... الحج عبادة و ميدان دعوة ...
لفضيلة الشيخ \ صالح آل الشيخ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل في كتابه {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتِ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا}[آل عمران:96]، والحمد لله الذي قال أيضا في كتابه {جَعَلَ اللهُ الكَعْبَةَ البَيْتَ الحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ}[المائدة:97].
فله الحمد على آلائه حمدا كَثْرا لا ينقطع ما دامت الأنفاس مترددة.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله، نشهد أنه بلغ الرسالة أدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق الجهاد، فصلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أسأل الله أن يجعلني وإياكم ممن إذا أُعطي شكر وإذا ابتلي صبر وإذا أذنب استغفر، وأسأله جل وعلا أن يعيذنا أن نزل أو نزل أو نضل أو نضل أو نجهل أو يجهل علينا.
وهذه دعوة العلماء وطلاب العلم العظيمة؛ أن يستعيذوا بالله من أن يزلوا أو يزلوا أو أن يضلوا أو يضلوا أو يجهلوا و يجهل عليهم.
هذا الموضوع:
موضوع الحج عبادة وميدان دعوة
انبثق من قول الله جل وعلا لإبراهيم عليه السلام {وَأَذِّنْ فِي النَّاِس بِالحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ(27)لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ}[الحج:27-28]، وقد تكلم أهل العلم من المفسرين وغير المفسرين أنّ الله جل جلاله في هذه الآية جعل العلّة من تأذين إبراهيم في الناس بالحج أن يشهدوا منافع لهم.
وقالوا اللام هنا لام التعليل أي من أجل أن يشهدوا منافع لهم.
وقالوا أيضا (مَنَافِعَ) هنا ذكرت ولم تعرف ولم تضف إضافة تخصيص؛ وذاك لتكون مطلقة فتكون عامة في أنواع المنافع، فكل منفعة جعلها الله جل وعلا منفعة في الحج فإنها مقصودة.
ولهذا اختلف المفسرون في رؤية هذه المنافع، واختلافهم من باب اختلاف التنوع:(1/1)
فقالت طائفة منهم: إن المنافع في قوله (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) أنها التجارة. وذلك منهم نظر إلى قول الله جل وعلا في سورة البقرة {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ}[البقرة:198].
وقال آخرون: بل المنافع هي أن يأكلوا من اللحوم وأن يدّخروها وأن يتمونوها؛ لأن الله جل وعلا قال في سورة الحج {وَالبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا صَوَافّ}[الحج:36].
وقالت طائفة: المنافع هنا هي العفو والمغفرة والخروج عند الحج من الذنوب كما ولدت الإنسان أمه؛ وذلك لقول الله جل وعلا {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى}[البقرة:203]، وما دلت عليه الأحاديث الصحيحة في ذلك منها ما خرجه البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث عبد الرحمن بن صخر رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال «تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد»، وقال أيضا عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ «العمرة إلى العمرة مكفرات لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة»، وقال أيضا عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ «من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه»، فمعنى ذلك أن الحاج إذا حج فاتقى فلم يرفث ولم يفسق رجع بأعظم المنافع؛ وهي أنه يرجع خاليا من الذنوب، ولاشك أن هذا شهود منفعة عظيمة.(1/2)
ولهذا كان الصحيح من أقوال أهل العلم في قول الله جل وعلا (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ) يعني أن الحاج سواء تعجل أو لم يتعجل فتأخر فإنه يرجع من حجه ولا إثم عليه بشرط أن يكون متقيا، لهذا قال بعدها (لِمَنِ اتَّقَى)، فقوله (لِمَنِ اتَّقَى) يرجع إلى نفي الإثم في الموضعين، وليس راجعا إلى نفي الإثم فيما إذا تأخر؛ يعني أن الحاج ينتفع أعظم الانتفاع بأنه يرجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه وهذه منفعة عظيمة.
وهذا كله صحيح.
وأيضا مما قيل في تفسير الآية: أن المنافع أن يشهد الحجاج الكعبة وأن شهدوا الطواف والسعي ورمي الجماع وذكر الله جل وعلا، فيقيمَهم ذلك الشهود على توحيد الله جل جلاله؛ لأنهم يرون الكعبة ويتذكرون إبراهيم عليه السلام الذي بناها، فيتذكرون بذلك حق الله جل وعلا الذي هو توحيده سبحانه وخلع الأنداد والبراءة من الشرك وأهله.
ومن المنافع التي تتحصل -كما ذكره الشيخ الشنقيطي في تفسيره-: شهود الأمة بعضهم لبعض، والتقاء المسلمين بعضهم لبعض، وما في ذلك من الوحدة الإسلامية التي جاءت فيها الآية {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} (1) [1]) يعني أن الدين واحد، وهذه الأمة إذا التقت على دين واحد واجتمعت على دين واحد فهذا أعظم المنافع.
وهكذا في أقوال كثيرة.
وابن جرير رحمه الله إمام لمفسرين لما أتى لهذه الآية وساق بعض الأقوال التي ذكرت قال ما حاصله: إن هذه الآية لا صار فيها إلى قول دون قول؛ بل إن المنافع تشمل ما ذكر وتشمل كل ما فيه منفعة للحاج، فكل ما فيه منفعة للحاج في أمر دينه ودنياه في أمر دنياه وفي أمر آخرته، فإن شهوده ذلك في الحج من مقاصد الحج.(1/3)
وهذا التأصيل مهم حتى نرى أن الله جل جلاله جعل من مقاصد الحج الشرعية أن يشهد الحجاج المنافع لهم، وهذه المنافع منها أن يؤدوا فرضهم، أو أن يؤدوا نفلهم، وأن يرجعوا بالأجر والغنيمة من الخيرات، أو أن يرجعوا بالمال، أو أن يرجعوا وقد خلوا من الذنوب والآثام، وقد التقى بعضهم ببعض إلى آخر ذلك.
فإذن المنافع كثيرة.
وإذا كان كذلك كان من تحقيق المقاصد الشرعية في الحج أن يحقق المسلمون كل هذه المنافع ما استطاعوا، ما كان منها مباحا فهو مباح لهم كالتجارة، وما كان منها مستحبا فهو مستحب لهم كنشر العلم والدعوة وأشباه ذلك، وما كان منها واجبا فهو واجب عليهم وهكذا.
والحاج أيًّا كان يجب عليه أن يكون مخلصا لله جل جلاله في الحج، وقد جاء في الأثر؛ بل في الحديث «لا تقوم الساعة حتى يكون حج فقراء أمتي للمسألة وحج أغنيائهم للسياحة»، والحج ركن الإسلام الخامس، والإخلاص فيه واجب بل شرط صحته.
ولهذا لما تكلم العلماء على الذين يُستأجرون للحج قالوا: إن من أخذ المال ليحج فإن هذا جائز؛ ولكن من حج ليأخذ المال فهذا الأشبه أنه ليس له في الآخرة من خلاق؛ يعني من نصيب.
يعني أن المرء إذا أراد أن يحج ولكن ليس عنده نفقه وله رغبة في رؤية الكعبة ورؤية المشاعر والتعرض لنفحات الله في تلك المواقف العظام وحضور يوم عرفة وشهود تلك الساعة الأخيرة والقيام بما يتعبد به المسلمون في تلك المناسك والمشاهد العظيمة، ولكن ليس عنده مال، فليس ثَم بأس أن يأخذ من المال ما يعينه على الحج عن نفسه أو عن غيره؛ لكن من ليس له رغبة في الحج أصلا؛ ولكن إنما حج ليأخذ وإنما ليس له رغبة في رؤية الكعبة ولا رؤية المشاعر ولا أن يكون مع المتعبدين هناك، فهذا قال فيه شيخ الإسلام وغيره قال هذا الأشبه -يعني من حج ليأخذ- الأشبه أنه ليس له في الآخرة من خلاق. وهذا لأجل أنه فاته الإخلاص لله جل جلاله في هذه العبادة أو ضعف الإخلاص فيه جدا حتى كان رغبته في أمر الدنيا.(1/4)
التجارة أُبيحت في الحج، ولو كان الحاج ذهب ليتاجر فليس عليه جناح، كما قال جل وعلا {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَات}[البقرة:198] الآية، قال العلماء: إرادة الأمر الدنيوي فيما يراد به وجه الله جل وعلا إذا كان مأذونا به من جهة الشارع فلا يُعَدُّ قصده إخلالا بالإخلاص، ولا يدخل ذلك في قول الله جل وعلا في سورة هود {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّي إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ لاَ يُبْخَسُونَ(15)أُولَئِكَ الذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّار}[هود:15-16]، وقد ذكر العلماء إمام الدعوة وذكر أبناؤه وتلامذته أربع صور تدخل تحت هذه الآية، وليس منها أن يكون الأمر الدنيوي قد رتّبه الشارع على العبادة، مثل أن يصل رحمه امتثالا لأمر الله؛ ولكن أيضا ليحصل على الثر الذي رغب فيه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله «من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه»، من جاهد لإعلاء كلمة الله ولكن له رغبة في المال فهذا قد حث عليه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ فقال «من قتل قتيلا فله سلبه» ترغيبا في أن يقاتل وأن يجاهد ولكن يكون قصده الله جل وعلا ويكون هذا معه.
وكذلك من أراد بالحج أن يكون حاجا أو أن يتعبد؛ ولكن مع ذلك أن يربح ما يربح من التجارة فلا بأس بذلك ولا يعد ذلك منافيا لإخلاص لأن الله جل جلاله أذن بذلك وقال (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ)، بخلاف الذي ليس له همة في الحج إلا أن يكون رابح للمال فلم يقصد أن يتقرب إلى الله بالحج وإنما قصده إلى المال فهذا الشبه أن يكون ممن يريد حرث الدنيا.(1/5)
المنافع كثيرة ولهذا نقول: إذا تحقق الإخلاص ورام العبد الحج فلا بد أن يرتب نفسه في أن يكون ممن تعرَّض لهذه المنافع العظيمة التي هي مقصد الحج، فيكون متعرِّضا من أول ما يذهب مستحضرا أن يرجع من حجه وقد خلا من الذنوب، (من حج البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه) والحج حج البيت يبدأ من قصدك البيت؛ لأن الحج في اللغة هو القصد المكرر لمكان معظم.
إذا كان كذلك فمنذ أن تذهب للحج تكون أول منفعة تريد أن تشهدها وتحظى بها أن ترجع وقد خلوت من الذنوب، والحج المبرور يكفر ذنوب السنة التي سلفت.
الحج المبرور: يعني الذي ليس فيه معصية -يعني من الكبائر أو من إدمان الصغائر-.
فإذا كان كذلك كان أول منفعة يجب أن نشهدها أن تخلى من الذنوب والمعاصي، وأن نسعى في أن لا نرفث ولا نفسق.
الرفث: اسم جامع للحديث مع النساء، قد يكون الحديث عن مقدمات الجماع، أو قد يكون في تبسيط المرأة، أو قد يكون في الحديث مع المرأة، إلى آخر ذلك، فكل ما يتعلق على الحديث مع النساء مما يكون معه شهوة، فإن ذلك من الرفث، واجتنابه مما هو مؤكد في الحج.
وهذه الوصية أو هذه المنفعة تحتاج إلى تواصٍ بها وإلى دعوى إليها؛ لأن كثيرين يحجون ويكثرون في حجهم من الرفث، يكثرون من المزاح، يكثرون من القيل والقال وكأنهم في زمن لهو، وهذا لاشك من تعريض الحاج نفسَه لعدم شهود هذه المنفعة العظيمة؛ لأنه لابد من التقوى (فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى).
من منافع الحج العظيمة التي تشملها هذه الآية أن يتعلم الحجاج ما به تكون منفعتهم في الآخرة.
أما به منفعتهم في الدنيا فالناس تقريبا أساتذة في ذلك.
لكن ما به تكون منفعتهم في الآخرة هذا الذي الناس اليوم بأشد الحاجة إليه، وإذا كان زمن الحج قصيرا، فإن الواجب أن يكثف العبد جهده في الحج في التعليم؛ تعليم الجاهل وفي تبصير الغافل وما أشبه ذلك .
والتعليم هو الذي تحتاجه أن تبثه في الحجاج.(1/6)
ولهذا أطرحُ رأيا لعله أن يكون مجالا للتطبيق لكل من يذهب إلى الحج ويكون عنده فضل علم في أن يبلغ هذا العلم؛ لأن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ نادى في الناس يوم عرفة فقال «اللهم هل بلغت اللهم فاشهد»، وقال «نظَّر الله امرؤا سمع مقالتي فأداها كما سمعها فرب مبلغ أوعى له من سامع».
فتبليغ العلم هذا من الضروريات، وأين تجتمع لك هذه الأمم وهذه الوفود حتى تكون في مكان واحد فتسعى فيها بالعلم؟
ولهذا من الغريب أن يكون ثم من طلبة العلم أو من الحجاج الذي عندهم فضل علم، بينهم أو فيما حولهم مخيمات كثيرة فيهم من المسلمين من هو جاهل بأمر التوحيد وأمر العقيدة -يعني العقيدة العامة- وكذلك بأمر العبادة وأمور أركان الإسلام والمعاملات إلى آخره.
وأعظم ذلك أمر العقيدة، لهذا لو توطن نفسك على أن تكون في هذه الحجة أن تكون في بعد ما فرض ناشرا للعلم ومعلما للجاهل، وقد ذكر أهل العلم أن طلب العلم وتعليم العلم أفضل النوافل، وهي أحد الروايات عن الإمام أحمد، فأفضل نوافل العبادات طلب العلم وتعليم العلم، ولهذا لما انصرف الناس عن الإمام مالك فذهبوا يصلون وهو يتحدث يحدث الحديث ويبين العلم قال: ما الذي ذهبوا إليه بأفضل مما تركوه.
فأنت قد تختار في الحج أن تكون مثلا ذاكرا أو أن تكون تاليا، وهذا أفضل إذا لم تكن المنفعة عندك متعدية يعني لم يكن العلم عندك واسعا فتستطيع أن تؤديه لغيرك، أما إذا كنت طالب علم فإن الأفضل في حقك أن تسعى في تبليغ العلم؛ في تبليغه في أصل الأصول وهو العقيدة.(1/7)
ولهذا الأخ الإمام لما تكلم في أول الكلمة وقال: إن المسلمين في هذه الأزمان يحتاجون أشد الحاجة إلى أن يعلَّموا وأن يدعوا وهذا أمر متفق عليه، والحج هو الميدان الأول، والبلاء الذي أصاب المسلمين ليس من جهة عدو خارجي فحسب؛ بل البلاء من شيء بينهم في أنفسهم من الإضلال عن العقيدة الصحيحة وعن التوحيد الخالص، فهناك من شبه لهم في أمر الاعتقاد، وهناك من شبه عليه في أمر التوحيد، فجعلهم يسعون في عبادة غير الله، وجعلهم لا ينكرون البدع، وجعلهم لا يفرحون بالسنن، إلى آخر ما هنالك.
وهذا من البلاء الذي تولد في الأمة من جراء دعاة الباطل فيها من قرون.
ولهذا أعظم ما يدعى إليه بالاتفاق العقيدة، فالعقيدة أولا لأنها هي الواجب الأول، فلهذا لو عملنا شيئا من التركيز في أن ينطلق كل أصحاب حملة، وأن لا يتكلموا طول الوقت مع أنفسهم أو يأتوا يحضرون يسمعون كلمات تلقى في الحملات مثلا أو تلقى في المخيمات ربما كانت كلمات يمكن أن يسمعوها في غير هذا الوقت؛ لكن الأهم في ميدان الحج أن يكون العلم الصحيح الذي معك في العقيدة بأدلتها، في العبادات بأدلة ذلك مما تيقنت منه وليس عندك فيه شك أو شبهة أن تبلغه لمن هو جاهل.
المسلمون اليوم ليسوا بحاجة إلى تفريعات، المسلمون اليوم بحاجة إلى أن يعلموا ألف باء في العقيدة والتوحيد، يعلمون أوائل ومقدمات ومهمات الإخلاص، والعبادة والديمومة لله جل وعلا وحده دونما سواه، وذلك لأن الشرك فشى في الناس الشرك الأصغر والأكبر.
فلهذا كان من المتأكد شهودا للانتفاع وإشهاد له وانتقالا به أن تسعى في تحصيل هذا المقصد العظيم من مقاصد الحج الذي شرعه الله جل وعلا في قوله (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) وأن تشهد الناس أعظم منفعة لهم بأن تدله على توحيد الله جل وعلا وأن تعلمهم ذلك.
الحاصل أن الذين يعلمون لتوحيد وينشرون العقيدة في الحج على أقسام:(1/8)
منهم من ينشر ذلك بالإنكار؛ يعني إذا سمع منكرا في العقيدة أو شيء أنكر واشتد وغلظ أو أغلظ في الإنكار على من فعل ذلك، ولا يسعى في التعليم ابتداء، وإنما عنده الإنكار، فقط.
وصنف لا يُنكِر ولكنه يعلم.
وصنف ثالث يعلم في ميدان التعليم، وإذا وجد منكرا من المنكرات المتعلقة بالعقيدة أو بالتوحيد أو المتعلقة بالعبادات فإنه ينكر ذلك، وينصح بالأسلوب الحسن الذي معه الانتفاع.
وتذكَّر في هذا كله أن الناس بحاجة دائما إلى أن تمتثل قول الله جل وعلا {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا}[الإسراء:53]، فأمر جل وعلا أن يقول العباد التي هي أحسن (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) فإذا وجدتَ كلمة حسنة وكلمة أحسن منها فقد أمرت بالأحسن فاترك الحسنة إلى الأحسن؛ لأنك لا تتكلم عن نفسك، وإنما تتكلم تريد أن ترغب الناس في دين الله جل جلاله، وهذا يلزمك أن تتلفظ بأحسن الألفاظ، وقد قال جل وعلا {وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الكِتَابِ إِلاَّ بِالتِي هِيَ أَحْسَنْ إِلاَّ الذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}[العنكبوت:46]، {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[النحل:125].
فإذن ميدان التعليم في الحج يكون بتعليم الجاهل مع الصبر عليه، فتسعى في ذلك تنتشر من المخيم الذي أنت فيه أو الحملة التي أنت فيها أو المكان الذي أنت فيه، تتفقد من حولك، فتصادق هذا أو تخاطب هذا، وتتعرف عليه وتبدأ تتكلم معه في مناسبات وتتلقف حتى تدخل العقيدة الصحيحة في قلبه.(1/9)
ولا تظن أنك لما أنعم الله جل وعلا عليك بهذه العقيدة الصحيحة أن الآخرين لو تكلمت معهم لن ينتفعوا، هذا من تخييل الشيطان وقد قال الله جل وعلا {كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا}[النساء:94].
كذلك كنا من قبل في دعوة الإمام المصلح رحمه الله تعالى وأجزل له المثوبة؛ لكن بالتعليم وبالدعوة وبتواصل جهود أهل العلم مع جهود الولاية في هذه البلاد انتشر الخير في الناس.
كذلك هنا ينطبق عليه ما انطبق علينا «فلا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق» «الكلمة الطيبة صدقة» فإذن:
الخطوة الأولى: أن تنتشر من المكان الذي أنت فيه إلى ما جاورك في تعليم لأصول العقيدة، في تعليم لمعنى الشهادتين، في تعليم التوحيد بالأسلوب الحسن وبالأدلة لا تستعجل في الحكم؛ يعني أن تقول له: أن هذا شرك وهذا كفر وهذا ضلال وهذا طاغوت، إلى آخره.
فإن النفوس فيها من عدم الاقتناع بالحق ما يجعلها لا تقبل هذا الأسلوب؛ ولكن قل كما قال المصلحون من قبل مثلا: الله خيرٌ من هذا، إذا سمعت كلمة شركية، أو تأتي بأدلة فيها تحريم دعوة غير الله جل وعلا {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}[الجن:18]. وتدخل بالألطف فالألطف حتى تصل معه بعد حين إلى النتيجة.(1/10)
في أمر العقيدة تحتاج معها إلى إيضاح وإلى توسع شيئا فشيئا، ومن المهم أن تكون مقدما للأهم فالمهم، لا تبحث مثلا في الشرك الأصغر، وأنت لم تتيقن من أن الذي أمامك قد كفر بالطاغوت، وقد فهم معنى كلمة التوحيد، هذا يكون من البداءة من المهم؛ ولكن تترك الأهم، وقد قال إمام الدعوة في كلامه على حديث ابن عباس في إرساله معاذ إلى اليمن على قوله «فليكن أول ما تدعوهم إليه» قال الشيخ رحمه الله في كتاب التوحيد فيه البداءة بالأهم فالأهم، وهذا من أصول الدعوة والتي سماها بعض المعاصرين فقه الأولويات؛ يعني أن تدرج الفرد وكذلك أن تدرج المجتمعات فيما هو أهم، أما أن تأتي إلى ما هو أقل وأن تترك المهمات فلا بد أن يكون ثم سوء في التصرف ونتيجة سيئة في هذا التصرف؛ لأنك أخللت بأمر شرعي وهو البداءة بالأهم فالأهم، وكثيرين ممن دعوا كانت هناك شبه في قلوبهم من أثر دعوة من دعاهم؛ لأنه لم يحسن الأسلوب ولم يبدأ بالأهم فالأهم لم بدأ بالأهم بالأدلته تاركا الحكم إلى فترة لاحقة.
الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لما خاطب الناس لم يأت بالحكم أولا، وإنما بين لهم الأدلة أولا وشرح لهم آيات الكتاب وأحاديث النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ وأوضح لهم ذلك شيئا فشيئا، حتى أقيمت عليهم الحجة، ثم بعد ذلك حكم عليهم الحكم المعروف بحسب ما يناسب الحال.
إذن فأول الأمر أن تنظر حالة المدعو هذا، تنتقل من ماكنك الذي أنت فيه إلى ما حولك، وهذا لاشك أنه من المهمات.
إذا كان من الموحدين وعرفت ذلك تلحظه في عبادته، الحظه في صلاته، الحظه في تلاوته، وهكذا تنمي معه الخير شيئا فشيئا.(1/11)
من المهمات أيضا أن تلحظ أن زمن الحج قصير لا يمكن أن تشرح فيه كل مسائل التوحيد وكل مسائل العقيدة، فإذا تلقيت مع جار لك في الحج وأخذت معه، رجل من هذه الأمصار المتفرقة، فحبذا لو أخذت عنوانه وقمت بجهد شخصي معه مع شخص واحد أو مع أكثر بما قواك الله بأن تسعى في مراسلته، تأخذ العنوان وتسعى في مراسلته، ترسل له كتيبات في العقيدة في التوحيد تبدأ معه الدعوة في مراسلات.
وقد جُرب هذا في بعض الميادين بمراسلات مع أناس مفتوحين غير معروف، فجاءت الأجوبة بما يُنتِج معه أن المراسلات عظيم من ميادين الدعوة تُرك في هذا الزمن، ولم يغشه إلا الأقلون، لم؟ لأن الرسالة ليس فيها مخاطبة، ليس فيها حجاج، ليس فيها وجه أمام وجه، ليس فيها تعبيرات إلا تعبيرات القلم أمام الورق، فهذه تستطيع أن تتصرف فيها وأن تدخل فيها إلى قلب المتحدث إليه.
مثلا من ميادين الدعوة التي أخذ بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ميدان المراسلات، فله مع كثير ممن حوله طلبة العلم والعلماء ومن الناس والأمراء فيما حوله له معهم مراسلات حَبَّبَ إليهم الخير، وكان مع تلك المراسلات ملا أن كتب إلى أحد القضاة في الأحساء واسمه عبد الله بن عبد اللطيف، وكتب للشيخ ينتقد الشيخ محمد بن عبد الوهاب في بعض أقواله، فكتب له الشيخ رسالة لو قرأتموها لكانت نبراسا لنا في كيف يكون التحبيب بالرسائل؛ لأن الرسالة فيها لطف اللفظ وفيها عدم مواجهة الوجه للوجه وفيها وفيها مما يتيسر معه قبول الحق.
قال الشيخ رحمه الله في رسالة له: وأنا منذ رأيتك قد كتبت على أول صحيح البخاري في مسائل الإيمان إن هذا هو الحق، ما زلت أدعو لك لأن ما كتبته مخالف لما عليه أهل بلدك من العقيدة؛ يعني الأشاعرة، وما زلت أدعو لك وقد دعوت لك في صلاتي، وكنت أقول لعلّ الله جل وعلا يجعلك فاروقا لدين الله في آخر هذه الأمة، كما جعل عمر بن الخطاب فاروقا لها في أولها.(1/12)
هذا الأسلوب والرسائل ولين اللفظ لاشك له أثر في النفوس عظيم، لهذا ينبغي لكل واحد منا أن يسعى في أخذ ولو عنوان واحد يتعرّف عليه ويراسل، وأن يكون الغرض من ذلك غرض ديني دعوي صحيح، وأن يبين له شيئا فشيئا ويدرجه على مدى سنة سنتين ليس هذا بالكثير في سبيل إصلاح النفوس.
أيضا من المنافع التي ينبغي أن نشهدها في الحج: أن الحج ميدان يأتي فيه المسلمون من كل مكان، ويأتي فيه علماء من أماكن كثيرة، ويأتي فيه دعاة من بلاد كثيرة، ويجتمعون، فإذا تعرف العلماء على العلماء والدعاة على الدعاة، كان في هذا سبيلا لاجتماع الأمة على كلمة سواء وعلى نصرة للدين وللعقيدة وللمنهج الصحيح، لم؟ لأن تلاقح الأفكار يكون بالالتقاء، وقد يكون الداعية في بلد له ظروفه لا يسمع في عمله الرأي الآخر؛ لكن لو سمع الرأي الآخر لكان عنده تصحيح لمنهجه وتصحيح لطريقته.
مثلا بعض الدعاة قد لا يهتم أصلا بمسائل البراءة من المشركين، أو لا يهتم أصلا بدعوة الناس إلى التوحيد، تراه مثلا يرى قبة على قبر فلا يتغير قلبه؛ ولكن إذا رأى صورة في مجلة عارية تغيّر قلبه وقام وقعد، مع أن هذه معصية وكبيرة من الكبائر ولكن تلك وسيلة إلى الشرك أعظم وأعظم، وهذا من الخلل الذي في النفوس أن يكون في القلب عدم غيرة على حرمات الله العظمى، عدم غيرة على التوحيد، عدم غيرة على السنة، وأن لا يتحرك القلب إذا رئيت عبادة غير الله، أو إذا رئي الشرك أو رئيت البدع؛ لكن يتغير إذا رأى فسادا في الأخلاق أو فسادا في الاقتصاد أو نحو ذلك.
هذا خلل في المنهج؛ لأنه رُبِّي على أن يغار على الأخلاق، وأن لا يغار على التوحيد.(1/13)
وهذا لاشك أنه إذا قامت الأمّة على ذلك فإنه خلل في التربية عظيم، فكيف تفقه الأمة أن يكون تصحيح الوضع بتصحيح القاعدة، متى تفقه ذلك؟ وأن يكون تصحيح القاعدة بتصحيح قلوبها بتصحيح قلب الناس {يَوْمَ لاَ يَنْفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ(88) إِلاَّ مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}[الشعراء:88-89]، والقلب السليم هو القلب المخلص لله جل وعلا، والإخلاص يتبعه السلامة من الشبهات والسلامة من الشهوات.
متى يربى الناس على ذلك؟ لاشك أن الحج ميدان لأنْ تكون هناك تبادل في الأفكار تبادل في الآراء في أن نجعل في مستقبلنا الدعوة في منهج هو منهج السلف الصالح، وأننا في هذا الزمن بحاجة أشد ما نكون إلى الدعوة المتفق عليه إلى المجمع عليه إلى ما تتفق عليه الأطراف جميعا، وأننا إذا اجتمعنا على ذلك وسرنا بالناس على هذا زمنا طويلا، فإن انتشار الصحوة وانتشار الدعوة سيكون أكثر وأكثر، وإنما تعبت الأمة في أن كل طائفة تتعصب إلى فرع من الفروع، يعذر المرء يتركه، وتترك أصل الأصول الذي جاءت الأنبياء والمرسلون بتحقيقه والدعوة إليه.
لاشك أن هذا كل واحد منا بحاجة إلى أن يعتقده، وإلى أن يدعو إليه.
وأهل هذه البلاد كما يقول القائل عليهم الشرهة يعني عليهم التبعة الكبيرة في أن يؤصلوا هذا في الناس.
إن لم تنطلق دعوة التوحيد واجتماع الجماعات واجتماع الفئات والطوائف على كلمة واحدة أو على التقاء على مجمع عليه وهو منهج السلف لصالح والدعوة إلى التوحيد والعقيدة، نستمر على ذلك سنين طويلة، إن لم نجتمع تجتمع الصحوة ويجتمع الدعاة في البلاد على ذلك، فنظل نكرر أنفسنا.(1/14)
وإذا لم يقم أهل هذه البلاد بهذه المهمة، فإنّ غيرهم لن يقوم، والحساب عليهم أشد؛ لأنهم قد رضعوا هذه العقيدة مع لبان أمهاتهم، وقد درسوها وهم لم ينبت لهم ريش، فدرسوها في الابتدائي ودرسوها في المتوسط، وسمعوها ليل نهار، وسمعوها في الدروس؟ فمتى ينطلقون بها متى يحببون للناس أن هذا الأصل هو الذي يجب أن يجتمعوا عليه الناس وأن يدعى إليه؟
نعم يحتاج الداعية في ذلك إلى أن يجعل الحج موسما لأنْ يكون التقاء الجميع على العقيدة الواحدة، على التقوى، على الصلاح الذي قال الله جل وعلا فيه {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}[الأنبياء:92] يعني الأمة في هذا يعني الدين دين واحد وليس بدين متعدد.
وهذا الدين الواحد الذي يجب أن نجتمع عليه هو ما أجمعت عليه الأمة، أما ما صار فيه اختلاف فهذا يؤجل تؤجل مناقشته ويؤجل البحث فيه إلى مرحلة أخرى من مراحل الدعوة إلى دين الله.
أما أن نكرر أنفسنا وأن يكون كما صار في حج مضى ومضى ومضى، أن يُسمع في محاورات وأن يسمع في ندوات الكلام على أمور فرعية وتؤصل وتنمى، هذا لاشك أنه ليس مطلوبا إلا لمن تحقق فيه الأصل، فينتقل بعد تحقيق الأصل فيه إلى الأهم الثاني ثم الأهم الثالث وهكذا.
أما أن يأتي بالنسبة لعموم المسلمين وأن تترك أصول الديانة وأصول العقيدة وأن يترك الدعاة غرس الملة وغرس العقيدة الصحيحة والتوحيد الخالص في النفوس، هذا لاشك أنه تضييع لأهم المهمات التي رشد إليها؛ بل أمرها بها النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ معاذا حين قال «إنك تأتي قوما أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه أن يوحدوا الله جل جلاله» كما هي رواية في البخاري في كتاب التوحيد .
فإن هذا قاعدة عظيمة من القواعد.
إذا انطلقت وأنت في الحج تشهد الناس المنافع في أمور شتى.(1/15)
أصحاب الحملات أيضا عليهم مسؤولية في أن يشهدوا من معهم منافع، وهذه المنافع هي المنافع الدينية، في أن يجعلوا حجهم -حج الناس- وفق السنة وأن يكون هذا الحج ييسر لهم، وأن لا يشغلوا الناس بأمور لا طائل تحتها، وأن لا يتعبوا الناس في عدم تحقيق شروط العقود التي تعاقدوا معهم عليها؛ لأن الحاج رغب في حملة كذا وكذا حتى يتيسر له حجه، فصاحب الحملة ليحتسب وليجعل عمله مخلصا فيه لله جل وعلا مع ما قد يناله من الربح والتجارة؛ لكن ييسر للناس الحج حتى يتفرغوا لشهود المنافع التي جعلها الله جل وعلا من مقاصد مشروعية الحج العظيمة.
فالحج عبادة عظيمة، والحج به يحصل للعباد أيضا منافع في دينهم بأنواعه وفروعه وكذلك في دنياهم.
فإذن الحملات تحتاج إلى ترتيب، تحتاج إلى أن يكون هناك فيها إشهاد لمن معهم المنافع بقدر الإمكان في التوجيه والتربية والدعوة على وفق المنهج الصحيح طريقة السلف الصالح وألا يسلكوا البدع والمحدثات والآراء المختلفة؛ لأن هذه تشتت الناس.
فالناس اليوم مع هذا المد الذي ترونه من صرف الناس عن الدين أصلا بالهجوم من جهات كثيرة من جهات خارجية من الشرق أو من الغرب كما ترون.
نحن بحاجة الآن إلى أن نحبب الدين للناس حتى لا يبعدوا عنه، هذا الذي نحن بحاجة إليه فلنسعى إلى أن تكون هذه الحملات ميدانا للدعوة الصحيحة حتى يستقيم الناس بعد الحج على طاعة الله جل وعلا ويكونوا من أصحاب الاستقامة وممن رضي الله عنهم.(1/16)
مسائل العبادات كثيرة والتوجيه فيها بإشهاد المنافع كثير، والعبادات تحتاج إلى فقه في الإرشاد، والذي يحصل في الحج أن يتكلم من يتكلم في إفتاء وهو ليس مؤهل للإفتاء، إما مفتي في حملة، أو مفتي مع مجموعة مع زملائه أو نحو ذلك، وهذا لاشك أنه مما يرغب عنه الصالحون، فالتعجل في الفتوى أو أنه إذا قرأ شيئا أو تعمله بأنه يحق له عند نفسه أن يفتي، هذا ليس بصحيح وليس بمطرد؛ بل لابد أن يتعلم ما عليه الفتوى في هذه البلاد، ما يفتي به أهل العلم وما كان عنده فيما قرأ يشكل عليه في شيء مشكل عليه الفتوى فإنه يسأل أهل العلم ويراجعهم، فليس ملزما هو بأن يفتي وليس هذا بفرض عليه، فإن الحديث «من سئل عن علم فكتمه» هذا إذا تعين عليه، فأما إذا لم يتعين عليه فهو في سعة، والحوادث عن الصحابة كثيرة رضوان الله عليهم في إحالتهم المستفتي إلى آخر وإلى ثالث وإلى رابع حتى ربما رجع المستفتي إلى من استفتاه أولا بعد سبعة أو أكثر.
وهذا هو الذي ينبغي، والذي يحصل من الإخلال مما ينبغي في الحج أن نجعل الحج ميدانا للتفاخر بالقراءات وبالعلم، هذا لا ينبغي (1) [2]) وهو من ضعف الورع؛ لأنه يقرأ قليلا ثم بعد ذلك يأتي يكون هو مفتي المخيم أو مفتي الحملة ونحو ذلك، هذا لا شك أنه مما يتورع عنه الصالحون ويتورع عنه الأتقياء.
أما من لديه علم ويعلم ما عليه الفتوى ويعرف أقوال أهل العلم ويتجنب الأقوال الشاذة، فهذا فعه لإخوانه فيما عمله من المسائل بحجته أو بإحالته على من قاله من أهل العلم فهذا لاشك أنه من تيسير الفتوى على الناس.
أيضا مما ينبغي التنبه له في الحج أنْ نحفظ ألسنتنا في الحج من القيل والقال، والقيل والقال والغيبة والبهتان إذا كان موجودا قبل الحج فإنه لا يجوز أن يكون في الحج، إذا كان موجودا بظلم من الناس واكتساب للمحرم من نيل بعضهم ببعض، حتى صالح من صالح، وشخص طيب من آخر أيضا مثله، وهذا يغتاب هذا وهذا ينم على هذا إلى آخر ذلك.(1/17)
فإن الحج ميدان لأن نربي فيه ألسنتنا وأعمالنا على أن لا نقول ولا نتصرف إلا على وفق الشرع، هناك أهواء متعددة وهناك آراء مختلفة؛ ولكن لا يجوز أن جعل هذه الأهواء مسيطرة علينا وحكم على الشرع، الله جل جلاله قال {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ}[النساء:114]، فقط، هذا هو الذي فيه الخير: صدقة أو معروف وهو ما عرف حسنه في الشرع أو إصلاح بين الناس، وأما ما عدا ذلك فهو عليه وقد تدخل في أن تكون من أهل الفسوق؛ لأن الفاسق اسم فاعل الفسق وهو ضد الصلاح، والصالح من عباد الله هو القائم بحقوقه وحقوق عباده، فالذي يفرط في حقوق العباد يفرط في أعراضهم يفرط في أموالهم إلى آخره، فليس من أهل الصلاح، وبالتالي كان من أهل الفسق، فيرجع من حجه وليس من أهل تلك الفضيلة العظيمة.
لهذا لابد من ضبط اللسان في أن لا تتكلم في أحد إلا بما أُذن به في الشرع، تتكلم في مدح في الثناء عليه حتى ترغب الناس على الخير هذا طيب، أما الغيبة أما البهت أما القيل والقال، حتى ولو جعل ذلك في لباس الديانة، فإن هذا ينبغي التخلص منه في الحج إلا ما كان منه مما أذن فيه شرعا فإن هذا مطلوب في كل وقت، قال جل وعلا {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ}[الإسراء:53].
ولاحظ قول النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ لمن قال له: يا رسول الله أوصني. قال «لا تغضب» قال: أوصني، قال «لا تغضب»، والغضب يكون ابتداء، ويكون أكثر عند الحوار وعند النقاش وإذا غضب المحاوِر أو المحاوَر أو غضب الاثنان اللذان يناقشان المسألة، فإن الغضب يجعل المتخاصمين يسيران إلى غير الصواب، والقاضي لا يقضي وهو غضبان.
كذلك من يجادل فيغضب فلا بد أن يحيد قليلا أو كثيرا، فلهذا إذا تناقشت مع أحد فاضبط نفسك مع هذه القضية العظيمة «لا تغضب».(1/18)
وفي الحج قد يأتي من يطعن فيك أو يطعن في العلماء أو يطعن من يطعن أهل البدع والضلال ولكن عليك بان تضبط نفسك بأن لا تغضب، فما نجح غاضب في الحوار قط.
ولهذا أوصي بأن تعوِّد نفسك على عدم الغضب، وإذا أردت أن تناقش أو تحاور أخا في الحج فإن الغضب قد يؤدي إلى هُجِر من القول، ثم قد يؤدي إلى قول سيئ، ثم يؤدي إلى كبيرة، وهكذا فلا بد من الانتباه للسان في ذلك.
إذن الحج لاشك أنه عبادة عظيمة ولابد فيها من إخلاص القصد والنية لله جل جلاله، ويسعى المرء بعد ذلك في أن يُشهد نفسه وإخوانه المسلمين المنافع فيما ذكرنا من أمور الدين، وفيما يترتب عليه المغفرة للحاج ورجوعه مغفورا له ذنبه.
هذه كلمات ربما عند كثيرين منكم تفصيلات للواقع العملي كيف ننتقل وننتشر بالدعوة في الحج؛ ولكن هي توجيه لابد أن نسعى إلى إنفاذه؛ لأجل أن نحظى بالأجر العظيم وأن نكون ممن دعا إلى الله جل جلاله، ولا تنسَ أبدا قول الله جل جلاله {مَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إٍنَّنِي مِنَ المُسْلِمِينَ}[فصلت:33].
هذا وأسأل الله جل وعلا أن يجعلنا جميعا ممن غفرت له الذنوب والآثام، وعظِّمت له الحسنات.
اللهم فاجعلنا من الأبرار.
اللهم من حج منا هذا العام فأرجعه من ذنوبه كيوم ولدته أمه.
اللهم لا تؤاخذا إن سينا أو أخطأنا، واجعلنا اللهم من عبادك المتقين ومن الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
اللهم اختم لنا بالصالحات واغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
... كيف نستثمر الحج دعوياً ؟ ...
د. يونس الأسطل**(1/19)
إن أكبر موسم للدعوة وأسنح فرصة لها هي في الأيام المعلومات، ثم في الأيام المعدودات؛ وهي أيام فريضة الحج من كل عام، سواء كان ذلك في أوساط ضيوف الرحمن الآتين رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم، أو كان في معشر الإنس والجن القابعين فوق هذا الكوكب فيما بلغ الليل والنهار.
أفضل أيام السنة
ذلك أن الأيام العشر الأولى من ذي الحجة هي أفضل أيام السنة على الإطلاق، وما من أيام العمل الصالح أحب فيهن إلى الله من هذه الأيام، حتى الجهاد في سبيل الله لا يضاهي الاجتهاد في نوافل الطاعات، إلا جهاد رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء؛ فقد أنفق المال في عدة القتال، ثم نفقت نفسه بأيدي عدوه، مقبلا غير مدبر؛ فكان قد صدق ما عاهد الله عليه، فقضى نحبه وما بدل تبديلا.
وقد حاول ابن حجر صاحب "فتح الباري في شرح صحيح البخاري" أن يتلمس السبب في تفوق هذه الأيام على جميع السنة، فوجدها قد جمعت أمهات العبادات، ففيها الحج الأكبر، وفيها الصلوات بطبيعة الحال، كما استُحب صيام التسعة الأولى منها، وكان ثواب كل يوم منها بثواب سنة، كما جُعل صوم يوم عرفة مكفرا لآثام سنتين، ليسد مسد يوم النحر، حيث يحرم فيه الصيام لما ينطوي عليه من الإعراض عن ضيافة الله في أيام جعلها سبحانه أيام أكل وشرب وذِكر لله تعالى، يضاف إلى ذلك أنها أيام صدقة وإنفاق؛ فالناس يشترون أضاحيهم، ويزورون أرحامهم، ويقدمون الهدايا المالية والعينية، كما أن الذين يريدون وجه الله ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من أنفسهم ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية، ويفتشون عن الذين أحصروا في سبيل الله، لا يستطيعون ضربا في الأرض، يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف لا يسألون الناس إلحافا.
الوقوف على أطياف الدعوة(1/20)
إن من أهم المنافع التي يشهدها الحجيج والمعتمرون في تلك الرحلة الميمونة إلى بلاد الحرمين؛ حيث يشدون الرحال إلى المسجد الحرام، ثم يذهبون إسراء بالليل أو ركضا بالنهار إلى المسجد النبوي أن يقفوا على أطياف الدعوة؛ فقد انطلق نبينا وحيدا في هذه الديار، وأمضى ثلاث سنين مستخفيا بدعوته لا يكلم إلا من يطمئن إليه؛ حتى لا يعلم به صناديد الكفر فيثبتوه أو يقتلوه أو يخرجوه، وقد اتخذ من بيت شاب في السابعة عشرة من العمر مقرا للانزواء والالتقاء؛ ذلك أنه لا يخطر ببال أئمة الكفر أن بيت الأرقم بن أبي الأرقم يحتضن رجالا في سن أبيه.
ثم كان الصدع بالحق، واحتمال الأذى، وتتابع الهجرات؛ حتى استقر به المقام في المدينة المنورة بعد بيعتي العقبة الشهيرتين على الإسلام ثم الجهاد والحماية. ولولا أن أهل مكة أخرجوه منها ما خرج، ولكنها حكمة الله في كشف حقيقة الإسلام، إنها التضحية بكل شيء، يبتغون فضلا من الله ورضوانا، وينصرون الله ورسوله؛ فيتأهبون بذلك لجنة عرضها السماوات والأرض، فيها العزاء عن كل مفقود، والعوض الأكبر عن كل ما يفوت.
إن المقام في المدينة لم يحُل دون أن تغِير عليهم قريش في حروب متلاحقة، وأن يجدوا خصوما آخرين من اليهود والمنافقين. وإذا كان الصحابة في مكة قد اشتكوا الاضطهاد طالبين الدعاء والنصرة؛ فإنهم في المدينة كانوا يبيتون في السلاح ويصبحون فيه، فاشتكوا كذلك: هل يا رسول سنظل أبد الدهر خائفين هكذا؟(1/21)
وإذا كان في مكة قد طمأنهم أنه يوشك أن تنطلق الظعينة من الحيرة إلى مكة فتطوف بالبيت ثم تعود الى رحالها آمنة، وأن الراكب سوف يسير من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنهم يستعجلون؛ فإنه كذلك في المدينة قد بشرهم أنه يوشك أن يجلس أحدهم في المجلس العظيم ليس فيه حديدة؛ فقد وعدهم ربهم ليبدلنَّهم من بعد خوفهم أمنا، وليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم، وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم.
إن نبينا صلى الله عليه وسلم لم يغادر هذه الحياة حتى جهز قريبا من مائة غزوة وسرية، شارك في كثير منها، ولولا أن يشق على أمته ما قعد خلاف سرية أبدًا.
استحضار ذكريات المكان
إن الحجاج كما يقفون على تلك الأطياف فيوقنون أن الله ناصرٌ أولياءه ومظهر دينه، يقفون كذلك على ذكريات أبي الأنبياء وهو يضع زوجه ووحيده في هذه الديار؛ حيث لا مظهر للحياة بذلك الوادي غير ذي الزرع، ولم يكن من سلاح له ولها إلا التوكل على الله، والدعاء له سبحانه أن يجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم، وأن يرزقهم من الطيبات؛ لذلك فقد كان السعي بين الصفا والمروة للتذكير بالبحث عن الأسباب، في هضاب قد انقطعت بها الأسباب، ولم يبق إلا باب واحد، ذلك الذي عبرت عنه أمنا هاجر، وهي تسمع أن الله تبارك وتعالى هو الذي أمر بنقلها هنا مع رضيعها، فقالت كلمة اليقين: "إذن لا يضيعنا الله"، ثم كانت زمزم وجرهم، وكانت من بعد قريش وأهل الحجاز.(1/22)
ولعل أعظم صورة تحضر في أذهان الطائفين والعاكفين والبادين تلك التي تصور حقيقة الإسلام، حين يؤمَر سيدنا إبراهيم أن يذبح ولده الوحيد بيديه، وقد جاء هذا التكليف في الوحي المنامي في الوقت الذي بدأت ثمرة هذا الولد تظهر؛ فقد بلغ مع أبيه السعي، وصار قادرا على اكتساب الرزق، والوالد شيخ كبير، وإن العجب المدهش كان في موقف أبينا إسماعيل؛ فقد حرَّض أباه على التنفيذ قائلا: "يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ".
هذا هو الإسلام؛ شيخ يطيع ربه في أشق تكليف، فيجود بولده لله، وولد يجود بنفسه لله، والجود بالأنفس والبنين أقصى غاية الجود؛ فقد أسلما وتلَّه للجبين، فناداه ربه أن يا إبراهيم قد صدَّقت الرؤيا، وفداه بذبح عظيم. ونحن من بعده نفدي أنفسنا من الهلاك والردى بذبح الأضاحي، ونحر الهدي لمن حج قارنا أو متمتعا، ممن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام.
الحج تذكير بالحشر
إن استثمار موسم الحج للدعوة مزدحم بما فيه من الدروس والعبر، ولن يتسع المقام إلا لمفاهيم معدودة، ومالا يُدرَك كله لا يُترَك جُلّه؛ لذلك فإني أحاول أن أتصيد طائفة منها في البنود التالية زيادة مما ذكر.(1/23)
1- إن الحج نموذج مصغر ليوم الحشر، ومن مات فقد قامت قيامته؛ لذلك فإن المتلبس بحج أو عمرة يبدأ رحلته بارتداء الأكفان بعد التجرد من المخيط، ويقطع رحلة تشبه البعث من القبور والقيام لرب العالمين، وإن ساحة عرفات تذكّر بأرض المحشر؛ حيث إن الناس يأتون إليها من كل فج عميق ليروا أعمالهم، وليجزي الله الذين أساءوابما عملوا، كما يجزي الذين أحسنوا بالحسنى. وهم يتنقلون بين عرفات ومزدلفة ومنى والبيت العتيق للتذكير بعرصات يوم القيامة؛ حيث في الحشر الحساب والميزان والمرور في الظلمات، واجتياز الصراط، والحبس فوق قنطرة بين الجنة والنار لاقتصاص المظالم، وقد يفلس الكثيرون فيردون على أعقابهم إلى الجحيم من بعد أن نجوا من كلاليب الصراط وحدته ورقته.
إن هذا المقصد من مقاصد الحج ليس اجتهادا يستنبط، ولكنه المنصوص عليه في قوله سبحانه: "فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إثْمَ عَلَيْهِ ومَن تَأَخَّرَ فَلا إثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى واتَّقُوا اللَّهَ واعْلَمُوا أَنَّكُمْ إلَيْهِ تُحْشَرُونَ". فقد طلب إلى الحجاج -وقد قضوا مناسكهم- أن يتأكدوا من أنهم إلى ربهم يحشرون، وقد خاضوا تجربة تشبهه. ولعل مما يؤيد ذلك أنه كما ينتهي يوم الحشر بعد سَوْق كل فريق إلى مثواه أو مأواه زمرا، ترى الملائكة حافّين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم، وكذا الحج ينتهي بطواف الوداع الذي ينفض الناس بعده مباشرة إلى أوطانهم.
الحج تدريب على الجهاد(1/24)
إن من دروس الحج كذلك تدريب الآمّين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا على عبادة الجهاد في سبيل الله؛ ذلك لأن الحجيج يصيبهم الظمأ والنصب والمخمصة، ويطئون موطئا يغيظ الكفار بكثرة سوادهم وعظيم جمعهم، كما أنهم ينفقون أموالهم، ويقطعون الفيافي والأودية تلبية لنداء الله تعالى على لسان سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام. وهذا عين ما يصيب المجاهدين، بالإضافة إلى أن المقاتلين ينالون من العدو نيلا فيَقتلون ويُقتلون، ولنقرأ ذلك في قوله سبحانه: "مَا كَانَ لأَهْلِ المَدِينَةِ ومَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُوا عَن رَّسُولِ اللَّهِ ولا يَرْغَبُوا بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ ولا نَصَبٌ ولا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ولا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الكُفَّارَ ولا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إلا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ * ولا يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً ولا كَبِيرَةً ولا يَقْطَعُونَ وادِيًا إلا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ".
إن كلا من الحجيج والمجاهدين يهجرون الأهل والأوطان، ويذرون المساكن والتجارات، ويفارقون الشهوات واللذائذ؛ فيخرجون من بيوتهم مهاجرين إلى الله ورسوله؛ فلا عجب إذن أن يكون جهاد النساء هو الحج والعمرة، وهو الجهاد الذي لا شوكه فيه.(1/25)
إن أي إطلالة على مواقع الحج في القرآن الكريم نجدها متجاورة مع مواضع الجهاد، ويكفي أن نلقي نظرة على سور البقرة وآل عمران والتوبة؛ حتى إذا جئنا لسورة الحج وجدناها تفتح باب الجهاد بعد الفراغ من أحكام الحج ونسكه؛ معللة ذلك بأنه لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا، وهذا يعني أن مناسك الحج يمكن أن يعطلها الطغاة والمجرمون، فتحتاج إلى الشوكة والجهاد لدحر أولئك المفسدين عن الهيمنة على مواضع العبادة، أو القعود بكل صراط يوعدون ويصدون عن سبيل الله من آمن وأراد الحج أو العمرة.
ولكنها من طرف آخر تشير إلى أن جهادنا وتمكيننا في الأرض هو الذي يحمي جميع المعابد والديانات من التهديم؛ لأننا نؤمن أنه لا إكراه في الدين، وأن الذميين والمعاهدين لهم مطلق الحرية الممنوحة لنا في ظل الخلافة الإسلامية الراشدة؛ فجهادنا إذن من رحمة الله بالعالمين، ولا غرر أن يعقب المولى سبحانه على قصة طالوت فيقول: "ولَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ ولَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى العَالَمِينَ".
الحج مؤتمر دعوي
إن الحج مؤتمر إسلامي دعوي كبير، يلتقي فيه أبناء الإسلام والإخوة في الدين، يتعارفون ويتآلفون ويتعاهدون على التعاون على البر والتقوى؛ فتتهيأ الفرصة لدعم المستضعفين ماديا وأدبيا؛ فلطالما كان موسم الحج غطاء لاجتماعات يلتقي فيها المجاهدون فيتشاورون ويدبرون، ثم يعودون إلى ثغورهم لدفع أعداء الله وأعدائنا عن أهليهم وأوطانهم.
ومهما حاول البعض أن يُحكِم الخناق على هذه العبادة لتكون أفعالا صروية وحركات جوفاء، فإن الواقع يشهد أن كيد الشيطان كان ضعيفا، وأن بركات اللقاء بين الإخوة لا تُحصى كثرة.
فلنرجم شياطين الإنس(1/26)
وليس من غرضي أن أعرج على سرد الحِكَم الجزئية في مفردات هذه الشعيرة؛ بل هذا الركن، لكن المهم هو ضرورة التخطيط لاستثمار هذا الموسم إلى أبعد الحدود. أخاطب بذلك القادة الميدانيين في الأمة، ورموز الحركات الدعوية؛ فقد نفضتُ يدي من المنافقين والراتعين على موائد الظالمين، وهذا ما أقرؤه في رمي الجمار؛ لأن شياطين الإنس أخطر على دين الله وعلى أمة الإسلام من شياطين الجن بمائة مرة ومرة، وهم في نظري أولى بالرجم والمقاومة؛ إذ الخطر الداخلي أشد وأنكي من الخارجي.
اقتراحات ووسائل عملية
وإذا كان لا بد من الاجتهاد في وسائل الانتفاع من هذا الموسم في الديار الحجازية أو في ميادين الدعوة الإسلامية؛ فإنني أشير بهذه النقاط:
1- في أرض الحرمين:
أولا- على الدعاة الواعين في كل بلد أن يعدوا دراسة موجزة عن واقعهم، وما فيه من تحديات، وكيف يمكن التغلب عليها، وماذا يمكن أن يقدموا لإخوانهم في الأقطار الأخرى؛ فإذا التقوا هناك تعاهدوا على أن يتعاونوا على البر والتقوى.
ثانيا- ينبغي أن نعد دراسات تحليلية للمؤامرات السرية التي تحاك في الخفاء للأمة، من خلال ما يمكن تصيده من أفواه أصحابها وأقلامهم، أو من خلال اختراق مواقعهم بالرجال الذين يكتمون إيمانهم، وأن نُفشل تلك التدابير بأقصى ما نستطيع من الحول والقوة، وأن يجري تبادل هذه الدراسات في موسم الحج وجها لوجه أو في غيره بالطرق الممكنة.
ثالثا- إعداد المشروعات التي تنهض بمستوى الدعوة في كل بلد؛ كإنشاء المدارس الشرعية أو الجامعات الإسلامية، أو حتى المؤسسات الخدمية التي نتألف بها قلوب الناس، وتسويقها في هذا الموسم لدى المؤسسات الخيرية في أرض الحرمين، أو عند الوفود القادمة من الخليج والدول الإسلامية التي مَنَّ الله على أهلها بشيء من الثراء؛ كالتجربة الاقتصادية الماليزية وغيرها.
2- في غير الحرمين:(1/27)
أولا- إصدار دراسات تكشف عن الأسرار الحقيقية لهذه الفريضة، وما يحفها من الشعائر، -وقد قدمت في هذا المقال اليسير منها- وتوزيعها في الأمة ليدركوا المعاني الكامنة فيها، ويقوموا بحقها في حياتهم؛ حتى لا تكون شعائر الحج مجرد أفعال تعبدية يؤديها الناس دون المعرفة بفقهها الأكبر، وليدركوا أنها رحلة جهادية يعودون منها من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر.
ثانيا- ضرورة التواصل بين الدعاة في الأقطار الإسلامية المختلفة، ويوفر موسم الحج فرصة للتآخي والتعارف، ويتم تبادل العناوين ووسائل الاتصال؛ لتكون اللقاءات في بلدان أخرى؛ حيث تتهيأ الفرصة للاجتماع والائتمار والتشاور في وجوه النهوض بالدعوة والأمة معا، كما يمكن في هذا المضمار استضافة كبار الدعاة للتجول بين شعوب العالم الإسلامي، واستنهاض هممها دعوة وجهادا.
ثالثا- لا بد من الالتفات إلى ضرورة إيجاد مؤسسات اقتصادية خاصة؛ ليكون ريعها في خدمة الدعوة دعما للدراسات من ناحية، وتوفيرا لنفقات التواصل من ناحية أخرى، ولعلها تسهم ولو بصورة متواضعة في التفريج عن الشعوب مما تعانيه من الضائقة الاقتصادية، وإن أكثر الجماهير الإسلامية على هذه الشاكلة.
وأعتقد أنه من الواجب على ذوي الاختصاص أن يضعوا الدراسات اللازمة، وأن تكون قائمة على التعاون وتبادل الخبرات والتسويق في البلدان المختلفة، ويوفر موسم الحج هذه الفرصة للالتقاء والتعاون بين رموز الدعوة والقيادات الشعبية، بدون الحاجة إلى تدخل الأنظمة. والله تعالى أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
** العميد السابق لكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية بغزة.
http://www.islamonline.net/Arabic/index.shtml
صور دعوية في موسم الحج
وفاء سعداوي(1/28)
من فضل الله تعالى ورحمته أن جعل لعباده مواسم للخير، له فيها نفحات تغتنمها النفوس، وتلين فيها القلوب؛ فتذوق حلاوة الإيمان، وتجد لذة الطاعات، وتستقبلها بالتوبة الصادقة؛ فتكون الدعوة فيها مثمرة، ونرى العديد من الصور الدعوية في هذا الموسم..
الحج حملة دعوية
يقول د.محمد المختار رئيس الجمعية الشرعية بمصر: إنه مع بداية شهر ذي القعدة تبدأ الجمعية حملة تتعلق بالحج؛ فتوزع على الدعاة والوعاظ دروس وبرامج موسم الحج التي تتناول أسرار الحج ومقاصده، وكيفية أداء المناسك، والفوائد التي يجب أن يحرص الحاج وغير الحاج على اغتنامها في هذا الموسم.
ومن أول ذي الحجة نركز على المعاني التي يجب أن نعيشها جميعًا في موسم الحج، مثل وحدة الأمة وقوتها، وتحقيق المساواة وتحقيق العبودية، والامتثال لأوامر الله عز وجل، وتذكير الناس بيوم الحشر، وفضل العمل الصالح في العشر الأيام الأول من ذي الحجة، من صيام وذكر ومسارعة بالطاعات، والتشبه بالحجيج.
وقبل سفر وفد الحجاج التابع للجمعية نلتقي بهم ونعلمهم عمليا كيفية أداء المناسك والسلوكيات التي يجب التحلي بها أو اجتنابها حتى يصير حجهم مبرورًا، ويصاحبهم أثناء رحلة الحج أحد وعاظ الجمعية.
وبعد انتهاء الموسم تتناول الدروس والخطب موضوع "وماذا بعد الحج؟".
حفلات منزلية
وترى "نادية شاهين" مديرة معهد الدعوة بالقاهرة أن للدعوة في موسم الحج صورا مختلفة؛ ففي درس المسجد نتناول كل ما يهم الحاج، وأهمها ما يجب عليه قبل سفره، من رد المظالم، وقضاء دينه، والرجوع إلى الله، والتوبة النصوح، كما ندرس مناسك الحج عمليًّا، ونوزع الكتيبات التي تتناول رحلة الحج منذ إعداد جواز السفر حتى انتهاء الرحلة.
ونؤكد على محظورات الحج، وحسن الخلق عن طريق الدروس والتجارب العملية للحجاج، ونحثهم على التصدق بالجسد؛ حيث قد يتعرض الحاج للزحام والمضايقات التي يجب أن يصبر عليها.(1/29)
ونستضيف أحد العلماء لوعظ الحجاج وإرشادهم في المسجد والأماكن العامة كالجمعيات الخيرية.
ومن الصور الناجحة أيضًا الحفلات المنزلية؛ حيث نعرض شريط فيديو لمناسك الحج، أو أسطوانات ليزر، ونستخدم وسائل تعليمية كالخرائط لشرح أماكن المناسك وتتابعها، ونستضيف بعض من أدَّيْن الحج ليتحدثن عن ذكرياتهن، والمشكلات التي واجهتهن، وكيف تغلبن عليها، وينصحن المسافرات للحج ليكون حجهن مبرورًا.
إفطارات جماعية
ومن الصور الدعوية الطيبة في العشر الأوائل من ذي الحجة: الإفطارات الجماعية في المساجد والعمارات السكنية؛ إذ تكون فرصة للوعظ والإرشاد وفق برنامج سابق الإعداد.
فيمكن أن تقوم الداعية بإعداد إفطار جماعي للأقارب من عائلتها وعائلة زوجها، وتتعاون النساء للانتهاء من إعداد الطعام عصرًا؛ حيث تنظم برنامجًا عبارة عن درس عن فضل العشر الأوائل من ذي الحجة، وما يستطيع أن يناله غير الحاج من ثواب في هذه الأيام المباركة، ومسابقة وإجابة على أسئلة الحاضرات واستفساراتهن، وترديد أذكار المساء والدعاء، وتوزيع مطويات تتعلق بهذه الأيام، ونفس البرنامج ينظمه زوجها مع الرجال.
كما يمكن تنفيذ الفكرة بمسجد الحي؛ حيث تشترك الداعية مع جاراتها في إقامة إفطار لأهالي الحي لتحقيق التواصل بينهم وربطهم بالمسجد، ودعوة الفقراء لتوطيد صلاتهم بالأغنياء؛ حثًّا لهم على مساعدتهم، ويرسل طعام الإفطار إلى العاملين بالمحلات المحيطة بالمسجد.
وبعض الداعيات يحرصن على استقبال شهر ذي الحجة بتهنئة الجيران، وتوزيع مطويات وكتيبات خاصة بالعشر الأوائل من ذي الحجة، وتعليق اللافتات داخل المنازل، ومجلة حائط على جدران العمارة لتذكير السكان بفضل هذه الأيام، وحثهم على المسارعة بالطاعات فيها.
فوائد تربوية(1/30)
وترى "أم عبد الرحمن" -إحدى الداعيات المصريات- أن موسم الحج فرصة للارتقاء بالأولاد روحانيًّا؛ فلله في هذه الأيام نفحات؛ حيث تكون النفوس مهيأة للتقرب إلى الله وأداء طاعات لا يأتونها في غيرها من الأيام؛ فلنغتنم هذه الفرصة لتعوديهم المواظبة على الطاعات، فأتفق مع أولادي على أن يُعِدّ كل منهم لافتة يعلقها في حجرته، تحمل طاعة يواظب عليها أو أدبًا من الآداب التي سيتحلى بها في هذه الأيام، ويعاهد الله تعالى أن يصير خلقًا له طوال حياته، كما أحثهم على صيام التسع الأوائل من ذي الحجة، أو على الأقل صيام يوم عرفة، ونقوم بتزيين المنزل بنية استقبال أيام نفحات وبركة يمن الله بها على المسلمين.
وفي اليوم التاسع ندعو أولاد الجيران والأقارب، ونُعِدّ أكياسًا نزينها بشرائط الستان، ونضع بها الحلوى ونوزعها على الجيران في بيتنا والعمارات المجاورة.(1/31)
وتعقد "إيناس عبد العزيز" -مسئولة دار لتحفيظ القرآن بالقاهرة- حلقات علم للحاجّات قبل سفرهن؛ لأنها ترى أن الدعوة للحجاج يجب أن تبدأ قبل الذهاب إلى الأراضي المقدسة، وتركز فيها على مقاصد الحج وفوائده والآداب التي يجب أن يلتزمها الحاج ليكون حجه مبرورًا؛ لأنه مما يؤذي النفس ما نراه لدى البعض من فساد عقدي وسلوكي؛ فالكثير من الحجاج لا يفهمون آداب الاستئذان وحدود التعاملات مع الأجنبية، وحقوق الآخرين من حولهم؛ فهناك للأسف انفصال تام بين أداء الحج كعبادة، وبين السلوكيات والأخلاق؛ فبعض الحجاج يؤدون المناسك دون أن يدروا الحكمة من الحج، فنراهم يغضبون لأتفه الأسباب ويؤثرون أنفسهم على غيرهم، ويؤدون المناسك بأسلوب ليس فيه مراعاة للغير، فيتسابقون ويتزاحمون على الرجم وزمزم والحجر الأسود، والصلاة في الروضة، ويتشاجرون في السكن من أجل أمور تافهة، ويختلفون في الأحكام الشرعية، ويسفه بعضهم البعض، وهم ليسوا أهلاً للفتوى، وقد ينشغلون بالشراء أو القصص والحواديت بدلا من ذكر الله الذي جعلت هذه الأيام خصيصًا له، وخصوصًا أيام مِنَى، "واذكروا الله في أيام معدودات" [البقرة: 203].
وتناشد "إيناس" الدعاة وأهل العلم في كل المساجد أن يهتموا بتوجيه هذه السلوكيات قبل سفر الحجاج؛ فالمناسك يسهل تعلمها؛ حيث تتناولها وسائل الإعلام ليلا ونهارا، فليبثّوا في نفوسهم الخشوع والخوف من ضياع حجتهم، وأن أجر الحج ليس على المناسك والعبادات فقط، وإنما الدين المعاملة.
تصحيح المفاهيم(1/32)
الدكتورة عبلة الكحلاوي -أستاذة الفقه بجامعة الأزهر- أخذت على عاتقها في أثناء الحج تصحيح المفاهيم الخاطئة، وإشعار زميلاتها من المسلمات بأهمية الفريضة؛ لأن هناك من تؤديها كرحلة سفر، ولا تفقه المقصود الأسمى، وكانت تشرح للنساء أن الحج هو الركن الوحيد الذي يوضح مدى التزام المسلم وتمكن الإيمان من قلبه، وفهمه للإسلام وحقيقته؛ فهو الفريضة الوحيدة التي يؤديها بانتقال وأسفار ومشقة، وعدا هذا الركن فكل الأركان تؤدى في أي مكان، وهذا يدل دلالة واضحة على أنه مؤمن حقًّا؛ فكل نسك نؤديه اعترافًا وإذعانًا واستسلامًا ويقينًا بالإيمان الذي وقر في قلوبنا.
فلا بد من تعليم الناس وتصحيح المفاهيم وإبراز هذه الحقيقة، إلى جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لمواجهة الممارسات الخاطئة للحجاج.
موسم عطاء علمي وروحاني
وترى د.عصمت أبو سنة -الأستاذة بجامعة أم القرى بمكة سابقًا- أن حلقات العلم من أطيب الصور الدعوية في رحلة الحج؛ فهو موسم عطاء علمي وروحاني؛ لأنه موسم هداية وإنابة إلى الله؛ فالمسلم يكون متلهفًا على ما يقربه إلى الله عز وجل، والحجاج يحتاجون إلى دروس العلم خاصة النساء؛ فنجدهم يبحثون عن العلماء في كل مكان، ويلتفون حولهم كلما سنحت الفرصة، خاصة في الحرم المكي؛ حيث يوجد العلماء في أركان الحرم، وفي السكن بعد صلاة الظهر، ويوم التروية بعد صلاة العشاء، ويوم عرفة بعد صلاة الظهر؛ حيث تتضمن الوعظ والتذكرة والإجابة على أسئلة الحجاج والدعاء، وهكذا حتى انتهاء الموسم.
الداعية قدوة للحجاج(1/33)
وتضيف سمية رمضان -داعية مصرية- أن أكثر ما يحتاجه الحجاج الصبر، ودور الداعية أن يثبتهم حتى لا يتفوهوا أو يفعلوا ما يضيع أجرهم؛ فيستوعبهم بسعة صدره ليشعروا بالأمان النفسي؛ ليقصوا عليه مشكلاتهم، ويشغل وقتهم بالطاعات، ويذكرهم في كل موقف بالدعاء والسنن الخاصة به، وأن يكون قدوة لهم؛ فيجدوا الابتسامة على وجهه مهما لاقى من صعاب، ويقضي حوائجهم وييسر أمورهم على حساب نفسه ويتودد إليهم، كل ذلك له انعكاس طيب على نفوسهم، ويحرص أن تكون حلقات العلم مراجعة لحياتهم وسلوكياتهم، وتغيير مفاهيمهم حتى يلتزموا بمنهج الله بعد العودة من الحج.
كما ينبغي أن يحرص على التعارف؛ فالله تعالى خصص مواسم لتجمع المسلمين، والحج مؤتمر المسلمين للتعارف، وإشعارهم أنهم صحبة في الخير، ويؤدي ذلك إلى ترابطنا وتواصلنا في الله سبحانه
http://www.islamonline.net/Arabic/index.shtml
الدعوة إلى الله تعالى في الحج و مجالاتها
الشيخ سلمان العودة
الحج مناسبة كبرى ، والأمم العقائدية تفرح أن يكون لها مثل هذا الموسم العظيم، الذي تحتشد فيه مثل هذه الملايين بدافع التعبد لله تعالى؛ فإنهم ما جاءوا إلى تجارة، ولا سياحة.. وإنما تكبدوا المشاق، وانفقوا الأموال ، وغيرها، حتى يصلوا إلى هذه الأماكن والبقاع، طلبًا لما عند الله - عز وجل -. فمثل هؤلاء هم - في الغالب- من صفوة المسلمين وخيارهم، ويُعتَبَرون نموذجًا لمن تركوا وراءهم من المؤمنين، فقد جاءوا بدافع التعبد لله تعالى. أليس من المناسب أن نحشد كل ما نستطيع لإيصال الخير إليهم؟ وأن نوصل إليهم من البر، والإحسان، والخير، والمعروف الديني والدنيوي؛ ما عجزنا على إيصاله إليهم في بلادهم؟(1/34)
مثلاً: نشر الدروس، والمحاضرات، والندوات، خاصة من خلال الحملات ، أو في المخيمات التي تقوم عليها حملات التطويف، وإشاعة مثل هذه الأمور، ومخاطبة المسلمين - من خلالها- بالكلام الطيب المفيد، الذي يبدأ بحمد الله تعالى على مجيئهم هنا، وتيسير هذا الأمر إليهم، والثناء على ما فيهم من الخير، ثم دعوتهم إلى تحقيق هذا الإسلام بالأسلوب الحكيم اللائق المناسب.
مثال ثانٍ: توزيع الكتب المفيدة مما يتعلق بالحج وأحكامه، أو يتعلق بتصحيح عقائد المسلمين وأعمالهم، أو يتعلق بتوعية المسلمين بأوضاعهم، وما يلاقيه إخوانهم في كل مكان، أو يتعلق بغير ذلك من الأمور، ويكون ذلك باللغات المختلفة التي تخاطب المسلمين جميعًا.
وأنت لو أردت أن تتواصل مع هذا الكم الهائل من المسلمين، لوجدت هذا أمرًا صعبًا عسيرًا. فها هم قد جاءوك هنا، وأمكن أن توصل إليهم هذه القضية المهمة بكل سهولة ويسر.
ومن وسائل الدعوة: النصيحة الفردية لكل مسلم، في أية مناسبة التقيت به؛ في سيارة، أو في مكان عند البيت، في منى .. في مزدلفة .. في عرفة .. وفي أية مناسبة .
ومن وسائل الدعوة في الحج أيضًا: زيارة المسلمين في بلادهم للتوعية بالحج وغيره، فلو أن المسلمين كانوا أكثر نضجًا ووعيًا وقدرةً مما هم عليه الآن، لكانوا يسيرون حملات علمية إلى سائر بلاد الإسلام قبل الحج بزمن، تقوم بتوعية الناس بالحج وآدابه وأحكامه.
ومن وسائل الدعوة: تلاقي الدعاة إلى الله تعالى في موسم الحج، وتدارس أمورهم، وسبل حل المشكلات التي يواجهونها، وكذلك التقاء العلماء الذين لا يتسنى لهم اللقاء بهم - أحيانًا- إلا في مثل تلك المواسم لبحث المسائل العلمية، والعملية، والدعوية، والواقعية، وغيرها، مما يحتاجون إليه.
المصدر : كتاب رسائل إلى الحجيج وصيد الفوائد
برنامج دعوة موسم الحج
مكتب الأنشطة الدعوية والتربوية بمقديشو - الصومال
أولاً: المقدمة(1/35)
الحج موسم دعوي رابح للدعاة والمصلحين، فالناس فيه مقبلون على الخير وقد تجردوا عن مشاغل الدنيا وملهياتها، ولمشاهد الموسم ومناسكه أثر عجيب على قلب كل حاج، وتمس حاجة الحجاج إلى فقه العلماء وإرشادات الدعاة، ويقصد البيت ويحج إليه فئات كثيرة كان احتكاك الدعاة بهم قليلا في السابق من سياسيين وزعماء وأعيان قد يكون للتاثير عليهم ما بعده، والدعاة أنفسهم يأتون من شتى المناطق بأعداد كبيرة تكفي القيام بأعباء الدعوة في الموسم، فتفويت هذه الفرصة الدعوية من قبل الدعاة تفريط لا مبرر له، وينبغي أن يندموا على ما فاتهم في ذلك، وأن يعدوا عدتهم في هذا العام؛ لتعويض ما مضى. وإسهاما منا بجهد المقل في ذلك نتقدم بهذا المقترح الذي نأمل أن يكون عونا للإخوة الدعاة على دعوتهم في الموسم.
ثانياًً: قبل الموسم
1- الحث على الحج والعمرة والترغيب فيهما في المساجد والمحاضرات.
2- توجيه الحجاج وتفقيههم فيما يقبلون عليه من الأعمال قبل السفر.
3- إرشاد الحجاج أثناء الرحلات وعند أداء مناسك العمرة أو طواف القدوم وذلك بأن يرافق كل رحلة داعية أو أكثر.
4- استعداد الدعاة المسبق للقيام بدور توجيه الحجاج، وتجهيز التسهيلات اللازمة لذلك كالمكبرات والكتب وغير ذلك.
5- إعداد برنامج دعوي شامل للموسم وحصر الدعاة القاصدين إلى الحج وتوعيتهم به، وتوزيع الأعمال والدروس عليهم.
6- طباعة كتيبات عن الحج وأعماله وترجمتها إلى لغات أخرى، وكذلك الأشرطة وتوزيعها على الحجاج مجانا أو إرشادهم إلى اقتناءها.
ثالثاً: أثناء الموسم
1- إعداد مجموعة من الخيام ذات استيعاب كبير في منى؛ لإقامة الصلوات فيها وإلقاء الدروس والمحاضرات.
2- التنسيق مع مكاتب الدعوة في مكة والمدينة في شؤون التوعية.
3- إعداد هدايا دعوية للحجاج كالأشرطة والكتيبات وغيرها بالتعاون مع مكاتب الدعوة .
4- إلقاء محاضرات ودروس في أماكن إقامة الحجاج في مكة والمدينة قبل الحج وبعده.(1/36)
5- تعيين مجموعة من العلماء للإفتاء في الخيام بمنى وعرفات وفي منازل الحجاج بمكة والمدينة.
6- الاهتمام بدعوة الوجهاء والأعيان وذلك باستضافتهم وعقد لقاءات خاصة بهم، وتوجيههم وإشعارهم بمسؤوليتهم تجاه دينهم وأمتهم، وربطهم بالدعوة والدعاة.
7- تمثيل الحجاج لدى المؤسسات الرسمية، والاعتناء بخدمتهم ومساعدتهم في شؤونهم العامة والخاصة قدر الإمكان.
8- عقد لقاءات توجيهية عامة للدعاة لتحريضهم على القيام بواجب الدعوة ويقوم بذلك كبار المشائخ والدعاة.
موضوعات ينبغي التركيز عليها:
1- التوحيد وما يضاده
2- الحج والعمرة والزيارة وما يتعلق بذلك؛ لأنه واجب الوقت.
3- أركان الاسلام وأركان الإيمان.
4- الاتباع وترك الابتداع
5- التوبة النصوح
6- الجنة والنار
7- الدعوة إلى الله
8- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
9- العمل للإسلام مسؤولية الجميع
10- الإسلام هو الحل
11- وذكرهم بأيام الله
12- الخروج من المظالم
13- القبلية وأضرارها
14- الإصلاح بين الناس
15- الإنفاق في وجوه الخير.
16- ضرورة مقاومة الغزو السافر على عقيدة الأمة وعقولها وأخلاقها.
17- اعتداء الكفار على المسلمين و بلادهم وضرورة التصدي لذلك.
من موقع صيد الفوائد
الحج فرصة دعوية
محمد بن عبدالله الهبدان
أيها الأخوة الأكارم: استمعوا إلى هذه الأرقام:
عدد المشاركين في أعمال النظافة في المشاعر المقدسة أكثر من اثنين وعشرين ألف عامل، وهذه نسبة ولله الحمد يشكر المسؤولون عليها.
فالعناية بنظافة المشاعر أمر في غاية الأهمية حتى يؤدي الحاج منسكه في أماكن نظيفة وسليمة.
وعدد المشاركين في الأعمال الصحية والإسعافات الأولية تسعة آلاف وخمسمائة عامل هؤلاء غير القطاعات الخاصة كوزارة الدفاع والحرس وغيرها من القطاعات وهذا أيضاً مطلب مهم لخدمة حجاج بيت الله الحرام، والعناية بصحتهم، والمحافظة عليها.
بقي علينا أن نعرف أيها الأكارم ما هو أهم من ذلك كله..نعم أهم من ذلك كله!!(1/37)
لأن هؤلاء الحجاج ما قدموا لهذه البلاد من كل فج عميق، من أجل الحرص على صحتهم؟!! كلا؛ ولا من أجل العناية بنظافة أماكنهم..ولكنهم قدموا لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام.. قدموا استجابة لنداء الله - تعالى -.. ورجاء أن يعودوا وقد غفرت لهم ذنوبهم.. ويرجعوا كيوم ولدتهم أمهاتهم.. لقد جاءوا من كل مكان.. جاءوا من أطراف الدنيا الواسعة.. جاءوا وقد أنفق بعضهم كل ما يملك ليقيم فرض الله - تعالى -.. جاءوا وقد أضنوا أعمارهم، و أفنوا شبابهم، لجمع ما يحتاجونه لإقامة الركن الخامس من أركان الإسلام!! جاءوا وقد تركوا عيالهم، وبذلوا جهدهم، وتكبدوا مشاق السفر، ومتاعب الحلّ والترحال، والنزول والانتقال يرجون رحمة ربهم والفوز برضوانه!!
نعم لقد جاءوا وقد كانوا ينتظرون هذه الفرصة بأحر من الجمر، وقد رأيناهم وهم يبكون فرحاً وشوقا لرؤية بيت الله الحرام.. رأيناهم والدموع تنهال من أعينهم.. رأيناهم وفي صدورهم أزيز كأزيز المرجل من البكاء.. هؤلاء الذين قدموا إلينا.. يا ترى كم سخرنا لهم من الدعاة إلى الله - تعالى -؟ كم من الموجهين والناصحين هيأنا لهؤلاء؟!! كم من العلماء وطلبة العلم نحتاجه لتقييم سلوك هؤلاء، وتفقيههم في دينهم، وتعليمهم هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - في حجه ونسكه.
ضع يدك على قلبك، حتى لا تُصدم بهذا الرقم.. نعم ضع يدك على قلبك؛ لأنها والله مأساة عظيمة أن يحدث مثل هذا.. أتعلم كم عدد الدعاة التابعين لوزارة الشؤون الإسلامية لأداء الإرشاد والتوجيه لحجاج بيت الله الحرام في العام الماضي فقط مائة وسبعون داعية!! وإذا أضفنا الدعاة الآخرين.. والذين يتبعون قطاعات أخرى كالحرس ونحوه يبلغ عددهم حوالي سبعمائة داعية!! عمال النظافة أكثر من اثنين وعشرين ألفاً!! والدعاة إلى الله - تعالى - الذين هم من ينيرون الطريق للناس فقط سبعمائة داعية!!(1/38)
ومع هذا العدد الضخم من عمال النظافة نرى في المشاعر من الأوساخ والقذر الشيء الكثير.. بمعنى أن هذا العدد الضخم لم يكف لتغطية العمل المطلوب.. فكيف بسبعمائة داعية.. قل ألف داعية! قل ألفين داعية.. فماذا يصنع هؤلاء مع هذه الأعداد الضخمة؟!!
أيها المسلمون: مليونا مسلم قدموا من كل فج عميق يسخر لهم فقط هذا العدد؟!! مليونا مسلم يتعطش معظمهم للكلمة الطيبة، والتوجيه السليم، والمحاضرة الهادفة ومع ذلك نستقبلهم بمثل هذا العدد اليسير؟!!
مليونا مسلم فرصة سانحة وغنيمة باردة.. فلا يحتاج إلى تذاكر سفر ولا تأشيرات دخول، ولا قيمة السكن في الفنادق، ولا مصروفات المآكل والمشارب ومع ذلك نفرط في هذا الخير العظيم.
أيسركم يا أهل التوحيد أن يرجع هؤلاء بمثل ما جاءوا به ؟!! أيسركم يا أهل الإيمان أن يعود هؤلاء ولم نصنع لهم برامج مفيدة، ترسخ فيهم معاني التوحيد الخالص، وتوضح لهم حقائق الإيمان، وتبين لهم بجلاء نواقضه ؟!! أيسركم يا أهل الإسلام أن يعبث الأعداء بعقائد المسلمين المستضعفين فلما قدموا إليكم تخاذلتم في تعليمهم مسائل الاعتقاد؟!!
أيها الأخوة في الله: إنها مسؤولية الجميع في استغلال هذا الموسم العظيم للدعوة إلى الله - تعالى -، إننا نتحمل مسؤولية هؤلاء الذين قد غٌرر بهم في بلدانهم، وقد ضمرت هوية الإسلام من بعضهم، وأصبحت عبادات بعضهم حركات وتمتمات تؤدى بصورة رتيبة بدون خشوع ولا خضوع، ولا استشعار لعظمة هذه العبادات، ومن ثم لا أثر لها في واقع الحياة، مسؤوليتنا في وضع برامج مفيدة، مسؤوليتنا في التخطيط المسبق لكيفية استثمار هذا الموسم!! مسئوليتنا أن نتبنى وضع لجان على مدار العام لوضع مقترحات ووسائل جديدة لهذه الأعداد الغفيرة!!(1/39)
هذا الموسم العظيم.. وهذا الجمع الغفير.. تصور لو كان للنصارى هل كانوا سيفرطون به مثل ما فرطنا نحن؟!! تصور لو كان الذي يتولى أمره الرافضة هل يتصور أن يحصل عندهم العشوائية في العمل والفردية مثل ما نفعل؟!! تصور لو كان الذي يتولى شأنه الصوفية، هل يتصور أن تكون أعمالهم في الحج فوضوية؟!!
إذا كان الرافضة والصوفية قد استغلوا هذا الموسم بكافة الوسائل الممكنة، فماذا قدمنا نحن؟!! لقد اشتكى رجال الجمارك من كثرة الكتب والنشرات التي يحضرها الرافضة من بلادهم لنشرها في المشاعر؟!! لقد بلغ بهم الحرص على الدعوة لباطلهم أن يأتوا إلى رجال الأمن ليدعوهم إلى مذهبهم الباطل؟
يا دعاة الإسلام.. يا حملة الشريعة.. يا طلبة العلم.. الله الله في الأمانة التي حملتم إياها.. الله الله في تبليغ دين الله - تعالى -للناس.. فقد رأينا عامة السائلين في كل واد يهيمون، للبحث عن من يحل إشكالاتهم، ويجيب على استفساراتهم.. الله الله في تربية الناس على دين الله - تعالى -، وإذكاء روح الحماس لديهم للعمل به، والدعوة إليه، والذود عن حياضه.
إلى متى يا دعاة الإسلام يظل الواحد منا متقوقعاً على مجموعة من طلبة العلم، في إحدى الحملات ليتحول الاجتماع فيها.. إلى اجتماع للمؤانسة والمحادثة والخلطة!! في وقت يحتاج فيه إلى كل وحد منهم حاجة جد والله ماسة.
إلى متى يا طلبة العلم تنفق الساعات الطوال في مطارحات علمية كان لها موقع غير هذا الموقع، وربما ثارت معركة داحس والغبراء في جدل فقهي حول مسألة فرعية، وكأنه لم يسبق أن اختلف فيها مالك والشافعي، ولا أحمد وأبو حنيفة - رحمهم الله - تعالى -.. إلى متى يا حملة الشريعة يظل هم الواحد منا نقل الأخبار فيما جرى له من الزحام، وإضاعة الأوقات بالكلام.. في وقت يتطلع الحجاج فيه إلى هاد يهديهم.. ومفت يفتيهم.. ومرشد يرشدهم.(1/40)
أيها الأخوة في الله: إن حديثي مع العلماء وطلبة العلم لا يعني خروج غيرهم من المسؤولية والمساءلة.. فكل من عنده طاقات وإبداعات فهو مطالب أن يخرجها في هذا الموسم.. فمن كانت عنده قدرة علمية، فهو مطالب بأن يلقي الدروس العلمية، ويفتي للناس، ويبين لهم أحكام المناسك، وما يجب عليهم، وما يحرم عليهم فعله.
ومن كانت عنده قدرة وعظية فيذهب إلى الحملات وتجمعات الناس في المساجد لتذكيرهم بالله - تعالى -، ويحثهم على تقوى الله - تعالى -والتمسك بدينه، والمداومة على ذكره واستغفاره، ويحثهم على الاجتهاد في الدعاء والتضرع والمناجاة لله - تعالى -، ويحثهم على اجتناب أذية الناس وحفظ اللسان، والإحسان إلى الخلق ونحو هاتيك الموضوعات.
ومن كانت عنده خبرة في المشاعر والأماكن فيخرج للناس ليرشد الضال، ويهدي الحيران، ويوصل الشيخ الكبير إلى مكانه. عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إياكم والجلوس بالطرقات قالوا يا رسول الله ما لنا بد من مجالسنا نتحدث فيها قال فأما إذا أبيتم فأعطوا الطريق حقه قالوا وما حقه قال غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر متفق عليه، وقد زيد على هذه الخمسة المذكورة ـ زاد أبو داود ـ وإرشاد ابن السبيل وتشميت العاطس إذا حمد الله ـ وزاد سعيد بن منصورـ وإغاثة الملهوف ـ وزاد البزارـ الإعانة على الحمل ـ وزاد الطبراني ـ وأعينوا المظلوم واذكروا الله كثيرا.(1/41)
ومن كانت عنده قدرة مالية حتى ولو لم يحج فإنه يستطيع أن يساهم بماله في الدعوة إلى الله - تعالى -فيعطي المؤسسات الخيرية أو من يثق بهم من الدعاة إلى الله - تعالى -لشراء الكتب النافعة، و الأشرطة المفيدة، ومن ثم توزيعها على حجاج بيت الله الحرام، أو أن يتبنى مجموعة من الدعاة إلى الله ليقوموا بدعوة بني قومهم فيتكفل بنفقة حج بعض الدعاة من أفريقيا أو من إندونيسيا أو الفلبين أو غيرها من بلاد المسلمين فينسق مع مكاتب الدعوة في الداخل حتى يتم تفريغ هذا الداعية ليقوم بإلقاء المحاضرات والدروس هناك.
ومن كانت عنده قدرة بدنية فيقوم بتوزيع الطعام في أماكن المشاعر المختلفة، ويسقي الحاج، ويعين المسكين، ويساعد أهل الخير في توزيع الكتب والأشرطة على الناس، ويا حبذا لو نسق هؤلاء مع المؤسسات الخيرية
ومن كانت عنده قدرة على التنسيق مع الدعاة إلى الله - تعالى - فليستعن بالله - تعالى -، فينسق مع أصحاب الحملات، على أن يعد لهم محاضرات تربوية، أو دروسا علمية لبعض العلماء والدعاة إلى الله - تعالى -، فيكون مفتاح خير للناس، ومشعل هداية.
ومن كانت عنده خبرة في شبكة الإنترنت فينشر فيها ما يتعلق بأحكام الحج ويجمع المقالات المفيدة في هذا الموضوع ويطرح بعض الأفكار الدعوية، سواء كان ذلك باللغة العربية أو بغيرها من اللغات، ولا ننسى أن نشكر الأخوة القائمين على بعض المنتديات على تخصيصهم بعض المنتديات للحج وما يتعلق به وما ذاك إلا لشعورهم بأهمية هذا الركن العظيم فنسأل الله - تعالى -أن يوفق القائمين عليها(1/42)
ومن كان منا يحسن اللغات الأجنبية فينبغي أن يكون صلة بمن يحجبنا عنهم حاجب اللغة فيحادثهم، ويخاطبهم بلسانهم (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ)(ابراهيم: من الآية4) خاصة إذا علمنا أن بعض طلاب الدنيا من أصحاب الحملات الخارجية يسعون للتأكل والانتفاع وتحقيق مزيد من المكاسب الدنيوية على حساب إخلال الحجيج بنسكهم واستمرار جهلهم بدينهم وتخلفهم.. فتشعر بثقل التبعة، وعظم المسؤولية.
ولذا من استطاع أن ينسق مع وزارة الشؤون الإسلامية في ترتيب البرامج الدعوية لهذه الحملات فقد فعل خيرا كثيرا، يقول الله - تعالى -: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (النحل: من الآية125) بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم
أيها الأخوة في الله: إننا لا ننكر الجهد المشكور الذي يبذله العلماء والدعاة هناك، وما يفعله أصحاب الأموال من الإنفاق العظيم في خدمة حجاج بيت الله الحرام، ولكن مهما عظمت جهود العلماء والدعاة في هذا السبيل فلن تكفي للقيام بالحد الواجب؛ نظراً لضخامة شيوع المنكرات، وانتشار المخالفات، وعامتها نابع عن جهل وقلة معرفة، لا عن سوء نية وخبث طوية، ولذا فلا بد من قيام كل حاج رأى تركاً لواجب أو مواقعه لمحرم بدوره في هذا السبيل، امتثالا لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان " رواه البخاري ومسلم، فكن يا رعاك الله ممن يغضب لله إذا انتهكت محارمه، ويسعى بصدق لإحياء هذه الفريضة الغائبة فإنه: " من سن في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء "رواه مسلم.(1/43)
وهكذا كان هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - في الحج فقد كان آمرا بالمعروف ناهياً عن المنكر، فعندما سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا يهل بالحج عن غيره، وهو لم يحج عن نفسه قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: " حججت عن نفسك؟ قال: لا. قال حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة "
و أنكر النبي - صلى الله عليه وسلم - على من تأخر في الحل من الإحرام من أصحابه ممن لم يسق الهدي - رضي الله عنهم - وغضب لذلك، حتى أمرهم بالحل فحلوا فاستجابوا لذلك - رضي الله عنهم -، فحلوا وسمعوا وأطاعوا، وإنكاره - صلى الله عليه وسلم - على الفضل بن عباس عندما كان رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاءت امرأة من خثعم، فجعل الفضل ينظر إليها، وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر.
وما أجمل والله أن يتأسى الدعاة والمصلحون برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الخلق العظيم، ويجعلوا من أنفسهم قدوة حسنة للناس، في كافة الأعمال وبخاصة في موسم الحج، بحيث يكونون أسبق الناس إلى فعل الخير الذي يأمرون به، وأبعدهم عن مواقعه ما ينهون عنه، وأشدهم حذراً منه.
وأخيراً.. يا دعاة الإسلام لا تنسوا الفرصة العظيمة التي سنحت لكم بوجود المرأة المسلمة، فخصصوا لها برامج تخصها، وأحاديث توجه إليها، ولتكن عنايتكم بالتركيز على المفاهيم الخاصة والتي تعالج ما تتعرض له المرأة من هجوم فكري وتضليل يمارس عليها على المنابر الإعلامية المختلفة.
http://alhabdan.islamlight.net المصدر :
الدعوة إلى الله في الحج
فيصل بن علي البعداني
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء وإمام المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:(1/44)
فإن الدعوة إلى الله - تعالى - في موسم الحج سنة نبوية منذ فجر الإسلام؛ إذ كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعرض دعوته على الناس في مواسم الحج، كما أرسل العديد من أصحابه - رضي الله عنهم - لذلك. وفي حجة الوداع نصح الأمة غاية النصح وبلغ البلاغ المبين، وقد استمر علماء الإسلام ودعاته الصادقون على مر العصور في استغلال هذا الموسم العظيم دعويًا مستفيدين منه في إيقاظ القلوب وإنارة البصائر وعرض الإسلام النقي والتحذير من مخاطر الشرك وشوائب البدع والمنكرات.
وفي عصرنا نرى في الحج جهودًا دعوية مباركة، وأعمالاً مشكورة يقوم بها العديد من الجهات والأفراد؛ ولكنها مع كثرتها لا تزال غير كافية وتحتاج إلى مزيد لأسباب عديدة أهمها:
1 - توارد الأعداد الضخمة من الحجيج والتي تتزايد موسمًا بعد آخر، وهو مما يهيئ لإحداث نقلة دعوية نوعية في العالم الإسلامي متى استغل ذلك.
2 - تفشي الأمية الشرعية وعموم الجهل بعقائد الإسلام وأحكامه، وانتشار الشركيات والبدع والخرافات بشكل مذهل في أوساط كثير من الحجاج.
3 - نوعية الحجيج؛ إذ كثير ممن يأتي للحج من البلدان المتفرقة هم من ذوي العواطف الدينية الجياشة الذين توفَّرَ لديهم نوع من اليسار النسبي والوجاهة في أوساط أقوامهم، مما يرجى أن يكون لدعوتهم أثر على أقوامهم بعد عودتهم.
4 - استعداد الحجيج وتهيؤهم للاستماع والتلقي.
5 - نظرة كثير من المسلمين لأبناء الحرمين نظرة تقدير وإجلال، وتقليدهم لهم فيما يرونهم يفعلونه ويدعون إليه، وهذا مما يضاعف المسؤولية ويزيد العبء على عاتق الدعاة والمخلصين في بلاد الحرمين.
كل ذلك يحتم إعطاء الدعوة والإرشاد في موسم الحج أولوية تفوق أولوية الاهتمام بشؤون تغذية الحجيج وإسكانهم وتوفير النقل لهم، كما يحتم تكثيف البرامج الدعوية ومراجعة القائم منها ومحاولة إدخال التجديد عليها بما يتلاءم وأهمية الدعوة في هذا المقام المبارك.(1/45)
ورغم توفر العديد من الأمور المشجعة على الدعوة في أوساط الحجيج كخصوصية المكان وإقبال الناس على الخير وتهيئهم لسماع كلام الله والعمل به إلا أنه يكتنفها العديد من العوائق التي يجب التنبه لها وتلافيها، ومن أبرزها:
أ - جهود أهل البدع والخرافات في تحصين أتباعهم من التأثر بدعوة الحق وتحذيرهم إياهم من الأخذ عن علماء أهل السنة.
ب - المشقة البدنية الناتجة عن السفر، والجهد المبذول في أداء المناسك، مما يقلل من الفرص الملائمة للدعاة للالتقاء بالحجاج ما لم يكونوا مخالطين لهم وعائشين في أوساطهم.
ج - خشونة بعض الدعاة وعدم تلطفهم مع المدعوين وقلة صبرهم عليهم، مما يجعل الكثير من الحجيج يتهيبون من سؤالهم والأخذ عنهم، بل قد توجد لدى كثير منهم ردود فعل تمنعهم من قبول توجيههم والاستماع إلى نصحهم وإرشادهم.
د - كثرة الكتيبات والمطويات والأشرطة التي في متناول الحجيج بما لا يتفق مع منهج أهل السنة والجماعة وهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا النسك العظيم.
وقبل أن أبدأ باقتراح بعض الوسائل الدعوية في الحج والتي يمكن للجهات أو الأفراد تطبيق بعضها كلٌ حسب ما يناسبه ويتلاءم مع وضعه أُحِبُّ أن أذكِّر إخواني العاملين في حقل الدعوة في الحج بالأمور الآتية:
* أهمية قيام الدعاة بمراجعة أحوالهم ومحاسبة أنفسهم من ناحية إخلاصهم في دعوتهم لله - تعالى - ومتابعتهم فيها للرسول - صلى الله عليه وسلم -.
* أهمية حرص الداعية على فقه أحكام المناسك والتحلي بالأخلاق الفاضلة من صبر وهدوء وحسن معاشرة ليكون داعية بسلوكه وأخلاقه قبل أن يكون داعية بلسانه.
* أهمية إدراك العلماء والدعاة - جهات وأفراداً - عظم المسؤولية الملقاة على عواتقهم والأمانة المنوطة بهم تجاه الحجيج وضرورة جدهم في استغلال هذا الموسم العظيم ومثابرتهم في بيان عقيدة أهل السنة والجماعة والدعوة إليها، وكشف عوار الباطل والتحذير منه.(1/46)
* أهمية ترتيب أولويات الدعوة في أوساط الحجيج والبدء بالأهم قبل المهم بحيث يتم التركيز على بيان العقيدة الصافية ومبادئ الإسلام الأساسية والتحذير من الشرك والبدع والمعاصي، والعناية بإيضاح أحكام المناسك وصفة الصلاة والحجاب الشرعي ونحو ذلك مما تمس الحاجة إليه.
* تنفيذ كثير من الوسائل فوق طاقات الأفراد وكثير من الجهات؛ ولذا فلا بد من تضافر الجهود وقيام الجهات الدعوية بالتنسيق فيما بينها للوصول إلى أفضل النتائج الممكنة.
* كثير من الوسائل الدعوية تحتاج إلى تخطيط وإعداد مسبق قبل موسم الحج بوقت كافٍ وما لم يتم ذلك فإن تطبيقها لن يؤتي الثمار المنشودة منها.
* الانتباه إلى أن الدعوة ليست توزيع كتاب أو إقامة نشاط أو إلقاء كلمة، بل محاولة تأثير على المدعو وسعي لتفهيمه الإسلام النقي ليعمل به، وتغيير لما يوجد لديه من معتقدات وسلوكيات مخالفة للشرع.
* الدعوة في الحج جهد ضخم وعمل مضنٍ فوق طاقة كثير من الجهات والأفراد؛ ولذا فلا بد من النظرة العالمية والعمل على أساسها بحيث يتم استيعاب كل صاحب جهد سليم وجاد والاستفادة من علماء أهل السنة ودعاتهم في البلدان المختلفة.
* أهمية تفهيم الحجيج بواجبهم تجاه دينهم، وضرورة قيامهم بحمل همِّ هذا الدين والدعوة إلى الله ومناصرة علماء أهل السنة والجماعة ودعاتهم الصادقين في مجتمعاتهم، وإفهامهم بأن الدعوة إلى الإسلام مسؤولية مشتركة بين كافة أبنائه كل حسب وسعه وطاقته.
* لا بد من مراعاة أحوال الحجيج ونظرة بيئاتهم الثقافية والاجتماعية التي نشؤوا فيها إلى بعض المنكرات والمواقف التي لا يرتضيها الداعية، وأن لا يقوم الداعية باستصحاب خلفيته التربوية والاجتماعية عند دعوته لهم وقيامه بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بينهم.(1/47)
* لا بد من الاهتمام بسلامة محتوى الكتيبات والمطويات والأشرطة الموزعة على الحجيج والتأكد من سلامتها عقديًا وفقهيًا، كما لا بد من الاهتمام بحسن العرض والإخراج حتى يكون ذلك أدعى لقبول الحاج لها واستفادته منها.
وأحب أن أشير إلى أن القصد من إيراد هذه الوسائل التمثيل لا الحصر، وأن الأمر قابل للتنمية والزيادة خاصة متى توفرت الركائز الأساسية لذلك، والتي تتمثل بحمل همِّ الدعوة إلى الله والممارسة الفعلية، والتنبيه على أن هدف ذلك تفتيح أذهان الدعاة ولفت انتباههم إلى وجود جوانب دعوية كثيرة في الحج لم تطرق أو أنها طرقت ولكنها تحتاج إلى المزيد، والتنويه إلى أن هذه الوسائل تحتاج إلى تحسين ومراجعة وذلك بعد عرضها على محك التجربة والتطبيق. وقد يلحظ القارئ الكريم تكرارًا في إيراد بعض الوسائل، وهذا مما يقتضيه مثل هذا الموضوع سعيًا إلى جمع الوسائل التي يمكن استخدامها في مقام معين في مكان واحد.
وسائل دعوية في الحج:
الوسائل الدعوية المقترحة في الحج كثيرة، وللاستفادة منها سأوردها كما يلي:
أولاً: وسائل دعوية والحجاج في بلدانهم:
* السعي إلى التنسيق مع مسؤولي الحج في الجهات والمشيخات والمجالس والمؤسسات والمراكز الإسلامية في الدول المختلفة لعقد دورات شرعية عن صفة الحج وآدابه، ومتطلبات الحاج في السفر، والأمور التي يشرع فعلها قبل السفر، وتهيئة الأجواء الملائمة لإنجاحها.
* تكليف الجهات الدعوية والمؤسسات والمراكز الإسلامية بعضَ دعاتهم في البلدان المختلفة بمرافقة الحجاج القادمين من بلدانهم وتعليمهم والقيام بتوعيتهم.
* إيجاد حقيبة إرشادية للحاج بلغته تتكون من مصحف وبعض الكتيبات والأشرطة والخرائط الخاصة بمكة والمشاعر، والتنسيق مع الجهات التي تتولى سفر الحجيج في البلدان المختلفة لتوزيع هذه الحقائب.(1/48)
* توفير الكتيبات والأشرطة والخرائط الخاصة بمكة والمدينة والمشاعر بلغات مختلفة وعرضها للبيع في البلدان التي يقدم منها الحجاج قبل زمن الحج بوقت كافٍ.
* الاستفادة من التقنيات الحديثة لشرح معالم الحج وأركانه وآدابه، كأشرطة الفيديو والمجسمات والشرائح الفلمية؛ لأن كثيرًا من الأخطاء التي يقع فيها الحجيج ناتجة عن الجهل بكيفية المشاعر ومواقعها.
ثانيًا: وسائل دعوية في وسائل التنقل المختلفة إلى بلاد الحرمين:
* عرض أفلام فيديو وتشغيل أشرطة كاسيت حول صفة الحج وآدابه عند القدوم إلى المشاعر، وعند المغادرة وحول أهمية الاستمرار في العمل الصالح، وأن يكون العبد بعد الحج خيرًا منه قبله، والحث على تجنب البدع والمنكرات التي يقع فيها بعض الحجيج عند عودتهم إلى بلدانهم، وأن يكون للحاج عند عودته دور في إصلاح أهله ومجتمعه وبث الوعي الشرعي ومجابهة الفساد.
* توزيع حقائب إرشادية على الحجاج تتضمن مصحفًا وسواكًا ومجموعة من الكتيبات والأشرطة الإسلامية المعتمدة من جهات علمية موثوقة.
* توزيع حقائب توعية خاصة بالمرأة تتضمن بالإضافة إلى ما تتضمنه الحقيبة الإرشادية كتيبات وأشرطة عن صفة الحجاب الشرعي وكيفية الالتزام به، ودور المرأة المسلمة، كما يمكن أن يضاف إلى هذه الحقيبة حجاب شرعي.
* في الرحلات التي تستمر وقتًا طويلاً ويكون العدد مناسبًا يمكن التنسيق مع المطوفين وأصحاب الحملات وشركات النقل لتعيين داعية أو أكثر من الذين يجيدون لغة الركاب لشرح صفة الحج وآدابه والأخطاء التي يقع فيها الحجيج لتجنبها، وطرح بعض الموضوعات العقدية والفقهية، والإجابة عن استفسارات الحجاج ونحو ذلك مما يهمهم.
* الاقتراح على شركات النقل الجوي والبحري وضع مكتبة شرعية صغيرة مقروءة ومسموعة وعرضها على الركاب للشراء أو الاستعارة أثناء الرحلة.(1/49)
* التأكيد على شركات النقل الجوية والبحرية بأهمية تنبيه الحجيج عند محاذاة الميقات؛ لأن كثيرًا منها لا يقوم بذلك، كذلك عدم عرض أو تقديم ما لا يحل شرعاً.
ثالثًا: وسائل دعوية في منافذ بلاد الحرمين الحدودية:
* توزيع المصاحف والكتيبات والأشرطة الإسلامية والخرائط الإرشادية عند قدوم الحجاج ومغادرتهم.
* وضع لوحات توجيهية، وأخرى تحمل عبارات الترحيب والوداع باسم الجهات والمؤسسات الدعوية.
* توزيع دليل بعدة لغات يتضمن أرقام هواتف الجهات الدعوية والخدمية الهامة وأرقام هواتف طلبة العلم والدعاة، ولابد من تضمنه أرقام هواتف بعض الدعاة الذين يتحدثون بلغات مختلفة والإشارة إلى اللغة التي يتحدث بها كل منهم.
رابعًا: وسائل دعوية في مدن الحجاج والمواقيت:
* تكثيف الدعاة في هذه المواقع وبلغات مختلفة؛ بحيث تكون مهمتهم تعليم الحجاج ما يحتاجون إليه من أمر دينهم، وتوجيههم إلى ما ينفعهم، ومساعدتهم في تصحيح الأخطاء التي تُرَى عليهم، والإجابة عن استفساراتهم، ونحو ذلك.
* تكليف دعاة ميدانيين للرجال وداعيات ميدانيات للنساء يتخاطبون بلغات مختلفة يتجولون في مدن الحجاج بالسيارات وعلى الأقدام بحيث تكون مهمتهم التعليم المباشر للحجاج والدعوة لهم بحكمة ولين.
* الإكثار من مكاتب الإرشاد الشرعي الصغيرة في مدن الحجاج والمواقيت بقدر المستطاع؛ مع أهمية تخصيص بعضٍ منها للرجال وأخرى للنساء.
* توزيع المصاحف وما يستطاع توزيعه من الكتيبات والنشرات والأشرطة الإرشادية بحيث يُضمن وصولها إلى كل حاج بلغته.
* وضع لوحات إرشادية تتضمن صفة الحج وآدابه ونماذج من الأخطاء العقدية والسلوكية التي يقع فيها الحجاج، ويمكن أن يكون بعضها لوحات إلكترونية حتى يتمكن الدعاة القائمون عليها من تحديد التوجيهات الملائمة بلغات مختلفة.
* إقامة الدروس العلمية والدورات الشرعية في مدن الحجاج بعد انتهاء موسم الحج في وقت انتظار الحجيج زمن المغادرة إلى بلدانهم.(1/50)
* التنسيق مع المجلات الإسلامية لأخذ مسترجعاتها لتوزيعه على الحجاج في مدن الحج بعد انتهاء موسم الحج.
* التنسيق مع مكاتب دعوة الجاليات والمكتبات والتسجيلات الإسلامية لإقامة معارض للكتاب والشريط الإسلامي بلغات مختلفة في مدن الحجاج.
خامسًا: وسائل دعوية في النقل الداخلي بين المدن وفي المشاعر:
* إلزام الجهات المعنية جميع أصحاب السيارت بإصلاح مكبرات الصوت وأجهزة العرض والتسجيل المرئي والمسموع.
* توجيه رسائل إلى السائقين تذكرهم بالله، وتحثهم على القيام بالدور المنوط بهم في توجيه الحجاج وإرشادهم، والحرص على أداء الحجاج لنسكهم حسب الوجهة الشرعية.
* إعداد قائمة بالمخالفات الشرعية التي تقع في وسائل النقل، وحث السائقين وشركات النقل على تحاشي وقوعها.
* حث شركات النقل والسائقين على توفير الأشرطة النافعة مرئية ومسموعة، ووضع الكتيبات والمطويات داخل سياراتهم لتزويد الحجاج بها.
* وضع مكتبة شرعية صغيرة مقروءة ومسموعة في الطائرات والحافلات يُمكَّن الركاب من الشراء منها أو الاستعارة أثناء الرحلة.
* وضع لوحات إرشادية تُجعَل خلف الكراسي بشكل أنيق ومناسب في سيارات الأجرة والحافلات تتضمن بعض التوجيهات والإرشادات الشرعية.
* التنسيق مع شركات النقل وأصحاب الحافلات للاستفادة من حافلاتهم في وضع بعض اللوحات والملصقات الإرشادية عليها بلغات مختلفة من الخارج.
* قيام المطوفين وأصحاب الحملات بتعيين داعية في الحافلات الخاصة بهم بلغة الركاب للتوجيه والإرشاد وإقامة البرامج الدعوية والإجابة على الاستفسارات.
سادسًا: وسائل دعوية في الحرمين الشريفين:
* تكثيف الدروس والمحاضرات المقامة في الحرمين بلغات مختلفة.
* تخصيص أمكنة معروفة في الحرمين لترجمة خطب الجمعة بعد أداء الصلاة ودروس كبار العلماء إلى لغات المسلمين الحية عبر مكبرات الصوت الداخلية.
* إلقاء كلمات لكبار علماء الأمة ودعاتها بعد الصلوات المفروضة.(1/51)
* الاستفادة من ساحات الحرمين وأعمدتهما وجدرانهما وأسقفهما بوضع لوحات إرشادية إلكترونية وعادية بلغات مختلفة.
* تعيين جملة من الدعاة الميدانيين والداعيات الميدانيات من ذوي اللغات المختلفة في ساحات الحرمين الداخلية والخارجية لتعليم الحجاج وإرشادهم.
* تفعيل دور رجال الحسبة للقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكرات الشرعية التي يقع فيها بعض الحجيج.
* تخصيص مكاتب للدعوة والفتوى في جنبات الحرمين الداخلية وساحاتها الخارجية.
* إقامة مكتبات مصغرة في جنبات الحرمين بلغات مختلفة وتخصيص عدد من الخزانات (الدواليب) والأرفف لوضع جملة من ترجمة معاني القرآن الكريم والكتيبات والمطويات الإسلامية بلغات مختلفة.
سابعًا: وسائل دعوية في مساجد منطقتي مكة والمدينة:
* قيام الأئمة والمؤذنين بدورهم في توجيه الحجاج الذين يصلون في مساجدهم وتعليمهم، ومحاولة التأثير عليهم وإزالة ما قد يكون لديهم من أخطاء شرعية.
* تفعيل دور جماعة المسجد في الاختلاط بالحجاج وإكرامهم وزيارتهم في مساكنهم، والقيام بتوعيتهم وإرشادهم.
* تفعيل دور نساء جماعة المسجد في الاختلاط بالنسوة القادمات من مناطق مختلفة للحج، وحثهن على تعلم الدين والدعوة إليه والقيام بدورهم في تربية النشء تربية صالحة، والتمسك بالحجاب، وعدم الانسياق وراء الدعوات المشبوهة التي تهدف إلى إفساد المرأة المسلمة وإبعادها عن دينها.
* الاهتمام بإقامة المحاضرات والدروس والكلمات التوجيهية في المساجد بلغات مرتاديها.
* التنسيق مع مكاتب دعوة الجاليات لترجمة خطب الجمعة والمحاضرات والدروس العلمية كل مسجد بلغة مرتاديه من الحجيج.
* إقامة الحلقات القرآنية والدورات العلمية المناسبة باللغات المختلفة.
* اختيار بعض الكتب العقدية والفقهية الملائمة للحجيج للقراءة منها عليهم بعد الصلوات.
* عرض بعض الدروس والمحاضرات المسجلة باللغات المختلفة عبر مكبر صوت المسجد.(1/52)
* الاعتناء بتوفير ترجمات معاني القرآن الكريم والكتيبات والأشرطة ووضع ملصقات ولوحات إرشادية ومكتبة مصغرة للاطلاع بلغة مرتادي المسجد من الحجيج.
ثامنًا: وسائل دعوية في مساكن الحجاج في مكة والمدينة:
* وضع مكتب للدعوة في كل عدد مناسب من المجمعات السكنية يعمل فيه مجموعة من الدعاة الذين يجيدون لغة القاطنين فيها؛ بحيث تكون مهمتهم توعية الحجيج وإقامة البرامج الدعوية والعلمية لهم، والإجابة عن استفساراتهم.
* وضع مقسم (سنترال) ضخم للدعوة والإرشاد يضم مجموعة من الدعاة بلغات مختلفة بحيث يكون لكل لغة جملة من خطوط الهاتف برقم موحد من ثلاث خانات، ويتم إلزام المجمعات السكنية بتشغيل المقاسم (السنترالات) الخاصة بها، ووضع جهاز في كل غرفة أو جناح ووضع ملصق بجواره يتضمن جملة من الإرشادات الشرعية وأرقام هواتف مقسم (سنترال) الدعوة والإرشاد بكل لغة، وإلى أن يقام هذا المقسم (السنترال) يمكن التنسيق مع شركة الاتصالات السعودية للاستفادة من مقاسم (سنترالات) الاستعلامات لديها في منطقتي مكة والمدينة في موسم الحج في هذا الأمر.
* قيام المطوفين وأصحاب الحملات بوضع مكتبة مقروءة وسمعية بلغة القاطنين تتضمن جملة من المصاحف والكتيبات والأشرطة في كل مجمع سكني.
* وضع لوحات إرشادية في الأجنحة والأدوار والمجمعات السكنية تتضمن بعض الملصقات والنشرات التوجيهية بلغة الحجيج القاطنين فيها.
* التنسيق مع طلبة العلم والدعاة الذين يتحدثون بلغات مختلفة للقيام بزيارة الحجاج في مساكنهم للنصح والتوجيه وإلقاء دروس ومحاضرات وكلمات في المصليات، إن وجدت.
* مشاركة بعض الدعاة لإخوانهم الحجيج في السكنى في أماكن إقامتهم واستغلال ذلك في تعليمهم وتوجيههم الوجهة الراشدة.(1/53)
* وضع ركن للدعوة والفتوى في مداخل المجمعات السكنية يتضمن رفًّا توضع عليه الكتيبات والمطويات والأشرطة الخاصة بالتوزيع، ولوحة للفتوى وصندوقًا لجمع الأسئلة والاقتراحات الدعوية على أن تكون الكتابة بلغة ساكني
المجمع.
تاسعًا: وسائل دعوية في المخيمات في المشاعر:
* الاقتراح على المطوفين وأصحاب الحملات بوضع مكتبتين تتضمنان عددًا مناسبًا من المصاحف وترجمة معاني القرآن الكريم، والكتيبات والأشرطة بلغة رواد المخيم في المخيمات التابعة لهم؛ بحيث تكون واحدة في جناح الرجال وأخرى في جناح النساء.
* قيام المطوفين وأصحاب الحملات بتوفير عدد من الدعاة المعتمدين من قِبَلِ الجهات المعتبرة بحيث يكون على الأقل نصيب كل مئتي حاج داعية يخالطهم معلمًا إياهم ومبينًا لهم هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وسنته في أداء المناسك ومحذرًا إياهم من البدع والمخالفات التي يقع فيها كثير من الحجيج.
* التنسيق مع المطوفين وأصحاب الحملات لإيجاد إدارة للإشراف الدعوي والثقافي في مخيماتهم تتولى وضع سلسلة من البرامج الدعوية والعلمية التي تتعلق بالحج وغيره مما يهم المسلم في دينه ويقربه إلى ربه بلغة الحجيج.
* قيام مكاتب دعوة الجاليات ببلاد الحرمين بتنظيم جولات لدعاتها الذين يتحدثون بأكثر من لغة على مخيمات الحجيج الأعاجم الذين يجيدون التخاطب معهم لتوعيتهم وإرشادهم والإجابة على استفساراتهم.
* تنظيم زيارة للعلماء وطلبة العلم إلى مخيمات المطوفين وأصحاب الحملات لوعظهم وإرشادهم وإلقاء الدروس والمحاضرات عليهم.
* العمل على إيجاد قنوات تلفزيونية داخلية في منطقة المشاعر تبث بلغات مختلفة وتكون تابعة للمؤسسات الدعوية في بلاد الحرمين ليقوم من خلالها العلماء والدعاة بتوجيه الحجيج وإرشادهم إلى ما ينفعهم في أمور دينهم.
ويساعد على نجاح هذه الفكرة بقاء الخيام في الفترة الأخيرة في منطقة منى وجزء من منطقة مزدلفة على مدار العام.(1/54)
* وضع لوحات إرشادية في المخيمات تتضمن بعض التوجيهات الشرعية بلغات قاطنيها.
* وضع أرفف توضع عليها المصاحف والكتيبات والأشرطة الخاصة بالتوزيع.
* تفعيل دور طلبة العلم الموجودين في المخيمات، ومطالبة من يستطيع منهم بإلقاء دروس ومحاضرات وكلمات بعد الصلوات في مخيماتهم والمخيمات المجاورة.
* تفعيل درو طالبات العلم والداعيات الموجودات في المخيمات باعتبارهن الأقدر على التأثير في أوساط النساء ودعوتهن.
* الاهتمام بالمرأة المسلمة وتوعيتها وتنبيهها إلى أهمية اهتمامها بتعلم دينها واعتزازها بهويتها ومحافظتها على الحجاب وترك الاختلاط بالرجال والابتعاد عن التشبه بالكافرات ومن سار في فلكهن.
* إيجاد مجسمات وخرائط للمشاعر للاستفادة منها في بيان الصورة الصحيحة والطريقة السهلة لأداء المناسك.
* ممارسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مخيمات الحجيج بحكمة ولين.
* توفير الأجواء الملائمة والأدوات اللازمة لإنجاح عملية الدعوة والتوجيه داخل المخيمات.
* وضع صناديق للاقتراحات الدعوية في المخيمات في أقسام الرجال والنساء تكون تابعة لهيئة التوعية في الحج والجهات الدعوية في بلاد الحرمين لكي تستفيد من اقتراحات الحجاج في خططها الدعوية للأعوام القادمة.
* زيارة العلماء والدعاة القادمين من مناطق مختلفة للاستفادة منهم والاستماع إلى أخبارهم ومؤازرة أنشطتهم الدعوية معنويًا وماديًا بما يستطاع.
* تفريغ خطوط هاتفية في كل مخيم في قسمي الرجال والنساء تكون خاصة بالاستفسار وطلب الفتوى من أهل العلم.
* وضع لوحة للفتوى، وصندوق لوضع الأسئلة في قسمي الرجال والنساء على أن تكون الإجابة بلغة قاطني المخيم.
عاشرًا: وسائل دعوية في الطرقات والأماكن العامة في مكة والمدينة ومنطقة المشاعر:(1/55)
* وضع مواقع صغيرة في الطرقات والأماكن العامة وبجوار المخيمات للوعظ والإرشاد عبر مكبرات الصوت والإجابة على الاستفسارات وتوزيع الكتيبات والأشرطة في الطرقات وبجوار المخيمات.
* وضع لوحات إرشادية إلكترونية وعادية على الجسور وفي الطرق
والأماكن العامة بلغات مختلفة.
* التنسيق مع الجهات ذات الاختصاص في منطقتي مكة والمدينة للاستفادة من اللوحات الإعلانية الموجودة بها في توعية الحجيج وإرشادهم بلغات مختلفة.
* تكثيف جهود طلبة العلم والدعاة الميدانيين الذين يجولون الطرقات والأماكن العامة بالسيارات وعلى الأقدام للتوعية والإرشاد عبر مكبرات الصوت وبلغات مختلفة.
* الاستفادة من أسوار المخيمات في المشاعر وواجهات وأسطح المجمعات السكنية بوضع لوحات إرشادية يكتب عليها نصوص شرعية وعبارات توجيهية بلغات مختلفة.
* وضع ملصقات للتوعية الشرعية على أجهزة الهواتف العمومية وأبواب المستشفيات والجهات الخدمية المختلفة.
* وضع أجهزة عرض تلفزيوني وتسجيل في أماكن تجمعات الناس العامة كالمطاعم والمستشفيات وجوار كبائن الهواتف العمومية ونحو ذلك لعرض برامج دعوية وعلمية.
* إعداد خرائط بمواقع هيئة التوعية في الحج والجهات الإرشادية لتسهيل عملية الوصول إليها والاستفادة منها.
* تفعيل دور جهات الحسبة للقيام بدورها في وسط هذه الأعداد الضخمة من البشر لزيادة الخير وردع ضعاف النفوس من استغلال هذا التجمع الضخم بفعل ما لا يحل.
* حث طلبة العلم والدعاة والعامة على إحياء السنن التي يُتساهل فيها كالتلبية والتكبير ونحو ذلك.
وأخيرًا:
فالمسؤولية جسيمة، وعلى المطوفين وأصحاب الحملات ومن له تعامل مباشر مع الحجيج خوف الله فيهم والمبادرة بالإحسان إليهم والحرص على صلاح أحوالهم وصحة نسكهم وتعليمهم ما ينفعهم وتحاشي ظلمهم أو التقصير في حقهم خصوصًا في هذا المقام العظيم - زمانًا أو مكانًا -.(1/56)
نسأل الله - تعالى - للجميع قبول العمل والتوفيق لكل خير، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
الحج مؤسسة دعوية
وحيد الدين خان
الحج إعادة للتاريخ الإبراهيمي ، فالحاج يقلد بصورة رمزية مختلف مراحل الخطة العالمية التي نفذت بواسطة إبراهيم-عليه السلام-، معاهدًا ربه بأنه سيسخر نفسه للرسالة الإلهية التي سخّر إبراهيم نفسه من أجلها، وأنه سيظل يقوم بالعمل الدعوي الذي قام به رسول الله- صلى الله عليه وسلم- خاتمًا للأنبياء.
وكان إبراهيم-عليه السلام- قد خرج من وطنه لتنفيذ خطة إلهية دعوية.. وهكذا يقول الحاج بلسان حاله إنه مستعد – هو الآخر – ليترك وطنه من أجل الدين. وكان إبراهيم عليه السلام قانعًا راضيًا بحياة بسيطة، وهكذا يعلن الحاج بواسطة الإحرام أنه سيكتفي بالحاجات الضرورية ليركِّز نظره على الهدف الأصلي. وكان إبراهيم- عليه السلام- قد أعلن ولاءه لله –تعالى- بالطواف حول البيت الحرام، وهكذا يعلن الحاج ولاءه لله- تعالى- بالطواف حول الكعبة المعظمة.
وكانت زوج إبراهيم قد سعت بين الصفا والمروة بحثًا عن الماء، وهكذا يُظهر الحاج بسعيه بين هذين الجبلين أنه مستعد للذهاب في سبيل الله إلى آخر الحدود، ولو يحدث لأهل بيته ما حدث لهاجر وإسماعيل. وقد رمى إبراهيم الشيطان بالجمرات حين حاول أن يثنيه عن عمل الله- تعالى-، وهكذا يعلن الحاج برميه الجمار بغضه للشيطان، وبأنه هو الآخر سيعامل الشيطان معاملة مماثلة لو حاول أن يغويه مثلما حاول إغواء إبراهيم. وكان إبراهيم قد استعد ليضحي بحياة ابنه ابتغاء مرضاة الله، وهكذا يعلن الحاج – بتقديم الأضحية – بأنه مستعد للذهاب إلى أقصى حدود التضحية من أجل الدين.(1/57)
وكانت رسالة الدعوة التي قام بها إبراهيم- عليه السلام- تهدف إلى تذكير البشر بيوم الآخرة، وهكذا يتجمع الحجاج في أرض عرفات؛ ليذكروا يوم الحشر ويجعلوا هذه الحقيقة الكبرى جزءاً من وعيهم؛ وليخبروا الآخرين بأمرها.. وكلما نادى الله إبراهيم وجده مستعدًا لتلبية دعوته، وهكذا يقول الحاج عند أداء كل شعائر الحج: "لبيك اللهم لبيك، لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والمُلك" وبهذا يعلن الحاج أنه مستعد لتلبية نداء ربه في كل آن.
والحقيقة أن بيت الله الحرام مركز الدعوة الإسلامية، وأن الحج هو المؤتمر العالمي لدعاة الإسلام. والأفعال التي نقوم بها في الحج هي كلها علامات على مراحل من حياة إبراهيم في سبيل الدعوة.. ومناسك الحج إعادة رمزية لكل الوقائع التي وقعت لإبراهيم -عليه السلام- في مختلف مراحل نشاطه من أجل الدعوة. ويقلد الحاج هذه الوقائع "شعارًا" – أي رمزًا وعلامة – في أيام الحج؛ فيعقد العزم على أنه سيعيش داعيًا كما كان إبراهيم- عليه السلام- داعيًا إلى الرسالة الإلهية.. وبعض هذه الأفعال مراحل مباشرة لحياة الدعوة، بينما يعتبر البعض الآخر من هذه الأفعال مراحل غير مباشرة.
وتخبرنا حياة إبراهيم أن مناسك الحج كانت جزءاً من حياته لأجل الدعوة، أو كانت محطات على مسيرته من أجل الله ، ولكن الحج وزيارة الكعبة قد أصبحا نوعًا من نسك ديني سنوي لدى مسلمي العصر الحاضر. ولو قام في المسلمين شعور بالدعوة وروح التبليغ ؛ لاكتسب الحج تلقائيًّا أهمية دعوية ، ولتحول إلى مؤتمر سنوي للدعوة ، ولكن حين تنعدم روح الدعوة بين المسلمين يتحول الحج إلى عمل بلا روح، مثلما هو عليه الآن في الغالب ، إنهم يرمون الشيطان الحجري بالجمرات ، ولكنهم لا يقومون بشيء لهزيمة الشيطان الحي ، إنهم يقلدون أعمالاً رمزية، ولكن تكاد تنعدم فيهم رُوح أداء الأعمال الحقيقية.
الحج وسيلة للوحدة(1/58)
إن أهم ما يميز مسلمي العصر الحاضر هو اختلافهم وانتشارهم ، فما السبب في انعدام الوحدة الداخلية بينهم بينما توجد لديهم مؤسسة اجتماعية نادرة كالحج؟! وكان ينبغي أن يكون الحج – بمؤتمره السنوي العالمي – وسيلة قوية لاتحاد المسلمين تذيب كل الخلافات الأخرى. ويعود السبب في هذا إلى أن الحج قد أصبح تجمعًا تقليديًّا بدلاً من أن يكون مؤتمرًا حيًّا لحملة رسالة عظيمة.
وتتطلب الوحدة أن يُوجَد بين الناس هدف مشترك يركِّز أنظارهم وتوجهاتهم نحو الهدف الأعلى.. فتوجهات الناس تتشتت في قضايا تافهة عندما يختفي الهدف الأعلى عن الأنظار.. وهم لن يتحدوا فيما بينهم مهما عُقِدَت المؤتمرات الكبرى. والدعوة هي الهدف الأعلى للأمة المسلمة، وستتجه الأمة كلها إلى هدف أعلى لو برزت فيهم هذه العاطفة الدعوة. وعندئذٍ سيصبح مؤتمر الحج وسيلة لتحقيق الوحدة العالمية بين المسلمين، وبالتالي سيصبح الحج مركز الدعوة الإسلامية العالمية.
الحج عمل حي
وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قد أدى حجة الوداع سنة 10 هـ، وألقى في التاسع من ذي الحجة خطبة تفصيلية في وادي عرفات أمام أكثر من مائة ألف من المسلمين ، وتُعرَف هذه الخطبة بخطبة حجة الوداع ، كما أن حجه هذا يعرف بحجة البلاغ؛ لأنه- صلى الله عليه وسلم- أبلغ أمته كل التعاليم الإسلامية الأساسية في هذه الخطبة، وأخذ منهم عهدًا بإبلاغها إلى الآخرين. وقال في آخر الخطبة: "ألا فليبلغ الشاهد الغائب، فرُب مبلغ أوعى من سامع. وأنتم تُسألون عني، ماذا أنتم قائلون؟ قالوا: "نشهد أنك قد أديت الأمانة وبلغت الرسالة ونصحت، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: "اللهم اشهد، اللهم اشهد".(1/59)
وتُوفي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بعد شهرين من هذا. وكان الإسلام قد انتشر في بلاد العرب وحدهم في حياة الرسول- صلى الله عليه وسلم-، وخرج أصحابه الكرام إلى خارج بلاد العرب، وجعلوا رسالة حياتهم تبليغ الإسلام، وسخَّروا أنفسهم بكل ما يملكونه لأجل نشر الدين الإلهي.. وكانت النتيجة أن انتشر الإسلام في جزء كبير من العالم القديم خلال خمسين سنة من وفاته- صلى الله عليه وسلم-.
والناس لا يزالون يؤدون وبدون انقطاع فريضة الحج بصورة منتظمة، ويردد الإمام كل سنة كلمات مماثلة لما قاله رسول الإسلام قبل أربعة عشر قرنًا، ولكن كلمات هؤلاء الأئمة لا تؤدي إلى نتيجة ما هذه الأيام.. فما الفرق بين الحالتين؟! إن الفرق يعود إلى أن الحج كان عملاً حيًّا في الماضي، وقد تحول اليوم إلى عمل تقليدي. والذين كان رسول الإسلام يخاطبهم في حجة الوداع كانوا قد تجمعوا هناك لكي يسمعوا ويطيعوا. أما جموع الحجاج التي تتوجه إلى مكة والمدينة هذه الأيام فلا يهمها إلا أن تؤدي بعض الطقوس لتعود مرة أخرى إلى بلدانها؛ فتعيش كما كانت تعيش من قبل.
ومن هنا ندرك أن إحياء الحج كفاعل مؤثر في الحياة الإسلامية اليوم يقتضي إحياء الحجاج ، وما لم نُحِي شعور الحجاج ، وبكلمة أخرى شعور المسلمين، فستظل عبادة الحج بدون أثر تمامًا كبندقية فاسدة لا تطلق النار عندما يُضغط على زنادها.
تنظيم جديد للحج
وإحياء الحج بروحه الأصلية يقتضي إحياءه كمؤسسة للدعوة؛ فينبغي تسخير الحج كمركز للتخطيط العالمي للدعوة الإسلامية ، وينبغي أن يعرض الناس من مختلف البلاد أحوال الدعوة في بلدانهم في هذه المناسبة العالمية، فينبغي أن يطلع الناس على تجارب المناطق الأخرى ويستفيدوا بها. ويجب على خطب الحج أن تركز على بيان أهمية الدعوة وتشرح إمكاناتها الجديدة، وأن تُعدَّ مؤسسة الحج مكتبة دعوية بمختلف اللغات؛ ليتم نشرها على المستوى العالمي ... إلخ.(1/60)
وينبغي أن ندرك أن توجيه الحج على هذه الخطوط الجديدة لن يتم بدون توجيه حياة المسلمين على خطوط جديدة، فمسئولية المسلمين الأساسية هي الشهادة على الناس، وعلاقاتهم مع الشعوب الأخرى هي علاقة الداعي والمدعو، ولكن هذه الحقيقة قد غابت عن مسلمي العصر الحاضر. ويجب إحياء المسلمين كجماعة داعية؛ لكي يتم إحياء الحج كمؤسسة للدعوة، ويجب إقناع المسلمين بأن يُنهوا أنشطتهم القومية في كل أنحاء العالم التي تحول دون قيام جو الداعي والمدعو بينهم وبين الشعوب الأخرى ، ولو لم يتوفر مثل هذا الجو بينك وبين الشعوب الأخرى، فمن ستدعو ومن سينصت إلى دعوتك؟
ثم يقتضي هذا الهدف أن نقيم جامعات من الطراز الأعلى وتكون مناهجها وأنظمتها موجهة للدعوة بصورة كلية، وأن تقام مؤسسات تربي الدعاة تربية دعوية صحيحة، وأن تنشأ مكتبة تخلق بين الناس العقلية الدعوية وتسلحهم بمعلومات الدعوة ، بل ويقتضي هذا الهدف أن ننشئ من جديد المكتبة الإسلامية الأساسية؛ لأن كتب التفسير والسيرة التي ألفت في العصر الحاضر قد كتبت بدافع رد الفعل على وجه العموم.. فقد ظهرت هذه الكتب ردًّا على حملات الشعوب الأخرى الفكرية والعملية ، ولم تظهر لأجل الدعوة إلى الإسلام بصورة إيجابية.
ولو عدتَ بمخيلتك إلى الوراء، إلى بدء العصر المكي؛ فسترى رسول الإسلام يطوف حول الكعبة وحيدًا. فكان للإسلام تابع واحد في العالم كله.. أما اليوم فستشاهد جموعًا غفيرة كل يوم تطوف حول الكعبة، ثم ترى الجموع تتقاطر إلى مكة من كل أنحاء العالم في أيام الحج؛ لدرجة أن المسجد الحرام يضيق بهم كل سنة على توسعته المستمرة. فكيف تحققت هذه الكثرة؟! والرد هو أن هذا تحقق بالدعوة.(1/61)
فالحقيقة هي أن مؤتمر الحج العالمي مظاهرة سنوية لقوة الدعوة الإسلامية، وهو يخبرنا بأن الله- تعالى- قد أودع أسرار كل الرقي والعظمة في قوة الدعوة الإسلامية.. فنجاة أهل الإسلام دنيويًّا وأخرويًّا رهن بقيامهم بهذا الواجب. ونعرف من دروس التاريخ أن قوة الإسلام كانت دائمًا في دعوته ، صحيح أن الإسلام لم يتمكن في بدايته من التأثير في عوام الناس بمكة إلا أن كل الأفراد ذوي القيمة، الذين أصبحوا فيما بعد أعمدة التاريخ الإسلامي هم أولئك الذين وجدهم الإسلام في بداية العصر المكي ، وهذا يعود إلى الدعوة الإسلامية وحدها؛ لأن الإسلام لم يكن يمتلك قوة ما غيرها حينذاك ، ورجال مكة الذين أسلموا فيما بعد هم أيضًا تأثروا بأحقية الإسلام الفكرية مثل : عمرو بن العاص وخالد بن الوليد وغيرهما.
واستحكم أمر الإسلام في المرحلة الثانية، أي في العصر المدني بواسطة الدعوة نفسها، فلم يغزها الرسول ولم يفتحها عسكريًّا ، بل آمن البعض من أهل المدينة بالإسلام ورجعوا دعاة إلى الإسلام؛ فبدءوا يدعون الناس بأسلوب بسيط ، بالإضافة إلى جهود الداعية مصعب بن عمير، ونتج عن هذا دخول الناس أفواجًا إلى الإسلام إلى أن أصبحت المدينة المركز الفكري والعملي للإسلام.
والحج وبيت الله علامتان على خطة دعوية عظيمة، فعندما لم يسمع صوت إبراهيم- عليه السلام- في مناطق العراق والشام ومصر "المتحضرة"، أسكن أسرته – بأمر الله – بمكة وبنى بها الكعبة لتكون مركزًا دائمًا للهداية الإلهية ( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركًا وهدى للعالمين) (سورة آل عمران: 96).(1/62)
ويروي عمرو بن عوف- رضي الله عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الدين ليأزر إلى الحجاز كما تأزر الحية إلى جحرها وليعقلن الدين من الحجاز معقل الأروية من رأس الجبل. إن الدين بدأ غريبًا ويرجع غريبًا، فطوبى للغرباء، الذين يصلحون ما أفسد الناس من بعدي من سنتي) [أخرجه الترمذي: أبواب الإيمان، باب بدأ الإسلام غريبًا].
وهذا يعني أنه كما كان الحجاز مركز الدعوة الإسلامية في حياة الرسول- صلى الله عليه وسلم- فكذلك سيصبح الحجاز مركز إحياء الدين الإلهي، حين يختفي أثره من حياة الناس. فالحج مقام العبادة الإلهية كما هو مركز الدعوة إلى دين الله وتجديده. وتقتضي الحاجة أن نحيي الحج ومركز الحج مرة أخرى من هذه الناحية.
وقد فتحت الثورة العلمية كثيرًا من الإمكانات الجديدة. ويمكن نتيجة لهذه الإمكانات أن نستخدم مؤتمر الحج العالمي لأجل التخطيط للدعوة على مستوى أعظم من أي وقت مضى؛ فنجعل منهج الفكر الإسلامي هو المنهج الفكري الغالب على العالم مرة أخرى تمامًا كما كان في العصور الماضية.. هذا هو المعنى الذي يعبِّر عنه القرآن الكريم بكلمات "إظهار الدين" و "إعلاء كلمة الله"، ولا يتحقق هذا الهدف إلا بإحياء أهمية الحج الدعوية مرة أخرى.
شرط ضروري
هناك شرط ضروري لتحويل مؤسسة الحج إلى مؤسسة عالمية للدعوة، وهو إبقاء فريضة الحج بعيدة عن السياسة بصورة كلية.
وقد أديتُ فريضة الحج في سبتمبر سنة 1982.. ورأيتُ ذات يوم، وأنا في بيت الله الحرام، أن أناسًا من بلد معين دخلوا المسجد الحرام بدءوا يرفعون شعارات بحياة زعيم بلدهم ، فتجمع حولهم كثير من الحجاج وبدأت بينهم مناقشات خلافية.. واستمرت هذه المناقشات فترة طويلة.. وجو بيت الله هو جو الذكر والعبادة ولكن هذه الجهالة حولته إلى جو النزاع السياسي!!(1/63)
وحدثت هذه القصة في المدينة أيضًا.. وكنتُ أقيم بأحد الفنادق في المدينة، وهنا جاء بعض الشبان إلى غرفتي وكانت لديهم كتيبات مطبوعة بالإنجليزية والعربية.. وكانت هذه الكتيبات تحتوي على هجوم على حاكم بلد إسلامي معين، وقدم هؤلاء الشبان هذه الكتيبات إليَّ فقلتُ لهم: إنكم تضيعون وقتكم الثمين، وتسيئون استخدام أيام الحج أيضًا.. واستمر هؤلاء الشبان يتجادلون معي بعض الوقت إلى أن انصرفوا غاضبين.
وقد أصبح هذا الاتجاه خطيرًا في الزمن الحاضر، فتنظر بعض المنظمات والحكومات إلى الحج من زاوية أنه تجمع عدد كبير من المسلمين في وقت واحد ومكان واحد، ولذلك تريد هذه المنظمات والحكومات أن تستخدمه لأهدافها السياسية المحدودة.. ولكن هذا الأسلوب خاطئ تمامًا، وهو يعارض أهداف الحج بصورة كلية. فينبغي أن ننظر إلى المسلمين، الذين يتجمعون للحج، من زاوية أنهم جاءوا لأداء هذه الفريضة وحدها. والطريق الصحيح للاستفادة من هذا الاجتماع العالمي هو أن نبعث في الناس رُوح الدعوة لكي يعودوا إلى بلدانهم دعاة إلى دين الله بدلاً من أن ينشروا هناك دعايات سلبية ضد بعض المسلمين.
إن الحج قوة عظيمة ويمكن استخدامها لأجل الدعوة الإسلامية العالمية بطريقة مؤثرة للغاية، ولكن بشرط ألاَّ يكون مسرحًا للخلافات بين المسلمين.
http://www.islamonline.net/Arabic/index.shtml
كيف تكونين مشرفة حملة حج ناجحة
للأستاذة أناهيد بنت عيد السميري
مديرة المعهد العلمي العالي لإعداد معلمات القرآن والسنة بجدة .
والتي أقيمت بقاعة المعهد العلمي عام 1422هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة :
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وسلم تسليما كثيرا ..
أما بعد :(1/64)
لا شك أن الحج من أفضل العبادات وأجل الطاعات ، لأنه أحد أركان الإسلام الذي بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم ، والتي لا يستقيم دين العبد إلا بها
نلتقي بكن أخواتي في هذه الدورة :
كيف تكونين مشرفة حج ناجحة ،والتي نسأل الله أن يلهمنا رشدنا ويوفقنا للصواب في القول والعمل .
الفئة المستهدفة
مشرفات حملات الحج واللاتي يخرجن من أجل دعوة الحجاج إلى الله وتوجيههم
أسباب القيام بمثل هذه الدورة :
لهذه الدورة عدة أسباب نورد منها :
1. أن الحج من أهم مجالات الدعوة إلى الله ، والتي تشترك فيه كل العوامل لإنجاح الدعوة .
2. ظهور الدعوة النسائية في الحج وأثر المرأة القوي في مجال الدعوة.
3. أن اختيار مشرفات الحملات كثيرا ما يكون بلا ضوابط وشروط اعتمادًا في بعض الأحيان على قريبات المشرفين من الرجال أو أصحاب الحملات دون الالتفات إلى صلاحيتهن للدعوة والإشراف.
مما لاشك فيه أن الحج فرصة جيدة وثمينة للدعوة إلى الله ، فالناس في الحج مقبلين لا مدبرين ،وتعتبر مدة الحج طويلة من حيث الاحتكاك بهم والتواجد معهم طوال اليوم ، فالحج بيئة خصبة للعمل الدعوي إذ بطول الخلطة تظهر نقاط الخلل وتتعدد أساليب النقاش والاتصال ، وهذه ميزة لا تظهر في أي اجتماعات أخرى .
وهنا نلفت النظر إلى أن أساليب الدعوة في الحج مختلفة وهي غاية في الدقة ، خصوصًا وأن حال الناس يظهر منه التجرد الكامل لله تعالى ، و القلوب فيه منكسرة , والجميع مقبل على الله متلبّس بإحرامه ، ساعٍ في تكميل حجه بعيدًا عن الجدل والرفث والفسوق .
وعليه نقول : احرصي على الدقة والحكمة في الطرح ، فأنتِ ومن حولك في أوضاع خاصة .. واعلمي أنَّ من أهم أسباب انتكاس الأمة ورجوعها للوراء هو الحماس الغير منضبط من قِبَل من تحمَّل مسئولية الدعوة إلى الله .(1/65)
فتجدي من الدعاة هداهم الله ، من عندهم الحماس والاندفاعية للدعوة ،والذي ينتج عنه الانطلاق للدعوة بلا منهجية , وهذا لا فائدة فيه ، بل ضرره أكثر من نفعه ..
لذلك اعلمي أخيتي أنَّ : الحماس في الدعوة إذا لم يُضبط بالعلم الشرعي فإنه لا قيمة له .
فاحذري من أن تُعرَضَ عليك مسئولية الإشراف على حملة حج فتوافقي دون تفكير ، إذ إنّ الإقدام على مثل هذه المسئوليات يحتاج إلى الكثير من بذل الجهود والكفاءة في الإرشاد .
ما معنى النجاح في الإشراف على حملة الحج ؟
كل مشرف يأمل في نجاح الإشراف على الحملة ويسعى في ذلك حثيثًا ..
فهل النجاح يتحقق بمجرد وصولك للحجاج ؟
أم بقبول الحجاج لكِ ؟
أم بتغير وضع الحجاج ؟
أم بحصول التفاعل الاجتماعي والخروج بعلاقات اجتماعية ؟
عندما تخرجين دون العلم بمعنى مسئولية الإشراف على حملة الحج قد ترجعين وفي نفسك الشعور بالرضا عن نفسكِ وعملكِ لعدم وجود مقاييس صحيحة لديك للنجاح .
[ فقدان الميزان الصائب للنجاح يولِّد عدم الإحساس بالفشل ]
لذلك يجب أن نتفق على معنى النجاح في الحج .
أولا : معنى النجاح في اللغة :
النجاح لغة : الظفر بالشئ .
نجح أمره : تيسَّر وسهل فهو ناجح .
والنجاحة : الصبر .
إذًا : النجاح هو الظفر بالشئ والوصول إليه ، ولا يأتي إلا بالصبر .
ماهو الشئ المظفور به ؟
[ الهدف ]
نخلص من ذلك إلى أن مفتاح الوصول لنجاح حملة الحج هو : تحديد الهدف
أحيانا نضع أهدافا أكبر مما نستطيع فنشعر بالفشل،وأحيانا نضع أهدافا أقل من القدرات والأمكانيات (قصيرة المدى) فنشعر بالنجاح لأقل تصرف،وأحيانا نخرج من غير أهداف ونرجع بشعور النجاح مع أن الواقع عكس ذلك.
وفي كل هذه الحالات الثلاثة أكون قد أخطأت في حق نفسي وفي حق من أنا مسئولة عنه .(1/66)
اعلمي أيتها الداعية أن هناك أهدافا كبيرة لا يمكن الوصول إليها مثل :تغيير حياة الحاج من حيث تفكيره وسلوكه معا ، لا تتوقعي هذا أبدا فإن الله أخبرنا أن الداعي يملك نوعا واحدا من أنواع الهداية وهي هداية الدلالة والإرشاد .
فالهداية تنقسم إلى قسمين:
1-هداية التوفيق : وهي بيد الله وحده .
2- هداية الدلالة والإرشاد : وهذا دور الداعية إلى الله تعالى .
معنى ذلك أن دور مشرفة الحج يطابق دور الداعية .والنجاح في الحج لا يمكن أن يكون مقطوعا عن النجاح في الدعوة طوال العام ، فهو لن ينجح في دعوته في الحج فجأة ، إنما هو تكميل دور يقوم به طوال العام ، ففي الحج يغتنم التوقيت حيث
القلوب المقبلة والمناسك المشروعة.
إذًا : ما الهدف من وجود التوعية في الحج ؟
الهدف من التوعية في الحج :
مساعدة الحجاج على أداء مناسكهم على الوجه الصحيح .
اغتنام فرصة التجرد لربط القلوب بالله وحده .
وهذا هو دور الداعية إلى الله .
* كوني داعية *
الأصل أن تكوني في كل العام داعية إلى الله ، ثم يأتي الحج فيكون فرصة للدعوة والتوجيه. لا اختلاق فرصة .
فالخطأ الحاصل الانشغال عن الدعوة طوال العام ثم في الحج تريد أن تكون داعية .( وفي الحج
فقط !!) .
لماذا يجب أن أكون داعية ؟
إلى ماذا يجب أن أدعو ؟
أين تكون الدعوة ؟
متى تكون الدعوة ؟
مع من تكون الدعوة ؟
كيف تكون الدعوة ؟
لماذا يجب أ ن أكون داعية ؟
1- امتثالا لقوله تعالى { وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ } [ العصر :1/3]
2- لكي تسلمي من الخسارة وتكوني من أهل النجاح يجب أن تتصفي بأربعة صفات :
1- الإيمان بالله ـــ " آمنوا "
2- العمل الصالح ـــ " وعملوا الصالحات "
3- الدعوة إلى الله ـــ " وتواصوا بالحق "
4- الصبر على الأذى في ذلك ـــ " وتواصوا بالصبر "(1/67)
فالإيمان الناتج عن العلم والعمل الصالح والدعوة إليه والصبر على الأذى فيه هو سبيل النجاح والبعد عن الخسارة ..
ما معنى الدعوة إلى الله ؟
الدعوة لغة : الاستمالة . من الدعاء وهو النداء والاستمالة والحثّ على الشئ .
فالداعية إلى الله موقفه من الدعوة موقف استمالة وحثّ ، وهذا يلزم منه حرص الداعية على المدعو ، فهو يستميله حرصًا على نفسه أولا وحرصًا عليه ثانيا .
عرَّف شيخ الإسلام ابن تيمية الدعوة إلى الله :
بأنَّها :" الدعوة إلى الإيمان بالله ، وبما جاءت به رسله بتصديقهم فيما أخبروا به وطاعتهم فيما أمروا به ".
هذا الضابط في التعريف من أهم الضوابط التي تحكم مسألة الدعوة إلى الله ، فإذا كنا لا نعرف ما الشئ الذي أَخبر به الأنبياء وما الشئ الذي أمروا به ، فلأيِّ شئ نخرج إذًا ؟ وماذا سنعلِّم الناس ؟؟
لذلك نعترض على كلمة : ( الجذب المجرَّد ) في مفهوم الدعوة ، فنجذب الناس بأساليب اتصال مختلفة ، ثم نفشل في تغذيتهم بالعلم النافع فتفشل المهمة الرئيسية
وعليه اعلمي أختي الداعية أنّ :
معرفتك بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم عن الله , وبما أمر به هو أصل خروجك للدعوة .
[ بالاتفاق أول خطوة للدعوة إلى الله : طلب العلم الشرعي ]، وهذا الطلب لا يكون خبط عشواء , إنما بأسلوب منهجي مؤصَّل ،
لماذا ندعو ؟
1- استجابة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم :" بلِّغوا عني ولو آية ".
2- لأن الدعوة سبيل أتباع الأنبياء صلى الله عليهم وسلم ، قال تعالى { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ } [يوسف: 108](1/68)
3- لكي تعذري أمام الله يوم القيامة ، قال تعالى { وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } [الأعراف :164]
فالمتأمل يجد أنه يدعو لأجل نجاة نفسه أولا قبل غيره .
4- لتصلحي ويصلُح بكِ المجتمع :
عن النعمان بن بشير رَضِيِ اللَّهُ عَنْهما عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: " مثل القائم في حدود اللَّه والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم؛ فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا. فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
5-لعظَم جزاء الداعي إلى الله .
فالداعية من أحسن الناس قولاً, قال تعالى: { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } [فصلت : 33]
* وللداعي مثل أجور من تبعه ، عن أبي مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من دلَّ على خير فله مثل أجر فاعله " رواه مسلم .
* ولاستمرار ثواب الداعي بعد موته ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة ، إلا من صدقة جارية، أو علم يُنتفع به ، أو ولد صالح يدعو له " رواه مسلم .
6- طلبًا للنجاة في الدنيا والآخرة
قال تعالى { وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } الأنفال: 25](1/69)
يقول الشيخ السعدي رحمه الله في تفسير الآية :بل تصيب فاعل الظلم وغيره ، إذا ظهر العلم فلم يغير فإن عقوبته تعمُّ الفاعل وغيره , وتقوى هذه الفتنة بالنهي عن المنكر وقمع أهل الشر والفساد,وأن لا يُمكَّنوا من المعاصي والظلم مهما أمكن . اهـ
7-لأن الإنسان بطبعه داع لما يؤمن به .
فالدعوة دلالة المحبة والإنسان بطبعه داعِ لما يؤمن به ، انظري إلى ما يقع في المجالس فنحن دعاة إلى ما نحب من ملبس أو مأكل أو تسوق .
8- لكي يسمع الناس الحق ، فلا ينقلب الحق باطلا والباطل حقًا لسكوتنا .
سبب انتشار الباطل ترك تعليم الحق وبيانه ، ولا يصدّنك عن ذلك عدم قبول المنتصحين ، بل يكفي إسماعهم صوت الحق ، والنصوص في ذلك كثيرة منها قوله تعالى { قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ } [النور:54]
9- لأن أهل الباطل يبذلون جهودهم مع دناءة أهدافهم ، وأهل الحق أوْلى بالبذل.
والواقع يشهد بذلك , فجهود أهل الكفر لا تتوقف , بل جهود أهل البدعة لا تكلّ ولا تملّ ، فأين جهود أهل السنة ؟!
يقول الله تعالى { وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا } [النساء:104]
فإذا تساوت الآلام واختلفت الآمال ، فمن كان رجاؤه بالله صحّ له الاندفاع والثبات بخلاف غيره .
10-ليحصل الأمن العقلي والحصانة الفكرية
قال تعالى: { وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ } [هود: 117](1/70)
فالشرط أن يكونوا مُصلحين ولا يكفي أن يكونوا صالحين ، لذا تجدي أن أهل السنة والجماعة يُقعِّدون القواعد ويدفعون الشُّبه على طريقة السلف ، ولا ينتظرون وقوع الإشكال ثم يردُّون، بل ُيعلِّمون ويؤسِّسون أصول هذا الدين فإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف علموا إلى من يردُّوه وتحت أي قانون عام يضعوه ، فإنه : لن يُصلح آخر الأمة إلا ما أصلح أولها .
واعلمي أن للعلم لذة يتنافس عليها حتى أهل الجنة ، لذلك جعل الله العلم من العبادات .
11- كوني داعية ولا تكوني منهزمة نفسيًا تخجلين من الدعوة إلى الدين .
لا تتوقفي لأنك تخجلين من الدين بل الشريعة هي الحضارة ، وكل ما سواها رجعية وانتكاسة ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يمنعنَّ رجلاً منكم مخافة الناس أن يتكلم بالحق إذا رآه وعلمه ) [ الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد ]
فمجال الدعوة المتاح لك في الحج هو إظهار آثار الشرع عليكِ فلا تهتمي بالمظاهر لأنكِ متجردة وهذا عكس ما يحصل في الحج ، نخرج متجردين لكن نتيجة الانهزام النفسي أمام الناس أتركه وأبالغ في التزين في أيام العيد ، وهناك حجة واهية وهي : المبالغة في التزين لأجل أن لا يقال إن أهل الدين غير متطورين وكلمات نحوها ..
نحن لا نقول اتركي التجمُّل بالكلية ، لكن اعلمي أن التجرُّد من أهم مظاهر الحاجّ .. وما المبالغة من قِبَل المشرفات في التزين خاصة أيام التشريق إلا أحد مظاهر الانهزام النفسي ..
لأنها تؤمن بالمأمورات لكن تخشى الانتقاد عند قيامها بما تراه صحيحًا ..
إلى ماذا ندعو ؟
هذا قانون موضوع مسبقا لا اختراعا ، وقد تواردت النصوص وتكاثرت عليه.
عن ابن عباس؛ أن معاذا قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال:(1/71)
"إنك تأتي قوما من أهل الكتاب. فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله. فإن أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة. فإن هم أطاعوا لذلك. فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم. فإن هم أطاعوا لذلك. فإياك وكرائم أموالهم. واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب"رواه مسلم
- يظهر من الحديث أن هناك شيء أول وهناك شيء ثان ، فإذا صح الأول صح الثاني .
- وفيه دلالة على أن أول ما يدعى إليه هو توحيد الله ( شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ) .
لو سألت أحدا عن شروط الصلاة ، الزكاة ؛ سيجيب غالبا ، لكن قل أن تجدي من يعلم شروط لا إله إلا الله السبعة : ( العلم – اليقين – القبول – الانقياد – الصدق – الإخلاص – المحبة ) ، لذا فإن أول أوجه المسئولية في الدعوة العلم بأصول المعلوم مع وجود الدليل عليه ، ومن أهمها شروط الدخول في هذا الدين- شروط لا إله إلا الله - ، وبحفظك لترتيب الشروط تستطيعين شرح درس عن " محبة الله " فالمحبة شرط ونتيجة تحقق الشروط الباقية .
- ومما يشار إليه في الحديث عن التوحيد ؛ الحديث عن نوا قض هذا التوحيد وهذا الدين ، فجملة من الناس يعتقدون أن كل من قال لا إله إلا الله دخل الجنة ، والصحيح : أن مجرد القول لا يكفي بل يرد الحديث الأول للحديث الثاني :" فَإِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إِلَّا اللهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ " رواه الشيخان .ومعناه من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه ، موقنا بها ، وكفر بما يعبد من دون الله . وأول هذه النواقض : الشرك بالله . وقد أخطأ من اعتقد أن الشرك ينحصر في عبادة الأصنام ، وأنه لم يعد شرك في هذا الزمان مادامت لا تعبد هذه الأصنام المجسمة .(1/72)
فالمتأمل لكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - يجد التحذير من الشرك حتى أنت أيها الحاج أمرك الله بتوحيده في الحج ، فالحج مدرسة التوحيد .
قال تعالى : { وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ } [البقرة: 196]. قال أهل العلم : وفيه الأمر بإخلاصهما لله تعالى .
وفي سورة الحج ذكر الله في سياق الكلام عن الحج الشرك والتوحيد ، في أربعة مواطن ، وفيه دليل على أن الحج حقيقة مدرسة للتوحيد .
قال تعالى : * { وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ } [الحج: 26] ، أمر الله إبراهيم عليه السلام أن لا يشرك به شيئا بأن يخلص لله أعماله
، هذا وهو إمام الموحدين فكيف بمن دونه ؟!!!
{ * ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ ِ } [ الحج :30]
فتعظيم حرمات الله شطر التوحيد ، لأن التوحيد تعليق وتعظيم ألم تسمعي { ما لكم لا ترجون لله وقارا } [ نوح : 13]
* { فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ } [ الحج :30]
نهى عن الشرك صراحة .
{ حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ } [الحج :31]، دعا إلى التوحيد ثم ضرب لذلك مثلا : { وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ } [الحج :31]
إذًا ندعو إلى التوحيد ثم ننتقل للباقي ، ففي الخمسة أيام إن حقق التوحيد من جهة وصحح من جهة أخرى خرجنا بمفازة عظيمة ، لأن العبادات كلها تدور حول التوحيد ولا يصلح أخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها . فالأمة لن تتقدم ولن يجتمع صفّها مع افتراق مفهوم التوحيد ، قال شيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في حديث معاذ : وفيه البداءة بالأهم فالمهم .(1/73)
فالصلاة مهمة والتوحيد أهم ,وترك المعاصي مهم لكن ترك الشرك أهم . لذا فهّمي التوحيد بالأدلة ، ولا تتكلمي عن المسائل الفردية بل عما تعم به البلوى ، وذلك للحصانة الفكرية من جهة ، وفي المقابل قد يكون البعض واقع في المخالفة أو المجتمع من حولها ، فأعلِّمها لحل مشكلتها الشخصية من جهة ومن جهة أخرى أحصنها للمستقبل .
فلو تكلمت عن السحر وحكمه لا تتوقعي عدم أهمية الموضوع بل الواقع يشهد أن من النساء من يقترب من مسألة السحر ولو من باب الاطلاع مع عظم جرم الذنب فهو كبيرة من الكبائر .
كيف نعرف الأهم فالمهم ؟
معرفة الأهم فالمهم مصدرها التشريع وليست العقول والأقيسة ، ثم إن دعوة الرسل حددت الأهم فالمهم .
يوسف عليه السلام قال : { يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِد القهار } [يوسف:39]
وإبراهيم عليه السلام قال : { يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ } [مريم :42]
وعليه يتبين أن أول المسائل التي يدعى إليها :
1- معرفة الله بأسمائه وصفاته .
اطلعي على مراجع وابحثي في معاني أسماء الله وصفاته بحثا جيدا حتى لا تخرجي وتسألي عن معناها فلا تعرفي ما معنى اسم الله الصمد !
من المراجع :شرح معاني أسماء الله الحسنى / لسعيد بن وهف القحطاني ، النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى / لمحمد النجدي)
2- معرفة شريعته سبحانه الموصلة لدار كرامته .
تتعلمي الشرائع وتعلميها .
ما هي الشرائع التي نعلمها الناس ؟
نعلمهم المناسك وما يسن فيها ، والتنبيه على البدعيات والشركيات ، كذلك نعلمهم مسائل مهمة في حياتهم مثل: صفة الوضوء والصلاة .
3- معرفة الثواب للطائعين والعقاب للعاصين .
فشوقيها للحج أولا ثم شوقيها للطاعة ، فهميها أن الحج جهاد المرأة ويجب أن يكون مبرورا.
متى ندعو ؟(1/74)
ندعو في كل وقت كفعل نوح عليه السلام { رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا } [نوح :5]
في أصعب المواقف وأشدها كفعل يوسف عليه السلام في السجن { يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِد القهار } [يوسف:39]
ندعو في كل الأوقات ، لا تبخلي على نفسك أيًا كانت مسئوليتك ، إدارية أو محاضِرة ، ما دمتِ عالمة بما تدعين إليه، وذلك بالحكمة والموعظة الحسنة ..
وهنا يجدر بنا الإشارة إلى بعض المخالفات التي تقع في القسم النسائي من المخيمات .. ومن ذلك:
محرم - الأصوات العالية من النساء .
اعلمي رعاك الله أن هذا المكان ما أقيم إلا لتعظيم حرمات الله فيه ، ومن تعظيم حرمات الله : إظهار الذل لله تعالى ، ومن مظاهره خفض الصوت .
لذلك منع الشارع الجدال في الحج لعدة أسباب :
- أ) لأن الحاج يتخلى عن الدنيا ويقبل على الآخرة ، فلا يدخل في نقاش غير لائق مع أحد .
- ب) رفع الصوت من المجادل مما يناقض الذل الواقع في قلبه .
- ج) رفع الصوت في الحج يجب أن يكون في عبادة ، واستدل أهل العلم في هذا بحديث : (أفضل الحج العج والثج)، رواه الترمذي. والعجّ : رفع الصوت بالتكبير .. وبما أن رفع الصوت في الحج عبادة إذًا رفعه في غيره مخالفة ..
2- وبالمناسبة إذا كان رفع الصوت ممنوعا فإن الضحك بصوتٍ عالٍ من باب أولى ، سيما عند التجمعات النسائية في الحملة .
وقد كان أقصى ضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تبدو نواجذه ، معنى ذلك أن رفع الصوت بالضحك والقهقهة مما يخالف السنَّة .
أختي حفظك الله : الصلاح والإصلاح ليس في حملة الحج فحسب ، بل تحمل المسئولية تبدأ من هنا ، باتباع هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل الأحوال ..
كيف ندعو ؟(1/75)
عن طريق الاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ، واتباع الدليل الصحيح بالأسلوب الأمثل اللائق بالدعوة إلى الله ، الموافق للأصول والمقاصد الشرعية ، خصوصًا في هذا الزمن ومع تطور الوسائل وتعددها أصبحت هناك طرق متعددة للدعوة من وسائل الاتصال المختلفة كالهاتف والحاسب والشبكة العالمية وغيرها ..
امتثلي قوله تعالى : { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ } [يوسف: 108]
فمن الخطأ رسم مخطط لسير الإشراف على الحملة والتوعية في الحج ثم أجعل أهم أهدافي تطبيق هذه الخطة الدعوية بدقة وفي الأوقات التي حددتها من قبل ، دون النظر إلى المستجدات الحاصلة، بل كوني غاية في المرونة ، واعرفي ما دورك وما مكانك ، فإن هذه المرونة تجعل عندك أهدافا معينة في الذهن تساعدك على إعادة التخطيط سريعًا ، فالتشبع بالهدف هو الأساس، ودورك تنزيله على أرض الواقع .
إذًا: كوني على بصيرة
عرّف أهل العلم البصيرة , وهي :
1- البصيرة بحكم الشرع :- ولا يعني هذا أن يكون الداعية عالما بكل المسائل ، فقيهًا كبيرًا ، ولكن فهم المسائل منضبطة بأدلتها مع العلم بالأهم فالمهم هو المطلوب ..
فيعرف الداعية ما المسائل التي تناقش مع علمه بالأهم فالمهم والمناسب للمجتمع الذي تُطرح عليه المسائل .
2- البصيرة بحال المدعو :- أي معرفة بيئة المدعوِّين ، لذلك احملي معكِ كتبا لأهل العلم ولا تقيسي النجاح في الحملة بتنفيذ خطتك المرسومة كاملة .(1/76)
مثال : قد تحضِّرين درسًا عن البدع ، فتجدي أناسا سليمين من البدع ، فالأفضل عدم تخصيص محاضرة كاملة عن البدع ، أو أذهب لأناس من أهل بدعة المولد وأحدِّثهم عن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأنها من الحقوق الواجبة على كل مسلم ، هذا فيه تشجيع لهم على التمسك ببدعتهم ، إن تحدثتِ عن المحبة على وجه العموم دون بيان حدودها وضوابطها والمسائل التي قد تدخل عليها فتقلبها إلى مظاهر بدعية ، فهؤلاء ما قاموا بالبدعة إلا محبةً للرسول صلى الله عليه وسلم على حدِّ زعمهم .
وربما تجهزين موضوعًا عن أثر الحضارة في انشغال الأمة، ويكون الكلام عن الجوالات والإنترنت وسوء استخدامهما ، والشريحة أمامك من المدعوِّين لا يفقهون عن ذلك شيئًا أو لا يفقهون من ذلك إلا قليلا ، فمن العبث أن أخصص درسًا كاملاً عن هذه الوسائل لهذه الفئة .
ومما يجدر الإشارة إليه قاعدة :
[ درء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح ] ..
هذه قاعدة جليلة ، ومن المهم تطبيقها في المجالات الدعوية ..
كيف يمكن تطبيق مثل هذه القاعدة في العمل في المخيمات ؟
أحيانًا نطرح موضوعات قد تدور حولها نقاشات وإشكالات فتقع المفاسد وتطغى على المصلحة وهي الاستفادة من طرح أصل المسألة ..
مثل : محاضرة عن صفة الصلاة ، ثم يطرح فيها مسائل القصر في الصلاة والخلاف بين أهل العلم في مسافة القصر ، ماذا تتوقعين أن يحدث ؟
قد تكون فئة من السامعات لديهن رأي مخالف ، أو ذوات مذاهب أخرى ، عندها ستبدي كل واحدة منهنَّ رأيها ، بل قد تردُّ هذه على تلك و .....
لذلك : من الأفضل عدم تعرض النساء لطرح المسائل الفقهية سيما المسائل الخلافية ، بل اتركي المجال للشيوخ من الرجال في المخيم ، لأن الطرح النسائي في المسائل الفقهية غالبًا ما يكون ضعيفًا من جهة ، ومن جهة أخرى عدم القوة في الاستدلال ، عندها سيختلف الناس ونخسر الدعوة .(1/77)
في المقابل نجد أن المسائل العقدية جلية ، وأدلتها ظاهرة ، لا خلاف فيها البتة عند أهل المعتقد السليم .
لكن لا يعني هذا المنع للدروس الفقهية في الحج بالكلية بل تطرح المسائل مُقَنَّنة بأدلتها دون التعرض للخلاف ، على سبيل المثال : الكلام عن صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - وصلاته ، كذلك صفة الحج مستعينة بالرسائل والكتب لأهل العلم الراسخين
نكرر : لا تقيسي النجاح في الحملة على أن تُسيِّري التخطيط كما كتبتِه من قبل ، بل القضية : غاية في التشبع بالأهداف + غاية في المرونة .
علم + فقه الواقع = الحكمة في الطرح .
فلا ينبغي أن نفرد فقه الواقع دون العلم الشرعي لأنه سيؤدي إلى البحث عن الطرق والأساليب المتنوعة وجذب الناس فقط ، وقد تُقترح حلول غير منضبطة شرعًا . لذلك نجد ما يسمونه بالترفيه يوم العيد في المخيمات ، ولنا في هذا الموضوع وقفة :-
يقول الله تبارك وتعالى في معرِض الكلام عن الحج { ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ } [الحج :32]
{ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ } [ الحج :30]
فالحج موطن من أهم المواطن لظهور تعظيم الله فيه ، والتعظيم أحد مقاصد الحج , ومن مظاهره بذل الجهود في الطاعة وفق ما شرع الله عز وجل .
ثم اعلمي أن مِنى من الحرَم ، وعليّ أن أتصرف فيها كما أتصرف في أي بقعة من بقاع الحرم ، ومعلوم أن من حقوق الحرم علينا : لا تُلتقط لقطته ، ولا يؤخذ من شجره ولا يعضد شوكه .
كلُّ هذا تعظيمًا لله عزّ وجلّ ، ولهذا نسأل : هل هذه المشاعر سيستشعرها كل من يذهب إلى منى أم هي مجرّد انتقالات من مكان لآخر ؟ - - - - - - - - - -
أيغُّرنا العيد ونقول : يجب إظهار الفرح بتزيين الأماكن وضرب الدُّف والإنشاد ,و ..و..و..(1/78)
أختي الحبيبة : يجب ألا يغيب عن ذهنك أن ما هذه البقعة إلا بقعة خاصة شرفها الله دون بقاع الأرض بإظهار شعائره تعظيمًا لله ، من الذبح في يوم العيد والتكبير له سبحانه .
وقد مُنع العبد من أشياء كثيرة حتى صلاة العيد لا تُصلًّى مادام في مِنى ، فكيف بهذه الاحتفالات؟
لذلك نقول : يا مشرفات الحملات وجهوا الناس للعبادة ولا تكونوا مصادر لشغل الناس عن العبادة , فالنجاح لا يعني إسعاد الناس وإدخال السرور عليهم يوم العيد بهذه التجاوزات الحاصلة في بعض المخيمات من أجل الترفيه يوم العيد ،بل المطلوب تهيئة الجوّ للتوجه للعبادة والتجرد لله تعالى .. لذلك عند رؤيتك للناس وهم منشغلون في ذلك اليوم ؛عليكِ بالمناصحة بكلمات بعيدًا عن الجدل ، واحرصي على تعلُّم وتعليم مقاصد الشريعة .
[ حددي مهمتك تعرفي متى تتحركين ]
تبليغ رسالة الله نوعان :
1- نصِّي :أي نقل كلام أهل العلم والنصوص الشرعية كما وردت بنصِّها ؛ وهذا دورك كداعية .
2- تفهيمي : الاستنباط من الأدلة ؛ وهو دور العلماء الراسخين .
الأصل في التبليغ النصي حديث :" نضر الله امرأ سمع منَّا حديثاً فحفظه حتى يبلغه، فرب حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه، وربَّ حامل فقهٍ ليس بفقيهٍ"رواه أبوداود.
دوركِ التبليغ النصِّي في الحج ، لذلك احملي معكِ مجموعة من الكتب والمراجع .
ماذا ستحملي معك من زاد ؟
مراجع وكتب مقترحة تهمّ الداعية :-
1- فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء ( الحج ).
2- فقه العبادات ، لابن عثيمين رحمه الله .
3- بعض الكتب المتعلقة بالخطب المنبرية لأئمة الحرمين وغيرهم .( لاحتوائها على موضوعات متعددة كلها تواجهك في الحج وأنتِ غير مستعدة لها بتحضير ) .
4- كتب مُعدَّة للتوزيع على فئات محدودة ( توزيع فردي ) ، مثل : صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم _ صفة الوضوء _ الأذكار _ الحجاب_السحر _ الشرك ، بعض المنشورات والمطويات النافعة .
من ندعو ؟(1/79)
1- الأقربين : { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ } [الشعراء:214]
تكون الدعوة في الحج أولا للمسئولين عن الحملة ، فتُبذل الجهود في توعيتهم وتوجيههم للاستماع إلى كلام أهل العلم .
1- المحيطين بكِِ ، خاصة المشرفات والمساعدات ، سيِّما عند تشاغل البعض عن المحاضرات والدروس بتصحيح المسابقات ونحوها .
لا تستسهلي هذا الأمر، فكلنا من أول من ينقصه العلم ، وحاجتنا إليه ماسَّة ..
وهنا نلفت الانتباه إلى أهمية العناية بإظهار شعيرة طلب العلم على نفسك وعلى بقية المشرفات ، واحرصي على الإنصات والتدوين ، وهذا لا شك سيدفع البقية إلى الاهتمام والاستفادة من الدروس.
2- جميع المحيطين : قد نجد بعض المخالفات عند جيراننا في المخيم المجاور ، فلا نبخل عليهم بالتوجيه .
كل ما سبق يعتبر كالقاعدة التي يؤسس على فهمها خطوات النجاح .
عشر خطوات للنجاح في حملة الحج :
الخطوة الأولى: تحديد الأهداف
وهو أن نصل بانضباط وانتظام إلى دورين هامين :
1- مساعدة الحجاج على تأدية المناسك بشكل صحيح .
2- اغتنام فرصة التجرد لتعليق القلوب بالله عز وجل .
س/ ما هي المسائل التي يمكن طرحها لاستغلال فرصة تجرد الحجاج؟
نبدأ من اليوم الثامن :
عادة ما يصل الحجاج ظهر ذلك اليوم إلى منى ، ففي هذا اليوم لا بد من تركيز الجهود على بيان فضل الحج وأعماله ، لأنها الفرصة الثمينة في هذا التوقيت خاصة ، والتركيز بقدر المستطاع على بث روح الحماس في النفوس إقبالا على هذا الحج وإقبالا على النسك ، كذلك الترحيب بهم عند الوصول وتعريفهم بأماكنهم والمرافق ، ودور المشرفات .
س/ ما الذي سأتكلم فيه عن الحج؟
1- كيف يكون النسك الصحيح من جهة .
2- ومن جهة أخرى الأخطاء التي يمكن وقوعها أثناء تأدية النسك .
فيشمل درس اليوم الثامن على :
1- الترغيب في الحج وبيان فضائله وفضل عرفة ، والدعاء فيها وآدابه(1/80)
2- أحكام المبيت بمزدلفة مع التذكير بمسألة سنية التبكير بالنوم بعد الصلاة وأنها سنة ينبغي الحرص عليها ( تفاديا للخلاف في مزدلفة ) .
3- أحكام الطواف والسعي وما يسن وما يمنع .
4- أحكام رمي الجمرات مع التنبيه على الأخطاء الواقعة ، والتذكير بالسنن كالدعاء بعد رمي الجمرات في مواطنه المشروعة .
في اليوم التاسع :
يكون فيه لفت النظر إلى الدعاء [ مكانته ، آدابه ، أدعية مأثورة يوم عرفة ]، وباختصار شديد .
ليلة المبيت بمزدلفة :
لا مجال للكلام والوعظ وفتح النقاشات ، لأن السنة الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التبكير بالنوم .
روى مسلم في حديث جابر رضي الله عنه : ودفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ......... حتى أتى المزدلفة ، فصلى بها المغرب والعشاء ،بأذان واحد وإقامتين ، ولم يسبح بينهما شيئا ثم اضطجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى طلع الفجر "
الخطوة الثانية : الاهتمام بالأهم قبل المهم
أي تنزيل البرامج تبعا للأهمية وفقا لـ 1- اليوم الذي نحن فيه .
2-الفئة المستهدفة .
واسألي نفسك :
1- عن ماذا يجب أن أكلم الحاج ؟
2- ما هي الأساليب المناسبة للتواصل معه ؟
3- بماذا سيعود الحاج ؟
4- هل أتوقع أن تتغير حياته من أثر الحج ؟
نجيب عن هذه الأسئلة :
1- عن ماذا يجب أن أكلم الحاج ؟
هذه القضية تتصل بالأيام وبالأهداف العامة ، وقد سبق الحديث عنها .
2- ما هي الأساليب المناسبة للتواصل معه ؟
هذا متعلق بموازنة الأجدى في الطرح والأداء ، أحلقات القرآن أم الدروس وحدها ، هل التقسيم إلى فئات أم مجموعة كاملة ، ونحو ذلك من إدارة الحملة .
مثلا : أثناء تعليم الحاجات كيفية رمي الجمرات ؛ لعل من المناسب تقسيم الحاجات إلى فئات والاستعانة ببعض المجسمات التعليمية ليحصل تصور للمكان .
3-بماذا سيعود الحاج ؟
سيعود بإحساس أنه مر بتجربة غيرت أسلوب تفكيره – لا حظي أسلوب التفكير لا تغيير السلوك مباشرة وتغييره أمامك -.(1/81)
4-هل أتوقع أن تتغير حياته من أثر الحج ؟
بالطبع لا .. لأن أثر الحج تراكمي لا أثر مباشر .
فالمطلوب منا :
* تشويق الحجاج للحج ( في اليوم الثامن ) وذلك ببيان أن :
1- الحج يهدم ما قبله لحديث : - أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله؟" رواه مسلم .
2- الحج طهارة من الذنوب لحديث :" من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه” رواه البخاري.
3- الحج أفضل أعمال البر ، عن أبي هريرة:أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي العمل أفضل؟ فقال: (إيمان بالله ورسوله). قيل: ثم ماذا؟ قال: (الجهاد في سبيل الله). قيل: ثم ماذا؟ قال: (حج مبرور).رواه البخاري.
مع التنبيه على معنى الحج المبرور.
4- الحج جهاد المرأة ، عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت:قلت: يا رسول الله، ألا نغزو ونجاهد معكم؟ فقال: (لكن أحسن الجهاد الحج، حج مبرور). فقالت عائشة: فلا أدع الحج بعد إذ سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ،رواه البخاري.
5- الحج والعمرة ينفيان الفقر والذنوب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
-تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة وليس للحجة المبرورة ثواب دون الجنة " رواه أحمد.
6- * التحفيز للإعداد وغتنام الفرصة .
بأن تعلم أن النوم المبكر في صالحها ، وفرصة الحج ربما لا تتكرر عليها ( فإن مجرد الشعور بإمكان تكرار الفرص كفيل بالإهمال والتقصير ).
* علميها المتابعة في الأقوال والأفعال .
بوجوب متابعة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن دليل المحبة المتابعة .
* ذكريها بأهمية التأصيل والتثبت .
وهذا سيدفع ظاهرة الإفتاء والقول على الله بلا علم ، فإن الأصل هو سؤال أهل العلم عند استشكال مسألة .
الخطوة الثالثة : التنظيم .
س/ لماذا ننظم ؟(1/82)
لأن الناس أمامك مقبلين ، والنفوس تقبل وتدبر كما قال ابن مسعود - رضي الله عنه - : " إن لهذه القلوب شهوة وإقبال ، ولها فترة وإدبار ، فخذوها عند شهوتها وإقبالها ، ودعوها عند فترتها وإدبارها " ,والمطلوب استغلال هذا الإقبال واستثماره بأن تنظمي تنظيما مناسبا تضعين فيه أهدافك وتنزليها على أرض الواقع بصورة جيدة .
مثال : من الناس من لا يقرأ القرآن إلا في رمضان ، فإن حلق تحفيظ القرآن صباحا نوع من أنواع شحذ الهمم للاتصال بكتاب الله .
واعلمي أن التنظيم الناجح للأعمال يقوم على أساس الترابط الصحيح بين عنصرين :
1- الطاقة الذاتية
2- الطاقة الزمنية .
الطاقة الذاتية : عدد المساهمين في تنفيذ البرنامج .
الطاقة الزمنية : كم لديك من الوقت للتنفيذ .
ثم إن تكثير البرامج غير جيد ، لأن الأصل في الحج الاختلاء لا الاختلاط والانشغال ، فاتركي لها فرصة للاختلاء ولا تكثري عليها البرامج والدروس طوال اليوم ، وبقدر المستطاع لا تعالجي الخطأ بالخطأ ، فإن لجأت إلى السهر لا تعالجيه بكثرة المحاضرات والدروس طوال الليل ، لأن الذكر المنفرد في الحج مطلوب ، وأنت دورك التغذية بالعلوم لكي تعمل لا لأجل قيامك بالتغذية فحسب ، وأثناء مرورك ذكري بكلمات نافعة .
الخطوة الرابعة : التخطيط اليومي
[اجعلي لكل يوم برنامجا يناسب النسك ]
هذا المخطط يعد قبل خروجك، لكن أذكّر أنه لا يلزم تنفيذه حرفيا فالمرونة في التخطيط مطلوبة .
[بعد إشباع الحاجات الجسدية ابدئي بإشباع الحاجات النفسية ]
من أول يوم عليك أن تظهري قدرة المخيم على إشباع حاجاتها الجسدية من تأمين مكان الجلوس والنوم والوجبات الغذائية ،والمرافق الصحية ، وضحي لها كذلك دور المسئولات والمشرفات ، واستعدادهم لخدمتها بالصورة الجيدة ...إلخ ، كذلك أظهري حرصك عليها ،واحتسبي في هذا لأنه من خدمة ضيوف الرحمن.(1/83)
لا شك أنك ستواجهي مشكلات وانتقادات ؛ لذلك وفي هذه المواقف كرري على نفسك كلمات الإخلاص ،وأن القصد من العمل هو إرضاء الله وحده . ربما تأتيك بعد بذل جهود كلمات توبيخ فتسارعي بالرد امتنانا عليهم كقول: ( أنا ما عملت هذا :إلا لأجلكم .....، لست أنا المستفيدة ... ) عندها سيضيع أجرك هباء { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى } [ البقرة : 264]
لذلك عندما تتعاملين مع الآخرين لا تفكري ماذا صنعوا هم لك ، وإنما اسألي نفسك : ماذا يجب أن تفعلي أنت من أجلهم .
من الضروريات الإدارية وجود قائمة بأسماء الملتحقات بالحملة ، ليعلم الحاضر ويتفقد الغائب ويسأل عنه .
على المشرفة أن تتصور المسائل بنظرة واسعة و تتصرف التصرف المناسب ، من ذلك الحرص على نفسيات الحجاج و مراعاة أحوالهم،فقد تكون إحداهن تركت رضيع لها في بلدها وفي قلبها حرقة وحزن عليه ؛فتجديها دائمة التوتر ، سيئة التعامل مع الآخرين ،أو أخرى شاهدت شخص يموت أمامها عند عودتها من الرمي ،في هذه الحالات و أمثالها دور المشرفات محاولة التهدئة قدر المستطاع ،وتذكري أن :
(الإخلاص مركب لمن لا مركب له)
-بعد انتهائك من التنظيم الإداري في أول يوم ابدئي لقاءك العلمي بعد عصر يوم التروية، وقد سبق بيان أبرز عناصره .
تخطيط مقترح للقاءات الحج
*في اليوم الثامن : بعد الظهر :
-الترحيب بالحجاج .
-التعريف بالمشرفات وخدمات المخيم .
-مواعيد إطفاء الأنوار ليلاً.
- مواعيد حلق القرآن(إن وجدت)
بعد العصر:
-لقاء يجمع بين التشويق للحج و بيان المناسك .
بعد العشاء:
التنبيه إلى ضرورة الاستعداد لجمع الأغراض اللازمة ليوم عرفة قبل النوم ،ليتسنى الخروج مبكرا .
* في اليوم التاسع :بعد الفجر (أو الضحى):
-الكلام عن أدب الدعاء و التنبيه على بعض الأخطاء في الدعاء .(1/84)
[شروط الدعاء - أهمية الإخلاص فيه - الأذكار الواردة ]"مراجع مفيدة(أدب الدعاء /القحطاني-تصحيح الدعاء /بكر أبو زيد)
بعد الظهر :
-يجب الاهتمام بسماع خطبة يوم عرفة .
بعد العصر :
لا مجال لإلقاء أ ي درس، فالكل منشغل بالدعاء ، وقبل المغرب بربع ساعة تقريبا تفقّدي الحاجات ، وحثيهن على جمع أغراضهن حرصا على التفويج بصورة منظمة .
تنبيه : البعض يعتقد أنه لا بد من الخروج إلى جبل الرحمة يوم عرفة ، وربما خرج وضاع ،فهذا مما ينبغي التنبيه عليه قبل الخروج لعرفة وبيان أن لا أصل في الشرع لهذا الفعل .
بعد المغرب والعشاء :
تُصلَّى جمعا في مزدلفة ،واحرصي على أن يكون الوضع هادئا ، وتجنبي إلقاء الدروس في مزدلفة ، وحثي الحاجات على النوم مبكرا استعدادا ليوم شاق من رمي وطواف وتحلل ...إلخ ، لأن من يراوده النعاس لا يمكنه الإتيان بكل الشعائر على أتم وجه سيما مع تعدد التنقلات في ذلك اليوم .
* في اليوم العاشر :
في الضحى :
ينزل الناس إلى منى ويعودون للمخيم ، فدورك التنظيم والمساعدة .
من الظهر إلى المغرب :
سيكون الوضع مضطربا ، فعليك إعادة النظر في تخطيطك سيما وأنك قد أخذت تصورا كافيا عن أوضاع الحاجات معك ، وما هي احتياجاتهن التوعوية وما الإشكالات لديهن .
بعد المغرب :
عادة ما يهدأ الناس ويعودون إلى أماكنهم ، وربما أصابهم شيء من الفتور .
اعلمي أن من أهم الأعمال التعبدية في هذه الأيام ذكر الله تعالى والتكبير، عندها يمكن إلقاء درس مثلا : حول قوله تعالى : { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } [ يونس:58]، وبيان الفرح الشرعي وبأي شيء يفرح الحاج ، وما مظاهره ، كذلك لفت النظر إلى أن تعظيم الله من أهم شعائر الحج ، وشكر الله عل توفيقه للعبد للقيام بأداء المناسك .
فدورك إذًا : بث روح الإحساس بالفضل والنعمة ، ومن ثم ينطلق اللسان بالذكر والتكبير.(1/85)
ومما يلاحظ في بعض الحملات ؛ إظهار الفرح يوم العيد بصورة غير لائقة ، بل وتشمل بعض المحاذير الشرعية ، كضرب الدف ، والإنشاد ، وإقامة المسابقات الحركية ، وتزيين المكان بصورة تشغل الحاج عن دوره الرئيس في ذلك اليوم وفي الحج عموما ، وقد سبق أن تحدثنا عن محاذير هذا الأمر وما الحال التي يجب أن يكون عليها .
* في اليوم الحادي عشر:
بعد الفجر( أوالضحى ):
حلق القرآن ، ثم درس في التفسير (كتفسير سورة الفاتحة )
بعد الظهر :
درس فقهي ، مثل : صفة الوضوء .
مع التذكير بنسك الحج (رمي الجمرات ) ومواطن الدعاء فيه .
بعد صلاة العصر:
درس في العقيدة .
مثل : العبادات القلبية كالإخلاص وضده الشرك .
بعد المغرب :
درس من الرجال.
بعد العشاء :
كلمة بسيطة عن فضل الذكر مع بيان معنى ( سبحان الله / الحمد لله / الله أكبر ) ، ومن المراجع المفيدة : فقه الأدعية والأذكار لعبد الرزاق البدر.
* في اليوم الثاني عشر :
بعد الفجر( أو الضحى) :
حلق تحفيظ القرآن .ثم درس في التفسير كتفسير آية الكرسي.
بعد الظهر :
درس فقهي ، كصفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - .
بعد العصر :درس في العقيدة ، مثل : شروط لا إله إلا الله ، أو نواقض الدين . مع التذكير بمسألة تكفير الذنوب وعلامات قبول الطاعة ووسائل الثبات عليها .
بعد المغرب :
درس من الرجال.
بعد العشاء :
كلمة بسيطة ،وتتمة الكلام عن معاني( التسبيح / التحميد / التكبير). ثم إقامة حوار متبادل بين الداعية والحاجات حول موضوع يهمهن مثل : الفراغ وكيفية الاستفادة من الوقت ، أو تربية الأبناء ، أو حقوق الأزواج ....إلخ .
* في اليوم الثالث عشر:
بعد الفجر :
اغتنمي هذا الوقت ، لأنه الفرصة الأخيرة لإعطائهم درسا ، حدثيهم عن :(1/86)
كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ، وضرورة التمسك بهما .كذلك شوقيهم لمتابعة إذاعة القرآن الكريم سيما بعض البرامج الهامة مثل : نور على الدرب ، ودروس من الحرمين ، وخطب الجمعة .
الخطوة الخامسة :إدارة العمل
تنظيم المكان وجلوس الناس للاستماع أثناء الدروس وغيرها من المسؤوليات الإدراية ، ولنتكاتف في ذلك فكلنا جند في مهمة واحدة .
إياك والجدل حتى لو أخطأ من أمامك ، وتذكري أنه لا ينجح في الحج إلا صاحب النجاحة ، صاحب الصبر ، إذ الصبر أكبر دعائم الوصول .
الخطوة السادسة : تقويم الذات والنتائج
بعد وضع الأعمال والمهام في ورقة ـ تراجع قبل النوم لأجل تقويمها وملاحظة ما تم إنجازه وما لم يتم ، لكن احذري من مخادعة النفس وإيهامها بالنجاح والإنجاز مهما كانت النتائج ، أو بالعكس تثبيطها مهما عملت . هذه المراجعة تعينك على بذل الجهد للوصول للأهداف .
الخطوة السابعة: فقه حل المشاكل
تعاملي مع من حولك ببصيرة ، وخلق حسن خاصة مع كبيرات السن ، بثي الكلمات الطيبة في كل مكان ، اخلصي لله في كل هذا واحتسبي عند الله الأجر العظيم .
الخطوة الثامنة : فقه التعامل الناجح :
ابتداءً لا توقعي نفسك في المشكلة ولو وقعت فإن لديك إجابات واضحة للرد ، لا بد لك كمشرفة أن يكون عندك فقه التعامل الناجح ، فهناك أشخاص لا ينفع معهم أسلوب التهدئة إنما أسلوب وضع الحدود ، وأشخاص يناسبهم الكلام اللين ... إلخ . والمهم في كل هذا وذاك الإخلاص والصدق .
كبيرات السن بحاجة إلى معاملة خاصة قائمة على الاحترام ، والبعد عن التوجيه والنصح بأسلوب الأوامر .
أما الشابات : عندهن طاقات موفورة ويكثر كلامهن ، والبعض لا يرغب بحل المسابقات مثلا ، فحاولي تحويل عملهن إلى عمل حركي بأن يساعدنك في بعض الأشغال للتخفيف من الفوضى التي قد يعملنها في المخيم ، والبعض لا يرغب في هذا فكلفيها بأعمال إدارية تستطيع القيام بها .(1/87)
أما النساء المتوسطات : فأشغليهن بالبرامج الموجهة لهن .
لذا نحن بحاجة إلى فقه التعامل الناجح مع الأشخاص ومدار الوصول لذلك الإخلاص والصدق .
الخطوة التاسعة : الهمة العالية:
غالبا ما تكون الهمة عالية في بداية العمل حتى إذا قوبلنا بأي انتقاد نزلت الهمم عند البعض ، والمطلوب أن نكون أصحاب همة عالية ، أهدافنا محددة نسعى في الوصول إليها ، ولا يضعف هممنا وجود معارضين .
اعزمي في كل يوم وتوكلي على الله ، جددي نيتك ، واصحبي معك بطاقات مكتوب عليها من كلام أهل العلم الذي ترينه مؤثر في نفسك ثم اقرئيها كل ليلة قبل النوم عند مراجعتك للتقويم الذاتي . المهم أن تباشري العمل وأنت صاحبة همة عالية . أما عن النقد والسلبيات فلا بد من تدوينها للاستفادة منها الخطوة العاشرة : الثبات على المبدأ .
أنت تريدين منهم أن يكونوا أشخاصا أفضل وتقومي بنصحهم ، هذا المبدأ عليك أن تحققيه في نفسك أولا .
مثل اللبس المحتشم ، فمن غير اللائق أن تطالبيها به ثم تراك تلبسين ما يناقض ذلك . كذلك الكلام عن النوم المبكر ثم تراك تسهرين طوال الليل لأجل أمور لا حاجة إليها . واعلمي أنك تبصمين بالفعل أكثر مما تبصمين بالقول ، لذلك لو كنت عادة ما تلبسين الكم القصير تجنبي لبسه لأنك قدوة ويجب أن يظهر عليك التجرد وعدم الترفه .
النساء يوم العيد ترين مناظرهن وما يلبسن وما يضعن من مساحيق التجميل ، تجنبي أنت التجمل المغالى فيه تجردا ، لكن تنبهي ليس من مسؤوليتك منع العامة منه ، أما أنت تقومين بذلك لأجل معرفتك بالقصد ، أما العامة فيمكن توضيح هذا المعنى بطريق غير مباشر مثلا في ثنايا محاضرة ، وضحي الصواب في ذلك وأن المطلوب في هذه الأيام ترك الترفه ولزوم التجرد .(1/88)
ومن الثبات على المبدأ عند توجيه الناس للبعد عن مسألة التعالم والقول على الله بغير علم ، كوني أنت أول الملتزمين بهذا ، ولا يكون الحال كلما سئلت عن مسألة أفتيت فيها .وبقدر المستطاع حاولي المحافظة على نفسك لا لأجل الناس والمراءاة إنما إخلاصا لله واستشعارا للمسؤولية .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد... والحمد لله رب العالمين.
www.muslimat.net
الأفكار الجلية للجان الدعوية بمخيمات الحج
صوت الدعوة
1. توزيع أشرطة مناسبة أو توزيعها في كل خيمة بالإضافة إلى توفير بعض المسجلات إن أمكن .
2. إعداد برنامج صوتي خاص بالمصلى فقط ويخصص له وقت محدد .
3. توفير مكتبة صغيرة بالمصلى ( للرجال . للنساء ) يتوفر بها كل ما يناسب الحاج مع وضع شروط للاستفادة من الكتب . ( توفير بعض المجلات الإسلامية أيضاً ) .
4. تيسير الفتوى إما بوضع رقم اتصال خاص بذلك أو تحديد موعد مع أحد المشائخ أو وضع صندوق للأسئلة يتابع كل 3 ساعات مثلا .
5. تنظيم بعض الزيارات للمشائخ والدعاة وهذه تحتاج إلى تنظيم وتنسيق متقن ولا تنفذ عادة إلا في أيام التشريق لوجود فسحة في الوقت واتحاد المكان .
6. العبارات الحائطية الدعوية .. وتختم كل لوحة باسم ( اللجنة الدعوية بالمخيم ) ... ويشمل لذلك عبارات الترحيب بالمشايخ الزائرين للمخيم .
ومن المقترحات : وضع بعض العبارات في حافلات النقل
7. توفير الفلم الوثائقي المخصص للحج مع جهاز عرض .وكذلك يتوفر عرض لأعمال الحج على برنامج الباوربوينت .
8. وضع برنامج توزيع للمطويات والكتيبات يتناسب مع الوقت والمكان.
9. من المهم وضع جدول زمني لنشاط اللجنة الدعوية .
10. الاهتمام بالأطفال وهذا يعتمد على عددهم في المخيم .
11. لوحة ( أعمال الحج ) و ( صفة الصلاة ) و ( صفة الوضوء ) توزع في الأماكن المناسبة في قسمي الرجال والنساء .(1/89)
12. يتوفر بالأسواق كتاب ( فتاوى ورسائل الحج ) بسعر ( 7 ) ريال يمكن عرضه على لوح فلين وتغير الموضوعات باستمرار .
13. تفعيل دور طلبة العلم الموجودين بالمخيم سواء في الكلمات أو المواعظ أو المشاركات الكتابية أو جلسات الحوار .. الخ .
14. إعداد هدية دعوية توزع في نهاية رحلة الحج .
15. الاستفادة من مقر رابطة العالم الإسلامي في منى سواء بالزيارة أو حضور المحاضرات أو لقاء الدعاة ... الخ .
16. تطبيق بعض الأفكار الأخرى المتوفرة بموقع صيد الفوائد .
http://www.saaid.net/afkar/index.htm
خطوات إعداد البرنامج الصوتي :
1. اختيار الوقت المناسب .
2. اختيار المادة المناسبة سواء من الأشرطة أو من إذاعة القرآن الكريم .
3. توفير المادة قبل البرنامج بوقت كافٍ .
4. يقسم البرنامج على قسمين للرجال والآخر للنساء هذا عن وجود مادة مستقلة لأحد القسمين .
5. جهاز مسجل مع سماعات أو الاكتفاء بسماعات الإذاعة المتوفرة بالمخيم .
6. يركز في المواد الصوتية على الجوانب المتعلقة بالنواحي التربوية واستشعار مقاصد الحج التعبدية .
7. البعد عن الإطالة والتكرار للمادة الصوتية .
8. تقبل الاقتراحات من أعضاء المخيم .
خطوات إعداد المصلى :
1. رفوف للمصاحف وترتب بعناية في أرجاء المصلى .
2. دولاب صغير في آخره للكتب .
3. التجهيز المبكر قبل الصلاة .
4. توزيع السماعات بعناية ودقة .
خطوات إعداد برنامج التوزيع الدعوي :
1. اختيار المطويات المناسبة .
2. توفير الكميات المطلوبة مبكراً .
3. وضع أرفف ( خذ نسختك ) أو تخصيص مكان معين للتوزيع .
4. الاهتمام بكروت الأذكار .
من الأشرطة المقترحة :
1. من كنوز الحج للدويش .
2. عرفات عبر وعظات للدويش أيضاً .
ومن الكتب :
1. فتاوى للحجاج والمعتمرين جمع دخيل الله المطرفي .
2. أحوال النبي صلى الله عليه وسلم في الحج لفيصل البعداني .
آفاق عملية للداعية في الحج(1/90)
الحمد لله وحده والصلاة على من لا نبي بعده أما بعد
معشر الدعاة : أحييكم والتحايا مفاتيح القلوب فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته .
وبدون إطالة ومقدمات فالجميع يدرك أن الحج موسم وغنيمة وفرصة وتجارة للدعاة في تبليغ دين الله لجميع الطبقات والمستويات ومساهمة مني في عطاء أكبر وثمرة أجود ونتاج أعظم ونفع أقوى لذا فهذه إشارات يسيرات ونتف سريعات كتبتها على عجل قد يعتريها الخلل وقد ينقصها جودة الترتيب وحسن العبارة و الأسلوب فعذرا عذرا وأستغفر الله من الزلل .
هي ذكرى ولا بأس أن يذكر المفضول الفاضل .
آفاق عملية للدعاة في الحج وورقة عمل أقدمها لمشايخنا الأجلاء ودعاتنا الفضلاء وطلبة العلم النبلاء فإليكها عبد الله رضي الله عنا وعنك :
1- الإعداد الجيد والمتميز والمؤثر في الطرح .
2- إعداد أكثر من موضوع يتنقل بها الداعية في مساجد مكة والمشاعر ومخيماتها من أمور عقدية أو فقهية أو وعظية أو تربوية .
3- مراعاة أحوال المستمعين فيطرح ما يناسبهم من المواضيع السابقة .
4- يحاول الداعية قبل زيارة المخيم معرفة ماهي الفئة الغالبة من الناس عوام أم شباب وإن كانوا شبابا فما صفتهم وأعمارهم حتى يكون الطرح مناسبا فتفهمه القلوب وتصل الرسالة التي يريد ويحاول معرفة ما طرح في المخيم أو المسجد من محاضرات وكلمات حتى لا يكون الطرح مكررا فتمله الأسماع وتنشغل عنه القلوب والأبدان .
5- التنسيق المسبق والترتيب المنظم بحيث يجعل جزءا من اليوم أو يوما لعدة مساجد أو مخيمات متقاربة وذلك بسبب قلة الوقت وكثرة المخيمات وتباعدها وصعوبة التنقلات فإذا كان التنسيق جيدا والترتيب رائعا استطاع الداعية بإذن الله أن يحقق كثيرا من الزيارات و اللقاءات .
6- محاولة استخدام بعض وسائل النقل السريعة لئلا يختل برنامج المواعيد وحتى يكون العطاء أكبر واللقاءا ت أكثر .
7- عدم إهمال المخيمات العربية وغير العربية من اللقاءات ولو كلمات بعد الصلوات .(1/91)
8- من المشاهد والمعلوم أن أصحاب المخيمات يحرصون على أن يرافقهم بعض طلبة العلم والدعاة لكي يجيب على أسئلتهم واستفساراتهم ففي رأيي القاصر أن الداعية الزائر لا يجيب على الأسئلة المتعلقة بالحج إذا وجد في المخيم من ذكرت سابقا وذلك له فوائد عدة :
أ الإجابة على أكبر قدر من الأسئلة المتعلقة بغير الحج .
ب أنك في الغالب تجد الحاج فد سئل عن مسألته أكثر من شخص طلبا للاطمئنان أو تتبعا للرخص .
ج- بعدا عن إحداث التشويش الذهني عند الحاج لأن جملة من مسائل الحج محل خلاف وخاصة حملات البلدان العربية الأخرى أو غير العربية للاختلاف المذهبي الفقهي .
د- محاولة الاستفادة مما تبقى من الوقت في أماكن أخرى .
9- محاولة التعرف عند زيارة الحملات عمن فيها من طلبة العلم والدعاة
والجلوس معهم ولو لدقائق معدودة للاستفادة والتواصل المستقبلي وتبادل شيئا من الأرآء والأفكار والمواضيع فقد يكونون من نفس البلد فيزداد التواصل أو بلد آخر أو دولة أخرى فيتم التعارف فلعلك تلتقي بأحد الدعاة التي تتمنى أن تلتقي به مما تسمع عنه أوله أو تقرأ عنه أوله .
10- يلاحظ أن بعض الحملات مشتهرة بإستضافة كبار الدعاة وطلبة العلم وبعضها فقيرة بذلك بل قد لا يزورها أحد ففي ظني تقدم الثانية في الإجابة والزيارة أولى ولذا على الداعية أن يسأل عن برنامج الحملة في الاستضافات .
وليكن إجابة تلك اللقاءات مبنية على المصالح العامة لا الخاصة .(1/92)
11- على الداعية وطالب العلم إذا دعته بعض الحملات للحج معها أن يسأل من معها من الدعاة فإن كان معها أحد فليذهب للتي ليس معها أحد حتى يتم النفع أكثر ويستفيد أكبر عدد من الحملات من الدعاة وطلبة العلم من علمهم وتوجيههم فما الفائدة حين يكون في الحملة الواحدة عددا من الدعاة وفي المقابل أخرى ليس بها أحد والحكم العقل لا العاطفة والمصلحة العامة لا مراعاة الأشخاص ولا ننساق وراء بعض المخادعات والأساليب الملتوية والإغراءات من بعض أصحاب الحملات معشر الدعاة فالحذر الحذر .
إشكال : قد يتردد الداعية مع من يحج من الحملات أيحج مع حملات بلده أو حملات من غير بلده ؟ ففي رأيي أن ينظر إلى أمور :
أ في أيهما سيكون أكثر نشاطا وهمة .
ب في أيهما سيكون له أثر إيجابي ورائع في نفوسهم .
ج- في أيهما الحاجة أكثر .
د- مراعاة فقه الأولويات .
12- نجد تضييق دائرة العقيدة والتوحيد عند الطرح في قضايا الشرك والتبرك الممنوع مع أن التوحيد والعقيدة أشمل من ذلك كله ولا نهمل جانبا دون آخر فليس من العقل والمنهجية والواقعية أن تحصر له الإسلام والدين والعقيدة طيلة بقاءه قبل الحج وأثناءه وبعده في قضيتين أو ثلاث حتى يقول أحدهم ( إن الدعاة يظنون أننا لا نعرف من التوحيد شيئا وأن حياتنا شرك في شرك ).فالتوازن مطلوب .
13- يحسن بالداعية قبل أن يقدم على مسجد أو مخيم لتذكيرهم أن يعرف جنسيتهم ليأتي بمترجم يترجم للمستمعين حديثه ويكون ذا ثقة وأمانة وعلم حتى لا يخون أو يلبس أو يخطئ في ترجمته وحتى تبلغ رسالته على أكمل وجه .فإنه يلاحظ أن بعض الدعاة يقدم على مسجد أو مخيم ليتكلم فيجد الغالب غير عرب فيلقي ولا مستفيد أو يجد مترجما منهم مجهول الحال فيحاول قدر المستطاع يسدد ويقارب ويفيد .
14- زيارة الحجيج في أماكن نزولهم وإقامتهم .
15- وضع جدول لبرنامجه الدعوي يتضمن ما يلي :
أ- مكان المخيم بوضوح حتى لا يذهب الوقت في البحث .
ب- نوعية الحجاج .(1/93)
ج- اليوم والوقت .
د- الموضوع .
ه-اسم المنسق ورقم هاتفه .
16- يحسن بالداعية أن يكون له رفيقا من طلبته أو الشباب الأخيار الثقات في برنامجه الدعوي ليكون عونا له في كثير من الأمور و حتى يؤدي رسالته على الوجه المطلوب دون خلل أو كلل أو ملل .
17- يحسن بالداعية أن يتأخر الثالث عشر ليكثر نفعه .
18- زيارة المخيمات الحكومية كالأمن العام بجميع قطاعاته وغيره فقد تكون منسية وخاصة أن حضورهم قبل الحج يكون مبكرا وبقاؤهم بعد الحج يطول .
19- إنشاء دورات علمية في المساجد التي يكثر بها الحجاج وتكون في مالا يسع المرء جهله من الدين في التوحيد والفقه وغيره وإن تيسر ذلك في المخيمات بأنواعها العربية وغير العربية .
20- يشاهد إسراف كبير مؤلم جدا في موضوع توزيع الكتب والأشرطة حتى تجد أن الحاج منذ نزوله وهو يكدس بالكتب والأشرطة حتى يمتلئ ثم يتركها في مخيمه ملقاة فلو جعل آلية للتوزيع من حيث ما يحتاجه الحاج عند دخوله فيعطى وعند خروجه فيعطى وتوحيد الجهود في ذلك بين الشئوون الإسلامية والمؤسسات الخيرية الأخرى من حيث مكان وزمان التوزيع والمادة الموزعة سواء مسموعة أو مقروءة فليكن للدعاة موقفا من ذلك بطرح ودراسة واقتراح .
21- يلاحظ أن كثيرا من الأصوات في المشاعر توجيها وإرشادا وتعليما في جميع النواحي باللغة العربية ونادرا بغير العربية . فلماذا لا يكون في مكاتب الإفتاء المنتشرة والمتنقلة في السيارات وغيرها التي تستخدم مكبرات الصوت إعادة التوجيه والفتوى بعدة لغات بعد ذكره بالعربية .(1/94)
22- يلاحظ من بعض طلبة العلم والدعاة حين توضيح الفتوى الشرعية يغفل عن جانب التوجيه من حيث تخويف المتعمد في فعل الخطأ وترك الواجب بالله عز جل وأنه يكثر من التوبة والاستغفار و يذكر الجاهل بالتعلم وسؤال أهل العلم قبل العمل وأن يذكر الناسي بالتنبه واليقظة وعدم التفريط ، فلا بد من ربط القلوب بذلك واستشعار عظمة المعبود سبحانه وتعالى فليست القضية أقوال وأفعال وحين المخالفة المتعمدة دماء تراق فتنتهي القضية ولذا نجد على عظم أعمال الحج إلا أنها لا تغير في سلوك الحجاج وحياتهم شيئا كبيرا بعد العودة إلا من رحم الله .
23- يلاحظ ربط الحجاج حين التعليم بأفعال وأقوال وحركات مجردة من معاني تحقيق العبودية لله من صدق وإخلاص و خوف ورجاء ورضا في تلك الأحوال والمقامات وتحقيق معنى الإتباع والإقتداء بالرسول عليه الصلاة والسلام فحري بالداعية أن يربط الناس بذلك .
24- إعداد ورقة عمل بشكل أوسع للدعوة في الحج يقدمها الدعاة للشئون الإسلامية .
أخيرا : داعية الإسلام الجهد الجهد والبذل البذل والعطاء العطاء وإن كلت النفس أو أحسست بتعب ونقص فتذكر حال الرسول المختار وصحبه الأبرار والعلماء الأخيار كيف بذلهم وعطاؤهم واحتسابهم .
تذكر أنها ماهي إلا أيام والجميع يتلهف إلى الرحمة والتوبة والقبول فلعلك تفز بتلك القلوب وترحل بها إلى علام الغيوب .
فكلما خرجت من لقاء وحملة فإلى آخر وحديث النفس والحال : لعل في التي بعدها الأجر والقبول ، لعل في التي بعدها رجل مسرف بالمعاصي والذنوب ، أهلكته الأوزار والآصار فتكون سببا في نجاته وسعادته وفلاحه وهدايته وصلاحه فنعمت الغنيمة !!.
معشر القراء الفضلاء نأمل المزيد من إثراء الموضوع من خلال جميع الوسائل وفق الله الجميع لمايحبه ويرضاه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن وآلاه .
www.saaid.net
رسالة إلى داعية بمناسبة قدوم موسم الحج
صلاح نور عبد الشكور(1/95)
إلى الدعاة الفضلاء .. إلى الأساتذة الكرام .. إلى إمام المسجد المبارك .. إلى سائر ساكني بلد الله الحرام إلى العاملين في حقل الدعوة أياً كانوا .. تحايا القلب المعطرة تكاد تخرج من غير استئذان .. وكلمات السلام تتزاحم على الشفاه وهي تدعوا لكم بالتوفيق والنجاح .. وأحرفي هذه أراها تتفاخر نشوة بلقائكم عبر هذه الأسطر التي نلتقي في ظلالها ...
أخي الداعية ـ وكلنا ذاك ـ : هاهي الأيام تطوي بعضها بعضاً.. وهاهي الأشهر تتوالى علينا سراعاً لنقف جميعاً على مشارف شهر عظيم وموسم فضيل .. تهفو النفوس لذكراه .. وتتلهف الأفئدة للقياه لتنعم بحج البيت العتيق ...
أيها المبارك : هذا موسم الحج قد أطل علينا من جديد .. وهاهي نفحات السعادة انبعثت لتنشر بين جوانحنا فوح الطاعة وأريج العمل الصالح .. وأنت أيها الداعية لي معك حديث أخصك به .. كيف لا وقد حملت على كاهلك أعظم ما اختُص به أنبياء الله ورسله ألا وهي مهمة الدعوة إلى الله وتبليغ دينه .. .
أخي : يا من منّ الله عليك بهذه النعمة الجليلة .. أظن أنه لا يخفاك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستغل الفرص في دعوته إلى الحق وينتهز المواقف ليسخرها في الوعظ والتذكير ، وقد كان صلى الله عليه وسلم يترقب تجمعات الناس في المواسم ويذهب إليها ليبلغ دين الله .. وكان لا يدع أية فرصة إلا وسخرها في الدعوة .. ويراعي في ذلك أحوال الصحابة الكرام .. فلما مرّ ذات يوم على جدي أسكّ ( الغنمة الميتة ) ذكرهم بحقارة الدنيا .. وعندما بعث خالد بن الوليد بديباج مخوص بالذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الصحابة يتعجّبون من نعومته ولينه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفس محمد بيده لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا ) ولو ذهبنا نستقرأ مواقفه صلى الله عليه وسلم في هذا لطال بنا الحديث .(1/96)
فهل أدركت أخي الغالي هذه الفرصة الدعوية التي لا تتأتى في العام إلا مرة واحدة .. فماذا أعددنا لها من خطط وأفكار وبرامج وأهداف لنهدي الناس إلى الخير؟! .. ونستقطبهم إلى شاطئ الهداية .. وننقذهم من طوفان الرذيلة .. فكم هم أولئك الذين قد عقدوا العزم من الآن لحج بيت الله العتيق في أنحاء العالم وكم من أفواج وأفواج قد أخذت تتوافد إلى حرم الله استعداداً لذلك المجمع الميمون الذي يباهي الله به ملائكته الله .. فمتى سندعوا إلى الله إن فرطنا في مثل هذه الفرص المواتية المباركة ...
أخي : أيها الداعية إلى الحق : اسمع لهذا الخبر الهام يقول أحدهم : قدّر لي أن أتواجد أثناء إجازتي في مكان ومع أناس كانوا يشاهدون نهائي كاس العالم في اليابان وبالتالي فقد تسنّى لي مشاهدة أجزاء من اللقاء الختامي ثم بعضاً من مراسم تتويج بطل العالم .. إلى هنا والأمور طبيعية جداً..
ولكن لا أدري هل تابع البعض ما حدث عقب نهاية المباراة فوراً أم لا ؟؟؟ هل لاحظتم تلك الفانيلات البرازيلية التي استبدلت بفانيلات بيضاء مكتوب عليها عبارات باللغة الإنجليزية ربما لم ينتبه إليها البعض وربما لم يفهمها البعض الآخر.....
ولكن هل تدرون ماذا كانت تقول :
We belong to jesus .. jesus loves you
وغيرها
والعبارات تعني بالعربية " نحن ننتمي للمسيح .. المسيح يحبكم .. "
وغيرها مما لم يتسنى لي رصده في تلك اللقطات العابرة ولكن من المؤكد وجودها حيث كثرت تلك القمصان البيضاء واختلفت الرسومات والكلمات التي فيها ..
ربما ظن البعض أن ذلك كان حدثاً فردياً عابراً لا دلالة فيه.. فليس دعاة النصرانية على تلك الدرجة من الغباء ..
فهم يعلمون جيداً أن اليابان بلد لا ديني ومعظم سكانها ملحدون وفي نفس الوقت هم يعلمون تعلق الشباب والنشء العالمي بالأداء البرازيلي الكروي الرفيع ...(1/97)
ولذلك كانت أحسن فرصة للدعوة إلى النصرانية بإبراز تلك العبارات أمام اليابانيين والعالم أجمع حتى تكون بداية انطلاقة وتفكر ونقطة تحول لكثير ممن تأثر بأحداث المونديال وأيضاً لكل من عاش محتاراً يبحث عن دين ليجد المسيح يستقبله بكل عبارات الحب والترحيب في الوقت الذي نام المسلمون وانشغلوا إما برغيف خبزهم أو بالبحث عن مصارف لشهوتهم أو بتفاهات وكماليات لا عد لها ولا حصر وآخرها المتابعة والتصفيق وبحرارة لهؤلاء الدعاة إلى النصرانية ..
وبعد هذا فماذا تنتظر أخي الداعية .. وأنت الذي تملك مشعل الحق وعنوان الهداية فقم أخي المفضال من لحظتك وشمّر عن ساعديك داعياً إلى الله وهاك بعض الاقتراحات والأفكار التي أدلك عليها عسى الله أن يكتب لي أجر دلالتي عليها :
1) تعليم الناس أمور الدين وخاصة أمور العقيدة وما يقع في فهمها وتطبيقها من أخطاء وبيان مقاصد الشريعة وعاني الإسلام الرفيعة .
2) إلقاء المواعظ والدروس في المساجد وخاصة عن التوبة والرجوع إلى الله والإقلاع عن بعض الذنوب التي اعتادها بعض الناس.
3) توزيع الأشرطة والمطويات والكتيبات النافعة بشتى اللغات
4) زيارة أماكن الحجاج ومساكن إقامتهم للتعرف عليهم وإهدائهم الكتب والأشرطة النافعة والتي سيحملونها تباعاً إلى بلدانهم .
5) كسب قلوب الحجاج بالابتسامة الصادقة والمساعدة وحسن الاستقبال .
6) استغلال خطب الجمعة بإلقاء المواضيع ذات الأهمية بواقع المسلمين .
7) الاهتمام بلوحة الفوائد في المساجد وتعليق فتاوى الحج ما يحتاجه الحاج من معرفة أحكام الحج وكذلك عمل صندوق فتاوى للمصلين للإجابة على أسئلتهم
8) تذكير الناس بأهمية صلاة الجماعة واستغلال العشر الأول من ذي الحجة
9) الحث على أداء فريضة الحج لمن استطاع والتحذير من التكاسل والتأخير مع بيان فضائل الحج وأجر الحاج .
10) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والكلمة الطيبة وخاصة في المشاعر أيام الحج.(1/98)
وهناك العديد العديد من الأفكار والاقتراحات في هذا الباب ولا أخالك إلا أعلم مني بما ذكرت نسأل الله أن يوفقنا للخير ويرزقنا الإخلاص في القول والعمل فقم أخي المبارك وقدم ما تستطيع وتذكر قول المصطفى صلى الله عليه وسلم ( إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر وإن من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه ) رواه ابن ماجه وصححه الألباني .
www.saaid.net
من وسائل الدعوة في الحج
وسائل الدعوة
الاستفادة من خدمات البث الحي على الانترنت كقنوات سمعية إذاعية تتميز بإرسال البث واستقباله ، يمكن توظيفها لتوعية الحجاج بلغاتهم المختلفة في دينهم ودنياهم .
الطريقة :
1- إيصال خط هاتفي خاص للإنترنت إلى كل مخيم ، أو يكون هناك مركز لتزويد المخيمات بخدمة الإنترنت عن طريق كيابل نقل البيانات من ذلك المركز ، ويتم تزويد كل مخيم بجهاز كمبيوتر واحد على الأقل .
2- إنشاء مخيم أو مبنى مصغر يتم تزويده بأجهزة الكمبيوتر مع خدمة الإنترنت بحيث يكون هذا المبنى هو مقر الدعاة بلغاتهم المختلفة الذين سيقومون بتوجيه الحجاج واستقبال تساؤلاتهم وحل قضاياهم الشرعية بمتابعة لجنة شرعية متخصصة .
3- حجز غرف البث الصوتية على الشبكة العالمية من الشركات التي تقدم هذه الخدمة مثل : البال توك أو الآي بول أو الريل بلاير ونحوها .
4- إعداد جداول منظمة لأوقات الدروس والأسئلة والاستفسارات بلغات مختلفة توزع على مسؤولي المخيمات .
5- يكون عند جهاز الكمبيوتر في كل مخيم مسؤول عن تنسيق الاتصال بين الداعية وبين الحجاج في المخيم ، وتكون له خبرة في استعمال الكمبيوتر في هذا الجانب أو يثقف بإعطائه خطوات مبسطة لهذا العمل .
6- ربط الكمبيوتر في المخيمات بسماعات صوتية لتوزيع الصوت على أرجاء المخيم .
المزايا :(1/99)
1- يمكن للداعية بهذه الطريقة توصيل إرشاداته لكثير من المخيمات التي تتحدث نفس اللغة في آن واحد .
2- يستطيع الداعية استقبال الاستفسارات من الجماهير المتفرقة في المخيمات والإجابة عليها مع كونه متواجداً بعيداً عنهم في مقر خاص ، ويتم تنظيم الاستفسارات عن طريق مسؤول الكمبيوتر في كل مخيم .
3- تتيح للحجاج الحصول على احتياجاتهم المعرفية وهم في أماكنهم دون دواعي الازدحام والتكتل أو مغادرة أماكنهم .
4- يمكن من خلال هذه الطريقة استقطاع وقت لبث أخبار الحج وبيان جهود المبذولة لمتابعة وبذل جميع السبل لخدمة ضيوف الرحمن وتيسير أداء مناسكهم وتلبية احتياجاتهم .
5- ويتم من خلالها توعية الحجاج في النواحي التنظيمية والصحية والاجتماعية والأمنية وتدابير السلامة والوقاية وغيرها .
6- تبين حرص بلد الحرمين الشريفين على استغلال كل ما يستطاع من مجالات التكنولوجيا والتطور لخدمة حجاج بيت الله الحرام .
7- يمكن للدعاة بهذه الطريقة أن يشاركوا في التوعية وإن لم يكونوا في المشاعر المقدسة ، بل قد يكونون في بيوتهم أو مكاتبهم في أي مكان بالعالم .
8- هذه الطريقة أفضل من طريقة الاتصال الهاتفي مع الداعية حيث تعمم الفائدة على أماكن كثيرة متفرقة ومتباعدة ، بل يستفيد منه المسلمون في أرجاء المعمورة عبر متابعتم خلال شبكة اللإنترنت .
9- هي من أقل الطرق تكلفة في الاتصالات .
والله تعالى أعلم .
www.saaid.net
و في الختام يتمنى لكم موقع مفكرة الدعاة التوفيق و السداد
www.aldoah.com(1/100)