الخُلاصَة ُ
في فَضائلِ الأعْمال
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين،وعلى آله وصحبه أجمعين،ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
خلق الله عز وجل الإنسان في أحسن تقويم،وركبه من جسد وروح.
ولما تحمل الإنسان الأمانة ابتلاه الله بالشهوات والأوامر،وبالنعم والمصائب،وما تحبه النفسُ وما تكرهه.
وأمره سبحانه في الدنيا بالإيمان والعمل الصالح،ووعده على ذلك السعادة في الدنيا،والجنة في الآخرة.
ولما كانت الأعمال الصالحة متنوعة وكثيرة،والمطلوب مداومة العبد عليها حتى يلقَى ربه.
ولما كان الإنسانُ ضعيفاً،ناقص العلم،احتاج إلى من يشدُّ أزره،ويرفع همته،وينشِّط قلبه،ويحرك جوارحه ليأنس وينهض بطاعة ربه.
لذا:فمن رحمة الرب الكريم بالعباد أن أعطاهم الأجر والثواب الجزيل على العمل القليل،ورغبهم في العمل الصالح مقروناً بذكر ثوابه،ليتمَّ القيام به،والحرص عليه،والإكثار منه،والتنافس فيه،والتلذذ به،والانشراح لأدائه،والطمأنينة بفعله،والمواظبة عليه.
وقد أوردت في هذا الكتاب الآيات الكريمة،والأحاديث الصحيحة الواردة في فضائل الأعمال الصالحة،التي تقرِّب العبد إلى الله،وترغِّب في العمل الصالح.
فَذِكر كل عمل مع بيان فضيلته،يولِّد في النفس الرغبة والشوق للعمل،ويبعث النشاط في القلب والبدن،ويطرد العجز والكسل،ويحرك الجوارح بالطاعة والعبادة،ويُنطِق اللسان بالذكر والشكر،ويجمِّل القلوب والأبدان بالإيمان،والأخلاق،والأعمال الصالحة (1) .
وهذا الكتاب في الأصل أخذته من موسوعة الفقه الإسلامي للتويجري حفظه الله ، وهو كتاب قيّمٌ ونافع وشامل .
وفضائل الأعمال جزء من الكتاب ، وهي تشتمل على :
1- فضائل التوحيد
2- فضائل الإيمان
3- فضائل العلم
4- فضائل الدعوة إلى الله ...
__________
(1) - انظر موسوعة الفقه الإسلامي للتويجري - 1/569(1/1)
5- فضائل الجهاد في سبيل
6- فضائل العبادات
- فضائل الطهارة - فضائل الأذان - فضائل الصلاة - فضائل الزكاة - فضائل الصيام - فضائل الحج والعمرة - فضائل الذكر - فضائل الدعاء
7- فضائل المعاملات
8- فضائل المعاشرات
9- فضائل الأخلاق
10- فضائل القرآن الكريم
11- فضائل النبي صلى الله عليه وسلم ...
12- فضائل الأنبياء والرسل
13- فضائل الصحابة
وهذا الموضوع – رغم أهميته – إلا أن المؤلف عفا الله عنه لم يشرح الآيات القرآنية ، ولا غريب الأحاديث في الأغلب .
وقد قمت بعمل شرح مختصر لجميع الآيات التي وردت في الكتاب،وأكملت بعض الآيات التي أتى المؤلف بها غير كاملة ليتضح معناها . والشرح الذي لا أذكر مصدره فهو من التفسير الميسر ، وما سواه قد ذكرت مصدره بذيله .
وشرحت غريب بعض الأحاديث .
وزدت أحاديث عديدة للأبواب نفسها لزيادة الفائدة والنفع .
والذي زدته يزيد على نصف الكتاب،والهوامش التي زدتها هي بغير قوسين صغيرين ،وهوامش المؤلف بين قوسين .
وقد اضطررت لتغيير خطوط الكتاب سطراً سطرا،فهي خطوط خاصة،والقرآن الكريم أبقيته بالرسم العثماني .
ومعظم هذه الخصال قد وردت في كتابيَّ :
(( الخصال الموجبة لدخول الجنة في القرآن والسنة ))
و(( مكفرات الذنوب في القرآن والسنة ))
وقمت بفهرسته على الورد فكأنه كتاب إلكتروني تماماً .
أسأل الله تعالى أن ينفع به مؤلفه وجامعه وقارئه وناشره والدال عليه في الدارين .
قال تعالى : {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (105) سورة التوبة .
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود
في 3 شعبان 1430 هـ الموافق ل 25/7/2009 م
- - - - - - - - - - - - -
1- فضائل التوحيد
فضل كلمة التوحيد:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ??) [الأنعام:82].(1/2)
الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه ولم يخلطوا إيمانهم بشرك،أولئك لهم الطمأنينة والسلامة،وهم الموفقون إلى طريق الحق.
2- وقال الله تعالى:(ک ک ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے) [الأنبياء:87-88].
واذكر قصة صاحب الحوت،وهو يونس بن مَتَّى عليه السلام،أرسله الله إلى قومه فدعاهم فلم يؤمنوا،فتوعَّدهم بالعذاب فلم ينيبوا،ولم يصبر عليهم كما أمره الله،وخرج مِن بينهم غاضبًا عليهم،ضائقًا صدره بعصيانهم،وظن أن الله لن يضيِّق عليه ويؤاخذه بهذه المخالفة،فابتلاه الله بشدة الضيق والحبس،والتقمه الحوت في البحر،فنادى ربه في ظلمات الليل والبحر وبطن الحوت تائبًا معترفًا بظلمه; لتركه الصبر على قومه،قائلا:لا إله إلا أنت سبحانك،إني كنت من الظالمين.
فاستجبنا له دعاءه،وخلَّصناه مِن غَم هذه الشدة،وكذلك ننجي المصدِّقين العاملين بشرعنا.
3- وَعَنْ عُبَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:«مَنْ شَهِدَ أنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لهُ،وَأنَّ مُحمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،وَأنَّ عِيسَى عَبْدُ الله وَرَسُولُهُ،وَكَلِمَتُهُ ألْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ،وَالجَنَّةُ حَقٌّ،وَالنَّارُ حَقٌّ،أدْخَلَهُ اللهُ الجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ العَمَلِ».متفق عليه (1) .
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3435), واللفظ له، ومسلم برقم (28).(1/3)
4- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«مَنْ قَالَ:لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ،لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ،وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ،فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ،كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ،وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ،وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ وَكَانَتْ لَهُ حِرْزاً مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلاَّ أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ».متفق عليه (1) .
5- وَعَنْ أنَس بْن مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أنَّ نَبِيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - ،وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ،قال:«يَا مُعَاذُ!» قال:لَبَّيْكَ رَسُولَ الله وَسَعْدَيْكَ،قال:«يَا مُعَاذُ!».قال:لَبَّيْكَ رَسُولَ الله وَسَعْدَيْكَ،قال:«يَا مُعَاذُ!».قال:لَبَّيْكَ رَسُولَ الله وَسَعْدَيْكَ،قال:«مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَدُ أنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ،وَأنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،إِلا حَرَّمَهُ اللهُ عَلَى النَّارِ» قال:يَا رَسُولَ الله ! أفَلا أخْبِرُ بِهَا النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا؟ قال:«إِذاً يَتَّكِلُوا».فَأخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ،تَأثُّماً.متفق عليه (2) .
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6403)، ومسلم برقم (2691)، واللفظ له.
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (128), ومسلم برقم (32)، واللفظ له.(1/4)
6- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ قال:قُلْتُ:يَا رَسُولَ الله،مَنْ أسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ فَقال:«لَقَدْ ظَنَنْتُ،يَا أبَا هُرَيْرَةَ،أنْ لا يَسْألَنِي عَنْ هَذَا الحَدِيثِ أحَدٌ أوَّلُ مِنْكَ،لِمَا رَأيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الحَدِيثِ،أسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ مَنْ قال:لا إِلَهَ إِلا اللهُ،خَالِصاً مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ». أخرجه البخاري (1) .
7- وَعَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال:قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللهُ دَخَلَ الجَنَّةَ».أخرجه مسلم (2) .
8-وعَنْ يَعْلَى بْنِ شَدَّادٍ،قَالَ:حَدَّثَنِي أَبِي شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ،وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ،حَاضِرٌ يُصَدِّقُهُ قَالَ:كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ:هَلْ فِيكُمْ غَرِيبٌ ؟ يَعْنِي أَهْلَ الْكِتَابِ.فَقُلْنَا:لاَ يَا رَسُولَ اللهِ.فَأَمَرَ بِغَلْقِ الْبَابِ،وَقَالَ:ارْفَعُوا أَيْدِيَكُمْ،وَقُولُوا:لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فَرَفَعْنَا أَيْدِيَنَا سَاعَةً،ثُمَّ وَضَعَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ،ثُمَّ قَالَ:الْحَمْدُ لِلَّهِ،اللَّهُمَّ بَعَثْتَنِي بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ،وَأَمَرْتَنِي بِهَا،وَوَعَدْتَنِي عَلَيْهَا الْجَنَّةَ،وَإِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ثُمَّ قَالَ:أَبْشِرُوا،فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ غَفَرَ لَكُمْ." رواه أحمد (3)
فضل الإخلاص:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ) [البيِّنة:5].
__________
(1) أخرجه البخاري برقم (6570).
(2) أخرجه مسلم برقم (26).
(3) -مسند أحمد (عالم الكتب) - (5 / 835)(17121) 17251- حسن(1/5)
وما أمروا في سائر الشرائع إلا ليعبدوا الله وحده قاصدين بعبادتهم وجهه،مائلين عن الشرك إلى الإيمان،ويقيموا الصلاة،ويُؤَدُّوا الزكاة،وذلك هو دين الاستقامة،وهو الإسلام.
2- وَعَنْ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:«إِنَّمَا الأعْمَالُ بِالنِّيَّةِ،وَإِنَّمَا لامْرِئٍ مَا نَوَى،فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى الله وَرَسُولِهِ،فَهِجْرَتُهُ إِلَى الله وَرَسُولِهِ وَمَنْ،كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا،أوِ امْرَأةٍ يَتَزَوَّجُهَا،فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ».متفق عليه (1) .
3- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«إِنَّ اللهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ،وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ».أخرجه مسلم (2) .
فضل طاعة الله ورسوله:
1- قال الله تعالى:(چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ) [الفتح:17].
ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري مِن تحت أشجارها وقصورها الأنهار،ومن يعص الله ورسوله،فيتخلَّف عن الجهاد مع المؤمنين،يعذبه عذابًا مؤلمًا موجعًا.
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ?????????) [النساء:13].
ومَن يطع الله ورسوله فيما شرع لعباده من هذه الأحكام وغيرها،يدخله جنات كثيرة الأشجار والقصور،تجري من تحتها الأنهار بمياهها العذبة،وهم باقون في هذا النعيم،لا يخرجون منه،وذلك الثواب هو الفلاح العظيم.
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6689), واللفظ له، ومسلم برقم (1907).
(2) أخرجه مسلم برقم (2564).(1/6)
3- وَعَنْ أبِي هُريرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ أَبَى» قَالُوا:يَا رَسُولَ اللهِ وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ:«مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَد أَبَى» متفق عليه (1) .
- - - - - - - - - - - - - -
2- فضائل الإيمان
فضل الإيمان:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ?) [البقرة:257].
الله يتولى المؤمنين بنصره وتوفيقه وحفظه،يخرجهم من ظلمات الكفر،إلى نور الإيمان.والذين كفروا أنصارهم وأولياؤهم الأنداد والأوثان الذين يعبدونهم من دون الله،يُخرجونهم من نور الإيمان إلى ظلمات الكفر،أولئك أصحاب النار الملازمون لها،هم فيها باقون بقاء أبديًا لا يخرجون منها.
2- وقال الله تعالى:(ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [التوبة:72].
وعد الله المؤمنين والمؤمنات بالله ورسوله جنات تجري من تحتها الأنهار ماكثين فيها أبدًا،لا يزول عنهم نعيمها،ومساكن حسنة البناء طيبة القرار في جنات إقامة،ورضوان من الله أكبر وأعظم مما هم فيه من النعيم.ذلك الوعد بثواب الآخرة هو الفلاح العظيم.
3- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ?) [التغابن:11].
ما أصاب أحدًا شيءٌ من مكروه يَحُلُّ به إلا بإذن الله وقضائه وقدره.ومَن يؤمن بالله يهد قلبه للتسليم بأمره والرضا بقضائه،ويهده لأحسن الأقوال والأفعال والأحوال؛لأن أصل الهداية للقلب،والجوارح تبع.والله بكل شيء عليم،لا يخفى عليه شيء من ذلك.
فضل الإيمان بالله ورسله:
1- قال الله تعالى:(گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے) [الحديد:21].
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7280) واللفظ له، ومسلم برقم (1835).(1/7)
سابقوا -أيها الناس- في السعي إلى أسباب المغفرة من التوبة النصوح والابتعاد عن المعاصي؛لِتُجْزَوْا مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض،وهي مُعَدَّة للذين وحَّدوا الله واتَّبَعوا رسله،ذلك فضل الله الذي يؤتيه مَن يشاء مِن خلقه،فالجنة لا تُنال إلا برحمة الله وفضله،والعمل الصالح.والله ذو الفضل العظيم على عباده المؤمنين.
2- وقال الله تعالى:(گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ?) [النساء:152].
والذين صَدَّقوا بوحدانية الله،وأقرُّوا بنبوَّة رسله أجمعين،ولم يفرقوا بين أحد منهم،وعملوا بشريعة الله،أولئك سوف يعطيهم جزاءهم وثوابهم على إيمانهم به وبرسله.وكان الله غفورًا رحيمًا.
3- وقال الله تعالى:(ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الصف:10-13].
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه،هل أُرشِدكم إلى تجارة عظيمة الشأن تنجيكم من عذاب موجع؟
تداومون على إيمانكم بالله ورسوله،وتجاهدون في سبيل الله؛لنصرة دينه بما تملكون من الأموال والأنفس،ذلك خير لكم من تجارة الدنيا،إن كنتم تعلمون مضارَّ الأشياء ومنافعها،فامتثلوا ذلك.
إن فعلتم -أيها المؤمنون- ما أمركم الله به يستر عليكم ذنوبكم،ويدخلكم جنات تجري من تحت أشجارها الأنهار،ومساكن طاهرة زكية في جنات إقامة دائمة لا تنقطع،ذلك هو الفوز الذي لا فوز بعده.ونعمة أخرى لكم- أيها المؤمنون- تحبونها هي نصر من الله يأتيكم،وفتح عاجل يتم على أيديكم.وبشِّر المؤمنين -أيها النبي- بالنصر والفتح في الدنيا،والجنة في الآخرة.(1/8)
4- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ:أيُّ العَمَلِ أفْضَلُ؟ فَقَالَ:«إيمَانٌ بالله وَرَسُولِهِ».قِيلَ:ثُمَّ مَاذَا؟ قال:«الجِهَادُ فِي سَبِيلِ الله ».قِيلَ:ثُمَّ مَاذَا؟ قال:«حَجٌّ مَبْرُورٌ». متفق عليه (1) .
فضل الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ) [البقرة:177].
ليس الخير عند الله- تعالى- في التوجه في الصلاة إلى جهة المشرق والمغرب إن لم يكن عن أمر الله وشرعه،وإنما الخير كل الخير هو إيمان من آمن بالله وصدَّق به معبودًا وحدَه لا شريك له،وآمن بيوم البعث والجزاء،وبالملائكة جميعًا،وبالكتب المنزلة كافة،وبجميع النبيين من غير تفريق،وأعطى المال تطوُّعًا -مع شدة حبه- ذوي القربى،واليتامى المحتاجين الذين مات آباؤهم وهم دون سن البلوغ،والمساكين الذين أرهقهم الفقر،والمسافرين المحتاجين الذين بَعُدوا عن أهلهم ومالهم،والسائلين الذين اضطروا إلى السؤال لشدة حاجتهم،وأنفق في تحرير الرقيق والأسرى،وأقام الصلاة،وأدى الزكاة المفروضة،والذين يوفون بالعهود،ومن صبر في حال فقره ومرضه،وفي شدة القتال.أولئك المتصفون بهذه الصفات هم الذين صدقوا في إيمانهم،وأولئك هم الذين اتقَوا عقاب الله فتجنبوا معاصيه.
2- وقال الله تعالى:(چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ? ? ?) [النساء:136].
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (26), واللفظ له، ومسلم برقم (83).(1/9)
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه داوموا على ما أنتم عليه من التصديق الجازم بالله تعالى وبرسوله - صلى الله عليه وسلم - ،ومن طاعتهما،وبالقرآن الذي نزله عليه،وبجميع الكتب التي أنزلها الله على الرسل.ومن يكفر بالله تعالى،وملائكته المكرمين،وكتبه التي أنزلها لهداية خلقه،ورسله الذين اصطفاهم لتبليغ رسالته،واليوم الآخر الذي يقوم الناس فيه بعد موتهم للعرض والحساب،فقد خرج من الدين،وبَعُدَ بعدًا كبيرًا عن طريق الحق.
3- وقال الله تعالى:(ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [آل عمران:113-114].
ليس أهل الكتاب متساوين:فمنهم جماعة مستقيمة على أمر الله مؤمنة برسوله - صلى الله عليه وسلم - ،يقومون الليل مرتلين آيات القرآن الكريم،مقبلين على مناجاة الله في صلواتهم.
يؤمنون بالله واليوم الآخر،ويأمرون بالخير كله،وينهون عن الشر كلِّه،ويبادرون إلى فعل الخيرات،وأولئك مِن عباد الله الصالحين.
وأيُّ عمل قلَّ أو كَثُر من أعمال الخير تعمله هذه الطائفة المؤمنة فلن يضيع عند الله،بل يُشكر لهم،ويجازون عليه.والله عليم بالمتقين الذين فعلوا الخيرات وابتعدوا عن المحرمات; ابتغاء رضوان الله،وطلبًا لثوابه.
4- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ?) [البقرة:285].
صدَّق وأيقن رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم - بما أوحي إليه من ربه وحُقَّ له أن يُوقن،والمؤمنون كذلك صدقوا وعملوا بالقرآن العظيم،كل منهم صدَّق بالله رباً وإلهًا متصفًا بصفات الجلال والكمال،وأن لله ملائكة كرامًا،وأنه أنزل كتبًا،وأرسل إلى خلقه رسلا لا نؤمن -نحن المؤمنين- ببعضهم وننكر بعضهم،بل نؤمن بهم جميعًا.وقال الرسول والمؤمنون:سمعنا يا ربنا ما أوحيت به،وأطعنا في كل ذلك،نرجو أن تغفر -بفضلك- ذنوبنا،فأنت الذي ربَّيتنا بما أنعمت به علينا،وإليك -وحدك- مرجعنا ومصيرنا.(1/10)
5- وَعَنْ عُمَر بْن الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ،إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ،شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ،لا يُرَى عَلَيْهِ أثَرُ السَّفَرِ،وَلا يَعْرِفُهُ مِنَّا أحَدٌ،حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ،فَأسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ،وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ،وَقَالَ:يَا مُحَمَّدُ! أخْبِرْنِي عَنِ الإِسْلامِ.فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«الإِسْلامُ أنْ تَشْهَدَ أنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَأنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ،وَتُقِيمَ الصَّلاةَ،وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ،وَتَصُومَ رَمَضَانَ،وَتَحُجَّ البَيْتَ،إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلاً» قال:صَدَقْتَ.قَالَ:فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ.قَالَ:فَأَخْبِرْنِى عَنِ الإِيمَانِ.قَالَ:«أَنْ تُؤْمِنَ بالله وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ».قَالَ صَدَقْتَ.أخرجه مسلم (1) .
فضل الإيمان والعمل الصالح:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [البقرة:25].
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (8).(1/11)
وأخبر -أيها الرسول- أهل الإيمان والعمل الصالح خبرًا يملؤهم سرورًا،بأن لهم في الآخرة حدائق عجيبة،تجري الأنهار تحت قصورها العالية وأشجارها الظليلة.كلَّما رزقهم الله فيها نوعًا من الفاكهة اللذيذة قالوا:قد رَزَقَنا الله هذا النوع من قبل،فإذا ذاقوه وجدوه شيئًا جديدًا في طعمه ولذته،وإن تشابه مع سابقه في اللون والمنظر والاسم.ولهم في الجنَّات زوجات مطهَّرات من كل ألوان الدنس الحسيِّ كالبول والحيض،والمعنوي كالكذب وسوء الخُلُق.وهم في الجنة ونعيمها دائمون،لا يموتون فيها ولا يخرجون منها.
2- وقال الله تعالى:(ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ?) [البقرة:82].
3- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الكهف:107-108].
4- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک) [النساء:124].
ومن يعمل من الأعمال الصالحة من ذكر أو أنثى،وهو مؤمن بالله تعالى وبما أنزل من الحق،فأولئك يدخلهم الله الجنة دار النعيم المقيم،ولا يُنْقَصون من ثواب أعمالهم شيئًا،ولو كان مقدار النقرة في ظهر النواة.
5- وقال الله تعالى:( ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ?) [النحل:97].
مَن عمل عملا صالحًا ذكرًا كان أم أنثى،وهو مؤمن بالله ورسوله،فلنحيينه في الدنيا حياة سعيدة مطمئنة،ولو كان قليل المال،ولنجزينَّهم في الآخرة ثوابهم بأحسن ما عملوا في الدنيا.
فضل الإيمان بالغيب:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ) [البقرة:1-5].(1/12)
ذلك القرآن هو الكتاب العظيم الذي لا شَكَّ أنه من عند الله،فلا يصح أن يرتاب فيه أحد لوضوحه،ينتفع به المتقون بالعلم النافع والعمل الصالح وهم الذين يخافون الله،ويتبعون أحكامه.وهم الذين يُصَدِّقون بالغيب الذي لا تدركه حواسُّهم ولا عقولهم وحدها; لأنه لا يُعْرف إلا بوحي الله إلى رسله،مثل الإيمان بالملائكة،والجنة،والنار،وغير ذلك مما أخبر الله به أو أخبر به رسوله،(والإيمان:كلمة جامعة للإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره،وتصديق الإقرار بالقول والعمل بالقلب واللسان والجوارح) وهم مع تصديقهم بالغيب يحافظون على أداء الصلاة في مواقيتها أداءً صحيحًا وَفْق ما شرع الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم - ،ومما أعطيناهم من المال يخرجون صدقة أموالهم الواجبة والمستحبة.والذين يُصَدِّقون بما أُنزل إليك أيها الرسول من القرآن،وبما أنزل إليك من الحكمة،وهي السنة،وبكل ما أُنزل مِن قبلك على الرسل من كتب،كالتوراة والإنجيل وغيرهما،ويُصَدِّقون بدار الحياة بعد الموت وما فيها من الحساب والجزاء،تصديقا بقلوبهم يظهر على ألسنتهم وجوارحهم وخص يوم الآخرة; لأن الإيمان به من أعظم البواعث على فعل الطاعات،واجتناب المحرمات،ومحاسبة النفس.أصحاب هذه الصفات يسيرون على نور من ربهم وبتوفيق مِن خالقهم وهاديهم،وهم الفائزون الذين أدركوا ما طلبوا،ونَجَوا من شرِّ ما منه هربوا.
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [المُلك:12].
إن الذين يخافون ربهم،فيعبدونه،ولا يعصونه وهم غائبون عن أعين الناس،ويخشون العذاب في الآخرة قبل معاينته،لهم عفو من الله عن ذنوبهم،وثواب عظيم وهو الجنة.
3- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?? ? ? ? ? ? ? ?) [ق:31-35].(1/13)
وقُرِّبت الجنة للمتقين مكانًا غير بعيد منهم،فهم يشاهدونها زيادة في المسرَّة لهم.يقال لهم:هذا الذي كنتم توعدون به - أيها المتقون - لكل تائب مِن ذنوبه،حافظ لكل ما قَرَّبه إلى ربه،من الفرائض والطاعات،مَن خاف الله في الدنيا ولقيه يوم القيامة بقلب تائب من ذنوبه.ويقال لهؤلاء المؤمنين:ادخلوا الجنة دخولا مقرونًا بالسلامة من الآفات والشرور،مأمونًا فيه جميع المكاره،ذلك هو يوم الخلود بلا انقطاع.لهؤلاء المؤمنين في الجنة ما يريدون،ولدينا على ما أعطيناهم زيادة نعيم،أعظَمُه النظر إلى وجه الله الكريم.
4- وقال الله تعالى:(ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [يس:11].
إنما ينفع تحذيرك مَن آمن بالقرآن،واتبع ما فيه من أحكام الله،وخاف الرحمن،حيث لا يراه أحد إلا الله،فبشِّره بمغفرة من الله لذنوبه،وثواب منه في الآخرة على أعماله الصالحة،وهو دخوله الجنة.
5- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ) [الأنبياء:48-49].
ولقد آتينا موسى وهارون حجة ونصرًا على عدوهما،وكتابًا - وهو التوراة - فَرَقْنا به بين الحق والباطل،ونورًا يهتدي به المتقون الذين يخافون عقاب ربهم،وهم من الساعة التي تقوم فيها القيامة خائفون وجلون.
- - - - - - - - - - - - -
3- فضائل العلم
فضل العلم:
1- قال الله تعالى:(? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [آل عمران:18].
شهد الله أنه المتفرد بالإلهية،وقَرَنَ شهادته بشهادة الملائكة وأهل العلم،على أجلِّ مشهود عليه،وهو توحيده تعالى وقيامه بالعدل،لا إله إلا هو العزيز الذي لا يمتنع عليه شيء أراده،الحكيم في أقواله وأفعاله.
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ?) [طه:114].(1/14)
هذا توجيه للنبي - صلى الله عليه وسلم - للاستزادة من العلم،فما دُمْتَ أنت يا رب الحافظ فزِدْني منه،ذلك لأن رسول الله سيحتاج إلى علم تقوم عليه حركة الحياة من لَدُنْه إلى أن تقوم الساعة،عِلْمٌ يشمل الأزمنة والأمكنة،فلا بُدَّ له أنْ يُعَدَّ الإعدادَ اللازم لهذه المهمة (1)
3- وَعَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ».أخرجه البخاري (2) .
فضل طلب العلم:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [محمد:19].
فاعلم -أيها النبي- أنه لا معبود بحق إلا الله،واستغفر لذنبك،واستغفر للمؤمنين والمؤمنات.والله يعلم تصرفكم في يقظتكم نهارًا،ومستقركم في نومكم ليلا.
2- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا،نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَةِ،وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ،يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً،سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ،وَاللهُ فِي عَوْنِ العَبْدِ مَا كَانَ العَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ،وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْماً،سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقاً إِلَى الجَنَّةِ».أخرجه مسلم (3) .
__________
(1) -تفسير الشعراوي - ( / 2444)
(2) أخرجه البخاري برقم (5027).
(3) أخرجه مسلم برقم (2699).(1/15)
3- وَعَنْ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ،وَاللهُ المُعْطِي وَأنَا القَاسِمُ،وَلا تَزَالُ هَذِهِ الأُمَّةُ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أمْرُ الله وَهُمْ ظَاهِرُونَ».متفق عليه (1) .
4-وعَنْ قَيْسِ بْنِ كَثِيرٍ،قَالَ:قَدِمَ رَجُلٌ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ،وَهُوَ بِدِمَشْقَ،فَقَالَ:مَا أَقْدَمَكَ،أَيْ أَخِي ؟ قَالَ:حَدِيثٌ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ؟ قَالَ:أَمَا قَدِمْتَ لِتِجَارَةٍ ؟ قَالَ:لاَ.قَالَ:أَمَا قَدِمْتَ لِحَاجَةٍ ؟ قَالَ:لاَ.قَالَ:مَا قَدِمْتَ إِلاَّ فِي طَلَبِ هَذَا الْحَدِيثِ ؟ قَالَ:نَعَمْ،قَالَ:فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ،وَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ،وَإِنَّهُ لَيَسْتَغْفِرُ لِلْعَالِمِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ،حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْمَاءِ،وَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ،إِنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ،لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا،وَإِنَّمَا وَرِثُوا الْعِلْمَ،فَمَنْ أَخَذَ بِهِ،أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ." أخرجه أحمد (2)
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3116), واللفظ له، ومسلم برقم (1037).
(2) - مسند أحمد (عالم الكتب) - (7 / 268)(21715) 22058- صحيح لغيره(1/16)
وعَنْ كَثِيرِ بْنِ قَيْسٍ،قَالَ:كُنْتُ جَالِسًا مَعَ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ،فَأَتَاهُ رَجُلٌ،فَقَالَ:يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ،إِنِّي أَتَيْتُكَ مِنْ مَدِينَةِ الرَّسُولِ فِي حَدِيثٍ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ،فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ:أَمَا جِئْتَ لِحَاجَةٍ،أَمَا جِئْتَ لِتِجَارَةٍ،أَمَا جِئْتَ إِلاَّ لِهَذَا الْحَدِيثِ ؟ قَالَ:نَعَمْ،قَالَ:فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ،يَقُولُ:مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا،سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ،وَالْمَلاَئِكَةُ تَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ،وَإِنَّ الْعَالِمَ يَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ،وَمَنْ فِي الأَرْضِ،وَالْحِيتَانُ فِي الْمَاءِ،وَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ،كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ،إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ،إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا،وَأَوْرَثُوا الْعِلْمَ،فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ." صحيح ابن حبان (1)
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (1 / 289) (88) صحيح
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانٌ وَاضِحٌ أَنَّ الْعُلَمَاءَ الَّذِينَ لَهُمُ الْفَضْلُ الَّذِي ذَكَرْنَا ، هُمُ الَّذِينَ يُعَلِّمُونَ عِلْمَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، دُونَ غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ الْعُلُومِ. أَلاَ تَرَاهُ يَقُولُ : الْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ وَالأَنْبِيَاءُ لَمْ يُوَرِّثُوا إِلاَّ الْعِلْمَ ، وَعِلْمُ نَبِيِّنَا - صلى الله عليه وسلم - سُنَّتُهُ ، فَمَنْ تَعَرَّى عَنْ مَعْرِفَتِهَا لَمْ يَكُنْ مِنْ وَرَثَةِ الأَنْبِيَاءِ.صحيح ابن حبان - (1 / 290)(1/17)
فضل من دعا إلى الخير والهدى:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ?) [العصر:1-3].
إِنَّ بَنِي الإِنْسَانِ خَاسِرُونَ فِي أَعْمَالِهِمْ إِلاَّ الذِينَ اعْتَقَدُوا اعْتِقَاداً صَحِيحاً بِوُجُودِ اللهِ وَوحْدَانِيتِهِ،وَبِمَا أَنْزِلَ مِنَ الكُتُبِ عَلَى رُسُلِهِ الكِرَامِ ثُمَّ عَمِلُوا صَالِحَةً تُرْضِي اللهَ،وَاجْتَنَبُوا مَا حَرَّمَ اللهُ وَأَوْصَى بَعْضُهُمْ بَعْضاً بِالصَّبْرِ عَنِ المَعَاصِي التِي تَشْتَاقُ إِلَيهَا النُّفُوسُ الضَّعِيفَةُ،وَبِالصَّبْرِ عَلَى فِعْلِ الطَّاعَاتِ التِي يَشُقُّ عَلَى النُّفُوسِ القِيَامُ بِهَا..فَهؤُلاَءِ المُسْتَثْنَوْنَ هُمُ الرَّابِحُونَ الفَائِزُونَ . (1)
2- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«مَنْ دَعَا إِلَى هُدىً كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ،لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئاً،وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلاَلَةٍ،كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئاً».أخرجه مسلم (2) .
3- وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:جَاءَ رَجُلٌ إلَى النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ:إنّي أُبْدِعَ بِي فَاحْمِلْنِي،فَقَالَ:«مَا عِنْدِي» فَقَالَ رَجُلٌ:يَا رَسُولَ الله أَنَا أَدُلّهُ عَلَىَ مَنْ يَحْمِلُهُ،فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«مَنْ دَلّ علىَ خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ».أخرجه مسلم (3) .
فضل العلماء:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [المجادلة:11].
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 6054)
(2) أخرجه مسلم برقم (2674).
(3) أخرجه مسلم برقم (1893).(1/18)
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه،إذا طُلب منكم أن يوسع بعضكم لبعض المجالس فأوسعوا،يوسع الله عليكم في الدنيا والآخرة،وإذا طلب منكم- أيها المؤمنون- أن تقوموا من مجالسكم لأمر من الأمور التي يكون فيها خير لكم فقوموا،يرفع الله مكانة المؤمنين المخلصين منكم،ويرفع مكانة أهل العلم درجات كثيرة في الثواب ومراتب الرضوان،والله تعالى خبير بأعمالكم لا يخفى عليه شيء منها،وهو مجازيكم عليها.وفي الآية تنويه بمكانة العلماء وفضلهم،ورفع درجاتهم.
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [فاطر:28].إنما يخشى اللهَ ويتقي عقابه بطاعته واجتناب معصيته العلماءُ به سبحانه،وبصفاته،وبشرعه،وقدرته على كل شيء،ومنها اختلاف هذه المخلوقات مع اتحاد سببها،ويتدبرون ما فيها من عظات وعبر.إن الله عزيز قويٌّ لا يغالَب،غفور يثيب أهل الطاعة،ويعفو عنهم.
3- وقال الله تعالى: (? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الزُّمَر:9].
أهذا الكافر المتمتع بكفره خير،أم من هو عابد لربه طائع له،يقضي ساعات الليل في القيام والسجود لله،يخاف عذاب الآخرة،ويأمُل رحمة ربه؟ قل -أيها الرسول-:هل يستوي الذين يعلمون ربهم ودينهم الحق والذين لا يعلمون شيئًا من ذلك؟ لا يستوون.إنما يتذكر ويعرف الفرق أصحاب العقول السليمة.
4- وقال الله تعالى: (? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ?) [العنكبوت:48-49].
من معجزاتك البينة -أيها الرسول- أنك لم تقرأ كتابًا ولم تكتب حروفًا بيمينك قبل نزول القرآن عليك،وهم يعرفون ذلك،ولو كنت قارئًا أو كاتبًا من قبل أن يوحى إليك لشك في ذلك المبطلون،وقالوا:تعلَّمه من الكتب السابقة أو استنسخه منها.بل القرآن آيات بينات واضحة في الدلالة على الحق يحفظه العلماء،وما يكذِّب بآياتنا ويردها إلا الظالمون المعاندون الذين يعلمون الحق ويحيدون عنه.(1/19)
5- وَعَنْ عَبْدَ الله بْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«لا حَسَدَ إِلا فِي اثْنَتَيْنِ:رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً،فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الحَقِّ،وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ حِكْمَةً،فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا».متفق عليه (1) .
فضل العلم الإلهي:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ??) [الإسراء:9-10].
إن هذا القرآن الذي أنزلناه على عبدنا محمد يرشد الناس إلى أحسن الطرق،وهي ملة الإسلام،ويبشر المؤمنين الذين يعملون بما أمرهم الله به،وينتهون عمَّا نهاهم عنه،بأن لهم ثوابًا عظيمًا،وأن الذين لا يصدقون بالدار الآخرة وما فيها من الجزاء أعددنا لهم عذابًا موجعًا في النار.
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ?) [يونس:57-58].
يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم تذكِّركم عقاب الله وتخوفكم وعيده،وهي القرآن وما اشتمل عليه من الآيات والعظات لإصلاح أخلاقكم وأعمالكم،وفيه دواء لما في القلوب من الجهل والشرك وسائر الأمراض،ورشد لمن اتبعه من الخلق فينجيه من الهلاك،جعله سبحانه وتعالى نعمة ورحمة للمؤمنين،وخصَّهم بذلك; لأنهم المنتفعون بالإيمان،وأما الكافرون فهو عليهم عَمَى.قل-أيها الرسول- لجميع الناس:بفضل الله وبرحمته،وهو ما جاءهم من الله من الهدى ودين الحق وهو الإسلام،فبذلك فليفرحوا; فإن الإسلام الذي دعاهم الله إليه،والقرآن الذي أنزله على - صلى الله عليه وسلم - ،خير مما يجمعون من حطام الدنيا وما فيها من الزهرة الفانية الذاهبة.
3- وقال الله تعالى:(?? ???? ?? ? ? ? ? ? ? چ چچ چ ? ? ? ? ? ??? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ? ?) [المائدة:15-16].
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1409), ومسلم برقم (816).(1/20)
يا أهل الكتاب من اليهود والنصارى،قد جاءكم رسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم - يبيِّن لكم كثيرًا مما كنتم تُخْفونه عن الناس مما في التوراة والإنجيل،ويترك بيان ما لا تقتضيه الحكمة.قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين:وهو القرآن الكريم.يهدي الله بهذا الكتاب المبين من اتبع رضا الله تعالى،طرق الأمن والسلامة،ويخرجهم بإذنه من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان،ويوفقهم إلى دينه القويم.
4- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ?) [الجاثية:20].
هذا القرآن الذي أنزلناه إليك أيها الرسول بصائر يبصر به الناس الحق من الباطل،ويعرفون به سبيل الرشاد،وهدى ورحمةٌ لقوم يوقنون بحقيقة صحته،وأنه تنزيل من الله العزيز الحكيم.
5- وَعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«إِنَّ مَثَلَ مَا بَعَثَنِيَ اللهُ بِهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الهُدَى وَالعِلْمِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَصَابَ أَرْضاً،فَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ طَيِّبَةٌ،قَبِلَتِ المَاءَ فَأَنْبَتَتِ الكَلأَ وَالعُشْبَ الكَثِيرَ،وَكَانَ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ المَاءَ،فَنَفَعَ اللهُ بِهَا النَّاسَ،فَشَرِبُوا مِنْهَا وَسَقَوْا وَرَعَوْا،وَأَصَابَ طَائِفَةً مِنْهَا أُخْرَى،إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لاَ تُمْسِكُ مَاءً وَلاَ تُنْبِتُ كَلأً،فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ الله،وَنَفَعَهُ بِمَا بَعَثَنِيَ اللهُ بِهِ،فَعَلِمَ وَعَلَّمَ،وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْساً،وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى الله الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ».متفق عليه (1) .
- - - - - - - - - - - - -
4- فضائل الدعوة إلى الله
فضل الدعوة إلى الله:
1- قال الله تعالى:(چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ) [فُصِّلَت:33].
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (79), ومسلم برقم (2282)، واللفظ له.(1/21)
لا أحد أحسن قولا ممن دعا إلى توحيد الله وعبادته وحده وعمل صالحًا وقال:إنني من المسلمين المنقادين لأمر الله وشرعه.وفي الآية حث على الدعوة إلى الله سبحانه،وبيان فضل العلماء الداعين إليه على بصيرة،وَفْق ما جاء عن رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم - .
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ?) [آل عمران:104].
ولتكن منكم -أيها المؤمنون- جماعة تدعو إلى الخير وتأمر بالمعروف،وهو ما عُرف حسنه شرعًا وعقلا وتنهى عن المنكر،وهو ما عُرف قبحه شرعًا وعقلا وأولئك هم الفائزون بجنات النعيم.
3- وَعَنْ سَهْل بْن سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِعَلِيّ يَوْمَ خَيْبَرَ:«...انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ،حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ،ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ،وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ الله فِيهِ،فَوَ الله ! لأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِداً خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ».متفق عليه (1) .
4- وعن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«مَنْ دَعَا إِلَى هُدىً كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ،لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئاً،وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلاَلَةٍ،كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئاً».أخرجه مسلم (2) .
فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [آل عمران:110].
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2924)، ومسلم برقم (2406)، واللفظ له.
(2) أخرجه مسلم برقم (2674).(1/22)
أنتم - يا أمة محمد - خير الأمم وأنفع الناس للناس،تأمرون بالمعروف،وهو ما عُرف حسنه شرعًا وعقلا وتنهون عن المنكر،وهو ما عُرف قبحه شرعًا وعقلا وتصدقون بالله تصديقًا جازمًا يؤيده العمل.ولو آمن أهل الكتاب من اليهود والنصارى بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وما جاءهم به من عند الله كما آمنتم،لكان خيرا لهم في الدنيا والآخرة،منهم المؤمنون المصدقون برسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - العاملون بها،وهم قليل،وأكثرهم الخارجون عن دين الله وطاعته.
2- وقال الله تعالى:(ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ) [التوبة:71].
والمؤمنون والمؤمنات بالله ورسوله بعضهم أنصار بعض،يأمرون الناس بالإيمان والعمل الصالح،وينهونهم عن الكفر والمعاصي،ويؤدون الصلاة،ويعطون الزكاة،ويطيعون الله ورسوله،وينتهون عما نُهوا عنه،أولئك سيرحمهم الله فينقذهم من عذابه ويدخلهم جنته.إن الله عزيز في ملكه،حكيم في تشريعاته وأحكامه.
3- وَعَنْ أبي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:«مَنْ رَأى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ،فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ،فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ،وَذَلِكَ أضْعَفُ الإِيمَانِ».أخرجه مسلم (1) .
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (49).(1/23)
5-وعن النُّعْمَانَ بْنِ بَشِيرٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ،فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا،فَكَانَ الَّذِينَ فِى أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِى نَصِيبِنَا خَرْقًا،وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا.فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا،وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا » أخرجه البخاري (1) .
فضل النصيحة:
1- قال الله تعالى:(ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھھ) [التوبة:91].
ليس على أهل الأعذار مِن الضعفاء والمرضى والفقراء الذين لا يملكون من المال ما يتجهزون به للخروج إثم في القعود إذا أخلصوا لله ورسوله،وعملوا بشرعه،ما على مَن أحسن ممن منعه العذر عن الجهاد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ،وهو ناصح لله ولرسوله من طريق يعاقب مِن قِبَلِه ويؤاخذ عليه.والله غفور للمحسنين،رحيم بهم.
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? پ پ پ) [الأعراف:68].
أُبلِّغكم ما أرسلني به ربي إليكم،وأنا لكم - فيما دعوتكم إليه من توحيد الله والعمل بشريعته - ناصح،أمين على وحي الله تعالى.
3- وَعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال:«الدِّينُ النَّصِيحَةُ».قُلْنَا:لِمَنْ؟ قال:« لله وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ».أخرجه مسلم (2) .
__________
(1) - صحيح البخارى- المكنز - (2493 )
الاستهام : طلب السهم والنصيب ، والمراد به : الاقتراع.
أخذوا على أيديهم : يقال : أخذتُ على يد فلان : إذا منعتَه عما يريد أن يفعله.
(2) أخرجه مسلم برقم (55).
النصيحة : كلمة يعبر بها عن جملة : وهي إرادة الخير للمنصور له، وليس يمكن أن يعبر عن هذه اللفظة بكلمة واحدة تحصرها وتجمع معناها غيرها، وأصل النصيحة في اللغة : الخلوص، ومعنى النصية لله عز وجل : صحة الاعتقاد في وحدانيته، وإخلاص النية في عبادته، والنصيحة لكتاب الله تعالى : هو التصديق به، والعمل بما فيه، والنصيحة لرسوله: التصديق بنبوته، وبذل الطاعة فيما أمر به ونهى عنه، والنصيحة لأئمة المؤمنين : أن يطيعهم في الحق، ولا يرى الخروج عليهم بالسيف إذا جاروا، والنصيحة لعامة المسلمين : إرشادهم إلى مصالحهم.جامع الأصول في أحاديث الرسول - (11 / 558)(1/24)
فضل نشر السنن:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ژژ) [آل عمران:79].
كونوا حكماء فقهاء علماء بما كنتم تُعَلِّمونه غيركم من وحي الله تعالى،وبما تدرسونه منه حفظًا وعلمًا وفقهًا.
2- وَعَنْ جَرِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال:كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فِي صَدْرِ النَّهَارِ،قال:فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ أوِ العَبَاءِ،مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ،عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ،بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ،فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لِمَا رَأى بِهِمْ مِنَ الفَاقَةِ،فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ،فَأمَرَ بِلالاً فَأذَّنَ وَأقَامَ،فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ:«(? ? ? ? ? پ پ پ پ) إِلَى آخِرِ الآيَةِ (? ? ? ? ?).وَالآيَةَ الَّتِي فِي الحَشْرِ:(? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ?) .تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ،مِنْ دِرْهَمِهِ،مِنْ ثَوْبِهِ،مِنْ صَاعِ بُرِّهِ،مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ (حَتَّى قال) وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ».قال:فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا،بَلْ قَدْ عَجَزَتْ،قال:ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ،حَتَّى رَأيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ،حَتَّى رَأيْتُ وَجْهَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يَتَهَلَّلُ،كَأنَّهُ مُذْهَبَةٌ،فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«مَنْ سَنَّ فِي الإسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً،فَلَهُ أجْرُهَا،وَأجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ،مِنْ غَيْرِ أنْ يَنْقُصَ مِنْ أجُورِهِمْ شَيْءٌ،وَمَنْ سَنَّ فِي الإسْلامِ سُنَّةً سَيِّئَةً،كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ،مِنْ غَيْرِ أنْ يَنْقُصَ مِنْ أوْزَارِهِمْ شَيْءٌ».أخرجه مسلم (1) .
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (1017).(1/25)
3- وعن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ،وَحُجْرِ بْنِ حُجْرٍ الْكَلاَعِيِّ،قَالاَ:أَتَيْنَا الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ،وَهُوَ مِمَّنْ نَزَلَ فِيهِ:{وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ} [التوبة:]،فَسَلَّمْنَا وَقُلْنَا:أَتَيْنَاكَ زَائِرَيْنَ وَمُقْتَبِسَيْنِ،فَقَالَ الْعِرْبَاضُ:صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الصُّبْحَ ذَاتَ يَوْمٍ،ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً،ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ،وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ،فَقَالَ قَائِلٌ:يَا رَسُولَ اللهِ،كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةَ مُوَدِّعٍ،فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا ؟ قَالَ:أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ،وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ،وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا مُجَدَّعًا،فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا،فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ،فَتَمَسَّكُوا بِهَا،وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ،وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ،وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ." صحيح ابن حبان (1)
فضل المجاهدة في سبيل الله:
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (1 / 178) (5) صحيح
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ فِي قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم - : فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي عِنْدَ ذِكْرِهِ الاِخْتِلاَفَ الَّذِي يَكُونُ فِي أُمَّتِهِ بَيَانٌ وَاضِحٌ أَنَّ مَنْ وَاظَبَ عَلَى السُّنَنِ ، قَالَ بِهَا ، وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى غَيْرِهَا مِنَ الآرَاءِ مِنَ الْفِرَقِ النَّاجِيَةِ فِي الْقِيَامَةِ ، جَعَلَنَا اللَّهُ مِنْهُمْ بِمَنِّهِ.(1/26)
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہھ) [العنكبوت:69].والمؤمنون الذين جاهدوا أعداء الله،والنفس،والشيطان،وصبروا على الفتن والأذى في سبيل الله،سيهديهم الله سبل الخير،ويثبتهم على الصراط المستقيم،ومَن هذه صفته فهو محسن إلى نفسه وإلى غيره.وإن الله سبحانه وتعالى لمع مَن أحسن مِن خَلْقِه بالنصرة والتأييد والحفظ والهداية.
2- وقال الله تعالى:(ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الفرقان:51-52].
ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرًا،يدعوهم إلى الله عز وجل،وينذرهم عذابه،ولكنا جعلناك - أيها الرسول - مبعوثًا إلى جميع أهل الأرض،وأمرناك أن تبلغهم هذا القرآن،فلا تطع الكافرين في ترك شيء مما أرسلتَ به،بل ابذل جهدك في تبليغ الرسالة،وجاهد الكافرين بهذا القرآن جهادًا كبيرًا،لا يخالطه فتور.
3- وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«جَاهِدُوا المُشْرِكِينَ بأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ» أخرجه أبو داود والنسائي (1) .
- - - - - - - - - - - - -
5- فضائل الجهاد في سبيل الله
فضل الجهاد في سبيل الله:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [التوبة:111].
__________
(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (2504), وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم (3096).(1/27)
إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم بأن لهم في مقابل ذلك الجنة،وما أعد الله فيها من النعيم لبذلهم نفوسهم وأموالهم في جهاد أعدائه لإعلاء كلمته وإظهار دينه،فيَقْتلون ويُقتَلون،وعدًا عليه حقًا في التوراة المنزلة على موسى عليه السلام،والإنجيل المنزل على عيسى عليه السلام،والقرآن المنزل على - صلى الله عليه وسلم - .ولا أحد أوفى بعهده من الله لمن وفَّى بما عاهد الله عليه،فأظهِروا السرور-أيها المؤمنون- ببيعكم الذي بايعتم الله به،وبما وعدكم به من الجنة والرضوان،وذلك البيع هو الفلاح العظيم.
2- وقال الله تعالى:(ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الحُجُرات:15].
إنما المؤمنون الذين صدَّقوا بالله وبرسوله وعملوا بشرعه،ثم لم يرتابوا في إيمانهم،وبذلوا نفائس أموالهم وأرواحهم في الجهاد في سبيل الله وطاعته ورضوانه،أولئك هم الصادقون في إيمانهم.
3- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ??) [النساء:95-96].
لا يتساوى المتخلفون عن الجهاد في سبيل الله -غير أصحاب الأعذار منهم- والمجاهدون في سبيل الله،بأموالهم وأنفسهم،فضَّل الله تعالى المجاهدين على القاعدين،ورفع منزلتهم درجة عالية في الجنة،وقد وعد الله كلا من المجاهدين بأموالهم وأنفسهم والقاعدين من أهل الأعذار الجنة لِما بذلوا وضحَّوا في سبيل الحق،وفضَّل الله تعالى المجاهدين على القاعدين ثوابًا جزيلا.هذا الثواب الجزيل منازل عالية في الجنات من الله تعالى لخاصة عباده المجاهدين في سبيله،ومغفرة لذنوبهم ورحمة واسعة ينعمون فيها.وكان الله غفورًا لمن تاب إليه وأناب،رحيمًا بأهل طاعته،المجاهدين في سبيله.
4- وقال الله تعالى:(? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [المائدة:54].(1/28)
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه من يرجع منكم عن دينه،ويستبدل به اليهودية أو النصرانية أو غير ذلك،فلن يضرُّوا الله شيئًا،وسوف يأتي الله بقوم خير منهم يُحِبُّهم ويحبونه،رحماء بالمؤمنين أشدَّاء على الكافرين،يجاهدون أعداء الله،ولا يخافون في ذات الله أحدًا.ذلك الإنعام مِن فضل الله يؤتيه من أراد،والله واسع الفضل،عليم بمن يستحقه من عباده.
5- وقال الله تعالى:(ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الصف:10-13].(1/29)
يَا أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ بِاللهِ،وَالمُصَدِّقُونَ بِرُسُلِهِ وَكُتُبِهِ وَآيَاتِهِ،أَلاَ تُرِيدُونَ أَنْ أَدُلِّكُمْ عَلَى صَفَقَةٍ رَابِحَةٍ،وَتِجَارَةٍ نَافِعَةٍ،تَفُوزُونَ فِيهَا بِالرِّبْحِ العَظِيمِ،وَتْنْقِذُكُمْ مِنْ عَذَابِ اللهِ الأَلِيمِ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ وَهِذِهِ الصَّفَقَةُ هِيَ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَتَعْبُدُوهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ،وَتَصَدِّقُوا بِرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ،وَمَا أَنْزَلَهَ عَلَيْهِ مِنَ القُرْآنِ وَتُجَاهِدُوا فِي سَبِيلِ رَفْعِ كَلِمَةِ اللهِ،وَعِزَّةِ دِينِهِ،بِأَنْفُسِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ،فَإِنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ،كَانَ ذَلِكَ خَيْراً لَكُمْ مِنْ كُلِّ شَيءٍ فِي الدُّنْيَا:مِنَ النَّفْسِ وَالمَالِ وَالزَّوْجِ وَالوَلَدِ،هَذَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ مَا أَعَدَّهُ اللهَ لِعِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ المُخْلِصِينَ المُجَاهِدِينَ فِي الآخِرَةِ مِنْ جَزِيلِ الثَّوَابِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ .وَإِنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ سَتَرَ اللهُ ذُنُوبِكُمْ وَمَحَاهَا،وَأَدْخَلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي الأَنْهَارُ فِي جَنَبَاتِهَا،وَأَسْكَنَكُمْ مَسَاكِنَ طَيِبةً تَقَرُّ بِهَا العُيُونَ،وَهَذا هُوَ مُنْتَهَى ما تَصْبُوا إِليهِ النُّفُوسُ،وَهُوَ الفَوْزُ الذِي لاَ فَوْزَ أَعْظَمَ مِنْهُ .وَلَكُمْ يَا أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ المُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ تَعَالَى،مَعَ الفَوْزِ فِي الآخِرَةِ،الذِي وَعَدَكُمْ اللهُ بِهِ،نِعْمَةٌ أُخْرَى تُحِبُّونَها،وَهِيَ نَصْرٌ مِنَ اللهِ،وَفَتْحٌ قَرِيبٌ،تَجْنُونَ مَغَانِمَهُ،وَبَشِّرْ يَا مُحَمَّدُ المُؤْمِنينَ بِهَذَا الجَزَاءِ . (1)
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 5051)(1/30)
6- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ:سُئِلَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :أيُّ الأَعْمَالِ أفْضَلُ؟ قال:«إيمَانٌ بالله ».قال:ثُمَّ مَاذَا؟ قال:«الجِهَادُ فِي سَِبيلِ الله ».قال:ثُمَّ مَاذَا؟ قال:«حَجٌّ مَبْرُورٌ».متفق عليه (1) .
7- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:قِيلَ لِلنّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - :مَا يَعْدِلُ الجِهَادَ فِي سَبِيلِ الله عَزّ وَجَلّ؟ قَالَ:«لاَ تَسْتَطِيعُوهُ»قَالَ:فَأَعَادُوا عَلَيْهِ مَرّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثاً،كُلّ ذَلِكَ يَقُولُ:«لاَ تَسْتَطِيعُونَهُ»،وَقَالَ فِي الثّالِثَةِ:«مَثَلُ المُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ الله كَمَثَلِ الصّائِمِ القَائِمِ القَانِتِ بِآيَاتِ الله،لاَ يَفْتُرُ مِنْ صِيَامٍ وَلاَ صَلاَةٍ،حَتّى يَرْجِعَ المُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ الله تَعَالَىَ» متفق عليه (2) .
فضل الهجرة في سبيل الله:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ?) [التوبة:100].
والذين سبقوا الناس أولا إلى الإيمان بالله ورسوله من المهاجرين الذين هجروا قومهم وعشيرتهم وانتقلوا إلى دار الإسلام،والأنصار الذين نصروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أعدائه الكفار،والذين اتبعوهم بإحسان في الاعتقاد والأقوال والأعمال طلبًا لمرضاة الله سبحانه وتعالى،أولئك الذين رضي الله عنهم لطاعتهم الله ورسوله،ورضوا عنه لما أجزل لهم من الثواب على طاعتهم وإيمانهم،وأعدَّ لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا،ذلك هو الفلاح العظيم.وفي هذه الآية تزكية للصحابة -رضي الله عنهم- وتعديل لهم،وثناء عليهم; ولهذا فإن توقيرهم من أصول الإيمان.
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (26), ومسلم برقم (83)، واللفظ له.
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2785), ومسلم برقم (1878)، واللفظ له.(1/31)
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [النساء:100].
ومَن يخرج من أرض الشرك إلى أرض الإسلام فرارًا بدينه،راجيًا فضل ربه،قاصدًا نصرة دينه،يجد في الأرض مكانًا ومتحولا ينعم فيه بما يكون سببًا في قوته وذلة أعدائه،مع السعة في رزقه وعيشه،ومن يخرج من بيته قاصدًا نصرة دين الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ،وإعلاء كلمة الله،ثم يدركه الموت قبل بلوغه مقصده،فقد ثبت له جزاء عمله على الله،فضلا منه وإحسانًا.وكان الله غفورًا رحيمًا بعباده.
3- وَعن عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:«إِنَّمَا الأعْمَالُ بِالنِّيَّةِ،وَإِنَّمَا لامْرِئ مَا نَوَى،فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى الله وَرَسُولِهِ،فَهِجْرَتُهُ إِلَى الله وَرَسُولِهِ وَمَنْ،كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا،أوِ امْرَأةٍ يَتَزَوَّجُهَا،فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ».متفق عليه (1) .
فضل الهجرة والجهاد في سبيل الله:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ??) [التوبة:20-22].
الذين آمنوا بالله وتركوا دار الكفر قاصدين دار الإسلام،وبذلوا أموالهم وأنفسهم في الجهاد لإعلاء كلمة الله،هؤلاء أعظم درجه عند الله،وأولئك هم الفائزون برضوانه.إن هؤلاء المؤمنين المهاجرين لهم البشرى من ربهم بالرحمة الواسعة والرضوان الذي لا سخط بعده،ومصيرهم إلى جنات الخلد والنعيم الدائم.
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الأنفال:74].
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6689), واللفظ له، ومسلم برقم (1907).(1/32)
والذين آمنوا بالله ورسوله،وتركوا ديارهم قاصدين دار الإسلام أو بلدًا يتمكنون فيه من عبادة ربهم،وجاهدوا لإعلاء كلمة الله،والذين نصروا إخوانهم المهاجرين وآووهم وواسوهم بالمال والتأييد،أولئك هم المؤمنون الصادقون حقًا،لهم مغفرة لذنوبهم،ورزق كريم واسع في جنات النعيم.
3- وعَنْ كَثِيرِ بن مُرَّةَ أَنَّ أَبَا فَاطِمَةَ حَدَّثَهُمْ،قَالَ:قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ،أَخْبِرْنَا بِعَمَلٍ نَسْتَقِيمُ عَلَيْهِ وَنَعْمَلُهُ،قَالَ:عَلَيْكَ بِالْهِجْرَةِ فَإِنَّهُ لا مِثْلَ لَهَا،قَالَ:قُلْتُ:يَا رَسُولَ اللَّهِ،أَخْبِرْنَا بِعَمَلٍ نَسْتَقِيمُ عَلَيْهِ وَنَعْمَلُهُ،قَالَ:عَلَيْكَ بِالْجِهَادِ،فَإِنَّهُ لا مِثْلَ لَهُ،قَالَ:قُلْتُ:يَا رَسُولَ اللَّهِ،أَخْبِرْنَا بِعَمَلٍ نَسْتَقِيمُ عَلَيْهِ وَنَعْمَلُهُ،قَالَ:عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لا مِثْلَ لَهُ،قُلْتُ:يَا رَسُولَ اللَّهِ،أَخْبِرْنَا بِعَمَلٍ نَسْتَقِيمُ عَلَيْهِ وَنَعْمَلُهُ،قَالَ:عَلَيْكَ بِالسُّجُودِ فَإِنَّكَ لا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلا رَفَعَكَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً." رواه الطبراني (1)
فضل الرباط في سبيل الله:
1- عَنْ سَلْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:«رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ،وَإِنْ مَاتَ جَرَىَ عَلَيْهِ عَمَلُهُ الّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ،وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ،وَأَمِنَ الفَتّانَ».أخرجه مسلم (2) .
__________
(1) - المعجم الكبير للطبراني - (16 / 182) (18257 ) صحيح لغيره
(2) أخرجه مسلم برقم (1913).(1/33)
2- وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ الله خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا،وَمَوْضِعُ سَوْطِ أحَدِكُمْ مِنَ الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا،وَالرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا العَبْدُ فِي سَبِيلِ الله،أوِ الغَدْوَةُ،خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا».متفق عليه (1) .
3- وَعَنْ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ:«كُلُّ مَيِّتٍ يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِهِ إِلاَّ الَّذِي مَاتَ مُرَابطاً فِي سَبيلِ الله فَإِنَّهُ يُنْمَى لَهُ عَمَلُهُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ وَيَأْمَنُ مِنْ فِتْنَةِ القَبْرِ».أخرجه أبو داود والترمذي (2) .
فضل الشهادة في سبيل الله:
1- قال الله تعالى:(گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [آل عمران:169-171].
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2892), واللفظ له، ومسلم برقم (1881).
(2) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (2500), وأخرجه الترمذي برقم (1621)، وهذا لفظه.(1/34)
ولا تظنَّنَّ -أيها النبي- أن الذين قتلوا في سبيل الله أموات لا يُحِسُّون شيئًا،بل هم أحياء حياة برزخية في جوار ربهم الذي جاهدوا من أجله،وماتوا في سبيله،يجري عليهم رزقهم في الجنة،ويُنعَّمون.لقد عَمَّتهم السعادة حين مَنَّ الله عليهم،فأعطاهم مِن عظيم جوده وواسع كرمه من النعيم والرضا ما تَقَرُّ به أعينهم،وهم يفرحون بإخوانهم المجاهدين الذين فارقوهم وهم أحياء; ليفوزوا كما فازوا،لِعِلْمِهم أنهم سينالون من الخير الذي نالوه،إذا استشهدوا في سبيل الله مخلصين له،وأن لا خوف عليهم فيما يستقبلون من أمور الآخرة،ولا هم يحزنون على ما فاتهم من حظوظ الدنيا.وإنهم في فرحة غامرة بما أُعطوا من نعم الله وجزيل عطائه،وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين به،بل ينمِّيه ويزيده من فضله.
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ??) [النساء:74].فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ الحَيَاةَ الدُّنْيا،وَيَبْذُلَهَا،وَيَجْعَلَهَا ثَمَناً للآخِرَةِ،لأنَّهُ يَكُونُ قَدْ أَعَزَّ دِينَ اللهِ،وَجَعَلَ كَلِمَةَ اللهِ هِيَ العُلْيا.وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَظْفَرْ بِهِ عَدُوُّهُ وَيَقْتُلُهُ،أَوْ يَظْفَرْ هُوَ بِعَدُوِّهِ،فَإنَّ اللهَ سَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً مِنْ عِنْدِهِ .(وَفِي هَذِهِ الآيَةِ إَشَارَةً إلَى أَنَّ هَمَّ المُقَاتِلِ المُسْلِمِ يَجِبُ أنْ يَكُونَ الظَّفَرَ أَوِ الشَّهَادَةَ فِي سَبِيلِ اللهِ،وَعَلَيْهِ أنْ لاَ يُفَكِّرَ فِي الهَرَبِ وَالنَّجَاةِ بِالنَّفْسِ،فَالهَرَبُ لاَ يُنَجِّي مِنْ قَدَرِ اللهِ،وَفِيهِ غَضَبُ اللهِ وَسَخَطُهُ ) . (1)
3- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ) [محمد:4-6].
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 567)(1/35)
يُرشِدُ اللهُ تَعَالى المُؤْمِنينَ إلى وُجُوب قِتَالِ المُشْرِكِينَ الذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ،وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبيلهِ حَتَّى يَنْخَذِلَ الشِّرْكُ وَأهْلُهُ،وَيُبَيِّنُ لَهُمُ الأَسْلُوبَ الذِي يَعْتَمِدُونَهُ في قِتَالِهِمْ فَيَقُولُ تَعَالى:إذا لَقِيتُمُ المُشْرِكِين في سَاحَةِ الحَرب فَاحْصُدُوهُم حَصْداً بالسيُّوفِ،حَتَّى إذا تَمَّتْ لَكُمُ الغَلَبَةُ عَلَيهِم،وَقَهَرْتُم مَنْ تَبَقَّى مِنْهُمْ حَيّاً،وَصَارُوا أسْرى في أيدِيكم،شُدُّوا وِثَاقَهُمُ لِكَيلاَ يَعْمَدُوا إِلى الهَرَبِ،أوِ العَوْدةِ إِلى القِتَالِ،وَبَعْدَ انتِهَاءِ الحَرْبِ فأنْتُم بِالخيارِ بَيْنَ المَنِّ عَلَيهِم وإِطْلاقِ سَرَاحِهِمْ بِدُونِ فِدَاء،وَبَيَنُ مُفَادَاتِهِمْ.وَقَدْ تَكُونُ المُفَادَاةُ بِمالٍ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ لإِضْعَافِ شَوْكَتِهْم،وَقَدْ تَكُونُ بأسْرى مِنَ المُسْلِمينَ.وهذهِ هيَ السُّنَّةُ في قِتَالِ المُشْرِكِينَ والكُفَّارِ حَتَى تَنْتَهِيَ الحَرْبُ وَتَضَعَ أوْزَارَها،وَلَوْ شَاءَ الله أَنْ يَنْتَقِمَ منهُمْ بِعُقُوبةٍ عَاجِلَةٍ لَفَعَلَ،وَلَكَفَاكُمْ أَمْرَهُمْ،وَلكِنَّهُ شَرَعَ الجِهَادَ،وَقتَالَ الأعداءِ،لِخْتَبِرَ المُؤمِنينَ وَصَبْرَهُمْ عَلَى القِتَالِ،وَيخْتَبِرَ المُشرِكِينَ،فَيُعَاقِبَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ بأيدِي المُؤْمِنينَ،وَيَتَّعِظَ مِنْهُمْ مَنْ شَاءَ وَيَرْجِعَ إِلى الحَقِّ.واللهُ يَجْزِي الشَّهَداءَ الذِينَ قُتِلُوا في سَبِيلِهِ تَعَالى،وَيَتَجَاوزُ عَنْ سَيَّئَاتِهِمْ،وَيُثَمِّرُ لَهُمْ أعْمالَهُمْ وَيُنَمِّيها لَهُمْ.وسَيَهْدِي اللهُ الشُهَدَاءَ في سَبيلِهِ إلى طَريقِ الجَنَّةِ،ويُصْلِحُ حَالَهم في الآخِرَةِ.وَيدُخْلِهُمَ ربُّهم الجَنَّةَ،فَيَجِدُ كُلُّ وَاحِد فيها مَقَرَّهُ لا يَضِلُّ في طَلَبِه،وَكَأنَّهُ يَعْرِفُهُ مِنْ قَبْلُ .(1/36)
(1)
4- وَعَنْ أنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:«مَا أحَدٌ يَدْخُلُ الجَنَّةَ،يُحِبُّ أنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا،وَلَهُ مَا عَلَى الأرْض مِنْ شَيْءٍ إِلا الشَّهِيدُ،يَتَمَنَّى أنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ،لِمَا يَرَى مِنَ الكَرَامَةِ».متفق عليه (2) .
5- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ،وَدِدْتُ أنِّي أُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ الله فَأُقْتَلُ،ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ،ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ،ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ،ثُمَّ أُحيَا».متفق عليه (3) .
6-وعَنْ قَيْسٍ الْجُذَامِيِّ،رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ،قَالَ:قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - :يُعْطَى الشَّهِيدُ سِتَّ خِصَالٍ عِنْدَ أَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهِ:يُكَفَّرُ عَنْهُ كُلُّ خَطِيئَةٍ،وَيُرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ،وَيُزَوَّجُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ،وَيُؤَمَّنُ مِنَ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ،وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ،وَيُحَلَّى حُلَّةَ الإِِيمَانِ." أحمد (4)
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 4428)
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2817), واللفظ له، ومسلم برقم (1877).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7227), واللفظ له، ومسلم برقم (1876).
(4) - مسند أحمد (عالم الكتب) - (6 / 103)(17783) 17936- حسن
( ستة خصال ) المذكورات سبع.إلا أن يجعل الإجازة والأمن من الفزع واحدة
( دفعة ) الدفعة بالضم ما دفع من إناء أو سقاء فانصب بمرة.وكذلك الدفعة من المطر.يقال داء القوم دفعة واحدة إذا دخلوا بمرة واحدة.( حلة الإيمان ) غضافة الحلة إلى الإيمان بمعنى أنها مسببة عنه .(1/37)
7- وعَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيِّ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - :إِنَّ لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ،قَالَ الْحَكَمُ:سِتَّ خِصَالٍ،أَنْ يُغْفَرَ لَهُ فِي أَوَّلِ دَفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ،وَيَرَى،قَالَ الْحَكَمُ:وَيُرَى،مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ،وَيُحَلَّى حُلَّةَ الإِِيمَانِ،وَيُزَوَّجَ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ،وَيُجَارَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ،وَيَأْمَنَ مِنَ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ،قَالَ الْحَكَمُ:يَوْمَ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ،وَيُوضَعَ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ،الْيَاقُوتَةُ مِنْهُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا،وَيُزَوَّجَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنَ الْحُورِ الْعِينِ،وَيُشَفَّعَ فِي سَبْعِينَ إِنْسَانًا مِنْ أَقَارِبِهِ." أحمد (1)
8-وعن قَيْسٍ،أَنّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:إِنَّ لِلْقَتِيلِ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ سِتَّ خِصَالٍ،يُغْفَرُ لَهُ كُلُّ خَطِيئَةٍ فِي أَوَّلِ دَفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ،وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ،وُيُحَلَّى حُلَّةَ الإِيمَانِ،وَيُرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ،وَيُؤَمَّنُ الْفَزَعَ الأَكْبَرَ،وَيُزَوَّجُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ " الآحاد والمثاني (2)
فضل من جهز غازياً في سبيل الله:
1- عَنْ زَيْد بْن خَالِدٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«مَنْ جَهَّزَ غَازِياً فِي سَبِيلِ الله فَقَدْ غَزَا،وَمَنْ خَلَفَ غَازِياً فِي سَبِيلِ الله بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا».متفق عليه (3) .
__________
(1) - مسند أحمد (عالم الكتب) - (5 / 853)(17182) 17314- حسن
(2) - الآحاد والمثاني - (4 / 576)(2734) حسن
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2843), واللفظ له، ومسلم برقم (1895).(1/38)
2- وعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - :مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللهِ،أَوْ خَلْفَهُ فِي أَهْلِهِ،كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ،حَتَّى إِنَّهُ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الْغَازِي شَيْءٌ." صحيح ابن حبان (1)
3- وعَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ،عَنْ أَبِيهِ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - :حُرْمَةُ نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ كَأُمَّهَاتِهِمْ،وَمَا مِنْ رَجُلٍ مِنَ الْقَاعِدِينَ يَخْلُفُ رَجُلاً مِنَ الْمُجَاهِدِينَ إِلاَّ نُصِبَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ،فَيُقَالُ:يَا فُلاَنُ،هَذَا فُلاَنٌ فَخُذْ مِنْ حَسَنَاتِهِ مَا شِئْتَ،ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ:فَمَا ظَنُّكُمْ مَا أَرَى يَدَعُ مِنْ حَسَنَاتِهِ شَيْئًا." ابن حبان (2)
فضل النفقة في سبيل الله:
1- قال الله تعالى:(چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ? ?) [البقرة:261].
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (10 / 489) (4630) صحيح
(2) - صحيح ابن حبان - (10 / 492) (4634) صحيح(1/39)
يَحُثُّ اللهُ المُؤْمِنِينَ عَلَى إِنْفَاقِ أمْوالِهِمْ فِي سَبيلِ اللهِ،وَابْتِغاءِ مَرْضَاتِهِ ( فِي الحَجِّ وفِي الجِهَادِ وَفِي الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَاتِ ) وَيَضْرِبُ لَهُمُ الزَّرْعَ مَثَلاً عَلَى تَنْمِيَتِهِ،سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى،الأعْمَالَ الصَّالِحَةَ لأِصْحَابِها،فَكَمَا يَنْمُو الزَّرْعُ لِمَنْ بَذَرَهُ،كَذَلِكَ يَتَضَاعَفُ العَمَلُ الصَّالِحُ عَنْدَ اللهِ،وَاللهُ يُضَاعِفُ الأجْرَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ،فَيَزِيدُهُ زِيَادَةً لا حَصْرَ لَهَا بِحَسَبِ إخْلاصِ العَبْدِ فِي عَمَلِهِ،وَاللهُ وَاسِعُ الفَضْلِ لاَ يَنْحَصِرُ فَضْلُهُ،وَلا يُحَدُّ عَطَاؤُهُ،وَهُوَ عَلِيمٌ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ هَذِهِ المُضَاعَفَةَ وَبِمَنْ لاَ يَسْتَحِقُّهَا . (1)
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ) [التوبة:88-89].
إذَا تَخَلَّفَ الْمُنَافِقُونَ عَنِ الجِهَادِ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ،وَالمُؤْمِنِينَ جَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ،وَهَؤُلاَءِ وَعَدَهُمُ اللهُ بِالخَيْرَاتِ:فِي الدُّنْيَا بِتَحْقِيقِ النَّصْرِ،وَمَحُوِ الْكُفْرِ،وَإِعْلاَءِ كَلِمَةِ اللهِ،وَالتَّمَتُّعِ بِالمَغَانِمِ،وَفِي الآخِرَةِ بِرِضَا اللهِ وَجَنَّاتِهِ.وَقَدْ أَعَدَّ اللهُ تَعَالَى لِهَؤُلاَءِ المُؤْمِنِينَ المُخْلِصِينَ المُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ،جَزَاءً لَهُمْ عَلَى إِيمَانِهِمْ وَإِخْلاَصِهِمْ فِي طَاعَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ،جَنَّاتٍ تَجْرِي الأنْهَارُ فِي جَنَبَاتِهَا،وَهَذَا هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ . (2)
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 268)
(2) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 1324)(1/40)
3- وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيّ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:جَاءَ رَجُلٌ بِنَاقَةٍ مَخْطُومَةٍ،فَقَالَ:هَذِه فِي سَبيلِ الله،فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«لَكَ بِهَا،يَوْمَ القِيَامَةِ،سَبْعُمِائَةِ نَاقَةٍ،كُلّهَا مَخْطُومَةٌ».أخرجه مسلم (1) .
4- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«مَنْ أنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ الله نُودِيَ فِي الجَنَّةِ:يَا عَبْدَ الله ! هَذَا خَيْرٌ،فَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الصَّلاةِ،دُعِيَ مِنْ باب الصَّلاةِ،وَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الجِهَادِ،دُعِيَ مِنْ باب الجِهَادِ،وَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الصَّدَقَةِ،دُعِيَ مِنْ باب الصَّدَقَةِ،وَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الصِّيَامِ،دُعِيَ مِنْ باب الرَّيَّانِ».قال أبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ:يَا رَسُولَ الله ! مَا عَلَى أحَدٍ يُدْعَى مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ،فَهَلْ يُدْعَى أحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ كُلِّهَا؟ قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«نَعَمْ،وَأرْجُو أنْ تَكُونَ مِنْهُمْ».متفق عليه (2) .
فضل بذل النفس والمال في سبيل الله:
1- قال الله تعالى: (چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ??) [التوبة:120-121].
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (1892).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1897), ومسلم برقم (1027)، واللفظ له.(1/41)
يُعَاتِبُ اللهُ تَعَالَى المُتَخَلِّفِينَ عَنْ رَسُولِ اللهِ،عَلَى تَخَلُّفِهِمْ عَنْ نَبِيِّهِمْ،وَإِيثَارِهِمْ أَنْفُسَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ الكَرِيمَةِ وَيَخُصُّ بِالعِتَابِ أَهْلَ المَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهَا مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ،فَإِنَّهُمْ نَقَصُوا أَنْفُسَهُمْ مِنَ الأَجْرِ،لأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ عَطَشٌ وَلاَ تَعَبٌ وَلاَ مَجَاعَةٌ ( مَخْمَصَةٌ )،وَلاَ يَنْزِلُونَ مَنْزِلاً يُرْهِبُ الكُفَّارَ،وَيَغِيظُهُمْ،وَلاَ يُحَقِّقُونَ عَلَى أَعْدَائِهِمْ ظَفَراً وَغَلَبَةً..إِلاَّ كَتَبَ اللهُ لَهُمْ بِهذِهِ الأَعْمَالِ،ثَوَابَ عَمَلٍ صَالِحٍ جَزِيلٍ،وَاللهُ تَعَالَى لاَ يُضَيِّعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً .وَلاَ يُنْفِقُ هؤُلاَءِ الغُزَاةُ قَليلاً وَلاَ كَثِيراً فِي سَبِيلِ اللهِ،وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِياً فِي سَيْرِهِمْ إِلَى أَعْدَائِهِمْ،إِلاَّ كَتَبَ لَهُمْ،وَسُجِّلَ فِي صَحِيفَةِ أَعْمَالِهِمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ عَلَيهِ جَزَاءً أَحْسَنَ مِنْ جَزَائِهِمْ عَلَى أَعْمَالِهِمُ الجَلِيلَةِ فِي غَيْرِ الجِهَادِ،فَالنَّفَقَةُ الصَّغِيرَةُ فِي الجِهَادِ كَالنَّفَقَةِ الكَبِيرَةِ فِي غَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ المَبَرَّاتِ . (1)
2- وَعَنْ أبي عَبْسٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:«مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ الله حَرَّمَهُ اللهُ عَلَى النَّارِ».أخرجه البخاري (2) .
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 1356)
(2) أخرجه البخاري برقم (907).(1/42)
3- وعَنْ حُصَيْنِ بْنِ حَرْمَلَةَ الْمَهْرِيِّ،حَدَّثَنَا أَبُو الْمُصَبِّحِ الْمَقْرَائِيُّ،قَالَ:بَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ بِأَرْضِ الرُّومِ فِي طَائِفَةٍ عَلَيْهَا مَالِكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْخَثْعَمِيُّ إِذْ مَرَّ مَالِكٌ بِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ وَهُوَ يَمْشِي يَقُودُ بَغْلاً لَهُ،فَقَالَ لَهُ مَالِكٌ:أَيْ أَبَا عَبْدِ اللهِ ارْكَبْ فَقَدْ حَمَلَكَ اللَّهُ،فَقَالَ جَابِرٌ:أُصْلِحُ دَابَّتِي وَأَسْتَغْنِي عَنْ قَوْمِي،وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ،فَأَعْجَبَ مَالِكًا قَوْلُهُ فَسَارَ حَتَّى إِذَا كَانَ حَيْثُ يُسْمِعُهُ الصَّوْتَ نَادَاهُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ ارْكَبْ،فَقَدْ حَمَلَكَ اللَّهُ،فَعَرَفَ جَابِرٌ الَّذِي أَرَادَ بِرَفْعِ صَوْتِهِ،وَقَالَ:أُصْلِحُ دَابَّتِي وَأَسْتَغْنِي عَنْ قَوْمِي،وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ،فَوَثَبَ النَّاسُ عَنْ دَوَابِّهِمْ،فَمَا رَأَيْنَا يَوْمًا أَكْثَرَ مَاشِيًا مِنْهُ." ابن حبان (1)
فضل من أراد الجهاد فحبسه عذر:
عَنْ أنَسٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ فِي غَزَاةٍ،فَقال:«إِنَّ أقْوَاماً بِالمَدِينَةِ خَلْفَنَا،مَا سَلَكْنَا شِعْباً وَلا وَادِياً إِلاَّ وَهُمْ مَعَنَا فِيهِ،حَبَسَهُمُ العُذْرُ». أخرجه البخاري (2) .
فضل الغدوة والروحة في سبيل الله:
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (10 / 464) (4604) صحيح
(2) أخرجه البخاري برقم (2839).(1/43)
1- عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:«لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ الله أوْ رَوْحَةٌ،خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا».متفق عليه (1) .
2- وَعَنْ أَبي أَيّوبَ رَضيَِ اللهُ عَنهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«غَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ الله أَوْ رَوْحَةٌ،خَيْرٌ مِمّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشّمْسُ وَغَرَبَتْ».أخرجه مسلم (2) .
3- وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ:أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ،قَالَ:غَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ،أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا،وَمَا فِيهَا وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ،أَوْ مَوْضِعُ قَدَمٍ مِنَ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا،وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً اطَّلَعَتْ إِلَى الأَرْضِ مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا،وَلَمَلَأَتْ مَا بَيْنَهُمَا رِيحًا،وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا." ابن حبان (3)
فضل الصوم في سبيل الله:
1-عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضيَ اللهُ عَنهُ قال:سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:«مَنْ صَامَ يَوْماً فِي سَبِيلِ الله،بَعَّدَ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفاً».متفق عليه (4) .
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2792), واللفظ له، ومسلم برقم (1880).
(2) أخرجه مسلم برقم (1883).
(3) - صحيح ابن حبان - (16 / 411) (7398) وصحيح البخارى- المكنز - (6568 )
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2840), واللفظ له، ومسلم برقم (1153).(1/44)
2-وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - :مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ جَعَلَ اللهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ خَنْدَقًا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ " الطبراني (1)
فضل من يُجرح في سبيل الله:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ،لا يُكْلَمُ أحَدٌ فِي سَبِيلِ الله،وَاللهُ أعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ،إِلاَّ جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ،وَاللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ،وَالرِّيحُ رِيحُ المِسْكِ».تفق عليه (2) .
فضل من احتبس فرساً في سبيل الله:
عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:قال النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - :«مَنِ احْتَبَسَ فَرَساً فِي سَبِيلِ الله،إِيمَاناً بالله،وَتَصْدِيقاً بِوَعْدِهِ،فَإِنَّ شِبَعَهُ وَرِيَّهُ وَرَوْثَهُ وَبَوْلَهُ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ».أخرجه البخاري (3) .
علو درجات المجاهدين في سبيل الله:
__________
(1) - المعجم الصغير للطبراني - (1 / 273) (449) حسن
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2803), واللفظ له، ومسلم برقم (1876).
(3) أخرجه البخاري برقم (2853).(1/45)
1- قال الله تعالى:( ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ) [النساء:95-96].يُبَيِّنُ اللهُ تَعَالَى لِلنَّاسِ مَا لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبيلِ اللهِ،بِأمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ،مِنْ عَظِيمِ الأجْرِ وَالمَغْفِرَةِ وَالدَّرَجَاتِ الكَرِيمَةِ عِنْدَ رَبِّهِمْ،فَقَالَ تَعَالَى:إنَّ القَاعِدِينَ عَنِ الجِهَادِ - إذا كَانُوا غَيْرَ مَعْذُورِينَ،وَغَيْرَ ذَوِي عِلَّةٍ وَضَرَرٍ - لاَ يَسْتَوُونَ مَعَ المُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ،وَإنَّ اللهَ فَضَّلَ المُجَاهِدِينَ عَلَى القَاعِدِينَ،وَخَصَّهُمْ بِدَرَجَاتٍ عَظِيمةٍ،وَأَجْرٍ كَبير،وَإنْ كَانَ تَعَالَى قَدْ وَعَدَ القَاعِدِينَ عَنِ الجِهَادِ عَجْزاً،مَعَ تَمَنِّي القُدْرَةِ عَليهِ،كَمَا وَعَدَ المُجَاهِدِينَ،بِالخَيْرِ وَالمَثُوبَةِ وَالعَفْوِ وَالمَغْفِرَةِ لأنَّ كُلاً مِنْهُمْ كَامِلُ الإِيمَانِ،مُخْلِصٌ للهِ فِي العَمَلِ .وَهَذَا الأَجْرُ العَظِيمُ الذِي وَعَدَ اللهُ بِهِ المُجَاهِدِينَ،وَفَضَّلَهُمْ بِهِ عَلَى القَاعِدِينَ مِنْ ذَوي الأعْذَارِ،هُوَ دَرَجَاتٌ مِنْهُ،وَمَنَازِلُ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ مِنَ الكَرَامَةِ،وَالمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ،وَكَانَ اللهُ غَفُوراً لِذُنُوبِ أَوْلِيَائِهِ الذِينَ يَسْتَحِقُّونَ المَغْفِرَةَ،رَحِيماً بِأَهْلِ طَاعَتِهِ . (1)
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 588)(1/46)
2- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ:قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«مَنْ آمَنَ بالله وَبِرَسُولِهِ،وَأقَامَ الصَّلاةَ،وَصَامَ رَمَضَانَ،كَانَ حَقّاً عَلَى الله أنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ،جَاهَدَ فِي سَبِيلِ الله،أوْ جَلَسَ فِي أرْضِهِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا».فَقالوا:يَا رَسُولَ الله،أفَلا نُبَشِّرُ النَّاسَ؟ قال:«إِنَّ فِي الجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ،أعَدَّهَا اللهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ الله،مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأرْض،فَإِذَا سَألْتُمُ اللهَ فَاسْألُوهُ الفِرْدَوْسَ،فَإِنَّهُ أوْسَطُ الجَنَّةِ،وَأعْلَى الجَنَّةِ –أُرَاهُ قَالَ- وفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ،وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أنَْارُ الجَنَّةِ».أخرجه البخاري (1) .
3- وَعَنْ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:قال النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - :«رَأيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أتَيَانِي،فَصَعِدَا بِي الشَّجَرَةَ،فَأدْخَلانِي دَاراً هِيَ أحْسَنُ وَأفْضَلُ،لَمْ أرَ قَطُّ أحْسَنَ مِنْهَا،قالا:أمَّا هَذِهِ الدَّارُ فَدَارُ الشُّهَدَاءِ».أخرجه البخاري (2) .
فضل من قَتل كافراً:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«لاَ يَجْتَمِعُ كَافِرٌ وَقَاتِلُهُ فِي النّارِ أَبَداً». أخرجه مسلم (3) .
فضل منازل الشهداء:
__________
(1) أخرجه البخاري برقم (2790).
(2) أخرجه البخاري برقم (2791).
(3) أخرجه مسلم برقم (1891).(1/47)
عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ:سَأَلْنَا عَبْدالله (هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ) عَنْ هَذِه الآيةِ:(گ گ ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ?) قَالَ:أَمَا إِنّا قَدْ سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ،فَقَالَ:«أَرْوَاحُهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ،لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلّقَةٌ بِالعَرْشِ تَسْرَحُ مِنَ الجَنّةِ حَيْثُ شَاءَتْ،ثُمّ تَأْوِي إلَىَ تِلْكَ القَنَادِيلِ،فَاطّلَعَ إلَيْهِمْ رَبّهُمُ اطّلاَعَةً،فَقَالَ:هَلْ تَشْتَهُونَ شَيْئاً؟ قَالُوا:أَيّ شَيْءٍ نَشْتَهِي؟ وَنَحْنُ نَسْرَحُ مِنَ الجَنّةِ حَيْثُ شِئْنَا،فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ ثَلاَثَ مَرّاتٍ،فَلَمّا رَأَوْا أَنّهُمْ لَنْ يُتْرَكُوا مِنْ أَنْ يُسْأَلُوا،قَالُوا:يَا رَبّ نُرِيدُ أَنْ تَرُدّ أَرْوَاحَنَا فِي أَجْسَادِنَا حَتّىَ نُقْتَلَ فِي سَبِيلِكَ مَرّةً أُخْرَىَ،فَلَمّا رَأَىَ أَنْ لَيْسَ لَهُمْ حَاجَةٌ تُرِكُوا».أخرجه مسلم (1) .
فضل الحراسة في سبيل الله:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ،عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«...طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ الله،أشْعَثَ رَأْسُهُ،مُغْبَرَّةٍ قَدَمَاهُ،إِنْ كَانَ فِي الحِرَاسَةِ كَانَ فِي الحِرَاسَةِ،وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ كَانَ فِي السَّاقَةِ،إِنِ اسْتَأْذَنَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ،وَإِنْ شَفَعَ لَمْ يُشَفَّعْ».أخرجه البخاري (2) .
فضل الخدمة في سبيل الله:
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (1887).
(2) أخرجه البخاري برقم (2887).(1/48)
1- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:خَرَجْتُ مَعَ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الله البَجَلِيِّ فِي سَفَرٍ،فَكَانَ يَخْدُمُنِي،فَقُلْتُ لَهُ:لاَ تَفْعَلْ،فَقَالَ:إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ الأَنْصَارَ تَصْنَعُ بِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - شَيْئاً،آلَيْتُ أَنْ لاَ أَصْحَبَ أَحَداً مِنْهُمْ إِلاَّ خَدَمْتُهُ.متفق عليه (1) .
2- وَعَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال:كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي السَّفَرِ،فَمِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا المُفْطِرُ،قال:فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً فِي يَوْمٍ حَارٍّ،أكْثَرُنَا ظِلاً صَاحِبُ الكِسَاءِ،وَمِنَّا مَنْ يَتَّقِي الشَّمْسَ بِيَدِهِ،قال:فَسَقَطَ الصُّوَّامُ،وَقَامَ المُفْطِرُونَ،فَضَرَبُوا الأبْنِيَةِ وَسَقَوُا الرِّكَابَ،فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«ذَهَبَ المُفْطِرُونَ اليَوْمَ بِالأجْرِ».متفق عليه (2) .
- - - - - - - - - - - -
6- فضائل العبادات
1- فضائل الطهارة
فضل الطهارة:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ) [التوبة:108-110].
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2888), ومسلم برقم (2513)، واللفظ له.
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2890), ومسلم برقم (1119)، واللفظ له. راجع التفاصيل في كتابي (( المهذب في فضائل الجهاد ))(1/49)
والمنافقون الذين بنوا مسجدًا; مضارة للمؤمنين وكفرًا بالله وتفريقًا بين المؤمنين،ليصلي فيه بعضهم ويترك مسجد(قباء) الذي يصلي فيه المسلمون،فيختلف المسلمون ويتفرقوا بسبب ذلك،وانتظارا لمن حارب الله ورسوله من قبل -وهو أبو عامر الراهب الفاسق- ليكون مكانًا للكيد للمسلمين،وليحلفنَّ هؤلاء المنافقون أنهم ما أرادوا ببنائه إلا الخير والرفق بالمسلمين والتوسعة على الضعفاء العاجزين عن السير إلى مسجد(قباء)،والله يشهد إنهم لكاذبون فيما يحلفون عليه.وقد هُدِم المسجد وأُحرِق.لا تقم -أيها النبي- للصلاة في ذلك المسجد أبدًا; فإن المسجد الذي أُسِّسَ على التقوى من أول يوم -وهو مسجد(قباء)- أولى أن تقوم فيه للصلاة،ففي هذا المسجد رجال يحبون أن يتطهروا بالماء من النجاسات والأقذار،كما يتطهرون بالتورع والاستغفار من الذنوب والمعاصي.والله يحب المتطهرين.وإذا كان مسجد(قباء) قد أُسِّسَ على التقوى من أول يوم،فمسجد رسول الله، - صلى الله عليه وسلم - ،كذلك بطريق الأولى والأحرى.لا يستوي مَن أسَّس بنيانه على تقوى الله وطاعته ومرضاته،ومن أسَّس بنيانه على طرف حفرة متداعية للسقوط،فبنى مسجدًا ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المسلمين،فأدَّى به ذلك إلى السقوط في نار جهنم.والله لا يهدي القوم الظالمين المتجاوزين حدوده.
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک) [المائدة:6].(1/50)
يا أيها الذين آمنوا إذا أردتم القيام إلى الصلاة،وأنتم على غير طهارة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم مع المرافق(والمِرْفَق:المِفْصَل الذي بين الذراع والعَضُد) وامسحوا رؤوسكم،واغسلوا أرجلكم مع الكعبين(وهما:العظمان البارزان عند ملتقى الساق بالقدم).وإن أصابكم الحدث الأكبر فتطهروا بالاعتسال منه قبل الصلاة.فإن كنتم مرضى،أو على سفر في حال الصحة،أو قضى أحدكم حاجته،أو جامع زوجته فلم تجدوا ماء فاضربوا بأيديكم وجه الأرض،وامسحوا وجوهكم وأيديكم منه.ما يريد الله في أمر الطهارة أن يُضَيِّق عليكم،بل أباح التيمم توسعةً عليكم،ورحمة بكم،إذ جعله بديلا للماء في الطهارة،فكانت رخصة التيمُّم من تمام النعم التي تقتضي شكر المنعم; بطاعته فيما أمر وفيما نهى.
3- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [البقرة:222].
ويسألونك عن الحيض- وهو الدم الذي يسيل من أرحام النساء جِبِلَّة في أوقات مخصوصة-،قل لهم -أيها النبي-:هو أذى مستقذر يضر من يَقْرَبُه،فاجتنبوا جماع النساء مدة الحيض حتى ينقطع الدم،فإذا انقطع الدم،واغتسلن،فجامعوهن في الموضع الذي أحلَّه الله لكم،وهو القبل لا الدبر.إن الله يحب عباده المكثرين من الاستغفار والتوبة،ويحب عباده المتطهرين الذين يبتعدون عن الفواحش والأقذار.
فضل الوضوء:
1- عَنْ أبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ رَضيَ اللهُ عَنهُ قالَ:قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ،وَالحَمْدُ ? تَمْلأُ المِيزَانَ،وَسُبْحَانَ الله وَالحَمْدُ ? تَمْلآنِ «أوْ تَمْلأُ» ما بيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ،وَالصَّلاةُ نُورٌ،وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ،وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ،وَالقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أوْ عَلَيْكَ،كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو،فَبَايِعٌ نَفْسَهُ،فَمُعْتِقُهَا أوْ مُوبِقُهَا».أخرجه مسلم (1) .
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (223).(1/51)
2- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«إِذَا تَوَضَّأ العَبْدُ المُسْلِمُ (أوِ المُؤْمِنُ) فَغَسَلَ وَجْهَهُ،خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَيْنَيْهِ مَعَ المَاءِ (أوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ) فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِنْ يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ المَاءِ (أوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ) فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلاهُ مَعَ المَاءِ (أوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ) حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيّاً مِنَ الذُّنُوبِ».أخرجه مسلم (1) .
3- وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضيَِ اللهُ عَنهُ قَالَ:قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«مَنْ تَوَضَّأ فَأحْسنَ الوُضُوءَ خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ جَسَدِهِ،حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أظْفَارِهِ». أخرجه مسلم (2) .
4- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:إنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:«إنَّ أمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ غُرّاً مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الوُضُوءِ،فَمَنِ اسْتَطَاعَ منْكُمْ أنْ يُطِيلَ غُرَّتهُ فَلْيَفْعَلْ».متفق عليه (3) .
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (244).
(2) أخرجه مسلم برقم (245).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (136), واللفظ له، ومسلم برقم (246).(1/52)
5- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ،قَالَ:إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ أَوِ الْمُؤْمِنُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ،خَرَجَتْ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَيْنَيْهِ مَعَ الْمَاءِ،وَمَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ،أَوْ نَحْوَ هَذَا،فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَتْ مِنْ يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ الْمَاءِ،أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ،حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنَ الذُّنُوبِ." أخرجه مسلم (1)
6- وعَنْ ثَوْبَانَ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - :اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا،وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمُ الصَّلاَةُ،وَلَنْ يُحَافِظَ عَلَى الْوُضُوءِ إِلاَّ مُؤْمِنٌ." أحمد (2)
فضل التيمن في الوضوء:
عَنْ عَائِشَةَ رَضيَ اللهُ عَنهَا قَالَتْ:كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعْجِبُهُ التَّيمُّنُ في تَنَعُّلهِ وَتَرَجُّلهِ،وَطُهُورِهِ،وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ.متفق عليه (3) .
فضل إسباغ الوضوء:
1- عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«ألا أدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟».قَالُوا:بَلَى،يَا رَسُولَ الله ! قال:«إِسْبَاغُ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ،وَكَثْرَةُ الخُطَا إِلَى المَسَاجِدِ،وَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ،فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ».أخرجه مسلم (4) .
__________
(1) - صحيح مسلم- المكنز - (600 ) وصحيح ابن حبان - (3 / 315) (1040)
(2) - مسند أحمد (عالم الكتب) - (7 / 453)(22378) 22737- صحيح
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (168), واللفظ له، ومسلم برقم (268).
(4) أخرجه مسلم برقم (251).(1/53)
2- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ،قَالَ:أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِمَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ ؟ إِسْبَاغُ الْوُضُوءُ عَلَى الْمَكَارِهِ،وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ،وَانْتِظَارُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ،فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ،فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ،فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ." ابن حبان (1)
3- وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ،قَالَ:قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - :أَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا،وَيُكَفَّرُ بِهِ الذُّنُوبَ ؟ قَالُوا:بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ،قَالَ:إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكْرُوهَاتِ،وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ،وَانْتِظَارُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ،فَذَلِكَ الرِّبَاطُ." ابن حبان (2)
فضل الذكر بعد الوضوء:
1-عَنْ عُمَر رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«مَا مِنْكُمْ مِنْ أحَدٍ يَتَوَضَّأ فيُبْلغُ (أوْ فَيُسْبِغُ) الوَضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ:أشْهَدُ أنْ لا إِلهَ إِلا اللهُ وَأنَّ مُحمَّداً عَبْدُ الله وَرَسُولهُ،إِلا فُتِحَتْ لَهُ أبْوَابُ الجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ،يَدْخُلُ مِنْ أيِّهَا شَاءَ».أخرجه مسلم (3) .
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (3 / 313) (1038) صحيح
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ : مَعْنَاهُ الرِّبَاطُ مِنَ الذُّنُوبِ ، لأَنَّ الْوُضُوءَ يُكَفِّرُ الذُّنُوبَ.
(2) - صحيح ابن حبان - (3 / 314) (1039) صحيح
(3) أخرجه مسلم برقم (234).(1/54)
2- وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ،أنه قال:كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خُدَّامَ أَنْفُسِنَا نَتَنَاوَبُ رِعَايَةَ إِبِلِنَا،فَرَوَّحْتُهَا بِعَشِيٍّ،فَأَدْرَكْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ النَّاسَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ،ثُمَّ يَقُومُ فَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ يُقْبِلُ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَبِوَجْهِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ،فَقُلْتُ:بَخٍ بَخٍ مَا أَجْوَدَ هَذِهِ ! فَقَالَ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيَّ:الَّتِي قَبْلَهَا أَجْوَدُ،فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ،فَإِذَا هُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ،فَقُلْتُ لَهُ:مَا هِيَ يَا أَبَا حَفْصٍ؟ قَالَ:إِنَّهُ قَالَ آنِفًا قَبْلَ أَنْ تَجِيءَ:مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ،ثُمَّ يَقُولُ حِينَ يَفْرُغُ مِنَ الْوُضُوءِ:أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ أَلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ إِلا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ " مسند أبي عوانة (1)
فضل الصلاة بعد الوضوء:
1- عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ:كَانَتْ عَلَيْنَا رِعَايَةُ الإِبِلِ،فَجَاءَتْ نَوْبَتِي،فَرَوَّحْتُهَا بِعَشِيٍّ،فَأدْرَكْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَائِماً يُحَدِّثُ النَّاسَ،فَأدْرَكْتُ مِنْ قَوْلِهِ:«مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ،ثُمَّ يَقُومُ فَيُصلِّي رَكْعَتيْنِ،مُقْبِلٌ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ،إِلا وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ».أخرجه مسلم (2) .
__________
(1) - مسند أبي عوانة (465 ) وصحيح مسلم- المكنز - (576)
(2) أخرجه مسلم برقم (234).(1/55)
2- وَعَنْ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ رَأى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ دَعَا بِإنَاءٍ،فَأفْرَغَ عَلَى كَفَّيْهِ ثَلاثَ مِرَارٍ فَغَسَلَهُمَا،ثُمَّ أدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الإناءِ،فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ،ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثاً،وَيَدَيْهِ إلَى المِرْفَقَيْنِ ثَلاثَ مِرَارٍ،ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ،ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلاثَ مِرَارٍ إلَى الكَعْبَيْنِ،ثُمَّ قال:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«مَنْ تَوَضَّأ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا،ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ،غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». متفق عليه (1) .
3- وَعَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:«لا يَتَوَضَّأ رَجُلٌ مُسْلِمٌ فَيُحْسِنُ الوُضُوءَ،فَيُصَلِّي صَلاةً،إِلَّا غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلاةِ الَّتِي تَلِيهَا».متفق عليه (2) .
فضل السواك:
1-عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:«لَوْلا أنْ أشُقَّ عَلَى أُمَّتِي أَوْ عَلَى النَّاسِ لأمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاةٍ».متفق عليه (3) .
2- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - :لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي،لأَمَرْتُهُمْ عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ بِوُضُوءٍ،أَوْ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ بِسِوَاكٍ،وَلأَخَّرْتُ عِشَاءَ الآخِرَةِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ." أحمد (4)
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (159), واللفظ له، ومسلم برقم (226).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (160), ومسلم برقم (227)، واللفظ له.
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (887), واللفظ له، ومسلم برقم (252).
(4) - مسند أحمد (عالم الكتب) - (3 / 86)(7513) 7504- حسن(1/56)
3- وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ،سَمِعْتُ أَبِي،سَمِعْتُ عَائِشَةَ تُحَدِّثُ،أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ،قَالَ:السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ،مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ." ابن حبان (1)
- - - - - - - - - - - - -
2- فضائل الأذان
فضل الأذان:
1- عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ،أنَّ أبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال لَهُ:إنِّي أرَاكَ تُحِبُّ الغَنَمَ وَالبَادِيَةَ،فَإذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ،أوْ بَادِيَتِكَ،فَأذَّنْتَ بِالصَّلاةِ فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ،فَإنَّهُ:«لا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ المُؤَذِّنِ،جِنٌّ وَلا إنْسٌ وَلا شَيْءٌ،إلا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ».قال أبُو سَعِيدٍ:سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - .أخرجه البخاري (2) .
2- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ:«لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الاَوَّلِ،ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلا أنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاسْتَهَمُوا».متفق عليه (3) .
3- وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:«المُؤَذِّنُونَ أطْوَلُ النَّاسِ أعْنَاقاً يَوْمَ القِيَامَةِ».أخرجه مسلم (4) .
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (3 / 349) (1067) صحيح
(2) أخرجه البخاري برقم (609).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (615), واللفظ له، ومسلم برقم (437).
(4) أخرجه مسلم برقم (387).(1/57)
4- وعَنْ بُرَيْدَةَ أَنّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - سَمِعَ خَشْخَشَةً أَمَامَهُ فَقَالَ مَنْ هَذَا قَالُوا بِلالٌ فَأَخْبَرَهُ وَقَالَ بِمَ سَبَقْتَنِي إِِلَى الْجَنَّةِ فَقَالَ:يَا رَسُولَ اللهِ مَا أَحْدَثْتُ إِِلا تَوَضَّأْتُ،وَلاَ تَوَضَّأْتُ إِِلا رَأَيْتُ أَنَّ لِلَّهِ عَلَيَّ رَكْعَتَيْنِ أُصَلِّيهُمَا قَالَ - صلى الله عليه وسلم - بِهَا." ابن حبان (1)
فضل متابعة الأذان:
1- عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا أنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:«إِذَا سَمِعْتُمُ المُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ،ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ،فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً،ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِي الوَسِيلَةَ،فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الجَنَّةِ لاتَنْبَغِي إِلا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ الله،وَأرْجُو أنْ أكُونَ أنَا هُوَ،فَمَنْ سَألَ لِي الوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ».أخرجه مسلم (2) .
2- وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«مَنْ قال حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ:اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ،وَالصَّلاةِ القَائِمَةِ،آتِ مُحَمَّداً الوَسِيلَةَ وَالفَضِيلَةَ،وَابْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً الَّذِي وَعَدْتَهُ،حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ».أخرجه البخاري (3) .
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (15 / 562) (7087) صحيح
(2) أخرجه مسلم برقم (384).
(3) أخرجه البخاري برقم (614).(1/58)
3- وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا عَنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ،أنَّهُ قال:«مَنْ قال حِينَ يَسْمَعُ المُؤَذِّنَ:أشْهَدُ أنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ،وَأنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،رَضِيتُ بالله رَبّاً وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً وَبِالإِسْلامِ دِيناً،غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ». أخرجه مسلم (1) .
فضل الدعاء بين الأذان والإقامة:
1-عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«الدُّعَاءُ لاَ يُرَدُّ بَيْنَ الأَذانِ وَالإقَامَةِ».أخرجه أبو داود والترمذي (2) .
2- وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « الدُّعَاءُ لاَ يُرَدُّ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ ».قَالُوا فَمَاذَا نَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « سَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ».الترمذي (3)
- - - - - - - - - - - -
3- فضائل الصلاة
فضل الصلاة:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [العنكبوت:45].
اتل ما أُنزل إليك من هذا القرآن،واعمل به،وأدِّ الصلاة بحدودها،إن المحافظة على الصلاة تنهى صاحبها عن الوقوع في المعاصي والمنكرات; وذلك لأن المقيم لها،المتمم لأركانها وشروطها،يستنير قلبه،ويزداد إيمانه،وتقوى رغبته في الخير،وتقل أو تنعدم رغبته في الشر،ولَذكر الله في الصلاة وغيرها أعظم وأكبر وأفضل من كل شيء.والله يعلم ما تصنعون مِن خيرٍ وشر،فيجازيكم على ذلك أكمل الجزاء وأوفاه.
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? پ پ پ پ ?) [المؤمنون:1-2].
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (386).
(2) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (521), وأخرجه الترمذي برقم (212)، وهذا لفظه.
(3) - سنن الترمذى- المكنز - (3943 ) قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.(1/59)
قد فاز المصدِّقون بالله وبرسوله العاملون بشرعه.الذين من صفاتهم أنهم في صلاتهم خاشعون،تَفْرُغُ لها قلوبهم،وتسكن جوارحهم.
3- وَعَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:«إِنَّ الإِسْلاَمَ بُنِىَ عَلَى خَمْسٍ:شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ،وَإِقَامِ الصَّلاَةِ،وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ،وَصِيَامِ رَمَضَانَ،وَحَجِّ البَيْتِ» متفق عليه (1) .
فضل الصلوات الخمس:
1- قال الله تعالى:(ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [هود:114].
وأدِّ الصلاة -أيها النبي- على أتمِّ وجه طَرَفَي النهار في الصباح والمساء،وفي ساعات من الليل.إنَّ فِعْلَ الخيرات يكفِّر الذنوب السالفة ويمحو آثارها،والأمر بإقامة الصلاة وبيان أن الحسنات يذهبن السيئات،موعظة لمن اتعظ بها وتذكر.
2- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«أرَأيْتُمْ لَوْ أنَّ نَهْرًا بِبَابِ أحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ،هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟».قَالُوا:لا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ.قال:فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ،يَمْحُو اللهُ بِهِنَّ الخَطَايَا».متفق عليه (2) .
3- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ:«الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ،وَالجُمْعَةُ إِلَى الجُمْعَةِ،وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ،مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ،إِذَا اجْتَنَبَ الكَبَائِرَ».أخرجه مسلم (3) .
فضل أداء الصلاة على وقتها:
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (8), ومسلم برقم (16) (22) واللفظ له.
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (528), ومسلم برقم (667) واللفظ له.
(3) أخرجه مسلم برقم (233).(1/60)
عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ قالَ:سَألْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إلَى الله ؟ قال:«الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا».قال:ثُمَّ أيٌّ؟ قال:«ثُمَّ بِرُّ الوَالِدَيْنِ».قال:ثُمَّ أيٌّ؟ قال:«الجِهَادُ فِي سَبِيلِ الله ».قال:حَدَّثَنِي بِهِنَّ،وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي.متفق عليه (1) .
فضل المشي إلى الصلاة في المسجد:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:«صَلاةُ الجَمِيعِ تَزِيدُ عَلَى صَلاتِهِ فِي بَيْتِهِ،وَصَلاتِهِ فِي سُوقِهِ،خَمْساً وَعِشْرِينَ دَرَجَةً،فَإنَّ أحَدَكُمْ إذَا تَوَضَّأ فَأحْسَنَ،وَأتَى المَسْجِدَ،لا يُرِيدُ إلَّا الصَّلاةَ،لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إلا رَفَعَهُ اللهُ بِهَا دَرَجَةً،وَحَطَّ عَنْهُ خَطِيئَةً،حَتَّى يَدْخُلَ المَسْجِدَ،وَإذَا دَخَلَ المَسْجِدَ،كَانَ فِي صَلاةٍ مَا كَانَتْ تَحْبِسُهُ،وَتُصَلِّي -يَعْنِي- عَلَيْهِ المَلائِكَةُ،مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ:اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ،اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ،مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ».متفق عليه (2) .
فضل صلاة الجماعة:
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«صَلاةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاةَ الفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً».متفق عليه (3) .
فضل من غدا إلى المسجد وراح:
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (527), واللفظ له، ومسلم برقم (85).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (477), واللفظ له، ومسلم برقم (649).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (645), واللفظ له، ومسلم برقم (650).(1/61)
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:«مَنْ غَدَا إلَى المَسْجِدِ وَرَاحَ،أعَدَّ اللهُ لَهُ نُزُلَهُ مِنَ الجَنَّةِ،كُلَّمَا غَدَا أوْ رَاحَ».متفق عليه (1) .
فضل إتيان الصلاة بسكينة ووقار:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«إِذَا ثُوِّبَ لِلصَّلاةِ فَلا تَأْتُوهَا وَأنْتُمْ تَسْعَوْنَ،وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ،فَمَا أدْرَكْتُمْ فَصَلَّوْا،وَمَا فَاتَكُمْ فَأتِمُّوا،فَإِنَّ أحَدَكُمْ إِذَا كَانَ يَعْمِدُ إِلَى الصَّلاةِ فَهُوَ فِي صَلاةٍ».متفق عليه (2) .
فضل انتظار الصلاة بعد الصلاة:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«ألا أدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟».قَالُوا:بَلَى يَا رَسُولَ الله!قال:«إِسْبَاغُ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ،وَكَثْرَةُ الخُطَا إِلَى المَسَاجِدِ،وَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ،فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ» أخرجه مسلم (3) .
فضل صلاة الفجر والعصر:
1- عن أبي موسى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُوْلَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«مَنْ صَلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الجَنَّةَ». متفق عليه (4) .
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (662), واللفظ له، ومسلم برقم (669).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (636), ومسلم برقم (602)، واللفظ له.
(3) أخرجه مسلم برقم (251).
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (574), ومسلم برقم (635).(1/62)
2- وعَنْ أَبِي بَصْرَةَ الغِفَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قال:صَلَّى بِنَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - العَصْرَ بِالمُخَمَّصِ،فَقَالَ:«إِنَّ هَذِهِ الصَّلاةَ عُرِضَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَضَيَّعُوهَا،فَمَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَ لَهُ أجْرُهُ مَرَّتَيْنِ».أخرجه مسلم (1) .
فضل صلاة العشاء والفجر:
عَنْ عُثمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:«مَنْ صَلَّى العِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ،وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ».أخرجه مسلم (2) .
فضل الصف الأول وتسوية الصفوف:
1- عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ،ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلا أنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاسْتَهَمُوا».متفق عليه (3) .
2- وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ:خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ،فَقَالَ:«مَا لِي أرَاكُمْ رَافِعِي أيْدِيكُمْ كَأنَّهَا أذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ؟ اسْكُنُوا فِي الصَّلاةِ».قال ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَرَآنَا حِلَقاً،فَقَالَ:«مَالِي أرَاكُمْ عِزِينَ؟».قال ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ:«ألا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ المَلائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟».فَقُلْنَا:يَا رَسُولَ الله ! وَكَيْفَ تَصُفُّ المَلائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ قال:«يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الأُوَلَ،وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ». أخرجه مسلم (4) .
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (830).
(2) أخرجه مسلم برقم (656).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (615), واللفظ له، ومسلم برقم (437).
(4) أخرجه مسلم برقم (430).(1/63)
3- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أوَّلُهَا،وَشَرُّهَا آخِرُهَا،وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا،وَشَرُّهَا أوَّلُهَا».أخرجه مسلم (1) .
فضل يوم الجمعة:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - ،قالَ:«خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ،يَوْمُ الجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ،وَفِيهِ أدْخِلَ الجَنَّةَ،وَفِيهِ أخْرِجَ مِنْهَا،وَلا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلا فِي يَوْمِ الجُمُعَةِ».أخرجه مسلم (2) .
فضل من اغتسل واستمع الخطبة وصلى الجمعة:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ،قال:«مَنِ اغْتَسَلَ،ثُمَّ أتَى الجُمُعَةَ فَصَلَّى مَا قُدِّرَ لَهُ،ثُمَّ أنْصَتَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ خُطْبَتِهِ،ثُمَّ يُصَلِّي مَعَهُ،غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأخْرَى،وَفَضْلُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ».أخرجه مسلم (3) .
فضل آخر ساعة من يوم الجمعة:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ:قالَ أبُو القَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - :«إِنَّ فِي الجُمُعَةِ لَسَاعَةً،لا يُوَافِقُهَا مُسْلِمٌ قَائِمٌ يُصَلِّي،يَسْألُ اللهَ خَيْراً،إِلا أعْطَاهُ إِيَّاهُ».وَقَالَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا،يُزَهِّدُهَا.متفق عليه (4) .
فضل قيام الليل:
1- قال الله تعالى:(چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ) [الإسراء:79].
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (440).
(2) أخرجه مسلم برقم (854).
(3) أخرجه مسلم برقم (857).
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5294), ومسلم برقم (852).(1/64)
وقم -أيها النبي- من نومك بعض الليل،فاقرأ القرآن في صلاة الليل؛لتكون صلاة الليل زيادة لك في علو القدر ورفع الدرجات،عسى أن يبعثك الله شافعًا للناس يوم القيامة؛ليرحمهم الله مما يكونون فيه،وتقوم مقامًا يحمدك فيه الأولون والآخرون.
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ) [السجدة:15-17].
إنما يصدق بآيات القرآن ويعمل بها الذين إذا وُعِظوا بها أو تُليت عليهم سجدوا لربهم خاشعين مطيعين،وسبَّحوا الله في سجودهم بحمده،وهم لا يستكبرون عن السجود والتسبيح له،وعبادته وحده لا شريك له.ترتفع جنوب هؤلاء الذين يؤمنون بآيات الله عن فراش النوم،يتهجدون لربهم في صلاة الليل،يدعون ربهم خوفًا من العذاب وطمعًا في الثواب،ومما رزقناهم ينفقون في طاعة الله وفي سبيله.فلا تعلم نفس ما ادَّخر الله لهؤلاء المؤمنين مما تَقَرُّ به العين،وينشرح له الصدر؛جزاء لهم على أعمالهم الصالحة.
3- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ:قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«أفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ الله المُحَرَّمُ،وَأفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْدَ الفَرِيضَةِ،صَلاةُ اللَّيْلِ».أخرجه مسلم (1) .
فضل الصلاة والدعاء آخر الليل:
1- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا،حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ،يَقُولُ:مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ،مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ،مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي،فَأَغْفِرَ لَهُ».متفق عليه (2) .
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (1163).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1145), واللفظ له، ومسلم برقم (758).(1/65)
2- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ:أيُّ الصَّلاةِ أفْضَلُ بَعْدَ المَكْتُوبَةِ؟ وَأيُّ الصِّيَامِ أفْضَلُ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ؟ فَقَالَ:«أفْضَلُ الصَّلاةِ،بَعْدَ الصَّلاةِ المَكْتُوبَةِ،الصَّلاةُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ،وَأفْضَلُ الصِّيَامِ،بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ،صِيَامُ شَهْرِ الله المُحَرَّمِ».أخرجه مسلم (1) .
3- وَعَنْ عَمْرو بْن عَبَسَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:قُلْتُ يَا رَسُولَ الله ! هَلْ مِنْ سَاعَةٍ أَقْرَبُ مِنَ الأُخْرَى أَوْ هَلْ مِنْ سَاعَةٍ يُبْتَغَى ذِكْرُهَا؟ قَالَ:«نَعَمْ،إِنَّ أَقْرَبَ مَا يَكُونُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ العَبْدِ جَوْفَ اللَّيْلِ الآخِرَ،فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَذكُرُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَكُنْ،فَإِنَّ الصَّلاَةَ مَحْضُورَةٌ مَشْهُودَةٌ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ،وَهِيَ سَاعَةُ صَلاَةِ الكُفَّارِ فَدَعِ الصَّلاَةَ حَتَّى تَرْتَفِعَ قِيدَ رُمْحٍ وَيَذهَبَ شُعَاعُهَا،ثمَّ الصَّلاَةُ مَحْضُورَةٌ مَشْهُودَةٌ حَتَّى تَعْتَدِلَ الشَّمْسُ اعْتِدَالَ الرُّمْحِ بنِصْفِ النَّهَارِ فَإِنَّهَا سَاعَةٌ تُفْتَحُ فِيهَا أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَتُسْجَرُ،فَدَعِ الصَّلاَةَ حَتَّى يَفِيءَ الفَيْءُ ثمَّ الصَّلاَةُ مَحْضُورَةٌ مَشْهُودَةٌ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ».أخرجه الترمذي والنسائي (2) .
فضل الدعاء بالليل:
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (1163).
(2) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (3579), وأخرجه النسائي برقم (1572)، وهذا لفظه.(1/66)
عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:«إِنَّ فِي اللَّيْلِ لَسَاعَةً لا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْألُ اللهَ خَيْراً مِنْ أمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ،إِلا أعْطَاهُ إِيَّاهُ،وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ».أخرجه مسلم (1) .
فضل قيام رمضان:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً،غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».متفق عليه (2) .
فضل قيام ليلة القدر:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:«مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً،غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ،وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». متفق عليه (3) .
فضل الوتر آخر الليل:
عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«مَنْ خَافَ أنْ لا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أوَّلَهُ،وَمَنْ طَمِعَ أنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ،فَإِنَّ صَلاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ،وَذَلِكَ أفْضَلُ».أخرجه مسلم (4) .
فضل السنن الراتبة:
1- عَنْ أُمَّ حَبِيبَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُا قالَتْ:سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:«مَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ،بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِي الجَنَّةِ».أخرجه مسلم (5) .
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (757).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2009), واللفظ له، ومسلم برقم (759).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1901), ومسلم برقم (960).
(4) أخرجه مسلم برقم (755).
(5) أخرجه مسلم برقم (728).(1/67)
2- وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ:صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ،وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ،وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الجُمُعَةِ،وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ المَغْرِبِ،وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العِشَاءِ.متفق عليه (1) .
3- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ لاَ يَدَعُ أَرْبَعاً قَبْلَ الظُّهْرِ،وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الغَدَاةِ.متفق عليه (2) .
فضل صلاة الضحى:
عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ قال:«يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلامَى مِنْ أحَدِكُمْ صَدَقَةٌ،فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ،وَكُلُّ تَْحمِيدَةٍ صَدَقَةٌ،وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ،وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ،وَأمْرٌ بِالمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ،وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ،وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى».أخرجه مسلم (3) .
أفضل وقت صلاة الضحى:
عَنْ الْقَاسِمِ الشَّيْبَانِيِّ أنَّ زَيْدَ بْنَ أرْقَمَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رَأى قَوْمًا يُصَلُّونَ مِنَ الضُّحَى،فَقَالَ:أمَا لَقَدْ عَلِمُوا أنَّ الصَّلاةَ فِي غَيْرِ هَذِهِ السَّاعَةِ أفْضَلُ،إِنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ:«صَلاةُ الأوَّأَبِينَ حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَالُ».أخرجه مسلم (4) .
فضل كثرة السجود:
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1165), واللفظ له، ومسلم برقم (729).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1182), واللفظ له، ومسلم برقم (730).
(3) أخرجه مسلم برقم (720).
(4) أخرجه مسلم برقم (748).(1/68)
1- عَنْ رَبِيعَة بْن كَعْبٍ الأسْلَمِيّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:كُنْتُ أبِيتُ مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ،فَأتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ.فَقَالَ لِي:«سَلْ».فَقُلْتُ:أسْألُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الجَنَّةِ.قال:«أوْ غَيْرَ ذَلِكَ؟».قُلْتُ:هُوَ ذَاكَ.قال:«فَأعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ».أخرجه مسلم (1) .
2- وَعَنْ مَعْدَان بْن أَبِي طَلْحَةَ اليَعْمُرِيّ قَالَ:لَقِيتُ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ مَوْلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ،فقلتُ:أخْبِرْنِي بِعَمَلٍ أعْمَلُهُ يُدْخِلُنِي اللهُ بِهِ الجَنَّةَ،أوْ قال قُلْتُ:بِأحَبِّ الأعْمَالِ إِلَى الله،فَسَكَتَ،ثُمَّ سَألْتُهُ فَسَكَتَ،ثُمَّ سَألْتُهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ:سَألْتُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ،فَقَالَ:«عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ ?،فَإِنَّكَ لا تَسْجُدُ ? سَجْدَةً إِلا رَفَعَكَ اللهُ بِهَا دَرَجَةً،وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً».أخرجه مسلم (2) .
فضل صلاة النوافل في البيوت:
عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«...عَلَيْكُمْ بِالصَّلاةِ فِي بُيُوتِكُمْ،فَإِنَّ خَيْرَ صَلاةِ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ،إِلا الصَّلاةَ المَكْتُوبَةَ».متفق عليه (3) .
فضل صلاة السنن الرواتب في البيوت:
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (489).
(2) أخرجه مسلم برقم (488).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (731), ومسلم برقم (781)، واللفظ له.(1/69)
عَنْ عَبْدِ الله بْنِ شَقِيقٍ قالَ:سَألْتُ عَائِشَةَ عَنْ صَلاةِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ،عَنْ تَطَوُّعِهِ؟ فَقَالَتْ:كَانَ يُصَلِّي فِي بَيْتِي قَبْلَ الظُّهْرِ أرْبَعاً،ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ،ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ،وَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ المَغْرِبَ،ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ،وَيُصَلِّي بِالنَّاسِ العِشَاءَ،وَيَدْخُلُ بَيْتِي فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ،وَكَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ تِسْعَ رَكَعَاتٍ،فِيهِنَّ الوِتْرُ،وَكَانَ يُصَلِّي لَيْلاً طَوِيلاً قَائِماً،وَلَيْلاً طَوِيلاً قَاعِداً،وَكَانَ إِذَا قَرَأ وَهُوَ قَائِمٌ،رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَائِمٌ،وَإِذَا قَرَأ قَاعِداً،رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَاعِدٌ،وَكَانَ إِذَا طَلَعَ الفَجْرُ،صَلَّى رَكْعَتَيْنِ.أخرجه مسلم (1) .
فضل أداء الفرائض والنوافل:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ:قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«إِنَّ اللهَ قال:مَنْ عَادَى لِي وَلِيّاً فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ،وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ،وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ،فَإِذَا أحْبَبْتُهُ:كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ،وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ،وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا،وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا،وَإِنْ سَألَنِي لأُعْطِيَنَّهُ،وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ،وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ،يَكْرَهُ المَوْتَ وأنَا أكْرَهُ مَسَاءَتَهُ».أخرجه البخاري (2) .
فضل ركعتي الوضوء:
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (730).
(2) أخرجه البخاري برقم (6502).(1/70)
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ:كَانَتْ عَلَيْنَا رِعَايَةُ الإِبِلِ،فَجَاءَتْ نَوْبَتِي،فَرَوَّحْتُهَا بِعَشِيٍّ،فَأدْرَكْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَائِماً يُحَدِّثُ النَّاسَ،فَأدْرَكْتُ مِنْ قَوْلِهِ:«مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ،ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ،مُقْبِلٌ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ،إِلا وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ».أخرجه مسلم (1) .
فضل الصلاة في المسجد الحرام والمسجد النبوي:
1- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ،إِلاَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ».متفق عليه (2) .
2- وعَنْ جَابرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلاَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ وَصَلاَةٌ فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ».أخرجه أحمد وابن ماجه (3) .
فضل الصلاة في بيت المقدس:
عن أبي ذَرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:تَذَاكَرنَا وَنَحْنُ عِندَ رَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أَيُّهُما أَفْضَلُ:مَسجِدُ رَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ،أَوْ مَسجِدُ بَيتِ المَقْدِسِ،فَقَالَ رَسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ فِيهِ،وَلَنِعْمَ المُصَلَّى».أخرجه الحاكم (4) .
فضل الصلاة في مسجد قباء:
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (234).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1190), واللفظ له، ومسلم برقم (1394).
(3) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (14750), وأخرجه ابن ماجه برقم (1406)، وهذا لفظه.
(4) صحيح/ أخرجه الحاكم برقم (8553).(1/71)
عَنْ سَهْل بْن حُنَيْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثمَّ أَتَى مَسْجِدَ قُبَاءَ فَصَلَّى فِيهِ صَلاَةً كَانَ لَهُ كَأَجْرِ عُمْرَةٍ».أخرجه النسائي وابن ماجه (1) .
فضل الصلاة على الجنازة واتباعها:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ،إيمَاناً وَاحْتِسَاباً،وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيُفْرَغَ مِنْ دَفْنِهَا،فَإنَّه يَرْجِعُ مِنَ الأجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ،كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أحُدٍ،وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أنْ تُدْفَنَ،فَإنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ».متفق عليه (2) .
فضل من صلى عليه مائة فأكثر:
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:«مَا مِنْ مَيِّتٍ تُصَلِّي عَلَيْهِ أمَّةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِائَةً،كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُ،إِلا شُفِّعُوا فِيهِ».أخرجه مسلم (3) .
فضل من صلى عليه أربعون فأكثر:
__________
(1) صحيح/ أخرجه النسائي برقم (699), وأخرجه ابن ماجه برقم (1412)، وهذا لفظه.
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (47), واللفظ له، ومسلم برقم (945).
(3) أخرجه مسلم برقم (947).(1/72)
1-عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ مَاتَ ابْنٌ لَهُ بِقُدَيْدٍ أوْ بِعُسْفَانَ،فَقَالَ:يَا كُرَيْبُ! انْظُرْ مَا اجْتَمَعَ لَهُ مِنَ النَّاسِ،قال:فَخَرَجْتُ فَإِذَا نَاسٌ قَدِ اجْتَمَعُوا لَهُ،فَأخْبَرْتُهُ،فَقَالَ:تَقُولُ هُمْ أرْبَعُونَ؟ قال:نَعَمْ،قال:أخْرِجُوهُ،فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:«مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أرْبَعُونَ رَجُلا،لا يُشْرِكُونَ بالله شَيْئاً إِلا شَفَّعَهُمُ اللهُ فِيهِ».أخرجه مسلم (1) .
2- وعَنْ مَالِكِ بْنِ هُبَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيُصَلِّى عَلَيْهِ ثَلاَثَةُ صُفُوفٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلاَّ أَوْجَبَ ».قَالَ فَكَانَ مَالِكٌ إِذَا اسْتَقَلَّ أَهْلَ الْجَنَازَةِ جَزَّأَهُمْ ثَلاَثَةَ صُفُوفٍ لِلْحَدِيثِ. (2)
3- وعَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « مَا مِنْ مَيِّتٍ يُصَلِّى عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِائَةً كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُ إِلاَّ شُفِّعُوا فِيهِ ».رواه مسلم (3)
فضل من مات صفيُّه واحتسبه عند الله عز وجل:
1-عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«يَقُولُ اللهُ تَعَالَى:مَا لِعَبْدِي المُؤْمِنِ عِنْدِي جَزَاءٌ،إِذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أهْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ احْتَسَبَهُ،إِلا الجَنَّةُ».أخرجه البخاري (4) .
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (948).
(2) - سنن أبي داود - المكنز - (3168 ) حسن
(3) - صحيح مسلم- المكنز - (2241 )
(4) أخرجه البخاري برقم (6424).(1/73)
2- وعَنِ ابْنِ أَبِي فَاطِمَةَ,عَنْ أَبِيهِ,عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:" أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَصِحَّ فَلَا يَسْقَمُ ؟ " قَالُوا:كُلُّنَا يَا رَسُولَ اللهِ , قَالَ:" أَتُحِبُّونَ أَنْ تَكُونُوا كَالْحَمِيرِ الضَّالَّةِ ؟ أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ تَكُونُوا أَصْحَابَ كَفَّارَاتٍ ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ , إِنَّ الْعَبْدَ لَيَكُونُ لَهُ الدَّرَجَةُ فِي الْجَنَّةِ , لَا يَبْلُغُهَا بِشَيْءٍ مِنْ عَمَلِهِ حَتَّى يَبْتَلِيَهِ اللهُ بِالْبَلَاءِ لِيَبْلَغَ بِهِ تِلْكَ الدَّرَجَةَ فِي الْجَنَّةِ لَا يَبْلُغُهَا بِشَيْءٍ مِنْ عَمَلِهِ " البيهقي (1)
- - - - - - - - - - - -
4- فضائل الزكاة
فضل أداء الزكاة:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ) [التوبة:103].
خذ -أيها النبي- من أموال هؤلاء التائبين الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا صدقة تطهرهم مِن دنس ذنوبهم،وترفعهم عن منازل المنافقين إلى منازل المخلصين،وادع لهم بالمغفرة لذنوبهم واستغفر لهم منها،إن دعاءك واستغفارك رحمة وطمأنينة لهم.والله سميع لكل دعاء وقول،عليم بأحوال العباد ونياتهم،وسيجازي كلَّ عامل بعمله.
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [المؤمنون:1-4].
__________
(1) - شعب الإيمان - (12 / 277) (9393) ومعرفة الصحابة لأبي نعيم - (851) حسن - الكفارة : الماحية للخطأ والذنب(1/74)
وَالذينَ يُطَهِّرًُونَ أَنْفُسَهُم بِتَأْدِيَةِ زَكَاةِ أَمْوالِهِمْ.وَهَذِهِ الآيَةُ مَكَّيَّةٌ،وَزَكَاةُ المَالِ فُرِضَتْ فِي المَدِينَةِ،لِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُم:إِنَّ المَقْصُودَ بالزَّكَاةِ هُنَا زَكَاةُ النفْسِ مِنَ الشِّرْكِ والدَّنَسِ.( وَيَرَى ابنُ كَثِيرٍ:أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ المَقْصُودُ بِهَا كِلاَ الأَمَريْنِ،زَكَاةَ النفْسِ وطَهَارَتَهَا،وزكَاةً الأَمْوَالِ لأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ زَكَاةِ النَّفْسِ ) . (1)
3- وقال الله تعالى:(ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ?) [البقرة:277].
يَمْدَحُ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنيِنَ المُصَدِّقِينَ بِمَا جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمْ،المُقِيمِينَ الصَّلاَةَ،وَعَامِلِي الصَّالِحَاتِ وَالمُزَكِّينَ،وَيُخْبرُ عَنْهُمْ أنَّهُ يَحْفَظُ لَهُمْ أَجْرَهُمْ،وَأَنَّهُمْ لاَ خَوْفَ عَلَيهِمْ،وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ عَلَى مَا فَاتَهُمْ فِي الدُّنيا . (2)
4- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ أعْرَابيا أتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقال:دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ،إِذَا عَمِلْتُهُ دَخَلْتُ الجَنَّةَ.قال:«تَعْبُدُ اللهَ لا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً،وَتُقِيمُ الصَّلاةَ،المَكْتُوبَةَ،وَتُؤَدِّي الزَّكَاةَ المَفْرُوضَةَ،وَتَصُومُ رَمَضَانَ».قال:وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ،لا أزِيدُ عَلَى هَذَا.فَلَمَّا وَلَّى،قال النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - :«مَنْ سَرَّهُ أنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ،فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا».متفق عليه (3) .
فضل الإسرار بالصدقة:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ??) [البقرة:271].
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 2557)
(2) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 285)
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1397), واللفظ له، ومسلم برقم (14).(1/75)
إن تظهروا ما تتصدقون به لله فنِعْمَ ما تصدقتم به،وإن تسرُّوا بها،وتعطوها الفقراء فهذا أفضل لكم; لأنه أبعد عن الرياء،وفي الصدقة -مع الإخلاص- محو لذنوبكم.والله الذي يعلم دقائق الأمور،لا يخفى عليه شيء من أحوالكم،وسيجازي كلا بعمله.
2- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:«سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ:إِمَامٌ عَدْلٌ،وَشَابٌّ نَشَأ فِي عِبَادَةِ الله،وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ،وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي الله،اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ،وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ،فَقال:إِنِّي أخَافُ اللهَ،وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ،فَأخْفَاهَا حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ،وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ».متفق عليه (1) .
فضل الجهر بالصدقة لمصلحة:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [البقرة:274].
الذين يُخْرجون أموالهم مرضاة لله ليلا ونهارًا مسرِّين ومعلنين،فلهم أجرهم عند ربهم،ولا خوف عليهم فيما يستقبلونه من أمر الآخرة،ولا هم يحزنون على ما فاتهم من حظوظ الدنيا.ذلك التشريع الإلهي الحكيم هو منهاج الإسلام في الإنفاق لما فيه مِن سدِّ حاجة الفقراء في كرامة وعزة،وتطهير مال الأغنياء،وتحقيق التعاون على البر والتقوى; ابتغاء وجه الله دون قهر أو إكراه.
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1423), واللفظ له، ومسلم برقم (1031).(1/76)
2- وَعَنْ جَرِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ:كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فِي صَدْرِ النَّهَارِ،قال:فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ –وفيه- فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم - :«...تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ،مِنْ دِرْهَمِهِ،مِنْ ثَوْبِهِ،مِنْ صَاعِ بُرِّهِ،مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ (حَتَّى قال) وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ».قال:فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا،بَلْ قَدْ عَجَزَتْ،قال:ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ،حَتَّى رَأيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ،حَتَّى رَأيْتُ وَجْهَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يَتَهَلَّلُ،كَأنَّهُ مُذْهَبَةٌ،فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«مَنْ سَنَّ فِي الإسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً،فَلَهُ أجْرُهَا،وَأجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ،مِنْ غَيْرِ أنْ يَنْقُصَ مِنْ أجُورِهِمْ شَيْءٌ،وَمَنْ سَنَّ فِي الإسْلامِ سُنَّةً سَيِّئَةً،كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ،مِنْ غَيْرِ أنْ يَنْقُصَ مِنْ أوْزَارِهِمْ شَيْءٌ».أخرجه مسلم (1) .
فضل الصدقة من الكسب الطيب:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ:قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ،وَلا يَقْبَلُ اللهُ إِلا الطَّيِّبَ وَإِنَّ اللهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ،ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ،كَمَا يُرَبِّي أحَدُكُمْ فَلُوَّهُ،حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ».متفق عليه (2) .
فضل الصدقة:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [البقرة:245].
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (1017).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1410), واللفظ له، ومسلم برقم (1014). "فلوه" : المهر الصغير إذا فطم."فصيلة" : ولد الناقة إذا فصل عن أمه(1/77)
من ذا الذي ينفق في سبيل الله إنفاقًا حسنًا احتسابًا للأجر،فيضاعفه له أضعافا كثيرة لا تحصى من الثواب وحسن الجزاء؟ والله يقبض ويبسط،فأنفقوا ولا تبالوا; فإنه هو الرزاق،يُضيِّق على مَن يشاء من عباده في الرزق،ويوسعه على آخرين،له الحكمة البالغة في ذلك،وإليه وحده ترجعون بعد الموت،فيجازيكم على أعمالكم.
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الحديد:18].
إِنَّ المُتَصَدِّقِينَ وَالمُتَصَدِّقَاتِ بِأَمْوَالِهِمْ عَلَى المُحْتَاجِينَ مِنْ عِبَادِ اللهِ،وَهُمْ لاَ يَبْتَغُونَ مِنْ وَرَاءِ عَمَلِهِمْ هَذَا إِلاَّ رِضْوَانَ اللهِ وَثَوَابَهُ وَجَنَّتَهُ،يُضَاعِفُ اللهُ لَهُُمُ الحَسَنَاتِ،وَيَتَجَاوَزُ لَهُمْ عَنِ السَّيِّئَاتِ،وَيُجْزِلُ لَهُمُ الأَجْرَ يَوْمَ الحِسَابِ فِي الآخِرَةِ . (1)
3- وقال الله تعالى:(چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ? ?) [البقرة:261].
يَحُثُّ اللهُ المُؤْمِنِينَ عَلَى إِنْفَاقِ أمْوالِهِمْ فِي سَبيلِ اللهِ،وَابْتِغاءِ مَرْضَاتِهِ ( فِي الحَجِّ وفِي الجِهَادِ وَفِي الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَاتِ ) وَيَضْرِبُ لَهُمُ الزَّرْعَ مَثَلاً عَلَى تَنْمِيَتِهِ،سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى،الأعْمَالَ الصَّالِحَةَ لأِصْحَابِها،فَكَمَا يَنْمُو الزَّرْعُ لِمَنْ بَذَرَهُ،كَذَلِكَ يَتَضَاعَفُ العَمَلُ الصَّالِحُ عَنْدَ اللهِ،وَاللهُ يُضَاعِفُ الأجْرَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ،فَيَزِيدُهُ زِيَادَةً لا حَصْرَ لَهَا بِحَسَبِ إخْلاصِ العَبْدِ فِي عَمَلِهِ،وَاللهُ وَاسِعُ الفَضْلِ لاَ يَنْحَصِرُ فَضْلُهُ،وَلا يُحَدُّ عَطَاؤُهُ،وَهُوَ عَلِيمٌ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ هَذِهِ المُضَاعَفَةَ وَبِمَنْ لاَ يَسْتَحِقُّهَا . (2)
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 4971)
(2) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 268)(1/78)
4- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ،وَمَا زَادَ اللهُ عَبْداً بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزّاً،وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ ? إِلاَّ رَفَعَهُ اللهُ».أخرجه مسلم (1) .
5- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ:قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ،وَلا يَقْبَلُ اللهُ إِلا الطَّيِّبَ وَإِنَّ اللهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ،ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ،كَمَا يُرَبِّي أحَدُكُمْ فَلُوَّهُ،حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ». متفق عليه (2) .
أفضل الصدقة:
عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنْهُ قال:جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال:يَا رَسُولَ الله،أيُّ الصَّدَقَةِ أعْظَمُ أجْراً؟ قال:«أنْ تَصَدَّقَ وَأنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ،تَخْشَى الفَقْرَ وَتَأمُلُ الغِنَى،وَلا تُمْهِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ،قُلْتَ:لِفُلانٍ كَذَا،وَلِفُلانٍ كَذَا،وَقَدْ كَانَ لِفُلانٍ».متفق عليه (3) .
فضل صدقة المُقِلّ:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الحشر:9].
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (2588).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1410), واللفظ له، ومسلم برقم (1014).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1419), واللفظ له، ومسلم برقم (1032).(1/79)
أَثْنَى اللهُ تَعَالَى عَلَى الأَنْصَارِ مُبِيِّناً فَضْلَهُمْ وَشَرَفَهُمْ وَكَرَمَهُمْ،حِينَ جَعَلَ اللهُ الفَيءَ لإِخْوَانِهِم المُهَاجِرِينَ دُونَهُمْ،فَقَالَ تَعَالَى:والذِينَ سَكَنُوا دَارَ الهِجْرَةِ قَبْلَ المُهَاجِرِينَ،وَآمَنُوا قَبْلَ كَثِيرٍ مِنَ المُهَاجِرِينَ،يُحِبُّونَ المُهَاجِرِينَ،وَيَتَمَنَّوْنَ لَهُمْ الخَيْرَ،كَمَا يَتَمَنَّوْنَهُ لأَنْفُسِهِمْ،وَقَدْ أَسْكَنُوا المُهَاجِرِينَ فِي دُورِهِمْ،وَأَشْرَكُوهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ حَتَّى نَزَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضِ نِسَائِهِ لِلْمُهَاجِرِينَ.وَقَدْ فَعَلُوا ذَلِكَ وَنُفُوسُهُمْ طَيِّيَةٌ،وَأَعْيُنُهُمْ قَرِيرَةٌ بِمَا يَفْعَلُونَ،لاَ يَجِدُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَسَداً لِلْمُهَاجِرِينَ.وَلاَ ضِيقاً بِهِمْ لِمَا فَضَّلَهُمُ اللهُ بِهِ مِنَ المَنْزِلَةِ والشَّرَفِ وَالتَّقْدِيمِ فِي الذِّكْرِ والرُّتْبَةِ،وَلِمَا خَصَّهُمْ بِهِ مِنْ مَغْنَمِ بَنِي النَّضِيرِ دُونَهُمْ .وَهُمْ يُقَدِّمُونَ أَهْلَ الحَاجَةِ مِنَ المُهَاجِرِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ،وَيَبْدَؤُونَ بِالنَّاسِ قَبْلَ أَنْفُسِهِمْ فِي حَالِ احْتِيَاجِهِمْ إِلَى ذَلِكَ .وَمَنْ سَلِمَ مِنْ آفَةِ الحِرْصِ عَلَى المَالِ وَالبُخْلِ،فَقَدْ فَازَ وَأَفْلَحَ . (1)
2- وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ:قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«مَا تَصَدَّقَ أحَدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبٍ،وَلا يَقْبَلُ اللهُ إِلا الطَّيِّبَ،إِلا أخَذَهَا الرَّحْمَنُ بِيَمِينِهِ،وَإِنْ كَانَتْ تَمْرَةً،فَتَرْبُو فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ حَتَّى تَكُونَ أعْظَمَ مِنَ الجَبَلِ،كَمَا يُرَبِّي أحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أوْ فَصِيلَهُ».متفق عليه (2) .
فضل التعفف:
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 5013)
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1410), ومسلم برقم (1014)، واللفظ له.(1/80)
1- قال الله تعالى:(? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [البقرة:273].
اجْعَلُوا مَا تُنْفِقُونَ لِلَّذِينَ ذَكَرَ اللهُ صِفَاتِهِم الخَمْسَ،التِي هِيَ أجَلُّ الأوْصَافِ قَدْراً،وَهِيَ:( الإِحْصَارُ،وَالعَجْزُ عَنِ الكَسْبِ،وَالتَّعَفُّفُ،وَمَعْرِفَتُهُمْ بِسِيمَاهُمْ،وَعَدَمُ سُؤَالِهِمْ شَيئاً مِمَّا فِي أيدِي النَّاسِ ).وَهؤُلاءِ هُمُ الفُقَرَاءُ مِنَ المُهَاجِرِينَ الذِينَ انْقَطَعُوا للهِ وَرَسُولِهِ،وَسَكَنُوا المَدِينةَ،وَلَيسَ لَهُمْ وَسيلةُ عَيْشٍ يُنْفِقُونَ مِنْها عَلَى أنْفُسِهِمْ،وَهُمْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَفَراً لِلْبَحْثِ عَن الرِّزْقِ،وَيَحْسَبُهُمْ مَنْ لاَ يَعْرِفُهُمْ،وَلا يَعْرِفُ حَقِيقَةَ حَالِهِمْ،أنَّهُمْ أغْنِيَاءُ مِنْ تَعَفَّفِهِمْ فِي لِبَاسِهِمْ وَحَالِهِمْ وَمَقَالِهِمْ،وَتَعْرِفُهُمْ بِمَا يَظْهَرُ لِذَوِي الألْبَابِ مِنْ صِفَاتِهِمْ:لاَ يُلِحُّونَ فِي المَسْألَةِ،وَلاَ يَطْلُبُونَ مِنَ النَّاسِ مَا لاَ يَحْتَاجُونَ إليهِ .وَجَميعُ مَا تُنْفِقُونَهُ مِنْ خَيرٍ فَإنَّ اللهُ عَالِمٌ بِهِ،وَسَيَجْزِيكُمْ عَلَيهِ أوْفَى الجَزَاءِ يَوَمَ القيَامَةِ . (1)
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 280)(1/81)
2- وَعَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ نَاساً مِنَ الأَنْصار،سَألُوا رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَأعْطَاهُمْ،ثُمَّ سَألُوهُ فَأعْطَاهُمْ،ثُمَّ سَألُوهُ فَأعْطَاهُمْ،حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ،فَقال:«مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أدَّخِرَهُ عَنْكُمْ،وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ،وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ،وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ وَمَا أعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وَأوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ».متفق عليه (1) .
3- وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللهُُ عَنْهُمَا أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«قَدْ أفْلَحَ مَنْ أسْلَمَ،وَرُزِقَ كَفَافاً،وَقَنَّعَهُ اللهُ بِمَا آتَاهُ».أخرجه مسلم (2) .
فضل الإنفاق في وجوه الخير:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [فاطر:29-30].
إن الذين يقرؤون القرآن،ويعملون به،وداوموا على الصلاة في أوقاتها،وأنفقوا مما رزقناهم من أنواع النفقات الواجبة والمستحبة سرًّا وجهرًا،هؤلاء يرجون بذلك تجارة لن تكسد ولن تهلك،ألا وهي رضا ربهم،والفوز بجزيل ثوابه؛ليوفيهم الله تعالى ثواب أعمالهم كاملا غير منقوص،ويضاعف لهم الحسنات من فضله،إن الله غفور لسيئاتهم،شكور لحسناتهم،يثيبهم عليها الجزيل من الثواب.
2- وقال الله تعالى:(ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ?) [الحديد:7].
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1469), واللفظ له، ومسلم برقم (1053).
(2) أخرجه مسلم برقم (1054).(1/82)
يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى عِبَادَهُ بِالإِيْمَانِ بِهِ،وَبِرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - ،عَلَى الوَجْهِ الأَكْمَلِ،وَيَحثُّهُمْ عَلَى الإِنْفَاقِ فِي أَوْجُهِ الطَّاعَاتِ،مِنَ المَالِ الذِي أَعْطَاهُمْ إِيَّاهُ،وَجَعَلَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ عَلَى سَبِيلِ الأَمَانَةِ أَوِ الإِعَارَةِ،لأَنَّ هَذَا المَالَ كَانَ مِنْ قَبْلُ،فِي أَيدِي أُنَاسٍ آخَرِينَ،فَصَارَ إِلَيْهِمْ،ثُمَّ يَمُوتُونَ هُمْ وَيَتْركُونَهُ فَيَخْلُفُهُمْ فِيهِ غَيْرُهُمْ .وَيُرَغِّبُ اللهُ تَعَالَى العِبَادَ فِي الإِنْفَاقِ فِي أَوْجُهِ الطَّاعَاتِ،فَيَقُولُ لَهُمْ:إِنَّ الذِينَ آمِنُوا وَأَنْفَقُوا فِي أَوْجُهِ الخَيْرِ وَالبِرِّ سَيَجْزِيهِمْ رَبُّهُمْ جَزَاءً حَسَناً،وَسَيُؤْتِيهِمْ أَجْراً كَبِيراً . (1)
3- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ:قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ،إِلا مَلَكَانِ يَنْزِلانِ،فَيَقُولُ أحَدُهُمَا:اللَّهُمَّ! أعْطِ مُنْفِقاً خَلَفاً،وَيَقُولُ الآخَرُ:اللَّهُمَّ أعْطِ مُمْسِكاً تَلَفاً». متفق عليه (2) .
4-وعَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ،عَنْ أَبِيهِ،قَالَ:أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَقْرَأُ:{أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التكاثر]،قَالَ:يَقُولُ ابْنُ آدَمَ:مَالِي مَالِي،وَهَلْ لَكَ مِنْ مَالِكَ إِلاَّ مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ،أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ،أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ." ابن حبان (3)
فضل صدقة المرأة من مال زوجها:
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 4961)
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1442), ومسلم برقم (1010).
(3) - صحيح ابن حبان - (8 / 120) (3327) وصحيح مسلم- المكنز - (7609 )(1/83)
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ:قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«إِذَا أنْفَقَتِ المَرْأةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ،كَانَ لَهَا أجْرُهَا بِمَا أنْفَقَتْ،وَلِزَوْجِهَا أجْرُهُ بِمَا كَسَبَ،وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ،لا يَنْقُصُ بَعْضُهُمْ أجْرَ بَعْضٍ شَيْئاً».متفق عليه (1) .
فضل صدقة الخازن والخادم:
1- عَنْ أبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:«إِنَّ الخَازِنَ المُسْلِمَ الأَمِينَ الَّذِي يُنْفِذُ (وَرُبَّمَا قال يُعْطِي) مَا أمِرَ بِهِ،فَيُعْطِيهِ كَامِلاً مُوَفَّراً،طَيِّبَةً بِهِ نَفْسُهُ،فَيَدْفَعُهُ إِلَى الَّذِي أمِرَ لَهُ بِهِ -أحَدُ المُتَصَدِّقَيْنِ».متفق عليه (2) .
2- وَعَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ:كُنْتُ مَمْلُوكاً،فَسَألْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - :أأتَصَدَّقُ مِنْ مَالِ مَوَالِيَّ بِشَيْءٍ؟ قال:«نَعَمْ،وَالأَجْرُ بَيْنَكُمَا نِصْفَانِ».أخرجه مسلم (3) .
فضل القرض الحسن:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ??) [التغابن:17].
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1425)، ومسلم برقم (1024).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1438), ومسلم برقم (1023).
(3) أخرجه مسلم برقم (1025).(1/84)
مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ مَالٍ فِي طَاعَةِ اللهِ،وَتَقَرُّباً إِليهِ،فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يَعُدُّ ذَلِكَ الإِنْفَاقَ مُقَدَّماً إِلَيه تَعَالَى،وَهُوَ يُخْلفُهُ وَيَرُدُّهُ إِلَى المُنْفقِينَ - أَضْعَافاً كَثِيرَةً - الحَسَنَةُ بِعَشْرَةِ أَمْثَالِها إِلَى سَبْعِمِئَةِ ضِعْفٍ - وَيَمْحُو عَنْكُمْ بِها سَيِّئَاتِكُمْ،وَيَسْتُرُهَا عَلَيْكُمْ،وَاللهُ شكُورٌ يَجْزِي عَلَى القَلِيل بِالكَثِيرِ،وَهُوَ كَثِيرُ الحِلْمِ وَالمَغْفِرَةِ،يَغْفِرُ وَيَسْتُرُ،وَلاَ يُعَاجِلُ بِالعُقُوبَةِ عِبَادَهُ عَلَى الذُّنُوبِ وَالأَخْطَاءِ لَعَلَّهُمْ يَتُوبُونَ وَيَرْجِعُونَ مُسْتَغْفِرْينَ . (1)
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [البقرة:245].
يَحُثُّ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنينَ عَلَى الإِنْفاقِ فِي سَبيلِ اللهِ،وَجَعَلَ ما يُنْفِقُهُ العَبْدُ لإِعْلاَءِ كَلِمَةِ اللهِ قَرْضاً يَرُدُّهُ اللهُ إلى أصْحَابِهِ أضْعَافاً مُضَاعَفَةً،وَاللهُ هُوَ الذِي يَقْبِضُ الرِّزْقَ وَيُضَيِّقُهُ عَلَى بَعْضِ عِبَادِهِ،لِحِكْمَةٍ لاَ يَعْلَمُها إلاَّ هُوَ،وَهُوَ الذِي يَبْسُطُ الرِّزْقَ وَيُوسعِهُ عَلى بَعْضِهِم الآخرِ وَفْقَ حِكْمَتِهِ،فَلَيسَ لِلْعِبَادِ أنْ يَخْشَوا إذَا أنْفَقُوا الفَاقَةَ.وَيَرْجِعُ الخَلْقُ إلى اللهِ فِي الآخِرَةِ فَيُجَازِيهِمْ عَلَى مَا بَذَلُوا مِنْ مَالٍ وَنَفْسٍ فِي سَبيلِ إِعْلاءِ كَلِمَةِ اللهِ . (2)
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 5094)
(2) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 252)(1/85)
3- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا،نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَةِ،وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ،يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً،سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ،وَاللهُ فِي عَوْنِ العَبْدِ مَا كَانَ العَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ».أخرجه مسلم (1) .
4- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - :" رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي مَكْتُوبًا عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ الصَّدَقَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا،وَالْقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ" قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - :" قُلْتُ لِجِبْرِيلَ:مَا بَالُ الْقَرْضِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ؟ قَالَ:إِنَّ السَّائِلَ يَسْأَلُ وَعِنْدَهُ،وَالْمُسْتَقْرِضُ لَا يَسْتَقْرِضُ إِلَّا مِنْ حَاجَةٍ" ابن ماجة (2)
فضل إنظار المعسر والتجاوز عنه:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [البقرة:280].
وإن كان المدين غير قادر على السداد فأمهلوه إلى أن ييسِّر الله له رزقًا فيدفع إليكم مالكم،وإن تتركوا رأس المال كله أو بعضه وتضعوه عن المدين فهو أفضل لكم،إن كنتم تعلمون فَضْلَ ذلك،وأنَّه خير لكم في الدنيا والآخرة.
2- وَعَنْ أَبِي اليَسَرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً أَوْ وَضَعَ عَنْهُ،أَظَلَّهُ اللهُ فِي ظِلِّهِ».أخرجه مسلم (3) .
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (2699).
(2) - شعب الإيمان - (5 / 189) (3288 ) ومسند الشاميين 360 - (2 / 419) (1614/4) وسنن ابن ماجه- المكنز - (2525) حسن
(3) أخرجه مسلم برقم (3006).(1/86)
3- وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ لَهُ أَظَلَّهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ ».الترمذي (1)
4- وعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - :" مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ " , ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ:" لِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلُهُ صَدَقَةً ".قَالَ:فَقُلْتُ لَهُ:إِنِّي سَمِعْتُكَ تَقُولُ:" فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ " , ثُمَّ قُلْتَ الْآنَ:" فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلُهُ صَدَّقَةً " ؟ فَقَالَ:" إِنَّهُ مَتَى لَمْ يَحِلَّ الدَّيْنُ فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ , فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ فَأَنْظَرَهُ فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلُهُ صَدَقَةً " معاني الآثار (2)
__________
(1) - سنن الترمذى- المكنز - (1354 ) صحيح
(2) - شرح مشكل الآثار - (9 / 419) (3810 ) صحيح(1/87)
5- وعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ،قَالَ:خَرَجْتُ أَنَا،وَأَبِي نَطْلُبُ الْعِلْمَ فِي هَذَا الْحَيِّ مِنَ الأَنْصَارِ،قَبْلَ أَنْ يَهْلِكُوا،فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ لَقِيَنَا أَبُو الْيَسَرِ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ،وَمَعَهُ غُلاَمٌ لَهُ،وَعَلَى أَبِي الْيَسَرِ،بُرْدَةٌ وَمَعَافِرِيٌّ،وَعَلَى غُلاَمِهِ بُرْدَةٌ وَمَعَافِرِيٌّ،فَقَالَ لَهُ أَبِي:إِنِّي أَرَى فِي وَجْهِكَ شَيْئًا مِنْ غَضَبٍ،قَالَ:أَجَلْ كَانَ لِي عَلَى فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ الْحَرَامِيِّ مَالٌ،فَأَتَيْتُ أَهْلَهُ،فَقُلْتُ:أَثَمَّتْ ؟ قَالُوا:لاَ،فَخَرَجَ عَلَيَّ ابْنٌ لَهُ،فَقُلْتُ:أَيْنَ أَبُوكَ ؟ فَقَالَ:سَمِعَ صَوْتَكَ فَدَخَلَ،فَقُلْتُ:اخْرُجْ إِلَيَّ،فَقَدْ عَلِمْتُ أَيْنَ أَنْتَ،فَخَرَجَ عَلَيَّ،فَقُلْتُ:مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنِ اخْتَبَأْتَ ؟ قَالَ:أَنَا وَاللَّهِ أُحَدِّثُكَ،ثُمَّ لاَ أَكْذِبُكَ،خَشِيتُ وَاللَّهِ أَنْ أُحَدِّثَكَ،فَأَكْذِبَكَ،وَأَعِدَكَ،فَأُخْلِفَكَ،وَكُنْتَ صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ،وَكُنْتُ وَاللَّهِ مُعْسِرًا،قَالَ:قُلْتُ:آللَّهِ ؟ قَالَ:اللهِ،قَالَ:قُلْتُ:آللَّهِ ؟ قَالَ:اللهِ،قَالَ:فَقَالَ:بِصَحِيفَتِهِ،فَمَحَاهَا،وَقَالَ:إِنْ وَجَدْتَ قَضَاءً،فَاقْضِ،وَإِلاَّ،فَأَنْتَ فِي حِلٍّ،فَأَشْهَدُ:بَصُرَ عَيْنَايَ هَاتَانِ،وَوَعَاهُ قَلْبِي،وَأَشَارَ إِلَى نِيَاطِ قَلْبِهِ،سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا،أَوْ وَضَعَ لَهُ،أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ." ابن حبان (1)
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (11 / 423) (5044) وصحيح مسلم- المكنز - (7704 )(1/88)
6- وعنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « كَانَ تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ،فَإِذَا رَأَى مُعْسِرًا قَالَ لِفِتْيَانِهِ تَجَاوَزُوا عَنْهُ،لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا،فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ » البخاري. (1)
7- وعَنْ رِبْعِيٍّ،قَالَ:قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو لِحُذَيْفَةَ:أَلاَ تُحَدِّثُنَا مَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:قَالَ:سَمِعْتُهُ يَقُولُ:إِنَّ مَعَ الدَّجَّالِ إِذَا خَرَجَ مَاءً وَنَارًا،الَّذِي يَرَى النَّاسُ أَنَّهَا نَارٌ فَمَاءٌ بَارِدٌ،وَأَمَّا الَّذِي يَرَى النَّاسُ أَنَّهُ مَاءٌ فَنَارٌ تُحْرِقُ،فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلْيَقَعْ فِي الَّذِي يَرَى أَنَّهَا نَارٌ فَإِنَّهَا مَاءٌ عَذْبٌ بَارِدٌ.قَالَ حُذَيْفَةُ:وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:إِنَّ رَجُلاً مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَتَاهُ مَلَكٌ لِيَقْبِضَ نَفْسَهُ،فَقَالَ لَهُ:هَلْ عَمِلْتَ مِنْ خَيْرٍ ؟ فَقَالَ:مَا أَعْلَمُ،قِيلَ لَهُ:انْظُرْ،قَالَ:مَا أَعْلَمُ شَيْئًا غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ وَأُجَازِفُهُمْ،فَأُنْظِرُ الْمُوسِرَ وَأَتَجَاوَزُ عَنِ الْمُعْسِرِ،فَأَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ." البخاري (2)
__________
(1) - صحيح البخارى- المكنز - (2078 )
(2) - صحيح البخارى- المكنز - (3450) و مسند أحمد (عالم الكتب) - (7 / 723) (23353) 23743و23744
إنظار المعسر : تأخير ما عليه من الدين إلى حال يساره.(1/89)
8- وعَنْ حُذَيْفَةَ،قَالَ:أَتَى اللَّهُ بِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِهِ آتَاهُ اللَّهُ مَالا،فَقَالَ لَهُ:مَاذَا عَمِلْتَ فِي الدُّنْيَا ؟ قَالَ:وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا،قَالَ:مَا عَمِلْتُ مِنْ شَيْءٍ يَا رَبِّ إِلاَّ أَنَّكَ آتَيْتَنِي مَالا،فَكُنْتُ أُبَايعُ النَّاسَ،وَكَانَ مِنْ خُلُقِي أَنْ أُيَسِّرَ عَلَى الْمُوسِرِ،وَأُنْظِرَ الْمُعْسِرَ،قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:أَنَا أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْكَ تَجَاوَزُوا عَنْ عَبْدِي،فَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيُّ،وَأَبُو مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيُّ:هَكَذَا سَمِعْنَا مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَآلِهِ وَسَلَّمَ " الحاكم (1)
9- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ،قَالَ:إِنَّ رَجُلاً لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ وَكَانَ يُدَاينُ النَّاسُ،فَيَقُولُ لِرَسُولِهِ:خُذْ مَا تَيَسَّرَ،وَاتْرُكْ مَا تَعَسَّرَ،وَتَجَاوَزْ،لَعَلَّ اللَّهَ يَتَجَاوَزُ عَنَّا،قَالَ:فَلَمَّا هَلَكَ،قَالَ اللَّهُ:هَلْ عَمِلْتَ خَيْرًا قَطُّ ؟ قَالَ:لاَ،إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ لِي غُلاَمٌ،وَكُنْتُ أُدَاينُ النَّاسَ،فَإِذَا بَعَثْتُهُ لِيَتَقَاضَى،قُلْتُ:لَهُ خُذْ مَا تَيَسَّرَ،وَاتْرُكْ مَا تَعَسَّرَ،وَتَجَاوَزْ لَعَلَّ اللَّهَ يَتَجَاوَزُ عَنَّا،قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:قَدْ،قَالَ:تَجَاوَزْتُ عَنْكَ." ابن حبان (2)
فضل سقي الماء:
__________
(1) - المستدرك للحاكم ( 3197) صحيح
(2) - صحيح ابن حبان - (11 / 422) (5043) صحيح
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم - : لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ أَرَادَ بِهِ سِوَى الإِسْلاَمِ.(1/90)
1-عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي،فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ العَطَشُ،فَنَزَلَ بِئْراً فَشَرِبَ مِنْهَا،ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا هُوَ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ،يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ،فَقال:لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ بِي،فَمَلأَ خُفَّهُ ثُمَّ أمْسَكَهُ بِفِيهِ،ثُمَّ رَقِيَ فَسَقَى الكَلْبَ،فَشَكَرَ اللهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ».قالوا:يَا رَسُولَ الله،وَإِنَّ لَنَا فِي البَهَائِمِ أجْراً؟ قال:«فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أجْرٌ».متفق عليه (1) .
2- وعَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ،قَالَ:قُلْتُ:يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ،قَالَ - صلى الله عليه وسلم - :سَقْيُ الْمَاءِ." ابن حبان (2)
3- وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،أَنَّ رَجُلا،قَالَ:يَا رَسُولَ اللَّهِ تُوُفِّيَتْ أُمِّي وَلَمْ تُوصِ أَفَيَنْفَعُهَا أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا؟ قَالَ:نَعَمْ." الطبراني (3)
فضل الزرع والغرس:
1- عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْساً إِلا كَانَ مَا أُكِلَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةً،وَمَا سُرِقَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةٌ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ مِنْهُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ،وَمَا أَكَلَتِ الطَّيْرُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ،وَلا يَرْزَؤُهُ أَحَدٌ إِلا كَانَ لَهُ صَدَقَةٌ».أخرجه مسلم (4) .
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2363), واللفظ له، ومسلم برقم (2244).
(2) - صحيح ابن حبان - (8 / 136) (3348) صحيح
(3) - المعجم الكبير للطبراني - (9 / 444) (11465 ) صحيح
(4) أخرجه مسلم برقم (1552).(1/91)
2- وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَى أُمِّ مُبَشِّرٍ الأَنْصَارِيَّةِ فِي نَخْلٍ لَهَا فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - :«مَنْ غَرَسَ هَذَا النَّخْلَ؟ أَمُسْلِمٌ أَمْ كَافِرٌ» فَقَالَتْ:بَلْ مُسْلِمٌ،فَقَالَ:«لا يَغْرِسُ مُسْلِمٌ غَرْساً،وَلا يَزْرَعُ زَرْعاً،فَيَأْكُلَ مِنْهُ إِنْسَانٌ وَلا دَابَّةٌ وَلا شَيْءٌ إِلا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةٌ».أخرجه مسلم (1) .
3- وعن أَنَسَ بْنِ مَالِكٍ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - :إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ،فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لاَ يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ." أحمد (2)
- - - - - - - - - - - - -
5- فضائل الصيام
فضل شهر رمضان:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [البقرة:185].
شهر رمضان الذي ابتدأ الله فيه إنزال القرآن في ليلة القدر; هداية للناس إلى الحق،فيه أوضح الدلائل على هدى الله،وعلى الفارق بين الحق والباطل.فمن حضر منكم الشهر وكان صحيحًا مقيمًا فليصم نهاره.ويُرخَّص للمريض والمسافر في الفطر،ثم يقضيان عدد تلك الأيام.يريد الله تعالى بكم اليسر والسهولة في شرائعه،ولا يريد بكم العسر والمشقة،ولتكملوا عدة الصيام شهرًا،ولتختموا الصيام بتكبير الله في عيد الفطر،ولتعظموه على هدايته لكم،ولكي تشكروا له على ما أنعم به عليكم من الهداية والتوفيق والتيسير.
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ??) [القدْر:1-5].
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (1552).
(2) - مسند أحمد (عالم الكتب) - (4 / 493)(12981) 13012- صحيح(1/92)
يَقُولُ اللهُ تَعَالَى إِنَّهُ أَنْزَلَ القُرْآنَ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ.وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنَّ اللهَ أَنْزَلَ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ القُرْآنَ جُمْلَةً مِنَ اللَّوْحِ المَمْحُوظِ إِلَى بَيْتِ العِزَّةِ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا،ثُمَّ مُفَصَّلاً بِحَسَبِ الوَقَائِعِ فِي ثَلاَثٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - .( وَقَالَ مُفَسِّرُونَ آخَرُونَ:إِنَّ اللهَ بَدَأَ تَنْزِيلَ القُرْآنِ فِي لِيْلَةِ القَدْرِ،ثُمَّ أَنْْزَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي ثَلاَثٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً،الحَوَادِثِ التِي كَانَتْ تَدْعُو إِلَى نُزُولِ شَيءٍ مِنْهُ،تَثْبِيتاً لِمَا أَشْكَلَ مِنَ الفَتْوَى فِيهَا،أَوْ عِبْرَةً بِمَا يَقَصُّ مِنْ قَصَصٍ وَزَوَاجِرَ ) .وَمَا الذِي تَعْلَمُهُ أَنْتَ عَنْ فَضْلِهَا،وَعُلُوِّ قَدْرِهَا،فَذَلِكَ لاَ يَعْلَمُهُ إِلاّ اللهُ وَحْدَهُ .فَلَيْلَةُ القَدْرِ مُبَارَكَةٌ بَدَأَ فِيهَا بِإِنْزَالِ القُرْآنِ الكَرِيمِ لِيَبْدَأَ عَهْدُ النُّبُوَّةِ وَالنُّورِ وَالهُدَى،وَهِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مِنْ أَشْهُرِ الجَاهِلِيَّةِ،التِي كَانَ النَّاسُ يَتَخَبَّطُونَ فِيهَا فِي ظَلاَمِ الشِّرْكِ وَالوَثَنِيَّةِ.تَنَزَّلَتِ المَلاَئِكَةُ فِيهَا عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ،وَتَمَثَّلَ لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ،مُبَلِّغاً لِلْوَحْيِ،وَكَانَ هَذَا التَّجَلِّي بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى .وَهِيَ لَيْلَةٌ كُلُّهَا سَلاَمٌ وَأَمْنٌ وَخَيْرٌ عَلَى أَوْلِيَاءِ اللهِ،وَأَهْلِ طَاعَتِهِ،مِنْ مَبْدَئِهَا إِلَى نِهَايَتِهَا فِي مَطْلَعِ الفَجْرِ . (1)
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 6003)(1/93)
3- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللُه عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أبْوَابُ الجَنَّةِ،وَغُلِّقَتْ أبْوَابُ النَّارِ،وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ». متفق عليه (1) .
4- وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :« إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ مَرَدَةُ الْجِنِّ،وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ،وَفُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجِنَّانِ فَلَمْ يُغْلَقُ مِنْهَا بَابٌ،وَنَادَى مُنَادٍ:يَا بَاغِىَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ،وَيَا بَاغِىَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ ».البيهقي (2)
5- وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ،عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ،قَالَ:مَنْ صَامَ رَمَضَانَ،فَعَرَفَ حُدُودَهُ وَحَفِظَ مَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَحْفَظَ مِنْهُ،كَفَّرَ مَا قَبْلَهُ " أبو يعلى (3)
فضل الصيام:
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3277), ومسلم برقم (1079)، واللفظ له.
(2) - السنن الكبرى للبيهقي - حيدر آباد - (4 / 303) (8764) صحيح
(3) - مسند أبي يعلى الموصلي(1058) صحيح(1/94)
1- عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«قال اللهُ:كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصِّيَامَ،فَإِنَّهُ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ،وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ،وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فَلا يَرْفُثْ وَلا يَصْخَبْ،فَإِنْ سَابَّهُ أحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ:إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ،وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ،لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ الله مِنْ رِيحِ المِسْكِ.لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا:إِذَا أفْطَرَ فَرِحَ،وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ».متفق عليه (1) .
2- وعَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ،قَالَ:حدَّثَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ،قَالَ:أَتَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ فَدَعَا لِي بِلَبَنِ لَقْحَةٍ،فَقُلْتُ:إنِّي صَائِمٌ،فَقَالَ:أَمَا إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:الصِّيَامُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ،كَجُنَّةِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْقِتَالِ،وَصِيَامٌ حَسَنٌ صِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ." ابن أبي شيبة (2)
فضل الصائمين:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ?) [البقرة:183].
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1904), واللفظ له، ومسلم برقم (1151).
(2) - مصنف ابن أبي شيبة - (6 / 102) (8984) صحيح(1/95)
أَمَرَ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنينَ بِالصَّومِ تَهْذِيباً لِنُفُوسِهِمْ،وَقَالَ تَعَالَى:إِنَّهُ أَوْجَبَ الصَّومَ عَلَى الأُمَمِ السَّابِقَةِ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ،لِذلِكَ فَإِنَّهُ يُوجِبُهُ عَلَى المُسلِمِينَ،وَقَدْ فَرَضَ اللهُ الصَّوْمَ عَلَى المُؤْمِنينَ لِيُعِدَّهُمْ لِتَقْوَى اللهِ،بِتَرْكِ الشَّهَوَاتِ المُبَاحَةِ المَيْسُورَةِ امتِثالاً لأَمْرِهِ،وَاحتِسَاباً لِلأَجْرِ عِنْدَهُ،فَتُرَبَّى بِذلِكَ العَزِيمَةُ وَالإِرَادَةُ عَلَى ضَبْطِ النَّفْسِ . (1)
2- وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:«فِي الجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أبْوَابٍ،فِيهَا باب يُسَمَّى الرَّيَّانَ،لا يَدْخُلُهُ إِلا الصَّائِمُونَ».متفق عليه (2) .
فضل من صام رمضان إيماناً واحتساباً:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«مَنْ صَامَ رَمَضَانَ،إيمَاناً وَاحْتِسَاباً،غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِه».متفق عليه (3) .
فضل من قام رمضان إيماناً واحتساباً:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«مَنْ قَامَ رَمَضَانَ،إيمَاناً وَاحْتِسَاباً،غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».متفق عليه (4) .
فضل من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً:
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 190)
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3257), واللفظ له، ومسلم برقم (1152).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (38), واللفظ له، ومسلم برقم (760).
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (371), واللفظ له، ومسلم برقم (759).(1/96)
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:«مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً،غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ،وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». متفق عليه (1) .
أفضل الصيام:
عَنْ عَبْدَ الله بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضيَ اللهُ عَنهُمَا قالَ:أُخْبِرَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ يَقُولُ:لأقُومَنَّ اللَّيْلَ وَلأصُومَنَّ النَّهَارَ،مَا عِشْتُ،فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«آنْتَ الَّذِي تَقُولُ ذَلِكَ».فَقُلْتُ لَهُ:قَدْ قُلْتُهُ،يَا رَسُولَ الله ! فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«فَإِنَّكَ لا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ،فَصُمْ وَأفْطِرْ،وَنَمْ وَقُمْ،وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاثَةَ أيَّامٍ،فَإِنَّ الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا،وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ».قال قُلْتُ:فَإِنِّي أُطِيقُ أفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ،قال:«صُمْ يَوْماً وَأفْطِرْ يَوْمَيْنِ».قال قُلْتُ:فَإِنِّي أُطِيقُ أفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ،يَا رَسُولَ الله ! قال:«صُمْ يَوْماً وَأفْطِرْ يَوْماً». متفق عليه (2) .
فضل صوم مُحرَّم:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«أفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ الله المُحَرَّمُ،وَأفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْدَ الفَرِيضَةِ صَلاةُ اللَّيْلِ».أخرجه مسلم (3) .
فضل من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال:
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1901), واللفظ له، ومسلم برقم (760).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1131)، ومسلم برقم (1159)، واللفظ له.
(3) أخرجه مسلم برقم (1163).(1/97)
عَنْ أبِي أيُّوبَ الأنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتّاً مِنْ شَوَّالٍ،كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ».أخرجه مسلم (1) .
فضل صيام ثلاثة أيام من كل شهر:
1- عَنْ عَبْدَ الله بن عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ:أخْبِرَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أنِّي أقُولُ:وَ الله لأصُومَنَّ النَّهَارَ،وَلأقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ.فَقُلْتُ لَهُ:قَدْ قُلْتُهُ بأبي أنْتَ وَأمِّي،قال:«فَإِنَّكَ لا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ،فَصُمْ وَأفْطِرْ،وَقُمْ وَنَمْ،وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاثَةَ أيَّامٍ،فَإِنَّ الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا،وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ».متفق عليه (2) .
2- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قال:أوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلاثٍ:«صِيَامِ ثَلاثَةِ أيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ،وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى،وَأنْ أوتِرَ قَبْلَ أنْ أنَامَ».متفق عليه (3) .
فضل صوم يوم الاثنين:
عَنْ أبِي قَتَادَةَ الأنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ،عَنْ صَوْمِ الاثْنَيْنِ؟ فَقَالَ:«فِيهِ وُلِدْتُ وَفِيهِ أُنْزِلَ عَلَيَّ».أخرجه مسلم (4) .
فضل صوم يوم عرفة وعاشوراء:
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (1164).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1976), واللفظ له، ومسلم برقم (1159).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1981), واللفظ له، ومسلم برقم (721).
(4) أخرجه مسلم برقم (1162).(1/98)
عَنْ أبِي قَتَادَةَ الأنْصَارِيِّ رَضيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ:«يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالبَاقِيَةَ».قال:وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ؟ فَقَالَ:«يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ».أخرجه مسلم (1) .
فضل الصوم في سبيل الله:
1-عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:«مَنْ صَامَ يَوْماً فِي سَبِيلِ الله،بَعَّدَ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفاً».متفق عليه (2) .
2- وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « مَنْ صَامَ يَوْمًا فِى سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بَاعَدَ اللَّهُ مِنْهُ جَهَنَّمَ مَسِيرَةَ مِائَةِ عَامٍ » النسائي. (3)
3- وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ،عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ،قَالَ:"مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَاعَدَهُ اللَّهُ مِنْ جَهَنَّمَ مِائَةَ عَامٍ رَكْضَ الْفَارِسِ الْجَوَادِ الْمُضَمَّرِ".الطبراني (4)
4- وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :"مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَعَلَ اللَّهُ بَيْنَهُ،وَبَيْنَ النَّارِ خَنْدَقًا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ" الطبراني. (5)
فضل السحور:
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (1162).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2840), واللفظ له، ومسلم برقم (1153).
(3) - سنن النسائي- المكنز - (2266 ) حسن
(4) - المعجم الكبير للطبراني - (7 / 263) (7827 ) حسن لغيره
(5) - المعجم الكبير للطبراني - (7 / 269) (7846 ) حسن(1/99)
عَنْ أنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ:قال النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - :«تَسَحَّرُوا،فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً».متفق عليه (1) .
فضل تعجيل الإفطار:
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«لا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ». متفق عليه (2) .
- - - - - - - - - - - - -
6- فضائل الحج والعمرة
فضل عشر ذي الحجة:
1- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ:«مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ».قَالُوا:وَلاَ الجِهَادُ؟ قَالَ:«وَلاَ الجِهَادُ،إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ،فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ».أخرجه البخاري (3) .
2- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«مَا مِنْ أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى الله مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ العَشْرِ» فَقَالُوا:يَا رَسُولَ الله وَلاَ الجِهَادُ فِي سَبيلِ الله ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«وَلاَ الجِهَادُ فِي سَبيلِ الله،إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بنَفْسِهِ وَمَالِهِ،فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذلِكَ بشَيْءٍ».أخرجه أبو داود والترمذي (4) .
فضل الحج المبرور:
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1923), واللفظ له، ومسلم برقم (1095).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1957), واللفظ له، ومسلم برقم (1098).
(3) أخرجه البخاري برقم (969).
(4) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (2438), وأخرجه الترمذي برقم (757)، واللفظ له.(1/100)
1- عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ:سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:«مَنْ حَجَّ ?،فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ،رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ». متفق عليه (1) .
2- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ:سُئِلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - :أيُّ الأعْمَالِ أفْضَلُ؟ قال:«إِيمَانٌ بالله وَرَسُولِهِ».قِيلَ:ثُمَّ مَاذَا؟ قال:«جِهَادٌ فِي سَبِيلِ الله ».قِيلَ:ثُمَّ مَاذَا؟ قال:«حَجٌّ مَبْرُورٌ».متفق عليه (2) .
3- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - :الْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الْجَنَّةُ،وَالْعُمْرَتَانِ أَوِ الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ يُكَفَّرُ مَا بَيْنَهُمَا." أحمد (3)
فضل العمرة:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا،وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلا الجَنَّةُ».متفق عليه (4) .
فضل الطواف بالبيت:
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1521), واللفظ له، ومسلم برقم (1350).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1519), واللفظ له، ومسلم برقم (83).
(3) - مسند أحمد (عالم الكتب) - (3 / 53)(7354) 7348- صحيح
قلت : الحج المبرور هو الذي لم يعص الله سبحانه فيه لا بعده. قال الحسن : الحج المبرور هو أن يرجع صاحبه زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة.تفسير القرطبي ـ موافق للمطبوع - (2 / 408)
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1773), واللفظ له، ومسلم برقم (1349).(1/101)
عن عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ لاِبْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا:مَا لِي لاَ أَرَاكَ تَسْتَلِمُ إِلاَّ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ،الحَجَرَ الأَسْوَدَ،وَالرُّكْنَ اليَمَانِيَ؟ فَقال ابْنُ عُمَرَ:إِنْ أَفْعَلْ،فَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ،يَقُولُ:«إِنَّ اسْتِلاَمَهُمَا يَحُطُّ الخَطَايَا»،قَالَ:وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:«مَنْ طَافَ أُسْبُوعاً يُحْصِيهِ،وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَ لَهُ كَعِدْلِ رَقَبَةٍ»،قَالَ:وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:«مَا رَفَعَ رَجُلٌ قَدَماً وَلاَ وَضَعَهَا،إِلاَّ كُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ،وَحُطَّ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ،وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُدَرَجَاتٍ».أخرجه أحمد والترمذي (1) .
فضل التلبية:
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُلَبي إِلاَّ لَبَّى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ شَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ حَتَّى تَنْقَطِعَ الأَرْضُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا».أخرجه الترمذي وابن ماجه (2) .
فضل الحلق في النسك:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«اللَّهُمَّ! اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ».قَالُوا:يَا رَسُولَ الله !وَلِلْمُقَصِّرِينَ؟ قال:«اللَّهُمَّ!اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ».قَالُوا:يَا رَسُولَ الله ! وَلِلْمُقَصِّرِينَ؟ قال:«اللَّهُمَّ! اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ».قَالُوا:يَا رَسُولَ الله !وَلِلْمُقَصِّرِينَ؟ قال:«وَلِلْمُقَصِّرِينَ».متفق عليه (3) .
فضل يوم عرفة:
__________
(1) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (4462), وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (959).
(2) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (828), وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (2921).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1728), ومسلم برقم (1302)، واللفظ له.(1/102)
1-عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللهُ عَنهَا أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«مَا مِنْ يَوْمٍ أكْثَرَ مِنْ أنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْداً مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ،وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ المَلائِكَةَ،فَيَقُولُ:مَا أرَادَ هَؤُلاءِ؟».أخرجه مسلم (1) .
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (1348).(1/103)
2- وعَنِ ابْنِ عُمَرَ،قَالَ:جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ،فَقَالَ:يَا رَسُولَ اللهِ،كَلِمَاتٌ أَسْأَلُ عَنْهُنَّ،قَالَ:اجْلِسْ،وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ،فَقَالَ:يَا رَسُولَ اللهِ،كَلِمَاتٌ أَسْأَلُ عَنْهُنَّ،فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم - :سَبَقَكَ الأَنْصَارِيُّ،فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ:إِنَّهُ رَجُلٌ غَرِيبٌ،وَإِنَّ لِلْغَرِيبِ حَقًّا،فَابْدَأْ بِهِ،فَأَقْبَلَ عَلَى الثَّقَفِيِّ،فَقَالَ:إِنْ شِئْتَ أَجَبْتُكَ عَمَّا كُنْتَ تَسْأَلُ،وَإِنْ شِئْتَ سَأَلْتَنِي وَأُخْبِرْكَ،فَقَالَ:يَا رَسُولَ اللهِ،بَلْ أَجِبْنِي عَمَّا كُنْتُ أَسْأَلُكَ،قَالَ:جِئْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ الرُّكُوعِ،وَالسُّجُودِ،وَالصَّلاَةِ،وَالصَّوْمِ،فَقَالَ:لاَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَخْطَأْتَ مِمَّا كَانَ فِي نَفْسِي شَيْئًا،قَالَ:فَإِذَا رَكَعْتَ،فَضَعْ رَاحَتَيْكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ،ثُمَّ فَرِّجْ بَيْنَ أَصَابِعِكَ،ثُمَّ أَمْكُثْ حَتَّى يَأْخُذَ كُلُّ عُضْوٍ مَأْخَذَهُ،وَإِذَا سَجَدْتَ،فَمَكِّنْ جَبْهَتَكَ،وَلاَ تَنْقُرُ نَقْرًا،وَصَلِّ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ،فَقَالَ:يَا نَبِيَّ اللهِ،فَإِنْ أَنَا صَلَّيْتُ بَيْنَهُمَا ؟ قَالَ:فَأَنْتَ إِذًا مُصَلِّي،وَصُمْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ،ثَلاَثَ عَشْرَةَ،وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ،وَخَمْسَ عَشْرَةَ،فَقَامَ الثَّقَفِيُّ،ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الأَنْصَارِيِّ،فَقَالَ:إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ عَمَّا جِئْتَ تَسْأَلُ،وَإِنْ شِئْتَ سَأَلْتَنِي فَأُخْبِرْكَ،فَقَالَ:لاَ يَا نَبِيَّ اللهِ،أَخْبَرَنِي عَمَّا جِئْتُ أَسْأَلُكَ،قَالَ:جِئْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ الْحَاجِّ مَا لَهُ حِينَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ ؟ وَمَا لَهُ حِينَ يَقُومُ بِعَرَفَاتٍ ؟ وَمَا لَهُ حِينَ يَرْمِي الْجِمَارَ ؟ وَمَا لَهُ حِينَ يَحْلِقُ رَأْسَهُ ؟ وَمَا لَهُ(1/104)
حِينَ يَقْضِي آخِرَ طَوَافٍ بِالْبَيْتِ ؟ فَقَالَ:يَا نَبِيَّ اللهِ،وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَخْطَأْتَ مِمَّا كَانَ فِي نَفْسِي شَيْئًا،قَالَ:فَإِنَّ لَهُ حِينَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ أَنَّ رَاحِلَتَهُ لاَ تَخْطُو خُطْوَةً إِلاَّ كُتِبَ لَهُ بِهَا حَسَنَةٌ،أَوْ حُطَّتْ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ،فَإِذَا وَقَفَ بِعَرَفَةَ،فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَنْزِلُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا،فَيَقُولُ:انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي شُعْثًا غُبْرًا،اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ ذُنُوبَهُمْ،وَإِنْ كَانَ عَدَدَ قَطْرِ السَّمَاءِ وَرَمْلِ عَالِجٍ،وَإِذَا رَمَى الْجِمَارَ لاَ يَدْرِي أَحَدٌ مَا لَهُ حَتَّى يُوَفَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ،وَإِذَا حَلَقَ رَأْسَهُ فَلَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَقَطَتْ مِنْ رَأْسِهِ نُورٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ،وَإِذَا قَضَى آخِرَ طَوَافِهِ بِالْبَيْتِ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ." ابن حبان (1)
3- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:إِنَّ اللَّهَ يُبَاهِي بِأَهْلِ عَرَفَاتٍ مَلاَئِكَةَ أَهْلِ السَّمَاءِ،فَيَقُولُ:انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي هَؤُلاَءِ جَاؤُونِي شُعْثًا غُبْرًا." ابن حبان (2)
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (5 / 206) (1887) حسن
(2) - صحيح ابن حبان - (9 / 163) (3852) صحيح(1/105)
4- وعَنْ جَابِرٍ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - :مَا مِنْ أَيَّامٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللهِ مِنْ أَيَّامِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ،قَالَ:فَقَالَ رَجُلٌ:يَا رَسُولَ اللهِ،هُنَّ أَفْضَلُ أَمْ عِدَّتُهُنَّ جِهَادًا فِي سَبِيلِ اللهِ،قَالَ:هُنَّ أَفْضَلُ مِنْ عِدَّتِهِنَّ جِهَادًا فِي سَبِيلِ اللهِ،وَمَا مِنْ يوْمٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللهِ مِنْ يوْمِ عَرَفَةَ يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِأَهْلِ الأَرْضِ أَهْلَ السَّمَاءِ،فَيَقُولُ:انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي شُعْثًا غُبْرًا ضَاحِينَ جَاؤُوا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يَرْجُونَ رَحْمَتِي،وَلَمْ يَرَوْا عَذَابِي،فَلَمْ يُرَ يَوْمٌ أَكْثَرُ عِتْقًا مِنَ النَّارِ مِنْ يوْمِ عَرَفَةَ." ابن حبان (1)
فضل يوم النحر:
قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک) [التوبة:3].
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (9 / 164) (3853) صحيح(1/106)
وَبَلاَغٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - ،وَإِنْذَارٌ إِلَى النَّاسِ ( أذَانٌ ) يَوْمَ عِيدِ النَّحْرِ ( لأنَّهُ أَكْبَرُ المَنَاسِكِ،وَمَجْمَعُ النَّاسِ فِي الحَجِّ لِيَصِلَ إِلَيْهِمُ البَلاغُ )،أنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ المُشْرِكِينَ،وَرَسُولُهُ بَرِيءٌ مِنْهُمْ أَيْضاً،فَإِنْ تَابَ المُشْرِكُونَ وَانْتَهُوا عَمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ الشِّرْكِ وَالضَّلاَلِ،فَذَلِكَ خَيْرٌ لَهُمْ،وَإِنْ أَصَرُّوا وَاسْتَمَرُّوا عَلَى مَا هُمْ فِيهِ،فَلْيَعْلَمُوا أَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمُعْجِزِي اللهِ الذِي هُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِمْ،وَهُمْ فِي قَبْضَتِهِ،وَتَحْتَ قَهْرِهِ وَمَشِيئَتِهِ،وَأَنَّهُمْ لَنْ يَفُوتُوهُ أَبَداً،وَلَنْ يَجِدُوا مِنْهُ مَهْرَباً.وَيُهَدِّدُ اللهُ تَعَالَى الكَافِرِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً إِذَا اسْتَمَرُّوا فِي كُفْرِهِمْ . (1)
فضل نحر الهدي:
قال الله تعالى: (? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الحج:36-37].
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 1239)(1/107)
وجعلنا لكم نَحْرَ البُدْن من شعائر الدين وأعلامه؛لتتقربوا بها إلى الله،لكم فيها- أيها المتقربون -خير في منافعها من الأكل والصدقة والثواب والأجر،فقولوا عند ذبحها:بسم الله.وتُنْحَر الإبل واقفة قد صُفَّتْ ثلاث من قوائمها وقُيِّدت الرابعة،فإذا سقطت على الأرض جنوبها فقد حلَّ أكلها،فليأكل منها مقربوها تعبدًا ويُطْعِمُوا منها القانع -وهو الفقير الذي لم يسأل تعففًا- والمعترَّ الذي يسأل لحاجته،هكذا سخَّر الله البُدْن لكم،لعلكم تشكرون الله على تسخيرها لكم.لن ينال اللهَ مِن لحوم هذه الذبائح ولا من دمائها شيء،ولكن يناله الإخلاص فيها،وأن يكون القصد بها وجه الله وحده،كذلك ذللها لكم -أيها المتقربون-؛لتعظموا الله،وتشكروا له على ما هداكم من الحق،فإنه أهلٌ لذلك.وبشِّر- أيها النبي- المحسنين بعبادة الله وحده والمحسنين إلى خلقه بكل خير وفلاح.
فضل أيام التشريق:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ??) [البقرة:203].(1/108)
الأَيَّامُ المَعْدُودَاتُ هِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ ( يَوْمُ النَّحْرِ وَثَلاَثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَهُ - وَهِيَ أَيَّامُ رَمْيِ الجِمَارِ ) فَكَبِّرُوا اللهَ بَعْدَ صَلَواتِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.ثُمَّ أَشَارَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى،إِلَى النَفْرِ مِنْ مِنىً فِي اليَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ - أَيْ ثَالِثِ أَيَّامِ العِيدِ - قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فِي ذلِكَ اليَوْمِ،عَلَى قَوْلِ الأَئِمَّةِ الثَّلاَثَةِ،وَقَبْلَ فَجْرِ اليَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَلَى قَوْلِ الإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ،وَبِذلِكَ يَسْقُطُ عَنْهُ،رَمِيُ الجِمَارِ فِي اليَوْمِ الأَخِيرِ مِنْ أَيَّامِ العِيدِ،وَلا إِثْمَ عَلَيهِ فِي ذلِكَ،وَمَنْ بَقِيَ إِلَى اليَوْمِ الرَّابعِ فَلا إِثْمَ عَلَيهِ.فَالمُهِمُّ فِي الأَمْرِ مَرَاقَبَةُ المَرْءِ تَقْوَى اللهِ.ثُمَّ يَأْمُرُ اللهُ المُؤْمِنينَ بِتَقْوَاهُ،وَيُعَلِمُهُمْ أَنَّهُمْ إِليهِ رَاجِعُونَ يَوْمَ الحَشْرِ . (1)
2- وَعَنْ نُبَيْشَةَ الهُذَلِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«أيَّامُ التَّشْرِيقِ أيَّامُ أكْلٍ وَشُرْبٍ،وَذِكْرٍ لله».أخرجه مسلم (2) .
فضل العمرة في رمضان:
1-عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنْهُمَا قال:لَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ حَجَّتِهِ،قال لأُمِّ سِنَانٍ الأنْصاريَّةِ:«مَا مَنَعَكِ مِنَ الحَجِّ».قالتْ:أبُو فُلانٍ،تَعْنِي زَوْجَهَا،كَانَ لَهُ نَاضِحَانِ حَجَّ عَلَى أحَدِهِمَا،وَالآخَرُ يَسْقِي أرْضاً لَنَا.قال:«فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً أوْ حَجَّةً مَعِي». متفق عليه (3) .
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 210)
(2) أخرجه مسلم برقم (1141).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1863), واللفظ له، ومسلم برقم (1256).(1/109)
2- وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،قَالَ:جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ،فَقَالَتْ:حَجَّ أَبُو طَلْحَةَ وَابْنُهُ وَتَرَكَانِي،فَقَالَ:يَا أُمَّ سُلَيْمٍ عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً." ابن حبان (1)
3- وعَنْ أَبِي طَلِيقٍ،قَالَ:" طَلَبَتْ مِنِّي أُمُّ طَلِيقٍ جَمَلًا تَحُجُّ عَلَيْهِ،فَقُلْتُ:قَدْ جَعَلْتُهُ فِي سَبِيلِ اللهِ،فَقَالَتْ:لَوْ أَعْطَيْتَنِيهِ , لَكَانَ فِي سَبِيلِ اللهِ , فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ،فَقَالَ:" صَدَقَتْ , لَوْ أَعْطَيْتَهَا لَكَانَ فِي سَبِيلِ اللهِ , فَإِنَّ الْعُمْرَةَ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً " معرفة الصحابة (2)
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (9 / 12) (3699) صحيح
(2) - معرفة الصحابة لأبي نعيم - (5 / 2945) (6879 ) حسن(1/110)
4- وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،قَالَ:أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْحَجَّ،فَقَالَتِ امْرَأَةٌ لِزَوْجِهَا حُجَّنِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ،فَقَالَ:مَا عِنْدِي مَا أُحِجُّكِ عَلَيْهِ،قَالَتْ:فَحُجَّنِي عَلَى نَاضِحِكَ،قَالَ:ذَاكَ يَعْتَقِبُهُ أَنَا وَوَلَدُكِ،قَالَتْ:حُجَّنِي عَلَى جَمَلِكَ فُلانٍ،قَالَ:ذَلِكَ حَبِيسُ سَبِيلِ اللَّهِ،قَالَتْ:فَبِعْ تَمْرَتَكَ،قَالَ:ذَاكَ قُوتِي وَقُوتُكِ،فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ مَكَّةَ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ زَوْجَهَا،فَقَالَتْ:أَقْرِئْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنِّي السَّلامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ،وَسَلْهُ مَا تَعْدِلُ حَجَّةً مَعَكَ،فَأَتَى زَوْجُهَا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - ،فَقَالَ:يَا رَسُولَ اللَّهِ،إِنَّ امْرَأَتِي تُقْرِئُكَ السَّلامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ،وَإِنَّهَا كَانَتْ سَأَلَتْنِي أَنْ أَحُجَّ بِهَا مَعَكَ،فَقُلْتُ لَهَا:لَيْسَ عِنْدِي مَا أُحِجُّكِ عَلَيْهِ،فَقَالَتْ:حُجَّنِي عَلَى جَمَلِكَ فُلانٍ،فَقُلْتُ لَهَا:ذَلِكَ حَبِيسٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ،فَقَالَ:أَمَا إِنَّكَ لَوْ كُنْتَ حَجَجْتَهَا،فَكَانَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ،فَقَالَتْ:حُجَّنِي عَلَى نَاضِحِكَ،فَقُلْتُ:ذَاكَ يَعْتَقِبُهُ أَنَا وَوَلَدُكُ،قَالَتْ:فَبِعْ تَمْرَتَكَ،فَقُلْتُ:ذَاكَ قُوتِي وَقُوتُكِ،قَالَ:فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَعَجُّبًا مِنْ حِرْصِهَا عَلَى الْحَجِّ،وَإِنَّهَا أَمَرَتْنِي أَنْ أَسْأَلَكَ مَا يَعْدِلُ حَجَّةً مَعَكَ ؟ قَالَ:أَقْرِئْهَا مِنِّي السَّلامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ،وَأَخْبِرْهَا أَنَّهَا تَعْدِلُ حَجَّةً مَعِي عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ" ابن خزيمة (1)
فضل المتابعة بين الحج والعمرة:
__________
(1) - صحيح ابن خزيمة (4 / 249) صحيح(1/111)
عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«تَابعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الفَقْرَ وَالذنُوبَ كَمَا يَنْفِي الكِيرُ خَبَث الحَدِيدِ وَالذهَب وَالفِضَّةِ،وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ المَبْرُورَةِ ثوَابٌ إِلاَّ الجَنَّةُ».أخرجه أحمد والترمذي (1) .
فضل حج النساء:
عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنَّهَا قالتْ:يَا رَسُولَ الله،نَرَى الجِهَادَ أفْضَلَ العَمَلِ،أفَلا نُجَاهِدُ؟ قال:«لا،لَكِنَّ أفْضَلَ الجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ».أخرجه البخاري (2) .
- - - - - - - - - - - -
7- فضائل الذكر
فضل الذكر:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ??) [الرعد:28].
هؤلاَءِ الذِينَ يَهْدِيهِمُ اللهُ هُمُ المُؤْمِنُونَ،الذِينَ آمَنُوا بِاللهِ،وَتَطيبُ قُلُوبُهُمْ،وَتَهْدَأُ إِلَى جَانِبِ اللهِ،وَتَسْكُنُ عِنْدَ ذِكْرِهِ،وَتَرْضَى بِهِ مَوْلًى وَنَاصِراً.وَفِي الحَقِيقَةِ إِنَّ القُلُوبَ المُؤْمِنَةَ تَطْمَئِنُّ وَتَسْكُنُ وَتَهْدَأُ عِنْدَ ذِكْرِ اللهِ تَعَالَى . (3)
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ?) [البقرة:152].
__________
(1) حسن/ أخرجه أحمد برقم (3669), وأخرجه الترمذي برقم (810)، وهذا لفظه.
(2) أخرجه البخاري برقم (1520). راجع التفاصيل في كتابي (( الخلاصة في أحكام الحج والعمرة ))
(3) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 1736)(1/112)
يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ بِأَنْ يَذْكُرُوهُ فِيمَا افْتَرَضَهُ عَلَيهِمْ مِنْ طَاعَةٍ وَحَمْدٍ وَتَسْبِيحٍ وَقِرَاءةِ قُرْآنٍ،لِيَذْكُرَهُمْ فِيمَا أُوْجَبَ لَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ الكَرِيْمَةَ مِنْ إِدَامَةِ النِّعَمِ وَالفَضْلِ،وَلِيُجْزِلَ لَهُمُ الثَّوَابَ،وَيُفِيضَ عَلَيهمِ الخَيْرَاتِ(أَيِ اذكُرُونِي بِطَاعَتي،أَذْكُرْكُمْ بِمَغْفِرَتي )،وَأَمَرَ اللهُ المُؤْمِنِينَ بِالشُّكْرِ لَهُ،وَوَعَدَ الشَّاكِرِينَ بِمَزِيدٍ مِنَ الخَيْرِ وَالبَرَكَاتِ،وَنَهَاهُمْ عَنِ الكُفْرِ بِالنِّعْمَةِ . (1)
3- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:قالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - :«يَقُولُ اللهُ تَعَالَى:أنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي،وَأنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي،وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ،وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعاً،وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعاً تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعاً،وَإِنْ أتَانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً».متفق عليه (2) .
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 159)
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7405), واللفظ له، ومسلم برقم (2675).
الملأ : أشراف الناس ، ورؤساؤهم الذين يرجعون إلى أقوالهم.
تقربت إليه ذراعا : المراد بقرب العبد من الله : القرب بالذكر والعمل الصالح ، لا قرب الذات والمكان ، فإن ذلك من صفات الأجسام ، والله يتعالى عن ذلك ويتقدس ، والمراد بقرب الله من العبد : قرب نعمه وألطافه به ، وبره وإحسانه إليه ، وفيض مواهبه عليه ، وترادف مننه عنده.(1/113)
4-وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،عن النبى - صلى الله عليه وسلم - ،عَنِ اللَّهِ،قَالَ:"إِنْ ذَكَرَنِي عَبْدِي وَحْدَهُ ذَكَرْتُهُ وَحْدِي،وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلإٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ،وَإِنْ أَقْبَلَ إِلَيَّ يَمْشِي أَقْبَلْتُ إِلَيْهِ أُهَرْوِلُ" الطبراني (1)
5- وَعَنْ أبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:قالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - :«مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ».أخرجه البخاري (2) .
فضل دوام الذكر والفكر:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ??) [الأحزاب:41-42].
يا أيها الذين صَدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه،اذكروا الله بقلوبكم وألسنتكم وجوارحكم ذِكْرًا كثيرًا،واشغلوا أوقاتكم بذكر الله تعالى عند الصباح والمساء،وأدبار الصلوات المفروضات،وعند العوارض والأسباب،فإن ذلك عبادة مشروعة،تدعو إلى محبة الله،وكف اللسان عن الآثام،وتعين على كل خير.
__________
(1) - المعجم الكبير للطبراني - (19 / 286) (701 ) و صحيح مسلم- المكنز - (7128 )
قوله ومن تقرّب الخ، الموهم ظاهره المكان وجواز الأعراض على الباري سبحانه (في الباب قبله) بما حاصل أنه مؤول بأن المراد بالتقرّب إليه التقرّب إلى فضله وإحسانه بصالح العمل، والمراد بتقربه تعالى من العامل إسباغ فضله عليه زيادة على قدر عمله " دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين - (4 / 207)
(2) أخرجه البخاري برقم (6407).(1/114)
2- وَعَنْ حَنْظَلَةَ الأُسَيِّدِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ:كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ؟ قَالَ:قُلْتُ:نَافَقَ حَنْظَلَةُ،قَالَ:سُبْحَانَ الله مَا تَقُولُ؟ قَالَ:قُلْتُ:نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالجَنَّةِ،حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ،فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ،عَافَسْنَا الأَزْوَاجَ وَالأَوْلاَدَ وَالضَّيْعَاتِ،فَنَسِينَا كَثِيراً قَالَ أَبُو بَكْرٍ:فَوَ الله ! إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا،فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ،قُلْتُ نَافَقَ حَنْظَلَةُ،يَا رَسُولَ الله ! فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«وَمَا ذَاك؟» قُلْتُ:يَا رَسُولَ الله ! نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ،عَافَسْنَا الأَزْوَاجَ وَالأَوْلاَدَ وَالضَّيْعَاتِ،نَسِينَا كَثِيراً فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي وَفِي الذِّكْرِ لَصَافَحَتْكُمُ المَلاَئِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً».ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.أخرجه مسلم (1) .
فضائل الأذكار:
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (2750).(1/115)
1- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«مَنْ قَالَ:لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ،لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ،وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ،فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ،كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ،وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ،وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ وَكَانَتْ لَهُ حِرْزاً مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلاَّ أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَمَنْ قَالَ:سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ،فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ».متفق عليه (1) .
2- وعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«أَحَبّ الكَلاَمِ إِلَى الله أَرْبَعٌ:سُبْحَانَ الله،وَالحَمْدُ ?،وَلاَ إِلََهَ إِلاّ الله،وَاللهُ أَكْبَرُ،لاَ يَضُرّكَ بِأَيّهِنّ بَدَأْتَ».أخرجه مسلم (2) .
3- وَعَنْ أبِي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«لَأَنْ أَقُولَ سُبْحَانَ الله وَالحَمْدُ لله وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ».أخرجه مسلم (3) .
4- وَعَنْ أبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ،وَالحَمْدُ ? تَمْلأُ المِيزَانَ،وَسُبْحَانَ الله وَالحَمْدُ ? تَمْلآنِ «أوْ تَمْلأُ» مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ».أخرجه مسلم (4) .
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6403), ومسلم برقم (2691)، واللفظ له.
(2) أخرجه مسلم برقم (2137).
(3) أخرجه مسلم برقم (2695).
(4) أخرجه مسلم برقم (223).(1/116)
5- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ،ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ،حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ:سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ،سُبْحَانَ الله العَظِيمِ».متفق عليه (1) .
6- وَعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ فَجَعَلَ النَّاسُ يَجْهَرُونَ بِالتَّكْبِيرِ،فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - :«أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ،إِنَّكُمْ لَيْسَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِباً إِنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعاً قَرِيباً وَهُوَ مَعَكُمْ».قَالَ:وَأَنَا خَلْفَهُ وَأَنَا أَقُولُ:لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بالله،فَقَالَ:«يَا عَبْدَ الله بْنَ قَيْسٍ! أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ».فَقُلْتُ:بَلَى يَا رَسُولَ الله ! قَالَ:«قُلْ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بالله ».متفق عليه (2) .
7- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ عَشْراً».أخرجه مسلم (3) .
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6682), واللفظ له، ومسلم برقم (2694).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6384), ومسلم برقم (2704)، واللفظ له.
(3) أخرجه مسلم برقم (408).
قَالَ الْقَاضِي : مَعْنَاهُ رَحْمَته وَتَضْعِيف أَجْره كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْر أَمْثَالهَا } قَالَ : وَقَدْ يَكُون الصَّلَاة عَلَى وَجْههَا وَظَاهِرهَا تَشْرِيفًا لَهُ بَيْن الْمَلَائِكَة كَمَا فِي الْحَدِيث : ( وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأ خَيْر مِنْهُمْ ) .شرح النووي على مسلم - (2 / 144)(1/117)
8- وَعَنْ أَبِي أَيُّوْبٍ الأَنْصارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«مَنْ قَالَ:لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ،لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ،وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ،عَشْرَ مِرَارٍ،كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ أَرْبَعَةَ أَنْفُسٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ».أخرجه مسلم (1) .
9- وعَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِى مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ صَلَّى عَلَىَّ صَلاَةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ وَحُطَّتْ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ » النسائي. (2)
- - - - - - - - - - - - -
8- فضائل الدعاء
فضل الدعاء:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [البقرة:186].
وإذا سألك -أيها النبي- عبادي عني فقل لهم:إني قريب منهم،أُجيب دعوة الداعي إذا دعاني،فليطيعوني فيما أمرتهم به ونهيتهم عنه،وليؤمنوا بي،لعلهم يهتدون إلى مصالح دينهم ودنياهم.وفي هذه الآية إخبار منه سبحانه عن قربه من عباده،القرب اللائق بجلاله.
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (2693).
(2) - سنن النسائي- المكنز - (1305 ) صحيح(1/118)
والقرب نوعان:قرب بعلمه من كل خلقه،وقرب من عابديه وداعيه بالإجابة والمعونة والتوفيق.فمن دعا ربه بقلب حاضر،ودعاء مشروع،ولم يمنع مانع من إجابة الدعاء،كأكل الحرام ونحوه،فإن الله قد وعده بالإجابة،وخصوصا إذا أتى بأسباب إجابة الدعاء،وهي الاستجابة لله تعالى بالانقياد لأوامره ونواهيه القولية والفعلية،والإيمان به،الموجب للاستجابة،فلهذا قال:{ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } أي:يحصل لهم الرشد الذي هو الهداية للإيمان والأعمال الصالحة،ويزول عنهم الغي المنافي للإيمان والأعمال الصالحة.ولأن الإيمان بالله والاستجابة لأمره،سبب لحصول العلم كما قال تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا } (1) .
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ?) [غافر:60].
يَحُثُّ اللهُ تَعَالَى عِبَادَهُ عَلَى دُعَائِهِ،وَتَكَفَّلَ لَهُمْ بِالإِجَابَةِ عَلَى دُعَائِهِمْ؛وَدُعَاءُ العَبْدِ رَبِّهُ دَلِيلٌ عَلَى إِيْمَانِهِ بِرَبِّهِ،وَخَوْفِهِ مِنْهُ،وَطَمَعِهِ فِي ثَوَابِهِ وَكَرَمِهِ،وَرَحْمَتِهِ،وَمَنْ اسْتَكْبَرَ عَنْ عِبَادَةِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ لاَ يَهْتَمُّ بِإِجَابَةِ دُعَائِهِ لأَنَّهُ لاَ يُؤْمِنُ بِاللهِ،وَأَنَّهُ وَاحِدٌ لا شَرِيكَ لَهُ،وَأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى مَعْرِفَةِ أَحْوَالِ الخَلاَئِقِ،وَتَصْرِيفِ شُؤُونِهِمْ،وَإحْصَاءِ أَعْمَالِهِمْ،وَإِعَادَةِ بَعْثِهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ لِيُحَاسِبَهُمْ عَلَيْهَا،وَيَجْزِيَهُمْ بِهَا .وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى:إِنَّ الذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ فَإِنَّهُ سَيُدْخِلُهُمُ النَّارَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَهُمْ أَذِلاءُ صَاغِرُونَ (2) .
__________
(1) - تفسير السعدي - (1 / 87)
(2) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 4072)(1/119)
3- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي،وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي،إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي،وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلإٍ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْراً،تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعاً وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعاً،تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعاً وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً».متفق عليه (1) .
فضل الدعاء بمغفرة الذنوب:
1- قال الله تعالى:(ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [آل عمران:146-148].
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7405), ومسلم برقم (2675)، واللفظ له.(1/120)
فِي هَذِهِ الآيَةِ يُسَلِّي اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ عَمَّا وَقَعَ فِي نُفُوسِهِمْ يَوْمَ أحُدٍ،فَقَالَ لَهُمْ:كَمْ مِنْ نَبِيٍّ قُتِلَ وَهُوَ يُقَاتِلُ،وَكَانَ مَعَه جَمَاعَاتٍ كَثِيرَةٌ ( رِبِّيُّونَ ) مِمَّنْ آمَنُوا بِهِ،وَاعْتَقَدُوا أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ،فَمَا وَهِنُوا،وَمَا ضَعُفُوا بَعْدَ قَتْلِ النَّبِيِّ،وَمَا اسْتَكَانُوا،وَمَا اسَتَذَلُّوا لِمَا أصَابَهُمْ فِي الجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ،وَفِي سَبِيلِ إِعْلاَءِ دِينِهِ،وَإِنَّمَا صَبَرُوا عَلَى قِتَالِ الأَعْدَاءِ،وَلَمْ يَهْرُبُوا مُوَلِّينَ الأَدْبَارَ،لأنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ لاَ فِي سَبِيلِ نَبِيِّهِمْ،فَعَلَيْكُمْ أيُّهَا المُسْلِمُونَ أنْ تَعْتَبِرُوا بِأولَئِكَ الرِّبِّيِّينَ،وَتَصْبِرُوا كَمَا صَبَرُوا فَإنَّ دِينَ اللهِ وَاحِدٌ،وَسُنَّتَهُ فِي خَلْقِهِ وَاحِدَةٌ .فَاحْتَسَبَ هَؤُلاءِ المُؤْمِنُونَ ( الرِّبِّيُّونَ ) اللهَ عِنْدَ اشْتِدَادِ الخَطْبِ،وَهُمْ يُقَاتِلُونَ أَعْدَاءَهُمْ،وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ قَوْلٍ عِنْدَ نُزُولِ الكَوَارِث إلاَ الدُّعَاءُ إلَى اللهِ أنْ يَغْفِرَ لَهُمْ بِجِهَادِهِمْ مَا كَانُوا ألمُّوا بِهِ مِنْ ذنُوبٍ،وَتَجَاوُزَوا فِيهِ حُدُودَ الشَّرائعِ،وَأن يُثَبِّتَ أقْدَامَهُمْ عَلَى الصِّرَاطِ القَوِيمِ،حَتَّى لا تُزَحْزِحَهُم الفِتَنُ،وَلاَ يَعْرُوهُمُ الفَشَلُ حِينَ مُقَابَلَةِ الأعْدَاءِ فِي سَاحَةِ الحَرْبِ.(1/121)
فَآتَاهُمُ اللهُ النَّصْرَ وَالظَّفَرَ عَلَى الأَعْدَاءِ،وَهُمَا ثَوَابُ الدُّنْيا،وَجَمَعَ لَهُمْ،إلَى ذَلِكَ الظَّفَرِ،حُسْنَ ثَوابِ الآخِرَةِ،وَهُوَ الفَوْزُ بِرُضْوَانِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ،وَاللهُ يُحِبُّ الذِينَ يُحْسِنُونَ العَمَلَ،لأَنَّهُمْ يُقِيمُونَ سُنَّتَهُ فِي أَرْضِهِ،وَيُظْهِرُونَ بِأَنْفُسِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ أَنَّهُمْ جَدِيرُونَ بِخِلاَفَةِ اللهِ فِيهَا . (1)
2- وَعَنْ طَارق بنْ أَشْيَم رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ:يَا رَسُولَ الله!كَيْفَ أَقُولُ حِينَ أَسْأَلُ رَبِّي؟ قَالَ:«قُلِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَعَافِنِي وَارْزُقْنِي».وَيَجْمَعُ أَصَابِعَهُ إِلاَّ الإِبْهَامَ «فَإِنَّ هَؤُلاَءِ تَجْمَعُ لَكَ دُنْيَاكَ وَآخِرَتَكَ».أخرجه مسلم (2) .
فضل الاستغفار والتوبة:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ?) [نوح:10-12].
قُلْتُ لَهُمْ:اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ وَاسْأَلُوهُ العَفْوَ عَنْ ذُنُوبِكُمْ،وَمَا فَرطَ مِنْكُمْ مِنَ السَّيِّئَاتِ والآثَامِ،فَرَبُّكُمْ غَفَّارٌ لِذُنُوبِ مَنْ تَابَ إِلَيْهِ،وَرَجَعَ إِلَيْهِ مُخْلِصاً مُنِيباً.وَإِنَّكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ،وَاسْتَغْفَرْتُمُوهُ،فَإِنَّهُ تَعَالَى يُرْسِلُ المَطَرَ عَلَيْكُمْ مُتَتَابِعاً،لِتُنْبِتَ أَرْضُكُمْ بِالزُّرُوعِ وَالخَيْرَاتِ.وَيُكَثِّرُ لَكُمُ الأَمْوَالَ وَالخَيْرَاتِ،وَيُكَثِّرُ لَكُمُ الأَوْلاَدَ،وَيَجْعَلُ لَكُمْ بَسَاتِينَ تُنْتِجُ الثِّمَارَ،وَيَجْعَلُ لَكُمْ أَنْهَاراً جَارِيَةً تَرْوِي الزُّروعَ وَالبَسَاتِينَ والأَشْجَارَ والمَوَاشِيَ فَتَزْدَادُ الخَيْرَاتُ . (3)
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 439)
(2) أخرجه مسلم برقم (2697).
(3) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 5307)(1/122)
2- وقال الله تعالى:(ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [هود:3].
وَاسْأَلُوا رَبَّكُمْ مُتَضَرِّعِينَ إِلَيْهِ أَنْ يَغْفِرَ لَكُمْ مَا كَانَ مِنْكُمْ مِنْ أَعْمَالِ الشِّرْكِ وَالكُفْرِ وَالإِجْرَامِ،ثُمَّ ارْجِعُوا إِلَيْهِ بِالتَّوْبَةِ،وَبِإِخْلاَصِ العِبَادَةِ لَهُ وَحْدَهُ دُونَ سِوَاهُ،فَإِنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ،وَاسْتَغْفَرْتُمْ رَبَّكُمْ،وَتُبْتُمْ إِلَيْهِ،فَإِنَّهُ يُمَتِّعُكُمْ فِي الدُّنْيا مَتَاعاً حَسَناً،وَيَرْزُقُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ،وَيَنْسَأُ لَكُمْ فِي آجَالِكُمْ إلَى الوَقْتِ الذِي قَضَى عَلَيْكُمْ فِيهِ بِالمَوْتِ،وَيَجْعَلُكُمْ خَيْرَ الأُمَمِ نِعْمَةً وَقُوَّةً وَعِزَّةً،وَيُعْطِي كُلَّ ذِي فَضْلٍ،مِنْ عِلْمٍ وَعَمَلٍ،جَزَاءَ فَضْلِهِ.أَمَّا إِنْ تَوَلَّيْتُمْ وَأَعْرَضْتُمْ عَمَّا دَعَوْتُكُمْ إِلَيْهِ فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرِ الهَوْلِ،شَدِيدِ البَأْسِ . (1)
3- وقال الله تعالى:( ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? [المائدة:72-74].
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 1477)(1/123)
يُؤَكِّدُ اللهُ تَعَالَى أنَّ الذِينَ قَالُوا إنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ هُمْ كُفَّارٌ،وَأنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ إلاَّ إلَه وَاحِدٌ،وَهُوَ رَبُّ جَمِيعِ الكَائِنَاتِ وَإلهُهَا.وَيَتَوعَدُ اللهُ القَائِلِينَ ( إنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ مِنَ الأَقَانِيمِ )،وَيَتَهَدَّدُهُمْ بِأَنَّهُمْ إنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَهُ مِنَ الكَذِبِ وَالافْتِرَاءِ،لَيَمَسَّنَّ الذِينَ كَفُرُوا مِنْهُمْ،عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدَّارِ الآخِرَةِ.( وَتَقُولُ فِئَةٌ مِنَ النَّصَارَى بِالأَقَانِيمِ الثَّلاَثَةِ،أقْنُومِ الأَبِ،وَأقْنُومِ الابْنِ،وَأقْنُومِ الكَلِمَةِ المُنْبَثِقَةِ مِنَ الأبِ إلى الابْنِ ) .يَقُولُ تَعَالَى كَيْفَ يَسْمَعُ هَؤُلاَءِ مَا ذُكِرَ مِنَ التَّفْنِيدِ لأَقْوَالِهِمْ،وَالوَعِيدِ عَلَيْهَا،ثُمَّ لاَ يَحْمِلُهُمْ ذَلِكَ عَلَى التَّوْبَةِ وَالرُّجُوعِ إلَى التَّوْحِيدِ،وَعَلَى اسْتِغْفَارِ اللهِ عَمَّا فَرَّطَ مِنْهُمْ؟ ثُمَّ يَحُثُهُمْ تَعَالَى عَلَى طَلَبِ المَغْفِرَةِ مِنَ اللهِ لِيَتُوبَ عَلَيْهِم سُبْحَانَهُ،وَهُوَ الجَوَادُ الكَرِيمُ . (1)
4- وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:«وَ الله إِنِّي لأسْتَغْفِرُ اللهَ وَأتُوبُ إِلَيْهِ فِي اليَوْمِ أكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً».أخرجه البخاري (2) .
5- وَعَنِ الأَغَرِّ المُزَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي،وَإِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللهَ،فِي اليَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ».أخرجه مسلم (3) .
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 743)
(2) أخرجه البخاري برقم (6307).
(3) أخرجه مسلم برقم (2702).(1/124)
6-وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ لَزِمَ الاِسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ » أبو داود (1) .
- - - - - - - - - - - -
7- فضائل المعاملات
فضل الورع في المعاملات:
عَنِ النّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:(وَأَهْوَى النّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إلَىَ أُذُنَيْهِ) «إنّ الحَلاَلَ بَيّنٌ وَإنّ الحَرَامَ بَيّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهُنّ كَثِيرٌ مِنَ النّاسِ،فَمَنِ اتّقَى الشّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ،وَمَنْ وَقَعَ فِي الشّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الحَرَامِ،كَالرّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى،يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ،أَلاَ وَإنّ لِكُلّ مَلِكٍ حِمىً،أَلاَ وَإِنّ حِمَى الله مَحَارِمُهُ،أَلاَ وَإِنّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً،إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلّهُ وَإذَا فَسَدَتْ،فَسَدَ الجَسَدُ كُلّهُ،أَلاَ وَهِيَ القَلْبُ».متفق عليه (2) .
فضل الكسب الحلال:
__________
(1) - سنن أبي داود - المكنز - (1520 ) حسن لغيره
قال الحكيم: وأشار بالإكثار إلى أن الآدمي لا يخلو من ذنب أو عيب ساعة فساعة والعذاب عذابان أدنى وأكبر فالأدنى عذاب الذنوب والعيوب فإذا كان العبد مستيقظاً على نفسه فكلما أذنب أو أعتب أتبعهما استغفاراً فلم يبق في وبالها وعذابها وإذا لها عن الاستغفار تراكمت ذنوبه فجاءت الهموم والضيق والعسر والعناء والتعب فهذا عذابه الأدنى وفي الآخرة عذاب النار وإذا استغفر تنصل من الهم فصار له من الهموم فرجاً ومن الضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب. فيض القدير، شرح الجامع الصغير(13 / 33)
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (52), ومسلم برقم (1599)، واللفظ له.(1/125)
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ) [الجمعة:9-10].
يَحُثَّ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنينَ عَلَى تَرْكِ البَيْعِ وَالشِّرَاءِ،وَعَلَى السَّعْيِ بِسَكِينَةٍ وَوِقَارٍ إِلَى المَسَاجِدِ،حِينَما يُؤَذِّنُ المُؤَذِّنُ لِصَلاَةِ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ الجُمْعَةِ،لِلاسْتِمَاعِ إِلَى مَوَاعِظِ الخُطَبَاءِ،وَلأَداءِ الصِّلاَةِ مَعَ الجَمَاعَةِ.وَذِلكَ السَّعْيُ إِلَى الصَّلاَةِ خَيْرٌ لِلمُؤْمِنِينَ وَأَبْقَى مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا الفَانِيَةِ،هَذَا إِنْ كَانَ المُخَاطَبُونَ مِنْ ذَوِي العِلْمِ الصَّحِيحِ بِمَا يَذِرُّ وَيْنْفُعُ.فَإِذَا أَدَّيْتُمُ الصَّلاَةَ فَتَفَرَّقُوا لِمُبَاشَرَةِ مَصَالِحِكُمْ الذُّنْيَوِيَّةِ،وَاسْأَلُوا اللهَ الرِّزْقَ الحَلاَلَ،واذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً أَثْنَاءَ بَيْعِكُمْ وَشِرَائِكُمْ،وَلاَ تَتْركُوا الدُّنْيَا تَشْغَلُكُمْ عَمَّا يَنْفَعُكُمْ فِي الآخِرَةِ،لَعَلَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ تُفْلِحُونَ،وَتَفُوزُونَ بِرِضَا اللهِ،وَحُسْنِ ثَوَابِهِ . (1)
2- وَعَنِ المِقْدَامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ:«مَا أكَلَ أحَدٌ طَعَاماً قَطُّ خَيْراً مِنْ أنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ،وَإِنَّ نَبِيَّ الله دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلام كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ».أخرجه البخاري (2) .
فضل السماحة في البيع والشراء:
1-عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«رَحِمَ اللهُ رَجُلاً سَمْحاً إِذَا بَاعَ،وَإِذَا اشْتَرَى،وَإِذَا اقْتَضَى».أخرجه البخاري (3) .
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 5064)
(2) أخرجه البخاري برقم (2072).
(3) أخرجه البخاري برقم (2076).(1/126)
2- وعَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " غَفَرَ اللهُ لِرَجُلٍ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانَ سَهْلًا إِذَا بَاعَ،سَهْلًا إِذَا اشْتَرَى سَهْلًا إِذَا قَضَى،سَهْلًا إِذَا اقْتَضَى " الترمذي. (1)
فضل إنظار المعسر:
1- عَنْ عَبْدِ الله بْنِ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ طَلَبَ غَرِيماً لَهُ فَتَوَارَى عَنْهُ،ثُمَّ وَجَدَهُ فَقَالَ:إِنِّي مُعْسِرٌ،فَقَالَ:الله قَالَ:الله قَالَ:فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:«مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَةِ فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ،أَوْ يَضَعْ عَنْهُ».أخرجه مسلم (2) .
2- وَعَنْ أَبي اليَسَرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ:«مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً أَوْ وَضَعَ عَنْهُ،أَظَلَّهُ اللهُ فِي ظِلِّهِ».أخرجه مسلم (3) .
3- وَعن بريدة رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:«مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلِهِ صَدَقَةٌ»،قَالَ:ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ:«مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ»،قُلْتُ:سَمِعْتُكَ يَا رَسُولَ الله تَقُولُ:«مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلِهِ صَدَقَةٌ»،ثُمَّ سَمِعْتُكَ تَقُولُ:«مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ»،قَالَ:«لَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ الدَّيْنُ،فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ فَأَنْظَرَهُ فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ».أخرجه أحمد (4) .
فضل إنظار الموسر:
__________
(1) - سنن الترمذى- المكنز - (1369 ) صحيح
(2) أخرجه مسلم برقم (1563).
(3) أخرجه مسلم برقم (3006).
(4) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (23046), انظر «الإرواء» رقم (1438).(1/127)
عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:قالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - :«تَلَقَّتِ المَلائِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ،قالوا:أعَمِلْتَ مِنَ الخَيْرِ شَيْئاً؟ قال:كُنْتُ آمُرُ فِتْيَانِي أنْ يُنْظِرُوا وَيَتَجَاوَزُوا عَنِ المُوسِرِ،قال:فَتَجَاوَزُوا عَنْهُ».متفق عليه (1) .
فضل الإصلاح بين الناس:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ?) [النساء:114].
لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِمَا يَتَنَاجَى بِهِ هَؤُلاءِ الذِينَ يُسِرُّونَ الحَدِيثَ،مِنْ جَمَاعَةِ ابْنِ أَبَيْرق،الذِينَ أَرَادُوا مُسَاعَدَتَهُ عَلَى اتِّهَامِ اليَهُودِيِّ وَبَهْتِهِ،وَمَنْ مَاثَلَهُمْ مِنَ النَّاسِ،وَلَنْ يَكُونَ الخَيْرُ فِي نَجْوَى النَّاسِ،إلاَّ إذَا تَنَاوَلَتْ أحَاديثُهُمْ ذِكْرَ اللهِ،أَوْ أَمْراً بِصَدَقَةٍ،أَوْ أَمْراً بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهْيّاً عَنْ مُنْكَرٍ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه:" كَلاَمُ ابْنِ آدَمَ كُلُّهُ عَلَيهِ لاَ لَهُ إلاَّ ذِكْرُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ،أَوْ أَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ،أَوْ نَهْيٌّ عَنْ مُنْكَرٍ "،أَوْ سَعْياً فِي إِصْلاَحِ ذَاتِ البَيْنِ بَيْنَ أنَاسٍ مُخْتَلِفِينَ مُتَخَاصِمِينَ.وَمَنْ يَفُعْلْ هَذِهِ الأَعْمَالَ الثَّلاَثَةَ،ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَرْضَاتِهِ لاَ يَبْغِي ثَوَابَ ذَلِكَ عِنْدَ غَيْرِ اللهِ،فَسَوْفَ يُثِيبُهُ اللهُ ثَوَاباً جَزِيلاً كَثِيراً . (2)
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2077), واللفظ له، ومسلم برقم (1560).يعني لم يعمل غير الإسلام
(2) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 607)(1/128)
2- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاس عَلَيْهِ صَدَقَةٌ،كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ،يَعْدِلُ بَيْنَ النَّاسِ صَدَقَةٌ».متفق عليه (1) .
3- وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ،عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:أَلاَ أُخْبِرُكُمْ،بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ،وَالْقِيَامِ ؟ قَالُوا:بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ،قَالَ:إِصْلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ،وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ." ابن حبان (2)
فضل العدل:
1- قال الله تعالى:(چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ) [النحل:90].
إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَأْمُرُ فِي كِتَابِهِ الذِي أَنْزَلَهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالعَدْلِ وَالإِنْصَافِ،وَيَنْدُبُ إِلَى الإِحْسَانِ وَالفَضْلِ،وَيَأْمُرُ بِصِلَةِ الرَّحْمِ وَإِعْطَاءِ ذَوِي القُرْبَى مَا هُمْ بِحَاجَةٍ إِلَيْهِ،وَيَنْهَى عَنِ ارْتِكَابِ المُحَرَّمَاتِ وَالمُنْكَرَاتِ وَالفَوَاحِشِ،مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ،مِمَّا يَأْتِيهِ العَبْدُ سِرّاً وَخِفْيَةً وَاللهُ تَعَالَى إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالخَيْرِ،وَيَنْهَاكُمْ عَنِ المُنْكَرِ وَالشَّرِّ،لَعَلَّكُمْ تَتَذَكَّرُونَ مَا أَوْدَعَهُ اللهُ فِي الفِطْرَةِ مِنْ وَحْيٍ قَوِيمٍ أَصِيلٍ،فَتَعْمَلُوا بِمُقْتَضَاهُ (3) .
2- وقال الله تعالى:(ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [المائدة:8].
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2707), واللفظ له، ومسلم برقم (1009).
(2) - صحيح ابن حبان - (11 / 489) (5092) صحيح
(3) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 1991)(1/129)
يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا لِيَكُنْ هَمَّكُمْ وَدَأبُكُمُ التِزَامَ الحَقِّ فِي أَنْفُسِكُمْ ( بِدُونِ اعْتِدَاءٍ عَلَى أَحَدٍ )،وَفِي غَيْرِكُمْ ( بِالأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنِ المُنْكَرِ ابْتَغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ وَحْدَهُ،لاَ لأجْلِ إِرْضَاءِ النَّاسِ،وَاكْتِسَابِ السُّمْعَةِ الحَسَنَةِ عِنْدَهُمْ )،وَكُونُوا شُهَدَاءَ بِالعَدْلِ ( القِسْطِ )،دُونَ مُحَابَاةٍ لِمَشْهُودٍ لَهُ،وَلاَ لِمَشْهُودٍ عَلَيهِ،فَالعَدْلُ مِيزَانُ الحُقُوقِ،وَمَتَى وَقعَ الجُورُ فِي أُمًّةٍ،زَالَتِ الثِّقَةُ مِنْ نُفُوسِ النَّاسِ،وَانْتَشَرَتِ المُفَاسِدُ،وَتَقَطَّعَتْ رَوَابِطُ المُجْتَمَعِ.وَلاَ تَحْمِلَنَّكُمْ عَدَاوَتُكُمُ الشَّدِيدَةُ لِقَوْمٍ،وَبُغْضُكُمْ لَهُمْ عَلَى عَدَمِ العَدْلِ فِي أَمْرِ الشَّهَادَةِ لَهُمْ بِحَقِّهِمْ إذَا كَانُوا أَصْحَابَ حَقٍّ،أَوْ عَلَى عَدَمِ الحُكْمِ لَهُمْ بِذَلِكَ،فَالمُؤْمِنُ يُؤْثِرُ العَدْلَ علَى الجُورِ وَالمُحَابَاةِ.ثُمَّ يُؤَكِّدُ اللهُ تَعَالَى أَمْرَهُ السَّابِقَ بِضَرُورَةِ إِقَامَةِ العَدْلِ،وَأَدَاءِ الشَّهَادَةِ بِالقِسْطِ فَيَقُولُ:اعْدِلُوا لأنَّ العَدْلَ أَقْرَبُ لِتَقْوَى اللهِ،وَأبْعَدُ عَنْ سَخْطِهِ،وَاتَّقُوا سَخَطَ اللهِ وَعِقَابَهُ لأنَّهُ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ شَيءٌ مِنْ أَعْمَالِكُمْ ظَاهِرَهَا وَبَاطِنَهَا،وَاحْذَرُوا أنْ يُجَازِيَكُمْ بِالعَدْلِ عَلَى تَرْكِكُمُ القِيَامَ بِالعَدْلِ . (1)
3- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [النساء:58].
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 678)(1/130)
يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى عِبَادَهُ المُؤْمِنِينَ بِأَدَاءِ الأَمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا.وَأَدَاءِ الأَمَانَاتِ يَشْمَلُ جَمِيعَ الأَمَانَاتِ الوَاجِبَةِ عَلى الإِنْسَانِ:مِنْ حُقُوقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ( مِنْ صَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ...) وَمِنْ حُقُوقِ العِبَادِ ( كَالوَدَائِعِ وَغَيرَ ذَلِكَ مِمَّا يُؤْتَمَنُ الإِنْسَانُ عَلَيهِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ بِيَدِ أَصْحَابِهَا وَثَائِقَ وَبَيَنَاتٍ عَلَيهَا ).هَذِهِ الآيَةُ نَزَلَتْ فِي عُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ،فَقَدْ كَانَتْ لَهُ حِجَابَةُ الكَعْبَةِ.وَلَمَّا فَتَحَ اللهُ مَكَّةَ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - طَافَ الرَّسُولُ - صلى الله عليه وسلم - بِالكَعْبَةِ،ثُمَّ دَعَا بِعُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ،وَأَخَذَ مِنْهُ مُفْتَاحَ الكَعْبَةِ وَدَخَلَها.فَجَاءَهُ العَبَّاسُ ( وَقِيلَ بَلْ جَاءَهُ عَلِي ) فَقَالَ:يَا رَسُولَ اللهِ،اجْمَعْ لَنَا حَجَابَةَ الكَعْبَةِ مَعَ السِّقَايَةِ.فَدَعَا رَسُولَ اللهِ بِعُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَدَفَعَ إِلَيهِ المُفْتَاحَ،وَخَرَجَ يَقْرَأُ هَذِهِ الآيَةَ .وَيَأْمُرُ اللهُ المُؤْمِنِينَ بِأَنْ يَحْكُمُوا بَيْنَ النَّاسِ بِالعَدْلِ،وَأَنْ يَكُونَ العَدْلُ عَاماً لِلْبَرِّ وَالفَاجِرِ،وَلِكُلِّ أحَدٍ،وَأنْ لاَ يَمْنَعَهُمْ مِنْ إِقَامَةِ العَدْلِ حِقْدٌ أَوْ كَرَاهِيَةٌ أوْ عَدَاؤةٌ .ثُمَّ يَقُولُ تَعَالَى إنَّ مَا يَأْمُرُ بِهِ،وَيَعِظُ بِهِ المُؤْمِنِينَ،هُوَ الشَّرْعُ الكَامِلُ،وَفِيهِ خَيْرُهُمْ،وَاللهُ سَمِيعٌ لأَقْوَالِ العِبَادِ،بَصِيرٌ بِأَفْعَالِهِمْ،فَيُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ بِمَا يَسْتَحِقُّ . (1)
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 551)(1/131)
4- وَعَنْ عَبْدالله بْنِ عَمْرو رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«إنّ المُقْسِطِينَ عِنْد الله عَلَىَ مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ،عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزّ وَجَلّ،وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ،الّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا».أخرجه مسلم (1) .
فضل الإحسان:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [يونس:26].
يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى أَنَّ الذِينَ يَسْتَجِيبُونَ لِدَعْوَةِ اللهِ،وَيُحْسِنُونَ العَمَلَ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيا،سَيَكُونُ جَزَاؤُهُمُ الحُسْنَى مِنَ اللهِ فِي الدَّارِ الآخِرَةِ ( وَهَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ )،وَسَيُضَاعِفُ اللهُ لَهُمْ ثَوَابَ أَعْمَالِهِمْ ( وَزِيَادَةٌ )،وَسَيُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ،وَسَيُعْطِيهِمْ مَا لاَ عَيْنَ رَأَتْ،وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ،وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ.وَلاَ يَغْشَى وُجُوهَهُمْ قَتَامٌ أَسْوَدُ،مِمَّا يَعْتَرِي وُجُوهَ الكَفَرَةِ،مِنَ القَتَرَةِ وَالغَبَرَةِ،وَلاَ يَلْحَقُ بِالمُؤْمِنِينَ صَغَارٌ وَلاَ هَوَانٌ وَلاَ ذِلَّةٌ .وَقَالَ اللهُ تَعَالَى يَصِفُ المُؤْمِنِينَ فِي آيَةٍ أُخْرَى { فَوَقَاهُمُ الله شَرَّ ذَلِكَ اليوم وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً.} (2)
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے?) [البقرة:195].
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (1827).
(2) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 1391)(1/132)
بَذَلَ الأَنْصَارُ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبيلِ اللهِ،وَنُصْرَةِ دِينِهِ،وَأوَوا المُهَاجِرِينَ وَسَاعَدُوهُمْ،فَلَمَّا أَعَزَّ اللهُ الإِسْلامَ،وَكَثُرَ نَاصِرُوهُ،قَالَ بَعْضُ الأَنْصَارِ لِبَعْضٍ:لَوْ أَنَّهُمْ أَقْبَلُوا عَلَى أَمْوَالِهِمْ فَأَصْلَحُوهَا.فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هذِهِ الآيَةَ.وَفِيها يُبَيِّنُ اللهُ لَهُمْ أَنَّ الإِقَامَةَ عَلَى الأَمْوَالِ،وَإِصْلاَحَهَا،وَتَرْكَ الغَزْوِ وَالجِهَادِ وَالإِنْفَاقِ فِي سَبيل الله...فِيهِ التَّهْلُكَةُ.فَعَادُوا إِلى الجِهَادِ،وَإِلى إِنْفَاقِ أَمْوالِهِمْ فِي سَبيلِ اللهِ،وَإِعْلاَءِ كَلِمَتِهِ،وَفِي وُجُوهِ الطَّاعَاتِ.وَأَخْبَرَ اللهُ المُؤْمِنينَ بِأَنَّ تَرْكَ الجِهَادِ،وَتَرْكَ الإِنْفَاقِ فِيهِ هَلاَكٌ وَدَمَارٌ لِمَنْ لِزِمَهُ وَاعْتَادَهُ،فَإِذا بَخِلَ المُؤْمِنُونَ،وَقَعَدُوا عَنِ الجِهَادِ رَكِبَهُمْ أًعْدَاؤُهُمْ وَأَذَلُّوهُمْ،فَكَأَنَّهُمْ إِنَّمَا أَلْقَوا بِأَيْدِيهِمْ إِلى التَّهْلُكَةِ .ثُمَّ أَمَرَ اللهُ المُسْلِمِينَ بِأَنْ يُحْسِنُوا كُلَّ أَعْمَالِهِمْ،وَأَنْ يُجَوِّدٌوهَا،وَيَدْخُلُ فِي ذلِكَ التَّطَوُعُ بِالإِنْفَاقِ فِي سَبيلِ اللهِ لِنَشْرِ الدَّعْوَةِ . (1)
3- وقال الله تعالى: (ھے ے????? ?) [الإسراء:7].
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 202)(1/133)
يُقَرِّرُ اللهُ تَعَالَى هُنَا القَاعِدَةَ الثَّابِتَةَ التِي لاَ تَتَغَيَّرُ أَبَداً،وَهِيَ أَنَّ عَمَلَ الإِنْسَانِ عَائِدٌ عَلَيْهِ بِنَتَائِجِهِ إِنْ خَيْراً فَخَيْراً،وَإِنْ شَرّاً فَشَرّاً.فَإِنْ أَحْسَنَ الإِنْسَانُ كَانَ إِحْسَانُهُ لِنَفْسِهِ.يَنْتَفِعُ بِهِ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ،فَفِي الدُّنْيا يَدْفَعُ اللهُ عَنْهُ الأَذَى،وَيَرُدُّ كَيْدَ أَعْدَائِهِ إِلَى نُحُورِهِمْ،وَيَزِيدُهُ قُوَّةً.وَأَمَّا فِي الآخِرَةِ فَإِنَّ اللهَ يُثِيبُهُ عَلَى عَمَلِهِ بِالجَنَّةِ،وَيَمُنُّ عَلَيْهِ بِرِضْوَانِهِ (1) .
فضل الوقف في سبيل الله:
1- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«إذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلاّ مِنْ ثَلاَثٍ:صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ،أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ،أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ».أخرجه مسلم (2) .
2- وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:قالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - :«مَنِ احْتَبَسَ فَرَساً فِي سَبِيلِ الله،إِيمَاناً بالله،وَتَصْدِيقاً بِوَعْدِهِ،فَإِنَّ شِبَعَهُ وَرِيَّهُ وَرَوْثَهُ وَبَوْلَهُ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ».أخرجه البخاري (3) .
فضل العتق:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے) [البلد:11-13].
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 2037)
(2) أخرجه مسلم برقم (1631).
(3) أخرجه البخاري برقم (2853).(1/134)
أفَلاَ جَاهَدَ النَّفْسَ وَالشَّيْطَانَ لِلوُصُولِ إِلَى غَايَتِهِ فِي فِعْلِ الخَيْرَاتِ.وَقَدْ شَبَّهَ اللهُ تَعَالَى هَذَا الجِهَادَ بِاقْتِحَامِ العَقَبَةِ.وأَيُّ شَيءٍ يُدْرِيكَ مَا اقْتِحَامُ العَقَبَةِ؟ ثُمَّ أَرْشَدَ اللهُ تَعَالَى العِبَادَ إِلَى أَنَّ اقْتِحَامَ العَقَبَةِ يَكُونُ بِالقِيَامِ بِأَفْعَالِ الخَيْرِ،وَمِنْهَا مَا وَرَدَ فِي الآيَاتِ التَّالِيَةِ .وَأَوَّلُ أَفْعَالِ الخَيْرِ وَأَكْثَرُهَا قُرْباً مِنَ اللهِ،عِتْقُ رَقَبَةٍ وَتَحْرِيرُها مِنَ الرِّقِّ،وَالإِعَانَةُ عَلَى عِتْقِهَا (1) .
2- وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:قالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - :«أيُّمَا رَجُلٍ أعْتَقَ امْرَأً مُسْلِماً،اسْتَنْقَذَ اللهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْواً مِنْهُ مِنَ النَّارِ».متفق عليه (2) .
فضل الإنفاق في وجوه الخير:
1- قال الله تعالى:(چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ? ?) [البقرة:261].
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 5911)
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2517), واللفظ له، ومسلم برقم (1509).(1/135)
يَحُثُّ اللهُ المُؤْمِنِينَ عَلَى إِنْفَاقِ أمْوالِهِمْ فِي سَبيلِ اللهِ،وَابْتِغاءِ مَرْضَاتِهِ ( فِي الحَجِّ وفِي الجِهَادِ وَفِي الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَاتِ ) وَيَضْرِبُ لَهُمُ الزَّرْعَ مَثَلاً عَلَى تَنْمِيَتِهِ،سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى،الأعْمَالَ الصَّالِحَةَ لأِصْحَابِها،فَكَمَا يَنْمُو الزَّرْعُ لِمَنْ بَذَرَهُ،كَذَلِكَ يَتَضَاعَفُ العَمَلُ الصَّالِحُ عَنْدَ اللهِ،وَاللهُ يُضَاعِفُ الأجْرَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ،فَيَزِيدُهُ زِيَادَةً لا حَصْرَ لَهَا بِحَسَبِ إخْلاصِ العَبْدِ فِي عَمَلِهِ،وَاللهُ وَاسِعُ الفَضْلِ لاَ يَنْحَصِرُ فَضْلُهُ،وَلا يُحَدُّ عَطَاؤُهُ،وَهُوَ عَلِيمٌ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ هَذِهِ المُضَاعَفَةَ وَبِمَنْ لاَ يَسْتَحِقُّهَا . (1)
2- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«مَنْ أنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ الله،نُودِيَ مِنْ أبْوَابِ الجَنَّةِ:يَا عَبْدَ الله هَذَا خَيْرٌ،فَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الصَّلاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاةِ،وَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الجِهَادِ،وَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ،وَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ».فَقال أبُو بَكْرٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ:بِأبِي أنْتَ وَأمِّي يَا رَسُولَ الله،مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الأبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ،فَهَلْ يُدْعَى أحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأبْوَابِ كُلِّهَا؟ قال:«نَعَمْ،وَأرْجُو أنْ تَكُونَ مِنْهُمْ».متفق عليه (2) .
فضل الإقالة:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ?) [آل عمران:133-134].
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 268)
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1897), واللفظ له، ومسلم برقم (1027).(1/136)
يَنْدُبُ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ إلَى القِيَامِ بِالأَعْمِالِ الصَّالِحَةِ،وَإلى المُسَارَعَةِ فِي فِعْلِ الخَيْرَاتِ،لِيَنَالُوا مَغْفِرَةَ اللهِ وَرِضْوَانَهُ،وَجَنَّتَهُ الوَاسِعَةَ العَرِيضَةَ التِي أَعَدَّهَا اللهُ لِعِبَادِهِ المُتَّقِينَ،الذِينَ يَمْتَثِلُونَ أَمْرَهُ.يَذْكُرُ اللهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الآيَةِ صِفَاتِ أهْلِ الجَنَّةِ فَيَقُولُ:إِنَّهُمُ الذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ مَرْضَاةِ اللهِ،فِي الرَّخَاءِ ( السَّرَاءِ )،وَفِي الشِّدَّةِ ( الضَرَّاءِ )،وَفِي الصِّحَّةِ وَالمَرَضِ،وَفِي جَمِيعِ الأَحْوَالِ،لاَ يَشْغَلُهُمْ أَمْرٌ عَنْ طَاعَةِ اللهِ،وَالإِنْفَاقِ فِي سَبيلِ مَرْضَاتِهِ،وَإِنَّهُمْ يَكْتُمُونَ غَيْظَهُمْ إذَا ثَارَ،وَيَعْفُونَ عَمَّنْ أَسَاءَ إِلَيهِمْ.وَاللهُ يُحِبُّ الذِينَ يَتَفَضَّلُونَ عَلَى عِبَادِهِ البَائِسِينَ،وَيُوَاسُونَهُمْ شُكْراً للهِ عَلَى جَزِيلِ نِعَمِهِ عَلَيْهِمْ (1) .
2- وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«مَنْ أَقَالَ مُسْلِماً أَقَالَهُ الله عَثرَتَهُ».أخرجه أحمد وأبو داود (2) .
- - - - - - - - - - - -
8- فضائل المعاشرات
فضل التواصي بالحق:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ?) [العصر:1-3].
أقسم تعالى بالعصر،الذي هو الليل والنهار،محل أفعال العباد وأعمالهم أن كل إنسان خاسر،والخاسر ضد الرابح.
والخسار مراتب متعددة متفاوتة:
قد يكون خسارًا مطلقًا،كحال من خسر الدنيا والآخرة،وفاته النعيم،واستحق الجحيم.
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 426)
(2) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (7431), وأخرجه أبو داود برقم (3460)، وهذا لفظه.
أقال مسلمًا : الإقالة في البيع: هي فسخه ، وإعادة المبيع إلى مالكه ، والثمن إلى المشتري ، إذا كان قد ندم أحدهما أو كلاهما .(1/137)
وقد يكون خاسرًا من بعض الوجوه دون بعض،ولهذا عمم الله الخسار لكل إنسان،إلا من اتصف بأربع صفات:
الإيمان بما أمر الله بالإيمان به،ولا يكون الإيمان بدون العلم،فهو فرع عنه لا يتم إلا به.
والعمل الصالح،وهذا شامل لأفعال الخير كلها،الظاهرة والباطنة،المتعلقة بحق الله وحق عباده الواجبة والمستحبة.
والتواصي بالحق،الذي هو الإيمان والعمل الصالح،أي:يوصي بعضهم بعضًا بذلك،ويحثه عليه،ويرغبه فيه.
والتواصي بالصبر على طاعة الله،وعن معصية الله،وعلى أقدار الله المؤلمة.
فبالأمرين الأولين،يكمل الإنسان نفسه،وبالأمرين الأخيرين يكمل غيره،وبتكميل الأمور الأربعة،يكون الإنسان قد سلم من الخسار،وفاز بالربح [العظيم]. (1)
2- وقال الله تعالى:(ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ) [التوبة:71].
المُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَيْنَهُمْ أُخُوَّةٌ،وَمَوَدَّةٌ،وَتَعَاوُنٌ،وَتَرَاحُمٌ،وَيَتَّصِفُونَ بِالصِّفَاتِ الحَمِيدَةِ التِي يَأْمُرُهُمْ بِهَا دِينُهُمْ:فَيَتَنَاصَرُونَ وَيَتَعَاضَدُونَ وَيَفْعَلُونَ الخَيْرَ،وَيَأْمُرُونَ بِهِ،وَيَنْتَهُونَ عَنِ المُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنْهُ،وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤَدُّونَهَا حَقَّ أَدَائِهَا،وَيُؤَدُّونَ زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَى مُسْتَحِقِّيهَا،وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ فِيمَا أَمَرَ،وَيَتْرُكُونَ مَا نَهَى عَنْهُ وَزَجَرَ.وَالمُتَّصِفُونَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ الطَّيِّبَةِ الْكَرِيمَةِ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ،وَاللهُ عَزِيزُ الجَانِبِ،يُعِزُّ مَنْ يَشَاءُ،وَهُوَ حَكِيمٌ فِي قِسْمَتِهِ الصِّفَاتِ بَيْنَ خَلْقِهِ،فَجَعَلَ المُؤْمِنِينَ يَخْتَصُّونَ بِالصِّفَاتِ الحَمِيدَةِ،وَالمُنَافِقِينَ يَخْتَصُّونَ بِالصِّفِاتِ الذَمِيمَةِ المُنْكَرَةِ . (2)
__________
(1) - تفسير السعدي - (1 / 934)
(2) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 1307)(1/138)
3- وَعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال:«الدِّينُ النَّصِيحَةُ».قُلْنَا:لِمَنْ؟ قال:«لله وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ».أخرجه مسلم (1) .
فضل الإصلاح بين الناس:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ?) [النساء:114].
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (55).(1/139)
أي:لا خير في كثير مما يتناجى به الناس ويتخاطبون،وإذا لم يكن فيه خير،فإما لا فائدة فيه كفضول الكلام المباح،وإما شر ومضرة محضة كالكلام المحرم بجميع أنواعه.ثم استثنى تعالى فقال:{ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ } من مال أو علم أو أي نفع كان،بل لعله يدخل فيه العبادات القاصرة كالتسبيح والتحميد ونحوه،كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :"إن بكل تسبيحة صدقة،وكل تكبيرة صدقة،وكل تهليلة صدقة،وأمر بالمعروف صدقة،ونهي عن المنكر صدقة،وفي بضع أحدكم صدقة" الحديث.{ أَوْ مَعْرُوفٍ } وهو الإحسان والطاعة وكل ما عرف في الشرع والعقل حسنه،وإذا أطلق الأمر بالمعروف من غير أن يقرن بالنهي عن المنكر دخل فيه النهي عن المنكر،وذلك لأن ترك المنهيات من المعروف،وأيضا لا يتم فعل الخير إلا بترك الشر.وأما عند الاقتران فيفسر المعروف بفعل المأمور،والمنكر بترك المنهي.{ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ } والإصلاح لا يكون إلا بين متنازعين متخاصمين،والنزاع والخصام والتغاضب يوجب من الشر والفرقة ما لا يمكن حصره،فلذلك حث الشارع على الإصلاح بين الناس في الدماء والأموال والأعراض،بل وفي الأديان كما قال تعالى:{ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا } وقال تعالى:{ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ } الآية.وقال تعالى:{ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ } والساعي في الإصلاح بين الناس أفضل من القانت بالصلاة والصيام والصدقة،والمصلح لا بد أن يصلح الله سعيه وعمله.كما أن الساعي في الإفساد لا يصلح الله عمله ولا يتم له مقصوده كما قال تعالى:{ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ } .فهذه الأشياء حيثما فعلت فهي خير،كما دل على ذلك الاستثناء.(1/140)
ولكن كمال الأجر وتمامه بحسب النية والإخلاص،ولهذا قال:{ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا } فلهذا ينبغي للعبد أن يقصد وجه الله تعالى ويخلص العمل لله في كل وقت وفي كل جزء من أجزاء الخير،ليحصل له بذلك الأجر العظيم،وليتعود الإخلاص فيكون من المخلصين،وليتم له الأجر،سواء تم مقصوده أم لا لأن النية حصلت واقترن بها ما يمكن من العمل (1) .
2- وقال الله تعالى: (? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?? ? ? ? ?) [الحُجُرات:10].
وإذَا اقْتَتَلَتْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمنينَ فَأصِلِحُوا - يا أيُّها المُؤْمِنُونَ - بَينَهما بالعَدْلِ،وذَلِكَ بالدَّعْوةِ إِلى حُكْمِ اللهِ،وَالرِّضَا بِمَا فيهِ،فإذا أبَتْ إِحْدَى هَاتِينِ الطَّائِفَتَينِ الإِجَابَةَ إلى حُكْمِ اللهِ،وَتَجَاوَزَتْ حُدُودَ العَدْلِ،وأَجَابتِ الاخْرى،فَقَاتِلُوا التي تَعْتَدِي وَتأبى الإِجَابَةَ إلى حُكْمُ اللهِ،حَتَّى تَرْجِعَ إليهِ وَتَخْضَعَ لَهُ،فَإِنْ رَجَعَت الطَّائِفَةُ البَاغِيةُ إلى الرِّضا بِحُكْم اللهِ،فَأصْلِحُوا بَينَهما بالعَدْلِ،وَاعْدِلُوا في حُكْمِكُم فإنَّ اللهَ يُحبُّ العَادِلينَ،وَيَجزِيِهْم،والمُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ في الدِّينِ،فأصْلِحُوا بَينَ الأخَوينِ المُتَقَاتِلَينِ،أو الطَّائِفَتَين المُتَقَاتِلَتَين كَما تُصْلِحُونَ بين الأخَوينِ منَ النَّسَبِ،وَاتْقُوا اللهَ في جَميعِ أمُورِكُم لَعَل اللهَ يَرْحَمُكُم وَيَصْفَحُ عَمَا سَلَفَ مِنْكُم مِنْ ذُنُوبٍ وَهَفَواتٍ (2) .
__________
(1) - تفسير السعدي - (1 / 202)
(2) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 4500)(1/141)
3- وَعَنْ أَبي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«أَلاَ أُخْبرُكُمْ بأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاَةِ وَالصَّدَقَةِ؟» قَالُوا:بَلَى يَا رَسُولَ الله.قَالَ:«إِصْلاَحُ ذاتِ البَيْنِ وَفَسَادُ ذاتِ البَيْنِ الحَالِقَةُ».أخرجه أبو داود والترمذي (1) .
فضل التعاون على الخير:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [المائدة:2].
يَأمُرُ اللهُ تَعَالَى عِبَادَهُ المُؤمِنِينَ بِالتَّقْوَى،وَبِالتَّعَاوُن عَلَى فِعْلِ الخَيْرَاتِ ( وَهُوَ البِرُّ )،وَعَلَى تَرْكِ المَعَاصِي والمُنْكَراتِ( وَهُوَ التَّقْوَى ) وَيَنْهَاهُمْ عَنِ التَّنَاصُرِ عَلَى البَاطِلِ،وَالتَّعَاوُنِ عَلَى المَآثِمِ وَالمَحَارِمِ،وَيُحَذِّرُ اللهُ المُؤْمِنِينَ مِنْ بَطْشِهِ وَعِقَابِهِ،لأنَّهُ تَعَالَى شَدِيدُ العِقَابِ لِمَنْ عَصَاهُ وَتَعَدَّى حُدُودَهُ . (2)
2- وَعَنْ أبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:«إنَّ المُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالبُنْيَانِ،يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضاً».وَشَبَّكَ أصَابِعَهُ.متفق عليه (3) .
فضل عيادة المريض:
عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«مَنْ عَادَ مَرِيضاً،لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الجَنَّةِ»:قِيلَ يَا رَسُولَ الله ! وَمَا خُرْفَةُ الجَنَّةِ؟ قَالَ:«جَنَاهَا».أخرجه مسلم (4) .
فضل الزيارة في الله:
__________
(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (4919), وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (2509).
(2) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 671)
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (481), واللفظ له، ومسلم برقم (2585).
(4) أخرجه مسلم برقم (2568).(1/142)
1- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - :«أَنَّ رَجُلاً زَارَ أَخاً لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى،فَأَرْصَدَ اللهُ لَهُ،عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكاً،فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ:أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ:أُرِيدُ أَخاً لِي فِي هَذِهِ القَرْيَةِ،قَالَ:هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟ قَالَ:لاَ،غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي الله عَزَّ وَجَلَّ،قَالَ:فَإِنِّي رَسُولُ الله إِلَيْكَ،بِأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ».أخرجه مسلم (1) .
3- وَعن مُعاذِ بنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:«قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فيَّ،وَالمُتَجَالِسينَ فيَّ،وَالمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ،وَالمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ».أخرجه مالك وأحمد (2) .
فضل صلة الرحم:
1- عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«مَنْ أحَبَّ أنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ،وَيُنْسَأ لَهُ فِي أثَرِهِ،فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ». متفق عليه (3) .
2- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:«إِنَّ الرَّحِمَ شَجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ،فَقَالَ اللهُ:مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ،وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ». متفق عليه (4) .
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (2567).
(2) صحيح/ أخرجه مالك برقم (1779), وهذا لفظه، وأخرجه أحمد برقم (22380).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5986), واللفظ له، ومسلم برقم (2557).
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5988), واللفظ له، ومسلم برقم (2554).(1/143)
3- وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْروٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:«لَيْسَ الوَاصِلُ بِالمُكَافِئِ،وَلَكِنِ الوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا».أخرجه البخاري (1) .
فضل بر الوالدين:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الإسراء:23-25].
__________
(1) أخرجه البخاري برقم (5991).(1/144)
يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى عِبَادَهُ بِعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ( وَقَضَى رَبُّكَ - يَعْنِي أَمَرَ رَبُّكَ وَوَصَّى )،وَوَصَّى اللهُ المُؤْمِنِينَ بِالإِحْسَانِ إِلَى الوَالِدَيْنِ،فَإِذَا بَلَغَا الكِبَرَ،أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا،عِنْدَ أَبْنَائِهِمَا،فَعَلَى الأَبْنَاءِ أَلاَّ يُسْمِعُوهُمَا قَوْلاً سَيِّئاً حَتَّى وَلاَ تَأَفُّفاً ( وَأُفٍّ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى الضَّجَرِ وَالضِّيقِ )،وَيَجِبُ أَنْ لاَ يَنْتَهِرُوهُمَا،وَأَنْ لاَ يَصْدُرَ مِنْهُمْ إِلَيْهِمَا فِعْلٌ قَبِيحٌ يَدُلُّ عَلَى سُوءِ الأَدَبِ.وَأَمَرَ اللهُ الأَبْنَاءَ بِالإِحْسَانِ فِي القَوْلِ إِلى الأَبَوَيْنِ وَتَوْقِيرِهِمَا،وَبِاسْتِعْمَالِ الكَلاَمِ الطَّيِّبِ الكَرِيمِ فِي مُخَاطَبَتِهِمَا ( فَلاَ نِعْمَةَ تَصِلُ إِلَى الإِنْسَانِ أَعْظَمُ مِنْ نِعْمَةِ الخَالِقِ ثُمَّ نِعْمَةِ الأَبَوَيْنِ ) .وَأَمَرَ اللهُ تَعَالَى الأَبْنَاءَ بِالتَّوَاضُعِ للأَبَوَيْنِ فِي تَصَرُّفِهِمْ مَعَهَمُا،حَتَّى يَبْدُو الأَبْنَاءَ وَكَأَنَّهُمْ أَذِلاَّءُ مِنْ شِدَّةِ الرَّحْمَةِ،لاَ يَرُدُّونَ لَهُمَا طَلَباً،وَلاَ يَرْفُضُونَ لَهُمَا أَمْراً.ثُمَّ أَمْرَ الأَبْنَاءَ بِالدُّعَاءِ لِلأَبَوَيْنِ،وَالتَّرَحُّمْ عَلَيْهِمَا،جَزَاءَ مَا احْتَمَلاَه فِي تَرْبِيَةِ الأَبْنَاءِ مِنْ عَنَاءٍ وَمَشَقَّةٍ وَعَنَتٍ .(1/145)
رَبُّكُمْ أَيُّها النَّاسُ أَعْلَمُ مِنْكُمْ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ مِنْ تَعْظِيمِكُمْ أَمْرَ آبَائِكُمْ وَأُمَهَاتِكُمْ،وَالبِرِّ بِهِمْ،وَمِنَ الاسْتِخْفَافِ بِحُقُوقِهِمْ،وَالعُقُوقِ لَهُمْ،وَهُوَ مُجَازِيكُمْ عَلَى حَسَنِ ذلِكَ وَسَيِّئِهِ،فَاحْذَرُوا أَنْ تُضْمِروا لَهُمْ سُوءاً،أَوْ تَجْعَلُوا لَهُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عُقُوقاً،فَأَنْتُمْ إِنْ أَصْلَحْتُمْ نِيَّاتِكُمْ فِيهِمْ،وَأَطَعْتُمْ رَبَّكُمْ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ مِنَ البِرِّ بِهِمْ،بَعْدَ هَفْوَةٍ كَانَتْ مِنْكُمْ،أَوْ زَلَّةٍ فِي وَاجِبٍ لَهُمْ عَلَيْكُمْ،فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يَغْفِرُ لَكُمْ مَا فَرَطَ مِنْكُمْ،فَهُوَ غَفَّارٌ لِمَنْ يَتُوبُ مِنْ ذَنْبِهِ،وَيَرْجِعُ عَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ إِلَى طَاعَتِهِ . (1)
2- وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:سَألْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إلَى الله ؟ قال:«الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا».قال:ثُمَّ أيٌّ؟ قال:«ثُمَّ بِرُّ الوَالِدَيْنِ».قال:ثُمَّ أيٌّ؟ قال:«الجِهَادُ فِي سَبِيلِ الله ».متفق عليه (2) .
3- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ:جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ:يَا رَسُولَ الله،مَنْ أحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قال:«أُمُّكَ».قال:ثُمَّ مَنْ؟ قال:«ثُمَّ أُمُّكَ».قال:ثُمَّ مَنْ؟ قال:«ثُمَّ أُمُّكَ».قال:ثُمَّ مَنْ؟ قال:«ثُمَّ أبُوكَ».متفق عليه (3) .
فضل حسن معاشرة الأولاد:
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 2053)
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (527), واللفظ له، ومسلم برقم (85).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5971), واللفظ له، ومسلم برقم (2548).(1/146)
1- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا قَالَتْ:جَاءَتْنِي امْرَأةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ تَسْألُنِي،فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي غَيْرَ تَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ،فَأعْطَيْتُهَا فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا،ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ،فَدَخَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَحَدَّثْتُهُ،فَقَالَ:«مَنْ يَلِي مِنْ هَذِهِ البَنَاتِ شَيْئاً،فَأحْسَنَ إِلَيْهِنَّ،كُنَّ لَهُ سِتْراً مِنَ النَّارِ».متفق عليه (1) .
2- وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضِيَ اللهُ عَنْهُمَا كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَأْخُذُنِي فَيُقْعِدُنِي عَلَى فَخِذِهِ،وَيُقْعِدُ الحَسَنَ عَلَى فَخِذِهِ الأخْرَى،ثُمَّ يَضُمُّهُمَا،ثُمَّ يَقُولُ:«اللَّهُمَّ ارْحَمْهُمَا فَإِنِّي أرْحَمُهُمَا».أخرجه البخاري (2) .
فضل تربية الأولاد:
1- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ:جَاءَتْنِي مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا،فَأَطْعَمْتُهَا ثَلاَثَ تَمَرَاتٍ،فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً،وَرَفَعَتْ إِلَى فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلَهَا،فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا،فَشَقَّتِ التَّمْرَةَ،الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا،بَيْنَهُمَا،فَأَعْجَبَنِي شَأْنُهَا،فَذَكَرْتُ الَّذِي صَنَعَتْ لِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - .فَقَالَ «إِنَّ اللهَ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الجَنَّةَ أَوْ أَعْتَقَهَا بِهَا مِنَ النَّارِ».أخرجه مسلم (3) .
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5995), واللفظ له، ومسلم برقم (2629).
(2) أخرجه البخاري برقم (6003).
(3) أخرجه مسلم برقم (2630).(1/147)
2- وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا،جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ» وَضَمَّ أَصَابِعَهُ.أخرجه مسلم (1) .
فضل صلة أصدقاء الوالدين:
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّهُ كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ كَانَ لَهُ حِمَارٌ يَتَرَوَّحُ عَلَيْهِ،إِذَا مَلَّ رُكُوبَ الرَّاحِلَةِ وَعِمَامَةٌ يَشُدُّ بِهَا رَأْسَهُ،فَبَيْنَا هُوَ يَوْماً عَلَى ذَلِكَ الحِمَارِ إِذْ مَرَّ بِهِ أَعْرَابِيٌّ،فَقَالَ:أَلَسْتَ ابْنَ فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ؟ قَالَ:بَلَى،فَأَعْطَاهُ الحِمَارَ وَقَالَ:ارْكَبْ هَذَا،وَالعِمَامَةَ،قَالَ:اشْدُدْ بِهَا رَأْسَكَ،فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ،غَفَرَ اللهُ لَكَ! أَعْطَيْتَ هَذَا الأَعْرَابِيَّ حِمَاراً كُنْتَ تَرَوَّحُ عَلَيْهِ،وَعِمَامَةً كُنْتَ تَشُدُّ بِهَا رَأْسَكَ،فَقَالَ:إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - :«يَقُولُ إِنَّ مِنْ أَبَرِّ البِرِّ صِلَةَ الرَّجُلِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ،بَعْدَ أَنْ يُوَلِّيَ».أخرجه مسلم (2) .
فضل السعي على الأرملة والمسكين:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ:قالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - :«السَّاعِي عَلَى الأرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ،كَالمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ الله،أوِ القَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ».متفق عليه (3) .
فضل من يعول اليتيم:
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (2631).
(2) أخرجه مسلم برقم (2552).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5353), واللفظ له، ومسلم برقم (2982).(1/148)
عَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :« أنَا وَكَافِلُ اليَتِيمِ فِي الجَنَّةِ هَكَذَا».وَأشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى،وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئاً.متفق عليه (1) .
فضل عتق الرقاب:
1- قال الله تعالى:(? ? ?ہہ ہ ہ ھھھ ھے) [البلد:11-13].
2- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:«أَيُّمَا امْرِئ مُسْلِمٍ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا اسْتَنْقَذَ اللهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْواً مِنْهُ مِنَ النَّارِ» متفق عليه (2) .
فضل حسن الجوار:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [النساء:36].
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5304), واللفظ له، ومسلم برقم (2983).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2517), واللفظ له، ومسلم برقم (1509).(1/149)
يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى عِبَادَهُ بِعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ،وَبِعَدَمِ الإشْرَاكِ بِهِ،وَبِالعَمَلِ بِمَا أَمَرَ بِهِ،ثُمَّ أَوْصَاهُمْ بِالإِحْسَانِ إلَى الوَّالِدَينِ،فَقَدْ جَعَلَهُمَا اللهُ سَبباً لِخُرُوجِ الإِنْسَانِ مِن العَدَمِ.ثُمَّ أَمَرَ بِالإِحْسَانِ إلَى ذَوِي القُرْبَى،مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ،ثُمَّ أَمَرَ بِالإِحْسَانِ إلى اليَتَامَى الذِينَ فَقَدُوا آبَاءَهُمْ،وَمَنْ يُنْفِقُونَ عَلَيْهِمْ،ثُمَّ بِالإِحْسَانِ إلَى المَسَاكِينِ ( وَهُمُ المُحْتَاجُونَ الذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَنْ يَقُومُ بِكِفَايَتِهِمْ )،فَأَمَرَ اللهُ بِمُسَاعَدَتِهِمْ بِمَا تَتِمُّ بِهِ كِفَايَتُهُمْ.ثُمَّ أَمَرَ بِالإِحْسَانِ إلى الجَارِ الجَنْبِ،وَهُوَ الجَارِ الذِي لَيْسَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ قَرَابَةٌ،كَمَا أَمَرَ تَعَالَى بِالإِحْسَانِ إلَى الصَّاحِبِ بِالجَنْبِ،وَهُوَ الرَّفِيقُ الصَّالِحُ فِي الحِلِّ وَالسَّفَر،وَابْنِ السَّبِيلِ وَهُوَ الضَّيْفُ عَابِرُ السَّبِيلِ مَارّاً بِكَ فِي سَفَرٍ فَقَدْ أَمَرَ اللهُ بِالإِحْسَانِ إِلَيْهِ.كَمَا أَمَرَ اللهُ النَّاسَ بِالإِحْسَانِ إلى الأَرِقَّاءِ الذِين تَحْتَ أَيْدِيهِمْ .ثُمَّ أَضَافَ تَعَالَى إلى ذَلِكَ،أنَّهُ لاَ يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فِي نَفْسِهِ،مُعْجَباً مُتَكَبِّراً فَخُوراً عَلَى النَّاسِ،يَرَى أَنَّهُ خَيْرٌ مِنْهُمْ،فَهُوَ فِي نَفْسِهِ كَبِيرٌ وَهُوَ عِنْدَ اللهِ حَقِيرٌ . (1)
2- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:«مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالجَارِ،حَتَّى ظَنَنْتُ أنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ». متفق عليه (2) .
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 529)
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6014), واللفظ له، ومسلم برقم (2624).(1/150)
3- وَعَنْ أبِي شُرَيْحٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال:«وَ الله لا يُؤْمِنُ،وَ الله لا يُؤْمِنُ،وَ الله لا يُؤْمِنُ».قِيلَ:وَمَنْ يَا رَسُولَ الله ؟ قال:«الَّذِي لا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوائِقَهُ».أخرجه البخاري (1) .
4- وَعن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ».متفق عليه (2) .
فضل رحمة الناس:
1-عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الله رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قالَ:قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«لا يَرْحَمُ اللهُ مَنْ لا يَرْحَمُ النَّاسَ».متفق عليه (3) .
2-وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ ارْحَمُوا مَنْ فِى الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِى السَّمَاءِ الرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعَهُ اللَّهُ » الترمذي. (4)
فضل رحمة المؤمنين خاصة:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ) [الفتح:29].
__________
(1) أخرجه البخاري برقم (6016).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (13), واللفظ له، ومسلم برقم (45).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7376), واللفظ له، ومسلم برقم (2319).
(4) - سنن الترمذى- المكنز - (2049 ) قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
الشجنة : شعبة فى غصن الشجرة والمراد قرابة مشتبكة كاشتباك العروق(1/151)
إِن مُحمداً - صلى الله عليه وسلم - رَسُولُ اللهِ حَقّاً وَصِدْقاً،بِلاَ شَكٍّ وَلاَ رَيبٍ،وَإِنَّ أصْحَابَهُ يَتَّصِفُونَ بالصِّفَاتِ الجَمِيلةِ الحَسَنةِ،فَهُمْ أشِدَّاءٌ غِلاَظُ القُلُوبِ عَلَى الكُفارِ،وَهُمْ رُحَماءُ مُتَوَادُّونَ فيما بَيْنَهم يَرَاهُم النَّاظِرُ إليهِمْ دَائِبينَ عَلَى أدَاءِ الصَّلاةِ،مُخْلِصِينَ فيها للهِ،مُحْتَسِبينَ أجْرَهَا عِنْدَ اللهِ،يَبْتَغُونَ بِصَلاتِهِمْ رِضَا اللهِ وَرِضْوَانَهُ،تَتْرُكُ نُفُوسُهُمُ المُطْمَئِنَّةُ أَثَراً عَلَى وُجُوهِهِمْ،فَهِي هَادِئَةٌ مُطْمَئِنَّةٌ مَسْتَبْشِرَةٌ،وَهَذِهِ هِيَ صِفَاتُ المُؤمِنينَ المُخْلِصِينَ في التورَاةِ.وَجَاءَ وَصْفُهُمْ في الإِنجيلِ أَنَّ أتْبَاعَ مُحَمَّدٍ سَيَكُونُونَ قَليلينَ ثُمَّ يَزْدَادُونَ وَيكْثُرُونَ وَيَسْتَغْلظُونَ كَزَرْعٍ أخْرَجَ مُحَمَّدٍ سَيَكُونُونَ قَلِيلينَ ثُمَّ يَزْدَادُونَ وَيَكْثُرُونَ وَيَسْتَغْلظُونَ كَزَرْعٍ أخْرَجَ فُروعَهُ ( شَطْأهُ ) التي تَتَفَرَّعُ مِنْهُ عَلَى جَوَانِبِهِ،فَيَقْوى وَيَتَحَوَّلُ من الدِّقَّةِ إِلى الغِلْظَةِ،وَيَسْتَقيمُ عَلَى أصُولِهِ فَيُعْجَبُ بِهِ الزَّراعِ لِخِصْبِهِ،وَقُوَّتِهِ،وَحُسْنِ مَظْهَرِهِ،وَقَدْ نَمَّاهُمُ اللهُ وأكْثَرَ عَدَدَهُم لِيَغِيظَ بهم الكُفَّارَ،وَقَدْ وَعَدَ اللهُ المُؤْمِنينَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ،العَامِلِينَ للصَّالِحَاتِ،بأن يَغْفِرَ لَهُمْ ذُنُوبَهمْ،وَأنْ يُجْزِلَ لَهُمُ الأجْرَ والعَطَاءَ،وبِأنْ يُدْخِلَهُمْ جَنَّاتِهِ،وَاللهُ لاَ يُخْلِفَ وَعْدَهُ أبَداً . (1)
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 4491)(1/152)
2- وَعَنِ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«تَرَى المُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ،وَتَوَادِّهِمْ،وَتَعَاطُفِهِمْ،كَمَثَلِ الجَسَدِ،إِذَا اشْتَكَى عُضْواً،تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى».متفق عليه (1) .
فضل بر الأقارب المشركين المسالمين:
1- قال الله تعالى:(? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک) [الممتحنة:8].
إِنَّ اللهَ تَعَالَى لاَ يَنْهَاكُمْ عَنِ الإِحْسَانِ إِلَى الكُفَّارِ الذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ،وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ،وَلَمْ يُعَاوِنُوا فِي إِخْرَاجِكُمْ مِنْهَا،وَلاَ يَمْنَعُكُمْ مِنْ إِكْرَامِهِمْ،وَمَنْحِهِمْ صِلَتَكُمْ،لأَنَّ اللهَ يُحِبُّ أَهْلَ البِرِّ والتَّوَاصُل (2) .
2- وَعَنْ أسْمَاءَ بِنْتِ أبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهَا قالتْ:قَدِمَتْ عَلَيَّ أمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ،فِي عَهْدِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ،فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ،قُلْتُ:إِنَّ أُمِّي قَدِمَتْ وَهِيَ رَاغِبَةٌ،أفَأصِلُ أمِّي؟ قال:«نَعَمْ،صِلِي أمَّكِ». متفق عليه (3) .
فضل حسن الولاية وحسن المعاشرة:
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6011), واللفظ له، ومسلم برقم (1468).
(2) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 5036)
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2620), واللفظ له، ومسلم برقم (1002).(1/153)
1- عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:«سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ:إِمَامٌ عَدْلٌ،وَشَابٌّ نَشَأ فِي عِبَادَةِ الله،وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ،وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي الله،اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ،وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ،فَقال:إِنِّي أخَافُ اللهَ،وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ،فَأخْفَاهَا حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ،وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ».متفق عليه (1) .
2- وَعَنِ عَبْدَ الله بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:«كُلُّكُمْ رَاعٍ،وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتهِ،الإمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ،وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ،وَالمَرْأةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا،وَالخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ».قال:وَحَسِبْتُ أنْ قَدْ قال:«وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أبِيه وَمَسْئولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ،وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ».متفق عليه (2) .
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1423), واللفظ له، ومسلم برقم (1031).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (893), واللفظ له، ومسلم برقم (1829).(1/154)
3- وَعَنْ مَعْقِل رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:«مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً،يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ،إِلا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ».متفق عليه (1) .
فضل حسن معاشرة المسلم وقضاء حاجته:
1- عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ،لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ،مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ،كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ،وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً،فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَةِ،وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ».متفق عليه (2) .
2- وَعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالبُنْيَانِ،يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضاً».متفق عليه (3) .
فضل حسن معاشرة النساء:
1- قال الله تعالى:( ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں) [الروم:21].
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7150), ومسلم برقم (142)، واللفظ له.
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2442), ومسلم برقم (2580)، واللفظ له.
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (481), ومسلم برقم (2585)، واللفظ له.(1/155)
وَمِنْ آيَاتِهِ الدَّالَّةِ عَلَى قُدْرَتِهِ تَعَالَى عَلَى البَعْثِ والإِعَادَةِ،أَنَّهُ خَلَقَ لِلبَشَرِ أَزْواجاً مِنْ جِنْسِهِمْ،لِيأْنَسُوا بِهِنَّ،وَجَعَل بَينَهُمْ وَبَينَ أَزْوَاجِهِمْ مَحَبّةً ورَأفَةً ( مَوَدَّةً وَرَحْمَةً )،لِتَدُومَ الحَيَاةُ المَنْزِلِيَّةُ .وَفِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ خَلْقٍ مِنْ تُرابٍ،وَخَلْقٍ للأَزْواجِ مِنَ الأَنْفُسِ...وَجَعْلِ المَوَدَّةِ والرَّحْمَةِ تَسُودُ عَلاَقَاتِ الأَزْوَاجِ بعضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ...لَعِبْرَةٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ في ذلك مِنْ ذَوِي العَقُولِ وَالأَفْهَامِ (1)
2- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ،فَإِنَّ المَرْأةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ،وَإِنَّ أعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أعْلاهُ،فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ،وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أعْوَجَ،فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ».متفق عليه (2) .
فضل حسن معاشرة الخدم:
1- عَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:خَدَمْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَ سِنِينَ،فَمَا قال لِي:أفٍّ،وَلا:لِمَ صَنَعْتَ؟ وَلا:ألا صَنَعْتَ.متفق عليه (3) .
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 3312)
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3331), واللفظ له، ومسلم برقم (1468).
قال النووي فيه الحث على الرفق بالنساء والإحسان إليهن والصبر على عوج أخلاقهن واحتمال ضعف عقولهن وكراهة طلاقهن بلا سبب وإنه لا مطمع في استقامتهن .مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - (10 / 179)
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6038), واللفظ له، ومسلم برقم (2309).(1/156)
2- وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:كَانَ غُلاَمٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَمَرِضَ،فَأَتَاهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُهُ،فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ،فَقَالَ لَهُ:«أَسْلِمْ».فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ،فَقَالَ لَهُ:أَطِعْ أَبَا القَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - ،فَأَسْلَمَ،فَخَرَجَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَقُولُ:«الحَمْدُ ? الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ».أخرجه البخاري (1) .
3-وعنِ الْمَعْرُورَ بْنِ سُوَيْدٍ،قالَ:رَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ الْغِفَارِيَّ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ وَعَلَى غُلَامِهِ حُلَّةٌ،فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ ؟ فَقَالَ:إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَشَكَانِي إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ،فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - :" أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ " ؟ ثُمَّ قَالَ:" إِنَّ إِخْوَانَكُمْ خَوَلُكُمْ،جَعَلَهُمُ اللهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ،فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ،وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ،وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ،فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَأَعِينُوهُمْ عَلَيْهِ "أخرجه البخاري (2)
فضل حسن معاشرة الخادم لسيده:
عَنْ أبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:«المَمْلُوكُ الَّذِي يُحْسِنُ عِبَادَةَ رَبِّهِ،وَيُؤَدِّي إِلَى سَيِّدِهِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ مِنَ الحَقِّ وَالنَّصِيحَةِ وَالطَّاعَةِ،لَهُ أجْرَانِ».متفق عليه (3) .
فضل الشفاعة:
__________
(1) أخرجه البخاري برقم (1356).
(2) - صحيح البخارى- المكنز - (30) وشعب الإيمان - (11 / 72) (8198 ) ...
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2551), واللفظ له، ومسلم برقم (154).(1/157)
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [النساء:85].
مَنْ سَعَى فِي أَمْرٍ،فَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ خَيْرٌ،كَانَ لَهُ نَصِيبٌ مِنْ هَذَا الخَيْرِ،وَمَنْ أَيَّدَكَ وَنَاصَرَكَ فِي القِتَالِ،وَجَعَلَ نَفْسَهُ شَفِيعاً وَسَنداً لَكَ،كَانَ لَهُ نَصِيبٌ مِنْ نَتَائِجِ الظَّفَرِ فِي الدُّنْيَا،وَالثَّوَابَ فِي الآخِرَةِ.وَمَنْ سَعَى فِي أَمْرٍ فَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ سُوءٌ وَإِثْمٌ وَمَضَرَّةٌ،كَانَ لَهُ نَصِيبٌ مِنْ ذَلِكَ،وَمَنِ انْضَمَّ إلى أَعْدَائِكَ فَقَاتَلَ مَعَهُمْ،أَوْ خَذَلَ المُسْلِمِينَ فِي قِتَالِهِمْ،كَانَ لَهْ نَصِيبٌ مِنْ سُوءِ العَاقِبَةِ،بِمَا يَنَالُهُ مِنَ الخِذْلاَنِ فِي الدُّنْيَا،وَالعِقَابِ فِي الآخِرَةِ،وَهَذِهِ هِيَ الشَّفَاعَةُ السَّيِّئَةُ لأَنَّهَا إِعَانَةٌ عَلَى السُوءِ.وَاللهُ حَفِيظٌ وَشَاهِدٌ عَلَى كُلِّ عَمَلٍ،وَقَادِرٌ عَلَى فِعْلِ كُلِّ شَيْءٍ يُرِيدُهُ . (1)
2- وَعَنْ أبِي مُوسَى الأَشْعَرِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ:كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا جَاءَهُ السَّائِلُ،أوْ طُلِبَتْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ،قال:«اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا،وَيَقْضِي اللهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا شَاءَ».متفق عليه (2) .
فضل من حكم فعدل:
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 578)
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1432), واللفظ له، ومسلم برقم (2627).(1/158)
1- عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ،قال:«سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ:إِمَامٌ عَدْلٌ،وَشَابٌّ نَشَأ فِي عِبَادَةِ الله،وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ،وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي الله،اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ،وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ،فَقال:إِنِّي أخَافُ اللهَ،وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ،فَأخْفَاهَا حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ،وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ». متفق عليه (1) .
2- وَعَنْ عَبْدالله بْنِ عَمْروٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«إنّ المُقْسِطِينَ،عِنْدَ الله،عَلَىَ مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ،عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزّ وَجَلّ،وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ،الّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا».أخرجه مسلم (2) .
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1423), واللفظ له، ومسلم برقم (1031).
(2) أخرجه مسلم برقم (1827).(1/159)
3- وَعَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ ؛أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ:أَلاَ إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا:كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلاَلٌ،وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ،وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ،فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ،وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ،وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا،وَإِنَّ اللهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ،فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ،إِلاَّ بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ،وَقَالَ:إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لأَبْتَلِيَكَ وَأَبْتَلِيَ بِكَ،وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا لاَ يَغْسِلُهُ الْمَاءُ،تَقْرَؤُهُ نَائِمًا وَيَقْظَانَ،وَإِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أُحَرِّقَ قُرَيْشًا،فَقُلْتُ:رَبِّ إِذًا يَثْلَغُوا رَأْسِي فَيَدَعُوهُ خُبْزَةً،قَالَ:اسْتَخْرِجْهُمْ كَمَا اسْتَخْرَجُوكَ،وَاغْزُهُمْ نُغْزِكَ،وَأَنْفِقْ فَسَنُنْفِقَ عَلَيْكَ،وَابْعَثْ جَيْشًا نَبْعَثْ خَمْسَةً مِثْلَهُ،وَقَاتِلْ بِمَنْ أَطَاعَكَ مَنْ عَصَاكَ،قَالَ:وَأَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلاَثَةٌ:ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ،مُتَصَدِّقٌ،مُوَفَّقٌ،وَرَجُلٌ رَحِيمٌ،رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى،وَمُسْلِمٍ،وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ،ذُو عِيَالٍ،قَالَ:وَأَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ:الضَّعِيفُ الَّذِي لاَ زَبْرَ لَهُ،الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعًا،لاَ يَتْبَعُونَ أَهْلاً وَلاَ مَالاً،وَالْخَائِنُ الَّذِي لاَ يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ،وَإِنْ دَقَّ،إِلاَّ خَانَهُ،وَرَجُلٌ لاَ يُصْبِحُ وَلاَ يُمْسِي إِلاَّ وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ،وَذَكَرَ الْبُخْلَ،أَوِ الْكَذِبَ،وَالشِّنْظِيرُ الْفَحَّاشُ ».(1/160)
أخرجه مسلم (1) .
فضل السلام:
1- عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْروٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهمَا أنَّ رَجُلا سَألَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - :أيُّ الإسْلامِ خَيْرٌ؟ قال:«تُطْعِمُ الطَّعَامَ،وَتَقْرَأ السَّلامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ».متفق عليه (2) .
2- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«لا تَدْخُلُونَ الجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا،وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا،أوَلا أدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ».أخرجه مسلم (3) .
- - - - - - - - - - - -
9- فضائل الأخلاق
فضل حسن الخلق:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ?) [آل عمران:133-134].
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (2865).
اجتالتهم الشياطين : أي استخفتهم، فجالوا معهم، ويقال للقوم إذا تركوا القصد والهدى : اجتالتهم الشياطين، أي : جالوا معهم في الضلالة.
أمرني أن أحرق قريشا : كناية عن القتل، ومثله في ذكر قتال أهل الردة، فلم يزل يحرق أعضاءهم حتى أدخلهم من الباب الذي خرجوا منه، ومنه حديث المواقع في رمضان : «احترقت» أي : هلكت.
الثلغ : الشدخ، وقيل : هو نضحك الشيء الرطب بالشيء اليابس.
لا زبر له : أي لا عقل له، ولا تماسك، وهو في الأصل مصدر.
الشنظير، من الأناسي : السيء الخلق، والفحاش» : المبالغ في الفحش.
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (12), واللفظ له، ومسلم برقم (39).
(3) أخرجه مسلم برقم (54).(1/161)
أمرهم تعالى بالمسارعة إلى مغفرته وإدراك جنته التي عرضها السماوات والأرض،فكيف بطولها،التي أعدها الله للمتقين،فهم أهلها وأعمال التقوى هي الموصلة إليها،ثم وصف المتقين وأعمالهم،فقال:{ الذين ينفقون في السراء والضراء } أي:في حال عسرهم ويسرهم،إن أيسروا أكثروا من النفقة،وإن أعسروا لم يحتقروا من المعروف شيئا ولو قل.(1/162)
{ والكاظمين الغيظ } أي:إذا حصل لهم من غيرهم أذية توجب غيظهم -وهو امتلاء قلوبهم من الحنق،الموجب للانتقام بالقول والفعل-،هؤلاء لا يعملون بمقتضى الطباع البشرية،بل يكظمون ما في القلوب من الغيظ،ويصبرون عن مقابلة المسيء إليهم.{ والعافين عن الناس } يدخل في العفو عن الناس،العفو عن كل من أساء إليك بقول أو فعل،والعفو أبلغ من الكظم،لأن العفو ترك المؤاخذة مع السماحة عن المسيء،وهذا إنما يكون ممن تحلى بالأخلاق الجميلة،وتخلى عن الأخلاق الرذيلة،وممن تاجر مع الله،وعفا عن عباد الله رحمة بهم،وإحسانا إليهم،وكراهة لحصول الشر عليهم،وليعفو الله عنه،ويكون أجره على ربه الكريم،لا على العبد الفقير،كما قال تعالى:{ فمن عفا وأصلح فأجره على الله } .ثم ذكر حالة أعم من غيرها،وأحسن وأعلى وأجل،وهي الإحسان،فقال [تعالى]:{ والله يحب المحسنين } والإحسان نوعان:الإحسان في عبادة الخالق.[والإحسان إلى المخلوق،فالإحسان في عبادة الخالق].فسرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله:"أن تعبد الله كأنك تراه،فإن لم تكن تراه فإنه يراك" وأما الإحسان إلى المخلوق،فهو إيصال النفع الديني والدنيوي إليهم،ودفع الشر الديني والدنيوي عنهم،فيدخل في ذلك أمرهم بالمعروف،ونهيهم عن المنكر،وتعليم جاهلهم،ووعظ غافلهم،والنصيحة لعامتهم وخاصتهم،والسعي في جمع كلمتهم،وإيصال الصدقات والنفقات الواجبة والمستحبة إليهم،على اختلاف أحوالهم وتباين أوصافهم،فيدخل في ذلك بذل الندى وكف الأذى،واحتمال الأذى،كما وصف الله به المتقين في هذه الآيات،فمن قام بهذه الأمور،فقد قام بحق الله وحق عبيده. (1)
__________
(1) - تفسير السعدي - (1 / 148)(1/163)
2- وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْروٍ رضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ:لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاحِشاً وَلا مُتَفَحِّشاً،وَكَانَ يَقُولُ:«إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أحْسَنَكُمْ أخْلاقاً».متفق عليه (1) .
3- وَعَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سِمْعَانَ الأَنْصَارِيِّ رضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:سَأَلْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنِ البِرِّ وَالإِثْمِ؟ فَقَالَ:«البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ،وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ،وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ».أخرجه مسلم (2) .
4- وَعَنْ أنَسٍ رضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ:كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أحْسَنَ النَّاسِ خُلُقاً.متفق عليه (3) .
فضل الإيمان:
1- قال الله تعالى:(گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے) [الحديد:21].
سَابِقُوا يَا أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ أَقْرَانَكُمْ فِي مِضْمَارِ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ،وَقُومُوا بِمَا كَلَّفَكُمْ بِهِ رَبَّكُمْ مِنَ الوَاجِبَاتِ،يُدْخِلْكُمْ رَبُّكُمْ جَنَّةً وَاسِعَةً عَرْضُها كَعَرْضِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ،وَقَدْ أَعَدَّهَا اللهُ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِهِ،وَصَدَّقُوا رُسُلَهُ فِيمَا جَاؤُوهُمْ بِهِ،وَهَذَا الذِي أَهَّلَهُمُ اللهُ لَهُ هُوَ مِنْ فَضْلِهِ عَلَيْهِمْ،وَإِحْسَانِهِ إِلَيْهِمْ،وَاللهُ وَاسِعُ الفَضْلِ كَثِيرُ العَطَاءِ،فَيُعْطِي مَنْ يَشَاءُ مَا شَاءَ كَرَماً وَتَفُضُّلاً . (4)
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3559), واللفظ له، ومسلم برقم (2321).
(2) أخرجه مسلم برقم (2553).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6203), واللفظ له، ومسلم برقم (2150).
(4) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 4974)(1/164)
2- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ:أيُّ العَمَلِ أفْضَلُ؟ فَقَالَ:«إيمَانٌ بالله وَرَسُولِهِ».قِيلَ:ثُمَّ مَاذَا؟ قال:«الجِهَادُ فِي سَبِيلِ الله ».قِيلَ:ثُمَّ مَاذَا؟ قال:«حَجٌّ مَبْرُورٌ».متفق عليه (1) .
فضل العلم:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? [المجادلة:11].
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه،إذا طُلب منكم أن يوسع بعضكم لبعض المجالس فأوسعوا،يوسع الله عليكم في الدنيا والآخرة،وإذا طلب منكم- أيها المؤمنون- أن تقوموا من مجالسكم لأمر من الأمور التي يكون فيها خير لكم فقوموا،يرفع الله مكانة المؤمنين المخلصين منكم،ويرفع مكانة أهل العلم درجات كثيرة في الثواب ومراتب الرضوان،والله تعالى خبير بأعمالكم لا يخفى عليه شيء منها،وهو مجازيكم عليها.وفي الآية تنويه بمكانة العلماء وفضلهم،ورفع درجاتهم.
2- وَعَنْ مُعَاوِيَةَ رضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:«مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ».متفق عليه (2) .
فضل الصبر:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ?) [البقرة:155-157].
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (26), واللفظ له، ومسلم برقم (83).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (71)، ومسلم برقم (1037).(1/165)
يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنينَ بِأَنَّهُ سَيَبْلُوهُمْ وَيَخْتَبِرُهُمْ بِقَليلٍ ( بِشَيءٍ ) مِنْ الخَوْفِ والجُوعِ،وَبِذَهَابِ بَعْضِ المَالِ،وَبِمَوتِ بَعْضِ الأَصْحَابِ وَالأَقَارِبِ وَالأَحْبَابِ،وَبِنَقْصِ غِلاَلِ المَزَارِعِ...فَمَنْ صَبَرَ عَلَى قَضَاءِ اللهِ وَحُكْمِهِ أَثَابَهُ،وَمَنْ قَنَطَ وَلَجَّ أَحَلَّ بِهِ عِقَابَهُ.أّمَّا الصَّابِرُونَ الذِينَ خَصَّهُمُ اللهُ بِالبُشْرَى فَهُمُ الذِينَ يُؤْمِنُونَ بِأَنَّ الخَيْرَ وَالشَّرَّ مِنَ اللهِ،وَإِذَا نَزَلَتْ بِهِمْ مُصِيبَةٌ صَبَرُوا،وَتَمَسَّكُوا بِقَولِهِمْ:إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِليهِ رَاجِعُونَ،أَيْ إِنَّهُم عَبيدُ اللهِ وَمُلْكُهُ،وَإِنَّهُمْ رَاجِعُونَ إِليهِ فِي الدَّارِ الآخِرَةِ.يُثنِي اللهُ جَلَّ شَأْنُهُ عَلَى هَؤُلاءِ الصَّابِرِينَ،وَيُخْبِرُ بَأَنَّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ،وَأَنَّهُمْ يَجِدُونَ أَثَرَهَا فِي بَرْدِ قُلُوبِهِمْ عِنْدَ نُزُولِ المُصِيبَةِ،وَأَنَّهُمْ هُمُ المُهْتَدُونَ إِلى طَريقِ الخَيْرِ،وَإِلى الحَقِّ والصَّوابِ،وَأَنَّهُمُ اسْتَسْلَمُوا لِقَضَاءِ اللهِ فَلَمْ يَسْتَحْوِذِ الجَزَعُ عَلَيهِمْ . (1)
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الزُّمَر:10].
يَأْمُرُ اللهُ تَعَالى عِبَادَهُ المُؤمِنينَ بالهِجْرَةِ مِنْ كُلِّ بَلَدٍ لا يَقْدِرُونَ فيهِ عَلَى إِقَامَةِ الشَّعائِرِ الدِّينِيَّةِ إِلى مَكَانٍ آخَرَ مِنْ أَرْضِ اللهِ الوَاسِعَة،يَسْتَطِيعُونَ فِيهِ إِقَامَةَ شَعائِرِ دِينِهِمْ كَمَا أًَمَرَهُمْ رَبُّهُمْ (2) .
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 162)
(2) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 3278)(1/166)
3- وَعَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِنَّ نَاساً مِنَ الأَنْصار،سَألُوا رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَأعْطَاهُمْ،ثُمَّ سَألُوهُ فَأعْطَاهُمْ،ثُمَّ سَألُوهُ فَأعْطَاهُمْ،حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ،فَقال:«مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أدَّخِرَهُ عَنْكُمْ،وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ،وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ،وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ وَمَا أعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وَأوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ».متفق عليه (1) .
فضل الصدق:
1- قال الله تعالى:(چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ) [المائدة:116-119].
وَحِينَ تَبَرَّأَ عِيسَى،عَلَيْهِ السَّلاَمُ،مِنْ عِباَدَةِ مَنْ عَبَدُوهُ،وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِصِدْقِهِ،قَالَ تَعَالَى:هَذَا هُوَ اليَوْمُ الذِي يَنْفَعُ فِيهِ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ،وَالمُوَحِّدِينَ تَوْحِيدُهُمْ،وَسَتَكُونُ للصَّادِقِينَ جَنَّاتٌ تَجْرِي الأَنْهَارُ فِي جَنَبَاتِهَا،جَزَاءً وَفَاقاً لَهُمْ،وَسَيَكُونُونَ فِيهَا خَالِدِينَ أَبَداً،وَلَقَدْ فَازُوا بِرِضَا رَبِّهِمْ وَرِضَوَانِهِ،وَرَضُوا عَمَّا أَكْرَمَهُمْ بِهِ رَبُّهُمْ،وَأَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِمْ،وَهَذَا هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ الذِي لاَ أَعْظَمَ مِنْهُ . (2)
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1469), واللفظ له، ومسلم برقم (1053).
(2) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 789)(1/167)
2- وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى البِرِّ،وَإِنَّ البِرَّ يَهْدِي إِلَى الجَنَّةِ،وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ الله صِدِّيقاً،وَإِيَّاكُمْ وَالكَذِبَ فَإِنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفُجُورِ وَإِنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ،وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ الله كَذَّاباً».أخرجه مسلم (1) .
فضل اليقين والتوكل:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ?) [آل عمران:173-174].
وهم الذين قال لهم بعض المشركين:إن أبا سفيان ومن معه قد أجمعوا أمرهم على الرجوع إليكم لاستئصالكم،فاحذروهم واتقوا لقاءهم،فإنه لا طاقة لكم بهم،فزادهم ذلك التخويف يقينًا وتصديقًا بوعد الله لهم،ولم يَثْنِهم ذلك عن عزمهم،فساروا إلى حيث شاء الله،وقالوا:حسبنا الله أي:كافينا،ونِعْم الوكيل المفوَّض إليه تدبير عباده.فرجعوا من "حمراء الأسد" إلى "المدينة" بنعمة من الله بالثواب الجزيل وبفضل منه بالمنزلة العالية،وقد ازدادوا إيمانًا ويقينًا،وأذلوا أعداء الله،وفازوا بالسلامة من القتل والقتال،واتبعوا رضوان الله بطاعتهم له ولرسوله.والله ذو فضل عظيم عليهم وعلى غيرهم.إنَّما المثبِّط لكم في ذلك هو الشيطان جاءكم يخوِّفكم أنصاره،فلا تخافوا المشركين; لأنّهم ضعاف لا ناصر لهم،وخافوني بالإقبال على طاعتي إن كنتم مصدِّقين بي،ومتبعين رسولي. (2)
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الطلاق:2-3].
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (2607).
(2) - التفسير الميسر - (1 / 472)(1/168)
يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى عِبَادَهُ المُؤْمنينَ أَنَّهُ مَنِ اتَّقَى مِنْهُمُ اللهَ بِمُراعاةِ ما فُرِضَ عَليهِ في أَمْرِ المُطلَّقَاتِ والمُعْتَدَّاتِ،جَعَلَ لَهُ مَخْرَجاً مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ مِنَ الغَمِّ،وَيُفَرِّجُ عَنْهُ ما يَعْتَرِيهِ مِنَ الهَمِّ والكَرْبِ .وَمَنِ اتَّقَى اللهَ جَعَلَ اللهُ لَهُ منْ أَمْرِهِ مَخْرَجاً وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ،وَلاَ يَخْطُرُ لَهُ عَلَى بالٍ،وَمَنْ يَكل أَمْرَهُ إِلَى اللهِ،وَيُفوّضْهُ إِلَيهِ كَفَاهُ اللهُ مَا أَهَمَّهُ وَأَغَمَّهُ فِي دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ،وَاللهُ مُنْفِذُ أَمْرِهِ وَأَحْكَامِهِ فِي خَلْقِهِ وَقَدْ جَعَلَ لِكُلِّ شَيءٍ مِقْدَاراً وَوَقْتاً،فَلاَ تَحْزَنْ يَا أَيُّهَا المُؤْمِنُ إِذَا فَاتَكَ شَيءٌ مِمّا كُنْتَ تَرْجُو وَتُؤمَلُ،فَالأُمُورُ مُقَدَّرَةٌ بِمَقَادِيرَ خَاصَّةٍ،{ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ } (1) .
3- وَعَنْ شَدَّاد بْن أوْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ أنْ تَقُولَ:اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلا أنْتَ،خَلَقْتَنِي وَأنَا عَبْدُكَ،وَأنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ،أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ،أبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي،فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أنْتَ.قال:وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا،فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أنْ يُمْسِيَ،فَهُوَ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ،وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا،فَمَاتَ قَبْلَ أنْ يُصْبِحَ،فَهُوَ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ».أخرجه البخاري (2) .
فضل التقوى:
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 5097)
(2) أخرجه البخاري برقم (6306).(1/169)
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ) [الحُجُرات:13].
يُبَيِّنُ اللهُ تَعَالى في هذِهِ الآيةِ أنَّ النَّاسَ جَمِيعاً إخوةٌ لأمٍّ وأبٍ،وَلِذَلِكَ فَلَيسَ لأحَدٍ مْنهُمْ أنْ يَسْتَعْلِيَ عَلَى أحَدٍ مِنْ إخْوَتِهِ،وَلا أنْ يُسيءَ إليهِ،وَلا أنْ يَنْتَقِصَهُ،وَلا أنْ يَغْتَابَهُ.وَقَدْ جَعَلَ اللهُ تَعَالَى البَشَرَ بالتَّكاثُرِ شُعُوباً وَقَبَائِلَ مُخْتَلِفَةً لِيتَمَكَّنَ بَعْضُهُم مِنْ مَعْرِفَةِ بَعْضٍ،كأنْ يُقَالَ هذا فُلانُ بنُ فَلاَنٍ مِنْ قَبيلَةِ كَذَا مِنْ بَطْنِ كَذَا.وَلاَ فَضْلَ لأحَدٍ عَلَى أحَدٍ إلا بالتَّقْوى،وَالأتْقَى هُوَ الأكْرِمُ عِنْدَ اللهِ،وَالأرْفَعُ مَنْزِلَةً،وَلاَ قِيمَةَ في مِيِزَانِ اللهِ لِلأمْوالِ والأحْسَابِ وَالأولادِ،وَإِنَّما القِيمَةُ للتُّقى وَالصَّلاحِ وَطَهَارَةِ القَلْبِ،وَالخَوفِ مِنَ اللهِ،وَالإِخْلاَصِ في مَحَبَّةِ النَّاسِ،وَالنُّصْح لَهُمْ.وَاللهُ عَلِيمٌ بِما تَنْطَوِي عَلَيهِ الصُّدُورُ،خَبيرٌ بأُمُورِ العِبَادِ . (1)
2- وقال الله تعالى:(چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک) [الأنفال:29].
يُخْبِرُ تَعَالَى النَّاسَ أَنَّهُمْ إِذَا آمَنُوا بِهِ وَاتَّقُوا،فَاتَّبَعُوا أَوَامِرَهُ،وَانْتَهُوا عَنْ زَوَاجِرِهِ،جَعَلَ لَهُمْ مِنْ أَمْرِهِمْ فَرَجاً،وَمِنْ ضِيقِهِمْ مَخْرَجاً،وَجَعَلَ لَهُمْ نُوراً وَهُدًى ( فُرْقَاناً ) يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ،وَبَيْنَ الخَيْرِ وَالشَّرِّ،وَكَفَّر عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ،وَغَفَرَ ذُنُوبَهُمْ،وَاللهُ عَظِيمُ الفَضْلِ وَالإِحْسَانِ،جَزِيلُ الثَّوَابِ،يُثيبُ عَلَى القَلِيلِ،وَيَتَجَاوَزُ عَنِ الكَثِيرِ . (2)
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 4504)
(2) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 1190)(1/170)
3- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:قِيلَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - :مَنْ أكْرَمُ النَّاسِ؟ قال:«أكْرَمُهُمْ أتْقَاهُمْ».قالوا:يَا نَبِيَّ الله،لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْألُكَ،قال:«فَأكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ الله،ابْنُ نَبِيِّ الله،ابْنِ نَبِيِّ الله،ابْنِ خَلِيلِ الله ».قالوا:لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْألُكَ،قال:«فَعَنْ مَعَادِنِ العَرَبِ تَسْألُونَني».قالوا:نَعَمْ،قال:«فَخِيَارُكُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ فِي الإِسْلامِ،إِذَا فَقُهُوا».متفق عليه (1) .
فضل الإخلاص:
1- قال الله تعالى:(چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ) [الزُّمَر:2-3].
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3374), واللفظ له، ومسلم برقم (2378).(1/171)
أَلاَ للهِ وَحْدَهُ العِبَادَةُ والطَّاعَةُ،وَلاَ شَرِكَةَ لأَحَدٍ مَعَهُ فِيهِمَا،لأَنَّ كُلَّ مَا دُونَهُ هُوَ مُلْكٌ لَهُ،وَعَلَى المَمْلُوكِ طَاعَةُ مَالِكِهِ،وَعَلَى العَبْدِ أَنْ يُخْلِصَ العِبَادَةَ للهِ،والذِينَ يَعْبُدُونَ الأَصْنَامَ مِنَ المُشرِكِينَ يَقُولُونَ إِنَّ الذِي يَحْمِلُهُمْ عَلَى عِبَادَتِهَا هُوَ أَنَّهُمْ مَثَّلُوا بِهَذِهِ الأَصْنَامِ المَلاَئِكَةَ،فَعَبَدُوا تِلْكَ الصُّورَ تُنْزِيلاً لَهَا مَنْزِلَةَ المَلاَئِكَةِ،لِيَشْفُعُوا لَهُمْ عِنْدَ اللهِ فِي حَاجَاتِهِمْ .وَكَانَ المُشْرِكُونَ يُبَرِّرُونَ عِبَادَتَهُمْ لِمَنْ هُمْ دُونَ اللهِ بِأَنَّ الإِلَهَ الأَعْظَمَ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يَعْبُدَهُ البَشَرُ مُبَاشَرَةً،فَهُمْ يَعْبُدُونَ هَذِهِ الآلِهَةَ،وَهِيَ تَعْبُدُ الإِلَهَ الأَعْظَمَ.واللهُ تَعَالَى يَحْكُمُ يَوْمَ القِيَامَةِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ خُصُومِهِمْ،مُتَّبِعِي الحَقِّ وَسُبُلِ الهُدَى،فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ التَّوْحِيدِ وَالشِّرْكِ،وَيُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ بِعَمَلِهِ .وَاللهُ تَعَالَى لاَ يُرْشِدُ إِلَى الحَقِّ مَنْ هُوَ كَاذِبٌ مُفْتَرٍ عَلَيْهِ،فَيْزْعُمُ أَنَّ لَهُ وَلَداً أَوْ صَاحِبَةً.تَعَالَى اللهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً . (1)
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ) [البيِّنة:5].
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 3940)(1/172)
وَقَدْ تَفَرَّقَ هَؤُلاَءِ وَاخْتَلَفُوا بَغْياً وَعُدْوَاناً،وَلَمْ يُؤْمَرُوا بِالتَّفَرُقِ وَالاخْتِلاَفِ،وَإِنَّمَا أُمِرُوا بِمَا يُصْلِحُ دِينَهُمْ وَدُنْيَاهُمْ،وَبِمَا يُحَقِّقُ لَهُمُ السَّعَادَةَ فِي مَعَاشِهِمْ وَمَعَادِهِمْ:مِنْ إِخْلاَصٍ للهِ فِي السِّرِّ وَالعَلَنِ،وَتَطْهِيرِ أَعْمَالِهِمْ مِنَ الشِّرْكِ بِهِ،وَاتِّبَاعِ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ الحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَاءِ المُنْحَرِفَةِ عَنِ الشَّرْكِ،وَإِقَامَةِ الصَّلاةِ وَأَدَائِهَا حَقَّ الأَدَاءِ،وَدَفْعِ زَكَاةِ أَمْوَالِهِمْ...وَهَذَا هُوَ الدِّينُ الحَقُّ الذِي جَاءَ فِي الكُتُبِ القَيِّمَةِ المُسْتَقِيمَةِ التِي لا عِوَجَ فِيهَا . (1)
3- وَعَنْ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:«إِنَّمَا الأعْمَالُ بِالنِّيَّةِ،وَإِنَّمَا لامْرِئ مَا نَوَى،فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى الله وَرَسُولِهِ،فَهِجْرَتُهُ إِلَى الله وَرَسُولِهِ وَمَنْ،كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا،أوِ امْرَأةٍ يَتَزَوَّجُهَا،فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ».متفق عليه (2) .
فضل الحب في الله:
1- عَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:«ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإيمَانِ:أنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أحَبَّ إلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا،وَأنْ يُحِبَّ المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إلا ?،وَأنْ يَكْرَهَ أنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ».متفق عليه (3) .
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 6012)
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6689), واللفظ له، ومسلم برقم (1907).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (16), واللفظ له، ومسلم برقم (43).(1/173)
2- وَعَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:«لا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ».متفق عليه (1) .
3- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«إِنَّ اللهَ يَقُولُ يَوْمَ القِيَامَةِ:أَيْنَ المُتَحَابُّونَ بِجَلاَلِي،اليَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي،يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلِّي».أخرجه مسلم (2) .
فضل الخوف من الله:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ??) [آل عمران:175].
يُبَيِّنُ اللهُ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ،أنَّ الشَّيْطَانَ هُوَ الذِي يُخَوِّفُكُمْ مِنْ أَوْلِيَائِهِ المُشْرِكِينَ،وَيُوهِمُكُمْ أَنَّهُمْ ذَوُو بَأْسٍ وَقُوَّةٍ،وَهُوَ الذِي قَالَ لَكُمْ إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ،فَلاَ تَخَافُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ،وَتَوَكَّلُوا عَلَى اللهِ،وَالْجَؤُوا إِلَيهِ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ حَقّاً،فَإِنَّهُ كَافِيكُمْ إِيَّاهُمْ،وَنَاصِرُكُمْ عَلَيْهِمْ.وَخَافُوهُ هُوَ فَهُوَ القَادِرُ عَلَى النَّصْرِ وَعَلَى الخُذْلاَنِ،وَعَلَى الضَّرِّ وَالنَّفْعِ . (3)
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ?) [الرحمن:46].
وَمَنْ خَشِيَ ربَّهُ،وَرَاقَبَهُ في أعْمَالِهِ،واعْتَقَدَ أنَّهُ قَائِمٌ عَلَيهِ،مُشْرِفٌ عَلَى أعْمالِِهِ،عَارِفٌ بِمَا يُكِنُّهُ صَدْرُهُ،فَإِنَّ اللهَ سَيَجْزِيهِ بِجِنَّتَيْنِ في الآخِرَةِ . (4)
3- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ) [المؤمنون:57-61].
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (13), واللفظ له، ومسلم برقم (45).
(2) أخرجه مسلم برقم (2566).
(3) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 468)
(4) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 4826)(1/174)
إٍِِنَّ الذينَ هُمْ،مَعَ حَسَنَاتِهِمْ،وَإِيْمَانِهِمْ،وَعَمَلِهم الصَّالِحِ،مُشْفِقُونَ خَائِفُونَ مِنَ اللهِ،وَجِلُونَ مِنْ مَكْرِهِ بِهِمْ .وَههُمْ يُؤْمِنُونَ بِآيَات رَبِّهمْ التِي نَصَبَها فِي الكَوْنِ،فِي الأَنْفُسِ وَالآفَاقِ،وَبِآيَاتِهِ التِي نَزَّلَهَا عَلَى رُسُلِهِ،وَيُوقِنُونَ بِهَا،لاَ يَعْتِرِيهِم شَكَ فِيهَا،كَمَا يُوقِنُونَ بِأنَّ مَا كَانَ إِنَّمَا هُوَ عَنْ قَدَرِ اللهِ وَقَضَائِهِ .وَهُمْ يَعْبَدُونَ رَبَّهُمْ وَحْدَهُ،وَلاَ يُشْرِكُونَ بِهِ شَيْئاً،وَيُنَزِّهُونَه عَنِ الشِّرْكِ وَعَنِ الصَّاحِبَةِ والوَلَدِ .وَهُمْ يَنْهَضُونَ بِالتَّكَالِيفِ والوَاجِبَاتِ المَفْرُوضَةِ عَلَيْهِمْ،وَيُؤَدُّونَ الطَّاعَاتِ والنَّوَافِلَ،وَيَشْعُرُونَ أَنَّهُمْ مُقَصِّرُونَ فِي جَانِبِ اللهِ تَعَالَى وَيَسْتَقِلَّونَ كُلَّ طَاعَةٍ إِلى جَانِبِ آلاَءِ اللهِ وَنِعَمِهِ،وَيَخَافُونَ أَنْ لاَ تُقْبَلَ طَاعَاتُهُم لِخَوْفِهِمْ مِنَ أَنْ يَكُونُوا قَصَّرُوا فِي شُرُوطِ أَدَائِها،لأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أنَّهُم رَاجِعُونَ إِِلَى رَبِهِّم،وَسَيُحَاسِبُهُمْ وَسَيُحَاسِبُ جَمِيعَ الخَلْقِ عَلَى جَميعِ أًعْمَالِهمْ .وَهَؤُلاءِ الذينَ جَمَعُوا هَذِهِ المَحَاسِنَ،يَرْغَبُونَ فِي الطَّاعَاتِ أَشَدَّ الرَّغْبَةِ،فَيُبَادرُونَهَا لِئلاَّ تَفُوتَهم إِذَا هُمْ مَاتُوا،وَيَتَعَجَّلُونَ فِي الدَّنْيَا وُجُوهَ الخَيْرَاتِ العَاجِلَةِ التي وُعِدُوا بِهَا عَلَى الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ،وَهُمْ يَرْغَبُونَ فِي الطَّاعَاتِ،وَهُمْ لأَجْلِهَا سَابِقُونَ النَّاسَ إِلى الثَّوَابِ. (1)
فضل البكاء من خشية الله:
1- قال الله تعالى:(ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ) [الإسراء:107-109].
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 2610)(1/175)
قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلاَءِ الكَافِرِينَ بِالقُرْآنِ العَظِيمِ،الَّذِي جِئْتَهُمْ بِهِ:سَوَاءٌ آمَنْتُمْ بِهِ أَمْ لَمْ تُؤْمِنُوا بِهِ،فَهُوَ حَقٌّ فِي نَفْسِهِ،أَنْزَلَهُ اللهُ،وَنَوَّهَ بِذِكْرِهِ فِي الكُتُبِ السَّابِقَةِ لَهُ،الَّتِي أَنْزَلَهَا اللهُ عَلَى رُسُلِهِ السَّابِقِينَ.وَالصَّالِحِينَ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ،الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ،وَتَمَسَّكُوا بِكِتَابِهِمْ،وَلَمْ يُبَدِّلُوهُ،وَلَمْ يُحَرِّفُوهُ،إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمُ القُرْآنُ يَخِرُّونَ سَاجِدِينَ للهِ شُكْراً لَهُ عَلَى إِنْجَازِهِ وَعْدَهُ بِإِرْسَالِكَ إِلَى النَّاسِ .وَيَقُولُونَ فِي سُجُودِهِمْ:تَنََّزَهَ رَبُّنَا عَنْ خَلْفِ الوَعْدِ،إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ آتِياً لاَ مَحَالَةَ .وَيَخِرُّونَ سَاجِدِينَ عَلَى ذُقُونِهِمْ ( لِلأَذْقَانِ ) وَيَبْكُونَ خُشُوعاً وَخُضُوعاً للهِ عَزَّ وَجَلَّ،وَإِيمَاناً وَتَصْدِيقاً بِكِتَابِهِ،وَبِرَسُولِهِ،وَيَزِيدُهُمْ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً ( خُشُوعاً ) . (1)
2- وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:بَلَغَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَصْحَابِهِ شَيْءٌ،فَخَطَبَ فَقَالَ:«عُرِضَتْ عَلَيَّ الجَنَّةُ وَالنَّارُ،فَلَمْ أَرَ كَاليَوْمِ فِي الخَيْرِ وَالشَّرِّ،وَلَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيراً».قَالَ:فَمَا أَتَى عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يَوْمٌ أَشَدُّ مِنْهُ،قَالَ:غَطَّوْا رُءُوسَهُمْ وَلَهُمْ خَنِينٌ.متفق عليه (2) .
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 2137)
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4621), ومسلم برقم (2359)، واللفظ له.(1/176)
3- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:«سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ:إِمَامٌ عَدْلٌ،وَشَابٌّ نَشَأ فِي عِبَادَةِ الله،وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ،وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي الله،اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ،وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ،فَقال:إِنِّي أخَافُ اللهَ،وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ،فَأخْفَاهَا حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ،وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ».متفق عليه (1) .
4-وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:" عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ،عَيْنٌ بَكَتْ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ،وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللهِ "أخرجه البهقي في الشعب (2)
فضل الرجاء:
1- قال الله تعالى:(? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الزُّمَر:53].
يَدْعُو اللهُ تَعَالَى العُصَاةَ والكَفَرَةَ والمُسْرِفِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِتَجَاوَزِ حُدُودِ مَا شَرَعَ اللهُ،إِلَى التَّوْبَةِ والإِنَابَةِ إِلَيهِ تَعَالَى،وَيُخْبِرُهُمْ بِأَنَّهُ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً لِمَنْ تَابَ وَأَنَابَ،وَرَجَعَ عَمَّا كَانَ فِيهِ مِنَ الكُفْرِ والعِصْيَانِ والإِسْرَافِ فِي الأَمْرِ،إِلَى الإِيْمَانِ والطَّاعَةِ لأَنَّ اللهَ تَعَالَى هُوَ الغَفُورُ وَهُوَ الرَّحِيمُ . (3)
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1423), واللفظ له، ومسلم برقم (1031).
(2) - شعب الإيمان - (2 / 232) (775 ) صحيح لغيره
(3) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 3990)(1/177)
2- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ،وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ».أخرجه مسلم (1) .
3- وعَنْ أَنَسٍ:أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - ،دَخَلَ عَلَى شَابٍّ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ فَقَالَ:" كَيْفَ تَجِدُكَ ؟ " قَالَ:أَرْجُو اللهَ،وَأَخَافُ ذُنُوبِي ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - " لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ مَا يَرْجُو وَأَمَّنَهُ مِمَّا يَخَافُ " أخرجه البيهقي (2)
فضل المجاهدة في الله:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہھ) [العنكبوت:69].
{ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا } وهم الذين هاجروا في سبيل اللّه،وجاهدوا أعداءهم،وبذلوا مجهودهم في اتباع مرضاته،{ لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } أي:الطرق الموصلة إلينا،وذلك لأنهم محسنون.{ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } بالعون والنصر والهداية.دل هذا،على أن أحرى الناس بموافقة الصواب أهل الجهاد،وعلى أن من أحسن فيما أمر به أعانه اللّه ويسر له أسباب الهداية،وعلى أن من جد واجتهد في طلب العلم الشرعي،فإنه يحصل له من الهداية والمعونة على تحصيل مطلوبه أمور إلهية،خارجة عن مدرك اجتهاده،وتيسر له أمر العلم،فإن طلب العلم الشرعي من الجهاد في سبيل اللّه،بل هو أحد نَوْعَي الجهاد،الذي لا يقوم به إلا خواص الخلق،وهو الجهاد بالقول واللسان،للكفار والمنافقين،والجهاد على تعليم أمور الدين،وعلى رد نزاع المخالفين للحق،ولو كانوا من المسلمين. (3)
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (2749).
(2) - شعب الإيمان - (2 / 315) (970 ) صحيح لغيره
(3) - تفسير السعدي - (1 / 635)(1/178)
2- وقال الله تعالى: (? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ?) [العنكبوت:6-7].
وَمَنْ بَذَلَ جُهْدَهُ في جِهَادِ عَدُوٍّ لِدِينِهِ وَوَطَنِهِ وَقَوْمِهِ،وَفي مُجَاهَدَةِ نَفْسِهِ،وَكَفَّها عَنِ التَّفْكِيرِ في المُنْكَرِ والسُّوءِ،فإِنَّهُ إِنَّما يَفْعَلُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ نَفْعِ نَفْسِهِ،بِالفَوْزِ بِثَوابِ اللهِ عَلى جِهَادِهِ،وبِالنَّجَاةِ مِنْ عِقَابِهِ،وَلَيْسَ اللهُ بِحَاجَةٍ إِلى جِهَادِ أَحَدٍ،فَهُوَ تَعَالَى غَنِيٌّ عَنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ،وَهُوَ عَزِيزٌ لا يُنَالَ وَلاَ يُضَامُ.وَالذِينَ آمنُوا باللهِ،وَكُتُبِهِ،وَرُسُلِهِ،وَصَحَّ إيمَانُهُمْ حِينَ ابْتِلائِهِمْ واختِبَارِهِمْ،وَعَمِلُوا الأَعْمَالَ الصَّالِحَة،فَإِنَّ الله تَعَالى سَيَجحْزِيهِمْ أَحْسَنَ الجَزَاءِ في الآخِرَة،فَيُكَفِّرُ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِم التي فَرَطَتْ مِنْهُم لِمَاماً في حَالِ إِيمَانِهِمْ،ثُمَّ نَدِمُوا عَلى ما اجْتَرحُوهُ منها،وَيُثِيبُهُمْ عَلَى حَسَنَاتِهِمْ،فَيَتَقَبَّلُ القَلِيلَ مِنَ الحَسَناتِ،وَيُثِيبُ عَلَيهَا الوَاحِدةَ بِعَشرِ،أَمْثَالِها،ويَجْزي عَلى السَّيِّئَةِ بِمِثْلِها أَوْ يَعْفُوا وَيَصْفَحُ (1) .
3- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ:كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا صَلَّى قَامَ حَتَّى تَفَطَّرَ رِجْلاَهُ،قَالَتْ عَائِشَةُ:يَا رَسُولَ الله ! أَتَصْنَعُ هَذَا،وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ فَقَالَ:«يَا عَائِشَةُ أَفَلاَ أَكُونُ عَبْداً شَكُوراً».متفق عليه (2) .
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 3228)
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4837), ومسلم برقم (2820)، واللفظ له.(1/179)
4- وعن فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ،قالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي اللهِ." ابن حبان (1)
فضل الرحمة:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ) [الفتح:29].
محمد رسول الله،والذين معه على دينه أشداء على الكفار،رحماء فيما بينهم،تراهم ركعًا سُجَّدًا لله في صلاتهم،يرجون ربهم أن يتفضل عليهم،فيدخلهم الجنة،ويرضى عنهم،علامة طاعتهم لله ظاهرة في وجههم من أثر السجود والعبادة،هذه صفتهم في التوراة.وصفتهم في الإنجيل كصفة زرع أخرج ساقه وفرعه،ثم تكاثرت فروعه بعد ذلك،وشدت الزرع،فقوي واستوى قائمًا على سيقانه جميلا منظره،يعجب الزُّرَّاع؛ليَغِيظ بهؤلاء المؤمنين في كثرتهم وجمال منظرهم الكفار.وفي هذا دليل على كفر من أبغض الصحابة -رضي الله عنهم-; لأن من غاظه الله بالصحابة،فقد وُجد في حقه موجِب ذاك،وهو الكفر.وعد الله الذين آمنوا منهم بالله ورسوله وعملوا ما أمرهم الله به،واجتنبوا ما نهاهم عنه،مغفرة لذنوبهم،وثوابًا جزيلا لا ينقطع،وهو الجنة.(ووعد الله حق مصدَّق لا يُخْلَف،وكل من اقتفى أثر الصحابة رضي الله عنهم فهو في حكمهم في استحقاق المغفرة والأجر العظيم،ولهم الفضل والسبق والكمال الذي لا يلحقهم فيه أحد من هذه الأمة،رضي الله عنهم وأرضاهم).
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (11 / 5) (4706) صحيح(1/180)
2- وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:قَبَّلَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الأقْرَعُ ابْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِساً،فَقَالَ الأقْرَعُ:إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أحَداً،فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قال:«مَنْ لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ».متفق عليه (1) .
3- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ،قَالَ:«إِنَّ ? مِائَةَ رَحْمَةٍ،أَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الجِنِّ وَالإِنْسِ وَالبَهَائِمِ وَالهَوَامِّ،فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ وَبِهَا تَعْطِفُ الوَحْشُ عَلَى وَلَدِهَا،وَأَخَّرَ اللهُ تِسْعاً وَتِسْعِينَ رَحْمَةً يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ».متفق عليه (2) .
فضل الرفق:
1- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«يَا عَائِشَةُ!إِنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ،وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لاَ يُعْطِي عَلَى العُنْفِ،وَمَا لاَ يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ».متفق عليه (3) .
2- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ،قَالَ:«إِنَّ الرِّفْقَ لاَ يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلاَّ زَانَهُ،وَلاَ يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ شَانَهُ».أخرجه مسلم (4) .
فضل الحياء:
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5997), واللفظ له، ومسلم برقم (2318).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6000), ومسلم برقم (2752)، واللفظ له.
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6927), ومسلم برقم (2594)، واللفظ له.
(4) أخرجه مسلم برقم (2594).(1/181)
1- عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:«الإيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً،وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمَانِ».متفق عليه (1) .
2- وَعَنْ أبِي مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:قالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - :«إِنَّ مِمَّا أدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلامِ النُّبُوَّةِ:إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ».أخرجه البخاري (2) .
3- وَعَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه قالَ:كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أشَدَّ حَيَاءً مِنَ العَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا،فَإِذَا رَأى شَيْئاً يَكْرَهُهُ عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ.متفق عليه (3) .
فضل العفو والصفح:
1- قال الله تعالى:(? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گگ) [النور:22].
وَلاَ يَحْلِفِ القَادِرُونَ مِنْكُم عَلَى الإِنْفَاقِ والإِحْسَانِ ( أُولُوا الفَضْلِ )،والذينَ يَجِدُونَ سَعَةً فِي الرِّزْقِ،عَلَى أَنْ لاَ يَصِلُوا أَقْرَبَاءَهُمْ المَسَاكِينَ والمَهَاجِرِينَ،وَلَيَصْفَحُوا عَنْهُم،وَلْيَعْفُوا عَمَّا تَقَدَّمَ مِنْهُمْ مِنْ الإِسَاءَةِ والأَذَى،فَاللهُ تَعَالَى يَجْزِيهِمْ بِصَفْحِهِمْ عَنْ أَذَى ذَوِي قُرْبَاهُمْ المَسَاكِينَ،وَعَلَى إِحْسَانِهِمْ إِلَيْهِمْ،بالعَفُوِ والمَغْفِرَةِ.فَإِذَا كُنْتُمْ تُحِبُّونَ أَنْ يَعَفُو رَبُّكُم عَنْ سَيِّئَاتِكُم،فَافْعَلُوا مَعَ المُسِيءِ إِلَيْكُم مِثْلَمَا تُحِبُّونَ أَنْ يَفْعَلَ بِكُمْ رَبُّكُم،وَتَأَدَّبُوا بِأَدَبِهِ تَعَالَى،فَهُوَ وَاسِعُ المَغْفِرَةِ والرَّحْمَةِ . (4)
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (9), واللفظ له، ومسلم برقم (35).
(2) أخرجه البخاري برقم (3484).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6102), واللفظ له، ومسلم برقم (2320).
(4) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 2695)(1/182)
2- وقال الله تعالى:( ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ??) [التغابن:14].
يُحَذِّرُ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ وَأَوْلاَدِهِمْ فَقَدْ يَكُونُ مِنَ بَينِ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ أَعْدَاءٌ لِلإِنْسَانِ يَحُولُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فِعْلِ الطَّاعَاتِ التِي تُقَرِّبُ إِلَى اللهِ،وَرُبَمَا حَمَلُوهُمْ عَلَى السَّعْيِ فِي اكْتِسَابِ الحَرَامِ،واجْتِرَاحِ الآثَامِ،لِمَنْفَعَةِ أَنْفُسِهِمْ،وَقَدْ يُؤَدِّي البُغْضُ إِلَى ارْتِكَابِ الجَرَائِمِ بِحَقِّ الأَزْوَاجِ وَالآبَاءِ،فَتَكُونُ عَدَاوَةٌ حَقِيقِيَّةٌ .وَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْتِي زَمَانٌ عَلَى أُمَّتِي يَكُونُ فِيهِ هَلاَكُ الرَّجُلِ عَلَى يَدِ زَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ،يُعَيِّرَانِهِ بِالفَقْرِ فَيْرْتَكِبُ مَرَاكِبَ السُّوءِ فَيَهْلِكُ،وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَحْمِلُهُ حُبُّهُ لَهُمْ،وَشَفَقَتُهُ عَلَيْهِمْ،وَحِرْصُهُ عَلَى أَنْ يَكُونُوا فِي عَيْشٍ رَغِيدٍ فِي حَيَاتِهِ،وَبَعْدَ مَمَاتِهِ فَيَرْتَكِبُ المَحْظُورَاتِ لِتَحْصِيلِ مَا يَكُونُ سَبَباً لِذَلِكَ فَيَهْلِكُ .ثُمَّ يَحُثُّ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ عَلَى العَفْوِ والصِّفْحِ فَقَدْ يَكُونُ فِي ذَلِكَ الخَيْرُ لِلإِنْسَانِ،فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ بِهِمْ وَبِهِ،وَيُعَامِلُهُ بِمِثْلِ مَا عَامَلَهُمْ،وَيَتَفَضَّلُ عَلَيْهِ تَكَرُّماً مِنْهُ . (1)
3- وقال الله تعالى:(? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ?) [آل عمران:133-134].
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 5091)(1/183)
وبادروا بطاعتكم لله ورسوله لاغتنام مغفرة عظيمة من ربكم وجنة واسعة،عرضها السموات والأرض،أعدها الله للمتقين.الذين ينفقون أموالهم في اليسر والعسر،والذين يمسكون ما في أنفسهم من الغيظ بالصبر،وإذا قَدَروا عَفَوا عمَّن ظلمهم.وهذا هو الإحسان الذي يحب الله أصحابه.
4- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? چ چ چ) [الأعراف:199].
اقْبَلْ -أيها النبي أنت وأمتك- الفضل من أخلاق الناس وأعمالهم،ولا تطلب منهم ما يشق عليهم حتى لا ينفروا،وأْمر بكل قول حسن وفِعْلٍ جميل،وأعرض عن منازعة السفهاء ومساواة الجهلة الأغبياء.
فضل الصمت إلا عن خير:
1- عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بالله وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أوْ لِيَصْمُتْ». متفق عليه (1) .
2- وَعَنْ أبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:قَالوا:يَا رَسُولَ الله،أيُّ الإسْلامِ أفْضَلُ؟ قال:«مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ».متفق عليه (2) .
فضل التواضع:
1- قال الله تعالى: (? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [المائدة:54].
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6475), واللفظ له، ومسلم برقم (47).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (11), واللفظ له، ومسلم برقم (42).(1/184)
يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى عَنْ عَظِيمِ قُدْرَتِهِ وَيَقُولُ إنَّ الذِينَ يَرْتَدَّونَ عَنْ دِينِهِمْ مِنَ الإيِمَانِ إلى الكُفْرِ،وَيَتَوَلَّوْنَ عَنْ نُصْرَةِ دِينِهِ،وَإِقَامَةِ شَرِيعَتِهِ،فَإنَّ اللهَ سَيَسْتَبْدِلُ بِهِمْ مَنْ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ،وَأَشَدُّ مَنَعَةً،وَأَقْوَمُ سَبِيلاً،يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ،يَتَّصِفُونَ بِصِفَاتِ المُؤْمِنِينَ وَهِيَ:العِزَّةُ عَلَى الكَافِرِينَ،وَالرَّحْمَةُ وَالتَّوَاضُعُ مَعَ المُؤْمِنِينَ،يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ،وَلاَ يَرُدُّهُمْ رَادٌّ عَنْ إذاعَةِ أَمْرِ اللهِ،وَإِقَامَةِ حُدُودِهِ،وَقِتَالِ أَعْدَائِهِ،يَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ،وَيَنْهَونَ عَنِ المُنْكَرِ.وَمَنِ اتَّصَفَ بِهَذِهِ الصِّفَاِت كَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْهِ كَبِيراً،وَاللهُ وَاسِعُ الفَضْلِ،عَلِيمٌ بِمَنْ يِسْتَحِقُّ ذَلِكَ فَيُعْطِيهِ،مِمَّنْ لاَ يَسْتَحِقُّهُ فَيَحْرِمُهُ إيَّاهُ . (1)
2- وقال الله تعالى: (? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [القصص:83].
تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ - الجَنَّةُ التي عَلِمْتَ مِمَّا تَقدَّمَ وَصْفَهَا - قَدْ جَعَلَها الله خَالِصَةً لِعِبَادِهِ المُؤمِنينَ المُتَواضِعِينَ،الذينَ لاَ يُريدُونَ اسْتِكْبَاراً على خَلْقِ اللهِ،وَلاَ تَعَاظُماً عَلَيهِمْ،وَلاَ َجَبُّراً،وَلاَ فَسَاداً في الأَرضِ.وَالعَاقِبَةُ المَحْمُودَةُ،وهيَ الجَنَّةُ،جَعَلَها اللهُ لِمَنْ مَلأَتْ خَشْيَةُ اللهِ قَلَبْهُ،واتَّقى عَذَابَه بِفعلِ الطَّاعَاتِ،وَتَرْكِ المُحَرَّمَاتِ . (2)
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 724)
(2) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 3217)(1/185)
3- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ،وَمَا زَادَ اللهُ عَبْداً بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزّاً،وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ ? إِلاَّ رَفَعَهُ اللهُ».أخرجه مسلم (1) .
فضل الحلم وكظم الغيظ:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ?) [آل عمران:133-134].
وبادروا بالأعمال الصالحة،لتنالوا مغفرة عظيمة لذنوبكم من اللَّه مالك أمركم،وجنة واسعة عرضها كعرض السموات والأرض هيئت لمن يتقون اللَّه وعذابه .الذين ينفقون أموالهم إرضاء للَّه فى أحوال اليسر والعسر،والقدرة والضعف،ويحبسون أنفسهم عن أن يؤدى غيظهم إلى إنزال عقوبة بمن أساء إليهم خاصة،ويتجاوزون عن المسئ،إنهم بهذا يعدون محسنين،واللَّه تعالى يثيب المحسنين ويرضى عنهم . (2)
2- وقال الله تعالى:(چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑڑک ک ک ک گ گ گ گ ? ? ?) [الشورى:36-37].
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (2588).
(2) - المنتخب من تفسير القرآن - (1 / 108)(1/186)
وَكُلُّ مَا حَصَلْتُمْ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا مِنْ أَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَأَثَاثٍ وَرِيَاشٍ وَنَعْمَةٍ..فَهُوَ مَتَاعٌ قَلِيلٌ تَافِهٌ تَتَمَتَّعُونَ بِهِ فِي هَذِهِ الدَّارِ الفَانِيَةِ الزَّائِلَةِ،وَمَا عِنْدَ اللهِ مِنَ الثَّوَابِ فِي الدَّارِ الآخِرَةِ خَيْرٌ مِنْ مَتَاعِ هَذِهِ الدُّنْيَا،لأَنَّهُ بَاقٍ دَائِمٌ لاَ يَزُولُ،وَلاَ يَنْصُبُ،وَقَدْ وَعَدَ اللهُ تَعَالَى الذِينَ آمَنُوا بِهِ،وَصَدَّقُوا رُسُلَهُ،وَهُمْ يَتَوكَّلُونَ عَلَى رَبهِمْ،وَيَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ...بِأَنّهُ سَيُعِينُهُمْ عَلَى الصَّبْرِ فِي أَدَاءِ الوَاجِبَاتِ .ويَصِفُ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ الذِينَ أَعَدَّ لَهُم الثَّوَابَ والجَنَّةَ فِي الآيَاتِ التَّالِياتِ.فَهُم الذِينَ يَبْتَعِدُونَ عَنِ ارْتِكَابِ كَبَائِرِ الإِثْمِ كَالقَتْلِ وَالزِّنَى والسَّرقَةِ،وَيَبْتَعِدُونَ عَنِ الفَوَاحِش مِنْ قَوْلٍ أَو فِعْلٍ،وَإِذَا مَا غَضَبُوا كَظَمُوا غَيْظَهُمْ وَصَفُحُوا وَعَفَوا عَمَنْ أَغْضَبَهُمْ . (1)
3- وَعَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ فِي حَدِيث وَفْدِ عَبْدِ القَيْسِ –وفيه-:أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لأَشَجِّ عَبْدِ القَيْسِ:«إِنَّ فِيكَ لَخَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ:الحِلْمُ وَالأَنَاةُ».أخرجه مسلم (2) .
فضل الاستقامة على أوامر الله:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ) [فُصِّلَت:30-32].
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 4187)
(2) أخرجه مسلم برقم (18).(1/187)
إِنَّ الذِينَ آمَنُوا بِاللهِ،وََأَخْلَصُوا لَهُ العِبَادَةَ،وَثَبَتُوا عَلَى الإِيمَانِ ( اسْتَقَامُوا ) تَتَنَزَّلُ المَلاَئِكَةُ عَلَيْهِمْ مِنْ عِنْدِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِالبُشْرَى التِي يُرِيدُونَهَا،وَبِأَنَّهُمْ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ مِمّا يَقْدِمُونَ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ الآخِرَةِ،وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ عَلَى مَا خَلَّفُوهُ فِي الدُّنْيَا مِنْ مَالٍ وَزَوْجٍ وَوَلَدٍ،وَيَبَشِّرُونَهُمْ بِدُخُولِ الجَنَّةِ التِي وَعَدَهُمْ اللهُ بِهَا عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ .وَتَقُولُ المَلاَئِكَةُ لِلْمُؤْمِنِينَ،وَهُمْ يُبَشِّرُونَهُمْ:نَحْنُ كُنَّا أَوْلِيَاءَكُمْ فِي الحِيَاةَ الدُّنْيَا نُسَدِّدُ خُطَاكُمْ،وَنُلْهِمُكُمْ الحَقَّ،وَنُرْشِدُكُمْ إِلَى مَا فِيهِ الخَيْرُ وَرِضا اللهِ تَعَالَى وَكَذِلِكَ نَكُونُ مَعَكُمْ فِي الآخِرَةِ،نُؤْمِّنُكُمْ عِنْدَ المَوْتِ مِنْ وَحْشَةِ القَبْرِ،وَعِنْدَ النَّفْخَةِ فِي الصُّورِ،وَيَوْمَ البَعْثِ والنُّشُورِ،وَنُوصِلُكُمْ إِلَى جَنَّاتِ الخُلْدِ،وَإِنَّكُمْ وَاجِدُونَ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ مِنَ المَلَذَّاتِ والنَّعِيمِ،وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَتَمَنونَ وَتَطْلُبُونَ .وَالذِي أَنْزَلَكُمْ دَارَ الكَرَامَةِ هَذِهِ هُوَ اللهُ الغَفُورُ الرَّحِيمُ . (1)
2- وَعَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ الله الثَّقَفِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:قُلْتُ:يَا رَسُولَ الله ! قُلْ لِي فِي الإِسْلامِ قَوْلاً،لا أسْألُ عَنْهُ أحَداً بَعْدَكَ،قال:«قُلْ آمَنْتُ بالله فَاسْتَقِمْ».أخرجه مسلم (2) .
فضل العدل:
1- قال الله تعالى:(ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?? ? ? ? ? ? ?) [المائدة:8].
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 4127)
(2) أخرجه مسلم برقم (38).(1/188)
يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا لِيَكُنْ هَمَّكُمْ وَدَأبُكُمُ التِزَامَ الحَقِّ فِي أَنْفُسِكُمْ ( بِدُونِ اعْتِدَاءٍ عَلَى أَحَدٍ )،وَفِي غَيْرِكُمْ ( بِالأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنِ المُنْكَرِ ابْتَغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ وَحْدَهُ،لاَ لأجْلِ إِرْضَاءِ النَّاسِ،وَاكْتِسَابِ السُّمْعَةِ الحَسَنَةِ عِنْدَهُمْ )،وَكُونُوا شُهَدَاءَ بِالعَدْلِ ( القِسْطِ )،دُونَ مُحَابَاةٍ لِمَشْهُودٍ لَهُ،وَلاَ لِمَشْهُودٍ عَلَيهِ،فَالعَدْلُ مِيزَانُ الحُقُوقِ،وَمَتَى وَقعَ الجُورُ فِي أُمًّةٍ،زَالَتِ الثِّقَةُ مِنْ نُفُوسِ النَّاسِ،وَانْتَشَرَتِ المُفَاسِدُ،وَتَقَطَّعَتْ رَوَابِطُ المُجْتَمَعِ.وَلاَ تَحْمِلَنَّكُمْ عَدَاوَتُكُمُ الشَّدِيدَةُ لِقَوْمٍ،وَبُغْضُكُمْ لَهُمْ عَلَى عَدَمِ العَدْلِ فِي أَمْرِ الشَّهَادَةِ لَهُمْ بِحَقِّهِمْ إذَا كَانُوا أَصْحَابَ حَقٍّ،أَوْ عَلَى عَدَمِ الحُكْمِ لَهُمْ بِذَلِكَ،فَالمُؤْمِنُ يُؤْثِرُ العَدْلَ علَى الجُورِ وَالمُحَابَاةِ.ثُمَّ يُؤَكِّدُ اللهُ تَعَالَى أَمْرَهُ السَّابِقَ بِضَرُورَةِ إِقَامَةِ العَدْلِ،وَأَدَاءِ الشَّهَادَةِ بِالقِسْطِ فَيَقُولُ:اعْدِلُوا لأنَّ العَدْلَ أَقْرَبُ لِتَقْوَى اللهِ،وَأبْعَدُ عَنْ سَخْطِهِ،وَاتَّقُوا سَخَطَ اللهِ وَعِقَابَهُ لأنَّهُ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ شَيءٌ مِنْ أَعْمَالِكُمْ ظَاهِرَهَا وَبَاطِنَهَا،وَاحْذَرُوا أنْ يُجَازِيَكُمْ بِالعَدْلِ عَلَى تَرْكِكُمُ القِيَامَ بِالعَدْلِ . (1)
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 678)(1/189)
2- وَعَنْ عَبْدالله بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«إنّ المُقْسِطِينَ عِنْدَ الله عَلَىَ مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ،عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزّ وَجَلّ،وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ،الّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا».أخرجه مسلم (1) .
فضل الإحسان:
1- قال الله تعالى:(چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ) [النحل:90].
إن الله سبحانه وتعالى يأمر عباده في هذا القرآن بالعدل والإنصاف في حقه بتوحيده وعدم الإشراك به،وفي حق عباده بإعطاء كل ذي حق حقه،ويأمر بالإحسان في حقه بعبادته وأداء فرائضه على الوجه المشروع،وإلى الخلق في الأقوال والأفعال،ويأمر بإعطاء ذوي القرابة ما به صلتهم وبرُّهم،وينهى عن كل ما قَبُحَ قولا أو عملا وعما ينكره الشرع ولا يرضاه من الكفر والمعاصي،وعن ظلم الناس والتعدي عليهم،والله -بهذا الأمر وهذا النهي- يَعِظكم ويذكِّركم العواقب; لكي تتذكروا أوامر الله وتنتفعوا بها.
2- وقال الله تعالى: (? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [المرسلات:41-44].
إن الذين خافوا ربهم في الدنيا،واتقوا عذابه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه،هم يوم القيامة في ظلال الأشجار الوارفة وعيون الماء الجارية،وفواكه كثيرة مما تشتهيه أنفسهم يتنعمون.يقال لهم:كلوا أكلا لذيذًا،واشربوا شربًا هنيئًا؛بسبب ما قدمتم في الدنيا من صالح الأعمال.إنا بمثل ذلك الجزاء العظيم نجزي أهل الإحسان في أعمالهم وطاعتهم لنا.هلاك وعذاب شديد يوم القيامة للمكذبين بيوم الجزاء والحساب وما فيه من النعيم والعذاب.
3- وقال الله تعالى: (? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [البقرة:112].
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (1827).(1/190)
يَرُدُّ اللهُ تَعَالَى عَلَى دَعْوَى اليَهُودِ وَالنَّصَارَى تِلْكَ فَيَقُولُ لَهُمْ:بَلَى سَيَدْخُلُ الجَنَّةَ الذِين يُسْلِمُونَ وُجُوهَهُمْ للهِ.وَيَنْقَادُونَ لأَمْرِهِ مُطِيعِينَ مُخْلِصِينَ،وَهُمْ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ فُهؤُلاءِ يُوَفِّيهِمْ رَبُّهُمْ ثَوَابَ أَعْمَالِهِمْ،وَيُدْخِلُهُم الجَنَّةَ،وَيُذْهِبُ عَنْهُمُ الخَوْفَ وَالحَزَنَ يَوْمَ القِيَامَةِ،فَلاَ خَوْفٌ عَلَيهِمْ فِيمَا يَسْتَقْبِلُونَهُ مِنَ الأَمْرِ،وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ عَلَى مَا يَتْرُكُونَهُ مِنْ أَمْرِ الدُّنيا.فَرَحْمَةُ اللهِ لاَ يَخْتَصُّ بِهَا شَعْبٌ دُونَ شَعْبٍ،وَكُلُّ مَنْ عَمِلَ لَهَا،وَأَخْلَصَ فِي عَمَلِهِ،كَانَ مِنْ أَهْلِهَا . (1)
فضل الإيثار:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الحشر:9].
والذين استوطنوا "المدينة"،وآمنوا من قبل هجرة المهاجرين -وهم الأنصار- يحبون المهاجرين،ويواسونهم بأموالهم،ولا يجدون في أنفسهم حسدًا لهم مما أُعْطوا من مال الفيء وغيره،ويُقَدِّمون المهاجرين وذوي الحاجة على أنفسهم،ولو كان بهم حاجة وفقر،ومن سَلِم من البخل ومَنْعِ الفضل من المال فأولئك هم الفائزون الذين فازوا بمطلوبهم.
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 119)(1/191)
2- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا أَنَّهَا قَالَتْ:جَاءَتْنِي مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا،فَأَطْعَمْتُهَا ثَلاَثَ تَمَرَاتٍ،فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً،وَرَفَعَتْ إِلَى فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلَهَا،فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا،فَشَقَّتِ التَّمْرَةَ،الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا،بَيْنَهُمَا،فَأَعْجَبَنِي شَأْنُهَا،فَذَكَرْتُ الَّذِي صَنَعَتْ لِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - .فَقَالَ «إِنَّ اللهَ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الجَنَّةَ أَوْ أَعْتَقَهَا بِهَا مِنَ النَّارِ».أخرجه مسلم (1) .
3- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،قَالَ:أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ،فَقَالَ:يَا رَسُولَ اللهِ،أَصَابَنِي الْجَهْدُ،فَأَرْسَلَ إِلَى نِسَائِهِ،فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُمْ شَيْئًا،فَقَالَ:أَلاَ رَجُلٌ يُضَيِّفُهُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ؟ فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ،فَقَالَ:أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ،فَذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ،فَقَالَ لاِمْرَأَتِهِ:ضَيْفُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَ تَدَّخِرِي عَنْهُ شَيْئًا،فَقَالَتْ:وَاللَّهِ مَا عِنْدِي إِلاَّ قُوتُ الصِّبْيَةِ،قَالَ:فَإِذَا أَرَادَ الصِّبْيَةُ الْعَشَاءَ فَنَوِّمِيهِمْ،وَتَعَالِي،فَأَطْفِئِي السَّرَّاجَ،وَنَطْوِي بُطُونَنَا اللَّيْلَةَ،فَفَعَلَتْ،ثُمَّ غَدَا الرَّجُلُ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ،فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم - :لَقَدْ عَجِبَ اللَّهُ،أَوْ ضَحِكَ اللَّهُ مِنْ فُلاَنٍ وَفُلاَنَةَ،فَأَنْزَلَ اللَّهُ:{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر]." متفق عليه (2)
فضل الكرم:
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (2630).
(2) - صحيح البخارى- المكنز - (3798 ) وصحيح مسلم- المكنز - (5480) وصحيح ابن حبان - (16 / 254) (7264)(1/192)
1- قال الله تعالى:(ک ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ?) [الإسراء:70].
يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى عَنْ تَشْرِيفِهِ لِبَنِي آدَمَ،وَتَكْرِيمِهِ إِيَّاهُمْ بِأَنْ خَلَقَهُمْ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ،وَأَكْمَلِ هَيْئَةٍ،وَبِأَنْ مَيَّزَهُمْ بِالعَقْلِ،وَبِأَنْ حَمَلَهُمْ فِي البَرِّ عَلَى الدَّوَابِ وَغَيْرِهَا،وَفِي البَحْرِ فِي السُّفُنِ وَالمَرَاكِبِ،وَبِأَنْ رَزَقَهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ،مِنْ زُرُوعٍ وَثِمَارٍ،وَلُحُومٍ وَلِبَاسٍ وَسَكَنٍ،وَمِنْ مَنَاظِرٍ مُبْهِجَةٍ.كَمَا يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ تَفْضِيلِهِ إِيَّاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِهِ،بِالعَقْلِ،وَالتَّفْكِيرِ،وَقَدْ فَضَّلَهُمْ بِاسْتِخْلافِهِمْ فِي الأَرْضِ . (1)
2- وقال الله تعالى: (? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ) [الحُجُرات:13].
يا أيها الناس إنَّا خلقناكم من أب واحد هو آدم،وأُم واحدة هي حواء،فلا تفاضل بينكم في النسب،وجعلناكم بالتناسل شعوبًا وقبائل متعددة؛ليعرف بعضكم بعضًا،إن أكرمكم عند الله أشدكم اتقاءً له.إن الله عليم بالمتقين،خبير بهم.
3- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بالله وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلا يُؤْذِي جَارَهُ،وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بالله وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ،وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بالله وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أوْ لِيَسْكُتْ». متفق عليه (2) .
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 2100)
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6018), ومسلم برقم (47)، واللفظ له.(1/193)
4- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أجْوَدَ النَّاسِ،وَكَانَ أجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ،وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ،فَلَرَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ.متفق عليه (1) .
فضل العفة:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [البقرة:273].
اجْعَلُوا مَا تُنْفِقُونَ لِلَّذِينَ ذَكَرَ اللهُ صِفَاتِهِم الخَمْسَ،التِي هِيَ أجَلُّ الأوْصَافِ قَدْراً،وَهِيَ:( الإِحْصَارُ،وَالعَجْزُ عَنِ الكَسْبِ،وَالتَّعَفُّفُ،وَمَعْرِفَتُهُمْ بِسِيمَاهُمْ،وَعَدَمُ سُؤَالِهِمْ شَيئاً مِمَّا فِي أيدِي النَّاسِ ).وَهؤُلاءِ هُمُ الفُقَرَاءُ مِنَ المُهَاجِرِينَ الذِينَ انْقَطَعُوا للهِ وَرَسُولِهِ،وَسَكَنُوا المَدِينةَ،وَلَيسَ لَهُمْ وَسيلةُ عَيْشٍ يُنْفِقُونَ مِنْها عَلَى أنْفُسِهِمْ،وَهُمْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَفَراً لِلْبَحْثِ عَن الرِّزْقِ،وَيَحْسَبُهُمْ مَنْ لاَ يَعْرِفُهُمْ،وَلا يَعْرِفُ حَقِيقَةَ حَالِهِمْ،أنَّهُمْ أغْنِيَاءُ مِنْ تَعَفَّفِهِمْ فِي لِبَاسِهِمْ وَحَالِهِمْ وَمَقَالِهِمْ،وَتَعْرِفُهُمْ بِمَا يَظْهَرُ لِذَوِي الألْبَابِ مِنْ صِفَاتِهِمْ:لاَ يُلِحُّونَ فِي المَسْألَةِ،وَلاَ يَطْلُبُونَ مِنَ النَّاسِ مَا لاَ يَحْتَاجُونَ إليهِ .وَجَميعُ مَا تُنْفِقُونَهُ مِنْ خَيرٍ فَإنَّ اللهُ عَالِمٌ بِهِ،وَسَيَجْزِيكُمْ عَلَيهِ أوْفَى الجَزَاءِ يَوَمَ القيَامَةِ . (2)
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6), واللفظ له، ومسلم برقم (2320).
(2) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 280)(1/194)
2- وَعَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِنَّ نَاساً مِنَ الأَنْصار،سَألُوا رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَأعْطَاهُمْ،ثُمَّ سَألُوهُ فَأعْطَاهُمْ،ثُمَّ سَألُوهُ فَأعْطَاهُمْ،حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ،فَقال:«مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أدَّخِرَهُ عَنْكُمْ،وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ،وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ،وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ وَمَا أعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وَأوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ».متفق عليه (1) .
فضل الزهد:
1- قال الله تعالى: (? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [طه:131-132].
ولا تنظر إلى ما مَتَّعْنا به هؤلاء المشركين وأمثالهم من أنواع المتع،فإنها زينة زائلة في هذه الحياة الدنيا،متعناهم بها; لنبتليهم بها،ورزق ربك وثوابه خير لك مما متعناهم به وأدوم; حيث لا انقطاع له ولا نفاد.
2- وَعَنِ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:أَلَسْتُمْ فِي طَعَامٍ وَشَرَابٍ مَا شِئْتُمْ؟ لَقَدْ رَأَيْتُ نَبِيَّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - وَمَا يَجِدُ مِنَ الدَّقَلِ مَا يَمْلأُ بِهِ بَطْنَهُ.أخرجه مسلم (2) .
3- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَشْبَعَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَهْلَهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ تِبَاعاً،مِنْ خُبْزِ حِنْطَةٍ،حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا.متفق عليه (3) .
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1469), واللفظ له، ومسلم برقم (1053).
(2) أخرجه مسلم برقم (2977).
[ ش - ( يلتوى ) قيل يتقلب ظهرا لبطن ويمينا وشمالا.وقال الطمي الالتواء والتلوي الاضطراب عند الجوع والضرب.( الدقل ) هو أردأ التمر.]
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5374), ومسلم برقم (2976)، واللفظ له.(1/195)
4- وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ،قَالَ:جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ:يَا رَسُولَ اللهِ،دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا أَنَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِي اللهُ،وَأَحَبَّنِي النَّاسُ قَالَ:" ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبُّكُ اللهُ،وَازْهَدْ فِيمَا عِنْدَ النَّاسِ يُحِبُّكَ النَّاسُ " . (1)
فضل طيب الكلام وطلاقة الوجه:
1- قال الله تعالى:(پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ) [آل عمران:159].
__________
(1) - شعب الإيمان - (13 / 116) (10044 ) والصحيحة (663 و944) والشهاب(643) والحلية 7/136و8/41 والإتحاف 8/ 309 و9/326 و333 وصحيح الجامع (922) صحيح لغيره(1/196)
لَقَدْ كَانَ مِنَ أَصْحَابِكَ مَا يَسْتَحِقُّ المَلاَمَةَ وَالتَّعْنِيفَ،بِمُقْتَضَى الطَّبِيعَةِ البَشَرِيَّةِ،إذْ تَخَلَّوْا عَنْكَ حِينَ اشْتِدَادِ الحَرْبِ،وَشَمَّرُوا لِلْهَزِيمَةِ وَالحَرْبِ قَائِمَةٌ،وَمَعَ ذَلِكَ لِنْتَ لَهُمْ،وَعَامَلْتَهُمْ بِالحُسْنَى،لِرَحْمَةٍ أوْدَعَها اللهُ فِي قَلْبِكَ،وَخَصَّكَ بِهَا.وَقَدْ مَدَحَ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - بِحُسْنِ الخُلُقِ فِي أَكْثَرِ مِنْ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ العَزِيزِ.ثُمَّ قَالَ لَوْ كُنْتَ خَشِناً جَافِياً فِي مُعَامَلَتِهِمْ لَتَفَرَّقُوا عَنْكَ،وَلَنَفَرُوا مِنْكَ،وَلَمْ يَسْكُنُوا إلَيْكَ،وَلَكِنَّ اللهَ جَمَعَهُمْ عَلَيْكَ،وَأَلانَ جَانِبَكَ لَهُمْ تَأَلُّفاً لِقُلُوبِهِمْ.ثُمَّ أمَرَ اللهُ رَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - بِأَنْ يَتَجَاوَزَ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ وَهَفَوَاتِهِمْ،وَأنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُم الله،وَأنْ يُشَاوِرَهُمْ فِي الأَمْرِ تَطِييباً لِقُلُوبِهِمْ،وَشَحْذاً لِهِمَمِهِمْ .ثُمَّ يَقُولُ تَعَالَى لِرَسُولِهِ.فَإذا شَاوَرْتَهُمْ فِي الأَمْرِ،وَعَزَمْتَ عَلَى إِنْفَاذِهِ،فَتَوكَّلْ عَلَى اللهِ فِيهِ،لأنَّ اللهَ يُحِبُّ مَنْ يَتَوكَّلُ عَلَيْهِ،وَيَثِقُ بِنَصْرِهِ (1)
2- وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:قَالَ لِيَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - :«لاَ تَحْقِرَنَّ مِنَ المَعْرُوفِ شَيْئاً،وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ».أخرجه مسلم (2) .
فضل الوفاء بالعهد:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ?? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ?) [الرعد:19-20].
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 452)
(2) أخرجه مسلم برقم (2626).(1/197)
لا يَسْتَوِي المُهْتَدِي مِنَ النَّاسِ،الذِي يَعْلَمُ أَنَّ الذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الحَقُّ،الذِي لاَ شَكَّ فِيهِ،مَعَ الضَّالِّ،الذِي لاَ يَعْلَمُ ذَلِكَ،لأنَّهُ يَكُونُ كَالأَعْمَى لاَ يَهْتَدِي إِلَى خَيْرٍ،وَلاَ يَفْهَمُهُ،وَلَوْ فَهِمَهُ مَا انْقَادَ إِلَيْهِ،وَلاَ صَدَّقَ بِهِ وَلاَ انْتَفَعَ.؟ فَالذِينَ يَتَّعِظُونَ وَيَعْتَبِرُونَ هُمْ أَصْحَابُ العُقُولِ السَّلِيمَةِ،وَالبَصَائِرِ المُدْرِكَةِ ( أُولُو الأَلْبَابِ ) .وَالمُهْتَدُونَ الذِينَ سَتَكُونُ لَهُمُ العَاقِبَةُ وَالنُّصْرَةُ،فِي الدُّنْيا وَالآخِرَى،هُمُ الذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدُوا،وَلاَ يُنْقِضُونَ عَهْدَهُمْ مَعَ عِبَادِهِ،وَلاَ يَغْدُرُونَ بِذِمَّةٍ،وَلا يَفْجُرُونَ وَلاَ يَخُونُونَ . (1)
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ) ) [البقرة:177].
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 1727)(1/198)
ليس الخير عند الله- تعالى- في التوجه في الصلاة إلى جهة المشرق والمغرب إن لم يكن عن أمر الله وشرعه،وإنما الخير كل الخير هو إيمان من آمن بالله وصدَّق به معبودًا وحدَه لا شريك له،وآمن بيوم البعث والجزاء،وبالملائكة جميعًا،وبالكتب المنزلة كافة،وبجميع النبيين من غير تفريق،وأعطى المال تطوُّعًا -مع شدة حبه- ذوي القربى،واليتامى المحتاجين الذين مات آباؤهم وهم دون سن البلوغ،والمساكين الذين أرهقهم الفقر،والمسافرين المحتاجين الذين بَعُدوا عن أهلهم ومالهم،والسائلين الذين اضطروا إلى السؤال لشدة حاجتهم،وأنفق في تحرير الرقيق والأسرى،وأقام الصلاة،وأدى الزكاة المفروضة،والذين يوفون بالعهود،ومن صبر في حال فقره ومرضه،وفي شدة القتال.أولئك المتصفون بهذه الصفات هم الذين صدقوا في إيمانهم،وأولئك هم الذين اتقَوا عقاب الله فتجنبوا معاصيه.
3- وقال تعالى:( ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ) سورة الإسراء
بَدَأَ اللهُ تَعَالَى بِدَعْوَةِ المُؤْمِنِينَ إِلَى المُحَافَظَةِ عَلَيْهِ فَقَالَ:وَلاَ تَتَصَرَّفُوا بِمَالِ اليَتِيمِ إِلاَّ بِالطَّرِيقَةِ التِي هِيَ أَحْسَنُ الطُّرُقِ،وَهِيَ طَرِيقَةُ حِفْظِهِ وَتَثْمِيرِهِ لأَنَّهُ ضَعِيفٌ عَنْ تَدْبِيرِ مَالِهِ،عَاجِزٌ عَنِ الذَّوْدِ عَنْهُ،وَالجَمَاعَةُ المُسْلِمَةُ مُكَلَّفَةٌ بِرِعَايَةِ اليَتِيمِ وَمَالِهِ،حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ،وَالقُدْرَةُ عَلَى العِنَايَةِ بِمَالِهِ وَتَدْبِيرِهِ.وَبِمَا أَنَّ رِعَايَةَ مَالِ اليَتِيمِ وَشَخْصِهِ عَهْدٌ عَلَى الجَمَاعَةِ المُسْلِمَةِ،لِذَلِكَ أَلْحَقَ اللهُ تَعَالَى بِهِ الوَفَاءَ بِالعَهْدِ إِطْلاَقاً،وَحَثَّ عَلَيْهِ،فَقَالَ تَعَالَى:إِنَّهُ يَسْأَلُ عَنِ الوَفَاءِ بِالعَهْدِ وَيُحَاسِبُ عَلَيْهِ مَنْ يَنْكُثُ بِهِ وَيَنْقُضُهُ . (1)
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 2064)(1/199)
4- وَعَنْ عُقْبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:«أحَقُّ مَا أوْفَيْتُمْ مِنَ الشُّرُوطِ أنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الفُرُوجَ».متفق عليه (1) .
5- َوعَنِ الْوَلِيدِ بْنِ جُمَيْعٍ حَدَّثَنَا أَبُو الطُّفَيْلِ حَدَّثَنَا حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ قَالَ مَا مَنَعَنِى أَنْ أَشْهَدَ بَدْرًا إِلاَّ أَنِّى خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِى - حُسَيْلٌ - قَالَ فَأَخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ قَالُوا إِنَّكُمْ تُرِيدُونَ مُحَمَّدًا فَقُلْنَا مَا نُرِيدُهُ مَا نُرِيدُ إِلاَّ الْمَدِينَةَ.فَأَخَذُوا مِنَّا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَنَّ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلاَ نُقَاتِلُ مَعَهُ فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ فَقَالَ « انْصَرِفَا نَفِى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ وَنَسْتَعِينُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ ». (2)
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5151), واللفظ له، ومسلم برقم (1418). يعني شروط النكاح
(2) - صحيح مسلم- المكنز - (4740 )(1/200)
6- وعَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ كَانَ بَيْنَ مُعَاوِيَةَ وَبَيْنَ الرُّومِ عَهْدٌ قَالَ فَكَانَ يَسِيرُ حَتَّى يَكُونَ قَرِيبًا مِنْ أَرْضِهِمْ فَإِذَا انْقَضَتِ الْمُدَّةُ غَزَاهُمْ قَالَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ فَجَعَلَ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَفَاءً لا غَدْرَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَفَاءً لا غَدْرَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ فَلا يَشُدَّ عُقْدَةً وَلا يَحِلَّهَا حَتَّى يَنْقَضِيَ أَمَدُهَا أَوْ يُنْبَذَ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ قَالَ فَرَجَعَ مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالْجُيُوشِ " ابن الجارود (1)
فضل أداء الأمانة:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [النساء:58].
إن الله تعالى يأمركم بأداء مختلف الأمانات،التي اؤتمنتم عليها إلى أصحابها،فلا تفرطوا فيها،ويأمركم بالقضاء بين الناس بالعدل والقسط،إذا قضيتم بينهم،ونِعْمَ ما يعظكم الله به ويهديكم إليه.إن الله تعالى كان سميعًا لأقوالكم،مُطَّلعًا على سائر أعمالكم،بصيرًا بها.
2- وقال الله تعالى: (? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [المعارج:32-35].
والذين هم حافظون لأمانات الله،وأمانات العباد،وحافظون لعهودهم مع الله تعالى ومع العباد،والذين يؤدُّون شهاداتهم بالحق دون تغيير أو كتمان،والذين يحافظون على أداء الصلاة ولا يخلُّون بشيء من واجباتها.أولئك المتصفون بتلك الأوصاف الجليلة مستقرُّون في جنات النعيم،مكرمون فيها بكل أنواع التكريم.
__________
(1) - المنتقى من السنن المسندة لابن الجارود - (1069) و سُنَنُ أَبِي دَاوُدَ (2423 ) صحيح(1/201)
3- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑڑ ک ک ک ک گ گگ) [المؤمنون:1-11].
لَقَدْ فَازَ المُؤْمِنُونَ المُصَدِّقُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ،وسَعِدُوا وَأَفْلَحُوا الإِفْلاَحُ - الفَوْزُ بِالبُغْيَةِ بَعْدَ سَعْيٍ واجْتِهَادٍ.الذين خَشَعَتْ قُلُوبُهم وَخَافَتْ مِنَ اللهِ،وَسَكَنَتْ.والخُشُوعُ فِي الصَّلاَةِ إِنَّمَا يَحْصلُ لِمَنْ فَرَغَ قَلْبُه لَهَا،وَاشْتَغَلَ بِها عَمَّا سِوَاهَا،وَآثَرَهَا عَلَى غَيْرِها،وَحِينَئذٍ تَكُونُ رَاحةً لَهُ،وَقُرَّةَ عَيْنٍ . والذِينَ يَنْصِرِفُونَ إِلَى الجِدِّ،وَيُعْرِضُونَ عَمَّا لاَ فَائِدَةَ مِنْهُ مِنَ الأَفْعَالِ والأَقْوالِ ( اللَّغْوِ ).وَقَدْ وَصفَ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ بِقَوْلِهِ:{ والذين لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً } أَيْ إِنَّهُمْ لاَ يَتَوقَّفُونَ وَلاَ يَلْتَفِتُونَ إِلَيْهِ.وَالذينَ يُطَهِّرًُونَ أَنْفُسَهُم بِتَأْدِيَةِ زَكَاةِ أَمْوالِهِمْ.وَهَذِهِ الآيَةُ مَكَّيَّةٌ،وَزَكَاةُ المَالِ فُرِضَتْ فِي المَدِينَةِ،لِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُم:إِنَّ المَقْصُودَ بالزَّكَاةِ هُنَا زَكَاةُ النفْسِ مِنَ الشِّرْكِ والدَّنَسِ.( وَيَرَى ابنُ كَثِيرٍ:أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ المَقْصُودُ بِهَا كِلاَ الأَمَريْنِ،زَكَاةَ النفْسِ وطَهَارَتَهَا،وزكَاةً الأَمْوَالِ لأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ زَكَاةِ النَّفْسِ ) .والذينَ يَحْفَظُونَ فُرُوجَهُم فَلاَ يُقَارِفُونَ مُحَرَّماً،وَلاَ يَقَعُونَ فِيمَا نَهَاهُم اللهُ عَنْهُ مِنْ زَنىً وَغَيْرِهِ .وَلاَ يَقْرَبُونَ سِوَى مَا أَحَلَّ اللهُ لَهُمْ مِنْ أَزْوَاجٍِههِمْ،وَمَا مَلَكَتْ أَيْْمَانُهم مِنْ إِمَاءٍ،وَمَنْ بَاشَرَ مَا أَحَلَّّ اللهُ لَهُ فَهُوَ غَيْرُ مَلُومٍ فِي ذَلِكَ .(1/202)
فَمَنْ تَجَاوَزَ مَا أَحَلَّ اللهُ لَهُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَى غَيْرِهِ مِنَ الحَرَامِ،فَهْوَ مِنَ المُعْتَدِينَ،المُتَجَاوِزِينَ حُدُودَ مَا شَرَعَ اللهُ .وَالذينَ إِذَا ائْتُمِنُوا لَمْ يَخُونُوا أَمَانَاتِهم،بَلْ يُؤَدُّونَها إِلى أَهْلِهَا،وإِذَا عَاهَدُوا أو عَاقَدُوا أَوْفُوا بِذَلِكَ،وَلَمْ يَخُونُوا وَلَمْ يَغْدُرُوا،وَبقوا مُحَافِظِينَ عَلَى عُهُودِهِمْ وأَمَانَاتِهِمْ وعُقُودِهِمْ .والذينَ يُداوِمُونَ عَلَى أَدَاءِ صَلَوَاتِهِمْ وَعِبَادَاتِهِمْ،يُؤَدُّونَها فِي مَوَاقِيتِهَا،ويَتِمُّونَها بِخُشُوعِها،وسُجُودِها،حَتَّى تُؤدِّي المَقْصُودَ مِنْهَا،وَهُوَ خَشْيَةُ اللهِ،والانْتِهَاءُ عَنِ الفَحْشَاءِ والمُنْكَرِ .وَبَعْدَ أَنْ عَدَّدَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أوصَافَ المُؤْمِنِينَ الحَمِيدَةَ قَالَ إِنَّ الذينَ اتَّصَفُوا بهذِهِ الصِّفَاتِ الرَّفِيعَةِ يَرِثُونَ الجَنَّةَ،وَيَتَبَوَّءُونَ أَعْلَى مَرَاتِبها،جَزاءً لَهُمْ عَلَى مَا زَيَّنُوا بِهِ أَنْفُسَهُم مِنَ الصِّفَاتِ الحَمِيدَةِ،والآدَابِ العَاليَةِ،وَيَبْقَونَ فِيها خَالِدِينَ أَبَداً.فَهَؤُلاءِ المُؤْمِنُونَ هُمُ الذينَ يَرِثُونَ مَنَازِلَ الكُفَّارِ فِي الجَنَّةِ،وَيْبْقَونَ فِيهَا خَالِدِينَ أَبَداً " (1)
فضل الطمأنينة:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ??) [الرعد:28].
هؤلاَءِ الذِينَ يَهْدِيهِمُ اللهُ هُمُ المُؤْمِنُونَ،الذِينَ آمَنُوا بِاللهِ،وَتَطيبُ قُلُوبُهُمْ،وَتَهْدَأُ إِلَى جَانِبِ اللهِ،وَتَسْكُنُ عِنْدَ ذِكْرِهِ،وَتَرْضَى بِهِ مَوْلًى وَنَاصِراً.وَفِي الحَقِيقَةِ إِنَّ القُلُوبَ المُؤْمِنَةَ تَطْمَئِنُّ وَتَسْكُنُ وَتَهْدَأُ عِنْدَ ذِكْرِ اللهِ تَعَالَى . (2)
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 2554)
(2) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 1736)(1/203)
2- وقال الله تعالى: (? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ?? ? ? ?) [الفجر:27-30].
يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ التِي اسْتَيْقَنَتِ الحَقَّ فَلا يُخَالِجُهَا شَكٌّ،وَوَقَفَتْ عِنْدَ حُدُودِ الشَّرْعِ فَلا تُزَعْزِعُهَا الشَّهَواتُ،فَاطْمَأَنَّتْ وَهَدَأَتْ .ارْجِعِي إِلَى مَحَل الكَرَامَةِ بِجِوَارِ رَبِّكِ رَاضِيَةً عَمَّا عَمِلْتِ فِي الدُّنْيَا،مَرْضِيّاً عَنْكِ إِذ لَمْ تَكُونِي سَاخِطَةً لاَ فِي الغِنَى وَلاَ فِي الفَقْرِ.فَادْخُلِي فِي زُمْرَةِ عِبَادِي المُكَرَّمِينَ،وَكُونِي فِي جُمْلَتِهِمْ . (1)
فضل السكينة:
1- قال الله تعالى:(ک ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ?) [الفتح:18].
يُخْبِرُ اللهُ تَعَالى رَسُولَهُ الكَرِيمَ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ رِضَاهُ عَلَى المُؤْمِنينَ الذِينَ بَايَعُوا الرَّسُولَ تَحتَ الشَّجَرَةِ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ،وَكَانُوا ألفاً وأَرْبَعَمئةِ رَجُلٍ،وَقَدْ عَلِمَ اللهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الصِّدقِ،وَالسَّمْعِ،والطَّاعَةِ،فَأَنْزَلَ عَلَيهِم الطُّمَأْنِينةَ،وَهُدُوءَ النَّفْسِ،وَأَعْطَاهُمْ جَزَاءَ مَا وَهِبُوهُ مِنَ الطَّاعَةِ فَتْحَ خَيْبَرَ عِقِيبَ انْصِرافِهِمْ مِنَ الحُدَيْبَةِ،ثُمَّ تَلا ذَلِكَ فَتْحُ مَكَّة . (2)
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ?) [الفتح:4].
كَانَ مِنْ شُرُوطِ صُلْحِ الحُدَيْبِيَةِ شَرْطَانِ تَرَكَا أَثَراً فِي نُفُوسِ المُؤْمِنِينَ:
1- أَنْ لاَ يَدْخُلَ المُسْلِمُونَ مَكَّةَ عَامَهُمْ ذَاكَ،وَأَنْ يَأتُوا مُعْتَِرينَ فِي العَامِ،الذِي يَلِيهِ .
2- أنْ يَرُدَّ المُسْلِمُونَ مَنْ جَاءَهُمْ مِنْ قُرَيشٍ مُسْلِماً إِلى قَوْمهِم،وَأَنْ لاَ تَرُدَّ قُرَيشٌ مَنْ جَاءَها مِنَ المُسْلِمِينَ مُرْتَداً عَنِ الإِسْلامِ .
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 5897)
(2) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 4480)(1/204)
وَظَنَّ بَعْضُ المُسْلِمِين أَنَّ في هذينِ الشَّرْطِينِ غبْناً لِلمُسْلِمِينَ،حَتّى إِن رَسُولَ اللهِ لَمَّا أَمرَ المُسْلِمِينَ بِنَحْرِ الهَدْيِ،وَبِحَلقِ شُعُورِهِمْ،لَمْ يَمْتَثِلوا لأَمْرِهِ في بَادئِ الأَمرِ،فَقَدْ ثَارَتْ في نُفُوسِهِمِ الحَمِيَّةُ للإِسْلامِ فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ لِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُهم،وَلِيَزْدَادُوا يَقِينا في دِينِهمْ بِطَاعَةِ اللهِ،وَطَاعَةِ رَسُولِهِ،وَاللهُ تَعَالى هُوَ الذِي يُدَبِّرُ أمرَ الكَوْنِ،فَيَجْعَلُ جَمَاعةً مِنْ جُنْدِهِ يُقَاتِلُون لإِعْلاَءِ كَلِمَةِ الحَقِّ،وَيَجْعَلُ غَيْرَهم يُقَاتِلُونَ في سَبيلِ الشَّيْطَانِ،وَلَوْ شَاءَ اللهُ لأَرْسَلَ عَلَيْهِم جُنْداً مِنَ السَّماء يَقْضُونَ عَلَيهم،لكِنَّهُ سُبْحَانَه وَتَعَالى شَرَعَ الجِهَادَ والقِتَالَ لما في ذلِكَ مِنَ المَصْلَحَةِ التِي لاَ يَعْلَمُها إِلاَّ هُوَ،وَاللهُ عَلِيمٌ بِالأُمُورِ،حَكِيمٌ في شَرْعِهِ وَتَدْبِيرِهِ . (1)
3- وَعَنٍْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«لاَ يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلاَّ حَفَّتْهُمُ المَلاَئِكَةُ،وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ،وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ».أخرجه مسلم (2) .
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 4466)
(2) أخرجه مسلم برقم (2700).(1/205)
4- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - :مَا جَلَسَ قَوْمٌ فِي مَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ اللهِ،يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ،وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ،إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ،وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ،وَحَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ،وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ.وَمَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ." ابن حبان (1)
5- وعَنِ الأَغَرِّ،قَالَ:أَشْهَدُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ،وَأَبِي هُرَيْرَةَ،أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ،أَنَّهُ قَالَ:مَا جَلَسَ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ،إِلاَّ حَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ،وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ،وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ،وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ." ابن حبان (2)
فضل الاستعانة بالله:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ?? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ) [الفاتحة:1-5].
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (3 / 45) (768) صحيح
(2) - صحيح ابن حبان - (3 / 136) (855) و صحيح مسلم- المكنز - (7030 )(1/206)
(الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ) الثناء على الله بصفاته التي كلُّها أوصاف كمال،وبنعمه الظاهرة والباطنة،الدينية والدنيوية،وفي ضمنه أَمْرٌ لعباده أن يحمدوه،فهو المستحق له وحده،وهو سبحانه المنشئ للخلق،القائم بأمورهم،المربي لجميع خلقه بنعمه،ولأوليائه بالإيمان والعمل الصالح.(الرَّحْمَنِ) الذي وسعت رحمته جميع الخلق،(الرَّحِيمِ)،بالمؤمنين،وهما اسمان من أسماء الله تعالى.وهو سبحانه وحده مالك يوم القيامة،وهو يوم الجزاء على الأعمال.وفي قراءة المسلم لهذه الآية في كل ركعة من صلواته تذكير له باليوم الآخر،وحثٌّ له على الاستعداد بالعمل الصالح،والكف عن المعاصي والسيئات.إنا نخصك وحدك بالعبادة،ونستعين بك وحدك في جميع أمورنا،فالأمر كله بيدك،لا يملك منه أحد مثقال ذرة.وفي هذه الآية دليل على أن العبد لا يجوز له أن يصرف شيئًا من أنواع العبادة كالدعاء والاستغاثة والذبح والطواف إلا لله وحده،وفيها شفاء القلوب من داء التعلق بغير الله،ومن أمراض الرياء والعجب،والكبرياء.دُلَّنا،وأرشدنا،ووفقنا إلى الطريق المستقيم،وثبتنا عليه حتى نلقاك،وهو الإسلام،الذي هو الطريق الواضح الموصل إلى رضوان الله وإلى جنته،الذي دلّ عليه خاتم رسله وأنبيائه - صلى الله عليه وسلم - ،فلا سبيل إلى سعادة العبد إلا بالاستقامة عليه.طريق الذين أنعمت عليهم من النبيين والصدِّيقين والشهداء والصالحين،فهم أهل الهداية والاستقامة،ولا تجعلنا ممن سلك طريق المغضوب عليهم،الذين عرفوا الحق ولم يعملوا به،وهم اليهود،ومن كان على شاكلتهم،والضالين،وهم الذين لم يهتدوا،فضلوا الطريق،وهم النصارى،ومن اتبع سنتهم.(1/207)
وفي هذا الدعاء شفاء لقلب المسلم من مرض الجحود والجهل والضلال،ودلالة على أن أعظم نعمة على الإطلاق هي نعمة الإسلام،فمن كان أعرف للحق وأتبع له،كان أولى بالصراط المستقيم،ولا ريب أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هم أولى الناس بذلك بعد الأنبياء عليهم السلام،فدلت الآية على فضلهم،وعظيم منزلتهم،رضي الله عنهم.
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ) [البقرة:153].يُبَيِّنُ اللهُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ أَنَّ خَيْرَ مَا يَسْتَعِينَُونَ بِهِ عَلَى إِقَامَةِ دِينِهِمْ،وَالدِّفَاعَ عَنْهُ،وَعَلَى سَائِرِ مَا يَشُقُّ عَلَيهِمْ مِنْ مَصَائِبِ الحَيَاةِ هُوَ التَّحَلِّي بِالصَّبْرِ،وَتَوْطِينُ النَّفْسِ عَلَى احتِمَالِ المَكَارِهِ،وَأَدَاءِ الصَّلاَةِ وَإِقَامَتِهَا حَقَّ إِقَامَتِهَا.فَالصَّبْرِ أَشَدُّ الأَعْمَالِ البَاطِنَةِ عَلَى النَّفْسِ،وَالصَّلاَةُ أَشَدُّ الأَعْمَالِ الظَّاهِرَةِ عََلَى البَدَنِ،وَاللهُ نَاصِرُ الصَّابِرِينَ،وَمُجِيبٌ لِدُعَائِهِمْ . (1)
3- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يَوْماً،فَقَالَ:«يَا غُلاَمُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ،احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ،احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ،إِذا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ،وَإِذا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بالله،وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ،وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ،رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ».أخرجه أحمد والترمذي (2) .
فضل الاحتساب:
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 160)
(2) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (2669), وأخرجه الترمذي برقم (2516)، وهذا لفظه.(1/208)
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ??) [النساء:114].
لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِمَا يَتَنَاجَى بِهِ هَؤُلاءِ الذِينَ يُسِرُّونَ الحَدِيثَ،مِنْ جَمَاعَةِ ابْنِ أَبَيْرق،الذِينَ أَرَادُوا مُسَاعَدَتَهُ عَلَى اتِّهَامِ اليَهُودِيِّ وَبَهْتِهِ،وَمَنْ مَاثَلَهُمْ مِنَ النَّاسِ،وَلَنْ يَكُونَ الخَيْرُ فِي نَجْوَى النَّاسِ،إلاَّ إذَا تَنَاوَلَتْ أحَاديثُهُمْ ذِكْرَ اللهِ،أَوْ أَمْراً بِصَدَقَةٍ،أَوْ أَمْراً بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهْيّاً عَنْ مُنْكَرٍ،أَوْ سَعْياً فِي إِصْلاَحِ ذَاتِ البَيْنِ بَيْنَ أنَاسٍ مُخْتَلِفِينَ مُتَخَاصِمِينَ.وَمَنْ يَفُعْلْ هَذِهِ الأَعْمَالَ الثَّلاَثَةَ،ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَرْضَاتِهِ لاَ يَبْغِي ثَوَابَ ذَلِكَ عِنْدَ غَيْرِ اللهِ،فَسَوْفَ يُثِيبُهُ اللهُ ثَوَاباً جَزِيلاً كَثِيراً . (1)
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ) [البقرة:207].
وبعض الناس يبيع نفسه طلبًا لرضا الله عنه،بالجهاد في سبيله،والتزام طاعته.والله رءوف بالعباد،يرحم عباده المؤمنين رحمة واسعة في عاجلهم وآجلهم،فيجازبهم أحسن الجزاء.
3- وَعَنْ أبِي مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:«إذَا أنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أهْلِهِ يَحْتَسِبُهَا فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ».متفق عليه (2) .
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 607)
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (55), ومسلم برقم (1002).(1/209)
3- وعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ،"أَنَّ صُهَيْبًا،أَقْبَلَ مُهَاجِرًا نَحْو َالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ،فَتَبِعَهُ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْش مُشْرِكُونَ،فَنَزَلَ وَانْتَثَلَ كِنَانَتَهُ،فَقَالَ:يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ،قَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي أَرْمَاكُمْ رَجُلا بِسَهْمٍ،وَأَيْمُ اللَّهِ لا تَصِلُونَ إِلَيَّ حَتَّى أَرْمِيَكُمْ بِكُلِّ سَهْمٍ فِي كِنَانَتِي،ثُمَّ أَضْرِبَكُمْ بِسَيْفِي،مَا بَقِيَ فِي يَدِي مِنْهُ شَيْءٌ،ثُمَّ شَأْنُكُمْ بَعْدُ،وَقَالَ:إِنْ شِئْتُمْ دَلَلْتُكُمْ عَلَى مَالِي بِمَكَّةَ،وَتُخَلُّونَ سَبِيلِي ؟ , قَالُوا:فَدُلَّنَا عَلَى مَالِكَ بِمَكَّةَ وَنُخَلِّي عَنْكَ،فَتَعَاهَدُوا عَلَى ذَلِكَ،فَدَلَّهُمْ،وَأُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْقُرْآنُ: " وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ " فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صُهَيْبًا،قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :رَبِحَ الْبَيْعُ يَا أَبَا يَحْيَى،رَبِحَ الْبَيْعُ يَا أَبَا يَحْيَى،رَبِحَ الْبَيْعُ يَا أَبَا يَحْيَى , وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ،يَعْنِي قَوْلَهُ: " وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبَادِ " ابن أبي حاتم (1)
__________
(1) - تفسير ابن أبي حاتم - (2 / 62) (1976) حسن(1/210)
4- وعَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ،أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ،يَقُولُ:كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ أَنْصَارِيٍّ بِالْمَدِينَةَ مَالاً،وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرَحَاءُ،وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ،وَكَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ،قَالَ أَنَسٌ:فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ} (92) سورة آل عمران،قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ،فَقَالَ:يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ:{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران]،وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرَحَاءُ،فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللهِ،فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللهِ حَيْثُ شِئْتَ،فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - :بَخٍ ذَاكَ مَالٌ رَابِحٌ،بَخٍ ذَاكَ مَالٌ رَابِحٌ،وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ فِيهَا،وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ،فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ:أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللهِ،فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ." متفق عليه (1)
فضل الاعتذار:
__________
(1) - صحيح البخارى- المكنز - (1461) وصحيح مسلم- المكنز -(2362) وصحيح ابن حبان - (8 / 129) (3340)(1/211)
عَنِ المُغِيرَةِ رَضيَ اللهُ عَنْهُ قال:قال سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ:لَوْ رَأيْتُ رَجُلاً مَعَ امْرَأتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ،فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ:«أتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ،وَ الله لأنَا أغْيَرُ مِنْهُ،وَاللهُ أغْيَرُ مِنِّي،وَمِنْ أجْلِ غَيْرَةِ الله حَرَّمَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ،وَلا أحَدَ أحَبُّ إِلَيْهِ العُذْرُ مِنَ الله،وَمِنْ أجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ المُبَشِّرِينَ وَالمُنْذِرِينَ،وَلا أحَدَ أحَبُّ إِلَيْهِ المِدْحَةُ مِنَ الله،وَمِنْ أجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ اللهُ الجَنَّةَ». متفق عليه (1) .
فضل التفاؤل:
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:«لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ،وَيُعْجِبُنِي الفَأْلُ الصَّالِحُ:الكَلِمَةُ الحَسَنَةُ».متفق عليه (2) .
فضل التواد:
1- قال الله تعالى:( ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں) [الروم:21].
ومن آياته الدالة على عظمته وكمال قدرته أن خلق لأجلكم من جنسكم -أيها الرجال- أزواجًا; لتطمئن نفوسكم إليها وتسكن،وجعل بين المرأة وزوجها محبة وشفقة،إن في خلق الله ذلك لآيات دالة على قدرة الله ووحدانيته لقوم يتفكرون،ويتدبرون.
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ??) [الشورى:23].
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7416), واللفظ له، ومسلم برقم (1499).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5756), ومسلم برقم (2224).(1/212)
وَهَذَا الذِي أَخْبَركُم اللهُ بِأَنَّهُ أَعَدَّهُ فِي الآخِرَةِ جَزَاءً لِلَذِينَ آمَنُوا وَعِمِلُوا صَالِحَ الأَعْمَالِ،هُوَ البُشْرَى التِي يُرِيدُ اللهُ تَعَالَى أَنْ يُبَشِّرَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا لِيتَبَيَّنَ لَهُم أَنَّهَا كَائِنَةٌ لاَ مَحَالَةَ.وَقُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلاَءِ المُشْرِكِينَ:إِنَّنِي لاَ أَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَجَزَاءً عَلَى مَا أَقُومُ بِهِ مِنْ تَبْلِيغْكُمْ رِسَالاَتِ رَبِي،وَمَا أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ مِمَّا أَنْزَلَ اللهُ مِنْ دِين حَقٍّ،وَخَيْرٍ وَبُشْرَى فِي الآخِرَةِ،وَإِنَّمَا أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَنْ تَتْرُكُونِي أُبَلِّغُ رِسَالاَتِ رَبِّي فَلاَ تُؤْذُوني بِحَقِّ مَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنَ القَرَابَةِ .وَمَنْ يَعْمَلْ عَمَلاً فِيهِ طَاعَةٌ للهِ وَلِلرَّسُولِ نَزِدْ لَهُ فِيهِ أَجْراً وَثَوَاباً،فَنَجْعَلُ لَهُ مََكَانَ الحَسَنَةِ عَشرَةَ أَضْعَافِهَا،فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى سَبْعِمِِئَةِ ضِعْفٍ،فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرَحْمَةً،وَاللهُ تَعَالَى يَغْفِرُ الكَثِيرَ مِنَ السَّيئَاتِ،وَيُكَثِّرُ القَلِيلَ مِنَ الحَسَنَاتِ فَيَسْتُرُ وَيَغْفِرُ وَيُضَاعِفُ وَيَشْكُرُ . (1)
3- وَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«مَثَلُ المُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ،مَثَلُ الجَسَدِ،إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ،تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى». متفق عليه (2) .
فضل العطاء والتيسير:
1- قال الله تعالى:(ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ?) [الليل:5-7].
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 4174)
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6011), ومسلم برقم (2586)، واللفظ له.(1/213)
فَأَمَّا مَنْ بَذَلَ مَالَهُ فِي سَبِيلِ مَرْضَاةِ رَبِّهِ وَاتْقَاهُ،وَصَرَفَ نَفْسَهُ عَن الهَوَى وَالشَّهَوَاتِ .وَصَدَّقَ بِفِعْلِ الخَيْرِ وَفَضَّلَهُ عَلَى الشَّرِّ،وَفَضَّلَ الإِيْمَانَ عَلَى الكُفْرِ.فَإِنَّهُ تَعَالَى سَيُيَسِّرُهُ لأَيْسرِ الخُطَّتَينِ فِي فِطْرَةِ الإِنْسَانِ،وَهِيَ فطْرَةُ فِعْلِ الخَيْرِ،الذِي تَبْلُغُ بِهِ النَفْسُ الإِنْسَانِيَّةُ أَوْجَ سَعَادَتِهَا . (1)
2- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا،نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَةِ،وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ،وَاللهُ فِي عَوْنِ العَبْدِ مَا كَانَ العَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ».أخرجه مسلم (2) .
فضل الحكمة:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [البقرة:269].
اللهُ يُؤتِي مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ المَعْرِفَةَ بِالعِلْمِ النَّافِعِ وَ الفِقْهِ وَالقُرْآنِ ( الحِكْمَةَ )،وَمَنْ يُؤْتِهِ اللهُ الحِكْمَةَ فَقَدْ آتَاهُ خَيْراً كَثِيراً فِي دِينِهِ وَدُنْياهُ،وَمَا يَنْتَفِعُ بِالذِّكْرِ وَالمَوْعِظَةِ إلاَّ مَنْ لَهُمْ عُقُولٌ سَلِيمَةٌ يَعُونَ بَهَا مَعْنَى الكَلامِ . (3)
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 5940)
(2) أخرجه مسلم برقم (2699).
(3) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 276)(1/214)
2- وَعَنِ عَبْدَ الله بْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«لا حَسَدَ إِلا فِي اثْنَتَيْنِ:رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً،فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الحَقِّ،وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ حِكْمَةً،فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا».متفق عليه (1) .
فضل الشجاعة:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [التوبة:123].
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (73), ومسلم برقم (816)، واللفظ له.(1/215)
يُبَيِّنُ اللهُ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ الطَّرِيقَ الأَمْثَلَ فِي قِتَالِ الكُفَّارِ،وَذَلِكَ بِأَنْ يَبْدَؤُوا بِقِتَالِ الأَقْربِ فَالأَقْرَبِ مِنْهُمْ إِلى أَرْضِ الإِسْلاَمِ،وَبِذلِكَ لاَ يَبْقَى مَجَالٌ لأنْ يُؤْخَذَ المُسْلِمُونَ مِنْ خَلْفِهِمْ مِنْ قِبَلِ أَعْدَائِهِمْ،إِذَا تَرَكُوا مَنْ هُمْ قُرْبَهُمْ وَذَهَبُوا لِيُقَاتِلُوا مَنْ خَلْفَ أَعْدَائِهِمْ،وَلِهَذَا بَدَأَ الرَّسُولُ - صلى الله عليه وسلم - بِقِتَالِ المُشْرِكِينَ فِي جَزِيرَةِ العَرَبِ،وَلَمَّا انْتَهَى مِنَ العَرَبِ شَرَعَ فِي قِتَالِ أَهْلِ الكِتَابِ فَتَجَهَّزَ لِغَزْوِ الرُّومِ،لأَنَّهُمْ أَهْلُ الكِتَابِ.وَهَكَذَا كَانَ المُسْلِمُونَ كُلَّمَا عَلَوْا أُمَّةً انْتَقَلُوا إِلَى مَنْ هُمْ بَعْدَهُمْ،ثُمَّ الذِينَ يَلُونَهُمْ مِنَ العُتَاةِ الفُجَّارِ وَهَكَذَا .وَيَأْمُرُ اللهُ المُؤْمِنِينَ بِأَنْ يَكُونُوا أَشِدّاءَ فِي قِتَالِ الكُفَّارِ،وَأَنْ يُظْهِرُوا لَهُمْ غِلْظَةً وَشِدَّةً وَخُشُونَةً فِي القِتَالِ،لِيُدْخِلُوا الوَهَنَ إِلَى نُفُوسِهِمْ،وَنُفُوسِ مَنْ خَلْفَهُمْ.وَمِنْ صِفَاتِ المُؤْمِنِينَ أَنْ يَكُونُوا أَشِدَّاءَ عَلَى الكُفَّارِ،رُحَمَاءَ بَيْنَهُمْ.وَيُخْبِرُ اللهُ المُؤْمِنِينَ بِأَنَّهُ مَعَهُمْ يُثَبِّتُهُمْ وَيَنْصُرُهُمْ إِذَا اتَّقَوْهُ وَأَطَاعُوهُ . (1)
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 1359)(1/216)
2- وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَحْسَنَ النَّاسِ،وَكَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ،وَكَانَ أَشْجَعَ النَّاسِ،وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ المَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ،فَانْطَلَقَ نَاسٌ قِبَلَ الصَّوْتِ،فَتَلَقَّاهُمْ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - رَاجِعاً،وَقَدْ سَبَقَهُمْ إِلَى الصَّوْتِ،وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ،فِي عُنُقِهِ السَّيْفُ وَهُوَ يَقُولُ:«لَمْ تُرَاعُوا،لَمْ تُرَاعُوا»،قَالَ:«وَجَدْنَاهُ بَحْراً،أَوْ إِنَّهُ لَبَحْرٌ».قَالَ:وَكَانَ فَرَساً يُبَطَّأُ.متفق عليه (1) .
3- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - :يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَكُونُ خَيْرُ النَّاسِ فِيهِ مَنْزِلَةً رَجُلٌ آخِذٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ كُلَّمَا سَمِعَ بِهَيْعَةٍ اسْتَوَى عَلَى مَتْنِهِ،ثُمَّ طَلَبَ الْمَوْتَ مَظَانَّهُ،وَرَجُلٌ فِي شِعْبٍ مِنْ هَذِهِ الشِّعَابِ يُقِيمُ الصَّلاَةَ،وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ،وَيَدَعُ النَّاسَ إِلاَّ مِنْ خَيْرِهِ." ابن حبان (2)
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2908), ومسلم برقم (2307)، واللفظ له.
(2) - صحيح ابن حبان - (10 / 460) (4600) صحيح(1/217)
4- وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ،قَالَ:خَطَبَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،فَقَالَ:أَيُّهَا النَّاسُ أَخْبِرُونِي بِأَشْجَعِ النَّاسِ ؟ قَالُوا:أَوْ قَالَ،قُلْنَا:أَنْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.قَالَ:أَمَا إِنِّي مَا بَارَزْتُ أَحَدًا إِلاَّ انْتَصَفْتُ مِنْهُ،وَلَكِنْ أَخْبِرُونِي بِأَشْجَعِ النَّاسِ قَالُوا:لاَ نَعْلَمُ،فَمَنْ ؟ قَالَ:أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ جَعَلْنَا لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَرِيشًا فَقُلْنَا:مَنْ يَكُونُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلاً ؟ يَهْوِي إِلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَوَاللَّهِ،مَا دَنَا مِنْهُ إِلاَّ أَبُو بَكْرٍ شَاهِرًا بِالسَّيْفِ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - :لاَ يَهْوِي إِلَيْهِ أَحَدٌ إِلاَّ أَهْوَى عَلَيْهِ فَهَذَا أَشْجَعُ النَّاسِ فَقَالَ عَلِيٌّ:وَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ،وَأَخَذَتْهُ قُرَيْشٌ فَهَذَا يَجَؤُهُ وَهَذَا يُتَلْتِلُهُ وَهُمْ يَقُولُونَ:أَنْتَ الَّذِي جَعَلْتَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا قَالَ:فَوَاللَّهِ مَا دَنَا مِنْهُ أَحَدٌ إِلاَّ أَبُو بَكْرٍ،يَضْرِبُ هَذَا وَيُجَاءُ هَذَا وَيُتَلْتِلُ هَذَا وَهُوَ يَقُولُ:وَيْلَكُمْ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ ثُمَّ رَفَعَ عَلِيٌّ بُرْدَةً كَانَتْ عَلَيْهِ فَبَكَى حَتَّى اخْضَلَّتْ لِحْيَتُهُ ثُمَّ قَالَ:أُنْشِدُكُمْ بِاللَّهِ أَمُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ خَيْرٌ أَمْ أَبُو بَكْرٍ فَسَكَتَ الْقَوْمُ فَقَالَ:أَلاَ تُجِيبُونِي فَوَاللَّهِ لَسَاعَةٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِنْ مُؤْمِنِ آلِ فِرْعَوْنَ ذَاكَ رَجُلٌ كَتَمَ إِيمَانَهُ وَهَذَا رَجُلٌ أَعْلَنَ إِيمَانَهُ.(1/218)
" (1)
فضل الصلاح والعمل الصالح:
1- قال الله تعالى:(? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ) [النساء:69-70]. وَمَنْ أَطَاعَ اللهَ وَرَسُولَهُ،وَعَمِلَ بِمَا أَمَرا بِهِ،وَانْتَهَى عَمَّا نَهَيَا عَنْهُ،فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُسْكِنُهُ دَارَ كَرَامَتِهِ،وَيَجْعَلُهُ مُرَافِقاً لِلأَنْبِيَاءَ،ثُمَّ لِمَنْ بَعْدَهُمْ فِي الرُّتْبَةِ،وَهُمُ الصِّدِّيقُونَ،ثُمَّ الشُّهَدَاءُ،ثُمَّ عُمُومُ المُؤْمِنِينَ الصَّالِحِينَ الذِينَ صَلُحَتْ سَرَائِرُهُمْ وَعَلاَنِيَتُهُمْ وَمَا أَحْسَنَ رِفْقَةَ هَؤُلاءِ الذِينَ لاَ يَشْقَى جَلِيسُهُمْ.وَالفَوْزُ بِتِلْكَ المَنْزِلَةِ العَظِيمَةِ،مِنْ مُرَافَقَةِ النَّبِيِّينَ،وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ،هُوَ فّضْلٌ مِنَ اللهِ،وَهُوَ الذِي أَهَّلَهُمْ لِذَلِكَ،وَلَمْ يَصِلُوا إلَيْهِ بِأَعْمَالِهِمْ،وَكَفَى بِاللهِ عَلِيماً بِالمُخْلِصِينَ وَبِالمُنَافِقِينَ،وَبِمَنْ يَسْتَحِقُّ الهِدَايَةَ وَالتَّوْفِيقَ . (2)
2- وقال الله تعالى: (? ? ? ? ? ? ? ? ں) [لقمان:8].
إن الذين آمنوا بالله ورسوله وعملوا الصالحات التي أُمروا بها،أولئك لهم نعيم مقيم في الجنات.
__________
(1) - كشف الأستار - (3 / 161) (2481) فيه جهالة
(2) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 562)(1/219)
3- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ) [البيِّنة:7-8]. أَمَّا الذِينَ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ،وَاهْتَدَوا بِهُدَاهُ،وَصَدَّقُوا رُسُلَهُ،وَعَمِلُوا الأَعْمَالَ الصَّالِحَةِ،فَبَذَلُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ،وَفِي جِهَادِ أَعْدَائِهِ،وَبَذَلُوا أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ الخَيْرِ والبِرِّ،وَأَحْسَنُوا مُعَامَلَةَ خَلْقِ اللهِ.فَأُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ النَّاسِ لأَنَّهُمْ أَدَّوا حَقَّ العَقْلِ الذِي شَرَّفَهُمُ اللهُ بِهِ،فَاتَّبَعُوا الهُدَى،وَحَفِظُوا الفَضِيلَةَ بِعَمَلِهم الصَّالِحِ.وَيُجَازِي اللهُ فِي الآخِرَةِ الذِينَ آمَنُو وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِإِدْخالِهِمْ جَنَّاتٍ تَجْري فِيهَا الأَنْهَارُ يُقِيمُونَ فِيهَا أَبَداً،وَذَلِكَ لأَنَّهُمْ حَازُوا رِضَا اللهِ بِالتِزَامِ حُدُودِ شَرِيعَتِهِ،وَنَالُوا مَا يُرْضِيهِمْ فِي دُنْيَاهُمْ وَآخِرَتِهِمْ،وَهَذَا الجَزَاءُ الحَسَنُ إِنَمَا يَكُونُ لِمَنْ مَلأَتْ قُلُوبَهُمْ خَشْيَةُ اللهِ وَالخَوْفُ مِنْهُ . (1)
4- وقال الله تعالى:(? ? ? ? چ چ چ چ) [العنكبوت:9]. والذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا الصالحات من الأعمال،لندخلنهم الجنة في جملة عباد الله الصالحين.
فضل القنوت:
1- قال الله تعالى:(? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [النحل:120-121].
إن إبراهيم كان إمامًا في الخير،وكان طائعا خاضعًا لله،لا يميل عن دين الإسلام موحِّدًا لله غير مشرك به،وكان شاكرًا لنعم الله عليه،اختاره الله لرسالته،وأرشده إلى الطريق المستقيم،وهو الإسلام،وآتيناه في الدنيا نعمة حسنة من الثناء عليه في الآخِرين والقدوة به،والولد الصالح،وإنه عند الله في الآخرة لمن الصالحين أصحاب المنازل العالية.
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 6014)(1/220)
2- وقال تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ) [التحريم].وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً آخَرَ لِلَّذِينَ آمَنُوا حَالَ مَرْيَمَ ابنة عِمْرَانَ،وَمَا أُوتِيَتْ مِنْ كَرَامَةٍ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فاصْطَفَاهَا اللهُ رَبُّهَا،وَأَرْسَلَ إِليهَا مَلَكاً كَرِيماً مَنْ مَلاَئِكَتِهِ تَمَثَّلَ لَهَا فِي صَورَةِ بَشَرٍ دَخَلَ عَلَيهَا،وَهِيَ فِي خَلْوَتِهَا،فَاسْتَعَاذَتْ بِاللهِ مِنْ شَرِّهِ،فَبَشَّرَهَا بِأَنَّهَا سَيَكُونُ لَهَا وَلَدٌ يُولَدُ بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ،وَيَكُونَ نِبِيّاً كَرِيماً .وَنَفَخَ فِيهَا المَلَكُ مِنْ رُوحِ اللهِ فَحَمَلَتْ بِعِيسَى،عَلَيْهِ السَّلاَمُ،وَصَدَّقَتْ مَرْيَمُ بِشَرَائِعِ اللهِ،وَبِكُتُبِهِ التِي أَنْزَلَهَا عَلَى رُسُلِهِ وَأَنْبِيَائِهِ،وَكَانَتْ فِي عِدَادِ القَانِتِينَ العَابِدِينَ المُطِيعِينَ للهِ تَعَالَى . (1)
3- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:قِيلَ لِلنّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - :مَا يَعْدِلُ الجِهَادَ فِي سَبِيلِ الله عَزّ وَجَلّ؟ قَالَ:«لاَ تَسْتَطِيعُوهُ» قَالَ:فَأَعَادُوا عَلَيْهِ مَرّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثاً،كُلّ ذَلِكَ يَقُولُ:«لاَ تَسْتَطِيعُونَهُ»،وَقَالَ فِي الثّالِثَةِ:«مَثَلُ المُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ الله كَمَثَلِ الصّائِمِ القَائِمِ القَانِتِ بِآيَاتِ الله،لاَ يَفْتُرُ مِنْ صِيَامٍ وَلاَ صَلاَةٍ،حَتّى يَرْجِعَ المُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ الله تَعَالَى».أخرجه مسلم (2)
.
- - - - - - - - - - - - -
10- فضائل القرآن الكريم
فضل القرآن الكريم:
1- قال الله تعالى:(ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ) [الزُّمَر:23].
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 5119)
(2) أخرجه مسلم برقم (1878).(1/221)
اللهُ تَعَالَى أَنْزَلَ أَحْسَنَ الحَدِيثِ قُرْآناً يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضاً ( مَثَانِيَ )،وَيَتَرَدَّدُ فِيهِ القَوْلُ،مَعَ المَوَاعِظِ والأَحْكَامِ لِيَفْهَمَ النَّاسُ مَا أَرَادَ رَبُّهُمْ تَعَالَى،وَإِذَا تُلِيَتْ مَعَهُ آيَاتُ العَذَابِ والعِقَابِ اقْشَعَرَّتْ لَهَا جُلُودُ الذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ،وَوَجِلَتْ لَهَا قُلُوبُهُمْ،وَإِذَا تُلِيَتْ آيَاتُ الرَّحْمَةِ وَالمَغْفِرَةِ والثَّوَابِ تَلِينُ قُلُوبُهُمْ،وَتَطَمئِنُّ نُفُوسُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ.وَمَنْ كَانَتْ هَذَهِ صِفَتُهُ فَقَدْ هَدَاهُ اللهُ،وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ،وَمَنْ أَضَلَّهُ اللهُ لِعِلْمِهِ أَنَّهُ سَيُعْرِضُ عَنِ الحَقِّ فَلَيْسَ لَهُ مَنْ يَهْدِيهِ مِنْ دُونِ اللهِ . (1)
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ?) [الإسراء:9].
يهدي للتي هي أقوم في عالم الضمير والشعور،بالعقيدة الواضحة البسيطة التي لا تعقيد فيها ولا غموض،والتي تطلق الروح من أثقال الوهم والخرافة،وتطلق الطاقات البشرية الصالحة للعمل والبناء،وتربط بين نواميس الكون الطبيعية ونواميس الفطرة البشرية في تناسق واتساق.
ويهدي للتي هي أقوم في التنسيق بين ظاهر الإنسان وباطنه،وبين مشاعره وسلوكه،وبين عقيدته وعمله،فإذا هي كلها مشدودة إلى العروة الوثقى التي لا تنفصم،متطلعة إلى أعلى وهي مستقرة على الأرض،وإذا العمل عبادة متى توجه الإنسان به إلى اللّه،ولو كان هذا العمل متاعا واستمتاعا بالحياة.
ويهدي للتي هي أقوم في عالم العبادة بالموازنة بين التكاليف والطاقة،فلا تشق التكاليف على النفس حتى تمل وتيأس من الوفاء.ولا تسهل وتترخص حتى تشيع في النفس الرخاوة والاستهتار.ولا تتجاوز القصد والاعتدال وحدود الاحتمال.
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 3960)(1/222)
ويهدي للتي هي أقوم في علاقات الناس بعضهم ببعض:أفرادا وأزواجا،وحكومات وشعوبا،ودولا وأجناسا،ويقيم هذه العلاقات على الأسس الوطيدة الثابتة التي لا تتأثر بالرأي والهوى ولا تميل مع المودة والشنآن ولا تصرفها المصالح والأغراض.الأسس التي أقامها العليم الخبير لخلقه،وهو أعلم بمن خلق،وأعرف بما يصلح لهم في كل أرض وفي كل جيل،فيهديهم للتي هي أقوم في نظام الحكم ونظام المال ونظام الاجتماع ونظام التعامل الدولي اللائق بعالم الإنسان.
ويهدي للتي هي أقوم في تبني الديانات السماوية جميعها والربط بينها كلها،وتعظيم مقدساتها وصيانة حرماتها فإذا البشرية كلها بجميع عقائدها السماوية في سلام ووئام.
« إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ» ..«وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً،وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً» فهذه هي قاعدته الأصيلة في العمل والجزاء.فعلى الإيمان والعمل الصالح يقيم بناءه.فلا إيمان بلا عمل،ولا عمل بلا إيمان.الأول مبتور لم يبلغ تمامه،والثاني مقطوع لاركيزة له.وبهما معا تسير الحياة على التي هي أقوم ..وبهما معا تتحقق الهداية بهذا القرآن. (1)
__________
(1) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (4 / 2215)(1/223)
3-وعَنِ الْحَارِثِ قَالَ:دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا أُنَاسٌ يَخُوضُونَ فِى أَحَادِيثَ فَدَخَلْتُ عَلَى عَلِىٍّ فَقُلْتُ:أَلاَ تَرَى أَنَّ أُنَاساً يَخُوضُونَ فِى الأَحَادِيثِ فِى الْمَسْجِدِ.فَقَالَ:قَدْ فَعَلُوهَا؟ قُلْتُ:نَعَمْ.قَالَ:أَمَا إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:« سَيَكُونُ فِتَنٌ ».قُلْتُ:وَمَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا؟ قَالَ:« كِتَابُ اللَّهِ كِتَابُ اللَّهِ،فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ،وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ،وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ هُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ،هُوَ الَّذِى مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جِبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ،وَمَنِ ابْتَغَى الْهُدَى فِى غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ،فَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ،وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ وَهُوَ الَّذِى لاَ يَزِيغُ بِهِ الأَهْوَاءُ وَلاَ تَلْتَبِسُ بِهِ الأَلْسِنَةُ،وَلاَ يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ،وَلاَ يَخْلَقُ عَنْ كَثْرَةِ الرَّدِّ،وَلاَ تَنْقَضِى عَجَائِبُهُ،وَهُوَ الَّذِى لَمْ يَنْتَهِ الْجِنُّ إِذْ سَمِعُوهُ أَنْ قَالُوا (إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً) هُوَ الَّذِى مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ،وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ،وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ،وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هُدِىَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (1)
فضل قراءة القرآن:
__________
(1) - سنن الدارمى- المكنز - (3394) حسن لغيره -يخلق : يبلى(1/224)
1- عن أَبي أُمَامَةَ البَاهِلِيّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:«اقْرَؤُوا القُرْآنَ،فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ شَفِيعاً لأصْحَابِهِ،اقْرَؤُوا الزَّهْرَاوَيْنِ:البَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ،فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ القِيَامَةِ كَأنَّهُمَا غَمَامَتَانِ،أَوْ كَأنَّهُمَا غَيَايَتَانِ،أَوْ كَأنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ،تَُاجَّانِ عَنْ أصْحَابِهِمَا،اقْرَؤُوا سُورَةَ البَقَرَةِ،فَإِنَّ أخْذَهَا بَرَكَةٌ،وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ،وَلا تَسْتَطِيعُهَا البَطَلَةُ».أخرجه مسلم (1) .
2- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«أيُحِبُّ أحَدُكُمْ إِذَا رَجَعَ إِلَى أهْلِهِ أنْ يَجِدَ فِيهِ ثَلاثَ خَلِفَاتٍ عِظَامٍ سِمَانٍ؟».قُلْنَا:نَعَمْ.قال:«فَثَلاثُ آيَاتٍ يَقْرَأُ بِهِنَّ أحَدُكُمْ فِي صَلاتِهِ،خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلاثِ خَلِفَاتٍ عِظَامٍ سِمَانٍ».أخرجه مسلم (2) .
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (804).
الزهراوين : لون أزهر : نير ، والزهر ، والزهرة البياض النير ،وهو أحسن الألوان البيض.
الغمامة : السحابة ، والجمع الغَمَام.
الغياية : كل شيء أظل الإنسان وغيره من فوقه ، وهي كالسحابة ، وأراد به : أن السورة كالشيء الذي يظل الإنسان من الأذى في الحر والبرد وغيرهما.
الفرق : الجماعة المنفردة من الغنم والطير ونحو ذلك.
صواف : جمع صافة ، وهي التي تصف أجنحتها عند الطيران.
تحاجان : المحاجة : المخاصمة والمجادلة ، وإظهار الحجة.
الاستحصاء : والإحصاء : جمع الشيء وعده والإحاطة به.
(2) أخرجه مسلم برقم (802). الخلفات : جمع خلفة ، وهي الناقة الحامل ، والجمع مخاض.(1/225)
3- وَعَنْ عَبْدَ الله بن مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«مَنْ قَرَأَ حَرْفاً مِنْ كِتَاب الله فَلَهُ بهِ حَسَنَةٌ،وَالحَسَنَةُ بعَشْرِ أَمْثالِهَا،لاَ أَقُولُ الم حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلاَمٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ».أخرجه الترمذي (1) .
4- وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « يَجِىءُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ حَلِّهِ فَيُلْبَسُ تَاجَ الْكَرَامَةِ ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ زِدْهُ فَيُلْبَسُ حُلَّةَ الْكَرَامَةِ ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ ارْضَ عَنْهُ فَيَرْضَى عَنْهُ فَيُقَالُ لَهُ اقْرَأْ وَارْقَ وَتُزَادُ بِكُلِّ آيَةٍ حَسَنَةً » الترمذي. (2)
__________
(1) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (2910).
(2) - سنن الترمذى- المكنز - (3164 ) قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.(1/226)
5- وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:« تَعَلَّمُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ،فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ،وَلاَ يَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ ».ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ:« تَعَلَّمُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا الزَّهْرَاوَانِ،وَإِنَّهُمَا تُظِلاَّنِ صَاحِبَهُمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ غَيَايَتَانِ أَوْ فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ،وَإِنَّ الْقُرْآنَ يَلْقَى صَاحِبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ فَيَقُولُ لَهُ:هَلْ تَعْرِفُنِى؟ فَيَقُولُ:مَا أَعْرِفُكَ.فَيَقُولُ:أَنَا صَاحِبُكَ الْقُرْآنُ الَّذِى أَظْمَأْتُكَ فِى الْهَوَاجِرِ وَأَسْهَرْتُ لَيْلَكَ،وَإِنَّ كُلَّ تَاجِرٍ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَتِهِ،وَإِنَّكَ الْيَوْمَ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ تِجَارَةٍ فَيُعْطَى الْمُلْكَ بِيَمِينِهِ وَالْخُلْدَ بِشِمَالِهِ،وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ،وَيُكْسَى وَالِدَاهُ حُلَّتَيْنِ لاَ يُقَوَّمُ لَهُمَا الدُّنْيَا فَيَقُولاَنِ:بِمَ كُسِينَا هَذَا؟ وَيُقَالُ لَهُمَا:بِأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ.ثُمَّ يُقَالُ لَهُ:اقْرَأْ وَاصْعَدْ فِى دَرَجِ الْجَنَّةِ وَغُرَفِهَا،فَهُوَ فِى صُعُودٍ مَا دَامَ يَقْرَأُ هَذًّا كَانَ أَوْ تَرْتِيلاً » الدارمي (1) .
فضل قارئ القرآن:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ??) [الأعراف:170].
__________
(1) - سنن الدارمى- المكنز - (3454) حسن - الغيايتان : مثنى غياية وهى السحابة(1/227)
يُثني اللهُ تَعَالَى عَلَى مَنِ اسْتَمْسَكَ بِكِتَابِهِ مِنْهُمْ،وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ،وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَأدَّاهَا حَقَّ أدَائِهَا،وَيُذَكِّرُهُمْ تَعَالَى بِأَنَّهُ لاَ يُضِيعُ أجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً مِنَ المُصْلِحِينَ . (1)
2- وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرو رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«يُقَالُ لِصَاحِب القُرْآنِ اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا،فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا».أخرجه أبو داود والترمذي (2) .
فضل قارئ القرآن العامل به:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الزُّمَر:9].
أهذا الكافر المتمتع بكفره خير،أم من هو عابد لربه طائع له،يقضي ساعات الليل في القيام والسجود لله،يخاف عذاب الآخرة،ويأمُل رحمة ربه؟ قل -أيها الرسول-:هل يستوي الذين يعلمون ربهم ودينهم الحق والذين لا يعلمون شيئًا من ذلك؟ لا يستوون.إنما يتذكر ويعرف الفرق أصحاب العقول السليمة.
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 1125)
(2) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1464), وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (2914).(1/228)
2- وَعَنْ أَبِي مُوسَى الأشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«المُؤْمِنُ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ وَيَعْمَلُ بِهِ كَالأُتْرُجَّةِ،طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ.وَالمُؤْمِنُ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ وَيَعْمَلُ بِهِ كَالتَّمْرَةِ،طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلاَ رِيحَ لَهَا.وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ كَالرَّيْحَانَةِ،رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ.وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَالحَنْظَلَةِ،طَعْمُهَا مُرٌّ،أَوْ خَبِيثٌ،وَرِيحُهَا مُرٌّ».متفق عليه (1) .
فضل الماهر بقراءة القرآن:
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا قَالَتْ:قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«المَاهِرُ بِالقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الكِرَامِ البَرَرَةِ،وَالَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ،وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ،لَهُ أجْرَانِ».متفق عليه (2) .
فضل تعلم القرآن وتعليمه:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ) [آل عمران:79].
مَا يَنْبَغِي لِبَشَرٍ آتَأهُ اللهُ الكِتَابَ وَالحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ أنْ يَقُولَ لِلنَّاسِ اعْبُدُونِي مِنْ دُونِ اللهِ،وَلَكِنَّ الرَّسُولَ يَقُولُ لِلنَّاسِ:اعْبُدُوا اللهَ،وَكُونُوا أهْلَ عِبَادَةٍ للهِ وَتَقْوىً ( رَبَّانِيِّينَ )،وَكُونُوا فُقَهَاءً تَفْهَمُونَ شَرَائِعَ دِينِهِ،وَتَحْفَظُونَها،وَتَدْرُسُونَ كُتُبَهُ وَتَعْمَلُونَ بِهَا . (3)
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5059), واللفظ له، ومسلم برقم (797).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4937), ومسلم برقم (798)، واللفظ له.
(3) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 373)(1/229)
2- وَعَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ».أخرجه البخاري (1) .
3- وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:خَرَجَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ فِي الصُّفَّةِ،فَقَالَ:«أيُّكُمْ يُحِبُّ أنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى بُطْحَانَ أَوْ إِلَى العَقِيقِ فَيَأْتِيَ مِنْهُ بِنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ،فِي غَيْرِ إِثْمٍ وَلا قَطْعِ رَحِمٍ؟».فَقُلْنَا:يَا رَسُولَ الله ! نُحِبُّ ذَلِكَ.قال:«أفَلا يَغْدُو أحَدُكُمْ إِلَى المَسْجِدِ فَيَعْلَمُ أَوْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَا بالله عَزَّ وَجَلَّ خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ،وَثَلاثٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلاثٍ،وَأرْبَعٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أرْبَعٍ،وَمِنْ أعْدَادِهِن مِنَ الإبِلِ؟».أخرجه مسلم (2) .
فضل الاجتماع على تلاوة القرآن:
1- قال الله تعالى:(ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ?? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژڑ) [الأنفال:2-4].
__________
(1) أخرجه البخاري برقم (5027).
(2) أخرجه مسلم برقم (803).(1/230)
يُعَرِّفُ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ بِأَنَّهُمُ:الذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ فَزِعَتْ قُلُوبُهُمْ وَخَافَتْ ( وَجِلَتْ )،وَعَمِلَتْ بِمَا أَمَرَ اللهُ،وَتَرَكَتْ مَا نَهَى عَنْهُ.فَالمُؤْمِنُونَ إِذَا أَرَادُوا أَنْ يَهُمُّوا بِمَعْصِيَةٍ أَوْ يَظْلِمُوا،وَقِيلَ لَهُمْ:اتَّقُوا اللهَ،ارْتَدَعُوا عَمَّا هَمُّوا بِهِ خَوْفاً مِنَ اللهِ.وَإِذَا قُرِئَ القُرْآنُ عَلَيْهِمْ رَسَّخَ الإِيمَانَ فِي قُلُوبِهِمْ وَزَادَ فِيهِ،وَهُمْ يَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللهِ،لاَ يَرْجُونَ سِوَاهُ،وَلاَ يَلُوذُونَ إِلاَّ بِجَناَبِهِ،وَلاَ يَسْأَلُونَ غَيْرَهُ .وَبَعْدَ أَنْ بَيَّنَ تَعَالَى إِيمَانَ المُؤْمِنِينَ وَاعْتِقَادَهُم،أَشَارَ هُنَا إلَى أعْمَالِهِمْ،فَقَالَ:إِنَّهُمْ يُؤَدُّونَ الصَّلاَةَ حَقَّ أَدَائِها،بِخُشُوعٍ وَحُضُورِ قُلُوبٍ،وَيُنْفِقُونَ مِمَّا رَزَقَهُمُ اللهُ فِيمَا أَمَرَهُمْ بِهِ رَبُّهُمْ مِنْ جِهَادٍ،وَزَكَاةٍ،وَصَدَقَاتٍ،وَيَفْعَلُونَ الخَيْرَاتِ كُلَّهَا .وَالمُتَّصِفُونَ بِهَذِهِ الصَّفَاتِ هُمُ المُؤْمِنُونَ حَقَّ الإِيمَانِ،لَهُمْ دَرَجَاتٌ مِنَ الكَرَامَةِ وَالزُّلْفَى عِنْدَ رَبِّهِمْ،وَلَهُمْ مَنَازِلُ وَمَقَامَاتٌ فِي الجَنَّاتِ،وَيَغْفِرُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ،وَيَشْكُرُ لَهُمْ حَسَنَاتِهِمْ،وَيَرْزُقُهُمْ رِزْقاً طَيِّباً وَافِراً كَرِيماً . (1)
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 1163)(1/231)
2- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا،نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَةِ،وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ،يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً،سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ،وَاللهُ فِي عَوْنِ العَبْدِ مَا كَانَ العَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ،وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْماً،سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقاً إِلَى الجَنَّةِ،وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ الله يَتْلُونَ كِتَابَ الله،وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ،إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلاَئِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ».أخرجه مسلم (1) .
فضل تحسين الصوت بالقرآن:
1- عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:«مَا أذِنَ اللهُ لِشَيْءٍ مَا أذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ بِالقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ».متفق عليه (2) .
2- وَعَنِ أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنهُ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«مَا أَذِنَ اللهُ لِشَىْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِىٍّ يَتَغَنَّى بِالقُرْآنِ».متفق عليه (3) .
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (2699).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7544), واللفظ له، ومسلم برقم (792).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5024), ومسلم برقم (792)، واللفظ له.
قوله : «ما أذن الله لنبي ، ما أذن لنبي يتغني بالقرآن» يعني : ما استمع ، يقال : أذن إلى الشىء وللشىء ، يأذن أذنا ، أي استمع له ، والتغني : تحزين القراءة ،وترقيقها ، ومنه قوله: «زينوا القرآن بأصوانكم» -وقيل : المراد به : رفع الصوت بها ،وقد جاء في بعض الروايات كذلك ،أى يجهر.- وجاء في بعضها عن سفيان «يتغنى» أى : يستغنى.(1/232)
3- وَعَنِ البَرَاءَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأ فِي العِشَاءِ:(? ?) فَمَا سَمِعْتُ أحَداً أحْسَنَ صَوْتاً أوْ قِرَاءَةً مِنْهُ. متفق عليه (1) .
فضل القيام بالقرآن:
1- عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قالَ:قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«لا حَسَدَ إِلا فِي اثْنَتَيْنِ:رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ هَذَا الكِتَابَ،فَقَامَ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ،وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً،فَتَصَدَّقَ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ».متفق عليه (2) .
2- وَعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:أمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ قالَ:«إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الكِتَابِ أقْوَاماً وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ».أخرجه مسلم (3) .
فضل التفكر في آيات القرآن:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? چچ) [ص:29].
أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى إلَيْكَ،يَا مُحَمَّدُ،هَذَا القُرْآنِ،وَفِيهِ خَيرٌ وَبَرَكَةٌ،وَنَفْعٌ وَهُدىً لِلنَّاسِ،لِيُرْشدَهُمْ إِلَى مَا فِيهِ خَيْرُهُمْ وَسَعَادَتُهُمْ،وَلِيَتَدَبَّرَهُ أُولُو الأَفْهَامِ والعُقُولِ والأَلْبَابِ.وَتَدَبُّرُ القُرْآنِ لاَ يَكُونُ بِحُسْنِ تِلاَوَتِهِ،وَإِنَّما يَكُونَ بِالعَمَلِ بِمَا فِيهِ،واتِّبَاعِ مَا جَاءَ فِيهِ مِنْ أَوَامِرَ،وَالانْتِهَاءِ عَمَّا نَهَى عَنْهُ . (4)
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7546), واللفظ له، ومسلم برقم (464).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5025), ومسلم برقم (815)، واللفظ له.
(3) أخرجه مسلم برقم (817).
(4) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 3878)(1/233)
2- وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:قَالَ لِي النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - :«اقْرَأْ عَلَيَّ».قُلْتُ:يَا رَسُولَ الله،آقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ:«نَعَمْ».فَقَرَأْتُ سُورَةَ النِّسَاءِ،حَتَّى أَتَيْتُ إِلَى هَذِهِ الآيَةِ:(? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ).قَالَ:«حَسْبُكَ الآنَ».فَالتَفَتُّ إِلَيْهِ فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ. متفق عليه (1) .
3- وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ:أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ،قَالَ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ:إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ،فَقَالَ أُبَيٌّ:آللَّهُ سَمَّانِي لَكَ ؟ قَالَ:اللَّهُ سَمَّاكَ لِي،قَالَ:فَجَعَلَ أُبَيٌّ يَبْكِي." البخاري (2)
فضل حفظ القرآن وتعاهده:
1- قال الله تعالى:(گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ?) [العنكبوت:49].
هذا القُرآنُ آياتٌ بَيِّنَاتٌ،وَاضِحَاتُ الدَّلاَلَةِ عَلَى الحَقِّ،يَحْفَظُهُ العُلَمَاءُ،وَقَدْ يَسَّرَهُ اللهُ حِفْظاً وَتِلاَوَةً،وَمَا يُكَذِّبُ بِآيَاتِ اللهِ وَيرْفُضُها،وَيَبْخَسُهَا حَقَّها إلا المُعْتَدُونَ الظَّالِمُونَ،الذِينَ يَعْلَمُونَ الحَقَّ وَيَحيدُونَ عَنْهُ . (3)
2-وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ??) [الأعراف:170].
والذين يتمسَّكون بالكتاب،ويعملون بما فيه من العقائد والأحكام،ويحافظون على الصلاة بحدودها،ولا يضيعون أوقاتها،فإن الله يثيبهم على أعمالهم الصالحة،ولا يضيعها.
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5050), واللفظ له، ومسلم برقم (800).
(2) - صحيح البخارى- المكنز - (4960) وصحيح ابن حبان - (16 / 94) (7144)
(3) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 3271)(1/234)
3- وَعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:«تَعَاهَدُوا هَذَا القُرْآنَ،فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ! لَهُوَ أشَدُّ تَفَلُّتاً مِنَ الإبِلِ فِي عُقُلِهَا».متفق عليه (1) .
4- وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ:«إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ القُرْآنِ كَمَثَلِ الإبِلِ المُعَقَّلَةِ،إِنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا أمْسَكَهَا،وَإِنْ أطْلَقَهَا ذَهَبَتْ».متفق عليه (2) .
فضل قراءة القرآن في الصلاة:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«أيُحِبُّ أحَدُكُمْ إِذَا رَجَعَ إِلَى أهْلِهِ أنْ يَجِدَ فِيهِ ثَلاثَ خَلِفَاتٍ عِظَامٍ سِمَانٍ؟».قُلْنَا:نَعَمْ.قال:«فَثَلاثُ آيَاتٍ يَقْرَأُ بِهِنَّ أحَدُكُمْ فِي صَلاتِهِ،خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلاثِ خَلِفَاتٍ عِظَامٍ سِمَانٍ».أخرجه مسلم (3) .
فضل سورة الفاتحة:
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5033), واللفظ له، ومسلم برقم (791)، واللفظ له.
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5031), ومسلم برقم (789)، واللفظ له.
(3) أخرجه مسلم برقم (802).(1/235)
عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ المُعَلَّى رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:كُنْتُ أُصَلِّي،فَدَعَانِي النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ أُجِبْهُ،قُلْتُ:يَا رَسُولَ الله إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي،قَالَ:«أَلَمْ يَقُلِ اللهُ:(? ? ? ? ?)».ثُمَّ قَالَ:«أَلاَ أُعَلِّمُكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي القُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ».فَأَخَذَ بِيَدِي،فَلَمَّا أَرَدْنَا أَنْ نَخْرُجَ،قُلْتُ:يَا رَسُولَ الله،إِنَّكَ قُلْتَ:«لأُعَلِّمَنَّكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ مِنَ القُرْآنِ».قَالَ:«الحَمْدُ رَبِّ العَالَمِينَ.هِيَ السَّبْعُ المَثَانِي،وَالقُرْآنُ العَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ».أخرجه البخاري (1) .
فضل سورة الإخلاص:
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ رَجُلاً سَمِعَ رَجُلاً يَقْرَأُ:(? ? ? ? ).يُرَدِّدُهَا،فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ،وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا،فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ،إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ».أخرجه البخاري (2) .
فضل المعوذات:
1- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالمُعَوِّذَاتِ وَيَنْفُثُ،فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهِ،وَأَمْسَحُ بِيَدِهِ رَجَاءَ بَرَكَتِهَا.متفق عليه (3) .
__________
(1) أخرجه البخاري برقم (5006).
(2) أخرجه البخاري برقم (5013).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5016), واللفظ له، ومسلم برقم (2192).(1/236)
2- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ،جَمَعَ كَفَّيْهِ ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا،فَقَرَأَ فِيهِمَا:(? ? ? ?).وَ(? ? ٹ ٹ)وَ(? ? ? ? ) ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ،يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ،وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ،يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.أخرجه البخاري (1) .
3- وََعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«ألَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتِ اللَّيْلَةَ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ؟ قُلْ أعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ وَقُلْ أعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ».أخرجه مسلم (2) .
فضل سورة البقرة:
1- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ،إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ البَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ البَقَرَةِ».أخرجه مسلم (3) .
2- وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - :«مَنْ قَرَأَ بِالآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ».متفق عليه (4) .
__________
(1) أخرجه البخاري برقم (5017).
(2) أخرجه مسلم برقم (814).
(3) أخرجه مسلم برقم (780).
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5009), واللفظ له، ومسلم برقم (807).(1/237)
3- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:بَيْنَمَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ،سَمِعَ نَقِيضاً مِنْ فَوْقِهِ،فَرَفَعَ رَأْسَهُ،فَقَالَ:هَذَا باب مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ اليَوْمَ،لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلا اليَوْمَ،فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ،فَقَالَ:هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الأَرْضِ،لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلا اليَوْمَ،فَسَلَّمَ وَقَالَ:أبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ،فَاتِحَةُ الكِتَابِ وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ البَقَرَةِ،لَنْ تَقْرَأ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلا أُعْطِيتَهُ.أخرجه مسلم (1) .
فضل قراءة سورة البقرة وآل عمران:
عَنْ أبي أُمَامَةَ البَاهِلِيّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:«اقْرَؤُوا القُرْآنَ،فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ شَفِيعاً لأصْحَابِهِ،اقْرَؤُوا الزَّهْرَاوَيْنِ:البَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ،فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ القِيَامَةِ كَأنَّهُمَا غَمَامَتَانِ،أَوْ كَأنَّهُمَا غَيَايَتَانِ،أَوْ كَأنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ،تُحَاجَّانِ عَنْ أصْحَابِهِمَا،اقْرَؤُوا سُورَةَ البَقَرَةِ،فَإِنَّ أخْذَهَا بَرَكَةٌ،وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ،وَلا تَسْتَطِيعُهَا البَطَلَةُ».أخرجه مسلم (2) .
فضل آية الكرسي:
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (806).
(2) أخرجه مسلم برقم (804).(1/238)
1- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:وَكَّلَنِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ،فَأَتَانِي آتٍ،فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ،فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ:لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَصَّ الحَدِيثَ- فَقَالَ:إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ،لَنْ يَزَالَ مَعَكَ مِنَ الله حَافِظٌ،وَلاَ يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ.وَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - :«صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ،ذَاكَ شَيْطَانٌ».أخرجه البخاري معلقاً ووصله النسائي (1) .
2- وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«يَا أبَا المُنْذِرِ! أتَدْرِي أيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَا بالله مَعَكَ أعْظَمُ؟» قال قُلْتُ:اللهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ،قال:«يَا أبَا المُنْذِرِ! أتَدْرِي أيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَا بالله مَعَكَ أعْظَمُ؟».قال قُلْتُ:اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ.قال:فَضَرَبَ فِي صَدْرِي وَقَالَ:«وَالله ! لِيَهْنِكَ العِلْمُ أبَا المُنْذِرِ».أخرجه مسلم (2) .
فضل سورة الكهف:
1- عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:كَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الكَهْفِ،وَإِلَى جَانِبِهِ حِصَانٌ مَرْبُوطٌ بِشَطَنَيْنِ،فَتَغَشَّتْهُ سَحَابَةٌ،فَجَعَلَتْ تَدْنُو وَتَدْنُو،وَجَعَلَ فَرَسُهُ يَنْفِرُ،فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ،فَقَالَ:«تِلْكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ بِالقُرْآنِ».متفق عليه (3) .
__________
(1) أخرجه البخاري معلقاً برقم (5010)، ووصله النسائي وغيره بسند صحيح، وانظر مختصر صحيح البخاري للألباني (2/106).
(2) أخرجه مسلم برقم (810).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5011), واللفظ له، ومسلم برقم (795).(1/239)
2- وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:«مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أوَّلِ سُورَةِ الكَهْف،عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ».أخرجه مسلم (1) .
3- وعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:« مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ فِى يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ ».أخرجه البيهقي (2)
فضل سورة الفتح:
وعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ،عَنْ أَبِيهِ،أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَسِيرُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسِيرُ مَعَهُ فَسَأَلَهُ عُمَرُ عَنْ شَيْءٍ،فَلَمْ يُجِبْهُ،ثُمَّ سَأَلَهُ،فَلَمْ يُجِبْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ،فَقَالَ عُمَرُ:ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا عُمَرُ،نَزَرْتَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَلَاثًا لَا يُجِيبُكَ،قَالَ عُمَرُ:فَحَرَّكْتُ بَعِيرِي حَتَّى تَقَدَّمْتُ أَمَامَ النَّاسِ،وَخَشِيتُ أَنْ يَنْزِلَ فِيَّ قُرْآنٌ فَمَا نَشِبْتُ أَنْ سَمِعْتُ صَارِخًا يَصْرُخُ،قَالَ:قُلْتُ:لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِيَّ قُرْآنٌ،قَالَ:فَجِئْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ:" لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ " ثُمَّ قَرَأَ:{ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } [الفتح:2] أخرجه البخاري (3) .
- - - - - - - - - - - - -
11- فضائل النبي - صلى الله عليه وسلم -
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (809).
(2) - السنن الكبرى للبيهقي - حيدر آباد - (3 / 249) (6209) وصحيح الجامع (6470) صحيح
(3) أخرجه البخاري برقم (5012). وشعب الإيمان - (4 / 107) (2254 )(1/240)
فضل نسب النبي - صلى الله عليه وسلم - :
1- عَنْ وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:«إِنَّ اللهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ،وَاصْطَفَى قُرَيْشاً مِنْ كِنَانَةَ،وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ،وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ».أخرجه مسلم (1) .
2- وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«إِنَّ لِي أَسْمَاءً،أَنَا مُحَمَّدٌ،وَأَنَا أَحْمَدُ،وَأَنَا المَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللهُ بِيَ الكُفْرَ،وَأَنَا الحَاشِرُ الَّذِي يُْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمَيَّ،وَأَنَا العَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ أَحَدٌ». متفق عليه (2) .
فضل النبي - صلى الله عليه وسلم - على الأنبياء:
1- عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«فُضِّلْتُ عَلَى الأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ:أعْطِيتُ جَوَامِعَ الكَلِمِ،وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ،وَأُحِلَّتْ لِيَ الغَنَائِمُ،وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ طَهُوراً وَمَسْجِداً،وَأُرْسِلْتُ إِلَى الخَلْقِ كَافَّةً،وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ».أخرجه مسلم (3) .
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (2276).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4896), ومسلم برقم (2354)، واللفظ له.
(3) أخرجه مسلم برقم (523).(1/241)
2- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«مَثَلِي وَمَثَلُ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بُنْيَاناً فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ،إِلاَّ مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَاهُ،فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ وَيَعْجَبُونَ لَهُ وَيَقُولُونَ:هَلاَّ وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ! قَالَ فَأَنَا اللَّبِنَةُ،وَأَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ».متفق عليه (1) .
فضل النبي - صلى الله عليه وسلم - على جميع الخلق:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ں ں) [القلم:4].
إنك -أيها الرسول- لعلى خلق عظيم،وهو ما اشتمل عليه القرآن من مكارم الأخلاق؛فقد كان امتثال القرآن سجية له يأتمر بأمره،وينتهي عما ينهى عنه.
ومدلول الخلق العظيم هو ما هو عند اللّه مما لا يبلغ إلى إدراك مداه أحد من العالمين! ودلالة هذه الكلمة العظيمة على عظمة محمد - صلى الله عليه وسلم - تبرز من نواح شتى:
تبرز من كونها كلمة من اللّه الكبير المتعال،يسجلها ضمير الكون،وتثبت في كيانه،وتتردد في الملأ الأعلى إلى ما شاء اللّه.
وتبرز من جانب آخر،من جانب إطاقة محمد - صلى الله عليه وسلم - لتلقيها.وهو يعلم من ربه هذا،قائل هذه الكلمة.ما هو؟ ما عظمته؟ ما دلالة كلماته؟ ما مداها؟ ما صداها؟ ويعلم من هو إلى جانب هذه العظمة المطلقة،التي يدرك هو منها مالا يدركه أحد من العالمين.
إن إطاقة محمد - صلى الله عليه وسلم - لتلقي هذه الكلمة،من هذا المصدر،وهو ثابت،لا ينسحق تحت ضغطها الهائل - ولو أنها ثناء - ولا تتأرجح شخصيته تحت وقعها وتضطرب ..تلقيه لها في طمأنينة وفي تماسك وفي توازن ..هو ذاته دليل على عظمة شخصيته فوق كل دليل.
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3535), ومسلم برقم (2286)، واللفظ له.(1/242)
ولقد رويت عن عظمة خلقه في السيرة،وعلى لسان أصحابه روايات منوعة كثيرة.وكان واقع سيرته أعظم شهادة من كل ما روي عنه.ولكن هذه الكلمة أعظم بدلالتها من كل شيء آخر.أعظم بصدورها عن العلي الكبير.
وأعظم بتلقي محمد لها وهو يعلم من هو العلي الكبير،وبقائه بعدها ثابتا راسخا مطمئنا.لا يتكبر على العباد،ولا ينتفخ،ولا يتعاظم،وهو الذي سمع ما سمع من العلي الكبير! واللّه أعلم حيث يجعل رسالته.وما كان إلا محمد - صلى الله عليه وسلم - بعظمة نفسه هذه - من يحمل هذه الرسالة الأخيرة بكل عظمتها الكونية الكبرى.فيكون كفئا لها،كما يكون صورة حية منها.
إن هذه الرسالة من الكمال والجمال،والعظمة والشمول،والصدق والحق،بحيث لا يحملها إلا الرجل الذي يثني عليه اللّه هذا الثناء.فتطيق شخصيته كذلك تلقي هذا الثناء.في تماسك وفي توازن،وفي طمأنينة.
طمأنينة القلب الكبير الذي يسع حقيقة تلك الرسالة وحقيقة هذا الثناء العظيم.ثم يتلقى - بعد ذلك - عتاب ربه له ومؤاخذته إياه على بعض تصرفاته،بذات التماسك وذات التوازن وذات الطمأنينة.ويعلن هذه كما يعلن تلك،لا يكتم من هذه شيئا ولا تلك ..وهو هو في كلتا الحالتين النبي الكريم.والعبد الطائع.والمبلغ الأمين.
إن حقيقة هذه النفس من حقيقة هذه الرسالة.وإن عظمة هذه النفس من عظمة هذه الرسالة.وإن الحقيقة المحمدية كالحقيقة الإسلامية لأبعد من مدى أي مجهر يملكه بشر.وقصارى ما يملكه راصد لعظمة هذه الحقيقة المزدوجة أن يراها ولا يحدد مداها.وأن يشير إلى مسارها الكوني دون أن يحدد هذا المسار! ومرة أخرى أجد نفسي مشدودا للوقوف إلى جوار الدلالة الضخمة لتلقي رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - لهذه الكلمة من ربه،وهو ثابت راسخ متوازن مطمئن الكيان ..لقد كان - وهو بشر - يثني على أحد أصحابه،فيهتز كيان صاحبه هذا وأصحابه من وقع هذا الثناء العظيم.وهو بشر وصاحبه يعلم أنه بشر.وأصحابه يدركون أنه بشر.(1/243)
إنه نبي نعم.ولكن في الدائرة المعلومة الحدود.دائرة البشرية ذات الحدود ..فأما هو فيتلقى هذه الكلمة من اللّه.وهو يعلم من هو اللّه.هو بخاصة يعلم من هو اللّه! هو يعلم منه ما لا يعلمه سواه.ثم يصطبر ويتماسك ويتلقى ويسير ...إنه أمر فوق كل تصور وفوق كل تقدير!!! إنه محمد - وحده - هو الذي يرقى إلى هذا الأفق من العظمة ..إنه محمد - وحده - هو الذي يبلغ قمة الكمال الإنساني المجانس لنفخة اللّه في الكيان الإنساني.إنه محمد - وحده - هو الذي يكافئ هذه الرسالة الكونية العالمية الإنسانية حتى لتتمثل في شخصه حية،تمشي على الأرض في إهاب إنسان ..إنه محمد - وحده الذي علم اللّه منه أنه أهل لهذا المقام.واللّه أعلم حيث يجعل رسالته - وأعلن في هذه أنه على خلق عظيم.وأعلن في الأخرى أنه - جل شأنه وتقدست ذاته وصفاته،يصلي عليه هو وملائكته «إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ».
وهو - جل شأنه - وحده القادر على أن يهب عبدا من عباده ذلك الفضل العظيم ..
ثم إن لهذه اللفتة دلالتها على تمجيد العنصر الأخلاقي في ميزان اللّه وأصالة هذا العنصر في الحقيقة الإسلامية كأصالة الحقيقة المحمدية.
والناظر في هذه العقيدة،كالناظر في سيرة رسولها،يجد العنصر الأخلاقي بارزا أصيلا فيها،تقوم عليه أصولها التشريعية وأصولها التهذيبية على السواء ..الدعوة الكبرى في هذه العقيدة إلى الطهارة والنظافة والأمانة والصدق والعدل والرحمة والبر وحفظ العهد،ومطابقة القول للفعل،ومطابقتهما معا للنية والضمير والنهي عن الجور والظلم والخداع والغش وأكل أموال الناس بالباطل،والاعتداء على الحرمات والأعراض،وإشاعة الفاحشة بأية صورة من الصور ..والتشريعات في هذه العقيدة لحماية هذه الأسس وصيانة العنصر الأخلاقي في الشعور والسلوك،وفي أعماق الضمير وفي واقع المجتمع.وفي العلاقات الفردية والجماعية والدولية على السواء.(1/244)
والرسول الكريم يقول:«إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» ..فيلخص رسالته في هذا الهدف النبيل.
وتتوارد أحاديثه تترى في الحض على كل خلق كريم.وتقوم سيرته الشخصية مثالا حيا وصفحة نقية،وصورة رفيعة،تستحق من اللّه أن يقول عنها في كتابه الخالد:«وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ» ..فيمجد بهذا الثناء نبيه - صلى الله عليه وسلم - كما يمجد به العنصر الأخلاقي في منهجه الذي جاء به هذا النبي الكريم،ويشد به الأرض إلى السماء،ويعلق به قلوب الراغبين إليه - سبحانه - وهو يدلهم على ما يحب ويرضى من الخلق القويم.
وهذا الاعتبار هو الاعتبار الفذ في أخلاقية الإسلام.فهي أخلاقية لم تنبع من البيئة،ولا من اعتبارات أرضية إطلاقا وهي لا تستمد ولا تعتمد على اعتبار من اعتبارات العرف أو المصلحة أو الارتباطات التي كانت قائمة في الجيل.إنما تستمد من السماء وتعتمد على السماء.تستمد من هتاف السماء للأرض لكي تتطلع إلى الأفق.
وتستمد من صفات اللّه المطلقة ليحققها البشر في حدود الطاقة،كي يحققوا إنسانيتهم العليا،وكي يصبحوا أهلا لتكريم اللّه لهم واستخلافهم في الأرض وكي يتأهلوا للحياة الرفيعة الأخرى:«فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ» ..ومن ثم فهي غير مقيدة ولا محدودة بحدود من أي اعتبارات قائمة في الأرض إنما هي طليقة ترتفع إلى أقصى ما يطيقه البشر،لأنها تتطلع إلى تحقيق صفات اللّه الطليقة من كل حد ومن كل قيد.(1/245)
ثم إنها ليست فضائل مفردة:صدق.وأمانة.وعدل.ورحمة.وبر ....إنما هي منهج متكامل،تتعاون فيه التربية التهذيبية مع الشرائع التنظيمية وتقوم عليه فكرة الحياة كلها واتجاهاتها جميعا،وتنتهي في خاتمة المطاف إلى اللّه.لا إلى أي اعتبار آخر من اعتبارات هذه الحياة! وقد تمثلت هذه الأخلاقية الإسلامية بكمالها وجمالها وتوازنها واستقامتها واطرادها وثباتها في محمد - صلى الله عليه وسلم - وتمثلت في ثناء اللّه العظيم،وقوله:«وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ» (1) ..
2- وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ،وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ القَبْرُ،وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ».أخرجه مسلم (2) .
فضل الصلاة والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - :
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ?) [الأحزاب:56].
يُخْبِرُ اللهُ تَعَالى عِبَادَهُ المُؤْمِنينَ بِمَنْزِلَةِ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ مُحمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فِي المَلإِ الأَعْلَى،وَأَنَّ المَلائِكَةَ تَسْتَغفِرُ لَهُ،ثَمَّ أَمَرَ اللهُ عِبَادَهُ بالصَّلاة والسَّلامِ عَلى نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيَجْتَمِعَ لَهُ الثَّنَاءُ عَلَيهِ مِنْ أَهْلِ العَالَمَيْنِ:العُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ . (3)
2- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ عَشْراً».أخرجه مسلم (4) .
__________
(1) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (6 / 3656)
(2) أخرجه مسلم برقم (2278).
(3) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 3470)
(4) أخرجه مسلم برقم (408).(1/246)
3- وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«إِنَّ لله مَلاَئِكَةً سَيَّاحِينَ فِي الأَرْضِ يُبَلِّغُونِي مِنْ أُمَّتِي السَّلاَمَ».أخرجه أحمد والنسائي (1) .
4- وعَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ،عَنْ أَبِيهِ،قَالَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - :كَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي ؟ قَالَ:" مَا شِئْتَ "،قَالَ:الثُّلُثُ ؟ قَالَ:" مَا شِئْتَ،وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ أَفْضَلُ "،قَالَ:النِّصْفُ ؟ قَالَ:" مَا شِئْتَ،وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ أَفْضَلُ " قَالَ:فكلها قال:" إِذًا يَكْفِيكَ اللهُ هَمَّكَ،وَيَغْفِرُ لَكَ ذَنْبَكَ " أخرجه البيهقي (2)
أكمل كيفية للصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - :
«الَّلهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ،كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ،وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ،إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ،الَّلهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ،كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ،إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ».متفق عليه (3) .
- - - - - - - - - - - -
12- فضائل الأنبياء والرسل
فضل آدم - صلى الله عليه وسلم - :
1- قال الله تعالى:(ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ?) [البقرة:34].
__________
(1) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (3666), وأخرجه النسائي برقم (1282)، وهذا لفظه.
(2) - شعب الإيمان - (3 / 138) (1477) صحيح لغيره
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3370), واللفظ له، ومسلم برقم (406). راجع التفاصيل في كتابي (( الخلاصة في الشمائل المحمدية ))(1/247)
بَعْدَ أَنْ أَعْلَمَ اللهُ تَعَالَى المَلاَئِكَةَ بِمَكَانَةِ آدَمَ،وَأَنَّهُ جَعَلَهُ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ،أَمَرَهُمْ بِأَنْ يَسْجُدُوا لآدَمَ سُجُودَ خُضُوعٍ لاَ سُجُودَ عِبَادَةٍ،تَكْرِيماً لَهُ،وَاعْتِرافاً بِفَضْلِهِ،وَاعْتِذاراً عَمَّا قَالُوهُ في شَأْنِهِ،فَسَجَدُوا،إِلا إِبليسَ فَقَدْ دَاخَلَهُ الحَسَدُ وَالكِبْرُ مِمَّا امْتَنَّ اللهُ بِهِ عَلَى آدَمَ مِنَ الكَرَامَةٍ،فَأَبى أَنْ يَسْجُدَ،وَصَارَ مِنَ الكَافِرِينَ بِعِصْيَانِهِ أَمْرَ اللهِ.( وَهُنَاكَ مُفَسِّرُونَ آخَرُونَ يَرَوْنَ أَنَّ المُرادَ بالخِلاَفَةِ،الخِلاَفَةُ عَنِ اللهِ في تَنْفِيدِ أَوَامِرِهِ بَينَ النَّاسِ،وَهذا الاسْتِخْلاَفُ يِشْمَلُ اسْتِخْلاَفَ بَعْضِ النَّاسِ عَلَى بَعْضٍ بِأَنْ يُوحِيَ بِشَرَائِعِهِ عَلَى أَلْسِنَةِ أُنَاسٍ مِنْهُمْ،يَصْطَفِيهِمْ لِيَكُونُوا خُلَفَاءَ عَنْهُ ) . (1)
2- وقال الله تعالى: (? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [ص:71-74].
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 41)(1/248)
وَاذْكُر لَهُمْ حِينَ أَعْلَمَ رَبُّكَ المَلاَئِكَةَ - قَبْلَ خَلْقِ آدَمَ - بِأَنَّهُ سَيَخْلُقُ بَشَرَاً مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمأٍ مَسْنُونٍ .وَأَمَرَهُم اللهُ تَعَالَى بالسُّجُودِ لِهَذَا البَشَرِ،مَتَى أَتَمَّ اللهُ تَعَالَى خَلْقَهُ،وَنَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ،تَعْظِيماً لَهُ وَتَكْرِيماً.فَامْتَثَلَتِ المَلاَئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ لأَمْرِ رَبِّهِمْ فَسَجَدُوا لآدَمَ تَعْظِيماً وَتَكْرِيماً .وَلَمْ يَرْفٌضِ الامْتِثَالَ لأَمْرِ اللهِ تَعَالَى لِلمَلاَئِكَةِ بالسُّجُودِ لآدَمَ إِلاَّ إِبْلِيس،وَلَمْ يَكُنْ هُوَ مِنْ جِنْسِ المَلاَئِكَةِ،وَإِنَّمَا كَانَ مِنَ الجِنِّ،كَمَا جَاءَ فِي آيَةٍ أُخْرَى،فَاسْتَنْكَفَ عَنِ السُّجُودِ تَكَبُّراً فَكَفَرَ بِهَذَا التَّكَبرِ وَالبَغْضَاءِ . (1)
3- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:«خَلَقَ اللهُ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعاً،ثُمَّ قال:اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ مِنَ المَلائِكَةِ،فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ،تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ،فَقال:السَّلامُ عَلَيْكُمْ،فَقالوا:السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ الله،فَزَادُوهُ:وَرَحْمَةُ الله،فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ،فَلَمْ يَزَلِ الخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الآنَ».متفق عليه (2) .
فضل نوح - صلى الله عليه وسلم - :
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?? ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ?) [الصافات:75-81].
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 3920)
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3326), واللفظ له، ومسلم برقم (2841).(1/249)
لَمَّا ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى الأَوَّلِينَ الذينَ ضَلُّوا أَخَذَ يُبَيِّنُ ذَلِكَ تَفْصِيلاً،فَذَكَرَ نُوحاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ،وَمَا لَقِيَ مِنَ المُكَذِّبِينَ مِنْ قَوْمِهِ،وَأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ لَهُ إِلاَّ القَلِيلُونَ،فَاسْتَنْصَرَ نُوحٌ بِرَبِهِ عَلَى كُفَّارِ قَوْمِهِ { فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فانتصر }،وَكَانَ اللهُ تَعَالَى نِعْمَ المُجِيبُ والنَّاصِرُ لِعَبْدِهِ وَرَسُولِهِ،فَنَجَّاه وَأَهْلَهُ والمُؤْمِنِينَ مَعَهُ،وَأَهْلَكَ الكَافِرِينَ.فَأَنْجَاهُ اللهُ تَعَالَى وَأَهْلَهُ مِنَ الغَمِّ الشَّدِيدِ مِنْ أَذَى قَوْمِهِ،وَمِنَ الغَرَقِ بالطُّوفَانِ،وَمِنْ كُلِّ مَا يَكْرَهُ.وَأَهْلَكَ اللهُ تَعَالَى مَنْ كَفَرَ بِهِ اسْتِجَابَةً لِدَعْوَةِ نُوحٍ،عَلَيْهِ السَّلاَمُ،إِذْ قَالَ:{ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأرض مِنَ الكافرين دَيَّاراً } وَجَعَلَ النَّاسَ الَباقِينَ فِي الأَرْضِ مِنْ ذُرِّيَةِ نُوحٍ وَمَنْ آمَنَ مَعَهُ،لأَنَّهُ أَهْلَكَ الآخَرِينَ بالطُّوفَانِ.وَأَبْقَى اللهُ تَعَالَى لَهُ ثَنَاءً جَمِيلاً،وَذِكْراً حَسَناً فِيمَنْ جَاءَ بَعْدَهُ مِنَ الأَنْبِيَاءِ والأُمَمِ،إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ .وَقَالَ اللهُ تَعَالَى لَهُ:السَّلاَمُ عَلَيْكَ فِي المَلاَئِكَةِ والإِنْسِ والجِنِّ ( العَالِمِينَ ) (1) .
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ) [هود:48].
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 3742)(1/250)
وَلَمَّا غِيضَ المَاءُ،وَاسْتَقَرَّتِ السَّفِينَةُ عَلَى جَبَلِ الجُودِيِّ،أَمَرَ اللهُ تَعَالَى نُوحاً بِأَنْ يَهْبِطَ مِنَ السَفِينَةِ،مُمَتّعاً بِسَلامٍ وَتَحِيَّةٍ وَبَرَكَاتٍ عَلَى نُوحٍ،وَعَلَى الذِينَ مَعَهُ،فِي المَعَاشِ وَالأَرْزَاقِ،تَفِيضُ عَلَيْهِمْ،وَسَيَكُونُونَ أُمَماً مُخْتَلِفَةً مِنْ بَعْدِهِ،وَسَيَنَالُ بَرَكَةَ الإِيمَانِ بَعْضُهُمْ،وَسَيَكُونُ مِنْهُمْ آخَرُونَ سَيُمَتَّعُونَ فِي الدُّنيا بِالبَرَكَأتِ وَالأَرْزَأقِ لاَ يُصِيبَهُمْ لُطْفٌ مِنَ اللهِ وَلا رَحْمَةٌ،كَمَا سَيُصِيبُ المُؤْمِنِينَ،فَإِنَّ الشَّيْطَانَ سَيُضِلُّهُمْ،وَيُزَيِّنُ لَهُمْ الشِّرْكَ وَالظُّلْمَ وَالبَغْيَ،ثُمَّ يَمسُّهُمُ العَذَابُ الأَلِيمُ يَوْمَ القِيَامَةِ (1) .
فضل إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - :
1- قال الله تعالى:(? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ) [النحل:120-123].
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 1522)(1/251)
يَمُدُّ اللهُ عَبْدَهُ إِبْرَاهِيمَ،إِمَامَ الحُنَفَاءِ،وَيُبَرِّئُهُ مِنَ المُشْرِكِينَ،وَمِنَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى،فَإِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ كَانَ أَمَّةً ( أَيْ إِمَاماً يُؤْتَمُّ بِهِ وَيُقْتَدَى بِهِ ) خَاشِعاً مُطِيعاً للهِ،مُنْحَرِفاً عَنِ الشِّرْكِ،وَمَائِلاً إِلَى التَّوْحِيدِ،وَلَمْ يَكُنْ مِنَ المُشْرِكِينَ .وَكَانَ قَائِماً بِشُكْرِ اللهِ تَعَالَى عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِ،وَقَدِ اخْتَارَهُ اللهُ لِلنُّبُوَّةِ وَاصْطَفَاهُ ( اجْتَبَاهُ )،مِنْ بَيْنِ خَلْقِهِ،وَهَدَاهُ إِلَى عِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ،وَهِيَ الطَّرِيقُ المُسْتَقِيمُ .وَقَدْ آتَاهُ اللهُ تَعَالَى فِي الدُّنْيا حَسَنَةً بِأَنْ جَعَلَهُ نَبِيّاً،وَإِمَاماً لِلْقَانِتِينَ،وَأَباً لِلأَنْبِيَاءِ،وَسَيَكُونُ حَالُهُ فِي الآخِرَةِ افْضَلُ لأنَّهُ سَيَكُونُ مَنَ الصَّالِحِينَ الذِينَ يَرْضَى اللهُ عَنْ أَعْمَالِهِمْ.ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ وَأَنْتَ خَاتَمُ الأَنْبِيَاءِ:أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ فِي مَيْلِهِ إِلَى الإِيمَانِ،وَبُعْدِهِ وَانْحِرَافِهِ عَنِ الشِّرْكِ،فَإِنَّهُ كَانَ مُؤْمِناً قَانِتاً خَاشِعاً للهِ،وَلَمْ يَكُنْ مِنَ المُشْرِكِينَ . (1)
2- وقال الله تعالى:(? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گگ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ?) [البقرة:130-131].
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 2021)(1/252)
لَقَدْ تَجَرَّدَ إِبراهِيمُ فِي عِبَادَةِ اللهِ فَلَمْ يَدْعُ مَعَهُ غَيْرَهُ،وَلَمْ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً،وَتَبَرَّأَ مِنْ كُلِّ مَعْبُودٍ سِوَاهُ حَتَّى تَبَرَّأَ مِنْ أَبِيهِ،وَخَالفَ قَوْمَهُ.فَمَنْ يَتْرُكَ طَرِيقَ إِبْراهيمَ هذا وَمَسْلَكَهُ وَمِلَّتَهُ،وَيَتَّبِعْ طَرِيقَ الغَيِّ وَالضَّلاَلِ،فَهُوَ سَفِيهٌ،وَلاَ يَرْتَكِبُ الضَّلاَلَةَ إِلاَّ السَّفيهُ .وَلَقَدِ اصْطَفَى اللهُ إِبراهِيمَ وَاخْتَارَهُ في الدُّنيَا،وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ مِنَ الصَّالِحِينَ المُقَرَّبينَ عِنْدَ اللهِ.أَمَرَ اللهُ إِبراهيمَ بِالإِخلاَصِ لَهُ،وَالاسْتِسْلامِ لِحُكْمِهِ،فَامْتَثَلَ لأَمْرِ رَبِّهِ،وَقَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ العَالَمِينَ جَمِيعاً .وَكَانَتْ كَلِمَةُ الإِسْلامِ للهِ مُحَبَّبَةً إِلَى نَفْسِ إِبْراهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ فَأَوصَوْا بِهَا أَبْنَاءَهُمْ حِينَ حَضَرَتْهُمُ الوَفَاةُ وَقَالُوا لَهُمْ:إِنَّ الله اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَأَحْسِنُوا فِي حَيَاتِكُمْ،وَالْزَمُوا ذلِكَ لِيَرزُقَكُمُ اللهُ الوَفَاةَ عَلَيهِ،لأنَّ المَرْءَ يَمُوتُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيهِ،وَيُبْعَثُ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيهِ . (1)
3- وقال الله تعالى:(ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ?) [النساء:125].
وَمَنْ أَحْسَنَ دِيناً مِمَّنْ جَعَلَ قَلْبَهُ خَالِصاً للهِ وَحْدَهُ،وَأَخْلَصَ العَمَلَ لِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ،فَعَمِلَ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً،وَكَانَ فِي عَمَلِهِ مُحْسِناً،وَمُتَّبِعاً مَا شَرَعَهُ اللهُ لَهُ،وَمَا أَرْسَلَ بِهِ رَسُولَهُ مِنَ الهُدَى وَدِينِ الحَقِّ.وَهَذَانِ شَرْطَانِ لاَ يَصِحُّ بِدُونِهِمَا عَمَلٌ صَالِحٌ:
- أنْ يَكُونَ العَمَلُ خَالِصاً للهِ .
- أنْ يَكُونَ صَوَاباً مُوافِقاً لِلْشَرْعِ الذِي شَرَعَهُ اللهُ .
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 137)(1/253)
وَعَلى العَامِلِ المُخْلِصِ فِي عَمَلِهِ للهِ أنْ يَكُونَ قَدِ اتَّبَعَ،مَعَ مُحَمَّدٍ وَالمُسْلِمِينَ،مِلَّةَ إِبْراهِيمَ مُخْلِصاً،مُنْحَرِفاً عَنِ الشِّرْكِ ( حَنِيفاً )،وَتَارِكاً لِلْشِّرْكِ عَنْ بَصيرةِ،وَمقْبِلاً عَلَى الحَقِّ وَالهُدَى بِكُلِّيَّتِهِ.ثُمَّ أَرَادَ اللهُ تَعَالَى تَرْغِيبِ المُؤْمِنِينَ بِاتِّبَاعِ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ،الذِي بَلَغَ غَايَةَ مَا يَتَقَرَّبُ بِهِ العِبَادُ إلى اللهِ،فَقَالَ تَعَالَى:إنَّ إِبْرَاهِيمَ انْتَهَى إلى مَنْزِلَةِ الخَلِيلِ لَدَى خَالِقِهِ،وَهِيَ أَرْفَعُ مَقَامَاتِ المَحَبَّةِ،وَمَنْ كَانَتْ لَهُ هَذِهِ المَنْزِلَةُ كَانَ جَدِيراً بِأَنْ يُتَّبَعَ فِي مِلَّتِهِ (1) .
4- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چچ چ چ ? ? ? ?) [هود:74-75].
خَافَ إِبْرَاهِيمُ مِنَ المَلاَئِكَةِ لاَنَّهُمْ لَمْ يَأْكُلُوا طَعَامَهُ،ثُمَّ بَشَّرُوهُ بِإِسْحَاقَ،وَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ مُرْسَلُونَ لإِهْلاَكِ قَوْمِ لُوطٍ،فَارْتَاعَ لِذلِكَ.وَلَمَّا ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ أَخَذَهُ الإِشْفَاقُ،فَرَاحَ يُجَادِلُ المَلاَئِكَةَ كَيْفَ يُهْلِكُونَ قَوْمَ لُوطٍ،وَفِيهِمْ أُنَاسٌ مُؤْمِنُونَ .وَيَصِفُ اللهُ تَعَالَى إِبْرَاهِيمَ بِأَنَّهُ رَجُلٌ حَلِيمٌ كَثيرُ التَّأَوُّهِ،وَكَثِيرُ الإِنَابَةِ إِلى اللهِ،وَالتَّسْلِيمِ لأَمْرِهِ وَقَضَائِهِ . (2)
5- وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ:يَا خَيْرَ البَرِيَّةِ! فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«ذَاكَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَم».أخرجه مسلم (3) .
فضل موسى - صلى الله عليه وسلم - :
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 618)
(2) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 1548)
(3) أخرجه مسلم برقم (2369).(1/254)
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الأعراف:144-145].
خَاطَبَ اللهُ تَعَالَى مُوسَى،عَلَيهِ السَّلاَمِ،وَقَالَ لَهُ:إنّي اخْتَرْتُكَ وَاصْطَفَيْتُكَ مِنْ بَيْنِ أَهْلِ زَمَانِكَ بِأَنْ كَلَّمْتُكَ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ،وَلَمْ أُوحِ إِليكَ وَحْياً بِواسِطَةِ مَلَكٍ،وَبِأَنْ جَعَلْتُكَ مُرْسلاً،فَتَمَسَّكْ بِالتَّوراةِ التِي آتَيْتُكَ إِيّاهَا،وَاعْمَلَ بِمَا جَاءَ فِيها مِنَ الأَحْكَامِ وَالشَّرَائِعِ،وَاشْكُرْ نِعْمَتِي،عَلَيكَ وَعَلَى قَوْمِكَ،بِإِقَامَةِ التَّوراةِ وَالأَحْكَامِ،بِقُوّةٍ وَعَزْمٍ،وَبِالعَمَلِ بِهَا.يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى أَنَّهُ أَعْطَى مُوسَى أَلْوَاحاً كَتَبَ فِيهَا أَنْوَاعُ الهِدَايَةِ وَالمَواعِظِ،وَأَحْكَاماً مُفَصَّلةً تُبَيِّنُ الحَلالَ وَالحَرَامَ ( وَقِيلَ:إِنَّ هَذِهِ الأَلْوَاحَ كَانَتْ تَشْتَمِلُ عَلَى التَّوْرَاةِ ) وَأَمَرَهُ اللهُ بِأَنْ يَأْخُذَ بِهَا بِعَزْمٍ عَلَى الطَّاعَةِ،وَأَنْ يَأْمُرَ قَوْمَهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِأَنْ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِ مَا فِيهَا:كَالإِخْلاَصِ فِي العِبَادَةِ،وَبِالعَفْوِ بَدَلَ القِصَاصِ.أمَّا الفَاسِقُونَ الذِينَ يُخَالِفُونَ أَمْرَ اللهِ،وَيَخْرُجُونَ عَنْ طَاعَتِهِ،فَإِنَّهُمْ سَيَصِيرُونَ إلَى الهَلاَكِ،وَالدَّمَارِ،وَسَيَرَى اللهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ،فِي أَسْفَارِهِمْ،دِيَارَ الأُمَمِ الفَاسِقَةِ السَّالِفَةِ،وَمَا صَارَتْ إِلَيهِ مِنْ خَرابٍ،لِيَعْتَبِرُوا بِمَا أَصَابَ غَيْرَهُمْ . (1)
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ?) [مريم:51-53].
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 1099)(1/255)
بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى إِبْرَاهِيمَ ثَنَّى بِذِكْرِ مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ،فَقَالَ:إِنَّ مُوسَى كَانَ مُخْلِصاً فِي عِبَادَتِهِ ( بِكَسْرِ اللامِ )،وَقَرَأَهَا آخَرُونَ بِفَتْحِ الّلامِ ( أَيْ مُصْطَفَى ) فَقَدْ جَاءَ فِي آيَةٍ أُخْرَى - { إِنِّي اصطفيتك عَلَى الناس } فَكَانَ رَسُولاً مِنْ أُوْلِي العَزْمِ،وَكَانَ نَبِيّاً دَاعِياً إِلَى الخَيْرِ،وَمُبَشِراً وَنَذِيراً لِلْخَلْقِ .وَحِينَمَا كَانَ مُوسَى سَائِراً بِأَهْلِهِ مِنْ مَدْيَنَ إِلَى مِصْرَ،وَصَلَ إِلَى وَادِي الطُّورِ،فَلَمَحَ نَاراً عَنْ بُعْدٍ،وَهُوَ فِي الَّليْلِ،فَقَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا لَعَلِّي آتِيكُمْ بِقَبَسٍ مِنَ النَّارِ،أَوْ أَسْأَلُ مَنْ هُنَاكَ عِنْدَ النَّارِ لِيَهْدُونِي إِلَى الطَّرِيقِ،فَوَجَدَ النَّارَ عَنْ يَمِينِهِ،فَنَادَاهُ اللهُ تَعَالَى وَقَرَّبَهُ وَنَاجَاهُ،وَأَنْبَأَهُ بِأَنَّهُ اخْتَارَهُ لِيَكُونَ رَسُولَهُ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ . (1)
3- وقال الله تعالى:(ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ?? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الصافات:114-122].
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 2301)(1/256)
أَنْعَمَ اللهُ تَعَالَى عَلَى عَبْدَيْهِ مُوسَى وَهَارُونَ بِالنُّبُوَّةِ والنَّصْرِ والخَيْرِ الكَثِيرِ .وَنَجَّاهُمَا اللهُ تَعَالَى،وَمَنْ آمَنَ مَعَهُمَا مِنْ قَوْمِهِمَا،مِنَ الكَرْبِ العَظِيمِ الذِي كَانُوا فِيهِ تَحْتَ حُكْمِ فِرْعَوْنَ،الذِي كَانَ يَسْتَخْدِمُهُمْ فِي أَخَسِّ الأَعْمَالِ وأَشَقِّهَا،وَكَانَ يَقْتُلُ الذُّكُورَ مِنْ أَبْنَائِهِمْ،وَيَسْتَحْيِي النِّسَاءَ.وَنَصَرَهُمَا اللهُ تَعَالَى عَلَى أَعْدَائِهِمَا فَغَلَبَاهُمْ .وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ الكِتَابَ الجَلِيَّ الوَاضِحَ،الجَامِعَ لِمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ البَشَرُ فِي مَصَالِحِ الدِّينِ والدُّنْيَا،وَهُوَ التَّوْرَاةُ .وَأَرْشَدَهُمَا اللهُ تَعَالَى إِلَى طَرِيقِ الحَقِّ والهُدَى.وَأَبْقَى اللهُ لَهُمَا الذِّكرَ الحَسَنَ،والثَّنَاءَ الجَمِيلَ فِيمَنْ أَتَوْا بَعْدَهُمَا.وَجَعَلَ اللهُ تَعَالَى المَلاَئِكَةَ والإِنْسَ والجِنِّ يُسَلِّمُونَ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ أبدَ الدَّهْرِ .وَمِثْلُ هَذَا الجَزَاءِ الذِي جَازَى اللهُ بِهِ مُوسى وَهَارُونَ،يَجْزِي بِهِ اللهُ تَعَالَى المُحْسِنِينَ مِنْ عِبَادِهِ.لأَنَّهُمَا مِنْ عِبَادِ اللهِ المُؤْمِنِينَ،المُنْقَادِينَ لأَمْرِهِ،وَالْعَامِلِينَ فِي طَاعَتِهِ . (1)
فضل عيسى - صلى الله عليه وسلم - :
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک) [النساء:171].
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 3781)(1/257)
يَنْهَى اللهُ تَعَالَى أَهْلَ الكِتَابِ عَنِ الغُلُوِّ فِي دِينِهِمْ،وَعَنِ المُبَالَغَةِ،وَتَجاوُزِ الحُدُودِ التِي حَدَّها اللهُ،وَيَأمُرُهُمْ بِألا يَعْتَقِدُوا إلاَّ القَوْلَ الحَقَّ الثَّابِتِ بِنَصٍّ دِينيٍّ مُتَوَاتِرٍ،وَبُرْهَانٍ قَاطِعٍ.وَيَخُصُّ فِي خِطَابِهِ،فِي هَذِهِ الآيَةِ،النَّصَارَى الذِينَ غَلَوا فِي المَسِيحِ فَجَعَلُوهُ إلهاً يَعْبُدُونَهُ مَعَ اللهِ.وَيَأْمُرُهُمُ اللهُ بِأنْ لاَ يَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الكَذِبَ،فَيَجْعَلُوا لَهُ صَاحِبَةً وَوَلَداً،فَلاَ إله إلاَّ هُوَ،وَلاَ رَبَّ سِوَاهُ،فَالمَسِيحُ عَبْدٌ مِنْ عِبَادِ اللهِ،وَخَلْقٌ مِنْ خَلْقِهِ،وَرَسُولٌ مِنْ رُسُلِهِ،خَلَقَهُ اللهُ بِكَلِمَةٍ أَلْقَاهَا إلَى مَرْيَمَ،وَنَفَخَ فِيهَا مِنْ رُوحِهِ،ثُمَّ أَمَرَهُمْ تَعَالَى بِالإِيمَانِ بِاللهِ وَرُسُلِهِ،وَبِالتَّصْدِيقِ بِأنَّ اللهَ لاَ إلهَ إلاَّ هُوَ،وَهُوَ وَاحِدٌ أَحَدٌ،لاَ صَاحِبَهٌ لَهُ وَلاَ وَلَدٌ،وَأنَّ عِيسَى عَبْدُ اللهِ وَرَسُولَهُ إلَى اليَهُودِ.ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِأنْ لاَ يَجْعَلُوا عِيسَى وَأُمَّهُ شَرِيكَيْنِ مَعَ اللهِ،فِي الخَلْقِ وَالمُلْكِ،تَعَالَى اللهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُواً كَبِيراً .ثُمَّ يَأْمُرُهُمُ اللهُ تَعَالَى بِأَنْ يَنْتَهُوا عَنْ هَذِهِ الأَقْوَالِ التِي هِيَ كُفْرٌ وَإِشْرَاكٌ،لأنَّ فِي الانْتِهَاءِ عَنْ ذَلِكَ خَيْراً لَهُمْ .ثُمَّ يَقُولُ تَعَالَى:إنَّ اللهَ وَاحِدٌ،سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى،وَتَنَزَّهَ،عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ نِدٌّ أَوْ شَرِيكٌ،وَجَمِيعُ مَا فِي الوُجُودِ مِنْ خَلْقٍ مُلْكَهُ،وَهُمْ جَمِيعاً تَحْتَ قَهْرِهِ وَتَدْبِيرِهِ وَتَصْرِيفِهِ،وَهُوَ وَكِيلٌ عَلَى كُلِّ شَيءٍ،فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ شَرِيكٌ أَوْ صَاحِبَةٌ أَوْ وَلَدٌ؟ (1)
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 664)(1/258)
2- وقال الله تعالى:( ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ?? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [مريم:30-34].
قَالَ لَهُمْ عِيسَى:إِنَّهُ عَبْدُ اللهِ تَعَالَى،فَنَزَّهَ اللهُ تَعَالَى عَنِ الوَلَدِ،وَأَثْبَتَ لِنَفْسِهِ العُبُودِيَّةَ لِرَبِّهِ.ثُمَّ بَرَأَ أُمَّهُ مِمَّا اتَّهَمَهَا بِهِ قَوْمَهَا.فَقَالَ لَهُمْ إِنَّ اللهَ جَعَلَهُ نَبِيّاً وَآتَاهُ كِتَاباً.وَجَعَلَنِي مُعَلِّماً لِلْخَيْرِ،نَافِعاً لِلنَّاسِ ( مُبَارَكاً )،حَيْثُمَا حَلَلْتُ،وَأَيْنَمَا كُنْتُ،وَأَوْصَانِي رَبِّي بِالمُوَاظَبَةِ عَلَى الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً .وَأَمَرَنِي رَبِّي بِبِرِّ وَالِدَتِي،وَبِإِطَاعَتِهَا وَالإِحْسَانَ إِلَيْهَا وَلَمْ يَجْعَلْنِي رَبِّي جَبَّاراً مُسْتَكْبِراً عَنْ عِبَادَةِ اللهِ وَطَاعَتِهِ،وَلَمْ يَجْعَلْنِي عَدِيمَ البِرِّ بِوَالِدَتِي فَأَشْقَى بِذَلِكَ.ثُمَّ عَادَ لِيُثْبِتَ عُبُودِيَّتَهُ للهِ عَزَّ وَجَلَّ،وَلِيُؤَكِّدَ أَنَّهُ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ،يُوْلَدُ وَيَحْيَا وَيَمُوتُ وَيُبْعَثُ كَسَائِرِ البَشَرِ،وَلَكِنَّهُ سَتَكُونُ لَهَ السَّلاَمَةُ فِي هَذِهِ الأَحْوَالِ التِي هِيَ أَشَقُّ مَا تَكُونُ عَلَى العِبَادِ ( السَّلاَمُ عَلَيَّ ).ذَلِكَ الَّذِي قَصَصْنَاهُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ،مِنْ خَبَرِ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ،هُوَ القَوْلُ الحَقُّ الَّذِي يَخْتَلِفُ فِيهِ المُبْطِلُونَ،الَّذِينَ كَفَرُوا بِعِيسَى،وَتَقَوَّلُوا عَلَى أُمِّهِ،وَشَكُّوا فِي وِلاَدَتِهِ،وَالَّذِينَ غَالُوا فِيهِ فَادَّعُوا أَنَّهُ اللهُ أَوْ أَنَّهُ ابْنُ اللهِ . (1)
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 2280)(1/259)
3- وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ قالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:«مَا مِنْ بَنِي آدَمَ مَوْلُودٌ إِلا يَمَسُّهُ الشَّيْطَانُ حِينَ يُولَدُ،فَيَسْتَهِلُّ صَارِخاً مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ،غَيْرَ مَرْيَمَ وَابْنهَا».ثُمَّ يَقُولُ أبُو هُرَيْرَةَ:«(? ? ? ? ? ? ?)».متفق عليه (1) .
4- وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:«أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِابْنِ مَرْيَمَ،الأَنْبِيَاءُ أَوْلاَدُ عَلاَّتٍ،وَلَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ». متفق عليه (2) .
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3431), واللفظ له، ومسلم برقم (2366).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3443), ومسلم برقم (2365)، واللفظ له.(1/260)
5- وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ،عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ،قَالَ:لَقِيتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي إِبْرَاهِيمَ،وَمُوسَى،وَعِيسَى،قَالَ:فَتَذَاكَرُوا أَمْرَ السَّاعَةِ،فَرَدُّوا أَمْرَهُمْ إِلَى إِبْرَاهِيمَ،فَقَالَ:لاَ عِلْمَ لِي بِهَا،فَرَدُّوا الأَمْرَ إِلَى مُوسَى،فَقَالَ:لاَ عِلْمَ لِي بِهَا،فَرَدُّوا الأَمْرَ إِلَى عِيسَى،فَقَالَ:أَمَّا وَجْبَتُهَا،فَلاَ يَعْلَمُهَا أَحَدٌ إِلاَّ اللَّهُ،ذَلِكَ وَفِيمَا عَهِدَ إِلَيَّ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ الدَّجَّالَ خَارِجٌ،قَالَ:وَمَعِي قَضِيبَانِ،فَإِذَا رَآنِي،ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الرَّصَاصُ،قَالَ:فَيُهْلِكُهُ اللَّهُ،حَتَّى إِنَّ الْحَجَرَ،وَالشَّجَرَ لَيَقُولُ:يَا مُسْلِمُ،إِنَّ تَحْتِي كَافِرًا،فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ،قَالَ:فَيُهْلِكُهُمُ اللَّهُ،ثُمَّ يَرْجِعُ النَّاسُ إِلَى بِلاَدِهِمْ وَأَوْطَانِهِمْ،قَالَ:فَعِنْدَ ذَلِكَ يَخْرُجُ يَأْجُوجُ،وَمَأْجُوجُ،وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ،فَيَطؤُونَ بِلاَدَهُمْ،لاَ يَأْتُونَ عَلَى شَيْءٍ إِلاَّ أَهْلَكُوهُ،وَلاَ يَمُرُّونَ عَلَى مَاءٍ إِلاَّ شَرِبُوهُ،ثُمَّ يَرْجِعُ النَّاسُ إِلَيَّ فَيَشْكُونَهُمْ،فَأَدْعُو اللَّهَ عَلَيْهِمْ،فَيُهْلِكُهُمُ اللَّهُ وَيُمِيتُهُمْ،حَتَّى تَجْوَى الأَرْضُ مِنْ نَتْنِ رِيحِهِمْ،قَالَ:فَيُنْزِلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمَطَرَ،فَتَجْرُفُ أَجْسَادَهُمْ حَتَّى يَقْذِفَهُمْ فِي الْبَحْرِ،ثُمَّ تُنْسَفُ الْجِبَالُ،وَتُمَدُّ الأَرْضُ مَدَّ الأَدِيمِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ هُشَيْمٍ،قَالَ:فَفِيمَا عَهِدَ إِلَيَّ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ:أَنَّ ذَلِكَ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ،فَإِنَّ السَّاعَةَ كَالْحَامِلِ الْمُتِمِّ،الَّتِي لاَ يَدْرِي أَهْلُهَا مَتَى تَفْجَؤُهُمْ بِوِلاَدَتِهَا لَيْلاً،أَوْ نَهَارًا.(1/261)
" (1)
فضائل الأنبياء والرسل:
1- قال الله تعالى:(ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ?? ? ? ? ? ? ? ں ں ?) [آل عمران:33-34].
يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى أنَّهُ اخْتَارَ هَذِهِ البُيُوتَ عَلَى سَائِرِ أهْلِ الأرْضِ،وَجَعَلَهُمْ صَفْوةَ العَالَمِينَ بِجَعْلِ الرِّسَالَةِ وَالنُّبُوَّةِ فِيهِمْ،فَاصْطَفَى آدَمَ وَخَلَقَهُ بِيَدِهِ،وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ.وَاخْتَارَ نُوحاَ وَجَعَلَهُ أوَّلَ الرُّسُلِ،لَمَّا عَبَدَ النَّاسُ الأوْثَانَ وَأشْرَكُوا بِاللهِ.وَانْتَقَمَ اللهُ مِنْ قَوْمِهِ الذِينَ رَفَضُوا الاسْتِجَابَةَ إليهِ حِينَما دَعَاهُمْ إلى الحَقِّ .وَجَاءَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّبِيِّينَ،ثُمَّ تَفَرًّقَتْ ذُرِّيَّتُهُ وانْتَشَرَتْ فِي البِلاَدِ،وَفَشَتْ فيهم الوَثَنِيَّةُ،فَظَهَر إبراهِيمُ نَبِيّاً مُرْسَلاً،وَتَتَابَعَ المُرْسَلُونَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ وَآلِهِ كإسْمَاعِيلَ وَإسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ،وَكَانَ مِنْ أرْفَعِ أوْلاَدِهِ ذِكْراً آلُ عِمْرانَ وَهُمْ عِيسَى وَأمُّهُ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرانَ،وَخُتِمَتِ النُّبُوَّةُ بِولدِ إسْمَاعِيلَ محمدٍ صَلَوَاتُ اللهِ عَليهِ .وَهِيَ ذُرِّيةٌ صَالِحَةٌ تَوَارَثَتِ الصَّلاَحَ وَالتُّقَى وَالإِيمَانَ بِاللهِ،وَهُمْ أشْبَاهٌ وَأمْثَالٌ فِي الخَيْرِ وَالفَضِيلَةِ التِي كَانَتْ سَبَباً فِي اصْطِفَائِهِمْ . (2)
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ?) [الأنعام:83-87].
__________
(1) - مسند أحمد (عالم الكتب) - (2 / 7)(3556) حسن لغيره
(2) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 327)(1/262)
وَتِلْكَ هِيَ حُجَّةُ اللهِ الدَّامِغَةُ عَلَى وُجُودِ اللهِ وَوَحْدَانِيَّتِهِ وَعَظَمَتِهِ،أَرْشَدَ إِلَيْهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ،لِيُوجِّهُهَا إلَى قَوْمِهِ،وَهُمْ يُجَادِلُونَهُ فِي رَبِّهِ،وَاللهُ يَرْفَعُ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ،دَرَجَاتٍ فِي الدِّينِ وَالفَهْمِ وَالحُجَّةِ،وَإنَّ رَبَّكَ اللهَ الذِي رَبَّاكَ وَعَلَّمَكَ وَهَدَاكَ يَا مُحَمَّدُ،وَجَعَلَكَ خَاتَمَ الرُّسُلِ،حَكِيمٌ فِي قَوْلِهِ وَفِعْلِهِ،عَلِيمٌ بِمَنْ يَهْتَدِي بِمَا أَنْزَلَ اللهُ،وَبِمَنْ يَضِلُّ،وَبِمَنْ قَامَتِ الحُجَّةُ عَلَيْهِ .يَذْكُرُ اللهُ تَعَالَى أنَّهُ وَهَبَ لإِبْرَاهِيمَ ابْنَهُ إِسْحَاقَ بَعْدَ أَنْ شَاخَ وَطَعَنَ فِي السِّنِّ،وَبَشَّرَتْهُ المَلاَئِكَةُ بِأنَّ ابْنَهُ إِسْحَاقَ سَيُولَدُ لَهُ وَلَدٌ اسْمُهُ يَعْقُوبُ،فِي حَيَاةِ إِبْرَاهِيمَ .وَيَقُولُ تَعَالَى إِنَّهُ هَدَى كُلاًّ مِنْ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ بِمَا آتَاهُمَا مِنَ النُّبُوَّةِ وَالحِكْمَةِ،وَإِنَّهُ تَعَالَى هَدَى مِنْ ذُرِّيَةِ نُوحٍ:( أَوْ مِنْ ذُرِّيَةِ إَبْرَاهِيمَ - وَإِبْرَاهِيمُ مِنْ ذُرِّيَةِ نُوحٍ ):دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَيُوسُفَ وَأَيُّوبَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَآتَاهُمُ الحُكْمَ وَالنَّبُوَّةَ،وَكَذَلِكَ يَجْزِي اللهُ المُحْسِنِينَ فَيَهْدِيهِمْ إلَى الحَقِّ وَالصَّوَابِ وَالإِيمَانِ .وَهَدَى اللهُ مِنْ ذُرِّيَةِ نُوحٍ أَيْضاً:زَكَرِيّا وَابْنَهُ يَحْيِى وَعِيسَى بْنِ مَرْيَمَ وَإِلْيَاسَ،وَقَدْ جَعَلَهُمُ اللهُ جَمِيعاً مِنَ الصَّالِحِينَ.وَكَانَتْ لِهَؤُلاءِ الأَنْبِيَاءِ الكِرَامِ مِيزَةُ الزُّهْدِ وَالإِعْرَاضِ عَنِ الدُّنْيا وَلَذَّاتِها،وَزِينَتِهَا،لِذَلِكَ خَصَّهُمُ اللهُ تَعَالَى بِوَصْفِ الصَّالِحِينَ .(1/263)
وَمِنْ ذُرِّيَةِ نُوحٍ،مِمَّنْ هَدَاهُمُ اللهُ،يَذْكُرُ تَعَالَى:إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ،وَاليَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوْطاً فَهَدَاهُمْ،وَآتَاهُمُ النُّبُوَّة،وَجَعَلَهُمْ مِنَ المُهْتَدِينَ،وَفَضَّلَهُمْ عَلَى العَالَمِينَ مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِمْ .وَهَدَى اللهُ بَعْضَ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ - لاَ كُلّهُمْ إذْ إِنَّ بَعْضَ هَؤُلاءِ الأَقْرَبِينَ لَمْ يَهْتَدِ بِهَدِي أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ،كَآزَرَ أَبِي إِبْرَاهِيم،وَابْنِ نُوحٍ وَزَوْجَةِ لُوطٍ -.وَيَقُولُ تَعَالَى إنَّهُ اخْتَارَهُمْ وَاصْطَفَاهُمْ وَهَدَاهُمُ الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ . (1)
3- وقال الله تعالى:(? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک) [النساء:163-165].
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 873)(1/264)
إنا أوحينا اليك -أيها الرسول- بتبليغ الرسالة كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده،وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط -وهم الأنبياء الذين كانوا في قبائل بني إسرائيل الاثنتي عشرة من ولد يعقوب- وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان.وآتينا داود زبورًا،وهو كتاب وصحف مكتوبة.وأرسلنا رسلا قد قصصناهم عليك في القرآن من قبل هذه الآية،ورسلا لم نقصصهم عليك لحكمة أردناها.وكلم الله موسى تكليمًا؛تشريفًا له بهذه الصفة.وفي هذه الآية الكريمة،إثبات صفة الكلام لله -تعالى- كما يليق بجلاله،وأنه سبحانه كلم نبيه موسى -عليه السلام- حقيقة بلا وساطة.ويَقُولُ تَعَالَى:إنَّهُ أَرْسَلَ الرُّسُلَ يُبَشِّرُونَ مَنْ أَطَاعَ اللهَ،وَاتَّبَعَ رِضْوَانَهُ بِالخَيْرَاتِ وَحُسْنِ الثَّوَابِ،وَيُنْذِرُونَ،بِالعِقَابِ وَالعَذَابِ،مَنْ خَالَفَ أَمْرَهُ،وَكَذَّبَ رُسُلَهُ،وَذَلِكَ لِكَيْلا يَبْقَى لِمُعْتَذِرٍ عُذْرٌ،بَعْدَ أنْ أَوْضَحَتِ الرُّسُلُ لِلْنَّاسِ أوَامِرَ اللهِ وَنَوَاهِيهِ،وَالجَزَاءُ لاَ يَكُونُ إلاَّ لِمَنْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ عَلَى الوَجْهِ الصَّحِيحِ.وَكَانَ اللهُ عَزيزَ الجَانِبِ لا يُضَامُ،حَكِيماً فِي شَرْعِهِ وَتَدْبِيرِهِ .
4- وقال الله تعالى:(? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ?) [البقرة].(1/265)
يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى أنَّ الرُّسُلَ الذِينَ ذَكَرَهُم قَدْ فَضَّلَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي مَرَاتِبِ الكَمَالِ وَالشَّرَفِ،فَخَصَّ بَعْضَهُمْ بِمَآثِرَ جَلِيلةٍ خَلاَ عَنْها غَيْرُهُ مَعَ اسْتِوائِهِمْ جَمِيعاً فِي اخْتِيارِهِ تَعَالَى لإِبْلاغِ رِسَالَتِهِ،وَهدايَةِ خَلْقِهِ.فَمِنْهُم مُوسَى الذِي كَلَّمَهُ اللهُ مِنْ غَيْرِ سَفِيرٍ .وَمِنْهُمْ مَنْ رَفَعَهُ اللهُ مَرَاتِبَ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الرُّسُلِ،وَهُوَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَيُؤَيِّدُهُ السِّيَاقُ أيْضاً.وَمِنْ هذِهِ الدَّرَجَاتِ مَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأخْلاَقِهِ الشَرِيفَةِ فَقَالَ تَعَالَى:{ وَإِنَّكَ لعلى خُلُقٍ عَظِيمٍ }،وَمِنْهَا مَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِكِتَابِهِ وَشَرِيعَتِهِ { إِنَّ هذا القرآن يَِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ }،وَمُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يُؤْتَ مِنَ المُعْجِزَاتِ أَعْظَمَ مِنَ مُعْجِزَةِ القُرآنِ .وَمِنْهَا مَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأمَّتِهِ الذِينَ اتَّبَعُوهُ:{ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بالمعروف وَتَنْهَوْنَ عَنِ المنكر } { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى الناس } وَفَضَّلَ اللهُ تَعَالَى عَيسَى عَلَيهِ السَّلاَمُ بِأنْ آتَاهُ البَيِّنَاتِ ( وَهِيَ مَا يُتََبَيَّنُ بِهِ الحَقُّ مِنَ الآيَاتِ وَالدَّلاَئِلِ )،وَأيَدَّهُ بِرُوحِ القُدْسِ،( وَهُوَ جِبْرِيلُ عَلَيهِ السَّلاَمُ ) وَقَدْ خَصَّ اللهُ عِيسَى بِإيْتَاءِ البَيِّنَاتِ تَقْبِيحاً لإِفْرَاطِ اليَهُودِ فِي تَكْذِيبِهِ وَانْتِقَاصِهِ،وَلإِفْراطِ النَّصَارَى فِي تَعْظِيمِهِ حَتَّى أَخْرَجُوهُ مِنْ مَرْتَبَةِ الرِّسَالَةِ إلى مَرْتَبَةِ الأُلُوهِيَّةِ .(1/266)
وَكَانَ مِنْ مُقْتَضَى ذَلِكَ أنْ يُؤْمِنَ النَّاسُ جَمِيعاً،وَألاَّ يَخْتَلِفُوا وَلاَ يَقْتَتِلُوا.وَلَوْ شَاءَ اللهُ أَلاَّ يَقْتتِلَ النَّاسُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الرُّسُلُ بِالآيَاتِ الوَاضِحَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى الحَقِّ،لَمَا حَدَثَ اقْتِتَالٌ وَلاَ اخْتِلاَفٌ.وَلَكِنْ لَمْ يَشَأِ اللهُ ذَلِكَ،وَلِهَذَا اخْتَلَفُوا،فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ .وَقَدْ نَهَى اللهُ تَعَالَى المُسْلِمينَ عَنِ الاخْتِلافِ وَالتَّفَرُّقِ،وَأمَرَهُمْ بِالاتِّحَادِ وَالوِئَامِ،فَامْتَثَلُوا أمْرَهُ ثُمَّ عَادُوا إلى الاخْتِلاَفِ.وَلَوْ شَاءَ اللهُ جَمْعَهُمْ عَلَى الحَقِّ،لَفَعَلَ،وَلَكِنَّهُ تَعَالَى يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ لِحِكْمَةٍ لا يُقَدِّرُهَا إلاّ هُوَ . (1)
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 260)(1/267)
هذه الآية تلخص قصة الرسل والرسالات - كما أنها أفردت جماعة الرسل وميزتها من بين الناس - فهي تقرر أن اللّه فضل بعض الرسل على بعض وتذكر بعض أمارات التفضيل ومظاهره.ثم تشير إلى اختلاف الذين جاءوا من بعدهم من الأجيال المتعاقبة - من بعد ما جاءتهم البينات - وإلى اقتتالهم بسبب هذا الاختلاف.كما تقرر أن بعضهم آمن وبعضهم كفر.وأن اللّه قد قدر أن يقع بينهم القتال لدفع الكفر بالإيمان،ودفع الشر بالخير ..وهذه الحقائق الكثيرة التي تشير إليها هذه الآية تمثل قصة الرسالة وتاريخها الطويل.«تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ» ..والتفضيل هنا قد يتعلق بالمحيط المقدر للرسول.والذي تشمله دعوته ونشاطه.كأن يكون رسول قبيلة،أو رسول أمة،أو رسول جيل.أو رسول الأمم كافة في جميع الأجيال ..كذلك يتعلق بالمزايا التي يوهبها لشخصه أو لأمته.كما يتعلق بطبيعة الرسالة ذاتها ومدى شمولها لجوانب الحياة الإنسانية والكونية ..وقد ذكر النص هنا مثالين في موسى وعيسى - عليهما السلام - وأشار إشارة عامة إلى من سواهما:« مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ - وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ - وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ» ..وحين يذكر تكليم اللّه لأحد من الرسل ينصرف الذهن إلى موسى - عليه السلام - ومن ثم لم يذكره باسمه.وذكر عيسى بن مريم - عليه السلام - وهكذا يرد اسمه منسوبا إلى أمه في أغلب المواضع القرآنية.والحكمة في هذا واضحة.فقد نزل القرآن وهناك حشد من الأساطير الشائعة حول عيسى - عليه السلام - وبنوته للّه - سبحانه وتعالى - أو عن ازدواج طبيعته من اللاهوت والناسوت.(1/268)
أو عن تفرده بطبيعة إلهية ذابت فيها الطبيعة الناسوتية كالقطرة في الكأس! إلى آخر هذه التصورات الأسطورية التي غرقت الكنائس والمجامع في الجدل حولها وجرت حولها الدماء أنهارا في الدولة الرومانية! ومن ثم كان هذا التوكيد الدائم على بشرية عيسى - عليه السلام - وذكره في معظم المواضع منسوبا إلى أمه مريم ..أما روح القدس فالقرآن يعني به جبريل - عليه السلام - فهو حامل الوحي إلى الرسل.وهذا أعظم تأييد وأكبره.وهو الذي ينقل الإشارة الإلهية إلى الرسل بانتدابهم لهذا الدور الفذ العظيم،وهو الذي يثبتهم على المضي في الطريق الشاق الطويل وهو الذي يتنزل عليهم بالسكينة والتثبيت والنصر في مواقع الهول والشدة في ثنايا الطريق ..وهذا كله التأييد أما البينات التي آتاها اللّه عيسى - عليه السلام - فتشمل الإنجيل الذي نزله عليه،كما تشمل الخوارق التي أجراها على يديه،والتي ورد ذكرها مفصلة في مواضعها المناسبة من القرآن.تصديقا لرسالته في مواجهة بني إسرائيل المعاندين! ولم يذكر النص هنا محمدا - صلى الله عليه وسلم - لأن الخطاب موجه إليه.كما جاء في الآية السابقة في السياق:«تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ تِلْكَ الرُّسُلُ ..إلخ».فالسياق سياق إخبار له عن غيره من الرسل.وحين ننظر إلى مقامات الرسل - صلوات اللّه وسلامه عليهم - من أية ناحية نجد محمدا - صلى الله عليه وسلم - في القمة العليا.وسواء نظرنا إلى الأمر من ناحية شمول الرسالة وكليتها،أو من ناحية محيطها وامتدادها،فإن النتيجة لا تتغير ..إن الإسلام هو أكمل تصور لحقيقة الوحدة - وهي أضخم الحقائق على الإطلاق - وحدة الخالق الذي ليس كمثله شيء.ووحدة الإرادة التي يصدر عنها الوجود كله بكلمة:«كن».ووحدة الوجود الصادر عن تلك الإرادة.ووحدة الناموس الذي يحكم هذا الوجود.ووحدة الحياة من الخلية الساذجة إلى الإنسان الناطق.(1/269)
ووحدة البشرية من آدم - عليه السلام - إلى آخر أبنائه في الأرض.ووحدة الدين الصادر من اللّه الواحد إلى البشرية الواحدة.ووحدة جماعة الرسل المبلغة لهذه الدعوة.ووحدة الأمة المؤمنة التي لبت هذه الدعوة.ووحدة النشاط البشري المتجه إلى اللّه وإعطائه كله اسم «العبادة».ووحدة الدنيا والآخرة داري العمل والجزاء.ووحدة المنهج الذي شرعه اللّه للناس فلا يقبل منهم سواه.ووحدة المصدر الذي يتلقون عنه تصوراتهم كلها ومنهجهم في الحياة ...ومحمد - صلى الله عليه وسلم - هو الذي أطاقت روحه التجاوب المطلق مع حقيقة الوحدة الكبرى كما أطاق عقله تصور هذه الوحدة وتمثلها كما أطاق كيانه تمثيل هذه الوحدة في حياته الواقعة المعروضة للناس.كذلك هو الرسول الذي أرسل إلى البشر كافة،من يوم مبعثه إلى أن يرث اللّه الأرض ومن عليها والذي اعتمدت رسالته على الإدراك الإنساني الواعي دون ضغط حتى من معجزة مادية قاهرة،ليعلن بذلك عهد الرشد الإنساني.ومن ثم كان هو خاتم الرسل.وكانت رسالته خاتمة الرسالات.ومن ثم انقطع الوحي بعده وارتسمت للبشرية في رسالته تلك الوحدة الكبرى وأعلن المنهج الواسع الشامل الذي يسع نشاط البشرية المقبل في إطاره ولم تعد إلا التفصيلات والتفسيرات التي يستقل بها العقل البشري - في حدود المنهج الرباني - ولا تستدعي رسالة إلهية جديدة.(1/270)
وقد علم اللّه - سبحانه - وهو الذي خلق البشر وهو الذي يعلم ما هم ومن هم ويعلم ما كان من أمرهم وما هو كائن ..قد علم اللّه - سبحانه - أن هذه الرسالة الأخيرة،وما ينبثق عنها من منهج للحياة شامل،هي خير ما يكفل للحياة النمو والتجدد والانطلاق.فأيما إنسان زعم لنفسه أنه أعلم من اللّه بمصلحة عباده أو زعم أن هذا المنهج الرباني لم يعد يصلح للحياة المتجددة النامية في الأرض أو زعم أنه يملك ابتداع منهج أمثل من المنهج الذي أراده اللّه ..أيما إنسان زعم واحدة من هذه الدعاوى أو زعمها جميعا فقد كفر كفرا صراحا لا مراء فيه وأراد لنفسه وللبشرية شر ما يريده إنسان بنفسه وبالبشرية واختار لنفسه موقف العداء الصريح للّه،والعداء الصريح للبشرية التي رحمها اللّه بهذه الرسالة،وأراد لها الخير بالمنهج الرباني المنبثق منها ليحكم الحياة البشرية إلى آخر الزمان.وبعد فقد اقتتل أتباع «تِلْكَ الرُّسُلُ».ولم تغن وحدة جماعة الرسل في طبيعتهم،ووحدة الرسالة التي جاءوا بها كلهم ..لم تغن هذه الوحدة عن اختلاف أتباع الرسل حتى ليقتتلون من خلاف:« وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ - مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ - وَلكِنِ اخْتَلَفُوا:فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ.وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا.وَلكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ» ..إن هذا الاقتتال لم يقع مخالفا لمشيئة اللّه.فما يمكن أن يقع في هذا الكون ما يخالف مشيئته - سبحانه - فمن مشيئته أن يكون هذا الكائن البشري كما هو.بتكوينه هذا واستعداداته للهدى وللضلال.وأن يكون موكولا إلى نفسه في اختيار طريقه إلى الهدى أو إلى الضلال.ومن ثم فكل ما ينشأ عن هذا التكوين وإفرازاته واتجاهاته داخل في اطار المشيئة وواقع وفق هذه المشيئة.(1/271)
كذلك فإن اختلاف الاستعدادات بين فرد وفرد من هذا الجنس سنة من سنن الخالق،لتنويع الخلق - مع وحدة الأصل والنشأة - لتقابل هذه الاستعدادات المختلفة وظائف الخلافة المختلفة المتعددة المتنوعة.وما كان اللّه ليجعل الناس جميعا نسخا مكررة كأنما طبعت على ورق «الكربون» ..على حين أن الوظائف اللازمة للخلافة في الأرض وتنمية الحياة وتطويرها منوعة متباينة متعددة ..أما وقد مضت مشيئة اللّه بتنويع الوظائف فقد مضت كذلك بتنويع الاستعدادت.ليكون الاختلاف فيها وسيلة للتكامل.وكلف كل إنسان أن يتحرى لنفسه الهدى والرشاد والإيمان.وفيه الاستعداد الكامن لهذا،وأمامه دلائل الهدى في الكون،وعنده هدى الرسالات والرسل على مدار الزمان.وفي نطاق الهدى والإيمان يمكن أن يظل التنوع الخير الذي لا يحشر نماذج الناس كلهم في قالب جامد! «وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ» ..وحين يصل الاختلاف إلى هذا المدى،فيكون اختلاف كفر وإيمان،يتعين القتال.يتعين لدفع الناس بعضهم ببعض.دفع الكفر بالإيمان.والضلال بالهدى،والشر بالخير.فالأرض لا تصلح بالكفر والضلال والشر.ولا يكفي أن يقول قوم:إنهم أتباع أنبياء إذا وصل الاختلاف بينهم إلى حد الكفر والإيمان.وهذه هي الحالة التي كانت تواجهها الجماعة المسلمة في المدينة يوم نزل هذا النص ..كان المشركون في مكة يزعمون أنهم على ملة إبراهيم! وكان اليهود في المدينة يزعمون أنهم على دين موسى.كما كان النصارى يزعمون أنهم على دين عيسى ..ولكن كل فرقة من هؤلاء كانت قد بعدت بعدا كبيرا عن أصل دينها،وعن رسالة نبيها.وانحرفت إلى المدى الذي ينطبق عليه وصف الكفر.وكان المسلمون عند نزول هذا النص يقاتلون المشركين من العرب.كما كانوا على وشك أن يوجهوا إلى قتال الكفار من أهل الكتاب.(1/272)
ومن ثم جاء هذا النص يقرر أن الاقتتال بين المختلفين على العقيدة إلى هذا الحد،هو من مشيئة اللّه وبإذنه:«وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا» ..ولكنه شاء.شاء ليدفع الكفر بالإيمان وليقر في الأرض حقيقة العقيدة الصحيحة الواحدة التي جاء بها الرسل جميعا،فانحرف عنها المنحرفون.وقد علم اللّه أن الضلال لا يقف سلبيا جامدا،إنما هو ذو طبيعة شريرة.فلا بد أن يعتدي،ولا بد أن يحاول إضلال المهتدين،ولا بد أن يريد العوج ويحارب الاستقامة.«وَلكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ».مشيئة مطلقة.ومعها القدرة الفاعلة.وقد قدر أن يكون الناس مختلفين في تكوينهم.وقدر أن يكونوا موكولين إلى أنفسهم في اختيار طريقهم.وقدر أن من لا يهتدي منهم يضل.وقدر أن الشر لا بد أن يعتدي ويريد العوج.وقدر أن يقع القتال بين الهدى والضلال.وقدر أن يجاهد أصحاب الإيمان لإقرار حقيقته الواحدة الواضحة المستقيمة وأنه لا عبرة بالانتساب إلى الرسل من أتباعهم،إنما العبرة بحقيقة ما يعتقدون وحقيقة ما يعملون.وأنه لا يعصمهم من مجاهدة المؤمنين لهم أن يكونوا ورثة عقيدة وهم عنها منحرفون ..وهذه الحقيقة التي قررها اللّه للجماعة المسلمة في المدينة حقيقة مطلقة لا تتقيد بزمان.إنما هي طريقة القرآن في اتخاذ الحادثة المفردة المقيدة مناسبة لتقرير الحقيقة المطردة المطلقة. (1)
__________
(1) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (1 / 282)(1/273)
5- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ:أُتِيَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَوْماً بِلَحْمٍ،فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ،فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً فَقَالَ:«أنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ،وَهَلْ تَدْرُونَ بِمَ ذَاكَ؟ يَجْمَعُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ،فَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي وَيَنْفُذُهُمُ البَصَرُ،وَتَدْنُو الشَّمْسُ فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنَ الغَمِّ وَالكَرْبِ مَا لا يُطِيقُونَ،وَمَا لا يَحْتَمِلُونَ،فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ:ألا تَرَوْنَ مَا أنْتُمْ فِيهِ؟ ألا تَرَوْنَ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ؟ ألا تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ؟ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ:ائْتُوا آدَمَ فَيَأْتُونَ آدَمَ.فَيَقُولُونَ:يَا آدَمُ! أنْتَ أبُو البَشَرِ،خَلَقَكَ اللهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ وَأمَرَ المَلائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ،اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ،ألا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ ألا تَرَى إِلَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ آدَمُ:إِنَّ رَبِّي غَضِبَ اليَوْمَ غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ،وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ،وَإِنَّهُ نَهَانِي عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ،نَفْسِي،نَفْسِي،اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي،اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ.(1/274)
فَيَأْتُونَ نُوحاً فَيَقُولُونَ:يَا نُوحُ! أنْتَ أوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى الأَرْضِ،وَسَمَّاكَ اللهُ عَبْداً شَكُوراً،اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ،ألا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ ألا تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ لَهُمْ:إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ،وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ،وَإِنَّهُ قَدْ كَانَتْ لِي دَعْوَةٌ دَعَوْتُ بِهَا عَلَى قَوْمِي،نَفْسِي،نَفْسِي،اذْهَبُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ - صلى الله عليه وسلم - .فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُونَ:أنْتَ نَبِيُّ الله وَخَلِيلُهُ مِنْ أهْلِ الأَرْضِ،اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ،ألا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ ألا تَرَى إِلَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ لَهُمْ إِبْرَاهِيمُ:إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلا يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ،وَذَكَرَ كَذَبَاتِهِ،نَفْسِي،نَفْسِي،اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي،اذْهَبُوا إِلَى مُوسَى.فَيَأْتُونَ مُوسَى - صلى الله عليه وسلم - فَيَقُولُونَ:يَا مُوسَى! أنْتَ رَسُولُ الله،فَضَّلَكَ اللهُ،بِرِسَالاتِهِ وَبِتَكْلِيمِهِ،عَلَى النَّاسِ.اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ،ألا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ ألا تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ لَهُمْ مُوسَى - صلى الله عليه وسلم - :إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ،وَإِنِّي قَتَلْتُ نَفْساً لَمْ أومَرْ بِقَتْلِهَا،نَفْسِي،نَفْسِي،اذْهَبُوا إِلَى عِيسَى - صلى الله عليه وسلم - .فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُونَ:يَا عِيسَى! أنْتَ رَسُولُ الله،وَكَلَّمْتَ النَّاسَ فِي المَهْدِ،وَكَلِمَةٌ مِنْهُ ألْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ،وَرُوحٌ مِنْهُ.(1/275)
فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ،ألا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ ألا تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ لَهُمْ عِيسَى - صلى الله عليه وسلم - :إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ،وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ ذَنْباً،نَفْسِي،نَفْسِي،اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي،اذْهَبُوا إِلَى مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - .فَيَأْتُونِّي فَيَقُولُونَ:يَا مُحَمَّدُ! أنْتَ رَسُولُ الله وَخَاتَمُ الأَنْبِيَاءِ،وَغَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأخَّرَ،اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ،ألا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ ألا تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟.فَأنْطَلِقُ فَآتِي تَحْتَ العَرْشِ فَأقَعُ سَاجِداً لِرَبِّي،ثُمَّ يَفْتَحُ اللهُ عَلَيَّ وَيُلْهِمُنِي مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئاً لَمْ يَفْتَحْهُ لأَحَدٍ قَبْلِي،ثُمَّ يُقَالُ:يَا مُحَمَّدُ! ارْفَعْ رَأْسَكَ،سَلْ تُعْطَهِ،اشْفَعْ تُشَفَّعْ،فَأرْفَعُ رَأْسِي فَأقُولُ:يَا رَبِّ! أُمَّتِي،أُمَّتِي،فَيُقَالُ:يَا مُحَمَّدُ! أَدْخِلِ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِكَ،مَنْ لا حِسَابَ عَلَيْهِ،مِنَ البَابِ الأَيْمَنِ مِنْ أبْوَابِ الجَنَّةِ،وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأَبْوَابِ،وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ! إِنَّ مَا بَيْنَ المِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الجَنَّةِ لَكَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَهَجَرٍ،أوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى». متفق عليه (1) .
- - - - - - - - - - - -
13- فضائل الصحابة
فضل الصحابة رضي الله عنهم:
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3340), ومسلم برقم (194)، واللفظ له. فنهس النهس : أخذ اللحم بمقدم الأسناس. راجع التفاصيل في كتابي (( الخلاصة في حياة الأنبياء )) وكتابي ((النبوة والأنبياء في القرآن والسنة ))(1/276)
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ) [الفتح:29].
إنها صورة عجيبة يرسمها القرآن الكريم بأسلوبه البديع.صورة مؤلفة من عدة لقطات لأبرز حالات هذه الجماعة المختارة،حالاتها الظاهرة والمضمرة.فلقطة تصور حالتهم مع الكفار ومع أنفسهم:«أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ» ولقطة تصور هيئتهم في عبادتهم:«تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً» ..ولقطة تصور قلوبهم وما يشغلها ويجيش بها:«يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً» ..ولقطة تصور أثر العبادة والتوجه إلى اللّه في سمتهم وسحنتهم وسماتهم:«سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ» ..«ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ» ..وهذه صفتهم فيها ..ولقطات متتابعة تصورهم كما هم في الإنجيل ..«كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ» «فَآزَرَهُ» ..«فَاسْتَغْلَظَ» «فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ».«يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ» ..:«لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ» ..وتبدأ الآية بإثبات صفة محمد - صلى الله عليه وسلم - صفته التي أنكرها سهيل بن عمرو ومن وراءه من المشركين:«مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» ..ثم ترتسم تلك الصورة الوضيئة بذلك الأسلوب البديع.(1/277)
والمؤمنون لهم حالات شتى.ولكن اللقطات تتناول الحالات الثابتة في حياتهم،ونقط الارتكاز الأصيلة في هذه الحياة.وتبرزها وتصوغ منها الخطوط العريضة في الصور الوضيئة ..وإرادة التكريم واضحة في اختيار هذه اللقطات،وتثبيت الملامح والسمات التي تصورها.التكريم الإلهي لهذه الجماعة السعيدة.إرادة التكريم واضحة،وهو يسجل لهم في اللقطة الأولى أنهم:«أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ» ..أشداء على الكفار وفيهم آباؤهم وإخوتهم وذوو قرابتهم وصحابتهم،ولكنهم قطعوا هذه الوشائج جميعا.رحماء بينهم وهم فقط إخوة دين.فهي الشدة للّه والرحمة للّه.وهي الحمية للعقيدة،والسماحة للعقيدة.فليس لهم في أنفسهم شي ء،ولا لأنفسهم فيهم شيء.وهم يقيمون عواطفهم ومشاعرهم،كما يقيمون سلوكهم وروابطهم على أساس عقيدتهم وحدها.يشتدون على أعدائهم فيها،ويلينون لإخوتهم فيها.قد تجردوا من الأنانية ومن الهوى،ومن الانفعال لغير اللّه،والوشيجة التي تربطهم باللّه.(1/278)
وإرادة التكريم واضحة وهو يختار من هيئاتهم وحالاتهم،هيئة الركوع والسجود وحالة العبادة:«تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً» ..والتعبير يوحي كأنما هذه هيئتهم الدائمة التي يراها الرائي حيثما رآهم.ذلك أن هيئة الركوع والسجود تمثل حالة العبادة،وهي الحالة الأصلية لهم في حقيقة نفوسهم فعبر عنها تعبيرا يثبتها كذلك في زمانهم،حتى لكأنهم يقضون زمانهم كله ركعا سجدا.واللقطة الثالثة مثلها.ولكنها لقطة لبواطن نفوسهم وأعماق سرائرهم:«يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً» ..فهذه هي صورة مشاعرهم الدائمة الثابتة.كل ما يشغل بالهم،وكل ما تتطلع إليه أشواقهم،هو فضل اللّه ورضوانه.ولا شيء وراء الفضل والرضوان يتطلعون إليه ويشتغلون به.واللقطة الرابعة تثبت أثر العبادة الظاهرة والتطلع المضمر في ملامحهم،ونضحها على سماتهم:«سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ» ..سيماهم في وجوههم من الوضاءة والإشراق والصفاء والشفافية،ومن ذبول العبادة الحي الوضيء اللطيف.وليست هذه السيما هي النكتة المعروفة في الوجه كما يتبادر إلى الذهن عند سماع قوله:«مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ» ..فالمقصود بأثر السجود هو أثر العبادة.واختار لفظ السجود لأنه يمثل حالة الخشوع والخضوع والعبودية للّه في أكمل صورها.فهو أثر هذا الخشوع.أثره في ملامح الوجه،حيث تتوارى الخيلاء والكبرياء والفراهة.ويحل مكانها التواضع النبيل،والشفافية الصافية،والوضاءة الهادئة،والذبول الخفيف الذي يزيد وجه المؤمن وضاءة وصباحة ونبلا.وهذه الصورة الوضيئة التي تمثلها هذه اللقطات ليست مستحدثة.إنما هي ثابتة لهم في لوحة القدر ومن ثم فهي قديمة جاء ذكرها في التوراة:«ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ» ..وصفتهم التي عرفهم اللّه بها في كتاب موسى،وبشر الأرض بها قبل أن يجيئوا إليها.«وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ» ..وصفتهم في بشارته بمحمد ومن معه،أنهم:«كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ» ..(1/279)
فهو زرع نام قوي،يخرج فرخه من قوته وخصوبته.ولكن هذا الفرخ لا يضعف العود بل يشده.«فَآزَرَهُ».أو أن العود آزر فرخه فشده.«فَاسْتَغْلَظَ» الزرع وضخمت ساقة وامتلأت.«فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ» لا معوجا ومحنيا.ولكن مستقيما قويا سويا ..هذه صورته في ذاته.فأما وقعه في نفوس أهل الخبرة في الزرع،العارفين بالنامي منه والذابل.المثمر منه والبائر.فهو وقع البهجة والإعجاب:«يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ».وفي قراءة يعجب «الزارع» ..وهو رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - صاحب هذا الزرع النامي القوي المخصب البهيج ..وأما وقعه في نفوس الكفار فعلى العكس.فهو وقع الغيظ والكمد:«لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ» ..وتعمد إغاظة الكفار يوحي بأن هذه الزرعة هي زرعة اللّه.أو زرعة رسوله،وأنهم ستار للقدرة وأداة لإغاظة أعداء اللّه! وهذا المثل كذلك ليس مستحدثا،فهو ثابت في صفحة القدر.ومن ثم ورد ذكره قبل أن يجيء محمد ومن معه إلى هذه الأرض.ثابت في الإنجيل في بشارته بمحمد ومن معه حين يجيئون.وهكذا يثبت اللّه في كتابه الخالد صفة هذه الجماعة المختارة ..صحابة رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - ..فتثبت في صلب الوجود كله،وتتجاوب بها أرجاؤه،وهو يتسمع إليها من بارئ الوجود.وتبقى نموذجا للأجيال،تحاول أن تحققها،لتحقق معنى الإيمان في أعلى الدرجات.وفوق هذا التكريم كله،وعد اللّه بالمغفرة والأجر العظيم:«وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً» ..وهو وعد يجيء في هذه الصيغة العامة بعد ما تقدم من صفتهم،التي تجعلهم أول الداخلين في هذه الصيغة العامة.مغفرة وأجر عظيم ..وذلك التكريم وحده حسبهم.وذلك الرضى وحده أجر عظيم.ولكنه الفيض الإلهي بلا حدود ولا قيود،والعطاء الإلهي عطاء غير مجذوذ (1) .
__________
(1) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (6 / 3331)(1/280)
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ?) [التوبة:100].
يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى عَنْ رِضَاهُ عَنِ السَّابِقِينَ الأَوَّلِينَ مِنَ المُهَاجِرِينَ،( وَهُمُ الذِينَ هَاجَرُوا قَبْلَ صُلْحِ الحُدَيْبِيَةِ )،وَمِنَ الأَنْصَارِ ( وَهُمُ الذِينَ بَايَعُوا الرَّسُولَ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَيْعَتَي العَقَبَةِ وَالرِّضْوَانِ )،وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ.وَيُخْبِرُ تَعَالَى بِرِضَاهُ عَنْهُمْ بِمَا أَسْبَغَ عَلَيْهِمْ مِنْ نِعْمَةٍ فِي الدُّنْيَا،مِنْ عِزٍّ وَنَصْرٍ وَمَغْنَمٍ وَهُدًى،وَبِمَا أَعَدَّهُ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ،مِنْ جَنَّاتٍ تَجْرِي الأَنْهَارُ فِي جَوَانِبِهَا،وَهُمْ مُخَلَّدُونَ فِيهَا أَبَداً.وَالفَوْزُ الذِي فَازَ بِهِ هَؤُلاَءِ الكِرامُ البَرَرَةُ هُوَ أَعْظَمُ الفَوْزِ . (1)
3- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الحديد:10].
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 1336)(1/281)
وَمَا لَكُم يَا أَيُّها النَّاسُ لاَ تُنْفِقُونَ مِنْ أَمْوالِكم فِي سَبيلِ اللهِ؟ أَتَخْشَوْنَ الفَقْرَ إِنْ أَنْفَقْتُمْ؟ أَنْفِقُوا وَلاَ تَخْشَوْا شَيْئاً،فَإِنَّ الذِي أَنْفَقْتُمْ أَمْوالَكُمْ فِي سَبِيلهِ هُوَ مَالكُ السَّمَاواتِ وَالأَرْضِ،وَقَدْ تَكَفَّلَ بِرِزْقِكُمْ،وَبِالإِخْلاَفِ عَلَيكُم { وَمَآ أَنفَقْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ }.ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالى تَفَاوَتَ دَرَجَاتِ المُنْفِقِينَ،بِحَسَبِ تَفَاوُتِ أَحْوَالِهم،فَقالَ:إِنَّهُ لاَ يَسْتَوي مَنْ آمَنَ،وَهَاجَرَ،وَأَنْفَقَ مَالَهُ في سَبِيلِ اللهِ،قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ ( أَوْ قَبْلَ صُلْحِ الحَدَيْبِيَةِ عَلَى قَوْلٍ )،مَعَ مَنْ آمنَ،وَأَنْفَقَ بَعْدَ الفَتْحِ،فَالأَوَّلُونَ أَعْظَمُ دَرجةً عِنْدَ الله،لأنَّ المُؤْمِنينَ قَبْلَ الفَتْحِ كَانُوا قَليلي العَدَدِ،وَواجِبَاتُهُمْ كَثِيرةٌ وَثَقِيلةٌ،أَمَّا بَعْدَ الفَتْحِ فَقَدِ انْتَشَرَ الإِسْلامُ،وَأَمِنَ النَّاسُ.وَاللهُ عَلِيمٌ خَبِيرٌ بِمَا يَعْمَلُهُ العِبَادُ . (1)
4- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي،لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي،فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً،مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ،وَلاَ نَصِيفَهُ».متفق عليه (2) .
فضل المهاجرين والأنصار:
1- قال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الحشر:8-9].
وهي صورة صادقة تبرز فيها أهم الملامح المميزة للمهاجرين ..أخرجوا إخراجا من ديارهم وأموالهم.
__________
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 4964)
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3673), ومسلم برقم (2540)، واللفظ له.(1/282)
أكرههم على الخروج الأذى والاضطهاد والتنكر من قرابتهم وعشيرتهم في مكة.لا لذنب إلا أن يقولوا ربنا اللّه ...وقد خرجوا تاركين ديارهم وأموالهم «يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً» اعتمادهم على اللّه في فضله ورضوانه.
لا ملجأ لهم سواه،ولا جناب لهم إلا حماه ..وهم مع أنهم مطاردون قليلون «يَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» ..بقلوبهم وسيوفهم في أحرج الساعات وأضيق الأوقات.«أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ» ..الذين قالوا كلمة الإيمان بألسنتهم،وصدقوها بعملهم.وكانوا صادقين مع اللّه في أنهم اختاروه.وصادقين مع رسوله في أنهم اتبعوه.وصادقين مع الحق في أنهم كانوا صورة منه تدب على الأرض ويراها الناس! «وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ،يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ،وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا،وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ.وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» ..
وهذه كذلك صورة وضيئة صادقة تبرز أهم الملامح المميزة للأنصار.هذه المجموعة التي تفردت بصفات،وبلغت إلى آفاق،لولا أنها وقعت بالفعل،لحسبها الناس أحلاما طائرة ورؤى مجنحة ومثلا عليا قد صاغها خيال محلق ..
«وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ» ..أي دار الهجرة.يثرب مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقد تبوأها الأنصار قبل المهاجرين.كما تبوأوا فيها الإيمان.وكأنه منزل لهم ودار.وهو تعبير ذو ظلال.
وهو أقرب ما يصور موقف الأنصار من الإيمان.لقد كان دارهم ونزلهم ووطنهم الذي تعيش فيه قلوبهم،وتسكن إليه أرواحهم،ويثوبون إليه ويطمئنون له،كما يثوب المرء ويطمئن إلى الدار.(1/283)
«يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا» ..ولم يعرف تاريخ البشرية كله حادثا جماعيا كحادث استقبال الأنصار للمهاجرين.بهذا الحب الكريم.وبهذا البذل السخي.وبهذه المشاركة الرضية.وبهذا التسابق إلى الإيواء واحتمال الأعباء.حتى ليروى أنه لم ينزل مهاجر في دار أنصاري إلا بقرعة.
لأن عدد الراغبين في الإيواء المتزاحمين عليه أكثر من عدد المهاجرين! «وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا» ..مما يناله المهاجرون من مقام مفضل في بعض المواضع،ومن مال يختصون به كهذا الفي ء،فلا يجدون في أنفسهم شيئا من هذا.ولا يقول:حسدا ولا ضيقا.إنما يقول:«شيئا».مما يلقي ظلال النظافة الكاملة لصدورهم والبراءة المطلقة لقلوبهم،فلا تجد شيئا أصلا.
«وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ» ..والإيثار على النفس مع الحاجة قمة عليا.وقد بلغ إليها الأنصار بما لم تشهد البشرية له نظيرا.وكانوا كذلك في كل مرة وفي كل حالة بصورة خارقة لمألوف البشر قديما وحديثا.« وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» ..فهذا الشح.شح النفس.هو المعوق عن كل خير.لأن الخير بذل في صورة من الصور.بذل في المال.وبذل في العاطفة.وبذل في الجهد.وبذل في الحياة عند الاقتضاء.وما يمكن أن يصنع الخير شحيح يهم دائما أن يأخذ ولا يهم مرة أن يعطي.ومن يوق شح نفسه،فقد وقي هذا المعوّق عن الخير،فانطلق إليه معطيا باذلا كريما.وهذا هو الفلاح في حقيقة معناه.
«وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ،يَقُولُونَ:رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ،وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا.رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ» ..(1/284)
وهذه الصورة الثالثة النظيفة الرضية الواعية.وهي تبرز أهم ملامح التابعين.كما تبرز أخص خصائص الأمة المسلمة على الإطلاق في جميع الأوطان والأزمان.
هؤلاء الذين يجيئون بعد المهاجرين والأنصار - ولم يكونوا قد جاءوا بعد عند نزول الآية في المدينة،إنما كانوا قد جاءوا في علم اللّه وفي الحقيقة القائمة في هذا العلم المطلق من حدود الزمان والمكان - سمة نفوسهم أنها تتوجه إلى ربها في طلب المغفرة،لا لذاتها ولكن كذلك لسلفها الذين سبقوا بالإيمان وفي طلب براءة القلب من الغل للذين آمنوا على وجه الإطلاق،ممن يربطهم معهم رباط الإيمان.مع الشعور برأفة اللّه،ورحمته،ودعائه بهذه الرحمة،وتلك الرأفة:«رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ» ..
وتتجلى من وراء تلك النصوص طبيعة هذه الأمة المسلمة وصورتها الوضيئة في هذا الوجود.تتجلى الآصرة القوية الوثيقة التي تربط أول هذه الأمة بآخرها،وآخرها بأولها،في تضامن وتكافل وتواد وتعاطف.وشعور بوشيجة القربى العميقة التي تتخطى الزمان والمكان والجنس والنسب وتتفرد وحدها في القلوب،تحرك المشاعر خلال القرون الطويلة،فيذكر المؤمن أخاه المؤمن بعد القرون المتطاولة،كما يذكر أخاه الحي،أو أشد،في إعزاز وكرامة وحب.ويحسب السلف حساب الخلف.ويمضي الخلف على آثار السلف.صفا واحدا وكتيبة واحدة على مدار الزمان واختلاف الأوطان،تحت راية اللّه تغذ السير صعدا إلى الأفق الكريم،متطلعة إلى ربها الواحد الرؤوف الرحيم.(1/285)
إنها صورة باهرة،تمثل حقيقة قائمة كما تمثل أرفع وأكرم مثال للبشرية يتصوره قلب كريم.صورة تبدو كرامتها ووضاءتها على أتمها حين تقرن مثلا إلى صورة الحقد الذميم والهدم اللئيم التي تمثلها وتبشر بها الشيوعية في إنجيل كارل ماركس.صورة الحقد الذي ينغل في الصدور،وينخر في الضمير،على الطبقات،وعلى أجيال البشرية السابقة،وعلى أممها الحاضرة التي لا تعتنق الحقد الطبقي الذميم.وعلى الإيمان والمؤمنين من كل أمة وكل دين! صورتان لا التقاء بينهما في لمحة ولا سمة،ولا لمسة ولا ظل.صورة ترفع البشرية إلى أعلى مراقيها وصورة تهبط بها إلى أدنى دركاتها.صورة تمثل الأجيال من وراء الزمان والمكان والجنس والوطن والعشيرة والنسب متضامنة مترابطة متكافلة متوادة متعارفة صاعدة في طريقها إلى اللّه،بريئة الصدور من الغل،طاهرة القلوب من الحقد،وصورة تمثل البشرية أعداء متناحرين يلقي بعضهم بعضا بالحقد والدخل والدغل والغش والخداع والالتواء.حتى وهم في المعبد يقيمون الصلاة.فالصلاة ليست سوى أحبولة،والدين كله ليس إلا فخا ينصبه رأس المال للكادحين! «رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ،وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا.رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ» ..هذه هي قافلة الإيمان.وهذا هو دعاء الإيمان.وإنها لقافلة كريمة.وإنه لدعاء كريم. (1)
2- وقال الله تعالى:(? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الأنفال:74].
والذين آمنوا بالله ورسوله،وتركوا ديارهم قاصدين دار الإسلام أو بلدًا يتمكنون فيه من عبادة ربهم،وجاهدوا لإعلاء كلمة الله،والذين نصروا إخوانهم المهاجرين وآووهم وواسوهم بالمال والتأييد،أولئك هم المؤمنون الصادقون حقًا،لهم مغفرة لذنوبهم،ورزق كريم واسع في جنات النعيم.
__________
(1) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (6 / 3526)(1/286)
3- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ:قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«لَوْلا الهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَءاً مِنَ الأنْصَارِ،وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِياً وَسَلَكَتِ الأنْصَارُ وَادِياً أوْ شِعْباً،لَسَلَكْتُ وَادِيَ الأنْصَارِ،أوْ شِعْبَ الأنْصَارِ». متفق عليه (1) .
فضل الخلفاء الراشدين:
1- عَنْ أبِي مُوسَى رَضيَ اللهُ عَنهُ:أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ حَائِطاً وَأمَرَنِي بِحِفْظِ بَابِ الحَائِطِ،فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ،فَقال:«ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالجَنَّةِ».فَإِذَا أبُو بَكْرٍ،ثُمَّ جَاءَ آخَرُ يَسْتَأْذِنُ،فَقال:«ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالجَنَّةِ».فَإِذَا عُمَرُ،ثُمَّ جَاءَ آخَرُ يَسْتَأْذِنُ،فَسَكَتَ هُنَيْهَةً ثُمَّ قال:«ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالجَنَّةِ،عَلَى بَلْوَى سَتُصِيبُهُ».فَإِذَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ.متفق عليه (2) .
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7244), واللفظ له، ومسلم برقم (1059).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3695), واللفظ له، ومسلم برقم (2403)، واللفظ له.(1/287)
2- وَعَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - جَلَسَ عَلَى المِنْبَرِ فَقَالَ:«إِنَّ عَبْداً خَيَّرَهُ اللهُ بَيْنَ أنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا مَا شَاءَ،وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ،فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ».فَبَكَى أبُو بَكْرٍ وَقَالَ:فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأمَّهَاتِنَا،فَعَجِبْنَا لَهُ،وَقَالَ النَّاسُ:انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ،يُخْبِرُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنْ عَبْدٍ خَيَّرَهُ اللهُ بَيْنَ أنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ،وَهُوَ يَقُولُ:فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأمَّهَاتِنَا،فَكَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - هُوَ المُخَيَّرَ،وَكَانَ أبُو بَكْرٍ هُوَ أعْلَمَنَا بِهِ،وَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِنْ أمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أبَا بَكْرٍ،وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذاً خَلِيلاً مِنْ أُمَّتِي لاتَّخَذْتُ أبَا بَكْرٍ،إِلا خُلَّةَ الإِسْلامِ،لا يَبْقَيَنَّ فِي المَسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلا خَوْخَةُ أبِي بَكْرٍ».متفق عليه (1) .
3- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:«إِنَّهُ قَدْ كَانَ فِيمَا مَضَى قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ مُحَدَّثُونَ،وَإِنَّهُ إِنْ كَانَ فِي أُمَّتِي هَذِهِ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ».أخرجه البخاري (2) .
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3904), واللفظ له، ومسلم برقم (2382).
(2) أخرجه البخاري برقم (3469).(1/288)
4- وَعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا قَالَتْ:كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مُضْطَجِعاً فِي بَيْتِي،كَاشِفاً عَنْ فَخِذَيْهِ،أَوْ سَاقَيْهِ،فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ،فَأَذِنَ لَهُ،وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الحَالِ،فَتَحَدَّثَ،ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ فَأَذِنَ لَهُ،وَهُوَ كَذَلِكَ،فَتَحَدَّثَ،ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ،فَجَلَسَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ،وَسَوَّى ثِيَابَهُ،فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ،فَلَمَّا خَرَجَ قَالَتْ عَائِشَةُ:دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ،وَلَمْ تُبَالِهِ،ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ،ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ! فَقَالَ:«أَلاَ أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ المَلاَئِكَةُ».أخرجه مسلم (1) .
5- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ عَلَى حِرَاءٍ،هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ،فَتَحَرَّكَتِ الصَّخْرَةُ،فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«اهْدَأْ،فَمَا عَلَيْكَ إِلاَّ نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ».أخرجه مسلم (2) .
6- وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:خَلَّفَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ،فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ،فَقَالَ:يَا رَسُولَ الله ! تُخَلِّفُنِي فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؟ فَقَالَ:«أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي».متفق عليه (3) .
فضل آل البيت:
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (2401).
(2) أخرجه مسلم برقم (2417).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4416), ومسلم برقم (2404)، واللفظ له.(1/289)
1- عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ:خَرَجَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - غَدَاةً وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ،مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ،فَجَاءَ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَأَدْخَلَهُ،ثُمَّ جَاءَ الحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَهُ،ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا،ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَدْخَلَهُ،ثُمَّ قَالَ:(? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک) ».أخرجه مسلم (1) .
فَاللهُ تَعالى يُريدُ أَنْ يُطَهِّرَ أَهلَ بَيْتِ رَسُولِهِ تَطهيراً لا تُخَالِطُهُ شُبْهَةٌ مِنْ دَنَسِ الفِسْقِ والفُجُورِ،وأَنْ يُذْهِبَ عَنْهُم السُّوءَ والفَحْشَاءَ .
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (2424).(1/290)
2- وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:قَامَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَوْماً فِينَا خَطِيباً،بِمَاءٍ يُدْعَى خُمّاً،بَيْنَ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ،فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ،وَوَعَظَ وَذَكَّرَ،ثُمَّ قَالَ:«أَمَّا بَعْدُ،أَلاَ أَيُّهَا النَّاسُ! فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ،وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ:أَوَّلُهُمَا كِتَابُ الله فِيهِ الهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَا بالله،وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ».فَحَثَّ عَلَى كِتَا بالله وَرَغَّبَ فِيهِ،ثُمَّ قَالَ:«وَأَهْلُ بَيْتِي،أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي،أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي،أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي»،فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ:وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ؟ يَا زَيْدُ! أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ؟ قَالَ:نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ،وَلَكِنْ أَهْلُ بَيْتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ،قَالَ:وَمَنْ هُمْ؟ قَالَ:هُمْ آلُ عَلِيٍّ،وَآلُ عَقِيلٍ،وَآلُ جَعْفَرٍ،وَآلُ عَبَّاسٍ،قَالَ:كُلُّ هَؤُلاَءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ؟ قَالَ:نَعَمْ.أخرجه مسلم (1) .
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (2408).(1/291)
3- وَعَنْ كَعْب بْن عُجْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:إِنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ عَلَيْنَا،فَقُلْنَا:يَا رَسُولَ الله،قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ،فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟قال:«فَقُولُوا:اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ،وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ،كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ،إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ،وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ،كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ،إِنَّكَ حَمِيدٌ مجِيدٌ».متفق عليه (1) .
4- وَعَنْ أبي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:يَا رَسُولَ الله كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ فَقال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«قُولُوا:الَّلهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ،كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ،وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ،كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ».متفق عليه (2) .
فضل فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6357), واللفظ له، ومسلم برقم (406).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3369), واللفظ له، ومسلم برقم (407).(1/292)
1- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ:اجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ،فَلَمْ يُغَادِرْ مِنْهُنَّ امْرَأَةً،فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مِشْيَةُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - .فَقَالَ:«مَرْحَباً بِابْنَتِي».فَأَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ،ثُمَّ إِنَّهُ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثاً فَبَكَتْ فَاطِمَةُ،ثُمَّ إِنَّهُ سَارَّهَا فَضَحِكَتْ أَيْضاً،فَقُلْتُ لَهَا:مَا يُبْكِيكِ؟ فَقَالَتْ:مَا كُنْتُ لأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ،فَقُلْتُ:مَا رَأَيْتُ كَاليَوْمِ فَرَحاً أَقْرَبَ مِنْ حُزْنٍ،فَقُلْتُ لَهَا حِينَ بَكَتْ:أَخَصَّكِ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِحَدِيثِهِ دُونَنَا ثُمَّ تَبْكِينَ؟ وَسَأَلْتُهَا عَمَّا قَالَ فَقَالَتْ:مَا كُنْتُ لأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ،حَتَّى إِذَا قُبِضَ سَأَلْتُهَا فَقَالَتْ:إِنَّهُ كَانَ حَدَّثَنِي أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ بِالقُرْآنِ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً،وَإِنَّهُ عَارَضَهُ بِهِ فِي العَامِ مَرَّتَيْنِ،وَلاَ أُرَانِي إِلاَّ قَدْ حَضَرَ أَجَلِي،وَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِي لُُحُوقاً بِي،وَنِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ،فَبَكَيْتُ لِذَلِكَ،ثُمَّ إِنَّهُ سَارَّنِي فَقَالَ:«أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ،أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ».فَضَحِكْتُ لِذَلِكَ.متفق عليه (1) .
2- وَعَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي،فَمَنْ أغْضَبَهَا أغْضَبَنِي».متفق عليه (2) .
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3623)، ومسلم برقم (2450).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3767), واللفظ له، ومسلم برقم (2449).(1/293)
فضلُ عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها:
1-عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - :فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى الطَّعَامِ." متفق عليه (1)
2-وعَنْ عَائِشَةَ،قَالَتْ:قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - :فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ." صحيح ابن حبان (2)
3-عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ،عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ،قَالَ:كَمُلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ،وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ،وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ،وَفَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى الطَّعَامِ." متفق عليه (3)
فضل الحسن والحسين:
1- عَنِ البَرَاءَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:رَأيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - ،وَالحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى عَاتِقِهِ،يَقُولُ:«اللَّهُمَّ إِنِّي أحِبُّهُ فَأحِبَّهُ».متفق عليه (4) .
2- وَعَنْ أبي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ:سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى المِنْبَرِ،وَالحَسَنُ إِلَى جَنْبِهِ،يَنْظُرُ إِلَى النَّاسِ مَرَّةً وَإِلَيْهِ مَرَّةً،وَيَقُولُ:«ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ،وَلَعَلَّ اللهَ أنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ».أخرجه البخاري (5) .
__________
(1) - صحيح البخارى- المكنز - (3770) وصحيح مسلم- المكنز - (6452 )
وصحيح ابن حبان - (16 / 50) (7113)
(2) - صحيح ابن حبان - (16 / 52) (7115) صحيح
(3) - صحيح البخارى- المكنز - (3411 ) وصحيح مسلم- المكنز -(6425 ) وصحيح ابن حبان - (16 / 51) (7114)
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3749), واللفظ له، ومسلم برقم (2422).
(5) أخرجه البخاري برقم (3746).(1/294)
3- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ».أخرجه أحمد والترمذي (1) .
فضل علي بن أبي طالب:
عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ لِعَلِيّ خَلَّفَهُ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ،فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ:يَا رَسُولَ الله ! خَلَّفْتَنِي مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :«أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى،إِلاَّ أَنَّهُ لاَ نُبُوَّةَ بَعْدِي».وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ:«لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلاً يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ،وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ»،قَالَ فَتَطَاوَلْنَا لَهَا فَقَالَ:«ادْعُوا لِي عَلِيّاً»،فَأُتِيَ بِهِ أَرْمَدَ،فَبَصَقَ فِي عَيْنِهِ وَدَفَعَ الرَّايَةَ إِلَيْهِ،فَفَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ.وَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ:(? ? ? ? ?).دَعَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلِيّاً وَفَاطِمَةَ وَحَسَناً وَحُسَيْناً فَقَالَ:«اللَّهُمَّ هَؤُلاَءِ أَهْلِي».متفق عليه (2) .
فضائل أبي هريرة:
__________
(1) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (10999), وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (3768).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3706), ومسلم برقم (2404)، واللفظ له.(1/295)
1- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ:سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ:يَا رَسُولَ اللهِ مَاذَا رَدَّ إِلَيْكَ رَبُّكَ فِي الشَّفَاعَةِ ؟ قَالَ:وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَقَدْ ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَوَّلُ مَنْ يَسْأَلُنِي عَنْ ذَلِكَ مِنْ أُمَّتِي،لِمَا رَأَيْتُ مِنَ حِرْصِكَ عَلَى الْعِلْمِ،وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَمَا يُهِمُّنِي مِنَ انْقِصَافِهِمْ عَلَى أَبْوَابِ الْجَنَّةِ أَهَمُّ عِنْدِي مِنْ تَمَامِ شَفَاعَتِي لَهُمْ،وَشَفَاعَتِي لِمَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ مُخْلِصًا،وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ يُصَدِّقُ لِسَانُهُ قَلْبَهُ وَقَلْبُهُ لِسَانَهُ." ابن حبان (1)
2- وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ،إِنِّى أَسْمَعُ مِنْكَ حَدِيثًا كَثِيرًا أَنْسَاهُ.قَالَ « ابْسُطْ رِدَاءَكَ » فَبَسَطْتُهُ.قَالَ فَغَرَفَ بِيَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ « ضُمُّهُ » فَضَمَمْتُهُ فَمَا نَسِيتُ شَيْئًا بَعْدَهُ ." البخاري (2)
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (14 / 385) (6466) صحيح
(2) - صحيح البخارى- المكنز - (119 )(1/296)
3- وعَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ إِنَّكُمْ تَقُولُونَ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الْحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - .وَتَقُولُونَ مَا بَالُ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ لاَ يُحَدِّثُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِى هُرَيْرَةَ وَإِنَّ إِخْوَتِى مِنَ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمْ صَفْقٌ بِالأَسْوَاقِ،وَكُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى مِلْءِ بَطْنِى،فَأَشْهَدُ إِذَا غَابُوا وَأَحْفَظُ إِذَا نَسُوا،وَكَانَ يَشْغَلُ إِخْوَتِى مِنَ الأَنْصَارِ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ،وَكُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا مِنْ مَسَاكِينِ الصُّفَّةِ أَعِى حِينَ يَنْسَوْنَ،وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَدِيثٍ يُحَدِّثُهُ « إِنَّهُ لَنْ يَبْسُطَ أَحَدٌ ثَوْبَهُ حَتَّى أَقْضِىَ مَقَالَتِى هَذِهِ،ثُمَّ يَجْمَعَ إِلَيْهِ ثَوْبَهُ إِلاَّ وَعَى مَا أَقُولُ ».فَبَسَطْتُ نَمِرَةً عَلَىَّ،حَتَّى إِذَا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَقَالَتَهُ جَمَعْتُهَا إِلَى صَدْرِى،فَمَا نَسِيتُ مِنْ مَقَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تِلْكَ مِنْ شَىْءٍ " متفق عليه (1)
__________
(1) - صحيح البخارى- المكنز - (2047 ) وصحيح مسلم- المكنز - (6554 -6556)
النمرة : كساء فيه خطوط بيض وسود تلبسه الأعراب -الصفق : في البيع: صوت وقع يد البائع علي يد المشتري عند عقد التبايع.-أموالهم : أراد الأموال هاهنا : البساتين التي كانت للأنصار.-أهل الصفة :الصفة: صفة كانت في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة بكون فيها صعاليك المهاجرين وفقراؤهم ،ومن لا منزل له منهم ، وأهلها منسوبون إليها.-نمرة : النمرة : كل مئزر مخطط من مآزر الأعراب ، وجمعها نمار.(1/297)
4- وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ،قَالَ:سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ،يَقُولُ:إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الْحَدِيثَ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ،وَاللَّهُ الْمَوْعِدُ،إِنِّي كُنْتُ امْرَءًا مِسْكِينًا،أَصْحَبُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى مِلْءِ بَطْنِي،وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ،وَكَانَتِ الأَنْصَارُ يَشْغَلُهُمُ الْقِيَامُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ،فَحَضَرْتُ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَجْلِسًا،فَقَالَ:مَنْ يَبْسُطْ رِدَاءَهُ حَتَّى أَقْضِيَ مَقَالَتِي ثُمَّ يَقْبِضْهُ إِلَيْهِ،فَلَنْ يَنْسَى شَيْئًا سَمِعَهُ مِنِّي ؟ فَبَسَطْتُ بُرْدَةً عَلَيَّ،حَتَّى قَضَى حَدِيثَهُ،ثُمَّ قَبَضْتُهَا إِلَيَّ،فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ،مَا نَسِيتُ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ سَمِعْتُهُ مِنْهُ." أحمد (1)
5- وعَنْ مُحَمَّدٍ،قَالَ:كُنَّا عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَتَمَخَّطَ فَمَسَحَ بِرِدَائِهِ،وَقَالَ:" الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي تَمَخَّطَ أَبُو هُرَيْرَةَ فِي الْكَتَّانِ،وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي أَنِّي لَأَخِرُّ فِيمَا بَيْنَ مَنْزِلِ عَائِشَةَ وَبَيْنَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَغْشِيًّا عَلَيَّ مِنَ الْجُوعِ،فَيَمُرُّ الرَّجُلُ فَيَجْلِسُ عَلَى صَدْرِي فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ:لَيْسَ بِي الَّذِي تَرَى إِنَّمَا هُوَ مِنَ الْجُوعِ " البيهقي. (2)
فضائل عمرو بن العاص:
__________
(1) - مسند أحمد (عالم الكتب) - (3 / 37)(7275) 7273- صحيح
(2) - شعب الإيمان - (13 / 210)(10206 ) صحيح(1/298)
1- عَنِ ابْنِ شَمَاسَةَ الْمَهْرِىِّ قَالَ حَضَرْنَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَهُوَ فِى سِيَاقَةِ الْمَوْتِ.فَبَكَى طَوِيلاً وَحَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَى الْجِدَارِ فَجَعَلَ ابْنُهُ يَقُولُ يَا أَبَتَاهُ أَمَا بَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِكَذَا أَمَا بَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِكَذَا قَالَ فَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ.فَقَالَ إِنَّ أَفْضَلَ مَا نُعِدُّ شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ إِنِّى قَدْ كُنْتُ عَلَى أَطْبَاقٍ ثَلاَثٍ لَقَدْ رَأَيْتُنِى وَمَا أَحَدٌ أَشَدَّ بُغْضًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنِّى وَلاَ أَحَبَّ إِلَىَّ أَنْ أَكُونَ قَدِ اسْتَمْكَنْتُ مِنْهُ فَقَتَلْتُهُ فَلَوْ مُتُّ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ لَكُنْتُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلَمَّا جَعَلَ اللَّهُ الإِسْلاَمَ فِى قَلْبِى أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلأُبَايِعْكَ.فَبَسَطَ يَمِينَهُ - قَالَ - فَقَبَضْتُ يَدِى.قَالَ « مَا لَكَ يَا عَمْرُو ».قَالَ قُلْتُ أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ.(1/299)
قَالَ « تَشْتَرِطُ بِمَاذَا ».قُلْتُ أَنْ يُغْفَرَ لِى.قَالَ « أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الإِسْلاَمَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ ».وَمَا كَانَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَىَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ أَجَلَّ فِى عَيْنِى مِنْهُ وَمَا كُنْتُ أُطِيقُ أَنْ أَمْلأَ عَيْنَىَّ مِنْهُ إِجْلاَلاً لَهُ وَلَوْ سُئِلْتُ أَنْ أَصِفَهُ مَا أَطَقْتُ لأَنِّى لَمْ أَكُنْ أَمْلأُ عَيْنَىَّ مِنْهُ وَلَوْ مُتُّ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ لَرَجَوْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ثُمَّ وَلِينَا أَشْيَاءَ مَا أَدْرِى مَا حَالِى فِيهَا فَإِذَا أَنَا مُتُّ فَلاَ تَصْحَبْنِى نَائِحَةٌ وَلاَ نَارٌ فَإِذَا دَفَنْتُمُونِى فَشُنُّوا عَلَىَّ التُّرَابَ شَنًّا ثُمَّ أَقِيمُوا حَوْلَ قَبْرِى قَدْرَ مَا تُنْحَرُ جَزُورٌ وَيُقْسَمُ لَحْمُهَا حَتَّى أَسْتَأْنِسَ بِكُمْ وَأَنْظُرَ مَاذَا أُرَاجِعُ بِهِ رُسُلَ رَبِّى." رواه مسلم (1)
2- وعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ،قال:سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:أَسْلَمَ النَّاسُ،وَآمَنَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِي." أحمد (2)
__________
(1) - صحيح مسلم- المكنز - (336)
السياقة : حال حضور الموت -الأطباق : أحوال واحدها طبق
(2) - مسند أحمد (عالم الكتب) - (5 / 914)(17413) 17548- حسن(1/300)
3- وعن عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ،قالَ:سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ،يَقُولُ:بَعَثَ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَيْتُهُ فَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ عَلَيَّ ثِيَابِي وَسِلَاحِي ثُمَّ آتِيهِ قَالَ:ثُمَّ فَعَلْتُ وَأَتَيْتُهُ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فَأَصْعَدَ فِيَّ الْبَصَرَ،ثُمَّ طَأْطَأَ،ثُمَّ قَالَ:" يَا عَمْرُو،إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَكَ عَلَى جَيْشٍ فَتُغْنِمَا لِلَّهِ وُيُسْلِمَكَ،وَأَزْغُبُ لَكَ مِنَ الْمَالِ زُغْبَةً صَالِحَةً " قَالَ:فَقُلْتُ:يَا رَسُولَ اللهِ،إِنِّي لَمْ أُسْلِمْ رَغْبَةً فِي الْمَالَ وَلَكِنِّي أَسْلَمْتُ رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ وَأَنْ أَكُونَ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ:" يَا عَمْرُو،نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلْمَرْءِ الصَّالِحِ "الأدب المفرد للبخاري (1)
فضائل معاوية بن أبي سفيان:
__________
(1) - الأدب المفرد للبخاري - ( 299 ) ومعرفة الصحابة لأبي نعيم - (4 / 1989) (4995) صحيح واللفظ لأبي نعيم(1/301)
1- عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّهُ صَعِدَ الْمِنْبَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ عِنْدَ خُطْبَتِهِ:إِنَّمَا الْمَالُ مَالُنَا وَالْفَيْءُ فَيْئُنَا فَمَنْ شِئْنَا أَعْطَيْنَاهُ وَمَنْ شِئْنَا مَنَعْنَاهُ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ،فَلَمَّا كَانَ فِي الْجُمُعَةِ الثَّانِيَةِ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ،فَلَمَّا كَانَ فِي الْجُمُعَةِ الثَّالِثَةِ قَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِمَّنْ حَضَرَ الْمَسْجِدَ فَقَالَ:كَلَّا إِنَّمَا الْمَالُ مَالُنَا وَالْفَيْءُ فَيْئُنَا فَمَنْ حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ حَاكَمْنَاهُ إِلَى اللَّهِ بِأَسْيَافِنَا،فَنَزَلَ مُعَاوِيَةُ فَأَرْسَلَ إِلَى الرَّجُلِ فَأَدْخَلَهُ،فَقَالَ الْقَوْمُ:هَلَكَ الرَّجُلُ ثُمَّ دَخَلَ النَّاسُ فَوَجَدُوا الرَّجُلَ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِلنَّاسِ:إِنَّ هَذَا أَحْيَانِي أَحْيَاهُ اللَّهُ،سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:" سَيَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ يَقُولُونَ وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِمْ،يَتَقَاحَمُونَ فِي النَّارِ كَمَا تَتَقَاحَمُ الْقِرَدَةُ ".وَإِنِّي تَكَلَّمْتُ أَوَّلَ جُمُعَةٍ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ أَحَدٌ فَخَشِيتُ أَنْ أَكُونَ مِنْهُمْ،ثُمَّ تَكَلَّمْتُ فِي الْجُمُعَةِ الثَّانِيَةِ فَلَمْ يَرُدَّ أَحَدٌ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي:إِنِّي مِنَ الْقَوْمِ،ثُمَّ تَكَلَّمْتُ فِي الْجُمُعَةِ الثَّالِثَةِ فَقَامَ هَذَا الرَّجُلُ فَرَدَّ عَلَيَّ فَأَحْيَانِي أَحْيَاهُ اللَّهُ.رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ (1)
__________
(1) - المعجم الكبير للطبراني - (14 / 322) (16292) والصحيحة(1790) حسن(1/302)
2- وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ،قَالَ:خَرَجَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ عَلَى حَلْقَةٍ فِي الْمَسْجِدِ،فَقَالَ:مَا يُجْلِسُكُمْ ؟ قَالُوا:جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ،قَالَ:آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلاَّ ذَلِكَ ؟ قَالُوا:وَاللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلاَّ ذَلِكَ،قَالَ:إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ،فَقَالَ:مَا يُجْلِسُكُمْ ؟ قَالُوا:جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِلإِسْلاَمِ وَمَنَّ عَلَيْنَا بِهِ،قَالَ:آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلاَّ ذَلِكَ ؟ قَالُوا:وَاللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلاَّ ذَلِكَ،قَالَ:أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ،وَلَكِنْ جِبْرِيلُ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ يُبَاهِي بِكُمُ الْمَلاَئِكَةَ." رواه مسلم (1)
__________
(1) - صحيح مسلم- المكنز - (7032 ) وصحيح ابن حبان - (3 / 96) (813)(1/303)
3- وعَنْ مُحَمَّدِ بن كَعْبٍ،أَنَّ نَفَرًا كَانُوا فِي عَهْدِ مُعَاوِيَةَ يَشْهَدُونَ الْفَجْرَ وَيَجْلِسُونَ عِنْدَ قَاصِّ الْجَمَاعَةِ،فَإِذَا سَلَّمَ تَحَوَّلُوا إِلَى نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَيَذْكُرُونَ اللَّهَ وَيَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ حَتَّى يَتَعَالَى النَّهَارُ،فَأُخْبِرَ مُعَاوِيَةُ بِهِمْ فَجَاءَ يُهَرْوِلُ أَوْ يَسْعَى فِي مِشْيَتِهِ حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِمْ،فَقَالَ:جِئْتُ أُبَشِّرُكُمْ بِبُشْرَى اللَّهِ فِيمَا رِزْقَكُمْ،أَنَّ نَفَرًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ،أَحْسَبُهُ قَالَ:كَانُوا يَصْنَعُونَ نَحْوًا مِمَّا تَصْنَعُونَ،فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ،كَأَنِّي أَحْكِيهِ فِي مِشْيَتِهِ حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِمْ،فَقَالَ:"أَبْشِرُوا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ،إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي بِكُمُ الْمَلائِكَةَ" الطبراني. (1)
__________
(1) - المعجم الكبير للطبراني - (14 / 260) (16144 ) حسن لغيره(1/304)
4- وعَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ اسْتَقْبَلَ وَاللَّهِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ مُعَاوِيَةَ بِكَتَائِبَ أَمْثَالِ الْجِبَالِ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِنِّى لأَرَى كَتَائِبَ لاَ تُوَلِّى حَتَّى تَقْتُلَ أَقْرَانَهَا.فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ - وَكَانَ وَاللَّهِ خَيْرَ الرَّجُلَيْنِ - أَىْ عَمْرُو إِنْ قَتَلَ هَؤُلاَءِ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ هَؤُلاَءِ مَنْ لِى بِأُمُورِ النَّاسِ مَنْ لِى بِنِسَائِهِمْ،مَنْ لِى بِضَيْعَتِهِمْ فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِى عَبْدِ شَمْسٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ،فَقَالَ اذْهَبَا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَاعْرِضَا عَلَيْهِ،وَقُولاَ لَهُ،وَاطْلُبَا إِلَيْهِ.فَأَتَيَاهُ،فَدَخَلاَ عَلَيْهِ فَتَكَلَّمَا،وَقَالاَ لَهُ،فَطَلَبَا إِلَيْهِ،فَقَالَ لَهُمَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ إِنَّا بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ،قَدْ أَصَبْنَا مِنْ هَذَا الْمَالِ،وَإِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ قَدْ عَاثَتْ فِى دِمَائِهَا.قَالاَ فَإِنَّهُ يَعْرِضُ عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا وَيَطْلُبُ إِلَيْكَ وَيَسْأَلُكَ.قَالَ فَمَنْ لِى بِهَذَا قَالاَ نَحْنُ لَكَ بِهِ.فَمَا سَأَلَهُمَا شَيْئًا إِلاَّ قَالاَ نَحْنُ لَكَ بِهِ.فَصَالَحَهُ،فَقَالَ الْحَسَنُ وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ يَقُولُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ إِلَى جَنْبِهِ،وَهْوَ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً وَعَلَيْهِ أُخْرَى وَيَقُولُ « إِنَّ ابْنِى هَذَا سَيِّدٌ،وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ » البخاري (1) .
- - - - - - - - - - - -
أهم المراجع
__________
(1) - صحيح البخارى- المكنز - (2704 ) -عاث : أفسد(1/305)
1. أيسر التفاسير لأسعد حومد
2. التفسير الميسر
3. تفسير ابن أبي حاتم
4. تفسير ابن كثير - دار طيبة
5. تفسير السعدي
6. تفسير الشعراوي
7. تفسير الطبري - مؤسسة الرسالة
8. فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع
9. اتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة
10. الأدب المفرد للبخاري
11. الترغيب والترهيب للمنري
12. التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان
13. السنن الكبرى للإمام النسائي الرسالة
14. السنن الكبرى للبيهقي - حيدر آباد
15. السنن الكبرى للبيهقي- المكنز
16. الشمائل المحمدية للترمذي
17. المستدرك للحاكم مشكلا
18. المسند الجامع
19. المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية (852)
20. المعجم الأوسط للطبراني
21. المعجم الصغير للطبراني
22. المعجم الكبير للطبراني
23. سنن أبي داود - المكنز
24. سنن ابن ماجة- طبع مؤسسة الرسالة
25. سنن الترمذى- المكنز
26. سنن الدارقطنى- المكنز
27. سنن الدارمى- المكنز
28. شرح مشكل الآثار (321)
29. شرح معاني الآثار (321)
30. شعب الإيمان (458)
31. صحيح ابن حبان
32. صحيح ابن خزيمة
33. صحيح البخارى- المكنز
34. صحيح مسلم- المكنز
35. عشرة النساء للإمام للنسائي - الطبعة الثالثة
36. كشف الأستار
37. مجمع الزوائد
38. مسند أبي عوانة مشكلا
39. مسند أحمد (عالم الكتب)
40. مسند البزار ( المطبوع باسم البحر الزخار
41. مسند الحميدي - المكنز
42. مسند الشاميين 360
43. مسند الطيالسي
44. مصنف ابن أبي شيبة
45. معرفة الصحابة لأبي نعيم (430)
46. موسوعة السنة النبوية
47. جامع الأصول في أحاديث الرسول
48. تفسير القرطبي ـ موافق للمطبوع
49. دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين
50. فيض القدير، شرح الجامع الصغير
51. مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح
52. المنتخب من تفسير القرآن
53. الشاملة 3
54. برنامج قالون
55. القرآن الكريم مصحف المدينة المنورة(1/306)
ملاحظة الأرقام التي بين قوسين هي في الكتاب الأصلي وهي موافقة للمطبوع
الفهرس العام
1- فضائل التوحيد ... 4
فضل كلمة التوحيد: ... 4
فضل الإخلاص: ... 6
فضل طاعة الله ورسوله: ... 6
2- فضائل الإيمان ... 8
فضل الإيمان: ... 8
فضل الإيمان بالله ورسله: ... 8
فضل الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر: ... 10
فضل الإيمان والعمل الصالح: ... 12
فضل الإيمان بالغيب: ... 13
3- فضائل العلم ... 16
فضل العلم: ... 16
فضل طلب العلم: ... 16
فضل من دعا إلى الخير والهدى: ... 18
فضل العلماء: ... 19
فضل العلم الإلهي: ... 20
4- فضائل الدعوة إلى الله ... 23
فضل الدعوة إلى الله: ... 23
فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ... 23
فضل النصيحة: ... 25
فضل نشر السنن: ... 25
فضل المجاهدة في سبيل الله: ... 27
5- فضائل الجهاد في سبيل الله ... 28
فضل الجهاد في سبيل الله: ... 28
فضل الهجرة في سبيل الله: ... 30
فضل الهجرة والجهاد في سبيل الله: ... 31
فضل الرباط في سبيل الله: ... 32
فضل الشهادة في سبيل الله: ... 33
فضل من جهز غازياً في سبيل الله: ... 36
فضل النفقة في سبيل الله: ... 36
فضل بذل النفس والمال في سبيل الله: ... 37
فضل من أراد الجهاد فحبسه عذر: ... 39
فضل الغدوة والروحة في سبيل الله: ... 39
فضل الصوم في سبيل الله: ... 39
فضل من يُجرح في سبيل الله: ... 40
فضل من احتبس فرساً في سبيل الله: ... 40
علو درجات المجاهدين في سبيل الله: ... 40
فضل من قَتل كافراً: ... 41
فضل منازل الشهداء: ... 41
فضل الحراسة في سبيل الله: ... 42
فضل الخدمة في سبيل الله: ... 42
6- فضائل العبادات ... 43
1- فضائل الطهارة ... 43
فضل الطهارة: ... 43
فضل الوضوء: ... 45
فضل التيمن في الوضوء: ... 46
فضل إسباغ الوضوء: ... 46
فضل الذكر بعد الوضوء: ... 47
فضل الصلاة بعد الوضوء: ... 47
فضل السواك: ... 48
2- فضائل الأذان ... 49
فضل الأذان: ... 49
فضل متابعة الأذان: ... 49
فضل الدعاء بين الأذان والإقامة: ... 50
3- فضائل الصلاة ... 51
فضل الصلاة: ... 51
فضل الصلوات الخمس: ... 51
فضل أداء الصلاة على وقتها: ... 52
فضل المشي إلى الصلاة في المسجد: ... 52(1/307)
فضل صلاة الجماعة: ... 52
فضل من غدا إلى المسجد وراح: ... 53
فضل إتيان الصلاة بسكينة ووقار: ... 53
فضل انتظار الصلاة بعد الصلاة: ... 53
فضل صلاة الفجر والعصر: ... 53
فضل صلاة العشاء والفجر: ... 54
فضل الصف الأول وتسوية الصفوف: ... 54
فضل يوم الجمعة: ... 54
فضل من اغتسل واستمع الخطبة وصلى الجمعة: ... 55
فضل آخر ساعة من يوم الجمعة: ... 55
فضل قيام الليل: ... 55
فضل الصلاة والدعاء آخر الليل: ... 56
فضل الدعاء بالليل: ... 57
فضل قيام رمضان: ... 57
فضل قيام ليلة القدر: ... 57
فضل الوتر آخر الليل: ... 57
فضل السنن الراتبة: ... 58
فضل صلاة الضحى: ... 58
أفضل وقت صلاة الضحى: ... 58
فضل كثرة السجود: ... 59
فضل صلاة النوافل في البيوت: ... 59
فضل صلاة السنن الرواتب في البيوت: ... 59
فضل أداء الفرائض والنوافل: ... 60
فضل ركعتي الوضوء: ... 60
فضل الصلاة في المسجد الحرام والمسجد النبوي: ... 60
فضل الصلاة في بيت المقدس: ... 61
فضل الصلاة في مسجد قباء: ... 61
فضل الصلاة على الجنازة واتباعها: ... 61
فضل من صلى عليه مائة فأكثر: ... 61
فضل من صلى عليه أربعون فأكثر: ... 61
فضل من مات صفيُّه واحتسبه عند الله عز وجل: ... 62
4- فضائل الزكاة ... 63
فضل أداء الزكاة: ... 63
فضل الإسرار بالصدقة: ... 64
فضل الجهر بالصدقة لمصلحة: ... 64
فضل الصدقة من الكسب الطيب: ... 65
فضل الصدقة: ... 65
أفضل الصدقة: ... 67
فضل صدقة المُقِلّ: ... 67
فضل التعفف: ... 68
فضل الإنفاق في وجوه الخير: ... 69
فضل صدقة المرأة من مال زوجها: ... 70
فضل صدقة الخازن والخادم: ... 70
فضل القرض الحسن: ... 70
فضل إنظار المعسر والتجاوز عنه: ... 72
فضل سقي الماء: ... 74
فضل الزرع والغرس: ... 75
5- فضائل الصيام ... 76
فضل شهر رمضان: ... 76
فضل الصيام: ... 77
فضل الصائمين: ... 78
فضل من صام رمضان إيماناً واحتساباً: ... 78
فضل من قام رمضان إيماناً واحتساباً: ... 78
فضل من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً: ... 78
أفضل الصيام: ... 79
فضل صوم مُحرَّم: ... 79
فضل من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال: ... 79
فضل صيام ثلاثة أيام من كل شهر: ... 79
فضل صوم يوم الاثنين: ... 80(1/308)
فضل صوم يوم عرفة وعاشوراء: ... 80
فضل الصوم في سبيل الله: ... 80
فضل السحور: ... 81
فضل تعجيل الإفطار: ... 81
6- فضائل الحج والعمرة ... 82
فضل عشر ذي الحجة: ... 82
فضل الحج المبرور: ... 82
فضل العمرة: ... 83
فضل الطواف بالبيت: ... 83
فضل التلبية: ... 83
فضل الحلق في النسك: ... 83
فضل يوم عرفة: ... 84
فضل يوم النحر: ... 85
فضل نحر الهدي: ... 86
فضل أيام التشريق: ... 86
فضل العمرة في رمضان: ... 87
فضل المتابعة بين الحج والعمرة: ... 88
فضل حج النساء: ... 88
7- فضائل الذكر ... 89
فضل الذكر: ... 89
فضل دوام الذكر والفكر: ... 90
فضائل الأذكار: ... 91
8- فضائل الدعاء ... 93
فضل الدعاء: ... 93
فضل الدعاء بمغفرة الذنوب: ... 94
فضل الاستغفار والتوبة: ... 95
7- فضائل المعاملات ... 98
فضل الورع في المعاملات: ... 98
فضل الكسب الحلال: ... 98
فضل السماحة في البيع والشراء: ... 99
فضل إنظار المعسر: ... 99
فضل إنظار الموسر: ... 100
فضل الإصلاح بين الناس: ... 100
فضل العدل: ... 100
فضل الإحسان: ... 102
فضل الوقف في سبيل الله: ... 104
فضل العتق: ... 104
فضل الإنفاق في وجوه الخير: ... 104
فضل الإقالة: ... 105
8- فضائل المعاشرات ... 107
فضل التواصي بالحق: ... 107
فضل الإصلاح بين الناس: ... 108
فضل التعاون على الخير: ... 110
فضل عيادة المريض: ... 110
فضل الزيارة في الله: ... 111
فضل صلة الرحم: ... 111
فضل بر الوالدين: ... 111
فضل حسن معاشرة الأولاد: ... 113
فضل تربية الأولاد: ... 113
فضل صلة أصدقاء الوالدين: ... 114
فضل السعي على الأرملة والمسكين: ... 114
فضل من يعول اليتيم: ... 114
فضل عتق الرقاب: ... 114
فضل حسن الجوار: ... 115
فضل رحمة الناس: ... 116
فضل رحمة المؤمنين خاصة: ... 116
فضل بر الأقارب المشركين المسالمين: ... 117
فضل حسن الولاية وحسن المعاشرة: ... 118
فضل حسن معاشرة المسلم وقضاء حاجته: ... 118
فضل حسن معاشرة النساء: ... 119
فضل حسن معاشرة الخدم: ... 119
فضل حسن معاشرة الخادم لسيده: ... 120
فضل الشفاعة: ... 120
فضل من حكم فعدل: ... 121
فضل السلام: ... 122
9- فضائل الأخلاق ... 123
فضل حسن الخلق: ... 123
فضل الإيمان: ... 124
فضل العلم: ... 125(1/309)
فضل الصبر: ... 125
فضل الصدق: ... 126
فضل اليقين والتوكل: ... 127
فضل التقوى: ... 129
فضل الإخلاص: ... 130
فضل الحب في الله: ... 131
فضل الخوف من الله: ... 131
فضل البكاء من خشية الله: ... 133
فضل الرجاء: ... 134
فضل المجاهدة في الله: ... 134
فضل الرحمة: ... 136
فضل الرفق: ... 137
فضل الحياء: ... 137
فضل العفو والصفح: ... 138
فضل الصمت إلا عن خير: ... 139
فضل التواضع: ... 140
فضل الحلم وكظم الغيظ: ... 141
فضل الاستقامة على أوامر الله: ... 142
فضل العدل: ... 143
فضل الإحسان: ... 143
فضل الإيثار: ... 145
فضل الكرم: ... 146
فضل العفة: ... 147
فضل الزهد: ... 147
فضل طيب الكلام وطلاقة الوجه: ... 148
فضل الوفاء بالعهد: ... 149
فضل أداء الأمانة: ... 151
فضل الطمأنينة: ... 153
فضل السكينة: ... 154
فضل الاستعانة بالله: ... 155
فضل الاحتساب: ... 157
فضل الاعتذار: ... 158
فضل التفاؤل: ... 159
فضل التواد: ... 159
فضل العطاء والتيسير: ... 160
فضل الحكمة: ... 160
فضل الشجاعة: ... 161
فضل الصلاح والعمل الصالح: ... 162
فضل القنوت: ... 164
10- فضائل القرآن الكريم ... 165
فضل قراءة القرآن: ... 167
فضل قارئ القرآن: ... 168
فضل قارئ القرآن العامل به: ... 169
فضل الماهر بقراءة القرآن: ... 169
فضل تعلم القرآن وتعليمه: ... 169
فضل الاجتماع على تلاوة القرآن: ... 170
فضل تحسين الصوت بالقرآن: ... 171
فضل القيام بالقرآن: ... 172
فضل التفكر في آيات القرآن: ... 172
فضل حفظ القرآن وتعاهده: ... 173
فضل قراءة القرآن في الصلاة: ... 174
فضل سورة الفاتحة: ... 174
فضل سورة الإخلاص: ... 174
فضل المعوذات: ... 174
فضل سورة البقرة: ... 175
فضل قراءة سورة البقرة وآل عمران: ... 175
فضل آية الكرسي: ... 176
فضل سورة الكهف: ... 176
فضل سورة الفتح: ... 177
11- فضائل النبي - صلى الله عليه وسلم - ... 178
فضل نسب النبي - صلى الله عليه وسلم - : ... 178
فضل النبي - صلى الله عليه وسلم - على الأنبياء: ... 178
فضل النبي - صلى الله عليه وسلم - على جميع الخلق: ... 178
فضل الصلاة والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - : ... 182(1/310)
أكمل كيفية للصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - : ... 183
12- فضائل الأنبياء والرسل ... 184
فضل نوح - صلى الله عليه وسلم - : ... 185
فضل إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - : ... 186
فضل موسى - صلى الله عليه وسلم - : ... 188
فضل عيسى - صلى الله عليه وسلم - : ... 190
فضائل الأنبياء والرسل: ... 192
13- فضائل الصحابة ... 203
فضل الصحابة رضي الله عنهم: ... 203
فضل المهاجرين والأنصار: ... 206
فضل الخلفاء الراشدين: ... 210
فضل آل البيت: ... 212
فضل فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ... 213
فضلُ عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: ... 214
فضل الحسن والحسين: ... 214
فضل علي بن أبي طالب: ... 215
فضائل أبي هريرة: ... 215
فضائل عمرو بن العاص: ... 217
فضائل معاوية بن أبي سفيان: ... 218(1/311)