وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، يَقُولُ:لا تَدْخُلُ الْمَلائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةُ تِمْثَالٍ، وَالْمُصَوِّرُونَ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي النَّارِ، يَقُولُ لَهُمِ الرَّحْمَنُ: قُومُوا إِلَى مَا صَوَّرْتُمْ، فَلا يَزَالُونَ يُعَذَّبُونَ حَتَّى تَنْطِقَ الصُّورَةُ، وَلا تَنْطِقُ.(1)
ـــــــــــــــ
__________
(1) - المعجم الكبير للطبراني - (ج 9 / ص 397)(11316 ) ضعيف(2/235)
سارق الحاج
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ : انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ، يُصَلِّي حَتَّى لَمْ يَكَدْ أَنْ يَرْكَعَ ، ثُمَّ رَكَعَ حَتَّى لَمْ يَكَدْ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ ، فَجَعَلَ يَتَضَرَّعُ ، وَيَبْكِي ، وَيَقُولُ : رَبِّ أَلَمْ تَعِدْنِي أَنْ لاَ تُعَذِّبَهُمْ ، وَأَنَا فِيهِمْ ، أَلَمْ تَعِدْنِي أَنْ لاَ تُعَذِّبَهُمْ وَنَحْنُ نَسْتَغْفِرُكَ ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - انْجَلَتِ الشَّمْسُ ، فَقَامَ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، وَقَالَ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ ، فَإِذَا انْكَسَفَا ، فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِ اللهِ. ثُمَّ قَالَ : لَقَدْ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ حَتَّى لَوْ شِئْتُ لَتَعَاطَيْتُ قِطْفًا مِنْ قُطُوفِهَا ، وَعُرِضَتْ عَلَيَّ النَّارُ ، حَتَّى جَعَلْتُ أَتَّقِيهَا حَتَّى خَشِيتُ أَنْ تَغْشَاكُمْ ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ : أَلَمْ تَعِدْنِي أَنْ لاَ تُعَذِّبَهُمْ وَأَنَا فِيهِمْ ، رَبِّ أَلَمْ تَعِدْنِي أَنْ لاَ تُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرِونَكَ ، قَالَ : فَرَأَيْتُ فِيهَا الْحَمَيرِيَةَ السَّوْدَاءَ صَاحِبَةَ الْهِرَّةِ كَانَتْ حَبَسَتْهَا ، فَلَمْ تُطْعِمْهَا وَلَمْ تَسْقِهَا ، وَلَمْ تَتْرُكْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ ، فَرَأَيْتُهَا كُلَّمَا أَدْبَرَتْ نُهِشَتْ فِي النَّارِ ، وَرَأَيْتُ فِيهَا صَاحِبَ بَدَنَتَيْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ، أَخَا دَعْدَعٍ ، يُدْفَعُ فِي النَّارِ بِقَضِيبَيْنِ ذِي شُعْبَتَيْنِ ، وَرَأَيْتُ صَاحِبَ الْمِحْجَنِ ، فَرَأَيْتُهُ فِي النَّارِ عَلَى مِحْجَنِهِ مُتَوَكِّئًا.(1)
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (ج 7 / ص 79)(2838) صحيح(2/236)
وعَنْ جَابِرٍ , قَالَ : انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ بن النبي - صلى الله عليه وسلم - , فَقَالَ النَّاسُ : إِنَّمَا انْكَسَفَتْ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ , فَقَامَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - , فَصَلَّى بِالنَّاسِ سِتَّ رَكَعَاتٍ في أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ ؛ كَبَّرَ , ثُمَّ قَرَأَ , فَأَطَالَ الْقِرَاءَةَ , ثُمَّ رَكَعَ نَحْواً مِمَّا قَامَ , ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ , فَقَرَأَ دون الْقِرَاءَةِ الأُولَى , ثُمَّ رَكَعَ نَحْواً مِمَّا قَامَ , ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ , فَقَرَأَ دُونَ الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ , ثُمَّ رَكَعَ نَحْواً مِمَّا قَامَ , ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فانْحَدَرَ للسُّجُودِ , فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ , ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ ثَلاَثَ رَكَعَاتٍ قبل أن يسجد ؛ لَيْسَ فِيهَا رَكْعَةٌ إِلاَّ الَّتِي قَبْلَهَا أَطْوَلُ مِنَ الَّتِي بَعْدَهَا , إلا أن ركوعه نحو من قيامه , ثُمَّ تَأَخَّرَ في صلاته , وَتَأَخَّرَتِ الصُّفُوفُ معه , ثُمَّ تَقَدَّمَ , فقَامَ فِي مَقَامِهِ , وتقدمت الصفوف , فقضى الصلاة وقد طلعت الشمس , فقال : يَا أَيُّهَا النَّاسُ , إِنَّ الشَّمْس وَالْقَمَر آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ عز وجل , وَإِنَّهُمَا لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ بَشَرٍ , فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ , فَصَلُّوا حَتَّى تَنْجَلِيَ , إنه ليس مِنْ شَيْءٍ تُوعَدُونَهُ إِلاَّ قَدْ رَأَيْتُهُ فِي صَلاَتِي هَذِهِ , لَقَدْ جِيءَ بِالنَّارِ , فَذَلِك حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرْتُ مَخَافَةَ أَنْ يُصِيبَنِي مِنْ لَفْحِهَا , حَتَّى قلت : أي رب , وأنا فيهم , ورَأَيْتُ فِيهَا صَاحِبَ الْمِحْجَنِ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ , كَانَ يَسْرِقُ الْحَاجَّ بِمِحْجَنِهِ , فَإِنْ فُطِنَ به , قَالَ : إِنَّمَا تَعَلَّقَ بِمِحْجَنِي , وَإِنْ غُفِلَ عَنْهُ , ذَهَبَ بِهِ , وَحَتَّى رَأَيْتُ(2/237)
فِيهَا صَاحِبَةَ الْهِرَّةِ الَّتِي رَبَطَتْهَا , فَلَمْ تُطْعِمْهَا , وَلَمْ تَتركها تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ جُوعاً , وجِيءَ بِالْجَنَّةِ , فذَلِك حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَقَدَّمْتُ حَتَّى قُمْتُ فِى مَقَامِي , فمَدَدْتُ يَدِي وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَتَنَاوَلَ مِنْ ثَمَرِهَا لِتَنْظُرُوا إِلَيْهِ , ثُمَّ بَدَا لِي أَنْ لاَ أَفْعَلَ.(1)
__________
(1) - السنن الكبرى للإمام النسائي الرسالة - (ج 2 / ص 33)(1869) صحيح(2/238)
وعَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى السَّائِبُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو حَدَّثَهُ قَالَ انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الصَّلاَةِ وَقَامَ الَّذِينَ مَعَهُ فَقَامَ قِيَامًا فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَسَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَجَلَسَ فَأَطَالَ الْجُلُوسَ ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَامَ فَصَنَعَ فِى الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ مَا صَنَعَ فِى الرَّكْعَةِ الأُولَى مِنَ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْجُلُوسِ فَجَعَلَ يَنْفُخُ فِى آخِرِ سُجُودِهِ مِنَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَيَبْكِى وَيَقُولُ « لَمْ تَعِدْنِى هَذَا وَأَنَا فِيهِمْ لَمْ تَعِدْنِى هَذَا وَنَحْنُ نَسْتَغْفِرُكَ ».(2/239)
ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَانْجَلَتِ الشَّمْسُ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ « إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِذَا رَأَيْتُمْ كُسُوفَ أَحَدِهِمَا فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَقَدْ أُدْنِيَتِ الْجَنَّةُ مِنِّى حَتَّى لَوْ بَسَطْتُ يَدِى لَتَعَاطَيْتُ مِنْ قُطُوفِهَا وَلَقَدْ أُدْنِيَتِ النَّارُ مِنِّى حَتَّى لَقَدْ جَعَلْتُ أَتَّقِيهَا خَشْيَةَ أَنْ تَغْشَاكُمْ حَتَّى رَأَيْتُ فِيهَا امْرَأَةً مِنْ حِمْيَرَ تُعَذَّبُ فِى هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا فَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ فَلاَ هِىَ أَطْعَمَتْهَا وَلاَ هِىَ سَقَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ فَلَقَدْ رَأَيْتُهَا تَنْهَشُهَا إِذَا أَقْبَلَتْ وَإِذَا وَلَّتْ تَنْهَشُ أَلْيَتَهَا وَحَتَّى رَأَيْتُ فِيهَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ أَخَا بَنِى الدَّعْدَاعِ يُدْفَعُ بِعَصًا ذَاتِ شُعْبَتَيْنِ فِى النَّارِ وَحَتَّى رَأَيْتُ فِيهَا صَاحِبَ الْمِحْجَنِ الَّذِى كَانَ يَسْرِقُ الْحَاجَّ بِمِحْجَنِهِ مُتَّكِئًا عَلَى مِحْجَنِهِ فِى النَّارِ يَقُولُ أَنَا سَارِقُ الْمِحْجَنِ »(1).
المحجن : عصا معقفة الرأس كالصولجان -الخشاش : هوام الأرض وحشراتها واحده خَشَاشَة
ـــــــــــــــ
__________
(1) - سنن النسائى (1493 ) صحيح(2/240)
من أنقص من فريضة الصلاة
عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِىِّ قَالَ : إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الصَّلاَةُ الْمَكْتُوبَةُ ، فَمَنْ أَتَمَّهَا حُوسِبَ بِمَا سِوَاهَا ، وَإِنْ كَانَ قَدِ انْتَقَصَهَا قِيلَ انْظُرُوا هَلْ لَهُ مِنْ تَطَوُّعٍ؟ فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٍ أُكْمِلَتِ الْفَرِيضَةُ مِنَ التَّطَوُّعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَطَوُّعٌ لَمْ تُكْمَلِ الْفَرِيضَةُ ، وَأُخِذَ بِطَرَفَيْهِ فَقُذِفَ فِى النَّارِ.(1)
وعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ ، قَالَ : أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْم الْقِيَامَة صَلاةُ الْمَكْتُوبَةُ فَإِنْ أَتَمَّهَا وَإِلاَّ قِيلَ : انْظُرُوا هَلْ لَهُ مِنْ تَطَوُّعٍ ، فَأُكْمِلَت الْفَرِيضَةُ مِنْ تَطَوُّعِهِ ، فَإِنْ لَمْ تَكْمُلَ الْفَرِيضَةُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ تَطَوُّعٌ أُخِذَ بِطَرَفَيْهِ فَقُذِفَ بِهِ فِي النَّارِ.(2)
ـــــــــــــــ
آزر في النار
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ آزَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَعَلَى وَجْهِ آزَرَ قَتَرَةٌ وَغَبَرَةٌ ، فَيَقُولُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ لاَ تَعْصِنِى فَيَقُولُ أَبُوهُ فَالْيَوْمَ لاَ أَعْصِيكَ . فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ يَا رَبِّ ، إِنَّكَ وَعَدْتَنِى أَنْ لاَ تُخْزِيَنِى يَوْمَ يُبْعَثُونَ ، فَأَىُّ خِزْىٍ أَخْزَى مِنْ أَبِى الأَبْعَدِ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى إِنِّى حَرَّمْتُ الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ ، ثُمَّ يُقَالُ يَا إِبْرَاهِيمُ مَا تَحْتَ رِجْلَيْكَ فَيَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ بِذِيخٍ مُلْتَطِخٍ ، فَيُؤْخَذُ بِقَوَائِمِهِ فَيُلْقَى فِى النَّارِ »(3)
__________
(1) - السنن الكبرى للبيهقي (ج 2 / ص 387)(4172) صحيح لغيره
(2) - مصنف ابن أبي شيبة (ج 11 / ص 41)(31061) صحيح
(3) - صحيح البخارى (3350 )(2/241)
الذيخ : ذكر الضبع
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَن ِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ آزَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَى وَجْهِ آزَرَ قَتَرَةٌ وَغَبَرَةٌ ، فَيَقُولُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ : أَلَمْ أَقُلْ لَكَ لاَ تَعْصِنِي ؟ فَيَقُولُ أَبُوهُ : فَالْيَوْمَ لاَ أَعْصِيكَ ، فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ : يَا رَبِّ ، إِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَنْ لاَ تُخْزِيَنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ، فَأَيُّ خِزْيٍ أَخْزَى مِنْ أَبِي الأَبْعَدِ ؟ فَيَقُولُ اللَّهُ : إِنِّي حَرَّمْتُ الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ ، ثُمَّ يَقُولُ : يَا إِبْرَاهِيمُ مَا تَحْتَ رِجْلَيْكَ ، فَيَنْظُرُ ، فَإِذَا بِذِبْحٍ مُتَلَطِّخٌ فَيُؤْخَذُ بِقَوَائِمِهِ ، فَيُلْقَى فِي النَّارِ"(1).
ـــــــــــــــ
القتال في الفتنة
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : تَكُونُ فِتْنَةٌ يَقْتَتِلُونَ عَلَيْهَا عَلَى دَعْوَى جَاهِلِيَّةٍ ، قَتْلاهَا فِي النَّارِ"(2)
ـــــــــــــــ
أهل الجور وأعوانهم
عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : أَهْلُ الْجَوْرِ وَأَعْوَانُهُمْ فِي النَّارِ"(3)- الجور : البغي والظلم والميل عن الحق
ـــــــــــــــ
__________
(1) - المستدرك للحاكم (2936) صحيح
(2) - المستدرك للحاكم (8436) صحيح
(3) - المستدرك للحاكم (7007) فيه جهالة(2/242)
من أطاع المخلوق في معصية الخالق
عَنِ الْحَسَنِ ، أَنَّ زِيَادًا اسْتَعْمَلَ الْحَكَمَ بن عَمْرٍو الْغِفَارِيَّ عَلَى جَيْشٍ ، فَلَقِيَهُ عِمْرَانُ بن حُصَيْنٍ فِي دَارِ الإِمَارَةِ بَيْنَ الْبَابَيْنِ ، فَقَالَ : هَلْ تَدْرِي فِيمَا جِئْتُكَ ؟ أَمَا تَذْكُرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا بَلَغَهُ الَّذِي قَالَ لَهُ أَمِيرُهُ : قُمْ فَقَعْ فِي النَّارِ ، فَقَامَ الرَّجُلُ لِيَقَعَ فِيهَا ، فَأُدْرِكَ فَأُمْسِكَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - : " لَوْ وَقَعَ فِيهَا لَدَخَلَ النَّارَ ، لا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ " ؟ قَالَ : بَلَى ، قَالَ : فَإِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أُذَكِّرَكَ هَذَا الْحَدِيثَ.(1)
ـــــــــــــــ
آخذ المال بيمين فاجرة
عَنِ الْحَارِثِ بن الْبَرْصَاءِ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَمْشِي بَيْنَ جَمْرَتَيْنِ مِنَ الْجِمَارِ ، وَهُوَ يَقُولُ : " مَنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ مَالِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينٍ فَاجِرَةٍ فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْتًا فِي النَّارِ "(2).
فليتبوأ مقعده من النار : فليتخذ لنفسه منزلا فيها ، وهو أمر بمعنى الخبر أو بمعنى التهديد أو بمعنى التهكم أو دعاء على فاعل ذلك أي بوَّأهُ اللَّه ذلك
ـــــــــــــــ
الوقوف للجالس تعظيماً
عَنْ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :"مَنْ سَرَّهُ إِذَا رَأَتْهُ الرِّجَالُ مُقْبِلا أَنْ يَتَمَثَّلُوا لَهُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْتًا فِي النَّارِ"(3).
__________
(1) - المعجم الكبير للطبراني - (ج 3 / ص 345)(3088) والآحاد والمثاني (1017) ومسند أحمد(21201) صحيح
(2) - المعجم الكبير للطبراني - (ج 3 / ص 413)(3255) صحيح
(3) - المعجم الكبير للطبراني - (ج 14 / ص 234)(16078 ) صحيح(2/243)
وعَنْ أَبِى مِجْلَزٍ قَالَ خَرَجَ مُعَاوِيَةُ فَقَامُوا لَهُ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَمْثُلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَاماً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ».(1)
وعن أبي مجلز أن معاوية دخل بيتا فيه ابن عامر وابن الزبير ، فقام ابن عامر وجلس ابن الزبير ، فقال معاوية : اجلس فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : « من سره أن يمثل له الرجال قياما فليتبوأ بيتا في النار »(2)
فليتبوأ مقعده من النار : فليتخذ لنفسه منزلا فيها ، وهو أمر بمعنى الخبر أو بمعنى التهديد أو بمعنى التهكم أو دعاء على فاعل ذلك أي بوَّأهُ اللَّه ذلك .
__________
(1) - مسند أحمد (17381) صحيح
(2) - تهذيب الآثار للطبري(279 ) صحيح(2/244)
حجة لمن أنكر القيام للحي أو للميت ، فقد ظن غير الصواب ، وذلك أن هذا الخبر إنما ينبئ عن نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي يقام له بالسرور بما يفعل من ذلك ، لا عن نهيه القائم عن القيام . فإن قال : فإن معاوية قد كره القيام الذي قام له . قيل له : نظير كراهية من كره القيام للميت حتى يوضع في لحده ، وقد بينا وجه كراهتهم ذلك . ومما يبين أن ذلك كذلك فعن رجاء بن حيوة ، عن رجل ، قال : كنا جلوسا بباب معاوية ، فخرج علينا معاوية فقمنا ، فقال : « لا تقوموا لحي ولا لميت » فإن قال : فهل تعلم أحدا من السلف كان يفعل ذلك ؟ قيل عن ابن عون ، قال : كان المهلب بن أبي صفرة يمر بنا ، ونحن غلمان في الكتاب ، فنقوم ويقوم الناس سماطين ، فيمر رجل جميل ، ويمر بنوه من بعده ومنه خبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : « اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ثلاثا » وفي ذلك البيان البين عن تصحيح القول بأن الله عز وجل يعذب في القبور قبل قيام الساعة أهل عداوته والكافرين به كانوا في الدنيا ، وتكذيب مقالة من أنكر ذلك ، وبنحو الذي روى البراء بن عازب في ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تظاهرت الأخبار عنه.
ـــــــــــــــ
من أمن رجلا ثم قتله
عَنْ عَمْرِو بن الْحَمِقِ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :"مَنْ أَمَّنَ رَجُلا عَلَى دَمِهِ، فَقَتَلَهُ، فَأَنَا بَرِيءٌ مِنَ الْقَاتِلِ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ كَافِرًا"(1).
__________
(1) - المعجم الكبير للطبراني - (ج 20 / ص 227)(1698) حسن(2/245)
وعَنْ رِفَاعَةَ بن شَدَّادٍ، قَالَ دَخَلْتُ عَلَى الْمُخْتَارِ بن أَبِي عُبَيْدٍ وَعِنْدَهُ وِسَادَتَانِ، فَقَالَ: يَا جَارِيَةُ، هَاتِي وِسَادَةً، قُلْتُ: هَذِهِ وِسَادَةٌ، قَالَ لا، إِنَّ هَذِهِ قَامَ عَنْهَا آنِفًا جِبْرِيلُ، وَهَذِهِ قَامَ عَنْهَا مِيكَائِيلُ، فَوَاللَّهِ مَا مَنَعَنِي أَنْ أَضْرِبَهُ بِسَيْفِي إِلا حَدِيثٌ حَدَّثَنِيهِ عَمْرُو بن الْحَمِقِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :"مَنْ آمَنَ رَجُلًا عَلَى دَمِهِ فَقَتَلَهُ، فَهُوَ فِي النَّارِ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ كَافِرًا"(1).
وعَنْ رِفَاعَةَ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ : كُنْتُ أَقُومُ عَلَى رَأْسِ الْمُخْتَارِ ، فَلَمَّا عَرَفْتُ كَذَبَاتِهِ هَمَمْتُ لَعَمْرُ اللهِ أَنْ أَسُلَّ سَيْفِي ، فَأَضْرِبُ عُنُقَهُ حَتَّى ذَكَرْتُ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ، يَقُولُ : مَنْ أَمَّنَ رَجُلا عَلَى دَمِهِ ثُمَّ قَتْلَهُ أُعْطِيَ لِوَاءَ غَدْرٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"(2)
ـــــــــــــــ
من تولى غير مواليه
عن عائشة ، زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله قال : « مَنْ تَولَّى غيْرَ مَوالِيهِ فلْيَتَبوَّأْ بيْتاً فِى النَّارِ »(3)
وعَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « مَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الإِيمَانِ مِنْ عُنُقِهِ »(4). الربقة القيد
ـــــــــــــــ
__________
(1) - المعجم الكبير للطبراني - (ج 20 / ص 227)(1699) حسن صحيح
(2) - الآحاد والمثاني (2345) صحيح
(3) - تهذيب الآثار للطبري (1592 ) حسن
(4) - مسند أحمد (14936) جيد(2/246)
الأغنياء في النار إلا
عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « المكثرون في النار إلا من قال هكذا وهكذا » ، وأشار بكفه من بين يديه ، ومن خلفه ، وعن يمينه ، وعن يساره ، ثم قال : « وقليل ما هم »(1)
ـــــــــــــــ
ذو الوجهين
عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : مَنْ كَانَ ذَا وَجْهَيْنِ فِي الدُّنْيَا كَانَ لَهُ لِسَانَانِ مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.(2)
وعَنْ عَمَّارٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : مَنْ كَانَ لَهُ وَجْهَانِ فِي الدُّنْيَا ، كَانَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِسَانَانِ مِنْ نَارٍ.(3)
ـــــــــــــــ
أول ثلاثة يدخلون النار
عن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : عُرِضَ عَلَيَّ أَوَّلُ ثَلاَثَةٍ يَدْخُلُونَ النَّارَ : أَمِيرٌ مُسَلَّطٌ ، وَذُو ثَرْوَةٍ مِنْ مَالٍ ، لاَ يُؤَدِّي حَقَّ اللهِ ، وَفَقِيرٌ فَخُورٌ.(4)
ـــــــــــــــ
__________
(1) - تهذيب الآثار للطبري(2471 ) والزهد لأحمد بن حنبل (1005 ) صحيح
(2) - صحيح ابن حبان - (ج 13 / ص 68)(5756) صحيح
(3) - سنن أبى داود(4875 ) صحيح
(4) - صحيح ابن حبان - (ج 16 / ص 523)(7481) صحيح(2/247)
من كانوا يعبدون الأصنام وغيرها
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّ أُنَاسًا فِى زَمَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « نَعَمْ ، هَلْ تُضَارُّونَ فِى رُؤْيَةِ الشَّمْسِ بِالظَّهِيرَةِ ، ضَوْءٌ لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ » . قَالُوا لاَ . قَالَ « وَهَلْ تُضَارُّونَ فِى رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ، ضَوْءٌ لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ » . قَالُوا لاَ . قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « مَا تُضَارُّونَ فِى رُؤْيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، إِلاَّ كَمَا تُضَارُّونَ فِى رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا ، إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ . فَلاَ يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ مِنَ الأَصْنَامِ وَالأَنْصَابِ إِلاَّ يَتَسَاقَطُونَ فِى النَّارِ ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلاَّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ ، بَرٌّ أَوْ فَاجِرٌ وَغُبَّرَاتُ أَهْلِ الْكِتَابِ ، فَيُدْعَى الْيَهُودُ فَيُقَالُ لَهُمْ مَنْ كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ قَالُوا كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْرَ ابْنَ اللَّهِ . فَيُقَالُ لَهُمْ كَذَبْتُمْ ، مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ صَاحِبَةٍ وَلاَ وَلَدٍ ، فَمَاذَا تَبْغُونَ فَقَالُوا عَطِشْنَا رَبَّنَا فَاسْقِنَا . فَيُشَارُ أَلاَ تَرِدُونَ ، فَيُحْشَرُونَ إِلَى النَّارِ كَأَنَّهَا سَرَابٌ ، يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَيَتَسَاقَطُونَ فِى النَّارِ ، ثُمَّ يُدْعَى النَّصَارَى ، فَيُقَالُ لَهُمْ مَنْ كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ قَالُوا كُنَّا نَعْبُدُ الْمَسِيحَ ابْنَ اللَّهِ . فَيُقَالُ لَهُمْ كَذَبْتُمْ ، مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ صَاحِبَةٍ وَلاَ وَلَدٍ .(2/248)
فَيُقَالُ لَهُمْ مَاذَا تَبْغُونَ فَكَذَلِكَ مِثْلَ الأَوَّلِ ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلاَّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ ، أَتَاهُمْ رَبُّ الْعَالَمِينَ فِى أَدْنَى صُورَةٍ مِنَ الَّتِى رَأَوْهُ فِيهَا ، فَيُقَالُ مَاذَا تَنْتَظِرُونَ تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ . قَالُوا فَارَقْنَا النَّاسَ فِى الدُّنْيَا عَلَى أَفْقَرِ مَا كُنَّا إِلَيْهِمْ ، وَلَمْ نُصَاحِبْهُمْ ، وَنَحْنُ نَنْتَظِرُ رَبَّنَا الَّذِى كُنَّا نَعْبُدُ . فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ ، فَيَقُولُونَ لاَ نُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا . مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا »(1)
تضارون : لا تتخالفون ولا تتجادلون فى صحة النظر
ـــــــــــــــ
الأغنياء والنساء
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « اطَّلَعْتُ فِى الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ وَاطَّلَعْتُ فِى النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الأَغْنِيَاءَ وَالنِّسَاءَ ».(2)
وسبب كثرة النساء في النار لكثرة تشكيهنَّ من الرجال وعدم شكرهنّ ، والأغنياء لعدم تأديتهم حق الله في أموالهم .
ـــــــــــــــ
أذى الجار
أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ فُلَانَةَ ، فَذَكَرَ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصِيَامِهَا غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا . قَالَ : " هِيَ فِي النَّارِ " . قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَإِنَّ فُلَانَةَ ، فَذَكَرَ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَلَاتِهَا وَأَنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنَ الْأَقِطِ ، وَلَا تُؤْذِي بِلِسَانِهَا جِيرَانَهَا . قَالَ : " هِيَ فِي الْجَنَّةِ "(3).
__________
(1) - صحيح البخارى (4581 )
(2) - مسند أحمد (6770) صحيح
(3) - مسند أحمد (9926) صحيح(2/249)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ ، قَالُوا : وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : جَارٌ لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ ، قَالُوا : وَمَا بَوَائِقُهُ ؟ قَالَ : شَرُّهُ" .(1)
ـــــــــــــــ
القتل عمدا والأمر إلى النار
عنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، قَالَ : يَجِيءُ الْمَقْتُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيُجْلِسُ عَلَى الْجَادَّةِ ، فَإِذَا مَرَّ بِهِ الْقَاتِلُ قَامَ إِلَيْهِ فَأَخَذَ بِتَلْبِيبِهِ ، فَيَقُولُ : يَا رَبِّ ، سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي ؟ قَالَ : فَيَقُولُ : أَمَرَنِي فُلاَن ، قَالَ : فَيُؤْخَذُ الْقَاتِلُ وَالآمِرُ فَيُلْقَيَانِ فِي النَّارِ.(2)
ـــــــــــــــ
امرئ القيس حامل لواء الشعراء
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ ، قَالَ : ذَكَرُوا الشُّعَرَاء عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرُوا امْرَأَ الْقِيسِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - : مَذْكُورٌ فِي الدُّنْيَا مَذْكُورٌ فِي الآخِرَةِ : حَامِلٌ لِوَاءَ الشِّعْرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي جَهَنَّمَ ، أَو قَالَ فِي النَّارِ.(3)
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : امْرُؤُ الْقَيْسِ صَاحِبُ لِوَاءِ الشُّعَرَاءِ إِلَى النَّارِ.(4)
__________
(1) - المستدرك للحاكم (21) صحيح
(2) - مصنف ابن أبي شيبة (ج 9 / ص 358)(28314) صحيح
(3) - مصنف ابن أبي شيبة (ج 11 / ص 130)(31305) حسن لغيره
(4) - غاية المقصد فى زوائد المسند(3109 ) ضعيف(2/250)
وَعَنْ عَفِيفٍ الْكِنْدِيِّ قَالَ : بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ أَقْبَلَ وَفْدٌ مِنَ الْيَمَنِ ، فَذَكَرُوا امْرَأَ الْقَيْسِ بْنَ حُجْرٍ الْكِنْدِيَّ ، وَذَكَرُوا بَيْتَيْنِ مِنْ شِعْرِهِ فِيهِمَا ذِكْرُ ضَارِجِ مَاءٍ مِنْ مِيَاهِ الْعَرَبِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " ذَاكَ رَجُلٌ مَذْكُورٌ فِي الدُّنْيَا ، مَنْسِيٌّ فِي الْآخِرَةِ ، شَرِيفٌ فِي الدُّنْيَا خَامِلٌ فِي الْآخِرَةِ ، يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَهُ لِوَاءُ الشُّعَرَاءِ يَقُودُهُمْ إِلَى النَّارِ "(1)
ـــــــــــــــ
امرأة في النار بسبب هرة
عَنْ أَبِي مَرْيَمَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ ، يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - : إِنَّ امْرَأَةً رَبَطَتْ هِرَّةً حَتَّى مَاتَتْ ، فَلاَ هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ ، وَلاَ هِيَ أَطْعَمَتْهَا ، فَرَأَيْتُهَا فِي النَّارِ إِذَا أَقْبَلَتْ نَهَشَتْهَا وَإِذَا أَدْبَرَتْ نَهَشَتْهَا"(2)
ـــــــــــــــ
المرائي
عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : مَنِ اتَّخَذَ أَخًا فِي اللهِ بَنَى الله لَهُ بُرْجًا فِي الْجَنَّةِ ، وَمَنْ لَبِسَ بِأَخِيهِ ثَوْبًا أَلْبَسَهُ اللَّهُ ثَوْبًا فِي الْنَّارِ ، وَمَنْ أَكَلَ بِأَخِيهِ أَكْلَةً آكَلَهُ اللَّهُ بِهَا أَكْلَةً فِي النَّارِ ، وَمَنْ قَامَ بِأَخِيهِ مَقَامَ سُمْعَةٍ وَرِيَاءٍ أَقَامَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَقَامَ سُمْعَةٍ وَرِيَاءٍ.(3)
الرياء : إظهار العمل للناس ليروه ويظنوا به خيرا
ـــــــــــــــ
__________
(1) - المعجم الكبير للطبراني - (ج 12 / ص 479)(14601 ) ضعيف
(2) - مسند الشاميين (1910) صحيح
(3) - مصنف ابن أبي شيبة (ج 13 / ص 365)(35904) ضعيف(2/251)
الملعونون في السنَّة النبوية
من أخاف أهل المدينة
عْن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : مَنْ أَخَافَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَعَلَيْهِ لَعَنْةُ اللهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ , لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا ، وَلاَ عَدْلا , مَنْ أَخَافَهَا فَقَدْ أَخَافَ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ : مَا بَيْنَ جَنْبَيْهِ.(1)
وعَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ ، قَالَ : سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ : أَحَرَّمَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، هِيَ حَرَامٌ ، حَرَّمَهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ ، لاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ لَعَنْةُ اللهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ.(2)
وعَنِ السَّائِبِ بْنِ خَلاَّدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « مَنْ أَخَافَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ ظُلْماً أَخَافَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفاً وَلاَ عَدْلاً »(3).
وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ : " اللَّهُمَّ مَنْ ظَلَمَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ ، وَأَخَافَهُمْ فَأَخِفْهُ ، وَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ "(4)
__________
(1) - مصنف ابن أبي شيبة (ج 12 / ص 180)(33094) صحيح
(2) - مصنف ابن أبي شيبة (ج 14 / ص 200)(37380) صحيح
(3) - مسند أحمد (17008) صحيح
(4) - المعجم الأوسط للطبراني(3727) صحيح(2/252)
وعَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « الْمَدِينَةُ حَرَمٌ ، مِنْ كَذَا إِلَى كَذَا ، لاَ يُقْطَعُ شَجَرُهَا ، وَلاَ يُحْدَثُ فِيهَا حَدَثٌ ، مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ »(1)
وعَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ مَا عِنْدَنَا شَىْءٌ إِلاَّ كِتَابُ اللَّهِ ، وَهَذِهِ الصَّحِيفَةُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - « الْمَدِينَةُ حَرَمٌ ، مَا بَيْنَ عَائِرٍ إِلَى كَذَا ، مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا ، أَوْ آوَى مُحْدِثًا ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ » . وَقَالَ « ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ ، وَمَنْ تَوَلَّى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ »(2).
أخفر : نقض العهد
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « الْمَدِينَةُ حَرَمٌ فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَدْلٌ وَلاَ صَرْفٌ »(3).
__________
(1) - صحيح البخارى (1867 )
(2) - صحيح البخارى(1870 )
(3) - صحيح مسلم (3396 )(2/253)
وعَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَطَبَنَا عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ فَقَالَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ عِنْدَنَا شَيْئًا نَقْرَأُهُ إِلاَّ كِتَابَ اللَّهِ وَهَذِهِ الصَّحِيفَةَ - قَالَ وَصَحِيفَةٌ مُعَلَّقَةٌ فِى قِرَابِ سَيْفِهِ - فَقَدْ كَذَبَ. فِيهَا أَسْنَانُ الإِبِلِ وَأَشْيَاءُ مِنَ الْجِرَاحَاتِ وَفِيهَا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلاَ عَدْلاً وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ وَمَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوِ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلاَ عَدْلاً »(1).
القراب : الجراب يطرح فيه السيف بغمده
__________
(1) - صحيح مسلم(3867 )(2/254)
وعَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا يَخْطُبُ، وَعَلَيْهِ سَيْفٌ فِيهِ صَحِيفَةٌ مُعَلَّقَةٌ، فَذَكَرَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَذْكُرَ. ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ مَا عِنْدَنَا كِتَابٌ نَقْرَؤُهُ لَيْسَ كِتَابَ اللَّهِ وَهَذِهِ الصَّحِيفَةَ، ثُمَّ نَشَرَهَا، فَقَرَأَهَا. فَإِذَا فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الجِرَاحَاتِ، وَأَسْنَانُ الإِبِلِ، وَالْمَدِينَةُ حَرَمٌ مِنْ عِيرٍ إِلَى ثَوْرٍ، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، وَمَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلا عَدْلٌ، وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلا عَدْلٌ.(1)
وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ : " اللَّهُمَّ مَنْ ظَلَمَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ ، وَأَخَافَهُمْ فَأَخِفْهُ ، وَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ "(2).
الصرف هو الفريضة - العدل التطوع قاله سفيان الثوري ، وقيل هو النافلة والعدل الفريضة وقيل الصرف التوبة والعدل الفدية قاله مكحول
وقيل الصرف الاكتساب والعدل الفدية وقيل الصرف الوزن والعدل الكيل وقيل غير ذلك.
ـــــــــــــــ
__________
(1) - مسند أبي عوانة (3900 ) صحيح
(2) - المعجم الأوسط للطبراني(3727 ) صحيح(2/255)
شروط الإمامة في قريش
عَنْ بُكَيْرِ بْنِ وَهْبٍ الْجَزَرِيِّ ، قَالَ : قَالَ لِي أَنَسٌ : أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا مَا أُحَدِّثُهُ كُلَّ أَحَدٍ ؛إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ عَلَى بَابِ الْبَيْتِ ، وَنَحْنُ فِيهِ ، فَقَالَ : الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ ، إِنَّ لَهُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا ، وَلَكُمْ عَلَيْهِمْ حَقًّا مِثْلَ ذَلِكَ ، مَا إِنِ اسْتُرْحِمُوا فَرَحِمُوا ، وَإِنْ عَاهَدُوا وَفَوْا ، وَإِنْ حَكَمُوا عَدَلُوا ، فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ مِنْهُمْ ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ(1).
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ فِى بَيْتٍ فِى نَفَرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ قَالَ فَجَعَلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا يُوَسِّعُ لَهُ يَرْجُو أَنْ يَجْلِسَ إِلَى جَنْبِهِ فَقَامَ عَلَى بَابِ الْبَيْتِ فَقَالَ الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ وَلِى عَلَيْكُمْ حَقٌّ عَظِيمٌ وَلَهُمْ مَثَلُهُمْ مَا فَعَلُوا ثَلاَثًا إِذَا اسْتُرْحِمُوا رَحِمُوا وَحَكَمُوا فَعَدَلُوا وَعَاهَدُوا فَوَفَوْا فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ مِنْهُمْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ(2).
__________
(1) - مسند أحمد(12641) صحيح لغيره
(2) - السنن الكبرى للبيهقي (ج 8 / ص 143)(16982) صحيح(2/256)
وعَنْ أَبِي لَيْلَى الأَشْعَرِيِّ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ:تَمَسَّكُوا بِطَاعَةِ أَئِمَّتِكُمْ وَلا تُخَالِفُوهُمْ، فَإِنَّ طَاعَتَهُمْ طَاعَةَ اللَّهِ، وَإِنَّ مَعْصِيتَهُمْ مَعْصِيَةُ اللَّهِ، وَإِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا بَعَثَنِي أَدْعُو إِلَى سَبِيلِهِ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، فَمَنْ خَلَفَنِي فِي ذَاكَ فَهُوَ وَلِيِّي، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِكُمْ شَيْئًا فَعَمِلَ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، وَسَيَلِيكُمْ أُمَرَاءُ إِنِ اسْتُرْحِمُوا لَمْ يَرْحَمُوا، وَإِنْ سُئِلُوا الْحُقُوقَ لَمْ يُعْطُوا، وَإِنْ أُمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ أَنْكَرُوا وَسَتُجَافُونَهُمْ وَيَتَفَرَّقُ مَلأُكُمْ حَتَّى لا يَحْمُلُوكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِلا احْتَمَلْتُمْ عَلَيْهِ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا فَأَدْنَى الْحَقِّ لَكُمْ أَنْ لا تَأْخُذُوا لَهُمْ عَطَاءً وَلا تَحْضُرُوا لَهُمْ فِي الْمَلأِ.(1)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : إِنَّ لِي عَلَى قُرَيْشٍ حَقًّا ، وَإِنَّ لِقُرَيْشٍ عَلَيْكُمْ حَقًّا مَا حَكَمُوا ، وَعَدَلُوا ، وَائْتُمِنُوا ، فَأَدُّوا وَاسْتُرْحِمُوا ، فَرَحِمُوا ، فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ مِنْهُمْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ.(2)
__________
(1) - المعجم الكبير للطبراني - (ج 16 / ص 230)(18370 ) فيه جهالة
(2) - صحيح ابن حبان - (ج 10 / ص 442)(4581) صحيح(2/257)
وعن سَيَّارَ بْنِ سَلامَةَ الرِّيَاحِيِّ أبي الْمِنْهَالِ ، قَالَ : دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ ، وَإِنَّ فِي أُذُنَيَّ يَوْمَئِذٍ قُرْطَيْنِ أَيْ غُلامٌ ، فَقَالَ أَبُو بَرْزَةَ : إِنِّي لأَحْمَدُ اللَّهَ أَنِّي أَصْبَحْتُ ذَامًّا لِهَذَا الْحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ ، فُلانٌ هَا هُنَا يُقَاتِلُ عَلَى الدُّنْيَا ، وَفُلانٌ يُقَاتِلُ عَلَى الدُّنْيَا يَعْنِي : عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ حَتَّى ذَكَرَ ابْنَ الأَزْرَقِ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ لَهَذِهِ الْعِصَابَةُ الْمُلَبَّدَةُ الْخَمِيصَةُ بُطُونِهِمْ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ ، الْخَفِيفَةُ ظُهُورُهُمْ مِنْ دِمَائِهِمْ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : الأُمَرَاءُ مِنْ قُرَيْشٍ ، ثَلاثًا ، لَكُمْ عَلَيْهِمْ حَقٌّ ، وَلَهُمْ عَلَيْكُمْ حَقٌّ مَا فَعَلُوا ثَلاثًا : مَا حَكَمُوا فَعَدَلُوا ، وَاسْتُرْحِمُوا فَرَحِمُوا ، وَعَاهَدُوا فَوَفَوْا ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ مِنْهُمْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ"(1)
__________
(1) - مسند أبي يعلى الموصلي(3645) صحيح(2/258)
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى بَيْتٍ فِيهِ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَأَخَذَ بِعِضَادَتَيِ الْبَابِ فَقَالَ : " هَلْ فِي الْبَيْتِ إِلَّا قُرَشِيٌّ ؟ " فَقَالُوا : [ لَا ] إِلَّا ابْنَ أُخْتٍ لَنَا . فَقَالَ : " ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ " ثُمَّ قَالَ : " إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ مَا إِذَا اسْتُرْحِمُوا رَحِمُوا ، وَإِذَا حَكَمُوا عَدَلُوا ، وَإِذَا أَقْسَمُوا أَقْسَطُوا ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ مِنْهُمْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ " .(1)
ـــــــــــــــ
من ادعى إلى غير أبيه أو أحدث حدثا أو خفر ذمة
وعَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ مَا كَتَبْنَا عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ الْقُرْآنَ ، وَمَا فِى هَذِهِ الصَّحِيفَةِ ، قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « الْمَدِينَةُ حَرَامٌ مَا بَيْنَ عَائِرٍ إِلَى كَذَا ، فَمَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا ، أَوْ آوَى مُحْدِثًا ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ عَدْلٌ وَلاَ صَرْفٌ ، وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ . فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ ، وَمَنْ وَالَى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ »(2).
__________
(1) - المعجم الأوسط للطبراني(2662 ) صحيح
(2) - صحيح البخارى(3179 )(2/259)
وعَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَطَبَنَا عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ فَقَالَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ عِنْدَنَا شَيْئًا نَقْرَأُهُ إِلاَّ كِتَابَ اللَّهِ وَهَذِهِ الصَّحِيفَةَ - قَالَ وَصِحِيفَةٌ مُعَلَّقَةٌ فِى قِرَابِ سَيْفِهِ - فَقَدْ كَذَبَ فِيهَا أَسْنَانُ الإِبِلِ وَأَشْيَاءُ مِنَ الْجِرَاحَاتِ وَفِيهَا قَالَ النَّبِىُّ صلى الله تعالى عليه وسلم « الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلاَ عَدْلاً وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ وَمَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوِ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلاَ عَدْلاً »(1).
القراب : الجراب يطرح فيه السيف بغمده - أحدث : فعل أمرا جديدا حادثا ليس معروفا في الدين من كتاب ولا سنَّة - حدثا : إثما وذنبا وأمرا محظورا - المحدث : من فعل إثما أو ابتدع في الدين - الصرف : التوبة وقيل : النافلة -العدل : الفدية وقيل : الفَرِيضَة - الذمة والذمام : العَهْد، والأمَانِ، والضَّمان، والحُرمَة، والحقِّ - أدناهم : أقلهم منزلة وأرقهم حالا وأضعفهم مكانة -أخفره : نقض عهده وأمانه - مواليه : ساداته أو من يلتحق بهم الرجل أو العبد
__________
(1) - صحيح مسلم (3393 )(2/260)
وقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَيُّمَا رَجُلٍ دُعِىَ إِلَى غَيْرِ وَالِدِهِ أَوْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ الَّذِينَ أَعْتَقُوهُ فَإِنَّ عَلَيْهِ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ »(1).
الصرف : التوبة - العدل : الفدية وقيل الفريضة
وعَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ : مَا عِنْدَنَا كِتَابٌ نَقْرَؤُهُ إِلاَّ كِتَابَ اللهِ ، وَصَحِيفَةً فِي قِرَابِ سَيْفِي ، فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا ، فَإِذَا فِيهَا شَيْءٌ مِنْ أَسْنَانِ الإِبِلِ وَالْجِرَاحَاتِ ، وَإِذَا فِيهَا مَنْ وَالَى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذَنِ مَوَالِيهِ ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ ، وَمَلاَئِكَتِهِ ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا ، وَلاَ عَدْلاً ، ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ ، يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ ، وَالْمَلاَئِكَةِ ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفٌ ، وَلاَ عَدْلٌ ، وَالْمَدِينَةُ حَرَامٌ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا ، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا ، أَوْ آوَى مُحْدِثًا ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ ، وَالْمَلاَئِكَةِ ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ(2).
__________
(1) - مسند أحمد (2978) حسن
(2) - صحيح ابن حبان - (ج 9 / ص 30)(3716) صحيح(2/261)
وعَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ انْطَلَقْتُ أَنَا وَالأَشْتَرُ إِلَى عَلِىٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقُلْنَا هَلْ عَهِدَ إِلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً قَالَ لاَ إِلاَّ مَا فِى كِتَابِى هَذَا - قَالَ مُسَدَّدٌ قَالَ - فَأَخْرَجَ كِتَابًا - وَقَالَ أَحْمَدُ كِتَابًا مِنْ قِرَابِ سَيْفِهِ - فَإِذَا فِيهِ « الْمُؤْمِنُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ أَلاَ لاَ يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلاَ ذُو عَهْدٍ فِى عَهْدِهِ مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا فَعَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ »(1).
ـــــــــــــــ
ساب الصحابة رضي الله عنهم
عَنْ عُوَيْمِ بْنِ سَاعِدَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : " إِنِ اللَّهَ اخْتَارَنِي ، وَاخْتَارَ لِي أَصْحَابًا فَجَعَلَ لِي مِنْهُمْ وُزَرَاءً ، وَأَنْصَارًا ، وَأَصْهَارًا ، فَمَنْ سَبَّهُمْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ ، وَالْمَلَائِكَةِ ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ "(2).
وعَنْ عَطَاءٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : مَنْ سَبَّ أَصْحَابِي فَعَلَيْهِ لَعَنْةُ اللهِ.(3)
__________
(1) - سنن أبى داود(4532 ) صحيح
(2) - الآحاد والمثاني(1772) والمستدرك للحاكم(6656) ضعيف
(3) - مصنف ابن أبي شيبة (ج 12 / ص 179)(33086) حسن مرسل(2/262)
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :مَنْ سَبَّ أَصْحَابِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ , وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ.(1)
وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي ، لَعَنَ اللَّهُ مَنْ سَبَّ أَصْحَابِي "(2)
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عُمَرَ , عَنِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - , قَالَ:لَعَنَ اللَّهُ مَنْ سَبَّ أَصْحَابِي.(3).
ـــــــــــــــ
من أمر بالجراح
عَنْ رَجُلٍ مِنْ جُهَيْنَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : مَنْ أَمَرَ بِالْجِرَاحِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ(4)
ـــــــــــــــ
المحاباة في الإمارة
عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ ، قَالَ : قَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ بَعَثَنِي إِلَى الشَّامِ : يَا يَزِيدُ ، إِنَّ لَكَ قَرَابَةً عَسَيْتَ أَنْ تُؤْثِرَهُمْ بِالْإِمَارَةِ ذَلِكَ أَكْثَرُ مَا أَخَافُ عَلَيْكَ ، فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَحَدًا مُحَابَاةً فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا حَتَّى يُدْخِلَهُ جَهَنَّمَ "(5)
__________
(1) - المعجم الكبير للطبراني - (ج 10 / ص 289)(12541 ) ودعاطب (2108 ) وصحيح الجامع ( 6285 ) صحيح لغيره
(2) - المعجم الأوسط للطبراني(4927) حسن
(3) - المعجم الكبير للطبراني - (ج 11 / ص 64)(13412 ) صحيح لغيره
(4) - الآحاد والمثاني (2923) صحيح
(5) - الْمُسْتَدْرَكُ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ لِلْحَاكِمِ ( 7124) حسن(2/263)
وعَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ : قَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ حِينَ بَعَثَنِي إِلَى الشَّامِ : يَا يَزِيدُ إِنَّ لَكَ قَرَابَةً عَسَيْتَ أَنْ تُؤْثِرَهُمْ بِالْوِلَايَةِ وَذَلِكَ أَكْبَرُ مَا أَخَافُ عَلَيْكَ ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : " مَنْ وَلِيَ مَنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَحَدًا مُحَابَاةً فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا حَتَّى يُدْخِلَهُ جَهَنَّمَ ، وَمَنْ أَعْطَى أَحَدًا حِمَى اللَّهِ فَقَدِ انْتَهَكَ فِي حِمَى اللَّهِ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ " أَوْ قَالَ : " تَبَرَّأَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - "(1).
ـــــــــــــــ
من أحدث حدثا أو آوى محدثا
عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ انْطَلَقْتُ أَنَا وَالأَشْتَرُ إِلَى عَلِىٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقُلْنَا هَلْ عَهِدَ إِلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً قَالَ لاَ إِلاَّ مَا فِى كِتَابِى هَذَا - قَالَ مُسَدَّدٌ قَالَ - فَأَخْرَجَ كِتَابًا - وَقَالَ أَحْمَدُ كِتَابًا مِنْ قِرَابِ سَيْفِهِ - فَإِذَا فِيهِ « الْمُؤْمِنُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ أَلاَ لاَ يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلاَ ذُو عَهْدٍ فِى عَهْدِهِ مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا فَعَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ »(2).
__________
(1) - مسند أحمد (22) فيه مبهم
(2) - سنن أبى داود(4532 ) صحيح(2/264)
وعَنْ مَالِكٍ الأَشْتَرِ قَالَ أَتَيْتُ عَلِيًّا رضى الله عنه فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا إِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ سَمِعْنَا أَشْيَاءَ فَهَلْ عَهِدَ إِلَيْكُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا سِوَى الْقُرْآنِ قَالَ لاَ إِلاَّ مَا فِى هَذِهِ الصَّحِيفَةِ فِى عِلاَقَةِ سَيْفِى فَدَعَا الْجَارِيَةَ فَجَاءَتْ بِهَا قَالَ « إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَأَنَا أُحَرِّمُ الْمَدِينَةَ فَهِىَ حَرَامٌ مَا بَيْنَ حَرَّتَيْهَا أَنْ لاَ يُعْضَدَ شَوْكُهَا وَلاَ يُنَفَّرَ صَيْدُهَا فَمَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ وَالْمُؤْمِنُونَ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ لاَ يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَلاَ ذُو عَهْدٍ فِى عَهْدِهِ ».(1)
العلاقة : ما فى مقبض السوط من السير -الحرة : أرض بها حجارة سوداء كثيرة-يعضد : يقطع
ـــــــــــــــ
__________
(1) - سنن الدارقطنى (3199 ) صحيح لغيره(2/265)
احتقار المسلم
عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ : مَا عِنْدَنَا كِتَابٌ نَقْرَؤُهُ إِلاَّ كِتَابَ اللهِ ، وَصَحِيفَةً فِي قِرَابِ سَيْفِي ، فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا ، فَإِذَا فِيهَا شَيْءٌ مِنْ أَسْنَانِ الإِبِلِ وَالْجِرَاحَاتِ ، وَإِذَا فِيهَا مَنْ وَالَى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذَنِ مَوَالِيهِ ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ ، وَمَلاَئِكَتِهِ ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا ، وَلاَ عَدْلاً ، ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ ، يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ ، وَالْمَلاَئِكَةِ ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفٌ ، وَلاَ عَدْلٌ ، وَالْمَدِينَةُ حَرَامٌ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا ، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا ، أَوْ آوَى مُحْدِثًا ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ ، وَالْمَلاَئِكَةِ ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ.(1)
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (ج 9 / ص 30)(3716) صحيح(2/266)
وعَنْ عَلِيٍّ ، ثُمَّ قَالَ : مَا كَتَبْنَا ، عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ الْقُرْآنَ ، وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : الْمَدِينَةُ حَرَامٌ مَا بَيْنَ عِيرٍ إِلَى ثَوْرٍ ، فَمَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا فِيهَا ، أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ ، ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ ، وَالْمَلاَئِكَةِ ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ ، وَمَنْ وَالَى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذَنِ مَوَالِيهِ ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ ، وَالْمَلاَئِكَةِ ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ.(1)
ـــــــــــــــ
من تغوط أو بال في الطريق
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: قَالَ رَجُلٌ لأَبِى هُرَيْرَةَ أَفْتَيْتَنَا فِى كُلِّ شَىْءٍ حَتَّى يُوشِكَ أَنْ تَفْتِيَنَا فِى الْخَرْءِ. قَالَ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ :« مَنْ سَلَّ سَخِيمَتَهُ عَلَى طَرِيقٍ عَامِرٍ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ »(2).
الخراءة : أدب التخلي والقعود عند قضاء الحاجة
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « اتَّقُوا اللاَّعِنَيْنِ ». قَالُوا وَمَا اللاَّعِنَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « الَّذِى يَتَخَلَّى فِى طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ ظِلِّهِمْ »(3).
ـــــــــــــــ
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (ج 9 / ص 32)(3717) صحيح
(2) - السنن الكبرى للبيهقي (ج 1 / ص 98)(481) ضعيف
(3) - سنن أبى داود (25) صحيح(2/267)
معطل حدود الله
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ قُتِلَ فِى عِمَّيَّا أَوْ رَمْيًا يَكُونُ بَيْنَهُمْ بِحَجَرٍ أَوْ بِسَوْطٍ فَعَقْلُهُ عَقْلُ خَطَإٍ وَمَنْ قُتِلَ عَمْدًا فَقَوْدُ يَدَيْهِ فَمَنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ »(1).
الرميا : من الرمى وهى مبالغة -العقل : الدية -العميا : الأمر الذى لا يستبين وجهه
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ:مَنْ قُتِلَ فِي عِمِّيَّا أَوْ رِمِّيَّا يَكُونُ بَيْنَهُمْ بِحَجَرٍ، أَوْ سَوْطٍ، أَوْ بِعَصا فَعَقْلُهُ عَقْلُ خَطَأٍ، وَمَنْ قُتِلَ عَمْدًا فَقَوَدُ يَدِهِ، فَمَنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لا يُقْبَلُ مِنْهُمْ صَرْفٌ وَلا عَدْلٌ "(2)
قَوْلُهُ : فَعَقْلُهُ عَقْلُ خَطَأٍ ، يُرِيدُ بِهِ وَاللهُ أَعْلَمُ شِبْهَ الْخَطَأِ ، وَهُوَ شِبْهُ الْعَمْدِ حَتَّى لاَ يَجِبَ بِهِ الْقَوَدُ
ـــــــــــــــ
__________
(1) - سنن أبى داود (4593 ) صحيح
(2) - المعجم الكبير للطبراني - (ج 9 / ص 220)(10692 ) صحيح(2/268)
من أخفر ذمة
قَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِىُّ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ خَطَبَنَا عَلِىٌّ - رضى الله عنه - عَلَى مِنْبَرٍ مِنْ آجُرٍّ ، وَعَلَيْهِ سَيْفٌ فِيهِ صَحِيفَةٌ مُعَلَّقَةٌ فَقَالَ وَاللَّهِ مَا عِنْدَنَا مِنْ كِتَابٍ يُقْرَأُ إِلاَّ كِتَابُ اللَّهِ وَمَا فِى هَذِهِ الصَّحِيفَةِ . فَنَشَرَهَا فَإِذَا فِيهَا أَسْنَانُ الإِبِلِ وَإِذَا فِيهَا « الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مِنْ عَيْرٍ إِلَى كَذَا ، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلاَ عَدْلاً » . وَإِذَا فِيهِ « ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلاَ عَدْلاً » . وَإِذَا فِيهَا « مَنْ وَالَى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلاَ عَدْلاً »(1). أخفر : نقض العهد
وعَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلا عَدْلٌ "(2)
__________
(1) - صحيح البخارى(7300 )
(2) - السنن الصغرى للبيهقي (3966) صحيح(2/269)
وعَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ ، مَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفٌ ، وَلَا عَدْلٌ "(1)
- اللواء : الراية أو العَلَم والمراد أنه يعرف بعلامة مميزة - أدناهم : أقلهم منزلة وأرقهم حالا وأضعفهم مكانة - أخفره : نقض عهده وأمانه - الصرف : التوبة وقيل : النافلة
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « الْمَدِينَةُ حَرَمٌ فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَدْلٌ وَلاَ صَرْفٌ ، وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَدْلٌ وَلاَ صَرْفٌ ».(2)
ـــــــــــــــ
اليمين الكاذبة عند منبره
عَنْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو أُمَامَةَ بْنُ ثَعْلَبَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : " مَنْ حَلَفَ عِنْدَ مِنْبَرِي هَذَا بِيَمِينٍ كَاذِبَةٍ يَسْتَحِلُّ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ عَدْلًا وَلَا صَرْفًا "(3)
__________
(1) - الْمُعْجَمُ الْأَوْسَطُ لِلطَّبَرَانِيِّ (5786 ) صحيح لغيره
(2) - صحيح مسلم(3396 و3397)
(3) - السنن الكبرى للإمام النسائي الرسالة - (ج 4 / ص 199)(5975) حسن(2/270)
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ ، أَنَّهُ قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو أُمَامَةَ بْنُ ثَعْلَبَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : " مَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ ، وَمَنْ حَلَفَ عِنْدَ مِنْبَرِي هَذَا بِيَمِينٍ كَاذِبَةٍ يَسْتَحِلُّ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ ، وَالْمَلَائِكَةِ ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ ، وَلَا عَدْلٌ ، وَمَنْ أَحْدَثَ فِي مَدِينَتِي هَذِهِ حَدَثًا آوَى مُحْدِثًا ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا ، وَلَا عَدْلًا "(1)
ـــــــــــــــ
من تولى قوما بغير مواليه
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « مَنْ تَوَلَّى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَدْلٌ وَلاَ صَرْفٌ »(2).
__________
(1) - الْمُعْجَمُ الْكَبِيرُ لِلطَّبَرَانِيِّ (793 ) حسن
(2) - صحيح مسلم (3865 )(2/271)
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « مَنْ تَوَلَّى قَوْماً بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَدْلاً وَلاَ صَرْفاً وَالْمَدِينَةُ حَرَامٌ فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا أَوْ آوَى مُحْدِثاً فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَدْلاً وَلاَ صَرْفاً وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِماً فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَدْلاً وَلاَ صَرْفاً »(1).
وعَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، قَالَ : كَانَ بَيْنَ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ ، وَبَيْنَ ابْنَةِ أَرْوَى خُصُومَةٌ ، فَقَالَ مَرْوَانُ : أَصْلِحُوا بَيْنَ هَذَيْنِ ، فَقُلْنَا لَهُ فِي ذَلِكَ ، حَتَّى قُلْنَا : أَنْصَفَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ ، فَقَالَ : أَتُرَوْنِي أَنْتَقِصُهَا مِنْ حَقِّهَا شَيْئًا ، وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، يَقُولُ : مَنِ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنَ الأَرْضِ ، طُوَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ ، وَمَنِ اقْتَطَعَ مَالا ، بِيَمِينِهِ فَلا بُورِكَ لَهُ فِيهِ ، وَمَنْ تَوَلَّى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ"(2)
__________
(1) - مسند أحمد (9411) صحيح
(2) - المستدرك للحاكم (7807) صحيح(2/272)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :"لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ عَلَى رَجُلٍ ادَّعَى مَوْلَى قَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِ مَوَالِيهِ "(1)
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :« أَيُّمَا رَجُلٍ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ وَالِدِهِ أَوْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ الَّذِينَ أَعْتَقُوهُ فَإِنَّ عَلَيْهِ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ »(2).الصرف : التوبة -العدل : الفدية وقيل الفريضة
وعَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ : " مَنْ تَوَلَّى مَوْلَى قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ "(3)
ـــــــــــــــ
من ادعى إلى غير أبيه
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ ، أَوْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ ، وَالْمَلاَئِكَةِ ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ.(4)
__________
(1) - المعجم الكبير للطبراني - (ج 19 / ص 231)(570 ) صحيح لغيره
(2) - سنن الدارمى (2920) حسن
(3) - تَهْذِيبُ الْآثَارِ لِلطَّبَرِيِّ (1573 ) صحيح
(4) - صحيح ابن حبان - (ج 2 / ص 161)(417) صحيح(2/273)
وعَنْ عَمْرِو بْنِ خَارِجَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَطَبَهُمْ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَإِنَّ رَاحِلَتَهُ لَتَقْصَعُ بِجِرَّتِهَا وَإِنَّ لُغَامَهَا لَيَسِيلُ بَيْنَ كَتِفَىَّ قَالَ « إِنَّ اللَّهَ قَسَمَ لِكُلِّ وَارِثٍ نَصِيبَهُ مِنَ الْمِيرَاثِ فَلاَ يَجُوزُ لِوَارِثٍ وَصِيَّةٌ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ وَمَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ ». أَوْ قَالَ « عَدْلٌ وَلاَ صَرْفٌ »(1).
الجرة : ما يخرجه البعير من بطنه ليمضغه ثم يبلعه - تَقصع : تمضغ بشدة -اللغام : اللعاب
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ: مَا أَوْرَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَفْرَاءَ فِي بَيْضَاءَ إِلا مَا بَيْنَ دَفَّتَيْهِ , فَقُمْتُ إِلَى قَائِمِ سَيْفِهِ , فَوَجَدْتُ فِي حَمَائِلِ سَيْفِهِ صَحِيفَةً مَكْتُوبٌ فِيهَا: مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا أَوِ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ , أَوْ مَوْلًى غَيْرِ مَوَالِيهِ , فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ.(2)
ـــــــــــــــ
الذين قال فيهم : لا يدخل الجنة
مدمن، وقاطع، ومؤمن بسحر، ومنان، وكاهن
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَاقٌّ ، وَلاَ مَنَّانٌ ، وَلاَ مُدْمِنُ خَمْرٍ.(3)
__________
(1) - سنن ابن ماجه (2816 ) والمعجم الكبير للطبراني - (ج 4 / ص 272)(4032) صحيح لغيره
(2) - المعجم الكبير للطبراني - (ج 10 / ص 292)(12553 ) صحيح لغيره
(3) - صحيح ابن حبان - (ج 8 / ص 178)(3384) صحيح(2/274)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ : هَذِهِ الأَخْبَارُ كُلُّهَا مَعْنَاهَا لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يُرِيدُ جَنَّةً دُونَ جَنَّةِ الْقَصْدِ مِنْهُ ، الْجَنَّةُ الَّتِي هِيَ أَعْلَى وَأَرْفَعُ يُرِيدُ مَنْ فَعَلَ هَذِهِ الْخِصَالَ ، أَوِ ارْتَكَبَ شَيْئًا مِنْهَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ ، أَوْ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ الَّتِي هِيَ أَرْفَعُ الَّتِي يَدْخُلُهَا مَنْ لَمْ يَرْتَكِبْ تِلْكَ الْخِصَالَ ، لأَنَّ الدَّرَجَاتِ فِي الْجِنَانِ يَنَالُهَا الْمَرْءُ بِالطَّاعَاتِ ، وَحَطُّهُ عَنْهَا يَكُونُ بِالْمَعَاصِي الَّتِي ارْتَكَبَهَا.(1)
وعَنْ أَبِي مُوسَى ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مُدْمِنُ خَمْرٍ ، وَلا مُؤْمِنٌ بِسِحْرٍ ، وَلا قَاطِعٌ ، وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ ، سَقَاهُ اللَّهُ مِنَ الْغُوطَةِ ، وَهُوَ مَاءٌ يَسِيلُ مِنْ فَرُوجِ الْمُومِسَاتِ يُؤْذِي رِيحُهُ مَنْ فِي النَّارِ"(2)
وَعَنِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ صَاحِبُ خَمْسٍ : مُدْمِنُ خَمْرٍ ، وَلَا مُؤْمِنٌ بِسِحْرٍ ، وَلَا قَاطِعُ رَحِمٍ ، وَلَا كَاهِنٌ ، وَلَا مَنَّانٌ "(3).
وَعَنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " لَا يَلِجُ حَائِطَ الْقُدُسِ مُدْمِنُ الْخَمْرِ ، وَلَا الْعَاقُّ [لِوَالِدَيْهِ ، وَلَا الْمَنَّانُ عَطَاءَهُ "(4).
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (ج 11 / ص 241)
(2) - مسند أبي يعلى الموصلي (7248) وصحيح ابن حبان - (ج 13 / ص 507)(6137) صحيح
(3) - مسند أحمد(11405) حسن لغيره
(4) - مسند أحمد(13360 ) حسن(2/275)
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مُدْمِنُ خَمْرٍ، وَلا عَاقٌّ، وَلا مَنَّانٌ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَشَقَّ ذَلِكَ عَلِيَّ لأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يُصِيبُونَ ذُنُوبًا حَتَّى وَجَدْتُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فِي الْعَاقِّ "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ"[محمد آية 22] الآيَةُ، وَفِي الْمَنَّانِ "لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى"[البقرة آية 264] الآيَةَ، وَفِي الْخَمْرِ "إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ"[المائدة آية 90] إِلَى قَوْلِهِ "فَاجْتَنِبُوهُ"(1).
وعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنَّانٌ وَلاَ عَاقٌّ وَلاَ مُدْمِنٌ »(2).
المنان : الفخور على من أعطى حتى يُفسِدَ عطاءَهُ- العقوق : الاستخفاف بالوالدين وعصيانهما وترك الإحسان إليهما
ـــــــــــــــ
لا يدخل الجنة عاق ولا منان ولا مدمن خمر ولا ولد زنا
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَلَدُ زِنْيَةٍ ، وَلاَ مَنَّانٌ ، وَلاَ عَاقٌّ ، وَلاَ مُدْمِنُ خَمْرٍ.(3)
__________
(1) - المعجم الكبير للطبراني - (ج 9 / ص 309)(11007) فيه ضعف
(2) - مسند أحمد (11708) صحيح لغيره
(3) - صحيح ابن حبان - (ج 8 / ص 176)( 3383) حسن(2/276)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ : مَعْنَى نَفْيِ الْمُصْطَفَى - صلى الله عليه وسلم - عَنْ وَلَدِ الزِّنْيَةِ دُخُولَ الْجَنَّةِ ، وَوَلَدُ الزِّنْيَةِ لَيْسَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَوْزَارِ آبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ شَيْءٌ ، أَنَّ وَلَدَ الزِّنْيَةِ عَلَى الأَغْلَبِ يَكُونُ أَجْسَرَ عَلَى ارْتِكَابِ الْمَزْجُورَاتِ ، أَرَادَ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ وَلَدَ الزِّنْيَةِ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ جُنَّةً يَدْخُلُهَا غَيْرُ ذِي الزِّنْيَةِ مِمَّنْ لَمْ تَكْثُرْ جَسَارَتُهُ عَلَى ارْتِكَابِ الْمَزْجُورَاتِ.
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَاقٌّ وَلاَ مُدْمِنُ خَمْرٍ وَلاَ مَنَّانٌ وَلاَ وَلَدُ زِنْيَةٍ »(1).
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : " لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَاقٌّ ، وَلَا مَنَّانٌ ، وَلَا شَارِبُ خَمْرٍ "(2)
العقوق : الاستخفاف بالوالدين وعصيانهما وترك الإحسان إليهما
المنان : الفخور على من أعطى حتى يُفسِدَ عطاءَهُ
وعَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو ، قَالَ : " لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَاقٌّ ، وَلَا مَنَّانٌ ، وَلَا مُدْمِنُ خَمْرٍ ، وَلَا وَلَدُ زِنًى "(3)
وعَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ ، يَقُولُ : " أَرْبَعَةٌ لَا يَلِجُونَ الْجَنَّةَ عَاقٌّ بِوَالِدَيْهِ ، وَمُدْمِنُ خَمْرٍ ، وَمَنَّانٌ وَوَلَدُ زِنَا "(4)
__________
(1) - مسند أحمد (7071) حسن
(2) - تهذيب الآثار للطبري (1558) صحيح
(3) - تَهْذِيبُ الْآثَارِ لِلطَّبَرِيِّ (1559 ) صحيح
(4) - السنن الكبرى للنسائي (4901) صحيح(2/277)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ : " لَا يَدْخُلُ وَلَدُ زِنْيَةٍ الْجَنَّةَ "(1)
وعن الْحَسَنَ ، قَالَ : سَمِعْتُ مُجَاهِدًا ، قَالَ : كُنْتُ نَازِلًا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ بِالْمَدِينَةِ فَأَبْطَأَ لَيْلَةً ثُمَّ أَتَانًا وَهُوَ يَقُولُ : شَغَلَنِي عَنْكُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ ثَكِلَتْ مَنْبُوذًا أُمُّهُ إِنْ كَانَ مَا قَالَ : أَبُو هُرَيْرَةَ حَقٌّ ، فَقُلْتُ : وَمَا حَدَّثَكُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ ؟ فَقَالَ : حَدَّثَنَا اللَّيْلَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدِيثَيْنِ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : " لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَلَدُ زِنْيَةٍ"(2)
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : " لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مُدْمِنُ خَمْرٍ ، وَلَا قَاطِعُ رَحِمٍ ، وَلَا وَلَدُ زَنْيَةٍ ، وَلَا عَاقٌّ وَالِدَيْهِ ، وَلَا مَنْ أَتَى ذَاتَ مَحْرِمٍ "
وَهُوَ إِنْ صَحَّ فَوَلَدُ الزِّنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ عَمِلَ عَمَلَ أَبَوَيْهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.(3)
ـــــــــــــــ
عاق ومنان ومكذب بالقدر ومدمن خمر
عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَاقٌّ وَلاَ مُؤْمِنٌ بِسِحْرٍ وِلاَ مُدْمِنُ خَمْرٍ وَلاَ مُكَذِّبٌ بِقَدَرٍ »(4).
__________
(1) - السُّنَنُ الْكُبْرَى لِلنَّسَائِي(4903) صحيح
(2) - السُّنَنُ الْكُبْرَى لِلنَّسَائِي(4904) صحيح
(3) - شُعَبُ الْإِيمَانِ لِلْبَيْهَقِيِّ (7633 ) حسن
(4) - مسند أحمد (28246) حسن(2/278)
وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَاقٌّ ، وَلاَ مَنَّانٌ ، وَلاَ مُكَذِّبٌ بِقَدَرٍ ، وَلاَ مُدْمِنُ خَمْرٍ.(1)
وعَنْ أَبِى سَعِيدٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ :« لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنَّانٌ وَلاَ عَاقٌّ وَلاَ مُدْمِنٌ »(2).
ـــــــــــــــ
لا يدخل الجنة ديوث
عَنْ عَمَّارٍ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - : لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ دَيُّوثٌ.(3)
وعَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : " ثَلَاثَةٌ قَدْ حَرَّمَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَيْهِمُ الْجَنَّةَ : مُدْمِنُ الْخَمْرِ ، وَالْعَاقُّ وَالدَّيُّوثُ الَّذِي يُقِرُّ فِي أَهْلِهِ الْخُبْثَ "(4)
ـــــــــــــــ
من لبس الحرير في الدنيا
عَنْ أَبِي ذُبْيَانَ ، قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَهُوَ يَخْطُبُ ، قَالَ : قَالَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ السَّلامُ : مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الآخِرَةَ ، قَالَ : وَإِلَى جَنْبِهِ ابْنُ عُمَرَ ، فَقَالَ : إِذًا وَاللَّهِ لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ ، يَقُولُ اللَّهُ : {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} (23) سورة الحج.(5)
ـــــــــــــــ
__________
(1) - مسند الشاميين (2212) حسن
(2) - السنن الكبرى للبيهقي (ج 8 / ص 288)(17806) صحيح لغيره
(3) - مسند الطيالسي (677) حسن لغيره
(4) - مسند أحمد(5498) صحيح لغيره
(5) - مسند أبي يعلى الموصلي (6817) صحيح(2/279)
لحم نبت من سحت
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ ، أُعِيذُكَ بِاللَّهِ مِنْ إِمَارَةِ السُّفَهَاءِ ، إِنَّهَا سَتَكُونُ أُمَرَاءُ ، مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ فَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَصَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّي ، وَلَسْتُ مِنْهُ ، وَلَنْ يَرِدَ عَلَيَّ الْحَوْضَ ، وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِمْ ، وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ ، وَلَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ ، فَهُوَ مِنِّي ، وَأَنَا مِنْهُ ، وَسَيَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ. يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ ، الصَّلاَةُ قُرْبَانٌ ، وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيَّةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ ، وَالنَّاسُ غَادِيَانِ ، فَمُبْتَاعٌ نَفْسَهُ ، فَمُعْتِقٌ رَقَبَتَهُ ، وَمُوبِقُهَا. يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ ، إِنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ.(1)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم - : لَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ يُرِيدُ : لَيْسَ مِثْلِي وَلَسْتُ مِثْلَهُ فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ وَالْعَمَلِ ، وَهَذِهِ لَفْظَةٌ مُسْتَعْمَلَةٌ لأَهْلِ الْحِجَازِ وَقَوْلُهُ : لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ يُرِيدُ بِهِ جَنَّةً دُونَ جَنَّةٍ ، لأَنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم - : لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَلَدُ الزِّنَى ، وَلاَ يَدْخُلُ الْعَاقُّ الْجَنَّةَ ، وَلاَ مَنَّانٌ يُرِيدُ جَنَّةً دُونَ جَنَّةٍ ..
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (ج 5 / ص 9)(1723) صحيح(2/280)
وعنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - : يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ ، إِنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ وَدَمٌ نَبَتَا عَلَى سُحْتٍ النَّارُ أَوْلَى بِهِ ، يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ ، النَّاسُ غَادِيَانِ : فَغَادٍ فِي فَكَاكِ نَفْسِهِ فَمُعْتِقُهَا ، وَغَادٍ مُوبِقُهَا ، يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ ، الصَّلاَةُ قُرْبَانٌ ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ ، وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يَذْهَبُ الْجَلِيدُ عَلَى الصَّفَا.(1)
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ : " أَعَاذَكَ اللَّهُ مِنْ إِمَارَةِ السُّفَهَاءِ " ، قَالَ : وَمَا إِمَارَةُ السُّفَهَاءِ ؟ ، قَالَ : " أُمَرَاءُ يَكُونُونَ بَعْدِي ، لَا يَقْتَدُونَ بِهَدْيِي ، وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي ، فَمَنْ صَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ ، وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ ، فَأُولَئِكَ لَيْسُوا مِنِّي ، وَلَسْتُ مِنْهُمْ ، وَلَا يَرِدُوا عَلَيَّ حَوْضِي ، وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ ، وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ ، فَأُولَئِكَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ ، وَسَيَرِدُوا عَلَيَّ حَوْضِي . يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ ، الصَّوْمُ جُنَّةٌ ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ ، وَالصَّلَاةُ قُرْبَانٌ - أَوْ قَالَ : بُرْهَانٌ - يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ ، إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ النَّارُ ، أَوْلَى بِهِ . يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ ، النَّاسُ غَادِيَانِ : فَمُبْتَاعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا ، وَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُوبِقُهَا "(2)
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (ج 12 / ص 378)(5567) صحيح
(2) - مسند أحمد (14815) صحيح(2/281)
وعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ جَسَدٌ غُذِّيَ بِحَرَامٍ"(1)
وَعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ ، النَّارُ أَوْلَى بِهِ "(2).
السُّحت : الحَرَام الذي لا يَحِلُّ كسْبُه؛ لأنه يَسْحَت البركة : أي يُذْهبها ، والسَّحت من الإهْلاك والاستِئصال.
وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " أَعَاذَكَ اللَّهُ مِنْ أُمَرَاءَ يَكُونُونَ بَعْدِي " قَالَ : وَمَا هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ فَصَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ وأَعَانَهُمْ عَلَى جَوْرِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّي ، وَلَا يَرِدُ عَلَى حَوْضِي ، اعْلَمْ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ ، أَنَّ الصِّيَامَ جُنَّةٌ ، وَالصَّلَاةَ بُرْهَانٌ ، يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَى عَلَيَّ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ ، النَّارُ أَوْلَى بِهِ "(3)
الجور : البغي والظلم والميل عن الحق
وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ : " لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ ، وَدَمٌ ، نَبَتَا مِنْ بَخْسٍ "(4)
ـــــــــــــــ
__________
(1) - مسند أبي يعلى الموصلي(83و84) صحيح لغيره
(2) - المعجم الأوسط للطبراني (6864 ) حسن لغيره
(3) - المعجم الأوسط للطبراني(4183 ) حسن
(4) - شُعَبُ الْإِيمَانِ لِلْبَيْهَقِيِّ (5517 ) صحيح(2/282)
لا يدخل الجنة قاطع
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: إِنَّ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ »(1).
وعَنِ الزُّهْرِىِّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ »(2).
هَذَا الْحَدِيث يُتَأَوَّل تَأْوِيلَيْنِ :
أَحَدهمَا حَمْله عَلَى مَنْ يَسْتَحِلّ الْقَطِيعَة بِلَا سَبَب وَلَا شُبْهَة مَعَ عِلْمه بِتَحْرِيمِهَا ، فَهَذَا كَافِر يُخَلَّد فِي النَّار ، وَلَا يَدْخُل الْجَنَّة أَبَدًا .
وَالثَّانِي مَعْنَاهُ وَلَا يَدْخُلهَا فِي أَوَّل الْأَمْر مَعَ السَّابِقِينَ ، بَلْ يُعَاقَب بِتَأَخُّرِهِ الْقَدْر الَّذِي يُرِيدهُ اللَّه تَعَالَى .(3)
ـــــــــــــــ
من كان في قلبه حبة خردل من كبر
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ ». قَالَ رَجُلٌ إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً. قَالَ « إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ »(4).
البطر : التكبر على الحق فلا يقبله -الغمط : الاحتقار والاستهانة
__________
(1) - صحيح البخارى (5984 ) وصحيح مسلم (6684 )
(2) - صحيح مسلم (6685 )
(3) - شرح النووي على مسلم - (ج 8 / ص 347)
(4) - صحيح مسلم (275 )(2/283)
قال الترمذي : وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِى تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ « لاَ يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ ». إِنَّمَا مَعْنَاهُ لاَ يُخَلَّدُ فِى النَّارِ. وَهَكَذَا رُوِىَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ ». وَقَدْ فَسَّرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ التَّابِعِينَ هَذِهِ الآيَةَ (رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ ). فَقَالَ مَنْ تُخَلِّدُ فِى النَّارِ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ.(1)
وعَنْ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ ، وَلاَ يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ.(2)
__________
(1) - سنن الترمذى (2130 )
(2) - صحيح ابن حبان - (ج 12 / ص 493)(5680) صحيح(2/284)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ : فِي هَذَا الْخَبَرِ مَعْنَيَانِ اثْنَانِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الَّذِي نَوَّعْنَا لَهُ النَّوْعَ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ أَرَادَ بِهِ جَنَّةً عَالِيَةً يَدْخُلُهَا غَيْرُ الْمُتَكَبِّرِينَ ، وَقَوْلُهُ : وَلاَ يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ أَرَادَ بِهِ نَارًا سَافِلَةً يَدْخُلُهَا غَيْرُ الْمُسْلِمِينَ ، وَالْمَعْنَى الثَّانِي : لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَصْلاً مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ ، أَرَادَ بِالْكِبْرِ الشِّرْكَ ، إِذِ الْمُشْرِكُ لاَ يَدْخُلُ جَنَّةً مِنَ الْجِنَّانِ أَصْلاً ، وَقَوْلُهُ : لاَ يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلِ مِنْ إِيمَانٍ أَرَادَ بِهِ عَلَى سَبِيلِ الْخُلُودِ ، حَتَّى يَصِحَّ الْمَعْنَيَانِ مَعًا.
وعن مُحَمَّدَ بنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: زَعَمَ عَبْدُ اللَّهِ بن حَنْظَلَةَ بن الرَّاهِبِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بن سَلامٍ مَرَّ فِي السُّوقِ وَعَلَيْهِ حِزْمَةُ حَطَبٍ، فَقِيلَ لَهُ: مَا يَحْمِلُكَ عَلَى هَذَا، وَقَدْ أَغْنَاكَ اللَّهُ عَنْ هَذَا؟ قَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أَدْمَغَ الْكِبْرَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، يَقُولُ:"لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ فِي قَلْبِهِ خَرْدَلَةٌ مِنْ كِبْرٍ".(1)
__________
(1) - المعجم الكبير للطبراني - (ج 18 / ص 421)(129 ) حسن(2/285)
وعَنِ السَّائِبِ بن يَزِيدَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ:"لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ كِبْرٍ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكْنَا، وَكَيْفَ لَنَا أَنْ نَعْلَمَ مَا فِي قُلُوبِنَا مِنْ ذَلِكَ الْكِبْرِ؟ وَأَيْنَ هُوَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - :"مَنْ لَبِسَ الصُّوفَ، أَوْ حَلَبَ الشَّاةَ، أَوْ أَكَلَ مَعَ مَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ، فَلَيْسَ فِي قَلْبِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ الْكِبْرُ"(1).
__________
(1) - المعجم الكبير للطبراني - (ج 6 / ص 283)(6528 ) ضعيف(2/286)
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ عَلَيْهِ جُبَّةُ سِيجَانٍ ، حَتَّى قَامَ عَلَى رَأْسِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : إِنَّ صَاحِبَكُمْ قَدْ وَضَعَ كُلَّ فَارِسٍ - أَوْ قَالَ : يُرِيدُ أَنْ يَضَعَ كُلَّ فَارِسٍ - وَيَرْفَعَ كُلَّ رَاعٍ ، فَأَخَذَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَجَامِعِ جُبَّتِهِ فَقَالَ : " أَلَا أَرَى عَلَيْكَ لِبَاسَ مَنْ لَا يَعْقِلُ " ، ثُمَّ قَالَ : " إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ نُوحًا - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لِابْنِهِ : إِنِّي قَاصٌّ عَلَيْكَ الْوَصِيَّةَ ، آمُرُكَ بِاثْنَتَيْنِ ، وَأَنْهَاكَ عَنِ اثْنَتَيْنِ : آمُرُكَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَإِنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ ، لَوْ وُضِعْنَ فِي كِفَّةٍ وَوُضِعَتْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فِي كِفَّةٍ لَرَجَحَتْ بِهِنَّ ، وَلَوْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ كُنَّ حَلْقَةً مُبْهَمَةً لَقَصَمَتْهُنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ ، فَإِنَّهَا صَلَاةُ كُلِّ شَيْءٍ ، وَبِهَا يُرْزَقُ كُلُّ شَيْءٍ ، وَأَنْهَاكَ عَنِ الشِّرْكِ وَالْكِبْرِ ، فَقُلْتُ ، أَوْ قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَذَا الشِّرْكُ قَدْ عَرَفْنَاهُ ، فَمَا الْكِبْرُ ؟ هُوَ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِنَا حُلَّةٌ يَلْبَسُهَا ؟ قَالَ : " لَا " ، قَالَ : فَهُوَ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِنَا نَعْلَانِ حَسَنَتَانِ ، لَهُمَا شِرَاكَانِ حَسَنَانِ ؟ قَالَ : " لَا " ، قَالَ : فَهُوَ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِنَا دَابَّةٌ يَرْكَبُهَا ؟ قَالَ : " لَا " ، قَالَ : فَهُوَ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِنَا أَصْحَابٌ يَجْلِسُونَ إِلَيْهِ ؟(2/287)
قَالَ : " لَا " ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَمَا الْكِبْرُ ؟ قَالَ : " سَفَهُ الْحَقِّ ، وَغَمْصُ النَّاسِ "(1)
وعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " " أَلَا أُعَلِّمُكُمْ مَا عَلَّمَ نُوحٌ ابْنَهُ ؟ " " قَالُوا : بَلَى ، قَالَ - صلى الله عليه وسلم - : " يَا بُنَيَّ ، إِنِّي آمُرُكَ بِأَمْرَيْنِ ، وَأَنْهَاكَ عَنْ أَمْرَيْنِ : أَنْهَاكَ أَنْ لَا تُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا ؛ فَإِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ شيئاً ، فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةُ ، وَأَنْهَاكَ عَنِ الْكِبْرِ ، فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ ، وَآمُرُكَ بِقَوْلِ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ ، وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، فَإِنَّ السَّمَوَاتِ لَوْ كَانَتْ حَلْقَةٌ قَصَمَتْهَا ، وَآمُرُكَ بِسُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ ، فَإِنَّهَا صَلَاةُ الْخَلْقِ ، وَتَسْبِيحُ الْخَلْقِ ، وَبِهَا يُرْزَقُ الْخَلْقُ " ، فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَمِنَ الْكِبْرِ أَنْ يَكُونَ لِلَّرَجُلِ الدَّابَّةٌ يَرْكَبُهَا ، أَوِالثَّوْبُ يَلْبَسْهُ ، أَوْ الطَعَامُ يَدْعُو عَلَيْهِ أَصْحَابَهُ ؟ قَالَ - صلى الله عليه وسلم - : " لَا ، وَلَكِنَّ الْكِبْرَ أَنْ يُسَفِّهَ الْحَقَّ ، وَيَغْمِصَ النَّاسَ " ، " وَسَأُنَبِّئُكُمْ بِخَمْسٍ ، مَنْ كُنَّ فِيهِ فَلَيْسَ مُتَكَبِّرًا : اعْتِقَالُ الشَّاةِ ، وَلُبْسُ الصُّوفِ ، وَرُكُوبُ الْحِمَارِ ، وَمُجَالَسَةُ فُقَرَاءِ الْمُؤُمِنِينَ ، وَأَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ مَعَ عِيَالِهِ "(2)
__________
(1) - الْأَدَبُ الْمُفْرَدِ لِلْبُخَارِيِّ (566) صحيح
(2) - الْمَطَالِبُ الْعَالِيَةُ لِلْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيِّ (2776) ومصنف ابن أبي شيبة(ج 10 / ص 292)(30038) ضعيف(2/288)
وعَنْ مَالِكِ بْنِ مَرَارَةَ الرُّهَاوِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ"(1)
ـــــــــــــــ
خب ولا سيئ الملكة
عَنْ أَبِى بَكْرٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ سَيِّئُ الْمَلَكَةِ »(2).
الملكة : الذى يسىء صحبة المماليك
وعَنْ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ خِبٌّ وَلاَ مَنَّانٌ وَلاَ بَخِيلٌ »(3).
الخب : المخادع الذى يسعى بين الناس بالفساد
وعَنْ أَبِي بَكْرٍ ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ خَبٌّ ، وَلا سَيِّئُ الْمَلَكَةِ ، وَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الْجَنَّةِ الْمَمْلُوكُ وَالْمَمْلُوكَةُ إِذَا أَحْسَنَا عِبَادَةَ رَبِّهِمَا وَنَصَحَا لِسَيِّدِهِمَا"(4)
وعَنْ أَبِي بَكْرٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ سَيِّئُ الْمَلَكَةِ ، قَالَ : فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلَيْسَ أَخْبَرْتَنَا أَنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ أَكْثَرُ الأُمَمِ مَمْلُوكِينَ وَأَيْتَامًا ؟ قَالَ : فَأَكْرِمُوهُمْ كَرَامَةَ أَوْلادِكُمْ ، وَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ ، وَاكْسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ ، قَالَ : فَمَا تَنْفَعُنَا الدُّنْيَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : فَرَسٌ تَرْتَبِطُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَمَمْلُوكٌ يَكْفِيكَ ، فَإِذَا صَلَّى فَهُوَ أَخُوكَ فَإِذَا صَلَّى فَهُوَ أَخُوكَ"(5)
ـــــــــــــــ
__________
(1) - الآحاد والمثاني (2821) صحيح لغيره
(2) - سنن الترمذى (2072 ) حسن لغيره
(3) - سنن الترمذى (2090 ) حسن
(4) - مسند أبي يعلى الموصلي (93) حسن
(5) - مسند أبي يعلى الموصلي (94) حسن(2/289)
خب، ولا بخيل، ولا منان، ولا سيئ الملكة
عَنْ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ خَبٌّ ، وَلاَ بَخِيلٌ ، وَلاَ مَنَّانٌ ، وَلاَ سيئ الْمَلَكَةِ ، وَأوَّلُ مَنْ يَدْخًلُ الْجَنَّةَ الْمَمْلُوكُ إِذَا أطَاعَ اللَّهَ وَأطَاعَ سَيِّدَهُ .(1)
ـــــــــــــــ
من لا يأمن جاره بوائقه
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ »(2).
البوائق : الغوائل والشرور واحدها بائقة
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ ، وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَاجَرَ السُّوءَ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَبْدٌ لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ.(3)
ـــــــــــــــ
لا يدخل الجنة قتات
عَنْ هَمَّامٍ قَالَ كُنَّا مَعَ حُذَيْفَةَ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ رَجُلاً يَرْفَعُ الْحَدِيثَ إِلَى عُثْمَانَ . فَقَالَ حُذَيْفَةُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ »(4).
القتات : النمام
وعَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلاً يَنِمُّ الْحَدِيثَ فَقَالَ حُذَيْفَةُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ »(5).
__________
(1) - مسند أحمد (33) حسن
(2) - صحيح مسلم(181 )
(3) - صحيح ابن حبان - (ج 2 / ص 264)(510) صحيح
(4) - صحيح البخارى (6056 ) وصحيح مسلم (304 )
(5) - صحيح مسلم (303 )(2/290)
وعَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ ، قَالَ : كَانَ رَجُلٌ يَنْقُلُ الْحَدِيثَ إِلَى السُّلْطَانِ ، فَكُنَّا جُلُوسًا مَعَ حُذَيْفَةَ ، فَمَرَّ ذَلِكَ الرَّجُلُ ، قِيلَ : هُوَ هَذَا ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ : لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ.(1)
قال الحافظ المنذري : القتات والنمام بمعنى واحد وقيل النمام الذي يكون مع جماعة يتحدثون حديثا فينم عليهم والقتات الذي يتسمع عليهم وهم لا يعلمون ثم ينم
قَالَ الْإِمَام أَبُو حَامِد الْغَزَالِيُّ رَحِمَهُ اللَّه فِي الْإِحْيَاء : اِعْلَمْ أَنَّ النَّمِيمَة إِنَّمَا تُطْلَق فِي الْأَكْثَر عَلَى مَنْ يَنِمّ قَوْل الْغَيْر إِلَى الْمَقُولِ فِيهِ ، كَمَا تَقُول : فُلَان يَتَكَلَّم فِيك بِكَذَا ، قَالَ : وَلَيْسَتِ النَّمِيمَة مَخْصُوصَة بِهَذَا بَلْ حَدُّ النَّمِيمَةِ كَشْف مَا يُكْرَه كَشْفه سَوَاء كَرِهَهُ الْمَنْقُول عَنْهُ ، أَوْ الْمَنْقُول إِلَيْهِ ، أَوْ ثَالِث ، وَسَوَاء كَانَ الْكَشْف بِالْكِنَايَةِ أَوْ بِالرَّمْزِ أَوْ بِالْإِيمَاءِ ، فَحَقِيقَةُ النَّمِيمَةِ إِفْشَاءُ السِّرِّ ، وَهَتْك السِّتْر عَمَّا يَكْرَه كَشْفه ، فَلَوْ رَآهُ يُخْفِي مَالًا لِنَفْسِهِ فَذَكَره فَهُوَ نَمِيمَة ، قَالَ : وَكُلُّ مَنْ حَمَلْت إِلَيْهِ نَمِيمَة ، وَقِيلَ لَهُ : فُلَان يَقُول فِيك ، أَوْ يَفْعَل فِيك كَذَا ، فَعَلَيْهِ سِتَّة أُمُور :
الْأَوَّل : أَلَّا يُصَدِّقُهُ لِأَنَّ النَّمَّام فَاسِقٌ .
الثَّانِي : أَنْ يَنْهَاهُ عَنْ ذَلِكَ ، وَيَنْصَحهُ وَيُقَبِّح لَهُ فِعْله .
الثَّالِث : أَنْ يُبْغِضهُ فِي اللَّه تَعَالَى فَإِنَّهُ بَغِيضٌ عِنْدَ اللَّه تَعَالَى ، وَيَجِب بُغْض مَنْ أَبْغَضه اللَّه تَعَالَى .
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (ج 13 / ص 78)(5765) صحيح(2/291)
الرَّابِع : أَلَّا يَظُنَّ بِأَخِيهِ الْغَائِب السُّوء .
الْخَامِس : أَلَّا يَحْمِلهُ مَا حُكِيَ لَهُ عَلَى التَّجَسُّس وَالْبَحْث عَنْ ذَلِكَ .
السَّادِس : أَلَّا يَرْضَى لِنَفْسِهِ مَا نُهِيَ النَّمَّام عَنْهُ ؛ فَلَا يَحْكِي نَمِيمَته عَنْهُ ، فَيَقُول : فُلَان حَكَى كَذَا فَيَصِير بِهِ نَمَّامًا ، وَيَكُون آتِيًا مَا نُهِيَ عَنْهُ . هَذَا آخِر كَلَام الْغَزَالِيِّ رَحِمَهُ اللَّه .
وَكُلّ هَذَا الْمَذْكُور فِي النَّمِيمَة إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَصْلَحَة شَرْعِيَّة فَإِنْ دَعَتْ حَاجَةٌ إِلَيْهَا فَلَا مَنْع مِنْهَا ؛ وَذَلِكَ كَمَا إِذَا أَخْبَرَهُ بِأَنَّ إِنْسَانًا يُرِيد الْفَتْك بِهِ ، أَوْ بِأَهْلِهِ ، أَوْ بِمَالِهِ ، أَوْ أَخْبَرَ الْإِمَام ، أَوْ مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ بِأَنَّ إِنْسَانًا يَفْعَل كَذَا ، وَيَسْعَى بِمَا فِيهِ مَفْسَدَة .
وَيَجِب عَلَى صَاحِب الْوِلَايَةِ الْكَشْف عَنْ ذَلِكَ وَإِزَالَته . فَكُلّ هَذَا وَمَا أَشْبَهَ لَيْسَ بِحَرَامٍ ، وَقَدْ يَكُون بَعْضه وَاجِبًا ، وَبَعْضه مُسْتَحَبًّا عَلَى حَسَب الْمَوَاطِن . وَاَللَّه أَعْلَم(1).
ـــــــــــــــ
من شرب الخمر ولم يتب
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِى الدُّنْيَا ، ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا ، حُرِمَهَا فِى الآخِرَةِ »(2).
__________
(1) - شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 214)
(2) - صحيح البخارى(5575 )(2/292)
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَالْبَغْوِيّ فِي " شَرْح السُّنَّة " : مَعْنَى الْحَدِيث لَا يَدْخُل الْجَنَّة ، لِأَنَّ الْخَمْر شَرَاب أَهْل الْجَنَّة ، فَإِذَا حُرِّمَ شُرْبهَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَدْخُل الْجَنَّة ، وَقَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : هَذَا وَعِيد شَدِيد يَدُلّ عَلَى حِرْمَان دُخُول الْجَنَّة ، لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى أَخْبَرَ أَنَّ فِي الْجَنَّة أَنْهَار الْخَمْر لَذَّة لِلشَّارِبِينَ ، وَأَنَّهُمْ لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ . فَلَوْ دَخَلَهَا - وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ فِيهَا خَمْرًا أَوْ أَنَّهُ حُرِمَهَا عُقُوبَة لَهُ - لَزِمَ وُقُوع الْهَمّ وَالْحُزْن فِي الْجَنَّة ، وَلَا هَمَّ فِيهَا وَلَا حُزْن ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَم بِوُجُودِهَا فِي الْجَنَّة وَلَا أَنَّهُ حُرِمَهَا عُقُوبَة لَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي فَقْدهَا أَلَم ، فَلِهَذَا قَالَ بَعْض مَنْ تَقَدَّمَ : إِنَّهُ لَا يَدْخُل الْجَنَّة أَصْلًا ، قَالَ : وَهُوَ مَذْهَب غَيْر مَرْضِيّ ، قَالَ : وَيُحْمَل الْحَدِيث عِنْد أَهْل السُّنَّة عَلَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلهَا وَلَا يَشْرَب الْخَمْر فِيهَا إِلَّا إِنْ عَفَا اللَّه عَنْهُ كَمَا فِي بَقِيَّة الْكَبَائِر وَهُوَ فِي الْمَشِيئَة ، فَعَلَى هَذَا فَمَعْنَى الْحَدِيث : جَزَاؤُهُ فِي الْآخِرَة أَنْ يُحْرَمهَا لِحِرْمَانِهِ دُخُول الْجَنَّة إِلَّا إِنْ عَفَا اللَّه عَنْهُ .(2/293)
قَالَ : وَجَائِز أَنْ يَدْخُل الْجَنَّة بِالْعَفْوِ ثُمَّ لَا يَشْرَب فِيهَا خَمْرًا وَلَا تَشْتَهِيهَا نَفْسه وَإِنْ عَلِمَ بِوُجُودِهَا فِيهَا ، وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث أَبِي سَعِيد مَرْفُوعًا " مَنْ لَبِسَ الْحَرِير فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسهُ فِي الْآخِرَة ، وَإِنْ دَخَلَ الْجَنَّة لَبِسَهُ أَهْل الْجَنَّة وَلَمْ يَلْبَسهُ هُوَ " قُلْت : أَخْرَجَهُ الطَّيَالِسِيّ وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّان . وَقَرِيب مِنْهُ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو رَفَعَهُ " مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي وَهُوَ يَشْرَب الْخَمْر حَرَّمَ اللَّه عَلَيْهِ شُرْبهَا فِي الْجَنَّة " أَخْرَجَهُ أَحْمَد بِسَنَدٍ حَسَن ، وَقَدْ لَخَّصَ عِيَاض كَلَام اِبْن عَبْد الْبَرّ وَزَادَ اِحْتِمَالًا آخَر وَهُوَ أَنَّ الْمُرَاد بِحِرْمَانِهِ شُرْبهَا أَنَّهُ يُحْبَس عَنِ الْجَنَّة مُدَّة إِذَا أَرَادَ اللَّه عُقُوبَته ، وَمِثْله الْحَدِيث الْآخَر " لَمْ يَرِحْ رَائِحَة الْجَنَّة " قَالَ : وَمَنْ قَالَ لَا يَشْرَبهَا فِي الْجَنَّة بِأَنْ يَنْسَاهَا أَوْ لَا يَشْتَهِيهَا يَقُول لَيْسَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ حَسْرَة وَلَا يَكُون تَرْك شَهْوَته إِيَّاهَا عُقُوبَة فِي حَقّه ، بَلْ هُوَ نَقْص نَعِيم بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ هُوَ أَتَمُّ نَعِيمًا مِنْهُ كَمَا تَخْتَلِف دَرَجَاتهمْ ، وَلَا يُلْحَق مَنْ هُوَ أُنْقَص دَرَجَة حِينَئِذٍ بِمَنْ هُوَ أَعْلَى دَرَجَة مِنْهُ اِسْتِغْنَاء بِمَا أُعْطِيَ وَاغْتِبَاطًا لَهُ . وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : ظَاهِر الْحَدِيثَيْنِ أَنَّهُ لَا يَشْرَب الْخَمْر فِي الْجَنَّة وَلَا يَلْبَس الْحَرِير فِيهَا ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ اِسْتَعْجَلَ مَا أُمِرَ بِتَأْخِيرِهِ وَوُعِدَ بِهِ فَحُرِمَهُ عِنْد مِيقَاته ، كَالْوَارِثِ فَإِنَّهُ إِذَا قَتَلَ مُوَرِّثه فَإِنَّهُ يُحْرَم مِيرَاثه لِاسْتِعْجَالِهِ .(2/294)
وَبِهَذَا قَالَ نَفَر مِنَ الصَّحَابَة وَمِنَ الْعُلَمَاء ، وَهُوَ مَوْضِع اِحْتِمَال وَمَوْقِف إِشْكَال ، وَاَللَّه أَعْلَم كَيْف يَكُون الْحَال . وَفَصَلَ بَعْض الْمُتَأَخِّرِينَ بَيْن مَنْ يَشْرَبهَا مُسْتَحِلًّا فَهُوَ الَّذِي لَا يَشْرَبهَا أَصْلًا لِأَنَّهُ لَا يَدْخُل الْجَنَّة أَصْلًا ، وَعَدَم الدُّخُول يَسْتَلْزِم حِرْمَانهَا ، وَبَيْن مَنْ يَشْرَبهَا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهَا فَهُوَ مَحَلّ الْخِلَاف ، وَهُوَ الَّذِي يُحْرَم شُرْبهَا مُدَّة وَلَوْ فِي حَال تَعْذِيبه إِنْ عُذِّبَ ، أَوْ الْمَعْنَى أَنَّ ذَلِكَ جَزَاؤُهُ إِنْ جُوزِيَ وَاَللَّه أَعْلَم .
وَفِي الْحَدِيث أَنَّ التَّوْبَة تُكَفِّر الْمَعَاصِي الْكَبَائِر ، وَهُوَ فِي التَّوْبَة مِنَ الْكُفْر قَطْعِيّ وَفِي غَيْره مِنَ الذُّنُوب خِلَاف بَيْن أَهْل السُّنَّة هَلْ هُوَ قَطْعِيّ أَوْ ظَنِّيّ . قَالَ النَّوَوِيّ : الْأَقْوَى أَنَّهُ ظَنِّيّ ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : مَنْ اِسْتَقْرَأَ الشَّرِيعَة عَلِمَ أَنَّ اللَّه يَقْبَل تَوْبَة الصَّادِقِينَ قَطْعًا .(2/295)
وَفِيهِ أَنَّ الْوَعِيد يَتَنَاوَل مَنْ شَرِبَ الْخَمْر وَإِنْ لَمْ يَحْصُل لَهُ السُّكْر ، لِأَنَّهُ رَتَّبَ الْوَعِيد فِي الْحَدِيث عَلَى مُجَرَّد الشُّرْب مِنْ غَيْر قَيْد ، وَهُوَ مُجْمَع عَلَيْهِ فِي الْخَمْر الْمُتَّخَذ مِنْ عَصِير الْعِنَب وَكَذَا فِيمَا يُسْكِر مِنْ غَيْرهَا ، وَأَمَّا مَا لَا يُسْكِر مِنْ غَيْرهَا فَالْأَمْر فِيهِ كَذَلِكَ عِنْد الْجُمْهُور ، وَيُؤْخَذ مِنْ قَوْله : " ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا " أَنَّ التَّوْبَة مَشْرُوعَة فِي جَمِيع الْعُمْر مَا لَمْ يَصِل إِلَى الْغَرْغَرَة ، لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ " ثُمَّ " مِنَ التَّرَاخِي ، وَلَيْسَ الْمُبَادَرَة إِلَى التَّوْبَة شَرْطًا فِي قَبُولهَا ، وَاَللَّه أَعْلَم .(1)
ـــــــــــــــ
مدمن الخمر وقاطع الرحم ومصدق بالسحر
عَنْ أَبِي مُوسَى ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مُدْمِنُ خَمْرٍ ، وَلاَ مُؤْمِنٌ بِسِحْرٍ ، وَلاَ قَاطِعٌ(2).
وعَنْ أَبِي مُوسَى ، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : ثَلاَثَةٌ لاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ : مُدْمِنُ الْخَمْرِ ، وَقَاطِعُ الرَّحِمِ ، وَمُصَدِّقٌ بِالسِّحْرِ ، وَمَنْ مَاتَ مُدْمِنًا لِلْخَمْرِ سَقَاهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلاَ مِنْ نَهْرِ الْغُوطَةِ قِيلَ : وَمَا نَهْرُ الْغُوطَةِ ؟ قَالَ : نَهْرٌ يَجْرِي مِنْ فُرُوجِ الْمُومِسَاتِ يُؤْذِي أَهْلَ النَّارِ رِيحُ فُرُوجِهِنَّ.(3)المومسات: هن الزانيات
ـــــــــــــــ
__________
(1) - فتح الباري لابن حجر - (ج 16 / ص 44)
(2) - صحيح ابن حبان - (ج 13 / ص 507)(6137) صحيح
(3) - صحيح ابن حبان - (ج 12 / ص 165)(5346) صحيح(2/296)
لا يدخل الجنة الجواظ ولا الجعظري
عَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ الْجَوَّاظُ وَلاَ الْجَعْظَرِىُّ »(1). قَالَ وَالْجَوَّاظُ الْغَلِيظُ الْفَظُّ.
وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ الْجَوَّاظُ وَالْجَعْظَرِىُّ وَالْعُتُلُّ الزَّنِيمُ »(2).
الجعظرى : الفظ الغليظ المتكبر وقيل هو الذى ينتفخ بما ليس عنده وفيه قصر -الجواظ : الجموع المنوع الذى يجمع المال من أى جهة ويمنع صرفه فى سبيل الله -الزنيم : دعى النسب الملحق بهم -
العتل : الشديد الجافى الغليظ من الناس
ـــــــــــــــ
لا يدخل الجنة مدمن خمر ولا مؤمن بسحر ولا قاطع رحم
عَنْ أَبِي مُوسَى ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مُدْمِنُ خَمْرٍ ، وَلاَ مُؤْمِنٌ بِسِحْرٍ ، وَلاَ قَاطِعٌ.(3)
وعَنْ أَبِي مُوسَى ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مُدْمِنُ خَمْرٍ ، وَلا مُؤْمِنٌ بِسِحْرٍ ، وَلا قَاطِعٌ ، وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ ، سَقَاهُ اللَّهُ مِنَ الْغُوطَةِ ، وَهُوَ مَاءٌ يَسِيلُ مِنْ فَرُوجِ الْمُومِسَاتِ يُؤْذِي رِيحُهُ مَنْ فِي النَّارِ"(4)
ـــــــــــــــ
لا يدخل الجنة من أتى ذات محرم
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ أَتَى ذَا مَحْرَمٍ.(5)
__________
(1) - سنن أبى داود (4803 ) صحيح
(2) - مسند أحمد (18478) صحيح لغيره
(3) - صحيح ابن حبان - (ج 13 / ص 507)(6137) حسن
(4) - مسند أبي يعلى الموصلي(7248) حسن
(5) - المعجم الكبير للطبراني - (ج 9 / ص 270)(10868 ) حسن(2/297)
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : " لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ أَتَى ذَاتَ مَحْرَمٍ "(1).
وعن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « لا يدخل الجنة عاق ، ولا منان ، ولا مدمن خمر ، ولا ولد زنى ، ولا من أتى ذات محرم ، ولا مرتدا أعرابيا بعد هجرة »(2)
- العقوق : الاستخفاف بالوالدين وعصيانهما وترك الإحسان إليهما
- المنان : الفخور على من أعطى حتى يُفسِدَ عطاءَهُ
وعَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - : لا يَدْخُلُ الْجنَّةَ مَنْ زَنَى بِذَاتِ مَحْرَمٍ"(3)
ـــــــــــــــ
لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ صَاحِبُ مَكْسٍ
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ قَالَ سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ صَاحِبُ مَكْسٍ" يَعْنِي الْعَشَّارَ "(4)
المكس : الضريبة والعشور التى تأخذ على خلاف حكم الشرع
ـــــــــــــــ
__________
(1) - المعجم الأوسط للطبراني (4083 ) حسن
(2) - تهذيب الآثار للطبري (1561 ) صحيح
(3) - مصنف عبد الرزاق (12772) صحيح مرسل
(4) - المنتقى من السنن المسندة لابن الجارود (339) صحيح(2/298)
الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة
المكذب بالقدر ، والمدمن بالخمر ، والمتبرئ من ولده
عَنْ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ « إن لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عِبَاداً لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ولاَ يُزَكِّيهِمْ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ ». قِيلَ لَهُ مَنْ أُولَئِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « مُتَبَرٍّ مِنْ وَالِدَيْهِ رَاغِبٌ عَنْهُمَا وَمُتَبَرٍّ مِنْ وَلَدِهِ وَرَجُلٌ أَنْعَمَ عَلَيْهِ قَوْمٌ فَكَفَرَ نِعْمَتَهُمْ وتَبَرَّأَ مِنْهُمْ »(1).
وعَنْ سَهْلِ بن مُعَاذِ بن أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:"مِنَ الْعِبَادِ عَبَّادٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ، وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ"، قَالُوا: مَنْ أُولَئِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:"مُتَبَرِّئٌ مِنْ وَالِدَيْهِ رَاغِبٌ عَنْهُمَا، وَمُتَبَرِّئٌ مِنْ وَلَدِهِ، وَرَجُلٌ أَنْعَمَ عَلَيْهِ قَوْمٌ نِعْمَةً، فَكَفَرَ بنعْمَتِهِمْ وَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ"(2)
وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : ثَلاَثٌ فِي الْمَنْسَإِ تَحْتَ قَدَمِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُمْ جَلِّهِمْ لَنَا قَالَ : الْمُكَذِّبُونَ بِالْقَدَرِ , وَمُدْمِنُ الْخَمْرِ وَالْمُتَبَرِّيءُ مِنْ وَلَدِهِ قُلْتُ : فَمَا الْمَنْسَأُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : جُبٌّ فِي قَعْرِ جَهَنَّمَ وَأَسْفَلِ طَبَقَتِهَا "(3)-جب : واد في جهنم تستعيذ جهنم مما فيه من العذاب
ـــــــــــــــ
__________
(1) - مسند أحمد (16041) حسن لغيره
(2) - المعجم الكبير للطبراني - (ج 15 / ص 124)(16835 ) حسن
(3) - مسند الشاميين (696) والإبانة الكبرى لابن بطة(1510 ) حسن(2/299)
رجل على فضل ماء بفلاة يمنعه ابن السبيل
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ رَجُلٌ حَلَفَ عَلَى سِلْعَةٍ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى وَهْوَ كَاذِبٌ ، وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ ، وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ ، فَيَقُولُ اللَّهُ الْيَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِى ، كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ »(1)
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ ، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِطَرِيقٍ يَمْنَعُ مِنْهُ ابْنَ السَّبِيلِ ، وَرَجُلٌ بَايَعَ رَجُلاً لاَ يُبَايِعُهُ إِلاَّ لِلدُّنْيَا ، فَإِنْ أَعْطَاهُ مَا يُرِيدُ وَفَى لَهُ ، وَإِلاَّ لَمْ يَفِ لَهُ ، وَرَجُلٌ سَاوَمَ رَجُلاً بِسِلْعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ ، فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَقَدْ أُعْطِىَ بِهِ كَذَا وَكَذَا ، فَأَخَذَهَا »(2).
__________
(1) - صحيح البخارى (2369 )
(2) - صحيح البخارى (2672 )(2/300)
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « ثَلاَثٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالْفَلاَةِ يَمْنَعُهُ مِنِ ابْنِ السَّبِيلِ وَرَجُلٌ بَايَعَ رَجُلاً بِسِلْعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فَحَلَفَ لَهُ بِاللَّهِ لأَخَذَهَا بِكَذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لاَ يُبَايِعُهُ إِلاَّ لِدُنْيَا فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا وَفَى وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا لَمْ يَفِ »(1).
ـــــــــــــــ
أشيمط زان وعائل مستكبر ورجل جعل الله بضاعته لا يشتري إلا بيمينه
عَنْ سَلْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :"ثَلاثَةٌ لا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أُشَيْمِطٌ زَانٍ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ، وَرَجُلٌ جَعَلَ اللَّهَ بِضَاعَةً، لا يَشْتَرِي إِلا بِيَمِينِهِ، وَلا يَبِيعُ إِلا بِيَمِينِهِ" .(2)
وعَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ : أُشَيْمِطٌ زَانٍ ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ ، وَرَجُلٌ جَعَلَ اللهُ لَهُ بِضَاعَةً فَلا يَبِيعُ إِلَّابِيَمِينِهِ وَلاَ يَشْتَرِي إِلَّابِيَمِينِهِ"(3)
العائل : الفقير -أشيمط مصغر أشمط وهو من ابيض بعض شعر رأسه كبرا واختلط بأسوده
ـــــــــــــــ
__________
(1) - صحيح مسلم (310 )
(2) - المعجم الكبير للطبراني - (ج 6 / ص 57)(5988) حسن
(3) - المعجم الصغير للطبراني (821) حسن صحيح(2/301)
المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب
عَنْ أَبِى ذَرٍّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ » قَالَ فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاَثَ مِرَارٍ. قَالَ أَبُو ذَرٍّ خَابُوا وَخَسِرُوا مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « الْمُسْبِلُ وَالْمَنَّانُ وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ »(1).
وعَنْ أَبِى ذَرٍّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمَنَّانُ الَّذِى لاَ يُعْطِى شَيْئًا إِلاَّ مَنَّهُ وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْفَاجِرِ وَالْمُسْبِلُ إِزَارَهُ »(2).
وعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : ثَلاثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ، قَالَ : فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : ثَلاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ : مَنْ هُمْ ؟ خَابُوا وَخَسِرُوا ، خَابُوا وَخَسِرُوا ، خَابُوا وَخَسِرُوا ثَلاثًا ، قَالَ : الْمُسْبِلُ ، وَالْمَنَّانُ ، وَالْمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ.(3)
__________
(1) - صحيح مسلم(306 )
(2) - صحيح مسلم (307 )
(3) - مسند البزار (4024) صحيح(2/302)
وعَنْ أَبِي ذَرٍّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ ، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ، قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ ، مَنْ هُمْ خَابُوا ، وَخَسِرُوا ؟ فَأَعَادَهَا ، فَقُلْتُ مَنْ هُمْ ، فَقَالَ : الْمُسْبِلُ ، وَالْمَنَّانُ ، وَالْمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ كَاذِبًا.(1)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم - الْمُسْبِلُ ، أَرَادَ بِهِ الْمُسْبِلَ إِزَارَهُ خُيَلاَءَ ، وَقَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم - الْمَنَّانُ أَرَادَ بِهِ عِنْدَ إِعْطَاءِ صَدَقَةِ الْفَرِيضَةِ.
المسبل هو الذي يطول ثوبه ويرسله إلى الأرض كأنه يفعل ذلك تجبرا واختيالا
وعن أبي ذر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : « ثلاثة لا يكلمهم الله : المنان الذي لا يعطي شيئا إلا منه ، والمسبل إزاره ، والمنفق سلعته بالحلف الفاجرة »(2)
- المنان : الفخور على من أعطى حتى يُفسِدَ عطاءَه - الإسبال : إرخاء الثوب وإطالته إلى أسفل الكعبين - الإزار : ثوب يحيط بالنصف الأسفل من البدن
ـــــــــــــــ
شيخ زان وملك كذاب وعائل مستكبر
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ شَيْخٌ زَانٍ وَمَلِكٌ كَذَّابٌ وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ »(3).
العائل : الفقير
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (ج 11 / ص 272)(4907) صحيح
(2) - تهذيب الآثار للطبري (1354 ) صحيح
(3) - صحيح مسلم (309 )(2/303)
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الشَّيْخُ الزَّانِى وَالْعَائِلُ الْمَزْهُوُّ وَالإِمَامُ الْكَذَّابُ »(1).
وَأَمَّا تَخْصِيصه - صلى الله عليه وسلم - فِي الْحَدِيثِ ( الشَّيْخ الزَّانِي وَالْمَلِك الْكَذَّاب وَالْعَائِل الْمُسْتَكْبِر ) بِالْوَعِيدِ الْمَذْكُور : فَقَالَ الْقَاضِي عِيَاض : سَبَبه أَنَّ كُلَّ وَاحِد مِنْهُمْ اِلْتَزَمَ الْمَعْصِيَة الْمَذْكُورَة مَعَ بُعْدِهَا مِنْهُ ، وَعَدَم ضَرُورَته إِلَيْهَا ، وَضَعْف دَوَاعِيهَا عِنْده ؛ وَإِنْ كَانَ لَا يُعْذَر أَحَدٌ بِذَنْبٍ لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَكُنْ إِلَى هَذِهِ الْمَعَاصِي ضَرُورَة مُزْعِجَة ، وَلَا دَوَاعِي مُعْتَادَة ، أَشْبَهَ إِقْدَامُهُمْ عَلَيْهَا الْمُعَانَدَةَ ، وَالِاسْتِخْفَاف بِحَقِّ اللَّه تَعَالَى ، وَقَصْد مَعْصِيَته لَا لِحَاجَةٍ غَيْرهَا ؛ فَإِنَّ الشَّيْخ لِكَمَالِ عَقْله وَتَمَام مَعْرِفَته بِطُولِ مَا مَرَّ عَلَيْهِ مِنَ الزَّمَان ، وَضَعْف أَسْبَاب الْجِمَاع وَالشَّهْوَة لِلنِّسَاءِ ، وَاخْتِلَال دَوَاعِيهِ لِذَلِكَ ، عِنْدَهُ مَا يُرِيحهُ مِنْ دَوَاعِي الْحَلَال فِي هَذَا وَيُخَلِّي سِرَّهُ مِنْهُ فَكَيْف بِالزِّنَا الْحَرَام ، وَإِنَّمَا دَوَاعِي ذَلِكَ الشَّبَاب ، وَالْحَرَارَة الْغَرِيزِيَّة ، وَقِلَّة الْمَعْرِفَة ، وَغَلَبَة الشَّهْوَة لِضَعْفِ الْعَقْل ، وَصِغَر السِّنّ .
__________
(1) - سنن النسائى (2587 ) صحيح(2/304)
وَكَذَلِكَ الْإِمَام لَا يَخْشَى مِنْ أَحَدٍ مِنْ رَعِيَّتِهِ ، وَلَا يَحْتَاج إِلَى مُدَاهَنَته وَمُصَانَعَته ؛ فَإِنَّ الْإِنْسَان إِنَّمَا يُدَاهِن وَيُصَانِع بِالْكَذِبِ وَشِبْهه مَنْ يَحْذَرُهُ ، وَيَخْشَى أَذَاهُ وَمُعَاتَبَتَه ، أَوْ يَطْلُب عِنْده بِذَلِكَ مَنْزِلَة أَوْ مَنْفَعَة ، وَهُوَ غَنِيٌّ عَنِ الْكَذِب مُطْلَقًا . وَكَذَلِكَ الْعَائِلُ الْفَقِيرُ قَدْ عَدِمَ الْمَال وَإِنَّمَا سَبَب الْفَخْر وَالْخُيَلَاء وَالتَّكَبُّر وَالِارْتِفَاع عَلَى الْقُرَنَاء الثَّرْوَة فِي الدُّنْيَا لِكَوْنِهِ ظَاهِرًا فِيهَا ، وَحَاجَات أَهْلهَا إِلَيْهِ ؛ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْده أَسْبَابهَا فَلِمَاذَا يَسْتَكْبِر وَيَحْتَقِر غَيْره ؟ فَلَمْ يَبْقَ فِعْله ، وَفِعْل الشَّيْخِ الزَّانِي ، وَالْإِمَام الْكَاذِب ، إِلَّا لِضَرْبٍ مِنَ الِاسْتِخْفَاف بِحَقِّ اللَّه تَعَالَى . وَاَللَّه أَعْلَم .(1)
ـــــــــــــــ
__________
(1) - شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 219)(2/305)
الذين يبغضهم الله تعالى
الشيخ الزاني والفقير المختال والغني الظلوم
عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : ثَلاَثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ ، وَثَلاَثَةٌ يُبْغِضُهُمُ اللَّهُ ، أَمَّا الَّذِينَ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ : فَرَجُلٌ أَتَى قَوْمًا فَسَأَلَهُمْ بِاللَّهِ وَلَمْ يَسْأَلُهُمْ بِقَرَابَةٍ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ ، فَتَخَلَّفَ رَجُلٌ بِأَعْقَابِهِمْ ، فَأَعْطَاهُ سِرًّا لاَ يَعْلَمُ بِعَطِيَّتِهِ إِلاَّ اللَّهُ وَالَّذِي أَعْطَاهُ ، وَقَوْمٌ سَارُوا لَيْلَتَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ النَّوْمُ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِمَّا يَعْدِلُ بِهِ نَزَلُوا ، فَوَضَعُوا رُؤُوسَهُمْ ، وَقَامَ يَتَمَلَّقُنِي وَيَتْلُو آيَاتِي ، وَرَجُلٌ كَانَ فِي سَرِيَّةٍ فَلَقِيَ الْعَدُوَّ فَهُزِمُوا ، وَأَقْبَلَ بِصَدْرِهِ يَقْتُلُ أَوْ يُفْتَحُ لَهُ ، وَثَلاَثَةٌ يُبْغِضُهُمُ اللَّهُ : الشَّيْخُ الزَّانِي ، وَالْفَقِيرُ الْمُخْتَالُ ، وَالْغَنِيُّ الظَّلُومُ.(1)
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (ج 8 / ص 137)(3349) حسن(2/306)
وعَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : كَانَ يَبْلُغُنِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، حَدِيثٌ فَكُنْتُ أَشْتَهِي لِقَاءَهُ فَلَقِيتُهُ ، فَقُلْتُ : يَا أَبَا ذَرٍّ ، كَانَ يَبْلُغُنِي عَنْكَ حَدِيثٌ فَكُنْتُ أَشْتَهِي لِقَاءَكَ ، قَالَ : لِلَّهِ أَبُوكَ فَقَدْ لَقِيتَنِي ، قَالَ : قُلْتُ : حَدِّثْنِي بَلَغَنِي ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّثَكَ ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ ثَلاثَةً وَيُبْغِضُ ثَلاثَةً ، قَالَ : فَلا أَخَالُنِي أَكْذِبُ عَلَى خَلِيلِي ، قَالَ : قُلْتُ : مَنْ هَؤُلاءِ الَّذِينَ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ ؟ قَالَ : رَجُلٌ غَزَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُجَاهِدًا فَلَقِيَ الْعَدُوَّ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ ، وَأَنْتُمْ تَجِدُونَهُ عِنْدَكُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ ، قُلْتُ : وَمَنْ ؟ قَالَ : رَجُلٌ لَهُ جَارُ سُوءٍ يُؤْذِيهِ فَيَصْبِرُ عَلَى إِيذَائِهِ حَتَّى يَكْفِيَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ إِمَّا بِحَيَاةٍ أَوْ مَوْتٍ ، قُلْتُ : وَمَنْ ؟ قَالَ : رَجُلٌ يُسَافَرُ مَعَ قَوْمٍ فَأَدْلَجُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ ، وَقَعَ عَلَيْهِمُ الْكَرَى وَالنُّعَاسُ فَضَرَبُوا رُءُوسَهُمْ ، ثُمَّ قَامَ فَتَطَهَّرَ رَهْبَةً لِلَّهِ وَرَغْبَةً لِمَا عِنْدَهُ ، قُلْتُ : فَمَنِ الثَّلاثَةُ الَّذِينَ يُبْغِضُهُمُ اللَّهُ ؟ قَالَ : الْمُخْتَالُ الْفَخُورُ ، وَأَنْتُمْ تَجِدُونَهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ، قُلْتُ : وَمَنْ ؟ قَالَ : الْبَخِيلُ الْمَنَّانُ ، قَالَ : وَمَنْ ؟ قَالَ : التَّاجِرُ الْحَلافُ أَوِ الْبَائِعُ الْحَلافُ"(1)
__________
(1) - المستدرك للحاكم (2446) صحيح(2/307)
وعَنْ زَيْدِ بْنِ ظَبْيَانَ ، رَفَعَهُ إِلَى أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَن ِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : ثَلاثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ وَثَلاثَةٌ يُبْغِضُهُمُ اللَّهُ : أَمَّا الَّذِينَ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ فَرَجُلٌ أَتَى قَوْمًا فَسَأَلَهُمْ بِاللَّهِ وَلَمْ يَسْأَلْهُمْ بِقَرَابَةٍ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ ، فَتَخَلَّفَ رَجُلٌ بِأَعْقَابِهِمْ فَأَعْطَاهُ سِرًّا لاَ يَعْلَمُ بِعَطِيَّتِهِ إِلاَّ اللَّهُ وَالَّذِي أَعْطَاهُ ، وَقَوْمٌ سَارُوا لَيْلَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ النَّوْمُ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِمَّا يَعْدِلُ نَزَلُوا فَوَضَعُوا رُؤُوسَهُمْ ، فَقَامَ يَتَمَلَّقُنِي وَيَتْلُوا آيَاتِي ، وَرَجُلٌ كَانَ فِي سَرِيَّةٍ ، فَلَقِيَ الْعَدُوَّ فَهُزِمُوا ، فَأَقْبَلَ بِصَدْرِهِ ، حَتَّى يُقْتَلَ أَوْ يُفْتَحَ لَهُ ، وَالثَّلاثَةُ الَّذِينَ يُبْغِضُهُمُ اللَّهُ الشَّيْخُ الزَّانِي ، وَالْفَقِيرُ الْمُخْتَالُ ، وَالْغَنِيُّ الظَّلُومُ"(1)
__________
(1) - المستدرك للحاكم (2532) صحيح(2/308)
وعَنْ مُطَرِّفٍ ، قَالَ : كَانَ يَبْلُغُنِي ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ حَدِيثٌ فَكُنْتُ أَشْتَهِي لِقَاءَهُ قَالَ : قُلْتُ : حَدِيثًا بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّثَكَ ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ ثَلاثَةً ، وَيُبْغِضُ ثَلاثَةً ، قَالَ : فَلا أَخَالُنِي أَكْذَبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : فَقُلْتُ : مَنْ هَؤُلاءِ الثَّلاثَةُ الَّذِينَ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ؟ ، قَالَ : رَجُلٌ غَزَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَابِرًا ، مُحْتَسِبًا ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ ، وَأَنْتُمْ تَجِدُونَهُ عِنْدَكُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيَةَ : {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا ، كَأَنَّهُمْ بنيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف : 4 ] ، قُلْتُ : وَمَنْ ؟ قَالَ : رَجُلٌ كَانَ لَهُ جَارُ سُوءٍ ، يُؤْذِيهِ ، فَصَبَرَ عَلَى أَذَاهُ ، حَتَّى يَكْفِيَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ بِحَيَاةٍ ، أَوْ مَوْتٍ ، قُلْتُ : وَمَنْ ؟ ، قَالَ : رَجُلٌ سَافَرَ مَعَ قَوْمٍ ، فَارْتَحَلُوا ، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ وَقَعَ عَلَيْهِمُ الْكَرَى ، أَوِ النُّعَاسُ ، فَنَزَلُوا ، فَضَرَبُوا بِرُءُوسِهمْ ، ثُمَّ قَامَ ، فَتَطَهَّرَ ، وَصَلَّى رَغْبَةً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَرَغْبَةً فِيمَا عِنْدَهُ ، قُلْتُ : وَمَا الثَّلاثَةُ الَّذِينَ يُبْغِضُهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ؟ قَالَ : الْبَخِيلُ الْفَخُورُ ، وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان : 18 ] ، قُلْتُ : وَمَا الْمُخْتَالُ الْفَخُورُ ؟ قَالَ : أَنْتُمْ تَجِدُونَهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، الْبَخِيلَ الْمُخْتَالَ ، قُلْتُ : وَمَنْ ؟ قَالَ : التَّاجِرُ الْحَلافُ أَوِ(2/309)
الْبَائِعُ الْحَلافُ ، قَالَ : لا أَدْرِي أَيَّهُمَا ، قَالَ أَبُو ذَرٍّ ، قُلْتُ : يَا أَبَا ذَرًّ مَا الْمَالُ ؟ ، قَالَ : فَرَقٌ لَنَا وَذَوْدٌ ، قُلْتُ : يَا أَبَا ذَرًّ ، لَيْسَ عَنْ هَذَا أَسْأَلُكَ ، إِنَّمَا أَسْأَلُكَ عَنْ صَامِتِ الْمَالِ ، قَالَ : مَا أَصْبَحَ لا أَمْسَى ، وَمَا أَمْسَى لا أَصْبَحَ ، قُلْتُ : مَا لَكَ ولأَخْوَانِكَ مِنْ قُرَيْشٍ ؟ ، قَالَ : وَاللَّهِ لا أَسْتَفْتِيهِمْ عَنْ دِينٍ ، وَلا أَسْأَلُهُمْ دُنْيَا حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، قَالَهَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ.(1)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :"ثَلاثَةٌ يُبْغِضُهُمُ اللَّهُ: مَلِكٌ كَذَّابٌ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ، وَغَنِيٌّ بِخَيْلٌ".(2)
ـــــــــــــــ
البياع الحلاف والفقير المختال والشيخ الزاني والإمام الجائر
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : أَرْبَعَةٌ يُبْغِضُهُمُ اللَّهُ : الْبَيَّاعُ الْحَلاَّفُ ، وَالْفَقِيرُ الْمُخْتَالُ ، وَالشَّيْخُ الزَّانِي ، وَالإِمَامُ الْجَائِرُ.(3)
ـــــــــــــــ
الذين يخاصمهم الله يوم القيامة
ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ أَعْطَى بِى ثُمَّ غَدَرَ ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ »(4).
__________
(1) - المعجم الكبير للطبراني - (ج 2 / ص 206)(1614) صحيح
(2) - المعجم الكبير للطبراني - (ج 19 / ص 342)(832 ) صحيح لغيره
(3) - صحيح ابن حبان - (ج 12 / ص 369)(5558) صحيح
(4) - صحيح البخارى (2270 )
ووهم الألباني وهما شديدا حينما أدرجه في ضعيف الجامع (4050) بحجة أن فيه يحيى بن سليم الطائفي قال عنه الحافظ في التقريب : صدوق سيء الحفظ اهـ
ولم يسبق لهذا ،انظر الرد المفصل عليه في كتابي ( الدفاع عن كتاب رياض الصالحين ) الحديث رقم 76- (1585)(2/310)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ فِي الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ كُنْتُ خَصْمَهُ أَخْصِمْهُ : رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُوفِهِ أَجْرَهُ.(1)
وعَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيَّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ ، يَقُولُ : سَمِعَتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ، يَقُولُ : ثَلاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ كُنْتُ خَصْمَهُ خَصَمْتُهُ : رَجُلٌ أَعْطَانِي ثُمَّ غَدَرَ يَعْنِي عَهْدَ اللهِ ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى حَقَّهُ وَلَمْ يُوَفِّهِ أَجْرَهُ"(2)
ـــــــــــــــ
الذي لا يرح رائحة الجنة
من سألت زوجها طلاقاً من غير ما بأس
عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلاَقًا فِى غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ »(3).
وعَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلاقَ مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ ، حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهَا أَنْ تُرِيحَ رَائِحَةَ الْجَنَّةَ"(4)
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (ج 16 / ص 334)(7339) صحيح
(2) - المعجم الصغير للطبراني (885) صحيح
(3) - سنن أبى داود (2228 ) صحيح
(4) - المستدرك للحاكم (2809) صحيح(2/311)
وعَنْ أَبِي قِلاَبَةَ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلاَقَ مِنْ غَيْرِ مَا بَأْسٍ لَمْ تَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ.(1)
وعَنْ ثوبان قَالَ : لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ ، قَالَ : " الَّذِي يَعْمَلُ بَيْنَهُمَا ، وَإِنَّ هَذَا لَا يَحِلُّ مِنْهُ خَيْطٌ وَلَا مَخِيطٌ ، لَا آخُذَ وَلَا مُعْطِيَ ، وَإِنَّ الْمُخْتَلِعَاتِ هُنَّ الْمُنَافِقَاتُ ، وَمَا مِنِ امْرَأَةٍ تَسْأَلُ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ فَتَجِدُ رِيحَ - أَوْ قَالَ : رَائِحَةَ - الْجَنَّةِ "(2)
الفيء : ما يؤخذ من العدو من مال ومتاع بغير حرب
ـــــــــــــــ
من ادعى إلى غير مواليه
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ فَلَنْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَرِيحُهَا يُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ سَبْعِينَ عَاماً »(3).
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ »(4). قَوْله ( لَمْ يَرَحْ رِيح الْجَنَّة ) أَيْ لَمْ يَشُمَّ رِيحَهَا وَهُوَ كِنَايَة عَنْ عَدَم الدُّخُول فِيهَا اِبْتِدَاء بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجِدُ لَهَا رِيحًا وَإِنْ دَخَلَهَا"(5)
ـــــــــــــــ
__________
(1) - مصنف ابن أبي شيبة (ج 5 / ص 271)(19603) صحيح مرسل
(2) - شعب الإيمان للبيهقي(5261 ) ضعيف
(3) - مسند أحمد (7011) صحيح
(4) - سنن ابن ماجه (2709 ) صحيح
(5) - حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 5 / ص 272)(2/312)
قوم يخضبون بالسواد
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يَكُونُ قَوْمٌ يَخْضِبُونَ فِى آخِرِ الزَّمَانِ بِالسَّوَادِ كَحَوَاصِلِ الْحَمَامِ لاَ يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ »(1).
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ أَنَّهُ قَالَ: « قَوْمٌ يَخْضِبُونَ بِهَذَا السَّوَادِ آخِرَ الزَّمَانِ كَحَوَاصِلِ الْحَمَامِ لاَ يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ ».(2)
قِيلَ الْمُرَاد أَنَّهُمْ وَإِنْ دَخَلُوا الْجَنَّة لَا يَجِدُونَ رِيحهَا وَلَا يَتَلَذَّذُونَ بِهِ وَقِيلَ هُوَ تَغْلِيظ وَتَشْدِيد أَوْ الْمُرَاد أَنَّهُمْ لَا يَجِدُونَ رِيحهَا مَعَ السَّابِقِينَ(3)
ـــــــــــــــ
من غش رعيته وخانهم
عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ عَادَ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ فِى مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ فَقَالَ لَهُ مَعْقِلٌ إِنِّى مُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً ، فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ ، إِلاَّ لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ »(4).
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : مَا مِنْ أُمَّتِي أَحَدٌ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ ، النَّاسِ ، شَيْئًا لَمْ يَحْفَظْهُمْ بِمَا يَحْفَظُ بِهِ نَفْسَهُ وَأَهْلَهُ ، إِلَّا لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ "(5)
ـــــــــــــــ
__________
(1) - سنن أبى داود (4214 ) صحيح
(2) - سنن النسائى (5092 ) صحيح
(3) - شرح سنن النسائي - (ج 6 / ص 463)
(4) - صحيح البخارى (7150 )
(5) - المعجم الصغير للطبراني(919) لغيره(2/313)
مَنْ كَذَبَ عَلَى نَبِيِّهِ
عَنْ أَوْسِ بن أَوْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : مَنْ كَذَبَ عَلَى نَبِيِّهِ ، أَوْ عَلَى عَيْنَيْهِ ، أَوْ عَلَى وَالِدَيْهِ ، لَمْ يُرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ.(1)
وعن أوس بن أوس الثقفي قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " مَنْ كَذَبَ عَلَى نَبِيِّهِ ، أَوْ كَذَبَ عَلَى عَيْنَيْهِ ، أَوْ كَذَّبَ أَبَوَيْهِ ، فَإِنَّهُ لَا رَائِحَةَ الْجَنَّةِ(2)
ـــــــــــــــ
مَنْ خَفَرَ بِذِمَّةٍ لَمْ يَرُحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ:"لا عَدْوَى، وَلا صَفَرَ، وَلا هَامَ، وَلا يَتِمُّ شَهْرَانِ، وَمَنْ خَفَرَ بِذِمَّةٍ لَمْ يَرُحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ".(3)"خفر" : أي نقض العهد
ـــــــــــــــ
مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُبَاهِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ،
عَنْ مُعَاذِ بن جَبَلٍ، عَن ْرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ:"مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُبَاهِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ، وَيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ فِي الْمَجَالِسِ، لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ"(4)
- - - - - - - - - - - - - - - - - - -
__________
(1) - المعجم الكبير للطبراني - (ج 1 / ص 253)(590) صحيح لغيره
(2) - مساوئ الأخلاق للخرائطي(250 ) صحيح لغيره
(3) - المعجم الكبير للطبراني - (ج 7 / ص 202) (7662 ) حسن
(4) - المعجم الكبير للطبراني - (ج 14 / ص 467)(16545 ) والترمذي(2866 ) والإتحاف 1/350 و 7/471 و 10/60 وسنن ابن ماجه (262) من طرق حسن لغيره(2/314)
الباب الثالث
صفة النار في القرآن والسنَّة
الترغيب في سؤال الجنة والاستعاذة من النار
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُعَلِّمُهُمْ هَذَا الدُّعَاءَ كَمَا يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ يَقُولُ « قُولُوا اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ ».(1)
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُعَلِّمُهُمْ هَذَا الدُّعَاءَ كَمَا يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ(2).
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ زَوْجُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - « اللَّهُمَّ أَمْتِعْنِى بِزَوْجِى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبِأَبِى أَبِى سُفْيَانَ وَبِأَخِى مُعَاوِيَةَ. قَالَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « قَدْ سَأَلْتِ اللَّهَ لآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ وَأَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ لَنْ يُعَجِّلَ شَيْئًا قَبْلَ حِلِّهِ أَوْ يُؤَخِّرَ شَيْئًا عَنْ حِلِّهِ وَلَوْ كُنْتِ سَأَلْتِ اللَّهَ أَنْ يُعِيذَكِ مِنْ عَذَابٍ فِى النَّارِ أَوْ عَذَابٍ فِى الْقَبْرِ كَانَ خَيْرًا وَأَفْضَلَ ».(3)
__________
(1) - صحيح مسلم (1361)
(2) - صحيح ابن حبان - (ج 3 / ص 280)(999) صحيح
(3) - صحيح مسلم(6941)(2/315)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : مَا اسْتَجَارَ عَبْدٌ مِنَ النَّارِ سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي يَوْمٍ ، إِلا قَالَتِ النَّارُ : يَا رَبِّ إِنَّ عَبْدَكَ فُلانًا قَدِ اسْتَجَارَكَ مِنِّي فَأَجِرْهُ ، وَلا يَسْأَلُ اللَّهَ عَبْدٌ الْجَنَّةَ فِي يَوْمٍ سَبْعَ مَرَّاتٍ ، إِلا قَالَتِ الْجَنَّةُ : يَا رَبِّ إِنَّ عَبْدَكَ فُلانًا سَأَلَنِي فَأَدْخِلْهُ "(1)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : مَنْ قَالَ : أَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ سَبْعًا ، قَالَتِ الْجَنَّةُ : اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ وَمَنِ اسْتَعَاذَ مِنَ النَّارِ ، قَالَتِ النَّارَ : اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنَ النَّارِ.(2)
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : مَا سَأَلَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ الْجَنَّةَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ إِلاَّ قَالَتِ الْجَنَّةُ : اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ ، وَلاَ اسْتَجَارَ مُسْلِمٌ مِنَ النَّارِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ إِلاَّ ، قَالَتِ النَّارُ : اللَّهُمَّ أَجِرْهُ.(3)
__________
(1) - مسند أبي يعلى الموصلي (6192) ضعيف
(2) - مسند الطيالسي (2702) صحيح
(3) - صحيح ابن حبان - (ج 3 / ص 293)(1014) صحيح(2/316)
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلاَئِكَةً سَيَّارَةً فُضْلاً يَتَبَّعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ فَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِسًا فِيهِ ذِكْرٌ قَعَدُوا مَعَهُمْ وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَجْنِحَتِهِمْ حَتَّى يَمْلَئُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَإِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعِدُوا إِلَى السَّمَاءِ - قَالَ - فَيَسْأَلُهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ فَيَقُولُونَ جِئْنَا مِنْ عِنْدِ عِبَادٍ لَكَ فِى الأَرْضِ يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيُهَلِّلُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيَسْأَلُونَكَ.
قَالَ وَمَاذَا يَسْأَلُونِى قَالُوا يَسْأَلُونَكَ جَنَّتَكَ. قَالَ وَهَلْ رَأَوْا جَنَّتِى قَالُوا لاَ أَىْ رَبِّ. قَالَ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا جَنَّتِى قَالُوا وَيَسْتَجِيرُونَكَ. قَالَ وَمِمَّ يَسْتَجِيرُونَنِى قَالُوا مِنْ نَارِكَ يَا رَبِّ. قَالَ وَهَلْ رَأَوْا نَارِى قَالُوا لاَ. قَالَ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِى قَالُوا وَيَسْتَغْفِرُونَكَ - قَالَ - فَيَقُولُ قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ فَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوا وَأَجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا - قَالَ - فَيَقُولُونَ رَبِّ فِيهِمْ فُلاَنٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ إِنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَ مَعَهُمْ قَالَ فَيَقُولُ وَلَهُ غَفَرْتُ هُمُ الْقَوْمُ لاَ يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ »(1).
الفُضل : ملائكة زائدون على الحفظة وغيرهم
ـــــــــــــــ
__________
(1) - صحيح مسلم (7015 )(2/317)
الترهيب من النار أعاذنا الله منها بمنه وكرمه
عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - « اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِى الدُّنْيَا حَسَنَةً ، وَفِى الآخِرَةِ حَسَنَةً ، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ »(1).
قال تعالى : { فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (200) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201) أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (202)} [البقرة/200-202]
يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - وَالمُؤْمِنِينَ بِالإِكْثَارِ مِنْ ذِكْرِ اللهِ بَعْدَ قَضَاءِ المَنَاسِكِ وَالفَرَاغِ مِنْهَا . وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنَّ العَرَبَ فِي الجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَقِفُونَ فِي المَوْسِمِ فَيَقُولُ الرَّجُلُ مِنْهُمُ : كَانَ أَبِي يُطْعِمُ وَيَحْمِلُ الدِّيَاتِ . . . إِلخ لَيْسَ لَهُمْ هَمٌّ غَيْرُ ذِكْرِ فِعَالِ آبَائِهِمْ فَأَنْزَلَ اللهُ هذِهِ الآيَةَ ، وَأَرْشَدَ المُسْلِمِينَ إِلَى دُعَائِهِ بَعْدَ ذِكْرِهِ كَثِيراً ، لِمَا فِي ذلِكَ مِنْ مَظنَّةٍ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ وَذَمَّ اللهُ الذِينَ لا يَسْأَلُونَ إِلاَّ فِي أَمْرِ دُنْيَاهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ عَنْ أَمْرِ آخِرَتِِهِمْ ، غَيْر مُهْتَمِّينَ بِهِ .
وَهؤلاءِ لَهُمْ نَصِيبٌ مَضْمُونٌ مِمَّا كَسَبُوهُ بِالطَّلَبِ وَالرُّكُونِ إِلَى اللهِ ، لا يُبْطِئُ عَلَيْهِمْ ، فَاللهُ تَعَالَى سَرِيعُ الحِسَابِ ، وَهُوَ يَجْزِي كُلاً بِمَا يَسْتَحِقُّهُ .
__________
(1) - صحيح البخارى(6389 )(2/318)
وَإِلى جَانِبِ أُولَئِكَ المُهْتَمِّينَ بِأَمْرِ الدُّنْيا فَقَطْ ، آخَرُون يَهْتَمُونَ بِأَمْرِ الآخِرَةِ إِلى جَانِبِ اهْتِمَامِهِمْ بِأَمْرِ الدُّنيا فَيَقُولُونَ : رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيا حَسَنَةً ( وَتَشْمَلُ كُلَّ مَطْلَبٍ دَنْيَويِّ ) وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً ( وَتَشْمَلُ دُخُولَ الجَنَّةِ وَالنَّجَاةَ مِنَ النَّارِ ) ، وَهَذا يَقْتَضِي تَيْسِيرَ أَسْبَابِهِ فِي الدُّنْيا : مِنِ اجِتِنَابِ المَحَارِمِ وَالآثَامِ ، وَتَرْكِ الشُّبُهَاتِ وَالمُحَرَّمَاتِ .
وعَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْقِلٍ قَالَ سَمِعْتُ عَدِىَّ بْنَ حَاتِمٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ »(1).
وعَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ ذَكَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - النَّارَ ، فَتَعَوَّذَ مِنْهَا وَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ ، ثُمَّ ذَكَرَ النَّارَ ، فَتَعَوَّذَ مِنْهَا ، وَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ - قَالَ شُعْبَةُ أَمَّا مَرَّتَيْنِ فَلاَ أَشُكُّ - ثُمَّ قَالَ « اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ »(2)
وعَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « اتَّقُوا النَّارَ » . ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ ، ثُمَّ قَالَ « اتَّقُوا النَّارَ » . ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ ثَلاَثًا ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا ، ثُمَّ قَالَ « اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ »(3).
__________
(1) - صحيح البخارى(1417)
(2) - صحيح البخارى(6023 )
(3) - صحيح البخارى(6540 ) وصحيح مسلم(2396 )(2/319)
وعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ ، قَالَ : قَامَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - ، فَقَالَ : اتَّقُوا النَّارَ ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ قَالَ : ثُمَّ قَالَ : اتَّقُوا النَّارَ ، ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ يَرَاهَا ، ثُمَّ قَالَ : اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا ، فَبِكَلِمَةٍ طَيْبَةٍ.(1)
أشاح بشين معجمة وحاء مهملة معناه حذر النار كأنه ينظر إليها وقال الفراء المشيح على معنيين المقبل إليك والمانع لما وراء ظهره قال وقوله أعرض وأشاح أي أقبل
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (214) سورة الشعراء، دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُرَيْشًا فَاجْتَمَعُوا فَعَمَّ وَخَصَّ فَقَالَ « يَا بَنِى كَعْبِ بْنِ لُؤَىٍّ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ يَا بَنِى مُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ يَا بَنِى عَبْدِ شَمْسٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ يَا بَنِى عَبْدِ مَنَافٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ يَا بَنِى هَاشِمٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ يَا بَنِى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ يَا فَاطِمَةُ أَنْقِذِى نَفْسَكِ مِنَ النَّارِ فَإِنِّى لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا غَيْرَ أَنَّ لَكُمْ رَحِمًا سَأَبُلُّهَا بِبَلاَلِهَا »(2). أبل : أصل
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (ج 7 / ص 43)(2804) صحيح
(2) - صحيح مسلم(522 )(2/320)
وعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ فَقَالَ :« أَنْذَرْتُكُمُ النَّارَ ، أَنْذَرْتُكُمُ النَّارَ ، أَنْذَرْتُكُمُ النَّارَ ». فَمَا زَالَ يَقُولُهَا حَتَّى لَوْ كَانَ فِى مَقَامِى هَذَا لَسَمِعَهُ أَهْلُ السُّوقِ وَحَتَّى سَقَطَتْ خَمِيصَةٌ كَانَتْ عَلَيْهِ عِنْدَ رِجْلِيهِ.(1)
الخميصة : كساء أسود مربع له علمان فى طرفيه من صوف وغيره
وعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ ، يَقُولُ : أُنْذِرُكُمَ النَّارَ ، حَتَّى سَقَطَ أَحَدُ عِطْفَيْ رِدَائِهِ عَنْ مَنْكِبَيْهِ ، وَهُوَ يَقُولُ : أُنْذِرُكُمَ النَّارَ ، حَتَّى لَوْ كَانَ مِنْ مَكَانِي هَذَا لأَسْمَعَ أَهْلَ السُّوقِ ، أَوْ مَنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْهُمْ.(2)
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّمَا مَثَلِى وَمَثَلُ أُمَّتِى كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا فَجَعَلَتِ الدَّوَابُّ وَالْفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهِ فَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ وَأَنْتُمْ تَقَحَّمُونَ فِيهِ »(3).
الحجز : جمع حجزة وهى معقد الإزار والسراويل -تقحمون : تقعون
__________
(1) - سنن الدارمى(2868) صحيح
(2) - مصنف ابن أبي شيبة (ج 13 / ص 158)(35273) صحيح
(3) - صحيح مسلم(6095 )(2/321)
وعَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - . فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَثَلِى كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهَا جَعَلَ الْفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ الَّتِى فِى النَّارِ يَقَعْنَ فِيهَا وَجَعَلَ يَحْجُزُهُنَّ وَيَغْلِبْنَهُ فَيَتَقَحَّمْنَ فِيهَا قَالَ فَذَلِكُمْ مَثَلِى وَمَثَلُكُمْ أَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ هَلُمَّ عَنِ النَّارِ هَلُمَّ عَنِ النَّارِ فَتَغْلِبُونِى تَقَحَّمُونَ فِيهَا »(1).
وعَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَثَلِى وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَوْقَدَ نَارًا فَجَعَلَ الْجَنَادِبُ وَالْفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهَا وَهُوَ يَذُبُّهُنَّ عَنْهَا وَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ وَأَنْتُمْ تَفَلَّتُونَ مِنْ يَدِى »(2).
الجنادب : جمع جندب وهو نوع من الجراد يقفز ويطير -الحجز : جمع حجزة وهى معقد الإزار والسراويل
وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " مَا رَأَيْتُ مِثْلَ الْجَنَّةِ ، نَامَ طَالِبُهَا . وَلَا مِثْلَ النَّارِ نَامَ هَارِبُهَا "(3).
__________
(1) - صحيح مسلم (6097 )
(2) - صحيح مسلم (6098 )
(3) - مجمع الزوائد (17709 ) رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ .(2/322)
وعَنْ كُلَيْبِ بْنِ حَزْنٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ : " يَا قَوْمُ " اطْلُبُوا الْجَنَّةَ جَهْدَكُمْ ، وَاهْرَبُوا مِنَ النَّارِ جَهْدَكُمْ ، فَإِنَّ الْجَنَّةَ لَا يَنَامُ طَالِبُهَا ، وَإِنَّ النَّارَ لَا يَنَامُ هَارِبُهَا ، أَلَا إِنَّ الْآخِرَةَ الْيَوْمَ مُحَفَّفَةٌ بِالْمَكَارِهِ ، وَإِنَّ الدُّنْيَا مُحَفَّفَةٌ بِالشَّهَوَاتِ "(1)
وقَالَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ ، ارْغَبُوا فِيمَا رَغَبَّكُمُ اللَّهُ فِيهِ ، وَاحْذَرُوا مِمَّا حَذَّرَكُمُ اللَّهُ مِنْهُ ، وَخَافُوا مِمَّا خَوَّفَكُمُ اللَّهُ بِهِ مِنْ عَذَابِهِ وَعِقَابِهِ وَمِنْ جَهَنَّمَ ؛ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ قَطْرَةً مِنَ الْجَنَّةِ مَعَكُمْ فِي دُنْيَاكُمُ الَّتِي أَنْتُمْ فِيهَا حَلَّتْهَا لَكُمْ ، وَلَوْ كَانَتْ قَطْرَةٌ مِنَ النَّارِ مَعَكُمْ فِي دُنْيَاكُمُ الَّتِي أَنْتُمْ فِيهَا خَبَّثَتْهَا عَلَيْكُمْ "(2)
__________
(1) - المعجم الكبير للطبراني - (ج 14 / ص 81)(15779 ) ضعيف
(2) - الْبَعْثُ وَالنُّشُورُ لِلْبَيْهَقِيِّ(532 ) فيه مجاهيل(2/323)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَتَى بِفَرَسٍ ، يَجْعَلُ كُلَّ خَطْوٍ مِنْهُ أَقْصَى بَصَرِهِ ، فَسَارَ وَسَارَ مَعَهُ جِبْرِيلُ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَى عَلَى قَوْمٍ يَزْرَعُونَ فِي يَوْمٍ ، وَيَحْصُدُونَ فِي يَوْمٍ ، كُلَّمَا حَصَدُوا عَادَ كَمَا كَانَ ، فَقَالَ : يَا جِبْرِيلُ ، مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ قَالَ : هَؤُلَاءِ الْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، تُضَاعَفُ لَهُمُ الْحَسَنَةُ بِسَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ ، وَمَا أَنْفَقُوا مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ، ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ تُرْضَخُ رُءُوسُهُمْ بِالصَّخْرِ ، كُلَّمَا رُضِخَتْ عَادَتْ كَمَا كَانَتْ ، وَلَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ . قَالَ : يَا جِبْرِيلُ ، مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ قَالَ : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَثَاقَلَتْ رُءُوسُهُمْ عَنِ الصَّلَاةِ ، ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ عَلَى أَدْبَارِهِمْ رِقَاعٌ ، وَعَلَى أَقْبَالِهِمْ رِقَاعٌ ، يَسْرَحُونَ كَمَا تَسْرَحُ الْأَنْعَامُ إِلَى الضَّرِيعِ وَالزَّقُّومِ وَرَضْفِ جَهَنَّمَ . قَالَ : مَا هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا يُؤَدُّونَ صَدَقَاتِ أَمْوَالِهِمْ ، وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ ، وَمَا اللَّهُ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ، ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ لَحْمٌ فِي قِدْرٍ نَضِيجٌ ، وَلَحْمٌ آخَرُ نِيءٌ خَبِيثٌ ، فَجَعَلُوا يَأْكُلُونَ الْخَبِيثَ وَيَدَعُونَ النَّضِيجَ الطَّيِّبَ .(2/324)
قَالَ : يَا جِبْرِيلُ ، مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ قَالَ : الرَّجُلُ مِنْ أُمَّتِكَ يَقُومُ مِنْ عِنْدِ امْرَأَتِهِ حَلَالًا ، فَيَأْتِي الْمَرْأَةَ الْخَبِيثَةَ ، فَيَبِيتُ مَعَهَا حَتَّى يُصْبِحَ ، وَالْمَرْأَةُ تَقُومُ مِنْ عِنْدِ زَوْجِهَا حَلَالًا طَيِّبًا ، فَتَأْتِي الرَّجُلَ الْخَبِيثَ فَتَبِيتُ عِنْدَهُ حَتَّى تُصْبِحَ ، ثُمَّ أَتَى عَلَى رَجُلٍ قَدْ جَمَعَ حُزْمَةً عَظِيمَةً لَا يَسْتَطِيعُ حَمْلَهَا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهَا ، فَقَالَ : يَا جِبْرِيلُ ، مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِكَ عَلَيْهِ أَمَانَةُ النَّاسِ ، لَا يَسْتَطِيعُ أَدَاءَهَا وَهُوَ يَزِيدُ عَلَيْهَا ، ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ تُقْرَضُ شِفَاهُهُمْ وَأَلْسِنَتُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ حَدِيدٍ ، كُلَّمَا قُرِضَتْ عَادَتْ كَمَا كَانَتْ ، لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ .(2/325)
قَالَ : يَا جِبْرِيلُ ، مَا هَؤُلَاءِ ؟ قَالَ : خُطَبَاءُ الْفِتْنَةِ ، ثُمَّ أَتَى عَلَى جُحْرٍ صَغِيرٍ يَخْرُجُ مِنْهُ ثَوْرٌ عَظِيمٌ ، فَيُرِيدُ الثَّوْرُ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ حَيْثُ خَرَجَ فَلَا يَسْتَطِيعُ ، فَقَالَ : مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ : هَذَا الرَّجُلُ يَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ الْعَظِيمَةِ فَيَنْدَمُ عَلَيْهَا ، فَيُرِيدُ أَنْ يَرُدَّهَا فَلَا يَسْتَطِيعُ ، ثُمَّ أَتَى عَلَى وَادٍ فَوَجَدَ رِيحًا طَيِّبَةً ، وَوَجَدَ رِيحَ مِسْكٍ مَعَ صَوْتٍ ، فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ قَالَ : صَوْتُ الْجَنَّةِ تَقُولُ : يَا رَبِّ ، ائْتِنِي بِأَهْلِي وَبِمَا وَعَدْتَنِي ، فَقَدْ كَثُرَ غَرْسِي ، وَحَرِيرِي ، وَسُنْدُسِي ، وَإِسْتَبْرَقِي ، وَعَبْقَرِيِّي ، وَمَرْجَانِي ، وَقَصَبِي ، وَذَهَبِي ، وَأَكْوَابِي ، وَصِحَافِي ، وَأَبَارِيقِي ، وَفَوَاكِهِي ، وَعَسَلِي ، وَثِيَابِي ، وَلَبَنِي ، وَخَمْرِي ، ائْتِنِي بِمَا وَعَدْتَنِي . قَالَ : لَكِ كُلُّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ وَمُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ .(2/326)
وَمَنْ آمَنَ بِي وَبِرُسُلِي ، وَعَمِلَ صَالِحًا ، وَلَمْ يُشْرِكْ بِي شَيْئًا ، وَلَمْ يَتَّخِذْ مِنْ دُونِي أَنْدَادًا - فَهُوَ آمِنٌ ، وَمَنْ سَأَلَنِي أَعْطَيْتُهُ ، وَمَنْ أَقْرَضَنِي جَزَيْتُهُ ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيَّ كَفَيْتُهُ ، إِنِّي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا ، لَا خُلْفَ لِمِيعَادِي ، قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ، فَقَالَتْ : قَدْ رَضِيتُ ، ثُمَّ أَتَى عَلَى وَادٍ فَسَمِعَ صَوْتًا مُنْكَرًا ، فَقَالَ : يَا جِبْرِيلُ ، مَا هَذَا الصَّوْتُ ؟ قَالَ : هَذَا صَوْتُ جَهَنَّمَ تَقُولُ : يَا رَبِّ ، ائْتِنِي بِأَهْلِي وَبِمَا وَعَدْتَنِي ، فَقَدْ كَثُرَ سَلَاسِلِي ، وَأَغْلَالِي ، وَسَعِيرِي ، وَحَمِيمِي ، وَغَسَّاقِي ، وَغِسْلِينِي ، وَقَدْ بَعُدَ قَعْرِي ، وَاشْتَدَّ حَرِّي ، ائْتِنِي بِمَا وَعَدْتَنِي . قَالَ : لَكِ كُلُّ مُشْرِكٍ وَمُشْرِكَةٍ وَخَبِيثٍ وَخَبِيثَةٍ ، وَكُلُّ جَبَّارٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ . قَالَتْ : قَدْ رَضِيتُ .(1)
- الرَّضْخ : الشَّدْخ. والرَّضْخ أيضا : الدّقُّ والكسر - الأدبار : جمع الدبر ودبر كل شيء عقبه ومؤخره-الأنعام : الإبل والبقر والغنم- الضريع : نبات الشبرق لا تقربه دابة لخبثه- قصعته : ضربته وقمعته-قرض : قطع-المقاريض : جمع المقراض وهو المقص وكل ما يُقْطَع به الأشياء- قرضت : قطعت- العرف : الريح الطيبة- الأغلال جمع الغُل : وهو طوق من حديد أو جلد يجعل في عنق الأسيرأو المجرم أو في أيديهما - الغساق : بالتخفيف والتشديد ما يسيل من صديد أهل النار وغسالتهم ، وقيل الزمهرير
__________
(1) - تهذيب الآثار للطبري(2768) ودلائل النبوة للبيهقي(679 ) حسن(2/327)
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ رَأَيْتُمْ مَا رَأَيْتُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيراً ». قَالُوا وَمَا رَأَيْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « رَأَيْتُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ ». وَحَضَّهُمْ عَلَى الصَّلاَةِ وَنَهَاهُمْ أَنْ يَسْبِقُوهُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَنَهَاهُمْ أَنْ يَنْصَرِفُوا قَبْلَ انْصِرَافِهِ مِنَ الصَّلاَةِ وَقَالَ « إِنِّى أَرَاكُمْ مِنْ خَلْفِى وَمِنْ أَمَامِى »(1).
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ : أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ بِقَوْمٍ يَضْحَكُونَ فَقَالَ : " تَضْحَكُونَ وَذِكْرُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ ؟ ! " . قَالَ : فَمَا رُئِيَ أَحَدٌ مِنْهُمْ ضَاحِكًا حَتَّى مَاتَ ، قَالَ : وَنَزَلَتْ : " نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (50) [الحجر/49-51]"(2).
وعن عبد الله بن عمر : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ : " لَا تَنْسَوَا الْعَظِيمَيْنِ " . قُلْنَا : وَمَا الْعَظِيمَانِ ؟ قَالَ : " الْجَنَّةُ وَالنَّارُ " فَذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا ذَكَرَ ثُمَّ بَكَى حَتَّى جَرَى أَوْ بَلَّ الدَّمْعُ جَانِبَيْ لِحْيَتِهِ ، ثُمَّ قَالَ : وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَوْ تَعْلَمُونَ مِنَ الْأَمْرِ مَا أَعْلَمُ لَمَشَيْتُمْ إِلَى الصَّعِيدِ عَلَى رُءُوسِكُمُ التُّرَابَ "(3)
الحثو والحثي : الاغتراف بملء الكفين ، وإلقاء ما فيهما
__________
(1) - مسند أحمد (13875) صحيح
(2) - مسند البزار (2216) ضعيف
(3) - المطالب العالية للحافظ ابن حجر العسقلاني (3392) حسن(2/328)
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « نَارُكُمْ هَذِهِ الَّتِى يُوقِدُ بَنُو آدَمَ جُزْءٌ وَاحِدٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزءًا مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ ». قَالُوا وَاللَّهِ إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « فَإِنَّهَا فُضِّلَتْ بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّهَا ».(1)
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - . وَعَمْرٌو عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ « إِنَّ نَارَكُمْ هَذِهِ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءاً مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ وَضُرِبَتْ بِالْبَحْرِ مَرَّتَيْنِ وَلَوْلاَ ذَلِكَ مَا جَعَلَ اللَّهُ فِيهَا مَنْفَعَةً لأَحَدٍ »(2).
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا ».(3)
قَالَ فِي اللَّمَعَاتِ : لَعَلَّ جَهَنَّمَ يُؤْتَى بِهَا فِي الْمَوْقِفِ لِيَرَاهَا النَّاسُ تَرْهِيبًا لَهُمْ(4).
والزمام: لغة ما يجعل في أنف البعير يشد عليه المقود فيحتمل أن يكون ذلك على حقيقته، وأن تكون تمثيلاً لعظمها وفرط كبرها بحيث إنها تحتاج في الإتيان بها إلى هذه الأزمة(5)
وهذا يدل على عظمة هذه النار نسأل الله أن يعيذنا والمسلمين منها ومن هول ذلك اليوم لأن الله تعالى جعل سبعين ألف ملك مع كل زمام من سبعين ألف زمام يجرون بها جهنم والعياذ بالله فهذا العدد الكبير من الملائكة يدل على أن الأمر عظيم والخطر جسيم(6)
ـــــــــــــــ
__________
(1) - سنن الترمذى(2792 ) صحيح
(2) - مسند أحمد (7529) صحيح
(3) - صحيح مسلم (7343 )
(4) - تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 367)
(5) - دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين - (ج 4 / ص 127)
(6) - شرح رياض الصالحين لابن عثيمين - (ج 3 / ص 37)(2/329)
أسماء النار:
ذكر اللهُ تعالى في كتابه النارَ بعدة أسماء وهي:
•جهنم: قال تعالى: (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعاًّ ){الطور:13}.
وفي ذلِكَ اليَوْمِ يُدفَعُ هؤلاءِ المُكَِذِّبُونَ ، الخَائِضُونَ في البَاطِل ، إِلى جَهَنَّم دَفْعاً عَنيفاً ، وَيُسَاقُونَ إليها سَوْقاً .
•لظى: قال تعالى: ( كَلاَّ إِنَّهَا لَظَى * نَزَّاعَةً لِّلشَّوَى ) {المعارج:15-16}.
كَلاَّ لاَ يُقْبَلُ فِدَاءٌ مِنَ الكَافِرِ ، وَلَوْ أَنَّهُ افْتَدَى بِجَمِيعِ أَهْلِ الأَرْضِ ، وَبِجَمِيعِ مَا فِي الأَرْضِ مِنْ ذَهَبٍ وَمَالٍ ، إِنَّهَا النَّارُ الشَّدِيدَةُ الحَرَارَةِ .
تَحْرُقُ كُلَّ شَيءٍ بَارِزٍ مِنْ جِسْمِ الإِنْسَانِ فَتُزِيلُهُ وَكَأَنَّهَا تَنْزِعُهُ انْتِزَاعاً .
•الحُطَمة:قال تعالى: (كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)){الهمزة:4-9}.
كَلاَّ إِنَّ مَالَهُ لَنْ يُخَلِّدَهُ ، وَلَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ عَذَابِ اللهِ ، وَسَيُطْرَحُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ كَمَا تُطْرَحُ النَّوَاهُ .
( وَسُميتِ النَّارُ حُطَمَةً لأَنَّهَا تُحَطِّمُ كُلَّ مَا يُلْقَى فِيهَا وَلاَ تُبْقِي مِنْهُ عَلَى شَيءٍ ) .
يُنْبَذَنَّ - يُقْذَفَنَ قَذْفاً كَمَا تُقْذفُ النَّوَاةُ . وَهَذِهِ الحُطَمَةُ لَيْسَتْ مِمّا يُحِيطُ بِهِ عِلْمُكَ .
إِنَّهَا نَارُ اللهِ المُشْتَعِلَةِ التِي أَعَدَّهَا اللهُ لِعَذَابِ الكَفَرَةِ العُصَاةِ .
وَإِنَّهَا لَتَبلُغُ فِي عَذَابَهِمْ إِلَى قُلُوبِهِمْ فَتَنْهَشُهَا نَهْشاً ، وَالقَلْبُ أَكْثَرُ الأَعْضَاءِ تَأَلماً ، فَإٍذَا نَهَشَتْهُ النَّارُ بَلَغَ العَذَابُ بِالإِنْسَانِ أَقْصَاهُ .(2/330)
وَتُطْبِقُ النَّارُ عَلَيْهِمْ إِطْبَاقاً شَدِيداً ، وَتُغْلَقُ عَلَيْهِمْ أَبْوَابُهَا ، فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ مِنْهَا خَلاَصاً .
وَأَبْوَابُ النَّارِ تُطْبَقُ عَلَيْهِمْ ، وَتُشَدُّ بِأَعْمِدَةٍ مُمَدَّدةٍ مِنْ حَدِيدٍ فَلاَ يُفْتَحُ عَلَيْهِمْ بَابٌ .
( أَوْ إِنَّهُمْ يَكُونُونَ مُوثَقِينَ فِي النَّارِ ، وَمَشْدُودِينَ إِلَى أَعْمدةٍ مُمَدَّدَةٍ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ حَرَاكاً وَلاَ خَلاَصاً ) .
•السعير:قال تعالى: ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) {الشورى:7}.
وَكَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ ، وَأَرْسَلْنَا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَى قَوْمِهِ لِيَسْتَطِيعَ دَعْوَتَهُمْ إِلَى اللهِ بِلُغَتِهِمْ وَلِسَانِهِمْ ، وَلِيَفْهَمُوا مِنْهُ مَعَانِي مَا يُرِيدُ إِبْلاَغَهُ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ ، كَذلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآناً وَاضِحاً جَلِيّاً مُنَزَّلاً بِاللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ ، لُغَةِ قَوْمِكَ لِتُنْذِرَ أَهْلَ مَكَةَ ( أُمَّ القُرَى ) ، وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ النَّاسِ ، وَتُحَذِّرَهُمْ عِقَابَ اللهِ ، يَوْمَ القِيَامَةِ ، يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الخَلاَئِقَ لِيُحَاسِبَهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ ، وَهُوَ يَوْمٌ وَاقِعٌ لاَ شَكَّ فِيهِ وَلاَ رَيْبَ ، فَيجْزِي الكَافِرِينَ الظَّالِمِينَ بِمَا اجْتَرَحُوا مِنَ الإِثْمِ والسَّيِّئَاتِ ، وَيَكُونُونَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، فَيُقْذَفُونَ فِيهَا قَذْفاً ، وَيَجْزِي المُحْسِنِينَ بِالجَنَّةِ .
•سقر: قال تعالى: (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وَجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ) {القمر:48}.(2/331)
وَيَوْمَ القِيَامَةِ يُعَذَّبُونَ في النَّارِ ، وَيُجرُّونَ فِيهَا عَلَى وُجُوهِهِمْ ، وَيُقَالُ لَهُمْ تَقْريعاً وَتَوْبِيخاً : ذُوقوا حَرَّ نَارِ جَهَنَّمَ وآلامَها جَزَاءً لَكُمْ عَلَى كُفْرِكُمْ وَتَكْذِيبِكُمْ رُسُلَ رَبِّكمْ وَجَحْدِكُمْ بآياتِه .
وقال تعالى { سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30) } [المدثر/26-30]
سَأْدْخِلُهُ جَهَنَّمَ ، وأَغْمُرُهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ .وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَ نَارُ جَهَنَّمَ؟ إِنَّهَا بَلَغَتْ فِي الغَرَابَةِ حَدّاً لاَ يُمْكِنُ إِحَاطَةُ الوَصْفِ بِهِ .لا تُبْقِي لَحْماً ، وَلاَ تَذَرُ عَظْماً ، وَإِنَّمَا تَأْتي عَلَيْهِ جَمِيعاً . تُلَوِّحُ الجِلْدَ فَتحْرِقُهُ وَتُغَيِّرُ لَوْنَهُ . وَعَلَى النَّارِ خَزَنَةٌ مِنَ المَلاَئِكَةِ ، عِدَّتُهُمْ تِسْعَةَ عَشَرَ مَلَكاً يَلُونَ أَمْرَهَا .
وقال تعالى :{ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47) } [المدثر/38-47](2/332)
كُلُّ نَفْسٍ مُرْتَهَنَةٌ بِعَمَلِهَا عِنْدَ اللهِ يَوْمَ القِيَامَةِ . إِلاَّ المُؤْمِنِينَ مِنْ أَصْحَابِ اليَمِينِ ، الذِينَ يُعْطَوْنَ كُتُبَ أًَعْمَالِهِمْ يَوْمَ الحِسَابِ فَيَتَنَاوَلُونَهَا بِأَيْمَانِهِمْ ، فَإِنَّهُمْ فَكُّوا رَهْنَ أَنْفُسِهِمْ بِحُسْنِ أَعْمَالِهِمْ فِي الدُّنْيَا .وَيَكُونُ أَصْحَابُ اليَمِينِ هَؤُلاَءِ فِي الجَنَّاتِ يَتَسَاءَلُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ . وَيَسْأَلُونَ عَنِ المُجْرِمِينَ الذِينَ يَكُونُونَ فِي دَرَكَاتِ النَّارِ . ثُمَّ يَسْأَلُونَ المُجْرِمِينَ وَهُمْ فِي النَّارِ : مَا الذِي أَدْخَلَكُمْ نَارَ جَهَنَّمَ؟
وَيَرُدُّ المُجْرِمُونَ عَلَى سُؤَالِ الأَبْرَارِ أَهْلِ الجَنَّاتِ قَائِلِينَ : إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنَ المُؤْمِنِينَ الذِينَ يُؤَدُّونَ الصَّلَواتِ .وَإِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنَ الذِينَ يُحْسِنُونَ إِلَى خَلْقِ اللهِ الفُقَرَاءِ ، وَلَمْ يَكُونُوا يُطْعِمُونَ المَسَاكِينَ .وَإِنَّهُمْ كَانُوا يُشَارِكُونَ أَهْلَ البَاطِلِ فَيَخُوضُونَ مَعَهُمْ فِيمَا يَخُوضُونَ فِيهِ مِنَ الكُفْرِ والاسْتِهْزَاءِ ، وَقَوْلِ الزُّورِ ، وَكَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فِيمَا لاَ يَعْلَمُونَ . وَإِنَّهُمْ كَانُوا لاَ يُؤْمِنُونَ بِحَشْرٍ وَلاَ نَشْرٍ وَلاَ بَعْثٍ وَلاَ حِسَابٍ ، وَلاَ عِقَابٍ فِي الآخِرَةِ . حَتَّى جَاءَهُمْ المَوْتُ ، وَرَجَعُوا إِلَى اللهِ فِي الآخِرَةِ ، فَعَلِمُوا أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ حَقٌّ .
•الجحيم: قال تعالى: (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الجَحِيمَ صَلُّوهُ) {الحاقة:30-31}.
يقال لخزنة جهنم: خذوا هذا المجرم الأثيم، فاجمعوا يديه إلى عنقه بالأغلال، ثم أدخلوه الجحيم ليقاسي حرها
•الهاوية: قال تعالى: (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَاهِيَهْ*نَارٌ حَامِيَةٌ) {القارعة:8-11}.(2/333)
وَأَمَّا مَنْ رَجَحَتْ سَيِّئَاتُهُ عَلَى حَسَنَاتِهِ ، فَثَقُلَتْ كَفَّةُ أَعْمَالِهِ السَّيِئَةِ ، وَخَفَّتْ كَفَّةُ أَعْمَالِهِ الصَّالِحَةِ . فَإِنَّهُ يَأْوِي إِلَى مَهْوَاةٍ سَحِيقَةٍ فِي جَهَنَّمَ يَهْوِي فِيهَا كَمَا يَأْوِي الوَلَدُ إِلى أُمِّهِ .وَأَيُّ شَيءٍ يُدْرِيكَ وَيُعَرِّفُكَ بِمَا هِيَ تِلْكَ الهَاوِيَةُ؟
ـــــــــــــــ
أبواب النار
للنار سبعة أبواب يدخل أهلها منها, وذلك لكثرة أهلها, ولكلِّ باب ٍمن الأتباع الغواة قدر معلومٌ متميز عن غيره, قال تعالى: (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ){الحجر:43-44}
وَإِنَّ جَهَنَّمَ هِيَ مَكَانُ اللّقَاءِ وَالاجْتِمَاعِ ( مَوْعِدُهُمْ ) لِجَمِيعِ مَنِ اتَّبَعُوا إِبْلِيسَ وَهِيَ مَقَرُّهُمْ وَبِئْسَ المِهَادُ .وَيُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى أَنَّ لِجَهَنَّمَ سَبْعَةَ أَبْوَابٍ ، وَقَدْ قَدَّرَ اللهُ لِكُلِّ بَابٍ مِنْ هَذِهِ الأَبْوَابِ السَّبْعَةِ نَصِيباً مُعَيّناً مِنْ أَتْبَاعِ إِبْلِيسَ يَدْخُلُونَ مِنْهُ إِلَى جَهَنَّمَ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِمْ .
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « لِجَهَنَّمَ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ بَابٌ مِنْهَا لِمَنْ سَلَّ السَّيْفَ عَلَى أُمَّتِى أَوْ قَالَ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - - »(1).
ويُفهم من هذا الحديث أن كلَّ بابٍ من هذه الأبواب لعملٍ من الأعمال السيئة, كما أنَّ كل ّبابٍ من أبواب الجنة الثمانية لعملٍ من الأعمال الصالحة.
__________
(1) - سنن الترمذى(3414 ) فيه انقطاع وأوله صحيح(2/334)
فعن عُتْبَةَ بْنِ عَبْدِ السُّلَمِيِّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : الْقَتْلَى ثَلاَثَةٌ : رَجُلٌ مُؤْمِنٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ حَتَّى إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى يُقْتَلَ فَذَلِكَ الشَّهِيدُ الْمُمْتَحَنُ ، فِي خَيْمَةِ اللهِ ، تَحْتَ عَرْشِهِ ، وَلاَ يَفْضُلُهُ النَّبِيُّونَ إِلاَّ بِفَضْلِ دَرَجَةِ النُّبُوَّةِ ، وَرَجُلٌ مُؤْمِنٌ قَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا ، جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ حَتَّى ، إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ ، فَتِلْكَ مَصْمَصَةٌ مَحَتْ ذُنُوبَهُ وَخَطَايَاهُ ، إِنَّ السَّيْفَ مَحَّاءٌ لِلْخَطَايَا ، وَأُدْخِلَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَ ، فَإِنَّ لَهَا ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ ، وَلِجَهَنَّمَ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ ، وَبَعْضُهَا أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ ، وَرَجُلٌ مُنَافِقٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ ، حَتَّى إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ فَذَلِكَ فِي النَّارِ ، إِنَّ السَّيْفَ لاَ يَمْحُو النِّفَاقَ"(1).
وقيل: الأبواب:الأطباق, طبقٌ فوق طبق. فعَنْ عَلِيّ , قَالَ : أَبْوَاب جَهَنَّم سَبْعَة بَعْضهَا فَوْق بَعْض , فَيَمْتَلِئ الْأَوَّل , ثُمَّ الثَّانِي , ثُمَّ الثَّالِث , ثُمَّ تَمْتَلِئ كُلّهَا(2).
وعَنْ هُبَيْرَة بْن مَرْيَم , قَالَ : سَمِعْت عَلِيًّا يَقُول : إِنَّ أَبْوَاب جَهَنَّم بَعْضهَا فَوْق بَعْض , فَيُمْلَأ الْأَوَّل ثُمَّ الَّذِي يَلِيه , إِلَى آخِرهَا(3).
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (ج 10 / ص 519)(4663) حسن
(2) - تفسير الطبري - (ج 16 / ص 93)(16016 ) حسن
(3) - المصدر السابق(2/335)
وعَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : { لَهَا سَبْعَة أَبْوَاب } قَالَ : أَوَّلهَا جَهَنَّم , ثُمَّ لَظَى , ثُمَّ الْحُطَمَة , ثُمَّ السَّعِير , ثُمَّ سَقَر , ثُمَّ الْجَحِيم , ثُمَّ الْهَاوِيَة .(1)
ـــــــــــــــ
وقود النار:
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) {التحريم:6}
يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ، اعْمَلُوا بِطَاعَةِ اللهِ تَعَالَى ، وَاتَّقُوا مَعْصَيَتَهُ ، وَأمُرُوا أَهْلَكُمْ بِالذّكْرِ والتَّقْوَى ، وَعَلِّمُوهُمْ مَا فَرَضَ اللهُ عَلَيهِمْ ، وَمَا نَهَاهُمْ عَنْهُ ، وَأمُرُوهُمْ بِطَاعَةِ اللهِ لِتُنقِذُوهُمْ وَأَنْفُسَكُمْ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ ، التِي يَكُونُ وَقُودُهَا النَّاسُ مِنَ الكَفَرَةِ ، وَالحِجَارَةُ ، وَتَقُومُ عَلَيهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ عَلَى أَهْلِ النَّارِ ، أَشِدَّاءُ َعَلَيهِمْ ، لاَ يُخَالِفُونَ رَبَّهُمْ فِي أَمْرٍ بِهِ ، وَيُبَادِرُونَ إِلَى فِعْلِ مَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ .
وقال تعالى: {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} {البقرة:24}
__________
(1) - تفسير الطبري - (ج 16 / ص 93)(16018 ) صحيح(2/336)
فَإِنْ لَم يَسْتَطِيعُوا هُمْ وِشُرَكَاؤهُمْ وَشُهَداؤهُمْ أَنْ يَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِ مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ مِنَ القُرآنِ الكَرِيمِ ( وَهُمْ لَنْ يَسْتَطِيعُوا ذلِكَ أَبَداً مَهْمَا طَالَ الزَّمَنُ ) فَلْيَعْلَمُوا أَنَّ مَا جَاءَهُمْ بِهِ مُحَمَّدٌ هُوَ مِنْ وَحيِ المُكَابِرِينَ المُعانِدِينَ المُكَذِّبينَ بِالحَقِّ ، وَفِيما يُبَلِّغُهُ عَنْ رَبِّهِ ، وَيَكُونُونَ هُمُ المُكَابِرِينَ المُعَانِدِينَ المُكَذِّبينَ بِالحَقِّ ، وَعَلَيهِمْ أَنْ يَخْشَوْا عَذَابَ اللهِ وَنَارَهُ التِي يَكُونُ النَّاسُ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ أَصْنَامٍ وَحِجَارَةٍ . . . مِنَ الوَقُودِ الذِي تَشْتَعِلُ بِهِ ، وَهِيَ مُعَدَّةٌ لِتَعْذِيبِ الكَافِرِينَ الجَاحِدِينَ المُعَانِدِينَ .
ولا يخفى ما في هذا من التهويل إذ أنَّ هذه النار توقد بنفس ما يراد إحراقه بها.
فعَنْ عَبْد اللَّه فِي قَوْله : { وَقُودهَا النَّاس وَالْحِجَارَة } قَالَ : هِيَ حِجَارَة مِنْ كِبْرِيت خَلَقَهَا اللَّه يَوْم خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض فِي السَّمَاء الدُّنْيَا يُعِدّهَا لِلْكَافِرِينَ.وعَنْ ابْن مَسْعُود فِي قَوْله : { وَقُودهَا النَّاس وَالْحِجَارَة } قَالَ : حِجَارَة الْكِبْرِيت جَعَلَهَا اللَّه كَمَا شَاءَ .
وعَنْ ابْن عَبَّاس , وَعَنْ مُرَّة , عَنْ ابْن مَسْعُود , وَعَنْ نَاس مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - : { اتَّقُوا النَّار الَّتِي وَقُودهَا النَّاس وَالْحِجَارَة } أَمَّا الْحِجَارَة فَهِيَ حِجَارَة فِي النَّار مِنْ كِبْرِيت أَسْوَد يُعَذَّبُونَ بِهِ مَعَ النَّار
وعَنْ ابْن جُرَيْجٍ فِي قَوْله : { وَقُودهَا النَّاس وَالْحِجَارَة } قَالَ : حِجَارَة مِنْ كِبْرِيت أَسْوَد فِي النَّار .(1)
__________
(1) - تفسير الطبري - (ج 1 / ص 189)(420 - 423) حسن صحيح(2/337)
قال القرطبي: هي حجارة الكبريت الأسود- عن ابن مسعود والفرَّاء- وخصّت بذلك لأنها تزيد على جميع الأحجار بخمسة أنواع ٍمن العذاب: سرعة الاتقاد, نتن الرائحة, كثرة الدخان, شدة الالتصاق بالأبدان, قوة حرِّها إذا حَمِيت"(1).
ـــــــــــــــ
في شدة حرها وزمهريرها
قال تعالى: (وَقَالُوا لاَ تَنفِرُوا فِي الحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَراًّ لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ) {التوبة:81}
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ، إِغْرَاءً لَهُمْ بِالثَّبَاتِ عَلَى المُنْكَرِ ، وَتَثْبِيطاً لِعَزَائِمِ الْمُؤْمِنِينَ : لاَ تَخْرُجُوا إِلَى الجِهَادِ فِي الحَرِّ . فَأَمَرَ اللهُ نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - بِأَنْ يَقُولَ لَهُمْ : إِنَّ نَارَ جَهَنَّمَ الَّتِي سَيَصِيرُونَ إِلَيْهَا ، هِيَ أَشَدُّ حَرّاً مِنْ قَيْظِ الصَّحْرَاءِ الذِي فَرُّوا مِنْهُ . وَلَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُدْرِكُونَ وَيَعْقِلُونَ لَمَا خَالَفُوا وَقَعَدُوا ، وَلَمَا فَرِحُوا بِقُعُودِهِمْ .
__________
(1) - تفسير القرطبي (10/25)(2/338)
وعن يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : جَلَسْنَا إِلَى كَعْبِ الأَحْبَارِ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ يُحَدِّثُ ، فَجَاءَ عُمَرُ ، فَجَلَسَ فِي نَاحِيَةِ الْقَوْمِ ، فَنَادَاهُ ، فَقَالَ : وَيْحُك يَا كَعْبُ ، خُوِّفْنَا ، فَقَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنَّ النَّارَ لَتُقَرَّبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، لَهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ، حَتَّى إِذَا أُدْنِيَتْ وَقُرِّبَتْ ، زَفَرَتْ زَفْرَةً مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ ، وَلاَ صِدِّيقٍ ، وَلاَ شَهِيدٍ ، إِلاَّ وَجَثَا لِرُكْبَتَيْهِ سَاقِطًا ، حَتَّى يَقُولَ كُلُّ نَبِيٍّ ، وَكُلُّ صِدِّيقٍ ، وَكُلُّ شَهِيدٍ : اللَّهُمَّ لاَ أُكَلِّفُك الْيَوْمَ إِلاَّ نَفْسِي ، وَلَوْ كَانَ لَكَ يَابْنَ الْخَطَّابِ عَمَلُ سَبْعِينَ نَبِيًّا ، لَظَنَنْت أَنْ لاَ تَنْجُوَ ، قَالَ عُمَرُ : وَاللهِ إِنَّ الأَمْرَ لَشَدِيدٌ.(1)
__________
(1) - مصنف ابن أبي شيبة(ج 13 / ص 154)(35265) صحيح مقطوع(2/339)
وعن كعب قال : قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمًا وَأَنَا عِنْدَهُ : " يَا كَعْبُ خَوِّفْنَا " قَالَ : فَقُلْتُ : " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَوَلَيْسَ فِيكُمْ كِتَابُ اللَّهِ وَحِكْمَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ؟ " قَالَ : " بَلَى ، وَلَكِنْ يَا كَعْبُ خَوِّفْنَا " قَالَ : قُلْتُ : " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اعْمَلْ عَمَلَ رَجُلٍ لَوْ وَافَيْتَ الْقِيَامَةَ بِعَمَلِ سَبْعِينَ نَبِيًّا لَازْدَرَأْتَ عَمَلَكَ مِمَّا تَرَى " قَالَ : فَأَطْرَقَ عُمَرُ وَأَنْكَسَ وَنَكَّسَ قَالَ : ثُمَّ أَفَاقَ قَالَ : " زِدْنَا يَا كَعْبُ زِدْنَا " قَالَ : قُلْتُ : " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، لَوْ فُتِحَ مِنْ جَهَنَّمَ قَدْرُ مِنْخَرِ ثَوْرٍ بِالْمَشْرِقِ وَرَجُلٌ بِالْمَغْرِبِ لَغَلَا دِمَاغُهُ حَتَّى يَسِيلَ مِنْ حَرِّهَا " قَالَ : فَأَطْرَقَ عُمَرُ وَنُكِّسَ قَالَ : ثُمَّ أَفَاقَ ، فَقَالَ : " زِدْنَا يَا كَعْبُ " قَالَ : قُلْتُ : " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَتَزْفُرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ زَفْرَةً مَا بَقِيَ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلَا نَبِيٌّ مُصْطَفًى إِلَّا عَلَى رُكْبَتَيْهِ " قَالَ : " وَيَقُولُ : رَبِّ نَفْسِي نَفْسِي لَا أَسْأَلُكَ الْيَوْمَ إِلَّا نَفْسِي " قَالَ : عُمَرُ قَالَ : قُلْتُ : " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَوَلَيْسَ تَجِدُونَ هَذَا فِي كِتَابِ اللَّهِ ؟ " قَالَ : " كَيْفَ ؟ " قَالَ : قُلْتُ : " قَوْلُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ "(1)
-مليا : وقتا طويلا -خر : سقط وهوى بسرعة - الجثو : الجلوس على الركبتين - أطرق : أمال رأسه إلى صدره وسكت فلم يتكلم
__________
(1) - الزهد لأحمد بن حنبل (647 ) حسن مقطوع(2/340)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « نَارُكُمْ هَذِهِ الَّتِى يُوقِدُ ابْنُ آدَمَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ ». قَالُوا وَاللَّهِ إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « فَإِنَّهَا فُضِّلَتْ عَلَيْهَا بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا كُلُّهَا مِثْلُ حَرِّهَا »(1).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : نَارُكُمْ هَذِهِ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ ضُرِبَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ ، وَلَوْلاَ ذَلِكَ مَا جَعَلَ اللَّهُ فِيهَا مَنْفَعَةً لأَحَدٍ.(2)
وعن أبي هريرة ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : " تَحْسَبُونَ أَنَّ نَارَ جَهَنَّمَ مِثْلُ نَارِكُمْ هَذِهِ ، هِيَ أَشَدُّ سَوَادًا مِنَ ، هِيَ جُزْءٌ مِنْ بَضْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا مِنْهَا ، أَوْ نَيِّفٌ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا "(3)
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : " هَذِهِ النَّارُ جُزْءٌ مِنْ مِائَةِ جُزْءٍ مِنْ جَهَنَّمَ "(4).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : لَوْ كَانَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ مِائَةٌ أَوْ يَزِيدُونَ ، وَفِيهِ رَجُلٌ مِنَ النَّارِ ، فَتَنَفَّسَ ، فَأَصَابَ نَفَسُهُ ، لاحْتَرَقَ الْمَسْجِدُ وَمَنْ فِيهِ"(5)
__________
(1) - صحيح مسلم(7344 )
(2) - صحيح ابن حبان - (ج 16 / ص 504)(7463) صحيح
(3) - البعث والنشور للبيهقي (484 ) حسن
(4) - مسند أحمد(9158) صحيح
(5) - مسند أبي يعلى الموصلي (6670) حسن(2/341)
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ أَرْسَلَ جِبْرِيلَ إِلَى الْجَنَّةِ فَقَالَ انْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لأَهْلِهَا فِيهَا قَالَ فَجَاءَهَا وَنَظَرَ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ لأَهْلِهَا فِيهَا قَالَ فَرَجَعَ إِلَيْهِ قَالَ فَوَعِزَّتِكَ لاَ يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلاَّ دَخَلَهَا. فَأَمَرَ بِهَا فَحُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَيْهَا فَانْظُرْ إِلَى مَا أَعْدَدْتُ لأَهْلِهَا فِيهَا قَالَ فَرَجَعَ إِلَيْهَا فَإِذَا هِىَ قَدْ حُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خِفْتُ أَنْ لاَ يَدْخُلَهَا أَحَدٌ. قَالَ اذْهَبْ إِلَى النَّارِ فَانْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لأَهْلِهَا فِيهَا. فَإِذَا هِىَ يَرْكَبُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ وَعِزَّتِكَ لاَ يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ فَيَدْخُلُهَا. فَأَمَرَ بِهَا فَحُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَيْهَا. فَرَجَعَ إِلَيْهَا فَقَالَ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لاَ يَنْجُوَ مِنْهَا أَحَدٌ إِلاَّ دَخَلَهَا »(1).
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : " يُجَاءُ بِجَهَنَّمَ تُقَادُ بِسَبْعِينَ أَلْفَ زِمَامٍ ، مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا "(2)
__________
(1) - سنن الترمذى(2758 ) صحيح
(2) - المعجم الكبير للطبراني - (ج 9 / ص 39)(10276) حسن(2/342)
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « نَارُكُمْ هَذِهِ الَّتِى يُوقِدُ ابْنُ آدَمَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ ». قَالُوا وَاللَّهِ إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « فَإِنَّهَا فُضِّلَتْ عَلَيْهَا بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا كُلُّهَا مِثْلُ حَرِّهَا »(1).
وعَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا ، فَقَالَتْ رَبِّ أَكَلَ بَعْضِى بَعْضًا ، فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ نَفَسٍ فِى الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِى الصَّيْفِ ، فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ فِى الْحَرِّ ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ »(2).
وعن ابن مسعود قال: الزمهرير: لون من العذاب(3), وعن عكرمة قال:هو البرد الشديد. وعن ابن عباس ٍقال: يستغيثُ أهل النار من الحرِّ, فيغاثون بريحٍ باردةٍ,يصدع العظامَ بردُها,فيسألون الحرَّ(4).
وقال تعالى: (لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلاَ شَرَاباً* إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً) {النبأ:24-25}
وَلاَ يَذُوِقُ المُجْرِمُونَ فِي جَهَنَّمَ بَرْداً يُبَرِّدُ حَرَّ السَّعِيرِ ، وَلاَ شَرَاباً يَرْويهِمْ مِنَ العَطَشِ . وَلاَ يَذُوقُونَ فِي النَّارِ إِلاَّ الحَمِيمَ ( وَهُوَ المَاءُ المُتَناهِي فِي الحَرَارَةِ ) ، والغَسَّاقَ ( وَهُوَ القَيْحُ والصَّدِيدُ المُنْتِنُ والعَرَقُ الذِي يَسِيلُ مِنْ أَجْسَادِ أَهْلِ النَّارِ ) .
__________
(1) - صحيح مسلم (7344)
(2) - صحيح البخارى(3260 ) ومسلم (1432 )
(3) - جزء يحيى بن معين (125 ) حسن
(4) - صفة النار لابن أبي الدنيا (153) حسن(2/343)
فاستثنى الله تعالى من البرد :الغسَّاق وهو صديد أهل النار وقَيْحُهم, واستثنى من الشراب:الحميم وهو الماء الحار الذي بلغ النهاية في الحرِّ, نسأل الله السلامة.
ـــــــــــــــ
ملائكة النار وزبانيتها:
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (6) سورة التحريم .
يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ، اعْمَلُوا بِطَاعَةِ اللهِ تَعَالَى ، وَاتَّقُوا مَعْصَيَتَهُ ، وَأمُرُوا أَهْلَكُمْ بِالذّكْرِ والتَّقْوَى ، وَعَلِّمُوهُمْ مَا فَرَضَ اللهُ عَلَيهِمْ ، وَمَا نَهَاهُمْ عَنْهُ ، وَأمُرُوهُمْ بِطَاعَةِ اللهِ لِتُنقِذُوهُمْ وَأَنْفُسَكُمْ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ ، التِي يَكُونُ وَقُودُهَا النَّاسُ مِنَ الكَفَرَةِ ، وَالحِجَارَةُ ، وَتَقُومُ عَلَيهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ عَلَى أَهْلِ النَّارِ ، أَشِدَّاءُ َعَلَيهِمْ ، لاَ يُخَالِفُونَ رَبَّهُمْ فِي أَمْرٍ بِهِ ، وَيُبَادِرُونَ إِلَى فِعْلِ مَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ .
أي: على النار خزنة من الملائكة يلون أمرها, وتعذيب أهلها, غلاظ ٌعلى أهل النار, شدادٌ عليهم إذا استرحموهم,لأنَّ الله عزَّ وجلَّ خلقهم من غضبه وحبَّب إليهم تعذيب خلقه.
وقيل: المراد:غلاظ القلوب,شداد الأبدان, وقيل: الغلاظ :ضخام الأجسام, والشداد: الأقوياء. وليس في قلوبهم رحمة,إنَّما خُلقوا للعذاب.
وقال تعالى: (فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ* سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ) {العلق:17-18} قال أبو هريرة: الزبانية: الملائكة, وقال عطاء: هم الملائكة الغلاظ الشداد.(2/344)
وخرَّج ابن أبي حاتم- بإسناده- عن المنهال بن عمرو قال: إذا قال الله تعالى (خُذُوهُ فَغُلُّوه) {الحاقة:30} ابتدره سبعون ألف مَلَك, وإنَّ الملك منهم ليقول هكذا- يعني: يفتح يديه- فيلقي سبعين ألفًا في النار.(1)
وكبير خزنة جهنم ورئيسهم هو مالك,كما في قول الله تعالى: (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ) {الزخرف:77}
وَحِينَمَا يَشْتَدُّ العَذَابُ بِالمُجْرِمِينَ الظَّالِمِينَ يَضجُّونَ فِي النَّارِ ، وَيُنَادُونَ : يَا مَالِكُ ( وَهُوَ خَازِنُ النَّارِ ) ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يَقْبِضْ أَرْوَاحَنَا لِيُرِيحَنا مِمَّا نَحْنُ فِيهِ مِنَ العَذَابِ الأَلِيمِ . فَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ مَالِكٌ قَائِلاً لَهُمْ : إِنَّهُمْ مَاكِثُونَ فِي النَّارِ أَبَداً ، وَلاَ مَجَالَ وَلاَ سَبِيلَ إِلَى خُرُوجِهِمْ مِنْهَا .
__________
(1) - تفسير ابن كثير - (ج 8 / ص 216) صحيح مقطوع(2/345)
وقد رآه - صلى الله عليه وسلم - في المنام ، فعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا صَلَّى صَلاَةً أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ « مَنْ رَأَى مِنْكُمُ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا » . قَالَ فَإِنْ رَأَى أَحَدٌ قَصَّهَا ، فَيَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ ، فَسَأَلَنَا يَوْمًا ، فَقَالَ « هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رُؤْيَا » . قُلْنَا لاَ . قَالَ « لَكِنِّى رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِى فَأَخَذَا بِيَدِى ، فَأَخْرَجَانِى إِلَى الأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ ، فَإِذَا رَجُلٌ جَالِسٌ ، وَرَجُلٌ قَائِمٌ بِيَدِهِ كَلُّوبٌ مِنْ حَدِيدٍ - قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ مُوسَى إِنَّهُ - يُدْخِلُ ذَلِكَ الْكَلُّوبَ فِى شِدْقِهِ ، حَتَّى يَبْلُغَ قَفَاهُ ، ثُمَّ يَفْعَلُ بِشِدْقِهِ الآخَرِ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَيَلْتَئِمُ شِدْقُهُ هَذَا ، فَيَعُودُ فَيَصْنَعُ مِثْلَهُ . قُلْتُ مَا هَذَا قَالاَ انْطَلِقْ . فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ عَلَى قَفَاهُ ، وَرَجُلٌ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ بِفِهْرٍ أَوْ صَخْرَةٍ ، فَيَشْدَخُ بِهِ رَأْسَهُ ، فَإِذَا ضَرَبَهُ تَدَهْدَهَ الْحَجَرُ ، فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ لِيَأْخُذَهُ ، فَلاَ يَرْجِعُ إِلَى هَذَا حَتَّى يَلْتَئِمَ رَأْسُهُ ، وَعَادَ رَأْسُهُ كَمَا هُوَ ، فَعَادَ إِلَيْهِ فَضَرَبَهُ ، قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالاَ انْطَلِقْ . فَانْطَلَقْنَا إِلَى ثَقْبٍ مِثْلِ التَّنُّورِ ، أَعْلاَهُ ضَيِّقٌ وَأَسْفَلُهُ وَاسِعٌ ، يَتَوَقَّدُ تَحْتَهُ نَارًا ، فَإِذَا اقْتَرَبَ ارْتَفَعُوا حَتَّى كَادَ أَنْ يَخْرُجُوا ، فَإِذَا خَمَدَتْ رَجَعُوا فِيهَا ، وَفِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ . فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالاَ انْطَلِقْ .(2/346)
فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ ، فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ عَلَى وَسَطِ النَّهَرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِى فِى النَّهَرِ ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِى فِيهِ ، فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ ، فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ رَمَى فِى فِيهِ بِحَجَرٍ ، فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ . فَقُلْتُ مَا هَذَا قَالاَ انْطَلِقْ . فَانْطَلَقْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ ، فِيهَا شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ ، وَفِى أَصْلِهَا شَيْخٌ وَصِبْيَانٌ ، وَإِذَا رَجُلٌ قَرِيبٌ مِنَ الشَّجَرَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ نَارٌ يُوقِدُهَا ، فَصَعِدَا بِى فِى الشَّجَرَةِ ، وَأَدْخَلاَنِى دَارًا لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا ، فِيهَا رِجَالٌ شُيُوخٌ وَشَبَابٌ ، وَنِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ ، ثُمَّ أَخْرَجَانِى مِنْهَا فَصَعِدَا بِى الشَّجَرَةَ فَأَدْخَلاَنِى دَارًا هِىَ أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ ، فِيهَا شُيُوخٌ وَشَبَابٌ . قُلْتُ طَوَّفْتُمَانِى اللَّيْلَةَ ، فَأَخْبِرَانِى عَمَّا رَأَيْتُ . قَالاَ نَعَمْ ، أَمَّا الَّذِى رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ فَكَذَّابٌ يُحَدِّثُ بِالْكَذْبَةِ ، فَتُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الآفَاقَ ، فَيُصْنَعُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .(2/347)
وَالَّذِى رَأَيْتَهُ يُشْدَخُ رَأْسُهُ فَرَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ ، فَنَامَ عَنْهُ بِاللَّيْلِ ، وَلَمْ يَعْمَلْ فِيهِ بِالنَّهَارِ ، يُفْعَلُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . وَالَّذِى رَأَيْتَهُ فِى الثَّقْبِ فَهُمُ الزُّنَاةُ . وَالَّذِى رَأَيْتَهُ فِى النَّهَرِ آكِلُو الرِّبَا . وَالشَّيْخُ فِى أَصْلِ الشَّجَرَةِ إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهُ فَأَوْلاَدُ النَّاسِ ، وَالَّذِى يُوقِدُ النَّارَ مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ . وَالدَّارُ الأُولَى الَّتِى دَخَلْتَ دَارُ عَامَّةِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَأَمَّا هَذِهِ الدَّارُ فَدَارُ الشُّهَدَاءِ ، وَأَنَا جِبْرِيلُ ، وَهَذَا مِيكَائِيلُ ، فَارْفَعْ رَأْسَكَ ، فَرَفَعْتُ رَأْسِى فَإِذَا فَوْقِى مِثْلُ السَّحَابِ . قَالاَ ذَاكَ مَنْزِلُكَ . قُلْتُ دَعَانِى أَدْخُلْ مَنْزِلِى . قَالاَ إِنَّهُ بَقِىَ لَكَ عُمْرٌ لَمْ تَسْتَكْمِلْهُ ، فَلَوِ اسْتَكْمَلْتَ أَتَيْتَ مَنْزِلَكَ »(1).
تدهده : تدحرج -يشدخ : يكسر -الشدق : جانب الفم
__________
(1) - صحيح البخارى(1386 )(2/348)
وعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ الْفَزَارِيِّ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا يَقُولُ : هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْ رُؤْيَا ؟ فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُصَّ ، وَإِنَّهُ قَالَ لَنَا ذَاتَ غَدَاةٍ : إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي ، وَإِنَّهُمَا ، قَالاَ لِي : انْطَلِقْ ، وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ ، فَيَثْلَغُ بِهَا رَأْسَهُ ، فَتُدَهْدِهَهُ الصَّخْرَةُ هَا هُنَا ، فَيَقُومُ إِلَى الْحَجَرِ فَيَأْخُذُهُ فَمَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ أَحْسِبُهُ ، قَالَ : حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الْأُولَى ، قَالَ : قُلْتُ : سُبْحَانَ اللهِ مَا هَذَانِ ؟ قَالاَ لِي : انْطَلِقِ انْطَلِقْ ، قَالَ : فَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ وَإِذَا آخَرُ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ ، فَإِذَا هُوَ يَأْتِيَ أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ ، وَمِنْخَرَهُ إِلَى قَفَاهُ ، وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ ، ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ الآخَرِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الأَوَّلِ ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ الْجَانِبُ الأَوَّلُ كَمَا كَانَ ، ثُمَّ يَعُودُ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الْأُولَى ، قَالَ : قُلْتُ : سُبْحَانَ اللهِ ، مَا هَذَانِ ؟ قَالاَ : انْطَلِقِ انْطَلِقْ ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ ، قَالَ عَوْفٌ : أَحْسِبُ أَنَّهُ ، قَالَ : فَإِذَا فِيهِ(2/349)
لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ ، فَاطَّلَعْنَا فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ وَإِذَا بِنَهْرٍ لَهِيبٍ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ تَضَوْضَوْا ، قَالَ : قُلْتُ : مَا هَؤُلاَءِ ؟ قَالاَ لِي : انْطَلِقِ انْطَلِقْ ، قَالَ : فَانْطَلَقْنَا عَلَى نَهَرٍ حَسِبْتُ أَنَّهُ ، قَالَ : أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ يَسْبَحُ ، وَإِذَا عِنْدَ شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً ، وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ ، ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الرَّجُلَ الَّذِي جَمَعَ الْحِجَارَةَ ، فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا ، قَالَ : قُلْتُ : مَا هَؤُلاَءِ ؟ قَالاَ لِي : انْطَلِقِ انْطَلِقْ ، قَالَ : فَانْطَلَقْنَا ، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ كَرِيهِ الْمَرْآةِ كَأَكْرَهِ مَا أَنْتَ رَاءٍ رَجُلاً مَرْآهُ ، فَإِذَا هُوَ عِنْدَ نَارٍ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَهَا ، قَالَ : قُلْتُ لَهُمَا : مَا هَذَا ؟ قَالاَ لِي : انْطَلِقِ انْطَلِقْ ، فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَوْضَةٍ فِيهَا مِنْ كُلِّ نَوْرِ الرَّبِيعِ ، وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَيِ الرَّوْضَةِ رَجُلٌ قَائِمٌ طَوِيلٌ لاَ أَكَادُ أَرَى رَأْسَهُ طُولاً فِي السَّمَاءِ ، وأَرَى حَوْلَ الرَّجُلِ مِنْ أَكْثَرِ وِلْدَانٍ رَأَيْتُهُمْ قَطُّ وَأَحْسَنَهُ ، قَالَ : قُلْتُ لَهُمَا : مَا هَؤُلاَءِ ؟ قَالاَ لِي : انْطَلِقِ انْطَلِقْ ، فَانْطَلَقْنَا وَأَتَيْنَا دَوْحَةً عَظِيمَةً لَمْ أَرَ دَوْحَةً قَطُّ أَعْظَمَ مِنْهَا وَلاَ أَحْسَنَ ، قَالاَ لِي : ارْقَ فِيهَا ، قَالَ : فَارْتَقَيْنَا فِيهَا ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ وَلَبِنِ فِضَّةٍ ، فَأَتَيْنَا بَابَ الْمَدِينَةِ ، فَاسْتَفْتَحْنَا ، فَفُتِحَ لَنَا ، فَقُلْنَا : مَا(2/350)
مِنْهَا رِجَالٌ ، شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ ، وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ ، قَالَ : قَالاَ لَهُمُ : اذْهَبُوا فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهَرِ ، فَإِذَا نَهَرٌ مُعْتَرِضٌ يَجْرِي كَأَنَّ مَاءَهُ الْمَحْضُ فِي الْبَيَاضِ ، فَذَهَبُوا فَوَقَعُوا فِيهِ ، ثُمَّ رَجَعُوا وَقَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ ، وَصَارُوا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ ، قَالَ : قَالاَ : لِي هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ ، وَهَذَاكَ مَنْزِلُكَ ، قَالَ : فَسَمَا بَصَرِي صُعُدًا ، فَإِذَا قَصْرٌ مِثْلُ الرَّبَابَةِ الْبَيْضَاءِ ، قَالَ : قَالاَ لِي : هَذَاكَ مَنْزِلُكَ ، قَالَ : قُلْتُ لَهُمَا : بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمَا ، ذَرَانِي أَدْخُلْهُ ، قَالَ : قَالاَ لِي : أَمَّا الآنَ فَلاَ ، وَأَنْتَ دَاخِلُهُ ، قَالَ : فَإِنِّي رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا ، فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْتُ ؟ قَالَ : قَالاَ لِي : أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ.
أَمَّا الرَّجُلُ الأَوَّلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ ، وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ.
وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ ، وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ ، وَمِنْخَرُهُ إِلَى قَفَاهُ ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ فَيَكْذِبُ الْكَذْبَةَ فَتَبْلُغُ الآفَاقَ.
وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ ، فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي.
وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي فِي النَّهَرِ ، فَيَلْتَقِمُ الْحِجَارَةَ ، فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا.
وَأَمَّا الرَّجُلُ الْكَرِيهُ الْمَرْآةِ الَّذِي عِنْدَ النَّارِ يَحُشُّهَا فَإِنَّهُ مَالِكٌ خَازِنُ جَهَنَّمَ.(2/351)
وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ ، فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ.
وَأَمَّا الْوِلْدَانُ الَّذِينَ حَوْلَهُ ، فَكُلُّ مَوْلُودٍ وُلِدَ عَلَى الْفِطْرَةِ.
قَالَ : فقَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ : يَا رَسُولَ اللهِ وَأَوْلاَدُ الْمُشْرِكِينَ ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : وَأَوْلاَدُ الْمُشْرِكِينَ.
وَأَمَّا الْقَوْمُ الَّذِينَ شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنٌ ، وَشَطْرٌ مِنْهُمْ قَبِيحٌ ، فَهُمْ قَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا ، فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ.(1)
ورآه-أيضًا- ليلة المعراج. قال: ثم انحدر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لجبريل: "ما لي لم آت على سماء إلا رحبوا بي وضحكوا إليّ، غير رجل واحد، فسلمت عليه فردّ عليّ السلام فرحب بي ولم يضحك إليّ. قال: يا محمد، ذاك مالك خازن جهنم لم يضحك منذ خلق ولو ضحك إلى أحد لضحك إليك".(2)
في ظلمتها وسوادها وشررها
عن ابن مسعود ، : {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ} (32) سورة المرسلات: أما إني لست أقول كالشجر ، ولكن كالحصون والمدائن "(3)
وعَنْ سَلْمَانَ ، قَالَ : النَّارُ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ ، لاَ يُضِيءُ جَمْرُهَا ، وَلاَ يَطْفَأُ لَهَبُهَا ، ثُمَّ قَرَأَ : { كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ } (22) سورة الحج(4)
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (ج 2 / ص 427)(655) صحيح
(2) - تفسير ابن كثير - (ج 5 / ص 14) ضعيف
(3) - البعث والنشور للبيهقي(506 ) حسن
(4) - مصنف ابن أبي شيبة(ج 13 / ص 152)(35257) والبعث والنشور للبيهقي(561 ) حسن(2/352)
وَعَنْ يَعْلَى بْنِ مُنَبِّهٍ - رَفَعَ الْحَدِيثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : " يُنْشِئُ اللَّهُ - [ عَزَّ وَجَلَّ ] - سَحَابَةً لِأَهْلِ النَّارِ سَوْدَاءَ مُظْلِمَةً فَيُقَالُ : يَا أَهْلَ النَّارِ ، أَيَّ شَيْءٍ تَطْلُبُونَ ؟ فَيَذْكُرُونَ بِهَا سَحَابَةَ الدُّنْيَا ، فَيَقُولُونَ : يَا رَبَّنَا ، الشَّرَابَ . فَيُمْطِرُهُمْ أَغْلَالًا [ تَزِيدُ فِي أَغْلَالِهِمْ ] ، وَسَلَاسِلَ فِي سَلَاسِلِهِمْ ، وَجَمْرًا يُلْهِبُ عَلَيْهِمْ "(1).
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « أُوقِدَ عَلَى النَّارِ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى احْمَرَّتْ ثُمَّ أُوقِدَ عَلَيْهَا أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى ابْيَضَّتْ ثُمَّ أُوقِدَ عَلَيْهَا أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى اسْوَدَّتْ فَهِىَ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ ».(2)
ـــــــــــــــ
في أوديتها وجبالها
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : الْوَيْلُ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ يَهْوِي فِيهِ الْكَافِرُ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ قَعْرَهُ ، وَالصَّعُودُ جَبَلٌ فِي النَّارِ فَيَتَصَعَّدُ فِيهِ سَبْعِينَ خَرِيفًا ، ثُمَّ يَهْوِي وَهُوَ كَذَلِكَ "(3)
وعَنْ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « الصَّعُودُ جَبَلٌ مِنْ نَارٍ يُتَصَعَّدُ فِيهِ الْكَافِرُ سَبْعِينَ خَرِيفًا وَيَهْوِى فِيهِ كَذَلِكَ مِنْهُ أَبَدًا »(4).
__________
(1) - المعجم الأوسط للطبراني(4253 ) ضعيف
(2) - سنن الترمذى (2794و2795) صحيح ورجح وقفه ، ولكن مثله لا يقال بالرأي
(3) - المستدرك للحاكم (3873) حسن
(4) - سنن الترمذى(2777 ) حسن(2/353)
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : وَيْلٌ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ يَهْوِي بِهِ الْكَافِرُ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ قَعْرَهَا.(1)
وعَنْ أَبِي مُوسَى ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : لَوْ أَنَّ حَجَرًا يُقْذَفَ بِهِ فِي جَهَنَّمَ هَوَى سَبْعِينَ خَرِيفًا قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ قَعْرَهَا.(2)
وعن أبي سعيد الخدري ، {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ} (1) سورة الهمزة ، قال : الْوَيْلُ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ فِيهِ الْكَافِرُ أَرْبَعِينَ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ حِسَابِ النَّاسِ(3)
الخَرِيف : الزَّمَانُ المَعْرُوفُ من فصول السَّنّة ما بين الصَّيف والشتاء ويطلق على العام كله
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي قَوْلِهِ {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} (17) سورة المدثر ، قَالَ : " جَبَلٌ مِنْ نَارٍ فِي النَّارِ ، يُكَلَّفُ أَنْ يَصْعَدَهُ ، فَإِذَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ ذَابَتْ ، فَإِذَا رَفَعَهَا عَادَتْ ، وَإِذَا وَضَعَ رِجْلَهُ عَلَيْهِ ذَابَتْ ، فَإِذَا رَفَعَهَا عَادَتْ "(4).
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ، "فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا" [مريم: 59]، قَالَ:"نَهْرٌ فِي جَهَنَّمَ".
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:"الْغَيُّ نَهْرٌ فِي جَهَنَّمَ يُقْذَفُ فِيهِ الَّذِينَ اتَّبِعُوا الشَّهَوَاتِ".
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ، "فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا" [مريم: 59]، قَالَ:"وَادٍ فِي جَهَنَّمَ مِنْ قَيْحٍ".
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ، "فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا" [مريم: 59]، قَالَ:"نَهْرٌ فِي جَهَنَّمَ وَوَادٍ فِي جَهَنَّمَ".
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (ج 16 / ص 508)( 7467) حسن
(2) - صحيح ابن حبان - (ج 16 / ص 509)(7468) صحيح
(3) - البعث والنشور للبيهقي (448 ) حسن
(4) - المعجم الأوسط للطبراني(5731 ) ضعيف(2/354)
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ، فِي قَوْلِهِ: "فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا" [مريم: 59]، قَالَ:"وَادٍ فِي جَهَنَّمَ بَعِيدُ الْقَعْرِ، خَبِيثُ الْمَطْعَمِ".
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ، فِي قَوْلِهِ: "فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا" [مريم: 59]، قَالَ:"نَهْرٌ فِي جَهَنَّمَ، يُقَالُ لَهُ: غَيٌّ".
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:"وَيْلٌ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ مِنْ قَيْحٍ".(1)
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جُبِّ الْحُزْنِ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا جُبُّ الْحُزْنِ قَالَ « وَادٍ فِى جَهَنَّمَ يَتَعَوَّذُ مِنْهُ جَهَنَّمُ كُلَّ يَوْمٍ أَرْبَعَمِائَةِ مَرَّةٍ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَدْخُلُهُ قَالَ « أُعِدَّ لِلْقُرَّاءِ الْمُرَائِينَ بِأَعْمَالِهِمْ وَإِنَّ مِنْ أَبْغَضِ الْقُرَّاءِ إِلَى اللَّهِ الَّذِينَ يَزُورُونَ الأُمَرَاءَ ».(2)
وعن علي ، قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " بِاللَّهِ مِنْ جُبِّ الْحُزْنِ ، أَوْ وَادِي الْحُزْنِ " ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا جُبُّ الْحُزْنِ ، أَوْ وَادِي الْحُزْنِ ؟ قَالَ : " وَادٍ فِي جَهَنَّمَ تَتَعَوَّذُ مِنْهُ جَهَنَّمُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً ، أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْهَا ، أَعَدَّهُ اللَّهُ الْمُرَائِينَ "(3)- القراء : من يجيدون قراءة القرآن وحفظه
__________
(1) - المعجم الكبير للطبراني - (ج 8 / ص 154)(9008-9015 ) حسن
(2) - سنن ابن ماجه(265 ) ضعيف
(3) - البعث والنشور للبيهقي(464) حسن(2/355)
وعن علي ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جُبِّ الْحُزْنِ - أَوْ الْحُزْنِ - قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا جُبُّ الْحُزْنِ ؟ قَالَ : " جُبٌّ فِي جَهَنَّمَ مِنْهُ جَهَنَّمُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةٍ ، أَعَدَّهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْقُرَّاءِ ، وَإِنَّ مِنْ شِرَارَ مَنْ يَزُورُ الْأُمَرَاءَ "(1)
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - , قَالَ:إِنَّ فِي جَهَنَّمَ لَوَادِ يَسْتَعِيذُ جَهَنَّمُ مِنْ ذَلِكَ الْوَادِي فِي كُلِّ يَوْمٍ أَرْبَعَ مِائَةِ مَرَّةٍ , أُعِدَّ ذَلِكَ الْوَادِي لِلْمُرَائِينَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - : لِحَامِلِ كِتَابِ اللَّهِ , وَلِلْمُصَّدِّقِ فِي غَيْرِ ذَاتِ اللَّهِ , وَلِلْحُجَّاجِ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ , وَلِلْخَارِجِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.(2)
__________
(1) - الدعاء للطبراني -العلمية - (ج 1 / ص 411)( 1390 ) حسن
(2) - المعجم الكبير للطبراني - (ج 10 / ص 319)(12632 ) فيه جهالة(2/356)
وعن شفي الأصبحي قال : « إن في جهنم جبلا يدعى صعودا ، يطلع فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يرقاه قال الله عز وجل : {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} (17) سورة المدثر، قال : وإن في جهنم قصرا يقال له هوى يرمى الكافر من أعلاه فيهوي أربعين خريفا قبل أن يبلغ أصله ، قال الله : {كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى} (81) سورة طه ، وإن في جهنم واديا يدعى أثاما ، فيه حيات وعقارب ، في فقار إحداهن مقدار سبعين قلة سم ، والعقرب منهن مثل البغلة المؤكفة ، تلدغ الرجل فلا تلهيه عما يجد من حر جهنم حموة لدغتها فهو لما خلق له ، وإن في جهنم سبعين داء لأهلها ، كل داء مثل جزء من أجزاء جهنم ، وإن في جهنم واديا يدعى غيا يسيل قيحا ودما ، فهو لما خلق له ، قال الله : {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا } (59) سورة مريم»(1)
- الخَرِيف : الزَّمَانُ المَعْرُوفُ من فصول السَّنّة ما بين الصَّيف والشتاء ويطلق على العام كله
__________
(1) - الزهد والرقائق لابن المبارك (1950 ) حسن مرسل(2/357)
وعن أبي سلام ، قال : حدثني الحجاج بن عبد الله الثمالي - وَكَانَ قَدْ رَأَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَحَجَّ مَعَهُ حِجَّةَ الْوَدَاعِ - أَنَّ حَدَّثَهُ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقُدَمَائِهِمْ - : " أَنَّ فِي جَهَنَّمَ سَبْعِينَ أَلْفَ وَادٍ فِي كُلِّ وَادٍ سَبْعُونَ أَلْفَ ، فِي كُلِّ سَبْعُونَ أَلْفَ دَارٍ ، فِي كُلِّ دَارٍ سَبْعُونَ أَلْفَ بَيْتٍ ، فِي كُلِّ بَيْتٍ سَبْعُونَ أَلْفَ شِقٍّ ، فِي كُلِّ شِقٍّ سَبْعُونَ أَلْفَ ثُعْبَانٍ ، فِي شِدْقِ كُلِّ ثُعْبَانٍ سَبْعُونَ أَلْفَ عَقْرَبٍ ، لَا يَنْتَهِي الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ حَتَّى يُوَاقِعَ ذَلِكَ كُلَّهُ "(1)-
الشعب : الطريق في الجبل أو الانفراج بين الجبلين
وعن عطاء بن يسار ، قال : « إن في النار سبعين ألف واد ، في كل واد سبعون ألف شعب ، في كل شعب سبعون ألف جحر ، في كل جحر حية تأكل وجوه أهل النار »(2)
وعَنْ عُبَيْد بْن عُمَيْر , قَالَ : إِنَّ لِجَهَنَّم جِبَابًا فِيهَا حَيَّات أَمْثَال الْبُخْت وَعَقَارِب أَمْثَال الْبِغَال الدُّهْم , يَسْتَغِيث أَهْل النَّار إِلَى تِلْكَ الْجِبَاب أَوْ السَّاحِل , فَتَثِب إِلَيْهِمْ فَتَأْخُذ بِشِفَاهِهِمْ وَشِفَارهمْ إِلَى أَقْدَامهمْ , فَيَسْتَغِيثُونَ مِنْهَا إِلَى النَّار , فَيَقُولُونَ : النَّار النَّار ! فَتَتْبَعهُمْ حَتَّى تَجِد حَرّهَا فَتَرْجِع , قَالَ : وَهِيَ فِي أَسْرَاب .(3)
ـــــــــــــــ
__________
(1) - صفة النار لابن أبي الدنيا(98 ) ضعيف
(2) - صفة النار لابن أبي الدنيا (46) فسه ضعف
(3) - تفسير الطبري - (ج 16 / ص 381)(16492 ) صحيح(2/358)
في بعد قعرها
عَنْ خَالِدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، قَالَ : خَطَبَ عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ آذَنَتْ بِصُرْمٍ ، وَوَلَّتْ حَذَّاءَ ، وَإِنَّمَا بَقِيَ مِنْهَا صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الإِنَاءِ صَبَّهَا أَحَدُكُمْ ، وَإِنَّكُمْ مُنْتَقِلُونَ مِنْهَا إِلَى دَارٍ لاَ زَوَالَ لَهَا ، فَانْتَقِلُوا مَا بِحَضْرَتِكُمْ - يُرِيدُ مِنَ الْخَيْرِ - فَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الْحَجَرَ يُلْقَى مِنْ شَفِيرِ جَهَنَّمَ ، فَمَا يَبْلُغُ لَهَا قَعْرًا سَبْعِينَ عَامًا ، وَايْمُ اللهِ لَتُمْلَأَنَّ ، أَفَعَجِبْتُمْ وَلَقَدْ ذُكِرَ لِي أَنَّ مَا بَيْنَ مِصْرَاعَيِ الْجَنَّةِ مَسِيرَةَ أَرْبَعِينَ عَامًا ، وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَيْهِ يَوْمٌ وَهُوَ كَظِيظٌ مِنَ الزِّحَامِ ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي سَابِعَ سَبْعَةٍ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا لَنَا طَعَامٌ إِلاَّ وَرَقُ الشَّجَرِ حَتَّى قَرِحَتْ مِنْهُ أَشْدَاقُنَا ، وَلَقَدِ الْتَقَطْتُ بُرْدَةً ، فَشَقَقْتُهَا بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدٍ ، فَاتَّزَرْتُ بِنِصْفِهَا ، وَاتَّزَرَ سَعْدٌ بِنِصْفِهَا مَا مِنَّا أَحَدٌ الْيَوْمَ حَيٌّ إِلاَّ أَصْبَحَ أَمِيرًا عَلَى مِصْرٍ مِنَ الأَمْصَارِ ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ عَظِيمًا فِي نَفْسِي صَغِيرًا عِنْدَ اللهِ ، وَإِنَّهَا لَمْ تَكُنْ نُبُوَّةٌ إِلاَّ تَنَاسَخَتْ حَتَّى تَكُونَ عَاقِبَتُهَا مُلْكًا سَتُبْلُونَ الْأُمَرَاءَ بَعْدَنَا..(1)
الصبابة : البقية اليسيرة من الشراب تبقى أسفل الإناء -الكظيظ : الممتلئ المزحوم
__________
(1) - مسند أحمد (18041) و صحيح ابن حبان - (ج 16 / ص 60)(7121) صحيح(2/359)
وعَنِ الْحَسَنِ قَالَ قَالَ عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ عَلَى مِنْبَرِنَا هَذَا مِنْبَرِ الْبَصْرَةِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « إِنَّ الصَّخْرَةَ الْعَظِيمَةَ لَتُلْقَى مِنْ شَفِيرِ جَهَنَّمَ فَتَهْوِى فِيهَا سَبْعِينَ عَامًا وَمَا تُفْضِى إِلَى قَرَارِهَا ». قَالَ وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ أَكْثِرُوا ذِكْرَ النَّارِ فَإِنَّ حَرَّهَا شَدِيدٌ وَإِنَّ قَعْرَهَا بَعِيدٌ وَإِنَّ مَقَامِعَهَا حَدِيدٌ.(1)
وعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ ، عَنْ أَبِي مُوسَى ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : لَوْ أَنَّ حَجَرًا يُقْذَفَ بِهِ فِي جَهَنَّمَ هَوَى سَبْعِينَ خَرِيفًا قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ قَعْرَهَا. "(2)
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ سَمِعَ وَجْبَةً فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « تَدْرُونَ مَا هَذَا ». قَالَ قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ « هَذَا حَجَرٌ رُمِىَ بِهِ فِى النَّارِ مُنْذُ سَبْعِينَ خَرِيفًا فَهُوَ يَهْوِى فِى النَّارِ الآنَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَعْرِهَا ».(3)
الوجبة : صوت وقع القدم على الأرض
__________
(1) - سنن الترمذى(2776 ) وصحيح الجامع ( 1662) والصحيحة ( 1611) صحيح لغيره
(2) - صحيح ابن حبان - (ج 16 / ص 509)(7468) حسن
(3) - صحيح مسلم(7346 )(2/360)
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَوْتًا هَالَهُ ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " مَا هَذَا الصَّوْتُ يَا جِبْرِيلُ ؟ " . فَقَالَ : هَذِهِ صَخْرَةٌ هَوَتْ مِنْ شَفِيرِ جَهَنَّمَ مِنْ سَبْعِينَ عَامًا ، فَهَذَا حِينَ بَلَغَتْ قَعْرَهَا ، فَأَحَبَّ اللَّهُ أَنْ أُسْمِعَكَ صَوْتَهَا . فَمَا رُؤِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ضَاحِكًا مِلْءَ فِيهِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ(1).
الشفير : الحرف والجانب والناحية
وعَنْ لُقْمَانَ بن عَامِرٍ، قَالَ: جِئْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ، فَقُلْتُ حَدِّثْنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :"لَوْ أَنَّ صَخْرَةً وَزَنَتْ عَشْرَ خَلِفَاتٍ، قُذِفَ بِهَا مِنْ شَفِيرِ جَهَنَّمَ مَا بَلَغَتْ قَعْرَهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى غَيٍّ، وَأَثَامٍ"، قِيلَ: وَمَا غَيٌّ، وَأَثَامٌ؟ قَالَ:"بِئْرَانِ فِي أَسْفَلِ جَهَنَّمَ يَسِيلُ مِنْهُمْا صَدِيدُ أَهْلِ النَّارِ"وَهُمْا اللَّذَانِ ذَكَرَهُمَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ "أَضَاعُوا الصَّلاةَ، وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ، فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا" [مريم: 59].(2)
الخلفات جمع خلفة وهي الناقة الحامل
__________
(1) - المعجم الأوسط للطبراني(827 ) ضعيف
(2) - المعجم الكبير للطبراني - (ج 7 / ص 193)(7633 ) ضعيف وصوبوا وقفه(2/361)
وقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، يَقُولُ : وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، إِنَّ قَدْرَ مَا بَيْنَ شَفِيرِ النَّارِ وَقَعْرِهَا ، كَصَخْرَةٍ زِنَتُهَا سَبْعَ خَلِفَاتٍ بِشُحُومِهِنَّ ، وَلُحُومِهِنَّ ، وَأَوْلادِهِنَّ ، تَهْوِي فِيمَا بَيْنَ شَفِيرِ النَّارِ وَقَعْرِهَا ، إِلَى أَنْ تَقَعَ قَعْرَهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا"(1)
- الشفير : الحرف والجانب والناحية - الخلفة : الناقة الحامل العشراء - الشفة : الحرف أو الجانب
وعن أبي سعيد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : « لسُرادِقُ النَّارِ أربَعَةُ جُدُرٍ ، كِثَفُ كُلِّ جدَارٍ مَسيرَةٌ أربعينَ سنَةً »(2)--السرادق : كل ما أحاط بشيء من حائط أو مضرب أو خباء أو خيمة - الجدر : الحوائط - كثف : غلظ
وأما عن سعة جهنم طولاً وعرضاً فعَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَتَدْرِى مَا سَعَةُ جَهَنَّمَ قُلْتُ لاَ. قَالَ أَجَلْ وَاللَّهِ مَا تَدْرِى. حَدَّثَتْنِى عَائِشَةُ أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ قَوْلِهِ (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ){الزمر:67} قَالَتْ قُلْتُ فَأَيْنَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ »(3).
ـــــــــــــــ
__________
(1) - المستدرك للحاكم(8767) حسن
(2) - صفة النار لابن أبي الدنيا (6 ) حسن
(3) - سنن الترمذى(3549 ) صحيح(2/362)
في سلاسلها وغير ذلك
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لَوْ أَنَّ رُصَاصَةً مِثْلَ هَذِهِ وَأَشَارَ إِلَى مِثْلِ الْجُمْجُمَةِ أُرْسِلَتْ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ وَهِىَ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ لَبَلَغَتِ الأَرْضَ قَبْلَ اللَّيْلِ وَلَوْ أَنَّهَا أُرْسِلَتْ مِنْ رَأْسِ السِّلْسِلَةِ لَصَارَتْ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ أَصْلَهَا أَوْ قَعْرَهَا »(1).
وَعَنْ يَعْلَى بْنِ مُنَبِّهٍ - رَفَعَ الْحَدِيثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : " يُنْشِئُ اللَّهُ - [ عَزَّ وَجَلَّ ] - سَحَابَةً لِأَهْلِ النَّارِ سَوْدَاءَ مُظْلِمَةً فَيُقَالُ : يَا أَهْلَ النَّارِ ، أَيَّ شَيْءٍ تَطْلُبُونَ ؟ فَيَذْكُرُونَ بِهَا سَحَابَةَ الدُّنْيَا ، فَيَقُولُونَ : يَا رَبَّنَا ، الشَّرَابَ . فَيُمْطِرُهُمْ أَغْلَالًا [ تَزِيدُ فِي أَغْلَالِهِمْ ] ، وَسَلَاسِلَ فِي سَلَاسِلِهِمْ ، وَجَمْرًا يُلْهِبُ عَلَيْهِمْ "(2).
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : لَوْ أَنَّ مِقْمَعًا مِنْ حَدِيدٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ ، فَاجْتَمَعَ لَهُ الثَّقَلانِ ، مَا أَقَلُّوهُ مِنَ الأَرْضِ"(3)
وعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : لو أن مقمعًا من حديد، لَوْ ضُرِبَ الْجَبَلُ بِقَمْعٍ مِنْ حَدِيدٍ، لَتَفَتَّتَ ثُمَّ عَادَ كَمَا كَانَ وَلَوْ أَنَّ دَلْواً مِنْ غَسَّاقٍ يُهَرَاقُ فِى الدُّنْيَا لأَنْتَنَ أَهْلَ الدُّنْيَا »(4)
__________
(1) - سنن الترمذى(2791) حسن
(2) - المعجم الأوسط للطبراني (4253) فيه ضعف
(3) - المستدرك للحاكم (8773) حسن
(4) - غاية المقصد فى زوائد المسند (5087 ) ومسند أحمد(12106) حسن(2/363)
الغساق : ما يسيل من صديد أهل النار وقيل ما يسيل من دموعهم وقيل الزمهرير
المقمع المطرق وقيل السوط
وعن عبد الله بن مسعود ، قال : « إن الحجارة التي سمى الله تعالى في القرآن { فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} (24) سورة البقرة ، حجارة من كبريت ، خلقها الله عنده عز وجل كيف شاء أو كما شاء »(1)
ـــــــــــــــ
في ذكر حياتها وعقاربها
عَنْ دَرَّاجٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِىَّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ فِى النَّارِ حَيَّاتٌ كَأَمْثَالِ أعْنَاقِ الْبُخْتِ تَلْسَعُ إِحْدَاهُنَّ اللَّسْعَةَ فَيَجِدُ حَمْوَتَهَا أَرْبَعِينَ خَرِيفاً وَإِنَّ فِى النَّارِ عَقَارِبَ كَأَمْثَالِ الْبِغَالِ الْمُوكَفَةِ تَلْسَعُ إِحْدَاهُنَّ اللَّسْعَةَ فَيَجِدُ حَمْوَتَهَا أَرْبَعِينَ سَنَةً »(2).
البخت : واحدتها البختية وهى الناقة طويلة العنق ذات السنامين -الموكفة : المحملة
وعن عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ فِي النَّارِ لَحَيَّاتٍ أَمْثَالَ أَعْنَاقِ الْبُخْتِ تَلْسَعُ أَحَدَهُمُ اللَّسْعَةَ ، فَيَجِدُ حُمُوَّتَهَا أَرْبَعِينَ خَرِيفًا.(3)
__________
(1) - البعث والنشور للبيهقي (486) صحيح
(2) - مسند أحمد (18184) حسن
(3) - صحيح ابن حبان - (ج 16 / ص 512)(7471) حسن(2/364)
وعَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ : إِنَّ لِجَهَنَّمَ جِبَابًا ، فِيهَا حَيَّاتٌ أَمْثَالَ أَعْنَاقِ الْبُخْتِ ، وَعَقَارِبَ كَالْبِغَالِ الدُّلْمِ ، قَالَ : فَيَهْرُبُ أَهْل جَهَنَّمُ إِلَى تِلْكَ الْجِبَاب : قَالَ : فَتَأْخُذ تِلْكَ الْحَيَّاتُ وَالْعَقَارِبُ بِشِفَاهِهِمْ فَتَنْشِطُ مَا بَيْنَ الشَّفْرِ إِلَى الظُّفْرِ ، قَالَ : فَمَا يُنَجِّيهِم إِلاَ هَرَبٌ إِلَى النَّارِ.(1)
__________
(1) - مصنف ابن أبي شيبة (ج 13 / ص 160)(35279) صحيح مرسل(2/365)
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : إِذَا قُتِلَ الْعَبْدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَوَّلُ قَطْرَةٍ تَقْطُرُ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ دَمِهِ يُكَفِّرُ اللَّهُ ذُنُوبَهُ كُلَّهَا ، ثُمَّ يُرْسِلُ لَهُ اللَّهُ بِرَيْطَةٍ مِنَ الْجَنَّةِ فَتُقْبَضُ فِيهَا نَفْسُهُ وَيُجَسَّدُ مِنَ الْجَنَّةِ حَتَّى تُرَكَّبَ فِيهِ رُوحُهُ ثُمَّ يُعَرِّجُ مَعَ الْمَلَائِكَةِ كَأَنَّهُ كَانَ مَعَهُمْ مُنْذُ خَلَقَهُ اللَّهُ حَتَّى يُؤْتَى بِهِ الرَّحْمَنُ - عَزَّ وَجَلَّ - وَيَسْجُدُ قَبْلَ الْمَلَائِكَةِ ثُمَّ تَسْجُدُ الْمَلَائِكَةُ بَعْدَهُ ، ثُمَّ يُغْفَرُ لَهُ وَيُطَهَّرُ ثُمَّ يُؤْمَرُ بِهِ إِلَى الشُّهَدَاءِ فَيَجِدُهُمْ فِي رِيَاضٍ خُضْرٍ وَثِيَابٍ مِنْ حَرِيرٍ عِنْدَهُمْ ثَوْرٌ وَحُوتٌ يُلَغِثَانِهِمْ كُلَّ يَوْمٍ بِشَيْءٍ لَمْ يُلْغَثَاهُ بِالْأَمْسِ يَظَلُّ الْحُوتُ فِي أَنْهَارِ الْجَنَّةِ فَيَأْكُلُ مَنْ كُلِّ رَائِحَةٍ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ فَإِذَا أَمْسَى وَكَزَهُ الثَّوْرُ بِقَرْنِهِ فَذَكَاهُ فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهِ فَوَجَدُوا فِي طَعْمِ لَحْمِهِ كُلَّ رَائِحَةٍ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ وَيَلْبَثُ الثَّوْرُ نَافِشًا فِي الْجَنَّةِ يَأْكُلُ مِنْ ثَمَرِ الْجَنَّةِ ، فَإِذَا أَصْبَحَ عَدَا عَلَيْهِ الْحُوتُ فَذَكَاهُ بِذَنَبِهِ فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهِ فَوَجَدُوا فِي طَعْمِ لَحْمِهِ كُلَّ ثَمَرَةٍ فِي الْجَنَّةِ ، يَنْظُرُونَ إِلَى مَنَازِلِهِمْ يَدْعُونَ اللَّهَ بِقِيَامِ السَّاعَةِ فَإِذَا تَوَفَّى اللَّهُ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ مَلَكَيْنِ بِخِرْقَةٍ مِنَ الْجَنَّةِ وَرَيْحَانٍ مِنْ رَيْحَانِ الْجَنَّةِ فَقَالَ : أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ اخْرُجِي إِلَى رَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ ، اخْرُجِي فَنِعْمَ مَا قَدَّمْتِ فَتَخْرُجُ(2/366)
كَأَطْيَبِ رَائِحَةِ مِسْكٍ وَجَدَهَا أَحَدُكُمْ بِأَنْفِهِ وَعَلَى أَرْجَاءِ السَّمَاءِ مَلَائِكَةٌ يَقُولُونَ : سُبْحَانَ اللَّهِ لَقَدْ جَاءَ مِنَ الْأَرْضِ الْيَوْمَ رُوحٌ طَيِّبَةٌ فَلَا يَمُرُّ بِبَابٍ إِلَّا فَتَحَ لَهُ وَلَا مَلَكٍ إِلَّا صَلَّى عَلَيْهِ وَيَشْفَعُ حَتَّى يُؤْتَى بِهِ إِلَى اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فَتَسْجُدُ الْمَلَائِكَةُ قَبْلَهُ ثُمَّ يَقُولُونَ : رَبَّنَا هَذَا عَبْدُكَ فُلَانٌ تَوَفَّيْنَاهُ وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ فَيَقُولُ : مُرُوهُ بِالسُّجُودِ فَيَسْجُدُ النَّسَمَةُ ثُمَّ يُدْعَى مِيكَائِيلُ فَيُقَالُ : اجْعَلْ هَذِهِ النَّسَمَةَ مَعَ أَنْفُسِ الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى أَسْأَلَكَ عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُؤْمَرُ بِجَسَدِهِ فَيُوَسِّعُ لَهُ ، طُولُهُ سَبْعُونَ وَعَرْضُهُ سَبْعُونَ وَيَنْبِذُ فِيهِ الرَّيْحَانَ وَيَبْسُطُ لَهُ الْحَرِيرَ فِيهِ ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ نَوَّرَهُ وَإِلَّا جُعِلَ لَهُ نُورًا مِثْلَ نُورِ الشَّمْسِ ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى الْجَنَّةِ فَيَنْظُرُ إِلَى مَقْعَدِهِ فِي الْجَنَّةِ بُكْرَةً وَعَشِيًّا .(2/367)
وَإِذَا تَوَفَّى اللَّهُ الْعَبْدَ الْكَافِرَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ مَلَكَيْنِ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِقِطْعَةٍ بِجَادٍ أَنْتَنُ مِنْ كُلِّ نَتَنٍ وَأَخْشَنُ مَنْ كُلِّ خَشِنٍ فَقَالَ : أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ اخْرُجِي إِلَى جَهَنَّمَ وَعَذَابٍ أَلِيمٍ وَرَبٍّ عَلَيْكِ سَاخِطٍ ، اخْرُجِي فَسَاءَ مَا قَدَّمْتِ ، فَتَخْرُجُ كَأَنْتَنِ جِيفَةٍ وَجَدَهَا أَحَدُكُمْ بِأَنْفِهِ قَطُّ ، وَعَلَى أَرْجَاءِ السَّمَاءِ مَلَائِكَةٌ يَقُولُونَ : سُبْحَانَ اللَّهِ لَقَدْ جَاءَ مِنَ الْأَرْضِ جِيفَةٌ وَنَسَمَةٌ خَبِيثَةٌ لَا يُفْتَحُ لَهُ بَابُ السَّمَاءِ فَيُؤْمَرُ بِجَسَدِهِ فَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ فِي الْقَبْرِ وَيُمْلَأُ حَيَّاتٌ مِثْلُ أَعْنَاقِ الْبُخْتِ تَأْكُلُ لَحْمَهُ فَلَا يَدَعَنَّ مِنْ عِظَامِهِ شَيْئًا ، ثُمَّ يُرْسَلُ عَلَيْهِ مَلَائِكَةٌ صُمٌّ عُمْيٌ مَعَهُمْ فَطَاطِيسُ مِنْ حَدِيدٍ لَا يُبْصِرُونَهُ فَيَرْحَمُونَهُ وَلَا يَسْمَعُونَ صَوْتَهُ فَيَرْحَمُونَهُ فَيَضْرِبُونَهُ وَيَخْبِطُونَهُ ، وَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنْ نَارٍ فَيَنْظُرُ إِلَى مَقْعَدِهِ مِنَ النَّارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً يَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُدِيمَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَلَا يَصِلُ إِلَى مَا وَرَاءَهُ مِنَ النَّارِ .(1)
__________
(1) - مجمع الزوائد (3932 ) رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ . وفي موضع آخر (9540) قال : رِجَالُ الصَّحِيحِ خَلَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْبَيْلَمَانِيِّ وَهُوَ ثِقَةٌ . قلت : وابن البيلماني ضعيف تقريب التهذيب(3819)(2/368)
وعن يزيد بن شجرة قال : كَانَ يَزِيدُ بْنُ شَجَرَةَ رَجُلًا مِنْ رَهَاءَ ، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ يَسْتَعْمِلُهُ عَلَى الْجُيُوشِ ، فَخَطَبَنَا يَوْمًا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : " أَيُّهَا النَّاسُ ، اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ مَا أَحْسَنَ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ، لَوْ تَرَوْنَ مَا أَرَى مِنْ بَيْنِ أَحْمَرَ وَأَصْفَرَ ، وَمِنْ كُلِّ لَوْنٍ ، وَفِي الرِّجَالِ مَا فِيهَا أَنَّهُ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، وَأَبْوَابُ الْجَنَّةَ ، وَأَبْوَابُ النَّارِ ، وَإِذَا التَقَى الصَّفَّانِ ، فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، وَأَبْوَابُ الْجَنَّةَ ، وَأَبْوَابُ النَّارِ ، وَزُيِّنَ الْعِينُ ، فَيَطَّلِعْنَ ، فَإِذَا أَقْبَلَ أَحَدُكُمْ بِوَجْهِهِ إِلَى الْقِتَالِ قُلْنَ : اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ ، اللَّهُمَّ انْصُرْهُ ، وَإِذَا أَدْبَرَ احْتَجَبْنَ عَنْهُ وَقُلْنَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ ، وَانْتَهِكُوا وُجُوهَ الْقَوْمِ ، فِدَاكُمْ أَبِي وَأُمِّي ؛ فَإِنَّ أَوَّلَ قَطْرَةٍ تَقْطُرُ مِنْ دَمِ أَحَدِكُمْ يَحُطُّ اللَّهُ بِهَا عَنْهُ خَطَايَاهُ كَمَا الْغُصْنُ مِنْ وَرَقِ الشَّجَرَةِ ، وَتَبْتَدِرُهُ اثْنَتَانِ مِنْ حُورِ الْعِينِ ، وَيَمْسَحَانِ التُّرَابَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولَانِ : فِدَانَا لَكَ ، وَيَقُولُ : أَنَا لَكُمَا ، فَيُكْسَى مِائَةَ لَوْ وُضِعَتْ بَيْنَ أُصْبُعَيَّ هَاتَيْنِ لَوَسَعَتَاهُمَا ، لَيْسَتْ مِنْ نَسْجِ بَنِي آدَمَ ، وَلَكِنَّهُمَا مِنْ ثِيَابِ الْجَنَّةِ ؛ إِنَّكُمْ مَكْتُوبُونَ عِنْدَ اللَّهِ بِأَسْمَائِكُمْ ، وَسِمَاتِكُمْ ، وَنَجْوَاكُمْ ، وَخِلَالِكُمْ ، وَمَحَاسِنِكُمْ ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قِيلَ : يَا فُلَانُ ، هَذَا نُورُكَ ، يَا فُلَانُ ، لَا نُورَ لَكَ ، وَإِنَّ(2/369)
لِجَهَنَّمَ جِبَابًا مِنْ سَاحِلٍ كَسَاحِلِ الْبَحْرِ فِيهِ هَوَامٌّ ، حَيَّاتٌ كَالْبَخَاتِيِّ ، وَعَقَارِبُ كَالْبِغَالِ الدَّلِّ أَوْ كَالدَّلِّ الْبِغَالِ ، فَإِذَا سَأَلَ أَهْلُ النَّارِ التَّخْفِيفَ قِيلَ : اخْرُجُوا إِلَى السَّاحِلِ ، فَتَأْخُذُهُمْ تِلْكَ بِشِفَاهِهِمْ وَجُنُوبِهِمْ ، وَمَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ فَتَكْشِطُهَا ، فَيَرْجِعُونَ فَيُنَادَوْنَ إِلَى مُعْظَمِ النَّارِ ، وَيُسَلَّطُ عَلَيْهِمُ الْجَرَبُ ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَحُكُّ جِلْدَهُ ، حَتَّى يَبْدُو الْعَظْمُ ، فَيُقَالُ : يَا فُلَانُ ، هَلْ يُؤْذِيكَ هَذَا ؟ فَيَقُولُ نَعَمْ ، فَيُقَالُ لَهُ : بِمَا كُنْتَ تُؤْذِي الْمُؤْمِنِينَ "(1)
الهوام : جمع هامَّة وهي كل ذات سم يقتل ، وأيضا هي ما يدب من الحيوان وإن لم يقتل كالحشرات
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مَسْعُودٍ، فِي قَوْلِهِ: {الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ} [النحل: 88]، قَالَ:"عَقَارِبُ أَنْيَابُهَا كَالنَّخْلِ الطِّوَالِ",(2)
__________
(1) - البعث والنشور للبيهقي(548 ) صحيح مرسل
(2) - المعجم الكبير للطبراني - (ج 8 / ص 154)(9006 ) صحيح(2/370)
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً ، فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ ، لَهُ زَبِيبَتَانِ ، يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ - يَعْنِى شِدْقَيْهِ - ثُمَّ يَقُولُ أَنَا مَالُكَ ، أَنَا كَنْزُكَ » ثمَّ تلا الآية: (وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُم بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ){آل عمران:180}(1)- اللهزم : الشدق
ـــــــــــــــ
في شراب أهل النار
ذكر الله تعالى في القرآن الكريم أربعة أنواع من شراب أهل النار :
الأول: الحميم, قال تعالى: ( وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ){محمد:15}. والحميم:هو الماء الحار المغلي بنار جهنم, يُذاب بهذا الحميم ما في بطونهم, وتسيل به أمعاؤهم, وتتناثر جلودهم, كما في قوله تعالى: (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الحَمِيمُ *يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ*وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيد* كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الحَرِيقِ ){الحج:19-22}.
__________
(1) - صحيح البخارى(1403 )(2/371)
الثاني: الغسَّاق ,قال تعالى: (هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ) {ص:57} قال ابن عباس ٍ:الغسَّاق ما يسيل من بين جلد الكافر ولحمه. وقال: الزمهرير البارد الذي يحرق الجلد. وقال مجاهد:غساق,لا يستطيعون أن يذوقوه من شدة برده.(1)
الثالث: الصديد , قال تعالى: (مِّن وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِن مَّاءٍ صَدِيدٍ* يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ المَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَائِه عَذَابٌ غَلِيظٌ) {إبراهيم:16-17} أي: يسقى من ماءٍ صديد شديد النتانة والكثافة فيتجرعه ولا يكاد يبتلعه من شدة نتانته وكثافته.وقال مجاهد: (ماء صديد) يعني: القيح والدم.
وعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلاً قَدِمَ مِنْ جَيْشَانَ - وَجَيْشَانُ مِنَ الْيَمَنِ - فَسَأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ شَرَابٍ يَشْرَبُونَهُ بِأَرْضِهِمْ مِنَ الذُّرَةِ يُقَالُ لَهُ الْمِزْرُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « أَوَمُسْكِرٌ هُوَ ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ إِنَّ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ قَالَ « عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ »(2).
__________
(1) - تفسير الطبري - (ج 21 / ص 226)
(2) - صحيح مسلم(5335 )(2/372)
الرابع:الماء الذي كالمهل,قال تعالى: (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً) {الكهف:29}, وسُئل ابن عباس عن قوله تعالى(كالمهل) فقال:غليظ كدردي الزيت, وعنه قال: أسود كمهل الزيت.وقال الضحاك: أذاب ابن مسعود-رضي الله عنه- فضة من بيت المال, ثم أرسل إلى أهل المسجد فقال:من أحب أن ينظر إلى المُهْل فلينظر إلى هذا(1).
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - : { كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ} (45) سورة الدخان ، قَالَ : كَعَكَرِ الزَّيْتِ ، فَإِذَا قُرِّبَ إِلَيْهِ سَقَطَتْ فَرْوَةُ وَجْهِهِ ، وَلَوْ أَنَّ دَلْوًا مِنْ غِسْلِينَ يُهَرَاقُ فِي الدُّنْيَا لأَنْتَنَ بِأَهْلِ الدُّنْيَا "(2)
وعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ (كَالْمُهْلِ) قَالَ « كَعَكَرِ الزَّيْتِ فَإِذَا قَرُبَ إِلَيْهِ سَقَطَتْ فَرْوَةُ وَجْهِهِ فِيهِ »(3).
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « إِنَّ الْحَمِيمَ لَيُصَبُّ عَلَى رُءُوسِهِمْ فَيَنْفُذُ الْحَمِيمُ حَتَّى يَخْلُصَ إِلَى جَوْفِهِ فَيَسْلِتَ مَا فِى جَوْفِهِ حَتَّى يَمْرُقَ مِنْ قَدَمَيْهِ وَهُوَ الصَّهْرُ ثُمَّ يُعَادُ كَمَا كَانَ »(4).
__________
(2) - المستدرك للحاكم(3850) حسن
(3) - مسند أحمد (11990) حسن
(4) - سنن الترمذى (2783 ) حسن(2/373)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَتَلا قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : ف{هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ} (19) سورة الحج ، فَقَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، يَقُولُ : إِنَّ الْحَمِيمَ لَيُصَبُّ عَلَى رُؤُوسِهِمْ فَيَنْفُذُ الْجُمْجُمَةَ حَتَّى يَخْلُصَ إِلَى جَوْفِهِ فَيَسْلِتُ مَا فِي جَوْفِهِ حَتَّى يُمَزِّقَ قَدَمَيْهِ وَهُوَ الصَّهْرُ ، ثُمَّ يُعَادُ كَمَا كَانَ "(1)
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ ، قَالَ : يُقَرَّبُ إِلَيْهِ فَيَتَكَرَّهُهُ ، فَإِذَا أُدْنِيَ مِنْهُ شَوَى وَجْهَهُ ، وَوَقَعَتْ فَرْوَةُ رَأْسِهِ ، فَإِذَا شَرِبَ قَطَّعَ أَمْعَاءَهُ ، حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ دُبُرِهِ ، يَقُولُ اللَّهُ : وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ، وَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ"(2)
قال تعالى :{ وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15) مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17) [إبراهيم/15-17]
__________
(1) - المستدرك للحاكم (3458) حسن
(2) - المستدرك للحاكم (3339) حسن(2/374)
وَاسْتَنْصَرَ الرُّسُلُ بِرَبِّهِمْ عَلَى أَقْوَامِهِمْ ، لَمَّا يَئِسُوا مِنْ إِيمَانِهِمْ ، وَطَلَبُوا مِنَ اللهِ تَعَالَى النَّصْرَ عَلَى الكَافِرِينَ فَنَصَرَهُمُ اللهُ ، فَرَبِحُوا ، وَخَسِرَ كُلُّ مُتَكَبِّرٍ عَنْ طَاعَةِ اللهِ ، شَدِيدِ العِنَادِ لِلْحَقِّ .
فَقَدْ حَلَّتِ الهَزِيمَةُ بِهَذَا الجَبَّارِ العَنِيدِ فِي الدُّنْيا ، وَأَمَامَهُ فِي الآخِرَةِ جَهَنَّمُ تَنْتَظِرُهُ ، فَهِيَ لَهُ بِالمِرْصَادِ ، وَسَيَكُونُ خَالِداً فِيهَا ، وَيُسْقَى فِي النَّارِ مِنَ الصَّدِيدِ الذِي يَسِيلُ مِنْ لَحْمِهِ وَجِلْدِهِ المُحْتَرِقَيْن .
يَشْرَبُهُ قَسْراً وَقَهْراً ، جَرْعَةً بَعْدَ جَرْعَةٍ ، وَلاَ يَكَادُ يَبْتَلِعُهُ لِسُوءِ طَعْمِهِ ، وَنَتْنِ رَائِحَتِهِ ، وَحَرَارَتِهِ ، فَإِذَا شَرِبَهُ قَطَعَ أَمْعَاءَهُ ، وَيَأْتِيهِ العَذَابُ بِأَنْوَاعِهِ ، لَيْسَ مِنْهَا نَوْعٌ إِلاَّ يَأْتِيهِ المَوْتُ مِنْهُ ، وَلَكِنَّهُ لاَ يَمُوتُ لِيَخْلُدَ فِي النَّارِ وَالعَذَابِ ، وَلَهُ بْعَدَ هَذِهِ الحَالَةِ عَذَابٌ آخَرَ شَدِيدٌ غَلِيظٌ أَدْهَى مِنَ الذِي قَبْلَهُ وَأَمَرُّ .
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : لَوْ أَنَّ دَلْوَ غَسَّاقٍ يُهَرَاقُ فِي الدُّنْيَا ، لأَنْتَنَ أَهْلَ الدُّنْيَا "(1)
قال تعالى : { هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآَبٍ (55) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ (56) هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57) وَآَخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ (58) } [ص/55-58]
__________
(1) - المستدرك للحاكم(8779) حسن(2/375)
هَذَا الذِي تَقَدَّمَ هُوَ جَزَاءُ المُؤْمِنِينَ الأَخْيَارِ ، عَلَى مَا قَدَّمُوهُ مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ ، وَطَاعَةٍ لِرَبِّهِمْ . أَمَّا الكَافِرُونَ الخَارِجُونَ عَنْ طَاعَةِ اللهِ تَعَالَى ، وَالمُكَذِبُّونَ رُسُلَهُ الكِرَامَ ، فَلَهُمْ سُوءُ المُنْقَلَبِ ، وَشَرُّ العَاقِبَةِ
إِذْ تَكُونُ عَاقِبَتُهُم العَذَابَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ، فَيُقَاسُونَ حَرَّهَا الشَّدِيدَ ، وَسَاءَتْ جَهَنَّمُ مَهْداً وَفِراشاً .
وَهَذَا العَذَابُ هُوَ جَزَاؤُهُمْ فِي الآخِرَةِ عَلَى كُفْرِهِمْ وَسُوءِ أَعْمَالِهِمْ . فَلْيَذُوقُوهُ فَهْوَ مَاءٌ حَارٌّ ، مَتَنَاهٍ فِي شِدَّةِ حَرَارَتِهِ ، وَقَدْ مُزِجَ بالصَّدِيدِ الذِي يَسِيلُ مِنْ أَجْسَادِهِم المُحْتَرِقَةِ فِي النَّارِ ( غَسَّاقٌ ) .
حَمِيمٌ - مَاءٌ بَلَغَ النِّهَايَةَ فِي الحَرَارَةِ .
غَسَّاقٌ - الصَّدِيدُ الذِي يَسِيلُ مِنْ جُلُودِ أَهْلِ النَّارِ المُحْتَرِقَةِ . وَقِيلَ إِنَّهُ نَوْعٌ مِنَ العَذَابِ لاَ يَعْلَمُهُ إِلاَّ اللهَ تَعَالَى .
وَلَهُمْ صُنُوفٌ أُخْرَى مِنَ العَذَابِ مِنْ أَشْبَاهِ هَذَا العَذَابِ يُعَذِّبُونَ بِهَا ، كَالزَّمْهَرِيرِ ، والسَّمُومِ ، وَشُرْبِ الحَمِيمِ والغَسَّاقِ ، وَأَكْلِ الزَّقومِ .(2/376)
وعَنْ أَبِي يَحْيَى عَطِيَّةَ الْكَلَاعِيِّ ، أَنَّ كَعْبًا ، كَانَ يَقُولُ : " هَلْ تَدْرُونَ مَا وَغَسَّاقٍ ؟ " قَالُوا : لَا . قَالَ : " عَيْنٌ فِي جَهَنَّمَ يَسِيلُ إِلَيْهَا حُمَّةُ كُلِّ ذَاتِ حُمَّةٍ مِنْ حَيَّةٍ أَوْ عَقْرَبٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ، فَيُسْتَنْقَعُ ، فَيُؤْتَى بِالْآدَمِيِّ فَيُغْمَسُ فِيهِ غَمْسَةً وَاحِدَةً ، فَيَخْرُجُ وَقَدْ سَقَطَ جِلْدُهُ عَنِ الْعِظَامِ ، وَتَعَلَّقَ جِلْدُهُ وَلَحْمُهُ فِي كَعْبَيْهِ ، فَيَجُرُّ لَحْمَهُ كَمَا يَجُرُّ الرَّجُلُ ثَوْبَهُ "(1)
وعن عَطِيَّةَ الْكَلَاعِيِّ ، أَنَّ كَعْبًا ، كَانَ يَقُولُ : " هَلْ تَدْرُونَ مَا غَسَّاقٌ ؟ قَالُوا : لَا وَاللَّهِ ، قَالَ : عَيْنٌ فِي جَهَنَّمَ يَسِيلُ إِلَيْهَا حُمَةُ كُلِّ ذَاتِ حُمَةٍ مِنْ حَيَّةٍ أَوْ عَقْرَبٍ أَوْ غَيْرِهَا ، فَيُسْتَنْقَعُ فَيُؤْتَى بِالْآدَمِيِّ ، فَيُغْمَسُ فِيهَا غَمْسَةً وَاحِدَةً ، فَيَخْرُجُ وَقَدْ سَقَطَ جِلْدُهُ وَلَحْمُهُ عَنِ الْعِظَامِ حَتَّى يَتَعَلَّقَ جِلْدُهُ فِي كَعْبَيْهِ وَعَقِبَيْهِ ، وَيُنْجَرَ لَحْمُهُ كَجَرِّ الرَّجُلِ ثَوْبَهُ " وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ الْبَارِدُ الَّذِي لَا يُسْتَطَاعُ مِنْ بُرْدِهِ "(2)
-الحُمَةُ أو الحُمَّة : السُّمُّ -غمس : غمر وأدخل
__________
(1) - صِفَةُ النَّارِ لِابْنِ أَبِي الدُّنْيَا(92 ) حسن مقطوع
(2) - جَامِعُ الْبَيَانِ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ لِلطَّبَرِيِّ (27613 ) حسن مقطوع(2/377)
وعَنْ أَبِي مُوسَى ، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : ثَلاَثَةٌ لاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ : مُدْمِنُ الْخَمْرِ ، وَقَاطِعُ الرَّحِمِ ، وَمُصَدِّقٌ بِالسِّحْرِ ، وَمَنْ مَاتَ مُدْمِنًا لِلْخَمْرِ سَقَاهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلاَ مِنْ نَهْرِ الْغُوطَةِ قِيلَ : وَمَا نَهْرُ الْغُوطَةِ ؟ قَالَ : نَهْرٌ يَجْرِي مِنْ فُرُوجِ الْمُومِسَاتِ يُؤْذِي أَهْلَ النَّارِ رِيحُ فُرُوجِهِنَّ.(1)
المومسات بضم الميم الأولى وكسر الثانية هن الزانيات
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا ، فَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ عَادَ فَشَرِبَ فَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا ، فَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ عَادَ فَشَرِبَ فَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا ، فَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ عَادَ الرَّابِعَةَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ ؟ قَالَ : عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ.(2)
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (ج 12 / ص 165)(5346) صحيح
(2) - صحيح ابن حبان - (ج 12 / ص 180)(5357) صحيح(2/378)
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « كُلُّ مُخَمِّرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَمَنْ شَرِبَ مُسْكِرًا بُخِسَتْ صَلاَتُهُ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَإِنْ عَادَ الرَّابِعَةَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ ». قِيلَ وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « صَدِيدُ أَهْلِ النَّارِ وَمَنْ سَقَاهُ صَغِيرًا لاَ يَعْرِفُ حَلاَلَهُ مِنْ حَرَامِهِ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ »(1)
وعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ لَمْ يَرْضَ اللَّهُ عَنْهُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَإِنْ مَاتَ مَاتَ كَافِراً وَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَإِنْ عَادَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ ». قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ قَالَ « صَدِيدُ أَهْلِ النَّارِ ».(2)
الخبال : عصارة أهل النار
ـــــــــــــــ
في طعام أهل النار
قال تعالى: (مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ){البقرة:174} وقال تعالى: (لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ* لاَ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِن جُوعٍ){الغاشية:6-7}.والضريع:نوعٌ من الشوك لا تأكله الدوابُّ لخبثه.
وقال تعالى : ( فَلَيْسَ لَهُ اليَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ * وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ * لاَ يَأْكُلُهُ إِلاَّ الخَاطِئُونَ){الحاقة:35-37} قال ابن عباس: الغسلين:الدم والماء والصديد الذي يسيل من لحومهم.
__________
(1) - سنن أبى داود (3682 ) صحيح
(2) - مسند أحمد (28370) حسن(2/379)
وقال تعالى: ( إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالاً وَجَحِيماً* وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً( {المزمل:12-13} ومعنى (طعاماً ذا غصة) قال ابن عباس:شوكٌ يأخذ بالحلق,لا يدخل ولا يخرج.
وقال تعالى : (ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ المُكَذِّبُون َ* لآكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ( {الواقعة:51-52}.
وقد وصف الله تعالى شجرة الزقوم في قوله تعالى : ( إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الجَحِيمِ* طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ* فَإِنَّهُمْ لآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا البُطُونَ({الصافات:64-66}.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَن ّرَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَلا هَذِهِ الآيَةَ : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} (102) سورة آل عمران، قَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنَ الزَّقُّومِ قُطِرَتْ فِي بِحَارِ الأَرْضِ لَفَسَدَتْ ، وَفِي حَدِيثِ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ : لأَمَرَّتْ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا مَعَايِشَهُمْ فَكَيْفَ بِمَنْ تَكُونُ طَعَامَهُ ؟(1)
__________
(1) - المستدرك للحاكم (3158) صحيح(2/380)
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} (102) سورة آل عمران ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنَ الزَّقُّومِ قُطِرَتْ فِي الأَرْضِ لأَفْسَدَتْ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا مَعَائِشَهُمْ ، فَكَيْفَ بِمَنْ يَكُونُ طَعَامُهُ ؟ هَذَا حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ الإِمَامُ أَبُو يَعْقُوبَ الْحَنْظَلِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ : خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ "(1)
__________
(1) - المستدرك للحاكم (3686) صحيح(2/381)
وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، قَالَ : يُلْقَى عَلَى أَهْلِ النَّارِ الْجُوعُ ، حَتَّى يَعْدِلَ عِنْدَهُمْ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْعَذَابِ ، قَالَ : فَيَسْتَغِيثُونَ فَيُغَاثُونَ بِالضَّرِيعِ ، لاَ يُسْمِنُ ، وَلاَ يُغْنِي مِنْ جُوعٍ ، فَيَسْتَغِيثُونَ فَيُغَاثُونَ بِطَعَامٍ ذِي غُصَّةٍ ، فَيَذْكُرُونَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُجِيزُونَ الْغَصَصَ بِالشَّرَابِ ، فَيَسْتَغِيثُونَ فَيُغَاثُونَ بِمَاءٍ مِنْ حَمِيمٍ فِي كَلاَلِيبَ مِنْ حَدِيدٍ ، فَإِذَا أَدْنَوْهُ إِلَى وُجُوهِهِمْ شَوَى وُجُوهَهُمْ فَإِذَا أَدْخَلُوهُ بُطُونَهُمْ قَطَّعَ مَا فِي بُطُونِهِمْ ، قَالَ : فَيُنَادُونَ : {اُدْعُوَا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ} ، قَالَ : فَيُجَابُونَ : {أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ، قَالُوا بَلَى ، قَالُوا فَادْعُوَا ، وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ} ، قَالَ : فَيَقُولُونَ : نَادُوْا مَالِكًا ، فَيُنَادُونَ : {يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّك} ، قَالَ : فَأَجَابَهُمْ : {إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} قَالَ : فَيَقُولُونَ : اُدْعُوَا رَبَّكُمْ ، فَلاَ شَيْءَ أَرْحَمُ بِكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ، قَالَ : فَيَقُولُونَ : {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} ، قَالَ : فَيُجِيبُهُمْ : {اِخْسَؤُوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونَ} ، قَالَ : فَعِنْدَ ذَلِكَ يَئِسُوا مِنْ كُلِّ خَيْرٍ ، وَيَأْخُذُونَ فِي الْوَيْلِ ، وَالشَّهِيقِ ، وَالثُّبُورِ. "(1)
__________
(1) - مصنف ابن أبي شيبة (ج 13 / ص 155)(35266) حسن(2/382)
وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " يُلْقَى عَلَى أَهْلِ النَّارِ الْجُوعُ ، حَتَّى يَعْدِلَ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْعَذَابِ ، فَيَسْتَغِيثُونَ بِالطَّعَامِ ، فَيُغَاثُونَ بِطَعَامٍ مِنْ ضَرِيعٍ لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ ، فَيَسْتَغِيثُونَ بِالطَّعَامِ ، فَيُغَاثُونَ بِطَعَامٍ ذِي غُصَّةٍ ، فَيَذْكُرُونَ أَنَّهُمْ كَانَ يُجِيزُونَ الْغُصَصَ فِي الدُّنْيَا بِالشَّرَابِ ، فَيَسْتَغِيثُونَ بِالشَّرَابِ ، فَيُرْفَعُ إِلَيْهِمُ الْحَمِيمُ بِكَلَالِيبِ الْحَدِيدِ ، فَإِذَا دَنَتْ مِنْ وُجُوهِهِمْ شَوَتْ وُجُوهَهُمْ ، وَإِذَا دَخَلَتْ فِي بُطُونِهِمْ قَطَّعَتْ مَا فِي بُطُونِهِمْ ، فَيَقُولُونَ : ادْعُوا خَزَنَةَ جَهَنَّمَ " ، قَالَ : " فَيَدْعُونَ خَزَنَةَ جَهَنَّمَ : أَنِ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ ، فَيَقُولُونَ : أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ؟ قَالُوا : بَلَى ، قَالُوا : فَادْعُوا ، وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ " ، قَالَ : " فَيَقُولُونَ : ادْعُوا مَالِكًا ، فَيَدْعُونَ مَالِكًا فَيَقُولُونَ : يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ " ، قَالَ : " فَيُجِيبُهُمْ : إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ " قَالَ الْأَعْمَشُ : أُنْبِئْتُ أَنَّ بَيْنَ دُعَائِهِمْ وَبَيْنَ إِجَابَةِ مَالِكٍ إِيَّاهُمْ أَلْفَ عَامٍ ، قَالَ : " فَيَقُولُونَ : ادْعُوا رَبَّكُمْ ، فَلَا أَحَدَ خَيْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ ، فَيَقُولُونَ : رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا ، وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ ، رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا ، فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ " ، قَالَ : " فَيُجِيبُهُمْ : اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ " ، قَالَ : " فَعِنْدَ ذَلِكَ يَئِسُوا مِنْ كُلِّ خَيْرٍ ،(2/383)
وَعِنْدَ ذَلِكَ أَخَذُوا مِنَ الزَّفِيرِ وَالْحَسْرَةِ وَالْوَيْلِ "(1)
الغصة : ما اعترض في الحلق من طعام أو شراب - الحميم : الماء الحار - الكلّوب : حديدة معوجة الرأس ، والجمع كلاليب
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : {وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا} (13) سورة المزمل، قَالَ : شَوْكٌ يَأْخُذُ بِالْحَلْقِ ، لَا يَدْخُلُ وَلَا يَخْرُجُ ، وَفِي قَوْلِهِ : {يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَّهِيلًا} (14) سورة المزمل، قَالَ : الْمَهِيلُ الَّذِي إِذَا أَخَذْتَ مِنْهُ شَيْئًا تَبِعَكَ آخِرُهُ ، وَالْكَثِيبُ مِنَ الرَّمْلِ "(2).
وأهل النار قد يكون طعامهم ما ذكر في الآيات السابقة:الضريع والغسلين والزقوم والنار جميعًا,وقد يكون المعذبون طبقات فمنهم من يأكل الضريع ومنهم من يأكل الغسلين ومنهم من يأكل الزقوم, كلٌّ بحسب حاله ومنزلته.
ـــــــــــــــ
لباس أهل النار
قال تعالى: (فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الحَمِيمُ) {الحج:19}
فَأَمَّا الكَافِرُونَ فَإِنَّهُمْ قَدْ أُعِدَّتْ لهُمْ نِيرانٌ تُحيطُ بِهِمْ وَكَأَنَّها مُقَطَّعَاتٌ مِنَ الثِّيَابِ قُدَّتْ عَلَى قَدْرِ أَجْسَادِهِمْ ، وَيُصَبُّ المَاءُ الشَّدِيدُ الحَرَارَةِ فَوْقَ رُؤُسِهِمْ فَيَشْوِي وُجُوهَهُمْ وَأَجْسَادَهُمْ ، وَيُذِيبُ أَمْعَاءَهُم.
__________
(1) - البعث والنشور للبيهقي(533) حسن وصحح الترمذي وقفه
(2) - الْبَعْثُ وَالنُّشُورُ لِلْبَيْهَقِيِّ (536 ) حسن(2/384)
وعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « مِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى كَعْبَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى حُجْزَتِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى تَرْقُوَتِهِ »(1).
الحجزة : معقد الإزار والسراويل
وعَنْ هُبَيْبٍ الْغِفَارِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ وَطِئَ عَلَى إِزَارِهِ خُيَلاَءَ وَطِئَ فِى نَارِ جَهَنَّمَ »(2).
وهذا الحديث يبين معنى ما رواه البخاري عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزَارِ فَفِى النَّارِ »(3).
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مُحَمَّدِ بن عَقِيلٍ , قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ , يَقُولُ: كَسَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُبْطِيَّةً , وَكَسَى أُسَامَةَ بن زَيْدٍ حُلَّةً سِيَرَاءَ , فَنَظَرَ فَرَآنِي أَسْبَلْتُ فَجَاءَ فَأَخَذَ بِمَنْكِبِي , فَقَالَ:يَا ابْنَ عُمَرَ كُلُّ شَيْءٍ يَمَسُّ الأَرْضَ مِنَ الثِّيَابِ فِي النَّارِ, فَرَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَأْتَزِرُ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ .(4)
__________
(1) - صحيح مسلم (7349 )
(2) - مسند أحمد ( 16011) صحيح لغيره
(3) - صحيح البخارى(5787 )
وَهَذَا الْإِطْلَاق مَحْمُول عَلَى مَا وَرَدَ مِنْ قَيْد الْخُيَلَاء ، فَهُوَ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ الْوَعِيد بِالِاتِّفَاقِ
(4) - المعجم الكبير للطبراني - (ج 11 / ص 19)(13252 ) حسن(2/385)
فَعَلَى هَذَا لَا مَانِع مِنْ حَمْل الْحَدِيث عَلَى ظَاهِره ، وَيَكُون مِنْ وَادِي ( إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه حَصَب جَهَنَّم ) ، أَوْ يَكُون فِي الْوَعِيد لِمَا وَقَعَتْ بِهِ الْمَعْصِيَة إِشَارَة إِلَى أَنَّ الَّذِي يَتَعَاطَى الْمَعْصِيَة أَحَقّ بِذَلِكَ(1).
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « إِنَّ أَوَّلَ مَنْ يُكْسَى حُلَّةً مِنَ النَّارِ إِبْلِيسُ فَيَضَعُهَا عَلَى حَاجِبِهِ وَيَسْحَبُهَا وَهُوَ يَقُولُ يَا ثُبُورَاهُ وَذُرِّيَّتُهُ خَلْفَهُ وَهُمْ يَقُولُونَ يَا ثُبُورَهُمْ حَتَّى يَقِفَ عَلَى النَّارِ وَيَقُولُ يَا ثُبُورَاهُ وَيَقُولُونَ يَا ثُبُورَهُمْ فَيُقَالُ {لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا} (14) سورة الفرقان »(2). الثبور : الهلاك
وقد وصف الله تعالى سرابيل أهل النار في قوله تعالى : ( وَتَرَى المُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ* سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وَجُوهَهُمُ النَّارُ){ابراهيم:49-50}.
قال ابن عباس-في قوله تعالى (قطران)-:هو النحاس المذاب. وقال الحسن:قطران الإبل, يعنى: ما يُطلى به الجمل الأجرب, فيكون المعنى- على ذلك- أنَّ قمصانهم (ملابسهم) من قطران تُطلى به جلودهم حتى يعود هذا الطلاء كالسرابيل, وخصَّ القطران لسرعة اشتعال النار فيه, مع نتن رائحته ووحشة لونه(3)
وعن أبي مَالِكٍ الأَشْعَرِىِّ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ :« النَّائِحَةُ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ »(4).
__________
(1) - فتح الباري لابن حجر - (ج 16 / ص 331)
(2) - مسند أحمد(13953) حسن
(3) - تفسير( فتح القدير) للشوكاني(3/118-119)
(4) - صحيح مسلم(2203 )
ـــــــــــــــ(2/386)
فراش أهل النار, وغطاؤهم:
قال تعالى : (لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) {الأعراف:41}.
وَلَهُمْ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ فُرُشٌ مِنْ تَحْتِهِمْ ( مِهَادٌ ) ، وَلَهُمْ مِنْهَا أَغْطِيَةٌ مِنْ فَوْقِهِمْ تُغَطِّيهِمْ ( غَوَاشٍ ) . وَبِمِثْلِ هَذَا الجَزَاءِ يَجْزِي اللهُ الظَّالِمِينَ لأَنْفُسِهِمْ ، المُضِلِّينَ لِلْنَّاسِ .
ومقصود الآية:أنهم يفترشون النار, ويلتحفون بألحفةٍ من النار,والعياذ بالله.
وقال تعالى: (لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ) {الزمر:16}
يَصِفُ اللهُ تَعَالَى حَالَ هَؤُلاَءِ الخَاسِرِينَ وَهُمْ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ، فَيَقُولُ : إِنَّهُمْ يَكُونُونَ فِيهَا ، وَمِنْ فَوْقِهِمْ طَبَقَاتٌ مُتَرَاكِمَةٌ مِنَ النَّارِ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ ، وَكَأَنَّهَا الظُّلَلُ ، وَمِنْ تَحْتِهِمْ طَبَقَاتٌ مِثْلُهَا ، فَتَغْمُرُهُمْ النَّارُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ، وَاللهُ تَعَالَى يَقُصُّ عَلَى النَّاسِ مَا سَيَكُونُ عَلَيْهِ حَالُ الكُفَّارِ يَوْمَ القِيَامَةِ لِيُخَوِّفَهُمْ مِنْ أَهْوَالِ ذَلِكَ اليومِ ، فَيَزْدَجِرَ العُقَلاَءُ عَنِ الكُفْرِ وَالمَعَاصِي ، وَيَعْمَلُوا بِطَاعَةِ اللهِ ، فَيَا عِبَادَ الله اتَّقُوا رَبَّكُمْ تَعَالَى ، وَبَالِغُوا فِي الخَوْفِ والحَذَرِ ، وَلاَ تَرْتَكِبُوا مَا يُسْخِطُ رَبَّكُمْ عَلَيْكُمْ .
وحتى لا يتوهم أحدٌ أنَّ هذه الظلل المذكورة تقي من الحر والعذاب قال(ظللٌ من النار) فهي ظللٌ مُحرِِقة ,كما في قوله تعالى: (انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ* لاَ ظَلِيلٍ وَلاَ يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ) {المرسلات:30-31}(2/387)
انْطَلِقُوا إِلَى ظِلِّ دُخَانِ نَارِ جَهَنَّمَ المُتَشَعِّبِ إِلَى ثَلاَثِ شُعَبٍ : شُعْبَةٍ عَنْ يَمِينِهِمْ ، وَشُعْبَةٍ عَنْ شِمَالِهِمْ ، وَشُعْبَةٍ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمْ .وَهَذَا الظِّلُّ لَيْسَ بِظَلِيلٍ ، أَيْ إِنَّهُ لاَ يُعْطِي ظِلاًّ يَقِي مِنْ حَرِّ ذَلِكَ اليَوْمِ ، وَلاَ يَدْفَعُ عَنْهُمْ حَرَّ لَهَبِ جَهَنَّمَ ، الذِي هُمْ مُقِيمُونَ فِيهِ . وَنَارُ جَهَنَّمَ ، التِي تُحْدِثُ هَذَا الظِّلَّ مِنَ الدُّخَانِ ، يَتَطَايَرُ مِنْهَا شَرَرٌ مُتَفَرِّقٌ فِي جِهَاتٍ كَثِيرَةٍ ، كَأَنَّهُ القَصْرُ عِظَما وَارْتِفَاعاً . وَكَأَنَّهُ الجِمَالُ الصُّفْرُ لَوْناً وَكَثرَةً . ( وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنَّ مَعْنَى ( جِمَالَةٌ صُفْرٌ ) هُوَ حِبَالُ السُّفُنِ الغَلِيظَةِ ) .
ـــــــــــــــ
في عظم أهل النار وقبحهم فيها
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه ، قَالَ : " أَهْلُ النَّارِ مُكَبَّلُونَ بِأَصْفَادِ النَّارِ ، مُعَلَّقُونَ بِشَجَرٍ فِي النَّارِ ، مُنَكَّسُونَ الْحَمِيمُ مِنْ أَسْفَلِهِمْ فِي بُطُونِهِمْ ، وَيَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَعُيُونِهِمْ ، وَإِنَّ جُلُودَهُمْ لَتُقَطَّرُ بِصُهَارَةِ الْحَمِيمِ ، خَالِدِينَ فِيهَا ، لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ ، وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ . وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أُخْرِجَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ إِلَى الدُّنْيَا ، لَمَاتَ أَهْلُ الدُّنْيَا مِنْ وَحْشَةِ مَنْظَرِهِ وَنَتْنِ رِيحِهِ " ثُمَّ بَكَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو بُكَاءً شَدِيدًا "(1)
__________
(1) - صِفَةُ النَّارِ لِابْنِ أَبِي الدُّنْيَا (123) حسن(2/388)
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « مَا بَيْنَ مَنْكِبَىِ الْكَافِرِ مَسِيرَةُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ لِلرَّاكِبِ الْمُسْرِعِ »(1).
المنكب مجتمع رأس الكتف والعضد
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « ضِرْسُ الْكَافِرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِثْلُ أُحُدٍ وَفَخِذُهُ مِثْلُ الْبَيْضَاءِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ مَسِيرَةَ ثَلاَثٍ مِثْلُ الرَّبَذَةِ »(2).
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « ضِرْسُ الْكَافِرِ أَوْ نَابُ الْكَافِرِ مِثْلُ أُحُدٍ وَغِلَظُ جِلْدِهِ مَسِيرَةُ ثَلاَثٍ »(3).
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « إِنَّ غِلَظَ جِلْدِ الْكَافِرِ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا وَإِنَّ ضِرْسَهُ مِثْلُ أُحُدٍ وَإِنَّ مَجْلِسَهُ مِنْ جَهَنَّمَ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ »(4).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : غِلَظُ الْكَافِرِ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ ، وَضِرْسُهُ مِثْلُ أُحُدٍ.(5)
الْجَبَّارُ مَلِكٌ بِالْيَمَنِ ، يُقَالُ لَهُ : الْجَبَّارُ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " ضِرْسُ الْكَافِرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِثْلُ أُحُدٍ ، وَعَرْضُ جِلْدِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا ، وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ مِثْلُ مَا بَيْنِي وَبَيْنَ الرَّبَذَةِ "(6).
__________
(1) - صحيح البخارى(6551 ) وصحيح مسلم(7365 )
(2) - سنن الترمذى(2779 ) حسن
(3) - صحيح مسلم (7364 )
(4) - سنن الترمذى(2778) صحيح
(5) - صحيح ابن حبان - (ج 16 / ص 531)(7486) صحيح
(6) - مسند أحمد (8567) صحيح(2/389)
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : إِنَّ الْكَافِرَ لَيُسْحَبُ لِسَانُهُ الْفَرْسَخَ وَالْفَرْسَخَيْنِ يَتَوَطَّؤُهُ النَّاسُ.(1)
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " إِنَّ الْكَافِرَ لَيَجُرُّ لِسَانَهُ فِي سِجِّينٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَتَوَطَّؤُهُ النَّاسُ "(2)
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : " يُعَظَّمُ أَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ ، حَتَّى إِنَّ بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِ أَحَدِهِمْ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةَ سَبْعِمِائَةِ عَامٍ ، وَإِنَّ عِظَمَ جِلْدِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا ، وَإِنَّ جِلْدَهُ مِثْلُ أُحُدٍ "(3).
__________
(1) - سنن الترمذى(2781 ) ضعيف
(2) - الْبَعْثُ وَالنُّشُورُ لِلْبَيْهَقِيِّ (553) فيه ضعف
(3) - مسند أحمد (4904) فيه ضعف(2/390)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَن ِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ، قَالَ : يُدْعَى أَحَدُهُمْ فَيُعْطَى كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ ، وَيُمَدُّ لَهُ فِي جِسْمِهِ سِتُّونَ ذِرَاعًا ، قَالَ : وَيُبَيِّضُ وَجْهُهُ ، وَيُجْعَلُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ يَتَلأْلأُ ، قَالَ : فَيَنْطَلِقُ إِلَى أَصْحَابِهِ ، قَالَ : فَيَرَوْنَهُ مِنْ بَعِيدٍ ، فَيَقُولُونَ : اللَّهُمَّ ائْتِنَا بِهِ وَبَارِكْ لَنَا فِي هَذَا حَتَّى يَأْتِيَهُمْ ، فَيَقُولُ : أَبْشِرُوا ، إِنَّ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْكُمْ مِثْلَ هَذَا ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُسَوَّدُ وَجْهُهُ ، وَيُمَدُّ لَهُ فِي جِسْمِهِ سِتُّونَ ذِرَاعًا ، عَلَى صُورَةِ آدَمَ فَيَرَاهُ أَصْحَابُهُ فَيَقُولُونَ : نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ هَذَا ، اللَّهُمَّ لاَ تَأْتِنَا بِهِ ، قَالَ : فَيَأْتِيهِمْ ، فَيَقُولُونَ : اللَّهُمَّ أَخِّرْهُ ، قَالَ : فَيَقُولُ أَبْعَدَكُمُ اللَّهُ ، فَإِنَّ لِكُلٍّ مِنْكُمْ مِثْلَ هَذَا "(1)
وعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « مَقْعَدُ الْكَافِرِ فِى النَّارِ مَسِيرَةُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَكُلُّ ضِرْسٍ مِثْلُ أُحُدٍ وَفَخِذُهُ مِثْلُ وَرِقَانَ وَجِلْدُهُ سِوَى لَحْمِهِ وَعِظَامِهِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعاً. »(2).
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (ج 16 / ص 346)(7349) والمستدرك للحاكم (2955) حسن
(2) - مسند أحمد (11536) حسن(2/391)
وعَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ : قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ : أَتَدْرِي مَا سَعَةُ جَهَنَّمَ ؟ قُلْتُ : لاَ ، قَالَ : أَجَلْ وَاللَّهِ مَا تَدْرِي أَنَّ بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِ أَحَدِهِمْ ، وَبَيْنَ عَاتِقِهِ مَسِيرَةَ سَبْعِينَ خَرِيفًا أَوْدِيَةَ الْقَيْحِ وَالدَّمِ ، قُلْتُ لَهُ : أَنْهَارٌ ؟ قَالَ : لاَ ، بَلْ أَوْدِيَةٌ ، ثُمَّ قَالَ : أَتَدْرِي مَا سَعَةُ جَهَنَّمَ ؟ قُلْتُ : لاَ ، قَالَ : أَجَلْ وَاللَّهِ مَا تَدْرِي ، حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ، قُلْتُ : فَأَيْنَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ "(1).
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَن ْرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ، قَالَ : تَشْوِيهِ النَّارُ ، فَتَقَلَّصُ شَفَتُهُ الْعُلْيَا ، حَتَّى تَبْلُغَ وَسَطَ رَأْسِهِ ، وَتَسْتَرْخِي شَفَتُهُ السُّفْلَى حَتَّى تَبْلُغَ سُرَّتَهُ "(2).
وعَنِ الْحَارِثِ بْنِ أُقَيْشٍ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : إِنَّ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَعْظُمُ لِلنَّارِ ، حَتَّى يَكُونَ أَحَدَ زَوَايَاهَا ، وَإِنَّ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَتِهِ أَكْثَرُ مِنْ مُضَرَ.(3)
__________
(1) - المستدرك للحاكم (3630) حسن
(2) - المستدرك للحاكم(2971) حسن
(3) - مصنف ابن أبي شيبة(ج 13 / ص 162)(35287) فيه جهالة(2/392)
وَعَنْ أَبِي غَسَّانَ الضَّبِيِّ قَالَ : خَرَجْتُ أَمْشِي مَعَ أَبَى بِظَهْرِ الْحَرَّةِ ، فَلَقِيَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ قُلْتُ : أَبِي . قَالَ : لَا تَمْشِ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَلَكِنِ امْشِ خَلْفَهُ أَوْ إِلَى جَانِبِهِ ، وَلَا تَدَعْ أَحَدًا يَحُولُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ ، وَلَا تَمْشِ فَوْقَ إِجَارٍ أَبُوكَ تَحْتَهُ ، وَلَا تَأْكُلْ مَا قَدْ نَظَرَ أَبُوكَ إِلَيْهِ لَعَلَّهُ قَدِ اشْتَهَاهُ . ثُمَّ قَالَ : أَتَعْرِفُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خِدَاشٍ ؟ قُلْتُ : لَا . قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ : " فَخَدُّهُ فِي جَهَنَّمَ مِثْلُ أُحُدٍ ، وَضِرْسُهُ مِثْلُ الْبَيْضَاءِ " . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : فَقُلْتُ : وَلِمَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " كَانَ عَاقًّا لِوَالِدَيْهِ "(1).
- بظهر البلدة أو المكان : على أطرافه -الإجار : السطح الذي ليس حواليه ما يرد الساقط عنه - العقوق : الاستخفاف بالوالدين وعصيانهما وترك الإحسان إليهما
ـــــــــــــــ
أصناف أخرى من العذاب
يوجد للمعذبين في النار أصناف متعددة من العذاب-غير ما ذكرنا- ومنها:
*تبديل جلودهم كلما نضجت.قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا العَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً) {النساء:56}.
__________
(1) - المعجم الأوسط للطبراني(7049 ) فيه ضعف(2/393)
يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى : بِأَنَّهُ سَيُعَاقِبُ الكَافِرِينَ بِآيَاتِ اللهِ وَبِرُسُلِهِ ، بِإِحْرَاقِهِمْ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ، وَكُلَّمَا احْتَرَقَتْ جُلُودُهُمْ أَبْدَلَهُمْ غَيْرَها لِيَسْتَمِرُّوا فِي تَحَسُّسِ العَذَابِ وَآلامِهِ ، وَاللهُ عَزِيزٌ لاَ يَتَحَدَّاهُ أَحَدٌ ، حَكِيمٌ فِي تَصَرُّفِهِ ، يَعْرِفُ مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِلْعُقُوبَةِ فَيُعَاقِبُهُ ، وَمَنْ هُوَ أَهْلٌ لِلْثَّوَابِ فَيُثِيبُهُ .
قال الحسن: تأكلهم النار كل يوم ٍسبعين ألف مرةٍ , كلما أكلتهم قيل لهم:عودوا, فيعودون كما كانوا.(1)
* يضربون بمطارق من حديد, فتتفتت أبدانهم, ثم يعودون,قال تعالى: (وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ) {الحج:21}.
* تقييدهم بالقيود والأغلال, وسحبهم على وجوههم.قال تعالى: (إِذِ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ* فِي الحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ) {غافر:71-72}.
إِذ تُجْعَلُ الأَغْلاَلُ والسَّلاَسِلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَيُسْحَبُونَ بِهَا يُسْحَبُونَ - يُجَرُّونَ . وَيُسْحَبُونَ بالسَّلاَسِلِ فِي النَّارِ ، والأَغْلاَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ ، ثُمَّ تُمْلأُ بِهِم النَّارُ لِيَكُونُوا وَقُوداً لَهَا .
*ومنهم من يعذبُ بالصعود إلى أعلى النار, ثم يهوي فيها,قال تعالى: (سَأُرْهِقُهُ صَعُودا) {المدثر:17}.
سُنُنْزِلُ بِهِ عَذَاباً شَاقّاً ، يُرهِقُهُ وَلاَ يُطِيقُهُ ، فَيَكُونُ حَالُهُ حَالَ مَنْ يُكَلَّفُ صُعُودَ جَبَلٍ وَعْرٍ شَائِكٍ .وَقِيلَ إِنَّهُ سَيُكَلِّفُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ صُعُودَ جَبَلٍ مِنْ نَارٍ فِي جَهَنَّمَ .
__________
(1) - البعث والنشور للبيهقي(564 ) والزهد لأسد بن موسى(37 ) صحيح مقطوع(2/394)
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنَ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِى يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِى بَطْنِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ شَرِبَ سَمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا »(1).
يتحسى : يشرب ويتجرع -يتوجأ : يطعن
* ومنهم من يدور في النار,ويجر أمعاءه معه, فعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ قِيلَ لَهُ أَلاَ تَدْخُلُ عَلَى عُثْمَانَ فَتُكَلِّمَهُ فَقَالَ أَتُرَوْنَ أَنِّى لاَ أُكَلِّمُهُ إِلاَّ أُسْمِعُكُمْ وَاللَّهِ لَقَدْ كَلَّمْتُهُ فِيمَا بَيْنِى وَبَيْنَهُ مَا دُونَ أَنْ أَفْتَتِحَ أَمْرًا لاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهُ وَلاَ أَقُولُ لأَحَدٍ يَكُونُ عَلَىَّ أَمِيرًا إِنَّهُ خَيْرُ النَّاسِ. بَعْدَ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « يُؤْتَى بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِى النَّارِ فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُ بَطْنِهِ فَيَدُورُ بِهَا كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِالرَّحَى فَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ أَهْلُ النَّارِ فَيَقُولُونَ يَا فُلاَنُ مَا لَكَ أَلَمْ تَكُنْ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ فَيَقُولُ بَلَى قَدْ كُنْتُ آمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلاَ آتِيهِ وَأَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ ».(2)
الأَقتاب : جمع القتب وهو الأمعاء.
__________
(1) - صحيح مسلم(313 )
(2) - صحيح مسلم(7674)(2/395)
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الْخُزَاعِىَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِى النَّارِ ، كَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ(1)القُصب : الأمعاء
* ومنهم من يُلقى في مكانٍ ضيق ٍلا يتمكن فيه من الحركة قال تعالى : (إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (12) وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (13) لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا (14) [الفرقان/12-15])
وإذَا أصْبَحَتْ جَهَنَّمُ مِنْهُمْ عَلَى مَرَأى النَّظَرِ ، وَهُمْ فِي المحشَرِ ، بَعِيدُونَ عَنْهَا ، سَمِعُوا لَهَا صَوْتاً يُشْبِهُ صَوْتَ المَغِيظِ المُحْنَقِ ، لِشِدَّةِ تَوقُّدِهَا ، وَيُشْبِهُ صَوْتَ الزَّفِيرِ الذي يَخْرُجحُ مِنْ فَمِ الحزِينِ المَكْرُوبِ المُتَحَسِّرِ .
وَإِذَا أُلُقوا فِي مَكَانٍ ضَيِّقٍ مِنْهَا ، وَأَيْدِيهِم مَجْمُوعَةٌ إِلى أَعْنَاقِهِمْ بالقُيُودِ والأَغْلاَلِ ، نَادُوْا هُنَالِكَ طَالِبِينَ تَعْجِيلَ هَلاَكِهِمْ لِيَسْتِريحُوا مِنْ هَوْلِ العَذَابِ .
وَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ : " إِنَّ المُجْرِمِينَ لَيُسْتَكْرَهُونَ فِي النَّارِ كَمَا ُسْتَكْرَهُ الوَتَدُ فِي الحَائِطِ "(2).
فَيُقَالَ لَهُمْ تَوْبِيخاً وَتَقْرِيعاً : لاَ تَطْلبُوا اليومَ هَلاَكاً وَاحِداً بَلِ اطْلبُوهُ مِرَاراً ، فَلَنْ تَجِدُوا لَكُمْ خَلاَصاً مِمّا أَنْتُمْ فِيهِ .
__________
(1) - صحيح البخارى(4623)
(2) - تفسير ابن أبي حاتم(13965) وهو معضل(2/396)
* ومنهم من يتأذى أهل النار من نتن رائحتهم, وهم الزناة. فعَنْ بُرَيْدَةَ : أَنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ لَتَلْعَنُ الشَّيْخَ الزَّانِيَ ، وَإِنَّ فُرُوجَ الزُّنَاةِ لَيُؤْذِي أَهْلَ النَّارِ نَتَنُ رِيحِهَا(1). وغير ذلك كثير, نسأل الله تعالى السلامة.
ـــــــــــــــ
تفاوتهم في العذاب
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، رَجُلٌ مُتَنَعِّلٌ بِنَعْلَيْنِ مَنْ نَارٍ ، يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ فِي النَّارِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ ، مَعَ أَجْزَاءِ الْعَذَابِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ عَلَى أَرْدِيَتِهِ ، مَعَ أَجْزَاءِ الْعَذَابِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ إِلَى تَرْقُوَتِهِ ، مَعَ أَجْزَاءِ الْعَذَابِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَدِ اغْتُمِرَ فِيهَا "(2).
وعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا ، رَجُلٌ فِى رِجْلَيْهِ نَعْلاَنِ ، يَغْلِى مِنْهُمَا دِمَاغُهُ ، وَمِنْهُمْ فِى النَّارِ إِلَى كَعْبَيْهِ مَعَ إِجْرَاءِ الْعَذَابِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ فِى النَّارِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ مَعَ إِجْرَاءِ الْعَذَابِ ، وَمِنْهُمْ مَنِ اغْتُمِرَ فِى النَّارِ إِلَى أَرْنَبَتِهِ مَعَ إِجْرَاءِ الْعَذَابِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ فِى النَّارِ إِلَى صَدْرِهِ مَعَ إِجْرَاءِ الْعَذَابِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَدِ اغْتُمِرَ فِى النَّارِ.(3)
__________
(1) - مجمع الزوائد ( 10541) رَوَاهُ الْبَزَّارُ ، وَفِي إِسْنَادَهِ صَالِحُ بْنُ حَيَّانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ .
(2) - المستدرك للحاكم (8734) صحيح
(3) - مسند أحمد(11398) صحيح(2/397)
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا رَجُلٌ مُنْتَعِلٌ بِنَعْلَيْنِ مِنْ نَارٍ ، يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ مَعَ أَجْزَاءِ الْعَذَابِ ، وَمِنْهُمْ مِنَ النَّارِ إِلَى صَدْرِهِ مَعَ أَجْزَاءِ الْعَذَابِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ فِي النَّارِ إِلَى تَرْقُوَتِهِ مَعَ أَجْزَاءِ الْعَذَابِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَدِ انْغَمَسَ فِيهَا "(1).
وعَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا ، لَرَجُلٌ عَلَيْهِ نَعْلاَنِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ كَأَنَّهُ مِرْجَلٌ ، مَسَامِعُهُ جَمْرٌ ، وَأَضْرَاسُهُ جَمْرٌ ، وَأَشْفَارُهُ لَهَبُ النَّارِ ، وَتَخْرُجُ أَحْشَاءُ جَنْبَيْهِ مِنْ قَدَمَيْهِ ، وَسَائِرُهُمْ كَالْحَبِّ الْقَلِيلِ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ ، فَهُوَ يَفُورُ.(2)
وعَنْ سَمُرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِنَّ مِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى كَعْبَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ إِلَى حُجْزَتِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ إِلَى عُنُقِهِ »(3).
الحجزة : معقد الإزار والسراويل
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ:"إِنَّ جَهَنَّمَ لَمَّا سِيقَ إِلَيْهَا أَهْلُهَا، تَلَقَّتْهُمْ، فَلَفَحَتْهُمْ لَفْحَةً، لَمْ تَدَعْ لَحْمًا عَلَى عَظْمٍ إِلا أَلْقَتْهُ عَلَى الْعُرْقُوبِ"(4).
__________
(1) - مجمع الزوائد ( 18628 ) رَوَاهُ الْبَزَّارُ ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ .
(2) - مصنف ابن أبي شيبة (ج 13 / ص 157)(35270) صحيح
(3) - صحيح مسلم(7348)
(4) - المعجم الكبير للطبراني - (ج 19 / ص 116)(264 ) ضعيف والصحيح وقفه لكن مثله لا يقال بالرأى(2/398)
وعَنِ الْحَسَنِ ؛ فِي قَوْلِهِ {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا} (56) سورة النساء ، قَالَ : بَلَغَنِي ، أَنَّهُ يُحْرَقُ أَحَدُهُمْ فِي الْيَوْمِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَرَّةٍ.(1)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : يُعَظَّمُونَ فِي النَّارِ حَتَّى تَصِيرَ شِفَاهُهُمْ إِلَى سُرَرَهُم ، مَقْبُوحُونَ ، يَتَهَافَتُونَ فِي النَّارِ.(2)
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه سُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُصْبَغُ فِى النَّارِ صَبْغَةً ثُمَّ يُقَالُ يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ فَيَقُولُ لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ. وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا فِى الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِى الْجَنَّةِ فَيُقَالُ لَهُ يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ فَيَقُولُ لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا مَرَّ بِى بُؤُسٌ قَطُّ وَلاَ رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ ».(3)
__________
(1) - مصنف ابن أبي شيبة (ج 13 / ص 163) (35288) صحيح
(2) - مصنف ابن أبي شيبة (ج 13 / ص 163) (35289) صحيح
(3) - صحيح مسلم(7266 )(2/399)
وعَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ : حَدَّثْتُ نَعِيمًا ، بِحَدِيثِ شَاذَانَ عَنِ الْبَرَاءِ ، فِي الْقَبْرِ ، فَقَالَ لِي : أَلَا أُحَدِّثُكَ بِمَا أَعْظَمَ مِنْ ذَلِكَ ثنا سُوَيْدُ بْنُ غَفْلَةَ قَالَ : إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُنَسَّى أَهْلَ النَّارِ جَعَلَ لِلرَّجُلِ مِنْهُمْ صُنْدُوقًا عَلَى قَدْرِهِ مِنَ النَّارِ لَا يَنْبُضُ فِيهِ عِرْقٌ إِلَّا فِيهِ مِسْمَارٌ مِنْ نَارٍ ، ثُمَّ يُضْرَمُ فِيهِ النَّارُ ، ثُمَّ يُقْفَلُ بِقُفْلٍ مِنْ نَارٍ ، ثُمَّ يُجْعَلُ ذَلِكَ الصُّنْدُوقُ فِي صُنْدُوقٍ مِنْ نَارٍ ، ثُمَّ يُضْرَمُ فِيهَا نَارٌ ، ثُمَّ يُقْفَلُ ، ثُمَّ يُلْقَى أَوْ يُطْرَحُ فِي النَّارِ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ : لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ : لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ ، قَالَ : فَمَا يَرَى أَنَّ فِي النَّارِ أَحَدًا غَيْرَهُ "(1)
__________
(1) - الْبَعْثُ وَالنُّشُورُ لِلْبَيْهَقِيِّ (524) حسن موقوف(2/400)
وعن أبي هريرة في حديث المعراج الطويل ،، ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ تُرْضَخُ رُءُوسُهُمْ بِالصَّخْرِ ، كُلَّمَا رُضِخَتْ عَادَتْ كَمَا كَانَتْ ، وَلَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ . قَالَ : يَا جِبْرِيلُ ، مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ قَالَ : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَثَاقَلَتْ رُءُوسُهُمْ عَنِ الصَّلَاةِ ، ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ عَلَى أَدْبَارِهِمْ رِقَاعٌ ، وَعَلَى أَقْبَالِهِمْ رِقَاعٌ ، يَسْرَحُونَ كَمَا تَسْرَحُ الْأَنْعَامُ إِلَى الضَّرِيعِ وَالزَّقُّومِ وَرَضْفِ جَهَنَّمَ . قَالَ : مَا هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا يُؤَدُّونَ صَدَقَاتِ أَمْوَالِهِمْ ، وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ ، وَمَا اللَّهُ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ، ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ لَحْمٌ فِي قِدْرٍ نَضِيجٌ ، وَلَحْمٌ آخَرُ نِيءٌ خَبِيثٌ ، فَجَعَلُوا يَأْكُلُونَ الْخَبِيثَ وَيَدَعُونَ النَّضِيجَ الطَّيِّبَ .(2/401)
قَالَ : يَا جِبْرِيلُ ، مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ قَالَ : الرَّجُلُ مِنْ أُمَّتِكَ يَقُومُ مِنْ عِنْدِ امْرَأَتِهِ حَلَالًا ، فَيَأْتِي الْمَرْأَةَ الْخَبِيثَةَ ، فَيَبِيتُ مَعَهَا حَتَّى يُصْبِحَ ، وَالْمَرْأَةُ تَقُومُ مِنْ عِنْدِ زَوْجِهَا حَلَالًا طَيِّبًا ، فَتَأْتِي الرَّجُلَ الْخَبِيثَ فَتَبِيتُ عِنْدَهُ حَتَّى تُصْبِحَ ، ثُمَّ أَتَى عَلَى رَجُلٍ قَدْ جَمَعَ حُزْمَةً عَظِيمَةً لَا يَسْتَطِيعُ حَمْلَهَا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهَا ، فَقَالَ : يَا جِبْرِيلُ ، مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِكَ عَلَيْهِ أَمَانَةُ النَّاسِ ، لَا يَسْتَطِيعُ أَدَاءَهَا وَهُوَ يَزِيدُ عَلَيْهَا ، ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ تُقْرَضُ شِفَاهُهُمْ وَأَلْسِنَتُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ حَدِيدٍ ، كُلَّمَا قُرِضَتْ عَادَتْ كَمَا كَانَتْ ، لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ .(2/402)
قَالَ : يَا جِبْرِيلُ ، مَا هَؤُلَاءِ ؟ قَالَ : خُطَبَاءُ الْفِتْنَةِ ، ثُمَّ أَتَى عَلَى جُحْرٍ صَغِيرٍ يَخْرُجُ مِنْهُ ثَوْرٌ عَظِيمٌ ، فَيُرِيدُ الثَّوْرُ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ حَيْثُ خَرَجَ فَلَا يَسْتَطِيعُ ، فَقَالَ : مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ : هَذَا الرَّجُلُ يَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ الْعَظِيمَةِ فَيَنْدَمُ عَلَيْهَا ، فَيُرِيدُ أَنْ يَرُدَّهَا فَلَا يَسْتَطِيعُ ، ثُمَّ أَتَى عَلَى وَادٍ فَوَجَدَ رِيحًا طَيِّبَةً ، وَوَجَدَ رِيحَ مِسْكٍ مَعَ صَوْتٍ ، فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ قَالَ : صَوْتُ الْجَنَّةِ تَقُولُ : يَا رَبِّ ، ائْتِنِي بِأَهْلِي وَبِمَا وَعَدْتَنِي ، فَقَدْ كَثُرَ غَرْسِي ، وَحَرِيرِي ، وَسُنْدُسِي ، وَإِسْتَبْرَقِي ، وَعَبْقَرِيِّي ، وَمَرْجَانِي ، وَقَصَبِي ، وَذَهَبِي ، وَأَكْوَابِي ، وَصِحَافِي ، وَأَبَارِيقِي ، وَفَوَاكِهِي ، وَعَسَلِي ، وَثِيَابِي ، وَلَبَنِي ، وَخَمْرِي ، ائْتِنِي بِمَا وَعَدْتَنِي . قَالَ : لَكِ كُلُّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ وَمُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ .(2/403)
وَمَنْ آمَنَ بِي وَبِرُسُلِي ، وَعَمِلَ صَالِحًا ، وَلَمْ يُشْرِكْ بِي شَيْئًا ، وَلَمْ يَتَّخِذْ مِنْ دُونِي أَنْدَادًا - فَهُوَ آمِنٌ ، وَمَنْ سَأَلَنِي أَعْطَيْتُهُ ، وَمَنْ أَقْرَضَنِي جَزَيْتُهُ ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيَّ كَفَيْتُهُ ، إِنِّي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا ، لَا خُلْفَ لِمِيعَادِي ، قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ، فَقَالَتْ : قَدْ رَضِيتُ ، ثُمَّ أَتَى عَلَى وَادٍ فَسَمِعَ صَوْتًا مُنْكَرًا ، فَقَالَ : يَا جِبْرِيلُ ، مَا هَذَا الصَّوْتُ ؟ قَالَ : هَذَا صَوْتُ جَهَنَّمَ تَقُولُ : يَا رَبِّ ، ائْتِنِي بِأَهْلِي وَبِمَا وَعَدْتَنِي ، فَقَدْ كَثُرَ سَلَاسِلِي ، وَأَغْلَالِي ، وَسَعِيرِي ، وَحَمِيمِي ، وَغَسَّاقِي ، وَغِسْلِينِي ، وَقَدْ بَعُدَ قَعْرِي ، وَاشْتَدَّ حَرِّي ، ائْتِنِي بِمَا وَعَدْتَنِي . قَالَ : لَكِ كُلُّ مُشْرِكٍ وَمُشْرِكَةٍ وَخَبِيثٍ وَخَبِيثَةٍ ، وَكُلُّ جَبَّارٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ . قَالَتْ : قَدْ رَضِيتُ ..."(1)
الرَّضْخ : الشَّدْخ. والرَّضْخ أيضا : الدّقُّ والكسر - الأدبار : جمع الدبر ودبر كل شيء عقبه ومؤخره - الضريع : نبات الشبرق لا تقربه دابة لخبثه - النضيج : ما اكتمل طهوه -- العرف : الريح الطيبة
ـــــــــــــــ
__________
(1) - تهذيب الآثار للطبري (2768) ودَلَائِلُ النُّبُوَّةِ لِلْبَيْهَقِيِّ(679 ) حسن(2/404)
تخاصم أهل النار
قال تعالى : { هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ (59) قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ (60) قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ (61) وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ (62) أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ (63) إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (64) } [ص/59-63]
يُخْبِرُ اللهُ تَعَالى عَنْ أَهْلِ النَّارِ ، وَكَيْفَ يَتَنَكَّرُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ، وَكَيْفَ يَتَشَاتَمُونَ وَيَتَلاَعَنُونَ ، وَيُكَذِّبُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً ، وَحِينَمَا يَرَى جَمَاعَةُ الكُبَرَاءِ ، الذِينَ دَخَلُوا النَّارَ ، فَوْجاً يَدْخُلُهَا مِنَ الأَتْبَاعِ الذِينَ يَعْرِفُونَهُمْ فِي الدُّنْيَا ، يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : هَذَا فَوْجٌ مِنَ الكَفَرَةِ الضَّالينَ يَدْخُلُونَ النَّارَ مَعَكُمْ ، فَلاَ مَرْحَباً بِهِمْ ، إِنَّهُمْ َسَيَذُوقُونَ عَذَابَ النَّارِ ، وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرَهَا .
فَيَردُّ عَلَيْهِمُ الأَتْبَاعُ الدَّاخِلُونَ قَائِلِينَ لَهُمْ ، وَقَدْ سَمِعُوا مَقَالَتَهُمْ : بَلْ أَنْتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ فَأَنْتُمْ الذِينَ أَضْلَلْتُمُونَا وَدَعَوْتُمُونَا إِلَى مَا أَفْضَى بِنَا إِلَى هَذَا
فَيَقُولُ الأَتباعُ دَاعِينَ عَلَى رُؤُوسِ الضَّلاَلَةِ : رَبَّنَا عَذِّبْ مَنْ كَانَ السَّبَبَ فِي وُصُولِنَا إِلَى هَذَا العَذَابِ وأذِقْهُ عَذَاباً مُضَاعَفاً فِي النَّارِ : عَذَاباً لِضَلاَلِهِ ، وَعَذَاباً آخَرَ لإِضْلاَلِهِ غَيْرَهُ .(2/405)
ثُمَّ يَلْتَفِتُ أَهْلُ النَّارِ لِيَبْحَثُوا بِأنْظَارِهِمْ فِي النَّارِ عَنْ فُقَرَاءِ المُؤْمِنِينَ ، وَضُعَفَائِهِمْ ، الذِينَ كَانُوا يَسْخَرُونَ مِنْهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا ، وَيَعُدُّونَهُمْ مِنَ الأَشْرَارِ ، فَلاَ يَرَوْنَهُمْ فِي النَّارِ ، فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : لِمَاذَا لاَ نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ أَشْرَاراً فِي الدُّنْيَا ، وَكُنَّا نَسْخَرُ مِنْ دَعْوَتِهِمْ إِيَّانَا إِلى الإِيْمَانِ؟ ( وَهُمْ يَقْصِدُونَ فَقَرَاءَ المُؤْمِنِينَ ) .
ثُمَّ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : هَلِ اتَّخَذْنَاهُمْ مَوْضُوعاً لِلْهُزْءِ والسُّخْرِيَةِ ، وَهُمْ لَمْ يَكُونُوا أَهْلاً لِذَلِكَ ، فَكَانُوا عَلَى حَقٍّ ، وَكُنَّا عَلَى بَاطِلٍ ، فَفَازُوا بِدُخُولِ الجَنَّةِ ، وَلَمْ يَدْخُلُوا النَّارَ مَعَنَا ، أَمْ أَنَّهُمْ فِي النَّارِ مَعَنَا وَلَكِنَّ أَبْصَارَنَا زَاغَتْ عَنْهُمْ ، فَلَمْ تَقَعْ عَلَيْهِمْ؟
وَهَذَا الذِي أَخْبَرْنَاكَ بِهِ يَا مُحَمَّدُ مِنْ أَحَادِيثِ أَهْلِ النَّارِ وَتَخَاصُمِهِمْ وَتَلاَعُنِهِمْ ، لَحَقٌّ وَلاَ بُدَّ مِنْ أَنْ يَقَع .
وقال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (64) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (65) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (66) وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67) رَبَّنَا آَتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا (68) }[الأحزاب/64-68](2/406)
إن الله طرد الكافرين من رحمته في الدنيا والآخرة، وأعدَّ لهم في الآخرة نارًا موقدة شديدة الحرارة، ماكثين فيها أبدًا، لا يجدون وليًّا يتولاهم ويدافع عنهم، ولا نصيرًا ينصرهم، فيخرجهم من النار. يوم تُقَلَّب وجوه الكافرين في النار يقولون نادمين متحيِّرين: يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا رسوله في الدنيا، فكنا من أهل الجنة.
وقال الكافرون يوم القيامة: ربنا إنا أطَعْنا أئمتنا في الضلال وكبراءنا في الشرك، فأزالونا عن طريق الهُدى والإيمان. ربنا عذِّبهم من العذاب مثلَيْ عذابنا الذي تعذبنا به، واطردهم من رحمتك طردًا شديدًا. وفي هذا دليل على أن طاعة غير الله في مخالفة أمره وأمر رسوله، موجبة لسخط الله وعقابه، وأن التابع والمتبوع في العذاب مشتركون، فليحذر المسلم ذلك.
وقال تعالى : { وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ } [إبراهيم/21 ](2/407)
وَيَوْمَ القِيَامَةِ تَبْرُزُ الخَلاَئِقُ كُلُّهَا لِلوَاحِدِ القَهَّارِ ، وَتَجْتَمِعُ فِي بَرَازٍ وَاحِدٍ ( وَهُوَ المَكَانُ الوَاسِعُ الخَالِي الذِي لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ يَسْتُرُهُ ) ، فَيَقُولُ الأَتْبَاعُ ( الضُّعَفَاءُ ) لِلقَادَةِ الذِينَ اسْتَكْبَرُوا عَنْ عِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ : لَقَدْ كُنَّا تَابِعِينَ لَكُمْ نَأْتَمِرُ بِأَمْرِكُمْ ، وَقَدْ فَعَلْنَا مَا أَمَرْتُمُونَا بِهِ ، فَهَلْ تَدْفَعُونَ عَنَّا اليَوْمَ شَيْئاً مِنَ العَذَابِ { فَهَلْ أَنتُمْ مُّغْنُونَ عَنَّا } ؟ فَيَرُدُّ عَلَيْهِمُ القَادَةُ الكُبَرَاءُ قَائِلِينَ : لَوْ أَنَّ اللهَ هَدَانَا لَهَدَيْنَاكُمْ مَعَنَا ، وَلَكِنَّنَا ضَلَلْنَا فَضَلَلْتُمْ مَعَنَا ، فَحَقَّتْ كَلِمَةُ العَذَابِ عَلَى الكَافِرِينَ ، وَلاَ بُدَّ مِنَ الصَّبْرِ لأنَّ الجَزَعَ لاَ يُفِيدُ ، وَسَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا فَلاَ نَجَاةَ لَنَا مِنَ النَّارِ ، وَلاَ مَصْرِفَ لَنَا عَنْهَا .
وقال تعالى : { وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ (47) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ (48) وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ (49) قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (50) } [غافر/47-50](2/408)
وَفِي يَوْمِ القِيَامَةِ أَهْلُ النَّارِ فِي الحِجَاجِ وَالخِصَامِ ، فَيَقُولُ الأَتْبَاعُ لِلْقَادَةِ : إِنَّا أَطَعْنَاكُمْ فِيمَا دَعَوْتُمُونَا إِلَيهِ فِي الدُّنْيَا مِنَ الكُفْرِ والضَّلاَلِ ، فَهَلْ تَقْدِرُونَ أَنْ تَحْتَمِلُوا عَنَّا قِسْطاً مِنَ العَذَابِ فَتُخَفِّفُوهُ عَنَّا؟ فَقَدْ كُنَا لَكُمْ أَتْبَاعاً ، وَإِنَّمَا دَخَلْنَا النَّارَ بِسَبَبِ إِطَاعَتِنَا لَكُمْ .
وَيَقُولُ الكُبَرَاءُ لِلْمُسْتَضْعَفِينَ : إِنَّهُمْ جَمِيعاً فِي النَّارِ يَذُوقُونَ العَذَابَ ، وَقَدْ فَصَلَ اللهُ بِقَضَائِهِ بَيْنَ العِبَادِ ، فَأَعْطَى كُلَّ وَاحِدٍ مَا يَسْتَحِقُّهُ ، فَلاَ يُعَذَّبُ أَحَدٌ بِذَنْبِ أَحَدٍ ، وَإِنَّمَا يُعَذَّبُ كُلُّ إِنْسَانٍ بِذَنْبِهِ ، وَإِنَّهُمْ جَمِيعاً كَافِرُونَ وَقَدِ اسْتَحَقُّوا العَذَابَ بِسَبَبِ كُفِرِهِمْ .
وَلَمَّا يَئِسَ المُسْتَضْعَفُونَ مِنْ أَنْ يَحْمِلَ السَّادَةُ الذِينَ كَانُوا سَبَبَ كُفْرِهِمْ ، وَإِدْخَالِهِمْ فِي النَّارِ ، شَيْئاً مِنَ العَذَابِ عَنْهُمْ ، اتَّجَهُوا إِلَى خَزَنَةِ جَهَنَّمَ يَسْأَلُونَهُمْ الاتِّجَاهَ إِلَى اللهِ تَعَالَى بِالدُّعَاءِ لِيُخَفِّفَ عَنْهُمْ شَيْئاً مِنَ العَذَابِ فِي النَّارِ .(2/409)
وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ خَزَنَةُ جَهَنَّمَ يُقَرِّعُونَهُمْ عَلَى سُوءِ صَنِيعِهِمْ فِي الدُّنْيَا ، وَيَقُولُونَ لَهُمْ : أَلَمْ تَأْتِكُمْ رُسُلُ رَبِّكُمْ بِالحُجَجِ وَالبَرَاهِينِ عَلَى صِدْقِ مَا يَدْعُونَكُمْ إِلَيهِ؟ وَيَقُولُ المُسْتَضْعَفُونَ : نَعَمْ لَقَدْ جَاءَهُمْ رُسُلُ اللهِ بِالحُجَجِ والبَيِّنَاتِ وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ وَكَذَّبُوا رُسُلَهُ ، وَحِينَئِذٍ يَقُولُ لَهُمْ خَزنَةُ جَهَنَّمَ : إِذاً فَادْعُوا أَنْتُمْ وَحْدَكُمْ . وَلكِنَّ دُعَاءَ الكَافِرِينَ لاَ يُفِيدُ ، وَلاَ يُسْتَجَابُ لَهُ ، وَيَذْهَبُ سُدًى .
وقال تعالى : { وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (37) حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (38) } [الزخرف/36-38]
وَمَنْ يَتَغَافَلْ وَيَتَعَامَ عَنِ القُرْآنِ ، وَعَنْ ذِكْرِ اللهِ تَعَالَى ، وَيَنْهَمِك فِي المَعَاصِي ، وَلَذَّاتِ الدُّنْيَا وَشَهَوَاتِهَا . . فَإِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ عَلَيْهِ شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالجِنِّ فَيَكُونُونَ لَهُ قُرْنَاءَ ، يُزَيِّنُونَ لَهُ ارْتِكَابَ المَعَاصِي ، وَالاشْتِغَالَ بِاللَّذَّاتِ ، فَيَسْتَرْسِلُ فِيهَا فَيَحِقُّ عَلَيْهِ غَضَبُ اللهِ وَعِقَابُهُ .
وَهَؤُلاَءِ القُرنَاءُ مِن شَيَاطِينِ الإِنْسِ والجِنِّ ، الذِينَ يُقَيِّضُهُم اللهُ لِكُلِّ مَنْ يَعْشُوا عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ ، يُحَاوِلُونَ صَرْفَهُ عَنِ الحَقِّ إِلَى البَاطِلِ ، وَيُوسْوِسُونَ لَهُ أَنَّهُ عَلَى جَادَّةِ الهُدَى والحَقِّ والصَّوَابِ ، وَأَنَّ غَيْرَهُ عَلَى البَاطِلِ ، وَيُكَرِّهُونَ إِلَيهِ الإِيْمَانَ فَيُطِيعُهُمْ .(2/410)
وَحِينَ يُوَافِي هَذَا الغَافِلُ ، الذِي تَسَلّطَتْ عَلَيْهِ الشَّيَاطِينُ ، رَبَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ يَتَبَرَّمُ بالشَّيْطَانِ الذِي وُكِّلَ بِهِ ، وَيَقُولُ لَهُ : يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ مَا بَينَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ ، فَبِئْسَ القَرِينُ أَنْتَ ، لأَنَّكَ أَضْلَلْتَنِي ، وَأَوْصَلْتَنِي إِلَى مَا أَنَا فِيهِ مِنَ الخِزْيِ والعَذَابِ المُهِينِ .
وَيُقَالُ لِهَذَا الغَافِلِ الجَاهِلِ وَأَمْثَالِهِ ، وَشَيَاطِينِهِمْ تَقْرِيعاً وَتَوْبِيخاً : لَنْ يَنْفَعَكُمْ ، وَلَنْ يُغَنِيَ عَنْكُم اجْتَمَاعُكُمْ فِي نَارِ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ وَقرنَاؤُكُمْ ، وَلاَ اشْتِرَاكُكُمْ فِي العَذَابِ الأَلِيمِ ، لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُعَانِي مِنَ العَذَابِ مَا يَكْفِيهِ .
وقال تعالى : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآَنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ (32) وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (33) } [سبأ/31-33](2/411)
وَقَالَ قَوْمٌ مِنْ مُشْرِكِي العَرَبِ : لَنْ نُؤْمِنَ بِهذا القُرْآنِ ، وَلاَ بِالكُتُبِ التِي تَقَدَّمَتْهُ ، وَلاَ بِمَا اشْتَملَتْ عَليهِ مِنْ أُمورِ الغَيْبِ ، وَالبَعْثِ ، وَالنُّشُورِ ، وَالحِسَابِ ، وَالجَزَاءِ ، وَيَرُدُّ اللهُ تَعَالى عَليهم ، قَائِلاً لرَسُولِهِ الكَرِيمِ : لَوْ تَرَى يَا مُحَمَّدُ حَالَ أُولئِكَ الكُفَّارِ ، يَوْمَ القِيَامَةِ ، وَهُمْ وَقُوفٌ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِمْ ، لِلْحِسَابِ وَالجَزَاءِ ، وَقَدْ عَلَتْهُمُ الذِّلَّةُ والمَهَانَةُ . . إذاً لَرَأَيْتَ أَمراً عَجَباً ، إِذْ يَقُولُ الأتْبَاعُ المُسْتَضْعَفُونَ لِلسَّادَةِ المُسْتَكْبِرِينَ الذِينَ حَمَلُوهُمْ عَلى اتِّبَاعِ سَبيلِ الغَيِّ والضَّلاَلةِ : لَولا أَنَّكُم صَدَدْتُمُونا عَنِ الهُدَى ، وَحَمَلْتُمُونَا عَلى اتِّبَاعِكُمْ حَمْلاً لَكُنّا آمَنَّا بِرَبِّنا ، وَبِمَا جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللهِ .
فَيَرُدُّ السَّادةُ المُسْتَكْبِرُونَ عَلَى المُستَضْعَفِينَ قَائِلِينَ : هَلْ نَحْنُ الذِينَ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ اتِّبَاعِ الحَقِّ الذِي جَاءَكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ؟ لَيْسَ هذا حَقَّاً ، إِنَّكُمْ الذِينَ مَنَعْتُمْ الذِينَ مَنَعْتُمْ أَنْفُسَكُمْ حَظَّهَا مِنِ اتِّبَاعِ الهُدَى لإِجْرَامِكُمْ وَإِيثارِكُمُ الكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ .
فَقَالَ الأَتباعُ المُسْتَضْعَفُونَ لِلسَّادَةِ : بَلْ أَنْتُمُ الذِينَ كُنْتُمْ تُوَسْوِسُونَ لَنَا بِالكُفْرِ لَيلاً وَنَهَاراً ، وَتُغُونَنا بِالّّثَّبَاتِ عَلَى الكًُفْرِ ، وَالإِقَامَةِ عَلَيهِ ، وَتُخْبِرُونَنا أَنَّنا عَلَى هُدىً فِيمَا نَعْبُدُهُ مِنْ أَصْنَامٍ وَأَوْثَانٍ وَأَندَادٍ .(2/412)
وَيَتَوَقَّفُ الحِوَارُ بَيْنَ الأَتْبَاعِ المُسْتَضْعَفِينَ وَبَينَ السَّادَةِ المَتْبُوعِينَ ، وَيُسِرُّ كُلُّ فَرِيقٍ في نَفْسِهِ ما يَشْعُرُ بِهِ مِنْ حَسْرَةٍ وَنَدَمٍ عَلَى ما فَرَّطَ في جَنْبِ اللهِ ، وَمَا قَصَّرَ في طَاعَتِهِ ، حِينَ يَرَى العَذابَ الذِي أَعَدَّهُ اللهُ لِلْكَفَرةِ المُجْرِمينَ . ثُمَّ تُوضَعُ الأَغْلالُ وَسِلاسِلُ الحَدِيدِ فِي أَعْنَاقِ هؤلاءِ ، وَهُمْ في النَّارِ .
والعَذَابُ الذِي يَلْقَوْنَهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ إِنَما هُوَ الجَزَاءُ الذِي يَسْتَحِقُّونَهُ عَلى مَا اجْتَرَحُوا مِنَ الكُفْرِ وَالآثامِ والسَّيِّئَاتِ فِي الدُّنيا .
ـــــــــــــــ
في بكائهم وشهيقهم
َعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : َّ إِن أَهْلُ النَّارِ يَدْعُونَ مَالِكًا فَلَا يُجِيبُهُمْ أَرْبَعِينَ عَامًا ، ثُمَّ يَقُولُ : { إِنَّكُم مَّاكِثُونَ} (77) سورة الزخرف . ثُمَّ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ فَيَقُولُونَ : {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} (107) سورة المؤمنون ، فَلَا يُجِيبُهُمْ مِثْلَ الدُّنْيَا ، ثُمَّ يَقُولُ : { اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} (108) سورة المؤمنون . ثُمَّ يَيْأَسُ الْقَوْمُ فَمَا هُوَ إِلَّا الزَّفِيرُ ، وَالشَّهِيقُ تُشْبِهُ أَصْوَاتُهُمْ أَصْوَاتَ الْحَمِيرِ ، أَوَّلُهَا شَهِيقٌ وَآخِرُهَا زَفِيرٌ .(1)
الشهيق في الصدر -والزفير في الحلق وقال ابن فارس الشهيق ضد الزفير لأن الشهيق رد النفس والزفير إخراج النفس
وعَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { لَهُمْ فِيهَا زَفِير وَشَهِيق } يَقُول : صَوْت شَدِيد وَصَوْت ضَعِيف"(2)
__________
(1) - مجمع الزوائد (18636 ) رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ والمستدرك(3492 ) صحيح
(2) - تفسير الطبري - (ج 14 / ص 399)(14306) صحيح(2/413)
وعَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يُلْقَى عَلَى أَهْلِ النَّارِ الْجُوعُ فَيَعْدِلُ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْعَذَابِ فَيَسْتَغِيثُونَ فَيُغَاثُونَ بِطَعَامٍ مِنْ ضَرِيعٍ لاَ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِى مِنْ جُوعٍ فَيَسْتَغِيثُونَ بِالطَّعَامِ فَيُغَاثُونَ بِطَعَامٍ ذِى غُصَّةٍ فَيَذْكُرُونَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُجِيزُونَ الْغُصَصَ فِى الدُّنْيَا بِالشَّرَابِ فَيَسْتَغِيثُونَ بِالشَّرَابِ فَيُرْفَعُ إِلَيْهِمُ الْحَمِيمُ بِكَلاَلِيبِ الْحَدِيدِ فَإِذَا دَنَتْ مِنْ وُجُوهِهِمْ شَوَتْ وُجُوهَهُمْ فَإِذَا دَخَلَتْ بُطُونَهُمْ قَطَّعَتْ مَا فِى بُطُونِهِمْ فَيَقُولُونَ ادْعُوا خَزَنَةَ جَهَنَّمَ فَيَقُولُونَ أَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى. قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِى ضَلاَلٍ. قَالَ فَيَقُولُونَ ادْعُوا مَالِكًا فَيَقُولُونَ (يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ) قَالَ فَيُجِيبُهُمْ (إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ) ». قَالَ الأَعْمَشُ نُبِّئْتُ أَنَّ بَيْنَ دُعَائِهِمْ وَبَيْنَ إِجَابَةِ مَالِكٍ إِيَّاهُمْ أَلْفَ عَامٍ. قَالَ « فَيَقُولُونَ ادْعُوا رَبَّكُمْ فَلاَ أَحَدَ خَيْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَيَقُولُونَ (رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ) قَالَ فَيُجِيبُهُمْ ( اخْسَئُوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ) قَالَ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَئِسُوا مِنْ كُلِّ خَيْرٍ وَعِنْدَ ذَلِكَ يَأْخُذُونَ فِى الزَّفِيرِ وَالْحَسْرَةِ وَالْوَيْلِ »(1).
الضريع : نبت بالحجاز له شوك كبار
__________
(1) - سنن الترمذى(2789 ) ورجح وقفه(2/414)
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يُرْسَلُ الْبُكَاءُ عَلَى أَهْلِ النَّارِ فَيَبْكُونَ حَتَّى يَنْقَطِعَ الدُّمُوعُ ثُمَّ يَبْكُونَ الدَّمَ حَتَّى يَصِيرَ فِى وُجُوهِهِمْ كَهَيْئَةِ الأُخْدُودِ لَوْ أُرْسِلَتْ فِيهِ السُّفُنُ لَجَرَتْ ».(1)
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، ابْكُوا ، فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا ، فَإِنَّ أَهْلَ النَّارِ يَبْكُونَ فِي النَّارِ حَتَّى تَسِيلَ دُمُوعُهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ كَأَنَّهَا جَدَاوِلُ ، حَتَّى تَنْقَطِعَ الدُّمُوعُ ، فَتَسِيلَ يَعْنِي الدِّمَاءَ فَتُقَرِّحَ الْعُيُونَ ، فَلَوْ أَنَّ سُفُنًا أُرْخِيَتْ فِيهَا لَجَرَتْ"(2)
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : إِنَّ أَهْلَ النَّارِ لَيَبْكُونَ ، حَتَّى لَوْ أُجْرِيَتِ السُّفُنُ فِي دُمُوعِهِمْ لَجَرَتْ ، وَإِنَّهُمْ لَيَبْكُونَ الدَّمَ يَعْنِي مَكَانَ الدَّمْعِ "(3)
وعَنْ أَبِي مُوسَى ، قَالَ : إِنَّ أَهْلَ النَّارِ لَيَبْكُونَ فِي النَّارِ ، حَتَّى لَوْ أُجْرِيَتِ السُّفُنُ فِي دُمُوعِهِمْ لَجَرَتْ ، ثُمَّ إِنَّهُمْ لَيَبْكُونَ الدَّمَ بَعْدَ الدُّمُوعِ ، وَلِمِثْلِ مَا هُمْ فِيهِ يُبْكَى لَهُ.(4)
الأخدود بالضم هو الشق العظيم في الأرض
ـــــــــــــــ
__________
(1) - سنن ابن ماجه (4467 ) ضعيف
(2) - مسند أبي يعلى الموصلي(4134) ضعيف
(3) - المستدرك للحاكم(8791) صحيح
(4) - مصنف ابن أبي شيبة (ج 13 / ص 156)(35268) صحيح(2/415)
أعظمُ عذابِ أهل النَّار
كما أنَّ رضوان الله تعالى على أهل الجنة وتجلِّيه لهم أعظم من كلِّ نعيم الجنة, فإنَّ أعظم عذاب أهل النار هو حجابهم عن الله عزَّ وجلَّ وإبعادهم عنه,وإعراضه عنهم, وسخطه عليهم, قال تعالى: (كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ* كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ* ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الجَحِيمِ* ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ) {المطففين:14-17}.
وَلَيْسَ الأَمْرُ كَمَا زَعَمُو مِنْ أَنَّ هَذَا القُرْآنَ هُوَ مِنْ أَسَاطِيرِ الأَوَّلِينَ ، وَإِنَّمَا هُوَ كَلاَمُ اللهِ إِلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - ، وَلَكِنَّ الذِي حَجَبَ عَنْ قُلُوبِهِمْ الإِيْمَانَ هُوَ مَا عَلاَ قُلُوبَهُمْ وَغَطَّاهَا مِنْ تَرَاكُمْ الذُّنُوبِ ، وَتَوَالِي الإِقْدَامِ عَلَى مُنْكَرِ الأَعْمَالِ ، حَتَّى اعْتَادُوهَا ، وَصَارَتْ سَبَباً لَهُمْ لِحُصُولِ الرِّيْن عَلَى قُلُوبِهِمْ ، الأُمُورِ عَلَيْهِمْ .
يَزْجُرُ اللهُ تَعَالَى هَؤُلاَءِ المُكَذِّبِينَ ، الذِينَ يَقُولُونَ إِنَّ القُرْآنَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ ، والذِينَ يَدَّعُوْنَ أَنَّهُمْ سَيَكُونُونَ عِنْدَ اللهِ مِنَ المُقَرَّبِينَ يَوْمَ القِيَامَةِ ، فَيَقُولُ لَهُمْ : لَيْسَ الأَمْرُ كَمَا زَعَمُوا ، فَهُمْ سَيُطْرَدُونَ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ ، وَسَيُحْجَبُونَ عَنْ رُؤْيَتِهِ .
وَبَعْدَ أَنْ يُحْجَبُوا يَوْمَ القِيَامَةِ عَنْ رُؤْيَةِ رَبِّهِمْ ، يُقْذَفُ بِهِمْ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ، وَيَصْلَونَ سَعِيرَهَا ، وَيُقَاسُونَ حَرَّهَا .
فذكر الله تعالى ثلاثة أنواع ٍمن العذاب: حجابهم عن الله,ثمَّ صليهم الجحيم, ثمَّ توبيخهم بتكذيبهم به في الدنيا. وذلك بعد أن وصفهم بالرَّان على قلوبهم-وهو الصدأ- بسبب المعاصي والذنوب.(2/416)
وعن أبي عمران الجوني، قال: لم ينظر الله تعالى إلى إنسان قط إلا رحمه، ولو نظر إلى أهل النار لرحمهم، ولكنه قضى أنه لا ينظر إليهم.(1)
ـــــــــــــــ
أهون أهل النار عذابا
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَنْتَعِلُ بِنَعْلَيْنِ مِنْ نَارٍ يَغْلِى دِمَاغُهُ مِنْ حَرَارَةِ نَعْلَيْهِ »(2).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا الَّذِي يُجْعَلُ لَهُ نَعْلاَنِ مِنْ نَارٍ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ.(3)
وعَن الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَيْءٍ ؟ فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لِغَضَبِكَ ، قَالَ : نَعَمْ ، هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ ، وَلَوْلا ذَلِكَ لَكَانَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ "(4)
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - : ذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ ، فَقَالَ : لَعَلَّهُ يَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُجْعَلَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ تَبْلُغُ كَعْبَيْهِ يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغُهُ "(5)
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا أَبُو طَالِبٍ وَفِي رِجْلَيْهِ نَعْلانِ مِنْ نَارٍ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ ،(6)
__________
(1) - حلية الأولياء - (ج 1 / ص 1)
(2) - صحيح مسلم(536 )
(3) - صحيح ابن حبان - (ج 16 / ص 513)(7472) صحيح
(4) - مسند أبي عوانة ( 209) صحيح
(5) - مسند أبي عوانة ( 210) صحيح
(6) - مسند أبي عوانة ( 212) و صحيح مسلم (537)(2/417)
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَاباً أَبُو طَالِبٍ وَهُوَ مُنْتَعِلٌ نَعْلَيْنِ مِنْ نَارٍ يَغْلِى مِنْهُمَا دِمَاغُهُ »(1).
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا أَبُو طَالِبٍ وَهُوَ مُنْتَعِلٌ بِنَعْلَيْنِ يَغْلِى مِنْهُمَا دِمَاغُهُ »(2).
وعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ عَلَى أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَتَانِ يَغْلِى مِنْهُمَا دِمَاغُهُ ، كَمَا يَغْلِى الْمِرْجَلُ وَالْقُمْقُمُ. ،(3)
الأخمص : باطن القدم الذى يتجافى عن الأرض عند الوطء -المرجل : القِدر من النحاس أو الحجارة -القمقم : ما يسخن فيه من نحاس وغيره
وعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - : إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ لَهُ نَعْلانِ مِنْ نَارٍ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ كَمَا يَغْلِي الْمِرْجَلُ ، مَا يَرَى أَنَّ أَحَدًا أَشَدَّ عَذَابًا مِنْهُ وَإِنَّهُ لأَهْوَنُهُمْ عَذَابًا .(4)
أَمَّا الضَّحْضَاح فَهُوَ بِضَادَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ ، وَالضَّحْضَاح : مَا رَقّ مِنْ الْمَاء عَلَى وَجْه الْأَرْض إِلَى نَحْو الْكَعْبَيْنِ ، وَاسْتُعِيرَ فِي النَّار . وَأَمَّا الْغَمَرَات فَبِفَتْحِ الْغَيْن وَالْمِيم وَاحِدَتهَا غَمْرَة بِإِسْكَانِ الْمِيم وَهِيَ الْمُعْظَم مِنْ الشَّيْء .
__________
(1) - مسند أحمد (2688) صحيح
(2) - صحيح مسلم (537)
(3) - مسند أبي عوانة ( 213) و صحيح البخارى(6561 و 6562) ومسلم (538 )
(4) - مسند أبي عوانة ( 214) و صحيح مسلم (539)(2/418)
وَقَالَ أَبُو حَاتِم : جَمْع ( الدَّرَك ) بِالْفَتْحِ أَدْرَاك كَجَمَلٍ وَأَجْمَال وَفَرَس وَأَفْرَاس ، وَجَمْع ( الدَّرْك ) بِالْإِسْكَانِ أَدْرُكٌ كَفَلْسٍ وَأَفْلُس . وَأَمَّا مَعْنَاهُ : فَقَالَ جَمِيع أَهْل اللُّغَة وَالْمَعَانِي وَالْغَرِيب وَجَمَاهِير الْمُفَسِّرِينَ : الدَّرْك الْأَسْفَل قَعْر جَهَنَّم . وَأَقْصَى أَسْفَلهَا ، قَالُوا : وَلِجَهَنَّمَ أَدْرَاك ، فَكُلّ طَبَقَة مِنْ أَطْبَاقهَا تُسَمَّى دَرْكًا . وَاَللَّهُ أَعْلَم .
وَفِي هَذَا الْحَدِيث وَمَا أَشْبَهَهُ تَصْرِيح بِتَفَاوُتِ عَذَاب أَهْل النَّار كَمَا أَنَّ نَعِيمَ أَهْل الْجَنَّة مُتَفَاوِت . وَاَللَّه أَعْلَم .
وعَنْ أَنَسٍ يَرْفَعُهُ « أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ لأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا لَوْ أَنَّ لَكَ مَا فِى الأَرْضِ مِنْ شَىْءٍ كُنْتَ تَفْتَدِى بِهِ قَالَ نَعَمْ . قَالَ فَقَدْ سَأَلْتُكَ مَا هُوَ أَهْوَنُ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِى صُلْبِ آدَمَ أَنْ لاَ تُشْرِكَ بِى . فَأَبَيْتَ إِلاَّ الشِّرْكَ »(1).
وعَنْ أَبِى عِمْرَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَوْ أَنَّ لَكَ مَا فِى الأَرْضِ مِنْ شَىْءٍ أَكُنْتَ تَفْتَدِى بِهِ فَيَقُولُ نَعَمْ . فَيَقُولُ أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِى صُلْبِ آدَمَ أَنْ لاَ تُشْرِكَ بِى شَيْئًا فَأَبَيْتَ إِلاَّ أَنْ تُشْرِكَ بِى »(2).
ـــــــــــــــ
__________
(1) - صحيح البخارى(3334 )
(2) - صحيح البخارى(6557 )(2/419)
صبغُ أنعم أهل الدنيا من أهل في النار
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا ، مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ : يَا ابْنَ آدَمَ ، هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ ؟ فَيَقُولُ : لاَ ، وَاللهِ ، يَا رَبِّ ، وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا ، مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَيُصْبَغُ فِي الْجَنَّةِ صَبْغَةً ، فَيُقَالُ لَهُ : يَا ابْنَ آدَمَ ، هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ ؟ فَيَقُولُ : لاَ ، وَاللهِ ، يَا رَبِّ ، مَا مَرَّ بِي بُؤُسٌ قَطُّ ، وَلاَ رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ.(1)
وعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : يُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ كَانَ بَلاَءً فِي الدُّنْيَا ، مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَيَقُولُ : اصْبُغُوهُ صَبْغَةً فِي الْجَنَّةِ ، فَيُصْبَغُ فِيهَا صَبْغَةً ، فَيَقُولُ اللهُ ، عَزَّ وَجَلَّ : يَا ابْنَ آدَمَ ، هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ ؟ أَوْ شَيْئًا تَكْرَهُهُ ؟ فَيَقُولُ : لاَ وَعِزَّتِكَ ، مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَكْرَهُهُ قَطُّ ، ثُمَّ يُؤْتَى بِأَنْعَمِ النَّاسِ كَانَ فِي الدُّنْيَا ، مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، فَيَقُولُ : اصْبُغُوهُ فِيهَا صَبْغَةً ، فَيَقُولُ : يَا ابْنَ آدَمَ ، هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ ؟ قُرَّةَ عَيْنٍ قَطُّ ؟ فَيَقُولُ : لاَ وَعِزَّتِكَ ، مَا رَأَيْتُ خَيْرًا قَطُّ ، وَلاَ قُرَّةَ عَيْنٍ قَطُّ.(2)
ـــــــــــــــ
__________
(1) - صحيح مسلم (7266 )
(2) - مسند أحمد (14010) صحيح(2/420)
من يخرج من النار وآخر هم خروجًا
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ أُنَاسٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ « هَلْ تُضَارُّونَ فِى الشَّمْسِ ، لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ » . قَالُوا لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « هَلْ تُضَارُّونَ فِى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ، لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ » . قَالُوا لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ ، يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ فَيَقُولُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْهُ ، فَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ ، وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الْقَمَرَ ، وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ ، وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا ، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِى غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِى يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ . فَيَقُولُونَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ ، هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا ، فَإِذَا أَتَانَا رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِى الصُّورَةِ الَّتِى يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ . فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا ، فَيَتْبَعُونَهُ وَيُضْرَبُ جِسْرُ جَهَنَّمَ » . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُ ، وَدُعَاءُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ ، وَبِهِ كَلاَلِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ ، أَمَا رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ » . قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ .(2/421)
قَالَ « فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ ، غَيْرَ أَنَّهَا لاَ يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إِلاَّ اللَّهُ ، فَتَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ ، مِنْهُمُ الْمُوبَقُ ، بِعَمَلِهِ وَمِنْهُمُ الْمُخَرْدَلُ ، ثُمَّ يَنْجُو ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ عِبَادِهِ ، وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ مِنَ النَّارِ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ ، مِمَّنْ كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، أَمَرَ الْمَلاَئِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوهُمْ ، فَيَعْرِفُونَهُمْ بِعَلاَمَةِ آثَارِ السُّجُودِ ، وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ مِنِ ابْنِ آدَمَ أَثَرَ السُّجُودِ ، فَيُخْرِجُونَهُمْ قَدِ امْتُحِشُوا ، فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءٌ يُقَالُ لَهُ مَاءُ الْحَيَاةِ ، فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الْحِبَّةِ فِى حَمِيلِ السَّيْلِ ، وَيَبْقَى رَجُلٌ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّارِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ قَدْ قَشَبَنِى رِيحُهَا وَأَحْرَقَنِى ذَكَاؤُهَا ، فَاصْرِفْ وَجْهِى عَنِ النَّارِ فَلاَ يَزَالُ يَدْعُو اللَّهَ . فَيَقُولُ لَعَلَّكَ إِنْ أَعْطَيْتُكَ أَنْ تَسْأَلَنِى غَيْرَهُ . فَيَقُولُ لاَ وَعِزَّتِكَ لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ . فَيَصْرِفُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ ، ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ يَا رَبِّ قَرِّبْنِى إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ . فَيَقُولُ أَلَيْسَ قَدْ زَعَمْتَ أَنْ لاَ تَسْأَلْنِى غَيْرَهُ ، وَيْلَكَ ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ . فَلاَ يَزَالُ يَدْعُو . فَيَقُولُ لَعَلِّى إِنْ أَعْطَيْتُكَ ذَلِكَ تَسْأَلَنِى غَيْرَهُ . فَيَقُولُ لاَ وَعِزَّتِكَ لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ .(2/422)
فَيُعْطِى اللَّهَ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ أَنْ لاَ يَسْأَلَهُ غَيْرَهُ ، فَيُقَرِّبُهُ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ ، فَإِذَا رَأَى مَا فِيهَا سَكَتَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ ، ثُمَّ يَقُولُ رَبِّ أَدْخِلْنِى الْجَنَّةَ . ثُمَّ يَقُولُ أَوَلَيْسَ قَدْ زَعَمْتَ أَنْ لاَ تَسْأَلَنِى غَيْرَهُ ، وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ فَيَقُولُ يَا رَبِّ لاَ تَجْعَلْنِى أَشْقَى خَلْقِكَ . فَلاَ يَزَالُ يَدْعُو حَتَّى يَضْحَكَ ، فَإِذَا ضَحِكَ مِنْهُ أَذِنَ لَهُ بِالدُّخُولِ فِيهَا ، فَإِذَا دَخَلَ فِيهَا قِيلَ تَمَنَّ مِنْ كَذَا . فَيَتَمَنَّى ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ تَمَنَّ مِنْ كَذَا . فَيَتَمَنَّى حَتَّى تَنْقَطِعَ بِهِ الأَمَانِىُّ فَيَقُولُ لَهُ هَذَا لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ » . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَذَلِكَ الرَّجُلُ آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولاً .(1)
الذكاء : لهب النار واشتعالها -تضارون : لا تتخالفون ولا تتجادلون فى صحة النظر -قشبنى : سمنى وأهلكنى -امتحشوا : احترقت جلودهم حتى ظهرت العظام
__________
(1) - صحيح البخارى(6573)(2/423)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ النَّاسُ : يَا رَسُولَ اللهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - : هَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ ؟ قَالُوا : لاَ يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : فَهَلْ تُضَارُّونَ فِي الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ ؟ قَالُوا : لاَ يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيَقُولُ : مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْهُ ، فَيَتَّبِعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ الشَّمْسَ ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ الْقَمَرَ الْقَمَرَ ، وَيَتَّبِعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ الطَّوَاغِيتَ ، وَتَبْقَى هَذِهِ الْأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا ، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلاَ فِي غَيْرِ صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ ، فَيَقُولُ : أَنَا رَبُّكُمْ ، فَيَقُولُونَ : نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ هَذَا مَقَامُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا ، فَإِذَا جَاءَنَا رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ ، قَالَ : فَيَأْتِيهِمْ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ ، فَيَقُولُ : أَنَا رَبُّكُمْ ، فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا ، وَيُضْرَبُ جِسْرٌ عَلَى جَهَنَّمَ ، قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - : فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَجُوزُهُ ، وَدَعْوَةُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ : اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ ، وَبِهِ كَلاَلِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ ، هَلْ تَدْرُونَ شَوْكَ السَّعْدَانِ ؟ قَالُوا : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إِلاَّ اللَّهُ ، فَتَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ ، فَمِنْهُمُ الْمُوبَقُ بِعَمَلِهِ ، وَمِنْهُمُ الْمُخَرْدَلُ ،(2/424)
ثُمَّ يَنْجُو حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ عِبَادِهِ ، وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ مِنَ النَّارِ ، مَنْ أَرَادَ مِمَّنْ كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ أَمَرَ اللَّهُ الْمَلاَئِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوهُمْ ، فَيَعْرِفُونَهُمْ بِعَلاَمَةِ آثَارِ السُّجُودِ ، قَالَ : وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ مِنِ ابْنِ آدَمَ أَثَرَ السُّجُودِ ، قَالَ : فَيُخْرِجُونَهُمْ قَدِ امْتُحِشُوا فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءٌ ، يُقَالُ لَهُ : مَاءُ الْحَيَاةِ ، فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الْحَبَّةِ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ ، قَالَ : وَيَبْقَى رَجُلٌ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّارِ ، فَيَقُولُ : يَا رَبِّ قَدْ قَشَبَنِي رِيحُهَا ، وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا ، فَاصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ ، فَلاَ يَزَالُ يَدْعُو ، فَيَقُولُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلاَ : فَلَعَلِّي إِنْ أَعْطَيْتُكَ ذَلِكَ أَنْ تَسْأَلَنِي غَيْرَهُ ، فَيَقُولُ : لاَ وَعِزَّتِكَ لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ ، فَيَصْرِفُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ ، ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ : يَا رَبِّ ، قَرِّبْنِي إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ ، فَيَقُولُ جَلَّ وَعَلاَ : أَلَيْسَ قَدْ زَعَمْتَ أَنْ لاَ تَسْأَلَنِي غَيْرَهُ ؟ وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ ، فَلاَ يَزَالُ يَدْعُو ، فَيَقُولُ جَلَّ وَعَلاَ : فَلَعَلَّكَ إِنْ أَعْطَيْتُكَ ذَلِكَ أَنْ تَسْأَلَنِي غَيْرَهُ ، فَيَقُولُ : لاَ وَعِزَّتِكَ لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ ، وَيُعْطِي اللَّهَ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ أَنْ لاَ يَسْأَلَهُ غَيْرَهُ ، فَيُقَرِّبُهُ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَلَمَّا قَرَّبَهُ مِنْهَا انْفَهَقَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ، فَإِذَا رَأَى مَا فِيهَا سَكَتَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ ، ثُمَّ يَقُولُ : يَا رَبِّ أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ ، فَيَقُولُ جَلَّ(2/425)
وَعَلاَ : أَلَيْسَ قَدْ زَعَمْتَ أَنْ لاَ تَسْأَلَنِي غَيْرَهُ ، وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ ، فَيَقُولُ : يَا رَبِّ لاَ تَجْعَلْنِي أَشْقَى خَلْقِكَ ، قَالَ : فَلاَ يَزَالُ يَدْعُو حَتَّى يَضْحَكَ جَلَّ وَعَلاَ ، فَإِذَا ضَحِكَ مِنْهُ أَذِنَ لَهُ بِالدُّخُولِ دُخُولِ الْجَنَّةِ ، فَإِذَا دَخَلَ قِيلَ لَهُ : تَمَنَّ كَذَا وَتَمَنَّ كَذَا ، فَيَتَمَنَّى حَتَّى تَنْقَطِعَ بِهِ الأَمَانِيُّ ، فَيَقُولُ جَلَّ وَعَلاَ : هُوَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ، يَقُولُ : هُوَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : حَفِظْتُ : هُوَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ وَذَلِكَ الرَّجُلُ آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولاً.(1)
__________
(1) - صحيح ابن حبان - (ج 16 / ص 450)(7429) صحيح(2/426)
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « إِنِّى لأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْهَا ، وَآخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولاً رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ كَبْوًا ، فَيَقُولُ اللَّهُ اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ . فَيَأْتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلأَى ، فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلأَى ، فَيَقُولُ اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ . فَيَأْتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلأَى . فَيَقُولُ يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلأَى ، فَيَقُولُ اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ ، فَإِنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا وَعَشَرَةَ أَمْثَالِهَا . أَوْ إِنَّ لَكَ مِثْلَ عَشَرَةِ أَمْثَالِ الدُّنْيَا . فَيَقُولُ تَسْخَرُ مِنِّى ، أَوْ تَضْحَكُ مِنِّى وَأَنْتَ الْمَلِكُ » . فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ، وَكَانَ يُقَالُ ذَلِكَ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً .(1)
الكبو : الحبو -النواجذ : جمع ناجذ وهو أقصى الأضراس
وعَنْ حُذَيْفَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : يَقُولُ إِبْرَاهِيمُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : يَا رَبَّاهُ ، فَيَقُولُ الرَّبُّ جَلَّ وَعَلاَ : يَا لَبَّيْكَاهُ ، فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ : يَا رَبِّ حَرَّقْتَ بَنِيَّ ، فَيَقُولُ : أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ ذَرَّةٌ أَوْ شَعِيرَةٌ مِنْ إِيمَانٍ.(2)
__________
(1) - صحيح البخارى(6571 ) وصحيح مسلم(479 )
(2) - صحيح ابن حبان - (ج 16 / ص 382)(7378) ومسند أبي عوانة(330) صحيح(2/427)
وعن مَعْبَدَ بْنِ هِلالٍ ، قَالَ : اجْتَمَعْنَا نَاسُ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ ، فَانْطَلَقْنَا إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، وَذَهَبْنَا مَعَنَا بِثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ ، يَسْأَلُهُ لَنَا عَنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ ، وَقَالَ : خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ ، فَلَمَّا كُنَّا بِظَهْرِ الْجَبَّانِ قُلْنَا : لَوْ مِلْنَا إِلَى الْحَسَنِ فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ ، وَهُوَ مُسْتَخْفِي فِي دَارِ أَبِي خَلِيفَةَ ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَحَدَّثْنَاهُ الْحَدِيثَ ، فَقَالَ : قَدْ حَدَّثَنَاهُ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً ، وَلَقَدْ تَرَكَ شَيْئًا مَا أَدْرِي أَنَسِيَ الشَّيْخُ أَمْ كَرِهَ أَنْ يُحَدِّثَكُمْ فَتَتَّكِلُوا ، قُلْنَا لَهُ : حَدَّثَنَا ، فَقَالَ : قال يَعْنِي النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - : ثُمَّ أَرْجِعُ إِلَى رَبِّي فِي الرَّابِعَةِ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا ، فَيُقَالُ : يَا مُحَمَّدُ ، ارْفَعْ ، وَقُلْ تُسْمَعْ لَكَ ، وَسَلْ تُعْطَ ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ ، فَأَقُولُ : يَا رَبِّ ، ائْذَنْ لِي فِيمَنْ قَالَ : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، قَالَ : لَيْسَ ذَاكَ لَكَ أَوْ قَالَ : لَيْسَ ذَاكَ إِلَيْكَ ، وَلَكِنْ وَعِزَّتِي وَكِبْرِيَائِي وَعَظَمَتِي لأُخْرِجَنَّ مَنْ قَالَ : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، قَالَ : فَأَشْهَدُ عَلَى الْحَسَنِ أَنَّهُ حَدَّثَنَا أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ(1).
__________
(1) - مسند أبي عوانة (337) صحيح(2/428)
وعَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ بُرَّةً ، أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ شَعِيرَةً ، أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ ذَرَّةً .(1)
وعَنْ أَنَسٍ ، أَنّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنَ الْخَيْرِ ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ مِنَ الْخَيْرِ ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ"(2)
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : يُدْخِلُ اللَّهُ أَهْلَ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ بِرَحْمَتِهِ ، وَيُدْخِلُ أَهْلَ النَّارِ النَّارَ ، ثُمَّ يَقُولُ : انْظُرُوا مَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ ، فَيَخْرُجُونَ مِنْهَا حُمَمًا قَدِ امْتُحِشُوا ، فَيُلْقَوْنَ فِي نَهْرِ الْحَيَاةِ ، أَوْ نَهَرِ الْحَيَا ، فَيَنْبُتُونَ فِيهِ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ إِلَى جَانِبِ السَّيْلِ ، قَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ : أَلَمْ تَرَوْهَا كَيْفَ تَخْرُجُ صَفْرَاءَ مُلْتَوِيَةً "(3)
__________
(1) - مسند أبي عوانة (338) صحيح
(2) - مسند أبي عوانة (339) صحيح
(3) - مسند أبي عوانة (340) صحيح(2/429)
وعَنْ أَنَسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ: يَقُولُ اللهُ : أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ ذَكَرَنِي يَوْمًا ، أَوْ خَافَنِي فِي مَقَامٍ.(1)
ـــــــــــــــ
__________
(1) - سنن الترمذى(2798) وقال : هذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.(2/430)
نداء أهل النار أهل الجنة وأهل الجنة أهل النار وتكليم بعضهم بعضا
قال الله تعالى : { وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (44) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ كَافِرُونَ (45) وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ (46) وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (47) وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48) أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (49) وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (50) الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (51) } [الأعراف/44-51](2/431)
وَبَعْدَ أَنْ يَسْتَقِرَّ أَهْلَ الجَنَّةِ فِيهَا ، وَيَحْمَدُونَ اللهَ تَعَالَى عَلَى النَّعِيمِ الذِي أَسْبَغَهُ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ ، يَطَّلِعُونَ عَلَى أَهْلِ النَّارِ ، فَيَرَوْنَ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ العَذَابِ وَالنَّصَبِ ، وَيَرَوْنَ قَوْماً مِمَّنْ عَرَفُوهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيا ، وَكَانُوا يُكَذِّبُونَ بِآيَاتِ اللهِ ، وَيَكْفُرُونَ بِهَا ، وَيَسْخَرُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ ، وَيُشَكِّكُونَ فِي صِدْقِ مَا جَاءَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ عَنْ ثَوَابِ اللهِ لِلْمُؤْمِنِينَ ، فَاعِلِي الخَيْرِ ، وَعَنِ العَذَابِ الذِي يَنْتَظِرُ المُكَذِّبِينَ المُجْرِمينَ ، فَيُخَاطِبُونَهُمْ قَائِلِينَ : لَقَدْ وَجَدْنَا نَحْنُ مَا وَعَدَنَا رَبُّنا مِنْ نَعِيمٍ ، وَجَنَّاتٍ ، حَقّاً ، جَزَاءً عَلَى الإِيمَانِ وَالعَمَلِ الصَّالِحِ ، فَهَلْ وَجَدْتُمْ أَنْتُمْ يَا أَصْحَابَ النَّارِ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ عَذَابٍ وَنَكَالٍ حَقّاً؟ فَيُجِيبُهُمْ أَهْلُ النَّارِ : أَنْ نَعَمْ ، لَقَدْ وَجَدْنَا ذَلِكَ . وَبَعْدَ أَنْ يُقِروا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالكُفْرِ ، يُعْلِنُ مُعْلِنٌ : أَنْ لَعْنَةَ اللهِ مُسْتَقِرَّةٌ عَلَى الظَّالِمِينَ لأَنْفُسِهِمْ بِالكُفْرِ وَالمَعَاصِي .(2/432)
وَيُعَرِّفُ اللهُ تَعَالَى هَؤُلاَءِ الظَّالِمِينَ لأَنْفُسِهِمْ فَيَقُولُ : إِنَّهُمُ الذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ، وَيَمْنَعُونَ النَّاسَ مِنْ اتِّبَاعِ مَا شَرَعَ اللهُ مِنَ الهُدَى ، وَمَا جَاءَتْ بِهِ النُّبُوَّاتَ ، وَيَبْغُونَ أَنْ تَكُونَ سَبيلُ اللهِ مُعْوَجَّةً غَيْرَ مُسْتَقِيمَةٍ حَتَّى لاَ يَسْلُكَهَا أَحَدٌ ، وَيَكْفُرُونَ بِلِقَاءِ اللهِ فِي الآخِرَةِ ، لاَ يُصَدِّقُونَ وَلاَ يُؤْمِنُونَ ، وَلِذَلِكَ فَإنَّهُمْ لاَ يُبَالُونَ بِمَا يَأْتُونَ مِنْ مُنْكَرِ القَوْلِ وَالفِعْلِ ، لأنَّهُمْ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَ اللهِ وَحِسَابَهُ .
وَيَقُولُ تَعَالَى : إِنَّ بَيْنَ أَهْلِ الجَنَّةِ ، وَأَهْلِ النَّارِ حِاجَزاً ( حِجَاباً ) يَمْنَعُ وُصُولَ أَهْلِ النَّارِ إِلَى الجَنَّةِ ، وَهُوَ السُّورُ الذِي قَالَ عَنْهُ تَعَالَى فِي آيَةٍ أَخْرَى { فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ } وَهُوَ الأَعْرَافُ .
وَيَقُولُ المُفسِّرُونَ : يَقِفُ عَلَى الأَعْرَافِ أُنَاسٌ تَسَاوَتْ حَسَنَاتُهُمْ مَعْ سَيِّئَاتِهِمْ ، فَلاَ هُمْ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ ، وَلا هُمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، وَهُمْ يَنْتَظِرُونَ حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ فِيهِمْ ، وَلكِنَّهُمْ يَطْمَعُونَ فِي أَنْ يُدْخِلَهُمُ اللهُ الجَنَّةَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ وَرَحْمَتِهِ .(2/433)
وَأَهْلُ الأَعْرَافِ يَعْرِفُونَ كُلاًّ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَأَهْلِ الجَنَّةِ بِسِيمَاهُمُ التِي وَصَفَهُمُ اللهُ بِهَا ( وَهِيَ بَيَاضُ الوَجْهِ ، وَنَضْرَةُ النَّعِيمِ التِي تَعْلُو وُجُوهَ أَهْلِ الجَنَّةِ ، وَسَوادُ الوَجْهِ وَالقَتَرَةُ التِي تَرْهَقُ وُجُوهَ أَهْلِ النَّارِ ) . وَيَتَوَجَّهُ أَهْلُ الأَعْرَافِ إلَى أَهْلِ الجَنَّةِ بِالسَّلاَمِ قَائِلِينَ لَهُمْ : سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ ، يَقُولُونَهَا مُهَنِّئِينَ بِالفَوْزِ بِالحِسَابِ ، طَامِعِينَ فِي أَنْ يُدِخِلََهُمُ اللهُ الجَنَّةَ مَعَهُمْ .
وَقَالَ مُفَسِّرُونَ آخَرُونَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى ( لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ ) إِنَّ أَهْلَ الأَعْرَافِ يُسَلِّمُونَ عَلَى أَهْلِ الجَنَّةِ بَعْدَ أَنْ يَجْتَازُوا الحِسَابَ ، وَقَبْلَ أَنْ يَدْخُلُوا الجَنَّةَ ، إِذْ يَكُونُونَ طَامِعِينَ فِي دُخُولِهَا لِمَا رَأَوْهُ مِنْ يُسْرِ الحِسَابِ .وَكُلَّمَا اتَّجَهَتْ أَبْصَارُهُمْ إلَى جِهَةِ أَهْلِ النَّارِ تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ مَنَازِلِهِمْ ، وَقَالُوا رَبَّنا لاَ تَجْعَلْنا مَعَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ .
وَيَعْرِفُ أَهْلُ الأَعْرَافِ رُؤُوسَ الكُفْرِ ، وَقَادَةَ الشِّرْكِ ، وَهُمْ فِي النَّارِ ، بِسِيمَاهُمْ ( أَيْ بِسَوَادِ وُجُوهِهِمْ ) فَيُقَرِّعُونَهُمْ قَائِلِينَ : لَمْ تَنْفَعْكُمْ كَثْرَتُكُمْ ، وَجَمْعُكُمُ المَالَ ، وَلَمْ يُغْنِ عَنْكُمُ اسْتِكْبَارُكُمْ ، مِنْ عَذَابِ اللهِ ، وَهَا أَنْتُمْ قَدْ صِرْتُمْ إلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ العَذَابِ ، وَسُوءِ المَصِيرِ .(2/434)
ثُمَّ يَقُولُونَ لَهُمْ مُوَبِّخِينَ مُقَرِّعِينَ ، وَهُمْ يَلْفِتُونَ أَنْظَارَهُمْ إِلَى أَهْلِ الجَنَّةِ الذِينَ كَانُوا يَسْخَرُونَ مِنْهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيا ، وَيَسْتَبْعِدُونَ أَنْ يُصِيبَهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ : أَهَؤُلاَءِ الذِينَ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لَنْ يَرْحَمَهُمْ؟ ألاَ تَرَوْنَ مَا قِيلَ لَهُمْ بِأَمْرِ اللهِ : ادْخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلاَمٍ ، لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَسْتَقْبِلُونَهُ مِنْ أَمْرِكُمْ ، وَلاَ أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ عَلَى مَا خَلَّفْتُمْ وَرَاءَكُمْ فِي الدُّنْيَا .
يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى عَنْ ذِلَّةِ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ القِيَامَةِ فِي ذَلِكَ المَوْقِفِ العَظِيمِ ، وَسُؤَالِهِمْ أَهْلَ الجَنَّةِ أَنْ يُعْطُوهُمْ شَيْئاً مِنْ شَرَابِهِمْ وَطَعَامِهِمْ ، فَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ أَهْلُ الجَنَّةِ : إِنَّ اللهَ حَرَّم ذَلِكَ عَلَى الكَافِرِينَ .
وَوَصَفَ أَهْلُ الجَنَّةِ هَؤُلاَءِ الكَافِرِينَ ، الذِينَ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِمُ المَاءَ وَالطَّعَامَ ، بِأَنَّهُمْ : الذِينَ اتَّخَذُوا الدِّينَ لَهْواً وَلَعِباً ، وَاغْتَرُّوا بِالدُّنيا وَزِينَتِهَا وَزُخْرُفِها ، فَانْصَرَفُوا إِليها ، وَتَرَكُوا مَا أَمَرَهُمُ اللهُ بِهِ مِنَ العَمَلِ لِلآخِرَةِ .
وَكَمَا نَسِيَ هَؤُلاَءِ دِينَهُمْ وَمَا أَمَرَهُمْ بِهِ رَبُّهُمْ ، وَكَذَّبُوا بِآيَاتِ اللهِ وَجَحَدُوا بِهَا ، فَإِنَّ اللهَ يُعَامِلُهُمْ مُعَامَلَةَ الشَّيءِ المَنْسِيِّ ، الذِي لاَ يَبْحَثُ عَنْهُ أَحَدٌ ، وَيَنْسَاهُمْ فَلا يُجِيبُ دُعَاءَهُمْ ، وَيَتْرُكُهُمْ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يُعَذَّبُونَ .(2/435)
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ} الآيَةُ ، قَالَ : يُنَادِي الرَّجُلُ أَخَاهُ ، وَيُنَادِي الرَّجُل الرَّجُلَ فَيَقُولُ : إنِّي قَدَ احْتَرَقْت فَأَفِضْ عَلَيَّ مِنَ الْمَاءِ ، قَالَ : فَيُقَالَ له : أَجِبْهُ ، فَيَقُولُ : إنَّ اللَّهَ حرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ.(1)
وعن أبي بكر بن عبد الله، قال: ينادي أهلُ النار أهلَ الجنة فلا يجيبونهم ما شاء الله، ثم يقال: أجيبوهم، وقد قطع الرَّحم والرحمة، فيقول أهل الجنة: يا أهل النار، عليكم غضب الله، يا أهل النار، عليكم لعنة الله، يا أهل النار، لا لبَّيْكم ولا سَعْدَيْكُم، ماذا تقولون؟ فيقولون: ألم نك في الدنيا آباءكم وأبناءكم وإخوانكم وعشيرتكم، فيقولون: بلى، فيقولون:( أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ ).(2)
و قال الله عز وجل : { فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (50) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51) يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ (53) قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (54) فَاطَّلَعَ فَرَآَهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (55) قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (56) وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (57) أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (59) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (60) لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (61) [الصافات/50، 60]
__________
(1) - مصنف ابن أبي شيبة (ج 13 / ص 369)(35918) صحيح
(2) - تفسير الطبري - (ج 19 / ص 75) معضل(2/436)
وَيَأْخُذُ أَهْلُ الجِنَّةِ ، وَهُمْ فِي جلْسَتِهِمْ تِلْكَ ، فِي تَجَاذُبِ أَطْرَافِ الحَدِيثِ ، وَيَتَنَاوَلُونَ فِي أَحَادِيِثِهِمْ مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا .
قَالَ قَائِلٌ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ الذِينَ يَتَحَادَثُونَ : إِنَّهُ كَانَ لِي صَاحِبٌ ( قَرِينٌ ) مُشْرِكٌ فِي الدُّنْيَا يَلُومُ المُؤْمِنِينَ عَلَى إِيْمَانِهِمْ بِالحَشْرِ والحِسَابِ ، وَيَسْخَرُ مِنْهُمْ . وَيَقُولُ لِصَدِيقِه المُؤْمِنِ : هَلْ أَنْتَ مُصَدِّقٌ بِالبَعْثِ والنُّشُورِ والجَزَاءِ؟
وَيَقُولُ مُتَعَجِّباً : هَلْ إِذَا أَصْبَحْنَا تُراباً وَعِظَاماً نِخْرَةً ، سَنُبَعَثُ لِنُحَاسَبَ عَلَى أَعْمَالِنَا وَنُجْزَى بِهَا؟ إِنَّ ذَلِكَ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أبداً .
وَيَقُولُ المُؤْمِنُ لأَصْحَابِهِ الجَالِسِينَ مَعَهُ فِي رِحَابِ الجَنَّةِ : هَلْ تَوَدُّونَ أَنْ تَطَّلِعُوا عَلَيْهِ ، وَهُوَ فِي الجَحِيمِ ، لَتَرَوْا عَاقِبَةَ أَمْرِ هَذَا القَرِينِ الكَافِرِ؟
فَاطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ النَّارِ ، فَرَأى قَرِينَهُ وَسَطَ الجَحِيمِ ، يَتَلَظَّى بِلَهِيبِها . فَقَالَ المُؤْمِنُ لِقَرينِهِ المُشْرِكِ مُوَبِّخاً وَمُقَرِّعاً : لَقَدْ كِدْتَ أَنْ تهْلِكَنِي لَوْ أَنَّني أَطَعْتُكَ فِي كُفْرِكَ وِعِصْيَانِكَ .
وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيَّ ، لَكُنْتُ مِثْلَكَ مُحْضَراً فِي العَذَابِ فِي سَوَاءِ الجَحِيمِ ، وَلَكِنَّ رَحْمَتَهُ تَعَالَى أَنْقَذَتْني مِنْ سُوءِ العَاقِبَةِ ، إِذْ هَدَانِي اللهُ إِلَى الإِيْمَانِ .
ثُمَّ التَفَتَ المُؤْمِنُ إِلى جُلَسَائِهِ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ فَقَالَ لَهُمْ عَلَى مَسْمَعٍ مِنَ الكَافِرِ ، لِيَزِيدَ فِي ألَمِهِ وَحَسْرَتِهِ وَعَذَابِهِ : هَلْ نَحْنُ مُخَلَّدُونَ فِي الجَنَّةِ ، مُنعَّمُونَ فِيهَا ، لاَ نَمُوتُ ، وَلاَ تَزُولُ نِعَمُهَا عَنَّا؟(2/437)
وَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلاَّ مَوْتَتَنَا الأُوْلَى ، وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ؟ فَقِيلَ لَهُ : لاَ . فَقَالَ المُؤْمِنُ لأَصْحَابِهِ وَجُلَسَائِهِ : إِنَّ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ النَّعِيم ، مَعَ مَا يَتَمَتَعُّونَ بِهِ مِنَ المَآكِلِ والمَشَارِب والملَذَّاتِ ، هُوَ الفَوْزُ العَظيمُ ، وَالنَّجَاةُ مِمَّا كُنَّا نَحْذَرُهُ مِنْ عِقَابِ اللهِ تَعَالَى .
وعن خليد العصري، قال: لولا أن الله عرفه إياه ما عرفه، لقد تغير حبره وسبرة بعده، وذُكر لنا أنه اطلع فرأى جماجم القوم، فقال:( تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ )(1)
وعن مطرف بن عبد الله، في قوله( فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ ) قال: والله لولا أنه عرفه ما عرفه، لقد غيرت النار حِبْره وسِبْره ( الحسن والبهاء)(2).
وقال تعالى :{ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47) } [المدثر/38-47]
__________
(1) - تفسير الطبري - (ج 21 / ص 48) صحيح مرسل
(2) - تفسير الطبري - (ج 21 / ص 48) صحيح مرسل(2/438)
كل نفس بما كسبت من أعمال الشر والسوء محبوسة مرهونة بكسبها، لا تُفَكُّ حتى تؤدي ما عليها من الحقوق والعقوبات، إلا المسلمين المخلصين أصحاب اليمين الذين فكُّوا رقابهم بالطاعة، هم في جنات لا يُدْرَك وصفها، يسأل بعضهم بعضًا عن الكافرين الذين أجرموا في حق أنفسهم: ما الذي أدخلكم جهنم، وجعلكم تذوقون سعيرها؟ قال المجرمون: لم نكن من المصلِّين في الدنيا، ولم نكن نتصدق ونحسن للفقراء والمساكين، وكنا نتحدث بالباطل مع أهل الغَواية والضلالة، وكنا نكذب بيوم الحساب والجزاء، حتى جاءنا الموت، ونحن في تلك الضلالات والمنكرات.
وعَنِ الشَّعْبِيِّ ، قَالَ : يَشْرُفُ قَوْمٌ فِي الْجَنَّةِ عَلَى قَوْمٍ فِي النَّارِ فَيَقُولُونَ : مَا لَكُمْ فِي النَّارِ , وَإِنَّمَا كُنَّا نَعْمَلُ بِمَا تُعَلِّمُونَا ، قَالُوا : كُنَّا نُعَلِّمُكُمْ ، وَلاَ نَعْمَلُ بِهِ.(1)
__________
(1) - مصنف ابن أبي شيبة (ج 13 / ص 554)(36554) صحيح مرسل(2/439)
وعَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : إِنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَيُشْرِفُ عَلَى أَهْلِ النَّارِ فَيُنَادِيهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ النَّارِ : يَا فُلانُ ، أَمَا تَعْرِفُنِي ؟ قَالَ : لا ، وَاللَّهِ مَا أَعْرِفُكَ ، مَنْ أَنْتَ وَيْحَكَ ؟ قَالَ : أَنَا الَّذِي مَرَرْتُ بِي فِي الدُّنْيَا فَاسْتَسْقَيْتَنِي شَرْبَةَ مَاءٍ فَسَقَيْتُكَ ، فَاشْفَعْ لِي بِهَا عِنْدَ رَبِّكَ ، قَالَ : فَدَخَلَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى اللَّهِ فِي زُوَّرِهِ ، فَقَالَ : يَا رَبِّ ، إِنِّي أَشْرَفَتُ عَلَى أَهْلِ النَّارِ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَنَادَى : يَا فُلانُ ، أَمَا تَعْرِفُنِي ؟ فَقُلْتُ : لا ، وَاللَّهِ مَا أَعْرِفُكَ ، وَمَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : أَنَا الَّذِي مَرَرْتَ بِي فِي الدُّنْيَا فَاسْتَسْقَيْتَنِي فَسَقَيْتُكَ ، فَاشْفَعْ لِي بِهَا عِنْدَ رَبِّكِ ، يَا رَبِّ ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ ، قَالَ : فَيُشَفِّعُهُ اللَّهُ فِيهِ ، وَأَخْرَجَهُ مِنَ النَّارِ "(1)
وقال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ (32) وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (33) فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (35) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36)} [المطففين/29-36]
__________
(1) - مسند أبي يعلى الموصلي(3490) والمطالب العالية للحافظ ابن حجر العسقلاني (4712 ) ضعيف(2/440)
إِنَّ المُجْرِمِينَ الذِينَ يُعَانُونَ سُوء العَذَابِ ، فِي الآخِرَةِ ، كَانُوا فِي الدُّنْيَا يَسْخَرُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ الذِينَ أَكْرَمَهُم اللهُ فِي دَارِ كَرَامَتِهِ ، حِينَمَا كَانُوا فِي الدَّارِ الدُّنْيَا .
وَكَانُوا إِذَا مَرُّوا بِالمُؤْمِنِينَ يَسْخَرُونَ مِنْهُمْ وَيَتَغَامَزونَ عَلَيْهِمْ بِالعُيُونِ ، اسْتِهْزَاءً بِهِمْ .
وَإِذَا رَجَعُوا إِلَى جَمَاعَتِهِمْ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ والضَّلاَلِ ، رَجَعُوا مُعْجَبِينَ بِأَنْفُسِهِمْ لِمَا فَعَلُوهُ بِالمُؤْمِنِينَ مِنَ السُّخْرِيَةِ وَالإِيْذَاءِ .(2/441)
وَإِذَا رَأَى هَؤُلاَءِ المُجْرِمُونَ المُؤْمِنِينَ قَالُوا : إِنَّهُمْ ضَالُّونَ إِذْ بَدَّلُوا دِينَهُمْ ، وَتَرَكُوا مَا كَانَ يَعْبُدُ آباؤُهُمْ ، وَاتَّبَعُوا مُحَمَّداً وَدِينَهُ . وَاللهُ سُبْحَانَهُ لَمْ يُرْسِلِ الكُفَارَ رُقَبَاءَ عَلَى المُؤْمِنِينَ ، وَلَمْ يَعْهَدْ إِلَيْهِمْ بمُحَاسَبَتِهِمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ ، فَلاَ يَحقُّ لَهُمْ أَنْ يَعِيبُوا عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعْمَالَهُمْ .وَفِي يَوْمِ القِيَامَةِ الذِي يُكَرِّمُ فِيهِ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ ، وَيُخزِي الكَافِرِينَ المُجْرِمِينَ ، فَإِنَّ المُؤْمِنِينَ هُمُ الذِينَ يَضْحَكُونَ مِنَ الكُفَّارِ ، وَمَا صَارُوا إِلَيهِ مِنَ الخَزْيِ والذَّلِّ وَالعَذَابِ .وَيَكُونُ المُؤْمِنُونَ المَكَرَّمُونَ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ جَالِسِينَ عَلَى الأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ . لِيَرَوا إِنْ كَانَ هَؤُلاَءِ الكُفَّارُ قَدْ لَقُوا الجَزَاءَ الأَوْفَى ، الذِي يَسْتَحِقُّونَهُ عََلَى كُفْرِهِمْ وَأَعْمَالِهِم المُجْرِمَةِ ، فِي الحِيَاةِ الدُّنْيَا .وعن قتادة( فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ ) ذُكر لنا أن كعبا كان يقول: إن بين الجنة والنار كوى، فإذا أراد المؤمن أن ينظر إلى عدّو كان له في الدنيا، اطلع من بعض الكوى، قال الله جل ثناؤه:( فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ ) أي في وسط النار، وذُكر لنا أنه رأى جماجم القوم تغلي.وعن قتادة، قال كعب: إن بين أهل الجنة وبين أهل النار كوى، لا يشاء رجل من أهل الجنة أن ينظر إلى غيره من أهل النار إلا فعل.(2/442)
وعبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله:( فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الأرَائِكِ يَنْظُرُونَ ) كان ابن عباس يقول: السور بين أهل الجنة والنار، فيفتح لأهل الجنة أبواب، فينظرون وهم على السُّرر إلى أهل النار كيف يعذّبون، فيضحكون منهم، ويكون ذلك مما أقرّ الله به أعينهم، كيف ينتقم الله منهم.(1)
ـــــــــــــــ
خلود أهل النار فيها
قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (162) } [البقرة/161-162]
إِنَّ الذِينَ كَفَروا بِاللهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ، وَكَتَمُوا الحَقَّ وَلَمْ يُظْهِرُوهُ وَمَاتُوا وَهُمْ عَلَى تِلْكَ الحَالِ مِنَ الكُفْرِ وَالظُّلْمِ فَإِنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ لَعْنََةَ اللهِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، وَيَكُونُ مَصِيرُهُمْ فِي نَارِ جَهَنَّمَ لِيَخْلُدُوا فِيهَا أَبَداً .
وَيَبْقُونَ خَالِدينَ فِي هذِهِ الَّلعْنَةِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ ، وَتُصَاحِبُهُمُ الَّلعَنَةُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ، فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ شَيءٌ مِنَ العَذَابِ الذِي هُمْ فِيهِ ، وَلا يُغَيَّرُ عَنْهُمْ سَاعَة وَاحِدَة ، وَلا يُفَتَّرُ بَلْ يَكُونُ مُتَواصِلاً ، وَإِذا طَلَبُوا الإِمْهَالَ وَالتَّأْخِيرَ لَمْ يُجَابُوا إِليهِ .
__________
(1) - تفسير الطبري - (ج 24 / ص 304) فيه انقطاع(2/443)
وقال تعالى : { وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85) كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (86) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (87) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (88)} [آل عمران/85-88]
مَنِ ابْتَغَى دِيناً لاَ يَقُودُهُُ إلَى الإسْلاَمِ الكَامِلِ للهِ ، وَالخُضُوعِ التَّامِّ لَهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، فَلاَ يُقْبَلُ مِنْهُ هَذا الدِّينُ ، وَيَكُونُ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ ، لأنَّهُ يَكُونُ قَدْ سَلَكَ طَريقاً غَيْرَ مَا شَرَعَهُ اللهُ . وَجَاءَ فِي الصَّحِيحِ : " مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيهِ أمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ) .
أَسْلَمَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ ثُمَّ ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِالشِّرْكِ ، ثُمَّ نَدِمَ فَأَرْسَلَ إلَى قَوْمِهِ أنْ اسْأَلُوا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - هَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ وَمَا بَعْدَهَا فَعَادَ إلى الإِسْلاَمِ .(2/444)
فَالذِينَ يَرْتَدُّونَ عَنِ الإِسْلاَمِ بَعْدَ أنَ تَبَّينَ لَهُمْ هُدَاهُ ، وَقَامَتَ لَدَيْهِمِ البَرَاهِينُ عَلَى صِدْقِهِ ، وَصِدْقِ مَا جَاءَهُمْ بِهِ الرَّسُولُ ، كَيْفَ يَسْتَحِقُونَ الهِدَايَةَ؟ ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : إِنَّهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَالِمِينَ أنْفُسَهُمْ ، الجَانِينَ عَلَيهَا ، لأَنَّهُمْ تَنَكَّبُوا عَنِ الطَّرِيقِ القَوِيمِ ، وَتَرَكُوا هِدَايَةَ العَقْلِ ، بَعْدَ أنْ ظَهَرَ نُورُ النُّبُوَّةِ ، وَعَرَفُوهُ بِالبَيِّنَاتِ . وَهَؤُلاَءِ يَسْتَحِقُونَ سَخَطَ اللهِ وَغَضَبَهُ ، وَسَخَطَ المَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ جَمِيعاً ، إِذْ أَنَّهُمْ مَتَى عَرَفُوا حَقِيقَةَ حَالِهِمْ لَعَنُوهُمْ .
وَمَنْ لَعَنَهُمُ اللهُ تَعَالَى كَانَ جَزَاؤُهُمُ العَذَابَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ فِي الآخِرَةِ ، وَيَبْقَوْنَ خَالِدِينَ فِي اللَّعْنَةِ وَالعَذَابِ مَسْخُوطاً عَلَيْهِمْ إلَى الأبَدِ . وَلاَ يُفَتَّر عَنْهُمُ العَذَابُ ، وَلاَ يُخَفَّفُ سَاعَةً وَاحِدَةً ، وَلاَ يُمْهَلُونَ لِمَعْذِرَةٍ يَعْتَذِرُونَ بِهَا .
وقال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (169) }[النساء/168، 168](2/445)
يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى عَنْ حُكْمِهِ عَلَى الكَافِرِينَ بِكِتَابِهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - ، الظَّالِمِينَ أَنْفُسَهمْ بِذَلِكَ ، وَبِالصَّدِّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ، وَبِارْتِكَابِ المَآثِمِ ، وَانْتِهَاكِ مَحَارِمِ اللهِ ، بِأنَّهُمْ لاَ يَغْفِرُ اللهُ لَهُمْ ، وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً إلَى الخَيْرِ وَالرَّشَادِ ( طَرِيقاً ) . وَيُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى : أنَّهُ لَنْ يَهْدِيَهُمْ إلى طَرِيقٍ غَيْرِ الطَّرِيقِ التِي تُوصِلُهُمْ إلى جَهَنَّمَ ، لِيَبْقَوْا فِيهَا خَالِدِينَ أَبَداً ، وَذَلِكَ أَمْرٌ يَسِيرٌ عَلَى اللهِ .
وقال تعالى : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (128)} [الأنعام/128](2/446)
وَاذْكُرْ يَا مُحَمَّدُ ، فِيمَا تَقُصُّهُ عَلى هَؤُلاَءِ ، وَتُنْذِرُهُمْ بِهِ ، مَا يَجْرِي يَوْمَ القِيَامَةِ ، يَوْمَ يَحْشُرُ اللهُ الجِنَّ وَأَوْلِيَاءَهُمْ مِنَ الإِنْسِ الذِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَهُمْ فِي الدُّنْيا ، وَيَعُوذُونَ بِهِمْ ، إذْ يَقُولُ تَعَالَى لَهُمْ : يَا مَعْشَرَ الجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنْ إِغْوَاءِ الإِنْسِ وَإِضْلاَلِهِمْ ، فَأَوْرَدْتُمُوهُمُ النَّارَ . وَقَالَ أَوْلِيَاءُ الجِنِّ مِنَ الإِنْسِ يُجِيبُونَ اللهَ تَعَالَى : رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ ، بِمَا كَانَ لِلْجِنِّ مِنَ اللذَّةِ فِي إِغْوَائِنا بِالأَبَاطِيلِ ، وَأَهْوَاءِ الأَنْفُسِ وَشَهَوَاتِهَا ، وَبِمَا كَانَ لَنَا فِي طَاعَتِهِمْ وَوَسْوَسَتِهِمْ مِنَ المُتْعَةِ ، وَاتِّبَاعِ الهَوَى ، وَالانْغَمَاسِ فِي اللَّذَّاتِ ، وَبَلَغْنَا ، بَعْدَ اسْتِمْتَاعِ بَعْضِنَا بِبَعْضٍ ، إلَى الأَجَلِ الذِي قَدَّرْتَهُ لَنَا وَهُوَ المَوْتُ ( أَوْ هُوَ يَوْمَ البَعْثِ وَالنُّشُورِ ) .فَيَرُدُّ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ قَائِلاً : النَّارُ مَثْوَاكُمْ وَمَنْزِلُكُمْ ، أَنْتُمْ وَأَوْلِيَاؤُكُمْ ، مَاكِثِينَ فِيهَا سَرْمَداً ، إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللهُ أَنْ يُنْقِذَهُ ، وَاللهُ حَكِيمٌ فِي شَرْعِهِ وَقَدَرِهِ وَحُكْمِهِ ، عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُ النَّاسُ .
وقال تعالى : { الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67) وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (68) } [التوبة/67، 68](2/447)
إِنَّ أَهْلَ النِفَاقِ رِجَالاً وَنِسَاءاً ، يَتَشَابَهُونَ فِي صِفَاتِهِمْ وَأَخْلاَقِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ ، يَأْمُرُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً بِفِعْلِ المُنْكَرِ ، كَالكَذِبِ وَالخِيَانَةِ ، وَإِخْلافِ الوَعْدِ ، وَنَقْضِ العَهْدِ . . وَيَنْهَوْنَ عَنْ فِعْلِ الخَيْرِ وَالمَعْرُوفِ : كَالجِهَادِ ، وَبِذْلِ المَالِ فِي سَبِيلِ اللهِ ، وَيَضِنُّونَ بِالإِنْفَاقِ فِي وُجُوهِ البِرِّ وَالطَّاعَاتِ وَالإِحْسَانِ إِلَى عِبَادَةِ اللهِ . . وَقَدْ نَسُوا أَنْ يَتَقَرَّبُوا إِلَى اللهِ تَعَالَى بِفِعْلِ مَا أَمَرَ بِهِ ، وَتَرْكِ مَا نَهَى عَنْهُ ، وَاتَّبَعُوا خُطُواتِ الشَّيْطَانِ ، فَجَازَاهُمُ اللهُ عَلَى ذَلِكَ بِحِرْمَانِهِمْ مِنْ لُطْفِهِ وَتَوْفِيِقِهِ فِي الدُّنْيَا ، وَمِنَ الثَّوَابِ فِي الآخِرَةِ .وَالمُنَافِقُونَ هُمْ أَكْثَرُ النَّاسِ فُسُوقاً ، وَخُرُوجاً عَنْ طَاعَةِ اللهِ ، وَانْسِلاَخاً مِنَ الفَضَائِلِ الفِطْريَّةِ السَّلِيمَةِ .
وَقَدَ أَعَدَّ اللهُ تَعَالَى لِلْمُنَافِقِينَ وَالمُنَافِقَاتِ وَالكُفَّارِ نَارَ جَهَنَّمَ ، وَوَعَدَهُمْ بِهَا عَلَى سُوْءِ صَنِيعِهِمْ الذِي ذَكَرَهُ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ، وَسَيَمْكُثُونَ فِيهَا مُخَلَّدِينَ أَبَداً ، وَلَهُمْ فِيهَا مِنَ الجَزَاءِ وَالعَذَابِ مَا يَكْفِيهِمْ ( حَسْبُهُمْ ) ، وَلَعَنَهُمْ اللهُ ، وَطَرَدَهُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ ، وَلَهُمْ عَذَابُ مُقِيمٌ دَائِمٌ غَيْرَ عَذَابِ جَهَنَّمَ : كَالسَّمُومِ يَلْفَحَ وَجوهَهُمْ ، وَالحَمِيمِ يَصْهَرُ مَا فِي بُطُونِهِمْ .
وقال تعالى : { فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107)} [هود/106، 107](2/448)
أَمَّا الأَشْقِيَاءُ ، الذِينَ شَقُوا بِمَا يَنْتَظِرُهُمْ مِنَ العَذَابِ بِسَبَبِ أَعْمَالِهِمِ السَّيِّئَةِ فِي الدُّنْيا ، فَيَصِيرُونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ ، وَتَضِيقُ صُدُورُهُمْ بِثِقْلِ العَذَابِ ، فَيُصْبِحُ تَنَفُّسُهُمْ زَفِيراً ، وَأَخْذُهُمُ النَّفَسَ شَهِيقاً .
وَيَبْقُونَ فِي النَّارِ خَالِدِينَ ، مَا دَامَتْ هُنَاكَ سَمَاوَاتٌ تُظِلُّ المَخْلُوقَاتِ ، وَأَرْضٌ يَقِفُونَ عَلَيها ، إِلاَّ مَا شَاءَ اللهُ ، إِذْ يُخْرِجُ اللهُ مِنَ النَّارِ بِرَحْمَتِهِ العُصَاةَ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ ، ثُمَّ يَمْتَنُّ عَلَى الآخَرِينَ فَيُخْرِجُ مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِقْدَارُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ ، وَهُوَ القَادِرُ والفَعَّالُ لِمَا يُرِيدُ .
وقال تعالى : { الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (29) }[النحل/28، 29](2/449)
يُبَيِّنُ اللهُ تَعَالَى أَنَّ الكَافِرِينَ ، الذِينَ يَسْتَحِقُونَ العَذَابَ ، هُمُ الذِينَ اسْتَمَرُّوا عَلَى كُفْرِهِمْ إِلَى أَنْ جَاءَتْهُمْ مَلاَئِكَةُ المَوْتِ لِقَبْضِ أَرْوَاحِهِمْ هَؤُلاَءِ الظَّالِمِينَ أَنْفُسَهُمْ بِتَعْرِيضِهَا لِلْعَذَابِ المُخَلَّدِ بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ ، يَسْتَسْلِمُونَ حِينَئِذٍ ، وَيَنْقَادُونَ حِينَ يُعَايِنُونَ العَذَابَ قَائِلِينَ : مَا كُنَّا نُشْرِكُ بِرَبِّنَا أَحَداً ، وَهُمْ كَاذِبُونَ فِي قَوْلِهِمْ هَذَا . وَيُكَذِّبُهُمْ تَعَالَى فِيمَا يَقُولُونَ وَيَقُولُ لَهُمْ : بَلْ كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ وَتُشْرِكُونَ وَتَرْتَكِبُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ ، فَلاَ فَائِدَةَ اليَوْمَ مِنَ الإِنْكَارِ ، وَاللهُ مُجَازِيكُمْ بِأَفْعَالِكُمْ .
وَيَأْمُرُهُمُ اللهُ بِدُخُولِ أَبْوَابِ جَهَنَّمَ لِيَبْقَوْا فِيهَا ، وَلْيَذُوقُوا أَلْوَاناً مِنَ العَذَابِ ، جَزَاءً لَهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَارْتَكَبُوا مِنَ المَعَاصِي ، وَلَبِئْسَ جَهَنَّمَ مَقِيلاً وَمَقَاماً لِلذِينَ يَتَكَبَّرُونَ عَنِ اتِّبَاعِ الرُّسُلِ ، وَالاهْتِدَاءِ بِالآيَاتِ التِي أُنْزِلَتْ إِلَيْهِمْ .
وقال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (64) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (65) } [الأحزاب/64-65]
إِنَّ اللهَ تَعَالى لَعَنَ الكَافِرِينَ ، وَأَبْعَدَهُمْ مِنْ كُلِّ خيرٍ ، وَطَرَدَهُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ ، وَأَعدّ لَهُم فِي الآخِرَةِ نَاراً تَتَّقِدُ وَتَتَسَعَّرُ . وَيَبْقَوْنَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ أَبَداً ، لا يَحُولُونَ عَنْهَا وَلاَ يَزُولُونَ ، وَلا يَجِدُونَ لَهُم نَاصِراً مِنْ بَأْسِ اللهَ وَعَذَابِِهِ .(2/450)
وقال تعالى : { وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72) } [الزمر/71-72]
وَيُسَاقُ الذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ جَمَاعَاتٍ ( زُمَراً ) سَوْقاً عَنِيفاً بِزَجْرٍ وَتَهْدِيدٍ ، وَحِينَمَا يَصِلُونَ إِلَيها ، تَفْتَحُ لَهُمْ جَهَنَّمُ أَبُوَابَهَا ، وَيَقُولُ لَهُمْ حُرَاسُ جَهَنَّمَ ( خَزَنَتُهَا ) : أَلَمْ يَأْتِكُم فِي الدُّنْيَا رُسُلٌ مِن جِنْسِكُمْ يُحَذِّرُونَكُمْ مِنَ هَوْلِ هَذَا اليَوْمِ؟ فَيُجِيبُونَ مَعْتَرِفِينَ ، وَيَقُولُونَ : نَعَمْ لَقَدْ جَاءَهُمْ رُسُلٌ مِنْ رَبِّهِمْ ، وَدَعَوْهُم إِلَى الإِيْمَانِ بِاللهِ والإِقْلاَعِ عَنِ الكُفْرِ . . وََلَكِنَّهُمْ كَذَّبُوا الرُّسُلَ ، وَخَالَفُوهُمْ ، وَاسْتَهْزَؤُوا بِهِمْ لِمَا سََبَقَ لَهُمْ مِنَ الشَّقَاوَةِ والضَّلاَلَةِ ، فَعَدَلُوا بِسُوءِ اخْتِيَارِهِمْ عَنِ الحَقِّ إِلَى البَاطِلِ فَاسْتَحَقُّوا هَذَا المَصِيرَ . وَحِينَئِذٍ يَقُولُ لَهُمْ خَزَنَةُ جَهَنَّمَ : ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ لِتَبْقَوْا فِيهَا خَالِدِينَ أَبداً ، وَبِئْسَتْ جَهَنَّمُ مَصِيراً وَمَقِيلاً لِمَنْ كَانُوا يَتَكَبَّرُونَ فِي الدُّنْيَا بِغَيِرِ حَقٍّ ، وَيَرْفضُونَ اتِّبَاعَ الحَقِّ ، فَبِئْسَ الحَالُ ، وَبِئْسَ المَآلُ .(2/451)
وقال تعالى : { كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16) فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (17)} [الحشر/16-17]
وَمَثَلُ هَؤُلاَءِ المُنَافِقِينَ الذِينَ وَعَدُوا اليَهُودَ بِالنُّصْرَةِ إِنْ قُوتِلُوا وَبِالخُرُوجِ مَعَهُمْ إِنْ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ ، كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ الذِي غَرَّ الإِنْسَانَ ، وَوَعَدَهُ بِالنَّصْرِ عِنْدَ الحَاجَةِ إِلَيهِ ، إِذَا أَطَاعَهُ وَكَفَرَ بِاللهِ ، فَلَمَّا احْتَاجَ الإِنْسَانُ إِليهِ ، وَطَلَبَ مِنْهُ النُّصْرَةَ ، تَبَرَّأَ الشَّيْطَانُ مِنْهُ ، وَخَذَلَهُ وَتَرَكَهُ لِمَصْيرِهِ ، وَقَالَ لَهُ : إِنِّي أَخَافُ اللهَ إِنْ نَصْرْتُكَ أَنْ يُشْرِكَنِي رَبُّ العَالَمِينَ مَعَكَ فِي العَذَابِ . فَكَانَ عَاقِبَةَ الأَمْرِ بِالكُفْرِ أَنْ صَارَ الشَّيْطَانُ وَمَنْ أَغْرَاهُ بِالكُفْرِ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ ، جَزَاءُ كُلِّ مَنْ ظَلَمَ نَفْسَهُ بِالكُفْرِ وَالفُسُوقِ وَالعِصْيَانِ
وقال تعالى { وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37)} [فاطر/36-37](2/452)
أَمَّا الذِينَ كَفَرُوا بِاللهِ ، وَجَحَدُوا بِآيَاتِهِ ، وَكَذَّبُوا رُسُلَهُ ، فَعِقَابُهُمْ سَيَكُونُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ، لاَ يُحْكَمُ عَلَيْهِمْ فِيها بِمَوتٍ فَيَسْتَرِيحُوا مِنَ العَذابِ وَالآلاَمِ ، وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ العَذابُ وَلا يُفَتَّرُ . وَكُلَّما خَبَتْ نَارُ جَهَنَّمَ زَادَهَا اللهُ سَعِيراً ، لِيَسْتَمِرَّ عَذَابُهُم شَدِيداً أليماً . وَمِثْلُ هذا الجَزاءِ يَجْزِي اللهُ بِهِ كُلَّ كَافِرٍ بِاللهِ ، جَاحِدٍ بِأَنْعُمِهِ ، مُكَذِّبٍ لِرُسُلِهِ ،وَفِي النَّارِ يَذُوقُ الكَافِرُونَ المُجْرِمُونَ حَرَّ النَّارِ وَلَهيبَها ، فَيَأْخَذُونَ فِي الاسْتِغَاثَةِ والاصْطِرَاخِ والضَّجِيجِ وَيَقُولونَ : رَبَّنا أَخْرِجْنا مِن النَّارِ ، وَأَعِدْنا إلى الدُّنيا ، لِنَعْمَلَ صَالِحاً ، وَنَتَّبعَ الرُّسُلَ ، وَنُقْلِعَ عَمَّا كُنَّا فِيهِ مِنَ الكُفْرِ وَالمَعَاصِي وَالإِجْرَامِ . وَلكِنَّ الله تَعَالى يَعْلَمُ أَنَّهُمْ إِنْ عَادُوا إِلى الدًُّنيا عَادُوا إِلى ما كَانُوا عَلَيهِ مِنَ الكُفْرِ وَالمَعَاصِي ، وَلِذَلِكَ يَرُدُّ عَلَيهِمْ قَائِلاً وَمُقَرِّعاً ( أَوْ تَرُدُّ عَلَيهِمُ المَلائِكَةُ بِأَمْرِ اللهِ تَعَالى ) : أَلَمْ نَجْعَلْكُمْ تَعِيشُونَ فِي الدُّنيا أَعْماراً؟ وَلَوْ كُنْتُم مِمَّنْ يَنْتَفِعُونَ بِالحَقِّ لانْتَفَعْتُمْ بِهِ مَدَّةَ عُمْركُمْ في الدُّنيا .(2/453)
وَجَاءَكُمُ الرَّسُولُ وَمَعَهُ كِتَابٌ يُنْذِرُكُمْ بِالعِقَابِ إِنْ خَالَفْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ ، وَتَرَكْتُمْ طَاعَتَهُ ، فَلَمْ تَعْتَبِرُوا ، وَلَمْ تَتَّعِظُوا ، وَلِذلِكَ فَلاَ سَبيلَ لَكُمْ إِلى الخُرُوجِ مِمَّا أَنْتُم فِيهِ مِنَ العَذَابِ ، فَذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ عِقَاباً لَكُمْ عَلَى كُفْرِكُمْ ومُخَالَفَتِكُمْ الأَنْبِياءَ ، وَلَنْ تَجِدُوا لَكُمْ نَاصِراً يَنْصُرُكُمْ مِنْ بأسِ اللهِ ، وَلاَ مُنْقِذاً يُنْقِذُكُمْ مِمّا أَنْتُمْ فِيهِ مِنَ العَذابِ .
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « يُقَالُ لأَهْلِ الْجَنَّةِ خُلُودٌ لاَ مَوْتَ . وَلأَهْلِ النَّارِ يَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ لاَ مَوْتَ »(1).
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِذَا صَارَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِى الْجَنَّةِ وَأَهْلُ النَّارِ فِى النَّارِ جِىءَ بِالْمَوْتِ حَتَّى يُوقَفَ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ثُمَّ يُذْبَحُ ثُمَّ يُنَادِى مُنَادٍ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ لاَ مَوْتَ يَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ لاَ مَوْتَ فَازْدَادَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَرَحاً إِلَى فَرَحِهِمْ وَازْدَادَ أَهْلُ النَّارِ حُزْناً إِلَى حُزْنِهِمْ »(2).
__________
(1) - صحيح البخارى (6545 )
(2) - مسند أحمد(6136) صحيح(2/454)
وعن أبي سعيد، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "يُجاءُ بالمَوْتِ يَوْمَ القِيامَةِ فَيُوقَفُ بينَ الجَنَّةِ والنَّار كأنَّه كَبْشٌ أمْلَح،ُ قال: فَيُقَالُ: يا أهْلَ الجَنَّةِ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا ؟ فَيَشْرئِبُّونَ وَيَنْظُرُون، فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا المَوْتُ، فَيُقَالُ: يا أهْلَ النَّارِ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَشْرئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، فيقُولُونَ نَعَمْ هَذَا المَوْتُ ، ثُمَّ يُؤْمَرُ بِهِ فَيُذْبَحُ، قال: فَيَقُول: يا أهْلَ الجَنَّةِ خُلُودٌ فَلا مَوْتَ، وَيَا أهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فلا مَوْتَ ، قال: ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ) وأشار بيده في الدنيا".(1)
وعن أبي هريرة، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في هذه الآية( وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ ) قال: "يُنَادَى: يَا أهْلَ الجَنَّةِ، فَيَشْرَئِبُونَ، فَيَنْظُرُونَ، ثُمَّ يُنَادَى: يا أهْلَ النَّار فَيَشْرَئِبُّونَ فَيَنْظُرُونَ، فَيُقالُ: هَلْ تَعْرِفُونَ المَوْتَ ؟ قال: فَيَقُولُونَ: لا قال: فَيُجَاءُ بِالمَوْتِ فِي صُورَةِ كَبْشٍ أمْلَحَ، فيُقالُ: هَذَا المَوْتُ، ثُمَّ يُؤْخَذُ فَيُذْبَحُ، قالَ: ثُمَّ يُنَادِي يا أهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلا مَوْتَ، وَيَا أهْلَ الجَنَّةِ خُلُودٌ فلا مَوْتَ"، قال: ثم قرأ( وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ ).(2)
__________
(1) - تفسير الطبري - (ج 18 / ص 201) صحيح
(2) - تفسير الطبري - (ج 18 / ص 202) صحيح(2/455)
وقال ابن عباس، في قوله( وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ ) قال: يصور الله الموت في صورة كبش أملح، فيذبح، قال: فييأس أهل النار من الموت، فلا يرجونه، فتأخذهم الحسرة من أجل الخلود في النار، وفيها أيضًا الفزع الأكبر، ويأمل أهل الجنة الموت، فلا يخشونه، وأمنوا الموت ، وهو الفزع الأكبر، لأنهم يخلدون في الجنة،(1)
- - - - - - - - - - - - - - -
أهم المصادر والمراجع
1. تفسير الطبري الشاملة 2 + موقع التفاسير
2. تفسير ابن كثير الشاملة 2 + موقع التفاسير
3. الجامع لأحكام القرآن للقرطبي الشاملة 2 + موقع التفاسير
4. تفسير الألوسي الشاملة 2 + موقع التفاسير
5. زهرة التفاسير أبو زهرة – الشاملة 2
6. محاسن التأويل تفسير القاسمي - المطبوع
7. أيسر التفاسير لأسعد حومد الشاملة 2 + موقع التفاسير
8. التفسير الميسر الشاملة 2 + موقع التفاسير
9. تفسير السعدي الشاملة 2 + موقع التفاسير
10. تفسير ابن أبي حاتم الشاملة 2 + موقع التفاسير
11. في ظلال القرآن الشاملة 2 + موقع التفاسير
12. الوسيط لسيد طنطاوي الشاملة 2 + موقع التفاسير
13. اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم ابن تيمية الشاملة 2 = دار عالم الكتب
14. شرح الطحاوية في العقيدة السلفية= الشاملة 2
15. الصارم المسلول ابن تيمية= الشاملة 2= دار ابن حزم - بيروت
16. منهاج السنة النبوية ابن تيمية= الشاملة 2 = محمد رشاد سالم
17. موطأ مالك المكنز
18. صحيح البخارى المكنز
19. صحيح مسلم المكنز
20. سنن أبى داود المطنز
21. سنن الترمذى المكنز
22. سنن النسائى المكنز
23. سنن ابن ماجه الكننز
24. مصنف عبد الرزاق المكتب الإسلامي + الشاملة 2
25. مصنف ابن أبي شيبة عوامة + الشاملة 2
26. مسند أحمد الكنز
27. مسند أحمد بن حنبل ( بأحكام شعيب الأرنؤوط) دار صادر
28. أخبار مكة للأزرقي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
__________
(1) - تفسير الطبري - (ج 18 / ص 202) حسن لغيره(2/456)
29. الإبانة الكبرى لابن بطة الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
30. الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
31. السنن الكبرى للإمام النسائي الرسالة +الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
32. المستدرك للحاكم دار المعرفة + الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
33. المعجم الكبير للطبراني الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
34. المعجم الأوسط للطبراني الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
35. المعجم الصغير للطبراني الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
36. تفسير ابن أبي حاتم الشمالة 2 + موقع التفاسير + جامع الحديث النبوي
37. تهذيب الآثار للطبري الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
38. دلائل النبوة للبيهقي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
39. السنن الكبرى للبيهقي المكنز + الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
40. شعب الإيمان للبيهقي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
41. غاية المقصد فى زوائد المسند للهيثمي الشاملة 2
42. التَّرْغِيبُ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ وَثَوَابُ ذَلِكَ لِابْنِ شَاهِين الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
43. المسند للشاشي الشاملة 2
44. سنن الدارمى المكنز + الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
45. مسند أبي عوانة الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
46. مسند إسحاق بن راهويه الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
47. مسند البزار 1-14كاملا الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
48. مسند أبي يعلى الموصلي ت حسين الأسد دار المأمون + الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
49. مسند الحميدى المكنز + الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
50. مسند الروياني الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
51. مسند السراج الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
52. سنن الدارقطنى المكنز + الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
53. صحيح ابن حبان مؤسسة الرسالة + الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
54. صحيح ابن خزيمة الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي(2/457)
55. مسند الشاميين للطبراني الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
56. مسند الشهاب القضاعي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
57. مسند الطيالسي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
58. مسند عبد بن حميد الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
59. مسند الشافعي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
60. المنتقى من السنن المسندة لابن الجارود الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
61. معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
62. موسوعة السنة النبوية – للمؤلف مخطوط
63. الأحاديث المختارة للضياء +الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
64. مجمع الزوائد + دار المعرفة + الشاملة 2
65. اتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
66. المسند الجامع مؤسسة الرسالة + الشاملة 2
67. جامع الأصول لابن الأثير ت – عبد القادر الأرناؤوط + الشاملة 2
68. المسند المستخرج على صحيح الإمام مسلم الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
69. الترغيب والترهيب للمنري+ الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
70. حديث خيثمة الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
71. أخبار أصبهان الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
72. أمالي ابن بشران الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
73. الآداب للبيهقي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
74. الأدب المفرد للبخاري الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
75. الأسماء والصفات للبيهقي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
76. الأمثال للرامهرمزي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
77. الاعتقاد للبيهقي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
78. صفة الجنة لأبي نعيم الشاملة 2+ جامع الحديث النبوي
79. صِفَةُ الْجَنَّةِ لِابْنِ أَبِي الدُّنْيَا الشاملة 2+ جامع الحديث النبوي
80. البعث والنشور للبيهقي الشاملة 2+ جامع الحديث النبوي
81. البعث لابن أبي داود السجستاني الشاملة 2+ جامع الحديث النبوي
82. الدعاء للطبراني الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي(2/458)
83. الدعاء للمحاملي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
84. الدعوات الكبير للبيهقي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
85. الزهد الكبير للبيهقي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
86. الزهد لأبي حاتم الرازي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
87. الزهد لأحمد بن حنبل الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
88. الزهد لابن أبي عاصم الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
89. الزهد لهناد بن السري الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
90. الزهد والرقائق لابن المبارك الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
91. الزهد وصفة الزاهدين لأحمد بن بشر الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
92. السنة لأبي بكر بن الخلال الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
93. السنة لابن أبي عاصم الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
94. السنة لعبد الله بن أحمد الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
95. السنة لمحمد بن نصر المروزي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
96. تعظيم قدر الصلاة لمحمد بن نصر المروزي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
97. جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
98. خَلْقُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ لِلْبُخَارِيِّ الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
99. طبقات المحدثين بأصبهان لأبي الشيخ الأصبهاني الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
100. فضائل الصحابة لأحمد الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
101. فضائل القرآن لمحمد بن الضريس الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
102. فوائد تمام الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
103. معجم الصحابة لابن قانع الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
104. قصر الأمل لابن أبي الدنيا الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
105. المقاصد الحسنة للسخاوي الشاملة 2
106. كشف الخفاء للعجلوني الشاملة 2
107. نظم المتناثر للكتاني الشاملة 2
108. روضة المحدثين الشاملة 2
109. تخريج أحاديث الإحياء للعراقي الشاملة 2
110. تغليق التعليق لابن حجر الشاملة 2(2/459)
111. إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل للألباني الشاملة 2
112. إتحاف السادة المتقين للزبيدي دار الفكر
113. تاريخ ابن معين رواية الدوري الشاملة 2
114. تاريخ معرفة الثقات لابن شاهين الشاملة 2
115. مشاهير علماء الأمصار ابن حبان الشاملة 2
116. تحفة المحتاج في تخريج أحاديث المنهاج لابن الملقن + الشاملة 2
117. البدر المنير لابن الملقن + الشاملة 2
118. السلسلة الضعيفة للألباني + الشاملة 2 + المكتب الإسلامي
119. السلسلة الصحيحة للألباني+ الشاملة 2 + المكتب الإسلامي
120. رياض الصالحين ت الألباني+ الشاملة 2 + المكتب الإسلامي
121. مشكاة المصابيح ت الألباني + الشاملة 2 + المكتب الإسلامي
122. صحيح الترغيب والترهيب + الشاملة 2 + المكتب الإسلامي
123. صحيح وضعيف سنن أبي داود الشاملة 2 + المكتب الإسلامي
124. صحيح وضعيف سنن الترمذي الشاملة 2 + المكتب الإسلامي
125. صحيح وضعيف سنن النسائي الشاملة 2 + المكتب الإسلامي
126. صحيح وضعيف سنن ابن ماجة الشاملة 2 + المكتب الإسلامي
127. صحيح وضعيف الجامع الصغير الشاملة 2 + المكتب الإسلامي
128. الجامع الصغير وزيادته الشاملة 2 + المكتب الإسلامي
129. علل الدارقطني الشاملة 2
130. تاريخ جرجان للسهمي الشاملة 2
131. موسوعة أقوال الإمام أحمد في الجرح والتعديل الشاملة 2
132. موسوعة أقوال الدارقطني الشاملة 2
133. التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد لابن عبد البر الشاملة 2
134. فتح الباري لابن حجر الشاملة 2 + موقع الإسلام
135. فتح الباري لابن رجب الشاملة 2
136. شرح البخاري ابن بطال الشاملة 2
137. شرح النووي على مسلم الشاملة 2 + موقع الإسلام
138. عون المعبود للآبادي الشاملة 2 + موقع الإسلام
139. تحفة الأحوذي المباركفوي الشاملة 2 + موقع الإسلام
140. تأويل مختلف الحديث ابن قتيبة الشاملة 2
141. شُكْرُ اللَّهِ عَلَى نِعَمِهِ لِلْخَرَائِطِيِّ الشاملة 2(2/460)
142. شرح الأربعين النووية في الأحاديث الصحيحة النبوية الشاملة 2
143. فيض القدير،شرح الجامع الصغير الشاملة 2
144. التيسير بشرح الجامع الصغير ـ للمناوى الشاملة 2
145. جامع العلوم والحكم الشاملة 2 + تحقيق الفحل
146. حاشية ابن القيم على سنن أبي داود الشاملة 2+ موقع الإسلام
147. تيسير العلام شرح عمدة الحكام- للبسام الشاملة 2
148. مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح الشاملة 2
149. دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين الشاملة 2
150. شرح بلوغ المرام للشيخ عطية محمد سالم الشاملة 2
151. التحفة الربانية شرح الأربعين النووية الشاملة 2
152. شرح رياض الصالحين لابن عثيمين الشاملة 2
153. فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين الشاملة 2
154. مجموع فتاوى ابن تيمية الشاملة 2 + دار الباز
155. الفتاوى الكبرى لابن تيمية الشاملة 2 + موقع الإسلام
156. جواهر الإكليل شرح مختصر خليل الشاملة 2 + موقع الإسلام
157. حاشية الجمل الشاملة 2 + موقع الإسلام
158. القوانين الفقهية لابن جزي الشاملة 2
159. فتاوى الأزهر الشاملة 2
160. الموسوعة الفقهية الكويتية الشاملة 2 + موقع الإسلام + دار السلاسل
161. فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الشاملة 2
162. مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين الشاملة 2
163. فتاوى السبكي الشاملة 2
164. فتاوى الرملي الشاملة 2
165. الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيتمي الشاملة 2 + موقع الإسلام
166. شرح سنن أبي داود ـ عبد المحسن العباد الشاملة 2
167. لقاءات الباب المفتوح الشاملة 2
168. دروس وفتاوى الحرم المدني الشاملة 2
169. فتاوى من موقع الإسلام اليوم الشاملة 2
170. فتاوى الإسلام سؤال وجواب الشاملة 2
171. فتاوى يسألونك الشاملة 2
172. مجموع فتاوى ومقالات ابن باز الشاملة 2
173. مختصر الفتاوى المصرية لابن تيمية الشاملة 2
174. فتاوى الإسلام سؤال وجواب الشاملة 2(2/461)
175. فتاوى واستشارات الإسلام اليوم الشاملة 2
176. فتاوى الشبكة الإسلامية معدلة الشاملة 2
177. الفقه الإسلامي وأدلته الزحيلي الشاملة 2 + دار الفكر
178. الدرر السنية في الأجوبة النجدية – الرقمية الشاملة 2
179. إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام الشاملة 2
180. طرح التثريب الشاملة 2 + موقع الإسلام
181. فتاوى الرملي الشاملة 2
182. نيل الأوطار الشاملة 2 + موقع افسلام
183. طرح التثريب الشاملة 2 + موقع الإسلام
184. فتاوى الرملي الشاملة 2
185. نيل الأوطار الشاملة 2 + موقع الإسلام
186. السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار – الرقمية الشاملة 2
187. المحلى لابن حزم الشاملة 2
188. حاشية رد المحتار الشاملة 2 + موقع الإسلام
189. تكملة حاشية رد المحتار الشاملة 2 + موقع الإسلام
190. المبسوط للسخسي الشاملة 2 + موقع الإسلام
191. الهداية للمرغياني الشاملة 2
192. بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع الشاملة 2 + موقع الإسلام
193. تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق الشاملة 2 + موقع الإسلام
194. فتح القدير لابن الهمام الشاملة 2 + موقع الإسلام
195. البحر الرائق شرح كنز الدقائق الشاملة 2 + موقع الإسلام
196. مراقي الفلاح وحاشية الطحطاوي عليه الشاملة 2
197. رد المحتار على الدر المختار الشاملة 2
198. المحيط البرهاني للإمام برهان الدين ابن مازة الشاملة 2
199. حاشية الطحاوي على المراقي الشاملة 2
200. الشرح الكبير للشيخ الدردير الشاملة 2 + موقع الإسلام
201. الشرح الصغير الشاملة 2
202. التاج والإكليل لمختصر خليل الشاملة 2 + موقع الإسلام
203. مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل الشاملة 2 + موقع الإسلام
204. شرح الزرقاني على مختصر خليل الشاملة 2
205. الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني الشاملة 2 + موقع الإسلام
206. منح الجليل شرح مختصر خليل الشاملة 2 + موقع الإسلام(2/462)
207. التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة القرطبي الشاملة 2
208. بداية المجتهد ونهاية المقتصد الشاملة 2
209. روضة الطالبين وعمدة المفتين الشاملة 2
210. المهذب في فقه الإمام الشافعي للشيرازي الشاملة 2
211. المجموع شرح المهذب للنووي الشاملة 2 + موقع الإسلام
212. أسنى المطالب بشرح روض الطالب الشاملة 2 + موقع الإسلام
213. شرح البهجة الوردية الشاملة 2 + موقع الإسلام
214. حاشيتا قليوبي – وعميرة الشاملة 2 + موقع الإسلام
215. تحفة المحتاج في شرح المنهاج الشاملة 2 + موقع الإسلام
216. مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج الشاملة 2 + موقع الإسلام
217. نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج الشاملة 2 + موقع الإسلام
218. حاشية البجيرمي على الخطيب الشاملة 2 + موقع الإسلام
219. حاشية البجيرمي على المنهج الشاملة 2 + موقع الإسلام
220. الأم للشافعي الشاملة 2 + موقع الإسلام
221. الرسالة للشافعي الشاملة 2
222. الحاوي في فقه الشافعي – الماوردي الشاملة 2
223. دليل المحتاج شرح المنهاج للإمام النووي الشاملة 2
224. الشرح الكبير لابن قدامة الشاملة 2
225. الفروع لابن مفلح الشاملة 2 + موقع الإسلام
226. الإنصاف الشاملة 2 + موقع الإسلام
227. شرح منتهى الإرادات الشاملة 2 + موقع الإسلام
228. كشاف القناع عن متن الإقناع الشاملة 2 + موقع الإسلام
229. مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى الشاملة 2 + موقع الإسلام
230. المغني لابن قدامة الشاملة 2 + موقع الإسلام
231. المبدع شرح المقنع الشاملة 2
232. الروض المربع بحاشية العنقري على زاد المستنقع الشاملة 2
233. زاد المستقنع في اختصار المقنع الشاملة 2
234. منار السبيل شرح الدليل الشاملة 2
235. شرح زاد المستقنع لابن عثيمين الشاملة 2
236. الشرح الممتع على زاد المستقنع الشاملة 2
237. أصول السرخسي الشاملة 2
238. الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم الشاملة 2(2/463)
239. الإحكام في أصول الأحكام للآمدي الشاملة 2
240. المحصول للرازي الشاملة 2
241. المستصفى للغزالي الشاملة 2 + موقع الإسلام
242. تهذيب الفروق والقواعد السنية فى الأسرار الفقهية الشاملة 2
243. أنوار البروق في أنواع الفروق الشاملة 2 + موقع الإسلام
244. كشف الأسرار للبزدوي الشاملة 2
245. إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن القيم الشاملة 2 + موقع الإسلام
246. البحر المحيط للزركشي الشاملة 2 + موقع الإسلام
247. التقرير والتحبير لابن أمير الحاج الشاملة 2 + موقع الإسلام
248. شرح الكوكب المنير للفتوحي الشاملة 2 + موقع الإسلام
249. حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع الشاملة 2 + موقع الإسلام
250. الفصول في الأصول للرازي الشاملة 2 + موقع الإسلام
251. التلخيص فى أصول الفقه / لإمام الحرمين الشاملة 2
252. من أصول الفقه على منهج أهل الحديث – الرقمية الشاملة 2
253. الأصول من علم الأصول – الرقمية الشاملة 2
254. البرهان في أصول الفقه – الرقمية الشاملة 2
255. تلقيح الافهام العلية بشرح القواعد الفقهية الشاملة 2
256. بحوث في علم أصول الفقه الشاملة 2 الكردي
257. إرشاد الفحول لتحقيق الحق من علم الأصول الشاملة 2
258. الأصول من علم الأصول الشاملة 2 + موقع الإسلام
259. التقرير والتحبير الشاملة 2 + موقع الإسلام
260. المسودة في أصول الفقه الشاملة 2
261. معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة الشاملة 2
262. نهاية السول شرح منهاج الوصول الشاملة 2
263. إحياء علوم الدين دار الفكر + الشاملة 2
264. حلية الأولياء لأبي نعيم الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
265. الأذكار للنووي الشاملة 2
266. أدب الدنيا والدين الماوردي الشاملة 2 + موقع الإسلام
267. المدخل لابن الحاج الشاملة 2 + موقع الإسلام
268. الآداب الشرعية لابن مفلح الشاملة 2 + موقع الإسلام(2/464)
269. الزواجر عن اقتراف الكبائر لابن حجر المكي الشاملة 2 + موقع الإسلام
270. بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية الشاملة 2 + موقع الإسلام
271. غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب السفاريني الشاملة 2 + موقع الإسلام
272. رياض الصالحين للنووي –ت الألباني – الفحل
273. لواقح الأنوار القدسية في بيان العهود المحمدية للشعراني الشاملة 2
274. مقدمة ابن الصلاح الشاملة 2
275. الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث الشاملة 2
276. قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث الشاملة 2
277. الكفاية في علم الرواية الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
278. فتح المغيث بشرح ألفية الحديث السخاوي + الشاملة 2
279. توضيح الأفكار للصنعاني + الشاملة 2
280. قواعد في علوم الحديث للتهانوي ت أبو غدة + الشاملة 2
281. منهج النقد في علوم الحديث - دار الفكر – العتر + الشاملة 2
282. تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي + الشاملة 2
283. نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر + الشاملة 2
284. تيسير مصطلح الحديث الطحان + الشاملة 2
285. تحرير علوم الحديث لعبدالله الجديع + الشاملة 2
286. شرح شرح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر + الشاملة 2
287. النكت على ابن الصلاح لابن حجر + الشاملة 2
288. الشذا الفياح من علوم ابن الصلاح العراقي + الشاملة 2
289. شرح التبصرة والتذكرة العراقي + الشاملة 2 ت الفحل
290. توجيه النظر إلى أصول الأثر الجزائري+ الشاملة 2
291. التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النووي + الشاملة 2
292. الرفع والتكميل في الجرح والتعديل للكنوي + الشاملة 2 أبو غدة
293. زاد المعاد لابن القيم + الشاملة 2+ موقع الإسلام
294. الإصابة في معرفة الصحابة للحافظ ابن حجر + الشاملة 2
295. ثقات ابن حبان + الشاملة 2
296. المجروحين ابن حبان + الشاملة 2
297. التاريخ الكبير البخاري + الشاملة 2(2/465)
298. الطبقات الكبرى لابن سعد + الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
299. تذكرة الحفاظ للذهبي + الشاملة 2
300. ميزان الاعتدال للذهبي + الشاملة 2 دار المعرفة
301. تاريخ دمشق لابن عساكر + الشاملة 2 دار الفكر
302. الجرح والتعديل لابن أبي حاتم + الشاملة 2
303. الكامل لابن عدي + الشاملة 2
304. معرفة الثقات للعجلي + الشاملة 2
305. ضعفاء العقيلي + الشاملة 2
306. تهذيب الكمال للمزي+ الشاملة 2 ت عواد بشار مؤسسة الرسالة
307. الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة + الشاملة 2 ت عوامة
308. تقريب التهذيب لابن حجر + الشاملة 2
309. تهذيب التهذيب لابن حجر + الشاملة 2
310. تعجيل المنفعة لابن حجر + الشاملة 2
311. لسان الميزان للحافظ ابن حجر + الشاملة 2
312. سير أعلام النبلاء مؤسسة الرسالة + الشاملة 2
313. تاريخ بغداد للخطيب البغدادي + الشاملة 2
314. النهاية في غريب الأثر + الشاملة 2
315. تاج العروس للزبيدي + الشاملة 2
316. الكليات لأبي البقاء
317. الفروق في اللغة لأبي هلال العسكري
318. لسان العرب لابن منظور + الشاملة 2
319. المعجم الوسيط مجمع اللغة العربية + الشاملة 2
320. المصباح المنير الفيومي + الشاملة 2
321. معجم المؤلفين كحالة + الشاملة 2
322. تيسير العلام شرح عمدة الحكام لابن بسام + الشاملة 2
323. المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم للقرطبي + الشاملة 2
324. الحافظ ابن حجر ومنهجه في التقريب – للمؤلف
325. منهج دراسة الأسانيد والحكم عليها للعاني – الأردن
326. التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة الشاملة 2
327. الإِْيمَانُ لاِبْنِ تَيْمِيَّةَ الشاملة 2
328. َالأَْحْكَامُ السُّلْطَانِيَّةُ لأَِبِي يَعْلَى الْفَرَّاءِ الْحَنْبَلِيِّ بَيْرُوتُ
329. شرح الروض مع حاشية الرملي
330. الدفاع عن كتاب رياض الصالحين للمؤلف
الفهرس العام
تمهيد ... 4
الله تعالى لا ظلم أحدا ... 4
صفات أهل النار في القرآن الكريم ... 9(2/466)
الكافرون ... 9
الذي لا يؤمن بالله ولا يحض على طعام المسكين ... 14
آكلو أموال اليتامى ظلماً ... 15
كفار بني إسرائيل ... 16
تعمد قتل صيد البر للمحرم ... 18
تخاذ أولياء من دون الله ... 19
من ابتغى غير الإسلام ديناً ... 20
المتشبعون بما لم يعطوا ... 22
عدم قبول التوبة عند الموت واليأس من الحياة ... 24
الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ... 26
التفرق والاختلاف في الدين ... 28
مانعو بناء المساجد ... 33
المكذبون بآيات الله ... 36
من يشتري لهو الحديث ليصد عن سبيل الله ... 38
إيثار اتباع الآباء والأجداد على الدين ... 40
الذين جاءوا بالإفك ... 40
المروجون للفواحش بين المسلمين ... 45
قوم نوح عليه السلام ... 46
قوم هود عليه السلام ... 47
قوم النبي صالح عليه السلام ... 54
قوم النبي لوط عليه السلام ... 56
قوم النبي شعيب عليه السلام ... 57
من انعدمت حسناتهم ... 59
الخراصون ... 60
من يكتمون ما أنزل الله ... 61
المعتدون في القصاص ... 66
المرتد عن دينه ... 68
الذين يعبدون الطاغوت ... 74
أكلة الربا ... 78
المفترون على الله ... 82
قتلة الأنبياء والمرسلين ... 91
الظالمون ... 93
المنافقون ... 98
تعريف النفاق : ... 101
أَنْوَاعُ النِّفَاقِ : ... 102
اجْتِمَاعُ النِّفَاقِ وَالإِْيمَانِ : ... 102
عُقُوبَةُ الْمُنَافِقِ : ... 103
مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ عُقُوبَةُ الْمُنَافِقِ : ... 104
تَوْبَةُ الْمُنَافِقِ : ... 104
الْمَعْصِيَةُ لاَ تَدُل عَلَى النِّفَاقِ : ... 104
إِجْرَاءُ أَحْكَامِ الإِْسْلاَمِ الظَّاهِرَةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ : ... 104
أهمُّ صفاتُ المنافقينَ : ... 106
1- في قلوبهم مرض: ... 107
2- مُفسدون يزعمون الإصلاح: ... 107
3- سفهاء زائفون: ... 107
4- مخادعون متآمرون: ... 107
5- غادرون لا عهد لهم: ... 108
6- يتولّون الكافرين ويتنكّرون للمؤمنين: ... 108
7- يتربَّصون بالمؤمنين: ... 108
8- يفرحون لما يُصيب المؤمنين مِنْ سُوءٍ ومحنةٍ: ... 108
10- يتولّون يومَ الزَّحفِ: ... 109
11- يرفضون الحكم بما أنزل الله ويتحاكمون إلى الطاغوت: ... 109
12-الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف: ... 109(2/467)
13- التلون والتزلف والتملق: ... 109
14- تشويه الحقائق وتحريفها وبث الإشاعات: ... 110
15- دس الأفكار المنحرفة والمفاهيم الخاطئة: ... 110
16- إثارة روح الاختلاف والنزاعات بين العناصر الاسلامية: ... 110
17- إعطاء تصورات خاطئة أو مزيفة عن أعداء الاسلام المكشوفين: ... 110
18- التجسس وخدمة العدو الخارجي: ... 110
تولي الكفار والفجار دون المؤمنين ... 110
قتل النفس بغير حق ... 120
المشركون ... 122
الإِْشْرَاكُ : ... 124
الإِْشْرَاكُ بِاَللَّهِ تَعَالَى : ... 125
مَا يَكُونُ بِهِ الشِّرْكُ : ... 126
صِفَتُهُ ( حُكْمُهُ التَّكْلِيفِيُّ ) : ... 127
إِسْلاَمُ الْمُشْرِكِ : ... 127
نِكَاحُ الْمُشْرِكِ وَالْمُشْرِكَةِ : ... 128
الاِسْتِعَانَةُ بِالْمُشْرِكِينَ فِي الْجِهَادِ : ... 128
أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ : ... 129
إِعْطَاءُ الأَْمَانِ لِلْمُشْرِكِ : ... 130
صَيْدُ الْمُشْرِكِ وَذَبِيحَتُهُ : ... 130
عدم التناهي عن فعل المنكر ... 131
المحاربون لله ورسوله ... 133
الاستكبار في الأرض ... 137
أصحاب الأعمال السيئة ... 144
من كفر بالقرآن ... 147
فرعون ومن سار بركابه ... 149
الأشقياء ... 153
قساة القلوب ... 154
منكرو البعث ... 155
من وصف الله تعالى بوصف معيب ... 162
المجرمون ... 164
إيذاء المؤمنين بغير حق ... 171
الفاسقون ... 171
المسرفون ... 172
أعداء الله ... 173
الملحدون في آيات الله ... 175
الخيانة في الدين ... 175
من تأخذه العزة بالإثم ... 176
عدم اتباع منهج الله ... 178
من صد عن دين الله ... 180
قتل النفس عدوانا وظلماً ... 184
قتل المؤمن عمدا ... 186
من تركو الهجرة من بلاد الكفر وهم قادرون عليها ... 188
مشاققة الرسول ... 193
إبليس وأتباعه ... 195
من أغلق حواسه عم سماع كلمة الحق ... 197
الفرار من الزحف ... 198
كانزو الذهب والفضة ... 199
محاددة الله ورسوله ... 200
المتقاعسون عن الجهاد في سبيل الله مع قدرتهم ... 204
عدم الاستجابة لله وللرسول : ... 208
معصية الله والرسول ... 208
الذين أخرجوا الرسل من بلادهم ... 213
جاحدو نعم الله ... 215
الطاغون ... 217
المناجاة بالإثم والعدوان ... 220(2/468)
من فتن المؤمن عن دينه ... 221
من استحب الحياة الدنيا على الآخرة ... 224
أبو لهب وزوجه ... 229
جحود نعم الله ... 229
الجدال في آيات الله بالباطل ... 231
الاستهزاء بآيات الله ... 232
الذين لعنهم الله في القرآن الكريم ... 235
الذين كفروا من بني إسرائيل ... 235
من كتم الحق ... 236
من مات على الكفر ... 237
الكاذبون على الله ... 237
الكفر بعد الإيمان ... 239
الظالمون ... 241
المنافقون ... 244
لعن عاد ... 245
فرعون وملئه ... 246
ناقضو عهد الله ... 248
إبليس ... 248
الملاعن زوجته كذباً ... 249
الذين يؤذون الله ورسوله ... 250
المفسدون في الأرض ... 251
المغضوب عليهم في القرآن الكريم ... 253
بنو إسرائيل ... 253
الطغيان ... 254
الباب الثاني ... 256
موجبات دخول النار في السنة ... 256
من مات يشرك بالله شيئاً ... 256
من سمع به من أهل الكتاب ومات ولم يؤمن به ... 257
من أراد أخذ مال غيره بغير حق فقتل ... 257
من مات وهو يشرب الخمر ... 258
العاق لوالديه ... 259
الكذب ... 260
من ختم له بعمل سوء ... 261
من مات وهو لا يؤمن بالقدر ... 261
من أدرك رمضان ولم يغفر له ... 262
العبد الآبق ... 262
من هجر أخاه فوق ثلاث بغير حق ... 262
من اضطر إلى أكل الميتة فلم يأكل دخل النار حتى مات ... 263
من فارق الجماعة شبرا ... 263
من مات وهو يبغض أهل البيت ... 263
من عصى الرسول - صلى الله عليه وسلم - ... 264
الغاش لرعيته ... 264
من أراد إذلال الناس ... 265
من طلب العلم لأربع دخل النار ... 266
ترك الصلاة سكرا ... 266
قاضي الجور ... 267
من قتل على باطل ... 267
من زادت سيئاته على حسناته ... 268
من أنكر فضل الرسول - صلى الله عليه وسلم - ... 268
من كذب على الرسول - صلى الله عليه وسلم - متعمدا ... 269
من ذمه عامة الناس ... 270
خطباء السوء ... 270
من ينكرن العشير من النساء ... 271
الخوارج كلاب النار ... 273
الذي لا يبتلى في الدنيا ... 274
من مات منتحرا ... 274
من يؤذي جيرانه ... 276
الشَّدِيدُ عَلَى الْعُشَيْرَةِ وَالشَّدِيدُ عَلَى الصَّاحِبِ ... 276
المتكبرون ... 277
من أمر بالمعروف ولم يأته ... 278
أعوان الظلمة والمتبرجات ... 278
من قتل نبيا أو قتله نبي ... 279(2/469)
مدمن الخمر ومصدق بالسحر وقاطع الرحم ... 279
الزناة ... 280
آكل أموال الناس ... 282
الذين يفطرون قبل الوقت ... 283
أقوام عديدون من أهل النار ... 283
أهل الجد محبوسون ... 284
من أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات ... 284
النائحة إذا لم تتب ... 285
المخاصم في باطل ... 285
من قذف مؤمنا بغير حق ... 285
خمسة من أهل النار ... 286
القاتل والمقتول في النار ... 287
المصورون ... 287
ثلاثة لا يدخلون الجنة ... 287
من يسمع النداء ليوم الجمعة ولا يذهب بغير عذر ... 287
المنافق ... 288
أَبِي وَأَبَاكَ وَأَنْتَ فِي النَّارِ ... 288
الخلاف في أولاد المشركين ... 290
عمرو بن لحي ... 292
المنتسب لعشرة آباء في الجاهلية ... 293
من كذب على الرسول - صلى الله عليه وسلم - ... 294
الوائدة في النار ... 295
الكذب والفجور ... 295
البذاء (عدم الحياء) ... 296
من خفر ذمة الله ... 297
من قطع سدرة من سد الحرم ... 297
القتال على الدنيا ... 298
الذي لا يشهد الجمعة ولا الجماعة عمدا ... 300
الذي يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة ... 300
السارق المقتول ... 300
من شذَّ عن أهل السنَّة والجماعة ... 301
الجائر في حكمه ... 303
جر الإزار كبرا ... 304
القضاة ثلاثة ... 304
العريف في النار ... 306
من تكلم في الباطل ولم يرد عليه ... 307
صاحب المكس ... 308
من أراد أهل المدينة بسوء ... 308
لا يجتمع الكافر وقاتله في النار ... 309
عدم أداء الأمانة ... 309
السيف لا يمحو النفاق العقدي ... 310
الراشي والمرتشي ... 310
الوالي الظالم ... 310
من كان في قلبه مثال حبة من كبر ... 311
من قرأ القرآن لغير الله ... 312
من أهان قريشا ... 313
قاتل عمار وسالبه ... 314
قاتل المؤمن عمدا ... 314
من رآهم في النار ليلة الإسراء والمعراج ... 316
المتكبر على الله ... 316
المبتدع ... 317
الداعي للفتنة والمقتول فيها ... 317
من زعم أن مع الله رازقاً ... 318
من تعلم لغير الله ... 318
من يتأخرون عن الصلاة ... 320
مانع الزكاة ... 321
الغالُّ ... 323
المكر والخداع ... 323
اليمين الفاجرة ... 324
الغاش للرعية ... 324
المفلس من الحسنات ... 325
ثلاثة رآهم - صلى الله عليه وسلم - في النار ... 325
شاهد الزور ... 328(2/470)
قاتل المؤمن عمدا ... 328
من قتل معاهدا بغير حق ... 330
المنتحر ... 331
من آذى جاره ... 332
النميمة والحقد والحمية ... 333
المغتابون ... 333
من بهت مؤمنا أو مؤمنة ... 333
بذاءة اللسان ... 334
المصور ... 337
سارق الحاج ... 337
من أنقص من فريضة الصلاة ... 339
آزر في النار ... 339
القتال في الفتنة ... 340
أهل الجور وأعوانهم ... 340
من أطاع المخلوق في معصية الخالق ... 340
آخذ المال بيمين فاجرة ... 341
الوقوف للجالس تعظيماً ... 341
من أمن رجلا ثم قتله ... 342
من تولى غير مواليه ... 342
الأغنياء في النار إلا ... 343
ذو الوجهين ... 343
أول ثلاثة يدخلون النار ... 343
من كانوا يعبدون الأصنام وغيرها ... 343
الأغنياء والنساء ... 344
أذى الجار ... 344
القتل عمدا والأمر إلى النار ... 345
امرئ القيس حامل لواء الشعراء ... 345
امرأة في النار بسبب هرة ... 345
المرائي ... 346
الملعونون في السنَّة النبوية ... 347
من أخاف أهل المدينة ... 347
شروط الإمامة في قريش ... 348
من ادعى إلى غير أبيه أو أحدث حدثا أو خفر ذمة ... 350
ساب الصحابة رضي الله عنهم ... 351
من أمر بالجراح ... 352
المحاباة في الإمارة ... 352
من أحدث حدثا أو آوى محدثا ... 353
احتقار المسلم ... 353
من تغوط أو بال في الطريق ... 354
معطل حدود الله ... 354
من أخفر ذمة ... 355
اليمين الكاذبة عند منبره ... 356
من تولى قوما بغير مواليه ... 356
من ادعى إلى غير أبيه ... 357
الذين قال فيهم : لا يدخل الجنة ... 358
مدمن، وقاطع، ومؤمن بسحر، ومنان، وكاهن ... 358
لا يدخل الجنة عاق ولا منان ولا مدمن خمر ولا ولد زنا ... 359
عاق ومنان ومكذب بالقدر ومدمن خمر ... 360
لا يدخل الجنة ديوث ... 360
من لبس الحرير في الدنيا ... 361
لحم نبت من سحت ... 361
لا يدخل الجنة قاطع ... 362
من كان في قلبه حبة خردل من كبر ... 363
خب ولا سيئ الملكة ... 365
خب، ولا بخيل، ولا منان، ولا سيئ الملكة ... 365
من لا يأمن جاره بوائقه ... 366
لا يدخل الجنة قتات ... 366
من شرب الخمر ولم يتب ... 367
مدمن الخمر وقاطع الرحم ومصدق بالسحر ... 369
لا يدخل الجنة الجواظ ولا الجعظري ... 369(2/471)
لا يدخل الجنة مدمن خمر ولا مؤمن بسحر ولا قاطع رحم ... 369
لا يدخل الجنة من أتى ذات محرم ... 370
لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ صَاحِبُ مَكْسٍ ... 370
الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة ... 371
المكذب بالقدر ، والمدمن بالخمر ، والمتبرئ من ولده ... 371
رجل على فضل ماء بفلاة يمنعه ابن السبيل ... 371
أشيمط زان وعائل مستكبر ورجل جعل الله بضاعته لا يشتري إلا بيمينه ... 372
المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب ... 372
شيخ زان وملك كذاب وعائل مستكبر ... 373
الذين يبغضهم الله تعالى ... 375
الشيخ الزاني والفقير المختال والغني الظلوم ... 375
البياع الحلاف والفقير المختال والشيخ الزاني والإمام الجائر ... 376
الذين يخاصمهم الله يوم القيامة ... 377
الذي لا يرح رائحة الجنة ... 378
سألت زوجها طلاقاً من غير ما بأس ... 378
من ادعى إلى غير مواليه ... 378
قوم يخضبون بالسواد ... 379
من غش رعيته وخانهم ... 379
مَنْ كَذَبَ عَلَى نَبِيِّهِ ... 379
مَنْ خَفَرَ بِذِمَّةٍ لَمْ يَرُحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ ... 380
مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُبَاهِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ، ... 380
الباب الثالث ... 381
صفة النار ... 381
الترغيب في سؤال الجنة والاستعاذة من النار ... 381
الترهيب من النار أعاذنا الله منها بمنه وكرمه ... 382
أسماء النار: ... 387
أبواب النار ... 389
وقود النار: ... 391
في شدة حرها وزمهريرها ... 392
ملائكة النار وزبانيتها: ... 394
في ظلمتها وسوادها وشررها ... 398
في أوديتها وجبالها ... 398
في بعد قعرها ... 401
في سلاسلها وغير ذلك ... 403
في ذكر حياتها وعقاربها ... 403
في شراب أهل النار ... 406
في طعام أهل النار ... 410
لباس أهل النار ... 412
فراش أهل النار, وغطاؤهم: ... 413
في عظم أهل النار وقبحهم فيها ... 414
أصناف أخرى من العذاب ... 416
تفاوتهم في العذاب ... 418
تخاصم أهل النار ... 421
في بكائهم وشهيقهم ... 424
أعظمُ عذابِ أهل النَّار ... 426
أهون أهل النار عذابا ... 427
صبغُ أنعم أهل الدنيا من أهل في النار ... 428
من يخرج من النار وآخر هم خروجًا ... 429(2/472)
نداء أهل النار أهل الجنة وأهل الجنة أهل النار وتكليم بعضهم بعضا ... 432
خلود أهل النار فيها ... 437
أهم المصادر والمراجع ... 443(2/473)