الجملة الدنيا والجملة الموسعة
في كتاب سيبويه
دراسة وصفية تحليلية
دكتور
علاء إسماعيل الحمزاوي
أستاذ العلوم اللغوية المساعد بكلية الآداب
جامعة المنيا
مقدمة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، سبحانك اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا .. إنك أنت العليم الحكيم، وبعد:
فهذا البحث يدور في فلك أول كتاب فى النحو العربى لأول عالم لغوى عربى من أصل فارسى يتناول فيه بالوصف التحليلى analyse descriptif الجملة الدنيا phrase minimale والجملة الموسعة phrase expansive فى ضوء أنماط الجملة البسيطة phrase simple ؛ بهدف التعرف على فكر هذا العالم اللغوى الفذّ، وإلى أى مدى توافق كثير من مفاهيم علم اللغة الحديث linguistiques مع فكر هذا اللغوي العربي؛ مما يؤكد له السبق في ذلك.
على الرغم من أن مفاتيح العلوم مصطلحاتها ـ ومفاتيح العلوم للخوارزمى خير شاهد على هذا ـ فإن غياب المصطلح لا يعنى بالضرورة غياب المفهوم الذى يوضع له المصطلح، وعلى العكس من ذلك فإن وجود المفهوم لدى أصحاب العلم ـ أى علم ـ ليس مرهونا بوجود المصطلح الموضوع له ، فقد يكون المصطلح ضمنيا، وقد يعبر عنه تلميحا لا تصريحا ، وقد يشرح قبل أن تتاح فرصة التعبير عنه بالمصطلح، ولعل كتاب سيبويه ـ موضوع الدراسة ـ خير ما يعضد هذا القول؛ فإذا ما استعرضناه نجده حافلا بالعديد من المفاهيم التى لم توضع لها المصطلحات الخاصة بها، وإنما وضعتْ فى مرحلة لاحقة ، ولنأخذ على سبيل المثال قوله عن التنازع: "هذا باب الفاعلين والمفعولين اللذين كل واحد منهما يفعل بفاعله مثل الذى يفعل به وما كان نحو ذلك"1، وقوله عن الفعل اللازم: "هذا باب الفاعل الذى لم يتعده فعله إلى مفعول"2, وكذلك قوله عن الفعل المتعدى: "هذا باب الفاعل الذى يتعداه فعله إلى مفعول"3، وقوله عن الأفعال الناسخة: "هذا باب الفعل الذى يتعدى اسم الفاعل إلى اسم المفعول واسم الفاعل والمفعول فيه لشيء واحد"4.(1/1)
ونحن بصدد الحديث عن المصطلح والمفهوم ينبغى أن نشير إلى اعتقاد لدينا بأن بعض المصطلحات التى استقرت فى التراث النحوى منذ سيبويه قد لا تطابق فى المفاهيم المصطلحات اللغوية الحديثة وإن اتفقت فى المسميات الاصطلاحية، وليكن مثالنا على ذلك مصطلحى المسند والمسند إليه. …
كذلك ثمة مصطلحات مستقرة فى الدراسات اللغوية الحديثة ـ لاسيما الدراسات الغربية ـ لم يعرفها الفكر العربى القديم ، وإن عرف دلالات بعضها تحت مصطلحات أخرى، منها: "الجملة النواة phrase noyau ، الجملة الدنيا phrase minimale ، الجملة الموسعة phrase expansive والجملة التوازنية phrase équationnelle ، وغيرها من المصطلحات..".
ونحن هنا نحاول أن نقف عند بعض هذه المصطلحات ؛ لنتعرف على مفاهيمها التى أقرها علم اللغة الحديث ، الأمر الذى يستوجب أولا أن نعرض بإيجاز شديد لمفهوم الجملة.
مفهوم الجملة
إن الحديث عن مفهوم الجملة ليس بدعا من الباحث5؛ ولذا نوجز القول فيه، ونبدؤه بسيبويه؛ إذ يُعدّ كتابه المرجع الأول فى النحو العربى، فإذا ما استعرضناه بحثا عن مصطلح الجملة فلا نجد له أثرا، غير أنه أشار إلى مفهومها تحت مصطلح آخر هو مصطلح الكلام parole ؛ إذ تردد هذا المصطلح بدلالات متباينة، فورد (666) مرة بمعنى اللغة واللهجة langage , langue و(141) مرة بمعنى الكلمة والكلم mot , mots و(43) مرة بمعنى النثر prose ، ومرتين بمعنى فعل القول fait de dire و(277) مرة بمعنى الجملة phrase6.
ولعل أول من استخدم مصطلح الجملة الفراء؛ فقد ورد فى كتابه معانى القرآن ثلاث مرات7، ثم المبرد وذلك في قوله: "إنما كان الفاعل رفعا؛ لأنه هو والفعل جملة يحسن السكوت عليها، وتجب بها الفائدة للمخاطب"8.(1/2)
وبحلول القرن الرابع دخل مصطلح الجملة مرحلة النضج والابتكار، وهى مرحلة تمتد من القرن الرابع حتى نهاية السادس، وفيها استقر مفهوم الجملة، وكان لابن السراج وابن جنى وعبد القاهر والزمخشرى وابن مضاء دور مهم فى ذلك9.
وقد استخدم ابن السراج مصطلح "الجمل المفيدة"، يقول: "والجمل المفيدة على ضربين: إما فعل وفاعل وإما مبتدأ وخبر، وأما الجملة المركبة.. فنحو زيد ضربته... وزيد أبوه منطلق"10. ويرادف ابن جنى الجملة بالكلام التام المفيد لمعناه، يقول: "أما الكلام فكل لفظ مستقل بنفسه، وجنيت منه ثمرة معناه فهو جملة"11، وكذلك فعل الزمخشرى، إذ يقول: "..والكلام هو المركب من كلمتين أسندت إحداهما للأخرى، وذلك لا يتأتى إلا فى اسمين كقولك: زيد أخوك وبشر صاحبك، أو فى فعل واسم نحو قولك: ضرب زيد وانطلق بكر، ويسمى الجملة"12، وصنف الجملة إلى أربعة أضرب: اسمية وفعلية وظرفية وشرطية13، وأضاف ابن مضاء مصطلحى (جملة صغرى وجملة كبرى)14 ثم جاء ابن يعيش فانتقد تقسيمات الزمخشرى للجملة، وردّها للتصنيف الثنائى: الجملة الاسمية والجملة الفعلية، والجملة عنده مرادفة للكلام ، يقول: "واعلم أن الكلام عند النحويين عبارة عن كل لفظ مستقل بنفسه مفيد لمعناه، ويسمى الجملة"15، وفرق الاستراباذى بين الجملة والكلام فاعتبر الكلام ما أفاد معنى تاما، يقول: "الكلام ما تضمن كلمتين بالإسناد وذلك لا يتأتى إلا فى اسمين، أو فعل واسم" والجملة تفيد ولا تفيد مثل جملة الصلة والشرط.."16.
ولم يفرد النحاة للجملة بابا فى كتبهم كما أفردوا للكلام واللفظ المفرد، باستثناء ابن هشام فهو أول من فعل ذلك بتخصيصه بابا فى مغنيه للمقارنة بين الجملة والكلام، وهو صاحب نظرية تقوم على تصنيف الجملة تصنيفا ثلاثيا: اسمية وفعلية وظرفية، وقد عد الجملة الشرطية من قبيل الجملة الفعلية17.(1/3)
هذه بعض المفاهيم التى قدمت من قبل النحاة لتعريف الجملة ، ولم نكد نلحظ اختلافا بينها، إذ تصبُّ جميعها فى أن الجملة تتكون من عنصرين: مسند ومسند إليه وباقي العناصر فى الجملة عناصر توسيعية يمكن الاستغناء عنها وإن لم يصرح النحاة بهذا المفهوم العام؛ حيث إنهم فرقوا بين الفعل والفاعل من جهة والمبتدأ والخبر من جهة أخرى، وربما دفع هذا الأمر بعض المستشرقين أن يحكموا بغياب مفهوم عام للجملة العربية، فيرى المستشرق الفرنسى فليش Fleisch أنه توجد فجوة كبيرة ملحوظة فى النحو العربى نتيجة لافتقاد النحاة نظرية عامة للجملة، فقد ميزوا الجملة الاسمية من الجملة الفعلية ، ولكنهم لم يفسروهما باستخدام مصطلحي الـ (suget و prédicat) بل إنهم يجهلون مفهوم الـ (sujet) وهو مفهوم ليس له مصطلح مقابل فى تسمياتهم والأمر علىذلك فى النحو العربى إلى يومنا هذا18.
ولسنا على وفاق تام مع فليش فى رأيه ، فقد أدرك سيبويه إلى حد كبير مفهوم sujet وprédicat وفسرهما بأنهما العنصران الأساسيان لتكوين الجملة وعبر عنهما بمصطلحى (المسند والمسند إليه) ، وقد عقد لهما بابا ، يقول فيه "باب المسند والمسند إليه. وهما ما لايغنى أحدهما عن الآخر ولا يجد المتكلم منهما بدًّا ، فمن ذلك الاسم المبتدأ والمبنى عليه ، وهو قولك (عبد الله أخوك) و(هذا أخوك) ، ومثل ذلك (يذهب عبد الله) فلابد للفعل من الاسم ، كما لم يكن للاسم الأول بدّ من الآخر فى الابتداء"19.(1/4)
فإذا ما انتقلنا إلى المحدثين، نجد ـ مثلا ـ د.أنيس يطالعنا بتعريف للجملة مؤداه "..أن الجملة أقل قدر من الكلام يفيد السامع معنى مستقلا بنفسه، سواء تركب هذا القدر من كلمة أو أكثر"20، ويرى أحد الباحثين أن د.أنيس بهذا التعريف يلغى فكرة الإسناد21، والباحث لا يوافق على هذا الرأى ؛ إذ يرى أن د.أنيس لم يلغ فكرة الإسناد؛ لأن كلمة واحدة لا تؤدى معنى تاما بمفردها إنما المعنى التام يتأتى من تركيب عنصرين مسند أحدهما للآخر، ولا ضير أن يحذف أحدهما ويدل الآخر عليه، وهذا معنى قول د.أنيس السالف الذكر؛ حيث يفهم منه أن ثمة كلمة أخرى مقدرة تمثل أحد عنصرى التركيب22.
ويعلل أحد الباحثين حذف أحد عنصرى الجملة بقوله: "إن الجملة قد تخلو من المسند إليه لفظا أو من المسند لوضوحه وسهولة تقديره"23.
ومن ثم ففكرة الإسناد فكرة أساسية لتكوين الجملة، يقول أحد الباحثين: ".. ولن نخرج فى بحثنا فى مسألة الجملة عن الإسناد، فالجملة كيفما كانت اسمية أو فعلية قضية إسنادية"24.
وربما عبر بلاشير عن فكرة الإسناد بقوله: "الجملة هى مجموعة من الألفاظ مرتبطة فيما بينها بعلاقات نحوية، ولا ترتبط نحويا بأية مجموعة أخرى وتكتفى بذاتها.."25.
كذلك نجد فكرة الإسناد جلية عند جورج مونان26، إذ يذكر أن الجملة لها أكثر من مائتي تعريف، ويعرف الجملة من خلال ثلاثة معايير trois critères : الأول أن الجملة تعبر عن فكرة تامة تتكون من عدد كبير من الكلمات قد يصل إلى (800) كلمة. والثانى أن الجملة تعرف وفقا للمنطق الأرسطى على أنها قائمة على عنصرين : مسند إليه sujet ومسند prédicat ، وليس شرطا أن تؤدى معنى مفيدا. والثالث أن الجملة تعرف صوتيا بواسطة الوقفات والسكتات وخاصة الوقفات ذات النغمات الإيقاعية ، كقولنا : ( اذهب ، اجر ، اسرق وانتقم لنا ) فهذه الكلمات يمكن أن تتكون صوتيا من جملة واحدة أو جملتين أو ثلاث أو أربع.(1/5)
ولعل فكرة الإسناد تبرز واضحة عند أندريه رومان ، حيث يذكر أن الجملة هى الوحدة الكبرى لنظام الاتصال الكلامى ، ويكفى لتكوين الجملة عنصران هما نواة الجملة noyau de la phrase (x...y) والعلاقة الناشئة بين هذين العنصرين الجوهرين علاقة بنيوية جوهرية موجودة بالضرورة ، ويمكن من خلالهما أن تتوسع الجملة بإضافة عناصر أخرى ، تسمى عناصر توسيعية extensions ، هذه العناصر تضاف من خلال التبعية surbordination لأحد العنصرين أو كليهما ، أو من خلال العطف coordination فإذا ما أضيفت للعنصر (x) صار فى الجملة X1 X2 X3 X4.... ، كذلك الأمر بالنسبة للعنصر الثانى ، فإذا ما أضيفت إليه صار فى الجملة Y1 Y2 Y3 Y427.
ومن ثم فلا نوافق على فكرة أن فى العربية جملا غير إسنادية كما ذهب بعض الباحثين28، وإن اتفقنا على القول بوجود نوع من الجمل العربية الإسنادية ذات الركن الواحد29.
وفى ضوء ما سبق يبدو لنا أن تعريفات العلماء للجملة نوعان :
أحدهما: يقدم الجملة من حيث هى تركيب يحتوى على عنصرين (مسند ومسند إليه) سواء أفادت معنى أو لم تفد.
والآخر: يقدم الجملة على أنها تركيب نواته قائمة على عنصرين أساسيين ، وهو تركيب ذو وظيفة دلالية .(1/6)
والباحث يأخذ بالرأى الثانى ؛ مستأنسا فى ذلك باللغوى العربي عبدالقاهر وهو يفصح عن الوظيفة الدلالية للجملة فى تفريقه بين نظم الحروف ونظم الكلم، يقول: ".. نظم الحروف تواليها فى النطق وليس نظمها بمقتضى عن معنى .. وأما نظم الكلم فليس الأمر فيه كذلك ؛ تقتفى فى نظمها آثار المعانى وترتبها على حسب ترتيب المعاني فى النفس .. وليس معناه ضم الشيء إلى الشيء كيف جاء واتفق"30 ويربط بين الوظيفة النحوية والعقل والمنطق ـ كما انطلق الوظيفيون ـ فيقول: "ليس الغرض بنظم الكلم أن توالت ألفاظها فى النطق بل أن تناسبت دلالتها وتلاقت معانيها على الوجه الذى اقتضاه العقل"31، ويقول فندريس: "كل جملة تحتوى عنصرين متميزين، أولهما مجموعة الصور المعنوية المرتبطة بتصورات فى الذهن، وثانيها مجموعة العلاقات الرابطة لتلك الصور بعضها ببعض"32 ويصف بلومفيلد الجملة بأنها "الصيغة المستقلة ، بحيث تؤدى وظيفتها دون توقف على صيغة تركيبية تشملها"33، ويذكر ليونز أن الجملة هى أكبر وحدة نحوية فى الكلام، وتتميز بشيئين: أولهما أن أجزاءها تترابط عضويا بحيث إن أيا منها لا يؤدى وظيفته إلا بنوعية علاقاته بالأجزاء الأخرى، وثانيهما أنها لا تندرج فى بناء نحوى أوسع منها34، وهكذا تكون الجملة مستقلة بذاتها بنيويا ووظائفيا عن غيرها، ويستقل غيرها فى بنيته ووظيفته عنها ، غير أن الاستقلال التركيبى لايعزل وجود ارتباط معنوى ، فالنص بأكمله مجال دلالى واحد ، لكن هذا الارتباط المعنوى ليس حتما أن يتشكل فى ارتباط تركيبى35، وإلى هذا المعنى يشير مارتينه بقوله: "إن الجملة هى الملفوظ الذى ترتبط كل أجزائه بعنصر منه يكون محور الإبلاغ"36، ويرتبط مفهوم الوظيفة عنده بمبدأ اختيار المتكلم لأدواته التعبيرية اختيارا واعيا، فتتحدد وظيفة جزء من أجزاء الكلام بالشحنة الإخبارية التى يحمله المتكلم إياها، فتكون الوظيفة هى القيمة التمييزية من الناحية الدلالية العامة37(1/7)
ولعل مفهوم الوظيفة انتقل إلى الدراسات العربية كمتصور ذهنى وكمصطلح لفظى بفضل بعض المحدثين العرب مثل مهدى المخزومى الذى يعرف الجملة بأنها "الصورة اللفظية الصغرى للكلام المفيد فى أى لغة من اللغات ، وهى المركب الذى يبين المتكلم به أن صورة ذهنية كانت قد تألفت أجزاؤها فى ذهنه ، ثم هى الوسيلة التى تنقل ما جال فى ذهن المتكلم إلى ذهن السامع38.
أنواع الجمل :
يمكن القول بأن النحويين منذ سيبوبه لم يخرجوا فى تقسيمهم للجمل عن التقسيم الثنائى: الجملة الاسمية والجملة الفعلية ، الاسمية ما بدأت باسم، والفعلية ما بدأت بفعل، ومهما تنوعت أشكال الجمل، فهى مندرجة تحت هذين النوعين، ولم يستخدم الأوائل مصطلحى الجملة الاسمية والجملة الفعلية، بل كانوا يقولون: مبتدأ وخبر، وفعل وفاعل إلى عهد عبدالقاهر39، حتى جاء الزمخشرى فقسم الجملة أربعة أقسام: اسمية وفعلية وشرطية وظرفية كما قسم الخبر إلى نوعين مفرد وجملة40، وأرجع بعضهم التقسيم الرباعى إلى ثنائى : اسمية وفعلية ، حيث نظروا للجملة الشرطية باعتبار الأداة ، فإن كانت حرفا فالجملة فعلية، وإن كانت اسما فالجملة اسمية كذلك بالنسبة للجملة الظرفية، إذا قدر التركيب الظرفى بفعل (استقر) فالجملة فعلية وإن قدر باسم(مستقر) فالجملة اسمية.
ومما سبق يتضح لنا أن النحو العربي لم يستخدم المصطلحات الحديثة الخاصة بالجملة، كالجملة النواة والجملة الدنيا والجملة الموسعة. وإذا قبلنا هذا فهل نقبل أن نحاتنا لم يدركوا مفاهيم تلك المصطلحات؟ هذا ما تجيب عنه الصفحات القادمة.(1/8)
بإعادة القراءة لما سلف عن مفهوم الجملة يتبين لنا أن الجملة هى تركيب إسنادي قائم على عنصرين مسند prédicat ومسند إليه sujet ، وهما عنصران أساسيان لتكوين أية جملة ، وهما يشكلان ما يسميه علم اللغة الحديث بالجملة النواة phrase noyau41 وهذا يعنى أن أية جملة لابد أن تشتمل على جملة نواة؛ لأنها لا تكون جملة بدون التركيب الإسنادى syntagme prédicatif الذى تتشكل منه النواة، فإذا اقتصرت الجملة على عنصريها الأساسيين فإن علم اللغة الحديث يطلق عليها حينئذ مصطلح الجملة الدنيا phrase minimale، وهذا يعنى أن الجملة الدنيا هى الجملة المقصورة على نواتها الإسنادية noyau prédicative دون أية توسيعات ويقدم جورج مونان تعريفا موجزا للجملة الدنيا فى قوله بأن الجملة الدنيا énoncé minimal هى أقل تركيب يفيد معنى ما ، كما فى قولنا : بسرعة vite! ، صباح الخير bonjour، يأكل il mange .. فهذه التراكيب وغيرها هى جمل دنيا phrases minimales، وينقل عن الفرنسى أندريه مارتينيه André Martiné أن الجملة الدنيا هى كل تركيب يؤدى وظيفة دلالية بدون عناصر توسيعية éléménts d'expantions، فحينما نقول : يوجد كتاب فى حقيبتى Il y a un livre dans ma valise، فالتركيب Il y a un livre جملة دنيا وبقية العناصر ( dans ma valis) تركيب مستقل، غير أنه لا يمتلك معنى مستقلا حينما يكون منفصلا isolé42.(1/9)
ومن ثم فالجملة الدنيا فى العربية هى تلك الجملة المكونة فحسب من (المبتدأ والخبر) أو (الفعل والفاعل) ، فإذا ما أضيفت أية عناصر توسيعية إلى النواة الإسنادية43 تحولت الجملة الدنيا phrase minimale إلى ما يطلق عليه علم اللغة الحديث الجملة الموسعة phrase expansive ، ولنضرب مثالا لذلك بالجملة الفرنسية (Il y a un livre dans ma valise) ، فهذه الجملة هى جملة موسعة ؛ لأنها اشتملت على عنصريها الأساسيين أو تركيبها النواتى (Il y a un livre ) بالإضافة إلى العناصر التوسيعية (dans ma valise )، ومن العربية قولنا: (إن الله عليم، يعلم الله الجهر والسر) فهاتان جملتان بسيطتان موسعتان، أولاهما اسمية موسعة بحرف التوكيد ، والثانية فعلية موسعة بالمفعول وتابعه.
ومعنى " العناصر التوسيعية L'elements d'expantions" أنها تلك العناصر اللفظية المضافة إلى التركيب الإسنادى ولا تمثل جزءا منه ، يقول جورج مونان: "العناصر التوسيعية l'expantions هى تلك العناصر التى تضاف إلى الجملة النواة phrase noyau أو الإسناد النواتى noyau prédicatif ، ولا تؤثر فى الوظيفة التركيبية لعنصرى الجملة النواة ، وتُعرف من خلال الوقوف على مفهوم الجملة الدنيا المشكلة من العنصرين الأساسيين المسند إليه sujet والمسند prédicat، فحينما نقول: (Le vieil homme raconte sa vie ) فإن كلمة (vieil) عنصر توسيعى للمسند إليه (Le homme) وكلمة (sa vie) عنصر توسيعى للمسند (raconte)، ويمكن أن تحدد العناصر التوسيعية من خلال العطف coordination والتبعية subordination"44، والعناصر التوسيعية تحمل وظائف دلالية كالتحديد أو التخصيص أو التوكيد45، ويؤثر بعضها فى التركيب النواتى من حيث الإعراب، غير أنه يمكن الاستغناء عنها من حيث التركيب؛ لأن إزالتها لا تؤثر مطلقا على العلاقة القائمة سلفا بين عنصرى الإسناد.(1/10)
ويمكن أن نصنف تلك العناصر التوسيعية إلى عناصر ذات وظائف نحوية ودلالية، بمعنى أنها تؤثّر على إعراب أحد عنصرى الإسناد أو كليهما ، وتضيف معنى جديدا إلى الجملة النواة ، وقد أطلقنا عليها عناصر ذات وظائف أساسية وعناصر ذات وظائف دلالية فحسب ؛ فهى تضيف معنى جديدا إلى النواة، ولا تعمل نحويا فى أىٍّ من عنصريها، وقد أسميناها عناصر ذات وظائف فرعية، وهذه العناصر يمكن تصنيفها صنفين: عناصر تؤثر فى معنى الجملة تأثيرا قويا؛ حيث إن الجملة تفتقد معناها بدونها، وأطلقنا عليها عناصر ذات وظائف أولية، وأخرى تمدّ من خط الجملة الأفقى وحذفها لا يُخلّ معناها ، وأطلقنا عليها عناصر ذات وظائف ثانوية، وأقل العناصر التوسيعية حرف يؤدى وظيفة دلالية فى الجملة،
وتحدد القيمة الدلالية لهذه العناصر من خلال السياق contexte ، فهو الذى يعطى العنصر قيمة دلالية أولية أو ثانوية ، ومن ثم فلا يمكننا تحديد هذا التصنيف إلا من خلاله.
الجملة الدنيا فى الكتاب
إذا ما استعرضنا الكتاب بحثا عن الجملة النواة نجدها تحت مصطلحي المسند والمسند إليه، فى عدة مواضع من كتابه:
ففى طليعة الكتاب نجد أن سيبويه يرسم الإطار العام لنظريته النحوية التى تتبلور فى أن النحو قائم على الجملة ، والجملة تتشكل من عنصرين لا يمكن لأحدهما أن يرد بدون صاحبه ـ إن لم يكن لفظا فتقديرا ـ هما عنصرا الإسناد: المسند والمسند إليه ؛ يقول سيبويه: "هذا باب المسند والمسند إليه وهما ما لا يغنى واحد منهما عن الآخر، ولا يجد المتكلم منه بُدّا ، فمن ذلك الاسم المبتدأ والمبنى عليه، وهو قولك: (عبد الله أخوك) و(هذا أخوك)، ومثل ذلك (يذهب عبد الله)، فلا بدّ للفعل من الاسم كما لم يكن للاسم الأول بدّ من الآخر فى الابتداء"46.(1/11)
وبإعادة قراءة هذا النص يتبين لنا أن سيبويه يقيم بين عنصرى الإسناد علاقة ضرورية لازمة، هى علاقة الاقتضاء المتبادل، فكل منهما يقتضى وجود الآخر دون مفاضلة أو ترتيب، كأنهما موضوعان على قدم المساواة، وهذا شأن أى نظام كونى، فلا يمكن لنظام من الأنظمة أن يبنى على عنصر واحد؛ لأنه قائم على علاقة تربط بين عناصره ربطا وثيقا ، ولعل مقالة سيبويه السالفة الذكر خير ما يمثل علاقة هذا الربط الوثيق، ولعل مصطلحى (المسند والمسند إليه) لدى سيبويه يدلان دلالة واضحة على علاقة الاقتضاء المتبادل، فسقوط أحدهما دون تقدير يُسقط النظام برمته.
ويبدو لنا من النص السابق أن سيبويه لم يحدد أىّ العنصرين مسند والآخر مسند إليه47؛ الأمر الذى أتاح الفرصة لبعض المستشرقين القول بأن المسند والمسند إليه عند سيبويه لا يعبران عن الوظيفة، وإنما يعبران عن الموقع ؛ فالعنصر الأول مسند فعلا كان أو مبتدأ ، والثانى مسند إليه فاعلا كان أو خبرا48.
وإذا كان النص السابق مبهما فى تحديد أى العنصرين مسندا والآخر مسندا إليه، فإن ثمة نصا يزيل هذا الإبهام، يقول فيه سيبويه: "فالمبتدأ الأول والمبنى ما بعده عليه، فهو مسند ومسند إليه"49، وفى موضع آخر من مواضع ورود عنصرى الجملة الدنيا فى الكتاب يصرح سيبويه تصريحا واضحا بأن المبتدأ مسند والخبر مسند إليه، مخالفا بذلك الوجه الأجود الذى اختاره السيرافى50، هذا التصريح نراه فى تفسيره لجملة (هذا عبد الله منطلقا)؛ إذ يقول: "..ولم يكن ليكون (هذا) كلاما حتى يُبنَى عليه أو يُبنى على ما قبله، فالمبتدأ مسند، والمبنى عليه مسند إليه، فقد عمل هذا فيما بعده كما يعمل الجار والفعل فيما بعده"51.(1/12)
وبقراءة هذه النصوص نصطدم بشيء من الالتباس يبدو فى عائد الضمير فى مصطلح (المسند إليه)، فإن عاد إلى المبتدأ كان معنى (المسند إليه) أنه المسند إلى غيره، أى المسند إلى مسند، وإن عاد الضمير إلى الخبر كان معنى المسند إليه أنه المسند إليه غيرُه، فنصل إلى هذين النمطين:
ـ المسند والمسند إليه = المسند والمسند إلى المسند.
ـ المسند والمسند إليه = المسند والمسند إليه المسند.
وأعتقد أن سيبويه أراد النمط الأول ؛ ولعل حديثا له فى موضع آخر يقرب لنا هذه الاعتقاد، ورد فى "باب الحكاية التى لا تُغيَّر فيها الأسماء عن حالها فى الكلام"، يقول فيه سيبويه: ".. وسألت الخليل عن رجل يُسمى (خيرا منك أو مأخوذا بك، أو ضاربا رجلا) فقال: هو على حاله قبل أن يكون اسما، وذلك أنك تقول: رأيت خيرا منك وهذا خير منك ومررت بخير منك . قلتُ: فإن سميت بشيء منها امرأة؟ فقال: لا أدع التنوين من قِبَل أن خيرا ليس منتهى الاسم ولا مأخوذا ولا ضاربا. ألا ترى أنك إذا قلتَ: ضاربٌ رجلا أو مأخوذ بك، وأنت تبتدئ الكلام احتجت ههنا إلى الخبر كما احتجت إليه فى قولك: زيدٌ وضاربٌ، ومنك بمنزلة شيء من الاسم فى أنه لم يُسنَد إلى مسند، وصار كمال الاسم كما أن المضاف إليه منتهى الاسم وكماله"52.
فقوله (منك بمنزلة شيء من الاسم لم يسند إلى مسند) يعنى به أنه ليس خبرا يسند إلى المبتدأ المسند، وهذا يعنى أن المسند والمسند إليه = المسند (المبتدأ) والمسند إلى المسند (الخبر). وأعتقد أن هذا الأمر ينطبق على الجملة الفعلية، فالمسند هو الفعل والمسند إليه هو الفاعل، وليس فى هذا مشكل.
الخبر النحوي والخبر الدلالي:(1/13)
لقد ورد مصطلح الخبر فى مواضع كثيرة من الكتاب، ولم يقصد به سيبويه فى جميعها الخبر النحوى أو الإسنادى، بل أطلقه ليعنى به وظيفة الحال53، وهذا يعنى أن سيبويه قد فرق بين الخبر النحوى (المسند) والخبر الدلالى (الحقيقى)، أى أنه فرق بين الكلمة التى تشغل فى التركيب وظيفة خبر المبتدأ والكلمة التى تفيد الدلالة المرجوة من الجملة، سواء أكانت تحمل وظيفة الخبر النحوى أو لم تحمل، وإن كان الخبر النحوى خبرا دلاليا فى كثير من الأحيان54، كما أنه كثيرا ما يكون الفاعل النحوى فاعلا دلاليا ، غير أن هذا لا يمنع أن يكون الخبر النحوى ليس خبرا دلاليا حاملا الفائدة المنتظرة من الجملة ، وحينئذ يكون فى الجملة كلمتان ـ أو أكثرـ سوى المبتدأ تحملان وظيفتين نحويتين متغايرتين ، إحداهما عنصر أساسى فى الجملة، يشغل وظيفة المسند (الخبر النحوى)، والأخرى عنصر توسيعى يشغل وظيفة الخبر الدلالى55، ومن ذلك جملة ( هذا عبد الله منطلقا) فعنصرا الإسناد فيها اسم الإشارة ( هذا ) والاسم المعرف بالإضافة (عبدالله)، فهما المبتدأ والخبر، أما (منطلقا) فعنصر توسيعى ، يشغل وظيفة الحال من الاسم السابق ، وهو الخبر الحقيقى من جهة المعنى ؛ ولذلك فإن سيبويه نفسه يُسمِّى هذه الحال خبرا56مع أن الإسناد قائم على العنصرين ( هذا و عبد الله).(1/14)
ومن ثم يعرض سيبويه لمستتويين من التحليل : مستوى الإسناد الخاص بالجانب التركيبى ومستوى الإخبار الخاص بالجانب الدلالى ، فمستوى التركيب يتضح فى قوله عن جملة (هذا عبد الله منطلقا): "ولم يكن ليكون (هذا) كلاما حتى يُبنَى عليه أو يُبنى على ما قبله، فالمبتدأ مسند، والمبنى عليه مسند إليه.."57، وعن مستوى الإخبار يقول : " فالمعنى أنك تريد أن تنبهه له منطلقا ، لا تريد أن تعرّفه (عبدالله) ؛ لأنك ظننت أنه يجهله ، فكأنك قلت : (انظر إليه منطلقا) فـ(منطلقا) حال قد صار فيها عبدالله وحال بين منطلق وهذا ، كما حال بين راكب والفعل حين قلت: جاء عبد الله راكبا ، صار جاء لعبدالله وصار الراكب حالا.."58 هذه الحال يسميها سيبويه الخبر فى مواضع كثيرة من كتابه ، منها قوله59: "هذا باب ما ينتصب فيه الخبر؛ لأنه خبر لمعروف يرتفع على الابتداء، وذلك قولك: فيها عبد الله قائما وعبد الله فيها قائما"، ويجمع سيبويه بين الخبر النحوى (الإسنادى) والخبر الدلالى فى باب واحد أسماه "باب ما يرتفع فيه الخبر ؛ لأنه مبنى على المبتدأ، أو ينتصب فيه الخبر لأنه حال لمعروف مبنى على مبتدأ"60 ومثّل لذلك بقوله: "فأما الرفع فقولك: هذا الرجل منطلق ، فالرجل صفة لهذا ، وأما النصب فقولك : هذا الرجل منطلقا، جعلت الرجل مبنيا على هذا ، وجعلت الخبر حالا له قد صار فيها"61
المبتدأ والفاعل ونائبه :(1/15)
لعل التفريق الذى أرساه سيبويه بين الخبر النحوى والخبر الدلالى يقودنا إلى الحكم بأن صاحب الكتاب لم يجمع بين المبتدأ والفاعل من جهة وبين الخبر والفعل من جهة أخرى ، ولو كان ينطلق فى تحديده لعنصرى الجملة النواة من نظرية الإخبار لجمع بين الفاعل والمبتدأ تحت مصطلح (المسند إليه)؛ إذ إن كليهما محدّث عنه وبين الفعل والخبر تحت مصطلح (المسند)؛ حيث إن كليهما محدث. ولكن سيبويه لم يفعل ذلك ، وبالتالى لم يقم بما كنا نرجوه منه ؛ فى الجمع بين كل وظيفتين نحويتين تحت وظيفة واحدة عامة ، أى الجمع بين وظيفتى (المبتدأ والفاعل) تحت وظيفة (المسند إليه) ، والجمع بين وظيفتى (الفعل والخبر) تحت وظيفة (المسند).
من ناحية أخرى فإن مبدأ الثنائية الذى أقام عليه سيبويه نظريته النحوية والمتمثل فى أن الجملة قائمة على عنصرين اثنين يسميان عنصرى الإسناد أو عنصرى النواة المسند والمسند إليه والذين يمثلهما (الفعل والفاعل) من جهة و(المبتدأ والخبر) من جهة أخرى ، هذا المبدأ الثنائى لتحليل الجملة لا يفسده أن يشغل وظيفة المسند إليه فى الجملة الفعلية ما أطلق عليه متأخرو النحويين مصطلح (نائب الفاعل)؛ لأن نائب الفاعل هو فاعل نحوى من وجهة نظر سيبويه، يقول فى انتصاب الثوب والمال من قولهم (كُسى عبدالله ثوبا، وأُعطى عبدالله المال): "انتصب الثوب والمال ؛ لأنهما مفعولان تعدى إليهما فعل مفعول هو بمنزلة الفاعل. وإن شئت قدمت وأخرت فقلت: كُسى الثوبَ عبدالله وأُعطى المالَ عبدالله، كما قلت : ضرب زيدا عبد الله ، فأمره فى هذا كأمر الفاعل"62.
الترتيب بين عنصرى الجملة الدنيا:(1/16)
إذا سلمنا بأن المسند إليه هو المبتدأ فى الجملة الاسمية ، والفاعل فى الجملة الفعلية، وأن المسند هو الخبر فى الجملة الاسمية والفعل فى الجملة الفعلية ـ ولا ريب فى عدم إشارة سيبويه إلى هذا ـ فإن الترتيب الاعتيادى بين هذين العنصرين لم يكن على نظام واحد ؛ إذ نجد هذين النمطين :
مسند إليه + مسند مبتدأ + خبر ? الجملة الاسمية
مسند + مسند إليه فعل + فاعل ? الجملة الفعلية
وفى ضوء هذين النمطين يواجهنا هذا السؤال: هل تسمح قواعد اللغة ـ فى كلا النمطين ـ بترتيب مخالف combinaison inversée لهذا الترتيب الاعتيادي combinaison normale الموضح سلفا؟.
للإجابة عن هذا السؤال ينبغي علينا أن نقف عند كل نمط منهما بإفراده، على النحو التالي:
أولا ـ النمط الأول : مسند إليه + مسند ( الجملة الاسمية):
لا خلاف بين النحويين على إمكانية الترتيب المخالف بين عنصرى الجملة الاسمية (مسند + مسند إليه )أى (خبر + مبتدأ)63، كما أنه لا خلاف على أن الأصل فى عنصرى الجملة الاسمية البسيطة أن يكونا اسمين64، وقد يحل محل الاسم الأول (المسند إليه) ضمير65، أما الاسم الثانى فقد يحل محله ضمير أو شبه جملة (ظرف مع مضافه أو جار ومجرور) متعلق بالاستقرار، فإذا ما رمزنا للاسم بالرمز (س) والضمير بالرمز (ض) والظرف بالرمز (ظ) والمجرور بالرمز (ج) نجد أن الجملة الدنيا ذات الترتيب الاعتيادى تحتمل الأنماط التالية قياسا:
مبتدأ + خبر
________________
س + س
س + ض
س + ظ
س + ج
ض + س
ض + ض
ض + ظ
ض + ج
والجملة الدنيا ذات الترتيب المخالف من حيث القياس تحتمل الأنماط نفسها، كما هو واضح من الجدول الآتي:
خبر + مبتدأ
__________________
س + س
س + ض
ظ + س
ج + س
ض + س
ض + ض
ظ + ض
ج + ض(1/17)
وإذا كان القياس يجيز هذه الأنماط ، فلنا أن نسأل : هل استعملت اللغة هذه الأنماط كلها ؟ لعل كتاب سيبويه نجد فيه إجابة عن ذلك ، فإذا ما استعرضناه بحثا عن هذه الأنماط عثرنا على الآتى:
1ـ الأنماط ذات الترتيب الاعتيادى :
النمط : س + س
يقول سيبويه: "واعلم أن المبتدأ لابد له من أن يكون المبنى عليه شيئا هو هو أو يكون فى مكان أو زمان . وهذه الثلاثة يذكر كل واحد منها بعد ما يبتدأ فأما الذى يبنَى عليه شيء هو هو فإن المبنى عليه يرتفع به كما ارتفع هو بالابتداء، وذلك قولك: عبد الله منطلق.."66
النمط : س + ض
نرتاب فى أن اللغة تجيز استعمال هذا النمط بصورة الأنماط السالفة الذكر بل هو نمط نادر وجوده فى العربية الفصحى l'arabe classique ؛ لأن المسند غالبا ما يكون وصفا، والضمير كالمصدر المؤول لا يوصف به، ومن ثم فالإخبار به ضعيف عما دونه فى التعريف67، ومع ذلك فإن اللغة لا تمنع استعماله؛ ومن ثم ذكره سيبويه فى الباب الخاص بـ " استعمالهم علامة الإضمار الذى لا يقع موقع ما يضمر فى الفعل إذا لم يقع موقعه .." وساق له المثالين: "أما الخبيثُ فأنت، وأما العاقلُ فهو"68.
ـ النمط : س + ظ
أشار سيبويه إلى هذا النمط فى قوله: "واعلم أن المبتدأ لابد له من أن يكون المبنى عليه شيئا هو هو أو يكون فى مكان أو زمان ، وهذه الثلاثة يذكر كل واحد منها بعد ما يبتدأ.."69 فالمكان والزمان يمثلان الظرف المستقر. ومن الأمثلة التى ساقها سيبويه للظرف قوله: "..وأما قولهم: دارى خلف دارك فرسخا، فانتصب لأن خلف خبر للدار، وهو كلام قد عمل بعضه فى بعض واستغنى"70.
ـ النمط : س + ج
أشار سيبويه إليه فى قوله: "..وتقول: ما كان فيها أحد خير منك وما كان أحدٌ مثلُك فيها، وليس أحد فيها خيرٌ منك، إذا جعلت (فيها) مستقرا.."71.
ـ النمط : ض + س(1/18)
يبدو أن سيبويه لم يعمد أن يتحدث عن هذا النمط ؛ اعتمادا على أنه يماثل النمط السابق، فالضمير72 من المعارف، يقول عن الضمير الشخصي: "وإنما صار الإضمار معرفة؛ لأنك تضمر اسما بعد ما تعلم من يحدث قد عرف من تعنى وأنك تريد شيئا يعلمه"73.
ويصف الضمير الإشارى بالاسم المبهم74، يقول: "وأما الأسماء المبهمة فنحو هذا وهذه وهذان وهاتان وهؤلاء وذلك وتلك..وما أشبه ذلك، وإنما صارت معرفة؛ لأنها صارت أسماء إشارة إلى الشيء دون سائر أمته"75.
ونجده يسوق مثالا لهذا النمط أثناء حديثه عن المضاف إلى المعرفة، يقول: "وأما المضاف إلى المعرفة فنحو: هذا أخوك، ومررت بأخيك، وما أشبه ذلك"76.
ـ النمط : ض + ض
لا خلاف أن اللغة تجيز هذا النمط، ومنه قوله تعالى:{ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم}77، ومن ثم تناوله سيبويه، وأفرد له بابا نعته بقوله: "هذا باب استعمالهم علامة الإضمار الذى لا يقع موقع ما يضمر فى الفعل إذا لم يقع موقعه"78 ثم ساق لذلك عديدا من الأمثلة والشواهد القرآنية والشعرية، مثل قوله79: "أ هو هو، ها نحن أولاء، ها هو ذاك، ها أنتم أولاء، ها أنتن أولاء، ها هنّ أولئك .. ومنه قوله تعالى: {كأنه هو}80 و{ها أنتم هؤلاء}81، ومنه قول الشاعر82:
فكأنّها هى بعد غِبِّ كلالها …أو أسْفَعُ الخدّينِ شاةُ إرانِ
ـ النمطان : ض + ظ ، ض + ج
لم نعثر على حديث منفرد لهما فى الكتاب ، غير أنه يمكن القول بأنهما نمطان تجيزهما اللغة ، ولعل كلام سيبويه الخاص بالأنماط السابقة وكلامه عن أنواع المعارف وكون الضمائر منها يؤكد لنا أنه أجاز هذين النمطين.
2 ـ الأنماط ذات الترتيب المخالف :
ـ النمط : س + س(1/19)
تناوله سيبويه فى باب الابتداء83، يقول: "فالمبتدأ كل اسم ابتُدئ ليُبنَى عليه كلام، والمبتدأ والمبنىّ عليه رفع، فالابتداء لا يكون إلا بمبنى عليه فالمبتدأ الأول والمبنىّ عليه ما بعده فهو مسند ومسند إليه.. وزعم الخليل أنه يستقبح أن يقول (قائم زيد)، وذاك إذا لم تجعل قائما مقدما مبنيا على المبتدأ، كما تؤخر وتقدم فتقول: (ضرب زيدا عمرو)، وعمرو على (ضرب) مرتفع، وكان الحدّ أن يكون مقدما ويكون زيد مؤخرا. وكذلك هذا، الحدّ فيه أن يكون الابتداء فيه مقدما. وهذا عربى جيد. وذلك قولك: تميمىٌّ أنا، ورجل عبدالله.."84. وفى موضع آخر يصفه بأنه عربى جيد كثير، ويستشهد له بقوله تعالى85: {ولم يكن له كفوا أحد}.
ـ النمط : س + ض
إن اللغة مثلما أجازت استعمال النمط الاعتيادى (س + ض) والنمط الاعتيادى (ض + ض) والنمط المخالف (س + س) أجازت النمط المخالف (س + ض)، ويمثل مستوى لغويا عاليا فى الفصاحة، ومنه الآية86: {أراغب أنت عن آلهتى يا إبراهيم}، وإن لم يفرد سيبويه حديثا لهذا النمط فى كتابه فقد أجازه، وهذا يتضح من خلال إجازته النمط المخالف (س + س) والنمط الاعتيادي (س + ض) والنمط الاعتيادي (ض + ض) بالإضافة إلى حديثه عن الضمائر بأنها من المعارف87، ومن الأمثلة التى جاءت عرضا تمثل هذا النمط قوله88: "..تميمىٌّ أنا.."
ـ الأنماط : ظ + س ، ج + س ، ض + س
تناول سيبويه هذه الأنماط فى باب عنونه بقوله: "هذا باب ما يقع موقع الاسم المبتدأ ويسد مسده ؛ لأنه مستقر لما بعده وموضع، والذى عمل فيما بعده حتى رفعه هو الذى عمل فيه حين كان قبله ؛ ولكن كل واحد منهما لا يُستغنَى به عن صاحبه، فلما جُمعا استغنى عليهما السكوت ، حتى صارا فى الاستغناء كقولك: هذا عبدالله. وذلك قولك: فيها عبدالله. ومثله: ثَمّ زيد، وههنا عمرو، وأين زيد، وكيف عبدالله، وما أشبه ذلك"89.(1/20)
وفى موضع آخر يقول سيبويه: "والتقديم والتأخير (فيما يكون ظرفا أو يكون اسما فى العناية والاهتمام ..) والإلغاء والاستقرار عربى جيد كثير، فمن ذلك قوله تعالى: {ولم يكن له كفوا أحد}. وأهل الجفاء من العرب يقولون: ولم يكن كفوا له أحد، كأنهم أخّروها حيث كانت غير مستقرة.."90.
ـ النمط : ض + ض
فى الواقع أننا لم نعثر على نص لسيبويه فى كتابه يمثل هذا النمط ، ومن ثم فنحن نستبعد ـ ولا ننكر ـ وجوده فى اللغة ، وخصوصا أن سيبويه قد أجاز النمط الاعتيادى منه، فورود النمط (ض + ض) يحتمل بقوة الترتيب الاعتيادى، ويحتمل بضعف وجهه المخالف ، حيث إن عنصرى الإسناد على درجة واحدة من التعريف والتحديد ، وفى مثل هذا الأمر أكد النحويون على أن المقدم هو المبتدأ إلا إذا كانت ثمة قرينة توجب التقديم والتأخير بين العنصرين ؛ لأن تقديم المبتدأ هو الأصل، يقول ابن السراج: "المبتدأ ما جردته من عوامل الأسماء ومن الأفعال والحروف، وكان القصد فيه أن تجعله أولا لثان ، مبتدأ به دون الفعل يكون ثانيه خبرا.. والمبتدأ يبتدأ فيه بالاسم المحدث عنه قبل الحديث"91، أما إذا تساوى المبتدأ والخبر فى التعريف أو تفاوتا فى الرتبة ، فالمشهور لدى النحاة أن المبتدأ هو المقدم والخبر المؤخر إلا أن توجد قرينة، يقول الزمخشري: "وقد يقع المبتدأ والخبر معرفتين معا كقولك: زيد المنطلق، ولا يجوز تقديم الخبر هنا، بل أيهما قدمت فهو المبتدأ"92، ويفصح عبدالقاهر عن نوعين للتقديم فى قوله: "اعلم أن تقديم الشيء على وجهين: تقديم يقال إنه على نية التأخير.. وتقديم لا على نية التأخير، ولكن على أن تنقل الشيء عن حكم إلى حكم، وتجعله بابا غير بابه، وإعرابا غير إعرابه، وذلك أن تجئ إلى اسمين، يحتمل كل منهما أن يكون مبتدأ ويكون الآخر خبرا له، فتقدم تارة هذا على ذاك وأخرى ذاك على هذا ومثاله ما تصنعه بزيد والمنطلق، حين تقول: زيد المنطلق وأخرى المنطلق زيد ، فأنت فى هذا لم(1/21)
تقدم المنطلق على أن يكون متروكا على حكمه الذى كان عليه مع التأخير فيكون خبر المبتدأ كما كان، بل على أن تنقله عن كونه خبرا إلى كونه مبتدأ ، وكذلك لم تؤخر زيدا على أن يكون مبتدأ كما كان، بل على أن تخرجه عن كونه مبتدأ إلى كونه خبرا"93، ويقول ابن يعيش: "وإذا كان الخبر معرفة كالمبتدأ لم يجز تقديم الخبر؛ لأنه مما يشكل ويلبس؛ إذ كل واحد منهما يجوز أن يكون خبرا ومخبرا عنه ، فأيهما قدمت كان المبتدأ"94، ويقول ابن هشام: "يجب الحكم بابتدائية المقدم من الاسمين فى ثلاث مسائل: إحداها أن يكونا معرفتين تساوت رتبتهما نحو (الله ربنا) أو اختلفت نحو (زيد الفاضل ، والفاضل زيد) هذا هو المشهور وقيل: يجوز تقدير كل منهما مبتدأ وخبرا مطلقا وقيل : المشتق خبر وإن تقدم نحو (القائم زيد)، والتحقيق أن المبتدأ ما كان أعرف كـ(زيد) فى المثال أوكان هو المعلوم عند المخاطب كأن يقول: من القائم؟ فتقول: زيد القائم، فإن علمهما وجهل النسبة فالمقدم هو المبتدأ"95، ويذكر السيوطى ستة أقوال فى حكم المبتدأ فى هذه الحالة يقول96: "إذا اجتمع معرفتان ففى المبتدأ أقوال: أحدها أنك بالخيار، فما شئت منهما اجعله مبتدأ والثانى أن الأعم هو الخبر، والثالث أنه بحسب المخاطب فإن علم منه أنه فى علمه أحد الأمرين أو سأله عن أحدهما بقوله من القائم فقيل : القائم زيد، فالمجهول الخبر، والرابع أن المعلوم عند المخاطب هو المبتدأ والمجهول هوالخبر، والخامس إن اختلفت رتبتهما فى التعريف فأعرفهما المبتدأ وإلا فالسابق والسادس أن الاسم متعين للابتداء والوصف متعين للخبر"، ويرى د.أنيس أن الترتيب بين المسند والمسند إليه حين يكون كل واحد منهما معرفة لا يعدو أن يكون أمر أسلوب إذ لا يكاد المعنى يختلف بتأخير أحدهما أو تقديمه97.(1/22)
ويلحظ الباحث تقاربا بين رأى عبد القاهر ورأى د.أنيس ، فكلاهما لم يشر إلى اختلاف دلالى فى تقديم أحد الاسمين وتأخير الآخر ، فلا فرق دلاليا بين (زيد المنطلق، والمنطلق زيد) بل هو اختلاف أسلوبى ، وكلا الرأيين قريب من وجهة نظر النحاة فى أن الخبر قد يكون عين المبتدأ98.
وإذا كان لنا من اختيار فلنجعل الاسم الأقرب للوصف خبرا ، أو نجعل الاسم الأعرف مبتدأ، والأفضل أن نجعل الاسم الخالى من عنصر الزمن res مبتدأ والذى يحمل دلالة زمنية modus خبرا ، وإن لم يكن ثمة اختيار ، كأن يكون كلا العنصرين اسما أو ضميرا خاليا من الزمن ، فالأفضل ألا نحكم بالتقديم والتأخير، وإنما نعتمد النمط الاعتيادى (مبتدأ + خبر) الذى يمثل النظام الأساسى للجملة والذى ينبغى احترامه ،كما ذكر الفرنسى فليش99.
ـ النمطان : ظ + ض ، ج + ض
لا نستبعد أن اللغة تجيز هذين النمطين ، كما لا نستبعد أن سيبويه قد أجازهما وإن لم يصرح بهما، واعتمادنا فى ذلك على إجازته للنمطين السابقين (ظ + س ، ج + س) من ناحية، ومن ناحية أخرى إقراره بأن الضمائر من المعارف (ض = س) وإن اختلفت درجة التعريف.
ثانيا : النمط الثانى : مسند + مسند إليه( الجملة الفعلية) :(1/23)
إن الترتيب الاعتيادى للجملة الفعلية هو : (مسند + مسند إليه) ، والمسند فعل100 والمسند إليه فاعل ، هذا الفاعل يكون ضميرا متصلا فى حالتى حديث المتكلم عن نفسه وحديثه للمخاطب تذكيرا وتأنيثا ، وإفرادا وتثنية وجمعا101، وقد أشار سيبويه إلى هذا فى باب أسماه "باب علامات المضمرين المرفوعين"، قائلا: "اعلم أن المضمر المرفوع إذا حدّث عن نفسه فإن علامته أنا ، وإن حدّث عن نفسه وعن آخر قال : نحن ، وإن حدث عن نفسه وعن آخرين قال : نحن . ولا يقع أنا فى موضع التاء التى فى فعلتُ ، لا يجوز أن تقول : فعل أنا ؛ لأنهم استغنوا بالتاء عن أنا . ولا يقع نحن فى موضع (نا) التى فى فعلنا ، لا تقول فعل نحن. وأما المضمر المخاطب فعلامته إن كان واحدا : أنت ، وإن خاطبت اثنين فعلامتهما: أنتما، وإن خاطبت جميعا فعلامتهم أنتم . واعلم أنه لا يقع أنت فى موضع التاء التى فى فعلتَ ، ولا أنتما فى موضع (تما) التى فى فعلتما. ألا ترى أنك لا تقول: فعل أنتما، ولا يقع أنتم فى موضع (تم) التى فى فعلتم، لو قلت: فعل أنتم لم يجز. ولا يقع أنتن فى موضع (تنّ) التى فى فعلتن، لو قلت فعل أنتن لم يجز"102 ويكون اسما ظاهرا فى حالة حديث المتكلم عن الغائب، ويمثّل له سيبويه بالمثال ( يذهب عبدالله) ويعلق عليه بقوله: "فلا بد للفعل من الاسم كما لم يكن للاسم الأول بدٌّ من الآخر فى الابتداء"103 ويرى سيبويه أن هذا الاسم يحل محله ضمير مستتر فى حالة الحديث عن المفرد بنوعيه المذكر والمؤنث ، وضمير بارز فى حالة الحديث عن المثنى والجمع بنوعيهما، يقول: "وأما المضمر المحدث عنه فعلامته: هو، وإن كان مؤنثا فعلامته: هى، وإن حدثت عن اثنين فعلامتهما: هما، وإن حدثت عن جميع فعلامتهم: هم، وإن كان الجميع جميع المؤنث فعلامته: هنّ. ولا يقع (هو) فى موضع المضمر الذى فى فعل، لو قلت: (فعل هو) لم يجز إلا أن يكون صفة، ولا يجوز أن يكون (هما) فى موضع الألف التى فى (ضربا)(1/24)
والألف التى فى (يضربان)، لو قلت: (ضرب هما) أو (يضربهما) لم يجز ، ولا يقع (هم) فى موضع الواو التى فى (ضربوا) ولا الواو التى مع النون فى (يضربون)، لو قلت: (ضرب هم) أو (يضرب هم) لم يجز ، وكذلك (هى) لا تقع موضع الإضمار الذى فى (فعلَتْ) ؛ لأن ذلك الإضمار بمنزلة الإضمار الذى له علامة ، ولا يقع (هن) فى موضع النون التى فى (فعلْنَ ويفعلْنَ) ، لو قلت : (فعل هُنّ) لم يجز إلا أن يكون صفة ، كما لم يجز ذلك فى المذكر ، فالمؤنث يجرى مجرى المذكر"104.
وإذا كان النحويون قد اتفقوا دون خلاف على إمكانية وجود الترتيب المخالف بين عنصرى الجملة الاسمية ، سواء على جهة الوجوب أو على جهة الجواز ، فإن الأمر يختلف فى الجملة الفعلية، إذ إنهم اختلفوا حول إمكانية الترتيب المخالف بين عنصريها، فبينما أجازه الكوفيون منعه البصريون105، والذى يعنينا هنا هو موقف سيبويه من ذلك.
لعل موقف البصريين فى عدم وجود الترتيب المخالف مرجعه سيبويه؛ فهو إمامهم، ولم يشر من قريب ولا من بعيد إلى إمكانية وجود الترتيب المخالف؛ إيمانا منه بأن عدم وجوده أمر بدهى ليس بحاجة إلى إشارة ، وهذا يعنى أن الجملة الفعلية لا تمتلك إلا النمط الاعتيادى : (مسند + مسند إليه) أو (فعل + فاعل) كما فى المثال ( يذهب عبدالله) ، فإذا سبق الاسمُ الفعلَ صارت الجملة جملة اسمية؛ حيث إن الاسم انتقل من وظيفة الفاعل إلى وظيفة المبتدأ ؛ ففى معرض حديثه عما أسماه "باب ما يُختار فيه إعمال الفعل مما يكون فى المبتدأ مبنيا عليه الفعل" يقول سيبويه: "وتقول : زيدٌ ضربنى وعمرٌو مررت به ، إن حملته على زيد فهو مبتدأ والفعل مبنى عليه ، وإن حملته على المنصوب قلت : زيدٌ ضربنى وعمرا مررت به؛ لأن الإضمار بمنزلة الهاء فى ضربته ، فإن قلت : ضربنى زيدٌ وعمرا مررت به، فالوجه النصب؛ لأن زيدا ليس مبنيا عليه الفعل مبتدأ ، وإنما هو ههنا بمنزلة التاء فى ضربته.."106(1/25)
الجملة النواة ذات العنصر الواحد:
نقصد بالجملة ذات العنصر الواحد تلك الجملة التى يحذف أحد عنصريها الأساسيين، ولم يختلف النحويون بدءا من سيبويه على أن هذا النمط موجود فى الجملة الاسمية ، إذ يمكن حذف المبتدأ أو الخبر ـ على سبيل الوجوب أو الجواز ـ شريطة أن يكون للحذف قرينة تدل عليه، وقد تناول سيبويه هذا النمط فى أكثر من موضع من كتابه، منها قوله فى حذف المبتدأ: "ومما ينتصب على إضمار الفعل المستعمل إظهاره أن ترى الرجل قد قدم من سفر، فتقول: خيرَ مقدم .. وأما الرفع فعلى أنه مبتدأ أو مبنى على مبتدأ، ولم يُرد أن يحمله على الفعل، ولكنه قال: هذا خير مقدم"107. وعقد بابا أسماه "باب يكون المبتدأ فيه مضمرا ويكون المبنى مظهرا. وذلك قولك: عبدالله وربى، كأنك قلت: ذاك عبدالله أو هذا عبدالله.."108.
وفى حذف الخبر عقد بابا أسماه " باب من الابتداء يضمر فيه ما يبنى على الابتداء. وذلك قولك : لولا عبدالله لكان كذا وكذا "109. كما عقد بابا آخر أسماه "باب ما يحسن عليه السكوت فى هذه الأحرف الخمسة لإضمارك ما يكون مستقرا لها وموضعا لو أظهرته.." وذكر أن من ذلك قول الأعشى110:
إن محلا ، وإن مرتحلا وإن فى السفر ما مضى مهلا(1/26)
وإذا كان النظام النحوى فى العربية يسمح بحذف أحد عنصرى الجملة الاسمية لفظا ـ كما أقر بذلك سيبويه ـ فإنه لم يُجز حذف أحد عنصرى الجملة الفعلية النواة؛ لأنها لا تُنعَت بهذا النعت إلا إذا بدأت بفعل ، ولا يوجد فعل بدون فاعل ظاهر أو مستتر ، كما لا يمكن أن يوجد الفاعل بدون الفعل111، وقد أشار سيبويه إلى هذا فى قوله : " واعلم أنه لا يجوز أن تقول : زيدٌ ، وأنت تريد أن تقول : ليُضرب زيدٌ ، أو ليَضرب زيدٌ إذا كان زيد فاعلا ، ولا زيدا وأنت : ليضرب عمرو زيدا ، ولا يجوز : زيدٌ عمرا إذا كنت لا تخاطب زيدا إذا أردت : ليضرب زيدٌ عمرا "112 ، وإنما يجوز حذف كلا العنصرين مع بقاء عنصر توسيعى يدل عليهما ، كما يجوز ذلك فى الجملة الاسمية ، وسنفصح عن ذلك حينما نتحدث عن الجملة الموسعة .
الجملة الموسعة
ذكرنا فيما سلف أن الجملة الموسعة هى تلك الجملة النواة التى تضاف إليها عناصر توسيعية أو مكملات أو فضلات ـ على حد تعبير النحاة ـ وتصنف تلك العناصر التوسيعية إلى عناصر ذات وظائف نحوية ووظائف دلالية ، بمعنى أنها تؤثّر على إعراب أحد عنصرى الإسناد أو كليهما ، وتضيف معنى جديدا إلى الجملة النواة ، وقد أطلقنا عليها عناصر ذات وظائف أساسية ، وعناصر ذات وظائف دلالية فحسب ؛ فهى تضيف معنى جديدا إلى النواة ، غير أنها لا تعمل نحويا فى أىٍّ من عنصريها ، وقد أسميناها عناصر ذات وظائف فرعية ، وهذه العناصر يمكن تصنيفها إلى صنفين : عناصر تؤثر فى معنى الجملة تأثيرا قويا حيث إن الجملة تفتقد معناها بدونها ، وأطلقنا عليها عناصر ذات وظائف أولية، وأخرى تمدّ من خط الجملة الأفقى وحذفها لا يُخلّ معناها ، وأطلقنا عليها عناصر ذات وظائف ثانوية ، وترجع القيمة الدلالية لهذه العناصر إلى السياق ، فهو الذى يعطى العنصر قيمة دلالية أولية أو ثانوية ، ومن ثم فلا يمكننا تحديد هذا التصنيف إلا من خلال سياق النص contexte .(1/27)
وعلى الرغم من هذا التصنيف للعناصر التوسيعية فالباحث ينهج نهجا آخر فى تصنيفها تصنيفا يعتمد على نوع الجملة النواة ، وهو تصنيف ثلاثى : عناصر خاصة بالجملة الاسمية ، وعناصر خاصة بالجملة الفعلية ، وعناصر مشتركة صالحة لأن تقتحم الجملتين ؛ لأنها لا تعمل نحويا فى أى من عنصرى الإسناد.
أولا : العناصر التوسيعية الخاصة بالجملة الاسمية:
ـ كان وأخواتها113:
هى أفعال تدخل على الجملة الاسمية ، فتؤثر عليها من ناحية التركيب ؛ حيث تكون عوامل رفع المبتدأ ونصب الخبر ، ويسمى المبتدأ اسمها ويسمى الخبر خبرها ، وتؤثر عليها من ناحية الدلالة ؛ حيث إنها تضع الجملة الاسمية فى إطار زمنى محدد114، وتصبح الجملة حاملة دلالة التغيّر بدلا من دلالة الثبات التى هى صفة الجملة الاسمية؛ ولذلك فهى تسمى "أفعال الوجود verbes d'existence"115 أو "الأفعال الناقصة"116 أو "أفعال العبارة "117، وقد اختلف النحويون حول كونها أفعالا ناقصة أو تامة، بمعنى: هل تحمل معنى أم لا تحمل؟ ولن نعرض هنا لآراء النحويين ، فليس هذا يعنينا ، إنما الذى يعنينا هنا هو موقف سيبويه من هذه الأفعال، هل هى أفعال تامة أم ناقصة ؟ وما نوع الجملة المصدرة بها ؟ .
تناول سيبويه هذه الأفعال فى أكثر من موضع ، منها الباب الذى عقده بعنوان "باب الفعل الذى يتعدى اسم الفاعل إلى اسم المفعول ، واسم الفاعل والمفعول فيه لشيء واحد". وذكر تحته أنه "لا يجوز فيه الاقتصار على الفاعل كما لم يجز فى ظننت الاقتصار على المفعول الأول ؛ لأن حالك فى الاحتياج إلى الآخر ههنا كحالك فى الاحتياج إليه ثمة"118.(1/28)
ونلحظ أن سيبويه يجعل جملة كان وأخواتها جملة فعلية تتم بالفعل والفاعل، وأن الخبرأشبه بالحال ، احتياج الجملة له يأتى من ناحية المعنى، لذلك شبّه جملة (كان وأخواتها) بجملة (ظن وأخواتها) ومدى احتياجها للمفعول الثانى من حيث المعنى. والباحث ليس على وفاق فى ذلك ، لأن الفعل ظن مع فاعله يحمل معنى الظن بدون المفعول ، إنما (كان)لا تحمل معنى فى جملتها بدون الخبر ، إلا إذا كانت فعلا تاما، فحينئذ تحمل معنى الخلق أو الوجود existence119، وفى هذه الحالة يمكن أن تكتفى بفاعلها، وإذا لحقها عنصرتوسيعى يحمل وظيفة الحال ، ولا أعتقد أن سيبويه أراد هذا الوجه؛ لأنه يذكر فى نص آخر أن هذه الأفعال لا وظيفة لها إلا أنها تحمل زمنا ما ولا معنى فيها، يقول: ".. كان ويكون وصار ومادام وليس وما كان نحوهن من الفعل مما لا يستغنى عن الخبر تقول : كان عبدالله أخاك ، فإنما أردت أن تخبر عن الإخوة ، وأدخلت كان لتجعل ذلك فيما مضى .."120. ويضيف مؤكدا أن الخبر فى جملتى (كان وأخواتها) و(إن وأخواتها) كالخبر فى الجملة الاسمية النواة (المبتدأ والخبر)، وذلك فى قوله: " ومما يكون بمنزلة الابتداء قولك: كان عبدالله منطلقا وليت زيدا منطلق؛ لأن هذا يحتاج إلى ما بعده كاحتياج المبتدأ إلى ما بعده"121. ويقول أيضا: "واعلم أنه إذا وقع فى هذا الباب نكرة ومعرفة فالذى تشغل به كان المعرفة ؛ لأنه حد الكلام ؛ لأنهما شيء واحد ، وليس بمنزلة قولك: ضرب رجل زيدا؛ لأنهما شيئان مختلفان ، وهما فى كان بمنزلتهما فى الابتداء إذا قلت: عبد الله منطلق "122.(1/29)
ويؤكد سيبويه أن هذه الأفعال ليست كسائر الأفعال ولا تقوى قوتها فى إسنادها لضمائر النصب المتصلة، فلا يجوز إسنادها لها، يقول123: ".. فلا نقول: كانه، بل نقول: كان إياه؛ لأن كانه قليلة ولم تستحكم هذه الحروف هاهنا، لا تقول : كاننى وليسنى ولا كانك، فصارت إيا ههنا بمنزلتها فى ضربنى إياك" ويضيف قائلا: "وتقول: أتونى ليس إياك ولا يكون إياه ؛ لأنك لا تقدر على الكاف ولا الهاء هاهنا، فصارت (إيا) بدلا من الكاف والهاء فى هذا الموضع. قال الشاعر:
ليت هذا الليل شهر ……ولا نرى فيه عريبا
ليس إياى وإيا ……ك ولا نخشى رقيبا
ولم يفت سيبويه أن يشير إلى (كان التامة) التى تحمل معنى الوجود أو الخلق، وذلك فى قوله: "وقد يكون لكان موضع آخر يقتصر على الفاعل فيه، تقول: قد كان عبدالله أى خلق عبدالله. وقد كان الأمر أى وقع الأمر ، وقد دام فلان أى ثبت .. كما يكون أصبح وأمسى مرة بمنزلة كان ومرة بمنزلة قولك : استيقظوا وناموا"124.(1/30)
وفى ضوء هذه النصوص نلحظ أن مذهب سيبويه فى جملة (كان وأخواتها) أنها جملة فعلية من حيث التركيب، وهى بمنزلة الجملة الاسمية من حيث المعنى، وهذا يشير إلى أن إتمام المعنى ليس شرطا لسلامة الجملة النواة، ولا أعتقد أن هذا هو مذهب سيبويه؛ لأن الجملة النواة عند سيبويه تخضع لشرطين: التركيب الإسنادى وتحقيق المعنى؛ إذ يقول: "هذا باب المسند والمسند إليه. وهما ما لا يغنى واحد منهما عن الآخر، ولا يجد المتكلم منه بُدّا، فمن ذلك الاسم المبتدأ والمبنى عليه، وهو قولك: عبد الله أخوك وهذا أخوك، ومثل ذلك: يذهب عبد الله، فلابدّ للفعل من الاسم كما لم يكن للاسم الأول بدّ من الآخر فى الابتداء"125. ويقول فى موضع آخر: "وأما قولهم: دارى خلف دارك فرسخا، فانتصب لأن خلف خبر للدار، وهو كلام قد عمل بعضه فى بعض واستغنى"126. وفى حديثه عن كون الحال عنصرا توسيعيا، وأن معنى الجملة تامّ قبل دخول الحال عليها، يقول: "فأما ضربت وقتلت ونحوهما ، فإن الأسماء بعدها بمنزلة المبنى على المبتدأ ، وإنما تذكر قائما بعدما يستغنى الكلام ويكتفى، وينتصب على أنه حال .. وذلك قولك: ضربته إياه قائما"127. وفى "باب الحكاية" يقول: "..وإذا جعلت (هذا زيد) اسم رجل فهو يحتاج إلى الابتداء وغيره كما يحتاج إليه زيد ، ويَستغنى كما يَستغنى"128.
فقوله (عمل بعضه فى بعض، ويحتاج إلى الابتداء) يعنى به ضرورة التركيب الإسنادى، وقوله (استغنى ، ولايغنى ، ويستغنى ويكتفى) يقصد به ضرورة إتمام المعنى، وهذا يعنى أن كليهما شرط لسلامة الجملة النواة.
ومن ثم فالباحث يزعم أن سيبويه لم يسر على خط واحد فى منهجه ، وأن هناك اضطرابا ؛ لأن النصوص السابقة تؤكد أن تحقيق المعنى شرط لسلامة الجملة النواة (المسند والمسند إليه) عند سيبويه ، وهذا أمر لم يتحقق من جملة (كان ومرفوعها) بدون الخبر ، بل إن المعنى موجود فى الخبر بشهادة سيبويه نفسه فى نص سالف الذكر129.(1/31)
وبناء على ما سبق فإننا نؤكد أن الجملة المبدوءة بفعل الكينونة مثل : (كان عبدالله أخاك) إذا كانت جملة فعلية فإن الفعل هو المسند ، ولزم استبعاد الخبرمن عنصرى الإسناد ؛ ليكون عنصرا توسيعيا يشغل وظيفة الحال وإن كان هو الخبر الدلالى130، ولا يجوز أن يقوم بوظيفة الخبر الإسنادى ، وفى هذه الحالة لا يكون الفعل ناقصا verbe défectif أو ما يسمى (كان الزمانية) ، بل هو فعل تام اعتيادىverbe ordinaire وهو فعل إسنادى verbe prédicatif يحمل حدثا ما131، ولا أعتقد أن سيبويه أراد هذا الوجه، ومن ثم نسأله: أين المسند والمسند إليه فى جملة (كان عبدالله أخاك)؟، فإذا كان المسند (أخاك) فالجملة اسمية و(كان) عنصر توسيعى يحمل وظيفة التحديد الزمنى، ولو أن المسند فعل الكينونة ، فالجملة فعلية و(أخاك) عنصر توسيعى يقوم بوظيفة الحال132، والباحث هنا يميل إلى كون الخبر مسندا وفعل الكينونة عنصر توسيعى، ومن ثم فجملة (كان وأخواتها) جملة اسمية.
ولعل مما يؤكد رأينا فى أن فعل الكينونة عنصر توسيعى للجملة الاسمية أنه أحيانا يفقد وظيفته النحوية، فلا يرفع مبتدأ ولا ينصب خبرا، وذلك فى حالة مجيئه زائدا، ولم يفت سيبويه أن يشير إلى هذا، فذكر أنها تأتى زائدة ملغاة، فلا عمل لها، ونقل عن الخليل: "إن من فضلهم كان زيدا، على إلغاء كان، وشبهه بقول الفرزدق:
فكيف إذا رأيت ديار قوم وجيرانٍ لنا كانوا كرامِ133
ـ الحروف المشبهة بليس :(1/32)
يقصد سيبويه بهذا المصطلح تلك الحروف التى تشبه ليس فى أنها تقوم بذات الوظيفة النحوية والدلالية التى تقوم بها ليس ، فهى تحمل دلالة النفى وتكون عوامل رفع للمبتدأ ونصب للخبر ، ويصيران اسمها وخبرها . وتختلف عن ليس فى البنية الصرفية، فهى حروف، أما (ليس) ففعل من وجهة نظر سيبويه، إذ يقول: "ليس بمنزلة ضرب؛ لأن ليس فعل"134، غير أنه فعل جامد؛ لأنها "وضعت موضعا واحدا، ومن ثم لم تصرف تصرف الفعل الآخر"135، كما لا تتصل به ضمائر النصب المتصلة، فـ"لا تقول: كاننى وليسنى.. وتقول: أتونى ليس إياك.." وذكر سيبويه قول الشاعر136
ليت هذا الليل شهر ولا نرى فيه عريبا
ليس إياى وإيا ك ولا نخشى رقيبا
أما الحروف المشبهة بـ(ليس) فقد عقد لها سيبويه بابا أسماه " باب ما أجرى مجرى ليس فى بعض المواضع بلغة أهل الحجاز ثم يصير إلى أصله"137، ثم ذكر أن أول هذه الحروف (ما) ، إذ يقول : ".. وذلك الحرف (ما) تقول : ما عبدالله أخاك وما زيد منطلقا. وأما بنو تميم فيجرونها مجرى أما وهل ، أى لا يعملونها فى شيء وهو القياس؛ لأنه ليس بفعل وليس ما كـ(ليس) ولا يكون فيها إضمار"138، واستطرد قائلا: "كما شبهوا بها (لات) فى بعض المواضع ، وذلك مع الحين خاصة، لا تكون (لات) إلا مع الحين، تضمر فيها مرفوعا وتنصب الحين؛ لأنه مفعول به، ولم تمكّن تمكنها ولم تستعمل إلا مضمرا فيها ؛ لأنها ليست كـ(ليس) فى المخاطبة والإخبار عن غائب ، لستَ ولستِ وليسوا وعبدالله ليس ذاهبا ، فتبنى على المبتدأ وتضمر فيه، ولا يكون هذا فى (لات)، فلا تقول: عبدالله لات منطلقا، ولا قومك لاتوا منطلقين"139.
ويضيف قائلا: "لات إذا لم تعملها فى الأحيان لم تعملها فيما سواها ، فهى معها بمنزلة ليس، فإذا جاوزتها فليس لها عمل"140.
ـ لام الابتداء :(1/33)
نقصد بـ (لام الابتداء) لام التوكيد ، ذلك الحرف الذى يقتحم الجملة الاسمية لتوكيدها، يقول سيبويه: "..وتقول: إن زيدا لفيها قائما، وإن شئت ألغيت (لفيها)، كأنك قلت: إن زيدا لقائم فيها، ويدلك على أن (لفيها) يلغى أنك تقول: إن زيدا لبك مأخوذ، فلما دخلت اللام فيما لا يكون إلا لغوا عرفنا أنه يجوز فى (فيها) ويكون لغوا؛ لأن (فيها) قد تكون لغوا ... وإذا قلت: إن زيدا فيها لقائم ، فليس إلا الرفع؛ لأن الكلام محمول على (إن)، واللام تدل على ذلك، ولو جاز النصب ههنا لجاز: فيها زيد لقائما فى الابتداء"141. وفى حديثه عن (اللام الجارة) ذكر سيبويه "أن (اللام) لو فتحوها فى الإضافة لالتبست بـ(لام الابتداء) إذا قال : إن هذا لعلىٌّ ولَهذا أفضلُ منك ، فأرادوا أن يميزوا بينهما"142.
ـ إنّ وأخواتها :
عقد سيبويه بابا لهذه الحروف أسماه "باب الحروف الخمسة التى تعمل فيما بعدها كعمل الفعل فيما بعده" ثم قال تحته : "وهى من الفعل بمنزلة عشرين من الأسماء التى بمنزلة الفعل ، لا تصّرف تصرُّف الأفعال كما أن عشرين لا تصرف تصرف الأسماء التى أخذت من الفعل وكانت بمنزلته .. وهى إنّ ، أنّ ولكنّ وليت ولعلّ وكأنّ .. وذلك قولك : إن زيدا منطلق وإن زيدا أخوك ، وكذلك أخواتها.."143.
وينقل عن الخليل أنها تعمل عملين: الرفع والنصب.. إلا أنه ليس لك أن تقول: كأن أخوك عبدالله، تريد كأن عبدالله أخوك؛ لأنها لا تصرّف تصرُّف الأفعال، ولا يضمر فيها المرفوع كما يضمر فى (كان) ؛ فمن ثم فرقوا بينهما"144.(1/34)
ومن ناحية أخرى يفصح سيبويه عن الفرق بين (إنّ) المكسورة و(أنّ) المفتوحة فيقول: "أما (أنّ) فهى اسم وما عملت صلة لها ، كما أن الفعل صلة لأنْ الخفيفة، وتكون أن اسما ، ألا ترى أنك تقول : قد عرفت أنك منطلق ، فأنك فى موضع اسم منصوب ، كأنك قلت : قد عرفت ذاك .. وأما (إنّ) فإنما هى بمنزلة الفعل لا يعمل فيها ما يعمل فى (أنّ) كما لا يعمل فى الفعل ما يعمل فى الأسماء ولا تكون (إنّ) إلا مبتدأة وذلك قولك : إن زيدا منطلق وإنك ذاهب"145.
ـ دخول (ما) على الحروف:
لم يعقد سيبويه بابا لدخول (ما) على الحروف المشبهة بالفعل (إنّ وأخواتها) جميعا، وإنما عقد بابا لـ(إنّ وأنّ) أسماه " باب إنما وأنما"146، ثم قال : "اعلم أن كل موضع تقع فيه (أنّ) تقع فيه (أنما) ، وما ابتدئ بعدها صلة لها ، كما أن الذى ابتدئ بعد (الذى) صلة له ، ولا تكون عاملة فيما بعدها .. فمن ذلك قوله عز وجل {قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلىّ أنما إلهكم إله واحد}.. وأما (إنما) فلا تكون اسما وإنما هى فيما زعم الخليل بمنزلة فعل ملغى ، مثل : أشهد لَزيد خير منك ؛ لأنها لا تعمل فيما بعدها ، ولا تكون إلا مبتدأة بمنزلة إذا لا تعمل فى شيء .."147.
ثم ذكر عرضا دخول (ما) على (ليت ولعل وكأن) ، وذلك فى قوله : "..وأما ليتما زيدا منطلق ، فإن الإلغاء فيه حسن ، قال النابغة الذبيانى:
قالت ألا ليتما هذا الحمَامُ لنا إلى حمامتنا ونصفه فَقدِ
وأما (لعلّما) فهو بمنزلة كأنما ، قال الشاعر :
تحلّل وعالجْ ذات نفسك وانظرنْ أبا جُعِلٍ لعلما أنت حالمُ
وقال الخليل : إنما لا تعمل فيما بعدها "148.
ـ إنْ الخفيفة :(1/35)
يقول سيبويه: "واعلم أنهم يقولون : إنْ زيدٌ لذاهب وإنْ عمرو لخير منك لما خففها جعلها بمنزلة ما التى تنفى بها ، ومثل ذلك : {إن كل نفس لما عليها حافظ} إنما هى لعليها حافظ"149. ويقول : "وسمعنا من نثق به أنه سمع من العرب من يقول: (إنْ عمرا لمنطلق)، وأهل المدينة يقرأون {وإنْ كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم) يخففون وينصبون"150.
ويقرر سيبويه أنها تقوم بوظيفة النفى دون تأثير إعرابى وتصرف الكلام إلى الابتداء، ومنه قوله تعالى {إنْ الكافرون إلا فى غرور}151.
ـ ويكأنّ:
من الحروف التى توسع الجملة الاسمية هذا الحرف ، وقد ذكره سيبويه فى قوله: "سألت الخليل عن قوله {ويكأنه لا يفلح} وقوله: {ويكأن الله) فزعم أنها (وىْ) مفصولة من كأن، والمعنى وقع على أن القوم انتبهوا فتكلموا على قدر علمهم، أو نبّهوا فقيل لهم: أما يشبه أن يكون هذا عندكم هكذا ، وأما المفسرون فقالوا: ألم تر أن الله.."152.
ـ لا النافية للجنس :
من الحروف التى تعمل عمل الحروف المشبهة بالفعل ، وقد ذكرها سيبويه فى قوله: "لا تعمل فيما بعدها فتنصبه بغير تنوين ، ونصبها لما بعدها كنصب (إنّ) لما بعدها، وترك التنوين لما تعمل فيه لازم ؛ لأنها جعلت وما عملت فيه بمنزلة اسم واحد نحو خمسة عشر؛ لأنها لا تعمل إلا فى نكرة .. كما أن ربّ لا تعمل إلا فى نكرة"153ويقول: "واعلم أن (لا) وما عملت فيه فى موضع ابتداء"154، ويقول فى موضع آخر: "واعلم أن كل شيء حسن لك أن تعمل فيه ربّ حسن لك أن تعمل فيه لا"155.
ـ (لا) النافية المهملة:
عقد سيبويه بابا لها أسماه "باب ما إذا لحقته (لا) لم تغيره عن حاله التى كان عليها قبل أن تلحق؛ وذلك لأنها لحقت ما قد عمل فيه غيرها.."156 ثم ساق عدة أمثلة لذلك منها "وذلك قولك: لا سلامٌ عليك، لم تغير الكلام عما كان عليه قبل أن تلحق .. ومثل ذلك لا بك السوءُ؛ لأن معناه لا ساءك الله"157.(1/36)
ويقول سيبويه :"واعلم (لا) قد تكون فى بعض المواضع بمنزلة اسم واحد هى والمضاف إليه ، وذلك نحو قولك : أخذته بلا ذنب وغضبت من لا شيء ، وذهبت بلا عتاد، والمعنى معنى ذهبت بغير عتاد وأخذته بغير ذنب .."158.
ويضيف سيبويه قائلا: "واعلم أنه قبيح أن تقول : مررت برجل فارس ، حتى تقول: لا فارس ولا شجاع، ومثل ذلك: هذا زيد لا فارسا، لا يحسن حتى تقول: لا فارسا ولا شجاعا، وذلك أنه جواب لمن قال أو لمن تجعله ممن قال: أبرجل شجاع مررت أم بفارس"159.
ـ رُبَّ :
من العناصر التوسيعية التى تقتحم الجملة الاسمية حرف الجر (رُبّ)، ولم نذكر هنا حروف الجر كلها بالرغم من أنها خاصة بالأسماء ؛ لأنها تقتحم الجملة الفعلية الموسعة بدخولها على بعض توسيعاتها ، خاصة مع الأفعال المرتبطة بالجار، ومن ثم فهى عناصر مشتركة. أما (ربّ) فهى خالصة للدخول على الجملة الاسمية، ولا تعمل إلا فى اسم منكّر، ولذلك حكم سيويه بتنكير (مَن) الموصولية؛ اعتمادا على دخول (ربّ) عليها لأنها لا تدخل إلا على نكرة ، وذكر قول الشاعر160:
ألا ربّ من تغتشه لك ناصح ومؤتمن بالغيب غير أمين
و(ربّ) تشبه (كم) و(لا) فى بعض الأمور ، نلمسها فى نصه الذى يقول فيه: "..فـ(لا) لا تعمل إلا فى نكرة، كما أن (رب) لا تعمل إلا فى نكرة، وكما أن (كم) لا تعمل فى الخبر والاستفهام إلا فى نكرة ؛ لأنك لا تذكر بعد (لا) إذا كانت عاملة شيئا بعينه كما لا تذكر ذلك بعد (رب) ؛ وذلك لأن (رب) إنما هى للعدة بمنزلة (كم).."161.
و(رُبّ) قد تلحقها (ما) وفى هذه الحال تصير عنصرا توسيعيا خاصا بالجملة الفعلية، ولم تفت سيبويه هذه الإشارة ، فقد عقد بابا أسماه "باب الحروف التى لا يليها بعدها إلا الفعل"، ثم قال: "..ومن تلك الحروف ربما وقلما ، جعلوا (رب) مع (ما) بمنزلة كلمة واحدة ، وهيئوها ليذكر بعدها الفعل ؛ لأنهم لم يكن لهم سبيل إلى (رب يقول) ولا إلى (قل يقول) فألحقوهما (ما) وأخلصوهما للفعل"162.(1/37)
ثانيا : العناصر التوسيعية الخاصة بالجملة الفعلية:
يمكن أن نصنف العناصر التوسيعية الخاصة بالجملة الفعلية إلى عناصر سابقة، أى تسبق الجملة ، وأخرى لاحقة تلحق الجملة، على النحو التالى:
العناصر التوسيعية السابقة:
ـ بعض الحروف:
ذكر سيبويه أن "من الحروف حروفا لا يذكر بعدها إلا الفعل ولا يكون الذى يليها غيره مظهرا أو مضمرا، فمما لا يليه الفعل إلا مظهرا: قد ، سوف ، لمّا، ونحوهن. فإن اضطر شاعر فقدم الاسم وقد أوقع الفعل على شيء من سببه لم يكن حد الإعراب إلا النصب ، وذلك نحو : لم زيدا أضربه .. وأما ما يجوز فيه الفعل مضمرا ومظهرا ، مقدما أو مؤخرا ، ولا يستقيم أن يبتدأ بعده الأسماء: فهلاّ، لولا، لوما، ألاّ. لو قلت : هلا زيدا ضربت وألا زيدا قتلت جاز ، ولو قلت : هلا زيدا وألا زيدا على إضمار الفعل ولا تذكره جاز؛ لأن فيه معنى التحضيض والأمر، فجاز فيه ما يجوز فى ذلك .. ولو قلت: سوف زيدا أضرب أو قد زيدا لقيت لم يحسن؛ لأنها إنما وضعت للأفعال، إلا أنه جاز فى تلك الأحرف التأخير والإضمار لما ذكرت لك من التحضيض والأمر.."163.(1/38)
هذا .. وقد عقد سيبويه بابا أسماه "باب الحروف التى لا يليها بعدها إلا الفعل ولا تغير الفعل عن حاله التى كان عليها قبل أن يكون شيء منها" ثم ذكر أنه "من تلك الحروف: (قد) لايفصل بينها وبين الفعل بغيره، وهو جواب لقوله: (أ فعل؟) كما كانت (ما فعل) جوابا لـ(هل فعل) ، ولمّا يفعل وقد فعل ، إنما هما لقوم ينتظرون شيئا؛ فمن ثم أشبهت (قد) (لمّا) فى أنها لا يفصل بينها وبين الفعل ... ومن تلك الحروف أيضا (سوف يفعل)؛ لأنها بمنزلة السين التى فى قولك: (سيفعل)، وإنما تدخل هذه السين على الأفعال، وإنما هى إثبات لقوله : (لن يفعل)، فأشبهتها فى أن لا يفصل بينها وبين الفعل .. ومن تلك الحروف : ربما وقلما، جعلوا (رب) مع (ما) بمنزلة كلمة واحدة، وهيئوها ليذكر بعدها الفعل ؛ لأنهم لم يكن لهم سبيل إلى (رب يقول) ولا إلى (قل يقول) فألحقوهما (ما) وأخلصوهما للفعل.. ومثل ذلك هلاّ ولولا وألا، وألزموهن (لا) وجعلوا كل واحدة مع (لا) بمنزلة حرف واحد، وأخلصوهن للفعل؛ حيث دخل فيهن معنى التحضيض، ويجوز فى الشعر تقديم الاسم"164.
كذلك من الحروف الخاصة بالجملة الفعلية (لم، لمّا، لن) للنفى؛ يقول سيبويه: "إذا قلت: (فعل) فإن نفيه (لم يفعل). وإذا قلت: (قد فعل) فإن نفيه (لمّا يفعل) وإذا قال: (لقد فعل) فإن نفيه (ما فعل)، وإذا قال : (هو يفعل) أى هو فى حال فعل فإن نفيه (ما يفعل)، وإذا قال: (هو يفعل) ولم يكن الفعل واقعا فنفيه (لا يفعل) وإذا قال: (ليفعلنّ) فنفيه (لا يفعل) ، وإذا قال : (سوف يفعل) فإن نفيه (لن يفعل).."165.
ومن الحروف الخاصة بالجملة الفعلية ( لا ) الناهية ، يقول سيبويه : "والأمر والنهى لا يكونان إلا بفعل ، وذلك قولك زيدا اضربه .. وأما زيدا فاقتله ، وأما خالدا فلا تشتم أباه وأما بكرا فلا تمرر به.."166.(1/39)
وفى موضع آخر من الكتاب يضيف سيبويه إلى الحروف السابقة (لام الأمر) ولم يضفها فى النص السابق؛ لأنه فيه يتحدث عن توحد الوظيفة الدلالية بين الأحرف الثلاثة، وإنما فعل ذلك فى النص الآتى ؛ لأنه يتحدث عن الوظيفة التركيبية الواحدة للأحرف الأربعة، وهى التأثير الإعرابى ، فكلها عوامل جزم للفعل المضارع، يقول سيبويه: ".. ومما لا تقدّم فيه الأسماءُ الفعلَ الحروفُ العواملُ فى الأفعالِ الجازمةُ ، وتلك : لم ولمّا ولا التى تجزم الفعل فى النهى واللام التى تجزم الفعل فى الأمر، ألا ترى أنه لا يجوز أن تقول : لم زيد يأتك فلا يجوز أن تفصل بينها وبين الأفعال بشيء ، كما لم يجز أن تفصل بين الحروف التى تجرّ وبين الأسماء بالأفعال ؛ لأن الجزم نظير الجر ، ولا يجوز أن تفصل بينها وبين الفعل بحشو ، كما لا يجوز لك أن تفصل بين الجار والمجرور بحشو إلا فى شعر"167.
وعقد سيبويه بابا أسماه "باب ما يعمل فى الأفعال فيجزمها وذلك لم ولمّا واللام التى فى الأمر وذلك قولك : ليفعلْ ، ولا التى فى النهى وذلك قولك: لا تفعلْ؛ فإنما هى بمنزلة لم ... واعلم أن هذه اللام ولا فى الدعاء بمنزلتهما فى الأمر والنهى، وذلك قولك: لا يقطع الله يمينك ، وليجزك الله خيرا.."168.
ـ لام القسم ونون التوكيد :
أشار إليهما سيبويه فى "باب الأفعال فى القسم" وقال: "اعلم أن القسم توكيد لكلامك، فإذا حلفت على فعل غير منفى لم يقع لزمته اللام، ولزمت اللامَ النون الخفيفة أو الثقيلة فى آخر الكلمة، وذلك قولك: والله لأفعلنّ، وإن كان الفعل قد وقع وحلفت عليه لم تزد على اللام، وذلك قولك: والله لفعلت، فالنون لا تدخل على فعل قد وقع، وإنما تدخل على غير الواجب، وإذا حلفت على فعل منفى لم تغيره عن حاله التي كان عليها قبل أن تحلف، وذلك قولك: والله لا أفعل"169.
العناصر التوسيعية اللاحقة:
ـ المفعولات170:(1/40)
نقصد بالمفعولات المفعول به والمفعول المطلق والمفعول لأجله والمفعول فيه والمفعول معه ، فإذا ما فتشنا فى كتاب سيبويه نجد أنه ذكر الآتى :
1ـ المفعول به:
تناول سيبويه هذا العنصر التوسيعى تحت "باب الفاعل الذى يتعداه فعله إلى مفعول"، ثم قال: "وذلك قولك : ضرب عبدالله زيدا، فعبدالله ارتفع ههنا كما ارتفع فى (ذهب)، وشغلت (ضرب) به كما شغلت به ذهب، وانتصب (زيد)؛ لأنه مفعول تعدى إليه فعل الفاعل"171.
ويجوز تقديم المفعول على الفاعل، لسبب دلالى كالتخصيص أو التحديد أو التوكيد، وقد تحدث سيبويه ذلك فى قوله: "فإن قدمت المفعول وأخرت الفاعل جرى اللفظ كما جرى فى الأول ، وذلك قولك : ضرب زيدا عبدالله ؛ لأنك إنما أردت به مؤخرا ما أردت به مقدما ، ولم ترد أن تشغل الفعل بأول منه وإن كان مؤخرا فى اللفظ؛ فمن ثم كان حدّ اللفظ أن يكون فيه مقدما، وهو عربى جيد كثير، كأنهم يقدمون الذى بيانه أهم لهم وهم ببيانه أغنى وإن كانا جميعا يهمانهم ويعنيانهم"172.
وإذا كانت الأفعال تصنف من وجهة النظر التركيبية بناء على علاقتها الإسنادية للفاعل إلى : أفعال إسنادية verbes prédicatifs وأفعال غير إسنادية verbes non prédicatifs ، والأولى تمثلها الأفعال التامة التى تعد عنصرا من عنصري الجملة النواة ، والأخرى تمثلها الأفعال الناقصة التى تعد عنصرا توسيعيا للجملة النواة كما أشرنا إلى ذلك سالفا ، فإنها تصنف أيضا بناء على احتياجها إلى عناصر توسيعية (مفعول به) وعدم احتياجها إلى ثلاثة أصناف : صنف لا يحتاج إلى عنصر توسيعى (أفعال لازمة) ، وثان يحتاج إلى عنصر واحد (أفعال متعدية لمفعول)، وثالث يحتاج إلى عنصرين (أفعال متعدية لمفعولين)173، ورابع وهو قليل يحتاج إلى ثلاثة عناصر توسيعية (أفعال تنصب ثلاثة مفاعيل) ، وقد ترد هذه العناصر مباشرة direct أو غير مباشرة indirect .(1/41)
واحتياج الأفعال للعناصر التوسيعية ليس على درجة واحدة فى كل الأفعال بل هناك أفعال تطلب العنصر التوسيعى على وجه اللزوم، فلا يمكن الاستغناء عنه، وأخرى تطلبه على وجه الاختيار؛ إذ يمكن الاستغناء عنه. ويبقى لنا أن نطرح هذا السؤال: هل تعرض سيبويه لكل أصناف الأفعال؟
تناول سيبويه الأفعال التى تطلب العنصر التوسيعى على وجه الاختيار فى "باب الفاعل الذى يتعداه فعله إلى مفعولين ، فإن شئت اقتصرت على المفعول الأول، وإن شئت تعدى إلى الثانى كما تعدى إلى الأول. وذلك قولك: أعطى عبد الله زيدا درهما وكسوت بشرا الثياب ، ومن ذلك : اخترتُ الرجال عبدالله.."174.
وتناول الأفعال التى تطلب عنصرين على وجه اللزوم فى "باب الفاعل الذى يتعداه فعله إلى مفعولين ، وليس لك أن تقتصر على أحد المفعولين دون الآخر، وذلك قولك: حسب عبد الله زيدا بكرا، وظن عمرو خالدا أباك.."175.
وتناول الأفعال التى تطلب ثلاثة عناصر على وجه اللزوم فى "باب الفاعل الذى يتعداه فعله إلى ثلاثة مفعولين ، ولا يجوز أن تقتصر على مفعول دون الثلاثة . وذلك قولك: أرى الله بشرا زيدا أباك ونبأت زيدا عمرا أبا فلان"176.
وإذا حذف الفاعل وبنى الفعل للمفعول ، صار المفعول عنصرا أساسيا من عنصرى الجملة النواة ، مسنداً إليه الفعل ، وهو ما نصطلح عليه بأنه (فاعل تركيبى) وقد تناول سيبويه هذا النظام التركيبى فى "باب المفعول الذى تعداه فعله إلى مفعول. وذلك قولك: كُسِى عبدُالله الثوبَ.. وإن شئت قدمت وأخرت، فقلت: كُسِي الثوبَ زيدٌ .."177.
ـ حذف النواة وبقاء العنصر التوسيعى:(1/42)
إن النظام التركيبى للجملة الفعلية لا يسمح بحذف أحد عنصريها ، وإنما يجيز حذف الجملة النواة مع بقاء العنصر التوسيعى (المفعول) ، يفصح عن دلالتها ، وحذفها يكون تارة على سبيل الجواز ، وأخرى على سبيل الوجوب . وقد تناولهما سيبويه فى أكثر من موضع178، فمن الأول الباب الذى أسماه "هذا باب ما جرى من الأمر والنهى على إضمار الفعل المستعمل إظهاره إذا علمت أن الرجل مستغن عن لفظك بالفعل. وذلك قولك: زيدا وعمرا ورأسه ، وذلك أنك رأيت رجلا يضرب أو يشتم أو يقتل، فاكتفيت بما هو فيه من عمله أن تلفظ له بعمله، فقلت: زيدا، أى أوقع عملك بزيد، أو رأيت رجلا يقول: أضرب شر الناس فقلت: زيدا.. وأما النهى فإنه للتحذير، كقولك: الأسد الأسد والجدار الجدار، وإنما نهيته أن يقرب الجدار المخوف المائل أو يقرب الأسد. وإن شاء أظهر فى هذه الأشياء ما أضمر من الفعل، فقال: اضرب زيدا واشتم عمرا واحذر الجدار ولا تقرب الأسد"179.
وعقد بابا آخر أسماه " باب ما يضمر فيه الفعل المستعمل إظهاره فى غير الأمر والنهى. وذلك قولك إذا رأيت رجلا متوجها وجهة الحاج، فقلت: مكةَ ورب الكعبة، كأنك قلت: يريد مكة والله، أو أراد مكة والله"180.
ومن الثانى باب أسماه " باب ما ينتصب على إضمار الفعل المتروك إظهاره استغناء عنه.. ومن ذلك قولك إذا كنت تحذر: إياك، كأنك قلت: إياك نحّ وإياك باعد وإياك اتق وما أشبه ذا، ومن ذلك أن تقول: نفسك يا فلان، أى اتق نفسك إلا أن هذا لا يجوز فيه إظهار ما أضمرت... ومن ذلك قولك: إياك والأسدَ وإياى والشرَ"181.(1/43)
هذا.. وعقد سيبويه بابا آخر أسماه "هذا باب منه يضمرون فيه الفعل لقبح الكلام إذا حمل آخره على أوله.. وذلك قولك: مالك وزيدا وما شأنك وعمرا فإنما حدّ الكلام ههنا: ما شأنك وشأن عمرو، فإن حملت الكلام على الكاف المضمرة فهو قبيح، وإن حملته على الشأن لم يجز؛ لأن الشأن ليس يلتبس بعبدالله، إنما يلتبس به الرجل المضمر فى الشأن. فلما كان ذلك قبيحا حملوه على الفعل، فقالوا: ما شأنك وزيدا، أى ما شأنك وتناولك زيدا"182.
وعقد بابا آخر هو "باب ما ينتصب من المصادر على إضمار الفعل غير المستعمل إظهاره. وذلك قولك: سَقيا ورَعيا، وخيبة وبُؤسا، وبُعدا وسُحقا، وتَعسا وتَبّا،كأنك قلت: سقاك الله سقيا وخيبك الله خيبة.. وإنما اختزل الفعل ههنا؛ لأنهم جعلوه بدلا من اللفظ بالفعل ، كما جعل الحذر بدلا من احذر"183.
وعلى شاكلة ما سبق الباب الذى عقده باسم "باب ما ينتصب على إضمار الفعل المتروك إظهاره من المصادر فى غير الدعاء. من ذلك قولك: حمدا وشكرا، كرامة ومسرّة، حبا ونعام عين.."184.
ويضيف سيبويه إلى ما سبق المنصوب على النداء، يقول: "ومما ينتصب فى غير الأمر والنهى على الفعل المتروك إظهاره قولك: يا عبد الله، والنداء كله .. حذفوا الفعل لكثرة استعمالهم هذا فى الكلام ، وصار (يا) بدلا من اللفظ بالفعل، كأنه قال: يا أريد عبدالله ، فحذف أريد وصارت (يا) بدلا منها ؛ لأنك إذا قلت: يا فلان؛ علم أنك تريده"185. ويستطرد قائلا: "ومما يدلك على أنه ينتصب على الفعل وأن (يا) صارت بدلا من اللفظ بالفعل قول العرب: يا إياك، إنما قلت: يا إياك أعنى ولكنهم حذفوا الفعل وصار (يا وأيا وأى) بدلا من اللفظ بالفعل"186. ويقول: "اعلم أن النداء كل اسم مضاف فيه فهو نصب على إضمار الفعل المتروك إظهاره، والمفرد رفع وهو فى موضع اسم منصوب"187.(1/44)
كذلك يضيف إلى ما سلف المصادرَ التى لا تتصرف ، وقد عقد لها بابا أسماه "باب من المصادر ينتصب بإضمار الفعل المتروك إظهاره . وذلك قولك : سبحانَ الله ومعاذَ الله وعمرك الله .."188.
وأضاف أنه "مما ينتصب على فعل محذوف ما ينتصب على المدح والتعظيم، ومن ذلك قولك : الحمدُ لله الحميدَ هو ، وهذا شبيه بقوله إنا بنى فلان نفعل كذا.."189.
2ـ المفعول المطلق ونائبه:
لم يطلق سيبويه هذا المصطلح ، وإنما اصطلح عليه بـ(اسم الحدثان)، يقول: "واعلم أن الفعل الذى لا يتعدى الفاعل يتعدى إلى اسم الحدثان الذى أخذ منه؛ لأنه إنما يذكر ليدل على الحدث. ألا ترى أن قولك : قد ذهب زيد بمنزلة قولك: قد كان منه ذهاب، وإذا قلت: ضرب عبدالله، لم يستبن أن المفعول زيد أو عمرو، ولا يدل على صنف كما أن ذهب قد دل على صنف وهو الذهاب، وذلك قولك: ذهب عبدالله الذهاب الشديد وقعد قعدة سوء وقعد قعدتين، لما عمل فى الحدث عمل فى المرة منه والمرتين وما يكون ضربا منه ، فمن ذلك قعد القرفصاء واشتمل الصماء ورجع القهقريّ؛ لأنه ضرب من فعله الذى أُخذ منه"190.
ويقول: ".. ويتعدى إلى ما اشتق من لفظه اسما للمكان وإلى المكان، وذلك قولك: ذهبت المذهب البعيد وجلست مجلسا حسنا"191.
ويضيف سيبويه أن جميع الأفعال المتعدية للمفعولين تتعدى لما يتعدى إليه الفعل اللازم كالمفعول المطلق، يقول: "واعلم أن الأفعال إذا انتهت ههنا فلم تجاوز تعدّت إلى جميع ما تعدى الفعل الذى لا يتعدى المفعول، وذلك قولك: أُعطى عبدُالله إعطاء جميلا"192.
3ـ المفعول فيه:
أشار إليه فى قوله: "ويتعدى الفعل إلى الزمان، نحو قولك: قعد شهرين وسيقعد شهرين، وتقول: ذهبت أمسِ وأذهب غدا، فإن شئت لم تجعلهما ظرفا.."193.
4ـ المفعول معه:(1/45)
تحدث عنه سيبويه فى باب أسماه "باب ما يظهر فيه الفعل وينتصب فيه الاسم؛ لأنه مفعول معه ومفعول به، كما انتصب نفسه فى قولك: امرأ ونفسه. وذلك قولك: ما صنعت وأباك، ولو تركت الناقة وفصيلَها لرضعها، إنما أردت: ما صنعت مع أبيك ولو تركت الناقة مع فصيلها، فالفصيل مفعول معه والأب كذلك، والواو لم تغير المعنى، ولكنها تُعمِل فى الاسم ما قبلها"194.
5ـ المفعول لأجله:
تناوله سيبويه فى باب نعته بأنه "باب ما ينتصب من المصادر؛ لأنه عذر لوقوع الأمر، فانتصب لأنه موقوع له ولأنه تفسير لما قبله، وليس صفة لما قبله، ولا منه، فانتصب كما انتصب درهم فى قولك : عشرون درهما. وذلك قولك: فعلت ذاك حذارَ الشر، وفعلت ذلك مخافةَ فلان ، وقال حاتم الطائى:
وأغفر عوراء الكريم ادّخارَه وأُعرض عن شتم اللئيم تكرّما
وفعلت ذاك أجلَ كذا وكذا. فهذا كله ينتصب لأنه مفعول له، كأنه قيل له: لمَ فعلت كذا وكذا؟ فقال: لكذا وكذا، ولكنه لمّا طرح اللام عمل فيه ما قبله"195.
ثالثا: العناصر التوسيعية المشتركة:
نقصد بها تلك العناصر التى تقتحم الجملتين الاسمية والفعلية دون قيد ، بصرف النظر عن مجيئها كثيرا فى إحداهما عن الأخرى ، أو أن تكون فى الأصل خاصة بإحداهما ثم جاءت مع الأخرى توسعا فى اللغة ، والعناصر التى أوردها سيبويه فى كتابه يمكن ذكرها على النحو التالي:
ـ بعض الحروف:
من الحروف التى تقتحم الجملتين:
ـ حروف الاستفهام:(1/46)
هذه الحروف فى الأصل خاصة بالأفعال، غير أنهم توسعوا فى الاستعمال فأدخلوها على الأسماء، وقد أشار سيبويه إلى ذلك فى أكثر من موضع، منها قوله: "..وكذلك حروف الاستفهام لا يليها إلا الفعل، إلا أنهم توسعوا فيها فابتدأوا بعدها الأسماء، والأصل غير ذلك، ألا ترى أنهم يقولون: هل زيد منطلق وهل زيد فى الدار وكيف زيد آخذ؟، فإن قلت: هل زيدا رأيت وهل زيد ذهب؟ قبح ولم يجز إلا فى الشعر؛ لأنه لما اجتمع الاسم والفعل حملوه على الأصل.. وأما الألف فتقديم الاسم فيها قبل الفعل جائز، كما جاز ذلك فى هلاّ؛ وذلك لأنها حرف الاستفها الذى لا يزول عنه إلى غيره وليس للاستفهام فى الأصل غيره.."196.
وفى موضع آخر يقول سيبويه: "واعلم أن حروف الاستفهام كلها يقبح أن يصيّر بعدها الاسم إذا كان الفعل بعد الاسم، لو قلت: هل زيد قام وأين زيد ضربته؟ لم يجز إلا فى الشعر، فإذا جاء فى الشعر نصبته ، إلا الألف فإنه يجوز فيها الرفع والنصب؛ لأن الألف قد يبتدأ بعدها الاسم.."197 .
ويقول كذلك: "وأن حروف الاستفهام بالفعل أولى، وكان الأصل فيها أن يبتدأ بالفعل قبل الاسم... وحروف الاستفهام قد يستفهم بها وليس بعدها إلا الأسماء، نحو قولك: أزيد أخوك، ومتى زيد منطلق وهل عمرو ظريف؟"198
وفى موضع آخر يقول: "واعلم أنه إذا اجتمع بعد حروف الاستفهام نحو: هل وكيف ومَن اسم وفعل ، كان الفعل بأن يلى حرف الاستفهام أولى ؛ لأنها عندهم فى الأصل من الحروف التى يذكر بعدها الفعل"199.
وفى موضع آخر من كتابه يفرق سيبويه تفريقا دلاليا بين (هل) و(الهمزة)، وذلك فى قوله: "وما يدلك على أن ألف الاستفهام ليست بمنزلة هل أنك تقول للرجل: أطربا؟ وأنت تعلم أنه قد طرب؛ لتوبخّه وتقرره، ولا تقول هذا بعد هل"200(1/47)
هذا .. وهناك حروف تقتحم الجملتين دونما تفضيل لإحداهما على الأخرى، عقد لها سيبويه بابا أسماه "باب الحروف التى يجوز أن يليها بعدها الأسماء ويليها بعدها الأفعال"، وذكر أنها "لكنْ، إنما، كأنما، إذ، ونحو ذلك؛ لأنها حروف لا تعمل شيئا، فتركت الأسماء بعدها على حالها، كأنه لم يذكر قبلها شيء، فلم يجاوز ذا بها؛ إذ كانت لا تغير ما دخلت عليه ، فيجعلوا الاسم أولى بها من الفعل"201.
ـ بعض حروف النفى :
وأقصد بها ( لا ، ما ) وقد عقد سيبويه بابا أسماه "هذا باب حروف أجريت مجرى حروف الاستفهام والأمر والنهى .. وهى حروف النفى ؛ شبهوها بحروف الاستفهام؛ حيث قُدم الاسم قبل الفعل؛ لأنهن غير واجبات.. وسهل تقديم الأسماء فيها؛ لأنها نفى لواجب وليست كحروف الاستفهام والجزاء، وإنما هى مضارعة، وإنما تجئ لخلاف قوله: قد كان، وذلك قولك: ما زيدا ضربته ولا زيدا قتلته.."202.
ويؤكد سيبويه أن هذه الحروف مهملة فى "باب ما إذا لحقته لا لم تغيره عن حاله التى كان عليها قبل أن تلحق ، وذلك لأنها لحقت ما قد عمل فيه غيرها، كما أنها إذا لحقت الأفعال التى هى بدل منها لم تغيرها عن حالها التى كانت قبل أن تلحق، وذلك قولك: لا مرحبا ولا أهلا ولا كرامة، ومثل ذلك: لا سلام عليك"203.
ويذكر سيبويه204 أن (لا) تلحق الأسماء كما تلحق الأفعال ، ومن أمثلة إلحاقها بالأفعال قولك: لا أكرمك ولا أسرّك".
ـ حروف الاستثناء :
الأصل فى حروف الاستثناء (إلا)، يقول سيبويه: "فحرف الاستثناء (إلا) وما جاء من الأسماء فيه معنى (إلا) فـ(غير وسوى)، وما جاء من الأفعال فيه معنى إلا فـ(لا يكون وليس وعدا وخلا)، وما فيه ذلك المعنى من حروف الإضافة فـ(حاشا)، و(خلا) فى بعض اللغات"205.(1/48)
وفى حديثه عن وظيفة (إلا) فى التركيب وعلاقتها بما بعدها يقول سيبويه : "اعلم أن (إلا) يكون الاسم بعدها على وجهين : فأحد الوجهين أن لا تغير الاسم عن الحال التى كان عليها قبل أن تلحق كما أن (لا) حين قلت: لا مرحبا ولا سلامٌ، لم تغير الاسم عن حاله قبل أن تلحق ، فكذلك (إلا) ولكنها تجئ لمعنى كما تجئ (لا) لمعنى، وذلك حينما تدخل الاسم فى شيء تنفى عنه ما سواه، نحو: ما أتانى إلا زيد وما لقيت إلا زيدا وما مررت إلا بزيد، تجرى الاسم مجراه إذا قلت: ما أتانى زيد وما لقيت زيدا وما مررت بزيد، ولكنك أدخلت (إلا) لتوجب الأفعال لهذه الأسماء ولتنفى ما سواها ، فصارت هذه الأسماء مستثناة . والوجه الآخر أن يكون الاسم بعدها خارجا مما دخل فيه ما قبله عاملا فيه ما قبله من الكلام ، كما تعمل (عشرون) فيما بعدها إذا قلت : عشرون درهما.."206.
وإذا نظرنا للأمثلة التى ساقها سيبويه لـ(إلا) نجد أنها جمل فعلية، وهذا لا يعنى أنها خاصة بها، بل تأتى مع الجمل الاسمية، وقد مثّل لها سيبويه بقوله: "وما فيها القوم إلا زيد وليس فيها القوم إلا أخوك ، فالقوم بمنزلة أحد"207.
ومن وظائف (إلا) الدلالية أنها تأتى بمعنى (مثل وغير)، وذلك قولك: لو كان معنا رجل إلا زيد لغُلبنا، ونظير ذلك قوله تعالى: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا}208.
ـ حروف العطف :
بدءا يجدر الذكر بأن حروف العطف تجمع بين عنصر أساسى وعنصر توسيعى أو بين عنصري توسيع فى الجملة البسيطة ، وقد تجمع بين جملتين فى الجملة المركبة ، وانطلاقا من أن الدراسة خاصة بأنماط الجملة البسيطة، فلن نتعرض للجمل المركبة بالعطف ؛ لأن الفعل يمثل جملة نواة مستقلة.
وإن اقتحام حروف العطف للجملة البسيطة يتضح فى أنها تجمع بين الخبر وعنصر توسيعى أو تجمع بين عنصرى توسيع فى الجملة الاسمية، كما أنها تجمع بين الفاعل وعنصر توسيعى أو عنصرى توسيع فى الجملة الفعلية.(1/49)
وحروف العطف جميعها لها وظيفة نحوية واحدة ، هى أن تجعل ما بعدها معطوفا على ما قبلها ؛ ومن ثم فالثانى يأخذ حكم الأول فى الإعراب ، وإعراب الأول موقوف على موقعه النحوى فى الجملة.
وإذا كانت جميعها تحمل وظيفة نحوية واحدة، فإن الأمر يختلف بالنسبة للمعنى؛ حيث يحمل كل حرف وظيفة دلالية خاصة به، كما يطالعنا بذلك كتاب سيبويه. فماذا قال سيبويه فى حروف العطف؟.
يبدو للباحث أن سيبويه لم يفرد لكل حروف العطف بابا واحدا مستقلا، وإنما ذكرها متفرقة، بعضها فى أبواب مستقلة، وبعضها جاء عرضا فى أبواب موضوعات أخرى ، على النحو الذى نراه فيما يقدم.
عقد سيبويه بابا أسماه "باب ما يكون معطوفا على الفاعل المضمر فى النية ويكون معطوفا على المفعول". ومما ذكره تحت هذا الباب قوله: "..وإذا عطفت قلت: إياك وزيدا والأسد، وكذلك: رأسك ورجليك والضرب. وإنما أمرته أن يتقيهما جميعا والضرب. وإن حملت الثانى على الاسم المرفوع المضمر فهو قبيح؛ لأنك لو قلت: اذهب وزيد كان قبيحا حتى تقول: اذهب أنت وزيد، فإن قلت: إياك أنت وزيدٌ، فأنت بالخيار، إن شئت حملته على المنصوب وإن شئت حملته على المرفوع المضمر؛ لأنك لو قلت: رأيتك قلتَ: ذاك أنت وزيد جاز، فإن قلت: رأيتك قلتَ: ذاك وزيدا فالنصب أحسن؛ لأن المنصوب يعطف على المنصوب المضمر؛ ولا يعطف على المرفوع المضمر إلا فى الشعر ، وذاك قبيح"209.(1/50)
وتحدث سيبويه عن الوظائف الدلالية لبعض الحروف فى "باب ما ينتصب على إضمار الفعل المتروك إظهاره فى غير الأمر والنهى . وذلك قولك : أخذته بدرهم فصاعدا.. ولا يجوز: وصاعدٍ؛ لأنك لا تريد أن تخبر أن الدرهم مع صاعد ثمن لشيء كقولك : بدرهم وزيادة، ولكنك أخبرت بأدنى الثمن فجعلته ، ثم قروتَ شيئا بعد شيء لأثمان شتى. فالواو لم ترد فيها هذا المعنى ولم تُلزم الواو الشيئين أن يكون أحدهما بعد الآخر ، ألا ترى أنك إذا قلت : مررت بزيد وعمرو ، ولم يكن فى هذا دليل أنك مررت بعمرو بعد زيد ..وثُم بمنزلة الفاء ، تقول : ثم صاعدا، إلا أن الفاء أكثر فى كلامهم.."210.
وفى معرض حديثه عن النعت يؤكد سيبويه على الوظائف الدلالية المختلفة لهذه الحروف؛ يقول: "ومن النعت: مررت برجل راكب وذاهب، استحقهما لا لأن الركوب قبل الذهاب ، ومررت برجل راكب فذاهب استحقهما إلا أنه بيّن أن الذهاب بعد الركوب وأنه لا مهلة بينهما وجعله متصلا به. ومنه: مررت برجل راكب ثم ذاهب؛ فبيّن أن الذهاب بعده وأن بينهما مهلة، وجعله غير متصل به؛ فصيّره على حدة. ومنه: مررت برجل راكع أو ساجد، فإنما هى بمنزلة (إمّا وإمّا) إلا أن (إمّا) يجاء بها ليُعلم أنه يريد أحد الأمرين، وإذا قال: أو ساجد فقد يجوز أن يُقتصر عليه. ومنه: مررت برجل راكع لا ساجد؛ لإخراج الشك أو لتأكيد العلم فيهما. ومنه: مررت برجل راكع بل ساجد؛ إما غلط فاستدرك وإما نسى فذكر"211.(1/51)
ولم يكتف سيبويه بما ذكره سلفا عن وظائف هذه الحروف الدلالية ، إنما يعود فيؤكد على هذه الوظائف فى باب "ما أشرك بين الاسمين فى الحرف الجار فجريا عليه كما أشرك بينهما فى النعت فجريا على المنعوت"؛ حيث يقول: "..وذلك قولك: مررت برجل وحمار قبل، فالواو أشركت بينهما فى الباء فجريا عليه، ولم تجعل للرجل منزلة بتقديمك إياه يكون بها أولى من الحمار، أى ما مررت بهما، وليس فى هذا دليل على أنه بدأ بشيء قبل شيء، ولا بشيء مع شيء؛ لأنه يجوز أن تقول: مررت بزيد وعمرو؛ والمبدوء به فى المرور عمرو، ويجوز أن يكون زيدا، ويجوز أن يكون المرور وقع عليهما فى حالة واحدة؛ فالواو تجمع هذه الأشياء على هذه المعاني. ومنه: مررت بزيد فعمرو، ومررت برجل فامرأة، فالفاء أشركت بينهما فى المرور، وجعلت الأول مبدوءا به. ومن ذلك: مررت برجل ثم امرأة، فالمرور ههنا مروران، وجعلتْ (ثمّ) الأولَ مبدوءا به وأشركت بينهما فى الجر. ومن ذلك: مررت برجل أو امرأة، فـ(أو) أشركت بينهما فى الجر وأثبتت المرور لأحدهما دون الآخر، وسوّت بينهما فى الدعوى212. ومن ذلك: مررت برجل لا امرأة؛ أشركت بينهما (لا) فى الباء، وأحقت المرور للأول، وفصلت بينهما عند من التبسا عليه فلم يدر بأيهما مررت .. وأما قولهم : أمررت برجل أم امرأة؟ إذا أردت معنى أيهما مررت به؛ فإن أم تشرك بينهما كما أشركت أو"213.(1/52)
هذا .. وتناول سيبويه (أم ، أو) فى باب خاص بهما أسماه "باب أم و أو"، وقال: أما (أم) فلا يكون الكلام بها إلا استفهاما ، ويقع الكلام بها فى الاستفهام على وجهين: على معنى أيهما وأيهم وعلى أن يكون الاستفهام الآخر منقطعا من الأول، وأما (أو) فإنما يثبت بها بعض الأشياء، وتكون فى الخبر. والاستفهام يدخل عليها على ذلك الحد"214. ومثّل لـ(أم) بقوله على وجهها الأول: أزيد عندك أم عمرو؟ وأزيدا لقيت أم بشرا؟ وعلى وجهها الثانى: أعمرو عندك أم عندك زيد؟، فهذا ليس بمنزلة أيهما عندك، ألا ترى أنك لو قلت: أيهما عندك عندك لم يستقم إلا على وجه التكرير والتوكيد.."215 ومثّل لـ(أو) بقوله: "وتقول: هل عندك بُرّ أو شعير أو تمر، وتقول: ألقيت زيدا أو عمرا أو خالدا، وأعندك زيد أو خالد أو عمرو، كأنك قلت: أعندك أحد من هؤلاء؟.. وتقول: جالس عمرا أو خالدا أو بشرا، كأنك قلت: جالس أحد هؤلاء ولم ترد إنسانا بعينه.."216.
كما عقد سيبويه بابا لـ(الواو) المسبوقة بهمزة الاستفهام؛ أسماه "باب الواو التى تدخل عليها ألف الاستفهام. وذلك قولك: هل وجدت فلانا عند فلان؟ فيقول: أو هو ممن يكون ثمّ، وهذه الواو لا تدخل على ألف الاستفهام، وتدخل عليها الألف، فإنما هذا استفهام مستقبل بالألف، ولا تدخل الواو على الألف..وتقول: ألست صاحبنا؟ أو لست أخانا؟"217.
ـ التوابع :
غنى عن الذكر أن التوابع مفردها تابع ، ومعناه أنه يتبع ما قبله إعرابا ونوعا وعددا218، وهذا التابع يتمثل فى أربع وظائف نحوية : النعت والبدل والتوكيد والعطف (عطف النسق وعطف البيان) ، وقد سبق الحديث عن عطف النسق من خلال الوقوف على حروف العطف . فماذا فى الكتاب عن بقية التوابع؟.
النعت :(1/53)
عقد سيبويه بابا أسماه "باب مجرى النعت على المنعوت والشريك على الشريك والبدل على المبدل منه وما أشبه ذلك" ويقول فيه: "..فأما النعت الذى جرى على المنعوت فقولك: مررت برجل ظريف قبل، فصار النعت مجرورا مثل المنعوت؛ لأنهما كلاسم الواحد"219.
والنعت يتعدد دون اختلاف فى الإعراب مع المنعوت، يقول: "فإن أطلتَ النعت فقلت: مررت برجل عاقل كريم مسلم، فأجره على أوله"220.
وينص سيبويه على أن النعت يتفق مع منعوته تعريفا وتنكيرا، يقول: "اعلم أن المعرفة لا توصف إلا بمعرفة كما أن النكرة لا توصف إلا بنكرة.."221.
ويقول فى موضع آخر: "..واعلم أن صفات المعرفة تجرى من المعرفة مجرى صفات النكرة من النكرة، وذلك قولك: مررت بأخويك الطويلين، فليس فى هذا إلا الجر كما ليس فى قولك : مررت برجل طويل إلا الجر"222.
ومع هذا التصريح يشير سيبويه إلى أنه يجوز أن يكون النعت معرفة لمنعوت نكرة؛ يقول: "مررت برجل مثلك؛ فمثلك نعت على أنك قلت هو رجل كما أنك رجل.. ومررت برجل ضرْبِك وشبهك ونحوك؛ يُجرين فى المعنى والإعراب مجرى واحدا، وهن مضافات إلى معرفة صفات لنكرة"223.
ويضيف سيبويه قائلا: "ومنه: مررت برجل حسن الوجه، نعتَّ الرجل بحسُن وجهه ولم تجعل فيه الهاء التى هى إضمار الرجل ، كما تقول: حسن وجهه ؛ لأنه إذا قيل حسُن الوجه عُلم أنه لا يعنى من الوجوه إلا وجهه .. وحسن الوجه مضاف إلى معرفة صفة للنكرة ، فلما كانت صفة للنكرة أجريت مجراها كما جرت مجراها أخواتها مثل وما أشبهها.."224.
ويستطرد سيبويه قائلا: "..ومما يكون مضافا إلى المعرفة ويكون نعتا للنكرة الأسماء التى أخذت من الفعل، فأريد بها معنى التنوين، من ذلك: مررت برجل ضاربك؛ فهو نعت على أنه سيضربه؛ كأنك قلت: مررت برجل ضارب زيدا، ولكن حذف التنوين استخفافا، ومنه قوله عز وجل: {هذا عارض ممطرنا}"225.(1/54)
ويفسر سيبويه هذا التعارض بين النصين بأن النعت المعرفة فى هذه الحالة هو بمنزلة النعت النكرة المتطابق مع منعوته؛ حيث يقول سيبويه: "واعلم أن كل مضاف إلى معرفة وكان للنكرة صفة فإنه ـ إذا كان موصوفا أو وصفا أو خبرا أو مبتدأ ـ بمنزلة النكرة المفردة"226.
ويقول سيبويه: "وتقول: مررت برجلين رجل صالح رجل صالح ورجل طالح، إن شئت صيّرته تفسيرا لنعت، وصار إعادتك الرجل توكيدا.."227.
وتناول سيبويه النعت السببي فى "باب ما يجرى عليه صفة ما كان من سببه وصفة ما التبس به أو بشء من سببه كمجرى صفته التى خلصت له. وذلك قولك: مررت برجل ضارب أبوه رجلا، ومررت برجل ملازم أبوه رجلا، ومررت برجل ملازم أباه رجل"228.(1/55)
والنعت له وظيفة دلالية فى الجملة، فلا يجوز أحيانا الاستغناء عنه، وقد أدرك سيبويه هذا الأمر؛ فتناوله فى باب أسماه "باب ما يكون الاسم فيه بمنزلة الذى فى المعرفة. وذلك إذا بُنى على ما قبله، وبمنزلته فى الاحتياج إلى الحشو، ويكون نكرة بمنزلة رجل.. ومن ذلك الموصوف والصفة أحيانا، ونقل سيبويه عن العرب أنهم قالوا: هل رأيتم شيئا يكون موصوفا لا يُسكت عليه؟ فقيل لهم: نعم، يا أيها الرجل؛ الرجل وصف لقوله (يا أيها) ولا يجوز أن يسكت على يا أيها، فرب اسم لا يحسن عليه عندهم السكوت حتى يصفوه وحتى يصير وصفه عندهم كأنه به يتم الاسم؛ لأنهم إنما جاءوا بـ(يا أيها) ليصلوا إلى نداء ما فيه الألف واللام؛ فلذلك جئ به، وكذلك مَن وما إنما يذكران لحشوهما ووصفهما، ولم يرد بهما خلوين شيء، فلزمه الوصف كما لزمه الحشو، وليس لهما بغير حشو ولا وصف معنى؛ فمن ثم كان الوصف والحشو واحدا، فالوصف كقولك: مررت بمن صالحٍ، فصالح وصف، وإن أردت الحشو قلت : مررت بمن صالحٌ ، فيصير صالح خبرا لشيء مضمر، كأنك قلت: مررت بمن هو صالح، والحشو لا يكون أبدا لـ(من وما) إلا وهما معرفة، وذلك من قِبل أن الحشو إذا صار فيهما أشبهتا الذى، فكما أن الذى لا يكون إلا معرفة، لا يكون (ما ومن) إذا كان الذى بعدهما حشوا ـ وهو الصلة ـ إلا معرفة"229.
البدل :(1/56)
عقد سيبويه بابا أسماه "باب المبدل من المبدل منه والمبدل يشرك المبدل منه فى الجر. وذلك قولك: مررت برجل حمار، فهو على وجه محال وعلى وجه حسن، فأما المحال فأن تعنى أن الرجل حمار، وأما الذى يحسن فهو أن تقول: مررت برجل ثم تبدل الحمار مكان الرجل؛ فتقول: حمار، إما أن تكون غلطت أو نسيت ما استدركت وإما أن يبدو لك أن تضرب عن مرورك بالرجل وتجعل مكانه مرورك بالحمار بعدما كنت أردت غير ذلك.. ومنه: مررت برجل بل حمار، ومنه مررت برجل أو امرأة، وهنا شبيه بقوله: ما مررت بزيد ولكن عمرو، ابتدأ بنفى ثم أبدل مكانه يقينا"230.
وكذلك عقد سيبويه بابا أسماه "باب من الفعل يستعمل فى الاسم ثم يبدل مكان ذلك الاسم اسم آخر فيعمل فيه كما عمل فى الأول. وذلك قولك: رأيت قومك أكثرهم، ورأيت بنى زيد ثلثيهم ورأيت عبدالله شخصه. فهذا يجئ على وجهين: على أنه أراد رأيت أكثر قومك، ورأيت ثلثي قومك، ولكنه ثنى الاسم توكيدا كما قال جل ثناؤه {يسألونك عن الشهر قتال فيه}. والوجه الآخر هو أن يتكلم فيقول: رأيت قومك، ثم يبدو له أن يبين ما الذى رأى منهم، فيقول: ثلثيهم أو ناسا منهم"231.
وعقد بابا آخر أسماه "باب من الفعل يبدل فيه الآخر من الأول، ويجرى على الاسم كما يجرى أجمعون على الاسم، وينصب بالفعل لأنه مفعول. فالبدل أن تقول: ضُرب عبدالله ظهره وبطنه، ومُطرنا سهلُنا وجبلُنا ومُطرنا السهلُ والجبلُ، وإن شئت كان على الاسم بمنزلة أجمعين توكيدا"232.
هذا.. وأشار سيبويه إلى إمكانية بدل المعرفة من النكرة، وذلك فى الباب الذى أسماه "باب بدل المعرفة من النكرة والمعرفة من المعرفة. أما بدل المعرفة من النكرة فقولك: مررت برجل عبدالله، ومنه قوله تعالى: {وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم صراط الله .. وأما المعرفة التى تكون بدلا من المعرفة فهو كقولك: مررت بعبدالله زيد"233.
ـ التوكيد :(1/57)
التوكيد نوعان: توكيد لفظي بتكرار اللفظ، وتوكيد معنوي يكون بألفاظ معروفة محدودة لدى النحويين، وقد تعرض سيبويه لهما دونما إشارة إلى ذكر المصطلح، وإن أشار إلى المصطلح العام لهما وهو التوكيد، وغياب المصطلح لا يعنى بالضرورة غياب المفهوم، فالمفهوم واضح عند سيبويه.
تناول سيبويه التوكيد اللفظي تحت مصطلح التوكيد فى أكثر من موضع، من ذلك قوله: "..وتقول: مررت برجلين رجل صالح رجل صالح ورجل طالح، إن شئت صيّرته تفسيرا لنعت، وصار إعادتك الرجل توكيدا"234. فقوله (توكيدا) يعنى به التوكيد اللفظى.
وعقد بابا أسماه "باب ما يثنّى فيه المستقر توكيدا. وذلك قولك: فيها زيد قائما فيها، وهذا كقولك: قد ثبت زيد أميرا قد ثبت، فأعدت (قد ثبت) توكيدا، ومثله فى التوكيد والتثنية: لقيت عمرا عمرا.."235
وعقد بابا آخر أسماه "باب ما يكرر فيه الاسم على حال الإضافة ويكون الأول بمنزلة الآخر. وذلك قولك : يا زيدَ زيدَ عمرو، يا زيدَ زيدَ أخينا، يا زيدَ زيدَنا.. زعم الخليل ويونس أن هذا كله سواء، وهى لغة للعرب جيدة ؛ وذلك لأنهم قد علموا أنهم لو لم يكرروا الاسم كان الأول نصبا فلما كرروا الاسم توكيدا تركوا الأول على الذى كان يكون عليه لو لم يكرروا"236.
وأطلق سيبويه مصطلح الوصف على التوكيد، يقول: "وقد جربتك فوجدتك أنت إياك، جعلت أنت صفة وجعلت إياك بمنزلة الظريف إذا قلت: فوجدتك أنت الظريف .. وتقول: أنت أنت تكررها، على هذا الحد تقول: قد جُرّبتَ فكنت كنت إذا كررتها، وإن شئت جعلت كنت صفة؛ لأنك قد تقول: جُرّبتَ فكنت ثم تسكت"237.(1/58)
ويبدو أن سيبويه أدرك الفرق بين النعت والتوكيد فى الدلالة ، فصرح بأن الوصف هنا (التوكيد) ليس كالوصف هناك (النعت) ، وذلك فى حديثه عن الضمائر المنفصلة المؤكدة ، حيث عقد لها بابا أسماه "باب ما يكون فيه أنت وأنا ونحن وهو وهم وهن وأنت وهما وأنتما وأنتم وصفا" ثم يقول: "اعلم أن هذه الحروف كلها تكون وصفا للمجرور والمرفوع والمنصوب المضمرين، وذلك قولك: مررت بك أنت ورأيتك أنت وانطلقت أنت. وليس وصفا بمنزلة الطويل إذا قلت: مررت بزيد الطويل، ولكنه بمنزلة نفسه إذا قلت: مررت به نفسه، وأتانى هو نفسه، ورأيته هو نفسه، وإنما تريد بهنّ ما تريد بالنفس إذا قلت: مررت به هو هو ومررت به هو نفسه، ولست تريد أن تحليه بصفة ولا قرابة كأخيك، ولكن النحويين صار ذا عندهم صفة؛ لأن حاله كحال الموصوف ، كما أن حال الطويل وأخيك فى الصفة بمنزلة الموصوف فى الإجراء ؛ لأنه يلحقها ما يلحق الموصوف من الإعراب"238.
ويعود سيبويه فيطلق على هذه الضمائر فى هذه المواضع مصطلحا آخر؛ هو البدل، يقول: "فإن أردت أن تجعل مضمرا بدلا من مضمر قلت: رأيتك إياك ورأيته إياه، فإن أردت أن تبدل من المرفوع قلت: فعلتَ أنت وفعل هو فأنت وهو وأخواتهما نظائر إياه فى النصب"239.
أما التوكيد المعنوي فنلمسه فى قوله: "واعلم أن المضمر لا يكون موصوفا من قبل أنك إنما تضمر حين ترى أن المحدث قد عرف من تعنى ولكن لها أسماء تعطف عليها تعمّ وتؤكد، وليست صفة؛ لأن الصفة تحلية نحو الطويل أو قرابة نحو أخيك وصاحبك وما أشبه ذلك أو نحو الأسماء المبهمة، ولكنها معطوفة على الاسم تجرى مجراه، وذلك قولك: مررت بهم كلهم ومررت بهم أجمعين أكتعين ومررت بهم جُمع كُتع ومررت بهم أجمع أكتع ومررت بهم جميعهم، فهكذا هذا وما أشبهه"240.(1/59)
وربما قصد سيبويه بقوله (تعطف عليها) عطف البيان؛ ويقرّب لنا هذا القصد قوله: "اعلم أن العلم الخاص من الأسماء لا يكون صفة؛ لأنه ليس بحلية ولا قرابة ولا مبهم، ولكنه يكون معطوفا على الاسم كعطف أجمعين، ومنه: يا أيها الرجلُ زيدٌ أقبل؛ قال الخليل: لو لم يكن على الرجل كان غير منون"241.
ومع أن سيبويه فرق بين التوكيد المعنوى والصفة محددا دلالة الصفة بأنها حلية أو قرابة، فإنه يعود فيذكر أن كلمات التوكيد المعنوى صفات؛ يقول: ".. وأما كلهم وجميعهم وأجمعون وعامتهم وأنفسهم فلا يكنَّ أبدا إلا صفة"242.
وفى موضع آخر يقول: "زعم الخليل أنه يستضعف أن يكون (كلهم) مبنيا على اسم أو على غير اسم، ولكنه يكون مبتدأ أو يكون صفة؛ لأن موضعه فى الكلام أن يعم به غيره من الأسماء ، فيكون صفة أو مبتدأ"243، ويستطرد قائلا: "وذلك أن (كلهم) إذا وقع موقعا يكون الاسم فيه مبنيا على غيره، شبه بأجمعين وأنفسهم ونفسه فألحق بهذه الحروف ؛ لأنها إنما توصف بها الأسماء ولا تبنى على شيء وذلك أن موضعها من الكلام أن يُعمّ بعضها ويُؤكد بعضها بعدما يذكر الاسم، وكلاهما وكلتاهما وكلهن يجرين مجرى كلهم. وأما جميعهم فقد يكون على وجهين: يوصف به المضمر والمظهر كما يوصف بكلهم، ويُجرى فى الوصف مجراه، ويكون فى سائر ذلك بمنزلة عامتهم وجماعته يبتدأ ويبنى على غيره؛ لأنه يكون نكرة تدخله الألف واللام"244.
الحال :
فى مواضع كثيرة من كتابه تناول سيبويه الحال ، مطلقا عليها مصطلح (الحال) تارة ومصطلح (الخبر) تارة أخرى245، ومن تلك المواضع الباب الذى أسماه "باب ما يعمل فيه الفعل فينتصب وهو حال وقع فيه الفعل وليس بمفعول.. وذلك قولك: ضربت عبدالله قائما وذهب زيد راكبا.."246.(1/60)
ويفرق سيبويه بين الحال والمفعول الثانى فى الجملة الفعلية، وذلك فى قوله عن الحال: "فلو كانت بمنزلة المفعول الذى يتعدى إليه فعل الفاعل نحو عبدالله وزيد، ما جاز فى ذهبت، ولجاز أن تقول: ضربت زيدا أباك، وضربت زيدا القائم، لا تريد بالأب ولا بالقائم الصفة ولا البدل، فالاسم الأول المفعول فى ضربت قد حال بينه وبين الفعل أن يكون فيه بمنزلته، كما حال الفاعل بينه وبين الفعل فى ذهب أن يكون فاعلا.."247.
وثمة باب أسماه "باب ما ينتصب من المصادر لأنه حال وقع فيه الأمر فانتصب لأنه موقوع فيه الأمر، وذلك قولك : قتلته صبرا ولقيته فجاءة.."248.
والحال تكون نكرة صاحبها معرفة ، ولا تأتى معرفة بـ(أل) إلا فى كلمات تأتى بصورة واحدة ، وقد أشار سيبويه إلى هذا فى قوله : "هذا ما جاء منه فى الألف واللام ، وذلك قولك : أرسلها العراك ، قال لبيد :
فأرسلها العراك ولم يذدها ولم يشفق على نغص الدِّخال
كأنه قال اعتراكا.."249.
وفيما عدا ذلك لا تأتى معرفة بـ(أل)، وهذا ما أشار سيبويه إليه فى قوله: "وأما الألف واللام فلا يكونان حالا ألبتة، لو قلت: مررت بزيد القائم، كان قبيحا إذا أردت معنى قائما.."250.
ومثلما أنها تأتى معرفة بأل فى كلمات بعينها تأتى معرفة بالإضافة فى كلمات معينة محدودة، وقد ذكر ذلك سيبويه فى قوله: "وهذا ما جاء منه مضافا معرفة، وذلك قولك: طلبته جهدك ، كأنه قال اجتهادا.."251.
وأضاف أن هناك أسماءً مصادر كالمضاف تأتى حالا، يقول: "هذا باب ما جعل من الأسماء مصدرا كالمضاف فى الباب الذى يليه، نحو قولك: مررت به وحده"252.(1/61)
ونلحظ أن الأمثلة التى ساقها سيبويه للحال تمثل الجملة الفعلية ، ولعله أدرك ذلك، فعقد أكثر من باب للحال فى الجملة الاسمية، منها الباب المسمى بـ"باب ما ينتصب فيه الاسم ؛ لأنه حال يقع فيه السعر ، وإن كنت لم تلفظ به ولكنه حال يقع فيه السعر، فينتصب كما انتصب لو كان حالا وقع فيه الفعل، وذلك قولك: لك الشاءُ شاةً بدرهم شاةً بدرهم.."253.
وثمة باب آخر أسماه "باب ما ينتصب لأنه خبر للمعروف المبنى على ما هو قبله من الأسماء المبهمة..وذلك قولك: هو زيد معروفا، فصار المعروف حالا كما كان المنطلق حالا حين قلت: هذا زيد منطلقا.."254، ويضيف قائلا: "وأما ما ينتصب لأنه خبر مبنى على اسم غير مبهم فقولك : أخوك عبدالله معروفا.."255.
وثمّ باب آخر للحال فى الجملة الاسمية، أسماه "باب ما ينتصب لأنه حال صار فيها المسئول والمسئول عنه، وذلك قولك: ما شأنك قائما وما شأن زيد قائما، فهذا قد صار فيه وانتصب بقولك: ما شأنك"256.
وفي آخر المواضع للحال ذكر أن الحال عنصر توسيعى للجملة النواة الاسمية أو الفعلية، وأن معنى الجملة تامّ قبل دخول الحال عليها، يقول: "فأما ضربت وقتلت ونحوهما، فإن الأسماء بعدها بمنزلة المبنى على المبتدأ، وإنما تذكر قائما بعدما يستغني الكلام ويكتفى، وينتصب على أنه حال.. وذلك قولك: ضربته إياه قائما" (الكتاب 2/387 ).
خاتمة
إنه بعد هذا العرض الموجز لدراسة الجملة الدنيا والجملة الموسعة فى كتاب سيبويه دراسة وصفية تحليلية، انتهى الباحث إلى جملة من النتائج، يمكن إيجازها فيما يلي:(1/62)
ـ كثير من المفاهيم النحوية شرحها سيبويه فى الكتاب دونما تحديد للمصطلحات الدالة عليها، وليس فى ذلك نقص أو تقصير، فوجود المفهوم لا يلزم بالضرورة وجود المصطلح الخاص به، فى حين أن وجود مصطلح ما يستوجب وجود مفهوم له. ومصطلح الجملة لم يرد عند سيبويه، غير أنه عرف مفهومها وتحدث عنه تحت مصطلح الكلام، كما لم يرد عنده بالطبع كل المصطلحات الخاصة بالجملة كالجملة النواة والجملة الدنيا والجملة الموسعة إلا أن هذا لا يستبعد أن سيبويه أدرك مفاهيم تلك المصطلحات ، وتناولها فى الأبواب التى عرضت لـ"المسند والمسند إليه" وأبواب الموضوعات المتعلقة بهما فى الجملة الاسمية والجملة الفعلية.
ـ إن فكرة الأنظمة الكونية القائمة على مبدأ ثنائية العناصر، وسقوط عنصر يسقط النظام بأكمله، نجدها عند سيبويه فى التحليل التركيبى للجملة؛ حيث قرر أن الجملة تركيب إسنادى قائم على عنصرين متلازمين، هما المسند والمسند إليه، كما أشار إلى أن التركيب الإسنادى يؤدى معنى تاما مستقلا، ودافع عن ذلك في أكثر من موضع من كتابه.
ـ أشار سيبويه فى بعض مواضع (المسند والمسند إليه) إلى أن المسند هو المبتدأ والمسند إليه هو الخبر، ولسنا على وفاق معه فى ذلك، وكنا ننتظر منه أن يراعى الوظيفة الدلالية لعنصرى التركيب، فيجمع لنا المبتدأ والفاعل تحت مصطلح واحد هو المسند إليه، والفعل والخبر تحت المصطلح الآخر وهو المسند.
ـ على الرغم من أن سيبويه راعى الجانب الشكلى أو الموقع فى تحديد وظيفة عنصري التركيب الإسنادى، فإنه راعى الجانب الدلالى كثيرا فى موضوعات أخرى، منها (الخبر والحال)؛ حيث أطلق على (الخبر) فى مواضع كثيرة مصطلح (الحال) وأطلق على (الحال) كثيرا مصطلح (الخبر)، وهذا يعنى أنه اعتمد مستويين من التحليل: المستوى التركيبى الشكلى والمستوى الدلالى؛ ومن هنا جاء العنوان "الخبر النحوى والخبر الدلالى".(1/63)
ـ ذكر الباحث عدة أنماط اعتيادية ومخالفة للجملة الاسمية، منها ما هو مستعمل في اللغة ومنها ما هو غير مستعمل، وقد تبين أن سيبويه تناول المستعمل وأقره، وهذا يعنى أنه استقى قواعد كتابه من اللغة الحية المستعملة.
ـ الجملة الفعلية عند سيبويه ذات ترتيب اعتيادي، وليس لها ترتيب مخالف، والباحث متفق معه فى ذلك؛ لأن تقديم الفاعل على الفعل يصيّر الجملة الفعلية جملة اسمية مركبة بالتجاور.
ـ أشار سيبويه إلى الجملة ذات العنصر الإسنادى الواحد، وذكر أنها جملة تامة المعنى وهى ذات عنصرين: أحدهما موجود والآخر مقدّر، يحتفظ بوظيفته فى التركيب، ولابد من التقدير وإلا يُهدم نظام الجملة .
ـ الجملة البسيطة نوعان: جملة دنيا وهي الجملة القاصرة على نواتها الإسنادية (المسند والمسند إليه) وتسمَّى الجملة النواة، وجملة موسعة وهى تلك الجملة المشتملة على الجملة النواة مضافا إليها عناصر توسيعية، وقد قسم الباحث العناصر التوسيعية إلى: عناصر خاصة بالجملة الاسمية وعناصر خاصة بالجملة الفعلية وعناصر مشتركة تقتحم الجملتين، وقد عرض الباحث لكل العناصر التى أوردها سيبويه، سواء خاصة أو مشتركة.
ـ من العناصر الخاصة بالجملة الاسمية (كان وأخواتها)، وفى تناول سيبويه لها مراعاة للجانب الشكلى (شكل التركيب)؛ حيث قرر أنها جملة فعلية، ولسنا على وفاق تام معه، وذكرنا الأسباب فى متن البحث. كما تناول (ليس) ضمن الأفعال الناقصة غير أنه وضعه موضعا خاصا، وليس الباحث على وفاق معه؛ لأن (ليس)لا تقبل من شروط الفعل إلا شرطا واحدا وهو اتصالها بضمائر الرفع المتصلة، والحروف المشبهة بـ(ليس) عنده هى (ما ـ لات) فقط.
ـ من العناصر التوسيعية الخاصة بالجملة الاسمية (إن وأخواتها) وأسماها سيبويه (الحروف المشبهة بالفعل).(1/64)
ـ مما تناوله سيبويه مراعيا فيه جانب التركيب فحسب (لام الابتداء)؛ حيث لم يشر إلى وظيفتها الدلالية (التوكيد). وكذلك (ما) الداخلة على إنّ وأخواتها، فقد ذكر أنها تُفقد الحروف وظيفتها النحوية، أو على حد تعبيره "الإلغاء فيه حسن"، ولم يشر إلى القيمة الدلالية لها والمتمثلة فى التوكيد من خلال القصر.
ـ العناصر التوسيعية الخاصة بالجملة الفعلية عند سيبويه نوعان: سوابق ولواحق؛ السوابق متمثلة فى الحروف التى تقتحم الجملة الفعلية مثل ( قد سوف لم لن لا لام الأمر...) واللواحق متمثلة فى المفعولات، وقد تناول سيبويه بعضها بمصطلحات استقرت في التراث النحوي إلى الآن كـ(المفعول به)، وبعضها اصطلح عليها بمصطلحات أخرى تغيّرت فيما بعد كـ(المفعول المطلق)؛ حيث أطلق عليه مصطلح (اسم الحدثان).
ـ في تناول سيبويه للمفعول به إفاضة تامة فى تصنيف الأفعال بناء على احتياجها إلى مفعول على جهة اللزوم أو الاختيار، وصنفها إلى ثلاثة أصناف.
ـ من ناحية أخرى أشار سيبويه إلى إمكانية اقتحام المفاعيل للجملة الاسمية، وذلك حينما يكون أحد عنصرى الإسناد اسما مشتقا يعمل عمل الفعل. كما أشار إلى إمكانية حذف الجملة النواة مع بقاء المفعول كعنصر توسيعى، سواء على سبيل الوجوب أو على سبيل الجواز، ومما ذكره كمفعول محذوفة جملته النواة على سبيل الوجوب الاسم المنادى (النداء)، والباحث لا يسلم بهذا الرأي؛ ويزعم أن جملة النداء تركيب إسنادى مستقل دون تقدير، وهو أقرب للجملة الاسمية بصرف النظر عن الشكل الإعرابي. كما يرى الباحث أن جملة النداء تُدرس فى الجملة المركبة؛ لأنها لا تأتى مستقلة عن جملة أخرى مرتبطة بها.
ـ من العناصر التوسيعية المشتركة التى وردت عند سيبويه حروف الاستفهام، وقد أشار إلى أن الأصل فيها دخولها على الأفعال، وحروف العطف وحروف الاستثناء والحروف (لكن إنما كأنما إذ ما لا..). وكذلك من العناصر المشتركة النعت والبدل والتوكيد والحال.(1/65)
ـ لاحظ الباحث أن سيبويه تناول عدة موضوعات فى أكثر من موضع من كتابه، فإذا أراد باحث أن يدرس موضوعا نحويا ما فى الكتاب يجب عليه أن يقرأ الكتاب كله أو على الأقل يقرأ الموضوعات الخاصة بالنحو فى الكتاب.
ـ هناك عناصر توسيعية خاصة بالجملة الاسمية كأفعال المقاربة والشروع لم يتعرض لها الباحث؛ لأنها تدخل فى نطاق الجملة المركبة؛ حيث إن خبرها جملة فعلية. وكذلك هناك عناصر خاصة بالجملة الفعلية كحروف النصب وحروف الشرط لم يتناولها الباحث؛ لأنها تُدخِل جملتها فى نطاق الجملة المركبة.
ـ تبين للباحث أن بعض المصطلحات متناوبة الاستعمال عند سيبويه، فمثلا استعمل مصطلح (الصفة) بمعنى النعت وبمعنى التوكيد، كما استعمل من قبل مصطلح (الخبر) بمعنى الخبر الإسنادي وبمعنى الحال، واستعمل مصطلح (الحال) بمعنى الخبر والحال، وخلط بين مصطلحي (الإبهام) و(الإضمار)، وهذا يدل على عدم استقرار المصطلح وتحديده بدقة عند سيبويه.
مراجع البحث
أولا : المراجع العربية
============
ـ الاستربازي (رضى الدين) : شرح الكافية فى النحو لابن الحاجب ط
ـ إسماعيل(د. علاء): الأفعال اللاشخصية فى القرآن تحليل تركيبى دلالى ط/ مجلة كلية الآداب بالمنيا أكتوبر 1998
ـــــــــ : التعبير الاصطلاحي في الأمثال العربية دراسة تركيبية دلالية. رسالة دكتوراه مخطوطة بجامعة المنيا 1997
ـ أنيس (د.إبراهيم) :من أسرار اللغة ط ثالثة القاهرة 1966
ـ أيوب (د.عبد الرحمن): دراسات نقدية فى النحو العربى. ط القاهرة 1957
ـ برجشتراسر: التطور النحوى. تعليق رمضان عبد التواب. طـ/ القاهرة 1982
ـ الجرجانى (عبد القاهر): دلائل الإعجاز ت. طـ أولى بيروت 1988
ـ ابن جنى: الخصائص . تحقيق : محمد على النجار . ط ثانية بيروت
ــــــــ : اللمع. تحقيق : حامد المؤمن . ط ثانية بيروت 1985
ـ حسان (د.تمام): إعادة وصف اللغة العربية . سلسلة اللسانيات 4 تونس 1975(1/66)
ـ رومان (أندريه): نحو اللغة العربية. ترجمة د.علاء إسماعيل ود.خلف عبدالعزيز ط المنيا 1999
ـ الزمخشرى: المفصل فى علم العربية . ط ثانية بيروت (بدون تاريخ)
ـ السامرائى (د.إبراهيم) : الفعل أبنيته وزمانه . ط مؤسسة الرسالة
ـ ابن السراج: الأصول فى النحو. ط ثالثة بيروت 1988
ـ سيبويه: الكتاب . تحقيق عبد السلام هارون ط جـ1/1977 جـ2/1968 جـ3/1973
ـ السيرافى : شرح كتاب سيبويه . تحقيق رمضان عبد التواب . ط القاهرة ………ج1/1986 ج2/1990
ـ السيوطى : همع الهوامع . ط بيروت (بدون تاريخ)
ـ عمر (سليم بابا): اللسانيات العامة الميسرة علم التراكيب. ط الجزائر 1990
ـ الفراء: معانى القرآن . ط ثالثة بيروت 1983
ـ المبرد: المقتضب . تحقيق عبد الخالق. طـ القاهرة 1963 : 1968
ـ المخزومى (د.مهدى): فى النحو العربى نقد وتوجيه . طـ بيروت 1964
ـ المسدى (د.عبد السلام): الشرط فى القرآن على نهج اللسانيات الوصفية ـ. تونس 1985
ـ ابن مضاء: الرد على النحاة. ت: د.شوقى ضيف. ط ثانية القاهرة 1982
ـ مهنى (د.فاروق): البناء الصرفى والتركيب النحوى فى النقائض ــ دكتوراه المنيا
ــــــــ : المصطلحات فى معانى القرآن للفراء . طـ المنيا 1993
ـ نحلة (د.محمود): نظام الجملة فى شعر المعلقات . طـ الإسكندرية 1991
ـ ابن هشام: مغنى اللبيب . تحقيق محمد محى الدين ط بيروت 1987
ـ ابن يعيش: شرح المفصل . ط عالم الكتب بيروت ـ بدون تاريخ
ثانيا : المراجع الأجنبية
===============
- Badwy . Mohamed :
…La terminolgie d'Al Farrâ' . Thèse en cours . Lyon 2 . 1996
- Benveniste . Emile :
…Problèmes de linguistique générale V. 1. Gallimard 1996
- Blachère . :
…Grammaire de l'arabe classique . Paris 1975
- Crystal (David :
…A dictionary of linguistique and phonetics - Blackwell ………publishers . Thirdition , 1991 …
- Fleisch . H. :(1/67)
…L'arabe classique . Beyrouth 1968
…Traité de philologie arabe . Beyrouth 1961
- Hamzé . Hassan :
La position du sujet du verbe dans la pensée des …grammairiens arabes . Lyon 1997
- Kouloughli . Djamel :
……Grammaire de l'arabe d'aujourd'hui . Engleterre 1994
- Lyons . John :
…… Semantics - University press : Cambridge , volume II , ……… 1977 , pp. 430 ,431
……Sémantique et linguistique . Paris 1990
- Mounin . George
……La linguistique . Paris 1971
……Dictionnaire de la linguistique . Paris 1974
- Roman . André :
……Grammaire de l'arabe . 1990
- Troupeau . Gerard :
……Lexique - index du Kitâb du Sîbawayhi . Paris 1976
- Vernier . Donat :
……Grammaire arabe composée . Beyrouth 1892
فهرس الموضوعات
مقدمة…1
مفهوم الجملة…4
أنواع الجمل :…13
الجملة الدنيا فى الكتاب:…18
الخبر النحوي والخبر الدلالي:…22
المبتدأ والفاعل ونائبه :…25
الترتيب بين عنصرى الجملة الدنيا:…26
الجملة النواة ذات العنصر الواحد:…40
الجملة الموسعة:…42
العناصر التوسيعية الخاصة بالجملة الاسمية:…44
العناصر التوسيعية الخاصة بالجملة الفعلية:…59
العناصر التوسيعية المشتركة:…70
خاتمة…88
مراجع البحث…93
فهرس الموضوعات…97
المؤلف هو
ـ د/علاء إسماعيل الحمزاوي ـ من مواليد 1967م المنيا ـ مصر.
ـ حصل على درجة الليسانس في الآداب (لغة عربية) 1990 جامعة المنيا (جيد جدا).
ـ حصل على دبلوم الدراسات العليا (تمهيدي الماجستير) 1992 جامعة المنيا (جيد).
ـ حصل على درجة الماجستير في العلوم اللغوية 1995 جامعة المنيا (ممتاز).
ـ حصل على درجة الدكتوراه في العلوم اللغوية 1998 بمرتبة الشرف من جامعة المنيا وجامعة لوميير (كلية اللغات والترجمة) بفرنسا.
ـ يعمل أستاذا مساعدا للعلوم اللغوية بجامعة المنيا وبجامعة القصيم (إعارة).
له من الدرسات والبحوث(1/68)
ـ الخصائص اللغوية لرواية حفص دراسة في البنية والتركيب.
ـ التعبير الاصطلاحي في الأمثال العربية دراسة تركيبية دلالية.
ـ الأفعال اللاشخصية في القرآن الكريم تحليل تركيبي دلالي في ضوء علم اللغة التقابلي.
ـ الجملة الدنيا والجملة الموسعة في كتاب سيبويه دراسة وصفية تحليلية.
ـ السلب مفهومه ومظاهره في العربية دراسة تطبيقية على "شجرة البؤس".
ـ البنى التركيبية للأمثال العامية دراسة وصفية تحليلية.
ـ الأمثال العربية والأمثال العامية مقارنة دلالية.
ـ موقف شوقي ضيف من الدرس النحوي دراسة في المنهج والتطبيق.
ـ دور اللهجة في التقعيد النحوي دراسة إحصائية تحليلية في ضوء "همع" السيوطي.
ـ معايير الوقف والابتداء عند الأشموني في ضوء الاقتضاء الدلالي والصناعة النحوية.
ـ نحو العربية (رؤية جديدة للنحو العربي) لـ(أندريه رومان) ـ ترجمة عن الفرنسية.
1 انظر : الكتاب 1/73
2 انظر : المرجع السابق 1/33
3 انظر : الكتاب 1/34
4 انظر : المرجع السابق 1/45
5 سبق الباحثَ كثيرٌ من الباحثين في تناول مفهوم الجملة؛ مما دعاه إلى الإيجاز في حديثه عنها.
6 انظر : Gerard Troupeau : Lexique-index du kitab de Sibawayhi p. 184(1/69)
7 الأولى: فى تفسيره لقوله تعالى (أفلم يهد لهم كم أهلكنا) يقول: "..كم فى موضع نصب لا يكون غيره، ومثله فى الكلام (أولم يبين لك من يعمل خيرا يجز به) فجملة الكلام فيها معنى رفع، ومثله أن تقول: قد تبين لى أقام عبد الله أم زيد ، فى الاستفهام معنى رفع، وكذلك قوله: (سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون) فيه شيء يرفع (سواء عليكم) لا يظهر فى الاستفهام، ولو قلت: سواء عليكم صمتكم ودعاؤكم تبين الرفع الذى فى الجملة. والجملة المقصودة هنا (كم أهلكنا). الثانية: فى قوله: ".. وتقول: قد تبين لى أقام زيد أم عمرو، فتكون الجملة مرفوعة فى المعنى، كأنك قلت تبين لى ذلك"، والفراء يقصد بالجملة هنا الجملة الفعلية (أقام زيد أم عمرو). الثالثة : فى تعليقه على قوله تعالى ( وتركنا عليه فى الآخرين ) يقول: "أبقينا له ثناء حسنا فى الآخرين، ويقال : (تركنا عليه فى الآخرين سلام على نوح) أى تركنا عليه هذه الكلمة، كما تقول: قرأت من القرآن (الحمد لله رب العالمين) فيكون فى الجملة معنى نصب ترفعها بالكلام". انظر: معانى القرآن 2/195، 2/333، 2/387 وانظر: د.فاروق مهنى : التركيب النحوى 279 وانظر: Bdawi : La terminolgie d'al Frra , thèse en cours (lexique index)
كذلك ورد مفهوم الجملة تحت مصطلح الكلام. انظر: د. فاروق مهنى : المصطلحات فى معاني القرآن 37
8 انظر : المبرد : المقتضب جـ1/ 8 وقد استخدم المبرد مصطلح الكلام بجانب مصطلح الجملة، غير أن استخدامه لمصطلح الجملة أكثر ، والجملة والكلام عنده مترادفان.
انظر: د.فاروق مهنى : التركيب النحوى 282 .
9 انظر : د.فاروق مهنى : التركيب النحوى 283
10 انظر : ابن السراج الأصول جـ1/ 64(1/70)
11 انظر : ابن جنى : الخصائص جـ 1/17 ويعد ابن جنى من أوائل من تحدثوا عن الجملة وأفردوا لها دراسات فى كتبهم، وهو أول من اهتم ببناء الجملة ووصفها بالتركيب ، ثم جاء عبدالقاهر فأكمل ما بدأه ابن جنى فأبرز المعانى التركيبية بفضل المصطلحات الجديدة التى ابتكرها كالنظم والتعليق. انظر : د.فاروق مهنى : التركيب النحوى 293 وانظر: عبدالقاهر الدلائل : المقدمة ر ، ش .
12 انظر: الزمخشرى : المفصل 6
13 انظر: المرجع السابق 24 وابن يعيش : شرح المفصل 1/88
14 انظر : ابن مضاء : الرد على النحاة 116 وانظر : د.فاروق : مرجع سابق 308
15 انظر ابن يعيش : شرح المفصل 1/20 ، 88
16 انظر : الاسترباذى : شرح الكافية 1/ 8
17 انظر : ابن هشام : مغنى اللبيب 2/374 وما بعدها . د.فاروق مهنى : التركيب النحوى 311
18 انظر : Traité de philologie arabe p. 24, 25 Henri Fleisch :
19 انظر : سيبويه 1/23 وجدبر بالذكر أن أحد المستشرقين الفرنسيين قد شهد بمعرفة النحاة العرب لمصطلح sujet وهو دونت فرنير ؛ إذ يقول : ومصطلح sujet يطلق على الاسم المبتدأ المصدرة به الجملة ، فإذا تقدم الفعل صار sujet فاعلا .
انظر Donat Vernier : Grammaire arabe composée , tome 2, pp. 47 , 63
20 انظر: د.إبراهيم أنيس : من أسرار اللغة 260
21 انظر: د.نحلة : نظام الجملة 22
22 جدير بالذكر أن اللغوى الفرنسى أندريه رومان تناول هذه الجملة المكونة من كلمة واحدة وساق لها مثالا بكلمة (اللهُ) ، وأسماها (الجملة المطلقةphrase absolue ) ، لكنه لا يقدر عنصرا، بل يرى أن العنصرين موجودان متمثلان فى الكلمة وحركة الضمة التى على آخر الكلمة، وكذلك الأمر فى قولنا : (الهلالَ ، زيدٌ) . انظر : Roman : Grammaire de l'arabe p 92 والباحث لا يوافقه على ذلك .
23 انظر د.مهدى المخزومى : فى النحو العربى نقد وتوجيه 33
24 انظر إبراهيم السامرائى : الفعل زمانه وبنيته 201(1/71)
25 انظر : Blachère :Grammaire de l'arabe p. 385
26 انظر : George Mounin : La Linguistique pp. 109 , 110
Dictionnaire de la linguistige p. 262
27 انظر : A. Roman : Grammaire de l'arabe pp. 86 , 87
28 انظر د.عبد الرحمن أيوب دراسات نقدية فى النحو العربى 129
29 نعنى بالجمل الإسنادية ذات الركن الواحد تلك التى يحذف أحد عنصريها النواة لفظا مع بقائه فى المعنى وتقديره فى التركيب ، وهذا ما أشار إليه النحاة تحت ما يسمى بـ" حذف المبتدأ أو الخبر وجوبا أو جوازا " وهذا النمط من الجمل خاص بالجملة الاسمية ؛ لأن الجملة الفعلية لا يمكن حذف أحد عنصريها .
وبالرغم من أن النحاة قد صرحوا بتقدير المسند وجوبا أو جوازا فى الجملة الاسمية ، فإن جورج مونان قد ذكر أن المسند هو العنصر المركزى élément central فى الجملة ، ومن خلاله تحدد العناصر الأخرى وظيفتها فى الجملة ، ومن خلاله تنتظم الجملة ، واختفاؤه من الجملة يهدمها ؛ ومن ثم فهو عنصر مركزى وإجبارى فى الجملة ، وهو يأتى اسما وفعلا.
انظر : George Monin : Dictinnaire de la linguistique , ( prédicat )
30 انظر : دلائل الإعجاز 40
31 انظر : نفس المرجع 41
32 انظر : فندريس : اللغة ود.المسدى : الشرط فى القرآن على نهج اللسانيات الوصفية 134
33 انظر: المسدى: المرجع السابق 136 ويلحظ الباحث أن هذا الوصف لا يتعدى الجملة البسيطة.
34 انظر : الرجع نفسه 136
35 نلمس هذا الارتباط فى الجملة المركبة من عدة جمل بالتجاور juxtaposition
36 انظر André Martinet : Eléments de linguistique P 32
37 انظر : André Martinet : Eléments de linguistique P 32
38 انظر : المسدى 137 نقلا عن المخزومى : فى النحو العربى نقد وتوجيه .(1/72)
39 ذكر عبد القاهر فى المقتصد مصطلحي (الجملة الاسمية والجملة الفعلية) ، وذلك فى قوله: "فالكلام لايخلو من جملتين : إحداهما اسمية كقولك: (زيد أخوك).. والثانية فعلية كقولك: خرج زيد"، كما أنه يعد أول من ذكر أن الخبر مفرد وجملة. انظر دلائل الإعجاز 25
40 انظر: المفصل 24 وجدير بالذكر أن الزمخشرى لم بدعا فى تقسيم الخبر إلى مفرد وجملة.
41 يذكر ديفيد كريستال David Crystal أن المصطلح " The nuclear " يستخدم فى النحو ليشير إلى العنصرين الأساسيين لتكوين الجملة وهما المسند إليه subject والمسند predicate ، وتلعب النواة الإسنادية nuclear predications دورا مركزيا فى تكوين الجملة من وجهة نظر النحو الوظائفى .
انظر : David Crystal : A dictionary of linguistics and phonetics - Blackwell publishers : Third edition , 1991 , p. 238
ويذكر ليونز J. Lyons أن التمييز بين المسند إليه والمسند يتضح من خلال الوقوف على مفهوم الجملة النواة للجملة البسيطة ، فالجملة النواة تحتوى على عنصرين أساسيين عنصر اسمى nominal هو المسند إليه والآخر فعلى verbal سواء أكان فعلا أساسيا أو فعلا مساعدا، ويرمز للعنصر الأول بالحرف (x) ويرمز للعنصر الثانى بالحرف (y )، ومثال لذلك قولنا: John is dentist فالمسند إليه هو John والمسند is dentist .
انظر: J.Lyons : Semantics - University press : Cambridge , volume II , 1977 , pp. 430 ,431
وحول مفهوم الجملة النواة انظر :
George Mounin : Dictionnaire de la linguistique p. 234
André Roman : Grammaire de l'arabe , Paris 1990, pp. 86 , 87
د.تمام حسان : إعادة وصف اللغة العربية ألسنيا 160 (مع اختلافنا معه فى المفهوم) .
42 انظر : George Monin : Dictionnaire de la linguistique (minmal)(1/73)
43 جدير بالذكر أن النحويين وإن لم ترد عندهم هذه المصطلحات الحديثة ، كالنواة ، والعناصر التوسيعية ، فإنهم لم تغب عنهم المفاهيم ، فقد أطلقوا على النواة مصطلح (العمدة) وهو قاصر على المرفوعات الإسنادية ، وما دون ذلك أطلقوا عليه مصطلح ( الفضلة) وهو يشمل عندهم المنصوبات والمجرورات .
44 انظر: George Mounin : Dictionnaire de la linguistique (expantions)
Clefs pour la linguistique , p 129 , Paris 1971
ويسوق مونان مثالا للعناصر التوسيعية للجملة النواة بهاتين الجملتين :
Je viens vite ; demain ; dimanche prochain , etc
Je viens avec ma voiture ; sans mes documents ; pour me rendre compte ,etc
فالجملة النواة فى هاتين الجملتين هى (Je viens) وبقية العناصر فيهما عناصر توسيعية ، وكان من الممكن أن تتوسع أكثر وتمد من خط الجملة الأفقى ، وقد تقصر عن ذلك .
45 انظر : سليم عمر : اللسانيات العربية الميسرة ـ علم التراكيب صـ 88 :91
46 انظر : الكتاب جـ 1 / 23
47 الدليل على ذلك أن السيرافى فى شرحه للكتاب (2/60) قد ذكر فى المسند والمسند إليه أربعة أوجه: "أجودها وأرضاها أن يكون المسند معناه الحديث والخبر ، والمسند إليه المحدث عنه، والوجه الثانى أن يكون التقدير فيه : هذا باب المسند إلى الشيء والمسند ذلك الشيء إليه، والوجه الثالث أن يكون المسند هو الثانى فى الترتيب على كل حال ، والمسند إليه هو الأول والوجه الرابع وهو أن يكون المسند هو الأول على كل حال ، والمسند إليه الثانى على كل حال.." ويبدو أن السيرافى أهمل وجها خامسا يحتمله التقليب، يكون فيه المبتدأ والفاعل مسندا والفعل والخبر مسندا إليه ، ولا نظن أن سيبويه أراد هذا الوجه.(1/74)
48 انظر للباحث: التعبير الاصطلاحى فى الأمثال العربية دراسة تركيبية دلالية صـ 39 . ولعل صاحب هذا الرأى قد اعتمد فى رأيه على أحد وجوه تفسير السيرافى ـ السالف الذكر ـ لعنصري الإسناد عند سيبويه ، بل لعله اعتمد على نص صريح لسيبويه ذكره فى موضع آخر من كتابه، وذلك فى شرحه لجملة (هذا عبد الله منطلقا)، إذ يقول: "ولم يكن ليكون (هذا) كلاما حتى يُبنَى عليه أو يُبنى على ما قبله، فالمبتدأ مسند، والمبنى عليه مسند إليه". انظر: الكتاب 2/78.
49 انظر: سيبويه : المرجع السابق 2/126 ومعنى كلامه أن المبتدأ مسند والخبر مسند إليه.
50 ذكره السيرافى فى قوله: "أجودها وأرضاها أن يكون المسند معناه الحديث والخبر، والمسند إليه المحدث عنه.." انظر : شرح الكتاب 2/60
51 انظر : الكتاب 2/78.
52 انظر : الكتاب 3/328
53 وجدير بالذكر أن مصطلح الخبر لم يقصره سيبويه على المسند والحال ، بل أطلقه ليعنى به المبتدأ، يقول : "هذا باب يختار فيه أن تكون المصادر مبتدأة مبنيا عليها ما بعدها وما أشبه المصادر من الأسماء والصفات. وذلك قولك: الحمد لله والعجب لك، وإنما استحبوا الرفع؛ لأنه صار معرفة وهو خبر فقوى فى الابتداء بمنزلة عبدالله والرجل والذى تعلم؛ لأن الابتداء إنما هو خبر" الكتاب 1/328 . كما استخدمه بمعنى الأسلوب الخبرى فى مقابل الأسلوب الانشائى، وذلك فى قوله: "هذا باب ما ينتصب فيه المصدر على إضمار الفعل المتروك إظهاره؛ لأنه يصير فى الإخبار والاستفهام بدلا من اللفظ بالفعل .. وذلك قولك : ما أنت إلا سيرا سيرا وما أنت إلا الضرب الضرب .. فكأنه قال فى هذا كله : ما أنت إلا تفعل فعلا وما أنت إلا تفعل الفعل، ولكنهم حذفوا الفعل لما ذكرت لك .. وصار فى الاستفهام والخبر بمنزلته فى الأمر والنهى". انظر: الكتاب 1/235، 2/129(1/75)
54 من ذلك الباب الذى عقده سيبويه بعنوان " باب ما يجوز فيه الرفع مما ينتصب فى المعرفة، وذلك قولك: هذا عبدالله منطلق". ونقل عن الخليل أن رفعه على وجهين : فوجه أنك حين قلت: هذا عبدالله أضمرت هذا أو هو ، كأنك قلت : هذا منطلق أو هو منطلق ، والوجه الآخر أن تجعلهما جميعا خبرا لهذا كقولك : هذا حلو حامض " الكتاب 2/83 وفى معرض حديثه عن الفرق بين الحشو والوصف يشير سيبويه إلى أن الخبر الإسنادى هو الخبر الدلالى حيث يقول: فالوصف كقولك: مررت بمن صالحٍ، فصالح وصف، وإن أردت الحشو قلت: مررت بمن صالحٌ فيصير خبرا لشيء مضمر" 2/107 ويؤكد ذلك فى معرض حديثه عن (كان وأخواتها)؛ إذ يقول : "كان ويكون وصار ... وما كان نحوهن من الفعل مما لا يستغنى عن الخبر، تقول: كان عبدالله أخاك، فإنما أردت أن تخبر عن الإخوة" 1/45
55إن الجملة الموسعة تشتمل على جملة نواة متشكلة من عنصرى الإسناد ، ومن عناصر توسيعة، بعض عناصرها التوسيعية قد يكون هو الحامل للفائدة فى الجملة ، ومن ثم فهو لازم لها من حيث الوظيفة الدلالية التى تشير إليها الجملة ، ومن ذلك قوله تعالى : { وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين}، فكلمة (لاعبين) من حيث التركيب والعلاقة الوثيقة بين عنصريه هى عنصر توسيعى للجملة النواة ، غير أنه يحمل الدلالة الكبرى التى تريد الآية أن تعلن عنها .
56 يقول سيبويه فى معرض حديثه عن الحال : " اعلم أن كل شيء كان للنكرة صفة فهو للمعرفة خبر، وذلك قولك : مررت بأخويك قائمين " الكتاب 2/8
57 انظر : الكتاب 2/78 .
58 انظر : الكتاب 2/78
59 انظر : الكتاب 2/88
60 انظر : الكتاب 2/86
61 انظر : المرجع السابق
62 انظر: الكتاب 41: 42 والباحث على وفاق ورأى سيبويه ، وهو رأى وجيه من وجهة نظره.(1/76)
63 يقول سيبويه: "هذا باب ما ينتصب فيه الخبر ؛ لأنه خبر لمعروف يرتفع على الابتداء، قدمته أو أخرته، وذلك قولك: فيها عبدالله قائما وعبدالله فيها قائما.." الكتاب 2/88 ويقول فى موضع آخر: "وزعم الخليل أن يستقبح أن يقول: (قائم زيد)، وذلك إذا لم تجعل قائما مقدما مبنيا على المبتدأ ، كما تؤخر وتقدم فتقول ضرب زيدا عمرو... وهذا عربى جيد" انظر: الكتاب 2/127 ويمكن الرجوع إلى: ابن السراج: الأصول1/60 وابن جنى: الخصائص 1/377 واللمع 114 وابن عصفور: المقرب 92 وابن يعيش: شرح المفصل 1/86 وانظر كذلك: Blachère : Grammaire de l'arabe classique , p. 389
64 الباحث يفضل التقسيم الثلاثى للاسم: اسم عام (إنسان) واسم خاص (محمد) واسم صفة (كريم).
65 الضمير من وجهة نظر الباحث يعنى كل ما هو مبهم غير محدد indéterminé ؛ ومن ثم فهو يشمل ( الضمائر وأسماء الإشارة وأسماء الموصول وأسماء الاستفهام وأسماء الشرط والعدد المبهم) فكلها ضمائر ، ويمكن أن نطلق عليها مصطلحات ( الضمير الشخصى ، الضمير الإشارى ، الضمير الموصولى الضمير الاستفهامى ...) .
66 انظر : الكتاب 2/127
67 انظر ابن هشام : المغنى 2/453 تحقيق محمد محى الدين .
68 انظر : الكتاب 2/352
69 انظر : الكتاب 2/127
70 انظر : الكتاب 1/417
71 انظر : الكتاب 1/55
72 الضمير فى نظر سيبويه هو الضمير الشخصى (أنا أنت هو ...)
73 انظر : الكتاب 2/6(1/77)
74 يلحظ الباحث أن سيبويه خلط بين مصطلحى الإبهام والإضمار فى المفهوم ، فتارة يستبعد الضمائر الشخصية من المبهمات، وأخرى يصنفها ضمنها، فنراه يتحدث عن أنواع المعارف مفرقا بين الإبهام والإضمار، فيصفها بأنها خمسة أشياء: الأسماء التى هى أعلام خاصة، والمضافة إلى المعرفة، والألف واللام، والأسماء المبهمة والإضمار... وأما الأسماء المبهمة فنحو: هذا وهذه وهذان .. وما أشبه ذلك" انظر : الكتاب 2/5 وفى موضع آخر يصف الأسماء المبهمة بأنها تجمع بين أسماء الإشارة والضمائر، يقول: "والأسماء المبهمة: هذا وهذه وهاتان وهؤلاء وذلك وذانك وتلك وتانك وتيك وأولئك ، وهو وهى وهما وهم وهن ، وما أشبه هذه الأسماء " الكتاب 2/78 وفى موضع آخر يفرق بينهما تفريقا دلاليا، وذلك فى حديثه عن "ما يرتفع فيه الخبر؛ لأنه مبنى على مبتدأ أو ينتصب فيه الخبر لأنه حال لمعروف مبنى على مبتدأ " يقول: "فأما الرفع فقولك: هذا الرجل منطلق ، فالرجل صفة لهذا، وهما بمنزلة اسم واحد، كأنك قلت هذا منطلق .. وأما النصب فقولك : هذا الرجل منطلقا، جعلت الرجل مبنيا على هذا، وجعلت الخبر حالا .. وأما قوله عز وجل (هو الحق مصدقا) فإن الحق لا يكون صفة لهو؛ من قِبَل أن (هو) اسم مضمر ، والمضمر لا يوصف بالمظهر أبدا لأنه قد استغنى عن الصفة ، وإنما تضمر الاسم حين يستغنى بالمعرفة ، ألا ترى أنك لو قلت : مررت بهو الرجل جميلا لم يجز ولم يحسن ، ولو قلت : مررت بهذا الرجل كان حسنا جميلا " الكتاب 2/86 : 88
75 انظر : الكتاب 2/5
76 انظر : الكتاب 2/5
77 الآية 85 من سورة البقرة .
78 انظر : الكتاب 2/352
79 انظر : الكتاب 2/352 : 354
80 الآية 42 من سورة النمل .
81 هذا التركيب موجود فى الآيات 66،119 آل عمران ، 109 النساء ، 38 من سورة محمد .
82 أى كأن ناقته تلك السفينة التى ذكرها فى بيتين قبله ، والشاهد إظهار الضمير (هى) فى قوله: (كأنها هى) انظر : هامش 353 من الكتاب جـ 2(1/78)
83 انظر : الكتاب 2/126
84 انظر : الكتاب 2/ 126 ، 127
85 الآية 3 من سورة الصمد . وانظر : الكتاب 1/56
86 الآية 46 من سورة مريم
87 يقول سيبويه عن الضمير الشخصى : ".. وإنما صار الإضمار معرفة ؛ لأنك تضمر اسما بعد ما تعلم من يحدث قد عرف من تعنى وأنك تريد شيئا يعلمه " . ويصف الضمير الإشارى بالاسم المبهم، فى قوله : " وأما الأسماء المبهمة فنحو هذا وهذه وهذان وهاتان وهؤلاء وذلك وتلك .. وما أشبه ذلك ، وإنما صارت معرفة ؛ لأنها صارت أسماء إشارة إلى الشيء دون سائر أمته". انظر : الكتاب 2 / 5 : 6
88 انظر : الكتاب 2/127
89 انظر : الكتاب 2/128
90 انظر : الكتاب 1/56
91 انظر : الأصول 1/58
92 انظر : المفصل 26،27
93 انظر : دلائل الإعجاز 83،84
94 انظر : شرح المفصل 1/99
95 انظر : مغنى اللبيب 2/451
96 انظر : الهمع 100 ، 101
97 انظر : من أسرار اللغة 307
98 يقول ابن السراج : " وخبر المبتدأ على قسمين : إما أن يكون هو الأول فى المعنى غير ظاهر فيه ضميره ، نحو عبدالله منطلق ، وإما ..." الأصول 1/62
99 انظر : Fleisch : l'arabe classique p. 159
100 جدير بالذكر أن الفعل ثلاثة أنواع من حيث البنية : ماض ومضارع وأمر ، ومن حيث الزمن نوعان : ماض وغير ماض . ويلحق بالجملة الفعلية الجملة المبدوءة باسم الفعل ؛ لاشتمالها على الفاعل كعنصر إسنادى لنواة الجملة ، فضلا عن اشتمالها على المفعول كثيرا .(1/79)
101 مما تميزت به العربية عن اللغات الأجنبية أنها تمتلك ضميرا للمثنى ، على أن الجمع يبدأ من ثلاثة ، غير أن هذا لا يمنع أن يستعمل ضمير الجمع للاثنين ، مثل اللغات الأجنبية ، حيث ورد ذلك فى اللغة الفصحى ، ومنه قوله تعالى " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما) ، ولم يفت سيبويه أن يشير إليه ، إذ يقول : "سألت الخليل عن (ما أحسن وجوههما) ! فقال : لأن الاثنين جميع وهذا بمنزلة قول الاثنين : نحن فعلنا ذاك ولكنهم أرادوا أن يفرقوا بين ما يكون منفردا وبين ما يكون شيئا من شيء ، وقد جعلوا المفردين أيضا جميعا ، قال الله جل ثناؤه : " وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا : لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض " . الكتاب 2/48 ، 350
102 انظر : الكتاب 2/350
103 انظر : الكتاب 1/23 وكون الاسم المرفوع بالفعل فاعل أمر متفق عليه من جميع النحويين بدءا من سيبويه، وللباحث مذهب آخر ، إذ يرى أن ذلك الاسم هو عنصر توسيعى مؤكد للفاعل النحوى الضميرى.
104 انظر : الكتاب 2/351 وجدير بالذكر أن مذهب سيبويه فى (ألف الاثنين وواو الجماعة ونون النسوة) أنها ضمائر فاعلية بارزة ، يقول : " .. وأما الإضمار فنحو : هو وإياه وأنت وأنا .. والواو التى فى فعلوا والنون والألف اللتان فى فعلنا فى الاثنين والجميع والنون فى فعلن والإضمار الذى ليست له علامة ظاهرة نحو قد فعل ذلك والألف التى فى فعلا" الكتاب 2/6 ووفقا لمنهج الباحث الذى استمد أصوله من الفرنسى أندريه رومان فهو لا يوافق سيبويه على رأيه ، مؤمنا بأنها علامات تبرز نوع الفاعل الضميرى المستتر فى الفعل الماضى والبارز فى سوابق المضارع . وحول رؤية الباحث فى ذلك انظر: أندريه رومان : النحو العربي . ترجمة د.علاء إسماعيل ود.خلف عبد العزيز. ود. علاء إسماعيل الحمزاوى : الأفعال اللاشخصية فى القرآن تحليل تركيبى دلالى صـ 5:7(1/80)
ولعل هذا الرأى قريب من لغة من لغات العرب ، أشار إليها سيبويه فى قوله: "واعلم أن من العرب من يقول : ضربونى وضربانى أخواك ، فشبهوا هذا بالتاء التى يظهرونها فى قالت فلانة، وكأنهم أرادوا أن يجعلوا للجمع علامة كما جعلوا للمؤنث ، وهى قليلة " الكتاب 2/40
105 يكفى للرجوع فى ذلك إلى : ابن هشام : مغنى اللبيب 2/379 ، والسيوطى : الهمع 1/159
106 انظر : الكتاب 1/92
107 انظر : الكتاب 1/270
108 انظر : الكتاب 2/130
109 انظر : الكتاب 2/129
110 انظر : الكتاب 2/142
111 انظر : د.علاء إسماعيل : الأفعال اللاشخصية فى القرآن 4 : 9
112 انظر : الكتاب 1/254
113 جدير بالذكر أننا لن نتعرض لأفعال المقاربة (عسى وأخواتها)؛ وذلك لأن خبر هذه الأفعال يكون جملة فعلية، ومن ثم فجملتها جملة مركبة خارج موضوع الدراسة (أنماط الجملة البسيطة).
114 انظر : Blachère : Grammaire de l'arabe classique p. 391, 395
115 انظر : A. Roman : Grammaire de l'arabe PP. 104 , 105
116 هى أفعال ناقصة عند البصريين وسميت ناقصة عندهم لعدم دلالتها على الحدث وتجردها للزمن فقط ، يقول ابن السراج : "..والفعل حقيقى وغير حقيقى ...وغير الحقيقى ثلاثة أضرب: أحدها أفعال مستعارة للاختصار ، ففاعلوها مفعولون فى الحقيقة نحو (مات زيد) والثانى أفعال فى اللفظ وليست بأفعال حقيقية ، وإنما تدل على الزمان فقط ، كقولك : كان عبدالله أخاك، وأصبح عبدالله عاقلا ، ليست تخبر بفعل فعله ، إنما تخبر أن عبدالله أخوك فيما مضى، وأن الصباح أتى عليه وهو عاقل .." وهى أفعال تامة عند الكوفيين ومرفوعها فاعل ومنصوبها حال. انظر ابن السراج: الأصول1/73،74 والزمخشرى: المفصل263 والسيوطى: الهمع1/110
117 انظر : ابن يعيش : شرح المفصل 7/89
118 انظر : الكتاب 1/45(1/81)
119 ذكر ابن جنى أن (كان) نوعان: كان الحدثية وكان الزمانية، يقول: "وأما القول فأصله أنه كل لفظ مذل به اللسان، تاما أو ناقصا، فالتام هو المفيد، أعنى الجملة وما كان في معناها، والناقص ما كان بضد ذلك نحو: محمد، كان أخوك؛ إذا كانت (كان) الزمانية لا الحدثية" الخصائص 1/17 وذكر ابن هشام أنه ذهب فريق من النحاة إلى أنها سميت ناقصة لتجردها للزمن وحده ومنهم المبرد وأبوعلى وابن جنى . انظر المغنى 2/436
120 انظر: الكتاب 1/45 وهذا النص يؤكد أن (كان) إنما تجئ لتحدد زمن الجملة الاسمية، وليس لها دلالة حدثية . ويعدد المستشرق الفرنسى بلاشير وظائف كان وأخواتها ، فيذكر أنها أفعال تدخل على الجملة الاسمية لتحديد الزمن ، وكذلك إذا أريد دلالة النفى négation ، أو النهى prohibtion ، أو التبعية subordination ؛ حيث إن الجملة الاسمية بمفردها لا تمتلك أن تعبر عن ذلك ..وبدخول (كان) على الجملة الاسمية تصير جملة فعلية ، حيث إن المسند وضع فى حالة نصب كأى مفعول معتاد . انظر : Blachère: Grammaire de l'arabe classique, pp. 391, 395 ويذكر برجشتراسر أن إدخال (كان) على اختلاف صيغه فى الجملة الاسمية الاحتياج إلى تنويعها على الأوقات ، والتفريق بين الماضى والحاضر والمستقبل .. لأن الجملة الاسمية مبهمة من جهة الأوقات. التطور النحوي 13 وممن ذهب إلى أن (كان) تفيد الزمان فقط Kouloughli إذ يذكر أن الجملة الاسميةphrase nominale تدل على الزمن الحاضر بوصف عام une valeur de présent général ، فإذا أردنا أن نضعها فى الماضى passé يجب أن نسبقها بفعل الكينونة فى الماضى accomplie . انظر : Grammaire de l 'arabe d'aujourd'hui pp . 255 , 265
121 انظر : الكتاب 1/23
122 انظر : الكتاب 1/47
123 انظر : الكتاب 2/358
124 انظر : الكتاب 1/46
125 انظر : الكتاب 1 / 23
126 انظر : الكتاب 1/417
127 انظر : الكتاب 2/387
128 انظر : الكتاب 3/328(1/82)
129 النص: "..كان ويكون وصار ومادام وليس وما كان نحوهن من الفعل مما لا يستغنى عن الخبر تقول: كان عبدالله أخاك ، فإنما أردت أن تخبر عن الإخوة ، وأدخلت كان لتجعل ذلك فيما مضى..". الكتاب 1/45
130 تسمية الحال بالخبر مصطلح سيبويه . راجع ص 20 من البحث .
131 هذا هو رأى بعض المحدثين العرب وبعض المستشرقين ، فمثلا يرى د. السامرائى أن التسمية بالأفعال الناقصة تسمية اعتباطية ؛ وذلك لأن المتعدى من الأفعال هو الذى لا يكتفى بمرفوعه، بل يتعدى إلى المنصوب وهو المفعول ، وهذه الحالة فى الأفعال الناقصة ، ويرى أن (ضرب) مثل (كان) فعل يفتقر إلى المنصوب وهو المفعول الذى وقع عليه الحدث وهو الضرب، ومن ثم فمصطلح (الناقصة) غير صحيح. (الفعل زمانه وأبنيته 56) ويقرّر المستشرق الفرنسى أندريه رومان أن الجملة النواة هى (كان وفاعلها الضميرى الملازم لها) وأن الاسمين بعدها من العناصر التوسيعية الصيغية expansions modales؛ وذلك لأنه يرى أن المعنى العام للفعل (كان) الوجود والكينونة être,exister وهذا يعنى أنه لا فرق بين كان الناقصة وكان التامة ، كما يشير إلى أن أخوات كان هى أفعال تحمل دلالة زمنية محددة من خلال جذرها. A. Roman : Grammaire de l'arabe PP. 104 , 105
ويقول بلاشير عن الفعل كان : إنه فعل له أكثر من دلالة اشتقاقية ، حيث إنه يدل على الحدث exister و advenir بمعنى الوجود ، وفى هذه الحالة يستغنى عن مسند ، ويدل على معنى مجرد هو الربط بين المسند والمسند إليه فى الجملة الاسمية مع إفادة الزمن ويتقدم فعلا آخر فى الماضى أو المضارع المرفوع ، وفى هذين الاستخدامين يلعب دور الدليل الزمنى أولا، ويضفى على الجملة صفة الاستمرارية Blachère : Grammaire de l'arabe, p. 271(1/83)
132 الاضطراب الذى يبدو لنا عند سيبويه أعتقد أنه ناتج عن أن سيبويه فى تحليله لأنواع الجمل شغله الجانب الشكلى للتركيب ولم يشغله الجانب الدلالى وتوافقه مع التركيب ، ففعل الكينونة يجعل الجملة الاسمية جملة فعلية دون تغيير فى المعنى ، فالمعنى المتضمن فى الجملة الاسمية قبل دخول فعل الكينونة هو المعنى نفسه بعد دخول الفعل الذى حول شكل الجملة من الجملة الاسمية إلى الجملة الفعلية. ورؤية سيبويه هذه نجدها عند بعض اللغويين الفرنسيين مثل إميل بنفنيست ؛ فهو يصنف الجمل ثلاثة أصناف : الجملة الفعلية phrase verbale ، والجملة الاسمية الخالصة phrase nominale pure ، والجملة الاسمية المبدوءة بفعل الكينونة phrase nominale à verbe êtreثم يردها إلى التقسيم الثنائى المعروف عند النحويين العرب : الجملة الاسمية والجملة الفعلية، مقررا أن الجملة المبدوءة بفعل الكينونة هى جملة فعلية فى شكلها ، ولا تتناقض فى دلالتها مع الجملة الاسمية ، ويضيف أنه عند تحليل الجملة المبدوءة بفعل الكينونة يجب أن نحللها على أنها جملة اسمية ، مستبعدين الدلالات المعجمية لفعل الكينونة. انظر:
Emile Benveniste : Problèmes de la liguistique, pp 156, 157 , 159(1/84)
ويذكر الفرنسى هنرى فليش أن هذه الأفعال أفعال إسنادية verbes prédicatifs كسائر الأفعال، وجملتها فعلية ، ثم يعود فيذكر أن هذه الأفعال غير إسنادية ولكنها تحول الجملة الاسمية إلى جملة فعلية. انظر : Fleisch : L'arabe classique p. 181 . ويبدو أن هذا الأمر راجع إلى طبيعة الجملة الفرنسية، فهي تبدأ عادة باسم nom ، ولا تخلو من فعل، إن لم يكن فعلا أساسيا verbe principal ففعل فمساعد verbe auxiliaire وهو متمثل في فعلَي الملكية والكينونة avoir , être . وفى تحليلهم للجملة الفرنسية " Il est triste " ذكروا أنها تتكون من مسند إليه sujet ومسند prédicat ، والمسند إليه هو الضمير الشخصي (il)، والمسند يتشكل من مكونين deux constituants الأول هو فعل الكينونة etre ويقوم فى الجملة بوظيفة الربط فيسمى الرابط copule ، والثانى triste ويسمى المسند أو شبه المسند quasi-prédicat. انظر : George Mounin : Dictionnaire de la linguistique ( prédicat) ويذكر إميل بنفنيست أن فعل الكينونة موجود فى كل اللغات الأوربية كرابط copule ، ومن ثم فاللغة التى تشتمل على جملة اسمية دون فعل الكينونة فالرابط هو العلامة zéro ، ومن اللغات التى لا تمتلك فعل الكينونة كرابط اللغات العربية واللغات السامية القديمة. انظر: Emile Benveniste : Problèmes de la liguistique générale, pp 159, 188 , 190
ويذكر جون ليونز أن فعل الكينونة (verbe être, verbe to be) فى اللغة الانجليزية والفرنسية يقوم بوظيفة الربط ، فهو رابط copule بين المسند والمسند إليه ، كما يقوم بوظيفة تحديد الزمن النحوى temps grammatical الذى تحدث فيه الجملة ، وتخلو بعض اللغات من هذا الرابط انظر : J. Lyons : Sémantique , Linguistique p. 105
133 انظر : الكتاب 2/153
134 انظر الكتاب 1/37(1/85)
135 انظر: الكتاب 1/46 و(ليس) فعل لا من وجهة نظر سيبويه فحسب، بل من وجهة نظر النحاة العرب بصفة عامة، والباحث لا يسلم بذلك؛ لأن (ليس) لا تخضع لكل شروط الفعل التالية:
1ـ أن يكون فى الماضى مفتوح العين أو مضمومها أو مكسورها .
2ـ أن يقبل الاشتقاق والتصريف ، فتأتى منه المشتقات الاسمية والفعلية .
3ـ أن يقبل أدوات الجملة الفعلية كـ (أدوات التوكيد والنفى والنهى والاستقبال والاحتمال والنصب والجزم )
4ـ أن يستعمل منه المصدر مع مفعوله فى الجملة، كما نقول : ضرب زيد عمرا ضربا خفيفا.
5ـ أن يقوم بوظيفة أحد عنصرى الجملة النواة ، وهو المسند لأنه حدث قريب من الوصف.
6ـ أن يأتى منه نوعا الزمن الموجودان فى العربية (ماض وغير ماض).
7ـ أن يقبل ضمائر الرفع المتصلة .
8ـ أن يتصل به ضمائر النصب المتصلة .
فإذا ما جئنا لـ(ليس) ـ فعل النفى من وجهة نظر سيبويه ـ نجد الآتى:
1ـ يقبل أدوات الرفع المتصلة 2ـ ساكن العين خلافا لنظام الفعل العام
3ـ غير متنوع الزمن. 4ـ غير قابل للتصريف والاشتقاق
5ـ لا تتصل به ضمائر النصب المتصلة . 6ـ غير قابل أدوات الجملة الفعلية
7ـ يقوم بوظيفة النفى ، وهى وظيفة يؤديها حرف ولا يؤديها فعل.
8ـ لا يدل على الحدث وبالتالى لا يؤدى وظيفة المسند فى الجملة .
وعلى ذلك فالباحث لم يتفق كلية مع سيبويه فى رأيه، ويعتقد أن (ليس) كانت فعلا متحركا العين، ثم مع كثرة الاستخدام جمدت على صورة واحدة وتحول المقطعان القصيران إلى مقطع متوسط ساكن، فصارت (ليس) بسكون العين ، وصارت كالحرف.
136 انظر : 2/358
137 حروف النفى المشبهة بـ(ليس) فى بعض اللغات أربعة : ما ، لا ، لات ، إنْ ، ولم يذكر سيبويه إلا (ما ، لات) .
138 انظر : الكتاب 1/57 ، 2/316
139 انظر : الكتاب 1/57
140 انظر : الكتاب 2/375
141 انظر : الكتاب 2/133ــ 134 ، 3/146
142 انظر : الكتاب 2/376
143 انظر : الكتاب 2/131
144 انظر : الكتاب 2/131(1/86)
145 انظر : الكتاب 3/119
146 انظر : الكتاب 3/129
147 انظر : الكتاب 3/129، 130
148 انظر : الكتاب 2/137،138
149 انظر : الكتاب 2/139
150 انظر : الكتاب 2/140
151 انظر : الكتاب 3/152
152 انظر : الكتاب 2/154
153 انظر : الكتاب 2/274
154 انظر : الكتاب 2/275
155 انظر : الكتاب 2/286
156 انظر : الكتاب 2/301
157 انظر : الكتاب 2/301
158 انظر : الكتاب 2/302
159 انظر : الكتاب 2/305
160 انظر : الكتاب 2/108
161 انظر : الكتاب 2/286
162 انظر : الكتاب 3/114 ، 115
163 انظر : الكتاب 1/98 وما بعدها . ويضيف سيبويه إلى ما سبق حروف الإستفهام ، ولم نذكرها فى المتن هنا وسنذكرها فى العناصر التوسيعية المشتركة ؛ لأن الاستعمال أجازها مع الجملة الاسمية وأقر هذا النحويون ، يقول سيبويه : " وحروف الاستفهام كذلك لا يليها إلا الفعل إلا أنهم توسعوا فيها فابتدأوا بعدها الأسماء ، والأصل غير ذلك .." الكتاب 1/98
164 انظر: الكتاب 3/114 ، 115
165 انظر: الكتاب 3/117 وجدير بالذكر أن الحروف ( أن ، حتى ، لكى ، إذن ، لام التعليل ، لام الجحود، فاء السببية ، واو المعية ، أو ..) الناصبة و(إنْ ، لو) الشرطيتين حروف خاصة بالجملة الفعلية ، ولم نذكرها هنا ؛ لأنها تدخل على جملة مركبة .
166 انظر : الكتاب 1/138
167 انظر : الكتاب 3/111
168 انظر : الكتاب : 3/8
169 انظر : الكتاب 3/104 ، 105(1/87)
170 تجدر الإشارة إلى أنه يجوز أن تقتحم المفعولات الجملة الاسمية كعناصر توسيعية ، وذلك حينما يكون أحد عنصرى النواة مشتقا يقوم بوظيفة الفعل النحوية ، وفى الغالب يكون الخبر . وقد عقد سيبويه بابا لذلك أسماه " باب من اسم الفاعل الذى جرى مجرى الفعل فى المفعول فى المعنى ، فإذا أردت فيه من المعنى ما أردت فى (يفعل) كان نكرة منونا . وذلك قولك : هذا ضارب زيدا غدا ، فمعناه وعمله مثل هذا يضرب زيدا غدا..". ثم يقول : " واعلم أن العرب يستخفون فيحذفون التنوين والنون ، ولا يتغير من المعنى شيء ، وينجر المفعول لكفّ التنوين من الاسم ، فصار عمله فيه الجر ، ودخل فى الاسم معاقبا للتنوين ، فجرى مجرى غلام عبدالله فى اللفظ ؛ لأنه اسم وإن كان ليس مثله فى المعنى والعمل .. وليس يغير كف التنوين إذا حذفته مستخفا من المعنى ولا يجعله معرفة ، فمن ذلك قوله تعالى : {كل نفس ذائقةُ الموتِ} و {إنا مرسلو الناقة} ، و{لو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم} ، و {غير محلى الصيد} فالمعنى معنى { ولا آمين البيت الحرام} ، ويزيد هذا عندك بيانا قوله تعالى جده : {هديا بالغ الكعبة} و {عارض ممطرنا} ، فلولم يكن هذا فى معنى النكرة والتنوين لم توصف به النكرة .." الكتاب 1/165،166 وعقد سيبويه بابا آخر أسماه " باب صار الفاعل فيه بمنزلة الذى فعل فى المعنى وما يعمل فيه . وذلك قولك : هذا الضارب زيدا ، فصار فى معنى هذا الذى ضرب زيدا وعمل فيه ؛ لأن الألف واللام مُنِعَتا الإضافة وصارتا بمنزلة التنوين ، وكذلك : هذا الضارب الرجلَ ، وهو وجه الكلام" (الكتاب 1/181)، وعقد بابا آخر أسماه "هذا باب ما ينتصب من المصادر توكيدا لما قبله، وذلك قولك : هذا عبدالله حقا، وهذا زيد الحق لا الباطل ، وهذا زيد غيرَ ما تقول .." الكتاب 1/378
171 انظر : الكتاب 1/34
172 انظر : الكتاب 1/34(1/88)
173 الأفعال المتعدية لمفعولين نوعان : أفعال تنصب مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر ، وأفعال تنصب مفعولين ليس أصلهما مبتدأ وخبر. وتحقيق المعنى هو الفيصل بين نوعى هذه الأفعال، بمعنى أن مفعولى النوع الأول يصلحان أن يكونا جملة اسمية تامة من حيث التركيب والمعنى، فى حين أن مفعولى النوع الثانى لا يصلحان جملة اسمية تامة ؛ لأنهما لا يؤديان معنى يقبله المنطق العقلي، وإن كانا صالحين من حيث التركيب، ومثال للنوع الأول قولك: علمت الجهل ضارا ومثال الثانى : منحت المتفوق جائزة ، فقولك : (الجهل ضار)جملة سليمة تركيبا ومعنى ، إنما (المتفوق جائزة) تركيب ذو معنى غير مقبول ، فلا يقبله المنطق العقلى.
174 انظر : الكتاب 1/37
175 انظر : الكتاب 1/39
176 انظر : الكتاب 1/41
177 انظر : الكتاب 1/43
178 لم يذكر سيبويه مصطلح (الجملة النواة) ولم يشر إلى (إضمار الفعل والفاعل) ، وإنما ذكر (إضمار الفعل) فقط ولستُ معه فى مصطلحه ؛ لأن المضمر هو الجملة النواة وليس الفعل .
179 انظر : الكتاب 1/253
180 انظر : الكتاب 1/257
181 انظر : الكتاب 1/273
182 انظر : الكتاب 1/307
183 انظر : الكتاب 1/311
184 انظر : الكتاب 1/318(1/89)
185 انظر : الكتاب 1/291 . ولنا مع النداء وقفتان أولاهما : اعتقادنا بأن النداء يدخل ضمن أنماط الجملة المركبة بالتجاور؛ لأنه ـ وإن كان هو جملة بسيطة ـ لا يأتى مستقلا عن جملة أخرى، فالواقع اللغوى لم يعطنا نمطا لجملة النداء منفصلة عن السياق المرتبطة به ، اللهم إلا فى أمثلة النحاة المصطنعة للاستشهاد، ولننظر إلى القرآن ؛ فلا توجد آية فيها نداء منقطع عن جملة أخرى خبرية كانت أو إنشائية. والثانية أن الباحث لم يستطع أن يسلم بأن النداء جملة فعلية؛ لأنه أسلوب إنشائى والتقدير أسلوب خبرى ، ويزعم أن النداء يمثل تركيبا مستقلا دون تقدير، على أن الحرف مسند والمنادى مسند إليه ، وإذا صرفنا النظر عن الجانب الشكلى الخاص بعلامات الإعراب وتأويلات النحويين الكثيرة لها ، فإننا نرى أن هذا التركيب أقرب للجملة الاسمية منه للجملة الفعلية.
186 انظر : الكتاب 1/291
187 انظر : الكتاب 2/182
188 انظر : الكتاب 1/322
189 انظر: الكتاب 2/62 : 66 والمثال الأخير يدخلنا فى إطار الجملة المركبة، ولا مكان لها هنا.
190 انظر : الكتاب 1/34
191 انظر : الكتاب 1/35
192 انظر : الكتاب 1/43
193 انظر : الكتاب 1/35
194 انظر : الكتاب 1/297
195 انظر : الكتاب 1/367
196 انظر : الكتاب 1/98،99
197 انظر : الكتاب 1/101 ونلحظ أن سيبويه أضاف أسماء الاستفهام مثل (كيف وأين ومتى..) مع الحروف.
198 انظر : الكتاب 1/137،138
199 انظر : الكتاب 3/115
200 انظر : الكتاب 3/176
201 انظر : الكتاب 3/116
202 انظر : الكتاب 1/145
203 انظر : الكتاب 2/301
204 انظر : الكتاب 3/302
205 انظر: الكتاب 2/309 وتجدر الإشارة إلى أن (يكون وليس) يحوّلان الجملة من جملة بسيطة إلى جملة مركبة؛ لأنهما فعلان كما أقر بذلك سيبويه ، وقد عرضنا لذلك سلفا، فارجع إن شئت.
206 انظر : الكتاب 2/ 309 ، 310
207 انظر : الكتاب 2/311
208 انظر : الكتاب 2/311
209 انظر : الكتاب 1/278(1/90)
210 انظر: الكتاب : 1/290، 291 وفى موضع آخر يؤكد سيبويه على الفارق الدلالى بين الواو والفاء؛ وذلك فى قوله : " ومما يدلك على أن الفاء ليست كالواو قولك : مررت بزيد وعمرو، ومررت بزيد فعمرو ؛ تريد أن تُعلم بالفاء أن الآخر مُرّ به بعد الأول " الكتاب 3/42
211 انظر : الكتاب 1/429 ، 430
212 ويقول فى موضع آخر : " ومن المبدل أيضا قولك : قد مررت برجل أو امرأة ، إنما ابتدأ بيقين ثم جعل مكانه شكا أبدله منه ، فصار الأول والآخر الادّعاء فيهما سواء ، فهذا شبيه بقوله : ما مررت بزيد ولكن عمرو ؛ ابتدا بنفى ثم أبدل مكانه يقينا " الكتاب 1/440
213 انظر : الكتاب 1/437:440
214 انظر : الكتاب 3/169
215 انظر : الكتاب 3/172
216 انظر : الكتاب 3/175 ، 179 ، 184
217 انظر : الكتاب 3/187
218 التابع يتبع المتبوع من عشرة وجوه : الإعراب رفعا ونصبا وجرا ، والنوع : تذكيرا وتأنيثا ، وتعريفا وتنكيرا والعدد إفرادا وتثنية وجمعا . ويأتى التابع جملة ؛ ولن نتعرض له ؛ لأنه يدخلنا فى الجملة المركبة .
219 انظر : الكتاب 1/421
220 انظر : الكتاب 1/421
221 انظر : الكتاب 2/6
222 انظر : الكتاب 2/8
223 انظر : الكتاب 1/423
224 انظر : الكتاب 424
225 انظر : الكتاب 1/425 وانظر كذلك 1/166
226 انظر : الكتاب 1/425
227 انظر : الكتاب 1/431
228 انظر : الكتاب 2/18
229 انظر : الكتاب 2/105 : 107
230 انظر : الكتاب 1/439
231 انظر : الكتاب 1/150
232 انظر : الكتاب 1/158
233 انظر : الكتاب 2/14، 16
234 انظر : الكتاب 1/431
235 انظر : الكتاب 2/125
236 انظر : الكتاب 2/205 ، 206
237 انظر : الكتاب 2/360
238 انظر : الكتاب 2/385
239 انظر : الكتاب 2/386
240 انظر : الكتاب 2/11
241 انظر : الكتاب 2/12
242 انظر : الكتاب 1/377
243 انظر : الكتاب 2/116
244 انظر : الكتاب 2/116(1/91)
245 يقول سيبويه : " اعلم أن كل شيء كان للنكرة صفة فهو للمعرفة خبر ، وذلك قولك : مررت بأخويك قائمين.." انظر : الكتاب 2/8 ، وفى صـ 2/33 يؤكد سيبويه هذا المعنى .
246 انظر : الكتاب 1/44
247 انظر : الكتاب 1/44
248 انظر : الكتاب 1/370
249 انظر : الكتاب 1/372
250 انظر : الكتاب 2/58
251 انظر : الكتاب 1/373
252 انظر : الكتاب : 1/373
253 انظر : الكتاب 1/395
254 انظر : الكتاب 1/78
255 انظر : الكتاب 2/81
256 انظر : الكتاب 2/60
??
??
??
??
11(1/92)