الجذور اليهودية للشيعة
في كتاب علل الشرايع للصدوق الشيعي
... ... ... ... ... دراسة نقدية
تأليف
أ. د. / محمد عبد المنعم البري
عميد مركز الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر
رئيس جبهة علماء الأزهر الشريف سابقا
بسم الله الرحمن الرحيم
( وَإِذَا رَأى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذَابَ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ {85} وَإِذَا رَأى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلاء شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِن دُونِكَ فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ {86} وَأَلْقَوْا إِلَى اللّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ {87} )
[ سورة النحل، الآيات : 85-87] .
( وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ ) [ الأنفال : 60 ]
صدق الله العظيم
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى وصل اللهم وسلم وبارك على حبيبك المصطفى وصفيك المجتبى نبينا محمد وآله العترة الطاهرين وأصحابه الغر الميامين ومن تبعهم بإحسان في الأولين وفي الآخرين وفي الملأ الأعلى ، إلى يوم الدين ، عدد من دخلوا في رحمتك بسببه يا أرحم الراحمين وبعد.
فقد تعارف العلماء على أن الإنسان المثقف هو الذي يأخذ من كل فن بطرف ، أو من يعي شيئا من كل شيء، ولا شك أن العلوم والمعارف الإسلامية ، وما يخدمها أو يتصل بها من قريب أو بعيد ، وكذا الفرق المنشقة أو الدخيلة أو المناوئة للدين القيم ، أولى بالاهتمام والاستيعاب وأخذ الصورة الصادقة عنها من وثائقها الثابتة ، ومصادرها الأصيلة ، ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة ، لوضع حد لمزايداتهم المؤسفة ، لتشويه وجه المصطفى صلى الله عليه وسلم ، بدعوى فشله في اختيار الصف الأول من الأصحاب والزوجات رضوان الله عليهم أجمعين.(1/1)
ولفضح خصوم الإسلام ، من أدعيائه الذين يتعبدون بالكذب على الله تعالى ورسوله وآل بيته ، ويمثلون الصورة الكئيبة القبيحة للإسلام ، كصنائع المنافق اللعين واليهودي الخبيث عبد الله بن سبأ الذين دعمهم وأبرزهم على الساحة، الاحتلال الفرنسي للشام ، كالنصيرية في سورية رهط حافظ الأسد ، وكذلك الدروز في لبنان ، أصحاب الحزب التقدمي ، الذي يتزعمه آل جنبلاط .
وألعن الفرق المقاتلة في الجيش الصهيوني ، وأشدها تنكيلاً بالمستضعفين من المسلمين والعرب ( اللواء الدرزي ). ولم تكن المخيمات الفلسطينية للعزل والأبرياء من الأطفال والنساء بلبنان كصابرا وشاتيلا وغيرهما بأحسن حظًا منها بين مخالب المعتدين عليهم من حركة أمل الشيعية وحزب الله اليد الطولى لإيران والشيعة الإمامية الجعفرية الاثنى عشرية، بما يفسر في الواقع المحسوس قول الحق سبحانه :
( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوَا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ {82}) [ سورة المائدة الآية : 82].
عوامل التشجيع على وضع الفكر الشيعي تحت المجهر
من أهم العوامل التي شدت العزيمة للخوض في هذه المستنقعات الأسنة ما يأتي :
1- النتائج المشرفة للحوار الهادئ مع أحد أعلام الشيعة بأمريكا 1985م بأحد المراكز الإسلامية الكبرى خلال شهر رمضان المبارك ، أوردها فيما بعد .(1/2)
2- ورود كثير من النصوص التي توصي الأتباع باعتبار عقائدهم أسرارا تحت الأرض لا يصح كشفها إلا للشيعة وتهديد من يخالف هذه الوصية بأوخم العواقب في الدنيا والآخرة ، وأقرب هذه الوصايا المؤكدة لذلك ما أورده رئيس المحدثين الشيعة في السطرين الأخيرين ص 610 من كتابه الذي بين أيدينا علل الشرايع يقول : [ وانصرف ولا تطلع على سرنا أحدا ، إلا مؤمنا مستبصرا ، فإنك إن أذعت سرنا بليت في نفسك ومالك وأهلك وولدك ] .
وبهذا الحظر الحاسم ندرك سر جهل الكثيرين من أهل العلم والفضل بخفايا عقائد هؤلاء ، وغرائب فكرهم ، وعجائب تأويلاتهم بما يضحك الثكلى .(1/3)
3- شهادة الإمام الشعبي (1) شيخ التابعين وإمامهم في شأن الشيعة الروافض أنهم صنائع اليهود ، وأنهما وجهان لعملة واحدة ، بما تفيض به المراجع العريقة للأعلام ، مثل الفقيه : أحمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي ، في كتابه العقد الفريد ، ج 2 ص 122 و123 ، ما أورده مالك بن معاوية قال : قال لي الشعبي : ( وذكرنا الرافضة ) [ يا مالك ، لو أردتَ أن يُعطوني رقابَهم عبيداً وأن يملؤوا بيتي ذهبا على أن أَكْذبِهُم عَلَى عَلي كذبة واحدة لفعلوا ، ولكني والله لا أكذب عليه أبدا ، يا مالك ، إني درست (2) الأهواء كلها ، فلم أر قوما أحمق من الرافضة ، فلو كانوا من الدواب لكانوا حميرا ، أو كانوا من الطير لكانوا رخما ، ثم قال : أحذرك الأهواء المضلة ، شرها الرافضة ، فإنها يهود هذه الأمة ، يبغضون الإسلام كما يبغض اليهود النصرانية ، ولم يدخلوا في الإسلام رغبة ولا رهبة من الله ، ولكن مقتا لأهل الإسلام وبغيا عليهم ، وقد حرقهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالنار ، ونفاهم إلى البلدان ، منهم عبد الله بن سبأ ، نفاه إلى ساباط ، وعبد الله بن سباب ، نفاه إلى الجازر (3) ، وأبو الكروس ، وذلك أن محنة الرافضة محنة اليهود ، قالت اليهود : لا يكون الملك إلا في آل داود ، وقالت الرافضة : لا يكون الملك إلا في آل علي بن أبي طالب ، وقالت اليهود : لا يكون جهاد في سبيل الله حتى يخرج المسيح المنتظر، وينادي مناد من السماء ، وقالت الرافضة : لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج المهدي وينزل سبب من السماء ، واليهود يؤخرون صلاة المغرب حتى تشتبك النجوم ، وكذلك الرافضة ، واليهود لا ترى الطلاق الثلاث شيئا ، وكذا الرافضة ، واليهود لا ترى على النساء عدة ، وكذلك الرافضة ، واليهود تستحل دم كل مسلم ، وكذلك الرافضة ، واليهود حرفوا التوراة ، وكذلك الرافضة حرفت القرآن، واليهود تبغض جبريل وتقول : هو عدونا من الملائكة ، وكذلك الرافضة تقول : غلط جبريل في(1/4)
الوحي إلى محمد بترك علي بن أبي طالب ، واليهود لا تأكل لحم الجزور ، وكذلك الرافضة ، ولليهود والنصارى فضيلة على الرافضة في خصلتين : سئل اليهود : من خير أهل ملتكم ؟ فقالوا : أصحاب موسى ، وسئلت النصارى ، فقالوا : أصحاب عيسى ، وسئلت الرافضة : من شر أهل ملتكم ؟ فقالوا : أصحاب محمد، أمرهم بالاستغفار لهم فشتموهم ، فالسيف مسلول عليهم إلى يوم القيامة، لا تثبت لهم قدم ، ولا تقوم لهم راية ، ولا تجتمع لهم كلمة ، دعوتهم مدحورة ، وكلمتهم مختلفة ، وجمعهم مفرق ، كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله].
وذكرت الرافضة يوما عند الشعبي فقال : لقد بغضوا إلينا حديث علي بن أبي طالب.
وقال الشعبي : ما شبهت تأويل الروافض في القرآن إلا بتأويل رجل مضعوف من بني مخزوم من أهل مكة ، وجدته قاعدا بفناء الكعبة . فقال : يا شعبي ما عندك في تأويل هذا البيت ؟ فإن بني تميم يغلطون فيه ، يزعمون أنه مما قيل في رجل منهم ، وهو قول الشاعر :
بيتا زرارة محتب بفنائه ... ومجاشع وأبو الفوارس نهشل
فقلت له : وما عندك أنت فيه ؟ قال : البيت هو هذا البيت ـ وأشار بيده إلى الكعبة ـ وزرارة الحجر ، زرر حول البيت ، فقلت : فمجاشع ؟ قال : زمزم ... إلى آخر خرافاتهم المضحكة ، لا سيما في تأويل القرآن الكريم.(1/5)
4- توفر الوسائل المتاحة للبحث والدراسة المتأنية في أمهات كتبهم ، وأهم مراجعهم الدينية ، من الكتب الأربعة التي يقوم عليها دينهم ، مثل: "من لا يحضره الفقيه"، لأبي جعفر الصدوق ، رئيس المحدثين الشيعة (أربع مجلدات) والذي نحن بصدد دراسة تحليلية نقدية ، لنماذج من عقائد الشيعة ومفاهيمهم ، من خلال كتابه " علل الشرايع " ( جزآن ) ، و"الاستبصار" للطوسي (أربع مجلدات) ، وكذا "التهذيب" له ، و"الكافي" للكليني ، وعشرات المجلدات الأخرى ، بما يشكل مكتبة شيعية خاصة، حصلت عليها مجانا ، إثر قرار الخميني بتصدير الفكر للخارج ، خلال عملي كأستاذ معار لإحدى جامعات الخليج .
5- الأمل والرجاء في عفو الله ورحمته ، أن يرد بعض ذوي العقل والنظر فيهم ، من التردي في مهاوي ألعن كبيرة في الإسلام ، وهي الشرك بالله ، بمثل جعل علي رضي الله عنه شريكا منفذا له حق الإدارة والأمر في الجنة والنار ، ومالك ورضوان يأتمران بأمره ، ووصفه بصفات الألوهية ، كعدم النسيان ، وعلم ما كان ويكون وما هو كائن إلى يوم القيامة ، بعد حكم الله سبحانه في قرآنه الخالد (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بت وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا {48} أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً {49} انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا ) [ سورة النساء : الآيات من 48 ـ 50 ] .(1/6)
6- الفرار من سخط الله ولعنته وأليم عذابه ، لا سيما والفقير شيخ على مشارف اللقاء والعرض على مولاه، وقد انبلج الصبح لذي عينين، والله سبحانه وتعالى يتوعد كل شيطان أخرس ، يعرف الحق ويكتمه ، بالطرد والحرمان ، والإبعاد من رحمة الله التي وسعت كل شيء ، في قوله سبحانه : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ {159} إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) [ سورة البقرة : الآيات من 159 ـ 160 ] .
وأقوم بمشيئة الله وعونه ـ بعرض ونقد علمي ، لنماذج مما وردت في هذا الكتاب ، من تعليلات فاسدة تضحك الثكلى ، ثم أقوم بنقدها وتفنيدها والرد عليها ، وقد قسمت هذه النماذج إلى عدة موضوعات عامة تجمع تحتها الكثير من المسائل والقضايا ، ويلاحظ على الكتاب في ترتيبه الموضوعي والعددي أنه لم يبذر سمومه مع بدايته، ليخدع القارئ ويعمّي عليه الأمر ، ثم يجمع خبائثه مع نهاية الكتاب ، وبالتالي سنجد هنا معظم الأفكار الضالة والتعليلات الساقطة في منتصف الكتاب وما بعده إلى نهايته .
وفي الفصل الأول أبين صورة عامة عن المؤلف وكتابه، ثم الفصل الثاني : وقد قسمت هذا الفصل إلى عدة مباحث هي :
المبحث الأول : ما يتعلق بالأنبياء عليهم السلام.
المبحث الثاني : ما يتعلق بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
المبحث الثالث : ما يتعلق بآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم .
المبحث الرابع : ما يتعلق بأمة محمد صلى الله عليه وسلم .
الفصل الثالث : العبادات .
الفصل الرابع : المعاملات والعلاقات الإنسانية والاجتماعية مع مثل النبط ، الأكراد ، الأعراب ، الطينة .
الفصل الخامس : علل متفرقات .(1/7)
وتحت كل مبحث من هذه المباحث مسائل تدرس وتعرض للنقد والتفنيد، إبراءً للذمة ونصحاً للأمة : (إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ) [ سورة هود الآية : 88] .
ثم ألحق بذلك صورة موجزة ، عن الحوار الذي دار مع الأديب الشيعي بأمريكا ونتائجه ، وإشارة لتقرير علمي عن كتاب شيعي معاصر كتبته بناء على طلب من مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر بمنع تداوله ، لاتساع زوايا الانحرافات والتخريب الفكري فيه ، مدعما بأدلة مما حواه الكتاب.
أسأل الله سبحانه أن يتقبل جهد الضعيف خالصا لوجهه الكريم ، يبيض به وجهه ووالديه وذريته وأحبابه في الله تعالى جميعا ، إن ربي سميع مجيب وما ذلك على الله بعزيز .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
حدائق الزيتون بالقاهرة.
كتبه
أ. د. / محمد عبد المنعم البري
رئيس جبهة علماء الأزهر الشريف
الفصل الأول
تعريف بالمؤلف وكتابه
سرد لجانب من مكانته المرموقة عند الشيعة
أولاً : حياة المؤلف (4) 306 : 381 هـ
نسبه :
هو الشيخ رئيس المحدثين ، أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه ، الصدوق القمي ، ولد بقم حدود سنة 306 هجرية ، ولم يُر في القميين من يضاهيه في سمو مكانته ورفيع مقامه العلمي عند الشيعة .
ونشأ في أسرة علمية من البيوتات التي ذاع صيتها بالعلم .
وكان أبو الحسن علي بن الحسين ، والد الصدوق فقيه الشيعة ، مرموق المكان لدى عامة أهل قُم ، وإليه يرجعون في الأحكام ، مع كثرة من فيها من أكابر القوم.
تُوفي والده سنة 329 هـ، وقيل إن الإمام الحادي عشر أبا محمد الحسن بن علي العسكري ، دعا له أن يرزق ذرية صالحة ، فقيل له : ستملك جارية ديلمية وترزق منها ولدين فقيهين ، وقد رزق منها بالإمام الصدوق ، وأخيه أبي الحسن .
ونشأ الصدوق في هذه البيئة العلمية ، وأصابته دعوة الإمام فكان من الحفاظ.
نشأته :(1/8)
نشأ الصدوق بين أحضان العلم ، يغذيه أبوه لبان المعارف ، ويغدق عليه من فيض آدابه ، ما زاد في تكامله العلمي في الفكر الشيعي.
نشأ برعاية أبيه ، الذي كان يجمع بين العلم والعمل ، وكان ركناً من أركان الشيعة ، ترجع إليه في كثير من الفتيا ، يعمل تاجراً ، وكانت نشأة الصدوق الأولى في بلدة قم من بلاد إيران ، ساعدته على النبوغ والذكاء إذ كان يسمع الشيوخ ويروي عنهم ، وهو صغير حدث ، ولعل السر في نشاط الحركة العلمية يومئذ ، هو فضل ولاة الأمور الشيعة ، في الحكومات الإيرانية ، فإن الناس على دين ملوكهم ، وكانت السلطة في إيران للديالمة آل زبار وآل بويه ، وفاق عصر آل بويه من سبقهم ، بحسن خدمتهم لأهل العلم ، وتأييدهم لهم ، وكثرة من كان منهم في بلاطهم من وزراء ، وكتاب ، وقضاة ، كالصاحب ابن عباد ، وكانوا يلقون الرعاية من الأمراء ، خاصة ركن الدولة البويهي الذي حظي بصحبة كثير من علمائهم ، واستفاد منهم ، وفي طليعتهم الشيخ الصدوق ، إذ استدعاه وشاركه أهالي بلدة الري في تلك الرغبة ، وطلبوا من الشيخ سكنى الري ، فلبى طلبهم وأقام هناك.
أسفاره :
وللصدوق أسفارٌ متعددة ، لكثير من البلدان ، لطلب العلم والزيارة للمشهد المقدس ، أو البلد الحرام ، ومن البلاد التي سافر إليها:
1- خراسان: إذ سافر إليها في رجب سنة 352هـ لزيارة المشهد المبارك بها وهو مشهد الإمام الرضا ، وهذه الزيارة الأولى ، كما زاره ثانية في سنة 367هـ والسنة التي تليها ، وفي ذلك كله يُعلِّم الناس ، ويملي عليهم من معارفه.
2- جرجان: سمع بها من أبي الحسن محمد بن القاسم ، تفسير الإمام العسكري عليه السلام وأبي محمد عبدوس بن علي بن العباس الجرجاني .
3- نيسابور: وهي بلدة واقعة بين الري وسرخس في طريق خراسان ، أقام بها مدة وعلم أهلها.
4- مرو الرود: وهي مدينة من مدن خراسان ، وكذلك سافر إلى سرخس ، وسمع بها من أبي النصر محمد بن أحمد بن إبراهيم السرخسي.(1/9)
5- سمرقند : وردها في سنة 368هـ وسمع بها أبا أسد عبد الصمد بن عبد الشهيد ، كما سافر إلى ( بلخ ) ودخلها أيضا سنة 368هـ وأجازه فيها أبو القاسم عبد الله بن أحمد الفقيه الشيعي .
6- إيلاف : من بلاد ما وراء النهر، سمع بها الحديث من أبي نصر محمد وابن الحسن بن إبراهيم الكرخي، واجتمع فيها ببعض أعلامها، وطُلب منه فيها تأليف كتابه الشهير "من لا يحضره الفقيه" ( سنتكلم عنه فيما بعد ) وذهب إلى فراغانة وهمدان ، وبغداد ، وتعلم من شيوخها ، وعلم أهلها.
7- مكة والمدينة: تشرف بحج بيت الله سنة 354 هـ وزار قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبور أهل بيته، وفي عودته مر بالكوفة، وسمع فيها من جماعة كمحمد بن بكران النقاش .
وهذه جملة أسفاره يظهر من خلالها تحرك الشيخ في كثير من البلدان ، ولكنها على كل حال زيارات خاطفة ، لم تستغرق الكثير بل كانت إقامته الدائمة بقم والري.
شيوخه :(1/10)
تتلمذ الصدوق على كثير من علماء عصره، يظهر ذلك عند مطالعة كتابه "من لا يحضره الفقيه" ثاني الأصول عند الشيعة ، وقد أخذ الرواية عن كثير من الخاصة والعامة ، وتحمل عنهم الحديث في مختلف الفنون ، ومعظمهم من العلماء الكبار في الحواضر العلمية في القرن الرابع الهجري ، كبغداد والكوفة والري وبخارى ، تلك البلاد التي سافر إليها الشيخ ، وحَدَّث وحُدِّث بها ، وقد أحصى أحد علماء الشيعة ، وهو محمد الحسين النوري في خاتمة كتابه " مستدرك الوسائل " كثيراً منهم ، وذكر السيد حسن الموسوي في تقديمه لكتاب "من لا يحضره الفقيه" قائمة بأسماء معظمهم ، حتى ذكر أن عددهم 211 ، وهو لا شك عدد مبالغ فيه مبالغة واضحة ، وفيه تناقض بين ما سبق ذكره من حسن فهمه ونبوغه المبكر، ونشأته العلمية العالية إلخ ، وبين هذا العدد الجم ، فربما التقى بأحدهم مرة أو مرات سمع قليلاً أو كثيراً، فاعتبروه من شيوخه لإصباغ هالة من التفخيم لحفظه أو الرفعة لشأنهم ، وعلى كل حال فهي علوم ، ونقول يغشاها الضلال والخداع للبسطاء من باب إلباس الباطل ثوب الحق ، قال الله تعالى : (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا {5} ) [ الكهف آية : 5 ].
تلاميذه :(1/11)
ذكر السيد بحر العلوم في مقدمته لعلل الشرائع قوله : " لو أردنا أن نستقصي على التحقيق والاستقراء جميع من روى عن الصدوق وأخذ عنه العلم لطال بنا البحث ، ولاحتجنا إلى زمن كثير ، خصوصاً بعد أن نقف على ما ذكره أصحاب المعاجم ، من أن شيوخ الأصحاب سمعوا منه ، وأخذوا عنه في حداثة سنه" ، وقد ذكر كبار الشيعة أسماء التلاميذ الذين أخذوا عنه في معاجمهم ، وقد بلغ عددهم حوالي عشرين يقولون إنهم من كبار العلماء فيما بعد، ويقولون أيضاً إنه لم يتيسر لهم الوقوف إلا على هذا العدد الضئيل، ولم يعثروا على بقية أسماء تلاميذه، وربما لا يكون له تلاميذ سوى هؤلاء، خاصة إذا ما عرفنا عن الشيعة رغبتهم في الكتمان والتقية والانزواء ، وعدم الإفضاء بما لديهم إلى أي أحد ، بل يتخيرون خلفاءهم اختياراً دقيقاً ، لضمان السرية والاستمرارية ، ولا أقول هذا تقليلاً من شأنه ، وإنما من واقع قراءاتي المتعددة ، وغوصي في أعماق الشخصية الشيعية.
آثاره العلمية :
سنفاجأ هنا بمبالغات ضخمة ومزايدات مفتعلة في تقييم تركته العلمية ، فيقول السيد الموسوي في تقدمته لكتاب "من لا يحضره الفقيه":(1/12)
"غير خفي ما كان عليه شيخنا الصدوق ، من ثراء علمي ضخم ، وأنا في غنى عن سرد كلمات المترجمين فيه فلا حاجة إلى الإطناب في البيان ، بعد أن قرأنا ونقرأ أنه صنف أكثر من ثلاثمائة مصنف ، في شتى فنون العلم وأنواعه ، وبعد أن نعرف أنه كانت بجانبه مكتبة الصاحب بن عباد، الغنية بالنفائس والآثار ، وبعد أن عرفنا في شيخنا قوة الذكاء وشدة الحفظ ، فهو الذي يحفظ ما لا يحفظ غيره ، وهو الذي كانت مدرسته العلمية سيارة قائمة بشخصه الكريم ، وإلى القارئ أسماء مصنفاته منها حسب حروف الهجاء ، مع ذكر موضوعاتها والتنبيه على المطبوع منها كما ننبه على ما عكف عليه العلماء بالشرح والترجمة" ، ثم ذكر قائمة بعدد 219 كتابًا لا أرى ذكرها هنا ، لعدم الإطالة ، وعدم الحاجة ، ثم قال: هذا ما تيسر لنا العثور عليه من أسماء مصنفاته ، وقد بخل الزمان بأسماء الباقي منها كما بخل بحفظ جلها من الضياع" .
ويلاحظ التهويل في ذكر هذه الكتب ، فنرى الموضوع الواحد يقسمه إلى عدة موضوعات ، ويجعل لكل منها كتاباً مستقلاً ، في حين أنه قد تكون جميعها أبواباً ، وفصولا لكتاب واحد ، ومع هذا فأرى الإشارة إلى أبرز كتبه ، التي عليها قوام دين الشيعة وعقيدتهم .(1/13)
فمرة يذكرون أن دينهم وعقيدتهم قوامها على أربعة كتب أولها الكافي للكليني ، وبعده من لا يحضره الفقيه للصدوق، وبعده التهذيب ، ثم الاستبصار وكلاهما للطوسي ، وهذه الكتب الأربعة هي الصحاح عند الطائفة الحقة التي عليها المعول وإليها المرجع ، ومرة أخُرى يذكرون أن أصولهم الفكرية خمسة كتب ، كما صرح به علماؤهم الكبار ، إذ قالوا: أصولنا الخمسة هي الكافي للكليني ومدينة العلم ، ومن لا يحضره الفقيه للصدوق ، والتهذيب والاستبصار للطوسي، فمن هذين القولين ترى الاختلاف ، وإن كان القول الأول هو السائد عند جمهورهم ، لكنا ذكرنا القول الثاني لنأخذ بالزائد فيه ، وهو كتاب مدينة العلم ، إذ قال عنه أحد مشايخهم: "هو خامس الأصول الأربعة ، وهو من عشرة أجزاء فالأسف على ضياع هذه النعمة العظمى من بين أظهرنا وأيدينا ، من لدن عصر والد البهائي إلى يومنا هذا" .
2- من لا يحضره الفقيه :
وهو ثاني الأصول الأربعة، التي عليها مدار الشيعة، ومرجع علمائهم في أخذ الأحكام، وقد مرت على تلك الأصول الأربعة، أكثر من تسعة قرون والفقهاء وغيرهم يتلقونها بالقبول ، والاعتناء ، بحيث لا يطعن فيها طاعن رغم بعض الطعون التي وجهت إلى غيرها من المؤلفات الأخرى يجمل الإشارة إليها فيما بعد.(1/14)
أما السبب الذي دعا الصدوق إلى تأليف هذا الكتاب ، فقد قال : " لما ساقني القضاء إلى بلاد الغربة وحصلني القدر منها بأرض " بلخ " وردها أبو عبد الله المعروف : " بنعمة " وهو محمد بن الحسن بن إسحاق بن الحسين بن إسحاق بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فجالسني وانشرح صدري بمذاكرته ، فذاكرني بكتاب صنفه محمد بن زكريا الرازي الطبيب ، وترجمه لكتاب من لا يحضره الطبيب وذكر أنه شاق في معناه وسألني أن أصنف له كتابا في الفقه والحلال والحرام والشرائع ، والأحكام موفياً على جميع ما صنفت في معناه ، وأترجمه بكتاب من لا يحضره الفقيه ، ومعناه فقيه من لا يحضره الفقيه .(1/15)
ليكون إليه مرجعه وعليه معتمده وبه أخذه ويشترك في أجره من ينظر فيه ، وينسخه ، ويعمل بمودعه ، هذا مع نسخه لأكثر ما صحبني من مصنفات فأجبته إلى ذلك ، لأني وجدته أهلاً له ، وصنفت له هذا الكتاب بحذف الأسانيد لكي لا تكثر طرقه وإن كثرت فوائده ، ولم أقصد فيه قصد الصنفين في إيراد جميع ما رووه ، بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحته ، وأعتقد فيه أنه حجه فيما بيني وبين ربي ، وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة ، وهذا الكتاب لقي ثناءً كبيراً من علماء الشيعة ، كما لقي طعوناً منهم فالأولون يجعلونه أحد الكتب الأربعة الأصول ، بل منهم من ذهب إلى ترجيح أحاديثه على غيره من الكتب الأربعة، نظراً إلى زيادة حفظ الصدوق ، وحسن ضبطه وتأخر كتابه عن الكافي ، وضمانه فيه لصحة ما يورده ، وأنه لم يقصد فيه قصد المصنفين في إيراد جميع ما رووه ، وأما الآخرون فيرون فيه كثرة المراسيل ، التي يرون تفرد الصدوق بها ، واعتداده بحفظه ، وفهمه ، ومن ثم فقد اشتمل على فتاوى غريبة لم يتابعه عليها أعلام الطائفة ، وإن ذهب إلى قوله بعضهم ، وكانت مخالفة للإجماع أو متروكة عند المتقدمين والمتأخرين أفرد لها الشيخ مفلح بن الحسن الصيمري مؤلفاً أسماه : " التنبيه على غرائب من لا يحضره الفقيه " .(1/16)
وقد أحصى أحد علماء الشيعة في أول شرحه لكتاب من لا يحضره الفقيه المسمى " بالتعليقة السجادية " أحاديث الكتاب ، فكانت " 5963" حديثاً منها " 2050 " حديثاً مرسلاً ، ونسب ذلك إلى بعض مشايخه ، وقيل إن عدد الأحاديث أقل من ذلك ، يقول بعض المحققين في النجف ممن ترجم للصدوق في مقدمة كتابه من لا يحضره الفقيه ما لفظه " إن شيخنا الصدوق قد انفرد بآراء وفتاوى لم يسبقه فيها أحد ، كما لم يتابعه في جلها أحد من الفقهاء ، وإنه كان يعتمد على طائفة من الأخبار ، لم يعتمدها غيره ، فأفتى بمضمونها معتقداً صحتها والعمل عليها ، ولذا خالف في بعض تلك الآراء إجماع الطائفة ، وربما حاول قصر الأذهان على قبول رأيه ، وفرض حكمه ، إلا أنه بشر يخطئ ويصيب ، ثم ذكر هذا المحقق بعض ما عثر عليه استطراداً في الجزء الأول فقط من الكتاب من فتاواه الغريبة وآرائه الخاصة كما يلي :
1 ـ جواز الاغتسال والوضوء بماء الورد .
2 ـ المرأة الحائض تقضي الركعة التالية من المغرب بعد أن تطهر وتغتسل إذا حاضت بعد ما صلت ركعتين منها.
3 ـ لا تجوز صلاة من صلى بعمامة لا حنك بها .
4 ـ أول المغرب استتار القرص " أي قرص الشمس " ، لموافقته أهل السنة والجماعة.
5 ـ وجوب القنوت في الصلوات الخمس اليومية وتركه يبطل الصلاة .
6 ـ عدم جزئية الصلاة على النبي في التشهد ، فإنه ذكر التشهد خالياً منها.
7 ـ جواز السهو على النبي ، وسماه إسهاء من الله تعالى اتبع في رأيه ذلك أحد شيوخه ، وهو محمد بن الحسن بن الوليد ، وتبعه عليه الطبرسي ، وغيره ، هذا هو كلام الشيعة ، عن شيخهم ، ورئيس محدثيهم ، وما خفي كان أعظم .
يحقرون أعلامهم ، ويكذبون صدوقهم
وحول هذه المسألة نقل عن البهائي أنه قال : " الحمد لله الذي قطع عمره ، ولم يوفقه لكتابة مثل ذلك ، كما نقل عن الشيخ أحمد الإحسائي زعيم مدرسة الشيخية الشيعية ، أنه قال : [ الصدوق في هذه المسألة كذوب ] .(1/17)
هذا هو رئيس محدثي الشيعة الذي يكفرون الأئمة الأعلام أصحاب الكتب الستة ضمن النُّصَّاب من أمة محمد صلى الله عليه وسلم التي هي في نظرهم وتقييمهم الأمة الملعونة قاتلة الحسين سيد شباب أهل الجنة .
3 ـ علل الشرايع :
هو هذا الكتاب الذي تدور حوله الدراسة وسيأتي بعد ذلك تعريف بالكتاب ومحتوياته ، ولعل هذا الكتاب خاصة ، ومعه الكتاب الثاني من لا يحضره الفقيه هي أشهر كتب الصدوق ، ومن أشهر كتب الشيعة عامة.
والعدد الضخم الهائل الذي سبق ادعاؤه إن صح ذلك ، كانت نعمة الله فيه على عباده المسلمين عظيمة ، إذ أهلكه بقدرته ، وأمات سمومه بواسع رحمته ، فكيف كان يصير الحال الآن مع بقاء كل هذه الضلالات التي خرجت مع رجل استطاع أن يبهر كثيراً من العامة ، فيلتفون حوله ويصدقون خرافاته ، وحتى لا نستغرق في الذم ، نعطي القارئ مهلة ، ليرى بنفسه كثيراً من هذه الأفكار النكراء في ثنايا هذه الدراسة الموجزة إلى جوار ذلك يرى ما يثير الدهشة والعجب ، ويضحك الثكلى ، وشر البلية ما يضحك .
ثناء العلماء عليه :
أذكر هذه الإشارة ، لأبين للقارئ مدى مكانة الرجل عند علماء طائفته ، ومقدار تصديقهم له ، ثم نترك للقارئ الحكم على الرجل ، وعلى من أثنوا عليه ، من خلال أفكاره في هذا الكتاب ، وكما يقال : الطيور على أشكالها تقع ، ومن أحب قوماً حشر معهم ، وهو منهم وعلى منوالهم ينسج .
جاء في مقدمة كتابه ( من لا يحضره الفقيه ) للسيد الموسوي ، جملة من ثناء العلماء عليه أقتطع منها هذه الفقرة :
الصدوق هو العالم الجليل ، والمحدث النبيل ، نقاد الأخبار ، وناشر آثار الأئمة الأطهار عليهم السلام ، عماد الملة ، والمذهب والدين ، شيخ القميين وملاذ المحدثين ، شيخ من مشايخ الشيعة، وركن من أركان الشريعة ، شيخ الحفظة ووجه الطائفة المتحفظة .(1/18)
وهذا الكلام يذكرني بموقف دار بين عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين ، وأحد الخوارج ، ظل عبد الملك يدعوه إلى الجماعة والسمع والطاعة ، ثم أخذ يكرر عليه ذلك فقال الخارجي: لتغنك الأولى عن الثانية قلتَ فسمعتُ ، فاسمع مني أقل لك. فقال : تكلم. فأخذ يتكلم عن الجهاد ومحاربة الكافرين ، وأعمال القربات ، وجزاء المستمسكين بها ، والجنَّة وما فيها من نعيم ، والنار وما تحوي من عذاب ، يقول عبد الملك حتى وقع في خاطري أن الجنة خلقت لهؤلاء فقط ، وأنهم أولى بالأمر ، وأنهم على الصواب ، حتى كاد يقنعني بمذهبه ، فأخرج معه لأنال الجنة، فالحمد لله الذي ثبت قلبي على الحق .
الفارغ الذهن غير الخبير بخباياهم
ووجه الشبه ، أن القارئ إذا ما قرأ الثناء الحار ، والذكر الخلاب ، قد يقع الصدوق في نفسه كل موقع ، ويتمنى لو رآه ليحظى بلحظة فيض من إلهامه وعلمه ، أو بنظرة رضا وتقدير من شخصه النبيل ، كما كاد أن يحدث لعبد الملك مع الخارجي ، فنسأل الله التثبيت والحفظ والعون على كشف زيف هؤلاء ، وبطلان أفكارهم وعقائدهم، وفضح أكاذيبهم وأحقادهم على الإسلام والمسلمين ، إن ربي سميع مجيب .
وفاته :
توفي الصدوق في سنة 381 هـ ببلدة الري من بلاد إيران ، ودفن بها عند بستان طغرليه الذي أضحى مزاراً يلجأ إليه العوام والخواص منهم ، ويتبركون كعادتهم ويحيطون قبره حتى الآن باحترام وتقدير واهتمام بشؤونه من قبل ولاة الأمور وعامة ذوي الجهالات الشركية المؤسفة ، والله من ورائهم محيط .
ثانيا : تعريف بالكتاب(1/19)
كتاب علل الشرايع للصدوق ، يبحث في فروع دين الجعفرية الإمامية الاثني عشرية ، وحكم شرائعه ، ويتضمن أبوباً عدة ، وفصولاً جمة ، من كل لون وعلى كل هيئة ، بدء من الفرائض حتى النوادر وما دونها ، فيبحث لكل شيء عن علة ، مستدلاً بالصحيح عندهم تارة ، وبالسقيم تارات أو مُحكما عقله فيما لا دليل عليه ، بوصفه أهلاً للمراجعة الخلاقة عند الطائفة ، إذ أصول الشرائع عندهم :
(1) القرآن الكريم :
ويعني عند أكثرية مفكريهم وشيوخهم ( مصحف فاطمة ) ، وهو المحفوظ لدى الإمام الغائب في سرداب سامراء من مئات السنين ( الوهم المنتظر ) ( عج ) أي عجل الله فرجه وعقيدتهم في المصحف السائد في العالم الإسلامي المنقول إلينا بالتواتر والمتعبد بتلاوته والذي تكلف الله بحفظه في الصدور والسطور إلى ما شاء الله لا يساوي ثلث مصحفهم المختفي .
(2) السنة المطهرة :
ويعنون بها أحاديث الأئمة المعصومين من أولاد علي ـ رضي الله عنهم ـ بشرط كونهم عن طريق رواتهم ومحدثيهم وعلى رأسهم الكليني والصدوق رئيس المحدثين الشيعية ، ومن سار على دربهم ممن يطلقون على أنفسهم الرواة عن القرة آل البيت.
(3) الإجماع :
ويقصد به إجماع شيوخ الطائفة دون سواهم .
(4) العقل:
ويهتدون به ويحتكمون إليه ، حيث لم يرد نص ثابت في قضية أو أمر ، في المصادر الثلاثة سابقة الذكر.
وبهذا تحرر قلم الصدوق ، وانطلق يسجل ما يمليه عليه عقله الرجيم ، إذا أعياه الدليل والحيلة ، اعتماداً على علو شأنه عندهم ، وحصانته من التهجم أو القدح فيه من صغارهم وكبارهم.
والكتاب يقع في جزأين بمجلد واحد يضم حوالي ستمائة وخمسين صفحة من القطع المتوسط .
يقول السيد صادق بحر العلوم في وصفه للكتاب :
[(1/20)
ومن مؤلفات شيخنا ـ الصدوق ـ رحمه الله ـ هذا الكتاب " علل الشرايع " والأحكام والأسباب " يتضمن 262 بابا في الجزء الأول ، و 385 بابا في الجزء الثاني ، أول الأبواب [ العلة التي من أجلها سميت السماء سماء والدنيا دنيا، والآخرة آخرة ، والعلة التي من أجلها سمي آدم آدم ، وحواء حواء ، والدرهم درهما، والدينار ديناراً ، والعلة التي من أجلها قيل للفَرسَ أجر وللبغلة عد والعلة التي من أجلها قيل للحمار حر ] ، وإلى آخر الأبواب فهو في نوادر العلل.
ولم نعلم سبب تأليفه للكتاب ، ولا تاريخ تأليفه ، وقد طبع الكتاب مرةً في سنة 1289 هـ ، وثانية 1361 هـ ، وألحق به معاني الأخبار للصدوق أيضاً كما أُلحق به كتاب الروضة في الفضائل لم يعرف مؤلفه .
وثالثةً 1378 هـ وكل هذه الطبعات الثلاث بمطابع إيران ، وهي غير خالية من الأخطاء المطبعية وغيرها، وبعض النقصان في بعض طبعاتها ، وقد لخص هذا الكتاب الشيخ شرف الدين بن عز الدين بن الحسين بن ناصر البحراني نزيل ( يزد ) من بلاد إيران ، ونائب أستاذه المحقق علي الكركي المتوفى 940 هـ ، كما ذكره الميرزا عبد الله أفندي في كتاب ( رياض العلماء ) وله أيضاً ملخص لهذا التلخيص ، ويضيف في هامش المقدمة أن كتاب ( علل الشرايع ) فيه بعض الأحاديث التي تلائم مقام الأئمة المعصومين ، ولعلها مدسوسة في أخبارهم من بعض المناوئين ، فلا بد أن تؤول تأويلاً معقولاً (1) بحيث تلائم مقامهم ، ولعها لا تخفى على الناقد البصير .(1/21)
وللكتاب مكانة عالية في قلوب وعقول الشيعة خاصتهم وعامتهم، لما تضمن من أبواب ومسائل كثيرة ، فتكلم عن بدء الخلق ، وعلة مسمياته والمكان والزمان ، ثم تحدث عن الأنبياء ، وبعض أحوالهم مع أقوامهم ، وما حدث لبعض معارضيهم ، كما تحدث في أمور علمية ، بكلام عشوائي لا دليل عليه ، من عقل ناضج أو شرع قويم ، ثم تناول سيد الخلق صلى الله عليه وسلم ، وتحدث عن بعض أفعاله ، وبحث لها عن علل ، وكما انتقل إلى الحديث عن الإمام علي ـ رضي الله عنه ـ ، وأخذ يعلل أعماله بعلل واهية ، يرفضها العقل والعرف ، بل هي كذب صريح وتقول واضح مفتعل على أمير المؤمنين شأن الشيعة دائماً . وانتقل للحديث عن السيدة فاطمة الزهراء ـ رضي الله عنها ـ ودلَّس عليها في مواقفها مع أبي بكر وعمر ـ رضوان الله عليهما ـ فيما أطلق عليه الشيعة : ميراثها عن أبيها في فدك ، ثم تعرض للحديث عن بقية أهل البيت ، وعلل أعمالهم ، وما تعرضوا له من مخالفيهم بتعليلات ساقطة.
ثم انتقل في الباب رقم 182 وعنوانه علل الشرايع وأصول الإسلام ، فبدأ بالحديث عن الغائط ونتنه وعلة الوضوء وأركانه ، وعلة كل ركن والسواك وعلته والحيض والنفاس وبول الجارية ، وعلة غسل الثوب من لبن الجارية وبولها دون الولد ، ثم صلاة الجنازة وعدد تكبيراتها وعلة ذلك ، وانتهى الجزء الأول من الكتاب بالباب رقم 262 ، وعنوانه العلة التي من أجلها يكون عذاب القبر ، وبدأ الجزء الثاني بالباب رقم 1 وعنوانه علل الوضوء والآذان والصلاة ، وتكلم عن القصر والجمع ، والرخص في ذلك وعلتها وعلة صلاة الجماعة ، وختم علله بنوادر الصلاة. ثم تحدث عن الزكاة وعلتها ، والعلة التي من أجلها صارت الزكاة في كل ألف درهم خمسةً وعشرين درهماً .(1/22)
والعلة التي من أجلها لا تجب الزكاة على السبايك والحلي ، حتى ختم بنوادر علل الزكاة ، ثم انتقل إلى الحديث عن علل الصيام وعلة العيد في الفطر والأضحى ، والعلة التي من أجلها يتجدد لآل محمد صلى الله عليه وسلم في كل عيد حزن جديد ، وعلة إخراج زكاة الفطر ، ثم تحدث عن مكة والبيت الحرام ، وعلة تسميتها والحج وأركانه ، وعلة كل ركن .
وجاء بكلام كثير لا أصل له ، وتعليلات لا يقبلها العقل فضلاً عن عدم ورودها في الشرع الشريف ، ثم علة الأضحية ، والعلة التي من أجلها لا يكتب على الحاج ذنبُ أربعة أشهر ، وختم بباب نوادر علل الحج .
كما شرع يتكلم عن الكبائر وعلل تحريمها ، كشرب الخمر ، وقتل النفس وعقوق الوالدين ، وعلة تحريم الزنا والربا ، ثم تكلم عن الزواج والمهر ، وعلته ، وتكلم عن المرأة كلاماً ساقطا مستفظعا ، كحديثه عن العلة التي من أجلها يجوز للرجل أن ينظر إلى امرأة يريد الزواج منها وأن عليها أن ترقق له الثياب ، لأنه يريد أن يشتريها بأغلى ثمن ، وعلة تفضيل الرجال على النساء ، ثم ختم بالحديث عن نوادر علل النكاح ، وتكلم عن الجنة والنار وأصحابهما وكذلك الوصية والميراث ، ومن غرائب ذلك العلة التي من أجلها لا ترث المرأة في العقار شيئاً .
وعلة نجاسة الناصب ( أي أهل السنة والجماعة ) حتى ختم الكتاب بباب نوادر العلل وهو الباب رقم 385 .
وبعد : فهذا تصور عام لما اشتمل عليه الكتاب ، من سخافات العلل التي يؤمن بها الشيعة ، ويرونها من الأمور الرئيسية في فكرهم وتراثهم ، وكيف لا وقائلها إمامهم الصدوق ، ورئيس محدثيهم الأجل ، الذي لا يضارع ، والذي قال عنه بعض شيوخهم بأنه الكذوب قطع الله عمره .(1/23)
وبما أن المقام لا يتسع لعرض هذه العلل كلها ونقدها والرد عليها ، فأحاول بمشيئة الله وعونه ، أن أتخير للقارئ الكريم ، والمسلم بوجه خاص ، نماذج مختلفة ، من هذه العلل ، في مختلف النواحي الفكرية ، التي تطرق إليها المؤلف ونقدها ، لأكشف من خلالها زيف معتقداتهم التي لا تنطلي إلاَّ على السذج والبلهاء ، أو أصحاب المغانم والمصالح ، الذين يأكلون أموال الناس بالباطل ، ويصدون عن سبيل الله .
وأقدم هذا الجهد المتواضع ، حسبة لوجه الله تعالى ، ونصحا للأمة الإسلامية ، وتحصيناً لها من هذه المهالك ، التي لا عاصم ولا حافظ من ويلاتها إلا الله سبحانه وتعالى ، ثم جهود المخلصين من العلماء ، وذوي الغيرة الإسلامية ، الذين يبرزون الصورة الأصيلة لتعاليم الإسلام التي نزل في شأنها قول الحق جل وعلا في يوم عرفة في حجة الوداع عصر الجمعة عند الموقف أمام الصخرات على أمير الأنبياء قول الحق سبحانه ... (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ) [ سورة المائدة الآية : 3 ]
كما يبرزون خسة ووضاعة ما عداها من دس الأعداء والخصوم إقامة للحجة عليهم (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ ) [ سورة الأنفال الآية : 42 ] ، والله سبحانه وتعالى من وراء القصد ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
بوابة التاريخ الإسلامي
لا حراس عليها(1/24)
هبط الإسلام إلى العالمين كوليد في المهد ، وكسرى يزأر في الدنيا : أملاكي لا تغيب عنها الشمس بعد أن دحر الرومان بجيوشه ، وهرقل يلم شعثه ويجمع شتات جيوشه للثأر ويجيب وأنا كذلك، وتتنزل المعجزة الكبرى على المستضعفين في مكة في كلمات من القرآن الحكيم تصور المستقبل القريب بانتصار الرومان على الفرس في بضع سنين ثم أفُول نجمهما إلى الأبد تحت نعال شباب الإسلام ورجاله ، وفي ومضة من عمر الزمن لم تتجاوز ربع قرن تحولت المعجزة الكبرى من كلمات قرآنية في مطلع سورة الروم إلى واقع أعجب من الخيال صوره أمير الشعراء شوقي رحمه الله بقيثارته الشعرية الرشيقة مناجيا نور رسول الله صلى الله عليه وسلم:
وعلمت أمة بالقفر نازلة رَعْيَ القياصر بعد الشاء والغنم
أتيت والناس فوضى لا تمر بهم إلا على صنم قد هام في صنم
ولم يكن في كلماته تلك ، مجاملا أو مستغرقاً في خيال الشعراء ، بل يحكي واقعا سجله التاريخ بمداد المجد والفخار ، إذ يذكر أحدهم أمير المؤمنين عمر في مجلسه بالأدب النبوي الشريف " أكرموا عزيز قوم ذل " حينما شاهدوا من بين سبايا فارس بنات كسرى الثلاث إثر وصول الغنائم والسبي من القادسية وأشاروا بتسليم الفتاة الأولى إلى الحسين حفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرزقه الله سبحانه منها علي زين العابدين الذي نجا من مذبحة كربلاء وحفظ الله به سلالة نبيه صلى الله عليه وسلم ، والفتاة الثانية لعبد الله بن عمر فرزقه الله منها بسالم شيخ المحدثين والفقهاء في عصره والثالثة لمحمد بن أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنهم أجمعين . فأفقدت صدمة انتصار الإسلام الساحق في هذا الزمن الوجيز العقول والألباب لأعدائه ، فبدؤوا يضربونه في كل الاتجاهات وتكفل الحق جل وعلا بحفظ كتابه من سهام حقدهم : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) [ سورة الحجر الآية : 9 ].(1/25)
وكذلك حفظ الله سنة حبيبه الأول محمد صلى الله عليه وسلم باعتبارها المبينة لمراد الله في قرآنه : ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [ سورة النحل الآية : 44] . وتفرغت طلائع رجال الإسلام حينذاك ، للفتوحات ونقل اللغة والدين ، وآداب الإسلام إلى البلاد المفتوحة والشعوب الجديدة ، وتفرغ الأعداء المتربصون لإفراغ سموم حقدهم على من قهروهم في عقر دارهم ، من خلال التاريخ الإسلامي والتفسير والأدب وغيره ، معتمدين في عملهم المشين على أمل كبير ، اقتنصوه من القرآن الكريم ، بما يفيد أن أكثر الناس لا يعقلون ولا يفقهون ولا يعلمون ولا يؤمنون ، وهكذا تحولت هذه الساحات العلمية إلى سلاح ذي حدين للبناء والهدم في آن واحد ، بالبناء على أيدي المنصفين من المؤرخين وعلماء الإسلام وحراس ثُغُوره ، والهدم على يد المتسللين من أهل الكتاب والزنادقة والمأجورين وهم بكل أسى وأسف ، الأكثرية الساحقة ، مما حدا المخلصين لاستنفار ذوي الغيرة ، لتطهير الساحات المقدسة ، من الخلايا السرطانية ، التي تخرب عقول البسطاء ، وتشوه صورة أشرف الرجال ، لأعظم أمة أخرجت للناس ، يقول الحق سبحانه : ( لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ {186}) [ سورة آل عمران الآية : 186] .
ـــــــــــــــــــــــــ
هوامش المقدمة والفصل الأول:
((1/26)
1) الإمام الشعبي هو عامر بن شراحيل الشعبي بن عبد الله ذي كبار ( قيل من أقيال اليمن بطن ) علاََّمة العصر أبو عمرو الهمداني ثم الشعبي ، كانت أمه من سبي جلولاء، مولده في إمرة عمر بن الخطاب لست سنين خلت منها. وكانت جلولاء في سنة 17 هـ ، رأى عليا رضي الله عنه وصلى خلفه ، وسمع من عدة من كبراء الصحابة ، حدث عن سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وأبي موسى الأشعري وعدي بن حاتم وأسامة بن زيد وأبي سعود البدري وأبي هريرة وأبي سعيد وعائشة (ر) وجابر بن سمرة وسمرة بن جندب والنعمان بن بشير والبراء بن عازب وزيد بن أرقم والحسن بن علي وأم سلمة وأسماء بنت عميس وأم هانئ وأنس بن مالك، وغير هؤلاء ، سمع من أكثر من خمسين من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ، كان حافظا وما كتب شيئا قط ، عن مكحول قال: ما رأيت أحدا أعلم من الشعبي ، وعن أبي مجلح قال : ما رأيت أحدا أفقه من الشعبي لا سعيد بن المسيب ولا طاووس ولا عطاء ولا الحسن ولا ابن سيرين فقد رأيت كلهم . وعن أبي بكر الهذلي قال لابن سيرين: الزم الشعبي فلقد رأيته يُستفتى وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون. تُوفي (ر) سنة 105 عن خمس وسبعين سنة.
المراجع : الطبقات الكبرى 6/246 ، تاريخ البخاري الكبير 6/450 ، حلية الأولياء لأبي نعيم 4/310 ، سير أعلام النبلاء للذهبي ج4/294.
(2) في بعض الأصول : " دست ".
(3) الجازر : قرية من نواحي النهروان . وفي بعض الأصول : " الحازر ".
(4) انظر مقدمة كتابيه : " علل الشرايع "، " من لا يحضره الفقيه".
((1/27)
5) من التأويلات المعقولة لدى شيوخهم قولهم في تفسير الآية الشريفة (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ) [ من سورة البقرة آية : 67 ] أي أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق عائشة ـ رضي الله عنها ـ وفي تفسيرهم لقوله تعالى : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ ) [ من سورة النساء آية : 51 ] هم أهل السنة والجماعة لا اليهود لأن مصحفهم لا يتجاوز ثلث مصحف الوهم المنتظر وأنَّ الآية تفيد التبعيض ، أما كل الكتاب فمحفوظ في السرداب ، ومعنى الجبت والطاغوت هما الشيخان أبو بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ إلخ وهكذا نجح اليهود مبكراً بزعامة الحاخام اليمني عبد الله بن سبأ مؤسس الشيعة في تحويل آيات السخط والغضب واللعنة الخاصة بقومه إلى أهل السنة والجماعة وعلى رأسهم الأئمة الراشدون الخلفاء ، وسائر الصحابة والتابعين لهم بإحسان ـ رضي الله عنهم ورضوا عنه ـ حتى تحول المسلم السني في نظر تلاميذه الشيعة إلى رمز للنجاسة واللعنة ، مصافحته أو لمسه من نواقض الوضوء عندهم ، والكارثة المزدوجة أن يبتلى المرءُ بعدو جاهل ، لأنه يجمع الخستين ، وقد قيل عدو عاقل خير من صديق جاهل ، وحسبنا الله ونعم الوكيل .
الفصل الثاني
نماذج لعرض ونقد الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم
المبحث الأول
ما يتعلق بالأنبياء عليهم السلام
يلاحظ أن هذه الجزئية أخذت بداية الكتاب ولم تكن تعليلاتها ذات أثر بل معظمها من قبيل الإسرائيليات التي أخذت عن أحبار اليهود ولهذا سيكون هذا المبحث قليل المسائل بالنسبة لغيره ، خاصة ما يتعلق بآل البيت و أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
العلة التي من أجلها توقد النصارى النار
ليلة الميلاد وتلعب بالجوز(1)(1/28)
قال الصدوق أخبرنا أبو عبد الله محمد بن شاذان ، عن وهب بن منبه اليماني ، قال لما ألجأ المخاض مريم عليها السلام إلى جذع النخلة أشتد عليها البرد فعمد يوسف النجار إلى حطب فجمعه حولها كالطيرة ثم أشعل فيه النار فأصابتها سخونة الوقود من كل ناحية حتى دفئت وكسر لها سبع جوزات وجدهن في خرجه فأطعمها فمن أجل ذلك توقد النصارى النار ليلة الميلاد وتلعب بالجوز.
وأقول :
ذاك من الإسرائيليات التي دسوها في بعض الكتب على حين غفلة لتهيئة النفوس لسماع ما قالوه بطعن مريم في شرفها ، وأنها حملت سفاحا ، وأصابع الاتهام اليهودية لا تشير بهذه التهمة النكراء ، إلا إلى يوسف النجار ، فهل هذه المستنقعات الأسنة يقرب رائحتها إنسان عنده مسحة من عقل أو دين ، نزه الله ساحة من اصطفاها ربها وطهرها على نساء العالمين ، في عصور الظلام المدلهم ، وتذكرنا دائما نوادر الصدوق وأمثاله بالحكمة القائلة ( لكل ساقطة في الحي لاقطة ) .
علة المشوهين في خلقهم (2)
قال الصدوق : حدثني أبي عن ابن عذافر قال جعفر الصادق : ترى هؤلاء المشوهين في خلقهم ؟ قال : قلت نعم ، قال : هم الذين يأتي آباؤهم نساءهم في الطمث .
وأقول :
وبين هذا الحديث المنسوب إلى المعصوم عندهم أن المرأة إذا أتاها زوجها خلال أيام الحيض فعلقت بجنين جاء المولود مشوها بالحول أو العمى أو التخلف العقلي إلخ .
وتلك المفاهيم من ألوان الجهل المركب ، التي اجتثها العلم الحديث الذي أثبت في أولياته ، أن البويضة لا وجود لها في الرحم خلال المحيض ، لأنه أذى يدمرها ، ولا تنزل إلا خلال أيام الطهر ، فمن أين يأتي الولد أصلاً خلال الطمث ، وذلك من دلائل الكذب والجهالات التي تجد رواجا عجيبا بينهم ، أليس فيهم رشيد.
العلة في خروج المؤمن من الكافر
وخروج الكافر من المؤمن (3)(1/29)
قال الصدوق : حدثني أبي عن بعض أصحابنا عن جعفر الصادق قال إن الله عز وجل خلق ماء عذبا خلق منه أهل طاعته ، وجعل ماء مرا خلق منه أهل معصيته ، ثم أمرهما فاختلطا ، فلولا ذلك ما ولد للمؤمن إلا مؤمنا ، ولا ولد للكافر إلا كافراً .
أقول :
هذا النص المقدس عندهم مما يؤكد عنصرية شعب الله المختار الثاني ، فهم من الطينة الحلوة والماء العذب السلسبيل ، دون سواهم من سائر البشر ، وتاريخ البشرية القديم في كل الملل والنحل ، يسجل فناء البشرية في عهد شمول الطوفان ، ويرجع البشر إلى الأصول الجديدة من أبناء نوح عليه السلام سام وحام ويافث وهم أبناء رجل واحد هو نوح عليه السلام .
ثم ألم يكن في الشعار القرآني الخالد : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ ) غنية عن التشبث بالماديات الفانية ، دون الباقيات الصالحات ، فهي عند ربك خير ثوابا وخير أملا .
وقد ورد في معنى الأثر الخالد : يسمع جميع الخلائق يوم الحسرة هاتفا من قبل ملك الملوك سبحانه [ أيها الناس وضعت نسبا ووضعتم نسبا ، قلت إن أكرمكم عند الله أتقاكم وأبيتم إلا أن تقولوا فلانا ابن فلان ، فاليوم أرفع نسبي ، وأضع نسبكم ] يؤكد هذا المعنى قول الحق سبحانه : ( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ {101} فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {102} وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ {103} ) [ سورة المؤمنون الآيات : 101 : 103]
ما زالوا يعلقون آمالهم على السراب أو ما يشبهه :(1/30)
قال تعالى : ( مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) [ سورة العنكبوت : الآية 41] ولن يفيقوا من غرورهم الأحمق إلا يوم الحسرة والصدمة الكبرى التي يصورها قول الحق سبحانه : ( ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُوا وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ {23} انظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ {24} ) [ سورة الأنعام : الآيتان 23: 24] والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
العلة التي من أجلها تكون في المؤمنين حدة
ولا تكون في مخالفيهم
قال الصدوق حدثني أبي ، عن جعفر الصادق ، كنا عنده فذكرنا رجلا من أصحابنا فيه حدة فقال: من علامة المؤمن أن يكون فيه حدة قال فقلنا له ( جعفر ) إن عامة أصحابنا فيهم حدة ، فقال إن الله تبارك وتعالى في وقت ما ذرأهم أمر أصحاب اليمين وأنتم هم أن يدخلوا النار فدخلوها فأصابهم وهج فالحدة من ذلك الوهج وأمر أصحاب الشمال وهم مخالفوه أن يدخلوا النار فلم يفعلوا فمن ثم فلهم سمت ووقار .
وأقول :
1 ـ من معاني الحدة : سرعة الانفعال والتهور ، والغضب السريع دون رَوية أو تثبت ، وهو لون من ألوان الحماقة التي قال فيها أحد الحكماء :
لكل داء دواء يستطب به ... ... إلا الحماقة أعيت من يداويها
2 ـ صدقوا مع أنفسهم في هذا الحديث خلال مقارنتهم بين المخالفين لهم أهل السنة والجماعة وبين الشيعة فأما المخالفون لهم وهم :
أهل السنة والجماعة : فلهم سمت ووقار دون حدة ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ) [ من سورة الفتح الآية : 29](1/31)
والشيعة : على النقيض من ذلك أهل حدة دون ما امتاز به خصومهم ومخالفوهم فلا سمت ولا وقار فيهم وسر ذلك رحلة سعيدة وهم في عالم الذر إلى جهنم لعلهم يثوبوا إلى رشدهم ويقلعوا عن ضلالاتهم وعمايتهم . وفي معنى الحديث الشريف : " إن الله تعالى خلق الجنة وخلق لها أهلها وهم في أصلاب آباءهم ، وخلق النار وخلق لها أهلها وهم في أصلاب آباءهم ، قالوا أفنركن إلى ذلك يا رسول الله فقال : أعملوا فكل ميسر لما خلق له ثم تلا قوله تعالى ( فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى {5} وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى {6} فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى {7} وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى {8} وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى {9} فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى) [ سورة الليل الآيات من 5: 10] .
علة حسن الخلق (4)
قال الصدوق عن أبي جعفر قال : إن الله عز وجل أنزل حوراء من الجنة إلى آدم فزوجها أحد ابنيه وتزوج الآخر من الجن فولدتا جميعا فما كان من الناس من جمال وحسن خلق فهو من الحوراء وما كان فيهم من سوء خلق فمن بنت الجان وأنكر أن يكون زوج بنيه من بناته.
وأقول :
يكذب هذا قول الحق سبحانه في أول آية من سورة النساء ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء) [ سورة النساء الآية 1]
ومن الحقائق الثابتة في أذهان الناس جميعا، وأشارت إليها كتب التاريخ القديم ، كالبداية والنهاية وغيرها ، وكتب التفسير أيضاً ، أن أمنا حواء كانت تلد توائم ذكورا وإناثا ويتزوج الابن أخته من بطن ثانية وتلك شريعة لا حرج فيها حينذاك أما القول بالحور والجان فخيالات تضحك الثكلى ، ومن باب الطرف والفكاهة : لو أن ابنا تزوج على حد قولهم جني’ أنجبت أولادا ، لصار خال ابنه : إبليس اللعين . والله المستعان .
العلة التي من أجلها أمر الله بطاعة الرسل
والأئمة صلوات الله عليهم (5)(1/32)
قال الصدوق : عن سليم بن قيس قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول إنما الطاعة لله عز وجل ولرسول الله ولولاة الأمر ، وإنما أمر بطاعة أولى الأمر لأنهم معصومون مطهرون ، ولا يأمرون بمعصية .
وأقول :
يقول العليم الخبير بعباده ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً {59} ) . [ سورة النساء الآية: 59].
قال أفاضل العلماء : على ضوء قول النبي صلى الله عليه وسلم " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " في الآية أكثر من دليل على عدم طاعة ولي الأمر إذا أمر بمعصية.
الأول : لو رفض ولي الأمر طاعة الله في حكمه وأمره ، فكأنما محا من الآية فعل الأمر الأول أطيعوا المقرون بلفظ الجلالة ، وبالتالي إذا رفض طاعة الرسول ، فكأنما محا من الآية فعل الأمر الثاني أطيعوا المقرون بالرسول ، ولا يبقى في الآية فعل أمر مستقل بطاعة ولي الأمر إذا حاد عن طاعة الله ورسوله .
الثاني : تصدرت الآية بنداء للصفوة من عباد الله ( وهم المؤمنون ) بطاعة ولي الأمر بشرط أن يكون ( منكم ) كما نصت الآية الشريفة أي من الصفوة المؤمنة ، التي لا تخرج في كل شؤونها عن طاعة الله ورسوله ، ولا شأن لهذه الآية الشريفة بمن خرجوا عن دائرة المؤمنين فلا تشملهم .
2 ـ لو كان ولي الأمر معصوما بعد رسول الله لكان له فعل أمر مستقل بطاعته في الآية الشريفة والله تعالى يقول : ( وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا {71}) [ سورة الأحزاب الآية 71 ] .
ويقول عز شأنه :
((1/33)
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً {49} انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا {50} ) [ سورة النساء الآيتان 49 : 50 ] .
العلة التي من أجلها سمي
النبي صلى الله عليه وسلم الأمي (6)
قال الصدوق : حدثني أبي عن جعفر بن محمد الصوفي ، قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي الرضا ، فقلت يا ابن رسول الله لم سمي النبي الأمي؟ فقال: ما يقول الناس ؟ قلت: يزعمون أنه إنما سمي الأمي لأنه لم يحسن أن يكتب ، فقال : كذبوا عليهم لعنة الله ، أنَى ذلك والله يقول في كتابه العزيز ( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ) فكيف كان يعلمهم ما لا يحسن ، والله لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ ويكتب باثنتين أو بثلاث وسبعين لسانا ، وإنما سمي الأمي ، لأنه كان من أهل مكة ، ومكة من أمهات القرى وذلك قوله تعالى : ( لتنذر أم القرى ومن حولها ) .
وأقول :
1 ـ نزل القرآن العزيز بلسان عربي مبين غير ذي عوج وكان من مطاعن المشركين على سبيل التكذيب للنبي صلى الله عليه وسلم والطعن في القرآن ببشريته ما سجله الحق سبحانه في كتابه ( وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ) [ سورة الفرقان الآية : 5] . فرد الله السهم في نحور المكذبين المبطلين بقوله سبحانه ( وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ {48} بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ {49} ) [ سورة العنكبوت الآيات من 48 : 49 ] .(1/34)
وبذلك نسفت الآية الشريفة أساس طعنهم في الرسالة والقرآن بقولهم ( اكتتبها ) وقطعت ألسنتهم بمحو الكتابة بقول تعالى : ( ولا تخطه بيمينك ) ومحو القراءة بقوله سبحانه ( وما كنت تتلو ).
2 ـ علم الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم إفحام الخصم بالأسلوب العلمي الحكيم ( اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) [ سورة الأحقاف الآية : 4]
أما الشيعة فأهم أسلحتهم ، في مجال المكابرة ، الفُجر في الخصومة ، واللعن للصحب الكرام ، ومن على دربهم من شرفاء الأمة وأعلامها من أهل السنة والجماعة.
كما نلحظ في حديثهم هذا ، حجة داحضة متهافتة ، تسترها اللعنات على أمة ، محمد صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه ، الذي علمنا أن لعن المؤمن كقتله ، وانه إذا لعن مسلم أخاه فقد باء بها أحدهما.
وما ضر الورود وما عليها .. ... إذا المزكوم لم يطعم شذاها
المبحث الثاني
ما يتعلق بآل بيت النبي (7)(1/35)
آل البيت وهم على الأخص علي وفاطمة وأولاده منها، وفق الحصر الشيعي ، وقد تسترت الشيعة بادعاء حبهم وموالاتهم ، وأنهم وحدهم الجديرون بذلك ، والمحافظون عليه في حياتهم وبعد مماتهم ، وسائر المسلمين في زعمهم السفيه يعادون آل البيت ويكرهونهم ، وبالغوا في ذلك مبالغات واسعة ، كان لها أثرها في القديم والحديث وربوا أولادهم على ذلك، ومن ثم غالوا في حب علي وآل بيته ، كما غالوا في كراهية من سواهم ، والحق الذي لا يشك فيه أي مسلم ، عنده بصيص من النور والعقل ، أن الشيعة أكثر الناس كراهة واستغلالا لمكانة آل البيت ، والمتاجرة بهم أحياء وأمواتا ، ويتسترون وراء ذلك، لهدم الإسلام ، والنيل من القرآن ، والطعن بالتكفير لصحابة النبي صلى الله عليه وسلم ، ذلكم الجيل الفريد الذي لن يجود الزمان بمثلهم ، ويكفرون كذلك سائر مخالفيهم ، وهذه موجة حاقدة ، وراءها الكثير من الأسباب والدوافع ، ومن خلال ما أذكره من علل واهية في هذا الكتاب ، سيدرك القارئ حقيقة الأمر ، ويرى ومضة نور جديدة في قول الحق سبحانه ( وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ) بعد قوله تعالى ( وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ ) . [ سورة الأنفال الآية : 60] .
العلة التي من أجلها ترك
أمير المؤمنين علي ـ رضي الله عنه ـ مجاهدة أهل الخلاف (8)(1/36)
قال الصدوق : حدثني أبي ، عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر يقول : إنما سار علي بالكف عن عدوه من أجل شيعتنا ، لأنه كان يعلم أنه سيظهر عليهم بعده ، فأحب أن يقتدي به من جاء بعده ، فيسير فيهم بسيرته ، وفي موضع آخر من نفس الباب ، سئل علي بن موسى الرضا ، لَمْ يُجاهد علي أعداءه خمسا وعشرين سنة ، بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم جاهد في أيام ولايته ؟ فقال لأنه اقتدى برسول الله صلى الله عليه وسلم في جهاد المشركين بمكة ثلاث عشرة سنة بعد النبوة ، وبالمدينة تسعة عشر شهراً ، وذلك لقلة أعوانه عليهم ، فلما لم تبطل نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مع تركه الجهاد ثلاث عشرة سنة وتسعة عشر شهراً ، كذلك لم تبطل إمامه علي رضي الله عنه ، مع تركه الجهاد خمسا وعشرين سنة ، إذ كانت العلة المانعة لهما من الجهاد واحدة.
وقد سئل جعفر الصادق عن ذلك فقال مخافة أن يرجعوا كفارا.
وأقول :(1/37)
أدعى النبوة مسيلمة الكذاب ورسول الله حي يرزق وبلغ من حماقته وفجره أن أرسل كتابا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يدعوه لذلك ممَّا كان له وقع مرير على قلوب الجميع ، وتولى خليفة رسول الله زمام الأمر ، وهيأ الجيوش لكسر أنف المرتدين ، في مشارق الجزيرة ومغاربها ، باستثناء ثلاثة بلدان : مكة والمدينة والطائف ، وكان علي رضوان الله عليه ، على رأس المجاهدين الأشاوس ، في مختلف الجبهات والمواقع ، كأشد ما يكون الرجال ، عزما وشجاعة وصبرا وما كان أبداً من المخلفين عن ذروة سنام الإسلام الجهاد في سبيل الله ، كما يتهمه أعداؤه الأغبياء من الشيعة ، ومن السبع الموبقات المخزيات دنيا وأخرى : التولي يوم الزحف ، وما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وقد عم الإسلام الجزيرة العربية كلها ، وها هو ذا ينقشع ضياؤه ويتقهقر متقوقعا في البلدان الثلاث على يد المرتدين ، ومانعي الزكاة ، وأبو الحسن ينام في بيته لا يجاهد خمسا وعشرين سنة وهو يحفظ الوعيد النبوي الشريف [ما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا ]. ألا سحقا ولعنة وخزيا على الكذابين المسيئين إلى العترة الطاهرة أبلغ الإساءات مما يذكرنا بالحكمة القائلة [ عدو عاقل خير من صديق جاهل ] .
وهم ورب الكعبة عدو جاهل جمع الخستين ، ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلاً .
العلة التي من أجلها صار
علي بن أبي طالب قسيم الله في الجنة والنار (9)(1/38)
قال الصدوق : سئل جعفر الصادق لم صار علي بن أبي طالب قسيم الجنة والنار ، قال : لأن حبه إيمان وبغضه كفر ، وإنما خلقت الجنة لأهل الإيمان وخلقت النار لأهل الكفر فهو قسيم الجنة والنار لهذه العلة ، فالجنة لا يدخلها إلا أهل محبته ، والنار لا يدخلها إلا أهل بغضه ، قال المفضل فالأنبياء والأوصياء كانوا يحبونه ، وأعداؤهم كانوا يبغضونه ، وقد ثبت أن جميع أنبياء الله ورسله ، وجميع المؤمنين ، كانوا لعلي محبين ، وثبت أن أعداءهم والمخالفين لهم ، كانوا لهم ولجميع أهل محبتهم مبغضين ، قلت نعم ، قال : فلا يدخل الجنة إلا من أحبه ، من الأولين والآخرين ولا يدخل النار إلا من أبغضه من الأولين والآخرين ، فهو إذاً قسيم الجنة والنار ، ورضوان ومالك صادران عن أمره ، بأمر الله تعالى ، أي ( شريك مفوض بالإدارة ) يا مفضل خذ هذا فإنه مخزون العلم ومكنونه ، لا تخرجه إلا إلى أهله ، وفي موضع آخر من نفس الباب قال : أبو عبد الله جعفر الصادق : إذا كان يوم القيامة ، وضع منبر يراه جميع الخلائق ، يقف عليه رجل ، يقوم ملك عن يمينه ، وملك عن يساره ، فينادي الذي عن يمينه ، يا معشر الخلائق هذا علي بن أبي طالب ، صاحب الجنة ، يدخل الجنة من شاء ، وينادي عن يساره ، يا معشر الخلائق ، هذا علي يدخل النار من يشاء .
وأقول :(1/39)
هذا كفر محض ، من ألوان الشرك الجلي الأكبر ، الذي لا يحتاج إلى برهان ، ولا عجب أن قال شيخ الإسلام ابن تيمية " من عرف حقيقتهم ولم يحكم بكفرهم فقد كفر " وحرم السلف الصالح من أعلام الأمة ذبائحهم ومناكحتهم ، لاكتشاف خبايا عقائدهم السرية ، وهذا الحديث من الدرر الثمينة ، التي تتوارثها الأجيال ، عن عبد الله بن سبأ اليهودي ، يجترونها أبد الدهر ، وهو من مرجحات مكانة عَلِي عندهم على محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال له ربه ( ليس لك من الأمر شيء ) ومن المرجحات أيضا المقارنات ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعقب ، وعلى أبو الريحانتين الحسن والحسين ، وزوج الزهراء وهي سيدة الأكوان عندهم لا ترقى أمها خديجة لمنزلتها ، وكيف لا وقد كان زفافها في الجنة وجبريل على اليمين ، وميكائيل على اليسار ، إلى آخر ما نقرأ من هراء المجوس المخبولين ، وما تميز إسلامنا الحنيف ، على سائر الملل والمعتقدات السائدة ، في دروب البشر ، إلا بشرف التوحيد الخالص للحق وحده ، القائل لحبيبه الأول محمد صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه ( قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) [ سورة الأعراف الآية : 188 ] .
طرفة حول هذا
ومن طرائف الذكرى ، مع هذا الحديث ، أن كلفت طالبا عندي بقراءة نصه وكان شيعيا ( وذلك خلال إعارتي لإحدى جامعات الخليج ) فصاح زميل له في ذهول وإنكار " إذن فأين الله " فأجبته بصوت عال "في عطلة بالمصيف " فجلس القوم يستغفرون الله جميعا، مخافة أن تنزل بنا صاعقة ، وذلك لإثارتهم نحو إنكار الخبل المجنون.
العلة التي من أجلها صار علي أول من يدخل الجنة (10)(1/40)
قال الصدوق: عن محمد بن الحسين بن علي بن الحسين ، عن أبيه عن جده ، عن الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنت أول من يدخل الجنة ، فقلت : يا رسول الله أدخلها قبلك ؟ قال : نعم ، إنك صاحب لوائي في الآخرة ، كما أنك صاحب لوائي في الدنيا ، وحامل اللواء هو المتقدم ، ثم قال صلى الله عليه وسلم: يا علي كأني بك وقد دخلت الجنة وبيدك لوائي هو لواء الحمد تحته آدم فمن دونه.
وأقول:
(1) يكذبون بعدد أنفاسهم، ومما يدفعهم في هذا المقام أن الرسول صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه ، ومن صفاته الحياء الفريد ، لما نزل عليه قول الحق سبحانه ( وأما بنعمة ربك فحدث ) وقف يقطر حياء وتواضعاً وفضلاً ، ويقول : " أنا سيد ولد آدم ولا فخر وأنا سيد الأولين والآخرين ولا فخر وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر وأنا أول من تفتح له أبواب الجنة ولا فخر وأنا حامل لواء الحمد يوم الدين ولا فخر وأنا أول شافع وأول مشفع " ، مقرا ببعض ما شرفه الله به على سائر الخلائق .(1/41)
هذه المقامات التي امتن الله بها على عبده وحبيبه الأول محمد صلى الله عليه وسلم ، تتعارض مع بضاعة الشيعة ، مثل نسبة علم الغيب للعبد ، ما كان ويكون وما هو كائن إلى يوم القيامة ، وإذا قرؤوا قول الحق سبحانه في سورة طه ( وما كان ربك نسيا ) قالوا : وهذه أيضاً من صفات علي وبنيه لا يسهون ولا ينسون وبالتالي لا يوجد عندهم أو لا يحتاجون إلى سجود السهو في الصلاة ، مع ثبوت السهو للنبي صلى الله عليه وسلم ، وإقرار أعلام شيوخهم بذلك كالصدوق الذي رد عليه بعض شيوخهم من ذوي الحوزة العلمية عندهم بقولهم ( الصدوق في هذه المسألة كذوب ) وذلك طعن في دينه عندهم ، ومن مواريثنا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، إن الإيمان والكذب لا يجتمعان في قلب عبد أبداً ، لا سيما وقد قال الحق جل وعلا، في شأن أصل الخليقة في البشر آدم عليه السلام (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا )[ سورة طه الآية 115] .
(3) ذكر العلماء أن مركز الذاكرة في المخ ، وبه أكثر من خمسة عشر مليار خلية حية وهي الخلايا الوحيدة في الجسم الذي إذا ماتت لا تتجدد مرة أخرى ويبدأ موت بعضها من عمر عشرين سنة قال تعالى (وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا) [ سورة الحج الآية : 5]
(4) فهل علي وبنوه وحدهم ، كما يقول المتفكهون : من ( الجنس السوبر ) الذي لا يأخذ من الصفات البشرية إلا الصورة والجسم ، ثم يستكمل بمواصيف إلهية ، كالمسيح ابن مريم عليهما السلام ، بين النصارى أخزاهم الله ، إذ قال لهم رب العزة (مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ ) [سورة المائدة الآية : 75] .(1/42)
فمن له مدخل لا بد له من مخرج ، وفيه إشارة مهذبة إلى ما لا يليق بذات الحق سبحانه، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا ( فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ) [سورة يونس الآية : 32]. والله يقول الحق وهو يهدي السبيل .
العلة التي من أجلها
كان رسول الله يكثر من تقبيل فاطمة (11)
بعد ذكر السند ، قيل يا رسول الله إنك تلثم فاطمة ، وتلتجمها وتدنيها منك ، وتفعل بها ما لا تفعله بأحد من بناتك ؟ فقال : إن جبريل أتاني بتفاحة من تفاح الجنة ، فأكلتها فتحولت ماء في صلبي ، ثم واقعت خديجة فحملت بفاطمة ، فأنا أشم منها رائحة الجنة .
وفي موضع آخر من نفس الباب ، أن عائشة ـ رضي الله عنها ـ دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقبل فاطمة ، فقالت له : أتحبها يا رسول الله ؟ قال: أما والله لو علمت حبي لها لازددت لها حبا إنه لما عرج بي ، أخذ جبريل بيدي فأدخلني الجنة ، فإذا أنا بشجرة من نور ، أصلها ملكان يطويان الحلل والحلي ، فقلت: لمن هذه الشجرة يا جبريل ؟ فقال : هذه لأخيك علي ، وهذان الملكان يطويان له الحلل والحلي إلى يوم القيامة ، ثم تقدمت فإذا أنا برطب ألين من الزبد ، وأطيب رائحة من المسك ، وأحلى من العسل ، فأخذت رطبة فأكلها فتحولت الرطبة نطفة في صلبي ، فلما أن هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ، ففاطمة حوراء إنسية ، فإذا اشتقت إلى الجنة شممت رائحة فاطمة.
وأقول :(1/43)
كذبة جديدة للصدوق رئيس المحدثين الشيعة ، تلك وأيم الله قاصمة الظهر ، فقد قال أهل الحكمة : إذا كنت كذوبا فكن ذكورا. ومن المعلوم لدى أطفال المدارس والكتاتيب ، أن رحلة الإسراء والمعراج الربانية العجيبة ، التي شاهد فيها رسول الله الجنة وأهلها والنار وأهلها ، ورأى خلال ذلك من آيات ربه الكبرى ، كل هذا كان توقيته بعد عام الحزن وفيه ماتت الأم ـ رضي الله عنها ـ وقد ولدت فاطمة قبل الرسالة ، وبين الزواج بخديجة وعام الحزن ما يزيد على ربع قرن من الزمان، والأنثى لا تلد بعد سن اليأس إلا بمعجزة ربانية ، كما ثبت ذلك لسارة زوج الخليل إبراهيم التي كانت عجوزا عقيما بخلاف خديجة ـ رضي الله عنها ـ ولدي مجلدات شيعية كثيرة خاصة ، تعج بمثل هذه البلاهات ، التي لا تنطلي إلا على من غيب الله عقولهم ، وأعمى بصائرهم ، فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور .
العلة التي من أجلها أمر خالد بن الوليد
بقتل علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنهما (12)(1/44)
عن جعفر الصادق قال : لما منع أبو بكر فاطمة ـ رضي الله عنهما ـ فدكَ ، وناقشه علي في ذلك حتى بكى أبو بكر ، فلما رجع إلى منزله بعث إلى عمر بن الخطاب فقال: ويحك يا ابن الخطاب ، أما رأيت عليا وما فعل بنا ، والله لئن قعد مقعدا آخر ليفسدن هذا الأمر علينا ، ولا نهنأ بشيء منه ما دام حيَّا ، قال عمر : ما له إلا خالد بن الوليد ، فبعثوا إليه قال أبو بكر : نريد أن نحملك على أمر عظيم ، قال : احملني على ما شئت ولو على قتل علي ، قال: فهو قتل علي ، قال: فَصِرْ بجنبه ، فإذا أنا سلمت فاضرب عنقه ، فلما أراد أن يسلم لم يسلم وقال: يا خالد لا تفعل ما أمرتك به ، ثم سلم فقال علي : ما هذا الذي أمرك به ، قال : أمرني بضرب عنقك ، وإنما أمرني بعد التسليم ، فقال أوكنت فاعلاً ؟ قال: إني والله لو لم ينهني لفعلت ، قال : فقام علي ، وأخذ بمجامع ثوب خالد، ثم ضرب بها الحائط ، وقال لعمر : والله لولا عهد من رسول الله وكتاب من الله سبق ، لعلمت أينا أضعف جندا أو أقل عدداً (13)
مع بالغ العجب لاعتقاد الشيعة بإيمان أبي طالب وكفر أبي بكر وعمر وعثمان ـ رضي الله عنهم .
وأقول :
(1) إساءة بالغة في حق المصطفى صلى الله عليه وسلم ، تنبئ عن فشله في تربية تلاميذه ونسائه ، كما يبذل شيوخ الشيعة قصارى جهدهم ، لترسيخ هذه المقولة في أدمغة المغفلين من ضحاياهم ، وبموت رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه ، ارتدت الجزيرة العربية كلها إلا ثلاث بلاد ، مكة والمدينة والطائف ، فمن الذي قاتل مسيلمة وأضرابه ، وحارب المرتدين ، وثبت قواعد الدين ، ورفع ألويته في مشارق الأرض ومغاربها ، في صورة لم تر الإنسانية لها مثيلاً أو نظيرا ، إلا في خيال الشعراء والفلاسفة ، حول مدينتهم الفاضلة .
((1/45)
2) هل كان الأبطال الصناديد خلال ذلك فرسان قمم ومشهد أكلة الخمس من الزكاة في دينهم ، ذوو العمائم السوداء ، والبطون الضخمة ، أم قام بهذا الجهاد الخالد ، الملائكة ؟! أم الصحابة الذين نجح النبي صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه أشرف نجاح ، في حسن تربيتهم وصقلهم ؟ حتى كانوا بحق نعم التلاميذ ، والأبناء البررة الأوفياء ، والجنود الصامدون ، لنعم المعلم ، والأب الأجل ، والمربي الناجح ، والقائد العظيم ، وخير نموذج تعتز به الأمة ، إلى يوم القيامة ، خالد وعلي وأمثالهما ـ رضي الله عنهم ـ أجمعين .
استعلام عن حقيقة ثابتة
ولمتسائل أن يقول : من النائب عنه صلى الله عليه وسلم في الصلاة حين المرض أبو بكر أم علي ؟
قال الصدوق :
العلة التي من أجلها سد رسول الله صلى الله عليه وسلم
الأبواب كلها التي في المسجد وترك باب علي ( 14)
ويوضح الصدوق : لما سد رسول الله الأبواب الشارعة إلى المسجد ، إلا باب علي ، ضد أصحابه من ذلك ، وقالوا يا رسول الله ، لم سددت أبوابنا وتركت باب هذا الغلام (15) فقال : إن الله تبارك وتعالى أمرني بسد أبوابكم ، فإنما أنا متبع لما يوحى إلي من ربي ، وجاء فيه أن رسول الله خطب الناس فقال : إن الله عز وجل ، أمر موسى وهارون أن يبنيا لقومهما بمصر بيوتا ، وأمرهما ألا يبيت في مسجدهما جنب ، ولا يقرب فيه النساء إلا هارون وذريته ، وإن عليا منى بمنزلة هارون من موسى فلا يحل لأحد أن يقرب النساء في مسجدي ولا يبيت فيه إلا علي وذريته ، فمن ساءه ذلك فهاهنا ، وضرب بيده نحو الشام .
وأقول :(1/46)
لعل هناك رباط مستتر في أعماق الشيعة بين علي وهارون وموسى دون سائر الأنبياء والمرسلين وكان قومه من ألعن البشر وقد مات في عصر التيه ولم يعلم له قبر أو مدفن كما تنص على ذلك كتبهم ، ولم تثبت الآثار أن لهما مسجدا في مصر ، أو في صحراء التيه ، ولعل هذا من بصمات الحاخام المؤسس ، عبد الله بن سبأ ، وهم لا ينكرون أن الرسول بنفسه قدم أبا بكر لينوب عنه في الدين ، ويؤم الأمة في الصلاة ، أفلا يكون تقديمه في الدنيا أدنى درجة وأولى ، قد لا يعدمون مخرجا من هذا المأزق ، بطعن فاحش في رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه ، أنه ميال لعائشة ، وألعوبة في يدها تسيره كيف تشاء ، وليس هذا من شيم الرجل الكامل ، فضلاً عن سيد الخلق صلى الله تعالى عليه وسلم وآله وصحبه ، والفُجر في الخصومة ، والكذب على الله تعالى ورسوله ، من ثوابت أخلاقهم ، معتمدين في ذلك على الإفادة القرآنية ، بأن أكثر الناس لا يعقلون وأكثرهم لا يفقهون ولا يعلمون ولا يؤمنون (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ ) [سورة يوسف الآية 106] .
فإذا صادفوا سوقا رائجة مع بُلَهاء الأعاجم ، بفضل إغراقهم في الشهوات ، بنكاح المتعة وأدبار النساء إلخ، ثم ينعم كبراؤهم بالنفط والأخماس وولاية الفقيه الجديدة في دينهم ، فبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون ، وللحق جنوده من صفوة الرجال الصادقين إلى يوم القيامة ، يقول الحق سبحانه (فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ ) [ من سورة الأنعام الآية : 89 ] . فأنعم بمن وكل وزكى واختار ، وأنعم بمن وكلهم وشرفهم ، للذود عن شرف الإسلام ، ووحدة الأمة والدين ، ولله در أمير الشعراء في قوله :
الحق عرض الله كلُّ أبية ... بين النفوس حمًى له وفداء.
العلة التي من أجلها سار أمير المؤمنين علي
بالمن والكف ويسير القائم بالبسط والسير (16)(1/47)
سئل جعفر الصادق : أيسير القائم بخلاف سيرة أمير المؤمنين ؟ فقال : نعم ، وذلك أن عليا سار فيهم بالمن والكف ، لأنه علم أن شيعته سيظهر عليهم عدوهم من بعده ، وأن القائم إذا قام ، سار فيهم بالبسط والسير ، وذلك أنه يعلم أن شيعته لن يظهر عليهم من بعده أبداً .
وأقول :
تكشف هذه الأحاديث ، عما في بواطن القوم من حقد على المسلمين ، وعداوة ، لا يرقى إليها إلا اليهود ، الذين ابتكر كبيرهم ابن سبأ هذا الدين الجديد ليزرعه كخلية سرطانية ، في جسد خير أمة أُخرجت للناس ، تأكل نار الغيظ قلوبهم من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ، وجمهرة الأمة من أهل السنة والجماعة ، حملت عصابة منهم بعض المتفجرات إلى الحرم الشريف بمكة ، تحت ستار أدائهم الحج ، منذ بضع سنين، وتم لهم ما أرادوا ، فضربت أعناقهم جميعاً ، وفضحهم الله على رؤوس الخلائق ، ولا زالوا يجترون الأمل في خروج الوهم المنتظر ، ليضرب أعناق مائة من الصحابة الأماجد كل صباح كوجبة إفطار له يوميا ، بعد أن يحييهم الله له ، ليطفئ نار حقدهم ونحيبهم ، على حائط مبكاهم ( استشهاد سيد شباب أهل الجنة ) فاللهم لطفك بأمة حبيبك محمد صلى الله عليه وسلم من نعيقهم ودسائسهم وكيدهم الذي لا يرده في نحورهم سواك ، إنك نعم المولى ونعم النصير .
العلة التي من أجلها يقتل القائم (17) ذراري
قتلة الحسين بفعال آبائهم (18)(1/48)
سئل موسى الرضا : يا ابن رسول الله ، ما تقول في حديث روي عن جعفر الصادق أنه قال : إذا خرج القائم قتل ذراري قتلة الحسين ، بفعال أبائهم ، فقال الرضا هو كذلك ، فقلت فقوله تعالى (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) [ سورة فاطر : الآية : 18] . ما معناه فقال صدق الله في جميع أقواله ، ولكن ذراري قتلة الحسين يرضون أفعال آبائهم ، ويفتخرون بها ، ومن رضي شيئا كان كمن أتاه ، ولو أن رجلا قتل في المشرق فرضي بقتله رجل في المغرب ، لكان الراضي عند الله شريك القاتل ، وإنما يقتلهم القائم إذا خرج ، لرضاهم بفعل أبائهم ، قال فقلت : له أي شيء يبدأ القائم فيهم إذا قام ؟ قال : يبدأ ببني شيبة فيقطع أيديهم ، لأنهم سراق بيت الله .
وأقول :(1/49)
من الأحكام الشرعية الغريبة ، الخاصة بالشيعة واليهود دون سائر أجناس البشر ، وسائر الملل والعقائد ( حل قتل أطفال المسلمين من أهل السنة والجماعة ) ولو في أيامهم الأولى ، ولا تعوزهم الحيلة في استخراج دليل من القرآن ، يزكي فضائحهم ، ويجعلها حلال زلالا فقد قال تعالى على لسان نوح عليه السلام (رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا {26} إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا {27}) [ سورة نوح الآيتان 26، 27] متجاهلين أن ذلك كان بعد أن لبث فيهم دهورا طويلة ، وأخبره الله بقوله سبحانه (لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) [ سورة هود الآية : 36] . ولعل الجديد هنا ، يتمثل في ثأر ابن سبأ اليهودي ، من قتل أطفال بني إسرائيل صغاراً بمصر ، على يد فرعون ، فشرع لأتباعه هذا الحكم الشاذ ، المناقض للعقل والدين ، وسائر الملل والقيم الإنسانية ، وبنو شيبة هم الذين سلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه مفاتيح الكعبة بيده الشريفة وبين أنه لا يسلبهم حقهم هذا إلا ظالم جائر.
العلة التي من أجلها
سمي أبو عبد الله جعفر بن محمد بالصادق (19)
في السند عن علي بن الحسين عن أبيه عن جده ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ولد ابني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فسموه الصادق فإنه سيكون في ولده سمي له يدعي الإمامة بغير حقها وسمى كذابا.
وأقول :(1/50)
هذا الحديث الثابت عندهم ، يؤكد حقيقة شرعية ثابتة ، لدى العلماء من أهل السنة والجماعة ، أن الولاية والحكمة ، والمنح الربانية ، ليست كسَقط المتاع ، حكرا على عنصر أو أعراق ، أو بيوت بعينها تتوارثها ، بل ذاك فضل الله يؤتيه من يشاء ، وإلا لما خرج أمثال جعفر الكذاب من هذا البيت ، وأمثاله اليوم كثيرون من الأدعياء ، وقد حطم رسول الله هذه الفرية ، مقدما في لقائه الشريف مع أقرب الأقرباء ، ومما يفهم من ذلك ( يا فاطمة ابنة محمد سليني ما شئت من مالي لا أغني عنك من الله شيئا، يا عباس عم رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا ، يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا ، لا يأتيني الناس بالأفعال وتأتوني بالأنساب ) لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى أو عمل صالح.
علة الغيبة (20)
عن جعفر الصادق: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بد للغلام من غيبة فقيل له: ولم يا رسول الله ؟ قال : يخاف القتل ( وفي الباب أيضاً ) قال : جعفر الصادق إن في القائم سنة من يوسف ، قيل كأنك تذكر خبره أو غيبه ، قال وما تنكر من هذه الأمة ، أشباه الخنازير ، أن إخوة يوسف كانوا أسباطاً أولاد أنبياء ، تاجروا بيوسف وباعوه ، وخاطبوه وهم إخوته وهو أخوهم ، فلم يعرفوه حتى قال لهم أنا يوسف ، فما تنكر هذه الأمة الملعونة أن يكون الله عز وجل في وقت من الأوقات يريد أن يستر حجته ، فما تنكر هذه الأمة أن يكون الله قد فعل بحجته ما فعل بيوسف ، وأن يسير في أسواقهم ويطأ بسطهم ، وهم لا يعرفونه، حتى يأذن الله أن يعرفهم بنفسه كما أذن ليوسف .
وأقول :(1/51)
صدق الله في قوله سبحانه : ( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشَْرَكُوا ) [ سورة المائدة الآية : 82 ] يفضحون في هذا الحديث ما يكنونه في قلوبهم نحو خير أمة أخرجت للناس فيصفونها قبح الله وجهم في الدارين بقولهم مرة : ( هذه الأمة أشباه الخنازير ) ومرة أخرى ( هذه الأمة الملعونة ) وقد فضحهم الله عز وجل وعشيرتهم وأمثالهم ، من الأدعياء الكذابين بقوله سبحانه : (هَا أَنتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) [ سورة آل عمران الآية : 119] . وليس في القرآن الكريم كله ، ولا في الصحيحين جميعا كلمة واحدة تؤارز أكاذيبهم وخيالاتهم السقيمة في الوهم المنتظر وغيره.
دفاع الله عن أهل المعاصي (21)
عن جعفر الصادق ، عن أبيه الباقر ، عن آبائه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله عز وجل ، إذا رأى أهل قرية قد أسرفوا في المعاصي ، وفيها ثلاث نفر من المؤمنين ، ناداهم جل جلاله ، يا أهل معصيتي ، لولا فيكم من المؤمنين المتحابين بجلالي ، العامرين بصلاتهم أرضي ومساجدي ، المستغفرين بالأسحار خوفا مني ، لأنزلت بكم عذابي ثم لا أبالي ) ينسى ما قاله بالأمس ، والهوى لا يعرف التوسط في الأمور ، حيث لا ثوابت قاطعة، فهم على طرفي نقيض ، (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [ سورة القصص الآية : 50 ] ، " يتعارض مع ما جاء في ص 492 باب 242 ، 243 من كتاب علل الشرايع للصدوق .
ـــــــــــ
هوامش الفصل الثاني
((1/52)
1) من علل الشرائع للشيخ الصدوق ـ تأليف / الصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ، المتوفى سنة 381 هـ . ( ص 79 ).
(2) المرجع السابق ص (82)
(3) المرجع السابق (ص 82)
(4) من علل الشرائع للشيخ الصدوق ـ تأليف / الصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ، المتوفى سنة 381 هـ . ( ص 103)
(5) المرجع السابق ( ص 123 ).
(6) المرجع السابق ( ص: 124 ).
(7) المرجع السابق ( ص: 145).
(8) المرجع السابق ( ص : 146 ).
(9) المرجع السابق ( ص : 146 ).
(10) المرجع السابق ( ص : 172 ).
(11) المرجع السابق ( ص : 183 ).
(12) المرجع السابق ( ص : 190 ).
(13) ما يدعيه الروافض أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم بتفاحة من الجنة فأكلها فجاءت السيدة فاطمة ـ رضي الله عنها ـ من تلك التفاحة . كذب لا أصل له ؛ لأن مدة الوحي ثلاث وعشرون سنة ، والسيدة فاطمة توفيت بعده صلى الله عليه وسلم بستة أشهر ، وعمرها ثلاثون سنة ، وقد ولدت قبل البعثة بسبعة سنين ، وما عرف حينذاك جبريل ، وما كان يدري ما الكتاب ، ولا الإيمان ، فقصة التفاحة أكذوبة شيعية غبية ، لا يعرف واضعوها عن الحساب والتواريخ شيئاً . " أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب للبيروني ص 286".
(14) المرجع السابق:( ص : 210).
(15) يطلق لفظ الغلام عادة عند العرب على من دون العاشرة ، هو أقل من الفتى والشاب ، وكان الحسن والحسين ـ رضي الله عنهما ـ يمتطيان ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم جدهما ، وهو ساجد وأبوهما صهر رسول الله ، ولا يقبل كريم أن يهان صهره بإطلاق لفظ غلام التي تفيد التصغير للتحقير ، فضلاً عن أشرف خلق الله ، وهذه الأكذوبة العمياء سهمها اليهودي مصوب بطريق غير مباشر لينال من شرف وقدر رسول الله صلى الله عليه وسلم .
(16) المرجع السابق ( ص : 210 )
(17) المرجع السابق ( ص : 229 ).
(18) القائم أي المهدي المنتظر عندهم.
((1/53)
19) المرجع السابق (ص: 234 ).
(20) المرجع السابق (ص: 243 ).
(21) المرجع السابق (ص:246 ).
الفصل الثالث
ما يتعلق بالعبادات
المبحث الأول : قسم الطهارة
علة الغائط ونتنه (1)
عن جعفر الصادق ، عن أبية الباقر ، قال: سئل أبي عن الغائط ، فقال : تصغير لابن آدم ، لكي لا يتكبر وهو يحمل غائطه ، ( وفي الباب ) سئل أبو جعفر محمد بن علي بن موسى، عن الغائط ونتنه ، قال : إن الله عز وجل خلق آدم وكان جسده طيبا ، وبقي أربعين سنة ملقيا ، تمر به الملائكة فتقول : لأمر ما خلقت وكان إبليس يدخل من فيه ويخرج من دبره ، فلذلك صار ما في جوف آدم منتنا ، خبيثا غير طيب.
وأقول :(1/54)
مجددا ومذكرا بالصبغة الغالبة على الشيعة ، الكذب الصريح الدائم على الجميع ، ويضعون الحديث كذبا وزورا على آل البيت، الذين طهر الله ساحتهم من سفاسف الأمور وأخسها ، لا سيما الكذب الذي لا يرضاه إنسان عاقل لنفسه ، أيا كان مذهبه ، والغائط هو حاجة بيولوجية طبيعية زائدة عن جسم الإنسان ، لو حبست فيه أكثر من المعتاد أودت بحياته وخروجها نعمة من نعم الله يشكر المسلم عليها ربه بعد الفراغ منها ، فيقول كما جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا خرج من الغائط قال : الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني ، غفرانك ، وهل انتهى التكبر من البشر ، وهم جميعاً يتغطون ؟ لا !! ولكن الذي يذهب الكبر هو الإيمان الحق بالله تعالى وبرسوله ، وإدراك الأشياء على طبيعتها، ثم ما علاقة قبح رائحة الغائط بما قالوه من أن إبليس دخل من فم آدم ثم خرج من دبره ، وهل خلق الله آدم ليعبث به إبليس وآدم نبي مكلم معصوم ، اصطفاه مولاه ، قال تعالى : (إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ) [ سورة آل عمران الآية : 33] . إن مرد الأمر إلى الوظائف العامة للجهاز الهضمي في جسم الإنسان ، وامتصاص الجسم فوائد الطعام وحاجته ، ثم يلفظ الباقي عن طريق الجهاز البولي والأمعاء ، وصدق القائل :
وكم من عائب قولا صحيحا ... ... وآفته من الفهم السقيم(1/55)
لا سيما وقد قال الحق جل وعلا ، للملعون الأكبر إبليس ، بعد أن قال لمولاه سبحانه : (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ {82} إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ {83} ) [ سورة ص الآيتان 82، 83 ] . فأجابه الحق (قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ {41} إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ {42}) [ سورة الحجر الآيتان 41، 42 ] وهل ينسجم مثل هذا العبث الشيطاني بأبي البشر عليه السلام مع قول الحق سبحانه (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ) [ سورة المؤمنون الآية : 115] و قوله (أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى {36} ) [ سورة القيامة الآية : 36].
العلة التي من أجلها لا يجوز للحائض أن تختضب (2)
عن أبي عبد الله جعفر الصادق سئل عن الحائض هل تختضب ؟ قال لا لأنه يخاف عليها من الشيطان ـ فصل العبادات ـ قسم الطهارة وجاء في ص 292 باب 220.
آداب الحمام
عن جعفر الصادق قال إياك والسواك في الحمام فإنه يورث وباء الأسنان ، وإياك أن تغسل رأسك بالطيب ، فإنه يسمج الوجه ، وإياك أن تغتسل من غسالة الحمام ففيها يجتمع غسالة اليهودي والنصراني والمجوسي ، والناصب لنا آل البيت وهو شرهم ، فإن الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقاً أنجس من الكلب وإن الناصب لنا أهل البيت أنجس منه .
وأقول :
(1) من بصمات اليهودي ابن السوداء ما أشار إليه الحق سبحانه بقوله عز شأنه : (فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيرًا {160}) [ سورة النساء الآية 160 ] .(1/56)
والبراهين على الحرمان من الطيبات لدى الشيعة كثيرة ، منها مثلاً في هذا الحديث الخضاب للحائض ، والسواك في الحمام ، والطيب في غسل الرأس ، ونجاسة حوض السباحة الكبير لنزول السني فيه ، لأنه ألعن شيء نجس على وجه الأرض ، ومنها تحريم الأرنب ، والأسماك التي لا قشر عليها ، مثل الحوت والثعبان البحري وغيره ، وكذلك ذبائح أهل السنة والجماعة غير حلال عندهم ، وذبائحهم عندنا أيضا غير حلال لشركهم .
(2) من ظواهر الحماقة العمياء ، المصادمة للهدي النبوي الأصيل في السواك ، وتأكيد الوصايا به ، لا سيما عند الوضوء ، وعند الصلاة والقرآن والعلم ، وأنه مطهرة للفم مرضاة للرب ، ولم يزل جبريل يوصيه بالسواك حتى ظن أنه يحفي فمه ، ويأتي شيخ الروافض فينسب إلى حفيد رسول الله جعفر الصادق ، أنه حذر من السواك في الحمام ، لأنه يورث الشيعة وباء الأسنان ، وقد متعني الله شيخا بأسنان كاملة نظيفة قوية ، ببركة الالتزام بالسنة في المواظبة على السواك ، وتخليل الأسنان ، ومن يطع الرسول فقد أطاع الله.
العلة التي من أجلها لا يجوز الكلام على الخلاء(3)
قال جعفر الصادق : لا تتكلم على الخلاء فإن من تكلم على الخلاء لم يقض له حاجة ، وعن الحسن الرضا ، أنه قال : نهى رسول الله أن يجيب الرجل أحدا وهو على الغائط ويكلمه حتى يفرغ . وفي باب ( 202) العلة التي من أجلها يجوز أن يقول المتغوط وهو على الخلاء كما يقول المؤذن ويذكر الله . قال جعفر الصادق إن سمعت الأذان وأنت على الخلاء فقل مثلما يقول المؤذن ، ولا تدع ذكر الله في تلك الحالة ، لأن ذكر الله حسن على كل حال ، ثم قال لما ناجى الله تعالى موسى ، قال موسى: يا رب ، أبعيد أنت مني فأناديك ، أم قريب فأناجيك ؟ فأوحى الله إليه: يا موسى أنا جليس من ذكرني ، فقال موسى: يا رب إني أكون في حال أجلك أن أذكرك فيها، فقال يا موسى اذكرني على كل حال.
أقول :(1/57)
إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد نهى عن التكلم على الخلاء ، ولكن المراد بالكلام المنهي عنه ذكر الله ، أو قراءة شيء ولو يسير من القرآن ، أما باقي الكلام خاصة إجابة المنادي أو الرد اليسير فلا بأس به ، لكنهم هنا يقولون عجبا أنه إذا تكلم لم تقض حاجته ، يحبسها الكلام عقوبة له ونكاية فيه . والأعجب من ذلك أنهم أباحوا الكلام حتى ولو كان ذكر الله في الحالة التي لا يليق بالإنسان أن يذكر ربه فيها جهرا كالمتغوط وغيره وقد جاء عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل حال ـ رواه مسلم ، ويقول الإمام الصنعاني في سبل السلام ص 71 إن الحديث مقرر للأصل والغالب ، والمراد بكل أحيانه معظمها ، إذ جاءت أحاديث أخرى تخصص هذا الحديث ، بالنهي عن الذكر في حالات الغائط والبول والجماع، وذلك لعظمة الله وقداسته التي لا يليق أن تذكر في هذه الأوضاع إلا في القلب أو في حدود المأثور مثل ( اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ) وهكذا نجد التناقض والتضارب في فكرهم ومعتقداتهم ، يمنعون الأمر ويبيحونه في آن واحد ، [ إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ] .
العلة التي من أجلها يغسل الثوب
من لبن الجارية وبولها ولا يغسل من لبن الغلام وبوله(4)
عن جعفر الصادق عن أبيه الباقر أن عليا قال : لبن الجارية وبولها يغسل منه الثوب قبل أن تطعم لأن لبنها يخرج من مثانة أمها ، ولبن الغلام لا يغسل منه الثوب ولا بوله قبل أن يطعم ، لأن لبن الغلام يخرج من المنكبين والعضدين.
وأقول :(1/58)
هذا هراء يضحك الثكلى ، ويستخف بعقول الأغبياء ، من المقتنيات العلمية لصدوقهم الأوحد ، رئيس المحدثين الشيعة ، ويحوي بكل أسى وأسف ، إساءة بالغة إلى اسم أمير المؤمنين علي ـ رضي الله عنه ـ وهو من علمهم وفكرهم براء ومن طريف المصادفة ، أن رزقني الله بطفلين توأم ذكر وأنثى ، ترضعهما أمهما معا ، أو بالتناوب من ثدي واحد ، فهل تتغير مصادر اللبن للطفلة من مثانة أمها ومجرى البول ، وللطفل من المنكبين والعضدين عند كل رضعة تلقائيا ( إلكترونيا ) ، أم بمقتضى التطور العلمي الحديث ، قد تحتاج إلى محول مساعد ، يعمل بما يعرف باسم ( الريموت كنترول ) ، فهل تستطيع الثكلى أن تكتم ضحكها ، من هذه العلوم اللدنية ، وشر البلية ما يضحك.
المبحث الثاني : قسم الصلاة
العلة التي من أجلها
يكبر على الميت خمس تكبيرات (5)
عن جعفر الصادق قال لأحد أصحابه أتدري كم الصلاة على الميت ؟ قال : لا ، قال : خمس تكبيرات ، قال : أفتدري من أين أخذت ؟ قلت : لا ، قال : أخذت الخمس من الخمس صلوات من كل صلاة تكبيرة .
العلة التي من أجلها يكبر المخالفون على الميت أربع تكبيرات .
سئل جعفر الصادق ؟ لأي علة يكبر على الميت خمس تكبيرات ويكبر مخالفونا بأربع تكبيرات، قال : لأن الدعائم التي بني عليها الإسلام خمس ، الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية لنا أهل البيت ، فجعل الله عز وجل للميت من كل دعامة تكبيرة، وأنكم أقررتم بالخمس كلها ، وأقر مخالفوكم بأربع وأنكروا واحدة ، فمن ذاك يكبرون على موتاهم أربع تكبيرات ، وتكبرون خمسا.
وأقول :(1/59)
لقد جاؤوا بتفانين وأفكار غريبة في كل شيء ، حتى الموت ، فيرون ألاَّ يغسل الكافر وتوسعوا في مفهوم الكفار ، حتى حكموا بكفر كثير من المسلمين غير الإمامية ، وفي تلقين الميت مع تلقين الشهادتين يضيفون الإقرار بالأئمة ، ومن تعصبهم وضلالهم ، تفضيلهم بقعة بالعراق والدفن فيها ، على غيرها من بقاع الأرض وقد كتب أحد كبار علمائهم وهو الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء رسالة بعنوان الأرض والتربة الحسينية جاء فيها " لا يبعد أن تكون تربة العراق على الإجمالي من أطيب بقاع الأرض ، في دماثة طينتها وسعة سهولها ، وكثرة أشجارها ونخيلها وجريان الرافدين عليها" ومن حديث كربلاء والكعبة : لكربلاء ذات علو الرتبة ، وفي هذا تفضيل لأرض العراق لدفن الحسين فيها ، على أرض الحجاز التي وارت جثمان النبي الكريم ، وتفضيل كربلاء على الكعبة المشرفة، كما أنهم فضلوا الحسين على النبي صلى الله عليه وسلم . وبلغ بهم التعصب مداه في مثل هذا الموطن ، إذ إنهم فرقوا بين المسلمين ، بأن جعلوا منهم كفاراً أخطر ممن عداهم ، يحتقرونهم في كل شيء ، حتى في صلاة الجنازة ، بأن جعلوا التكبير عليهم أربعاً ، وأنهم هم المسلمون لا بد وأن يكبروا على موتاهم خمسا ، لكمال إيمانهم بأركان الدين كاملة ، ومنها الركن الأعظم وهو الولاية الذي أنكره الجميع غيرهم والثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر على الميت أربعاً ، وختم حياته على ذلك إذ قد اختلف الصحابة ذات مرة في عدد التكبيرات، فقال لهم عمر ـ رضي الله عنه ـ انظروا آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذوا بذلك فوجدوه صلى على امرأة فكبر عليها أربعاً ، فاتفقوا على ذلك، وكأن كل تكبيرة قائمة مقام ركعة من سائر الصلوات إذ ليس في المكتوبات خمس ركعات قط.
العلة التي من أجلها يكره المشي أمام جنازة المخالف(6)(1/60)
سئل جعفر الصادق كيف أصنع إذا خرجت مع الجنازة أمشي أمامها أو خلفها أو عن يمينها أو عن شمالها ؟ قال : إن كان مخالفا فلا تمش أمامه فإن ملائكة العذاب يستقبلونه بألوان العذاب.
وأقول :
يقصد بالمخالفين أهل السنة والجماعة الذين يلاحقونهم بالحقد وروح التشفي حتى وهم أموات، ولا نجد هذه الحساسية في نفوسهم نحو اليهود والنصارى ، وإذكاء نار البغض بهذه الدرجة ، يذكرنا بقبس من معجزات الدستور الخالد ، القرآن الكريم في قول الحق سبحانه ( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ) [ سورة المائدة : الآية 82 ] . وهم يؤلهون ابن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ وكيف لا وهو قسيم الله في الجنة والنار ومالك ورضوان يأتمران بأمره ، أو بعد هذا من شرك محض صريح ، وذلك قدرنا معهم ، أبعدهم الله تعالى ، يقول الحق جل وعلا : ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) [ سورة الزمر الآية : 67 ] .
علل الوضوء والأذان والصلاة (7)(1/61)
عن عمر بن أذينة عن جعفر الصادق أنه حضروه فقال: يا عمر ما ترى هذه الناصبة في أذانهم وصلاتهم فقلت : جعلت فداك إنهم يقولون إن أُبَيَّ بن كعب الأنصاري رآه في النوم ، فقال: كذبوا والله ، إن الله أعز من أن يرى في النوم ، قال جعفر : إن الله عرج بنبيه إلى سمائه ، وفي الرابعة سمع دويا كأنه في الصدور واجتمعت الملائكة ففتحت أبواب السماء وخرجت إليه معانقين فقال جبريل حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حلي على الفلاح فقالت الملائكة صوتين مقرونين ، بمحمد تقوم الصلاة، وبعلي الفلاح ، فقال جبريل : قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة فقالت الملائكة : هي لشيعته أقاموها إلى يوم القيامة ، ثم اجتمعت الملائكة فقالوا للنبي : أين تركت أخاك وكيف هو ، فقال لهم : أتعرفونه فقالوا نعم نعرفه وشيعته ، وهو نور حول عرش الله ، وإن في البيت المعمور لرقا من نور فيه كتاب من نور فيه اسم محمد وعلي والحسن والحسين والأئمة وشيعتهم لا يزيد فيهم رجل ولا ينقص فيهم رجل ، إنه لميثاقنا الذي أخذ علينا ، وإنه ليُقرأ علينا في كل يوم جمعة إلخ ( 312 : 316 )
وأقول :(1/62)
الناصبة في عرف الشيعة كل من رضي ببيعة أبي بكر وصاحبيه ، قبل علي رضوان الله عليهم أجمعين ، والناصبة ألعن الكفار على الإطلاق ، لبغضهم للشيعة اللعانين للصحابة الأطهار ، والشيعة يتعبدون بالكذب ، ويسمونه التَّقِِيَّة ، واستشهاد سيد شباب أهل الجنة الحسين رضوان الله عليه يَرْكُلُ تَقِيتهم ، فهم الذين سعوا إليه وعاهدوه ، ثم خذلوه وأسلموه ، ويطلقون على خير أمة أخرجت للناس ، كما سماها الله ووصفها في قرآنه الخالد ( الأمة الملعونة ) وقد ألزموا أنفسهم بقاعدة شرعية ، أصيلة في دينهم تقول : ( الرشد في خلافهم ) أي في خلاف الأمة الملعونة أهل السنة والجماعة ، اختلفوا عن جماعة المسلمين في كل شيء بدءا من القرآن والسنة وأركان الإسلام والإيمان حتى يوم عرفة فهم دوما يسبقون أو يتأخرون يوما عن إجماع الأمة وقد بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أمته لا تجتمع على ضلالة. وأن من خرج على الجماعة فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه.
وقد أسمعت إذ ناديت حيا ... ... ولكن لا حياة لمن تنادي(1/63)
لأن الحق سبحانه يقول (وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ {41} سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ ) [ سورة المائدة الآيتان 41، 42 ] . وقضية الأذان حسمها مجلس يرؤسه المصطفى صلى الله عليه وسلم وقد رأى أكثر من واحد من الصحابة ، أصوات الأذان يرددها أحد الرجال في المنام ، فاختارها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمر بتلقينها بلالا وابن أم مكتوم ، وعليها سارت قافلة أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة ، وشياطين الإنس والجن يتغيظون من كلمات الأذان خمس مرات ، فشياطين الجن يولون ولهم ضراط لتغطية أصوات المؤذنين ، وشياطين الإنس قال لنا الحق جل وعلا في شأنهم ( وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ ) [ سورة المائدة الآية : 58] . فإلى أي الطائفتين ينتمي هؤلاء الخبثاء المكابرون ، أبعدهم الله تعالى ، وبأي حديث بعده يؤمنون .
العلة التي من أجلها فرض الله الصلاة(8)
قال هشام بن الحكم سألت جعفر الصادق عن علة الصلاة، فإن فيها مشغلةًً للناس عن حوائجهم ، ومتعبة لهم في أبدانهم قال : فيها علل وذلك أن الناس لو تركوا بغير تنبيه وتذكر للنبي صلى الله عليه وسلم بأكثر من الخبر الأول وبقاء الكتاب في أيديهم فقط ، لكانوا على ما كان عليه الأولون ، فإنهم قد كانوا اتخذوا دينا ووضعوا كتابا ودعوا أناسا إلى ما هم عليه وقاتلوهم على ذلك ، فدرس أمرهم وذهب حيث ذهبوا ، وأراد الله ألا ينسيهم أمر محمد ، ففرض عليهم الصلاة ، يذكرونه في كل يوم خمس مرات ، ينادونه باسمه ، وتعبدوا بالصلاة وذكر الله لكي لا يغفلوا عنه ، وينسوه فيندرس ذكره.
وأقول :(1/64)
نزه الله ساحة جعفر بن محمد ـ رضي الله عنه ـ عما يقوله الأفاكون ، وإذا كانت العلة في الصلاة لتذكر النبي صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه فقد قال له مولاه عز وجل : ( إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) [ سورة طه الآية : 14 ] .
( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ {56} مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ {57} إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ) [ سورة الذاريات الآيات : 56: 58 ] ، وقد فرض الله على رسوله خاصة قيام الليل وصلاتي الضحى والأضحى ، وثبت أنه كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه ليحظى بشرف كمال العبودية والشكر أما أن يمثل المؤمن بين يدي مولاه ليتذكر من دونه ولو كان حبيبه الأول محمد صلى الله عليه وسلم فتلك وايم الله كارثة الشرك الأكبر وقد وصف الله عباده السعداء بقوله سبحانه ( وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ) [ سورة الفرقان الآية : 64 ] . ، وقد علمنا المصطفى أن من دعاء الاستفتاح للصلاة عقب تكبيرة الإحرام أن يقول المؤمن وهو يوجه قلبه لبارئه : وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين.
( مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ {74}) [ سورة الحج الآية : 74 ] .
وقد ذكرتني عمليات اللئام وشر البلية ما يضحك بقول شاعر عربيد خلال نوبة سكره في شأن خليلته مدعيا الصلاة في محرابها:
أصلي فأبكي في الصلاة لذكرها ... ... لي الويل مما يكتب الملكان
حلفت لها ألا أهيم بغيرها ... ... وقد وثقَت مني بغيرِ ضمان
علة مد العنق في الركوع(1/65)
قال رجل لأمير المؤمنين : يا ابن عم خير خلق الله ما معنى رفع يديك في التكبيرة الأولى ؟ فقال : الله أكبر يعني الواحد الأحد ، قال الرجل : ما معنى مد عنقك في الركوع قال : تأويله آمنت بوحدانيتك ولو ضربت عنقي .
الرخصة في الجمع بين الصلاتين(9)
عن جعفر الصادق قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر في مكان واحد من غير علة ولا سبب ، فقال له عمر ، وكان أجرأ القوم عليه ، أحدث في الصلاة شيء ، قال لا ولكن أردت أن أوسع على أمتي ، وعنه قال : ( صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس الظهر والعصر حين زالت الشمس ، في جماعة من غير علة ، وصلى بهم المغرب والعشاء ، بعد سقوط الشفق ، من غير علة في جماعة ، وإنما فعل ذلك ليتسع الوقت على أمته ) وذلك لتبرير أن أوقات الصلاة عند الشيعة ثلاثة لا خمسة كأهل السنة والجماعة ، وما ورد من الأحاديث في هذا الشأن يفيد جواز الجمع بين صلاتي النهار وصلاتي الليل إذا خَيف الوقوع في الحرج وليس كما يفعل الشيعة.
العلة التي من أجلها لا تقصير
في صلاة المغرب ونوافلها في السفر والحضر(10)
أسند أبو محمد العلوي الدينوري إلى جعفر الصادق قال: قلت له: لم صارت المغرب ثلاث ركعات وأربعا بعدها ليس فيها تقصير في حضر ولا سفر ؟ فقال إن الله عز وجل أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم لكل صلاة ركعتين في الحضر فأضاف إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل صلاة ركعتين في الحضر وقصر فيها في السفر إلا المغرب والغداة فلما صلى المغرب بلغه مولد فاطمة رضي الله عنه فأضاف إليها ركعة شكراً لله فلما أن ولد الحسن أضاف إليها ركعتين شكراً لله فلما أن ولد الحسين أضاف إليها ركعتين شكراً لله فقال للذكر مثل حظ الأنثيين فتركها على حالها في السفر والحضر.
وأقول :(1/66)
يقول الناصحون على سبيل السخرية من الكذابين الذين يتولى الله فضحهم في الدنيا قبل الآخرة : ( إذا كنت كذوبا فكن ذكورا ) حتى لا يناقض أحدهم حجته ويدفع نفسه للتورط في الجريمة ولا يجتمع الكذب والإيمان في قلب أبداً .
ومن البدهيات المعلومة أن الله عز وجل رزق محمداً صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه كل أولاده من أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها قبل بعثته الشريفة ، التي كان عمره فيها أربعين عاما وخديجة تزيده بخمسة عشر عاما أي عمرها حينذاك خمس وخمسون ، وقد تجاوزت عمر الحمل والرضاع بزمن وحين البعثة كانت فاطمة صبية تدافع عن أبيها لا سيما يوم رفعت سلا الجزور عن ظهر أبيها وهو ساجد ، وقد طرحه عليه عقبةُ بن أبي معيط والمستهزئون ، ثم دارت عجلة الزمان وجاء عام الحزن بعد أن تجاوز عمره صلى الله عليه وسلم الخمسين حيث ماتت أم المؤمنين الأولى خديجة وعمه أبو طالب فسرى الله عنه ، ووضع عنه وزره الذي أنقض ظهره وشرفه برحلة الإسراء والمعراج وفيها فرضت الصلاة قبيل الهجرة النبوية الشريفة. وتزوج علي بفاطمة في السنة الثانية للهجرة بعد غزوة بدر. فأين ميلاد فاطمة من فرض الصلاة . ثم الخزعبلات التي تنم عن جهل مركب وأكاذيب شاردة الذهن عن الارتباط بالضوابط التاريخية الثابتة لدى أنصاف المثقفين فضلاً عمن قال لنا الله سبحانه وتعالى في شأنهم ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ {119}) [ سورة التوبة الآية : 119 ] .
العلة التي من أجلها لا تجوز الصلاة في سواد
سئل أبو عبد الله جعفر الصادق عن الصلاة في قلنسوة سوداء فقال: لا تصل فيها فإنها لباس أهل النار وعن علي أنه علم أصحابه لا يلبسون السواد فإنه لباس فرعون ودعي جعفر الصادق إلى الخليفة أبي العباس السفاح فدعا بثوب له أحد وجهيه أسود والآخر أبيض ثم قال أما إني ألبسه وأنا أعلم أنه من لباس أهل النار قال الصدوق لبسه للتقية.(1/67)
علة الإقبال على الصلاة وعلة النهي عن التكفير(11)
عن أبي جعفر قال عليك بالإقبال على صلاتك ولا تعبث فيها بيدك ولا بلحيتك ولا تحدث نفسك ولا تتثاءب ، ولا تكفر فإنما يفعل ذلك المجوس ، ولا تقولن إذا فرغت من قراءتك آمين فإن شئت قلت الحمد لله رب العالمين .
وأقول :
من أثمن الهدايا لهذه الأمة في درر قرآنها الخالد السبع المثاني أم الكتاب وقد توج الله خاتمتها بدعاء علوي قدسي رباني يحوي سعادة الدارين ( اهدنا الصراط المستقيم ..... ) يقول المؤمنون والمؤمنات في ختامها آمين : وهي اسم فعل دعاء بمعنى استجب يا كريم كما كان شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بَشَّر أنه من صادف تأمينهم تأمين الملائكة غفر لهم ، ولا يكون على النقيض في ذلك إلا الروافض ، فإنهم يشددون النكير على من يقولها ، ولحرصهم على الاختلاف دون الأمة كلها حكموا على من يقول آمين في نهاية الفاتحة ببطلان الصلاة.
واستبدلوا بها قولهم الحمد لله رب العالمين ، ضاربين عرض الحائط بتعليمات المعلم الأول صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) .
المبحث الثاني : قسم الزكاة والصيام
العلة التي من أجلها لا تجب الزكاة على السبايك (12)
عن أبي إبراهيم قال : لا تجب الزكاة فيما سبك ، قيل فإن كان سبكه فرارا من الزكاة ؟ فقال : ألا تدري أن المنفعة قد ذهبت منه ، لذلك لا تجب عليه الزكاة ، وعن أبي الحسن موسى قال : لا تجب الزكاة فيما سبك فرارا من الزكاة ، أترى أن المنفعة قد ذهبت، فلذلك لا تجب الزكاة.
وفي فقه الزكاة ـ ( القرض ص 436 ) ما ينقض ذلك عن علي نفسه ـ رضي الله عنه ـ .
العلة التي من أجلها يعطى المؤمن من الزكاة
ثلاثة آلاف وعشرة آلاف ويعطى الفاجر بقدر (13)(1/68)
عن بشار بن بشر قال : قلت للرجل يعني أبا الحسن ما حد المؤمن الذي يعطى الزكاة ؟ قال يعطى المؤمن ثلاثة آلاف ثم قال أو عشرة آلاف ، ويعطى الفاجر بقدر ، لأن المؤمن ينفقها في طاعة الله عز وجل والفاجر في معصية الله تعالى ، ومعلوم أن المؤمن عندهم هو الشيعي دون غيره.
علة أخذ الخمس
عن جعفر الصادق قال : إني لآخذ من أحدكم الدرهم وإني لمن أكثر أهل المدينة مالا ما أريد بذلك إلا أن تطهروا.
وأقول :
الزكاة أوزار الناس وأوضارهم يطهرهم الله بها ويزكيهم وهي محرم أكلها على النبي صلى الله عليه وسلم وأيضاً على آله وبني هاشم وبني المطلب تشريفا لهم وتكريما به صلى الله عليه وسلم ، والله سبحانه وتعالى يقول في شأنها : ( والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ) ، وإذا أكلها غير مستحقيها فإنما يأكلون في بطونهم ناراً وكل جسد نبت من سحت فالنار أولى به وقال سبحانه : ( وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) [ سورة الأعراف : الآية : 157 ] .
وقد فرض الله الزكاة على التجارات والأموال التي حال عليها الحول وبلغت النصاب الشرعي أن يدفع عنها صاحبها اثنين ونصف في المائة أي ربع العشر إلى مصارفها الشرعية الثمانية بعيدا عن ساحة آل البيت الأطهار ، وعلى النقيض تماما من مفاهيم الحيتان ذوي البطون الواسعة التي لا تشبع من الحرام وأكل أموال المغفلين بالباطل ، وقد حذرنا من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم من تفشي أدواء الأمم السابقة ومحاكاتهم كالقردة بما يفهم من معنى الحديث الشريف : ( لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه) قالوا يا رسول الله اليهود والنصارى قال : فمن ؟ أي فمن غيرهم.(1/69)
وترى الواقع المخزي لقول الحق سبحانه ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) [ سورة التوبة الآية 34 ] . وقد تفشى بصورة مفزعة تبعث الأسى والحزن في قلب كل غيور على سمعة الإسلام وشماتة أعدائه ، وذلك عن طريق المشركين الشيعة أبعدهم الله تعالى الذين يصدق فيهم وصف القرآن لأبناء عمومتهم اليهود كوجهان لعملة واحدة ( سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ ) [ سورة المائدة الآية 42] ولحق بهم على درب السوء من لحق من أدعياء الصوفية الجهلاء عافانا الله من أكل السحت الذي يعمي البصيرة ويورث الندم والحسرة في الدارين إن ربي لطيف لما يشاء.
العلة في كراهة شم الرياحين للصائم (14)
عن جعفر الصادق أنه كان ينهى عن النرجس للصائم ويقول لأنه ريحان الأعاجم وذكر محمد بن يعقوب أن الأعاجم كانت تشمه إذا صاموا ويقولون إنه يمسك عن الجوع وعن الحسن بن راشد قال كان جعفر الصادق إذا صام لا يشم الريحان فسألته عن ذلك فقال : أكره أن أخلط صومي بلذة.
وأقول :
ورع وزهادة في غير موضعها ، كم يكون جميلاً لو كان ذلك في التنزه عن أكل الزكاة وهي عندهم الخمس وليس ربع العشر كأهل السنة والجماعة والأنفال وصفي المغنم الذي كان من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم دون سواه كشأن الهبة خالصة له من دون المؤمنين، بعيدا عن التصنع والتكلف بمجاهدة النفس في ميدان المباحات وتركها سائمة في الحرام من طعام وأعراض وحرمات لبئس ما كانوا يصنعون تحت ستار محبة آل البيت برأ الله ساحتهم عن ادعاءات المجوس من تلاميذ ابن السوداء اليهودي عبد الله بن سبأ لعنه الله.
العلة التي من أجلها(1/70)
كره الإمام الباقر أن يصوم يوم عرفة ـ لغير الحاج(15)
سئل محمد بن الباقر عن صوم يوم عرفة وأنهم يزعمون ـ أهل السنة ـ أنه يعدل صوم سنة قال : كان أبي علي زين العابدين لا يصومه قيل له ولم ؟ قال يوم عرفة يوم دعاء ومسألة فأتخوف أن يضعفني عن الدعاء وأكره أن أصومه وأتخوف أن يكون يوم عرفة يوم الأضحى وليس بيوم صوم.
وأقول :
من درر هدي النبي صلى الله عليه وآله وصحبه، صيام يوم عرفة لغير الحاج ، ومن أصحاب الدعوات المستجابة ، الصائم حتى يفطر ، كما بشر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ، لكن اليهود ما اختلقوا هذه الفرق ، إلا لشق وحدة الصف ، وإبعاد أحلام وحدة العقيدة والدولة الإسلامية ، فاستشهاد الحسين هو حائط المبكى لهم إلى يوم القيامة ، ونحن معشر أمة محمد صلى الله عليه وسلم يسموننا صنائع اليهود ، بالأمة الملعونة التي لا تهدى إلى أمر رشد أبدا ، ولذا ألزموا أنفسهم بقاعدتهم الشرعية الشيعية الأصلية التي تقول ( الرُّشد في خلافهم ) حتى يوم عرفة نفسه ، يعتقدون أننا لا نهدى له ، فهو عندهم قبلنا أو بعدنا بيوم ، وليس معنا قط ، ولذا عرفوا لدى سلفنا الصالح بالروافض المخالفين ، أبعدهم الله تعالى ، ووقى الأمة حقدهم اليهودي الدفين ، إن ربي سميع مجيب .
المبحث الرابع: قسم الحج
العلة التي من أجلها لا يستحب الهدي إلى الكعبة(1/71)
عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي ـ رضي الله عنه ـ قال : لو كان لي واديان يسيلان ذهبا وفضة ، ما أهديت إلى الكعبة شيئا ، لأنه يصير إلى الحجبة دون المساكين ، وفي الباب ، أن أبا جعفر أفتى رجلاً بتوزيع هديه على المحتاجين دون أن يعطيه لحجاب الكعبة من بني شيبة ، وقال : إنهم سراق الله ، وإن قائمنا لو قام لأخذهم وقطع أيديهم ، وفيه أيضاً ، أن امرأة أعطت رجلا غزلا وقالت : له ادفعه بمكة ليخاط به كسوة الكعبة ، فكرهت أن أدفعه إلى الحجبة وأنا أعرفهم ، فلما صرت إلى المدينة دخلت على أبي جعفر محمد الباقر وأخبرته الخبر ، فقال اشتر به عسلا وزعفرانا ، وخذ طين قبر أبي عبد الله ، واعجنه بماء السماء واجعل فيه شيئا من العسل والزعفران ، وفرقه على الشيعة ، لبُرء وباء مرضاهم .
وأقول :
(1) السر الخفي الذي يشين مكانة الكعبة في أعماق قلوبهم ، أنها في عز ومنعة وسلطان من أهل السنة والجماعة ، وبنو شيبة ليسوا إلا خدما للكعبة المشرفة ، وحجبا لبيت الله الحرام ، وهو حق متوارث منذ الجاهلية الأولى ، لم ينازعهم فيه أحد ، ولما فتح الله مكة ، وتسلم نبيه القائد المظفر صلى الله عليه وسلم مفاتيح الكعبة سلمها لأربابها الأول من بني شيبة ، وجعلها حقاً مؤكدا لهم ، خالدا تالدا لا ينزعه منهم إلا ظالم ، وهم في هذا المقام أمناء مسئولون أمام رب البيت جل جلاله ، وهو القائل عز شأنه ( فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {181} ) [ سورة البقرة : 181] .
وإذا سلمتُ إنسانا في موقع الأمانة والثقة ، زكاة أو صدقه للفقراء ، وأساء التصرف ، فلي الأجر بالنية ، وإنما لكل امرئ ما نوى ، وعليه الوزر بسوء تصرفه ، وتفريطه في الأمانة ، ولا تزر وازرة وزر أخرى .
((1/72)
2) يفرغون ما يزيد ويفيض من سموم أحقادهم ، على عتبة السرداب المختفي فيه الوهم المنتظر عندهم ، ( عج ) أي عجل الله فرجه وخروجه ليقطع أيدي بني شيبة ، وهم المكلفون بهذا العمل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والمتوارثون له كابرا عن كابر ، ثم يحيي الله له كل يوم مائة من المنافقين الملاعين بدءا برؤوس الكفر والضلال والأئمة الراشدين الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان وأهل بدر وبيعه الرضوان وأمهات المؤمنين وهو متأبط مصحف فاطمة الذي كان حبيسا معه في السرداب أكثر من ألف وثلاثمائة عام ليملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا إلى آخر ضلالهم وعقائدهم التي يدخلون بها القرن الحادي والعشرين لأعداء الإسلام في الغرب
(3) وأما عن العلاج بطينة القبر المعجونة ، فمن خبايا علومهم الدنيئة ، ولا عجب ، أن يتخذ المستشرقون والمنصرون وأعداء الإسلام ، من مثل هذا الهراء مجالا فسيحا لتشويه وجه الإسلام على المستوى العالمي ، ووصمه بكل نقيصة ، ولذا كان من دعوات الصالحين ما سجله القرآن العزيز في قوله سبحانه ( رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا) [ سورة الممتحنة الآية : 5] . لكنه قدر هذه الأمة كما أشار الحق سبحانه ( لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ) [ سورة آل عمران الآية : 186 ] .
علة التلبية (16)
عن سليمان بن جعفر قال : سألت أبا الحسن عن التلبية وعلتها ؟ فقال إن الناس إذا أحرموا ناداهم الله تعالى فقال : عبادي وإمائي لأحرمنكم على النار ، كما أحرمتم لي ، فيقولون لبيك اللهم ، إجابة لله عز وجل على ندائه إياهم .(1/73)
وفي الباب نفسه : فقال موسى يا رب ، لقد أكرمتني بكرامة لم تكرم بها أحدا قبلي ، فقال الله يا موسى أما علمت أن محمداً عندي أفضل من جميع ملائكتي ، وجميع خلقي ، قال موسى يا رب فهل في آل الأنبياء أكرم من آلي ؟ قال الله يا موسى ، أما علمت أن فضل آل محمد على جميع الأنبياء ، كفضل محمد على جميع المرسلين ، قال موسى يا رب فإن كان آل محمد كذلك ، فهل في أمم الأنبياء أفضل عندك من أمتي ، فقال الله يا موسى ، أما علمت أن فضل أمة محمد على جميع الأمم ، كفضل محمد على جميع خلقي ، فقال موسى ، يا رب ليتني أراهم ، فأوحى الله عز وجل إليه يا موسى ، إنك لن تراهم وليس هذا أوان ظهورهم ، ولكن سوف تراهم في الجنان ، بحضرة محمد في نعيمها يتقلبون ، وفي خيراتها يتبحبحون ، أفتحب أن أسمعك كلامهم ؟ قال : نعم يا إلهي قال الله عز وجل ، قم بين يدي واشدد مئزرك ، قيام العبد الذليل ، بين يدي الملك الجليل ، ففعل موسى ذلك فنادى ربنا : يا أمة محمد : فأجابوه كلهم وهم في أصلاب آبائهم ، وأرحام أماتهم ، ـ لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك ، قال فجعل الله تلك الإجابة شعار الحج.
ثم قال ربنا : من لقيني منكم بشهادة لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن عليا أخوه ووصيه من بعده ووليه ملتزم طاعته ، كما يلزم طاعة محمد ، وأن أولياءه المصطفين المطهرين ، الميامين بعجائب آيات الله ودلائل حجج الله ، من بعدهما ، وأن أولياءه، أدخلته جنتي وإن كانت ذنوبه مثل زبد البحر ، فلما بُعث محمد قال الله له ، وما كنت بجانب الطور إذ نادينا أمتك بهذه الكرامة .
وأقول :(1/74)
تذكرنا جرأتهم في الكذب حتى على الله تعالى بقوله سبحانه (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ {78}) [ سورة آل عمران الآية : 78] .
من ذلك اختلاف صدوقهم أن الله قال لموسى أما علمت أن فضل آل محمد على جميع الأنبياء كفضل محمد على جميع المرسلين ... إلخ .
ثم طلب الشهادة بأن عليا ولي العهد ، وطاعته من طاعة محمد، ثم لي عنق الآية الشريفة إلى غير موقعها التي نزلت فيه ( وما كنت بجانب الطور إذ نادينا أمتك بهذه الكرامة ) (اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَصَدُّواعَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {9}) [ سورة التوبة الآية : 9] . وما كان المنادى في هذا المقام إلا موسى عليه السلام . إذ ناداه ربه بالوادي المقدس طوى .
العلة التي من أجلها
لا يكتب على الحاج ذنب أربعة أشهر (17)
عن الحسين بن خالد قال : قلت لجعفر الصادق ، لأي شيء صار الحاج لا يكتب لهم ذنب أربعة أشهر ؟ قال لأن الله تبارك وتعالى أباح للمشركين أشهر الحرم أربعة أشهر إذ يقول : فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ، فمن ثم وهب لمن حج من المؤمنين البيت ، الذنوب أربعة أشهر.
وأقول :
من أهم مميزات الحاج الشيعي " منحة الأربعة أشهر ، التي يغلق فيها سجل سيئاته ، ويوقف عمل ملك السيئات ، أسوة بإخوانهم المشركين قديما ، وبينهم أواصر قربى عقائدية ، مثل عقيدتهم في أن علي بن أبي طالب قسيم الله في الجنة والنار ، يعلم ما كان وما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة ، لا يجوز في حقهم السهو والخطأ والنسيان ، مثل الوصف القدسي ( لا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى ) [ سورة طه الآية : 52].(1/75)
وتلك أول مرة تغيب عنهم أقنعة التضليل والتقية ، فتنكشف العورات ، وتبدو السوآت ، ويستفيدون بهدنة المشركين قديما ، ( فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ) ، ومن خلال منع التسجيل ، يعود الحاج كالذئب الضاري ، لا تفلت منه شاردة ، ولا واردة من المعاصي الموبقات إلا اقتنصها ، وكله ثقة في عدم تسجيلها، ويتوارى القلم حياء عن تسجيل ما يقع من فظائع ، يكتوي بنارها ضحاياهم التعساء ، وقد قال الحق سبحانه في شأن الساعة والطامَّة الكبرى ( بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ {46}) [ سورة القمر الآية : 44] ثم يحكي الله أحوال أمثالهم حينذاك في قوله سبحانه ( ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُوا وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ {23} انظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ) [ سورة الأنعام الآيتان : 23، 34 ]. وبمقتضى ذلك لا يحل شرعا ذبائح الشيعة ولا مناكحتهم إلا إذا ثبت بيقين شفاؤهم من اللوثات الشركية اللعينة.
العلة التي من أجلها
لا يؤخذ الطير الأهلي إذا دخل الحرم (18)
سئل جعفر الصادق عن طير أهلي أقبل فدخل الحرم قال : لا يمس لأن الله تعالى يقول : ( ومن دخله كان آمناً )
وأقول :
ما أعجب تصنع الزهادة والورع والخشية لله ، وفي أصول عقائدهم ما يمزق وحدة الأمة ، ويبيح القتل والسرقة ، لأهل السنة والجماعة في الحل والحرم من وراء التقية والمداراة ، وفي أحاديث الصدوق بين يدي القارئ الكريم خير شاهد على ذلك ، والله من ورائهم محيط.
نوادر على الحج (19)
كان الأمام جعفر الصادق في المسجد الحرام ، فقيل له إن سبعا من سباع الطير على الكعبة لا يمر به شيء من حمام الحرم إلا ضربه فقال انصبوا له واقتلوه فإنه ألحد في الحرم.
وأقول :(1/76)
يقرون في هذا بقداسة حرمة الحرم الشريف ، ويشهد العالم أجمع ، ويشمت أعداء الإسلام ، ويتنفسون الصعداء شماتة في الدماء الزكية ، التي مزقتها الانفجارات المتتالية ، نتيجة للشحنات شديدة الانفجار ، التي حملها إلى الحرم الشريف ، لتحية ضيوف الرحمن، والحجاج الكويتيون الشيعة ، في منتصف العقد الثاني الهجري ، منذ بضع سنوات ، وتم ضبطهم ، وإقرارهم على رؤوس الأشهاد ، وإعدامهم جميعاً في ميدان عام بالحجاز ، فحسم شرهم إلى حين ، وأسأل الله أن يرد الأمة إلى دينها رداً جميلاً ، وأن يوحد قلوبهم وصفوفهم ، حتى يستطيعوا تحقيق الواقع العملي لقول الحق سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {28}) [سورة التوبة الآية : 28] .
العلة التي من أجلها
وجبت زيارة النبي صلى الله عليه وسلم والأئمة بعد الحج (20)
عن جعفر الصادق قال : إذا حج أحدكم فليختم حجه بزيارتنا ، لأن ذلك من تمام الحج ، وعن محمد الباقر قال : تمام الحج لقاء الإمام .
وقال أبو الحسن الرضا : إن لكل إمام عهدا في عنق أوليائه وشيعته ، وإن من تمام الوفاء بالعهد ، وحسن الأداء ، زيارة قبورهم ، فمن زارهم رغبة في زيارتهم ، وتصديقا بما رغبوا فيه ، كانوا أئمتهم وشفعاءهم يوم القيامة ، وعن أبي جعفر محمد الباقر قال : إنما أمر الناس أن يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها ، ثم يأتوا فيخبرونا بولايتهم ويعرضوا علينا نصرتهم .
وأقول :
التزمت الأمة وهي على قلب رجل واحد ، بهدي من اختاره مولاه رحمة للعالمين ، وقال في شأنه (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ) [ سورة النساء الآية : 80].(1/77)
أتم الله النعمة والدين على يديه ، يوم نزل قول الحق سبحانه (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا) [ سورة المائدة الآية : 3] .
وقد صاح أكثر من مرة في آذان الزمان ، ومسامع التاريخ ، في حجة الوداع ، ألا هل بلغت : فقالت الأمة اللهم نعم ، قال اللهم فاشهد ، وهو الذي علمهم يوم قال : صلوا كما رأيتموني أصلي .. خذوا عني مناسككم . ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم القول بوجوب زيارة الحرم النبوي الشريف ، وأن ذلك من تمام الحج ، رغم بيان فضله في قوله الشريف : " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، ومسجد الأقصى " وإن الفرض في مكة بمائة ألف ، وفي المدينة بألف ، وفي رحاب الأقصى الأسير بنصف ألف ، ولا مكان لقوائم الدجالين دون ذلك . كتسويتهم الحرم المدني بالكوفة في الأجر وقُمْ المقدسة عندهم إلخ.
من حق شيوخهم أن يقدسوا قبور أئمتهم ، المقبورين فيها، بدعوى أنهم شفعاؤهم عند الله ، ويرفعونها إلى العلياء ، تفخيما وتوقيرا ، وفي المقابل يأتي الحديث الثالث في شأن الكعبة ، في غمز مهين ، عار عن الحياء والأدب ، وتعظيم شعائر الله في قوله ( ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) [ سورة الحج الآية : 32] .
ومما يؤكد هذه النظرة الوضيعة الشاذة ، عقيدتهم في وجوب السجود في الصلاة على تربة الحسين ( وهي قطعة من الآجر ، المطبوخ في مصنع بلاط كربلاء ، طولها حوالي 5 سم وعرضها ثلاثة ) وهي عندهم أطهر وأشرف من الأحجار الرخامية البيضاء ، التي تغطي ساحة الحرمين الشريفين ، ولا يسجدون في داخل الحرمين الشريفين بجبهتهم إلا على التربة ، التي لا صلاة بدونها عندهم.
النوادر (21)(1/78)
عن علي بن الحسين العبدي ، عن أبي سعيد الخدري ، أنه سئل ـ ما قولك في هذا السمك الذي يزعم إخواننا من أهل الكوفة أنه حرام ؟ فقال أبو سعيد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الكوفة جمجمة العرب ، ورمح الله ، وكنز الإيمان ، فخذ عنهم . تبعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا أبا سعيد ادع بلالا ، فلما جاءه بلال ، قال يا بلال اصعد أبا قبيس فناد عليه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم الجري ـ الفرس ـ والضب والحمر الأهلية، ألا فاتقوا الله ، ولا تأكلوا من السمك إلا ما كان له قشر ، ومع القشر فلوس ، إن الله تبارك وتعالى مسخ سبعمائة أمة عصوا الأوصياء بعد الرسل فأخذ أربعمائة أمة منهم برا، وثلاثمائة منهم بحرا ، ثم تلا هذه الآية : ( وجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق ) .
وأقول :
في هذا الحديث شواهد ونقائض تخرج به عن دائرة المسلمات العقلية فضلاً عن الأمانة العلمية والدينية.
(1) فالكوفة ضمن مئات المدن والقرى ، التي كانت تعيش في كنف الإمبراطورية الفارسية الساسانية ، لم تخرج عن هذه الدائرة ، أو تتميز بشيء ، يستدعي التزكية النبوية الشريفة المدعاة.
(2) والشأن كذلك ، فيما لا يتمتع بقشر وفلوس ، من أسماك البحر، الطهور ماؤه الحل ميتته كالجري والحوت وثعابين البحر إلخ ، وهي من أشهى وأثمن ما يؤكل ، ولعل السر الذي لا يخفى على كثيرين ، من ذوي البصائر والنهى ، يكشفه قول الحق سبحانه : ( فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيرًا {160}) [ سورة النساء الآية : 160] .
(3) والشيعة صنائع عبد الله بن سبأ الحاخام الأكبر ليهود اليمن وجهان لعملة واحدة ، لا يستطيعون تغطية كل بصمات ابن سبأ ، في عقائدهم ومواريثهم.
ومهما تكن عند امرئ من خليقة ... وإن خالها تخفي على الناس تعلم(1/79)
فهم في ديار الإسلام كجار السوء ، ينصبون أنفسهم حكاما، لمحاكمة الصحابة ، رضوان الله عليهم أجمعين ، ويلعنون ويضعون من شرف آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين ، ويضعون الآية الشريفة محرفة مغلوطة في غير موضعها فقد نزلت هذه الآية في شأن سبأ ، حينما تنكروا لجميل الله عليهم ونعمه ( فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ {19}) [ سورة سبأ الآية :19].
(4) جبل أبي قبيس بمكة ، التي تبعد عن البحر الأحمر بأكثر من سبعين كيلو مترا ، ولا شأن لهم حينذاك بأسماء السمك وأنواعه، وبيان الحلال والحرام ، كان في جموع الناس بالمسجد بالمدينة المنورة، وقد حرمت لحوم الحمر الأهلية ونكاح المتعة على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ورسول الله على رأس الجيش في خيبر ، قبل فتح مكة في مناسبة واحدة ، وحديث واحد ، رفضه الشيعة الروافض وكذبوه ، وعليه فنكاح المتعة ولحوم الأهلية حلال عندهم دون جمع الأمة ، والضب أكل على مائدة النبي صلى الله عليه وسلم والحلال والحرام في الإسلام مصدره الوحي لا الهوى قال تعالى : (وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ) [ سورة النحل الآية : 116] .
النوادر(22)
قال الصدوق : حدثنا أبو سيعد محمد بن الفضل قال : حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن محمود قال سمعت محمد بن أحمد بن يعقوب الجوزجاني قاضي هراة يقول سمعت محمد بن فورك الهروي يقول سمعت على بن فشرم يقول : كنت في مجلس أحمد بن حنبل ، فجرى ذكر على بن أبي طالب فقال أحمد : لا يكون الرجل مجرما حين يبغض عليا قليلاً .(1/80)
وبسندهم الكاذب إلى ابن عبادة بن الصامت قال حدثني أبي عن جدي قال إن رأيت رجلا من الأنصار يبغض علي بن أبي طالب فاعلم أن أصله يهودي.
وأقول :
يقول الله تعالى ( بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ {19} وَاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ) [ سورة البروج الآية : 19 ، 20 ].
(1) يشيدون هيلمانا كاذبا من ألعن وسائلهم ، وهي الكذب على الله تعالى، الذي يتولى وحده سبحانه فضحهم على ألسنة أعلامهم وشياطينهم ، ومن الوصايا الدارجة على سبيل السخرية ( إذا كنت كذوبا فكن ذكورا) ليتفادى التناقض مع نفسه ، فيتضح حاله أمام الناس ، وهذا شأنهم دائما بكل أسى وأسف .
(2 ) الإمام أحمد بن حنبل ، الفقيه الحجة ، كان رمزا للتواضع والزهادة ، والصبر على البلاء في سبيل الله ، وأقسم غير حانث أنه لا يتردد لمحة ، لو نال فرصة شرف غسل قدمي أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وأرضاه ، وكذا سائر أعلامنا وأئمتنا وفقهاؤنا ، رضوان الله عليهم أجمعين ، الذين ورثنا عنهم ، أن محبة آل البيت من الإيمان وبغضهم نفاق .
(3) يقول أحد الحكماء :
ألم تر أن السيف ينقص قدره ... ... إذ قيل هذا السيف خير من العصى
فهم المدعون للمحبة والولاء الكاذب ، المسيئون للقرة الطاهرة ، أبلغ إساءة ، ومن يتكفل بهذا فهو العدو الحقيقي للأمة قاطبة ، وعلى رأسها أهل بيت نبيها صلى الله عليه وسلم ، الذي يقوم بدور الصديق الكذوب ، وهم ورب الكعبة ألعن أعداء أبي الحسن رضي الله عنه وأرضاه ، من أحفاد الحاخام اليهودي اللعين عبد الله بن سبأ ، وإرادة الله غالبة ، فقد أجرى كلمة الحق على ألسنتهم إذ قالوا في حديثهم أعلاه أن من يبغض عليا فاعلم أن أصله يهودي ، وقد قال الحق سبحانه وتعالى في أجدادهم من بني النضير ( يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار ) [ سورة الحشر الآية : 2 ] .
المبحث الخامس : ما يتعلق بأمة محمد صلى الله عليه وسلم(1/81)
العلة التي من أجلها لا توفق العامة لفطر ولا لأضحى (23)
عن محمد بن إسماعيل الرازي عن أبي جعفر الثاني قال : جعلت فداك ، ما تقول في العامة ، فإنه قد روي أنهم لا يوفقون لصوم ، قال إن الناس لما قتلوا الحسين بن علي ، أمر الله عز وجل ملكا ينادي ، أيتها الأمة الظالمة ، القاتلة عترة نبيها ، لا وفقكم الله لصوم ولا لفطر ، وفي حديث آخر لفطر ولا أضحى ، قال أبو عبد الله جعفر الصادق : فلا جرم والله ما وفقوا ولا يوفقوا، حتى يثور ثائر الحسين.
وأقول :
يطلق الشيعة على المخالفين لهم من سائر أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالعامة أو النصاب ، ورغم العدل الإلهي الخالد ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) فهم يحملون لعنة قتل الحسين ، للأجيال المتعاقبة إلى يوم القيامة ، وهم على ضلال من الله ، ولا يهديهم لأمر رشد في الدين والدنيا، كيوم عرفة ، فهو عندهم قبله أو بعده حيث يقفون وحدهم على عرفات دون سائر الأمة الملعونة في عقيدتهم الخاسرة الضالة.
العلة التي من أجلها يتجدد
لآل محمد صلوات الله عليه في كل عيد حزن جديد
عن أبي جعفر الصادق ، قال : ما من عيد للمسلمين أضحى ولا فطر إلا وهو يجدد فيه لآل محمد حزنا قلت: فلم ؟ قال: لأنهم حقهم في يد غيرهم.
وأقول:
يرفض أحفاد ابن سبأ ، حاخام يهود اليمن، مؤسس عقائد الفرق الشيعية من الوصاية وولاية العهد، يرفضون حكم الله وعدله الخالد، وما خرج سيد شباب أهل الجنة أبو عبد الله الحسين إلا بإلحاح ومواثيق مؤكدة على نصرته والموت دونه من الشيعة رغم تحذيرات الصفوة من الصحابة وعلى رأسهم عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ألا ينخدع لعهودهم ومواثيقهم ، فلا عهد لهم ، ولا ذمة ولا دين ، وخرج على غير رضا ومشورة ، وواجه خصومه دون أن يجد من شيعته رجالا حوله ، فنفذ قدر الله الأزلي ، الذي لا مفر منه ، (وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير) ختام سورة لقمان .(1/82)
فكان شيعته هم الناجون، وهم القتلة الحقيقيون ، ورثوا أحفادهم لعنة هذه الخيانة ، فأقاموا المآتم للبكاء والعويل ، على حائط المبكى ، وسيد الشهداء ينعم في ظلال الفردوس بأمر الله تعالى وفضله، وهم ما زالوا يجترون ماضيهم الكئيب، بلعن خير أمة أخرجت للناس أبد الدهر ، فهنيئا لليهود بما زرعوا وعلَّموا ، ولن يرثوا إلا الحسرة في الدارين قال تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ {36} لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)[ سورة الأنفال الآيتان: 36، 37] .
العلة التي من أجلها
أوجب الله على أهل الكبائر النار (24)(1/83)
عن جعفر الصادق قال : إن الكبائر سبع فينا أنزلت ومنا استحلت فأولها الشرك بالله ، وقتل النفس وأكل مال اليتيم وعقوق الوالدين وقذف المحصنة والفرار من الزحف وإنكار حقنا ، فأما الشرك بالله فينا ما أنزل ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا ما قال ، فكذبوا الله ورسوله وأشركوا بالله، وأما قتل النفس التي حرم الله ، فقد قتلوا الحسين وأصحابه ، وأما أكل مال اليتيم ، فقد ذهبوا بفيئنا الذي جعله الله لنا، وأعطوه غيرنا ، وأما عقوق الوالدين فقد أنزل الله ذلك في كتابه فقال ( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) [ سورة الأحزاب الآية : 6] فعقوا رسول الله في ذريته ، وعقوا أمهم خديجة في ذريتها ، وأما قذف المحصنة ، فقد قذفوا فاطمة على منابرهم ، وأما الفرار من الزحف، فقد أعطوا أمير المؤمنين بيعتهم طائعين غير مكرهين، ففروا عنه وخذلوه ، وأما إنكار حقنا فهذا ما لا ينازعون فيه.
وأقول :
يذكر إفكهم المتواصل بالمثل القائل ( رمتني بدائها وانسلت ) ولا أدل على ذلك مما يأتي :
أَلََّهوا ابن أبي طالب وبنيه فهم يعلمون الغيب ما كان ويكون وما هو كائن إلى يوم القيامة لا يعتريهم السهو أو النسيان وعلي قسيم الله في الجنة والنار ، ومالك ورضوان يأتمران بأمر علي ، إلخ من الشرك الأكبر ، وتجري عليهم أحكام المشركين ، كالقديانية والبهائية وأمثالهم ، فلا تحل مناكحتهم ولا ذبائحهم ، ولا يقربون المسجد الحرام، إن مكن الله لدينه بالعزة والشوكة لأهل التوحيد تحت راية واحدة.
(2) تفسيرهم قتل النفس باستشهاد الحسين رضي الله عنه ، وهكذا مال اليتيم ، ضِيق أفق مع قواعد شرعية شاملة ، يصلح بها كل زمان ومكان.
((1/84)
3) نتفق معكم معاشر الشيعة فيما تلوحون به ، فأشرف أب وأم لهذه الأمة هو المصطفى صلى الله عليه وسلم وأمنا خديجة وسائر أمهات المؤمنين اللائي نزل فيهم خاصة قول الحق سبحانه ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)[ سورة الأحزاب الآية : 33] .
أليس من العقوق لأشرف والدين ، إنكار أبوتهما لسائر بنات النبي صلى الله عليه وسلم مع أفحش الإساءات لأزواجهم جميعا بلا استثناء ، وكانت أبشع إساءاتهم لمن ألهوه من دون الله ، أما البر وصلة الرحم بأحباب الوالد الممتدة بعد موته ، كرفيق عمره أبي بكر ، وحبيب قلبه الفاروق ، وابن أخته وصهره على فلذات كبده من دعا له بالرضوان يوم العسرة ذي النورين عثمان ، وسائر الصحب الكرام الذين ثبتوا كالشم الرواسي أمام مسيلمة وأضرابه ولولا هذه الجبال الشامخة ، لانزاح الإسلام وانقشع نوره من فوق ظهر الأرض، من أول يوم لوفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن أول وقفةٍ للأسد الأول ، حين أفاق المذهولون على زئيره ، ( من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ، ومن كان يعبد الله ، فإن الله حي لا يموت ....)
إن لعنكم لصفوة هذه الأمة ، على المسابح صباح مساء، يرفع الله به أجورهم ودرجاتهم ، ويرد سهم تغيظ الكفار في نحورهم، وعزاؤنا أن المعز المذل سبحانه، رفع أقدارهم في قرآنه الخالد، في أكثر من مقام، وقبح وجوه مبغضيهم بمثل قول الحق جل وعلا في آخر سورة الفتح ( ... ليغيظ بهم الكفار...).
((1/85)
4) لا شك أن الطعن في شرف الأم ينال الأب في مقتل ، لذا تعلمنا من الأدب القرآني الشريف، أن خيانة زوجة نوح ولوط عليهما السلام كانت في العقيدة، بعيدة عن الشرف المصون ، أما خصومة أحفاد اليهود ، فلم تقف عند حد حتى أنكروا تشريف القرآن الكريم لها وكذبوا قول الحق سبحانه في سورة النور (..وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ) [ سورة النور الآية: 26 ] . فماذا بعد الحق إلا الضلال ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
علل المسوخ وأصنافها (25)
عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المسوخ فقال : هم ثلاثة عشر الفيل والدب والخنزير والقرد والجري والضب والوطواط والدعموص والعقرب والعنكبوت والأرنب والزهرة وسهيل فقيل يا رسول الله ما كان سبب مسخهم؟ قال : أما الفيل فكان رجلا لوطيا لا يدع رطبا ولا يابسا ، وأما الدب فكان رجلا مخنثا يدعو الرجال إلى نفسه، وأما الخنزير فقوم نصارى سألوا ربهم أن ينزل المائدة عليهم فلما نزلت المائدة كانوا أشد كفرا وأشد تكذيبا وأما القردة فقوم اعتدوا في السبت ، وأما الجري ـ الفرس ـ فكان ديوثا يدعو الرجال إلى أهله ، وأما الضب فكان أعرابيا يسرق الحاج بمحجنه ، وأما الوطواط فكان يسرق الثمار من رؤوس النخل ، وأما الدعموص فكان نماما يفرق بين الأحبة، وأما العقرب فكان رجلا لذعا لا يسلم من لسانه أحد، أما العنكبوت فكانت امرأة سحرت زوجها ، وأما الأرنب فكانت امرأة لا تطهر من حيض ولا غيره، وأما سهيل فكان عشارا باليمن، وأما الزهرة فكانت امرأة نصرانية وكانت لبعض ملوك بني إسرائيل وهي التي فتن بها هارون وماروت.
أقول :(1/86)
نزه الله ساحة أمير المؤمنين أبي الحسن عن هذا الهراء، الذي يذكرنا بخيالات الحشاشين في أوكارهم حينما يصابون بالخرافة والخبل تحت تأثير الحشيشة ، وتوثيق المعلومات من دلائل اليقين والصدق فيها، وذلك منهج القرآن الذي يقوم على الحجة البالغة والبرهان، لا على الخيالات والأوهام ، قال تعالى: ( اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) [ سورة الأحقاف الآية : 4 ] فمن أي المصادر استقى مسيلمة هذه النفحات الشيعية قال تعالى ( وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ) [ سورة الزمر الآية : 60].
العلة التي من أجلها
قد يرتكب المؤمن المحارم ويعمل الكافر الحسنات (26)
قيل لأبي جعفر محمد الباقر أيزني المؤمن قال لا ؟ قيل فيلوط ؟ قال لا قيل فيشرب الخمر ؟ قال لا قيل فيذنب ؟ قال نعم ، قيل لا يزني ولا يلوط ولا يشرب السكر ولا يرتكب السيئات ، فأي شيء ذنبه فقال : قال الله تعالى ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ ) [ سورة النجم الآية : 32] وقد يلم المؤمن بالشيء الذي ليس فيه مراد ، قال السائل فاخبرني عن الناصب لكم : يطهر بشيء أبدًا ؟ قال لا ، قال قد أرى المؤمن الموحد الذي يقول بقولي ، ويدين بولايتكم، وليس بيني وبينه خلاف ، يفعل المنكرات والكبائر ، وقد أرى الناصب المخالف لما أنا عليه ، ويعرفني بذلك، فآتيه في حاجة ، فأجده طلق الوجه ، حسن البشر مسرعا في حاجتي ، فرحا بقضائها ، كثير الطاعات، يؤدي الزكاة ، ويحفظ الأمانة.(1/87)
قال: ذلك لأن الله أجرى الماء العذب على أرض طيبة طاهرة ، سبعة أيام بلياليها ، ثم نضب الماء عنها ، فقبض قبضة من صفوة ذلك الطين ، وهي طينة أهل البيت، ثم قبض قبضة من أسفل ذلك الطين ، وهي طينة شيعتنا، ثم اصطفانا لنفسه ، فلو أن طينة شيعتنا ، تركت كما تركت طينتنا ، لما اكتسب المؤمن شيئا مما ذكرت ، ولكن الله أجرى الماء المالح على أرض ملعونة سبعة أيام ولياليها ، ثم نضب الماء عنها ، ثم قبض قبضة وهي طينة ملعونة ، من حمأ مسنون ، وهي طينة خبال ، وهي طينة أعدائنا ، فلو أن الله عز وجل ترك طينتهم كما أخذها لم تروهم في خُلق الآدميين ، ولم تروا أحدا منهم بخُلق حسن، ولكن الله جمع الطينتين فخلطهما ومزجهما بالماءين ، فما رأيت من أخيك المؤمن من شر ، لفظ أو زنا أو شيء مما ذكرت ، فليس من جوهريته ولا من إيمانه ، إنما هو بمسحة الناصب اجترح هذه السيئات التي ذكرت، وما رأيت من الناصب من حُسن وجه وطاعة ، فليس من جوهريته إنما تلك الأفاعيل من مسحة الإيمان ، ثم ينزع الله يوم القيامة مسحة الإيمان عنهم ، ويردها إليكم ، وينزع مسحة العصيان ويردها عليهم.
وأقول :
هذا دليل أخر على وحدة الفكر وأصول العقيدة المتطابقة تماما ، بين الشيعة وشعب الله المختار آل كوهين، من حيث اختلاف الطينة والأصل والدم والأعراق ، فهم عنصر طاهر فريد ، اصطفاه الله على سائر البشر الخنازير، الذي خُلِقوا مطايا لشعب الله المختار ، الذي لهم ثأر قائم إلى يوم القيامة لقتل فرعون لأطفالهم في غابر التاريخ ، والناظر في التراث اليهودي المقدس كالأسفار والتلمود ، وبرتوكولات حمقاء صهيون، يرى وكأن العقيدتين خرجتا من مشكاة واحدة.
لقد نقل المنافق اليهودي اللعين ، كل شيء في عقيدته ، من العنصرية والطينة ومواريث الأحقاد ، والثأر القديم، وتوارث الأجيال ، جريرة الأقدمين ، والقول بالبداء على الله تعالى للخطأ أو الجهل والرجعة إلى ما هو أصوب .(1/88)
نقل لهم كل صغيرة وكبيرة من عقائد اليهود، إلا حائط المبكى لم يستطع نقله فاستبدله باستشهاد الحسين ـ رضي الله عنه ـ في أطهر الساحات فدخل بمشيئته تعالى في زمرة قوله تعالى سبحانه : ( فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ {170} يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ {171}) [ سورة آل عمران الآيات : 169 : 171 ] . والشيعة حزانى يولولون في الأعياد وعاشوراء ، إلى خروج الوهم المنتظر ، المختفي في سرداب سامراء ، متأبطاً مصحف فاطمة الأصيل غير المزيف المحرف كالقرآن الذي بين يدي الأمة ، وتولى الله حفظه إلى يوم القيامة .
تشهد نصوصهم المقدسة وأعلام شيوخهم ، بالبون الأخلاقي الشاسع، بين حثالاتهم ، والشواهد الإسلامية الثابتة لدى أهل السنة والجماعة ، لكن إبليس يكذب الشمس في رابعة النهار، ويرفض أن يرفع الحق رأسه في كتبهم ( بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ {19} وَاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ ... ) [ سورة البروج الآيتان : 19 : 20] . ولو طوف مسلم عواصم الدول في العالم أجمع ، فإنه يجد في كل منها مسجدا لأهل السنة والجماعة ، تصلي فيه الجمعة، إلا عاصمتين اثنتين فقط هما : تل أبيب وطهران ، الوجهان لعملة واحدة ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
العلة التي من أجلها أبى الله عز وجل
لصاحب الخلق السيئ بالتوبة.
عن جعفر الصادق، قال : أبى الله تعالى لصاحب الخلق السيئ بالتوبة قيل وكيف ذلك ؟ قال : لأنه لا يخرج من ذنب حتى يقع فيما هو أعظم منه.
العلة التي من أجلها
لا تقبل توبة صاحب البدعة.(1/89)
بسندهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال أَبى الله لصاحب البدعة بالتوبة قيل وكيف ذلك؟ قال إنه قد أشرب قلبه حبها وكلاهما أي صاحب الخلق السيئ والبدعة يتعارض مع الباب 180 ص 246 .
وأقول :
(1) أبت رحمة الله التي وسعت كل شيء ، أن يغلق باب الرجاء والأمل في وجه العصاة من عباده ، إذا طرقوا بابه ، ولاذوا بجنابه، وعرفوا أن رحمة الله أكبر مما جنت أيديهم ، فبادروا إلى باب التوبة النصوح ، وهي ندم والتزام ، وعهد مع الله تعالى، ولا يغلق الله باب التوبة في وجه العصاة من عباده حتى تشرق الشمس من مغربها ، وتنعكس دورتها وقد قال في ذلك الحق سبحانه (هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ) [ سورة الإنعام الآية : 158] . بشرط واحد : ألا يتجاوز الخطوط الحمراء في المعاصي ، وهي ألعن الكبائر على الطلاق ( الشرك ) ، بأن يجعل لله ندا وهو خالقه ، قال تعالى : (أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) [ سورة النحل الآية : 17] .
(2) ومما يزكي عدم القنوط من رحمة الله ، لغير أهل الشرك من العصاة ما عُلم من أن الله يدفع البلاء عن عباده ، بشفاعة الضعفاء ، فلولا أطفال رُضَّع وشيوخ رُكَّع وبهائم رُتَّع لصب الله علينا البلاء صبا.(1/90)
وقد أورد الصدوق ، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : [ إن الله عز وجل إذا رأى أهل قرية قد أسرفوا في المعاصي ، وفيها ثلاث نفر من المؤمنين ، ناداهم جل جلاله ، وتقدست أسماؤه : يا أهل معصيتي ، لولا فيكم من المؤمنين المتحابين بجلالي ، العامرين بصلاتهم أرضي ومساجدي ، والمستغفرين بالأسحار ، خوفًا مني ، لأنزلت بكم عذابي ، ثم لا أبالي ] ص 246 من العلل للصدوق ، مما يوحي بمعارضة الحديث الأول ومناقضته .
(3) البدعة : هي الاختراع في الدين ، باتباع غير سبيل المؤمنين ، على غير هُدَى من الكتاب والسنة ، بما اشتملت عليه الآية الشريفة ( وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا) [ سورة النساء الآية : 115 ] . وهي نوعان : مكفرة وغير مكفرة.(1/91)
أما المكفرة ، فبإنكار حرف من القرآن الكريم، لأن من كفر بحرف واحد منه، فقد كفر بالقرآن كله، أو إنكار معلوم من الدين بالضرورة ، كالطاعن في شرف أم المؤمنين عائشة وإيمانها ، لا سيما وقد نزل فيها قرآن يتلى، تكفل الحق جل وعلا بحفظه إلى يوم القيامة من سورة النور ، آخره قول الحق سبحانه ( أُولَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ) [ سورة النور الآية : 26] يدخل في زمرتهم المؤلهون لابن أبي طالب رضي الله عنه ، كالشيعة في مثل قولهم : إنه قسيم الله في الجنة والنار ، ومالك ورضوان يأتمران بأمر علي ، أي له الحق في الإدارة ، ولعل الملكية بنسبة 51% لذلك. واللاعنون له ـ رضي الله عنه ـ كالخوارج رد الله سهمهم جميعا في نحورهم ، وأبعدهم عن أمة الاعتدال والوسط ، وليس للمشركين توبة مطلقا، بدليل قول الحق سبحانه (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا) [ سورة النساء الآية : 116] إن الشرك لظلم عظيم ، والظلم مرتعه وخيم ، إلا بالإقلاع الكامل ، ونبذ هذه الشركيات وأهلها ، والعودة المخلصة إلى التوحيد الخالص ، والصراط السوي ، وجماعة المؤمنين.
ــــــــــــــــ
هوامش الفصل الثالث
(1) المرجع السابق ص : 275 .
(2) المرجع السابق ص : 291
(3) المرجع السابق ص : 291
(4) المرجع السابق ص : 293
(5) المرجع السابق ص : 294
(6) المرجع السابق ص : 302
(7) المرجع السابق ج 2 ص 312
(8) المرجع السابق ص : 317
(9) المرجع السابق ص : 321
(10) المرجع السابق ص : 324
(11) المرجع السابق ص : 358
(12) المرجع السابق ص : 370
(13) المرجع السابق ص : 372
(14) المرجع السابق ص : 385
(15) المرجع السابق ص : 389
(16) المرجع السابق ص : 416
(17) المرجع السابق ص : 443
(18) المرجع السابق ص : 451
(19) المرجع السابق ص : 453
(20) المرجع السابق ص : 459
((1/92)
21) المرجع السابق ص : 461
(22) المرجع السابق ص : 467
(23) المرجع السابق ص : 389
(24) المرجع السابق ص : 474
(25) المرجع السابق ص : 485
(26) المرجع السابق ص : 489
...
الفصل الرابع
ما يتعلق بالنكاح والمعاملات
والعلاقات الإنسانية والاجتماعية
الفصل الرابع
نكاح المحارم وما يتعلق بالنكاح والمعاملات
والعلاقات الإنسانية والاجتماعية
العلة التي من أجلها نهي عن تزويج المرأة
على عمتها وخالتها إلا بإذنها(1)
عن أبي جعفر محمد الباقر قال : إنما نهى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم عن تزويج المرأة على عمتها وخالتها إجلالا للعمة والخالة فإن أذنت فلا بأس في ذلك.
وعنه قال : لا تنكح ابنة الأخ ولا ابنة الأخت على عمتها ولا على خالتها وتنكح العمة والخالة على ابنة الأخ ، والأخت بغير إذنهما.
وأقول :(1/93)
حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمع بين الزوجة وعمتها، وخالتها، حماية للرحم ، ومنعا من تقطيع أواصر القربى، قال تعالى في سورة محمد ، ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {22} أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {23}) [ سورة محمد الآيتان : 22، 23] . ومن الثابت في السنة المطهرة أن الخالة والدة، ومعلوم أن العمة صنو الوالد ، وقد تكون ووالد الزوجة توءم ، مثل أم حكيم البيضاء ، جدة عثمان لأمه ، فابنتها أروى بنت كريز أم عثمان بن عفان ، والرسول في درجة خاله ، كانت أم حكيم ووالد رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عبد المطلب توءم في بطن واحدة ، وكذا بالنسبة للخالة مع الأم ، والضرائر في الغالب سوق رائجة لمكايد النساء ، والتنافس والتشفي والعداوة، فأي المنهجين تسكن إليه النفس الأوابة، ينسجم مع التخصص الدقيق بلغة العصر أو ما يسميه علماء البلاغة بالحصر والقصر ، في قول الحق سبحانه (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) [ سورة الأنبياء الآية : 107] ولا شك إن إشعال نار العداوة بين الأرحام مما يتناقض مع الرحمة، التي يحرص الإسلام على توطيد أركانها.
علة المهر ووجوبه على الرجال(2)
سئل أبو الحسن الرضا عن علة المهر ووجوبه على الرجال ولا يجب على النساء أن يعطين أزواجهن ؟ قال لأن المرأة بائعة نفسها والرجل مشترٍ ولا يكون البيع بلا ثمن ولا شراء بغير إعطاء الثمن.
وأقول :(1/94)
شطر ديننا شرف وعفاف، وطهر، وفضيلة، وعقد الزواج في الإسلام من أشرف العقود، إن لم يكن أشرفها على الإطلاق ، فقد سماه رب العزة في قرآنه الخالد بالميثاق الغليظ، وهو مقام لم يرد الوصف به في القرآن إلا في مقامين: الأول البيعة والعهد الذي أخذه على الأنبياء بإمامة وقيادة حبيبه الأول محمد صلى الله عليه وسلم : قال تعالى في سورة الأحزاب (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا) [ سورة الأحزاب الآية : 7] .(1/95)
المقام الثاني : عقد الزواج الإسلامي قال تعالى في سورة النساء ( وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً {20} وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا) [ سورة النساء : 20 : 21] وهو القائل سبحانه (وَآتُوا النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) [ سورة النساء الآية: 4] أي عطية وهبة للتكريم والتحابب والوصال ، فالمقام أشرف من أن يكون عوضا عن جسد ، وبيعا له ، وإلا فميدانه سوق النخاسة والإماء والرقيق ، ويتناقض ذلك مع روح السنة النبوية الشريفة ، التي تؤثر التساهل والتيسير ، كما ورد في الأثر ( أيسرهن مهرا أكثرهن بركة) ( التمس ولو خاتما من حديد ) وقد زوج أحد الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين على أن يحفظها ما معه من القرآن ، لما لم يجد عرضا ماديا في أبسط صوره. ومن أشرف غاياته ولد صالح يدعو له ، يعز الله به الإسلام ، ويرفع شأن راية القرآن ، ويبيض الله به وجه والديه ، بعظيم الأجر والمنزلة ، وقرة العيون في الدارين قال تعالى ( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ) [ سورة الفرقان الآية : 74] .
العلة التي من أجلها يجوز أن يتزوج
في الشكاك ولا يجوز أن يزوجوهم(3)
عن جعفر الصادق قال : تزوجوا في الشكاك ولا تزوجوهم لأن المرأة تأخذ من أدب زوجها ، ويقهرها على دينه والمراد بالشكاك أهل السنة والجماعة أولا .
وأقول :
حرم الله على خير أمة أخرجت للناس ، تزويج المشرك ، وكذا الزواج من المشركة ، والشيعة مشركون ، بإجماع ذوي البصائر من أعلام الأئمة وأسلافنا الأماجد ، رضوان الله عليهم أجمعين.(1/96)
ونظرا لشيوع الفقر المادي والروحي ، لدى كثير من أقطار المسلمين، يفد بعض الشيعة من أرباب النفط ، ليشتروا بأموالهم أعراض المسلمات ، والزواج شرعا بالشيعة رجالا ونساء حرام ، لأنه ضرب من الزنا ، ويجب على العلماء والمسئولين في ديار الإسلام ، تبصير شعوبهم بهذه الكارثة ، وبيان حرمة التزاوج مع الخبثاء المشركين الشيعة ، لأنه زنا ، ولا يحل شرعا لمسلم أو مسلمة مناكحتهم ولا ذبائحهم ، ألا هل بلغت ، اللهم فاشهد ، يقول الله تعالى : (وَلاَ تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُوا الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)[ سورة البقرة الآية : 221] وقضايا العقيدة في الإسلام ، كتوحيد الحق سبحانه ، في ذاته وصفاته وأفعاله ، وأن الحق سبحانه لا يقبل طرفا ثالثا واسطا أو شفيعا بين العبد وربه، ولو كان حبيبه الأول محمدا صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه ، كل هذه القضايا ، لا مساومة فيها في الإسلام ، فإما إيمان خالص وإما شرك ، ورغم أننا من وجهة نظرهم ألعن الكفار ، المستباح فيهم الدم والمال إلخ ولَمْسنَا عندهم من نواقض الوضوء إلخ ومع كل هذا ، يسمحون لرجالهم بالزواج من نسائنا الموحدات، في البيئات الجاهلية ، والتي تجهل حقيقة أحوالهم وعقيدتهم ، على سبيل التلصص ، والقهر في الدين والعقيدة ، أخذا بمبدأ أخيهم اليهودي اللعين ميكيافيللي : ( الغاية تبرر الوسيلة).
العلة التي من أجلها إذا كان للرجل امرأتين
كان جائزا له أن يفضل إحداهما على الأخرى(4)(1/97)
سئل جعفر الصادق عن الرجل له امرأتان إحداهما أحب إليه من الأخرى أله أن يفضلها بشيء ؟ قال نعم له أن يأتيها ثلاث ليال والأخرى ليلة واحدة لأن له أن يتزوج أربع نسوة فليلته يجعلها حيث يشاء.
وأقول:
يقول الحق سبحانه : ( يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ {26}) [ سورة ص الآية : 26] .(1/98)
ولا يصح شرعا أن تهتز موازين العدالة لمن يقضي بين المتساوين في الحقوق والواجبات ، ويعتذر بأن ذلك للميل والهوى نحو طرف دون آخر ، يرى المؤمن هذه المشاعر النبيلة متجسدة في قول مثلنا الأعلى صلى الله عليه وسلم اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك ، أي الميل القلبي ، لأن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب رجل واحدد يقلبه كيف يشاء. وقد يحول إذا شاء بين المرء وقلبه، وفرقة الشيعة الإمامية الجعفرية الاثنى عشرية جبلت طبيعتهم على حب الشذوذ دائما في كل شيء ، كإتيان النساء الضحايا في الأدبار من طريق الغائط ، والطلاق تسع وكذا الزواج عند بعضهم تسع ، باستثناء نكاح المتعة المؤقت فحدث ولا حرج ، وقد أخرج الإمام القرطبي ، في تفسير الآية الثالثة من سورة النساء ، روى أبو هدبة إبراهيم بن هدبة، حدثنا أنس بن مالك قال : أتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأة تستعدي زوجها ( أي تشكوه ) . فقالت : ليس لي ما للنساء ، زوجي يصوم الدهر قال : ( لك يوم وله يوم ) . للعبادة يوم وللمرأة يوم ، ولعل الحكمة العليا في ذلك : الإبقاء على البقية الباقية من وشائج صلة الرحم والجوار والقربى بين الزوجات الضرائر، وبالتالي بين الإخوة والأخوات منهن ، نلمح هذا المعنى الإنساني النبيل، في نور الوصية بالعدل بين الأولاد أيضاً(5) ومن حقوق الإنسان التي كفلها الإسلام العزيز من أول يوم وأرسى قواعدها الثابتة مَنْ بَعَثَهُ مولاه رحمة للعالمين ، قال تعالى ( وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [ سورة الأنعام الآية : 152] .
العلة التي من أجلها لا تحل المرأة لزوجها بعد تسع
تطليقات والعلة التي من أجلها صار طلاق المملوك اثنتين(6)(1/99)
سئل أبو الحسن الرضا عن علة تحريم المرأة بعد تسع تطليقات فلا تحل لزوجها أبدا ؟ قال عقوبة له لئلا يتلاعب بالطلاق وليكون ناظراً في أمره متيقظا معتبرا ويكون يائسا من الاجتماع بها بعد تسع تطليقات ، وعلة طلاق المملوك اثنتين لأن طلاق الأمة على النصف وجعله اثنتين احتياطا لكمال الفرائض.
وأقول :
من القواعد الثابتة لدى الأعلام والراسخين في العلم ، أنه لا اجتهاد مع النص ، وقد قال الحق سبحانه ( الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) [ سورة البقرة الآية : 229] . ويلاحظ البون الشاسع ، والفارق البعيد ، بين الطلقات الشيعية التسع ، وبين مدلول الآية الشريفة، وصريح منطوقها، ولهم في مثل هذا الاختلاف عذر ، بل أعذار أقبح من الذنب نذكر منها:
(1) طعنهم في الصحابة بالكفر والنفاق والردة ، ولعنهم صباح مساء على المسابح ، بما يقدح في عدالتهم وأمانتهم ، باستثناء عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة هم المقداد بن الأسود وعمار وسلمان الفارسي وجابر بن عبد الله ، وهؤلاء القلة لا يرقى عددهم إلى شروط المتواتر ، فالطعن في القرآن عندهم بمقتضى ذلك وارد ، وعندهم البديل الأوثق ( قرآن فاطمة ) محفوظ في السرداب مع الوهم المنتظر عندهم ، وهو الذي سيملأ به الأرض عدلا ، عجل الله فرجه وخروجه ، ( كما يقولون في دعائهم كلما وردت الإشارة إليه).
((1/100)
2) التزامهم بقاعدة في أصول الفقه عندهم تقول : ( الرشد في خلافهم ) أي في خلاف السواد الأعظم ، من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أهل السنة والجماعة ، ومن البشائر النبوية الشريفة، ألا تجتمع هذه الأمة على ضلالة أبداً ، وحتى يوم عرفة في عقيدتهم ، مختلف دائما كل عام، فلا يهدي الله له الكفرة الملاعين أهل السنة والجماعة في خير أمة ، وإذا كان الخلاف بيننا وبينهم يبدأ من أركان الإسلام والإيمان ، التي يحفظها الأطفال عندنا ، فلا غرابة أن يحصل الخلاف في سائر الفروع والأصول ، بدءا من الكتاب والسنة ، وما أخذ منهما.
العلة التي من أجلها لا تقبل شهادة النساء
في الطلاق ورؤية الهلال(7)
كتب أبو الحسن الرضا في جواب ذلك فقال : علة ترك شهادة النساء في الطلاق والهلال، لضعفهن عن الرؤية ، ومحاباتهن النساء في الطلاق .
وأقول:(1/101)
هناك بعض الوقائع ، في قضايا النساء والطلاق ، لا يخبرها إلا النساء وشهادة العدول منهن من الأهمية بمكان ، وآية الدين في سورة البقرة أشارت إلى ذلك ، ومن المضحك فيما أورده شيخهم ، في تعليل منع النساء من الشهادة وتركها ، تعميم الغشاوة على عيونهن ، وضعفهن عن الرؤية ، بما يسمى علميا بقصر النظر الشديد . وشر البلية ما يضحك قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُوا وَلاَ تَسْأَمُوا أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُوا إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [ سورة البقرة الآية : 282 ] .
اختلاف الشهداء في الزنا والقتل
العلة التي من أجلها جعله في الزنا أربعة من الشهود
وفي القتل شاهدان (8)(1/102)
فقال : إن الله أحل لكم المتعة ، وعلم أنها ستنكر عليكم ، فجعل الأربعة الشهود احتياطا لكم لولا ذلك لأتى عليكم وقل ما يجتمع أربعة على شهادة بأمر واحد.
وأقول :
شاءت إرادة الحكيم الأعلى سبحانه ، أن يطهر أمة حبيبه الأول محمد صلى الله عليه وسلم ، من أوضار الجاهلية وقبائحها ، لا سيما في العلاقات الإنسانية ، وانتهاك الأعراض والحرمات، مع التدرج في تطبيق الحكم الشرعي ، واستكمال جوانبه نحو الكمال الأعلى ، رحمة من الله بعباده ( وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ(1/103)
لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ {143}) [ سورة البقرة الآية : 143 ] . ولمسنا هذه الحكمة العالية، في الموبقات الثلاث الكبرى ، كأم الخبائث الخمر والربا والزنا ، فقد استكملت دائرة بيان الحكم الشرعي ، الثابت لهذه الأمة، إلى يوم القيامة ، على مراحل ، كما هو مبين في منهج التشريع الإسلامي وأطواره المختلفة ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه ، على رأس الجيش في غزوة خيبر ، في السنة السابعة من الهجرة، وذبح المسلمون ما تيسر لهم من الحمر الأهلية ، وكانت حلالا حتى هذه الساعة ، وغلت بها القدور لإطعام الجيش ، وإذ بالوحي الشريف يتنزل ، وينادي منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجيش ، بأن أكفئوا القدور ، ولا تأكلوا من الحوم الحمر الأهلية شيئا ، فإن الله عز وجل حرمها على الأمة، وحرم نكاح المتعة إلى يوم القيامة، ( انظر كتاب الصيد والذبائح في عمدة الأحكام وغيره ) فشذ الشيعة عن إجماع الأمة ، كشأنهم في معظم الأحوال، ومن البشائر النبوية الشريفة، ألا يجتمع أمر هذه الأمة على ضلالة أبدا ، وإلزام الروافض أنفسهم برفض منهج الله في هذا المقام، وظلت الحمر الأهلية ونكاح المتعة حلالا للشيعة الإمامية الجعفرية الاثني عشرية دون الأمة قاطبة، بل ودون سائر فرق الشيعة، التي تربو على المائة ، كما أشار إلى ذلك الإمامان ابن حزم في الفصل ، والشهرستاني في الملل والنحل.
وقد أكد العلم الحديث معجزة نبوية جديدة ، في تحريم لحوم الحمر الأهلية، بثبوت ارتفاع نسبة البولينا واليوريا بها، وصدق الحق سبحانه ( وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) [ سورة الأعراف الآية : 157] , وليس ذلك بأقل خبثا، من استحلال نكاح المتعة ، واللوطية بالنساء ، إلى آخر المباحات الخاصة بالشيعة ، أبعدهم الله تعالى.
العلة التي من أجلها لا يحل طلاق الشيعة الثلاث
لمخالفيهم وطلاق مخالفيهم يحل لهم(9)(1/104)
سئل أبو الحسن الرضا، عن تزويج المطلقات ثلاثا . فقال : إن طلاقكم الثلاث لا يحل لغيركم، وطلاقهم يحل لكم ، لأنكم لا ترون الثلاث شيئا، وهم يوجبونها.
وأقول :
يقول الله تعالى في شأن خير الكتب ، المنزل على خير الأنبياء لخير الأمم ( بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ) [ سورة الشعراء الآية : 159] لا التواء فيه ولا عوج، وأصول العقائد الشيعية ، نبتت على أرض الفرس الأعاجم ، بزراعة اليهود الذي نُفي زعيمهم إلى المدائن عاصمة فارس، على يد أمير المؤمنين علي ـ رضي الله عنه ـ بعد أن افتضح أمرهم في عهده ، وادعوا ألوهيته ، فأمر خادمه قنبر أن يؤجج النار وحرقهم فيها وقال :
لما رأيت الأمر أمرا منكرا ... ... أججت ناري ودعوت قنبرا(1/105)
وشفع عبد اله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ لكبيرهم الحاخام عبد الله سبأ المنافق ، لعنة الله عليه ، الذي نقل عقائد اليهود ببصماتها الأصيلة تحت عباءة الإسلام المجوسي اليهودي ، ولهم فهم خاص لكل كلمة في القرآن ، لا يطاوعهم في ذلك عقل أو لغة، أو فهم إسلامي رشيد، إلا شياطين اليهود والمجوس ، فمثلا : الطلاق عندهم تسع ، مع أن الحق عز وجل يقول : ( الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) [ سورة البقرة الآية : 229 ] . وقد أخذ أهل السنة والجماعة بصريح الآية الواضح الجلي ، ورفض الروافض ، أخزاهم الله تعالى إلا أن يتبعوا غير سبيل المؤمنين ، والطلاق ، في الإسلام لا يلجأ إليه إلا كبديل للكفر أو القتل ، فلا بد أن تسبقه مراحل أربع ذات نفس طويل . (1) عظوهن فإن لم يجد كعلاج . (2) فالهجر في المضاجع ثم (3) اضربوهن ضربا غير مبرح ثم . (4) ابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما، (5) وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته ، وذلك بإيقاع الطلقة الثالثة في طهر لم يجامعها فيه، وحينئذ لا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره ويموت عنها أو يطلقها قَدَرا دون ترتيب من العباد ، ونحن نرد على الشيعة : ( لكم دينكم ولي دين) ولا حرج فلديهم مصحف فاطمة، يختلف عما في أيدينا معشر أهل السنة والجماعة ، فضلا عن التفسيرات الخاصة ، المخالفة كما أسلفنا ، ويصدق فيهم قول الحق سبحانه (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ {78}) [ سورة آل عمران الآية : 78 ] .(1/106)
يلوون أعناق الآيات القرآنية، بتفسيرات هميونية ، مناقضة للحق الذي نزلت به ، ويخرجون بها إلى ما يؤيد زيفهم وضلالهم ، فلا يعوزهم استخراج دليل ، لأي نقيصة فاجرة، مثل استحلال الدماء والأموال إلخ لأعدائهم ومخالفيهم ، من أهل السنة والجماعة ، بل واستحلال قتل أطفالهم دون الحلم ، وكل هذا الفكر هو الذي يعيد للأمة الإسلامية قوتها وعزتها بين أعدائها في عقيدتهم وحساباتهم ، تراه في مرجعهم الأصيل ، علل الشرائع للصدوق ، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.
علل نوادر النكاح(10)
عن جعفر الصادق أنه قال : إنما صار الصداق على الرجل دون المرأة وإن كان فعلهما واحدا فإن الرجل إذا قضى حاجته منها قام عنها ولم ينتظر فراغها فصار الصداق عليه دونها لذلك.
أقول :
الرجل المسلم الكامل الرجولة ، لا يرضى لنفسه أن يكون تيسا أنانيا أرعن ، وما استحق أن يولد من عاش لنفسه فقط، والزوجة أمانة أمرنا الله بالإحسان إليها ، وأكد ذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم ، ولفت أنظارنا إلى مقدمات اللقاء ، وأهميتها في التهيئة النفسية، حتى يأخذ بيدها إلى الذروة ويطفئ لهيب جذوتها، وإلا كان المسئول الأول ، عن جنوحها عن جادة الطريق الذي اختاره الله للمؤمنات الطاهرات، ولا يبرئ ذمة أشباه الرجال من التقصير في هذا الواجب ، أي صداق من الحطام الفاني ، مهما بلغ ، يمتهن به كرامتها وحقها، كشريكة عمر، ورفيقة حياة ، لا سيما والأدب الرفيع يهتف به قرآننا الخالد ، في قول الحق سبحانه ( وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ) [ سورة النساء الآية : 4] أي عطية وهدية وهبة ، لأن العرض والشرف ، والكرامة الإنسانية للمؤمنة ، لا تقدر بكنوزها الدنيا وحطامها الفاني كله، ويحتاج ذلك إلى ذوق وأحاسيس مؤمنة، ومشاعر رفيعة عالية ( وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً).[ سورة الإسراء الآية : 72] .(1/107)
لا سيما بعد قوله تعالى ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) [من سورة البقرة الآية : 288] .
العلة التي من أجلها
يكره معاملة أصحاب العاهات(11)
قال الصدوق حدثنا محمد بن الحسن قال حدثنا محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بإسناده رفعه قال : قال أبو عبد الله جعفر الصادق: احذروا معاملة أصحاب العاهات فإنهم أظلم شيء.
وأقول :
يتفق هذا مع ما تعارف عليه أهل الجهل والغلظة في قولهم ( كل ذي عاهة جبار) كالأعمى والأعرج ، مع أن حبيب رب العالمين محمدا صلى الله عليه وسلم آله وصحبه ، عاتبه ربه من فوق سبع سماوات ، من أجل امتعاض يسير في وجه أعمى لا يدري ( عَبَسَ وَتَوَلَّى {1} أَن جَاءهُ الْأَعْمَى {2} وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى {3} أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى {4}) [ سورة عبس الآيات : 1 : 4] وقد قال عز وجل في الحديث القدسي الشريف ( إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه ثم صبر لم أجد له جزاء إلا الجنة) وكذا الصابرون على البلاء ، من ذوي الابتلاءات والعاهات ، بشرهم ربهم بأعظم المثوبة والفضل ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) [ سورة الزمر الآية : 10] . فهل من حق العبد أن يُهِين من أكرمه مولاه ، إنه حمق وجهالة وافتئات على الله تعالى ، لأنه وحده الرافع الخافض، والمعز المذل ، ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء ، لكن الحكماء يقولون:
لكل داء دواء يستطب به ... إلا الحماقة أعيت من يداويها
اللهم أعذنا بفضلك من الحماقة والغباء ، والجهل وسائر الأدواء ، يا رب العالمين.
العلة التي من أجلها
يكره مخالطة الأكراد(12)
سأل رجل جعفر الصادق فقال له : إن عندنا أقواما من الأكراد ، يجيئونا بالبيع ونبايعهم ، فقال له : لا تخالطهم فإن الأكراد حي من الجن كشف الله عنهم الغطاء فلا تخالطهم.
وأقول :(1/108)
جهالة تضحك الثكلى ، فآدم أبو البشر ، وإبليس أبو الجن ، وبمقتضى قولهم فالقائد المسلم الذي قلما يجود الدهر بمثله ، السلطان الناصر لدين الله ، صلاح الدين الأيوبي ، من أحفاد إبليس ، على حد تصنيفهم للخلائق، وعبارتهم أنهم أهل العلم اللدني ، لعلهم يصيبون ثأرا بهذه الفرية، من هذا القائد المغوار صلاح الدين الأيوبي ، الذي بيض الله به وجه أمة حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم وطهر به أرض الكنانة من ضلالات الشيعة وشركهم ، وحَوَّل الأزهر على يديه من معمل لتفريخ العمائم الشيعية السوداء ، إلى الحصن الأول للعلوم الإسلامية ، والمنارة العلمية الأولى للعالم الإسلامي ، في مشارق الأرض ومغاربها ، [ ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ] ، ولا عيب يرونه في الأكراد ، إلا أنهم جميعا من أهل السنة والجماعة ، وأحفاد قاهرهم صلاح الدين الأيوبي ـ رضي الله عنه.
العلة التي من أجلها يجب
الأخذ بخلاف ما تقول العامة(13)
قال أبو عبد الله جعفر الصادق ، أتدري لم أمرتم بالأخذ بخلاف ما تقول العامة ، فقلت : لا ندري ، فقال : إن علياـ رضي الله عنه ـ لم يكن يدين لله بدين ، إلا خالف عليه الأمة إلى غيره ، وإرادة لإبطال أمره، وكانوا يسألون عليا عن الشيء الذي لا يعلمونه ، فإذا أفتاهم جعلوا له ضدا من عندهم ، ليلبسوا على الناس .
وعنه قال : إذا كنتم في أئمة الجور ، فامضوا في أحكامهم ، ولا تشهروا أنفسكم فتقتلوا ، وإن تعاملتم بأحكامهم كان خيرا لكم ، وسئل أبو الحسن الرضا ، حدث الأمر من أمري ، لا أجد بدا من معرفته ، وليس في البلد الذي أنا فيه أحدٌ أستفتيه من مواليك ؟ فقال إيت فقيه البلد فإذا كان ذلك فاستفته في أمرك ، فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه ، فإن الحق فيه.
وأقول :
((1/109)
1) نجح ابن السوداء في استئصال خلاياهم عن جسد الأمة ، بوضع فتنة القاعدة الشيعية المتأصلة في دمهم والتي تقول : ( الرشد في خلافهم ) أي في خلاف إجماع السواد الأعظم لخير الأمم ، من أهل السنة والجماعة ، حتى يوم عرفة إذا صادف يوم جمعة مثلاً ، فيوم عرفة عند الشيعة الخميس أو السبت والسبت أولى لأنه يوم الرب لأجدادهم ، الوجه الآخر لعملة واحدة.
(2) قامت الحروب الطاحنة ، بين ملل الكفر بأوروبا وغيرها حتى بلغ الضحايا في الحرب العالمية الثانية، خمسين مليونا ، بين قتيل وجريح ومشوه ، واليوم تغيرت العقلية الأوربية الكافرة ، لترفع شعارات الوحدة الكاملة للولايات الأوربية ، في كل المجالات ، سواء الاقتصادية بتوحيد العملة والسوق الأوربية المشتركة ، والسياسية بالبرلمان الأوربي ، وإلغاء الحواجز والتأشيرات إلخ وكذا المجال العسكري، إلا الشيعة أبعدهم الله تعالى ، وشتت كيدهم، يرفضون كل حق وبرهان، سماهم السلف الصالح بالروافض لهذا، مما يشجع أعداء الإسلام على التفكير في إخماد جذوته ، واستئصال شأفته ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
العلة التي من أجلها
يجلد ظل الذي يزعم أنه احتلم بأم غيره(14)
بسندهم قال جعفر الصادق أن رجلا لقي رجلا على عهد أمير المؤمنين علي فقال له : إني احتلمت بأمك، فرفع إلى أمير المؤمنين فقال إن هذا افترى عليَّ . فقال : وما قال لك ؟ قال : زعم أنه احتلم بأمي. فقال: أمير المؤمنين في العدل إن شئت أقمته لك في الشمس وجلدت ظله ، فإن الحلم مثل الظل، ولكنا سنضربه إذا آذاك حتى لا يعود ويؤذي المسلمين ، وأقول : أنزه ساحة خير القرون ، من مثل هذه التفاهات الوضيعة ، وشأن أكرم القرون وأشرف الساحات ، علماء وعامة ، فضلاً عن أعلام القرة، الاشتغال بمعالي الأمور دون سفسافها ، ومن المعلوم في السنة : أن الرؤيا من الله والحلم من الشيطان ، ولا يحمل بضاعة الشيطان إلا شيطان ، ولكل ساقطة في الحي لاقطة.(1/110)
وقد تعلمنا من الأدب النبوي الشريف، أن الحلم السيئ الشيطاني ، لا يقال ولا يحكى ، ويكتفى بالاستعاذة والتفل على اليسار ثلاثا، فإنها لا تضره .
هذا ما يعيه كل مؤمن ومؤمنة ، ويجهله شيوخ الشيعة جميعا.
ـــــــــــ
هوامش الفصل الرابع
(1) المرجع السابق ص : 499
(2) المرجع السابق ص : 500
(3) المرجع السابق ص : 502
(4) المرجع السابق ص : 503
(5) فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه ، عن النعمان بن بشير قال : تصدق علي أبي ببعض ماله فقالت أمي عَمْرَة بنت رواحة ، لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على صدقتي فقال له رسول الله : أفعلت هذا بولدك كلهم ؟ قال : لا . قال : اتقوا لله واعدلوا في أولادكم فرجع أبي فرد تلك الصدقة.
(6) المرجع السابق ص : 506
(7) المرجع السابق ص : 508
(8) المرجع السابق ص : 509
(9) المرجع السابق ص : 511
(10) المرجع السابق ص : 513
(11) المرجع السابق ص : 526
(12) المرجع السابق ص : 527
(13) المرجع السابق ص : 531
(14) المرجع السابق ص : 544
الفصل الخامس
علل متفرقات
الفصل الخامس ـ علل متفرقات
علة المد والجزر (1)
بسندهم إلى علي بن موسى الرضا ، عن آبائه عن علي بن أبي طالب أنه سئل عن المد والجزر ما هما ؟ فقال: ملك موكل بالبحار يقال له رومان فإذا وضع قدمه في البحر فَاضَ وإذا أخرجها غاض .
وأقول :(1/111)
نزه الله ساحة أمير المؤمنين أبي الحسن ، أن يقول شططا مناقضا للعقل ، ومبادئ العلم الحديث، من أطوال الجاذبية وآثارها وخواصها ، مما يتردد على ألسنة أطفالنا، بما لا يدع مجالا لزنديق ملحد يقول : الدين أفيون الشعوب ، ومبعث تخلفها وتعاستها، لأنه يعادي العلم، ويصادم العقل ، وينكر الحقائق العلمية الثابتة، مع أن مادة العلم دارت في القرآن الكريم أكثر من ثمانمائة مرة ، ولم تر البشرية كتابا يكرم العلم والعلماء أشرف من القرآن الكريم ، ولعل من مصحف فاطمة المحتبس في السرداب بسامراء مع الوهم المنتظر ما يحطم كل الأرقام ، ويلغي علوم البشرية وقرآنها إلى آخر خيالاتهم السقيمة التي تضحك الثكلى ولا عجب فقد قال الحق عز في علاه ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ {41}) [ سورة المائدة : 41 ] .
علة الزلزلة (2)
بسندهم عن جعفر الصادق قال : إن الله تعالى خلق الأرض فأمر الحوت فحملتها ، فقالت حملتها بقوتي ، فبعث الله حوتا قَدْرَ شبر فدخلت في منخرها فاضطربت أربعين صباحا ، فإذا أراد الله سبحانه أن يزلزل أرضا نزلت تلك الحوت الصغيرة فزلزلت الأرض فرقا.
أقول :(1/112)
هذا لون الفكر والثقافة والعلم، لدى الرجل الثاني عندهم بعد الكليني ، من عصابة أصحاب الكتب الأربعة التي قوم عليها دين الشيعة الإمامية الجعفرية الاثني عشرية، أليس في ذلك أبلغ إساءة إلى عالم الحيتان ، فضلاً عن القرة الطاهرة من أحفاد الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ، أليس في هذا الهراء تشويه لاسم الإسلام الذي يتمسح به هؤلاء ، والذي قَدسَ العلم وأهله ، ورفعهم إلى أسمى المنازل ، وأرفع الدرجات ، يذكرني ما يسوقه رئيس المحدثين الشيعة في مجلداته الأربعة من كتابه من لا يحضره الفقيه وكذا علل الشرايع وغيرها بالدعاء النبوي الشريف ، الذي أجد فيه ملاذا من مرارة الأسى والحزن ، في قوله الشريف : ( اللهم إني أعوذ بك من عضال الداء ، وشماتة الأعداء ) ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
العلة التي من أجلها صارت الغيبة أشد من الزنا (3)
بسندهم عن الحسن بن علي النعماني ، عن أسباط بن محمد ، يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال رسول الله : الغيبة أشد من الزنا فقيل يا رسول الله ولم ذاك ؟ قال صاحب الزنا يتوب فيتوب الله عليه ، وصاحب الغيبة يتوب فلا يتوب الله عليه ، حتى يكون صاحبه الذي اغتابه يحله.
وأقول :(1/113)
إذا كانت الغيبة طعن في عرض أخيك المسلم بالقول ، فإن الزنا طعن في عرض المسلم بالفعل ، على كل حال ، يستوي في ذلك الجاني وغيره ممن يلزمهم الحد والعقوبة الشرعية، وعقوبة الرمي بالزنا حدها ثمانون جلدة ، بخلاف الزنا فإنه أبشع وأعظم ، لكن عفو الله على التائبين أكبر ، ورحمته أوسع، قال تعالى في آيات وصف عباد الرحمن ( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا {68} يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا {69} إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {70})[ سورة الفرقان الآيات : 68 : 70 ] .
وأهل التوبة النصوح في كنف مولاهم ، لا يبيض وجوههم بها في الدنيا ، ثم يبخل بستره عنهم يوم القيامة وهو الجواد الكريم ، الذي لا ييئس من رحمته إلا القوم الكافرون.
العلة التي من أجلها لا يجوز للرجل أن يتخذ
من النبط وليا ولا نصيراً
بسندهم عن جعفر الصادق قال : النبط ليس من العرب ولا من العجم فلا تتخذ منهم وليا ولا نصيرا ، فإن لهم أصولا تدعو إلى غير الوفاء ( النبط جيل من الناس يسكن سواد العراق : المصباح المنير مادة نبط ).
وأقول :(1/114)
تعلمنا من السنة الشريفة، أن كل مولود يولد على الفطرة ، وأبواه هما اللذان يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ، ولا يصح عقلاً وشرعا تعميم الحكم على طبائع الناس وأخلاقهم ، لاعتبارات الأعراق والبلدان ، لأنها من عطاء الله وفضله، وفق مشيئته العليا، وهو الذي يحكم ولا يُحكَم ، قال تعالى : ( أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ {32}) [ سورة الزخرف الآية : 32] . وها هي مكة أنجبت ألعن خلق الله عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي ( أبا جهل ) كما أنجبت أشرف خلق الله محمد صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم.
العلة التي من أجلها لا ترث المرأة مما ترك زوجها
من العقار شيئاً (4)
بسندهم عن ميسر قال : سألت جعفر الصادق عن النساء ، ما لهن من الميراث ؟ فقال : لهن قيمة الطوب والبناء والخشب والقصب ، فأما الأرض والعقار فلا ميراث لهن فيهما قلت: الثياب لهن ؟ قال: نصيبهن فيه قلت : كيف هذا ولهن الثمن والربع مسمى ؟ قال لأن المرأة ليس لها نسب ترث به وإنما هي دخلت عليهم ، وإنما صار هكذا لئلا تتزوج المرأة فيجيء زوجها أو ولدها من قوم آخرين فيزاحمون هؤلاء في عقارهم .
وأقول :(1/115)
كان المسلمون في صدر الإسلام يورثون المرأة من كل شيء تأخذ ما فرض الله لها في كتابه ، إلا عُدَّة الجهاد والغزو كالرماح والسيوف والدروع وغيرها، حتى نزل قول الحق جل وعلا ( لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا {7}) [ سورة النساء الآية : 7] فأيقنت الأمة بمشروعية حق النساء في كل شيء ، من الميراث الشرعي بعد الوصية والدين، ولم يشذ عن إجماع الأمة تحت راية القرآن إلا الروافض اللعانين ، قبح الله وجوههم في الدارين ، فهم على طرفي نقيض . (1) عطاء لما لا تستحق إذا انفردت فلها كل التركة مع حرمان العصبة والأعمام ، كادعائهم الكاذب في فاطمة والعباس ، مع علم الجميع أن من خصوصيات الأنبياء لا يورثون فما تركوه صدقة. (2) أو حرمان من العقار والأرض ، كما في هذا الحديث المفترى، ومن مآثر البنات على أسرهن ، كما تقول العرب ، جَعْلُ الغرباء قرباء ، ولما كان العرض والشرف عندهم لا يقدر ، فساتره وحافظه بأمر الله ، وهو الصهر وزوج البنت ، في محل التجلة والتكريم ، لدى ذوي الأصالة والشرف والدين.
العلة التي من أجلها سميت قُمْ (5)(1/116)
بسندهم عن جعفر الصادق بن محمد الباقر قال : حدثني أبي عن جدي عن أبيه ـ رضي الله عنهم ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسري بي إلى السماء حملني جبريل على كتفه الأيمن ، فنظرت إلى بقعة بأرض الجبل حمراء ، أحسن لونا من الزعفران ، وأطيب ريحا من المسك ، فإذا فيها شيخ على رأسه برنس فقلت لجبريل : ما هذه البقعة الحمراء ؟ قال هذه بقعة شيعتك وشيعة وصيك علي. فقلت : من الشيخ صاحب البرنس ؟ قال : إبليس قلت : فما يريد منهم ؟ قال : يريد أن يصدهم عن ولاية أمير المؤمنين علي، ويدعوهم إلى الفسق والفجور فقلت : يا جبريل أهو بنا إليهم ، فأهوى بنا فقلت : قم يا ملعون فشارك أعداءهم في أموالهم وأولادهم ونسائهم ، فإن شيعتي وشيعة علي ، ليس لك عليهم سلطان، فسميت قم لذلك.
وأقول :
(1) جريا على ما ألزموا أنفسهم به من الرفض والمخالفة لأهل السنة والجماعة ، ولو كان في ذلك إنكار ضوء الشمس في رابعة النهار ، أنكروا سيد الرسل بركوبه وإخوانه الأنبياء البراق في إسرائه ومعراجه ، واستبدلوها بالحمل على الكتف كما نصنع بالأطفال ، فأي الصورتين أليق بحبيب رب العالمين الأول محمد صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه .
((1/117)
2) اقتباس مشوه ، من حديث بين الحق عز وجل واللعين إبليس ، حين رفض أمر الله بالسجود لآدم في [ سورة الإسراء من الآية 63 : 65] من قبل أن تخلق قم ، ومجوس فارس جميعا ، أبعدهم الله تعالى . وذلك في قوله سبحانه ( قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاء مَّوْفُورًا {63} وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا {64} إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً {65}) فأين الإشارة إلى أوكار الكذابين بالوراثة من هذه الآية الشريفة ، والحكمة في هذا الشأن تقول : [ إذا كنت كذوبا فكن ذكوراً ] تفاديا لتناقض الأقوال وافتضاح الأحوال ، لكنه سهم القدر الذي لا مفر منه في قوله سبحانه ( وليخزي الفاسقين ) [ سورة الحشر الآية : 5].
علة صفرة لون المشمش
وحلاوة بعض نواها دون البعض (6)
بسندهم عن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن نبيا من أنبياء الله ، بعثه الله إلى قومه فبقي فيهم أربعين سنة فلم يؤمنوا به فكان لهم عيدٌ في كنيسة فاتبعهم ذلك النبي فقال لهم : آمنوا بالله قالوا له : إن كنت نبيا فادع لنا الله أن يجيئنا بطعام على لون ثيابنا، وكانت ثيابهم صفراء ، فجاء بخشبة يابسة ، فدعا الله تعالى عليها فاخضرت وأينعت ، وجاءت بالمشمش حملا، أكلوا ، فكل من أكل ونوى أن يسلم على يد ذلك النبي خرج ما في جوف النوى مِنْ فِيه حُلْوا ، ومن نوى أنه لا يسلم خرج ما في جوف النوى من فيه مُرا.
وأقول :(1/118)
يقول الحق سبحانه في حكمه العالية ( وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ {4} ) [ سورة الرعد الآية : 4] . في الآية الشريفة إيقاظ الأذهان ، ولفت الأنظار ، إلى حكم الله المشاهدة صباح مساء ، حيث نرى الأرض متقاربة واحدة ، والشكل مختلف ، والماء واحد ، والطعون مختلفة تماما، وتلك إشارات حية، تتولى لذوي العقول ، لتذكرهم دائماً بآلاء الله ونعمه ، وعظيم قدرته ، وبالغ حكمته في بديع ما صنع وخلق فسوى ، فأين هذه اللمحات القدسية ، والإشارات الربانية ، لذوي العقول والبصائر ، من زفرات الحشاشين، وشطحات المعتوهين.
نواد العلل(7)
قال الصدوق : حدثني أبي عن عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أبان بن الصلت قال : جاء قوم بخراسان إلى الرضا فقالوا : إن قوما من أهل بيتك يتعاطون أمورا منكرة فلو نهيتهم عنها، فقال: لا أفعل لأني سمعت أبي يقول النصيحة خشنة.
وأقول :
يقول الحق سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [ سورة المائدة الآية : 54 ] ، فلا إيمان بدون حب ، والنصيحة أولى ثمرات الحب الصادق لأنها لبابه ، فمن معانيها إرادة الخير للغير ، أو للمنصوح له كائنا من كان ، ومن الإشارات النبوية الشريفة في هذا المقام ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) (8) ونلمح من بين الكلمات والأسطر في هذا الحديث أمورا عجيبة أهمها:
((1/119)
1) بصمات الديانة اليهودية المبنية على مباركة الفساد وتشجيعه ، ولو بالسكوت فلم ينجح ابن سبأ الذي صاغ عقائد الشيعة ، أن يخفي وجهه اليهودي القبيح ، في ثنايا ما صاغ وتفنن ، في حبك الفتن والدسائس والمؤامرات ، والمنهج اليهودي الأصيل ، الذي فضحه وأزال أقنعته الكاذبة مثل قول الحق سبحانه : ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ {78} كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ {79}) [ سورة المائدة : الآيتان : 78، 79] .
((1/120)
2) برأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه ذمته بتحذير أمته ، من مغبة التقليد الأعمى لليهود والنصارى في طبائعهم وأخلاقهم ( لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه قالوا يا رسول الله اليهود والنصارى قال : فمن ؟ ) ولقد شاهدت بنفسي صورا واقعية مما ألفهُ القوم في أوروبا وأمريكا ، يخجل القلم عن تسطيره ، يأتون في ناديهم المنكر دون حياء أو خجل ، تحت شعار : إذا لم تستح فاصنع ما شئت ، والأعجب من ذلك !! تحذير إخواننا المرافقين ، أن تبدو علينا ملامح الدهشة والغرابة والإنكار ، فنستعديهم في مستنقعات أنسهم !! أيليق أن يُرى مثل هذا على التراب الإسلامي تحت أي مسمى دون نكير ، ولقد وصم القرآن العزيز اليهود والنصارى بعار السكوت على المنكر على ألسنة أنبيائهم في قوله سبحانه (كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ) [ من سورة المائدة الآية : 79 ] . والساكت عن الحق شيطان أخرس وشريك للمجرم والظالم في فجره وإثمه ، وقد ورد في الأثر ( إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب) وقد أخرج الإمام البخاري في كتاب الفتن من الجامع الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل ذات يوم مهموما على أم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان ـ رضي الله عنهما ـ وهو يقول : لا إله إلا الله ، ويل للعرب من شر قد اقترب ، ثم قالت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال : نعم إذا كثر الخبث وهو شيوع الفساد والفاحشة دون تقويم أو إنكار.
((1/121)
3) أشرف نسب يبيض الوجوه في الدارين ، هو تقوى الله عز وجل والاعتصام بحبله وأي نسب لا يتوج بها ، فإلى الجحيم ، فقد رفع الإسلام سلمان فارس ، وقد وضع الشرك الشريف أبا لهب ، ومن الثوابت الأصيلة التي لا ينهض الإسلام بدونها ، النصيحة حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه [ الدين النصيحة ] (9) وترك النصيحة ترك للدين ، وإهمالها إهمال له ، وتلك من أخلاق اليهود وما جبلوا عليه ، ونبرئ ساحة أهل البيت مما دسه الكاذبون الأدعياء ، الذين يتعبدون بالكذب على الله تعالى ، وأخزاهم الله في الدارين.
باب النوادر (10)
قال الصدوق عن المفضل بن عمر قال : سألت جعفر الصادق بن محمد الباقر ـ رضي الله عنهما ـ عن الطفل يضحك من غير عجب ، ويبكي من غير ألم فقال : يا مفضل ما من طفل إلا وهو يرى الإمام ويناجيه ، فبكاؤه لغيبة الإمام عنه ، وضحكه إذا أقبل عليه.
وأقول :
من المفاهيم الشائعة بيننا أن الأطفال أحباب الله مرفوع عنهم قلم التكليف حتى أطفال الكفار إذا ماتوا دون الحلم لا يعذبون ، بل ولدان مخلدون في الجنة ، إن شاء الله تعالى ، وهذا الحديث يوقظ بعض المفاهيم الخاصة عند الشيعة ذكرها الصدوق هنا منها :
((1/122)
1) حل قتل أطفال المسلمين عند الشيعة ، وتلك الكارثة من الخبايا والأسرار الخاصة لدى الشيعة، لا يصح أن يطلع عليها عندهم إلا كل مؤمن مستبصر شيعي ، أما سائر أفراد الأمة الملعونة ، قتلة الحسين لا سيما المغفلين ، وغير المدركين لحقائق الأمور ، ممن سوى الشيعة فقد توعد الشيخ الصدوق رئيس المحدثين الشيعة، في آخر سطرين من هذا الكتاب ، من يكشف شيئا من خباياهم ، تجاه ألعن أعدائهم من محبي أبي بكر وعمر وعثمان ، الذين يدخلون بذلك في زمرة قتلة الحسين، ولا يعدمون بطريقتهم الخاصة في لي أعناق آي الذكر الحكيم، أن يستخرجوا دليلاً قرآنيا ، يشبع نهمهم في إراقة دماء أطفال أهل السنة ، حسب ما صاغهم عليه شياطين الحاخام اليهودي عبد الله بن سبأ مؤسس عقائد الشيعة ، وذلك بمثل قوله تعالى: على لسان نوح في شأن قومه ( رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا {26} إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا {27}) [ سورة نوح الآيتان : 26 ، 28] . ونسي الكذابون من ذوي الحماقة والجرأة على الله تعالى وقرآنه الحكيم ، أن نوحا عليه السلام، وهو أول أولي العزم من الرسل بعثا ، صبر على أذاهم ألف سنة إلا خمسين عاما حتى مقتهم الله، وأغلق باب الرجاء والأمل فيهم جميعا، بقوله لرسوله نوح (وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ) [ سورة المؤمنون الآية : 27] . وقوله سبحانه ( أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ ) [ سورة هود من الآية : 36 ] والله سبحانه له الخلق والأمر ، لا يُسأل عما يفعل ، حينئذ طلب نوح تطهير أرض الله باستئصال شأفتهم.
((1/123)
2) وبمقتضى ما سبق ، يمكن القول بأن الحديث أعلاه ، خاص بأطفال الشيعة، فهم دون سواهم ، إن صح التعبير بلغة العصر ، مبرمجون على الضحك، لرؤية الإمام والبكاء لغيبته، إذ لو كان هذا الحال عاما يشمل أطفال أهل السنة والجماعة، لطالبنا الشيعةَ بحقن دمائهم ، وإلغاء الأحاديث التي تزكي حل قتلهم ، لدى كبار أعلامهم مثل الكليني والصدوق إلخ ، ولا رجاء في زحزحة هذا الفكر أو تغييره أو تعديله إلا بقدرة رب القوى والقدر وحده ، دون سواه ، لأن عقولهم يبست على هذه المشارب ، وتحجرت على منوالها.
(3) وإتماما للفائدة ، لنا أن نتساءل في دهشة ، إذا كانت رؤية الإمام أو عدمها خاصة بمن حقنت دماؤهم من أطفال الشيعة ، دون الأمة الإسلامية قاطبة، مع أن الظاهر والمشاهد توحد الظواهر الطبيعية مثل الضحك والبكاء لدى الأطفال عامة، فما الذي يضحك أطفالنا معشر أهل السنة والجماعة أو يبكيهم ، هل رؤية إبليس وحرمه أم ماذا ؟ حقا: إن شر البلية ما يضحك.
الشهوة مع الإحرام (11)
بسندهم عن أبي عبد الله جعفر الصادق قال : قلت له : مُحْرِمٌ نظر إلى ساق امرأة فأمنى قال : إن كان موسرا فعليه بدنة وإن كان بين ذلك فعليه بقرة، وإن كان فقيرا فعليه شاة ، أما إني لم أجعل عليه من أجل الماء ، ولكن من أجل أنه نظر إلى ما لا يحل له.
وأقول:(1/124)
غيرة محمودة على الشرف والأعراض والحرمات ، وعقوبة زاجرة من أجل أنه نظر إلى ما لا يحل له ، هذا في النظر فقط ، فما بالنا باستحلال أحد أنكحة الجاهلية ، تحت مسمى شرعي عندهم ، وهو نكاح المتعة ولا يحتاج إلى شهود قط ، ولا ولي ، بل يكتفي بالشريكين في الجريمة والأجر الذي تقبضه ، وثمرة الفاحشة المضيعة بلا أب في أحشائها، وأقل مدة لعقد الخزي والمهانة ، والكذب على الله ورسوله ، وطأة واحدة، وعليه أن يحول وجهه فور السحب ، دون إعادة النظر إلى الفرج ، لأنها تحرم عليه بالسحب ، والعقد شريعة المتعاقدين ، ولا يترتب على هذا التيس ، أي مسئوليات مادية ، إلا خزي الدارين إن شاء الله.
تكريم الحيوان دون الإنسان عندهم(12)
بسندهم عن أبي عبد الله جعفر الصادق قال أصاب بعير لنا علة ونحن في ماء لبني سليم فقال الغلام يا مولاي أنحره ؟ قال : لا تريث فلما سرنا أربعة أميال قال : يا غلام ، انزل فانحره ، ولأن تأكله السباع أحب إلي من أن تأكله الأعراب ، وأقول : منطق يجافي سماحة الإسلام وروح السنة النبوية الشريفة وصريح القرآن العزيز ، فقد تعلمنا من دروس النقاء والصفاء للفطرة الإسلامية ، الحكم بطهارة جسد أبي جهل بن هشام ، فرعون هذه الأمة الأول، حيا وميتا، لأن الله سبحانه وتعالى يقول (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً {70}) [ سورة الإسراء الآية : 70] .(1/125)
وتعلمنا من دروس السنة الشريفة ، أنه ما من عبد يزرع زرعا أو يغرس غرسا فيأكل منه إنسان أو طير أو بهيمة ، إلا كان له به صدقة، وهي من أبواب الصدقات الجارية بعد موته ، وأكرم الآكلين على الله، الإنسان ولو كان كافرا ، فلا ينقض الكفر طهارته حيا وميتا كما سلف، وحسابه على خالقه ورازقه سبحانه وتعالى، ولا أرى في الأحقاد المتوارثة، إلا بقايا الخلايا السرطانية، التي زرعها في النفوس المهيأة لذلك، الحاخام اليهودي عبد الله بن سبأ مؤسس فكر الوصي وولي العهد ، ومشوه وجه الطليعة الرائدة لأشرف الأمم.
حل دماء المسلمين وأموالهم (13)
بسندهم عن داود بن فرقد قال : قلت لجعفر الصادق ـ رضي الله عنه ـ ما تقول في قتل الناصب قال : حلال الدم لكني أتقي عليك ، فإن قدرت على أن تقلب عليه حائطا، أو تغرقه في ماء لكيلا يشهد به عليك فافعل ، قلت : فما ترى في ماله ؟ قال تَوَّه ما قدرت عليه.
وأقول:(1/126)
من خبايا أسرارهم اليهودية، استباحة الدم والمال والعرض للمسلمين ، وقد صنع لهم بديلا لحائط المبكى اليهودي ، المجاور للمسجد الأقصى ، هو ذكرى استشهاد الحسين، حيث يلطخون وجوههم بالسواد في عاشوراء، ويضربون أجسادهم بالسلاسل، مولولين بصيحات الحدَاد والعويل ، أطفالا ورجالا ونساء ، وقد قامت المؤسسة الإعلامية البريطانية ( بي بي سي) بتصوير فيلم مدته ثلاث ساعات تحت عنوان ( عاد سهم الإسلام للانطلاق من جديد) واستثمروا مثل هذه الصور، والأحداث المخزية، لتشويه وجه الإسلام العزيز، في عيون أهل الغرب عامة، والقرآن العزيز يذكرنا بدعاء الصالحين ( ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا) [ سورة الممتحنة الآية : 5] أي وجها مشينا قبيحا ، لأشرف منهج وأكرم رسالة على الله تعالى، ومن صور الثأر لدم الحسين، قتل المسلمين واستباحة دمائهم وأموالهم ، إلى يوم القيامة، حتى يتولى الوهم المنتظر قتل الأئمة الخلفاء ، وأعلام الصحابة والتابعين ، ومن بعدهم من سائر أهل السنة والجماعة، يقتل كل يوم مائة ممن يحييهم الله تعالى له ، للمجزرة البشرية اليومية على يديه، فهل يرجى للأمة أمان ، مع هذا الفكر السرطاني المدمر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الناصب كل مبغض للشيعة (14)
بسندهم عن عبد الله بن سنان ، عن جعفر الصادق ـ رضي الله عنه ـ قال : ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت ، لأنك لا تجد رجلا يقول : أنا أبغض محمداً أو آل محمد ، ولكن الناصب من نصب لكم، وهو يعلم أنكم تتولوننا ، وأنكم من شيعتنا ، وفيه بسندهم عن علي بن أبي طالب قال: إن لله في وقت كل صلاة يصليها هذا الخلق لعنة، قيل له ولم ذلك؟ قال: لجحودهم حقنا وتكذيبهم إيانا.
وأقول :(1/127)
أقرَّ الخبثاء أبعدهم الله تعالى، أن أهل السنة المعروفون عندهم بالنصَّاب ، يعتبرون محبة آل البيت وتوقيرهم من الإيمان ، وبغضهم من النفاق البعيد عن ساحة الإيمان ، ويعتبرون الشيعة وآل البيت على طرفي نقيض، لأنه من أحب في الله، وأبغض في الله ، وأعطى لله ، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان، والشيعة مرضى بداء الشرك الصريح الأكبر، إذ ينسبون الكثير من صفات الرب سبحانه ، لابن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ وأولاده تأليها له ، إما بطريق مباشر صريح أو غير مباشر مستتر فإذا قرأت من صفات الحق سبحانه أنه لا ينسى ، خلافا لخلقه جميعا ، ومن آدمهم إلى محمد صلوات الله عليه، قال تعالى : ( لا يضل ربي ولا ينسى ) [ سورة طه الآية : 52] ، ( وما كان ربك نسيا) [ سورة مريم الآية : 64] قالت الإمامية الجعفرية الاثنا عشرية ( علي لا ينسى ولا يسهو وكذا بنوه حتى الوهم المنتظر وإذا قال المؤمنون الله أكبر، تسمي الشيعة أولادها( علي أكبر ) وتلاحقهم دائما وصمة قول الحق سبحانه : ( وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ {45} قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)[ سورة الزمر الآيتان : 45، 46 ] وتؤذي مشاعرهم جدا صيحات الآذان في كل وقت للصلاة ، كشأن سائر الخصوم والأعداء للإسلام ، فيردون عليها باللعنات للمؤمنين ، حتى انتظموا مع من وصفهم الحق بقوله عز شأنه ( وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ {58} ) [ سورة المائدة الآية : 58] .
البصمات اليهودية
لشعب الله المختار في وجهه الشيعي (15)(1/128)
قال الصدوق : عن أبي رحمه الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن محمد السياري قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن مهران الكوفي قال : حدثني حنان بن سدير ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق الليثي قال : قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام يا ابن رسول الله أخبرني عن المؤمن المستبصر إذا بلغ في المعرفة وكمل هل يزني ؟ قال : اللهم لا ، قلت : فيلوط ؟ قال : اللهم لا ، قلت : فيسرق ؟ قال : لا ، قلت : فيشرب الخمر؟ قال : لا ، قلت : فيأتي بكبيرة من هذه الكبائر أو فاحشة من هذه الفواحش ؟ قال : لا ، قلت : فيذنب ذنباً ؟ قال : نعم هو مؤمن مذنب ملم ، قلت : ما معنى ملم قال : الملم بالذنب لا يلزمه ولا يصير عليه قال : فقلت سبحان الله ما أعجب هذا لا يزني ولا يلوط ولا يسرق ولا يشرب الخمر ولا يأتي بكبيرة من الكبائر ولا فاحشة ، فقال: لا عجب من أمر الله ، إن الله تعالى يفعل ما يشاء ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون فمم عجبت يا إبراهيم ؟ سل ولا تستنكف ولا تستحي فإن هذا العلم لا يتعلمه مستكبر ولا مستحي ، قلت : يا ابن رسول الله إني أجد من شيعتكم من يشرب الخمر ويقطع الطريق ويخيف السبل ويزني ويلوط ويأكل الربا ويرتكب الفواحش ، ويتهاون بالصلاة والصيام والزكاة ، ويقطع الرحم، ويأتي الكبائر، فكيف هذا ولم ذلك؟ فقال: يا إبراهيم هل يختلج في صدرك شيء غير هذا ، قلت: نعم يا ابن رسول الله أخرى أعظم من ذلك ، فقال: وما هو يا أبا إسحاق ؟ قال : فقلت يا ابن رسول الله وأجد من أعدائكم ومناصبيكم من يكثر من الصلاة ومن الصيام ، يخرج الزكاة ، ويتابع بين الحج والعمرة ويحرص على الجهاد، ويأثر على البر وعلى صلة الأرحام ويقضي حقوق إخوانه ويواسيهم من ماله، ويتجنب شرب الخمر والزنا واللواط، وسائر الفواحش فمم ذاك؟ ولم ذاك؟ فسره لي يا ابن رسول الله وبرهنه وبينه ، فقد والله كثر فكري وأسهر ليلي، وضاق ذرعي ، قال: فتبسم الباقر(1/129)
صلوات الله عليه ، ثم قال: يا إبراهيم خذ إليك بياناً شافياً فيما سألت ، وعلماً مكنوناً من خزائن علم الله وسره، أخبرني يا إبراهيم كيف تجد اعتقادهما قلت: يا ابن رسول الله أجد محبيكم وشيعتكم على ما هم فيه مما وصفته من أفعالهم لو أعطي أحدهم ما بين المشرق والمغرب ذهباً وفضة أن يزول عن ولايتكم ومحبتكم إلى موالاة غيركم وإلى محبتهم ما زال ، ولو ضرب خياشيمه بالسيوف فيكم، ولو قتل فيكم ما ارتدع ولا رجع عن حبتكم وولايتكم ، وأرى الناصب على ما هو عليه مما وصفته من أفعالهم لو أعطي أحدهم ما بين المشرق والمغرب ذهباً وفضة أن يزول عن محبة الطواغيت وموالاتهم إلى موالاتكم ما فعل ولا زال ولو ضربت خياشيمه بالسيوف فيهم ولو قتل فيهم ما ارتدع ولا رجع وإذا سمع أحدهم منقبة لكم ، وفضلاً اشمأز من ذلك وتغير لونه ورئي كراهية ذلك في وجهه بغضاً لكم ومحبة لهم ، قال : فتبسم الباقر عليه السلام، ثم قال: يا إبراهيم هاهنا [ هلكت العاملة والناصبة تصلى ناراً حامية تسقى من عين آنية] ومن أجل ذلك قال تعالى : ( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنثُورًا) [ سورة الفرقان الآية : 23] ويحك يا إبراهيم ، أتدري ما السبب والقصة في ذلك، وما الذي قد خفي على الناس منه ، قلت : يا ابن رسول الله فبينه لي واشرحه وبرهنه ، قال: يا إبراهيم إن الله تبارك وتعالى لم يزل عالماً قديماً ، خلق الأشياء لا من شيء ، ومن زعم أن الله تعالى خلق الأشياء من شيء فقد كفر، لأنه لو كان ذلك الشيء الذي خلق منه الأشياء قديما معه في أزليته وهويته ، كان ذلك الشيء أزلياً ، بل خلق الله تعالى الأشياء كلها لا من شيء ، فكان مما خلق الله تعالى أرضاً طيبة، ثم فجر منها ماء عذباً زلالا، فعرض عليها ولايتنا أهل البيت، فقبلتها فأجرى ذلك الماء عليها سبعة أيام طبقها وعمها، ثم أنضب ذلك الماء عنها، فأخذ من صفوة ذلك الطين طيناً فجعله طين الأئمة(1/130)
عليهم السلام ، ثم أخذ ثفل ذلك الطين، فخلق منه شيعتنا ، ولو ترك طينتكم ، يا إبراهيم على حالة كما ترك طينتنا لكنتم ونحن شيئاً واحداً، قلت : يا ابن رسول الله فما فعل بطينتنا ؟ قال أخبرك يا إبراهيم خلق الله تعالى بعد ذلك أرضاً سبخة خبيثة منتنة ، ثم فجر منها ماء أُجاجاً آسنا مالحاً فعرض عليها ولايتنا أهل البيت فلم تقبلها فأجرى ذلك الماء عليها سبعة أيام حتى طبقها وعمها ، ثم نضب ذلك الماء عنها، ثم أخذ من ذلك الطين فخلق منه الطغاة وأئمتهم ، ثم مزجه بثفل طينتكم، ولو ترك طينتهم عَلَى حالها ولم يمزج بطينتكم لم يشهدوا الشهادتين ، ولا صلوا ، ولا صاموا ، ولا زكوا ، ولا حجوا ، ولا أدوا الأمانة ، ولا أشبهوكم في الصور، وليس شيء أكبر على المؤمن من أن يرى صورة عدوه مثل صورته ، قلت: يا ابن رسول الله فما صنع بالطينتين ، قال : مزج بينهما بالماء الأول والماء الثاني، ثم عركها عرك الأديم ، ثم أخذ من ذلك قبضة، فقال: هذه إلى الجنة ولا أبالي، وأخذ قبضة أخرى، وقال: هذه إلى النار ولا أبالي ، ثم خلط بينهما فوقع من سنخ المؤمن وطينته على سنخ الكافر وطينته ، ووقع من سنخ الكافر وطينته على سنخ المؤمن وطينته ، فما رأيته من شيعتنا من زنا أو لواط، أوترك صلاة أو صوم أو حج أو جهاد أو خيانة أو كبيرة من هذه الكبائر فهو من طينة الناصب وعنصره الذي قد مزج فيه ، لأن من سنخ الناصب وعنصره وطينته اكتساب المآثم والفواحش والكبائر، وما رأيت من الناصب من مواظبته على الصلاة والصيام والزكاة والحج والجهاد وأبواب البر، فهو من طينة المؤمن وسنخه الذي قد مزج فيه ، لأن من سنخ المؤمن وعنصره وطينته ، اكتساب الحسنات واستعمال الخير واجتناب المآثم ، فإذا عرضت هذه الأعمال كلها على الله تعالى قال : أنا عدل لا أجور ، ومنصف لا أظلم ، وحكم لا أحيف ولا أميل ولا أشطط ، ألحقوا الأعمال السيئة التي اجترحها المؤمن بسنخ الناصب وطينته ، وألحقوا(1/131)
الأعمال الحسنة التي اكتسبها الناصب بسنخ المؤمن وطينته، ردوها كلها إلى أصلها، فإني أنا الله لا إله إلا أنا عالم السر وأخفى ، وأنا المطلع على قلوب عبادي لا أحيف ولا أظلم ، ولا ألزم أحداً إلا ما عرفته منه قبل أن أخلقه ، ثم قال الباقر عليه السلام، اقرأ يا إبراهيم هذه الآية قلت : يا ابن رسول الله أية آية ، قال : قوله تعالى ( قال معاذ الله أن نأخذ (16) إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذا لظالمون ) وهو الظاهر ما يتفهمونه هو والله في الباطن هذا بعينه ، يا إبراهيم إن للقرآن ظاهراً وباطناً ، ومحكماً ومتشابهاً ، وناسخاً ومنسوخاً ، ثم قال : أخبرني يا إبراهيم عن الشمس إذا طلعت وبدا شعاعها في البلدان ، أهو باين من القرص؟ قلت : في حال طلوعه باين، قال: أليس إذا غابت الشمس اتصل ذلك الشعاع بالقرص حتى يعود إليه ؟ قلت: نعم، قال : كذلك يعود كل شيء إلى سنخه وجوهره وأصله ، فإذا كان يوم القيامة نزع الله تعالى سنخ الناصب وطينته مع أثقاله وأوزاره من المؤمن فيلحقها كلها بالناصب، وينزع سنخ المؤمن وطينته مع حسناته وأبواب بره واجتهاده من الناصب فيلحقها كلها بالمؤمن ، أفترى هاهنا ظلماً أو عدواناً ؟ قلت : لا يا ابن رسول الله ، قال : هذا والله القضاء الفاضل ، والحكم القاطع ، والعدل البين، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ، هذا يا إبراهيم الحق من ربك فلا تكن من الممترين ، هذا من حكم الملكوت ، قلت : يا ابن رسول الله وما حكم الملكوت ؟ قال : حكم الله حكم أنبيائه ، وقصة الخضر وموسى عليهما السلام حين استصحبه ، فقال : ( قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا {67} وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا {68} ) [ سورة الكهف الآيتان : 67 ، 68 ] افهم يا إبراهيم واعقل ، أنكر موسى على الخضر واستفظع أفعاله، حتى قال له الخضر يا موسى ما فعلته عن أمري ، إنما فعلته عن أمر الله تعالى ، من هذا ويحك يا إبراهيم ،(1/132)
قرآن يتلى وأخبار تؤثر عن الله تعالى، من رد منها حرفا فقد كفر ، وأشرك ورد على الله تعالى.
قال الليثي : فكأني لم أعقل الآيات ، وأنا أقرؤها أربعين سنة، إلا ذلك اليوم فقلت يا ابن رسول الله ما أعجب هذا ! تؤخذ حسنات أعدائكم فترد على شيعتكم وتؤخذ سيئات محبيكم فترد على مغبضيكم ؟ ! قال : أي والله الذي لا إله إلا هو ، فالق الحب والنوى ، وبارئ النسمة ، وفاطر الأرض والسماء ، ما أخبرتك إلا بالحق ، وما أنبأتك إلا الصدق ، وما ظلمهم الله، وما الله بظلام للعبيد ، وإن ما أخبرتك لموجود في القرآن كله ، قلت : هذا بعينه يوجد في القرآن ، قال: نعم يوجد في أكثر من ثلاثين موضعاً في القرآن ، أتحب أن أقرأ ذلك عليك؟ قلت بلى يا ابن رسول الله ، فقال: قال الله تعالى ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُم بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُم مِّن شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ {12} وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ) [ سورة العنكبوت الآيتان : 12 ، 13 ] الآية ، أزيدك يا إبراهيم؟ قلت : بلي يا ابن رسول الله قال : ( لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ {25}) [ سورة النحل الآية : 25] أتحب أن أزيدك ؟ قلت : بلى يا ابن رسول الله ، قال ( فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {70}) [ سورة الفرقان الآية: 70] يبدل الله سيئات شيعتنا حسنات، ويبدل الله حسنات أعدائنا سيئات ، وجلال الله إن هذا لمن عدله وإنصافه لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه ، وهو السميع العليم، ألم أبين لك أمر المزاج والطينتين من القرآن ؟ قلت: بلى يا ابن رسول الله ، قال: اقرأ يا إبراهيم : ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ(1/133)
كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ ) [ سورة النجم الآية : 32] . يعني من الأرض الطيبة والأرض المنتنة : ( فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ) [ سورة النجم الآية : 32 ] يقول لا يفتخر أحدكم بكثرة صلاته وصيامه وزكاته ونسكه ، لأن الله تعالى أعلم بمن اتقى منكم فإن ذلك من قبل اللمم ـ وهو المزاج ـ أزيدك يا إبراهيم؟ ، قلت : بلى يا ابن رسول الله قال : ( كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ {29} فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ ) [ سورة الأعراف الآيتان : 29 ، 30 ] يعني أئمة الجور دون أئمة الحق: (وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) [ سورة الأعراف الآية : 30] خذها إليك يا أبا إسحاق فوالله إنه لمن غرر أحاديثا وباطن سرايرنا ومكنون خزائننا، وانصرف ولا تطلع على سرنا أحداً إلا مؤمناً مستبصراً فإنك إن أذعت سرنا بليت في نفسك ومالك وأهلك وولدك .
تم الكتاب
التقية وتضليل المنكرين لضلالاتهم
يردون على من ينكر عقائدهم الشاذة ، ومعاداتهم للعلم والدين والعقل الرشيد، بأن المُحْدَثِين تحرروا من كثير من الأفكار القديمة التي لا تساير عقول المعاصرين وينكرها كل عاقل رشيد ، وأنها من خصوصيات غلاتهم دون سائر الطائفة ، وهذا لون من ألوان تضليل المغفلين، ومن يجهلون أحوالهم وخبايا عقائدهم السرية وثوابتهم ، بما يعرف في عقائدهم بالتقية، وهي الكذب والتعمية ، ولا يزداد إلا تشددا في الباطل عن أسلافهم ، والدليل الذي يدحض ادعاءاتهم التقرير المرفق عن كتاب حديث معاصر لأحد أعلامهم هو كتاب الجمعة للشيخ مرتضى الحائري المتوفى سنة 1406هـ وهو من الكتب التي يحاولون إدخالها لمصر ضمن خطتهم في الغزو الفكري لديار الإسلام الحق.(1/134)
تقرير علمي عن كتاب صلاة الجمعة
تأليف مرتضى الحائري المتوفى سنة 1406 هـ.
الناشر : مؤسسة النشر الإسلامي قم إيران.
عدد الصفحات 333 من القطع الكبير
ملاحظة ومخالفة (ص 6) :
1 ـ تأذن الحق تبارك وتعالى ألا تجتمع أمة حبيبه الأول محمد صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم على ضلالة أبدًا قال تعالى: ( وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا) [ سورة النساء الآية: 115] .
ومن مآثر الفاروق رضوان الله عليه جمع الأمة على التاريخ الهجري بالأهلة ، وكشأن الشيعة دائماً رفضوا اتباع سبيل المؤمنين، وما أجمعت عليه الأمة ، وأنشؤوا ما أطلقوا عليه الهجري الشمسي المختلف وفق أعياد النيروز المجوسية ترى ذلك في كلمة التعازي للخوميني إلى الوهم المنتظر عندهم ص 6 .
2 ـ عدم وجوب الجمعة حتى يخرج المهدي من السرداب ( ص 72 ) [ إجماع الطائفة على أن الوجوب الحتمي في حال الغيبة ( أي غيبة الوهم المنتظر عندهم ) منتف بالنسبة للجمعة لأنها من شأن الإمام المعصوم المنصوب من قبله ، مستدلين في ذلك بقول أئمتهم [ لنا الخمس ولنا الأنفال ولنا الجمعة ولنا صفو المال ] ص 89 .
وأقول :(1/135)
هذه الخصوصيات تجاوزوا فيها حق رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفوقوا عليه ، لأنه كان يقسم وفق ما أمره مولاه وما نزل به جبريل في آيات الغنيمة من سورة الأنفال : (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {41}) [ سورة الأنفال الآية : 41] . والفيء في سورة الحشر وبني النضير : ( مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {7} ) [ سورة الحشر الآية : 7] . كان صلى الله عليه وسلم يعزل نفقة أهله سنة وما بقي من حقه الشرعي يجعله في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله عز وجل أي يدعم به الجيش والمجاهدين في سبيل الله.(1/136)
3ـ ورد في (ص 88) روى الصدوق قال عن أبي ، عن أبي عبد الله قال : [ إني لأحب للمؤمن ( للرجل ) ألا يخرج من الدنيا حتى يتمتع ولو مرة وأن يصلي الجمعة في جماعة أي مع المعصوم ] نكاح المتعة من أنكحة الجاهلية نزل جبريل بتحريمه ولحوم الحمر الأهلية على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على رأس الجيش في خيبر ورفض الشيعة الروافض هذا التشريع برمته، وتمسكوا بحل المتعة، ولحوم الحمر الأهلية إلى يوم القيامة والإمامية الجعفرية الاثنا عشرية هم الفرقة الوحيدة ( من الشيعة الذين تَرْبُو فرقهم على المائة ) القائلون وحدهم بحل نكاح المتعة والحمير، وأقل مدة له وطأة واحدة ، وأركانه ثلاثة : زان وزانية والجعل ، ولا يحتاج أي نكاح لدى الشيعة إلى شهود إلخ ، وفيه أبشع جرأة على الله تعالى، وعلى رسوله ، وعلى الشريعة الإسلامية المبرأة من هذا التشويه المخزي ، أخزاهم الله تعالى.
ورد في ص 242 في شأن الخطبتين [ والأقرب عدم اشتراط الطهارة كما أفتى به في الشرائع أيضاً ونقله في الجواهر عن النافع .. ] ثم قال : [ لم أقف على قائل بوجوبها على المأموم ] " الجواهر ج 11 ص 237" وهذا مخالف تماما للعقل والنقل وإجماع الأمة .
4 ـ قال في ص 95 [ الإسلام والتشيع حق بلا شبهة ولا ريب وسبب الانحراف عن علي وولده عليهم السلام واضح جدا . !!!] .
فإن سببه هو العدَّة ( العصابة ) التي كانوا بصدد قتل النبي صلى الله عليه وسلم في القصة ، وهم كانوا مصممين على رئاسة المملكة الإسلامية ، واجترؤوا عليها، بملاحظة الأحقاد الكامنة في نفوس جمع ، وبغضهم لعلي عليه السلام من جهة كثرة نصرته للإسلام وقتله لأقربائهم ، فالمقدس المنزه منهم من كان ساكتا عن هذا الأمر ... إلخ ] .(1/137)
أي فالمنزه والمقدس من الصحابة شيطان أخرس وشريك لأهل الإثم ، بمقتضى الحكم النبوي الجلي في شأن الإغضاء عن تغيير المنكر بوسائله الشرعية ونصرة الحق ، وتلك جريمة في الإسلام ، ألحق الله عارها باليهود إلى يوم القيامة [ كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ] .
حكمهم بكفر أهل السنة والجماعة وعدم قبول عبادتهم
جاء في ص 322 [ أنه لا يقبل الله تعالى شيئا ، ما لم يؤمن به وبرسوله وأوصيائه ( ثم أورد على الأول ) بإمكان حصول قصد التقرب من بعض الكفار المعتقدين بالله تعالى خصوصا من منتحلي الإسلام الذين أنكروا بعض ضروريات كالخوارج والنواصب] ومعنى النواصب ( كل من يحب أبا بكر وعمر وعثمان ورضي بهم خلفاء قبل علي ) . ( وهم مستباحو الدم والمال والعرض وقتل أطفالهم بالأدلة الشرعية الثابتة عند الشيعة) .
وأقول :
هل بهذه المعتقدات العفنة التي يحملون لواءها إلى القرن الجديد يمكن مواجهة تداعي أمم الكفر على بيضة الإسلام من الصليبيين واليهود ، أليس ذلك الفكر المنحرف إلى الحضيض ، من أخطر وسائل تشويه صورة الإسلام في وجوه أعدائه ، مما يذكرنا بدعاء المؤمنين في القرآن العزيز ، ( رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {5} ) [ سورة الممتحنة الآية : 5] أي صورة منفرة كريهة لأشرف دين وأقوم منهج ، والكتاب بهذا ينقل آفات خبيثة تضلل الشباب ، ويلزم منعه من التداول حماية للأمة وشبابها من فكره المدمر الخبيث.
راجعه
أ . د / محمد عبد المنعم البري
عميد مركز الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر
رئيس جبهة علماء الأزهر الشريف سابقاًً
ــــــــــ
هوامش الفصل الخامس
(1) المرجع السابق : ص 554.
(2) المرجع السابق : ص 554
(3) المرجع السابق : ص 557
(4) المرجع السابق : ص 571
(5) المرجع السابق : ص 573
(6) المرجع السابق : ص 573
(7) المرجع السابق : ص 581
((1/138)
8) رواه البخاري.
(9) رواه البخاري عن أبي رقية تميم بن أوس الداري ـ رضي الله عنه ـ أول من نور مسجدا في الإسلام .
(10) المرجع السابق ص : 584.
(11) المرجع السابق ص : 590
(12) المرجع السابق ص : 599
(13) المرجع السابق ص : 610
(14) المرجع السابق ص : 602
(15) آخر موضوعات كتاب علل الشرائع للصدوق ـ نقلا بالنص الحرفي دون تصرف أو تعليق كنموذج متكامل لألوان التفكير في الثوابت والعقائد عند الشيعة، وتميز أعراقهم على سائر البشر من صفحة 606 حتى ختمت بوصية الصدوق بإخفاء أسرارهم عن خصومهم المسلمين، وبها انتهى الكتاب في صفحة 610.
(16) صحة الآية [ نأخذ] وموقعها الحقيقي في الكيد ليوسف من إخوته بوضع المكيال ( صواع الملك ) في رحل أخيه بنامين لاحتجازه معه.
حوار هادئ مع أديب شيعي بأمريكا
تمهيد
ساقتني الأقدار للتشرف برحلة عمل في خدمة الدعوى الإسلامية خلال شعبان ورمضان وشوال سنة 1405 هـ " 1985 م " بَدْءًا بأوروبا وانتهاء بالولايات المتحدة الأمريكية.
خرجت بانطباعات خاصة في القلب ، وبصمات ثابتة لا ينمحي أثرها من أعماق النفس منها السلبي ، ومنها الإيجابي ، فمن الإيجابي : ما يسود المسلمين في الغربة من روح التآزر والتقارب والالتفاف ، من خلال المراكز الإسلامية النشطة ، حول الدين وآداب الإسلام ، والقرآن العزيز ، ولغته الخالدة والاهتمام بإيجاد المدارس الخاصة بهذا المناخ ، لحماية النشء المسلم من التيارات الجارفة، واقتناص الفرص ، بين آونة وأخرى ، لتنشيط هذه الروح بين المسلمين والمسلمات ، والنشء الطاهر في صورة مشرفة من الإخاء الإسلامي ، الذي يشعر ذوي الغيرة، بأنها فرصة للإسلام أن يجدد شبابه في الغربة، بعيدا عن التضييق والقيود والأغلال في عقر داره ، وعلى أرضه مما يذكرنا بقول أمير الشعراء رحمة الله عليه مناجيا روح رسول الله صلى الله عليه وسلم :
شعوبك في شرق البلاد وغربها ... ... أصحاب كهف في عميق سبات(1/139)
بأيمانهم نوران ذكرٌ وسنّةٌ ... ... فما بالهم في حالك الظلمات
ولا ينقصهم إلا المؤازرة ، لضيق ذات اليد بسبب ارتفاع التكاليف ، لا سيما أثمان المقار، وتجهيزاتها بما يواكب الحياة هناك.
ومن السلبيات : ما ينشر من سموم مناوئة للإسلام ، ومعوقة لنشر الدعوة الإسلامية بما يليق بعظمتها ، وذلك بالتشويه المزري لوجه الإسلام الحق بما تبذله أمثال المراكز القديانية والبهائية، والشيعة على اختلاف ألوانها ، وورثة الهالك رشاد خليفة بتُوسَان ، وذلك من خلال النشرات والكتب المجانية، التي نالني منها نصيب لا بأس به ، والأفلام والبث الإعلامي بمختلف الوسائل الحديثة ، ومن جوانب هجومهم الشرس على الإسلام ما يصدقون به ويؤازرون مفتريات أعدائه من أهل الكتاب وذلك لاستكمال حلقات الإعجاز القرآني الخالد في مثل قول الحق سبحانه : ( لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ {186} ) [ سورة آل عمران الآية : 186] ، ولو لَمْ تطعن هذه الطوائف المأجورة في الإسلام لأصبح مدلول الآية غير مكتمل وحاشا الله من ذلك ، فهم رؤوس الشرك وُحق لهم أن يخوضوا في شرف شيوخ الصحابة من قمم الصف الأول والأئمة الراشدين الخلفاء وأمهات المؤمنين ، ومن دونهم من سائر المؤمنين، والله من ورائهم محيط.
ما لا خلاف فيه بين أهل السنة والشيعة
من المسلمات التي لا خلاف فيها بين الفريقين ، ويُقر بها أصحاب الكتب والمراجع الشيعية الأربعة ، لنا معشر أهل السنة والجماعة ، أو كما يطلقون علينا ( النُّصَّاب ) .
((1/140)
1) بعظيم حبنا لحبيب رب العالمين الأول محمد صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه ولآل بيته الأطهار ـ رضوان الله عليهم أجمعين ـ بلا استثناء فلا يحبهم لدنيا إلا مؤمن ، ولا يبغضهم إلا فاجر خاسر لا وفاء ولا دين له . وكذا أولياء الله الصالحين الذين آمنوا وكانوا يتقون ، فهم برضوان مولاهم في حوزة العطف والكرامة ، لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، ولا ينكر الضياء إلا محروم أعمى ، ولا يكابر إلا محجوب.
(2) التكذيب بالمصادر الأصلية بين الفريقين :
فالشيعة مثلا يكفرون أئمتنا كالبخاري ومسلم وسائر أقطاب المحدثين والأئمة الأربعة ، وسائر أعلام أمة محمد صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه إلى يوم القيامة بل قالوا بتحريف القرآن الكريم، ولم يتبرأ من هذه المقولة إلا أربعة من شيوخهم على سبيل التقية هم الشريف المرتضى ، وأبو جعفر الطوسي ، وأبو علي الطبرسي ، والشيخ الصدوق ، الذي نحن بصدد نقد كتابه علل الشرائع .
أما السواد الأعظم من أعلامهم ، وأئمتهم فقد أقروا بتحريف القرآن الذي بين أيدينا.
والأدلة الدامغة على ذلك ما يأتي :
1ـ ما أقر به شيخهم الحسين بن محمد تقي النوري الطبرسي في كتابه المعروف " فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب " يقول في مقدمة كتابة ما نصه " هذا كتاب لطيف ، وسفر شريف عملته في إثبات تحريف القرآن وفضائح أهل الجور والعدوان ، نسميه فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب " ثم يعدد الكتب التي صنفت في هذا الموضوع في الصفحة التاسعة والعشرين من نفس كتابه المذكور فذكر منها:
1 ـ كتاب التحريف .
2 ـ كتاب التنزيل والتغيير .
3 ـ كتاب التنزيل من القرآن والتحريف.
4 ـ كتاب التحريف والتنزيل .
5 ـ التنزيل والتحريف .(1/141)
وهذه الردة الكبرى هي التي فتحت باب طعن اليهود والنصارى وأضرابهم في القرآن الكريم، وردوا أيدي المسلمين في أفواههم حين قالوا بتحريف وتعدد الكتب السابقة، ونسخ رسالاتها بخاتمة الكتب والرسالات ، فما أعظَمَ جُرْم من يكذبون الحق جل وعلا وينكرون قدرته ووعده الحق في قوله سبحانه : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ {9}) [ سورة الحجر الآية : 9] .
فليس أمامنا من مخرج إلا هداية الله بالقلب السليم، الخالي من المؤثرات الخارجية ، والعقل الصافي ، والتأمل الواعي الحصيف، قال تعالى ( قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ {46} ) [ سورة سبأ الآية : 46] ، فالفكر الناجح الخلاق يحتاج لخلوة مع الروح والضمير ، حيث يكون العبد وحده في رعاية مولاه ، أو على الأكثر اثنان ، والفكر الهادي هو السبيل إلى الفقه للحماية من الفتنة والضلال ، وقد ورد لفظ الفكر في القرآن تسع عشرة مرة، والفقه عشرون ، والفتنة ستون . والنفائس في الدنيا قليلة.
ولا بد أن نضع نصب أعْيُنَنَا قول الحق جل وعلا : ( الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ {60} فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ {61} ) [ سورة آل عمران الآيتان : 60 ، 61 ]
وهذه الآية الشريفة معروفة بآية المباهلة التي نبذ النصارى بشديد وعيدها والمكابرة والجدل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم .(1/142)
هيأت الأقدار الفرصة لي دون ترتيب سابق حيث لفت نظري الشباب المسلم، مع أول أمسية رمضانية فيه في رحاب أحد المراكز الإسلامية الكبرى بأقصى غرب الولايات المتحدة إلى أنه قد يتقدم من بين المتطوعين للترجمة الفورية خلال المحاضرة أديب شيعي ذو مقدرة أدبية ، ويخشون أن يحرف الكلم عن مواضعه وفق أهوائهم وعقائدهم المخالفة تماما في كل شيء، فيسيء إلى مشاعر المسلمين الأمريكيين ، أو يشوه الصورة الناصعة في قلوبهم عن الصحب الكرام والأئمة الراشدين الخلفاء ، وسلفنا الصالح ـ رضوان الله عليهم أجمعين . فاخترت غيره لهذا .
وفي نهاية الأمسية ، تلاقى الإخوة فيما بينهم مهنئين معانقين ، وكذا الأخوات فيما بينهن فرحا بمقدم رمضان ، إلا هذا الشيعي رأيته وحيدا، فتقدمت نحوه مصافحا مهنئا ، ورجوته أن يجيبني على بعض الأسئلة التي توقعني في حيرة بين أهل السنة والشيعة ، بالرجوع إلى العقل الحصيف والضمير الحي ، ولا تصادم بينهما مع النص الإلهي الصادق على ألا يشهر في وجهي سلاح التَّقَّية ، وهي استحلال الكذب طلبا للنجاة من الخصوم أو تضليل من يجهلون أسرار عقائدهم ، فبر بوعده معي ووافق مشكوراً.
طرح الأسئلة الأربعة المحيرة
قلت لصاحبي : إن من ينشد الحق لوجه الحق وحده ، لا يعرف التعصب أو التحجر في الفكر ، يُذَكرني ذلك بما أُثر عن الإمام الأعظم أبي حنيفة في قوله : رأينا صواب يحتمل الخطأ ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب ، ومن توجيه الأدب القرآني الرفيع في هذا المقام قول الحق سبحانه : ( وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ {24}) [ سورة سبأ الآية : 24 ] .(1/143)
والآن أُحسُّ بتهيؤ النفوس لطرح أسئلتي الأربعة التي حيرتني بين السنة والشيعة ، لمعرفة المبطل من الُمحِق في الفريقين من خلال ذلك على سبيل المثال لا الحصر، فالمحيرات لا حصر لها ، ولا أطلب الإجابة الآن ، بل أدع الفرصة لك للرجوع إلى بعض المصادر ، ثم عرضها على مرآة عقلك وقلبك وضميرك ، والله يهديني وإياك سواء السبيل ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
السؤال الأول حول الميراث النبوي الشريف :
يقول الحق سبحانه : ( الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا {46}) [ الكهف الآية : 46 ]
اختص الله سبحانه من اصطفاهم على العالمين من أنبيائه ورسله بسمات ونوادر وأمور خاصة يعيها جيدا كل من طوف في رياض السنة النبوية الشريفة ، ومما طرق مسامعنا على سبيل المثال لا الحصر:
1 ـ [ الأنبياء يدفنون حيث يموتون ] وكان لهذه الخصوصية الشريفة معجزة طريفة ، فقد أقر بصحة هذا الحديث لأتباعه : الغلام القدياني وهو متنبئ كذاب انفض عنه جمهور كبير من ضحاياه بعد أن فضحه الله تعالى بينهم بموته في المرحاض على الغائط وأيقنوا بأنه كذاب ببركة هذا الحديث الشريف وسوء خاتمته.
2 ـ [ إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء] .
والدليل على حفظ أجسادهم أمواتا ، قول الحق سبحانه في شأن يونس عليه السلام بعد أن التقمه الحوت ( فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) وفيه إشعار بالحفظ إلى يوم البعث .
3 ـ [ نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة](1/144)
فالميراث النبوي : الدين والعلم والحكمة، لا الطين والعقار والحطام الفاني ، هذا بعض ما وعته الأمة من دروس نبيها وتوجيهاته صلى الله عليه وسلم ، ما شذ عن ذلك إلا الشيعة ، إذ ادَّعوْا بأن الزهراء رضي الله عنها فور الفراغ من إيداع الجسد الشريف في قبره ، ذهبت إلى حبيب عُمْر أبيها أبي بكر الصديق ، خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مطالبة بميراثها في فدك ، فانتهرها على رؤوس الأشهاد ، وَرَكَلَها عمر ، وصفعها عثمان ، وهدد بحرق بيتها ، وهي ريحانة قلب رسول الله وعرضه ، وشرف علي رضي الله عنه ، وهو فارس مقدام ، من أوائل الشجعان في تاريخ الجهاد الإسلامي ، ولا شك أن لكل فعل ردُّ فعل . فهل لا قدر الله استنوق الجمل ، فلم يُؤْثَر له موقف في هذا الشأن ، حتى في كتب الكذابين من الشيعة ، والسكوت علامة الرضا كما يقولون ، وهو ضرب من الدياثة التي يترفع عنها حثالة الناس وأوباش الرجال ، ناهيك عن رجل من أشرف الشجعان ، بما لا يدع مجالا لمتقول.
ولا شك أن حرمة الأعراض في الإسلام ، تبذل في سبيلها المهج والأرواح ، فمن مات دون عرضه فهو شهيد ، وكل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ، واليهودي المنافق عبد الله بن سبأ يجيد الضرب في كل الاتجاهات ، للرموز المقدسة في الإسلام قبل غيرها، بطريق غير مباشر ، وعلى رأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه ، فأبسط الدلائل تقول بإساءة اختيار الأصدقاء ، لا سيما حبيب العْمُر كأبي بكر ، ثم الفشل الذريع في تهذيبهم وتربيتهم ، وتقويم سلوكهم وفي الأمثلة: قل لي من تصاحب ، أقل لك من أنت ، ومن ربى لم يمت .(1/145)
وتلك سجيه قديمة في اليهود ، اشتهروا بها ، فقد طعنوا مريم العذراء البتول الطاهرة في شرفها بأسلوب ظاهره المدح والثناء، فهارون أخو موسى من أوائل العابدين الربانيين في بني إسرائيل وهو ما اتخذوه درعا في مقولتهم التي سجلها الحق سبحانه ( يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا ) فغايتهم بالطعن في أقرب الأحبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه ، تسديد السهم الفاجر في سويداء فؤاده صلى الله عليه وسلم ، ولعل سر افتضاح أمرهم أولا بأول ، لمن في رأسه مسحة من عقل ونور ، ومرجعه إلى عظمة قول الله عز وجل :( والله يَعْصِمُكَ من الناس ) من الآية الشريفة (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ {67}) [ سورة المائدة الآية 67] .
وأظن أن العقل المتزن يرفض التسليم بمعركة الميراث النبوي المزعومة مع فاطمة لأمور منها:
(1) غياب موقف علي وهو الشجاع الغيور الشديد في الحق.
(2) قطع الرجاء في استمرار الحياة، واليأس من طول الأمل في الدنيا لفاطمة، بعد أن بشرها أبوها حينما دخلت عليه وهو يحشرج فصرخت ـ واكرباه يا أبتاه ، فالتقطت مسامعه ذلك، فأشار إليها , وأعلمها أن لقاءه بالحبيب الأعلى لا يعد يوم كرب ثم قال لها . لا كرب على أبيك بعد اليوم، فرفعت رأسها واجمة، ثم أشار إليها مرة أخرى أن ادن مني يا بنية . فمالت برأسها إليه فبشرها بأنها أول من يلحق به من أهل بيته، فتهلل وجهها، ثم ودع الدنيا ، ولحق بالرفيق الأعلى ، فملأ الله بهذه البشارة قلبها سكينة ورضاء، وطمأنينة واستسلاما لقضاء الله وحكمه.(1/146)
وجرت العادة أن المريض مثلا ، إذا أخبره الأطباء بدنو أجله ، انقطع رجاؤه في الدنيا ، وصرف نظره تماما عن حطامها الفاني ، والصراع حول متاعها الزائل ( قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً {77}) [ سورة النساء الآية : 77] .
فهل يطمئن العقل الكامل إلى صحة وقائع معركة الميراث بين فاطمة ورؤوس أصحاب أبيها من الأئمة الخلفاء الراشدين فور توديعه صلى الله عليه وسلم إلى دار الحق . وفق ما يدعي الشيعة ، ويرفض ذلك بالكلية أهل السنة والجماعة وتلك القضية من أبرز أوجه الخلاف بين الشيعة والأمة.
السؤال الثاني حول : ( الإحداد على الحسين )
من المسلم به لدى الجميع أن أبا عبد الله الحسين سيد شباب أهل الجنة كما بشره جده صلى الله عليه وسلم وقد نال منازل الشهداء ، وهم أحياء عند ربهم يرزقون ، فرحين بما آتاهم الله من فضله، وإنما أذن الشرع الشريف بالإحداد للنساء دون الرجال ، على الأموات لا على الأحياء ، وكما ورد في السنة أنه لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، أن تحد على ميت فوق ثلاث ، إلا على زوج فأربعة أشهر وعشرا، وليس منا من لطم الخدود شق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية، وقد شاهدت إبان عملي كأستاذ بإحدى جامعات الخليج في الثمانينات الميلادية برنامجا حاشدا في عاشوراء تحت شعار ( الإحداد على الحسين ) وعلى رأس الجميع قائدهم الخميني وقد جلل وجهه بالسواد ينوح ويلطم وجهه ويضربون أجسادهم بالسلاسل الحديدية ، ويصرخون الرجال قبل النساء والأطفال ، في مشهد درامي ملتهب فظيع ، والمصورون الأجانب ووكالات الأنباء العالمية تصور للعالم كله هذه المآسي ، وتبثها عير الأثير بالصوت والصورة ، على أنها الوجه الأصيل الذي جاء به محمد للدنيا ، باسم الإسلام كمنقذ للبشرية ورحمة مهداة للعالمين.(1/147)
وقد اقتنصت هذه الفرصة إحدى أكبر دور البث والإعلام في إنجلترا ( بي بي سي ) لتصوير فيلم كامل مدته ثلاث ساعات يحوي فظائع هذه الأحداث يوزع عالميا تحت اسم ( عاد سهم الإسلام للانطلاق من جديد) بعد قيام ما عرف بثورة الخميني في إيران ، لتشويه وجه الإسلام ولترويع وتنفير البشر عن رائحته ، فرفع الصوت على الميت مهما كان شأنه أو لطم الخدود من الكبائر لدى أهل السنة والجماعة. وهى عند الشيعة من مكفرات الذنوب .
فإلى أي الرأيين يجنح ذو العقل الكامل الحصيف.
السؤال الثالث : حول نكاح المتعة
من المعلوم لدى أهل السنة والجماعة عن أركان النكاح الشرعي في كتاب الله والسنة المطهرة ثبوت ( الصداق ) والإيجاب والقبول والولي والشاهدين والتأبيد، وهو البديل الإسلامي الجديد، لأنكحة الجاهلية، كالاستبضاع والمتعة التي كانت سائدة ، لم يعلم لها حرمة إلا في السنة السابعة من الهجرة ، إبان فتح خيبر ، إذ نزل جبريل بتحريمها ولحوم الحمر الأهلية على الأمة إلى يوم القيامة ، من حديث علي رضي الله عنه، ولم يأخذ به الشيعة، وبذا بقي نكاح المتعة ولحوم الحمر الأهلية حلالا زلالا إلى ما شاء الله والإمامية الجعفرية الاثنا عشرية هي الطائفة الوحيدة في الشيعة الذين قالوا بحله دون سائر الطوائف التي تربو على المائة بل جعلوه من أبرز معالم دينهم دون سائر الملل.
والنكاح الدائم والمتعة ليس من أركانه لديهم وجود شاهدين وأقل مدة لعقد المتعة عندهم ، ما يفي وطأة واحدة، دون أدنى كلفة على الفحل، فلا طلاق ولا نفقة ولا حضانة ولا عدة إن كانت ممن لا يحملن ، لأن أركان المتعة عندهم الطرفان والمدة بعد دفع الإيجار لا غير.(1/148)
وقد أثبت القرآن أن أكثر الناس لا يعقلون ، والتقط شياطين الإنس لهم شراك الصيد من قول الحكيم الخبير سبحانه : ( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ {14}) [ سورة آل عمران الآية : 14]
فأغدقوا عليهم الكثير من المحظورات في شرع الله لدى أهل السنة والجماعة ، كقضاء الليالي الحمراء والنزوات الجنسية مع أي عدد من النساء ، بلا حد أعلى لأرقام من يعقد عليهم نكاح متعة ، ولا أدنى تحمل لمسؤولية الرجال في الحضانة والتربية ، مع اعتبار ابن المتعة أشرف عندهم من ابن النكاح الشرعي الدائم, ويطلق عليه ميرزا أي سيد أو شريف.
يقول أهل السنة والجماعة بحرمة ذلك كله، وقداسة الأعراض والنشء المسلم وحرمات المسلمين .
ويرفض الشيعة الإمامية الجعفرية الاثنا عشرية هذا الحظر الشرعي، ويفتحون الباب على مصراعيه ، في سوق رائجة لإيجار الفروج ، دون أدنى مسئولية أو تفريق ، بين النظرة الإسلامية للغايات والأهداف ثم الوسائل ، فإلى أي الرأيين يطمئن القلب ويستقر العقل والضمير.
ومن أدلة الشيعة الإمامية الجعفرية الاثني عشرية على حل نكاح المتعة دون سائر الملل والديانات والفِرقَ ما ذكره فتح الله الكاشاني في تفسيره ( منهج الصادقين ) ص 356 ما نصه [ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : من تمتع مرة كان درجته كدرجة الحسين عليه السلام، ومن تمتع مرتين فدرجته كدرجة الحسن عليه السلام ، ومن تمتع ثلاث مرات كان درجته كدرجة علي بن أبي طالب عليه السلام ، ومن تمتع أربع مرات فدرجته كدرجتي ] وأورد دليلا آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ومن خرج من الدنيا ولم يتمتع جاء يوم القيامة وهو أجدع " .(1/149)
وهل بيوت الدعارة وعصابات تجارة الرقيق الأبيض ، وأسواق النخاسة لاستباحة الأعراض والحرمات، التي تقبض عليها أجهزة الشرطة، لحماية المجتمع من جرائم الآداب العامة، وانتشار الأمراض السرية الخبيثة ، وعلى رأسها الإيدز، الذي أطل على الإنسانية بوجهه المدمر الكئيب ، والذي يعتبر بمثابة معجزة للوعيد النبوي الشريف أنه ما شاعت الفاحشة في قوم يعمل بها علانية إلا ضربهم الله بالعلل والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم، ومع كل ما سبق ، فهو أمر له أداء شرعي مقدس في دين الشيعة ومن أجَلِّ القربات عندهم ، لاستيفائه أهم الشروط والأركان ، وهي الرأسان والأجرة والمدة، ولو وطأة واحدة، دون أي التزامات أخرى.
سر كون دينهم أسرارا
أورد الكليني عن سليمان بن خالد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام [ إنكم على دين من كتمه أعزه الله ومن أذاعه أذله الله] أصول الكافي ص 485 يناقض هذا النص صريح القرآن الكريم في الأمر بإظهار الدين ونشره في مثل قوله تعالى ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا {28} ) [ سورة الفتح الآية : 28](1/150)
وتوعد من يكتم شرع الله ودينه ، دون بيانه للناس شديد السخط وأليم العذاب في قوله جل شأنه : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ {159} إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {160}) [ سورة البقرة الآيتان : 159 ، 160 ] ، ولهم العذر في شديد حرصهم على كتمان عقائدهم وخباياهم ، واعتبارها أسرارا تحت الأرض ، لا تكشف إلا لمن رُوِّضُوا على استساغتها وقبولها ، من ذوي العقول الممسوخة والقلوب الميتة، لأنها تتعارض مع أبسط قواعد العقل والمنطق ، والفكر الصائب الرشيد ، فهي عورات يجب سترها ، تفاديا لإنكار الشرفاء ورفض كل حر ذي عقل ناضج ورأي سديد.
السؤال الرابع
حول الحق الشرعي للرجال عندهم
في الشذوذ الجنسي مع الزوجات(1/151)
وهو من الحقوق المسلمة في دين الشيعة الإمامية الاثني عشرية، وكما هي عادتهم لا تعوزهم الحيلة في لي أعناق آي الذكر الحكيم، لتأييد مدعاهم في أي كارثة أو حكم شرعي خاص ، واختلاق دليل قرآني يدعم نزواتهم ، ومن أدلتهم في هذا الشأن التي وردت في الكتب الأربعة ، قول لوط عليه السلام لقومه فيما حكاه القرآن العزيز في قوله تعالى : ( وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ {78}) [ سورة هود الآية 78 ] . ومن الثوابت في رسالة كل رسول إلى قومه ، أن يحل لهم الطيبات، ويحرم عليهم الخبائث ، فقالت الشيعة : أشار إلى بناته، وهو يعلم أنهم إنما يريدون الأدبار، وذلك دليلهم على حل جرمهم، وتعاموا عما في الآية الشريفة من شواهد تدحض فريتهم ، وتفضح عمايتهم مثل : يعملون السيئات ، أطهر لكم ، اتقوا الله حتى آخر الآية.
أجل أشد الناس بلاءً الأنبياء ، ثم الصالحون ، ثم الأمثل فالأمثل يبتلى المرء على قََدْرِ دينه.(1/152)
ولم يكن حظ لوط عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم في التفسير المجوسي للقرآن ، بأقل جرما وبشاعة من إفك اليهود، المسجل في أسفارهم إلى يومنا هذا ، أن بناته تسلطوا على أبيهم رسول الله ، ومصطفاه وسقوه خمرًا حتى الثمالة ، ولما فقد وعليه تماما، مَارَسْن معه الفاحشة ، وحملن منه ، لغرض تحسين النسل في بني إسرائيل ، مع التأكيد العلمي أن الإنسان إذا فقد الوعي أو غاب عقله ، استحال أن يمارس الجنس أو أن ينتشر له قضيب ، كمن يُهَيَّأ للجراحة بالبنج، ونحن معشر أهل السنة والجماعة ، نؤمن بأن الله عز وجل عصم أنبياءه، من الصغائر والكبائر ، وحباهم بالكمالات كلها، وحماهم من كل شين، أو عيب خلْقي أو خُلقي ، أليس الله بكاف عبده فأين الثرى من الثريا؟.
تشدد الشيوخ في هذا الحق المزعوم :
يرى كبار شيوخهم في الفقه الشيعي أنَّ من حق الرجل أن يأتيها في مخرج الغائِط ، حتى قال أحد شيوخهم آية الله الشريف الطباطبائي في كتابه " العروة الوثقى في الفقه الجعفري" حول هذا الموضوع : [ بأن المرأة إذا تمنعت أن تؤتي دُبراً حل طلاقها ناشزا] .
ومعنى الحكم بالنشوز إسقاط كافة حقوقها الشرعية مثل مؤخر الصداق والنفقة إلخ.(1/153)
ولعل ذلك سرُّ ما تنشره وكالات الأنباء العالمية من أن أعلى نسبة لانتحار النساء في العالم في هذه المجتمعات الشيعية ، كما ذكرت جريدة الأهرام القاهرية وغيرها ، ورواج الكذب تحت شعار التقية سر نكبة الإنسانية بهم، والكذب من ألعن الكبائر في الإسلام لا يلتقي مع الإيمان في قلب عبد مطلقا ، وإن من أفحش الذنوب أن تحدث إنسانا بحديث هو لك مصدق ، وأنت عليه كاذب ، ولا يقبل حر شريف أن ينتصر لدينه وعقيدته بمثل هذه الأساليب الوضيعة التي تروج بين الشيعة كافتراء أحد صعاليكهم من لبنان على الإمام شيخ الإسلام الشيخ البشري شيخ الأزهر الأسبق في كتاب تحت اسم " المراجعات " حوى هراء يضحك الثكلى ، وحفيده علمٌ ملء العين والقلب، ولا نزكي على الله أحدًا المستشار طارق البشري النائب الأول لرئيس مجلس الدولة المصري، وتراث جده الإسلامي ـ رحمه الله عليه ـ خير شاهد يدحض مفتريات الشيعة الأفاكين ، ويلقي بها في مزبلة تاريخهم المشين. يقول الحق سبحانه : ( بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ {18}) [ سورة الأنبياء الآية : 18] .
الرأي العلمي
حول خطورة الشذوذ الجنسي على كلا الطرفين يؤكد على الآتي:
1 ـ مَخَاطرُهُ على الجاني : نظرا لأن أضعف جزء في البشرة التي تغطي الجسم هو ما يحيط بالقضيب، وذلك لرقتها الشديدة وحساسيتها لا سيما عند الانتشار ، وتفتح المسام الجلدية ، وحينئذ تصبح نقطة الضعف الأولى في جسم الإنسان أمام الغزو الميكروبي للأمراض السرية الخطيرة كالهربس ، والزهري ، والسيلان إلخ ، وزعيمهم الأكبر الإيدز ، لا سيما بدسه في مجمع النجاسة والقاذورات النتنة، والطفيليات المختلفة التي يرى بعضها بالعين المجردة.(1/154)
والمؤمن الطاهر النزيه المصون ، الذي يترفع بنفسه عن هذه الدنايا والخبائث ، لا يسمع طوال حياته عن هذه الأمراض والعلل الخبيثة ، كما نشاهد ذلك في الساحة الإسلامية الرفيعة الطاهرة.
2 ـ مخاطرهُ على المجني عليه ، من المعلوم أن مخرج الغائط فتحته من أسفل كالهرم المقلوب ، أو الركوة ( القربة ) المقلوبة وقد زودها الله عز وجل بوكاء يتكون من عضلتين كل منهما بمثابة رباط دقيق يشد حول عنق المخرج ليحكم الغلق ويحول دون تسرب الغازات أو الريح ، فضلاً عما وراء ذلك ، واقتضت حكمة الله عز وجل تصميم الفتحة للدفع إلى الخارج من أسفل وفق الرغبة والإرادة عند الحاجة ، ولذا سميت ": قضاء الحاجة" لما يخرج من موضع الفرث.
أما موضع الحرث ، فهو في الأصل الأرض الصالحة المهيأة لوضع البذور لأرزاق الأحياء.
وأُطلق في كتاب الله متوجا بالحياء القرآني ، بعبارة سامية شريفة مهذبة، تُبَلِّغُ العباد مرادَ مولاهم بحياءٍ جم وترفع بليغ، لا يُدْرِكُ جَوْهَرَهُ إلا ذوو البصائر والذوق الرفيع.
قال تعالى في آية المحيض : ( فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ {222} ) [ سورة البقرة من الآية : 222] . وفي الآية ضمنا من حيث نهاكم.(1/155)
فلو كان هناك طريق آخر مسموح به شرعا ، لما نزل أمر مالك الملوك في قرآنه الخالد بالاعتزال ، وعدم القرب منهن خلال ذلك، بقوله سبحانه : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) [ سورة البقرة من الآية 222] ، ثم يقول سبحانه في الآية التالية مبينا وموضحا : ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ {223}) [ سورة البقرة الآية : 223] .
أي بالولد الصالح الذي يؤجر به والداه أحياء وأمواتا.
فأين موقع إتيان النساء في الأدبار ، من شرع الله القويم، ودينه الحكيم، ودستوره الخالد، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ، ولا من خلفه ، تنزيل من حكيم حميد.
وقد أثبت علماء الطب الحديث والجراحة، أنه بالاستعمال الشاذ المتكرر تنتهك الأغشية ، وتتمزق أصول العضلتين القابضتين، ويعجز الطب والجراحة عن إعادتها إلى وظيفتها وأدائها الطبيعي في الضبط والتحكم بأكثر ممن ستين في المائة، بحيث لا تخلو سراويل المصابين والضحايا من التلوث بفضلات الغائط الذي يتسلل قَسْراً لعدم تمام الضبط والتحكم في السوائل والرطوبات ، فضلا عن الريح.
وحينما أقرأ أو أسمع عن هذه الكوارث أتذكر أمرين :
1 ـ ترفع الحيوانات جميعها عن هذا الداء ، وانحدار الإنسان، وهو من أشرف المخلوقات عند الله إلى الدركات الوضيعة التي يُرَدُّ بها إلى أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات .
2 ـ كثيرا ما ألوذ خلال ذلك بدعاء رسول الله لوط عليه السلام أردده بين يدي مولاي وأنا ساجد ( رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ ) [ سورة الشعراء الآية : 169 ].
خلاصة الأسئلة الأربعة(1/156)
قلت لصاحبي : يتناقض تماما الحكم في هذه القضايا الأربعة بيننا ، ولديكم قاعدة أصولية في الفقه الشيعي تقول: ( الرشد في خلافهم ) أي المخالفة الدائمة لأهل السنة والجماعة ، حتى في إجماع الأمة على يوم عرفة ، فهو عند الشيعة يتأخر يوما أو يسبق يوماً ، كما هو مدون في الكتب الأربعة، وغيرها بما لا مجال لإنكاره. بالنسبة لخلافنا حول الأسئلة الأربعة المطلوب فيها الرأي السديد المنصف للعقل والحكمة، والمنطق الرشيد المجرد عن العواطف العمياء، والمؤثرات الحمقاء.
1 ـ بالنسبة للسؤال حول الميراث النبوي وتعرض فاطمة الزهراء ـ رضي الله عنها ـ لأبشع الإهانات من الأئمة الراشدين الخلفاء الثلاثة في قولكم، مع اتفاقنا بأنها تلقت البشارة في اللحظات الأخيرة من وداعه صلى الله عليه وسلم بأنها أول من يلحق به من أهل بيته، دون تحديد كم بقي لها من أنفاس في الدنيا.
وهل إذا تأكد الإنسان قرب موته ، وتعجل طلبه يدخل الحطام الفاني في دائرة اهتماماته، هذا إذا جهلت أن من خصوصيات الأنبياء ما تركوه صدقة. وأين غيرةُ أبي الحسن ، ورد الفعل إزاء هذا المنكر، هل استنوق الجمل حاشا لله.
فإلى أي الرأيين يرتاح قلبك وضميرك؟
2 ـ بالنسبة للإحداد شاهدت من خلال التلفاز الإيراني في عهد الخميني، مأتم عاشوراء في ذكرى استشهاد الحسين، التي مضى عليها أربعة عشر قرنا من الزمان تقريبا، حيث الألوف المؤلفة حول الإمام الخميني يضربون صدورهم وظهورهم بالسلاسل الحديدية، وقد جللوا وجوههم بالسواد في صورة فظيعة، يعجز القلم عن تصويرها ، خلال عملي كأستاذ بإحدى جامعات الخليج، يشهدها العالم كله في لحظة واحدة، عبر الأقمار الصناعية، فهل ترى فيها حسن عرض لرسالة الإسلام ، بوجه مشرف له في عيون الأعداء ولما جاء به خاتم الأنبياء رحمة للعالمين.(1/157)
والإحداد عندنا معشر أهل السنة والجماعة للنساء دون الرجال وعلى الأموات لا الأحياء ، ولا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج فأربعة أشهر وعشرا، وقد حرَّمَ الله الموت على الشهداء ، فهم أحياء عند ربهم يرزقون.
فإلى أي الرأيين يطيب خاطرك ، ويطمئن قلبك؟
3 ـ وأما الوطء في الأدبار فهو جرم فظيع عندنا قد تصل فيه عقوبة الرجل بعد التعزير إلى الطلاق.
أما عندكم فحلال زلال ، وأدلتكم تطفح بها كتبكم ومراجعكم ، [ وكان الإنسان أكثر شيء جدلا] .
ولم يجد الإيدز مفرخا براحا واسعا إلا في هذه المحاضن ، فإلى أي الاتجاهين تطمئن النفس ، ويسكن الفؤاد؟
وسأصبر حتى تختمر الأفكار في الذهن ، وأنتظر الإجابة غدا إن شاء الله تعالى. ولا يصح لمثلك وقد قطع شوطا كبيراً في الثقافة والمعرفة ، وبلغ شأوا في العلم والأدب لا يستهان به ، أن يكون مقلداً محاكياً ، مجاملاً للقطعان، تفاديا لحماقات الأكثرية الجاهلة التي ذبحت والد الدكتور موسى الموسوي في المسجد ( الحسينية ) ، لأن ولده ( أي الدكتور موسى ) الذي يعيش في الغرب الآن ، كان من كبار شيوخ الشيعة، وتجرأ على التصريح بإنكار ما ينكره العقل والعلم، من الجهالات المتوارثة التي تضحك الثكلى ، انتقاماً من الجد ليكف عما شرع فيه ، لا سيما والحق سبحانه وتعالى يقول: ( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ {179} ) [ سورة الأعراف الآية : 179] ( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا {2} وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) [ سورة الطلاق من الآية : 2، 3] .
وكانت المفاجأة المثيرة(1/158)
إذْ أقبل في اليوم التالي مهموماً يلقي السلام تعلوه مسحة بؤس ومرارة ، يقول بصوت متهدج خفيض : لقد فتحت الأسئلة في نفسي منافذ شتى، وتسرعت في مناقشة من حولي من الشباب المشاركين في العقيدة فيما أهمني ، فهاجوا وماجوا، أو كما يقال حاصوا حيصة حمر الوحش، فهجرت مجلسهم ورفقتهم إلى حين ، وأنا في خشية من أمري بسبب ذلك ، وقد أرحل عن أمريكا ، قلت: نحن في بلادنا نعيش دون المستوى بكثير ، ونُصبرُ أنفسنا بمثل الحديث القائل ( الدنيا جنةُ الكافر وسجن المؤمن ) ، ولو قدر الله لجوءا إلى مصر سأقبل معك سماحة شيخ الأزهر ، لتكون رفيقنا في خدمة العلم بجامعة الأزهر ، كأستاذ للغات وآدابها ، وتكابد معنا في سبيل الله ما نعانيه من عقبات المناوئين لنور الإسلام في الداخل والخارج والمعوقين، وخفقت عنه ببعض الملاطفة والمزاح ، ثم ختمت تهنئتي بهدايته بقول الحق سبحانه : ( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ {83}) [ سورة القصص الآية: 83] .
الخاتمة(1/159)
بعد هذه الجولة السريعة مع كتاب من أهم الكتب والمراجع لرئيس المحدثين الشيعة ، نلمح روح العناد والاستعلاء ، والحرص على المخالفة في كل فريضة أو شعيرة أو حكم شرعي بما لا يستطيعون منه فكاكاً ، والتباغض متبادل بيننا وبينهم ، ولا سبيل لحسم أدوائهم إلا أن يروا في المسلمين عزة وقوة ومنعة، وصلابة عود في الحق ، واتحاد كلمة، وأراهم من الآخرين الذين تعنيهم الآية الشريفة: ( وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ ... ) [ الأنفال الآية: 60 ] ولا سبيل لهدايتهم إلى الحق إلا بإرادة الله العليا، ولا نجاح للجهود الشخصية إلا بأمر الله تعالى القائل : ( وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ {41} ) [ سورة المائدة الآية : 41 ].
والله الموفق والمستعان ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
ـــــــــــ
من أهم المراجع
1ـ القرآن الكريم
2 ـ كتب السنة الستة .
3 ـ سبل السلام للصنعاني .
4 ـ سير أعلام النبلاء للذهبي .
5 ـ فقه الزكاة للقرضاوي .
6 ـ المصباح المنير.
7 ـ كتب الشيعة
الكافي للكليني
الاستبصار للطوسي
التهذيب للطوسي
من لا يحضره الفقيه للصدوق.(1/160)