشاط اللازمة لتحقيق الأهداف , فالتنظيم ليس هدفا في حد ذاته ولكنه وسيلة للوصول إلى الهدف بطريقة أفضل وبأسلوب أكفا .
ويذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 151 ) أن هناك عددا من المبادىء التنظيمية , وهي : ( مبدأ وحدة الهدف – مبدأ التخصص وتقسيم العمل – مبدأ وحدة القيادة أو الأمر – مبدأ نطاق الإشراف – مبدأ تكافؤ السلطة والمسئولية – مبدأ تفويض السلطة – مبدأ المركزية واللامركزية ) .(1/48)
وفي الحديث السابق نلمس ( وظيفة التنظيم ) من حيث تنظيم الرسول – صلى الله عليه وسلم – لخروج المرأة لصلاة العيدين , لتحقيق الهدف الكبير وهو تحقيق الألفة والمحبة بين النساء ولرؤية المسلمين صفوف واحدة في يوم العيد متكاتفين متعاضدين .
وينطبق على الحديث السابق المبدأ التنظيمي (وحدة الهدف ) .
التوجيه ( الاتصال )
الشاهد : { قالت امرأة : يا رسول الله }
يذكر ( الشلعوط , 1423هـ : 132 ) أن الاتصال مبني على أساس نقل المعلومات وتبادلها والإفصاح عمّا يدور في النفس البشرية على شكل معنى يراد إيصاله إلى الآخرين وفي الغالب أن وسيلة الاتصال هي الكلام .
ويذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 378 ) أن عناصر عملية الاتصال : ( المرسل والرسالة وقناة الاتصال والمستقبل والاستجابة ) .
ويذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 383 ) أن وسائل الاتصالات : ( الاتصال الشخصي أو الشفوي – الاتصال الكتابي ) .
وفي الحديث السابق نجد أن الاتصال كان بين المرأة التي سألت وبين الرسول – صلى الله عليه وسلم – ويمكن أن نفصل عناصر الاتصال على النحو التالي:
المرسل : المرأة التي أرادت أن تستفسر عن التي ليس لديها جلباب تحضر به العيد .
الرسالة : كيف تحضر المرأة التي ليس لها جلباب؟
قناة الاتصال ( وسيلة الاتصال ) : اتصال شفهي أو شخصي تم بطريقة مباشرة وجها لوجه .
المستقبل : هو الرسول – صلى الله عليه وسلم – .
الاستجابة : هو رد الرسول – صلى الله عليه وسلم – للمرأة بأن التي ليس لديها جلباب تلبسها صديقتها من جلبابها .
مبادىء إدارية :
مبدأ : وحدة الأمر
الشاهد : { قالت امرأة : يا رسول الله , إحدانا ليس لها جلباب ؟ قال : لتلبسها صاحبتها من جلباباها }
مبدأ ( وحدة الأمر ) من مبادىء فايول الإدارية , ويذكر (سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أن فايول قصد ( بوحدة الأمر ) أن لا يجوز أن يتلقى الفرد العامل أوامر من أكثر من رئيس أو مشرف واحد .(1/49)
ونلمس ( وحدة الأمر ) في الحديث السابق من حيث أن المرأة حينما أرادت السؤال في أمر أشكلها , ذهبت إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – لتسأله عن وضع المرأة التي ليس معها جلباب تلبسه لتخرج به يوم العيد , فتلقت المرأة الأوامر من النبي – صلى الله عليه وسلم – من باب وحدة الأمر .
مبدأ : خضوع المصلحة الشخصية للمصلحة العاملة
الشاهد : { قال : لتلبسها صاحبتها من جلباباها }
مبدأ ( خضوع المصلحة الشخصية للمصلحة العامة) من مبادىء فايول الإدارية , ويذكر (سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أنه عندما تتعارض مصلحة العامل الشخصية مع مصلحة المنشأة أو المصلحة العامة يجب التوفيق بينهما على أساس خضوع المصلحة الشخصية لمصلحة المنشأة أو للمصلحة العامة .
ونلمس هذا المبدأ الإداري في الحديث السابق من حيث أن المرأة عندما سألت النبي – صلى الله عليه وسلم – عن التي ليس لديها جلباب , رجح عليه الصلاة والسلام المصلحة العامة وهي حضور النساء جميعهم لصلاة العيد وحتى الحائض والتي ليس لديها جلباب تأخذ من جلباب صديقتها من باب تفضيل المصلحة العامة .
متفرقات إدارية :
السلطة
الشاهد : { قال – أي رسول الله صلى الله عليه وسلم - : لتلبسها أختها من جلبابها }
يعرف ( سالم وآخرون , 1982م : 127 ) السلطة هي " الحق في إصدار الأوامر والقوة في إجبار الآخرين على تنفيذها " ,ويعرفها أيضا بأنها " الحق في اتخاذ القرارات التي تحكم تصرفات الآخرين " .
ومصادر السلطة ثلاثة : ( السلطة التشريعية – قبول المرؤوسين للسلطة – السلطة الشخصية ) .
والسلطة في الحديث السابق للنبي- صلى الله عليه وسلم – الذي له الحق في إصدار القرارات التي تحكم تصرفات الآخرين , وقد استمد النبي – صلى الله عليه وسلم – سلطته من السلطة التشريعية التي وهبها له الله عز وجل , ومن السلطة الشخصية المتمثلة في صفاته , ومن قبول المرؤوسين لسلطته .
تفويض السلطة
الشاهد : { أُمرنا }(1/50)
يعرف ( سالم وآخرون , 1982م : 130 ) تفويض السلطة بأنه توزيع حق التصرف واتخاذ القرارات في نطاق محدد وبالقدر اللازم لإنجاز مهمات معينة .
ويذكر ( النمر وآخرون ,1417هـ : 162 ) أن تفويض السلطة يعني قيام الرئيس بتفويض جزء من سلطاته إلى شخص آخر في المستوى الأدنى منه في الهرم الإداري , ويصبح هذا الشخص مسئولا أمام من فوّض إليه السلطات عن نتائج الأعمال التي يقوم بها .
وفي الحديث السابق نجد أن ( أم عطية ) بدأت بكلمة ( أُمرنا ) وهي فعل مبني للمجهول أي أن هناك من أمرهن بإخراج النساء لصلاة العيد وحتى الحائض وذوات الخدور , فقد قام النبي – صلى الله عليه وسلم – بتفويض السلطة لأم عطية وغيرها من نسائه ليتولى أمر إخراج النساء للصلاة لأن هذا الأمر لا يقدر عليه النبي – صلى الله عليه وسلم – كونه رجلا والمرأة أقدر على القيام بذلك , ولهذا فوّض جزء من سلطاته لبعض أمهات المؤمنين للقيام بها .
اتخاذ القرارات
الشاهد : { قالت امرأة : يا رسول الله , إحدانا ليس لها جلباب ؟ قال : لتلبسها صاحبتها من جلبابها }
يذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 349 ) أن عملية اتخاذ القرارات من المهام الأساسية للإدارة بل هي الركيزة الأساسية في العمل الإداري لأن العملية الإدارية لا تخرج عن كونها عملية اتخاذ القرارات فهي عملية متداخلة في جميع وظائف الإدارة ونشاطاتها .
ويضيف ( النمر وآخرون , 1417هـ : 354 ) أن مراحل اتخاذ القرارات تتمثل في النقاط التالية :-
تشخيص المشكلة محل القرار وتحديدها وتحليلها
جمع البيانات والمعلومات ووسائل الحصول عليها .
تحديد البدائل المتاحة وتقويمها .
اختيار البديل المناسب والأفضل .
متابعة القرار وتنفيذه .
ويمكن تطبيق المراحل والخطوات السابقة على الحديث كما يلي :-
تشخيص المشكلة وتحديدها : أن هناك نساء ليس لديهن جلباب يخرجن به لصلاة العيدين .(1/51)
جمع البيانات والمعلومات : قام النبي – صلى الله عليه وسلم – بجمع المعلومات من التي سألته عن اللواتي ليس لديهن جلباب يلبسنه لحضور صلاة العيدين .
تحديد البدائل المتاحة : كانت البدائل المتاحة أمام النبي – صلى الله عليه وسلم – إما ( عدم خروج اللواتي ليس لديهن جلباب لصلاة العيدين ) أو (خروجهن بما لديهن من جلابيب والتي لا تصلح لصلاة العيدين ) أو ( أن تأخذ التي ليس لديها جلباب جلبابا من صاحبتها لتحضر صلاة العيدين ) .
اختيار البديل المناسب والأفضل : اختار النبي – صلى الله عليه وسلم – البديل المناسب للأمر الذي أمر به جميع النساء لصلاة العيدين وهو أن تأخذ التي ليس لديها جلباب من صاحبتها جلبابا لتلبسه وتحضر صلاة العيدين .
إدارة الموارد البشرية
الشاهد : { قال : لتلبسها صاحبتها من جلبابها }
يذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 243 ) أن إدارة الوارد البشرية هي مجموعة من القواعد والأساليب الخاصة بتنظيم ومعاملة العاملين بحيث يمكن الحصول على أكبر قدر من إمكانات الأفراد وطاقاتهم وقدراتهم بما يحقق كفاءة الأداء للفرد وللجماعة وبما يحقق أفضل المزايا وأعظم النتائج .
وهذا ينطبق على ما فعله النبي – صلى الله عليه وسلم – حيث أدار الموارد البشرية وهن النساء اللاتي أمرن للخروج لصلاة العيدين ونظم خروجهن بما يلي : ( أولا : أمر بعض النساء بالاهتمام بإخراج كل النساء لصلاة العيدين وحتى الحائض وذوات الخدور – ثانيا : حل مشكلة المرأة التي ليس لديها جلباب بأن تلبسها صاحبتها من جلبابها ) . ... الحديث رقم( 338 ) : حدثنا موسى بن إسماعيل , قال : حدثنا يزيد بن إبراهيم عن محمد عن أم عطية قالت : "أُمرنا أن نخرج الحُيّض يوم العيدين وذوات الخدور , فيشهدن جماعة المسلمين ودعوتهم ويعتزل الحُيّض عن مصلاهنّ , قالت امرأة : يا رسول الله , إحدانا ليس لها جلباب ؟ قال : لتلبسها صاحبتها من جلباباها " ( عطا , 1421هـ / ج1 : 94) .(1/52)
تفسير الحديث :
يذكر ( العسقلاني , ج1 : 352 ) أن في قوله [أمرنا] بضم الهمزة وهي كالأمر.
وقوله [ ويعتزل الحيض عن مصلاهن ] أي النساء اللاتي بحيض , أي يغبن عن موضع الصلاة .
ويذكر ( العسقلاني , ج1 : 352 ) أن في الحديث تأكيد الأمر باللبس حتى بالعارية للخروج إلى صلاة العيد فيكون ذلك للفريضة أولى .
ويذكر ( العيني , ج4 : 56 ) في بيان الأوجه المحتملة للحديث ما يلي :-
في قوله [ لتلبسها صاحبتها من جلبابها ] أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أكد باللبس حتى بالعارية للخروج إلى صلاة العيدين فإذا كان الخروج إلى العيد هكذا فلأجل الفرض يكون بالطريق الأولى .
وفي قوله [ الحيّض ] بضم الحاء وتشديد الياء أي جمع حائض .
علاقته بمبادىء النظرية الإسلامية
من الضروريات الخمس ( حفظ الدين ) : الشاهد : {أُمرنا أن نخرج الحيض يوم العيدين وذوات الخدور } , ويذكر ( النحلاوي , 1420هـ : 69 ) أن الضروريات الخمس هي : حفظ الدين – المحافظة على النفس – المحافظة على المال – المحافظة على العقل – المحافظة على العرض والنسل والأنساب .
وفي الحديث يتضح لنا حفظ الدين من خلال أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – لأم عطية وغيرها بالاهتمام بإخراج النساء لصلاة العيدين حرصا على أهمية هذه الفريضة في تحقيق التكافل الاجتماعي بين المسلمين .
حق الطاعة والاستجابة : الشاهد : { أُمرنا ...} يذكر ( الفهداوي , 1421هـ : 72 ) أن حقوق الإدارة على المجتمع المسلم هي : ( حق الطاعة ولاستجابة – حق النصرة والمعاونة والولاء – حق تلبية نداء الجهاد ) , ومن الحديث يتضح لنا حق الطاعة والاستجابة لولي الأمر في سؤال المرأة للنبي – صلى الله عليه وسلم – عن اللواتي ليس لديهن جلباب لحضور صلاة العيدين , فتتمثل طاعة ولي الأمر من ناحيتين :
الأولى : من طاعة أم عطية ومن أمرهن الرسول – صلى الله عليه وسلم – في إخراج النساء حتى الحائض وذوات الخدور ليشهدوا صلاة العيدين .(1/53)
الثانية : في امتثال المرأة لأمر النبي ويتضح من سؤالها .
التكافل الاجتماعي : الشاهد : { لتلبسها صاحبتها من جلبابها } , ومن هنا يتضح حرص النبي – صلى الله عليه وسلم – على تحقيق التكافل الاجتماعي بين المسلمات عندما أمر أن تأخذ التي ليس لديها جلباب من جلباب صاحبتها لتحقيق التعاون بينهن .
استخدام المنطق في التعامل مع المرؤوسين : الشاهد : { قالت امرأة : يا رسول الله , إحدانا ليس لها جلباب ؟ قال : لتلبسها صاحبتها من جلباباها } ,ويتضح من الشاهد السابق أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يستخدم المنطق في التعامل مع المرؤوسين .
الاحترام والتقدير : الشاهد : { قالت امرأة : يا رسول الله إحدانا ليس معها جلباب ؟ } , وهنا يظهر تقدير المرأة للنبي – صلى الله عليه وسلم – في سؤالها له , فقد بدأت سؤالها بندائه ( يا رسول الله ) قبل أن تسأل سؤالها , ثم كان في سؤالها الاحترام من حيث أنها لم تتصرف من تلقاء نفسها وتجعل المرأة التي ليس عندها جلباب أن تجلس في بيتها .
من مقومات الإدارة في الإسلام ( القدرة والكفاءة ) : الشاهد : { أُمرنا } , ويذكر ( سمارة , 2000 : 104 ) أن الإسلام يفرض على كل متول لقيادة أو عمل لأن يكون قادرا على القيام بما وكل إليه من عمل , فالقدرة والكفاءة من لوازم القيادة الرئيسية حيث أن الأعمال المناطة بالقيادة تستوجب ذلك حيث أن التوجيه والتنظيم والتخطيط والمثابرة للوصل إلى الأهداف وتحقيقها إنما يستلزم قدرة ومهارة وأي ضعف في أي من الجوانب عند القائد سيؤثر سلبيا على نجاح العمل وتطويره .
وفي الحديث السابق نجد أن القدرة والكفاءة الموجودة عند أم سلمة وغيرها من أمهات المسلمين هو ما جعل النبي – صلى الله عليه وسلم – يطلب منهم الاهتمام بموضوع إخراج النساء لصلاة العيدين .(1/54)
الحزم : الشاهد : { قال : لتلبسها صاحبتها من جلبابها } , ويذكر ( سمارة , 2000 : 117 ) أن المقصود بالحزم ( ضبط الأمور والأخذ فيه بالثقة ) وهو أيضا ( النظر في الأمور قبل نزولها وتوخي المهالك قبل وقوعها وتدبير الأمور على أحسن ما تكون من وجوهها ) , ويتضح من الحديث السابق حزم النبي – صلى الله عليه وسلم – في إجابته للسؤال التي طرحته المرأة عليه , فكان حازما في موضوع خروج المرأة لصلاة العيدين وهذا ما يفسر قراراه بأن التي ليس لديها جلباب تلبسها صاحبتها من جلبابها .
خضوع المصلحة الشخصية للمصلحة العامة : الشاهد : { قال : لتلبسها صاحبتها من جلبابها } , مبدأ ( خضوع المصلحة الشخصية للمصلحة العامة) من مبادىء فايول الإدارية , ويذكر (سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أنه عندما تتعارض مصلحة العامل الشخصية مع مصلحة المنشأة أو المصلحة العامة يجب التوفيق بينهما على أساس خضوع المصلحة الشخصية لمصلحة المنشأة أو للمصلحة العامة .
ونلمس هذا المبدأ الإداري في الحديث السابق من حيث أن المرأة عندما سألت النبي – صلى الله عليه وسلم – عن التي ليس لديها جلباب , رجح عليه الصلاة والسلام المصلحة العامة وهي حضور النساء جميعهم لصلاة العيد وحتى الحائض والتي ليس لديها جلباب تأخذ من جلباب صديقتها من باب تفضيل المصلحة العامة .
من أنواع العلاقات العامة في الإسلام ( الإعلام ) : الشاهد : { أمرنا أن نخرج ... } , ويذكر ( أبو سن , 1996م : 128 ) أن الإعلام هو الوسيلة الأولى لتنفيذ الهدف الأول للدولة الإسلامية في نشر الدعوة الإسلامية وإبلاغ الناس بالرسالة .
ويتضح الإعلام من حيث إعلام النبي – صلى الله عليه وسلم – لنساء المؤمنات بضرورة إخراج النساء ليشهدوا صلاة العيد من باب التكافل الاجتماعي . ... المدرسة الكلاسيكية
الإدارة العلمية
فايول ( وحدة الأمر )(1/55)
الشاهد : { قالت امرأة : يا رسول الله , إحدانا ليس لها جلباب ؟ قال : لتلبسها صاحبتها من جلباباها }
مبدأ ( وحدة الأمر ) من مبادىء فايول الإدارية , ويذكر (سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أن فايول قصد ( بوحدة الأمر ) أن لا يجوز أن يتلقى الفرد العامل أوامر من أكثر من رئيس أو مشرف واحد .
ونلمس ( وحدة الأمر ) في الحديث السابق من حيث أن المرأة حينما أرادت السؤال في أمر أشكلها , ذهبت إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – لتسأله عن وضع المرأة التي ليس معها جلباب تلبسه لتخرج به يوم العيد , فتلقت المرأة الأوامر من النبي – صلى الله عليه وسلم – من باب وحدة الأمر .
المدرسة الكلاسيكية
الإدارة العلمية
فايول ( خضوع المصلحة الشخصية للمصلحة العاملة )
الشاهد : { قال : لتلبسها صاحبتها من جلباباها }
مبدأ ( خضوع المصلحة الشخصية للمصلحة العامة ) من مبادىء فايول الإدارية , ويذكر (سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أنه عندما تتعارض مصلحة العامل الشخصية مع مصلحة المنشأة أو المصلحة العامة يجب التوفيق بينهما على أساس خضوع المصلحة الشخصية لمصلحة المنشأة أو للمصلحة العامة .
ونلمس هذا المبدأ الإداري في الحديث السابق من حيث أن المرأة عندما سألت النبي – صلى الله عليه وسلم – عن التي ليس لديها جلباب , رجح عليه الصلاة والسلام المصلحة العامة وهي حضور النساء جميعهم لصلاة العيد وحتى الحائض والتي ليس لديها جلباب تأخذ من جلباب صديقتها من باب تفضيل المصلحة العامة .
المدرسة الكلاسيكية
البيروقراطية
استخدام الخبراء
الشاهد : { قالت امرأة : يا رسول الله }
يذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 39 ) أن البيروقراطية ظهرت كرد فعل للمدرسة العلمية التي أهملت لإنسان وكرد فعل للعلاقات الإنسانية التي غالت في الاهتمام بالإنسان .(1/56)
وهناك عدة خصائص للبيروقراطية , منها : ( استخدام الخبراء ) أي أن التنظيم البيروقراطي في وضعه المثالي مبني على أساس استخدام الخبراء بناء على مؤهلاتهم وخبرتهم .
ونجد أن البيروقراطية تنطبق على الحديث السابق من حيث استخدام الخبراء وهو النبي – صلى الله عليه وسلم – فعندما واجهت المرأة أمرا أشكلها توجهت إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – لتسأله فيه لأنه هو المرجع الأول لهم .
مدرسة العلاقات الإنسانية
الشاهد : { لتلبسها صاحبتها من جلبابها }
العلاقات الإنسانية هي نوع من علاقات العمل الذي يهتم بالجوانب الإنسانية والاجتماعية في المنظمة وهي بذلك تستهدف الوصول بالعاملين إلى أفضل إنتاج في ظل أفضل ما يمكن أن يؤثر على الفرد من عوامل نفسية ومعنوية باعتباره إنسانا وجدانيا وانفعاليا أكثر منه رشيدا ومنطقيا (النمر وآخرون : 63)
واهتمت المدرسة الإنسانية بعدة نقاط , وهي :- ( زويلف : 37 )
الاهتمام بالجانب الإنساني .
الاهتمام بالحوافز غير المادية
كشفت مدرسة العلاقات الإنسانية أهمية المنظمات غير الرسمية .
كشفت المدرسة الإنسانية ما للجماعة من أثر على سلوك الفرد .
ويذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 38 ) أنه من الانتقادات التي وجهت للمدرسة العلمية هي نظريتها للتنظيم الغير رسمي وإهمالها له .
ونلمس العلاقات الإنسانية في الحديث السابق من باب حث النبي – صلى الله عليه وسلم – على التعاون بين المسلمات وذلك حين أمر التي ليس لديها جلباب أن تأخذ من جلباب صاحبتها من باب تحقيق التكافل الاجتماعي وتحقيق المحبة والمودة بين المسلمات .
نظرية ماسلو
الحاجات الاجتماعية
الشاهد : { لتلبسها صاحبتها من جلبابها }
يذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 73 ) أن ماسلو قام بترتيب الحاجات الإنسانية على شكل هرم تمثل قاعدته الحاجات الفسيولوجية الأساسية وتتدرج تلك الحاجات ارتفاعا حتى تصل إلى قمة الهرم حيث الحاجة إلى تحقيق الذات .(1/57)
وينطبق في هذا الحديث ( الحاجات الاجتماعية ) , ويذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 75 ) أن الإنسان اجتماعي بطبعه , فلكي يعيش ويتقدم لا بد له من أن يرتبط بالآخرين ويتعاون معهم , لذلك زوده الله سبحانه وتعالى بالحاجات الاجتماعية التي تدفعه للعمل ليس لمجرد إشباع حاجاته الطبيعية ولكن لكي يعيش حياة اجتماعية طبيعية ويتصل بالناس وينتمي إلى جماعة معينة.
ونلمس هذا الأمر من الحديث في جواب النبي – صلى الله عليه وسلم – للمرأة التي سألته عن التي ليس لديها جلباب , ولتحقيق الحاجات الاجتماعية أمرها النبي – صلى الله عليه وسلم – أن تلبس من جلباب وصديقتها ولم يعذرها للتخلف عن صلاة العيد لأن ليس لديها جلباب .
نظرية النظم
الشاهد : { أُمرنا أن نخرج الحيض يوم العيدين وذوات الخدور .... لتلبسها أختها من جلبابها }
يذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 81 ) مدخل النظم يؤكد على أن المنظمة تتكون من أجزاء ترتبط ببعضها البعض بعلاقة تفاعل وتداخل , أي أن كل جزء منها يؤثر في الأجزاء الأخرى ويتأثر بها , وأن الكيان الكلي يتأثر بهذه الأجزاء جميعا ويؤثر فيها , بمعنى أنه إذا حدث تغيير في أي من هذه الأجزاء فإن الأجزاء الأخرى والمنظمة بكاملها تتغير أيضا .
وأن أي نظام مفتوح يحصل على "مدخلات" من البيئة ويجري عليها "عمليات" أو نشاطات معينة ينتج عنها "مخرجات" تصب في البيئة .
والمدخلات : هي النساء اللواتي سيخرجن لصلاة العيد .
العمليات : تسهيل خروج جميع النساء لصلاة العيدين , ومن العمليات أن التي ليس لديها جلباب تلبسها أختها من جلبابها حتى تخرج للصلاة .
المخرجات : النتيجة التي سيتم الحصول عليها هي خروج جميع النساء لصلاة العيدين .
الاتجاه الظرفي في الإدارة
الشاهد : { قال : لتلبسها صاحبتها من جلبابها }(1/58)
ويذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 47 ) أن الاتجاه الظرفي في الإدارة يعد أسلوبا حديثا في العمل الإداري يقوم على أساس أنه ليس هناك مفهوم أو نظرية إدارية يمكن تطبيقها في مختلف الأوقات والظروف على كل أنواع المؤسسات , وإنما يجب استخدام هذه المفاهيم والنظريات الإدارية بشكل انتقائي يتناسب مع الظروف التي تعيشها المؤسسة .
وينطبق ما سبق على الحديث السابق من حيث أن الظرف الذي سألت فيه المرأة وهو وجود البعض من النساء من ليس لديهن جلباب لحضور صلاة العيد أن يخبرها بأن تأخذ من جلباب صاحبتها لتحضر الصلاة .
الباب المستنبط ... الحديث – رقمه – تفسيره
علاقته بمبادىء النظرية الإسلامية ... المدارس والنظريات الإدارية
الأهداف :-
بيان أهمية الصلاة وحفاظ الصحابة رضوان الله عليهم على أداء فروضهم .
إمكانية تصرف المصلي حيال أمر يواجهه في الصلاة بدون أن يؤثر على أصل صلاتها أو ينقصها .
بيان صبر الصحابة وتحملهم المشقات لأدائهم فروضهم التي أوجبها الله عليهم .
جواز استعمال الثياب وكذا غيرها في الحيلولة بين المصلي وبين الأرض لاتقاء حرها أو بردها (العسقلاني , ج1 : 385 ) .
الوظائف :-
تخطيط
الشاهد : { فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر في مكان السجود }
يعرف ( النمر وآخرون : 95 ) التخطيط على أنه " عمل ذهني يعتمد على التفكير العميق والرؤية الصائبة التي يستخدمها المخطط في رؤية حاضره ومواجهة مستقبله " .
ويظهر في الحديث السابق تخطيط الصحابة رضوان الله عليهم في مقاومة شدة الحر أثناء الصلاة , فشدة الحر لم تثنهم عن السجود في الحر أو الإسراع في الرفع من السجود بل خططوا لحل هذه المشكلة بأن يضعوا طرف الثوب في مكان السجود للتخفيف من شدة الحر .
مبادىء إدارية :
مبدأ : المبادأة
الشاهد : { فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر في مكان السجود }(1/59)
يذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أن المقصود بالمبادأة : التفكير في الخطة وتنفيذها عن طريق إفساح المجال للمرؤوسين لتطبيق هذا المبدأ ويجب على الرؤساء العمل على تشجيع المبادأة والابتكار في المرؤوسين.
وهذا يتضح من موقف الصحابة الذين فكروا فيما وقعوا فيه من مأزق وهو عدم قدرتهم على مواصلة السجود براحة نظرا للحر الشديد الذي يلهب رؤوسهم أثناء السجود , فحلوا المشكلة بوضع طرف أثوابهم في مواقع السجود للتخفيف من شدة الحر .
مبدأ : خضوع المصلحة الشخصية للمصلحة العاملة
الشاهد : { فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر في مكان السجود }
مبدأ ( خضوع المصلحة الشخصية للمصلحة العامة) من مبادىء فايول الإدارية , ويذكر (سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أنه عندما تتعارض مصلحة العامل الشخصية مع مصلحة المنشأة أو المصلحة العامة يجب التوفيق بينهما على أساس خضوع المصلحة الشخصية لمصلحة المنشأة أو للمصلحة العامة .
وفي الحديث السابق نجد أن المصلحة الشخصية وهي تحمل الحر أثناء السجود زالت أمام المصلحة العامة وهي إتمام الصلاة على الوجه الأكمل .
استخدام الخبراء
الشاهد : { كنا نصلي }
ويذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 40 ) أن المقصود بـ ( استخدام الخبراء) هو استخدام الأشخاص بناء على مؤهلاتهم وخبراتهم .
ويتضح لنا من الحديث أن الصلاة وراء النبي – صلى الله عليه وسلم – هي من باب استخدام الخبراء .
متفرقات إدارية :
اتخاذ القرارات
الشاهد : { فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر في مكان السجود }
يذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 349 ) أن عملية اتخاذ القرارات من المهام الأساسية للإدارة بل هي الركيزة الأساسية في العمل الإداري لأن العملية الإدارية لا تخرج عن كونها عملية اتخاذ القرارات فهي عملية متداخلة في جميع وظائف الإدارة ونشاطاتها .
ويضيف ( النمر وآخرون , 1417هـ : 354 ) أن مراحل اتخاذ القرارات تتمثل في النقاط التالية :-(1/60)
تشخيص المشكلة محل القرار وتحديدها وتحليلها
جمع البيانات والمعلومات ووسائل الحصول عليها .
تحديد البدائل المتاحة وتقويمها .
اختيار البديل المناسب والأفضل .
متابعة القرار وتنفيذه .
ويمكن تطبيق المراحل والخطوات السابقة على الحديث كما يلي :-
تشخيص المشكلة وتحديدها : الحر الشديد .
جمع البيانات والمعلومات : عدم القدرة على السجود على الأرض من شدة الحر .
تحديد البدائل المتاحة : عدم الصلاة – وهذا بديل مستحيل التحقق – أو السرعة في الرفع من السجود أو وضع حاجز بين جبهة المصلي والأرض للتخفيف من شدة الحر .
اختيار البديل المناسب والأفضل : إن أفضل البدائل التي كانت متاحة أمام المصلين هي وضع الحاجز بين جبهتهم والأرض للتخفيف من شدة الحر , فلذلك اتخذوا القرار بوضع طرف أثوابهم في مواقع سجودهم للتخفيف من حرارة الأرض . ... الحديث رقم( 372 ) : حدثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك عبد العزيز قال : حدثنا بشر بن المفضل قال : حدثني غالب القطان عن بكر بن عبد الله عن أنس بن مالك , قال : " كنا نصلي مع النبي – صلى الله عليه وسلم – فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر في مكان السجود " (عطا , 1421هـ / ج1 : 102) .
تفسير الحديث :
ويذكر ( العسقلاني , ج1 : 385) أن قوله [ طرف الثوب ] أي سجدنا على ثيابنا اتقاء الحر , وفي الحديث جواز استعمال الثياب وكذا غيرها في الحيلولة بين المصلي وبين الأرض لاتقاء حرها وكذا بردها , وفيه إشارة إلا أن مباشرة الأرض عند السجود هو الأصل هو الأصل لأنه علق بسط الثوب بعدم الاستطاعة , واستدل به على جواز السجود على الثوب المتصل بالمصلي .
ويذكر ( العيني , ج4 : 117 ) أن النبي – صلى الله عليه وسلم – شاهد ما فعلوه ولم ينكره فيكون بذلك تقريرا منه , وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – لا يخفى عليه شيء من أحوال من كان خلفه في الصلاة لأنه – صلى الله عليه وسلم – قد كان يرى من خلفه كما يرى من قدامه .(1/61)
علاقته بمبادىء النظرية الإسلامية
من الضروريات الخمس ( حفظ الدين ) : الشاهد : { فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر } , ويذكر ( النحلاوي , 1420هـ : 69 ) أن الضروريات الخمس هي : حفظ الدين – المحافظة على النفس – المحافظة على المال – المحافظة على العقل – المحافظة على العرض والنسل والأنساب .
وفي الحديث يتضح لنا حفظ الدين من خلال أن المصلين لم ينثنوا عن الصلاة أو يستعجلوا في السجود لشدة الحر بل تحملوا وصبروا من أجل مرضاة الله جل وعلا ولكن لكي يخففوا من شدة الحر وضعوا طرف أثوابهم في مواقع سجودهم للتخفيف من الحر .
من الضروريات الخمس ( حفظ النفس ) : الشاهد : { فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر مكان السجود } , ويذكر (النحلاوي , 1420هـ : 69 ) أن الضروريات الخمس هي : حفظ الدين – المحافظة على النفس – المحافظة على المال – المحافظة على العقل – المحافظة على العرض والنسل والأنساب .
وفي الحديث يتضح لنا حفظ النفس من باب الحفاظ على راحة المصلي , فلم يتعرض النبي – صلى الله عليه وسلم – عما فعلوه المصلين اتقاء الحر أثناء السجود .
حق الطاعة والاستجابة : الشاهد : { فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر مكان السجود } يذكر (الفهداوي , 1421هـ : 72 ) أن حقوق الإدارة على المجتمع المسلم هي : ( حق الطاعة ولاستجابة – حق النصرة والمعاونة والولاء – حق تلبية نداء الجهاد ) .
ومن الحديث يتضح لنا الطاعة لله جل وعلا والتي لم تثنهم عن أداء فروضهم التي أوجبها عليهم الله , فطاعتهم لله جعلتهم يصلون في الحر الشديد ولكن ليخففوا من شدة الحر وضعوا طرف أثوابهم في مواقع سجودهم .
الرحمة : الشاهد : { فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر مكان السجود } , وتظهر الرحمة في سماحة الدين الإسلامي في إعطاء الحرية للمصلين باختيار ما هو مناسب لهم للتخفيف من شدة الحر أثناء السجود .(1/62)
ومن مقومات الإدارة في الإسلام ( العقل والذكاء والفطنة ) : الشاهد : { فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر مكان السجود } , ويذكر ( سمارة , 200 : 99 ) أن من مقومات الإدارة في الإسلام العقل والذكاء والفطنة , إذ أن العقل مناط التكليف في الإسلام أما الذكاء والفطنة ليتمكن بهما القائد من القدرة على تسيير العمل ورسم الخطط والتنسيق بين المواقف وتحديد ما يلزم لكل موقف وليكون في وضع يمكنه من تسيير العمل على أكمل وجه وبأيسر التكاليف وأقل الوقت .
وتتضح فطنة الصحابة وخوفهم وحرصهم على الدين فيما فعلوه من أمر يخفف عنهم الحر أثناء السجود وهو وضع طرف الثوب مكان السجود حتى لا يحول الحر بينهم وبين الخشوع في صلاتهم.
الصبر : الشاهد : { فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر في مكان السجود } , ومن موقف الصحابة الذين كانوا يصلون خلف النبي – صلى الله عليه وسلم – يتضح لنا صبرهم على الحر في السجود بغية رضوان الله .
من مقومات الإدارة في الإسلام ( القدرة والكفاءة ) : الشاهد : { كنا نصلي مع النبي – صلى الله عليه وسلم - } , ويذكر ( سمارة , 2000 : 104 ) أن الإسلام يفرض على كل متول لقيادة أو عمل لأن يكون قادرا على القيام بما وكل إليه من عمل , فالقدرة والكفاءة من لوازم القيادة الرئيسية حيث أن الأعمال المناطة بالقيادة تستوجب ذلك حيث أن التوجيه والتنظيم والتخطيط والمثابرة للوصل إلى الأهداف وتحقيقها إنما يستلزم قدرة ومهارة وأي ضعف في أي من الجوانب عند القائد سيؤثر سلبيا على نجاح العمل وتطويره .
وفي الحديث السابق نجد أن القدرة والكفاءة من خلال صلاة الصحابة وراء النبي – صلى الله عليه وسلم – لما يتميز به من القدرة والكفاءة .(1/63)
من مقومات الإدارة في الإسلام ( الرحمة واللين ) : الشاهد : { فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر في مكان السجود } , ويذكر ( سمارة , 2000 : 109 ) أن الرحمة واللين قيمتان إنسانيتان يكون الإنسان بمقتضاها مشفقا على نفسه وغيره عطوفا مما يجعله دائم التفقد لأحوال من يرعاهم متلمسا لحاجاتهم الإنسانية وهذا من شأنه أن يوجد الألفة والمودة والتماسك بين القيادة والعاملين وهذا تأثير قوي من القيادة الرحيمة اللينة بالمنقادين ليندفعوا باتجاه الهدف المنشود .
وفي الحديث السابق نلمس الرحمة واللين من باب عدم الاعتراض على موقف الصحابة أثناء الصلاة , فقد اهتم الإسلام بالإنسان اهتمام بالغ وحرص على تيسير الأمور له ورفع الحرج عنه , يقول النبي – صلى الله عليه وسلم – " عفي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " . ... المدرسة الكلاسيكية
الإدارة العلمية
فايول ( مبدأ المبادأة )
الشاهد : { حينما أجنب عمّار عندما بعثه النبي عليه الصلاة والسلام في حاجة فلم يجد ماء فتمرغ في الصعيد كما تتمرغ الدابة فذكر ذلك للنبي عليه الصلاة والسلام }
يذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أن من المبادىء الإدارية لفايول " مبدأ المبادأة " والذي يقصد به : التفكير في الخطة وتنفيذها عن طريق إفساح المجال للمرؤوسين لتطبيق هذا المبدأ ويجب على الرؤساء العمل على تشجيع المبادأة والابتكار في المرؤوسين.
وهذا يتضح من موقف الصحابة الذين فكروا فيما وقعوا فيه من مأزق وهو عدم قدرتهم على مواصلة السجود براحة نظرا للحر الشديد الذي يلهب رؤوسهم أثناء السجود , فحلوا المشكلة بوضع طرف أثوابهم في مواقع السجود للتخفيف من شدة الحر .
المدرسة الكلاسيكية
البيروقراطية ( استخدام الخبراء )
الشاهد : { كنا نصلي }(1/64)
يذكر (سالم وآخرون, 1982م: 39 ) أن البيروقراطية في وضعها المثالي تهدف إلى توفير الحد الأعلى من الكفاية , وقد جاءت البيروقراطية كرد فعل على مدرسة العلاقات الإنسانية وآراء تيلور في المدرسة الكلاسيكية العلمية .
ويذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 40 ) أن من خصائص البيروقراطية (استخدام الخبراء) ويقصد بذلك استخدام الأشخاص بناء على مؤهلاتهم وخبراتهم.
ويتضح لنا من الحديث أن استخدام الخبراء كان من خلال صلاة الصحابة خلف الرسول – صلى الله عليه وسلم – .
نظرية ماسلو
الحاجة إلى الأمن والحماية
الشاهد : { فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر في مكان السجود }
يذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 73 ) أن ماسلو قام بترتيب الحاجات الإنسانية على شكل هرم تمثل قاعدته الحاجات الفسيولوجية الأساسية وتتدرج تلك الحاجات ارتفاعا حتى تصل إلى قمة الهرم حيث الحاجة إلى تحقيق الذات .
وينطبق في هذا الحديث ( الحاجة إلى الأمن والحماية ) .
ويذكر ( سالم وآخرون ,1982م : 162 ) أن حاجات الأمن والحماية تتضمن حاجات الفرد للحماية من الأخطار الجسمية والصحية و البدنية , كذلك الحماية من الأخطار الاقتصادية والمتمثلة بضمان استمرارية العمل للفرد لضمان استمرار الدعم المادي الضروري للفرد للمحافظة على مستوى معين من الحياة المعيشية .
وفي الحديث السابق نجد أن ( الحاجة إلى الأمن والحماية ) تتمثل في وضع الصحابة لطرف أثوابهم مكان سجودهم للتخفيف من شدة الحر في مواقع السجود.
نظرية الظروف ( الأوضاع )
الشاهد : { فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر مكان السجود } .
يذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 47) أن الاتجاه الظرفي في الإدارة يقوم على أساس أنه ليس هناك مفهوم أو نظرية إدارية يمكن تطبيقها في مختلف الأوقات والظروف على كل أنواع المؤسسات , وإنما يجب استخدام هذه المفاهيم والنظريات الإدارية بشكل انتقائي يتناسب مع الظروف التي تعيشها المؤسسة .(1/65)
وفي الحديث السابق نجد أن صفة السجود التي تعود عليها المصلين لن تنفع معهم لسجودهم على الأرض في الحر الشديد , فأجبرتهم الظروف المستجدة إلى ابتكار ما يخفف عنهم الحر أثناء السجود فلم يجدوا أمامهم سوى وضع طرف أثوابهم تحت جباههم عند السجود .
الباب المستنبط
الباب المستنبط ... الحديث – رقمه – تفسيره
الحديث – رقمه - تفسيره ... المدارس والنظريات الإدارية
المدارس والنظريات الإدارية
الأهداف :-
وجوب دعوة الكفار للإسلام .
بيان أهمية الصلاة وأنها عماد الدين .
حرمة دم ومال الكافر إذا دخل في الإسلام .
إن ما يحرم دم ومال الكافر بعد دخوله في الإسلام هو الصلاة بصلاة المسلمين , واستقبال قبلة المسلمين , وذبح ذبيحة المسلمين .
بيان الحق الذي أوجبه الإسلام في أموال المسلمين من زكاة وفدية ....
الوظائف :-
تخطيط
الشاهد : { أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله }
يعرف ( النمر وآخرون : 95 ) التخطيط على أنه " عمل ذهني يعتمد على التفكير العميق والرؤية الصائبة التي يستخدمها المخطط في رؤية حاضره ومواجهة مستقبله " .
ويتضح التخطيط في الحديث السابق من باب (التدبير الإلهي ) والذي كان في إيضاح الوسيلة التي أمر الله بها نبيه – صلى الله عليه وسلم – لإدخال الكفار في الإسلام وهي ( القتال ) .
ويذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 101 ) أن التخطيط يشتمل على عدد من المقومات الأساسية , وهي :-
الأهداف .
التنبؤ .
السياسات والبرامج .
الإجراءات .
طرق العمل ( الوسائل والإمكانات ) .
وتنطبق المقومات السابقة على الحدي السابق كما يلي :-
أولا : الأهداف : وهي النتائج المطلوب تحقيقها في المستقبل , وتختلف الأهداف من حيث المدة الزمنية التي تغطيها ودرجة شموليتها فهناك الأهداف الطويلة الأجل والأهداف المتوسطة الأجل والأهداف القصيرة الأجل .(1/66)
وفي الحديث السابق كان الهدف من هذا التخطيط هو محاولة الدعوة إلى الدين الإسلامي من خلا قتال الكفار حتى يدخلوا في الإسلام .
والهدف السابق هو هدف طويل الأجل .
ثانيا : التنبؤ : والتنبؤ هو نشاط ذهني مرتبط بوجود النشاط الإنساني وهو نتيجة لارتباط النشاط الزمني بعنصر الوقت , فالتنبؤ الدقيق يساعد على اتخاذ القرارات السليمة .
ويظهر عنصر التنبؤ في كلمة ( أمرت أن أقاتل الناس ) فكلمة أقاتل دليل على التنبؤ بالحالة التي يمكن أن تواجه النبي – صلى الله عليه وسلم – في حالة رفض الكفار الدخول في الدين الإسلامي .
ثالثا : السياسات : وهي مجموعة المبادىء والقواعد التي تحكم سير العمل والمحددة سلفا بمعرفة الإدارة والتي يسترشد بها العاملون في المستويات المختلفة عند اتخاذ القرارات والتصرفات المتعلقة بتحقيق الأهداف , إذن السياسات هي المرشد لاختيار الطريق الذي وصل للهدف .
والسياسة التي تضمنها الحديث السابق كانت في دعوة الناس لدخول الناس فإن رفضوا الدخول في الإسلام فإن السياسة التي يمكن أن تتبع هي ( القتال ) حتى يسلموا ويصلوا الصلاة التي أوجبها الله لعباده ويذبحوا الذبيحة لوجه الله تعالى .
رابعا : الإجراءات : وهي بمثابة الخطوات المكتبية والمراحل التفصيلية التي توضح أسلوب إتمام الأعمال وكيفية تنفيذها والمسئولين عن تنفيذها والمدة الزمنية اللازمة لإتمام هذه الأعمال , إذن الإجراءات هي خط سير لجميع الأعمال التي تتم داخل المنظمة والتي على ضوئها يتم تنفيذ تلك الأعمال .
والإجراءات في الحديث السابق كانت بدعوة الناس إلى الدخول في الدين الإسلامي والإجراء الذي سيتبعه النبي – صلى الله عليه وسلم – ومن بعده لمواجهة الرافضين لدخول الإسلام هو قتالهم لنصرة الإسلام ونشره بين الناس .
خامسا : تدبير الوسائل والإمكانات : الوسيلة لترجمة الأهداف إلى شيء ملموس بما يساعد على إكمال الأعمال وتحقيق الأهداف .(1/67)
وكانت الوسيلة التي تضمنها الحديث السابق هي (قتال) الذين يرفضون الانضمام إلى الدين الإسلامي .
مبادىء إدارية :
مبدأ : خضوع المصلحة الشخصية للمصلحة العاملة
الشاهد : { أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله }
مبدأ ( خضوع المصلحة الشخصية للمصلحة العامة) من مبادىء فايول الإدارية , ويذكر (سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أنه عندما تتعارض مصلحة العامل الشخصية مع مصلحة المنشأة أو المصلحة العامة يجب التوفيق بينهما على أساس خضوع المصلحة الشخصية لمصلحة المنشأة أو للمصلحة العامة .
وفي الحديث السابق نجد أن المصلحة الشخصية هي البقاء في الفكر وتفضيله على الإيمان , ولهذا أمر الله النبي – صلى الله عليه وسلم – أن يقاتل الكفار لأن المصلحة العامة في نشر الإسلام تفوق المصلحة الشخصية وهي حب الكفر والبقاء فيه ( والعياذ بالله ) .
مبدأ : وحدة الأمر
الشاهد : { أمرت }
مبدأ ( وحدة الأمر ) من مبادىء فايول الإدارية , ويذكر (سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أن فايول قصد ( بوحدة الأمر ) أن لا يجوز أن يتلقى الفرد العامل أوامر من أكثر من رئيس أو مشرف واحد .
ونلمس ( وحدة الأمر ) في الحديث السابق من تولي النبي – صلى الله عليه وسلم – القيادة ليكون هو الرئيس الذي يتم تلقي الأوامر منه فقط بأمر من الله جل وعلا .
استخدام الخبراء
الشاهد : { أمرت }
ويذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 40 ) أن المقصود بـ ( استخدام الخبراء) هو استخدام الأشخاص بناء على مؤهلاتهم وخبراتهم .
ويتضح لنا من الحديث أن الله جل وعلا أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – بقتال الناس حتى يقولوا أن لا إله إلا الله , وأمر الله للنبي للقيام بهذه المهمة هو من باب توفر صفات في النبي – صلى الله عليه وسلم – أهلته للقيام بمهمة الدعوة إلى الإسلام وقتال الكفار حتى يسلموا .
متفرقات إدارية :
اتخاذ القرارات
الشاهد : { حتى يقولوا لا إله إلا الله }(1/68)
يذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 349 ) أن عملية اتخاذ القرارات من المهام الأساسية للإدارة بل هي الركيزة الأساسية في العمل الإداري لأن العملية الإدارية لا تخرج عن كونها عملية اتخاذ القرارات فهي عملية متداخلة في جميع وظائف الإدارة ونشاطاتها .
ويضيف ( النمر وآخرون , 1417هـ : 354 ) أن مراحل اتخاذ القرارات تتمثل في النقاط التالية :-
تشخيص المشكلة محل القرار وتحديدها وتحليلها
جمع البيانات والمعلومات ووسائل الحصول عليها .
تحديد البدائل المتاحة وتقويمها .
اختيار البديل المناسب والأفضل .
متابعة القرار وتنفيذه .
ويمكن تطبيق المراحل والخطوات السابقة على الحديث كما يلي :-
تشخيص المشكلة وتحديدها : الكفر وعدم الإسلام.
جمع البيانات والمعلومات : وجود جماعة من الناس لم يؤمنوا وظلوا على كفرهم .
تحديد البدائل المتاحة : البدائل المتاحة هي : جعل الماس يستمرون في كفرهم – أو قتالهم حتى يدخلوا في الدين الإسلامي .
اختيار البديل المناسب والأفضل : حيث أن الحكمة من خلق البشر هي عبادة الله جل وعلا { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } , وحيث أن الحكمة من نبوة النبي – صلى الله عليه وسلم – وغيره من الأنبياء هي دعوة الناس إلى الإسلام , فنجد أن البديل الأمثل هو قتال الناس ليدخلوا في الإسلام من باب الدعوة إلى الله جل وعلا .
إدارة الموارد البشرية
الشاهد : { قال : لتلبسها صاحبتها من جلبابها }
يذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 243 ) أن إدارة الموارد البشرية هي مجموعة من القواعد والأساليب الخاصة بتنظيم ومعاملة العاملين بحيث يمكن الحصول على أكبر قدر من إمكانات الأفراد وطاقاتهم وقدراتهم بما يحقق كفاءة الأداء للفرد وللجماعة وبما يحقق أفضل المزايا وأعظم النتائج .(1/69)
وهذا ينطبق على ما أمر به النبي – صلى الله عليه وسلم – من حيث قتال الكفار الذين لم يؤمنوا , فالقتال سيكون وسيلة لإجبارهم في الدخول في الدين الإسلامي ليتذوقوا حلاوته ويجنوا ثماره , ويتحقق لهم كفاءة الأداء من خلال قول ( لا إله إلا الله ) وإقامة الصلاة وتقديم الأضحية خالصة لوجه الله الكريم .
السلطة
الشاهد : { أمرت }
يعرف ( سالم وآخرون , 1982م : 127 ) السلطة هي " الحق في إصدار الأوامر والقوة في إجبار الآخرين على تنفيذها " , ويعرفها أيضا بأنها " الحق في اتخاذ القرارات التي تحكم تصرفات الآخرين " .
ومصادر السلطة ثلاثة : ( السلطة التشريعية – قبول المرؤوسين للسلطة – السلطة الشخصية ) .
والسلطة في الحديث السابق للنبي- صلى الله عليه وسلم – الذي له الحق في قتال الكفار حتى يؤمنوا بالله جل وعلا , وقد استمد النبي – صلى الله عليه وسلم – سلطته من السلطة التشريعية التي وهبها له الله عز وجل , ومن السلطة الشخصية المتمثلة في صفاته .
تفويض السلطة
الشاهد : { أُمرت }
يعرف ( سالم وآخرون , 1982م : 130 ) تفويض السلطة بأنه توزيع حق التصرف واتخاذ القرارات في نطاق محدد وبالقدر اللازم لإنجاز مهمات معينة .
ويذكر ( النمر وآخرون ,1417هـ : 162 ) أن تفويض السلطة يعني قيام الرئيس بتفويض جزء من سلطاته إلى شخص آخر في المستوى الأدنى منه في الهرم الإداري , ويصبح هذا الشخص مسئولا أمام من فوّض إليه السلطات عن نتائج الأعمال التي يقوم بها .(1/70)
وفي الحديث السابق نجد أن النبي – صلى الله عليه وسلم – بدأ الحديث بكلمة ( أُمرت ) وهي فعل مبني للمجهول أي أن هناك من أمره بقتال الكفار لنشر الدين الإسلامي , وتفويض السلطة هنا من الله جل وعلا إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – لقتال الناس حتى يؤمنوا به تبارك وتعالى . ... الحديث رقم( 379 ) : حدثنا نعيم قال: حدثنا : ابن المبارك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله , فإذا قالوها , وصلّوا صلاتنا , واستقبلوا قبلتنا , وذبحوا ذبيحتنا , فقد حَرُمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله " (عطا , 1421هـ / ج1 : 104) .
تفسير الحديث :-
يذكر ( عطا , 1421هـ / ج1 : 104 ) حديثا فيما يخص الحديث السابق , وهو : قال علي بن عبد الله : حدثنا خالد بن الحارث قال : حدثنا حميد قال :سأل ميمون بن سياه أنس بن مالك قال : يا أبا حمزة ما يحرّم دم العبد وماله ؟ فقال : من شهد أن لا إله إلا الله واستقبل قبلتنا وصلى صلاتنا وأكل ذبيحتنا فهو المسلم له ما للمسلم وعليه ما على المسلم .
ويذكر ( العيني , ج4 : 126 ) أن في قوله [ أن أقاتل الناس ] أي بأن أقاتل وكلمة أن مصدرية وأراد بالناس المشركين .
وقوله [ حتى يقولوا لا إله إلا الله ] إنما اكتفى بذكر هذا الشرط من غير انضمام محمد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لأن القائلين لا إله إلا الله كاليهود فصلاتهم بدون الركوع وقبلتهم غير الكعبة وذبيحتهم ليست كذبيحتنا وقد يجاب بأن هذا الشرط الأول من كلمة الشهادة شعار لمجموعها .
وفي قوله [ إلا بحقها ] أي إلا بالحق الدماء والأموال ,وفي قوله [ وحسابهم على الله ] على سبيل التشبيه أي هو كالواجب على الله في تحقيق الوقوع وإلا فلا يجب على الله شيء .
علاقته بمبادىء النظرية الإسلامية(1/71)
من الضروريات الخمس ( حفظ الدين ) : الشاهد : { حتى يقولوا لا إله إلا الله , فإذا قالوها , وصلّوا صلاتنا , واستقبلوا قبلتنا , وذبحوا ذبيحتنا } , ويذكر ( النحلاوي , 1420هـ : 69 ) أن الضروريات الخمس هي : حفظ الدين – المحافظة على النفس – المحافظة على المال – المحافظة على العقل – المحافظة على العرض والنسل والأنساب .
وفي الحديث يتضح لنا حفظ الدين من خلال الأمر الذي أُمر به النبي – صلى الله عليه وسلم – من حيث قتال الكفار حتى يسلموا من باب المحافظة على الإسلام والسعي لنشره .
من الضروريات الخمس ( حفظ النفس ) : الشاهد : { فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم } , ويذكر (النحلاوي , 1420هـ : 69 ) أن الضروريات الخمس هي : حفظ الدين – المحافظة على النفس – المحافظة على المال – المحافظة على العقل – المحافظة على العرض والنسل والأنساب .
وفي الحديث يتضح لنا حفظ النفس من باب الأمان الذي يحصل عليه من يدخل في الدين الإسلامي ويتبع أوامره .
الرحمة : الشاهد : { فقد حَرُمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله } , وتظهر الرحمة في سماحة الدين الإسلامي في إعطاء الأمان للذين يدخلون في الدين الإسلامي على أموالهم ودمائهم ولا يتم أخذ شيء منها إلا بحقها .
من مقومات الإدارة في الإسلام ( القدرة والكفاءة ) : الشاهد : { أُمرت } , ويذكر ( سمارة , 2000 : 104 ) أن الإسلام يفرض على كل متول لقيادة أو عمل لأن يكون قادرا على القيام بما وكل إليه من عمل , فالقدرة والكفاءة من لوازم القيادة الرئيسية حيث أن الأعمال المناطة بالقيادة تستوجب ذلك حيث أن التوجيه والتنظيم والتخطيط والمثابرة للوصل إلى الأهداف وتحقيقها إنما يستلزم قدرة ومهارة وأي ضعف في أي من الجوانب عند القائد سيؤثر سلبيا على نجاح العمل وتطويره .(1/72)
وفي الحديث السابق نجد أن القدرة والكفاءة المتوفرة عند النبي – صلى الله عليه وسلم – هي ما جعلته يُكلف بقتال الكفار ونشر الدين الإسلامي .
من مقومات الإدارة في الإسلام ( الرحمة واللين ) : الشاهد : { حَرُمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها } , ويذكر ( سمارة , 2000 : 109 ) أن الرحمة واللين قيمتان إنسانيتان يكون الإنسان بمقتضاها مشفقا على نفسه وغيره عطوفا مما يجعله دائم التفقد لأحوال من يرعاهم متلمسا لحاجاتهم الإنسانية وهذا من شأنه أن يوجد الألفة والمودة والتماسك بين القيادة والعاملين وهذا تأثير قوي من القيادة الرحيمة اللينة بالمنقادين ليندفعوا باتجاه الهدف المنشود .
وتظهر الرحمة واللين في الحديث السابق من باب الأمان الذي سيلقاه الكافر إذا أسلم على نفسه وماله .
الحزم : الشاهد : { حتى يقولوا لا إله إلا الله } , ويذكر ( سمارة , 2000 : 117 ) أن المقصود بالحزم ( ضبط الأمور والأخذ فيه بالثقة ) وهو أيضا ( النظر في الأمور قبل نزولها وتوخي المهالك قبل وقوعها وتدبير الأمور على أحسن ما تكون من وجوهها ) , ويتضح من الحديث السابق حزم النبي – صلى الله عليه وسلم – في دعوة الكفار للدخول في الدين الإسلامي ف\الطريقة التي سيواجه بها الكفار هي القتال في سبيل نصرة الدين الإسلامي .
حق الطاعة والاستجابة : الشاهد : { حتى يقولوا لا إله إلا الله , فإذا قالوها , وصلّوا صلاتنا , واستقبلوا قبلتنا , وذبحوا ذبيحتنا } يذكر (الفهداوي , 1421هـ : 72 ) أن حقوق الإدارة على المجتمع المسلم هي : ( حق الطاعة ولاستجابة – حق النصرة والمعاونة والولاء – حق تلبية نداء الجهاد ) , ومن الحديث يتضح لنا أن حق الطاعة والاستجابة في إتباع النبي – صلى الله عليه وسلم – سيكون من نتائجها الأمان على النفس والمال إلا بالحق . ... المدرسة الكلاسيكية
الإدارة العلمية
فايول ( خضوع المصلحة الشخصية للمصلحة العاملة )(1/73)
الشاهد : { ق أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله }
مبدأ ( خضوع المصلحة الشخصية للمصلحة العامة ) من مبادىء فايول الإدارية , ويذكر (سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أنه عندما تتعارض مصلحة العامل الشخصية مع مصلحة المنشأة أو المصلحة العامة يجب التوفيق بينهما على أساس خضوع المصلحة الشخصية لمصلحة المنشأة أو للمصلحة العامة .
وفي الحديث السابق نجد أن المصلحة الشخصية هي البقاء في الفكر وتفضيله على الإيمان , ولهذا أمر الله النبي – صلى الله عليه وسلم – أن يقاتل الكفار لأن المصلحة العامة في نشر الإسلام تفوق المصلحة الشخصية وهي حب الكفر والبقاء فيه ( والعياذ بالله ) .
المدرسة الكلاسيكية
الإدارة العلمية
فايول ( وحدة الأمر )
الشاهد : { أمرت }
مبدأ ( وحدة الأمر ) من مبادىء فايول الإدارية , ويذكر (سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أن فايول قصد ( بوحدة الأمر ) أن لا يجوز أن يتلقى الفرد العامل أوامر من أكثر من رئيس أو مشرف واحد .
ونلمس ( وحدة الأمر ) في الحديث السابق من تولي النبي – صلى الله عليه وسلم – القيادة ليكون هو الرئيس الذي يتم تلقي الأوامر منه فقط بأمر من الله جل وعلا .
المدرسة الكلاسيكية
البيروقراطية ( استخدام الخبراء )
الشاهد : { أمرت }
يذكر (سالم وآخرون, 1982م: 39 ) أن البيروقراطية في وضعها المثالي تهدف إلى توفير الحد الأعلى من الكفاية , وقد جاءت البيروقراطية كرد فعل على مدرسة العلاقات الإنسانية وآراء تيلور في المدرسة الكلاسيكية العلمية .
ويذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 40 ) أن من خصائص البيروقراطية (استخدام الخبراء) ويقصد بذلك استخدام الأشخاص بناء على مؤهلاتهم وخبراتهم.(1/74)
ويتضح لنا من الحديث أن الله جل وعلا أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – بقتال الناس حتى يقولوا أن لا إله إلا الله , وأمر الله للنبي للقيام بهذه المهمة هو من باب توفر صفات في النبي – صلى الله عليه وسلم – أهلته للقيام بمهمة الدعوة إلى الإسلام وقتال الكفار حتى يسلموا .
مدرسة العلاقات الإنسانية
الشاهد : { فقد حرمت علينا أموالهم ودماؤهم إلا بحقها وحسابهم على الله }
العلاقات الإنسانية هي نوع من علاقات العمل الذي يهتم بالجوانب الإنسانية والاجتماعية في المنظمة وهي بذلك تستهدف الوصول بالعاملين إلى أفضل إنتاج في ظل أفضل ما يمكن أن يؤثر على الفرد من عوامل نفسية ومعنوية باعتباره إنسانا وجدانيا وانفعاليا أكثر منه رشيدا ومنطقيا (النمر وآخرون : 63)
واهتمت المدرسة الإنسانية بعدة نقاط , وهي :- ( زويلف : 37 )
الاهتمام بالجانب الإنساني .
الاهتمام بالحوافز غير المادية
كشفت مدرسة العلاقات الإنسانية أهمية المنظمات غير الرسمية .
كشفت المدرسة الإنسانية ما للجماعة من أثر على سلوك الفرد .
ويذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 38 ) أنه من الانتقادات التي وجهت للمدرسة العلمية هي نظريتها للتنظيم الغير رسمي وإهمالها له .
وتظهر العلاقات الإنسانية في الحديث السابق من باب الأمان الذي سيلقاه الكافر إذا أسلم على نفسه وماله .
نظرية النظم
الشاهد : { أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله , فإذا قالوها , وصلّوا صلاتنا , واستقبلوا قبلتنا , وذبحوا ذبيحتنا , فقد حَرُمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله }(1/75)
يذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 81 ) مدخل النظم يؤكد على أن المنظمة تتكون من أجزاء ترتبط ببعضها البعض بعلاقة تفاعل وتداخل , أي أن كل جزء منها يؤثر في الأجزاء الأخرى ويتأثر بها , وأن الكيان الكلي يتأثر بهذه الأجزاء جميعا ويؤثر فيها , بمعنى أنه إذا حدث تغيير في أي من هذه الأجزاء فإن الأجزاء الأخرى والمنظمة بكاملها تتغير أيضا .
وأن أي نظام مفتوح يحصل على "مدخلات" من البيئة ويجري عليها "عمليات" أو نشاطات معينة ينتج عنها "مخرجات" تصب في البيئة .
والمدخلات : الناس الذين لم يؤمنوا وظلوا على كفرهم .
العمليات : قتال النبي – صلى الله عليه وسلم – حتى يؤمنوا ويصلوا الصلاة ويذبحوا الذبيحة لوجه الله تعالى.
المخرجات : إذا أسلموا ا/نوا على حياتهم وأموالهم ولن يتم التعرض لها إلا بحق .
نظرية ماسلو
الحاجة إلى الأمن
الشاهد : { فقد حَرُمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله }
يذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 73 ) أن ماسلو قام بترتيب الحاجات الإنسانية على شكل هرم تمثل قاعدته الحاجات الفسيولوجية الأساسية وتتدرج تلك الحاجات ارتفاعا حتى تصل إلى قمة الهرم حيث الحاجة إلى تحقيق الذات .
وينطبق في هذا الحديث ( الحاجة إلى الأمن والحماية ) .
ويذكر ( سالم وآخرون ,1982م : 162 ) أن حاجات الأمن والحماية تتضمن حاجات الفرد للحماية من الأخطار الجسمية والصحية و البدنية , كذلك الحماية من الأخطار الاقتصادية والمتمثلة بضمان استمرارية العمل للفرد لضمان استمرار الدعم المادي الضروري للفرد للمحافظة على مستوى معين من الحياة المعيشية .
وفي الحديث السابق نجد أن ( الحاجة إلى الأمن والحماية ) تتمثل في خضوع الناس للإسلام من خلال النطق بكلمة التوحيد ( لا إله إلا الله ) وإقام الصلاة وذبح الذبيحة بطريقة الإسلام وإعطاء حق الله من أموالهم , فإن فعلوا كل ما سبق أمنوا على أموالهم ودماؤهم من القتال .(1/76)
وأمر الله للنبي – صلى الله عليه وسلم – بالقتال دليل على حاجة الإنسان إلى الحياة في أمان بدون حرب .
الباب المستنبط ... الحديث – رقمه – تفسيره
علاقته بمبادىء النظرية الإسلامية ... المدارس والنظريات الإدارية
الأهداف :-
دليل على جواز وقوع السهو من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في الأفعال .
بيان حسن أدب الصحابة في الحديث مع النبي – صلى الله عليه وسلم – ويتضح ذلك من أسلوب الخطاب في الكلام مع النبي – صلى الله عليه وسلم – فلم يخبروه بسهوه في الصلاة بل سألوه إن حدث شيء في الصلاة من نزول الوحي أو ما شابه .
يجب على من أخطأ وسهى في صلاته أن يسجد سجود السهو .
تعليم النبي – صلى الله عليه وسلم – للصحابة أمور دينهم من خلال أفعاله .
الوظائف :-
تخطيط ( تدبير إلاهي )
الشاهد : { صلى النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : إبراهيم لا أدري زاد أو نقص –}
يعرف ( النمر وآخرون : 95 ) التخطيط على أنه " عمل ذهني يعتمد على التفكير العميق والرؤية الصائبة التي يستخدمها المخطط في رؤية حاضره ومواجهة مستقبله " .
ويتضح التخطيط في الحديث السابق من باب (التدبير الإلهي ) حيث نسي النبي – صلى الله عليه وسلم – وزاد أو أنقص من ركعات صلاته , وكانت الحكمة من ذلك هي تعليم المسلمين كيفية التصرف في حال سهوهم في صلاتهم وحتى لا يجعلوا للشيطان طريق لصلاتهم .
التوجيه
الشاهد: { وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسلم ثم يسجد سجدتين }
يذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 18 ) أن التوجيه يتعلق مباشرة بإدارة العنصر الإنساني في المؤسسة .
ويضيف ( الشلعوط, 1423هـ : 128 ) أن التوجيه يتعلق بإرشاد المرؤوسين وتوجيههم خلال أدائهم للعمل من حيث إعطائهم التعليمات اللازمة والنصح والإرشاد للتنفيذ التي توضح ما خفي من أمور وإرشادهم لكيفية التعامل مع ما يواجهونه من مشكلات.(1/77)
ويتضح التوجيه في الحديث السابق من خلال توجيه النبي – صلى الله عليه وسلم – لأصحابه إلى طريقة سجود السهو في حالة سها المسلم في صلاته لن النسيان من صفات الإنسان .
التوجيه ( الاتصال )
الشاهد : { يا رسول الله أحدث في الصلاة شيء }
يذكر ( الشلعوط , 1423هـ : 132 ) أن الاتصال مبني على أساس نقل المعلومات وتبادلها والإفصاح عمّا يدور في النفس البشرية على شكل معنى يراد إيصاله إلى الآخرين وفي الغالب أن وسيلة الاتصال هي الكلام .
ويذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 378 ) أن عناصر عملية الاتصال : ( المرسل والرسالة وقناة الاتصال والمستقبل والاستجابة ) .
ويذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 383 ) أن وسائل الاتصالات : ( الاتصال الشخصي أو الشفوي – الاتصال الكتابي ) .
وفي الحديث السابق نجد أن الاتصال كان بين الصحابة الذين صلوا وراء النبي – صلى الله عليه وسلم – وبين النبي – صلى الله عليه وسلم – ليخبروا ما جال في نفسهم من أن النبي – صلى الله عليه وسلم – زاد في الصلاة أو نقص .
ومن الحديث السابق نجد أن وسائل الاتصال , هي:-
المرسل : الصحابة الذين صلوا جماعة وراء النبي – صلى الله عليه وسلم – .
الرسالة : السؤال إن حدث شيء في الصلاة دفع النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى زيادة الصلاة أو إنقاصها .
قناة الاتصال ( وسيلة الاتصال ) : اتصال شفهي أو شخصي تم بطريقة مباشرة وجها لوجه .
المستقبل : هو الرسول – صلى الله عليه وسلم – .
الاستجابة : هو رد الرسول – صلى الله عليه وسلم – على من أخبروه بنسيانه في الصلاة وهو أنه إنسان مثلهم له صفاتهم البشرية وهي ( النسيان ) فيجب عليهم إذا حدث معهم موقف مشابه أن يذكروه , وإذا نسوا في صلاتهم إذا صلوا فرادى أن يصلوا صلاة السهو وقد وضح النبي – صلى الله عليه وسلم – للصحابة طريقتها عمليا أمامهم ثم شرحها بالكلام .
مبادىء إدارية :
مبدأ : وحدة الأمر(1/78)
الشاهد : { وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسلم ثم يسجد سجدتين }
مبدأ ( وحدة الأمر ) من مبادىء فايول الإدارية , ويذكر (سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أن فايول قصد ( بوحدة الأمر ) أن لا يجوز أن يتلقى الفرد العامل أوامر من أكثر من رئيس أو مشرف واحد .
ونلمس ( وحدة الأمر ) في الحديث السابق من أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – للصحابة إلى طريقة سجود السهو في حالة نسيان أحدهم وسهوه في صلاته.
استخدام الخبراء
الشاهد : { صلى النبي – صلى الله عليه وسلم – }
ويذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 40 ) أن المقصود بـ ( استخدام الخبراء) هو استخدام الأشخاص بناء على مؤهلاتهم وخبراتهم .
ويتضح لنا من الحديث أن الصلاة وراء النبي – صلى الله عليه وسلم – هي من باب استخدام الخبراء .
متفرقات إدارية :
قيادة ديموقراطية
الشاهد : { إنّه لو حدث في الصلاة شيء لنبأتكم به ولكن إنما أنا بشر مثلكم , أنسى كما تنسون , فإذا نسيت فذكروني } .
يعرف ( النمر وآخرون : 313 ) القيادة بأنها " النشاط الذي يمارسه شخص للتأثير في الآخرين وجعلهم يتعاونون لتحقيق هدف يرغبون في تحقيقه " , وتعرف بأنها " فن التنسيق بين الأفراد والجماعات وشحذ هممهم لبلوغ غاية منشودة " , وبالتالي نجد أن مفهوم القيادة نجد أنها تتكون من ثلاثة عناصر أساسية , وهي :-
وجود مجموعة من الأفراد يعملون في تنظيم معين .
قائد من أفراد الجماعة قادر على التأثير في سلوكهم وتوجيههم .
هدف مشترك تسعى الجماعة إلى تحقيقه .
وهناك أنواع للقيادة يذكرها ( سالم وآخرون , 1982م : 142 ) على أنها كما يلي :-
القيادة الديكتاتورية .
القيادة الأوتوقراطية .
القيادة الديموقراطية .
قيادة عدم التدخل .(1/79)
وفي الحديث السابق نلمس القيادة الديموقراطية التي عرفها ( النمر وآخرون , 1417هـ : 328 ) بأنها تقوم على مبدأ المشاركة وتفويض السلطات فالقائد الديموقراطي يتفاعل مع أفراد الجماعة ويشركهم في اتخاذ القرارات ويتوسع في تفويض السلطات والصلاحيات لمرؤوسيه .
ونموذج القائد الديموقراطي الذي ينطبق على النبي – صلى الله عليه وسلم – من الحديث السابق هو نموذج القائد الذي يتخذ القرار بنفسه ولكنه يحرص على إثارة الحوار والنقاش لمعرفة مدى قبول مرؤوسيه لهذا القرار , وهذا ما فعله النبي – صلى الله عليه وسلم – في الحديث السابق حيث اتخذ القرار في سجود السهو ولكنه فتح باب الحوار والنقاش مع المصلين ليوضح لهم وجهة نظره ويستمع إلى رأيهم ويعلمهم ما هو صحيح . ... الحديث رقم( 386 ) : حدثنا عثمان قال : حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن علقمة قال , قال عبد الله : "صلى النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : إبراهيم لا أدري زاد أو نقص – فلما سلّم , قيل له : يا رسول الله أحدث في الصلاة شيء ؟ قال : وما ذاك ؟ قالوا : صليت كذا وكذا فثنى رجليه , واستقبل القبلة , وسجد سجدتين ثم سلّم فلمّا اقبل علينا بوجهه , قال : إنّه لو حدث في الصلاة شيء لنبأتكم به ولكن إنما أنا بشر مثلكم , أنسى كما تنسون , فإذا نسيت فذكروني وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسلم ثم يسجد سجدتين " (عطا , 1421هـ / ج1 : 105) .
تفسير الحديث :
يذكر ( العسقلاني , ج1 : 476 ) في تفسير الحديث ما يلي :-
في قوله [ لا أدري زاد أو نقص ] أي النبي – صلى الله عليه وسلم – والمراد أن إبراهيم شك في سبب سجود السهو المذكور هل كان لأجل الزيادة أو النقصان .
وفي قوله [ أحدث ] ومعناه السؤال عن حدوث شيء من الوحي يوجب تغيير حكم الصلاة عما عهدوه , ودل استفهامهم عن ذلك على جواز النسخ عندهم وأهم كانوا يتوقعونه .(1/80)
وفي قوله [ قال : وما ذاك ] فيه إشعار بأنه لم يكن عنده شعور مما وقع منه من الزيادة , و فيه دليل على جواز وقوع السهو من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في الأفعال .
وفي قوله [ لو حدث شيء في الصلاة لنبأتكم به ] أي دليل على عدم تأخير البيان عن وقت الحاجة .
وفي قوله [ فليتحر الصواب ] أي فليقصد والمراد البناء على اليقين .
وفيما يتعلق بالحديث السابق يذكر ( العيني , ج4 : 138 ) أن هذا دليل على جواز النسخ وجواز توقع الصحابة لذلك وقد دل ذلك على استفهامهم حيث قيل له – صلى الله عليه وسلم – أحدث في الصلاة شيء , ومنها أن فيه جواز وقوع السهو من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في الأفعال .
علاقته بمبادىء النظرية الإسلامية
من الضروريات الخمس ( حفظ الدين ) : الشاهد : { وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسلم ثم يسجد سجدتين} , ويذكر (النحلاوي , 1420هـ : 69 ) أن الضروريات الخمس هي : حفظ الدين – المحافظة على النفس – المحافظة على المال – المحافظة على العقل – المحافظة على العرض والنسل والأنساب .
وفي الحديث يتضح لنا حفظ الدين من خلال أن النبي – صلى الله عليه وسلم – عندما نبهه أصحابه لسهوه في الصلاة – بالزيادة أو النقصان – قام فورا واستقبل القبلة وسجد سجدتين وسلم .
وقد برر النبي –صلى الله عليه وسلم – موقفه أنه بشر ينسى كما ينسون فيجب عليهم أن يذكروه .
ويتجلى أيضا حفظ الدين في الحديث من باب تعليم النبي – صلى الله عليه وسلم – لأصحابه كيفية التصرف في حال أخطأ أحدهم في صلاته بالزيادة أو النقصان حفاظا على الدين والصلاة .(1/81)
من مقومات الإدارة في الإسلام ( الرحمة واللين ) :الشاهد : { وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسلم ثم يسجد سجدتين} , ويذكر ( سمارة , 2000 : 109 ) أن الرحمة واللين قيمتان إنسانيتان يكون الإنسان بمقتضاها مشفقا على نفسه وغيره عطوفا مما يجعله دائم التفقد لأحوال من يرعاهم متلمسا لحاجاتهم الإنسانية وهذا من شأنه أن يوجد الألفة والمودة والتماسك بين القيادة والعاملين وهذا تأثير قوي من القيادة الرحيمة اللينة بالمنقادين ليندفعوا باتجاه الهدف المنشود .
وتظهر الرحمة من باب سماحة الدين الإسلامي , فلم يفرض الإسلام على الذي أخطأ في صلاته إعادة الصلاة بل جعل تصحيحها هو سجود السهو , إذن رحمة الله على عباده شرّعت لهم سجود السهو في الصلاة تخفيفا لهم .
الاحترام والتقدير : الشاهد : { يا رسول الله أحدث شيء في الصلاة ؟ } .
وفي الشاهد السابق يظهر لنا الاحترام والتقدير الذي كان يُعامل به النبي – صلى الله عليه وسلم – من أصحابه , فلم يخبروه انه أخطأ في الصلاة وزاد فيها أو انقص عندما أمّهم , ولكن عظيم الأدب في التعامل مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – جعلهم يسألوه إن حدث شيء في الصلاة من وحي أو غيره أم لا , ومن هنا نلمس أدب التعامل الذي يجب أن نجعله قدوة لنا .
استخدام المنطق في التعامل مع المرؤوسين : الشاهد : { إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون }.
وفي الشاهد نجد أن النبي – صلى الله عليه وسلم – فسر وبين موقفه أمام من صلوا خلفه بأنه بشر مثلهم يتصف بكل صفات الإنسان التي خلقها الله ومنها النسيان .
من أنواع العلاقات العامة في الإسلام ( الإعلام ) : الشاهد : { يا رسول الله أحدث في الصلاة شيء }.(1/82)
ويذكر ( أبو سن , 1996م : 128 ) أن الإعلام يعتبر الوسيلة الأولى لتحقيق الهدف الأول للدولة الإسلامية في نشر الدعوة الإسلامية وإبلاغ الناس , وقد استخدم أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – الإعلام ليعلموه ويخبروه عن الخطأ الذي حصل في الصلاة بأسلوب غير مباشر وذلك لحسن أدبهم مع النبي – صلى الله عليه وسلم – . ... المدرسة الكلاسيكية
الإدارة العلمية
فايول ( وحدة الأمر )
الشاهد : { وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسلم ثم يسجد سجدتين }
مبدأ ( وحدة الأمر ) من مبادىء فايول الإدارية , ويذكر (سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أن فايول قصد ( بوحدة الأمر ) أن لا يجوز أن يتلقى الفرد العامل أوامر من أكثر من رئيس أو مشرف واحد .
ونلمس ( وحدة الأمر ) في الحديث السابق من أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – للصحابة إلى طريقة سجود السهو في حالة نسيان أحدهم وسهوه في صلاته.
المدرسة الكلاسيكية
البيروقراطية ( استخدام الخبراء )
الشاهد : { صلى الله عليه وسلم النبي – صلى الله عليه وسلم – }
يذكر (سالم وآخرون, 1982م: 39 ) أن البيروقراطية في وضعها المثالي تهدف إلى توفير الحد الأعلى من الكفاية , وقد جاءت البيروقراطية كرد فعل على مدرسة العلاقات الإنسانية وآراء تيلور في المدرسة الكلاسيكية العلمية .
ويذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 40 ) أن من خصائص البيروقراطية (استخدام الخبراء) ويقصد بذلك استخدام الأشخاص بناء على مؤهلاتهم وخبراتهم.
ويتضح لنا من الحديث أن الصلاة وراء النبي – صلى الله عليه وسلم – هي من باب استخدام الخبراء .
مدرسة العلاقات الإنسانية
الشاهد : { ولكن إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون }(1/83)
العلاقات الإنسانية هي نوع من علاقات العمل الذي يهتم بالجوانب الإنسانية والاجتماعية في المنظمة وهي بذلك تستهدف الوصول بالعاملين إلى أفضل إنتاج في ظل أفضل ما يمكن أن يؤثر على الفرد من عوامل نفسية ومعنوية باعتباره إنسانا وجدانيا وانفعاليا أكثر منه رشيدا ومنطقيا (النمر وآخرون : 63)
واهتمت المدرسة الإنسانية بعدة نقاط , وهي :- ( زويلف : 37 )
الاهتمام بالجانب الإنساني .
الاهتمام بالحوافز غير المادية
كشفت مدرسة العلاقات الإنسانية أهمية المنظمات غير الرسمية .
كشفت المدرسة الإنسانية ما للجماعة من أثر على سلوك الفرد .
ويذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 38 ) أنه من الانتقادات التي وجهت للمدرسة العلمية هي نظريتها للتنظيم الغير رسمي وإهمالها له .
وتظهر العلاقات الإنسانية في الحديث السابق من باب رفع الحرج عن المسلمين إذا سهوا أو أخطؤا أو نسوا أي ركن من أركان صلاتهم , فقد قال – صلى الله عليه وسلم – [ عفي لأمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ] من خلال صفة النسيان .
نظرية الظروف ( الأوضاع )
الشاهد : { فإذا نسيت فذكروني وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسلم ثم يسجد سجدتين }
يذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 47) أن الاتجاه الظرفي في الإدارة يقوم على أساس أنه ليس هناك مفهوم أو نظرية إدارية يمكن تطبيقها في مختلف الأوقات والظروف على كل أنواع المؤسسات , وإنما يجب استخدام هذه المفاهيم والنظريات الإدارية بشكل انتقائي يتناسب مع الظروف التي تعيشها المؤسسة .
وفي الحديث السابق نجد أن الظرف الذي مر به النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو نسيانه في عدد ركعات صلاته هو الذي علّم الصحابة الطريقة التي يقومون بها في حال سهوا أو أخطؤا في صلاتهم .
كتاب ثياب الصلاة
الباب المستنبط ... الحديث – رقمه – تفسيره
علاقته بمبادىء النظرية الإسلامية ... المدارس والنظريات الإدارية
الأهداف :-(1/84)
بيان حرص الصحابة في السؤال عن كل ما يفيد آخرتهم .
حرص النبي – صلى الله عليه وسلم – على توضيح جميع الأمور الإسلامية للمسلمين .
مرونة النبي – صلى الله عليه وسلم – في التعامل مع المصلي الذي صلى الله عليه وسلم في الثوب الواحد الضيق .
بيان المرونة في الطريقة التي وجه بها النبي – صلى الله عليه وسلم – الرجل في كيفية لبس الثوب الواحد في الصلاة .
الوظائف :-
تخطيط ( تدبير إلاهي )
الشاهد : { سألنا جابر بن عبد الله عن الصلاة في الثوب الواحد فقال : خرجت ... }
يعرف ( النمر وآخرون : 95 ) التخطيط على أنه " عمل ذهني يعتمد على التفكير العميق والرؤية الصائبة التي يستخدمها المخطط في رؤية حاضره ومواجهة مستقبله " .
ويتضح التخطيط في الحديث السابق من باب (التدبير الإلهي ) حيث سأل الصحابة جابر بن عبد الله عن الصلاة في الثوب الواحد وقد مر عليه موقف مشابه مع النبي – صلى الله عليه وسلم – عندما صلى خلفه في الثوب الواحد ووجهه إلى الطريق الصائب .
التوجيه
الشاهد: { فإن كان واسعا فالتحف به وإن كان ضيقا فاتزر به }
يذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 18 ) أن التوجيه يتعلق مباشرة بإدارة العنصر الإنساني في المؤسسة .
ويضيف ( الشلعوط, 1423هـ : 128 ) أن التوجيه يتعلق بإرشاد المرؤوسين وتوجيههم خلال أدائهم للعمل من حيث إعطائهم التعليمات اللازمة والنصح والإرشاد للتنفيذ التي توضح ما خفي من أمور وإرشادهم لكيفية التعامل مع ما يواجهونه من مشكلات.
ويتضح التوجيه في الحديث السابق من خلال توجيه النبي – صلى الله عليه وسلم – وإرشاده للرجل أولا في حاجته التي سأله فيها وثانيا في ثوبه الذي صلى الله عليه وسلم فيه .
التوجيه ( الاتصال )
الشاهد : { قال : ما هذا الاشتمال الذي رأيت , قلت : كان ثوب ... }(1/85)
يذكر ( الشلعوط , 1423هـ : 132 ) أن الاتصال مبني على أساس نقل المعلومات وتبادلها والإفصاح عمّا يدور في النفس البشرية على شكل معنى يراد إيصاله إلى الآخرين وفي الغالب أن وسيلة الاتصال هي الكلام.
ويذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 378 ) أن عناصر عملية الاتصال : ( المرسل والرسالة وقناة الاتصال والمستقبل والاستجابة ) .
ويذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 383 ) أن وسائل الاتصالات : ( الاتصال الشخصي أو الشفوي – الاتصال الكتابي ) .
وفي الحديث السابق نجد أن الاتصال كان بين النبي – صلى الله عليه وسلم – والرجل وهو
(جابر بن عبد الله) ويمكن أن نفصل عناصر الاتصال على النحو التالي:
المرسل : النبي – صلى الله عليه وسلم – عندما سأله عن الاشتمال – أي الثوب الذي صلى الله عليه وسلم به وطريقة لبسه .
المستقبل : هو جابر بن عبد الله الذي أجاب على سؤال النبي – صلى الله عليه وسلم – .
الرسالة : ما هذا الاشتمال الذي رأيت ؟
قناة الاتصال ( وسيلة الاتصال ) : اتصال شفهي أو شخصي تم بطريقة مباشرة وجها لوجه .
الاستجابة : هو رد جابر على النبي – صلى الله عليه وسلم – بأن الاشتمال هو ثوب قديم قد ضاق .
التوجيه ( القيادة )
الشاهد : { فجئت ليلة لبعض أمري }
يذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 313 ) تعريفا للقيادة على أنها " النشاط الذي يمارسه شخص للتأثير في الآخرين وجعلهم يتعاونون لتحقيق هدف يرغبون في تحقيقه " وهي أيضا "فن التنسيق بين الأفراد والجماعات وشحذ هممهم لبلوغ غاية منشودة " , فلا يمكن أن تكون هناك قيادة بدون مجموعة من الأفراد وبدون وجود قائد يؤثر عليهم وبدون وجود هدف مشترك تسعى الجماعة إلى تحقيقه .
ويتضح لنا في هذا الحديث التوجيه من حيث توجه توجه جابر بن عبد الله إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – عندما أراده في بعض أمره لأنه قائدهم .(1/86)
ومن الحديث نجد أن ( المجموعة التي تتطلبها عملية القيادة : وشكلها في الحديث السابق جابر بن عبد الله عندما سأل النبي – صلى الله عليه وسلم – في بعض أمره لأنه قائدهم / والقائد : هو النبي – صلى الله عليه وسلم – الذي توجه إليه جابر بن عبد الله / والهدف : هو إخبار النبي – صلى الله عليه وسلم – بأموره التي جاء من أجلها ( .
مبادىء إدارية :
مبدأ : وحدة الأمر
الشاهد : { فجئت ليلة لبعض أمري .... فأخبرته بحاجتي }
مبدأ ( وحدة الأمر ) من مبادىء فايول الإدارية , ويذكر (سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أن فايول قصد ( بوحدة الأمر ) أن لا يجوز أن يتلقى الفرد العامل أوامر من أكثر من رئيس أو مشرف واحد .
ونلمس ( وحدة الأمر ) في الحديث السابق من حيث أن جابر بن عبد الله عندما أراد حاجة توجه إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – ليذكر له أمره لأنه قائدهم .
مبدأ : خضوع المصلحة الشخصية للمصلحة العاملة
الشاهد : { فإن كان واسعا فالتحف به وإن كان ضيقا فاتزر به }
مبدأ ( خضوع المصلحة الشخصية للمصلحة العامة) من مبادىء فايول الإدارية , ويذكر (سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أنه عندما تتعارض مصلحة العامل الشخصية مع مصلحة المنشأة أو المصلحة العامة يجب التوفيق بينهما على أساس خضوع المصلحة الشخصية لمصلحة المنشأة أو للمصلحة العامة .
ونلمس هذا المبدأ الإداري في الحديث السابق من حيث أن الرجل الذي كان يصلي في الثوب القديم الضيق , ولما سأله النبي – صلى الله عليه وسلم – عن الثوب الضيق الذي كان يصلي فيه فسر له بأنه قديم , فلم يجيز له النبي – صلى الله عليه وسلم – الصلاة فيه لأنه ضيق وفي نفس الوقت لم يجبره على شراء واحد جديد بل وضح له – صلى الله عليه وسلم – الطريقة التي يلبس فيه الثوب من باب خضوع المصلحة الشخصية للمصلحة العامة .
مبدأ : المبادأة
الشاهد : {وعلي ثوب واحد فاشتملت به وصليت إلى جانبه }(1/87)
يذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أن المقصود بالمبادأة : التفكير في الخطة وتنفيذها عن طريق إفساح المجال للمرؤوسين لتطبيق هذا المبدأ ويجب على الرؤساء العمل على تشجيع المبادأة والابتكار في المرؤوسين.
وهذا يتضح من موقف جابر بن عبد الله عندما لم يملك سوى ثوب واحد اشتمل به لكي لا يضيع الصلاة خلف النبي – صلى الله عليه وسلم – .
استخدام الخبراء
الشاهد : { قال – أي النبي صلى الله عليه وسلم - : ما السري يا جابر ؟ فأخبرته بحاجتي } .
الشاهد : { سألنا جابر بن عبد الله عن الصلاة في الثوب الواحد } .
ويذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 40 ) أن المقصود بـ ( استخدام الخبراء) هو استخدام الأشخاص بناء على مؤهلاتهم وخبراتهم .
ويتضح لنا من الحديث أن استخدام الخبراء يكمن في إخبار جابر بن عبد الله للنبي – صلى الله عليه وسلم – لحاجته لأنه قائد المسلمين ورسول البشرية جمعاء .
وأيضا يظهر استخدام الخبراء في سؤال بعض الصحابة المهتمين بأمور دينهم لجابر بن عبد الله في أمر الصلاة في الثوب الواحد .
متفرقات إدارية :
السلطة
الشاهد : { قال – أي النبي صلى الله عليه وسلم - : ما هذا الاشتمال الذي رايت ؟ قلت : كان ثوب – أي ضاق – }
يعرف ( سالم وآخرون , 1982م : 127 ) السلطة هي " الحق في إصدار الأوامر والقوة في إجبار الآخرين على تنفيذها " ,ويعرفها أيضا بأنها " الحق في اتخاذ القرارات التي تحكم تصرفات الآخرين " .
ومصادر السلطة ثلاثة : ( السلطة التشريعية – قبول المرؤوسين للسلطة – السلطة الشخصية ) .
والسلطة في الحديث السابق للنبي- صلى الله عليه وسلم – الذي له الحق في إصدار القرارات التي تحكم تصرفات الآخرين , وقد استمد النبي – صلى الله عليه وسلم – سلطته من السلطة التشريعية التي وهبها له الله عز وجل , ومن السلطة الشخصية المتمثلة في صفاته , ومن قبول المرؤوسين لسلطته .
اتخاذ القرارات(1/88)
الشاهد : { فإن كان واسعا فالتحف به وإن كان ضيقا فاتزر به }
يذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 349 ) أن عملية اتخاذ القرارات من المهام الأساسية للإدارة بل هي الركيزة الأساسية في العمل الإداري لأن العملية الإدارية لا تخرج عن كونها عملية اتخاذ القرارات فهي عملية متداخلة في جميع وظائف الإدارة ونشاطاتها .
ويضيف ( النمر وآخرون , 1417هـ : 354 ) أن مراحل اتخاذ القرارات تتمثل في النقاط التالية :-
تشخيص المشكلة محل القرار وتحديدها وتحليلها
جمع البيانات والمعلومات ووسائل الحصول عليها.
تحديد البدائل المتاحة وتقويمها .
اختيار البديل المناسب والأفضل .
متابعة القرار وتنفيذه .
ويمكن تطبيق المراحل والخطوات السابقة على الحديث كما يلي :-
تشخيص المشكلة وتحديدها : هي أن جابر بن عبد الله لم يكن لديه إلا ثوب واحد قديم وقد ضاق فاشتمل به وصلى به فسأله النبي – صلى الله عليه وسلم – عن الاشتمال الذي قام بفعله ليعرف سبب ما فعله جابر .
جمع البيانات والمعلومات : كانت طريقة النبي – صلى الله عليه وسلم – في جمع البيانات والمعلومات مباشرة من جابر عندما سأله عن الاشتمال ليكون رده هو الجواب الذي أراده النبي – صلى الله عليه وسلم –.
تحديد البدائل المتاحة : كانت البدائل المتاحة أمام النبي – صلى الله عليه وسلم – إما ( عدم سؤال جابر وتركه يصلي بالطريقة التي صلى الله عليه وسلم بها وهذا بعيد كل البعد عن النبي – صلى الله عليه وسلم – ورسالته السمحاء التي جاء بها , والبديل الآخر هو أن يسأله ويستفسر منه عن الاشتمال الذي رآه فيه ) .
اختيار البديل المناسب والأفضل : اختار النبي – صلى الله عليه وسلم – البديل المناسب للأمر وهو سؤال جابر عن الاشتمال ليجيبه جابر بأنه ثوب قديم وقد ضاق ,ويعطيه النبي – صلى الله عليه وسلم – الحل له بما يناسبه ولا يكلفه ما لا طاقة له به وبما لا يتعارض مع الدين الإسلامي .
إدارة الموارد البشرية(1/89)
الشاهد : { فإن كان واسعا فالتحف به وإن كان ضيقا فاتزر به }
يذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 243 ) أن إدارة الوارد البشرية هي مجموعة من القواعد والأساليب الخاصة بتنظيم ومعاملة العاملين بحيث يمكن الحصول على أكبر قدر من إمكانات الأفراد وطاقاتهم وقدراتهم بما يحقق كفاءة الأداء للفرد وللجماعة وبما يحقق أفضل المزايا وأعظم النتائج .
وهذا ينطبق على ما فعله النبي – صلى الله عليه وسلم – حيث أدار الموارد البشرية من باب توجيه جابر لكيفية لبس ثوبه إن كان واسعا أو ضيقا ليستفيد منه المؤمنون بعد ذلك , وهذا ما حصل حيث نقل جابر بن عبد الله ما قاله له النبي – صلى الله عليه وسلم – عندما سألوه عن الصلاة في الثوب الواحد . ... الحديث رقم( 348 ) : حدثنا يحي بن صالح قال : حدثنا فليح بن سليمان عن سعيد بن الحراث قال : سألنا جابر بن عبد الله عن الصلاة في الثوب الواحد , فقال : " خرجت مع النبي – صلى الله عليه وسلم – في بعض أسفاره فجئت ليلة في بعض أمري فوجدته يصلي وعليّ ثوب واحد فاشتملت به وصليت إلى جانبه , فلما انصرف قال : مالسّرى يا جابر؟ فأخبرته بحاجتي , فلما فرغت , قال : ما هذا الاشتمال الذي رأيت ؟ قلت : كان ثوب – يعني ضاق – قال : فإن كان واسعا فالتحف به وإن كان ضيقا فاتزر به " (عطا , 1421هـ / ج1 : 96) .
تفسير الحديث :
يذكر ( العسقلاني , ج1 : 462 ) تفسير الحديث السابق بتفسير ما ورد فيه على النحو التالي : -
في قوله [ لبعض أمري ] أي حاجتي .
وقوله [ ما السري ] أي ما سبب سراك أي سيرك في الليل .(1/90)
وقوله [ ما هذا الاشتمال ] كأنه استفهام إنكار والاشتمال الذي أنكره هو أن يدير الثوب على بدنه كله لا يخرج منه يده , وقال مسلم أن الإنكار كان بسبب أن الثوب كان ضيقا وأنه خالف بين طرفيه وتواقص أي انحنى , وعليه كأنه عند المخالفة بين طرفي الثوب لم يصر ساترا فانحنى ليستتر فأعلمه – صلى الله عليه وسلم – بأن محل ذلك ما إذا الثوب واسعا فأما إذا كان ضيقا فإنه يجزئه أن يتزر به لأن القصد الأصلي ستر العورة وهو يحصل بالاتزار ولا يحتاج إلى التواقص المغاير للاعتدال المأمور به .
ويذكر ( العيني , ج4 : 67 ) أن في قوله [ ما هذا الاشتمال ] استفهام إنكار وسبب الإنكار أن الثوب كان ضيقا وأنه خالف بين طرفيه وتواقص أي انحنى عليه حتى لا يسقط فكأنه بين المخالفة بين طرفي الثوب لم يصر ساترا إذا انحنى ليستتر فاعلمه عليه الصلاة والسلام بأن محل ذلك فيما إذا كان الثوب واسعا وأما إذا كان ضيقا فإنه يجزيه أن يتزر به لأن المقصود هو ستر العورة وهو يحصل بالاتزار ولا يحتاج إلى الانحناء المغاير للاعتدال المأمور به .
علاقته بمبادىء النظرية الإسلامية
من الضروريات الخمس ( حفظ الدين ) : الشاهد : {ما هذا الاشتمال الذي رأيت } , ويذكر (النحلاوي , 1420هـ : 69 ) أن الضروريات الخمس هي : حفظ الدين – المحافظة على النفس – المحافظة على المال – المحافظة على العقل – المحافظة على العرض والنسل والأنساب .
وفي الحديث يتضح لنا حفظ الدين من خلال سؤال النبي – صلى الله عليه وسلم – للاشتمال الذي رآه وهو الثوب الضيق الذي كان يصلي به لكي يوضح له الصورة الصحيحة لثياب الصلاة .(1/91)
حفظ المال وعدم الإسراف : الشاهد : { إن كان واسعا فالتحف به وإن كان ضيقا فاتزر به } , ومن هنا يتضح حرص النبي – صلى الله عليه وسلم – على حفظ المال من التبذير والإسراف , فلم يخبر المصلي على شراء ثوب جديد واسع لكي يصلي به ولكن عندما عرف أنه ثوب قديم له فقال له إن كان واسعا يلتحف به وإن كان ضيقا يتزر به أي يلفه على وسطه لإخفاء عورته .
استخدام المنطق في التعامل مع المرؤوسين : الشاهد : { ما هذا الاشتمال الذي رأيت ؟ قلت : كان ثوب – يعني ضاق – قال : فإن كان واسعا فالتحف به وإن كان ضيقا فاتزر به } , ويتضح من الشاهد السابق أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يستخدم المنطق في التعامل مع المرؤوسين فلم يفرض على المصلي السابق أن يقوم بتغيير ثوبه الضيق أو شراء واحد جديد بل وجه له السؤال في أول الأمر ليستفسر عن الثوب الذي كان يصلي به فلما أجابه بأنه ثوب قديم وضح له الطريقة التي يلبس بها الثوب إن كان ضيقا أو واسعا .
خضوع المصلحة الشخصية للمصلحة العامة : الشاهد : { فإن كان واسعا فالتحف به وإن كان ضيقا فاتزر به } , مبدأ ( خضوع المصلحة الشخصية للمصلحة العامة) من مبادىء فايول الإدارية , ويذكر (سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أنه عندما تتعارض مصلحة العامل الشخصية مع مصلحة المنشأة أو المصلحة العامة يجب التوفيق بينهما على أساس خضوع المصلحة الشخصية لمصلحة المنشأة أو للمصلحة العامة .
ونلمس هذا المبدأ الإداري في الحديث السابق من حيث أن الرجل الذي كان يصلي في الثوب القديم الضيق , ولما سأله النبي – صلى الله عليه وسلم – عن الثوب الضيق الذي كان يصلي فيه فسر له بأنه قديم , فلم يجيز له النبي – صلى الله عليه وسلم – الصلاة فيه لأنه ضيق وفي نفس الوقت لم يجبره على شراء واحد جديد بل وضح له – صلى الله عليه وسلم – الطريقة التي يلبس فيه الثوب من باب خضوع المصلحة الشخصية للمصلحة العامة .(1/92)
المرونة في الإدارة : الشاهد : { أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي } , ويذكر ( الشلعوط , 1423هـ : 91 ) أن المرونة في الإدارة هي من القواعد الأخلاقية المهمة لمهنة الإدارة التربوية الإسلامية , ويذكر أن طبيعة البشر تتطلب تنوع أسلوب التعامل ما بين الشدة واللين وما بين الحزم والمجاملة وما بين الصرامة والاعتدال وما بين التفرد بالقرار والمشاورة فيه .
ومن مقومات الإدارة في الإسلام ( العقل والذكاء والفطنة ) : الشاهد : { فإن كان واسعا فالتحف به وإن كان ضيقا فاتزر به } , ويذكر ( سمارة , 200 : 99 ) أن من مقومات الإدارة في الإسلام العقل والذكاء والفطنة , إذ أن العقل مناط التكليف في الإسلام أما الذكاء والفطنة ليتمكن بهما القائد من القدرة على تسيير العمل ورسم الخطط والتنسيق بين المواقف وتحديد ما يلزم لكل موقف وليكون في وضع يمكنه من تسيير العمل على أكمل وجه وبأيسر التكاليف وأقل الوقت .
ويتضح لنا من الحديث السابق أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان له من العقل والذكاء والفطنة مما وهبه الله جل وعلا ما خوله ليحل الموقف الذي واجهه , فقد أعطى الرجل الحل الذي لا يخسره المال لشراء ثوب جديد وفي نفس الوقت كان أمرا غير معارضا للدين .
من مقومات الإدارة في الإسلام ( القدرة والكفاءة ) : الشاهد : { فإن كان واسعا فالتحف به وإن كانم ضيقا فاتزر به } , ويذكر ( سمارة , 2000 : 104) أن الإسلام يفرض على كل متول لقيادة أو عمل لأن يكون قادرا على القيام بما وكل إليه من عمل , فالقدرة والكفاءة من لوازم القيادة الرئيسية حيث أن الأعمال المناطة بالقيادة تستوجب ذلك حيث أن التوجيه والتنظيم والتخطيط والمثابرة للوصل إلى الأهداف وتحقيقها إنما يستلزم قدرة ومهارة وأي ضعف في أي من الجوانب عند القائد سيؤثر سلبيا على نجاح العمل وتطويره .(1/93)
وفي الحديث السابق نجد أن القدرة والكفاءة الموجودة عند النبي – صلى الله عليه وسلم – هي التي أهلته ليعطي حلا لموضوع ثوب المصلي .
مراعاة اليسر ورفع الحرج : الشاهد : { فإن كان واسعا فالتحف به وإن كان ضيقا فاتزر به } , ويذكر ( سمارة , 2000 : 150 ) أن الأساس في الأجهزة الإدارية كلها إنما هو التيسير على العباد في تحقيق مصالحهم وسد حاجاتهم في المعاش والمعاد , ومن هذا المنطلق كان اليسر ورفع الحرج من القواعد الشرعية التي يحتم الإسلام مراعاتها في كل عمل وفي كل أمر من أمور البشر في هذه الحياة .
وفي الحديث السابق نلمس اليسر ورفع الحرج من باب أن المسلم له أكثر من وضع للبس ثيابه في الصلاة حتى يؤدي للصلاة حقها وفي نفس الوقت لا يكلفه ذلك شراء الجديد منها إن ضاق قديمها .
اهتمام الصحابة في السؤال عما يخص أمور دينهم : الشاهد : { سألنا جابر بن عبد الله عن الصلاة في الثوب الواحد } , فنلمس هنا اهتمام الصحابة في السؤال عن كل ما يخص أمور دينهم واستغلال الوقت في النقاش بما هو مفيد , وذلك عندما سألوا جابر بن عبد الله عن الصلاة في الثوب الواحد .
الاحترام والتقدير : الشاهد : { فأخبرته بحاجتي فلما فرغت , قال : ... } , وهنا يظهر تقدير النبي – صلى الله عليه وسلم – لجابر عندما جعله ينتهي من حاجته التي جاء يسأله فيها ثم سأله عن الثوب الذي صلى الله عليه وسلم فيه . ... المدرسة الكلاسيكية
الإدارة العلمية
فايول ( وحدة الأمر )
الشاهد : { فجئت ليلة لبعض أمري .... فأخبرته بحاجتي }
مبدأ ( وحدة الأمر ) من مبادىء فايول الإدارية , ويذكر (سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أن فايول قصد ( بوحدة الأمر ) أن لا يجوز أن يتلقى الفرد العامل أوامر من أكثر من رئيس أو مشرف واحد .
ونلمس ( وحدة الأمر ) في الحديث السابق من حيث أن جابر بن عبد الله عندما أراد حاجة توجه إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – ليذكر له أمره لأنه قائدهم .(1/94)
المدرسة الكلاسيكية
الإدارة العلمية
فايول ( خضوع المصلحة الشخصية للمصلحة العاملة )
الشاهد : { فإن كان واسعا فالتحف به وإن كان ضيقا فاتزر به }
مبدأ ( خضوع المصلحة الشخصية للمصلحة العامة) من مبادىء فايول الإدارية , ويذكر (سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أنه عندما تتعارض مصلحة العامل الشخصية مع مصلحة المنشأة أو المصلحة العامة يجب التوفيق بينهما على أساس خضوع المصلحة الشخصية لمصلحة المنشأة أو للمصلحة العامة .
ونلمس هذا المبدأ الإداري في الحديث السابق من حيث أن الرجل الذي كان يصلي في الثوب القديم الضيق , ولما سأله النبي – صلى الله عليه وسلم – عن الثوب الضيق الذي كان يصلي فيه فسر له بأنه قديم , فلم يجيز له النبي – صلى الله عليه وسلم – الصلاة فيه لأنه ضيق وفي نفس الوقت لم يجبره على شراء واحد جديد بل وضح له – صلى الله عليه وسلم – الطريقة التي يلبس فيه الثوب من باب خضوع المصلحة الشخصية للمصلحة العامة .
المدرسة الكلاسيكية
الإدارة العلمية
فايول ( مبدأ المبادأة )
الشاهد : { فوجدته يصلي وعلي ثوب واحد فاشتملت به وصليت إلى جانبه }
يذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 33) أن المقصود بالمبادأة : التفكير في الخطة وتنفيذها عن طريق إفساح المجال للمرؤوسين لتطبيق هذا المبدأ ويجب على الرؤساء العمل على تشجيع المبادأة والابتكار في المرؤوسين.
وهذا يتضح من موقف جابر بن عبد الله عندما لم يملك سوى ثوب واحد اشتمل به لكي لا يضيع الصلاة خلف النبي – صلى الله عليه وسلم – .
المدرسة الكلاسيكية
البيروقراطية
استخدام الخبراء
الشاهد : { قال – أي النبي صلى الله عليه وسلم - : ما السري يا جابر ؟ فأخبرته بحاجتي } .
الشاهد : { سألنا جابر بن عبد الله عن الصلاة في الثوب الواحد } .(1/95)
يذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 39) أن البيروقراطية ظهرت كرد فعل للمدرسة العلمية التي أهملت لإنسان وكرد فعل للعلاقات الإنسانية التي غالت في الاهتمام بالإنسان .
وهناك عدة خصائص للبيروقراطية , منها : ( استخدام الخبراء ) أي أن التنظيم البيروقراطي في وضعه المثالي مبني على أساس استخدام الخبراء بناء على مؤهلاتهم وخبرتهم .
ويتضح لنا من الحديث أن استخدام الخبراء يكمن في إخبار جابر بن عبد الله للنبي – صلى الله عليه وسلم – لحاجته لأنه قائد المسلمين ورسول البشرية جمعاء .
وأيضا يظهر استخدام الخبراء في سؤال بعض الصحابة المهتمين بأمور دينهم لجابر بن عبد الله في أمر الصلاة في الثوب الواحد .
مدرسة العلاقات الإنسانية
الشاهد : { ما السري يا جابر ؟ ...ما هذا الاشتمال الذي رأيت } .
العلاقات الإنسانية هي نوع من علاقات العمل الذي يهتم بالجوانب الإنسانية والاجتماعية في المنظمة وهي بذلك تستهدف الوصول بالعاملين إلى أفضل إنتاج في ظل أفضل ما يمكن أن يؤثر على الفرد من عوامل نفسية ومعنوية باعتباره إنسانا وجدانيا وانفعاليا أكثر منه رشيدا ومنطقيا (النمر وآخرون : 63)
واهتمت المدرسة الإنسانية بعدة نقاط , وهي :- ( زويلف : 37 )
الاهتمام بالجانب الإنساني .
الاهتمام بالحوافز غير المادية
كشفت مدرسة العلاقات الإنسانية أهمية المنظمات غير الرسمية .
كشفت المدرسة الإنسانية ما للجماعة من أثر على سلوك الفرد .
ويذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 38 ) أنه من الانتقادات التي وجهت للمدرسة العلمية هي نظريتها للتنظيم الغير رسمي وإهمالها له .(1/96)
ونلمس العلاقات الإنسانية في الحديث السابق من باب حرص النبي – صلى الله عليه وسلم – على السؤال عما يخص أمته , فعندما جاءه جابر في الليل انتظره حتى فرغ من صلاته ثم سأله النبي – صلى الله عليه وسلم – عما جاء به , وأيضا تتضح العلاقات الإنسانية من باب سؤال النبي – صلى الله عليه وسلم – عن الاشتمال الذي كان يلبسه ليستفسر منه عنه من باب العلاقات الإنسانية بين النبي – صلى الله عليه وسلم – والمؤمنين .
نظرية ماسلو
الحاجة إلى الاحترام والتقدير
الشاهد : { لتلبسها صاحبتها من جلبابها}
يذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 73 ) أن ماسلو قام بترتيب الحاجات الإنسانية على شكل هرم تمثل قاعدته الحاجات الفسيولوجية الأساسية وتتدرج تلك الحاجات ارتفاعا حتى تصل إلى قمة الهرم حيث الحاجة إلى تحقيق الذات .
وينطبق في هذا الحديث ( الحاجة إلى الاحترام والتقدير , ويذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 75 ) أن إحساس الفرد بأنه مجرد عضو في جماعة يعني أن ملكاته الإبداعية ومواهبه التي أمده الله بها ستظل معطلة ما لم يدفع الله تعالى الناس بعضهم بعضا , ولذلك فالإنسان بفطرته يتنافس مع أقرانه لإثبات أنه متميز عنهم بشيء ما , فهو يبحث عن الاحترام والتقدير من الآخرين , ويتضح الاحترام والتقدير من الحديث السابق من أن النبي – صلى الله عليه وسلم – سأل جابر بن عبد الله عن حاجته التي جاءت به في الليل , ثم بعد ذلك سأله عن اشتماله الذي صلى الله عليه وسلم به .
نظرية الظروف ( الأوضاع )
الشاهد : { ما هذا الاشتمال الذي رأيت؟}
يذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 47) أن الاتجاه الظرفي في الإدارة يعد أسلوبا حديثا في العمل الإداري يقوم على أساس أنه ليس هناك مفهوم أو نظرية إدارية يمكن تطبيقها في مختلف الأوقات والظروف على كل أنواع المؤسسات , وإنما يجب استخدام هذه المفاهيم والنظريات الإدارية بشكل انتقائي يتناسب مع الظروف التي تعيشها المؤسسة .(1/97)
والحديث السابق يطابق النظرية من حيث أن الظرف الذي مر به جابر بن عبد الله وهو ضيق الثوب الذي صلى الله عليه وسلم به نتيجة أنه قديم هو ما جعل النبي – صلى الله عليه وسلم – يوضح له الطريقة الصحيحة للبسه أثناء الصلاة دون الحاجة إلى شراء واحد جديد .
الباب المستنبط ... الحديث – رقمه – تفسيره
علاقته بمبادىء النظرية الإسلامية ... المدارس والنظريات الإدارية
الأهداف :-
جواز خروج المرأة لتشهد صلاة الجماعة .
وجوب خروج المرأة متسترة وغير متطيبة ولا يظهر من زينتها شيء اتقاء الفتنة .
الوظائف :-
تنظيم
الشاهد : {فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات في مروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد }
يعرف ( النمر وآخرون , 1417هـ : 148 ) التنظيم على أنه عملية أو وظيفة أو عمل يقوم به المدير من أجل تجميع أوجه النشاط اللازمة لتحقيق الأهداف , فالتنظيم ليس هدفا في حد ذاته ولكنه وسيلة للوصول إلى الهدف بطريقة أفضل وبأسلوب أكفا .
ويذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 151 ) أن هناك عددا من المبادىء التنظيمية , وهي : ( مبدأ وحدة الهدف – مبدأ التخصص وتقسيم العمل – مبدأ وحدة القيادة أو الأمر – مبدأ نطاق الإشراف – مبدأ تكافؤ السلطة والمسئولية – مبدأ تفويض السلطة – مبدأ المركزية واللامركزية ) .
وفي الحديث السابق نلمس ( وظيفة التنظيم ) من حيث تنظيم النساء لأمر خروجهن ليشهدن الصلاة مع النبي – صلى الله عليه وسلم - , فقد خرجن بكامل حجابهن بحيث لا يعرفهن أحد من شدة الحجاب .
تخطيط
الشاهد : { فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات في مروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد }
يعرف ( النمر وآخرون : 95 ) التخطيط على أنه " عمل ذهني يعتمد على التفكير العميق والرؤية الصائبة التي يستخدمها المخطط في رؤية حاضره ومواجهة مستقبله " .
ويذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 101 ) أن التخطيط يشتمل على عدد من المقومات الأساسية , وهي :-
الأهداف .(1/98)
التنبؤ .
السياسات والبرامج .
الإجراءات .
طرق العمل ( الوسائل والإمكانات ) .
وتنطبق المقومات السابقة على الحدي السابق كما يلي :-
أولا : الأهداف : وهي النتائج المطلوب تحقيقها في المستقبل , وتختلف الأهداف من حيث المدة الزمنية التي تغطيها ودرجة شموليتها فهناك الأهداف الطويلة الأجل والأهداف المتوسطة الأجل والأهداف القصيرة الأجل .
وفي الحديث السابق كان الهدف من هذا التخطيط هو التخطيط للطريقة التي يمكن أن تخرج بها النساء إلى الصلاة ويكن متبعات لأوامر النبي – صلى الله عليه وسلم – التي أمرهن بها في الحجاب .
والهدف السابق هو هدف طويل الأجل .
ثانيا : التنبؤ : والتنبؤ هو نشاط ذهني مرتبط بوجود النشاط الإنساني وهو نتيجة لارتباط النشاط الزمني بعنصر الوقت , فالتنبؤ الدقيق يساعد على اتخاذ القرارات السليمة .
ويظهر عنصر التنبؤ من باب أن خروج المؤمنات بالحجاب الكامل كان تنبؤا بأن يصادفهن أي رجل في الطريق فيعرفن .
ثالثا ورابعا : السياسات والإجراءات : والسياسات مجموعة المبادىء والقواعد التي تحكم سير العمل والمحددة سلفا بمعرفة الإدارة والتي يسترشد بها العاملون في المستويات المختلفة عند اتخاذ القرارات والتصرفات المتعلقة بتحقيق الأهداف , إذن السياسات هي المرشد لاختيار الطريق الذي وصل للهدف .
أما الإجراءات هي بمثابة الخطوات المكتبية والمراحل التفصيلية التي توضح أسلوب إتمام الأعمال وكيفية تنفيذها والمسئولين عن تنفيذها والمدة الزمنية اللازمة لإتمام هذه الأعمال , إذن الإجراءات هي خط سير لجميع الأعمال التي تتم داخل المنظمة والتي على ضوئها يتم تنفيذ تلك الأعمال .
والسياسات والإجراءات تعبر في الحديث السابق عن الطريقة التي فكرن بها المسلمات لحجابهن بحيث يشهدن الصلاة بدون أن يعرفهن أحد .
خامسا : تدبير الوسائل والإمكانات : الوسيلة لترجمة الأهداف إلى شيء ملموس بما يساعد على إكمال الأعمال وتحقيق الأهداف .(1/99)
والوسائل والإمكانات التي اتبعنها المؤمنات هي الحجاب الكامل والتلفع في مروطهن بحيث لا يظهرن منهن ما يدل عليهن فيعدن إلى بيوتهن فلا يعرفهن أحد.
التوجيه
الشاهد: { أن عائشة قالت : ... }
يذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 18 ) أن التوجيه يتعلق مباشرة بإدارة العنصر الإنساني في المؤسسة .
ويضيف ( الشلعوط, 1423هـ : 128 ) أن التوجيه يتعلق بإرشاد المرؤوسين وتوجيههم خلال أدائهم للعمل من حيث إعطائهم التعليمات اللازمة والنصح والإرشاد للتنفيذ التي توضح ما خفي من أمور وإرشادهم لكيفية التعامل مع ما يواجهونه من مشكلات.
ويتضح التوجيه في الحديث السابق من خلال توجيه السيدة عائشة لنساء المؤمنات للطريقة الصحيحة التي يجب أن يخرجن بها إذا أردن أن يشهدن صلاة الجماعة , وكان التوجيه بذكر القدوة .
التوجيه ( الاتصال )
الشاهد : { أخبرني عروة أن عائشة قاتلت : ... }
يذكر ( الشلعوط , 1423هـ : 132 ) أن الاتصال مبني على أساس نقل المعلومات وتبادلها والإفصاح عمّا يدور في النفس البشرية على شكل معنى يراد إيصاله إلى الآخرين وفي الغالب أن وسيلة الاتصال هي الكلام.
ويذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 378 ) أن عناصر عملية الاتصال : ( المرسل والرسالة وقناة الاتصال والمستقبل والاستجابة ) .
ويذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 383 ) أن وسائل الاتصالات : ( الاتصال الشخصي أو الشفوي – الاتصال الكتابي ) .
وفي الحديث السابق نجد أن الاتصال كان بين السيدة عائشة وبين من سمعها وروى عنها قولها ويمكن أن نفصل عناصر الاتصال على النحو التالي:
المرسل : السيدة عائشة – رضي الله عنها – .
المستقبل : هو الراوي وهو من متن الحديث (عروة) الذي أخبر شعيب بن الزهري الذي أخبر أبو اليمان .
الرسالة : كيفية حجاب النساء المؤمنات عندما يشهدن الصلاة خلف النبي – صلى الله عليه وسلم – .
قناة الاتصال ( وسيلة الاتصال ) : اتصال شفهي أو شخصي تم بطريقة مباشرة وجها لوجه .(1/100)
التوجيه ( القيادة )
الشاهد : { فجئت ليلة لبعض أمري }
يذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 313 ) تعريفا للقيادة على أنها " النشاط الذي يمارسه شخص للتأثير في الآخرين وجعلهم يتعاونون لتحقيق هدف يرغبون في تحقيقه " وهي أيضا "فن التنسيق بين الأفراد والجماعات وشحذ هممهم لبلوغ غاية منشودة " , فلا يمكن أن تكون هناك قيادة بدون مجموعة من الأفراد وبدون وجود قائد يؤثر عليهم وبدون وجود هدف مشترك تسعى الجماعة إلى تحقيقه .
ويتضح لنا في هذا الحديث التوجيه من باب القيادة من باب الصلاة خلف النبي – صلى الله عليه وسلم – .
ومن الحديث نجد أن ( المجموعة التي تتطلبها عملية القيادة : وهي النساء المؤمنات اللواتي شهدن الصلاة خلف النبي – صلى الله عليه وسلم – / والقائد : هو النبي – صلى الله عليه وسلم – الذي صلى الله عليه وسلم خلفه المؤمنون والمؤمنات / والهدف : أن يكون ذكر الحال الذي كن عليه المؤمنات بمثابة قدوة لنساء المؤمنات ( .
مبادىء إدارية :
مبدأ : وحدة الأمر
الشاهد : { لقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يصلي للفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات ...}
مبدأ ( وحدة الأمر ) من مبادىء فايول الإدارية , ويذكر (سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أن فايول قصد ( بوحدة الأمر ) أن لا يجوز أن يتلقى الفرد العامل أوامر من أكثر من رئيس أو مشرف واحد .
ونلمس ( وحدة الأمر ) في الحديث السابق من حيث صلاة المؤمنات خلف النبي – صلى الله عليه وسلم – باعتبار أنه الرئيس والقائد والرسول الذي أرسل إليهم .
استخدام الخبراء
الشاهد : { أخبرني عروة أن عائشة قالت : ... } .
الشاهد : { كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات } .
ويذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 40 ) أن المقصود بـ ( استخدام الخبراء) هو استخدام الأشخاص بناء على مؤهلاتهم وخبراتهم .(1/101)
ويتضح لنا من الحديث أن استخدام الخبراء يكمن في استعانة السلف بالسيدة عائشة – رضي الله عنها – لرواية الأحاديث .
وأيضا يظهر استخدام الخبراء في شهادة المؤمنات للصلاة خلف النبي- صلى الله عليه وسلم – .
متفرقات إدارية :
السلطة
الشاهد : { لقد كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات ... }
يعرف ( سالم وآخرون , 1982م : 127 ) السلطة هي " الحق في إصدار الأوامر والقوة في إجبار الآخرين على تنفيذها " ,ويعرفها أيضا بأنها " الحق في اتخاذ القرارات التي تحكم تصرفات الآخرين " .
ومصادر السلطة ثلاثة : ( السلطة التشريعية – قبول المرؤوسين للسلطة – السلطة الشخصية ) .
والسلطة في الحديث السابق للنبي- صلى الله عليه وسلم – الذي صلى الله عليه وسلم خلفه المؤمنون والمؤمنات , وقد استمد النبي – صلى الله عليه وسلم – سلطته من السلطة التشريعية التي وهبها له الله عز وجل , ومن السلطة الشخصية المتمثلة في صفاته , ومن قبول المرؤوسين لسلطته .
اتخاذ القرارات
الشاهد : { فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات في مروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن من احد }
يذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 349 ) أن عملية اتخاذ القرارات من المهام الأساسية للإدارة بل هي الركيزة الأساسية في العمل الإداري لأن العملية الإدارية لا تخرج عن كونها عملية اتخاذ القرارات فهي عملية متداخلة في جميع وظائف الإدارة ونشاطاتها .
ويضيف ( النمر وآخرون , 1417هـ : 354 ) أن مراحل اتخاذ القرارات تتمثل في النقاط التالية :-
تشخيص المشكلة محل القرار وتحديدها وتحليلها
جمع البيانات والمعلومات ووسائل الحصول عليها.
تحديد البدائل المتاحة وتقويمها .
اختيار البديل المناسب والأفضل .
متابعة القرار وتنفيذه .
ويمكن تطبيق المراحل والخطوات السابقة على الحديث كما يلي :-
تشخيص المشكلة وتحديدها : كيفية خروج النساء للصلاة بدون فتنة للمصلين .(1/102)
جمع البيانات والمعلومات : كانت عن طريق معرفة النساء للأمور التي يمكن أن تواجههن وهي مقابلة أحد من الرجال في طريقهن للصلاة .
تحديد البدائل المتاحة : كانت البدائل المتاحة أمام النساء إما ( عدم الخروج للصلاة – أو الخروج للصلاة بدون اهتمام بأمر الحجاب أو الخروج إلا الصلاة وهن منفذات لأوامر النبي – صلى الله عليه وسلم – في الحجاب ) .
اختيار البديل المناسب والأفضل : كان هناك بديل لا يمكن أن تتخذه المؤمنات وهو خروجهن متبرجات لأنهن دخلت الدين الإسلامي عن كامل اقتناع فكن متبعات لأوامره ومجتنبات لنواهيه .
أما البديلين الآخرين فأحدهما من الممكن اتخاذ القرار فيه وهو عدم خروجهن للصلاة – باعتبار أن صلاة المرأة في بيتها أفضل - , ولكمن كان قرارهن لو تم البديل الثاني – وهو خروجهن للصلاتة بأن يكون حجابهن كاملا بحيث لا يظهر من زينتهن شيء ويرجعن إلى بيوتهن بدون أن يعرفهن أحد .
إدارة الموارد البشرية
الشاهد : { فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات في مروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد }
يذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 243 ) أن إدارة الوارد البشرية هي مجموعة من القواعد والأساليب الخاصة بتنظيم ومعاملة العاملين بحيث يمكن الحصول على أكبر قدر من إمكانات الأفراد وطاقاتهم وقدراتهم بما يحقق كفاءة الأداء للفرد وللجماعة وبما يحقق أفضل المزايا وأعظم النتائج .
وهذا ينطبق على ما فعلنه نساء المؤمنات حيث نظمن كيفية خروجهن للصلاة بحيث يشهدن الصلاة خلف النبي – صلى الله عليه وسلم – وفي نفس الوقت يكن متمسكات بأوامر النبي – صلى الله عليه وسلم – في الحجاب .
المسئولية
الشاهد : { فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات في مروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد }.(1/103)
يذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 132 ) أن المسئولية تعني " تعهد المرؤوس أو التزامه بتنفيذ أعمال أو نشاطات معينة معهودة إليه بأقصى قدراته , والالتزام هو أساس المسئولية وتنشأ المسئولية من طبيعة العلاقة بين الرئيس والمرؤوس " .
ومن الحديث السابق نلمس المسئولية من فعل النساء المؤمنات اللواتي شعرن بالمسئولية كاملة حين خرجن إلى الصلاة خلف النبي – صلى الله عليه وسلم – فخرجن متلفعات بمروطهن لا يعرفهن أحد من قوة حجابهن .
إدارة الجودة الكلية
الشاهد: { فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات في مروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد }
يعرف ( النمر وآخرون , 1417هـ : 88 ) إدارة الجودة الشاملة بأنها : " خلق ثقافة متميزة في الأداء حيث يعمل المديرون والموظفون بشكل مستمر ودؤوب لتحقيق توقعات العملاء والمستفيدين وأداء العمل الصحيح بشكل صحيح منذ البداية مع تحقيق الجودة بشكل أفضل وفاعلية عالية وفي أقصر وقت ممكن " .
ويعرفها ( النمر وآخرون , 1417هـ : 89 ) بأنها : " بعض المبادىء التوجيهية والفلسفية التي تمثل أساس التحسن المستمر للمنظمات من خلال استخدام الأساليب الإحصائية والموارد البشرية لتحسين الخدمات والموارد التي تم توفيرها للمنظمة , إضافة إلى النظام الداخلي الذي يحكم عمل المنظمة والدرجة التي يتم بها مواجهة مطالب المستفيدين في الوقت الحاضر وفي المستقبل , وهي خلق التكامل بين الأساليب الإدارية الجوهرية والجهود الحالية لتحسين الأداء والوسائل التقنية وجعلها تعمل في نموذج نظامي موحد موجه لتحقيق التحسن المستمر " , وبالتالي يكون الهدف الأساسي من هذا النموذج هو : " الرقي بالخدمات التي تقمها الأجهزة الإدارية إلى مستوى أفضل يحقق الكفاءة والفاعلية المطلوبة".(1/104)
ومن الحديث السابق نلمس إدارة الجودة الشاملة في حجاب النساء المؤمنات اللواتي شهدن صلاة الجماعة مع النبي – صلى الله عليه وسلم – فقد تحجبن بشكل لا يعرفهن أحد عند رجوعهن إلى بيوتهن , وقد وصفت السيدة عائشة – ري الله عنها – صفة الحجاب بأنهن تلفعن في مروطهن حتى إذا انتهت الصلاة وعدن إلى بيوتهن لا يعرفهن أحد من شدة الحجاب . ... الحديث رقم( 348 ) : حدثنا أبو اليمان قال : أخبرنا شعيب عن الزهري قال : أخبرني عروة أن عائشة قالت : " لقد كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات في مروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد " ( عطا , 1421هـ / ج1 : 99) .
تفسير الحديث :
[متلفعات ] أن التلفع هو أن تشتمل بالثوب حتى تجلل به جسدك , وفي شرح الموطأ لابن حبيب : التلفع لا يكون إلا بتغطية الرأس , والتلفف يكون بتغطية الرأس وكشفه , و[ المروط ] جمع مرط بكسر أوله وهو كساء من خز أو صوف أو غيره , وعن النضر بن شميل ما يقتضي أنه خاص بلبس النساء ( العسقلاني , ج1 : 466 ) .
ويذكر ( العيني , ج4 : 89 ) أن معنى قوله [متلفعات] من التلفع أي ملتحفات والتلفع بالثوب أن يشتمل به حتى يجلل جسده وهو اشتمال الصماء عند العرب لأنه لم يرفع جانبا منه فيكون فيه فرجه وهو عند الفقهاء مثل الاضطباع إلا أنه في ثوب واحد ,واللفاع أي الثوب الذي تلتفع فيه المرأة أي تلتحف به فيغيبها .
و[ المروط ] جمع مرط وقيل ( المرط ) ملجفة يتزر بها والجمع إمراط ومروط وقيل يكون المرط كساء من خز أو صوف أو كتان وقيل أنه الثوب الأخضر وقيل أنه أكسية من شعر أسود وقيل أنه أكسية معلمة وقيل أنه الإزار وقيل أن المرط لا يكون إلا درعا وهو من خز أخضر , .... وتعددت الآراء في المرط وكل الوجوه ذكرها بالتفصيل (العيني , ج 4 : 98 ) .(1/105)
وفي قوله [ ما يعرفهن من أحد ] وهو على أحد الاحتمالين : هل عدم المعرفة بهن لبقاء الظلمة أو لمبالغتهن في التغطية ؟ ( العسقلاني , ج1 : 466 ) .
علاقته بمبادىء النظرية الإسلامية
من الضروريات الخمس ( حفظ الدين ) : الشاهد : {فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات في مروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد } , ويذكر (النحلاوي , 1420هـ : 69 ) أن الضروريات الخمس هي : حفظ الدين – المحافظة على النفس – المحافظة على المال – المحافظة على العقل – المحافظة على العرض والنسل والأنساب .
وفي الحديث يتضح لنا حفظ الدين من باب حرص النساء المؤمنات على أن يشهدن صلاة الجماعة خلف النبي – صلى الله عليه وسلم – وفوق ذلك كله متسترات بالحجاب الشامل الكامل الذي من صفاته لا يدل أحد على معرفتهن .
ومن مقومات الإدارة في الإسلام ( العقل والذكاء والفطنة ) : الشاهد : { فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات في مروطهن } , ويذكر (سمارة , 200 : 99 ) أن من مقومات الإدارة في الإسلام العقل والذكاء والفطنة , إذ أن العقل مناط التكليف في الإسلام أما الذكاء والفطنة ليتمكن بهما القائد من القدرة على تسيير العمل ورسم الخطط والتنسيق بين المواقف وتحديد ما يلزم لكل موقف وليكون في وضع يمكنه من تسيير العمل على أكمل وجه وبأيسر التكاليف وأقل الوقت .
ويتضح لنا من الحديث السابق أن النساء المؤمنات كن على درجة من العقل والذكاء والفطنة ما جعلهن يقررن أن يخرجن بكامل حجابهن إحساسا بالمسئولة بعد إيمانهن واحتراما للدين الإسلامي .(1/106)
من مقومات الإدارة في الإسلام ( القدرة والكفاءة ) : الشاهد : { لقد كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات ... } , ويذكر ( سمارة , 2000 : 104) أن الإسلام يفرض على كل متول لقيادة أو عمل لأن يكون قادرا على القيام بما وكل إليه من عمل , فالقدرة والكفاءة من لوازم القيادة الرئيسية حيث أن الأعمال المناطة بالقيادة تستوجب ذلك حيث أن التوجيه والتنظيم والتخطيط والمثابرة للوصل إلى الأهداف وتحقيقها إنما يستلزم قدرة ومهارة وأي ضعف في أي من الجوانب عند القائد سيؤثر سلبيا على نجاح العمل وتطويره .
وفي الحديث السابق نجد أن القدرة والكفاءة الموجودة عند النبي – صلى الله عليه وسلم – هي التي أهلته ليكون القائد في الصلاة ويصلي خلفه المؤمنون والمؤمنات .
اهتمام السلف في توضيح أمور الدين : الشاهد : {أن عائشة قال : ... } , ومما سبق نجد أن السلف الصالح يهتم بتوضيح أمور الدين لمن يتبعه من الأمم , وهذا ما فعلته السيدة عائشة فقد كان ذكرها لحال المؤمنات وما كن عليه من الحجاب دعوة لاتخاذهن قدوة لكافة نساء المسلمين .
تخطيط من أجل تعليم الأجيال الصاعدة : الشاهد : {أن عائشة قالت : ... } , ويذكر (الشلعوط , 1423هـ : 106 ) أن هذا يشمل التعليم والتربية والاهتمام بالأجيال , فقد رسم لنا الإسلام الطريق لذلك .
ويتجلى من الحديث الشريف اهتمام عائشة لتعليم الأجيال الصاعدة من النساء المؤمنات , وكانت الطريقة بذكر حال النساء في السابق بدلا من ذكرها كموعظة وإرشاد بل بذكر القدوات الصالحات من النساء .(1/107)
(أسلوب التربية بالقدوة) : الشاهد : { أن عائشة قالت : ..... فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات في مروطهن ... } ويذكر الحديث أحد أساليب التربية الإسلامية وهي التربية بالقدوة , وتتضح من ذكر السيدة عائشة لحال السلف الصالح من نساء المؤمنات وكيف كان حجابهن ليكن قدوة يحتذى بها من قبل فتيات ونساء المسلمين .
حق الطاعة والاستجابة : الشاهد : { فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات في مروطهن ... } يذكر ( الفهداوي , 1421هـ : 72 ) أن حقوق الإدارة على المجتمع المسلم هي : ( حق الطاعة ولاستجابة – حق النصرة والمعاونة والولاء – حق تلبية نداء الجهاد ).
ومن الحديث يتضح لنا حق الطاعة والاستجابة لولي الأمر في استجابة النساء المؤمنات لأوامر الدين الإسلامي والاستماع إلى أوامر النبي – صلى الله عليه وسلم – في أمور حجابهن . ... المدرسة الكلاسيكية
الإدارة العلمية
فايول ( وحدة الأمر )
الشاهد : { لقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يصلي للفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات ...}
مبدأ ( وحدة الأمر ) من مبادىء فايول الإدارية , ويذكر (سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أن فايول قصد ( بوحدة الأمر ) أن لا يجوز أن يتلقى الفرد العامل أوامر من أكثر من رئيس أو مشرف واحد .
ونلمس ( وحدة الأمر ) في الحديث السابق من حيث صلاة المؤمنات خلف النبي – صلى الله عليه وسلم – باعتبار أنه الرئيس والقائد والرسول الذي أرسل إليهم .
المدرسة الكلاسيكية
البيروقراطية
استخدام الخبراء
الشاهد : { أخبرني عروة أن عائشة قالت : ... } .
الشاهد : { كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات } .
يذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 39) أن البيروقراطية ظهرت كرد فعل للمدرسة العلمية التي أهملت لإنسان وكرد فعل للعلاقات الإنسانية التي غالت في الاهتمام بالإنسان .(1/108)
وهناك عدة خصائص للبيروقراطية , منها : ( استخدام الخبراء ) أي أن التنظيم البيروقراطي في وضعه المثالي مبني على أساس استخدام الخبراء بناء على مؤهلاتهم وخبرتهم .
ويتضح لنا من الحديث أن استخدام الخبراء يكمن في استعانة السلف بالسيدة عائشة – رضي الله عنها – لرواية الأحاديث .
وأيضا يظهر استخدام الخبراء في شهادة المؤمنات للصلاة خلف النبي- صلى الله عليه وسلم – .
نظرية ماسلو
الحاجات الاجتماعية
الشاهد : { ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد } .
يذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 73 ) أن ماسلو قام بترتيب الحاجات الإنسانية على شكل هرم تمثل قاعدته الحاجات الفسيولوجية الأساسية وتتدرج تلك الحاجات ارتفاعا حتى تصل إلى قمة الهرم حيث الحاجة إلى تحقيق الذات .
وينطبق في هذا الحديث ( الحاجات الاجتماعية ) ويذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 75 ) أن الإنسان اجتماعي بطبعه , فلكي يعيش ويتقدم لا بد له من أن يرتبط بالآخرين ويتعاون معهم , لذلك زوده الله سبحانه وتعالى بالحاجات الاجتماعية التي تدفعه للعمل ليس لمجرد إشباع حاجاته الطبيعية ولكن لكي يعيش حياة اجتماعية طبيعية ويتصل بالناس وينتمي إلى جماعة معينة .
وهذا يتضح من خروج النساء للصلاة في جماعة ورجوعهن من الصلاة في جماعة .
نظرية الظروف ( الأوضاع )
الشاهد : { فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات في مروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد }
يذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 47) أن الاتجاه الظرفي في الإدارة يعد أسلوبا حديثا في العمل الإداري يقوم على أساس أنه ليس هناك مفهوم أو نظرية إدارية يمكن تطبيقها في مختلف الأوقات والظروف على كل أنواع المؤسسات , وإنما يجب استخدام هذه المفاهيم والنظريات الإدارية بشكل انتقائي يتناسب مع الظروف التي تعيشها المؤسسة .(1/109)
والحديث السابق يطابق النظرية من حيث أن الظرف الذي مرت به النساء المؤمنات وهو خروجهن للصلاة خلف النبي – صلى الله عليه وسلم – ومعه الرجال المؤمنون وهو ما دفعهن إلى الخروج متلفعات بمروطهن لا يعرفهن أحد من حجابهن .
نظرية النظم
الشاهد : { فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات في مروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد }
يذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 81 ) مدخل النظم يؤكد على أن المنظمة تتكون من أجزاء ترتبط ببعضها البعض بعلاقة تفاعل وتداخل , أي أن كل جزء منها يؤثر في الأجزاء الأخرى ويتأثر بها , وأن الكيان الكلي يتأثر بهذه الأجزاء جميعا ويؤثر فيها , بمعنى أنه إذا حدث تغيير في أي من هذه الأجزاء فإن الأجزاء الأخرى والمنظمة بكاملها تتغير أيضا .
وأن أي نظام مفتوح يحصل على "مدخلات" من البيئة ويجري عليها "عمليات" أو نشاطات معينة ينتج عنها "مخرجات" تصب في البيئة .
والمدخلات : هي النساء اللواتي سيخرجن للصلاة خلف النبي – صلى الله عليه وسلم – .
العمليات : الطريقة التي سيخرجن بها ليشهدن صلاة الجماعة .
المخرجات : خروج النساء المؤمنات ليشهدن صلاة الجماعة متلفعات بمروطهن لا يظهر منهن ما يدل عليهن .
الباب المستنبط ... الحديث – رقمه – تفسيره
علاقته بمبادىء النظرية الإسلامية ... المدارس والنظريات الإدارية
الأهداف :-
جواز إجابة الدعوة ولو لم تكن عرسا ولو كان الداعي امرأة لكن حيث تؤمن الفتنة .
جوزا الأكل من طعام الدعوة .
جواز صلاة النافلة جماعة في البيوت .
الاهتمام بتنظيف مكان المصلى .
جواز قيام الصبي والانضمام إلى صفوف الصلاة , مع ضرورة تأخير النساء عن صفوف الرجال .
بيان قيام المرأة في صف لوحدها إن لم يكن معها نساء , أي جواز صلاة المنفرد خلف الصف وحده .
صحة صلاة الصبي المميز ووضوئه .
الوظائف :-
تنظيم
الشاهد : { فقام رسول الله –صلى الله عليه وسلم – وصففت واليتيم وراءه والعجوز من خلفنا }(1/110)
يعرف ( النمر وآخرون , 1417هـ : 148 ) التنظيم على أنه عملية أو وظيفة أو عمل يقوم به المدير من أجل تجميع أوجه النشاط اللازمة لتحقيق الأهداف , فالتنظيم ليس هدفا في حد ذاته ولكنه وسيلة للوصول إلى الهدف بطريقة أفضل وبأسلوب أكفا .
ويذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 151 ) أن هناك عددا من المبادىء التنظيمية , وهي : ( مبدأ وحدة الهدف – مبدأ التخصص وتقسيم العمل – مبدأ وحدة القيادة أو الأمر – مبدأ نطاق الإشراف – مبدأ تكافؤ السلطة والمسئولية – مبدأ تفويض السلطة – مبدأ المركزية واللامركزية ) .
وفي الحديث السابق نلمس ( وظيفة التنظيم ) من حيث التنظيم في صفوف المصلين وترتيبهم لمواقع صلاة الرجل والمرأة أثناء صلاة الجماعة .
تخطيط
الشاهد : { فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس فنضحته بماء }
يعرف ( النمر وآخرون : 95 ) التخطيط على أنه "عمل ذهني يعتمد على التفكير العميق والرؤية الصائبة التي يستخدمها المخطط في رؤية حاضره ومواجهة مستقبله " .
ويذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 101 ) أن التخطيط يشتمل على عدد من المقومات الأساسية , وهي :-
الأهداف .
التنبؤ .
السياسات والبرامج .
الإجراءات .
طرق العمل ( الوسائل والإمكانات ) .
وتنطبق المقومات السابقة على الحدي السابق كما يلي :-
أولا : الأهداف : وهي النتائج المطلوب تحقيقها في المستقبل , وتختلف الأهداف من حيث المدة الزمنية التي تغطيها ودرجة شموليتها فهناك الأهداف الطويلة الأجل والأهداف المتوسطة الأجل والأهداف القصيرة الأجل .
وفي الحديث السابق كان تهيئة مكان للصلاة .
ثانيا : التنبؤ : والتنبؤ هو نشاط ذهني مرتبط بوجود النشاط الإنساني وهو نتيجة لارتباط النشاط الزمني بعنصر الوقت , فالتنبؤ الدقيق يساعد على اتخاذ القرارات السليمة .
ويظهر عنصر التنبؤ من باب كيفية التصرف في حال وجود شيء في الحصير المراد الصلاة عليه من أوساخ ما شابه .(1/111)
ثالثا ورابعا : السياسات والإجراءات : والسياسات مجموعة المبادىء والقواعد التي تحكم سير العمل والمحددة سلفا بمعرفة الإدارة والتي يسترشد بها العاملون في المستويات المختلفة عند اتخاذ القرارات والتصرفات المتعلقة بتحقيق الأهداف , إذن السياسات هي المرشد لاختيار الطريق الذي وصل للهدف .
أما الإجراءات هي بمثابة الخطوات المكتبية والمراحل التفصيلية التي توضح أسلوب إتمام الأعمال وكيفية تنفيذها والمسئولين عن تنفيذها والمدة الزمنية اللازمة لإتمام هذه الأعمال , إذن الإجراءات هي خط سير لجميع الأعمال التي تتم داخل المنظمة والتي على ضوئها يتم تنفيذ تلك الأعمال .
والسياسات والإجراءات تعبر في الحديث السابق عن الطريقة التي سيتصرف بها أنس في تنظيفه للحصير ليكون مناسبا للصلاة عليه .
خامسا : تدبير الوسائل والإمكانات : الوسيلة لترجمة الأهداف إلى شيء ملموس بما يساعد على إكمال الأعمال وتحقيق الأهداف .
والوسائل والإمكانات التي اتبعها أنس هي نضح الحصير بماء حتى ينظف ويكون صالحا للسجود عليه .
التوجيه
الشاهد: { قوموا فلأصل لكم }
يذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 18 ) أن التوجيه يتعلق مباشرة بإدارة العنصر الإنساني في المؤسسة .
ويضيف ( الشلعوط, 1423هـ : 128 ) أن التوجيه يتعلق بإرشاد المرؤوسين وتوجيههم خلال أدائهم للعمل من حيث إعطائهم التعليمات اللازمة والنصح والإرشاد للتنفيذ التي توضح ما خفي من أمور وإرشادهم لكيفية التعامل مع ما يواجهونه من مشكلات.
ويتضح التوجيه في الحديث السابق من خلال دعوة النبي – صلى الله عليه وسلم – للجماعة الذين دعوه إلى الصلاة بهم جماعة ليكون توجيهه للصلاة عمليا , وهذا دليل على أن النبي – صلى الله عليه وسلم – لا يفوت فرصة يمكن أن يعلم فيها المسلمين أمرا من أمور دينهم.
التوجيه ( الاتصال )
الشاهد : { أن جدته مليكة دعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لطعام صنعته له فأكل منه }(1/112)
يذكر ( الشلعوط , 1423هـ : 132 ) أن الاتصال مبني على أساس نقل المعلومات وتبادلها والإفصاح عمّا يدور في النفس البشرية على شكل معنى يراد إيصاله إلى الآخرين وفي الغالب أن وسيلة الاتصال هي الكلام.
ويذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 378 ) أن عناصر عملية الاتصال : ( المرسل والرسالة وقناة الاتصال والمستقبل والاستجابة ) .
ويذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 383 ) أن وسائل الاتصالات : ( الاتصال الشخصي أو الشفوي – الاتصال الكتابي ) .
وفي الحديث السابق نجد أن الاتصال كان بين مليكة التي دعت النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى الطعام وبين النبي – صلى الله عليه وسلم – الذي لبى الدعوة .
المرسل : مليكة جدة أنس بن مالك – رضي الله عنه – والتي دعت النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى الطعام .
المستقبل : هو النبي – صلى الله عليه وسلم – الذي لبى الدعوة .
الرسالة : الطريقة التي أوصلت بها مليكة الدعوة إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – ولم يوضحها الحديث .
قناة الاتصال ( وسيلة الاتصال ) : الطريقة التي دعت بها مليكة النبي – صلى الله عليه وسلم – ولم يتم إيضاحها في الحديث .
التوجيه ( القيادة )
الشاهد : { قوموا فلأصل لكم }
يذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 313 ) تعريفا للقيادة على أنها " النشاط الذي يمارسه شخص للتأثير في الآخرين وجعلهم يتعاونون لتحقيق هدف يرغبون في تحقيقه " وهي أيضا "فن التنسيق بين الأفراد والجماعات وشحذ هممهم لبلوغ غاية منشودة " , فلا يمكن أن تكون هناك قيادة بدون مجموعة من الأفراد وبدون وجود قائد يؤثر عليهم وبدون وجود هدف مشترك تسعى الجماعة إلى تحقيقه .
ويتضح لنا في هذا الحديث التوجيه من باب القيادة من باب الصلاة خلف النبي – صلى الله عليه وسلم – .(1/113)
ومن الحديث نجد أن ( المجموعة التي تتطلبها عملية القيادة : وهي اليتيم وأنس بن مالك والعجوز وهي مليكة جدة أنس بن مالك / والقائد : هو النبي – صلى الله عليه وسلم – الذي صلى الله عليه وسلم خلفه الجماعة الذين دعوه إلى الطعام / والهدف : تعليمهم أفعال الصلاة بالمشاهد لأجل المرأة فإنه قد يخفى عليها بعض التفاصيل لبعد موقفها ( .
مبادىء إدارية :
مبدأ : وحدة الأمر
الشاهد : { قوموا فلأصل لكم }
مبدأ ( وحدة الأمر ) من مبادىء فايول الإدارية , ويذكر (سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أن فايول قصد ( بوحدة الأمر ) أن لا يجوز أن يتلقى الفرد العامل أوامر من أكثر من رئيس أو مشرف واحد .
ونلمس ( وحدة الأمر ) في الحديث السابق من حيث الجماعة خلف النبي – صلى الله عليه وسلم – باعتبار أنه الرئيس والقائد والرسول الذي أرسل إليهم .
استخدام الخبراء
الشاهد : { قوموا فلأصل لكم }
ويذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 40 ) أن المقصود بـ ( استخدام الخبراء) هو استخدام الأشخاص بناء على مؤهلاتهم وخبراتهم .
ويتضح لنا من الحديث أن استخدام الخبراء يكمن في صلاة المرأة وأنس بن مالك واليتيم خلف النبي – صلى الله عليه وسلم – جماعة .
مبدأ : المبادأة
الشاهد : { فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس فنضحته بماء }
يذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أن المقصود بالمبادأة : التفكير في الخطة وتنفيذها عن طريق إفساح المجال للمرؤوسين لتطبيق هذا المبدأ ويجب على الرؤساء العمل على تشجيع المبادأة والابتكار في المرؤوسين.
ويتضح من الحدي السابق مبادأة أنس بن مالك وحسن وسرعة تصرفه وذلك من خلال تدبيرة للحصير الذي سيصلون عليه ومن خلال سرعة تنظيفة له والطريقة التي نظفه بها حيث نضحه بماء ليكون جاهزا للصلاة عليه .
متفرقات إدارية :
السلطة
الشاهد : { قوموا فلأصل لكم }(1/114)
يعرف ( سالم وآخرون , 1982م : 127 ) السلطة هي " الحق في إصدار الأوامر والقوة في إجبار الآخرين على تنفيذها " , ويعرفها أيضا بأنها " الحق في اتخاذ القرارات التي تحكم تصرفات الآخرين " .
ومصادر السلطة ثلاثة : ( السلطة التشريعية – قبول المرؤوسين للسلطة – السلطة الشخصية ) .
والسلطة في الحديث السابق للنبي- صلى الله عليه وسلم – الذي صلى الله عليه وسلم خلفه الجماعة الذين دعوه إلى الطعام حيث انصاعوا إلى طلبه حبا فيه وفي الإسلام الذي انضموا له , وإتباعهم للنبي – صلى الله عليه وسلم كان نتيجة السلطة التشريعية التي وهبه الله من خلال النبوة ومن خلال السلطة الشخصية التي تتجلى في صفاته – صلى الله عليه وسلم – والتي وصفتها السيدة عائشة – رضي الله عنها – بقولها [ كان خلقه القرآن ] .
اتخاذ القرارات
الشاهد : { فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس فنضحته بماء}
يذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 349 ) أن عملية اتخاذ القرارات من المهام الأساسية للإدارة بل هي الركيزة الأساسية في العمل الإداري لأن العملية الإدارية لا تخرج عن كونها عملية اتخاذ القرارات فهي عملية متداخلة في جميع وظائف الإدارة ونشاطاتها .
ويضيف ( النمر وآخرون , 1417هـ : 354 ) أن مراحل اتخاذ القرارات تتمثل في النقاط التالية :-
تشخيص المشكلة محل القرار وتحديدها وتحليلها
جمع البيانات والمعلومات ووسائل الحصول عليها.
تحديد البدائل المتاحة وتقويمها .
اختيار البديل المناسب والأفضل .
متابعة القرار وتنفيذه .
ويمكن تطبيق المراحل والخطوات السابقة على الحديث كما يلي :-
تشخيص المشكلة وتحديدها : تهيئة المكان المناسب للصلاة .
جمع البيانات والمعلومات : الاسوداد الذي رآه انس على الحصير من طول ما بقي ولبس .
تحديد البدائل المتاحة : إما الصلاة على الأرض بدون حصير , ا, الصلاة على الحصير بدون تنظيف , أو تنظيف الحصير وجعله مهيئا للصلاة عليه .(1/115)
اختيار البديل المناسب والأفضل : من الطبيعي أن يكون البديل ألمثل أمام أنس بن مالك هو تنظيف الحصير وجعله مهيئا للصلاة عليه .
إدارة الموارد البشرية
الشاهد : { قوموا فلأصل لكم }
يذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 243 ) أن إدارة الوارد البشرية هي مجموعة من القواعد والأساليب الخاصة بتنظيم ومعاملة العاملين بحيث يمكن الحصول على أكبر قدر من إمكانات الأفراد وطاقاتهم وقدراتهم بما يحقق كفاءة الأداء للفرد وللجماعة وبما يحقق أفضل المزايا وأعظم النتائج .
وهذا ينطبق على ما فعله النبي – صلى الله عليه وسلم – حينما طلب منهم أن يصلي بهم صلاة النافلة جماعة .
إدارة الجودة الكلية
الشاهد: { فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس فنضحته بماء }
يعرف ( النمر وآخرون , 1417هـ : 88 ) إدارة الجودة الشاملة بأنها : " خلق ثقافة متميزة في الأداء حيث يعمل المديرون والموظفون بشكل مستمر ودؤوب لتحقيق توقعات العملاء والمستفيدين وأداء العمل الصحيح بشكل صحيح منذ البداية مع تحقيق الجودة بشكل أفضل وفاعلية عالية وفي أقصر وقت ممكن " .
ويعرفها ( النمر وآخرون , 1417هـ : 89 ) بأنها : " بعض المبادىء التوجيهية والفلسفية التي تمثل أساس التحسن المستمر للمنظمات من خلال استخدام الأساليب الإحصائية والموارد البشرية لتحسين الخدمات والموارد التي تم توفيرها للمنظمة , إضافة إلى النظام الداخلي الذي يحكم عمل المنظمة والدرجة التي يتم بها مواجهة مطالب المستفيدين في الوقت الحاضر وفي المستقبل , وهي خلق التكامل بين الأساليب الإدارية الجوهرية والجهود الحالية لتحسين الأداء والوسائل التقنية وجعلها تعمل في نموذج نظامي موحد موجه لتحقيق التحسن المستمر " , وبالتالي يكون الهدف الأساسي من هذا النموذج هو : " الرقي بالخدمات التي تقمها الأجهزة الإدارية إلى مستوى أفضل يحقق الكفاءة والفاعلية المطلوبة".(1/116)
ومن الحديث السابق نلمس إدارة الجودة الشاملة من حسن تصرف أنس بن مالك عندما قام بنضح الماء على الحصير لجعله نظيفا صالحا للصلاة عليه . ... الحديث رقم( 367) : حدثنا عبد الله بن يوسف قال : أخبرنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك : " أن جدته مليكة دعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لطعام صنعته له , فأكل منه , ثم قال : قوموا فلأصل لكم , قال أنس : فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس , فنضحته بماء , فقام رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وصففت , واليتيم وراءه , والعجوز من ورائنا فصلى لنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ركعتين , ثم انصرف".( عطا , 1421هـ / ج1 : 101)
تفسير الحديث :
ما يتعلق بالحديث السابق :
يذكر ( العيني , ج 4 : 110 ) أن هناك من الأحاديث ما يتعلق بالحديث السابق وهو ما رواه أبو داوود , حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا المثنى بن سعيد حدثنا قتادة عن أنس بن مالك " أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يزور أم سليم فتدركه الصلاة أحيانا فيصلي على بساط لنا وهو حصير ننضحه بالماء " .
ويفسر ( العسقلاني , ج1 : 380 ) الحديث السابق على النحو التالي :
يذكر في [ الحصير ] بإن كان ما يصلى عليه كبيرا قدر طول الرجل فأكثر فإنه يقال له حصير ولا يقال له خمرة , وكل ذلك يصنع من سعف النخل وما أشبهه .
وفي قوله [ لطعام ] أي لأجل طعام وهو مشعر بأن مجيئه كان لذلك لا ليصلي بهم ليتخذوا مكان صلاته مصلى لهم , أي بدأ الحديث بأصل ما دعي لأجله .
وقوله [ ثم قال قوموا ] استدل به على ترك الوضوء مما مست النار لكونه صلى الله عليه وسلم بعد الطعام .
وقوله [ فلأصلي لكم ] فالأمر هنا بمعنى الخبر ويحنمل أن يكون أمرا لهم بالائتمام لكنه أضافه إلى نفسه لارتباط فعلهم بفعله .(1/117)
وقوله [ من طول ما لبس ] فيه أن الافتراش يسمى لبسا وقد استدل به على منع افتراش الحرير لعموم النهي عن لبس الحرير , ولا يرد على ذلك أن من حلف لا يلبس حريرا فإنه لا يحنث بالافتراش لأن الأيمان مبناها على العرف .
وقوله [ فنضحته ] يحتمل أن يكون النضح لتليين الحصير أو لتنظيفه أو لتطهيره .
وقوله [ والعجوز ] أي هي مليكة المذكورة أولا .
وقوله [ ثم انصرف ] أي إلى بيته أو من الصلاة .
علاقته بمبادىء النظرية الإسلامية
من الضروريات الخمس ( حفظ الدين ) : الشاهد : {قوموا فلأصل لكم } , ويذكر (النحلاوي , 1420هـ : 69 ) أن الضروريات الخمس هي : حفظ الدين – المحافظة على النفس – المحافظة على المال – المحافظة على العقل – المحافظة على العرض والنسل والأنساب .
وفي الحديث يتضح لنا حفظ الدين من باب حرص النبي – صلى الله عليه وسلم – على تعليم الأشخاص الذين دعوه إلى كيفية الصلاة وخاصة للمرأة , ويذكر ( العسقلاني , ج1 : 470 ) أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أراد تعليمهم أفعال الصلاة بالمشاهد لأجل المرأة فإنها قد يخفى عليها بعض التفاصيل لبعد موقفها .
التخطيط من أجل تعليم الأجيال الصاعدة : الشاهد : { قوموا فلأصل لكم } , ويذكر (الشلعوط , 1423هـ : 106 ) أن هذا يشمل التعليم والتربية والاهتمام بالأجيال , فقد رسم لنا الإسلام الطريق لذلك .
ويذكر ( العسقلاني , ج1 : 470 ) أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أراد تعليمهم أفعال الصلاة بالمشاهد لأجل المرأة فإنها قد يخفى عليها بعض التفاصيل لبعد موقفها .(1/118)
ومن مقومات الإدارة في الإسلام ( العقل والذكاء والفطنة ) : الشاهد : { فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس فنضحته بماء } , ويذكر (سمارة , 200 : 99 ) أن من مقومات الإدارة في الإسلام العقل والذكاء والفطنة , إذ أن العقل مناط التكليف في الإسلام أما الذكاء والفطنة ليتمكن بهما القائد من القدرة على تسيير العمل ورسم الخطط والتنسيق بين المواقف وتحديد ما يلزم لكل موقف وليكون في وضع يمكنه من تسيير العمل على أكمل وجه وبأيسر التكاليف وأقل الوقت .
ويتضح لنا من الحديث السابق أن فعل أنس دليل على العقل والذكاء والفطنة في سرعة بديهته حينما قام ونظف الحصير بدون أن يطلب منه ذلك حتى يهيئ مكان للسجود في الصلاة .
من مقومات الإدارة في الإسلام ( القدرة والكفاءة ) : الشاهد : { قوموا فلأصل لكم } , ويذكر ( سمارة , 2000 : 104) أن الإسلام يفرض على كل متول لقيادة أو عمل لأن يكون قادرا على القيام بما وكل إليه من عمل , فالقدرة والكفاءة من لوازم القيادة الرئيسية حيث أن الأعمال المناطة بالقيادة تستوجب ذلك حيث أن التوجيه والتنظيم والتخطيط والمثابرة للوصل إلى الأهداف وتحقيقها إنما يستلزم قدرة ومهارة وأي ضعف في أي من الجوانب عند القائد سيؤثر سلبيا على نجاح العمل وتطويره .
وفي الحديث السابق نجد أن القدرة والكفاءة الموجودة عند النبي – صلى الله عليه وسلم – هي التي أهلته ليكون القائد في الصلاة ويصلي خلفه الصب وأنس والمرأة التي دعته .
أسلوب التربية بالممارسة والعمل : الشاهد : {قوموا فلأصل لكم } .
وتذكر ( أبو رزق , 1420هـ : 201 ) أن من أساليب التربية الإسلامية أسلوب التربية بالعمل والممارسة , وهذا ما فعله النبي – صلى الله عليه وسلم – مع العائلة التي دعته حيث قام بتعليمهم كيفية الصلاة من خلال الصلاة أمامهم .(1/119)
حق الطاعة والاستجابة : الشاهد : { فقام النبي – صلى الله عليه وسلم – وصففت واليتيم ورائه والعجوز من ورائنا } يذكر ( الفهداوي , 1421هـ : 72 ) أن حقوق الإدارة على المجتمع المسلم هي : ( حق الطاعة ولاستجابة – حق النصرة والمعاونة والولاء – حق تلبية نداء الجهاد ).
ومن الحديث يتضح لنا حق الطاعة والاستجابة من خلال طاعتهم وتلبيتهم لنداء النبي – صلى الله عليه وسلم – بأن يؤمهم لصلاة ليس من الفريضة بل نافلة , ومن تفسير الأحاديث يستدل بأنها صلاة الضحى .
التكافل الاجتماعي : الشاهد : { أن جدته مليكة دعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لطعام صنعته له فأكل منه } , ويتضح من تلبية النبي – صلى الله عليه وسلم – لدعوة المرأة التي دعته للطعام دليل على التكافل الاجتماعي الذي يمكن أن يتحقق من خلال التواصل مع الناس في غير أمور الحرام وتلبية الدعوة إن لم يكن فيها حرام .
الاحترام والتقدير : الشاهد : { فقام رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وصففت واليتيم ورائه والعجوز من ورائنا } , وهنا يظهر تقدير أنس والمرأة للرسول – صلى الله عليه وسلم – من صلاتهم ورائه التي تدل على احترامهم وتقديرهم للنبي – صلى الله عليه وسلم – مما جعلهم يلبون دعوته للصلاة وهي ليست من الفرائض بل النوافل .
المرونة في الإدارة : الشاهد : { أن جدته مليكة دعت الرسول – صلى الله عليه وسلم – إلى طعام صنعته له فأكل منه } , ويذكر ( الشلعوط , 1423هـ : 91 ) أن المرونة في الإدارة هي من القواعد الأخلاقية المهمة لمهنة الإدارة التربوية الإسلامية , ويذكر أن طبيعة البشر تتطلب تنوع أسلوب التعامل ما بين الشدة واللين وما بين الحزم والمجاملة وما بين الصرامة والاعتدال وما بين التفرد بالقرار والمشاورة فيه .
ويتجلى مبدأ المرونة في الإدارة من باب إجابة النبي – صلى الله عليه وسلم – لدعوة المرؤوسين وهو القائد والرسول – صلى الله عليه وسلم - .(1/120)
التواضع : الشاهد : { فأكل منه } , وإجابة النبي – صلى الله عليه وسلم – للدعوة وأكله من الطعام الذي صنع له دليل على تواضعه عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم . ... المدرسة الكلاسيكية
الإدارة العلمية
فايول ( وحدة الأمر )
الشاهد : { قوموا فلأصل لكم }
مبدأ ( وحدة الأمر ) من مبادىء فايول الإدارية , ويذكر (سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أن فايول قصد ( بوحدة الأمر ) أن لا يجوز أن يتلقى الفرد العامل أوامر من أكثر من رئيس أو مشرف واحد .
ونلمس ( وحدة الأمر ) في الحديث السابق من حيث الجماعة خلف النبي – صلى الله عليه وسلم – باعتبار أنه الرئيس والقائد والرسول الذي أرسل إليهم
المدرسة الكلاسيكية
الإدارة العلمية
فايول ( المبادأة )
الشاهد : { فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس فنضحته بماء }
يذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 33 ) أن المقصود بالمبادأة : التفكير في الخطة وتنفيذها عن طريق إفساح المجال للمرؤوسين لتطبيق هذا المبدأ ويجب على الرؤساء العمل على تشجيع المبادأة والابتكار في المرؤوسين.
ويتضح من الحدي السابق مبادأة أنس بن مالك وحسن وسرعة تصرفه وذلك من خلال تدبيرة للحصير الذي سيصلون عليه ومن خلال سرعة تنظيفة له والطريقة التي نظفه بها حيث نضحه بماء ليكون جاهزا للصلاة عليه .
المدرسة الكلاسيكية
البيروقراطية
استخدام الخبراء
الشاهد : { قوموا فلأصل لكم }
يذكر ( سالم وآخرون , 1982م : 39) أن البيروقراطية ظهرت كرد فعل للمدرسة العلمية التي أهملت لإنسان وكرد فعل للعلاقات الإنسانية التي غالت في الاهتمام بالإنسان .
وهناك عدة خصائص للبيروقراطية , منها : ( استخدام الخبراء ) أي أن التنظيم البيروقراطي في وضعه المثالي مبني على أساس استخدام الخبراء بناء على مؤهلاتهم وخبرتهم .
ويتضح لنا من الحديث أن استخدام الخبراء يكمن في صلاة المرأة وأنس بن مالك واليتيم خلف النبي – صلى الله عليه وسلم – جماعة .
نظرية ماسلو(1/121)
الحاجات الاجتماعية
الشاهد : { ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد } .
يذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 73 ) أن ماسلو قام بترتيب الحاجات الإنسانية على شكل هرم تمثل قاعدته الحاجات الفسيولوجية الأساسية وتتدرج تلك الحاجات ارتفاعا حتى تصل إلى قمة الهرم حيث الحاجة إلى تحقيق الذات .
وينطبق في هذا الحديث ( الحاجات الاجتماعية ) ويذكر ( النمر وآخرون , 1417هـ : 75 ) أن الإنسان اجتماعي بطبعه , فلكي يعيش ويتقدم لا بد له من أن يرتبط بالآخرين ويتعاون معهم , لذلك زوده الله سبحانه وتعالى بالحاجات الاجتماعية التي تدفعه للعمل ليس لمجرد إشباع حاجاته الطبيعية ولكن لكي يعيش حياة اجتماعية طبيعية ويتصل بالناس وينتمي إلى جماعة معينة .
وهذا يتضح من إجابة دعوة النبي – صلى الله عليه وسلم – للدعوة التي وجهتها له مليكة جدة أنس بن مالك .
الخاتمة
الحمد لله رب العالمين , حمدا كثيرا طيبا مباركا كما يحب ربنا ويرضى , الحمد لله والشكر لله وحده عز وجل على أن مكنني من إخراج هذا العمل المتواضع بهذا الشكل وبهذا المحتوى .
وهذا العمل قد تناول – بحمد الله – السلوك الإداري في صحيح البخاري في ثلاث كتب من محتوياته القيمة وهي ( كتاب التيمم , وكتاب الصلاة , وكتاب ثياب الصلاة ) , وأتمنى من الله أن أكون قد وفقت في تقديم هذا البحث , فقد أمسكت قلمي الصغير وأجريته في تلك الصفحات البيضاء التي بدأت تسود قليلا فقليلا كلما أجريته فيها , فلا أعلم هل يبلغ القلم مداه !! أو يكبو دون تحقيق غايته !! .
وأسأل الله ألا يجعلنا والمسلمين ممن قال فيهم { قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا , الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا } .(1/122)
وإنني لأرجو من الله العلي القدير أن يجعله خالصا لوجهه الكريم , وأخيرا لا أذكر إلا بقوله جل في علاه { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } وأسأل الله العلي القدير أن يفيد ببحثي هذا كل قارىء , وأن ينفعنا بما علمنا ويبارك لنا فيما أعطانا , والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين ...
سبحانك اللهم وبحمدك
أشهد أن لا إله إلا أنت
أستغفرك اللهم وأتوب إليك
المراجع :
آل سعود , محمد بن سعد بن عبد الرحمن . ( 1409هـ / 1988م ) . أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري للإمام أبي سليمان حمد بن محمد الخطابي 319هـ - 388هـ ( ط 1 / ج 1 ) . مكة ( المملكة العربية السعودية ) : شركة مكة للطباعة والنشر .
أبو سن , أحمد إبراهيم . ( 1996 م ) . الإدارة في الإسلام ( ط 6 ) . الرياض ( المملكة العربية السعودية ) : دار الخريجي للنشر والتوزيع .
أبو رزق , حليمة . ( 1420هـ ) . توجيهات تربوية من القرآن والسنة في تربية الطفل ( ط1 ) . جدة ( المملكة العربية السعودية ) : الدار السعودية للنشر .
البرعي , محمد بن عبد الله و عابدين , عدنان بن حمدي . ( 1408هـ ) . الإدارة في التراث الإسلامي ( الجزء الأول ) . جدة ( المملكة العربية السعودية ) : مكتبة الخدمات الحديثة .
جاهين , أبو المنذر سامي أنور خليل . مختصر صحيح البخاري لابن أبي حمزة الإمام الحافظ أبي محمد عبد الله بن سعد بن سعيد بن أبي حمزة الأزدي الأندلسي . دار المنهاج .
الجوزية , ابن القيم . ( 1423هـ / 2002م ) . زاد المعاد في هدي خير العباد ( ط2) ( ج1) . بيروت ( لبنان ) : مؤسسة البيان للطباعة والنشر والتوزيع .
سالم , فؤاد الشيخ & رمضان , زياد & الدهان ,أميمة و مخامرة , محسن . ( 1982 م ) . المفاهيم الإدارية الحديثة .(1/123)
سمارة , إحسان عبد المنعم عبد الهادي . ( 2000م ) . الإدارة والقضاء الإداري في الإسلام ( ط1 ) . عمّان ( الأردن ) : دار يافا العلمية .
الشلعوط , فريز محمود أحمد ( 1423هـ ) . نظريات في الإدارة التربوية . الرياض ( المملكة العربية السعودية ) : مكتبة الرشد للنشر والتوزيع .
الضحيان , عبد الرحمن إبراهيم . ( 1407 هـ ) . الإدارة في الإسلام : الفكر والتطبيق ( ط 1 ) . جدة ( المملكة العربية السعودية ) : دار الشروق .
العسقلاني , الحافظ أحمد بن علي بن حجر . فتح الباري بشرح صحيح البخاري ( ج1 ) . بيت الأفكار الدولية .
عطا , محمد عبد القادر أحمد. ( 1421هـ / 2001م ) . صحيح البخاري للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الجعفي البخاري (ط 1 ) . القاهرة ( مصر ) : مؤسسة الهدى .
العيني , بدر الدين أبي محمد بن أحمد . عمدة القاري شرح صحيح البخاري ( ج 4 ) . دار الفكر .
العلي , محمد مهنأ ( 1405 هـ ) . الإدارة في الإسلام ( ط 1 ) . جدة ( المملكة العربية السعودية ) : الدار السعودية للنشر .
الفهداوي , فهمي خليفة . ( 1421هـ ) . الإدارة في الإسلام : المنهجية والتطبيق والقواعد ( ط1 ) . عمّان ( الأردن ) : دار المسيرة للنشر والتوزيع .
مصطفى , عبد الحميد و النابة , نجاة عبد الله ( 1406 هـ ) . الإدارة التربوية : مفهومها – نظرياته – وسائلها ( ط1 ) . دبي (الإمارات العربية المتحدة ) : الإمارات للنشر والتوزيع .
النحلاوي , عبد الرحمن . ( 1420هـ ) . أصول التربية الإسلامية ( ط2 ) . دمشق ( سوريا ) : دار الفكر .
النمر , سعود بن محمد & خاشقجي , هاني يوسف & محمود , محمد فتحي و حمزاوي , محمد سيد . ( 1407هـ ) . الإدارة العامة : الأسس والوظائف ( ط 4 ) . الرياض ( المملكة العربية السعودية ) : الفرزدق .(1/124)
أرجو الإشارة إلى المصدر عند الاقتباس بأمانة فالعمل يمثل جهدا فرديا لم أنوي بنشره سوى الأجر والمثوبة والدعاء الخالص من ظهر الغيب(1/125)