الإيمان ونواقضه
فضيلة الشيخ د. سفر بن عبدالرحمن الحوالي.
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، واشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.
أما بعد:
أولاً: نقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ثم نسأل الله تبارك وتعالى، وهو الجواد الكريم، أن يمن علينا بالقبول.
ثانياً: نشد على يد طلاب، العلم وطالباته الذين يزدادون يوماً بعد يوم، وهذا يدل على أن هذه الأمة مهما اشتدت عليها هجمات أعداء الله، ومهما طغت عليها وسائل التدمير والإفساد، فإن الخير فيها كثير ولله الحمد، وإن جذوة الإيمان لم تنطفئ بفضل الله عز وجل.
وهذا دليل -ولله الحمد- على أن هذا الدين حق وخالد وأنه باق إلى قيام الساعة، وأن أعداء الله مهما حاولوا أن يطفئوا نور الله بأفواههم فلن يستطيعوا، بل إننا لنستبشر كما أخبر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {سيبلغ هذا الدين ما بلغ الليل والنهار } وسوف نرى -بإذن الله- في هذه الأزمنة مع اشتداد أزمة الأعداء وضراوتهم؛ بواكير وبوادر صحوة عظيمة، نسأل الله سبحانه أن يبارك فيها، وأن ييسر للقائمين عليها أن يقودوها على أفضل الوجوه وأحسنها، إنه سميع مجيب.(1/1)
ولا شك ولا ريب عند كل من تدبر كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أعظم ما دعا إليه الرسل هو التوحيد والتحذير مما يناقض ذلك ويخالفه من الشرك، كما قال الله تبارك تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:25] وكما قال عز وجل: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل:36] وهكذا القرآن في كل حديث وقصص يقصها عن أنبياء الله ورسله. نجد أن التوحيد هو الأساس الذي تدعو إليه الرسل قاطبة. وبعد ذلك تأتي الأحكام والشرائع، ويأتي الحلال والحرام.
بعض الأمثلة على خطورة ونواقض الإيمان
ولذلك فإن الاهتمام بهذا الأمر عظيم جداً، وحسبنا لنعلم خطر نواقض الإيمان، وما يخالفه وما يجانبه أن نأتي ببعض الأمثلة دون استقصاء أو تفصيل، ومنها:
قول الله تبارك وتعالى: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الزمر:65] فانظر أيها الأخ الكريم! مع من هذا الخطاب، ولمن هذا الخطاب؟
إنه لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وللرسل من قبله: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ [الزمر:65] فهذا الخطاب الإنذار التخويف؛ لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهل في البشر جميعاً خلق الله قاطبةً من دعا إلى التوحيد، وصابر عليه ورابط وحذر من الشرك وزجر كرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو الرسل من قبله؟!
لا. بإجماع كل العقلاء في هذه الدنيا. ومع ذلك فإن هذا التحذير يقال له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.(1/2)
ومنها ما ذكر في آيات الأنعام بعد أن ذكر الأنبياء وقصصهم: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:88].
فالشرك يدمر الأعمال ويحبطها، ولو أن الله تبارك وتعالى يريد عبادات بلا توحيد وإن خالطها الشرك ونواقض الإيمان، لكان عباد النصارى ورهبانهم ورهبان الهندوس والبوذيين أكثر الناس إيماناً، لأنهم أكثر الناس اجتهاداً في العبادة! بل لكان الخوارج أكثر هذه الأمة إيماناً؛ لأنهم كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأصحابه الكرام -الذين عبدوا الله عز وجل كما شرع وأمر- قال: {تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم وعبادتكم إلى عبادتهم } لكن لما تلبسوا بما تلبسوا به من الانحراف والبدعة والضلال، لم ينفعهم ذلك.
فتبين أن تصحيح الاعتقاد وأصل الإيمان والدين هو الأساس الذي يجب أن تبنى عليه بقية الأعمال، وإذا صح ذلك -أي الاعتقاد- فإن العبد يكون على سبيل نجاة وإن ارتكب ما ارتكب، كما جاء في قوله عز وجل في الحديث القدسي، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {يقول عز وجل: يا ابن آدم! إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا -أي بملء الأرض خطايا- ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا غفرت لك } وهذا من فضل الله عز وجل لمن جاء محققاً التوحيد والإيمان، ولو وقع فيما لا بد أن يقع فيه بنو آدم من الأخطاء والذنوب، ولو تلبس بما لا ينبغي أن يتلبس به المؤمن.
لكن التوحيد كلما قوي، والإيمان كلما امتلأ به قلب الإنسان ويقينه وشعوره ووجدانه، فإن ذلك بلا ريب هو سبيل النجاة في الدنيا والآخرة.
التوحيد في الدنيا والآخرة(1/3)
التوحيد في الدنيا معلوم للجميع أنه سبيل النجاة، لأن الإنسان إذا وحد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وأقر له بالربوبية والألوهية، وانقاد لشرعه ودينه؛ سلم بذلك ماله ودمه، كما قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام } فهذا في الدنيا.
وفي الآخرة، تكون النجاة من عذاب الله عز وجل، إما ابتداءً -وهذا من فضل الله- وهؤلاء هم الذين حققوا التوحيد قولاً وعملاً، فكان لهم الاهتداء التام والأمن التام الذي ذكره الله تبارك وتعالى في قوله: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ [الأنعام:82]. وقد ثبت في البخاري وغيره أن هذه الآية لما نزلت شقّ ذلك على أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقالوا: {يا رسول الله أينا لم يظلم نفسه؟! } ظنوا أن ذلك في المعاصي والذنوب، ولا شك أنها من ظلم النفس، فبين النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن المقصود هو الشرك، {قال: ألم تقرءوا قول العبد الصالح يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13] }.
فالمقصود من هذه الآية: أن الذين آمنوا ولم يخلطوا إيمانهم بشيء من الشرك: أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ [الأنعام:82] هؤلاء لهم الأمن التام يوم القيامة، وفي الدنيا أيضاً.
فمهما حصل لهم من ابتلاء أو محن فهم في الحقيقة في أمن، لأن الأمن الحقيقي هو الأمن على العقيدة والإيمان: وَهُمْ مُهْتَدُونَ [الأنعام:82] فلهم أيضاً الاهتداء التام.
حكم من وقع فيما نهى الله عنه
أما لو حصل من الإنسان شيء من التلبس بالذنوب والمعاصي ووقع فيما نهى الله تبارك وتعالى عنه، فإنه بين أمرين:(1/4)
إما أن الله عز وجل يغفر له ويعفو عنه بتحقيقه للتوحيد- وهذا فضل من الله تبارك وتعالى، وتكرم منه، ويمن به على من يشاء من عباده-.
ولا أدل على ذلك -أي المغفرة- من حديث البطاقة، كما ثبت في الحديث، الرجل الذي يأتي يوم القيامة وله من الذنوب تسعة وتسعون سجلاً، فتوضع في كفة في الميزان ويقال له: هذه ذنوبك وهذه أعمالك أتنكر منها شيئاً؟ فيقول: لا يا ربي، لا يا ربي.
فيقال له: ولكنا لا نظلم أحداً شيئاً، إن لك عندنا "بطاقة".
فيقول:يا ربي! وما تغني هذه "البطاقة" مع هذه السجلات؟
فتخرج، وإذا فيها "لا إله إلا الله". فتوضع في الميزان، ولا يثقل مع اسم الله عز وجل شيء، فإذا بها تهبط -أي تقوى على تلك السجلات وتثقل عليها- فينجو هذا الرجل بفضل الله عز وجل ويصبح من أهل الجنة.
فمثل هذا يرجى لمن حقق التوحيد أن الله عز وجل يغفر له ما دون ذلك من الذنوب والعيوب، وإن كان الأصل في المؤمن أنه يحقق التوحيد قولاً وعملاً، وفروع التوحيد من الطاعات وترك المحرمات، هذه هي الحالة الأولى.
والحالة الأخرى: أن يكون لديه من الذنوب والكبائر والعيوب ما أضعف إيمانه وأتى عليه بنقص شديد، وهو مع ذلك لم يزل من أهل التوحيد، ولم يتلبس بشيء من الشرك، ففي هذه الحالة الذي يحصل- إن دخل النار ولم يشمله فضل الله تبارك وتعالى ولا شفاعة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا الشهداء ولا الصالحين، ولا شيء مما هو من موانع إنفاذ الوعيد في الآخرة، بل استحق أن يدخل النار- فهذا أيضا على سبيل نجاة وإن دخل النار فهو خير من الذين هم أهلها -نسأل الله العفو والعافية-.(1/5)
فأهل النار الذين لا يحيون فيها ولا يموتون ولا يطمعون في خروج أبداً -نسأل الله أن يحفظنا جميعاً- هو خير منهم، لأنه لا بد أن يخرج بإذن الله، ويكون في هذه الحالة في نار العصاة وليس في نار الكافرين، ولو أشرك بالله لكان في نار الكافرين. كما قال تبارك وتعالى: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ [المائدة:72].
وكما قال عز وجل: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48] فلو وقع في الشرك الأكبر لكان في نار الكفار التي لا يطمع أهلها في الخروج أبدا.
لكنه وحالته هذه -مسلم مذنب لم تشمله الشفاعة- هو في نار العصاة التي يخرج أهلها بإذن الله تبارك وتعالى وبفضله، وبشفاعة الملائكة والنبيين والشهداء والصالحين ولو بعد حين، لبثوا ما لبثوا فمآلهم ومصيرهم إلى الجنة، كما ثبت من حديث أنس رضي الله عنه، عند البخاري وغيره أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: {يخرج من النار من كان في قلبه وزن مثقال شعيرة من الإيمان -ثم قال في الثانية- مثقال ذرة -ثم قال في الثالثة- أدنى مثقال ذرة من إيمان } فآخر من يخرج من كان في قلبه أدنى مثقال ذرة من إيمان، فمعنى ذلك أن لديه أصل الإيمان والتوحيد والإنقياد لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
ولكي تتضح لنا الصورة كاملة عن نواقض الإيمان، فإنه لابد أن نعرف ما أصل الدين وما التوحيد الذي يقابله:
ومعلوم لدينا أن التوحيد ثلاثة أقسام: توحيد الألوهية. وتوحيد الربوبية. وتوحيد الأسماء والصفات.
ولذلك فإنا في المقابل نستطيع أن نتعرف على نواقض الإيمان بمعرفة ما يناقض كل نوع من أنواع التوحيد.
توحيد الربوبية
أجمعت كل الفطر والعقول السليمة على الإقرار به، ولم ينكره إلا مكابر.(1/6)
وناقض هذا التوحيد: أن ينكر وجود الله عز وجل. وهذا إفك عظيم، وباطل مبين، لم تعتقده أمة من الأمم قبل ظهور هؤلاء الملاحدة المسميين بالشيوعيين، والفكر المادي في أوروبا . أما قبل ذلك فإنما وجد أفراد قلائل زاغوا وضلوا وأضلوا.
إنكار الخالق عز وجل مع وجود المخلوقات إنكارا كلياً أمر عجب: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ [الطور:35] فمع رؤية المخلوقات والإقرار بوجود مخلوقات، من العجيب أن ينكر الخالق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. وحق لهم ما قاله الشاعر:
إذا ادعى عقلك إنكاره فأنكر العقل ودعواه
فلم يعد هذا عقلاً، وإنما هو جهل وضلالة.
وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد
قال عز وجل: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ [فصلت:53] ولاحظوا الخطاب: (سَنُرِيهِمْ) هذا في الكافرين وليس في المؤمنين.
فلذلك الذين سبقوا إلى معرفة آيات الله في الآفاق وفي الأنفس -كما نرى في واقعنا الحاضر- هم الكفار، فمعظم الآيات هم الذين اكتشفوها واطلعوا عليها، ونحن الآن نتلقاها عنهم، فضلاً عمن كان قبلهم أيضاً من أهل الحضارات القديمة، فإنه قد أراهم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ما تقوم به عليهم الحجة، وما زالت حجة الله قائمة، وما زلنا نتوقع في المستقبل المزيد من ظهور هذه الحجة، ونرجو أن يكون ذلك إن شاء الله، وأن تكون ثمرته المزيد ممن يهديه الله عز وجل للإيمان منهم: وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ [يونس:100] وهذا فضل من الله ورحمة.
فالمقصود أن من أنكر وجود الله عز وجل فقد ناقض هذا الأصل العظيم الذي أقر به المشركون: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيم ُ [الزخرف:9].(1/7)
فما كان المشركون الذين بُعث فيهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا كان العرب قاطبة ينكرون وجود الله تبارك وتعالى، بل كلهم يعلم أن الله هو الخالق والرزاق والمدبر: وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ [يونس:31].
فكانت هذه من البديهيات في حياة العرب في الجاهلية، ومن أنكرها فلا شك انه أكفر من أولئك الكافرين.
ويؤلمنا جداً في هذه الأيام أن ينتشر هذا الفكر الإلحادي بين شباب المسلمين بصراحة ووضوح، أو بتورية وتجسس وتلصص، لكنه له وجود ظاهري بارز بيّن، يتسلل إلى المسلمين من خلال الإعلام الفاسد ووسائل الإعلام التي تنشر وتبث ما يصادم عقيدة التوحيد ويناقضها -عقيدة التوحيد بأنواعه الثلاثة- ويكفيها أنها تنشر الفكر الغربي بسمومه ونظرياته وآفاته.
ولا شك أن الفكر الغربي متشبع بالإلحاد لأنه هارب من ظلمات وخرافات الكنيسة وطغيانها واستبدادها وجبروتها. فهو في هروبه هذا، ومع تصوره أنه لا دين إلا ما جاءت به الكنيسة، وأنه إن كان دين النصرانية باطل، فما سواه من الأديان أكثر بطلاناً.
فلذلك لا يمكن أن يتصور منه إلا أن يكفر بكل دين، وبالتالي يكفر بوجود الله تبارك وتعالى، وهذه القضية لا نطيل فيها لوضوحها.
توحيد الألوهية أو توحيد العبادة
الجانب الآخر هو توحيد الألوهية أو توحيد العبادة، وهو الذي جاءت الرسل الكرام لتقريره والدعوة إليه من خلال إلزام الناس بتوحيد الألوهية.
بمعنى: أنكم بإقراركم بتوحيد الربوبية يلزمكم أن توحدوا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في العبادة والطاعة والإتباع.
وما جاء الرسل صلوات الله وسلامه عليهم في أصل دعوتهم إلا لهذا، كما ذُكر في الآيات السابقات.(1/8)
فكان الانحراف الذي وقع فيه الناس: أنهم عبدوا غير الله تبارك وتعالى. كما ثبت عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه: [[إن الناس كانوا على التوحيد عشرة قرون ]] كما في قوله تعالى: كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا [يونس:19] فكانوا على التوحيد عشرة قرون ثم فشا فيهم الشرك وتعظيم الأولياء وتقديس الصالحين وتصويرهم، وهم الذين ذكرهم الله تعالى في سورة نوح: وقَالُوا لا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً [نوح:23] فقالوا نصورهم ونعظمهم ونتذكر عبادة الله تبارك وتعالى بتعظيمهم.
فلما نُسخ العلم وضعف وتضاءل، عبدت هذه الصور وأصبحت آلهة من دون الله.
ثم بقيت هذه المعبودات في العرب، حتى بعث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولكل قبيلة من العرب معبود من هذه المعبودات مع ما عبدوا من غيرها، فوقع الانحراف عند الناس في توحيد العبادة.
وتوحيد الألوهية هو النوع الثاني من أنواع التوحيد، وتوحيد الألوهية هو توحيد العبادة، وتعريف العبادة: هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، ويدخل فيها أول ما يدخل: أعمال القلوب، كالخشية والإنابة والرجاء والرغبة والرهبة والخوف والحب والدعاء والإخبات والتوكل والتضرع، وغير ذلك مما هو من حاجة المخلوق.(1/9)
لأن الأصل والأساس في المخلوق أنه ضعيف فقير محتاج إلى الله عز وجل في كل لحظة، ولو تأملت أكبر ملوك الأرض أو حكام الدنيا وأكثر الناس في هذه الدنيا ثراءً ومالاً لوجدته يحتاج الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهو فقير إلى الله في لحظات ما، وقد يضطر إلى أن يتضرع إلى الله، ولهذا يقول عز وجل: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ [النمل:62] والمضطر سواء كان كافراً أم مؤمناً, ربما يضطر أن يدعو الله كل يوم، وهو محتاج مفتقر إلى الله تعالى في كل يوم، وإن كان في ظاهر الحال يملك أعظم دول العالم، وأقوى جيوش العالم، لأنه لا بد أن تمر به ضوائق وأزمات ونكبات وما لا يمكن أن يلجأ فيه إلا إلى الله، وأن يستعين عليه بالله.
وقد شوهدت عجائب من هذا وذكرت ونقلت في الحرب العالمية الثانية، عندما كان طواغيت الكفر مثل تشرشل وروزفلت ، وأمثالهم يتضرعون ويدعون الله أن ينصرهم على هتلر فهذا من العجب. حتى إن "إستالين " الملحد في الدولة الشيوعية التي لا تؤمن بوجود الله فتح الكنائس ليتضرعوا إلى الله.
فالمقصود: أن توحيد العبادة حاجة نفسية اضطرارية لا بد منها بين العبد وربه.
والذي يفعله من ينقضون هذا الإيمان وهذا الأصل العظيم من طواغيت الخرافة والدجل، هو أنهم يصرفون الناس عن عبادة الله ودعوة الله والاستغاثة بالله، إلى الاستغاثة بالمخلوقين ودعوتهم والتضرع إليهم.
ولا يخفى هذا الحال في عالمنا الإسلامي اليوم... فإننا نجد -مثلاً- الصوفية يعلمون الناس أن يستغيثوا بأوليائهم، مثل الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله، وكان عابداً عالماً لكنهم غلوا فيه، حتى جعلوه إلهاً، فيقولون: يا جيلاني ! أو يقولون: يا نقشبندي ! أو: يا تيجاني ! أو: يا سيدي فلان، أو: يا علي -كما تفعل الروافض- يا حسين ، يا عباس ، يا كذا. فيغلوا هؤلاء كما يغلوا أولئك في دعاء غير الله عز وجل.(1/10)
وإذا ألمت بهم مصيبة أو نزلت بهم ضائقة، دعوا غير الله، وبذلك يكونون أكثر نقضاً للإيمان وتعلقاً بالشرك من المشركين الأولين الذين كانوا: فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [العنكبوت:65] أي حينما تضيق بهم الدنيا وتأتيهم الريح، يدعون الله مخلصين له الدين، وهؤلاء كلما اشتدت بهم الكربات، وضاقت عليهم الدنيا بما رحبت يدعون غير الله، وهذا من العجب: أن يكون من ينتسب إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعو غير الله في حال الرخاء والشدة، في حين أن المشركين يخلصون دينهم لله عز وجل في حال الشدة، وإنما يشركون إذا نجاهم إلى البر: فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ [العنكبوت:65].
ما يتفرع عن توحيد الألوهية ويناقضه(1/11)
ويتفرع عن توحيد الألوهية أمر عظيم وقعت فيه الأمة في هذا الزمن، وهو خطب جلل خطير، وهو أن يشرك مع الله تبارك وتعالى في الاتباع والطاعة والتشريع، وهذا مناقض للإيمان، كما قال الله عز وجل: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء:65] وكما قال تبارك وتعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً [النساء:60] وكما قال عز وجل: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة:44]... وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [المائدة:45]... وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [المائدة:47] وقوله: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة:50] وقوله: أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً [الأنعام:114] وآيات عظيمة كثيرة في هذا الشأن-كما في آيات الكهف والشورى- كلها تدل على أنه لا بد من توحيد الله وتجريد متابعة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في التشريع، والطاعة، والتحليل والتحريم.
وناقض هذا الأصل: أن يعتقد أحد من الناس أن بإمكانه أن يتبع أي شرع أو أي دين سواء كان ذلك شرعاً منسوخاً وديناً موروثاً، أو ديناً وضعياً وشريعةً وضعيةً.
فلو قال قائل: نحن مسلمون، نصوم ونصلي ونحج البيت، لكن في جوانبنا المالية نريد أن نأخذ شريعة التوراة لأنها سهلة وخفيفة وواضحة.(1/12)
فلو قال قائل ذلك فإنه يكون كافراً بالقرآن والدين كله، ناقضاً للإيمان مرتداً عن الإسلام.
فإذا قال آخر: لا نريد شريعة التوراة لأنها قديمة، لكن نريد شريعة نابليون أو القانون الفرنسي أو القانون الأمريكي أو الإنكليزي، أو أي قانون من القوانين، فنأخذه في أمورنا المالية فقط والمعاملات التجارية، أما الصلاة والصيام والزكاة والحج فنحن مسلمون.
فنقول: لا ينفع ذلك؛ لأن هذا قد نقض إيمانه باتباعه لغير شريعة الله تبارك وتعالى، مثل ما سمعنا في هذه الآيات العظيمة البينة.
وهذا مناقض لشهادة أن محمداً رسول الله مناقضة عظيمة، ولهذا في الآية الأولى لما قال تبارك وتعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ [النساء:65] نفى الله تبارك وتعالى الإيمان عنهم حتى يحكموا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. لأن الأمر كما قال: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ [النساء:64] لابد من طاعته وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [المائدة:92]... وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]... قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِين [آل عمران:31-32] فإذا تولى عن طاعة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورفض اتباعه فهو من الكافرين.
فلا يمكن أن يكون الإنسان مؤمناً إلا بتحكيم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.(1/13)
وفي الجوانب التي تضمنها قوله تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ [النساء:65] يقول ابن القيم رحمه الله، هذه الآية: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ [النساء:65]: شملت ثلاث مراتب -هي نفس المراتب التي في حديث جبريل- والذي فسر فيه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الإسلام والإيمان والإحسان.
فأما الإسلام: فهو الحد الأدنى. وأول ما يدخل به الإنسان في هذا الدين، وهو الانقياد الظاهر لله عز وجل، كما في قول الله: قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحجرات:14] فيبين أن مقام الإسلام في حديث جبريل، يقابله التحكيم في هذه الآية: حَتَّى يُحَكِّمُوكَ [النساء:65] فمن حكّم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو مسلم، ومن لم يحكمه فليس بمسلم.
ثم قال بعد ذلك: ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ [النساء:65] فنفي الحرج في هذه الآية يقابل الإيمان في حديث جبريل. فمن حكّم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وانتفى الحرج من قلبه فقد ارتقى، أي أسلم ثم آمن: وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء:65] ودرجة التسليم هي التي تقابل الإحسان في حديث جبريل عليه السلام، وهي أعلى درجات الدين وأعلى مراتبه.
ومن التسليم لأمر الله تبارك وتعالى والإذعان لشرعه فيما يتعلق بالمرأة المسلمة: أن نؤمن بأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أنزل هذه الشريعة وجعلها كلها رحمةً وعدلاً ولا يمكن أن يخرج شيء من الرحمة أو العدل أبداً.(1/14)
فكل من تشدق وزعم أنه يرحم المرأة، أو يعدل معها بإخراجها عما جاء في كتاب ربها وسنة نبيها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإنه إنما يريد أن يخرجها من دائرة الإيمان إلى دائرة الكفر، ولا شك أن اعتقاد ذلك: كفر بشريعة الله وكتاب الله وسنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن من صدّقت بذلك وانساقت وراءه فقد وقعت في الكفر الصراح، فيجب عليها أن تتوب وأن تتقي الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
وإن كانت تجهل ذلك فلتسأل أهل الذكر لتعلم أنها قد خرجت على شريعة ربها كتابه، فلم يعد لها حق ولا حظ فيما وعد الله تبارك وتعالى به عباده المؤمنين الموحدين. فلتعد حالاً ولتصدق التوبة والأوبة إلى الله تبارك وتعالى ولتتجرد عما اعتقدته أو وقعت فيه، من شباك هؤلاء الضالين المضلين.
وكلما يتعلق بأحكام المرأة، من الحجاب والقرار في البيت، ومن أحكام العشرة الزوجية، ومن أحكام الطلاق والعدة والحداد والميراث، وغير ذلك... كله عدل وكله رحمة بها، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هو الذي شرع لنا هذه الشريعة، ولو خرجنا عليها واتبعنا شريعة غيره لكنا من الكافرين المرتدين. عياذاً بالله عز وجل.
توحيد الأسماء والصفات
ونأتي إلى النوع الثالث من أنواع التوحيد وهو: توحيد الأسماء والصفات :
ويكفر الإنسان وينقض إيمانه إذا نفى ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الأسماء والصفات، كما قال الله تبارك وتعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:11].
فالله عز وجل له صفات الكمال ونعوت الجلال وكل ما جاء في الكتاب والسنة من أسماء وصفات فإنما يدل على ذلك.
وإن خيل لبعض العقول أن بعضها ربما كان نقصاً، أو أن نفيه يكون تنزيهاً لله-بزعمهم- فنقول:(1/15)
إنَّ من نفى أسماء الله وصفاته، فلا شك أنه قد خرج عن هذا الدين، وعن هذا الإيمان، ثم إنه بقدر ما ينحرف، أو يؤول أو يخرج عن هذا، يكون خروجه جزئياً... حتى يصل به الحال إلى الخروج الكلي، والعياذ بالله.
وهذا الأمر قد وقع الخلط فيه قديماً وظهرت الفرق التي ضلت في توحيد الله في جانب الأسماء والصفات كالجهمية الذين نفوا أسماء الله وصفاته.
والمعتزلة الذين أثبتوا الأسماء ونفوا الصفات.
والأشعرية الذين أثبتوا الأسماء وبعض الصفات ونفوا بعضها الآخر.
والحق القويم، هو ما كان عليه السلف الصالح رضوان الله عليهم، من إثبات كل ما أثبته الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من غير تعطيل ولا تكييف ولا تحريف ولا تمثيل، بل يقولون: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير ُ ) [الشورى:11].
الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين ، والبراء من الكفر والكافرين
ثم هناك أمر رابع- لا يدخل في هذه الأنواع الثلاثة -لكنه لا زم عظيم لها، وإذا نقضه العبد فقد نقض إيمانه، ونعني به:
وهذا جانب مهم جداً -ولا سيما- في هذا الزمن إذ نرى الكثير من المسلمين قد وقع فيما يناقض إيمانه حينما والى أعداء الله، وعادى أولياء الله -نسأل الله العفو والعافية-.
والله تبارك وتعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ [الممتحنة:1].
ويقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [المائدة:51] فانظروا: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ .(1/16)
وغير ذلك من الآيات كما في سورة (الكافرون) التي فيها البراءة منهم: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ [الكافرون:1-3] إلى آخرها.
وقد شرعت قراءة هذه السورة وسورة الإخلاص في راتبة المغرب والصبح. فالإنسان صباحاً ومساءً يتبرأ من المشركين ومعبوداتهم.
ويقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين، قالوا يا رسول الله: لِمَ، قال: لا تراءى ناراهما } فلا يرى الكافر نار المسلم ولا يرى المسلم نار الكافر، لأن كلاً منهما له طريق وله سبيل مختلف تماماً عن الآخر.
ومن أعظم ما وقعت فيه الأمة الإسلامية في هذا العصر من نواقض الإسلام: أنها داهنت الكافرين والمشركين وأحبتهم ووالتهم باستشارتهم، بل بتحكيمهم!! والله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ [آل عمران:118] سبحان الله العظيم! ما أكبر انطباق هذه الآية على واقعنا.
فيؤتى بالمستشارين والخبراء ويولون ويطلعون على كل شيء، وبالتالي هم يعلنون كراهية هذه المجتمعات وبغض هذه الأمة، ويحتقرونها ويسيئون إليها، ولو أن الكافر جاء إلى بلاد المسلمين، فأعطي أعظم المراتب وسكن في أفخم وأعظم القصور ومهد له كل شيء ثم عاد إلى بلاده وسألته صحيفة: ما تقول في تلك البلاد؟ لقال: همج متخلفون، رعاع منحطون لا يفهمون وأخذ يشتمهم، فهذه قاعدة كما قال الله: قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ [آل عمران:118].(1/17)
فهذا-أي الولاء والبراء- أعظم لوازم توحيد الله تعالى. وكما نص العلماء: أكثر ما ذكر الله عز وجل بعد توحيده وإفراده بالعبادة: تجريد الولاء للمؤمنين، والبراء من الكافرين.
فالبراء أصل من أصول الإسلام. ويجب على كل مسلم أن يحافظ على إيمانه، وأن يحفظ ولاءه وبراءه من أن يخالطه أو يمازجه بشيء من ولاء الكافرين، أو البراءة من المؤمنين.
وبهذا نستطيع أن نقول: إنا قد ذكرنا أعظم ما يجب على المسلم اجتنابه من نواقض الإسلام لا من جهة تفصيلها فهي كثيرة: منها نواقض الإسلام العشرة وغيرها، ولكن حرصت أن آتي بها من خلال ما يقابلها في التوحيد-أنواع التوحيد الثلاثة- وتحقيق الولاء والبراء، فإذا حققناها نكون قد سلمنا من الشرك والكفر، واتباع غير شرع الله، وموالاة الكافرين، أي نكون قد سلمنا من نواقض هذا الإيمان وهذا التوحيد، فنكون -إن شاء الله- عند الله من الفائزين الغانمين.
كيف يعرف النفاق، والأمور المعينة على تركه
السؤال: كيف يعرف الإنسان أنه ليس من المنافقين، وما هي العلامات التي يستطيع الإنسان بها الابتعاد عن النفاق؟
الجواب: يعرف الإنسان ذلك بالابتعاد عما ذكره الله ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من صفات المنافقين:
فالمنافقون يؤمنون بألسنتهم ولا تؤمن قلوبهم.
والمنافقون إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى.
ولا ينفقون إلا وهم كارهون.
ويحبون ظهور الكفر على الإسلام، ويغتمون ويحزنون إذا أصاب الكفار هزيمة، ويفرحون إذا أصابت المسلمين هزيمة.
ويأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم.(1/18)
وهم حريصون على إشاعة الفرقة بين المسلمين وتشتيت شملهم: لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالاً [التوبة:47] فيتحججون ويتعللون عن أوامر الله عز وجل بالعلل الواهية الكاذبة ومما قالوا: ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي [التوبة:49] وقال الآخر: لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ [التوبة:81] إلى غير ذلك من العلل الواهية للتملص من شرع الله ومن أوامره، ومما افترضه الله إلى غير ذلك، وكما في الحديث: {أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً: إذا حدث كذب، وإذا أؤتمن خان، وإذا عاهد غدر, وإذا خاصم فجر } إلى غير ذلك من الصفات التي ذكرها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
والمقصود أن الإنسان إذا تجنب صفات المنافقين وعمل بصفات المؤمنين، التي منها: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [الأنفال:2].
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [الحجرات:15].
قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:1-2] إلى آخر ما جاء في كتاب الله من بيان صفات المؤمنين وأحوالهم.
فإذا كان متصفاً بصفات المؤمنين مبتعداً عن صفات المنافقين، وخائفاً أن يقع في النفاق، فهو مؤمن وليس بمنافق بإذن الله، كما قال الحسن البصري رحمه الله عن النفاق: [[ما أمن النفاق إلا منافق، ولا خافه إلا مؤمن ]].
فالمؤمن يخاف أن يكون منافقاً، وأما المنافق فهو يأمن من ذلك، ويقول: لستُ منافقاً أبدا، وتراه يدافع، وكما نرى في الصحف هذه الأيام، حيث يكتب في الصحف ويدافع حتى عن أعدى أعداء الإسلام، ويقولون عمن قتل منهم: إنه شهيد.(1/19)
ففي هذه الأيام حملة شديدة جداً ضد توبة الفنانات، ويقولون: إن الفنانات اللاتي تبن لديهن عقد نفسية وظروف شخصية، واللائي لم يتبن يقولون عنهن: أنهن عفيفات وطاهرات، ويخدمن المجتمع والفضيلة، إلى غير ذلك، فهكذا النفاق يتلوّن في كل زمان وكل مكان، نسأل الله العفو والعافية.
نصيحة للنساء اللاتي ميولهن إلى الدين ميول عاطفي
السؤال: تعيش الأمة الإسلامية في هذه الأيام صحوة لا سيما في هذا البلد الطيب، وخاصة في مجتمع النساء، ولكن اتجاه الكثير منهن اتجاه عاطفي مما يجعلها تركز على جانب واحد من الدين وإهمال بقية الجوانب، ومما يجعلها أحياناً تقع في أيدي بعض المتاجرات بالدين كالصوفيات وغيرهن، فما نصيحة فضيلتكم لأخواتنا المسلمات؟
وماذا نفعل تجاه هؤلاء اللاتي نشك أنهن صوفيات، وإذا تأكدنا من تصوفهن هل نبلغ عنهن أهل الأمر؟
الجواب: سأبدأ بآخر نقطة وهي حكاية البلاغ هذه فأنا لا أراها؛ لأننا يمكن أن نبلغ عنه إذا كانت الداعية إلى التصوف -التي لم ترتدع، ولم تنتصح- في قطاع تعليمي أو في مكان له تأثير، لتزال وتبعد عنه.
أما هؤلاء الأخوات المخدوعات المغررات بالعواطف كما في السؤال: فنحن أولى أن نحتضن هذا الفكر وهذه العاطفة التوجه، وهذا الإقبال والرغبة، وأن نوجهها الوجهة السليمة بدلاً أن تقع في شباك الصوفيات.
وأنا أقول: فعلاً إن ما جاء في السؤال حق في أن الصحوة عاطفية حتى عند الشباب، وذلك لأن كل شيء في بدايته يبدو عاطفياً من جهة، ومن جهة أخرى أن المحاضن التربوية قليلة، وأضرب لكم أمثلة: كم مركزاً صيفياً نسائياً في جدة على كبرها وسعتها وعلى كثرة طالباتها اللاتي يقارب عددهن عدد الأولاد أو يزيد؟ فالمراكز قليلة.
وكم لدى هذه اللجنة وأمثالها التي تربي الأخوات وتصقل مواهبهن وتنظر جوانب النقص عندهن؟(1/20)
فعندما تتدين الفتاة ولا تجد إلا هؤلاء فإنها من الطبيعي أن تنساق لهم؛ لقلة المحاضن التربوية السليمة الموجهة، وإلا فالتصوف سرطان وداء عظيم للأمة إذا تخلصت من الفسق والفجور، وعادت إلى التصوف فكأنها ما صنعت شيئاً -نسأل الله العافية- لأنه علاج انحراف بانحراف آخر.
وأنا لا أستغرب وقوع التصوف، لأن الترف الذي نعيشه يمكن أن ييسر دخول مثل هذه الأفكار الصوفية عند الفتيات بل حتى عند الفتيان.
فيجب علينا أن ننشر الوعي الصحيح وأن نحرص كل الحرص على أن نتعامل برحمة ولطف مع هؤلاء الأخوات وأمثالهن، وأن نعالجهن بالحكمة والموعظة الحسنة، حتى يصلح الله تعالى حالهن إنه سميع مجيب.
أما الصحوة فهي في كل البلاد، وقد أقول غير مبالغ: إن الصحوة في مصر أقوى من هذه البلاد نسائياً، وذلك أن الأصل هنا هو الحجاب، ولكن في مصر ينتشر الحجاب انتشاراً هائلاً بالرغم أنه يحارب حتى بالشرطة.
حكم من تحول من عقيدة الشيعة إلى عقيدة أهل السنة
السؤال: شخص يدعي أنه تحول من عقيدة الشيعة إلى عقيدة أهل السنة والجماعة هل نصدقه؟ وهل من السهل عند الشيعة أن يتركوا الواحد يتحول عن معتقداتهم، دون أن يقتلوه أو يؤذوه على الأقل؟
الجواب: يمكن أن يتحول الإنسان من عقيدة الشيعة إلى السنة ، لكن لا نقبل من أي إنسان، وخاصة الشيعة مباشرة.
فنحن نتأكد من اليهود ونتأكد من النصارى، ونتأكد من أي فرقة، أما الشيعة :
فيجب أن نتأكد منها أضعاف أضعاف التأكد، لأن من دينهم التقية والنفاق، وإظهار خلاف الواقع ويتدينون بذلك، وينقلون عن بعض آبائهم قولهم: التقية ديني ودين آبائي وأجدادي، فمن لا تقية له فلا دين له، فهم يظهرون أي شيء، ويمكن أن يتلونوا بأي لون أو يتلبسوا بأي لباس، نسأل الله العافية من ذلك.
لكن هذا لا يعني أن نشك في كل من ادعى، ولكن ننظر في أحواله وأموره.(1/21)
ولا يعني أن الشيعة يمكن أن يتسلطوا على كل من دخل أو خرج من عقيدتهم؛ فإنهم لا يستطيعون ذلك، فقد يكون بعيداً عنهم في مجال آخر لا ينالونه، أو في بلد لا يستطيعون الوصول إليه، أو متحرراً لا ينالون منه، فيمكن أن يوجد هذا، أما لو استطاعوا أذيته فلا شك أنهم لا يتأخرون عن ذلك أبداً.
حكم زواج السنية بالشيعي
السؤال: ما هو حكم زواج السنية من الشيعي؟
الجواب: أما عن زواج السنية من الشيعي فلا يجوز أبداً، وذلك أن الشيعة -الإثنى عشرية - الموجودين الآن في لبنان وإيران والمنطقة الشرقية والمدينة وغيرها، هؤلاء يدعون غير الله، ويستجيرون بغير الله، ويستغيثون بغير الله، ويستعينون بغير الله ويستعيذون بغير الله، فهؤلاء في الحقيقة مشركون متلبسون بالشرك الأكبر، وعلى هذا: لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ [الممتحنة:10].
نصيحة للفلسطينيين المهاجرين(1/22)
السؤال: نحن فتيات مسلمات نقيم في هذه البلاد الطاهرة، ولكننا نشتاق، ونحنُّ لوطننا كثيراً، ويعز علينا أن نرى اليهود الأشرار وهم يدنسون أرض الأقصى الشريف. وسؤالي: ما هو الأفضل لنا أنبقى خارج بلادنا ونجاهد في سبيل الله تعالى ونحن خارج وطننا، أم نذهب إلى وطننا ونجاهد من الداخل، ونقاوم اليهود الأشرار بكل الوسائل، بإعداد المجاهدين لمقاومتهم وغير ذلك؟ وهل يزداد الأجر لوجودنا خارج وطننا، أم هل يكون الأجر في الداخل وفي مواجهة الأعداء؟ الجواب: الأخت يظهر من السؤال أنها من فلسطين المحتلة، التي نسأل الله أن يردها إلى المسلمين وأن يدمر اليهود جميعاً، سواء اليهود الأصليون أو اليهود الذين قد يكونون عرباً، لأنهم في بواطنهم هم الذين مهدوا لهؤلاء اليهود هذا الأمر. وأقول: مع ذلك الذي أنصح به أخواتي، والدين النصيحة، وأقوله دائماً لإخواني في الله: الإنسان إذا استطاع أن يرجع إلى بلاده، وأن يدعو إلى الله فيها، ويكون قد عرف هنا المنهج السليم والصحيح في العلم والدعوة، فأنصحه أن يرجع، لأسباب منها: حاجتهم هناك إلى القدوة والالتزام والعلم الذي عند الأخ. وأيضاً: إن في هذا المجتمع هنا من لديه بعض النظرة الجاهلية الضيقة التي يرى أصحابها أن كل ما يأتي من قبل هؤلاء الذين قد يسمون أجانب، أو أهل إقامات أن كلامهم أقل من أن يعتنى به، وإن قُبل أو أُخذ فهو أقل من أن يعتنى به، مع الأسف الشديد هذا المظهر موجود ولا نستطيع أن ننكره، فهو حقيقة واقعة، فلعزة المسلم ولموقعه هنالك من الجهاد أنصحه أن يرجع. والأخوات الفلسطينيات لهن دورٌ عظيم في الجهاد، ونحن لا يمكن أن ننسى فلسطين أبداً مع كثرة الجراح في الفلبين، أو ارتيريا، أو الصومال، أو البوسنة.(1/23)
والجرح العميق والأساس هو جرح فلسطين، أو جرح الأقصى، والمرأة المسلمة تستطيع أن تصنع -بإذن الله- ما يعجز عنه الرجال، بل ما لا يمكن أن يقوم به أحد، لا سيما في تلك الأرض المحتلة، وذلك بعفافها وحجابها وطهارتها وبتربيتها لهذا الشباب الذي نرجو أن يجعل الله على يديه النصر والخير. وهذا الشباب الذي انطلق ابتداء بالحجارة وانتهاء بالرصاص، يقاوم أعداء الله، هو الذي قلب المؤامرات الدولية والعربية على القضية الفلسطينية، وهو الذي فتح أبواباً من الأمل لم تكن الأمة تحلم بها بعد أن كادت القلوب أن تيأس من أن يوجد حل لمثل هذه القضية، فإيجاد مثل هؤلاء الشباب وتربيتهم واحتسابهم، كما احتسبت الخنساء
رضي الله عنها أبناءها، أنا أرى أنه هو الأولى والأفضل. وأما إن كان بقاء الأخت هنا لتمكنها من الدين، ولتعلم العلم الشرعي، أو لضرورة من ضرورات الحياة، فالأمر يعالج موقفه عينياً فردياً، لكن أنا أقول كناحية عامة: الذي أفضله وأختاره هو العودة إلى هنالك.
الأسباب المعينة على زيادة الإيمان في ظل الفتن الموجودة
السؤال: كيف يمكننا أن نرتقي بدرجة إيماننا مع كثرة المغريات الدنيوية التي تبعدنا عن كمال الإيمان؟
الجواب: المؤمن لا تزيده الإغراءات أو المغريات إلا إيماناً ويقيناً، فحسب المؤمن أن يقرأ قول الله تبارك وتعالى: الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً [الكهف:46].
وحسب المؤمن أن يتأمل ما قاله أبو الدرداء لما قال: [[يا أهل دمشق ! لم تبنون ما لا تسكنون؟ ولم تجمعون ما لا تنفقون؟! ألم تسمعوا أنه قد بلغنا أن عاداً قد بنت لبنة من ذهب ولبنة من فضة، فمن منكم يشتري مني تركة آل عادٍ بدرهمين ]] فهو يقول: من يشتري تركة آل عاد بدرهمين، فأين هي عاد وثمود؟
وأين ما بنوا؟ وأين ما شادوا؟ وأين ما فعلت الحضارات القديمة؟(1/24)
وهي حضارات هائلة، ويقول بعض المحللين: إنه وجدت حضارات بلغت في بعض الجوانب أكثر مما بلغته الحضارة المعاصرة، ثم هذه الحضارة أيضاً كلها يوماً من الأيام تكون صعيداً جرزاً وقاعاً صفصفاً، لا ترى فيها عوجاً ولا أمتا، بقصورها وبتجارتها وبمدنها العامرة، وبكل ما هو من زينة الحياة الدنيا.
إذاً هل يغر المؤمن أن يرى هذه المظاهر؟ لا شك أنها سحارة كما قال بعض السلف : ''اتقوا الدنيا فإنها سحارة، تسحر الإنسان، وكثير من الناس إنما يطغيه المال '' كَلَّا إِنَّ الْإنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى [العلق:6-7].
فهذا الإنسان كان في حال فقره منيباً مقبلاً على الله فلما أغناه الله من فضله انحرف وانجرف، نسأل الله العافية.
ولكن ليس هذا هو الأصل بل إن المسلم هو الذي ينظر إلى هذه الحياة الدنيا محتقراً ومزدرياً لها مهما تمتع.
فالمؤمن يتمتع: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ [الأعراف:32] ولكن نجعلها في أيدينا، أما في قلوبنا فنعلم حقارتها وضآلتها وتفاهتها بمقارنتها بالآخرة، فموضع سوط أحدنا في الجنة خير من الدنيا وما فيها، وركعتا الفجر -وليست الفريضة بل النافلة- خير من الدنيا وما فيها، يا سبحان الله!
إذاً لا نسبة, فلا تعدل الدنيا عند الله جناح بعوضة: { ولو كانت تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء }.
فالدنيا في كل هذه الآيات أو الأحاديث هي ما تجرد عن الإيمان بالله، أما بالإيمان بالله تبارك وتعالى بوجود المال الصالح بيد العبد الصالح مع الإحسان للفقراء، مع أن تكون الدنيا في اليد لا في القلب، فمهما كثرت فهي خير من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وعلى الإنسان أن يأخذها من حلها، وأن ينفقها في حلها.
ومقويات الإيمان كثيرة منها: التفكر في النفس الآفاق.(1/25)
ومنها التفكير في حال الموتى والمقبورين، وحال من قصّ الله علينا قصصهم في القرآن الكريم من الأمم والحضارات التي فنيت.
ومنها الاعتبار بمصائر الذين أطاعوا الله واتقوه والذين عصوه وخالفوا أمره، والاعتبار بحال هؤلاء وحال هؤلاء.
وأن أولئك عاشوا ما عاشوا ثم انتقلوا إلى رحمة من الله ورضوان.
وأن أولئك عاشوا ما عاشوا ثم انتقلوا إلى عذاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مقته وغضبه، نسأل الله العفو والعافية.
وهكذا حال المؤمن وديدنه فهو يتأمل في حركة الليل والنهار، التي يغفل عنها كثيرٌ من الناس، والله تبارك وتعالى يقول: تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُنِيراً * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً [الفرقان:61-62] فيزداد إيمانه بنظره في ملكوت السماوات والأرض ويقول: مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ [آل عمران:191].
ويتأمل في هذا الوجود العظيم، وكيف أنه ما من شيء إلا يسبح بحمده، ولكن لا نفقه تسبيحهم!
ونتعجب فيما ذرأ الله عز وجل، وما جعل للناس في أحوالهم وفي معايشهم من اختلاف ألسنتهم وألوانهم، وفي كل ما ذكره الله من هذه الآيات والعبر.
ولذلك من أعظم ما يقوي الإيمان ويبعث على التفكر، أن نقرأ القرآن ونتأمله، وأن نقرأ العبر والمواعظ النبوية من كتب السنة الصحيحة، وأن نسمع حلق الذكر ونحضرها ونحرص عليها، كل هذا -إن شاء الله- مما يعيننا على تقوية الإيمان.
الأسباب المعينة على الخشوع وحكم من ابتلي بالوسوسة(1/26)
السؤال: إنني فتاة متعلمة، وتخرجت من إحدى كليات العلوم الشرعية، وأعمل معلمة دين في المرحلة المتوسطة، ولكن أفتقر إلى الخشوع في أي عمل أقوم به مع أني أصلي الفرض وأصوم، وأصلي النوافل حتى إني لا أنام إلا وقد صليت الوتر، وأتصدق وأبتعد عن جميع المحرمات، إلا أنني أحس بضعف في العقيدة، أو على الأصح لا أجد حلاوة الإيمان مع محاولتي التركيز أثناء الصلاة ولكن أخرج منها كما دخلت، كما أني لا أتحمس للدين، فما هو توجيهكم؟
الجواب: أنا أظن أن الأخت -وأسأل الله أن يجعل ظني كذلك- يغلب عليها شيء من الخوف من النفاق، أو أن تكون غير خاشعة، وإلا فأتصور أن من يعمل هذه الأعمال لا بد وأن يشعر بحلاوة الإيمان، بإذن الله، وليست الحلاوة الكاملة لأنها لا تكون إلا لمن اكتملت أعماله الإيمانية، لكن من يعمل هذه الأعمال لا بد أن يشعر بشيء من حلاوة الإيمان وإن قلَّت.
فربما أن هذه الأخت تنظر إلى نفسها بنظرة الازدراء، وهذا شيء طيب، وهو أن ينظر الإنسان في أمر الدين إلى من فوقه ويزدري نفسه، لكن في أمر الدنيا ينظر إلى من هو دونه فيحمد الله ولا يزدري نعمة الله تعالى عليه.
ومع ذلك أنا أقول: يجب أن ندخل في العبادة بإقبال ومحبة وخشوع ما أمكن، وإن لم نخشع فلنتخشع، وإن لم نبك فلنتباك، وإن لم نبصر فلنتبصر، وكما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، وإنما الصبر بالتصبر }.
فالإنسان إن لم يجبل على شيء فليجاهد نفسه أن تقوى عليه، وسوف تقوى وتلين بإذن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، مع مرور الزمن، وأضرب لكم مثالاً يمثل به السلف حال النفس، ونحن الآن لا نركب الدواب، وهذه من نعم الله تبارك وتعالى، ولكن من قبل كانوا يركبون الدابة، والدابة أول ما تركب -كالخيل مثلاً- فإنها تحرن وترفس، ويصعب أن تذلل، لكنها تتمرن وتتمرن حتى تصبح كأسرع ما يمكن، ويركبها الطفل الصغير ولا تلقيه.(1/27)
والنفس -سبحان الله تبارك وتعالى- هكذا، ومع ذلك فإنها قد تتدرب وتتذلل، ثم تحرن وتجنح، والنفس البشرية هكذا.
فما ضرب بعض السلف مثلاً بالدابة إلا لأجل ذلك، فالدابة يركبها الإنسان في طريقه في هذه الحياة.
فلا بد أن يتوقع منها هذا وهذا، ولكن الأصل أن تتذلل.
ولهذا قال بعض السلف : '' جاهدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت '' فهو أربعين سنة يجاهدها، ويذللها حتى تروضت، فبلغت هذه المقولة أحدهم فقال: '' عجباً أوقد استقامت '' أي: حتى أربعين سنة لا تكفي، فهو متعجب منه بعد الأربعين كيف استقامت!! فهذا مكسب عظيم.
فلا تيأس هذه الأخت وتقول: ما استقامت نفسي حتى الآن.
فنقول: نسأل الله تبارك وتعالى أن يريك حلاوة الإيمان واصبري ولا تتعجلي، وانتظرِي الخير من الله، وأكثري من الدعاء والتضرع أن يرزقك الإيمان واليقين والإخلاص والخشوع.
وساوس الشيطان وعلاجه
السؤال: كيف أتخلص من وساوس الشيطان التي تعتريني عند أداء أي عبادة، علماً أني ذهبت للقراءة عند المشايخ فأثبتوا لي أن عندي مساً من الجن؛ بسبب عين، على الرغم من كثرة العبادة والصبر والدعاء وقد داومت على الذكر وقراءة القرآن بصورة مستمرة، ولكن لا أجد فائدة، فأحس بالاختناق عند قراءة القرآن وكتمه، والله المستعان؟
الجواب: نسأل الله العلي الكريم رب العرش العظيم أن يشفيك ويشفي كل مؤمن أصيب، هذا يا أختي الكريمة احتسبيه عند الله تبارك وتعالى، بغض النظر عن القراءة والمشايخ، وأنا لا أنصحك أن تذهبي إلى أحد إلا أن تلجئي إلى الله تبارك وتعالى، وأن تتضرعي إليه، ومن زارك من الأخوات عليها أن تتطوع وتبادر هي بالقراءة عليك، أو من محارمك دون أن تطلبي ذلك، لتكوني إن شاء الله تبارك وتعالى أكثر إيماناً وتوحيداً، هذا ما أنصحك به.
وأقول: احتسبي ما تلاقين عند الله تبارك وتعالى، وأعلمي أن هذا الأمر سينتهي بإذن الله.(1/28)
وبعض الأخوات والإخوة يطول بهم ذلك شهراً أو سنة أو أكثر، ولكن في النهاية سيشفى بإذن الله.
واعلمي أنك ما تضرعتِ، ودعوتِ، وبكيتِ من خشية الله تبارك وتعالى والتجأت إلى الله تبارك وتعالى فإنه في ميزان أعمالك يكون خيراً لك لو لم تصبك هذه الحالة، وكنتِ تقرئين القرآن وتصلين وتصومين وتعبدين، ولكن بدون هذه الضراعة والبكاء، ربما يكون حالك كحال أختك السابقة التي تفعل من القربات والطاعات، ولكن لا تجد لذة وحلاوة.
وهذه اللذة: لذة الانكسار والدعاء والضراعة والبكاء بين يدي الله تبارك وتعالى، أن ييسر لك أن تتلي القرآن وتتعبدي، وأن يطرد الشيطان عنك لتعبديه، هي بذاتها مكسب عظيم، وعبادة عظيمة، فاحرصي عليها فإن عوفيتي وشفيتي فالحمد لله، وكله بفضل الله تبارك وتعالى، واجتهدي في شكر النعمة بعبادة الله تبارك وتعالى أكثر فأكثر، وإن كان غير ذلك فاستديمي الصبر واعلمي أن هذا خير لك بإذن الله تبارك وتعالى.
حال أطفال المسلمين الذين يساقون إلى دول الكفر ليقوموا بتربيتهم وواجب المسلمين تجاه ذلك
السؤال: يعز علينا أن نشاهد أطفال المسلمين في البوسنة والهرسك وهم يساقون إلى دول الكفر في ألمانيا وإيطاليا وغيرها تحت رعاية المؤسسات التنصيرية، فيصبح حال المسلمين هناك إما القتل، أو التنصير.
فلماذا لا تقوم الهيئات الإسلامية المتمثلة بهيئة الإغاثة والندوة العالمية بإحضار أطفال مسلمين من هناك إلى المملكة وبناء الملاجئ لهم، ونحن على استعداد لكفالتهم ورعاية شئونهم، وهذا ليس كثيراً على حكومة المملكة والهيئات الإسلامية فهي تقدم الكثير والكثير للمسلمين، وجزاكم الله خيراً؟
الجواب: أقول مع الأسف الشديد هذا السؤال -فعلاً- ينكأ جرحاً عظيماً في قلب كل مسلم، وهو عندما نرى المسلمات والأطفال المسلمين ليس فقط في البوسنة والهرسك بل في أكثر الدول الإفريقية.(1/29)
وقد جاءتني رسالة من موازمبيق أن المسلمة تباع بما يقل عن ثلاثين دولاراً!! وغيرها من الدول فهذا أمر محزن.
وأيضاً ما يجري في كشمير و الهند وبنجلادش من المنصرين مع الفقر والجوع.
وما يجري في الفلبين وفطاني ، وما يجري في معظم دول غرب إفريقيا ، وهي تزيد عن عشر دول.
كل ذلك يبكي ويدمي القلوب، والذي يزيد ألماً -حقيقة- أن الدول الكافرة هنالك إذا ذهبت إليها أي أسرة -كأن تكون أسرة صومالية- ووصلت إلى أي مطار من مطارات دول أوروبا فإنها تستقبل بدون النظر إلى الجواز أو غيره، وتُؤوى رأساً، وتُعطى إقامة، ويسكنون في مساكن، وتقدم لهم خدمات عظيمة، كما في بريطانيا وكندا وغيرها، وقد يعطون الجنسية.
فأقول مع الأسف الشديد: هذا يقع من دول الكفر، سواء فعلوه من أجل التنصير أم لغيره، فليس شرطاً أن يكون غرضهم التنصير، لكنهم كما في كندا ، يريدون أن يقيم هؤلاء ويسكنون البلد ثم يكونون من رعاياه فيما بعد، وإن لم يكونوا كذلك، فالأبناء سيكونون كذلك، فيدينون بدين البلد ولغته وكل شيء.
وأقول: إنه من المؤلم أن يقع هذا، وأما المسلمون وبلاد المسلمين، فربما أنها قد تضيق وتطرد، وتؤذي من يدعو إلى الله تبارك وتعالى فيها، فكيف نطالبها بأن تؤوي.
والمنظمات الإسلامية كما عندنا هنا -مثلاً- ماذا في إمكانها أن تعمل؟ هذا لو أرادت ذلك.
والحقيقة أن الأمر أمر أمة، وليس أمر جمعيات وهيئات.
وإذا كانت الجمعيات في أمريكا مائتي مليون جمعية، فنحن عندنا جمعية وهيئة واحدة.
وإذا كان ما يجمع للكنيسة في أمريكا يساوي بالريال السعودي مائة وعشرين ألف مليون ريال، أي: مائة وعشرين ملياراً، وهذه تجمع فقط للكنيسة.
وإذا كان المنصرون ومن يعملون في حقل التنصير من الأمريكان فقط يزيدون على أربعة ملايين، فعند الرابطة هنا مائتا داعية، وعند الإفتاء ثلاثمائة.
فماذا عندنا وكيف يمكن أن نستقبل هؤلاء؟(1/30)
وأنا أقول -وطبعي أن أقول الحق والصراحة-: هذه ليست قضية جمعية ولا مؤسسة، بل هي قضية أمة بأجمعها.
فعلى العلماء أن يتحركوا الخطباء وأن يتحرك الخطباء والرجال، وأن تتحرك النساء: فإما أن تتحرك الحكومات، أو تستجيب لحركتهم.
وأن يكون لنا دور فعال في هذه القضايا الإسلامية.
أما أن تكون صحافتنا لا تنقل إلا ما يقال في الغرب، وإعلامنا لا ينقل إلا ما يُنقل في الغرب، حتى في هذه الأمور، فحقيقة إن الهوة بعيدة وسحيقة بين ما قاله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر } وبين واقعنا الحالي فمع الأسف الشديد نحن لا نندد أحياناً، ولا نستنكر، ولا نقف أي موقف إلا بعد أن يقفه الغرب نفسه.
فهذه أحوال تُشكى إلى الله تبارك وتعالى، وفي الإشارة ما يغني عن إطالة العبارة.
حكم من يحرص على طلب العلاج بالرقى الشرعية
السؤال: إذا حرص المرء بشدة على طلب العلاج بالرقى الشرعية لدى أحد الصالحين من إصابة بالعين -مثلاً- بعد محاولته رقية نفسه بالرقية المشروعة، والاستمرار في الدعاء بطلب الشفاء من الله تبارك وتعالى، مع اعتقاده.
أولاً: أن إيمانه ضعيف، وأن رقيته ليست قوية، بالرغم من عدم توقفه عن الدعاء.
وثانياً: الاعتقاد بأن هناك أناساً سخرهم الله تبارك وتعالى، ووهبهم القدرة على علاج الناس بالقرآن والرقى الشرعية، فتأثيرهم أقوى منه في ذلك، وكله بأمر الله تبارك وتعالى وحوله وقوته فهل هذا جائز، نرجو الإفادة، وجزاكم الله خيراً؟(1/31)
الجواب: الذي ننصح به -وهو الأصل- أن الإنسان يرجع إلى الله تبارك وتعالى ويدعوه، ويتضرع إليه مهما قال من قال بجواز الرقية من الغير، وأنا لا أحرمها ولكني أقول: لا ننسى الأصل. فلا ننسى أن اللجوء إنما يكون إلى الله تبارك وتعالى حتى يسلم لنا إيماننا وتوحيدنا، وكما قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ [النمل:62].
فالأصل المتفق عليه أن المضطر هو الذي يدعو ويتضرع، وهو الذي يتعبد ويلجأ إلى الله تبارك وتعالى.
وكما ذكرت: اللجوء نفسه عمل ومطلب عظيم يجعل من العبد ولياً من أولياء الله ومقرباً منه تبارك وتعالى، ويكفر الله تبارك وتعالى عنه ذنوباً عظيمة.
ولما دعا يونس وهو في بطن الحوت: لَاْ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء:87] استجاب الله تبارك وتعالى له وعفا عنه، وقد فعل ما فعل.
فاللجوء إلى الله تبارك وتعالى، والضراعة إليه، ودعاؤه مع التوحيد الخالص، هذه أمور يجب ألا تنساها الأخت وإن كانت تقول: إيماني ضعيف كلما تضرعت ولجأت وبكيت ودعوت وانكسرت بين يديه، فهذا من تقوية الإيمان ومما يزيد العلاقة والصلة بالله سبحانه، فلا تقولي ولا تستسلمي لقول: إن إيماني ضعيف، ثم تقولين: لن أبحث عمن يقرأ عليّ.
وأنا لا أحرم الرقى، بل من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل؛ لكن أنا أرشدت إلى كمال التوحيد وكمال الإيمان وفي هذا حديث السبعين ألفاً الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون.
نصيحة لمن ابتلي بفتور في إيمانه وضعف همته في العبادة(1/32)
السؤال: نرجو نصيحتكم وتوجيهكم لمن يشعر بكسل روحاني، أو خمول إيماني، وضعف همته في الإقبال على الطاعات، كيف يتغلب على مثل ذلك ويخرج من مثل هذه الحلقة المفرغة مع إحساسه بتقصيره في حق الله، وكثيراً ما ينوي القيام بطاعات وعبادات يتقرب بها إلى الله تبارك وتعالى، ولكن يصيبه الكسل والخمول والتسويف، وأنه يشعر بأنه في خطر عظيم ويخشى سوء الخاتمة، فما هي نصيحتكم لمن ابتُلي بذلك؟
الجواب: الحمد لله، أن المؤمن يخاف من سوء الخاتمة، ويخاف من الإهمال والتقصير، ويستشعر أن ذنبه كالجبل العظيم يوشك أن يقع عليه، فهذه علامات الخير.
وليس أحد من المؤمنين عرف الله تبارك وتعالى، وعرف عظيم حقه وقدره عز وجل، إلا واستشعر هذا الشعور، مهما بلغ من عبادته، فلا بد أن يحس أنه مقصر، وأنه ما عبد الله تبارك وتعالى حق عبادته ولا شكره حق شكره.
فإذا كان المقربون وأولياء الله تبارك وتعالى والصالحون يشعرون بهذا، فنحن وحالنا من الضعف والخمول ما ذكرت الأخت أكثر بكثير، فنحن أولى والله المستعان.
لكن نستعين بالله ولا نعجز ولا نيأس ولا نقنط من رحمة الله تبارك وتعالى.
ومن مقويات الإيمان وعوامله الإحساس بالتقصير في حق الله تبارك وتعالى، وتدارك ذلك بما أمكن.
ولعلي أضيف أمراً مهماً وهو: أن بعض الأخوات قد تشكو الكسل في نوع من أنواع العبادة، أو لا تجد لذة فيها، لأنها قد تكون جشمت نفسها وكلفتها أمراً ليست من أهله.
مثلاً بعض الأخوات ربما يثقل عليها، أن تكثر من الصيام ومن صلاة النافلة وغيرها، لكن الله تبارك وتعالى يسر عليها النفقة فهي لو دفعت ألفاً أو ألفي ريال دفعة واحدة للمجاهدين أو المحتاجين يهون عليها ذلك، ولا تجد حرجاً ولا غضاضة، بل بالعكس توجد أخت تحب الله تبارك وتعالى رسوله، وتريد أن تعمل العمل الصالح، لكن المائة الريال تشق عليها كثيراً، أما أن تصوم الإثنين والخميس فهو سهل عليها جداً.(1/33)
فالله قسم المواهب، فلا تكلف هذه نفسها مثل تلك، بل كل ميسر كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {اعملوا فكل ميسر لما خلق له }.
فإن كنت من أهل الصيام فعليك به.
وإن كنت من أهل النوافل والذكر وقراءة القرآن فعليك بها.
وإن كنت من أهل الإنفاق فعليك به.
وهكذا لا بد أن عملاً من أعمال الخير يحبب إلى بعض الأخوات. وقد يكون عمل الخير الذي تستطيعه هو إنكار المنكر، حيث أعطاها الله قوة شخصية وتحمل على الصدع بالحق، فتقول به ولا تخاف، فإذا كان لها تقصير في هذه الجوانب، ولديها هذا الجانب، فهو عظيم جداً فلا تحتقره، وربما يكون الطريق الذي تدخل به الجنة.
فالجنة أبواب ولا يدخل من أبوابها الثمانية إلا القلة كالصديق ، فإنه يدخل منها جميعاً، كما أخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
لكن غيره قد يدخل من باب الريان لأنه للصائمين، أو يدخل من باب الجهاد لأنه من المجاهدين وهكذا.
وأرجو أن تتنبه الأخوات إلى هذا، وأن تراجع كل أخت نفسها، ما الذي يصلح لها؟
فأحياناً بعض الأخوات تعجب بأخت أو داعية أو مربية، وتقول: أريد أن أكون مثلها، وتلك قد فطرها الله وطبعها على غير ما طبعك عليه أنت، فتحاولين وتتكلفين اللحاق بها ولن تكوني كذلك، بل اهتمي بما أنت من أهله وأقل شيء ذكر الله والمداومة عليه، فهو -إن شاء الله- هين ولين، ولا يزال لسانك رطباً بذكر الله، وهو مكسب وربح عظيم، وهو الغنيمة الباردة: {مثل الذي يذكر الله والذي لا يذكره كمثل الحي والميت }.
حكم المرأة التي تدرس الأولاد والعكس
السؤال: ما حكم المرأة التي تقوم بالتدريس لأولاد في المتوسط أو الثانوي، والحكم في تدريس الرجل لفتيات في مثل هذه المراحل؟(1/34)
الجواب: هذا لا يجوز قطعاً، وطلاب المتوسط والثانوي، لا شك أنهم يناهزون البلوغ أو قد بلغوا، وهؤلاء يحرم أن يروا المرأة، وفي الاختلاط بهم من المفاسد ما الله تعالى به عليم، وواقع الغرب والدول والمدارس التي أباحت ذلك شاهد بهذا؛ مما تفيض به وسائل الإعلام يومياً، ولا حاجة للإطالة فيه.
حكم تحديد النسل
السؤال: ما حكم تحديد النسل؟
الجواب: أنا دائماً أكرر وأقول: نحن أحوج أمة إلى تكثير نسلها، فالعالم الغربي: هولندا والدانمرك وبلجيكا ، بل لو جمعنا من أوروبا دولاً سكانها يزيدون عن مائتين وخمسين مليوناً، فإنه لا تصل مساحتها إلى مساحة المملكة ، وليس عندهم بترول مثل ما عندنا والحمد لله، فنحن في استطاعتنا أن نكون مائة مليون، ولم لا نكون مائة مليون؟
وأعظم ثروة هي الثروة البشرية، فأعظم ما تتسابق به الأمم المتحضرة المتقدمة هي الثروة البشرية، وهي زيادة النسل.
ونحن مع الأسف ننساق لدعاية اليهود والنصارى، الذين يريدون تخفيض النسل لما يشكله من خطر عليهم.
وقد قرأت قبل أيام تقريراً: أن قطاع غزة وغيره تضاعف السكان المسلمون العرب فيه، أضعاف أضعاف اليهود، ففرحت كثيراً والحمد لله، ولذلك اليهود والمنظمات اليهودية ، في أمريكا وغيرها تحرص على أن تشيع في مصر والأردن وسوريا وغيرها أنه لا بد من تقليل النسل، والخوف من الانفجار السكاني، وهذا على مستوى الأمة.(1/35)
أما على مستوى الفرد فالأمر يختلف، لأنها عبادة فردية، فإن كانت الأخت لا تريد أن يتتابع الأبناء فتأخذ الحبوب لمنع الحمل؛ لتجعل الفاصل بين الابن وما بعده، كما ذكر الله عز وجل: وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ [البقرة:233] فتقول: إذا أرضع المولود الأول حولين كاملين أتم الرضاعة، ثم بعد ذلك آخذ فترة ثم أبدأ الحمل الآخر، ويكون تسعة أشهر فيكون تقريباً بين الولد والولد ثلاث سنوات، فهذه نسبة معقولة ومقبولة وهكذا كان السلف ، بل أنا أتعجب من أمهاتنا من قبل لم يكن عندهن هذا التلاحق، ولكن الحمد لله النعمة والرفاهية وغير ذلك من الأمور.
فبالنسبة للفرد أو للأخت في ذاتها يمكن أن تنظم النسل لا أن تحدده أو تقطعه.
أما استئصال الرحم أو بعضاً منه مما يذهب النسل بالكلية فهذا لا يجوز، إلا لضرورة مرضية يقتضيها ذلك بقول طبيب مسلم موثوق أو أكثر.
نصيحة عامة حول معرفة الله
السؤال: أود أن تعطوني أسماء مراجع لعمل ندوة عن معرفة الله في المرحلة المتوسطة، وعن قول الله تعالى: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ [الأنعام:91]؟
الجواب: أنا لا أذكر الآن كتاباً بذاته، ولكن كل الآيات والأحاديث المتعلقة بصفات الله، مثل آية الكرسي، وحديث: { إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام } ومثل بعض ما تذكره بعض كتب السنة عن أهمية توحيد الأسماء والصفات والتعريف بالله، كما في أول شرح العقيدة الطحاوية .
حكم من يقول: والله والنبي
السؤال: ما حكم من يقول والله والنبي، ما حكمه؟
الجواب: الذي يقول هذا تقول له: من كان حالفاً فليحلف بالله، فالجائز أن نقول: والله، أما والنبي فلا يجوز.
فلا يجوز للمخلوق أن يحلف بمخلوق، والنبي مخلوق، والكعبة مخلوقه، فلا نقل: والنبي! ولا نقل: والكعبة! وإنما نحلف بالله، من حلف بغير الله فقد كفر وأشرك كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
حكم قراءة الحائض للقرآن(1/36)
السؤال: هل تحرم قراءة القرآن للحائض قراءة تعبدية؟ علماً أنا لم نجد حديثاً صريحاً ينهى الحائض عن قراءة القرآن، ولم ترد آيه صريحة تنهى الحائض عن قراءة القرآن، والحديث الذي ورد فإنها لا تمس حائض ولا جنب شيئاً من القرآن، حديث لم يبلغ درجة الصحة، ولم ترد أحاديث تساند هذا الحديث.
ثانياً: الآية التي تقول: لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ [الواقعة:79] فالله سبحانه قال لا يمسه ولم يقل لا يقرؤه... إلى آخره؟
الجواب: الذي يترجح لدي الفرق بين الجنب والحائض، فأما الجنب ففي إمكان الإنسان أن يتخلص من الجنابة في أي وقت، فيغتسل ويعود طاهراً ويقرأ القرآن.
وأما الحائض فإنه يشق عليها أن تمر هذه الفترة ولا تقرأ القرآن.
فأقول: إن الحائض يجوز لها أن تقرأ القرآن -إن شاء الله- عن ظهر قلب، وأما مس المصحف فلا تمسه إلا إذا اضطرت، فإذا اضطرت لذلك فلتمسسه بحائل.
يقول ابن قيم الجوزية في كتبه: [[يعتبر هاجراً القرآن من لم يقرأه فوق ثلاث ليال ]] فقد يقال: فكيف بنا نحن تجلس إحدانا السبع والتسع والعشر والخمسة عشر يوماً من تصاب بالحيض لا تقرأ القرآن؟ والجواب: إن من عذره الله لا يدخل في هذا، وقصد ابن القيم هو الهجر الجزئي، وليس هجراً مطلقاً كلياً، أي: يدخل فيه شيء من الهجر.
حكم المرأة التي تسرف في اللباس
السؤال: أنا امرأة ملتزمة ولكن تلهيني الدنيا كثيراً عن طريق الاهتمام بالملابس، ولا تعجبني إلا أشياء معينة من الملابس، وتكون باهظة الثمن، ووالله لا أقصد ذلك، ولكن نفسي تأبى لبس أي شيء، وذوقي لا يناسبه إلا أشياء معينه، فماذا أفعل وهل من نصيحة؟
الجواب: يا أختي! النصيحة -بارك الله فيكِ- أن تحاولي أن تقوّمي هذا الذوق.
وأنا أقول: حتى لو كان الفستان بمائتي ريال، أنا أعتبره غالياً حقيقة، وطبعاً ستعجب أكثركن، لكن -والله- عندما ترين أختك المسلمة في الصومال لا تجد ما تستر عورتها.(1/37)
بل ملايين من النساء في كشمير وملايين في إفريقيا لا يجدن شيئاً من ذلك.
وأنا أقول: الحمد لله، الآن تستطيع الأخت أن تلبس ثوباً نظيفاً محترماً، ويكون في حدود المائتين وإلى الثلاثمائة، أي: إذا كان أكثر من ذلك فلتلبسه ويستمر معها فترات طويلة.
والآن -الحمد لله- أجهزة التنظيف والكي، التي ما توفرت من قبل، أما ثوباً بالآلاف يلبس مرة واحدة، ثم يرمى، فهذا من الإسراف والتبذير الذي لا يليق بالمسلمة أبداً.
فنحن يجب أن نخضع ذوقنا وهوانا لما جاء عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونقول: إنه لا يجوز، وأنا لا أحرِّم الآن، لكن أقول: في دائرة الجواز هناك أمور لا تليق، بمعنى لو أني أريد أن آكل الليلة -مثلاً- عشاء بألف ريال، أو بمائة أو مائتين لا نقول: إنه حرام، لكن إذا كان لي جار لا يجد ما يتعشى، وأنا أتعشى بمائة ريال فإن هذا لا يجوز ولا يصح أبداً.
فلماذا لا أعطيه ولو عشرين.
والآن نحن في هذا البلد أنعم الله علينا بنعم عظيمة، والآن المصيبة مركبة: حيث نترك حق إخواننا المسلمين من جهة، ونبذر أموالنا من جهة، ونعطي الأموال لبيوت الأزياء وهي يهودية نصرانية حاقدة علينا من جهة أصلها، فالقضية مركبة تركيباً ثلاثياً، كلاً منها يكفي بذاته.
والسلف كانوا ينهون عن التبذير، ويستكثرون الثوب، وعمر بن عبد العزيز رحمه الله جيء له بثوب قيمته خمسة دراهم، فقال: إنه غالٍ.
فقيل: يا أمير المؤمنين! جئناك بثوب ثمنه خمسمائة درهم، وأنت بأول أمرك، فقلت: هذا رخيص، والآن هكذا.
وهذا في وقت يصنع فيه كل شيء في الأمة، وأموال الأمة عنده.
أما الآن فأموال الأمة في الخارج، وأرصدتنا في الخارج، وتصنع هذه الأمور في الخارج، ونشتري هذه البضائع وإن كانت كاسدة فاسدة بأغلى الأسعار.(1/38)
ولعل البعض يشاهد ما يسمى: بالخواجات، كيف يلبسن شيئاً لا ترضى أي واحدة منكن أن تلبسه. فلماذا نحن أيضاً يأخذنا شيء من الإعجاب، ونقول: جائز، ثم نستسهل ذلك فنبالغ فيه.
فأرجو من الأخت الكريمة أن تحاول أن تقاوم هذه الرغبة، وهذا الكلام لجميع النساء، فأرجو أنه لا يوجد رغبة من هذه الرغبات التي تجعل الأخت تتنقل في الأسواق وبين المحلات.
والحقيقة الآن أكثر ما في الأسواق لا يعجب من يرضى بالحد الأدنى، فكيف إذا كان الحد الأعلى كحال ذوق الأخت بارك الله فيها.
الاستسقاء بالعباس
السؤال: ما هو تفسير ما ورد في فتاوى ابن تيمية من أن الصحابة بعد وفاة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كانوا يستسقون بعمه العباس رضي الله عنه؟
الجواب: هذا حديث صحيح، ويستسقون به أي: يدعون الله بواسطة دعائه هو، بمعنى أنه يدعو وهم يؤمنون، فهذا هو المقصود.
فكانوا يستسقون كما فعلعمر بن الخطاب رضي الله عنه: [[اللهم إنّا كنا نستسقي بنبيك محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والآن نستسقي بعم نبيك فدعا العباس وأمن الناس ]].
فهذا دليل على التوحيد والتوسل الشرعي الصحيح الذي يقوله أهل السنة والجماعة ، حيث أنه بعد وفاة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انقطع التوسل والسؤال به، فبقي التوسل بالصالحين، فأي عبد صالح ولا سيما إن كان من أهل البيت يدعو ونحن نؤمن وراءه، والله تعالى يستجيب الدعاء.
الموقف مع من يقيم الموالد
السؤال: ما موقفنا من الأهل الذين يقومون بعمل الموالد للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو حضور الموالد بصفة منتظمة، على الرغم من نصحي لهم، لكنهم لم يرتدعوا، فما العمل؟
الجواب: اصبري عليهم وبلغيهم بالحكمة، وأعطيهم الأشرطة والكتيبات التي تبين حكم المولد.(1/39)
وهذه بدعة وقع فيها المسلمون، وغفلوا عن حق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومحبته وتعظيم قدره، وظنوا أنهم بأداء مثل هذا العمل البدعي يقومون بالواجب العظيم، وأنه من أعظم واجبات محبة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
حكم فك السحر بمثله
السؤال: تقول الأخت: لنا إرث وهو بيت في موضع ممتاز، وعرضناه للبيع لمدة عامين، ولكن يحجم المشترون عند شرائه بعد الموافقة والرغبة في الشراء، ثم أفاد أحد الناس المعروفين لنا أن عمي -وهو المتوفى وله نصيب في البيت- قد قام بعمل ما يسمى رصد للبيت حتى لا يباع، وقد اعترف الشخص الساحر فعلاً بأنه قام بهذا العمل، وهو من أعمال السحر حتى لا يباع المنزل، أفيدونا ماذا نعمل؟
وهل نجعل الشخص يفك السحر أم أن هذا من نواقض الإيمان؟
الجواب: أرجو ألا تنساقوا وراء هذا الكلام، ربما يكون هناك من عمل سحراً، لكن لو جاء إنسان صادق في توحيده وإيمانه فلا يؤثر فيه السحر فإنه سيشتريه إن شاء الله.
وتخيلوا أو اعتبروا بغيركم، فبعض الناس قد يبقى فترة مثل هذا، وربما تكون القيمة غالية، وأنتم ترون أن الموقع ممتاز، وهو أقل امتيازاً في نظر المشتري، وهكذا من هذه الأمور، علماً أنه لا يجوز الذهاب إلى الساحر ولو إلى هذا الغرض، وقد يكون دجالاً وكاذباً ويقول: أنا أفكه، ويكون هذا من أجل أنه إذا كان البيت بمليون يُعطى عشرين ألفاً مثلاً، فيأخذ ضربة بالسحت والحرام والعياذ بالله.
فلا يجوز الذهاب إلى السحرة، وإن جاء مشترٍ ممن لا يؤثر فيهم السحر، فسيشتري بإذن الله، فربما أن بعض المشترين لو كان هناك سحر يؤثر فيه سحرهم، لضعف في أنفسهم فيقع فيهم التأثير.
حدود البراءة من الكافرين
السؤال: فصل حدود البراءة من الكافرين، وكيف يكون التعامل معهم، وهل يجوز الذهاب إلى بلادهم والتعامل معهم وزيارتهم؟(1/40)
الجواب: تفصيل هذا الآن صعب، ولكن عليك بقراءة رسالة الزميل الدكتور محمد القحطاني الولاء والبراء ، وجزاكم الله خيراً وأحسن الله إليكم.
توبة من كان يأتي إلى الكهان وهو لا يعرف
السؤال: كان في منزلي جن بدءوا بأذيتي وأهل بيتي، ولكن دون علم منا بالرجل الذي أحضرناه للقراءة علينا وعلى أهل بيتي، حيث كان كاهناً، ولكن أول ما اكتشفت أنه كاهن ابتعدنا عنه وتبنا إلى الله، والسؤال: كيف تكون التوبة من هذا العمل، وهل يكفي التوبة والاستغفار؟
الجواب: الحمد لله أن من عليك بمعرفة أنه {من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } فلا يجوز الذهاب إلى هؤلاء، وعليك بالتوبة والاستغفار، والعزم على ألا تعودي إلى ذلك، وتحذير الأخوات من هذا الأمر، وكلما أكثرت من الصدقة والإحسان والإكثار من الطاعات فهو أفضل رجاء أن يتوب الله سبحانه علينا وعليك، وإن استطعت أن تبلغي عن هذا الرجل الخبيث فيمكن أن تكتبي اسمه وعنوانه ويكون هذا من إنكار المنكر إن شاء الله، ولعله يقضى عليه وعلى منكَره بإذن الله.
السؤال: الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: {من أتى كاهناً أو عرافاً.. إلى آخره } هل ينطبق هذا علي، وما كفارة الأربعين يوماً التي لم تقبل صلاتي فيها، وهل أقضي صلاة أربعين يوماً أم ماذا؟
الجواب: أما القضاء فلا تصليها مرة أخرى، وإنما تستغفرين وتتوبين على ما ذكرنا.
القدر السابق للعمل
السؤال: إن الله تعالى قد كتب أعمال العباد في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وقد كتب أن فلاناً سيدخل الجنة وأن فلاناً سيدخل النار، فإذاً لماذا جعلنا نعمل؟ وأنا عندي التباس في الجواب، أفيدوني جزاكم الله خيراً؟(1/41)
الجواب: السؤال لا غرابة فيه، فالصحابة رضي الله عنهم، قالوا: { يا رسول الله! ففيم العمل } وهكذا لما كانوا في جنازة وجلسوا حوله وكأن على رءوسهم الطير، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {ما من نفس منفوسة إلا وكتب الله مقعدها من الجنة أو النار، قالوا: يا رسول الله! أفلا نتكل على الكتاب وندع العمل؟ قال: لا. بل اعملوا فكل ميسر لما خلق له }.
فنقول للأخت الكريمة كما في السؤال: إن الله كتب أعمال العباد، وأنت قلتي: هكذا كتب الله أعمال العباد في اللوح المحفوظ.
إذاً: ما الذي يدريك أنه كتب أن أعمالك خير أو شر: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ [آل عمران:179].
إذاً فالذي بيدي أنا أن أعمل الخير، فإذا صليت وعبدت وعملت الخير علمت أن الله كتب ذلك؛ لأنه لا يمكن أن يخرج عمل من أعمالي عما كتب الله، بينما لو عصيت وقصرت علمت أن الله كتب ذلك لأنه -فعلاً- لا يمكن أن يخرج عمل من الأعمال عما كتب الله عز وجل.
إذاً الواجب علي أن أجتهد كما قال الله تعالى: إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً [الإنسان:3] فالسبيل واضح بين فعلي أن أجتهد، فإذا أذن المؤذن، إن استجبت له فأنا قد عملت بأمر الله، وقد حققت ما في اللوح المحفوظ، بأن الله قد استجاب لي، وإن كان غير ذلك فأنا مسئولٌ عنه لأنه أذن ولم أستجب إلا إذا كنت معذوراً، فهذا مما لا ينفي مسئولية العبد، بل مما يوجب العمل بأننا لا نعلم الغيب، حينما استأثر الله بعلمه وأمرنا بالعمل.
أخطاء الملتزمين في الدعوة
السؤال: لماذا أصبحت الفجوة كبيرة بين الملتزمين وغيرهم، وهل هناك خطأ في الطرق التي نتخذها في الدعوة، وكيف يمكن أن نغير مفاهيم هؤلاء، ونرجعهم إلى طريق الحق؟
الجواب: حقاً إن السؤال مهم، ولا شك أن هناك أخطاء في الطرق التي تنتهج في سبيل الدعوة، وهذا حق، ومن ذلك عدم الرفق، والقسوة والغلظة.(1/42)
ومن ذلك أن الإخوة والأخوات إذا تمسكوا واهتدوا اعتزلوا الناس كثيراً، وانحصر عملهم مع بعضهم بعضاً وتقاربوا، مع أنهم في حاجة إلى الاعتزال لأهل الفجور والمعاصي والذنوب أو الكفر والإلحاد، لكن إذا بالغ في ذلك حتى يصبح في كل بيت، أو في كل مجموعة بيوت مجتمعات منفصلات هذا للأخيار الأطهار وهذا للأشرار الفجار، وأنا أرى أن هذا لا يصح، وخاصة في مجتمعنا حيث يتقبل الناس -ولله الحمد- الخير، ومهما كان فهناك درجة معينة وقبول معين، فبحسن الخلق وبحسن التعامل واللين، ومخالطة هؤلاء دون الاندماج فيما هم عليه يكون الخير والدعوة إن شاء الله.
حكم طلب الطلاق من الزوج المتزوج
السؤال: ما حكم طلب الطلاق من زوج تزوج على زوجته؟
الجواب: لا يا أختي! هذا لا يجوز، لا تطلبي ذلك، فإن عدل معك فذلك لا يجوز، وإن ظلمك فاحتسبي عند الله وحاولي أن تنصحيه أن يعدل، أما أن يرفض مبدأ الزواج من أصله فلا ينبغي لمؤمنة تعلم أن الله قد أحل ذلك ,خاصة إذا كانت تعلم أنه لحاجة أو لضرورة للزوج، فلا يجوز لها أن تعترض.
حكم من أرادت أن تسافر مع طليقها لتربية أولادها
السؤال: إذا أرادت الزوجة السفر مع طليقها لتربية أولادها معه، على شرط بقائها في سكن بمفردها معه، وذلك نظراً لظروف عمله، فهل يجوز لها ذلك، أو يكون غير محرمٍ لها؟
الجواب: مادام قد طلقها فقد أصبح أجنبياً، ولا تأمن الفتنة، بل بالعكس لأن من قد سبقت عشرته فربما أن تكون نوازع الشيطان معه أكثر مع الخلوة، فهو ليس محرماً لها، ولا يجوز أن تسافر إلا مع ذي محرم كما أخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
حكم التعامل مع البنوك التي فيها شبهة(1/43)
السؤال: أرجو إخبارنا عن مصرف فيصل الإسلامي، فقد قيل: إنه إسلامي، وأنه لا يوجد فيه ربا، وبعد أن وضعنا أموالنا فيه يقال بأنه ربوي، علماً بأنه يشاركنا في الأرباح والخسائر، فهل هذا صحيح؟ وهل وضع الأموال فيه غير جائز، وكما تعلمون البنوك الأخرى الربا واضح فيها؟
الجواب: في الحقيقة مشكلتنا أننا في هذه البلاد -مع الأسف الشديد- لم نذعن لأمر الله عز وجل بترك الربا، فلو تركنا الربا كلية ثم بدأت قضية المفاضلة بين المتعاملين من المسلمين بغير الربا، وأن هذا لديه نقص لأنه أخل أو قصر أو المشابهة لأهل الربا، لهان الأمر، لكن نحن الآن نحرج جداً إن قلنا: نعم في هذه البنوك الإسلامية شيء من الملاحظات، وأشيع هذا الكلام وحده، وأصبحت الصحف التي يحرّم عليها الآن أن تتكلم عن الربا وأن تنتقد البنوك -فممنوع أن تنتقد الصحافة البنوك، بل يجب أن تثني عليها، وتتكلم عن قوة ومكانة الاقتصاد الوطني إلى آخره- فإذا وجدوا كلاماً لداعية أو لعالم في بنوك إسلامية أشاعوه ونشروه، وانتقدوا ما فيها وهاجموها, وهاجموا فلاناً.
فنحن لا نريد أن نشاركهم في ذلك.
لكن أقول: هذه المصارف يجب أن يكون لنا معها وقفات، في أن ننظر حالها، وأن نتبصر فيها، وأن ندعمها ونؤيدها فيما تدعو إليه من حيث المبدأ، ثم نعرض ما عندها من أمور مشكلة على الشرع، بمعنى أنه يكون عندنا وقفات إيجابية وليس الموقف السلبي الذي نعيشه الآن.
وأقول: إن مثل هذا المصرف، إن لم يجد الإنسان ما يضع فيه ماله إلا هو، فهو قطعاً بدون أي شك خير من كل البنوك الربوية، ولا نتوقع أن البنك الأمريكي أو الفرنسي أو الهولندي أو البريطاني فيها خير، وهذا مستحيل.
لكن ما دام هناك شبهات تحوم حول بعض أعمال هذا البنك فعلينا أن نجتنبها وإن قيل: إنه إسلامي، فيمكن أن نضع أموالنا في مرابحات فردية مع أشخاص نثق فيهم، كمن يفتح متجراً أو سوبر ماركت أو محلاً، حتى يصلح الله حال هذه الأمة.(1/44)
حكم المرأة التي تخالط أهل زوجها
السؤال: هل تخالط المرأة الملتزمة أهل الزوج إذا كانوا غير ملتزمين، والغالب لا يصلون الصلاة في وقتها، وأريد أن أكلمهم وأنصحهم ولكن ليس لي شخصية كافية -أي شخصيتي ضعيفة- ماذا أفعل هل أقطعهم أو أصلهم؟
الجواب: كأني أفهم أنك لا تسكنين معهم، فإذا كنت لا تسكنين معهم، فالأفضل ألا تخالطيهم إلا إذا كنت قوية الشخصية قادرة على نصحهم.
أما إذا كنت تسكنين معهم فهي مشكلة: أن تسكني معهم وأنتِ ضعيفة الشخصية، وهم فيهم هذا التهاون.
لا شك أن هذا مما يدعو إلى أن تبحثي وزوجك عن حل، ولكن بأفضل المخارج دون أن يشعروا بأن المقصود هو اعتزالهم أو اجتنابهم، وأغلى ما عند الإنسان دينه ولا يجوز أن يجامل فيه.
كثرة جراح المسلمين
السؤال: لماذا لا تكون هناك حملة مكثفة لجمع التبرعات لصالح الصومال ، كما حدث لصالح البوسنة والهرسك ، وإذاعة طهران تقدم عقائدها المنحرفة، فنقترح حملة مكثفة من الرسائل إلى إذاعة القرآن الكريم؟
الجواب: لأن الجراح تكاثرت وتكالبت علينا -ووالله- أنا شخصياً أحتار إذا جاءني أخ، وقال: هذه ألف أو خمسون أو مائة أريد أن تضعها كما ترى أنت، فأحتار أي جرح أعمق وأي جرح أخطر، الله المستعان.
لأن فعشرات الأوراق والطلبات والمكالمات تصل إليَّ، وأحتار أهذا أحوج أو هذا أو هذا، وهذه هي مصيبة الأمة، وأرجع بالكلام إلى ما ذكرنا آنفاً: فالأمر أمر أمة ودول وحكومات، وليس أمر أفراد أو هيئات محدودة.
وأما عن إذاعة طهران وعقائدها المنحرفة فلا شك فيها، وأما إذاعة القرآن الكريم فهي لا اهتمام لها بأحداث المسلمين فالله المستعان على كل حال.
ونحن نحتاج إلى رسائل معبرة وجيدة في أسلوبها إلى إذاعة القرآن وأهل الخير وحتى إلى أصحاب المنكرات.
حكم من ترك الصلاة ثم تاب
السؤال: ما الحكم فيمن تركت الصلاة فترة ولم تكن تصلي أبداً، ولكن الآن والحمد لله هداها الله؟(1/45)
الجواب: تستمر في الصلاة وتتوب ولا تقض الصلاة التي فاتتها.
حكم شرب الدخان
السؤال: ما حكم شرب الدخان، رغم أني حاولت الامتناع عنه فلم أستطع، وهل هي محرمة أم مكروهة؟
الجواب: شرب الدخان لو كان يوماً ما مكروهاً لأصبح اليوم محرماً.
فالدخان ثبت أن فيه من الأضرار والأخطار ما لا يتصوره الأخ الذي ابتلاه الله بذلك.
وأنا أعجب أن يشربه الشباب فكيف بالفتيات!! فأرجو وأطلب من كل أخت ابتليت بذلك أن تقلع عنه فوراً حفاظاً على دينها، وصحتها، ومالها، وعلى الولاء والبراء من الكافرين، فإنه مما علمت أن الجرائد نشرت قبل أسابيع، أن هناك محاكمات بين شركات الدخان في مبالغ تصل إلى ثلاثمائة مليون حول السوق السعودي.
وهناك شركات أمريكية معادية لنا، تتبرع بـ(10%) من أموالها للتنصير وتصدر لنا هذه السموم لتقتلنا بها، ومع ذلك يتعاركون علينا لأنا أكبر سوق للتدخين مع الأسف.
وقد قرأنا قبل أيام أن النقص الشديد الذي يحصل في الغرب -في أمريكا واليابان وغيرها في دول الغرب يتناقص الإقبال على التدخين (15%) سنوياً- أنه يعوض في أسواق الشرق الأوسط، بمعنى أن المسلمين يعوضون ذلك، وحسبنا الله ونعم الوكيل، فهو حرام بلا ريب.
قضاء الصوم
السؤال: امرأة لم تصم دينها من قبل، فهل عليها أن تحسب دينها وتصومه كله أو تصوم دين السنة التي هي فيها فقط؟
الجواب: من كان تاركاً للصيام ثم تاب لا يقضي، ومن كان تاركاً للصلاة ثم تاب لا يقضي، لأن الواجب على من هذا حاله، أن يلتزم فيما بقي، وهذا هو القول الصحيح الذي لا أرى أنه يجوز القول بما عداه وإلا لشق ذلك على الناس وتركوا التوبة -والعياذ بالله- واستمروا على ما هم عليه.(1/46)
فمن تاب تاب الله عليه، ولم نعلم في حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر أحداً ممن كان تاركاً لمثل هذه الواجبات العظيمة ثم جاء أنه أمره أن يصلي ما فاته، حتى من كان يصوم خطأ، حتى الصحابة، مثل الذي كان يجعل حبلين -بلا شك- أنه كان يأكل بعد طلوع الفجر، ولم يأمره النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالقضاء، وإنما أمره فيما بقي أن يصوم وأن يمسك على الوقت الصحيح.
حكم من يذهبن إلى العمرة أو الحج وهن مجموعة بلا محرم
السؤال: ما حكم من تذهب للعمرة والحج مع مجموعة من النساء لأن زوجها مقعد، ولا يوجد رجل محرم أبداً؟
الجواب: إن كان لا يوجد محرم أبداً ويوجد رفقة مأمونة، والمحارم فيها مأمونون، فأرجو أنه لا بأس، ولكن مرة واحدة ولا يكثر من ذلك.(1/47)