بسم الله
الرقية الشرعية : رؤية تحليلية من وحي الشرع ثم التجربة)
إنشاء من قبل : رميته عبد الحميد
مقدمة
منذ كنت صغيرا,ومع مطالعاتي الإسلامية الأولى والبسيطة جدا كنت أقرأ عن الرقية الشرعية,لكنني لا أكاد أعي مما أقرأ عنها شيئا.وعندما دخلتُ إلى الجامعة عام 1975 م أو بعدها بعام بدأت أطالعُ بشكل أكثر وضوحا وأكثر دقة وأكثر تفصيلا عن العلاج بالقرآن وبالأدعية المأثورة عن النبي-ص-,لكن كان الغالب على هذه المطالعات الطابع النظري فقط,لأنني ما كنت أمارس-في ذلك الوقت- الرقية الشرعية ولا رأيتُ شخصا يرقي بالطريقة الشرعية.أقول:بالطريقة الشرعية,أما محاولة العلاج بالدجل وبالشعوذة وبالكهانة وبالكذب والزور والبهتان وادعاء معرفة علم الغيب وما إلى ذلك,فأسمعُ به كما يسمعُ به سائرُ الناسِ وأُنكرِه منذُ كنت صغيرا سواء على هؤلاء السحرة وأشياعهم أو على من يذهبون إليهم من الناس حتى ولو من أجل الاستهزاء بهم لا من أجل تصديقهم أو من أجل العلاج.وحتى وأنا صغير-لا أكاد أعرف من الدين شيئا- كنت أنتقد المُشعوذين بقوة,فكان البعضُ من النساء من أهلي وأقاربي يُخوِّفنني من عاقبة انتقاد السحرة وأتباعَهم فكنتُ أقول لهم بعفوية وبقوة في نفس الوقت:"ليفعلوا ما يشاءون,إن الذي يقرأ القرآن لا يخاف من السحرة لأنهم أعداء الله وكذا أعداء القرآن".ومرَّ على ذلك زمان حتى صيف عام 1985م,حيث أتيحت لي الفرصة للاتصال-أنا وأحد الإخوة من مدينة ميلة-بمدينة "الوادي"حيث علَّمَنا بعضُ الإخوة هناك-جازاهم الله خيرا-بعضَ المبادئ الأساسية المتعلقة بالعلاج بالقرآن خلال يومين أو ثلاثة,وأرشدونا إلى احتمال الاستفادة أكثر في المستقبل من خلال مطالعات في بعض المراجع ذكروا لنا عناوينها.ومن ذلك التاريخ وحتى الآن (فيفري 2003 م) رقيتُ آلاف الأشخاص من كثير من ولايات الوطن,رجالا ونساء,كبارا وصغارا,فقراء وأغنياء,مسؤولين وبسطاء ...بدأتُ بمعدل رقية واحدة تقريبا(1/1)
كل أسبوع ثم ازداد الضغط(مع أننا استعنَّا فيما بعد بإخوة آخرين علَّمناهم وتعاونا معهم على علاج الناس بالقرآن)حتى أصبحتُ أرقي في كثير من الأحيان 7 أو 8 أشخاص في اليوم الواحد في الكثير من أيام السنة التي لا أُدرِّسُ فيها,أما في أيام العمل فالكثير من وقت الفراغ عندي أقضيه تقريبا مع الرقية الشرعية وما تعلق بها.
وخلال هذه الفترة (حوالي 15سنة) لاحظتُ جملة ملاحظات مهمة للغاية سواء من خلال ممارسة الرقية الشرعية في حد ذاتها واحتكاكي بالمعالجين بالقرآن هنا وهناك,أو من خلال مطالعاتي عن الرقية في الكتب والمجلات والجرائد,أو سماعي لأشرطة دينية أو طبية أو نفسية أو من خلال مناقشاتي مع بعضِ الأطباء الاختصاصيين في علاج الأمراض العضوية أو النفسية.أنبه إلى هذه الملاحظات الآن من خلال هذه المقدمة,لكنني سأرجِع إليها بالتفصيل بإذن الله من خلال مسائل هذه الرسالة التي سأذكر فيها بإذن الله نصائح وتوجيهات وأحكام شرعية أرى أنها من الأهمية بمكان تفيد إن شاء الله المتعلِّمَ والأمِّي ,والراقي والمريض,والكبير والصغير على حد سواء:
أولا :الأجر الكبير الذي يمكن أن يناله الراقي بإذن الله إذا حرص على الصواب والإخلاص أولا,ثم على قدر الجهد والتعب على قدر الأجر إن شاء الله.والراقي في مرتبة المجاهد في سبيل الله كما قال بعض العلماء.هذا إن كان الراقي راقيا بالفعل لأن بعضَ الرقاة ليس لهم من الرقية الشرعية إلا الإسم للأسف الشديد.
ثانيا :كثرة الدجالين والسحرة والمشعوذين في مجتمعاتنا كُثرة ملفتة للانتباه.
ثالثا :ومع ذلك فإقبال الناس على العلاج بالقرآن وبالطريقة الشرعية وبدء ابتعادهم عن المعالجة بالطرق غير الشرعية أصبح ظاهرة صحية ملحوظة تظهر أكثر وأكثر مع مرور الأيام والحمد لله وإن كانت المبالغة مذمومة .(1/2)
رابعا: بدأ يظهر كذلك اقتناع الكثير من الأطباء بالرقية الشرعية كوسيلة وحيدة لعلاج السحر أو العين أو الجن,واقتناعهم بأن هذه الأمراض ليست من اختصاصهم,واقتناعهم بأن الرقية الشرعية خط والدجل والسحر والشعوذة خط آخر موازي تماما للخط الأول.
خامسا : الرقية الشرعية وسيلة فعالة جدا من وسائل الدعوة إلى الله.
سادسا :ومع ذلك فالرقية الشرعية كغيرها من شعائر ديننا التزم بها ناس كما يحب الله ورسوله,وأدخل فيها ناس من البدع والمحرمات ما أدخلوا.ومن جهة أخرى طلب بها قوم وجه الله تعالى وطلب بها آخرون المالَ والهوى والنفس والشيطان والشهوة وعرضَ الحياة الدنيا.
سابعا :أهمية علاج أمراض السحر والعين والجن بقدر أهمية علاج الأمراض العضوية وكذا النفسية أو أكثر لأن السحر أو العين أو الجن قد يصيب البدن بسوء وقد يصيب النفس بسوء وقد يصيبهما معا,وقد تكون الإصابة بسيطة وقد تكون بالغة.ومما يزيد من أهمية هذا العلاج أن أعراض السحر والعين والجن ظنية وليست قطعية على خلاف الأمراض العضوية مثلا.
ثامنا :من مصادر السعادة الرئيسية خدمةُ الغير مع احتساب الأجر عند الله تعالى,ومنه فإن السعادة التي يحِسُّ بها المرء وهو يرقي المرضى لوجه الله (أي بدون مقابل) أكبر وأعظم بكثير من التي يمكن أن يُحِسَّ بها وهو يرقي بمقابل مادي قليل أو كثير.
نسأل الله الهداية والتوفيق لما فيه الخير,كما نسأله أن يعافينا وأن يشفينا من كل داء.
أسأل الله أن ينفع بهذه الرسالة خلقا كثيرا وأن يتقبل مني عملي هذا وأن يجعله صوابا وخالصا لوجهه الكريم وأن يُثَقِّل به ميزان حسناتي يوم القيامة.-آمين-وصل اللهم وسلم على سيد الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه وسلم.إن أصبت فمن الله والحمد لله,وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان فأستغفر الله على ذلك.
الفصل الأول : المقصود بالرقية(1/3)
الرقية الشرعية هي باختصار معالجة أمراض –لا عضوية ولا نفسية ولا عصبية-جاءت من سحر أو من عين أو من جن,بالقرآن كل القرآن وبالأدعية كل الأدعية,وإن كان بعضُ القرآن أحسنَ من غيره وبعض الذكر والدعاء أفضل من غيره.وكل وسيلة بعد ذلك تُستعمل في الرقية هي وسيلة جائزة إلا ما ثبت بالدليل بُطلانه,وإن كانت بركة الرقية أكبر كلما كانت بسيطة وأقرب إلى السنة وأبعد عن الابتداع,بخلاف الطب العضوي أو النفسي الذي تزداد فائدته ونفعه وبركته أكثر كلما أبدع فيه الأطباء واخترعوا واكتشفوا.وتُفضل الرقية العامة الشاملة للعين والسحر والجن (والمذكورة لاحقا) مهما كان المريض إلا إذا كنا متأكدين 100 % من طبيعة مرضه,ومن أنه مصابٌ بسحر فقط أو بجن فقط أو بعين فقط.والرقية تُقرأ-بصفة عامة-على ماء أو زيت أو عسل أو زيت الحبة السوداء,كما تقرأ في أذن المريض اليمنى والراقي يقبض على ناصيته.وقد يُنصَح المريضُ بعد الرقية بالوضوء قبل النوم مع قراءة شيء من القرآن ودهن أجزاء معينة من الجسد بالزيت المرقي,وبشرب نصيب من الزيت أو العسل أو الماء المرقي في الصباح على الريق,وذلك خلال الأيام التي يُطلبُ منه فيها استعمال الزيت أو الماء أو العسل المرقي.
الفصل الثاني: ما يمكن أن يقرأ في الرقية الشرعية من السحر أو العين أو الجن
يمكن في الرقية العامة لمعالجة السحر أو العين أو الجن أن تقرأ الآيات والأحاديث التالية على ماء يَشربُ منه المريضُ في بداية الرقية,وعلى ناصية المريض أثناء الرقية,وعلى زيت في نهاية الرقية يشربُ منه المريض ويدهنُ به أجزاءً معينة من جسده في الأيام الموالية لما بعد الرقية :
*الفاتحة.
*بداية البقرة:"الم ذلك الكتاب,لا ريب فيه,هدى للمتقين.الذين يومنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون.والذين يومنون بما أُنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون.أولئك على هدى من ربهم, وأولئك هم المفلحون".(1/4)
*آية الكرسي:"الله لا إله إلا هو الحي القيوم.لا تاخذه سنة ولا نوم.له ما في السماوات وما في الارض .من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه.يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم.ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء.وسع كرسيه السماوات والأرض و لا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم".
*نهاية البقرة:"آمن الرسول بما أُنزل إليه من ربه والمومنون.كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله.لا نفرق بين أحد من رسله.وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير.لا يكلف الله نفسا إلا وسعها,لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت.ربنا لا تواخذنا إن نسينا أو أخطأنا.ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا.ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا.أنت مولانا,فانصرنا على القوم الكافرين".
*الآيات من سورة آل عمران:"شهد الله أنه لا إله إلا هو…..إلى…فإن الله سريع الحساب",و"قل اللهم مالك الملك … إلى…بغير حساب".
*الآيات من سورة الأعراف:"إن ربكم …إلى ..قريب من المحسنين",و:"وأوحينا إلى موسى أن الق عصاك,فإذا هي تلقَّف ما يافكون,فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون,فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين وألقي السحرة ساجدين.قالوا آمنا برب العالمين .رب موسى وهارون".
*الآيات من سورة يونس:"فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله,إن الله لا يصلح عمل المفسدين,ويُحِقُّ الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون".
*الآيتان الأخيرتان من سورة الإسراء:"قل ادعوا الله … إلى … نهاية السورة".
*الآية من سورة طه"وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا.إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى".
*الآية من سورة الأنبياء :"فنادى في الظلمات..إلى …كنت من الظالمين".
*الآيات من سورة المؤمنون :"أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا …إلى..نهاية السورة".(1/5)
*الآيات الأولى من سورة الصافات:"والصافات صفا فالزاجرات زجرا فالتاليات ذكرا.إن إلهكم لواحد.رب السماوات والارض وما بينهما ورب المشارق.إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا من كل شيطان مارد.لا يسمعون إلى الملإ الأعلى ويُقذفون من كل جانب دحورا ولهم عذاب واصب إلا من خطف الخطفة,فأتبعه شهاب ثاقب".
*الآيتان من بدابة غافر:"حم تنزيل الكتاب من الله . . .إليه المصير".
*الآيات من سورة الأحقاف:"وإذ صرفنا إليك … إلى … في ضلال مبين".
*الآيات من سورة الرحمان:"سنفرغ لكم أيها الثقلان … إلى …فبأي آلاء ربكما تكذبان".
*الآيات من سورة الحشر:"لو أنزلنا … إلى … نهاية السورة".
*الآيات الأولى من سورة الجن إلى …"كنا طرائق قددا".
*الإخلاص و المعوذتان و الفاتحة.
ثم تُقرأ الأدعية الآتية جهرا أو سرا:
*"اللهم رب الناس أذهب البأس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما".
*"بسم الله أرقيك والله يشفيك من كل داءٍ يؤذيك ومن كل نفس أو عين حاسدٍ الله يشفيك.بسم الله أرقيك".
*"أعيدك بكلمات الله التامة من كل شيطان و هامة ومن كل عين لامة".
*"أعيذك بكلمات الله التامات من شر ما خلق".
*"أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك".
*"توكلت على الحي الذي لا يموت".
ويمكن قراءة سورة المؤمنون على المريض كاملة في الحالات الصعبة وكذلك قراءة السور التالية كاملة:آل عمران والتوبة ويس والصافات والدخان وق والرحمان والحشر والملك والجن والزلزلة والقارعة والكافرون,ولو خلال أيام.ويمكن تكرار هذه القراءة أكثر من مرة إذا اقتضى الأمر.
الفصل الثالث : عن العين
1-العين تكون مع الإعجاب بالشيء ولو بغير حسد,ولو من الرجل المحِب أو الصالح,وليس شرطا إذن أن يكون العائنُ حاسدا.(1/6)
2-العلاج يردُّ العين قبل وقوعها.ويكون ذلك بالتبريك بقول:"اللهم بارك عليه",أو قول:"بارك الله عليه",أو قول –كما قال بعض العلماء-:"ما شاء الله لا قوة إلا بالله ".
3-أما بعد وقوع العين,فإذا عُرف العائنُ,يُؤخذ من غسله أو وضوئه ويُصَبُّ على المعيون.وأما إذا لم يُعرف العائن فالأذكار والأدعية هي الحل,فمثلا يجمع المريض كفيه ويقرأ فيهما الفاتحة وآية الكرسي والمعوذتين,وينفثُ في كفيه ويمسح بهما وجهه.كذلك يمكن أن يقرأ المريض الآيات السابقة على زيت زيتون ويدهن به موضع الألم.كما يمكن أن يغتسل بماء مرقي ويشرب منه.
والتعوذات النبوية بصفة عامة,تمنع بإذن الله أثر العائن وتدفعه كذلك بعد وصوله بحسب قوة إيمان قائلها.
4-يمكن القول بأن أعراض الإصابة بالعين قليلة وغير معروفة مثل غيرها وظنية,لكن مفعول العين يزول بالرقية بإذن الله.
5- قد يظهر أثناء الرقية (كما يقول بعضهم) على المصاب بالعين:ارتخاءٌ للجسم,شعور بالنعاس,ارتياح نفسي مع دوار نسبي,إحساس بحرارة في الجسم,تثاؤب,.وقال بعضهم بأنه إذا وجد المريض نفسه –أثناء الرقية-يتثاءب تثاؤبا شديدا مع نزول دموع كثيرة,وخاصة عند سماعه للمعوذتين وكذا لقوله تعالى:"وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر,ويقولون إنه لمجنون"فيمكن أن يكون معيونا(أي أصابته عين).لكن هذه الأعراض وتلك لا تدل دلالة قطعية على أن المريض مصاب بعين بالفعل.
الفصل الرابع : عن السحر
1-إن وُجِدَ السحرُ المدفون أو المعلق:إما أن تُقرأ عليه آياتُ إبطالِ السِّحر,أو يُصبُّ عليه ماء مرقي.(1/7)
2-المأكول أو المشروب.يتم التخلص منه-غالبا-بقيء أو إسهال أو عرق.وأما السحر المكتوب في"حرز"مدفون أو معلق (وأغلبُ السحر المدفونِ مدفونٌ في المقابر)فيبطل مفعوله بإذن الله وإن لم يتم استخراجه (فإن أمكن استخراجه بسهولة وبناء على خبر مُؤكَّد,فذلك جائز وهو سبيل شرعي للتخلص من هذا السحر.وقد ثبت ذلك عن رسول الله-ص-في قصة السحر الذي صُنِع لهُ).ومن المضحك والمبكي في نفس الوقت أن نسمع براق يعالج بالقرآن يطلب من المريض أو من أهله مثلا أن يُهدِّموا جزءا من الدار من أجل استخراج "حرز" قد يكون مدفونا فيه وقد لا يكون.والغالبُ أن الخبر بأن هناك"حرزا مدفونا"قد جاء به الراقي من تخيلات وقعت للمريض أثناء الرقية سواء بسبب قوة تخيل عند المريض أو بسبب تلبيس الشياطين وكذبهم على الراقي والمريض على حد سواء.وهناك نوع من السحر عبارة عن طلاسم تُقرأ من طرف المشعوذين وتُعدُّ كفرا صريحا,لأنها اللغة التي يتعامل بها مشركو الجن والإنس,وفيها سب لله ولرسوله كما أن فيها طلب الاستعانة بالشياطين.وكل سحرٍ لا بد له من:ساحر,مسحور,طلسم,مواد خاصة بالسحر,خادم للسحر,ووسيطٌ بين المسحور والساحر.
3- يمكن تنظيف الأماكن المشتبه في إصابتها بسحر بماء مرقي بشرط أن لا يُسمَح لشخص أن يطأ على المكان الذي رُمِي عليه ماءٌ مرقي حتى يَجِفَّ المكانُ.
4- قال بعضهم:يمكن أن يُصبَّ الماءُ المرقي على رأس المسحور كطريقة من طرق تخليص المريض مما به من سحر.
5- الطريقة الواحدة في الرقية (مثلا بفعلِ ما ذُكِر في مسألة سابقة) تصلح بإذن الله كعلاج لكل أنواع السحرِ لا فرق بين نوع وآخر.ولا دليل من الشرع يثبتُ أن سحرَ"كذا"لا تصلح له إلا الطريقة كذا,وأن السحر الثاني لا تصلح له إلا طريقة ثانية وهكذا...(1/8)
6-الأفضل للمسحور عندما يرقي نفسه (بنفسه أو عن طريق راق معين) أن يُخفي ذلك عمن حوله من الناس في حدود الاستطاعة,لأنه لو علم من فعل له السحر بذلك قد يُجدده له مرة أخرى.وهذا من باب الاستعانة على قضاء الحوائج بالكتمان.هذا مع ملاحظة أن المريض يمكن أن يُحصن نفسه بعد الرقية بإذن الله بتحصينات معينة تجعل من الصعب جدا على من يريد أن يجدد السحر التمكن من ذلك.
7-عن الفرق بين السحر والكهانة:أما السحر فعبارة عن عزائم ورقى وعقد يعملها السحرة بقصد التأثير على الناس بالقتل أو الأمراض أو التفريق بين الزوجين أو ..وهو كفر وعمل خبيث ومرض اجتماعي شنيع يجب استئصاله (خاصة من طرف حكام المسلمين)وإزالته وإراحة المسلمين من شره.وأما الكهانة فهي ادعاء علم الغيب بواسطة استخدام الجن.قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن في فتح المجيد :"وأكثر ما يقع في هذا ما يخبر به الجنُّ أولياءَهم من الإنس عن الأشياء الغائبة بما يقع في الأرض من الأخبار, فيظنه الجاهل كشفاً وكرامة.وقد اغتر كثير من الناس يظنون المخبرَ بذلك عن الجن ولياً لله وهو (في حقيقة أمره)من أولياء الشيطان ".
8-النساء –بصفة عامة -أكثر ممارسة للسحر من الرجال.,ومنه فإن أغلب السحر يأتي من نساء يعرفن المريض (الشخص الذي يُردن وضع السحر له) أو أهله.ويتم غالبا بدافع الغيرة أو الحسد,ويُصيب السحرُ غالبا نساءً. ويكون الغرض منه غالبا تعطيل زواج أو إفساد علاقة بين زوجين أو من أجل منع المرأة من الحمل أو من أجل ربط الرجل حتى لا يقضي حاجته من زوجته أو ربط المرأة حتى لا يتمكن الرجل من الاتصال بها جنسيا.
9-يمكن أن يُؤمر المربوطُ بدهن الفخذين بزيت زيتون مرقي,ويشربُ من ماء مرقي ويغتسل به لمدة 7 أيام.والغالبُ أن يُحَلَّ الربطُ من اغتسال اليوم الأول.
10-للسحر مدة معينة يُصبح بعدها عديم المفعول إذا تلف الطلسمُ,لذا تجد بعض السحرة يتابعون سحرَهم بتجديده من وقت لآخر.(1/9)
11-قد يسحر الساحرُ جنا ويرسله للمسحور,وبذلك يصبح السحرُ مركبا.لكن الرقية تُبطل كلَّ ذلك بإذن الله وتفكُّ السحرَ عن الإنسي بالقصدِ وعن الجني تبعا لذلك وبطريقة عفوية وتلقائية.
12-تتوقف المدة التي يستمر فيها مفعول السحر(الحرز)–بدون رقية-على بقاء المادة التي كُتب عليها السحرُ.لذا تجد الساحر في بعض الأحيان يضع سحره في علبة من النحاس السميك ويغلفها بالرصاص المصهور حفاظا على مادة السحر من التلف.هذا إذا لم يُرقَ المريضُ أو لم يرقِ نفسَه,أما مع الرقية الشرعية فإن كلَّ سحر يبطلُ مفعوله بإذن الله سواء كان مدفونا في مركز الأرض أو معلقا في السماء أو مغلفا بالبلاتين.
13-يمكن في رقية المسحور,قراءة آيات إبطال السحر في إناء فيه ماء,ثم يصب على رأس المسحور.
14-من الأعراض التي وإن لم تدل على الربط دلالة قطعية,فإنها تدل دلالة ظنية:آلام في الفخذين وثقل شديد في الرأس مع صداع وتغير في المزاج.
15-إذا شعر المريض أثناء الرقية بصداع شديد عند سماعه لقوله تعالى:"واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان",وبكى أثناء سماعه للرقية وزاد في البكاء وهو في كامل قواه العقلية (بلا سبب وببكاء خارج عن إرادته) فيمكن أن يكون مسحورا,خاصة إذا أعاد الراقي سماع آيات الرقية عدة مرات وفي كل مرة تنتاب المريض حالة من البكاء المتواصل بغير سبب ظاهر.
16-من علامات الساحر(سواء وُجدت كلها أو جلها أو البعض منها فقط في الشخص الواحد):أن يسألَ عن اسم الشخص واسم الأم,أن يطلب من المريض ذبح حيوان وأن يلطخ بدنه بدمه,أن يطلب من المريض تناول طعام معين لمدة معينة يعتزل خلالها الناس,أن يعطي للمريض أوراقا يحرقها ويتبخر بها أو يعلقها أو يدفنها.كذلك من كتب حروفا أو أعدادا أو مسدسات أو مثلثات أو مربعات أو قطّع كلام الله,فهو ساحر.وكذلك من تلا وتمتم بكلامٍ غير مفهوم (أو بغير العربية),فيمكن جدا أن يكون ساحرا.
الفصل الخامس: عن الجن(1/10)
1-المصاب بالجن الذي لم نتمكن بالرقية الشرعية من تخليصه مما به من جن,يمكن أن يُنصح بقراءة سور معينة مثل البقرة وغيرها لمدة أيام أو أسابيع,لأن طول التزام المريض بقراءة القرآن مع الصلاة والذكر والدعاء والاستغفار و..من شأنه أن يٌضْعِف من سلطان الجني على المريض بطريقة يمكن أن تكون أكثر فعالية من طريقة الحوار مع الجني وظن الراقي أنه تخلص منه وربما كان واهما في ذلك,أو أخذ العهد من الجني من أجل أن يغادر جسد المريض وأن لا يرجع إليه مرة أخرى وقد يكون الجني كاذبا فيخرج من جسد المريض الآن ويرجع بعد بضع دقائق أو بعد بضع سنوات.والطريقة الأولى عندي أحسن ولو تمت برقية بسيطة قد لا تزيد مدتها عن ساعة,مع وجوب متابعة حالة المريض في الأيام الموالية للرقية,وقد تتكرر بعد ذلك الرقية ولو مرة ثانية أو ثالثة.هذه الطريقة أحسنُ عندي من رقية ربما استمرت أكثر من 5 أو 6 ساعات (مُتعِبة للمريض وللراقي وأهله في نفس الوقت)وقد يظنُّ المريض والراقي في نهايتها أنه تم التخلص من الجن وربما لم يكن الأمر كذلك.وليعلم الرقاة أن تشخيص الأمراض العضوية أدق-عموما-من تشخيص الأمراض التي تعالج عن طريق الرقية,لأن التعامل في الأخيرة هو عادة تعامل مع ما ليس ملموسا على خلاف الأمراض العضوية,ومن هنا يقول الشيخ"مبارك الميلي"رحمه الله بأنه لا يجوز أخذ الأجرة على الرقية (إلا بعد التأكد من حدوث الشفاء) لأن تشخيص المرض تغلُبُ عليه النسبية ويغلب عليه الظن.
2-إذا كان هناك شك في أن دارا مصابة بالجن ولم يتمكن الراقي من الانتقال إليها لسبب أو لآخر, يمكن أن يقرأ في ماء (آيات وأحاديث الرقية الشرعية والتي ذكرنا البعض منها في مسألة سابقة),تُرشُّ به الدارُّ,ويَشربُ منه أفراد الأسرة.أما الذي يَغلب على الظن أنه مصاب من أهل الدار,فلا بد من رقية خاصة له هو بالذات.(1/11)
3-قد يكون من علامات الإصابة بالجن:رؤية المصاب للجن والتحدث معهم.ويحدث في بعض الأحيان أن يكون المريض مصابا بمرض نفسي ويبدو بأن جنيا يتحدث على لسانه والحقيقة أن مرضه لا علاقة له بالجن لا من قريب ولا من بعيد.
4-وقد يكون من علاماتها شلل في أحد أعضاء المريض أو حدوث اعوجاج في فك المريض أو تعطيل حاسة من حواسه أو...لكن هذا الشلل وهذا الاعوجاج قد يكون سببه في بعض الأحيان عضويا أو نفسيا ولا علاقة له بمس الجن.
5- قد يعبث الجنُّ ببعض المنازل بالحرق أو برمي الأثاث.
6-يُفضَّل أن لا نكثرَ من الحديث عن قصص الجن والشياطين أمام عامة الناس والبسطاء والأطفال خاصة,حتى لا نُفزعَهم.ويمكن أن يُصاب بسبب ذلك-في بعض الحالات-من لم يكن مُصابا.
7-في الحوار مع الجني-أثناء الفترة التي يُغمى فيها على المريض-لا يليق الاسترسال في سؤال الجني:
ا-حتى لا يصابَ الراقي بالغرور.
ب-وحتى لا يظن الجني أن الراقي قليل الخبرة فيرفضُ الخروج.
ج-وحتى لا يتعب المريضُ جسديا.
د-وحتى لا يُتهم الأبرياءُ بسبب الكذب الذي يمكن أن نسمعه من الجن(الذي يُعتبر كاذبا أصلا ما دام قد تعدَّى على الإنسي بطريقة أو بأخرى)حيث يَتهم"فلانة"من الإنس بأنها أصابت المريضَ بسحر أو يتهم "فلتانة"بأنها أصابت المريضَ بعين.وكم من بيوت خُرِّبت ومن أرحامٍ قُطعت بسب أكاذيب الشيطان وألاعيبه وجهل الراقي وسذاجته.(1/12)
هـ-وحتى لا يُضَلَّل الراقي بسماعه لأخبار(يخطئ الراقي حين يسأل الجنيَّ عنها) الأصلُ فيها أنها كاذبة مثل أخبار الماضي والتاريخ,وأخبار عن عالم الجن والشياطين,ومعلومات عن الطب عموما وطب الأعشاب والطب النفسي خصوصا,وأخبار عن اليهود ومن شايعهم من أعداء الله ورسوله –ص- و…قلتُ:الأصل فيها أنها كاذبة حتى يثبت العكسُ من جهة أخرى,فإذا ثبت أنها صحيحة من دليل آخر مُصَحِّح,فإننا نكون قد عرفنا ما عرفنا من الدليل الآخر لا من كلام الجني,ويكون كلام الجني لا فائدة منه عندئذٍ فضلا عن أضراره المؤكدة.
و-وحتى لا يُضيِّع الراقي الوقتَ على نفسه وعلى المريض.وليس من شروط صحة الرقية أن تكون طويلة,بل بقدر ما تكون الرقية قصيرة وبسيطة-ساعة أو أكثر قليلا أو أقل قليلا-بقدر ما تكون بركتها أكبر.وإذا كان لا بد من الوقت الطويل نسبيا والمُخَصَّص للرقية,فليكن للسماع من المريض وطرح الأسئلة عليه ولتقديم النصح والتوجيه له ولقراءة القرآن الكريم أو الأدعية المأثورة عليه.
8-إذا لم يُرد الجني الخروج من المريض,على الراقي أن يقرأ عليه الآيات التي تؤثر في الجني أكثر وتعذبه.وفي الحالات الصعبة يمكن أن تُقرأ على المريض أوفي داره سورة البقرة كاملة بصوت مرتفع.
9-نتيجة كراهية الجن للراقي,فإنه قد تظهرُ بعضُ الآثار السلبية على شخص الراقي,خاصة في بداية مشوارِه مع الرقية الشرعية,منها:الصداع والفشل والتعب والضبابية في الرؤية وظهور بقع زرقاء على الجسم واستثقال العمل وضعف الرغبة الجنسية وقلة الاهتمام بالزوجة وباقي أفراد الأسرة.وعلى الراقي أن يتخلص من هذه الآثار بسرعة بسلامة القصد وسلامة النية وقوة الإرادة والفرار إلى الله سبحانه وتعالى.
10-إذا عاهد الجني,ثم أخلف,فرجع لإيذاء المريض مرة ثم ثانية وثالثة,فللراقي أن يقتله في جسد المريض أو خارجه,إذا لم يتمكن من رفع الأذى عن المريض إلا بالقتل.هذا إن استطاع ذلك بطبيعة الحال.(1/13)
11-أذكر أن شابة عمرها 18 سنة,مصابة بجن رقيتها منذ سنوات وتعطل الشفاء قليلا,وعوض أن أرقيها مرة أخرى أو يرقيها شخص آخر,تعجَّل أهلها في الأمر وأتوا لها بمشعوذ وبدا لهم بعدها بأنها شُفيت تماما وإن كان قد بقي في نفسي شيء جعلني أشك في شفائها الفعلي.لقد لمت عندئذ أهلها لأنهم طلبوا العلاج بالطريقة غير الشرعية.ومرت حوالي 3 سنوات على ذلك ثم جاءني أهلها واشتكوا بأن ابنتهم التي كانت شديدة المحافظة على الصلاة في وقتها لم تُصلِّ ولو صلاة واحدة منذ أن أتوا لها بذلك المشعوذ!.قلت لهم في الحين:الآن زال العجب ,لأنني الآن عرفت السبب.إن الشياطين التي تتعامل مع المشعوذ يمكن أن تكون قد طلبت ممن يؤذي الشابة بدنيا ونفسيا أن يبتعدوا عنها في مقابل أن يمنعوها من الصلاة (عماد الدين),فاعتبروا يا أولي الألباب!.
12-يُعرف بأن الجني خرج من بدن المصاب-أثناء الرقية أو بعدها-بعلامات منها:
-أن يفيقَ المصروع وينظر حوله,ويشعر وكأنه كان نائما واستيقظ.
-يتصبب عرقا,ويحمر وجهه,ويغمره الهدوء ويشعر بالراحة.
-إذا خرج الجني من الفم قد يتقيأ المريض فجأة,وإن خرج من الأنف قد يعطس بقوة,وإن خرج من القدم فإن الظفر قد يُدمي أو يؤلمه.
13-في حالة الإصابة بالجن,وعدم حضور الجني أثناء الرقية-خوفا أو تحايلا –يمكن أن يلجأ الراقي إلى إلزام المريض بالتزامات روحية خلال أسبوع أو أسبوعين من شأنها بإذن الله أن تُضعف الجني المتسلط على المريض حتى يسهل بعد ذلك التخلص منه بدون إعادة الرقية أو بإعادتها.
14-قال بعضهم بأنه إذا كان الجني في الجسد يمكن أن يُقرأ لقتله –إذا أصر على الاعتداء ولم يرد الخروج من جسد المريض-حوالي 15حزبا متتالية بدون انقطاع.(1/14)
15-كما قال آخرون بأنه يمكن أن يُشفى العضوُ المصاب بجن بأن يمسك به الراقي ويقرأ عليه الفاتحة 3 مرات ويدعو ويقرأ آية الكرسي 3 مرات وكذا المعوذتين,ثم ينفثُ في النهاية عليه.فإذا كان المس في الأذن,يمكن أن يُؤذِّن الراقي فيها بعد القراءة,فيحدث الشفاءُ بإذن الله.
16-في رقية البيت يمكن أن : تُقرأ سورة البقرة في البيت,وتُقرأ آية الكرسي في زوايا البيت الأربعة,ويُؤذن في وسط البيت بصوت مرتفع,ويُرشُّ ما أمكن من زوايا البيت بماء مرقي.ويمكن أن تكرر العملية بطبيعة الحال حتى يتم التخلص من الجن الذي يمكن أن يكون قد أصاب البيت .
17-ذكر السيوطي أن تكرار الدعاء الآتي صباحا ومساء من طرف المريض لمدة طويلة,من شأنه أن يقتل الجني بإذن الله:"لا حول ولا قوة إلا بالله,ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن".
18-قال القسطلاني:"يمكن الاستعانة بقراءة سورة الفتح لعلاج الصرع غير الطبي بطبيعة الحال بإذن الله".
19- قد يُغمَى على المصاب فلا تدعه,بل رشّه بالماء,واقرأ عليه سورة الجن فقد يتحدث الجني بإذن الله,هذا إذا أردت أن تتحاور مع الجني حوارا بسيطا وقصيرا قبل إخراجه.
20- إذا رفض الجني الخروجَ من المصاب بكل السبل,يمكن أن يُقرأ قرآنٌ في ماء دافئ يغتسلُ به المريضُ.وتُكرر العملية لمدة أسبوع أو أكثر.(1/15)
21-كثيرا ما تصيب الصبيانَ جنيةٌ تسمى"أم الصبيان" (مع ملاحظة أن البعض يقولون بضعف الحديث الذي ورد ذكر أم الصبيان فيه) أو كما يقول ناس مدينة ميلة"خوه أو نانَّاه أو خو الذْراري",فيكثر عندهم الصراخ والبكاء بدون سبب ظاهر.يمكن من أجل علاج مثل هذه الحالة أن تُقرأ آيات الرقية أو شيء منها في زيت زيتون,ويُدهن به قبل النوم من جسدِ الصبي:مفاصله اليمنى ومفاصله اليسرى والعنق والبطن والظهر والعمود الفقري وتُقرأُ له المعوذتان وألفاظ الأذان في الأذن اليمنى,وفي الصباح يشربُ الصبي من الزيت المرقي على الريق ملعقة صغيرة.كل ذلك لمدة 3 أيام متتالية أو أكثر.ويمكن أن تكون الرقية لهذا الصبي في ماء ليشرب منه لمدة 3 أيام متتالية أو أكثر.
22-من علامات الإصابة بالجن:
ا-قبل الرقية:أوجاع غير عادية في البطن وفي العمود الفقري,آلام غير عادية في الرأس خاصة في المساء,قلق بدون سبب خاصة في المساء,تيه,أرق بدون سبب ظاهر,كثرة وساوس,أحلام مزعجة تكاد تكون يومية,ثقل في الجسم عند الاستيقاظ من النوم ..الخ..
ب-أثناء الرقية:إحساس بتنميل اليدين والرجلين,دوار أو دوخة,فشل عام أو في أجزاء معينة من الجسم,ارتفاع مفاجئ في درجة حرارة الجسم أو العكس,إحساس بأن الماء المرقي متجمع بقوة في مكان معين في الصدر أو في أعلى المعدة,آلام مفاجئة في الرأس,بكاء مفاجئ وبدون سبب ظاهر...
23-من أعراض عدم الحمل بسبب إصابة الجن للمرأة : تشكو المرأة من آلام في الظهر,آلام والتهابات في منطقة الرحم,عدم انتظام الدورة الشهرية,وجود نزيف أحيانا,ضيق المرأة أحيانا من الجماع بحيث لا تفعله إلا من أجل إرضاء الزوج,...إذا لم تكن لهذه الأعراض أسباب عضوية أو نفسية أو عصبية.(1/16)
24-لا يستطيع الجن رؤية الإنس عند خلع الثياب مع ذكر:(بسم الله الذي لا إله إلا هو),وقد يصاب المرء من طرف الجن ببساطة-خاصة المرأة وعلى الخصوص الشابة والجميلة-لا لشيء إلا لأنه نزع ثيابَه بدون أن يذكر اسم الله تعالى.
25-لا يدخل الجني مع الإنسي إلى المرحاض إذا ذكر هذا الأخيرُ اللهَ تعالى,وإذا كان الجني داخل المرحاض فإنه سيخرج منه بمجرد ذكر الإنسي لله قبل الدخول إلى دورة المياه مباشرة.
26-للجنِّ قدرةٌ كبيرة على التنقل السريع,وعلى التشكل بأشكال مختلفة.
27-قد يتسبب الجن في إحداث أمراض مختلفة عند الإنسي مثل:الخوف,الأمراض النفسية والعصبية,الأمراض العضوية التي عجز الطبُّ عن علاجها أو إيجاد تفسير لها,التخيلات,وإيقاع الشحناء,وأمراض النساء,والأمراض الجنسية.
28-الجنُّ يخدمون الساحرَ,ويُحقِّقون له البعضَ من مطالبه,في حين يُنفِّذ الساحرُ كلَّ مطالبَ الشيطان وهو صاغرٌ ذليلٌ.
29-قد يؤذي الجني الإنسيَّ لأسباب منها:شدة ضعف أو شدة غفلة أو شدة غضب,أو إقبال الإنسي على معصية الله,أوقد يؤذيه بلا سبب إذا كان الجني سفيها,أو عشق الجني للإنسي,خاصة إذا كان الإنسي امرأة شابة وجميلة,أو عقابُ الجني للإنسي كأن يطأ الإنسي على جسد الجني في مكان يتواجد الجن فيه عادة وذلك بدون أن يذكر الإنسيُّ اسم الله (لأنه إذا ذَكر اسمَ الله تحرك الجني وغادر مكانه)فيتسلط الجني على الإنسي كعقوبةٍ له.
30-يستحب عدم حضور الصبيان والنساء مع الراقي,حين يرقي مريضا,حتى لا يفزعَ أحدُهم.وقد يكون الواحدُ منهم سليما فيرى ما يُخيفه فيتسلط عليه الجنِّيُّ فيصبح مصابا.
31-قد يصيب الجني الإنسي بمرض معين كشلل في عضو أو ضيق في الصدر أو صداع في الرأس أو..
32-الجن يخافون من قراءة القرآن والأذان إن كانوا ظالمين, ويتعذبون بسبب سماعهم لذلك,وأما إن كانوا صالحين فإنهم يهابون ذلك ويستعذبونه في نفس الوقت.(1/17)
33-إذا تيقنتَ أن في البيت جنيا:يمكنكّ أن تذهب أنت واثنان معك إلى البيت وتناشد الجن بالعهد الذي أخذه عليهم سيدنا سليمان –ص-,أن يرحلوا ويخرجوا من بين أهل البيت.يخرجون بدون إيذاء أحد.تكرِّرُ المناشدة 3 أيام.إذا شعرت بعد ذلك بشيء في البيت ترش البيت بماء مرقي.وفي النهاية يتعاهد الأهلُ البيتَ بقراءة سورة البقرة كاملة وصلاة النوافل وقيام الليل في البيت.هذا كله مع ضرورة تطهير البيت من كل شيء فيه معصية لله تعالى.
34-كل من قال بأن الجن يعلم الغيب أو يغلِب القرآنَ,جاهل,كما أنه يعتبر كافرا بسبب من ذلك بعد إقامة الحجة عليه.إنه-من جهة أولى-لا يعلمُ الغيبَ إلا الله أو من أعلمه الله بشيء من غيبه من الأنبياء ,ومن جهة أخرى لا يغلِبُ القرآنَ شيء.وإذا تم الشفاء في بعض الأحيان عن طريق مشعوِذ ودجَّال فإن الشفاء قد يكون شكليا لا حقيقيا,وقد يكون نوعا من الاستدراج من الله للمشعوِذ أو للمريضِ,وكيف يَتصور مسلمٌ أن الله يرضى أن يُشفيَ عبدَه بالطريقة التي لا يحبُّها,ثم كيف يَتصور مؤمنٌ أن شفاءَ المريض يمكن أن يتم بطريقة غير شرعية وبغير إذن الله!!!."سبحانك هذا بهتان عظيم".
35-يجب أن نعلم بأن الإنسانَ أعلى قدرا من الجن مهما كان الجن صالحا,ويكفي أن نتذكر بأن الأنبياء-ص-(وهم خيرة خلق الله) الذين بعثهم الله للإنس والجن على حد سواء هم من الأنس لا من الجن.
36-لم يُسخِّر الله الجنَّ إلا لسيدنا سليمان-ص-.وكلُّ من ادعى أن الجن مسخرون له-سواء كانوا مسلمين أم كانوا كفارا-فهو كاذب أو جاهل حتى ولو لم يقل صراحة بأن الجن مسخَّرٌ له.سواء قال هذا المدعي بأن الجن يُعينه بطريقة أو بأخرى أو يخبره بحقيقة إصابة المريض أو يخلِّص المريضَ مما به من سحر أو عين أو جن فإن كل ذلك حرام وباطل ومردود على من ادعى ذلك:
ا-لأن هذا المدعي ليس أفضل من رسول الله الذي هو أفضل خلق الله,ومع ذلك لم يسخر الله له الجن أبدا.(1/18)
ب-ولأن الجن المتصل بالإنس ظالم وكاذب(حتى ولو صدق بين الحين والآخر),فكيف يُصَدَّق إذن –إذا كان كذلك –فيما يقول وفيما يبلِّغ للراقي عن طريق المريض؟!
ج-ولأن المتصل بالجن-بطريقة أو بأخرى-يُعتبر مصابا بالجن,ومن ثمَّ فهو يحتاج إلى من يداويه لا أن يُداويَ هو غيرَهُ!
د-ولأن الجن لن يُقدِّم للإنس خدمة مهما كانت بسيطة إلا بمقابل.والمقابل هو دوما معصيةُ الإنسي لله تعالى وكذا تسلطٌ للجني على بدن ونفس الإنسي.
37-من أسباب مس الجن للإنسان :الحزن الشديد أو الفرح الشديد أو الخوف الشديد أو الغضب الشديد,أو التلبس بنجاسة بطريقة أو بأخرى.
الفصل السادس : ممارسة الرقية ليست حكرا على أحد دون آخر
يجب أن نعلم بأن الرقية الشرعية وممارستها على نطاق واسع لعلاج الناس,ليست حكرا على أحد من المسلمين أو على جماعة معينة أو على جماعات محددة بل هي مفتوحة لكل واحد من المسلمين:
ا-الذين لهم نصيب لا بأس به من الثقافة الإسلامية العامة ومن المعرفة بالحد الأدنى من العلم الشرعي بعالم العين والسحر والجن ومن فهم الأساسيات في طب الأعشاب والطب النفسي.
ب-الذين لهم نصيب لا بأس به من الوقت الذي يكن أن يضحوا به لعلاج الناس.
ج-الذين يعلمون من أنفسهم أنهم لن يطلبوا مالا على الرقية أبدا.
د-الذين يحرصون كل الحرص على أن لا يستعينوا في الرقية بجن أبدا,سواء كان صالحا أو طالحا.
هـ-الذين لا يرجمون بالغيب أثناء تشخيصهم للداء مع المرضى,فلا يقولون لشخص:"بك كذا"إلا بناء على يقين,وإلا فقول"الله أعلم"هو المطلوب,وهو الواجب.
والذين عاهدوا الله على أن لا يخالفوا أمرا من أوامره المتعلقة بالحدود التي يجب أن يلتزموا بها كرجال مع المرأة,فلا ينظر أحدهم إلى عورة امرأة ولا يمسها ولا يختلي بامرأة أبدا ولا يكذب على امرأة مادام حيا.
ي-والذين أخلصوا دينهم لله وتوكلوا عليه سبحانه وتعالى وحده واعتمدوا عليه.(1/19)
ولكننا مع ذلك ننصح الذي يريد أن يتعلم كيف يرقي الناس بالحذر,لأن الساحة الإسلامية حبلى بالمعالجين بالقرآن وأصبحوا كثيرين وأصبحت تأتي من قبلهم أو من قبل الجاهلين منهم وكذا الانتهازيين,تأتي المشاكل والفوضى والكذب والرجم بالغيب حتى أصبح الكثير من الناس لا يثقون بالرقاة,وكل ذلك بسبب المتطفلين على الرقية الشرعية الذين يريد كل واحد منهم أن يصبح معالجا مع عدم توفر الشروط المذكورة سابقا فيه سواء كلها أو جلها.
وقبل البدء بمعالجة الناس يجب على من أراد ذلك أن يعرض نفسه على أحد الرقاة من أهل الثقة كي يرقيه للتأكد من خلوه من الأمراض التي تعالج بالرقية الشرعية,فإذا بدا بأنه سليم فليرق غيره بدون حرج وإلا فعلاج نفسه هو الواجب والمطلوب.وهذا الشخص إن أصرَّ على علاج الغير وهو مريض فإنه يكون قد فتح بابا لا يُسد غالبا إلا بعد فوات الأوان.وإذا جاز للطبيب العضوي أن يعالج غيره حتى ولو كان هو مريضا, فلا يجوز في مجال الرقية أن يرقي مريضٌ (كالمُصاب بجن مثلا) مريضا مثله مصابا بسحر أو عين أو جن.
نقول هذا لأن بعض الناس الذين كانوا مرضى نلاحظ أن منهم من يصبحون فجأة معالجين لغيرهم.وعندما تتطور بهم الأحوال ويبدأون بعلاج غيرهم يتضح أنهم مرضى وأن فيهم جن (مثلا) هم الذين أمروهم بأن يعالجوا الناس,ولا يمكن للجن أن يأمر شخصا إنسيا بعلاج الغير حبا فيه ولا حبا في الإسلام والمسلمين,ولن يأمره بالعلاج إلا بالطريقة غير الشرعية حتى ولو كان فيها شيء من القرآن والحديث الصحيح.والتجربة تؤكد على أن الذين يأمرهم الجن بعلاج الغير هم غالبا سذج وضعاف إيمان وجاهلون بالإسلام.نسأل الله أن يحفظنا من كل سوء.
الفصل السابع: ما يُقبل وما لا يُقبل من الجني المعتدي(1/20)
1-شروط الجني من أجل الخروج من جسد المصاب مرفوضة إذا كانت حراما كأن يطلب ذبحا لغير الله أو كتابة للقرآن بالدم أو يطلب الزنا أو مقدماته.أما إذا كانت مباحة وليس فيها تكليف شاق كأن يطلب من المريض-قبل خروجه من جسده-أن يأكل أو يشرب أو ينام,فقد تُقبل وقد لا تُقبل على حسب المقام وحسبما يظهر للراقي الكيس الفطن.أما إذا كانت طاعات كأن يطلب من المريض أن يصلي لله أو يصوم لله أو يطلب من أهل المريض أن يتصدقوا,فلا بأس من قبولها.ولا يُسمحُ للجني أن يخرج من جسد المصاب إلا من الأطراف أو الأنف أو الفم أو …ولا يُسمَح له أبدا أن يخرجَ من العين لأنه قد يُتلفها.
2-لا يُعذر الجن أبدا إذا اعتدى على بشر,حتى ولو ادعى أنه فعل ذلك من أجل تعليمنا ديننا (والمعروف في ديننا أن سيدنا محمد-ص-الإنسي هو الذي أرسله الله ليُعَلِّم الإنس والجن على حد سواء وليس العكس) أو ادعى أنه مجبر على الاعتداء ,لأنه لا أحد يجوز له شرعا أن يعتديَ على أحد تحت الإكراه,ولأن اعتداءه على مسلم حرام على كل حال.
3-نحن حين نتعلم الدين,نتعلمه من الإنس لا من الجن,والرسول محمد –ص-,وهو إنسي,بُعت للجن والإنس معا.ومن هنا,لا يُقبل من أي جني الاعتذار عن تسلطه على الإنسي بأنه جاء ليبلِّغَ لنا الدينَ وليعلِّمنا إياه.لا يُقبل منه هذا أبدا,لأن هذا لا يصلحُ أن يكون عذرا صحيحا وإنما يصلحُ أن يكون"نكتة بايخة"كما يقول إخواننا الشرقيون.
4-إحذر أيها الراقي أن تسمح بأن يخرجَ الجني (من المصاب),من العين أو المخ أو البطن,بل لا يُسمح له بالخروج إلا من اليد أو الرجل أو إصبع القدم أو الفم أو الأنف,بلا عودة بإذن الله.
5-إن ادعَى الجني بأنه لا يستطيع الخروج من المصاب فلا تصدّقه.ومع ذلك,علِّمه كيف يقول على سبيل المثال من أجل التمكن من الخروج:"بسم الله وعلى بركة الله,أخرجني يا رب بحولك وقوتك,إني تبت إليك,الله أكبر".
الفصل الثامن : برنامج خاص(1/21)
مقترح لعلاج مس الجن أو السحر في الحالات الصعبة التي لم تنفع فيها الرقية العادية من الشخص لنفسه ومن الراقي للمريض,والتي قد تكررت أكثر من مرة بدون فائدة.قد يكون هذا البرنامج بديلا عما أسمع به ولا أستسيغه,والذي يتمثل في أن الشخص الواحد يمكن أن يُعيدَ الرقية لنفسه-من طرف راق واحد أو أكثر-10 أو 15 مرة بدون فائدة!.
هذا البرنامج يلتزم به المريض لمدة أسبوعين أو ثلاثة أو شهر أو أكثر أو أقل،وقد يتجدد العمل به حتى الشفاء التام بإذن الله,ولا بأس من إعادة الرقية أثناء البرنامج أو في نهايته.
أولا :الالتزام بأذكار اليوم والليلة خاصة:
قبل الأكل:(اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وزدنا خيرا منه,بسم الله).
بعده:(الحمد الله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا من المسلمين).
قبل دخول الخلاء:(اللهم إني أعوذ بك من الخبث و الخبائث).
بعده:(غفرانك) .
قبل النوم:( بسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه.إن أمسكت نفسي فاغفر لها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين).
بعده:(الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور).
ثانيا:الوضوء قبل النوم كل ليلة,ثم قراءة الإخلاص والمعودتين والفاتحة وآية الكرسي والزلزلة والقارعة و الكافرون,ثم يدهنُ المريضُ الشعر والعنق والصدر الأيسر وجهة المعدة والعمود الفقري ومفاصل اليدين والرجلين بزيت زيتون أو زيت حبة البركة مرقي,ثم يثفل في الكفين 3 مرات ويقرأ المعودتين والإخلاص والفاتحة ويمسح بهما جسده والفراش ثم ينام.ثم قبل الفطور يشرب 3 ملاعق صغيرة من الزيت.
ثالثا :يشرب باستمرار من ماء مرقي فيه سدرٌ مطحون.
رابعا:يغتسل كل 3 أيام مرة واحدة بماء دافئ مرقي(فيه ملح أو ليس فيه شيء).
خامسا:قراءة سورة البقرة مرة كل 3 أيام -بصوت مرتفع,وفي أماكن متعددة من الدار-إن أمكن أو سماعها في نفس الفترة من خلال شريط.
سادسا:قراءة كل يوم سورتين من هذه السور الثمانية:
1-(يس والصافات ) في يوم .
2-(الدخان وق) في يوم.(1/22)
3-(الرحمان والحشر) في يوم.
4-(الملك والجن) في يوم .
سابعا :مع وجوب المحافظة على الصلاة في وقتها والإكثار من الدعاء والاستغفار,ومع الصدقة إن أمكن ,ومع ضرورة انتباه المريض إلى أن الشفاء قد يأتي وقد لا يأتي ببطيء أو بسرعة,لكن مع سخط الله إن كانت الطريقة غير شرعية,وإلى أن الشفاء سيأتي بإذن الله إن عاجلا أو آجلا ومع رضا الله تعالى,ما دامت الطريقة شرعية.
الفصل التاسع : ملاحظات أساسية
1-إذا كانت أعضاء معينة من جسد المريض تؤلمه-بعد التأكد من أن المرض ليس عضويا,ومن الصعب التأكد-,فإنه يمكن أن يُنصَح بدهنها بزيت مرقي بعد الرقية.فإذا كان أغلبُ الجسد يؤلمه فيمكن أن يُنصح بدهن الجسد كله عدا القبل والدبر والوجه (إن لم يكن الوجهُ كذلك مصابا).
2-عند شرب ماء زمزم يُدعى:"اللهم إني أسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء".والرقية بماء زمزم-حين يتوفر-خير بإذن الله من الرقية بغيره من المياه .
3-إذا توجه المسحور(أو المصاب بجن) إلى ساحرٍ ليفك عنه سحرَه وقع شبه اقتتال للجن من الطرفين.وعلى نتيجة هذه المعركة يتوقف أمر المسحور.وقد يتم اتفاق بين فريقي الجن على أن يخرجَ خادم السحر(أو المكلَّف بحراسة السحر من الجن)لفترة معينة ويعود بعدها لعمله.أما العلاج بالقرآن فلا يقفُ أمامه ساحر أو جن بإذن الله.وإن ادعى السحرة غيرَ ذلك,فإننا نحن نُشهِدُ الله باستمرار أنه صدقَ في كل ما قال,ونعلن في نفس الوقت بأن السحرةَ كذبوا وما زالوا يكذِبون وسيبقَوْن.
4-كثيرا ما يرتدُّ السحرُ والعياذ بالله وينعكسُ فيصيبُ طالبَ السحر.وقد تكون المرأة (أو الرجل) سليمة,فتذهب إلى الساحر لغرضٍ أو لآخر,فيرسل لها من الجن من يؤذيها ويبتزُّ مالها,فتُصاب بالجن وتصبح مريضةً من جهةٍ وتخسر من المالِ الكثيرَ من جهة أخرى.(1/23)
5-يمكن الاكتفاء-اختصارا ومع توفيق الله بطبيعة الحال-في رقية السحر أو العين أو الجن في الأحوال العادية,فقط بقراءة الفاتحة وآية الكرسي وآيات إبطال السحر الثلاثة (في الأعراف ويونس وطه) وبقراءة الإخلاص والمعوذتين مع بعض الأدعية المأثورة عن النبي-ص-.
6-القرآن يُقرأ للشفاء لأن الله أخبر:(وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمومنين) ولا يُجَرَّب ,فمن قرأ القرآن تجربة فقد ظلم نفسَه,ويمكن جدا أن لا يُشفَى.
7-أقول لبعض الناس في بعض الأحيان:"العين مسكينة والسحر مسكين والجن مساكين",لأن الناس يبالغون في إلصاق ما لا يجوز أن يلصق بها.كثيرا ما تسمع عن رجل(أو امرأة)لم يجد عملا أو أن تجارته لا تسِير كما ينبغي أو أن دراسته ليست على ما يرام,أو أن المرأةَ وصلت إلى سن الزواج بدون أن تتزوج ,فيُلصِقُ هذا الرجل أو هذه المرأة السببَ في العين أو السحر أو الجن بدون دليل أو برهان قوي أو نصف قوي.والغريب أنك يمكن أن تسمع الرجل(أو المرأة)يؤكدُ لك-قبل الرقية-بأنه متأكدٌ بأن به أمرا غير طبيعي,وهو في حقيقة الأمر ليس متأكدا ولا شبه متأكد.إن الناس في بعض الأحيان عوض أن يواجهوا المشاكل بالطرق المناسبة التي تتطلب منهم بذل جهد وتحمل مشقة,يختارون الطريقَ الأسهلَ والذي يتمثل في:"يا فلان ارقني من العين أو السحر أو الجن"الذي لن يحلَّ لهم مشكلة,ولقد نسوا أو تناسوا بأن الرقيةَ لن تحُلِّ إلا شيئا محققا من سحر أو عين أو جن.
ا-أما التجارة فتتدخل في نجاحها أو عدمه عوامل كثيرة من أهمها قضاء الله أولا ثم شطارة التاجر وإيمانه وخوفه من الله وظروف البلاد الاقتصادية و..
ب-وأما الدراسة فيتدخل في نجاحها بعد قضاء الله إمكانياتُ الشخص الفكرية والجهد الذي يبذله من أجل النجاح والظروف المحيطة به و.....(1/24)
ج-وأما العمل فيتدخل في توفره بعد قضاء الله ظروف البلاد الاقتصادية والمعيشية وسعي الشخص في دق الأبواب باستمرار من أجل طلب الرزق الحلال بدون كلل ولا ملل....
د-أما تعطل زواج المرأة فهو قضاء الله وقدره أولا,ثم لأن المرأة مخطوبة والرجل خاطب,ولأن تعدد الزوجات جائز شرعا لكنه مرفوض(أو يكاد)عرفا على الأقل في أغلب مناطق بلادنا الجزائر,ولأن عدد النساء أكثرُ من عدد الرجال.
وقلما نجد شخصا تعطل عن العمل أو في الدراسة أو التجارة أو امرأة تعطلت عن الزواج بسببِ سحرٍ أو عين أو جن,والله أعلم.
8-أظن أن الرقية للصغير أسهل من الرقية للكبير وأن احتمال الشفاء منها أكبر بصفة عامة.
9-القيء بعد الرقية –وحده– ليس دليلا كافيا على أن المصاب مسحور,بل يمكن أن يكون سببُ ذلك عضويا. والمُضحك أن أهلَ مريض (مصاب من مدة طويلة) قالوا لي مرة أن راقيا رقى أخاهم بالقرآن (وكان ذلك بعد الانتهاء من الغذاء مباشرة حيث أكل المريض فوق ما يلزمُه) وأثناء الرقية قال الراقي للمريض:"أليست لك رغبة في القيء؟"قال:لا,فضغط الراقي على بطنه ضغطا قويا من الأسفل متجها نحو الأعلى فتقيأ المريض,فقال الراقي بسرعة لأهل المريض:"أخوكم مسحور,وهذا الذي تقيأه الآن هو ما سُحِر به من زمان",فابتسموا ولم يقولوا له شيئا.والحقيقة أنه ما تقيأ إلا تحت الضغط,وما تقيأ إلا ما أكله في غذائه قبل قليل كما أخبرني إخوته. ورقاةٌ من هذا النوع وممارساتٌ مثل هذه تسيء إلى الرقية وإلى الدين وإلى المتدينين أكثر مما تحسن,وهي سببٌ من أسباب نُفور بعض المثقفين من الرقية ومن الرقاة ومن المتدينين,وحتى من الدين.
10-علامة الشفاء الأساسية من السحر أو العين أو الجن هي زوال الأعراض السابقة التي كان المريض يشتكي منها قبل أن يُرقى,وكذا إحساس بالخفة والراحة والميل إلى التفاؤل وانشراح الصدر,ويمكن أن تظهر علامات أخرى.(1/25)
11-بناء على ما رواه مسلم وغيره عن عثمان بن العاص أنه اشتكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعاً يجده في جسده منذ أسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل:بسم الله ثلاثاً وقل سبع مرات أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر",يمكن أن يُنصح المريض الذي يشتكي من ألم في جسده ما نفع الطبيب في علاجه أو ما قدر الطبيب على تشخيصه,قلت:يمكن أن يُنصح–مع الرقية-بما نصح به رسول الله-ص-.كما يمكن أن يُوجه الراقي إلى الإكثار من قول:" أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك"عند الرقية بناء على ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي-ص-أنه قال:"من عاد مريضاُ لم يحضر أجله فقال سبع مرات:أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عافاه الله من ذلك المرض".
12-لا يجوز أن يؤثر أهلُ المريض على الراقي من أجل أن يرقيَ شخصا مريضا مرضا مستعجلا قبل أن يُؤخَذَ إلى الطبيب إذا غلب على ظن الراقي أن المريض مصاب بمرض عضوي.يجب أن يُقدَّم في حالة مثل هذه العلاجُ الطبي أولا.
13-الرقية لا تُقرأُ على المجنون,بل تُقرأ على المصاب بسحر أو عين أو جن,كما يمكن أن تُقرأ على الصحيح كذلك (حتى ولو كانت غير مطلوبة) , سواءً رقَى المرءُ نفسَه أو رقى غيرَه.
14-لا تأثير للزيت المرقي (زيت الزيتون) الذي قد يُطلب من المريض أن يشربه بعد الرقية بين الحين والآخر,لا تأثير له أبدا على الدواء الذي يمكن أن يكون المريضُ يتناوله من قَبل الرقية أو من بعدها بعد استشارة طبيب.وإذا قال بعض الناس خلاف هذا فهم مخطئون.إن الزيت الذي يمكن أن يُبطل مفعول الدواء هو الكمية الكبيرة كأن تكون حوالي فنجان,والتي تُشرب في وقت قريب من وقت تناول الدواء.(1/26)
15-الأفضلُ تجنب الرقية في المسجد في الأحوال العادية تنزيها للمسجد ولبيت الله.أما إذا كان في الرقية اختلاطٌ ورفعُ أصوات وضربٌ وصراخٌ وحضورُ مجانين,فإنه يحرم القيام بالرقية عندئذ في المسجد.
16-لا تُشرع الرقية الشرعية من أجل التخلص مما يُسمى ب"الحظ السيئ".إن قضاء الله لا يسمى حظا سيئا,ولا يقابلُ إلا بالإيمان بالقضاء والقدر وكذا بالرضا والصبر مع احتساب الأجر عند الله تعالى,ثم بالسعي نحو الأفضل في الحياة.ولا يصلح أبدا أن يُعالج بالرقية الشرعية,ولو قال بعض الناس خلافَ هذا.
17-إذا اشتكى شخصٌ من الأرق,فيمكن:
ا- أن تنفعه الرقية من جهة أولى.
ب-كما يمكن أن يُنصحَ بتناول بعض الأعشاب التي قد تُفيد في التخلص من الأرق,لكن نقلا عن أطباء لا عن تجار ولا عن مُشعوذين.
ج-كما يمكن أن يُنصحَ بقراءة أذكار معينة قبل النوم مباشرة وترديدها لِعدد كبير من المرات على سبيل التجربة النافعة لا على سبيل السُّنة,كأن يُنصحّ مثلا بقول:"سبحان الله" أو"الحمد لله" أو"الله أكبر" أو"لا إله إلا الله" أو"أستغفر الله" أو"اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم" أو…مائة مرة.
فإذا نام الشخصُ فبها ونِعمت,وإلا أعاد العملية مرة أخرى.إن هذا يزيدُ من أجر المريض إن شاء الله ,كما يساعده بإذن الله على النوم.ويمكن الاستعانة بمأكولات معينة أو مشروبات معينة تساعد على النوم.أما المهدئات الكيميائية فالمداومة عليها فيها من الشر ما فيها.(1/27)
18-إذا كان المرضُ الذي يعاني منه المريضُ يُصيبُ البدنَ فقط أو جزءا من أجزائه ولم ينفع الطب في علاجه (مثل ألم في رأس أو في معدة أو رجل أو ..),ولا علاقة له بالنفس,فإن الرقية وحدها كافية بإذن الله في العلاج. أما إذا كان المرضُ الذي يعاني منه المريضُ يُصيبُ النفسَ لا البدنَ(مثل قلق أو خَلعة أو وسواس أو خوف أو ..) فإن الرقيةَ وحدَها يمكن جدا أن لا تكون كافية في العلاج,بل لا بد على المريض من أن يبذُل جهدا مع نفسه من أجل التغلب على ما يُعاني منه,ويستعين في ذلك على ما يقدمهُ له الراقي من نصائح وتوجيهات.
19-من قال بأن الرقية من السحر أو العين أو الجن لا تُشرع إلا عن طريق راق معروف ومشهور,أو قال بأنه لا يجوز أن يرقي المسلمُ نفسَه بنفسِه,من قال ذلك كاذبٌ على الله ورسوله,وهذا أمر لا خلاف فيه بين العلماء. أما الخلاف الذي يمكن أن يكون ففي أيهما أفضل: أن يرقي المسلمُ نفسَهُ بنفسِهِ أو يرقيه غيرُه ؟!
20-لابد أن يتحدث المريضُ مع الراقي وأن يجيبه على أسئلته:
ا-من أجل تشخيص المرَض إذا كان سحرا أو عينا أو جنا,لا من أجل الشفاء لأن المريض قد يُشفَ بالرقية وإن لم يتحدثْ مع الراقي.
ب-من أجل تشخيص المرَض ومن أجل الشفاء كذلك إذا كان المرض نفسيا.
أما إذا لم يتحدث المريضُ ولم يكن واعيا بما يقول ولم يكن مستعدا للإجابة على الأسئلة المطروحة عليه, فإنه لا تُعرف حقيقةُ مرضِه بيقين إلا إذا كان المرضُ عضويا وبدنيا.
21-عنف الأطفال قد يكون:
-طبيعيا:يحتاج الطفلُ للتخلص منه إلى تربية-لا إلى رقية-وإلى وقت كذلك قد يستمر أيام وقد يستمر سنوات.
-مسًّا من الجن:يحتاج الطفلُ للتخلص منه إلى رقية,لا إلى تربية ولا إلى طبيب.(1/28)
22-قد يحقق الله الشفاء ولو من طريقة غير شرعية (ربما ليَميزَ من يؤمنُ بأن الله تعبدنا بالغايات كما تعبدنا بالوسائل مِمَّن يؤمن بأن الغاية تبرر الوسيلة) فيتعلق الناس الجهلة بسببٍ من ذلك بالمشعوذ أو الدجال وهو لا يستحقُّ أن يُتَعلَّقَ به.وتحضرني بهذه المناسبة قصة المرأة التي حاولت بكثير من الوسائل أن تأتي بزوجها من فرنسا أو ليطلقها أو ليبعث لها بما تنفقه على نفسها وأولادها,فلم تفلح.وبعدها ذهبت عند مشعوذ دجال فأعطاها تميمة(حرز),فجاء زوجها في اليوم الموالي.وأما الجهلة فانبهروا بقدرة هذا الساحر (!) العظيم.لكن البعض ممن يعرفون هذا الكاهن ذهبوا عنده وسألوه عن الشيء العظيم الذي فعله لهذه المرأة حتى تحقق لها ما تحقق, فأجابهم:كتبت لها في الحرز:"إذا جاء زوجكِ فقد جاء,وإلا فالله لا يجيبو "!هكذا!نعم هكذا!.
23-يستحب أن يكون الراقي-حين يرقي- متوضئا الو ضوءين.
24-يتصل بي بعض الناس في بعض الأحيان من أجل رقية شرعية,وإذا سألت:"ما المشكلة؟"فيجيب الرجل(أو المرأة) قائلا:"إن ابنتي ترى في بيتنا منذ مدة وبين الحين والآخر,ترى أشخاصا لا يراهم غيرها وتسمع أصواتا لا يسمعها غيرها,ويتحدث إليها أحيانا من تراهم فيأمرها أحدهم بالصلاة وبالصيام تارة وينهاها عن السرقة والكذب والزنا تارة أخرى,ويدَّعون لها تارة ثالثة بأنهم اشتاقوا إليها ويريدون أن يروها ولو من بعيد,ويكشفون لها في بعض الأحيان عن صور حية يزعمون أنها لباب الجنة أو لباب النار ول..ويطلبون منها تارة خامسة على سبيل الأمر أن تُفرِّغ نفسها لمعالجة الناس بالقرآن و..الخ.."!
والجواب من وجوه عدة:
ا-منها أن من يرى ما لا يراه الغير أو يسمع ما لا يسمعه الغير هو إنسان مصاب,ومنه فإن ابنة هذا الرجل يمكن جدا أن تكون مصابة بإذن الله بجن(ولا نجزم بذلك),والمطلوب أن تعرض على راق ثقة يرقيها فتشفى مما بها بإذن الله.(1/29)
ب-ومنها أن الذي يُعلِّم الآخرَ هو الإنسيُّ لا الجني.إن الله أرسل نبينا محمدا –ص-رسولا للجن والإنس معا ولم يرسل نبيا من الجن ليبلغ الإسلامَ للإنس.ومن هنا فإن ادعاءهم بأنهم يريدون النصيحة والتوجيه والتعليم للإنس كذبٌ في كذب.وعلى الواحد منهم سواء كان صالحا أو طالحا إذا أراد أن يُعلِّم أن يذهب إلى مثله من الجن ليعلمهم.
ج-ومنها أن الجني لن يقدم للإنسي خدمة أو شبه خدمة إلا في مقابل تسلط الجني على بدن ونفس الإنسي,وكذا في مقابل معاصي ومعاصي يمكن أن يقع فيها الإنسي-في الحاضر أو في المستقبل,بطريقة مباشرة أو غير مباشرة-ليرضى عنه الجني.
د-هذه البنت تعتبر مريضة,لذا فإنها تُنصح بأن لا تستجيب للجن حين يأمرونها بعلاج الغير بالقرآن لأنها هي أحوج إلى العلاج من غيرها.ولا يجوز لها أن تخاف من تهديدهم,لأن الله أقوى منهم ومن كيدهم مهما كبُر وهو الأحق بأن تخافه.
هـ-الصور التي يدعون أنها للجنة والنار هي مجرد صور وهمية ليس إلا.
و-إذا أراد الجن أن يتأملوا وجه أنثى,فعليهم بوجوه الجنيات سواء جاز لهم ذلك شرعا أم لا.المهم أننا إنس والبنت إنسية ولا نقبل من الجن أبدا ما يزعمون من أنهم اشتاقوا إلى رؤية المرأة ولو من بعيد! والبنت كذلك يجب أن لا تقبل منهم شيئا مما يدعونه وعليها أن تستعيذ بالله منهم ومن الشيطان الرجيم وأن تعتبرهم خصوما لها.أما إذا اعتبرتهم أصدقاء فإنها لن تتخلص من شرهم وحتى الرقية الشرعية فإن فائدتها تصبح محدودة جدا عندئذ.
ي-إذا كانت البنت فقط ترى ما ترى وتسمع ما تسمع فإن الرقية تلزمها لوحدها أما إذا كانت أغلبية أفراد الأسرة تعاني مما تعاني منها هي,فالرقية تصبح مطلوبة للبيت على اعتبار أنه يمكن أن يكون"مسكونا".والرقية هي الحل بإذن الله في الحالتين
الفصل العاشر: عن الصرع(1/30)
1-هناك فرق يبن الصرع كمرض عضوي دواؤه عند طبيب اختصاصي,والصرع كإصابة من الجن دواؤه برقية شرعية.ويخطئ الطبيبُ حين يظن أن بمقدوره معالجة كل أنواع الصرع,كما يخطئ الراقي كذلك حين يدعي أن بإمكانه مداواة كل صرع.
2-النوبة الصرعية (العضوية أو الطبية) تنقسم إلى صغرى وكبرى.أما الكبرى فمعروفة وأما الصغرى فهي التي تكون في حالات المرض الأولى,ولا تستلزم تنبه المريض لها ولا تنبه من حوله.ويستمر وقتُها من 3 إلى10 ثواني,ولا يصحبها في الغالب تشنُّجات.يتوقف فيها المريض عن الكلام لحظة,ثم يعود إلى الحديث بشيء منعدم التركيز,أو يحدق لحظة في الفراغ ثم يعود إلى عمله,أو ينتقل من الكلام المفصَّلِ إلى التهتهة.وتصيبُ النوبة الصغرى بعضَ الأطفال,وتستمر معهم من 5 إلى 12 سنة,إلا أنها تتباعد فتراتها أو تزول عند البلوغ.وفي بعض الحالات الصعبة تترك المكان للنوبة الكبرى.
وقد يكون من أسباب صرع الأطفال الطبي-كما يقول بعض الخبراء-كثرة مشاهدة الألعاب الإلكترونية.
ومن أعراض الصرع الطبي أو النوبة الكبرى (التي قد تستمر 5 أو 10 دقائق في أغلبية الأحيان):الميول العدوانية اتجاه الآخرين,التعصب الشديد لرأيه,الانفعالات والعواطف الثقيلة والجامدة,ينفجر أحيانا –غضبا أو بكاء-بدون سبب,يخدع الآخرين في حديثه ومعاملاته,ينتظر من الآخرين العطف والمساعدة,متقلب المزاج(حب وكره, اهتمام وإهمال,لطف وعدوانية في أوقات متقاربة),عض اللسان وخروج الزبد من جانبي الفم والتبول على الفخذين,الحساسية وسهولة الإثارة,وأخيرا عدم الإحساس بالأمن والطمأنينة.وقد تظهر البعض من هذه الأعراض عند شخص وتظهر أعراض أخرى عند شخص آخر,وليس شرطا أن تظهر كلها مُجتمعة في شخصٍ واحدٍ.
الفصل الحادي عشر: محرمات(1/31)
1-المطلوب إعطاء ماء مرقي للمريض ليشربه قبل قراءة القرآن على ناصيته,فإذا كان المريض امرأة وجب تغطية شعرها بخمار-لا يسمح لحرارة الرأس أن تصل إلى يد الراقي-قبل القراءة عليها بحيث لا يمس الراقي ولو شعرة من رأسها.ومن زعم من الرقاة بأنه لا بأس عليه أن يمس أجزاء أخرى من جسدها (سواء تؤلمها,أو يُظن أن الجن متمركز فيها,أو أن السحر أصابها فيها أو أن العين أثرت فيها) أو يراها فهو إما جاهل,وإما فاسق فاجر ساقط لا يستحي ولا يخاف من الله.وفي الحالتين هو لا يستحقُّ أن يكون معالجا بالقرآن.ومن هنا نقول بأنه يجب أن يحرص الراقي على أن لا يرقي امرأة إلا وهي متحجبة.إذا قبلت بذلك فبها,وإلا طلب منها أن تبحث لها عن راق آخر! وليعلم الراقي:
ا-أن هذا الشرط يمليه عليه دينه الذي يفرض على الرجل-كيفما كان- أن لا ينظر إلى وجه المرأة وكفيها بشهوة.أما النظر إلى غير ذلك من جسدها فإنه حرام بشهوة أو بدون شهوة,والراقي إذا أراد أن يرقي امرأة متبرجة لا ولن يستطيع-وإن استطاع فبصعوبة كبيرة جدا,وقد يقدِر على ذلك مرة ولا يقدِر مرات-مهما حاول أن لا ينظر أثناء الرقية إلى غير الوجه والكفين منها.
ب-كما أن هذا الشرط يزيد من احترام الناس المؤمنين له ومن تقديرهم له,حتى ولو كانوا غير ملتزمين بالدين.وإذا وُجِد من ينتقده بسبب ذلك فالحجة عليه لا على الراقي.والذي ينتقده اليوم لا أظن أنه سيبقى ينتقده إلى ما لانهاية.
ج-ومن جهة ثالثة,فإن اشتراط هذا الشرط في الرقية هو طاعة لله يجعل أجر الراقي على الرقية أكبر,ويجعل بركة الرقية ومردودها أكبر.
وإذا كانت المرأة المريضة مصابة بجن,وجب عليها أن تلبس قبل الرقية سروالا تحت الفستان أو الجلباب حتى لا تنكشف عورتها أثناء الرقية.ويجب أن يكون لباسُها فضفاضا واسعا,والغرض من ذلك واضحٌ لا يحتاج إلى ذكر.(1/32)
2-لا يجوز الاستعانة بالجن في معرفة نوع الإصابة ونوع علاجها.قال تعالى :(وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا).والأصل في الجن المسلطين على الإنس أنهم يكذبون وأنهم لا يؤتمنون,لذا لا يجوز تصديقهم.قال بن باز –رحمه الله-:"لا يجوز أبدا استعانة الراقي بجن سواء كانوا كفارا أو مسلمين".وجاء في كتاب الفتاوى الخزرجية:"وأما عن استحضار جن مؤمن (للعلاج),لا أصل له ولم يثبت". وقال محمد الصالح العتيمين رحمه الله:"..لذا فالاستعانة بالجن المسلم كما يدَّعي البعضُ في العلاج,لا تجوز". وكل من ادعى أن الجن يقدمون له خدمات بدون مقابل,فهو واهم.إن الجن إذا أعانوا إنسيا إنما يفعلون ذلك في مقابل:
ا-فعل الإنسي لمحرمات,قد تصل إلى الكبيرة أو إلى الكفر كقول الكفر أو رمي المصحف في المرحاض أو سب الله أو سب رسوله أو تعليق الصليب أو قراءة القرآن مقلوبا أو الزنا أو اللواط أو..
ب-تسلط الجني على الإنسي-بدنيا ونفسيا-فيُتعِبه تعبا شديدا,بحيث يُصبِح يخاف من ظله ويقلق ويتيه ويصبح مَوسوَسا ويُصاب بالأرق ويفزع في نومه كثيرا ويصبح ثقيلا في بدنه ولا يختلط بالناس ويصاب بالتشاؤم و..وتؤلمه أجزاء معينة من بدنه ولا ينفع في علاجها طبيب.
3-تعوّد بعض الرقاة على أن يطلبوا من المريض أن يُغمض عينيه أثناء الرقية وأن يبحث بخياله في المكان كذا أو كذا,فإذا بدا له بأنه يرى إنسانا أو حيوانا تحدث معه الراقي ليعرف حقيقة إصابة المريض بالتفصيل سواء كانت سحرا أو عينا أو جنا ثم ليُخلِّصَه منها بسهولة كما يتوهمُ الراقي أو المريض.ونصيحتي لهؤلاء الإخوة-وأنا أقول هذا عن تجربة-أن يتجنبوا هذه الطريقة ولا يلجأوا إليها أبدا للأسباب الآتية:(1/33)
ا-أنه ليس هناك دليل على مشروعيتها,وإن كان ليس هناك دليل قطعي(بنص صريح من كتاب أو سنة أو بإجماع)كذلك على أنها ممنوعة شرعا.ومع ذلك لقد ذهب بعض العلماء المعاصرين إلى عدم مشروعيتها.جاء عن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية التي يشرف عليها بن باز رحمه الله أن:"تخيلُ المريضِ للعائن ِ
(ومثله مثل الساحر أو الجن) أثناء القراءة عليه وأمر القارئ له بذلك هو عمل شيطاني لا يجوز,لأته استعانة بالشياطين فهي التي تتخيل له في صورة الإنسي الذي أصابه.وهذا عمل مُحرَّمٌ لأنه استعانة بالشياطين,ولأنه يسبب العداوة بين الناس,ويسبب نشر الخوف والرعب بين الناس,فيدخل في قوله تعالى:(وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن,فزادوهم رهقا)".
ب-لأن ما يبدو أثناء إغماض العينين قد يكون صحيحا 100 % وقد يكون كذبا (ولا أقول خطأ) 100%,فلماذا نربط أنفسنا بأوهام لا يجوز الاعتماد عليها من أجل معرفة حقيقة؟مع العلم أن الدليل الشرعي على أن فلانا أصيبَ بسحرٍ أو بعين هو إما اعتراف أو شاهدان.
ج-لأنه قد تحدثُ عداوات بين المريض(أو أهله)وبين أحد الأقارب أو الجيران أو الأصهار أو..بسبب أن المريض رأى بخياله أثناء الرقية أن فلانا سحره أو أصابه بعين.ومن الممكن جدا أن أحد الشياطين كان يلعبُ بالمريض أثناء الرقية ويضحك عليه ويريه أوهاما في صور حقائق ,ليُفسدَ ما بينه وبين الناس.
د-لأن الرقية الشرعية ليس من شروط صحتها,ولا من مستحباتها هذا الذي يفعله بعض الرقاة.والرقية الشرعية تؤتي ثمارَها بإذن الله بقدر ما تكون بسيطة وبعيدة عن التعقيد,مع وجوب موافقتها للشرع بطبيعة الحال,ومع إخلاص المريض والراقي لله,واعتبارهما الرقية سببا,وأما الشافي فهو الله وحده.(1/34)
4-إلصاق الأوراق المكتوبة التي فيها شيء من القرآن أو الأدعية على الجسم أو على موضع منه أو وضعها تحت الفراش أو فوقه أو نحو ذلك لا يجوز-كما تقول اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية -لأنه من تعليق التمائم المنهي عنها.وقراءة شيء من القرآن مهما كان قصيرا,هو خير ألف مرة من وضع المصحف على جسد الإنسان المريض أو في فراشه أو في أي مكان آخر.
5- يحرم تعلُّم السحر,سواء تم من أجل العمل به (أي من أجل أن يسحر الناس)أو من أجل اتقائه.
6- الشابة المقبلة على الزواج,والتي علمت-قبيل الزواج- أنها مربوطة (مْصَفحة كما يقول الجزائريون. والتصفاح حرام ولو تمَّ بنية حسنة) منذ الصغر,هذه المرأة لا يجوز لها أن تسمح لامرأة مهما كانت أن تفُكَّ لها السحر بطريقة سحرية.وإنما الواجب عليها أن ترقيَ نفسها أو تبحث لنفسها عمن يرقيها بطريقة شرعية بعيدا عن الدجل والشعوذة.
7-النفث في الماء أو في الزيت ثم إعطاؤه للمريض ليشربه أو ليدهن به بقصد التبرك بريق النافث حرام,وهو نوع من أنواع الشرك لأن ريق الإنسان ليس سببا للبركة والشفاء,ولا أحد من البشر بعد رسول الله –ص-يجوز التبرك بآثاره من ريق أو عرق أو ثوب أو...
8-ليس صحيحا أن البخور يطرد الجن,ولا يوجد أي نوع من أنواع البخور لطرد الجن وإنما البخور من سمات السحرة والمشعوذين والجهلة من الناس لا يجوز استعمالها في الرقية لطرد الجن أو للتخلص من السحر أو العين. وليس هناك أي دليل شرعي كذلك يدل على أن هناك بخورا معينا لطرد الجن وإنما هي فقط من تخرصات وأكاذيب السحرة (ومن هم على شاكلتهم) الذين يصفون البخور أو الجاوي(كما يسميه بعضهم)كوسيلة للتخلص من الجن المتلبس بالإنسان,وهذا ليس له أصل في ديننا ولا في الواقع،بل هو اعتقاد فاسد وخاطئ وباطل .أما أنواع البخور مثل العود والمسك وغيرها فإنها طيبة,ونتطيبُ بها عموما,والمعروف أن الشياطين لا تحب الروائح الطيبة.(1/35)
9-من أنواع الشرك الحرام بلا أدنى شك:تعليق الحديد ونحوه على جزء من جسد المرأة النفساء أو على جسد المختون لجلب النفع أو لدفع الضر!.
10-لا يجوز الذهاب للكنيسة لعلاج المصروع أو المصاب بعين أو بجن.والطريقة المشروعة في العلاج هي:الرقية الشرعية في مكان طيب بعيد عن المحرمات وخال من النجاسات وليس فيه مخالفة من المخالفات الشرعية.
11-ما يفعله بعضهم من صب الرصاص على رأس المريض في إناء فيه ماء ثم إخبار المريض بأن فلانا قد سحره وأن…هو محض سحر وشعوذة وكذب على ذقون الناس,وهو فعل حرام بلا شك.
12-جاء عن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية أنه لا يجوز التبخر بالشب أو الأعشاب أو الأوراق كعلاج من الإصابة بالعين.وقالت اللجنة بأن ذلك حرام,لأنه ليس من الأسباب العادية لعلاج العين وأضافت:"وقد يكون المقصود بهذا التبخر استرضاء شياطين الجن والاستعانة بهم على الشفاء.وإنما تعالج العين بالرقى الصحيحة والتعوذات الواردة في الكتاب أو السنة".
13-كما جاء عن اللجنة الدائمة المذكورة سابقا أن استغلال التنويم المغناطيسي(بغض النظر عن ماهيته وهل هو فن وعلم أم هو ضرب من ضروب الكهانة ؟) واتخاذه طريقاً أو وسيلة للدلالة على مكان شيء مسروق أو ضالة أو لعلاج مريض أو لتشخيص مرض معين أو لاتهام شخص ما بأنه سحر أو أصاب بعين أو ..أو للقيام بأي عمل آخر بواسطة المنوم,هو عمل غير جائز"بل هو شرك" لأنه التجاء إلى غير الله فيما هو من وراء الأسباب العادية التي جعلها سبحانه إلى المخلوقات وأباحها لهم,ولأن الدليل الشرعي على اتهام شخص هو فقط الاعتراف أو الشهود العدول من الإنس.(1/36)
14-يحدث في بعض بلاد المسلمين أو غيرهم أن يقوم شخص (يعمل بمفرده أو ضمن جماعة) في جمع من الناس بعمل استعراضات مثيرة للعوام,كأن يدخل سيفا أو سكينا في بطنه دون أن يتأثر أو كأن يحول منديلا إلى ورقة نقدية أو..وغير ذلك من الحركات التي لا تصدق في حياة الناس العادية.والحكم هنا هو أن هذا الشخص مشعوذ وكذاب و دجال وأن عمله هذا من السحر التخييلي وهو من جنس ما ذكره الله عن سحرة فرعون في قوله تعالى:(فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى).و في قوله تعالى:( فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم).وهؤلاء يستعملون طرقا أو أخرى لكنها في النهاية تصب في مصب التخييل للناس بخلاف الحقيقة…إنهم يعملون شيئا من الحيل الخفية التي تُظهر للناس أنها حقيقة وهي كذبٌ,بأن يظهر الواحد منهم للناس أنه يطعن نفسه أو أنه يقتل شخصا ثم يرده كما كان,وفي واقع الأمر لم يحصل شيء من ذلك,أو يظهر الواحد منهم للناس أنه يدخل النار ولا تضره و هو لم يدخلها أصلا ،وإنما عمل حيلة خفية ظنها الناس حقيقة وهي ليست كذلك.ولا يجوز السماح لهؤلاء بمزاولة هذا الباطل والتدجيل على المسلمين بحيلهم الباطلة,لأن هذا يؤثر على العوام.ولقد كان عند بعض الأمراء من بني أمية رجل يلعب فكأنه ذبح إنسانا وأبان(فصل)رأسه ثم أحياه,فعجب الحاضرون فجاء جندب الخير الأزدي رضى الله عنه فقتله وقال قولته المشهورة:"إن كان صادقا فليحي نفسه". ولا يجوز للمسلم أن يحضر هذا الدجل والشعوذة ولو من باب التسلية ,كما لا يجوز له أن يصدق بها،بل يجب إنكار ذلك ويجب على ولاة المسلمين منعه والتنكيل بمن يفعله .وإذا سمي هذا لعبا وفنا فإن الأسماء لا تغير من الحقائق شيئا ولا تبيح شيئا من الحرام,والعبرة بالمسمى لا بالاسم.(1/37)
15-لا يجوز-مهما كان الدافع-للراقي أن يكويَ المريضَ بالنار من أجل إخراج الجني من جسده,والمعروف عندنا بداهة في ديننا أنه:(لا ينبغي أن يعذِّب بالنار إلا ربها)كما أخبر رسول الله- ص-.
16-لا يجوز الإفراط في ضرب المصروع بعد التأكد من أنه مصاب بجن,والأفضلُ ترك الضرب أصلا,وكما قال الشيخ محمد صفوت نور الدين:"لو كان الضربُ هو المؤثِّر لكان النبي-ص-يأمرُ من يجلدُ المصروعَ لا من يرقيه".
الفصل الثاني عشر: علاقة الطب بالرقية
1-توقيف المهدئات المعطاة للمريض من طرف الطبيب,إن تم من طرف الراقي (إن ظهر له أن مرض المريض ليس من اختصاص طبيب) يجب أن يتم بحذر:
-لأن المريض إذا أدمن عليها قد لا يكون من الحكمة أن يتوقف عن تناولها فجأة.
-ولأن الراقي قد لا يكون متأكدا من نتيجة تشخيصه للمرض,فيظن مثلا أن المريض مسحور أو مصاب بعين أو جن,وهو في حقيقة أمره مصاب بمرض نفسي أو عصبي يحتاج من أجل علاجه إلى تناول هذه المهدئات.
2-ليس للقرآن أيُّ أضرار جانبية البتة بخلاف الأدوية والعقاقير الطبية.والرقية الشرعية إذا لم تنفع يستحيلُ أن تَضُرَّ.وهي ليست مطلوبة للصحيح,ولكنها ليست ممنوعة عنه كذلك.
3-الرقية ليست كالطب من ناحية أن خبرة الطبيب لها دخل كبير في الشفاء بعد تيسير رب العالمين,أما الرقية فالذي يتدخل أولا في شروط حصول الشفاء بعد إذن الله هو الصواب والإخلاص واعتقاد أن الله هو الشافي أولا وأخيرا قبل خبرة الراقي.وقد يرقي مجموعة من الرقاة الذين لهم خبرة كبيرة وواسعة بالرقية –مجتمعين في مكان واحد وزمان واحد ولمدة ساعات وربما لمرات متعددة-شخصا مصابا بسحر أو عين أو جن فلا يفلحون في علاجه,ثم يرقي المريضُ نفسه أو يرقيه شخصٌ آخر بسيطٌ مغمور(لا أحد يسمعُ عنه) بالفاتحة فقط على سبيل المثال فيُشفى في بضع دقائق بإذن الله.(1/38)
4-نسبة كبيرة من المترددين على المعالجين بالقرآن مرضى وهم.يحسِبون أن بهم مسا من الجن أو السحر أو العين,وهم ليسوا كذلك,بل هُم مرضى وَهْم في أغلبيتهم.وعلاج هؤلاء يتم بالطب النفسي إن كان الوهم متسلطا عليهم منذ فترة طويلة.أما إن كان في بدايته,فعليهم بالتحصينات (مع الاستفادة من نصائح خبير ومع بذل الجهد من أجل طرد الأوهام) لأنها يمكن أن تفيدهم ولو بدون طبيب.
5-في ليلة دخول الرجل على زوجته,وأثناء محاولة الرجل الاتصال الجنسي مع زوجته إذا دخل رأس الذكر في فرج المرأة فلا معنى للقول بأن الزوج مربوط(مسحور)وأنه يحتاج إلى رقية شرعية من أجل فك الربط.إن الأمر لو كان كذلك فإن الذكر يرتخي تماما قبل أن يحاول الرجل إدخاله في فرج المرأة,ولن يدخل ولو جزء بسيط منه في فرجها.فإذا دخل جزء من الذكر في فرج المرأة وأحس الرجل بنوع من الضعف سواء من حيث الرغبة في المرأة أو من حيث انتصاب ذكره فإن السبب عادة هو:
ا-إما تعب عند الرجل جاء من قلة الأكل أو من قلة النوم في الأيام الأخيرة قبل الزواج مباشرة,وحَلُّ هذا الضعف أو طريقة التخلص منه هو أن يأخذ الزوج نصيبه الكافي من الأكل ومن النوم حتى يقضي حاجته من زوجته كما ينبغي.وهذا سبب محتمل جدا.
ب-وإما خوف من أن يفشل في الجماع,وهذا يحتاج إلى من يتحدث معه ليرفع له من معنوياته وليقويه نفسيا.وهذا سبب يكثر وجوده.
ج-وإما ضعف عضوي يحتاج معه إلى طبيب يعطيه دواء يشربه أو يحتاج إلى حقنة تقويه جنسيا .وهذا السبب قليل الحدوث أو الورود.والله أعلم.
6-تناول المهدئات التي يعطيها الاختصاصي في الأمراض النفسية أو العصبية للمريض قد يُفيدُ المريضَ بشرطين:
ا-إذا كان مرضُه بالفعل لا علاقة له بالسحر أو العين أو الجن.(1/39)
ب-إذا تم لمدة قصيرة لا تتجاوز كثيرا ال3 أشهر كما يقول الكثير من الأطباء (إلا بالنسبة لبعض الأمراض الخاصة والنادرة التي قد يحتاج فيها المريض إلى مواصلة العلاج لسنوات أو طيلة حياته).فإذا زادت المدة عن ذلك بكثير قد يُصبح إثم هذا الدواء أكبر من نفعه,ويصبحُ من الأحسن للمريض البحث عن طبيب آخر أو عن رقية من أجل علاج مرضه.
الفصل الثالث عشر: ما يُطلب توفره في الراقي
1-الأفضل أن يكون للراقي إلمام ولو بسيط بطب الأعشاب لأن المريض قد يكون مصابا بسحر أو عين أو جن ومصابا كذلك بمرض عضوي معروف لم ينفع الطبيب في علاجه.لكن مع ذلك لا يجوز له أن ينصح المريضَ بشيء من ذلك إلا إذا كان متأكدا من حقيقة الإصابة العضوية ومن طريقة الاستعمال,لأنه عندئذ وعندئذ فقط سيعطي الوصفة المناسبة للمرض الواقع والحقيقي الذي يعاني منه المريض,وإلا فقد يضرَّ الراقي المريضَ من حيث يظن أنه يعملُ من أجل نفعه.
2-يجب ألا يجد الراقي أيَّ حرج في أن يُرشدَ المريضَ أو أهلَه للاتصال براقٍ آخر,إذا فشلَ هو في علاج المريضِ,بل قد يوصلهم هو بنفسه إلى راق آخر, وليعلم أن من تواضع لله رفعه الله.وقد يستعين هو براق آخر ليتعاون الاثنان على الرقية الشرعية لمريض استعصى أمرُ علاجه عليه هو وحده.
3-من شروط الراقي التي لا بد منها:
ا-الإخلاص لله تبارك وتعالى:وبدونه لا يوفَّق الراقي في علاجه للناس.وللأسف كم رأينا من شباب متدين بدأ الرقية بطريقة شرعية ثم بسبب جفاف الإخلاص عندهم بعد ذلك أصبحوا يطلبون المال على الرقية أكثر مما يطلبون الأجر من الله,وأصبحوا يستعينون بالجن(الصالحين على حد قولهم)في عملهم فضلوا وأضلوا.
ب-العلم بالدين أولا ثم بالرقية الشرعية على الخصوص,مع إلمام ولو بسيط بالطب عموما وطب الأعشاب خصوصا,وكذا العلم ولو بالمبادئ الأساسية في علم النفس وبالأمراض النفسية.
ج-الخبرة والفطنة والكياسة.
د-التقوى والإيمان والخوف من الله.(1/40)
هـ-كتمان السر,وهو شرط مُهم وأساسي.والراقي يجب أن يكون كاتما لسر المريض أو خزانة مغلقة لأسرار المرضى,مثله مثل الطبيب (الذي يجب عليه أن يحفظ أسرار مرضاه) والإمام (الذي يملي عليه الشرعُ أن لا يبوح بأسرار من يأتيه من الناس ليستفتيه في الدين أو ليطلب منه حلَّ مشكلة من المشكلات).أما الراقي الذي يرقي اليوم شخصا ثم يُشيع خبره غدا في أوساط الناس بنية حسنة أو بنية سيئة,فإنه لا يستحقُّ أن يكون معالجا بحق بالقرآن.ولا بأس بطبيعة الحال أن يقول مثلا:"رقيت شخصا (بدون ذكر اسمه أو ما يمكن أن يعرفه الناس به من لقب أو صفة أو منطقة سكن أو..)وكان مِن أمرِه كذا فأصبح أمرُه كذا".
4-من تمام علم الراقي أن يكون عارفا بأفعال المشعوذين والسحرة التي يمليها عليهم شياطينهم,وكذلك بألاعيب الجن وخُزعبلاتهم وحيلهم.فعند ذلك فقط يمكن للمعالج بالقرآن أن يتجنَّب زلات هؤلاء وانحرافات أولئك.كما يجب عدم خوف الراقي من الجن أو من تهديداتهم ومعرفة أن الجن كثيرو الكذب فلا يُصدَّقون في كل أمر,وأيضا العلم بأن الشيطان ضعيف.
5-الأفضل مراعاة الراقي للفقراء قبل الأغنياء,وللبسطاء قبل المسؤولين وللضعفاء قبل الأقوياء وللمتواضعين قبل المتكبرين و...سواء من حيث المواعيد التي تعطى للمريض من طرف الراقي أو من حيث أسلوب تعامل الراقي مع المريض أثناء الرقية الشرعية أو قبلها أو وبعدها.
6-يجب أن تكون طاعات الراقي غالبة على معاصيه لأن ضعف إيمان الراقي وكثرة معاصيه سبب من الأسباب الأساسية في فشله في علاج أمراض من يرقيهم من الناس,فضلا عن عقوبته المنتظرة في الآخرة.
7-لا يجوز أن يكون الاشتغال بالرقية على حساب طلب العلم الشرعي لأن طلب العلم عبادة,والله يسألك-أيها الراقي-يوم القيامة عن نفسك قبل أن يسألَك عن غيرك.هذا فضلا عن أن الرقية في حد ذاتها لا بد لها من علم دائم مستمر حتى تكون بركتُها أكبر.(1/41)
8- مما يجب أن يُحذَّر منه الرقاة عدم تضييع الصلاة جماعة وكذا عدم تضييع حق الزوجة والأولاد بسبب اشتغالهم المُبالَغ فيه بالرقية الشرعية.
9-مهم جدا أن يكون الراقي باستمرار حريصا على تقديم النصيحة وعلى قبولها (عندما تُقدم له) في نفس الوقت,وليعلم أن عدم استعداده لتقبل النصيحة من غيره يمكن أن يمنعه من زيادة التعلم أو من اكتشاف أخطائه, ومن ثَمَّ يبقى جاهلا وعرضة للانحراف في طريقة معالجته للناس,أو على الأقل عرضة للفشل في علاج أمراضهم.
10-احرص أيها الراقي-أثناء الرقية-على أن تكون مع المريضِ طبيبا وداعيا إلى الخير (يعالج السحرَ أو العينَ أو الجنَ) لا بوليسيا ولا قاضيا.فإذا جاءك مثلا شخصٌ زانٍ(حتى ولو زنا بمائة امرأة)يطلبُ رقيةً فانصحْه ووجِّهه وادعُه إلى التوبة,ثم ارقِه إن كان يحتاج بالفعل إلى رقية,لكن إياك أن تطردَه أو تعنِّفَه أو تجرَحَه بقول أو فعل.
11- احرص أيها الراقي حتى تكتسبَ ثقةَ الناس فيكَ:
أولا :على أن لا تقول لمريضٍ:" أنت تحتاج إلى طبيبٍ"إلا إذا كنت متأكدا من ذلك.
ثانيا: على أن لا تقول لمريضٍ:" أنت تحتاج إلى رقية "إلا إذا كنت متأكدا من ذلك.
ثالثا :على أن لا تتحفظ أبدا من قول:"لا أعرف طبيعةَ مرضِ المريضِ"مهما أكثرت من ذلك,إذا كنتَ لا تقدرْ بالفعل على تشخيص مرضِ المريضِ.(1/42)
12-الأفضلُ إخبارُ المريض في نهاية الرقية برأينا في نوع إصابته.فإذا كان المرضُ معالجته من اختصاص طبيب يُوجَّه المريضُ إلى طبيب أي طبيب أو إلى طبيب اختصاصي أو إلى طبيب معين اسمه:"فلان"إذا كان الراقي يرى الكفاءة والإخلاص أكثر في هذا الطبيب بذاته أو بعينه.يستحب إعطاء رأينا في نوع الإصابة إن ظهر لنا رأي,أما إذا لم يظهر لنا رأي,فلا عيب في أن يقول أحدنا:"لا أدري",ومن قال:"لا أدري"فقد أجاب.والعيب ليس في أن نعلن بأننا لا نعلم,بل العيب في أننا لا نعلم ثم نقول بأننا نعلم,فنكذب على الله وعلى الناس.هذا مع ملاحظة أننا في الغالب لا نستطيع التشخيص الدقيق للسحر أو العين أو الجن لأن هذا التشخيص يغلب عليه الظن لا اليقين.
الفصل الرابع عشر: مسائل خلافية
يعتقد بها البعض من الرقاة ولا دليل قطعي على صحتها ولا دليل قطعي كذلك على خطئها.هي مسائل خلافية لا يجوز التعصب لرأي فيها ضد رأي آخر.ومنه يجب أن يكون شعارنا معها هو قول عامة الفقهاء قديما:"رأيي صواب يحتمل الخطأ,ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب".
1-يمكن الاستعانة في الرقية بما رواه بن الجوزي (قراءة الفاتحة على ناصية المريض ثم الآية الأولى من كل سورة حتى ختم القرآن,ثم يقول الراقي:"اللهم اكفني أمر كذا", ويذكر الراقي حاجته).نتبع هذه الطريقة لا على أنها سنة رسول الله-ص-بل على أنها تجربة قد تنفعُ وقد لا تنفع,لكن الذي يجرِّب لن يخسِرَ شيئا بإذن الله.
2-يقال:"يوم الأربعاء مساء مفضَّلٌ للرقية من الجن ولطردهم",كما يُقال كذلك بأن الجن لا يحبون العطور,ويقال كذلك بأن الجن يتعذبون باغتسال المصاب بماء مالح مرقي(وإن كره ذلك الإمام مالك رضي الله عنه).وقد يكون كل هذا الكلام صحيحا وقد لا يكون,وقد لا يصح إلا بعضه فقط,والله أعلم أولا وأخيرا بالصواب.
3-في تطبيق البرنامج الروحي الخاص بالمريض (والذي يلتزم بتطبيقه خلال مدة معينة بعد الرقية قد تطول وقد تقصر) فوائد كثيرة منها :(1/43)
ا-قطع خط الرِّجعة على الوسيط بين الساحر وخادم السحر.
ب-ومنها إضعاف الجني خادم السحر بالهلاك أو الهروب.
ج-ومنها صعوبة تجديد السحر من طرف الساحر إن أراد ذلك.
4-يستحبُّ للمتزوج الجديد أن يقرأ سورة البقرة في منزل الزوجية,قبل الزواج أو بعده.ومثل هذه المسائل كما قلت من قبل ليست توقيفية بل هي مسائل لم يأت نصٌّ بإثباتها ولا بإلغائها,فإذا رأينا أن مصلحةً يمكن أن تتحققَ منها جازت وأُبيحت شرعا بإذن الله.وهي من جهة أخرى إن لم تنفع لن تضر.
5-الأفضلُ-ولم أقل يَجِبُ- أن لا تتغذى أو تتعشى عند أحدٍ ذهبتَ عنده إلى بيته لترقيه أو لترقي أحد أفراد أسرته,لأن الغذاء أو العشاء اليومَ قد يفتح الباب لأخذ الأجرة على الرقية غدا أو بعد غد,بل إن المريضَ (أو أهله) يمكن أن يعتبرَ إكرامَه لك بإطعامك نوعا من الأجرة على الرقية دفعها لك بطريقة غير مباشرة.والله أعلم.
6-أرى –والله أعلم بالصواب-أن الأحسن إبعاد الرقية عن الخضوع للتجربة.كما أن الدليل على علم الغيب مثل الجنة والنار والقبر والبعث والميزان والصراط و..هو الوحي وليس التجربة ولا الدليل أو البرهان العقلي, وكما أن الأصل في العبادات مثل الصلاة والوضوء والتيمم والغسل و..هو أنها غير معقولة المعنى(عندنا نحنُ لا عند الله),فكذلك أرى أن الرقية من العين أو السحر أو الجن هي من قبيل علم الغيب أو من العبادات غير معقولة المعنى.وإذا كانت الرقية دعاء ورجاء كما قال بعض العلماء,فإذا جاز تفسير الدعاء تفسيرا علميا جاز كذلك تفسير الرقية.لذلك فمن العبث بمكان أن نبحث عن تفسير علمي لكيفية تخليص المريض من السحر أو العين أو الجن.وحتى إذا وجدنا تفسيرا علميا على شيء من ذلك في يوم من الأيام فسيكون هذا التفسير -في رأيي-ظنيا وليس يقينيا.(1/44)
7-تجنَّبْ الرقية-أيها الراقي-في المستشفى أو المركز الصحي إلا إذا طُلبت من أطراف متعددة أهمها : المريض,أهل المريض,الطبيب,إدارة المستشفى أو المركز,وقلما يتوفر هذا الشرط بكامله.فإذا لم تُطلب الرقية من الأطراف المختلفة المذكورة سابقا,فإنني أخاف أن تكون سيئاتها أكثر من حسناتها.
8-لا يُستساغ بأي حال من الأحوال إخراج مريض من المستشفى من أجل الرقية خارجه ما دام الطبيب لم يأذن بعدُ بإخراجه.إن في ذلك من الخطورة ما فيه:
ا-لأن المريضَ قد يموت بين يدي الراقي,ويُتهم الراقي من طرف أهل المريض –ولو تلميحا-بأنه هو القاتلُ.
ب-ولأن الراقي تدَخَّل بهذه الطريقة فيما لا يعنيه,وقد يلقى بعد ذلك ما لا يُرضيه خاصة من طرف الأطباء.
ج-ولأن المُستعجَل عادة هو المرض العضوي الذي يُعالجه الطبيبُ,لا السحر أو العين أو الجن الذي يعالجه الراقي.
9-تعوَّد البعض من إخواننا الرقاة ولو بنية حسنة على الرقية عن طريق جهاز تسجيل(Magnétophone) (فيه شريط قرآن),يوصَّل عن طريق أسلاك بأُذُن المريض أو بأي جزء من أجزاء جسده !.وحتى القرآنُ الذي يُقرأُ في الماء أو الزيت ليشرب منه المريض أو يدهن به لا يُقرأُ من طرف الراقي مباشرة,بل يُقرأُ عن طريق جهاز تسجيل موصَّل عن طريق أسلاك بالماء أو بالزيت!."إن تشغيل جهاز التسجيل بالقرآن والأدعية-كما تقول اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية-لا يُغني عن الرقية شيئا,لأن الرقية عمل يحتاج إلى اعتقادٍ ونيةٍ حالَ أدائها ومباشرة للنفث على المريض.والجهاز لا يتأتى منه ذلك".وإذا كان أحدُ من يمارس هذه الطريقة يقول بأن علماءَ مسلمين قالوا له بجواز استعمالها,فإنني متأكدٌ أنهم لم يقولوا ولن يقولوا له بإذن الله أنها هي الطريقة المثلى والأفضل.إن الرقية بقدر ما تكون بسيطة وقريبة مما كان يفعله رسول الله-ص-وأصحابه والعلماء من بعدهم بقدر ما يكون أجرها أكبرَ وبركتها أعظمَ.(1/45)
10-قال بعضهم:يستحب أن يضاف إلى آيات وأحاديث الرقية الشرعية من السحر أو العين أو الجن,قراءة ألفاظ الأذان,لأن المعروف عن الأذان أنه يطرد الشياطين,وأن الشياطين تخاف منه خوفا شديدا.
11-يقال بأن الأفضل مع الماء المرقي المتبقي من الشرب أو من الاغتسال,أن يُسقى به زرع أو يُرمى على جدران المنزل,والله أعلم.وأما الواجب حتما فهو أن يُرمى في مكان نظيف مادام قد قرئ عليه قرآن.
الفصل الخامس عشر: أخذ الأجرة على الرقية(1/46)
1-يقول بعضُ الناسِ عن فلان الراقي أو المشعوِذ (الطاَّلَب كما يسمى غالبا عندنا في الجزائر) بأنه لا يطلب المالَ أو الدراهم من المرضى(لا يشترِط كما يقول البعض),ولكنَّه يقبل ما يعطيه الناس.يقولون هذا الكلام على سبيل المدح له أو على الأقل على سبيل التهوين من شره,والجواب عندي على هذا الكلام أن هذا أخطرُ غالبا من الذي يطلب مبلغا محددا من كل شخص مريض,لأن احتمال الغش والخداع والغرر من الثاني أقل منه من الأول,لأنك تعطي للثاني ما يطلبُ وإذا زِدتهُ فإنك تزيده وأنت تعرفُ ما تتطوع به عليه,أما الأول فإنك لا تعرف ما تعطيه والغالب أنكَ تعطيه-احتياطا-أكثر مما يتوقع أو أكثر مما يجوز له إذا فرضنا أنه يجوز له أن يأخذ شيئا مما يأخذ,أو تعطيه أكثر مما يتوقع أو أكثر مما يلزمه إذا اعتبرنا أنه يلزمه شيء,والحق أنه لا يلزمه شيء.ولا يليق بالراقي أن يأخذ أجرا على الرقية,ولو سماه بعض الناس الجزائريين "افارا"أو اعتبروا المال مُقدَّما للزوجة أو للأولاد!.إن الأسماء قد تختلف,ولكن المُسمَّى يبقى واحدا ألا وهو أن الراقي أخذ مالا من الغير على الرقية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.وأحبُّ أن أضحك وأبكي في نفس الوقت عندما أسمع أن إماما أو شيخا أو أستاذا أو"طالبا"في قسنطينة وفي سنوات ماضية قال بأنه يجب(يجب ولا يقول:يجوز,وربما لا يعرف الفرقَ بين الجواز والوجوب) شرعا أن يأخذ الراقي على الرقية أجرا,لأن هذا كذب على الله ورسوله-ص-وكذب على الشرع.
إن هناك من قال بالجواز بلا شرط,وهناك من قال بالجواز بشرط أن يكون ذلك بعد تحقق الشفاء,لكن لم يقل واحدٌ من العلماء أن أخذ الأجرة على الرقية واجبٌ أو أن أخذ الأجرة خير من عدم أخذها,بل قال جميعهم في المقابل بأن عدم أخذ الأجرة على الرقية خير وأفضل وأحسن مليون مرة من أخذها.(1/47)
2-يمكن أن يطلب الراقي ممن يريد أن يعطيه مالا على الرقية,يمكن أن يَطلبَ منه التصدق بهذا المال على من يستحقه,فيكون الإثنان مأجورين بإذن الله:الراقي والمريض على حد سواء.وإن كانت التجربة تؤكِد على أن المريضَ إذا طُلبَ منه ذلك فلن يتصدق غالبا كما طُلِبَ منه,وهذا من الجهل بالإسلام أو من ضعف الإيمان الذي يجعل المريضَ يحبُّ أن يُعطي المالَ للراقي-وهو إنسان-أكثر مما يُحِبُّ أن يعطيه لله وهو مالك الملك وملك الملوك.أما أن يقول المريض للراقي:"خذ هذا المال وتصدق به كما تشاء!"فلا أنصح بقبول الراقي لذلك لسببين:
ا-لأن المال فتنة وبلاء,فيجب على الراقي أن يحتاط لنفسه لأنه قد يقبل المال ليتصدق به,ثم يغلبُهُ هواهُ فيُبقي المالَ بعد ذلك لنفسه يتصرَّف فيه لمصلحته الشخصية.
ب-لأن هناك احتمالا كبيرا في أن يقوم المريضُ بدعاية مُضادة ضد الراقي(بنية حسنة أو سيئة)متهما إياه بأنه يأخذ أجرا على الرقية.
3-من سيئات أخذ الراقي الأجرة على الرقية ومداومته على ذلك:
ا-عرض نفسه على الغادي والرائح من أجل علاجه بالقرآن,وهذا من شأنه أن يُسقِط من قيمة الراقي عند الناس لأن الأصلَ أن الراقي يُطلَبُ ولا يَطلُبُ.وإذا طُلِبَ أعين على الرقية وبورك له فيها,أما إذا عرضَ نفسَه على الغير,فإن الله لن يُبارك له في الرقية ولن يُعينَه عليها.
ب-اضطراره إلى أن يُثبِّت في الناس ما ليس فيهم,بأن يقول لكل شخصٍ يأتيه:"بك سحر أو عين أو جن "سواء كان به شيءٌ من ذلك أم لا,وذلك من أجل أن يأخذ المال.وهذا يؤدي به إلى أن يُوسوِسَ من لم يكن موسوَسا من قبل,كما يؤدي به إلى أن يتعود على الكذب(وعلى الافتخار والتسول الممقوت) . وإذا بدأ الراقي يكذِب فكبرْ عليه التكبيرات الأربعة ولا تخفْ.(1/48)
4-إذا لم يكن للراقي مصدر مالي يسترزق منه,فيمكنه أن يأخذ الأجرة على الرقية وليستعفِفْ ما استطاع.لكن عليه في المقابل أن يبحث بسرعة عن مصدر آخر للاسترزاق حتى يتوقف قريبا عن أخذ الأجرة على الرقية قبل أن يتمكن حب المال من قلبه ويستولي على جميع جوارحه.
5-لا يليق بالراقي أن يستجيب لأهله إذا أرادوه على أن يأخذ الأجر على الرقية,أو أرادوه أن يتوقف عن الرقية,أو أرادوا منعه من إعانة الناس ماديا أو معنويا كلما استطاع إلى ذلك سبيلا,لأنهم بذلك يريدونه أن يتوقف عن طلب الآخرة وأن يحرص على طلب الدنيا فقط.وبالمناسبة أقول شيئا عن نفسي: أنا لم آخذ منذ أن بدأت أمارسُ العلاج بالقرآن عام 1985 م وحتى الآن (فيفري 2003 م) شيئا على الرقية الشرعية.لقد رقيتُ خلال هذه الفترة آلاف الأشخاص فلم آخذ (وأتمنى أن لا آخذ في المستقبل) ولو سنتيما واحدا أو نصف سنتيم على الرقية من أحدٍ ممن رقيتُ.وأقول بين الحين والآخر لمن أرقيهم:"إذا سمعتم أحدا قال عني بأنني أخذت الأجرة على الرقية في يوم من الأيام فاعلموا أنه إما مخطئ أو كاذب".
الفصل السادس عشر: مما يُنصح به المريضُ(1/49)
1-يجب على المريض أو يستحب له أن يقويَ نفسه بالصبر والأمل,وأن يعتقد بأن الله هو وحده الشافي وأن الرقية سببٌ وأن الأصل في الرقية المقروء(وهو كلام الله)وليس القارئ,فلا ينبغي تعليق القلوب بالأشخاص.وبالمناسبة الناس في كل زمان ومكان متعلقون كثيرا ببعض الرقاة لأنهم يرون أنهم أنفع لعباد الله من غيرهم,وإذا كنتُ أجد عذرا لشخص واحد حين يقول:"أنا نويتُ أن أذهب عند فلان الراقي بالذات أو أنني قصدتُه هو بالذات أو أن من أثق فيه أرسلني إليه هو بالذات"لأنني أرى أن هذه الثقة من المريض في مُعالج معين قد تُساهم مساهمة لا بأس بها في العلاج,لكنني لا أجد العذر ل10 أشخاص آخرين يقولون نفس القول لكن بإصرار أكبر(حتى أن بعض المرضى يُفضلون البقاءَ في الفراش ولو لمدة طويلة من أجل أن لا يرقيَهم إلا "فلانٌ" الراقي)لأن المبالغَة في هذه(النية)قد تُوقع الناس المرضى أو أهاليهم-خاصة منهم النساء-في الشرك والعياذ بالله,الذي قد يُبطل الأعمال ويُؤخر الشفاء.فيا نساء بالله عليكن لا تبالغن في التعلق بالأشخاص,وتعلقن عِوضا عن ذلك بربِّ الأشخاص أولا وأخيرا يعطيكن الله ما تتمنين منه في الدنيا وفي الآخرة.
2-يستحب للمريض أن يتوجه إلى الله بالدعاء ,وأن يُقدم بين يدي دعائه صدقة من أحب وأطيب ماله إليه,لأن رسول الله-ص-أوصى المريضَ أن يداوي نفسه بالصدقة.
3-يستحب للمريض أن يُكثر من الاستغفار والتوبة,وأن يحافظ على أذكار الصباح والمساء,وأن يكثر من نوافل الصلاة والصيام,وأن يحافظ على الوضوء قدر الاستطاعة,وأن لا يبدأ أي عمل إلا بقوله:"بسم الله"وخصوصا عند الطعام والشراب والنوم والمرحاض.
4-يستحب للمصاب بسحر أو عين أو جن الشرب والاغتسال مِنْ وَبماء مرقي.
5-يستحب-عموما- للمُصاب دهن الجسد أو موضع الألم من الجسد بزيت مقروء عليه قرآن كريم.
الفصل السابع عشر : تحصينات
ا-يمكن أن ننصح من يريد من الناس تفادي إيذاء الجن بعشر تحصينات:(1/50)
1-كثرة الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم.
2-كثرة قراءة المعوذتين بمناسبة وبدونها.
3-قراءة آية الكرسي في كل وقت.
4-قراءة سورة البقرة ولو في الشهر مرة واحدة.
5-قراءة الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة على الأقل مرة واحدة كل يوم.
6-كثرة قراءة الآيات الأولى من سورة غافر,حتى …"إليه المصير".
7-الإكثار من قول:(لا إله إلا الله …إلى..وهو على كل شيء قدير).
8-كثرة ذكر الله تعالى.
9-الوضوء باستمرار والصلاة في وقتها.
10-الإمساك عن فضول النظر والطعام والكلام والمخالطة.
ب- للوقاية من شر السحر والسحرة ينصحُ الشخصُ بما يلي:تقوية النفس بالإيمان,والمحافظة على أذكار الصباح والمساء,وعدم اللجوء إلى السحرة.
ج-مما يقي المسلم به نفسه من العين:الصبر على العائن وعدم التعرض له أو إيذائه,والإحسان إلى من اشتُهرَ في الناس بأنه يُصيب بالعين,وسترُ ما يُخشى عليه الإصابة بالعين,والاحتراز من العائن ومحاولة تجنبه,والاستعانة على قضاء الحوائج بالسر والكتمان,وتقوى الله فمن اتقى الله تولى الله حِفظَهُ ولم يَكِلهُ إلى غيره.
د-مما يقي المسلم به نفسه من الإصابة بالجن:الابتعاد عن مساكن الجن كالأماكن النجسة (الحمامات والمزابل ومرابض الإبل والقبور والأسواق و..) أو المهجورة (الصحارى والجبال وشواطئ البحار و..) إلا للضرورة,وأن يُسمي الله قبل أن يصُبَّ ماء ساخنا على الأرض في بيت أو غيره,وأن يجتنب التبول أو التغوط في جُحر,وأن لا يُؤذي كلبا أو قطة.
هـ-يندفع شر الحاسد عن المحسود بإذن الله بجملة أسباب-كما قال بن القيم الجوزية رحمه الله-منها:
الأول:التعوذ بالله من شره.
الثاني:تقوى الله.
الثالث:الصبر على عدوه.
الرابع:التوكل على الله.
الخامس:فراغ القلب من الاشتغال به والفكر فيه.
السادس:الإقبال على الله والإخلاص له.
السابع:تجريد التوبة إلى الله.
الثامن:الصدقة والإحسان ما أمكنه.
التاسع:تجريد التوحيد.(1/51)
الفصل الثامن عشر : من سيئات بعض المعالجين بالقرآن
1-قد يلجأ بعضُ الرقاة أو المشعوذين إلى كتابة آيات من القرآن على جسد المريض أو المريضة مدعيا أن هذا القرآن يكون سببا في إحراق الجن الذي أصاب المريضَ.وهذه وسيلة محرَّمة سواء تمت مع رجل أو مع امرأة.وهي محرمة كذلك سواء تمت بحائل أو بدونه.وتكون بطبيعة الحال أكثر حرمة إذا كانت مع امرأة وبدون حائل والعياذ بالله.
2-من ضلالات بعض الرقاة:
ا-أن الواحد منهم يدعي أنه بمجرد النظر إلى وجه المريض يعرف حقيقة المرض ,وهذا كذب ودجل وشعوذة قد يبعثُ عليه الطمعُ في أموال الناس أو حبُّ الشهرة.والمصيبة تصبحُ أكبر عندما يكون المريض امرأةً وخاصة إذا كانت جميلة,فيرقيها"صاحبنا"عن طريق النظر إلى وجهها.
ب-أن الواحد منهم يكتب آيات من القرآن على قطعة من القماش ثم يحرقها ويُقربها من أنف المصاب لاستحضار الجني أو حرقه.وهذا حرام قطعا بلا أدنى ريب.
ج-ومن ضلالاتهم ترك التسمية على الماء المقروء حتى يسمحَ الجنيُّ للمريض أن يشربَ منه,ولا يُؤذى الجني بالقرآن المقروءِ على الماءِ.
د-ومن ضلالاتهم العلاج ب "الحنتيت"وهو نباتٌ خبيثُ الطعم نتنُ الرائحة تحبُّه الشياطين وتنفر منه الملائكة,اخترعه السحرة للعلاج تقربا للشياطين.
هـ-ومن ضلالاتهم أن الواحد منهم يُعطي للمريض بعد الرقية لترا من العسل المرقي مثلا مخلوطا بقليل من الحلبة والسينوج,ويطلب في مقابل ذلك من المريض300000 سنتيم (ثلاثمائة ألف) ثم يدعي أنه لا يأخذ أجرا على الرقية بل يأخذ فقط ثمن العسل والأعشاب!ولقد كذِب كذبا مفضوحا وسرق سرِقة مكشوفة, لأن لتر العسل بحوالي 100000(في جزائر السنوات الأخيرة من القرن العشرين) سنتيما والأعشاب بحوالي 5000 سنتيم ويكون المجموع 105000سنتيم (مائة وخمسة آلاف),وحتى تلميذ السنة الأولى ابتدائي يعلمُ أن ( 105 ) لا تساوي وليست قريبة من (300).
3-من سيئات بعض الرقاة :(1/52)
ا-الراقي الذي يبقى في دار المريض يوما أو أكثر(بل إن البعض منهم بقي في بيت المريض لمدة خمسة عشر يوما) يأكل من أحسن المأكولات ويشرب من أحسن المشروبات وينام أحسن"النومات" وكأنه في مطعم كبير ومقهى رفيع ونزل من آخر طراز,ويتحدثُ ويضحكُ مع الرجال وخاصة مع النساء صباحا ومساء!ويستمر أثناء ذلك في الرقية الواحدة ساعات وساعات,ويعيد الرقية مرات ومرات ,ويرقي من هو مريض ومن ليس مريضا ,وقد يكون الشخصُ ليس مريضا فيرقيه (بطريقة غير شرعية) فيصبح مريضا,وسبحان الله الذي له في خلقه شؤون.
ب-الراقي الذي ادعى أنه يحاربُ أكثر مما يحارب المسلمون الإنسَ اليهودَ,وذلك بمحاربته هو لآلاف الجن الذين يعتبرهم كلهم يهودا,بل إنه قادر-على حسب زعمه-على أن يقتل بجن مسلمين من يشاء من الإنس اليهود!.و"إذا لم تستح فاصنع ما شئت".ومع ذلك فنحن نتحداه إذا كان صادقا فيما يقول أن يقتل لنا يهوديا واحدا بمن عنده من الجن الصالحين(!) وآلاف الناس في كل مكان مستعدون لإعطائه ما يشاء من الأموال في مقابل ذلك.وهذا اليهودي هو "شارون" أو أي رئس سبقه أو أي رئيس لحقه.
ج-الراقي الذي يزعُم للمريضة (وقد لا تكون مريضة أصلاً) أنها مُصابة بسحر محبة أو سحر عِشق من أجل إتاحة الفرصة لنفسه حتى يتكلم معها عن الجنس,لإمتاع نفسه هو لا لعلاجها هي!!!
د-الراقي الذي يتوقف عن العمل أو الوظيفة التي كان يكسبُ بها الرزق الحلال,ويتفرغ للرقية طلبا للربح السهل والسريع.ولا يكتفي بالأموال التي يبتزها من الناس بدعوى "أخذ الأجرة على الرقية"بل يفتح محلا يبيع فيه بعض الحشائش أو الأعشاب الطبية أو الماء المقطر أو زيت الزيتون أو العسل,ويفرض-بطريقة غير مباشرة-على زبائنه من المرضى أن يشتروا في الحين(بعد الرقية مباشرة)مما يبيع هو لا غيره!(1/53)
والمريض للأسف لا يستطيع الاعتراض على هذا الراقي المحتال تحت ضغط المرض.ولولا أن الهوى غطى على عقول هؤلاء الإخوة لعلموا أنهم إذا استطاعوا أن يخدعوا الناس يوما فإنهم لن يستطيعوا خداعهم في كل الأيام ,وأما الله فإنه لا ولن يُخدع ولو لطرفة عين,ولعلموا أن بيع البطاطا أو غيرها من النشاطات التجارية هي أحسن لهم مليون مرة من سرقة أموال الناس بهذه الطريقة الملتوية.
4-إن أي مرض(عضوي أو نفسي أو سحر أو عين أو جن) له انعكاساته على نفس المريض,وربما نتج عن المرض شيء من الوساوس والشكوك (خاصة عند النساء)حول شفائه من هذا المرض الذي ألمَّ به.لذا فإن الواجب على الراقي أن يبعث روح الأمل في نفس المريض,وأن يُهوِّن عليه المرضَ ولا يُهوِّلهُ.لكن للأسف ما أكثر الرقاة الذين يأتيهم الشخص وليس به شيء فيخرج من عند الواحد منهم منهارا لأن الراقي أدخل في روعه بأن به شيئا.وقد يأتي المريض ومرضه بسيطٌ وسهلٌ للغاية فيخرج من عند الراقي يكاد يُجن لأن المُعالج بالقرآن أفهمه بأن مصائب الدنيا كلها نزلت عليه(!).(1/54)
وأذكر بالمناسبة أن شابة(والذي ظهر لي فيما بعد,بعدَ طول الحديث معها وبعد أن رقيتها أنها مريضة نفسيا.وهذا هو الذي أكده أكثر من طبيب بعد ذلك.والمرض كان بسيطا لكن الراقي الجاهل عقَّدهُ) عمرها 20 سنة اشتكى أهلها من أنها تغضب وتثور لأتفه الأسباب,وتتكلم كثيرا,وتحب العزلة,وتسمع القرآن والدروس الدينية في البيت بصوت مرتفع يؤذي أهل البيت وكذا الجيران,وتقلق فوق اللزوم,وتريد أن تخرج من البيت لتذهب إلى أماكن مهجورة وخالية,ومن أنها عنيفة ومستعدة لتتشابك مع أي كان يعترض هوى من أهوائها,و...سألتها:"ما بك؟" فقالت والألم يعصر قلبها:"وكيف لا أكون كما قال لك أهلي,وقد ذهبت عند الراقي(فُلان)فأخبرني في نهاية الرقية بأن معسكرا كاملا من الجن يسكن في جسدي!".ثم أضافت قائلة:"وإذا كان الأمر كما قال بالفعل فما فائدة بقائي مقيمة مع الإنس؟!.إن السكن مع الجن أولى لي من السكن مع الإنس".نسأل الله الهداية لكل الرقاة.
5-من سيئات البعض من الرقاة ما يفعله بعض الجاهلين منهم من إحراق (أو ما يبدو بأنه إحراق) للجني سواء في جسد المريض أو خارج جسده,سواء كان المريض مصروعا أو كان غير مصروع لكنه مغمض العينين.إن ما يقع من هؤلاء المعالجين من حرق أو إرادة حرق لواحد أو أكثر من الجن أو لمئات أو آلاف من الجن أو لصفر من الجن مرفوض شرعا من أكثر من جهة:
-الأولى هي أننا ربما نضيع الوقت والجهد في حرق لا شيء(لأننا نحرق ما لا نرى)ونصبح بذلك أضحوكة في أعين الشياطين وفي أعين من يريد أن يشمت بنا من الإنس.(1/55)
-الثانية هي أننا ربما نحرق جنيا واحدا فقط,ونتصور أننا نحرق المئات أو الآلاف من الجن,فيكون ذلك سببا في أن يضحك علينا العدوُّ ويشفق علينا الصديقُ.ولقد وقع للأسف الشديد في بعض الأحيان أن الراقي يقول أو يوهمُ المريضَ أو أهله بأنه في بضع ثواني أو في جزء بسيط من الدقيقة أحرق مائة أو ألفا من الذين كفروا(أو من الذين آمنوا)من الجن!وهذا لا يصلح إلا أن يكون في أفلام الخيال العلمي أو أفلام الكاوبوي أو في بعض الأفلام البوليسية أو..وحتى لو أردت أن تقتل ذبابا بواسطة مبيد الحشرات مثل Flytox لن تقتل من الذباب مثلما يدعي هذا الجاهل أنه أحرق من الجن(ويا ليت الذي يريد أن يكذب على الناس,يا ليته يحرص على أن يكذب كذبا يمكن أن ينطلي على بعضهم,أما الكذب المفضوح فلا داعي له مسبقا).إن الجن يكذبون على الراقي والراقي يكذب على المريض وأهله –من حيث شاء أم لم يشأ.نسأل الله أن يُبصِّرنا بعيوبنا – آمين-.
-الثالثة هي أن الحرق بالنار لا يجوز في ديننا لأن رسول الله-ص- قال: "لا يحرق بالنار إلا رب النار"وأنا لا أدري من أفتى للراقي بجواز حرق الجن بالنار؟! لذا فإنني أتمنى أن يعمل الراقي ألف حساب وحساب قبل أن يفكر في حرق الجن,إن فرضنا بأنه يمكنه أن يفعل ذلك حقيقة وواقعا,وليعلم أن الأصل في الرقية الاتباع لا الابتداع.وإذا ابتدع الراقي فليكن ابتداعه غير مناقض لنص ديني ثابت وصحيح وصريح في دلالته.(1/56)
6-ومن السيئات كذلك ما يفعله البعض من الرقاة الجاهلون الذين يصنفون الجن-انطلاقا مما سمعوه منهم أثناء الرقية-بغير ما أنزل الله وبغير ما أخبر به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم,فمنهم من يقول أنت عندك جني العشق وأنت عندك جني الهيام وأنت عندك جني الدراسة وأنت عندك جني المحبة وأنت عندك جني الأكل والشرب وأنت عندك جني أزرق أو أحمر أو أخضر وأنت عندك جني الهروب من البيت,كما وصل بعضهم إلى الادعاء بأن للجان ألوان وهكذا..ونحن عندنا الدليل من رسول الله صلى الله عليه على أن الجن كاذبون ولو صدقوا في النادر من الأحيان:"لقد صدقك وهو كذوب"كلمة قالها رسول الله-ص- لأبي هريرة حين نصح جنيٌ أبا هريرة بقراءة آية الكرسي,أي لقد صدقك الجن يا أبا هريرة في هذه المرة وإن كان الغالب عليه الكذب. وفي بعض الأحيان يكون المتردد على الراقي ليس مريضا البتة فيمرض حين يسمع بأنه مصاب بجن كذا وجن كذا (انطلاقا مما رآه مثلا وهو مغمض العينين ),وقد تكون إصابته بسيطة جدا فتصبح أكبر بعد أن يسمع كذب الجن ثم كذب الراقي عليه بعد أن صرع مثلا أثناء الرقية.(1/57)
7-ومن السيئات كذلك أن يكون إنسانٌ ما مصابا بالجن فيتحدث الشيخ المعالج مع هذا الجن ويبعثه إلى مكان معين ليكتشف به مكان وضع السحر للأشخاص الموجودين في المجلس (أو للشخص الوحيد الموجود في المجلس) فيغيب هذا الجني عن ذلك الإنسان المصروع ثم يحضر بعد دقائق فيبدأ بالحديث على لسان المريض فيقول بأن السحر موجود في المكان الفلاني أو تحت الشجرة الفلانية أو تحت الجدار الفلاني .وعندما يذهبون للبحث عن ذلك السحر قد لا يجدون شيئا.وفي بعض الأحيان الأخرى يقوم هذا الجني نفسه بوضع شيء ما في مكان معين فيعينه للشيخ فيذهب الشيخ ويجد مثلا قرطاسا أو خرقه مدفونة تحت شجرة أو فوق دار أو ..فيظن الحاضرون الجهلة بأن هذا هو السحر فيخرجونه وهو في حقيقة أمره ليس بسحر .إن في هذا من التدليس والكذب على الناس ما فيه,وهو من جهة أخرى نوع من الاستعانة المحرمة (بالجن) التي نهى عنها الشارع الحكيم.
8-ومن السيئات كذلك ما يطلبه بعض المعالجين الجاهلين من المرضى من الذهاب إلى البحر والنزول فيه والاغتسال فيه ظنا منهم أن هذا سوف يبطل السحر عند المريض,وهذا العمل ليس له أساس من الصحة ولا من التجربة, ولا يقول به عالم ولا طبيب.إنه مجرد اجتهاد خاطئ و فيه تكليف للناس بأمور قد لا يقدرون عليها. وهناك من ينصح المريض بالشرب من ماء البحر لأيام,وهو بهذه النصيحة الحمقاء قد يقتل المريض سواء شعر أم لم يشعر,وهناك من المعالجين الجهلة من يأمر(ولا ينصح) مريضة بأن تصوم لأيام متتالية لا تأكل ولا تشرب خلالها شيئا إلا "السنا المكي"وفي هذا من الخطورة ما فيه على المريضة,فضلا عن أن"صاحبنا"يكون بها الذي أمر به المريضة قد وضع نفسه في مكان طبيب وهو ليس بطبيب ولا يشبه الطبيب لا من قريب ولا من بعيد.نسأل الله العافية والهداية .(1/58)
9-ومن السيئات إرهاق بعض المعالجين للمرضى بقراءة القرآن بشكل كبير لا يطيقه المريض ,كأن يؤمر بقراءة سورة البقرة عدة مرات في اليوم أو قراءة القرآن كله في ثلاثة أيام أو قراءة سور معينة مئات المرات في اليوم أو …فيبدأ المريض متشجعا ثم بعد ذلك يقف فلا يقرأ شيئا من القرآن,بل قد يكون ذلك سببا في أن يصبح المريض بعد ذلك يبغض قراءة القرآن.ولو نظرنا إلى سنته صلى الله عليه و سلم وأقوال العلماء لوجدنا أن الأمر بسيط وليس فيه مشقة ولا أصر ولا تكليف بما لا يطاق,وليست فيه هذه المقادير ولا هذه الأعداد بهذه الكميات الكبيرة,لذا فمن أراد البركة في الرقية والأجر عند الله ثم الذكر الحسن عند الناس –ولو بعد حين-فعليه أن يتبع و لا يبتدع.
10-ومنها كذلك أن بعض المعالجين بالقرآن يُنصِّبون أنفسهم أطباء وما هم أطباء,فيستخدمون أعشابا (دون علم مسبق وكاف بهذه الأعشاب) قد يكون فيها أضرار على المريض ,والبعض من هذه الأعشاب يستخدمها السحرة والمشعوذون مثل الحلتيت و دم الأخوين وغيرها من الأعشاب,وهذه الأعشاب كثيرا ما تضر الإنسان بشكل عام و قد تتسبب في موته في بعض الأحيان ،وهذا يسمى تطبيب بغير علم ولقد قال النبي صلى الله عليه و سلم "من طبب ولم يُعلم له طب فهو ضامن" أي يضمن بدفع الدية أو القصاص,والله أعلى وأعلم.
11-يقول بعض الرقاة بأن جبريلا-ص-ينزل من السماء في بعض الأحيان ويساعدهم على إخراج الجن من المصاب بمس!وهذا كلام فارغ لا قيمة له ولا دليل عليه ولا أصل له في ديننا.
12-من غرائب الرقية عند البعض ممن يعالج بالقرآن:الرقية الجماعية والتي يمارسها على سبيل المثال البعض من أدعياء الرقية في بعض جهات الجزائر,والتي يجلس فيها الراقي أمام 5 أو 10 من المرضى في قاعة واحدة,ويرقيهم في نفس الوقت.إن هذه الرقية غير مناسبة من وجوه عدة منها:(1/59)
ا-أن المريض يكشفُ أسراره بمثل هذه الرقية لكثير من الناس الذين يعرفهم والذين لا يعرفهم ,والمريض –عادة-لا يحبُّ أن يطَّلعَ على أسراره أحدٌ من الناس,خاصة إن كان امرأةً.
ب-لا تتاح الفرصة للراقي أن يسمع من كل مريضٍ كما ينبغي,وأن ينصحه كما يلزم.والمعلوم بداهة خاصة عند من يمارس الرقية الشرعية,أن السماع من المريض ثم تقديم النصائح والتوجيهات المناسبة له أمرٌ مُهمٌّ جدا على طريق العمل من أجل علاجه.وهذا أمر مشاهدٌ ومعلوم ومعروفٌ.
ج-لا يتمكن الراقي بهذه الطريقة من أن يُشخِّصَ مرضَ المريضِ وأن يعرفَ طبيعته,لأن المريض لا يحبُّ في العادة أن يتكلم مع الراقي عندما يجدُ نفسه في قاعة واحدة وفي وقت واحد مع مجموعة كبيرة من الناس سواء كان يعرفهم أو لا يعرفهم.
والمضحك المبكي أن هذا الراقي يقول للمريض:"أغمض عينيك وقل لي ماذا ترى؟"فإذا أخبره المريض بأنه لا يرى شيئا,ألح عليه الراقي قائلا:"لا بد أن ترى شيئا"!وشر البلية ما يُضحك.والحقيقة تقتضي مني أن أقول بأن المريض قد يكون مصابا بسحر أو عين أو جن أو بمرض عضوي أو نفسي أو قد لا يكون به شيء,ولكن هذا الراقي مريض بمرض من نوع آخر أخطر وأصعب يتمثل في جهله وكبريائه وعناده ونفاقه وتشويهه للدين وللرقية وكذبه على الناس.ووالله لو أن السلطة في بلادنا لها أدنى غيرة على الدين وشعائره لحاربت هؤلاء الرقاة أولا ثم انتقلت بعد ذلك إلى محاربة السحرة والكهنة و..(1/60)
13-الراقي أمام المريض سيدٌ قبل أن يكون أهلُ المريض سادة,وكلمتُه مقدمة على كلمتهم, ورأيه نافذٌ قبل رأيهم. يستطيع أن يُخرِج أثناء العلاج من يُعطِّل علاجَه-أبا كان-.قلت:الراقي سيدٌ حتى يُشخِّص الداء ويعطي الدواء ويخفِّف عن المريض مرضَه.لكن يجب أن يكون الراقي راقيا بالفعل ولن يكون كذلك إلا إذا كان له النصيب الكافي من العلم بالشرع عموما وبالرقية الشرعية خصوصا,أما أن يكون جاهلا فلا هو سيدٌ ولا يشبهه ولا يجوز أن يُحتَرَم ولا أن يُطاع,كالشاب الذي يزعم أنه راق والذي أمرَ أهل مريض (ما أكل أكثر من أسبوع,وجفَّ جسمه من قلة شربه للماء,وهبط الضغط الدموي عنده إلى درجة مخيفة,وطلب الطبيبُ من أهله أن يأخذوه حالا إلى المستشفى)بأن لا يأخذوه عند الطبيب أو إلى المستشفى مُدعيا بأن المريض مصابٌ بجن وأن الجن سيخنقونه في الطريق إذا أُخِذ!!!.و"شرُّ البلية ما يُضحِكُ"كما يُقال.
الفصل التاسع عشر: من غرائب الناس في تعاملهم مع الرقية
1-طلبت امرأةٌ مني أن أرقيَها لأنها غير قادرة حتى الآن على الإنجاب,فقلتُ لها: وماذا قال لكِ الطبيبُ؟
قالت:طلب مني عمليةً جراحيةً في الجزائر العاصمة (وهي تسكنُ في ميلة) تُجرَى لي من طرف طبيب معين.
قلتُ لها:إذن ما دوري هنا؟إن دواءَك عند الطبيبِ كما قال لكِ الطبيبُ,ولا معنى للرقية الشرعية من أجل علاج مرضٍ تأكد طبيا أنه عضوي وعُرِفت طريقةُ علاجِه.
قالت:لكنني لا أقدرُ على التكاليف المادية للعملية الجراحية,خاصة وأنها تتم بعيدا في العاصمة!.
قلتُ لها:سبحان الله!وهل تظنين أننا إذا لم نقدر كما لم تقدري أنتِ,يتحول المرضُ من مرضٍ عضوي (علاجه عند طبيب)إلى مرضٍ آخر يُعالَجُ بالرقية الشرعية؟.إن المرض العضوي سيبقى عضويا,وإن السحر أو العين أو الجن سيبقى كل ذلك كذلك بإذن الله.
2-عجبا لأمر الشخص الذي يطلبُ منك أن ترقيهُ فتسأله:
ما الذي تعاني منه ؟
فيقول لك:أنا ضعيف جدا بدنيا.(1/61)
فتسأله:هل أنت تأخذ-عادة-كفايتك من الأكل أم لا؟.
فيجيبُ:لا.
إن هذا أمرٌ غريبٌ جدا.إذا كان الشخص لا يأكلُ لا بد أن يضعف ,فما دخل الرقية هنا؟قد يُقبَل من المريض أن يبحثَ عن سبب ضعف شهيته أو أن يبحث عن رقية لفتح الشهية إذا لم ينفع الطبيبُ,لكن لا يُقبل منه البتة أن يقول:" أنا لا آكل,وأنا ضعيف.وأنا أبحت عمن يرقيني من أجل التخلص من الضعف!" إن هذا الكلام غير منطقي وغير معقول لأن مفاده أننا يمكن أن نقويَ أنفسنا ونحافظَ على الحياة بدون أن نأكل,وهذا مستحيل لأنه من المعلوم بداهة أننا نأكل لنعيش ولا يمكن أن نعيش بدون أكل.
3-سبحان الله!ما أبعد العقل والمنطق عن حياة الناس اليوم!.ومن أمثلة ذلك أنني قد أسأل المريضةَ غالبا (والمريضَ نادرا) أو التي ادعت أو زعمت أنها مريضة وأنها تريد أن تعالج عن طريق الرقية الشرعية :"لماذا الرقية؟ ما الذي تشتكين منه؟"فتجيب بأجوبة لا علاقة لها بالسؤال نهائيا ولا تمت إلى العقل والمنطق بصلة مثل:
ا-"لقد ذهبت عند الطبيب وقال لي كذا",أو"لقد ذهبت عند راق وقال لي كذا",أو"لقد رقاني فلان ووقع لي أثناء الرقية كذا وكذا ".فأقول لهذه ولتلك:"يا أمة الله.أنا لا أسأل عما قال الراقي أو الطبيب أو عما وقع لك أثناء الرقية.إن هذه نتيجة,لكنني أسأل عن السبب الذي جعلك تذهبين عندهما أو عند أحدهما.أنا أسألك عن الأعراض التي تشتكين منها والتي جعلتك تفكرين في العلاج".(1/62)
ب-أو"لقد رقاني فلانا ورأيتُ(بعد أن أغمضتُ عيني)أنني مصابة بسحر فعلَه لي فلانٌ"أو تقول :"رأيت أنني مصابة بجن" أو تقول:"رأيت أنني مصابة بعين وأن فلانة هي التي أصابتني بعينِها".فأقول لها :"يا أمة الله إن كل ما رأيتِ وأنتِ مغمضة العينين لغوٌ في لغوٌ,لأنه لا دليل عليه ولا يجوز أبدا(وأبدا) الاعتماد عليه من أجل اتهام الغير ولا من أجل إثبات أنك بالفعلِ مريضة,والرقية الشرعية هي قرآن وأدعية مأثورة تُقرأ على المريضِ وليست إغماض عينين ولا تخيل أشياء هي محض خيال أو هي ضحك للشياطين على ذقوننا سواء كنا رقاة أو مرضى".
4-من السيئات المعشِّشة في أذهان الكثير من الناس والتي تظهر عندما يريدون أن يرقيَهم راق:
ا-ما يقوله أحدهم من أجل أن يبرر تمسكَه براق معين لا يريد أن يرقيه غيرُه:"لقد رقى فلانا وشُفي على يديه "!ولقد نسي أو تناسى أن الراقي(كل راق) إذا شفي على يديه شخصٌ,لم يُشفَ على يديه شخصٌ أو أشخاص.ويستحيل أن نجد راقيا يُشف على يديه كل من يأتيه,وإلا أصبح ربا من الأرباب والعياذ بالله,تعالى الله عن أن يكون له ند أو شريك ,لا إله إلا هو سبحانه.
ب-أو ما يقوله أحدهم من أجل أن يبرر رفضه لراق معين لا يريد أن يرقيه:"لقد رقى فلانا ولم يُشفَ على يديه"!ولقد نسي أو تناسى أن الراقي(كل راق) إذا لم يُشفَ على يديه شخصٌ,سَيُشفَى على يديه في المقابل شخصٌ أو أشخاص بإذن الله.ويستحيل أن نجد راقيا-على الأقل في الأحوال العادية-لا يُشفى على يديه أحدٌ ممن يأتيه.
5-من تصورات الناس الخاطئة والمتعلقة بالرقية الشرعية الظن بأن الرقية يمكن أن تُطلب من أجل تقوية الإيمان. جاءتني أخت من الأخوات في يوم من الأيام مع زوجها تريد رقية لها,وعندما سألتها:(1/63)
"لماذا ؟"قالت:"لقد كنت قبل الزواج قوية الإيمان,وبعدما تزوجت وأصبح لي أولاد ودار وزوج و.. كثرت الهموم والمشاكل وضعُف إيماني إلى حد كبير.فكرت طويلا في الحل ثم اهتديت إلى الرقية!"ومثل هذه المرأة كثيرون وكثيرات في المجتمع (سواء كانوا أميين أو مثقفين)منهم :
ا-أم تبحث عن رقية لابنها الذي يشرب الخمر,حتى يتوقف عن هذا الفسق والفجور!!
ب-رجل يريد رقية لابنته التي تسيء الأدب مع والديها,حتى تتحول من سوء الأدب إلى حسن الأدب!!
ج-امرأة تشتكي من زوجها الذي يخالط ويعاشر من لا يصلح من الناس,وتريد رقية له ليصاحب الطيبين عوض الخبيثين!!
د-زوج يشتكي من زوجته التي تسيء معاملته وعشرته,ويريد مني أن أرقيها لتصبح قانتة حافظة للغيب بما حفِظ الله!!
إننا يجب أن نفهم بأن الرقية شُرعت من أجل علاج ما سببه عين أو سحر أو جن ,ولا علاقة لذلك –لا من قريب ولا من بعيد-بالطاعة والمعصية وبالثواب والعقاب وبضعف الإيمان أو قوته.
إن الذي يريد للناس الهداية يجب عليه أن يتبع طريق الأنبياء والرسل,وهو طريق النصح والتوجيه والتعليم والتبليغ والتبشير والإنذار والتذكير..ثم بعد ذلك:"لست عليهم بمسيطر"و"إنك لا تهدي من أحببت,ولكن الله يهدي من يشاء".وإن الذي يريد أن يُقوي إيمانه بالله عليه بمقويات الإيمان المعروفة مثل الصلاة وقراءة القرآن والذكر والدعاء ومثل التطوع في الصلاة والصيام,والصدقة وصلة الرحم والمطالعة الدينية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومحاسبة النفس و..ولم يقل واحد من العلماء بأن من ضَعف إيمانه عليه بأن يرقي نفسه.والمعروف بداهة في ديننا أن الإيمان يزيد وينقص.وللزيادة أسباب,وللنقصان أسباب,لكن ليس من أسباب الضعف أبدا ترك الرقية ولا من مقويات الإيمان أبدا رقية المؤمن لنفسه أو ذهابه عند راق ليرقيه.ولو كان الأمر كذلك لبدأت بنفسي لأن كل مؤمن يحب أن يكون إيمانه قويا في أغلبية الأوقات !.(1/64)
6-يتصل الكثير من الآباء والأمهات ببعض الرقاة من أجل رقية لأحد أبنائهم ولإحدى بناتهم.وإذا سألت الواحد منهم:"ما قصة المريض؟":
ا-فيقول لك الأب مثلا:" لدي بنت صغيرة عمرها عشر سنوات,وهي لا تنطق جيدا ويلاحظ عليها النظر باستمرار في يدها والنظر إلى أعلى الحائط والتكلم بكلام غير مفهوم ولا تستطيع جمع كلمتين مع بعضهما بلغتنا العربية ولا تستطيع الاعتماد على نفسها عند الاغتسال من جميع النواحي ولا تستطيع رفع الشيء الثقيل,و..".
ب-أو تقول لك الأم مثلا:"لدي بن صغير عمره خمس سنوات لا يقدر على المشي ويحرك يديه ورجليه بصعوبة وأنا التي أوصل له الملعقة إلى فمه ليأكل وأنا التي أوصله إلى المرحاض وأخرجه منه بعد الانتهاء من قضاء حاجته ولا يفهم ما نحدثه به إلا بصعوبة,و..".
ج-ويقول لك كلاهما:"وعندما ذهبنا بالمريض إلى الطبيب قال بأن لديه(أو لديها)تأخر في العقل.
وعندما لا يجد الوالدان حلا عند الطبيب يلجآن إلى الرقية ظنا منهما أنها هي الحل !
والمؤسف أن البعض من الآباء والأمهات لا يذهبون عند الطبيب أساسا بل إنهم يلجأون إلى الرقية مباشرة جهلا أو اقتصادا في المال والجهد والوقت!والحقيقة هي أنه طالما أن المريض لديه هذا التخلف العقلي وأنه ولد بهذه الطريقة وكبر عليها فمعنى ذلك أن الذي به إنما هو مرض عضوي أو ضمور في المخ يصيب كثيرا من الأطفال (ذكورا وإناثا) الحديثي الولادة ويبقى معهم الحال هكذا حتى الموت في أغلب الأحيان,إلا أن يتغمد اللهُ الواحدَ منهم برحمته في بعض الأحيان فيشفى بدواء عضوي سواء كان الدواء اصطناعيا كيميائيا أو كان طبيعيا من خلال التداوي بالأعشاب الطبيعية.(1/65)
وليعلم كل مؤمن أن احترام الطب والأطباء من صميم الدين,وأن تصديق الطبيب المعالج واجبٌ من الواجبات الشرعية لأن الطبيب عندما يقرر مسألة من المسائل فانه يستعين بأجهزة ومعدات متطورة تكشف وتخترق ما بداخل الإنسان وتبين العاهات الداخلية,وهذا ليس بعلم غيب بل هو علم حقيقة.أما المتطفلون من الرقاة والمعالجين بالقرآن (ومعهم بطبيعة الحال الدجالون والمشعوذون) فإنهم عندما يتكلمون في مثل هذا الأمر إنما هم يرجمون بالغيب.لذا فإن الوالدين لن يحتاجا هنا إلى معالج بالقرآن,ولكن إلى طبيب مختص أو إلى أطباء اختصاصيين,مع ملاحظة أنهم قد ينفعون أحيانا,وقد يفشلون أحيانا أخرى في علاج هذه الإعاقات الخلقية التي وُلدت مع الإنسان.وعلى الوالدين أن يسلما الأمر لله وأن يحتسبا عند الله ما ابتلاهما به في هذه الفتاة أو في هذا الفتى,وعسى الله أن يأجرهما وأن يرزقهما بأكثر مما فقدا من حيث لا يحتسبان.هذا مع تذكير الوالدين بأن المرض الذي لا يعرف الطبُّ علاجا له اليوم قد يعرف علاجَه غدا أو بعد غد بإذن الله,والله الشافي أولا وأخيرا.
7-إن المرأة تخطئ حين تظن بأن الطبيب المختص إذا قال لها ولزوجها بأنهما سليمان تماما –طبيا وعضويا-من أي مرض عضوي يمنع المرأة من الحمل,هي تخطئ حين تظن بأن هذا دليلٌ قطعي على أن السبب يكون إذن سحرا أو عينا أو جنا,ومنه فإنها لا تحتاج عندئذ إلا إلى رقية شرعية.ليس شرطا أن يكون هذا الاستنتاجُ صحيحا لأن السبب قد يكون عضويا لكن مازال حتى الآن غيرَ معروف عند الأطباء مهما كانوا متمكنين ومتفوقين في اختصاصهم.قد لا يكون اليوم معروفا ثم يُعرف غدا أو بعد غد.وقد لا يعرفُه طبيبٌ ويعرفه طبيبٌ آخر.(1/66)
8-إن كان عبث الجن ببعض المنازل ومحتوياتها حقٌّ,فإن وسواسَ الناسِ كذلك حقٌّ,لأن الناسَ أصبحوا في الكثير من الأحيان يميلون إلى تفسير مشاكل الحياة العادية والطبيعية تفسيرا غيبيا.فإذا غاب مثلا مبلغٌ من المال من بيت من البيوت اتجه أصحاب البيت أو البعض منهم إلى الظن بأن جنيا هو الذي يسرقهم عوضَ أن يبحثوا عن السارق الحقيقي من البشر.
9-يبالغُ الناس في ربط كل شيء بالرقية الشرعية التي بها يُعالج الإنسانُ من السحر أو العين أو الجن.وعلى سبيل المثال جاءني شاب في يوم من الأيام من أجل أخذ موعد لرقية شرعية لأخيه.
قلت له:ما بال أخيك ؟
قال :أولا هو ينام متأخرا أي يسهر كثيرا,ثم يصبح نائما فيُضيِّعُ عمله إن كان له عمل وهو غالبا لا يعمل!
قلت :على أخيك أن يُعوِّد نفسه على النوم مبكرا,يجدْ نفسه تلقائيا وقد تعوَّد على الاستيقاظ المبكر.وقد يتطلب هذا الأمر بضعَة أيام أو أكثر قليلا,لكنه لا يحتاج في كل الأحوال إلى رقية شرعية.
قال :ثانيا هو عصبي فوق اللزوم ويدخن كثيرا.
قلت :هو عصبي من صغره؟
قال :نعم.
قلت :إذن هذه هي عادته وهذا هو مزاجه,والمسألة مسألة تربية لا مسألة رقية شرعية.تربية تتم منه مع نفسه وكذا من محيطه معه هو,وقد تُفلح وقد لا تُفلح.وكونه يُدخن كثيرا يُعرفنا أكثر بسبب عصبية أخيك الزائدة,وكما يقال:"إذا عُرفَ السببُ بَطُل العجب".
قال :ثالثا هو قلقٌ.
قلت :القلق البسيط مرضٌ من أمراض العصر المعقد وغير المنضبط بضوابط الدين.وإذا كان القلق زائدا فهناك احتمال كبير في أن يكون القلقُ بسبب أن الأخ غالبا عاطلٌ عن العمل.إذن هو لا يحتاج إلى رقية.
قال :رابعا هو لا يريد أن يتزوج.(1/67)
قلت :هناك فرقٌ بين أن تتوفر له كل الإمكانيات -المادية على الخصوص-ثم لا يريد أن يتزوج لأنه لا رغبة له في الزواج ولا في النساء,فهذا يمكن جدا أن يكون مسحورا أو به عين أو جن,وهو في أشد الحاجة إلى رقية شرعية من أجل تخليصه مما به.أما أخوك فإنه لا يقدرُ على الزواج (وفرق بين"لا يقدر" و"لا يريد") لأنه عاطلٌ عن العمل.
قال لي :لكن ربما به شيءٌ من السحر أو العين أو الجن.
قلتُ:لكن لماذا الميل إلى التفسيرات الغيبية وسبب كل ما ذكرتَ واضحٌ ؟ثم لماذا الله أعطانا عقولا وفضلنا بها على الحيوان؟!أليس من أجل أن نُحكِّمها ؟!
قال :لقد عرضناه على "طالب"(أي مشعوذ) ف…فقاطعتُه قائلا:فقال لكم"الطالب":إنه مسحور أو مصاب بعين أو بجن!
قال :نعم,لكن كيف عرفتَ؟
قلت :خذني أنا عند أي"طالب"سيقول لك بأن رميتة عبد الحميد مسحور أو معيون أو مصاب بجن!إن عمل"الطالب"كله مبني على الكذب من أجل أكل أموال الناس بالباطل,فحتى تعطيَه أنتَ المالَ لا بد أن يقول لك"بك كذا".
قال :وفي النهاية أليس هناك أمل في رقية لأخي؟!
قلتُ:أنا لا أحب أن أكذبَ عليك.أنت ما ذكرتَ لي دليلا أو شبه دليل على أن أخاك يحتاج إلى رقية .انتهى الحوار.
أنا ألوم من يُنكر العلاجَ بالقرآن وأعتبره جاهلا حتى ولو كان طبيبا أو دكتورا,لكنني في نفس الوقت ألوم أكثر من يميلُ إلى إلصاق كل مشاكل الدنيا الطبيعية وكل الأمراض العضوية والنفسية و… في السحر أو العين أو الجن.و"خير الأمور أوسطُها".
رميتة عبد الحميد ,ثانوية عبد الحفيظ بوالصوف,ميلة,الجزائر
في 15/ 2/ 2003 م الموافق ل14 ذو الحجة 1423 هـ
من مجموعة كبيرة من الكتب القديمة والمعاصرة,ومن المجلات والجرائد والأشرطة,ومن الأنترنت.
والمطالعة والسماع يُعلِّمان,وكذلك التجربة تُعلِّم(1/68)