الجواهر والدرر
من كتب التاريخ والأثر
أبو حاتم الشريف – ملتقى أهل الأثر
الحمدلله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى وأشهد أن لاإله إلا الله وأشهدأن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله وخيرته من خلقه بعثه الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا . اللهم بارك عليه وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين
أما بعد : فيطيب لي أن أُخصص هذه الغرفة للفوائد العلمية والجواهر الحديثية التي وقفت عليها من خلال اطلاعي المحدود! وهي تشمل أنواعا من العلوم والفنون فهناك فوائد حديثية بشتى مجالاته الجرح والتعديل وعلم الرجال وعلم مصطلح الحديث وغير ذلك
وهناك فوائد تاريخية جمة تخفى على الكثير من الناس وهي من الأهمية بمكان فأنا أعلم أن كثيرا من طلاب العلم اهتمامهم بعلم التاريخ محدود جدا ! علما بأن أكثر من كتب في هذا العلم هم من العلماء الراسخين الذين لهم قدم راسخة ويد طولى في مختلف العلوم
أمثال ابن جرير الطبري وابن الأثير والذهبي وابن عساكر وابن كثير والفاسي والسخاوي والشوكاني وغيرهم
وكتب التاريخ كما قال المسعودي : إنه علم يستمتع به العالم والجاهل ويستعذب موقعه الأحمق والعاقل يجمع لك الأول والآخر والناقص والوافر والادي والحاضر والموجود والغابر , وعليه مدار كثير من الأحكام وبه يتزين في كل محفل ومقام .
وسوف أُحاول أن تكون هذه الجواهر نفيسة والفوائدوالدرر ثمينة
وسوف تكون في حلقات متتا بعة ومتنوعة . وأسأل الله العظيم التوفيق لما يحب ويرضى .
الفائدة الأولى : قال العز بن عبد السلام : والمخاطرة بالنفوس مشروعة في إعزاز الدين
ولذلك يجوز للبطل من المسلمين أن ينغمر في صفوف المشركين 000
ومن قال بأن التغرير بالنفوس لايجوز فقد بعد عن الحق ونأى عن الصواب
وعلى الجملة فمن آثر الله على نفسه آثره الله . طبقات الشافعية (8/229)(1/1)
قلت وهذا القول من العز يدل عنده على جواز العمليات الاستشهادية (إن صح التعبير )
الفائدة الثانية : قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وإذا دخل العدو بلاد الإسلام فلا ريب أنه يجب دفعه على الأقرب فالأقرب إذ بلاد الإسلام كلها بمنزلة واحدة وأنه يجب النفير إليه بلا إذن والد ولا غريم ونصوص أحمد صريحة بهذا وهو خير من المختصرات
لكن هل يجب على جميع أهل المكان النفير إذا نفر إليه الكفاية ؟ كلام أحمد مختلف فيه
وقتال الدفع :أن يكون العدو كثيرا لا طاقة للمسلمين به 00000
وقال أيضا : والواجب أن يعتبر في أمور الجهاد برأي أهل الدين الصحيح
الذين لهم خبرة بما عليه أهل الدنيا دون أهل الدنيا الذين يغلب عليهم
النظر في ظاهر الدين فلا يؤخذ برأيهم ولا برأي أهل الدين الذين لاخبرة لهم في الدنيا .
الاختيارات الفقهية ( 311)
قلت وهذه الفتوى مشهورة معروفة عند الجميع وإنما ذكرتها من باب التذكير لاأقل ولا أكثر
وكلام ابن تيمية يدل على أن أهل العلم على قسمين فمنهم العارف بأمور الدنيا ( الواقع) ومنهم من لايهتم بذلك لسبب من الأسباب ولا يلزم
أن يعرف كل شيء في ذلك!, ولا يضره !لأن هذه مواهب لكن عليه أن لايتصدر لفتاوي الجهاد وإذا طلب منه ذلك فليعتذر !
وليترك ذلك للعلماء العارفين بواقع الحال البصيرين بمخطط الأعداء
المتضلعين بأمور السياسة الشرعية والله أعلم
الفائدة الثالثة : متى تقبل رواية المختلط ؟
(وأشهر المختلطين كما هو معروف سعيد بن أبي عروبة والمسعودي وابن لهيعة وأبو إسحاق السيبعي وغيرهم وقد ذكرهم ابن الكيال في
كتابه المشهور ( الكواكب النيرات في معرفة من اختلط من الثقات (
وهذه الضوابط لاأعرف أحدا ذكرها مجموعة بهذا التفصيل) على حد علمي القاصر!( وهي كالتالي :
1- أن يكون الراوي عن المختلط قد مات قبل أن يختلط أو يتغير
2- أن يكون الراوي عن المختلط لايروي إلا عن كتاب المختلط أو أصوله(1/2)
3- أن يكون المختلط لم يحدث في حال اختلاطه كأن يكون قد حجبه أهله وهذا معروف كما حصل لحجاج المصيصي
4- أن يكون الراوي عن المختلط ممن لازموا المختلط قبل اختلاطه وقد عرف سنة اختلاطه فالظاهر أنه لايحدث عنه بعد اختلاطه
5- أن يكون الراوي عن المختلط معروف بالتحري والتثبت والاتقان فلايروي عن المختلط إلا ماحدث به قبل اختلاطه كما هو معروف عن شعبة ويحي بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهم
6- أن ينص أحد العلماء من أهل الاستقراء أن المختلط لم يحدث في حال اختلاطه بحديث منكر أو جميع أحاديثه مستقيمة
7- أن يكون الراوي الذي تغير حفظه أحاديثه ليست بالكثيرة بل هي قليلة معدودة من السهل حفظها ومن الصعب التخليط فيها
8- أن يخرج البخاري أو مسلم له في الأصول
9- أن يكون الراي عن المختلط من أهل بيته فالظاهر أنهم لايسمعون
منه بعد الاختلاط وقد ذكر ابن حجر شيئا من هذا في( الفتح )
10 - أن يكون الراوي عن المختلط من شيوخه أو أقرانه البارزين المشهورين فالظاهر أنهم لايسمع من قرينه أو تلميذه إلا ما أتقن فيه
ولايأخذ عنه ما خلط فيه وهذا معروف وليس على كل حال !
قلت : هذا ما تيسر لي جمعه في معرفة متى تقبل رواية المختلط
أو الذي تغير حفظه والله أعلم
ذكر الذهبي قصة مؤثرة حصلت بين الحافظ الثوري سفيان والحسن بن حي وهي :
قال رشيد الخبازوكان عبدا صالحا : خرجت مع مولاي إلى مكةفجاورنا ، فلما كان ذات يوم , جاء إنسان فقال لسفيان : يأبا عبد الله ! قدم
اليوم الحسن بن صالح وعلي بن الحسن قال وأين هما؟
قال في الطواف قال : إذا مرا , فأرنيهما . فمر أحدهما ، فقلت لسفيان
هذا علي ومر الآخر فقلت هذا حسن . فقال : أما الأول فصاحب آخرة
وأما الآخر فصاحب سيف لايملأ جوفه شيء .
قال : فيقوم إليه رجل كان معنا فأخبر عليا ثم مضى مولاي إلى علي يسلم عليه, وجاءه سفيان يسلم عليه ., فقال علي ( أخو حسن ((1/3)
ياأبا عبد الله ! ماحملك على أن ذكرت أخي أمس بما ذكرته ؟
مايؤمنك أن تبلغ الكلمة ابن أبي جعفر فيبعث إليه , فيقتله ؟!!
قال : فنظرت إلى سفيان ( الثوري) وهو يقول : أستغفر الله !! !!
وجادتا عيناه!!! . انتهى . سير أعلام النبلاء (7/366 (
قلت ومذهب الحسن معروف وأما الثوري قفال عنه الذهبي :
كان ينكر على الملوك ولا يرى الخروج أصلا !.
واترك بقية الفوائد المهمة! للإخوة القراء
الفائدة الخامسة : قال العجلي : كان طلحة بن مصرف اليامي وزبيد اليامي متواخيين وكان طلحة عثمانيا وكان زبيد اليامي علويا , وكان طلحة يحرم النبيذ وكان زبيد يشربه ومات طلحة فأوصى إلى زبيد !
وكان عبدالله بن إدريس الأودي و عبثر بن القاسم متواخيين وكان
عبد الله بن إدريس الأودي عثمانيا وكان عبثر علويا وكان ابن إدريس يحرم النبيذ وكان عبثر يشربه ومات عبثر فقام ابن إدريس يسعى في دين عليه حتى قضاه !
وكان عبدالله بن عكيم الجهني - وكان جاهليا أسلم قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم- وعبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري متواخيين
ووكان عبد الله بن عكيم عثمانيا وكان ابن أبي ليلى علويا .
وما سمع يتذاكران شيئا من ذلك 0000 وماتت أم عبد الرحمن ابن أبي ليلى فقدم عليها ابن عكيم فصلى عليها !. الثقات للعجلي (1/480(
قال أبوحاتم الشريف : ما أحوجنا في هذا الزمن المليء بالفتن ! إلى هذه الأخوة ! بين طلاب العلم ! الذين ربما يختلفون في أشياء أقل
من ذلك! لكن ما أسهل الخصومة بينهم ! والله المستعان .
ملاحظة : أشكر أبا مصعب الجهني وفقه الله على ثنائه على هذه الغرفة وأتمنى الاستمرار وإن كنت أخشى ما أخشاه! هو تسرب الملل لدي ! لكن أسأل الله الإعانة وهو حسبي ونعم الوكيل
الفائدة السادسة : كان الشريف أبوجعفر عبد الخالق بن عيسى 00000بن معبد بن العباس
(رضي الله عنه ) من كبار علماء الحنابلة المشهورين ولد سنة 411(1/4)
وكان عالما فقيها ورعا عابدا زاهدا قوالا بالحق لايحابي ولا تأخذه في الله لومة لائم .
وانتهت إليه الرحلة لطلب مذهب الإمام أحمد وله تصانيف مشهورة وإذا أطلق
الشريف عند الحنابلة فالمقصود في الغالب هو رحمه الله
وكانت حصلت له فتنة أثناء فتنة القشيري وسجن بسببها وسرد الصوم أياما وما أكل لأحد شيئا رحمه الله
قال القاضي أبو الحسين : أخذ الشريف أبوجعفر في فتنة أبي نصر القشيري وحبس أياما فسرد الصوم!! وما أكل لأحد شيئا !
قال : ودخلتُ عليه في تلك الأيام ورأيته يقرأ في المصحف فقال لي : قال الله تعالى : ( واستعينوا بالصبر والصلاة ) تدري ما الصبر ؟
قلت لا : قال هو الصوم . ولم يفطر رحمه الله !إلى أن بلغ به المرض
وضج الناس من حبسه! وأُخرج إلى الحريم الطاهري بالجانب الغربي فمات هناك ! رحمه الله .
توفي رحمه الله سنة 470 . وهو من مشاهير علماء الحنابلة في وقته .
الذيل على طبقات الحنابلة (1/ 27)
قال أبوحاتم الشريف: سجن العلماء والدعاة والفضلاء ليس دليلا على فسادمعتقدهم! كما هو معروف ومشهور وهذا الشريف أبوجعفر أكبر دليل والتاريخ مليء بمثل أبي جعفر وأشهرهم الإمام أحمد وغيرهم
والله أعلم .
الفائدة السابعة : قال الحافظ الذهبي :الإمام إذا كان له عقل جيدودين متين صلح به أمر الممالك فإن ضعف عقله وحسنت ديانته حمله الدين على مشاورة أهل الحزم فتسددت أُموره ومشت أحواله وإن قل دينه ونبل رأيه تعبت به البلادوالعباد وقد يحمله نبل رأيه على
إصلاح ملكه ورعيته للدنيا لاللتقوى
فإن نقص رأيه وقل دينه وعقله كثر الفساد وضاعت الرعية وتعبوا به إلا أن يكون فيه شجاعة وله سطوة وهيبة في النفوس فينجبر الحال .
فإن كان جبانا قليل الدين عديم الرأي كثير العسف فقد تعرض لبلاء عاجل وربما عزل وسجن إن لم يقتل وذهبت عنه الدنيا وأحاطت به
خطاياه وندم -والله - حيث لايغُني الندم .(1/5)
قال : ونحن آيسون اليوم من وجود إمام راشد من سائر الوجوه !!, فإن يسر الله للأمة بإمام فيه كثرة محاسن وفيه مساوئ قليلة , فمن لنا به ؟!! اللهم فأصلح الراعي والراعية وارحم عبادك ووفقهم وأيد سلطانهم .
وأعنه بتوفيقك .
سير أعلام النبلاء (20/ 419)
قال أبو حاتم : إذا كان الذهبي رحمه الله يقول هذا الكلام وهو في القرن الثامن ! فماذا نقول نحن في هذه العصور التي أصبحنا فيها
مثل النعاج تنهشنا السباع من كل جهة ! وليس أمامنا سوى التسليم
والرضا بما نحن فيه !ومن أنكر هذا الوضع بما ينبغي ! فالتهمة مفصلة
وجاهزة والله المستعان .
تعدو الذئاب على من لاكلاب له *** وتتقي صولة المستأسد الضاري !
الفائدة الثامنة :كان نور الدين زنكي رحمه الله لما غزا الفرنجُ دمياط (مصر) يصوم عشرين يوما ولايفطر إلا على الماء فضعف وكاد يتلف
وكان مهيبا ما يجسر أحد يخاطبه في ذلك فقال إمامه يحي : إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم يقول : ياحي بشر نور الدين برحيل الفرنج عن دمياط فقلت يارسول الله ربما لايصدقني .
فقال : قل له : بعلامة يوم حارم . وانتبه يحي ! فلما صلى نور الدين الصبح , وشرع يدعو هابه يحي .فقال له : يايحي تحدثني أو أحدثك
فارتعد يحي وخرس فقال : أنا أحدثك رأيت النبي هذه الليلة وقال لك كذا وكذا . فقال : نعم فبالله يامولانا مامعنى قوله : بعلامة يوم حارم ؟
فقال : لما التقينا العدو خفت على الإسلام !
فانفردت ونزلت ومرغت وجهي على التراب وقلت ياسيدي من محمود في البين , الدين دينك والجند جندك وهذا اليوم افعل ما يليق بكرمك قال : فنصرنا الله عليهم .
سير أعلام النبلاء (20/ 534 )
قال له أحد أصحابه : بالله لاتخاطر بنفسك فإن أُصبت في معركة لايبقى للمسلمين أحد إلا أخذه السيف , فقال : ومن محمود حتى يقال له هذا ؟! حفظ الله البلاد قبلي لاإل إلاهو .(1/6)
قال الذهبي : كان تقيا ورعا صاحب الشام الملك العادل نور الدين ناصر أمير المؤمنين تقي الملوك محمود بن الأتابك قسيم الدولة زنكي التركي ولد سنة 511 وتوفي سنة569 رحمه الله
وكان رحمه الله حامل رايتي الجهاد! والعدل !قل أن ترى العيون مثله .
قل الحفاظ فذو العاهات محترم ***والشهم ذو الفضل يؤذى مع سلامته
كالقوس يحفظ عمدا وهو ذوعوج ***وينبذ السهم قصدا لاستقامته
الفائدة التاسعة : كان الحافظ الحسن بن خلاد الرامهرمزي من أوائل من صنف في علم مصطلح الحديث لكنه لم يستوعب رحمه الله
بل اقتصر على فوائد عامة في علم المصطلح وكذلك أفاض الكلام حول صيغ التحمل والسماع ويتميز الكتاب بأنه مسند وأحيانا يبدي رأيه في بعض المسائل مصدرا كلامه بقوله قال : القاضي .
وطبع الكتاب بتحقيق محمد عجاج الخطيب سنة ولادتي !!
وأبرز الفوائد في الكتاب كالتالي :1- قال القاضي : إذا قال عارم حدثنا
حماد فهو حماد بن زيد وكذلك سليمان بن حرب وإذا قال : التبوذكي
حدثنا حماد فهو حماد بن سلمة وكذلك الحجاج بن منهال وإذا قال عفان : حدثنا حماد أمكن أن يكون أحدهما ( 248)
2- وذكر إسنادا عن الوليد عن سفيان حديثا . فقال له أبو طالب ابن نصر من سفيان هذا ؟ فقال له المطرز : هذا الثوري .
فقال له أبو طالب بل هو ابن عيينة ! قال : من أين قلت ؟
قال : لأن الوليد روى عن الثوري أحاديث معدودة محفوظة وهو ملئ بابن
عيينة . وسفيان الثوري أكبر وأقدم وابن عيينة أسند .
قال القاضي : في عصر سفيان بن عيينة : سفيان بن حبيب , سفيان
بن عقبة , سفيان بن عامر ويردون منسوبين في الحديث .
وللذهبي كلام حول التفريق بين الثوري وابن عيينة وكذلك التفريق بين
حماد بن سلمة وحماد بن زيد . سير أعلام النبلاء ( 7/466(
الفائدة العاشرة : قال الذهبي :أصحاب الثوري كبار قدماء وأصحاب ابن عيينة صغار لم يدركوا الثوري وذلك أبين(1/7)
فمتى رأيت القديم قد روى عن فقال : حدثنا سفيان وأبهم فهو الثوري
وهم : وكيع وابن مهدي وابن القطان والفريابي وأبي نعيم .
فإذا روى أحدهم عن ابن عيينة بينه فأما من لم يلحق الثوري وأدرك ابن عيينة فلا يحتاج أن ينسبه لعدم الإلباس فعليك بمعرفة طبقات الناس
انتهى . السير (7/ 466)
وقال أيضا : الحفاظ المختصون بحماد بن سلمة المكثرون عنه هم :
بهز بن أسد , حبان بن هلال , الحسن بن الأشيب , وعمر بن عاصم
وأما حماد بن زيد فهم : كعلي بن المديني وأحمد بن عبدة وبشر بن المقدام والقواريري والزهراني ولوين والطباع ومسدد وسعيد بن منصور غيرهم كثير جدا .
الفائدة الحادية عشر : نتابع فوائد كتاب الرامهرمزي .
من خلال مقدمة الكتاب يتضح أن المؤلف قام بتأليف الكتاب للرد على من يطعن في أهل الحديث ولذلك لم يستوعب جميع مباحث علم مصطلح الحديث وإنما اقتصر على بعض المباحث .
قال في المقدمة : الحمدلله ولاإلإلا الله وعلى محمد نبي الله وآله صلوات الله . اعترضت طائفة ممن يشنأ الحديث ويبغض أهله فقاموا بتنقص أصحاب الحديث والإزراء بهم وأسرفوا في ذمهم 0000 ثم قال :
فتمسكوا جبركم الله بحديث نبيكم صلى الله عليه وسلم وتبينوا معانيه وتفقهوا به وتأدبوا بآدابه ودعوا ما تعيرون به من تتبع الطرق وتكثير الأسانيد 00واجتهدوا في أن توفوه حقه من التهذيب والضبط والتقويم
لتشرفوا به في المشاهد وتنطلق ألسنتكم في المجالس 000 الخ
2- ذكر الحديث المشهور ( نضر الله امرأ سمع منا حديثا 000 الخ )
قال الرامهرمزي : قوله صلى الله عليه وسلم ( نضر الله )
مخفف وأكثر المحدثين يقوله بالتثقيل والصواب التخفيف !ويحتمل معناه وجهين
1- ألبسه الله النضرة 2- أوصله الله إلى نضِرة الجنة وهي نعمتها ونضارتها
( 167 )
وقال : أول مولود في الإسلام من المهاجرين هو الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقيل عبدا الله بن الزبير !(1/8)
الفائدة الثانية عشرة :قال الرامهرمزي : قول الزهري : ما رأيت طالبا للعلم أصغر من سفيان بن عيينة ) على أن طلاب الحديث عصر التابعين
كانوا في حدود العشرين وكذلك يذكر عن عن أهل الكوفة , فأخبرني عدة من شيوخنا أنه قيل لموسى بن هارون كيف لم تكتب عن أبي نعيم
قال : كان أهل الكوفة لايخرجون أولادهم في طلب العلم صغارا حتى يستكملوا عشرين سنة .
وقال أبو طالب بن نصر : سمعت موسى بن هارون يقول : أهل البصرة يكتبون لعشر سنين وأهل الكوفة يكتبون لعشرين وأهل الشام لثلاثين
وقال حنبل سمعت أحمد بن حنبل : يقول : مات الأعمش ولأبي نعيم ثماني عشرة سنة .
وقال أبو الأحوص : كان الرجل يتعبد عشرين سنة ثم يكتب الحديث
وكذلك قال الثوري وقال أبو عبدالله الزبيري : يستحب كتب الحديث من العشرين لأنها مجتمع العقل وقال : وأحب إلي أن يشتغل دونها بحفظ القرآن والفرائض .
قال أبوحاتم الشريف : هذا الكلام السابق يفيد في الترجيح عند الاختلاف في سماع محدث من آخر فإن كان الراوي كوفي وعمره صغير وترددنا في سماعه مممن روى عنه فالغالب أنه لم يسمع منه وخاصة إذا لم يصرح بالسماع .
الفائدة الثالثة عشر :
قال القاضي الرامهرمزي :الراحلون الذين جمعوا بين الأقطار
الطبقة الأولى : عبدالله بن المبارك جمع بين اليمن والشام والعراق ومصر والجزيرة
الطبقة الثانية : أسد بن موسى جمع بين العراق ومصر والشام
الطبقة الثالثة : أحمد بن حنبل جمع بين العراق واليمن والجزيرة والشام
يحي بن معين جمع بين العراق ومصر والجزيرة والشام
الطبقة الرابعة : محمد بن يحي النيسابوري : جمع بين العراق ومصر والشام واليمن . أبو زرعة الرازي وأبو حاتم جمعا بين العراق والحجاز والجزيرة والشام
الطبقة الخامسة : موسى بن هارون , ابن أبي حاتم , ابن صاعد
وقال : رحل الأوزاعي ليحي بن أبي كثير باليمامة ودخل البصرة
المحدث الفاصل (229 ((1/9)
الفائدة الرابعة عشر :قال يحي بن يونس بلغني أن ثلاثة اجتمعوا فقال أحدهم لصاحبه مابلغ من حسدك ؟ فقال : ما اشتهيت أن أفعل بأحد خيرا قال الثاني : أنت رجل صالح ولكني ما اشتهيت أن يفعل أحد بأحد خيرا قط . قال الثالث ما في الأرض خير منكما ! ما اشتهيت أن يفعل بي أحد خيرا قط !. الجامع للخطيب البغدادي ( 140)
2- قال ابن الأثير : اجتمع ببغداد رجلان أعميان على رجل أعمى أيضا! وقتلاه بالمسجد طمعا أن يأخذا منه شيئا ! فلم يجدا معه ما يأخذانه وأدركهما الصباح فهربا من الخوف يريدان الموصل ورؤي الرجل مقتولا ولم يعلم قاتله فاتفق أن بعض أصحاب الشحنة اجتاز من الحريم في خصومة
مرت , فرأى الرجلين الضريرين فقال لمن معه : هذان اللذان قتلا الأعمى ( يقوله مازحا ) فقال أحدهما : هذا والله قتله . فقال الآخر :بل أنت قتلته
فأخذا إلى صاحب الباب فأقرا فقتل أحدهما وصلب الآخر على باب المسجد الذي قتلا فيه الرجل !!.
الكامل (10/ 299 (
الفائدة الخامسة عشر : في الحقيقة لايختلف اثنان أن الحافظ الذهبي محمد بن أحمد بن عثمان التركماني الدمشقي الناقد البارع ت 748 من فرسان الحديث المشهورين الذين خدموا هذا العلم من خلال الكتب العديدة في جميع فروع الحديث ومن أشهر كتبه ( سير أعلام النبلاء , ميزان الاعتدال , تذكرة الحفاظ , تاريخ الاسلام , الموقظة )
وهذه بعض الفوائد الحديثية التي وقفت عليها من خلال اطلاعي المحدود جدا! من عدة كتب للحافظ الذهبي رحمه الله
1- قال رحمه الله :عامة المسلسلات واهية وأكثرها باطلة لكذب رواتها
2- ثم اعلم أن كثيرا من المتكلم فيهم ما ضعفهم الحفاظ إلا لمخالفتهم للأثبات(1/10)
3- من تغير بسوء حفظ وله أحاديث معدودة قد أتقن روايتها فلا بأس من بتحديثه بها زمن تغيره 4- قد يسمي جماعة من الحفاظ الحديث الذي ينفرد به مثل هشيم وحفص بن غياث منكرا فإن كان المنفرد من طبقة مشيخة الأئمة أطلقوا النكارة على ما انفرد به مثل عثمان بن أبي شيبة وأبي سلمة التبوذكي وقالوا هذا منكر . الموقظة (78 )
5- إن كان المنفرد عنه ( يعني المجهول ) من كبار الأثبات فأقوى لحاله ويحتج بمثله كالنسائي وابن حبان . الموقظة ( 79 (
6- ما في الكتابين ( البخاري ومسلم ) رجل احتج به البخاري ومسلم
في الأصول ورواياته ضعيفة بل حسنة أو صحيحة ( 80 )
7- بالاستقراء إذا قال أبو حاتم : ليس بالقوي . يريد بها أن الشيخ
لم يبلغ درجة القوي الثبت والبخاري قد يطلق على الشيخ ليس بالقوي
ويريد بها أنه ضعيف . الموقظة
8- أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق من أصح الأسانيد . الموقظة ( 26(
9 - وأما التابعون فيكاد يعدم فيهم من يكذب عمدا ولكن لهم أوهام وأغلاط فمن ندر غلطه في جنب ما قد حمل واحتمل ومن تعدد غلطه
وكان من أوعية العلم اغتفر له أيضا ونقل حديثه وعمل به على تردد بين الائمة الأثبات في الاحتجاج عمن هذا نعته : كالحارث الأعور وعاصم بن ضمرة وعطاء بن السائب . معرفة الرواة (46)
10- فإنا نقبل قوله دائما في الجرح والتعديل ونقدمه على كثير من الحفاظ ما لم يخالف الجمهور في اجتهاده فإن أبا زكريا ( يحي بن معين من أحد أئمة الشأن وغالبه صواب جيد . معرفة الرواة 49
الفائدة السادسة عشر : الفوائد من كتاب ( ميزان الا عتدال ( للذهبي
1- قال الذهبي : متى قيل فلان الجزري فالمراد به غالبا نسبة إلى اقليم الجزيرة التي هي جزيرة ابن عمر بعض مدائنه وأكبر مدائنه الموصل ( 1/7)
2- من عيوب كتاب ( الضعفاء ) لابن الجوزي أنه يسرد الجرح ويسكت عن التوثيق .
3- حكم الاحتجاج برواية الرافضة والتفصيل في ذلك(1/11)
4- هذا غلو من أبي حاتم سامحه الله لطعنه في أبي ثور الكلبي
5- إبراهيم البكري لاأدري من هذا أتى بحكاية منكرة أخاف ألا تكون من وضعه 00 ثم ذكر الذهبي القصة المشهورة أن أحمد بن حنبل صلى وبجواره يحي بن معين في مسجد الرصافة فقام قاص فقال : حدثنا أحمد بن حنبل ويحي بن معين قال : حدثنا عبد الرزاق 000 من قال :
لاإله إلاالله خلق الله من كل كلمة منها طيرا 000 الخ
الميزان ( 1/ 47 )
6- أبو نعيم يدلس يقول في الإجازة أخبرنا ولايبين
7- كلام الأقران بعضهم في بعض لايعبأ به لاسيما إذا لاح لك أنه لعداوة
أو لمذهب أو لحسد وما ينجو منه إلا من عصم الله
8- رواية إسحاق الدبري عن عبد الرزاق مقبولة لكن روى عن عبد الرزاق
بعض الأحاديث منكرة فوقع التردد هل هي منه فانفرد بها أو من عبد الرزاق معروفة . وقد احتج بالدبري أبو عوانة والدارقطني وأكثر عنه الطبراني 000
9- قول أبي حاتم في الرجل شيخ ليس بالمشهور لايدل على الضعف
الميزان ( 1/ 195 (
10 - ما كل من لايعرف ليس بحجة لكن هذا هو الأصل
11- ليس من لم يعرف حجة على من عرف
12- تفرد هذا يعد منكرا من وثق وقال أحمد متوقف فيه وقال أبوحاتم صالح الحديث فلا نرقيه لرتبة الثقة . (1/365 )
الفائدة السابعة عشر : من فوائد الذهبي الحديثية :من سير أعلام النبلاء (7)
1- روايات قتادة في التفسير الغالب عليها الانقطاع وذلك لانقطاع أسانيده
2- معمر بن راشد الأزدي مع كونه حافظا فله أوهام لاسيما لما قدم البصرة لزيارة أمه فإنه لم يكن معه كتبه فحدث من حفظه فوقع للبصريين عنه أغاليط وحديث هشام عنه أصح وعبد الرزاق لأنهم أخذوا من كتبه
3- السماع من النساء الصحابيات لايلزم منه الرؤية
4- يحي بن سعيد القطان متعنت في الرجال وله اجتهاده رحمه الله
ولقد كان حجة في الرجال
5- قال الذهبي يوجد في الصحيحين الصحيح الذي لانزاع فيه والصحيح الذي هو حسن .(1/12)
6- وهم لابن تيمية في كتابه الصارم المسلول في التفريق بين صالح بن حيان وصالح بن حي الثقة والضعيف
7- كلام لذهبي عن التدليس وفيه شيئ من الغش
8- التفريق بين رواية حماد بين زيد وحماد بن سلمة
ابن الكتب هو الحافظ السيوطي وقيل سمي بذلك لأن والده
طلب من والدته غرضا من المكتبة ثم ذهبت للمكتبة في المكتبة جاها المخاض وأنجبت الحافظ المبدع السيوطي رحمه الله المتوفى سنة 911(1/13)