وتدبري معنى هذه الآية ونهاية سورة آل عمران من 191الى 200..
ألا من توبة؟! هيا يا أختاه شمري عن ساعديك والتحقي بموكب العائدات إلى الله لا يفوتك الموكب أخيه.. لا يفوتك الموكب انظري من حولك كل أخذ مقعده.. هيا.. هيا ماذا تنتظرين؟.. ماذا تنتظرين؟.. هل ألهاك طول الأمل وحب الدنيا.. ؟!.. هل زين الشيطان لك طريق الهلكات؟! ماذا يمنعك من التوبة!!.. انتبهي أختاه!!! أجلك قريب!.. اليوم؟ الليلة؟ الآن؟.. تذكري من سبقك إلى تلك الحفرة.. سئل ونوقش وفتح له باب من الجنة إذا كان من أهل الصلاح أو باب من النيران إذا كان من أهل العصيان والغفلة أختاه بادري...
. اسمعي لقوله الله - تعالى - انه خطاب لك: ((قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم))..
فقد خاطبك الله بقوله: (يا عبادي) ما قال يا عاصي! يا مذنب! وهي رحمه بخلقه.
وقال: ((وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى)).
وقال: ((وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات)).
وقال - تعالى -: ((إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات)).
سبحان الله!!!! حسنات جميعها!! أختاه لا تفوتك التوبة بادري رعاك الله..
إن ملائكة حمله العرش يستغفرون للتائب إلى قيام الساعة..
تخيلي أخية الملائكة أي ملائكة؟! حمله العرش تستغفر لك من ذنوبك.. إلى متى!؟.. إلى قيام الساعة..
أختاه:
بادري بالتوبة وانفضي عن نفسك غبار الغفلة واعلمي أن باب التوبة مفتوح وأن عطاء ربك ممنوح وأن فضله يغدو ويروح هل من توبة؟! هل من توبة؟!
((يا أيها الذين امنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً))
أخية..
خرجت عبرات من قلبٍ محترق تحرقه الدموع المنهمرة على من يفارق الحياة ولم يتب من معاصيه واعلمي أن العبد كلما جد في طلب الدنيا.. كلما زاد بعدا عن الآخرة إلا من رحم الله..(2/192)
إلا وأن أيامنا هذه ومن ورائها أجل فمن اخلص في أيام أمله قبل حضور أجله فقد نفعه عمله ولم يضره أجله.
همسه: -
حاولي أن تجلسي مع نفسك بإحدى الخلوات وتحدثيها حديثاً صادقاً تعالج مشاكلك بهدوء، واعلمي أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
وهنيئا للتائبين محبه الله لهم.
والحمد الله حمداً كثير كما ينبغي لجلال وجه وعظيم سلطانه.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله
3-11-1425 هـ
http://www.gafelh.com المصدر:
=============
رسالة من شاب حائر
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
لقد تبدّت بي الحيرة وأخذني القلق حتى اشتد عليّ ألم الذنب! ولجأت إلى الله - عز وجل - ثم إلى فضيلتكم: فإني شاب أبلغ من العمر خمس وعشرين سنة، أنهيت مراحل الدارسة، وأزاول بعض الأعمال الحرة ولكن هناك مشكلة تؤرقني وأحاول أن أجد لها حلاً.
والمشكلة ـ باختصار ـ أنني دائماً أفكر فيما فعلته في الماضي عندما كنت صبياً ثم شاباً وما ارتكبته من المعاصي والكبائر، ولا أقول هذا من باب التفاخر بالإثم وإن كنت أحس بهذا الشعور فيما مضى ولكن ليس الآن.
فقد نشأت في بيئة عادية أمي ليس لها همّ إلا الأكل والشرب، والخروج إلى الزيارات للأهل والجيران، والنزهة في الأسواق، وكثرة الشراء المفيد وغير المفيد. هذا غير المشاكل اليومية والأسبوعية التي تشتعل بينها وبين أبي على الصغيرة والكبيرة وكأنهم أعداء وليسوا آباء.
فأبي مشغول بتجارته وأعماله وأصدقائه، لا نراه إلا قليلاً، بل لا نكاد نشعر به إذا حضر، لم نتعوّد في يوم من الأيام على الحياة الإيمانية، لم يوجهني إلى طريق الإيمان ولم تهتم أمي بأي شيء يتعلق بالإسلام سوى أنها تريد مني أن أكون شاباً تفتخر به أنه فعل الأفاعيل وشاب "مودرن" متفتح، لم تعبأ بمن يتصل بي من الفتيات، ولم تعترض بل كانت تجد هذا أمراً عادياً يحدث بين شاب وفتاة.(2/193)
لا أذكر أن بيتنا عرف القرآن وقراءته إلا في مناسبة وفاة جدي، سمعنا ترتيل القرآن على فترات بالأخص عندما يحضر أحد لتقديم واجب العزاء.
أما الصلة مع أعمامي وعماتي وأولادهم فهي مقطوعة، لم أسمع في يوم أبي يدعو عماً من أعمامي أو عمةً من عماتي، بل ورفض المشاركة في فرح ابن عمي، ورفض الحضور أو التهنئة ونفس الحال في الأعياد فأبي يفضل أن نسافر لقضاء الإجازة في الخارج، وعندما نعود نتواصل مع الأصدقاء فقط، وأخوالي وخالاتي حتى ابن عمي كان معي في نفس المدرسة ولم أعرفه إلا من خلال تكرار اسم العائلة، وبالبحث علمت أنه ابن عمي، وكم خجلت من نفسي ولكن الأمر ليس بيدي فالذنب كله من أبي هو من قطع علاقته بأعمامي، وحرمنا من الصلة بهم هذا عن المحيط الأسري، أما عني أنا شخصياً فسأحدثك حديث الصراحة التي لا يمكن أن أخفي منها شيئاً والكلام ليس للافتخار ولكني أريد العلاج ومن أجل هذا كان لابد أن أصارحك بكل شيء، لقد شربت الخمر مرتين في حياتي، وربما ثلاث مرات لا أدري، ولقد زنيت بنساء وكنت على وشك أن أفسد مستقبل فتاة لولا أن الله رحمها من أذاي..لا أدري هل من الممكن أن يتوب الله عليّ وأن يغفر لي؟
لا أدري لقد حاولت التوبة أكثر من مرة، ودائماً أعود لنفس الإثم، شعرت بأني منافق..لا يخشى الموت ولا الحساب. أحس أحياناً أن الله يحبني وأني أحبه، ولكن سرعان ما يسيطر الشيطان على قلبي مرة أخرى، ولقد هزمت الشيطان في معارك كثيرة ولكنه هزمني في معارك أكثر.
هل من الممكن أن أعود مرة أخرى؟ ولكن كيف؟ كثيراً ما صليت لله، وما أكثر ما قطعت الصلاة، لم أشعر بمعنى الخشوع في صلاتي بل كنت دائماً أؤديها حركات فقط لمجرد أن يشاهدني الناس أصلي.
لقد وصل ضعفي لدرجات قد لا يتخيلها مؤمن.(2/194)
ولقد أقسمت على القرآن الكريم أن أنتهي عن التدخين والشيشة، ولكني لم أفعل. عاهدت الله أني لن أشاهد المواقع الإباحية وأمتنع عن ممارسة العادة السيئة ولن أعود إليهم أبداً ولن أشاهد تلك الأفلام القذرة التي يقتل بها الغرب إيماننا ولكني خالفت عهدي مع الله. لقد ضعفت إرادتي إلى حدّ لا يتخيله أحد بعد أن كنت في يوم من الأيام أتحلى بقوة وإرادة وقدرة على تغيير شخصيتي وأسلوبي في الحياة..
لقد أصبحت شخصاً لا يشعر بلذة الحياة، وإن كنت ما زلت أحتفظ بروحي وصولات وجولات من الإثم والمعاصي والكذب والخداع فكيف النجاة؟ أريد أن أعرف ما عرفه الملتزمون ولم أعرفه.. مؤكد أنهم علموا شيئاً لم أعلمه ولم أشعر به؛ هذا هو أنا فماذا أفعل؟ أفيدوني أفادكم الله.. فلقد توالت سُحب سوداء في حياتي.. بدأت أشعر بالضيق والكآبة.
الرد على رسالة الشاب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم القائل: {من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه} [رواه مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -].
قرأت رسالتك، واعلم أنه لا شيء يحول بينك وبين التوبة، ولو بلغت ذنوبك عنان السماء، وملأت الأرض كلها، فمادام الإنسان في هذه الحياة فإنّ باب التوبة مفتوح، وقد تبين لي منها أنك تعيش صراعاً بين نداء الإيمان في قلبك، ونداء الشهوة التي يحرّكها الشيطان فيه، والحمد لله - تعالى - أنه قد بقي في قلبك نور من الإيمان، يلومك على فعل السيئة، ويزين لك العمل الصالح، ولكنه نور ضعيف؛ لأن ظلمة السيئات التي هي نفث من الشيطان أضعفت هذا النور، ولهذا يضيء أحياناً، فيتيقظ ضميرك قليلاً، ثم لا يلبث حتى ينطفئ مرة أخرى وتعود إلى فعل السيئات.
وسأبين لك المرض الذي تعاني منه، ثم أصف لك العلاج، فاقرأ ما أقول لك بتمعن واهتمام؛ لعل الله - تعالى -ينفعك به.(2/195)
القلب أيها الأخ الكريم، هو موضع الإرادة في الإنسان، فهو أحياناً يريد الخير، وأحياناً يريد الشر، والجوارح ليست سوى جنود تطيعه على وفق ما فيه من الإرادة. والفرق بين الملتزمين بالطاعة وبينك أنّ الملتزمين قلوبهم تريد الخير إرادة جازمة، ولهذا فجوارحهم تطيع هذه الإرادة، فهم مستقيمون على طاعة الله - تعالى -، وأما أنت فقلبك يعلم الخير والشر، ويفرق بين الحسنات والسيئات، ولكنه لا يستطيع أن يريد الخير، فتجده يريد الشهوات، مع أنه يعلم أنها تضرّه، فيأمر الجوارح فتطيعه، ولكن ما هو السبب؟
السبب هو أن القلب المحصن من الشيطان تسهل عليه إرادة فعل الخيرات؛ لأنه قلب صحيح قوي، والقلب الذي يمكن الشيطان أن يدخله فيتجول فيه كما يشاء، يستطيع الشيطان بسهولة أن يجعل فيه إرادة السيئات، بعدما يزينها له؛ لأنه قلب مريض مليء بالجراثيم الشيطانية.(2/196)
ومن الناس من لا يدخل الشيطان قلبه إلا مروراً سريعاً؛ لقوة التحصينات حوله، فهذا مثل الذين يفعلون الصغائر أحياناً وسرعان ما يتوبون منها، وهم الذين قال الله - تعالى -عنهم: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ [الأعراف: 201]، ومن الناس من لا يقترب الشيطان من قلبه أبداً، لأن قلبه مثل السماء المحروسة بالشهب من الشياطين، فقلبه؛ كذلك محروس من الشيطان، وقال الرسول عن هذا القلب: {أبيض مثل الصفا لا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض} [رواه مسلم من حديث حذيفة - رضي الله عنه -]، ومن الناس من دخل الشيطان قلبه، فاتخذ فيه بيتاً، وجعل له فيه عشاً يبيض فيه ويفرخ، فاستحوذ عليه يأمر القلب بالشهوات المحرمة، فيريدها قلبه، فيأمر الجوارح بفعلها فتفعله؛ لأن الشيطان وجده قلباً خالياً من التحصينات، مفتح الأبواب، ضعيفاً مريضاً بفعل السيئات، ولهذا قال الله - تعالى -: استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله [المجادلة: 19]، لأن ذكر الله - تعالى -هو الحصن من الشيطان، فأنساهم إياه، ليستحوذ على قلوبهم فيقودها لتنقاد جوارحهم له تبعاً.
والقلب لا يحصّن من الشيطان إلا بذكر الله - تعالى -، لا يقوى على إرادة الخير إلا بالعمل الصالح، ولا يغلبه الشيطان إلا إن كان غافلاً عن ذكر الله - تعالى -، ضعيفاً بسبب فعل السيئات والمنكرات.
والآن بعد أن عرفت السبب في أن قلبك لا يطاوعك على إرادة العمل الصالح وترك السيئات، ولا يمكنه أن يثبت على الاستقامة، فالعلاج يكمن في الوصفة الطبية، خذها وداوم عليها فنتائجها مضمونة بإذن الله إن ثابرت عليها بصدق:
1- احرص على إقامة الصلوات الخمس في جماعة لا سيما صلاة الفجر، فإياك أن تفوتك أبداً، قال الله - تعالى -: وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً [الإسراء: 78]. أي صلاة الفجر تشهدها الملائكة.(2/197)
2- بعد صلاة الفجر امكث في المسجد لقراءة القرآن إلى طلوع الشمس، ثم صل ركعتين بعد ارتفاعها قيد رمح، وقيد الرمح: مقدار عشر دقائق من أول الشروق.
3- قل: (سبحان الله وبحمده) مائة مرة كل يوم في أي وقت في المسجد أو البيت، ماشياً، أو قاعداً، أو في السيارة.. الخ، وهذا الذكر يحت الخطايا حتاً.
4- استغفر الله - تعالى - مائة مرة كل يوم، قائلاً: (أستغفر الله وأتوب إليه) كذلك في أي وقت شئت، وعلى أي حال تكون.
5- قل هذا الذكر مائة مرة: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) مائة مرة كل يوم كذلك في أي وقت شئت، وعلى أية حال تكون، ولا يشترط في المسجد، وهذه الأذكار كان يداوم عليها النبي فهي حياة القلب وغذاؤه الذي لا يستغنى عنه.
6- بين صلاتي المغرب والعشاء رابط في المسجد فلا تخرج منه واقرأ ما تيسر من القرآن بالتدبر.
7- يجب عليك الحميّة التامة من النظر إلى التلفزيون، أو المجلات الهابطة، أو الذهاب إلى أي مكان فيه منكرات، فأنت في حجر صحي؛ لكي ترجع إلى قلبك عافيته، ولن ينفعك الدواء وهي الحسنات، إن كنت تدخل عليه الداء في أثناء فترة العلاج، والداء هو السيئات.
8- استمر على هذا البرنامج شهراً كاملاً على الأقل، تعيش فيه مع القرآن تقرؤه بالتدبّر، وتعمل بما فيه، وتخلو بنفسك لذكر الله - تعالى - الساعات الطوال، والدليل على الشهر أن الرسول أمر بذلك فقال: {اقرأ القرآن شهر، اقرأه في خمس وعشرين، اقرأه في عشر، اقرأه في سبع} [متفق عليه من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -].
9- إن كانت البيئة التي تعيش فيها لا تساعدك على تطبيق هذا البرنامج فغيّر بيئتك، أترك أصحاب السوء، وابتعد عن الأماكن التي تقضي فيها أوقات فراغك إن كانت تشجع على المعاصي، ولو استطعت أن تسافر إلى مكة مثلاً لتطبق هذا البرنامج فافعل.(2/198)
بدّل الصحبة القديمة بصحبة طيبة تعينك على الخير، وتدلك عليه، فإن حضورهم بجوارك وملازمتك إياهم من أعظم وسائل الثبات على دين الله، فأنت مثلاً لا تستيطع أن تدخن بحضورهم! فهذه خطوة كبيرة نحو تحصين نفسك.
10- تصدق بجزء من مالك؛ توبة إلى الله - تعالى -، صدقة سر لا يطلع عليها أحد إلا الله تعالى؛ فقد صحّ عن النبي: {صدقة السر تطفئ غضب الرب} [رواه ابن حبان من حديث أنس - رضي الله عنه -].
11- إن كانت لديك حقوق للناس ردها كلها، ولا تترك منها شيئاً في ذمتك؛ توبة إلى الله.
12- ادع الله - تعالى -كل ليلة في وقت السحر قبل صلاة الفجر بهذا الدعاء: (رب إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم) وهذا الدعاء: (اللهم ألهمني رشدي، وقني شر نفسي) وهذان علمهما الرسول لبعض أصحابه، وأكثر من الاستغفار والدعاء؛ فإن السحر (قبل الفجر) وقت يستجاب فيه الدعاء. هذه هي وصفتك الطبية، ومدة الشهر غير مقصودة بالتحديد، فقد يظهر عليك التغير قبل ذلك، وقد تحتاج إلى الاستمرار أكثر من شهر في هذا الحجر الصحي، والهدف منه هو طرد الشيطان من القلب، وتنظيف آثاره، وأوساخه، وقاذوراته التي وضعها فيه؛ لأنها هي السبب في كون قلبك ضعيفاً؛ لا يستطيع إرادة الخير وفعل الصالحات، وينقاد بسرعة إلى نداء الشهوات.(2/199)
فإن عاد إلى القلب عافيته، وصار سليماً قوياً بذكر الله - تعالى -، محصناً من كيد الشيطان، فخفف قليلاً من هذا البرنامج على قدر ما تطيق، فقد قال: {عليكم بما تطيقون} [متفق عليه من حديث عائشة - رضي الله عنها -]، إلا إن كانت تطيق أكثر من ذلك، فزد من الخير ما دام قلبك يحب العمل الصالح، فهذه الوظائف الإيمانية هي الدرجات عند الله، كلما أكثر العبد منها ارتفع وعلا في مدارج التقوى، وأحسن أداء ما افترض الله عليك، وستلاحظ أن الأمور تغيرت بشكل عجيب، مع مداومتك على هذه الوصفة التي وصفت لك، وستجد نفسك تكره الوقوع في المعاصي، وستجد قلبك لا يريد فعلها، وينظر إليك نظرة احتقار وازدراء، وستحبّ العمل الصالح، وتنشط له، وتشعر بحلاوته في قلبك، والسر في هذا التغيير هو أنك عالجت القلب بذكر الله - تعالى - والعمل الصالح فصار صحيحاً يريد الخير ويحبه، بعد أن كان مريضاً يريد الشر والسيئات ويحبها، قال الحق - سبحانه -: وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [الحجرات: 8، 7]. والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
http://www.kalemat.org المصدر:
===========
رسالة من زوج لزوجته
هذا الموضوع لكل زوجة ولكل فتاة مقبلة على الزواج..... نصائحك درر وجواهر لو تقلدتها كل زوجة لما وجدت في بيتها غير السعادة والهناء.
زوجتي الحبيبة... حافظي على أركان الدين ونسكه وعبادته، احمدي الله على كل حال واملئي عليَ حياتي وواقعي وبيتي ولا تجعليني وحيداً في الحركة والتصرف ولا في الكفاح والتفكير.(2/200)
واحرصي على التقارب بيننا في وجهات النظر، امسحي عني المتاعب والآلام في كل وقت، وكوني البلسم والشفاء. حافظي على هدوء البيت واستقراره وسامحيني عندما أخطئ فالعصمة للأنبياء.
لا تبخلي عليَ بالنصيحة والإرشاد، وحافظي على كرامتي في حضوري وغيابي وفي داخل البيت وخارجه، ولا تبحثي عن عيوبي ولا تستغلي نقاط ضعفي.
لا تجامليني فتزيني ليَ الأخطاء على أنها صواب حاولي إصلاح عيوبي خطوة خطوه ودون ملل أو يأس أو تهور.
حاولي أن تكوني أجمل امرأة في عيني. ابتعدي عما حرم الله ورسوله ونهى الله ورسوله.
حددي أهدافك في الحياة واربطيها بحاضر الأسرة ومستقبلها، جددي عزمي وثقتي بنفسي، لا تحاصريني بالغيرة الشديدة.
أحبي أهلي وعشيرتي واجعليهم إحدى السبل إلى قلبي.
التزمي بالعمل الجاد والسعي المستمر لتحقيق مستقبل أفضل للأسرة.
هل تعلمين أن وراء كل عظيم امرأة تدفعه إلى الأمام.
خاطبيني بما أحب أخاطبك بما تحبين.
اقتصدي في الإنفاق ونظمي اقتصاد البيت.
كوني قريبة مني دائماً وفي كل شيء، لا تغتري بما لديك من مال وجمال، لا تجعلني المال يفرق بيننا، فالمال وسيلة لا غاية.
احذري من إفشاء سري وسر بيتي لأي إنسان.
لا تفتحي أذنيك لغيرك من النساء بالغيبة.
اغرسي روح التعاون والعطف والحب بين أفراد الأسرة، وساوي بين الأبناء في المعاملة، واجعلي الصدق والصراحة أساس التعامل بيننا، لا تتحدثي عن النسوة الأخريات وتجاربهن عندنا.
كوني رحيمة بي وبأولادنا وبالناس، ساعديني على صلة الرحم، وهوني عليَ أمر هذه الصلة، لا تكثري من الصديقات والزيارات لإضاعة الوقت انشري البهجة والسرور على البيت والأسرة، وأحيطيني بالحب والعطف والحنان والرعاية الكاملة.
http://www.lakii.com المصدر:
============
رسالة إلى المعتقلين والمعتقلات الفلسطينيين المسجونيين في المعتقلات الصهيونية
د. علي محمد مقبول*(2/201)
ما أشبه الليلة بالبارحة؛ فما سمعناه في وسائل الإعلام من إذلال وإهانة لإخواننا الأسرى الفلسطينيين والأخوات الفلسطينيات يذكرنا بتاريخ اليهود ومعاملتهم للأسرى؛ فدينهم يأمرهم بالقتل العام ومحو سكان البلاد المفتوحة فضلاً عن معاملة الأسرى. جاء في النص الوارد في الكتاب الخامس من الزبور ما يلي: «إذا أدخلك ربك في الأرض لتملكها، وقد أباد أمماً كثيرة من قبلك، فقاتلهم حتى تفنيهم عن آخرهم، ولا تعطهم عهداً، ولا تأخذك عليهم شفقة أبداً»(1).
وجاء في الإصحاح الحادي والثلاثين من سفر العدد بالحرف: «...فالآن اقتلوا كل ذكر من الأطفال، وكل امرأة عرفت رجلاً بمضاجعة ذكر، اقتلوها، لكن جميع (الأبكار) من النساء اللواتي لم يعرفن مضاجعة ذكر أبقوهن لكم، لكم حيات... »(2).
فهذه النصوص وغيرها كثير تبين لنا الصورة البشعة التي كان عليها حكم الأسرى عند اليهود، وهم ينسبونها إلى الكتب السماوية وإلى موسى وداود - عليهما السلام -، وحاشاهما من ذلك.
ونجد أنفسنا مضطرين للاستدلال والاستشهاد بها إلى يومنا هذا؛ لأن اليهود يطبقون هذه المبادئ في عصرنا الحاضر حرفاً بحرف وكأنها تعليمات أُنزلت من عند الله. نقول هذا لإخواننا الأسرى نصبِّرهم ونخبرهم بحقيقة دين اليهود وموقفهم من المسلمين؛ نقول لهم: هذا هو حقد اليهود لن يتغير أبداً.
لكننا نعيب قومنا الذين تخلوا عنكم واتجهوا إلى (العالم الحر) العالم الحر الذي يشرد الشعوب من ديارها ـ على نحو ما يفعل بإخواننا الفلسطينيين ـ ثم يتباكى على الأسرى وعلى الذين شردوا من ديارهم.. ثم يتحدث عن اللاجئين وعن الأسرى وعن رعايتهم والعطف عليهم، وإقامة الخيام لهم؛ فمبادئ العالم الحر تقتضي العطف على المشردين والكلام عن حقوق الإنسان وعن الذين لا وطن لهم... عن الأسرى في سجن أبو غريب وسجون الصهاينة.. حولوا البلد إلى سجن كبير ثم تباكوا على إهانة الأسارى والأسيرات.(2/202)
لكني أقولُ لكم أيها الأسرى.. وأيتها الأسيرات: حياكم الله لقد تلفَّتنا فلم نجد إلا عملاً وتضحية، لم تعد مقاتلة الأعداء دعاية وتهريجاً، بل غدت سجناً وفداء وتضحية.
لقد تركتم ـ أيها الأسرى ـ غيركم يَخْطُبون ويكتبون. أما أنتم فذهبتم إلى سجون الأعداء. لقد تركتم غيركم يجتمعون وينفضُّون، أما أنتم فقد حملتم سلاحكم ومضيتم صامتين.
إنكم تعملون لإعلاء كلمة الله في الأرض .. إنكم بعتم أنفسكم لله؛ فأجركم عند الله عظيم، ومصابكم عند الله كبير.
ولا نقول لكم أيها الإخوة الأسارى إلا كما قال الأول: «إنه لا كفاح بلا عقيدة؛ ولا حياة بلا عقيدة، ولا إنسانية بلا عقيدة؛ ولقد كنا نقولها كلمات فيتخذها السفهاء الصغار لعباً ولهواً. أما اليوم فتقولها الوقائع، وتقولها الأحداث، تقولها صور الأسرى والأسيرات الطاهرين والطاهرات؛ فإذا تشدق لسان تافه، وإذا تلاعب قلم هزيل بقضيتكم فمعذرةً؛ فتلك هموم التافهين المهزولين في كل زمان ومكان»(3).
-------------------
(*) أستاذ مادة الثقافة الإسلامية والفقه المساعد ـ جامعة صنعاء، كلية الآداب.
(1) انظر: حكم الأسرى في الإسلام، د. عبد السلام الإدغيري، ص 45.
(2) المرجع السابق، ص 48.
(3) بتصرف من: دراسات إسلامية، سيد قطب، ص 246.
رمضان 1425هـ * أكتوبر/نوفمبر 2004م
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
===========
رسالة خاصة : ( همسة مشفقة ... لأختي النامصة )
أشكرك أختي على دخولك...
وأبدأ قولي لك:
السلام عليكِ ورحمة الله وبركاته
السلام على قلبك.... الذي رضي بالله ربا
السلام على قلبك.... الذي رضي بالإسلام دينا
السلام على قلبك.... الذي رضي بمحمد - صلى الله عليه وسلم - رسولا
أختي الفاضلة...
اسمحي لأخيك المحب...
أن يهمس في إذنك كلمات من القلب....
تسمعين صوت كلماته........ بنبراتك....
وتستشعرين صدق نصحه بهتافاتك....
فأكرمي من يموت كمدا لنجاتك.....
أكرميه بحسن استماعك وانصاتك.....(2/203)
فيا أختااااه....
يا من تحبين الله وتشتاقين لرؤياه......
يا من كل مناك أن يرضى عنك مولاك......
كأني بك وأنتِ تصلين تقولين:
(إياك نعبد وإياك نستعين)
كأني بك وأنتِ تسجدين تقولين:
(يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)
كأني بك تقولين قبل سلامك:
(اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم
ومن عذاب القبر وفتنة المحيا.....)
أختي الغالية.....
دعواتك هذه...... تستمطر الرحمات....... من رب الأرض والسماوات...
دعواتك هذه...... ابتهالات ومناجاة...... تطلبين بها الفوز والنجاة...
رفعتيها للذي خلقك فسواك وعدلك...... في أي صورة ما شاء ركبك...
فتبارك الله أحسن الخالقين...
أختاااه....
مالي أراك تخالفين الدعوات.....؟؟؟
مالي أراك تستنزلين اللعنات بدل الرحمات؟؟؟
نعم.... أو ما سمعتي: (لعن الله النامصة والمتنمصة)
أتريدين أن تكوني من الملعونات...؟؟!!!!!
أتريدين أن تكوني من المطرودات من الرحمات؟!؟!؟!؟!
أختاااه.....
أي حياة هذه تعيشينها.....
وقد لعنك الله.... ولعنك اللاعنون؟؟؟؟؟
الله يلعنك... ورسوله يلعنك... وملائكته تلعنك.....
والأرض تلعنك والجبال والشجر والدواب....
الكل يلعن بلعنة الله ورسوله.....
فمن يبقى بعد لعن الله لك........ لا يلعنك؟؟
اختااااه....
أغضبتي مولاك من أجل هواك...؟؟؟
أكل هذا من أجل شعرات؟؟؟
أمن أجل أن يقال فلانة جميلة......
وليكن ذلك فقد قيل......... ثم ماذا؟؟؟
ثم تُلعنين كما لُعنت فلانة وفلانة....
أختاااه...
أي جمال زائف هذا الذي يكون.....؟؟؟
وأي زينة تكونين عليها بنمصك....؟؟؟
أجمل مما خلقك عليه ربك....... ؟؟؟
مالي أراك تتنكرين لخلقة الله التي في أحسن صورة سواك؟؟؟
فمالك لا ترجين لله وقارا؟؟
أختااااه...
إن جمالك الحقيقي.....
هو: تقواك لربك.....
(ولباس التقوى ذلك خير)
وإن إسلامك الحقيقي....
هو استسلامك لمولاك.....
فيما أمرك ونهاك.......
أختااااه....
اعتذر إليك...... ولن أطيل عليك...(2/204)
ولكن......... أتدرين لمن تزينتي...... ومن أسعدتي وأفرحتي....
إنه إبليس اللعين....!!!!!!!!
نعم... يوم أن أبررتي قسمه... (ولآمرنهم فليغيرن خلق الله)
أختااااه......
أين تلك الشعرات التي كان ماء الوضوء يغسل ما فيها من الخطايا؟؟
أين تلك الشعرات التي كانت تسجد لله معك يوم تسجدين لرب العالمين
أختااااه......
أخيراً أقول لك.....
والله ثم والله.....
إن جمالك.... إيمانك
وقبولك لدين الله وإذعانك...
(ومن يؤمن بالله يهد قلبه)
فهيا أختاااه....
توضئي لله وصلي ركعتين وقولي:
رباه قد تبت إليك مما جنيت...
فلا ترد من تاب وعاد إليك....
اعتذر من سوء قيلي....
واعتذر أيضا من تطويلي.....
جعلكِ الله ممن يعملون بعد السيئة الحسنة.....
وممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.....
http://www.saaid.net المصدر:
==============
رسالة من تلميذ إلى مُعَلِّمِه
خالد بن عبد الرحمن المسعود
الحمد لله الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على النبي الأكرم:- والدي المعلم، سلام عليك ورحمة الله وبركاته أما بعد:
فيطيب لي في هذه الأسطر أن أجرد قلمي من غمده لأُسَطِّرَ لك أحرفاً هي من صيد الخاطر، كففتها فاستعصت فنظمتها في عقد من اللؤلؤ مضيء ولو لم تمسسه نار...
فليتك ترعيني سمعك وتأخذ الحق ولو ممن هو دونك، فإن الحكمة ضالةُ المؤمن أنّى وجدها فهو أولى الناس بها.
معلمي الفاضل:
يسعدني ويشرفني أن أتربى في ذَرَاك، أَرْمُقُ حركاتِك وسكناتِك وأقتفي أثرك.
الحَسَنُ ما حَسّنت، والقبيح ما قبّحت.
أنت العالم.. أنت التقي النقي.. أنت الأسوة.. أنت أنت..
ولئن كان الجمُّ الغفيرُ من الناسِ قد عُنوا بتربيةِ الأبدان فقد عنيتَ بتربية العقول. وتربيةُ العقلِ أشرفُ من تربية البدن.
أعلمت أشرف أو أجلَّ من الذي * يَبني ويُنشئ أنفساً وعقولا
أستاذي:
إنني كلما قرأت مبحثاً في كتابي فيه الأمر والنهي من الله، فيه الأمر بحسن المنظر والمخبر.(2/205)
صعّدتُ النظر فيك ثم صَوَّبته، لأقرن القولَ بالعمل، وعند تحققه يقع ذلك في خَلَدِي أحسن موقع.
وليس شيء أشقَّ على نفسي من أن أُمر فلا أرى، ومن أن أنهى ثم أرى، وعندئذٍ أخشى أن يصدق علينا قول الأول:
تناقضٌ ما لنا إلا السكوت له * وأن نعوذ بمولانا من النارِ
معلمي العزيز:
لقد سئمت قل.. ولا تذرْ..
ولو فعلت لكان أسدَّ وأقْوَم، ولأغنى قليلُ الفعالِ عن كثيرٍ من المقال.
معلمي الكريم:
والله إني لأمانةٌ في عنقك... وكلكم راعٍ ومسؤولٌ عن رعيته.
وغير خاف عليك أن الغاية ليست درساً ينقضي بسماعِ رنين الجرس، بل الأمرُ أعظمُ من ذلك.
إنني مفتقرٌ إلى النصح والرفق والعطف والإنصاف والتأديب والابتسامة.
أما سماعك لدفِّ نعلي آناً، ولصرير الكرسي أناً آخر، فإنما حملني عليه طول البقاء على هذا المقعد وحداثة السن فلا تجزع، فإنه ليس وراء الأكمة ما وراءها من إرادة الشر أو النزوع إلى مجانبة الأدب.
"وما أعطي أحدٌ عطاءاً خيراً وأوسع من الصبر" قاله رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم -.
وقبل جفاف مداد القلم أعدك ألا أنسى في قابل أيامي آناءاً قضيتها بين يديك أتلقى فيها حكماً ودرراً تنير لنا درب الحياة وننأى بسببها عن التخبط في الضلالات.
جمعني الله وإياك في زمرة العلماء العاملين، والحمد لله رب العالمين.
29 / 7 / 1425 هـ
http://www.toislam.net المصدر:
===========
رسالة إلى أصحاب الأمنيات
عبد المحسن بن سليمان المنيع
قال الشاعر:
ما كل ما يتمنى المرء يدركه *** تجري الرياح بما لا تشتهي السفن(2/206)
فتسبح بخيالك الخواطر والأفكار، وتحلق فيه الرغبات، وتقفز بك الأمنيات في عالم بعيد، فتسيح بك عبر ذلك العالم المترقب المأمول والمنتظر المجهول، فتجاوز بك وتتعدى أرض الواقع، لتقلك بخيالات بعيدة عبر ساحات الأفق الشاسعة التي لا تنحصر بمحدود، ولا تقبل أو تخضع أو ترضى بحدود، فتنقلك في تفاوت لا محدود من واقعك المعاش إلى أبعاد متفاوتة لا تتسع معها لعل أو حتى ليت وقد تتراجع بك إلى مسافات قد تعداها واقعك.
فالأمنية عالم غريب وعجيب، فما أمنيتك يا صاح؟ وأي مبلغ وصلت بك أفكارك وهواجسك؟ فلنمسك بكراسة الحياة كي نتجول بين أوراقها وصفحاتها عبر أمنيات الناس في هذا الوقت الذي تتفاوت بينهم علو الأمنية ودنوها، ولنحاول إعادة الشريط لتلك السفينة المشرعة في بحر لجي، لنقف على مطاراتها وأين حطت طائراتها؟
فنجد من سمقت به الأمنية إلى أعالي الجبال وذراها، كما نجد من هوت به الأمنية إلى الحضيض ومهاوي الحفر، فمن أمنيته ممكنة الحصول متيسرة لمن بذل أقل مجهود، ومن أمنيته صعبة لا يمكن أن تنال ولو بذل غاية الجهد.
هيا لنتنقل بين أماني الكثيرين، وما عسانا نجدها؟
* فمن غاية مبتغاه سيارة من الماركة الفلانية والطراز العلاني.
* ومن هو دون ذلك إذ لا تتعدى أمانيه ساحة بطنه أو مقر استراحته.
* ومن أمنيته فوز فريقه وحصوله على بطولة معينة.
* ومنهم من أمنيته حصوله على شيء من حطام الدنيا الزائل.
* ومن تنحط به أمنيته إلى المعاصي والرذائل والفواحش.
ولو دخلت فصلا مزدحماً بالطلاب وعشت معهم لحظات لتعرف أمنياتهم لسمعت العجب العجاب، فأمنيات قصيرة، وطموحات ركيكة، وغايات صغيرة.
فيا للعجب كيف يضيع الواقع وتضيع معه الأماني عند كثير من الناس، فلا أدركَ واقعاً حسناً يهنأ به، ولا رفعَ أمنيته لمستويات رفيعة حساً ومعنى.
إن للأمنية سببًا في تغيير مجرى الحياة لتأثيرها على الطموح.(2/207)
فلنرفع مستواها لنصل إلى قدر كبير منها ولا نقصرها على الدون، فقد لا نحصل على أي جزء منها، قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - لأحد أبنائه: تمن، قال: أتمنى أن أكون مثلك، قال له: لا، ولكن تمن أن تكون مثل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنك إن تمنيت مثل عليّ فقد تبلغ عليّا وقد لا تبلغه، وإن تمنيت مثل رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فقد تصل عليّا وقد تتعداها، فهذه هي التربية العملية التي تبني فتعلو بالهمم لتبلغ ذرا الجبال.
وإليكم زهرة أخرى من أزاهير الكتب التي عطرتنا بسيرة عطرة لرعيل نفتخر به ونفاخر: اجتمع عبد الله بن عمر، وعروة بن الزبير، ومصعب بن الزبير، وعبد الملك بن مروان، فقال لهم مصعب: تمنوا، فقالوا: ابدأ أنت، فقال: ولاية العراق، وتزوج سكينة ابنة الحسين وعائشة بنت طلحة فنال ذلك، وتمنى عروة الفقه وأن يُروى عنه الحديث فنال ما تمنى، وتمنى عبد الملك الخلافة فنالها وتمنى عبد الله بن عمر الجنة.
فقل لي أمنيتك أقل لك ما مستوى طموحك.
22/5/1425هـ
http://www.toislam.net المصدر:
===========
رسالة إلى أمي وأختي
الرسالة الأولى:
إلى أمي:
إلى التي حملتني في بطنها،، وأرضعتني من صدرها.. وغمرني حبها وحنانها..
أهدي إليك يا أمي رسائل ممزوجة بالحب.. نابعة من القلب....
قال الله - تعالى -: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} النساء: أية34 فقد ذكر الله - سبحانه وتعالى- حقكما بعد حقه مباشرة، فأي حق وأي تشريف أعظم من ذلك.. ** أمي... هناك حقوق وواجبات مشتركة بينك وبين زوجك، مثل تربية الأبناء وغيرها-فأنتما فيه سواء ويقع على كاهلكما عبء التربية، ولكن هناك حقوقا وواجبات عليك أنت بالذات أحببت أن أعرضها في رسائلي هذه، ألا وهي: -
(1)علاقتك بزوجك(2/208)
إن أساس الحياة الزوجية، والتي يقوم عليها البناء الأسرى، هي العلاقة التي تربطك بزوجك، فمتى كانت هذه العلاقة قائمة على التقوى والصدق والتفاهم كان ذلك إيذانا بقيام أسرة تعيش في جو من السعادة والفرح (والعكس صحيح).
* أمي.. هداك الله... قال الله - تعالى -: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ}(النساء: آية 34)
ورد في تفسير هذه الآية(ا) يخبر الله - تعالى - أن الرجال قوامون على النساء أي: قوامون عليهن بإلزامهن بحقوق الله - تعالى - من المحافظة على فرائضه؟ وكفهن عن المفاسد، والرجال عليهم أن يلزموهن بذلك، وقوامون عليهن أيضا بالأنفاق عليهن والكسوة، والمسكن. ثم ذكر السبب الموجب لقيام الرجال على النساء فقال: ((بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) أي: بسبب فضل الرجال على النساء، وأفضالهم عليهم، فتفضيل الرجال على النساء من وجوه متعددة: من كون الولايات مختصة بالرجال، والنبوة، والرسالة، واختصاصهم بكثير من العبادات كالجهاد، والأعياد، والجمع، وبما خصهم الله به من العقل، والرزانة والصبر، والجلد الذي ليس للنساء مثله، وكذلك خصهم بالنفقات على الزوجات بل وكثير من النفقات يختص بها الرجال ويتميزون عن النساء ((فالصالحات قانتات)) أي مطيعات لله - تعالى -، (حافظات للغيب) أي: مطيعات لأزواجهن حتى في الغيب، تحفظ بعلها بنفسها وماله.
أمي الحبيبة...
إن العلاقة بينك وبين زوجك يجب أن يكون مبدؤها الطاعة التي تكون في غير معصية الله، ومتى تحقق ذلك كانت الحياة الزوجية أقرب إلى الدوام والاستمرار...(2/209)
وإليك يا أمي بعض الأحاديث النبوية والتي توجب طاعة المرأة لزوجها. عن أبي هريرة-رضي الله عنه -عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها".
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح ".
وعنه أيضا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه ".
وأما حال اليوم يا أماه - فحدثيني ولا حرج فوالله إن هناك زوجات يرفعن أصواتهن على أزوجهن، وإن منهن من يخرجن من البيت بدون إذنه، وإن منهن من تأبى عليه إذا دعاها لفراشه بدون عذر،.... الخ... وأني لأتساءل، ألا يخشين الله؟ ألم يخفن من عقابه؟ ألم يسمعن قول الحبيب بأبي هو وأمي "لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين لا تؤذيه قاتلك الله! فإنما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا".
وأذكر لك هنا يا أمي قصة سمعتها قديما مفادها: أن رجلا دعا امرأته ذات ليلة إلى فراشه ولم تكن لها رغبة في ذلك، فتحججت بحجج واهية، ونام الرجل ليلته تلك وهو غير راضي عنها، وعندما أرادت أن تنام لم تستطيع ولم يغمض لها جفن، فقد تذكرت. قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - "والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبي عليه إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها". وعند ذلك قامت وتزينت له وأيقظته وأخبرته بخبرها.
أمي هداك الله....(2/210)
إن طاعة المرأة لزوجها في غير معصية الله لهي من أجل الطاعات وأعظمها، وهي تقربة تقرب بها المرأة إلى ربها، وهي السبيل الموصل إلى جنة الله ورضوانه، فعن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها أدخلي الجنة من أي الأبواب شئت ".
(2) علاقتك بأولادك..
أمي الحبيبة...
إن ارتباط الأولاد- وخصوصا في المراحل الأولى من حياتهم- يكاد يكون ارتباطا كليا بك من دون الأب، ومن قاعدة "والمرأة راعية على بيت زوجها وولده فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته "، نقول وبالله التوفيق...
أمي الحبيبة...
إن الثمرة أولها بذرة. فلا وجود للثمرة إن لم يكن هناك ماء يسقي هذه البذرة، فالبذرة هي أبناءك، والماء هو الغذاء البدني والروحي الذي يتلقاه الأبناء، والثمرة هو نتاج ذلك كله، فإما ثمرة صالحة أو ثمرة فاسدة. "
لذا يا أمي...
اغرسي حب الله - تعالى - وحب رسوله - صلى الله عليه وسلم - في قلوبهم، واجعلي كلمة التوحيد "لا إله إلا الله " محفورة في صدورهم، وأطعميهم من زاد التقوى وأسقيهم من شراب الطاعة والأخلاق الفاضلة، وليكن منهاجهم ومنار سبيلهم قال الله وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -...
أمي هداك الله...
هناك أخطاء شائعة تؤثر في مسيرة ومسلك الأولاد منذ صغرهم، وسوف نذكر هنا رؤوس أقلام فقط..
أ) تعلق الأولاد منذ صغر بالتلفزيون والفيديو: وذلك يؤثر على مسلكهم فيما بعد، حيث ينشأ الولد و قلبه معلق بالأفلام والأغاني، وحب الصور.
ب) الكذب على الطفل: وسرد القصص المكذوبة وذلك بقصد إخافته، وهذا يجعل الطفل يعيش في جو هذه الأكاذيب والقص خائفا مرعوبا.
جـ) المتناقضات التي يراها الولد في حياته: وأقوى مثال لذلك - هو قولك لولدك.. الدخان حرام ولا يجوز، ويسبب أمراض كثيرة و و. الخ..، فإذا كان أباه يدخن فكيف يقتنع الولد بصحة كلامك وهو يرى عكس ذلك..(2/211)
د) ومن الأخطاء الملفتة للنظر والشائعة في مجتمعنا هو لبس القصير من الثياب بالنسبة للبنات قد يقول قائل هذا لا ضير فيه ما دمن في سن صغيرة؟. وأقول عن ذلك! إن من هو صغير اليوم كبير في الغد. وإن التربية السليمة لابد أن تكون قولا وعملا منذ الصغر حتى يحصل بذلك التطبيق الصحيح. وإنه من المؤسف جدا أن نرى فتيات في أعمار الثامنة أو التاسعة وربما العاشرة وهن يلبسن هذه الثياب القصيرة، مع العلم بأن بعض الفتيات قد يبلغن وهن في سن التاسعة من العمر.
أمي.. الحبيبة... أتعرفين كيف تطور هذا اللباس (الثوب القصير) في بعض البلدان (؟) وأصبح شائعا وشاملا لجميع الأعمار. أقول لك يا أمي كيف تم ذلك.. بدأ ذلك مع الفتيات اللاتي لم يصلن سن البلوغ أي من هم في سن صغيرة وبعد ذلك بلغن الفتيات وأصبح ذلك اللباس مقتصرا على داخل البيت فقط ولم ينكره الأب ولم تنكره الأم.. ثم.. ثم ماذا.. ثم أصبحت الفتاة لا تتورع بعد ذلك في لبسه سواء داخل البيت أو خارجه. يقول محمد قطب في كتابه "قضية تحرير المرأة"..
- ورويدا رويدا تتغير ملابس بنات المدارس! تقصر (المريلة) قليلا.. هل هناك مانع؟! الجورب يغطي ما كشفته (المريلة) فماذا يحدث؟!. ويقصر الكم قليلا.. هل هناك مانع؟! سنتيمترات قليلة لا تقدم ولا تؤخر.. ماذا يحدث؟! هل تخرب الدنيا إذا قصرت الأكمام قليلا أو قصر (الذيل)! لا تحبكوها أيها المتزمتون! وتتبلد الأعصاب على المنظر المكروه فتقصر الأكمام بضعة سنتيمترات أخرى أو يقصر الذيل، أو يقصر الجورب، وينكشف من المرأة ما أمر الله بستره بالمقدار نفسه.. انتهى كلامه.
(3) علاقتك بخدمك...
أمي الحبيبة...(2/212)
تلاحظين ونلاحظ كلنا قسوة بعض ربات البيوت على من تحت أيديهن من الخدم فبعضهن هداهم الله يشتمن خدمهن، ويضربوهن، ويكلفونهن بما لا يطيقون.. فلماذا.. لماذا يا نساء المسلمين؟.. إنهن من طينة مثل طينتكم، ومكثن في بطون أمهاتهن كما مكثتم في بطون أمهاتكم، ولكن فضلتم عليهن بالرزق، فأغناكم الله من فضله، وهن فقراء يبحثن عن لقمة العيش لتسد حاجتهن وحاجة عيالهن.. عن أسامة بن زيد رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "قمت على باب الجنة، فإذا عامة من دخلها المساكين، وأصحاب الجد محبوسون، غير أن أصحاب النار قد أمر بهم إلى النار. وقمت على باب النار فإذا عامة من دخلها النساء". يا مسلمون... عاملوا من تحت أيديكم بالحسنى، وأعينوهم إن كلفتموهم أعمالا فوق طاقتهم، وأطعموهم مما أطعمكم الله، و أكسوهم مما كساكم الله. قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "هم إخوانكم. وخولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم".
أمي.. أبقاك الله...
إن خير النساء هي التي وصفها الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فعن أبي هريرة رضى الله عنه -، قال: قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - "خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك " فمن كانت تلك خصالها كانت خير النساء.
الرسالة الثانية:
إلى.. أختي..
(1) إياك أعني..(2/213)
أنت إياك أعني.. يا بنت الجزيرة. يا حفيدة عائشة وخديجة.. أنت إياك أعني... يا غصة في حناجر الأعداء، يا رمز الطهارة والنقاء. أنت إياك أعني... يا من جعلتي العفاف ثوبك، والحياء نهرك، والطاعة شرابك وزادك.. أنت إياك أعني... يا من رضيتي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيا ورسولا.. " أختي الحبيبة.... قد تقولين أنني أبالغ عندما أقول. إن جل اهتمامات المخططين والمفكرين الغربيين هو أنت.. يا فتاة الإسلام.. أنت. ولقد أدركوا - أخزاهم الله - تأثير المرأة على مستقبل وحياة الشعوب، لذا حاولوا بكل ما يملكون من وسائل للنيل منك ومن عفتك، ولقد آلمهم كثيرا تمسكك بحجابك حتى هذا الوقت، ولقد كان يظن المخططون الغربيون في السابق أن ذلك الأمر لن يدوم طويلا ولكن رد الله كيدهم في نحورهم {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}. (آل عمران: 54). فهم يحاولون ولازالوا ليخرجوك من العفة إلى الرذيلة، ومن الحسن إلى القبح، ومن الصفاء والنقاء إلى التعاسة والشقاء.
• هم يا أختاه... يريدونك في كل مكان وزمان في ليل أو نهار.
• هم يا أختاه... يريدونك في المكتب، والمتجر، في السوق، وفى النادي، وفى المطعم..
• هم يا أختاه... يريدونك سائقة تاكسي وعاملة مصنع وشرطية وسكرتيرة ومديرة.
• هم يا أختاه... يريدونك أن تخلعي ثوب الحياء، وتمشين سافرة في الأسواق والطرقات.
• هم يا أختاه... يريدونك صديقة لكل رجل، وحبيبة لكل شاب.
• هم يا أختاه... يريدون النيل من عفتك التي طالما آلمهم تحجبك.
• هم يريدون... ونحن نريد.. والله يفعل ما يريد..
(2) لمحة عن المرأة الغربية(2/214)
نعود إلى الوراء إلى العصور القديمة، لنرى مكانة المرأة عندهم، فالهنود مثلا يرون أن المرأة تحيا بحياة الرجل وتموت وتحرق بعد وفاته، واليهود يرون أن المرأة تعتبر خادمة ليس لها حقوق أو أهلية.. وفى الجاهلية تعتبر المرأة من سقط المتاع لا قيمة لها..
فجاء الإسلام وأعطى المرأة أحقيتها.. وأهليتها، ومكانتها في المجتمع التي تليق بها، ووضع ضوابط لصيانتها وحمايتها من الوقوع في الزلل. والقرآن والسنة بينتا الكثير من المسائل التي تتعلق بالمرأة من حيث حقوقها وواجباتها..
والمتأمل لأحوال المرأة في دول الغرب.. يجد الانحطاط والرذيلة بعينها.. يجد الفساد الأخلاقي، والتفكك الأسري، والسقوط الاجتماعي. فمن النادر جدا أن تجد فتاة عذراء في المجتمعات الغربية، ففي أمريكا مثلا. ومما لاحظته مديرة مشروع سان فرانسيسكو للبنات الحوامل أنه لا توجد أية بنت ترغب فى أن تبقى عذراء، وأنه لمن المهم أن تكون البنت نشيطة جنسيا! !
وذكرت (ا) مجلة التايم أن عدد الحوامل من بنات أمريكا مليون فقط سنويا، علما بأن أربعة أخماس هؤلاء غير متزوجات وأنه حوالي000، 30 منهن تحت سن الخامسة عشرة من العمر، أما نسبة البنات الحوامل ممن هن دون سن الرابعة عشرة من العمر فهي 40%.
أتطري يا أختي المسلمة إلى أي درجة، وصل الانحطاط الخلقي والفساد الاجتماعي، وبعد هذا يريدونك أن تصبحي مثل الفتاة الغربية "المتحضرة" أهذا تحضر؟ ! أهذا تقدم؟ !. ربما هذا تحضر ونحن لا ندري! ! فالتحضر في قواميسهم هو أن لا تبقى الفتاة عذراء، والتحضر عندهم هو أن تصبح المرأة زوجة لكل رجل.. يوما مع هذا ويوما مع ذاك.. إنها والله رجعية وتأخر... إنه والله فساد وتقهقر..
(3) قضية المساواة
أختي الحبيبة...(2/215)
هداك الله.. قبل أن أتطرق لهذا الموضوع، أود أن تتمعني في هذه الآية الكريمة، قال - تعالى -: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً} (الأحزاب: 36). هذه الآية الكريمة السابقة تقرر أمرا واحدا هو التسليم بأمر الله وقضاؤه، فليس لأحد من الناس أن يخالف أمره. ولما كانت صفتي "الحكيم العليم " من أسماء الله وصفاته فإنه - سبحانه - بحكمته وعلمه، قد أعطى كل ذي حق حقه دون نقصان، وقد فرق الله - سبحانه وتعالى- بين الرجل والمرأة حيث قال - تعالى -: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى}. (آل عمران: 36). وفضل الله الرجل على المرأة، قال - تعالى -: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (البقرة: 228)، فسر ابن كثير هذه الآية ((وللرجال عليهن درجة)) أي في الفضيلة وفي الخلق والخلق والمنزلة، وطاعة الأمر، والإنفاق والقيام بالمصالح، والفضل في الدنيا والآخرة كما قال - تعالى -: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} - وقوله أي عزيز في انتقامه ممن عصاه وخالف أمره، حكيم في أمره وشرعه وقدره انتهى. وقد فرض الله على الرجل والمرأة فروضا وألزمهما بها.. فمن عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها، سواء ذكرا كان أم أنثي، قال - تعالى -: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً} (النساء: 124).
أختي الحبيبة..(2/216)
أصلحك الله.. إن ممن ينادي اليوم بالمساواة بين الرجل والمرأة في كل شيء وفى جميع نواحي الحياة، فهو إنما يهدف للنيل من هذا الدين الذي شمل جميع نواحي الحياة الإنسانية. فالذي ينادي بالمساواة.. فهو إما أن يكون إنسان شهواني (كالبهيمة) لا يهمه إلا إرضاء شهواته ونزواته. أو أن يكون عميلا أو تلميذا لإحدى المدارس الفكرية الغربية المنحلة التي تهدف إلى إفساد المجتمعات.
وسؤالنا هنا يا أختاه.. ماذا وجد الغرب المتقدم علميا وحضاريا، من المساواة بين الرجل والمرأة في جميع ميادين الحياة؟.. أقول لك ماذا وجدوا.. تفكك في الأسرة الواحدة، وانتشار لفاحشة الزنا من أثر الاختلاط، وانتشار البطالة وذلك لأن المرأة شغلت حيزا كبيرا من عمل الرجل، وكذلك كثرة الجرائم والسرقات وخصوصا (جرائم الاغتصاب). وهناك أمور كثيرة نتجت بسبب المساواة. "
أختي الحبيبة...
وأنه مما تجب معرفته أيضا، أن لكل من الرجل والمرأة تكوينا جسديا يختلف عن الآخر. فالتكوين الجسدي للرجل مهيأ لتحمل أعباء الحياة من كد وتعب ومشقة، أما المرأة فقد منحها الباري جسدا ناعما طريا لا يحتمل المشقة، والضرب في الأرض، وتكوينها الجسدي مهيأ لعمليات إنجاب الأبناء. وقد ميز الرجل على المرأة أيضا بالرزانة والحكمة في تصريف شئون الحياة، أما المرأة فقد وهبها الله قلبا عطوفا، وصدرا حنونا، فإليها ينجذب الطفل، وإليها يسكن الرجل.
(4) الحجاب
قال - تعالى -: (يا أيها النبي قال لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدني أن يعرفن فلا يؤذين، وكان الله غفورا رحيما*.
أختي الحبيبة... هداك الله وان البعض يقول الحجاب هو ما غطى الرأس والصدر فقط أي لا يشمل تغطية الوجه، وهذا القول باطل من عدة أوجه:(2/217)
أولا: الحجاب: إن لم يستر ويغطي ويحجب عن النظر، فكيف يسمى حجابا، فالغرض من الحجاب هو الستر والتغطية، فلو أن المرأة غطت رأسها وصدرها فقط فهل حققت بذلك الغرض من الحجاب؟ طبعا لا. !
ثانيا: قال عبد الله بن عباس: أمر الله نساء المؤمنين، إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة
ثالثا: في قول الله - تعالى - ((يدنين عليهن من جلابيبهن)).. قال ابن عباس رضي الله عنه فيه: هو الذي يستر من فوق إلى أسفل. وقال سعيد بن جبير: هو المقنعه (الملاءه) وقيل: كل ثوب تلبسه المرأة فوق ثيابها، ويجب أن يكون فضفاضا غير ضيق، لا يشف عن البدن، ولا يظهر أماكن الزينة.،
رابعا: إن زينة المرأة وجمالها وفتنتها، يكن في وجهها، فإذا كان وجه المرأة مكشوفا كان ذلك مدعاة للفتنة، وياعجبا.. وهل وضع الحجاب إلا لإخماد الفتنة في مهدها!
خامسا: قد تقول بعض النساء أنني واثقة من نفسي، وأنني لست ممن يتبرجن ويتزين لإرضاء نزواتهن ورغباتهن. ونقول أن الحجاب ليس غطاء للمرأة فقط، بل الحجاب فى معناه الحقيقي أعم من ذلك وأشمل، فكما هو حفظ للمرأة وصيانة لها، فهو أيضا حفظ للرجل وصيانة له من النظرة الحرام، وخطر الوقوع في الفتنة.
أحذري يا أختاه
أ ) إظهار الزينة..(2/218)
الملاحظ جدا في هذا العصر "عصر المتناقضات ". هو تطويل الثوب بالنسبة للرجل (إسبال)، وتقصيره بالنسبة للمرأة (أي عكس السنة، إنا لله و إنا إليه راجعون)، فإن الموضة الحديثة تقتضي أن يكون ثوب المرأة قصيرا فوق الكعب، وذلك تمهيدا للمرحلة المقبلة وهي أن يكون الثوب إلى منتصف الساق. "والمرأة كلها عورة إلا وجهها وكفيها في الصلاة"، فقد نجد أن بعض النساء أصلحهن الله لا يلقين بالا لمسألة تغطية الأرجل، والملاحظ أيضا أن الحجاب الآن أصبح موضة عصرية، فقد أدخلت عليه التعديلات، فأصبح الحجاب مبهرجا بألوان جذابة يلفت الأنظار، وهذا بعكس قول الله - تعالى - ((ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها)). أي بدون تعمد ولا قصد في إظهار الزينة. ومن الملاحظ أيضا.. بل الأدهى والأمر.. هو أن بعض الفتيات أصلحهن الله.. أتجهن إلى الملابس الضيقة جدا، وهي تبين وتبرز مفاتن الجسم، وهذا والله أبلغ في الفتنة.. وسؤالي هنا.. هل هناك امرأة عاقلة تلبس مثل هذه الملابس الضيقة؟.. قال لي أحد الأقرباء وهو يعمل في إحدى المستشفيات: والله لقد رأيت امرأة ساترة لوجهها وصدرها ورأسها، ولكن على جسدها ثوبا ضيقا جدا ما رآها أحد في المستشفى إلا وأخذ يحدق في جسدها! وهنا أوجه نداء إلى كل فتاة تلبس مثل هذه الثياب الضيقة، أذكرها بقول الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. يقول: "صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وأن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا". هذا الحديث من معجزاته - صلى الله عليه وسلم -، فقد أخبر الصادق المصدوق بخبر سوف يقع مستقبلا، وقد حدث بالفعل وإنه في زماننا هذا، فقوله: "كاسيات عاريات "، فمن النساء، من يلبسن الثياب القصيرة، فهي قد أظهرت بعض الجسد، وكست الآخر، ومن(2/219)
النساء، من يلبس الثياب الضيقة، فهي قد كست بالفعل ولكن أبرزت المفاتن والمحاسن، وبالغت في الفتنة.
وقوله: "مائلات مميلات " - مائلات.. أي في مشيتهن وتكسرهن أو المشطة الميلاء "مشطة البغايا" مميلات.. أي يعلمن غيرهن فعلهن المذموم. "ومن الزينة أيضا يا أختاه... التعطر والتطيب، فإذا خرجت المرأة متعطرة وشم الرجال طيبها فقد وقعت في المحظور، يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - "كل عين زانية، والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا" يعني زانية، وعن أبي هريرة - رضى الله عنه -، أنه لقي امرأة شم منها ريح الطيب ولذيلها إعصار، فقال: يا أمة الجبار جئت من المسجد؟ قالت: نعم، قال لها: تطيبت؟ قالت: نعم، فقال إني سمعت أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يقبل الله صلاة امرأة تطيبت لهذا المسجد حتى ترجع فتغسل غسلها من الجنابة". يقول الشيخ ابن باز - رحمه الله -: يجوز لها (أي المرأة) الطيب إذا كان خروجها إلى مجتمع نسائي، ولا تمر في الطريق على الرجال، أما خروجها بالطيب إلى الأسواق التي فيها الرجال فلا يجوز لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "أي امرأة أصابت بخورا فلا تشهدن معنا الصلاة".
وقد يقول قائل: ما مدخل العطر والعطورات في التحريم؟.. أقول لك؟ أن الرائحة الزكية لها تأثير كبير ومحرك قوي على إثارة الرغبة الجنسية، وخصوصا عندما يكون ذلك ملتصقا بجسد امرأة فهنا يكون أبلغ وأقوى لتحريك الشهوة من مكانها. وفي هذا الزمن وفي الأسواق نجد أن بعض النساء (هداهن الله) يصل عطرها إليك قبل أن تمر من أمامك وذلك لقوة العطر وكثرته.. فإلى متى يا إماء الله وإلى متى يا فتاة الإسلام.. نشكو إلى الله قسوة في قلوبنا..
ب) الخلوة..(2/220)
الخلوة: هي أن ينفرد الرجل بامرأة في غيبة عن أعين الناس، ولما كان الرجل ميالا إلى المرأة، والمرأة ميالة إلى الرجل، وكلاهما يجد حنينا إلى الآخر، جاء الإسلام ليحفظ للأمة رجالها ونساءها؟ ليبعدهم عن مراتع الفاحشة، وليغلق أبواب الشر. يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - "لا يخلو رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما". هذا الحديث واضح وصريح، فأي رجل أختلى بامرأة كان الشيطان معهما وثالثهما، ومن كان الشيطان ثالثهما فالسقوط أولى لهما.
قد يقول قائل: ماذا في الخلوة إذا كان أحدهما أو كلاهما كبيرا في السن أو معاقا أو في حال من هذا القبيل؟ ونقول؟ إن الصادق المصدوق لم يستثن أحدا.. شيخا أو شابا، عجوزا أو فتاة. فهو - صلى الله عليه وسلم - أعلمنا بالله وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (النجم: 3-4) وكما قلنا سابقا فالرجال ميالون إلى النساء بالفطرة وهذه هي ((فطرة الله التي فطر الناس عليها).
أختي الحبيبة..
هناك بعض من الناس يتساهل في أمر الخلوة مع الأقارب كابن العم وابن الخال. وغيرهما.. مع العلم بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما منع خلوة الرجل بالمرأة، شدد على الأقارب بالذات، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - "إياكم والدخول على النساء"، فقال رجل "أرأيت الحمو يا رسول الله فقال الحمو الموت.. " وفى رواية للإمام أحمد قال: "الحمو الموت ثلاث مرات - وذلك لبيان خطورة ذلك. والمشاهد الآن يحز في النفس، ولا مطلوب مني أن أورد دليلا فهو مشاهد للعيان، ويكفيك أن تسير في الطرقات لترى ذلك. "
أختي الحبيبة..
هناك موضوع آخر مرتبط بهذا الباب ألا وهو سفر المرأة بدون محرم، وسفر المرأة بدون محرم (حرام)، وهو يؤدى إلى الخلوة. قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ".(2/221)
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - (ا) هل تعتبر المرأة محرما للمرأة الأجنبية في السفر والجلوس ونحو ذلك أم لا؟.. وأجاب فضيلته.. ليست المرأة محرما لغيرها، إنما المحرم هو الرجل الذي تحرم عليه المرأة بنسب كأبيها وأخيها، أو سبب مباح كالزوج وأبي الزوج وابن الزوج، وكالأب من الرضاع والأخ من الرضاع ونحوهما. ولا يجوز للرجل أن يخلو بالمرأة الأجنبية ولا أن يسافر بها لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ". ومن الملاحظ أن البعض يسمحون لزوجاتهم أو أخواتهم أو بناتهم أن يسافروا من بلد لآخر بالطائرة، ويقول إن هذا ليس فيه شيء مادام أن أباها أو أخاها سوف يستقبلها في البلد الآخر، هذا بالإضافة إلى أن الطائرة لا يوجد بها خلوه. وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال وسوف ادعك تتولى الإجابة عليه؟.
- هل تضمن أن الطائرة لن يحدث بها خللا، خلال فترة سيرها، وإنها لن تهبط في بلد آخر غير البلد المقصود؟..
جـ) ترقيق الصوت...
قال - تعالى -: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً} (الأحزاب: 32)
أختي الحبيبة.. هداك الله
في هذه الآية السابقة نهي وتحذير لنساء النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولنساء الأمة. وهذا النهي هو عدم الخضوع بالقول أي: (ترقيق الكلام والتكسر فيه) - وقوله - تعالى -: {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} أي ضعاف النفوس - وقوله {وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً}. قال ابن زيد: قولا حسنا جميلا معروفا في الخير. وقال ابن كثير: أي إنها تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم، أي: لا تخاطب المرأة الأجانب كما تخاطب زوجها. "
أختي الحبيبة...(2/222)
إن صوت المرأة وكلامها كالسحر يسري في النفوس إذا كان مصحوبا بترقق وتكسر، فإذا تكلمت المرأة بصوت مرقق مكسر عند الأجانب كان ذلك أدعى إلى تحريك الشهوة من مكانها، واهتياج الثورة في نفس صاحبها، وسولت له نفسه بأنه المقصود بذلك.. فعندئذ يطمع الرجل ويكون دافعا له ووسيلة تجرئه وتجره إلى عمل المحظور.
وفي الأسواق يحدث ما لا يطاق.. فبعض الفتيات أصلحهن الله - تتكلم مع البائع بكلام لين مصحوبا بعبارات رقيقة، وقد يكون هذا العمل لاستجداء قلب البائع والحصول منه على سعر رخيص لبضاعة معينة.. فلماذا يا أمة الجبار؟... لماذا يا أمة الله؟..
والحكمة يا أختاه.. من هذه الآية السابقة، هو قطع للشر من جذوره، وإخماد لنار الرذيلة في مهدها، وسد لباب لا يأتي بخير.. فتذكري يا أختاه {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}
د) المشي المتكلف...
قال - تعالى -: {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} النور: 1-12. ذكر ابن كثير في تفسير هذه الآية
- كانت المرأة في الجاهلية إذا كانت تمشي في الطريق وفي رجلها خلخال صامت لا يعلم صوتها، ضربت برجلها الأرض فيسمع الرجال طنينه، فنهى الله المؤمنات عن مثل ذلك. وكذلك إذا كان شيء من زينتها مستورا فتحركت بحركة لتظهر ما خفي، وكل في هذا النهي لقوله - تعالى -: ((وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ)). الآية
أختي الحبيبة...(2/223)
في عصرنا هذا قل من يستخدم الخلخال.. بل هناك شبيهة ألا وهو الكعب وما أمر الكعب عن الخلخال ببعيد.. فلقد أصبحت الآن هناك نغمات للكعب - ولم يبق إلا تسجيل هذه النغمات على أشرطة كاسيت وتوزيعها في الأسواق! ! ذكر عبد الرحمن الواصل في كتابه (ا) يقول: "كنت في مصلحة حكومية أنجز فيها بعض مطالبي، فسمعت أحد الموظفين يقول موجها حديثه إلى زملائه: إنني أعرف (فلانة) عندما تنزل من السلم، فسأله زملاؤه: كيف؟ فقال: أعرفها بحذائها فإن له نغمات خاصة أميزها به وأميزه بها".
" أختي الحبيبة يرحمك الله...
إن بعض الفتيات إتخذن أسلوبا خاصا في المشي، فخطواتها قصيرة جدا، ومشيتها متكلفة جدا جدا ولولا يقيني من أنها تمشي على الأرض لقلت أنها تمشي على مجموعة من البيض! !.
أختاه..
لقد منحك الله جسدا طريا، ووجها جميلا، وصوتا رقيقا. فاتق الله في نفسك، ولا تجعلي للنار سبيلا على هذا الوجه الصبوح، ولا على هذا الجسد الناعم، وترفقي بإخوانك المسلمين يا أمة الله. "
أختاه..
تأكدي قبل أن تخرجي من بيتك، بأن ثوبك ساترا لجميع أماكن الفتنة، وتجنبي التكلف في المشية، وترقيق الصوت في الكلام، فإنها والله من السهام التي تصيب قلب الرجل، واحذري من عقوبة الله، فإن الله لا ينظر إلى الأجسام، والصور ولكن ينظر إلى القلوب التي في الصدور. واعلمي يا أختاه أولا وأخيرا وقبل كل شيء أن تحجبك وتسترك حماية لك ولمن حولك..
http://saaid.net المصدر:
===============
رسالة إلى أم أسير
د. محمد العريفي(2/224)
أوجب الله - تعالى - الجهاد لإعلاء كلمته وإظهار دينه واستنقاذ المستضعفين من عباده، وإن كان في ذلك تلف النفوس أو أسرها؛ فإن تَلِفَتْ فهي الجنة، وإن أُسرت وجب فكُّها: إما بالقتال، أو الأموال. قال عمر - رضي الله عنه - : لئن أستنقذ رجلاً من المسلمين من أيدي المشركين أحب إليّ من جزيرة العرب. وكان عمر بن عبد العزيز لا يسميهم أسارى إنما هم حُبَساء في سبيل الله..فيا أم الأسير! بل يا أمنا جميعاً ـ فهو أخونا ـ لئن بكيت عليه دمعاً فنحن نبكي عليه دماً، نعم! وأي مسلم يحلو له أن يهنأ بطعام أو شراب، وإخوانُه في سجون الكافرين يعانون؟ فمن سجون فلسطين إلى جوانتانامو، إلى أفغانستان، والعراق، والشيشان..نحزن جميعاً لأسرهم، ولكننا نفرح بأجرهم {وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ} [إبراهيم: 42].. وأحسب أننا ـ يا أمنا ـ نتفق جميعاً على أن المعالي لا تُكتسب إلا بالتضحيات، وهذا الدين عزيز، بُعِثَ رسوله بالسيف بين يدي الساعة، وهو نبي الملحمة، وما هو والدنيا إلا كراكب استظل بظل شجرة ثم راح وتركها، ومهما ضحى المسلمون في سبيل نصرة الدين، فما خسروا؛ فهم يعاملون ربّاً كريماً اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة. ولما قاسى بعض الصحابة في الجهاد ما قاسوا، وجعلت أنفسهم تدعوهم للراحة بعدما قدموا كثيراً، أنزل الله عليهم {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195]، فالتهلكة هي الركون إلى الطعام والشراب والفراش وترك الجهاد في سبيل الله، فاصبري واحتسبي يا حفيدة خديجة وأخت الخنساء! واعلمي أن البكاء والجزع لن ينفع شيئاً، بل هو يُفرح العدو ويُحزن الصديق، وقولي كما قالت أسماء لما قتل الحجاج ابنها عبد الله بن الزبير وعلقه مصلوباً، ثم دخل عليها متشمِّتاً يردد: قتلنا ابنك يا عجوز! فقالت أسماء: وما صنعتَ؟! ما زدتَ على أن أفسدت عليه دنياه(2/225)
وأفسد عليك آخرتك. فانقلب فرح الحجاح إلى حزن.
رمضان 1425هـ * أكتوبر/نوفمبر 2004م
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
=============
رسالة إلى العقلاء ( 1 )
الخطبة الأولى:
أما بعد أيها الأخوة المؤمنون:
هذا حديث إلى العقلاء - من الأمهات والآباء - والبنات والأبناء في شأنِ أمرِ عظيمِ من أمور الحياة الدنيا والأخرى.
وفي شأن سنةٍ نبويةٍ ماضية وحكمةٍ إلهية بالغة وطبيعةِ فطريةِ إنسانيةِ شائعة في أمر الزواج الذي يكثر في مثل هذه الأيام بمناسبة الإجازات.
ويكثر مع تكاثره وتكرره حديثُ يطول هو حديثُ ممزوجُ بكثير من المرارة مع الفرح ومملؤ بكثيرِ من الاعتراض والانتقاد، وكثيرِ من اللوم والعتاب، وكثيرِ من التضجر والمعاناة.. وما ذلك إلا من تصرفاتِ لا يقرها الإيمان المستقر في القلوب، ولا العقل المستقر في العقول، وإنما سلفت بها عوائد، ومضت بها أعراف ما أنزل الله - عز وجل - بها من سلطان.
ثم تحكمت في رقاب الناس حتى غدوا أسرى لها لا يستطيعون منها فكاكاً، ولا يلتمسون منها نجاةً؛ ذلك أنهم حينما رق اتصالهم بشرع الله - عز وجل -، وضعفت استمساكهم بسنة نبيهم الكريم - صلى الله عليه وسلم -، وقلّ اتباعهم وبحثهم في سيرة أسلافهم الصالحين من الصحابة والتابعين، ومن جاء بعدهم من الأئمة والعلماء المقتدى بهم في الدين.. عندما حل ذلك تسلط عليهم هذه الأهواء وانتشرت بينهم تلك الأعراف الخاطئة ومن هنا يأتي هذا الحديث إلى العقلاء؛ لعله أن يخاطب بقية الدين في القلوب، وبقية التفكير في العقول؛ لأن نسمع دائماً هذا الحديث يتكرر في المجالس، ويكتب كثيراً على صفحات الجرائد والمجلات، ويناقش في مؤتمراتٍ ومنتديات ومع ذلك لا نرى في الواقع تغيراً إلا قليلاً.
ذلك أن في النفوس ضعفاً لا تقبل معه بمخالفة العوائد والأعراف، وذلك أن في الإيمان ضعفاً، فلا يجرأ على أن يعلن عن مقتضاه ومستلزماته التي تخالف أهواء البشر.(2/226)
ومن هنا نقف هذه الوقفة؛ التي قد يطول أمدها ويستمر حديثها لما لها بصلةٍ بالواقع، وبكثيرٍ من أحوالها من أثرٍ من الشكوى والمعاناة التي أشرت إليها.
وابدأ بالصورة الجميلة المشرقة التي بينها الله - عز وجل - في كتابه الكريم للزواج وبناء الأسرة؛ لنرى وليرى معنا العقلاء هذه الصورة المحلقة في أفقٍ سامٍ من الفضائل، والمغمورة في بحرٍ عظيمٍ من المنافع والمصالح، ويروا بعد ذلك ما في الواقع من أشواك ومن آلام لا تتفق مع هذه الصورة؛ لأنها لم تأخذ بأسبابها يقول الحق - جل وعلا - : {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقومِ يتفكرون}.
وفي موضعِ آخر يقول الحق - جل وعلا - : {هو الذي خلقكم من نفسٍ واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها}.
فهذا الزواج هو السكن التي تطمئن فيه القلوب، وتهدأ النفوس، وتستقر الأفكار والعقول، ويجتمع الهوى، فلا يتفرق ولا يتشتت، ويتوجه الحب في مساره الصحيح، فلا يزل ولا يضيع ولا يزيغ ولا يهلك صاحبه بمخالفة أمر الله - عز وجل -.
هو السكن الذي يفيء إليه المسلم المؤمن مما يلقاه من عناءٍ أو مشكلاتٍ أو معاناةٍ في أثناء هذه الحياة الدنيا.
هو السكن الذي تستفرغ فيه الشهوة في جوٍ نظيفٍ طاهر، وفي استمراريةٍ دائمةٍ ملائمة، وفي هدفٍ ورسالةٍ مثاليةٍ رائعة.. إنه ليس مجرد قضاء للشهوة والوطر! إنه ليس مجرد عبث وهوى! إنه استقرار ورسوخ! إنه سكونُ وطمأنينة! إنه استمرارُ وديمومة!
ولذلك غذائه الذي يغذيه وماءه الذي يجري معه ويرويه هو المودة والمحبة : {وجعل بينهم مودة ورحمة).(2/227)
هذه التي تغذي هذه المسيرة في حياة الأسرة في حياة اللبنة الأولى من لبناة المجتمع فإن في الحياة غنى وفقراً، وإن فيها سعادة وسروراً، وفيها كذلك شقاء وشروراً، وما يحفظ الملأ الأسرة في سائر أحوالها وتقلباتها إلا هذه المودة والرحمة، وقبل ذلك أساس الإيمان الجامع ومنطلق رسالة الإسلام التي تحدد الهدف والغاية.
ويسأل المرء نفسه : هل لا زال الزواج مودة وسكناً، أو قد غدا شروراً وحزنا؟
أي سكن وهذا الزوج المسكين قد أثقلت كاهله الديون فهي همُّ يركبه بالليل والنهار؟!
أي سكنِ وتلك الزوجة الخرقاء التي لم تتأدب بآداب الإسلام ما تزال تطلب فراشاً وثيرة، ولباساً زاهيا وما تزال تفاخر هذه وتلك!
أي سكنٍ وهو مطالب بأن يفعل كذا وكذا، وأن يعطي كذا وكذا، وأن يحاول كذا وكذا حتى كأنه لا يذهب إلى زواجٍ وإنما يذهب إلى معاناة ومقاساة!
وكما قلنا في الزواج أنه سكنُ دائم فإذا خولف فيه أمر الله؛ فإنه - عياذ بالله - حزنُ دائم، وشرٌ مستمر، ونزاعُ وشقاق.. لم تعد هناك المودة والوئام، وأعقبها الخلاف والخصام سبب ذلك أن كثير من الناس تاهوا عن شرع الله، ولم يستمسكوا بهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن تعجب فاعجب للوصف القرآني البليغ الرائع الذي ليس هناك أبلغ منه ولا أكثر روعة منه في وصف هذه الحياة الزوجية، ووصف التكامل بين الرجل والمرأة في ظل هذا العقد الشرعي الذي جعله الله - عز وجل - عقداً مغلظاً مؤكداً : {وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذنا منكم ميثاقاً غليظاً}.
انظر إلى الوصف القرآني في قوله - جل وعلا - : {هن لباس لكم وأنتم لباس لهن}.
شطر آيةٍ يمر بها كثير منا من غير تأملٍ في معناها، ولا تذكّر في مغزاها.
ما هو اللباس؟(2/228)
إنه اللباس الذي تتجمل به إنه الذي يكون على مقاسك فلا يطول ولا يقصر، والذي يكون مناسباً وملائماَ لك.. إنه أقرب شيءٍ إليك، وألصق شيءٍ بك.. إنه الذي تستتر به فتغطي ما وراءه مما قد يكون من عيوب..
كل هذه المعاني وغيرها في اللباس هي حقيقة هذا الزواج.
إنه ستر ومناسبةٌ وجمالٌ وقرط.. إن اللباس ستر والزواج ستر تستر المرأةُ زوجها في عرضه في ماله وفي حاله ويسترها فيعفها في عرضها، ويحفظها في كرامتها، ويستر عليها ما قد يبدو من سوء خلقها، فلا انكشاف للأستار ولا هتك للأعراض، ولا ظهوراً للأسرار، وإنما هو سترٌ جميل يتحقق كما يتحقق بلباس الذي تستر به عورتك عن أعين الناس.
وكذلك في هذا اللباس معنى المناسبة والملائمة.
فلباسك لا يصلح لغيرك؛ لأنه لم يكن له ولم يفصل عليه، ولم يعد لأجله، وكذلك الزوج لزوجته لباسٌ يناسبها ويوائمها، ومن هنا لا بد من تحقيق هذا اللباس، فيتنازل الزوج عن بعض أموره، وتتنازل المرأة عن بعض أمورها؛ حتى يحصل التلائم والمناسبة والتطابق الكامل.
ثم كذلك يكون هناك التناسب التام في الأحوال، فإذا غضب الزوج سكنت المرأة، وإذا استشاطت المرأة هدأ الزوج، وإذا كان الفقر جاء التقتير، وجاء التجبير والترشيد، وإذا جاء الغناء جاء الإنفاق والإحسان.. هكذا تكون الحياة مناسبة متلائمة بين الرجل والمرأة في ظل شرع الله، وتتحقق هذه المعاني بجزءٍ من شطر آيةِ في معنى من المعاني التي يتضمنها اللباس.
واللباس إظهارٌ للمحاسن، وتجملٌ بالمحامد.. وهكذا ينبغي أن يكون الزواج.
وانظر أيضاً إلى معنى القرب والالتصاق؛ لتكون أسرار المرأة عند زوجها ومشكلات الزوج عند زوجته؛ ليكون مزيداً من القرب، ومزيد من الالتصاق، وليحصل حينئذٍ حل لهذه المشكلات، وأن تكون الحياة الزوجية الأسرية عوناً على هذه الحياة، وعوناً - قبل ذلك - على أمر الأخذ بدين الله - عز وجل -، والدعوة إليه، والمضي إلى الجهاد في سبيله - عز وجل -.(2/229)
فليس الزواج ركوناً إلى الدنيا، ولا إخماداً إلى الأرض، ولا فرحاً بالزوجة والانشغال بالأولاد! وإنما هو مضيٌ في الرسالة، واستمرارٌ في الغاية؛ كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخبر الذي صحّ عند البخاري في قصة النبي الذي تزوج وطاف على تسعةِ وتسعين من النساء، وقال : تنجب كل واحدةٍ منهن غلاماً يجاهد في سبيل الله، ولم يقل " إن شاء الله " قال النبي - عليه الصلاة والسلام - : (فلو قالها لولدت كل واحدةٍ منهن غلاماً يجاهد في سبيل الله).
إنه وهو يحرث في موضع الحرث وهو يطلب الولد يطلب أداء الرسالة، واستمرار الغاية في الجهاد في سبيل الله، فبدلاً أن يجاهد وحده فليجاهد مع أبناءه، وبدلاً أن ينفق وحده فلينفق مع أسرته.. فليس الزواج بعداً عن هذه الغايات العظمى، ولا عن المهمة الأولى : {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}.
وانظر رعاك الله - ولينظر معنا جميع العقلاء - عن معنى اللباس في زواج اليوم : هل يحصل به الستر ويقع به الجمال، ويتحقق به المناسبة والملائمة، ويقع به القرب والالتصاق المطلوب؟
تفكّر في ذلك، وانظر إلى كثيرٍ من الأحوال؛ لترى في كثيرٍ من أحوال الزواج اليوم كشفاً للمستور، وإظهارٌ للقبائح، وتكثيرٌ للمشكلات، وبعداً بين الزوجين حتى إن كل واحد منهما له من بني جنسه أو له من أصحابه أن يكون عنده من الأسرار والأحوال الداخلية ما لا يعرفه الطرف الآخر.
وذلك بعدٌ عن هذه الرسالة السامية والصورة المشرقة السامية.
وتأمل معي حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يلخص صورة عظمى من صور المتعة الإنسانية في الحياة الدنيوية تصوير في غاية الروعة والبلاغة - : (الدنيا متاع وخيرُ متاعها المرأة الصالحة).(2/230)
ليس خير المتاع المال الوفير، وليس خير المتاع أي عرض من أعراض الدنيا! وإنما خيره المرأة الصالحة تحفظ المال، وتربي الأجيال، وتعين على الاستمرار في أمور الحياة الدنيوية والأخروية؛ فيكون من وراء ذلك خيرُ في الآجل، وخيرٌ أيضاً في العاجل بإذن الله - سبحانه وتعالى -.
وهذا الوصف قد بينته سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - في المرأة الصالحة التي سيطول بنا الحديث في لقاءاتنا القادمة عن معنى هذا الصلاح وكينونته.. يقول النبي - عليه الصلاة والسلام - في معنى ذلك : (إذا نظرت إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته).
فهذه المرأة الصالحة العظيمة في أثرها ونفعها هذه الصورة أيضاَ صورة من صور القمة السامية التي بينها كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
ونعيد مرة ثالثة السؤال إلى العقلاء؛ ليقارنوا بين هذا الوصف النبوي الكريم، وبين هذا التخصيص العظيم، وبين واقع الحال الذي يعيش فيه كثير من الناس.
وأمضي معكم في مقارناتٍ حول أمر الزواج في واقعنا الاجتماعي، ويبدأ هذا الزواج بالاختيار والبحث من الرجل عن المرأة التي يتزوجها، والله - عز وجل - قد جعل لنا موازين واضحة، وجعل لنا تقويماً صحيحاً فقال - جل وعلا - : {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}.
وقال - جل وعلا - : {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإيمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله}.
فجعل المقياس في الاختيار هو الصلاح والله - سبحانه وتعالى - بين ذلك على سبيل الإجمال وبينه النبي - صلى الله عليه وسلم - تفصيلاَ في حديثه المعروف الذي يحفظه كثير منا إن لم يكن كلنا وهو حديثه - عليه الصلاة والسلام - في الصحيح : (تنكح المرأة لأربع : لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك).(2/231)
فهذا المقياس وهذه الأمور الأربعة ذكرت بهذا الترتيب في بعض الروايات؛ إشارةَ إلى الأقل أهميةً، والأبعد في الثبات والاستمرارية، ثم إلى ما بعده.. (لمالها)؛ لأن المال يأتي ويذهب يكثر ويقل … (ولحسبها) فإن الحسب الحقيقي هو حسب التقوى وحسب الصلاح وحسب الاستقامة … وبعد ذلك (لجمالها) وهو أكثر جذباً، وأكثر استمراراً وديمومةً، لكنه يفسد - كما سيأتي - بما حذر منه النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم بالأكثر استقراراً وتأثيراً في كل ما مضى (ولدينها) وتعليقٌ يؤكد ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم - فاظفر بذات الدين تربت يداك.
وفي سنن الترمذي الأمر المقابل يقول فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - : (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنةُ في الأرض وفسادُ عريض).
نتساءل أليست الفتنة قد وجدت في بعض المجتمعات ومن خلال بعض الزواجات؟
أليست الفتنة وجدت في غلاء المهور وفي عنوسة البنات، وفي عضل الآباء للبنات وفي فساد الأبناء وشيوع الفاحشة بين كثير منهم؟ أليس ذلك كله لمخالفة ذلك المنهج؟
أقول للعقلاء : فكروا وتدبروا وتأملوا، وكونوا مع أنفسكم صرحاء؛ فإنكم واجدون الجواب أن شيئاً كثيراً من ذلك قد وقع، وأنه يخشى أن يزداد وأن يفشوا وأن ينتشر.. فنسأل الله السلامة من الشرور والفتن.
وأمضي معكم؛ لنرى كيف كانت صور الانحراف عن هذا المبدأ الأساسي في الزواج وهو مبدأ الاختيار.
انظر إلى كثيرٍ من الناس اليوم عن أي شيءٍ يبحث عندما يختار زوجته.
نعلم بلا موارية ولا مخادعة أن كثيرين يبحثون عن المال، وعن الثراء العريض، وهذه - لعمر الله - صفقةٌ وليست زواجاً، وهذه تجارةُ وليست نكاحاً!
فإن هذا الناظر يدخل في صفقةٍ تجارية والصفقة قد تربح وقد تكسب - ولا شك - أن فساد النية من أسباب كسادها وفسادها.(2/232)
والناظر إلى أحوال هؤلاء ممن ينظرون هذه النظرة ويبتغون هذه البغية أن المال يعود عليهم - عياذاً بالله - نقمة من الله، وأن الزوجة به تتسلط على رقابهم ثم تعيره بأنه إنما أراد مالها، وأنها تنفق عليه وأنها أعطته كيت وكيت.. فيحصل النزاع ويحصل الشقاق وتنقلب الحياة جحيما، ثم تمسك عنها ماله، ثم بعد ذلك يقع ما يقع من وراء ذلك من أمورِ ومشكلات.. لما؟
لأن أساسها الطمع ولأن مبدأها غير قصد الله - سبحانه وتعالى -.
ولا اعتبار عند جمهور العلماء للكفاءة في المال إلا أن يكون بعد الدين؛ فإن كانت امرأتان غنيتان دينتان فينظر؛ فإن إحداهما أغنى فطلب الأغنى مع تدينها فلا بأس.
والأمر الثاني : أمر الحسب
فأهل القبائل لا يزوجون غيرهم وما يقال في كثيرٍ من بيئاتنا.. هذا حضري، وهذا قبليٌ، وهذا سيدٌ، وهذا شريفٌ وجعلوا الناس طبقات وأثاروها في مجتمع المسلمين نعرات ونسوا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (دعوها فإنها منتنة).
وقال - عليه الصلاة والسلام - عندما قال بعضهم : يا للمهاجرين! وقال آخر : يا للأنصار! أو قال بعضهم : خزرج! وقال بعضهم : الأوس قال : (أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم).
فما هذه الأقوال العجيبة ألم يزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - بناته من غير بني هاشمٍ، فزوّج عثمان اثنتين من بناته - عليه الصلاة والسلام - وليس هو من بني هاشم.
أو يدعي أحدٌ من العقلاء - بل حتى من الجهلاء - أنه يفعل فعلاً خيراً من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
أي أمرٍ هذا وقد جاء في كتاب الله - عز وجل - : {فلما قضى زيدٌ منها وطراً زوجناكها لكيلا يكون على المؤمنين حرجٌ في أزواج أدعياءهم}.
ألم يزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - زيداً - وهو من الموالي - شريفةً قرشيةً من أعلى الأسر حسباً ونسباً؟
وقس على ذلك صوراَ كثيرة من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن فعل صحابته رضوان الله عليهم.(2/233)
والله ما ترك هديهم وما ترك نهجهم إلا من ضل سعيهم وخاب فأله وساءت في أخر الأمر عاقبته عياذاً بالله - عز وجل -.
وأمرٌ ثالثٌ وهو : أمر الجمال
الذي خطف كثيرِ من الشباب فهو يبحث عن البيضاء الحوراء الشقراء، ويرسم صورة كأنما ينزل حوريةً من حوريات الجنة؛ لتكون زوجة له في الدنيا.
وأي شيءٍ في هذا الجمال.. إنه ينظر إليه نظرةً واحدة في وقت التجمل والتهيؤ والحياة.. ليست كلها تهيؤُ وتجمل.. فالحياة فيها عناءٌ وكدحٌ وعملٌ وغنىً وفقرٌ.. وكل ذلك له أثره ثم الجمال إن كان على غير دين كان نقمة، ولذلك حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من خضراء الدمن هذه المرأة الحسناء التي تكون في منبه السوء فجمالها يغويه ويطربه ويرضيه وخلقها يسؤه ويفضحه وقد من وراءه مالا تحمد عقباه.
ثم الجميلة إن تزوج بها هذا وهو يبغي جمالها مكلما رأى سوءَ من خلقها دفعه ذلك إلى أن يقبح ذلك الجمال الذي كان يبتغيه وكذلك تدل عليه لعد ذلك بجمالها وتشنع عليه بقبحه وتبدأ المشكلات التي نعرف تكررها وتسلسلها.
ثم إذا بحث أمثال هؤلاء الشباب عن هؤلاء أو عن فتياتٍ ذوات الجمال والكمال في أمور الجمال فما عسى أن يكون نصيب الدينات الصينات الحافظات المحصنات إن كان لم يوهب لهن ذلك الجمال الذي رسمه في عقله هذا الشاب.
ثم بعد ذلك كله انظر إلى موضع الدين بعد هذه النظرات كلها؛ فإنك واجد أنه في أخر الأمور عند كثيرٍ من الناس، وعلى عكس ذلك كان الصحابة وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يعلمهم ذلك وانتشر ذلك فيما بعده؛ حتى إن الأمر كان عنده أجل وأعظم من أن يكون فيه الحياء الموهوم، أو الخوف المزعوم الذي يدعيه بعض منا، ولم يكن عند صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندما نظر النظرة الصحيحة.
فعمر - رضي الله عنه - وهو من هو عندما مات زوج ابنته حفصة سعى يعرضها للزواج على الصالحين، فبدأ بعثمان - رضي الله عنه - وقال له : هذه حفصة إن شئت زوجتكها.(2/234)
فقال عثمان : أمهلني!
ثم بعد فترةِ من الزمن قال : إني رأيت أن ليس لي حاجة إلى الزواج..
لم يمنعه حياء ولم يقل في ذلك عيبا، ثم مضى واستمر فعرضها على أبي بكرِ - رضي الله عنه - فلم يرد عليه جواباً لا في عاجل ولا آجل قال عمر : فوجدت في نفسي أكثر مما وجدت على عثمان.
ثم خطبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتزوجها، فلقي أبو بكرِ عمر - رضي الله عنه - وقال له : " لعلك قد وجدت علي في شأن حفصة، أما إني قد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكرها ولم أكن لأفشي سره ".
فهذا عمر - رضي الله عنه - يعرض ابنته على الصالحين من المؤمنين.
ومن بعده قصة نعرفها ويعرفها كثيرون، ولا نرى لها في واقعنا فيما أعلم نظيراً ولا مثيلاً ولا محاولةً ولا تشبيها..(2/235)
كان لسعيد بن المسيب تلميذ يدعى (أبا وداعة)، قال أبو وداعة (كنت أجالس سعيد بن المسيب ففقدني أياماً فلما جئته قال: أين كنت؟ قلت: توفيت أهلي فاشتغلت بها، فقال: هلا أخبرتنا فشهدناها. قال: ثم أردت أن أقوم، فقال: هلا أحدثت امرأة غيرها؟ فقلت: يرحمك الله ومن يزوجني، وما أملك إلا درهمين أو ثلاثة، فقال: إن أنا فعلت تفعل؟، قلت: نعم. ثم حمد الله - تعالى -وصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - وزوجني على درهمين أو قال على ثلاثة، قال: فقمت وما أدري ما أصنع من الفرح، فصرت إلى منزلي وجعلت أتفكر ممن آخذ وأستدين، وصليت المغرب وكنت صائماً، فقدمت عشاي لأفطر وكان خبزاً وزيتاً. وإذا بالباب يقرع، فقلت من هذا؟ قال: سعيد. ففكرت في كل إنسان اسمه سعيد إلا سعيد بن المسيب، فإنه لم ير منذ أربعين سنة إلا ما بين بيته والمسجد، فقمت وخرجت، وإذا بسعيد بن المسيب فظننت أنه قد بدا له - أي ظهر له رأي غير الرأي الذي رآه من قبل، أي أنه يريد أن يرجع - فقلت: يا أبا محمد هلا أرسلت إليّ فآتيك؟ قال: لا، إنك أحق أن تُؤتى، فقلت: فما تأمرني؟ قال: رأيتك رجلاً عزباً قد تزوجت فكرهت أن تبيت الليلة وحدك، وهذه امرأتك؛ فإذا هي قائمة خلفه في طوله، ثم دفعها في الباب ورد الباب فسقطت المرأة من الحياء. فاستوثقت من الباب ثم صعدت إلى السطح فناديت الجيران فجاؤوني وقالوا: ما شأنك؟ فقلت: زوجني سعيد بن المسيب ابنته وقد جاء بها على غفلة وهاهي في الدار فنزلوا إليها، وبلغ أمي فجاءت وقالت: وجهي من وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها ثلاثة أيام، فأقمت ثلاثاً ثم دخلت بها فإذا هي من أجمل الناس وأحفظهم لكتاب الله، وأعلمهم بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأعرفهم بحق الزوج.(2/236)
تيسيرُ ما بعده تيسير، وانتقاءٌ واختيار وبحثُ وتنقيب من هذا الجانب الواضح البين، ولذلك كان هذا هو دأب الصحابة، ودأب سلف الأمة رضوان الله عليهم في شأن هذا الاختيار وبيانه وتطبيقه العملي؛ حتى إن الإنسان ليعجب من هؤلاء، ويقول بعض الجهلاء غير العقلاء : " وأنى لمثل هذا أن يقع في مثل هذا الزمان ".
ونقول : أي شيء يمنع منه إن الزواج بشرع الله ليس إلى إيجاباً وقبولاً ومهراً، وما أدرك ما المهر في أحوالنا وفي أحوال من كان في سلفنا رضوان الله عليهم!
وهي وقفتنا الأخيرة في هذا المقام :
يقول عمر - رضي الله عنه - : " ألا لا تغالوا بصداق النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية " أي نحو خمسمائة درهم.
أي مهرٍ في ذلك الوقت أقل من القليل ودون المتوسط بكثير، وهذا هو فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا فعل خيرٍ خيرٌ من فعله، وأولئك هن أزواج محمدِ - عليه الصلاة والسلام - وبناته - صلى الله عليه وسلم -، وليس هناك أفضل ولا أشرف ولا أعلى رتبة في الدين ولا في الدنيا منهن رضوان الله عليهن أجمعين.
ولذلك نخاطب في مثل هذه الأمور العقلاء من الأباء والعقلاء من الأبناء والعقلاء من الأمهات والبنات هذه البنت التي تريد المال وتريد الاسم وتريد السيارة الفارهة، والفلة الواسعة كل ذلك يفنى ويزول.. فانظر إلى ما يبقى وهو تقوى الله - عز وجل -.
وانظر إلى زواج علي - رضي الله عنه - وهو ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو البالغ الذروة في النسب من بني هاشم.. لما أراد النبي - عليه الصلاة والسلام - أن يزوجه فاطمة قال : هات ما عندك لها!(2/237)
قال : ما عندي يا رسول الله من شيء؟ فقال : أين درعك الخطيمة أعطيها إياها. فتزوجت فاطمة على درعِ لعلي - رضي الله عنه -.
قال جابر - رضي الله عنه - في وصف زواج فاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم - قال : " ما رأينا عرساً أحسن منه.. حشونا الفراش ليفاً، وأتينا بتمرٍ وزبيبٍ فأكلناه، وكان فراشها يوم عرسها جلد كبشٍ " - رضي الله عنهم - أجمعين.
هذا زواجُ هو زواج بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - خير الأمة كلها - ورئيس الدولة، وملك القوم، وزعيم الجماعة - إلى غير ذلك من الأوصاف التي توزع اليوم، والألقاب التي تتكاثر في هذا الزمان.. هذا كان الوصف الذي كان عليه زواج النبي - صلى الله عليه وسلم - من أزواجه وتزويجه لبناته.
ولذلك قال النبي - عليه الصلاة والسلام - في حديث المرأة التي عرضت نفسها وطلبها أحد الحاضرين قال :
(التمس ولو خاتماً من حديد).
ولو خاتماً من حديد! أظنه لو جاء اليوم بخاتمٍ من حديد لضرب على رأسه بفأسٍ من حديد..
نسأل الله - عز وجل - السلامة والعافية.
هذه صورُ من المفارقات يحتاج أن يتأملها العقلاء لا لمجرد التذكر أو لمجرد التندر! وإنما بسعي الحثيث إلى ترك كل ما يخالف شرع الله، وإلى التيسير والتسهيل واتباع سنة النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم -؛ لنبرأ من هذه العلل ومن هذه المشكلات والمعضلات التي ما جاءت إلا من كثرة المخالفات..
http://islameiat.com المصدر:
=============
رسالة إلى العقلاء ( 2 )
الخطبة الأولى:
أما بعد أيها الأخوة المؤمنون:
حديث إلى العقلاء..نواصل إرساله إلى الأمهات والآباء وإلى البنات والأبناء في أمر تأسيس الأسرة المسلمة، وفي أمر الزواج الشرعي والسنة النبوية الهادية المرشدة.
وقد سلف لنا بعض هذا الحديث عندما كان الحديث عن الصورة المثلى للزواج، وتكوين الأسرة في منهج الإسلام.(2/238)
وعندما تحدثنا قليلاً عن أسس الاختيار التي وضعها شرع الله - عز وجل - بإرشاد المصطفى - صلى الله عليه وسلم - للأمة؛ حتى تأسس الأسرة على أسسٍ قويمة متينة، فيها عوامل الاستمرار والبقاء، وفي ثناياها أسباب النجاح والصلاح بإذن الله - سبحانه وتعالى -.
ونمضي في الحديث مع بعض التوجيه والتركيز على الخطوات التي يمر بها هذا الزواج والتأسيس للأسرة المسلمة لنربط هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وحكم الإسلام بما هو واقعُ في بيئاتنا وما هو شائعُ بين أسرنا مما يوافق ذلك أو يفارقه ويخالفه.
وأول هذه الخطوات:
خطوة الخطبة:
التي هي بداية الطريق وقد سلف لنا حديثُ في ذلك، إلا أني أجمعه وأزيد عليه واربطه بالواقع لكثرة الشكوى من المخالفات والمفارقات لشرع الله - عز وجل -.
إن المرء - أيها الأخوة الأحبة - إذا أراد سفراً أو إذا عزم أن يشارك أحداً في تجارة؛ فإنه يبذل غاية الجهد والوسع في السؤال والتحري عن رفيق السفر وشريك العمل بصورةٍ ربما وصلة إلى درجة المبالغة.
فهو يبحث عن الأمانة، وعن الصدق والصيانة وعن حسن المعاملة، وعن جميل الوفاء؛ إضافة إلى سؤاله عن الأصل والفصل وغير ذلك.. فكيف يسأل كل هذا السؤال، ويتحرى كل هذا التحري في سفرٍ هو أمرٌ عارضٌ من عوارض الحياة الدنيا ينتهي بمدته، وينقضي بانتهاء رحلته، ويسألك ذلك في أمرٍ من أمور الدنيا.. تجارةٌ يمتد زمنها يطول أو يقصر، تفشل أو تنجح ثم لا يأخذ هذا الأمر فيما هو أجل وأعظم، وفيما هو عند الله - سبحانه وتعالى - أجل وأعظم وأنفع وأحكم.. في أمر الزواج!(2/239)
ذلك أن كثيراَ من الأسر تفرّط في هذا الجانب، وتقنع باليسر من المعلومات؛ بل ربما تغرها المظاهر ويبعد عنها أمر التقويم الشرعي.. فتقع حينئذٍ في المشكلة، فإذا كانت مشكلة المسافر مع صاحبه يمكن أن تنتهي بأن يذهب كل واحدٍ في سبيله، والتاجر مع شريكه أن يفضا شراكتهما، ويأخذ كل واحدٍ منهما ماله فأين وكيف يمكن بعد وقوع الخلل في عدم التحري والسؤال في شأن الزواج أن ينفصم هذا العقد الغليظ الذي شرعه الله - عز وجل - وأحكمه وغلظه بشرعه وآياته وهدي رسوله - صلى الله عليه وسلم -!
{وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعضِ وأخذنا منكم ميثاقاَ غليظا}.
ما وصف ميثاقُ بهذا الوصف إلا هذا الميثاق الذي هو عقد الزواج.
فماذا نرى في أحوال كثيرِ من الأسر؟
إنها قد تغتر بالمظاهر الجوفاء - كما مر بنا في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - لما مرّ به الرجل فسأل بعض من كان معهم عنه - وكان رجلاً ذا منظر جميل وهيئة حسنة وثراءٍ ظاهر - فقالوا : إن هذا حريٌ إن شفع أن يشفع، وإن قال أن يسمع، وإن خطب أن ينكح!
ثم مرّ أخر - وليس له مثل تلك الهيئة بل هو دونها، لا يتميز بمثل هذه المظاهر الخلابة، والألوان البراقة - فقالوا عندما سألهم النبي - عليه الصلاة والسلام - عنه : مثل هذا حري إن شفع أن لا يشفع، وإن قال أن لا يسمع، وإن خطب أن لا ينكح!
فقال - عليه الصلاة والسلام - : (إن هذا خيرُ من مائة من مثل هذا) أو كما قال - عليه الصلاة والسلام -.
ليبين أن المظهر لا يكفي بل قد جعل الله - عز وجل - المظاهر الفارغة سمتاً من سمات أهل النفاق : {وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم كأنهم خشبُ مسندة يحسبون كل صيحة عليم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله}.(2/240)
ليست هذه المظاهر ينبغ على الآباء والأمهات والأبناء والبنات أن ينظروا إليها فكم رأينا من زواجاتِ فشلت، وأصبحت من وراءها شحناء وبغضاء، وخصامُ ونزاع.. ذلك أن الأب لم يكلف نفسه أن يسأل عن رجلٍ يريد أن يعطيه ابنته بشرع الله؛ لتبقى معه في مسيرة الحياة، وكذلك أحياناً يفعل ذلك الشاب عندما تغره المظاهر.. فلا يسأل عن المخابر وعن ما وراء هذه الظواهر ويقع حينئذٍ هذا العناء والبلاء.
وثانيةٌ من الخطوات ذكرها النبي - صلى الله عليه وسلم - لتكون أساساً إلى طريقٍ صحيحٍ يؤدي إلى نتيجةٍ نافعةٍ صالحةٍ بإذن الله - عز وجل -.
في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عند الإمام مسلم قال : (جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار فقال له - عليه الصلاة والسلام - : (أنظرت إليها؟ ) قال : لا قال : (فانظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئا).
وفي روايةِ أخرى عند الترمذي بيان تعليل هذا النظر فقال - عليه الصلاة والسلام - : (فإنه حريُ أن يؤدم بينكما).
(ومعنى أن يؤدم بينكما) أن يحصل الوئام والوثاق والصلاح.
وقال - عليه الصلاة والسلام - : (إذا خطب أحدكم امرأة فإذا استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل). أخرجه أبو داود والحاكم وصححه وحسن سنده الحافظ بالفتح.
قال الجمهور في هذه المسألة : " لا بأس أن ينظر الخاطب إلى المخطوبة ". قالوا : " ولا ينظروا إلى غير وجهها وكفيها ".
وهذا القول الشائع عن الجمهور، وهو سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - التي سأل عنها أصحابه، ثم وجههم إليها، ثم بين لهم العلة فيها، ثم دعاهم إلى فعلها - ولو من طريقٍ غير مباشرة - ما دام القصد هو أن يكون ذلك سبباً من أسباب الوئام والوفاق.
وهنا نجد نظرتان مختلفتان، وواقعان مريران في حياة كثير من الأسر المسلمة :(2/241)
فمن مُنكرٍ لهذه السنة بفعله، رافض لها بواقعه؛ فهو يرفض هذه الرؤية الشرعية، ويري أن يزوّج الرجل دون أن يرى زوجته إلا في يوم دخلتها.
وكما قلت في شأن السفر - أو في أي أمرٍ عارض - فإنك لا تأبى أن ترتبط بإنسانٍ بأي عقدٍ، أو أي مصلحةِ حتى تراه وتنظر إليه؛ فإن العناوين تبدو أحياناً من وجوهها، وإن النفوس قد تقبل وتنبسط أو تدبر وتنقبض لأمور نفسية لها أثرها سيما في أمور الزواج والعشرة.
وهذا لا شك أنه نوع خطيرٌ من الإعراض عن سنة النبي - عليه الصلاة والسلام -.
وأمر أخر توسع فيه المتوسعون وترخص فيه المترخصون، وتساهل فيه المتساهلون؛ بل قد تجاوزوا كل ذلك حتى ارتكبوا الحرام البين الواضح.
وذلك في شأن : العادة الغربية والتقاليد الكفرية والعادات الديوثية
التي جاءت إلى بلاد المسلمين؛ فزعزعت من حصانة أسرهم، وقوضت بعض عمد حياءهم، فإذا ببعض الأسر لا ترى مانعاَ أن يرى الخاطب مخطوبته، لا يرى وجهها وكفيها، ولا يكفي شعرها وذراعيها بل يخلو بها، ويمضي معها ويختبرها وتختبره كما يزعمون حتى يكون الزواج على أساس متين.. زعموا ذلك وما علموا أن شرع الله هو الحكيم الذي يحكم كل أمر!
وكثيرُ ما تقع من هذا بلايا ورزايا ومشكلاتٍ وفضائح.. نعلم كثيراً منها، ونعرف قصصاً من واقع حياتنا منها.
ومعلوم أن أي أمرِ قبل انعقاده يشعر أو يعمل كل طرفٍ على إنجاحه ولو بأية وسيلة، فصاحب صفقة تجارية إذا أراد أن يبيع قبل البيع زيّن البضاعة، وأظهر محاسنها وسلّط عليها الأضواء، وربما رخّص في سعرها إذا استطاع رغبةً في أن يلزم المشتري بشرائها؛ فإذا اشتراها فلا عليه بعد ذلك إن كان ذا نيةٍ سيئةٍ ما فيها من عيبٍ، وما وراءها من خللٍ.. وغير ذلك.
والأمر كذلك في أمر الزوجين في فترة الخطبة التي هي تسمى فترة اختبار، أو فترة اختيار - كما يزعمون - فإن المرأة تظهر له أحسن ما عندها من معسول القول، وجميل المنظر وحسن الثياب.(2/242)
وأما هو فإنه يعدها بالوعود الكثيرة، ويظهر لها من شهامته ورجولته وبطولته وغير ذلك.. ما أكثره غير صحيحِ ولا واقع أو على أقل تقدير؛ إنما دفع إليه الرغبة في الوصول إلى ما وراء ذلك من العقد والزواج، ثم تمضي الحياة بحقيقتها ومشاغلها ومشكلاتها ومعاناتها، فإذا هي على غير هذه الوعود الحالمة وعلى غير هذه الخيالات الواهمة، وحينئذٍ يقع الأمر الوخيم، كما وقع في الأول عندما يأتي إلى امرأةٍ لم يرها ولم ينظر إليها، فيدخل عليها فتنقبض منها نفسه، أو يسمع منها قولاً لا يعجبه.. فيجمع هذا إلى هذا فيكون بدايةً في التصدع في بنيان الأسرة أو على عكس ذلك يحصل مثل هذا، ثم يأتي الواقع فيكون على خلافه فيحل أيضاً مثل هذا التصدع وأما الشرع الحكيم؛ فإنه - كما أخبر - عليه الصلاة والسلام - ينظر إلى ما يدعوه إلى زواجها من رؤية وجهها.
وفيه مجمع محاسنها ورؤية هيئتها مقبلةَ ومدبرة؛ ليرى أن ليس فيها من عيبٍ ولا عرجٍ ولا عوجٍ أو سمنٍ أو غير ذلك.. فحينئذِ إذا أقبل فإنه يقبل عن علم وبينة، وإذا امتنع فإنه لا يكون قد هتك ستراً، ولا فضح أمراً، ولا اطلع على عورة.. وهذا هو شرع الله - عز وجل - ينبغي أن نأخذ به، وأن لا نجعل في واقعنا هذه المفارقات التي أتت علينا بكثيرٍ من المشكلات.
وهناك هذا الإفراط وذلك التفريط، وكثيراً ما يتأثر الناس في هذا بالوسائل الإعلامية التي تغزو العقول والقلوب، وتضعضع القيم في النفوس.
وكثيراً ما يقرؤون ذلك على صفحات المجلات، ومن خلال المقابلات وفي بعض الصحف ونحو ذلك ونقول : نحن عندنا من كتاب ربنا، ومن سنة نبينا - صلى الله عليه وسلم -، ومن حياء نسائنا، ومن كرم رجالنا، ومن عظمة وحسن سلائقنا ما نترفع به عن مثل هذه السفاسف، التي قد اتبعتها أقوام.. فرأينا ما مضى به حالهم، وما وصلوا إليه من الغاية التي يترفع عنها الحيوانات ومن ليسوا من البشر من غير أصحاب العقول.(2/243)
كل ذلك داخل في عموم قوله - جل وعلا - : {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشةَ ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى}.
فكل مخالفة لأمر الله إنما هي مشقة وعناء، وكل تنكب لهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما هو فتنة وبلاء، والحق كل الحق، والخير كل الخير، والصلاح كل الصلاح فيما جاء عن الله وعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وثالثةِ من الخطوات المهمة أخبرنا به النبي - عليه الصلاة والسلام - فيما صح عنه عند الشيخين - أنه قال - عليه الصلاة والسلام - : (لا تنكح الأيم حتى تستأمر وتنكح البكر حتى تستأذن).
إلى العقلاء من الآباء والأمهات شرع الله جعل للبنات في أمر زواجهن رأياً، وجعل لهن فيه خياراً بل فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ما هو أعظم من ذلك كما ورد في الحديث، عن خنساء بنت خذام أن أباها زوجها من دون إذنها - وهي ثيب - فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته بذلك، فردّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نكاحها.
وذلك لأن أمر القبول والإيجاب هو أساس هذا العقد وليس الإيجاب كافياَ من قبل الولي! بل لا بد أن يكون من قبل المرأة نفسها ثيباَ كانت أو بكرا وليس بضرورة التصريح بذلك بل يكفي فيه ما يشر بالرضا والقبول إشعارا ظاهرا بيناَ لا شبهة فيه.
بل يحسن بولي الأمر من الأبي أو الأم أن ينوع السؤال، وأن يعطي فترةً من الإمهال، وأن يعاود مرة أخرى التحسين أو التقبيح، أو عرض المحاسن والمساوئ، أو عرض المزايا أو غير ذلك؛ حتى تكون البنت على بينة من أمرها، غير مغلوبةٍ على رأيها، ولا مقهورة في زواجها؛ فإنه إن وقع ذلك كان أيضاً سبباً من أسباب الشقاء والبلاء في غالب الأحوال.
ولذلك هذا الأمر أيضاً ينبئنا عن عظمة هذا الدين، وعن أخذ الأسباب الكفيلة بكل ما يحقق أسباب النجاح لهذا الزواج، ومن ذلك اعتبار رأي المرأة والبنت في هذا.(2/244)
وهنا أيضاً أمران آخران فيهما تطرف أو إفراط وتفريط؛ فمن مجبرٍ للبنت على زواجها، لا تعرف من زوجها حتى اسمه، ولا اسم أهله، ولا وظيفته ولا عمله المهم أن يرضى عنه أباها، وأن يعرف ما سيغنم من مالٍ إذا كان ينظر إلى هذا، ثم لا تلبث أن تفاجأ بهذا الرجل الذي لم تعرف عنه شيئاً أو لم تقبل به بصورةٍ أو بأخرى.
وأمرٌ أخر هو أن يترك للبنت كامل الحرية من غير أن يُعطى لها ما يقسم عاطفتها من الانجراف؛ فإن بعض بنات اليوم تؤثر عليهن العاطفة من خلال بعض الأساليب غير الشرعية، التي قد تقع أحياناً فثمة مكالمات، وثمة مراسلات ومخاطبات، وثمة إغراءاتٍ واغواءات تقدّم من الأبناء للبنات، ومن الشباب للشابات، فإذا جاء هذا الخاطب رضيت به، وأصرت عليه دون أن تستمع إلى مقتضى الشرع، أو إلى ما يستلزمه العقل، أو إلى ما ينصح به الأب.. فنقول للعقلاء من البنات ليس الأمر دائماَ هو هذه العاطفة المشبوبة ولا هذه الكلمات المكتوبة ولا تلك العبارات المعسولة؛ فإن الأمر أعظم من ذلك وإن الحياة الزوجية أجل من أن يقرر فيا بمثل هذه الأساليب العاطفية.
فلذلك ينبغي للأب أن يعطي للبنت حريتها في أخذ قرارها لكنه ينبغي أن يخلص لها رأيه، وأن يعطيها خبرته ولذلك جاء الشرع الحكيم باشتراط الولي في عقد النكاح؛ حتى لا يغرر بالمرأة.
وكم نرى اليوم فيما يعرض على الناس في كثيرِ من الأفلام والتمثيليات.. أن فلانة أحبت فلان، وأن أباها منعها منه، وقد يظهر في سبب المنع حجة واضحة، أو دليلُ شرعي، أو أمرُ عقليُ مقنع.. ومع ذلك تقفز هذا الحاجز! وتذهب - كما نرى ونسمع - مع ذلك الرجل لتتزوج كيف شاءت، ونعجبُ من أمورٍ ليس لها أثرٌ، ولا قولٌ في الشرع إلا ما خالف أو شذ، فتجده يقول لها ذلك العاقل : قولي زوجتك نفسي، فتقول زوجتك نفسي، وكأننا في تمثليةٍ حقيقيةٍ، وليس في واقع من أمور الحياة والتي ينبغي أن نعرفها.(2/245)
هكذا نرى لما اشترط الولي ليعصم المرأة من عاطفتها التي قد تفقدها صواب الرأي.
وهذا أمرُ وسط ينبغي أن يكون على هذا النحو، فلا تقهر وتجبر ولا يترك لها الحبل على غالبه من غير نصيحةِ ومن غير إرشادِ حتى تدرك هذه الحقيقة.
وكم وقع من هذا ومن هذا كثير من المشكلات أيضا.
وأمرٌ رابعٌ نراه في واقع حياة كثير من الناس في شأن الخطبة وهو أمر : العادات و التقاليد
التي ليست من شرع الله - عز وجل - وإنما في بعضها تقليدٌ أعمى لما جاء من الغرب أو من الشرق أو من بلاد الكفر هنا أو هناك.
وليس الأمر في ذات هذه الأعمال أو العادات، وإنما فيما استقر في نفوس الناس إما من تعظيمها أو من محبتها أو من فرضيتها ولزومها أو من اعتقاد أمور متعلقةِ بها.
ومن ذلك ما هو معلوم من خاتم الخطبة، أو ما يسمى بـ " الدبلة " أو غير ذلك إنه لا بد منها، وكأن الخاطب لا يعتبر قد خطب شرعاً، ولا قد عقد شرعاً إلا أن يأتي بمثل هذا الخاتم، ويعتبرونه رابطاً فإذا سقط يوماً فكأنما سقط هذا العقد، أو كأنما فسخت هذه الخطبة، وبعضهم يرى في ذلك حضارةً وتقدماً إن كانت هذه هي المزايا.. هذه هي النوايا وهذه هي التوجهات فلا شك من خطأها ومخالفتها؛ لأنها تقليدُ واتباعُ وتشبه بأهل الكفر أو أهل الفسق؛ ولأن فيها معانٍ ملزمةٍ غير ما ألزم به شرع الله - عز وجل -.
وكذلك بعض الأمور التي يفعلها الناس تيمناً أو بركةً، فنحن نقول : إن التزام الشرع أعظم يمناً وبركة - كما يقال - في كثيرٍ من العقود أو الخطب نقرأ الفاتحة، ويرون أن قراءة الفاتحة إحكامٌ للخطبة، أو إبرامٌ للعبد.. أو نحو ذلك!
نقول قد سن النبي - صلى الله عليه وسلم - في مثل هذه الأمور الدعاء المشروع باليُمن والبركة، والرجاء في إتمام الأمر.
وبعد أمر الخطبة نجد :
أمر العقد:(2/246)
وهو الذي شاع أيضاَ في مجتمعاتنا بمسمى " الملكة " وهذه أيضاً يطول الحديث عنها.. أوجز بعضاً منها، ولنا معها ومع غيرها من أمور الزواج بقية حديث إن شاء الله - تعالى -.
من أهم هذه الأمور التي ينبغي التنبه لها والحذر منها والابتعاد عنها : طول الفترة بين العقد والدخول
بالزوجة.
فأحياناً تطول هذه الفترة ليست فترة أسابيع ولا شهور.. بل تمتد إلى سنوات! وهذا لا شك أن فيه خللاً وخطراً.
أما الخلل؛ فإن العقد الشرعي هو الذي يقع به الزواج وتحل به الزوجة لزوجها، ويبقى بعد ذلك العرف وإعلان النكاح والدخول.. فتأخيره لغير سببٍ شرعي هو فصمٌ للمرأة عن زوجها، أو هو منعٌ لإمضاء العقد الشرعي الذي فيه المصلحة وفيه العفاف والحصانة.
وثاني الأمور في هذا الخطر : أن زيادة الألفة مع طول العشرة مع كثرة الخلطة قد يقع به.
وهذا قد وقع كثيراً قد يقع به الممنوع في أثناء هذه الفترة المعاشرة بين الزوجين.
ثم إما أن يمضي الأمر بسلامٍ، وإما أن يكون ذلك الرجل ذئباً خاطفاً سارقاً، فيترك هذه الزوجة ويطلقها بعد أن أخذ شرفها، ونال عفتها، أو أن يحصل أيضاً من وراء ذلك تأخيرٌ، ثم يحصل حملٌ، ثم تأتي الشبه والتهم.. وقد وقع من ذلك قصصُ عرفت أصحابها جاءوا يستفسرون أو يشكون أو يستفتون، أو يطلبون مخرجاً؛ فإن بعضاَ منهم قد يقع منه ذلك، ثم يشك أهله أو أهلها في أن أمر هذا النكاح أو أمر تلك المعاشرة لن يكن من الزوج لزوجته، ولا من العاقد على من عقد عليها، وهنا تقع كثيرُ من الخصومات والشقاقات والنزاع.. وقد رأينا في الجمعة الماضية كيف زف سعيد بن المسيب - رحمة الله عليه - ابنته في يوم عقدها مباشرةَ من غير كلفةِ ولا عناءِ ولا مشقةِ إلى زوجها حتى لا يمنع الزوج من زوجته.
فكثرة أو مطول هذه المدة فيه خطر وفيه غرر.(2/247)
وكذلك الترخص الكثير الزائد وإن كان العقد من حيث الشرع قد أباح المرأة لزوجها إلا أن أمر العرف والإعلان الدخول له أثره في الحكم الشرعي، فينبغي عدم الترخص الزائد حتى لا تقع مثل هذه الأمور.
وأيضاً في العقد أمور أساسية، ومنها كما نعلم : المهر
فإنه لا يصح عقد بدون مهر، وقد مر بنا حديث عن المهر في حديثنا السابق، وفي مسند الإمام أحمد وسنن النسائي بسند حسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (إن من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسر صداقها).
فمن أسباب النجاح وحصول الوئام - بإذن الله - عز وجل - أمر تيسير المهر، وقد مر بنا مهر النبي - عليه الصلاة والسلام - لأزواجه ومهر بناته رضوان الله عليهن أجمعين.
الخطبة الثانية:
أما بعد أيها الأخوة المؤمنون :
ومن الأمور المتعلقة بالمهر والصداق : أمر الشروط، وخاصة أمر المؤخرات
التي يشترطها الأباء أو تشترطها الزوجات وهذا أحياناَ يفعله كثيرُ من الناس بحجةِ يرونها صحيحةَ وهو أنهم يجعلون المؤخر عند الطلاق أو عند الانفصال مبلغاً ضخماً من المال لما يفعلون ذلك؟
قالوا : " حتى إذا فكر في الطلاق فكر فيما وراءه من هذا المال فيحجم عنه ".
يريدون بذلك حفظ حق ابنتهم أو حفظ حياتها الزوجية! وما علموا أن الأمر ليس كذلك، وإنما الأمر بالتدين ومراقبة الله - عز وجل -، واتباع الشرع الحكيم واقتفاء سنة المصطفى - عليه الصلاة والسلام -.
أما من لم يردعه خوف الله ولا مراقبة شرع الله، فلن يردعه شيءٌ من هذه الأمور والشروط؛ فإنه يحتال عليها وأقل ذلك أن ينكد على المرأة عيشتها وأن يريها كما يقولون نجوم الليل بالنهار، وأن يفعل لها الأفاعيل، وأن يسيمها سوء العذاب؛ حتى تطلب فكاكها منه ولو بأن تدفع له بدلاَ من أن يدفع لها.
فليس مثل هذا يقع به هذا الأمان أو ذلك الضمان.(2/248)
وأمر أخر أحياناَ يجعل مثل هذا المؤخر إن كان مقسطاً وكثيراً وعظيماً، يجعله عبئاً على الزوج كلما ذكره أو تعسر عليه؛ فإن هذا العسر وذلك الضيق والتبرر يصبه غضباً على الزوجة، يدعو فيه عليها بالويل والثبور وعظائم الأمور، ثم قد يتجاوز ذلك فيسب أهلها أو ينالوا منهم.. لماذا؟
لأمر هذا المؤخر.
وليس في ذلك من الناحية الشرعية حرمة بل المفروض هو المراعاة التي يحصل بها الوئام بين الزوجين، ولا يقع مثل هذا النزاع مع العلم بأن هناك أمراَ عظيماَ خطيراَ ينبغي التنبه له وقد صح في حديث البخاري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج).
أي أحق الشروط في الوفاء شروط عقد النكاح.. فمتى قبل شرطاً أو قبلة شرطاَ فإن الوفاء به لازمُ.
وفي معجم الطبراني الأوسط والصغير بسندِ رجاله ثقات عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (أيما رجلٍ تزوج امرأته على ما قلّ من المهر أو كثر، وليس في نفسه أي أن يؤدي إليها حقها خدعها فمات ولم يؤدي إليها حقها لقي الله - عز وجل - يوم القيامة وهو زانٍ).
فهذه شروطُ استحلت بها الفروج، وعقدٌ غليظٌ لا بد من الوفاء به، وإذاً لا بد من نصيحةٍ مهمةٍ في هذا المقام :
لا تترخص أيها الزوج - أو أيها الولي - فتقبل بشرطٍ وأنت ترى أنك لا تستطيع الوفاء به، أو تقول بعد ذلك يحله الحلال أو تريد في نفسك ألا تفيء به وإنما تريد أن يمضي العقد وأن يتحقق الزواج.
أحياناً يرى الأب في هذا الرجل زوجاً مناسباً وكلما شرط شرطاً وافقه لأنه يريد أن يزوجه.
أو يرى الزوج في المرأة زوجةً مناسبة فكلما شارط شرطاً وافق عليه ليتزوجها، ثم بعد ذلك لم ينتبه لعظمة هذه الشروط، وأيما شرطِ وافق شرع الله - عز وجل - وجب الوفاء به.(2/249)
فينبغي أن لا يكثر الأولياء من الشروط المعقدة، وأن لا يتساهل الأزواج في قبولها إذا علموا أنهم لا يستطيعونها؛ حتى لا تكون هذه الشروط حجر عثرة في أمر الزواج وفي مسيرة الحياة.
وهذا أمرُ يقع به دائماً كثيرُ من النزاع والخلاف فينبغي التنبه له، وهذه بعض المسائل اليسيرة في أمر العقد ولنا تتمة حديثٍ إلى العقلاء إن شاء الله - عز وجل -.
http://islameiat.com المصدر:
-=============
رسالة إلى معلم
إلى الربان الماهر الحاذق الذي يستطيع أن يدير دفة مركبه، ليوصل من معه في المركب إلى الشاطئ الذي يريدون، إلى الشمعة التي تحترق لتضيء الدرب للآخرين، إلى الزهرة التي تذبل مع الزمن لتجعل غيرها من البراعم تنمو وتتفتح، وتأخذ دورها في الحياة، إلى من لا ينسى أبدا، ولن أنسى في يوم من الأيام أفاضله، فكيف أنسى لون الحبر والطباشير على يديه، فلا زالت كلمات الإرشاد والتوجيه التي كنت أسمعها ناقوسا يدق في كياني (فيقول: تعلم واجتهد لتأخذ مكانك في هذه الحياة كما أخذنا مكانتنا)، إلى معلمي كل الاحترام والتقدير والحب والامتنان بكل ما تفضل به علي عبر أعوام دراستي.
معلمي…. بكل جارحة صادقة أكتب لقسمات وجهك البهي، ولكن ماذا أكتب، وكيف أصفك لأنني لو أردت أن أكتب عنك لكان يجب علي أن أصفك بقدرك الحقيقي، فأقف الآن وقلمي عاجزين أمام حضرتك وهيبتك وشموخك ورفعتك أيها المربي، فلا نستطيع الصمود ولا يسعنا إلا عن نقف إجلالا واحتراما، اعترافا بجميلك وحسن صنعك، فكل إنسان على هذه الدنيا يقر لك ولا يستطيع النكران.
إن من يربي الأولاد بجهده لأحق بالاحترام والإكرام من الذين ينجبنهم …. فلا توجد مهنة في الدنيا تستحق التقدير والإكبار والوقوف عندها كمهنة التعليم والتعلم، فأنت القادر على إعداد الأجيال ورجال المستقبل ليقوموا بوظائف البلاد وينهضوا بحضارة الأمة في جميع المجالات، فأنت الأساس ومرتكز الأمة في التقدم والعطاء.(2/250)
لله كم تجهدون أنفسكم…! وكم من الأعباء الكثيرة التي تلقى على عاتقكم، ففي كل خطة تطويرية أنتم محط أنظار التربويين في كل زمان ومكان، لأن المجد للأمة لا يكون إلا من خلالكم.
وفي نهاية مطافي لا أعرف ماذا أكتب يا معلمي وخاصة أنني من الذين أشرفوا على إنهاء المرحلة المدرسية، فأسأل دائما نفسي وأحار في الجواب، ترى كيف لي أن أرد جميل معلمي؟ وماذا يمكن أن أقدم مقابل النور الذي وهبني إياه فأنار به بصيرة قلبي وطور فيه أسلوب تفكيري من سوقي الكلام إلى منطق الحقيقة والبرهان؟
أستاذي العزيز إذا انشغلت الناس وتاهت في خضم الحياة وغاصت بمستنقعها وتجاذبتها أطماع التجارة، فستبقى في ذاكرتي وأمام ناظري، فأنت الأب المعلم الذي وهب وأعطى دون مقابل، ولا أجد كلمة في معجم اللغات ولا في سطور الكتب تستحق شرف الارتقاء لشكرك، فلك مني ومن كل أبنائك أسمى آيات الحب والامتنان، أيها النبع الذي يرتوي منه كل ظمآن يريد الارتواء.
http://www.almualem.net المصدر:
===========
رسالة رثاء وأمل
أكتب هذه الرسالة رثاء للمساجد التي خليت من المصلين، رثاء للأخلاق التي ماتت بعد رمضان، رثاء للقرآن العظيم الذي لم يقرأ منذ رمضان، رثاء للإسلام في مسلمين عبدوا الله في رمضان و نسوا أن رب رمضان هو رب باقي الشهور، رسالة أذكر نفسي و إياكم بتقوى الله.
كنت أتوقع أن رمضان في هذه السنة غير باقي السنين، كنت أتوقع أن نثبت و نجاهد أنفسنا و شياطيننا بعد رمضان.(2/251)
انتهى رمضان و جاء العيد و في ليلته خرج الشيطان من حبسة، خرج يبحث عن من كان يلعب بهم قبل رمضان، خرج يبحث عن من كانوا في غفلة، فأفاقوا في رمضان، خرج يبحث عن من كان عاصي يفعل الكبائر، فأستغفر الله، فغفر له و تاب عليه، خرج يبحث عن المسلمين فلم يجدهم في أماكنهم الذي تعود أن يراهم فيها، و ظل يبحث و يبحث حتى علم أنهم في المساجد، فصعق من الصدمة و لكن فكر قليلا، ثم قال: " انتهى رمضان و سترجعون إلى أماكنكم الطبيعية و لن يبقى في المسجد إلاّ قليل من المصلين الذين ليس لي عليهم سلطان".
إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إلاّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ
و للأسف صدق وعد هذا الرجيم، صدق كلام هذا الملعون، فسحقا لك أيها الشيطان.
قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ، ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ
و أنت أيها المسلم، يا من غفر الله لك ذنوبك، و بدلها لك بحسنات، هل نسيت صلاتك؟، هل نسيت قرآنك؟، هل نسيت المسجد؟، هل نسيت قيامك؟، هل ضيعت أغلى فرصة أعطاها الله لك؟
هل ثبت بعد رمضان أم وقعت؟؟؟؟
أنت وحدك من يستطيع الرد على هذا السؤال كم مرة صليت في المسجد منذ أن انتهى رمضان؟، هل صمت يوم أثنين أو خميس؟، هل تقوم الليل و لو حتى بركعتين خفيفتين؟ أو حتى يمكنك أن تذهب الآن و تضع يدك على المصحف، هل ترى أثر التراب؟ كم مرة حتى الآن قمت بختم المصحف؟ هل مازال لسانك رطبا بذكر الله؟ هل عبدت الله حق عبادته؟؟؟؟؟
أتذكر كلماتك في رمضان، أتذكر وعودك بعدم الرجوع إلى المعصية، أتذكر وعودك بالمحافظة على الصلاة في المسجد؟؟؟؟؟
هل نسيت كم كنت مؤمنا؟ هل نسيت التراويح و التهجد؟ هل نسيت وعودك بأن تنصر الإسلام، و تهتم بأمر المسلمين؟ هل نسيت؟؟؟(2/252)
حتى أنت يا من تجاهد نفسك من المعاصي أخشى أن تكون مصليا بلا خشوع فتحولت صلاتك إلى عادة، أخشى أن تقرأ القرآن و لا تتدبره، تقرأه و لا تعمل بما فيه فيأتي حجة عليك يوم القيامة.
للأسف كل هذا و مر شهر ونصف على رمضان
أخرج إلى الشارع و أنظر لأحوالنا، فستسمع الشتائم و ترى الصراعات، و ترى الشباب و معاكساتهم للفتيات، و ترى الحجاب و قد خلع، و ترى الأخلاق و قد ماتت، و ترى مسلمون بلا إسلام.
لعلك تسأل هذا الرثاء بل هو ظلام و اكتئاب فأين هذا الأمل؟؟؟؟
الأمل تراه في مسلمين متمسكين بدينهم، تراهم يصلون فروضهم في المسجد و يذهبوا إلى عملهم، تراهم مازالوا يحرصون على قراءة القرآن يوميا، يتصدقون و لو بشق تمرة و يصلون و الناس نيام ليدخلوا الجنة بسلام.
تراهم محبين لدينهم، مخلصين لأوطانهم، مجتهدين في أعمالهم، لا يقبلون مالاً حراما، فهنيئا لهم فدعوتهم مستجابة.
بل و الأمل أكثر فيمن زادت عبادته بعد رمضان، و من كان غافلا في رمضان و فاق في نهايته، و لكنة علم أن إذا فات رمضان مازال الله موجودا، فعبد الله أكثر، و تقرب منة، فشعر بحب الله له، و بقربة منه.
و ما عليك أيها الأخ المسلم و أيتها الأخت المسلمة إلاّ أن تقفوا مع أنفسكم وقفه، تحاسبوها قبل أن تحاسبوا، فلكم أن تختاروا أن تكونوا مع الله فتنجوا، أم تسيروا وراء الشيطان فتهلكوا.
و تذكروا هذا الحديث جيدا..عن عائشة قال الرسول: - "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل" متفق عليه.
http://www.mnar.net المصدر:
===========
أختي المسلمة .. رسالة مهمة لكِ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته… وبعد...(2/253)
فضلاً منكِ قبل أن تقرئي هذه الرسالة، كوني على يقين من أننا كلنا ننسى ونُخطئ، ولكن ليس من الحكمة أن تحزني إذا ذكَّر بعضنا بعضاً، فهل يضايقكِ أن تعيريني قلبكِ المطمئن وعقلكِ الفاهم دقائق لقراءة هذه الرسالة؛ عسى أن تجدي في النهاية ما تبحثين عنه!!!
بداية: أختي الفاضلة إن المصارحة قد تكون مُرَّة الطعمِ؛ لكن نتائجها محمودة وقد ذُقنا شُؤم دفن الأخطاء باسم المجاملة، فآمل أن يتسع صدركِ لسماع ما أقول.
يقول رسول الله: « كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، فقالوا يا رسول الله: ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى » (صحيح البخاري).
وقال أيضاً: «سيكون في آخر أمتي نساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ، علي رُؤوُسُهنِّ كأسنمةِ البُختِ، العنوهُنَّ فإنهن الملعونات» (صحيح البخاري) ومعنى كاسيات عاريات أي كاسيات في الصورة، عاريات في الحقيقة؛ لأنهن يلبسن ملابس لا تستر جسداً ولا تخفي عورة، فالغرض من اللباس الستر فإذا لم يستر اللباس كان صاحبه عارياًَ. وهذا ينطبق تماماً على كل الملابس الضيقة والمفتوحة. ومعنى على رؤوسهن كأسنمة البخت: أي يصففن شعورهن من فوق رؤوسهن حتى تصبح مثل سنام الجمل.
وقال الله - تعالى -: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ" وهذا أمر صريح من الله - تعالى -بالحجاب وأتى في صورة أمر إلى النبي لأهميته، فلو لم يكن الحجاب الشرعي أو الزي الإسلامي ذا أهمية كبيرة -كما يظن البعض - فهل يأمر به الله على هذا الشكل؟ وإذا كان الظاهر غير مهم فهل يأمرنا ربنا بأشياء غير ضرورية؟!!
فمن هذا المنطلق نبُيِّن لكم بعض الأحكام التي تُبَصِّرُكِ بمظاهر التبرج؛ فاجتنبيها:
أولاً: حكم لبس المرأة البنطلون..(2/254)
- أفتى الشيخ صالح الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية بما يلي:
"لا يجوز للمرأة أن تلبس ما فيه تشبه بالرجال أو تشبه بالكافرات، وكذلك لا يجوز لها أن تلبس اللباس الضيق الذي يبين تقاطيع بدنها ويسبب الافتتان بها، والبناطيل فيها كل هذه المحاذير فلا يجوز لبسها".
وكما أفتى الشيخ صالح العثيمين أنه: "لا يجوز لبس البنطلون حتى لو كان البنطلون واسعاً فضفاضاً لأن تَمَيُّز رِجْل عن رِجْل يكون به شيء من عدم الستر، ولأن البنطال من لباس الرجال".
وقد أفتت دار الإفتاء المصرية بما يلي:
" لبس المرأة للبنطلون الضيق المُفصِّل لجسدها حرام شرعاً وأن عقوبة التبرج والسفور في الآخرة عقوبة شديدة مثل عقوبة تارك الصلاة أو الزكاة؛ لأن الحجاب واجب شرعي، والتبرج والسفور من الكبائر المحرمة شرعاً إذْ أنهما يؤديان إلى انتشار الفساد والفاحشة".
وحديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: عن أبي هريرة قال: «لعن رسول الله: الرجلَ يلبسُ لِبْسَةَ المرأةِ، والمرأةَ تلبس لِبْسَة الرجل» [رواه أبو داود بإسناد صحيح، وصححه الألباني].
وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثٌ لا يدخلون الجنة ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق والديه، والمرأة المُتَرَجِّلة المتشبهة بالرجال، والدَيُّوث» (الحديث صحيح)
ثانياًُ: حكم المرأة التي تخرج متعطرة..
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «أيما امرأة استعطرت ثم خرجت، فمرت على قوم ليجدوا ريحها؛ فهي زانية» [رواه أبو داود، والنسائي].
ثالثاً: حكم المرأة التي ترقق حواجبها..
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «لعن الله الواشمات، والمُستوشمات، والنامصات، والمُتنمصات، والمُتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله» [متفق عليه].
والنامصة: هي من ترقق الحاجبين للنساء، والمتنمصة: هي من يتم ترقيق حواجبها.
رابعاً: تبرج المرأة بصوتها أو مشيتها..(2/255)
قال - تعالى -: "يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا" [الأحزاب: 32].
ولا تخضعن بالقول: أي لا تُلن القول، ولا يكن في صوتكن ميوعة الأنوثة عندما تخاطبن الرجال.
وقال - تعالى -: "وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ" وذهب ابن كثير، إلى أن المرأة منهية عن كل شيء يلفت النظر إليها أو يحرك شهوة الرجال نحوها.
خامساً: التبرج المُقَنَّع..
فقد رأى أعداء الصحوة الإسلامية أن يتعاملوا مع الحجاب الشرعي بطريقة خبيثة؛ فراحوا يروجون صوراً متنوعة من الحجاب على أنها حل وسط ترضي المحجبة به ربها زعموا!!! - وفي نفس الوقت تساير مجتمعها، وتحافظ على أناقتها.
وكانت بيوت الأزياء قد أشفقت من بوار تجارته؛ بسبب انتشار الحجاب الشرعي، فمن ثَمّ أغرقت الأسواق بنماذج ممسوخةٍ من التبرج تحت اسم (الحجاب العصري) وأحرجت ظاهرة الحجاب الشرعي طائفة من المتبرجات اللائى هرولن نحو (الحل الوسط)؛ تخلصاً من الحرج الاجتماعي الضاغط، الذي سببه انتشار الحجاب الشرعي، وبمرور الوقت تفشت ظاهرة (التبرج المقنع) المسمى بالحجاب العصري، يحسب صويحباته أنهن خير البنات والزوجات؛ لذا فيا صاحبة الحجاب العصري: حذار أن تصدقي أن حجابك هو الشرعي الذي يرضي ربك، وإياك أن تنخدعي بمن يبارك عملك هذا، ويكتمكِ النصيحة ولا تغتري فتقولي: " إني أحسن حالاً من صويحبات التبرج الصارخ" فإنه لا أسوة في الشر، فعليك أن تقتدي بأخواتك الملتزمات بالحجاب الشرعي بشروطه.
سادساً: ماذا عن الوجه؟(2/256)
اتفق العلماء على وجوب تغطية الوجه في مثل هذا الزمن الذي كثرة فيه الفتنة، وكثر فيه الفساق الذين لا يتورعون عن النظر المحرم. ويقول - تعالى -: "فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً" [النساء: 65]، ويقول ابن كثير - رحمه الله - في تفسير هذه الآية: يُقسم الله - تعالى -بنفسه الكريمة المقدسة: أنه لا يؤمن أحد حتى يحكم الرسول في جميع الأمور، فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد له ظاهراً وباطناً، وإذا حكّموك يطيعونك في بواطنهم، فلا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما حكمت به؛ فينقادون له في الظاهر والباطن لذلك فهو تسليم كلي، من غير ممانعة، ولا مدافعة، ولا منازعة.
والخلاصة: أن أبواب التبرج محدودة، ويسهل تفاديها وهي لبس القصير أو الضيق أو الرقيق أو المزين اللافت للنظر، وعلينا أن نرسي مبدأً هاماً، وهو أن الإسلام هو الاستسلام، والإذعان والانقياد، لأمر الله - تعالى -، إذاً يكون موضع البحث هو التأكد من أن هذا التكليف قد ورد في كتاب الله أو في سنة رسول الله.
فهيا أختاه نعود إلى رضا الله الذي خلقنا بيده، ونفخ فينا من روحه، فهذا الحجاب أمر به الله ورسوله وقد قال الله - تعالى -: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِيناً" [الأحزاب: 32]، أي أنه إذا حكم الله ورسوله بشيء؛ فليس لأحد مخالفته ولا اختيار لأحدهم لا برأي ولا بقول.
إذاًً المسألة ليست مسألة اقتناع، بقدر ما هي مسألة إيمان وامتثال لأمر الله.(2/257)
وإنا لعلى يقين من وجود الخير داخلك، فإنك ما تقومين بمعصية الله عن قصد، وإنما هي فطرتك في حب الظهور بمظهر الجمال والتناسق ومسايرة أقرانك، ولكن ما دام هذا يثير الفتنة ويغضب ربك ويؤدي للإساءة إليك؛ باعتبار التبرج قرينة تشير إلى سوء النية وخبث الطوية، مما يعرضك لأذى الأشرار والسفهاء، كما تقومين بتسهيل معصية الزنا بالعين، قال رسول الله: «العينان زناهما النظر» [رواه مسلم] فعليك ألا تُصِّري على ذلك. فهيا انضمي إلينا؛ ليُكَثِّرَ بعضُنا بعضاً. واعلمي أن حجابك يَبُث الرعبَ في قلوب أعداء الإسلام.
وتحتَجُّ بعض الفتيات حين تنهاها عن التبرج أو تأمرها بالحجاب الشرعي، أنها مقتنعة تماماً، لكن شهوة المظهر تغلبها، وهي لا تستطيع ضبط نفسها. وقد يبدو العذر منطقياً لدى البعض لأول وهلة، ولكن حين تراها في شهر رمضان وقد التزمت بعض الشيء -وهو سلوك محمود ولا شك- يدل على أنها تملك القدرة على ضبط نفسها والانتصار على شهوة المظهر.
أختاه تخيلي بعض الملتزمات في عقلك، واسألي نفسك هذا السؤال: ألا أستطيع أن أكون واحدة من هؤلاء؟ كيف نجحوا وهم يعيشون في المجتمع نفسه، ولهم شهوات وأمامهم عوائق كما أن لي شهوات وأمامي عوائق فقد كان العديد من الفتيات في طريق التبرج ثم منَّ الله عليهن بالهداية؛ فتبدلت أحوالهن وتغيرت وسرن في رِكاب الصالحات الطائعات، وربما كانت زميلة لكِ...
فكيف ينجحن في اجتياز هذه العقبة وتفشلي أنت؟! ولماذا استطعن التوبة ولم تستطيعي أنت؟ إن العوائق عند الكثير من الفتيات عن التوبة والالتزام ليس عدم الاقتناع، بل هو شعور بعدم القدرة على التغير. أفلا تُعتبر هذه الفتاة الملتزمة نموذجاً لك، ودليل على أن عدم القدرة لا يعدو أن يكون وهماً نصطنعه؟!! فماذا يمنع أن تكوني أنت واحدة من هؤلاء؟ وما الذي يحول بينك وبين ذلك؟(2/258)
فأعيدي الحسابات، وصححي الطريق، ولا تكوني ممن تقتنع بخطأ طريقها وتتمنى التغيير؛ لكنها تنتظر المناسبة ألا وهي أن يموت قريب لها، أو تُصاب بحادث فتَتَّعِظ؛ فيهزها الموقف فيدعوها للتوبة!! ولكن ماذا لو كانت هي ذلك الميت فيتعظ بها غيرها؟ أو كان الحادث الذي تنتظره ليردها إلى التوبة فيه نهايتها؟!! أختي الفتاة ليس للإنسان في الدنيا إلا فرصة واحدة، فالأمر لا يحتمل المخاطرة. يقول الله - تعالى -: "إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" [النور: 51]
فهناك غائب ينتظرك وليس له وقت محدد، إنه الموت.. نعم الموت، قد يأتي وأنت تأكلين أو تشربين أو نائمة، وربما وأنت تضحكين أو تلعبين... فاتقى الله، فمهما تهربين منه فإنه ملاقيك "قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ" ماذا أعددتِ له؟.. ماذا عمِلتِ للفوز برضا الله؟ قولي لي بربك.. كيف ترتاح نفسك وأنت عاصية لله؟ أم كيف يطمئن قلبك، أم كيف يرضى ضميرك عما أنت فاعلته؟!! أما استشعرتي عظمة الجبار؟! أما تخافين غضب القهار.. ؟!! نعم لقد أغضبتِ مولاك من أجل هواكِ، من أجل أن يُقال فلانة جميلة.. وليكن ذلك فقد قيل. ثم ماذا. ثم تُلعنين؟!! إلى متى وأنت في غفلة.. ؟ إلى متى وأنت تقولين غداً أتوب! غداً أرجع إلى ربي! غداً أخلع كل المنكرات وأقوم بكل الصالحات... !!! إلى متى؟!!(2/259)
أختي الغالية كوني شجاعة ولا تترددي، اتخذي القرار، واسلكي طريق الصالحات، ولا تغتري بكثرة الهالكات فعمل الناس ليس هو الحكم يقول الله - تعالى -: "وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ" وقول الله - تعالى -: "قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" [المائدة: 100]، ويقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق».
واعلمي أن الله - عز وجل - يفرح بتوبة عبده، ويبدل له السيئات حسنات عند رجوعه إليه "إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيما" [الفرقان: 70].
عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يقول: «للهُ أشدُّ فرَحاً بتوبة عبده المؤمن من رجل في أرض دوية مهلكة (الصحراء الخالية) معه راحلته عليها طعامه وشرابه، فنام فاستيقظ وقد ذهبت، فطلبها حتى أدركه العطش ثم قال أَرجعُ إلى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت، فوضع رأسه على ساعده ليموت، فاستيقظ وعنده راحلته عليها زاده وطعامه وشرابه، فالله أشد فرحاً بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده» [أخرجه البخاري ومسلم].
وعن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يقول: «قال الله - عز وجل - يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني، غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني، غفرت لك ولا أبالي، ابن آدم لو أتيتني بِقُراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتُك بقُرابها مغفرة» [أخرجه الترمذي].(2/260)
أختاه... إن فيما أوضحته لك ما يكفي لإقناعك بالمنطق السليم الذي لا التواء فيه؛ بأن اتباع شريعة الله - تعالى -لا يضمن لك بلوغ مرضاة الله فحسب، بل هو يضمن لك إلى جانب ذلك تحقيق أسباب سعادتك الدنيوية كلها، فقد بدا من النادر أن توجد امرأة مسلمة ترتدي الزي الإسلامي قد جاوزت سن الخامسة والعشرين دون زواج، فالزواج سنة الله، وما عند الله لا يُنال إلا بطاعته.
أمَا وقد تبين لك كل ذلك؛ فقد آن لك أن تنهضي للاستجابة لحكم مولاك العظيم، وأن تصطلحي مع الله - عز وجل - بعد طول نسيان وتنكر له، ودعك من انتقاد الناس وحسابهم، فإن حساب الله غداً أشد وأعظم. تَرَّفعي عن السعي إلى مرضاتهم وتحقيق أهوائهم فإن التسامي إلى مرضاة الله أسعد لك وأسلم، ولسوف تجدين وأنت تعزمين على الرجوع إلى صراط الله من يحاول أن يرهق مشاعرك تخديراً تحت وطأة هذه التقاليع التي أحاطت بك، كما تحيط خيوط العنكبوت بضحيتها الحبيسة.
أما نحن فنذكرك بقول الله - تعالى -: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ" وستجدين من يُذَكِّرك بجمال هذه الدنيا، ومغريات الارتواء من لذَّاتها وزينتها، ولكني أذكرك بخطورة عقابها وجسامة ما ينتظرك من آثارها.(2/261)
كلمة أخيرة نتوجه بها إلى اللواتي استيقنت أفئدتهن الحق الذي بيَّناه، غير أن الواحدة منهن تشعر ببعد النَّقلة بين الواقع الذي تعيش فيه والحق الذي آمنت به، فتركَنُ آسفةً إلى الوضع الذي تعيش فيه، وتعتذر بأنها عاجزة عن مثل هذا القفز البعيد، وهكذا فهناك الكثير ممن ليس يلتزمن بالزي الإسلامي ما يمنعهن من السعي إلى إصلاح حالهن، إلا ما يرونه من بعد الفجوة وعمقها بين الكمال الذي يسمعون عنه، والواقع الذي يعيشون فيه، ولكن هذا التصور خاطئ، فإن الفاصل بين الحق والباطل إنما يتمثل في الفرق بين أبعد طرف عن الباطل وأول درجة من درجات الحق، وفرق ما بينهما لفتة صغيرة وحركة بسيطة، إذا فالحق هو سلّم ذو درجات متقاربة، تبدأ أولها عند طرف الباطل الذي تعيشين فيه، وتقف الدرجة الأخيرة عند نهاية الكمال الذي يشدك إلى تشريع الله وحكمه.. إذا فالمطلوب منك بعد أن انتبهت إلى الحق وآمنت به أن تتحركي صاعدة في درجاته، لا أن تقفزي قفزة واحدة إلى نهايتها. فإذا كنت لا تملكين من الطاقة أو الإرادة أو الظروف المساعدة، ما تفرضين به على نفسك حجاباً سابغاً للجسم والوجه، فلتفرضي على نفسك ما دون ذلك مما تساعدك عليه الظروف والأحوال، وإذا كنت لا تجدين طاقة كافية لتغيير أي شيء من لباسك وهيئتك، مهما كانت منحرفة وبعيدة عن الله - عز وجل -، فلتفرضي على نفسك ما دون ذلك أيضاً من أداء العبادات المفروضة، وتلاوة شيء من كتاب الله بتدبر خلال كل صباح ومساء، وإذا كنت عاجزة حتى عن ذلك فلتفرضي على نفسك ما دون ذلك من استشعار خطورة الحال التي أنتِ فيها والالتجاء إلى الله - تعالى - بقلب صادق واجف، تسألينه العون والقوة واستعيني في ذلك بالبكاء والتضرع إلى الله، واعلمي - وفقك الله - أنه ما سار إنسان أبداً إلى الحق بادئاً بخطوة من هذه الخطى متجهاً إلى الله بصدق وعزم، إلا وفقه الله - تعالى -في السير إلى نهاية الطريق والوصول إلى مجامع ذلك الحق.(2/262)
واعلمي أن المصيبة كل المصيبة، أن تعلمي الحق وتؤمني به، ثم لا تتجهي إليه بخطوة أو بعزم كأن الأمر ليس مما يعنيك في شيء، أو كأن الذي شرع هذا الحق و أمر به لن تطولك يده، ولن يبلغ إليك بطشُه وسلطانُه، مثل هذا الحال يعتبر أعظم سبب لاستمطار غضب الله - تعالى -والتعجيل بعقوبته، وعقوبة الدنيا هنا لا تتمثل في بلاء عاجل يحيق بالإنسان، وإنما تتمثل في انغلاق العقل وقسوة القلب، فلا يؤثر في أحدهما تذكير ولا تخويف ولا تنبيه مهما كانت الأدلة واضحة والنُذُر قريبة...
حتى إذا جاءه الموت تخطّفَه وهو على هذا الحال، فينقلب إلى الله - تعالى -وقد تحول انغلاق عقله وقسوة قلبه إلى ندم يحرق الكبد، وقت لا ينفع الندم ولا رجوع فيه إلى الوراء. وقد عبر الله - تعالى -عن هذه العقوبة وسببها بقوله: "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا".(2/263)
فإذا كنتِ تؤمنين بالله فلا ريب أنك تؤمنين بشريعته واليوم الآخر الذي هو يوم الجزاء والحساب، وإن من مستلزمات هذا الإيمان أن تضعي الكلام الذي سردته عليك في هذه الرسالة، موضع الجد والاهتمام من تفكيرك، حتى إذا أيقنتِ أنني لم أخدعك بباطل من القول ولم أضع بين يديك إلا الحقيقة الصافية التي يتمثل فيها حكم الله - عز وجل -، فإن عليك أن تنهضي إلى تطبيق هذا الحكم بالسير في مراحله المتدرجة فإن رأيت أن حبال الدنيا وأهوائها، وتقليد الصديقات والقريبات تشدك إلى الخلف وتصدك عن النهوض بأمر الله، فلا أقل من أن تفيض الحسرة في قلبك، فيسوقك الألم إلى باب الله - تعالى -وأعتاب رحمته لتعرضي له ضعفك و تجأري إليه بالشكوى أن يَهَبَكِ من لَدُنه قوةً وتوفيقاً، وأن يمنحك العون؛ لتتحرري عن سلطان نفسك وسلطان التقاليد والعادات وسلطان الأقارب والصديقات.
أما إن لم ينهض بك الإيمان إلى هذا ولا إلى ذاك، ولم يتحرك القلب الذي وراء ضلوعك بأي تأثر واهتمام لكل هذا الذي حدثتك به، فلتكوني في شك من إيمانك بوجود الله - تعالى -، ولتعلمي أنك تسيرين - إن استمر بك الحال - إلى نهاية رهيبة ليس منها مخلص ولا مفر، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «ما تركت بعدي فتنة أضَّر على الرجال من النساء» [متفق عليه].
فاعلمي أنه ما من شاب يُبتلى منك اليوم بفتنة تُغريه، أو تُشغل له باله، وكان بوسعك أن تجعليه في مأمن منها، إلا أعقبك منها غداً نَكالٌ من الله عظيم...
===============
رسالة في عيد
حسن البحيري
بَعْدَ التَّحِيَّةِ والمَحَبَّةِ ما لِوَافِرِها مَزِيدُ*** لَكَ يا أَبَا الناسِ بي عَهداً وأنتَ أخي الوَدودُ
أرْجُو لَكَ العِيدَ السَّعيدَ يَُفُّهُ الأَملُ السَّعيدُ*** بِنَجاحِكَ المأمُولِ تَبْلُغُ مِنْهُ غايةَ ما تُريدُ
في كُلِّ مَسعىً مِن حياةٍ شَمْلُها العِقدُ النَّضيد***ُ ورِحابُها الرَّوضُ المَجُودُ وأُفْقُها الفَجْرُ الوَليدُ(2/264)
والعُمْرُ في رَوْقِ الشَّبابِ وزّهْوِهِ مَشْيٌ وَئِيدُ*** أَمَّا أَنَا فأَقول والجُرْحُ القَديمُ هُوَ الجَديدُ
وغُيومُ أَحزاني عَلى آفاقِ أَيَّامي سُدود*** أَمُهَنِّئي بالعيدِ والنُّعْمَى إلِيكَ بِهِ تَعودُ
ومُبَشِّرِي بالعامِ مُقْبِلَةً عَلَيكَ بِه السُّعودُ*** أَيَكونُ لي فَرَحٌ وعِيدٌ والقَلْبُ في صَدْري عَميدُ
ومُدَى المَواجِعِ في سُويدَائي لَها حَزٌّ شَديدُ*** وأنا هُنا عَنْ"قُدْسِ أقداسي"وعَن"حَيفَا"بَعيدُ
والشَّعْبُ، شَعبي في مَتِهاتٍ دَجِيّاتٍ شَريدُ*** والغصِبُ المُحْتَلُّ في أرْضي لَهُ مُلْكٌ وَطيدُ
والواقفونَ أمامَهُ لِلنَارِ تُوقِدُها الحُقودُ*** الثّابِتونَ وراسِخُ الأَطْوادِ تَحْتَهُمو يَميدُ
ما مِنْ سِلاحٍ في مَعارِكِهِمْ تُصَدُّ بِهِ الجُنودُ*** وتُرَدُّ نارُ الحَرْبِ جاحِمةً ويَرْتَدُّ الحَديدُ
إلّا الحِجارةُ في الأَكُفِّ العُزْلِ والصَّبْرُ الجَليدُ*** ومَشَاعِلُ الإِيمانِ يَرْفَعُها بِمِرَّتِهِ الصُّمودُ
ثاروا.. وكُلُّ فَتىً وَراءَ إهابِهِ لَيْثٌ رَصيدُ*** ووَراءَ هِمَّةِ كُلِّ شَيخٍ طاعنٍ عُمُرٌ جَديد
ونساؤهُمْ شُعَلٌ تُقادُ بها إلى النَّصْرِ البُنودُ*** ورِجالُهُم شُهُبٌ رَواجِمُها تُبِيدُ ولا تَبيدُ
ثاروا.. ولَيسَ لِنارِ ثَورَتِهِمْ علَى الباغي خُمودُ*** فَهُمُ الزَّلازِلُ والنَّوازِلُ والصَّواعِقُ والرُّعودُ
وقُوَى عَزائمِهِمْ تُراعُ لَها التَّهائمُ والنُّجودُ*** وصَدَى بُطولَتهِمْ علَى فَمِ كُلِّ عاصفةٍ نَشيدُ
ثاروا.. وكُلُّ وُجودِهِمْ في أَرْضِهِمْ غَضَبٌ مَريدُ*** حَتَّى لَكَاد يَهُبُّ مِنْ بَطْنِ الثَّرَى المَيْتُ الفَقيدُ
ولَكادَ في الرَّحِمِ الجَنِينُ يَخِفُّ والطِّفْلُ الوَليدُ*** وَلَكادَ ما قَدْ غابَ في الأَصْلابِ يَحْفِزُهُ النُّهُودُ(2/265)
لِيَذودَ عَنْ أَرْضٍ.. وَيبْلُغَ مِنْ عَدُوٍّ ما يُريدُ*** هُمْ في أَتُونِ الحَرْبِ يُلْهِبُ جَمْرَها الهَولُ العَتيدُ
ولَهُمْ بِساحِ كِفاحِهِمْ في كُلِّ مُنْعَطَفٍ شَهيدُ*** يَتَدافَعونَ إلى لَظى أجْسامُهُمْ فيها وَقُودُ
ويُجرَّعون الصَّابَ دافَ مَرَارَهُ قَدَرٌ عَنِيدُ*** ومَعَ الجِراحِ النّازِفاتِ يَؤُجُّ في دَمِها الوُقُودُ
ثَبَتُوا لِكَسْرِ عِظضامِهِمْ يَمْضي بِه الضِّغْنُ الحقودُ*** ولِدَفْنِهِمْ بِضَراوةٍ يَمْضي بِها الظُّلْمُ المُبيدُ
ولصَلْيِهِمْ في النّارِ لَيسَ لِحِقْدِ مُوقِدِها هُمودُ*** وهُمو علَى قَيدِ الحَياةِ بِأُمِّ أعْيُنِهِمْ شُهودُ
وعلَى عِنادِ الجَورِ ما لِعُتُوِّ سَطْوَتِهِ نَديدُ*** صَمَدوا، وتاريخُ الصُّمودِ لَهُ بِهِمْ سِفْرٌ فَريدُ
ومَضَوا، وأَمْجادُ المَضاءِ لَها بِهِمْ مَثَلٌ شَرودُ*** مُتَشَبِّثِينَ وحاصِدُ الأعْمارِ مِنْجَلُهُ حَديدُ
بالأرْضِ والأرْواحِ يُظْمِئُها إلَى المُوتِ الوُرودُ*** صَمَدوا وآفاقُ الصُّمودِ لَها بِمَحْصَرِهِمْ حُدودُ
وحُلُوقُهُم جَفَّتْ وهُم يَسْتَنْجِدُونَ ولا نَجيدُ
http://www.palestine-info.info المصدر:
=============
رسالة إلى صديقي الطبيب
عبد الله الحنفي
صديقي / الطبيب المسلم الملتزم …
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
في محاورةٍ قريبة العهد معك، كنا نتحدث عن التداوي وعن حق المريض في رفض العلاج. فنقلت فتوى تحفظها من المذهب الحنفي أن للمريض أن يرفض التداوي، وأن مسألة التداوي والمعالجة لا ترقى إلى مرتبة الواجب، وأن الموضوع لا يتجاوز الإباحة والتخيير بشكلٍ ينفي الحرج والإثم عمن اختار رفض التداوي والعلاج.(2/266)
ولقد عجبت صديقي أشدّ العجب لارتياحك إلى هذه الفتوى، وكان عجبي أشدُّ عندما رأيتك لا تشعر في هذا النقل عن بعض فقهاء المذهب الحنفي ما يتعارض مع ما درسته ومارسته في علم الطب طوال هذه السنوات الطوال. ولذلك فإنني أريد في هذه الكلمات أن أشير إلى موضع الخلل في الإخلاد إلى قولٍ فقهيٍ يعكس درجة الظن بنجاعة وسائل المعالجة في عصر تدوين تلك الفتوى، في مسألةٍ هي من صلب اختصاصك وخبرتك في هذا الزمان، أكثر من كونه يعكس حقيقة المقاصد الشرعية في هذا الموضوع الخطير.
أنت تعلم أيها الصديق العزيز أن حفظ الحياة هي مقصدٌ أصيلٌ وكليةٌ شرعيةٌ أباح الشارع من أجلها شرب الخمر وأكل لحم الميتة والخنزير عند الحاجة، حتى أن ابن مسعود يقول فيما نقله ابن كثير في تفسيره "من اضطر فلم يأكل ولم يشرب حتى مات دخل النار".. فهل يستقيم في منطق الشرع وتوجيهات القرآن الكريم أن نستريح إلى الفتوى المذكورة على إطلاقها؟ وهل يمكن اعتبار وقف النزيف أو الحقن بالسوائل لمنع التجفف الداخلي أقلّ ضرورةً لحفظ الحياة من شرب الخمر وأكل الميتة عند الاضطرار والخوف على الحياة؟
وأصارحك صديقي العزيز أنني أشعر الآن أكثر من أي وقتٍ مضى أنه لابد من إعادة النظر في تراث الفقهاء وعطاء العلماء، والأهم من ذلك في نظرة طريقة تعامل المتخصصين المسلمين مع ذلك العطاء، لنفرق بين التشريع الخالد والقيم الأصيلة والمقاصد الكلية لرسالة الإسلام من جهة، وبين محاولات جيلٍ من الأجيال أو عصرٍ من العصور لتنزيل تلك القيم والمقاصد على واقعهم ومعطيات عصرهم وأهل زمانهم من جهةٍ أخرى.(2/267)
فإذا توجه أهل الخبرة والاختصاص والثقة في كل علمٍ من العلوم وفنٍ من الفنون إلى إجراء تلك المراجعة، للموازنة بين عطاء العلماء الأقدمين وبين ما وصل إليه العلم في زمانهم وفي مجالهم الذي يعرفونه ويفهمون دقائقه وتفصيلاته، كان ذلك هو الدليل على خلود الشريعة وخاتميتها وصلاحيتها على مدى الأزمان والعصور. فما كان من خصوصيات العصر والمكان والظروف والأحوال في عطاء الأقدمين تركناه وكان بالنسبة لنا مثالاً تطبيقياً يدلنا على مدى الحكمة والفهم الذي تمتعوا به في محاولتهم لتنزيل المطلق الخالد على معطيات الواقع المحدد المحصور، وعلى مستوى التكيف مع الواقع عند محاولة الصياغة ليتوافق مع توجيهات الشريعة ومع قيم الوحي الخالدة.
إن روح قضية التجديد الذي ندعو إليه أيها الصديق إنما يتمثل في نشر الوعي بكليات الشريعة الخاتمة ومقاصدها وقيمها الحاكمة، حتى يتمكن أصحاب الاختصاص والخبرة في كل مجالٍ من إجراء عملية المطابقة والمساهمة في صياغة الواقع ليتوافق مع شريعة الإسلام، ولكي نتمكن في الوقت نفسه من تقويم عطاء الأجيال السابقة في محاولاتها الخاصة للحياة بالإسلام، ونميز بعد ذلك على ضوء المقاصد وعلى ضوء ما وصلت إليه المعرفة الإنسانية في كل مجال بين ما يجب أن نحتفظ به ونؤصِّله، وما يجب أن ننفيه عن الشريعة وننزهها عنه من الأفكار والاجتهادات البشرية التي ضمن الله - سبحانه - الأجر لأصحابها.
إن الفتوى التي نقلتها أيها العزيز عن المذهب الحنفي في قضية التداوي والعلاج تُعتبر مثالاً نموذجياً لما يجب أن يتصدى له أهل الخبرة، بدل أن يركنوا إلى ورَعٍ باردٍ يحاولون به إعفاء أنفسهم مما يجب عليهم من الاطلاع بمهمةٍ لا يحسن القيام بها غيرهم.(2/268)
وإنني لأؤكد أن الطبيب المسلم الحاذق من أمثالك - هو المرجع الوحيد الذي يستطيع أن يقرر غلَبةَ الظنِّ في الشفاء عند استعمال علاجٍ أو دواءٍ مستنداً في ذلك إلى خبراتٍ متراكمة وإحصائياتٍ متوفرة. وهو وحده الذي يستطيع أن يُرجّح ويوازن بين الاحتمالات وما كان منها أقرب إلى اليقين أو إلى الوهم والوسوسة.
وعندها فقط يمكن القول على بينةٍ ووضوح فيما إذا كان العلاج يندرج في مرتبة الواجب لأنه ضروريٌ في حفظ النفس، أم أنه ينتقل على سلّم الأهمية ليكون اختياراً، بناءً على معطيات معينة كأن يكون ظنيّ النتيجة إلى درجةٍ كبيرة أو يصل الأمر ببعض أنواع العلاج إلى أن يكون مجرد وسوسةٍ ووهمٍ إذا ما قرر أهل الاختصاص بأنه لا علاقة بينه وبين الشفاء.
وكم كان عجبي شديداً، صديقي العزيز، من كتابٍ صنّفهُ أحدُ علماء الشريعة وقرأتهُ حديثاً، وقد تكلّفَ فيه ما لا يُحسن و لا طاقة له به وهو يحاول إثبات حكم عدم الجواز لزرع الأعضاء ونقلها من إنسانٍ لآخر، وقد ألحق هذا الحكم بالمنع الوارد الأحكام الفقهية في مسألة التمثيل بالإنسان، وذلك نظراً إلى كرامته، مضيفاً أن نجاعة هذه العمليات موهومةٌ، الأمر الذي دعاه في النهاية إلى إثبات جواز نقل الدم فقط!!
وإن الإنسان ليتساءل: هل يمكن مطالبة علماء الشريعة بالإحاطة بكل فنٍ وكل علمٍ حتى يتجنبوا مثل هذه السقطات؟ وهل يمكن أن يتحقق ذلك لو طلبناه أم أنه من باب التعجيز وطلب المستحيل؟(2/269)
وختاماً صديقي العزيز، إنه لابد لكل مسلمٍ غَيورٍ آمنَ بخلود شريعة الإسلام وخاتمية الرسالة من أن يتوجه إلى دراسة مقاصد الشريعة وقيمها الحاكمة في موضوع اختصاصه، ويطيل في ذلك النظر والمشاورة والدراسة، حتى يكون مؤهلاً دون غيره لاقتراح الحلول والآراء للمشكلات التي تواجه الأمة في موضوع علمه ومجال اختصاصه.. وعندها فقط نكون قد خطونا الخطوة على طريق التمكين للإسلام من جديد، وعلى طريق إعادة النضارة والحيوية لقيم الوحي الخالدة، وتنقيتها من الركام الذي طغى عليها عندما أعطينا القداسة والعصمة لاجتهاداتٍ بشرية ومحاولاتٍ إنسانية تأثرت بالزمان والمكان في كل ما أبدعت ودوّنت وأنتجت من عطاء..
واسلم لصديقك المحب
http://www.alrashad.org المصدر:
==============
رسالة إلى طالبتي
طالبتي الغالية...
ها هو العالم الدراسي قد رحل، وها هي الإجازة قد جاءت معلنة عن وقت الفراغ الذي تحمله معها، ولا شك أنك تفكرين كيف ستقضين هذا الفراغ، ولكن أحب أن ألفت نظرك إلى أمر مهم جداً، بل هو أهم من تفكيرك في كيفية قضاء إجازتك، لأنك لو أعطيت هذا الأمر اهتمامك فلا شك أنك لن تضيعي من عمرك ساعة فيما لا ينفعك، وهذا الأمر يهمك بل إنك أعطيته جزء كبيراً من عمرك ألا وهو دراستك طوال عامك الدراسي.. ماذا استفدت؟ وماذا قدمت؟ ما هي حصيلتك التي حصلت عليها؟!.
فهل كنت مثالاً للطالبة الناصحة لأخواتها؟
وهل كنت مثالاً للطالبة المتلهفة لطلب العلم؟
وهل كنت مثالاً للطالبة الخلوقة التي رسمت لنفسها صورة المرأة المسلمة الداعية فكنت أنت كما رسمت لنفسك هذه الصورة؟
وهل كنت مثالاً للطالبة التي استفادت من أخطائها، وجعلتها أمام عينيها حتى لا تقع فيها مرة أخرى؟
وهل كنت مثالاً للطالبة التي تركت الأثر الطيب، وجعلت من نفسها أنموذجاً فريداً في تعاملاتها وسلوكياتها؟
وهل كنت مثالاً للطالبة التي جعلت نفسها سراجاً أينما وضعت أضاءت؟(2/270)
وهل؟ ...وهل؟ ...وهل؟ ...كل هذه الأسئلة وغيرها كثير أجيبي عنها في نفسك، واصديقها الجواب، وغضي الطرف عن أخطاء الآخرين، ولا تجعلي أخطاء الآخرين شماعة لأخطائك، وانظري إلى شخصك وحلليها تحليلاً سوياً سليماً، وانظري إليها بمنظار الصدق مع النفس، ولوميها أشد اللوم إن قصرت، وقومي أخطاءك، فكل نفس بما كسبت رهينة.
طالبتي الغالية...
لا شك أنك هذا العام قد مر عليك حتى صار لديك قاموس مليء بالمواقف والأحداث، وقد أضفتيه إلى قواميس حياتك الماضية؛ لذلك أقول لك غاليتي: اجعلي من قاموسك هذا المليء بالمواقف والأحداث المحببة وغير المحببة إلى نفسك مرجعاً جيداً لتقويم تعاملاتك وتغيير نفسك، أضيفي هذا القاموس إلى تجارب حياتك، واستفيدي منها خير إفادة، فأنت في سن التكليف، وتعرفين الحق من الباطل، والخير من الشر، ولا شك أنك إن قمت بذلك وحرصت عليه ستكونين نعم الفتاة الناصحة لنفسها ولغيرها.
إن كنت تريدين الارتقاء بنفسك، وأن تصلي إلى ما وصل إليه غيرك من أفاضل الناس وخيارهم؛ فحاولي أن تفهمي مقصدي جيداً فلعله سبيل يوصلك إلى ذلك.
قفي موقف الإنسان الحازم مع نفسه، المراقب لله - جل وعلا -، وارصدي كل ما قمت به من خطأ أو صواب، ثم اندمي أشد الندم على ما أخطأت، وصححي ذلك الخطأ، وغيري من نفسك، وربيها وجاهديها حتى تتغلبي عليها، كوني قوية الإرداة، صادقة العزيمة، تقدمي إلى الأمام خطوة خطوة لتنالي المعالي، لتعيدي لنا مجد أمتنا العريقة، لتعيدي لنا عزتنا بعد أن سلبت منا، فأنت مربية الأجيال، وأنت منشئة الرجال.
طالبتي الحبيبة...
يعلم الله أني أكتب هذه الكلمات وقلبي يتقطع ألماً وكمداً وحرقة عليك، أخاف عليك أن يدركك الزمن وأنت كما أنت لم تعتبري من عبرة، ولم تستيقظي من غفلة، فكانت مواقف حياتك مهمشة في قاموسك، لم تدفعك إلى الأمام خطوة، ولم يكن حظك منها إلا الشقاء والعناء.
عزيزتي...(2/271)
لا أخفي عليك أن هذا العام قد مر وترك في نفسي الكثير والكثير، بل وقد عكس لي صورة لكل طالبة منكن فرسمتها في ذهني، فكانت صورة من أجمل ما تكون لها ألوانها المتناسقة، وحجمها الكبير، فنالت إعجاب الآخرين، وكانت محل اهتمامهم، وكانت صورة ثانية ألوانها في غاية التناسق، إلا أن حجمها صغير جداً، فلم تلفت أحداً إليها، وكانت صورة ثالثة ألوانها متنافرة، وحجمها كبير، فنظر إليها الآخرون فانتقدوها وعابوها، وصورة أخيرة لا حجم لها ولا ألوان فاستنكرها الآخرون، وقالوا: لا داعي لوجودها، فهل عرفت عزيزتي ماذا أقصد؟ سأخبرك بما قصدت.فالصورة الأولى: كانت لطالبة جمعت بين العلم والخلق، فأحبها الجميع، وكانت محل تقديرهم واحترامهم، فكان لها الدور البارز في مجتمعها.
والصورة الثانية: كانت لطالبة نالت من العلم ما نالت، إلا أنها لم تتمثل هذا العلم، ولم تجعله ينعكس على جوارحها وقلبها، بل أخذته وكفنته في عقلها، فلم ينظر أحد إليها، ولم تنفع مجتمعها بعلمها.
أما الصور الثالثة والأخيرة فلا شك أنها أصبحت واضحة لديك وقد فهمت مقصدي فيها.
والآن تخيلي صورتك الحقيقية من الصور الأربع، ثم راجعي نفسك وتداركيها، لتكوني في الصورة الأولى.
وأخيراً طالبتي الحبيبة...
أرجو أن تكوني قد فهمت ما قصدت، واعذريني إن كنت قد قسوت عليك في رسالتي هذه، ولكنها من أجلك ولأجلك.
وفقك الله لما يحبه ويرضاه،،،
معلمتك
المصدر : http//:www.islamselect.com
=============
رسالة من طفل إلى معلمة
معلمتي الفاضلة:
1. أنا أمانة في عنقك أيتها المعلمة الكادحة والاهتمام بي في سني المبكر يعني الاهتمام بمنابع الإبداع لدى الأمة ومكامنها. لا تنسي ذلك.
2. "إن البيئة الغنية ثقافياً تقدم زاداً يساعد على نمو المواهب أكثر بكثير مما تفعله بيئة فقيرة ثقافياً " هذا ما قاله كوفمان ولست أنا.(2/272)
3. في داخلي" طاقات كامنة " فاجتهدي يا معلمتي الفاضلة الآن لكي أستطيع أن أعبر عنها في مستقبل حياتي عندما أصبح في سن الرشد.
4. أظهري تشوقك للحديث معي فلا تدخلي الصف محملة بهمومك ومشاكلك عبوسة، بل اتركي كل ذلك خارج الصف وواجهيني بوجه طلق بشوش وشوق متلهف إلي حتى يتولد لدي شعور إيجابي بأنك تحملين شيئا مهما لي!
5. معلمتي الفاضلة: إذا اكتشفتِ أنني أتعلم بسرعة دون الحاجة إلى التكرار أو أني أفكر بشيء من المنطقية ما يلفت النظر إلي أو أن لدي حباً للزعامة على أقراني أو التقائي بأطفال يكبروني سناً و نحو ذلك؛ فاعتني بي بسرعة واعطني "جرعات زائدة " من"حقن" (التعلم الذاتي). لا تتأخري.
6. إن تثقيفي بطرق القراءة يساعدني على أن أعيش حياتي بطريقة أكثر فاعلية فشجعيني على القراءة، ومثال على ذلك: قدمي لي القصص والمجلات الهادفة والكتب الجذابة المناسبة لسني في مناسبات النجاح بدلاً من الألعاب والحلويات والملصقات!
7. إليك هذه القاعدة: كلما ارتفعت توقعات المعلم نحو طلابه أعطى كثيراً ونتج عنه تحصيلاً أعلى لدى الطلاب.
8. كلفيني بواجبات منزلية ولكن بشرط ألا تكون موحدة بنفس المستوى فأنت تعلمين الفروق الفردية بيني وزملائي في الصف، وأن تشعريني باهتمامك بإنجازاتي، وأن تثيبيني عليها، ولا يمنع من تعليقك عليها كتابياً ورصد درجات عليها... إلخ
9. أحياناً أعاني من مشكلة " البطء في التعلم " فلا تتجاهلي هذه المشكلة فالحل موجود في يدك.
10. ميولي واتجاهاتي نحو مادتك يعود السبب في ذلك إليك؛ إلى أسلوبك وطريقتك في تقديم المادة.
11. التلفزيون أخطر وسيلة إعلامية وأكثرها تأثيراً إلا أن دوره التربوي التعليمي لا يتناسب أحياناً مع وزنه الضخم وإمكاناته الهائلة! فأرشديني إلى برامجه المفيدة.(2/273)
12. معلمتي/ تأكدي أن القسوة والتسلط تسببان الضرر البالغ والتعطيل الأكيد لنمو مواهبي وقدراتي وأن (الديمقراطية) تدعم ثقتي بالنفس وتزيد من درجة إحساسي بالمسؤولية والرغبة في التعلم.
13. احرصي على الاتصال بوالدتي بشكل دوري ومستمر فلقد بينت الدراسات أن والدي الموهوبين يقرؤون أكثر من المتوسط ولديهم هوايات إبداعية ولديهم اهتمامات ثقافية وأنشطة عقلية أكثر من الاهتمام بالتنظيمات الاجتماعية!
14. اعتني بمخارج الحروف لديك فإذا نطقت بها خاطئة سرتُ على نهجك وأهمس في أذنك بالاستماع الجيد لطريقة النطق لمخارج الحروف لعلماء قراء القرآن الكريم.
15. لا تعامليني بطريقة تشعرني أني صغيراً لا أفهم أو أن عقلي قاصراً، لأن ذلك سيؤثر في مراحل نموي المختلفة وخصوصاً في مرحلة الشباب.
16. لا تكثري من الوعود التي ليس في مقدورك تحقيقها بل تذكري أن ذلك يخيب ظني فيك إذا لم تحققي هذه الوعود.
17. معلمتي الفاضلة: إني أراقب فيك كل حركة، كل كلمة،.... فاحرصي على أن تكوني قدوة طيبة لي في كل شئ. ولا تعتقدي بأني سوف أنسى، كلا، لن أنساك طول عمري.
18. أخيراً دعيني أعيش طفولتي بما تحمل من أسمى معاني البراءة وتحقيق الذات بكل خير... إلخ
معلمتي هذه رسالتي إليك تمعنيها جيداً كي تحميني من عثرات الزمان.
مع تحيات طفلك الطالب!
http://www.almualem.net المصدر :
=============
رسالة إلى حارس الأمن
سمية الميمني
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أما بعد،،(2/274)
فإن وضع المرء في موضع مسئولية لهو أمر عظيم وشأن جليل، وتحمل هذه المسئولية وأدائها بأكمل وجه هو واجب كل مسئول إن كان منصبه صغير أو كبير وراتبه عالي أم ضئيل، والثقة من أهم عوامل النجاح فكم جميل أن يشعر الإنسان من لمسات حوله ويرى في نظر أصحابه وأقرانه الثقة والأمانة التي يتولنها له، ورائع أن يكسب الإنسان ثقة العدو والصديق فيصبح وكأنه يسمى بصندوق الأمانات لأنه فعلاً مثل ذلك الصندوق الذي يحتفظ بأمانات الجميع دون مكر أو غدر.
قد تكون مقدمتي مبهمة غامضة غير متتالية ولكنها تحمل بين حروفها وكلمات رسالة خاصة جداً، رسالة إلى ذلك الجندي المجهول الذي يعمل ليل نهار ويؤدي مهمته الصعبة التي قد يحتقرها أو يستصغرها البعض ويراها بنظرة دونية، لكنه لا يعلم أن لولاها لما ساد ألامان والطمأنينة في المجتمع ولولا هذا الفدائي الذي يؤدي الذي يؤدي دوره خلف الكواليس لما شعرنا بأمان على ممتلكاتنا وأدواتنا، انك أنت أيها الأخ الكريم يا حارس الأمن والسلامة..
اعتراف صريح..(2/275)
نعم أعترف وبكل أسف أعترف وأقول أن فئة حراس الأمن فئة مهملة وشريحة هامشية لأنهم في عيون الأغلبية لا يساوون شيئاً مهماً، فللأسف الشديد مجتمعنا الحالي لا يهتم إلا بأصحاب الشهادات العليا كالدكتور والمهندس والمحامي والمعلم والإعلامي، أو تصب اهتمامات البعض بالمطرب والممثل والمخرج والمهرج أيضا، ولكن تبقى آثار الجاهلية عند البعض وهم كثيرون ولا يعيرون أدنى اهتمام إلى الخادم أو الحارس أو المزارع والطباخ وغسال السيارات وحامل المهملات وأرى أن من وجهة نطري المتواضعة أن هؤلاء الأشخاص يجب أن يحاطوا باهتمام أكبر وأكثر من المطرب الذي يؤدي دوره في أداء سخافات محرمة فهؤلاء المشاهير يستغني عنهم المجتمع ولكن هل يستطيع المجتمع الاستغناء عن الحارس أو الخادم أو المزارع بالطبع لا. لهذا أخي العزيز أريدك أن تزداد فخراً بمهنتك النادرة ولا تلتفت لمن يعمل على ضعف همتك وإرادتك وقوتك، لا تفسح مجالاً لأحد أن يلعب بعواطفك ويغريك بدراهم ودنانير تجعلك تسير بطريق متعرج وتنسى استقامتك.
فهناك من يهوى شراء الضمائر وفضح السرائر وكشف الخبايا، ومهنتك هذه تحتم عليك كتمان الأسرار وإخفاء الأخبار..
لماذا أنت مهم؟
حارس المدرسة، في النهار أنت تحرس منبع العلم والطلبة والمدرسين من دخول إي غريب عليهم وفي الليل أنت تحمي بفضل الله ممتلكات ومرافق وأجهزة المدرسة وما تحمل في أدراج مكاتبها من اختبارات ومعلومات هامة.
حارس الشركة..
بوجودك يشعر الموظفون بالأمان والراحة ولا يخافون على حياتهم وأدواتهم، ويطمئن العاملون على أموال الشركة وأسرارها ومستنداتها الخاصة، فلولاك لما ساد هذا الشعور.
حارس المنزل..(2/276)
بسببك قد يسافر رب البيت وهو مطمئن البال والخاطر وقد ترتاح ألام مع أبنائها الصغار ولا تخشى عيون الأعداء والأشرار، فكنت السبب في بعث راحة نفسية في قلوب أسرة وحيدة. وحارس في إي جهة في إي مؤسسة أو هيئة له أهمية كبيرة ويتم اختياره بعد تفكير وتدبير وطرح الثقة ويعتمد عليه في أمور عديدة وهذا وان دل على شيء فهو دليل على أهمية هذا المركز.
هموم حراس الأمن..
بعد حوار قصير أجريته مع بعض حراس الأمن في الجامعة والمدارس استلخصت هذه الهموم والصعاب التي يواجهها حارس الأمن في حياته وأثناء عمله وأدائه لواجبه، أطرح عليكم هذه الهموم وأترك الحل في يد القاريء لعله قد يساعدنا في البحث عن حلول مقنعة ومفيدة بإذن الله.
من الصعاب التي يواجهها الحراس:
- المعاملة السيئة من البعض والتي تسيء لكرامة الحارس وتجرح مشاعره وتجعله يكره هذا العمل.
- احتقار البعض لحراس الأمن وإذلالهم وكأنهم ليسوا بشر يشعرون ويحسون، فتصبح النظرة إليهم دنيئة ورخيصة.
- تهديد بعض اللصوص والصعاليك لحراس الأمن رغبة في السرقة من المكان المحروس.
- تعرض بعض الحراس للضرب والشتائم وذلك لوقوفهم أمام هؤلاء المدمرين والمفسدين ومواجهتم بقوة.
- استسلام البعض أمام قوة التهديد وتحت الخوف وكشف بعض أسرار وأماكن عملهم لحماية حياتهم.
- قلة الرواتب التي لا تكفي أبدا لأسرهم وعائلاتهم.
- عدم السماح لهم في بعض الحالات للعمل في مكان آخر للارتفاع من المستوى المعيشي ولزيادة الدخل.
هذه بعض الصعاب والهموم التي يواجهها حراس الأمن ومن واجبنا ودورنا أن نساعدهم بطريقة أو بأخرى عن طريق قول أو فعل..
كلمة أخيرة..
وقبل أن أختم رسالتي أقول لكل فرد في المجتمع مهما كان دورك بسيط وصغير فلا تحتقر نفسك وتكن صفراً على الشمال ولا تقلل من شأنك وقل نعم أنا مهم، فأنت لبنة من لبنات هذا المجتمع.. وجزاك الله خيراًً.(2/277)
وأقول لحارس الأمن والسلامة أن الأمانة التي أنيطت بك تقتضي العدل والاستقامة والصلاح، ولا استقامة إلا على أوامر الله فلا تضيع صلاة ولا عبادة وتناوب أنت وزملائك على ذلك واشغل وقت فراغك الطويل بشريط أو كتاب أو إطلاع أو تفكير فلا تضيع حياتك في فراغ قاتل واعلم أن الأمانة تقتضي منك غض البصر عن أعراض الناس لا أن تطلق بصرك إلى الحرام فأنت بمثابة الأب والراعي ولا تلتفت إلى تحرشات السفهاء فهي بداية إلى النهاية وطريق للغواية والله يحفظك ويرعاك ويجعل الجنة دارك ومثواك.
26/7/1424هـ
http://www.alislam4all.com المصدر:
==============
رسالة إلى مدمن الانترنت
ماجد سلطان
نداء إلى مدمن الإنترنت!!(2/278)
إلى كل شاب أدمن على مواقع الجنس والرذيلة، إلى كل شاب يلهث في التشات ليصطاد فريسة، وإلى كل فتاة أخذت تكلم من هب ودب ولا تعرف إلا قلة الأدب، وإلى كل من يستخدم الإنترنت أقول: هَب أنك دخلت غرفتك وأغلقت الباب، ولكنك لم تقفله وبدأت تسبح في المواقع بحثا عما يشبع شهوتك الثائرة، وفجأة فُتح الباب وإذا هو أخوك الصغير ماذا ستفعل، إنك لن تتجرأ على الإكمال وسترتعد فرائسك، وستحاول ألا يرى من أنت وماذا فعلت، فلنفرض أن والدك هو الذي دخل عليك أو أمك إنها النهاية؛ لأنهم كانوا يعتقدون أنك أنت من ستحمل اسمهم ولكن للأسف خاب الظن فيك. حسنا افرض أنك ذكي، وقمت بقفل الأبواب، وقفل النوافذ ولم يبق شق إلا وأغلقته لكي لا يراك أحد، فلا تنسى باب السماء فلا تنسى الله، فلا تنسى خالقك أجعلت الله أهون من يراك آلله، هين عندك إلى درجة أنه لو دخل عليك أخوك الصغير لا تفعل المنكر وإذا رآك الله تفعل، اتق الله، أما يستطيع الله أن يأخذ روحك وأنت تجول وتصول في النت؟، أتحب أن تموت على هذا؟، يبعث المرء على ما مات عليه كما قال حبيبنا عليه السلام -، ما موقفك يوم القيامة إذا سألك الله: عبدي ألم تكن تعلم أني أراك فتقول بلى يا رب فيقول لك، فلم جعلتني أهون الناظرين إليك ماذا ستقول؟؟؟ أم بأي رد ترد، وقد شهدت عليك يداك وعيناك وجوارحك، هل تريد الحل؟ إنه الإحسان وهو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك تذكر أن الله قادر على أخذ روحك وأنت تفعل ما حرم فهل تحب ذلك وأخيرا أقول لك تب إلى الله؛ فإنه يفرح بتوبة عبده المذنب إلى رجع إليه، يقول - تعالى - في الحديث القدسي ((يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي)) وقال في القرآن: ((قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم)) فيا بغي الخير أقبل.
بتاريخ: 26/7/1424هـ(2/279)
http://www.alislam4all.com المصدر:
=============
رسالة قلبية إلى الباحث عن السعادة القلبية
الراسل "الداعي إلى الله على بصيرة ": -
ناصح آمين
المرسل إليه "المدعو إلى طريق الله ": - شبابنا الذي أسرف على نفسه بالمعاصي والذنوب...وتأخر عن ركب التائبين.. نقول له شمر لطاعة الله قبل الندم والبكاء...
عنوان المرسل إليه: - في أى مكان تجده يبحث فيه عن السعادة..
هدف الرسالة: - لعلها تكون زاد لمن أضل الطريق
سبب الرسالة: هو قول رسول اله - صلى الله عليه وسلم -: - (لان يهدى الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم) وفى رواية (مما طلعت عليه الشمس).
نص الرسالة: بسم الله الرحمن الرحيم
املأ أن يهدينا الهادي إلى سواء السبيل... الغافر على الزلات تقديرا وتفصيل...
احمده حمد عبد ضعيف يحمده حمدا جميل... ويشكره شكرا جزيل... ادعوه دعاء من خضعت رقبته... وذل وجهه... ورغم انفه... وفاضت له عيناه... قائلا: - اللهم اهدي قومي فإنهم لا يعلمون.
أما بعد آخى الحبيب: -
ابعث إليك بكلمات مليئة بالآلام... وحروف سطرته الأقلام... على أوراق يتزاحم عليها النصيحة والكلام... فو الله لو دون المرء الأمور المهمة في حياته... فسيجدها قائمة طويلة... لكنه حين يعمد إلى ترتيبها حسب قاعدة الأولويات... فسيجد أن في رأس القائمة... بل إن شئت فقل في عنوانها (أهله وإخوته وأبنائه)... فهم أغلى على الإنسان من المال... ومن الراحة... ومن جميع رغباته وشهواته... والدليل علة ذلك يا اخى انه حين يمرض احدهم مرضا مزعجا... فانه يسهر ويسافر هنا وهناك ويدفع من أمواله ما يدفع... بل ربما اقترض من اجله واستلف...
ولذا فقد وضعتك ضمن هؤلاء... فناديتك قائلا" يا اخى "... ولعل ما يثبت كلامي هذا...(2/280)
هو كثرة كلماتي ورسالاتي لك... مع انى لا أعرفك ولا تعرفني... ولا يربط بيننا الإ رابطة الأخوة في الدين... فلا تتعجب من كثرة تكراري لك كلمة " يااخى "... فأنت أبى وآخى وصديقي أنيسي... والله انى أخاطبك صادقا غاية الصدق... وأسدل لك قطرات النصح مخلصا غاية في الإخلاص... فأرجو أن لا تمل من طول رسالتي... فإنها والله إشفاق قلب المؤمن الغيور... فاستمع إليها حفظك الله ورعاك... وتاب عليك وهداك...
آخى الحبيب: - إن كل إنسان يعيش على ظهر هذه الحياة... يبحث جاهدا عن السعادة... سواء أكان صالحا ام فاسدا... فلو سالت احد أصحابك من الهائمين في سكرة الغفلات... لسابحين في بحار النزوات... وقلت له لماذا تفعل ما تفعل؟... لأجابك بلسان الحال والمقال وقال لك: - (ابحث عن السعادة التي تريح نفسي من الهم الذى أثقلها)...
ولكنه للأسف الشديد... قد أضل الطريق أثناء البحث... وليس هو وحده بل لقد ضل الطريق الكثير من شبابنا.
فها هي حقيقة شبابنا: - المشاكل والآهات تفترسه... انحراف وانجراف... فراغ قاتل...
وفساد هائل... عشق وغرام تبرج وسفور... عجب وتكبر وغرور... عقوق للوالدين... تبذير للأموال... تقليد للغرب... ضياع لأهدافه الشخصية... سفر لبلاد الكفر والإباحة...
كذب وغيبة وبذاءة لسان وكلمات هابطات... مظاهر فارغة تافهات... أغان سقطات... أفلام آثمات... سهرات فاضحات... قصص داعرات... فحش وصور وروايات... ملابس خليعات...
عبارات مثيرات... جلساء سوء وضحكات ساخرات... حركات مائعات فاجرات... تدخين ومخدرات ... مقابلات ومعاكسات... تخنس وتشبه بالنساء فى السكون والحركات... بحث عن الفتن والشهوات... هوس عقلي وجرى وراء أسوار الجنس والمجلات... وغير هذا الكثير والكثير
من الأوضاع المؤسفات المحزنات المخزيات...
آخى الحبيب: - أرجوك لا تزعجك صراحتي... " أليست هي الحقيقة "...(2/281)
آخى: - لنكن صريحين صراحة منضبطة بضوابط الشرع... وواضحين مع أنفسنا وضوحا محاطا بسياج الحياء... فلعل كلامنا يكون خطوة على مصعد التصحيح... ونقلة على مبنى الإصلاح...
آخى: - انه الألم الذي يعيشه الكثير من الشباب وشتان بين الألم والأمل...
آخى: - لماذا تعيش حياتك كلها بالألم لا بالأمل؟... ولماذا تخرج من وحل إلى وحل... ومن مستنقع إلى مستنقع؟.. لماذا همتك في اللهو مع الهابطين والهابطات؟... ولماذا عقلك غريق في هذه المخالفات؟
آخى الحبيب: - لماذا لا تفكر أن تكون اسما على مسمى؟... فأنت مثلا يا "مصطفى "... لماذا لاتصفوا ويصطفى قلبك فى سماء الإيمان؟... ولماذا لا تصفى عن جلسات السوء وسبل العصيان؟... وعندها فقط ستنال السعادة من الغفور الرحيم... وأنت يا"حنان" لماذا لا تكونين نبعا من الطاعة لا يجف يا " حنان"؟... وأنت يابراهيم " لماذا لا تكون مثل نبي الله إبراهيم؟... فلقد كان امة قانتا لله حنيفيا... وأنت يا"محمد"... لماذا لا تفكر أن تحمد وترنوا بدينك في سماء الصالحين؟.. وأنت يا" وفاء "... لماذا لا تكونين مثل خليل الله إبراهيم؟... وتوافين بكامل أحكام الدين... فلقد قال - تعالى - " وإبراهيم الذي وفى "... وأنت يا " راجا "... لماذا لا تكونين كما يرجو الله ورسوله والدين؟... وأنت يا "يمنى "... لماذا لا تتمسكين بالطاعة لتكونين يوم القيامة من أصحاب اليمين...
آخى الحبيب: - إن الشباب المتدين ليس كما يزعمه الشباب... معقدين او متشددين وليسوا كما بظنه الناس " متزمتين "... لا... ولكن الحقيقة أنهم يريدون أن يكونوا صالحين...
لذا فهم يتشبهون بالصالحين... وكما قال الشاعر: -
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم... إن التشبه بالرجال فلاح.
أخي: - إن الله يقول " ولا تنسى نصيبك من الدنيا "... فلماذا أصبح نصيبك كله الدنيا أخي: - إن للقبر ظلمات... وللحشر حسرات... وللموت سكرات... وللحساب آهات... وللنار زفرات... فماذا أعدت لها؟.(2/282)
أخي: - إننا نستطيع أن نعيش كغيرنا من الشباب التائه في ربا العصيان... بل إن شئت لا نترك أبواب الغفران... ولكن ماذا بعد هذا؟... هل سنجد السعادة؟... لا والله لن نجدها... وستكون نهايتنا الحتمية في هذه الدار... عذاب جهنم ويئس القرار.
أخي: - هل ترضى أن تكون من هؤلاء؟... ام هل ترى أن تكون هذه نهايتك؟... بالطبع "لا"...
فكما قال القائل: -
لا، لا إخالك تفعل وبين... جنبيك اعتراف مقصر متندم.
فلانت أسمى من سفاهة نزوة... ولك المكانة بين تلك الأنجم.
ولانت اكبر من غواية فاسد... يرميك فى نزق فيدميك الدم.
فتسنموا عرش العفاف فانه... عزبه تحلو الحياة وتسلم.
أخي في الله: - ها هو طريق السعادة الذي تبحث عنه ممهد بين يديك... مفروش بالأزهار والورد والرياحين لك... واضح لصاحب الهمة والعزيمة... فطريق السعادة يبدأ بإزالة أسباب الانحراف أولا كأصحاب السوء وإتباع الهوى وغبرها من الأسباب... ثم بالتوبة الصادقة ثانيا ثم بالعمل الصالح... ثالثا ثم بالإيمان الذي يجلب السعادة... رابعا فالإيمان كما يقول العلماء " هو حياة الروح وروح الحياة "... فالسعادة الحقيقة ليست بالمال والجاه والشهرة والغي والتيه والضلال والانحراف والسهر والسفر والطرب...
إنما السعادة الحقيقة بالعمل الصالح والإيمان... وهذا ما اخبرنا به تبارك و- تعالى - حيث قال: - " من عمل صالحا من ذكر او أنثى وهو مؤمن فلنحينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون "...
أخي العاقل: - إننا نجد الشباب الذي ضل طريق السعادة أصبح من الأشقياء... والسبب في ذلك انه استبدل طريق الرحمن بطريق الشيطان... واستبدل طريق الغفران بطريق العصيان... فهيا بنا نفعل عكس ما فعلوا حتى لا نكون أمثالهم... فالله - عز وجل - يقول: -
" ومن اعرض عن ذكرى فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى "...(2/283)
آخى العزيز: - والله إن الهوى يقسى القلب... فكون مع الندم المحاولات... وكرر الاستغفار والتوبة... وحاول واصطبر و لا تيأس ولا تتعجل النتائج... فان بعد هذه التوبة أثار ستجدها ولو بعد حين...
فيا أخي الحبيب: -
آما آن الرجوع إلى الصفوح... عن الزلات والفعل القبيح.
تبادره بقبح الفعل سرا... ولا تخشاه بالقول الصريح.
هداك إلى صراط مستقيم... وأنت ضللت عن هذا الصحيح.
أخي الحبيب: - " الم يان للذين امنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق "...
" يااخى "قل بلى والله قد آن... قل كفاني ذنوبا وعصيان... قلها يااخى قبل فوات الأوان... فوالله إن الموت ياتى بغتة... والنفس تذهب فلته... ففرغ قلبك من المنكرات... وسماع الغناء واسوا الجلسات... هيا بنا إلى المسجد نؤدي الصلوات...
أخي: - إن قوافل التائبين ها هي أمام عينك تسير... ودموع المنيبين تقبل... وباب التوبة مفتوح... ودعوة الله لك بالتوبة على مر الأزمان تتلى بقوله: - " وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون "...
أخي: - ألا ترد أن تكون من التائبين الذين قال عمر بن الخطاب فيهم: - " اجلسوا إلى التوابين فإنهم ارق الناس أفئدة "
أخي الحبيب: - اذا قويت عليك نفسك يوما ما فقل لها...
كما قال القائل: -
يا نفس ويحك قد أتاك هداك... أجيبي فداعي الحق قد ناداك.
كم قد دعيت إلى الرشاد فتعرضي... وأجبت داع الحق حين دعاك أخي الحبيب: - انتصر على نفسك الضعيفة... ولا تستجيب لدعاة الرذيلة... وعد إلى وعيك... وتنبه قبل رمسك... وانهض إلى الصلاح قبل أن يصبح اليوم امسك...
أخي: - ماذا تنتظر؟... هيا سويا نبدل الانحراف بالاستقامة... ونبدل السيئات بالحسنات... ونبدل الأغاني بالتسبيح... ونبدل أشرطة الأغاني بالمحاضرات والقران...
وجلسات السوء وشلة الفساد... بجلساء المسجد وصالح العباد...(2/284)
أخي الحبيب: - أوصيك باجتناب أصدقاء السوء فهي أول خطوة من خطوات السعادة.. والله يقول " ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا "...
أخي الحبيب: - أسرع فتوضأ وصلى لله ركعتين... أبكى على ذنوبك... وتقصيرك في حق ربك... واستمع إلى البشارة من الغفور الرحيم حيث قال في كتابه الكريم: - " الإ من تاب وامن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما "...
أخي الحبيب: - أو بعد هذه البشارة استرخاء عن التوبة ياصديقى؟...
أخي الحبيب: - امتثل بين يدي الله... اظهر له الخضوع... هيىء له الخشوع... وانثر له الدموع... وردد قائلا: -" ياالهى، ياالهى...
جاء بي حر ذنوبي... ساقني سوء مصيري... ساقني يارب تأنيب ضميري... أنهبت قلبي سياط الخوف من يوم رهيب... آه. عيناى أن تبيض من فرط نحيبي... آه... ياالهى. ما أعظم حوبي... ياالهى... أنا سافرت مع الشيطان في كل الدروب... غير درب الحق ما سافرت
فيه... كان إبليس معي في درب تيهي... يجتبيني وأنا يالغبائى اجتبيه... كان للشيطان من حولي جند خدعوني... ضيعوني... وإذا ما فكرت في التوبة قالوا لي لا تتوب...
ياالهى، قلوب... ياالهى،... أنا ما فكرت في يوم الحساب... ياالهى. مني إبليس شاه للفساد مع الذئاب... ياالهى... ياالهى. ت على قتل حياتي؟... ياالهى... ياالهى.
دائي ودوائي... ياالهى... جئت كي أعلن ذلي واعترافي... أنا ألغيت زوايا انحرافي...
يا الهى. طهرى وعفافي... ياالهى... أنا لن أمشى بعد اليوم في درب الرذيلة...
جرب الفجار كي يرضونني كل وسيلة... دبروا إلى ألف حيلة... فليعدوا
ياالهى لضلالي ما استطاعوا، فأمانيهم بضلالي مستحيلة ".
أخي الحبيب: - ناجى الله وقل " ياالهى يا مجيب الدعوات... يا مقيل العثرات...
اعف عنى... فانا عاهدت عهد الصالحين أبناء المؤمنات... أن تراني بين تسبيحي وصومي وصلاتي.(2/285)
أخي الحبيب: - أعيب عليك تركك لسنة السواك... واستبدالك لها بالسيجارة... التي هي
سواك الشيطان...
أخي الحبيب: - أعيب عليك تركك لسماع القران... واستبدالك له بسماع الغناء والألحان...
أخي الحبيب: - أعيب عليك تركك لمجالس العلم والإيمان... واستبدالك لها بمجالس المنحرفين والكذب والبهتان...
أخي الحبيب: - أفق من عثرتك.. واستيقظ من نومك وغفلتك.. فانا اعلم انك" أسد "
أخي الحبيب: - فان الدنيا جيفة... والأسد كما قال علماء الطبيعة...
لا يأكل من الجيفة... فإياك ثم إياك يااسد أن ينحدر بك المقام وتصبح وتمسى لاهثا وراء الدنيا وجيفتها... فو الله ثم والله إنها كما قال احد السلف: - حياتها عناء...
ونعيمها ابتلاء... وحديدها يبلى... ونعيمها يفنى... وودها ينقطع... وخيرها ينتزع...
والناس فيها على ثلاثة أقسام... إما في نعم زائلة... وإما في بلايا نازلة... وإما في منايا قاضية...
أخي الحبيب: - يا ليت أهل الغفلة سمعوا نداء الله حينما قال: - "يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وان الآخرة هي دار القرار "... وبالتاهم سمعوا حينما قال: - " قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ".
أخي الحبيب: - والله لو فكر اعل الغفلة والنعيم والمتاع الزائل في مصيرهم... لأعادوا النظر في كثير من منطلقاتهم...
أخي الحبيب: - أوصيك بأهلك فأنى احسبهم من الطيبين ولا نزكى على الله أحدا... وتذكر إنهم قد تعبو تربيتك.... وأصابهم العناء في تربيتك... فوالله أنى أوصيك بهم عدد أوراق الشجر... وعدد الرمال وقطرات المطر... أوصيك بهم وصية من قد تنتهي أنفاسه بالموت ولا يراك... قائلا لك: قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حينما باله احد الصحابة قائلا له من أحق الناس بحسن صحابتي فقال له الحبيب المصطفى: -" أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك"... ولقد قال - عليه السلام -: -الجنة تحت أقدام الأمهات.(2/286)
أخي الحبيب: - أوصيك بأداء الصلاة في وقتها في جماعة بالمسجد... فلقد قال نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -: -" الصلاة نور "... ولقد قال أيضا في حق تاركي الصلاة... أول من يسود وجهه يوم القيامة تارك الصلاة "...
أخي الحبيب: - لقد علمت ما حدث لك من عدم توفيق في دراستك في العام الماضي والذي كان رفقاء السوء سببا أساسيا فيه... ولست واصفا لك مدى الحزن والألم الذي اصابنى منك وعليك... ولكن كما قال الشاعر. -
ما كل ما يتمناه المرء يدركه... وتجرى الرياح بما لا تشتهى السفن
أخي الحبيب: - عليك بالجد والمذاكرة والاجتهاد... فإننا نريد الطبيب المسلم... والمهندس المسلم... والمعلم المسلم... وغير ذلك... حتى يكون المجتمع كله مسلما حقا... ويكفيك ما قد حدث لك في العام الماضي بسبب غفلتك... ولا تيأس فلعله إنذار شديد اللهجة من الله... ولعلها وقفة على سلم الاختبار... فلتصبر ولتعتبر...
أخي الحبيب: - لقد ساخطات التصوير عندما تخيلت إن السعادة في تحصيل الشهوات... ونيل الملذات... وإعطاء النفس ما تريد من المتع دون النظر إلى ما أحله الله من ذلك وما حرمه... واخطات أيضا " يا انيسى " عندما تخيلت إن السعادة في الشعرة فذهبت تبحث عنها وتحققها بشتى الطرق والوسائل...
أخي: - إن تخيلاتك السابقة في طريق السعادة... وغيرها مما في عقلك وعقول إخوانك من الشباب... ما هي الإ صور للسعادة وليست سعادة حقيقة... وبكل صدق يااخى...
لست أرى السعادة في جمع المال... ولكن التقى هو السعيد.
أخي الحبيب: - قد تبين لك طريق السعادة والفلاح... وما عليك الإ أن تسلكه... وهو نور يتلألأ وسط ظلام حالك... وسفينة نجاة لك تشق طريقها وسط الأمواج العاتية والبحار
الهائجة... وشعاع من الأمل ينفذ من قلوبنا ليبدد لك الظلمات الحالكة... قال - تعالى - "وان هذا صراطي مستقيا فاتبعوه ".
وأخيرا أخي الحبيب وليس بأخر: -(2/287)
فلا تجزع إن شعرت إن في كلامنا فكما تعلم إن الأخ قد يقسوا على أخيه خوفا عليه...
وها أنت ترى... فلقد كررتها على عينك مرارا وتكرارا قائلا لك... بأعلى صوتي وبأنفاس
قلمي " يا أخى "... وارجوا ألا تكون قد مللت منها ومن نداءاتى لك... فو الله إن أريد
الإ الإصلاح ما استطعت...
وقبل الختام أخي في الله: - والله لو كنت املك لك بحار الهداية والسعادة لبذلتها لك... فانا اشعر بصدق الشعور انك تحمل بين ثنايا جانبيك الكثير من نوابع الإيمان ومفاتيح الخير... لكنني وصفت لك ما املك... وهو طريق السعادة... الذى سعدنا به وسعد
به من قبلنا... وسيسعد به من سياتي بعدنا.
أخي الحبيب: - ختاما لا املك لك غير الدعاء... والكلمة الطبيبة... والنصح الصادق...
ففي القلب شفقة... وفى الصدر حرقة... فمن يناديك مناداتي؟... ومن يناجيك مناجاتي
؟... فهل تسمعني وتستجيب؟... ارجوا أن تكون الإجابة منك "نعم " واسأل الله أن يجعلك من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه..
" اللهم قد بلغت... اللهم فاشهد ".
أخي الحبيب: - إنما نحن منذرين... وما نحن بمؤنبين... وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين... فلا تنسى كلما وقعت أعينك على هذه الكلمات... أن تدعوا لمن بعث بها وأرسلها إليك خاصة... ولجموع الشباب عامة... قائلا بأعلى أنفاس قلبك... " اللهم أنله مراده "... ليقول لك الملك بأذن الله ولك بمثل.
8_7_2004
http://www.awrak.com المصدر:
==============
رسالة من الشهيد محمد الدرة إلى قناص يهودي
د. مباركة بنت البراء
كُتِبت هذه القصيدة أيام قيام الانتفاضة الثانية بعد استشهاد محمد الدّرة بيومين:
رصاصَكَ سدّدْ فالصدورُ مواقدُ ***وبالأرض من همّي جوًى متصاعدُ
رصاصَكَ سدّدْ يا حقودُ فلا أنا *** من القتل مُزْوَرٌّ ولا أنا شاردُ
أنا من دمي تخضَرّ أرضي وتنتشي ***وينبتُ جيلٌ يألفُ الهمّ واعدُ
وتنبت من كل الشظيّات أذرعٌ ***وتنبتُ هاماتٌ وتنمو سواعدُ(2/288)
تراهن أن تبقى لها الأرضُ موطناً *** وفي كل فج كل صوبٍ تجالدُ
أنا الأرضُ عشقي حيث كنت يظلّ *** بي إليها حنينٌ عالقُ الحبّ آبِدُ
ولستُ أُبالي أن يُفجّر صاعِقٌ *** ولستُ أُبالي أن يُهوّم راعدُ
أنا ماجدُ الأعراقِ جدّيَ ماجِدٌ *** أبي ماجدٌ عمي كذلك ماجدُ
غَذَتنيَ أمّ برةٌ بِلِبانها *** نمانيَ أصلٌ طارقُ العرقِ تالِدُ
وبالرّملِ منّي لو تبيّنتَ جوهرٌ *** وفي الماء منّي لو تعلّقْت ماردُ
وأُومنُ أنّ الأرضَ حِضني ومَوْئلي *** وأُومنُ أنّ اللهَ ربّيَ واحدُ
وأحفظُ تاريخي أَعيهِ حكايةً ***تلقّنتُها طفلاً ووعييَ راشِدُ
وأعلم أنّ القدسَ أوّلُ قِبلةٍ *** أتاها من الرحمن في الليل وافدُ
بها موكبُ الإسراءِ حلّ يؤُمّهُ *** محمّدُ محمودٌ لدى اللهِ حامدُ
تقدّمْ وسدّدْ كلّ حقدِك دفعةً *** فأنت قضاءٌ في البلاد وشاهدُ
تعيث بقُدسي عابثاً بمساجدٍ *** بها راكعٌ لله دوماً وساجدُ
سنابلُ قمحي من عنائِيَ أجدبتْ *** وزهرُ الرّوابي لوعةٌ ومواجدُ
فيا وجعَ الآباءِ يوم فراقِنا *** ويا حُزنَ الماماتِ ماذا تكابدُ
أبي ضُمّني لا تأسَ ما أنا ميّت *** شهيدٌ أنا حيٌّ وبالأرض خالدُ
نعم ها أنا أختالُ تيهًا يحفّ بي *** من الله روحٌ والجنانُ زغاردُ
أقمْ عرسَكَ العلويَّ واجمعْ أحبّةًّ *** فللهِ يا اللهُ تلك المقاعدُ!
وبلّغ لأمي أن تُزَيّن جيدَها *** قلائدَ صبرٍ نعم هنّ قلائدُ
سنبقى بأرضٍ نحنُ فيها أوائلٌ *** ونحن لها شمسٌ ونحن فراقدُ
سينصرُ ربّي دينَه وستنجلي *** مع الزمن الدّوارِ تلك الشدائدُ
أيا قانصَ الأطفالِ دربُك مغلقٌ *** وكفّك مشلولٌ ويومُك بائدُ
فمهما سطوْتَ اليومَ إنّك زائلٌ *** ومهما تعدْ يوماً فإنّيَ عائدُ
فكلّ دماءِ الرائحين سنابلٌ *** وكلّ الدموعِ الهامياتِِ قصائدُ
19/8/1425
03/10/2004
http://www.islamtoday.net المصدر:
============
رسالة الإصلاح ووسائلها
سامي الأحمد(2/289)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته …
أما بعد:
فكم تكون العواقب وخيمة وسيئة، على الفرد والمجتمع، حين يتجافى بعض طلاب العلم والشباب الصالح، عن المشاركة في المجتمع في شتى ميادينه، والتخلي عن مسيرة الإصلاح، أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر، التي أمِروا بها، والانشغال عنها حتى ولو كان بالعمل الصالح أو بطلب العلم، فقد توعد الله من تنكبها وتهاون عن أدائها بالعقاب، فعن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بالمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ المُنْكَرِ أو لَيُوشِكَنَّ الله أَنْ يَبْعَثَ عَليْكُمْ عِقَاباً مِنْهُ فَتَدْعُونَهُ فَلا يَسْتَجِيبُ لَكُمْ)) وعن زينب - رضي الله عنها -: قالت يا رسولَ الله أَنهلِك وفينا الصالحون؟ قال: ((نعم، إِذا كَثُرَ الخَبَث)) وقال - تعالى -: {فلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَآ أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ *وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} ولم يقل صالحون، وبالنظر إلى الحديث والآية، يتبين الفرق بين الصالح والمُصلح؛ فالصالح بلا إصلاح هالكٌ مع الهالكين، بخلاف المصلح، الذي بإصلاحه تُدفع الهلكة عن العباد والبلاد.(2/290)
ذكر الإمام البغوي عن الشعبي - رحمهما الله - قال: " خرج ناس من أهل الكوفة إلى الجُبانة يتعبدون واتخذوا مسجداً وبنوا بنياناً، فأتاهم عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - فقالوا: مرحباً بكَ يا أبا عبد الرحمن لقد سرنا أن تزورنا قال ما أتيتكم زائراً، ولست بالذي أترك حتى يهدم مسجد الجبان، إنكم لأهدى من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟! أرأيتم لو أن الناس صنعوا كما صنعتم من كان يجاهد العدو؟ من كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؟ من كان يقيم الحدود؟... "
انظر لفقه ابن مسعود - رضي الله عنه -، كيف أنكر انفرادهم وانعزالهم للعبادة مع ترك الأولى، فكيف بمن ترك الإصلاح وتكاسل عنه وانشغل في أمور إما أن تكون مفضولة أو دون ذلك.
قال العلامة الشيخ حمد بن عتيق - رحمه الله -: ((فلو قدر أن رجلاً يصوم النهار، ويقوم الليل، ويزهد في الدنيا كلها، وهو مع ذلك لا يغضب، ولا يتمعر وجهه، ولا يحمر لله، فلا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر، فهذا الرجل من أبغض الناس عند الله، وأقلهم ديناً، وأصحاب الكبائر أحسن حالاً عند الله منه، وقد حدثني منْ لا أتهم عن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله تعالى -، أنه قال مرة: أرى ناساً يجلسون في المسجد على مصاحفهم يقرؤون ويبكون، فإذا رأوا المعروف لم يأمروا به، وإذا رأوا المنكر لم ينهوا عنه، وأرى أناساً يعكفون عندهم يقولون هؤلاء لحى غوانم، وأنا أقول: إنهم لحى فواين فقال السامع: أنا لا أقدر أقول: أنهم لحى فواين، فقال الشيخ: إنهم من العُمي البُكم. ))(2/291)
وهذا ما قرره ابن القيم - رحمه الله - من قبل، حيث قال: ((وقد غرّ إبليس أكثر الخلق بأن حسّن لهم القيام بنوع من الذكر، والقراءة، والصلاة، والصيام، والزهد في الدنيا، والانقطاع، وعطلوا هذه العبوديات فلم يحدثوا قلوبهم بالقيام بها، وهؤلاء عند ورثة الأنبياء من أقل الناس ديناً، فإن الدين هو القيام لله بما أمر به، فتارك حقوق الله التي تجب عليه، أسوأُ حالاً عند الله ورسوله من مرتكب المعاصي، فإن ترك الأمر أعظم من ارتكاب النهي، من أكثر من ثلاثين وجهاً ذكرها شيخنا - رحمه الله -)).
فتدبر رعاك الله عظم الأمر، وذُبّ عن نفسكَ أن تكون ممن وصفهم الشيخ آنفا.
وكم تعظم العواقب كذلك، حين ينطوي بعض طلاب العلم والشباب، عن مسيرة الإصلاح، وترك ميادين المجتمع، لأهل الفساد وأرباب الفن والرياضة، يتنافسون ويتسابقون فيما بينهم إلى تحقيق مآربهم وأهدافهم، ونحن جالسون نندُبُ الحال، ونعيب الزمان، ولكن العيب فينا وذلك بسكوتنا، فإذا ما استفحل الأمر وانتشر الشر، فوجئنا بالأحداث والمنكرات كما يفاجأ العامة، فأُنْكر المعروف واستأنس بالمنكر؛ بسبب تهاوننا في القيام بواجب الإصلاح.
وكم يُرثى لبعض الشباب، سيماهم الخير والصلاح، ولكنهم غثاءٌ كغثاءِ السيل، تمر عليه المنكرات تلو المنكرات، وتتاح له فرص الدعوة ووسائل الإصلاح، ولكنه عنها خامد غافل، فلا تتحرك له هِمّة، ولا غيرة على حُرمات الله،
فعن أبي المنذر إسماعيل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الرحمن العمري يقول: ((إن من غفلتك إعراضك عن الله، بأن ترى ما يُسخطه فتجاوزه، ولا تأمر ولا تنهى خوفاً ممن لا يملكُ ضرّاً ولا نفعاً)).
وكم هي البلِيّةُ عندما يكون موقف الواحد منهم موقف المُتفرج السلبي، ويرضى لنفسه بأضعف الإيمان، مع إتاحة الوسائل المتنوعة لإنكار المنكرات والإصلاح.(2/292)
قال ابن القيم: ((وأيُّ دين، وأي خيرٍ فيمن يرى محارم الله تنتهك، وحدوده تُضيع ودينه يترك وسُنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - يرغب عنها، وهو بارد القلب ساكت اللسان شيطان أخرس، كما أن المتكلم بالباطل شيطان ناطق، وهل بلية الدين إلا من هؤلاء الذين إذا سلمت لهم مآكلهم ورياستهم فلا مبالاة بما جرى على الدين، وخيارهم المتحزن المتلمظ، ولو نُوزع في بعض ما فيه غضاضة عليه، في جاهه أو ماله، بذل وتبذل وجد واجتهد، واستعمل مراتب الإنكار الثلاثة بحسب وسعه، وهؤلاء مع سقوطهم من عين الله ومقت الله لهم، قد بُلوا في الدنيا بأعظم بليةٍ تكون، وهم لا يشعرون، وهو موت القلوب، فإن القلب كلما كانت حياته أتم، كان غضبه لله ورسوله أقوى، وانتصاره للدين أكمل)).
وإن كنتَ يا أخي المبارك ممن في قلبه حُرقةٌ على الواقع، واهتمام بأمر المسلمين، أضع بين يديكَ بعض وسائل الإصلاح للمجتمع الذي نحن نعيش فيه، فأنت المسؤول عن أي منكر علمت به، سواء بسكوتكَ عنه أو عدم إنكاركَ له، أو حتى في التواني في استغلال وسائل الإصلاح لتغيير ذلك المنكر.
ولا شك أن الأصل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الفور.
قال القرافي - رحمه الله تعالى -: ((قال العلماء: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على الفور إجماعاً، فمن أمكنه أن يأمر بمعروف وجب عليه))
وأُذكركَ بحديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - مرفوعاً ((إن الله ليسأل العبد يوم القيامة حتى يقول: ما منعكَ إذا رأيت المنكر أن تنكر…))
فشمر عن ساعد الجد واستعن بالله من الآن، وابدأ بأقرب الناس إليكَ، واستأنس بوعد الرسول - صلى الله عليه وسلم - لكَ حيثُ قال: ((إن من أمتي قوماً يعطون مثل أجور أولهم، ينكرون المنكر)) والله يرعاكَ ويباركُ في مسعاكَ.
من سائل الإصلاح:(2/293)
لاشك أن وسائل الإصلاح لا يمكن حصرها بِعدّ ولا بأسلوب، إذ لكل مكان وزمان الوسيلة التي تناسبه، ولن تُعدم الأمّة من عقول شبابها من إيجاد الوسائل والحلول التي يُكتبُ لها الإصلاح والتوفيق بإذن الله - تعالى -.
فمن وسائل الإصلاح:
1- الدعاء:
فهو من أعظم وسائل الإصلاح النافعة، وهو السلاح المعطل عند الكثير، وقد فرطوا به، إما جهلاً أو قلة يقين بأثره، قال الله - تعالى - {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَان} قال ابن كثير: المراد من هذا أنه - تعالى - لا يخيب دعاء داع ولا يشغله عنه شيء بل هو سميع الدعاء، ففيه ترغيب في الدعاء، وأنه لا يضيع
وفي صحيح مسلم عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: ((دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة « فلا تغفل عن هذه الوسيلة، ومُدَّ كف الضراعة إلى الله - تعالى - بأن يصلح الحال، وأن يعينكَ على القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر))
2- الالتفاف حول العلماء:
لا شك أن للعلماء والدعاة مكانة في المجتمع عند العامة والخاصة، ولله الحمد، ولمواقفهم في المجتمع أثر واضح وملموس، وقد ينشغل الواحد منهم لسبب ما عن متابعة المنكرات، فكن عوناً لهم، بتذكيرهم بالله وبيان مسؤوليتهم، وأن سكوتهم سببٌ في تفشي المنكرات، والسعي عن طريقهم إلي إنكارها، إما مباشرة أو الكتابة لهم، وهذا ما كان عليه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -، فكان يخرج بتلاميذه، فيأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويدورون على الخمارات والحانات؛ فيكسرون أواني الخمور ويشققون الظروف ويعزرون أهل الفواحش..، فالالتفاف حول العلماء وبيان الواقع لهم إما مباشرة أو الكتابة لهم، ومن ثَمّ مطالبتهم بالمناصحة والكتابة، وسيلة من وسائل الإصلاح، التي نحن عنها غافلون. !(2/294)
ولاشك أن تدعيم مكانة العلماء والدعاة والغيورين في المجتمع بين العامة والخاصة، وذلك بذكر محاسنهم والإعراض عمّا قيل وقال مما هو من غثاء الألسنة، يعد سببٌ لنفاذ كلمتهم، وسماع رأيهم.
3- تضافر الجهود بين الشباب:
الشباب ذوو حماسة لا تفتر، فإذا تضافرت جهودهم واتحدت في إنكار المنكرات، فإن لها النتائج الطيبة والملموسة، وهذا ما يشهد به الواقع، فهذا يكتب للعلماء وهذا يتصل على الجهة المسؤولة وهذا يذهب إلى صاحب المنكر، وهذا يخاطب من بيده الحل والعقد،... إلخ فلو عقد الشباب العزم والسعي لإنكار المنكرات، وسلكَ كل واحد منهم وسيلة من وسائل الإصلاح، لنفع الله بالجهود.
4- متابعة المنكرات الظاهرة:
لاشك أن متابعة المنكرات، والسعي من أول أمرها لإنكارها، يحول دون تفشيها أو تقليلها في المجتمع، وأقل ما يجب عليكَ رعاكَ الله، هو الكتابة عنها، وبيانها للعلماء، وللجهات المسؤولة، فهذا يتابع ما ينشر في الجرائد والمجلات من مقالات وقصائد، وهذا ينظر ما تفشى في الأسواق من منكرات، وكلٌ يسعى لإخمادها من طرق متعددة.
5- الكلمة الهادفة:
إن الكلمة إذا خرجت من قلبٍ صادقٍ ناصحٍ، فإن الله يباركُ في أثرها، سواء كانت بخطبة أو كلمةٍ بعد صلاة، أو في مجلس عام، أو حتى حديث خاص مع أحد الأشخاص، ذكر صاحب كتاب (تأملات بعد الفجر): أن أحد الشباب عندما طُلب منه الحِساب، قال مازحاً: الحساب في يوم الحساب!.. فتوغلت هذه الكلمات في نفس البائع، وما زالت به حتى كُتب له الهداية بكلمات جاءت عابرة! فما بالك بمن أعدّ كلماتها وتحرى ألفاظها وعباراتها المناسبة، فلا تستهن بالكلمة، ولو كانت كلمات معدودة، فقد تكون مفتاحاً لقلبٍ ما.
6- القدوة:(2/295)
وهي الدعوة الصامته، المتمثلة بالقيام بما أمر الله به، واجتناب ما نهى الله عنه، مع التخلّق بمكارم الأخلاق، فكم شاب دعا بلسان حاله، فعَلم الناس المعروف والسُنّة لمّا عمل بها، وتركوا المنكر لما أعرض عنه، وغضب عندما انتهكت محارم الله، وبهذا عُلِم موقفه من المنكرات، فحُسِب له الحِساب،... وبالمقابل من فرّط بهذا الواجب فضعفت هيبته وقدوته، فتجرؤوا عليه بالمنكرات، ومن لم يغزُ يُغزَ.
فعن أبي المنذر إسماعيل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الرحمن العمري يقول: " من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من مخافة المخلوقين، نُزِعت منه هيبةُ الله - تعالى -، فلو أمر بعض ولده أو بعض مواليه لاستخفّ به "
7- المراسلة:
"ما أبلغ أثر الرسالة الشخصية على قارئها؛ متى كتبت بأسلوبٍ لبقٍ مهذبٍ، إنها حديث مباشر هادئ، يعطي الآخر فرصة التفكير والمراجعة والتصحيح"،
فيراسل العلماء والمسؤولين، وكل صاحب منكر، سواءً أكان محلٍ تجاري أو جهة حكومية، ومن ولي من أمور المسلمين، فأنتَ تُرسل لأخيكَ رسالةٍ شخصيةٍ، وتخاطبُ شغاف إيمانه، إلى ذاك الشيخ وتذكره أنه أولى الناس بالقيام في مسيرة الإصلاح، وذاك المسؤول وتذكره بالله وأنه مسؤول أمام الله - تعالى - على ما ولي به من أمور المسلمين، فأنت تُرسل وأخوكَ يرسل والثالث ….
وما أعظم فعل ذلك الشاب الذي سطرت يداه رسالة إلى أحد المستوردين للملابس الجاهزة، وبيّن عظم جُرم ترويج تلك الملابس الفاضحة بين بنات المسلمين، فكم كان لها الأثر، ولكن أين الشباب من بقية أصحاب المنكرات؟.
8- الشريط الإسلامي:
لقد ساهم الشريط الإسلامي في نشر الوعي في المجتمع بشتى طبقاته، وذلك إما بإعداد مادة الشريط التي يحتوي على معالجة بعض المنكرات، أو بتوزيعه على طبقات المجتمع ولكل ما يناسبه، وكم سمعنا ورأينا أثرها، فهذا كُتِبت له الهداية بسبب شريط قُدِم له هدية، فلله الحمد والمنة.(2/296)
وما أجمل صَنِيعَ ذلك الشاب الذي جعل في سيارته بعض الأشرطة والكُتيبات؛ لتوزيعها عند الحاجة، على الشباب أو غيرهم.
9- الكتاب أو الكُتيب:
إما بتأليفه، أو الإشارة للمؤلف بأن يكتب عن منكر ما، أو السعي إلى توزيعه ونشره، فهذا غلام في السن الثالثة عشر جال على أصحاب محلات الحلاقة الممتلئة بالمجلات الهابطة، وسعى لاستبدالها بالكُتَيّبات والقصص الهادفة وبعض المجلات النافعة، فبارك الله في مسعاه، فأين الشباب عن ذلك؟
10- النشرة المطوية:
هي تماماً مثل ما بين يديكَ، سهلة المناولة، قصيرة الكلمات، لا تأخذ وقتاً في قراءتها، وهي تحتوي على معالجة موضوع ما، …فإما أن تكتُب وتُألف وتنشر، أو تُشير على المؤلف بأن يكتُب ليعالج قضية ما.
ولقد أصدرت بعض دور النشر، جملة من النشرات المطوية بمظهر جميل وجذاب، فلا تتوان عن الاستفادة منها وتوزيعها.
11 شبكة المعلومات (الانترنت):
لقد كسرت شبكة المعلومات (الإنترنت) كثيراً من عوائق الزمان والمكان، فما كان مستحيلاً بالأمس، فهو هيّنٌ وسهلٌ اليوم، وما ذاك إلا لسرعة نقل المعلومات وتبادلها بين الأفراد، وإقامة الحوارات العلمية والفكرية، على شاشات كثيرٍ من الناس وبنفس الوقت، فهي ساحةٌ خصبةٌ للدعوة والتعليم، لا تعترف بالفواصل الزمنية والمكانية، في وقت نجد المواقع والعناوين الإلكترونية لكثير من الأفراد والشركات، التي يمكنكَ مراسلتهم والإنكار عليهم أو شكرهم، في وقت يسير وبأقل التّكاليف.
فما بقي عليك أخي المبارك، إلا الإبداع وحسن الحوار في ساحات الحوار أو الكتابة بالبريد الإلكتروني.
والأجمل من ذلك إنشاء موقع إسلامي يكون منبراً للدعوة والتعليم، يستفيد منه ملايين الناس ولو بعد حين.
12- المشاركة في وسائل الإعلام:(2/297)
ما كثُر الخَبَثُ بها؛ إلا يوم تخلينا عن المشاركة فيها، سواء بالكتابة في الجرائد والمجلات أو غيرها، وهي تطبع وتنتشر بالآلاف، ولاشك أن الكتابه فيها أو الرد على ما يكتب وإن لم ينشر فإنه يعد مُؤشراً لأربابها أن هناك طبقة من القراء تطالب بأن يحترم فكرها، وأنهم على يقظة لما يمس هذا الدين وأهله ودعاته، فحسبك أن ذلك يجعل لديهم احتساباً للقارئ الذي يتابع ما ينشرونه.
وإن المساهمة في المجلات الإسلامية الملتزمة بالمنهج الصحيح، سواء بالدعم المالي أو المعنوي أو الفكري يعد دعماً لها إذ هي وسيلة من وسائل الإصلاح.
13- الاتصال الهاتفي:
وسيله لا تحتاج إلى كبير أو كثير عناء، بقدر جلسةٍ هادئةٍ مع سماعة الهاتف أو جهاز الفاكس، والإنكار على أصحاب المنكرات، بالتذكير والتخويف بالله، أو كذلك تبليغ العلماء أو للجهات المسؤولة عن المنكرات.
14- المقاطعة لصاحب المنكر:
دخل أحد الفضلاء في إحدى المحلات التجارية، فقُبل أن يدفع له الحساب، شاهد علب الدخان في المحل، فانثنى عن شراء السلع، قائلاً: والله ما منعني إلا بيعكَ للدخان.
فلو أن كل واحد منا قاطع أصحاب المنكرات، لما عزّ سوقه، ولما راجت بضاعته، ولكن نحن الذي دعمناهم من حيث لا نشعر!
15- الشكر والثناء:
كان النبي - عليه الصلاة والسلام - يسلكه مع أصحابه - رضي الله عنهم -، وهو من أبلغ وسائل الإصلاح، وقليلٌ سالكه، حيث إنه من أسباب الثبات على المعروف، في زمن تفشت فيه المنكرات، فكما أننا نُنكر على صاحب المنكر، فحريٌ بنا أن نشكر ونثني على صاحب المعروف، ليجد العزة في تمسكه بالمعروف وليثبت عليه.
*****
وهكذا لو قام كل واحد منا بمسؤوليته، في الدعوة والإصلاح، واستخدم قدراته وإمكانياته في إصلاح المجتمع، ابتداءاً بنفسه وأهله، ومن حوله، ثم إلى كل صاحب منكر، لما جاهر الفساق بمنكراتهم.(2/298)
فهذه مجلة ماجنة، وهذه كلمة سيئة في جريدة، وهذا منكر في محل يبيع الحرام وهذا فعل منكراً بنفسه أو مع غيره.. إلخ إلى غير ذلك، فلو استثمرنا كل الوسائل من دعاء ورسالة والتفاف وتضافر ومتابعة …إلخ مع هؤلاء جميعاً لأثمر الجهد، ولكن نعوذ بالله أن نكون من الغثاء، فيا أخي الكريم احذر أن تكون ممن وصفوا آنفاً، ولا يكن التزامك التزاماً أجوفَ، لا دعوة ولا إصلاح.
وقبل الختام:
لا تكن كلاً على أمتكَ؛ فتغرق السفينة، واعلم أنك على ثغرٍ من ثغورها، كبُر شأنك أو صغر، فالله الله أن نؤتى من قبلكَ. والله يرعاكَ ويسدد خطاكَ.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
http://saaid.net المصدر:
============
رسالة إلى مدينة (الفلوجة) الباسلة
نادر بن سعد العمري
(فلوجة) عزمك إصرار أبناؤك أسدٌ أبرارُ
حُيِّيت وحيَّاهم ربي كم فيهم شَهْمٌ مغوار
علَّمت الدنيا ملحمة كبرى ترويها الأدهار
ما وهن العزم ولاخمدت نيران الثأر ولو جاروا
حاشا أن يخضع جبَّار لجبان أو يُنسى الثار
*******
(فلوجة) يا أرضاً أضحت يطويها قتل ودمار
ما احتضنت يوماً محتلاً فالموت الموت ولا العار
أهديك دموعي وشجوني ترويها عني الأشعار
إن حالت دوني أسلاك وحدود يحرسها الجار
ففؤادي بينكمو...إني حرٌ وهواي الأحرار
*******
(فلوجة) لا تُبقي علجاً فالحل الفصل هو النار
وستندم حتماً (أمريكا) يعلوها ذل وصغار
زعموا الحرية وانطلقوا وإذا الحرية أسوار
لو عرفوا عزاً ما باتوا يحكمهم (فيل) و(حمار)
دعوى الإرهاب ذريعتهم وهمو في الأرض الأشرار
*******
(فلوجة) عزٌ وإباءٌ ... عزم عربي بتار
إسلام حيٌ قد نبعت منه الأبطال الثوار
رفعوا الرايات وما التفتوا لدعاوى الغرب ولا احتاروا
ما هابوا يوماً محتلاً بل هان الجيش الجرار
سحقوا المحتل بعزمتهم وعلى درب الشهدا ساروا
*******
(فلوجة) فجرك وضاح تنسجه منك الأسحار
تصنعه الشدَّةُ ذا ألقٍ لتعم الكونَ الأنوار(2/299)
وستبقى الدنيا شاهدة أنَّكِ في الشدةِ إعصار
وجيوش الغزو ستطويها سنن القهار وتنهار
وعراق الخير سيعمرها ويعيدُ عُلاها الأخيار
المصدر : http://www.islamselect.com
============
كيف تصنع رسالة دعوية؟
أحمد بن عبد المحسن العساف
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على إمام الدعاة وقدوة العباد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً؛
وبعد:
فهذه طريقة مقترحة لكيفية إيصال الرسالة الدعوية إلى المتلقي؛ اقتضتها الحاجة، وكثرة السؤال؛ ممن بذلوا أوقاتهم لخدمة دين الله، ونفع عباده.
وقد جاءت في اثنتي عشرة خطوة كما يلي:
* اجعل لطرحك مسوغاً:
فذلك أدعى لقبوله، ولفت الانتباه إليه؛ وحتى لا يتسلل الشك إلى نفس المخاطب بأنه المقصود بالحديث خاصة في بعض المسائل.
وهذا المسوغ:
إما أن يكون موجوداً: كأن يبدأك بسؤال، أو ذكر حادثة فتجيب أو تعلق بما يناسب، أو أن ترى منظراً لرجل مصاب فتذكره بنعمة الله وحقوقها، أو تشاهد مستغرباً في لباسه فتحدثه عن نعمة الإسلام والتدين، وتعمق مفاهيم الولاء والبراء لديه.
ومثله أن تستغل التزامك بقوانين المرور وأنظمته للتذكير بضرورة الالتزام بأوامر الله ونواهيه، وتعزيز مفاهيم الأمانة، وحفظ الضرورات الست عنده، وكأن تستغل انضباطه بمواعيده للثناء عليه، وذكر فضيلة الوفاء بالوعد والعهد، ثم تتخذ ذلك منطلقاً للحديث عن الصلاة ومواقيتها وجماعتها، وتعرج على المنافقين بفضح خلائقهم وصفاتهم دون أسمائهم.
أو تسعى لإيجاده: كأن تورد القصة من باب التسلية ثم تعلق عليها، أو تستمع معه إلى شريط نافع، أو برنامج ماتع، وتناقشه فيه، أو تبادره بالسؤال عن الامتحانات لتحدثه عن فضيلة الصبر أو الشكر؛ أو تستخبره عن والديه لتعقب بحديث عن حقهما، ووجوب برهما، وطاعتهما في غير معصية، وهكذا حتى لا يشعر صاحبك أنك تعتسف الحديث اعتسافاً.
* لا تشعره بأنك تلقي محاضرة:(2/300)
وذلك بأن تكون على سجيتك أثناء الطرح؛ متوسط اللغة غير متقعر، ولا مسفٍ، ولا مغرقٍ في العامية؛ ولا تبدأ حديثك بما تبدأ به المحاضرات بالرغم من فضل تلك البداية وأجرها، ولتكن معانيك واضحة، قريبة، سهلة المأخذ، وحاذر الرمزية، وكن مباشراً دفعاً للظنة والفهم الخاطئ.
* اجعل لطريقة عرضك خطة قبل اللقاء:
وذلك بالتزام منهج تسلكه لبلوغ الهدف المنشود من اللقاء، معتمداً على ترتيب الأفكار، ومراعاة الأولويات، فلا تذكر للمدعو صوراً من الربا قبل ذكر تعريفه، وبعض أدلة تحريمه؛ وتذكر أن إيجاد المسوغ من أهم مهمات خطة الطرح.
* احرص على رؤوس الأقلام المهمة:
فقد لا يسعفك الوقت أو شخصية المقابل، فلا تطل، واكتف بذكر رؤوس الأقلام المهمة لكونها أرسخ في الذهن، وأبعد عن الملل؛ ولا مانع حسب حالة المتلقي من تكرارها؛ وتذكر قول المبرد: " من أطال الحديث، وأكثر القول؛ فقد عرض أصحابه للملال، وسوء الاستماع ".
* لا تذكر الشبهة نقداً وتجعل ردها نسيئة:
والصواب ذكر المفهوم الصحيح والتأكد من فهمه ورسوخه ثم ذكر الشبهة وتفنيدها؛ وسيكون نجاحك أكيداً باهراً لو شاركك المدعو بتفنيد الشبهة، ودحضها بناءً على قولك الأول.
* ليس ضرورياً أن يكون لكل لقاء موضوعاً خاصاً:
ويتأكد ذلك في الجلسة الأولى؛ ويكتفى بذكر الله حينما تعرض مناسبة كالآذان، أو العطاس، أو القيام من المجلس، أو الفراغ من طعام أو شراب، وعند البخاري من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -" كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا " وقد علق الحافظ ابن حجر على ذلك بقوله: " ويستفاد من الحديث استحباب ترك المداومة في الجد في العمل الصالح خشية الملال " ثم قال: " ويختلف باختلاف الأحوال والأشخاص؛ والضابط الحاجة مع مراعاة وجود النشاط ".
* نوَّع خطابك:(2/301)
فلا تجعله محصوراً في العلم أو العاطفة أو الفكر أو الأدب؛ بل شكله حسب المقام والمستهدف، ومن تنويع الخطاب أن يكون مرة بلسانك، وأخرى عبر شريط أو إذاعة، وثالثة من خلال كتاب أو مجلة، وهكذا..
* لا يكن حديثك متشائماً:
فلا تشحن خطابك بالسلبيات، ولا تصيره مكتظاً باليأس والقنوط والهزائم؛ فذلك أدعى لرفضك، ورد مقولك، وقطع العلائق معك، ولا يعني هذا الإغراق في الإيجابيات، والتفاؤل المفرط الساذج، لأن كثرتها خلاف الواقعية والموضوعية؛ والتوسط مطلوب في كل شيء.
* لا تشغله بالجزئيات:
فلعله لا يستفيد شيئاً من التوسع في ذكر اختلافات الأئمة - رضوان الله عليهم - في مسألة ما مثل ما يستفيده من الاقتصار على القول الراجح، أو من ترسيخ حكم أساسي في ذهنه، ثم إن شغله بالجزئيات مدعاة لتشتيت الذهن، وعدم شعوره بالفائدة ثم الانقطاع.
* لا تسرد موضوعاتك مرة واحدة:
فلن يستفيد ولن تجد ما تحدثه به مستقبلاً إلا المعاد المكرر، وستكون كصاحب بيض وضعها في سلة واحدة، وقطع بها أرضاً وعرة، ثم عثر! فما ظنك بالبيض؟
* ليكن خطابك مما يحتاجه المدعو:
فلا تحدث فقيراً عن الإسراف وخطره مثلاً؛ ولا ترشد آخر غير سالكٍ إلى أهمية النظر في كتب شيخ الإسلام ابن تيمية مثلاً، وإذا علمت عمن معك أنه يرافق صحبة سيئة فحدثه عن الصحبة الصالحة وبركتها، وليكن حديثك عن الأشياء الظاهرة عليه أو المعلومة عنه حديثاً غير مباشر خصوصاً في بدايات المعرفة.
ويدخل ضمن هذه الفقرة مراعاة اهتمامات المدعو حتى يأنس بالجلوس إليك؛ ومنها أيضاً تحديث المدعوين على قدر مداركهم واستيعابهم كما روي عن ابن مسعود - رضي الله عنه -: " ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة "، وإياك إياك أن تطب زكاماً فتحدث جذاماً، والسلامة لا يعدلها شيء.
* تجنب متاهات السياسة، ولا تدخل في موضوعات حرجة:(2/302)
وذلك أجلب لاطمئنانه، وأضمن لاستمراره، ومن نفيس كلام الإمام الشاطبي - رحمه الله - قوله: " وليس كل ما يُعلم مما هو حق يطلب نشره، وإن كان من علم الشريعة، ومما يفيد علماً بالأحكام "، وليكن موقفك واضحاً في رفض الأخطاء واستنكارها ( كأعمال التفجيرات مثلاً ) بنفس الدرجة التي تنكر بها المخالفات الأخرى.
وأخيراً؛ أصلح نفسك، وتعاهد سريرتك، وتفقد نيتك؛ يصلح الله لك مَنْ معك، ويجعل لكلامك نورانية تخترق حُجُب النفوس - حتى لو كانت غليظة - إلى حيث موقعها من قلب المدعو؛ وأحثك على مزيد من العلم، ومزيد من الثقافة، ومزيد من المهارة، فلا يحسن أن يكون المدعو أميز من الداعية في واحدة مما ذكرت؛ وكن قدوة بسمتك وبقولك وبفعلك؛ سددك الله ووفقك وأعانك؛ ولله الأمر من قبل ومن بعد؛ والسلام.
_______________________________-
* كتب مقترحة:
• مقدمات للنهوض بالعمل الدعوي. د. عبد الكريم بكار.
• ثقافة الداعية. د. يوسف القرضاوي.
http://www.islamselect.com المصدر:
===========
رسالة التخريب الأخلاقي
د. عبد الصبور شاهين
نشرت بعض المصادر الإعلامية الغربية أخيرا: أن المخابرات الأميركية قد أعدت جيشا من المبشرين، قوامه ستة آلاف من الشباب، يتلقون الآن دراسات تبشيرية مضمونها إلصاق كميات من الأكاذيب بالإسلام، وهدفها- كما يزعمون- مساعدة الذين ارتبطوا بالإسلام علي (الخلاص) منه، وهي فرقة من المخربين سوف تنطلق إلي الأرض المحتلة بالعراق، لتكمل المهمة التي بدأتها القوات الأميركية التي زادت علي مائتين وخمسين ألف جندي.
ولا شك أن دعوة الشعب العراقي المحتل للتخلي عن الإسلام- سوف تكون مهمة صعبة، تحتاج إلي التمكن من اللغة العربية التي هي وسيلة الخطاب، ومن المعطيات العقدية والتاريخية التي يمكن تشويهها لتشكيك المسلمين البسطاء في دينهم، ليستبدلوا به النصرانية الأمريكية، بما تمثل من شذوذ!!(2/303)
والهدف الأهم من هذه الحملة التبشيرية هو التمكين للاحتلال الأميركي من الاستيلاء علي الثروة البترولية العراقية، وهو ما يشير إلي نية العدوان الأميركي في الإقامة الدائمة علي أرض العراق، وكل ما يقال خلاف ذلك إنما هو وعود كواذب تتفق مع أخلاقيات العدوان.
ولعل هذا يذكرنا بطرف من تاريخ التبشير المسيحي الذي أغار علي إفريقية، فنشر فيها الخراب العقائدي، واستولي علي كنوزها من الذهب والماس والأحجار الكريمة، بل واستولي علي الإنسان الإفريقي، وشحنه بضاعة إلي الشاطئ الأمريكي، واستعبده وسخره لبناء الحياة الجديدة من أجل الجنس الأبيض.
كان عهد إفريقية بالإسلام عهدا جميلا، تعلمت منه الحضارة، وذاقت معني الإنسانية التي لا تعرف التمييز العنصري، فجاء هؤلاء المبشرون وخربوا كل شيء، حتى ليمكن أن نقرر هنا أن كل ما تعاني منه الشعوب الإفريقية من جهل وفقر وتخلف- إنما هو من آثار تلك الحملة الهمجية التبشيرية التي كان تكفير الإنسان الإفريقي واستعباده هدفا لها، وتمكن أولئك المبشرون من طمس القيم الإسلامية المتجلية في الرحمة، والمساواة، والحرية، والعدل المطلق.. ليفرضوا مكانها القسوة الاستعمارية، والتمييز العنصري، والعبودية، والظلم الاستعماري.
فهل يا ترى يمكن أن تنجح المرحلة الجديدة من الحملة الأميركية علي العراق- في تحقيق ما ينتظر لها من نتائج، لتخريب حياة الشعب العراقي، وتدمير معتقداته، وتشويه هويته، وأخيرا.. الاستيلاء بصورة مطلقة علي ثرواته البترولية، ومن ثم جيرانه من أبناء الخليج؟!!(2/304)
إن ستة آلاف من المبشرين ليست بالشيء الهين، ولا شك أن مثل هذه الحملة التبشيرية سوف تزود بالكثير الكثير من وسائل الإفساد الأخلاقي، والشذوذ الجنسي، والدعارة السياسية، والخداع، وألوان الإغراء، وسوف تصاحبها حملات أخري من الوسائل الصهيونية، التي تستهدف الاستيلاء علي الأرض وتوطين المشردين من الصهاينة، إضافة إلي نثر الملايين، وربما آلاف الملايين من الدولارات، لتسهيل التنازل عن الأرض والعرض والدين، وخلق حالة من الفوضي أشد مما حدث ويحدث في فلسطين، وهي فرصة ذهبية بترولية لتحقق إسرائيل امتدادها في اتجاه الفرات، ولن تتخلي أمريكا عن هذه الفرصة التي- ربما- لن تتكرر لو أفلتت من يدها هذه المرة.
إن هذا الموقف يفرض تكليفين:
التكليف الأول: إلزام لكل أبناء العراق من العرقيات والمذهبيات المختلفة والمتنافسة بشأن الحكومة المؤقتة، والمجلس الحاكم يجب أن تعلموا أن تشكيل مثل هذه المجالس إنما هو لعبة يضحك بها الحاكم الأميركي على ذقونكم، يريد أن يلهيكم عن جوهر قضيتكم، وهو في نفس الوقت جاد في تنفيذ المخطط المرسوم، الذي سوف يتم مرحلة بعد مرحلة، وأنتم غارقون في اختلافاتكم على من يكون بيده الزمام بعد زوال صدام؟! الشيعة؟ السنة؟ العلمانية؟ البعث؟ والعدو متقدم إلي أهدافه بكل اطمئنان!!!
انسوا أيها السادة انتماءاتكم وهوياتكم، وركزوا علي حقيقتين اثنتين لا ثالث لهما: الإسلام، والوطن، والوطن أنتم ترون أن العدو قد تمكن من رقبته، والإسلام وهو المرحلة التي تعد لها الحملات التبشيرية القادمة، وحينئذ لن يبقى على الأرض سني ولا شيعي ولا مسلم أصلا!!!صحيح أننا نؤمن بحتمية انتصار الإسلام على هؤلاء (الأوباش)، أو الأوشاب، ولكن للمعارك غذاؤها من الوقود، والشهداء، وأنتم وقودها وشهداؤها، وأنتم المنتصرون- إن شاء الله، بما وعد الله عباده المؤمنين: (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد).(2/305)
ولا يستطيع أحد أن يرتاب في أن العدو يراهن علي الحل الطائفي، فإما غلبة لطائفة على أخرى، وإما عراق ممزق بين شمال وجنوب ووسط، تتطاحن أجزاؤه، وتتلاشى وحدته!!
ولن يهزم هذا العدو إلا وحدتكم في ظل الإسلام، ولن يقاوم البغي إلا شعب يطلب الشهادة دفاعا عن أرضه وعرضه ودينه، (والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم).
(ولا تركنوا إلي الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون).
والتكليف الثاني: وهو إلزام لزعماء العالم العربي الذين- ولا شك- يدركون أبعاد المخطط الأمريكي المرسوم للعراق- بخاصة، وللمنطقة بعامة.
إن هؤلاء الزعماء ينبغي أن يجتمعوا- رغم كل شيء- ليقولوا شيئا في قضية المصير، ولما كانت المعركة سوف تمتد- ربما إلي أكثر من عقد من الزمان- فإن عليهم أن يدعموا المقاومة من الداخل والخارج، وأن يغذوها بالسلاح، باعتبارها فصلا جديدا في ملحمة الأرض المقدسة، ولا ينبغي أن يقفوا متفرجين على العدو وهو يلتهم الأرض، وينهب الثروة، ويغتال الشعب العراقي باعتباره مقدمة لاغتيال الشعب العربي.
ويجب أن يصدر بيان عربي يرفض وجود هذه الحملات التبشيرية على أرض العراق، كما يجب أن تنشط حملات الدعوة الإسلامية التي يحاربها المحتلون.
ولعل من المبشرات أن ترد أخبار بدخول بعض أفراد القوات الأميركية في الإسلام، واقترانهم بزوجات عراقيات.
ترى هل تتكرر المعجزة التي شهدها التاريخ، حين جاء التتار غازين محاربين للإسلام، فتحولوا إلى مسلمين؟!!
ألا.. ما أشبه الليلة بالبارحة، ولكن التاريخ لا يعيد نفسه، بكل أسف..
ولن تجد لسنة الله تبديلا..
http: //www.islammessage.com المصدر:
===========
رسالة إلى الشهيد الرنتيسي
إلى أعظم روحٍ فلسطينية،،، عرفتها الإنسانيةَ...
إلى أروع قوةٍ جهادية،،، أرهبت الإسرائيليةَ...
إلى بطلاً رفض أن يموت على فراشه كميتةَ الجبناءْ..
إلى شجاعاً لم يفارق ساحةَ المعركة رافضاً العدو والعداء..(2/306)
هنيئاً لكَ أيها البطل..
هنيئاَ لكَ بنبأ الشهادةَ..
هنيئاً لكَ بدار السعادةَ...
هنيئاً لكَ يا شعلة القيادةَ...
فهل وصل لك الخبرْ!!؟؟
شارون قد نفذوا جنوده ما أمرْ...
وبوش يهنئ كل من حضرْ...
والعرب ساد الصمت على أفواههم(موجوعين بالخبرْ.!!)..
وأبناء فلسطين ترنو عيونهم إلى أمتهم الصامتة بكل قهرْ..
أتعلم!!..
في كل صف من صفوف الدراسةَ..
كانوا يعلمونا معنى الشهيد والشهادةَ..
ويضربون لنا الأمثال عن القادةَ..
تمتد أسماؤهم من ألف العربية إلى يائها...
وينتشرون من محيط الأوطان إلى خلجانها...
ولكنك أنتَ.. غير الكل.. بل أنت الكل..
زرعت في قلوبنا الإيمان بالربْ..
علمتنا أن لن نيئس من روح الربْ..
عودت أفواهنا أن نعطرها بذكر الربْ...
زينت جباهنا بالغار الأخضر والزيزفونْ..
جعلتنا نؤمن بأن لا جلاء بلا جهاد وأصبحنا بذلك موقنونْ...
اختاروك لتموت ربما لأنهم:
ظنوا...
أو
أعتقدوا..
أو
توهموا..
أن بموتكَ..
الثورةَ الفلسطينيةَ قد أنطفأتْ..
المقاومةَ الجهاديةَ قد هدأتْ..
النفوس الفلسطينيةَ قد أُربكتْ..
لم يعرفوا أنك قبل أن تموت،، قد خلفت مائة(عبد العزيز)مثلكْ..
أولئك هم اليهود(صمٌ،، بكمٌ،، عميٌ)..
لا يرون الحق ولا يعرفونه..
ذلك هو شارون فقد كل شعور بقلبه...
لم يذق طعم الطمأنينة في حياته..
ربما خدعته قوته،،، ربما خدعه كبريائه...
آواهٍ يا فلسطينْ..
الملحدون قد تجمعوا،، والطامعين قد تجمهروا...
وعبد العزيز قد قتلْ..
قد كنتَ أولى أن تكون قدوة للشهداءْ،،، تحثُ على الجهاد وتعملُ..
قد كنتَ أولى أن تكون ذلكَ المناضل،، يعظمُ به الفلسطيني ويفخرُ..
آواهٍ يا عربُ أهكذا تتركون فلسطين،،، لبأس هذه المشهدُ..
عزيزي..
لا وداعاً،، لا وداع....
صوتك سيظل،،
يصدحُ..
يدوي..
يرعدُ..
يبرقُ..
ممتداً من شمال فلسطين الى جنوبها..
زارعاً الخوف في قلب كل إسرائيلي..
قارعاً لقلب كل يهودي..
معطياً الأمل والعزة لكل عربي..(2/307)
هنيئاً لكَ أيها البطل..
ستبيككَ الشجاعةََ..
سيبككَ كل عربي له ضمير..
وقد يقرر زعمائنا العرب المصير..
هل تصلك رسالتي؟؟
أتمنى ذلك..
عاشقة فلسطين
الزهراء..
http://www.d-alyasmen.com المصدر:
=============
رسالة من حائرة
لا أعرف من أين أبدء معك... ولكن سأحاول أن أعبر عن مشاعري وما يجول بخاطري.. فأنا فتاة عمري 20 سنه طالبة أحببت شاب وهو ابن خالتي.... أحبه كثيرا حتى لو وصفت مشاعري فلن أوفيه حقه وهو يبادلني الحب العفيف الطاهر ولكن هو من النوع المستهتر وذلك لأسباب تعود من نشأته ترك الدراسة وهو صغير في العمر وبحث عن عمل وتوفق بذلك وسافر إلى الخارج لظروف عمله ولكن الفاجعة أصيب بمرض السرطان عافانا الله... وبقي لمده ثلاث سنوات علاج بالخارج مكان عمله والحمد لله شفي ورجع إلى أرض الوطن...... في تلك الأيام كان صغير العمر أما الآن فهو شاب يبلغ من العمر 21 سنه وكما قلت فهو من النوع اللعوب لا يعرف مصلحة نفسه ولكن يحبني حب كبير....... وقد تقدم لخطبتي شاب خلوق يحبني جدا وفي تلك اللحظات لا أدري ماذا أفعل هل اترك حبيبي؟؟؟ وأوافق على الشاب الذي يحبني فعلا لقد كنت في حيره من أمري وبكيت وتألمت على تلك اللحظات القاسية هل أترك من أحب ويحبني...... وأنا أعرف أن لا أحد بالدنيا هذه له غيري أنا فأنا كل أمل يعيشه بحياته ولكن للأسف الأقدار شاءت أن أوافق على الخطوبة والآن منذ شهر أنا مخطوبة وحتى الآن لم أنساها أبداً حاولت تجاهل الماضي فلم أستطع ذلك
هل أذنبت بحق من أحببت؟
هل تخليت عنه؟
هل سأنساه يوما من الأيام؟
مع العلم أن خطيبي يحبني كثيرا
الجواب:
إلى الأخت الحائرة(2/308)
أنني من خلال قراءتي لهذه المشكلة، وجدت أن هناك كثيراًً من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابة حتى أستطيع أن أبدي رأي فيها بوضوح. ولذلك يناقش فقرات الرسالة وما فيها من تساؤلات تجيب عليها الأخت السائلة بعقلانية وعاطفة حتى تصل معي إلى حل مناسب يرضيها، والسؤال الرئيسي هل من الممكن - أن ينهي المشكلة كلها وتعود إلى حبيبها.. هل تقصد بالخطبة من الشخص الثاني أنه عقد عليها عقداًً شرعياًُ، أم مجرد خطبة كلام؟ !!
أما مناقشة فقرات الرسالة، فقد ذكرت الأخت السائلة أن حبيبها من النوع المستهتر اللعوب الذي لا يعرف مصلحة نفسه، ولكن يحبها حب كبير.
والذي أود أن أقوله لعزيزتي السائلة: هل الحياة الزوجية قائمة على الاستهتار أم تحتاج إلى رجل مسئول يتحمل تكاليفها وأعباءها ومشاكلها؟
وهل حبيبك يحبك حب كبير فقط دون أن يتقدم حتى لخطبتك أو بالزواج؟
أليس هذا حب مراهق غير ناضج لا يؤسس بيتاً مستقراً سعيداً!!!
أما الأمر الآخر فقد ذكرت الأخت السائلة: ((كنت في حيرة من أمري وبكيت وتألمت على تلك اللحظات القاسية، هل أترك من أحب ويحبني وأنا أعرف أن لا أحد بالدنيا هذه له غيري فأنا كل أمل يعيشه بحياته، ولكن للأسف الأقدار شاءت أن أوافق على الخطوبة.
هذه الفقرة تحتاج إلى وقفات، اسأل أختي الحائرة، لماذا تركت من أحببت وأنت الوحيدة له في هذه الدنيا ووافقت على الخطوبة؟
هل تعرضت لضغوط شديدة من قبل أهلك أجبرتك على قبول خطبة الشخص الثاني؟ وهل حبيبك تقدم لخطبتك ورفض من أهلك فاضطررت لقبول الشخص الآخر؟ أم أن هناك أسباب أخرى قاهرة أجبرتك على قبول الشخص الثاني؟(2/309)
أما الفقرة الثانية التي استوقفتني قول الأخت السائلة: ((ولكن للأسف الأقدار شاءت أن أوافق على الخطوبة)) وأريد أن أصحح بديهة إيمانية جميعنا يؤمن بها، أن إرادة الله - عز وجل - فوق كل شيء ولا راد لقضائه، ولكن في بعض المسائل هناك، بمعاييرنا البشرية ثم نقول الله أراد ذلك كان الأولى أن تختارى من أحببت الشخص الثاني بعقلك لأنه إنسان خلوق غير مستهتر أو لعوب، يقدر الحياة الزوجية، والمرأة بحاستها السادسة تستطيع أن تختار ما فيه مصلحتها.
لذلك فإنني اختم استشارتي لأختى السائلة بقولي لها: الأمر في يدك، هو قرار مصيري يمتد إلى نهاية الحياة، وعلى حسب نوع الشخص الذي تحبين الارتباط به ستكون شكل الحياة التي ترغبين فيها.
ولن أقول لك اتركي حبيبك وحاولي أن تنسي، أو تمسكي بالشخص الآخر، إنما أقول لك كوني ناضجة عقلانية متزنة في تفكيرك، احرصي على مصلحتك ومنفعتك فالفتاة تتزوج مرة واحدة.. وليس مرات.
اسأل الله - عز وجل - أن يلهمك الصواب ويسدد بعيونك ويسعدك في زواجك في الدنيا والآخرة.
والله أعلم بالصواب.
http://www.muslema.com المصدر:
=============
رسالة إلى إمام المسجد خلال شهر رمضان المبارك
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الإمام حفظه الله...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
مع قرب حلول هذا الشهر الكريم المبارك شهر رمضان، فإننا نحمد الله تعالى الذي بلغنا وإياكم إياه، فنسأله سبحانه أن يجعلنا وإياكم ممن يصومه ويقومه إيماناً واحتساباً وبعد:
فضيلة الشيخ:(2/310)
لقد تبوأت مكانة عظيمة بالتقدم لإمامة المسلمين في الصلاة وتحملت مسؤولية القيام برسالة المسجد العظيمة التي هي رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم- وأنت أهل فإنك محط أنظار أهل الحي ومعقد آمال الدعاة في أن تكون مشعل نور ومصباح هداية وإننا نذكرك الله عز وجل بأن تخلص النية له وأن تراقبه في كل دقيق وجليل.. كما نذكرك عظم المسؤولية الملقاه على عاتقك بأن تحرص على أداء الأمانة على أكمل وجه وأتمه واحتسب ما تبذله من جهد قل أو كثر عند الله عز وجل والله لا يضيع أجر المحسنين..
هذا وبين أيديكم بعض المقترحات كبرنامج لهذا الشهر المبارك , راجين تنفيذها أو بعضها بحسب المستطاع، حيث الناس أقرب ما تكون إلى الخير ولإقبال على الله , وكذلك نموذج للذين لا يشهدون الصلاة مع الجماعة ولا يشهدونها إلا قليلاً , وفقكم الله وسدد على درب الخير خطاكم.
فإليك بعض البرامج المقترحة (على سبيل الذكرى):-
1- تهيئة الناس لاستقبال رمضان قبل دخوله بوقت مناسب من خلال حديث الخطباء والأئمة ومجالسهم.
2- اغتنام فرصة حضور الغائبين عن المسجد في غير رمضان، والتعرف عليهم، وربط الصلة بهم (زيارات - هدايا - غيرها)
3- إنشاء حلقة لتحفيظ القران الكريم للصغار والكبار مع مراعاة الأوقات المناسبة ووضع جدول مناسب، وبرنامج للمتميزين، مثل (رحلة عمرة - برامج علمية وثقافية- محاولة وضع حفل تجمع فيه الحلقات في المساجد القريبة وتكريمهم بعد استضافة أحد المشايخ وطلبة العلم وينبغي حث الآباء على توجيه أبنائهم إلى حلقات التحفيظ والأنشطة العامة المفيدة والقريبة من هذا المسجد.
4- وضع صندوق لجمع التبرعات تصرف في أنشطة المسجد مثل: المسابقة الشهرية، ومسابقة الأطفال، ومسابقة الأسرة المسلمة, ومسابقة المرأة, وغيرها من المشاريع والأنشطة التي تقوم بها جماعة المسجد.(2/311)
5- توزيع الأشرطة والكتيبات والمطويات والحقائب النافعة بالأسلوب المناسب للرجال والنساء بمعدل كل أسبوع على الأقل، ويقترح أن توجه طاقات بعض الأطفال والشباب في أن يتولوا التوزيع بأنفسهم.
6- معالجة المنكرات الظاهرة مثل: الأطباق الفضائية (الدش)، مظاهر الانحراف في لباس المرأة وحجابها، الربا، ترك الصلاة مع الجماعة وغيرها، من خلال (الكلمات، الفتاوى، نشر الأشرطة والكتيبات والملصقات).
7- العناية بفئة الشباب واستصلاحهم، وتوظيف طاقاتهم وتوجيهها باشراكهم في تنفيذ بعض البرامج، وتعويدهم على الخير.
8- توزيع الكتيبات كل أسبوع، ويفضل توزيعها في الأوقات التي يكثر فيها المصلون.
9- وضع صندوق للمسجد خاص بأسئلة المصلين من الرجال والنساء يجاب عليها في وقت محدد كل أسبوع.
10- نشر فتاوى أهل العلم في المسائل المهمة كسماحة الشيخ ابن باز - رحمه الله- والشيخ ابن عثيمين والشيخ ابن جبرين وغيرهم من العلماء.
11- هدية رمضان من جماعة المسجد توزع على سكان الحي وهي عبارة عن كتيب وشريط وبعض النشرات التوجيهية.
12- تنظيم مسابقة للصغار في مجموعة من سور القرآن الكريم، كذلك بعض الأذكار النبوية أو القصص الهادفة وغيرها، ويتم تكريمهم وإعطائهم الجوائز أمام أولياء أمورهم وجماعة المسجد.
13- تنظيم مسابقة للنساء وذلك بإعداد وتوزيع أسئلة في المصلى ليقمن بالإجابة عليها ووضعها في صندوق خاص عندهن، ليتم فرز الإجابات الصحيحة وتوزيع الجوائز، ويفضل ألا تكون الجوائز كلها عبارة عن أشرطة وكتيبات فقط بل يضاف إليها أشياء قيمة تحتاجها النساء.
14- القراءة على المصلين بعد صلاة العصر وقبل صلاة العشاء، والاهتمام بالمادة المقروءة وتنويعها ومحاولة استغلال الفرص في الإرشاد والتوجيه بين حين وآخر.
15- استضافة بعض العلماء والدعاة لإلقاء الكلمات في الأوقات المناسبة.(2/312)
16- استضافة بعض أهل العلم لإلقاء دروس خاصة بالنساء، والإجابة على أسئلتهن، وذلك في الجوامع المناسبة مع الإعلان عنها في المساجد المحيطة قبل إقامة الدرس بفترة كافية.
17- استضافة رئيس مركز الهيئة في الحي ومحاورته أمام جماعة المسجد ؛ لإقناعهم بدور الهيئة في ضبط السلوك وحماية المجتمع من الشرور.
18- الاهتمام بلوحة إعلانات المسجد، ووضعها إن لم توجد وذلك بوضع جزء للفتاوى - للدروس والمحاضرات - للفوائد - وجعلها تتجدد بين حين وآخر تحت إشراف إمام المسجد.
19- إصدار مجلة خاصة بالمسجد توزع على المصلين، وتعنى بالموضوعات التي تناسبهم، واستقبال مشاركاتهم.
20- تفطير الصائمين في الحي من العمال وغيرهم وحث جماعة المسجد على المشاركة في ذلك.
21- إقامة إفطار جماعي لأهل الحي يشارك فيه الجميع بإعداد الوجبات لزيادة الألفة والترابط بين أهل الحي الواحد مع الحذر من الإسراف والتباهي في ذلك.
22- تنبيه المسلمين إلى وجوب إخراج الزكاة وصرفها في مصارفها الشرعية.
23- بيان فضل الاعتكاف ولو ليوم واحد من أيام العشر الأواخر من رمضان.
24- بيان فضل الجلوس بعد صلاة الفجر للذكر.
25- بيان فضل ليلة القدر، وحث جماعة المسجد على تحريها والاجتهاد فيها بالطاعة.
26- الحث على أداء العمرة في رمضان وبيان فضلها.
27- التنبيه على ما يقع من إهمال الآباء لأسرهم والتفريط في مسؤولية رعايتهم أثناء بقائهم في مكة أو المدينة.
28- الاجتماع يوم العيد للسلام والتهنئة بين جماعة المسجد وأهل الحي.
29- تقوية الجوانب العقدية لدى المسلمين (مثل الانقياد للنص الشرعي) (التوكل على الله وتفويض الأمر إليه والثقة بالله وحسن الظن به) (الحذر من إتيان السحرة والكهنة والمشعوذين).
30- العناية بدعوى الوافدين (عرباً وعجماً) وتصحيح العقيدة وتوثيق الصلة بهم وإجراء المسابقات النافعة وتعليم القرآن وتوزيع الكتيبات والأشرطة لهم.(2/313)
31- حث جماعة المسجد على العناية بأسرهم وحسن تربيتهم ورعايتهم من خلال حلقات التحفيظ وتعويدهم البذل والإنفاق وإشعارهم مسؤوليتهم في ذلك وتطهير البيوت من آلات الفساد.
32- أهمية مشاركة العنصر النسائي في النشاط النسوي من خلال إلقاء الدروس أو اقتراح البرامج المناسبة لهن، أو تنفيذ بعض المقترحات.
33- جمع مسائل المخالفات الشرعية في صفوف النساء، أو ما يحتجن لمعرفته من الأحكام والفضائل ويطلب منهن الإجابة على حكمها في الشرع مع الدليل ثم يجب عنها بعد ذلك وتوزع عليهن.
34- تفعيل دور جماعة المسجد في الأنشطة إما بالأفكار والمقترحات، أو التنفيذ أو الدعم أو غير ذلك.
35- استضافة المسلمين الجدد في إفطار يوم من أيام رمضان، وإحياء بعض معان الأخوة، وإزالة الحواجز النفسية بين المسلمين.
36- إقامة دورية بين جماعة المسجد لإقامة الألفة بينهم والمودة والتناصح بينهم والتعاون على الخير.
37- الحث على الإنفاق وتوجيه مصارفه من خلال خطبة الجمعة والقراءة على المصلين وإلقاء الكلمات والفتاوى المتعلقة بالإنفاق وبيان مصارفه الشرعية.
38- الحث على زيارة المرضى في المستشفيات لمواساتهم وإدخال السرور عليهم بمناسبة شهر رمضان، وتوجيههم لما ينفعهم وجلب الهدايا لهم.
39- اغتنام فرصة الشهر الكريم في تحري الدعوات الجامعة لخير الدنيا والآخرة وما ينفع المسلمين من تفريج كربهم ونصر دعاتهم وفك أسراهم وشفاء مرضاهم.
40- أن يكون لكل إمام مسجد بطانة من أهل الخير يعينونه على تنفيذ البرامج والتوجيهات على مدار العام، وفي رمضان بصفة خاصة، ومنهم من يقرأ على الجماعة بعض الأوقات، ومنهم المشرف على لوحة المسجد وآخر مشرف على مجلة المسجد.
41- أن يكون حديث الإمام في الليل في تفسير بعض الآيات التي ستتلى في صلاة التراويح - أو قيام تلك الليلة - وينبه المصلين على ذلك.(2/314)
وأخيرا.. فأننا بأمس الحاجة إلى استحضار أن التوفيق والتسديد من الله. - جل وعلا - فلنحرص على سؤال الله - سبحانه - أن ينفع بهذا الجهد، وأن يبارك فيه..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركات
http://www.islamselect.com المصدر:
===============
رسالة إلى مشترك بالإنترنت
عبد اللطيف بن هاجس الغامدي
أخي الكريم المشترك في شبكة الإنترنت!
كم هي نعم الله علينا عظيمة! لا يمكن عدُّها أو حدُّها..
ومن أعظمها نعمة العقل الذي يتميز لنا بها الخير و الشر، والنفع و الضر، وما ينبغي لنا أن نفعله، وما يجب علينا أن نتجنبه.
وشبكة الإنترنت مبناها على العقل الذي ابتكرها وطورها وعدد وجوه الانتفاع بها على الوجه المطلوب والمقصد المرغوب بإذن الله وفضله.
ولكن شياطين الإنس والجن أبت على المجدِّ أن يبلغ ذرى المجد..
والأهواء والرغبات، والأطماع والنزوات قعدت بكل صراط لمن يرغب أن يُشغل وقته بما ينفع، ويُعمل عقله فيما يفيد..
فأضلته عن الصراط المستقيم وصرفته عن المنهج القويم فغدت هذه الشبكة بأيدي أعوان الشيطان وزبانيته شبكة صيد وشراك قيد يصيدون بها من لا هدف له في دخول هذه المعمعة وولوج هذا الميدان..
ولذا وجب التذكير لمن دخل هذا المضمار أن يسأل نفسه في البداية، حتى لا تكون هذه بداية النهاية: ما الهدف الذي من أجله اشتركت في هذه الشبكة؟!
هل هو الفراغ الذي أعاني منه؟
أم هو الفضول الذي دفعني ـ بالرغم مني ـ للخوض فيه؟
أم أنه مركب جديد ركبه غيري فلا بُدَّ أن أسايرهم فيه وأجاريهم عليه؟
أم أني صاحب هدف أعيش له، وقضية أناظل من أجلها، وأمانة أقاتل دونها؟!
وبنظرة ثاقبة لقلبك، ومحاسبة صادقة لعقلك، يتبين لك من بعدها؛ أيُّ الناس أنت! وأيُّ وادٍ تسلك! وأيُّ مبدأ تنتهج! وما هو مأمولك وميولك؟!
فكن ممن استخدم نعمة الله فيما يرضي بها خالقه ومولاه.
وابذل وقتك ـ وهو مادة عمرك ـ فيما يقربك من ربك، ويزيد به علمك، وتزكو به نفسك(2/315)
وابذل مالك فيما ترجو عوضه من الله، وتدخره ليوم تعظم بلواه..
فدينك ينتظر منك أن تكون سفيره المبارك، وداعيته الخير، وجنديه المخلص، فإن من يعيش لنفسه، ولنزواته الزائلة، ورغباته العاجلة، يعيش صغيراً، ويموت صغيراً، ويبعث صغيراً، ومن يعيش لدينه وأمَّته وعقيدته ومبدئه، فإنه يعيش كبيراً، ويموت كبيراً، ويبعث كبيراً، والهموم على قدر الهمم.
أخي الكريم: لا يسرقك هذا الجهاز أغلى ما لديك وأعظم ما تملك وهو دينك وعقيدتك ومنهجك..
ولا ينهب عليك وعاء عمرك ومادة حياتك، وهو وقتك الغالي الذي إذا ذهب فلن يرجع حتى يعود اللبن في الضرع..
ولا تكن كالإسفنجة التي تتشرب كل وسخ، وتمتص كل قذر من زبالات فكر أعدائك الذين يمكرون بك، ويكيدون لك، ويلقون بما لديهم من شبهات وشهوات بين يديك في أحلى حلَّة، وأجمل هيئة، لتبوء بخسارة الأبد وحسرة السرمد.
أخي الكريم: اعلم بأن دينك ينتظر منك دورك الرائد، وعملك الفريد في الذب عنه، والدفاع عن حياضه، ونشر أنواره وإشراقاته في حالك الظلمات، وبين دياجير الضلالات.
ودعك من الفضول، فإن الفاضل لا يلتفت للفضول..
واحذر مما لا فائدة فيه، وما شره أقرب من خيره، وضره أعظم من نفعه، فإن الزمان عزيز، والوقت غال، والشبهات خطَّافة، والشهوات خلاَّبة، واليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل، فلا تغفل!
17-04-2004
http://www.hajs.net المصدر:
=============
الرسالة الرمضانية
¼ : الرسالة التربوية
قلبك الذي بين جنبيك هو خلاصك ونجاتك، وفوزك وفلاحك.توازن شخصيتك وسلامتها متوقف على سلامة قلبك وسمو روحك، ألا تسمع إلى الحبيب الكريم عليه أزكى الصلاة والسلام وأفضل تسليم يهتف في أعماقك بكل حنو وأبوة، "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب" رواه الشيخان عن النعمان بن بشير
فبما يكون صلاح هذا القلب وكيف تتم تزكية هذه النفس.(2/316)
إنه لا مفر ولا منجى من باب التربية ثم التربية ثم التربية، بها تزكو النفوس، وتصلح القلوب.
وها هي الإعدادات الغيبية، والألطاف الإلهية تعد لك الأجواء الطاهرة، لتعينك على صلاح قلبك "إذا كان أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة" أخرجه الترمذي والحاكم وقال: صحيح على شرطهما. فكيف نتمثل الرسالة التربوية في نفوسنا؟
نقترح على المسلمين، خطوات عملية لبلوغ ذاك المقام، أدام الله علينا نعمة الإيمان والإحسان.
1- صحبة ومحبة في الله
2- ذكر لله وتجديد العهد معه - سبحانه -
3- الصدق مع الله
1- صحبة ومحبة في الله:
إن هذه الإعدادات الربانية في عوالم الغيب، لا تهدف إلا لتطهير الأجواء لتلك المضغة التي أودع الله فيها - سبحانه - الفطرة الصافية لعلك تستيقظ فتتوب إلى الله - تعالى - وتكون مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، وتفتح كل أبواب قلبك لله - تعالى - ليصرفه في طاعته.
فإذا كانت أهم عاطفة تسكن قلب الإنسان هي الحب، فاعلم أن الدين إنما هو محبة تحب وتحب، وإذا كان اللغو الإعلامي-اليوم- يجعل من حب الفحش والعشق والغرام والفسق هو الملاذ والسعادة، فإن الحبيب المصطفى نادى في العالمين أن الحب، حب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - هو طريق الإيمان الميسر "والذي نفسي بيده، لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم" أخرجه مسلم والترمذي وأبو داوود عن أبي هريرة.(2/317)
"يا غافل! هذا عمرك يتصرم! فماذا أسست من صداقات وماذا بنيت لآخرتك من معارف، وما شغف قلبك من أحباب؟ أنت مع أولئك يوم القيامة وأنت من ذلك الصنف أيا كان... اهرب من قرناء الغفلة، وارتم في أحضان قوم صالحين، وابك على ربك ليرزقك محبته، عسى تنجو من ورطة الانحشار في زمرة الهالكين" الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين الإحسان ج1 / ص 190 بتصرف.
الحث المتواصل من النبي - صلى الله عليه وسلم - على المحافظة على الفرائض وصلاة التراويح جماعة، والحض على تفطير المسلمين والأمر بالصبر والمواساة، كل ذلك من ميسرات الصحبة والمحفزات عليها. ولقد كان المسلمون يحيون هذه المعاني بكل تلقائية وعفوية لأنها خالطت أعماق نفوسهم، وباشرت شغاف قلوبهم، يصلون وقلوبهم ملآى محبة لمن يصلون معهم في صف واحد، يرفعون أيادي التضرع للمولى الكريم، وكلهم خشوع أن يرزق إخوانهم ما يرزق عباده الصالحين.
أفق، بني اليوم من غفلتك؟ *** تًَرجلي الحق في يقظتك؟
تهت طويلا في شعاب الهوى *** وآن وقت البدء في أوبتك
الزم صحاب العدل، أمسك بهم *** ولازم الإحسان في صحبتك
شعر الأستاذ عبد السلام ياسين ديوان " قطوف" ص 38 قطف 32.
ذكر الله وتجديد العهد معه - سبحانه -:
الذكر أن تتذكر من أين جئت، وإلى من تعود وترجع. تذكر عند من كنت في غيابات العدم، فأوجدك. وفي سراديب الضعف فقواك وعضدك، ورزقك وما نسيك، وفي أحسن تقويم سواك وعدلك. أفلا تذكره لاهجاً باسمه؟ أفلا تشكره فرحا بمنه؟ أفلا تدعوه طمعا في رحمته؟ إنه الله الذي لا إله إلا هو - سبحانه -.
"الذكر منشور الولاية، الذي من أعطيه اتصل، ومن منعه عزل. وهو قوت قلوب القوم التي إذا فارقها صارت الأجساد لها قبورا.. وهو سلاحهم الذي به يقاتلون قطاع الطريق، وماؤهم الذي يطفئون به التهاب الحريق" ابن القيم الوابل الصيب من الكلم الطيب.
واعلم، يا من تقرأ الرسالة التربوية الرمضانية بقلب مفتوح أن أمهات الأذكار ثلاثة:(2/318)
1. ذكر التطهير:
وهو الاستغفار، وأوسط رمضان مغفرة، ومن الخصال التي طلب إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الإكثار منها فيه الاستغفار: "ّمن لزم الاستغفار، جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب" رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة والحاكم، وقال: صحيح الإسناد.
2. ذكر التعمير:
إذا كان الاستغفار يطهر أرض القلوب، ويقلبها لتكون مستعدة لتقبل غرس الإيمان، فإن ذكر التعمير هو الكلمة الطيبة، بها يتجدد الإيمان، بها تغرس الأنوار السنية في قلوب عباد الرحمان، يسمو المكثر من قولها في علياء الجنان، قال - صلى الله عليه وسلم -: "جددوا إيمانكم. قيل كيف نجدد إيماننا يا رسول الله؟ قال: أكثروا من قول لا إله إلا الله" رواه الإمام أحمد ورجاله ثقات.
يقول الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين: "لا إله إلا الله حين نكثر من قولها نجدد بها إيماننا توحدنا وتذهب الخلاف. لا إله إلا الله حين نذكر بها ربنا ومصيرنا إليه توحدنا إذ تذهب عنا الغفلة عن الله. لا إله إلا الله حين تفتح لنا أبواب رحمة الله الواسعة، أبواب محبته والقرب منه، تنشلنا من مسارب الغضب والخلاف الضيقة المبعدة عن الله... " المنهاج النبوي ص 104.
3. ذكر التنوير:
الصلاة على رسولهّ - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما" سورة الأحزاب الآية 56 ((هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤ منين رحيما)) سورة الأحزاب الآية 43.
فهلا جلست مرة طاهراً مستقبل القبلة، وأنت تصلي على المبعوث رحمة للعالمين، وأنت غاض لصوتك، خاشع بقلبك، ترعى حرمة من أنت بين يدي حضرة الصلاة عليه، ينقلك الله من الظلمات إلى النور، ذاك وعد غير مكذوب، اللهم صل على سيدنا محمد عدد خلقك، ورضا نفسك، وزنة عرشك، ومداد كلماتك.(2/319)
واعلم أن الاجتماع على الله من أهم ما يوثق رابطة المحبة بين المؤ منين، فاحرص على مجالس الذكر والخير، والفضل والعلم، لعل الله يقذف في قلبك محبة مجالس يباهي الله - تعالى - بها ملائكته في رمضان، وفي غير رمضان، حتى تفوز بمحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
طابت بذكر الله أيام لنا *** والغافلون تعلقوا بسواه
ذكر الإله صقال رين قلوبنا *** وثوى المغفل في ظلام هواه
بينما تراه يصر في لذاته *** وفجوره جاء الردى فطواه
الإحسان ج 1 ص 263.
3- الصدق مع الله
ونروم منه استمرار الطاعة ما بعد رمضان، إذ الصدق أن تضع همتك في الآخرة، ومرمى بصيرة سلوكك حين يطوي الردى النفوس وتصير الجسوم عظاما نخرة، وتسكن الثرى بعد المساكن الفاخرة. تلك إذا كرة قاهرة، فاللهم ارحم النفوس الطاهرة، واحفظ الألسن الذاكرة، واقبل في المحسنين عندك القلوب الشاكرة. آمين.
من موقعك اليوم، من زمانك ومكانك تصفح نفسك التي بين جنبيك، فالعمر قصير، والحياة ابتلاء، ولا يملك الزمن إلا أن يسير، وإلى الله المصير. الصدق ألا يلهينا عن ربنا لاه، ولا ينسينا ساه. الصدق والدوام والاستمرار، الصادق الخالص مع الله لا يرتاح حتى يوارى في الأرض بحسن الخاتمة. اللهم اختم لنا بالحسنى. قال - صلى الله عليه وسلم - للإمام الحسن السبط - رضي الله عنه - وهو صبي هذا الحديث العظيم الذي حفظه ورواه: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة والكذب ريبة" أخرجه الترمذي بإسناد صحيح. ما أحرى شباب الإسلام اليوم بحفظ هذه الوصية لفظا وعملا ونية ليدخلوا مدخل الصدق ويخرجوا مخرج الصدق على خطى المصطفى المجتبى - صلى الله عليه وسلم - لقنه الله - تعالى - (وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا) سورة الإسراء الآية 80.(2/320)
... يا أخي! إن أردت أن يكون الله معك فالزم الصدق لأن الله مع الصادقين، كما جاء في القرآن الكريم. إن أردت أن ينصرك فانصره، وإن أردت أن يذكرك فاذكره، وإن أردت أن يستجيب لك فادعه؟. هذه المعاملة معه - سبحانه - لا تثبت مع رياح الهوى العاصفة بالنفوس الخاوية، لذلك نصحك - سبحانه - حيث قال (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) سورة التوبة الآية 119.
ولكل صدق مكان معلوم ونتائج معلومة. فصدق اللهجة أهله ناجون من شعبة واحدة من النفاق، وصدق العهد والوفاء به كذلك، والصادقون في مواجهة العدو وجهاده شهداء.
وهكذا حتى تجد الصادقين الكاملين في الصدق، أبرموا مع الله - عز وجل - ميثاقا غليظا ليكونوا له عبيدا. أولئك المفردون السابقون. انحيازك إليهم يرفعك إلى المنزلة العظمى" الإحسان ج 1 - ص 350-351.
لله بالله سار الصادقون إلى *** وعد وثيق لمن قد خصه الله
لا ريب عندهم في عز مطلبهم *** ساروا على جربهم والموعد الله
تحدوهم للمعالي همة سمقت *** وما يشاؤون إلا ما يشاء الله
09/11/2003
http://gesah.net المصدر:
==============
رسالة إلى كل زوج وزوجة .. هذه خديجة رضي الله عنها
إن أناملي لترتعش حبا وشوقا.......
وإن قلبي قد ازداد دقا ونبضا......
فعمن سأكتب......
أ أكتب عن الوفاء والحب...
أم اكتب عن الصبر في شدة البلاء والكرب........
ثم من أنا حتى أكتب عن سيدة نساء العالمين في زمانها..
وهل ستبلغ كلماتي عشر معشار مكانها وشأنها عند زوجها وربها...
سبحان الله.......!!!
أعمى يصف جمال الربيع.......... وأبكم يخطب بين يدي الجميع...
لكنني سأكتب وأكتب لأتشرف......
وسأتحدث عنها لا لأعرِّف بها بل لأتعرَّف...
إنها أم القاسم خديجة بنت خويلد القرشية الأسدية - رضي الله عنها -...
إنها أم أولاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -...
أول من آمنت به وصدقته.... إنها أول من أسلم...
يا الله......(2/321)
في شدة الكرب والبلاء الذي نزل بزوجها....
وقفت كالنخلة الباسقة في وجه الرياح العاتية....
حظنته وظمته ثم دثرته وزملته.....
جاءها خائف وجل..... فجاءته بالأمان على عجل.....
ذكرته بحسن خلقه وصنيعه...... وأن الله معه ولا يضيعه...
هذا وهي بعد تعيش في جاهلية وظلام... قبل أن تستنير بنور الإسلام...
فكيف بمن عاشت وتربت في الإسلام تزل قدمها مع أول مصيبة تحل بزوجها..!!
دلته على أهل العلم والفضل ورقة بن نوفل ليحل له كل ما صعب عليه وأشكل...
يا الله....
لما أزالت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المحنة...
وربطت من جأشه وثبتته نالت البشرى بأنها من أهل الجنة....
إنها سيدة نساء الأمة......... ذات المناقب والفضائل الجمة...
هي ممن كمل من النساء...... فجاوزت في عليائها الجوزاء...
هاهي تسير في هذه الدنيا....... وقد امتلكت بيتا في الجنة....
إنها العاقلة الدينة الرصينة...
الجليلة المصونة الكريمة.....
كانت في الجاهلية تدعى بالطاهرة.......
وهاهي في الإسلام تدعى بالكاملة......
كيف لا وإنها الزوجة الذكية التي اختارت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
من بين الرجال ليكون زوجا لها.....
فلما تتعيبين وتخجلين أختاه إن اختار اهلك زوجا لك يرون فيه علامات الرجال..!!
ولما تندمين إذا كنت أنت من اخترت زوجك دون غيرك بسبب كلام مجتمعك
وأسوتك أمك خديجة الرشيدة.....!!
تزوجته وبينهما فارق في العمر والزمن خمسة عشر عاما...
فهل ندمت وحزنت وصارت حياتها نكد..!!
كلا والله بل اكتمل لها السعد...!!!
فدع عنك ما يلوكه الناس بألسنتهم فمن ذا الذي يسلم منهم...!!!
إنها خديجة - رضي الله عنها -......
أحبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأحبته...
أكرمها واحترمها فأكرمته واحترمته.........
فلما مضت إلى ربها.... لم ينس زوجها فضلها...
فهاهو - صلى الله عليه وسلم - إذا ذكرت خديجة بعد موتها بالغ في تعظيمها......(2/322)
فهو لا زال يذكرها بالتبجيل... وبالصنيع الجميل... ليعلم ذلك جيل بعد جيل.......
تقول عائشة - رضي الله عنها -:
(ما غرت من امرأة ما غرت من خديجة من كثرة ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - لها) رواه البخاري
الله أكبر يكثر من ذكرها بعد موتها.......
فكيف كان ذكرها في حياتها وبيتها....
أكرمها الله برسول الله - صلى الله عليه وسلم -....
فلم يتزوج قبلها ولم يتزوج بعدها إلى أن قدمت إلى ربها...
بل لم يتسرى بأمة في حياتها إلى أن قضت نحبها - رضي الله عنها -...
كانت له نعم المعين وكانت له نعم القرين......
فكم وجد من لوعة فراقها... حتى سمي عام الحزن عام موتها...
لقد وجد فيها حنان الأم وبر الزوجة وإخلاص الرفيق والصديق...
فقد بذلت له كل شئ مالها ووقتها ونفسها إلى أن لقت ربها...
يا الله.....
الله في عليائه يسلِّم عليها.........!!!
وجبريل - عليه السلام - أيضا يسلِّم عليها....!!!
انظروا إلى الزوجة البارة.... انظروا إليها...
تحمل الطعام بيديها لتقدمه إلى زوجها.....
كل همها أن تنال رضاه ومبتغاه.....
فجاءتها البشرى من الله...
عن أبي هريرة رضي الله عنه....
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
أتى جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله هذه خديجة
قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب فإذا هي أتتك فاقرأ - عليها السلام -
من ربها ومني وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب). رواه البخاري
يا الله...
لم تصخب عليه ولم تزعجه...
لم ير منها نصبا ولا تعبا.........
بل كانت له الهدوء والسكن في نصب وصخب الحياة...
فنالت بيتا في الجنة من لؤلؤ جزاء صنيعها برسول الله...
هاهو يذبح شاة ويقطع لحمها.......
ثم يأخذ منها لحما هدية لأصدقاء من أحبها...
إنه يعترف للجميع بحبها ليقروا بمكانتها وفضلها....
تقول عائشة - رضي الله عنها -:(2/323)
(ما غرت على نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا على خديجة وإني لم أدركها
قالت وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ذبح الشاة فيقول :
أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة قالت فأغضبته يوما فقلت : خديجة..!!
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني قد رزقت حبها) رواه مسلم
يا الله....
ما أعظم حبه لها.....
وما أعظم وفاءه بها حتى بعد موتها......!!
فرضي الله عنها وأرضاها وجزاها الله خيرا
على ما قدمته للرسول الكريم
وجمعنا بهم جميعا في جنات نعيم
فيا أيها الإخوة......
أليس لنا فيهم أسوة...!!
أليسوا لنا خير قدوة....!!
ويا أيها الزوجان الحبيبان.....
دقائق من وقتكما.......
تجلسان وتقرآن سيرة نبيكما........
وكيف كانت حياته مع أمهاتكما....
تقتبسان جذوة هدى...... تنير لكما طريق حياتكما..
وتسلمان بإذن الله من كل ما يعكر صفوكما وسعادتكما.......
http://saaid.net المصدر:
==============
رسالة إلى كل الإداريين والمشرفين والمشرفات وإلى كل من يتمنى الإشراف في المنتديات
إن ما جبلت عليه أنفسنا حب العلو والرقي في كل أمورنا وذالك أمر طيب بحيث يجعل الإنسان هدف سامي يسعى للوصول إليه..
أخوتي سألخص كلماتي بعدما اكتب لكم هذا الموقف:
كوني إدارية في منتدى ((إحدى المنتديات الإسلامية))
تعرضت لموقف مع إحدى أخواتي في الله..
بين طيات الحديث قالت لي ما رأيك بالمشرف ((،،،،،))..
فقلت إن شاء الله انه على خير ولا أعلم عنه سوء فقط..
بعد أيام أعادت علي السؤال حتى وصل بنا نهاية المطاف حين قالت أنه نتراسل من فتره،،
لن أذكر لكم البداية والهدف لكن أريد أن أخبركم الأمر كله خير إن شاء الله..
لكن العجب أنه يلومها ويعاتبها لما لا تسأل عن أخباره حيث أنه شكى له همه..
كل ذالك لا يهم الآن بقدر ما يهم تلك الكلمة التي هزت نفسي وجعلتني أعزم النية على
كتابه موضوع انشره لعل البعض يستدرك نفسه..(2/324)
كلمات عتاب بسيطة وجهتها لأختي في الله وردت وقالت أنا ظننت أن الأمر عادي
لأنه مشرف وما جعلتموه مشرف الا لأنه محل ثقة تامة..
هنا،،
صاح في داخلي منادي.. عاتبت نفسي مع نفسي.. قلت سبحان الله قالتها لي هو مشرف..
قبل أن أتولى المهام الإشرافية وحين كنت عضوه كنت انظر بان المشرف له مكانه كبيرة في نفسي والآن بعد تولي المهام الإدارية استدركت الأمر..
إلى كل إدارة منتدى:
اتقوا الله في اختياركم للمشرفين والمشرفات..
انتم قاعدة وأساس البنيان والمشرفين والمشرفات أعمدة إن أنهار احدها انهار البنيان..
لا يهم أن أضع في كل قسم مشرف بقدر ما يهم من هو الذي يستحق هذه المكانة؟؟
من هو الشخص الذي إن غبت أستأمن الرعية عنده؟؟
من هو الشخص الذي يخاف الله في الأعضاء.. ذالك الذي امتلاء قلبه بالخوف من الله..
ذالك الشخص القدوة.. ذالك الشخص الذي صفة الحلم وطيب الخلق منهجه؟؟
ذالك الشخص الذي يحمل العقيدة الصالحة والصحيحة من غير غلو ولا إفراط ولا تفريط..
فاحرصوا يا رعاكم الله الأمر ليس بالهين..
إلى كل مشرف ومشرفة:
كلنا بشر وكلنا ذو خطأ لكن يبقى للاسم معني وهيبة..
خطاكم ليس كخطأ أي احد.. انتم قدوة للأمة المحمدية كلها.. اتقوا الله في أبناء وبنات المسلمين..
قسمك هو بيتك الذي لابد أن تحافظ عليه.. قسمك اجعله بين عينك راقب كل رد يدرج..
اعدل ولا تخشى في الله لومة لائم اعدل في كل من يمس الشريعة الإسلامية
واعدل في كلام أي رجل تراه يؤثر في قلب فتاه ضعيفة..
وأنت يا أختاه احذري أقولها لك احذري أن تدخلي في نقاش حاد مع الأعضاء من الرجال
أن كتب كلام لا يليق أرسلي الرابط للإداريين.. وان استطعت لا تعدلي في كلام أي رجل..
يبقى للرجل كيانه ورجولته وقد تكون نظرته قاصرة بحيث يقول لماذا فتاه تعدل في كلامي
وتبدأ وساوس الشيطان تدخل في قلبه بين الفينة والأخرى..(2/325)
أختاه مشرفتنا الغالية ليكن جل اهتمامك وأغلبه وأكثره بالدرر الغالية على الإسلام..
أختاه أنتِ أم لكل عضوه أنت مربية لكل فتاه تكتب معكم أنتِ مسؤولة عنها في يوم القيامة
استفقديها وأسالي عن أخبارها شدي من عزيمتها اكسبي ثقتها انصحيها
وتعاوني أنتِ وإياها على البر والتقوى فلربما تكون اتقى منك وازكي منك واعلم منك فاجعلي لها مقام عالي بتشجيعك لها بالكلمة الطيبة الحنونة والنصيحة الصادقة فهي إن ضلت مع احد الرجال في منتداكم وانساقت فأنت مسؤلية يوم القيامة عنها..
إلى كل عضو وعضوه:
اعلموا يا رعاكم الله إن المشرفين والمشرفات ليسوا ملائكة وليسوا معصومين من الخطأ
فلا تجعلهم نورا تستظئ منهم دوما،، فليس كل منتدى يجيد اختيار منهم أهل لهذه المنزلة..
فيا أخوتي لتجعلوا هدفكم في الكتابة هو الدعوة إلى الله..
هو الجهاد بالكلمة لرفع راية الإسلام والمسلمين..
لتسمو أنفسكم للعلا بالدرجات من رب السماوات والأرض..
ولتجعل كلماتك خالصة لوجه الله عزوجل..
قبل أن اختم كلماتي أود أن أقول..
لو كان للإشراف فخر وعزة لتبارزنا عليه بالسيوف لنصل إليه،، لكنه والله أمانه في يوم القيامة وستسأل عنها ماذا قدمت وماذا فعلت..
كيف أنكرت المنكر وهل أمرت بالمعروف.. هل حافظت على أخواتك من الذئاب البشرية..
هل كنت حريص على نصح الشباب بالحكمة والموعظة الحسنه!!
هل وهل وهل..
هذه كلماتي القليلة من قلب مشفق ومن قلب خائف من الأمانة التي احملها في نفسي..
فكل العذر لكل أخ وأخت أخطئنا وقصرنا بحقهم.. ولتحللونا دنيا وآخره فان الله لا يكلف نفسا إلا وسعها..
اللهم لا تحملنا مالا طاقة لنا به،،
اللهم كون عونا لنا في كل أمورنا..
اللهم اغفر لنا ما تقدم من ذنبا وما تأخر وسدد خطانا واعفوا عنا..
اللهم اكتب لنا أجر حراسة ثغر من ثغر الإسلام واكتب لنا اجر عينان لم تنم الليل
خوفا من نشر بدعة ومن اتباع شهوه من ضعاف النفوس وضياع درة غالية..(2/326)
اللهم اجعلنا عملنا خالصا لوجهك واغفر لنا وسدد خطانا واجعل الجنة مثوانا..
http://saaid.net المصدر:
=============
رسالة إلى العاملين في خدمة الحجاج
عبد الملك القاسم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وسلم أجمعين أما بعد:
فهذه وريقات قليلة كتبها أخ محب لك.. يرى في وجهك نور الإسلام ويلمح بين جنبيك محبة هذا الدين.. وقد جعلها لك في عدة وقفات آملاً أن تكون لك في كل وقفة قراءة وتأمل لتنهل من نهر عذب رقراق من كلام الله - عز وجل - وكلام رسوله:
الوقفة الأولى:
احمد الله - عز وجل - أن جعلك مسلماً وهداك لهذا الدين، فكم من كافر في هذه الدنيا مصيره العذاب والخزي في الدنيا والآخرة. ونعمة الإسلام نعمة عظيمة امتن الله بها على عباده، يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ [الحجرات: 17]. فاللهم لك الحمد على نعمك وآلائك التي لا تحصى ولا تعد.
الوقفة الثانية:
أنت في بلد تهوي إليه قلوب المسلمين وتتطلع إلى زيارته بشوق ولهفة.. بعض المسلمين يحرم نفسه لذة الأكل ويقتطع من قيمة وجبته اليومية لمدة سنوات حتى يجمع مبلغاً يسيراً يعينه على السفر إلى الحج حتى تطأ قدمه أرض هذه البلاد المباركة.. فإذا وطئت أرض هذه البلاد بعد سنوات من الترقب كنت أنت أول من يراه.. فكيف أنت في عينيه من قبل؟!
أنت في عينيه حفيد الصحابة والتابعين من نشأ بهذه البلاد بجوار الكعبة والمشاعر المقدسة ولو أمهلته لقبّل رأسك محبةً لأولئك وأحفادهم. أرأيت أين أنت في عيون الآخرين؟! أنت في مكان عليّ أنزلك الله إياه لينظر كيف تصنع، وماذا أنت فاعل؟
الوقفة الثالثة:(2/327)
بذلت هذه الدولة ـ وفقها الله ـ وأنفقت بسخاء لتوفير الأمن والطمأنينة، وسهلت الطريق، وأقامت الأنفاق، وأنشأت مشاريع المياه، وغير ذلك مما تعلمه أنت قبلي ويعلمه القاصي والداني.. كل ذلك خدمة لمن قدم لهذه الديار.. فأكرمتهم قدر ما تستطيع وأزالت عن كاهلهم العناء والمشقة.. وبقيت أنت إشراقة متلألأة في وجه هذه الإنجازات.. وعلماً فوق تلك الطموحات.. فأنت محط الآمال وأنت نظر العين.. فماذا سوف تقدم لأولئك القادمين إلى رحاب الله ملبين النداء طائعين متذللين قطعوا الفيافي والقفار والسهول والبحار وعانوا من المشقة والأسفار.. ها هم أمامك صبي صغير، وشاب فرح، وعجوز هرم أنهكته السنون فاحدودب ظهره وارتعشت أطرافه وثقل كاهله، فأرهم من نفسك خيراً.
كان كفار قريش يكرمون وفادة الحجيج ويحسنون ضيافتهم وهم كفار، والآن ترحب جميع الدول بزائريها طمعاً في الربح المادي والسمعة الحسنة.. هذا وهم بلاد فساد وبؤرة استغلال.. فهذا مرشد يدل على الآثار وآخر قائد طريق.. فلا يكن ـ أيها الحبيب ـ غير المسلم خيراً منك وأحسن خلقاً وأوسع صدراً ولا يكن من همّه المادة أحسن تعاملاً.. فأنت تبحث عن الاخرة أما الدنيا فقد أتت إليك بحذافيرها وقد جمع الله لك من أطرافها ونالك منها الشيء الكثير.
وستسألني كيف يكون التعامل في أبهى حلله وأنصع صوره، وماذا تريد منا شباب الحرمين؟! وسوف أجيبك في وجازة وعلى عجالة:
أولاً: عليك بتجريد الإخلاص لله - عز وجل - في كل أعمالك صغيرها وكبيرها وسرها وعلانتيها، قال الله - جل وعلا -: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [البينة: 5] وغيرها من الآيات التي مرت عليك في مراحل دارستك المبكرة فالإخلاص نبراس العمل ومادته ومحركه.(2/328)
ثانياً: ليهنك الفرح والدوام على استمرار خدمة الحجاج بدون فتور ولا كسل، فأنت تخدم من أتى الله طائعاً عابداً ملبياً.. فأنت تخدم أهل العبادة.. ولا عجب في ذلك فأنت بالأمس كنت تخدم الصوام في رمضان طائعاً مختاراً.. فلا تتأخر عن خدمة الحجاج وتيسير أمورهم فربما تنالك دعوة من أحدهم لا تشقى بعدها أبداً واجعل لك نصيباً من حديث الرسول: {عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله} [رواه الترمذي].
ثالثاً: أنت في مكان فاضل وأشهر فاضلة، فقد جمع الله لك فضل الزمان وفضل المكان وفضل المخدوم.. إنها فرصة لتضاعف حسناتك وترفع درجاتك.. ألست ترجو بالصلاة والزكاة ذلك؟! ها أنت في ميدان من ميادين العبادة إذا أخلصت ذلك لله - عز وجل -.. والأدلة الشرعية تدل على أن الحسنات تضاعف في الزمان الفاضل والمكان الفاضل.. وكذلك يَعظُم إثمها فالله الله في تلك الأماكن والأيام، وابتعد عما يغضب الله - عز وجل -، فأنت في مكان يعظم فيه الإثم، وقد توعّد الله - عز وجل - من يرد فيه الفساد بعذاب أليم فقال - تعالى -: وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [الحج: 25]. قال ابن كثير - رحمه الله -: (أي يهم بأمر فظيع من المعاصي الكبار)، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله قال: {أبغض الناس إلى الله ثلاثة} وذكر منهم {مُلحد في أرض الحرم} [رواه البخاري]، قال ابن حجر في الفتح: (وظاهر الحديث أن فعل الصغيرة في الحرم أشد من فعل الكبيرة في غيره) وعن ابن مسعود مرفوعاً: {لو أن رجلاً همّ فيه بإلحاد وهو بعدن أبين، لأذاقه الله عذاباً أليماً} هذا فيمن همّ، فكيف بمن عمل!(2/329)
رابعاً: كثير من العاملين إذا علم أن هناك كاميرات مراقبة في المكان الذي يعمل به جد واجتهد وثابر وصبر خوفاً من عقاب المسؤلين أو مساءلتهم، ونسى الأخ الحبيب أن الله - عز وجل - مطلع على الكبير والصغير في الخلوة والجلوة يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ [غافر: 19] فعليك استشعار عظم الأمانة والمسؤلية وتقوم بأدائها بما يرضي الله - عز وجل - أولاً ثم المسؤلين.
خامساً: سنوات وهؤلاء الحجاج يتلهفون لزيارة هذا البلد وأداء مناسك الحج ورؤية أبناء هذه البلاد.. فهل أنت من الأحفاد الصالحين الذين يسر العين رؤيتهم، أم أنت ممن ضيّع حدود الله وفرّط فيها.. ولا أخالك أيها الحبيب وقد علمت مكانتك عند القادمين إلا ذلك الحفيد الذي يرفع الرأس مظهراً وسلوكاً وحسن تعامل.
سادساً: في زحمة العمل وكثرة القادمين يغيب عن الكثير التجمل بالابتسامة التي هي مدخل للقلوب ومفتاح للنفوس وهي فوق ذلك عمل يؤجر عليه المسلم {وتبسمك في وجه أخيك صدقة} فمن أولى من هؤلاء بوجه طليق يزيل عنهم مشقة الطريق وعناء السفر.. فلا تبخل بتلك الابتسامة التي لن تخسر في جعلها علامة على شباب هذه البلاد.. بل احرص عليها واتبعها الخدمة والتودد لكبار السن وإعانتهم وتسهيل أمورهم.. واعطف عليهم وارحم صغيرهم وأعن شيخهم وكبيرهم وليكن لك نصيب من حديث الرسول: {اللهم من ولي أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به} [رواه مسلم].. فاللهم ارفق بنا وتجاوز عن سيئاتنا.
سابعاً: تذكر أيها الحبيب المبارك أن الله حرم الظلم على نفسه وجعله محرماً.. وحرم إيذاء المؤمنين والمؤمنات.. فاحذر أن يزل لسانك بكلمة جارحة، أو يدك بدفع أحد الحجاج، أو بأي نوع من أنواع الإيذاء، وأنت تعلم أن الله حرم إيذاء الحيوان، فكيف بإنسان مسلم أو شيخ كبير طاعن في السن.. وتخيل أن أباك أو أمك يعاملون في دولة أخرى معاملة قاسية وسيئة!!(2/330)
ثامناً: لا بد أن يكون الصبر لك رداء وكساء ودثاراً فتجمل به واحرص عليه.. فأنت في مكان سوف ترى من القادمين جهلاً وعدم معرفة وتساؤلاً طويلاً.. فاحلم واصبر ولا تغضب ولا تقابل الجهل بالجهل والإساءة بالإساءة.. ولكن عليك بقول الله - عز وجل - واجعله شعارك في ذلك: " خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ " [الأعراف: 199].
تاسعاً: عوّد لسانك الكلمة الطيبة والدعوة الصادقة.. فالناس تسمع منك الكلمة وتطير بها الركبان.. فهذا دعا لنا وهذا قال كلمة طيبة.. فماذا يضيرك إذا رددت الأدعية التي تفرح النفس.. جزاك الله خيراً.. رفع الله درجتك.. أدخلك الله الجنة.. تقبل الله حجك وغيرها مما تردده على لسانك وتعوده نفسك.. فجزاك الله خيراً أيها الحبيب على هذه الرحمة والرأفة بأمة قدمت قاصدة أداء شعيرة الحج.. ولا تنس أن تبدأهم بتحية الإسلام.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
عاشراً: سأغبطك على كثرة تنوع أنواع العبادات في يومك.. فهذا تهديه كلمة طيبة، وآخر تدعو له، وثالث ترشده إلى أين يذهب، ورابع تدله على مكان الفتوى وخامس تحمل له حقيبته، وهكذا تتقلب في أنواع العبادة طوال يومك.. تقبل الله منا ومنك.
الحادي عشر: أنت في هذا المكان تمثل الشاب المسلم حفيد الصحابة والتابعين، وتمثل مجتمع هذه البلاد وتمثل دولة مسلمة طالما تلهف الجميع إلى رؤية شبابها ورجالها.. فعليك بالحرص على المظهر الإسلامي في زيك وملبسك وحديثك وتعاملك.. واجعل الفرح موصولاً لهؤلاء الذين قدموا ليروا شباب هذه البلاد.. ونعم هم خير شباب، وخير خلف لخير سلف.. ولا تكن ذلك الآخر الذي لم يرفع لأمته رأساً.. همه السباب والشتام وتضييع العمل.. فأثر المعاصي على وجهه، وشؤم المعصية يحيط به.. فأنت تمثل ديناً ودولة وشباباً.. أرأيت عظم المسؤلية.(2/331)
أربأ بك أيها الحبيب أن يكون المرشد السياحي أو موظف الجوازات في دولة أخرى خيراً منك تعاملاً وأحسن خلقاً وأكثر بشاشة.
أخي الحبيب.. لتهنك أمة الإسلام فهي قادمة إليك لأداء شعيرة عظيمة في أشهر عظيمة ومكان عظيم.. جعل الله لك من الخير أتمه وأكمله وبوأك ظلال الجنة.
يا ابن الإسلام:
قبل أن تنتهي من رسالتي هذه انظر حولك.. ها هم وفود الرحمن قد أقبلوا من كل حدب وصوب.. ما نؤمله منك أكثر مما كتب، وما نرجوه أكبر.. فعليك بهذه الفرصة التي بين يديك، فجدد الإخلاص والنية لله - عز وجل -.. واسع إلى عملك، وكن ذلك الحفيد الذي تقر به الأعين وتهنأ به النفوس.. ولا تدع هذه المناسبة العظيمة تفوت عليك فربما في العام القادم لن ترى وجهاً لحاج.. فكم من زملائك في العام الماضي لم نرهم هذا العام قد غيبهم الموت أو أبعدهم المرض أو أخذتهم الدنيا في دروب أخرى.
فشمّر عن ساعد العمل واتكل على الله وابدأ باسم الله.
أصلح الله نيتك وأقرّ بك أعين المسلمين..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
http://www.kalemat.org المصدر:
==============
رسالة من القلب " أبيضت الصحيفة فلا تسودها "
أخي المسلم.... أختي المسلمة...
قال الله - تعالى -: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين... " الآية.
وقال - سبحانه -: " ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا.. " الآية.
الحمد لله الذي وفقنا وإياك لأداء هذا الركن العظيم، الذي قال فيه - صلى الله عليه وسلم -: ((من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)). الحديث.
وظننا بربنا.... أنه قد غفر لنا ذنوبنا وستر عيوبنا وأقال عثراتنا. إنه هو أهل التقوى وأهل المغفرة.
ومن أحسن الظن أحسن العمل.
قال الحسن البصري - رحمه الله -: (إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل وإن الفاجر أساء الظن بربه فأساء العمل).
ولهذا لا يليق بمسلم بعد أن ابيضت صحيفته أن يعود لتسويدها.(2/332)
وبعد أن زكت نفسه بالطاعة أن يدنسها بالمعصية.
فعلينا جميعا أن نبدأ صفحة جديدة مع الله نطيعه ولا نعصيه حتى نفوز برضوانه وجنته
قال - تعالى -: " ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً ".
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى)) قيل ومن يأبى يا رسول الله، قال: ((من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى)) رواه البخاري.
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
وختاماً...
نسأل الله أن يجمعنا بكم مرة أخرى على طريق الإيمان والطاعة.
http://saaid.net المصدر:
=============
رسالة عتاب
د.عبد المعطي الدالاتي
وعاوٍ عوى لا يكفّ النباحا *** صباحاً مساءً فهلا استراحا
ويلهثُ من غير حملٍ ثقيلٍ *** سوى الحقدِ يَنكأ فيه الجراحا
ويعوي فأعملُ غير مبالٍ *** و أشغل ساحاً فساحاً فساحا
بعزمٍ.. ولست أملّ كفاحي *** وما كان لي أن أملَّ الكفاحا
ظننتكَ يا صاحِ خِلاً وفيّاً *** فما لك أبديتَ غدراً وَقاحا؟!
يسوؤك ذكري إذا سار شعري*** وشعريَ ينساب عذبا قَراحا
عتبتك بالحب.. لو ذقتَ حباً *** لذقت بذاك الشعورِ انشراحا
عتبتُ عليكَ.. وما كان ذنبي *** لديكَ سوى أنّ طيبيَ فاحا
و ما كان ذنبي سوى أنّ ربي *** أعان فأدركتُ ثمّ النجاحا
وما كان ذنبي سوى أن قلبي *** غدا في نعيم الكريم و راحا
وما كان ذنبي سوى نُعمَياتٍ *** من الله تجتاحُ عمري اجتياحا
فكلّ زمانٍ أراه ربيعاً *** وكل مكان ٍ أراه مراحا
ويرحل عمري و فكري و شعري*** وأبسط عند الرحيل الجناحا
أكحّل بدرَ السماء بجنحي *** وأكشِف عن وجنتيه الوِشاحا
وأترك بدري وأمضي لقصدي *** وأوقظ قبل المسير الصباحا
أنا ما أردتُ سوى وجهِ ربي *** فإنْ يرضَ عني جنيتُ الفلاحا
http://saaid.netالمصدر:
=============
رسالة المسجد في التعامل مع قضايا الشباب
د. سالم محمود عبد الجليل(2/333)
للمسجد مكانة خاصة في حياة المسلمين، فإنه ليس ديراً لرهبنة، ولا زاوية للمتعطلين، ولا تكية للدراويش، وليس في الإسلام رهبنة ولا دروشة... وعندما وجد عمر - رضي الله عنه - جماعة في المسجد تلبثوا بعد صلاة الجمعة بدعوى التوكل على الله علاهم بالدرة، وقال كلمته الشهيرة: لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق ويقول: اللهم ارزقني وقد علم أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة، إن الله يقول: ((فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله ))(1).
ولما هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى المدينة مرّ بقباء، واستراح عدة أيام، وفي أثناء تلك الأيام أنشأ أول مسجد في الإسلام؛ إنه مسجد قباء، فبدلاً من أن يستريح من عناء السفر الطويل الشاق، ومن الرحلة الرهيبة التي كان يتربص الأعداء به وبصاحبه بالطريق المعهود ليفتكوا بهما، فسلك طرقاً وعرة غير معهودة، أقول بدلاً من أن يستريح شرع في بناء المسجد ليبين للجميع أن للمسجد مكانة خاصة، وهو أول ما ينبغي أن يهتم به أولوا الأمر في أي بلد.
وليبين للجميع أهمية المسجد فهو مركز الإشعاع الذي يشع نور الحياة وروحها في المكان والحي الذي يكون فيه.
وإلى هذا المسجد الذي أسسه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشير ربنا - سبحانه - بقوله: (( لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطّهرين ))(2).(2/334)
وما أن وصل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة المنورة إلا وبدأ هو وأصحابه الكرام في بناء المسجد النبوي الشريف، ولأهمية إقامة المسجد لم ينتظر - صلى الله عليه وسلم - حتى يستريح بل بدأ به مباشرة، وحث أصحابه على البناء، وأخذ يحمل بنفسه مواد البناء حتى شيد مسجده الشريف من الطوب اللبن، ثم سقفه بسعف النخل، لم يكن يهتم - صلى الله عليه وسلم - بفرشه إذ لم تكن الحالة تساعد على فرشه بالفرش الفاخرة، ولم يهتم لبنائه بأعمدة الرخام، كلا لم يكن هذا هو المقصود أبداً إنما المقصود: المعنى الذي يقوم به المسجد بغض النظر عن مكوناته.
وفي هذا المسجد المتواضع ربَّى النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه، فخرج منهم الخلفاء، والأمراء، والقادة؛ الذين ملأوا الدنيا عدلاً بعد أن كانت قد ملئت ظلماً، ونشروا النور بعد أن عم الظلام.
وما كان المسجد في فجر الإسلام إلا:
- جامعة شعبية للتثقيف والتهذيب، يلتقي فيه كل أبناء الشعب بجميع فئاتهم وطبقاتهم من غير رسم أو قيد، يأتونه صيفاً وشتاءً، ليلاً ونهاراً، فعلى الإمام أن يجعل من مسجده جامعة يعلم فيها العقائد والأخلاق، وفرائض العبادات، ومحاسن الآداب، وطرائق المعاملات.
ولو التزم كل إمام بالجدول الذي يعلق في لوحة الإعلانات بمسجده، وأعد دروسه إعداداً جيداً، وأداه على الوجه الذي يرضى الله - سبحانه وتعالى- لأصبحت مساجدنا فعلاً جامعات تعليمية على مستوى عال جداً.
- وبرلماناً محلياً للتشاور والتفاهم، يلتقي فيه المسلمون فيتعارفون ولا يتناكرون، ويتحابون فلا يتباغضون.
ولقد حث النبي - صلى الله عليه وسلم - المسلمين على عقد أنكحتهم في المساجد إحياء لهذا المعنى، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ( أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد، واضربوا عليه بالدف )(3).
وهنا يبرز دور الإمام الذي يجب عليه أن يستغل المناسبة، فيُعلِّم الحاضرين آداب الزفاف، ونظام الإسلام في الزواج... وهكذا.(2/335)
- ومعهداً للتربية العلمية والعملية؛ لأن المسجد هو المكان الوحيد الذي تتاح فيه التربية على المبادئ الكبرى كالحرية، والإخاء... وهى شعارات ترفعها أنظمة كثيرة لكنها في المسجد يربى عليها المسلمون عملياً.
- فالإمام في الصلاة ليس معصوماً، وإن أخطأ صوب له المأموم خطأه.
- والإمام على المنبر ليس معصوماً، فإن أخطأ صوب له المأموم خطأه، ولقد صوبت امرأة خطأ عمر.
والناس في المسجد سواسية يجلس فيه كل واحد من المسلمين بسبقه فقط وليس بوظيفته أو رتبته، فلربما سبق حارس العقار فجلس أمام صاحب العقار، ولربما سبق المرؤوس فجلس أمام الرئيس.
أو ربما جلس أحدهما بجوار الآخر، ويقفون في الصف متراصين، الأقدام في الأقدام، والأكتاف في الأكتاف، لا عبرة بوظيفة، ولا منصب، أو سلطان.
فأين يتعلم الناس المساواة كما يتعلمونها في المسجد؟
ودور الإمام أن يبرز هذه المعاني..
وفي المسجد يشعر الناس بالإخاء الإيماني العميق، وتصفوا نفوسهم فلا غل، ولا حقد، ولا شحناء، ولا ضغينة.
ويظل المسجد دار من لا دار له، وسند من لا سند له، وعون من لا عائل له، فأهل الصفة كانوا بمسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكلون من فضل الله.
ولو تحققت رسالة المسجد لاستطعنا أن نصبغ الدنيا بصبغة الإسلام عملاً وليس قولاً فقط.(2/336)
لقد كان المسجد مركزاً للقيادة العامة لقوات الجيش، توضع فيه الخطط الحربية، ويرشح فيه قادة الجهاد وولاة الأمور، وتقسم فيه الغنائم، وتنظر فيه قضايا الأمة، وعلى الرغم من أن حاجات الأمم قد زادت وقضاياهم قد كثرت مما حملهم على إنشاء دور للقضاء، ومكان للبرلمان، ومراكز للقيادة، وأماكن للتعليم، ودور للتثقيف، إلا أن المسجد سيظل وإلى الأبد المكان الذي يلتقي فيه كل المسلمين حكاماً ومحكومين، قضاة ومتخاصمين، عسكريين ومدنيين، أغنياء وفقراء، وسيجد كل هؤلاء حاجتهم في بيوت الله؛ من تعميق صلتهم بربهم، ومعرفة ما يريده الله - تعالى - منهم، فينطلقون من المسجد وقد شحذت هممهم لعمل الخير، والدفاع عن الفضيلة، ومحاربة الرذيلة، وقد تربوا على إقامة العدل، ورد المظالم، وإتقان العمل، والقيام بالواجب، وصدق من قال: إن الإسلام لا يعلمنا كيف نستخرج البترول من الأرض، ولا كيف نستفيد من مشتقاته، لكنه يصنع الرجال.
أقول: نعم، يصنع الرجال الأمناء الأوفياء، المخلصين المتقنين لأعمالهم، ويبعث بهم في كل ميدان، فإذا منهم المهندس الناجح، والطبيب الصالح، والإمام العادل، والقاضي الذي يتحرى الحق.
وإذا ما تساءلنا عن مصنع الأقلام عرفنا مكانه، وكل آلة لها مصنعها، لكن إن قلنا: أين يصنع الرجال ذوو الأخلاق الحسنة، وأصحاب القيم النبيلة، وأصحاب المواهب الفذة؟
لن يكون الجواب محل خلاف بل هو محل اتفاق بين الجميع، إنهم يصنعون في المساجد، والمساجد وحدها هي الأقدر على صنع الرجال، فأين صنع أبو بكر، وأين صنع عمر، وأين صنع عثمان، وأين صنع على، وآلاف الأصحاب صنعهم المسجد.
نعم، كلهم تخرجوا من المساجد، وعليها كانوا يترددون خمس مرات في كل يوم وليلة، فتزداد صلتهم بربهم، وتقوى همتهم لعمل الخير.
المسجد والشباب:(2/337)
المسجد لجميع المسلمين في مختلف الأعمار، يجد فيه الصغير بغيته، ويجد فيه الكبير حاجته، ومسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يؤمه الكبير والصغير، والشيخ والشاب، أمّه أبو بكر (الشيخ) كما أمه أسامة (الشاب)، وما زال يتربى أسامة في المسجد حتى قاد جيشاً فيه أبو بكر، وأمّه عمر وكان بجواره ابنه عبد الله بن عمر، وشباب المسلمين الذين كانوا قادة عظاماً تربوا في المسجد من أمثال عليٍّ ومعاذ وابن عباس، ولقد كان يخصهم رسول الله بالحديث، ومما يحفظ عنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء )(4).
كان يحثهم - صلى الله عليه وسلم - على استغلال فترة الشباب، ويبين لهم أنهم عنها سيسألون، فعن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وماذا عمل فيما علم؟)(5).
وفي المسجد كان الشباب يقيمون الليل يتدارسون القرآن ويصلون، وفي النهار يحتطبون حتى إذا دعا داع الجهاد لبوا، فعن أنس بن مالك قال: (كان شباب من الأنصار سبعين رجلاً يقال لهم "القراء" قال: كانوا يكونون في المسجد، فإذا أمسوا انتحوا ناحية من المدينة فيتدارسون ويصلون، يحسب أهلوهم أنهم في المسجد، ويحسب أهل المسجد أنهم في أهليهم، حتى إذا كانوا في وجه الصبح استعذبوا من الماء، واحتطبوا من الحطب، فجاءوا به، فأسندوه إلى حجرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبعثهم النبي - صلى الله عليه وسلم - جميعاً فأصيبوا يوم بئر معونة، فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - على قتلتهم خمسة عشر يوماً في صلاة الغداة)(6).(2/338)
وما أحوجنا في أيامنا هذه أن نفتح مساجدنا أمام شبابنا فنربيهم كما تربى الجيل الأول على مبادئ الإسلام، وتعاليم القرآن، ونشغل فراغهم في الخير، ونطوع جهودهم لخدمة الإسلام والمسلمين، إن الشباب طاقة خلاقة إن لم تستغل في الخير استغلها الشيطان في الشر، وإن الفراغ الذي يحياه شبابنا خاصة في الإجازات الصيفية إن لم يملأ في طاعة ملأه الشيطان في المعصية، وما لم نخلق للشاب مجتمعاً نظيفاً في المسجد خلق له الشيطان مجتمعاً آخر يُعبَد فيه الشيطان من دون الله.
المسجد ودوره في حماية الشباب من الانحراف:
الانحراف له صور كثيرة، أهم صورتين من صوره هما:
الانحراف الفكري: وهو نتيجة حتمية للجهل بأمور الدين وتعاليمه، والمسجد هو المكان المهيأ بالفعل والقادر على تعليم الشباب أمور دينه دون غلو أو تطرف، وحمايته من أي انحراف فكرى، ودفع الشبهات التي تضعف انتمائه للدين، وذلك بعمل برنامج تثقيفي يتناسب والشباب خاصة في فترة الصيف، ويمكن استمراره فترة الشتاء، وقد أنشأنا بالفعل فترة إمامتنا لمسجد قاهر التتار نادياً للشباب، يأتي فيه الشاب من العصر إلى العشاء، يدرس فيه، ويتحاور حول جميع القضايا التي تهمه وتشغله، ويمكن التركيز في فترة الصيف على المواد الآتية:
- القرآن الكريم، تلاوة وحفظاً وتفسيراً، ويمكن اختيار بعض الآيات والسور التي تعالج قضية الانحراف الفكري.
- السنة النبوية، يحفظ الشاب خلال أشهر الصيف الأربعين حديثاً النووية بشرحها المختصر، وهى مجموعة أحاديث متنوعة تدعو إلى الاعتقاد الصحيح، وتحث على الخلق الحسن، وترغب في كل فضيلة، وتحذر من كل رذيلة.
- السيرة النبوية العطرة، ونركز على جوانب التضحية والفدائية، والشجاعة والجرأة لدى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما يجب أن نبرز جانب القدوة.(2/339)
- الأخلاق والآداب الإسلامية، ويجب أن نركز على: الإخلاص - الصدق - التسامح - الإخاء - المحافظة على الوقت - الإحسان... إلخ.
- العبادات، ويجب أن نركز على مفهوم العبادة في الإسلام وشمولها، وثمرة العبادة، مستعينين بتفسير الآيات التي تربط بين العبادة والسلوك مثل قول الله - تعالى-: ((إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر))(العنكبوت: 45)، وقول الله - تعالى-: ((فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ...))(البقرة: 197).
إن المسجد بإمامه يمكن أن يحمى الشباب من الانحراف الفكري، وأن يصنع منه مسلماً معتدلاً لا يميل إلى التطرف بحال من الأحوال، ولا يرغب في تضييع الواجبات، يستطيع أن يوازن بين الأمور، ولا ينجرف مع أي تيار لمجرد عاطفة جياشة.
الانحراف السلوكي والأخلاقي: وهو نتيجة حتمية لضعف صلة الشباب بربه، والتفاف أهل السوء حوله، والمسجد هو المكان الذي تنمو فيه العقيدة فتثمر صلة قوية بالخالق - سبحانه -، وتحسن فيه العبادة فتزكو النفس وتسمو عن الرذائل، ويجد فيه الشاب أقرانه من أهل المسجد فيعينونه على الطاعة.
إن الشباب اليوم أحوج ما يكونون إلى أن تمتد لهم الأيدي من ذي قبل، ذلك لأن أمام الشباب تحديات كثيرة في ظل البطالة التي استفحل أمرها، والمخدرات التي سهل تداولها، وأسباب الانحراف التي غزت الشباب في عقر دارهم.
والمسجد له دور كبير في القضاء على أنواع الانحراف السلوكي والأخلاقي وذلك ببيان خطر الانجراف وراء الشهوة والهوى، ثم بإيجاد البيئة الصالحة التي تساعده على الالتزام بقيم هذا الدين؛ لأن المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل.(2/340)
ومن أهم الانحراف السلوكي في أيامنا هذه تعاطى المخدرات والإدمان عليها، والمسجد هو الأقدر على حماية الشباب من هذا الخطر العظيم، وذلك ببيان حكم الشرع فيها، وتوضيح خطرها وضررها على النفس والمجتمع من خلال خطب الجمعة، والدروس، والندوات التي يقيمها المسجد، وهذا يقي الشاب الوقوع في الخطر، وكما يقولون الوقاية خير من العلاج.
ويستطيع المسجد كمؤسسة دينية لها مكانتها في قلوب جميع المسلمين أن يقود حملة التوعية ضد الإدمان والتعاطي، بل ويستطيع عن طريق أهل الخير الذين يترددون عليه أن يسهم في علاج المدمنين بالمصحات المتخصصة، ونشهد من خلال عملنا أن أهل الخير - وهم كثيرون - من الأطباء في جميع التخصصات يأتون المساجد ويعرضون خدماتهم بلا حد.
إن الشاب إذا تعمقت صلته بربه ترك جميع الموبقات، وأقلع عن جميع الأعمال والسلوكيات التي تأباها الفطر السليمة.
وكم من شاب اعتاد فعل الفواحش فدخل المسجد فخرج إنساناً آخر، يعرف حق الله - تعالى - وحق عباد الله، ويرعى الحرمات، ويبتعد عن الشبهات، وعلى الإمام أن يركز في خطابه (خطبة أو درس أو ندوة) على أهمية مراقبة الله - تعالى - والخشية منه، فإن الشاب إذا خاف ربه ترك ما يغضبه، وعمل ما يرضيه.
المسجد ودوره في علاج مشكلة البطالة:
لا يختلف اثنان على أن البطالة داء خطير يضعف كيان الأمة، ويحطم معنويات الشاب العاطل عن الكسب، وربما دعاه هذا إلى الانحراف بكل صوره تنفيساً - ظناً منه - عن همه.
والمسجد قادر على أن يعالج هذه المشكلة، وذلك على النحو التالي:
أولاً: ببيان أهمية العمل والأكل من كسب اليد، والسنة الشريفة غنية بهذا.
ثانياً: ببيان أن العمل يكتسب صفة الشرف من إتقان العامل لعمله حتى ولو كان وضيعاً، فمشكلة الشباب اليوم أنهم يريدون وظيفة مرموقة بآلاف الجنيهات وإلا جلسوا في بيوتهم، والصواب أن يعمل الشاب في أي عمل ما دام العمل حلالاً حتى ولو كان وضيعاً.(2/341)
ثالثاً: يمكن أن توضع في لوحة الإعلانات بالتنسيق مع إدارة المسجد وإمامه أسماء الجهات والشركات والمكاتب التي تحتاج إلى عمال، ليقوم الشباب المترددون على المساجد بالاتصال بها، وتجربتي الشخصية تثبت أن المسجد قادر ولو بنسبة على الإسهام في القضاء على مشكلة البطالة.
إن المساجد لها وظيفة سامية وشاملة ولا يمكن أن تحصر في إقامة الشعائر، وإن الدورات التأهيلية التي أنشأتها المساجد لتعليم الحرف المختلفة، والتدريب على الحاسب الآلي أسهم لحد بعيد في توظيف عدد غير قليل من شباب الأمة.
أسأل الله - تعالى - أن يوفق القائمين عليها لخدمة الإسلام والمسلمين، والحمد لله رب العالمين.
_________________
1- سورة الجمعة: 10.
2- سورة التوبة: 108.
3- رواه الترمذي عن عائشة، وقال في كشف الخفا: حسن لغيره.
4- متفق عليه.
5- رواه الترمذي.
6- أخرجه أحمد في المسند.
http://alresalah.masrawy.com المصدر:
============
رسالة إلى المعلم
عائض بن عبدالله القرني
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد..
فيا أيها الأستاذ، سلام الله عليك ورحمته وبركاته.
قم للمعلم وفِّه التبجيلا *** كاد المعلم أن يكون رسولا
يا وارث علم الرسول - صلى الله عليه وسلم -، يا مربي الأجيال، يا فاتح العقول بذكر الله - عز وجل -، جزاك الله عن أمة محمد خير الجزاء، وأثابك الله على ما تحمله من رسالة إذا كنت تريد الخير..
أيها الأستاذ: أجيالنا يجلسون أمامك،
أيها الأستاذ: وضعنا قلوبنا وأكبادنا تستمع لما تقول من لسانك،
أيها الأستاذ: أما ترى أساتذة البغي والعدوان والباطل كيف ينشرون مبادئهم ومخططاتهم الهدامة، ألا تنشر فكرك الواضح البناء الذي أتى به محمد - صلى الله عليه وسلم -؟؟..
أيها الأستاذ: لئن يهدي بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم، فاتق الله - عز وجل - في هؤلاء الشبيبة، وهؤلاء النشء فإنهم يرونك قدوة وأسوة ومعلماً..(2/342)
أيها الأستاذ: إن الكلمة الصادقة إذا خرجت من القلب وقعت في القلب، والكلمة الكاذبة إذا خرجت من اللسان لا تتجاوز الآذان.
أيها الأستاذ: إن النفع عند العقلاء يكون بقدر ما ينتفع الشخص أولاً قبل الناس.
قال - تعالى - (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ).
فما مقدار عملك لعلمك؟..
عليك أيها الأستاذ أن تتقي الله - عز وجل - فيما تعلمت لتكون صورة حية لهذا الدين، الذي أتى به محمد - صلى الله عليه وسلم -.
أيها الأستاذ: كان علماء السلف إذا تعلموا أموراً أعطوها للناس بسلوكهم وبتعاملهم وأخلاقهم ومناهجهم في الحياة.
أيها الأستاذ: أساتذتنا من القرون المفضلة خرجوا إلى الشعوب الإسلامية في إندونيسيا وماليزيا فبلغوا دعوة الله بأعمالهم قبل أقوالهم، فإنا ندعوك اليوم في أول هذا العام الدراسي إلى أن تقدم للشبيبة علماً نافعاً، وعملاً صالحاً ورسالة خالدة، وكلاماً مؤثراً، وأن تتقي الله - عز وجل - في هذا النشء، وهذا الجيل الذي ينتظر منك النصح.. إنهم عطشى أمامك، فاسكب على قلوبهم من فيض حنانك وودك ما تجعله ان شاء الله بلسماً شافياً.. إنهم جوعى وهم ينتظرون اللقمة الطيبة اللذيذة التي تكمن في تقديم المادة الطيبة من قول الله - عز وجل -، وقول رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
سدد الله خطاك، ونفع بك، وجعلنا وإياك من المقبولين عنده، الصادقين في ديوان الخلود..
http://saaid.net المصدر:
=============
رسالة إلى المعلمة
عبد الله بن عبد الرحمن العيادة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: -
أختي المعلمة الكريمة:(2/343)
إن عملك عظيم إذا أحسنت القيام فيه وعليه وتستطيعين من خلاله أن تنالي الحمد في الدنيا والأجر في الآخرة إذا اصطحبت الإخلاص فيه وتركت أثرا طيبا لدى طالباتك من خلال الكلام كتوجيه والسلوك كقدوة..وفي هذه الرسالة المتواضعة أضع بين يديك بعض المقترحات التي تسهم في وجود ذلك الأثر الطيب وتجعل منك صاحبة رسالة سامية وهدف نبيل قبل أن تكوني رقما إضافيا في جدول موظفات المدرسة:
وفقك الله وسدد على طريق الخير خطاك.
أختي المعلمة: -
علمي من تحت يدك أن هذا الدين هو دين الله! ولن يقبل من أحد صرفا ولا عدلا يوم القيامة إلا هذا الدين فقط، وأن هذا الدين يقوم على ركائز وقواعد من أهمها على الإطلاق بعد الشهادتين (الصلاة)، وضحي لهن أهمية الصلاة وأركانها وشروطها و الالتزام بها.
أيضا سائر العبادات مثل الصوم، وأهمية تدريب الصغيرات عليه، والكبيرات بالالتزام به،
دربيهن على حفظ وتلاوة القرآن، لتستقيم به الصلوات، فهو حبل الله المتين وبه النجاة والنجاح والفلاح.
عوديهن على البذل والعطاء، وذلك بإيضاح أهمية الزكاة والصدقة في حياة المسلمة. أيضا شوقي طالباتك للحج، صفي لهن المشاعر والأماكن المقدسة، ازرعي في نفوسهن الرغبة في الحج والعمرة بأسلوبك الشائق الجميل في وصف تلك الأماكن الطاهرة، واجعلي دأبك في شرحك للمواد الدينية وضع (المشوقات) على المادة التي تشرحينها. *
أختي المعلمة: هذا ديننا لا بد أن نملأ به أوقاتنا، ونغرسه في أعماق قلوب أبنائنا عن طريق العرض الجميل، والقصة الشائقة، ونحرص أن نكون قدوة لهم في التطبيق الدقيق لتعاليم الدين لننال أجر العمل والاقتداء.
اللباس الشرعي والحجاب:(2/344)
كوني أختي المعلمة قدوة في مظهرك وملبسك ووضحي للطالبات اللباس الشرعي الساتر الذي دلنا عليه القران، وبينته لنا السنة. * وأهمها الحجاب، فاجعليه شيئا مهما في حياة الطالبة، فالناعقون بدأوا يطلون برؤوسييم من جحورهم الموحلة، داعين إلى نزع الحجاب لدفع الفتاة في حمأة الرذيلة وإبعادها عن سياج الصون والعفاف ونحن مع ثقتنا بأن الله ناصر دينه وسيعلى كلمته، لابد لنا من العمل على وقاية المجتمع من الانحراف! والوقاية خير من العلاج.
أختي المعلمة:
أوضحي لطالباتك الدجل والهراء والكذب والدعاوى التي يريد أعداء المرأة المسلمة الترويج لها بإلقاء الحجاب وإخراج المرأة من طهرها وعفافها بإخراجها من بيتها. والله - سبحانه وتعالى- يقول (وقرن في بيوتكن. ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى سورة الأحزاب فكم من امرأة في هذا العالم ذاقت مرارة الألم بعدما ألقت بالحجاب وانساقت مع تيار وسراب الحرية المزعوم.
وها هن نساء الغرب يصرخن مطالبات بالعودة إلى المنزل والى طريق العفاف بعد ما ذقن ويلات السفور والغرق، في وحل التجرد تقول إحدى الطالبات بعدما زارت بلدا إسلاميا وعرفت عن قرب ما تلقاه المرأة المسلمة من حماية وكرامة لها من قبل الزوج والأب والأخ وكل أفراد المجتمع تقول:
" إذا كان ما تقولون صحيحا أرضى أن أكون الزوجة الرابعة والثلاثين " وأخرى تنبهر عندما تسمع محاضرة عن حقوق المرأة في الإسلام. فتقول: "إذا كان حقا ما تقولون فخذوني إلى بلادكم ستة أشهر واقتلوني ".(2/345)
فمن هذا الجانب عليك أختي المعلمة مسئولية عظيمة جذا، أوضحي لهن العفن والوحل الذي تروج له بعض المجلات الساقطة والأباطيل التي تزخرفها، أوضحي لهن الكتب النافعة، ولا بأس أن تأتي ببعض الكتب معك للفصل وتشرحي للطالبات فكرته حتى يرغبن في اقتنائه، وحثي طالباتك على القراءة والمطالعة النافعة ونظمي لهن المسابقات والبحوث في المقالة والكتابة لتتوسع مداركهن وعقولهن. العادات والتقاليد تعلمين -
أيتها المعلمة - أن لكل قوم عادات وتقاليد قد توارثوها جيلا إثر جيل، ونحن - ولله الحمد - قد استمددنا عاداتنا وتقاليدنا من ديننا الحنيف، فلا إفراط فيه ولا تفريط، ولكن عصر الماديات والترف قدم إلى بلادنا مع من قدم إليها، إما للعمل أو لغيره، عادات وتقاليد بالية ورديئة نأخذ منها على سبيل المثال:
الخدم والمربيات مع الثراء والنعم التي حطت رحالها بفضل الله - سبحانه - على بلادنا استقدمت كثيرا من الأسر الخادمات، والسائقين، والمربيات، وهؤلاء حملوا معهم كثيرا من عاداتهم بقصد وبغير قصد! والشواهد على ذلك كثيرة. فكثير من النصرانيات والوثنيات من الخادمات وجدن يدربن الصغار على حين غفلة من، أهلهم على الطقوس الوثنية والنصرانية، وكثير من الويلات والمشكلات التي يحتار لها الفؤاد ويدمى لها القلب، ويندى لها الجبين، ولا يخفى على كل لب وبصيرة شيء من ذلك.(2/346)
فواجبك أيتها المعلمة أن توضحي خطر هؤلاء الفئة التي تغلغلت - مع الأسف الشديد - داخل أسوار البيوت، وعرفت كل صغيرة وكبيرة فيها. وضحي للصغيرات أن الخادمة هي خادمة فقط ولا يجب أن تتقبل منها التوجيه، أو تأخذ منها الإرشادات، وكذلك خطر السائقين الذي لا يخفى على ذي لب وعقل ودين. أعياد الميلاد من العادات التي داهمت المجتمع هذه البدعة، وهي ما يسمى باحتفالات أعياد الميلاد، والتي روجت لها التمثيليات أمدا طويلاً، فصارت كأنها شيء أساسي لدى بعض الناس، وهي في الحقيقة لا قيمة لها البتة ومن ابتدع في دين الله شيئا فهو ضال مضل، وعمله مردود عليه، يقول - صلى الله عليه وسلم -: في الحديث الذي ترويه لنا أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". وفي لفظ آضر. " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد"(ا). وهذه الأعياد والاحتفالات بها تقليد لأعياد اليهود والنصارى.
أختي المعلمة: دورك هو تسليط الضوء على هذه العادة المحرمة التي لا قيمة لها. تقليد النساء الكافرات عادة التقليد عادة، فهي تلغي شخصية المسلمة، سواء كانت صغيره أو كبيرة، فكثيرا ما نشاهد التقليد الأعمى السمج والقبيح، فكم من جميلة صارت دميمة أو قبيحة لأنها غيرت من خلق اه لها!!
أختي المعلمة.. لا تغفلي عن هذه الناحية، فالمشاهد اليوم للتمثيليات والمتصفح للمجلات الوافدة يجدها تعج بأصناف لا حصر لها من التفاهات المنحطة تروج لها هذه الوسائل.(2/347)
أوضحي لطالباتك أن هذه العادة قبيحة، وأن المسلمة ينبغي لها أن تعتز بشخصيتها واستقلالها دون الانسياق وراء التافهات من الممثلات والفنانات أو غيرهن ممن يروجن للرذيلة في المجتمعات، ولا أريد أن أحصر مظاهر التقليد فلا يخفى عليك أختي المعلمة المسلمة- مثلا- تقليد الملبس وتسريحات الشعر وخلافه، ولا تنسي- أيتها المعلمة - أن التقليد دائما يفضي إلى الإعجاب، والإعجاب يؤدي للحب ومن أحب قوما حشر معهم والنصوص في هذا كثيرة معلومة يقول الله - تعالى - (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الأخر يوادون من حاد الله ورسوله) " سورة المجادلة، الآية: 22 الآن فلينظر المرء من يحب ولا شك أن أحدا لا يريد أن يحشر مع كافر أو يهودي أو نصراني أو ملحد. يقول المصطفى - صلى الله عليه وسلم - " عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -إن رجلا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الساعة فقال: "وماذا أعددت لها؟ " قال. لا شيء، ! لا أني أحب الله ورسوله فقال. "أنت مع من أحببت ".
فيا أختي المعلمة... أيقظي همة الطالبات ليتمسكن بدينهن بثبات وصلابة، ولا يملن مع كل ريح هبت، ويركضن ويلهثن خلف السراب الخادع، ويسقطن في بحيرة الظلام.
اللسان وما يلفظ من قول:
أيتها المعلمة، لا يخفى عليك ما يدور في كثير من مجالس النساء من أحاديث وموضوعات، وأغلب هذه الأحاديث لا فائدة فيها بل هي في الغالب عن الموضة والولائم والأعراس، ولا تخلو المجالس من الأحاديث المفيدة(2/348)
يا أيتها المعلمة قد أعطاك الله قدرا من العلم، فعلمي من تحت يدك عقوبة النميمة وخطرها على المجتمع، وأنها تقضي على الحسنات، وتورث العداوات، وأن النمام عقابه شديد، ولا يدخل الجنة، لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، في الحديث الذي يرويه حذيفة - رضي الله عنه -: "لا يدخل الجنة قتات، أي نمام "(ا). كما أن الذي يمشي بالنميمة يعذب في قبره - أيضا - فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بقبرين فقال. "إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الأخر فكان يمشي بالنميمة بين الناس ". فأخذ جريدة رطبة فشقها نصفين فغرز في كل قبر واحدة، فقالوا يا رسول الله! لما فعلت هذا؟ قال. "لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا"(2).
وفوق هذا وذاك ينهى الله - سبحانه وتعالى- " عن النميمة التي وصفها - جل وعلا -كالذي يأكل لحم الآدمي وهو ميت. قال - تعالى -. (ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه)0 سورة الحجرات، وهذا ينطبق بحق على الرجال والنساء على حد سواء
كذلك أوضحي لطالباتك عاقبة الكذب وان عاقبته وخيمة وعقابه شديد فالرسول - صلى الله عليه وسلم - عد الكذب خصلة من النفاق فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان)
فكم من المشكلات حدثت ونشبت بسبب الكذب كما أن الكذاب إذا استمر على كذبه صار الكذب صفة ملازمة له، لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عليكم بالصدق فإنه يهدي إلى البر وإن البر يهدي للجنة ولا يزال الرجل! يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإياكم والكذب فإنه يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي للنار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا"(1).
أختي الكريمة:(2/349)
وفي مقابل هذا عودي طالباتك على ملء الأوقات بالأمور النافعة كالاشتغال بالدعاء وترديد الأذكار، لتعتاد الطالبة ذلك، وبالتالي تكسب الأجر والثواب، وتتجنب الوقوع في النميمة والكذب. وإن أمكن مع بداية كل درس ولمدة خمس دقائق أن تحفظي طالباتك دعاء من الأدعية المأثورة عن المصطفى، عليه أفضل الصلاة والسلام، فعند نهاية العام الدراسي ستجدين أن كل طالبة منهن لديها حصيلة من هذه الأدعية
الزواج المبكر: -
أختي المعلمة، لا يخفى على أمثالك أن الإسلام رغب في الزواج المبكر، وأن من تحت يديك من الطالبات أغلبهن في سن الزواج أو على وشك ذلك، وهن على كل حال في الطريق إليه فالإسلام قد رغب في االزواج وحث عليه وأولاه عناية خاصة، وخصوصا الزواج المبكر
فيا أيتها المعلمة: أوضحي لهن قيمة الزواج المبكر وفوائده ومحاسنه وحسناته كذلك أوضحي لهن السلبيات المترتبة عن تأخير الزواج إلى ما بعد المرحلة الجامعية وأن لا تترك الطالبة الفرصة، إذا أتاها من ترضى دينه وخلقه وأمانته ولا تنساق خلف الأماني وأحلام اليقظة التي لا تجني منها في النهاية إلى الندم!!
والشواهد كثيرة لطالبات قد تزوجن وهن طالبات وعشن حياة سعيدة هنيئة والدليل لا يحتاج إلى إيضاح، فاهمسي في أذن كل طالبة متزوجة أن عليها مسئولية بيان فوائد الزواج المبكر فهن أبلغ وأدق وأوضح من يصف هذا الموضوع.
الشروط المطلوبة توافرها في الزواج: -(2/350)
لن آتي بجديد فمنذ أربعة عشر قرنا من الزمان، ومع نور الإسلام الذي أخرج الناس من الظلمات إلى النور، ودلهم على الطريق المستقيم، أخبر محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم -، أمته عن كل صغيرة وكبيرة حتى في أمور الزواج، يرشدنا إلى كيفية اختيار الزوج وما هي المعايير التي يجب أن تكون لذلك؟ فقال - عليه السلام - عن أبي حاتم - رضي الله عنه -: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد قالوا يا رسول الله وان كان فيه قال: وان كان فيه
فيا أختي المعلمة: اشرحي هذا الحديث بالتفصيل لطالباتك، كما أوضحي لهن ما يترتب على مخالفة أمره - صلى الله عليه وسلم -، فهو يقول: إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد، لذا يجب أن تنظر الفتاة بعين العقل قبل العاطفة، فكثير من الزوجات قد فشلن بعد مدة قصيرة من الزواج فيا ترى ما هو السبب؟ !
البيت والمجتمع: -
يا أختي المعلمة: - وفقك الله - لا تغفلي في إعطائك الدروس عن البيت والمجتمع، احملي مشعل الإيضاح، وكوني شمعة تضيء للطالبات طريق الحياة الصحيح على تقوى من لله، وحسب تعاليم الإسلام المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، حتى وأنت خارج المدرسة ففي مجالات العلاقات الاجتماعية اغرسي في نفوس طالباتك حب الخير للأهل والأقارب والجيران للإخوة والأخوات. اشرحي لهن مغبة العقوق للوالدين أو القسوة عليهما، أو أحدهما، خصوصا من كان أبواها كبيرين أو أحدهما. قال - جل وعلا -. وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما. سورة الإسراء، الآية: 23(2/351)
ما أبلغ هذه الآيات من رب الأرض والسموات تأمليها أختي المعلمة وحفظيها لطالباتك ومن تحت يدك، كذلك يقول المصطفى، - عليه الصلاة والسلام -، في الحديث الذي يرويه أبو هريرة - رضي الله عنه -: "رغم أنفه، ثم رغم أنفه قيل من يا رسول الله؟ قال: من أدرك والداه عند الكبر أو أحدهما ثم لم يدخل الجنة". أو كما قال..
كذلك يا أيتها المعلمة الفاضلة ارشدي طالباتك المتبرجات إلى الحقوق الزوجية وكيفية التوفيق بين المدرسة والمنزل والالتزامات المعلقة في عنقها تجاه الأهل والزوج والأطفال.
وأسوق هذه القصة القصيرة للعبرة: -(2/352)
تزوج رجل بامرأة بعدما ماتت زوجته، وخلفت له ولدا، فكرهت الزوجة هذا الطفل بدون سبب، وبدأ الطفل يحبو على قدميه ويديه وخرج والده يوما من المنزل وكان الطفل في غرفة " القهوة" قبل عصر - الفرن وخلافه - وكانت النار توقد - من الحطب في "الحفرة" وكان قد بقي في الحفرة بقايا من جمر يتلظى والطفل - لوحده في الغرفة، وعادة الأطفال دائما التعرف على الأشياء التي حولهم دون إدراك للأخطار، زحف لمكان الجمر وهوى بيده ليأخذ منها وفي هذه اللحظة رأته زوجة أبيه فلم تبعده عن الجمر ومسك بيده حفنة منها فأكلت اللحم و مرت السنون سراعا ومات الأب، وتقدمت الزوجة في السن، وصار الطفل شابا فبر بها أيما مبرة وتاقت نفسها للحج، فعزم على أن يحج بها، وتوكل على! الله، فجهز الراحلة وانطلق بها مع قافلة الحجيج، وفي عرض الطريق وقفت القافلة للراحة فرأت هذه المرأة من ابن زوجها موقفا عجيبا لم تتمالك نفسها فبكت وانهمرت دموعها فسألها ابن زوجها عن سبب البكاء لعله يقدم لها المساعدة فقالت وهي تتحسر ألما ولوعة وأسى الذي أبكاني وأحزنني عندما رأيتك تربط الحبل بيد وتمسك البقية بأسنانك لأن يدك الأخرى معطلة فأنا سبب ما بها لأني لم أبعدك في ذلك اليوم وأنت طفل لا لشيء إلا أنك ابن زوجي، واليوم تفعل ما تفعل ثم استغرقت في بحيرة من الدموع وهي تبكي، فقال يا خالة غفر الله لنا ولك، وهو خير الغافرين (1).
أنت والمواد الدراسية: -(2/353)
أختي المعلمة: كم يا ترى من الوقت تقطعينه في إعداد المواد الدراسية المطلوبة منك إنه بلا شك وقت طويل وعلى مدار العام الدراسي. وهنا ألمح سؤالا يطل من ألأفق هل وضحت بصماتك على المادة التي تدرسينها وما هي العوامل المساعدة التي تجليبنها لإيصال المعلومة للطالبات بيسر وسهولة؟ وهل الطالبات أحببن المادة التي تدرسينها؟ فالجواب لديك! ! ومعلوم أن في هذا مشقة وعناء، فالبحث وقراءة المراجع الكثيرة تحتاج لوقت ليس بالقصير. ولكن إذا بحثت المعلمة المسلمة وغاصت بين طيات الكتب فبالتأكيد ستجد الصيد الثمين، وستعثر على ضالتها وبالتالي ستسهل مادتها على طالباتها فيحصل الاندماج بين المعلمة والطالبة، وإذا حصل الاندماج فعندها تتقبل الطالبة توجيهات المعلمة.
أنت والنشاط المدرسي:
من الأشياء المسلم بها أن الأنشطة اللامنهجية أغلبها محبب للنفس! والسبب يعود بذلك إلى كسر حاجز الروتين والابتعاد عن المقعد والكرسي لذلك يكون التقبل والاستفادة أكبر خصوصا إذا كان هناك مجهود يبذل من قبل المعلمة التي تشرف على هذا النشاط وكم من معلمه استطاعت أن تلقن طالباتها ما تريد من خلال الأنشطة. أيتما المعلمة اجعلي صبغة أنشطتك صبغة دينيه فالصدق في الوعد، واجتناب الكذب، والتواضع في الحديث، ولين الجانب، وتوافق السلوك مع القول، واجتناب الألفاظ النابية، والتسامح والعفو- إذا حصل بعض الأخطاء الصغيرة - مع النصح الصادق والإرشاد، إذا عن ما يستوجب ذلك.
ابحثي خلال النشاط عن المفيد والمفيد فقط، والذي يرسخ بالدرجة الأولى العقيدة الصحيحة، ويلقي الضؤ على محاسن الإسلام في عاداته وتقاليده، بعيدا كل البعد عن التيارات الوافدة مع الرياح القادمة من البلاد الكافرة.
وبعد أختنا المعلمة القي على نفسك هذا السؤال هل أنت ناجحة فعلا خلال ممارسة النشاط الجواب يكمن فيما تقدمينه لطالباتك! هل يجد القبول والاستحسان؟(2/354)
وفي هذه العجالة لست بحاجة إلى تقديم نماذج من الأنشطة فنحن واثقون أن لديك الكثير والكثير والمفيد فلا تبخلي فالمطلوب منك كبير وكثير.
أنت وزميلاتك: -
شيء رائع وجميل هذا التلاحم، وذلك عندما يصدر من مجموعة متكاملة في ميدان واحد، وإن اختلفت التخصصات والدراسات، فبلا شك ستكون النتائج مرتفعة الأسهم. فحينما تتكاتف المعلمات في المدرسة ويكن يدا واحدة داخل المدرسة وخارجها، فيتابعن طالباتهن ويوجهنهن الوجهة الإسلامية الصحيحة. الأفكار والاقتراحات والأعمال المطلوب تنفيذها داخل أروقة المدرسة، يجب أن تلتقي على طاولة الود والمحبة والتشاور و الاقتراح وأخذ الرأي فيما يصلح وما لا يصلح بين الجميع فسوف يعود ذلك على الطالبات بالفائدة والنفع العظيم.
لذلك أختي المعلمة استشير زميلاتك وتبادلن الرأي وكن قلبا واحدا وسترين النتائج.
أنت وأمهات الطالبات:
نبع الحنان كما يسميها بعض الناس، الأم المدرسة الحقيقة، كما أثبتت الأيام على مر التاريخ
أختي المعلمة أنت أم قبل أن تكوني معلمة، كيف تريدين أن تكون ابنتك؟ ما هي المواصفات المطلوبة فيها؟! ما هي العلاقة التي تربطك بها كمعلمة وأنت كأم؟ فالذي تريدينه كأم يطلب منك كمعلمة، فعندما تأتي الأم في زيارة للمدرسة كيف تستقبل مع الإحاطة أن الأمهات عندما يقمن بزيارة للمدرسة وخصوصا في المناسبات مثل اجتماع الأمهات أو حفل تعارف مع بداية العام تكون مشاربهن متفاوتة ولسن على درجة واحدة من الفهم والإدراك، يحتجن إلى قدر كبير من الحلم والأناة في التعامل.(2/355)
ولله الحمد والمنة جعل لنا في ديننا الحنيف سبلا ونظما رائعة جدا في التعامل مع الآخرين لا تحتاج إلى تعلم بقدر ما تحتاج إلى تطبيق. اجعلي الابتسامة لا تفارق محياك أبدا، قبلي الأم الكبيرة على رأسها تمتلكي قلبها، وتستحوذي على عطفها وحنانها، وإذا ملكتي قلبها فستقبل نصحك وإرشادك، وتحث ابنتها على ذلك، فالتعامل وما أدراك ما التعامل هو مفتاح القلوب، وليكن شعارك "أحب لأخيك ما تحب لنفسك "
وستجدين أنك تنجحين في حياتك العملية، وباستطاعتك أن تقدمي لبنات جيلك المسلمات والأمهات تعاليم الإسلام بكل يسر وسهولة.
وإليك هذه القصة وفيها بعض الفوائد: - شكت طالبة إلى والدتها أن معلمة الفصل قد أوقفتها بسبب عدم حل الواجبات، فأخذت الأم موجة من الغضب، وأرادت أن تؤدب هذه المعلمة التي أوقفت ابنتها ومهجة قلبها عند السبورة وأمام الطالبات، دخلت مكتب المديرة وهى غاضبة أشد الغضب، أين هي المدرسة؟
قالتها بلهجة عامية تحضيرية!! قالت المديرة من هي؟ قالت التي أوقفت بنيتي عند السبورة هذه ما تفهم ولا تعرف شيء، من اللي حطها تدرس بنات الناس؟
وراحت تمطرها بوابل من الكلمات التي لم تستطع مديرة المدرسة أن توقفها، فالتزمت جافي الصمت دخلت. مدرسة لحاجة ما، ورأت وسمعت فما كان منها إلا أن سلمت على الأم سلاما حارا وقبلت رأسها ثم دعتها للجلوس وقدمت لها (كوبا من الشاي)(2/356)
وطلبت منها أن تهدي أعصابها، وأن كل شيء سيحل بإذن الله - ولكن بالتفاهم الهادي هدأت ثورة الأم قليلا، وشكرت هذه المدرسة وقالت (الله يعافيك يا بنيتي ليت كل المدرسات مثلك قالت المعلمة ما هي الحكاية بعد ما استأذنت المديرة في ذلك، ثم أخبرتها الأم بما صار من تلك المدرسة التي أوقفت ابنتها أمام الطالبات عند السبورة فابتسمت المعلمة ابتسامة خفيفة، وقالت: الأمر سهل وبسيط، وكل ما هنالك أن ابنتك لم تحل الواجب الذي عليها وحرصا منا عليها أردنا أن نحسسها أنها كبيرة وعاقلة، ويجب أن تتحمل المسئولية. لذلك كان لزاما أن تعرف أن الطالبة إذا طلب منها عمل يجب عليها أن تؤديه لتتعود على ذلك وتعرف معنى المسئولية، فهي ستكون أماَ ومعلمة في المستقبل، وراحت هذه المعلمة تشرح لها وتحدثها بكلام لين حتى انفرجت أسارير الأم، وقالت ليتك يا بنيتي أنت مدرسة بنيتي ثم قبلتها الأم على رأسها فقالت المعلمة وأنا بالفعل مدرسة ابنتك فاندهشت الأم وقالت تراها بنتك من هالحين.
وبعد يا أختي المسلمة المؤمنة المعلمة، المربية الموجهة، والأم والأخت، والبنت والزوجة والخالة والعمة، والجارة كل بحسبها، وكل لديها مسئولية عظيمة، وليس شرطا أن تكون معلمة في مدرسة ولكن في البيت معلمة، في الاجتماع في مناسبة ما معلمة، انصحي لأخواتك في كل مكان تجتمع فيه النساء.(2/357)
* كوني داعية إلى الله في كل وقت، وفي كل زمان ومكان، ولا تبخلي بالنصح إن كان ذلك في استطاعتك، فالصحابيات كن يقلن الحق ولا يخشين إلا الله، فهذه (المجادلة) تقف لعمر بن الخطاب وهو أمير المؤمنين - وتقول له يا عمير فيقف لها وتناصحه في الأمة حتى قال أحد الصحابة الذين كانوا مع عمر رضي الله عنه قد أثقلت على أمير المؤمنين، فيقول لهم ألم تعرفونها إنها التي سمع الله كلامها من فوق سبع سماوات، فحري بعمر أن يسمع كلامها، إنها خولة بنت ثعلبة، هكذا كانت الصحابيات والتاريخ مليء بالعبر والأعاجيب من مواقف المؤمنات الصادقات
و بعد هذه الرسالة الأولى: -، وسوف تتبعها رسائل أخرى - بإذن الله - للأم والأخت والزوجة. فإن كان هناك صواب وتوفيق في هذه الرسالة فمن الله - سبحانه - وإن كان هناك خطأ وتقصير فمني ومن الشيطان.
ونسأله - سبحانه - أن يجعل عملنا هذا خالصا لوجهه الكريم، وأن يهدينا إلى سبل السلام، وأن يقي أمة الإسلام ونساؤهم شرور الفتن ما ظهر منها وما بطن. وأن يقمع أهل الأهواء والبدع بجعلهم عبرة لمن يعتبر. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -.
http://saaid.net المصدر:
=============
رسالة إلى كل طالب جامعي
من الفقير إلى عفو ربه أبي عبد الله المصري إلى كل شاب من المسلمين قد أقبل على دنيا الجامعات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
أخي الحبيب يا من شمرت عن ساعديك للإقبال على الله يعلم الله أني أحبك في الله، وأسأل الله أن يجمعني وإياك تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، إن الله على كل شيء قدير.
ومن منطلق حبي لك فإني أزف إليك كلمات هي من حقك علي، فإن استحسنتها فإمساك بمعروف، وإلا فتسريح بإحسان والله المستعان.
أخي الحبيب: لو سئلت لماذا تدرس؟، وما هي أهدافك وطموحاتك من الدراسة؟.
والناس في هذا قسمان: منهم من يريد الدنيا ومنهم من يريد الآخرة.(2/358)
قال - تعالى -: "من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلها مذموما مدحورا، ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا، كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا، انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا".
وقد أخرج الترمذي بسند صححه الشيخ الألباني من حديث أنس-رضي الله عنه-مرفوعاً: "من كانت الآخرة همه، جعل الله غناه في قلبه، وجمع عليه شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة. ومن كانت الدنيا همه، جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قُدِّر له".
(والحديث بلفظ قريب عند ابن ماجه بإسناد صحيح عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه-).
وأخرج ابن ماجه عن ابن مسعود - رضي الله عنه -، وأبو نعيم في الحلية، والحاكم في مستدركه عن ابن عمر - رضي الله عنه - مرفوعاً:
"من جعل الهموم هما واحدا؛هم المعاد، كفاه الله سائر همومه، ومن تشعبت به الهموم من أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك". (والحديث حسنه الشيخ الألباني بشواهده).
لذا فالإخلاصَ الإخلاصَ، فإنه يرفع شأن الأعمال حتى تكون مراقي للفلاح، وهو الذي يحمل الإنسان على مواصلة الخير، وهو الذي يجعل في عزم الرجل متانة، ويربط على قلبه فيمضي إلى أن يبلغ الغاية.
واستحضار النوايا الطيبة يرفع منزلة العبد عند ربه، فيستحضر طاعة الله - عز وجل -؛ لأن الله أمر بالعلم والتعلم، ويستحضر نفع نفسه وأسرته وأمته، ويستحضر طاعة الوالدين.
ثم إني أوصي نفسي وإياك بأمور بعد الإخلاص:
1- التقوى وهي جماع كل خير، وهي باختصار فعل الواجبات، وترك المحرمات من أجل الله - عز وجل -، كما قال طلق بن حبيب-رضي الله عنه- عن التقوى: "أن تعمل بطاعة الله على نور من الله، ترجو ثواب الله. وأن تترك معصية الله على نور من الله، تخاف عقاب الله ".(2/359)
ومن ثمرات التقوى -تيسير العلم، قال - تعالى -: "واتقوا الله ويعلمكم الله".
- تيسير كل أمر، قال - تعالى -: "ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا".
- سبب الفوز في الدنيا والآخرة، قال الله - تعالى -: "ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون".
2- الاستعانة بالله، وعدم الاعتماد على الفهم والذكاء، فالذي وَهَبَ قادرٌ على أن يَمْنَعَ.......... فتدبر.
قال الشاعر:
إذا لم يكن عون من الله للفتى....... فأكثر ما يجني عليه اجتهاده.
3- ليكن سرك خيرا من علانيتك.
4- إياك والحسد والحقد، واحرص على سلامة الصدر، وحب الخير للآخرين، والتودد لهم، ومقابلتهم بوجه طلق، ولسان رطب، دون ما بحث عما تكنه الصدور، وخالق الناس بخلق حسن.
5- إياك وصحبة الأشرار: فصحبتهم خزي وعار، وذلة وشنار، لا خير فيهم، ولا نفع يرجى من ورائهم؛إذ كيف ينفعوك وهم لم ينفعوا أنفسهم؟!!.
وصحبة السوء في الجامعة خطرهم أكبر.
قد هَيَّؤُوكَ لأمر لو فَطِنْتَ له....... فَارْبَأْ بنفسك أن ترعى مع الهَمَلِ.
قال - تعالى -: "الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين".، وأخرج أبو داود والترمذي بسند حسن من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-مرفوعاً:
"الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل".
وصحبة الأشرار وإن لبسوا أثواب البر سبب الضياع والانحراف عن الاستقامة، والوقوع في الكبائر كالزنا، والعادة السيئة وغيرهما عافاني الله وإياك-.
6- واحذر من أخطار القنوات الفضائية، والإنترنت: وهذا الموضوع يطول الكلام عليه.
7- احذر من الأفكار الكثيرة الباطلة التي تبث بين شباب الجامعات من عبث بالعقيدة الإسلامية، وهدم أسس ومبادئ الإسلام، فلابد من التحصن بالعلم النافع الذي يدرأ عنك الشبهات والشهوات.
8- كن من الدعاة إلى الله بِسَمْتِك وأخلاقك، وحسن هيئتك، واجتهادك في مذاكرتك، واحرص على دعوة زملائك ليكونوا في ميزان حسناتك.(2/360)
9- احذر من طول الخلطة حتى يدوم الود والاحترام مع الناس، واحرص على الاعتدال في المزاح والضحك حتى تحفظ مكانتك في صدور الناس.
10- كن قريبا من زملائك لحل مشاكلهم، ولا تتدخل فيما لا يعنيك من شؤونهم.
11- احذر من الاختلاط بالطالبات، ولو على سبيل الدعوة إلى الله، فإن هذا من مداخل الشيطان.
12- احرص على الانتفاع بأوقاتك بين مجالسة أهلك، ومذاكرة دروسك، والقراءة والسماع لما ينفع، وممارسة الرياضة، وما إلى ذلك من كل ما هو مفيد ونافع، ولا تترك نفسك للفراغ فإنه من أسباب هلاك الإنسان.
13- فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب: فإذا فرغت من التعلم والتفكر والأعمال، فحرك لسانك بذكر الله وشكره واستغفاره ودعائه وتسابيحه، وخاصة عند النوم؛كي يتشربه لُبُّك، ويتعجن في خيالك، وتتكلم به في منامك.
أخي الحبيب: احرص على صلتك بربك - عز وجل - بأداء الفرائض، وما استطعت من النوافل، وأوصي نفسي وإياك بالمحافظة على صلاتي الضحى والوتر، واحرص على أذكارك فإنها اقتداء بالنبي- صلى الله عليه وسلم -، وحماية لك في يومك وليلتك، وأَكْثِرْ من الاستغفار؛فإن له فوائد عظيمة.
أخي الحبيب المبارك: لقد أطلت عليك، وما ذلك إلا لأنني أعرف من أخاطب، ولو خاطبت غيرك لما خاطبته هكذا، ولما طالبته إلا بالقليل مما مضى، بل إن في جعبتي مما لم أَقُلْهُ أكثر وأكثر، ولكن كما قيل:
وفي النفس حاجات وفيك فطانة.
فأسأل الله ألا يخيب ظني فيك، وأن يجعلك فوق ما أظن، وألا أراك في كل حين إلا وأنت أفضل من ذي قبل.
هذه كلمات أحببت كتابتها إليك، عسى الله أن ينفعني بها وإياك.
فإذا ما قصرت أقلامنا *** عن حقوق للأخلاء كبارِ.
فالذي في الصدر من الـ *** ودِّ يكفي عن كثير الاعتذارِ.(2/361)
وأخيراً لا يسعني وأنا أضع يدي عن شَبَاةِ القلم إلا أن أسأل الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى، أن يجعلني وإياك من أوليائه وأصفيائه، وأن يجعلنا مباركين أينما كنا، وأسأله - سبحانه - أن يقر أعين والدينا بصلاحنا وفلاحنا وبرنا، إن الله على كل شيء قدير.
والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم،
والحمد لله رب العالمين.
8/رجب/ 1424.
http://saaid.net المصدر:
-============
رسالة إلى معلم جديد
إن للمعلم علينا فضلاً لا ينكره إلا جاهل أو مكابر، فللمعلمين منا جزيل الشكر والعرفان على ما يبذلونه في سبيل تعليم أبنائنا ما ينفعهم، ومن واجبهم علينا أن نقدم لهم النصيحة والكلمة الطيبة وما هذه الرسالة إلا خطوة في هذا الباب أرجو أن تجد إلى قلوب إخواني المعلمين طريقاً مفتوحاً. وبعد:
أخي المعلم … هذه رسالة من القلب مفعمة بالحب والعرفان.. وأنت قد وضعت الخطوة الأولى في طريق التعليم.. ونشر العلم بين الناس.. لتنضم إلى قافلة الخير التي قال عنها نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم -: " إن الله وملائكته يصلون على معلم الناس الخير.. " فلتستبشر بطريق تلقاك في بدايته صلاة من الله وملائكته عليك. لذا فإني أبعث إليك هذه الرسالة للتواصي بالحق والتواصي بالصبر. وهي تنتظم في بضع نقاط:
الأولى: لا تنس الإخلاص لربك … لأن كل عمل لا يبتغى به وجه الله يكون وبالاً على صاحبه في الدنيا، وحسرة في الآخرة وكما قيل: قل لمن لم يخلص لا تتعب، فالله الله في الإخلاص، فهو الطمأنينة التي تصاحب العامل أينما حل وارتحل …به تزكو الأعمال وتتبارك.. وعلى أساسه يكون قبول العمل.. وفيه اختلفت مراتب الناس ومنازلهم عند الله.(2/362)
الثانية: الجد والاجتهاد في العمل من مقومات نجاح المعلم: حينما تجتهد في إيصال المعلومة بأيسر الطرق وأسهلها.. وحينما تبذل كل ما في وسعك للاستفادة من كل الإمكانات المتاحة.. وحينما تتابع طلابك ومستواهم التحصيلي بعناية فائقة.. لأنهم في غالب الأحيان مرآتك.. حينها تكون من الجادين في العمل … والله يتولى السرائر.
الثالثة: تأكد من صحة المعلومات التي تنقلها لطلابك سواء كانت في المنهج الدراسي أو خارجه.. لأن العلم أمانة ومسؤولية فاحذر أن تتكلم بلا علم، فتأتي بالعظائم… لأن كثيراً من الطلاب يأخذون ما يقوله المعلم بالتسليم والقبول. ولخطورة القول على الله بلا علم قرنه الله - تعالى - بالإشراك به فقال: "قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون".
الرابعة: يهتم كثير من المعلمين بمدى فهم الطالب واستيعابه للدرس.. وهذا أمر جيد.. ولكن القلة منهم من يهتم بسلوكيات الطالب وأدبه.. فكن من هذه القلة.. لأن العلم لم يرد بلا أدب … كان السلف - رحمهم الله - يقولون:" نحن إلى قليل من الأدب أحوج منا إلى كثير من العلم".
الخامسة: كثيراً ما تكون السنة الأولى في التعليم في قرية نائية وتحتاج إلى شيء من المشقة والتعب. مما يجعل بعض المعلمين يصاب بهوس وخيبة أمل.. فتراه يعد الأيام عداً.. بل الساعات والدقائق … ولكن صنفاً من المعلمين.. وهم ليسوا بالقلة كثر الله من أمثالهم.. لم يستسلموا لصعوبة البيئة وشدتها فتجدهم يحرصون كل الحرص على نشر الدعوة بين أبناء المنطقة.. وتوعيتهم بأمور دينهم.. فاحرص أشد الحرص على أن تكون منهم، وذلك بنشر شريط إسلامي ولو في الشهر مرة.. وكتيبات جيدة لعل الله أن يهدي بك رجلاً واحداً فتنال الأجر العظيم فـ " لأن يهدي الله بك رجلآً واحداً خير لك من حمر النعم ".. ويكون لك من العمل الذي يبقى لك من بعد موتك.(2/363)
وفقك الله لكل خير ونفع بك.. وسددك أينما حللت وارتحلت.
http://saaid.net المصدر:
===========
رسالة لكل جامعي
عزام المحمد
أخواني طلاب الجامعة.........والذين في المستقبل القريب ستكونون جنوداً تبذلون أكثر مما كنتم عليه عندما كنتم طلاباً..
أخواني طلاب الجامعة... ستكونون بعد فترة معلمين أو موظفين أو في القطاع العسكري أو في القطاع المدني أو... فأحببت أن أرسل لكم هذه الرسالة التي تتضمن عدة أشياء وهي كالتالي:
أولاً: أشياء لا بد أن تملكها وتتدرب عليها قبل أن تدخل العمل الوظيفي.
ثانياً: نحن الذين تعدّوا هذه المرحلة، ندمنا على أشياء عملناها أو تركناها ولا نريد أن تندم مثلنا.
فارعني سمعك بارك الله فيك وشد على ما نقول فهو حق وخير إن شاء الله.....
** قبل أن تبدأ بقراءة هذه الكلمات تنبّه لهذه الملاحظات:
* تخيّل أن موظفاً في شركتك يتّصف بهذه الصفات أو بضدّها.. فما أنت فاعل؟؟؟ والمعنى أنك أنت عامل للوطن فلا تخيب ظنه فيك.
* أن المقصود بالعلم: ليس العلم الشرعي فقط بل حتى العلوم الإدارية والعلمية و...
* ليس المقصود من لم يتخرّج بل حتى من هو في أو مشوار الحياة أو قد قارب البلوغ.
* أن هذه الرسالة قد كتبت للشباب والفتيات ولكل مسلم.
أولاً: الأشياء التي لا بد أن تملكها قبل أن تتخرّج من الجامعة وتبدأ بمشوار العمل الوظيفي...
- لا بد أخي أن تكون ذا علاقة قويّة مع الله.. فأنت خُلقت لهذا، ومن ضعفت علاقته مع ربه فسيخطأ كثيراً في حق نفسه وفي حق الناس.
- لا بد أخي أن تكون ذا خلق حسن، وتعامل طيب، وذو كرم نفس، وذو حياء من الله ومن الناس... لأن كل هذه يحبها الله، وأيضاً يحبك الناس إذا اتصفت بها. " ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك "(2/364)
- (((الصبر))) هي الصفة التي لا بد أن تكون متحلياً بها، لأن الله سيجزيك الخير بلا حساب لأنك من الصابرين، وابدأ بالصبر على إخوانك الصغار، عوّد نفسك على الانتظار ومشقته، لا تظهر للناس أنك متضايق عندما يكلّمك أحد ويطوّل عليك، وغيرها كثير...... لأنك ستكون غداً معلم الأجيال، ومربي الأمة، فكيف ستنفع أمتك وأنت لا تصبر....
- (((العلم))) وقد يصيبك العجب من هذه النقطة، ولكن أقول الأمة تريد منك أن تكون عالماً متقناً لعلمك ومتبعاً ذلك بالعمل، فليس من المعقول أن تتعلّم الأمور الشرعية وتعلّمها لمن بعدك بفهم ناقص أو مخالفة ظاهرة...
- (((التطبيق)))... نعم فإذا كنت تعلم ولا تطبّق فكيف ستعلّم من بعدك لأنك قدوة قبل التخرّج وتزيد بعده.. هذا في الأمور التي تدرسها، وكذلك في الأمور المساندة، كالتعامل مع الناس، الشباب، النساء،... والناجح بعد التخرّج هو الناجح قبله، فالشباب الذين يقومون بالأعمال الخيرية قد تدرّبوا.. وبعد التخرّج ستستمر تدريباتهم بنتائج فعّالة لأنهم مجرّبين. ومن لم يجرب فستضيع عليه سنوات طوال للتجارب وبعدها خذ من النتائج السلبية... ولو كان ممن يريد الخير.
- أن تكون جاداً في أمورك.. فالشاب الكسول سيكون عالة على الأمة وعلى الدولة في ضعفه، وقلّة إنتاجه، و.....
- أن تكون مراقباً لله في كل صغيرة وكبيرة، فلا تكن كالذي همّه الأول والأخير (الراتب) ولو لم يخلص ولو لم يعمل بالطريقة التي تعاهد هو والدولة عليها، فتراه يخادع ويراوغ ويسرق ويأخذ حراماً والسبب أنه يرى غيره يفعل مثل هذا. وأن ذلك الأمير يسرق وذاك ينهب و... فلا تخف فالله لن سيسألك عنهم... وعن ما سرقوا!!!!
- (((الإخلاص))) وهذه من أهم الصفات، فالذي لا يخلص، لا يبارك الله له في ماله، والذي لا يخلص لا ينجوا من أكل الحرام. ومن أكل الحرام ضر نفسه وأولاده ووطنه ومجتمعه وأمّته..(2/365)
- ((الهمّ الاجتماعي)) فإن كنت ستذهب للوظيفة وهي همّك الأول والأخير فستضعف من أوّل يوم وستؤدي العمل بأي صورة، لأن همّك نفسك وفقط.!! ولكن لو أنك راقبت الله وعاملت الناس على أنهم إخوانك فستشعر بالحب والتقدير والسعادة التي لا توصف.
ثانياً: الأشياء التي ندمنا على عدم التمكّن منها قبل التخرّج أو الأشياء الخاطئة التي كنّا نعملها وجنينا شرّها قبل التخرج، وبعد التخرّج كانت النتيجة أكبر شراً...
- ((المعصية)) فهي تفسد عليك دنياك وآخرتك، وقد أفسدت علينا فرص ذهبية سواء كانت تجارية أو دعويّة (لأن بعض العاصين يحس بالمسؤولية الدعوية بعد التخرّج)أو اجتماعية كمعرفة الناس.. فكم من معصية أوردتنا المشاكل وكم من كبيرة منعتنا من خير عظيم يأخذه غيرنا ونحن ننظر.
- (((قلّة التدريب أو عدمه))) فالشباب الذين كانوا يدخلون في مشاريع الخير (حلقات مراكز صيفية إغاثة مؤسسة الحرمين -... ) هم أفضل منّا في كل حال، فهذا ينفع الطلاب، وهذا متعوّد على الخطابة، وذاك إداري ناجح، وهذا مخطط بارع، وهذا داعية اجتماعي (للشباب أو الجاليات أو الأسواق) وهذا، وهذا.... فندمنا على عدم التدريب في هذه كثيراً كثيراً.
- (((ضعف النيّة الصالحة في طلب العلم))) حيث أننا كنا نطلب العلم للشهادة وللوظيفة، فلما أن أردنا ذلك العلم الذي درسناه لم نجد منه إلا القليل والضعيف... فضاعت أعمارنا في طلبه مرّة أخرى فأصبحنا نطلب العلم الواحد في العمر مرّتين.
- (((إتباع الهوى))) فقد كنا نتبع هوانا حتى أوردنا المهالك، سواء بمعصية أو تتبّع المباحات من صيد أو رحلات أو.... فلمّا قارنّا ما معنا بمثل ما مع الشباب الطموح الصابر وجدنا أننا كنا نعيش في هامش الحياة، فأخذوا من العلم وتعلّموا وعلّموا وقد نجحوا وأما نحن فقد أدركنا أن عمرنا قد ضاع في الملاهي والمباحات التي علمنا فيما بعد أنهما محرّمات لأنها أضاعت أعمارنا... فآهٍ ثم آهٍ على تلك الأعمار.(2/366)
- (((نظرنا للحياة على أنها مادة وفقط))) فعلمنا بعد مضي سنوات من التخرّج أن من عامل الناس بالمادة فقط؛ مات شعوره، وقسى قلبه، وقلّ أصحابه، وزاد همّه، وكثرت مشاكله، وركض خلف الدنيا فضيّع أوقاته وأولاده،.... وهذا ليس بغريب فهي الدنيا التي خاف علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها.
- نسينا أو تناسينا أن الله هو الرزاق ذو القوة المتين، فكنا ننظر على أن الوظيفة هي الهمّ الأول لنا في الحياة، وأن من لم يتوظف فهو " مسكين " ومن توظّف فقد حاز خيراً عظيماً ولو كان براتب زهيد، مع أن من يبيع (تمر أو جح " حبحب ")هو أغنى منّا
- من المآسي التي جنيناها بجهلنا وقلّة ديننا وعدم فهمنا لحياتنا أننا تزوّجنا ونحن لا نعرف كيف نتزوّج، فكثرت مشاكلنا مع أزواجنا، ورزقنا الله بأولاد ولكننا لا نعرف كيف نتعامل معهم... فماتوا بيننا وهم أحياء.
هذه الخطرات أردت أن أبثّها لأخواني وأخواتي.... لعلّ الله أن ينفع بها..
أرجوا من الأخوة أن ينشروها في المنتديات ويوزّعوها في الجامعات على الشباب والشابات.
والله يوفقنا وإياكم.
http://saaid.net المصدر:
============
رسالة إلى من تعين بعيدا عن أهله
أخي الكريم: الذي توظف بعيدا عن أهله سواء كنت أعزبا أم متزوج إليك هذه النصائح من مجرب (غربلته الدنيا):
- احمد الله على أن أعطاك هذه الوظيفة فقد حرم غيرك.مع أن الرزق ليس في الوظيفة فقط.
- لا بد أن تكون راضياً بالقضاء والقدر وأن هذا مكتوب في الكتاب قبل أن تخلق السموات والأرض ب50000 سنة.
- البعد عن الأهل سيعلمك أموراً لم تكن تعرفها كالاعتماد على النفس ومواجهة الحياة بوجهك وليس بوجه أمك أو أبيك.
- كن متوقعاً أي أمر يحصل لك من خير أو شر لأن بعضنا قد تكون معرفته بأمور الحياة قليلة.
- احذر من أهل الشر فقد يستغلونك في أمور سيئة كالمخدرات أو......(2/367)
- لا تتهاون بالناس وضعف حالتهم المادية وتحسب أنك أفضل منهم في كل شيء فكم من واحد لا تعرفه ستكشف لك الدنيا أنه أكثر منك ديناً أو خلقاً أو مالاً أو شراً أو.....
- احذر من الشيطان ونزغاته فقد يسول لك الشيطان الوقوع في الحرام لأن الديرة صغيرة ونفوسهم سيئة و... فتقع وعندها تتندم بعد الفضيحة.
- احذر من التحزبات التي هي من الشيطان وأنك أفضل من غيرك لأنك قبلي أو حضري أو بدوي، فاحذر ثم احذر ثم احذر.
- قبل أن تذهب إلى (ديرتك الجديدة) اسأل عنها وعن موقعها وطريقها هل هو معبد أو ترابي وهل يوجد بها خدمات عامة (مستوصف، اتصالات، كهرباء، بقالات، محطة بنزين، ورشة.........).
- اسأل عن أهلها من حيث القبيلة والأخلاق والعادات كالكرم والشهامة ومحبة الدين وأهله، خلو المنطقة من المخدرات والعادات السيئة، لأنك قد تستفيد منها مستقبلاً.
- إذا كنت قريباً من المنطقة لا يمنع أن تقوم بجولة (كشتة) استطلاعية والسؤال عن البيوت الجيدة ومدى صلاحيتها للسكن ويستحسن أن يكون البيت قريب من المسجد والسوق التجاري كالبقالة ومغسلة الملابس وأن يكون واسعاً ونظيفاً وجيد من ناحية الكهرباء والماء والمجاري وأهم شيء أنه " ما يخر من المطر " هذا إذا كانوا مجموعة شباب "
أما إذا كنت لوحدك فاذهب إلى أحد (العزب) الذين تحس بأنك سترتاح معهم نفسياً وقد يكونون معك في المدرسة أو تقابلهم في المسجد، مع أن هذا لا يمنع من النوم في المسجد أو المدرسة " بعد إذن المدير طبعاً " إلى أن تجد عزبة تناسبك.
- قد يكون أحد قد سبقك إلى تلك المنطقة فسأله عنها وعن أفضل العزب و.... وقد يكون عن طريق أناس آخرين فاسع ولا تكسل.
- لا تحسب أخي أن الأمور ستكون جيدة دائماً فقد يكون مدير المدرسة متلاعباً ولكن اعرف النظام جيدا بسؤال من يعرف، ثم اعرف ما لك وما عليك واهتم بدروسك وطلابك وراقب الله فيهم.(2/368)
- لا يغرنك كثير من كلام من سبقك في مواجهة النظام بالقوة والعنف بل كن هيناً ليناً واحذر من أن يؤكل حقك.
- الطلاب بين يديك كالعجين إن أردت إصلاحهم أو إفسادهم فهم بين يديك ولكن الله حسيبك.
- سترتاح في المدرسة إذا عاملت المدير والمدرسين بروح أخوية ويستحسن وضع اجتماع خارج المدرسة " كشته أو دورية "
- أهم شيء في العزبة الجلساء الصالحين وأما الجليس السيء سيضرك، فسترتاح في العزبة إذا كان زملائك من المحافظين على الصلاة ومن أهل الخير ومتمسكين بالأخلاق الفاضلة ولو لم يحبوا ما تهواه نفسك من الهوايات كالصيد والرحلات لأنك ستجد من يشاركك هواياتك في عزبة أخرى.- غالباً البيئة التي تكون بعيدة عن المدن فقيرة بالدعوة إلي الله فلا تحرم نفسك الأجر بافتتاح حلقة للقرآن أو إكمال مشوار غيرك أو المشاركة في الدعوة العامة كتوزيع الأشرطة والمطويات و....، أو الخطب أو المشاركة في مشاريع الأيتام والأرامل و.... ودروب الخير كثيرة لمن يبحث عنها.
- لا تخل بلدة من أهل خير وأهل أخلاق يتعاملون معك فأحسن العلاقة مع الناس عامة وهؤلاء خاصة ولو بالتنازل عن بعض حقك " وليس دينك " فدارهم مادمت في دارهم.
- كن ملماً بمعرفة المناطق التي تعيش فيها حتى تفيد غيرك عنها كالكشتات والمعالم المميزة و.....
- لكي تبدأ بأي عمل خيري لا بد من كسب الناس أولاً وهذا في الأعمال الدعوية العامة وخاصة ماله ارتباط بأولادهم كالحلقة.
- اجعل بداية معرفتك بالدعوة عن طريق إمام المسجد أو الذهاب إلى مكتب الدعوة أو الجاليات أو قاضي تلك البلدة أو غيرها........
- قد تكون أنت في بداية مشوار الدعوة فكن راضياً بما يصدر منهم من أخطاء حتى لو كانت في الدين وبعد فترة تبدأ بتصحيحها.
- (أهل مكة أدرى بشعابها) فلو كنت من كنت في العلم والأدب والخلق والقيادة والإدارة والفكر و....... فلا بد أنك ستستعين بأهل البلدة.(2/369)
- احذر من الدخول في المشاكل التي تكون بين البادية فهي لا تنتهي وأنت قد لا تملك سلطة كالقاضي لكي تحلها فابتعد عنها واتركها.
- ملاحظات مهمة لأمير العزبة:
- لا تقبل كل من جاءك ولكن اقبله مؤقتا بأن تقول له (حياك الله إلى أن تجد سكناً آخر) فإن أعجبك فقل له أن يستقر معكم في العزبة بعد مشاورة الباقين، وإن لم يعجبكم فليرحل.
- قاعدة مهمة في السكن هي (دقق الحساب تزين العِشْرِة) يعني أن يدفع كل واحد ما عليه من المال دون أن ينقص أي شيء (الميزانية).
- نموذج مقترح للخدمة في العزبة: يوضع إشراف يومي وأسبوعي حيث يدور الإشراف اليومي على جميع أفراد العزبة في كل يوم ويشمل الطبخ والتنظيف وغيره.
والإشراف الأسبوعي يكون على كل واحد الإشراف أسبوعاً كاملاً ويشمل شراء الأغراض التي تحتاجها العزبة من الخارج.
وبعدها ضع ما تشاء من القوانين حسب ما تراه كالتأخر عن الصلاة وترك السكن مفتوح.
- توضع ميزانية للعزبة بحيث يدفع كل فرد مبلغ معين ولا بد من وجود العقاب كمن يترك الطبخ فيشتري الأكل من حسابه الخاص.
- وما هذه الأشياء إلا خطرات ومن كان له معرفة فليزدنا جزاه الله خيراً.
http://saaid.net المصدر:
==============
رسالة إلى بني قومي
حامد عبد المجيد كابلي
ترانيمٌ وألحانٌ عِجَابُ...
يُغنيها مع الحبرِ الكتابُ
تجلى الأمرُ من بعد التواري...
وزيح الستر وانقشع الضبابُ
وأفصحت الفعالُ عن النوايا...
وللأفواهِ قد فغرت ذئابُ
أحقاً يا بني قومي رضيتم...
وأغراكم سلامُهمُ الكِذَابُ
إليكم يا بني قومي خطاب...
وفي أحضانه نُشِرَ العِتَابُ
أطالبكم أُباةَ الضَيمِ رداً...
فكلُ رسالةٍ ولها جوابُ
إليكم والأسى والحزنُ بادٍ...
على الأطلالِ واكتست الشِعَابُ
نسيتم قدسنا فالدمعُ جارٍ...
ودعواهم بدولتهم سرابُ
وفي البلقانِ قُتّلت الصبايا...
ومزق ثوب عفتها الكلاب
كذا آسام تحتضن البلايا...
من الهندوسِ وانتشر العذابُ(2/370)
وفي الشيشان صيحاتُ الثكالى...
أيا إسلامُ قد طال اغترابُ
صقورُ العزِ قد نامت وغنّى...
حمامُ السِلمِ وانتفش الغرابُ
حنانيكم بني قومي فإنّا...
رَضِينا الذلَ وانكسرت حِرَابُ
حنانيكم فقد لاحت نوايا...
فخلوا الذل قد كُشِفَ النقابُ
تسلى الكفرُ في هَتكِ العذارى...
وإخواني همُومهُمُ سِبَابُ
رأيتُ القومَ قد لاحت بطونٌ...
من الإتخام ليت القوم غابوا
سنغلق دون حُبِ النفسِ باباً...
سنغلبهم وإن خانَ الصِحَابُ
ولكن لن نحوز العِز حتى...
نذوق المُر تسقيه الصِعَابُ
فعذراً عاذلي إنّ القوافي.............. ترانيمٌ وألحانٌ عِجَابُ.
http://www.almualem.net المصدر:
============
رسالة إلى معلمة
أسامر بنات أفكاري وأحيلها بجرة قلم من العدم إلى الوجود..
ولكن هذه البنت التي تعنيك.. تتمرد علي وتحيل جرة القلم إلى وخزة ألم تجعل الكتابة عنك ولك ضرباً مبرحاً من الحيرة..
فمن أين أقود زمامها..
وكيف أبدؤها..
وكيف أنهيها؟؟
ألأنك القدوة تجبن منك حروفي وتتخاذل كلماتي؟؟
ألأني أخاطب فكراً واعياً.. وعقلاً مدركاً.. تتحول فصاحتي إلى خرس؟؟
بالرغم من كل ذلك أخيه سأهزم الكلمات بدافع من قوله - تعالى - (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين)..
ودافع من قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - (الدين النصيحة)..
سأهزمها.. لأني أحبك في الله.. وكفى..
أخيتي..
يا مربية الجيل.. اعلمي أن حملك ثقيل..
عظيم لا يبسط.. والخطأ فيه ليس كأي غلط..
لأنك معلمة.. تحملين العلم وتنقلينه..
فلا يليق بك أن تكوني مهملة أو قائدة لدروب التيه..
أخيتي..
مالي أرى اللباس وقد التصق، فشابتِ الكاسيات العاريات.. !!
واللسان قد فسق، غيبة في أعراض الطالبات.. ؟؟؟
مال عطرك يعصف عصفا؟؟! وزينتك جاوزت كل وصفاَ؟؟! وكأنا نحاسب على المظهر دون الجوهر!!
أنا لا أقول فرطي فالله جميل يحب الجمال..
ولكن لا تفرطي حتى لا يدفعك تفريطك لما حرم الله من قصات شعر و تشقير حاجبين وغيره..(2/371)
بل وجهي تفكيرك وغيري مسار سيره تجاه القلب لا القالب..
غاليتي..
أرجوا أن تجد حروفي التي أتعبها الركض في فلك خطابك صدى في نفسك وتصديقاً في عملك..
فليس القصد أولاً وأخيراً إلا أن نجسد حبنا في الله..
http://saaid.net المصدر:
=============
رسالة إلى سيدي الذي لم يحضر
أحمد بن سليمان اللهيب
(1)
ولو كنت ـ يا سيدي ـ عاشقًا
يعذبك الحزن أنى ذهبت
لأدركت أني بهذا الوجود
رسالة حزن
معلقة في جدار الزمن
سأتلو عليك نشيدي الأخير
بقاياه من لوعة المستحيل:
أنا قطعة ذوبتها السنون
على شفة الحب يا سيدي
على سفح أهدابي الغارقات
رسمت طريقي فلا أهتدي!!
(2)
متعب ـ سيدي ـ
ومنطرح في ربا الحزن أبحث عن غيمة
وحين يلامسني الصمت أغفو
ويا سيدي،
أتيت إليك أشق سبيلي وحيدًا،
أقبل كل الخطا،
وأجثو أمامك
مدمعي راهب يبحث عن صومعة
مقلتاي تنسكتا في رحابك!
وحين بصرت بك اليوم متكئًا فوق بؤبؤ عيني!
شددت وثاقي إليك بحبل التوحد،
وكنت أحس بفواحة اليأس تمخر فوق عباب التوحد!
وجلباب عيني يمزقه لحن أدعية الحب،
ورغم تكلس كل الصور،
لم تحن ساعة الصفر رغم انتظارك،
على حين أن البياض سيسدل أستاره المومسات
(3)
سيدي،
سرقوا ناظري،
لم أعد مبصرًا..
فهلا وهبت لي اليوم رائحة من جسد
ملؤه الكبرياء،
فقارورة العطر منه ستنفخ في ناظري الروح
(4)
سيدي
فؤادي الذي كان منبت كل الصور
وكانت شرايينه مسرحًا للجمال
وفي صفحتيه تراتيل حب البشر
عاد ـ يا سيدي ـ
تحفة من دمار
(5)
سيدي
أرى اليأس يزحف بين الحواجب
لقد ضاع كل الذي كنت أملك في غيهب الجب،
وحتى حدود البكارة مني،
وحتى ملامح وجهي،
وحتى الخطوط التي في يدي
ضاع كل الذي كنت أملك،
غير ثقب صغير أطل به نحو بوابة الموت!!
http://www.almarefah.com المصدر:
==========
رسالة إلى ابني ..
عبد الله عاتق القرشي(2/372)
الحمد لله المتفرد بالإنعام المتفضل بالإكرام، خلق الإنسان وكرمه وسخر له كل شئ، علمه الفصاحة والبيان، وجعل أدب المسلمين في القرآن.
فالحمد لله بالإسلام، والحمد لله بالإيمان، والحمد لله بالمال والأهل والولد، والحمد لله بالصحة والمعافاة، والحمد لله بكل نعمة أنعمها في قديم أو حديث. واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلي الله وبارك عليه وعلي آله وأهل بيته الطيبين الطاهرين. أما بعد:
فإني أكتب لك يا أعز الناس ـــ إليك يا فلذة كبدي وحشاشة فؤادي فلكم كنت أتمني أن ترمقك عيناي ويطرب لك قلبي وأنت نطفة لم تخلق بعد، فأنت الحقيقة بعد حلم، وأنت الفرحة بعد طول انتظار، بالأمس لم تكن شيئا مذكورا واليوم أتأمل فيك وأطمع أن تكون غدا في عداد خير الرجال ـــ أنت يا بني أوصاك ربك - جل وعلا - بطاعتي في كثير من الآيات وقرن طاعتي بطاعته تبارك وتعالي فقال - عز وجل -: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا) [الإسراء 23].
وقال - تعالى -: (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا علي وهن) [لقمان 14].
وقال - تعالى -: (ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها) [الأحقاف 15].
وأمرك رسول الله بطاعتي وذكر لك أن والدك أوسط أبواب الجنة وأن الجنة تحت أقدام الأمهات، هل تأملت هذا يا بني؟ هل فكرت في عظيم حقي عليك وعظيم فضل أمك.
وحذرني ربي منك فقال - عز وجل -: (إنما أولادكم وأموالكم فتنة) [التغابن 15].
وقال - تعالى -: (إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم) [التغابن 14].
ومع هذا كله تجدني أتحنن عليك وأشفق عليك، أبكي إن طرقت ليلا وأحزن إن تأخرت، أظل انتظر عودتك، أحزن لرسوبك وأفرح لنجاحك، ما تمنيت أن يتقدم علي أحد من الناس سواك، ولا تمنيت أن طرقت أو جعلت فداء إلا فداك.(2/373)
أ فلك يا بني أن تحفظ هذا، ويا ترى كيف أنت وأوسط أبواب الجنة يوم فراق دنياك، هل تأملت وأنت تضع يدك في جيبي بكل جرأة وتأخذ ما تريد وذلك علي قلبي أحب من الماء البارد للهيمان الصادي.
أتراك تطيب نفسك لو وضعت يدي في جيبك لآخذ بعض مالك أنسيت أن الولد وماله لوالده.
أتذكر يا بني كم كنت أحملك علي كتفي وظهري ويدي أ فتراك تحملني كما حملتك فيما مضي والجزاء من جنس العمل.
أتذكر يا بني كم كنت تطلب مني الحلوى جوف الليل وفي لهيب الظهيرة وكنت أفزع عجلا لشراء ما تريد والنفس فرحة مسرورة.
أفتستطيع أن تفعل معي كما فعلت معك؟.
يا بني هل تأملت آخر العام كيف يكون وجهي بين الناس حينما تظهر نتائج الناجحين والراسبين، أ فتراك تعمل لأي النتيجتين؟.
إنني أعلم يا بني أن الآخرة دار المقر ولكل امرئ ما نوي ولا يجازى أحد بعمل أحد فمن هذا الباب لا أحزن ولكن في الدنيا لم تطاوعني نفسي، بل كل يوم أ تأمل فيك و أدعو الله لك وأرغب في صلاحك ونجاحك وفلاحك فيا ترى هل تحب أن تحقق أملي ورغبتي ورجائي؟. إنك بالجد والمثابرة تستطيع!! فمتي أتراك ستبدأ لتحقيق ذلك؟.
يا بني إنما أنت لبنة في بناء فهل ترى أن البنيان يحسن ويحمل إذا كانت بعض لبناته غير صالحة أو بها أثر من خدش أو كسر.
إنني يا بني آمل أن تكون اللبنة الصالحة التي يكتمل بها البنيان. والله أرجو أن يجعلك خيرا مما أرجو هو مولاي وهو يهدي السبيل.
والسلام
المرسل: والدك المحب لك الخير.
http://www.almualem.net المصدر:
============
رسالة .. من حراس المسجد الأقصى
د. عبد الغني بن أحمد التميمي (*)
أعيرونا مدافعَكُمْ ليومٍ... لا مدامعَكُمْ
أعيرونا وظلُّوا في مواقعكُمْ
بني الإسلام! ما زالت مواجعَنا مواجعُكُمْ
مصارعَنا مصارعُكُمْ
إذا ما أغرق الطوفان شارعنا
سيغرق منه شارعُكُمْ
يشق صراخنا الآفاق من وجعٍ
فأين تُرى مسامعُكُمْ؟!
** ** **
ألسنا إخوةً في الدين قد كنا.. وما زلنا(2/374)
فهل هُنتم، وهل هُنّا
أنصرخ نحن من ألمٍ ويصرخ بعضكم: دعنا؟
أيُعجبكم إذا ضعنا؟
أيُسعدكم إذا جُعنا؟
وما معنى بأن «قلوبكم معنا»؟
لنا نسبٌ بكم ـ والله ـ فوق حدودِ
هذي الأرض يرفعنا
وإنّ لنا بكم رحماً
أنقطعها وتقطعنا؟!
معاذ الله! إن خلائق الإسلام
تمنعكم وتمنعنا
ألسنا يا بني الإسلام إخوتكم؟!
أليس مظلة التوحيد تجمعنا؟!
أعيرونا مدافعَكُمْ
رأينا الدمع لا يشفي لنا صدرا
ولا يُبري لنا جُرحا
أعيرونا رصاصاً يخرق الأجسام
لا نحتاج لا رزّاً ولا قمحا
تعيش خيامنا الأيام
لا تقتات إلا الخبز والملحا
فليس الجوع يرهبنا ألا مرحى له مرحى
بكفٍّ من عتيق التمر ندفعه
ونكبح شره كبحاً
أعيرونا وكفوا عن بغيض النصح بالتسليم
نمقت ذلك النصحا
أعيرونا ولو شبراً نمر عليه للأقصى
أتنتظرون أن يُمحى وجود المسجد الأقصى
وأن نُمحى
أعيرونا وخلوا الشجب واستحيوا
سئمنا الشجب و (الردحا)
** ** **
أخي في الله أخبرني متى تغضبْ؟
إذا انتهكت محارمنا
إذا نُسفت معالمنا ولم تغضبْ
إذا قُتلت شهامتنا إذا ديست كرامتنا
إذا قامت قيامتنا ولم تغضبْ
فأخبرني متى تغضبْ؟
إذا نُهبت مواردنا إذا نكبت معاهدنا
إذا هُدمت مساجدنا وظل المسجد الأقصى
وظلت قدسنا تُغصبْ
ولم تغضبْ
فأخبرني متى تغضبْ؟
عدوي أو عدوك يهتك الأعراض
يعبث في دمي لعباً
وأنت تراقب الملعبْ
إذا لله، للحرمات، للإسلام لم تغضبْ
فأخبرني متى تغضبْ؟!
رأيت هناك أهوالاً
رأيت الدم شلالاً
عجائز شيَّعت للموت أطفالاً
رأيت القهر ألواناً وأشكالاً
ولم تغضبْ
فأخبرني متى تغضبْ؟
وتجلس كالدمى الخرساء بطنك يملأ المكتبْ
تبيت تقدس الأرقام كالأصنام فوق ملفّها تنكبْ
رأيت الموت فوق رؤوسنا ينصب
ولم تغضبْ
فصارحني بلا خجلٍ لأية أمة تُنسبْ؟!
إذا لم يُحْيِ فيك الثأرَ ما نلقى
فلا تتعبْ
فلست لنا ولا منا ولست لعالم الإنسان منسوبا
فعش أرنبْ ومُت أرنبْ
ألم يحزنك ما تلقاه أمتنا من الذلِّ
ألم يخجلك ما تجنيه من مستنقع الحلِّ(2/375)
وما تلقاه في دوامة الإرهاب والقتل ِ
ألم يغضبك هذا الواقع المعجون بالهول ِ
وتغضب عند نقص الملح في الأكلِ!!
** ** **
ألم تنظر إلى الأحجار في كفيَّ تنتفضُ
ألم تنظر إلى الأركان في الأقصى
بفأسِ القهر تُنتقضُ
ألست تتابع الأخبار؟ حيٌّ أنت!
أم يشتد في أعماقك المرضُ
أتخشى أن يقال يشجع الإرهاب
أو يشكو ويعترضُ
ومن تخشى؟!
هو الله الذي يُخشى
هو الله الذي يُحيي
هو الله الذي يحمي
وما ترمي إذا ترمي
هو الله الذي يرمي
وأهل الأرض كل الأرض لا والله
ما ضروا ولا نفعوا، ولا رفعوا ولا خفضوا
فما لاقيته في الله لا تحفِل
إذا سخطوا له ورضوا
ألم تنظر إلى الأطفال في الأقصى
عمالقةً قد انتفضوا
تقول: أرى على مضضٍ
وماذا ينفع المضضُ؟!
أتنهض طفلة العامين غاضبة
وصُنَّاع القرار اليوم لا غضبوا ولا نهضوا؟!
** ** **
ألم يهززك منظر طفلة ملأت
مواضع جسمها الحفرُ
ولا أبكاك ذاك الطفل في هلعٍ
بظهر أبيه يستترُ
فما رحموا استغاثته
ولا اكترثوا ولا شعروا
فخرّ لوجهه ميْتاً
وخرّ أبوه يُحتضرُ
متى يُستل هذا الجبن من جنبَيْك والخورُ؟
متى التوحيد في جنبَيْك ينتصرُ؟
متى بركانك الغضبيُّ للإسلام ينفجرُ
فلا يُبقي ولا يذرُ؟
أتبقى دائماً من أجل لقمة عيشكَ
المغموسِ بالإذلال تعتذرُ؟
متى من هذه الأحداث تعتبرُ؟
وقالوا: الحرب كارثةٌ
تريد الحرب إعدادا
وأسلحةً وقواداً وأجنادا
وتأييد القوى العظمى
فتلك الحرب، أنتم تحسبون الحرب
أحجاراً وأولادا؟
نقول لهم: وما أعددْتُمُ للحرب من زمنٍ
أألحاناً وطبّالاً وعوّادا؟
سجوناً تأكل الأوطان في نهمٍ
جماعاتٍ وأفرادا؟
حدوداً تحرس المحتل توقد بيننا
الأحقاد إيقادا
وما أعددتم للحرب من زمنٍ
أما تدعونه فنّا؟
أأفواجاً من اللاهين ممن غرّبوا عنّا؟
أأسلحة، ولا إذنا
بيانات مكررة بلا معنى؟
كأن الخمس والخمسين لا تكفي
لنصبر بعدها قرنا!
أخي في الله! تكفي هذه الكُرَبُ
رأيت براءة الأطفال كيف يهزها الغضبُ(2/376)
وربات الخدور رأيتها بالدمّ تختضبُ
رأيت سواريَ الأقصى لكالأطفال تنتحبُ
وتُهتك حولك الأعراض في صلفٍ
وتجلس أنت ترتقبُ
ويزحف نحوك الطاعون والجربُ
أما يكفيك بل يخزيك هذا اللهو واللعبُ؟
وقالوا: كلنا عربٌ
سلام أيها العربُ!
شعارات مفرغة فأين دعاتها ذهبوا
وأين سيوفها الخَشَبُ؟
شعارات قد اتَّجروا بها دهراً
أما تعبوا؟
وكم رقصت حناجرهم
فما أغنت حناجرهم ولا الخطبُ
فلا تأبه بما خطبوا
ولا تأبه بما شجبوا
** ** **
متى يا أيها الجنديُّ تطلق نارك الحمما؟
متى يا أيها الجنديُّ تروي للصدور ظما؟
متى نلقاك في الأقصى لدين الله منتقما؟
متى يا أيها الإعلام من غضب تبث دما؟
عقول الجيل قد سقمت
فلم تترك لها قيماً ولا همما
أتبقى هذه الأبواق يُحشى سمها دسما؟
دعونا من شعاراتٍ مصهينة
وأحجار من الشطرنج تمليها
لنا ودُمى
تترجمها حروف هواننا قمما
** ** **
أخي في الله قد فتكت بنا علل
ولكن صرخة التكبير تشفي هذه العللا
فأصغ لها تجلجل في نواحي الأرض
ما تركت بها سهلاً ولا جبلا
تجوز حدودنا عجْلى
وتعبر عنوة دولا
تقضُّ مضاجع الغافين
تحرق أعين الجهلا
فلا نامت عيون الجُبْنِ
والدخلاءِ والعُمَلا
** ** **
وقالوا: الموت يخطفكم وما عرفوا
بأن الموت أمنية بها مولودنا احتفلا
وأن الموت في شرف نطير له إذا نزلا
ونُتبعه دموع الشوق إن رحلا
فقل للخائف الرعديد إن الجبن
لن يمدد له أجلا
وذرنا نحن أهل الموت ما عرفت
لنا الأيام من أخطاره وجلا
«هلا» بالموت للإسلام في الأقصى
وألف هلا
--------
(*) أستاذ مشارك في الحديث الشريف وعلومه، وعضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية ـ الأردن.
المحرم 1423 هـ - مارس - أبريل 2002 م
http://albayan-magazine.com المصدر:
==============
رسالة إلى الجندي الأمريكي
أحمد فضل شبلول
هلْ أكتبُهَا لأعلِّقَها
فوق الجبلِ الأعظم..؟؟
وهل تركَ الجُنديُّ الأمريكيُّ
جبالا عصماء..؟!
ميدل ايست اونلاين
سأكتبُ الآنَ وَصيتي:(2/377)
(الحربُ ليستْ مِهنتي)
ولكنْ..
لمن ستكونُ الحروف..؟؟!!
فلن يكونَ في العالمِ أحدٌ
إلا الجنودُ الأمريكانُ..
القتَّالونَ..
المَهْزُومُونَ..
المَدْسُوسُونَ..
الهيَّابونَ..
الخوَّافونَ..
المُبَحْلِقونَ في الفراغِ العقيم
سينظرُ جنديٌّ منهم
في ماءِ الفراتِ اليتيم
ويشاهدُ نفسَه شبحًا
من أشباحِ الرعبِ والإبادة
يتذكَّرُ أفلامَ دراكولا
تسيلُ من فمهِ..
خيوطُ دماءِ السيادة
وتصيرُ الأسنانُ "بيادة"
وخرائطَ همجيَّة
سيُلقي الجنديُّ الأمريكيُّ
رايتَهُ..
أو شعلتَهُ العمياء
فوق الماءِ
ويوغلُ في زَمَنِ الصحراءْ
يصبحُ نَبتًا شيطانيًّا
مهزومًا..
ووحيدًا..
يبحثُ عنْ عَبْلَتِهِ الأمريكيَّة
عن رايس السوداء
أو بربارة الشمطاء
أو مادلين البيضاء
أو حتى مونيكا المُنْتفخة
يترنحنَ جميعا..
تحت سياطِ النشوةِ والعُزْلة
فَلِمَنْ أكتبُ وَصيتي:
الحرب ليست مهنتي..؟
هلْ أكتبُهَا لأعلِّقَها
فوق الجبلِ الأعظم..؟؟
وهل تركَ الجُنديُّ الأمريكيُّ
جبالا عصماء..؟!
دُكَّتْ كلُّ جبالٍ شامخةٍ
من هملايا حتى الإنديز
هل أكتُبها..
بين الأنقاضِ البشريَّة
وفتيتِ الأحلامِ الحجريَّة؟
أو بين الأفخاذِ السمراءِ العجفاءِ لكوندوليز
هل أكتبُها..؟؟!
فربما يكونُ لي عمرٌ آخرَ
لأنفِّذَها
فالحربُ ليستْ مهنتي
والروحُ تجوبُ الخرابَ السيرياليَّ العظيم
رأيتُها في "جورنيكا" بيكاسو
ترفرفُ في أسبانيا
آهٍ.. يا أسبانيا
يا فردوسًا مفقودًا
والآنَ صرتِ خنجرًا في ظهري
***
عادتْ روحي الآن
من ثكناتِ الأحزان
من مُدنِ العَتْمَةِ والإظلام
عادتْ كي تصعدَ
نحو البارئِ
إني ألمحُها
وعيونُ الجثثِ المِسْكِيَّةِ
تلمحُها
فوداعًا للجنديِّ الأمريكيِّ المهزوم
الطافي فوق الآبارِ البتروليَّة
والتائهِ في الصحراءِ العربيَّة
http://www.middle-east-online.com المصدر:
============
رسالة إلى بوش
محمد الحمامصي
يداك لن تترك ذكرى لطفل
لأرملة، لأم ثكلى
لكفن، لنعش، لقبر(2/378)
فهل تأكل جثث قتلاك سيادة الرئيس؟
ميدل ايست اونلاين
ــ1 ــ
هل نقول غداً
هنا كان بيت تعلو نوافذه سماء صافية
وأشجار تعد بالفاكهة
حين مررنا به كان طفل يلعب
وعصافير تغرد
رجل يقبّل امرأة
وأرجوحة تداعب الهواء
وتنتظر طفلاً أخر
هل نقول غداً
مر من هنا دبابة وقنبلة وقلب أعمى..
ــ 2 ــ
أهيئ طفلي للنوم مبكراً
أ وأدعوه لمشاركة أمه وأخيه اللعب
المهم أن ينأى
بعيداً عن الشاشة
لحظة سقوط القنبلة على مائدة العشاء
لحظة حفر القبر
لحظة انكفأ الأب والأم والأطفال..
ــ 3 ـــ
يلقم فاه جثة تلو الأخرى
ويتفل الأشلاء..
يتكئ على أريكته ثم ينتصب
يداعب كاميرات التليفزيون
الرجل في البيت الأبيض
يرفع أسناناً مخضبة بالدم
حالماً بجثة كل طفل..
ــ 4 ــ
يداه اللتان يطوحهما في الهواء معلناً
العصفور يُقتل
الشجرة تُقتل
الأرض تُقتل
الطفل يُقتل
الأم تُقتل
الأب يُقتل
البحر يُقتل
النهر يُقتل..
يداه اللتان تعددان القتلى
بلا عينين..
ــ 4ــ
يداك لن تترك ذكرى لطفل
لأرملة
لأم ثكلى
لكفن
لنعش
لقبر
فهل تأكل جثث قتلاك سيادة الرئيس؟
ــ 5 ــ
في أي رحم تَخلّق
أي غذاء أكل
أي هواء تنفس
من يغسل وجهه بالدم؟
ــ 6 ــ
كل طلقة
تنسج كفناً
وتحفر قبراً
بإمكانها أن تسع الجميع..
ــ 7 ــ
الجسد ممزق وعارٍ
في الأفواه التي تلوكه
والدم يحاول تجاوز العار
تدهسه الأقدام
وكاميرات التليفزيون تنقل المشهد
إليكم
أنتم
نعم أنتم
أيها الأعداء..
ــ 8 ــ
الجسد بيت الوطن
الوطن ليس بيتاً للجسد..
ــ9 ــ
لا يسد جوعها ملء الأرض موتى
الحماقة فوهة الحرب..
ــ 10 ــ
يلملم أشلاءه ويمر
يحمل قوته ويمر
يحتضن أطفاله ويمر
يحفر صمته ويمر
يهيل التراب عليه ويمر
يصقل سكينه ويمر
يضحك هازئاً ويمر
الثأر يعبأ طعنة القصاص..
http://www.middle-east-online.com المصدر:
============
رسالة من الشهيد محمد الدرة إلى قناص يهودي
د. مباركة بنت البراء(2/379)
رصاصَك سدِّدْ فالصدور مواقد *** وبالأرض من همِّي جوىً متصاعدُ
رصاصَك سدِّدْ ياحقود فلا أنا *** من القتل مزوَرّ ولا أنا شاردُ
أنا من دمي تخضرُّ أرضي وتنتشي *** وينبت جيل يألف الهمَّ واعدُ
وتنبت في كلِّ الشظايات أذرع *** وتنبت هامات وتنمو سواعد
تراهن أن تبقى لها الأرض موطناً *** وفي كل فجٍّ كلِّ صوب تجالد
أنا الأرض عشقي حيث كنت يظل بي *** إليها حنين عالق الحب آبد
ولست أبالي أن يفجَّر صاعق *** ولست أبالي أن يهوِّم راعد
أنا ماجد الأعراق جدِّي ماجد *** أبي ماجد عمِّي كذلك ماجد
غذتني أمّ بَرَّة بلَبانها *** نماني أصل طارف العرق تالد
وبالرمل مني لو تبينت جوهر *** وفي الماء مني لو تعقلت مارد
وأومن أن الأرض حضني وموئلي *** وأومن أن الله ربي واحد
وأحفظ تاريخي أعيه حكاية *** تلقنتها طفلاً ووعيي راشد
وأعلم أن القدس أول قبلة *** أتاها من الرحمن في الليل وافد
بها موكب الإسراء حل يؤمه *** محمد محبوب إلى الله حامد
تقدَّمْ وسدِّدْ كلَّ حقدك دفعة *** فأنت قضاء في البلاد وشاهد
تعيث بقدسي عابثاً بمساجد *** بها راكع لله دوما وساجد
سنابل قمحي من عنائي أجدبت *** وزهر الروابي لوعة ومواجد
فيا وجع الآباء يوم فراقنا *** و يا حزن الأمَّات ماذا تكابد
أبي ضمني لا تأس ما أنا ميت *** شهيد أنا حي وبالأرض خالد
نعم ها أنا أختال تيها يحف بي *** من الله روح والجنان زغارد
أقم عرسك العلوي واجمع أحبة *** فلله يالله تلك المقاعد!
وبلغ لأمي أن تزين جيدها *** قلائد صبر نعم هن قلائد
سنبقى بأرض نحن فيها أوائل *** ونحن لها شمس ونحن فراقد
سينصر ربي دينه وستنجلي *** مع الزمن الدوار تلك الشدائد
أيا قانص الأطفال دربك مغلق *** وكفك مشلول ويومك بائد
فمهما سطوت اليوم إنك زائل *** ومهما تعُدْ يوماً فإني عائد
فكل دماء الرائحين سنابل *** وكل الدموع الهاميات قصائد
1422هـ
http://www.bab.com المصدر:
=============(2/380)
رسالةٌ إلى بلادِ الرافدين
فلاح بن عبد الله الغريب
مُدِّي يَداً للوَالِهِ المُشتاقِ *** واحكِي له عن قصَّةِ الأشْوَاقِ
وقِفي ببابِ الذّكرياتِ لعلَّها *** تُطفِي لهيْبَ فُؤادِهِ الخفَّاقِ
وتلفَّعي ثَوبَ العفافِ فإنّمَا *** تسْمو الحياةُ بعفّةِ العُشَّاقِ
بغْدادُ واصطفَّتْ حُروفٌ خمسَةٌ *** وازدادتِ الزَّفَراتُ في أعْماقِي
يا غَادةَ الحُسنِ الأصِيلِ وتَاجَهُ *** ورَبِيبَةَ المَجدِ التَّليدِ الرَّاقِي
وبَهاءَ أُغنيةِ الجَمالِ ولَحنَها الْـ *** ــمُنْسابَ في شَهْدٍ من الأذواقِ
يا كم شَدا الغِرِّيدُ لحنَ مودّةٍ *** في سَاحتيْكِ على سَنَا الإشْراقِ
وتراكَضَتْ خيلُ الوفاءِ أصيلةً *** حولَ الرَّصَافةِ منبرِ الأشواقِ
وتطلَّعَتْ تلك المَشاعِرُ ترتوي *** من رافدَيْكِ وفيْضِكِ الدَّفَّاقِ
بغْدادُ وانْسابَ اليَراعُ بلَوعَةٍ *** حرَّى على مجدٍ هَوَى بعِرَاقِ
أين الرّشيدُ أما له من مخبرٍ *** أنَّ العراقَ إليه بالأشواقِ
يا أُمّةً مكلُومةً نسيتْ عَلَى *** مرِّ الزَّمان طهَارةَ الأعْرَاقِ
بغْدادُ تحتَارُ القَوافِي حينما *** يسلُو بجُرْحِك قاتمُ الأعمَاقِ
بغْدادُ إن المجدَ يبنيهِ الأُلَى *** لا يأبَهونَ بذلَّةٍ ونفاقِ
ورَدوا الكَرَامةَ وارتووا من مائها *** يتطلّعُونَ إلى النَّعيمِ البَاقي
بغْدادُ يا دارَ الرَّشيد سنلتقي *** عهْداً قطعْناهُ لأرضِ عِراقِ
حتّى تُرَفرفَ رايةُ الأمجَادِ في *** أرضِ الخلافَة والسّنا البَرَّاقِِ
http://saaid.net المصدر:
==============
رسالة من القلب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.(2/381)
يقف الإخوة الأفغان في خنادقهم ثانية لمواجهة الحرب الشرسة التي شنتها عليهم هذه المرة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها؛ ومن حكمة الله - تعالى - أن جعل أرضهم موطئاً لملاحم كثيرة وطويلة جداً؛ فبعد هزيمة بريطانيا العظمى مرات متتالية، ثم الاتحاد السوفييتي البائد، جاءت إليهم أمريكا بطغيانها وجبروتها، والفرق في هذه الحرب عن الحروب الأولى أن العالم كله بشرقه وغربه اجتمع عليهم هذه المرة، وراح الناس ـ كل الناس ـ يتحدثون عن سقوطهم وهزيمتهم، وشكل الحكومة الأفغانية القادمة قبل أن تبدأ الحرب..!! فكانت من البيان هذه الرسالة.
أيها الإخوة الأفغان:
إننا نعلم أنكم تعيشون أياماً قاسية عصيبة، وأنتم الآن في شغل ـ وأي شغل! ـ وليس من الحكمة أن نلقي عليكم المواعظ، ونظهر أمامكم بمظهر المشيخة والأستاذية، وأنتم تبيتون على أصوات الانفجارات والقنابل العنقودية والصواريخ المدمرة، ثم تصبحون على حساب الخسائر وكفكفة الجراح..! ولكن عذرنا أن الله - تعالى - أوجب علينا محبتكم فيه، وأن نتألم لألمكم ونحزن لحزنكم، ومن واجبنا أن نخلص النصيحة لكم بمحبة وإشفاق، لعلَّ ذلك يكون زيادة في تثبيتكم والشدّ من أزركم، وهذا خطاب لنا ولكم ولجميع قرائنا. نسأل الله - تعالى - أن يستعملنا جميعاً في طاعته، وأن يجعلنا وإياكم مفاتيح للخير، مغاليق للشر.
أولاً: ففروا إلى الله:
قال الله - تعالى -: [ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ][آل عمران: 126]. وقال - تعالى -: [ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ][الأنفال: 10]. وقال - تعالى -: [ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ][محمد: 7].(2/382)
فعليكم بالعودة الصادقة إلى الله - تعالى - فما خاب من استعان به - عز وجل -،[ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ][الذاريات: 50]، والمنصور من نصره الله - تعالى -. قال الله - تعالى -:[ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ][آل عمران: 160]، وفتشوا في قلوبكم، وأعلنوها توبة صريحة صادقة من كل اعتقاد أو عمل أو قول لا يرضي الله - تعالى -، وليس موافقاً لشرعه، وأخلصوا له العمل وحده لا شريك له، وأفردوا نبينا محمداً - صلى الله عليه وسلم - بالمتابعة؛ فإن ذلك من أعظم العدة، وأقوى العتاد. قال - تعالى -: [ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ][الكهف: 110].وإنّ من أعظم ما ينبغي تجريد النية له الجهاد لإقامة الدين ورفع لواء التوحيد. قال الله - تعالى -:[ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ][الأنفال: 39]، وقد جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل للذكر، والرجل يقاتل ليرى مكانه؛ فمن في سبيل الله؟ فقال: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله»(1).
ثانياً: إياكم والقنوط:
حذار.. حذار من اليأس والقنوط، مهما طال الطريق أو تكالب الأعداء؛ فإن ذلك بداية السقوط والهلاك أعاذكم الله من ذلك، وأهل الإيمان الراسخ يملكون يقيناً عامراً لا تهده الفتن ولا تزلزله الأعاصير.(2/383)
إنّ الهزيمة النفسية من أشد وأنكى أنواع الهزائم، فترى المرء يسقط قبل أن يبدأ المعركة. كما أن الانتصار النفسي من أعظم أنواع النصر، ولهذا ترى العبد المؤمن يُقبل على الله ـ - تعالى - ـ بنفس واثقة مطمئنة يرجو ما عند الله والدار الآخرة، يحدوه قول الله - تعالى -:[ قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ][التوبة: 52].
والثبات عند الفتن من أعظم الأدلة على صدق الإيمان، قال الله - تعالى -: [ الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ][العنكبوت: 1 - 3]. وقال - تعالى -:[ وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ *أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ][آل عمران: 141، 142].(2/384)
إنّ طريق الجهاد في سبيل الله طريق طويل لا يقوى على تحمل تبعاته إلا الرجال الأشداء ذوو القلوب المؤمنة، والنفوس الكبيرة، والهمم الشماء. أما النفوس الهزيلة، والقلوب الخاوية؛ فإنها تتراجع في بداية الطريق،[ لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ][التوبة: 42].. نعم كثيرون أولئك الذين تدفعهم العاطفة لخدمة هذا الدين، لكن قلَّة قليلة منهم تتماسك وتثبت عند المحن، وتتجرع الآلام والمصاعب دون خور أو ضعف أو قنوط، وهنا يتجلى أثر الإيمان الحق في النفوس الأبيّة، والقلوب المخلصة. قال الله - تعالى -:[ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا ً][الأحزاب: 23]. وقال - تعالى -:[وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ][آل عمران: 146 - 148].(2/385)
ونصر الله - عز وجل - لا يتنزل على أوليائه إلا بتحقيق أمرين عظيمين هما: الصبر، والتقوى؛ فهما أعظم بواعث النصر والتمكين. قال الله - تعالى -:[ بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةُ مُسَوِّمِينَ* و َمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ][آل عمران: 125، 126]، وقال - تعالى -:[ لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ][آل عمران: 186].
والصبر ليس موعظة تتلى، أو خطبة تنتفخ لها الأوداج، بل هي عقيدة راسخة ضاربة بأطنابها في أعماق القلب، وتثمر ـ بإذن الله ـ إقبالاً صادقاً على البذل والعطاء، والجود بالنفس والنفيس ابتغاء وجه الله.
ثالثاً: فلا تخافوهم:(2/386)
لا يهولنكم ذلك الجمع الدولي، ولا يهولنكم تواطؤ أمم الأرض عليكم، ولا تهولنكم أمريكا بقواتها العسكرية وترسانتها الجوية؛ فإن قوَّتهم لا تساوي شيئاً أمام قوة الله - تعالى - جبَّار السماوات والأرض، ولا يهولنكم ذلك الإرجاف الإعلامي الذي طغى ضجيجه في كل مكان؛ فإنما ذلك من تخذيل الشيطان وأوليائه. قال الله - تعالى -:[ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ][آل عمران: 173 - 175]. وقال - تعالى -:[ وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ][الأنفال: 48].
وإنَّ لكم في هود - عليه الصلاة والسلام - قدوة حسنة؛ حيث قال الله - تعالى - على لسانه:[ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ][هود: 54 - 56].(2/387)
وإننا على يقين راسخ بأن النصر متحقق لهذه الأمة إن عاجلاً أو آجلاً. قال الله - تعالى -:[ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ][القمر: 45]، وقد يتأخر النصر لحكمة يريدها الله - تعالى -؛ فقد قال - عز وجل -: [حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ][يوسف: 110]. وقال - تعالى ـ:[ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ][البقرة: 214].
وكيف تنهزم أمة يؤمن رجالها بأن ريح الجنة يفوح عبيره بين الصفوف، فيتتبعون الموت مظانه مقبلين غير مدبرين..؟!
وكيف تنهزم أمة يؤمن رجالها بأن استشهادهم في سبيل الله - تعالى - هو طريق الحياة والعزة والتمكين..؟!
نعم ربما يحرز الكفر نصراً على المسلمين، ولكنه نصر بارد مؤقت، ومن حكمة الله - تعالى - أنه قد يقدر على بعض المؤمنين انكساراً في وقت ما من الأوقات، ليبلوهم بذلك، كما حصل للنبي - صلى الله عليه وسلم - وصحبه في غزوة أحد(1)، ثم يُعدِّهم لنصر قادم بقوته وتأييده، وفي قصة صاحب الأخدود مثل عظيم؛ إذ إن قتله وتحريقه أدى إلى انتشار عقيدته.(2/388)
إنَّ أول مراحل النصر: الانتصار على النفس، وطرد الخوف من القلب؛ فما دب الخوف في قلب إلا تصدع كيانه، وتزلزلت أركانه، وألبسه الله لباس الذل والهوان. والخوف الحابس عن العمل آية من آيات النفاق؛ أعاذنا الله من ذلك. قال الله - تعالى -:[ أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً ][الأحزاب: 19].
وكل كريهة ترفع، أو مكرمة تكتسب لا تتحقق إلا بالشجاعة. وبقوة القلب يقتحم المرء الأمور الصعاب، وبقوة القلب يتحمل أثقال المكاره، وبقوة القلب تنفذ كل عزيمة أوجبها الحزم والعدل(2).(2/389)
ولن يُستلَّ الخوف من القلب إلا بصدق اليقين والإيمان. قال - تعالى -:[ وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً][الجن: 13]. وأهل التوحيد الخالص هم أعظم الناس قوة وثباتاً، وكيف يخاف من أمَّنه الله - تعالى - وهداه؟! قال الله - تعالى - على لسان إبراهيم - عليه الصلاة والسلام -:[ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ][الأنعام: 81، 82]؛ ولهذا ترى المؤمن يقبل على الله ـ - تعالى - ـ بقلب ثابت ثبوت الجبال الرواسي لا يخاف إلا الله - عز وجل -، وإن الجبن آفة سائدة تنخر القلوب المريضة، ولهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستعيذ منه في دعائه قائلاً: «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن... الحديث»(1).
فما وجفت تلك القلوب ولم تكن *** كأخرى لها من هدة الرعب زلزال
رجال رسا الإيمان ملء نفوسهم *** فلا الجبن منجاة ولا البأس قتَّال
ولا الموت مكروه على العز ورده *** ولا العيش مورود إذا خيف إذلال
تداعوا فقالوا: حسبنا الله إنه *** لما شاء من نصر الهداة فعَّال
لقد خلع الخوف قلوب كثير من الناس في هذا الزمان، وارتعدت فرائصهم جبناً وهلعاً، لِمَا رأوا من اجتماع الحشود الكافرة، وهم يبعدون عنهم مفاوز؛ فهل يمكن أن تنتصر أمة شلّها الخوف والهلع بهذه الصورة المحبطة..؟! وصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «شرُّ ما في رجل: شح هالع، وجبن خالع»(2).
رابعاً: ادعوني أستجب لكم:(2/390)
إن الدعاء من أعظم الأسلحة التي تظهر بركتها عند التحام الصفوف واحتدام القتال؛ فهو استغاثة بمن لا يُردُّ قضاؤه، ولا يهزم جنده، وقد أمر الله - عز وجل - باللجوء إليه في مثل هذه المواطن خاصة. قال الله - تعالى -:[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ][الأنفال: 45]. وقال - تعالى -:[ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوء][النمل: 62]، وقد كان من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه يستغيث بالله - تعالى -، ويستجير به بإلحاح، ويطلب منه المدد والعون، وخاصة عندما يحمى الوطيس؛ ففي غزوة بدر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في قبَّة: «اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن تشأ لا تعبد بعد اليوم». فأخذ أبو بكر بيده، فقال: حسبك يا رسول الله! ألححت على ربك.. الحديث»(3)، وفي رواية مسلم: «فاستقبل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - القبلة، ثم مدَّ يديه فجعل يهتف بربه: «اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني. اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض» فما زال يهتف بربه مادّاً يديه، مستقبل القبلة، حتى سقط رداؤه من منكبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه، وقال: يا نبي الله! كفاك مناشدتك ربك؛ فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله - عز وجل -:[ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ][الأنفال: 9]، فأمده الله بالملائكة(4).
وإن من أعظم النصرة التي يحتاجها الإخوة الأفغان دعاء إخوانهم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، في خلواتهم وسجودهم، وفي آخر الليل، وعند الإفطار، ونحوها من مواطن وأوقات الإجابة.
خامساً: لنستثمر الحدث:(2/391)
على العلماء والدعاة والمصلحين في جميع أنحاء العالم أن يستثمروا هذه النازلة في استنهاض الهمم والطاقات، وإحياء الغيرة في النفوس؛ فتتابع الفتن وتكالب الأعداء يمكن أن يكون محبطاً مقعداً عن العمل، ويمكن أن يكون ـ بإذن الله ـ من أعظم الأسباب المحركة للنفوس، المستحثة للعمل والمدافعة إذا أُحْسِنَ استثمارها وتوظيفها لخدمة الأمة. ونعني بالاستثمار: تشجيع جميع المسلمين ـ كبيرهم وصغيرهم، ذكرهم وأنثاهم ـ لبذل المعروف والدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى المقصرين بل والعصاة منهم، وها هو ذا أبو محجن الثقفي يُسجَن ويقيد لشربه الخمر في معركة القادسية، ولكن الغيرة على الدين وأهله تأججت في صدره فيبلي بلاءً حسناً في نصرة الدين وقتال الكافرين(5).
ومن الاستثمار أيضاً: إحياء وعي الأمة بحقيقة المعركة التي توجه ضدها من النصارى وأنصارهم، والملحدين وأشياعهم، وبيان سبيل النهوض والعزة، وأنه بالعودة الصادقة إلى دين الله - تعالى -.
ومن الاستثمار أيضاً: تذكير الدعاة والصالحين بوجوب رصِّ الصفوف، والتعاون على البر والتقوى، وعلاج الخلافات اليسيرة بعلم ومحبة بعيداً عن التقاطع والتهارش الذي آذى الأمَّة أذى عريضاً.
سادساً: لا يضرهم من خذلهم:
أحزن الغيورين كثيراً إرجاف المخذلين، وربما كان أثرهم في النفوس أشد إيلاماً من العدو الكافر ـ نسأل الله السلامة ـ كما قال الشاعر:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة *** على الحر من وقع الحسام المهنَّدِ
لكن المؤمن الحق لا يفتُّ ذلك في عضده؛ فهو واثق الخطى، خالص التوكل، عظيم الثبات، يلهج لسانه بقوله الله ـ تعالى - :[ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ][التوبة: 129]، وقوله - تعالى -: [يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ][الأنفال: 64].(2/392)
إن الاستسلام لإرجاف الناس، وتخذيل المخذلين يجر الإنسان إلى حضيض الانتكاس، ويسقطه في دركات الهزيمة، وقد حفظ الله - تعالى - أولياءه من ذلك؛ فقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك»(1). والناظر في سير الأنبياء ـ عليهم أزكى الصلاة والسلام ـ يجد أنهم ثبتوا على الحق، وعضوا عليه بالنواجذ، على الرغم مما أصابهم؛ فها هو ذا أبو الأنبياء إبراهيم الخليل ـ - عليه الصلاة والسلام - ـ يصدع بالحق، ويعلن براءته من قومه ومن معبوداتهم. قال الله - تعالى -:[ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ][الممتحنة: 4].
سابعاً: من القلب إلى المجاهدين القدامى في المعارضة الشمالية:(2/393)
لقد وقف المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها معكم عندما رفعتم راية الجهاد في سبيل الله لمواجهة الشيوعيين، وكان الناس ينظرون إليكم بإكبار وإعزاز؛ فالتضحيات التي قدمتموها كانت تضحيات جليلة أحيت في الأمة علم الجهاد. ثم لمَّا حصل ما حصل من التنابذ والصراع بين الفصائل الجهادية ضاقت صدور المسلمين بذلك؛ فثمرة الجهاد كادت أن تصبح سراباً..! وازداد ضيقهم لمَّا كان بعض المنتسبين إلى الجهاد يسقطون في لعبة التوازنات السياسية ويتحالفون مع الشيوعيين تارة ومع الغرب تارة أخرى، وكان يصدر من بعضكم كلاماً شديداً في حق هؤلاء(2)، ثم دارت الأيام وحصل التنازع والتهارش، وتحزبت الجموع هنا وهناك لأغراض لا تخفى عليكم.. ولكن ما كنا نظن أن الجسد الواحد سيصيبه هذا الشرخ النازف؛ فها هم بعض المجاهدين القدامى(!!) يعودون لقتال إخوانهم، لتحقيق مكاسب دنيوية حزبية وقبلية وشخصية رخيصة..!
على رِسْلكم أيها الناس! أليس من المخجل جداً أن يضع المسلم يده بيد الأعداء لحرب إخوانه..؟! ألم تقاتلوا تلك السنين المتتابعة، وتضحوا تلك التضحيات المشهودة من أجل إخراج الشيوعيين من دياركم؟! فما بالكم الآن تقاتلون المسلمين؟! أتطيب نفوسكم وأنتم ترون تلك الحشود الزاحفة تجتمع لقصف المسلمين بالقنابل الانشطارية والعنقودية، وتدمير ديارهم وأهليهم بالصواريخ والطائرات المدمرة باسم الحرب على (الإرهاب الإسلامي) الذي كنتم تعتزون به فيما مضى من سالف الأيام..؟!
لقد عطرت دماؤكم ربى أفغانستان وجبالها لإخراج الشيوعيين.. ولكنكم ها أنتم تنكصون على أعقابكم وتعودون ثانية لإدخالهم أرضكم وتسليمهم أمركم..!!(2/394)
نعم.. اختلفتم مع إخوانكم وصارت بينكم محن ومنازلات لا ترضينا، وهَبُوا أنهم أخطؤوا في حقكم أو ظلموكم، أيكون ذلك مسوغاً لظلمهم والجور عليهم؟! أيكون ذلك مسوغاً لمناصرة الكافرين عليهم؟! ألا تقرؤون قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسْلِمُه»(1)؟! إنهم إخوانكم مهما اختلفتم معهم بنص القرآن الكريم؛ فالله - تعالى - وصف الطائفتين المتقاتلتين بأنهم إخوة ما دام الإيمان يجمعهم(2). أتضيع تلك الثوابت الشرعية المسلَّمة في دين الله وتتحالفون مع العدو الكافر لتصفية إخوانكم وإبادتهم عن بكرة أبيهم؟! آلله يرضى لكم ذلك..؟! أين المروءة ومكارم الأخلاق فضلاً عن العقيدة والدين..؟!(2/395)
يا سبحان الله! ألا تقرؤون القرآن..؟! إننا نناشدكم بالله العلي العظيم أن تقرؤوا قول الله - تعالى -: [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ][آل عمران: 118]، وقوله - تعالى -: [ لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا - رضي الله عنهم - وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ][المجادلة: 22]. وقوله - تعالى -:[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ][المائدة: 51].
أتظنون أن الأمريكان والروس وأعداء الملَّة يقاتلون من أجلكم ولتحقيق أهدافكم، أو أنهم راضون عنكم أو يحبون نصرتكم..؟! لا والله؛ فإنَّ صدورهم تغلي بالحقد عليكم وعلى إخوانكم كغلي المرجل، ولكنها تستخدمكم لأهداف رخيصة مؤقتة، حتى إذا تحققت مآربهم رموكم بأقدامهم الحاقدة كما رموا غيركم..! إننا نربأ بكم أن تكونوا كما قال الشاعر:
قطيع يساق إلى حتفه *** ويمضي ويهتف للسائقين(2/396)
إن معاشر المسلمين في أصقاع الأرض يناشدونكم من كل قلوبهم.. فاتقوا الله.. ولا تنظروا إلى خلافات حزبية أو قبلية عارضة، ولا إلى مصالح دنيوية زائلة.. ولكن انظروا إلى دينكم فاحفظوه، وانظروا في أيديكم أين تضعونها..!
إننا نعلم أن بعض ذوي النفوس المريضة والأهواء الوضيعة قد جرّوكم لمثل هذه الكبوة وراحوا يتاجرون بشعاراتكم، وصدق الله - تعالى -:[ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ][المائدة: 52]، فالله الله..
نرجو الله - عز وجل - أن تكونوا صادقين مع الله، وأن تؤوبوا إلى الحق؛ فالعودة إلى الحق خير من التمادي في الباطل، ووالله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم لن ينفعكم شيء من أعمالكم إذا كان الدافع لها مغنماً زائداً من مغانم الدنيا،[ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً * كُلّاً نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً][الإسراء: 18 - 20].
أيها المسلمون: اعقدوا قلوبكم وأيديكم بعضها ببعض؛ فهذا هو طريق النصر بإذن الله، [ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ][الأنفال: 46].
----------------
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد، رقم (2810)، ومسلم في كتاب الإمارة، رقم (1904).(2/397)
(1) انظر في هذه الحكمة: زاد المعاد (219 ـ 220) تحقيق شعيب الأرناؤوط. (2) سراج الملوك، للطرطوشي، (2/ 668 ـ 670) بتصرف.
(1) أخرجه: البخاري في كتاب الدعوات، رقم (6363). ومسلم في كتاب الذكر، رقم (2706).
(2) أخرجه: أحمد (13/385)، وأبو داود في كتاب الجهاد، رقم (2511)، وإسناده صحيح.
(3) أخرجه: البخاري في كتاب التفسير، رقم (4875).
(4) أخرجه: مسلم في الجهاد والسير، رقم (1763).
(5) انظر قصته في: البداية والنهاية (9/632 ـ 633).
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، رقم (1920). (2) انظر مثلاً: مجلة البنيان المرصوص، العدد (11)، يناير 1987م.
(1) أخرجه: البخاري، في كتاب المظالم، رقم (2442)، ومسلم في كتاب البر، رقم (2580).
(2) قال الله - تعالى -: [ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ][الحجرات: 9، 10].
رمضان 1422 هـ - ديسمبر 2001 م
http://albayan-magazine.comالمصدر:
==============
رسالة أهل سرقسطة الأندلسية إلى المسلمين على مر العصور
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا... وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله... أما بعد،،،(2/398)
اتفق أهل العلم أن الجهاد نوعان جهاد قصد وطلب وجهاد دفع... ونظرًا لحالة المسلمين المتردية فإن جهاد القصد والطلب قد اختفى من حياة الأمة باختفاء الخلاقة الإسلامية وآخرها العثمانية، فلم يعد للأمة سياجها الحامي ودرعها الواقي والذي منه تخرج الجيوش لنشر الدين، وصار التركيز الأكبر على جهاد الدفع لما نراه من هجمة شرسة على الإسلام وأهله ودوله، وقال أهل العلم أنه إذا تعرض بلد إسلامي لهجوم الأعداء وجب على جميع أهل البلد كبارًا وصغارًا، رجالاً ونساءً، الدفاع عن البلد، وإذا عجز أهل البلد عن الدفاع وجب على أهل البلد المجاور الاشتراك في نصرة إخوانهم، وإذا عجز البلد المجاور انتقل الوجوب للأقرب فالأقرب، وإذا تكاسل المسلمون عن نصرة إخوانهم أثم الجميع وصاروا مسئولين أمام الله - عز وجل - يوم القيامة، ولن يرحمهم التاريخ الذي سوف يسطر هذا التخاذل وترك نصرة المسلمين المستضعفين، ولن يكون هناك مجد ولا فخر بأي عمل كائنًا ما كان طالما أن صفحات التاريخ ستسطر الخزي والعار الذي ستجلل به كل الأمم، والعجيب أن هذا الأمر ما زال يتكرر في كل عصر وزمان كأن المسلمين ما وعوا درسًا ولا قرأوا تاريخًا.(2/399)
هذه رسالة أرسلها أهل مدينة سرقسطة لإخوانهم المسلمين بالأندلس يطلبون منهم النصرة والعون ضد عدوهم الصليبي وذلك سنة 512 هـ. وهي رسالة تكاد تنطق على واقع المسلمين الآن، وهذه الرسالة أرسلها أهل المدينة للأمير تميم قائد جيوش المرابطين بالأندلس والذي خاف من لقاء العدو واستضخم قوته، فجبن عن لقائه وترك إخوانه نهبًا للكلاب والذئاب من أعداء الإسلام، وجاء في الرسالة ما يلي: [وما كان إلا أن وصلت [يعني الأمير تميم] وصل الله برك بتقواه على مقربة من هذه الحضرة ونحن نأمل منك بحول الله أسباب النصرة بتلك العساكر التي أقر العيون بهاؤها وسر النفوس زهاؤها، فسرعان ما انثنيت وما انتهيت وارعويت وما أدنيت خايبًا عن اللقاء ناكصًا على عقبيك عن الأعداء، فما أوليتنا غناء، بل زدتنا بلاء، وعلى الداء داء بل أدواء، وتناهت بنا الحال جهدًا والتواءً، بل أذللت الإسلام والمسلمين واجترأت فضيحة الدنيا والدين، فيالله ويا للإسلام، لقد اهتضم حومه وحماه أشد الاهتضام إذ أحجمت أنصاره عن إعزازه أقبح الإحجام، ونكصت عن لقاء عدوه، وهو في فئة قليلة ولمة رذيلة وطائفة قليلة، فما هذا الجبن والفزع وما هذا الهلع والجزع، بل ما هذا العار والضياع..(2/400)
أتحسبون يا معشر المرابطين وإخواننا في الله المؤمنين إن سبق على سرقسطة القدر بما يتوقع من المكروه والحذر أنكم تبلعون بعدها ريقًا، وتجدون في سائر بلاد الأندلس عصمها الله مسلكًا من النجاة أو طريقًا... كلا، والله ليسومنكم الكفار عنها جلاءً وفرارًا، وليخرجنكم منها دارًا فدارًا، فسرقسطة حرسها الله هد السد الذي إن فتق فتقت بعده أسداد، والبلد الذي إن استبيح لأعداء الله استبيحت له أقطار وبلاد، فالآن أيها الأمير الأجل هذه أبواب الجنة قد فتحت، وأعلام الفتح قد طلعت، فالمنية لا الدنية، والنار لا العار، فأين النفوس الأبية، وأين الأنفة والحمية، ولن يسعك عند الله ولا عند مؤمن عذر في التأخر والارعواء من مناجزة الكفار والأعداء، وكتابنا هذا أيها الأمير الأجل اعتذار تقوم لنا به الحجة في جميع البلاد، وعند سائر العباد في إسلامكم إيانا إلى أهل الكفر والإلحاد ونحن مؤمنون،....، ومهما تأخرتم عن نصرتنا فالله ولي الثأر منكم ورب الانتقام، ويغنينا الله عنكم وهو الغني الحميد.
هذه الرسالة التي تقطر دمًا وحزنًا وكمدًا على تخاذل المسلمين عن نصرة إخوانهم تقرر لنا عدة نقاط هامة مستقاة من نص الرسالة:
1 ـ أن أعداء الله - عز وجل - مهما عظمت قوتهم وطغى نفوذهم إنما هم فئة قليلة ولمة رذيلة إذا ما كان أمامهم جند الإسلام المخلصون.
2 ـ أن ترك نصرة المسلمين المستضعفين في شتى بقاع الأرض لا سبب وراءه سوى حب الدنيا وكراهية الموت وكراهية مفارقة اللذات والشهوات، حتى صار أعداء الإسلام أجرأ على الموت منا، وأين جند المسلمين الآن من مقولة خالد بن الوليد لرسول هرقل: [لقد جئتكم برجال يحرصون على الموت كما تحرصون أنتم على الحياة].(2/401)
3 ـ أن المسلمين إذا تخاذلوا الآن عن نصرة إخوانهم وأسلموهم لعدوهم فإن الدور حتمًا سيأتي عليهم، وسيأتي عليهم اليوم الذي تدور عليهم الدوائر ويقع فريسة للعدو، فعقلية ابن نوح - عليه السلام - ما زالت تحكم المسلمين ويظنون أنهم بمنأى من الطوفان، وإذا أنهدم السد وانثل الجدار فلا أرض تبقى ولا دار.
4 ـ أن المسئولية أمام الله - عز وجل - جسيمة وهائلة فأين الاعتذار من هذا الخذلان وترك نصرة المسلمين، والسنة الماضية أن الله - عز وجل - ولي الثأر، وهو عزيز ذو انتقام.
فهل وعى المسلمون مضمون الرسالة؟؟!!
http://links.islammemo.cc المصدر
==============
رسالة موجزة إلى الشيخ المعجزة
أحمد المنسي
فُزْتَ ورب الكعبة..ومت واقفا كما يموت العظماء..
كان آخر عهدك بالدنيا الصلاة، وما أروعها من خاتمة يا شيخ وقد عز على الله أن تأتيه إلا شهيدا مسبحا وأنت تقول.. لو أن لي ألف نفس خرجت نفسا نفسا في سبيل الله لكان ذلك أغلى الأماني..
خرجت لتصلي الفجر ولم تسأل عن رخصة تمنعك من الخروج، ولم يمنعك تهديد الصهاينة من لقاء ربك، لبيت النداء ولم ترحم جسمك النحيل العليل..
تقدمت وتراجع الذين يبيتون مع النغمة والوتر، ومن كانت شيمته الغدر.. لا يعرف صلاة الفجر. عشقت الشهادة فعشقتك وطلبتها فطلبتك، وكان اللقاء الفجر، لتأتي يوم القيامة يتساقط من جسدك الطاهر ماء الوضوء، وينطق جبينك بالنور من آثار السجود. تأتي واللون لون الدم والريح ريح المسك، رحلت ولسان الحال يقول..
ثوى طاهر الأردان لم تبق بقعة غداة ثوى إلا اشتهت أنها قبر
قتلوك غدرا وأنت مقبل غبر مدبر، لأن مثلك لا يعرف الجبن ولا الفرار، أخجلتنا ياشيخ، وحيرت العالم بعظمتك، وما كان كرسيك إلا منبرا للدفاع عن الأمة وإعلانا للجهاد والحرب على أولاد القردة والخنازير.(2/402)
قتلوك لأنك قتلتهم وأنت على عرشك المتحرك، نفسك العالية التي لا تُروض ولا تُساوم ولا تحيد عن الحق ألهبت مضاجعهم وجمدت الدماء في عروقهم و وقذفت الرعب في قلوبهم.
قتلوك لأنك أيقظت الأمة، وأصحاب الدور والقصور والكراسي البالية لا يريدون لهذه الأمة أن ترى النور.
جعلت حياة أعداءك والجبناء المتخاذلين قلقا وجحيما فقرروا قتلك، كنت إذا تكلمت وضعوا أيديهم على رءوسهم، وإذا توعدت أظلمت الدنيا في عيونهم، وإذا أشرت تطايرت أحلامهم، وكأن الدنيا قالت للناس استريحوا وقالت بك في هؤلاء إلا أنتم، قتلوك.. وما استطاعوا أن يقتلوا الخوف والرعب في صدورهم.
قتلتهم وأنت قعيد أعزل، فلما أرادوا قتلك قتلوك بثلاثة صواريخ.. ومن بعيد بعيد جدا، وقدموا للدنيا وثيقة فشلهم وانكسارهم وألمهم ويأسهم، ثم أثبتوا لك النصر والرفعة.
قدمت نفوس أبناءك الطاهرة للشهادة، وجعلت كل واحد منهم على الموعد، يعرف دوره ومهمته ومكانه، وتسابقوا جميعا ليقدموا نفوسهم رخيصة في سبيل الله، فهذا اليوم وذاك كان بالأمس وهذا غدا.. (كل قد علم صلاته وتسبيحه). وقدم
المتهالكون على الكراسي البالية أبناءهم، حتى إذا قضوا فالطين يرث الطين، والله يقول.. (وأملي لهم إن كيدي متين).
سجنوك فكنت في سجنك الحر الطليق، وكانوا هم الطلقاء المسجونين أسرى أذلاء، ينظرون إليك من طرف خفي، لماذا طلقت الدنيا وهانت عليك الحياة؟ لماذا لا تخاف من حدهم وحديدهم وأنت الأسير القعيد السجين؟ من أين لك بهذه القوة التي عزت أن تكون في أقوى الناس بنية وأشدهم بأسا وأقواهم تحملا؟
لقد تجلت فيك قدرة العاجز ففضحت عجز القادرين.. ما أعظمك يا ياسين و يا معجزة العصر وآية من آيات الله في خلقه.(2/403)
كنت ترى بصعوبة، وتسمع بصعوبة، وتتكلم بصعوبة، وتتحرك بصعوبة، كانت حياتك كلها صعوبة.. وكان السهل لديك أن تبيع نفسك لله. ضربت أروع مثل في الصبر والرضا بقدر الله، فعلام يسخط القادرون؟؟؟ ماذا تركت للناس من بعدك وقد جمعت خصال الخير؟؟ حملت شرف الدفاع عن الأمة ومقدساتها، وأقمت الحجة على الناس، وربيت رجالا وبنات كنا نسمع عنهم ونقرأ عنهم فرأيناهم رأي العين، كنت أروع مثل للصدق والتجرد علىأرض الإسراء، ما عرفت الجبن ولا الخنوع ولا التراجع، اتعبت عدوك وما عرفت أنت التعب ولا الكلل ولا الملل، كنت راسخا كالجبل، فكان المتشدقون بالكلمات أمامك كالأوراق المتطايرة، نسيت آلامك بآمالك ورحت تقول..
قد كبرنا على الجروح وتعالينا على الألم.
لم تخف أنت ومن ربيتهم على الحق من تهديد أو وعيد وإن كان من أشد القوى على الأرض وأعنفها وأشرسها، وتحقق فيكم قول الحق - سبحانه -.. (الذين قال لهم إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل).
علمت الأمة أن ميزان القوى المادية ليس معيار النصر.. إن رجلا يساوي أمة، ورجلا أيقظ أمة، حري به أن يُحمل على الرءوس، ويسكن القلوب، ويوضع على المقل.
لكن من هزم الأمة، وأضاع الكرامة، وضلل الناس.. أساتذة الذل والانكسار، وعباقرة اليأس والتعتيم، فهؤلاء لا موقع لهم إلا تحت الأقدام.
من لم يخجل اليوم فمتى؟؟؟ ومن لم تهن عليه النفس في سبيل الله فأنى تهون؟؟؟
لو علم أعداؤك ما أنت فيه من نعيم لما قتلوك، ولضنوا عليك بالشهادة.. ولكن إذا خُتم على القلوب فإنها لا تُفتح إلا بإذن من علام الغيوب.
إن للعظمة أسرار، وللرجولة معالم، وللطهارة أدلة، وللخطاب مهر.
من خطب الدنيا كان مهره الذل، وعرسه في الطين، والخبيثات للخبيثين.
ومن خطب الجنة أمهرها نفسه، وقدم لها روحه، وكان عرسه في عليين، والطيبات للطيبين.(2/404)
نحن لا نبكي عليك وإنما نبكي علينا.. هنيئا لك يا شيخنا الجليل، وأنت في مقام جميل..
آن لك أن تستريح فقد أديت ووفيت، آن لك أن تلقى الأحبة محمدا وصحبه، آن لك أن تمشي على المرمر، وتشرب من الكوثر، قد أثمر عملك قد أثمر، فلك كل ذلك وأكثر.
آن أن يقال لك.. (سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار).
نعم عقبى الدار
وعليك السلام
http://saaid.net المصدر:
=============
رسالة إلى أختي المسلمة !!
محمد محمود عبد الخالق
للمرأة في هذه الأيام دور كبير إما في إصلاح المجتمع أو إفساده ولذلك كان هناك حرص من أعداء الأمة الإسلامية على كسب المرأة المسلمة في صفهم ومحاولة إغرائها وتزييف الأمور عليها فجعلوا حجابها تخلفا وتشددا وجعلوا تبرجها وسفورها تحضرا وتمدنا وجعلوا سكونها في بيتها وخروجها لجاجتها تسلطا وتجبرا وجعلوا خروجها واختلاطها بالرجال تقدما وتحررا، فلقد قلبوا لها الأمور فجعلوا الحلال في عينها حراما وجعلوا الحرام حلالا واستخدموا لتحقيق ما يريدون أناس من بني جلدتنا جعلوهم يتحدثون بألسنتنا لكي ينشروا من خلالهم ما يريدون ويدافعوا عما يهدفون ولذلك وجدنا تلك الشرذمة من الرجال والنساء الذين لا يكلون ليلا ولا نهارا عن الحديث عن المرأة وحقها وعن ظلم الإسلام لها بل إنهم يدافعون عن تبرجها وسفورها واختلاطها بالرجال بدعوى الحرية والمدنية وللأسف رأينا مجموعة كبيرة من المسلمات يستجبن لتلك الدعوات التحررية الفاجرة التي تريد للأمة أن تسقط وللمسلمين أن يهزموا وللعفة أن تنتهك وللأخلاق أن تنضحل وصدق من قال " فتح الباب من الداخل أيسر من فتحه من الخارج " فهؤلاء العلمانيون ومن على شاكلتهم استطاعوا أن يفتحوا الأبواب الداخلية لتلك الأمة والتي تمثل مصدر الحماية لها من الانهيار والتفرق واستطاعوا أن يصلوا إلى الكثير مما يريدوه أعدائنا لنا وكانت من أهم وسائلهم في تحقيق ذلك وهو ما نؤكد عليه " المرأة المسلمة ".(2/405)
وإذا كانت المرأة المسلمة تشك فيما قلته فإني أدعوها إلى التدبر والتفكير في تلك الكلمات التي قالها هؤلاء العلمانيون وغيرهم من أعداء تلك الأمة في الداخل والخارج لنعرف معا حقيقية الأمر فلعلنا نكون مخطئين فيما ذهبنا إليه أو نكون على صواب، ومن هذه الأقوال على سبيل المثال لا الحصر: -
قال أحدهم " لن تستقيم حالة الشرق ما لم يرفع الحجاب عن وجه المرأة ويغطى به القرآن "
وقال آخر " ليس هناك طريق لهدم الإسلام أقصر مسافة من خروج المرأة سافرة متبرجة "
ويقوا أحد شعرائهم وهو محمد صادق الزهاوي يخاطب المسلمة العراقية فيقول:
مزقي يا ابنة العراق الحجابا وأسفري فالحياة تبغي انقلابا
مزقيه وأحرقيه بلا ريث فقد كان حارسا كذابا
وبعضهم كان يقول " كأس وغانية تفعلان بأمة محمد مالا يفعله ألف مدفع "
وفي الدلالة على النوايا الخبيثة لدى أعداء الإسلام من وراء هذه الدعوة يقول محمد طلعت حرب باشا في كتاب له بعنوان " المرأة والحجاب ": - "إن رفع الحجاب والاختلاط كلاهما أمنية تتمناها أوربا من قديم الزمان لغاية في النفس يدركها كل من وقف على مقاصد أوروبا بالعالم الإسلامي ".(2/406)
إن المرأة وسط تلك الهجمة الشرسة التي تتعرض لها وهذا الاستغلال الخبيث لقدرتها على الهدم من خلال جسدها وعاطفتها وقدرتها على الإغواء وتحريك الشهوات الكامنة تحتاج إلى ان تفهم قيمتها الحقيقية في تلك الحياة وتعرف قيمة ما قدمه الإسلام لها والذي يتهمونه بأنه لم ينصف المرأة على الرغم من ذلك التكريم الذي تحظى به المرأة في الشريعة الإسلامية، ولكن للأسف أنهم لا يريدون إلا التشكيك والتضليل حتى ولو على حساب إظهار الحقيقة، فالمرأة المسلمة لها في الإسلام مكانة جعلت غيرها من الغربيات غير المسلمات يحسدونها على تلك المكانة ويصفونها بأنها " ملكة " وهذه المكانة العظيمة جعلت الكثير من النساء غير المسلمات يدخلن في الإسلام بسبب تكريمه للمرأة واحتفائه بها ومع ذلك ولآني أحب أن أدلل على ما أقوله فإني أعرض تلك الشهادات لمجموعة من العلماء والمثقفين والذين وصلوا إليها بعد دراسة وتمحيص في أوضاع المرأة في كافة العصور وفي وضعها في العصر الإسلامي لعلها توضح للمرأة المسلمة عظم مكانتها في الإسلام: -
يقول الدكتور محمد عبد العليم مرسي: " لم تعرف البشرية دينا كالدين الإسلامي عنى بالمراة أجمل عناية وأتمها، ولم يعرف تاريخ الحضارات الإنسانية حضارة كالحضارة الإسلامية قامت على أكتاف الرجال والنساء سواء بسواء، بل وضعت المرأة في مكانة مساوية للرجل لا تقل عنه ولا تتأخر، كما أعلم بذلك سيد الخلق أجمعين ونبي هذه الأمة الأمين محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - حين قال مؤكدا "إنما النساء شقائق الرجال " ".(2/407)
يقول بشر الطرزي الحسيني من كبار علما تركستان: " وبالإجماع فإن مقام المرأة في المجتمع العربي قبل الإسلام كان نازلا (!!) إلى حد ينكره الضمير الإنساني وفي هذا قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - " والله إنا كنا في الجاهلية لا نعد النساء شيئا حتى أنزل الله فيهن ما أنزل " فقد أفاد بهذا القول الوجيز ما كانت المرأة عليه في العهد الجاهلي من انحطاط وذلة، ثم ما صارت إليه من رفعة وعزة في ظل تعاليم الإسلام ومبادئه الحكيمة ".
يقول " ول. ديورانت " في كتاب " قصة الحضارة ": " الإسلام رفع مكانة المرأة في بلاد العرب وأن لم ير عيبا في خضوعها للرجل.. وهو يحرم على النساء ولاية الحكم، لكنه يسمح لها بحضور الصلاة في المساجد... وقضى القرآن على عادة وأد البنات (سورة الإسراء / 31) كما سوى بين الرجل والمرأة في الإجراءات القضائية والاستقلال المالي وجعل من حقها أن تشتغل بكل عمل حلال وأن تحتفظ بمالها ومكاسبها، وأن ترث وتتصرف في مالها كما تشاء (النساء / 4، 32).. وقضى على ما تعود عليه في الجاهلية من انتقال النساء من الآباء إلى الأبناء فيما ينتقل لهم من متاع ".(2/408)
والأقوال كثيرة ولكن المهم هو فهمها وأدراك معانيها ولتعلم الأخت المسلمة أنها غالية عندنا وأن الأمة تحتاج إليها وإلى عودتها إلى دينها وطاعة ربها وأخذ مكانها الحقيقي في تنمية المجتمع المسلم ورخاءه فتكون مسلمة نافعة لأمتها ساعية بجهدها ومالها وكل ما تملك إلى عزة تلك الأمة ونصرتها فالأمة كما نعلم ولا يخفى ذلك عن أحد تمر بأزمة حقيقية تحتاج إلى الجهد والبذل والعطاء والدعوة إلى الإسلام وتصحيح المفاهيم تبيين حقيقة الإسلام وتمسك الناس به والعمل له وهذا مطلوب من الرجال والنساء على حدا سواء فأحوالنا سيئة وأعداءنا لا يملون ولا يكلون من سعيهم لهدم الإسلام والقضاء عليه، ولذا أدعوك أختي المسلمة بالعودة إلى رحاب الإسلام قولا وعملا حتى تكوني من المسلمات المؤمنات الصادقات الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
وأخيرا أدعوا الله عزوجل أن تكون الرسالة قد وصلت وأن تجد صداها لدى الأخوات المسلمات والله من وراء القصد والسلام عليم ورحمة الله وبركاته.
ــــــــــــــــــــ
المصادر والمراجع: -
1- كتاب " الإسلام ومكانة المرأة " للدكتور / محمد عبد العليم مرسي.
2- كتاب " صفحات مشرقات من حياة الصحابيات " للدكتور / محمد طلعت عفيفي.
http://saaid.net المصدر:
============
رسالة ونداء لرجال المال والأعمال
إلى إخواننا رجال المال والأعمال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إننا إخوانكم ومؤسساتكم الخيرية الوفية معكم، لا نخاطبكم لأجل أموالكم، ولكننا في هذه الرسالة الصغيرة نخاطبكم لكم ومن أجلكم قبل أن يكون من أجلنا..إن الله قد أعطاكم الكثير وطلب منكم إقراضه اليسير ليضاعفه لكم: {من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسنا فيضاعفه له أضعافاً كثيرة والله يقبض ويبصط وإليه ترجعون}.
إنكم يا إخواننا بحاجة ماسة إلى معرفة حقائق في غاية الأهمية، من أبرزها:(2/409)
* لقد أصبح غيركم يأكل كما تأكلون، ويشرب كما تشربون، ويسكن كما تسكنون، ويركب كما تركبون، ويسعد بالحياة أكثر مما تسعدون وماذا بعد كل ما تجمعون، أفلا تفكرون؟ وتعلمون شيئاً عن غيركم بن تتميزن؟ وهذا ميدانكم الذي به تتنافسون، لئلا تكون أموالكم لغيركم غنماً وعليكم غرماً، لقد كان سلفكم سباقين لتجهيز كل أنواع البر والإحسان من أعمال القطاع الخيري ومشروعاته وهذا حق المال وتلك تزكيته وإنماؤه.
* إن المال مال الله - ليس لكم - فأنتم مستخلفون فيه مناظر ماذا تعملون.
* إن المال المكتسب من حلالا لا يسوغ أن يشقي صحابه، بل هو راحة له في الدنيا والآخرة، فانظروا وتأملوا في حالكم معه لتحكموا على أنفسكم وأموالكم.
* إنه من مصادر السعادة في العاجل والآجل حينما يكون تابعاً لكم ولستم تابعين له.. حينما يكون مقوداً لا قائداً: {ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء}
* إنكم سوف ترحلون عنه ولكن تبعاته لن ترحل عنكم، فسيكون السؤال عن المال: (من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟) فأعدوا للسؤال جواباً.
* إنكم محتاجون إلى مؤسسات القطاع الخيري أكثر من احتياجها لكم؛ لأنها تحقق النيابة عنكم في فريضة التكافل والتعاون والتآخى، وفريضة التداعي لآلام الجسد الإسلامي الواحد.
أحبابنا رجال المال والأعمال:
إننا لا نخاطبكم من أجل واجب الزكاة، فهذا أمر محسوم، من لا يؤدي هذا الواجب فلا خير لمخاطبته، ولكننا نخاطب من كتب الله عليه أن يكون من أهل المال ومن أحفاد المهاجرين والأنصار، ممن ابتلاهم الله بالغنى، كما ابتلى، غيرهم بالفقر: {ونبلوكم بالشر والخير فتنة}، {إنما أموالكم وأولادكم فتنة}.
إننا معشر المؤسسات الخيرية نحقق لكم الغنم ونتحمل عنكم مسؤولية الغرم، وإننا ندرك أن رسالتنا صعبة أكثر منكم، ولأجل هذا فقد أشركنا التشريع الإسلامي بالأجر مثلكم: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله).(2/410)
إننا نرفع لكم تبعات المسؤولية، وتبعات التقصير، وتبعات الهواجس الأمنية، وإن كنا لا نستغني عن مساندتكم المعنوية.
إننا (مؤسساتكم) بأعمالنا ومشاريعنا نعتبر من خطوط الدفاع الأولى عنكم وعن مصالحكم، حيث إن المؤسسات الخيرية من خير ما يوفر الأمن الوقائي لدولنا ومجتمعاتنا، ولأننا بوجودنا المؤسسي أصبحنا حجة عليكم ولسنا حجة لكم.
إن أعمالنا الخيرية صمام أمان للقطاع العام والخاص، إننا حماة لكم، فهلا بحثتم عن مؤسساتكم الخيرية قبل أن تبحث عنكم؟ وهلا أعطيتموها قبل أن تطلبكم؟ وبادرتم إليها قبل أن تبادر إليكم؟ فمتى تستقيم الأهداف بجمع الأموال لإنفاقها على أبواب الخير والنفع العام لتكون التجارة الرابحة؟
وإنكم لن تتحملوا أخطاء ما يمكن أن يحدث من تجاوزات أو اجتهادات أو تصرفات إننا صوتكم المسموع وسفيركم في الداخل والخارج، حيث لا يعرف العمل الخيري حدوداً ولا سدوداً، ولم يفرق بين المحتاجين عبر جميع العصور والأزمان وفي أي مكان.
وإن العمل الخيري العالمي الآن يتجاوز حدود الزمان والمكان لتحقيق أهدافه المتباينة، ولكنه في الإسلام يتحرك بدوافع الإيمان والإحسان، وسفير خير وأمان إلى كل الأوطان، ليمد جسور التلاحم بين الأمم والدول.
وإننا إياكم بحاجة ماسة إلى العمل على رضى الرحمن ودفع غضبه دون غيره، فعمل الخير لا ينتظر الشكر والعرفان، فتقديمه للآخرين واجب وهو بحد ذاته شكر وثناء للرحمن، وإننا جميعاً بحاجة ماسة إلى الإخلاص ووضوع الهدف: {إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً * إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريراً}.
وإننا واثقون وإياكم أننا بهذا الهدف وبتلك التضحيات بأنفسنا وأوقاتنا وأموالنا ومصالحنا الشخصية سوف نحظى بتقدير الجميع طال الزمن أم قصر، فالعاقبة للمتقين: (من أرضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس، ومن أسخط الناس برضاء الله كفاه الله مؤنة الناس).(2/411)
لقد سبقكم أبو بكر ببذله وعطائه، حتى ليكاد الناظر إلى نفقاته أن يقول: سوف يصبح فقيراً، ولكن الإنفاق يزيد من أصل المال (ما نقص مال من صدقة، بل تزده، بل تزده).
وهل نسيتم ما فعل عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - في عام الرمادة؟ ثم هل يخفاكم تجهيز عثمان - رضي الله عنه - لجيش العسرة وإرهاب الرومان حماية لدولة الإسلام والقرآن؟
لقد تنافس سلفكم الصالح على بذل أصول أموالهم دون فضولها {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} فكانت خير النتائج لأمة الإسلام ودولته.
لقد سبقكم الآباء والأجداد بإيقاف معظم ما يملكون لإيمانهم العميق باستمرار الملكية الحقيقية بثواب لا ينقطع وأجر لا يتوقف.
إخواننا... خصصوا لأنفسكم أوقاتاً يسيرة لتقرؤوا عن سلفكم، كيف أسهموا في الحفاظ على قوة الأمة وبناء حضارتها الزاهرة بالوقف على الجوامع والجامعات، والإسكان والبيمارستانات (المستشفيات)، وعلى العجزة والأيتام والمساكين، بل وعلى الثغور والمجاهدين.
إخواننا رجال المال والأعمال:
أيرضي ربنا، أم يرضي مجتمعاتنا؟ أم سوف يرضي ضمائرنا؟ (واقع حالنا مع أموالنا)، وأن تكون ثرواتنا في بنوك غيرنا، أو في بنوكنا، ولكنها تسهم في فعاليات التنمية لغيرنا. أم يرضيكم أن تكون أموالكم وسيلة ضغط وابتزاز عليكم وعلى دولكم؟
أليس من المخجل حقاً علينا جميعاً أن الإيداعات النقدية العربية في البنوك الأجنبية بلغت في دول السوق الأوربية المشتركة (650) مليار دولار، كما بلغت في الولايات المتحدة الأمريكية حوالي ترليون (975) مليار دولار، كما أن حجم ثروات الأثرياء العرب الشخصية فقد (800) مليار دولار، كما أن هناك مصادر أخرى تقول إنها بلغت (1. 2) ترليون دولار مجمل الثروات الفردية الخليجية المستثمره في الخارج؟
وماذا لو تم إخراج زكاة هذه الأموال فقط فضلاُ عن التبرع والوقف والهبات؟(2/412)
وأين مساهمات البنك المحلية في عالمنا العربي والإسلام في مجالات أعمال مؤسسات القطاع الخيري قرضاَ أو تبرعاً أو مساندة استثمارية، ولو بجزء يسير من تلك الإيداعات النقدية التي فاقت فوائدها نظيراتها في بقية دول العالم.
فأيد رد الجميل للمودعين؟ وأين البنوك من الوجه الحضاري والإنساني للحياة بالوفاء للأفراد والمجتمعات وأعمال الخير للمؤسسات؟ أم أن التكديس والتقديس للمادة أصبح هدفاً للحياة؟!
أيرضيكم إخواننا رجال المال والأعمال أن يسبقكم غيركم من اليهود والنصارى في الإنفاق والأوقاف، وقد تجرد كثير منهم من ماله أو من جزء كبير من ماله؟
اقرؤوا عن سورس اليهودي الأمريكي (suros) الذي فتح بأمواله (33) فرعاً لأعماله الخيرية، وخص منها (28) فرعاً في بلادكم الإسلامية، ومن أبرز أعماله، برنامج المنح الدراسية لآلاف الطلاب، وخص منها بلادكم بلاد البلقان المسلمة، والتي دفع لها بمفرده (350) مليون دولار، ثم تجاوز عمله إلى بلادكم الأخرى (الجمهوريات الإسلامية).
ولا بد من وقفات طويلة عند حجم وقوة مؤسسات غيرنا الوقفية من أمثال: (ليلي أند أونت) (12. 5) مليار دولار، ومؤسسة (نوبل) وجوائزه الوقفية، ومؤسسة (فورد) بجامعتها ومستشفاها (10. 8) مليار دولار، ومؤسسة (روكفلر ودوك) بتعليمها وطبها، ومؤسسة (روبرت وودجونسون (8. 7 مليار دولار) وغيرها كثير.
وقفوا عند تبرع (موناهان) الأمريكي الذي تبرع بكل ثروته (دومينوز بيتزا) لصالح الكاثوليك، بل تبرع ببيوته وقصره ويخونه، وذلك تجاوباً وتفاعلاً منه بعد قراءاته لكتاب أحد القسس.
وإذا لم تكف هذه النماذج فهلاً اطلعتم على أعمال وأنشطة مؤسسة (بل غيتس وزوجته ميلندا) الخيرية ملك شركة مايكروسوفت الأمريكية، والذي أوقف أكثر من (24) مليار دولار عام 2000م وذلك يساوي 40% تقريباً من ثروته؟(2/413)
هل يرضيكم - إخواننا رجال المال والأعمال - أن يسبقكم غيركم في البذل والعطاء، حيث يدفع الأصوليون النصارى في أمريكا وعددهم يتجاوز (80) مليون: 5% من دخلهم الصافي للمنظمات غير الربحية، وذلك في تسديدهم الضرائب إضافة لتسديد معظم الضرائب لتلك المؤسسات.
ولعله من المهم لإخواننا أرباب المال والأعمال أن ذلك الحدث (11 سبتمبر) الذي وقع في أمريكا قد تم تسخير معظم المحطات التلفزيونية والإذاعية والوسائل الإعلامية لتغطيته والدعوة للتبرع إليه حتى بلغت التبرعات حوالي (2) مليار دولار (1. 88) مليار حتى أواخر ديسمبر 2001م فقط حينما تم إيقاف التبرعات نظراً للاكتفاء، رغم تغطية شركات التأمين للمؤسسات والمباني والأفراد والطائرات.
ولقد ساهم القطاع الخاص بحوالي (ثلث) المبلغ الكلي حينما ساهمت (543) مؤسسة تجارية بمبلغ إجمالي إلى (621. 5) مليون دولار، وقد أثبتت المسوحات الاجتماعية الأمريكية عن أحداث 11 سبتمبر ارتفاع معدلات الوصايا والأوقاف، فهلا كانت كارثة فلسطين المتجددة عاملاً مساعداً لنا جميعاً على الزيادة فيكف بالنقصان؟
وهل ترضيكم الحملات الدائمة والطارئة للتبرع داخل أمريكا وخارجها لصالح إسرائيل دعماً لإرهابها وسحقاً لإخوانكم وقضيتكم في فلسطين، الذين ما زالوا يقيمون ببطولاتهم وانتفاضتهم درعاً واقياً وسياجاً أمنياً لكم ولمجتمعاتكم ولدولكم بل ولأموالكم؟
إخواننا رجال المال والأعمال:(2/414)
لقد حان الوقت لتوسيع مفاهيم الخير والبر، ولقد حان الوقت للإسهام في كل جوانب الخير المباشرة وغير المباشرة والتي لا تدعم فعل الخيرات فحسب، ولكنها تتجاوز ذلك إلى جوانب تنشيطه وتنميته لمضاعفة الثمرات، فأين الإسهام في إيجاد قنوات الإعلام المتخصصة والهادفة؟ وأين حجم الإسهام في تأسيس الصحف والمجلات والإذاعات؟ وأين حجم الإنفاق على إخوانكم من ذوي الحاجات؟ وأين نصيب مراكز البحوث والدراسات، وتشجيع الباحثين والباحثات، المتخصصين في تنشيط أعمال المؤسسات؟ أم أن لها فضول الثروات رغم أنها من أساس الخيرات؟ إننا بحاجة إلى إعادة المؤسسات الخيرية بكل وسائل التنشيط والفعالية العلمية والإعلامية وجوانب التدريب والإدارة، إضافة لدعمها التقليدي بجوانب التشغيل والتبرعات والزكاة والصدقات.
إن دعاوى الإرهاب علينا وعليكم يجب أن تكون خير مذكر لكل مدكر، وخير حافز للمراجعات مع النفس دون التراجعات عن نفع الغير، فالخوف والرجاء يجب أن يكون الله، والثواب والعقاب من الله، وهما خير حافز على العمل: {إن الله لا يضيع أجر المحسنين}، {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره}.
إن بوادر السنن الكونبة الربانية بالعقوبات قد بدت من خلال المحق والكساد للاقتصاد، ومن خلال التهديد بالمصادرة والتجميد، تحت مشجب دعاوى الإرهاب والتهديد.
وأخيراً.. فإننا وإياكم بحاجة على أن نزكي أنفسنا وأموالنا وان نقابل الإيمان بالإيمان، وقوة التبرعات من قبلهم بقوة الأوقاف والهبات من قبلنا، وأن نتجاوز بأعمالنا وثقتنا مراحل الشكوك وهاجس الأمن وحب الذات، وتقديس المال، وتكديس الثروات، لننقذ أنفسنا قبل غيرنا.وشكرنا وتقديرنا سلفاً لحسن استجابتكم لما فيه الخير لكم.
التوقيع:
مؤسساتكم وجمعياتكم الخيرية والأهلية في أنحاء العالم.
نقلاً من كتاب: (القطاع الخيري ودعاوي الإرهاب)
http://islameiat.com المصدر:
=============
الرسالة التي أبكتني !(2/415)
اخترت لكم اليوم رسالة من تلك الرسائل قد لا تكون أكثرها تأثيراً ولكنها نموذج لا زلت احتفظ فيه لأستشهد بها بعد أن استأذنت صاحبتها بشرط عدم ذكر الاسم أو أي بيانات قد تكشف هويتها تقول في رسالتها بعد السلام وعبارات الإطراء:
" كنت ابحث في الجوجل عن موقع الإباحة وأدخلت تلك الكلمات إلى أن فوجئت بهذا الموضوع " تحذير: للبالغين فقط!! ".... في وسط الظلام هناك من ينيرون الطريق... نعم هناك من سخروا أنفسهم لخدمة الدعوة.. لخدمة هذا الدين.. الله أكبر.. دمعات سالت من عيني أين أنا من هؤلاء؟ أين أنا من هؤلاء؟.. إلى متى الضياع وراء النفس والشهوات؟.. لم يكد رمضان ينتهي حتى عدت إلى جرائمي.. في حق الله ثم في حق نفسي..... يا لها من حياة... بالله عليكم لا تنسونا من دعائكم نحن الحيارى والمحرومون يا ترى هل لنا من عودة؟ أتأمل أحياناً في المصير.. إلى أين..؟ لا أريد جواباً أنا لن أستطيع أن أتغلب على نفسي والهوى والشيطان.. كلهم ضدي وأنا وحدي في هذا الطريق... ولا معين..... والآن بزغ أمامي هذا الموقع أو هذا النور ليجدد الأمل بالله.. ولكن الله أعلم لا ادري إلى متى سأصمد فقد حاولت مراراً الرجوع عن هذا الطريق ولكن دون فائدة وها أنا قد عدت... لعلي نحو حتفي.. لا ادري بأي حال سأموت.. وهل بقي في الحياة خير؟... لا أظن... لن أطيل وكل ما انشده من هذه الرسالة هو تشجيعكم وطلب الدعاء منكم للحيارى من الشباب والبنات المسلمين التائهين... لا تنسونا من دعائكم فلعل دعوة بصدق منكم تخلصني مما أنا فيه من أسر.. إنما أشكو بثي وحزني إلى الله.. أدركوا البنات.. أدركوا الشباب.. أدركوا الأطفال.. أدركوا المسلمين بالله عليكم فقد اختاركم الله لخدمة دينه ويا لها من مكرمة فلا تياسوا أبداً وتفاءلوا بالخير.. اسأل الله أن يسدد خطاكم يا أحبائي في الله.(2/416)
إحدى التائهات في ظلمات الشهوات فريسة لأطماع المجرمين.. يا لها من حياة أسأل الله إن كان فيها من خير فليعجل به وإن لم يكن فمالي من البقاء بد.... الأسيرة.. تذكروني بدعوة في الثلث الأخير من الليل لعل فيها فكاكي "
هذه الرسالة أبكتني لأنها حملتني عبئاً كبيراً لا أستطيع تحمله فمن أنا؟ وما مقدار العلم الذي أملكه؟ وما هي إمكانياتي المادية لأستغلها في الدعوة؟؟ ولكن هل أجلس وأكتفي بالبكاء والتمني؟ لا وألف لا..
هذه الرسالة صرخة في أذن الدعاة في جميع أنحاء العالم الإسلامي كفاكم نوماً هياً استيقضوا وأنقذوا هؤلاء الذين اتبعوا أهواءهم فضلوا... هذه الرسالة وغيرها الكثير دليل على أن هناك خللاً في آلية الدعوة لا يمكن تجاهله.
أحبتي في الله في يوم من الأيام كنت أتهرب من سؤال وضع في الصفحة الرئيسية لأحد المواقع.. كم شخصاً هداه الله على يديك؟؟ حتى لجات إلى الله بدعاء خالص في سجودي دعوته ليجعلني خادماً لهذا الدين واستجاب الله لي وأوحى لي بتلك المقالات والأفكار الدعوية فكان لها من التأثير الطيب ما لم أتوقعه أتدرون لماذا؟ لأنها خرجت من قلب غيور ناصح فلامست تلك القلوب وتشربتها، لأنني لم أعنف وأصرخ وأتشنج بل نصحت باللين وبالكلمة الطيبة لأنني لم ادع المثالية ورسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - يقول: " كل ابن آدم خطّاء وخير الخطائين التوابون ".
أحبتي في الله أنا لا أملك من العلم شيئاً يذكر فلم ادرس علوم الدين ومع هذا استطعت بتوفيق من الله وفضل أن أعيد المئات لجادة الحق بل إن بعضهم أصبح من حفظة كتاب الله وامتهن البعض الآخر الدعوة إلى الله وتحجبت فتيات وبعضهن تزوج برجال صالحين ولله الحمد ولا أقول ذلك بدافع الرياء بل من أجل بث الحماس في صدوركم أيها الإخوة والأخوات. لا تحتقروا أنفسكم وإمكانياتكم وما لديكم من علم فقد أوصانا الرسول - عليه الصلاة والسلام - حين قال: "بلغوا عني ولو آية ".(2/417)
فلا تستحقروا أي فكرة دعوية مهما كانت بسيطة ولا تترددوا في تقديم النصح لمن يحتاجه وابدؤا ببيوتكم ثم أصدقائكم وأقاربكم واعلموا أن أكبر أذى ممكن أن يصيبكم قد أصاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي هو خير الخلق ما هو أكبر منه وأشد، ليجلس كل منا مع نفسه ويسألها محاسباً إن لم تكن وظيفتنا في الحياة الدعوة لهذا الدين فما هي؟
أما أنتم يا من رزقكم الله العلم فتقاعستم وشغلتم أنفسكم بالتكفير وتتبع الزلات والإنتقاص من العلماء والدعاة والتهجم على من يخالفكم في الرأي وأصبح شغلكم الشاغل البحث عما يشدد على الناس في دينهم حتى نفرتم الناس بأساليبكم الجافة ووجوهكم المتهكمة وهيئتكم المخيفة فإني ادعوكم إلى ترك ذلك كله وترك تلك العباءات والمشالح والبشوت المطرزة بالذهب والنزول من على العروش والبحث عن مواطن الفساد ومجالس الشباب وتقديم النصح لهم كما أمر رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - مقتدين به متبعين سنته وهديه في الدعوة فهؤلاء يتأثرون بالكلام الطيب الخارج من قلب مؤمن ناصح محب للخير والقصص التي تؤكد كلامي كثيرة وليس هذا مجال ذكرها..
لنترك عن أنفسنا هذا التواكل فكلنا مسئول أمام الله عن هذا الضياع الذي يعيشه قسم كبير من الشباب المسلم.. لتكن ثورة دعوية ذات آلية واضحة محددة الوسائل والأهداف نخرج منها بجيل مسلم قوي واع.. إنها دعوة لكل من يملك العلم ولكل من يملك المال ولكل من يملك الوسائل لن يسهم في إنقاذ الفئات التي جاءت في الرسالة فجهود المفسدين كبيرة ووسائلهم خبيثة ونتائجها مخيفة تحتاج منا إلى جهد اكبر لمواجهتها وإحباطها.. إني ادعوكم بل أتوسل إليكم لتستيقضوا من سباتكم فوالله إن لم نتحرك الآن تحركاً مدروساً فسيأتي وقت يستفحل فيه الفساد وحينها لن ينفعنا الندم.(2/418)
في الختام أود أن أبشركم بان صاحبة هذه الرسالة في أحسن حال ولله الحمد والفضل لكنها وغيرها من الأحبة في الله بحاجة للدعاء فلا تبخلوا عليهم بالدعاء فهو أقل ما يمكنكم تقديمه.
هذا ندائي فهل من مجيب؟؟ اللهم هل بلغت؟ اللهم فاشهد.
وفقكم الله وسدد على دروب الخير خطاكم.
http://saaid.net المصدر:
============
رسالة في تعظيم الله
أديب بن محمد المحيذيف
إن الناظر في أحوال الناس ليعجب من هذه النفوس التي إذا ذُكِّرت بالله لم تتذكر، وإذا وُعظت لم تتعظ، وإذا قُرئت عليها آيات الوعد والوعيد لم تبك ولم تتأثر.ولا شك أن هذا نذير خطر على العبد إذا لم يراجع نفسه ويحاسبها ويذكرها بالله - تعالى -، ولعله من أعظم الأسباب التي أوصلت الإنسان إلى هذه الحالة المتردية عدم استشعار عظمة الله في القلوب والبعد عن خشيته والخوف منه - سبحانه -.
ولعلي في هذه المقالة المختصرة أن أبين هذه المسألة المهمة ألا وهي تعظيم الله، فأقول:
ذكر الفيروز أبادي في القاموس المحيط في معنى التعظيم قال: العِظم بكسر العين خلاف الصِغر، وعظَّمه تعظيماً وأعظمه أي فخمه وكبره، واستعظمه أي رآه عظيماً(1).
وقال الرازي في مختار الصحاح: عظُم الشيء أي كبُر فهو عظيم(2).
وقال ابن منظور في لسان العرب: العظيم الذي جاوز قدره وجلَّ عن حدود العقول(3).
إن الله - تعالى - لم يخلق الخلق ولم يرسل الرسل ولم ينزل الكتب إلا من أجل تحقيق غاية من أسمى الغايات ألا وهي عبادته - سبحانه - وتحكيم شرعه، ولا يمكن أن تصل العبادة إلى أعلى كمالها إلا بتعظيم المعبود؛ فقد ذكر المناوي في تعريف العبادة أنها فعل المكلف على خلاف هوى نفسه تعظيماً لربه. وقيل ـ أي العبادة ـ هي تعظيم الله وامتثال أوامره(4). فمن هذا التعريف تتضح أهمية تعظيم الله، وأنها العبادة التي خلقنا الله لتحقيقها.(2/419)
ولقد جاءت النصوص الشرعية من الكتاب والسنة في بيان فضل تعظيم الله؛ فمنها قوله - تعالى -: {إياك نعبد وإياك نستعين} [الفاتحة: 5]، قال القرطبي - رحمه الله -: ثم الآية الرابعة جعلها الله بينه وبين عبده؛ لأنها تضمنت تذلل العبد لربه وطلب الاستعانة منه؛ وذلك يتضمن تعظيم الله - تعالى -(5).
ومنها قوله - تعالى - في معرض ذكر صفات عباده المؤمنين: {الذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار} [الرعد: 22]، قال ابن جرير الطبري - رحمه الله -: ابتغاء وجه ربهم أي طلب تعظيم الله وتنزيهاً له أن يخالف في أمره أو يأتي أمراً كره إتيانه فيعصيه به(1).
ومنها قوله - تعالى - في قصة نوح - عليه السلام - مع قومه: {ما لكم لا ترجون لله وقارا} [نوح: 13]، قال أبو السعود: أي ما لكم لا تؤملون له - تعالى - توقيراً أي تعظيماً لمن عبده وأطاعه(2).
ومنها قوله - تعالى - لما ذكر قصة أصحاب الجنة: {قال أوسطهم ألم أقل لكم لو لا تسبحون} [القلم: 28]، قال الثعالبي: قيل هي عبارة عن تعظيم الله والعمل بطاعته - سبحانه -(3).(2/420)
ومنها حديث جبير بن مطعم - رضي الله عنه - حيث قال: أتى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أعرابي، فقال: يا رسول الله! جُهدت الأنفس، وضاعت العيال، ونُهكت الأموال، وهلكت الأنعام، فاستسق الله لنا؛ فإنا نستشفع بك على الله ونستشفع بالله عليك. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ويحك أتدري ما تقول؟ »، وسبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه، ثم قال: «ويحك إنه لا يُستشفع بالله على أحد من خلقه، شأن الله أعظم من ذلك.. »(4)؛ فالأعرابي لما قال: (فإنا نستشفع بالله عليك) جعل الله في مقام الشافع عند رسوله، وهذا تنقيص من قدره - جل وعلا -؛ ولهذا سبَّح الرسول - صلى الله عليه وسلم - ونبَّه الأعرابي إلى هذا الخطأ الفادح لما قال: «ويحك! أتدري ما الله؟ إن شأن الله أعظم من ذلك» إلى آخر الحديث.
ولكي نتصور ـ أخي الكريم ـ حقيقة وكنه التعظيم فإن علينا أن نتفكر في هذا المثال: انظر إلى حال رفقاء الملوك والأمراء والرؤساء ـ إلا من رحم الله ـ تجد أحدهم لا يستطيع أن يرد لهذا الملك أو لهذا الرئيس أمراً ولا أن يرتكب نهياً حتى وإن كان هذا الأمر والنهي يضره في بدنه أو ماله أو أهله، وعندما نسأله عن سر هذه الطاعة العمياء نجد أن تعظيمه لهذا الرئيس هو السبب الحقيقي لهذه الطاعة. إذاً فالتعظيم يولِّد في النفس الخوف من المعظَّم.
ولهذا ما فتئ علماء الأمة يجتهدون في تذكير الناس بمسألة تعظيم الله؛ فها هو شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - يصنف كتاب التوحيد، ويقرر فيه مسائل العقيدة ثم يختم كتابه بأبواب عديدة كلها تتعلق بتعظيم الله، مثل: باب فيمن لم يقنع بالحلف بالله ـ باب التسمي بقاضي القضاة ـ باب احترام أسماء الله ـ باب لا يرد من سأل الله ـ باب قوله: {وما قدروا الله حق قدره} [الزمر: 67]. وهذا آخر باب ذكره الشيخ في كتابه القيم.(2/421)
لكن هل نحن معظمون لله أم لا؟ للإجابة عن هذا التساؤل لا بد أن ننظر إلى حالنا عند الإقدام على فعل طاعة من الطاعات: هل نؤديها رغبة ورهبة، خوفاً وطمعاً؟ أم أن الطاعة أصبحت عادة من العادات نعملها كل يوم دون استشعار الهدف من أدائها؟ وهل المرأة حين تلبس الحجاب الشرعي تلبسه لأنه شرعٌ من الله أم أنه تراث وتقاليد؟ كذلك ننظر إلى حالنا عند فعل المعصية: هل نحس كأننا تحت جبل يكاد أن يسقط علينا أم كذبابة وقعت على أنف أحدنا فقال بها هكذا؟ كذلك لننظر إلى حالنا أثناء أداء الصلاة والقيام لرب العالمين هل نستشعر عظمة من نقابله فنخشع في صلاتنا أم تشغلنا الأفكار والهواجس؟ وهل إذا قابلنا ملكاً من ملوك الدنيا صنعنا عنده مثل ما نصنع في صلاتنا؟ إذا أجبنا عن هذه التساؤلات بكل تجرد فسنعرف يقيناً هل نحن معظمون لله أم لا؟(2/422)
أخي الكريم! لنتأمل حال أولئك المعظمين لله - تعالى - عند قيامهم للصلاة؛ فقد قال مجاهد - رحمه الله -: كان إذا قام أحدهم يصلي يهاب الرحمن أن يشد بصره إلى شيء، أو أن يلتفت أو يقلب الحصى، أو يعبث بشيء أو يحدث نفسه من شأن الدنيا إلا ناسياً ما دام في صلاته، وكان ابن الزبير إذا قام في الصلاة كأنه عود من الخشوع، وكان يسجد فأتى المنجنيق فأخذ طائفة من ثوبه وهو في الصلاة لا يرفع رأسه، وكان مسلمة بن بشار يصلي في المسجد فانهدم طائفة منه فقام الناس وهو في الصلاة لم يشعر. وكان علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - إذا حضرت الصلاة يتزلزل ويتلون وجهه، فقيل له: ما لك؟ فقال: جاء والله وقت أمانة عرضها الله على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملتها. وكان سعيد التنوخي إذا صلى لم تنقطع الدموع من خدَّيه على لحيته. وكان شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - إذا دخل في الصلاة ترتعد أعضاؤه حتى يميل يمنة ويسرة(1). وهذا غيض من فيض من أخبار وأحوال أولئك المعظمين لله، اللهم كما رزقتهم تعظيمك فارزقنا إياه يا سميع الدعاء.
بل إن من العجيب أن كفار قريش كان في قلوبهم شيءٌ من تعظيم الله، وإليك بعض الشواهد على ذلك:
1 - قصة عتبة بن ربيعة حينما قرأ عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - فواتح سورة فصلت فلما بلغ قوله - تعالى -: {فإن أعرضو فقل [فصلت: 13]، وضع يده على فم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وناشده الله والرحم ليسكتن(2).
2 - قصة جبير بن مطعم أنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في المغرب بالطور، فلما بلغ هذه الآية: {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون (35) أم خلقوا السموات والأرض بل لا يوقنون (36) أم عندهم خزائن ربك أم هم المسيطرون } [الطور: 35 - 37] كاد قلبي أن يطير(3).(2/423)
3 - كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - عند الكعبة وحوله صناديد قريش فقرأ عليهم سورة النجم فلما وصل إلى السجدة في آخر السورة سجد فسجدوا معه(4).
فهذه الشواهد تدل على أن كفار قريش رغم كفرهم وإشراكهم كان في قلوبهم شيء من تعظيم الله. قال شيخ الإسلام: «والمشركون ما كانوا ينكرون عبادة الله وتعظيمه ولكن كانوا يعبدون معه آلهةً أخرى»(5).
أخي الكريم! إن عدم تعظيم الله في القلوب سيُسأل عنه كل فرد منا؛ فلا بد من المحاسبة والمراجعة وتقويم النفس والنظر في علاقتنا بربنا - جل وعلا -.
ولعل من أعظم أسباب عدم تعظيم الله ما يلي:
1 - الوقوع في المعاصي، وهذه هي المعضلة، وهي السبب في كل بلاء ومحنة وبعد عن الله - تعالى -. قال ابن القيم - رحمه الله -: «وكفى بالعاصي عقوبةً أن يضمحل من قلبه تعظيم الله ـ جل جلاله ـ وتعظيم حرماته، ويهون عليه حقه، ومن بعض عقوبة هذا أن يرفع الله - عز وجل - مهابته من قلوب الخلق ويهون عليهم ويستخفُّون به كما هان عليه أمره واستخف به»(1)، وقال بشر بن الحارث: لو تفكر الناس في عظمة الله لما عصوا الله.
2 - التساهل في أوامر الله؛ فتجد كثيراً من الناس لا يؤدون العبادات على الوجه المطلوب؛ فلو كانوا يعظمون الله حق التعظيم لعظموا أمره كذلك.
3 - عدم تدبر القرآن حال قراءته، وعدم الوقوف عند وعده ووعيده، وأصبح همُّ القارئ آخر السورة فحسب دون اعتبار للهدف الذي أُنزل من أجله القرآن. قال - تعالى -: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب } [ص: 29].
4 - الغفلة عن ذكر الله فتجد أحدنا في المستشفيات أو في إحدى الدوائر الحكومية جالساً على كرسي الانتظار زمناً طويلاً وهو لا يذكر الله ولا يسبحه ولا يكبره؛ حتى وإن سبح وكبر فهو لا يعي معنى هذا التسبيح وهذا التكبير، وهذه مشكلة لا بد أن نعالجها في نفوسنا.(2/424)
5 - النظر فيما حرم الله - تعالى -؛ فالنظر الحرام يولد في القلب القسوة والجفاء، وهذا لا يتأتى مع التعظيم؛ لأن التعظيم لا يكون إلا من قلب خاضع خاشع لين مقبل على الله بكليته.
ولهذا فلا عجب أن يكون السلف الصالح ـ رضوان الله عليهم ـ من أشد الناس تعظيماً لله؛ لأنهم أحرص الناس على طاعته وأبعدهم عن معصيته. قال القنوجي: وهم ـ أي السلف الصالح ـ أشد تعظيماً لله وتنزيهاً له عما لا يليق بحاله(2). وقال ابن منده في كتاب الإيمان: والعباد يتفاضلون في الإيمان على قدر تعظيم الله في القلوب والإجلال له، والمراقبة لله في السر والعلانية(3).
أخي الكريم! وبعد هذا كله فحريٌ بنا أن نتطرق إلى الأمور المعينة على تعظيم الله وهي كثيرة ولله الحمد؛ ولكن قبل أن نذكرها ننبه إلى نقطة مهمة وهي أن المسلم إذا أراد أن يكون ممن يعظم الله حق التعظيم، فلا بد من وجود نية صادقة تدفعه دفعاً للوصول إلى هذه الغاية، وأن يكون حرصه على تعظيم الله نابعاً من استشعاره لأهمية التعظيم، وأن يريد بعمله وجه الله - تعالى - لا أن يمدحه الناس ويثنوا عليه.
أما الأمور المعينة على تعظيم الله فنذكر منها:
1 - تحقيق العبودية الكاملة لله - تعالى -؛ فالعبد كلما تقرب إلى ربه بأنواع العبادات وأصناف القرُبات عظُم في قلبه أمر الله؛ فتراه مسارعاً لفعل الطاعات مبتعداً عن المعاصي والسيئات. قال شيخ الإسلام: «وكلما ازداد العبد تحقيقاً للعبودية ازداد كماله وعلت درجته»(4).(2/425)
2 - التدبر الدقيق للقرآن الكريم وما فيه من حِكم وأحكام، والنظر فيما فيه من الدروس والعبر، وأن نتدبر في الآيات التي تتحدث عن خلق الله وبديع صنعه، والآيات التي تتحدث عن عقوبته وشديد بطشه، وآيات الوعد والوعيد، فإن تدبر القرآن يؤثر في القلب ولا شك، ويُذكي فيه عظمة الخالق والخوف منه. قال الشيخ عبد الرحمن بن قاسم صاحب حاشية الروض - رحمه الله -: بل قراءة آية بتدبر وتفهُّم خير من قراءة ختمة بغير تدبر وتفهُّم، وأنفع للقلب وأدعى إلى حصول الإيمان وذوق حلاوة الإيمان، وهكذا قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - والسلف من بعده، حتى إنه ليردد الآية إلى الصباح، وهذا هو أصل صلاح القلب، ومن مكائد الشيطان تنفير عباد الله من تدبر القرآن لعلمه أن الهدى واقع في التدبر(1).
3 - التفكر في خلق السماوات والأرض؛ فإن الناظر فيها ليدهش من بديع صنعها وعظيم خلقها واتساعها؛ ومع هذا فهو لا يرى فيها شقوقاً ولا فطوراً قال - تعالى -: {الذي خلق سبع سموات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور (3) ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير } [الملك: 3، 4].
ولهذا أثنى الله على عباده الذين يتفكرون في خلق السماوات والأرض؛ قال - تعالى -: {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب (190) الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار} [آل عمران: 190، 191].(2/426)
ومن الأحاديث الدالة على عظمة السماوات ما رواه أبو ذر الغفاري - رضي الله عنه - قال: قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة»(2). فهذا الحديث يبين عظمة السماوات وعظمة الكرسي والعرش؛ ونحن ـ بني آدم ـ لا نساوي شيئاً أمام هذه المخلوقات العظيمة، ومع ذلك يقول الله - تعالى - في السماء والأرض: {ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا أتينا طائعين } [فصلت: 11]، قال الشوكاني: أي أتينا أمرك منقادين(3)؛ فيا سبحان الله! كيف بالإنسان هذا الضعيف الذليل يتكبر ويتبجح ويقارع جبار السماوات والأرض بالمعاصي والآثام؟! نسأل الله السلامة والعافية.
4 - النظر في حال من غبر؛ فلقد عاش على هذه الأرض أقوام وشعوب أعطاهم الله بسطة في الجسم وقوة في البدن لم يعطها أمة من الأمم ولكنها كفرت بالله وكذبت بالرسل؛ فأذاقها الله لباس الجوع والخوف ودمرهم تدميراً؛ فها هم قوم عاد الذين قالوا: من أشد منا قوة؟! أهلكهم الله {بريح صرصر عاتية (6) سخرها عليهم سبع ليل وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية} [الحاقة: 6 - 7]، وها هم ثمود الذين كانوا ينحتون من الجبال بيوتاً فارهين أهلكهم الله بالصيحة {فأصبحوا في ديارهم جاثمين} [هود: 94]، فالله - سبحانه - لم يتكلف في عذاب هذه الأمم ولم يكن له - سبحانه - أن يتكلف؛ إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون؛ فما بالنا نحن الأضعف والأقل قوة وبطشاً لا نخشى أن يصيبنا مثل ما أصاب أولئك؟
5 - الدعاء: وهو أنفع الأدوية وأقوى الأسباب متى ما حضر القلب وصدقت النية؛ فإن الله لا يخيب من رجاه قال - تعالى -: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون } [البقرة: 186].(2/427)
فاللهم إنا نسألك تعظيمك والخوف منك، وأن تمن علينا بتوبة صادقة تعيننا على طاعتك واجتناب معصيتك.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
___________________________
(1) القاموس المحيط، 1/ 1470.
(2) مختار الصحاح، ص 185.
(3) لسان العرب، 12/409. (4) التعاريف، 498.
(5) تفسير القرطبي 1/ 94.
(1) تفسير الطبري، 13/140.
(2) تفسير أبو السعود، 9/ 38.
(3) تفسير الثعالبي، 4/ 328.
(4) أخرجه: أبو داود، في كتاب السنة، باب في الجهمية، (5/94 ـ 96). وصححه ابن القيم في تهذيب السنن، (7/95 ـ 117)، وضعفه الألباني في تخريج كتاب السنة لابن أبي عاصم (1/252).
(1) انظر 33 سبباً للخشوع في الصلاة، 35 ـ 39.
(2) تفسير القرطبي، 15/221.
(3) أخرجه: البخاري، في كتاب التفسير، (8/603)، رقم (4854).
(4) الرحيق المختوم، 107. والحديث في صحيح البخاري من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد بالنجم، وسجد معه المسلمون والمشركون، والجن والإنس. كتاب سجود القرآن، باب سجود المسلمين مع المشركين، (2/553)، رقم (1071).
(5) مجموع الفتاوى، 21/282.
(1) الجواب الكافي، 46.
(2) قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر، ص 48.
(3) كتاب الإيمان، 1/300. (4) مجموع الفتاوى، 10/ 176.
(1) حاشية الروض، 2/ 207.
(2) أخرجه: محمد بن أبي شيبة في كتاب العرش، وصححه الألباني بمجموع طرقه في السلسلة الصحيحة، رقم (109).
(3) فتح القدير 4/ 508.
http://albayan-magazine.com المصدر:
=============
رسالة إلى حكوماتنا العربية والإسلامية
إلى حكومتنا الموقرة في عالمنا العربي والإسلامي:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:(2/428)
إننا مؤسساتكم الخيرية والأهلية - حسب اعتقادنا - خط الدفاع الأول لكم ولنظامكم، ولكن أعداءنا اعتبرونا الضحية الأولى قبلكم - لأننا حسب إيماننا ورسالتنا - مصدر قوة لكم بشكل مباشر، أو غير مباشر، لقد حان الوقت أن نقول: إننا مظلومون من الخارج والداخل، وأنتم تدركون قول الشاعر:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة **** على المرء من ضرب الحسام المهند
لقد تمت مكافأتنا - عبر عالمنا العربي والإسلامي - كلما أصيبت بلادنا بكارثة أو نازلة حيث نجاحنا المشهود في علاج الفيضانات في أحد أقطارنا العربية أقفل أبواب العشرات من مؤسساتنا الخيرية العاملة، ومبادراتنا المتميزة في قطر آخر لعلاج آثار الزلازل ألغى بعض مؤسساتنا وجمعياتنا الأهلية، كما أن الهاجس الأمني الموهوم لدى كثير من أقطارنا حال بيننا وبين ميلاد الحد الأدنى من مؤسساتنا الخيرية.
لقد أصبحت أنفاسنا معدودة، وحساباتنا محدودة، وخطواتنا مرصودة، فكيف لنا إعانتكم ومشاركتكم آلام شعوبكم وإخوانكم وتطلعاتهم إلى الكرامة التي هي مصدر لقوتكم وصمودكم في مرحلة جديدة أطلت ببداية ذكية تنتهي بكم في حين أن الحاجة ماسة إلى التلاحم الكبير بين المؤسسات والجمعيات، والشعوب والحكومات.
يا من توليتم أمرنا:
لقد أطعناكم وعملنا تحت إشرافكم ودعمكم المحدود، وكفيناكم كثيراً من المعالجات لقضايا متنوعة تشغل دوائركم ومؤسساتكم في القطاع العام والخاص.
وفوق هذا لقد سجّل التاريخ أننا لسنا كالقطاع غير الحكومي أو القطاع غير الربحي في دول الشمال مثل أوربا وأمريكا، حيث يكون دعم الأعمال السياسية وإنشاء المنظمات المتخصصة لتلك الأغراض كما يدعمون منظمات ومليشيات التسلح والتدريب والإرهاب!!
إننا نقول بملء أفواهنا:
لقد رضينا بأن نكون شراء لكم في الغرم دون الغنم الذي أكثره لكم، ولقد رضينا أن نقتصر على إطعام الطعام ومواساة الأيتام وتعليم المحرومين، وتربية المنحرفين.(2/429)
لقد اقتصرنا على سد الثغرات وتلبية الاحتياجات في أعمالنا الإغاثية والدعوية والتعليمية، فكان الجزاء الأخير هو ذلك التجاوب المحدود واللا محدود مع دعاوى تستهدفكم قبل أن تستهدفنا، وتخطط لكم وعليكم قبل أن تجهز علينا، وهي حملات دعوى الإرهاب!! التي تسعى لتحجيم ما بقي من مؤسسات، وإجهاض ما حملت به بعض المجتمعات والحكومات.
لقد استوعبت مؤسساتنا - وهي مؤسساتكم - ما لم تستطع قطاعاتنا الحكومية استيعابه، كما أن مؤسسات الخير سخرت ووجهت من الطاقات والأعمال ما شهدت به الإدارة الحديثة (شرقية وغربية) أن القطاع الخيري بعد الحصول على حقوقه المشروعة صمام أمان للدول والشعوب، وهو يتأكد أكثر في بلادنا الإسلامية لأنه مصدر وقاية ومناعة، وحماية لدينا وشعوبنا وشريك فعال وقوي في التنمية.
تصوروا مؤسساتنا الضعيفة في إمكاناتها، المباركة في أعمالها، أنها انتهت معنوياً أو حسياً. فكم من محروم سيتخرج من مدراس الحرمان؟ وكم من جاهل سوف يتعلم من عصابات الإجرام؟ وكم من يتيم؟ وكم من جائع؟ وكم من مريض؟ وكم من ضال ومنحرف؟ سيكون معظم هؤلاء إن لم يكن الجميع مصدر إزعاج وتخريب!! لأنهم عاشوا في مجتمعات لا ترحمهم وبين أناس لا يحملون همهم.
إننا لا نطلب منكم أن تمارس من خلالنا الحقوق السياسية ولا الشعارات الحزبية؛ لأننا بعملنا الخيري نحسب أننا كفيناكم الكثير من المتاعب والاحتياجات الشعبية.
ولأننا - بعطائنا الخيري والإغاثي والتعليمي والدعوي - قد حققنا - قدر استطاعتنا - معظم الحقوق المشروعة للإنسان مما يغني عن الكثير من المنظمات السياسية والصراعات الحزبية.
ولماذا لا تكون تلك الحملات الإعلامية والميدانية دلالة على مصداقية مؤسستنا ونزاهتها والتي أصبحتم أنتم تحسدون عليها؟(2/430)
إننا أصحاب فضل على القطاع العام والخاص، فلا تنسوا الفضل بيننا، وإننا لا ننكر أن لنا مثل غيرنا اجتهادات قد تكون خاطئة أحياناً ولكنها محدودة لا تبرر بعض فكيف بكل ما يتخذ بحقنا من قرارات ونظم ومجالس ولجان تتحكم بعملنا وتعيقه بدل أن تدفعه وتنميه.
إن نظيراتنا من المؤسسات العالمية نجحت بحريتها واستقلاليتها كقطاع خيري ثالث، وشريك في معظم جوانب التنمية، وإننا نرفع صوتاً هادئاً قائلين لكم: " إننا لا نستطيع أن نكون أقوياء مثلهم " ونحن لا زلنا محرومين من حقوقنا المسلوبة (الزكاة والصدقات) (الاحتساب والتطوع)، إلا أننا بهذه الركائز حين نتمتع بها سوف تسهم في الوقاية والعلام في الداخل والخارج لكثير من الالتزامات والواجبات، وسوف نكون من خير الشركاء - بإذن الله - تعالى - في معظم جوانب التنمية، كما سوف نكون - بإذن الله - خير سفير لبلادنا نقرب البعيد ونمد جسور التواصل مع الشعوب والحكومات، فهلا أدركتم رسالتنا ودعمتم مسيرتنا وتجاوزتم عن عثراتنا وأحبطتم مخطط أعدائنا؟!
إننا نشكر لكم بعض مواقفكم من خلال تصريحات كثير من وزراء الداخلية العرب بالدفاع عنا تارة، والحديث عن دعاوى الإرهاب تارة أخرى، وأن الدفاع عن النفس والمال والعرض ودعم هذا الدفاع ليس إرهاباً، ولكن هذا ليس مطلبنا الأساس الذي تعرفونه.
إننا مؤسساتكم طال الزمن أم قصر، نحتاجكم وتحتاجوننا، نعينكم وتعينوننا، فنحن سندكم وأنتم سندنا بعد الله، وذلك من خلال حمل هموم أمتنا، ومجتمعاتنا، إنكم تعرفون حق المعرفة أننا بعيدون عن تلك الدعاوى المغرضة، فلماذا الهزائم النفسية!!(2/431)
ولكننا محتاجون جميعاً إلى فهم واستيعاب لغة الأرقام بيننا وبين خصومنا، في حجمهم ومواردهم البشرية، كما أن الحاجة ماسة إلى معرفة نوع العمل بيننا وبينهم، حتى نعرف أن حجمنا وقوتنا من حيث العدد والموارد البشرية والمالية مخجل حقاً، ولكنه موجب للتأمل وإعادة النظر حتى في دعاواهم عن الأصولية الإسلامية كما يقولون والتي لم تصل في بلادنا 10% من حجم أصوليتهم: (المسيحيون المولودون من جديد).
إن مؤسساتكم الخيرية والأهلية تقول:
إننا بحاجة إلى الشقة والتلاحم والتعاون فيما بيننا حتى لا يسهل ابتلاعنا جميعاً، وأملنا بالله كبير أن لا تتنكر دول الطوائف بعزلنا جميعاً عن مصدر من مصادر قوتنا ووحدتنا شعوباً ودولاً، وأن تكون الاستفادة من التاريخ، والله غالب على أمره، وحسبنا أننا أبلغناكم رسالتنا وأبلغناهم رسالتنا، وعجلة التاريخ سائرة بسوادها وبياضها تدويناً وتسجيلاً.
{فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد}.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نقلاً من كتاب: (القطاع الخيري ودعاوى الإرهاب)
الدكتور / محمد بن عبد الله السلومي
http://islameiat.com المصدر:
==============
رسالة عاجلة إلى أهل الفلوجة حفظهم الله ونصرهم
صقر غامد
يا أهل الفلوجة وأسودها، لقد جرى الوادي فَطَمَّ القَرِيِّ (1)، وقامت القوات الصليبية بحصار عرينكم، يدفعهم حقدٌ صليبيٌّ أعمى القلوب قبل البصائر، وساعدهم في ذلك رافضة العراق عليهم جميعاً لعائن الله تترى، فلا قريبٌ يقدر على مساعدتكم، ولا بعيدٌ يستطيع القدوم لمناصرتكم، فأصبحتم كَقَصَعَة الطعام، ينهش بها الجياع من كل مكان..
ولكن ...(2/432)
لا تَهِنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعْلَون، فحالكم اليوم كحال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحبه الكرام يوم الأحزاب، حيث جمعت قريش وغطفان جحافلهم وجيوشهم، ونقض يهود بني قريظة عهودهم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فحاصروا المدينة من كل جهة شهراً كاملاً، المشركون من أمامهم، وعن أيمانهم وعن شمائلهم، واليهود من خلفهم، والمنافقون من بينهم، فعظم الخطب، واشتد الأمر، وضاق الحال، وشخصت الأبصار، وبلغ بهم الخوف مبلغه، وزُلزِلوا زلزالاً شديداً، حتى يَئِس البعض القليل من نصر الله، ((إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَاْ * هُنَالِكَ اُبْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا)). " سورة الأحزاب: 10-12 ". عندئذٍ، وبعدما عَلِمَ الله وهو أعلم ثبات المؤمنين، وصبرهم واحتسابهم وإيمانهم بنصره لهم، قذف الله في قلوب أعدائهم الرعب، وأرسل عليهم ريحاً صَرْصَرَا، وشتت شملهم، وفَرَّقَ كلمتهم وجمعهم، وأرسل عليهم جنوداً من عنده، ملائكةً مُسوَّمين، لا يَعْصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وكفى الله المؤمنين شرَّ القتال، ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرَاً)). " سورة الأحزاب: 9 ".(2/433)
يا أُسُود الدين والتوحيد بالفلوجة، ها هم مشركي قريش وغطفان ((أمريكا وحلفائها)) يغيرون عليكم ويتربّصون بكم، وها هم يهود بني قريظة ((الرافضة)) ينفضون أيديهم عنكم ويديرون ظهورهم، وها هم المنافقون ((مجلس الحكم الانتقالي وغيرهم)) يعقدون الاتفاقات بالخفاء، ويضمرون لكم السوء، ولعل المذكرة التي قاموا بإرسالها لكم آخر دليل على ذلك. فاثبتوا يا أسود الفلوجة، ويا أنصار الرحمن، اثبتوا كما ثبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحبه الكرام من قبل، واعلموا أن الله لن يضيِّعكم ولن يخذلكم، ووالله ثم والله ثم والله ثم والله لَيَنْصُرَنَّكم الله، وهذا وعدٌ وعدكم به، وقَطَعه على نفسه حيث يقول: ((وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ))، فانصروه بقدر استطاعتكم لينصركم، واعلموا يا جُند الله أنَّ فتح مكة كان عقب غزوة الأحزاب، وأنا أسأل الله العلي القدير، الكريم المنَّان، أن يعقب حصار الفلوجة هزيمةً نكراء للقوات الصليبية، هزيمة مُنكرة تكون سبباً في هروب علوج الروم ومومساتها من أرض الرافدين وبلد الرشيد، هزيمة تُشفي صدور قوم مؤمنين، وليس ذلك على الله بعزيز.
يا أسود الله، ويا حُماة الدين بالفلوجة والعراق، اعلموا أنَّ الجنة تحت ظلال السيوف، واعلموا أن نبيكم الكريم - صلى الله عليه وسلم - تمنّى الشهادة في سبيل الله ثلاثاً، واعلموا أن الله وعدكم إحدى الحُسنيين، إما نصرٌ وإما شهادة، فاثبتوا يا رعاكم الله، وليكن شعاركم:
نحنُ الذينَ بايعوا مُحمَّداً *** على الجهادِ ما بقينا أبداً
وليكن شعاركم:
وإنْ نَصدُقْ معَ المولى *** سَنُنْهي اليومَ أمريكا
ولكم منا نحن أشباه الرجال ولا رجال الدعاء لكم، والتضرع إلى الله اللطيف الخبير، الرؤوف الرحيم، بأن يرفع عنكم هذه الغُمَّة، وأن يمددكم بمدد من عنده، وأن ينصركم نصراً مؤزراً عاجلاً غير آجل..
والحمد لله رب العالمين، وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(2/434)
والسلام عليكم ورحمة الله - تعالى - وبركاته.
http://alarabnews.com المصدر:
-=============
رسالة البطريرك ' جريجوريوس '.. وهكذا تهدم الأمة
عجيب جدًا حال أعداء الإسلام في عداوتهم للإسلام والمسلمين فهم لا يكفون ليل نهار في حرب المسلمين، يقطعون أوقاتهم ويفنون أعمارهم في التدبير والتآمر على الأمة المسلمة، ويفكرون ليل نهار في كيفية إسقاط هدف الأمة لذلك فقد وصلوا بالفعل إلى معرفة كاملة وتفصيلية عن مواطن قوة الأمة وعوامل قيامها وأسباب تخلفها وضعفها؛ فعملوا جاهدين على القضاء على كل أسباب القوة وتنمية وإبراز كل عوامل الضعف ووضعوا مناهج ومقررات ومخططات تمثل عصارة تجاربهم وخبراتهم في حرب الإسلام وأصبحت هذه المخططات والمناهج ميراثًا هامًا يورثه كل جيل للذي بعده تمامًا كما وضع الصهاينة مخططهم الشرير والمعروف باسم 'بروتوكولات حكماء صهيون' والذي أصبح بعدها دستور لليهود في كل جيل وكل مكان، وبين أيدينا نص رسالة أرسلها البطريرك 'جريجوريوس' كبير قساوسة اليونان أيام حكم الدولة العثمانية إلى قيصر روسيا يشرح له فيها كيفية هدم الدولة العثمانية من الداخل وذلك سنة 1820 ميلادية، مع العلم أن البطريرك 'جريجوريوس' هذا كان معينًا من قبل الدولة العثمانية ويقيم باستانبول تحت رعاية وحماية الدولة العثمانية وله صلاحيات وامتيازات واسعة، ومع ذلك يرسل بهذه الرسالة ليوضح لنا مدى حقيقة موقف غير المسلمين 'الآخر' من الدول الإسلامية التي يعيشون تحت رايتها، وهذه هي نص الرسالة:
'من المستحيل سحق وتدمير الأتراك العثمانيين بالمواجهة العسكرية؛ لأن الأتراك العثمانيين ثوريون جدًا ومقاومون وواثقون من أنفسهم، وهم أصحاب عزة نفس واضحة، وهذه الخصال التي يتمتعون بها إنما تنبع من ارتباطهم ببعضهم ورضائهم بالقدر وتشبعهم بهذه العقيدة، وأيضًا من قوة تاريخهم وطاعتهم لسلطانهم.(2/435)
الأتراك العثمانيون أذكياء وهم مجدون مجتهدون متجاوبون مع رؤسائهم مما يجعلهم قوة هائلة تخشى منها، وإن كل مزايا الأتراك العثمانيين هذه بل وبطولاتهم وشجاعتهم إنما تأتي من قوة تمسكهم بدينهم وارتباطهم بأعرافهم وتقاليدهم وصلابة أخلاقهم، ولذا فإن السبيل لهدم هذه القوة يكون كما يلي:
أولاً: لابد من كسر شعور الطاعة عندهم تجاه سلطانهم وقادتهم وتحطيم روحهم المعنوية، وروابطهم الدينية، وأقصر طريق لتنفيذ هذا تعويدهم للتعايش مع أفكار وسلوكيات غريبة لا تتوائم مع تراثهم الديني.
ثانيًا: لابد من إغراء العثمانيين لقبول المساعدات الخارجية التي يرفضونها من إحساسهم بعزتهم وتعويدهم عليها حتى لو أدى ذلك إلى إعطائهم قوة ظاهرة لمدة محدودة.
ثالثًا: لابد من إعلاء أهمية وقيمة الأمور المادية في تصوراتهم وأذهانهم وإفسادهم بالإغراءات المادية؛ فإنه ليس بالحرب فقط تهدم الدولة، بل العكس هو الصحيح؛ لأننا إذا اتبعنا طريق الحرب وحده لتصفية الدولة العثمانية سيكون هذا سببًا في سرعة إيقاظهم ووصولهم لمعرفة حقيقة ما يخطط ويبيت لهم في الخفاء.
وإن ما يجب علينا عمله هو إكمال هذه التخريبات في بنيتهم الذاتية والاجتماعية ومكانتهم الدولية دون أن يشعروا بذلك'.
انتهت الرسالة وما زال المخطط قائمًا.
فالأمة المسلمة غارقة في الديون حتى رأسها، ونظير هذه الديون التنازلات مستمرة والتراجعات على أشدها، والصمت تجاه ما يحدث للمسلمين في شتى بقاع الأرض رهيب ومطبق، والهزيمة النفسية تعتصر أبناء المسلمين فلا يرون الأمور إلا قاتمة سوداء، والعادات الغربية تعصف بأبناء المسلمين والتقليد أعمى، وأهم شيء الآن تحصيل أكبر قدر من المتاع الدنيوي واللذات الفانية، وهكذا تهدم الأمة من الداخل.
السبت 4 ربيع الأول 1425هـ - 24 أبريل 2004م
http://links.islammemo.cc المصدر:
=============
رسالة إلى حواء المعتزة بدينها
محمد رشيد العويد(2/436)
تظن حواء، خطأ، أن مهمتها التي خلقت لها أقل شأناً من مهمة الرجل فتراها تنادي بمساواتها بالرجل، وكأن الرجل في مرتبة أعلى، ومكانة أسمى مع أن نظرة تأملية منا تظهر لنا أن الرجل ما وصل إلى هذه المكانة وما حصل على تلك المرتبة، إلا بفضل المرأة، سواء أكانت أماً أنشأته وربته ووجهته، أم زوجة وقفت بجانبه ودفعته وشجعته. ولو قلبنا صفحات التاريخ نقرأ سير رجال العظماء، لوجدنا للمرأة نصيباً أوفى ودوراً أكبر في انتصار هذا القائد وتفوق ذلك السياسي، وإبداع ذلك الأديب.
يقول الرئيس الأمريكي الأسبق (تيودور روزفلت): (إن أي عمل يقوم به الرجل مهما كان شاقاً أو عظيم المسؤولية لا يمكن أن يصل إلى مرتبة امرأة تنشئ أسرة من أولاد صغار، إنها تهب وقتها وطاقتها لأولادها، وإني أرى أن دور المرأة أهم، وأكثر صعوبة وأكثر فخراً من دور الرجل وبصفة عامة فإنني أحترم المرأة التي تبذل جهداً في سبيل بناء أسرة) فلماذا يا حواء، تتخلين عن هذه المهمة العظيمة، التي خلقك الله - تعالى - لها، وأقر بها الرجل لك، من أجل شارع وشمس وغبار...؟!
http://www.islamselect.com المصدر:
=============
رسالة من أم إلى ابنها العاق
يا بني.. هذه رسالة مكلومة من أمك المسكينة كتبتها على استحياء بعد تردد وطول انتظار أمسكت بالقلم مرات فحجزته الدمعة وأوقفت الدمعة مرات فجرى أنين القلب.
يا بني.. بعد هذا العمر الطويل أراك رجلاً سوياً مكتمل العقل ومتزن العاطفة من حقي عليك أن تقرأ هذه الورقة وإن شئت بعد فمزقها كما مزقت أطراف قلبي من قبل.(2/437)
يا بني.. منذ خمسة وعشرين عاماً كان يوماً مشرقاً في حياتي، عندما أخبرتني الطبيبة أنني حامل والأمهات يا بني يعرفن معنى هذه الكلمة جيداً، فهي مزيج من الفرح والسرور وبداية معاناة مع التغيرات النفسية والجسمية وبعد هذه البشرى حملتك تسعة أشهر في بطني، فرحة جذلا، أقوم بصعوبة وأنام بصعوبة وآكل بصعوبة وأتنفس بصعوبة ولكن كل ذلك لم ينقص محبتي لك وفرحي بك بل نمت محبتك مع الأيام وترعرع الشوق إليك. حملتك يا بني وهناً على وهن وألماً على ألم، أفرح بحركتك وأسر بزيادة وزنك وهي حمل علي ثقيل، إنها معاناة طويلة أتى بعدها فجر تلك الليلة التي لم أنم فيها ولم يغمض لي فيها جفن ونالني من الألم والشدة والرهبة والخوف ما لا يصفه القلم ولا يتحدث عنه اللسان ورأيت بأم عيني الموت مرات عدة حتى خرجت إلى الدنيا فامتزجت دموع صراخك بدموع فرحي وأزالت كل آلامي وجراحي.
يا بني.. مرت سنوات من عمرك وأنا أحملك في قلبي وأغسلك بيدي جعلت حجري لك فراش وصدري لك غذاء أسهرت ليلي لتنام واتعبت نهاري لتسعد، أمنيتي كل يوماً أن أرى ابتسامتك وسروري في كل لحظة أن تطلب مني شيئاً أن أصنعه لك فتلك هي منتهى سعادتي.
ومرت الليالي والأيام وأنا على تلك الحال، خادمة لم تقصر ومرضعة لم تتوقف وعاملة لم تفتر حتى اشتد عودك واستقام شبابك وبدت عليك معالم الرجولة فإذا بي أجري يميناً وشمالاً لأبحث عن المرأة التي طلبت، وأتى موعد زفافك فتقطع قلبي وجرت مدامعي، فرحة بحياتك الجديدة وحزناً على فراقك، ومرت الساعات ثقيلة فإذا بك لست ابني الذي أعرفك لقد أنكرتني وتناسيت حقي. تمر الأيام لا أراك ولا أسمع صوتك وتجاهلت من قامت بك خير قيام.
يا بني لا أطلب إلا القليل اجعلني في منزلة أطرف أصدقائك عندك وأبعدهم حضوة لديك، اجعلني يا بني إحدى محطات حياتك الشهرية لأراك فيها ولو لدقائق.(2/438)
يا بني.. احدودب ظهري وارتعشت أطرافي وأنهكتني الأمراض وزارتني الأسقام، لا أقوم إلا بصعوبة ولا أجلس إلا بمشقة ولا يزال قلبي ينبض بمحبتك.
لو أكرمك شخص يوما لأثنيت على حسن صنيعه وجميل إحسانه، وأمك أحسنت إليك إحسانا لا تراه ومعروفا لا تجازيه، لقد خدمتك وقامت بأمرك سنوات وسنوات، فأين الجزاء والوفاء؟ ألهذا الحد بلغت بك القسوة وأخذتك الأيام.
يا بني.. كل ما علمت أنك سعيد في حياتك زاد فرحي وسروري ولكني أتعجب وأنت صنيع يدي، أي ذنب جنيته حتى أصبحت عدوا لك لا تطيق رؤيتي وتتثاقل زيارتي، هل أخطأت يوماً في معاملتك أو قصرت لحظة في خدمتك، اجعلني من سائر خدمك الذين تعطيهم أجورهم وامنحني جزءاً من رحمتك ومُنَّ علي ببعض أجري وأحسن فإن الله يحب المحسنين.
يا بني.. أتمنى رؤيتك لا أريد سوى ذلك دعني أرى عبوس وجهك وتقاطيع غضبك.
يا بني.. تفطر قلبي وسالت مدامعي وأنت حيٌ ترزق ولا يزال الناس يتحدثون عن حسن خلقك وجودك وكرمك.
يا بني.. أما آن لقلبك أن يرق لامرأة ضعيفة أضناها الشوق وألجمها الحزن، جعلت الكمد شعارها والغم دثارها وأجريت لها دمعا وأحزنت قلبا وقطعت رحما.
لن أرفع الشكوى ولن أبث الحزن، لأنها إن ارتفعت فوق الغمام واعتلت إلى باب السماء، أصابك شؤم العقوق ونزلت بك العقوبة وحلت بدارك المصيبة، لا لن أفعل. لا تزال يا بني فلذة كبدي وريحانة حياتي وبهجت دنياي.
أفق يا بني.. بدأ الشيب يعلو مفرقك، وتمر سنوات ثم تصبح أباً شيخاً والجزاء من جنس العمل. وستكتب رسائل لإبنك بالدموع مثل ما كتبتها إليك، وعند الله تجتمع الخصوم.
يا بني.. اتق الله في أمك، كفكف دمعها ووآسي حزنها وإن شئت بعد ذلك فمزق رسالتها واعلم أن من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها.
http://www.islamway.com المصدر:
============
رسالة من زياد، الولد الأصغر لسامي الحصين إلى الرئيس الأمريكي
سعيد صالح الغامدي
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الرئيس...
كيف حالك؟!(2/439)
إن كنت بخير فأنا أريد أن أكون بخير مثلك..
أنا اسمي زياد...
عمري سنتان ونصف...
يوم العيد بكيت كثيرا لأن أبي لم يشتر لي لعبة...
و بكيت حين رأيت الدموع تنهمر من عيون أمي التي حطّمها الحزن...
أنا لا أعرف ماذا فعل أبي، لكنني أكرهكم لأنكم منعتموه من أن يضمني يوم العيد
ويقبلني...
و أنت أيها الرئيس عندك أولاد، ألا تراهم فينا نحن أطفال المسلمين...
ألا تتخيل جسد ابنتك ممزقا في شلو طفل في العراق؟!
ألا تحس بلوعة الأبوة حين ترى طفلا ينظر إلى الأولاد مع آبائهم وهو بدون والد...
إذا كنت تحس أنني لا أستطيع أن أعيش بدون والدي فأطلق سراحه أرجوك...
أحيانا يضربني طفل في الشارع...
أكتم المرارة، لأني لا أجد والدا آخذه بيدي لينصرني على الطفل الذي اعتدى علي...
حزين أنا أيها الرئيس لأني منذ شهور طويلة لم أقل (بابا)..
أحاول أن أقولها أحيانا لكي لا أنساها...
في الليل أسأل أخي: (هل أبي نائم الآن؟ )، أيها الرئيس هل ينام أبي عندكم في السجن؟ هل تعطونه غطاء في البرد؟ ومن يعد له فطور الصباح..
أنا أيضا أتذكره في فطور الصباح...
أنا أحب أبي... اشتقت إليه....
البارحة رأيته في المنام، كان يحملني على ظهره مثلما كان يفعل....
استيقظت مسرورا وحين فتحت عيني رأيت أمي ساهمة تنظر إلى السقف وتبكي...
أيها الرئيس...
و أنا لم أعد آكل ما أشتهي من الحلويات؛ لأنه لم يعد عند أمي مال تشتري لي به الحلويات...
و أنا لم أعد أطلب..
صرت أرى ما تشتهيه نفسي في أيدي الصغار، فأقول لأمي وأنا أكتم انكساري ودمعتي: (حينما يرجع أبي سيشتري لي الحلوى أليس كذلك؟ )...
و لا أستطيع أن أمنع دمعة قهري بعدها..
فلماذا أيها الرئيس لا تترك أبي يرجع إلي ليشتري لي ملابسا جميلة، وحلوى، ولعبا...
البارحة رأيت في يد ابن جيراننا لعبة جميلة....
قال أن أباه اشتراها، وسألني: لماذا لا يشتري لك أبوك لعبة مثلها؟ لم أجد جوابا...(2/440)
طأطأت رأسي وعدت إلى البيت أسلي نفسي باللعب بلعبة مكسورة اشتراها لي أبي حين كان بيننا.
أيها الرئيس...
حينما تريد ابنتك شيئا تطلبه منك..
و أنا أبي عندكم.. فممن أطلب؟!
لماذا لا تتركون أبي يرجع لأطلب منه ما يريد ثم يرجع إذا شئتم.
أمي قالت أن أبي عندكم في السجن..
أنا قلت لها أنني سأكتب رسالة إلى الرئيس الأمريكي وسيطلقه..
قلت لها... لن يرفض الرئيس طلبي..
سيقول لي: ماذا تريد يا زياد؟
أقول له: أريد بابا.
سيمسح دمعتي ويقبّلني ويضعني في حجره ويقول لي: أبشرْ يا حبيبي...
و إذا لم يطلق الرئيس بابا فكيف يستطيع أن يرجع إلى بيته ويرى ابنته؟!
كيف ينظر في عينيها دون أن يرى عيوني المنكسرة..؟!
كيف يضحك ويأكل ويشرب وصورة استعطافي له لا تغادر مخيلته؟!
أنا أعرف أن أي أب لا يستطيع أن يقهر طفلا يرى في وجهه وجه ابنه....
و أنا أحب أبي... ولا يمكن أن أتركه هكذا...
سأذهب حافيا وبلعبتي المكسورة...
أقف أمام بيت الرئيس..
أنام على عتبة الباب حتى يخرج...
و يجدني هناك وفي يدي اللعبة...
سأقول له: أرجوك.. جدتي مريضة، وأمي ليس لها من المال ما تشتري لي به لعبة..
أرجوك أطلق سراح أبي...
أو أنا أنتظرك هنا...
و أنت تدخل إليه في السجن..
و تقول له: ابنك الصغير زياد يطلب منك أن ترسل له نقودا ليشتري لعبة جديدة مثل ابن الجيران...
أيها الرئيس هذه رسالتي إليك وإلى قضاة يمثل بينهم أبي عصفورا مكسور الجناح..
أيها الرئيس خذ لعبتي هذه المكسورة التي ما عندي غيرها وأطلق سراح أبي...
أريد أبي، أعطيك ما ستعطيني جارتنا من الحلوى وأطلق سراحه...
أيها الرئيس..
حين تطلق أبي سأعانقه وأقبل خده.. وأقول له:
أبي أنا الذي أخرجتك... الرئيس صديقي، كتبت له رسالة فأطلق سراحك يا أبي....
أيها الرئيس أنا خائف من أن لا تطلق سراح أبي فأكرهك مثلما يكرهك كل الذين هم حولي..
أنا عمري عامان ونصف فقط ولا أريد أن أكره...
فخذ لعبتي..
و أعطني أبي...(2/441)
و إلا...بقيت بدون أب...
23-04-2004
http://www. rassid. com المصدر:
==============
رسالة إلى صاحب محل تجاري
د. يوسف محمد علي السعيد
عزيزي صاحب المحل التجاري:
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته، تحية طيبة وبعد:
ما من فردٍ منا إلا ويحب مجتمعه ومحيطه الذي يعيش فيه، إنك و أسرتك جزء من هذا المجتمع، وسلامة المجتمع وتطوره هو بحدّ ذاته سلامة لأسرنا ونموها ودرء المخاطر عنها.
فكلما ارتفع مستوى الوعي لدي أفراد مجتمعنا كلما كان ذلك عائداً علينا وعلى أولادنا و بناتنا بالخير و البركة.
انطلاقا من هذه البديهة؛ فإني - و بعد قراءة موسعة حول التربية و التعليم - وجدت أنه يمكن لنا تعليم وتوعية أفراد مجتمعنا بطرق متعددة وغير محصورة بعدد.
لذا؛ فإني أهيب بك أن تكون أحد المشاركين في رفع مستوى الوعي لدي مجتمعاتنا، و العمل على تفجير طاقاتها الكامنة فيها، والمسألة لا تحتاج منك الكثير، كل ما نراه، أن تقوم بتبني الإستراتيجية التالية، ألا وهى استثمار أكياس المشتريات الخاصة بالمحل كوسيلة تنشر عن طريقها حكمة أو توجيها تربويا أو صورة هادفة معبرة عن قضية من قضايا المجتمع أو قضية من قضايا عالمنا العربي والإسلامي.
الجمل التالية اخترناها لك؛ لتنتقي منها ما تراه مناسبا للمجتمع من حولك، ولك أن تختار أحدها لتكون مكتوبة ضمن التصميم الذي تختاره مطبوعا على الكيس. ففي كل مجموعة - مثلاً - ألفٌ أو ألفان كيس، يكون عليها جملة واحدة ضمن التصميم المختار، فإذا ما انتهت هذه المجموعة يمكنك أن تغير الجملة بأخرى.
واعلم أخي الفاضل أن أكثر الأسر تعيد استخدام الأكياس، فهذا الكيس جوال بين الأسر، فهو بمثابة مُوَجِّه متنقل صامت.(2/442)
لذا فقد ارتأينا عدم الاستهانة بهذه الوسيلة. كما أن تكلفة ذلك الأمر في تقديري انها زهيدة جدا إذا ما قورنت بفوائده المرتجاة على أفراد مجتمعاتنا، ولكي لا أطيل عليك الحديث فإليك الجمل ألمقترحه وقد و ضعنا فاصله بين كل جملتين، ولك أن تنسج على منوالها ما تراه أولى منها أو النظر فيما يكتب من جمل قصيرة على كل ورقه من أوراق التقويم المتداول بين الناس فإن فيها خيرا كثير إن شاء الله:
الصلاة الصلاة، اكتب مقالا، اكتب قصة، أعد محاضرة، اخطب جمعة، اجري، دون خواطرك، اعمل بالوعظ البنَّاء، كن شجاعاً، كن كريماً، كن واسع الصدر، تعلم أدب الحوار، إقرأ الفاتحة، إقرأ آية، إقرأ سورة الفيل، إياك و الظلم، إقرأ ثلث القرآن، ابتسم، فجّر طاقاتك، اعرف قدرك، اكتب عن نفسك، حدد أهدافك، لا تيأس، لا تضيع وقتك، طور قدراتك، اطلب العلم، اخترع شيء، ألّف كتاب، أعد شريط، عمق علاقاتك، حسن صوتك، لا تكتئب، كن حليماً، اشغل خيالك بالمفيد، زر أقربائك، كم نسبة عملك بما تعلم؟، تعلم فن الاستماع، تعلّم مهنه، كن جواداً، أحب لغيرك ما تحب لنفسك، صاحب أهل الخير و الصلاح، أحضر بخوراً للمسجد، لا تسرح في أحلام اليقظة، ماذا تعرف عن الشيشان؟، آية الحجاب، كن محباً للخير و أهله، فكّر بإنشاء مشروع إنتاجي، اعمل فكل ميسر لما خلق له، إقراء…ارسم…ألِّف قصيدة، تعلم فن الكلام، أصدر مجلة، عدل سلوكياتك؟، تميز!، غيّر اهتماماتك للأفضل، أمّك ثم أمّك ثم أمّك، هل تعرف قيمتك؟، ماذا يقرأ أولادك؟، كيف أنت و زوجك؟، حذر الناس من السرعة، اشتغل بالعمل الخيري، لا تؤذي غيرك،(2/443)
تمرس على الحاسوب، كم كتابا قرأت هذا الشهر؟، هل فكرت يوما في القبر؟، تصدق، تسامح إلا مع الباطل، لا تحزن، لا تصرخ في وجه أطفالك، مُر بمعروف، إنه عن منكر، هل أطفالك يحبون القراءة؟، ما حقيقة حبك لمجتمعك؟، ساعد ناشطاً في الدعوة، شارك في البرامج الإعلامية الهادفة، كن مضيافاً، كيف تقضي وقتك؟، اعمل شيئا نافعاً، الثلث الأخير من الليل، اصدق في تجارتك؟، عامل جيرانك بالحسنى، جُزيت خيراً، اعمل بالتجارة التربوية، ماذا تعرف عن كشمير؟، إقرأ حديثا نبوياً كل يوم، تقبل النصح بصدرٍ رحب، أنت أكبر من أن تدخن، كم شريطاً إسلامياً سمعت؟، اصنع من الليمونة شرابا حلواً، اعمل شيئا يشكرك عليه الناس، قلل نسبة الهواجس أثناء الصلاة، ساهم في أعفاف مسلم و مسلمة، ماذا تعرف عن النمور الآسيوية؟، هل أديت زكاة مالك هذه السنة؟، هل فكرت بمتابعة مجلة إسلامية؟، هل أبنائك متميزون في دراستهم؟، ما مدي حرصك على الحجاب؟،
تعلّم فن إعداد أفلام الفيديو النافعة، تخصص في الإصلاح الأسري، هل أنت تؤدي الصلاة على وقتها؟، قل سأحاول …سأفعل…سأمضي، ما علامة حبك لأمتك الإسلامية؟، هل تعرف أين أبنائك و بناتك الآن؟، هل فكرت في تنمية مواهبك الدفينة؟، هل أنت إيجابي في مجتمعك أم سلبي؟،
ماذا تعرف عن المصارف الإسلامية؟ ماذا تعرف عن رابطة العالم الإسلامي؟، هل تعرف شيئا عن (انتفاضة) الأقصى؟، تصور أنك أنت المسلم الوحيد في العالم، لماذا لا تدرب نفسك على القراءة الجادة؟، أين تضع نفسك -مسلم مؤمن - محسن؟، ماذا تعملون في الاستراحة أنت و زملاءك؟،(2/444)
كتاب "اسم الكتاب بمؤلف الكتاب" كتاب قيم، الاحتلال اليهودي لفلسطين يجب أن يزول، اعمل أو شارك غيرك في إنجاز بحثا علميا، هل تعرف دور الجامعات على المجتمعات؟، هل لك جهود ايجابية ملموسة في مجتمعك؟، ما هو الكتاب الذي تحب أن يطلع عليه الناس؟، هل تعرف من قال: الأخلاق من غير دين عبث؟، هل لديك سجادة تحمل صورة المسجد الأقصى؟، ماذا تعرف عن الندوة العالمية للشباب الإسلامي؟، ماذا تعرف عن هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية؟، هل تعلم كيف نشأت الولايات المتحدة الأمريكية؟، هل تستطيع أن تذكر أسماء سبع مجلات إسلاميه؟، كن دائماً كالطفل عندما يقف على قدميه لأول مرة، أنت مسلم (مسلمة) فكم سورة أو حديثا نبويا تحفظ؟، ماذا تعرف عن الخطر النووي في عصر العولمة؟، هل تعلم كم آية وردت في القرآن تتحدث عن الربا؟، هل أسرتك من ضمن الأسر التي تحافظ على الماء؟، هل تعرف شياً عن مكتب التربية العربي لدول الخليج؟، ارصد موضوعاً يتداول في ألصحافه و كوِّن منه كتاباً، أين أنت من الجهود المبذولة في توحيد الصف الإسلامي؟، هل اطلعت على خطة التنمية الأخيرة لبلدك؟، هل تدرك أهمية المنتجات الوطنية والعربية و الإسلامية؟، ماذا تعرف عن المؤسسات التطوعية العالمية في الدول المجاورة؟، هل تعلم أن مصطلح "العمل" ورد في القرآن الكريم ما يقارب 359 موضعا؟، هل للمسجد الأقصى و الأرض المباركة من حوله مكانة في قلبك؟ ما علامة ذلك؟، هل تعلم أن عدد المسلمين في الصين يقارب خمسين مليونا من بين 400 مليون نسمة؟، هل تعلم أن باستطاعة دماغك تخزين ما يزيد على 38 مليون مجلد خلالا 70 سنة من عمرك؟ أسرتك تفتقدك عند بعدك عنها، فهل مجتمعك يفتقدك عند البعد عنه؟ هل أمتك ستفتقدك فيما لو غادرت الحياة؟.
ملاحظات:
1) لاحظ أننا تعمدنا عدم اختيار آيات قرآنية أو أحاديث نبوية، وذلك تحرزا من أن ترمي هذه الأكياس بالزبالة أو يحصل لها نوعا من الامتهان.(2/445)
2) لاحظ كذلك أن معظم هذه الجمل موجَّهه لذَّكر، لكن يمكنك أن تعيد صياغة ما تراه بحيث يكون موجهة للأنثى على حدٍ سواء.
3) الجملة الخاصة بعنوان الكتاب يمكن ملئها بعنوان كتاب يناسب المحيط من حولك.
4) المؤسسات المذكورة أعلاه هي على سبيل المثال و إلا فالمؤسسات التطوعية النافعة كثيرة.
5) حيث أن هذا المشروع يعني بالبشر، فهو داخل ضمن إطار التنمية البشرية والتي يسعى لها معظم المخططين للمجتمعات البشرية، لذا لا تتردد بالمساهمة التي لا تكلفك الكثير.
6) كما ذكرت سابقاً، لك أن تنسج على منوال الجمل السابقة ما تراه مناسباً للبيئة من حولك، لكنني أؤكد لك أن هذه الجمل منتقاة بشكل ٍ علمي تربوي.
7) قد تلاحظ كذلك أن معظم هذه الجمل قصيرة مما قد يتبادر إلى خاطرك أن لا جدوى من ذلك، لكنني و كما ذكرت سابقا بعد قرائه موسعه عن الدماغ و العلاقة شبه المتكاملة بينه وبين شهوات الإنسان سوء الإيجابية أو السلبية ربطاَ بالأساليب ألحديثه في التربية والتعليم بل ما تَّصف به حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - من جوامع الكلم. أؤكد لك أن البيئة من حولنا ستستفيد كثيرا بإذن الله.
واختتم رسالتي هذه أن تكون سباقا و مقداما للعمل بما ورد في هذا المشروع الخفيف الظل. هذا و الله يحفظك و يجعل تجارتك ذخراً لك في الدنيا و الآخرة.
انتهت الرسالة
أيها القاريء الكريم - أيتها القارئة الفاضلة - ما عليكما تفضلا لا أمرا، إلا أن تنسخا هذه الرسالة وتقوما بمنولتها صاحب المحل التجاري الذي تتسوقون منه، شاكراً لكما جهودكما وحبكما لمجتمعكما المسلم.
http://islameiat.com المصدر:
============
رسالة من الشيخ عقب استشهاده
إلى أحبتي في الله، إلى كل مؤمن بأن لا إله إلا الله محمد رسول الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:(2/446)
لقد استوفيت أجلي ورزقي الذي كتبه الله لي في الدنيا على التمام والكمال، ولقد أكرمني ربي بفضل منه ونعمة بالشهادة في سبيله (بإذن الله - تعالى -) بعدما أمضيت عمري في ساحة الشرف والبطولة وها أنذا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
أبشركم بأننا أحياء ونرزق عند ربنا، ولله ما أحلى وما ألذ طعم الشهادة في سبيل الله - تعالى - وددت لو أني أعود لدنياكم لأجاهد وأستشهد ثم أعود فأجاهد وأستشهد، فيا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين.
ما أتفه الدنيا إذا اقتصرت على الطعام والنكاح كالبهائم، فلا عيش إلا عيش الآخرة فلو عرفتم ما نحن فيه من نعيم وتكريم لما نامت لكم عين عن الجهاد.
أحبتي: إن عصابة القردة والخنازير من الصهاينة الجبناء مكانها في الغابة أو حديقة الحيوان وليس في الأرض المقدسة فلسطين الحبيبة فلا عذر لكم في ترك الجهاد و أولئك الملاعين الأنجاس يدنسون القدس الشريفة، لقد جاهدتهم وأنا مقعد من فوق كرسي متحرك فما بالكم وأنتم ذوي أرجل تمشون بها وأيد تبطشون بها، فلتتحرك أرجلكم في ساحة الوغى على أنغام القذائف والرصاص وليس في ساحة الرقص على الموسيقى الغربية.
وبدل أن تقبض أيديكم على الهمبرجر وعلب الكولا فلتقبض على أعناق أبناء الأفاعي، لقد وضعت نصب عيني على إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة وقد نلتها (بفضل الله ومشيئته) وكم يزعجني أن بعضكم يضع نصب عينيه على تفاهات سخيفة مثل السوبر ستار ونحوها.
أنا بعد موتي في عيش كريم فلا تكونوا أمواتا وأنتم على الأرض أحياء، فمتاع الدنيا قليل إن رأيتموه كثيرا، والحياة قصيرة مهما طالت سنواتها فكونوا على العهد واعتصموا بالواحد الأحد وجاهدوا في سبيله فهذه هي الصفقة الرابحة ولا خوف على أهلها ولاهم يحزنون.(2/447)
تذكروا أن جهادنا نحن المسلمين في الدفاع عن مقدساتنا وأرضنا وعرضنا حق مشروع وواجب مفروض ولا تنخدعوا بمن يتلاعب بالألفاظ فيسميه إجراما أو إرهابا، فهم يسعون لزعزعة المفاهيم الثابتة واستبدالها بمفاهيم الخنوع والخضوع.
علموا أبنائكم والأجيال القادمة أن الجهاد فرض وماض إلى قيام الساعة، وهو أمر لابد منه للذود عن الإسلام والمسلمين مهما كانت الظروف ومهما تكالبت الأعداء.
علموهم أن الشرف والعزة في ساحة الجهاد وليس على طاولة المفاوضات، علموهم أن أرض القدس تسقى بدماء الشهداء الشرفاء وأن القدس قضية كل مسلم ومسلمة لأنها أولى القبلتين ومسرى نبينا الكريم حيث صلى في المسجد الأقصى بكل الأنبياء والمرسلين، أنا لا أريد بكاء وعويلا ولكني أريد أن تستمر مسيرة النضال والجهاد بالنية الصادقة والعمل المحكم الدءوب لنصرة الإسلام والمسلمين.
اعلموا أن عصابة الصهاينة وحلفائهم من اليمين النصراني المتطرف والمتخاذلون من بني جلدتنا لا يردعهم إلا جيل يؤمن بالله ورسوله ويعتبر الجهاد من ضمن الفرائض اليومية في حياة كل مسلم حسب استطاعته. أكرر بشارتي لكم بأن أحلى ما في دنياكم هو نيل الشهادة في سبيل الله، وأنا متفائل بأن الله سينصر المسلمين الشرفاء المخلصين فقط اعملوا وإستمروا في العمل وأيقنوا بأن نصر الله قريب.
التوقيع: الشيخ الشهيد أحمد ياسين
العنوان: جنة النعيم عند رب كريم
للاتصال: عن طريق الشهادة في سبيل الله.
http: //ezzedeen.net المصدر:
===============
رسالة الملك كيف تقرؤها ؟
أرسل إليك الملك رسالة فكيف ستقرؤها؟
ستمسكها بيدين مرتجفتين إحداهما تسابق الأخرى لتفتحها وعيناك مفتوحتان كالبحيرة الواسعة وشفتاك تقرأ وعقلك يعي وقلبك فيه من السعادة والشغف ما يملأ بحار الأرض أن تذكرك الملك برسالة
ليست رسالة الملك حلماً، بل هي واقع ولله المثل الأعلى.
لقد أرسل إليك مالك الملك - عز وجل - رسالة فماذا فعلت بها؟(2/448)
قرأ المسلمون الأوائل القرآن فتغير به حالهم وسلوكهم ونقلهم من أمة بدوية أمية إلى أمة ملكت العالم وقرأناه فلم يتغير حالنا ولم يتبدل. وها هو الواقع المرير لأمتنا شاهد على ذلك.
لماذا هذه المفارقة العجيبة؟
إن وعد الله لا يتخلف فأين يكمن الخطأ؟
إن الخطأ يكمن في طريقة تعاملنا مع هذه الرسالة مع قرآن الله الكريم.
لقد أصبح القرآن لا يُستدعى إلا في شهر رمضان وأوقات المرض والمآتم وغيره من المناسبات، المذياع يبثه ونتركه يخاطب الجدران ثم ننشغل بأعمالنا، وإن قرأناه اقتصر التعامل معه على ألفاظه فقط والنظر إلى الثواب المترتب على قراءته دون الاهتمام بالوصول إلى الهدف الأسمى الذي من أجله أنزله الله - عز وجل -. وإذا أردنا الدليل على هذا فليسأل كل منا نفسه: ما الهدف الذي يسعى إلى تحقيقه حين يقرأ القرآن؟ أليس هو إنهاء الورد أو تحقيق أكبر قدر من الحسنات؟ ألهذا الهدف فقط نزل القرآن؟
إن خير دليل على عدم صحة تعاملنا مع القرآن هو واقعنا، فبالرغم من وجود مئات الآلاف من الحفاظ على مستوى الأمة، وبالرغم من انتشار المصاحف في كل مكان إلا أن الأمة لم تجن ثماراً حقيقية لهذا الاهتمام الشكلي بالقرآن.
مصنع للتغيير الحقيقي: إن القرآن نزل للهداية والتوجيه، وللتغيير الحقيقي في كيان الإنسان يصنع منه مؤمناً صادقاً.
إن القرآن لا يكتفي ببيان طريق الهدى وكشفه لمن يبحث عنه من خلاله، بل ويقوم بنفسه بإخراجه من الظلمات إلى النور بإذن الله " قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء "(فصلت: 44).
عوامل مساعدة للقرآن
هناك عوامل تساعدنا على سلوك طريق العودة الحقيقية إلى القرآن، منها:
استشعارنا الحاجة الملحة للعودة إلى القرآن، قراءة وفهماً وتطبيقاً، وأهمية إعطاء القرآن الأولوية في حياتنا.
وهناك عدة وسائل تعيننا على العودة الحقيقية للقرآن:
1 المداومة على التلاوة اليومية.
2 الإنصات والتركيز أثناء التلاوة.(2/449)
3 أن يجعل المعنى هو المقصود وأن يقرأ ببطء وترسل ولا يكن همه نهاية السورة.
4 التفاعل مع القرآن: إجابة عن سؤال، سؤال الجنة، استعاذة من النار، دعاء.
5 ترديد الآية التي تؤثر في القلب، ففي هذه اللحظات يزداد الإيمان، والسعيد من استثمرها وعمل من خلالها على زيادة إيمانه.
6 أن يكون لك هدف تسعى إليه من خلال القراءة.
أهداف نسعى إليها
تتعدد أهداف أو نيات المؤمن عند تلاوة القرآن، وكلما تعددت النيات كثر الثواب وعظم الأجر وعم النفع.
ومن هذه الأهداف على سبيل المثال لا الحصر التعرف على نعم الله المنعم الكثيرة ومنها:
1 نعمة الإيجاد: لنا ولجميع ما في الكون من عدم. قال - تعالى -: " قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون 23 "(الملك: 23).
2 نعمة الإمداد: فهو الذي يمدنا ويمد الكون كله بأسباب ومقومات الحياة. قال - تعالى -: "أفرأيتم ما تحرثون 63 أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون 64 " (الواقعة).
3 نعمة التسخير: فهو الذي سخر لنا الكون لخدمتنا لنتفرغ لعبادته قال - تعالى -: " وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه " (الجاثية: 13).
4 نعمة الحفظ: فهو الذي يحفظنا ويحفظ هذا الكون أن يزول قال - تعالى -: " وإن عليكم لحافظين 10 "(الانفطار: 10).
5 نعمة الأمن والستر: من الحوادث والحرائق والظواهر الكونية كالزلازل والبراكين. " أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور 16 أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير 17 " (الملك).
6 نعمة الهداية: إلى الإسلام والإيمان وكفى بها نعمة. قال - تعالى -: " ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى" منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء " (النور: 21).
7 نعمة الثبات: على الحق وعلى الإسلام وعلى الطاعات. قال - تعالى -: " ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا 74 " (الإسراء: 74).(2/450)
8 نعمة الاجتباء: اجتبانا وجعلنا من أمة الإسلام، وكان يمكن أن نكون لأب مجوسي أو مع قوم لوط. قال - تعالى -: " هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج " (الحج: 78).
9 نعمة الإمهال: وعدم أخذنا وقت معاصينا بل أعطانا الفرصة تلو الفرصة " ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا 45 "(فاطر).
10 نعمة التوفيق والتيسير والسداد: قال - تعالى -: " وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين 73 " (الأنبياء)
وهناك أهداف أخرى في القرآن يمكن تتبعها مثل جوانب الفقر إلى الله، التعرف على الله الرحيم.
أسئلة عشر تعينك على التدبر:
إذا قرأنا القرآن بتدبر وتأمل وجدنا أنه أفرد مساحات كبيرة من آياته للإجابة عن أسئلة عشرة، حاول من خلال قراءتك للقرآن البحث عن إجابة هذه الأسئلة:
1 ما صفات الله. نتعرف من خلالها على أسماء الله وصفاته.
2 ماذا عن الإنسان؟ "عقله وقلبه ونفسه وجوارحه".
3 ماذا عن الشيطان؟ يعرفني بعدوي وكيف أتقيه.
4 ما حقيقة الدنيا؟ "قصة الوجود" لماذا يتكالب الناس على الدنيا؟ وماذا بعد الموت؟
5 حقوق الله على العباد "واجبات العبودية".
6 حقوق العباد بعضهم على بعض "قانون يحدد لي علاقتي بالآخرين وحقوقهم على".
7 سنن الله في خلقه "القوانين الحاكمة للكون والحياة"، وهي سنن مادية كالنظم والقوانين التي تحكم حركة الكون من ليل ونهار وشمس وقمر، وسنن اجتماعية كالابتلاء للتمحيص والتمكين لعباد الله الطائعين.
8 شبهات المكذبين والرد عليها "الشبهات التي يطلقها الأعداء وكيفية الرد عليها ومتى نرد؟ "
9 العبرة من قصص السابقين كقوم لوط وقوم نوح وغيرهما.
10 التعرف على الكون المحيط بنا وعلاقتنا به وكيفية التعامل معه.
http: //www.almujtamaa-mag.com المصدر:
=============
رسالة مفتوحة إلى أسود الفداء في العراق(2/451)
إنقاذ العالم الإسلامي مهمتكم.. هل تصدقون..؟!
بسم الله والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
إخوتنا أرباب البطولة والفداء في أرض الرافدَيْن، نحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، ونبتهل إليه - سبحانه - أن يربط على قلوب المرابطين منكم، ويؤيد بجنده جهود المجاهدين فيكم، فقد جرت المقادير بأن تصل سلسلة الأحداث المتتابعة على أرض العراق التي تدافعون عنها الآن، إلى سقوط تلك الأرض تحت أقدام الغزاة الظالمين، وقد ظن الغافلون أن تلك هي نهاية المطاف على ضفاف النهرَيْن الخالدَيْن، إلا أن إرادة الله وشرعته تأبى للأباة المجاهدين منكم تلك الدنية في الدين، فكان أن انطلقت على أرض الخلافة وعاصمتها في بغداد وما حولها، أعمال التصدي والتحدي لذلك العدوان الغشوم؛ لا ليكفّ الله بها بأس الذين كفروا عن العراق فحسب؛ ولكن ليصرف شرَّهم عن بقية المنطقة العربية والإسلامية، بل وسائر العالم، هذا في حال استمرارها على وتيرتها من الصبر والمصابرة والمجاهدة والمرابطة، نسأل الله أن يثبتكم على الطريق، ويهدينا وإياكم سواء السبيل.
إننا عندما نقول إن مقاومتكم المشروعة، وجهادكم الواجب، من شأنه أن يصرف كثيراً من السوء عن العالم كله، لا عن العراق فحسب لعقود طويلة قادمة؛ فإن هذا الكلام لا ينطوي على أي قدر من المبالغة، لعدد من الحقائق الكبيرة، نوجزها فيما يلي:(2/452)
أولاً: لقد بدا ـ بما لا يدع مجالاً للشك ـ أن احتلال العراق لم يكن مرتبطاً بحيازة النظام السابق لأسلحة دمار شامل، ولا ناتجاً عن أحداث سبتمبر، ولا حتى بقدرة العراق على تهديد جيرانه، وإنما ارتبط ذلك بالمشروع الإمبراطوري الأمريكي بالهيمنة على العالم انطلاقاً من الشرق الأوسط، كما دلت على ذلك روح ومادة المشروع الكبير المعلن الآن باسم (الإمبراطورية الأمريكية العالمية)، والذي تقوم على رسم خططه وتنفيذها قوى اليمين الإنجيلي النصراني في الولايات المتحدة الأمريكية، تلك التي ينتمي إليها بوش وفريقه المغامر، وهو المشروع الذي يتواكب مع مشروع آخر بأجندة أخرى تحت اسم (القرن الأمريكي الجديد)، والذي تقوم على تخطيطه وتنفيذه عصابة المتنفذين اليهود في الإدارة الأمريكية والمعروفين إعلامياً بـ (المحافظين الجدد).
إن هاتين القوتين المتحالفتين اليوم على خلفية مشروع السيطرة على العالم؛ قد التقت جهودهما وتوحدت أهدافهما نحو اتخاذ العراق أرضاً للانطلاق إلى هجمة تسلطية، تبدأ بالحلقة الأضعف والأهم، وهي العالم الإسلامي الذي يريدون إخضاعه كله لهيمنة استعمارية ودينية صريحة، تستمد طموحاتها من إمكانية النجاح في المحطة الأولى (العراق). فاستمرار الاستقرار لهؤلاء على ربوع العراق؛ سوف يتيح لهم باباً مفتوحاً نحو المزيد من خطوات الاختراق المتسارع لمقدَّرات الأمة وثوابتها، أما إذا تعرقلت هذه المشروعات الخطيرة في بدايتها وفي محطتها الأولى على أيديكم؛ فإن العالم كله سيكون مديناً لجهادكم بالانعتاق من الاجتياح الأمريكي اليهودي القادم.(2/453)
ثانياً: تواترت في الآونة الأخيرة الأنباء عن عزم الولايات المتحدة الأمريكية على إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط بعد توسيع مفهومها لتشمل (إيران، وباكستان، وأفغانستان، وتركيا)، تحت ما يُسمَّى بـ (الشرق الأوسط الكبير)؛ بحيث يكون لدولة اليهود (إسرائيل) دور الشراكة الأساسية للولايات المتحدة في تسيير سياساته اقتصادياً وعسكرياً وأمنياً، ومن المعلوم أن إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط بهذا التوجه؛ لن يتسنى إلا في أجواء مشابهة لما هو حادث الآن في العراق وأفغانستان؛ حيث الاحتلال العسكري المباشر، أو في ليبيا، وسوريا، وإيران، والسودان، وباكستان؛ حيث الابتزاز والتهديد والتصعيد، وفي كلتا الحالتين فإن ترك قطار التآمر يسير، باسم (إصلاح) الشرق الأوسط الكبير، لن يزيد المنطقة المستهدفة إلا فساداً على فساد، وتخلفاً إلى تخلف، ودكتاتورية فوق الدكتاتوريات، وذلك لسبب بسيط، وهو أن هذه هي تجربة الاستعمار العسكري والفكري خلال مئتي عام سابقة، وهي تجربته الماثلة الآن للعيان في العراق وأفغانستان.
إن أبجديات مشروع (الشرق الأوسط الكبير) تدل على أن العراق سيكون محطة التجارب العملية الأولية لهذا المشروع، بالاتفاق مع الإسرائيليين، والتنسيق مع فريق المنافقين من العراقيين. وأنتم... أنتم فقط، أيها المقاومون المجاهدون، القادرون بعون الله وقوته؛ أن تدفعوا هذا الشر عن الشرق الأوسط «الكبير» أو بالأحرى (الشرق الإسلامي الأسير).(2/454)
ثالثاً: مسلسل النهب المباشر لثروات ومقدَّرات المنطقة والعالم الإسلامي، بلغ ذروته في العراق، حيث تآمرت ثلة من سماسرة السلاح، وتجار النفط الدوليين من المسؤولين في الإدارة الأمريكية في عملية سطو مسلح بُيَّتَ بليل، على هذا البلد الثري الغني بكل أنواع الثروة، فالدراسات تؤكد أن أرض العراق مستودع لأكبر مخزون نفط في العالم، تلهث لاستغلاله دول الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة، في وقت تشير فيه أغلب التقديرات إلى انخفاض القدرة الإنتاجية لمنطقة بحر الشمال؛ بما يعني أن الثروات النفطية للعرب والمسلمين، وفي مقدمتها الثروة العراقية المستولى عليها الآن بالكامل، ستكون الخيار الأمثل للاستنزاف الموجه لصالح مزيد من الرفاه والترف والأشر والبطر لشعوب الغرب على حساب الشعوب الإسلامية التي يُحرم أغلبها من حد الكفاية رغم تجاوز ثرواتها الفعلية حد الغناية لو أُحسن استغلالها، فمنطقتنا العربية والإسلامية نصيبها من الإنتاج العالمي سيصل عام 2015م إلى حوالي 46% مقارنة بـ (19%) عام 1994م، ومعنى هذا أن مستقبل الأجيال العربية والإسلامية ـ إذا امتنع وسطاء السطو ـ مرشح للاستقرار والازدهار، فإذا أضفنا إلى ذلك أن العراق يشكِّل حلقة وصل بين شبكات أنابيب النفط من منطقة الخليج إلى أوروبا عبر تركيا، ومن الأردن وسوريا عبر البحر المتوسط، ومن دول الخليج عبر البحر الأحمر؛ لوجدنا أن استمرار احتلال العراق سيمكِّن حلف الشيطان المتربع في ربوع العراق من الهيمنة على طرق إمدادات النفط، ومخزونه العالمي، استخراجاً وصناعة وتسويقاً، إنها إذن عملية سرقة دولية لثروات وكنوز شعوبنا العربية والإسلامية وليس العراق فحسب، ولهذا نقول: أيها المجاهدون في العراق: دونكم أيدي هؤلاء السُرَّاق فاقطعوها، فقد تجاوزت سرقاتهم النصاب، تحت سمع وبصر «الشرعية الدولية»، لا بل شريعة الغاب.(2/455)
رابعاً: الأمريكيون الذين نصبوا خيامهم العسكرية في العراق، لا يستهدفون دنيا الناس وثرواتهم فقط، بل يستهدفون دينهم وعقيدتهم وأخلاقهم وهويتهم، ولا أدل على ذلك من إصرار «الرئيس الأمريكي» للعراق بول بريمر، على رفض أن يكون الإسلام هو مصدر التشريع في العراق، بل يصر على أن الإسلام هو فقط مجرد مصدر من مصادر التشريع إلى جانب المصادر العلمانية والنصرانية وربما اليهودية، التي كان أحد الذين يدينون بها ـ وهو المستشار القانوني اليهودي (نوح فيلدمان) قد كلف بأن يضع أسسه وخطوطه العريضة. ولا يقف الأمر عند استهداف الدين بالتبديل عن طريق التشريع، بل إنه يستهدف عقائد المسلمين بالتنصير المباشر، الذي فتحت الولايات المتحدة مصاريع العراق أمام أفواجه، فقد نشرت جريدة (الديلي تلجراف) البريطانية مؤخراً تقريراً يشير إلى أن العراق أصبح مرتعاً للحملات التنصيرية، وأشارت إلى أن أعضاء الجماعات (التبشيرية) في الولايات المتحدة بدؤوا حرباً تنصيرية ضارية تحت عنوان: (إنقاذ النفوس في العراق)، حيث أكد قادة تلك الجماعات أن احتلال أمريكا للعراق أوجد فرصة تاريخية «لهداية النفوس» الحائرة من الشعب العراقي، سواء كانوا من المسلمين، أو النصارى الشرقيين (الأرثوذكس).(2/456)
إن تلك الحملات التنصيرية تأتي ـ كالمعتاد ـ تحت ستار المعونات الإنسانية والإغاثية، للشعب الذي ينهبون ثرواته ثم يمنُّون عليه بفتات الغذاء والدواء، ومن المعلوم أن تلك الحملات التنصيرية يشرف عليها مجلس التنصير العالمي، الذي يصول الآن ويجول في البلاد العربية والإسلامية في ظل المطاردة المتزايدة، والتضييق المستمر على الأنشطة الخيرية الإسلامية. يقول رئيس مجلس التنصير هذا (جون برادي) المسؤول عن التنصير في الشرق الأوسط: إن أعضاء كنيسة المعمدانية البالغ عددهم 16 مليون نسمة قد طلبت منهم الكنيسة قبل الحرب، أن يواصلوا الدعاء من أجل «فتح العراق»! وقال (جون حنا) أحد المنصرين بعد زيارة قام بها لبغداد «المسؤولية كبيرة على المبشرين الأمريكيين، فالأبواب كلها مفتوحة، وأساليب التبشير متاحة، والدعم العسكري موجود لإنقاذ العراقيين من القيم المعادية للمسيح والمسيحيين».
ماذا يبقى بعد استهداف أصل التوحيد في العراق؟! وهل يظن أن يظل العراق فقط هو الساحة المستباحة للمنصرين؟!.. إن الجواب محزن؛ لأن كل بلد سيحل فيه الأمريكيون عسكرياً أو ثقافياً؛ ستنطلق فيه تلك الأعمال العدائية من التكفير باسم التبشير، وهذا يضاعف من مسؤولياتكم يا من تحوطون الذمار وتحمون الديار.(2/457)
خامساً: مصيبة أخرى يريد المحتلون للعراق أن يوظفوا الاحتلال لتحقيقها، وهي التأمين النهائي لكيان الإرهاب والاغتصاب (إسرائيل)، فالعراق الذي استُهدف كشعب قبل أن يُستهدف كنظام؛ كان يمثل آخر معقل محتمل لمواجهة المشروع الصهيوني، ولهذا فإن قيادته السابقة جرى إشغالها واستغفالها في صراعات جانبية ريثما يحين الوقت لقفل أبواب الجبهة الشرقية بإقصاء العراق، بعدما أغلقت الجبهة الغربية بإغراء مصر، وبذلك أمَّنوا اليهود من الخارج، ومكَّنوهم من الداخل، حيث انفردت عصابة الشر الشاروني بشعب فلسطين الأعزل الذي مثَّل احتلال العراق بالنسبة له نكبة ثانية، لا تقل خطراً عن النكبة الأولى عام 1948م؛ لأن احتلال العراق له ما بعده في الحسابات الإسرائيلية، حيث يجري التآمر على قدم وساق.. بل أقدام وسوق، لإسدال الستار على حفل (الحل النهائي) لقضية فلسطين، أو ما تبقى من قضية فلسطين؛ بابتلاع القدس، واقتلاع الأقصى، والسطو على المياه، والتحكم في الحدود، وإلغاء أي حل لقضية الأربعة ملايين من اللاجئين، لا بل إلحاق آخرين بهم إلى بلدان مجاورة، من ضمنها العراق! في سياق عمليات التهجير والترانسفير.(2/458)
لكن عامل أمل جديد يمكن أن يلوح للفسطينيين من أراضيكم، أيها المجاهدون في العراق، وذلك بأن تفشلوا مخطط الحلف الأمريكي الإسرائيلي على أرضكم، فبانكسار هيبة أمريكا على أرض العراق؛ ستنكسر إرادة اليهود على أرض فلسطين، وسيختل توازنهم، وتختلف أوراقهم؛ لأن الكثير من حسابات اليهود المستقبلية مبنية على استقرار الاحتلال في العراق، وعلى وأد روح الجهاد في فلسطين بقتلها في الشعوب المجاورة، لكن متى رأت الطائفة المقاتلة على الحق في فلسطين إخواناً لها يقاتلون على الحق في العراق؛ فإن ذلك جدير بأن يحيي الأمل في الشعبين، بل في الشعوب الإسلامية كلها، التي تُستهدف كلها بتلك الحرب العالمية الصليبية اليهودية ضد العالم الإسلامي، ولكل هذا نقول ـ ونقصد ما نقول ـ: إن مهمة المجاهدين في العراق، لا إنقاذ العراق فحسب، بل إنقاذ العالم الإسلامي كله، فهل تُصَدِّقون؟
http: //www.albayan-magazine.com المصدر:
==============
رسالة نصح وعتاب إلى كل فتاة تتهاون بالحجاب
محمد مصطفى عبد الله الخطيب
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه. وبعد:
فإن غيرة المسلم على أخته المسلمة لا تقل شأناً عن غيرته على عرضه ومحارمه إنطلاقاً من تعاليم ديننا الحنيف.. وليست هذه الغيرة من باب الفضول، وإنما هي جانب إيجابي في قلب كل مؤمن عرف برسوخ العقيدة وصدق اليقين.
وهذه الرسالة هي من باب الغيرة على المرأة المسلمة خشية أن تضل سواء السبيل أو ينزغ الشيطان بينها وبين عقيدتها فتحاول أن تجد لنفسها عذراً يبرر سفورها وتهاونها بحجابها وإبداء بعض مفاتنها بدعوى مسايرة العصر أو التحرر مما أسمته قيوداً في الوقت الذي تعتبر هذه القيود دروع حصانة للمرأة المسلمة تحفظها من كل أذى.(2/459)
وعلى كل فتاة مسلمة أن تعلم أن وجهها الحسن وقوامها الرشيق وشعرها الجميل وغير هذا، كل ذلك نعمٌ عظيمة من لدن رب كريم خلق الإنسان ذكراً وأنثى في أحسن تقويم... وقد نهى الله - عز وجل - عن إبداء الزينة وإظهارها للناس، إلا للأزواج والمحارم حيث قال: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ... الآية [النور: 31].
ويعتبر الإفراط في هذه الزينة والتفريط بها بحيث يراها مَنْ لا يحقُّ له رؤيتها كفراناً بهذه النعم وخروجاً عن جادة الصواب.
وثمة أمر مشين إذا وُزن بميزان الشرع وهو شفافية العباءة وكيفية لبسها وزركشة غطاء الرأس وكيفية وضعه بحيث تبدو العباءة والغطاء في هذه الحالة مصدر فتنة وإغراء بدلاً من ستر الجسم والشعر بما يكف أعين الناظرين من شياطين الإنس.
وصدق من قال:
وعباءةٍ شفافةٍ قد صَوَّرَتْ *** جسمَ الفتاة بقالب الإغراءِ
وغطاءُ شعر الرأس ليس بساتر*** فكلاهما وزرُ بلا استثناءِ
والضابط الشَّرْعي لذلك كلّه *** صدق العقيدة مُفْعَمٌ بحياءِ
ولو أن الفتاة المتبرجة التي لا تقيم للحجاب الشرعي وزناً فكرت في فوائد الحجاب وأهميته تفكيراً سليماً بعيداً عن نوازع النفس ووساوس الشيطان لعلمت بادئ ذي بدء أن الله - سبحانه - الذي خلق الذكر والأنثى هو أعلم بما يصلح حالهما، ولو لم يكن في الحجاب فوائد للمرأة ما فرضه الله - سبحانه -، وليس بوسعي أن أحصي فوائد الحجاب عدداً لأقدمها هدية لكل فتاة تتهاون بالحجاب محتسباً عند الله - عز وجل - الأجر والثواب، ولكن أوضح لها أهمها وهي:
1 الحجاب ستر للمرأة من أعين الحاسدين وخصوصاً إذا وهبها الله جمالاً في وجهها وقوامها وشعرها، وصدق الله العظيم حيث أمرنا أن نستعيذ من الحاسد ذكراً كان أو أنثى فقال: وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ [الفلق: 5].(2/460)
2 الحجاب عون للمرأة على تنفيذ أمر ربها حيث نهاها عن إبداء زينتها إلا لبعلها أو محارمها فقال: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ... الآية [النور: 31].
3 الحجاب تكريم للمرأة بحيث لا يراها إلا من استحل نكاحها بكلمة الله، فهي ليست بضاعة مبتذلة للناظرين.
4 الحجاب سمو بالمرأة إلى مراتب الحور العين من حيث الصفات، حيث قال - تعالى - في وصفهن: فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَم يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ [الرحمن: 56].
وقد جاء في تفسير هذه الآية: أنهن يقصرن طروفهن على أزواجهن فلا يطمحن إلى غيرهم. والعيون تتفاوت من حيث قوة التأثير، وهي مصدر فتنة وإغراء، والحجاب حاجز دون ذلك.
ومن المعلوم أن العين ترسل سهاماً غير مرئية تنفذ إلى القلب فتحرك فيه كوامن الشهوة الخفية حيث يندفع صاحبها وراء صاحبة تلك العين أو ينشغل باله وتفكيره بها، وهنا تظهر الحكمة والله أعلم في أمر الله - عز وجل - بغض البصر للمؤمنين والمؤمنات.
ورجعة أخرى إلى الحور العين قاصرات الطرف لعل نساء اليوم يكنّ مثل أولئك الحور؛ لأن المرأة مظنة الشهوة وهي التي ترمي الرجل بسهام نظرتها، ولو قصرت طرفها وبقيت نظرة الرجل وحده فلا يؤثر ذلك شيئاً لوجود خط واحد حيث لا تحدث الشرارة إلا بالسالب والموجب، والذي يساعد أخواتنا وبنات جلدتنا نساء اليوم في أن يكن قاصرات الطرف هو الحياء الذي هو شعبة من شعب الإيمان، والحجاب عون لها على ذلك.
ونحن بهذا لا نبرئ الرجل من الآثار السلبية لنظراته المتعددة، ونأمره بما أمر الله - عز وجل - به المؤمنين بقوله: قُل لِلْمُؤمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوُجَهُمْ [النور: 30].
ولكن أكثر الرجال يلقون باللائمة على المرأة التي تبرجت وأظهرت زينتها وتنازلت عن حيائها.(2/461)
وإنني أسأل الله أن يهديها سواء السبيل لكي تلتزم بالحجاب الشرعي بعد أن عرفت فوائده، وأن تصون عفافها بهذا الحجاب، وأن تتوب إلى الله عما سلف، وصدق الله العظيم حيث قال: وَإِنِّى لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى [طه: 82].
كما آمل أن تتقبل مني هذه الأبيات الشعرية التي تحوي مزيداً من فوائد الحجاب الشرعي:
إن الحجاب مزيَّةٌ وحصانةٌ *** تزدانُ فيه المؤمناتُ من النساء
وأراه درعَ وقايةٍ لنسائنا *** من أسهْمِ الفُسَّاق أربابِ البغاء
صوني جمالَك بالحجاب فإنه *** نوعٌ من التقوى ورمزٌ للحياء
وعليك بالتقوى فإن لباسَها *** سترٌ وإن دثارَها خير غِطاء
5 الحجاب حصن حصين للمرأة عن ذئاب البشر من الرجال الذين يتصيدون عورات أخواتهم المسلمات، وهو صفعة في وجه الرجل الفاسق الذي يحاول اختلاس النظرات لمعرفة جمال صاحبة الحجاب ليوقع بها في شباكه وينال من عفافها وشرفها، وهو ستر للعين التي تنطلق منها سهام النظرة الموصوفة بالسهم كما ورد في الخبر: (النظر سهم من سهام إبليس مسموم).
6 وهو أيضاً أشبه بسحابة سوداء مظلمة فيها الخير والمطر، فإذا انقشعت فلا خير ولا مطر.
7 والحجاب يعطي صاحبته حرية الابتسامة إذا دعتها الحاجة إليها أثناء حديثها مع امرأة أخرى، ويحجب تلك الابتسامة عن أنظار الآخرين.
8 وهو ترجمان للناظرين ينبئهم عن حقيقة صاحبة الحجاب أنها عفيفة طاهرة نزيهة.
9 وهو يدرأ عن صاحبته الفتنة والوقوع في شباك الشياطين والتعثر في مهاوي الزلل.
10 وهو ساتر للزينة المصطنعة التي تضعها بعض النساء من مكياج ومساحيق، كما أنه وسيلة دفاع عن حق الرجل في زوجته، فلا يشاركه رؤية زينتها أحدٌ من غير المحارم.(2/462)
11 وهو أشبه بباب موصد لا يجرؤ أحدٌ أن يقتحمه لاسيما وقد أسدل طاعة لرب العالمين القائل: يَأَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤمِنِينَ يُدنِينَ عَلَيهِنَّ مِن جَلابيِبِهنَّ ذّلِكَ أَدنَى أَن يُعرَفنَ فَلا يُؤذَينَ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَّحِيماً [الأحزاب: 59].
12 والحجاب حاجز للمرأة المصونة التي أخطأت كما أخطأ زوجها وأذن لها أن تركب مع السائق لقضاء بعض الحاجات.
13 والحجاب أمر شرعي لا خيار للمرأة في رفضه، ولا يحقُّ للرجل أن يأمرها بنزعه، ولا يحق لها طاعته في ذلك حيث { لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق } [رواه أحمد والحاكم].
14 وهو ثورة على الواقع المؤسف في حياة بعض الشعوب التي تدعي الإسلام، وتنادي بتحرير المرأة حسب زعمهم لتخرج سافرة أو كاسية عارية..
قال: { صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها... } [رواه مسلم].
15 والحجاب بريء من البرقع والنقاب؛ لأنهما لا يستران العينين، ومعلوم أن العيون تتفاوت من حيث الجمال وقوة التأثير ولكنهما بشكل عام مصدر فتنة وإغراء، لذلك وصف الله الحور العين في الجنة بقوله: فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرفِ والفتاة التي خلعت الحجاب عندما تنظر للرجل فإن نظراتها ترسل سهاماً غير مرئية تنفذ إلى القلب، وتحرك كوامن الشهوة فيندفع وراء صاحبة تلك النظرة. والمرأة مثل الرجل تتأثر بنظرته إليها، والشرارة لا تحدث إلا من سالب وموجب.(2/463)
16 والحجاب كلمة عذبة تسرّ السامعين من المؤمنين والمؤمنات؛ لأنه حماية للمرأة وحفظ لها، ودليل على حشمتها وعفافها، وهو أيضاً جمال وأمان والتزام بأوامر الشرع الحنيف قال - تعالى -: ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ [الجاثية: 18].
وبعد ما تقدم ذكره أسأل الله - عز وجل - أن يهدي كل فتاة تتهاون بالحجاب إلى سواء الصراط، وأن تحصل لديها القناعة بالحجاب؛ لأنه نوع من ألبسة التقوى، والله يقول: وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيرٌ [الأعراف: 26].
وفي نهاية المطاف أهدي كل فتاة تتظاهر بالحجاب هذه الأبيات الشعرية لعل فيها تذكرة وعبرة:
أوَّاهُ يا بنتَ الكرام تمهَّلي *** ما لي أراك بفتنة وتَجَمُّلِ
النظرةُ الأولى بحقٍّ ترجمتْ *** وصفًّا يندّدُ بالسفور المُخجلِ
هذي العباءةُ من حريرٍ ناعمٍ *** أضفتْ على الكتفين بعض ترهّلِ
كذبٌ وزورٌ أن تُسمى عباءة *** والجسمُ للرائينَ يبدو وينجلِ
وغطاءُ رأسك فاتنٌ ومزركشٌ *** ينسابُ فوق الشعرِ دون تسدُّلِ
هذا الجمالُ بضاعةٌ معروضةٌ *** ومآلُها نحو الكسادِ المُذهلِ
إن الشباب وإن تفاوت طيشهُمْ *** يتريَّثون لزوجة المستقبلِ
والأكثرونَ يحددون صفاتِها *** ديناً وأخلاقاً وصدْق تبتُّلِ
صوني عفافَك بالحجابِ حقيقة *** واستغفري عما مضى وتوسّلِ
ولباسُ تقوى الله أغلى ثمناً *** من كلّ أنواع الجواهر والحُلي
وفي الختام أسأل الله - سبحانه - أن ينير بصيرتك لرؤية الحق والالتزام بالحجاب الشرعي طاعةً لله - عز وجل - وامتثالاً لأمره - سبحانه - حيث قال: يَا أَيُّهَا اْلنَّبِيُّ قُل لأّزوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤمِنِينَ يُدنِينَ عَلَيهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدنَى أَن يُعرَفنَ فَلا يُؤذّينَ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَّحِيماً [الأحزاب: 59].(2/464)
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
http://www.kalemat.org المصدر:
===============
رسالة الإعلام
عبد العزيز آل الشيخ
الخطبة الأولى:
أمّا بعد: فيا أيّها الناس، اتقوا الله - تعالى - حقَّ التقوى.
عبادَ الله، أمّتُكم أمّة الإسلام أمّةُ القيادةِ والشهادة، "مّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِى هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ" [الحج: 78]، وقال: "وَكَذالِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ" [البقرة: 143]، وقال جلّ جلاله: "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ" [آل عمران: 110].
أمّتُكم أمّة الإسلام يجِب أن تكون أمةً قائدة لغيرها، لا منقادةً لغيرها، أمةٌ متبوعَة لا أمّة تابعة، هذا شأنُ الدين الذي نحمِله، والذي لا يقبل الله من أحدٍ دينًا سواه، " وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ " [آل عمران: 85]، "وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ " [المنافقون: 8]، "كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِى إِنَّ اللَّهَ قَوِىٌّ عَزِيزٌ "[المجادلة: 21].
أمّةَ الإسلام، صحَّ عنه أنه قال: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضًا)) وشبك بين أصابعه[1].
مثلٌ عظيم لما يجِب أن يكون عليه أهلُ الإيمان فيما بينهم، فالمؤمنون بعضُهم أولياءُ بعض، المؤمن ينصر أخاه المؤمِن، المؤمن يحبّ أخاه المؤمِن، المؤمنُ يعين أخاه المؤمِن، المؤمنون يكمِّل بعضُهم بعضًا، ويمدّ بعضهم بعضًا.(2/465)
دينُ الإسلام نصرتُه والقيامُ به ليس منحصراً بمعيَّن فردٍ بذاته، ولا جهة معيَّنةٍ، بل المؤمنون جميعًا مطالبون بالتعاون على البرّ والتقوى، بنصرة دين الله والدعوة إليه والدفاع عنه، وما مِن مسلمٍ إلا وهو على ثغر من ثغور الإسلام، اللهَ اللهَ أن يُؤتى الإسلام من قِبَله، فكلٌّ على ثغرٍ من ثغور الإسلام، فمن اتّقى الله وقام بما أوجَب عليه ولم يُؤتَ الإسلام من قبله بتفريطٍ أو زيادة.
أيّها المسلمون، ومن تِلكم الثغور الواجبِ على المسلمين حمايتُها ثغرُ الإعلام ووسائله.
الإعلامُ له دور هامّ في حياة الأمم، ومنذ نشأ الإسلام بمبعث محمد وربُّنا - جل وعلا - قد عظّم هذا الجانبَ الإعلاميّ، ورفع من شأنِه، فالرسل جميعاً مبلِّغون عن الله، معلِنون عن الله شرعِه ودينه، "يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ " [المائدة: 67]، أمرٌ من الله لنبيّه بتبليغ الرسالة وإيصال الحقِّ لقلوب الناس، "فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ " [الحجر: 94].(2/466)
لقد امتثلَ محمّد أمرَ ربه عندما أمره بالصدع بدعوته وتبليغ رسالتِه، امتثل هذا الأمرَ فاستعمَل كلَّ وسيلة ممكِنة في عهده لإيصال الحقِّ وتوضيح الشرع ودعوة الخلق إلى دين الله. بدأ بعشيرته، فجمع عشيرتَه، وأخذ عليهم الإقرارَ بتصديقِهم له، وبدأ بأقربِهم فأقربِهم، "وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ " [الشعراء: 214]. عرض نفسَه على قبائلِ العرب في الموسِم، ((من يؤويني حتى أبلِّغ رسالةَ ربي وله الجنة؟))[2]، فمِن قابلٍ منهم قليل، ومن رادّ، ومِن متوقِّف. خرج إلى الطائف من مكّة ليعلنَ رسالةَ الله، ويبلِّغ ما أمِر بتبليغه، فقوبل بالتكذيب والإنكار، وأُلحق به الأذى، فصبر وهو يقول: ((أتأنّى بهم لعلَّ اللهَ أن يخرجَ من أصلابهم من يعبده لا يشرك به شيئاً))[3]. رسالته إعلام للملأ، "هَذَا بَلَاغٌ لّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ" [إبراهيم: 52].
لقد قام علماءُ هذه الأمّة وسلفنا الصالح بهذه المهمّة، ما بين تعليمِ العلم، والرحلات إلى الآفاق لنشر هذا الدين وإظهاره، فأظهر الله هذا الدين على كلِّ الأديان، على يدِ السابقين الأوّلين ومن سَار على نهجهم، "لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ " [الصف: 9].
أمَّةَ الإسلام، الإعلامُ في هذا العصر تطوّرت وسائله وتعدَّدت، وعظم نشاطُه، ما بين مرئيٍّ، وما بين مسموع، وما بين مقروء، وما بين وسائل اتصالاتٍ غيرِ ذلك، ولكن على من تولّى هذا الأمرَ أن يراقب الله ويتّقيَه، ويعلم أن اللهَ سائلُه عن كلّ كلمة نطق بها لسانُه أو خطّها قلمه أو عن [أيّ] أمر ما.
إنَّ المسؤول في الإعلام مِن كاتب مقالٍ ومُحرِّر ومُعِدِّ برنامَج وناشِرٍ كلُّ أولئك مسؤولون، "مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ " [ق: 18].(2/467)
إذاً فالمطلوب من أولئك تقوَى الله في أنفسهم، وأن يسخّر هذه الوسيلةَ وتستعْمَل في نشر هذا الدين وتبصير الأمة وتوعيتها وتثقيفها وتحذيرها ممّا يكيد لها الأعداء.
فالإعلامُ مؤثّر، ولكن الأيدي الأمينة والرجال الصادقون يقومون بواجب إعلامهم ليكونَ الإعلام الإسلاميّ إعلاماً مؤثّراً نافعاً، مِنبرَ توجيه ودعوةٍ إلى الخير، وتحسُّسٍ لمشاكل الأمّة وعلاج لها على ضوء الكتاب والسنّة.
أمّة الإسلام، يجِب أن يتميّزَ إعلامُ الأمّة المسلمة عن غيرِها، ولا يجاري غيرَها، لا نجارِي غيرَنا، بل يكون لإعلامنا تميّز واضح، ومنهجٌ واضح، الدعوة إلى الخير، وتحبيب الإسلام، وعرض محاسنه وفضائله، والتحدّث عن ذلك بكلّ ما يمكن إيصاله للنفوس، فإنَّ هذا من الدّعوة إلى الله، "ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ" [النحل: 125]. يجِب أن تكون له ضوابط شرعيّة، يمْتثل أمرَ الله، وينزجِر عمّا نهى الله عنه.
أمّةَ الإسلام، وإنّ أمَةَ الإسلام إذا حرِصت على إعلامها وسخّرته في الخير والدعوة إلى الخير فإنَّ تلك نعمةٌ عظيمة من الله، لإيصال كلمة الحقّ الصادقة، لعرض الإسلام العرضَ الصحيح الخاليَ من جفاءِ الجافين وإفراط المفرطين، الخالي من الغلو والجفاء، عَرْضاً لهذا الدّين ومحاسنِه وفضائلِه بما يناسب المجتمعَ المسلم، ليسمع النشء ويرَوا محاسنَ دينِهم يُتحدَّث عنها، فذاك أمرٌ مطلوب.
وهناك ضوابطُ شرعيّة متى وفّق الله المسلمين فضبطوا وسائلَ إعلامهم بها نرجو أن يتحوّل إلى إعلام خيرٍ وهدى.
فأوّل ذلك الإخلاصُ لله؛ ليتصوَر رجل الإعلام المسؤوليةَ المناطةَ على عاتقه، وأنّها أمانةٌ يجِب أن يخلِص لله فيها، وأن يبتغيَ بها مرضاتِ الله، وما يقرّبه إلى الله.(2/468)
أمرٌ آخر أن يكونَ إعلامنا متميّزاً بالصّدق فيما يقول ويحلِّل، فالصدق طريق الخير والهدى، الصّدق يوصِل إلى البرّ، يهدي إلى البرّ، والبرّ يهدي إلى الجنّة، ولا يزال الرّجل يصدق ويتحرّى الصدق حتى يكتَب عند الله صدّيقاً. وليحذرْ إعلامُ المسلم من الكذِب تحت أيّ ذريعة، سواء سَبْق إعلاميّ أو غيرها؛ لأنّ الكذب لا يأتي بالخير، يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النّار، لا يعفيك من نقل خبر أنت تعلم أنّه كذب، وإن نقلته عن غيرك، ففي الحديث: ((من حدَّث حديثًا يُرى أنّه كذب فهو أحد الكاذبين))[4].
إنَّ إعلامَنا يجِب أن لا يجاريَ الأممَ الأخرى، وأن يتميّز بواقعيتِه وصدقيته، فما كلّ ما يُنشَر حقّ، وما كلّ ما يُقال صدق، " يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِن جَاءكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُواْ " [الحجرات: 6].
إنّ الإعلامَ الإسلاميّ واجبُه نحوَ الأحداث الجسيمة والأمور المهمّة أن لا يكونَ متسرِّعًا في كلّ شيء، فما كلّ ما يعلَم يُقال، " وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مّنَ الأمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِى الأمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ " [النساء: 83]. ليس المهمّ في الإعلام خبرًا يُتلى أو تحليلا لذلك الخبر، إنّما المهمّ أن يكونَ هذا الإعلام يتفاعل مع المجتمع، يسعى في التوجيه والتثقيف وعرضِ محاسن الدين، وربطِ الأمّة بدينها وأخلاقها وتاريخها المشرِق الذي مضى؛ حتى يكون لدى شبابِنا رصيدٌ من الخير، فيسمَعوا ما ينفعهم، ويعرفوا ما ينفعهم، ويشاهِدوا ما يسرّهم، وتمتلئ قلوبهم محبّةً للخير والهدى.
إنّ إعلامَنا يجِب أن يتواكبَ مع شريعة الإسلام، وأن لا يظهرَ في إعلام أمّةِ الإسلامِ ما يتنافى مع الشريعة؛ ليكونَ إعلاماً صادقاً مؤثّراً نافعاً.(2/469)
إنّ الأحداثَ الجسيمة والأمور المدلهمّةَ إذا كان الإعلامُ صادقاً استطاع بتوفيق من الله تبصيرَ الأمّة وإبعادها عن شبَه الخطر.
إنّ الإعلامَ الإسلاميّ يأخذ على عاتقه تقويةَ الإيمان في النفوس، وربطَ القلوب بربّ العالمين، والبعدَ عمّا يضعف الأمّة ويفتّ في عضدها، كما قال - جل وعلا -: " لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً " [الأحزاب: 60]، وقال: "فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ " [التوبة: 81]. فالإعلامُ الإسلاميّ يقوِّي قلوبَ الأمة، ويثبِّت جأشَها، ويصِلها بربّها، ويرغِّبها في إسلامها، ليكون هذا الإعلام إعلاماً صادِقًا.
أيّها المسلم، لئن احتفلَ أعداء الإسلام بإعلامِهم وسَبقه للأحداث ونقلِه الأخبارَ صدقَها أو كذبَها، صحيحَها أو سقيمها، فإنّ المسلمَ يعتزّ بهذا الدّين الذي يحمِله، ورسالةُ الإعلام الإسلاميّ أصدق رسالةٍ لنشر هذا الدّين، ويرفع رأسَه بهذا الدّين الذي يقرِّر الخيرَ، يقرِّر الأخلاقَ القيّمة الفاضلة، ويبطِل الدعاوي الباطلة، ينشر الفضيلةَ ويحارب الرذيلة، ويسعى في إصلاحِ الأمّة والدفاع عنها وإزالة كلّ شبهة يدلي بها أعداء الإسلام ليصدّوا بها المسلمين عن دينهم. فحريٌّ بإعلام الأمّة أن يأخذَ على عاتقِه الدعوةَ إلى الخير وتوجيهَ الأمّة لما يصلح دينَها ودنياها.(2/470)
أمّةَ الإسلام، وسائلُ الاتصال تنوَّعت وتعدّدت، وللأسف الشديد قد يستغلّها مرضى القلوب والنّفوس، ممّن لا حياء عندهم، ولا خوفَ من الله، ولا احترامَ لأعراضِ الأمّة، ولم يخشَوا من قولِه - جل وعلا -: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُواْ فَقَدِ احْتَمَلُواْ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً [الأحزاب: 58]، وقولِ النبي: ((المسلم من سلِم المسلمون من لسانِه ويده))[5].
فنجِد في بعضِ مواقعِ الاتصالات وبعض الساحات من الكلام البذيء، من الكلام السيئ، من الكلام الباطل، من الافتراءات، من الطّعن في أعراض الناس وتلفيق التّهَم بهم، ذلك أنَّ المتكلّمَ لا يُعرَف اسمه، فهو لا يبالي بما يكتُب، لا يبالي بما ينشُر، فلا خوفَ من الله يردعُه، ولا حياءَ يحول بينَه وبين هذا الباطل؛ لأنه يستمرئ الطعنَ في الناس والتحدّث عنهم بما يعلم الله أنّهم برآء منه، وَتَحْسَبُونَهُ هَيّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ [النور: 15].
فليحذرِ المسلم من الافتراءِ والكذب، ليحذرْ أن يقولَ في المسلم ما هو بريء منه، ليحذر أن يتَّخذَ من تلكم المواقعِ أداةً للطّعن والتشهير بالأمّة، والتحدّث عنهم بما هم برآء منه، ليكن المانعُ لك خوفَ الله ومراقبةَ أمره، فذاك هو الذي يردعك عن أن تقدِمَ على القيل والقال وافتراءِ الأكاذيب ونشرِ الأمور المخالفَة للشّرع.
فاتَّق الله ـ أيها المسلم ـ في أيّ موقعٍ أو ساحة كنت، لا تقُل: أنا لا يُعلم اسمي، فأكتب وأكذب وأفتري، والله - جل وعلا - عالم بسرِّك وعلانيتِك، والله سائلك عن كلّ ما قلت، وما تلفّظت به، فسيحاسِبك الله عنه في يومٍ لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليم.(2/471)
أيّها المسلمون، متى عرف المسلم ذلك صان لسانَه عن أعراض الناس والتحدث عنهم، النبيّ عرَّف الغيبةَ بقوله: ((ذكرك أخاك بما يكره))، قال: أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟! قال: ((قد اغتبته))، قال: أرأيت إن لم يكن في أخي ما أقول؟! قال: ((قد بهتَّه))[6].
فاحذرْ من بهتان النّاس، احذر من اغتيابهم، وتبصّر في عيوب نفسِك، فإنّه حريٌّ بك أن تتبصَّر في عيوب نفسك لتتوبَ إلى الله من هذه المقالات السيّئة، فكم كذبة تكتبها تنشَر عنك في الآفاق، وتنشَر عنك للملأ، والله يعلم كذبَك، والله يعلم أنّك كاذب فيما تقول، فاحذَر سخطَ الله وعقابَه.
أسأل اللهَ للجميع التوفيقَ والسداد والهدايةَ لكل خير، إنّه على كلّ شيء قدير.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربّنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمّداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا أيّها النّاس، اتّقوا الله - تعالى - حقَّ التقوى.(2/472)
عبادَ الله، من وسائِل حربِ أعداءِ الإسلام للمسلمين، من وسائلهم وسيلةُ الإعلام، ليضلّلوا بها الخلقَ، ويدلّسوا عليهم، ويلبسوا الحقَّ بالباطل. إعلامٌ جائر، يتتبَّع الزلاّت، يتتبَّع العثرات، يخرج الأمّةَ المسلمة بأنّها أمّة الفوضويّة في كلّ أحوالِها، وأنّها تفقِد النظامَ والاطمئنان، وأنّها وأنّها... فهي تسلِّط وسائلَ إعلامها على ما قد يحصل من بعض أفرادِ الأمة، لتقولَ لشعوبِها: هذه أمّةُ الإسلام، ويأبى الله لهم ذلك، فإنّ المسلمين مهما يكن إن عادوا إلى دينهم إن عادوا إلى رشدهم ففي دينهم ما يكفل النظامَ والعزَّ والاستقامةَ على الخير، لكن تفريط المسلمين في دينِهم هو الذي سبَّب لهم تلكَ المشاكل.
أمّةَ الإسلام، إنّني في هذا المكان، وكل مسلم منّا يتألّم بما حصل في بعض دولِ الإسلام، يتألّم بما يعانيه الشعبُ هناك في العراق، من هذه الاضطرابات العظيمة، وهذا النّهب والسّلب والسّطو والقتال والأخذ بالثارات، إلى غير ذلك ممّا يؤلم كلَّ مسلم ويحزِنه، وللأسفِ الشديد فإلى أولئك أقول: اتّقوا الله في أنفسكم، وعودوا إلى رشدِكم، واترُكوا هذه الجرائمَ العظيمة، لا تجمَعوا على أنفسِكم أخطاءكم وأخطاء غيركم، توبوا إلى ربّكم وعودوا إلى رشدِكم، واجتنبوا هذه الأخطاءَ العظيمة، من سفك الدماء، من نهبِ الأموال، من التعدّي على الأعراض. إنّ دماءَ المسلمين حرامٌ التعدّي عليها، إنّ أموالَهم حرامٌ التعدّي عليها، إنّ التعدّي بالظّلم والانتقام أمرٌ حرام، إنّ المؤمن يتبصّر في أمره، عودوا إلى رشدِكم، وجنّبوا بلادَكم تلك الفوضويّات، عسى الله أن يهيّئ لكم من أمركم رشَداً.(2/473)
إنَّ المسلمَ وهو يسمَع ويشاهد ليتألّم ألمًا شديدًا، ويسأل اللهَ أن يردّ المسلمين إلى دينهم، ويعيدهم إلى رشدِهم، فليعلم المسلم ما للأمنِ في الأوطان من فضلٍ عظيم، ليعلم المسلم ما للأمن في الأوطان من فضل عظيم، وليعلم المسلم ما للقيادة من شرفٍ كبير، وأنَّ الأمّة إذا وُفِّقت لقيادةٍ حكيمة ورزِقت رجالاً يدافعون عن البلاد ويجنّبونها المزالقَ إنّها نعمةٌ عظيمة من الله.
إنّ عالمَنا الإسلاميّ يشكو من ضَعف الإخلاص، يشكو من قلّة المخلصين وقلّة الناصحين، والبلاد التي وفّقها الله لقيادة تحميها وترعى شؤونَها وتدافع عن قضاياها وتقف كلَّ المواقف التي تجنّب المجتمعَ الأخطارَ هي نعمةٌ عظيمة، نسأل اللهَ أن يرزقَنا شكرَ نعمته وحسنَ عبادتِه، وأن يجعلَ ما منحنَا من هذه النّعم عونًا لنا على ما يقرّبنا إلى الله.
فاتّقوا الله ـ [أيّها المسلمون] ـ في دمائكم وأموالِكم وأعراضِكم، واتّقوا اللهَ في ذلك، وإيّاكم وثاراتِ الجاهلية، والانتقامَ والتعديَ والظلم، فإنّ ذلك لا يعقِب خيراً، يملأ القلوبَ حِقدًا، تتنافر النّفوس وتتباعد والعياذ بالله.
نسأل اللهَ أن يجنّب المسلمين الفتنَ ما ظهر منها وما بطن، وأن يرزقَ المسلمين الاستقامة، ويرزقَ قادتَهم البصيرةَ في أمورِهم كلّها، ليجنّبوا هذه المجتمعاتِ المسلمة الضرَر والأذى، إنّه على كل شيء قدير.
واعلموا ـ رحمكم الله ـ أنّ أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكلّ بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين، فإنّ يد الله على الجماعة، ومن شذّ شذّ في النار.
وصلّوا ـ رحمكم الله ـ على عبد الله ورسوله محمّد كما أمركم بذلك ربكم، قال - تعالى -: " إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً " [الأحزاب: 56].(2/474)
اللهمّ صلّ وسلّم وبارك على عبدك ورسولك محمَد، وارضَ اللهمّ عن خلفائه الراشدين...
--------------------
[1] أخرجه البخاري في الصلاة (481)، ومسلم في البر (2585) من حديث أبي موسى - رضي الله عنه -.
[2] أخرجه أحمد (3/322، 339) عن جابر - رضي الله عنهما - في حديث طويل، وصححه ابن حبان (7012)، والحاكم (4251)، وقال الهيثمي في المجمع (6/46): "رجال أحمد رجال الصحيح"، وحسن إسناده الحافظ في الفتح (7/222).
[3] أخرجه البخاري في بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة (3231)، ومسلم في الجهاد والسير، باب: ما لقي النبي (1795) من حديث عائشة - رضي الله عنها - بنحوه.
[4] جاء من حديث المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه -، أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه، وأحمد (4/255)، والترمذي في العلم (2662)، وابن ماجه في المقدمة (41)، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح"، وهو في صحيح سنن ابن ماجه (39). وجاء من حديث سمرة - رضي الله عنه -، أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه، وأحمد (5/14، 19، 20)، وابن ماجه في المقدمة (39)، قال الترمذي: "كأن حديث سمرة عند أهل الحديث أصح"، وصححه ابن حبان (29)، وهو في صحيح سنن ابن ماجه (37). وفي الباب عن علي - رضي الله عنه -.
[5] أخرجه البخاري في الإيمان (10)، ومسلم في الإيمان (40) من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -. وأخرجه مسلم في الإيمان (41) من حديث جابر - رضي الله عنهما -.
[6] أخرجه مسلم في البر (2589) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - بنحوه.
http: //www. alminbar. net المصدر:
============
رسالة المعلم
محمد غرمان مغرم الشهري(2/475)
التعليم عمل سام ونعمة عظيمة أنعم الله بها على رسول الهدى محمد - صلى الله عليه وسلم -، فهو أول من أدى هذه المهمة وحمل هذه الرسالة، والتعلم هو المنحة الإلهية التي قادت الإنسان عبر الزمن إلى محاولة اكتشاف العلاقة بين الكون بما فيه وبين الإنسان، ومدى ارتباطهما بوجود الله - تعالى -، وحكمته العظمى في مايراه، ويشعر به الإنسان كرؤية، ويعيشه كواقع.
كانت علاقة العرب والمسلمين الأولى بالعالم، وخروجهم من ظلمات الجهل إلى نور العلم مع دعوة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، قال - تعالى -: ليخرجكم من الظلمات إلى النور(43) {الأحزاب: 43} لذلك لا عجب أن أصبح العربي المسلم داعية إلى توحيد الله - تعالى - وعبادته، وفاتحاً للبلاد في ظل تعاليم الشريعة الإلهية؛ حتى غطى نور الإسلام والعلم المساحة العظمى من الأرض التي كانت مأهولة بالإنسان من حدود الصين إلى حدود فرنسا في عهد السيادة الإسلامية، وانتشار العلم والدين الإسلامي.
يعد التعليم السلاح الأقوى في تكوين حضارات الأمم وتقدمها، فلم ترتق أمة عبر التاريخ البشري إلا بالعلم، فهو السبيل الوحيد إلى تطور الإنسان وتقدمه، وتخلصه من وطأة النزعة الغريزية والحيوانية؛ ليرتقي إلى المستوى الفكري والعقلي الذي ميز الإنسان عن غيره من المخلوقات؛ ولذلك كان التعليم. وعرف كوظيفة أخلاقية، وحضارية، وإنسانية راقية.
وقبل أن يكون التعليم وظيفة ومهنة فهو أمانة ورسالة ذات قدسية توجب على القائمين عليها أداء الأمانة على أكمل وجه؛ لأن التعليم هو المهمة الأسمى للإنسان ألا وهي الرسالة التي حملها الأنبياء والرسل - عليهم السلام - منذ آدم حتى محمد صلى الله عليهم وسلم أجمعين.
أسمى رسالة:(2/476)
لأن التعليم والعمل به سمو وأمانة فإن ذلك العمل إذا صدر عن صدق وإخلاص استشعر المعلم عظمة التعليم وآمن بأهمية رسالته، وارتوت نفسه بالاعتزاز والإيمان بواجب الاستمرار في أداء الأمانة، ونأت روحه وأفكاره عن مواطن الشبهات، فإذا به حريص على نقاء السريرة، وطهارة السيرة؛ حفاظاً على شرف المهنة.
المعلم الحق:
إنه قد اكتسب الاحترام بإدراكه لقدسية رسالة التعليم؛ لذلك نجده ينشر الاحترام بين الطلاب ليرتد إليه احترماً منهم وتقديراً، فالمعلم الحق يراعي حاجات الطالب واهتماماته وشخصيته ويشجعه مادياً ومعنوياً ليتغلب على أهوائه وتقلباته؛ لذلك كان لزاماً على المعلم أن يراعي مشاعر الطلاب وعواطفهم، فهم بشر لهم أحاسيس ومشاعر، ويحتاجون إلى مراعاة خصائص المرحلة العمرية، فهم ليسوا آلات تتلقى التعليمات وتعمل دون شعور.
إن استخدام أسلوب اللين والعطف يكوّن علاقة بين المعلم وبين الطلاب تقوم على الثقة والود والاحترام المتبادل، ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأسوة الحسنة عندما نقرأ سيرته العطرة، ونتصور الأسلوب الأمثل في التعامل مع المتلقي، قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه". رواه مسلم.
لذلك كان من المهم أن لا يخلط المعلم بين دوره ودور الطلاب في العملية التعليمية والتربوية فإن للتعامل حدوداً يجب التوقف عندها حتى لا يفقد المعلم هيبته بينهم، ويظل الأمر بيده، والقدرة على ضبط الفصل والموقف التعليمي.
ولا يتم النظام إلا إذا قام المعلم بتوفير الجو المناسب لكل فقرة من فقرات الموقف التعليمي مع إعطاء الحرية المناسبة ليكون الطالب المحور الأهم في العملية التربوية.
حقيقة العلاقة:(2/477)
علاقة المعلم بطلابه صورة من علاقة الأب بأبنائه، فيها مزيج من الشفقة والبرّ والمودة لتحقيق الهدف السامي في الدنيا، والتماس الجزاء المنتظر في الآخرة؛ ولذلك كان المعلم قدوة للأجيال والمجتمع فهو محرك أساسي في نشر مستوى الأخلاق ودرجات الفكر، والالتفات إلى المستقبل المشرق، وترسيخ المفاهيم العقدية، وتكوين القدرة لدى الجيل على اتباع الحق، والدفاع عنه، ونبذ الباطل ومحاربته بروح عالية تستمد مواقفها من يقين وبينة.
ماذا أعددنا للمعلم؟
على المجتمع أن يجعل المعلم موضع التقدير والثقة فهو يؤدي دور الإرشاد والتوجيه لرجال المستقبل، والمعلمة تؤسس لجيل من النساء ليكملن البناء الاجتماعي على الوجه السليم والأكمل الذي نستقيه من دين الإسلام وتعاليمه. كذلك على المجتمع أن يكون عادلاً في التعامل مع المعلم عند حدوث خلل أو خطأ بشري.
إن الجهات المختصة التي تحمل مسؤولية التعليم وإعداد المعلمين وتوظيفهم عليها المسؤولية العظمى والأولى، فعليها أمانة الحرص في انتقاء من يصلح للتعليم وليس مجرد توظيف لوجود مسوغات التوظيف من حيث الشهادة الدراسية والتخصص؛ لأن ذلك يترتب عليه مستقبل تنتظر فيه الأمة بزوغ شمس جيل يحمل الراية لمواصلة التقدم، وحمل رسالة الإسلام.
كما أن المسؤولية مناطة بتلك الجهات بعد توظيف المعلم للاهتمام بهذا الإنسان الذي يحمل بيده مشعل النور والفكر، فهو في حاجة إلى الدعم المعنوي والمادي حتى لا تضطره أمور الدنيا إلى الانشغال عن المهمة الأسمى ألا وهي التعليم، كما إن المعلم في حاجة إلى تطوير قدراته وخبراته في هذا العصر المتطور والمتسارع فلا بد أن يحصل على دورات تأهيلية وأن تدعمه الجهات المختصة بكل وسائل العلم الحديثة وأن تضع له الحوافز.
ماذا قدمت الأسرة؟(2/478)
المدرسة هي الحياة الحقيقية للطالب يتكون فيها عقلاً وجسماً وعلماً، ولكن ما يستوعبه الطالب فيها قد يتلاشى في المنزل أو في الشارع إذا كانت الأسرة تفقد دورها المهم في متابعة البناء الذي قدمته المدرسة عبر المعلم إلى الطالب. فهناك قرارات وتوصيات لا يمكن للمعلم أن يتخذها أو ينفذها، إن مسؤوليتها تقع على كاهل الوالدين في المنزل، فالمتابعة والتقويم تتم في المنزل وهذا هو دور الأسرة في ترسيخ ما يتلقاه الطالب من علوم وتأكيد المثل العليا التي يتعلمها والتأكيد على نبذ الشرّ والابتعاد عن كل ما يرفضه الدين والأخلاق، ومن المؤسف أن عدداًَ غير قليل في هذا العصر من الطلاب مثل النبتة التي تُروى بالماء كل يوم من المدرسة ولكنها لا تجد من يواصل العناية بها في المنزل ويحرص على استقامة عودها!! وأعتقد أن ما نقرأه هذه الأيام من أخبار عن اعتداء الطالب على المعلم أو مدير المدرسة، وحمل الطالب لأدوات جارحة على زملائه الطلاب وأمور أخرى كثيرة، أعتقد أن ذلك يؤكد على أهمية الدور الذي إذا أهملته الأسرة ضاعت جميع الجهود في بناء الإنسان الطالب أدراج الرياح، وظهر بين الأجيال القادمة عناصر ضد التقدم والتحضر الذي نستلهمه من دين الإسلام وسنة محمد - عليه الصلاة والسلام -.
http: //jmuslim. naseej. com المصدر:
============
رسالة إلى طبيب امتياز
أ. د. ربيع السعيد عبد الحليم
لما تخرجت ابنته وأصبحت طبيبة امتياز، كانت هديته إليها هذه القصيدة، وهي هديته إلى كل عزيز عندما يخطو خطواته الأولى في الطب.
أبنيتي! الطب علم صيانة الأبدان *** والوحي أنقذه من الأغلال والأوثان
فمحا خرافة ساحر وطلاسم الكهان ***وهدى لعلم نافع ودعا إلى الإتقان
أبنيتي! بالدين شيد منار طب عال *** زمن الريادة والسيادة أكرم الأحوال
زمن التقرب للإله بصالح الأعمال *** لو سرت نفس طريقهم لبلغت نفس مآل(2/479)
أبنيتي! أجدادنا كانوا ملوك يراع *** نشروا العلوم أصيلة نفعوا بعيد بقاع
هم زينوا أرجاءها بروائع الإبداع *** هم أنقذوا "أوروبة" من ظلمة وضياع
أبنيتي! تاريخنا نبع الحضارة جار ***لا تعبئي بمروّج زيفاً من الأخبار
عودي إلى النبع الأصيل بثابت الإصرار ***ركب العلوم بحاجة لقيادة الأخيار
أبنيتي! الطب ليس لغاية الإثراء *** الطب ليس تجارة صبراً على الإغراء
تعست لهم من سلعة: برء من الأدواء ***الطب رحمة راحم ورسالة الحكماء
أبنيتي! عجباً لمالك ثروة متباهي ***والمال ليس بطوعه بل آمرٌ أو ناهي
والمال ليس بماله! المال مال الله ***عجباً لعابد درهم.. أتعس به من لاه
أبنيتي!.. إن القناعة كنز عزٍّ واف ***يا سعد من يرضى ويقنع بالقليل الكافي
أجر الطبيب لدى الإله مضاعف الأضعاف ***والرزق مكفول بأمر النون بعد الكاف
أبنيتي! أعمالنا بحصائد النيات ***والطب ليس وظيفة بل قربة القربات
فانوي عيادة مبتلىً تجني من الحسنات ***انوي عبادة ربنا بإزالة الكربات
أبنيتي! درّست طباً بادي الإخفاق ***كم من وباء قاتل من فعلة الفساق
ليست له من وصفة أو نوع مصل واق ***وشعارهم: ليس الطبيب معلم الأخلاق
أبنيتي! الطب علم واضح الأغراض *** عين الصواب وقاية من مصدر الأمراض
وعجبت من زيغ لهم عنها ومن إعراض *** لن يهزم الفيروس طبّ عن شذوذ راض
بنيتي! دُرّست طباً ناقص الإيضاح *** قصروا علومهم على جسد من الأملاح
لم يؤمنوا.. لم يأبهوا بمطالب الأرواح *** أنى لهم بسعاة والروح ذات جراح؟
أبنيتي! للغرب طب ظاهر الإفلاس *** بنيت على الإلحاد مدرسة بلا نبراس
ظلمات تيه.. والهوى رجس من الأرجاس *** لا بد من نور الهدى يحمي من الوسواس
أبنيتي! عقل بلا هدي بناء خاوي *** حث الرسول على رعاية صحة وتداوي
فلكل داء برؤه.. صح الحديث لراو ***فلتبحثي.. هيا انهلي من نبع علم راو
أبنيتي! إياك من يأسٍ يهد قواك *** جعل الشقاء ميسراً.. لا تفجعي مرضاك(2/480)
حتى ولو كان الخبيث بجسمهم.. إياك ***بشرى الرسول المصطفى فيها ضمان هداك
أبنيتي! إلا المشيب مفرق الأحباب ***لا بد من عود على بدء إلى سرداب
في برزخ نحيا لحين قيامة وحساب ***ثم الخلود هناك في رغد وحسن ثواب
أبنيتي! استقبلي مرضاك بالترحاب ***وببسمة تهدي لهم أملاً فسيح رحاب
بدء الشقاء بشارة.. ثقة بقهر صعاب ***ثقة الطبيب بربه، والأخذ بالأسباب
أبنيتي! السقم همٌ رائحٌ أو غاد ***كم من عزيم هانئ في بيته والنادي
أضحى قعيداً عاجزاً من غير ما عُوّاد ***فتحملي إرهاقه من حسرة وسهاد
أبنيتي! يحصي المريض عليك كل كلام ***نطق الطبيب لدى المريض كجلسة الأحكام
لا تحكمي حتى تبين مواطن الأسقام ***وترفقي كيما تزول معاول الآلام
أبنيتي! سمِّ الإله قبيل بدء علاج ***هيا اسأليه معونة، هيا اذكريه وناجي
ذجر الإله سعادة، سر النجاة لناجي ***وبدونه أحوالنا ظلمات ليل داج
أبنيتي! مسك الختام تناصح وتواص ***بالصبر.. إن مرادنا أمل عظيم قاص
وطريقه بذل وجهد دائم الإخلاص ***والنور لاح لراصد بشرى بذا الإرهاص
http://saaid. net المصدر:
===========
رسالة من فتاة شيشانية
محمد الصاوي
(أصغوا.. فسوف أبثكم حسراتي)
هذا رسالة من فتاة ((شيشانية)) صاغها شاعرنا الرائع على شكل قصيدة شعرية، وذلك لكي تكون الكلمات أبلغ وأقوى ولكي تصل هذه الرسالة إلى كل مسلم على وجه هذه البسيطة؛ فمليار مسلم من يسمعهم مثل هذه الرسائل سبات عميق والله المستعان..
أبناء الصليب يعيثون في الأرض فساداً ونحن نستعرض ألسنتنا على بعض..
فإلى متى هذا التخاذل والخضوع؟! لقد اغتيل العفاف في أوساطنا ونحن مشغلون بحرصنا على الدنيا وبعدنا عن الآخرة، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..
ولا أطيل عليكم بهذه المقدمة، ولكن أترككم مع هذه الرسالة لعل وعسى.
أصغوا فسوف أبثكم حسراتي *** وأمدُّكم بالحزن من آهاتي
أصغوا لأُطربكم بفيض مواجعي *** وأحيطكم بمدامعي وشكاتي(2/481)
أصغوا لأفجعكم بأغرب قصة *** نُقلت إلى الأسماع من أنّاتي
أصغوا فإن حروف قولي تصطلي *** من بؤس ذلِّ ينسجوه عداتي
واستطلعوا معنى الإخاء بلذة *** فلسوف تروي محنتي عبراتي
كانت لنا أحلامنا يا إخوتي *** لكنها ذُبحت بكفِّ طغاةِ
كانت لنا الآمال أجملُ لوحةٍ *** رسمت من الأفراح والخيراتِ
كنا نعيش أيا أحبةُ عزةً *** تحيا مآذننا بتكبيراتِ
كنا نحس بمجدنا لما نرى *** إسراع كل الناس للصلوات ِ
كنا نذوق حلاوة في ديننا *** لما يجيء العيد بالبركاتِ
فترى صغار المسلمين تجمّعوا *** وعلى وجوههمُ ترى البسماتِ
وتراهمُ قد أمسكوا ألعابهم ***وتدق سمعك أعذب الأصواتِ
وترى الجميع قد امتطوا أفراحهم *** وكأن دنياهم بلا نكباتِ
وترى الثمار تطيب في أشجارنا *** وترى الزهور جميلةَ اللَّمساتِ
وترى الجبال وقد كساها خضرة *** ربُّ العباد واهب الرَّحماتِ
وترى رُبًى (البلقان) تبرز حُسنها *** وكأنما هي أجمل الفتياتِ
وتُحس حقاً أنّ في إسلامنا *** ما يمنح الإنسان كل ثباتِ
وصفت لنا الدنيا كأنقى قطرة *** والتَمَّ شمل الناس بعد شتاتِ
لكنّ أبناء الصليب تبجَّحوا *** صبُّوا رَصَاصَهُمُ على الطرقاتِ
فتناثر الأطفال صرعى مثلما *** رُشَّ الجراد بقاتل الحشراتِ
وغدت حياة الناس مثل قيامة *** قامت وكل الخلق في غفلاتِ
ذلٌ وحربٌ يا أحبةُ والأسى *** يكوي القلوب ويَلْفَحُ الوجناتِ
غدرٌ يقدِّمه لنا أعداؤنا *** في ثوب سلمٍ يسرقُ النظراتِ
يأتي المساء فلا أبٌ يحمي الحمى *** وتبين شمس الصبح عن أمواتِ
يأتي المساء وتنطوي آمالنا *** وأظلُّ أبكي الليل من حرقاتي
إني لأعجب حين أبصر حالنا *** وأحس أن رجالنا بسباتِ
إني لأعجب حين أبصر حالنا *** وأرى العدو يوجِّه الطغياتِ
إني لأحزن حين نَمْدُدُ كفنا *** للمعتدين ونرسل البسماتِ
يا ويح قومي كيف نامت أسدهم *** في أيّ صقعٍ خلفوا العزماتِ
ناموا على عزف السلام وما صحوا *** فغدت مرابعنا بدون حماةِ(2/482)
يا ويح قومي حرّفوا قرآنهم *** لم يأخذوا بدلالة الآياتِ
يا ويح قومي أغفلوا سنن الهدى *** زرعوا الخلاف وأشعلوا الثََوراتِ
حسبوا بأن المجد يأتي عندما *** يتسابقون بأطول الكلماتِ
حسبو بأن الفوز يأتي عندما *** يتضحاكون بأمتعِ السهراتِ
حسبوا بأن النصر يأتي عندما *** يتفاخرون بأفضل الحفلاتِ
ظنوا بأن طريقهم سَيُريحهم *** من كل ما يشكون من أزماتِ
لكنهم وأدوا الكرامة عندما *** مدّوا الإخا لمحرفي التواراةِ
لكنهم ظلوا طريق سموِّهم *** سهروا على الأوتار والنغماتِ
لا يا أحبة ليس يرجع حقنا *** إلا بحزم يُحرق الشهواتِ
لا يا أحبة ليس يرجع حقنا *** إلا بسيف ينصر الحرماتِ
هذا هو التاريخ يروي مجدكم *** فلتقرؤا إن شئتمُ الصفحاتِ
كم قد رفعنا ذلة عن قومنا *** كم نشرنا العلم والحسناتِ
كم قد فتحنا من بلادٍ إخوتي *** ولكم جعلنا اللين رمزَ دعاةِ
كم قد رفعنا ظلم طاغوتٍ بغى *** ولكم هزمنا أكبر القواتِ
صغنا الحياة على كتاب إلهنا *** بعنا النفوس لخالق النَّسماتِ
وتحقق النصر العظيم لجيلنا *** لما صدَقنا الله في الخلواتِ
هذي سطور المجد في تاريخنا *** أرسلتها.. والحزن في كلماتي
لا تركعوا للمعتدين فسلمهم *** زيفٌ وإن كتبوا على الورقاتِ
لا تركضوا خلف السراب أحبتي *** فربوعنا ملأى من الواحاتِ
كونوا ضياءً يا رجال عقيدتي *** فالكون يشكو وطأة الظلماتِ
رَبَّاهُ إني قد رفعت شكايتي *** وعلى صِِغاري وابل الطلقاتِ
حقق أيا رباه وعدك إنَّنا *** ندعوك أن تعلي لنا الراياتِ
http://www. islamway. com المصدر:
============
يا بني.. هذه رسالة مكلومة من أمك المسكينة
عبد الملك القاسم
الحمد لله فارج الهم، وكاشف الغم، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وبعد:
يا بني.. هذه رسالة مكلومة من أمك المسكينة.. كتبتُها على استحياء بعد تردد وطول انتظار.. أمسكتُ بالقلم مرات فحجزته الدمعة! وأوقفتُ الدمعة مرات، فجرى أنين القلب.(2/483)
يا بني.. بعد هذا العمر الطويل أراك رجلاً سوياً مكتمل العقل، متزن العاطفة.. ومن حقي عليك أن تقرأ هذه الورقة وإن شئت بعدُ فمزقها كما مزقت أطراف قلبي من قبل!
يا بني.. منذ خمسة وعشرين عاماً كان يوماً مشرقاً في حياتي عندما أخبرتني الطبيبة أني حامل! والأمهات يا بني يعرفن معنى هذه الكلمة جيداً! فهي مزيج من الفرح والسرور، وبداية معاناة مع التغيرات النفسية والجسمية. وبعد هذه البُشرى حملتُك تسعة أشهر في بطني فرِحةً جذلى؛ أقوم بصعوبة، وأنام بصعوبة، وآكل بصعوبة، وأتنفس بصعوبة. لكن ذلك كله لم ينتقص من محبتي لك وفرحي بك! بل نَمَت محبتُك مع الأيام، وترعرع الشوق إليك!
حملتك يا بني وهناً على وهن. وألماً على ألم.. أفرح بحركتك، وأُسر بزيادة وزنك، وهي حمل عليَّ ثقيل!
إنها معاناة طويلة أتى بعدها فجر تلك الليلة التي لم أنم فيها ولم يغمض لي فيها جفن، ونالني من الألم والشدة والرهبة والخوف ما لا يصفه قلم، ولا يتحدث عنه لسان.. إشتد بي الألم حتى عجزت عن البكاء، ورأيت بأم عيني الموت مرات عديدة! حتى خرجت إلى الدنيا فامتزجت دموع صراخك بدموع فرحي، وأزالت كل آلامي وجراحي، بل حنوت عليك مع شدة ألمي وقبَّلتُك قبل أن تنال منك قطرة ماء!
يا بني.. مرت سنوات من عمرك وأنا أحملك في قلبي وأغسلك بيدي، جعلت حجري لك فراشاً، وصدري لك غذاء.. سهرت ليلي لتنام.. وتعبت نهاري لتسعد.. أمنيتي كل يوم أن أرى ابتسامتك.. وسروري في كل لحظة أن تطلب شيئاً أصنعه لك، فتلك هي منتهى سعادتي!(2/484)
ومرت الليالي والأيام وأنا على تلك الحال خادمة لم تقصر، ومرضعة لم تتوقف، وعاملة لم تسكن، وداعية لك بالخير والتوفيق لا تفتر، أرقبك يوماً بعد يوم حتى اشتد عودك، واستقام شبابك، وبدت عليك معالم الرجولة، فإذا بي أجري يميناً وشمالاً لأبحث لك عن المرأة التي طلبت!وأتى موعد زواجك، واقترب زمن زفافك، فتقطع قلبي، وجرت مدامعي، فرحة بحياتك الجديدة، وحزناً على فراقك! ومرت الساعات ثقيلة، واللحظات بطيئة، فإذا بك لست ابني الذي أعرفك، اختفت ابتسامتك، وغاب صوتك، وعبس محياك، لقد أنكرتني وتناسيت حقي! تمر الأيام أراقب طلعتك، وأنتظر بلهف سماع صوتك. لكن الهجر طال والأيام تباعدت! أطلت النظر على الباب فلم تأت! وأرهفت السمع لرنين الهاتف حتى ظننت بنفسي الوسواس! هاهي الليالي قد أظلمت، والأيام تطاولت، فلا أراك ولا أسمع صوتك، وتجاهلت من قامت بك خير قيام!
يا بني لا أطلب إلا أقل القليل.. اجعلني في منزلة أطرف أصدقائك عندك، وأبعدهم حظوة لديك! اجعلني يا بني إحدى محطات حياتك الشهرية لأراك فيها ولو لدقائق..
يا بني.. احدودب ظهري، وارتعشت أطرافي، وأنهكتني الأمراض، وزارتني الأسقام.. لا أقوم إلا بصعوبة، ولا أجلس إلا بمشقة، ولا يزال قلبي ينبض بمحبتك!
لو أكرمك شخص يوماً لأثنيت على حسن صنيعه، وجميل إحسانه.. وأمك أحسنت إليك إحساناً لا تراه ومعروفاً لا تجازيه.. لقد خدمتك وقامت بأمرك سنوات وسنوات! فأين الجزاء والوفاء؟! ألهذا الحد بلغت بك القسوة وأخذتك الأيام؟!(2/485)
يا بني.. كلما علمت أنك سعيد في حياتك زاد فرحي وسروري.. وأتعجب وأنت صنيع يدي. أي ذنب جنيته حتى أصبحت عدوة لك لا تطيق رؤيتي وتتثاقل زيارتي؟! هل أخطأت يوماً في معاملتك، أو قصرت لحظة في خدمتك؟! اجعلني من سائر خدمك الذين تعطيهم أجورهم.. وامنحني جزءاً من رحمتك. ومُنَّ عليَّ ببعض أجري.. وأحسن فإن الله يحب المحسنين! يا بني أتمنى رؤيتك لا أريد سوى ذلك! دعني أرى عبوس وجهك وتقاطيع غضبك.
يا بني.. تفطر قلبي، وسالت مدامعي، وأنت حي ترزق! ولا يزال الناس يتحدثون عن حسن خلقك وجودك وكرمك!
يا بني.. أما آن لقلبك أن يرق لامرأة ضعيفة أضناها الشوق، وألجمها الحزن! جعلت الكمد شعارها، والغم دثارها! وأجريت لها دمعاً، وأحزنت قلباً، وقطعت رحماً..
يا بني هاهو باب الجنة دونك فاسلكه، واطرق بابه بابتسامة عذبة، وصفح جميل، ولقاء حسن.. لعلي ألقاك هناك برحمة ربي كما في الحديث: { الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب، أو احفظه } [رواه أحمد].
يا بني أعرفك منذ شب عودك، واستقام شبابك، تبحث عن الأجر والمثوبة، لكنك اليوم نسيت حديث النبي: { إن أحب الأعمال إلى الله الصلاة في وقتها، ثم بر الوالدين، ثم الجهاد في سبيل الله } [متفق عليه]، هاك هذا الأجر دون قطع الرقاب وضرب الأعناق، فأين أنت من أحب الأعمال؟!
يا بني إنني أُعيذك أن تكون ممن عناهم النبي بقوله: { رغم أنفه، ثم رغم أنفه، ثم رغم أنفه } قيل: مَنْ يا رسول الله؟ قال: { من أدرك والديه عند الكبر، أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة } [رواه مسلم].
يا بني.. لن أرفع الشكوى، ولن أبث الحزن، لأنها إن ارتفعت فوق الغمام، واعتلت إلى باب السماء أصابك شؤم العقوق، ونزلت بك العقوبة، وحلت بدارك المصيبة.. لا، لن أفعل.. لا تزال يا بني فلذة كبدي، وريحانة فؤادي وبهجة دنياي!(2/486)
أفق يا بني.. بدأ الشيب يعلو مفرقك، وتمر سنوات ثم تصبح أباً شيخاً، والجزاء من جنس العمل.. وستكتب رسائل لابنك بالدموع مثلما كتبتها إليك.. وعند الله تجتمع الخصوم!
يا بني.. إتق الله في أمك.. { والزمها فإن الجنة عند رجلها } كفكف دمعها، وواس حزنها، وإن شئت بعد ذلك فمزق رسالتها!
يا بني أن من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها.
http://www. twbh. com المصدر:
=============
رسالة من الشهيد أحمد ياسين إلى أبناء الأمة
د.أسامة الأحمد
أنا أحمد ياسين عبد لله تعالى..
أودّعكم يا أبناء أمتي برسالتي هذه التي صيغت حروفها بمداد العالم ..وعرق المجاهد.. ودمع العابد.. ودم الشهيد ..
أودعكم بعد أن ودعتُ الحياة الفانية بسجود الليل في رحاب مسجد الحي ، وهوذا قرآن الفجر لا يزال رطباً في أجواء المسجد فاسألوه (( إن قرآن الفجر كان مشهودا ))..
أنا يا أحبّاي ما فارقتكم مللاً ، ولكن شوقاً إلى مجاورة الرفيق الأعلى .. فاعذروني إذا ماغرستُ الأحزان في قلوبكم المؤمنة عن غير قصد مني..
أنا ماغادرتكم إلا بعد أن استقر في قلبي أنكم قد استويتم على عروشكم، فغدوتم بفضل الله وحده رجال مبدأ ، وحملة رسالة ..
أنا ما رحلت عنكم إلا بعد أن تيقنت بأنكم اليوم أقوى منكم قبل رحيلي .. وهذي مبادئي قد ازدادت عمقاً وانتشاراً بعد أن أضيف لها دم الصدق مني، وجمر الغضب منكم..
وهل غاب عنكم يا أبنائي إلا جسمي الذي أضنته السباحة فوق أمواج القدر؟!..
ألا يسعدكم يا أحبّايَ أن يرتاح على ضفة الكوثر جسدٌ أعياه طول السفر؟! ..
أتنكرون يا أبنائي أن الملايين منكم لم يغرسوني في شغاف قلوبهم إلا بعد أن غرستُ دمائي على عتبات المسجد ؟!..(2/487)
هؤلاء المسلمون الطيبون المقصّرون لم يحتاجوا إلا إلى موتي حتى تفيء قلوبهم إلى كلمة الله وتحيا بنسمة الإيمان ، وكأن الإمام ابن القيم كان يخاطب كل فرد من هذا المليار حين قال : (( إذا لم تكن من أنصار الرسول في المعركة , فكنْ من حرّاس المتاع , فإن لم تفعل فكن من نظّارةِ الحرب الذين يتمنّون النصر للمسلمين , ولا تكن الرابعة فتهلك)) .
أتنكرون يا أبنائي أنكم اليوم أقوى وأقدر وأقرب إلى الله تعالى وإلى محبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم ؟!
أتنكرون أنكم قد ازددتم يقينا بأن الدين عند الله هو الإسلام، وأن الإسلام هو الدين القادر على سبك الرجال ؟!..
ولقد حدّثوا أن طفلا بريئا من أشبال الإسلام قد سأل أباه متعجبا : كيف يقصف المجرمون شيخنا بالصواريخ وكأنه مدينة ؟!
وجاء الجواب : لا تعجب يا بني ، فقد كان الإمام أحمد ياسين أمّة ..
ولست وحدي يا أبنائي بل إنّ كلا منكم قادر على أن يكون أمة وحده، فقوة المسلم مستمدة من قوة الإسلام. والإسلام هو الدين الذي ينبغي أن يكون له مليار قوة، فحاذروا أن يضعف بكم الإسلام
وما أريده منكم يا أبنائي هو أن تستثمروا حزنكم عليّ في تجذير الوعي ، فالانتصار العاطفي الذي تفتحت أزهاره لا يكفي ، فاعملوا على تعميق جذور الوعي كي تثمر هذه الأزهار ..
يا أبنائي : ارفعوا رؤوسكم عالياً فقد وضح لكم الطريق ، واعلموا أنّ النعامة التي دفنتْ رأسها في الرّمال, لا يمكن أن تُحدّثنا عن الجَمال !..
واعلمواأنّ الأقزامَ لن يسيروا طويلاً إلى الأمام !..
وأنّ العبيدلا يساوي قَدْرُهم ثمنَ القيود.. وكيف وقدانحنتْ رقابُهم لأحقر من في الأرض حتى نَسوا لون السماء ؟!..
يا أبنائي: لا تيئسوا فالمجرمون عاجزون عن أن يحفروا قبرالأمة بصاروخ ، وعاجزون عن أن يحجبوا القرآن عن الإنسان بجدارٍ من نسيجِ العنكبوت..(2/488)
يا أبنائي : إنّ رحى الإسلام دائرة , فدوروا مع الإسلام حيث دار , وصابروا أنفسكم على هذا المدار .. واحذروا أن يفلتَ من أيديكم حبلُ الوحدة والتوحيد ..
يا أبنائي: قد أبلغتكمْ أمانةَ الإسلام , فبلّغوها للعالم..
فالظلامُ لا يُمحى من الدنيا حتى يقول كل مسلم : (( أشرقي يا شمسُ من هُنا .. من عندي أنا )) ..
التوقيع
دماء قلبي في إطار كرسيَّ المحطّم
موقع المختار الإسلامي
=============
رسالة إلى أختنا المتدينة
قال - تعالى - {قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً. إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ} [الجن:22 - 23]
يقال أن كثيراً من المتدينات سلبيات في التزامهن!! حيث أنهن لا يقمن بدور واضح في الدعوة إلى الله،
- مع أنهن يلاحظن مدى الهجمة الشرسة التي تتعرض لها المرأة المسلمة والتي تحاول إبعادها عن أوامر دينها!.
- ومع أنهن يلاحظن واقع البعد الكبير عن كثير من النساء في مجتمعاتنا عن أوامر الشرع!
- ومع أنهن يشاهدن ما تتعرض له الأمة من مآسي والتي لا حل لها إلا العودة إلى الله والدعوة إلى ذلك!
- ومع أنهن في الغالب يدركن أن دورهن هو الدور الأهم لإصلاح النساء في مجتمعاتنا!
فهل هذا صحيح؟!
يمكنك تحديد الجواب بالنسبة لنفسك بعد الإجابة على الأسئلة التالية..
1 - هل همُّكِ الأكبر الذي تحملينه في كل وقت وفي كل مكان وفي كل مناسبة هو هم الدعوة؟ أي كيف تدعين غيرك إلى الله وتصلحين من حاله وكيف تعملين ما يساعد على إنقاذ هذه الأمة وإرجاعها إلى تمسكها الحقيقي بدينها الذي هو السبيل الوحيد لعزها ونصرها؟ وهل تضحّين في سبيل ذلك بالغالي من وقتك وجهدك ومالك؟
2 - هل حرصت على ألا تفوتك أي فرصة أو أي مناسبة تحضرينها بدون أن يكون فيها عمل منك في سبيل الإصلاح والدعوة والتوجيه سواء بالكلام المؤثر أو بتوزيع الشريط الموجه أو الكتيب النافع أو بأي وسيلة أخرى؟(2/489)
3 - هل اهتممت بجاراتك فأحسنت إليهن، وقمت بعمل حلقة ذكر أسبوعية لهن - التي هي وسيلة فعالة ومتيسرة لإصلاحهن -؟ وهل قمت بتوزيع الشريط والكتيب عليهن بصفة مستمرة؟
4 - هل تحملين هم دعوة قريباتك فتقومين بالاتصال بهن والتأثير عليهن بالوسائل المختلفة - التي من أقواها توزيع الشريط والكتيب بشكل دوري ومستمر -؟ وهل قمت بمتابعة أحوالهن والإحسان إليهن والاهتمام بمشاكلهن وعمل حلقة ذكر دورية لهن إن أمكن ذلك؟
5 - هل اهتممت بدعوة الأطفال والناشئات في أسرتك وعند جاراتك وتوجيههم إلى ما فيه الخير؟
6 - هل ذكّرت جاراتك وقريباتك بالمحاضرات والنشاطات النافعة وسعيت إلى ربطهن بها واصطحبتيهن إليها؟
7 - إن كنت مدرسة أو طالبة، فهل تعملين بجدية لدعوة من معك في المدرسة؟
8 - هل تشاركين في أي نشاط نسائي يساهم في الدعوة إلى الله وإيصال الخير إلى الناس؟
9 - هل تشاركين في إلقاء المحاضرات والندوات العامة على النساء والكتابة في المجلات الإسلامية إن كنت ممن يمتلك القدرة على ذلك، أم أنك تعتذرين عن ذلك لأقل عذر يصيبك مع علمك بأهمية الأمر وضرورته؟
10 - هل رتبت وسعيت بجدية لأن يكون لك نصيب جيد من الإطلاع وزيادة العلم الشرعي الذي هو معين أساسي لاستمرارك ونجاحك في دعوتك؟
11 - هل أنت قدوة حقيقية لنساء مجتمعنا في كل ما يتعلق بصفة وهيئة وسمت المرأة المسلمة؟
12 - هل زهدت في الدنيا وزخارفها فلم تشغلي نفسك بأمور دنيوية زائدة تصرفين فيها جزءاً من وقتك ومالك الغاليين بينما أمتك في واقع مؤلم لا يخفى عليك؟
13 - هل ساعدت زوجك الداعية بتوفير الجو المناسب له وحثه على عمل الخير، واحتساب الوقت الذي تقضينه وحيدة في المنزل عندما يكون مشغولاً بدلاً من الإكثار عليه باللوم والعتاب؟ وإن لم يكن زوجك من الدعاة فهل شجعتيه على الالتزام والدعوة؟(2/490)
14 - هل عملت بجدية لتنشئي أطفالك النشأة الصالحة لكي يسلموا من آثار كل ما يخالف الشرع وليكونوا هم أيضاً ممن يحملون هم الدين ويسعون لنصرته وخدمته؟
15 - ثم أخيراً هل تقومين بالتفكير في تجديد وتحسين وسائل الدعوة لكي تقوى فعاليتها ويزداد خيرها؟
http://www. islamway. com المصدر:
============
رسالة من الشيخ أحمد ياسين للعالم
الشيخ أحمد ياسين
بث موقع المركز الإعلامي الفلسطيني (موقع حركة المقاومة الإسلامية حماس) رسالة من الشيخ أحمد ياسين بعد المحاولة الفاشلة لاغتياله.. يشكو فيها ما أصاب الأمة من صمت أمام الوحشية الإسرائيلية، وهذا نصها:
قالها الشيخ أحمد ياسين الغاضب الحزين على حال أمته!! أوَ ما ترون أيها العرب كم بلغ بكم الحال!؟ إنني أنا الشيخ العجوز لا أرفع قلما ولا سلاحا بيديّ الميتتين!! لستُ خطيبا جهورياً أرجّ المكان بصوتي!! ولا أتحرك صوب حاجة خاصة أو عامة إلا عندما يحركني الآخرون لها!
أنا ذو الشيبة البيضاء والعمر الأخير!! أنا من هدّته الأمراض وعصفت به ابتلاءات الزمان! كل ما عندي أنني أردت أن يكتب أمثالي ممن يحملون في ظواهر ما يبدو على أجسادهم كل ما جعله العرب في أنفسهم من ضعف وعجز!
أحقا هكذا أنتم أيها العرب صامتون عاجزون أو أموات هالكون!! ألم تعد تنتفض قلوبكم لمرآى المأساة الوجيعة التي تحل بنا فلا قوم يتظاهرون غضبا لله وأعراض الأمة؛ ولا قوم يَحْمِلون على أعداء الله الذين شنوا حربا دولية علينا وحوّلونا من مناضلين شرفاء مظلومين إلى قتلة مجرمين إرهابيين وتعاهدوا على تدميرنا والقضاء علينا!
ألا تستحي هذه الأمة من نفسها وهي تُطعن في طليعة الشرف لديها! ألا تستحي دول هذه الأمة وهي تغض الطرف عن المجرمين الصهاينة والحلفاء الدوليين دون أن يعطفوا علينا بنظرة تمسح عنا دمعتنا وتربّت على أكتافنا!(2/491)
ألا تغضب منظمات الأمة وقواها وأحزابها وهيئاتها وأشخاصها لله غضبة حقة فيخرجون جميعا في حشود هاتفة ليقولوا: يا الله اجبر كسرنا وارحم ضعفنا وانصر عبادك المؤمنين! أو ما تملكون هذا! أن تدعوا لنا!
قريبا ستسمعون عن مقاتل عظيمة بيننا لأننا لن نكون حينها إلا واقفين مكتوب على جبيننا أننا متنا واقفين مقبلين غير مدبرين ومات معنا أطفالنا ونساؤنا وشيوخنا وشبابنا! جعلنا منهم وقودا لهذه الأمة الساكنة البليدة!
لا تنتظروا منا أن نستسلم أو أن نرفع الراية البيضاء لأننا تعلمنا أننا سنموت أيضا إن فعلنا ذلك فاتركونا نمُت بشرف المجاهد! إن شئتم كونوا معنا بما تستطيعون فثأرنا يتقلّده كل واحد منكم في عنقه؛ ولكم أيضا أن تشاهدوا موتنا وتترحموا علينا؛ وعزاؤنا أن الله سيقتص من كل من فرّط في أمانته التي أعطيها.
ونرجوكم ألا تكونوا علينا؛ بالله عليكم لا تكونوا علينا يا قادة أمتنا يا شعوب أمتنا!
اللهم نشكو إليك.. نشكو إليك.. نشكو إليك.. نشكو إليك ضعف قوتنا.. وقلة حيلتنا.. وهواننا على الناس.. أنت رب المستضعفين وأنت ربنا.. إلى من تكلنا.. إلى بعيد يتجهمنا.. أم إلى عدو ملكته أمرنا.
اللهم نشكو إليك دماء سفكت.. وأعراضا هتكت.. وحرمات انتهكت.. وأطفالا يتمت.. ونساء رملت.. وأمهات ثكلت.. وبيوتا خربت.. ومزارع أتلفت.. نشكو إليك.. تشتت شملنا.. وتشرذم جمعنا.. وتفرق سبلنا.. ودوام الخلف بيننا.. نشكو إليك ضعف قومنا وعجز الأمة من حولنا وغلبة أعدائنا.
http://news. masrawy. com المصدر:
============
رسالة إليك أختي الكريمة
أرسل إليك هذه الرسالة وكلي أمل أن تجد لديك صدى طيبا إذ أن القصد من ورائها هو الغيرة عليك لأننا لا نراك إلا أختا نخاف عليها من هموم الدنيا ونار الآخرة.
أختي الكريمة:(2/492)
إن أول ما نريد أن نتكلم عليه هي... الملابس التي تلبسها البعض من النساء والتي تكشف عن ساقيها أو تكشف عن رأسها أو أن تكون المرأة متزينة واضعة على وجهها مجموعة من الأصباغ وهذا كله من التبرج الذي نهى الله عنه في قوله - تعالى -: (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)(الأحزاب: من الآية33) وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا). وقال في رواية أخرى (العنوهن فإنهن ملعونات) فهل تحبين أن تكونين مثل هذا الصنف، أعيذك بالله أن تكونين كذلك.
والأمر الثاني: هو التعطر وأن تخرج المرأة متعطرة وهذا حرام وفي هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -:(أيما امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية وقال (أيما امرأة استعطرت ثم خرجت إلى المسجد لم تقبل لها صلاة حتى تغتسل). فإن كان هذا حال من خرجت إلى المسجد فكيف بمن خرجت إلى الأسواق أو إلى الأعراس؟!
والأمر الثالث: هو خضوع المرأة وتغنجها بالكلام أمام الرجال وتليين الجانب معهم وهذا لا يجوز فقد قال الله - تعالى -: (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) (الأحزاب: من الآية32).
وكم من الناس من في قلبه مرض ولا يريد من الكلام والضحك مع النساء إلا أمرا معلوما ضرره وخبث.
والأمر الرابع: خلوة المرأة بالرجال واختلاطها معهم في أي مجال كان وهذا محرم لقوله - صلى الله عليه وسلم -:(لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما)، فما هو المتوقع إذا كان الوضع كذلك إنه الدمار ولاشك وأنت أختي الطيبة أستر واعف أن يختلي بك أحد الرجال وشرفك أعلى وأرفع عندنا أن يدنس في مثل هذه الأمور.(2/493)
أختي الكريمة: أعدي الزاد وخذي في جهازك وكوني وحي نفسك... لا تنظري إلى صغر الخطيئة ولكن انظري إلى عظمة من عصيت... إن الله قد قذف في قلبك نورا فلا تطفئيه... بظلمة المعاصي أتل القرآن و استمعي إلى ذكر الله ولا تضيعي وقتك في غير فائدة وتذكري ربك وتمثلي ضعفك وعظمة خالقك واستعدي ليوم الرحيل يوم الحسرة والندامة.
أختاه أيتها الأمل... لحظة صدق مع نفسك وسيتجلى لك كل شيء واضح جليا،وستعرفين جيدا من هو الذي يريد لك الخير والعفة والستر ومن الذي يريدك أن تغرقي في مهاوي الخطيئة.
(فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ) (غافر: من الآية44)
لا تكشفي الوجه يا أختاه واستتري ***** إن الذئاب كثير في أراضينا
http://www. dawah. ws المصدر:
=============
رسالة إلى من جاوز الأربعين
إن الله - تبارك وتعالى - خلق الإنسان في أحسن تقويم، وفضله على كثير من خلقه، وكرمه تكريماً عظيماً، وقد اقتضت حكمته - تعالى - أن ينتقل الإنسان من طور إلى طور، من طور الطفولة، إلى طور الشباب، إلى طور الكهولة، إلى طور الضعف.
ومصداق هذا قوله - عز وجل -: (الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير). ولكل مرحلة من تلك المراحل خاصيتها وأهميتها في حياة الإنسان.
وهذه الرسالة تتحدث عن عمر محدد في حياة الإنسان، ومرحلة في غاية من الأهمية، وهي مرحلة ما بعد الأربعين، حيث يتصور كثير من الناس أنهم قد وصلوا إلى خريف العمر، وأنهم قد غادروا ربيع الشباب، وفقدوا الحيوية والنضارة، وبعضهم يستبد به هذا الشعور إلى درجة قد يصاب معها بجملة من الأمراض النفسية، مثل الإحباط واليأس، وفقد الرغبة في العمل والعطاء، والانكفاء على الذات، والتقليل من الخلطة إلى حد قريب من العزلة، وهذا أمر موجود سار في طبقات من الناس، على درجات مختلفة الحدة.(2/494)
وهذه الرسالة وضعت لمناقشة هذه القضية، وبيان أن العمر الذهبي للإنسان من حيث العطاء والمشاركة في قضايا المجتمع إنما هو ما بعد الأربعين، وللإجابة على الأسئلة المتنوعة التي يسألها كثير من الناس – بلسان الحال أو المقال – حول هذه القضية، ووضع خطوات عملية لتجديد حياة المرء ومساره إذا بلغ هذا العمر، مع ذكر أمثلة مضيئة لمن قدموا وبذلوا وأعطوا بعد تقدمهم في العمر، ولم يكن لبعضهم قبل ذلك مشاركة نافعة في حياة الناس.
وأرجو من كل من جاز الأربعين أن يقرأ هذه الرسالة قراءة فاحصة، وليتدبرها وليعمل بما فيها مما يراه نافعاً له ومناسباً، وليقدم على الحياة باسماً متفائلاً، وليدرك أنه مهما بلغ المؤمن من السن فإنه لا يزال يستطيع التقديم والعطاء، وأنه مثله كمثل النخلة كلما قدم غرسها جاد عطاؤها، وارتفعت في الهواء، وحسن منظرها، وكملت منها الهيئة، وقوي منها العود، وعظم إليها المرتقى، وأن المؤمن لا يزال نافعاً معطاءً عاملاً حتى يلقى الله - تعالى - ، مهما تقدم به العمر، وبلغت به السن، ومصداق هذا قول الله - تعالى -: (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين). أي الموت.
كان هذا أيها الإخوة جزءا من مقدمة الكتاب الجديد الذي صدر للشيخ الدكتور محمد موسى الشريف عن دار الأندلس الخضراء للنشر والتوزيع، بعنوان (جدد حياتك.. رسالة إلى من جاوز الأربعين).
ويقع الكتاب في ثمانين صفحة ومن عناوين فهرسه: مقياس الشباب، ونذير الشيب، وتغيير الشيب، ولطائف في خضاب الشيب وتغييره،، وأهم ما في الكتاب هو ما ذكرته الكاتب تحت عنوان ما ينبغي عمله لمن جاز الأربعين: وهي المراجعة الشاملة، والتفكير الجاد في ترك الأثر النافع، وتوريث العلم والخبرة والتجارب، والتجديد في مناحي الحياة المختلفة، ومن ذلك التجديد الإيماني، والأخلاقي، والدعوي، والثقافي، والأسري، والصحي، وتحت كل بند من هذه البنود معان جميلة وأفكار رائعة جديدة..
http://www. naseh. net المصدر:(2/495)
=============
رسالة متعة الحديث
يا من تقرأ موضوعي دع عنك الوقوف على أطلال ليلى ودع عنك حديث الهوى فمتعة الحديث عند العقلاء هناك يحلو السمر مع تجارب البشر.
عزيزي يا من تقرأ موضوعي أرجو منك الدعاء لي فهذه بعض مقتطفات من أقول السلف الصالح والحكماء فيه والله متعة الحديث.
الوصية:
إذا نازعتك الحاجة إلى صحبة الرجال فاصحب من إذا صحبته زانك، وإذا أخذت منه صانك، وإن مددت يدك بفضل مدها، وإن سألته أعطاك،وإن سكت عنه ابتدأك، وإن نزلت بك إحدى الملمات واساك، ومن لا تأتيك منه البوائق، ولا تختلف عليك منه الطرائق، ولا يخذلك عنه الحقائق، وإن تنازعتما مقسما آثرك.
"يا بني إياك ومصادقه الأحمق فإنه يريد أن ينفعك يضرك، وإياك ومصادقه البخيل يبعد عنك أحوج ما تكون إليه، وإياك ومصادقه الفاجر فإنه يبغيك بالتافه، وإياك ومصادقه الكذاب فإنه كالسراب يقرب إليك البعيد،ويبعد عنك القريب.
قال أحد الحكماء لابنه في موعظة: يا بني.. إذا أردت أن تصاحب رجلاً فأغضبه.. فإن أنصفك من نفسه فلا تدع صحبته.. وإلا فاحذره!
قال أحد حكماء الفلسفة: الإخوان ثلاثة.. أخ كالغذاء تحتاج إليه كل وقت، وأخ كالدواء تحتاج إليه أحياناً، وأخ كالداء لا تحتاج إليه أبداً.
وقفه:
* عن لقمان قوله: ثلاث ليس فيهن حيلة:
فقر يخالطه كسل، وعداوة يداخلها حسد، ومرض يمازجه هرم.
علاج نفسي:
سَئل نابليون: كيف استطعت أن تولد الثقة في نفوس أفراد جيشك؟
أجاب: كنت أرد بثلاث على ثلاث.... من قال لا أستطيع قلت له... حاول، ومن قال لا أعرف قلت له.. تعلم، ومن قال مستحيل قلت له.. جرب.
حنان الأم:
سُئلت أم: من تحبين من أولادك؟!
قالت: مريضهم حتى يشفى، وغائبهم حتى يعود، وصغيرهم حتى يكبر... ودارسهم حتى يعود.
خواطر:
ويقول الحطيئة:
ولست أرى السعادة جمع مال *** ولكن التقي هو السعيد
وتقوى الله خير الزاد ذخرا *** وعند الله للأتقى مزيد
وما لا بد أن يأتي قريب *** ولكن الذي يمضي بعيد(2/496)
ويقول علي بن الحسين - رضي الله عنه -:
فلا تغرنك الدنيا وزينتها *** وانظر إلى فعلها في الأهل والوطن
وانظر إلى من حوى الدنيا بأجملها *** هل راح منها بغير الحنط والكفن
خذ القناعة من دنياك وارض بها *** لو لم يكن لك فيها إلا راحة البدن
يا زارع الخير تحصد بعده ثمرا *** يا زارع الشر موقوف على الوهن
يا نفس كفي عن العصيان واكتسبي *** فعلا جميلا لعل الله يرحمني
يا نفسي ويحك توبي واعملي حسنا *** عسى تجزين بعد الموت بالحسن
وقال يوسف بن الحسين - رضي الله عنه -:
على قدر خوفُك من الله يهابُك الخلق، وعلى قدر حبُك لله يحبك الخلق، وعلى قدر شغُلك بأمر الله تشغل الخلق بأمرك.
اللهم ارزقنا وإياكم من يهابك ويحبكُ ويشتغل في طاعتك..
http://www. twbh. com المصدر:
================
رسالة إلى أختي المسلمة!
محمد محمود(2/497)
يلاحظ كل منا في هذا الأيام إقبال الكثير من الفتيات على ارتداء الحجاب والالتزام بالدين وما إلى ذلك من أمور طيبة وحسنة نتمنى أن تعم على جميع الفتيات المسلمات ولكني في ذات الوقت أرى هذا الالتزام لدى بعض الفتيات التزاما جزئيا بمعنى الالتزام في أمور وفقدان ذلك الالتزام في أمور أخرى فلا يعقل أن تلتزم المرأة وتدعي ذلك بحجابها أو نقابها ثم نراها تسمع وتشاهد الأغاني الخليعة أو حتى غير الخليعة من أغاني الحب والعشق، وكذلك لا يعقل أن نجدها تشاهد الأفلام والمسلسلات التي تقوم في معظمها إن لم يكن كلها على الغث من الأفكار والرديء منها وهذا بالطبع لا يليق بفتاة ملتزمة بدينها، وكذلك لا يعقل أن تشاهد تلك الفتاة وهي تسير مع من يسمونه صديقها في الطريق أو تجلس معه أو مع غيره في المواصلات العامة تحت حجج واهية باطلة يزينها الشيطان ويستغلها هو والنفس لإيقاع تلك الفتاة في معصية الله، وكذلك لا يعقل أن نرى تلك الفتاة وهي تتحدث بصوت عالي رقيق فتان أو تضحك ضحكات لا تليق بمن ألتزمت بدينها إلى غير ذلك من الأمور التي أدعوا الفتاة الملتزمة إلى تراجع نفسها فيها قبل فوات الأوان.
أيتها الفتاة الملتزمة اعلمي أن الجميع ينظر إليك بنظرة الاحترام والتقدير فلا تضيع ذلك بكلمة أو فعل يسئ إليك قد تظنين أنت أنه لا غبار فيه ولذلك فإنه يجب أن تعبر أعمالك و أقوالك بصدق عن التزامك بالدين كما يجب أن يعبر الظاهر عن ذلك.
أيتها الفتاة الملتزمة اعلمي أن الأمة تحتاج إلى البناء لا الهدم فاحذري من أن تكوني أداة هدم لا أداة بناء فتخسرين الكثير والكثير واحرصي على أن تكوني عقبة وسدا منيعا في وجه أعداء الأمة الذين لا يريدون لك إلا الخنا والفجور والتبرج وكل ما يشين ويعيب.(2/498)
أيتها الفتاة الملتزمة اعلمي أن غيرك من الفتيات يحتاجون إليك وينتظرونك على أحر من الجمر فعليك أن تسرعي إلى دعوتهم إلى الله قبل فوات الأوان ففي ذلك الثواب الكبير والأجر العظيم والنجاح الأكيد لتلك الأمة.
أيتها الفتاة أحذرك وأرجو أن تنقلي ذلك إلى غيرك ممن تعرفينهم من أمور عديدة منها:
1 - قلة المراقبة.
2 - عدم التفكر في المصير.
3 - قلة الوازع.
4 – الفراغ.
5 – الصاحبات.
وأخيرا أدعوك إلى التفكر في تلك الأشياء ومحاولة دراسة مدى علاقتها بفساد الفتيات وبعدهم عن طريق الأيمان وقومي بفتح تلك الموضوعات مع زميلاتك وادعوا الله أن يوفقك في دعوتك ويهدي بك الكثير والكثير.
http://www. alislam4all. com المصدر:
============
رسالة إلى البائع الخاسر
الشاعر عبد الرحمن العشماوي
بعها فأنت لما سواها أبيع **** لك عارها ولها المقام الأرفع
لك وصمة التاريخ أنت لمثلها **** أهل ومثلك في المذلة يرتع
شبح مضى والناس بين مكذب **** ومصدق ويد الكرامة تقطع
ضيعت جهد المخلصين كأنهم **** لم يبذلوا جهدا ولم يتبرعوا
والله ما أحسنت ظني في الذي **** تدعو ولا مثلي بمثلك يخدع
وقرأت في عينيك قصة غادر **** أمسى على درب الهوى يتسكع
وعلمت أنك ابن اسرائيل لم تفطم **** وأنك من هواها ترضع
لكن بعض القوم قد خدعوا **** بما نمّقته فتأثروا وتسرعوا
ظنوك منقذهم ولو علموا **** بما تخفي وأنك في الرئاسة تطمع
لرماك بالأحجار طفل شامخ **** ما زال يحرس ما هجرت ويمنع
يا من تزوجت القضية خدعة **** وحلفت أنك بالحقيقة تصدع
عجبا لزوج لا يغار فقلبه **** متحجر وعيونه لا تدمع
عجبا لزوج باع ثوب عروسه **** لا ينزوي خجلا ولا يتورع
يا بائع الأوطان بيعك خاسر **** بيع السفيه لمثله لا يشرع
هذي فلسطين العزيزة لم تزل **** في كل قلب مسلم تتربع
مسرى النبي بها وأول قبلة **** فيها وفيها للبطولة مهيع
فيها عقول بالرشاد مضيئة **** فيها حماس وجهها لا يصفع(2/499)
هذي فلسطين العزيزة ثوبها **** من طلعة الفجر المضيئة يصنع
هذي فلسطين العزيزة طفلها **** متوثب لا يستكين ويخضع
هي أرض كل موحد لا بيع من **** باعوا يتمّ ولا الدعاوى تسمع
سيجيء يوم حافل بجهادنا **** الخيل تصهل والصوارم تلمع
قد طال ليل الكفر لكني أرى **** من خلفه شمس العقيدة تسطع
http://www.alshamsi.netالمصدر:
===============
رسالة إلى من أجاز كشف الوجه
هنا مسألة لابد من التنبه لها، وهي:
أنك لو سألت هؤلاء المجيزين: "هل تجوزون كشف الوجه في زمن الفتنة أو إذا كانت المرأة فاتنة"؟.
لقالوا: "لا، بل يحرم الكشف في زمن الفتنة، أو إذا كانت المرأة شابة أو فاتنة"..
بل ذهبوا إلى أكبر من ذلك فقالوا:
"يجب على الأمَة إذا كانت فاتنة تغطية وجهها"..
مع أن الأمة غير مأمورة بتغطية الوجه.
إذن، فجميع العلماء متفقون من غير استثناء على:
وجوب تغطية الوجه في زمن الفتنة، أو إذا كانت المرأة فاتنة، أو شابة..
ونحن نسأل:
أليس اليوم زمن فتنة؟..
وإذا كان العلماء جميعهم حرموا الكشف إذا كان ثمة فتنة، فكيف سيكون قولهم إذا علموا أن الكشف بداية سقوط الحجاب؟..
فلم تعد القضية قضية فقهية تبحث في كتب الفقه فحسب، بل القضية أكبر من ذلك إنها قضية مصير لأمة محافظة على أخلاقها، يراد هتك حجابها، وكشف الوجه هو البداية، قد اتخذ من اختلاف العلماء فيه وسيلة لتدنيس طهارة الأمة المتمثلة في الحجاب، ويعظم الخطر في ظل اتساع نطاق عمل المرأة وازدياد خروجها من البيت، مع نظرة بعض الناس للحجاب على أنه إلف وعادة لا دين وعبادة.
فهي مؤامرة على المرأة المسلمة..
ومما يبين هذا:
تلك الصور والإعلانات التي تصور المرأة لابسة عباءة سوداء، كاشفة عن وجهها، لإقناع الناس بأن تغطية الوجه ليس من الحجاب، وترسيخ هذا المفهوم فيهم.(2/500)
ومما يبين أن القضية ليست قضية اختلاف بين العلماء أن كثيرا من هؤلاء النساء اللاتي يكشفن الوجه لايكشفنه لترجح أدلة الكشف عندهن، بل هن متبعات للهوى، قد وجدن الفرصة اليوم سانحة لكشف الوجه، ولو سنحت في الغد فرصة أخرى أكبر لما ترددن في اغتنامها، والدليل على هذا:
أنهن إذا سافرن إلى الخارج نزعن الحجاب بالكلية وصرن متبرجات لافرق بينهن وبين الكافرات..
ولو كان كشفهن عن قناعة بالأدلة المجيزة للكشف للزمن ستر جميع الجسد بالعباءة إلا الوجه في كل مكان سواء في المقام أو في السفر إلا البلاد الأخرى..
ولو كان هذا الكشف ناتجا عن اتباع أقوال العلماء المجيزين لغطين وجوههن؛ لأن العلماء المجيزين يحرمون الكشف في زمن الفتنة، والزمان زمان فتنة ومع ذلك هن يكشفن وجوههن، والعلماء المجيزون حرموا الكشف على الفاتنة والشابة، وهن يكشفن بغير فرق بين الفاتنة وغير الفاتنة..
فالحقيقة أن هذا الفعل من هؤلاء النساء لم يكن عن اتباع لكلام أهل العلم، بل هو اتباع للهوى وتقليد للسافرات من الكافرات والمتبرجات، وتبرم وضجر من الانصياع لأمر الله - تعالى - في قوله:
{ يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن}..
{ولايبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن}..
{وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}.
وإذا سألنا المجيزين سؤالا آخر فقلنا لهم: " أيهما أفضل التغطية أو الكشف"؟..
لقالوا بلا تردد: " التغطية أفضل من كشف الوجه، اقتداء بأمهات المؤمنين"..
ونحن نعلم أن استبدال الأدنى بالذي هو خير فساد في الرأي وحرمان من التوفيق، فإذا كانت التغطية هي الفضلى فلا معنى لترك هذا الأفضل إلى الأدنى إلا الجهل بحقيقة الخير والشر والربح والخسارة، والغفلة عن مكيدة الشيطان..(3/1)
فإن الشيطان لا يزال بالأمة الصالحة يرغبها في الأدنى ويزهدها في الأعلى حتى تستجيب له، فما يزال بها حتى يوقعها في الشر والوبال، كما فعل بالرهبان والعباد، وكما فعل ببني إسرائيل حتى استحقوا سخط الجبار وانتقامه..
أنزل الله لهم المن والسلوى يأكلون منهما، فأبوا إلا الأدنى وسألوا موسى - عليه السلام - البصل والعدس والقثاء والفوم، فأنكر عليهم هذا الرأي الفاسد، كيف تستبدلون الذي هو أدنى باللذي هو خير؟، قال - تعالى -: {وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون}.
فما مثلنا ونحن نفضل كشف الوجه الذي هو أدنى على غطائه الذي هو خير إلا كمثل بني إسرائيل، وقد علمنا ما أصابهم من الخزي والذلة والمسكنة لأمم الأرض جميعها، فكانوا منبوذين مكروهين، ونخشى أن يصيبنا ما أصابهم..
هذا إذا فرضنا جدلاً أن كشف الوجه جائز والأفضل تغطيته، أما الذي ندين الله به لا بسواه، أنا نرى حرمة كشف الوجه من حيث الأصل، وكل من كشفت وجهها بغير إذن الشارع فهي آثمة عليها التوبة إلى الله، وإذن الشارع إنما يكون في أحوال معينة كإذنه بالكشف للقواعد من النساء والمراد خطبتها ونحوها..
إذن بالرغم من هذا الخلاف إلا أنه لم يوجد في تاريخ الأمة من العلماء من يدعوا إلى كشف النساء وجوههن، فمن لم يقل منهم بوجوب التغطية جعل ذلك هو الأفضل..
وعلى ذلك فلا يدعوا إلى السفور إلا أحد رجلين، إما أنه غير مطلع على مذاهب العلماء، فاهم لمقاصدهم، وإما أنه مفسد يتخذ من اختلاف العلماء ذريعة لتحقيق مآرب خبيثة في نفسه.
أخيرا نقول لمن أجاز كشف الوجه:(3/2)
إن كنت قد اقتنعت بهذا الرأي تماما عن دين ويقين دون اتباع لهوى، فيجب عليك إذا أفتيت بهذا القول أن تقيده بما قيده العلماء المجيزون من قبلك، بأن تجعل كشف الوجه مشروطا بما يلي:
1 - ألا يكون في زمن فتنة، يكثر فيه الفساق.
2 - ألا تكون المرأة شابة.
3 - ألا تكون المرأة فاتنة جميلة.
فهذه الشروط واجبة، لا بد من ذكرها، إذا ما أفتيت بجواز الكشف..
أما أن تقول بكشف الوجه، هكذا بإطلاق، وتنسب ذلك لأهل العلم القائلين بكشف الوجه، فهذا تدليس، فإنهم ما قالوا بجواز الكشف، هكذا بإطلاق، كما يفعل من يفتي هذا اليوم، بل قيدوه بالشروط السابقة..
ثم كذلك يجب عليك أن تدل الناس إلى الأفضل، وهو التغطية بإجماع العلماء..
حينذاك تكون معذورا مجتهدا، لك أجر اجتهادك..
أما أن تخفي عن الناس حقيقة قول العلماء المجيزين، بعدم ذكر الشروط والأفضل، فإني أخاف عليك الإثم.
http://www. saaid. net المصدر:
===============
رسالة إلى ظالم
موسى محمد هجاد الزهراني
كنت أريد أن أكتب رسالة وأبعثها إلى ظالم مستبد؛ لأقول له فيها:
كثير هم الذكور من بني آدم - عليه السلام - على وجه هذه الأرض، وأكثر منهم الإناث، وقليل من هؤلاء الذكور من يعدون رجالاً! وقليل من هؤلاء الرجال من يحمل المروءة بين جنبيه.
إذا لم تكن صاحب دينٍ، فكن ذا مروءة؛ لأن المروءة إذا جاءت جاء معها الدين، ولا تخسر المروءة فتخسر الرجولة، فتكن من اللاتي ابتلاهن الله بجرَّ الذيول وفتنة المفتونين..
كتب القتل والقتال علينا وعلى الغانيات جُّر الذيول
مَن أسوأ مِن الذين يلبسون لباس الدين، وقلوبهم قلوب الذئاب؟! يزهّدون الناس في الدنيا على المنابر، ثم يخالفونهم فيأكلون الدنيا بالدين، إن تكلموا فيا حسرة سحبان وائل!، وإن نظرت إلى أفعالهم فإن لم يرزقك الله الثباتَ على الحق، فإنك ستحبط أمام تناقضاتهم وتضادهم، وربما التبس عليك الحق بالباطل؛ فظننت ظن السوء، غير الحق ظن الجاهلية.
يا فلان!(3/3)
إن لم تعدَّني مكسباً، فلماذا تغضب إذا لم أعدَّك رأس مالٍ؟.
لماذا تحشد كل أقوالك وطاقاتك العقلية _ إن كان لديك عقل _ إذا كان الحق لك، أو هكذا تظن، وتلوي أعناق الآيات والأحاديث وفتاوى العلماء، ومن خالفك في رأيك ناصبته العداء، وجعلت منه عدواً لدوداً، لا يحمّل ميزانهُ الحسناتِ، ولا يحتمل خطاؤه التأويل، ولا يستحق صوابه الإشادة أو على الأقل: الرضى والسكوت؟.
يا فلان!
أنت ترى دائماً أن الحق هو ما أحققته أنت، وأن الباطل هو ما أبطلته، أليس هذا جهلاً منك وغروراً..
أنت شنفت الآذان بقول المصطفى - عليه الصلاة والسلام - " يطبع المؤمن على كل خُلق إلا الكذب والخيانة " ولكنك تقع فيما منه تحذّر.. وإلاَّ.. فماذا تسمي سعيك في الإيقاع بأهل الخير، الداعين إلى الله، عليهم سبل دعوتهم إلى الله، وتسعى جاهداً في تبغيضهم إلى الناس، حسداً من عند نفسك. بل وتجلب عليهم بخيلك ورجلك _ وأنت أضعف خلق الله أنساناً _ للإطاحة بهم من على منابرهم، لتحوزها أنت.. أليست هذه خيانة؟! أم أنها في قاموس مرؤتك تعتبرُ قُربةً إلى الله، وجهاداً في سبيله؟!
يا فلان..
عرفناك جباناً، إمعةً، فهيهاً، سطحي التفكير، سيئ الظن، بليداً، باردَ الهمة!
فما بالك اليوم.. تدعي الشجاعة ولكن بالمقلوب!
أسدٌ على وفي الحروب نعامة *** فتخاء تنفر من صغير العصافر
هلاَّ برزت إلى غزالة في الوغى *** أم كان قلبك في جناحي طائر
وتدعي استقلالية التفكير، وأذنك (كنيف) [1] لكل أذى، تسمع دون عقل، وترمي بالتهم جزافأ وكأن قول الله - تعالى - (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا) (الحجرات: من الآية6) لا يعنيك في شيء!(3/4)
تغتاب متى ما تحلو لك الغيبة، وتدعي شرعية فعلك. لكنك إذا سمعت نقداً بنّاءً، مبنياً على أصول علمية، دون تجريحٍ ولا سبٍّ ولا قدحٍ، أسكتَّ المتكلم، وثرت في وجهه وكأنه أحدث في الحرم في الأشهر الحرُم! أو أنه أتى ذنباً لا يغفره الله، والله - تعالى - يغفر مادون الشرك: (لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً)(النساء: من الآية48).
كنت بليداً باهت الرؤى، فأصبحت تتصنع الحماس لنصرة الدين، وفي الحقيقة لنصرة نفسك فحسب.
أقعد.. أقعد أيها البليد.. فإنك أنت الطاعم الكاسي!.
ليت شعري هل ستفهم! بغّضتَ إلى خلق الله دينَ الله، وميّعت قضايا الدين العظام، حتى كأنها من نافلة القول، وعظّمت ما يسوغ فيه الخلاف، حتى كأنه عندك من أركان الإيمان، التي يكفر من كفر بواحدة منها، وخُلَّد في نار جهنم.
يا فلان!!
نصيحتي لك.. أن تعيد فهمك للإسلام، وأن تراجع أفكارك، وتعرف ما معنى الالتزام الصحيح. أريد أن أخبرك بمفاجآت علَّها تنفعك إن سمحت لي سعادتكم!:
1_ إن الابتسامة في وجوه الناس، عن غير تصنع ولا نفاق ولا رياء، هي قربة إلى الله - تعالى - فاكشف للناس عن بياض أسنانك!
2_ إن حُسن الظن بالناس، مطلبٌ شرعيٌ فالأصل في المسلمين حسن الظن، حتى يثبت خلاف ذلك. لا كما تظن أنت فعندك " أن الأصل فيهم سوء الظن حتى يثبت خلاف ذلك " عافاك الله وشفاك: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) (الحجرات: من الآية12).
3_ أنت تدعي بأنك داعية! فإلى ماذا تدعوا؟! فكل من حولك يتقلبون في عُرفك من فاسقٍ إلى فاجرٍ، إلى فاسقة إلى داعرةٍ، إلى مرتدٍ إلى... فماذا فعلت أنت لاستنقاذهم مما وصفتهم به؟.
4_ إن رأيت غيرك، قد فتح الله له قلوب العباد، وطرق العلم، ومنحه محبة الخير للغير، وأحبه الناس..(3/5)
فلماذا تقف أنت _ بسُلطتك _ حجرَ عثرة في طريقه، وتشوّه سمعته؟. ماذا ستكسب من جراء ذلك؟
سؤال: ماذا ستقول لله - تعالى - يوم القيامة؟! هل ستكذب على الله؟ ألا تخشى من شهادة الأشهاد (هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) (هود: من الآية18).
أعتذر إلى سيادتكم من طول مقالي، ولكن أُعيدُ على مسامعكم مرة أخرى سؤالي:
ماذا ستقول لله - عز وجل - يوم القيامة؟!.
ألا تخاف الله..
إن من ظلمته يا صاحب السعادة، أخبرني بأنه يدعو عليك الليلَ والنهار
نامت عيونك والمظلوم منتبهٌ يدعو عليك وعين الله لم تنم
بل قد سمعته بأذني يقول عنك: اللهم عليك به.. اللهم أشغله في نفسه، اللهم أحزن قلبه كما أحزن قلبي.. اللهم اكفنيه بما شئت وأجعل كيده في نحره.. اللهم أرني فيه عجائب قدرتك..!
بل إنه أخبرني أنه حتى في عشر ذي الحجة، ويوم عرفة نسي الدعاء لنفسه واشتغل بالدعاء عليك وعلى أسيادك الذين ناصروك في هذا الظلم!! بل إنه أخبرني _ وهو عندي صدوق والله حسيبه _أنه لمَّا أكثر من الدعاء عليك وعجز ونفدت كلماته، فوّض أمره إلى الله (إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَاد) (غافر: من الآية44).
فما ظنك بمظلوم فوّض أمرك وأمره إلى الله - تعالى - ، هل تظن أن الله - عز وجل - سيضيعه؟! كلا والله.
يا فلان..
لم تخبرني.. ماذا ستقول لله يوم القيامة؟.
(وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ.. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الصافات:182)
* * *
كنت أريد أن أبعثها فترددت كثيراً!!. ولربما أكتبها وأبعثها يوماً ما.
ــــــــــــــــــ
[1] - (مرحاض) أو حمّام بلغة العصر.
http://saaid. net المصدر:
============
رسالة إلى العروسين
عبد الرحمن بن علي الدوسري(3/6)
الحمد لله القائل: "وَمِن آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزوَاجاً لِّتَسْكُنُواْ إِلَيهَا وَجَعَلَ بَينَكُم مَّوَدَّةً وَرَحُمَةً" [الروم:21]، والصلاة والسلام على من كان خُلُقه القرآن، وعلى آله وصحبه إلى يوم المعاد، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين. أما بعد:
فإن الزواج رباط مقدس وميثاق غليظ، تسوق إليه الفطر القويمة وتدعو إليه الشرائع الحكيمة وما زالت نفوس البشر تنساق فيه مع الفطرة وتجيب به داعي الحكمة فبالزواج تحصل الرحمة والمودة والسكن، وبه يُلمُّ الشعث ويجتمع القلب وتُبتغى الذرية ففضائل الزواج متعددة وبركاته متنوعة.
أخي المسلم - أختي المسلمة: الزواج حرث للنسل وسكن للنفس ومتاع للحياة وطمأنينة للقلب وإحصان للجوارح فكما أنه نعمة وراحة وسنة فهو أيضاً ستر وصيانة وسبب لحصول الذرية الصالحة التي تنفع الإنسان في الحياة وبعد الممات.. والزواج ضرورة ملحة، لا يسع الإنسان الاستغناء عنه إذ أنه نصف الدين، فقد قال رسول الله: {إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف دينه، فليتق الله في النصف الباقي} [رواه أحمد].
وقد حثَّ الإسلام على الزواج ورغَّب فيه في أكثر من موضع في الكتاب والسنة، وما ذلك إلا لمكانة الزواج في الإسلام، فله فوائده الكثيرة للفرد والمجتمع.. إليك - أخي المسلم - بعضاً من فوائده باختصار:
1 - والزواج سكن للمؤمن: "وَمِن آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزوَاجاً لِّتَسْكُنُواْ إِلَيهَا وَجَعَلَ بَينَكُم مَّوَدَّةً وَرَحُمَةً" [الروم:21]، ففي هذه الآية إشارة إلى معنى الطمأنينة والأمان، وذلك لا يكون إلا في السكن إلى الزوج، وعلاقة الرجل بالمرأة عن طريق الزواج تهدف إلى السكينة والطمأنينة النفسية، ولا تأتي السكينة والطمأنينة إلا بالمودة والرحمة، والمودة والرحمة في حد ذاتها نعمة من الله لا تساويها نعمة.(3/7)
2 - والزواج متعة الحياة: قال رسول الله: {الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة} [رواه مسلم].
3 - والزواج عصمة من الفساد والفتنة: قال رسول الله: {إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخُلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض} [رواه الترمذي].
4 - والزواج من أهم أسس السعادة: قال رسول الله: {أربع من سعادة المرء: المرأة الصالحة، والمسكن الوسيع، والجار الصالح، والمركب الهنيء} [رواه ابن حبان:1232].
5 - والزواج خير كنوز الدنيا: قال رسول الله: {خير ما يكنزه الرجل المرأة الصالحة إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته} [رواه أحمد].
6 - والزواج من خير خيرات الدنيا والآخرة: قال رسول الله: {أربع من خير خيرات الدنيا والآخرة: لسان ذاكر، وقلب شاكر، وبدن على البلاء صابر، وزوجة صالحة لا تبغيه خوفاً في نفسها ولا ماله، صالحة تعين أحدكم على دينه} [رواه الطبراني].
7 - والزواج أساس الرضى والحياة الطيبة: قال أحد السلف: (وجدتُ أسعد النَّاس في الدنيا وأقرّهم عيناً وأطيبهم عيشاً، أبقاهم سروراً وأرضاهم بالاً وأثبتهم شباباً من رزقه الله زوجة مسلمة أمينة عفيفة، حسنة لطيفة، نظيفة مطيعة، إن ائتمنها زوجها وجدها أمينة، وإن قتَّر عليها وجدها قانعة، وإن غاب عنها كانت له حافظة، وقد ستر حلمها جهلها، وزين دينها عقلها، فزوجها ناعم وجارها سالم).
8 - وللزواج فوائد بعد الموت: قال رسول الله: {إذا مات ابن آدم انقطع عمله من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له} [رواه البخاري ومسلم]، ولا يأتي الولد إلا بالزواج فالولد إحدى ثمار وفوائد الزواج.(3/8)
أخي المسلم أختي المسلمة: إن علينا أن نقوم لله - تعالى - بشكر هذه النعمة الجليلة (النكاح)، وألا نتخذ منها وسيلة إلى الوقوع فيما حرَّم الله، فإن ذلك ضد الشكر المطلوب منَّا، وإنه مما يحز بالنفوس ويدمي القلوب، ويفطر الأكباد، ويشغل الخواطر، ويؤنب الضمائر ما أحيطت به نعمة النكاح من أمور ربما صيرتها إلى نقمة وحولتها إلى كارثة بدأً بالخروج إلى الفرح وانتهاءً إلى العودة منه..
وإنَّني أنبه على أمور يتخذها بعض النَّاس ليلة الزواج وهي مخالفة للشرع منافية للشكر فمن ذلك:
أولاً: من المنكرات التي تحدث في الأفراح جلوس الزوج مع الزوجة على منصة أمام النساء.
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -: (من الأمور المنكرة التي استحدثها الناس في هذا الزمان وضع منصة للعروس بين النساء يجلس إليها زوجها بحضرة النساء السافرات المتبرجات، وربما حضر معه غيره من أقاربه وأقاربها من الرجال، ولا يخفى على ذوي الفطرة السليمة والغيرة الدينية ما في هذا العمل من الفساد الكبير وتمكن الرجال الأجانب من مشاهدة النساء الفاتنات المتبرجات وما يترتب على ذلك من العواقب الوخيمة فالواجب منع ذلك والقضاء عليه حسماً لأسباب الفتنة وصيانة للمجتمعات النسائية مما يخالف الشرع المطهر وإني أنصح جميع إخواني المسلمين بأن يتقوا الله ويلتزموا شرعه في كل شيء وأن يحذروا كل ما حرم الله عليهم وأن يبتعدوا عن أسباب الشر والفساد في الأعراس وغيرها التماساً لرضى الله - سبحانه وتعالى - وتجنباً لأسباب سخطه وعقابه. [كتاب الدعوة: فتاوى سماحة الشيخ ابن باز].
ثانياً: من المنكرات التي تحدث في الأفراح ذهاب المرأة إلى الكوافيرات لتزيل شعر جسمها حتى وصل الحال ببعضهن أن جعلت هؤلاء الكوافيرات ينظرن إلى أماكن في جسمها لا يحل لأحد أن ينظر إليها سوى زوجها.(3/9)
ثالثاً: من المنكرات التي تحدث في الأفراح الإصرار على أن يكون في حفلات الزواج آلات اللهو والطرب وإحضار المطربين والمطربات أو بعض النساء المتخصصات في الضرب على الطبول والدفوف واللاتي يقمن بالغناء بصوت يسمعه الرجال والممتلىء بالكلمات الفاحشة أحياناً، وأغاني المغنين الساقطة والرقص على أنغام الموسيقى برقصات غربية وشرقية، فيا ترى أهكذا يكون إعلان النكاح؟!
إن إعلان النكاح الذي أباحه الله - تعالى - ليس كما تصوره الكثير، بل هو كما اشتمل على الستر والعفاف من الغناء ما كان نزيهاً وخلا من الألفاظ الفاحشة والعبارات الساقطة، وآلات اللهو الباطلة، مع ضرب الدف المشروع الذي يكون مفتوحاً من جهة واحدة وكان في محيط النساء فقط، بحيث لا يسمع الرجال.
وأما بالنسبة لرقص النساء أمام النساء فقد أفتى العلماء الأجلاء فيه فقال العلامة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -: (الرقص مكروه في الأصل، ولكن إذا كان على الطريقة الغربية أو كان تقليداً للكافرات صار حراماً لقول النبي: {من تشبه بقوم فهو منهم}، مع أنه أحياناً تحصل به الفتنة، قد تكون الراقصة امرأة رشيقة جميلة شابة فتفتن النساء، فحتى إن كانت في وسط النساء حصل من النساء أفعال تدل على أنهن افتتن بها، وما كان سبباً للفتنة فإنه منهي عنه) [لقاء الباب المفتوح:41].
رابعاً: من المنكرات التي تحدث في الأفراح استعمال التصوير، فكم من المصائب حصلت من جرَّاء هذا التصوير الذي يقع في أيدي أناس من سقط المتاع ثم لك أن تتصور ماذا سيفعل هذا الساقط في هذه الأفلام علماً بأن المرأة في الأعراس تكون في أبها حلَّة، وأجمل زينة، فمن يرضى أن يرى الرجال الأجانب محارمه؟! فكم خرجت من صور وتداولت من أفلام تحمل صور نساء لم يعرف عنهن إلا الستر والعفاف وذلك من جرَّاء التساهل والتهاون من قبل العقلاء بأمر التصوير.(3/10)
خامساً: ومن منكرات الأفراح التأخر إلى ساعات متأخرة من الليل، الأمر الذي يترتب عليه ترك صلاة الفجر أو تأخيرها عن وقتها المحدد شرعاً وقد نزل القرآن الكريم متوعداً ومتهدداً أولئك بنبرة حادة ولغة جادة لا يفهمها إلا العقلاء فقط: "فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ" [الماعون:5،4].
قال مسروق - رحمه الله -: (أي: لا يفعلون الصلاة في وقتها المشروع)، إن تأخير الصلاة خطأ فادح، وجناة مخزية بكل المعايير، لا ينفع معها ندم ولا اعتذار عند الوقوف بين الواحد القهار.
سادساً: ومن منكرات الأفراح ما يحدث عند خروج النساء وانصرافهن، فترى ما يتفطر له الأكباد، وترتعد له الفرائص، تخرج المرأة وهي حاسرة ذراعها، مبدية لعينيها أو لابسة لحجابها الشفاف أو تخرج بتلك العباء المطرزة أو المزركشة وقد وضعت تلك العباءة على كتفها ورائحة العطر تفوح بين جنبيها وذلك أمام مرأى ومسمع من الرجال الذين ينتظرون نسائهم عند بوابة القصر.
أخي الزوج الكريم: عند وصول زوجتك إليك في أول ليلة فضع يدك على مقدمة رأسها وقل: (اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه) وابدأ يومك معها بصلاة ركعتين تصلي خلفك حتى تطمئن نفسها واجلس معها وتسامر بكلمات تهدأ من روعها.
أيها الزوجان الكريمان: وفي نهاية المطاف أقول لكما كما علَّمنا الحبيب: {بارك الله لكما، وبارك عليكما، وجمع بينكما في خير}.
وختاماً: أسأل الله أن يجعله زواجاً إسلامياً سعيداً مباركاً، وحياة زوجية هنيئة، وذرية مؤمنة مسلمة صالحة معطاة، وبداية لإنشاء بيت مسلم يؤسس على طاعة الله - عز وجل - وحب رسوله الكريم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
http://www. kalemat. org المصدر:
=============
رسالة إلى من يشرب الخمر(3/11)
إليك أخي أبعث هذه الرسالة متّوجةً بالحب والإخاء ، ممزوجة بالصدق والصفاء ، رجائي أن تطّلع عليها بل أملي أن تقرأ آخر حرف منها ، قد لا تقتنع بها لكن دعها في ملف أوراقك الخاصة لعلك تنظر إليها يوماً ما فتقتنع بما فيها .
أخي :
النفس البشرية بطبيعتها تأنف وتستنكر كل قبيح ، لماذا ؟ لما تحمله من عقل رزين وإيمان سليم لم تشبه شائبة ولم تكدره الشياطين . فالله سبحانه و تعالى فطرها على ذلك وهو ربها و مولاها .
أخي :
كرم الله الإنسان بالعقل وجعله مناط التكليف ، فنحن سوياً مؤمنون مقتنعون بأن الفرق بيننا وبين الحيوان ليس فيما نملك من أطراف كاليد والقدم مثلاً ، ولكن الفرق في أننا نملك ميزاناً نزن به الأشياء ؛ ذلك هو العقل .
فبعقلنا إذاً سمونا ، وبعقلنا إذاً علونا ، فما بالنا إذاً نظلمه .. نخذله .. نقتله .. نعم نقتله . نقتله بكل شيء يشينه نقتله بكل شيء يحجبه عن الحياة . نعم وألف نعم نقتله بشربة الحرام .
أخي :
حق على أصحاب الكؤوس أن يتناصحوا . فلا أخالك أخي تجهل حكم الله ورسوله فيه فقد قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90 )إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ) . (سورة المائدة 90-91)
وقد قال عليه الصلاة والسلام :( كل مسكر حرام ) سواء قلّ ذلك أو كثر ، كما قال صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم : ( كل ما أسكر كثيره فقليله حرام ) .
أخي :(3/12)
تُسمى الخمر بأم الخبائث لماذا ؟!. لأنها أساس كل بلية ، ورأس كل رزية . فما تكاد تسمع كارثة إلا وتجد أن الخمر هو أحد أسبابها فذلك شخص وقع على أمه . لماذا ؟..لقد كان يشرب الخمر في تلك الليلة. وذك شخص باع كل ما يملك . لماذا ؟.. ليتمكن من شرائه وثالث فصل من وظيفته . لماذا ؟.. لأنه لا يفيق من سكره إلا متأخرا . ورابع طلق زوجته وهدم بيته . لماذا ؟.. لأن امرأته لا تطيقه على هذه الحالة . وخامس وسادس .... ، وأنت قد تكون أعلم مني بمثل هذه القصص .
أخي :
تخيل نفسك وأنت تقود سيارتك وقد غاب عنك عقلك بإرادتك ، ألم تسأل نفسك بعد أن عاد إليك وعيك :
-كيف وصلت إلى داري سالماً ؟
-كيف نجوت من فضيحة حيث انه لم يرني أحد وأنا على هذه الحالة ؟.
-كيف سأواجه ربي لو أتاني ملك الموت وأنا على هذه الحالة ؟. نعم ماذا ستقول وبأي لسان تتكلم !
أجب يا أخي على هذه الأسئلة وصارح نفسك . وقل : ويحك يا نفس احرصي على ارتياد المخلص . واعلم أخي أن :
النفس إن اتبعتها هواها *** أتتك وهي فاغرة فاها
أخي :
إن تغييبك لعقلك بهذه الصورة ليس حلاً للهروب من المشكلات ، بل هذه هي حيلة العاجز الذي لا يستطيع أن يتمالك نفسه وأن يسيطر على مشاكله .
واعلم أخي أن شربك له في الدنيا يترتب عليه أمور عظام وأهوال جسام ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه جابر - رضي الله عنه - عند مسلم : ( كل مسكر حرام ، إن على الله عز وجل عهداً لمن يشرب المسكر أن يسقيه الله من طينة الخبال ، قالوا : يا رسول الله وما طينة الخبال ؟ قال : عرق أهل النار أو عصارة أهل النار ) .
أخي :
عذراً على الإطالة ، ولكن يكفيك قبحاً لها أنها في عصرنا الحاضر لا تُسمى خمراً ، لأن المؤمن الموقن بلقاء الله يشمئز من هذا الاسم فتجدهم يسمونه شرابا روحيا أو غيرها من الأسماء، ولكن تبقى الخمر هي الخمر وان تغيّر أسمها .
أخي :(3/13)
هذه كلمات دفعني لتسطيرها إليك أخوة الإسلام والنصح لعباد الله فبادر بالتوبة والرجوع إلى الله فهو القائل عز وجل : (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ). ( سورة الزمر آية 53 )
والله عز وجل (يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها) رواه مسلم.
و عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( قال الله عز وجل أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حيث يذكرني، والله لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بالفلاة، ومن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، وإذا أقبل إلي يمشى أقبلت إليه هرولة) صحيح مسلم .
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم ، أن يحبب إليك الإيمان ويزينه في قلبك وأن يكره إليك الكفر والفسوق والعصيان وأن يجعلك من الراشدين .
أخوك / المحب
( نقلا عن موقع الشيخ محمد الدويش)
==============
رسالة أوجهها إلى كل زوج
رسالتي هذه أوجهها إلى كل زوج وقع في براثن هذا السم..
أقول هذه الكلمات والتي أرجو أن يساعد على نشرها كل من قرأها..
زوجي الحبيب: هل تعلم أنني أموت كل يوم بسبب ما تفعله أنت؟
إنني أمثل أمامك أنني لم أعلم بما تفعل.. ولكنني لا أهنأ بنوم ولا بطعام ولا بشراب.. هل تعلم أنك إذا اقتربت مني وأردت قضاء وطرك معي، هذه اللحظات التي كنت أجد فيها السعادة معك والتي كانت أجمل لحظات عمري، تحولت الآن إلى أتعسها، إنني أقول في نفسي، نعم إنه الآن يتذكر ما رآه، ويتخيل نفسه مع تلك العواهر..
وإن كنت أمثل أمامك بأني لم أشعر ولكني أقضي يومي كله بالبكاء والحسرة وأحيانا أندم..
لا أستطيع أن أقول أنني ندمت على أن تزوجتك، فأنت حبيبي، ولكنك أنت الذي تريد قتل هذا الحب بيدك..(3/14)
فهل فكرت أنت في ذلك؟؟ فكّر يا حبيبي، يا قرّة عيني..
http://www.islamway.comالمصدر:
============
رسالة من محمد الدرة إلى والديه
فيصل الحجي
أبتاه مرَّ على الفراق شهورُ *** وكأنها - واحسرتاه - دهورُ
ما كنت أدري ما الحنين وما الجفا؟ *** كلا... ولا الآمال كيفَ تغورُ؟
ما كنت أدري ما الهموم تحزُّ في *** نفسي... ولا الأهوال كيف تُغيرُ؟
أُلبستُ أكفانَ الوفاة.. وطالما *** زانَ (المدلّلَ) سُندُسٌ وحريرُ
وهجرتُ بيتي والسرير مودّعاً *** فالقبر بيتٌ - ها هنا - وسريرُ
ما كنتُ أحسب أنني - في لحظة *** - سأغيب... يجذبني الشذا والنور
أبتي أتذكر كيف فاجأنا النوى؟ *** لم يأتنا نبأ ولا تحذيرُ...!
كُنّا نسيرُ معاً... وكفُّك أمسكتْ *** كفّي... ويغمرنا رضاً وسرورُ
أنا ذاهب أبتاع بعض حوائجي *** هيّا أبي... إن الطريقَ يسيرُ
ما كنتُ أحسب أنني في خطوتي *** أدنو إلى ظلّ الردى... وأسيرُ
نمشي... ويغشانا أمان خادع *** أَوَ لَيَس صانعَ أمننا بلفورُ؟
أوليس إسرائيل تحرس شعبنا *** ولذا أتانا كلبها المسعورُ
لمّا رآنا أعزَلَين أصابه *** هَوَسُ البطولةِ... واعتراه غرورُ
لو كان في كفِّ (الصغير) مسدّسٌ *** لرأيت كيف يطأطئُ المغرورُ!
رشّاشه والحقد طافا حولنا *** كالذئب يختلس الخُطا... ويدورُ
ولحظتَ - يا أبتي - بأنَّ مُرادَهُ *** قتلي... كأني خصمُهُ المشهورُ!
فرميتَ نفسك كي تردَّ رصاصه *** ورصاصُهُ من حولنا منثورُ
وجعلتَ جسمك فدية لتصونني *** هيهات أن يتأخّر المقدورُ!
وصرختَ تنذره... وتُنكر فعلَهُ *** عَبَثاً... فلم يتوقّفِ الخنزيرُ
بل ظلَّ ينهمر الرصاصُ ممزِّقاً *** أجسادنا... ودمُ الجراح غزير
وتباعدتْ عني المشاهدُ... واختفى *** ضوءُ النهار... وخيَّمَ الديجور
أبتاه لستُ على وفاتي نادماً *** فلديَّ من جود الإله كثيرُ
أنا نادمٌ إذ لم أُعدَّ عزيمتي *** حتى يراني (العلجُ) كيف أثورُ!(3/15)
لم أتَّخذْ عَزفَ الرصاص هوايةً *** ليرى اليهودُ الأرضَ كيف تمورُ!
لم أتخذ أهلَ الجهاد صَحابةً *** يا ليتني في زحفهم محشورُ
ما هزَّ إسرائيلَ أو حلفاءَها *** إلا الفداءُ الحقُّ والتكبيرُ
ولقد رَكنَّا للرعاية... إنما *** نام الرُّعاة فعربد الموتورُ
أمّاه لا تبكي عليَّ.. وكبِّري *** فَرَحاً... فإني ها هنا مسرورُ
أرواحنا بحواصل الطير التي *** ما بين أفنان الجنان تطيرُ
فتطوف ما بين الزهور بنشوةٍ *** وكأننا بين الزهورِ زهورُ
مضتِ المصائبُ والهمومُ *** فهاهنا رَوحٌ وريحانٌ لنا وعبيرُ
وأنا الشفيع – بإذن ربي – عندما *** ألقاكما... فإذا الحساب يسيرُ
مني لأترابي السلام... فحبُّهم *** - رغم الردى - في خاطري محفورُ
ووصيَّتي للثائرين... فإنني *** كَلِفٌ بحبِّ الثائرين.. غيورُ
لا تسمعوا لمخذّلين... فإنهم *** في وجه ثورتنا الوضيء بُثورُ
إن السلام خديعة وضلالة *** كيف السلام وحقُّنا مهدورُ؟
كيف السلام وشعبنا متشرِّد؟ *** كيف السلام وقُدسُنا مأسور؟
ومآذن الأقصى تئنُّ وتشتكي *** كي لا يصيب (المسجد) التدمير
لا طِبَّ إلا السيفُ يُطفئ حقدَهم *** فدواؤهم صمصامة وقبورُ
فيهودُ خيبرَ أصبحوا خبراً *** فقد عرف الدواءَ مجرِّبٌ وخبيرُ
وبنو قُريظةَ قُرِّضوا بسيوفنا *** والقَينقاعُ ترحَّلوا... ونضيرُ
الجَهْدُ في تَرْك الجهاد وليس في *** ترْكِ الجهاد سلامة وسرورُ
من كان يرجو أن يعيش بعزَّة *** فإلى السلاح.. خذوا السلاحَ وثوروا
من مات فاز بجنّةٍ عُلويَّةٍ *** أو عاش بَعدُ... فإنه منصورُ
http://www. odabasham. org المصدر:
=============
رسالة لكل مبتديء في عالم النت
أخي الكريم وأختي الحبيبة..
هناك عدة نقاط لابد أن تراعيها عند دخولك عالم النت حتى تخرج بفائدة منه بإذن الله - تبارك وتعالى -..هذه بعضها واسأل الله أن تحقق الفائدة المرجوة..(3/16)
وأول هذه الأمور..أن تحدد الهدف الذي تريده من الانترنت حتى يسهل إليك الحصول على ما تريد وحبذا أن يكون الهدف يناسب ميولك واهتماماتك..وقبل هذه وتلك أن تخلص في عملك وتراقب الله - عز وجل -..وتجعل كل ما تقوم به خالصا له سبحانه وتعالي..
وحبذا أن يكون الهدف واحد حتى لا تتشعب الأهداف وتعجز عن الوصول لهدف معين لكثرتها..
ثانيا:
إذا كنت ممن تحب المشاركة في المنتديات..
عليك أن تعامل إخوتك كما تحب أن يعاملوك..
اتق الله فيما تكتب وتخط يمينك واعلم بارك الله فيك انك محاسب على كل حرف تخطه يمينك فلا تكتب بها إلا ما يسرك أن تراه يوم تعرض على الواحد الأحد لا تخفي عليه خافيه..
ثالثا:
إذا رأيت هناك محتاج لمساعدتك بمشورة أو نصيحة و كان لديك حل أو خلفية عن معالجة المشكلة ولا سيما في مجال الكمبيوتر فلا تتردد واحتسب أجرك على الله..
رابعا:
لا أقول لك لا تثق بأحد ولكن لا تعطي أحدا مطلق الثقة حتى لا تفقدها نهائيا..
ولاسيما الأخوات الغاليات..حفظهم الله من كل مكروه..
خامسا:
إذا صعب عليك أمر لا تترد في مشاورة إخوتك فلن يقصروا إن شاء الله عن مساعدتك..
سادسا:
أعطي لنفسك الثقة التامة انك بإذن الله سوف تتعلم كل ما يفيدك ويفيد أمتك بكل خير؟..واطرد اليأس من حياتك..ولا تقول لا اعلم ولا اعرف ولا أريد..بل قل أن شاء الله سوف اعرف وأتمكن فبيدك الكثير بإذن الله فلا تدفن مواهبك وإبداعك..
سابعا:
ابتعد كل البعد عن الشبهات..
والمواقع التي تهدر وقتك بدون فائدة..
ابحث عن المواقع التي تلبي احتياجاتك..ومطالبك..بما يرضي الله عنك..
ثامنا:
حاول أن تجعل استخدامك للشبكة العنكبوتيه طريقك إلى الاستقامة على دين الحق.. ولطلب العلم حتى تفيد وتستفيد بإذن الله..
تاسعا:
لا تتجاهل المواضيع الدينية لا تدري قد تحرك قلبك وتنقلك من حالة الهم والوحدة والفراغ..إلى عالم الإيمان والطمآنينة..(3/17)
والكثير من الإخوة والأخوات حفظهم الله مما عرفت وقرأت وسمعت كان الانترنت سببا لهدايتهم بعد الله - سبحانه و- تعالى - فاحرص أن تكون منهم والحق بركبهم..بارك الله فيك..
عاشرا:
اجعل للانترنت وقت محددا فلا يأخذ كل وقتك وبذلك تقصر مع أسرتك واحتياجاتهم..أو تتصفح ويضيع وقتك بدون فائدة لك أو لغيرك فالأفضل أن تحدد وقت في يومك وقبل ذلك هدفك الذي ستؤديه في هذا الوقت..
هذه بعض النقاط اسأل الله أن يوفقكم لكل خير وتكون ولو دليل بسيط ترسم من خلاله أهدافك وتحقق طموحاتك..بإذن الله وتستغل وقتك بما يعود عليك وعلى الآخرين بكل خير..
أن أحسنت فمن توفيق الله..وان أسأت فمن نفسي فاعذرونا جزاكم الله خيرا
http://www.saaid.net المصدر:
=============
رسالة عاجلة من بيت المقدس
عبد الرحمن فرحانة
"ما من امرئ يخذل امرءا مسلما ًفي موطن ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته، إلا خذله الله - تعالى - في موطن يحب فيه نصرته، وما من أحد ينصر مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته، إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته"حديث شريف
لو وقفت طفلة صغيرة فلسطينية فجأة في مدينة من مدائن بيت المقدس المحاصرة وسألت أمها ببراءة متدفقة: ماما.. لماذا يتركنا إخواننا العرب والمسلمون لوحدنا بين أيدي هؤلاء القتلة من اليهود؟ ولماذا نموت هنا وحدنا بينما حواضر العروبة والإسلام تغفو على سرر الشهوة والغفلة؟ ماما.. أين صلاح الدين الذي طالما سمعت منك حكاياته.. لماذا لا يأتينا الآن ونحن بأمس الحاجة إليه؟
ترى بأي لغة ستجيبها أمها، وهل هنالك بلاغة لغوية يمكن أن تسعفها لكي تقنع عقل طفلتها الصغيرة؟ لا أظنها ستجد كلمات تملأ فضاء هذا السؤال الحزين. ربما تجيب بطريقة أخرى، فلعلها تسكب شيئاً من عبراتها الساخنة التي قد تسقط من عينيها المسلوقتين من جمر القهر.
إنه سؤال مشروع!(3/18)
من حق هذه الطفلة الفلسطينية ومن حق أهل بيت المقدس المحاصرين أن يسألوا القبائل القاطنة في المدى الجغرافي الممتد من المحيط للمحيط بل ومن طنجة حتى جاكرتا.. من حقهم أن يسألوا هذا السؤال المقهور، بل إن نفس السؤال يلاحق بالذات أفراد النخب من أبناء العروبة والإسلام: علماء وكتاب وإعلاميون وحتى الضباط الذين يلمّعون بساطيرهم كل صباح في ثكنات الجيوش العربية المكتظة بالسلاح الذي تأكله كيمياء الصدأ. والسؤال ذاته يقرّع زعماء التيارات الإسلامية المنشغلين بهمومهم المحلية تاركين رأس الأفعى في الأرض المقدسة يفعل ما يشاء وما سمومه عنهم ببعيد.
يا أهل القبلة ويا أبناء العروبة!
إن كنتم عرباً فإن مدائن بيت المقدس تنطق بالعربية والحلم العربي يسكن بين جبالها! وإن كنتم مسلمون فإن فلسطين كلها مسلمة بمآذنها ومحاريبها وبكل ذرة تراب داسها نبي أو صحابي أو عفرتها سنابك خيول الفتح، في حضنها"أقصاكم"الأسير الذين يئن منذ عقود وينتظر صحوة الجمر في موقد نخوتكم.
طفلة بيت المقدس في نابلس ورفح لا تطلب منكم صلاحاً أيوبياً ولا معتصماً عباسياً، فقط تطلب منكم أن ترفعوا عقيرتكم بالشجب العربي العتيد في الأمم المتحدة وفي الجامعة العربية وفي غيرهما من المنابر الدولية والإقليمية، تتمنى عليكم أن تصوروا حصارها في فضائياتكم بين فقراتها الراقصة عبر فاصل حزين ولتتحملوا هذه الفقرة المنغصة، لا بأس من أجل قضيتكم التي كانت الأولى في حربكم الكلامية عبر عقود خلت.
أطفال بلاطة المحاصرين والمحرومين من حليب الأطفال، وأطفال رفح الذين تصطك أسنانهم من برد الشتاء القارس في عهد الخيام الجديد بعد أن فقدوا بيوتهم التي دمرتها جرافات علوج بني صهيون لا يصدقون أن سيف الهيمنة الأمريكي قد قطّع أوتار حناجركم.
ماذا سيكتب التاريخ عنكم؟(3/19)
تركتم إخوانكم يُقتّلون بوحشية وأنتم تنظرون، أغلقتم الحدود وحرستموها من المجاهدين لا من اليهود، وسحبتم حتى صورة الجرح المقدسي من فضائياتكم، وأخيراً رضختم لأمر أمريكا فأوقفتم حتى أموال الإغاثة الإنسانية عن الأرامل واليتامى والمحاصرين بدعوى محاربة الإرهاب، ولا ندري ما ستفعلون مستقبلاً. ربما ستشطبون اسم فلسطين من تاريخكم ومن ذاكرتكم، ولا ندري ربما تجبركم أمريكا أن تمسحوها حتى من قلوب أطفالكم ومن أحرف مصاحفكم.
يا أبناء جلدتنا..!
معذرة إذا كانت الكلمات قاسية لكن الجرح في بيت المقدس غائر وموجع وأشد ما فيه من وجعٍ هو فضاء الصمت الذي يخيم على مدائنكم. ورغم صمتكم إلاّ أننا لا يمكن أن ننسى بأنكم إخواننا.. وهذه أرضنا أرضكم، ومسجدنا في حضن القدس هو مسرى نبيكم - صلى الله عليه وسلم -.
نعلم أن الألم يعتصر قلوبكم ويقرّح أكبادكم ولا نشك في أخوتكم، وندرك ما يمنعكم عن نصرتنا، ومع ذلك لا يرضينا منكم الصمت، ولا يليق العجز بأمة ملأت عين التاريخ وأخضع فرسانها جباه القياصرة والأكاسرة. أخرجوا من جلدكم وانسلخوا من قشرة الخوف التي تحجب عزائمكم، ونحن غربي النهر بانتظاركم.
يا أمة خير نبي..!
عاقبة الخذلان وخيمة ومآله فاتورة باهظة الثمن، ومن أراد السلامة اليوم بالصمت والسكون فسيدفع في غد الأيام عقوبة لا يعلم آلامها إلاّ الله جلّت قدرته. ورسول الله - صلى عليه وسلم - في حديثه الآنف يحذركم، فانتبهوا.. إنها سنة جارية فادفعوا عن أنفسكم ولا تقنعوها بالأعذار، لأنه لا عذر لكم غير النصرة لإخوانكم والخروج من عباءة خذلانكم.
رغم سؤال الطفلة الحزين وقسوة رسالة مدائن بيت المقدس إلاّ أنها لم تفقد بعد الثقة بكم، لأن الفاتحين حينما فتحوها زرعوا في روابيها جذور الأمل بهذا الدين العظيم.. وبهذه الأمة
وختاماً.. مدائن بيت المقدس بانتظاركم وأنتم لابد قادمون!
http://alarabnews.com المصدر:
=============
رسالة إلى قلبك(3/20)
الحمد لله والصلاة والسلام على النبي واله وبعد:
فهذا حديث إلى أخ لي حبيب...
قد أراه في كل صف من الصفوف...
قد أراه بين كل اثنين...
أراه في كل مسلم رضي بالله ربا، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيا، وبالإسلام دينا...
• لم يسلم من أخطاء سلوكية، وكلنا خطاء!!.
• لم ينج من تقصير في العبادة وكلنا مقصر!!.
• ربما رأيته حليق اللحية، طويل الثوب، مدمنا للتدخين!!.
• بل ربما أسر ذنوبا أخرى ونحن المذنبون أبناء المذنبين!!.
نعم! أريد أن أتحدث إليك أنت أخي حديثا أخصك به، فهل تفتح لي أبواب قلبك الطيب ونوافذ ذهنك النير؟!
فو الله الذي لا إله إلا هو أني لأحبك... أحبك حبا يجعلني أشعر بالزهو كلما رأيتك تمشي خطوة إلى الأمام!!.
واشعر و الله بالحسرة إذا رأيتك تراوح مكانك أو تتقهقر ورائك!!.
أحدثك حديثا اسكب روحي في كلماته... أمزق قلبي في عباراته...
انه أخي حديث القلب إلى لقلب.
حديث الروح للأرواح يسري …… وتدركه القلوب بلا عناء
أخي وحبيبي...
هل تظن أن أخطاءنا أمر تفردنا به لم نسبق إليه؟!
كلا...
فما كنا في يوم ملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، ولكن نحن بشر معرضون للخطيئة، يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم.
وكل من ترى من عباد الله الصالحين لهم ذنوب وخطايا، قال ابن مسعود - رضي الله عنه - لأصحابه وقد تبعوه:"لو علمتم بذنوبي لرجمتموني بالحجارة"، وقال حبيبك محمد، - صلى الله عليه وسلم -:"لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم".
إي و الله أخي لقد أحرقتنا الذنوب، وآلمتنا المعاصي ولكن آيها الحبيب المحب أرعني سمعك يا رعاك الله!!.
إن هذه الخطايا ما سلمنا منها ولن نسلم، ولكن الخطر أن تسمح للشيطان أن يستثمر ذنبك ويرابي في خطيئتك.
أتدري كيف ذلك؟؟!!
• يلقي في روعك أن هذه الذنوب خندق يحاصرك فيه لا تستطيع الخروج منه.(3/21)
• يلقي في روعك أن هذه الذنوب تسلبك أهلية العمل للدين أو الاهتمام به.
ولا يزال يوحي إليك: دع أمر الدين والدعوة لأصحاب اللحى الطويلة! والثياب القصيرة! دع أمر الدين لهم فما أنت منهم!!
وهكذا يضخم هذا الوهم في نفسك حتى يشعرك انك فئة، والمتدينون فئة أخرى، وهذه يا أخي حيلة إبليسية ينبغي أن يكون عقلك اكبر وأوعى من أن تمرر عليه، فأنت يا أخي متدين من المتدينين.. أنت تتعبد لله بأعظم عبادة تعبد بها بشر لله.
أن تتعبد لله بالتوحيد.
أنت الذي حملك إيمانك فطهرت أطرافك بالوضوء، وعظمت إلهك بالركوع، وخضعت له بالسجود.
أنت صاحب الفم المعطر بذكر الله ودعائه، والقلب المنور بتعظيم الله وإجلاله.
فهنيئا لك توحيدك وهنيئا لك إيمانك.
انك يا أخي صاحب قضية.
• أنت اكبر من أن تكون قضيتك فريق كروي يكسب أو يخسر.
• أنت اكبر من أن تدور همومك حول شريط غنائي أو سفرة للخارج.
• أنت اكبر من أن تدور همومك حول المتعة والأكل.
فذلك كله ليس شأنك، إن ذلك شأن غيرك ممن قال الله فيهم: (والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم)"محمد: 12".
أي أخي أنت من يعيش لقضية اخطر واكبر هي: هذا الدين الذي تتعبد الله به... هذا الدين الذي هو سبب وجودك في هذه الدنيا وقدومك إلى هذا الكون (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)"الذاريات: 56".
وأذن لي أن أذكرك مرة أخرى أن تقصيري وإياك في طاعة ربنا أو خطئي وإياك في سلوكنا لا يحللنا أبدا من هذه المسئولية الكبرى ولا يعفينا من هذه القضية الخطيرة انظر يا رعاك الله إلى هذين الموقفين:
وأرجو أن تنظر إليهما نظرة فاحصة.
وان تجعلهما تحت مجهر بصيرتك.
الموقف الأول:(3/22)
خبر كعب بن مالك - رضي الله عنه - حيث وقع هذا الصحابي في خطأ كبير، وهو التخلف عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم - حين نفر إلى الجهاد في غزوة تبوك ولمعرفة خطر هذا الذنب تأمل قول الله ـ - عز وجل - ـ (إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما، ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا)"التوبة: 39".
ويعود النبي - صلى الله عليه وسلم - من غزوته تلك، ويسائل كعبا"ما خلفك يا كعب؟"فيجيب بالصدق:"و الله ما كان لي من عذر".
ويأتي حكم الله في كعب أن يجتنبه الناس فلا يكلموه، فإذا به يطوف في الأسواق لا يشرق له وجه ببسمة، ولا تنبس له شفة بكلمة، وطالت عليه جفوة الناس حتى صار حاله كما وصف الله: (حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وضاقت عليهم أنفسهم)"التوبة: 118"، وكما وصف كعب نفسه:"تنكرت لي في نفسي الأرض فما هي بالأرض التي كنت اعرف".
هنا بالذات في وسط هذه المعاناة النفسية الشديدة بين ألم القطيعة، وجفوة الناس إذا به يتلقى رسالة ملكية من ملك غسان يقول فيها: "انه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك ولم يجعلك الله بدار مهانة، فالحق بنا نواسك"، إنها رسالة من ملك! يعرض عليه أن يلحق به ليكون من رجال البلاط، وحاشية الملك وليتمتع بعد ذلك بكل ما في القصور من ترف، وكل ما يعمرها من لذة.
انه عرض يسيل لعاب أفواه كثيرة بعيدا عن هذه الضغوط والمعاناة، فكيف بمن يتلقى هذه العرض وهو يعاني ألم القطيعة ومرارة الهجران؟!.
فكيف تلقى كعب هذا العرض؟!!
انه لم يفكر في الأمر كثيرا أو قليلا، لم يقل لحامل الرسالة دعني أتدبر أمري وارجع إليك الجواب غدا، كلا إن قضية الولاء للإسلام كانت محسومة عنده ليست محل بحث أو مراجعة، ولذا فما إن قرأ هذه الرسالة حتى قال: (وهذه أيضا من البلاء، ثم تيمم بالرسالة الملكية التنور فسجرها فيه).(3/23)
انه الولاء للإسلام ـ أيها الأخ المبارك ـ لم يضعفه وقوع في خطأ! ولا قسوة عقوبة! فهل نتعلم من كعب - رضي الله عنه - إن أخطاءنا لن تكون في يوم سببا يوهن ولاءنا للدين وحميتنا له وغيرتنا عليه.
الموقف الثاني:
ثم إلى موقف صحابي آخر هو أبو محجن الثقفي - رضي الله عنه - لقد كان هذا الصحابي مبتلى بشرب الخمر فكان يجاء به فيجلد، ثم يجاء به فيجلد، ولكنه لم يفهم أن هذا يعفيه من العمل لدينه أو القعود عن نصرته، فإذا به يخرج مع المسلمين إلى القادسية جنديا يبحث عن الموت مظانه، وفي القادسية يجاء به إلى سعد بن أبي وقاص وقد شرب الخمر، فيعاقبه سعد وتكون العقوبة حبسه فلا يدخل المعركة، ولا يشارك في القتل.
وكانت عقوبة قاسية آلمت أبا محجن اشد الألم حتى إذا يسمع ضرب السيوف ووقع الرماح وصهيل الخيل وعلم أن سوق الجهاد قد قامت، وأبواب الجنة قد فتحت جاشت نفسه وهاجت أشواقه إلى الجهاد فعبر عن حسرته بقيام سوق الجهاد وهو حبيس القيد والسجن بقوله:
كفى حزنا أن ترتدي الخيل بالقنا …… واترك مشدودا إلي وثاقيا
إذا قمت عنا في الحديد وغلقت …… مصارع دوني قد تصم المناديا
فلله عهد لا أخيس بعهده...... لئن فرجت إلا ازور الخواليا
ثم نادى امرأة سعد ابن وقاص وقائلاً: خليني فلله على إن سلمت أن أجيء حتى أضع رجلي في القيد، وان قتلت استرحتم مني، فرحمت أشواقه، واحترمت عاطفته وخلت سبيله، فوثب على فرس لسعد يقال لها البلقاء ثم اخذ الرمح وانطلق لا يحمل على كتيبة إلا كسرها، ولا على جمع إلا فرقه، وسعد يشرف على المعركة ويعجب ويقول: الكر كر البلقاء، والضرب ضرب أبي محجن!!(3/24)
حتى إذا انهزم العدو عاد أبو محجن فجعل رجله في القيد فما كان من امرأة سعد إلا أن أخبرته بهذا النبأ العجاب وما كان من أمر أبي محجن، فأكبر سعد - رضي الله عنه - هذه النفس، وهذه الغيرة على الدين، وهذه الأشواق للجهاد وقام بنفسه إلى هذا الشارب الخمر يحل قيوده بيديه الطيبتين ويقول:"قم فو الله لا أجلدك في الخمر أبداً، وأبو محجن يقول: وأنا و الله لا اشربها أبدا".
فانظر أيها الأخ المبارك إلى هذين الرجلين كيف لم تعفهما الخطيئة، ولم تقعدهما المعصية عن الولاء للدين والعمل به!!.
أخي الحبيب:
إن الخطايا ليست عذراً للتحلل من الولاء للدين، ولا من العمل له، ولا من نصرته، ولا من الغيرة عليه، ولولا ذلك لما انتصر للدين منتصر، ولا قام به قائم.
نعم أيها الحبيب المحب إن الولاء للدين والغيرة عليه مسئولية المسلم من حيث هو مسلم مهما كان فيه من تقصير ومهما قارف من إثم، مادام له بهذه الدين سبب واصل، فما من مسلم يقف في صف المسلمين إلا ويتحمل مسئولية في تأييد الدين ونصره: (فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معهن أولئك هم المفلحون)"الأعراف: 157".
ـ هل تذكرت أخي انك جزء من هذه الأمة التي يجب أن تكون في المقدمة في وقت تتسابق فيه الأمم في صنع المستقبل؟!!
إننا في عصر ينبغي أن نقتحمه متحدين، فهل فكرت في إسهام حقيقي منك في ذلك؟!!
ـ واقرأ إن شئت "قادة الغرب يقولون دمروا الإسلام أبيدوا أهله" لتقف على طرف من هذه العداء فهل فكرت وإياك في المواجهة؟!!
ـ هل آلمتك مجازر المسلمين ورخص دمائهم فإذا هي ارخص من ماء البحر واستهانة العالم بمدن المسلمين تباد ودولهم تبتلع؟!! في الوقت الذي تصاب فيه الدنيا بالأرق لرهينتين غربيتين!!.
فهل تحركت فينا أخي روح الجسد الواحد؟!!
أيها الحبيب المحب...
هل فتشت في نفسي وفتشت في نفسك وتساءلنا كما تبلغ مساحة الإسلام من خارطة اهتمامنا؟!!
كم نبذل للدين؟!!
كم نجهد للدين؟!!(3/25)
كم نهتم للدين؟!!
هل هو قضية في حياتنا تتراءى لنا وتؤرقنا؟!!
أم قد رضينا بعبادات تحولت إلى عادات؟!!
إننا يا أخي إذا لم ننفر لهذا الدين بكليتنا فإنا ـ ورب البيت ـ نخشى أن ينالنا ذلك الوعيد الشديد الذي تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا، اسمعه في قول ربك ـ جل جلاله ـ (إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا و الله على كل شيء قدير)"التوبة: 39".
لنعد السؤال على أنفسنا مرة أخرى:
كم يعيش الدين في حياتنا؟!!
كم يشغل من مساحة اهتمامنا؟!!
ثم إذن لي يا حبيبي بكلام أكثر تفصيلاً:
ـــ أخي... هل أخذت يوما كتاب الله فقرأته مستشعرا أن الله ـ جل جلاله، بكبريائه وعظمته يخاطبك ويكلمك أنت العبد الصغير الذليل؟!!
أي تكريم لك ذلك التكريم العلوي!!
أي رفعة لك يرفعها هذا التنزيل!!.
أي مقام يتفضل به عليك الرب الكريم!!.. يوم جعلك أهلا لتلقي خطابه.
ـــ أخي.. هل جلست يوما تربي نفسك بقراءة سيرة نبيك وحبيبك محمد، - صلى الله عليه وسلم - الذي تؤمن به وتعبد الله بشرعه، الذي تحبه والذي احبك، واشتاق إلى لقائك.
نعم! نبيك اشتاق إلى لقائك فقال:"وددت أنا قد رأينا إخواننا قالوا: أو لسنا إخوانك يا رسول الله؟! قال: انتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد"(أخرجه مسلم).
فهل اشتقت إليه كما اشتاق إليك؟!!.
ـ أخي.. هل نظرت وإياك إلى إخواننا الصالحين السابقين في الخيرات، الذين هم اكثر منا جدا في الطاعة، ونشاطا في الدعوة، وتوقير للسنة؟!.
هل نظرت إليهم؟!!
فكيف كانت نظرتك؟!.
أما أني لا أتوقع منك أن تزدريهم ولا أن خذلهم ولكن أحبهم تكن منهم "فالمرء مع من أحب" ومحبتهم تستلزم نصرتهم والذب عن أعراضهم والتعاون معهم.
ـ أخي... هل بذلت جهدا في الدعوة ولو كان قليلا؟؟.
هل أهديت لقريب أو زميل شريطا بعد أن سمعته أو كتيبا بعد أن قرأته؟؟.(3/26)
ـ أخي... هذه المنكرات التي في مجتمعنا وقد غص بها لم تنتشر في يوم وليلة، ولكن انتشرت لان واحدا فعل وواحدا سكت وهما شريكان في انتشار ذلك المنكر.
فهل استشعرت وجوب مشاركتك في إزالة المنكر؟!! وعلمت انه لابد أن تكون مساهما في الإنكار!!
ـ أخي... أن في مجالسنا ومجتمعنا من يشوش على الناس مفاهيمهم ويلبس عليهم دينهم وينتقص أهل الصلاح منهم!!.
فهل وقفت منافحا ومدافعا بالتي هي أحسن؟!
لأنك تعلم أن السكوت حينئذ خيانة للمبدأ، وجبن في الدفاع عن الحق الذي تعتقده.
ـ أخي... لا تكتف بالتعطف مع الأخيار الأبرار وترى ذلك فضلا منك ولكنك تعلم انه يجب عليك أن تكون متعاطفا ومتعاونا لأنك تعلم أن ذلك من مسئوليتك.
أخي وحبيبي...
تذكر رعاك الله انك بإيمانك ذو نسب عريق ضارب في عمق الزمن، وانك واحد منن ذلك الموكب المبارك الذي يقوده ذلك الركب الطيب من أنبياء الله ورسله نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد، صلى الله عليهم وسلم: (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون)"الأنبياء: 92"، إنا نظن بك أخي أن تكون معتزا بإيمانك، واثقا من نفسك، باذلا لدينك ما يمكنك بذله، داعيا لمبدئك وقضيتك، متميزا عن غيرك ممن لا يهتم بهذا كله، متميزا عن السلبيين الذين نقول لهم كفوا أذاكم عن الناس فهو صدقة منكم على أنفسكم.
قد اختارنا الله في دعوته …… وإنا سنمضي على سنته
فمنا الذين قضوا نحبهم …… ومنا الحفيظ على ذمته
أخي ستبيد جيوش الظلام …… ويشرق في الكون فجر جديد
فأطلق لروحك إشراقها …... تر الفجر يرمقنا من بعيد
ـ أخي... لا أريد أن أهون الذنوب فانه إذا اجتمعت أهلكت.
لا أريد أن أهون الخطايا فرب خطيئة كان عقابها طمس البصيرة.
ولكن أقول ينبغي أن لا تكون الذنوب خندقا يحاصرنا عن العمل لهذا الدين وأنت من هذا على ذكر.
أخي الحبيب...(3/27)
هذا شجن من شجون، أهاتف به قلبك الطيب بنصح المحب ومحبة الناصح وان في إيمانك ونقاء أعماقك ما يطمع فيك كل من يريد الخير لك.
و الله أسال أن يكلأك برعايته ويحوطك بعنايته ويهديك ويسددك واستغفر الله لي ولك.
http://www.twbh.com المصدر:
=============
قصة رسالة إلى عابد الحرمين في موسم حج"179"
علي حشيش
نواصل في هذا التحذير تقديم البحوث العلمية الحديثية للقارئ الكريم، حتى يقف على حقيقة هذه القصة التي اشتهرت على ألسنة الخطباء والوعاظ والقصاص واتخذها البعض دليلاً على التقليل من شأن العبادة والعلم بدعوى أن لهم غاية تصبح أمامها هذه الأمور لعبًا وعبثًا.
أولاً: القصة سندًا ومتنًا:
أخرج عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي في كتابه"طبقات الشافعية الكبرى"(1-201) قال: أخبرنا أبو العباس الأشعري بقراءتي عليه، أخبرنا سليمان بن حمزة القاضي، والحسن بن علي بن ميمون النرسي الحافظ بالكوفة، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن بن عبد الرحمن العلوي، أخبرنا أبو المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني قال: أملى علينا أبو محمد عبد الله بن سعيد بن يحيى الجزري القاضي بنصيبين، حفظا، في سنة سبع عشرة وثلاثمائة، قال: أملى عليَّ محمد بن إبراهيم بن أبي سكينة البهراني من كتابه بحلب سنة ست وثلاثين ومائتين، قال: أملى عليَّ عبد الله بن المبارك هذه الأبيات بطرسوس، وودعته بالخروج للحج، وأنفذها معي إلى الفضيل- يعني ابن عياض- وذلك سنة تسع وسبعين ومائة:
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا *** لعملت أنك في العبادة تلعبُ
من كان يخضب جيدَه بدموعه *** فنحورنا بدمائنا تتخضب
أو كان يُتْعِبُ خيله في باطل *** فخيولنا يوم الكريهة تتعبُ
ريح العبير لكم ونحن عبيرنا ***رهجع السنابك والغبار الأطيب
ولقد أتانا عن مقال نبينا ***قول صحيح صادق لا يكذب
لا يستوي وغبار خيل الله في ***أنف امرئ ودخان نار تلهب(3/28)
هذا كتاب الله ينطق بَيننا ***ليس الشهيد بميت لا يكذب
ثانيًا: التحقيق:
قلت: هذه القصّة واهية وسندها تالف، وعلته أبو المفضل محمد بن عبد الله الشيباني، أورده الخطيب في"تاريخ بغداد"(5-466)... (3010) وقال: أبو المفضل الشيباني الكوفي: نزل بغداد وحدث بها عن البغوي وابن جرير وعن خلق كثير من المصريين، والشاميين، والجزريين وأهل الثغور معروفين ومجهولين، ثم قال:
وحدثني عبد الملك بن عبد القهار قال: أبو المفضل محمد بن عبد الله بن محمد بن عبيد الله البهلول بن همام بن المطلب بن همام بن مطر بن بحر بن مرة بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان سمعت الأزهري ذكر أبا المفضل فأساء ذكره، وقال: كان أبو المفضل دجالاً كذابًا.
ثم قال: أخبرنا أحمد بن محمد العتيقي قال: سنة سبع وثماثنين وثلاثمائة فيها توفي أبو المفضل الشيباني ببغداد في التاسع والعشرين من شهر ربيع الآخر وكان كثير التخليط". اه.
قلت: وأورده الإمام الذهبي في"الميزان"(3-607-7802)، ونقل قول الخطيب في أبي المفضل:"كتبوا عنه بانتخاب الدار قطني ثم بان كذبه فمزقوا حديثه وأبطلوا روايته وكان يضع الأحاديث للرافضة". اه. وأقره.
قلت: وأورده الحافظ ابن حجر في"اللسان"(5-261) (811-7596)، وأقر قول الأزهري والدار قطني والعتيقي: ثم نقل عن حمزة بن محمد بن طاهر قوله:"كان يضع الحديث". اه.
قلت: وأورده ابن عراق في"تنزيه الشريعة"(1-107) في سرد أسماء الوضاعين والكذابين ومن كان يسرق الحديث ويقلب الأخبار ومن اتهم بالكذب والوضع من رواة الأخبار حيث أورده في حرف الميم (166) وقال:"محمد بن عبد الله بن المطلب أبو المفضل الشيباني الكوفي عن البغوي وابن جرير: دجال يضع الحديث". اه.
قلت: بهذا التحقيق يتبين أن القصة واهية مكذوبة، فلا تعجب فقد وضعت أحاديث مكذوبة وقصص واهية على خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم -.
ثالثًا: قرائن تدل على نكارة القصة:(3/29)
القرينة الأولى: ما كان لعبد الله بن المبارك - رحمه الله -أن يحتقر عبادة شيخه الفضيل بن عياض ويقول له:
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا ***لعلمت أنك في العبادة تلعب
وقد ذكر الإمام المزي في"تهذيب الكمال"(15-105-5349) أن عبد الصمد بن يزيد الصائغ قال: قال لي عبد الله بن المبارك:"إن الفضيل بن عياض صدق الله فأجرى الحكمة على لسانه فالفضيل ممَّن نفعه علمه". اه.
قلت: هذا قول ابن المبارك في بيان صدق الفضيل بن عياض.
1- والذي يتفق مع قول إبراهيم بن شماس:
"رأيت أفقه الناس، وأورع الناس، وأحفظ الناس: فأما أحفظ الناس فابن المبارك، وأما أورع الناس فالفضيل بن عياض، وأما أفقه الناس فوكيع بن الجراح". اه. كذا في"تهذيب الكمال"(15-109).
2- ويتفق مع قول هارون الرشيد:
"ما رأيت في العلماء أهيب من مالك بن أنس ولا أورع من الفضيل بن عياض".
3- ويتفق مع قول إسماعيل بن يزيد عن إبراهيم بن الأشعث:
"ما رأيت أحدًا كان الله في صدره أعظم من الفضيل بن عياض، كان إذا ذُكر الله أو ذكر عنده أو سمع القرآن ظهر به الخوف والحزن وفاضت عيناه، وبكى حتى يرحمه من بحضرته، وكان دائم الحزن، شديد الفكرة، ما رأيت رجلاً يريد الله بعلمه وعمله وأخذه وعطائه ومنعه وبذله وبغضه وحبه وخصاله كلها غيره". اه.
قلت: ولذلك جمع فيه الحافظ ابن حجر القول في"التقريب"(2-113) فقال: الفضيل بن عياض بن مسعود التيمي أبو علي، الزاهد المشهور أصله من خراسان وسكن مكة، ثقة عابد إمام من الثامنة، مات سنة سبع وثمانين ومائة.(3/30)
قلت: من هذه القرينة يتبين للقارئ الكريم حقيقة عبادة الإمام الفضيل بن عياض، والذي ترجم له الإمام المزي قائلاً:"أبو علي الزاهد أحد صلحاء الدنيا وعبادها"، ولقد تبين من قول ابن المبارك الذي أوردناه آنفًا:"أنه صدق الله"مما يدل على أن هذه القصة الواهية قصة مكذوبة على ابن المبارك الذي يعرف قدر شيخه الفضيل بن عياض، كما بينا آنفًا، فما كان له أن يصفه بالعبث واللعب في العبادة.
"حج الخليفة"
القرينة الثانية:
الذي يتأمل في القصة والأبيات التي كتبها ابن المبارك بطرسوس وأرسلها مع ابن أبي سكينة البهراني إلى الفضيل بن عياض وودعه بالخروج للحج سنة تسع وسبعين ومائة، يدل على أن الأمة في هذا الوقت كانت في حرب، وأن ابن المبارك كان في معركة والفضيل يلعب في العبادة بمكة.
قلت: بالبحث في كتاب"البداية والنهاية"(10-533) للإمام ابن كثير لسنة تسع وسبعين ومائة نجد أن موسم الحج كان موسم أمن وأمان، ولا توجد فيه حرب، ولذلك خرج الخليفة هارون الرشيد في هذه السنة للحج، حيث قال الإمام ابن كثير:
"وفيها خرج الرشيد معتمرًا من بغداد شكرًا لله - عز وجل -، فلما قضى عمرته أقام بالمدينة حتى حج بالناس في هذه السنة، فمشى من مكة إلى منى ثم إلى عرفات وشهد المشاهد والمشاعر كلها ماشيًا، ثم انصرف إلى بغداد على طريق البصرة". اه.
قلت: ولقد ذكرنا هاتين القرينتين للاستئناس على نكارة القصة ومن تحقيق القصة الذي أوردناه آنفًا يتبين أن القصة واهية من غير هذه القرائن، وأن ابن المبارك - رحمه الله -بريء من احتقاره لعبادة الفضيل - رحمه الله -، بل هو الذي شهد للفضيل بأنه صدق الله فأجرى الحكمة على لسانه: ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا {البقرة: 269}.(3/31)
وإن تعجب فعجب كيف ينسب لابن المبارك احتقاره لعبادة الفضيل وجعلها لعبًا وعبثًا وقد ترجم الإمام المزي للفضيل أنه:"الزاهد أحد صلحاء الدنيا وعبادها"كما بيّنا آنفًا، ولا يخفى على ابن المبارك مكانة الصالحين في النصر.
1- فلقد بوّب الإمام البخاري في"صحيحه"كتاب الجهاد بابًا بعنوان:"من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب"باب (76).
قلت: ثم أخرج الإمام البخاري تحت هذه الترجمة: (ح2896) قال البخاري: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا محمد بن طلحة عن طلحة عن مصعب بن سعد قال: رأى سعدٌ - رضي الله عنه -أن له فضلاً على من دونه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:"هل تنصرون إلا بضعفائكم".
2- قلت: ولقد بوب الإمام النسائي في السنن الكبرى والصغرى في كتاب"الجهاد"بابًا بعنوان:"الاستنصار بالضعيف".
قلت: ثم أخرج الإمام النسائي تحت هذه الترجمة في"السنن الكبرى"(3-30) (ح4387) قال: أنبأنا محمد بن إدريس قال: حدثنا عمر وهو ابن حفص بن غياث عن أبيه عن مسعر عن طلحة عن مصعب بن سعد عن أبيه أنه: ظنّ أن له فضلاً على من دونه من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال نبي الله:"إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم".
قلت: وهذا الحديث أخرجه النسائي أيضًا في"الصغرى"(2-65)، وأبو نعيم في"الحلية"(5-26) من طريق طلحة بن مصرف عن مصعب بن مسعد عن أبيه، وهو حديث صحيح.
3- قلت: وقد أخرج أبو داود (ح2594)، والنسائي (2-65)، وفي الكبرى (3-30) (ح4388)، والترمذي (4-179- شاكر) (ح1702)، وابن حبان (ح1620)، والحاكم (2-106، 145) من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حدثني زيد بن أرطاة عن جبير بن نفير عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يقول:"ابغوني الضعفاء؛ فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم".
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي، فالحديث صحيح وهو كما قالا.(3/32)
قلت: ثم نقل الحافظ في"الفتح"(6-105) أقوال الأئمة حول الحديث:
1- قال ابن بطال:"تأويل الحديث أن الضعفاء أشد إخلاصًا في الدعاء وأكثر خشوعًا في العبادة لخلاء قلوبهم عن التعلق بزخرف الدنيا". اه.
2- وقال المهلب: أراد - صلى الله عليه وسلم - بذلك حَض سعد على التواضع ونفي الزهو على غيره وترك احتقار المسلم في كل حالة. اه.
"الاستفتاح بالصالحين"
أخرج الإمام البخاري (ح2897) قال: حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا سفيان عن عمرو سمع جابرًا عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنهم -عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"يأتي زمان يغزو فئام من الناس فيقال: فيكم من صَحِب النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فيقال: نعم، فيفتح عليه، ثم يأتي زمان فيقال: فيكم من صَحِب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فيقال: نعم، فيفتح، ثم يأتي زمان فيقال: فيكم من صحب أصحاب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فيقال: نعم، فيفتح". اه.
قلت: فما أحوجنا إلى العودة إلى الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة الذين كتب الله لهم الفتح، في الوقت الذي أعدوا لعدوهم ما استطاعوا من قوة.
بهذا يتبين للقارئ الكريم عدم صحة هذه القصة من خلال التخريج والتحقيق وكيف صححنا المفاهيم من خلال السنة الصحيحة المطهرة.
هذا ما وفقني الله إليه، وهو وحده من وراء القصد.
http://www.altawhed.com المصدر:
===============
رسالة إلى أختي المسلمة التي لم تتزوج
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين هذا السؤال:
أنا فتاة بلغت من العمر التاسعة والعشرين ولم يكتب لي الزواج حتى الآن فأرجو من فضيلتكم أن تدلني على قراءة سورة من القرآن أو دعاء يمنع عني التفكير الشديد في المستقبل والأولاد لأنني في ضيق من عدم الزواج حيث إنه يوجد في بيتنا من تكبرني سناً ولم تتزوج فأرشدني أثابك الله؟
الجواب:(3/33)
أولاً وقبل الإجابة عن هذا السؤال أحب أن أنبه إلى أن الأمور كلها بيد الله - عز وجل - لا جلب ولا نفع ولا دفع ضرر إلا من عنده - تعالى - والمفرج للكربات هو الله جل شأنه فإذا أصاب الإنسان شيء فعليه أن يلجاً إليه تبارك و تعالى - وأن يتضرع إليه ويدعوه سواء في حصول مطلوب أو إزالة مرهوب، لقوله - تعالى - {وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون}، ولقوله - تعالى - {أمّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلاً ما تذكرون}، فالله - تعالى - هو الملجأ للعبد فإذا توجه إليه الإنسان بإخلاص وافتقار وحاجة وكان طيب المطعم من مأكل ومشرب وملبس ومسكن فإنه حري بالإجابة وهذا عام في كل شيء.(3/34)
ثانياً: ثم ليعلم الإنسان أنه إذا دعا الله ولم يستجب له فإما أن الله يدخره له وإما أن يدفع عنه شراً أعظم مما سأل ولكن لا يتحسّر ويدع الدعاء فإن الله يحب الملحين في الدعاء الذين ينتظرون الإجابة ويوقنون بها فإنه - سبحانه و تعالى - يقول {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} وليتحر العبد أوقات الإجابة فإن من أوقاتها الثلث الأخير من الليل فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: {ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول من يدعوني فاستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له، حتى يطلع الفجر) وكذلك آخر ساعة من يوم الجمعة فإنه لا يوافقها عبد مسلم قائم يدعو الله إلا أعطاه إياه أو مبين خروج الإمام يوم الجمعة إلى أن تقضي الصلاة وكذلك الأوقات ما بين الأذان والإقامة كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - (الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد).ومن الأحوال حال الإنسان إذا كان ساجداً فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (وأما السجود فأكثروا فيه الدعاء فقمين أن يستجاب لكم). وكذلك بعد التشهد الأخير قبل أن يسلم فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال حين ذكر التشهد: (ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه). هذا ما أريد أن أقدمه قبل الجواب الخاص.
أما الجواب الخاص:(3/35)
فإن هذه المرأة عليها أن تصبر وتحتسب وأن تعلم أن الأمور بيد الله - عز وجل - وأن تأخر الزواج ربما يكون خيراً أعده الله لها فلتأمل الخير ولترج نفسها وإذا كان لديك همّ أو وسواس فأكثري من ذكر الله - عز وجل - واستعيذي بالله من الشيطان الرجيم ولتقبلي علي أمورك من العبادة والأعمال الأخرى حتى يزول همّك وكذلك فادعي بالدعاء المشهور المزيل للهم والغم وهو (اللهم أني عبدك وابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك ماض في حكمك، والمرأة تقول (اللهم إني أمتك بنت عبدك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل أسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي وغمي) وغير ذلك من الأدعية المأثورة فذلك يزيل عنك ما تجدين من الهموم والغموم، نسأل الله لنا ولك العافية والله الموفق.
http://www.sahab.ws المصدر:
==============
رسالة إلى حفاظ القرآن الكريم
موسى محمد هجاد الزهراني
هل الهلال ونجم الليل مختالُ *** وضمنا في ربي الأحباب آمالُ
في (روضة) الخير كم ضمت جوانحها *** من إخوة مالهم لهو وتجوالُ
يكسوهم العز أثواباً مطهرة *** ومالهم في مجال اللغو أفعالُ
ماذا بقول كمدح المادحين لكم *** فليس مطلبنا جاه ولا مالُ
لكنه الحب في قلبي سقاه دمي *** في منهج الله هذا الحب سلسالُ
لكم بأعماق أعماقي معانقة *** تسامقت من بذور الصدق أنجالُ
آباءنا أنتم الأعلون فابتهجوا *** بموسم الخير أن الخير هطالُ
آباءنا إن شكري قاصر وجل *** تكاد ألا تفي بالحال أقوالُ
شكراً لكم والعقول اليوم مفرغة*** يصدها عن دروب الخير عقال
أبناؤكم في ربيع العمر ما صرفت *** عقولهم عن كلام الله أشغالُ
ما ضر أبناءكم منكم مناصحة *** وإن قسوتم ففي الإصباح آمالُ
يا قارئاً لكتاب الله أنت فتىً *** للمكرمات بإذن الله حمالُ(3/36)
إني أناديك من بين الأنام وقد *** أحاط بالقوم أخطار وأهوالُ
اربأ بعلمك عن دنيا تدنسه *** فكل علم لغير الله صلصالُ
يا صاحب الفقه إن الفقه مكرمة *** يسمو بها في ذرى الأمجاد أبطالُ
تبكي السماء إذا ما فارقت جسداً *** روحُ التقي الذي للخير فعالُ
أعزك الله بالقرآن تحفظه *** أكثر من الذكر فالنسيان قتالُ
ما عز من كانت اللذات تشغله *** ولا لمن ضيع القرآن أبدالُ
أد الأمانة وانهض فاللئام بغوا *** في قولهم وانطوى بالمكر ضلالُ
ساروا على نهج شرذمة مضللة *** لسيفهم عن دنئ القول إرقالُ
لا يخدعنك منهم حلو السّنة *** واقرأ (براءة) تعرفْ لحن ما قالوا
حقائق القوم في التاريخ ملعنة *** قد انبرى منهمُ ذئب ورئبالُ
قد أرضعتهم حضارات الذين لهم *** في مشرق الأرض أوفي الغرب أوحال
أفكارهم يا أخا الإسلام جامدة *** لا جزر فيها ولا ميمُ ولا دالُ
قالوا الشريعة في عصر الفضاء لها *** آثارها إنها للفكر تغتالُ
في عصرنا اليوم أفكار مغربة *** تهوى هوى الغرب،قالوا تلك أفضالُ
قالوا بأن كتاب الله مبدؤه *** خلقٌ؛ وقد كذب الرحمن ما قالوا
كتابه منزلٌ والحق أنزله*** وان تبجح بالإلحاد جهالُ
فليسألوا أين أرباب الهوى ذهبت *** عقولهم، إذ بدا بالكفر أذيالُ
وليسألوا عن دعاة الحق إذ صدعوا *** بأمرهم بلغوا لله ما نالوا
أين (الكناني) إذ ناداه مبتدعُ *** (بشر بن غياث) في دعواه دجالُ
أين الذي أخرس الكذاب عن سفهٍ *** إذ حّرف القول عن معناه محتالُ
هذا (الكناني) يا (مأمون) فانتبهوا *** لا تأخذّن بما قال الأطفيالُ
حتى علتْ همت (المأمون) عندئذٍ *** إن (المريسيّ) فيما قال ذيالُ
أذاقه الله ذُلاً فوق طاقته *** جزاء من كان بالتحريف يختالُ
أين (ابن حنبل) عن أذناب علمنة *** لها على أهل دين الله أحبالُ
أين (ابن حنبل) إذ كانت مبادؤه *** أصيلةً لفظه بالصدق زلزالُ
عقيدتي في الهي لا يخالطها *** شك وليس لرب العرش أمثالُ(3/37)
يا أيها الناس دين الله ليس هوى *** ما كل من بهرج الألفاظ مفضالُ
في قومنا يا (إمام الحق) من عصفت *** بهم أعصاير زيغ حيثما جالُ
إنا نرى الناس في إعراضهم سلكوا *** فجاج من غرهم بالله أهمالُ
يتلى الكتاب عليهم لا ترق له *** قلوبهم وانثنى عن فهمه البالُ
أقول بعض قلوب الناس قاسية *** عشاق دنيا وعن شرع الهدى مالُ
لو أنزل الله قراءناً على جبلٍ *** لزلزلت خشية لله أجبالُ
داووا قلوباً من الأسقام بالية *** إن القلوب إذا لم تحي أطلالُ
في سورة من كتاب الله جامعةٍ *** في آية (النور) تفصيل وإجمالُ
فاستيقظوا وانظروا فالموت ألهاكمُ *** عنه التكاثر والأرزاق تنهالُ
قوافل الموت تعدوا بالأنام وما *** لسيرها في طريق الموت إقفالُ
ومن بنا الدور وازدانت سعادته *** لابد يوماً إلى الرحمن رحالُ
فاغفر لنا يا الهي كلَّ ما كسبت *** قلوبنا فالذنوب اليوم جُثَّالُ
http://saaid.net المصدر:
=============
إلى أختي الغائبة
أختك أشواق بنت محمد
إلى أختي الغائبة... المحترمة حفظها الله
أختي الكريمة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....هاأنا أتقدم بين يديك بهذه الرسالة الرثة المتهلهلة الأسلوب .. الفقيرة من كل شيء سوى ما تحمله لكم من محبةٍ وتقدير وإجلال واعتراف لما لكِ علىّ من فضل سابق وأياد بيضاء لا أنساها؛ فكم كنت لي دليلا في طريق الخير، وكم كنت مثلي الأعلى في سمتك ودعوتك؛ واراني وإياك أتمثل اللص مع الإمام أحمد حين قال إنما هي الجلدة الأولى.....
أختي ....إن قلة بضاعتي لا تمنعني أبدا من أن أبوح لك بشيء في نفسي قد يكون إلى الخطاء أقرب منه إلى الصواب ....(3/38)
أني أراك تتوارين خلف اهتماماتك اليومية الخاصة بكل ما فيها من خير ومسؤوليات، في وقت يحتاجك الميدان أكثر من ذي قبل فهذه الحرب الشعواء على الدين والأخلاق، تهدد ليس بيتي وبيتك بل العالم بأسره وهاأنت اليوم بلغتي من النضج والمعرفة ما يجعلنا في أمس الحاجة إليك..... ليس تملقاً ، ولا أنساً بكِ ، بل حاجة إلى خبرتك وحكمتك ....
حبيبتي لا يخفى عليك ما تمر به الأمة الإسلامية اليوم من محاولات لتغريب أبناءها وهدم لقيمها ومسخ لهويتها ، وإن كان ذلك يقع بالأمة عامة فالمرأة أخص بتوجيه الرماح ، وقد كنت ولا تزالين ممن ينافحون عن حياض الدين الحنيف سعيا لإعلاء كلمة الله ودعوة للالتزام بشرعه .... فهل تراه حان وقت ترك السلاح ؟
وألقيت عن كاهليك السلاح
أخي هل تراك سأمت الكفاح
ويرفع راياتها من جديد
فمن للضحايا يواسي الجراح
تدك حصاه جيوش الخراب
أخي هل سمعت أنين التراب
وتصفعه وهو صلب عنيد
تمزق أحشاءه بالحراب
إنه لا يسعنا في هذا الدرب التراجع فقد خطونا خطوات إلى الأمام فأصبحنا في منتصف الطريق، فلسنا نصنف من عوام الناس، ولم نصل إلى النهاية بعد ، كما أظنك لا ترضين بالقعود وكأن روحك ومشاعرك في شد وجذب .... والمخرج من هذا في المساهمة و لو اليسيرة في بناء الصحوة وتزكية التجربة و الخبرة فالناس بحاجة إليها ...
أختاه ....! لعلي تجاوزت الحد في حديثي وعذري في ذلك هو رجائي من الله العلي القدير أن يجعلنا ممن قال فيهم (والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق و تواصوا بالصبر ).. وحسبنا ذلك دافعا وشرفا .
(نقلاً عن موقع الإسلام اليوم)
========
رسالة إلى امرأة متبرجة
رحاب عبدالعزيز سعد الدوّاي(3/39)
أختاه: أخاطبك باسم الأخوة التي تجمعنا.. وإني لعلى يقين أن بذرة الخير وحب الدين والغيرة على محارم الله لا تزال فيك غضة طرية.. وأن نور الإيمان ما زال يضيء جبينك..لكن..قد تكون نزوة أو طيشا أو حب التقليد..!
ومتابعة كل جديد مهما كان مصدره..هو ما دفعك إلى ارتداء هذه العباءة المتبرجة. أختاه: إنني أكتب لك رسالتي هذه.. لعلها تصلك وأنت ترفلين في ثياب الطهر والعفاف.. وتتقلبين في نعمة الإسلام.. الذي رفع منزلتك وأكرمك أيّما تكريم. إنها رسالة أخت لأختها التي تريد لها من الخير ما تريد لنفسها.. فهات يدك.. ضعي يدك في يدي لنسير معا على نهج الحق المستقيم الذي سار عليه أسلافنا الصالحون من قبلنا.. ودعي عنك كل ناعق يناديك فإنك سترين وتسمعين الكثير منهم.. متى سرت في طريق الحق. مدّي يدك.. هاتها.. انزعي عنك لباس التبرج هذا.. فإني أرى عليك لباسا ما هو بلباس المؤمنات.. وما كان ينبغي لمسلمة أن تلبسه.. إنك تلبسين (شيئا) تسمينه حجابا.. وما هو بحجاب بل هو السفور في أجلى معانيه.. لقد جعلوك ألعوبة في أيديهم يلبسونك اليوم شيئا وغدا شيئا آخر.. وهكذا. إنهم اليوم يلبسونك ما يسمونه (العباءة الفرنسية) وأنى لفرنسا ـ لو عقلت ـ أن تصدر إلينا الخير.. ومنذ متى نأخذ عنها ما يخص أمور ديننا. إنهم حين لم تعجبهم عباءتك الأولى التي كنت تضعينها على رأسك كالتاج وتغطين وجهك بغطاء غليظ.. جاءوك بعباءتهم.. فأنزلوا عباءتك من على رأسك ـ وما كان لها أن تنزل فهي شرفك وتاج عزك ـووضعوها على كتفك.. وقالوا: لا ضير أن تنزل بضع سنتمترات فهذا أجمل وأخف !! ثم منحوك (شيئا) كان في بدء أمره أسود اللون تلفينه حول رأسك وعنقك لفا يكاد يسقط لأدنى حركة وجعلوك تغطين بطرف خفيف منه وجهك المزين بألوان وأصباغ.. حتى لتبدو نقابا؟!! ثم اتسع... اتسع حتى بدا منه نصف وجهك.. ثم لثاما لتسهل أزالته كليا عن الوجه.. هذا فضلا عن شكل عباءتك المزركشة المزينة بخطوط(3/40)
وألوان ومطرزة وكأنها ثوب عرس أو فستان حفل.. يسير مع (صيحات) الموضة... ثم فتنوك بما يعرضونه في الأسواق من (أطقم) العباءات والطرح والنقابات التي تباع بأثمان باهظة.. ! ولو عقلت لعلمت أن الله الخبير لم يكلفك بشيء سوى أن تتحجبي بعباءة سابغة وخمار ضاف لا يكلف عشر ما تلبسين. ولئن سرت معهم خطوة خطوة لينزعنّ عنك حجابك.. ويعرضونك للغادي والرائح كسلعة فاسدة.. لقد أرادوك لشهواتهم.. وأرادك الله لدينك وأمتك.. يقول الله - تعالى-: (والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا). يريدك ربك عزيزة كريمة كالجوهرة المصونة وكالدر المكنون.. ويريدونك قريبة ليد العابثين. لقد أكرمك الله أما وبنتا وزوجة.. في صغرك وشبابك ومشيبك.. لقد كانت المرأة قبل الإسلام مهدرة الكرامة وكان الرجال يتشاءمون منها.. اقرئي قول الله - تعالى-: (وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودّا وهو كظيم أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يزرون). قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه-: (والله إنا كنا في الجاهلية ما نعد للنساء أمرا حتى أنزل الله فيهن ما أنزل وقسم لهن ما قسم) هذا بعض شأن المرأة قبل الإسلام حتى جاء محمد - صلى الله عليه وسلم- فانتشلها مما هي فيه وأكرمها وأعزها وحفظها وصانها وما هذا الحجاب إلا من ضمن ما خُصّتْ به المرأة تكريما وتشريفا وصيانة لها.. فهو كالحصن الحصين فإياك إياك أن تعتقدي أو تظني أن الحجاب عادات وتقاليد ورثناها عن أسلافنا.. تتقادم مع مرور الزمان.. بل هو عقيدة وعبادة نتعبد الله بأدائها كما شرع وهو درع يحميك ممن في قلوبهم مرض ومن خائنة الأعين فلا تنساقي خلف تيار الحضارة الزائفة بدعوى مسايرة الموضة وإني أذكرك بقول الله -جل وعلا-: (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا(3/41)
يبدين زينتهن إلا لبعولتهن...) إلى آخر الآيات من سورة النور. أما قوله - تعالى-: (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) أي على نحورهن وصدورهن ليخالفن شعار نساء الجاهلية اللاتي كن مسفحات بصدورهن وأعناقهن وذوائب شعورهن.. فأمر الله المؤمنات أن يستترن في هيئاتهن. والخمر: جمع خمار وهو ما يغطى به الرأس..و روى البخاري عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: " رحم الله نساء المهاجرين الأول لما أنزل الله (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) شققن مروطهن فاختمرن بها ". وقوله - تعالى-: (ولا يبدين زينتهن) فيه بيان لمحارم المرأة الذين يجوز لها أن تظهر عليهم بزينتها لكن من غير تبرج. وتقول أم سلمة - رضي الله عنها- لما نزل قوله - تعالى-: (يدنين عليهن من جلابيبهن) خرجت نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من الأكسية.. أي لبسن الثوب الشامل المحيط بالجسم كله ويقول العلامة النيسابوري: يدنين من جلابيبهن أي يرخين عليهن طرفا من الجلباب فأمرن بستر الرأس والوجه وذلك في تفسير قوله - تعالى-: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما) روى الطبري عن ابن عباس - رضي الله عنه- ما أنه قال في هذه الآية: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة (قال الصابوني: هذا النص عن ابن عباس صريح في وجوب ستر الوجه وكذا رواية ابن كثير عن ابن سيرين وغيرهما من الروايات الصحيحة الصريحة بوجوب ستر المرأة وجهها). قوله - تعالى-: (ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) أي ذلك التستر أقرب بأن يعرفن بالعفة والستر والصيانة فلا يطمع فيهن أهل السوء والفساد. وأسوق لك فتوى فضيلة الشيخ محمد العثيمين ـ حفظه الله ـ عندما سئل عن حجاب المرأة وحكم تغطية الوجه؟ فقال: (..(3/42)
ولا ريب أن كشف وجه المرأة سبب للفتنة ويدعو للافتتان بها ولأنه محل الرغبة والطلب لأن الناس إنما ينفرون من المرأة لقبح وجهها إذا كانوا يقصدون الجمال الظاهر). ولما سئل ـ حفظه الله ـ عن النقاب وأن كثيرا من النساء يكتحلن عند لبسه خاصة أنه متسع تظهر منه العينان وجزء من الوجه أجاب بأنه: (لا يفتي بجواز النقاب ويرى منعه لأن ذلك ذريعة إلى التوسع فيما لا يجوز ويرى أن تتقي المرأة ربها ولا تنتقب لأن ذلك يفتح باب شر لا يمكن إغلاقه). وعندما سئل ـ رعاه الله ـ عن ستر الوجه وكم طبقة من غطاء الوجه ينبغي أن تضع المرأة على وجهها أجاب بأن: (المرأة يجب أن تستر وجهها عن الرجال غير المحارم لا أن تستره بما يصف لون البشرة سواء كان طبقة أو طبقتين أو أكثر.. والمهم أن تستر وجهها بما لا يصف وليس المقصود أن تضع (شيئا) على وجهها بل المقصود ستر الوجه فلا يبين لغير المحارم) من ـ فتاوى منار الإسلام ـ الجزء الثالث بتصرف يسير. وبعد أختاه: ألقي نظرة على هذا الذي تلبسينه مما يسمى تجاوزا أو كذبا وزورا.. عباءة وغطاء وجه ورأس.. هل ترين فيها ما يسمى حجابا؟! ولأذكرك ببعض شروط الحجاب الشرعي.. فانظري أيها ينطبق على ما تلبسين منها: ـ أن يكون ساترا لجميع البدن ـ غير محدد لمعالمه ـ فضفاضا سابغا ـ ولا يكون ثوب زينة أو شهرة ـ ولا يكون ضيّقا ولا يشف ولا يبين ما تحته ـ ولا يكون معطرا أما غطاء الوجه والرأس.. فلا أراه مما جاء به الشرع فهو مجرد (شيء) تضعينه على وجهك لا يستر ولكن يظهر مفاتنه ويزيده جمالا.. كيف والعيون كحيلة.. والوجه مليء بالأصباغ..فماذا بقي؟أختاه: أما وقد بلغت وبلغك البيان.. وحكم لباسك هذا.. فإني أحذرك غضب الله وعقابه.. فإنما الأعمال بخواتيمها وإن الله يغار أن تنتهك حرماته.. فبادري إلى نزع ما تلبسين والبسي لباس الحشمة والحياء واستتري عن أعين الرجال وغطي وجهك ورأسك وبدنك كله.. حتى لا تَضلي ولا تُضلي. وأذكرك بأن(3/43)
الله قد حذر من مخالفة أمره.. ذلك أنه إذا حكم الله ورسوله بشيء فليس لأحد مخالفته ولا اختيار لأحد ولا رأي ولا قول.. (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم). فانتبهي عما أنت فيه.. واستغفري ربك وأنيبي إليه يغفر لك ما قد سلف.. فقد جاءتك الموعظة واستبان لك الحق.. وقامت عليك الحجة.. فلا عذر لك.. يقول الله - تعالى-: (فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله). فاستجيبي لله واستقيمي على أمره.. قبل أن يفجأك الموت وأنت سادرة في غيك.. على حال لا ترضي الله - تعالى-.. واستمعي إلى الله - تعالى- وهو يدعو عباده: (استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله ما لكم من ملجأ يومئذ وما لكم من نكير). والله - تعالى- يخاطب عباده بأحب الألفاظ التي ينادون بها فيقول: (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون واتقوا فتنة لا تصيبنَّ الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب).(3/44)
وهمسة أخيرة.. أن استمعي إلى داعي الله في السورة التي سميت باسمنا تكريما و تشريفا لنا معشر النساء (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما). يقول ابن كثير - رحمه الله-: يقسم الله بنفسه المقدسة أنه لا يؤمن أحد حتى يحكم الرسول - صلى الله عليه وسلم- في جميع الأمور فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد إليه باطنا وظاهرا ولهذا قال: (ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) أي إذا حكموك يطيعونك في بواطنهم فلا يجدون في أنفسهم حرجا مما حكمت به وينقادون إليه في الظاهر والباطن فيسلمون لذلك تسليما كليا من غير ممانعة.. كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم-: (والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به) فاسمعي وأطيعي وانقادي لأمر الله.. واعلمي أن لا ملجأ من الله إلا إليه.. فإن كنت جاهلة فقد علمت.. وإن كنت تابعة لركب الموضة فقد استبانت لك أهدافهم الدنيئة.. ولم يبق لك عذر.. إلا أن تكوني مكابرة.. تستنكفين عن أمر الله فالحجاب من صلب الدين وعبادة نتقرب إلى الله بفعلها كما شرع وليس عادة كانت أمهاتنا يفعلنها فسرنا على نهجهن.. وإني أعيذك بالله أن تكوني مستكبرة فقد قال الله - تعالى-: (وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا). واعلمي أن الأمر ليس خاضعا للهوى والرأي فمن شاء أطاع ومن شاء أبى.. فإنها عبادة.. لا تخضع للأهواء والآراء و التخرصات قد قطع الله بالنص قول كل مجتهد ومتقول.. فإذا قضى الله ورسوله أمرا كان علينا الطاعة على كل حال... لأن الله لا يقضي إلا خيرا قال الله - تعالى-: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخِيَرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا) فهل أنت معنية بالخطاب.. أم خارجة عنه؟! ضعي نفسك حيث تعلمين مكانها !!!(3/45)
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على محمد وآله وسلم.
http://members.lycos.co.uk المصدر:
===========
رسالة من معلم غيور إلى تلميذة المهذب
أخي الطالب النجيب… وفقه الله للنجاح والفلاح في الدارين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:-
فإني ـ أخي الكريم ـ لما لمحت في عقلك من علامات الذكاء والنجابة، وما استشرفت بين جنبات نفسك من بوادر النبوغ والتألق، ورأيت في شخصيتك صورة المسلم المتميز في صفاته، المتفاني في طموحه، الساعي في حياته لرضا ربه وخدمة دينه وأمته؛ لذا كان لزاماً عليّ أن أقوم بأداء ما لك من حق عليّ من واجب النصح والتوجيه، وأمانة الإرشاد والتشجيع، وأن أخلص عنقي مما علق به من مسئولية تجاهك.
وما وجهت لك هذه الكلمات إلا حباً لأخلاقك السامية، وإعجاباً بما تحمله من همة عالية، فكتبت لك هذه الوصايا رجاء أن تجعلها مشعلاً ينير سبيلك، ومركباً يعينك على مشاق طريقك، فلتقرأها بإمعان، ليعيها قلبك، ويحفظها عقلك، عسى أن يكون لها صدى في واقع حياتك.
أولاً: لتصحبك في طوال مسيرتك التعليمية النية الصادقة والإخلاص لله في طلبك للعلم، ولا تسمح لنيتك أن يشوبها غبش أو يخالطها غشش؛ من حب لمال أو شهرة أو منصب وما سوى ذلك من الأمور الدنيوية التي تذهب بأجر تعلمك وثواب الصبر عليه، ولتستشعر دوماً أنما تريد من سعيك وراء العلم خدمة دين الإسلام ورفعة أمتك الإسلامية لا يثنيك عن هذا المقصد أي عقبة صغيرة كانت أم كبيرة، ولا يعوقك عن هذه الغاية المنشودة أدنى عائق من العوائق المادية الرخيصة أو الدنيوية السافلة.(3/46)
ثانياً: لتكن دائم النظر إلى الأمام فإنه دافع لك نحو الجد ومحفز للمثابرة، ولا تلتفت إلى الوراء فلربما ثبط عزيمتك، وقضى على همتك إلا إن كنت تريد منه استخلاص العبرة والعظة وتصحيح الخطأ.. فتدارك نفسك واغتنم ما بقي من عمرك بالاجتهاد في طاعة ربك والعمل بأوامره والحذر من زواجره، وبالجد فيما بقي لك من سنوات الدراسة لتحصل على مؤهلك العلمي متفوقاً متألقاً.
ثالثاً: لقد رأيت منك قدرة فائقة على قبول العلم واستيعابه وحفظه، وكم أرجو منك أن تنمي هذه القدرة ـ عزيزي الطالب ـ وتغذيها بالعلم الشرعي الذي يرفع الله به منزلتك في الدنيا والآخرة، فليكن اليوم هو نقطة البدء لتتجه بنفسك إلى القراءة، وطلب العلم في كتب العقيدة، والتفسير والحديث والفقه والسيرة النبوية وغيرها، وذلك عن طريق حضور المحاضرات والدروس في المساجد، وقراءة شروح أهل العلم أو الاستماع إليها من الأشرطة، وإني على أتم الاستعداد لمساعدتك في هذا الجانب.
رابعاً: أنت ـ أخي المبارك ـ قدوة.. فكن محلاً صالحاً لهذه القدوة، فإنك في هذه المرحلة الدراسية وما بعدها محل النظر من الكبار والصغار، والأنظار تتجه إليك.. فمن ناقد لفعلك مستبغض، ومن متشبه به معجب، فاستكمل ما في نفسك من نقص، واسع للكمال، وانته عن كل ما تراه معيباً في الدين والأخلاق والعادات، فمن اتقى الله في نفسه، وراقب ربه في خلواته نال ـ بلا ريب ـ حب الناس واحترام الكبير قبل الصغير، وقدروه أعظم تقدير.
وفي الختام أسأل الله - تعالى - لك الفوز الدائم العامر، والنجاح المستمر الباهر.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
http://www.dawah.ws المصدر :
=============
رسالة.....إلى ذات النقاب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله... و بعد:(3/47)
• فإنني أتألم كثيرا كلما شاهدت فتاة تحمل في قلبها الخير، وتسعى لما فيه عز أمتها وصلاح أخواتها. أتألم كلما رأيتها وقد انساقت وراء موضة النقاب، فأصبحت ترتديه كغيرها دون أدنى تفكير منها بعواقبه أو محاذيره المستقبلية.
• قد تقولين: إنني ما ارتديت النقاب إلا لغرض بريء، ويعلم الله أنني لم أسرف ولم أتجاوز. وقد ترتاحين أنت فعلا مع النقاب فترين الطريق وتبصرين البضاعة، لكن ماذا لو تحول لبس النقاب بصوره المختلفة إلى ظاهرة؟
أتستطيعين بعدها. إيقاف موج فتنته الهادر؟!
ألم تستمعي- وأنت الملتزمة- إلى القاعدة الفقهية التي تنص على أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح؟
• ربما ترددت زميلتك في لبس النقاب، وحينما رأتك تلبسينه هان عليها أمره، بل ربما قلدتك جارتك ولم تكن نيتها حسنة كنواياك... ألا تتحملين ذنبها؟! ألا تعلمين أن من سن سنة سيئة في الناس فعليه وزرها؟! أيرضيك أن تكوني ممن سن سنة لبس النقاب في مجتمعنا الذي التزمت نساؤه تغطية وجوههن كاملة؟!
• سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين: بعض!الفتيات تشجع وتحرض قريباتها وزميلاتها على لبس النقاب العصري الذي هو أقرب إلى النافذة الصغيرة منه إلى النقاب الذي كان معروفا؟ فهل تعتبر هذه ممن يسن سنة سيئة عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة؟
• فأجاب فضيلته: "نعم، إذا كانت تدعو إلى نقاب تكون به الفتنة فإنها تكون ممن سن سنة سيئة عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة".
• فأقول: يا معشر المنتقبات والمبرقعات، اتقين الله في الرجال، فكم من فتاة منتقبة أفسدت على بعض الأزواج زوجاتهم!! وكم من فتاة مبرقعة أفسدت على بعض الشباب حياتهم!! وكم من فتاة منتقبة أو مبرقعة أفسدت على بعض الرجال دينهم!!
فاحذري يا أختي المنتقبة أن يفسد الله عليك زوجك، أو يفسد عليك حياتك، أو يفسد عليك دينك.(3/48)
وفي هذه الرسالة المتواضعة أحببت إلقاء الضوء على النقاب الذي انتشر بكثرة، وإليك فتاوى علمائنا، وكذلك توجيهات لأولياء أمور المنتقبات والمبرقعات.
لم لا يغض الرجال أبصارهم؟
• من أعجب ما سمعت عن لابسات النقاب عندما نصحت إحداهن في السوق وقد أخرجت نصف وجهها من خلال فتحة تسميها نقابا، فنصحت بلبس الخمار الذي يغطي وجهها وترك ما تسميه نقابا؟ قالت:! لا يغض الرجال أبصارهم؟ وهذا من الحق الذي أريد به باطل، فالواجب على الرجال غض أبصارهم في كل حال، ويجب على المرأة أن تعينهم على ذلك بإخفاء محاسنها عنهم وعدم إبداء شيء من زينتها ومفاتنها، أما أن تتعمد إظهار ذلك بلبس النقاب أو البرقع فهذا مما لا يجوز، كما أن فيه تعاونا على الإثم والعدوان.
• وقد سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين: ما نصيحتك لمن إذا نصحت بترك لبس النقاب لأن عيني المرأة فتنة للرجال قالت: لم لا تغضون أبصاركم عنا؟
• فأجاب فضيلته: "الجواب أن يقال: إن الله – تعالى- قال في كتابه العزيز: ((وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهير)) الأحزاب: 33، ومن المعلوم أن المرأة محط أنظار الرجال، فإذا خرجت إلى الرجال في حال تؤدي إلى الفتنة فإن الناس سوف ينظرون إليها، وتكون قد عرضت هؤلاء الرجال للفتنة.
• لذا قال الله – تعالى-: ((وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن)) الأحزاب: 53، فاحتجاب المرأة عن الرجال طهارة لقلبها ولقلوبهم. وإظهارها لمفاتنها- لا سيما محاسن وجهها- سبب لمرض قلوب الرجال وافتتانهم بها.
حكم لبس النقاب وبيعه:
• لقد تفننت بعض النساء- هداهن الله- بلبس أشكال من النقاب والبرقع لا يشك مسلم فضلا عن عالم بأنها فتنة، وحيث إن هناك من اتخذ بيعها تجارة ومهنة له خاصة النساء؟(3/49)
فقد سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين:
• فأجاب فضيلته: "هذه لا تجوز، لأنه قد ظهر الحاجب من فوق العين وجزء من الجبهة أيضا، وهذا لا يجوز؟ لأن النقاب إنما هو بقدر ما ترى المرأة ما وراء الستار، ونصيحتنا لمن يتاجر بها ألا يتاجر بها لأنه حرام ".
النقاب العصري مبدأ فتنة:
• سئل فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: ما نصيحتكم للفتيات اللاتي تركن غطاء الوجه الكامل- الذي عرفت وتميزت به نساء هذه البلاد- ولبسن النقاب العصري؟
• فأجاب فضيلته: "نصيحتي لنساء المسلمين عموما ونساء هذا البلد خصوصا: أن يتقين الله، ويحافظن على الحجاب الساتر للوجه وسائر الجسم؟ عملا بقوله – تعالى-: ((ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى)) [الأحزاب: 33] وألا يتحولن من الحجاب الكامل إلى الحجاب الناقص أو ما يسمى بالحجاب الخادع، ولا يكن من الكاسيات العاريات المائلات المميلات، اللاتي أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم- أنهن من أهل النار، وأنهن لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها. وما يسمى بالنقاب العصري لا شك أنه مبدأ فتنة وشر وتحول مخيف".
نقاب اليوم نوع من السفور:
• سئل فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: كثر الحديث حول النقاب ومدى حله أو حرمته، بماذا تنصحني فضيلة الشيخ حول هذا الموضوع؟
• فأجاب فضيلته: "الواجب على المرأة المسلمة التزام الحجاب الساتر لوجهها وسائر بدنها، درءا للفتنة عنها وعن غيرها.(3/50)
والنقاب الذي تعمله كثير من النساء اليوم نوع من السفور، بل هو تدرج إلى ترك الحجاب. فالواجب على المرأة المسلمة أن تبقي على حجابها الشرعي الساتر، وتترك هذا العبث الذي تفعله بعض السفيهات من النساء اللاتي تضايقن من الحجاب الشرعي، فأخذن يتحايلن على التخلص منه".• أما فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - فبعد أن بين الأصل في النقاب قال: "في وقتنا هذا لا نفتي بجوازه، بل نرى منعه، وذلك لأنه ذريعة إلى التوسع فيما لا يجوز... " إلى أن قال: "ولهذا لم نفت امرأة من النساء لا قريبة ولا بعيدة بجواز النقاب أو البرقع في أوقاتنا هذه، بل نرى أنه يمنع منعا باتا، وأن على المرأة أن تتقي ربها في هذا الأمر، وألا تنتقب؟ لأن ذلك يفتح باب شر لا يمكن إغلاقه فيما بعد".
لماذا يمنع النقاب ويفتى بعدم جوازه؟
• سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين: ما دام الأصل في النقاب الإباحة؟ فلماذا يمنع ويفتى بعدم جوازه؟
• فقال فضيلته في إجابة مفصلة نقتطف منها قوله: "... الشيء إذا كان مباحا ويوصل إلى محذور شرعي فإن الحكمة تقتضي منعه، وهذه قاعدة معروفة عند أهل العلم؟ فالشيء المباح: إذا كان وسيلة أو ذريعة إلى شيء محرم صار ممنوعا".
أيتها المبرقعة! ضعي فوق البرقع غطاء:
• سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين: ما حكم البرقع إذا لم يتخذ للزينة وإنما للستر، ومع ذلك يوضع غطاء عليه؟
• فأجاب فضيلته: "البرقع الذي للزينة ولكن تغطي المرأة وجهها لا بأس به؟ لأنه لا يشاهد، فستغطيه غطوة فوقه، لكن البرقع الذي يظهر ولا يغطى لا نفتي بجوازه؟ لأنه فتنة، ولأن النساء لا يقتصرن على هذا... ".(3/51)
• وعلى هذا فيجب منع تلك البراقع التي تتخذ للفتنة باتساعها وأشكالها، ويجب على من اعتدن لبس البرقع من نساء البادية أن يضعن فوقه خمارا يستر أعينهن، كما لا يجوز لهن لبس البراقع الواسعة ولو غطي بخمار شفاف؟ فهو أقرب للحجاب الكاذب منه للخمار الساتر، ويجب على أولياء أمور المبرقعات منعهن منه؟ غيرة عليهن، ومنعا لفتنتهن للرجال.
قصص في الغيرة لأولياء المبرقعات والمنتقبات:
• قال سعد بن عبادة - رضي الله عنه -: لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أتعجبون من غيرة سعد؟ والذي نفسي بيده، لأنا أغير منه، والله أغير مني ".
• فما الذي دهى بعض المسلمين؟! يسمحون لنسائهم بكشف وجوههن أو ترقيق الخمار لأسباب تافهة وبحجج واهية؟! وماذا دهى بعض شبابنا؟ حيث يرضون لنسائهم بلبس البرقع الذي يجمل المرأة ويظهر زينتها، أو النقاب الذي يظهر جمال عينيها، وقد لا يرضى ولكنه لا يمنعها من ذلك؟ فهل زالت الغيرة من قلوبهم على أعراضهم؟!
• سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين: بعض الرجال يسمح لزوجته أو أخته بلبس النقاب، وينكر على من ينصحها بتغطية وجهها كاملا؟ فهل يأثم بذلك؟ وبماذا تنصحونه؟
• فأجاب فضيلته: "نظرا لما اعتاد النساء عندنا من تغطية الوجه كاملا وترك النقاب، ونظرا لما حدث من السماح لهن بالنقاب من التوسع فيه حتى صرن يخرجن الحاجب والوجنة، ويحصل بذلك شر وبلاء، فإننا نرى أن ينظر الإنسان إلى المصالح والمفاسد، ويتجنب ما فيه المفسدة".
• الغيرة الغيرة يا معشر الأزواج:
• فأرونا معاشر الأزواج الغيرة على نسائكم، وامنعوهن من لبس ما فيه فتنة؟ فأنتم مسئولون عنهن أمام ربكم يوم القيامة، يوم تسألون عن الأمانات هل حفظتموها؟ وعن الرعية هل رعيتموها؟ فماذا أعددتم للسؤال؟
هل يجب على ولي المرأة منعها من لبس النقاب؟(3/52)
• سئل فضيلة الشيخ عبد الله الجبرين: ما نصيحتكم للرجال الذين يسمحون أو يأمرون نساءهم بلبس النقاب الذي أصبح موضة تتجمل به بعض النساء، وترك غطاء الوجه الكامل؟
• فأجاب فضيلته: "نصيحتنا للذين سمحوا لنسائهم بلبس هذا النقاب أو أمروهن بلبسه أن يتفكروا في أثره عليهن، فإنه مجلبة للشر، وجاذب لهن إلى المعاكسة، وسبب في ميل الرجال إليهن،فعاقبته سيئة، والرجل الغيور لا يرضى لنسائه بكونهن محل ميل الرجال الأجانب (غير المحارم). ومتى رأى أو علم من امرأته المعاكسة أو مخاطبة الرجال اشمأز ونفر من ذلك؟ فكيف يقر أسبابه مثل هذا اللباس الذي هو أقوى سبب لهذه الفتنة؟! ".
• وسئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين: هل يجب على ولي أمر المرأة أن يمنعها من لبس النقاب، لا سيما وهو يراها مجملة لعينيها وما حولهما، لافتة للأنظار في السيارة وعند الإشارات وفي الأسواق؟
• فأجاب فضيلته: "نعم، يجب على ولي أمر المرأة إذا اتخذت نقابا يلفت النظر أن يمنعها من ذلك؟ لأن الله – تعالى- يقول: ((يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون)) التحريم: 6 ".
عليكم بالنصيحة!
• إن المسلم! ليعجب من بعض الرجال الذين تلبس نساؤهم نقابا يظهر نصف وجهها أو ربعه، فإذا نصحه ناصح بأن يأمر زوجته بلبس الخمار الذي يغطي وجهها كاملا أحمر وجهه، وانتفخت أوداجه، وقال: ما دمت معها فلن يضرها ذلك، ولا علاقة لأحد بزوجتي!!
• وقد سئل فضيلة الشيخ! صالح بن فوزان الفوزان: بم توجهون الدعاة والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر الذين يواجهون:أعددا كبيرة من المنتقبات في الأسواق والشوارع والحدائق ونحوها؟(3/53)
• فأجاب فضيلته: "ننصح للمسلمين عموما وللقائمين على أمور الحسبة خصوصا، أن يحذروا النساء من التساهل بالحجاب وما يجر إلى السفور، لما في ذلك من الفتنة والشرور العظيمة على المجتمع، وألا يتبعوا خطوات الشيطان الذي يتدرج بهم إلى الباطل؟ فأولا يأمر بلبس النقاب، ثم يأمر بكشف الوجه كله، ثم لسفور والعري كما فعل بالمجتمعات الأخرى، والله أعلم ".
دمعة غدير:
• كم بكيت لأن فستاني لا يعجب الحاضرات! كم بكيت لأن فريقي المفضل خسر المباراة! كم بكيت لضياع النسخ الأصلية لأشرطة غناء فناني المفضل! كم بكيت لأن تجعيد شعري لم يعجب الحاضرات، كم بكيت وبكيت.. كدت أنتهي وبكائي لا ينتهي، كنت أبكي بحثا عن السعادة، وبينما أنا في دياجير الظلام وصحاري التيه هداني ربي إلى بصيص من النور ساقه إلي عبر شريط إسلامي كان بالنسبة لي نقطة تحول وعلامة بارزة، أسأل الله أن يحرم اليد التي قدمته لي على النار.
• بفضل الله عدت وما أجملها من عودة! وبفضله حييت وما أجملها من حياة! وبفضله بكيت وما أجمله من بكاء! بكيت حسرة وندما على الماضي أيام الغفلة والضياع.
• دمعه الماضي دمعة، ودمعة الحاضر دمعة، لكن شتان بينهما، دمعة الماضي عذاب وإحباط وحسرة أخشى أن تكون حجة علي في الآخرة، ودمعة الحاضر خشية وسعادة وسمو وأنس أرجو أن تكون سببا في أن يظلني الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
ويا أسفاه!!!
• ويا أسفاه على من عرضن مفاتنهن للرجال في الأسواق وغيرها بحجة الحرية! ووضعن العباءة على الكتف بحجة الأناقة! ولبسن البنطال والثياب المفضحة مسايرة للموضة! ولبسن النقاب الفاتن بحجة ضعف النظر! ولبسن المطرز والمزركش من العباءات والخمر الشفافة بحجة وجودها في الأسواق! واستحسن القيطان في أكمام العباءة بحجة أنه أسود... فإلى الله المشتكى.(3/54)
• حفظ الله نساءنا بحفظه،وأحاطهن برعايته، وسترهن في الدنيا والآخرة، وهداهن للتمسك بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ففيهما الحفظ والعفاف في الدنيا، والسعادة والفوز في الآخرة.
وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
إعداد القسم العلمي بدار الوطن
http://www.islamic-oyster.com المصدر:
===============
رسالة إلى قلبك
عبدا لوهاب الناصر الطريري
الحمد لله والصلاة والسلام على النبي وآله وبعد:
فهذا حديث إلى أخ لي حبيب …
قد أراه في كل صف من الصفوف…
قد أراه بين كل اثنين…
أراه في كل مسلم رضي بالله ربا، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيا، وبالإسلام دينا…
لم يسلم من أخطاء سلوكية، وكلنا خطاء !!؟
لم ينج من تقصير في العبادة وكلنا مقصر !!؟
ربما رأيته حليق اللحية، طويل الثوب، مدمنا للتدخين !!؟
بل ربما أسر ذنوبا أخرى ونحن المذنبون أبناء المذنبين !!؟
نعم! أريد أن أتحدث إليك أنت أخي حديثا أخصك به، فهل تفتح لي أبواب قلبك الطيب ونوافذ ذهنك النير؟!
فو الله الذي لا إله إلا هو أني لأحبك… أحبك حبا يجعلني…
أشعر بالزهو كلما رأيتك تمشي خطوة إلى الأمام !!..
واشعر و الله بالحسرة إذا رأيتك تراوح مكانك أو تتقهقر ورائك !!..
أحدثك حديثا اسكب روحي في كلماته… أمزق قلبي في عباراته…
انه أخي حديث القلب إلى لقلب.
حديث الروح للأرواح يسري *** وتدركه القلوب بلا عناء
أخي وحبيبي..
هل تظن أن أخطاءنا أمر تفردنا به لم نسبق إليه؟!
كلا..
فما كنا في يوم ملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، ولكن نحن بشر معرضون للخطيئة، يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم.(3/55)
وكل من ترى من عباد الله الصالحين لهم ذنوب وخطايا، قال ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ لأصحابه وقد تبعوه: " لو علمتم بذنوبي لرجمتموني بالحجارة "، وقال حبيبك محمد، - صلى الله عليه وسلم -: " لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم ".إي و الله أخي لقد أحرقتنا الذنوب، وآلمتنا المعاصي ولكن أيها الحبيب المحب ارعني سمعك يا رعاك الله!!.
إن هذه الخطايا ما سلمنا منها ولن نسلم، ولكن الخطر أن تسمح للشيطان أن يستثمر ذنبك ويرابي في خطيئتك.
أتدري كيف ذلك؟؟!
يلقي في روعك أن هذه الذنوب خندق يحاصرك فيه لا تستطيع الخروج منه.
يلقي في روعك أن هذه الذنوب تسلبك أهلية العمل للدين أو الاهتمام به.
ولا يزال يوحي إليك: دع أمر الدين والدعوة لأصحاب اللحى الطويلة! والثياب القصيرة! دع أمر الدين لهم فما أنت منهم!!
وهكذا يضخم هذا الوهم في نفسك حتى يشعرك انك فئة، والمتدينون فئة أخرى، وهذه يا أخي حيلة إبليسية ينبغي أن يكون عقلك اكبر وأوعى من أن تمرر عليه، فأنت يا أخي متدين من المتدينين 00 أنت تتعبد لله بأعظم عبادة تعبد بها بشر لله.
أن تتعبد لله بالتوحيد.
أنت الذي حملك إيمانك فطهرت أطرافك بالوضوء، وعظمت إلهك بالركوع، وخضعت له بالسجود.
أنت صاحب الفم المعطر بذكر الله ودعائه، والقلب المنور بتعظيم الله وإجلاله.
فهنيئا لك توحيدك وهنيئا لك إيمانك.
إنك يا أخي صاحب قضية
أنت اكبر من أن تكون قضيتك فريق كروي يكسب أو يخسر
أنت اكبر من أن تدور همومك حول شريط غنائي أو سفرة للخارج.
أنت اكبر من أن تدور همومك حول المتعة والأكل.
فذلك كله ليس شأنك، إن ذلك شأن غيرك ممن قال الله فيهم: (والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم) "محمد:12 ".(3/56)
أي أخي أنت من يعيش لقضية اخطر واكبر هي: هذا الدين الذي تتعبد الله به… هذا الدين الذي هو سبب وجودك في هذه الدنيا وقدومك إلى هذا الكون ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) "الذاريات: 56 ".
وأذن لي أن أذكرك مرة أخرى أن تقصيري وإياك في طاعة ربنا أو خطئي وإياك في سلوكنا لا يحللنا أبدا من هذه المسئولية الكبرى ولا يعفينا من هذه القضية الخطيرة انظر يا رعاك الله إلى هذين الموقفين:
وأرجو أن تنظر إليهما نظرة فاحصة.
وأن تجعلهما تحت مجهر بصيرتك.
الموقف الأول:
خبر كعب بن مالك ـ رضي الله عنه ـ حيث وقع هذا الصحابي في خطأ كبير، وهو التخلف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حين نفر إلى الجهاد في غزوة تبوك ولمعرفة خطر هذا الذنب تأمل قول الله ـ عز وجل ـ ( إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما، ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا) " التوبة: 39 ".
ويعود النبي - صلى الله عليه وسلم -، من غزوته تلك، ويسائل كعبا " ما خلفك يا كعب؟ " فيجيب بالصدق: " و الله ما كان لي من عذر ".
ويأتي حكم الله في كعب أن يجتنبه الناس فلا يكلموه، فإذا به يطوف في الأسواق لا يشرق له وجه ببسمة، ولا تنبس له شفة بكلمة، وطالت عليه جفوة الناس حتى صار حاله كما وصف الله: ( حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وضاقت عليهم أنفسهم ) " التوبة: 118 "، وكما وصف كعب نفسه: " تنكرت لي في نفسي الأرض فما هي بالأرض التي كنت اعرف ".
هنا بالذات في وسط هذه المعاناة النفسية الشديدة بين ألم القطيعة، وجفوة الناس إذا به يتلقى رسالة ملكية من ملك غسان يقول فيها: " انه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك ولم يجعلك الله بدار مهانة، فالحق بنا نواسك "، إنها رسالة من ملك ! يعرض عليه أن يلحق به ليكون من رجال البلاط، وحاشية الملك وليتمتع بعد ذلك بكل ما في القصور من ترف، وكل ما يعمرها من لذة.(3/57)
انه عرض يسيل لعاب أفواه كثيرة بعيدا عن هذه الضغوط والمعاناة، فكيف بمن يتلقى هذه العرض وهو يعاني ألم القطيعة ومرارة الهجران؟ !.
فكيف تلقى كعب هذا العرض؟!!
انه لم يفكر في الأمر كثيرا أو قليلا، لم يقل لحامل الرسالة دعني أتدبر أمري وارجع إليك الجواب غدا، كلا إن قضية الولاء للإسلام كانت محسومة عنده ليست محل بحث أو مراجعة، ولذا فما إن قرأ هذه الرسالة حتى قال: ( وهذه أيضا من البلاء، ثم تيمم بالرسالة الملكية التنور فسجرها فيه ).
انه الولاء للإسلام ـ أيها الأخ المبارك ـ لم يضعفه وقوع في خطأ ! ولا قسوة عقوبة ! فهل نتعلم من كعب ـ رضي الله عنه ـ إن أخطاءنا لن تكون في يوم سببا يوهن ولاءنا للدين وحميتنا له وغيرتنا عليه 0
الموقف الثاني:
ثم إلى موقف صحابي آخر هو أبو محجن الثقفي ـ رضي الله عنه ـ لقد كان هذا الصحابي مبتلى بشرب الخمر، فكان يجاء به فيجلد، ثم يجاء به فيجلد، ولكنه لم يفهم أن هذا يعفيه من العمل لدينه أو القعود عن نصرته، فإذا به يخرج مع المسلمين إلى القادسية جنديا يبحث عن الموت مظانه، وفي القادسية يجاء به إلى سعد بن أبي وقاص وقد شرب الخمر، فيعاقبه سعد وتكون العقوبة حبسه فلا يدخل المعركة، ولا يشارك في القتل.
وكانت عقوبة قاسية آلمت أبا محجن أشد الألم حتى إذا يسمع ضرب السيوف ووقع الرماح وصهيل الخيل وعلم أن سوق الجهاد قد قامت، وأبواب الجنة قد فتحت جاشت نفسه وهاجت أشواقه إلى الجهاد فعبر عن حسرته بقيام سوق الجهاد وهو حبيس القيد والسجن بقوله:
كفى حزنا أن ترتدي الخيل بالقنا *** واترك مشدودا إلى وثاقيا
إذا قمت عنا في الحديد وغلقت *** مصارع دوني قد تصم المناديا
فلله عهد لا أخيس بعهده *** لئن فرجت إلا أزور الخواليا(3/58)
ثم نادى امرأة سعد ابن وقاص وقائلا: خليني فلله على إن سلمت أن أجيء حتى أضع رجلي في القيد، وان قتلت استرحتم مني، فرحمت أشواقه، واحترمت عاطفته وخلت سبيله، فوثب على فرس لسعد يقال له البلقاء ثم اخذ الرمح وانطلق لا يحمل على كتيبة إلا كسرها، ولا على جمع إلا فرقه، وسعد يشرف على المعركة ويعجب ويقول: الكر كر البلقاء، والضرب ضرب أبي محجن!!
حتى إذا انهزم العدو عاد أبو محجن فجعل رجله في القيد فما كان من امرأة سعد إلا أن أخبرته بهذا النبأ العجاب وما كان من أمر أبي محجن، فأكبر سعد ـ رضي الله عنه ـ هذه النفس، وهذه الغيرة على الدين، وهذه الأشواق للجهاد وقام بنفسه إلى هذا الشارب الخمر يحل قيوده بيديه الطيبتين ويقول: " قم فو الله لا أجلدك في الخمر أبدا، وأبو محجن يقول: وأنا و الله لا اشربها أبدا "
فانظر أيها الأخ المبارك إلى هذين الرجلين كيف لم تعفهما الخطيئة، ولم تقعدهما المعصية عن الولاء للدين والعمل به !!.
أخي الحبيب:
إن الخطايا ليست عذرا للتحلل من الولاء للدين، ولا من العمل له، ولا من نصرته، ولا من الغيرة عليه، ولولا ذلك لما انتصر للدين منتصر، ولا قام به قائم.
نعم أيها الحبيب المحب إن الولاء للدين والغيرة عليه مسئولية المسلم من حيث هو مسلم مهما كان فيه من تقصير ومهما قارف من إثم، مادام له بهذه الدين سبب واصل، فما من مسلم يقف في صف المسلمين إلا ويتحمل مسئولية في تأييد الدين ونصره: (فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معهن أولئك هم المفلحون) "الأعراف:157".
ـ هل تذكرت أخي انك جزء من هذه الأمة التي يجب أن تكون في المقدمة في وقت تتسابق فيه الأمم في صنع المستقبل؟!!
إننا في عصر ينبغي أن نقتحمه متحدين، فهل فكرت في إسهام حقيقي منك في ذلك؟!!
ـ واقرأ إن شئت " قادة الغرب يقولون دمروا الإسلام أبيدوا أهله " لتقف على طرف من هذه العداء فهل فكرت وإياك في المواجهة؟!!(3/59)
ـ هل آلمتك مجازر المسلمين ورخص دمائهم فإذا هي ارخص من ماء البحر واستهانة العالم بمدن المسلمين تباد ودولهم تبتلع؟!! في الوقت الذي تصاب فيه الدنيا بالأرق لرهينتين غربيتين !!.
فهل تحركت فينا أخي روح الجسد الواحد؟!!
أيها الحبيب المحب…
هل فتشت في نفسي وفتشت في نفسك وتساءلنا كما تبلغ مساحة الإسلام من خارطة اهتمامنا؟!!
كم نبذل للدين؟!!
كم نجهد للدين؟!!
كم نهتم للدين؟!!
هل هو قضية في حياتنا تتراءى لنا وتؤرقنا؟!!
أم قد رضينا بعبادات تحولت إلى عادات؟!!
إننا يا أخي إذا لم ننفر لهذا الدين بكليتنا فإنا ـ ورب البيت ـ نخشى أن ينالنا ذلك الوعيد الشديد الذي تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا، اسمعه في قول ربك ـجل جلالهـ (إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا و الله على كل شيء قدير) "التوبة: 39 ".
لنعد السؤال على أنفسنا مرة أخرى:
كم يعيش الدين في حياتنا؟!!
كم يشغل من مساحة اهتمامنا؟!!
ثم إذن لي يا حبيبي بكلام أكثر تفصيلا:
ـــ أخي… هل أخذت يوما كتاب الله فقرأته مستشعرا أن الله ـ جل جلاله، بكبريائه وعظمته يخاطبك ويكلمك أنت العبد الصغير الذليل؟!!
أي تكريم لك ذلك التكريم العلوي !!
أي رفعة لك يرفعها هذا التنزيل !!.
أي مقام يتفضل به عليك الرب الكريم !!.. يوم جعلك أهلا لتلقي خطابه..
ـــ أخي… هل جلست يوما تربي نفسك بقراءة سيرة نبيك وحبيبك محمد، - صلى الله عليه وسلم -، الذي تؤمن به وتعبد الله بشرعه، الذي تحبه والذي أحبك، واشتاق إلى لقائك. عم! نبيك اشتاق إلى لقائك فقال: "وددت أنا قد رأينا إخواننا قالوا: أو لسنا إخوانك يا رسول الله؟! قال: انتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد " (أخرجه مسلم)
فهل اشتقت إليه كما اشتاق إليك؟!!.
ـ أخي.. هل نظرت وإياك إلى إخواننا الصالحين السابقين في الخيرات، الذين هم أكثر منا جدا في الطاعة، ونشاطا في الدعوة، وتوقير للسنة؟!.(3/60)
هل نظرت إليهم؟!!
فكيف كانت نظرتك؟!.
أما أني لا أتوقع منك أن تزدريهم ولا أن خذلهم ولكن أحبهم تكن منهم " فالمرء مع من أحب"، ومحبتهم تستلزم نصرتهم والذب عن أعراضهم والتعاون معهم.
ـ أخي… هل بذلت جهدا في الدعوة ولو كان قليلا؟؟.
هل أهديت لقريب أو زميل شريطا بعد أن سمعته أو كتيبا بعد أن قرأته؟؟.
ـ أخي… هذه المنكرات التي في مجتمعنا وقد غص بها لم تنتشر في يوم وليلة، ولكن انتشرت لان واحدا فعل وواحدا سكت وهما شريكان في انتشار ذلك المنكر.
فهل استشعرت وجوب مشاركتك في إزالة المنكر؟!! وعلمت انه لابد أن تكون مساهما في الإنكار !!
ـ أخي… أن في مجالسنا ومجتمعنا من يشوش على الناس مفاهيمهم ويلبس عليهم دينهم وينتقص أهل الصلاح منهم!!.
فهل وقفت منافحا ومدافعا بالتي هي أحسن؟!
لأنك تعلم أن السكوت حينئذ خيانة للمبدأ، وجبن في الدفاع عن الحق الذي تعتقده.
ـ أخي… لا تكتف بالتعطف مع الأخيار الأبرار وترى ذلك فضلا منك ولكنك تعلم انه يجب عليك أن تكون متعاطفا ومتعاونا لأنك تعلم أن ذلك من مسئوليتك.
أخي وحبيبي…
تذكر رعاك الله انك بإيمانك ذو نسب عريق ضارب في عمق الزمن، وانك واحد منن ذلك الموكب المبارك الذي يقوده ذلك الركب الطيب من أنبياء الله ورسله نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد، - صلى الله عليهم وسلم -: ( إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ) " الأنبياء: 92 "، إنا نظن بك أخي أن تكون معتزا بإيمانك، واثقا من نفسك، باذلا لدينك ما يمكنك بذله، داعيا لمبدئك وقضيتك، متميزا عن غيرك ممن لا يهتم بهذا كله، متميزا عن السلبيين الذين نقول لهم كفوا أذاكم عن الناس فهو صدقة منكم على أنفسكم.
قد اختارنا الله في دعوته *** وإنا سنمضي على سنته
فمنا الذين قضوا نحبهم *** ومنا الحفيظ على ذمته
أخي ستبيد جيوش الظلام *** ويشرق في الكون فجر جديد
فأطلق لروحك إشراقها *** تر الفجر يرمقنا من بعيد(3/61)
ـ أخي … لا أريد أن أهون الذنوب فانه إذا اجتمعت أهلكت.
لا أريد أن أهون الخطايا فرب خطيئة كان عقابها طمس البصيرة.
ولكن أقول ينبغي أن لا تكون الذنوب خندقا يحاصرنا عن العمل لهذا الدين وأنت من هذا على ذكر.
أخي الحبيب..
هذا شجن من شجون، أهاتف به قلبك الطيب بنصح المحب ومحبة الناصح وان في إيمانك ونقاء أعماقك ما يطمع فيك كل من يريد الخير لك.
و الله أسال أن يكلأك برعايته ويحوطك بعنايته ويهديك ويسددك واستغفر الله لي ولك.
http://www.dawah.ws المصدر :
=============
رسالة إلى أصحاب الفيديو
عبد الوهاب الناصر الطريري
أيها الأخ الحبيب …
هذه رسالتي إليك
ـ فان كنت ممن تخاطبه هذه الرسالة فهو حديث الحب والنصح إليك.
ـ وإلا تكن أنت ذاك فأنت تعرف من تخاطبه هذه الرساله، فإذا بك تتحمل مسئولية إبلاغها إليه.
هذه الرسالة:
أخاطب بها الأخ الذي ضاقت في عينه سبل الرزق فلم يرها إلا من خلال ثغرة مظلمة وهي:
المتاجرة بأفلام الفيديو
فآثر أن يسترزق من هذه الثغرة وان يلج إليه رزقه من خلال هذه النفق المظلم.
ـ أخاطبك أيها الأخ وأملي كبير أن تقرأ هذه الكلمات لا على انك في قفص الاتهام، ولكن على إن قلبي يهاتفك قلبك بكل الحب لك، والنصح لك، والغيرة عليك.
ـ أملي أن تقرأ هذه الكلمات بنفس الهدوء الذي كتبت به بعيدا عن الانفعال أو اتخاذ موقف متوتر قبل الانتهاء من قراءتها .
وهي كلمات ـ أيها الأخ المسلم ـ أخاطب بها إيمانك بالله ورسوله، صلى الله عليه وسلم.
أخاطب فيها يقينك باليوم الآخر حيث تجزي كل نفس بما كسبت، يفرح فيه المرء بكل خير قدمه، ويندم ندما عظيما على كل ذنب اكتسبه، فما أحوجنا يا أخي الكريم للاستعداد للقاء الله بالتوية من كل ما يكرهه سبحانه، وبالتعاون جميعا على فعل الخيرات حتى نكون مجتمعا يحبه الله ورسوله ويرضى عنه الله، ويسعد إفراده بالأمن والإيمان والفضيلة والمحبة.
أخي الكريم…(3/62)
ـ كان عليك واجب تجاه نفسك بإنقاذها من النار، التي أخبرك نبيك وحبيبك محمد صلى الله عليه وسلم، إن أهون أهلها عذابا رجل توضع تحت أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه.
ـ فان عليك واجب أيضاً تجاه أمة الإسلام العظيمة بالمشاركة في حمايتها من أعدائها الذين يريدون لها الهوان والمذلة فيكيدون لزعزعة عقيدتها، وتدمير أخلاقياتها، أشغالها عن رسالتها السامية التي كانت بها خير امة أخرجت للناس.
أخي الكريم …
ـ إنني افهم جيدا سبب الانحطاط الأخلاقي لدى الغرب لأنه يعيش لدنياه فر فراغ روحي قاتل، يلهث وراء شهوته، يستميت في سبيل متعته، يبحث عن الجنس فينشئ من اجل ذلك المدن السينمائية.
ـ وافهم ـ وتفهم أنت أيضا ـ كيف يغري أولئك المرأة لتتخلى عن حيائها بالكامل ثمنا للشهوة، لا سيما واليهود وراء ذلك حقدا على العالم كله.
ـ وافهم ـ وتفهم أنت أيضاً ـ كيف يقلدهم في ذلكم من هان عليه دينهم من المنتسبين إلى الإسلام، فينتجون للأمة الأفلام الرخيصة السمجة، ويروجونها بمشاهد الإغراء وإثارة الغرائز، طلبا للمادة ولو كان ثمن هذه المادة وربحها فساد آخرتهم، وإغراق الأمة في مستنقع الرذيلة. ( إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا ) " الإنسان: 27 ".
لكنك أيها الأخ الكريم ابن هذه البلد الطيب شيء آخر، آنت بإيمانك شيء آخر، دينك لا تبيعه بالمال، وغضب الله ـ جل جلاله ـ ليس بالأمر الهين على قلبك، وإغواء إخوانك من شباب الإسلام لا ترضى أن يفعله احد غيرك فكيف ترضى ـ أخي ـ أن تكون أنت الفاعل لذلك؟!!.
أيها الأخ الكريم…
إن طرق الكسب الحلال كثيرة ومتيسرة في هذه الأرض المباركة.
ـ وإني أتساءل وينبغي أن تتساءل كيف يأكل الوافدون إليها المال الحلال، وأنت ابن الأرض صاحب هذه البلد تطعم زوجتك وأولادك لقمة حراما؟!! (قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث). " المائدة: 100".(3/63)
ـ وإني أتساءل وينبغي أن تتساءل أيضا كيف انتقاك الشيطان من بين كل الناس لتروج له بضاعته من الأفلام التي أنت أعلم منا بسمومها ومحتواها ليصد بها المسلمين عن ذكر الله، ويسيئهم ما خلقوا من أجله؟!!
(إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير) " فاطر: 6 ".
أيها الأخ الكريم …
إن هذه الأفلام أفلام قد عاينتها، وقد تعاملت معها فلن أضيع وقتي ووقتك في الحديث عما فيها، فأنت أعلم بالرذيلة التي شحنت بها هذه الأفلام شحنا، وبالجراثيم التي تبثها هذه الأفلام، فتنتج أوبئة تفتك بالمجتمع فتكا.
أخي …
ـ هل طرأ على ذهنك يوما انك قد تكون شريكا في جريمة قتل كان القاتل قد تعلمها من شريط هو بضاعتك؟!
ـ وهل فكرت أنك يمكن أن تكون شريكا في فاحشة هيأت وسائلها أشرطتك وأعطت فيها دروسا خصوصية؟!
بل لماذا لا يكون قلبك الحي خائفا من كل انحراف يجده في المجتمع عملا حيا وهو في ارفف المحل مادة خام؟!! ثم لا يقف قلبك عند هذا الخوف بل عليه أن يضع جزءاً غير يسير من المسئولية على مروج المادة الخام لكل تلك الانحرافات!!.
إذن فلماذا التهور في هذه العمل؟!.
أخي…
لماذا تغلق أمامك سبل الرزق كلها فلا تجد رزقا إلا في هذا المستنقع الأثيم والمكسب الحرام؟!
إنها الغفلة... نعم الغفلة التي أحببت أن أنقذك منها قبل أن تفجعنا المنية فتندم أنت على فعلتك، ونندم نحن على تقصيرنا في واجب نصحك: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) " التوبة: 71 ".
أخي الكريم…
أنت منا ونحن منك، أنت بيننا ونحن حولك، أيدينا في يدك، وقلوبنا معك، لو فتحتها ما وجدت فيها إلا الحب لك والنصح والغيرة عليك.
فاستيقظ يا أخي وانتهز فرصة حلم الله عنك؛ لتبادر بالتوبة فان الله يفرح بتوبة عبده، حتى لا تفارق أهلك إلا وأنت قرير العين، وحتى تحشر إلى ربك وهو ـ جل جلاله ـ راض عنك.
واحذر التسويف أو التعلق بحجج لا تنفعك في قبرك،
احذر أن تقول:(3/64)
انتظر حتى اصفي بضاعتي… وانهي التزاماتي…. وأؤمن مستقبلي… فأنت لست على أمان من يومك فضلا عن أن تكون على ثقة من غدك.
احذر أن تصغي إلى قوم فيثبطون من عزيمتك ويثنون عزمتك إن صدقت (ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون، إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا) " الجاثية: 18، 19 ".
وفي الختام:
أودعك وأنا أدعو الله أن يهدي قلبك ويوسع رزقك، ويغنيك بحلاله عن حرامه، ويمتعك بكامل الصحة، وموفور السعادة، وربي يتولاني وإياك بتوفيقه وإحسانه.
http://www.dawah.ws بتصرف من
============
رسالة محب
أخي العزيز ............ حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
أتمنى أن تقرأ هذه الرسالة وأنت تتمتع بوافر الصحة وجميل العافية .
أخي الكريم :- هذه رسالة ود ، وتجديد محبة صادقة ، من أخيك وزميلك الذي عرفته والتقيت به مراراً ، وأرجو أن تكون عرفته محباً ، وناصحاً ، ومشفقاً لا يألو الخير ما أصابه . لقد عرفتك جيداً ، والتقيت بك مراراً ، وما كان لهذه السنون التي مضت أن تمحو من مخيلتي تلك الشخصية ، أتذكرك فأذكر ذاك الشاب حسن الخلق طيب المعشر كريم الود . أتذكرك فأتذكر ذاك الشاب الحريص على طاعة الله سبحانه وتعالى ، فتارة أراه يصلي، وأخرى أراه تاليا للقرآن، أتذكرك فأتذكرك ذاك الشاب الذي كان يحدثني كثيراً عن الثبات وخطورة الانحراف ، أتذكرك فأتذكر ذاك الشاب الذي كان يشارك زملاءه وإخوانه عبادتهم، وحفظهم للقرآن، ومجالس العلم والوعظ.
أخي الكريم : والله إن تلك الصور وغيرها لا تزال شاخصة أمام عيني وناظري ، وحين يقفز اسمك للذهن ، ويدور خيالك بالبال تتسارع تلك الصور المضيئة ، والجوانب المشرقة ، وتتلاحق لتأخذ مكانها ، حتى يعكرها ما صار إليه صاحبي بعد ذلك .(3/65)
أخي الكريم :- لن أنسى ذاك الأخ الذي أحببته في الله ، وتمنيت أن أحشر وإياه تحت ظل عرش الرحمن ، ونلتقي إخوانا على سرر متقابلين . وطول تلك السنون التي فرقتنا وصورتك ، وخيالك يقفزان إلى الذهن بين الفينة والفينة . ولكن صار ما كدر الخاطر ، وأزعج الفؤاد مما لا يخفى عليك .
أخي الكريم :- هل تتفضل على نفسك لتقف معها ساعة محاسبة ، ولحظات مصارحة ، فتقارن بين ما أنت عليه الآن وبين ما كنت عليه قبل ذلك ، أن تجري حساباً صادقاً مع نفسك قبل الحساب الذي ليس بعده عمل ، أن تجري حواراً صريحاً له ما بعده قبل أن يتحاور أهل السعادة وأهل الشقاوة
أخي العزيز :- لازال الباب مفتوحاً ، والطريق مشرعة ، أو لست تقرأ قول العزيز الغفور { قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم }
فكن جريئاً أخي الكريم ، وجاداً وحازما مع نفسك ، وأعلنها عودة صريحة إلى الله من الآن . إني لا أطلب منك أن تسلك طريقاً مجهول المعالم ، لا تدري ما وراءه ، إني أطالبك أن تعود لفطرتك التي فطرك الله عليها ، أن تعود لتلك الحال التي كنت فيها في قطار الصالحين والعابدين .
أخي الكريم: يعتذر بعض الذين حولوا مسار حياتهم بأعذار تبدو لهم أول وهلة أنها صادقة، ولو صدقت لما أغنت عنهم يوم القيامة.
يعتذر أحدهم بأن الصالحين الذين صاحبهم كان فيهم وفيهم.. وقد يكون شيئ من ذلك صحيحاً، لكن هل الحل أن يغير الشخص حالة أم الحل أن يتميز باستقامته؛ فيصبح خيرا منهم؟
يعتذر بعضهم بأنه لم يكن جاداً، لم يكن صادقاً، كان يأتي المعاصي، كان متناقضا مع نفسه فحسم الأمر بما آل إليه.(3/66)
لكن شتان بين من يبقى على الخير ويجاهد نفسه، فيكبو وينهض، ويهوي ويفيق، ويحب الصالحين، ويجالسهم، فيكون حريا بأن يقال له "أنت مع من أحببت" ويقال له" هم القوم لايشقى بهم جليس". ويتجنب المجاهرة بالمعصية ليصبح من أهل العافية"كل أمتي معافى إلا المجاهرين".
شتان بين هذا وبين من يجاهر بسلوك غير طريق الصالحين.
ويجد غيرهم أعذارا وأعذاراً، لكنها تبقى بعد ذلك حجج بينه وبين نفسه، وحجج يواجه بها الناس، ولن تنجيه أمام الله عز وجل.
أخي الكريم: سطرت لك هذه الرسالة ، وكلي أمل أن أرى وجهك المشرق ، وأسعد باتسامك اللطيفة التي لم ولن أنسها .
(نقلا عن موقع الشيخ "محمد الدويش")
================
رسالة إلي بعض الآباء
الشيخ / علي بن عايض القرني
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
لا شك أن كل أب يتمنى لابنه النجاح في دراسته فهو دائما يدعوا الله بتوفيقه وتسديده وتثبيته، يعده ويمنيه إن نجح في الامتحان ويتوعده ويهدده إن رسب، وهذا إحساس من الأحاسيس التي فطر عليها البشر، لكن أيها الأب الحنون وقد اهتممت بابنك هذا الاهتمام بدارسته ومستقبله وأمور دنياه وأحسست أنك عنه مسؤول، فهلا كان الاهتمام به بعد موته كالاهتمام براحته وسعادته في حياته، مسئوليتك أيها الأب أحاطت بعلوم الدنيا الفانية وأهملت الأخرى الباقية، وشغلت به في حياته وأهملته بعد مماته بنيت له بيت من الطين والأسمنت في دنياه وحرمته بيت اللؤلؤ والياقوت والمرجان في أخراه.(3/67)
طموحك، أملك، غاية مناك أن يكون طبيبا أو مهندسا أو طيارا أو عسكريا، ويا الله كل الأماني دنيوية.! السعي والجد للدنيا الفانية مع إهمال الأخرى الباقية. وهذه ليست حالة نادرة، بل إن قسما كبيرا من الناس على ذلك.تأهبوا واستعدوا وعملوا على تربية أبناءهم أجسادا وأهملوا تربية القلوب التي بها يحيون ويسعدون،أو بها يشقون ويهلكون وهذا هو الواقع، والأدلة على ما نقول خذها أيها الأب الحنون، هب أن أبنك تأخر عن وقت الامتحان ماذا ستكون حالتك؟ وما هو شعورك؟ ألا تسابق الزمن ليلحق الامتحان؟ ألا تنام بعدها بنصف عين لئلا يفوته الامتحان؟
كأن الجواب يقول بلى..! فهل كان شعورك حين نام عن صلاة الفجر كشعورك حين نام عن امتحانه ألا تسأله كل يوم عن امتحانه ماذا عمل وبماذا أجاب وعسى أن يكون الجواب صحيحا؟(3/68)
فهل سألته عن أمور دينه يوما ما؟ هل سألته صلى أم لا؟ هي سألته من يجالس ومن يماشي؟ هل سألته أين يكون عندما يتغيب عن البيت؟ ألا يضيق صدرك ويعلو همك حين تعلم أن ابنك قصر في الإجابة في الامتحان، فما ضاق صدرك حين قصر في سنن دينه وواجباته؟ ألا تعطيه ما يريد، ألا تمنعه من الملاهي التي رحبت بها في بيتك من فيديو وتلفاز وصحف ومجلات لئلا تشغله عن المذاكرة والاستعداد للامتحان، فما عساك فاعل أيها الأب الحنون في امتحان ليس له دور ثان ولا إعادة ولا حمل للمواد؟ فقط نجاح أو رسوب، والرسوب معناه الإقامة في النار والعياذ بالله، معناه الخسران المبين والعذاب المهين، ماذا تغني عنه شهادته ومركزه وماله إذا أوتي كتابه بشماله ثم صاح بأعلى صوته:(وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه يا ليتها كانت القاضيه ما أغني عني ماليه هلك عني سلطانيه) ما أغني عني مركزي، ما أغني عني سلطاني، ما أغني عني عملي الدنيوي، وشهادتي كل ذلك هلك واندثر خسارة ورسوب، وأي خسارة وأي رسوب يكون في الدنيا طبيبا أو مهندسا أو طيارا أو مدرسا، أما الآخرة فشقي أم سعيد فريقان فريق في الجنة وفريق في السعير، لا نقول اهملوا أبناءكم ولا نقول دعوهم، لا والله. لكن نقول إن الآخرة هي أولى بالاهتمام وأجدر بالسعي، وأحق بالعمل.
أيها الآباء:
من منكم حرص على إحضار مرب لابنه يعلمه القرآن ويدارسه السنة؟ قليل من فعل ذلك. وليت الذي لم يفعل جنب ابنه عوامل الفساد والإفساد، لكن البعض حشفا وسوء كيل جلب لابنه سائقا وخادما وسيارة وهيأ له بيتا ملأه بكل المحرمات الملهيات عن ذكر الله وطاعته..!
من منكم أعطى ابنه جائزة يوم حفظ جزءا من القرآن الكريم أو تعلم حديثا للمصطفى - عليه الصلاة والسلام -؟ قليل من فعل ذلك. ونسأل الله أن يبارك في القليل.(3/69)
بعض الناس يعد ابنه إن نجح في الامتحان بقضاء أمتع الأوقات علي الشواطئ في أي البلاد أو بشراء سيارة له يجوب بها الطرقات، وما وعد ابنه مرة إن ينجح بأداء العمرة أو زيارة مسجد رسول الله - عليه الصلاة والسلام - فماذا كانت النتيجة بعد كل هذا الإهمال في التربية؟ النتيجة أن حل محل المصحف مجلة ومحل السواك، سيجارة والنتيجة أن نشأ فينا نشء كالأنعام( أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون).
إن ابناً بنيناه جسدا حري بنا أن نربي عقله وقلبه ونهتم بحياته بعد موته، وأول خطوة إلي ذلك أن نصلح أنفسنا ففي صلاحنا وبصلاحنا تكون استقامتهم ورعاية الله لهم. قال تعالي( وكان أبوهما صالحا)
وثانيهما: أن نجعل التربية الإسلامية غاية وهدفا فلا مانع من تعلم العلوم الدنيوية، ولكن ليس علي حساب الاهتمام بالآخرة قال تعالي( وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا)
فيا أيها الأب:
أتق الله في رعيتك فأنت مسؤول عنهم أمام الله، اتق الله أن يستأمنك الله عليهم فتشرع لهم أبواب الفتن من أفلام ومسلسلات وأجهزة خبيثة، ومجلات فاتنة ساقطة، إنك بذلك تخون الأمانة وتغش الرعية قال ((ما من راع يسترعيه الله رعيه يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة)).
أيها الأب الحنون:(3/70)
أدعوك إلي التأمل في وصية لقمان لابنه الذي يحبه ويفتديه بالغالي والنفيس هل أوصاه بدنيا؟ هل أوصاه بزخرف؟ لا بل دعاه إلى ما يحييه حياة طيبة وينجيه من العذاب الأليم نهاه أن يشرك بالله) إن الشرك لظلم عظيم (. ودله على ما ينجيه من الله وهو الهرب منه إليه - تبارك و تعالى - بإقامة الصلاة. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم يدله علي مكارم الأخلاق التي تسمو بها نفسه ويعلو بها مركزه فلا تكبر على الخلق ولا ذلة مع قصد في المشي وخفض في الصوت( إن أنكر الأصوات لصوت الحمير) تلك يا عبد الله جملة وصية الأب الحنون فهل عملت بهذه الوصية مع أبنك؟ هل أوصيته ببعضها أو بها جميعا؟
إن ديدن بعض الآباء مع الأسف الشديد هو تثبيط همم أبنائهم وتكسير مجاديفهم، إذا ما هدى الله ابن بعضهم ذعروا وهبوا، ووصفوه بالوسواس ووسموه بالعقد النفسية وسخروا منه واستهزأوا به، ولا أحد يدري أيسخرون من شخصه أم من دينه الذي يحمله ويمثله؟ أهذه هي الأمانة أيها الأب أهذه هي النصيحة لرعيتك اتق الله فيهم، راقب الله في تربيتهم، علمهم ما ينفعهم في أمور دينهم ودنياهم(وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لي الحيوان لو كانوا يعلمون) .
أيها الآباء:(3/71)
وأنتم تعدون أبنائكم لامتحانات الدنيا اتقوا الله فيهم واعلموا أنتم وعلموهم أن سلعة الله أغلى وأعلى من زخارف الدنيا وعلموهم أن النجاح الحقيقي هو قصر النفس علي ما يرضي الله علموهم واعلموا أنتم أن السعادة الحقيقية في تقوى الله وطاعته ثم أعلموا أنتم أيضا أنه لن ينصرف أحد من الموقف يوم القيامة وله عند أحد مظلمة، يفرح الأبناء أن يجدوا عند أبيهم مظلمة، تفرح الزوجة أن تجد عند زوجها مظلمة، يأتي الآباء الأبناء يوم القيامة يحاجون أباهم بين يدي الله قائلين: يا ربنا خذ حقنا من هذا الأب الظالم الذي ضيعنا عن العمل لما يرضيك وربانا كالبهائم وأوردنا المهالك والذي ما من مفسده إلا وجعلها بين أيدينا وما من مهلكة إلا وادخلها علينا، فماذا سيكون الجواب حينئذ أيها الأب الحنون؟ فيا أيها الآباء اتقوا الله في أبنائكم وأحسنوا تربيتهم واحفظوهم من الفساد والضياع ما دام الأمر في أيديكم وما دمتم في زمن المهلة قبل أن تندموا وتلوموا أنفسكم في وقت لا ينفع فيه الندم واللوم.
وفق الله الجميع لم يحب ويرضى والله أعلم وصلى الله وسلم علي نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
http://www.rasael.net المصدر:
==============
رسالة إلى القلوب
خالد اللزام
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد:-
أنني على يقين بأنك لم تقرأ هذه الورقة مصادفة، ولكن إرادة الله - سبحانه وتعالى - ثم إحساسي بأهمية هذه الورقة كانت سبباً لإطلاعك عليها.
أخي الحبيب:
قد لا نعي أن لدينا شيئاً ما يحتاج إلى علاج، وهذا العلاج قد لا يكون دواءاً أو بالرقيى، إنه التداوي بالآخرين فيمكننا أن نداوي بعضنا البعض من كل فكر سيئ أو أية معلمة صغيرة أو مفهوم سطحي عن أنفسنا. لقد منحنا الله أدوات كثيرة من أهمها التسامح.(3/72)
فبوسعنا من خلال التسامح أن نقوم بأفضل التحولات العميقة التي تراود آمالنا وتصوراننا عن حياة الآخرين. بالتسامح يمكن تغيير أشياء كثيرة فبه يًجلب المرح إلى حيث يكون الحزن والسلام إلي حيث يكون الخوف والسعادة إلى حيث يكون العتاب والسعادة إلى حيث يكون الغضب وطريق ذلك العودة إلى النفس والحديث إليها.
إن التسامح يحررنا من أشياء كثيرة فهو يخمد معاركنا الداخلية مع أنفسنا ويتيح لنا فرصة التوقف عن استحضار الغضب واللوم.
إن التسامح يسمح لنا بمعرفة حقيقتنا الفعلية ويساعد على ممارسة الإحساس الحقيقي بالحب والشعور بالترابط.
إن للتسامح قدرة على علاج حياتنا الداخلية والخارجية فبوسعه أن يغير من الطريقة التي نرى بها أنفسنا والآخرين.
أخي الحبيب …
تخيل التسامح وهو يعم عالمنا الداخلي والخارجي، هل سنلوم بعضنا؟
قد تحدث بعض المواقف والحالات التي تحتوي على إهانات عاطفية ومعنوية أو جسديه من أناس تحبهم وتحترمهم، أو قد تتصور ذلك فتأكده شياطين الإنس أو الجن، أو قد تكون في حيرة من أمرك هل أنت مصيب أو مخطئ. كل هذا بسبب الشعور بالألم والإحباط والإساءة العميقة جداً، بل حتى إذا كنت تشعر بأنك لا يمكن أن تسامحهم.
ولكن أين الإيمان بقضاء الله وقدره فما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطئك لم يكن ليصيبك، وبعد كل عسر يسر.
أخي الحبيب..
قف مع نفسك وتأمل حاجتك للآخرين وحاجتهم لك فلا تبخل على نفسك ولا على الآخرين. فالتسامح هو أن ترى كل من حولك مهما يكن سلوكهم معك بنظرة المشفق ولنا جميعاً في رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم - قدوة حسنه
ومضات:-
1- ضع في اعتبارك أن السعادة هي حالتنا الطبيعة وما سواها يزول.
2- التسامح يعلمنا أن نؤثر الحب والسعادة والترابط على الكره والغضب والتفكك.
3- لكي نصبح سعدا في حياتنا فما علينا إلا أن نتخلى عن إصدار الأحكام على الآخرين ونتجاوزها إلى التسامح والصفح(3/73)
4- يجب أن نخلص أنفسنا من سجون الغضب والألم التي فرضناها على عقولنا إلى واحة التسامح.
5- الحياة السعيدة لا تدوم على حال وبالتسامح يمكن تجاوز عقبات الحياة.
6- أما أن تسامح تماماً أو لا تسامح على الإطلاق، وتفوض أمرك إلى الله لتخرج نفسك من دوامه الضمير.
7- أن نجعل راحة البال هي هدفنا وليس تغيير الآخرين أو معاقبتهم من وجهة نظرنا فقط دون مراعاتهم.
اسأل الله العلي القدير أن يجمعني وإياك بالحبيب محمد صلى الله عليه وسلم وجميع المسلمين
http://www.heartdes.comالمصدر:
==============
رسالة عتاب إلى أمتي
د. عبد الرحمن العشماوي
يا أمة الإسلام داهمني الأسى *** فعجزت عن نطق وعن إعرابِ
يا أمة الإسلام، ليلكِ جاثم *** والفجر يرفع رايةَ الإضرابِ
وأراكِ قاعدة، وغيرك راكض *** يجري إليك محددَ الأنيابِ
وأراكِ لاهية، وغيرك لم يزل *** يقظًا يمد إليك كف خرابِ
* * * *
يا أمة الإسلام، كنتِ عزيزة *** بالأمس، لم تقفي على الأعتابِ
سافرتِ في درب الجهاد كريمةً *** وطويتِ بالإيمان كل صعابِ
ماذا جرى حتى غدوتِ ذليلةً *** مكسورة النظرات والأهدابِ
عيناكِ خارطتا ذهول قاتل *** ويداك رَعشَةُ خائف هيابِ
لا، لا تجيبي ما سألتُكِ طالبا *** منك الجوابَ، فقد عرفتُ جوابي
فرطتِ في الإِسلام، هذا كل ما *** في الأمر، لم تسترشدي بكتابِ
لم تجعلي للدين وزناً صادقاً *** و غرقتِ في رُتَبٍ وفي ألقابِ
وسكرتِ بالنعم الوفيرة سكرةً *** أنسَتكِ معنى نقمة وعقابِ
فوقعتِ فيما أنتِ فيه من الأسى *** ورحلتِ في الأوهام دون إيابِ
* * * *
يا أمة الإسلام لن تتسنمي *** رُتُبَ العُلا بالمال والأحسابِ
لن تسلكي درب الخلاص بمدفع *** وبكثرة الأعوان والأصحابِ
لن تبلغي إلا بنهج صادق *** وتعلُقٍ بالخالقِ الوهابِ
تفنى الجيوش وتنتهي آثارها *** وننال بالإيمان عز جنابِ
تفنى القوى، مهما تكاثر عَدها *** و تظل قوةُ ربنا الغلابِ(3/74)
قال - تعالى - وقوله الحق(إن تنصروا الله ينصركم)
http://www.awda-dawa.com بتصرف من:
================
رسالة من طالبة إلى أمها
بدرية الغنيم
رأيتها في الفصل تداري وجهها بكثرة حركتها وعبثها بأدواتها وبشعرها الذي أرسلته على وجهها وكأنها تخفيه عني، تركت النظر إليها لتهدأ وتسمع الدرس، وكنت أختلس النظر إليها فإذا بي أرى دمعةً تشق طريقاها على خدها، وبعد انتهاء الدرس وانصراف الفتيات بقيت في مكانها فأقبلت إليها فبادرتني قبل سؤالي، اشترى والدي الدش بعد أن هزم أمي، قلت لها: لا تيأسي وامسكي القلم واكتبي هذه الرسالة.
أمي وحبيبتي.... كم كنت أكبر فيك صمودك حينما رغب والدي في إحضار الدش لمنزلنا، فكنت أراك الصخرة العاتية التي تحطمت عليها آمال الشيطان لإفساد بيتنا، فشعرت حينها بالأمن والاطمئنان؛ لأن هناك من تهتم لأمر ديننا وصلاحنا، وتعي خطورة إدخال هذا الجهاز على بيت مليء بالفتية والفتيات في عمر الزهور و ميعة الصبا، وأدركت حينها ضخامة المسؤولية التي تحملتها، وأكبرت فيك مجاهدتك فأنت أم صالحة وزوجة صالحة فهنيئاً لنا بك، ولن نتخلى عن مساعدتك بقدر طاقتنا، ولكن اليوم وقد دخلت الفتنة دارنا ورضي أبي بأن يجمعنا على مائدة الشيطان، فإني يا أمي أبكي من أعماقي لتلك البطولات التي كنت عليها ثم هاهي تذهب أدراج الرياح، فأنا يا أمي لا ألومك الآن ولكن أشعر بالحزن يقطع أوصالي أن أرى والدي وقد رضي بأن يحضر الفساد لنا في دارنا وقد أغمض عينيه عن النتائج السيئة لدخول الدش على الأبناء والبنات، فهل يريد والدي أن نتخلق بأخلاق هؤلاء القوم الذين نراهم أمامنا أم هل يتوقع صمودنا وبقاءنا على أخلاق الإسلام ونحن في عمر حرجة سريعة التقلب والتغيير والتطبع؟!(3/75)
فها نحن يا أماه نغمض أعيننا لننام وتتراقص أمام أعيننا تلك المناظر التي رأيناها لأول مرة، وربما تحدثنا عنها في خجل أنا وأخواتي ثم بعد ذلك اعتدنا الحديث عنها، والذي أقلقني الآن أنني أتعجب من ذبول خصلة من أعظم خصال الإسلام كنت أجدها لدي ولدى أخواتي (الحياء).
وها نحن نتحدث عن أمور كنا نخجل من مجرد التفكير فيها، فأنا الآن أعاني حيرة ً شديدة وقلق على إيمان أتشبث به وأخشى أن يفر، وإغراء يسوقني يوماً بعد يوم ليخلع عني حيائي، فبالله عليك إن خسرت إحدى بناتك، فما أنت فاعله؟ وماذا عسى والدي أن يفعل؟ ألهذا الحد أرخصنا أبي، وأبدل أخلاقنا بهذا الخراب؟ أيبيع الأخلاق التي علمنا إياها وأدبنا منذ صغرنا عليها؟ أيبيعها؟ أيضعف والدي عن مقاومة إغراء الدش، ويحضره ويتوقع منا الصمود؟ ونحن في سن حرجة، فأنا أرسل لك رسالتي هذه علّك أن تنتشلينني من الضياع؛ لأنك ربما لا تسمعين صوتي مرةً أخرى في إنكار المنكر؛ لأنني أكتب إليك رسالتي وأشعر بضعف شديد، أجدني فقدت الأب والأم؛ لأنك أنت أيضاً ما عدت في صمودك السابق أرى لهذا الجهاز أثراً عليك بالرغم من كرهك له لأول وهلة، ولكن أرى متابعتك لما يعرض فيه من باب الفضول أولاً ثم بعد ذلك اعتدتِ عليه، وأخشى على قلبك من حبه مما يدل على ضعف الإيمان ونقصه.
فها أنا أكتب لك رسالتي أناديك يا أمي ولم تزل بي بقايا تلك الأخلاق الإسلامية الفاضلة التي حرصت أنتِ وأبي على غرسها في نفوسنا، فأنا أذكرك يا أمي ولا أنسى فضلك، أسألك هل مررت بالمرحلة العمرية التي مررت بها؟(3/76)
حتما سيكون الجواب نعم، ولكن الفرق بيني وبينك أنك لم تتعرضي للفتن التي أتعرض لها صباح مساء، فهاهي قضيتي أطرحها بين يديك لثقتي في اهتمامك بنا أنتِ وأبي، ولعِظَم الأمانة التي تحملتماها، والله سائل كل راعٍ عما استرعاه يوم القيامة أحَفِظَ أم ضيع؟ كما أني أخاف عليك وعلى والدي من التفريط في أمانة الأبناء والبنات بعد أن قرأت حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من استرعاه الله رعية ثم لم يحطها بنصحه إلا حرم الله عليه الجنة" أخرجه البخاري.
http://www.almoslim.net المصدر:
=============
رسالة إلى متربي
هذه رسالة أكتبها على لسان مرب هاجت عواطفه، وتأججت مشاعره، بعد أن قرأ رسالة كتبها له أحد من تربى على يديه.
فخط له هذه الكلمات مصدرا كل فقرة منها بقوله (يا أخيّ )..
يا أخيّ:
لئن كان قلمك قد تعثر وأحجم عن الكتابة،ومشاعرك أبت أن تتدفق وأن تسيل، فإني على العكس منك، فقلمي مسرع وبقوة أكبح جماحه، ومشاعري متدفقة سيالة وبقوة أمنعها من الفيضان.
يا أخيّ:
هذه كلمات أبعثها من قلبي إلى قلبك، أخطها لك، أرسلها عليك، يا من أكن له كل محبة ومعزة.
يا أخيّ:
ها أنت قد كبرت، اشتد عودك، ونبت ريشك، وتقوى عريشك، ولا أدل على ذلك مما سطره يراعك في رسالتك لي.
يا أخيّ:
ما أنا وأنت إلا جزء من قافلة سارت منذ آدم - عليه السلام - وما زالت تسير، ولا يضرها تخاذلي وتخاذلك، وكسلي وكسلك، (وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم).
يا أخيّ:
الزم إخوانك، فهم الخير وقت السراء، والمعين وقت الضراء، شاورهم، عش في كنفهم، واستظل بظلهم، وارتشف من نبعهم الصافي، والذئب لا يأكل من الغنم إلا القاصية.
يا أخيّ:
في خضم العمل، وأثناء المسير، وفي زحمة الأشغال، لا تنس نفسك، (إخلاصك - عبادتك - قراءتك - أهلك وولدك -..............)
لا تكن كالشمعة تضيء للآخرين وتحرق نفسها.
يا أخيّ:(3/77)
إياك ولحوم البشر أن تأكلها، وأولى وآكد العلماء، فلحومهم فيها السم الزعاف من أكل منها قوض عمله، وهدم مجده، وأسرع برجليه إلى حتفه، فانتبه (إني لك من الناصحين).
يا أخيّ:
كن أبيا قويا مجدا مثابرا متطلعا لمعالي الأمور، وإياك وشغل البطالين، وأعذار الكسالى الذين إذا فاقهم أحد في أي مجال قالوا مبررين كسلهم:
لأنه لم ينشغل بعمل دعوي - مثلنا - أو جهد تربوي - مثلنا - أو درس علمي - مثلنا- وكأنهم يتمنون بما يعملون.
(يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ).
يا أخيّ:
حدد وجهتك، وارسم أهدافك، وجد السير، وغرد في السرب، لا تلتفت للخلف، لا تسمع كلام الناعقين، لا تنشغل بالمثبطين.
يا أخيّ:
إذا ضاقت بك السبل دون بلوغ مرادك، فادعو الله، ثم لا تجلس إلا مع المتفائلين.
يا أخيّ:
أمسك الدنيا بزمامها، ولا تجعلها تمسك بزمامك.
يا أخيّ:
كم من باذل للدين لا يعرفه الناس، ولكن يعرفه رب الناس.
يا أخيّ:
الذي يعيش في سراديب الماضي لن يستطيع العيش في قصور المستقبل.
يا أخيّ:
هذه كلمات عجلى، بثثتها إليك، و إلا في الخاطر أكثر منها، والحر تكفيه الإشارة.
يا أخيّ:
ما زلت أخا لك، وإن فارقتك، ومحبا لك، وإن ابتعدت عنك، وقلبي وبيتي مفتوحان لك في أي وقت أردت.
وبارك الله فيك وحفظك من كل مكروه.
http://saaid.net المصدر:
=============
رسالة إلى أهل المعاصي والغفلة
الأخ / الأخت.......... سلمه / سلمها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي لا تنزعج من رسالتي هذه فوالله إني لك لناصح و أسأل الله إن يشرح قلوبنا لقول الحق وقبوله.
بكل هدوء وسكينة قلب، ا قرأ هذه الرسالة المتواضعة وارفع صوتك قليلاً، وأعلم إنما يراد بك خيراً ً.
أخي تصور لو قيل لأحد من الناس نتوجك ملكاً عشرين سنة تنعم بما يحلو لك وتتمتع بما لذ وطاب(3/78)
ثم بعد تمام العشرين سنة. نسلب منك هذا الملك ولا نبقي لك درهماً واحداً ونسجنك مقيداً لوحدك في غرفة مظلمة لا تستطيع فيها الجلوس ولا النوم ونقدم لك طعاماً وشراباً الجوع خير منه ونجلدك بالسوط كل يوم ألف مرة وذلك باقي عمرك حتى الممات......
هل تتصور بأن هناك عاقلاً سوف يرضى هذا المصير. فوالله من أول يوم سوف ينسى ما مر به من النعيم. فما بال بعض الناس في هذه الدنيا يعيشون حياة كدر وهم ومع ذلك يؤثرون حياة الكدر والمشقة على النعيم المقيم.
أخي عذراً على هذه الرسالة ولكن اجعلها نذير
خير إن شاء الله.... ولنكمل معاً ما تبقى منها....
هل تعلم لماذا لا تكون السعادة بمعصية الله؟
لم لا يسعد الإنسان بأغنية و مشاهدة حرام أو بأكل حرام؟
لماذا تلومه نفسه وتوبخه ويشعر بالضجر؟
لسبب بسيط لأن الله قال: ((وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى))
وفي المقابل المؤمن الحق يعيش حياة نعيم قال - تعالى -: ((مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ....)) ما النتيجة..((فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً)) لاحظ أن الوعد من الله بالحياة الطيبة. وقال المفسرون حياة طيبة في الدنيا وفي القبر وفي الآخرة. الله أكبر ماذا يريد بعد ذلك بل ماذا بقي بعد هذا في الدنيا وفي القبر وفي الآخرة هذه فترات حياة الإنسان.
أخي تأمل ما قاله - صلى الله عليه وسلم -: ((يؤتى بالرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة)) لماذا؟....... لأن الوزن يومئذ بالأعمال الصالحة.
ولا نستغرب إذا علمنا بأن الدنيا كلها لا تسوى عند الله جناح بعوضه كما جاء في الحديث الصحيح.(3/79)
لذلك انظر إلى الدنيا هي في يد من. إنها في يد الكفرة ومن لا يعرف الله حق المعرفة.... ولذلك قال - تعالى -: ((لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل....)) سبحان الله هذه الدنيا كلها متاع قليل.. ثم ماذا بعد أن تنعم الكفار بهذا المتاع ((متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد)) أعوذ بالله ومن يريد هذا المصير ولو ملك الدنيا بأسرها ما دامت هذه العاقبة.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((لموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها)) موضع السوط أي مساحته..
هذا هو المقياس الحقيقي عند المؤمن موضع السوط في الجنة للمؤمن لا يساوي الدنيا بل هو خير منها. إذن لماذا أقبل عليها لأصبر سنين معدودة وأتمتع سنين لا انقطاع لها في دار الخلود في جنة عرضها السماوات والأرض.
والله - سبحانه وتعالى - بين للإنسان طريقين الخير والشر ((وهديناه النجدين)) أي طريق الحق وطريق الباطل وأوجد فيك إرادة جازمة وقدرة تامة تثاب على الفعل الصالح وتعاقب على الفعل الباطل وأوجد فيك رغبة واختيار ((إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤتي من لدنه أجراً عظيماً))
فأرشدك إلى طريق الحق وحذرك من طريق الباطل، بالقرآن والأحاديث وتمت عليك الحجة وأوضح لك السبيل ((إنا هديناه السبيلَ إما شاكراً وإما كفوراً)).
ويأتي الإنسان ويذنب الذنب بعد الذنب ويسأل لماذا أجدني بطيء عن فعل الخيرات سريع لفعل المنكرات لماذا أشعر بكسل عن فعل العبادة لماذا أتثاقل الصلاة..... وما يدري!
أن هذه الذنوب التي يقترفها العبد في دنياه هي الأغطية التي تحجب نور الإيمان عن العبد. قال - تعالى -: ((كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون)) ران أي غطى على قلوبهم وحجبهم عن الطاعة وطريق الحق هذا الران (الغطاء).
طيب ما السبب في وجود تلك الأغطية الحاجبة؟(3/80)
السبب ما كانوا يكسبون أي ما يقترفونه من الآثام والمعاصي وكل ما كثرت الذنوب كثرت الأغطية الحاجبة والعياذ بالله. ويمكن تصور ذلك لو وضعنا عدة أغطية حول المصباح. هل ينفذ الضوء لا ينفذ فلابد إذن من إزالتها. وكذلك القلب لا بد من إزالة المعاصي العالقة به والإقلاع عنها والتوبة إلى الله حتى يقبل بقلب نقي يحب الطاعة ويبغض المعصية.
والمؤمن عندما يعلم ما ينتظره في الجنة يعرف مدى حقارة الدنيا وصغارها ويصحو من هذه الغفلة المهلكة بإذن الله،وإن كان للحرام لذة فهي لذة موهومة زائفة وذنبها حاصل ولذتها ماضية.
كيف يشتري العاقل هذا الحطام الزائل ويبيع النعيم الدائم حيث ما لا عين رأت ولا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر في أبد لا يزول في روضات الجنة يتقلب وعلى الأسرة يجلس وعلى الفرش التي بطائنها من إستبرق يتكئ وبالحور العين يتنعم وبأنواع الثمار يتفكه ويطوف عليه من الولدان المخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين لا يصدعون عنها ولا ينزفون و فاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون جزاء بما كانوا يعلمون. ويطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون، في قصور الجنة ينظرون إلى الرحمن تبارك وتعالى ويمتعون أنظارهم. ويلتقون بصفوة البشر سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -.نعيم لا يوصف لا هم ولا كدر. لا عرق ولا أذى ولا قذر ولا حيض ولا نفاس ولا نصب ولا تعب ولا نوم لكي لا ينقطع النعيم بنوم. و لا عبادة تنشأ إلا لمن أراد أن يتلذذ بها فهي دار جزاء لا دار عمل.
وأما أصحاب النار فيتبرأ بعضهم من بعض ويود لو يقدم ما يملكه ليعتق نفسه من النار ((يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه، وصاحبته وأخيه، وفصيلته التي تؤويه، ومن في الأرض جميعاً ثم ينجيه، كلا إنها لظى نزاعة للشوى...))
وطعامهم فيها: (ذا غصة وعذابا أليما).(3/81)
وهذا الشراب: (من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد، يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ).
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيان حال طعام أهل النار: (لو أن قطرة من الزقوم قطرت في الدنيا لأفسدت على أهل الأرض معايشهم).
فكيف بمن تكون طعامه؟؟، فكيف بمن تكون طعامه.؟؟
يلقى على أهل النار الجوع فإذا استغاثوا أغيثوا بشجر الزقوم.
فإذا أكلوه غلى في بطونهم كغلي الحميم، فيستسقون فيُسقون بماء حميم إذا أدناه إلى وجهه شوى وجهه، فإذا شربه قطع أمعائه حتى يخرج من دبره:
(وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم).
أما سلاسلها وأغلالها فأستمع إلى وصفها:
(ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه).
(فيأخذ بالنواصي والأقدام).
أي أن ناصية رأسه تجمع إلى قدميه من وراء ظهره.
ينشأ الله لأهل النار سحابة سوداء مظلمة، فيقال لهم يا أهل النار أي شيء تطلبون؟
فيقولون الشراب، فيستسقون.
فتمطرهم تلك السحابة السوداء أغلالا تزيد في أغلالهم، وسلاسل تزيد في سلاسلهم وجمرا يتلهب عليهم.
أما عذاب أهل النار وكل ما مضى من عذابها؟
فما ظنك بعذاب دار أهون أهلها عذابا من كان له نعلان يغلي منهما دماغه، ما يرى أن أحداً أشد منه عذابا، وإنه لأهونهم.
أما حال أهلها فشر حال وهوانهم أعظم هوان وعذابهم أشد عذاب؟
ما ظنك بقوم قاموا على أقدامهم خمسين ألف سنة، لم يأكلوا فيها أكلة، ولم يشربوا فيها شربة، حتى انقطعت أعناقهم عطشا، واحترقت أكبادهم جوعا.
ثم أنصرف بهم بعد ذلك إلى النار، فيسقون من عين آنية قد أذى حرها وأشتد نضجها.
فلو رأيتهم وقد أسكنوا دارا ضيقت الأرجاء، مظلمة المسالك، مبهمة المهالك.
قد شدت أقدامهم إلى النواصي.
قد شدت أقدامهم إلى النواصي، واسودت وجوههم من ظلمة المعاصي.
يسحبون فيها على وجوههم مغلولين.(3/82)
النار من فوقهم، النار من تحتهم، النار عن أيمانهم، النار عن شمائلهم: (لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين).
فغطائهم من نار وطعامهم من نار، وشرابهم من نار ولباسهم من نار، ومهادهم من نار.
فهم بين مقطعات النيران وسرابيل القطران وضرب المقامع، وجر السلاسل يتجلجلون في أوديتها، ويتحطمون في دركاتها، ويضطربون بين غواشيها.
تغلي بهم كغلي القدور وهم يهتفون بالويل ويدعون بالثبور:
(يصب من فوق رؤوسهم الحميم يصهر به ما في بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق).
يتفجر الصديد من أفواههم، وتتقطع من العطش أكبادهم، وتسيل على الخدود عيونهم وأهدابهم.
(كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب).
أمانيهم فيها الهلاك ومالهم من أسرها فكاك.
فما حال دار أماني أهلها إذا تمنوا فيها الموت؟
ما حال دار أماني أهلها إذا تمنوا فيها أن يموتوا؟
كيف بك إذ رأيتهم وقد اسودت وجوههم فهي أشد سوادا من الحمم.
وعميت أبصارهم، وابكمت ألسنتهم، وقصمت ظهورهم، ومزقت جلودهم، وغلت أيديهم إلى أعناقهم، وجمع بين نواصيهم وأقدامهم، يمشون على النار بوجوههم ويطئون حسك الحديد بإحداقهم.
ينادون من أكنافها ويصيحون من أقطارها: (يا مالك قد أثقلنا الحديد، يا مالك قد حق علينا الوعيد، يا مالك قد نضجت منا الجلود، يا مالك قد تفتت من الكبود، يا مالك العدم خير من هذا الوجود).
ومالك هو خازن النار فيجيبهم بعد ألف عام بأشد وأقسى خطاب وأغلظ جواب: (إنكم ماكثون).
فينادون ربهم وقد أشتد بكائهم وعلا صياحهم وارتفع صراخهم معترفين بذنوبهم وأنهم ضالين ويطلبون الخروج ليعملوا صالحاً!!: (قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين، ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون).
فلا يجيبهم الجبار جل جلاله إلا بعد سنين، فيجيبه بتوبيخ أشد من العذاب: (اخسئوا فيها ولا تكلمون).(3/83)
ويومئذ تكون الندامة والحسرة يوم لا تنفعهم ندامة و لا حسرة على عدم طاعة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -: ((يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولَ، وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبرائنا فأضلونا السبيلَ، ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعناً كبيراً))
حتى الأصحاب بل الإخلاء التي تخللت مودتهم القلوب تنقلب هذه الخلة إلى عداوة لأنها كانت باطلة لا يرضاها الله، ليست على وفق الشريعة. فقال - تعالى -: ((الإخلاء يومئذٍ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين))
ويتوسلون الله أن يخرجهم من النار ليعودوا ليعملوا صالحاً ولكن هيهات ((ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون)) فيجيبهم المولى - سبحانه -: ((قال اخسئوا فيها ولا تكلمون)).
وغير ذلك الكثير والكثير....... حتى إنهم من فرط العذاب الذي حل بهم يتمنون الموت ليتخلصوا من العذاب وينادون مالك ((وقالوا يا مالك ليقضي علينا ربك قال إنكم ماكثون، لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون))
فعند ذلك أطبقت عليهم النار وغلقت فيئس القوم بعد تلك الكلمة أيما إياس، فتزداد حسراتهم وتنقطع أصواتهم، فلا يسمع لهم إلا الأنين والزفير والشهيق والبكاء.
يبكون على تضييع أوقات الشباب.
ويتأسفون أسفا أعظم من المصاب.
ولكن هيهات هيهات، ذهب العمل وجاء العقاب.
لقد خاب من أولاد أدم من مشى إلى النار مغلول القيادة أزرقا
يساق إلى نار الجحيم مسربلا سرابيل قطران لباسا محرقا
إذا شربوا منها الصديد رأيتهم يذوبون من حر الصديد تمزقا
ويزيدهم عذابهم شدة، وحسرتهم حسرة تذكرهم ماذا فاتهم بدخول النار.
لقد فاتهم دخول الجنان، ورؤية وجه الرحمن، ورضوان رب الأرض والسماء جل جلاله.
ويزيد حسرتهم حسرة، وألمهم ألما أن هذا العذاب الأليم والهوان المقيم ثمن اشتروه للذة فانية، وشهوة ذاهبة، لقد باعوا جنة عرضها السماوات والأرض بثمن بخس دراهم معدودة.(3/84)
بشهوات تمتعوا بها في الدنيا ثم ذهبت وذهبوا فكأنها وكأنهم ما كانوا وما كانت.
ثم لقوا عذابا طويلا، وهوان مقيما.
فعياذا بالله من نار هذه حالها.
وعياذا بالله من عمل هذه عاقبته.
اللهم إنه لا طاقة لنا بعقابك، ولا صبر لنا على عذابك.
اللهم فأجرنا وأعتقنا من نارك ولا تحرمن جنتك.
(ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما، إنها ساءت مستقرا ومقاما).
وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((التائب من الذنب كم لا ذنب له)) وحديث ((ومن تاب تاب الله عليه)) والله يفرح بتوبة العبد حين توبته كما في الحديث الصحيح وهو الغني الحميد - تبارك وتعالى -.
وطاعتنا لا تنفعه ومعصيتنا لا تضره - سبحانه وتعالى -. ومع ذلك يفرح فما بالنا نتأخر في التوبة ونسوف. بل علينا أن نسارع ونجاهد أنفسنا للتغلب على المعاصي وندعو الله ونلتجئ إليه ونصدق معه.قال - تعالى -: ((والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)) هذا وعد من الله ومن أصدق من الله قيلاً.
((ومن تقرب إلى الله شبراً تقرب الله إليه ذراعاً ومن تقرب إلى الله ذراعاً تقرب الله إليه باعاً ومن أتاه يمشي أتاه هرولة..)) كما جاء في الحديث القدسي.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
http://www.wahaweb.comالمصدر:
===============
رسالة عاجلة إلى بغداد
ربيع السعيد عبد الحليم
بَلَدَ الرَّشِيدِ! تَحِيَّةًً وَفَخَارَا وَبَقِيتِ دَوْماً للِصُّمُودِ شِعَارَا
مَكَرَ الْيَهُودُ وَمَكْرُهُمْ مَلأَ الدِّيَارَ خَدِيعَةً وَتَجَبُّراً وَدَمَارَا
أَلْقَوْا بِأَطْنَانِ الْقَنَابِلِ وَيْلَهُمْ! فَاضَتْ دِمَاءُ الأَبْرِياءِ بِحَارَاَ
بَغْدَادُ ! عفْواً أَنْ رَأَيْتِ قَنَالَنَا حَمَلَتْ عَتَادَ جُنُودِهِمْ وَالنَّارَا
بَغْدَادُ ! عفْواًّ أَنْ نَصِيرَ وَكُلُّنَا خَدَمُ لَهَمْ لا َ يَمْلِكُونَ قَرَارَا
دَارَ السَّلامِ! سَلِمْتِ مِنْ كَيْدِ الْعِدَا هَجَمُوا عَلَيْكِ فِرِنْجَةً وَتَتَارَا(3/85)
دَارَ السَّلامِ! فِدَاكِ رُوحِي وَاصْبِرِي فَسَيُهْزَمُونَ وَيُمْعِنُونَ فِرَارَا
اللهُ أَكْبَرُ حِصْنُنَا، عُدْنَا إِلَيْـ ــــهِ بِتَوْبَةٍ فَأَعَانَنَا وَأَجَارَا
http://www.khayma.com/rabieabdelhalim المصدر:
=============
رسالة إلى الشيخ أحمد ياسين
توفيق علي
(يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذا هم قوم أن يبسطوا أيديهم فكف أيديهم عنكم و اتقوا الله و على الله فليتوكل المؤمنون) [المائدة :11].
أيها الشيخ الموقر حفظك الله ورعاك، وأكرمك بالشهادة ومرافقة الأنبياء.
إن هذا الطريق الذي تسيرون بفضل من الله عليها، قُتل فيه من قبل زكريا و يحيي - عليهما السلام -، وتعرض فيه عيسى - عليه السلام - ومحمد - صلى الله عليه وسلم - للقتل، وطُعن فيه عمر الخطاب بخنجر المجوسي، وقُتل فيه عثمان، ومن بعده عليّ - رضي الله عنهما -، وعلق على المشانق آخرون.. هنيئاً لكم طريقكم هذا، وهنيئاً لكم موكبكم هذا، وأسأل الله لنا ولكم النصر على الأعداء ونُزل الشهداء ومرافقة الأنبياء.
أيها الشيخ الجليل: إن القارئ لتاريخ الدعوات والمتعمق فيها - ونحسبكم وإخوانك منهم - يلاحظ أن القيادات الربانية، والنماذج القرآنية، والقدوات العملية هدف لأعداء الله؛ لأنه في ظنهم أنهم لو قضوا على هذه القيادات وهذه النماذج وهؤلاء القدوة؛ فسوف يقضوا على دعوة الله، وأنى لهم ذلك؟، فالله وعد المؤمنين بالدفاع عنهم، وأنه - سبحانه وتعالى - كاف عباده المؤمنين من مكر أعداء الله.
فقد ثبت أن اليهود على مدار التاريخ كانوا يتربصون بالأنبياء والمرسلين والمصلحين، فقتلوا كثيراً وعذبوا كثيراً، ونفوا كثيراً، وصدق الله: (أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون) [البقرة :87]
و قال - سبحانه و تعالى -: (قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين) [البقرة : 91].
نعم، قتلوا من الأنبياء الكثير منهم:(3/86)
- "أشعيا بن آموس" قتله "منسّ" أحد ملوك يهوذا، أمر بنشره على جزع شجرة في سنة 700 قبل الميلاد؛ لأنه كان ينصحه بترك السيئات والموبقات.
- "أرميا" قتله اليهود رجماً بالحجارة؛ لأنه أكثر من توبيخهم على منكرات أعمالهم، وكبائر معاصيهم لربهم، وكان ذلك في القرن السابع قبل الميلاد.
- "يحيى" - عليه السلام -، قتله "هيرودوس" العبراني ملك اليهود من قِبَلِ الإمبراطور الروماني؛ لأنه أراد أن يتزوج بامرأة لا تحل له، فعارضه يحيى - عليه السلام -، فطلبت المرأة رأس يحيى، فأهدى رأسه إليها، وكان ذلك سنة 30 ميلادية.
- "زكريا" - عليه السلام -، قتله أيضاً "هيريدوس" لأنه دافع عن ابنه يحيى - عليه السلام
- "عيسى - عليه السلام -"، ذهب اليهود ليقتلوه فألقى الله شبهه على يهوذا الذي أخبر الأعداء بمكانه، فقتله اليهود اعتقاداً منهم أنه عيسى.
فهم في الحقيقة شرار خلق الله.
وفي الحديث: "أشد الناس عذاباً يوم القيامة رجل قتل نبياً أو من أمر بمعروف ونهى عن المنكر".
و قد تكررت محاولة قتل النبي محمد - صلى الله عليه وسلم- عدة مرات و في كل مرة يكف الله - تبارك وتعالى - أيدي الخادعين الماكرين؛ فلم يتمكنوا من قتله - صلى الله عليه وسلم -؛ ومن تلك المحاولات:(3/87)
- محاولة غورث بن الحارث الواردة في الصحيح وهي أن "غورث الأعرابي رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - قد نزل منزلاً وتفرق أصحابه عنه يستظلون بالأشجار للاستراحة من عناء الغزو و التعب و السير في سبيل الله، و قد علق النبي - صلى الله عليه وسلم - سيفه بشجرة، و استراح كما استراح أصحابه، و إذا غورث الأعرابي يأتي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخذ سيفه من الشجرة وسله من غمده و أقبل على رسول- صلى الله عليه وسلم - و قال له: من يمنعك مني؟ فقال الرسول: الله - عز وجل -، قال الأعرابي: مقالته ثلاث مرات والرسول يرد عليه بقوله: الله - عز وجل - فسقط السيف من يد غورث و جلس إلى النبي ساكتاً لا يتكلم و الرسول - صلى الله عليه وسلم - معرض عنه، ودعا النبي أصحابه فأخبرهم خبر الأعرابي وهو جالس إلى جنبه ولم يعاقبه".
و لعل الأعرابي كان مبعوثاً من قوم مشركين ليقتلوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهذه نعمة و نعمة نجاة النبي من القتل على أيدي أعدائه، وهي من أكبر النعم التي شملت المؤمنين من عهده - صلى الله عليه وسلم - إلى يوم القيامة.
- المحاولة الثانية : هي محاولة يهود بني النضير الذين تآمروا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن يسقطوا عليه رحى من سطح المنزل الجالس تحته إذا ذهب إليهم مع بعض أصحابه لمهمة تطلبت الذهاب إليهم بمقتضى المعاهدة السلمية التي كانت بينه - صلى الله عليه وسلم - و بينهم، لكن الله - تعالى- خيبهم، حيث أوحى إلى نبيه بالمؤامرة؛ فقام سريعاً مع أصحابه، وندم اليهود لما فُضحوا، فأمر الله رسوله بإجلائهم بحكم المعاهدة التي نقضوها، فحاصرهم - صلى الله عليه وسلم – برجاله، و أجلاهم عن المدينة فالتحقوا بالشام.
- المحاولة الثالثة: تآمر يهود عليهم لعنة الله تعالى على قتله - صلى الله عليه وسلم - مسموماً؛ فنجاه الله – تعالى -. وهذه نعمة نجاة رسول الله من القتل حتى يكمل الله دينه ويتم نعمته.(3/88)
و في الآية الكريمة يرشدنا الله إلى فضيلتين إذا تمسكنا بهما فنحن في كنفه، وهو - سبحانه - كافي المخادعين و الماكرين:
1-تقوي الله: و ذلك لما في تقواه من رضاه وولايته الموجبة للسعادة والكمال في الحياتين.
2-التوكل على الله: إذ التوكل عليه يحقق المطلوب بدفع الأذى وتحقيق الخير الكثير، و أما التوكل على غيره فإنه يجلب الخيبة والمذلة والضياع.
وهذا هو الطريق..، طريق الأنبياء، طريق الصديقين، طريق الشهداء...
فبالدماء الزكية تُروى دعوة الله؛ فهي عزيزة لا تُروى إلا بالدماء. و دماء الشهداء هي علاج جسد الأمة المريض، فكلما ارتوى هذا الجسد بالدماء الزكية كلما قويت صحته، وعادت له ريادته و إمامته.
فنسأل الله لنا و له الشهادة في سبيله.. آمين.
http://www.islamtoday.net المصدر:
=============
رسالة إلى مصطاف أغلى من الذهب
وهل هناك ما هو أغلى من الذهب؟!
نعم إنه الوقت، فالوقت هو الحياة وكفى!
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( اغتنم خمساً قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك) صحيح الجامع 1077، يا بن آدم إنما أنت أيام مجموعة، إذا ذهب يومك ذهب بعضك!!
ضياع الوقت.... دمار لحياة العمر.
ضياع الوقت.... آفة هذا العصر.
ضياع الوقت.... يدمر آلاف الطاقات ويخفيها.
ضياع الوقت.... خسارة في الدنيا وندامة وغبن في الآخرة.
كم من شعوب بأسرها سقطت, وهوت لما استخفت بالوقت, واستهلكها الفراغ،وعمت في أرجائها البطالة
قال الحسن البصري - رحمه الله -: أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشد حرصاً منكم على دنانيركم ودراهمكم!! فحياة المؤمن والمؤمنة ليس فيها إجازة بل كلها طاعة, وعبادة لله رب العالمين (الدنيا ساعة.... فاجعلها طاعة) (النفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية)
السياحة بين مفهومين؟!(3/89)
السياحة – وللأسف – مفهوم قلب في هذا العصر عن حقيقته وعُمّي عن مقاصده. فالسياحة في القرآن والسنة بمعنى: الصيام، وطلب العلم، والجهاد في سبيل الله، وتأتي بمعنى الخروج للدعوة إلى دين الله، والفرار من الفتن لعبادة الله، ولطلب كل ما يقرّب إلى الله. قال – تعالى -: { الحامدون السائحون الراكعون...} وقال - صلى الله عليه وسلم -: (( إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله)) حديث حسن – المشكاة 724. ولكن هذا المفهوم أخذ في عصرنا الحاضر منحىً آخر, ومفهوماً مغايراً فالساحة في عرف كثير من الناس اليوم عبارة دالة على: الترويح عن النفس، الاصطياف، الخروج من القيود الشرعية والعرفية، الانفتاح العالمي في التمدن, والترفيه، التعرف على البلدان, والأمصار, والآثار، إعطاء النفس خلال الإجازة – كلما تشتهيه من منظور, أو مسموع, أو مطعوم, ولو كان من الحرام!! نسألك اللهم فعل الخيرات, وترك المنكرات, والثبات على دينك حتى الممات.
أنت... والدعاء؟
(الدعاء هو العبادة) كلمة نبوية جامعة، وأنت أخي المصطاف أحوج ما تكون في سفرك إلى الدعاء. فإذا خرجت من بيتك فقل: بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله. فإنه يقال لك: هديت وكفيت ووقيت ويتنحى عنك الشيطان.
فإذا نويت السفر وركبت راحلتك وتجاوزت البنيان فادع وتأمل بما كان يدعو به - صلى الله عليه وسلم -في أسفاره: ((اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى....)) فلا تك بفعلك وسفرك مخالفاً لدعائك، ولا تكن بعيداً عن أهل البر والتقوى والعمل المرضي إذا نزلت منزلاً فأقرأ الدعاء المأثور: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) فإنه حفظ لك، ولأبنائك من كل مكروه بإذن الله – تعالى -.(3/90)
ولا تنس أخي المسافر أن لك دعوة مستجابة وعدك بها حبيبك - صلى الله عليه وسلم - فادع لنفسك ولوالديك, وأبنائك, ولمريض من أقاربك، ولمنكوب من إخوانك المسلمين. فإنها دعوة مستجابة لهم.... ولك مثلها.
من آداب الرحلات
• أنوِ برحلتك وتنزُهُك رضى الله لكي تُؤجر عليها.
• حدد المكان المناسب والأغراض التي تحتاجها في سفرك.
• أشرك أبناءك معك في مهام السفر والرحلة.
• اصطحب معك من أشرطة القرآن وأهل العلم ما يؤنسك.
• احرص على تغيير المنكر الذي تراه, أو تسمعه بكلمة طيبة, أو مناصحة رقيقة ((من رأى منكم منكراً فليغيره...)) رواه مسلم 6250.
• حافظ على أداء الصلاة في أوقاتها.
• احرص على أذكار الصباح والمساء والتفكير في مخلوقات الله العظيمة.
احذر!!!
• السفر للخارج ففيه مفاسد عظيمة على الدين والخلق.
• التنزه والرحلة وقت صلاة الجمعة ففيه تفريط بفريضة الله الواجبة.
• إيذاء الآخرين بالجلوس قريباً منهم, ومن عوائلهم.
• الذهاب لأماكن الاختلاط من حدائق, ومنتزهات, ومراكز ألعاب, وغيرها.
• التبول في الماء الراكد, أو قضاء الحاجة في ظل الناس, أو طريقهم.
• العبث بالمرافق العامة, أو وضع القاذورات بها فهي لك, ولغيرك.
(اترك المكان أفضل مما كان)
برامج مقترحة للأسرة المسلمة؟
• حفظ شيء من كتاب الله - عز وجل - فهو خير مشروع في هذه الإجازة لك ولأبنائك وأهلك.
• صلة الأرحام وزيارة الأقارب، فمن وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله.
• نزهة بريئة ورحلة نظيفة مسلية مع الأقارب والأبناء فيها المتعة والمرح والترويح عن النفس بما أباح الله • إقامة مخيم صيفي للأسرة والأبناء بمشاركة بعض الأقارب أو الجيران أو غيرهم.
• شراء الألعاب المفيدة المسلية والأجهزة النافعة للأبناء والبنات حفظاً لأوقاتهم من الضياع.
• حضور البرامج الدعوية في المخيمات الدعوية التابعة لوزارة الشئون الإسلامية وغيرها.(3/91)
• الحرص على حضور المحاضرات والندوات في المساجد وإحضار الأهل والأبناء لها.
• المشاركة في دورات شرعية أو تعليم الحاسب الآلي ونحوها.
• من أجمل ما يسجل لك في هذه الإجازة عمرة متقبلة لبيت الله الحرام قال - صلى الله عليه وسلم -: (تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي النار خبث الحديد) صحيح الجامع 2900.
• زيارة مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى)) صحيح الجامع 7332.
والمرأة والصيف
المرأة المسلمة حريصة على وقتها، لا تسمح بساعة منه تضيع دون فائدة، لأنها تشعر أنها محاسبة على الدقائق والثواني فأنعم وأكرم بامرأة:
• تشارك في مراكز تحفيظ القرآن الكريم
• تحضير المحاضرات والندوات وتستفيد منها
• تزور أقاربها وأخواتها وجيرانها
• تقيم البرامج المسلية المفيدة لأبنائها وبناتها
• تدرب بناتها على الأعمال المنزلية
• تطور وتجدد في ترتيب بيتها ونظامه
• بيتها عامر بذكر الله وآياته عبر إذاعة القرآن والأشرطة النافعة المباركة وغيرها.
احذري أيتها المباركة
• احذري التبرج والسفور فإنه معصية وكبيرة
• لا تكثري الخروج من المنزل، وخاصة للأسواق ونحوها.
• كوني محتشمة في لباسك، حييّة في مشيتك، بعيدة عن مواطن التهم، غير متعطرة ولا متلفتة.
• احذري السفر بدون محرم، واحرصي على مرافقته لك في كل ذهاب وإياب.
• احذري ركوب الألعاب أو الدبابات أو نحوها في الحدائق العامة فإنه لا يليق بكِ وبحيائك وعفتك وطهارتك • إياك والاختلاط بغير المحارم مهما كان قريباً.
• لا تحضري حفلة زواج يُعصى الله فيها بغناء وغيره.
• لا تؤخري الصلاة عن وقتها فإنه ذنب عظيم.
• حافظي على سمعك وبصرك وجميع جوارحك من الحرام فإنها شاهدة لك أو عليك يوم يكثر الشهود يوم القيامة.
• تذكري أنك قدوة لأبنائك وبناتك ومجتمعك فكوني قدوة خير وصلاح ومعروف.(3/92)
إرشادات ووصايا طبية
احرص على حمل حقيبة أدوات طبية للإسعافات الأولية.احم أبنائك من أشعة الشمس والتعرض لها. ابتعد عن الجلوس في أماكن المستنقعات المائية الموبؤة الملوثة.
مرورية
• تفقد سيارتك قبل السفر من كل النواحي.
• لا تسرع ففي التأني السلامة.
• لا تنشغل أثناء القيادة بأمر يؤثر على تركيزك
• تقيّد بحزام الأمان لك ولأطفالك.
• سافر وأنت متمتع براحة جسدية ونفسية.
• لا تواصل السير وأنت تشعر بالنعاس.
• إذا غادرت السيارة وأبناؤك فيها فأطفئها وتأكد من سلامة وقوفها.
• وفّر في سيارتك ما تحتاجه أثناء الطوارئ - لا قدر الله - (إطار احتياطي، سير، اشتراك الكهرباء، ما طور هوائي، ماء رديتر، ونحوها)
الحصاد الصيفي
لكل بداية نهاية، ولكل إجازة انقضاء ومع كل فرحة ترحة، ومع كل سرور حزن، فكم في هذه الإجازة من موظف لم يُتم إجازته! وكم من زميل لم يُباشر عمله بعد عطلته! وكم من أسرة تشتت شملها خلال هذه الإجازة! كم من حوادث ووفيات، ومصائب ونكبات. فأحمد الله أخي المصطاف أن حفظك في نفسك وأهلك وأولادك وعدت سالماً غانماً.
واسأل نفسك في ختام إجازتك: ماذا حملتها من عمل؟ فالإجازة ذهبت أو كادت بما فيها من خير أو شر، من طاعة أو معصية، من ذكرٍ أو غفلة.
وهكذا حال الدنيا فكلها سفر، ولكنه سفر طويل، سفر إلى الله والدار الآخرة.
قال داود الطائي: إنما الليل والنهار مراحل ينزلها الناس مرحلة مرحلة، حتى ينتهي بهم ذلك إلى آخر سفرهم!
سبيلك في الدنيا سبيل مسافر ولا بد من زادٍ لكل مسافر
ولا بد للإنسان من حمل عُدّةٍ ولا سيما إن خاف صولة قاهر
اللهم اجعل خير أعمارنا أواخرها، وخير أعمالنا خواتمها وخير أيامنا يوم أن نلقاك يا حي يا قيوم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
http://saaid.net المصدر:
============
تخيل فتحت بريدك فوجدت هذه الرسالة بماذا سترد عليها؟
رسالة من أمك:
السلام عليكم ورحمة الله(3/93)
الحمد لله فارج الهم، وكاشف الغم، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وبعد:
يا بني.. هذه رسالة مكلومة من أمك المسكينة.. كتبتُها على استحياء بعد تردد وطول انتظار.. أمسكتُ بالقلم مرات فحجزته الدمعة! وأوقفتُ الدمعة مرات، فجرى أنين القلب.
يا بني.. بعد هذا العمر الطويل أراك رجلاً سوياً مكتمل العقل، متزن العاطفة.. ومن حقي عليك أن تقرأ هذه الورقة وإن شئت بعدُ فمزقها كما مزقت أطراف قلبي من قبل!
يا بني.. منذ خمسة وعشرين عاماً كان يوماً مشرقاً في حياتي عندما أخبرتني الطبيبة أني حامل! والأمهات يا بني يعرفن معنى هذه الكلمة جيداً! فهي مزيج من الفرح والسرور، وبداية معاناة مع التغيرات النفسية والجسمية. وبعد هذه البُشرى حملتُك تسعة أشهر في بطني فرِحةً جذلى؛ أقوم بصعوبة، وأنام بصعوبة، وآكل بصعوبة، وأتنفس بصعوبة. لكن ذلك كله لم ينتقص من محبتي لك وفرحي بك! بل نَمَت محبتُك مع الأيام، وترعرع الشوق إليك!
حملتك يا بني وهناً على وهن. وألماً على ألم.. أفرح بحركتك، وأُسر بزيادة وزنك، وهي حمل عليَّ ثقيل!
إنها معاناة طويلة أتى بعدها فجر تلك الليلة التي لم أنم فيها ولم يغمض لي فيها جفن، ونالني من الألم والشدة والرهبة والخوف ما لا يصفه قلم، ولا يتحدث عنه لسان.. أشتد بي الألم حتى عجزت عن البكاء، ورأيت بأم عيني الموت مرات عديدة! حتى خرجت إلى الدنيا فامتزجت دموع صراخك بدموع فرحي، وأزالت كل آلامي وجراحي، بل حنوت عليك مع شدة ألمي وقبَّلتُك قبل أن تنال منك قطرة ماء!
يا بني.. مرت سنوات من عمرك وأنا أحملك في قلبي وأغسلك بيدي، جعلت حجري لك فراشاً، وصدري لك غذاء.. سهرت ليلي لتنام.. وتعبت نهاري لتسعد.. أمنيتي كل يوم أن أرى ابتسامتك.. وسروري في كل لحظة أن تطلب شيئاً أصنعه لك، فتلك هي منتهى سعادتي!(3/94)
ومرت الليالي والأيام وأنا على تلك الحال خادمة لم تقصر، ومرضعة لم تتوقف، وعاملة لم تسكن، وداعية لك بالخير والتوفيق لا تفتر، أرقبك يوماً بعد يوم حتى اشتد عودك، واستقام شبابك، وبدت عليك معالم الرجولة، فإذا بي أجري يميناً وشمالاً لأبحث لك عن المرأة التي طلبت!وأتى موعد زواجك، واقترب زمن زفافك، فتقطع قلبي، وجرت مدامعي، فرحة بحياتك الجديدة، وحزناً على فراقك! ومرت الساعات ثقيلة، واللحظات بطيئة، فإذا بك لست ابني الذي أعرفك، اختفت ابتسامتك، وغاب صوتك، وعبس محياك، لقد أنكرتني وتناسيت حقي! تمر الأيام أراقب طلعتك، وأنتظر بلهف سماع صوتك. لكن الهجر طال والأيام تباعدت! أطلت النظر على الباب فلم تأت! وأرهفت السمع لرنين الهاتف حتى ظننت بنفسي الوسواس! هاهي الليالي قد أظلمت، والأيام تطاولت، فلا أراك ولا أسمع صوتك، وتجاهلت من قامت بك خير قيام!
يا بني لا أطلب إلا أقل القليل.. اجعلني في منزلة أطرف أصدقائك عندك، وأبعدهم حظوة لديك! اجعلني يا بني إحدى محطات حياتك الشهرية لأراك فيها ولو لدقائق..
يا بني.. إحدودب ظهري، وارتعشت أطرافي، وأنهكتني الأمراض، وزارتني الأسقام.. لا أقوم إلا بصعوبة، ولا أجلس إلا بمشقة، ولا يزال قلبي ينبض بمحبتك!
لو أكرمك شخص يوماً لأثنيت على حسن صنيعه، وجميل إحسانه.. وأمك أحسنت إليك إحساناً لا تراه ومعروفاً لا تجازيه.. لقد خدمتك وقامت بأمرك سنوات وسنوات! فأين الجزاء والوفاء؟! ألهذا الحد بلغت بك القسوة وأخذتك الأيام؟!(3/95)
يا بني.. كلما علمت أنك سعيد في حياتك زاد فرحي وسروري.. وأتعجب وأنت صنيع يدي. أي ذنب جنيته حتى أصبحت عدوة لك لا تطيق رؤيتي وتتثاقل زيارتي؟! هل أخطأت يوماً في معاملتك، أو قصرت لحظة في خدمتك؟! اجعلني من سائر خدمك الذين تعطيهم أجورهم.. وامنحني جزءاً من رحمتك. ومُنَّ عليَّ ببعض أجري.. وأحسن فإن الله يحب المحسنين! يا بني أتمنى رؤيتك لا أريد سوى ذلك! دعني أرى عبوس وجهك وتقاطيع غضبك.
يا بني.. تفطر قلبي، وسالت مدامعي، وأنت حي ترزق! ولا يزال الناس يتحدثون عن حسن خلقك وجودك وكرمك!
يا بني.. أما آن لقلبك أن يرق لامرأة ضعيفة أضناها الشوق، وألجمها الحزن! جعلت الكمد شعارها، والغم دثارها! وأجريت لها دمعاً، وأحزنت قلباً، وقطعت رحماً..
يا بني هاهو باب الجنة دونك فاسلكه، واطرق بابه بابتسامة عذبة، وصفح جميل، ولقاء حسن.. لعلي ألقاك هناك برحمة ربي كما في الحديث: { الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب، أو احفظه } [رواه أحمد].
يا بني أعرفك منذ شب عودك، واستقام شبابك، تبحث عن الأجر والمثوبة، لكنك اليوم نسيت حديث النبي : { إن أحب الأعمال إلى الله الصلاة في وقتها، ثم بر الوالدين، ثم الجهاد في سبيل الله } [متفق عليه]، هاك هذا الأجر دون قطع الرقاب وضرب الأعناق، فأين أنت من أحب الأعمال؟!
يا بني إنني أُعيذك أن تكون ممن عناهم النبي بقوله: { رغم أنفه، ثم رغم أنفه، ثم رغم أنفه } قيل: مَنْ يا رسول الله؟ قال: { من أدرك والديه عند الكبر، أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة } [رواه مسلم].
يا بني.. لن أرفع الشكوى، ولن أبث الحزن، لأنها إن ارتفعت فوق الغمام، واعتلت إلى باب السماء أصابك شؤم العقوق، ونزلت بك العقوبة، وحلت بدارك المصيبة.. لا، لن أفعل.. لا تزال يا بني فلذة كبدي، وريحانة فؤادي وبهجة دنياي!(3/96)
أفق يا بني.. بدأ الشيب يعلو مفرقك، وتمر سنوات ثم تصبح أباً شيخاً، والجزاء من جنس العمل.. وستكتب رسائل لابنك بالدموع مثلما كتبتها إليك.. وعند الله تجتمع الخصوم!
يا بني.. اتق الله في أمك.. { والزمها فإن الجنة عند رجلها } كفكف دمعها، وواس حزنها، وإن شئت بعد ذلك فمزق رسالتها!
يا بني إن من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها..
التوقيع:
والدتك المنسية
http://www.emanway.com المصدر:
=============
رسالة إلى داعية تعب في دعوته ثم كسل فقعد عن أمته
سعد الداعج
أخي الكريم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
قد أوجب الله علينا جميعاً التواصي بالحق والتواصي بالصبر، ولا نجاة لنا من الخسر إلا بهذا، ومن هنا جاءت هذه الرسالة.
إن مما يراه المرء في هذا الزمن – زمن الفتن من شبهةٍ، أو شهوةٍ، أو بدعة– يرى بعضاً من الدعاة إلى الله_ تعالى _ يصول ويجول في دعوته إلى الحق، ويحرص على هداية الناس ما يترك شاذةً ولا فاذةً إلا عملها أو شارك فيها؛ حرصاً على اكتساب الأجر واغتنام الفضل، ينعصر قلبه حرقة لهذا الدين القويم، ويتألم إذا أهين عباد الله المتقون، وتمضي به السنون وهو على هذا المنهاج القويم والصراط المستقيم.
• ثم.. ثم بعد هذا النشاط يدب الفتور والبرود إليه، ويتخلى عن دعوته، لا انتكاساً ولكن تقاعداً وانشغالاً بالولد والرزق وكثرة الارتباط_كما يزعم_ ظاناً أنه صاحب الفضل على هذه الدعوة وأهلها، وأنه سيفتح المجال لغيره، أما هو فقد بلغ في نظره من الكِبَر عتياً، مقتصراً على الأجور العظيمة والفضائل الكثيرة التي عملها من قبل إن كان مخلصاً نقياً.
• وبعد هذا الانقطاع يرى أنه سينعكف على تربية أولاده وبناء نفسه التي في نظره أنه أهملها كثيراً من خلال ما تقدم من سنوات في دعوته.(3/97)
• وبعد ذلك يبدأ نشيطاً في برنامجه الجديد مصمماً السير على منهجه الذي وضعه لنفسه، وبعد حين يتوسع في المباح وتتزعزع تلك المبادئ الشرعية التي لا يمكن أن يفتح المجال للكلام والخوض فيها في عز دعوته،حتى إن البعض منهم ما بينه وبين الانتكاس إلا ما هو أقل من خيط بيت العنكبوت.
• إن المرء ليحزن قلبه ويضيق صدره حينما يرى ويشاهد أعداء هذا الدين وقد عكفوا على محاولة هدم هذا الدين وإفساد أخلاق أهله ليل نهار، ويعجب من صبرهم وجَلَدهم على باطلهم، بينما صاحب الحق والدعوة الناصعة والحجة البينة الواضحة قد تقاعس في دعوته وبخل على أمته في أشد ما تكون حاجتها إليه.
• إن على المرء المؤمن أن يسأل نفسه ماذا قدمت لهذا الدين، وخدمة عباد الله المؤمنين أمام هذا السيل الجارف من الفساد في العقائد والأخلاق.
• لقد كان أهل العلم قبل سنوات ليست بالكثيرة يحذّرون الأمة من التلفاز وخطره على الأولاد والأخلاق، ثم جاء الكفار بما هو أشد خطراً وأعظم أثراً وهو الفيديو، جاءت بعده الأطباق الفضائية، ثم أنتج هؤلاء الأعداء المعتدون الإنترنت بشره وخيره...، هكذا.. فهم ماضون في محاولة هدم هذا الدين وتغيير أخلاق أهله.. إنهم يفكرون ثم ينتجون ما يخدم أهدافهم، وينتجون ما هو أشد فتكاً وأسرع خطراً على هذا الدين وأهله.
• لقد بخل هذا الداعية على أمته بشيء من عمله اليسير وجُهده القليل بينما هي قدمت له الشيء والشيء الكثير.
• كيف يبخل ويقعد عن أمته ونصرتها بعد أن ذاق حلاوة الدعوة إلى الله، ولذة الحرص على هداية عباد الله؟ كيف يقعد عن الدعوة مَنْ يرى أمته تهوي في مكانٍ سحيق وتقرب من عذاب الله الأليم، وهو متبلد الإحساس، فاقد الضمير، لا يأمر ولا ينهى، ولا يدل ولا يرشد، همه جيبه ومصلحته، غايته هندامه ومركبه، قرة عينه ولده وزوجه؟؟! أما أمته التي غُزيت من كل جانب فقد خذلها في أشد ما تكون حاجتها إليه.(3/98)
• لقد نسي هذا القاعد عن دعوته أو تناسى أن دين الله وإن حدث له ما حدث فإنّ النهاية له، والنصر حليفه حقاً ويقيناً لا مرية فيه، فهذا الدين لا ينتظره لينصره فنصره ليس واقفاً عليه،ولكن لهذا المرء الشرف والعزة والرفعة أن يكون من المشاركين في نصرة هذا الدين.
• إن مشاركة الإنسان لنصر الأمة ليس متوقفاً في حلقةٍ أو مكتبةٍ بل كل مجالٍ للخير فهو مشاركة للأمة في نصرتها مهما كان وأينما حل وصار، فالحرص على هداية الأهل والأقارب أو الجيران وأبنائهم أو الزملاء والأصدقاء أو العمال والجاليات، أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو غيرها هي من طرق الدعوة وسبلها الكثيرة والكثيرة جداً.
• ليت الذي تكاثر عمله وجهده يقارنه بعلماء الأمة العاملين ليعلم ضآلة عمله وقلة جهده، فمنذ أن كان في بطن أمه أو ظهر أبيه كان هؤلاء يدعون إلى الله_ تعالى _ ولا زالوا حتى الآن إنهم لم يملوا ولم يكلوا، بل ليس هناك سبيل في المشاركة في أي عمل إلا أسهموا بسهمهم وأدلوا بدلوهم، إنهم يحملون همَّ الإصلاح ويستشعرون عِظَم المسؤولية مع كثرة أعمالهم، وزحمة أشغالهم، وكبر سنهم، وقلة صحتهم، ومع ذلك فهم يسألون الله الثبات حتى الممات على هذا الدرب القويم.
• ليت الذي قعد عن دعوته يدخل أحد المقاهي المنتشرة لينظر بأم عينه همة شباب المسلمين وقد عكفوا على فيلم فاضح وصوَّبوا النظر إلى وجهٍ داعر، وأعجبوا بمغنٍ فاسق.
• ليت الذي زهد في دعوته يدخل أحد أسواق المسلمين لينظر كيف أصبح الحجاب الشرعي غريباً، وحل محله كل موضة وصرخة جديدة.
• ليت الذي تكاسل عن دعوته يقرب من شباب المسلمين لينظر فيم يفكرون أو يتكلمون.
قال شيخٌ كريمٌ وداعيةٌ مشهور:
لئن كنَّا نعطي الدعوة جزءاً من وقتنا، فيجب أن نعطيها الآن أضعاف تلك الأوقات، وذلك لقلة العاملين وكثرة المتكاسلين والمرجفين بل والقاعدين.
أخي الداعية:(3/99)
امضِ في طريقك غير ملتفتٍ لصيحات المخذلين والراضين بالدون من العمل، واعلم أنك على ثغر من ثغور هذا الدين، فالله الله لا يُؤتينَّ الإسلام من قِبَلِك، فجدِّد الأسلوب وغيِّر الطريقة، ونوِّع الطرح، وحذِّر من الفتن، وركِّز على مراقبة الله في السر والعلن، والجدية في الالتزام، فنحن لسنا بحاجة إلى كثرة عدد وقلة عمل، وإياك ثم إياك أن تحتقر أحداً من المدعوين فربَّ إنسان احتقرته ثم أهملته ولو التزم لنفع الله به الأمة.
أخي الكريم:
إن الداعية إلى الله_ تعالى _ ينبغي ألا يفوّت على نفسه فرصة للدعوة إذا سنحت له إلا وقد استغلها، يلقي خلالها كلمة ولا يحتقرها، فربما وقعت في قلبٍ خاوٍ تائهٍ فغيّرت المسار، وحُطَّ عنك بها الأوزار وأرضت العزيز الجبار.
أخي:
إننا معشر الدعاة إلى الله_ تعالى _حمل رسالة في هذه الحياة وفي أعناقنا أمانة يجب أن نؤديها كما أمر الله، فضع يدك في أيدينا، وضم صوتك إلى أصواتنا، ننادي بالخير وندعوا إلى السعادة، نُرشد إلى الهداية، ونُحذر من الضلالة.
ثبتنا الله وإياك على دينه حتى يأتينا اليقين، وإلى لقاءٍ في عليين، في مقعد صدق عند مليكٍ مقتدر، وصلى الله وسلم وبارك على خير الداعين والعاملين لهذا الدين محمد بن عبد الله_ عليه أفضل صلاة وأزكى تسليم _.
http://www.almoslim.net المصدر :
===============
إلى كل فتاة... رسالة هامة
طه حسين أبو على
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته… وبعد...
فضلاً منكِ قبل أن تقرأي هذه الرسالة، كوني على يقين من أننا كلنا ننسى ونُخطئ، ولكن ليس من الحكمة أن تحزني إذا ذكَّر بعضنا بعضاً، فهل يضايقكِ أن تعيريني قلبكِ المطمئن وعقلكِ الفاهم دقائق لقراءة هذه الرسالة؛ عسى أن تجدي في النهاية ما تبحثين عنه!!!(3/100)
بداية: أختي الفاضلة إن المصارحة قد تكون مُرَّة الطعمِ؛ لكن نتائجها محمودة وقد ذُقنا شُؤم دفن الأخطاء باسم المجاملة، فآمل أن يتسع صدركِ لسماع ما أقول.
يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: « كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، فقالوا يا رسول الله: ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى» (البخاري).
وقال أيضاً - صلى الله عليه وسلم-: « سيكون في آخر أمتي نساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ، على رُؤُوسُهنِّ كأسنمةِ البُختِ، العنوهُنَّ فإنهن الملعونات» (صحيح) ومعنى كاسيات عاريات أي كاسيات في الصورة، عاريات في الحقيقة؛ لأنهن يلبسن ملابس لا تستر جسداً ولا تخفي عورة، فالغرض من اللباس الستر فإذا لم يستر اللباس كان صاحبه عارياًَ. وهذا ينطبق تماماً على كل الملابس الضيقة والمفتوحة. ومعنى على رؤوسهن كأسنمة البخت: أي يصففن شعورهن من فوق رؤوسهن حتى تصبح مثل سنام الجمل.
وقال الله تعالى: { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يُؤذَين} وهذا أمر صريح من الله ـ تعالى ـ بالحجاب وأتى في صورة أمر إلى النبي لأهميته، فلو لم يكن الحجاب الشرعي أو الزي الإسلامي ذا أهمية كبيرة - كما يظن البعض - فهل يأمر به الله على هذا الشكل؟ وإذا كان الظاهر غير مهم فهل يأمرنا ربنا بأشياء غير ضرورية؟!!
فمن هذا المنطلق نبُيِّن لكم بعض الأحكام التي تُبَصِّرُكِ بمظاهر التبرج؛ فاجتنبيها:
أولاً : حكم لبس المرأة البنطلون ..
- أفتى الشيخ صالح الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية بما يلي:
"لا يجوز للمرأة أن تلبس ما فيه تشبه بالرجال أو تشبه بالكافرات، وكذلك لا يجوز لها أن تلبس اللباس الضيق الذي يبين تقاطيع بدنها ويسبب الافتتان بها، والبناطيل فيها كل هذه المحاذير فلا يجوز لبسها."(3/101)
وكما أفتى الشيخ صالح العثيمين أنه " لا يجوز لبس البنطلون حتى لو كان البنطلون واسعاً فضفاضاً لأن تَمَيُّز رِجْل عن رِجْل يكون به شيء من عدم الستر، ولأن البنطال من لباس الرجال."
وقد أفتت دار الإفتاء المصرية بما يلي:
" لبس المرأة للبنطلون الضيق المُفصِّل لجسدها حرام شرعاً وأن عقوبة التبرج والسفور في الآخرة عقوبة شديدة مثل عقوبة تارك الصلاة أو الزكاة؛ لأن الحجاب واجب شرعي، والتبرج والسفور من الكبائر المحرمة شرعاً إذْ أنهما يؤديان إلى انتشار الفساد والفاحشة."
وحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: « لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: الرجلَ يلبسُ لِبْسَةَ المرأةِ ، والمرأةَ تلبس لِبْسَة الرجل» رواه أبو داود بإسناد صحيح، وصححه الألباني.
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: « ثلاثٌ لا يدخلون الجنة ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق والديه، والمرأة المُتَرَجِّلة المتشبهة بالرجال، والدَيُّوث» (الحديث صحيح)
ثانياًُ : حكم المرأة التي تخرج متعطرة ..
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: « أيما امرأة استعطرت ثم خرجت، فمرت على قوم ليجدوا ريحها؛ فهي زانية» رواه أبو داود، و النسائي.
ثالثاً : حكم المرأة التي ترقق حواجبها ..
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: « لعن الله الواشمات، والمُستوشمات، والنامصات، والمُتنمصات، والمُتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله» متفق عليه. والنامصة: هي من ترقق الحاجبين للنساء، والمتنمصة: هي من يتم ترقيق حواجبها.
رابعاً : تبرج المرأة بصوتها أو مشيتها ..
قال تعالى: { يا نساء النبي لستُنَّ كأحد من النساء إن اتقيتُنَّ فلا تخضعنَ بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ،وقلن قولاً معروفاً} [ الأحزاب : 32 ].
ولا تخضعن بالقول: أي لا تُلن القول، ولا يكن في صوتكن ميوعة الأنوثة عندما تخاطبن الرجال.(3/102)
وقال تعالى: { ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن} وذهب ابن كثير، إلى أن المرأة منهية عن كل شيء يلفت النظر إليها أو يحرك شهوة الرجال نحوها.
خامساً : التبرج المُقَنَّع ..
فقد رأى أعداء الصحوة الإسلامية أن يتعاملوا مع الحجاب الشرعي بطريقة خبيثة؛ فراحوا يروجون صوراً متنوعة من الحجاب على أنها حل وسط ترضي المحجبة به ربها – زعموا!!! - وفي نفس الوقت تساير مجتمعها، وتحافظ على أناقتها.
وكانت بيوت الأزياء قد أشفقت من بوار تجارتها؛ بسبب انتشار الحجاب الشرعي، فمن ثَمّ أغرقت الأسواق بنماذج ممسوخةٍ من التبرج تحت اسم (الحجاب العصري) وأحرجت ظاهرة الحجاب الشرعي طائفة من المتبرجات اللائي هرولن نحو (الحل الوسط)؛ تخلصاً من الحرج الاجتماعي الضاغط، الذي سببه انتشار الحجاب الشرعي، وبمرور الوقت تفشت ظاهرة (التبرج المقنع) المسمى بالحجاب العصري، يحسب صويحباته أنهن خير البنات والزوجات؛ لذا فيا صاحبة الحجاب العصري: حذار أن تصدقي أن حجابك هو الشرعي الذي يرضي ربك، وإياك أن تنخدعي بمن يبارك عملك هذا، ويكتمكِ النصيحة ولا تغتري فتقولي: " إني أحسن حالاً من صويحبات التبرج الصارخ" فإنه لا أسوة في الشر، فعليك أن تقتدي بأخواتك الملتزمات بالحجاب الشرعي بشروطه.
سادساً : ماذا عن الوجه ؟(3/103)
اتفق العلماء على وجوب تغطية الوجه في مثل هذا الزمن الذي كثرة فيه الفتنة، وكثر فيه الفساق الذين لا يتورعون عن النظر المحرم. ويقول تعالى: { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك في ما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما} [ النساء : 65 ]، ويقول ابن كثير - رحمه الله- في تفسير هذه الآية: يُقسم الله تعالى بنفسه الكريمة المقدسة: أنه لا يؤمن أحد حتى يحكم الرسول - صلى الله عليه وسلم- في جميع الأمور، فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد له ظاهراً و باطناً، وإذا حكّموك يطيعونك في بواطنهم، فلا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما حكمت به؛ فينقادون له في الظاهر والباطن لذلك فهو تسليم كلي، من غير ممانعة، ولا مدافعة، ولا منازعة.
والخلاصة: أن أبواب التبرج محدودة، ويسهل تفاديها وهي لبس القصير أو الضيق أو الرقيق أو المزين اللافت للنظر، وعلينا أن نرسي مبدأً هاماً، وهو أن الإسلام هو الاستسلام، والإذعان والانقياد، لأمر الله تعالى، إذاً يكون موضع البحث هو التأكد من أن هذا التكليف قد ورد في كتاب الله أو في سنة رسول الله.
فهيا أختاه نعود إلى رضا الله الذي خلقنا بيده، ونفخ فينا من روحه، فهذا الحجاب أمر به الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم- وقد قال الله تعالى: { وما كان لمؤمن ولا مؤمنةِ إذا قضى الله ورسولُه أمراً، أن يكون لهم الخِيَرةُ من أمرهم، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً} [ الأحزاب : 32 ]، أي أنه إذا حكم الله ورسوله بشيء؛ فليس لأحد مخالفته ولا اختيار لأحدهم لا برأي ولا بقول.
إذاًً المسألة ليست مسألة اقتناع، بقدر ما هي مسألة إيمان وامتثال لأمر الله.(3/104)
وإنا لعلى يقين من وجود الخير داخلك، فإنك ما تقومين بمعصية الله عن قصد، وإنما هي فطرتك في حب الظهور بمظهر الجمال والتناسق ومسايرة أقرانك, ولكن ما دام هذا يثير الفتنة ويغضب ربك ويؤدي للإساءة إليك؛ باعتبار التبرج قرينة تشير إلى سوء النية وخبث الطوية، مما يعرضك لأذى الأشرار والسفهاء، كما تقومين بتسهيل معصية الزنا بالعين، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: « العينان زناهما النظر» رواه مسلم، فعليك ألا تُصِّري على ذلك. فهيا انضمي إلينا؛ ليُكَثِّرَ بعضُنا بعضاً. واعلمي أن حجابك يَبُث الرعبَ في قلوب أعداء الإسلام.
وتحتَجُّ بعض الفتيات حين تنهاها عن التبرج أو تأمرها بالحجاب الشرعي، أنها مقتنعة تماماً، لكن شهوة المظهر تغلبها، وهي لا تستطيع ضبط نفسها. وقد يبدو العذر منطقياً لدى البعض لأول وهلة، ولكن حين تراها في شهر رمضان وقد التزمت بعض الشيء - وهو سلوك محمود ولا شك- يدل على أنها تملك القدرة على ضبط نفسها و الانتصار على شهوة المظهر.
أختاه تخيلي بعض الملتزمات في عقلك، واسألي نفسك هذا السؤال: ألا أستطيع أن أكون واحدة من هؤلاء؟ كيف نجحوا وهم يعيشون في المجتمع نفسه، ولهم شهوات وأمامهم عوائق كما أن لي شهوات وأمامي عوائق فقد كان العديد من الفتيات في طريق التبرج ثم منَّ الله عليهن بالهداية؛ فتبدلت أحوالهن وتغيرت و سرن في رِكاب الصالحات الطائعات، وربما كانت زميلة لك...
فكيف ينجحن في اجتياز هذه العقبة وتفشلي أنت؟! ولماذا استطعن التوبة ولم تستطيعي أنت؟ إن العوائق عند الكثير من الفتيات عن التوبة والالتزام ليس عدم الاقتناع، بل هو شعور بعدم القدرة على التغير. أفلا تُعتبر هذه الفتاة الملتزمة نموذجاً لك، ودليل على أن عدم القدرة لا يعدو أن يكون وهماً نصطنعه؟!! فماذا يمنع أن تكوني أنت واحدة من هؤلاء؟ وما الذي يحول بينك وبين ذلك؟(3/105)
فأعيدي الحسابات، وصححي الطريق، ولا تكوني ممن تقتنع بخطأ طريقها وتتمنى التغيير؛ لكنها تنتظر المناسبة ألا وهي أن يموت قريب لها، أو تُصاب بحادث فتَتَّعِظ؛ فيهزها الموقف فيدعوها للتوبة!! ولكن ماذا لو كانت هي ذلك الميت فيتعظ بها غيرها؟ أو كان الحادث الذي تنتظره ليردها إلى التوبة فيه نهايتها؟!! أختي الفتاة ليس للإنسان في الدنيا إلا فرصة واحدة، فالأمر لا يحتمل المخاطرة. يقول الله تعالى: { إنما كان قول المؤمنين إذا دُعوا إلي الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون} [ النور : 51 ]
فهناك غائب ينتظرك وليس له وقت محدد، إنه الموت.. نعم الموت، قد يأتي وأنت تأكلين أو تشربين أو نائمة، وربما وأنت تضحكين أو تلعبين... فاتقى الله، فمهما تهربين منه فإنه ملاقيك { قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم} ماذا أعددتِ له؟ .. ماذا عمِلتِ للفوز برضا الله؟ قولي لي بربك ..كيف ترتاح نفسك وأنت عاصية لله؟ أم كيف يطمئن قلبك، أم كيف يرضى ضميرك عما أنت فاعلته؟!! أما استشعرتي عظمة الجبار؟! أما تخافين غضب القهار..؟!! نعم لقد أغضبتِ مولاك من أجل هواكِ، من أجل أن يُقال: فلانة جميلة .. وليكن ذلك فقد قيل. ثم ماذا. ثم تُلعنين؟!! إلى متى وأنت في غفلة..؟ إلى متى وأنت تقولين غداً أتوب! غداً أرجع إلى ربي! غداً أخلع كل المنكرات و أقوم بكل الصالحات...!!! إلى متى؟!!
أختي الغالية كوني شجاعة ولا تترددي، اتخذي القرار، واسلكي طريق الصالحات، ولا تغتري بكثرة الهالكات فعمل الناس ليس هو الحكم يقول الله تعالى: { وإن تُطِع أكثر من في الأرض يُضلوكَ عن سبيل الله} وقول الله تعالى: { قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون} [ المائدة : 100 ]، ويقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: « لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»(3/106)
واعلمي أن الله - عز وجل- يفرح بتوبة عبده، ويبدل له السيئات حسنات عند رجوعه إليه { إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً} [ الفرقان : 70 ]
عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: « للهُ أشدُّ فرَحاً بتوبة عبده المؤمن من رجل في أرض دوية مهلكة (الصحراء الخالية) معه راحلته عليها طعامه وشرابه، فنام فاستيقظ وقد ذهبت، فطلبها حتى أدركه العطش ثم قال: أَرجعُ إلى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت، فوضع رأسه على ساعده ليموت، فاستيقظ وعنده راحلته عليها زاده وطعامه وشرابه، فالله أشد فرحاً بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده» أخرجه البخاري ومسلم.
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: « قال الله - عز وجل- يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني، غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني، غفرت لك ولا أبالي، ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتُك بقُرابها مغفرة» أخرجه الترمذي.(3/107)
أختاه... إن فيما أوضحته لك ما يكفي لإقناعك بالمنطق السليم الذي لا التواء فيه؛ بأن إتباع شريعة الله ـ تعالى ـ لا يضمن لك بلوغ مرضاة الله فحسب، بل هو يضمن لك إلى جانب ذلك تحقيق أسباب سعادتك الدنيوية كلها، فقد بدا من النادر أن توجد امرأة مسلمة ترتدي الزى الإسلامي قد جاوزت سن الخامسة والعشرين دون زواج، فالزواج سنة الله، وما عند الله لا يُنال إلا بطاعته. أمَا وقد تبين لك كل ذلك؛ فقد آن لك أن تنهضي للاستجابة لحكم مولاك العظيم، وأن تصطلحي مع الله - عز وجل- بعد طول نسيان وتنكر له، ودعك من انتقاد الناس وحسابهم، فإن حساب الله غداً أشد وأعظم. تَرَّفعي عن السعي إلى مرضاتهم وتحقيق أهوائهم فإن التسامي إلى مرضاة الله أسعد لك وأسلم، ولسوف تجدين وأنت تعزمين على الرجوع إلى صراط الله من يحاول أن يرهق مشاعرك تخديراً تحت وطأة هذه التقاليع التي أحاطت بك، كما تحيط خيوط العنكبوت بضحيتها الحبيسة.
أما نحن فنذكرك بقول الله ـ تعالى ـ: { يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يُؤذين} وستجدين من يُذَكِّرك بجمال هذه الدنيا، ومغريات الارتواء من لذَّاتها وزينتها، ولكني أذكرك بخطورة عقابها وجسامة ما ينتظرك من آثارها.(3/108)
كلمة أخيرة نتوجه بها إلى اللواتي استيقنت أفئدتهن الحق الذي بيَّناه، غير أن الواحدة منهن تشعر ببعد النَّقلة بين الواقع الذي تعيش فيه والحق الذي آمنت به، فتركَنُ آسفةً إلى الوضع الذي تعيش فيه، وتعتذر بأنها عاجزة عن مثل هذا القفز البعيد، وهكذا فهناك الكثير ممن ليس يلتزمن بالزي الإسلامي ما يمنعهن من السعي إلى إصلاح حالهن، إلا ما يرونه من بعد الفجوة وعمقها بين الكمال الذي يسمعون عنه، والواقع الذي يعيشون فيه، ولكن هذا التصور خاطئ، فإن الفاصل بين الحق والباطل إنما يتمثل في الفرق بين أبعد طرف عن الباطل وأول درجة من درجات الحق، وفرق ما بينهما لفتة صغيرة وحركة بسيطة، إذن فالحق هو سلّم ذو درجات متقاربة، تبدأ أولها عند طرف الباطل الذي تعيشين فيه، وتقف الدرجة الأخيرة عند نهاية الكمال الذي يشدك إلى تشريع الله وحكمه.. إذن فالمطلوب منك بعد أن انتبهت إلى الحق وآمنت به أن تتحركي صاعدة في درجاته، لا أن تقفزي قفزة واحدة إلى نهايتها. فإذا كنت لا تملكين من الطاقة أو الإرادة أو الظروف المساعدة، ما تفرضين به على نفسك حجاباً سابغاً للجسم والوجه، فلتفرضي على نفسك ما دون ذلك مما تساعدك عليه الظروف والأحوال، وإذا كنت لا تجدين طاقة كافية لتغيير أي شيء من لباسك وهيئتك، مهما كانت منحرفة وبعيدة عن الله - عز وجل-، فلتفرضي على نفسك ما دون ذلك أيضاً من أداء العبادات المفروضة، وتلاوة شيء من كتاب الله بتدبر خلال كل صباح ومساء، وإذا كنت عاجزة حتى عن ذلك فلتفرضي على نفسك ما دون ذلك من استشعار خطورة الحال التي أنتِ فيها والالتجاء إلى الله تعالى بقلب صادق واجف، تسألينه العون والقوة واستعيني في ذلك بالبكاء والتضرع إلى الله، واعلمي - وفقك الله - أنه ما سار إنسان أبداً إلى الحق بادئاً بخطوة من هذه الخطى متجهاً إلى الله بصدق وعزم، إلا وفقه الله ـ تعالى ـ في السير إلى نهاية الطريق والوصول إلى مجامع ذلك الحق.(3/109)
واعلمي أن المصيبة كل المصيبة، أن تعلمي الحق وتؤمني به، ثم لا تتجهي إليه بخطوة أو بعزم كأن الأمر ليس مما يعنيك في شيء، أو كأن الذي شرع هذا الحق و أمر به لن تطولك يده، ولن يبلغ إليك بطشُه وسلطانُه، مثل هذا الحال يعتبر أعظم سبب لاستمطار غضب الله ـ تعالى ـ والتعجيل بعقوبته، وعقوبة الدنيا هنا لا تتمثل في بلاء عاجل يحيق بالإنسان، وإنما تتمثل في انغلاق العقل وقسوة القلب، فلا يؤثر في أحدهما تذكير ولا تخويف ولا تنبيه مهما كانت الأدلة واضحة والنُذُر قريبة.
حتى إذا جاءه الموت تخطّفَه وهو على هذا الحال، فينقلب إلى الله ـ تعالى ـ وقد تحول انغلاق عقله وقسوة قلبه إلى ندم يحرق الكبد، وقت لا ينفع الندم ولا رجوع فيه إلى الوراء. وقد عبر الله ـ تعالى ـ عن هذه العقوبة وسببها بقوله: { ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكِنَّة أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذاً أبداً}
فإذا كنتِ تؤمنين بالله فلا ريب أنك تؤمنين بشريعته واليوم الآخر الذي هو يوم الجزاء والحساب، وإن من مستلزمات هذا الإيمان أن تضعي الكلام الذي سردته عليك في هذه الرسالة، موضع الجد والاهتمام من تفكيرك، حتى إذا أيقنتِ أنني لم أخدعك بباطل من القول ولم أضع بين يديك إلا الحقيقة الصافية التي يتمثل فيها حكم الله - عز وجل-، فإن عليك أن تنهضي إلى تطبيق هذا الحكم بالسير في مراحله المتدرجة فإن رأيت أن حبال الدنيا وأهوائها، وتقليد الصديقات والقريبات تشدك إلى الخلف وتصدك عن النهوض بأمر الله، فلا أقل من أن تفيض الحسرة في قلبك، فيسوقك الألم إلى باب الله ـ تعالى ـ وأعتاب رحمته لتعرضي له ضعفك و تجأري إليه بالشكوى أن يَهَبَكِ من لَدُنه قوةً وتوفيقاً، وأن يمنحك العون؛ لتتحرري عن سلطان نفسك وسلطان التقاليد والعادات وسلطان الأقارب والصديقات.(3/110)
أما إن لم ينهض بك الإيمان إلى هذا ولا إلى ذاك، ولم يتحرك القلب الذي وراء ضلوعك بأي تأثر واهتمام لكل هذا الذي حدثتك به، فلتكوني في شك من إيمانك بوجود الله ـ تعالى ـ، ولتعلمي أنك تسيرين - إن استمر بك الحال - إلى نهاية رهيبة ليس منها مخلص ولا مفر، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-:« ما تركت بعدى فتنة أضَّر على الرجال من النساء» متفق عليه.
فاعلمي أنه ما من شاب يُبتلى منك اليوم بفتنة تُغريه، أو تُشغل له باله ، وكان بوسعك أن تجعليه في مأمن منها، إلا أعقبك منها غداً نَكالٌ من الله عظيم . ا.هـ.
أسأل الله لي و لكِ الهداية و التوفيق ، و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
http://www.islamway.com بتصرف من :
===============
رسالة إلى الفتاة الملتزمة
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
إلى من رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً ورسولاً.. إلى من ارتفعت بالإسلام فوق الهوى، إلى من عزت بالقرآن على نساء الدنيا، وسمت بالإيمان حتى قاربت النجوم، وإلى من صانت جمالها، وإلى من اختارها الله تعالى وتوّجها بالالتزام.
قال رسولنا الكريم - عليه أفضل الصلاة والتسليم- مخاطباً الصحابة: [فإن من ورائكم أياماً الصابر فيهن مثل القابض على الجمر..] الحديث.
وهذا ما يحصل لكِ الآن يا فتاة الإيمان.. من تمسّكت وعضّت على دينها بالنواجذ، تعتبر فتاة غير متحضرة ونائية!!
فلا و ألف لا... لا تسمعي كلامهم ولا تبالي بأكاذيبهم وافتراءاتهم ولا تجعليهم يطرقوا بابك بهذه الأفكار الهدّامة.
فأنتِ يا مصونة بالستر فتاة المستقبل، أنتِ مربية الأجيال، أنتِ نصف هذا المجتمع.. إن صلحتِ أصلحه الله تعالى وإن فسدتِ بأخلاقك العالم كله فسد..(3/111)
أنظري إلى من كان قبلنا من صحابيات وأمهات المؤمنين والمؤمنات، وصلن إلى عنان السماء، وارتادوا كل بقاع الأرض.. حتى كانت الواحدة تعدل ملء الأرض نساءً ممن لا همّ لهن إلا تسريحة شعرٍ وجمال فستان.
ولكن كيف؟
كان بالتستر ولبس العفاف، كان بالحياء والخجل، كان بمراقبة الله ـ تعالى ـ بالقول والعمل، إن الناس في هذا الزمن خاضوا بكلمات كالأمواج على المرأة، تطرحها يميناً تارةً وشمالاً تارةً أخرى.. ولكن عندما يتم التحدث عن صحابياتنا الجليلات ويُسرد ذكرهن، تجدين الرقاب تنحني والرؤوس تطرق إلى الأسفل والقلوب واجفة.
فعليك يا أختي بهذا الهدي.
فعليك يا أخيتي بأثر الصالحات.
فعليك يا أختاه بالسير في طريق الرحمن.
ولا تنجرفي في تيارات زائفة ليس لها إلا الانخداع والتمويه.. فلقد صاغك الله ـ تعالى ـ وأحسن خُلقك وخَلقك، وأمددكِ بالنعم الظاهرة والباطنة.. أجلّها وأعظمها: الإسلام والإلتزام..
فهلمي بنا أنا وأنتِ ممسكين بيد واحده لا تتركيني ولا أتركك في هذا الطريق، طريق الاستقامة, فكل شيء فانٍ وهالك ومرجعه إلى النهاية.. فواظبي على أن تكون لكِ ذكرى حسنة وطيبة بعدما تنتهي أدوارك من هذه الدار، ولا يأتي الطيب والخير إلا من الطيب نفسه والخير بحد ذاته وهو بالقرآن الكريم والسنّة النبوية للرسول العظيم.
http://www.naseh.net بتصرف من :
===============
رسالة إلى الأستاذ المراقب
صالح بن علي أبو عرَّاد الشهري
• أيها الأستاذ المراقب ..
• يا من تراقب الآخرين والله رقيب عليك ..
• يا من عُرِفْتَ باليقظة والحرص والانتباه ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :(3/112)
فإن الاختبارات حصيلة العمل التربوي خلال فصل أو عام دراسي كامل يجني فيه المجتهد ثمرة اجتهاده، ويحصد فيه المهمل نتيجة إهماله وتقصيره. وهنا يأتي دوار المراقب ( الملاحظ ) ليمكِّن كلاً منهما من الحصول على ثمرة عمله ونتيجة جهده. وهنا أوجه هذه الرسالة إلى الأستاذ المراقب فأقول له :
• يا من ائتُمِنْتَ على مراقبة الطلاب في اختباراتهم عليك بتقوى الله ـ جل وعلا ـ ومراقبته سبحانه، عملاً بقوله تعالى : { إِنَّ اللّهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء } [آل عمران :5] . والحرص على أداء هذه الأمانة العظيمة والرسالة الجليلة مستعيناً بالله وحده في أدائها بكل صدقٍ وإخلاص لأنك مسؤول عنها في دنياك وآخرتك .
• تذكَّر أن عملك في مراقبة الطلاب وملاحظتهم جزءٌ لا يتجزأ من العملية التربوية التي تحمل أنت رسالتها، والتي تقتضي منك أن تكون لهم أباً رحيماً، وأخاً عطوفاً؛ وأن توفر الاستقرار النفسي اللازم، والجو الخالي من الانفعال حتى ترتاح نفوسهم وتنشرح خواطرهم فيقبلون على أداء الاختبار بكل ارتياح وهدوء .
• ليكن وجهك بشوشاً، ومحياك باسماً داخل قاعة الاختبار وخارجها حتى تزرع الثقة في نفوس الطلاب، وتبعث عندهم البشر والتفاؤل والأمل. وإياك من إظهار التبرم والامتعاض لأي سبب كان، وبخاصة مع نهاية وقت الاختبار فإن من حق الطالب المُمتحَن أن يستغل كامل الوقت المخصص له في الإجابة والمراجعة ونحوها .
• تذكَّر – بارك الله فيك – أن الطالب في قاعة الاختبار يحتاج إلى توافر الهدوء والطمأنينة، ومن هنا فإن من الخطأ أن تُكثر من الحديث، أو ترفع صوتك بالكلام أو الإزعاج والضوضاء بأي شكل من الأشكال لأن ذلك قد يُربك الطالب ويشتت ذهنه ويصرفه عن أداء الاختبار على الصورة المطلوبة .(3/113)
• إياك أن تُمكِّنَ أحداً من الطلاب من الغش بأية وسيلة كانت؛ لأن ذلك أمرٌ مُحرَّم لا يجوز، وقد بيّن ذلك فضيلة الشيخ / محمد بن صالح العثيمين بقوله :
(( إن تمكين الطالب من الغش غش وخيانة، وتمكين الطالب من الغش ظلم لزملائه الحريصين على العلم، المجدين في طلبه، الذين يرون من العيب أن ينالوا درجة النجاح بالطرق الملتوية)) .
فالحذر الحذر من ذلك التصرف الخاطئ والسلوك المعوج الذي تكون نتائجه مؤسفة وعواقبه وخيمة
• عليك بحسن التصرف واستعمال الحكمة اللازمة عند حدوث ما يُخِلُ بسير الاختبار، أو ما يخالف أنظمته دونما إزعاج أو إرباك أو تسرع وفقاً لما لديك من أنظمة وتعليمات، واحرص على عدم إثارة البلبلة في القاعة حتى لا تُشْغِلَ أذهان الطلاب وتشوش عليهم .
•• وختاماً :
عليك بتقوى الله في كل حين، واعلم أن الله سائلك إن أغفلت أو أهملت أو قصرت، ومُكافئك إن أحسنت وأجملت وأتقنت. وتذكَّر أن الله سبحانه يحب إذا عمل الإنسان عملاً أن يتقنه فكيف بك وأنت المعلم الذي شرَّفك الله بحمل هذه الأمانة ؟! .
وفقني الله وإياك إلى ما فيه الخير والصلاح ، وصلى الله على محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ...
http://www.saaid.net المصدر :
==============
رسالة إلى طالب مُمتَحن
صالح بن علي أبو عرَّاد الشهري
• أيها الطالب المُمتحَن ..
• يا من تستعد لدخول قاعات الاختبار ..
• يا من تعقد العزم والتصميم على تحقيق النجاح ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
فما أن تقترب فترة الامتحانات حتى تُعْلَنَ حالة الطوارئ في المجتمع، وتبدأ أيام القلق والتوتر عند الطلاب والطالبات، والآباء والأمهات، والمدرسين والمدرسات، لأنهم ينظرون إليها باعتبارها فترةً عصيبةً تضطرب فيها الأنفس وتتوتر الأعصاب ويزداد القلق لما يترتب عليها من نجاح أو رسوب .(3/114)
وهنا أوجه هذه الرسالة إلى كل طالب وطالبة يستعدان لدخول قاعات الامتحانات فأقول مستعيناً بالله وحده :
• أيها المُمتحَن ، لعلك تتفق معي أن الطلبة الفاشلون وحدهم الذين يعيشون أجواء الرعب وأيام التوتر ويخافون من شبح الامتحانات لأنهم مهملون في التحصيل منذ بداية العام الدراسي، ومقصرون في بذل أسباب الجد والاجتهاد والتي قال فيها الشاعر:
أخي لن تنال العلم إلا بستةٍ *** سأنبيك عن تفصيلها ببيان
ذكاءٌ وحرصٌ واجتهادٌ وبلغةٌ *** وإرشادُ أستاذٍ وطول زمان
فإياك والإهمال، واحرص – بارك الله فيك – على العناية بدروسك ومذاكرتها أولاً بأول ، والاجتهاد في ذلك مستعيناً بالله وحده ، متوكلاً عليه جل وعلا . وتَذكَّر أن من جد وجد ، ومن زرع حصد .
• إياك أن تكون من أولئك الطلاب الذين يعمدون في أيام الامتحان إلى مواصلة النهار بالليل في المذاكرة؛ فلا ينامون ولا يرتاحون وإنما يطيلون السهر بتناول الحبوب المنشطة أو الإكثار من شرب المنبهات ونحوها في محاولة منهم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه عن طريق مضاعفة ساعات الدراسة والمذاكرة المكثفة لمختلف المواد ناسين أو متناسين أن في ذلك التصرف من الإرهاق الذهني، والإجهاد البدني ما لا تُحمد عقباه . لا سيما وأنه متى كان الجسم والعقل مُجْهَدين، كان مستوى التحصيل ضعيفاً والقدرة على التركيز مفقودة.
• لا تحاول المذاكرة واسترجاع المعلومات قبيل الدخول إلى قاعة الامتحان، فإن ذلك أسلوب خاطئ يؤدي إلى نتائج سيئة، حيث تختلط الأمور، وينعدم التركيز، وتتداخل المعلومات. وعليك عدم إشغال الذهن بمثل هذه الطريقة في المذاكرة، لأن من الأفضل أن تكون هادئاً صافي الذهن في فترة ما قبل الامتحان. وتأكد أن هناك الكثير من المعلومات التي ما أن تقرأ ورقة الأسئلة حتى يُمكِنُك تَذكَّرها – بإذن الله وحده.(3/115)
• إياك والوقوف عند سؤال قد يصعب عليك فهمه أو استيعابه، وعليك أن تجاوزه إلى غيره ثم العودة إليه مرة أخرى، حتى لا يكون سبباً في ضياع وقت الامتحان، وتعطيل الإجابة على بقية الأسئلة .
ولا تنس أن من الحكمة للطالب أن يوزع زمن الامتحان على عدد الأسئلة ومراعاة ترك بعض الوقت للتفكير والمراجعة .
• تَذكَّر أن محاولة الغش مهما كان نوعها ليست سوى دليل على عدم الثقة بالنفس، والخوف الدائم من الفشل لا سيما وأن الغش لون من الانحرافات السلوكية التي يحاول الطالب الغشاش من خلالها الحصول على درجات ليست من حقه بأية طريقة ممكنة . فالحذر الحذر من مجرد التفكير فيه لأن الوقت الذي ستقضيه في التخطيط له وإعداد وسائله المختلفة يكفي – بإذن الله – لدراسة المادة واستيعابها بشكل جيد تضمن معه النجاح إن شاء الله .
• احرص على كتابة الإجابات بخط واضح ومقروء، وعليك أن تهتم بنظافة ورقة الإجابة وتنسيقها قدر الإمكان حتى لا تتداخل الإجابات مع بعضها، كما أن عليك أن تقرأ الأسئلة جيداً حتى تتمكن من كتابة الإجابة المطلوبة دونما إطالة أو إيجازٍ مخلٍّ بالمعنى .
وعليك – أخي الطالب المُمتحَن – التأكد قبل دخول قاعة الامتحان من وجود كل ما قد تحتاج إليه في أداء الامتحان كالأقلام والأوراق وغيرها من الأدوات اللازمة .
•• وختاماً:
عليك بالتوكل على الله وحده أولاً وآخراً ، والالتجاء إليه سبحانه بكثرة الدعاء حتى يُذَكِّرَكَ ما نسيت ، ويُعَلِّمَكَ ما جهلت، ويكتب لك التوفيق والسداد والهداية والرشاد .
والله أسأل أن يوفقنا وإياك إلى ما فيه الخير والصلاح ، والنجاح والفلاح .
وصلى الله على محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ...
http://www.saaid.net المصدر
=============
رسالة لمن فقد السعادة
عبدالعزيز سعد الهويمل(3/116)
أيها الإخوة والأخوات خلق الله الخلق من أصل واحد وجعلهم يختلفون في أشكالهم وألوانهم وأحوالهم منهم الغني ومنهم الفقير ومنهم الصالح الزاهد والكافر الحاقد لكن هؤلاء جميعا يتفقون في أنهم يسعون سعيا حثيثا لتحصيل غاية واحدة هي السعادة. فالتاجر الذي يمضي نهاره في التجارات والطالب الذي يقضي السنين بين المدارس والجامعات. والموظف الذي يبحث عن ارفع المرتبات والرجل الذي يتزوج امرأة حسناء أو يبني منزلا فاخرا، كل هؤلاء أنهم يبحثون عن السعادة بل والشباب والفتيات الذين يستمعون إلى الأغنيات وينظرون إلى المحرمات إنما يبحثون عن السعادة سعة الصدر وراحة البال وصفاء النفس غاية تسعى النفوس لتحصيلها فعجبا لهذه السعادة التي يكثر طلابها ويزدحم الناس في طريق الوصول إليها.(3/117)
ولكن السؤال الكبير: هل حصل واحد من هؤلاء على السعادة التي يرجوها؟ هل هو في أنس وفرح حقيقي؟ ليس فيه تصنع ولا تظاهر. هكذا الناس يطلبون المنايا وأول من يفقد السعادة هو من تطلبها بمعصية الله عز وجل فأصحاب المعاصي في الحقيقة ليسوا سعداء وان اظهروا الانشراح والفرح، ولا تغتر بظاهر عبيد الشهوة فإنهم يضحكون ويبتسمون ولكن قلوبهم رأيتها كمراجل النيران ووقودها الشهوات والحسرات والآلام.ولكن لله أقوام عاشوا عيش السعداء أذاقهم الله تعالى طعم محبته ونعَّمهم بمناجاته وطهر سرائرهم بمراقبته وزين رؤوسهم بتيجان مودته فذاقوا نعيم الجنة قبل أن يدخلوها فلله درهم من أقوام عرفوا طريق السعادة فسلكوه وقد اشتاق النبي صلى الله عليه وسلم إلى مثل هذا العيش فكان يدعو كما عند الترمذي وغيره ويقول: "اللهم إني أسألك الفوز عند القضاء ونزل الشهداء وعيش السعداء ومرافقة الأنبياء والنصر على الأعداء". أولئك السعداء إذا ضاق صدر أحدهم بمصيبة أو اشتاقت نفسه إلى حاجة بسط في ظلمات الليل يداً سائلة وسجد بين يدي ربه بنفس وجلة وسأل ربه من خير كل نائلة وأحسن الظن بربه وعلم انه واقف بين يدي ملك لا تشتبه عليه اللغات ولا تختلط عليه الأصوات ولا يتبرم بكثرة السائلين وتنوع المسؤولات إذا جن عليهم الليل وفتح ربهم أبواب مغفرته كان هؤلاء السعداء هم أول الداخلين المؤمنون بآيات الله حقاً.وكم من الناس يتساهل بالمحرمات فإذا نصح قال لك "أنا ما فعلت شيئا الناس يفعلون أعظم من ذلك" والله جل وعلا يقول: {وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم} ومن هانت عظمة الله في نفسه فتساهل بالمعاصي والمخالفات فليعلم انه ما ضرَّ إلا نفسه وان لله جل وعلا عبادا لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون هم أكثر منا عدداً وأعظم خوفاً وتعبداً.السعداء كثر في الدنيا اجتهادهم فعلت بين الناس رتبهم حتى لا يقاسوا عند الله بأشكالهم ولا بأحجامهم وإنما يرتفعون عند ربهم جل جلاله(3/118)
بأعمالهم التي يتقربون إليه بها.والإنسان كلما ازداد انخراطاً في اللذات واتباع الشهوات نزع الله منه أسباب السعادة وسلط الله عليه الضيق والهموم لماذا؟ لأن انشراح الصدر ولذة العمر نعم عظيمة لا يعطيها الله تعالى إلا لمن يحب.لذا امتن الله بها تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم فقال له: {ألم نشرح لك صدرك}.. وأولى عقوبات المعاصي ضيق الصدر، ولو علم العاصي والعاصية ما في العفاف والطاعة من اللذات والسرور والانشراح والحبور لعلموا إن الذي فاتهم من لذة الإيمان أضعاف ما حصلوا عليه من لذة معصية عابرة فضلا عما يكون يوم القيامة قال ابن عباس: "إن للحسنة نورا في القلب وضياء في الوجه وسعة في الرزق ومحبة في قلوب الناس وإن للسيئة ظلمة في القلب وسواداً في الوجه ووهناً في البدن وبغضة في قلوب الخلق" وقال جابر بن عبدالله رضي الله عنهما: "من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه في النهار" وصدق الله إذ قال: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء}. فأهل الهدى والإيمان لهم انشراح الصدر واتساعه وأهل الضلال لهم ضيق الصدر والبلاء والكربة والشقاء وانفراط الأمر وتعاسة العمر. إن الملل الدائم الذي ينزله الله بمن عصاه أو طلب السعادة والأنس في غير رضاه ليضيق على أهل المعصية دنياهم وينغص عليهم عيشهم حتى يتحول ما يسعون وراءه من متع إلى عذاب يتعذبون به فلماذا يتحول سماعهم للغناء ومواقعتهم للفحشاء وشربهم للخمر ونظرهم إلى الحرام لماذا يتحول هذا كله إلى ضيق بعد أن كان سعة وإلى حزن بعد أن كان فرحة، لماذا؟ الجواب واضح لأن الله تعالى خلق الإنسان لوظيفة واحدة لا يمكن أن تستقيم حياته ولو اشتغل بغيره، فإذا استعمل الإنسان جسده وروحه لغير الوظيفة التي خلق لأجلها تحولت حياته إلى جحيم دائم. لو أن رجلا يمشي في طريق فانقطع نعله فجأة فلما رأى ذلك أخذ قلما ثم وضعه تحت قدمه وقال لنا(3/119)
امشي بالقلم كما كنت امشي بالنعل لقلنا له أنت مجنون يا فلان لأن القلم إنما صنع لوظيفة واحدة وهي الكتابة ولا يمكن أن يعمل في غيرها بل ينكسر ويفسد عليك والنعل إنما صنع لوظيفة واحدة هي أن يمشي به ولا يمكن أن تأخذ القلم وتجعله تحت رجلك للمشي كما انه لا يمكن أن تأخذ الحذاء وتجره على الورق حتى تكتب به فهذا خلق لوظيفة وصنع لها وهذا خلق لوظيفة معينة وصنع لها وكذلك الإنسان خلق لوظيفة واحدة هي طاعة الله تعالى وعبادته فمن استعمل حياته لغير هذه الوظيفة فلابد أن يضل ويشقى ولو نظرتم في حال من استعملوا حياتهم لغير ما خلقوا له لوجدتم في حياتهم من الفساد والضياع ما لا يوجد عند غيرهم لماذا يكثر الانتحار في بلاد الإباحية والفجور؟.. لماذا ينتحر في أمريكا سنويا أكثر من 25ألف شخص وقل مثل ذلك في بريطانيا وفرنسا والسويد وغيرها.. لماذا ينتحرون؟ ألم يجدوا خمورا يشربون.. كلا الخمور كثيرة، ألم يجدوا بلادا يسافرون؟..كلا البلاد واسعة منعوا من الزنا أم حيل بينهم وبين الملاعب والملاهي أم أقفلت في وجههم الحانات والبارات كلا.. بل هم يفعلون ما شاؤوا ويتقلبون بين متع أعينهم وأبصارهم وفروجهم. إذاً لماذا ينتحرون؟ لماذا يملون من حياتهم؟ لماذا يتركون الخمر والزنا والملاهي ويختارون الموت، لماذا؟ الجواب واضح. {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا} تلاحقهم جميعا المعيشة الضنك في ذهاب أحدهم ومجيئه وسفره واقامته تأكل معه وتشرب وتقوم معه وتقعد تلازمه في نومه ويقظته تنغص عليه حياته حتى الممات ومن أعرض عن الله وتكبر ألقى الله عليه الرعب الدائم.اما
العارفون لربهم المقبلون عليهم بقلوبهم فهم السعداء {من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون}
المصدر http://server1.alriyadh.com.sa
============
رسالة إلى صاحب صالون الحلاقة(3/120)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين
السالم عليكم ورحمة الله وبركاته…
هذه رسالة من أخٍ ناصح مشفق عليك يتمنى لك الفلاح في الدنيا والآخرة وسعة الرزق وبركته … وإنه ليسعدني أن أقدم لك هذه النصيحة التي أرجو أن تلقى منك قبولاً وهذا هو ظني بك.. وإن العاقل المهتدي من إذا استمع القول اتبع أحسنه، وأسأل الله لي ولك ولجميع المسلمين الفقه في الدين وأن تكون عضواً صالحاً ومصلحاً في مجتمعك إنه سميع قريب مجيب.
أخي العزيز: قد يخفى عليك حكم حلق اللحية أو تقصيرها فأقول لك: حلق اللحية حرام لأنه مشابهةٌ للمشركين والمجوس وقد قال نبينا (من تشبه بقومٍ فهو منهم) ( رواه أحمد وأبو داود وحسن الألباني إسناده ) ولأنه تغيير لخلق الله سبحانه، وهو من أوامر الشيطان كما قال الله عنه (وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ) ( النساء 119) ولأنه إزالةٌ للفطرة التي فطر الله الخلق عليها فإن إعفاءها من سنن الفطرة، ولأن حلقها مخالف لهدي عباد الله الصالحين من النبيين والرسل عليهم الصلاة والسلام وأتباعهم وقد كانت لحية حبيبنا r كثيفة، كما أن تقصيرها عصيانٌ لأمر النبي r حيث قال: (اعفوا اللحى) ( هذه الروايات في الصحيحين ) (أرخوا اللحى) ( هذه الروايات في الصحيحين ) (وفروا اللحى) ( هذه الروايات في الصحيحين ) فإن هذا يدل على أن من قص منها شيئاً كان واقعاً في معصية النبي، ومن عصى النبي r فقد عصى الله لقوله سبحانه وتعالى: (مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ) [النساء: 80].(3/121)
أخي لعلك بعد تلك المقدمة فطنت إلى ما أقصده فإن اللبيب بالإشارة يفهم.. يقول الله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) ( المائدة آية 2 ). أريد منك بارك الله فيك أن تكرر قراءة هذه الآية فإنّ معناها واضحٌ وجلي.. وإذا كنا أمة القرآن الأمة المسلمة المؤمنة بربها وخالقها فلابد أن نكون على ما يرضاه الله لنا من امتثال أوامره وشكر نعمه واجتناب نواهيه.
أخي: ما قصدته وفقك الله هو التحذير من أن يكون (صالونك هذا) لحلق لحى المسلمين أو تقصيرها والتحذير من أن يكون (صالونك هذا) مكاناً تباد فيه سنةٌ من سنن حبيبنا محمد r التي تبرأ ممن رغب عنها بقوله (ومن رغب عن سنتي فليس مني) ( رواه البخاري ومسلم ) والتحذير من أن يكون (صالونك هذا) مكاناً تنقض فيه عروة من عرى الإسلام وواجباً من واجبات هذا الدين.. فإن هذا الفعل حرام لأنه من التعاون على الإثم والعدوان الذي نهى الله عنه بقوله (وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) كما أن المال الذي تجمعه من هذا الفعل مالاً حراماً (لأن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه) كما ورد في الحديث، وهو مال سحت وكما ورد في الحديث (أيما جسد نبت على السحت فالنار أولى به) رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه.
وختاماً: أدعوك يا أخي إلى التوبة إلى الله عز وجل امتثالاً لأمر الله سبحانه وتعالى قبل أن تحين ساعة الرحيل وينزل بك هادم اللذات (الموت) ثم لا ينفع الندم، واعلم يا أخي أن من أسباب الرزق "تقوى الله" كما قال سبحانه (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً {2} وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) الطلاق 2 ـ 3 وأبشرك بأن من ترك شيئاً لله عوضه بخير منه، وإذا ما استجبت لنداء الحق فالحمد لله وما عليك يا أخي إلا أن تعلق بالصالون لوحة مكتوباً عليها (هنا لا تحلق لحية المسلم ولا تقصر) أو أي عبارة تفي بالمعنى نفسه.(3/122)
أسأل الله العلي العظيم لك الهداية وأن تكون عضواً صالحاً ومصلحاً في مجتمعك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخوكم الناصح
موقع رسائل
http://www.rasael.net/link25.asp?pid=25&id=43
===============
رسالة إلى صاحب المكتبة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…
هذه رسالة من أخ ناصح لك مشفق عليك يتمنى لك الفلاح في الدنيا والآخرة وسعة الرزق وبركته… وإنه ليسعدني أن أقدم لك هذه النصيحة التي أرجو أن تلقى منك قبولاً وهذا هو ظني بك. إن العاقل المهتدي من إذا استمع القول اتبع أحسنه.
أخي العزيز: لفت نظري تواجد المجلات الوافدة بأنواعها وأسمائها المتعددة في مكتبتك.. والذي نفسي بيده إن هذه المجلات فاسدة مفسدة للأخلاق فهي لا تحمل بين طيات صفحاتها إلا صورة لفتاة جميلة قد صففت شعرها وأبرزت مفاتن جسدها.. أو صيحة جديدة عارية في عالم أزياء المرأة وليس فيها إلا دعوة لفساد وانحلال وتفسخ واختلاط من خلال الصورة الفاضحة والعبارة الساقطة.. وإنك يا أخي برؤيتك الإسلامية تدرك مخاطر ذلك على مستوى الفرد والمجتمع.
أخي: قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) ( النور : 19 ) فهل ترضى وتود بأن تكون من الذين يحبون بأقوالهم وأفعالهم أن تشيع الفاحشة بين المؤمنين؟.. حاشا أن تكون منهم فالأمر لا يتعدى غفلة منك أو جهلاً أو تساهلاً.(3/123)
إنني أوصيك: بتقوى الله في نفسك وفي شبابنا وبناتنا لما تسببه هذه المجلات من فساد عظيم.. وكما تعلم أن النظر إلى صور النساء الأجنبيات محرم ولا يجوز (والنظر سهم من سهام إبليس) كما ورد في الحديث ( الذي رواه الحاكم والطبراني من حديث حذيفة وقال الحاكم صحيح الإسناد ) وأيضاً (فإن العين تزني وزناها النظر) ( كما ورد في الحديث الآخر الذي رواه البخاري ومسلم) .
إنني أدعوك: إلى التوبة إلى الله ومقاطعة بيع هذه المجلات حيث أن بيعها حرام ومن التعاون على الإثم والعدوان الذي نهى الله عنه بقوله تعالى:( وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) (سورة المائدة من آية 3) وحتى يكون ما تكسبه من مال وتنفقه على نفسك وأولادك حلالاً خالصاً لا يشوبه مالٌ حرام (لأن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه) كما ورد الحديث ( الذي رواه أبو داود ) .
واعلم يا أخي : أن من أسباب الرزق هو "تقوى الله" كما قال تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً {2} وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ )( سورة الطلاق 2 ـ 3 )
والحذر الحذر من أن تكون مكتبتك وسيلة لبث وترويج الأفكار الضالة المنحرفة لشياطين الإنس والجن.
وختاماً تذكر يا أخي ساعة الرحل والقدوم على الله وتذكر يوم العرض الأكبر عليه سبحانه حين تسأل عن الصغير والكبيرة وعن مالك من أين اكتسبته وفيم أنفقته؟؟. قال تعالى: (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ) [الصافات: 24].
أسأل الله العلي العظيم لك الهداية وأن تكون عضواً صالحاً ومصلحاً في مجتمعك .
أخوكم الناصح
موقع رسائل
http://www.rasael.net/link25.asp?pid=25&id=45
=============
رسالة أخوية
دار القاسم
قال الراوي:(3/124)
كنت أعرفه جاراً لنا ، رجل مزهو بما آتاه الله من صحة وعافية، وحيوية ونشاط، وكنت غالباً ما أراه في سيارته ذاهباً أو آيباً مع أصدقائه الذين ينبيك مظهرهم وتصرفاتهم أنهم ليسوا مستوى من الاستقامة والالتزام، فكنت لا أغفل بين فترة وأخرى عن نصحه وإرشاده في كثير من الأمور وخاصة في موضوع الصلاة ودعوته للمحافظة على أدائها جماعة في المسجد، ولكن كان لاحترامه لي يقابل هذا التذكير بصمت مطبق، أو بابتسامة صفرا!! فأتركه متحسراً على استجابته الضعيفة، وانصرافه البعيد… وفي ذات يوم قال لي أحد الجيران.. إن جارنا (فلان) أُدخل المستشفى على أثر حادث شنيع وقع له، وأنه أدخل غرفة الإنعاش لسوء حالته.. وبعد أيام من زوال حالة الخطر سارعت إلى زيارته، فهالني منظره وقد أصيب بشلل كلي لا يستطيع معه الحركة أو المشي!! حتى قضاء حاجته الضرورية أصبح لا يملك إخراجها بنفسه، وإنما بمساعدة غيره، مع التحاميل الطبية والألم العسير الذي لا يعلم مداه إلا الله.
سلمت عليه وسألته عن صحته، وما أن رآني حتى أورقت عيناه الدموع حزناً على ما وصلت إليه حاله من مرض وشلل، متذكراً كيف كان يعيش في نعمة وعافية، وضحك وسرور، ومتذكراً نصائحي وتخويفي له بما تجري به أيام الله من أحداث ومصائب مفاجئة… وبعد أن واسيته وأوصيته بالصبر والرضا، سألته ماذا تتمنى الآن؟ قال وهو يرمقني بنظرات الحزن والأسى: أنا لا أتمنى في حياتي إلا أمنية واحد فقط، أتمنى لو أستطيع المشي على قدمي هاتين لأحضر صلاة الجماعة في المسجد!!.. خرجت بعدها من المستشفى وأنا أكثر منه حزناً وألماً على مثل هذه النهايات المؤسفة، وأقول في نفسي: أين كبرياء هذا الإنسان بالأمس؟ أين غروره؟ أين إعراضه عن طاعة الله وعن أداء الصلاة وهو في كامل صحته؟ ذهبت كلها في لمح البصر!!(3/125)
ولكن ما يدريني أن يكون هذا الحدث كان خيراً له، فقد كان سبباً في توبته من ذنوبه، وعودته إلى ربه عودة صادقة، وهذه نعمة كبرى ساقها الله إليه في ثوب محنة… سائلاً الله سبحانه له الثبات والاستقامة على دينه حتى الممات.
أخي الكريم:
هذه رسالة أخوية صادقة، أبعثها إليك مصدرة بهذه القصة الواقعية التي أحزنتني كثيراً لما سمعتها… أبعثها إليك لتعبر لك عما في قلبي لك من الاحترام والتقدير، والمحبة والمودة، والتي لولاها ما تكلفت عناء كتابتها وبعثها إليك.. فهل تجد رسالتي من قلبك صفحة مفتوحة، وأذناً صاغية؛ لتقرأها بتجرد وتفكر، وتأمل وتمعن، أرجو ذلك.
ولعلك تتساءل في نفسك عن مناسبة بعث هذه الرسالة، ومن أنا حتى أرسلها إليك؟ فأقول لك: إن المؤمن مرآة أخيه سواء عرفه شخصياً أم لا، وإن من الأخوة الصادقة أن يظهر الأخ لأخيه ما يرى فيه من حسنات، وأن يبين له كذلك بعض ما لديه من نواقص لا يخلو منها بشر إطلاقاً، إذ كل بني آدم خطاء ولكن خير الخطائين التوابون كما قال ذلك نبينا محمد r .
أما ما لاحظته عليك من بعض النقص ـ مع ما تتصف به من كريم الخصال وعالي الأخلاق، والذي ليس المجال هنا للحديث عنها ـ فهو: ضعف أداء الصلاة جماعة في المسجد… وهو تقصير وخطأ ليس بالأمر الصغير أو السهل… لأجل ذلك، وبعيداً عن عدونا الشيطان الذي يثير حساسيتنا وغبنا نحو أي موضوع أو شخص يوجهنا إلى ما فيه خيرنا ونفعنا في الدنيا والآخرة، وبعيداً عن الاعتقادات الخاطئة التي تصور أن نصيحة الأخ تعد تدخلاً في خصوصيات شخصية لا يحق لأحد مناقشتها والتطفل عليها ـ سارعت على تقصير مني وتفريط في بعث هذه الكلمات التي لن يسمع صوتها إلا أنا وأنت، راجياً أن تتقبلها من أخ يحب لك الخير كما يحبه لنفسه إن لم يكن أكثر.
أخي الكريم:
إن المرء ليتساءل عن نفسه ويتفطر قلبه حسرة وألماً وهو يرى فئة من إخوانه المسلمين معرضين كلياً أو جزئياً عن أداء الصلوات جماعة…(3/126)
نتساءل ما السبب في ذلك؛ هل هو:
طول الأمل:
الذي يجعل بعض الناس يشعر ـ بوحي من الشيطان ومكره ـ بأنه لن يموت قبل أن يعيش في هذه الحياة سبعين أو ثمانين سنة على الأقل!! ليتمتع فيها بأطول وقت مع اللذات الفانية والشهوات الخادعة، وكأنه ضامن بأنه سيتاح له في آخر عمره الفرصة المؤكدة لتدارك تفريطه وإهمال!! ناسياً أو متناسياً أن الموت يمكن أن يفاجئه في أية لحظة من اللحظات وهو في غفلة وعصيان، فيندم حينئذ على تقصيره كأقل تقدير عندما لا تنفع ساعة الندم ولا لحظات الحسرة!!
أم هو الجهل بوجوبها:
وأنها عمود الإسلام وأن من ضيعها فهو لما سواها أضيع، وأن أداءها يجب أن يكون مع الجماعة في المسجد إلا بعذر شرعي من مرض أو سفر.
أم بسبب الذنوب والمعاصي:
والتي من كثرتها حاصرت القلب، وثبطته عن أداء الواجبات وفعل الطاعات، حتى أصبح لا يشعر بلذة الحسنة إن فعلها، ولا بألم المعصية إن ارتكبها ولو كانت تضييفاً لرأس ماله وهي الصلاة!!
أم بسبب سيطرة الشيطان على حياتنا:
بحيث صار بعضنا عنده كالكرة يلعب به كيف يشاء، إذ يأمره بالأمر ولو كان محرماً فيفعله، وينهاه عن الشيء ولو كان واجباً فيتركه، لا يملك من نفسه قدرة ليقول له: لا وألف لا، فما أنت إلا عدو مبين تستدرجني لأن أكون من أهلك وحزبك في جهنم!!
أم بسبب السهر وعدم تنظيم الوقت:
الأمر الذي جعل برنامج البعض ينقلب رأساً على عقب، فأصبح الليل عنده هو النهار، والنهار عنده هو الليل، جاعلاً الصلاة التي يجب أن تكون في أول سلم اهتماماته في آخرها، مقدماً عليها برامج اللهو واللعب، ومناسبات الطعام والشراب!!
أم بسبب الكبر:(3/127)
وما تشعر به النفس من عدم حاجتها إلى ربها وخالقها، وأنها غنية عن عونه ومساعدته بما آتاه الله من نعم شتى: كالصحة والشباب، والسمع والبصر، والعقل والمال، وغيرها كثير، متجاهلة أن مصدر هذه النعم هو الله سبحانه وتعالى، وأنه يستطيع أخذها في لمح البصر كما أخذ بعضها من صاحب القصة وغيره كثير ممن هم يرقدون الآن على أسرة المستشفيات والمصحات منذ عشر سنوات وخمس عشرة سنة وأكثر، ليعرف الإنسان حينها مقدار ضعفه وهوانه وذله، وأنه لا قوة له ولا حول ولا طول إلا برحمة من الله وعون وقوة.
أم أن هناك أسباباً أخرى لا نعلمها؟!!
أخي الفاضل:
ترى ماذا يكون استعدادك لو دعاك صديق عزيز عليك إلى مناسبة من المناسبات ، أو إلى حفلة في أحد الفنادق؟! أتراك تعتذر عن قبول هذه الدعوة بسبب النوم أو العمل أو الإنشغالات الأخرى أم أنك ستستعد لها بوقت مبكر، وتهيئ جميع ظروفك، وتتخلص من كل شغل لأجل ألا يفوتك حضور هذه الدعوة؟!
وماذا يا ترى لو سمعت أن أحد التجار سيعطي كل شخص يحضر إليه في كل يوم الساعة الرابعة صباحاً وفي لذة النوم وشدة البرد مبلغاً وقدره (عشرة آلاف) ريال، أو أقل أو أكثر!! هل تتصور أن أحداً من الناس ـ وأنت واحدٌ منهم ـ سيفرط في اغتنام هذه الفرصة الذهبية ليجمع أكبر قدر من المال بحضوره اليومي، بل وإحضاره جميع أفراد أسرته؟! فإذا كان الأمر كذلك، فهل يصح أن تلبي دعوة البشر على دعوة الله الذي هو خالقك ورازقك والذي بيده نفعك وضرك، وتسارع بالذهاب إلى ذلك التاجر مهما ساءت الظروف للحصول على حفن قليلة من المال؟ غير مُبال بما أعده الله من عظيم الحسنات وكثرة الدرجات عندما تلبي نداء الله لأداء الصلاة في المسجد وخاصة الفجر.
أخي الكريم:(3/128)
إن تساهل المسلم بأداء الصلاة جماعة يوقعه ـ في الغالب ـ في تساهل أشد وأخطر إن هو: تأخير الصلوات عن وقتها، بحيث تجده لا يصليها إلا بعد خروج الوقت!! فلا يصلي الفجر إلا عند قيامه للوظيفة أو الدراسة!! ولا يصلي العصر إلا بعد المغرب!! وكأن دين هذا الإنسان أصبح على حسب الهوى والمزاج!! متناسياً أن الله حدد للصلاة أوقاتاً لا يقبلها بعد خروج وقتها، كما لا يقبلها قبل ذلك، قال تعالى: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً ) [النساء:103] أي مفروضة في وقت محدد.
بل إن الله سبحانه وتعالى أمر المجاهدين في سبيله، مع ما هم فيه من طاعة وانشغال بمصاولة العدو وحربه، بأن يؤدوا الصلاة في وقتها على حسب حالهم ولم يأذن لهم بتأخيرها؟!
ولخطورة هذا الأمر فقد أفتى علماؤنا الأفاضل ببعض الفتاوى من المهم أن تسمعها أخي الكريم، فيقول الشيخ محمد بن عثيمين ـ رحمة الله ـ لما سأله أحد الناس عن ذلك: بأنها لا تجزئك ولا تنفعك الصلاة حينئذ لو صليتها!! لأنك تعمدت تأخيرها عن وقتها، وعليك أن تتوب إلى الله عز وجل مما وقع منك. وأضاف : إن بعض العلماء قد ذهب إلى أن من أخر الصلاة حتى خرج وقتها بدون عذر فإنه يكون بذلك كافراً، قال تعالى: (فويل للمصلين (4) الذين هم عن صلاته ساهون (5)) [الماعون: 3، 4] أي مضيعون لها، تاركون لوقتها ، مخلون بأركانها.
أخي الكريم:
ولعلك ترغب أن تعرف بعض فضائل ومنافع المحافظة على الصلاة في الدنيا والآخرة! وهذا ما نحسبه ونتوقعه.. إذاً فتعال واسمعها من نبيك وحبيبك محمد r لتكون دافعة لنا ولك على مزيد الاهتمام بهذه الصلاة التي رفع الله من شأنها وجعلها عمود الإسلام، فمن ذلك:
أولاً: أنها سبب في الحفظ من شرور الدنيا و مصائبها، يقول النبي r في ذلك: "من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله، فانظر يا ابن آدم لا يطلبنك الله من ذمته بشيء" [رواه مسلم].(3/129)
ثانياً: أنها سبب في مغفرة الذنوب والآثام التي لا يسلم منها إنسان، يقول النبي r في ذلك: "من تطهر في بيته، ثم مضى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله، كانت خطواته إحداها تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة" [رواه مسلم].
ثالثاً: أنها سبب في دعاء الملائكة واستغفارها لك، يقول النبي r في ذلك: "الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ما لم يحدث، تقول: "اللهم اغفر له، اللهم ارحمه" [رواه البخاري].
رابعاً: أنها وسيلة للانتصار على عدوك الشيطان وقهره وإذلاله، يقول النبي r في ذلك: "ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيه الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية" [رواه أبو داود].
خامساً: أنها سبب في حصول الإنسان على النور التام يوم القيامة، يقول النبي r في ذلك: "بشروا المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة" [رواه أبو داود والترمذي].
سادساً: في صلاة الجماعة الأجر المضاعف، يقول النبي r في ذلك: "صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة" [متفق عليه].
سابعاً: فيها نجاة من إحدى صفات المنافقين الذين هم في الدرك الأسفل من النار، يقول النبي r في ذلك: "ليس صلاة أثقل على المنافقين من صلاة الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما ـ أي من الأجر ـ لأتوهما ولو حبواً" [متفق عليه]. ويقول ابن مسعود رضي الله عنه: "ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها ـ أي المحافظة على الصلاة في جماعة ـ إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتي به يُهادي بين الرجلين حتى يقام في الصف" [رواه مسلم].(3/130)
ثامناً: أنها الطريق الصحيح لوصول الإنسان للسعادة الحقيقة والطمأنينة القلية، والنجاة من الأمراض النفسية والمشكلات الحياتية التي يعاني منها كثير من الناس اليوم: كالهم والحزن، والقلق والاضطراب، والفشل في كثير من الشؤون العائلية أو التجارية أو العلمية وغيرها، يقول النبي r: "يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذ هو نام ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة، فأصبح نشيطاً شيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان" [متفق عليه].
تاسعاً: أنها سبب في دخول الجنة، يقول النبي r في ذلك: "من صلى البردين دخل الجنة" [متفق عليه] ويقول: "لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها" يعني الفجر والعصر [رواه مسلم].
أخي الكريم:
ولا أظنك بعد هذه الأحاديث الشريفة من محبك محمد r إلا وقد عزمت على دحر عدوك الشيطان، والتخلص من هذا التقصير، والعمل على تلافي تكراره في المستقبل، إن كان كذلك فهنيئاً لك هذه العزيمة، وإليك بعض الوصفات النافعة والوسائل المفيدة بإذن الله تعالى:
أولاً: الوسائل الإيمانية العملية:
وهي كثيرة جداً، ومنها:
1 ـ الحرص على التزود من السنن والطاعات:
حيث إنها خير معين على أداء الإنسان للصلاة جماعة.. ومن أهمها: المحافظة على أداء السنن الرواتب، وصلاة الوتر، وقراءة القرآن الكريم، وصلاة الضحى، والصدقة، والصيام، وغيرها.
2 ـ دوام الاستغفار:
وذلك استشعاراً لحاجته الماسة إلى رحمة الله ومغفرة ذنوبه الكثيرة التي ارتكبها في الماضي، أو التي ستقع منه في المستقبل، ففي الحديث: "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب" [رواه أبو داود].
3 ـ كثرة ذكر الله سبحانه وتعالى:(3/131)
لما فيه من تطهير للقلب، وتزكية للنفس، وقرب من الله، وطرد للشيطان، وإعانة على الخير والطاعة، وهو أنواع ومنه: أذكار الصباح والمساء، وأذكار الأحوال والمناسبات، وأذكار ما بعد الصلوات الخمس، والذكر المطلق.
4 ـ العيش مع بيئة صالحة:
وهذا عامل مهم في الاستقامة، فمن أراد كل خير والبعد عن كل شر، فليقطع علاقته بتلك الصحبة السيئة التي لا تصلي، أو ضعيفة الحرص على الصلاة، أو ترتكب المعاصي والمنكرات، وليبحث عن الصحبة الصالحة التي تعينه على كل خير ومعروف، ومن لم يفعل فلا يستغرب أن يجد التردد وضعف العزيمة في أداء هذه الطاعة وكل طاعة.
5 ـ الاهتمام بسلاح الدعاء:
إن كل مسلم يتوجه إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء والالتجاء إليه بصدق وإخلاص فإن الله كافيه وناصره وهاديه لكل ما ينفعه في دينه ودنياه، ولهذا يحسن من المسلم أن يكثر من دعاء الله عز وجل ـ وخاصة في الأوقات التي يرجى فيها إجابة الدعاء ـ بأن يعينه على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يجنبه الوقوع في كل معصية وذنب، فذلك هو الخير والفلاح في الدنيا والآخرة.
ثانياً: وسائل أخرى معينة:
ومنها:
1 ـ تأخير أداء صلاة الوتر إلى ما قبل النوم.
2 ـ النوم مبكراً وعلى طهارة.
3 ـ وضع ساعة منبهة أو أكثر من واحدة لمن نومه ثقيل.
4 ـ توصية الأهل أو بعض الأصدقاء بإيقاظك.
5 ـ قراءة أذكار النوم.
6 ـ قراءة سورة الإخلاص والمعوذتين ثلاثاً، والنفث بها على ما استطاع الإنسان من جسده.
أخيراً..
أرجو من الله سبحانه وتعالى أن ينفعك بهذه الكلمات، وأن تكون سبباً في وصولك إلى تفكير سليم، ومراجعة شاملة لسير حياتك، لتتمسك فيها بما هو حق وصواب ونافع، وأن تتخلى عن كل خطأ ومحرم يضرك في دينك ودنياك مهما كان تعلقك به وحبك له. وهذا ما نحسب أنك فاعله ومسارع إليه، راجياً أن أراك قريباً في الصفوف الأولى من المسجد وفي كل خير وعمل صالح.
والله يحفظك ويرعاك .
موقع رسائل(3/132)
http://www.rasael.net/link25.asp?pid=25&id=39
==============
رسالة إلى إمام المسجد خلال شهر رمضان المبارك
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الإمام حفظه الله .................
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
مع قرب حلول هذا الشهر الكريم المبارك شهر رمضان ، فإننا نحمد الله تعالى الذي بلغنا وإياكم إياه، فنسأله سبحانه أن يجعلنا وإياكم ممن يصومه ويقومه إيماناً واحتساباً وبعد :
فضيلة الشيخ :
لقد تبوأت مكانة عظيمة بالتقدم لإمامة المسلمين في الصلاة وتحملت مسؤولية القيام برسالة المسجد العظيمة التي هي رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وأنت أهل فإنك محط أنظار أهل الحي ومعقد آمال الدعاة في أن تكون مشعل نور ومصباح هداية وإننا نذكرك الله عز وجل بأن تخلص النية له وأن تراقبه في كل دقيق وجليل .. كما نذكرك عظم المسؤولية الملقاه على عاتقك بأن تحرص على أداء الأمانة على أكمل وجه وأتمه واحتسب ما تبذله من جهد قل أو كثر عند الله عز وجل والله لا يضيع أجر المحسنين ..
هذا وبين أيديكم بعض المقترحات كبرنامج لهذا الشهر المبارك , راجين تنفيذها أو بعضها بحسب المستطاع ، حيث الناس أقرب ما تكون إلى الخير ولإقبال على الله , وكذلك نموذج للذين لا يشهدون الصلاة مع الجماعة ولا يشهدونها إلا قليلاً , وفقكم الله وسدد على درب الخير خطاكم .
فإليك بعض البرامج المقترحة ( على سبيل الذكرى ) :-
1- تهيئة الناس لاستقبال رمضان قبل دخوله بوقت مناسب من خلال حديث الخطباء والأئمة ومجالسهم .
2- اغتنام فرصة حضور الغائبين عن المسجد في غير رمضان ، والتعرف عليهم ، وربط الصلة بهم ( زيارات - هدايا - غيرها )(3/133)
3- إنشاء حلقة لتحفيظ القران الكريم للصغار والكبار مع مراعاة الأوقات المناسبة ووضع جدول مناسب ، وبرنامج للمتميزين ، مثل ( رحلة عمرة - برامج علمية وثقافية- محاولة وضع حفل تجمع فيه الحلقات في المساجد القريبة وتكريمهم بعد استضافة أحد المشايخ وطلبة العلم وينبغي حث الآباء على توجيه أبنائهم إلى حلقات التحفيظ والأنشطة العامة المفيدة والقريبة من هذا المسجد .
4- وضع صندوق لجمع التبرعات تصرف في أنشطة المسجد مثل : المسابقة الشهرية ، ومسابقة الأطفال ، ومسابقة الأسرة المسلمة , ومسابقة المرأة , وغيرها من المشاريع والأنشطة التي تقوم بها جماعة المسجد .
5- توزيع الأشرطة والكتيبات والمطويات والحقائب النافعة بالأسلوب المناسب للرجال والنساء بمعدل كل أسبوع على الأقل ، ويقترح أن توجه طاقات بعض الأطفال والشباب في أن يتولوا التوزيع بأنفسهم .
6- معالجة المنكرات الظاهرة مثل : الأطباق الفضائية ( الدش ) ، مظاهر الانحراف في لباس المرأة وحجابها ، الربا ، ترك الصلاة مع الجماعة وغيرها ، من خلال ( الكلمات ، الفتاوى ، نشر الأشرطة والكتيبات والملصقات ) .
7- العناية بفئة الشباب واستصلاحهم ، وتوظيف طاقاتهم وتوجيهها باشراكهم في تنفيذ بعض البرامج ، وتعويدهم على الخير .
8- توزيع الكتيبات كل أسبوع ، ويفضل توزيعها في الأوقات التي يكثر فيها المصلون .
9- وضع صندوق للمسجد خاص بأسئلة المصلين من الرجال والنساء يجاب عليها في وقت محدد كل أسبوع .
10- نشر فتاوى أهل العلم في المسائل المهمة كسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله والشيخ ابن عثيمين والشيخ ابن جبرين وغيرهم من العلماء .
11- هدية رمضان من جماعة المسجد توزع على سكان الحي وهي عبارة عن كتيب وشريط وبعض النشرات التوجيهية .(3/134)
12- تنظيم مسابقة للصغار في مجموعة من سور القرآن الكريم ، كذلك بعض الأذكار النبوية أو القصص الهادفة وغيرها ، ويتم تكريمهم وإعطائهم الجوائز أمام أولياء أمورهم وجماعة المسجد .
13- تنظيم مسابقة للنساء وذلك بإعداد وتوزيع أسئلة في المصلى ليقمن بالإجابة عليها ووضعها في صندوق خاص عندهن ، ليتم فرز الإجابات الصحيحة وتوزيع الجوائز ، ويفضل ألا تكون الجوائز كلها عبارة عن أشرطة وكتيبات فقط بل يضاف إليها أشياء قيمة تحتاجها النساء .
14- القراءة على المصلين بعد صلاة العصر وقبل صلاة العشاء ، والإهتمام بالمادة المقروءة وتنويعها ومحاولة استغلال الفرص في الإرشاد والتوجيه بين حين وآخر .
15- استضافة بعض العلماء والدعاه لإلقاء الكلمات في الأوقات المناسبة .
16- استضافة بعض أهل العلم لإلقاء دروس خاصة بالنساء ، والإجابة على أسئلتهن ، وذلك في الجوامع المناسبة مع الإعلان عنها في المساجد المحيطة قبل إقامة الدرس بفترة كافية .
17- استضافة رئيس مركز الهيئة في الحي ومحاورته أمام جماعة المسجد ؛ لإقناعهم بدور الهيئة في ضبط السلوك وحماية المجتمع من الشرور .
18- الإهتمام بلوحة إعلانات المسجد ، ووضعها إن لم توجد وذلك بوضع جزء للفتاوى - للدروس والمحاضرات - للفوائد - وجعلها تتجدد بين حين وآخر تحت إشراف إمام المسجد .
19- إصدار مجلة خاصة بالمسجد توزع على المصلين ، وتعنى بالموضوعات التي تناسبهم ، واستقبال مشاركاتهم .
20- تفطير الصائمين في الحي من العمال وغيرهم وحث جماعة المسجد على المشاركة في ذلك .
21- إقامة افطار جماعي لأهل الحي يشارك فيه الجميع بإعداد الوجبات لزيادة الألفة والترابط بين أهل الحي الواحد مع الحذر من الإسراف والتباهي في ذلك .
22- تنبيه المسلمين إلى وجوب إخراج الزكاة وصرفها في مصارفها الشرعية .
23- بيان فضل الإعتكاف ولو ليوم واحد من أيام العشر الأواخر من رمضان .(3/135)
24- بيان فضل الجلوس بعد صلاة الفجر للذكر .
25- بيان فضل ليلة القدر ، وحث جماعة المسجد على تحريها والإجتهاد فيها بالطاعة .
26- الحث على أداء العمرة في رمضان وبيان فضلها .
27- التنبيه على ما يقع من إهمال الآباء لأسرهم والتفريط في مسؤولية رعايتهم أثناء بقائهم في مكة أو المدينة .
28- الإجتماع يوم العيد للسلام والتهنئة بين جماعة المسجد وأهل الحي .
29- تقوية الجوانب العقدية لدى المسلمين ( مثل الانقياد للنص الشرعي ) ( التوكل على الله وتفويض الأمر إليه والثقة بالله وحسن الظن به ) ( الحذر من إتيان السحرة والكهنة والمشعوذين )
30- العناية بدعوى الوافدين ( عرباً وعجماً ) وتصحيح العقيدة وتوثيق الصلة بهم وإجراء المسابقات النافعة وتعليم القرآن وتوزيع الكتيبات والأشرطة لهم .
31- حث جماعة المسجد على العناية بأسرهم وحسن تربيتهم ورعايتهم من خلال حلقات التحفيظ وتعويدهم البذل والإنفاق وإشعارهم مسؤوليتهم في ذلك وتطهير البيوت من آلات الفساد
32- أهمية مشاركة العنصر النسائي في النشاط النسوي من خلال إلقاء الدروس أو إقتراح البرامج المناسبة لهن ، أو تنفيذ بعض المقترحات .
33- جمع مسائل المخالفات الشرعية في صفوف النساء ، أو ما يحتجن لمعرفته من الأحكام والفضائل ويطلب منهن الإجابة على حكمها في الشرع مع الدليل ثم يجب عنها بعد ذلك وتوزع عليهن
34- تفعيل دور جماعة المسجد في الأنشطة إما بالأفكار والمقترحات ، أو التنفيذ أو الدعم أو غير ذلك .
35- استضافة المسلمين الجدد في إفطار يوم من أيام رمضان ، وإحياء بعض معان الأخوة ، وإزالة الحواجز النفسية بين المسلمين .
36- إقامة دورية بين جماعة المسجد لإقامة الألفة بينهم والمودة والتناصح بينهم والتعاون على الخير
37- الحث على الإنفاق وتوجيه مصارفه من خلال خطبة الجمعة والقراءة على المصلين وإلقاء الكلمات والفتاوى المتعلقة بالإنفاق وبيان مصارفه الشرعية .(3/136)
38- الحث على زيارة المرضى في المستشفيات لمواساتهم وإدخال السرور عليهم بمناسبة شهر رمضان ، وتوجيههم لما ينفعهم وجلب الهدايا لهم .
39- اغتنام فرصة الشهر الكريم في تحري الدعوات الجامعة لخير الدنيا والآخرة وما ينفع المسلمين من تفريج كربهم ونصر دعاتهم وفك أسراهم وشفاء مرضاهم .
40- أن يكون لكل إمام مسجد بطانة من أهل الخير يعينونه على تنفيذ البرامج والتوجيهات على مدار العام ، وفي رمضان بصفة خاصة ، ومنهم من يقرأ على الجماعة بعض الأوقات ، ومنهم المشرف على لوحة المسجد وآخر مشرف على مجلة المسجد .
41- أن يكون حديث الإمام في الليل في تفسير بعض الآيات التي ستتلى في صلاة التراويح - أو قيام تلك الليلة - وينبه المصلين على ذلك .
وأخيرا .. فأننا بأمس الحاجة إلى استحضار أن التوفيق والتسديد من الله . - جل وعلا - فلنحرص على سؤال الله - سبحانه - أن ينفع بهذا الجهد ، وأن يبارك فيه ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركات
موقع صيد الفوائد
============
رسالة إلى المريض المسلم
صالح بن علي الشهري
• أيها المريض المسلم .
• يا من رقدت غير مختار على السرير الأبيض .
• يا من فقدت لذة الصحة وحُرمت طعم العافية .
السلام عليك ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
فإن من أعظم نعم الله سبحانه على عباده أن متَّعهم بالعافية ورزقهم الصحة والسلامة ؛ فهي كالتاج على رؤوسهم لا يراه إلا المرضى الذين يرقدون على الأسرة البيضاء يئنون ويتوجعون ، ويتألمون آناء الليل وأطراف النهار وهم تحت رحمة الله جل وعلا ، ثم عناية الأطباء والممرضين لا يملكون لأنفسهم حيلة ، ولا يجدون مهرباً مما هم فيه إلا بفضل الله ورحمته .
من هنا فقد رأيتُ من واجبي أن أكتب هذه الرسالة لإخواني المرضى مواسياً لهم ومشاركاً ، فعسى أن يكون بين أسطرها تخفيفاً لآلامهم وأوجاعهم ، وتذكيراً لنا جميعاً بفضل الله ورحمته . وفيها أقول مستعيناً بالله :(3/137)
• يا من تعلم ُ أن ما أصابك ليس إلا بقدر الله ، أحسن الظن بالله سبحانه وتعالى حتى يهون عليك ما أنت فيه من مرض ؛ فإن الله لطيف بعباده . وتذكَّر قول الحق في الحديث القدسي : (( أنا عند حسن ظن عبدي بي إن خيراً فخير وإن شراً فشر )) رواه أحمد والطبراني وابن حبان .
واعلم أنك متى أحسنت الظن بالله سبحانه شعرت بالرضى ، وهان عليك مرضك لأنك على يقين تام بأن الله لا يُقَدِّر إلا الخير ، ثم أن من قَدَّر عليك المرض ليس إلا أرحم الراحمين الذي هو أرحم بخلقه من الأم بولدها .
• يا من ابتليت في صحتك وعافيتك ، احمد الله تعالى أنَّ ما أصابك من مرض أو ابتلاء لم يكن في دينك ؛ فإن المصيبة في الدين هي الخُسران المبين . واحذر – عافاك الله – من التسخط وإظهار الجزع وعدم الرضا بالقدر فإن ذلك مما لا يليق بالمسلم ولا يجوز له بحالٍ من الأحوال. يقول أحد علماء السلف الصالح : (( ما أصابتني مصيبة إلا حمدت الله عليها لأربع : أن لم يجعلها في ديني ، وأن رزقني الصبر عليها ، وأن لم يجعلها أكبر منها ، وأن رزقني الاسترجاع عندها )) .
• يا من تطمع في رحمة الله تعالى وفضله ، لا تنس أن المرض كفارة – بإذن الله – للذنوب والخطايا . فقد قال صلى الله عليه وسلم : (( ما يصيب المسلم من نصبٍ ( تعب ) ولا وصب ( مرض ) ولا هم ولا غم ولا حزن حتى الشوكة يشاكها ، إلا كفَّر الله عنه من خطاياه )) . رواه البخاري ومسلم .
فاستبشر – أخي المريض المسلم – خيراً بلطف المولى عز وجل ورحمته ، واعلم – شفاك الله – أن مصيبتك أهون من مصيبة غيرك ؛ وأن هناك من هو أشدُّ منك ألماً وأكثرُ وجعاً . قال الشاعر:
في كل بيتٍ محنةٌ وبليةٌ *** ولعل بيتك إن شكرت أقلها
• يا من أخاطت بك الآلام والأوجاع ، احتسب ما تشتكيه من مرض عند الله تعالى فلعل ذلك مُقَدَّرٌ منه سبحانه لرفع منزلتك في الدار الآخرة متى صبرت واحتسبت .(3/138)
قال صلى الله عليه وسلم : (( من يرد الله به خيراً يُصب منه )) رواه البخاري .
ولأن ذلك قد يكون ابتلاءً من الله سبحانه ، فالمؤمن مبتلى لقوله تعالى { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ } [ البقرة : 155 ]. ولما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( إن عظم الجزاء مع عظم البلاء ، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم )) رواه الترمذي والطياسي والبيهقي .
فعليك – أخي المريض – أن تصبر وأن تحتسب الأجر على ما أصابك ، وأن ترضى به امتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم : (( من رَضِيَ فله الرضا ، ومن سَخِطَ فعليه السخط )) رواه الترمذي وحسنه .
قال الشاعر :
إذا أجرى القضاءُ عليك خطباً *** فطب نفساً بما فعل القضاءُ
فكلُّ شديدة ٍ ولها انفراج *** وكُلُّ بلية ٍ ولها انقضاء ُ
وعُذ بالله يكفيك كُلَّ شرٍّ *** فإن الله يفعل ُ ما يشاءُ
• يا من تنشُد الصحة وتبحث عن العافية لا شك أنك تبحث عن أي علاج يمكن أن يعالج مرضك ويشفيك مما تجده من آلام وأوجاع ؛ وهذا أمر مشروع ومأمور به شريطة أن لا يكون حراماً أو غير جائز لقوله صلى الله عليه وسلم : (( إن الله تعالى خلق الداء والدواء ، فتداووا ، ولا تتداووا بحرام )) رواه الطبراني .
فإذا كان العلاج مما أباحته الشريعة فهو أمر جائز شرعاً ؛ أما إذا كان غير ذلك مما فيه سحر أو كهانة أو شعوذة ونحو ذلك مما حَرَّم َ الله تعالى فلا يجوز أبداً لما فيه من الكذب والخداع والتدليس والاحتيال والشر والفساد وأكل أموال الناس بالباطل ، إضافة إلى كونه أمر يقدح في عقيدة الإنسان – والعياذ بالله – فقد قال صلى الله عليه وسلم : (( من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول ، فقد كفر بما أُنزل على محمد )) . رواه أحمد والحاكم عن أبي هريرة – رضي الله عنه - .(3/139)
• يا من فقدت طعم العافية ، لا تُكثر من الشكوى والأنين فقد كان السلف الصالح يكرهون ذلك لما فيه من الضعف وعدم الصبر . وعليك بكثرة الذكر تسبيحاً و تحميداً وتكبيراً وتهليلاً ، واحرص – شفاك الله – على لزوم الاستغفار واللجوء إلى الله سبحانه فإن في ذلك فرجاً ومخرجاً للعبد مما هو فيه من ألم وهم ووجع بإذن الله تعالى .
وأكثر – أخي المريض المسلم – من الدعاء الصادق والإلحاح في الطلب فإن الله جل في علاه يحب من عبده سؤاله ، ومتى عَلِمَ منه الصدق والإخلاص أجابه وحقق رجاءه ورفع عنه ما يشتكيه بعزته وقدرته سبحانه .
• يا من كَثُرت همومك وزادت أوجاعك ، إياك والوقوع فيما يسوله الشيطان لبعض المرضى الذين يظنون أن السبيل إلى نسيان آلامهم والتخفيف من أوجاعهم والترويح عن أنفسهم لا يكون إلا بسماع الموسيقا والغناء والمحرَّم أو الانشغال بمتابعة المسلسلات الهابطة ومشاهدة الأفلام الساقطة التي هي في حقيقة الأمر مرض خطير وداء عظيم . وعليك –بارك الله فيك – أن تحرص على قراءة القرآن الكريم وتلاوته والإكثار من ذلك إضافة إلى مطالعة الكتب النافعة والانشغال بقراءتها ؛ فإن لم تستطع فهناك الأشرطة الإسلامية وما تشتمل عليه من تلاواتٍ مباركة ومحاضراتٍ نافعة وخُطب عظيمة ودروسٍ مفيدة تُشغل ُ بها وقتك وتنسى بها ألمك إضافة إلى ما في استماعك لها من الفائدة والأجر بإذن الله .
• يا من صبرت على ما أصابك واحتسبته عند الله تعالى ، اعلم أن مرضك خيرٌ لك – بإذن الله – لما فيه من أعظيم الأجر وجزيل الثواب ، فعن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( عجباً لأمر المؤمن ، إن أمره كله خير . وليس لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له )) رواه مسلم .(3/140)
وليس هذا فحسب بل إن من كرم الله سبحانه عليك أن يُجري لك الأجر والثواب على أعمال لم تعملها ولكنك كنت تحافظ عليها قبل مرضك . قال صلى الله عليه وسلم : (( إذا مرض العبد أو سافر كتب الله تعالى له من الأجر مثل ما كان يعمله صحيحاً مقيماً )) . رواه البخاري عن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه -.
• يا من مسَّك الله بضرٍّ لا يكشفه إلا هو سبحانه ؛ إياك أن تيأس أو تقنط من رحمة الله سبحانه فإن ذلك مخالف لهدي الإسلام ، واحذر من تمني الموت متى اشتد عليك المرض أو طالت مدته فإن ذلك لا يجوز . قال صلى الله عليه وسلم : (( لا يتمنين أحدكم الموت لضرٍّ نزل به ، فإن كان لا بد متمنياً ، فليقل : اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي )) . رواه أحمد والشيخان عن أنس – رضي الله عنه - .
ولا تحسب – عافاك الله – أن في الموت راحة من الألم وسلامة من الوجع ، فقد يكون المرض سبباً في زيادة الحسنات ومضاعفة الأجر وأنت لا تدري . قال صلى الله عليه وسلم : (( لا يتمنى أحدكم الموت ؛ إما مُحسناً فلعله يزداد ، وإما مُسيئاً فلعله يستعتب ُ )) . رواه أحمد والبخاري والنسائي عن أبي هريرة – رضي الله عنه - .
• يا من منعك المرض من الذهاب إلى بيوت الله في الأرض ، الحذر الحذر من ترك الصلاة خلال فترة المرض أو التهاون في أدائها في أوقاتها ؛ لأن ذلك ذنب عظيم وأمر جسيم ، فترك الصلاة عمداً كفر – والعياذ بالله – كما أفتى بذلك علماء الإسلام ، كما أن التهاون في أدائها ذنب كبير يكون الإنسان منه على خطر عظيم . فعليك – ثبتنا الله وإياك – بالمحافظة على أداء الصلوات في وقتها قائماً أو قاعداً أو مضطجعاً أو مستلقياً أو على قدر استطاعتك .
وليس هذا فحسب بل عليك أن تُذكِّر من هم حولك من المرضى بعظم شأن الصلاة وأهمية المحافظة عليها لا سيما وأن المرضى أحوج ما يكونون إلى ذلك في حال مرضهم .
•• وختاماً :(3/141)
أسأل الله العظيم أن يمنَّ علينا وعليك بالعافية ، وأن يمنحنا صحة الأبدان وسلامتها من الأمراض الباطنة والظاهرة ، وأن يجعلنا جميعاً ممن إذا أنعم عليهم شكروا ، وإذا ابتلوا صبروا ، وإذا أذنبوا استغفروا . كما أسأله سبحانه أن يعافي كل مبتلى ، وأن يشفي كل مريض ، وأن يرحم كل ميت من أموات المسلمين إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على محمد ٍ وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ...
موقع صيد الفوائد
http://www.saaid.net/rasael/14.htm
============
رسالة إلى الموظف المسلم
صالح بن علي الشهري
• أخي الموظف المسلم .
• يا من عليه الإخلاص والإتقان والدقة .
• يا من بيده قضاء بعض مصالح المسلمين .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
فإن الوظيفة وسيلة للعيش الشريف ، والكسب النظيف ، وما من موظف ، إلا وهو مؤتمن على مصلحة من مصالح المسلمين في مجتمعهم ، لذا كان على كل موظف مسلم أن يجعل من وظيفته طاعة لمولاه جل وعلا ، وعبادة يتقرب بها إليه سبحانه وتعالى ... وهنا أوجه هذه الرسالة إلى الموظف المسلم راجياً أن ينفع الله بها فأقول مستعيناً بالله وحده :
• عليك – أخي الموظف – باختيار العمل الشريف الطيب المباح الذي لا يتعارض مع تعاليم الدين الحنيف حتى يكون عملاً مباركاً وكسبه طيباً . قال تعالى : { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ } [ الطلاق : 2-3 ] .
وإياك والعمل الحرام أو العمل الذي فيه شبهة فإن خيره قليل وكسبه خبيث مهما كان كثيراً . صلى الله عليه وسلم : (( إن الحلال بِّين وإن الحرام بِّين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام )) متفق عليه(3/142)
• اتق الله في عملك وراقبه جل وعلا واحرص على أدائه بالشكل الذي يرضاه الله سبحانه ، وتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه )) رواه البيهقي .
ولا تنس أن جلوسك في مكتبك ، وقضائك لحاجة مراجعيك أمانة وعبادة متى احتسبت ذلك عند الله سبحانه . يقول أحد دعاة الإسلام : (( إن المسؤولية في الإسلام مغرم لا مغنم ، فاصرف نظرك أن تظن أن المنصب وسيلة لك إلى السعادة ، فلن يكون إلا إذا جعلته لله سبحانه )) .
• حافظ على مواعيد الحضور والانصراف ، وإياك أن تتأخر أو تتغيب بغير عذر يجبرك على ذلك فكل راع مسؤول عن رعيته ، ولا تنس أن من عَطَّل مصالح المسلمين ولم يقض ِ حوائجهم وهو قادر على ذلك واقع تحت قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( من ولاه الله شيئاً من أمور المسلمين ، فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم ، احتجب الله دون حاجته وخلته وفقره يوم القيامة )) . رواه أبو داود والترمذي .
فالله الله في الحرص على قضاء حوائج المسلمين وعدم تأخيرهم أو تعطيلهم ، واعلم بأن في قضاء حوائج الناس تفريجاً لكربهم ، وتيسيراً لأمورهم . وما أحسن قول القائل :
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه *** لا يذهب العرف بين الله والناس
• كن سهلاً ليناً حبيباً لطيفاً في تعاملك مع مرؤوسيك ومراجعيك ، وعليك بمساعدة من تستطيع منهم ومد يد العون له في حدود النظام ودونما ضرر أو ضرار ، وتذكر أن من يَسَّرَ على مسلم ، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا : (( اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً ، فشق عليهم ، فاشقق عليه. ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به )) رواه مسلم .(3/143)
• احرص على حسن الخُلق مع من يراجعك بأن تحييه وتستقبله بكلمة طيبة ، وتودعه بأحسن منها ، وأن تُنزل كل إنسان منزلته احتراماً لسنة أو لعمله أو لفضله ، وأن تبش في وجهه .
وإياك أن تعده فتخلف وعدك له ، وحاول قدر استطاعتك أن لا يخرج من مكتبك إلا وهو راض ٍ عنك داعياً لك بالخير حتى وإن لم تقض حاجته . ولا تنس قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجهٍ طليق )) رواه مسلم .
وما أحسن قول الشاعر :
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم *** فطالما استعبد الإنسان إحسانُ
• الحذر الحذر من الانشغال بأي عملٍ مهما كان مهماً متى حان وقت الصلاة ، وعليك أن تعوِّد نفسك على إجابة النداء مبكراً ، وأداء الفريضة في وقتها حتى يكون عملك – بإذن الله – عوناً لك على الطاعة . وتذكَّر أنه لا خير في عمل يؤخر المسلم عن أداء الفريضة أو يمنعه من إجابة داعي الله جل في علاه .
فإذا ما فرغت من ذلك فعد مباشرة إلى عملك حتى لا يتعطل سير العمل .
•• وختاماً : تذكَّر – أخي الموظف المسلم – أن جلوسك في مكتبك أو مكان عملك ، ومحافظتك على مواعيد الحضور والانصراف ، وحرصك على أداء عملك بالشكل المناسب ، عبادة من العبادات ، وطاعة من الطاعات التي تتقرب بها إلى الله سبحانه متى صَلُحت نيتك ، واحتسبت ذلك عند الله جلَّ وعلا .
أسأل الله لي ولك التوفيق والسداد والحمد لله رب العباد ....
موقع صيد الفوائد
http://www.saaid.net/rasael/15.htm
=============
رسالة إلى صديق
إلى صديقي الذي لم أره من زمن
إلى أخي العزيز السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... أما بعد :
قد تعجب عندما تصلك هذه الرسالة ، وأنا أعذرك لأننا لم نتقابل منذ فترة ليست بالقصيرة ،و هاأنا ذا أرسل إليك رسالتي هذه مجدداً عهد الصداقة و متمنياً لك دوام الصحة و التوفيق .(3/144)
أخي عبد الله ... أرجو أن تصدقني إذا قلت لك أنه مما يشعرني بالفخر و السعادة التعرف على شاب مثلك ... و إني لأتذكر تماماً تفاصيل تلك الأوقات التي كنا نقضيها مع بعضنا في أنواع الضحك و اللعب ، عندما كنا نظن أننا نشعر بالسعادة .
أعترف يا أخي أنني أخطأت في حقك ... فإنني بعد أن افترقنا وجدت السعادة و الراحة النفسية التي كنا نبحث عنها دائماً ، ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) لقد التحقت بركب الشباب الصالحين الذين لا يربطهم ببعضهم إلا الإخاء و الحب في الله ... لذلك فهم يساعدونك إن عجزت . و يذكرونك إن غفلت . و يروحون عنك إن سئمت . قد خلا لعبهم من السباب ، و خلت حياتهم من المحرمات ، و عاشوا في سعادة عظيمة بعيدة عما عليه الكثير .
يا أخي و صديقي الحبيب ... إنني أخاطب عقلك السليم ، وقلبك الطيب حتى تقرر الآن و تنطلق بلا تكاسل إلى الدرب اللائق بشاب مسلم مثلك .
العمر يمضي ، والشهوات تنقضي ، ولا يبقي إلا الحسرة والألم في الدنيا، و الإثم والعقاب في الآخرة... بالله عليك لا تخذلني!! ولا تتأخر عن إدراك ركب الصالحين، فانني في شوق عظيم إلى الجلوس معك في رفقة الصالحين الذين استثناهم الله في قوله {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ }
أخوك المحب
موقع صيد الفوائد
http://www.saaid.net/rasael/12.htm
=============
رسالة إلى من تنتظر فارس الأحلام
عبدالحكيم بن علي السويد
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
قال رسول الله : { تنكح المرأة لأربع: لدينها، وجمالها، ومالها، وحسبها. فاظفر بذات الدين تربت يداك } فركز النبي على ذات الدين؛ لأهميته. والحياء من الدين.(3/145)
وقال رسول الله مخاطباً الشباب: { يا معشر السباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج }، وهذا فيه حث للشباب على المبادرة إلى الزواج؛ لأنه هو الطريقة الشرعية التي يمكن من خلالها التقاء الجنسين وما يترتب على ذلك من سكن ومحبة ومودة. قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم:21]. وكذلك في الزواج تكثير للنسل وبقاؤه وأيضاً مباهاة النبي للأمم يوم القيامة، فقد قال : { تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة }، وفي رواية: { فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة }.
فأي فتاة تريد ذلك الشاب الذي تعيش في كفنه ويحقق أحلامها ويكون ذلك الرجل العاقل صاحب الدين والخلق الذي يحس بهمومها ويتألم بآلامها ويسعى إسعادها، ويخشى الله فيها.(3/146)
اعلمي يا أخية أن الشاب عندما يريد أن يحقق هذا المطلب الضروري، لابد له من الطرف الآخر وهي شريكة حياته ورفيقة دربه المتمسكة بدينها المعتزة به، الرفيع خلقها، تلك الزوجة الودودة الآن، والأم الحنونة مستقبلاً صاحبة الإحساس المرهف والعواطف الجياشة التي يحيطها الحياء من كل جانب حتى أنها متى فارقها ذلم الحياء اعتبرت الحياة مفارقة لها من شدة تمسكها به، فالحياء أمره عظيم، وهو محمود كذلك عند الرجال، فهذا أشرف الخلق نبينا محمد صلى اله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها، وكذلك الصديق كان يضع رداءه على نفسه إذا ذهب للخلاء لقضاء الحاجة حياء من الله، ولهذا جميع الرجال على اختلاف ميولهم واتجاهاتهم يبحثون عن ذات الحياء عند بدء التفكير في الزواج، وكلما ازداد الحياء عند المرأة كلما زادت الرغبة في الارتباط بها لمن فكر في الزواج، ويزداد تمسكه بها بعد الزواج، فهو من أقوى العوامل التي تجعل الرجل يبحث عنك ويطرق بابك ويتمنى أن تكوني شريكة حياته ورفيقة دربه، وقد يظن كثير من النساء أن الحياء قبل الزواج فقط وهذا خطأ كبير، فالحياء بعد الزواج مطلوب كذلك، فهو بإذن الله يجعل نهر المحبة بين الزوجين دائم الجريان، وحبل المودة دائم الاتصال، ومزرعة الحب يانعة الثمار، فالحياء بالنسبة للمرأة كالرائحة الزكية بالنسبة للوردة، كالماء للسمكة متى خرجة منه هلكت.
ولذلك يجب أن تحرص كل فتاة منذ نعومة أظفارها على هذه الصفة الرائعة الجميلة، وأن تعرض ما يصدر منها سواء كان فعلاً أو كلمة على ميزان الحياء فإن كانت موافقة فالحمد لله، وإن كانت مخالفة فتتركها بلا ندم وتبحث عن الصحيح الموافق للشرع، وقد قال رسول الله : { لا يأمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به } حديث حسن صحيح.(3/147)
فكم فتاة جميلة قامت بعمل تراه حسناً في نفسه، جلب لها الحسرة والندامة، فكان الأزواج يتركون التقدم إليها، أو يتراجعون عن خطبتها إذا علموا بأعمالها وبحثوا عن أخرى ذات حياء ودين.
فكم فتاة جمعت من الصفات الحسنة التي يرغبها الشباب الشيء الكثير، ولكن عندما يعلم هذا الشاب الراغب للزواج عن بعض التصرفات الغير مدروسة، من قبل الفتاة، وقد قامت بها من قبل، فينصرف عنها بغيرها وهو يتمثل قول الشاعر:
وتجتنب الأسود ورود الماء *** إذا كان الكلاب يلغن فيه
وكم من فتاة اجتمعت فيها من الصفات الحسنة التي يرغب بها الشاب المقدم على الزواج الشيء الكثير، ولكن عندما يعلم أن خلق الحياء ضعيف عند هذه الفتاة، يتراجع عن نيته بالزواج منها وهو يتمثل قول الشاعر:
فلا والله ما في العيش خير *** ولا الدنيا إذا ذهب الحياء(3/148)
أخيتي لا يخفى عليك كثرة الفتن في هذا الزمان، وأكثرها موجه ضدك أنت، نعم أنت لأنك ستكونين أماً عن قريب إن شاء الله لعدد من البنين والبنات، فإن ضعفت حتماً سيكون أبناؤك ضعفاء وبالتالى يكون المجتمع ضعيفاً هشاً أعلى اهتماماته شهواته، من مأكل ومشرب وملبس، فاعلمي أخيتي أنك من أقوى الوسائل التي يريد الأعداء التمكن منها، وذلك بأن يستغلوا الفتاة المسلمة بإنشغالها بنفسها، وجعل أكبر اهتماماتها طريقة لبسها وشكل عباءتها، وقصة شعرها ولون حذائها، ومكان سفرها وغير ذلك مما بالغت به المرأة المسلمة في هذه الأيام، حتى إن بعض الفتيات وللأسف أصبحت فتنة في نفسها ولغيرها من شباب المسلمين، وقد قال النبي : { ما تركت فتنة بعدي أضر على الرجال من النساء } ومن ثم تنسى القتاة ما الهدف الذي خلقت من أجله، و تنسى أن أنفاسها معدودة، وآمالها مقطوعة، بعد ذلك تتهاون في أمور دينها، حتى تتفاجأ في نهاية المطاف وعند قرب خروج الروح وتحشرجها في صدرها أنها شاركة أعداء الإسلام من حيث لا تعلم في محاولاتهم لهدم الدين والعفة، وهذه هي الحسرة، وإن ما نشاهده هذه الأيام من مناظر غريبة على ديننا ومجتمعنا وتقاليدنا من بعض النساء المسلمات هو بسبب أن الحياء قد نزع منهن حتى أصبحنا نرى تبرج المرأة في السوق وكثرة الذهاب له بلا حاجة، وإظهار بعض مفاتنها لغير محارمها، والتهاون في حجابها، والتخاطب مع الرجال. عن أبي أسيد الأنصاري أنه سمع رسول الله وهو خارج من المسجد، فاختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال رسول الله : { استأخرن، فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق } فكانت المرأة تلتصق بالجدار، حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به. [صحيح أبي داود].(3/149)
واللبس العاري عند الخروج من المنزل، وسفرها بلا محرم، وركوبها مع السائق بمفردها، والمشي وسط الطرقات وترك جوانبها، وقد قال : { ليس للنساء وسط الطريق } [رواه البيهقي]. وقال النبي : { إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت } [رواه البخاري].
أخيتي اجعلي من نساء السلف قدوة لك، ثم تنبهي لما يحاك ضدك، واعلمي أنهم يريدون إخراجك من هذه القلعة الحصينة العالية وهي قلعة الحياء لتسقطي في أوحالهم التي يعدونها، فتمسكي بحيائك تسعدي في الدارين، ففي الدنيا أي رجل يتمنى أن يبني عشه معك لأنك ستكونين نعم المعينه بعد الله سبحانه وتعالى على أمور دينه ودنياه، ويكون لك نعم الزوج الذي يبذل الغالي والنفيس من أجل سعادتك.
وقد قال النبي : { لا يأتي الحياء إلا بخير } فصاحبة الحياء:
- متمسكة بدينها فخورة به.
- اهتماماتها عالية أخروية.
- عدم اغترارها بمظاهر الدنيا البراقة.
- تخشى الله في سرها وعلانيتها.
- تخاف الله بزوجها بقيامها بحقوقه التي عليها.
- تراعي مشاعر زوجها فهي تفرح لفرحه وتحزن لحزنه.
- محتشمه في لبسها ومظهرها ومعتدلة في إنفاقها.
وأما في الآخرة فأعد الله لك من الأجر ما لا رأته عينك ولا سمعته أذنك، ولا خطر على قلبك، فتمسكي أخيتي بهذا الخلق الجميل، خصوصاً في هذا الزمن الذي كثرت فيه منابر الإفساد على اختلاف مللها ونحلها، والتي تعمل ليل نهار على هدم هذا الصرح الشامخ والقلعة الحصينة والسور المتين في كل فتاة مسلمة ألا وهو الحياء.
وفي الختام.. أذكرك بحديث النبي : { إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عظيم } فمتى تقدم الشاب لخطبتك وانطبق وصف النبي ، فلا تترددي في قبوله بعد التثبت من ذلك، واجتهدي في الدعاء الخالص لله بأن يهب لك الرجل الصالح صاحب الدين والخلق.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
دار الوطن
موقع كلمات(3/150)
http://www.kalemat.org/sections.php?so=va&aid=71
=================
رسالة إلى المتخلفين عن الصلاة
أخي الحبيب …
أحييك بتحية الإسلام تحية أهل الجنة يوم يلقونه سلام ، فسلام الله عليك ورحمته وبركاته ، وبعد :
أأحدثك عن حبي لك ، أو عن إشفاقي ووجلي عليك أم أحدثك حديث غير ذلك كله ؟ أم أحدثك عن أمنياتي وآمالي وطموحاتي ،
نعم عن كل ذلك سأحدثك .
أخي الحبيب …
يجمعني بك رباط أخوة يلبسنا بها كتاب ربنا الكريم ( إنما المؤمنون إخوة ) – المؤمنون - يجمعنا بك نسب عريق فأنت يا أخي ابن الخالد وحفيد لمعاذ وذو رباط بسليمان أنت الذي يجلك ربك بقوله ( ولقد كرمنا بنى آدم ) – الإسراء فعشت بهذا التكريم أسمى مخلوق على وجه البسيطة أنت الذي تدخل في زمام أمة عاشت كل معاني التكريم في قول ربها ( كنتم خير أمة أخرجت للناس) – آل عمران وحديث رسولها : ( أنتم الآخرون السابقون يوم القيامة ) وكل هذا لك أنت لأنك فتى الإسلام وشريانه الحيوي ، أو يحق لك اليوم أن تنسى مل هذه المعالم ولا تعطيها قدرها المرموق ، أين أنت يا أخي عن بيوت الله ؟ كم صلت جمع المسلمين من صلاة أو لم ترهم راكعين ساجدين ، أين أنت يا أخي عن هذه الجموع أين أنت عن القارين والتالين ، بل أين أنت عن سماع الآذان الذي يتردد في أنحاء قريتنا الحبيبة ، أو تصر يا أخي أن تكون نشازا ضد هذا الكون كله ، مصداقا لقول ربك ( ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس ) – الحج : 18- أين أنت يا أخي من سجود الشجر والدواب ، أو تحب يا أخي أن يغلبك وينتصر عليك يا أخي حيوان أو جماد ؟ فيخر ساجدا لله طائعاً له ملبيا لندائه ، وأنت تأبى ذلك كله فوا عتبى عليك يا فتى الإسلام .
أخي الحبيب …(3/151)
تلفت عند تأخرك عن أداء الصلاة من هم أقرانك ؟ من هم الذين يعيشون سمات التخلف ؟ إن لم يكن الشاذين من الناس ، فهم فئة غلبهم الشيطان ، وانتصرت عليهم شهواتهم وأنستهم أهوائهم حق خالقهم ومولاهم ، أ فيسرك أن تكون جليس هؤلاء وتترك ثلل العابدين الطائعين ؟
أخي الحبيب …
قف مع نفسك لحظات وأن تسمع صوت المؤذن – اله أكبر – قدر معنى هذه الكلمة أعطها حقها من الرعاية أ فيسرك أن تكون هذه الكلمة أهون شي عندك ؟ أ فتنسى كل معالم الربوبية ؟ أ فيعجبك أن يردد المؤذن – الله أكبر- وأنت تلوى عنقك عن سماعه ؟ أو ما سألت نفسك لماذا الأمة كلها تستجيب لهذا النداء وأنت الوحيد الذي تكابر ؟ أ فتعاند من خلقك أتجابه من رباك عد لنفسك ذكرها من الذي رباك ؟ من الذي خلقك فسواك ؟ من الذي أمدك بالنعم ؟ من الذي جعلك مخلوقا كريما في أعلى معاني الكرامة ؟ أ فتسنى ذلك كله ؟ لا يا فتى الإسلام فليس ذلك من خلق الكرماء
أخي الحبيب ...
أو نسيت حديث القرآن ( أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون (97) أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون (98) أ فأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ) – الأعراف: 97 ، 98 99 - .
أخي الحبيب …
أو لا تريد الجنة ( فيها ما عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولاخطر على قلب بشر ) أو لا تخاف من النار ( يوم نقول لجنهم هل امتلأت وتقول هل من مزيد ) – ق : 30 – أو لا تخشى لقاء الله : ( إن ربك لب المرصاد ) – الفجر14 –
أخي الحبيب …
الأمل يحدوك إلى التزام المنهج الحق والسير مع الرفقة الصالحة ، فهيا نأخذ بيد بعض إلى أبواب المسجد ، فنغسل كل خطيئة ونلج الى أبواب الرحمن ، وحينها تكتب في عداد الطائعين الصالحين .
أخي الحبيب …
كلى أمل بعد رسالتي هذه أن تكتحل عيني برؤيتك بين صفوف المسلمين في بيوت الله عز وجل فذلك كل ما أتمنى .
موقع منابر الدعوة
http://www.dawah.ws/rasail/d/0010.htm
============(3/152)
رسالة إلى معلم
عائض بن عبدالله القرني
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد ..
فيا أيها الأستاذ ، سلام الله عليك ورحمته وبركاته.
قم للمعلم ووفه التبجيلا *** كاد المعلم أن يكون رسولا
يا وارث علم الرسول صلى الله عليه وسلم ، يا مربي الأجيال ، يا فاتح العقول بذكر الله عز وجل ، جزاك الله عن أمة محمد خير الجزاء ، وأثابك الله على ما تحمله من رسالة إذا كنت تريد الخير ..
أيها الأستاذ : أجيالنا يجلسون أمامك ،
أيها الأستاذ : وضعنا قلوبنا وأكبادنا تستمع لما تقول من لسانك ،
أيها الأستاذ : أما ترى أساتذة البغي والعدوان والباطل كيف ينشرون مبادئهم ومخططاتهم الهدامة ، ألا تنشر فكرك الواضح البناء الذي أتى به محمد صلى الله عليه وسلم ؟؟..
أيها الأستاذ : لئن يهدي بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم ، فاتق الله عز وجل في هؤلاء الشبيبة ، وهؤلاء النشء فانهم يرونك قدوة وأسوة ومعلماً ..
أيها الأستاذ : إن الكلمة الصادقة إذا خرجت من القلب وقعت في القلب ، والكلمة الكاذبة إذا خرجت من اللسان لا تتجاوز الآذان .
أيها الأستاذ : إن النفع عند العقلاء يكون بقدر ما ينتفع الشخص أولاً قبل الناس .
قال تعالى ( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ).
فما مقدار عملك لعلمك ؟..
عليك أيها الأستاذ أن تتقي الله عز وجل فيما تعلمت لتكون صورة حية لهذا الدين ، الذي أتى به محمد صلى الله عليه وسلم .
أيها الأستاذ : كان علماء السلف إذا تعلموا أموراً أعطوها للناس بسلوكهم وبتعاملهم وأخلاقهم ومناهجهم في الحياة .(3/153)
أيها الأستاذ : أساتذتنا من القرون المفضلة خرجوا إلى الشعوب الإسلامية في إندونيسيا وماليزيا فبلغوا دعوة الله بأعمالهم قبل أقوالهم ، فإنا ندعوك اليوم في أول هذا العام الدراسي إلى أن تقدم للشبيبة علماً نافعاً ، وعملاً صالحاً ورسالة خالدة ، وكلاماً مؤثراً ، وأن تتقي الله عز وجل في هذا النشء ، وهذا الجيل الذي ينتظر منك النصح إنهم عطشى أمامك ، فاسكب على قلوبهم من فيض حنانك وودك ما تجعله ان شاء الله بلسماً شافياً .. إنهم جوعى وهم ينتظرون اللقمة الطيبة اللذيذة التي تكمن في تقديم المادة الطيبة من قول الله عز وجل ، وقول رسوله صلى الله عليه وسلم .
سدد الله خطاك ، ونفع بك ، وجعلنا وإياك من المقبولين عنده ، الصادقين في ديوان الخلود ..
موقع منابر الدعوة
http://www.dawah.ws/rasail/d/0009.htm
==============
رسالة إلى مغتاب
صالح الشهري
يا من يذكر أخاه المسلم بما يكره أن يذكر به .
يا من غفل عن خطر اللسان ، وعظيم جرمه .
يا من غفل عن الله سبحانه وهو غير غافل عنه .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد .
فاتق الله سبحانه وتعالى في أعراض الناس واحذر الغيبة ظاهرة كانت أو خفية ، فإنها آفة خطيرة من آفات اللسان ، ومرض عضال من أمراض المجتمع ، ومعصية كبرى حرمها الإسلام ونهى عنها القرآن وحذر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فيها من المضار الشخصية ولما يترتب عليها من المفاسد الاجتماعية سواء في أمور الدين أو الدنيا . لذلك كله أحببت أن أسدي لك النصح وأن أوجه إليك الرسالة التالية وفيها أقول :(3/154)
يا من سلط لسانه على أعراض الآخرين ، لقد حذر الله سبحانه من الغيبة في قوله عز وجل : (ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه ) (سورة الحجرات،الآية :12 ) . لانك متى اغتبت الآخرين وتحدثت عن معابئهم ونقائصهم وسلبياتهم وآذيتهم وكنت كمن يأكل لحومهم ، فهل هناك ابشع من أكل لحم الميت من البشر ؟! وليس هذا فحسب بل قال بعض أهل العلم إن من لم يتب من الغيبة كان ظالما لإخوانه الذين اغتباهم بالعدوان عليهم ، وظالما لنفسه بتعريضها لعقاب الله سبحانه .
يا من تعدى حدود الله وانتهاك حرماته ، إن الغيبة من القبائح الاجتماعية التي لا يليق بمن آمن بالله ربا وبالسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا أن يرتكبها أو يقدم عليها فقد حرمها الله سبحانه ونهى عنها لما فيها من إفساد للمودة ، وقطع لجسور المحبة وأواصر الاخوة ، ولأنها تبذر بذور العداوة بين أفراد المجتمع فتنتشر بينهم الأحقاد والضغائن ومن ثم يقع الخلاف والفرقة .
يا من يضحك بملء فيه وهو لا يدري هل الله راض عنه أم ساخط عليه إياك ومجالس الغيبة ورفاق السوء الذين لا يتوانون عن أكل لحوم الآخرين والخوض في أعراضهم والاستهزاء بهم في الخلق أو الخلق أو الشكل أو النسب أو العمل لأنك متى جالستهم غلبت عليك شقوتهم فإما أن تشاركهم في الباطل وتخوض معهم وإما أن تجاملهم ببعض الكلام أو الضحك أو التبسم أو الاستماع ، وبذلك تكون موافقا لهم وشريكا معهم .
يا من دفعه حقده ودعته كراهيته لاغتياب المسلمين والنيل منهم ، إن من أهم الدوافع للغيبة الحسد فاحذر منه لانه داء عظيم وخطر جسيم يأكل قلب المغتاب ويشغل باله فيريد أن يحط من قدر أخيه عند الناس بغيبته وانتقاص شخصيته وتشويه صورته وسمعته عند الآخرين كذبا وزورا وبهتانا – نسأل الله السلامة .
يا من نسي قوله تعالى ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) ( سورة ق ،الآية 18 )(3/155)
وتطاول على أعراض الناس ليلا ونهارا ، سرا وجهارا، تذكر ان من هتك حرمة أخيه
المسلم هتك الله حرمته لما روى البراء بن عازب – رضي الله عنه – بإسناد جيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يا معشر من آمن بلسانه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم ، فإن من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته ، ومن يتبع الله عورته يفضحه في جوف بيته ). رواه أبو داود وأبو يعلى . واعلم-هدانا الله وإياك – أن الغيبة سلوك مرفوض ورذيلة محضة تنبئ عن تغلغل الفساد في نفس صاحبها وقلبه الأسود المليء بالحقد والضغينة .
يا من اشتغل بعيوب الناس وغفل عن عيوبه ، عليك بتفقد أحوالك وتهذيب أخلاقك ومراجعة نفسك في كل شأن من شئون حياتك فقد قيل في وصف الغيبة إنها ضيافة الفساق ،ومراتع النساء ،وإدام كلاب الناس وليس هذا فحسب بل إنها من صفات الجبناء الذين يغتابون الآخرين في غيابهم ،فإذا لقوهم هشوا إليهم وأظهروا لهم ما لا يبطنون من حقد وكراهية ،فهم بذلك السلوك الخبيث من ذوي الوجهين الذين هم من شرار الناس عند الله سبحانه لقوله صلى الله عليه وسلم :(تجد من شرار الناس يوم القيامة عند الله ذا الوجهين ،الذي يأتي هؤلاء بوجه ،وهؤلاء بوجه) . رواه البخاري ومسلم وغيرهما .
يا من نسي أن الذنب لا ينسى وان الديان لا يموت ،تذكر انك صاحب تجارة خاسرة وبضاعة فاسدة ،لانك تخسر حسناتك-وتعطيها رغما عنك إلى من اغتبت من عباد الله . يروي عن إبراهيم بن ادهم قوله: (يا مكذب ،بخلت بدنياك على أصدقائك وسخوت باخرتك على أعدائك ،فلا أنت بما بخلت به معذور ،ولا أنت فيما سخوت به محمود).(3/156)
يا من ينشر الفساد في الأرض ،ويشجع على ارتكاب المعاصي والمنكرات ،اعلم انك ممن يخلون بآمن المجتمع المسلم ،ويقوضون أركانه ،أما كيف يكون كذلك فإن تعاليم الإسلام تقضي بان يأمن المسلم على عرضه سواء أكان ذلك في حضوره أو في غيبته ،وهذا ما لا يتحقق عندما تغتابه وتذكره بما يكره أن يذكر به لأنك حينئذ تكون قد استطلت في عرضه وآذيته ،والإسلام لا يحب الأذى ولا يرتضيه أيا كان نوعه .
وختاما :
فإذا كان لا بد من أشغال لسانك ،فجنبه الغيبة وهتك أعراض المسلمين ،وسخره للطاعات والمباحات من الأقوال ،واعلم أن خير ما تشغل به لسانك ذكر الله سبحانه لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله).رواه الترمذي واحمد.
وفقنا الله وإياك إلى صالح القول ،وطيب الحديث ،وجميل اللفظ ،وجنبنا الخوض في الأعراض ،والغيبة والنميمة ،والحسد والبغضاء ،وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
موقع منابر الدعوة
http://www.dawah.ws/rasail/d/0001.htm
==============
رسالة إلى نمام
صالح الشهري
سلام الله عليك ورحمته وبركاته … وبعد :
أيها الأخ :
اتق الله سبحانه ،وأحذر من عذابه ،فإن النميمة محرمة بإجماع المسلمين لأنها نقل لكلام الناس بعضهم إلى بعض من اجل الإفساد بينهم . قال تعالى :( ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم ) ( سورة القلم:الآيتان:10 – 11)
وروى حذيفة-رضي الله عنه-قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا يدخل الجنة قتات ) . رواه البخاري ومسلم ،والقتات هو النمام .وفي رواية لمسلم : (لا يدخل الجنة نمام ). لذلك كانت النميمة ذنبا كبيرا ،وداء خطيرا ،وآفة مهلكة ،ضررها عظيم وخطرها جسيم ،فرب كلمة أطلقها صاحبها ولم يلق لها بالا هوت به على وجهه في النار .من هنا كان لزاما علي أن اوجه لك النصح فلعل الله أن ينفعنا وإياك بما نقول ونسمع ،واستعين بالله قائلا :(3/157)
إن النميمة من اخطر آفات اللسان وعثراته التي قد تؤدي به إلى الهلاك .وصدق قول الشاعر :
يموت الفتى من عثره بلسانه وليس يموت المرء من عثره الرجل
من هنا وجب عليك ان تحفظ لسانك من سيئ القول وبذي الحديث وان تترك الثرثرة وفضول الكلام فان : (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعينه) . وما احسن قول الشاعر:
الصمت زين والسكوت سلامة فإذا نطقت فلا تكن مكثارا
فلئن ندمت على سكوتك مرة فلتندمن على الكلام مرارا
واعلم انك قد تساهلت في أمر اللسان ،وغفلت عن خطره ،فعظم جرمه وبان زله ، وأفشيت الأسرار ،فأفسدت العلاقة بين أبناء المجتمع ،ونشرت بينهم العداوة والبغضاء بسبب النميمة .وتذكر-هدانا الله وإياك-قول ابن عباس-رضي الله عنهما –عندما اخذ بلسانه وهو يقول : (ويحك ،قل خيرا تغنم ،أو اسكت عن سوء تسلم ،وإلا فاعلم انك ستندم) . وما ذلك إلا لان اللسان سبع ضار ،وعدو مهلك متى أطلق له العنان .قال الناظم :
أحذر لسانك أيها الإنسان لا يلدغنك إنه ثعبان
قال يحيى بن معاذ : (القلوب كالقدور تغلي بما فيها ،وألسنتها مغارفها ،فانظر إلى الرجل حين يتكلم ،فإنه لسانه يغترف لك مما في قلبه ،حلو وحامض وعذب وأجاج وغير ذلك) .
ولقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : (من يضمن لي ما بين لحييه ،وما بين رجليه أضمن له الجنة) . رواه البخاري . كما صح عنه صلى الله عليه وسلم انه قال : ( إذا اصبح ابن آدم فان الأعضاء كلها تكفر اللسان ،تقول : اتق الله فينا فإنما نحن بك فان استقمت استقمنا، وان اعوججت اعوججنا ) .رواه الترمذي .فاعلم-بارك الله فيك- إن نعمة اللسان من اجل النعم ،ومن اكبر المنن الإلهية علينا وان التساهل في شأنه ،وإشعاله بغير طاعة الله اشد ما يخشى على الإنسان لانه سهل التحرك ،سريع الانفعالات ،ومتى كان ذلك كان الخسران والهلاك-والعياذ بالله(3/158)
لقد أطلقت العنان للسانك وأرسلته بلا زمام ولا خطام ،اعلم أنه ما من شيء أحوج إلى طول سجن من هذا اللسان ،فهو أكبر ما يبتلي به الإنسان ولذلك فهو أمانة عظيمة عليك أن تتقي الله سبحانه فيها وأن تعلم معنى قوله تعالى : (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) (سورة ق،الآية :18). فإن كل كلمة ينطق بها لسانك محسوبة لك أو عليك : (وما ربك بظلام للعبيد )(سورة فصلت،الآية:46).فاحفظ لسانك واستخدمه في الخير وجنبه الزور والإثم والعدوان .قال حاتم الأصم : (لو أن أحدا جلس إليك ليكتب كلامك ،لاحترزت منه ،وكلامك يعرض على الله-عز وجل-فلا تحترز).
لقد قال أهل العلم : (يفسد النمام والكذاب في ساعة ما لا يفسد الساحر في سنة) وما ذلك إلا لان النميمة من أنواع السحر فهي تفرق بين الناس ،وتغير قلوب المتحابين وتشعل نيران الحقد والبغضاء في نفوسهم ،وتفسد على المسلمين معيشتهم لما فيها من ثلم للقيم ،وهدم للأخلاق ،وتعد على الحرمات – والعياذ بالله- .
فعليك بالتوبة إلى الله والإقلاع عن ذلك الفعل الشنيع قبل أن يأتيك ملك الموت وأنت على هذه المعصية فيقبض روحك لتلقي الله سبحانه ،وهو ساخط عليك ،ثم تكب على وجهك في نار جهنم وبئس المصير .فيا من أسرف على نفسه ،طهر لسانك من النميمة ولا تفتش عن زلات العباد وتفسد بينهم ،وبادر بالعلاج قبل فوات الأوان ،ولن يكون ذلك إلا بالإكثار من ذكر الله سبحانه ،والإقبال على الطاعات ،ومراقبة الحي القيوم في كل لفظة ومع كل كلمة .
وختاما :
أسال الله العظيم لي ولك ولإخواننا المسلمين ألسنة صادقة ،وقلوبا سليمة وأخلاقا مستقيمة ،وبعدا عن اللغو والباطل ،وسلامة من الغيبة والنميمة والزور والبهتان ،وان يجعل همنا طاعته سبحانه ،وان نكون ممن إذا ذكروا تذكروا ،وإذا وعظوا اتعظوا ،انه على كل شيء قدير ،وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
موقع منابر الدعوة
http://www.dawah.ws/rasail/d/0002.htm(3/159)
=============
رسالة لصاحب الدش
أخي الكريم :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد
اسمع كلامي ياحبيبي واضحا من غير غشْ
فيما يسميه الأنام بعصرنا: طبقا و"دِشْ"
هو بوق تنصير لقسيس لئيم منتفشْ
هو ضحكةٌ سكْرى ترنُّ، وصوتُ عُهرٍ يرتعشْ
أخي الحبيب .. إليك هذه الكلمات التي خرجت من قلبي فلعلها تصل إلى قلبك، وامتزجت بروحي فلعلها تمتزج بروحك ..
كتبتها بمداد المحبة والصفاء، والنصح والوفاء، فلعلها لاتجد عن نفسك الصافية مصرفا.
أخي .. إني لا أعرفك، وأنت لاشك لا تعرفني،
لكنّ الذي جعلني أكتب إليك هو ذلك الشيء الذي وضعته فوق منزلك ..
يناطح السحاب ويعانق السماء ، ويفتح قلبه لكل وافد، ويصافح بيديه كل قادم ..
قد مد قامته بكل فخر وسرور، وقد رفع رأسه بكل تكبر وغرور.
ثم جلست داخل منزلك كهيئة وقوفه هو خارجه ..!!
فاتكأت على مالطف من الفرش ورقَّ، واسترخيت على السندس والإستبرق،
وأمرت بالمرطبات، وأصناف المأكولات،وأغلقت النوافذ والأبواب،
وتعطرت بالعطور وأنواع الأطياب .. ثم .. تناولت مفتاح الجهاز بيدك، فقلبته كيفما شئت،
ونفسك الأمارة تقول لك .. من مثلك؟ نقل فؤادك حيث شئت من الهوى
هاهو العالم بين يديك فتجول فيه أنى أردت .
فأخذت تتنقل ووجهك تعلوه الابتسامة، ونظراتك تطارد المشاهد المكشوفة،
ولعابك يسيل على المناظر الفاضحة، فمن فيلم إلى مسرحية، ومن رقصة إلى أغنية،
ومن ذنب إلى معصية، ومن صغيرة إلى كبيرة .
فتشاهد في هذه الشاشة البيضاء، ما ينكت في قلبك النكتة السوداء،
فتتوالى هذه النقط السوداء على قلبك الأبيض، حتى يغلب السواد على البياض،
فيموت قلبك، ويبقى جسمك، فتكره كل خير، وتحب كل شر، وتبتعد عن كل معروف،
وتقترب من كل منكر، وتبدو على وجهك آثار كآبة وضيق، وهم عميق .
ورغم كل الملهيات، وما تملكه من مسليات، سوف تصبح معيشتك ضنكا، ولياليك سودا،(3/160)
وسوف تعاني من الاكتئاب، والطفش والحيرة، والتخبط والفراغ .. لأن سيدك ومولاك
يقول : ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى )[ طه : 124]
أخي .. أعرف أنك الآن تغطي عينيك لكي لا ترى شيئا غير جهازك وتغلق أذنيك حتى لا تسمع أحدا سوى تلفازك .
أعرف أنك تجري وتجري .. وأنت لا تفكر إلا بفيلم اليوم وسهرة الليلة .
أعرف أنك تجري وتجري .. وأنت لا تفكر إلا في الشرق ومغرياته، والغرب وملهياته .
أعرف أنك تجري وتجري .. وتلهث وتلهث .
أعرف أنك تجري وراء الشهوات، وتلهث وراء اللذائذ والموبقات .
ولكنك يا أخي .. لا تعرف أن في آخر هذا الطريق حفرة عميقة، ذات هوة سحيقة !!
أخي .. اسمح لي بأن أقف أمام وجهك في منتصف الطريق وأقول لك : قف !!
قف .. وعد إلى ربك .. واتق النار .. اتق السعير .
إن أمامك أهوالا وصعابا، إن أمامك نعيما وعذابا، وأمورا هائلات .
والله الذي لا إله إلا هو .. لن تنفعك الأفلام والسهرات، والرقص والأغنيات .
أخي الحبيب قف .. مع نفسك لحظة .. وأسألها : إلى متى أجري خلف الشهوات ..
وألهث وراء المنكرات .. كم سأعيش في هذه الدنيا ؟ ستين سنة .. ثمانين سنة ..
مائة سنة .. ألف سنة .. ثم ماذا ؟ .. ثم موت .. ثم الحساب فإما النعيم، أو في نار الجحيم وماء الحميم .
أخي .. تخيل نفسك وقد نزل بك الموت، ودخلت القبر ورأيت ظلمته، ووحدته، وضيقه ووحشته .
تذكر .. الملكين وهما يقعدانك ويسألانك .. تذكر .. كيف يكون جسمك بعد الموت ..
تقطعت أوصالك، وتفتت عظامك، وبلي جسمك، وأصبحتَ قوتا للديدان .
تذكر .. يوم تسمع الصيحة .. إنها صيحة العرض على الله .. فيطير فؤادك،
ويشيب رأسك .. فتخرج من قبرك مغبرا حافيا عاريا .
قد رجت الأرض، وبست الجبال، وشخصت الأبصار لتلك الأهوال .
وطارت الصحائف .. وقلق الخائف .. وزفرت النار .. وأحاطت الأوزار..
ونصب الصراط .. وآلمت السياط .. وحضر الحساب .. وقوي العذاب ..(3/161)
وشهد الكتاب .. وتقطعت الأسباب ..
تذكر . مذلتك في ذلك اليوم العظيم، وانفرادك بخوفك وأحزانك، وهمومك وغمومك وذنوبك
فتتبرأ حينها من بنيك، وأمك وأبيك، وزوجك وأخيك .
تذكر .. يوم توضع الموازين، وتتطاير الصحف .
كم في كتابك من زلل .. وكم في عملك من خلل
تذكر .. يوم ينادى باسمك بين الخلائق .. يا فلان بن فلان : هيا إلى العرض على الله،
فتقوم أنت، ولا يقوم غيرك، لأنك أنت المطلوب .
تذكر .. حيئذ ضعفك .. وشدة خوفك، وانهيار أعصابك، وخفقان قلبك ..
وقفت بين يدي الملك الحق المبين، الذي كنت تهرب منه،ويدعوك فتصد عنه ..
وقفت وبيدك صحيفة .. لا تغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصتْها، فتقرؤها بلسان كليل ..
وقلب كسير، قد عمك الحياء والخوف من الله .
فبأي لسان تجيبه حين يسألك عن .. مالك الذي أضعته .. وعمرك الذي أسرفت فيه ..
وعينك التي خنت بها .. وسمعك الذي عصيت به .. بأي قدم تقف غدا بين يديه،
وبأي عين تنظر إليه وبأي قلب تجيب عليه .. !!!
ماذا تقول له غدا .. عندما يقول لك : يا عبدي .. لماذا لم تُجلَّني، لماذا لم تستح مني،
لماذا لم تراقبني ..
يا عبدي .. هل استخففتَ بنظري إليك .
يا عبدي .. ألم أحسن إليك .. ألم أنعم عليك !!
أخي الحبيب .. تذكر .. هذه المواقف العصيبة، والأوقات الرهيبة يوم ينسى الإنسان
كل عزيز وحبيب، ولا ينجو إلامن كان له قلب سليم .
أخي .. قف مع نفسك هذه الوقفة المصيرية، واعلم أنك ما وجدت في هذه الدنيا إلا
للعبادة ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) [ الذاريا ت : 56] ولم تخلق
للهو واللعب والعبث .
( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ) [ المؤمنون : 115] .
أخي .. إني أخاطب فيك دينك .. الذي يحرم هذه المنكرات .
وأخلاقك التي تترفع عن هذه الشهوات .
وعقلك الذي يأبى هذه الترهات .
وقلبك الذي يخاف من هذه الموبقات .
وغيرتك على نسائك العفيفات المحصنات .(3/162)
فانتصر على نفسك .. وتغلب على هواك .. وأخرج هذا ) الدش ) من بيتك،
وسيعوضك الله خيرا منه في الدنيا والآخرة .
أخي .. والله ما كتبت هذه الأحرف، ولا نطقت بهذه الكلمات، إلا لخوفي على وجهك الأبيض .. أن يصبح مسودا يوم القيامة وعلى وجهك المنير .. أن يصبح مظلما .
وعلى جسدك الطري .. أن يلتهب بنار جهنم، فعسى قلبك الطاهر أن يلتقطها ..
ولعل نفسك الصافية تستقبلها ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ناصح
موقع منابر الدعوة
http://www.dawah.ws/rasail/d/0012.htm
=============
رسالة للرجل
القسم العلمي بدار الوطن
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعد، أما بعد :
أخي المسلم الحبيب:
هل خلوت بنفسك يوماً فحسبتها عما بدر منها من الأقوال والأفعال؟ وهل حاولت يوماً أن تعد سيئاتك كما تعد حسناتك؟ بل هل تأملت يوماً طاعاتك التي تفتخر بذكرها؟! فإن وجدت أن كثيراً منها مشوباً بالرياء والسمعة وحظوظ النفس فكيف تصبر على هذه الحال، وطريقك محفوف بالمكارة والأخطار؟! وكيف القدوم على الله وأنت محمل بالأثقال والأوزار؟ قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أتقو الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون، ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم) ]الحشر [18،19:وقال تعالى: (وأنيبوا إلى بكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون)
]الزمر:54[
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، فإن أهون عليكم في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض الأكبر، يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية).
عبادة وخشية:(3/163)
وقد مدح الله تعالى أهل طاعته بقوله: (إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون، والذين هم بآيات ربهم يؤمنون، والذين هم بربهم لا يشركون، والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون، أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون) (المؤمنون57-61: )
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية فقلت: أهم الذين يشربون الخمر ويزنون ويسرقون؟ فقال: (لا يا ابنة الصديق، ولكنهم الذين يصومون ويصلون، ويتصدقون، ويخافون ألا يتقبل منهم، أولئك يسارعون في الخيرات) (الترمذي وابن ماجه واحمد).
أخي المسلم : هكذا كان سلقنا الكرام، يتقربون إلى الله بالطاعات، ويسارعون غليه بأنواع القربات، ويحاسبون أنفسهم على الزلات، ثم يخافون ألا يتقبل الله أعمالهم.
فهذا الصديق رضي الله عنه: كان يبكي كثيراً، ويقول: ابكوا، فإن لم تبكروا فتباكوا، وقال: والله لوددت أني كنت هذه الشجرة تؤكل وتعضد.
وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: قرأ سورة الطور حتى بلغ قوله تعالى: (إن عذاب ربك لواقع) (الطور:7) فبكى واشتد في بكاؤه حتى مرض وعادوه. وكان يمر بالآية في ورده بالليل فتخيفه، فيبقى في البيت أياماً يعاد، يحسبونه مريضاً، وكان في وجهه خطأن أسودان من البكاء!!.
وقال له ابن عباس رضي الله عنهما: مصر الله بك الأمصار، وفتح بك الفتوح وفعل، فقال عمر: وددت أني أنجو لا أجر ولا وزر!!.
وهذا عثمان بن عفان ـ ذو النورين ـ رضي الله عنه: كان إذا وقف على القبر بكى حتى تبلل لحيته، وقال: لو أنني بين الجنة والنار لا أدري إلى أيتهما يؤمر بي، لاخترت أن أكون رماداً قبل أن أعلم إلى أيتهما أصير!!.
وهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنها: كان كثير البكاء والخوف، والمحاسبة لنفسه. وكان يشتد خوفه من اثنتين: طول الأمل واتباع الهوى. قال: فأما طول الأمل فينسى الآخرة، وأما اتباع الهوى فيصد عن الحق.
واعظ الله في القلب:(3/164)
عن النواس بن سمعان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ضرب الله مثلاً صراطاً مستقيماً، وعلى جنبتي الصراط سوران، فيها أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى الصراط داع يدعو يقول: يا أيها الناس!! اسلكوا الصراط جمييعاً ولا تعوجوا، وداع يدعو على الصراط، فإذا أراد أحكم فتح شيء من تلك الأبواب قال: ويلك! لا تفتحه، فإنك إن تفتحه تلجه. فالصراط: الإسلام. والستور: حدود الله. والأبواب المفتحة: محارم الله. والداعي من فوق: واعظ الله يذكر في قلب كل مسلم) (أحمد والحاكم وصححه الألباني).
فهلا استجبت ـ أخي المسلم ـ لواعظ الله في قلبك؟ وهلا حفظت حدود الله ومحارمه؟ وهلا انتصرت على عدو الله وعدوك، قال تعالى: (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً إنما يدعو حزبه ليكونا من أصحاب السعير) (فاطر:6).
عن خالد بن معدان رضي الله عنه قال: ما من من عبد إلا وله عينان في وجهه يبصر بهما أمر الدنيا، وعينان في قلبه يبصر بهما أمر الآخرة، فإذا أراد الله بعبد خيراً، فتح عينيه اللتين في قلبه، فأبصر بهما ما وعد الله بالغيب، وإذا أراد به غير ذلك، تركه على ما فيه ثم قرأ: (أم على قلوب أقفالها) [محمد:24].
أقوال في محاسبة النفس:
كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى بعض عماله: (حاسب نفسك في الرخاء قبل حساب الشدة، فإن من حاسب نفسه في الرخاء قبل حساب الشدة، عاد أمره إلى الرضا والغبطة، ومن ألهته حياته، وشغلته أهواؤه عاد أمره إلى الندامة والخسارة.
وقال الحسن: لا تلقي المؤمن إلا بحساب نفسه: ماذا أردت تعملين؟ وماذا أردت تأكلين؟ وماذا أردت تشربين؟ والفاجر يمضي قدماً لا يحاسب نفسه.
وقال قتادة في قوله تعالى: (وكان أمره فرطاً) [الكهف:28] أضاع نفسه وغبن، مع ذلك تراه حافظاً لماله، مضيعاً لدينه.
وقال الحسن: إن العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة همته.(3/165)
وقال ميمون بن مهران: لا يكون العبد تقياً حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه، ولهذا قيل: النفس كالشريك الخوان، إن لم تحاسبه ذهب بمالك.
وذكر الإمام أحمد عن وهب قال: مكتوب في حكمة لداود: حق على العاقل أل يغفل عن أربع ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلوا فيها مع إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه ويصدقونه عن نفسه، وساعة يخلي فيها بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويجعل، فإن في هذه الساعة عوناً على تلك الساعات وإجماماً للقلوب.
وكان الأحنف بن قيس يجئ إلى المصباح، فيضع إصبعه فيه ثم يقول: حس يا حنيف، ما حملك على ما صنعت يوم كذا؟ ما حملك على ما صنعت يوم كذا؟
وقال الحسن: المؤمن قوام على نفسه، يحاسب نفسه لله، وإنما خف الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة.
إن المؤمن يفجأه الشيء ويعجبه فيقول: والله إني لأشتهيك، وإنك لمن حاجتي، ولكن والله ما من صلة إليك، هيهات هيهات، حيل بيني وبينك. ويفرط منه الشيء فيرجع إلى نفسه فيقول: ما أردت إلى هذا؟ مالي ولهذا؟ والله لا أعود إلى هذا أبداً.
إن المؤمنين قوم أوقفهم القرآن، وحال بينهم وبين هلكتهم.
إن المؤمن أسير في الدنيا يسعى في فكاك رقبته، لا يأمن شيئاً حتى يلقى الله، يعلم أنه مأخوذ عليه في سمعه وفي بصره، وفي لسانه وفي جوارحه، مأخوذ عليه في ذلك كله.
وقال مالك بن دينار: رحمه الله عبداً قال لنفسه: ألست صاحبة كذا؟ ألست صاحبة كذا؟ ثم ألزمها، ثم خطمها، ثم ألزمها كتاب الله عز وجل، فكان لها قائداً.
وقال ابن أبي ملكية: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحد يقول إنه على إيمان جبريل وميكائيل!!
أخي المسلم الموفق :(3/166)
قال الإمام ابن الجوزي: أعجب العجاب أن النقاد يخافون دخول البهرج في أموالهم، والمبهرج آمن!! هذا الصديق يمسك لسانه ويقول: هذا الذي أوردني الموارد، وهذا عمر يقول: يا حذيفة هل أنا منهم ـ يعني من المنافقين ـ والمخلط على بساط الأمن!!
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: (ومن تأمل أحوال الصحابة رضي الله عنهم وجدهم في غاية العمل مع غاية الخوف، ونحن جمعنا بين التقصير، بل التفريط والأمن).
هكذا يقول الإمام ابن القيم رحمه الله عن نفسه وعصره، فماذا نقول نحن عن أنفسنا وعصرنا؟!
فيا أخي الحبيب:
لا تضيع أيامك، فإنها رأس مالك، فإنك ما دمت قادراً على رأس مالك قدرت على الريح، وإن بضاعة الآخرة كاسدة في يومك هذا، فاجتهد حتى تجمع بضاعة الآخرة في وقت الكساد، فإنه يجئ يوم تصير هذه البضاعة فيه عزيزة، فاستكثر منها في يوم الكساد ليوم العز، فإنك لا تقدر على طلبها في ذلك اليوم.
أقسام محاسبة النفس
محاسبة النفس نوعان:
نوع قبل العمل ونوع بعده.
النوع الأول:
محاسبة النفس قبل العمل فهو أن يقف العبد عند أول همه وإرادته، ولا يبادر بالعمل حتى يتبين له رجحانه على تركه. قال الحسن رحمه الله: رحم الله عبداً وقف عند همه، فإن كان لله مضى، وإن كان لغيره تأخر.
النوع الثاني :
محاسبة النفس بعد العمل.
وهو ثلاثة أنواع:
أحدها : محاسبة النفس على طاعة قصرت فيها في حق الله تعالى، قلم توقعها على الوجه الذي ينبغي.
وحق الله تعالى في الطاعة ستة أمور وهي:
الإخلاص في العمل.
النصيحة لله فيه.
متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيه.
شهود مشهد الإحسان فيه.
شهود منة الله عليه فيه.
شهود تقصيره فيه.
فيحاسب العبد نفسه هل وفى هذه المقامات حقها؟
وهل أتى بها جميعاً في هذه الطاعة؟
الثاني : أن يحاسب نفسه على كل عمل كان تركه خيراً من فعله.(3/167)
الثالث : أن يحاسب نفسه على أمر مباح أو معتاد لم فعله؟ وهل أراد به الله والدار الآخرة؟ فيكون رابحاً، أو أراد به الدنيا وعاجلها؟ فيخسر ذلك الربح ويفوته الظفر به.
الأسباب المعينة على محاسبة النفس
هناك أساب تعين الإنسان على محاسبة نفسه وتسهل عليه ذلك منها:
1- معرفته أنه كلما اجتهد في محاسبة نفسه اليوم استرح من ذلك غداً، وكلما أهملها اليوم اشتد عليه الحساب غداً.
2- معرفته أن ربح محاسبة النفس ومراقبتها هو سكنى الفردوس، والنظر إلى وجه الرب سبحانه، ومجاورة الأنبياء والصالحين وأهل الفضل.
3- النظر فيما يؤول إليه ترك محاسبة النفس من الهلاك والدمار، ودخول النار والحجاب عن الرب تعالى ومجاورة أهل الكفر والضلال والخبث.
4- صحبة الأخيار الذين يحاسبون أنفسهم ويطلعونه على عيوب نفسه، وترك صحبة من عداهم.
5النظر في أخبار أهل المحاسبة والمراقبة من سلفنا الصالح.
6- زيارة القبور والتأمل في أحوال الموتى الذين لا يستطيعون محاسبة أنفسهم أو تدرك ما فاتهم.
7- حضور مجالس العلم والوعظ والتذكير فإنها تدعو إلى محاسبة النفس.
8- قيام الليل وقراءة القرآن والتقرب إلى الله تعالى بأنواع الطاعات.
9- البعد عن أماكن اللهو والغفلة فإنها تنسي الإنسان محاسبة نفسه.
10- ذكر الله تعالى ودعاؤه بأن يجعله من أهل المحاسبة والمراقبة، وأن يوفقه لكل خير.
11- سوء الظن بالنفس،فإن حسن الظن بالنفس ينسي محاسبة النفس، وربما رأى الإنسان ـ بسب حسن ظنه بنفسه ـ عيوبه ومساوئه كمالاً.
أخي الحبيب :(3/168)
حق على الحازم المؤمن بالله واليوم الآخر ألا يغفل عن محاسبة نفسه والتضييف عليها في حركاتها وسكناتها وخطواتها وخطواتها، فكل نفس من أنفسا العمر جوهرة نفيسة يمكن أن يشتري بها كنز من الكنوز لا يتناهى نعيمه أبد الآباد. فإضاعة هذه الأنفاس، أو اشتراء صاحبها ما يجلب هلاكه خسران عظيم، لا يسمح بمثله إلا أجهل الناس وأحمقهم وأقلهم عقلاً، وإنما يظهر له حقيقة هذا الخسران يوم التغابن (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمد بعيداً) [أل عمران:30].
أخي الكريم :
كان توبة بن الصمة من المحاسبين لأنفسهم فحسب يوماً، فإذا هو ابن ستين سنة، فحسب أيامها، فإذا هي أحد وعشرون ألف يوم وخمسمائة يوم، فصرخ وقال: يا ويلني! ألقى ربي بأحد وعشرين ألف ذنب؟ كيف وفي كل يوم آلاف من الذنوب؟ ثم خر مغشياً عليهن فإذا هو ميت، فسمعوا قائلاً يقول: (يا لك ركضة إلى الفردوس الأعلى).
كيفية محاسبة النفس
ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله أن محاسبة النفس تكون كالتالي:
أولاً: البدء بالفرائض، فإذا رأى فيها نقصاً تداركه.
ثانياً : ثم المناهي، فإذا عرف أنه ارتكب منها شيئاً تداركه بالتوبة والاستغفار والحسنات الماحية.
ثالثاً : محاسبة النفس على الغفلة ويتدارك ذلك بالذكر والإقبال على الله.
رابعاً: محاسبة النفس على حركات الجوارح، كلام اللسان، ومشي الرجلين، وبطش اليدين، ونظر العينين، وسماع الأذنين، ماذا أردت بهذا؟ ولمن فعلته؟ وعلى أي وجه فعلته.
فوائد محاسبة النفس
ولمحاسبة النفس فوائد جمة منها:
1- الإطلاع على عيوب النفس، ومن لم يطلع على عيب نفسه لم يمكنه إزالته.
2- التوبة والندم وتدارك ما فات في زمن الإمكان.
3- معرفة حق الله تعالى فإن أصل محاسبة النفس هو محاسبتها على تفريطها في حق الله تعالى.
4- انكسار العبد وزلته بين يدي ربه تبارك وتعالى.(3/169)
5- معرفة كرم الله سبحانه وتعالى وعفوه ورحمته بعباده في أنه لم يعجل عقوبتهم مع ما هم عليه من المعاصي والمخالفات.
6- مقت النفس والإزراء عليها، والتخلص من العجب ورؤية العمل.
7- الاجتهاد في الطاعة وترك العصيان لتسهل عليه المحاسبة فيما بعد.
8- رد الحقوق إلى أهلها، وسل السخائم، وحسن الخلق، وهذه من أعظم ثمرات محاسبة النفس.
قطار العمر
أخي المسلم:
قال الفضيل لرجل: كم أتى عليك؟ قال: ستون سنة. قال له: أنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك يوشك أن تصل!!
وقال أبو الدرداء : إنما أنت أيام، كلما مضى منك يوم مضى بعضك.
فيا أبناء العشرين ! كم مات من أقرانكم وتخلفتم؟!
ويا أبناء الثلاثين! أصبتم بالشباب على قرب من العهد فما تأسفتم؟
ويا أبناء الأربعين! ذهب الصبا وأنتم على اللهو قد عكفتم!!
ويا أبناء الخمسين ! تنصفتم المائة وما أنصفتم!!
ويا أبناء الستين ! أنتم على معترك المنايا قد أشرفتم، أتلهون وتلعبون ؟ لقد أسرفنهم!!
وفي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أعذر الله إلى من بلغه ستين سنة).
أخي الحبيب :
كم صلاة أضعتها؟ .. كم جمعة تعاون بها؟ .. كم صيام تركته؟ … كم زكاة بخلت بها؟ … كم حج فوته؟ … كم معروف تكاسلت عنه؟ … كم منكر سكت عليه؟ … كم نظرة محرمة أصبتها؟ … كم كلمة فاحشة تكلمت بها؟ … كم أغضبت والديك ولم ترضهما؟ … كم قسوت على ضعيف ولم ترحمه؟ .. كم من الناس ظلمته؟ … كم من الناس أخذت ماله؟ ..
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع؟ فقال: (إن المفلس من آمتي يأتي يوم القيامة بصرة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطي هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار) [مسلم].(3/170)
إنا لنفرح بالأيام نقطعها وكل يوم مضى يدني من الأجل
فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهداً فإنما الربح والخسران في العمل
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
موقع منابر الدعوة
http://www.dawah.ws/rasail/d/0021.htm
===============
رسالة من جماعة المسجد لمن لا يشهد صلاة الفجر
الأخ العزيز والجار الكريم/........... وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد :
فمن منطلق وصية الإسلام بالجار ، نبعثُ إليك هذه الرسالة وكلنا رجاءٌ أن تجدَ قلباً للخير مفتوحاً وأُذُناً لكلِمة الحق سامعةً ، ولولا طمعُنا في حسن استجابتك للحقِ لما كتبنا إليك حرفاً واحداً.ولا نكتُمُك سرورنا بحسن جِوارِك ، وغِبطتنا بحفاظِك على الصلواتِ جماعةً في المسجدِ ، وهذا كافٍ في تأكيد حقك .ولسنا - أيها الأخ الكريم - نلحظ عليك أمراً نربأ بمثلك عنه ، إلا غيابك عن جماعتنا في صلاة الفجر ، ونحن على ثقة من معرفتك بحقها ، وعظيم شأنها وأن أداءها مع الجماعة يُبرئ ساحةَ المرءِ من النفاق، ويستحق جزاء عليها الجنة ، بنص كلامِ الصادقِ المصدوق صلى الله عليه وسلم إذ يقولُ ( من صلى البردين دخل الجنة ) ويمنحُه وعداً بالنجاة من النار لقوله صلى الله عليه وسلم ( لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ) -يعني الفجر والعصر- هذا مع كونه في ذمة الله وحفظه لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء) .وصلاةُ الفجر هي الصلاة التي من صلاها في جماعة كان كمن صلى الليل كله ؛ قال عليه الصلاة والسلام : ( من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله) وهي التي تشهدها الملائكة لقوله تعالى ( وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً) . ولعظم أمرها ، وشدة خطرها. كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تنتابهم الظنُون السيئةُ بمن(3/171)
يتخلف عنها ؛ قال ابن عمر رضي الله عنهما : كنا إذا افتقدنا الرجل في الفجر والعشاء أسأنا به الظن ، ولقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء والفجر ، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً.فالبدار البدار -أخي المسلم- لشهود هذه الصلاة التي تجدد الإيمان وتحيي القلوب ، وتشرح الصدور ، وتملأ النفس بالسرور ، ويثقل الله بها الموازين ويعظم الأجور.أخي المسلم : إن لذة الدقائق التي تنامُها وقت الفجر لا تعدل ضَمّةً من ضمّات القبر ، أو زفرة من زفرات النار، يأكل المرءُ بعدها أصابعه ندماً أبد الدهر ، يقول : ( رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت) .فتباً للذة تعقب ندماً ، وراحة تجلب ألماً.أيها الأخ الفاضل : تذكر نعمة الله التي تتوالى تباعاً عليك وانظر في حال قوم ينام أحدهم ورأسه مثقل بالهموم والأحزان وبدنه منهك من التعب بحثاً عن لقمة يسد بها جوعته ، يستيقظ صباح كل يوم إما على أزيز المدافع ، أو لفح البرد أو ألم الجوع ، وحوله صبية يتضاغون جُوعاً ، ويتلَّوون ألماً ، وأنت هنا آمِنٌ في سِرْبِك ، معافىً في بدنك ، عندك قوتُ عَامِك ، فاحذر أن تُسلبَ هذه النعمة بشؤم المعصية ، والتقصير في شكر المنعم جل وعلا.أخي : هل أمنت الموت حين أويت إلى فراشك ، فلعل نومتك التي تنامها لا تقوم بعدها إلا في ضيق القبر.فاستعد الآن ، مادمت في دار المهلة ، وأعد للسؤال جواباً ، وليكن الجواب صواباً.نسأل الله أن تكون ممن يستمعون الحق فيتبعون أحسنه ، وأن يختم لنا ولك بخاتمة السعادة ، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته ، إنه ولي ذلك والقادر عليه.وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جماعة المسجد
موقع منابر الدعوة
http://www.dawah.ws/rasail/d/0015.htm
===========
رسالة من الشيخ ابن عثيمين(3/172)
من محمد بن صالح العثيمين (رحمه الله تعالى) إلى الابن/الابنة ...... حفظه الله تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد فقد سألتني بارك الله فيك أن أضع لك منهجا تسير عليه في حياتك وإني لأسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعا لما فيه الهدى والرشاد والصواب والسداد وأن يجعلنا هداة مهتدين صالحين مصلحين فأقول :
أولاً : مع الله عز وجل :
1- احرص على أن تكون دائما مع الله عز وجل مستحضراً عظمته متفكراً في آياته الكونية مثل خلق السموات والأرض وما أودع فيهما من بالغ حكمته وباهر قدرته وعظيم رحمته ومنته وآياته الشرعية التي بعث بها رسله ولا سيما خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم.
2- أن يكون قلبك مملوءاً بمحبة الله تعالى لما يغذوك به من النعم ويدفع عنك من النقم ولا سيما نعمة الإسلام والاستقامة عليه حتى يكون أحب شيء إليك .
3- أن يكون قلبك مملوءاً بتعظيم الله عز وجل حتى يكون في نفسك أعظم شيء . وباجتماع محبة الله تعالى وتعظيمه في قلبك تستقيم على طاعته قائما بما أمر به لمحبتك إياه تاركاً لما نهى عنه لتعظيمك له .
4- أن تكون مخلصاً له جل وعلا في عباداتك متوكلاً عليه في جميع أحوالك لتحقق بذلك مقام { إياك نعبد وإياك نستعين }. وتستحضر بقلبك أنك إنما تقوم بما أمر امتثالا لأمره وتترك ما نهى عنه امتثالا لنهيه فإنك بذلك تجد للعبادة طعما لا تدركه مع الغفلة وتجد في الأمور عونا منه لا يحصل لك مع الاعتماد على نفسك.
ثانياً : مع رسول الله صلى الله عليه وسلم :
1- أن تقدم محبته على محبة كل مخلوق ، وهديَه وسنته على كل هدي وسنة .
2- أن تتخذه إماما لك في عباداتك وأخلاقك بحيث تستحضر عند فعل العبادة أنك متبع له وكأنه أمامك تترسم خطاه وتنهج نهجه. وكذلك في مخالقة الناس أنك متخلق بأخلاقه التي قال الله له عنها } وإنك لعلى خلق عظيم { ومتى التزمت بهذا فستكون حريصاً غاية الحرص على العلم بشريعته وأخلاقه.(3/173)
3- أن تكون داعياً لسنته ناصراً لها مدافعاً عنها فإن الله تعالى سينصرك بقدر نصرك لشريعته.
ثالثاً : عملك اليومي غير المفروضات :
1- إذا قمت من الليل فاذكر الله تعالى وادع بما شئت فان الدعاء في هذا الموطن حري بالإجابة واقرأ قول الله تعالى { إن في خلق السموات والأرض } حتى تختم سورة آل عمران وهي عشر آيات.
2- صَلِّ ما كتب لك في آخر الليل واختم صلاتك بالوتر.
3- حافظ على ما تيسر لك من أذكار الصباح. قل مائة مرة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
4- صل ركعتي الضحى .
5- حافظ على أذكار المساء ما تيسر لك منها .
رابعاً : طريقة طلب العلم :
1- احرص على حفظ كتاب الله تعالى واجعل لك كل يوم شيئا معينا تحافظ على قراءته ولتكن قراءتك بتدبر وتفهم.وإذا عنّت لك فائدة أثناء القراءة فقيدها.
2- احرص على حفظ ما تيسر من صحيح سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ومن ذلك حفظ عمدة الأحكام.
3- احرص على التركيز والثبات بحيث لا تأخذ العلم نتفاً .. من هذا شيء ومن هذا شيء لأن هذا يضيع وقتك ويشتت ذهنك.
4- ابدأ بصغار الكتب وتأملها جيدا ثم انتقل إلى ما فوقها حتى تحصل على العلم شيئا فشيئا على وجه يرسخ في قلبك وتطمئن إليه نفسك.
5- احرص على معرفة أصول المسائل وقواعدها وقيد كل شيء يمر بك من هذا القبيل فقد قيل " من حرم الأصول حرم الوصول".
6- ناقش المسائل مع شيخك أو من تثق به علماً وديناً من أقرانك ولو بأن تقدر في ذهنك أن أحداً يناقشك فيها إذا لم تمكن المناقشة مع من سَمّينا .
هذا وأسأل الله تعالى أن يعلمك ما ينفعك وينفعك بما علمك ويزيدك علماً ويجعلك من عباده الصالحين وحزبه المفلحين .... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
موقع طريق الإسلام
============
رسالة إلى مسافر
القسم العلمي بدار الوطن
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه - أما بعد : -(3/174)
أخي … يا من أعددت حقائب السفر قف معي قليلاً .
أخي ماذا نويت بسفرك هذا ؟
إن كانت نيتك طيبة فاستبشر بقوله صلى الله عليه وسلم : (من هم بحسنه فلم يعملها كتبها الله عنده حسنه كاملة) رواه البخاري
وإن كانت نيتك غير ذلك فأحذر من قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (إنما الدنيا لأربعة نفر :
1- عبد رزقه الله مالاً وعلماً فهو يتقي فيه ربه ويصل رحمه ويعلم لله فيه حقا: فهذا بأفضل المنازل
2- وعبد رزقه الله علماً ولم يرزقه مالا فهو صادق النية يقول : لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان، فهو بنيته فأجرهما سواء.
3- وعبد رزقة الله مالا ولم يرزقه علماً يخبط في ماله بغير علم ولا يتقي فيه ربه، ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم فيه حقا فهذا بأخبث المنازل .
4- وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علماً فهو يقول: لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان فهو بنيته: فوزرهما سواء) رواه أحمد والترمذي وصححه
هذا إن كنت عازماً على المعصية متى ما تيسرت لك .
أما إن تركتها لله فاستبشر بقوله صلى الله عليه وسلم : (ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة) رواه البخاري.
• فأحذر يا أخي، وأحذري يا أختي أن تتمنيا أن تكونا مثل فلان وفلان ممن سار في ركب الشيطان، واعلما: (أن النية قد تبلغ مالا يبلغ العمل) •
أي الأسفار تختار ؟
• السفر ثلاثة أنواع:
1- سفر محمود وهو إما واجب: كالحج، وطلب العلم، والخروج من بلد الكفر إلى بلاد الإسلام.
أو مستحب : كزيارة الأقارب والعلماء .
أو مباح: كالخروج لطلب المال حتى يكف نفسه عن السؤال
2- أو مكروه: كالخروج من بلد الوباء وفيه انتفت النية .
3- سفر مذموم: وهو إما حرام: كسفر العاق لوالديه، أو الذي يقصد الفساد.
قيل لبعض العلماء : أي الأسفار أفضل؟ قال: (الأفضل هو الأعوان على الدين)
قارن
قارن حالك مع من يذهب إلى مخيمات اللاجئين ليعين إخوانه، ويبذل جهده ووقته في ذات الإله تعالى وحده، ابتغاء مرضاته ونفعاً للمسلمين.(3/175)
قارن حالك مع من يذهب إلى الأكباد الجائعة في أفريقيا لينفق في سبيل الله من ماله أو ما آتاه الله.
قارن حالك مع من يذهب للدعوة إلى الله، ونشر الإسلام، وانتشال من استطاع من براثن الجهل، والشرك، والضلال، فيا فوزك إن كنت مع هؤلاء الرهط الصالحين!
من صاحبك في السفر ؟
أيها المسافر :
الوحدة في السفر مذمومة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو أن الناس يعلمون من الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده) رواه البخاري . وذلك لأضرار الوحدة في الدين والدنيا .. كحرمانه من صلاة الجماعة، وحصول الوحشة والتعرض إلى المخاطر ، وفقدان المؤنس والصديق وغير ذلك.
وحسبك هذا التوجيه النبوي في اختيار الصحبة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة) متفق عليه
وأحذر أن تقول يوم القيامة: (يا ويلتى ليتني لم اتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا) الفرقان الآيتان: 28-29
وتذكر قوله صلى الله عليه وسلم : (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) رواه الترمذي وحسنه
وأحذر من التقييم المزيف والمدح الكاذب، قال صلى الله عليه وسلم : (يقال للرجل ما أعقله، ما أظرفه، وما أجلده، وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان) متفق عليه .
حكم السفر إلى بلاد الكفار وبعض البلاد الإسلامية التي فيها منكرات وتكشف وسفور بقصد السياحة والنزهة.(3/176)
• يقول الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين: (إن كان القصد التمشية والنزهة فنرى أن هذا السفر مكروه ولا ينبغي، لكثرة الفتن والأخطار، أما إن كان القصد الدعوة والتعليم ونشر الدين والنصح والتوجيه فنرى أن هذا السفر مستحب وفيه أجر لما فيه من إظهار شعائر الإسلام ومحاسنه والرد على من خرج عنه أو خالفه.
أما إن كان القصد التجارة وتنمية المال فيجوز سفرك بغير كراهة بشرط القدرة على إظهار الدين والجهر به، والتمسك بتعاليم الإسلام، أما إن كنت لا تقدر في هذا السفر على إظهار الدين كأن تضطر إلى أن تحلق لحيتك أو تترك الصلاة مع الجماعة، أو تترك الأذان للصلاة والنداء لها، وأنتم جماعة، أو كنت تخاف على نفسك من المداهنة أو التنازل عن بعض الأمور الشرعية، أو الوقوع في شيء مما يقع فيه المشركون من عبادة القبور، أو الذبح لها مجاراة للمشركين، من عبادة القبور، أو الذبح لها مجاراة للمشركين، فهنا يحرم السفر وإن كان لتجارة) من رسالة: المفيد في تقريب أحكام المسافر، ص119
الآثار المترتبة على السفر إلى بلاد الكفار:
• يقول الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله - يقول جل وعلا: (ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا) والآيات الدالة على عداوة الكفار للمسلمين كثيرة، والمقصود أنهم لا يألون جهداً ولا يتركون سبيلاً للوصول إلى أغراضهم وتحقيق أهدافهم في النيل من المسلمين إلا سلكوه، ولهم في ذلك أساليب عديدة، ووسائل خفية وظاهرة، فمن ذلك: ما تقوم به بين وقت وآخر بعض مؤسسات السفر والسياحة من توزيع نشرات دعائية تتضمن دعوة أبناء المسلمين لقضاء الإجازات الدراسية وغيرها في ربوع أوربا وأمريكا بحجة تعلم اللغة، ووضع برامج شاملة لجميع وقت المسافر.
وتهدف هذا النشرات إلى تحقيق عدد من الأغراض الخطيرة منها ما يلي:
1- العمل على انحراف الشباب المسلمين وإضلالهم.(3/177)
2- إفساد الأخلاق والوقوع في الرذيلة عن طريق تهيئة أسباب الفساد وجعلها في متناول اليد.
3- تشكيك المسلم في عقيدته.
4- تنمية روح الإعجاب والانبهار بحضارة الكفرة.
5- دفع المسلم للتخلق بالكثير من تقاليد الكفار وعاداتهم السيئة.
6- التعود على عدم الاكتراث بالدين الإسلامي وعدم الالتفات لآدابه وأوامره.
7- تجنيد الشباب المسلم ليكونوا من دعاة السفر إلى بلاد الكفر بعد عودتهم من هذه الرحلة وتشبعهم بأفكار الكفرة وعاداتهم وطرق معيشتهم. كما أنصح أولياء أمور الطلبة خاصة بالمحافظة على أبنائهم، وعدم الاستجابة لطلبهم بالسفر إلى الخارج لما في ذلك من الأضرار والمفاسد على دينهم وأخلاقهم وبلادهم كما أسلفنا . من رسالة : دليل المسافر: ص52-53
من زرع حصد :
فيا لهف قلب من علق قلوب أبنائه وبناته بالسفر إلى بلاد المعاصي حتى صارت همهم وشغلهم الشاغل، فلا تأتي أجازه إلا وهم يسألون ويتشوقون للسفر لتلك البلاد.
فيا من علقت قلوب أبنائك وبناتك بالسفر لبلاد المعاصي: ستحصد في الدنيا حينما يكبر بك العمر أو تصاب بمرض تخليهم عنك حين تطلبهم فتجدهم مسافرين!
وستحصد في الآخرة حين تسأل عنهم أمام الله: كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فتكون إجابتك أنك فرطت في المسؤولية في تنشئة أولادك تنشئة صالحة.
وستحصد في الآخرة حين تخسر قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل لترفع درجته يوم القيامة فيقول: أنى لي هذا؟ فيقال: باستغفار ولدك لك) .
وهنيئا لمن رعى مااستؤمن عليه، حين يجد ما عمل من خير محضراً .
للمرأة فقط هناك امرأة نزعت حجابها بعد صعودها للطائرة ولما وجه لها أحد الأخوة النصيحة الغالية قالت: (مطاوعة) حتى في الطيارة!!
أختي هل هذه المرأة عرفت لم تحجبت ؟ إنها تعتقد أن الحجاب عادة وتقليد من عادات مجتمعها، فمتى فارقت هذا المجتمع تركت هذه العادة.(3/178)
كيف يقر لها قرار وهي تعلم أنها من المعنيات بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما.. ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وأن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا) أخرجه مسلم
أختي ..اعلمي أنك تتحجبين لأن الله خالقك ورازقك ومن إليه مرجعك؛ أمرك بقوله تعالى (ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ) الأحزاب (59).
فأنت مأمورة بالحجاب في كل مكان لأنك مهما سرت فأنت في ملك الله ومادمت في ملكه فلا مناص لك من اتباع أمره.
سفر المرأة بدون محرم
حذر الشارع من سفر المرأة بدون محرم فعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم) رواه الشيخان
ممنوع دخول المسلمين
(المسارح، الأماكن المختلطة، المقاهي ، السينما …) لو فكرت بالدخول فقبل ذلك أسأل نفسك هذه الأسئلة:
• هل ترى فيها الوجوه الطيبة الخيرة التي تذكرك بالله عز وجل ؟!
• هل تحب أن يأتيك الموت وأنت فيها ؟!
• وهل إذا دخلها ابنك تعلّم فيها برك وطاعتك؟!
• وهل إذا دخلها ابنك تعلّم فيها الفضيلة وحسن الخلق؟!
• وهل تحب أن يكتب في صحيفة عملك أنك دخلت هذه الأماكن!
لا تنس أن عن يمينك ويسارك من يكتب جميع أعمالك وفي الختام تذكر قوله تعالى : (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) الإسراء ، الآية:36
شرب الخمور والمخدرات
أخي المسافر:
أحذر الاقتراب من أم الخبائث والقائدة إلى الرذائل وتذكر قوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) المائدة، الآية: 90
أحذر الإدمان فإن أوله كأس تشرب .
• وهل ترضى أن تكون ملعونا على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم؟(3/179)
• وهل تقوى على طينة الخبال التي توعد الله بها شاربي المسكرات – قالوا يا رسول الله وما طينة الخبال؟ قال: (عرق أهل النار أو عصارة أهل النار) رواه مسلم
القمار عندما ترى إنساناً يحمل ورقة نقدية ويرميها في سلة المهملات فإنك لأول وهلة تتصور أن هذا الرجل فاقد لعقله، فإنك تتفق معي أن العاقل لا يمكن أن يفعل ذلك أنه يحس بقيمة هذه النقود وفائدتها.. فلتعلم إذاً أنه يوجد من هذه الفئة أناس كثيرون، وممن يتمتعون بكامل قواهم العقلية.. بل ويجدون في ذلك لذة ومتعة.
أليس الذين يلعبون القمار كذلك … ؟؟؟
لا بل هم أعظم من ذلك لأنهم يجمعون بين خسارة المال وعذاب الآخرة، بين سفاهة الدنيا وعذاب الآخرة… إن الله منحنا هذا المال ليؤدي وظيفة مهمة، وليكون لنا زاداً في هذه الحياة الدنيا، فكيف نفرط فيه هذا التفريط؟!!
للعقلاء قد تسمع عن المغني الفلاني والمغنية الفلانية، فأنت لست بحاجة أن أبين لك تحريم ذلك فقد قال تعالى: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين) لقمان الآية: 6
وقال النبي صلى الله عليه وسلم (ليكونن من أمتي قوم يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف) رواه البخاري
ولكن ألست معي أن الأغاني بمجمعها تدور حول الحب والتعلق بالمحبوب وتحث على الزنا ؟!
أخي هل سمعت بعاطل عن العمل سارع للعمل بعد سماع الأغاني ؟!
أخي هل سمعت بعاق لوالديه برهما بعد سماع الأغاني ؟!
أخي هل سمعت بفاشل في دراسته تفوق بعد سماع الأغاني ؟!
أخي هل سمعت بعاص لله تاب وأقلع بعد سماع الأغاني ؟!
أخي هل سمعت بأمة قامت وعزت على أكتاف مغنيها ؟!
وبعد .. ما هو هدفك في سفرك ؟
إن كنت صادقاً بطلبك الجو البارد، والمناظر الخلابة، والأرض الخضراء فستجد ذلك ولله الحمد في مناطق بلادك العزيزة، وإن كنت تنوي غير ذلك قف مع قول الشاعر:
أتفرح بالذنوب وبالمعاصي *** وتنسى يوم يؤخذ بالنواصي(3/180)
قد تتساءل وتقول أين أقضي إجازتي ؟ أين أقضي وقت فراغي؟
أخي … يعتقد بعض الناس أن وقت الإجازة وقت لهو ولعب وأن تنظيمه والاستفادة منه يخالف ما من أجله وضعت العطلة .. ألست ترى معي يا أخي أن هؤلاء يعدون الوقت مشكلة ونقمة؟
أخي إذا كان عمرك في هذه الحياة محسوباً بالدقائق والأنفاس ، فإن معنى ذلك أن كل دقيقة تمضي من وقتك تبعدك عن الدنيا وتقربك للآخرة ، ومعنى ذلك أن الدقيقة التي تمضي من وقتك دون فائدة تعد خسارة، ووبالاً عليك .. قد تخسر بعض المال وتستعيده، قد تفقد شيئا وتجده لكن هل تستطيع استرداد ساعة من وقتك بعد فواتها؟
لم لا تستغل هذه الأوقات :
1- في قراءة القرآن واستذكار ما حفظته.
2- في قراءة كتب نافعة.
3- في زيارة الصالحين.
4- في زيارة الأرحام والأقارب.
5- في زيارة المقابر.
6- في زيارة المستشفيات سواء دور العجزة أو المعاقين أو المستشفيات العامة.
7- في الدعوة إلى الله في الهجر والبوادي.
8- في السفر إلى المناطق التي ليس فيها محاذير .
9- في السفر إلى بعض بلاد الفقيرة لتقديم المساعدة .
توجيهات هامة للمسافر
1- قدم الاستخارة فإن الله تعالى أجرى العادة بسلامة العاقبة عند حصول ذلك .
2- إذا حصل العزم ابدأ بالتوبة واخرج من مظالم الخلق واقض ما أمكنك من ديون وإذا تعذر القضاء استأذن من صاحب الدين .
3- اطلب رضا والديك والسماح لك بالسفر .
4- يستحب أن تكون الرفقة ثلاثة فأكثر .
من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وتوجيهاته في السفر
وأخيراً : إليك أخي المسافر هذه القبسات من الهدي النبوي في السفر :
• كانت أسفاره صلى الله عليه وسلم دائرة بين أربعة أسفار: سفره لهجرته، سفرة للجهاد وهو أكثرها، سفره للعمرة ، سفره للحج .
• الخروج يوم الخميس، من أول النهار .
• الدعاء عند الاستواء على دابة السفر، التكبير إذا علا ثنية، والتسبيح إذا نزل وادياً .(3/181)
• التعجيل بالرجوع إلى الأهل بعد قضاء الوطر من السفر، وعدم مفاجأتهم بالدخول عليهم ليلاً.
• قصر الصلاة الرباعية، والفطر في شهر رمضان لمن كان سفره سفر طاعة .
فتاوى تهم المسافرين إلى الخارج
س : بعض المسافرين عند سفره إلى بعض بلاد الكفر أو بلاد المسلمين التي ينتشر فيها السفور والتكشف، يتساهل بكشف امرأته لوجهها بل أحياناً تكشف شيئا من شعرها بحجة أن أحداً لا يعرفها، وإذا نصح قال: إنها لو تسترت كاملاً لكانت ملفتة للنظر، فما حكم فعله؟
ج : فعله خطأ وجهالة، فإن الواجب عليه أن يأمرها بستر وجهها وشعرها وستر قدميها وساقيها ويجب عليه أن يمنعها من التكشف ولو كانت في بلاد غريبة ولو كان أهل تلك البلاد يستكرون الحجاب أو إذا تحجبت لفتت أنظارهم بل حتى لو كانوا ينظرون إليها أو يصورونها عندما تستتر أو نحو ذلك.. كل ذلك لا يمنعه من أن يلزمها بالتستر والاحتجاب حسب الاستطاعة والقدرة . لكن في بعض البلاد حتى البلاد الإسلامية إذا رأوها متسترة منعوها من الدراسة ونحوها، وجعلوها مخيفة أو مرهبة وضايقوها مضايقة شديدة في كل مكان، فهنا قد يكون هذا عذرا لها في أن تكشف وجهها أو بعضه عند شدة الضرورة وبقدر الحاجة فقط من غير توسع في ذلك. الشيخ ابن جبرين
س : هناك بعض العوائل التي تدعي التقدم والمدنية ترسل بناتها للدراسة في الخارج بمفردهن، فما حكم ذلك؟
ج : هذا لا يجوز أبداً، فأين الغيرة والأنفة من المنكرات ومن إقرارها؟ لا شك أن هؤلاء الذين يرسلون بناتهم ليدربهن الكفار الرجال قد ذهبت الغيرة والحمية من نفوسهم فإنهم مسؤولون عن هؤلاء البنات، ولو طلبت البنت أصلا أن تذهب فذهابها محرم أنها تذهب مع غير حرم، ثم أنها تتعلم على يدي رجال أجانب عنها مع تعرضها للفاحشة والفتنة منها أو بها، زيادة على أنها تتأثر غالبا بفتن الشبهات التي لا يسلم منها مثلها في تلك البلاد. الشيخ بن جبرين.
موقع صيد الفوائد
===============
رسالة إلى مصطاف(3/182)
محمد بن عبدالله الهبدان
أيها الأخ المبارك : هذه رسالة كتبتها بمداد الحب وسطرتها وقد سكبت فيها من روحي لعلها تصل إلى روحك .. لا بل تصل إلى سويداء قلبك فتلامس شغافه .. كتبتها وأنا أسائلك أن تصحبني بعقلك الذي يمنعك من ارتكاب كل قبيح , بعيداً عن التشنجات والمغالطات والمهاترات التي لا تغني من الحق شيئاً ..
إني أريدك يا أخي أن تأخذ ما سأطرحه عليك بكل موضوعية , وبكل إنصاف بدون أي انحياز لرغبات النفس وشهواتها فالعدل مطلوب والإنصاف واجب والظلم ظلمات يوم القيامة ..(3/183)
أيها الأخ المبارك : إن موضوعي معك هو ما تفكر فيه الآن , وتبحث عن مكان يناسبك ويلائمك أنت وأسرتك وربما أعددت العدة له .. نعم هو النزهة والترفيه عن النفس .. إننا لا نعتب عليك بادئ ذي بدء أن تفكر في هذا الموضوع فالنفس مجبولة على ذلك وهي فطرة الله التي فطر الناس عليها ولا نعتب عليك أن تأخذ أسرتك وأولادك في نزهة برية أو رحلة خلوية أو غيرها , وإن غير ذلك يعتبر مصادمة للواقع ولذا عندما لقي حنظلة رضي الله عنه أبا بكر قال له نافق حنظلة , قال أبو بكر : سبحان الله! ما تقول ؟ قال قلت : نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالجنة , حتى كأنا رأي عين , فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات , فنسينا كثيراً قال أبو بكر : فوالله , إنا لنلقى مثل هذا , فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم , قلت : نافق حنظلة يا رسول الله ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وما ذاك؟) قلت : يا رسول الله ! نكون عندك , تذكرنا بالنار والجنة , حتى كأنا رأي عين , فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات , فنسينا كثيراً ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده إن لو تدمون على ما تكونون عندي في الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم , ولكن يا حنظلة ! ساعة وساعة – ثلاث مرات ) إذن لا بد من الترويح عن النفس .. لابد من التخفيف عنها .. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ساعة وساعة ..
وهنا أخي العزيز يأتي دور الأهواء والرغبات في فهم كلام النبي صلى الله عليه وسلم ( ساعة وساعة ) وصدق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه حينما قال :
( أخاف عليكم اثنتين : اتباع الهوى , وطول الأمل , فإن اتباع الهوى يصد عن الحق , وطول الأمل ينسي الآخرة ).(3/184)
ساعة وساعة .. نعم ساعة وساعة لكن هل يعني ذلك أنها ساعة للطاعة وساعة للمعصية !؟ هل المراد ساعة لربك , وساعة لنفسك تفعل فيها ما تشاء وتختار !؟ إن هذا المفهوم لا يمكن أن يحتمله كلام النبي صلى الله عليه وسلم , أو أن يفهم منه إذ كيف يتصور أن يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بمعصية ربه , والتعدي على حدوده ؟! وانتهاك محارمه ؟! أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يغضب لنفسه , ولكن إذا انتهكت محارم الله اشتد غضبه , واحمر وجهه .. فكيف يأذن إذاً بالمعصية وهذا منهجه ؟ وهذه طريقته ؟ سبحانك هذا بهتان عظيم .. إن المفهوم الصحيح لقول النبي صلى الله عليه وسلم ساعة وساعة هو ساعة لطاعة الله عز وجل , وساعة يلهو بلهو مباح كما هو ظاهر الحديث والذي يوافق روح الشريعة الغراء .. يقول الله عز وجل : { وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ } [القصص : 77] هاهو ربك عز وجل يأمرك أن تستعمل ما وهبك من المال الجزيل والنعمة الطائلة في طاعة ربك والتقرب إليه بأنواع القربات التي يحصل لك بها الثواب في الدار الآخرة { وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا } مما أباح الله فيها من المآكل والمشارب والمساكن والمناكح .. فأي دين أعظم من هذا ؟ وأي شريعة أكمل من هذه الشريعة ؟ التي راعت بين جوانب الحياة كلها وأعطت كل ذي حق حقه .
أيها الأخ العزيز : إن الإسلام لا يقف في وجهك حجر عثرة عن التنزه والترفه إذا كان ذلك وفق الضوابط الشرعية التي تكفل لك ولأسرتك السلامة والعافية في الدارين ..(3/185)
ولكن إذا صاحب ذلك تفريط وإفراط هنا يأتي التحذير والمنع لا من أجل حرمانك من التمتع ؟ كلا , بل من أجل المحافظة عليك من أن تحيط بك السيئات من كل جانب فتهلك فتكون من الخاسرين .. ما أجمل والله أن تكون النزهة عامرة بذكر الله عز وجل والمحافظة على فرائض الله .. ما أجمل أن يكون لك بهذه النزهة عبرة ومدكر فكما أنك لا تبني في هذه النزهة قصوراً ولا تؤمل فيها آمالاً , لأنك على يقين من أن لك داراً في المدينة ستعود إليها .. كذلك فإن عليك أن تعلم أن هذه الدنيا دار فناء وأن لك دار أخرى تنتظرك فماذا أعددت لها ؟ ما أجمل أن تكون تلك النزهة في ذلك الهواء الطلق , والسماء الصافية , والألوان الزاهية التي تجعلك تنظر وتتأمل في نجوم السماء وأفلاكها والتي قد لا تراها في المدن فتكون ممن قال الله فيهم { الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } ما أجمل أن تحمل بعض الكتب النافعة والأشرطة المفيدة فتهديها إلى من حولك أو ممن تراه في رحلتك . ما أجمل تلك الرحلة التي تجمع بين المتعة والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهما أمران لا يتعارضان , ما أجمل تلك النزهة التي تكون فيها النكتة المباحة , والفائدة الممتعة .. ما أجمل والله ذاك الرجل الذي أخذ أسرته وذهب بهم للترويح البريء بمكان خال من أعين المتلصصين على عورات الناس ومحارمهم .. هذه كلها صور جميلة ولكن الذي يكدر الخاطر ويؤنب الضمائر , ما نراه في بعض تلك المنتزهات الجماعية أو ما تسمى بالعائلية من مشاهد مقززة من تبرج وسفور وارتفاع لأصوات النساء .. حتى وصل الأمر ببعض النساء أن تستخدم أرجوحة الأطفال والأجانب ينظرون !! ويجري هذا تحت سمع وبصر الأولياء !! فيا سبحان الله ! أوصل حالنا إلى ما نرى ؟!(3/186)
أفقدت الغيرة؟! أذبحت الأخلاق ؟!
أخي العزيز .. رجائي أن لا تفر بسمعك أو بقلبك عن حديثي .. أخي هل يمكن لك أن تنبسط مع أولادك وأهلك في مثل تلك التجمعات ؟ هل يمكن لزوجتك أن تأخذ راحتها وأنسها وتتأمل في ملكوت الله تعالى والناس من حولها .. الأسرة بقرب الأسرة !؟ ثم كم من الشباب الذين يترصدون لاصطياد الفتيات في تلك التجمعات ؟ والذين لا هم لهم إلا النظر في عورات الناس ؟ وكم من الشباب الذين نراهم في سيارتهم وقد رفعوا أصوات الموسيقى الصاخبة فهل يمكن أن تعمل شيئاً ؟ وهل يمكنك أن لا تسمع تلك الأصوات أولادك وأسرتك ؟ وكم من المشاهد ستراها أنت بنفسك لا تحل لك ؟ فمن الذي يبيح لك رؤية النساء المتبرجات ؟ وهل يمكنك في تلك الأماكن أن تغضن طرفك ؟ وإن غضضته عن تلك فهل يمكن أن تغضه عن الأخرى وغيرها ؟ إن حديثي إليك بهذه الصراحة لعلمي أنك رجل تقدر شعائر دينك حق قدرها ؟ وتضع لها الأولويات في حياتك ؟ ولا يمكن أن تعمل شيئاً إلا بعد أن تعرف حكم الله تعالى فيه لأنك رضيت بهذا الدين ورضيت بالله رباً وبمحمدا صلى الله عليه وسلم نبياً .. ولذا قد تقول لي إن لها إيجابيات وأوافقك على ذلك ولكن سلبياتها أكثر من إيجابياتها ، وإذا كان كذلك فدرء المفسدة مقدم على جلب المصلحة . ولعلك يا أخي لا تقتنع بكلامي هذا وتقول إن هذا ضرب من التعجيز والتعقيد والدين يسر !! وأقول لك بلسان المشفق ربما لن يستيقظ قلبك إلا إذا لدغت – لا سمح الله – عندها لن ينفع ندم ..
ثم يا أخي العزيز ... ربما قلت إنني أجد ضغطاً من أسرتي وإلحاحاً ، فأقول لك قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ } وأعلم أنك مسؤول أمام الله عن هذه العورات التي أخرجتها من بيوت ساترة فلا تجعلها أما الناس سافرة ..(3/187)
أخي الفاضل : لعلك تقول بلسان حالك أو بلسان مقالك شخصت لنا الداء ولم تشخص لنا الدواء ومنعتنا من التنزه في تلك المنتزهات المختلطة ولم تذكر بديلاً عنها ، وهاهنا أنبهك إلى أمر عظيم غفل عنه الكثيرون وغاب عن بال آخرين ألا وهو ذلك الخطأ الفادح والأمر المشين وهو مطالبة المسلم دائماً بالبدائل في كل شيء منع منه وحرم عليه ، مع أن الواجب على المسلم أن يقول سمعنا وأطعنا { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [النور:51] هذا هو الأصل بالمؤمن فيما جاءه عن الله ورسوله من الأوامر والنواهي ، المبادرة والسمع والطاعة ولذلك يخاطب الله تعالى عبادة المؤمنين بأجل الأوصاف وأحبها إليهم لاستجاشة قلوبهم : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }[الأنفال:24] ، وهكذا كان الجيل الفريد أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من الاستجابة الحية لأوامر الله ورسوله بدون تردد ولا تلكع فهاهم ( لما نزلت آيات الخمر في تحريمه ، لم يحتج الأمر إلى أكثر من مناد في نوادي المدينة " ألا إن الخمر قد حرمت " فمن كان في يده كأس حطمها ، ومن كان في فمه جرعة مجها ، وشقت زقاق الخمر وكسرت قنانيه .. وانتهى الأمر كأن لم يكن سكر ولا خمر ) إذاً لماذا كلما ذكرنا أمراً محرماً أو يؤدي إلى الحرام طالبنا الناس بقولهم : ما هو البديل ؟ وكأن القائل يقول إذا لم تحضروا لي بديلاً لن أتراجع عما أنا فيه من المخالفة والعصيان وذلك ورب الكعبة لهو الخسران المبين قال تعالى : { لِلَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم(3/188)
مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ } [الرعد:18] ويقول سبحانه : {اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُم مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٍ } لأالشورى:47] .
هذا أصل يجب أن يتربى المسلمون عليه ينشأ عليه الصغير ويهرم عليه الكبير .
ولا بأس أ أذكر لك بعض البدائل التي تحضرني وكما قيل الحاجة أم الاختراع فمن البدائل :
الاستراحات .. فهذه الاستراحات نفست عن كثير من الناس فيخرج الرجل مع أسرته ويقضي وقته معهم بأنس وسعادة دون مضايقات ولا معاكسات هادئ البال ، قرير العين مطمئن النفس . فهذه واحدة .
والثانية : استغلال أماكن المنتزهات في أوقات خلوة الناس كبعد صلاة الفجر على سبيل المثال فإن من يتأمل خروج الناس يلحظ أن السهرة تبدأ قرب غروب الشمس إلى ساعات متأخرة من الليل ثم بعد ذلك يخلو المكان فيمكن للرجل أن يخالف هذه العادة ويستمتع بهذا المكان سواء كان على الساحل أو نحوه في مثل هذه الأوقات .
الرابعة : الذهاب إلى بيت الله الحرام لأداء مناسك العمرة ، والبقاء بقرب الرحاب الطاهرة ولا مانع أن يتخلل تلك الرحلة المباركة زيارة إلى مصائف الطائف الجميلة فتستمتع أنت وأسرتك بالهواء العليل والأرض الخضراء والمناظر الخلابة فتكون بذلك قد جمعت بين الحسنيين فعل الطاعة والترويح عن النفس .
وأخيراً ينبغي لك أيها المبارك عند عودتك للمنزل أن تتذكر ما الذي عاد عليك من هذه النزهة ؟ فمن وجد خيراً فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ..
اللهم اجعلنا لك شاكرين ، لك ذاكرين ، لك تائبين ، واجعلنا من عبادك الصالحين المصلحين واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
موقع صيد الفوائد(3/189)
============
رسالة أخوية إلى طالب
أبو سلمان
أخي الفاضل :
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
أتذكر يوم أن بدأنا عامناالدراسي الحالي , لقد كان بالأمس القريب يومها كنا ننظر إلى نهايته على أنها بعيدة , لكن الأيام مضت , والأسابيع انقضت , والأشهر ولت ووصلنا إلى نهايته أو كدنا .
وكما مضت هذه الأيام سريعا فيوشك العمر أيه الحبيب أن يمضي , وملك الموت أن يحل ضيفا علينا , ومفرق الجماعات وهادم اللذات أن ينزل بساحتنا ..... شئنا ذلك أم أبينا .
لا أدري ولا تدري متى يكون ذلك اليوم ؟.....
قد يكون اليوم أو الغد أو بعد غد .. وقد يكون بعد أيام أو أسابيع أو أشهر .. وقد يكون بعد أعوام ...لكن الشيء الذي أدريه وتدريه جيدًا أن الموت ضيف لابد نازل ( كل نفس ذائقة الموت )
أخي الكريم : أنت الآن في مرحلة مهمة من عمرك مضى السن الذي كان يتحمل منك فيه الخطأ وحل عليك العمر الذي أخذ فيه الملك قلمه ونشر صحائفه ليكتب كل لفظ تلفظه وكل عمل تعمله ولن يختم هذه الصحائف إلا بانتقالك إلى مآلك, وفراقك لآلك .
لقد انتقلت أخي من مرحلة الطفولة إلى مرحلة التكليف , انتقلت من عالم إلى عالم آخر , وأصبحت مرحلة الطفولة بالنسبة لك ذكرى لن تعود .......
أخي : اسمح لي أن أقول لك : أعد النظر في حياتك .....
أعد النظر في تفكيرك وهمومك , في لسانك ومنطقك , في أفعالك وتصرفاتك ....
فلم يعد يقبل منك اليوم ما كان يقبل منك فيما سبق : فلقد أصبحت رجلا ً.
أصلح حالك مع ربك وأخلص له في جميع شأنك , حافظ على الصلوات الخمس حيث ينادى بهن في جماعة , تذكر دائما أن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته , فإن صلحت فقد أفلح وأنجح , وإن فسدت فقد خاب وخسر .
تقرب إلى مولاك بالنوافل بعد الفرائض ألا تريد الفوز بمحبة الله تعالى ( لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ) .(3/190)
بر والديك وأحسن إليهما واعلم أن ربك سبحانه قرن حقه بحقهما ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ) .
أعد النظر في أصحابك واعلم أن الصاحب ساحب, والأخلاق تعدي , وأن ( المرء على دين خليله )
صاحب الأخيار تجد لديهم المتعة والأنس والسرور وزوال الهموم مع ما أعده الله للمتحابين فيه.. أما علمت أن المتحابين في الله تحت ظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله , أما سمعت بالحديث القدسي الذي رواه الترمذي وأحمد ( قال الله عز وجل : المتحابون في جلالي على منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء) .
أما صديق السوء فهو شؤم عليك في الدنيا والآخرة وهو رأس كل بلية ، وسبب كل شر .
ألا يكفيك من شؤمه وعاره أنك تُعرف به في الدنيا فيقال صاحب فلان وصديقه .
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي
كم رأينا والله من الشباب الطيبين من طلاب الحلقات وغيرهم ممن تحولوا عن طريق الصلاح والاستقامة إلى طريق الانحراف والغواية بسبب أصدقاء السوء .
ألا يكفيك ما تشعر به معهم من ضعف الإيمان ، ورقة الدين ، والسكوت عن المنكر، والمداهنة في دين الله ، ثم بعد ذلك العداوة والبراءة منك يوم القيامة ( الأخِلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين )
أخي عجل التوبة قبل الممات واستعد قبل أن يقال فلان مات .
لماذا تؤخر التوبة ؟
أما علمت أن السعادة الحقيقية هي بطاعة رب الأرض والسماوات ، أما علمت أن ممن يظل تحت ظل عرش الرحمن يوم لاظل إلا ظله (شاب نشأ في طاعة الله ) ، أما علمت أن المرء يسأل يوم القيامة عن شبابه فيما أبلاه ، أما تعلم أن الشباب مرحلة النشاط والقوة والحيوية ، ثم يعقب ذلك مرحلة الضعف والشيبة ( الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير) .
فكيف تؤخر التوبة والطاعة إلى زمن الضعف والعجز ؟(3/191)
ألا تخش أن يُختم على قلبك فيحال بينك وبين التوبة فلا تستطيعها أبداً .
أخي : أطلت عليك أعلم ذلك, لكنها كلمات خرجت من محب لك يأمل أن تصادف قبولاً لديك وما بقي أكثر مما قلت ولعل فيما سبق الكفاية .
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته
شبكة أنا المسلم
=============
رسالة من القلب
بدرية العزاز
أخواتي في الله.. أحييكن تحية الإسلام
فسلام الله عليكن ورحمته وبركاته
أخواتي.. هذه رسالة، لكن لا أقول خطها قلمي، وإنما أقول خطَّها قلبي.. فكل حرف، وكل كلمة، إنما انتزعتها من أعماق قلبي لتصل لمن أحب وصول الماء للظمآن.
آه ثم آه على ابنة الإسلام.. مالي أراها وقد خارت قواها، مالي أراها وقد خلعت وشاح القيادة وسلمته لمن لا تستحقه؟ لِمَ هذا؟ ولم ذاك؟
لِمَ؟ لِمَ؟ لِمَ؟
شتان ما بين القائد والمقود، شتان ما بين الآجر والمأجور، أنت يا من أطلقتها صرخة دوَّت لها أرجاء الدنيا.. واهتزت لها جنبات الكون.. ورددت صداها الجبال الشامخات والرياح العواصف.
الله ربي لا إله سواه
محمد رسولي وقدوتي ومعلمي
القرآن منهجي ودستوري
ابنة الإسلام
قد كان لك من الثبات ما لا تحركه العواصف العاتيات ومن الصلابة ما لا تهزه الرياح المجلجلات..
ولكن مالي أراك تتراجعين؟.. مالي أراك تتعثرين؟ مالي أراك تضعفين؟
ما الذي أصاب درع إيمانك حتى نُخر؟ ما الذي اعترى فيض عزمك حتى أدمى؟
لعل حنين الموضة أنساك السندس والإستبرق؟ لعل رنين المجوهرات أبعدك عن الياقوت واللؤلؤ والمرجان؟ لعلّ أثاثك المبثوث قد حجب عنك القصور الحسان وما وعد الرحمن؟
هل طربت لنهج المرأة الغربية؛ وشاقك زيف حياتها حتى ظننت أن لا خير في سواه؟ إن كان ذاك فاستمعي لصوت المرأة الغربية متمثلاً في إحدى أديبات الغرب المشهورات وهي تخاطب أحد المحاضرين المسلمين حين تحدَّث عن بعض مستحقات المرأة الغربية؛ حيث قالت: "إذا كانت المرأة عندكم على ما تقول، فخذوني أعيش عندكم ستة أشهر ثم اقتلوني".(3/192)
استحلفك الله يا ابنة الإسلام
انهضي فالوقت ما زال فيه بقية.. فالعيون شاخصة تنتظر نهوضك بأعين دامعة.. ونفوس محطَّمة وقلوب دامية..
أختاه..
لا تبخلي بوقتك.. أختاه لا تضنّي بجهدك؛ فنساء العالم ينتظرنك ِلتخلصيهن من هموم التمدن.. وويلات التحرر.. وأمراض التحلل.
هيا يا ابنة الإسلام
هيا انزعي الحُجب عن عينيك.. وانطلقي بما يحويه قلبك من إيمان.. ونفسك من عزم.
يا حفيدة خديجة وأسماء وفاطمة.. ويا خير نسل لآسيا بنت مزاحم التي صمت آذانها عن أجراس المجوهرات واستعلت على صيحات الموضة وأطلقت نداءها الرباني حين قالت: {رب ابن لي عندك بيتاً في الجنَّة ونجِّني من فرعون وعمله...} [التحريم: 66].
ولتكن لنا يا أُخيات الإسلام صيحة كصيحة آسيا ولنقل معاً:
"ربنا ابن لنا عندك بيوتاً في الجنَّة ونجِّنا من الدنيا وزخرفها"
اللهم آمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موقع لها أون لاين
=============
رسالة إلى صاحب مقهى إنترنت....
إني لا أخاطب جاهلا سفيهاً .. ولا متمرداً عنيداً .. ولا طاغية شديداً .. بل أخاطب أخاً حبيباً .. ومسلماً مجيباً .. نعم إني أخاطبك يا صاحب هذا المقهى .. أخاطب فيك عقلك .. أخاطب فيك غيرتك .. أخاطب فيك شهامتك ورجولتك .
أخي صاحب المقهى .. كيف يَقِرُّ لك قرار .. أم كيف يطيب لك منام .. وقد تضرر من مقهاك المئات .. نعم .. لقد فتحت لهم المجال لرؤية الماجنين والماجنات .. والمفسدين في الأرض والمفسدات .. لقد فتحت لهم وكراً لمشاهدة الرذيلة والحرام ..
أخي صاحب المقهى .. أظن شفتيك تتحرك .. وتقول .. " إنما فتحت المقهى للإطلاع والفائدة .." .. وأقول لك .. انظر إلى مقهاك .. من هم روّاده .. ومن هم عوّاده .. أهم من المثقفين .. أم من الأطباء والمهندسين .. أخالك ستقول .. "بل من الشباب المراهقين " ....الذين لا همّ لهم إلا متابعة المفسدين والمفسدات .. ومشاهدة الساقطين والساقطات ..(3/193)
وإن لم تقتنع بكلامي .. فاختر أي جهاز لديك ..ثم ألق نظرة على المواقع المخزنة فيه .... بعدما تراه .. أعتقد أنك ستتبين خطورة الأمر .. وفداحته .. ثم .. لِمَ وُضعت تلك العوازل والستائر بين الأجهزة .. وبطريقة تثير الريبة ؟؟
أخي صاحب المقهى .. أليس فيك غيرة على دين الله .. ترى محارم الله تُنتهك .. فلا تهتز منك شعرة .. ولا تنسكب من عينك دمعة ..
ثم يا أخي العزيز .. هب أن أحد أبنائك سقط في هذا الوحل .. وأدمن الولوج فيه .. فماذا سيكون حالك .. بل ماذا ستكون حياتك .. ستكون بلا شك .. جحيماً متحركة معك .. قال صلى الله عليه وسلم .." لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه "
أخي صاحب المقهى .. إن الكفرة والملحدين .. لا ينظرون إلى مصدر رزقهم من أين جاء .. بل همهم الربح .. والربح فقط ..
و " كل جسد نبت من السحت فالنار أولى به " .. ولا تنس أيضاً أنك ستُسأل عما كسبت يمينك .. " ولا تزول قدما عبد حتى يُسأل عن أربع " وذكر منها .. " وعن ماله فيما اكتسبه وفيما أنفقه " .. أما أنت فحاشاك ذلك .. وأحسب أن صنيعك هذا .. كان عن جهل أو زلة قدم ..
أخي صاحب المقهى .. أيليق بك أن تستمر في هذا الدرب المظلم .. أيجدربك أن تكون همتك في كسب حفنات من الدراهم ترضى أن يضل شباب المسلمين ويتعرفوا على سبل الغواية بسببك .. اعْلم أنه من سنّ سنة سيئة كان له وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ..
ويا أخي .. إن الله أعطاك المال ليستخلفك به في الأرض .. لا أن تَضل وتُضِل به .. وما هكذا تشكر النعمة .. ولا يكون تزكية المال ..
أخي صاحب المقهى .. اعزم الآن على مفارقة هذا المُفسد .. والبراءة منه .. ومن ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً منه .. وأن ما عند الله خير وأبقى ..
نسأل الله لنا ولك الهداية .. والبعد عن دروب الغواية .. إنه ولي ذلك والقادر عليه ..
=============
رسالة لصاحب التموينات
بسم الله الرحمن الرحيم(3/194)
أخي صاحب تموينات / المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فإن بيننا رابطة هي أعظم من رباط النسب والرحم والوطن ، انها رابطة الأخوة الإسلامية والصلاة الإيمانية التي لا تجمع بيننا فحسب بل وتوجب علينا المحبة والتآلف والتناصح والتعاون على كل أمر فيه نصرة لهذا الدين القويم أو إصلاح لمجتمعنا الكريم وبدافع من هذه الأخوة التي قررها الله في قوله تعالى : { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} رأيت أن أكتب إليك هذه السطور متضمنة التنبيه على بعض الأخطاء التي يغفل عنها أو عن آثارها بعض أصحاب البقالات وأنا على يقين من أن هذا التنبيه سيلقى منك قبولاً واهتماماً لما في قلبك من خشية الله ومحبته ، ولحرصك على رضا ربك وطاعة حبيبك صلى الله عليه وسلم ، ولا سيما وأن خطر هذه الأخطاء يكمن في ضررها على دينك الذي تلقى به ربك يوم تبعث إليه للحساب فتفرح بكل حسنة قدمتها ، ولا تملك أمام كل سيئة – وإن صغرت – إلا الحسرة والندامة .
ولا أشك أن الآخرة أعظم في قلبك من الدنيا ، وأن دينك أكبر في نفسك من أن تضحي بجزء منه مقابل دراهم قليلة ، ولكنها الغفلة عن حقارة هذه الدار وعظمة الواحد القهار ، وإلا فأي عاقل يرضى بأن يقتحم من الذنوب ما يعرضه لعذاب النار التي أخبر الصادق صلى الله عليه وسلم : (( ان أهون عذاباً من يوضع تحت قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه )) .
أخي وفقك الله :(3/195)
إن من أبرز هذه الأخطاء التي يتساهل فيها البعض بيع الصحف والمجلات التي تحارب الفضيلة والأخلاق وتطلب الربح على حساب المتاجرة بغرائز الشباب ونشر الرذيلة في الأمة عبر صور الغلاف والمقالات التي توافقني أن كاتبها وناشرها لم يهتم بسخط الله ولا بالخلق الكريم ، وانك أخي حفظك الله حين تسمح ببيعها تشارك في مسؤولية ترويجها وتحقيق أهداف أصحابها من حيث لا تشعر ، وثق بأن الله سيبارك لك في بضاعتك وبيعك دون الحاجة إلى أن تخلط بكسبك الحلال مالاً حراماً { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا {2} وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ }
ومن الأخطاء أيضاً التي شاعت حتى ظن البعض أنها حلال مباح بيع الدخان الذي قد أفتى العلماء الناصحون بتحريمه لأنه من الخبائث التي تضر بصحة المسلم وبالمقابل يجني أعداء الأمة آلاف الملايين من وراء المتاجرة به في بلاد الإسلام وأنت بإذن الله لا ترضى بأن تساهم في ذلك مهما در عليك من ربح : { قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ } .
أخي المسلم :
أعد قراءة هذه السطور بتأمل وتجرد عن كل شيء سوى مراقبة الله وأعلم أن كل حجة لا تنفعك يوم القيامة لا خير فيها واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون .
وفي الختام أودعك وأنا أدعوا الله أن يبارك في رزقك ، وأن يمتعك بالصحة والسعادة ، والله يحفظك ويرعاك .
وكتبه لك أخوك
عبدالمحسن بن ناصر العبيكان
موقع صيد الفوائد
===============
رسالة لصاحب التموينات
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي صاحب تموينات / المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد(3/196)
فإن بيننا رابطة هي أعظم من رباط النسب والرحم والوطن ، انها رابطة الأخوة الإسلامية والصلاة الإيمانية التي لا تجمع بيننا فحسب بل وتوجب علينا المحبة والتآلف والتناصح والتعاون على كل أمر فيه نصرة لهذا الدين القويم أو إصلاح لمجتمعنا الكريم وبدافع من هذه الأخوة التي قررها الله في قوله تعالى : { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} رأيت أن أكتب إليك هذه السطور متضمنة التنبيه على بعض الأخطاء التي يغفل عنها أو عن آثارها بعض أصحاب البقالات وأنا على يقين من أن هذا التنبيه سيلقى منك قبولاً واهتماماً لما في قلبك من خشية الله ومحبته ، ولحرصك على رضا ربك وطاعة حبيبك صلى الله عليه وسلم ، ولا سيما وأن خطر هذه الأخطاء يكمن في ضررها على دينك الذي تلقى به ربك يوم تبعث إليه للحساب فتفرح بكل حسنة قدمتها ، ولا تملك أمام كل سيئة – وإن صغرت – إلا الحسرة والندامة .
ولا أشك أن الآخرة أعظم في قلبك من الدنيا ، وأن دينك أكبر في نفسك من أن تضحي بجزء منه مقابل دراهم قليلة ، ولكنها الغفلة عن حقارة هذه الدار وعظمة الواحد القهار ، وإلا فأي عاقل يرضى بأن يقتحم من الذنوب ما يعرضه لعذاب النار التي أخبر الصادق صلى الله عليه وسلم : (( ان أهون عذاباً من يوضع تحت قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه )) .
أخي وفقك الله :(3/197)
إن من أبرز هذه الأخطاء التي يتساهل فيها البعض بيع الصحف والمجلات التي تحارب الفضيلة والأخلاق وتطلب الربح على حساب المتاجرة بغرائز الشباب ونشر الرذيلة في الأمة عبر صور الغلاف والمقالات التي توافقني أن كاتبها وناشرها لم يهتم بسخط الله ولا بالخلق الكريم ، وانك أخي حفظك الله حين تسمح ببيعها تشارك في مسؤولية ترويجها وتحقيق أهداف أصحابها من حيث لا تشعر ، وثق بأن الله سيبارك لك في بضاعتك وبيعك دون الحاجة إلى أن تخلط بكسبك الحلال مالاً حراماً { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا {2} وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ }
ومن الأخطاء أيضاً التي شاعت حتى ظن البعض أنها حلال مباح بيع الدخان الذي قد أفتى العلماء الناصحون بتحريمه لأنه من الخبائث التي تضر بصحة المسلم وبالمقابل يجني أعداء الأمة آلاف الملايين من وراء المتاجرة به في بلاد الإسلام وأنت بإذن الله لا ترضى بأن تساهم في ذلك مهما در عليك من ربح : { قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ } .
أخي المسلم :
أعد قراءة هذه السطور بتأمل وتجرد عن كل شيء سوى مراقبة الله وأعلم أن كل حجة لا تنفعك يوم القيامة لا خير فيها واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون .
وفي الختام أودعك وأنا أدعوا الله أن يبارك في رزقك ، وأن يمتعك بالصحة والسعادة ، والله يحفظك ويرعاك .
وكتبه لك أخوك
عبدالمحسن بن ناصر العبيكان
موقع صيد الفوائد
==============
رسالة شهر رمضان
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي المسلم ... أختي المسلمة ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد ...(3/198)
فهذه الرسالة من أخ لكم في الإسلام يحب لكم ما يحبه لنفسه من الخير ، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، آمين ، وبمناسبة قدوم شهر رمضان أقدم لكم هذه النصيحة ، وما أتيت فيها بجديد ولكن هي موعظة وذكرى تنفع المؤمنين . أرجو أن تقبلوها بصدر رحب وتبادلوني النصح والدعاء ، حفظكم الله ورعاكم وسدد على طريق الخير خطاكم .
أولاً : لقد خص الله شهر رمضان عن غيره من الشهور بكثير من الخصائص والفضائل ، منها :
1- خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك .
2- ُتصفد فيه الشياطين .
3- تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار .
4- فيه ليلة القدر هي خير من ألف شهر من ُحرِم خيرها فقد ُحرم الخير كله .
5- لله ُعتقاء من النار ، وذلك كل ليلة في رمضان .
فيا أخي الكريم ... ويا أختي الكريمة ...
شهرٌ هذه خصائصه وفضائله بأي شيء نستقبله ؟
بالانشغال واللهو وطول السهر ، أو نتضجر من قدومه ويثقل علينا ؟ نعوذ بالله من ذلك كله . ولكن العبد الصالح يستقبله بالتوبة النصوح والعزيمة الصادقة على اغتنامه ، وعمارة أوقاته بالأعمال الصالحة ... سائلين الله الإعانة على حسن عبادته .
ثانياً : الأعمال الصالحة التي تجب أو تتأكد في رمضان :
1- الصوم :
قال صلى الله عليه وسلم : " كل عمل ابن آدم له ، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، يقول الله عز وجل إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به ، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي ، للصائم فرحتان ، فرحة عند إفطاره وفرحة عند لقاء ربه ، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك " (أخرجه البخاري ومسلم) ، وقال صلى الله عليه وسلم من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " (أخرجه البخاري ومسلم) .(3/199)
لاشك أن هذا الثواب الجزيل لا يكون لمن امتنع عن الطعام والشراب فقط ، وإنما كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : "من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل ، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" (أخرجه البخاري) .
وقال صلى الله عليه وسلم : "الصوم جنه ، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق ولا يجهل ، فإن سابه أحد فليقل : إني امرؤ صائم " (أخرجه البخاري ومسلم) ، فإذا صمت يا عبدالله فليصم سمعك وبصرك ولسانك وجميع جوارحك ، ولا يكن يوم صومك ويوم فطرك سواء كما روي ذلك عن جابر .
2- القيام :
قال صلى الله عليه وسلم : "من قام رمضان إيماناً واحتساباً ، غفر له ما تقدم من ذنبه" (أخرجه البخاري ومسلم) .
وهذا تنبيه مهم ، ينبغي لك أخي المسلم أن تكمل التراويح مع الإمام حتى تكتب في القائمين ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : "من قام مع إمامه حتى ينصرف كتب له قيام ليلة " (رواه أهل السنن)
3- الصدقة :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان ، كان أجود بالخير من الريح المرسلة . (متفق عليه) ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : "أفضل الصدقة في رمضان" (أخرجه الترمذي) ، ولها أبواب وصور كثيرة منها :
أ - إطعام الطعام :
قال تعالى "ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً (8) إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً (9) إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريراً (10) فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقّّّاهم نضرة وسروراً (11) وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً ) {الإنسان 8-10} .
فقد كان السلف الصالح يحرصون على إطعام الطعام ويقدمونه على كثير من العبادات . وسواء كان ذلك بإشباع جائع أو إطعام أخ صالح فلا يشترط في المطعم الفقر . فلقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أيما مؤمن أطعم مؤمناً على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة ومن سقى مؤمناً سقاه الله من الرحيق المختوم " (رواه الترمذي بسند حسن) .(3/200)
وكان من السلف من يطعم إخوانه الطعام وهو صائم ويجلس يخدمهم ويروحهم ، منهم الحسن وابن المبارك .
قال أبو السوار العدوي : كان رجال من بن عدي يصلون في هذا المسجد ما أفطر أحد منهم على طعام قط وحده ، إن وجد من يأكل معه أكل ، وإلا أخر طعامه إلى المسجد فأكله مع الناس وأكل الناس معه .
وعبادة إطعام الطعام ينشأ عنها عبادات كثيرة منها : التودد والتحبب إلى إخوانك الذين أطعمتهم فيكون ذلك سبباً في دخول الجنة : "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا" (رواه مسلم) كما ينشاً عنها مجالسة الصالحين واحتساب الأجر في معونتهم على الطاعات التي تقووا عليها بطعامك .
ب - تفطير الصائمين :
قال صلى الله عليه وسلم : "من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء" (أخرجه أحمد والنسائي، وصححه الألباني) .
4- الاجتهاد في قراءة القرآن :
احرص أخي في الله على قراءة القرآن بتدبر وخشوع ، فقد كان السلف رحمهم الله يتأثرون بكلام الله عز وجل .
أخرج البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما نزلت : "أفمن هذا الحديث تعجبون (59) وتضحكون ولا تبكون" (النجم : 59 - 60 ) ، بكى أهل الصفة حتى جرت دموعهم على خدودهم ، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حسهم بكى معهم فبكينا ببكائه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يلج النار من بكى من خشية الله" .
5- الجلوس في المسجد حتى تطلع الشمس :
كان النبي صلى الله عليه وسلم : "إذا صلى الغداة (الفجر ) جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس" (أخرجه مسلم) . وأخرج الترمذي عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كان له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة" (صححه الألباني) ، هذا في كل يوم فكيف بأيام رمضان .
6- الاعتكاف:(3/201)
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في رمضان عشرة أيام ، فلما كان العام الذي ٌُقُبض فيه اعتكف عشرين يوماً " (أخرجه البخاري) .
7- العمرة في رمضان:
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "عمرة في رمضان تعدل حجة" (أخرجه البخاري ومسلم) .
8- تحري ليلة القدر :
قال تعالى : {إنا أنزلناه في ليلة القدر (1) وما أدراك ما ليلة القدر (2) ليلة القدر خير من ألف شهر ) (القدر: 1-3 ).
قال صلى الله عليه وسلم : "من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه " (أخرجه البخاري ومسلم) ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى ليلة القدر ويأمر أصحابه بتحريها ، وكان يوقظ أهله في ليالي العشر رجاء أن يدركوا ليلة القدر ، وهي في العشر الأواخر من رمضان ، وهي في الوتر من لياليه أحرى . وفي الحديث عن عائشة قالت : "يا رسول الله إن وافقتُ ليلة القدر ما أقول ؟ قال : قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني" (رواه أحمد والترمذي وصححه) .
9- الإكثار من الذكر والدعاء والاستغفار :
أخي المسلم ... أختي المسلمة ..
أيام وليالي رمضان أزمنة فاضلة فاغتنمها بالإكثار من الذكر والدعاء وخاصة في حالات وأوقات الإجابة ومنها :
1- حال الصوم .
2-ثلث الليل الأخير . حين ينزل ربنا تبارك وتعالى يقول : "هل من سائل فأعطيه ... هل من مستغفر فأغفر له" .
3-لاستغفار بالأسحار . قال تعالى : {وبالأسحار هم يستغفرون} (الذاريات : 18) .
4-تحري ساعة الإجابة يوم الجمعة ، وأحراها آخر ساعة من نهار يوم الجمعة .
10- ملاحظات ومخالفات يجب تجنبها :
1- جعل الليل نهاراً والنهار ليلاً .
2- النوم عن بعض الصلوات المكتوبة .
3- الإسراف في المأكل والمشرب .
4- التلثم والعصبية الزائدة أثناء قيادة السيارة .
5- إضاعة الأوقات .
6- تبكير السحور والنوم عن صلاة الفجر .
7- قيادة السيارة بسرعة جنونية قبيل موعد الإفطار .
8- عدم تأدية صلاة التروايح كاملة .(3/202)
9- افتراش الأرصفة واجتماع الشباب على معصية الله .
10- الاجتماع مع زملاء العمل وقت الدوام وتجريح الصيام بالغيبة والنميمة .
11- انشغال المرأة غالب وقتها بالمطبخ .
أخيراً أخي المسلم ... أختي المسلمة ..
وأظن أني قد أطلت عليك ... وأنا أحثك على اغتنام الوقت ... ولكن أتأذن لي أن نعرج سوياً على أمر مهم ، بل هو مهمٌ جداً ... أتدري ما هو ... إنه الإخلاص ... نعم الإخلاص ... فكم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش! وكم من قائم ليس له من قيامه إلا السهر والتعب! أعاذنا الله وإياك من ذلك ... ولذلك نجد النبي صلى الله عليه وسلم يؤكد على هذه القضية بقوله : "إيماناً واحتساباً " .
فنسأل الله لنا ولكم الإخلاص في القول والعمل وفي السر والعلن ، فيا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر .
فاغتنم أخي فرصة العمر ، فالعمر محدود ، أما تفكرت ... أين الذين صاموا معنا رمضان في العام الماضي؟ أين الذين قاموا معنا في العام الماضي؟ منهم من اختطفه ملك الموت ، ومنه من مرض فلم يقو على الصيام أو القيام ، فاحمدالله - أخي في الله - وتزود ما دمت في زمن الإمهال وخير الزاد التقوى . اللهم وفقنا لصيام رمضان وقيامه واجعلنا فيه من المقبولين واجعلنا فيه من عتقائك من النار آمين .
ثالثاً : يسأل كثير من الناس عن الأدعية التي تقال في صلاة التهجد والقيام وذلك لإطالة الركوع والسجود فيها :(3/203)
فوجدت رسالة قيّّمة للأخ الشيخ رياض الحقيل رأيت أن أوردها كما ذكر جزاه الله خيراً ، وقد تضمنت بعض الأدعية النبوية التي تقال في الركوع والسجود والجلسة بين السجدتين وغيرها ، ليسهل على المصلين حفظها وترديد بعضها في صلاة القيام والتهجد وخاصة في ليالي العشر الأواخر التي يطيل فيها المصلون الركوع والسجود بين يدي رب العالمين ، نسأل الله القبول . وقد يكون البعض لا يعرف هذه الأذكار ، أو يصعب عليه جمعها أو يدعو بما لم يثبت ، والأولى في الاقتصار على ما ثبت ليحصل لك أجر الدعاء والذكر مع أجر المتابعة والاقتداء .
1- أذكار الركوع :
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : "أما الركوع فعظموا فيه الرب" (رواه مسلم) ، فنقول سبحان ربي العظيم ثلاثاً أو أكثر من ذلك ... أو "سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاثاً " . ثم تتخير من هذه الأذكار ما شئت وتنوع ... فهذه تارة وتلك تارة .
- "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي " .
- " اللهم لك ركعت ، وبك آمنت ، ولك أسلمت ، أنت ربي خشع لي سمعي وبصري ومخي وعظمي و"عظامي" وعصبي ومااستقلت به قدمي لله رب العالمين " وفي رواية : "وعليك توكلت أنت ربي خشع سمعي وبصري ودمي ولحمي وعصبي لله رب العالمين " .
- " سبوح قدوس رب الملائكة والروح " .
- " سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة " .
2- أذكار بعد الرفع من الركوع :
فنقول : "ربنا ولك الحمد ، وتارة ربنا لك الحمد ، وتارة اللهم ربنا لك الحمد ، أو اللهم ربنا ولك الحمد" ثم تتخير من هذا الأدعية ما شئت .
- "ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه " أو مباركاً عليه - كما يحب ربنا ويرضى . أو تزيد ملء السموات وملء الأرض وما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد ، أهل الثناء والمجد ، أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد ، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد "تكررها ثلاثاً" .(3/204)
- أو تزيد "اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد ، اللهم طهرني من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس " .
3- أذكار السجود :
قال عليه الصلاة والسلام : "وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقَمِنٌ - أي حريٌ وجدير - أن يستجاب لكم" (رواه مسلم ) . وقال عليه الصلاة والسلام : "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ، فأكثروا الدعاء فيه" (رواه مسلم) .
- فنقول سبحان ربي الأعلى "ثلاثاً" أو تكررها كثيراً أو سبحان ربي الأعلى وبحمده "ثلاثاً" .
- "سبوح قُدوس رب الملائكة والروح" .
- "اللهم لك سجدت وبك آمنت ، ولك أسلمت ، وأنت ربي سجد وجهي للذي خلقه وصوره ، فأحسن صوره ، وشق سمعه وبصره فتبارك الله أحسن الخالقين" .
- "اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله وأوله وآخره وعلانيته وسره" .
- "سجد لك سوادي وخيالي ، وآمن بك فؤادي ، أبوء بنعمتك عليَّ ، هذه يدي وما جنيت على نفسي" .
- "سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة" .
- "سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت" .
- "اللهم اغفر لي ما أسررت وما أعلنت ، اللهم اجعل في قلبي نوراً ، واجعل في بصري نوراً ، واجعل من تحتي نوراً ، واجعل من فوقي نوراً ، وعن يميني نوراً ، وعن يساري نوراً ، واجعل أمامي نوراً ، واجعل خلفي نوراً ، واجعل في نفسي نوراً ، وعظم لي نوراً" .
- "اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك ، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك" .
- "اللهم اغفر لي ما أسررت وما أعلنت" .
4- أذكار الجلسة بين السجدتين :
- "ربي اغفر لي ، رب اغفر لي ، رب اغفر لي" .
- "أو تزيد كما في رواية أخرى يقويها الشيخ الألباني : "اللهم رب اغفر لي وارحمني واجبرني وارفعني واهدني وعافني وارزقني" .
5- أذكار سجود التلاوة :
- "سبحان ربي الأعلى" .
- "سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته" .(3/205)
- "اللهم اكتب لي بها عندك أجراً ، وضع عني بها وزراً ، واجلعها لي عندك ذخراً ، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود" .
6- إذا انتهيت من صلاة الوتر فيستحب أن تقول :
- "سبحان الملك القدوس "ثلاثاً" وترفع بها صوتك .
ثم أوصيك أخي الحبيب ... أختي المسلمة ...
بالإكثار من الاستغفار والتسبيح والتهليل والدعاء ، والابتهال والتضرع إلى الله جلا وعلا بأن ينصر الإسلام والمسلمين وأن يجمع كلمتهم على الحق ... كما تدعو لنفسك وأهلك وللمسلمين بخير الدنيا والآخرة . كما أوصيك أن تكثر من قول : "اللهم أنك عفو تحبُّ العفو فاعف عنِّي" . وخاصة في ليالي الوتر من العشر الأواخر ... كما علم النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها أن تدعو بهذا في ليلة القدر .
وختاماً أخي الحبيب ... أختي المسلمة ...
لابد من استحضار معاني هذه الأدعية والأذكار والتدبر لها عند ذكرها و"إن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاهٍ" (في السلسلة الصحيحة للألباني رقم 594) . وكذا عليك استحضار النية والخشوع عند ذكرها .
لعل الله أن ينفعنا ويرفعنا بذكره ودعائه وقبل الوداع أطلب منك أخي الحبيب ... أختي المسلمة ... ألا تنسوا من أعد هذه الرسالة ومن كتبها ونقلها لكم بدعوة خالصة من القلب ... تقبل الله منا ومنكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
ربي تقبل عملي ولا تخيب أملي *** أصلح أموري كلها قبل حلول الأجل
محبكم في الله / الراجي عفو ربه
خالد بن عبدالله الحمودي
ملاحظة : جميع الأحاديث التي أوردناها ثابتة إن شاء الله ، صححها الشيخ الألباني أو حسنها أو صححها الأرناؤوط حفظهم الله .
المراجع : الأذكار للنووي ، صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم للألباني ، صحيح الكلم الطيب له ، صحيح الترمذي ، صحيح ابن ماجه ، صحيح أبي داود له ، جامع الأصول لابن الأثير بتحقيق الأرناؤوط ج 4 ، وصحيح الوابل الصيب من الكلم الطيب لابن القيم والهلالي وغيرها .(3/206)
تنبيه : الأذكار والأدعية التي ذكرناها ، ليست جميعها خاصة بصلاة القيام في رمضان ، بل هي لكل صلاة فلينتبه لهذا!
إعداد خالد بن عبدالله الحمودي
نقلا عن موقع صيد الفوائد
=============
رسائل المحمول .. قصيرة الكلمات كبيرة الإيرادات
مروان محمد
رسائل المحمول سوق واعدة في المنطقة العربية
بينما يشهد قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات معدلات نمو عالية في المنطقة العربية، بدأت تظهر ملامح سوق جديدة لم تكن لتتواجد لولا هذا النمو المطرد في تكنولوجيا الاتصالات، خاصة ما يعرف بسوق الرسائل القصيرة SMSبمختلف أنواعها.
وباتت شركات المحمول في مختلف أنحاء العالم تعول كثيرا على تبادل المشتركين لأكبر كم من الرسائل القصيرة، عبر شبكاتها لتحقيق أعلى معدل من الإيرادات والذي يتعدى سنويا عشرات المليارات من الدولارات، بل وتخطى هذا الاهتمام شبكات المحمول لتدخل الكثير من مواقع الإنترنت حلبة المنافسة، وجذب أكبر عدد من الزائرين، من خلال توفير خدمات الـSMS، عبر صفحاتها المتنوعة.
واستطاعت الرسائل القصيرة خلال السنوات الخمس الأخيرة أن تقدم أشكالا متنوعة من الاتصال بدأت بشكل ترفيهي، وانتهت إلى تخطي القراءة للمشاهدة وتبادل الصور الفوتوغرافية وبعض مقاطع الفيديو القصيرة، كما زاد الإقبال عليها، خاصة مع وجود قنوات فضائية تقوم بنشر هذه الرسائل.
ولعل رخص سعر الرسائل القصيرة مقارنة بثمن المكالمة من أبرز أسباب الإقبال عليها وانتشارها، خاصة في المجتمعات العربية والنامية التي غالبا ما يرتبط انتشار هذه الوسيلة بمستوى دخول أفرادها، بالإضافة إلى إمكانية تبادلها وإرسالها إلى أكثر من شخص.(3/207)
وتشير الإحصاءات إلى أن نسبة كبيرة من مستخدمي المحمول في الدول العربية من الفئات المتعاملة بنظام الكروت سابقة الدفع؛ ففي دولة مثل مصر والتي يصل عدد المشتركين فيها إلى 14 مليون مشترك بنهاية نوفمبر 2005، حسب إحصاءات وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، فإن نحو 82% منهم يستخدمون الكروت سابقة الدفع، فيما تستخدم النسبة الباقية المقدرة بـ18% ما يعرف بـ"خطوط البيزنس" والتي يرتبط قيمتها بحجم المكالمات التي تتم دون تقييدها بكروت محددة القيمة مسبقا.
تكاليف قليلة
وفي لقاء مع شبكة "إسلام أون لاين. نت"، يقول المهندس عمرو موسى الخبير المصري في مجال الاتصالات: إن تقنية الرسائل القصيرة جاءت لتعبر عن شكل من أشكال التواصل بأقل التكاليف الممكنة لمستخدميها، مقابل التواصل عن طريق الصوت.
وأضاف موسى إلى أن العديد من شركات المحمول في مختلف دول العالم، خاصة العربية منها، أدركت خلال السنوات الأخيرة مدى أهمية تقديم هذه الخدمات بالنظر إلى طبيعة المجتمعات العاملة بها والمشتركين فيها.
وأشار إلى أن الكثير من الحملات الإعلانية لشبكات المحمول كانت تركز في الماضي على حث المشتركين على تبادل أكبر كم من المكالمات على حساب الرسائل القصيرة، معتبرة الأخيرة نوعا من الخدمات التكميلية التي لا تأتي في أهمية المكالمات، بل وذهبت إلى وصف متبادلي رسائل الـSMS بالبخل على الأصدقاء والأقارب.
وأضاف الخبير في مجال الاتصالات أنه مع مرور الوقت أدرك الكثير من شبكات المحمول أهمية العائد على تبادل الرسائل القصيرة عبر شبكاتها، لدرجة أنها غيرت من مسار حملاتها الإعلانية، وهو ما ظهر جليا خلال شهر رمضان الماضي عبر دعوة المشتركين لتبادل المكالمات والرسائل على حد سواء، من خلال عروض خاصة خلال عدد معين من ساعات اليوم أو من خلال تحفيزهم بالحصول على جوائز ضخمة.
تغيير إستراتيجي(3/208)
وفي هذا السياق تشير مؤسسة "آي. دي. سي" IDC العالمية المتخصصة في أبحاث الاتصالات في دراسة لها خلال عام 2005 إلى أن الشركات المشغلة للهاتف المحمول في المنطقة العربية، وبالأخص في الدول الصغيرة بالخليج أدركت أهمية خدمات المعلومات المقدمة للعملاء، مثل: خدمات الرسائل النصية القصيرة SMS وخدمات الوسائط المتعددة MMS في دفع عجلة نمو قطاع الاتصالات.
وأضافت "آي. دي. سي" في دراستها أنه نتيجة لما سبق، شهد العام الماضي انتقال معظم الشركات إلى التركيز الإستراتيجي على تحقيق العوائد المحتملة من خلال خدمات الرسائل القصيرة، وذلك بعقد اتفاقيات شراكة في العوائد مع الشركات المتخصصة بتوفير خدمات المحتوى.
ويصل عدد مستخدمي الهاتف المحمول في العالم العربي وحده نحو 49 مليون مستخدم، وذلك حسب إحصاءات الاتحاد الدولي للاتصالات نهاية العام الماضي (2004)، ومن المنتظر تخطيهم بنهاية العام الجاري 62 مليون مستخدم. وفي مصر وحدها تشير التقديرات إلى أن العائد على تبادل الرسائل القصيرة خلال العام الماضي من خلال شبكتي المحمول العاملتين حاليا "موبينيل" و"فودافون مصر" بلغ نحو 600 مليون جنيه.
ويؤكد موسى أن هذه الإيرادات تؤكد مدى إقبال المستخدمين على تبادل الرسائل القصيرة وتعبر عن حجم العائد المحقق لشركات المحمول من استخدامها. وعلى المستوى العالمي تشير الإحصاءات الصادرة عن جمعيات الهاتف المحمول البريطانية إلى أن هناك ملياري رسالة محمول يتم تبادلها يوميا عن طريق أجهزة المحمول في العالم، أي أن عدد الرسائل التي يتم تداولها سنويا يصل إلى نحو 730 مليار رسالة.
المناسبات ترفع الإرسال(3/209)
وغالبًا ما يرتبط معدل تبادل الرسائل القصيرة بالمناسبات، خاصة الدينية والعامة منها في البلدان العربية، وتشير شركة الاتصالات السعودية في تقرير لها صدر نهاية أكتوبر 2005 إلى أن ليلة الأول من شهر رمضان الماضي شهدت تمرير أكثر من 28. 9 مليون مكالمة، بزيادة بلغت نحو 31% عن متوسط شهر شعبان، وتمرير أكثر من 69 مليون رسالة SMS بزيادة بلغت نسبتها 127% عن الفترة نفسها، وإرسال أكثر من 576 ألف رسالة وسائط متعددة(MMS) بمعدل زيادة 12%، مقارنة بمتوسط شهر شعبان.
وكشفت دراسة أجرتها مجموعة المرشدين العرب خلال عام 2005 شملت 34 مشغلا لخدمات المحمول في 18 دولة، عن أن ما يزيد عن نصف شبكات المحمول العربية تقدم خدمات رسائل الصوت والصورة.
وتُعَد المغرب حسب هذه الدراسة الأعلى سعرا، من حيث تكلفة الرسائل النصية القصيرة بين الدول العربية، تليها لبنان ثم سوريا والسعودية والجزائر وقطر والإمارات وليبيا واليمن وتونس والعراق وعمان والبحرين ومصر والأردن والكويت والسودان وفلسطين على التوالي، حيث توجد أرخص أسعار لتلك الخدمة.
وذكرت الدراسة أن معدل سعر خدمة الرسائل القصيرة على المستوى الوطني كان 0.088 دولار لمستخدمي البطاقات المدفوعة مقدما، بينما كان 0.074 دولار للمشتركين الشهريين، في حين كان معدل سعر الخدمة الدولية 0.179 دولار لمستخدمي البطاقات المدفوعة مقدما و0.156 دولار للمستخدمين الشهريين، حيث يلاحظ أن الخدمة الدولية يتم تسعيرها غالبا بضعف السعر الوطني.
ولعل حجم العائد على تبادل الرسائل القصيرة بين مشتركي المحمول، قد أغرى العديد من شبكات الاتصالات الثابتة في مختلف دول العالم، والمنطقة العربية بشكل خاص، حيث اتخذت الشركة المصرية للاتصالات المحتكر الوحيد لخدمات الاتصالات الثابتة في مصر خطوات نحو تقديم خدمات الرسائل القصيرة لمشتركيها على الهاتف الثابت، ينتظر تفعيلها بداية من العام القادم (2006).(3/210)
كما قامت شركة اتصالات الإماراتية هي الأخرى بتقديم خدمات استقبال الرسائل القصيرة بالهواتف الأرضية، في محاولة منها لتعزيز ما يعرف بخدمات القيمة المضافة وتحقيق معدلات متزايدة من العوائد السنوية.
قلق من الإنترنت
ولم يقتصر الاهتمام بكعكة الرسائل القصيرة على شبكات الاتصالات المحمولة والثابتة، إنما سعت العديد من مواقع الإنترنت هي الأخرى إلى اقتناص جزء من هذه الكعكة وتقديم خدمات الرسائل القصيرة، في محاولة لجذب أكبر عدد ممكن من الزائرين لصفحاتها.
وربما أربكت هذه الخطوة العديد من شبكات المحمول، خاصة أن الكثير من هذه المواقع تسمح بإتاحة إرسال الرسائل القصيرة، من خلال صفحاتها بطرق غير شرعية ودون إبرام اتفاقيات مسبقة لتقاسم العائد على هذه الرسائل مع شركات المحمول؛ وهو ما يفقد شركات المحمول موردا ضخما بجانب الاتصالات الصوتية.
وقال محمد حنة مدير عام إدارة التكنولوجيا في إحدى شركتي المحمول العاملة في مصر: إن تمرير الرسائل القصيرة إلى شبكات المحمول في العديد من مواقع الإنترنت يشبه إلى حد كبير تمرير المكالمات الدولية التي تتم بصورة غير شرعية عبر الإنترنت.
وأوضح حنة أن العديد من المواقع المقدمة لخدمات الرسائل القصيرة تقوم باستخدام برامج معينة أو مراكز اتصال تسمح بالدخول على شبكات المحمول وتمرير الرسائل، مشيرا إلى أنه يتم منع تمرير الرسائل الواردة من هذه المواقع بالفعل، إلا أنها تلجأ إلى تغيير مراكز الاتصال في محاولة للبقاء على استمرار خدماتها.
ولم يكشف المسئول في شركة المحمول المصرية عن حجم الخسائر المحققة أو الإيرادات المقتطعة من حصيلة الشركة جراء استخدام مواقع الإنترنت في توفير خدمات الرسائل القصيرة، مؤكدًا أن شركته تبحث دوما عن آليات قانونية وتقنية لوقف هذا الارتباط غير الشرعي.
تطبيقات خدمية وتجارية(3/211)
ودخلت تطبيقات الرسائل القصيرة في العديد من مناحي الحياة، وتم استخدامها كتطبيق خدمي مثل معرفة الأخبار والذي قامت العديد من الفضائيات المحلية والإقليمية والعالمية بإتاحتها جزءا من خدماتها، كما استخدمتها العديد من المؤسسات المصرفية والمالية في تسهيل المعاملات البنكية ومتابعة أحوال البورصة.
كما يقوم العديد من الشركات العالمية، خاصة العاملة في مجال الشحن باستخدام تطبيقات الرسائل القصيرة في متابعة وسائل النقل المتحركة للمسافات الطويلة مثل حافلات النقل الدولية ومركبات الشحن البرية.
فيتم تثبيت جهاز يعمل على شبكة الهاتف المحمول يرسل المعلومات عن إحداثيات المركبة من خلال الرسائل القصيرة إلى مركز الحاسوب والمراقبة في مركز شركة النقل الرئيس في أي مكان في العالم كل فترة معينة (10 دقائق أو ربع ساعة)، وذلك يبقي القائمين على المراقبة مطلعين على إحداثيات مركباتهم وحركاتها باستمرار.
بالإضافة إلى ذلك يمكن استخدام تقنية الرسائل القصيرة كوسيلة إعلانية، حيث يتم إرسال إعلانات عن منتجات أو محال تجارية على هواتف المستخدمين الجوالة، وذلك عند ربط نظام الهاتف المحمول عند الشركة المقدمة لخدمة شبكة الهاتف المحمول بنظام تحديد الموقع (Location Based System) بالاعتماد على الإشارات المنبعثة من جهاز الهاتف، وربط ذلك بنظام إعلانات إلكتروني؛ ففي حالة مرور شخص ما بالقرب من أحد المحلات أو المطاعم المعلن عنها، تصله مباشرة رسالة قصيرة تعلمه بذلك أو بوجود محطة بنزين بالقرب منه تقدم أسعارًا أو عروضًا منافسة.(3/212)
ولعل فكرة ربط الحكومات بالأفراد عن طريق الرسائل القصيرة قد شهدت خلال السنوات القليلة الماضية نموا ملحوظا أيضا؛ ففي إبريل من العام 2003 قامت حكومة هونج كونج بإرسال نحو 6 ملايين رسالة نصية قصيرة لإحباط إشاعة أن المدينة من المناطق المصابة بمرض الالتهاب الرئوي الحاد المعروف باسم سارس، كما أقدمت الحكومة الهولندية مؤخرا على بناء شبكة تسمح بإصدار الإنذارات لمختلف أنحاء البلاد عن طريق الهاتف الجوال من خلال الرسائل النصية القصيرة.
http://www.islam-online.net المصدر:
===========
رسائل بعد اليوم .. ! [ زلزال قلب لم يشعر به أحد ]
قالت: - ...... هكذا هي نفوسُنا يا بنات.. !
من الإنصاف لها أن نعرف فيها حدودَها البشرية..
إنها خُلقت هكذا : (نفخةٌ) من روح الله .. و(قبضةٌ) من طينٍ وتراب..
مرةً تجذبها علائق (قبضة الطين) فتُخلد إلى الأرض..
ومرةً تسمو بها (نفخةُ الروحُ) في فلكٍ يتصل بملكوت السماء..
وهي في الحالين بين شدٍ وجذب..
وذنبٍ وتوبة..
ومعصيةٍ وحسنة..
ومُدافعةٍ لا تنقضي حتى نلقى الله.. !
يا بنات: تأملنَ في هذه الآيات من سورة البقرة:[وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ * فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ * فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ]
هكذا كانت إذن أول خطيئة في حياة البشرية.. وهكذا كانت أول توبةٍ أيضًا.. !:
* (شجرةٌ مُحرمة)..
ربما كانت رمزًا للمعصية في عالم الإنسان..
فبغير التحريم؛ لا تتبدى إرادة النفس ولا يمتازُ البشر..(3/213)
وبغير السواد؛ لا تكاد نعرف معنىً للبياض..
وبغير قسوة الشتاء؛ لا يستبين لنا جمالُ الربيع.. !
* ثم (وسوسةُ شيطانٍ) وعداوته..
وهو لا يفتأ يُجلب بخيله ورجلِه.. ويعدنا ويُمنينا..
فمنّا من يتأبون على الانقياد .. ويعتصمون بالله الذي يُعين عباده المُخلصَين..
ومنّا من يُسلمون له العِنان.. حتى يربطهم من أعناقهم إلى جذع "الشجرة المُحرمة".. !
* ثم (كلمات التوبة) والإنابة..
تهتف بها الجوارحُ التائبة..
وتأوي إليها الأفئدة الواجفة..
وتتغنى بها القلوبُ المُنيبة..
لتنساب بعدها على الشفاه نشيدًا لا تُدانيه تغاريدٌ ولا ألحان..
إنها أول تجربةٍ لفطرة البشر في هذا الكون.. وهي تواجه كيد الشيطان لأول وهلة..
ولعلها كانت- كما يقول صاحب الظلال - تدريبًا لبني آدم على تلقي الغواية..
وتذوقِ العاقبة..
وتجرعِ الندامة..
ومعرفةِ العدو..
ثم..
الالتجاءِ بعد ذلك إلى الملاذ الآمن.. !
وإنها قصةُ الشجرةِ المُحرمة..
ووسوسةِ الشيطان باللذة..
ونسيانِ العهد بالمعصية..
ثم..الصحوةِ من بعد السكرة..
والندمِ وطلب المغفرة..
وإنها تجربةُ البشرية المكرورة.. !
يحسن بالمؤمنة أن تتزود بها.. وهي تُجابه في حياتها "أشجارًا" يُخيل إليها - من تسويل الشيطان- أن وراءها خلودًا للذائذ ومُلكًا للسعادة..
ثم "قد" تتكشف الحقيقةُ بعد العصيان عن نهايةٍ مأساويةٍ فيها افتضاح السوءات.. والإبعاد عن جنائن الفردوس..
إلا إذا أكملت الفتاة المؤمنةُ فصول الحكاية.. فتهتف تائبةً مُنيبة: " ربِّ إني ظلمتُ نفسي.. وإن لم تغفر لي وترحمني لأكوننّ من الخاسرات .. "
وحينها..
ستجد الله الرحيم الرحمن يتوب عليها..
فتسكنَ حيئذٍ نفسُها المُرتجفة..
وتهتديَ عواطفُها التائهة..
وتأنسَ غربتُها الموحشة.. !
- أليس كذلك يا (ملاك).. ؟!!..... "
قطعتْ (ملاك) حبلَ أفكارها الموصول بحديث الأستاذة (إيمان)..(3/214)
ورفعت طرفها الكسير إلى أستاذتها، لتقول على استحياء وهي تُغالب عبرةً تملكتها:
- بلى يا أستاذة.. بلى.. هو كذلك واللهِ.. هو كذلك..
ثم عادت تتأمل حديث الأستاذة (إيمان)..
ليهزَّ فؤادها من الأعماق هزًَّا..
* * * * *
لم تكد (ملاك) تُغادر القاعة حتى سمحتْ لعينها أن تبوح بحديثٍ طالما تاقت وجنتاها للإنصات له..
إنه حديث دموع الإياب والمتاب..
وحين تتحدث الدموع الصادقة فإن الكون كلَّه يكاد يُنصت لحديثها..
ما استطاعتْ (ملاك) أن تُدرك سببَ العنفوان الذي تملكها في درس اليوم..
إنها ليست أول مرةٍ تُحلق فيها مع تجليات (إيمان) المُعيدة في قسم الثقافة الإسلامية في جامعة الملك سعود..
ولا هذه المصافحة الأولى لعذب كلامها في مادة 101 سلم..
ولا هي بداية عهد التأثر بما تسمعه منها..
فما الذي جرى ليجتمع تأثير الأيام الخوالي الآن.. ؟!
" ربما كانت قصة الهداية بعد الغواية.. ربما! "
هكذا قالت (ملاك) لنفسها وهي تُكفكف دمعَها، وتغمر بماء الوضوء وجهها..
كأنما هي تُطفئ في جوانحها لهيبًا مُستعرًا.. !
* * * * *
- أستغفر الله.. أستغفر الله.. أستغفر الله..
قالتها (ملاك) بهدوءٍ وخشوع.. وهي تتملَّى في كل كلمةٍ تنطقها.. وتتهجَّاها حرفًا حرفًا..
لقد كان آخر عهدها بأذكار الصلاة يوم شاركتْ في مُسابقة المُصلى بمدرستها الابتدائية..
- " يااااااه.. تلك الأيام ألا تعود.. ؟! "
أحستْ (ملاك) بالدموع تستأذنها للإجابة عن السؤال..
فتشاغلت بالاتكاء على إحدى سوراي المُصلى.. ثم مدت رجليها بتثاقل..
وسمحت لشعرها المُنساب على كتفيها أن ينسدل لتُمازجه النسائمُ الخجلى..
ثم أطرقتْ لحظة..
وبدا لها أن تُحمَّل السطور ما ينوء بها كاهلُها..
فأخرجت ورقةً وقلمًا أحمر اللون كحمرة أحداقها الدامعة..
ثم كتبتْ:
- أستاذتي (إيمان)..
لستٌ أدري أيَّ شئٍ أسمي هذه السطور..
ربما كانت رسالةً مني إليَّ..
وربما هي مشاعرُ قلبٍ ستظل أسيرةَ الأضلاع..(3/215)
وربما هي شيء من بوحٍ لن يسمعه أحد..
ربما هي كلُ ذلك.. أو فوق ذلك..
لكنها -يقينًا- حروفٌ من وحي حديثك الماتع الخلاب.. !
* يا نجمةَ روحي التائهة:
هل رأيتِ إلى الأرض الجدباء كيف تكون حين انهمار الغيث.. ؟!
أم رأيتِ إلى قطب المغناطيس السالب التائه كيف يلتصق بالقطب الموجب حين يلقاه.. ؟!
أم تُراكِ تتأملين في وجيب الفؤادِ كيف يسكنُ إلى الحضن الحنون.. ؟!
هكذا كنتُ أنا.. وهكذا كان حديثُك..
لا تتعجبي يا مَن بعثكِ الله على قدرٍ إليَّ.. !
فقد كان حديثُك اليوم كالقطرة الأخيرة النازلة على جلمود صخر..
سبقتها قطراتٌ وقطرات..
وكل قطرةٍ يحسبها الناسُ مجرد محاولات عابثةً لن تفلق الصخر ولن تكسر الحجر..
حتى إذا ما أذن الله بما يشاء.. جاءت هاته القطرة تتهادى..
فصار الجلمودُ العصيُ تحتها طيعًا لينًا.. !
فالحمد لله..
الحمد لله الذي جعل من الحجارة ما تتفجر منه الأنهار..
ومنها ما يشقق فيخرج منه الماء..
ومنها ما يهبط من خشية الله.. !
أعادت (ملاك) القلم الأحمر والورقة إلى حقيبتها المُخملية.. ثم رفعتْ رأسَها..
كان المكان مليئًا بفتيات المصلى اللاتي ظاهرهن الاستقامةُ والصلاح..
وهناك تجلس (سمية).. وعن يمينها (تغريد)..
الفتاتان اللتان دائمًا ما تُمضيان الوقت في الحافلة بالجدال والنقاش..
منظرهما لم يتغير.. حشمةٌ وعفةٌ واستقامةٌ ينطق بها ظاهرُهما وزيُهما..
لكن نظراتهما المصوبة إليها لم تتغير أيضًا.. هُنا في المُصلى وهناك في الحافلة..
نظراتٌ واحدة.. لا تورث (ملاك) إلا شيئًا واحدًا:
الإحساس بالغربة.. !
- حتى هنا في بيت الله أشعر بالغربة في أقسى معانيها..
وأقسى ما تكون الغربةُ حين تتبدى بين أهل الوطن.. !
آااه.. ليتهنّ يعلمنْ أن الهداية والاستقامة كالوطنٌ للأرواح البشرية الهائمة..
و ستظل هاتيك الأرواح هائمةً تائهةً تشعر بالغربة؛ إن هي لمستْ من أهل وطنها ما لمستُ أنا هُنا..(3/216)
فتيات الهداية وبناتُ الاستقامة يملأن المُصلى..
لكني في كل مرةٍ أهزم فيها الشيطان وآتي إلى هنا لا أكاد أجد منهن ترحابًا ولا ابتهاجًا.. !
لماذا أيتها الفاضلات.. لماذا.. ؟! "
لم يكد حديث نفسها ينقضي حتى جاءها بعض الجوابِ..
جاءها على هيئة نظرةً شزرى رمقتها بها فتاةٌ أخرى من فتيات المصلى..
كانت تُحدق في عباءة (ملاك) المُخصرة المُلقاة بين يديها.. !
عندها..
صرفتْ (ملاك) ناظريها..
ولملمت ما تناثر من أغراضها..
وجمعت خصلات شعرها المُنسدلة، لتُفسح المجال لعباءتها أن تستقر على كتفيها..
ثم..
خرجت من "غربة" المُصلى..
لتمضي كُرهًا صوب "غربة" الحافلة... !
- كم أكره هذه المُتبرجة.. !
هكذا قالت (تغريد) وهي تصك بأسنانها على الحروف حنقًا وخوفًا:
حنقًا.. على ما تراه على ظاهر (ملاك) وأمثالها..
وخوفًا.. من أن تسمع كلامها..
زوت (سمية) حاجبيها استنكارًا لما سمعت.. وأشاحت بوجهها إلى نافذة الحافلة..
عادت (تغريد) تقول بصوتٍ يرتفع تدريجيًا:
- ألا تسمعينني.. ؟!
- بلى سمعتُك يا (تغريد).. لكن لم يُعجبني كلامكِ..
لم تكد (سمية) تُنهي جملتَها، حتى قالت (تغريد) بانفعال وصوتٍ عالٍ:
- هل أفهم من هذا أنكِ معجبةٌ بهذه العاصية.. التي تُدعى (ملاك).. ؟!
تصنعتْ (سمية) الهدوء.. وقالت وهي تمط حروفها:
- أرجوكِ.. اخفضي صوتكِ.. فهي تجلس أمامنا مُباشرة.. !
- ومن هي حتى تُراعين مشاعرها.. ؟!
قاطعتها (سمية) وهي تقول بصوتٍ عميقٍ حاسم:
- أخشى أن أقع في الغيبة إن تحدثتُ عنها..
لكنكِ لو قُلتِ "كم أكره التبرج" لما استنكرتُ ما تقولين.. !
- عفوًا.. هل تملك إحداكن قلمًا أسود اللون.. ؟!
التفتتْ (تغريد) و (سمية) صوب الصوت بارتباك..
إنه صوت (ملاك) تناهى إلى مسمعهما متهدجًا.. حزينًا.. واهنًا.. !
قالت (سمية) وهي تحاول تدارك الموقف:
- سأُعيرك واحدًا..
ثم مدتْ بقلمٍ أسود إلى (ملاك)..
والتقت أناملُهما للمرة الأولى.. !
* * * * *(3/217)
كتبتْ (ملاك):
- أستاذتي (إيمان):
لقد اخترتُ هذه المرة قلمًا أسود لأكتب على ذات الأوراق..
ربما لأن الكون من حولي الآن قد علاه السوادُ..
ربما..
لكني - يا غيث قلبي الجديب - موقنةٌ أني آثرتُ السواد لتبقى هذه السطور طويلاً، كما يطول بقاءُ سواد الأسى في قلوبنا..
أريدها أن تبقى..
لأتأمل فيها..
وأقلب ناظريَّ بين سطورها..
فهي سطورٌ - كما قلتُ لكِ - مني إليّ..
وأنا أحوجُ ما أكون لأعرف نفسي حين لم يعرفها الأُخريات.. !
أستاذتي..
ربما أُتهم بالعبث لو قلتُ: إنه لن يقرأ أحدٌ هذه الرسالة سواي..
لكنكم ستعذرونني حتمًا لو سمعتم ما أسمعه الآن من مُحاكمةٍ غيابية لي.. وأنا حاضرة.. !
قالت (تغريد) ما قالتْ..
وقالت (سمية) ما قالتْ..
ولربما قال غيرهنَّ من الفتيات الفاضلات ما قُلن..
لكن صدقيني..
بقدر ما تؤلمني هذه الأحكام التي يلقينها عليّ إلا أنني ألتمس لهنَّ الأعذار.. !
فما أُبرئ نفسي.. !
وربما كان عليَّ أن أبادرَ بمد يدي إليهنَّ..
فأنا مجرد فتاةٍ ذاتِ عباءة مُخصرة تُلبس على الكتف..
و كان عطري الفواح يسبقني عند صعودي إلى الحافلة أو نزولي منها ..
وكان صوت الموسيقى يصدح في أذني من سماعة الجوال كثيرًا..
وكانت أحداث المسلسل المكسيكي في قناة ........... على لساني فيما مضى..
وكانت ألبومات الفنانين والفنانات لا تكاد تخلو منها حقيبتي..
صحيحٌ أن ذلك كله "قد" يُفسر إحجامهنَّ عني..
لكنه لا يُبرره.. ولن يُبرره أبدًا.. !
وصحيحٌ - أيضًا - أن ذلك كله ظاهرٌ في ملبسي ومنظري وحديثي..
لكنهنَّ لم يُفكرنَ في قلبي .. !
ويا ويح قلبي .. الذي طالما كانت انقباضاته توحي إليَّ بأنه مُقرٌ بالذنب.. راجٍ للعفو ..
لم يعصِ ربه عن جحودٍ واللهِ .. إنما غرَّه حُسن الرجاء..
ثم إنني غريقة..
غريقة واللهِ يا أستاذة..
أرنو للتي تنتشلني من اليمِّ الذي يُحيط بي..(3/218)
فهل تُلام الغريقة إن عاتبتْ أخواتها اللاتي يملكن أطواق النجاة.. وقد تركنَها تُصارع الموج..
وهي بين آونةٌ وأخرى تقترب منهنّ قاب قوسين أو أدنى.. ؟!
لقد كان آدمُ مُعينًا لحواء على التوبة والإنابة..
فماذا تصنع (بنتُ حواء) اليومَ إذا تخلى عنها (ابنُ آدم) المستقيمُ فلم يخطبها..
لمجرد أن ظاهرَها فيه كثيرٌ من تقصيرٍ "ربما" كان يواري طهارة قلبها ونقاء فطرتها.. ؟!
وأي شيء تملكه فتاةٌ قد هجرنَها أخواتُها من بناتِ حواء المستقيماتِ..
و حال بينها وبينهنَّ تقصيرُها وعزلتُهنَّ.. !
تقصيرُها هي.. الذي تُقر به ولا تُنكره..
وعزلتُهنَّ.. التي جعلت من الاستقامة دائرة ضيقة.. لا تكاد تدخلُها إلا من استكملتْ كامل المواصفات والمقاييس..
حتى أنتِ أيتها الفاضلة - واعذريني حين أقولُها -..
حتى أنتِ.. كنتُ ألمح في ناظريكِ طيفًا من أملٍ..
ثم سرعان ما يتلاشى بعد انتهاء المحاضرة كهشيمٍ تذروه الرياح..
لكن لا ملامة عليك.. فلربما أعياكِ كثرةُ الغريقات مثلي.. !
وحسبي منكِ مثل هاته الحروف التي يعزفها صوتُك العذب..
فأشعر بإيقاعه متجاوبًا مع نبضات فؤادي الموعوك..
وحسبي قبل ذلك وبعده أن يقبل الله الكريم المنَّان توبتي..
وأن يحعلها توبةً نصوحًا..
وأن يُبدل بها سيئاتي حسنات..
فاللهم عفوَك يا غفور يا رحيم..
فقد أنهكني بؤس المعصية..
وعونَك يا حي يا قيوم..
فقد طالتْ بي وعثاءُ الحياة الموحشة.. ! "
- شكرًا جزيلاً يا (سمية).. فقد انتهيتُ من القلم..
هكذا قالت (ملاك) وهي تهمُّ بالنزول من الحافلة..
لم يكد طيف (ملاك) يتوارى بعيدًا عن الحافلة.. حتى قالت (تغريد) بامتعاض:
- كم أمقتُها.. !
فقالت (سمية) بنبرةٍ غاضبةٍ هذه المرة:
- كفى يا (تغريد) كفى.. اتقِ الله.. وما يُدريك لعلها أن تـ..... ! "
فجأةً..
بتر حديثهما صوت صرير عجلاتٍ.. تلاه ارتطام عنيف..
التفتتْ جميع الطالبات صوب الصوت..
هنااااك..
جسدٌ هامد.. مُتشبثٌ بورقاتٍ مُمزقة..(3/219)
قد اختلطتْ فيها حمرة القلم بحمرة الدماء..
وامتزج فيها سواد الحبر بسواد الإسفلت.. !
لقد انتهى كلُ شئ..
وانتفض الجسدُ انتفاضته الأخيرة..
وطارت الريح بهاتيك الورقات.. !
ورقاتٌ ورسائلٌ..
لا يعلم ما كان فيها إلا رحمن السماوات والأرض..
وكفى بالله عليمًا حكيمًا..
توابًا غفورًا.. !
http://www.saaid.net المصدر:
=============
رسائل الصيف
عبد الله بن خضر الغامدي
الحمد الله مصرِّف الدُهُور، وخالق الظلمة والنور، وموجد الظل والحرور، أحمده - سبحانه - حمد الشاكرين واستغفره استغفار النادمين، وأعوذ به من شر نفسي وشر الشيطان وشركه، ونسأله الراحة من الصيف وحرّه، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه....وبعد:
فهذه رسائلٌ أبعثها إليك أخي المصطاف ولأسرتك الكريمة، مع علمي أن عندكم من الخير ما يكفيكم ومن البِر ما يغنيكم، ولكنه الشوق إليكم، والأُنس بحديثكم.
وكثيرٌ من السؤال ِ اشتياقُ *** وكثير من ردهِ تعليلُ
فنسأل الله أن تجد مكاناً في قلوبكم العامرة بالخير والصلاح.
الرسالة الأولى (إلى ربان السفينة):
إليك يا ربان السفينة، فأنت ملح الرحلة ودليلها إلى مرفأ الأمان وإلى بر السعادة، في زمان زادت شرور أُناسه وكثرت حيرة أهله، وقسمت قلوبهم فهي كالحجارة أو أشد قسوة، وجَمُدت أعينهم فما تجود بقطرة، في عالم تلاطمت أمواجه بالشبهات والشهوات، فأصبح أهله أحوج ما يكون لمن يمدُّ لهم بطوق ِالنجاة في لُجّة هذا الخِضم المخيف.
إلهي ما يئسنا إذ شكونا *** فإن َّ اليأس يفتكُ بالضميرِ
لنا يا رب إيمانٌ يُرينا *** جلال السير في الدرب العسيرِ
تضيق بنا الحياة وحين نهفو *** إلى نجواك نحظى بالسرور(3/220)
وأذكرك بما روى الشيخان عن معقل بن يسار - رضي الله عنه - قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاشُ لرعيتَّه إلا حرَّم الله عليه الجنة ". فبتوجيهك وحرصك تكون النجاة بإذن الله - وبنصائحك تصفوا النفوس، وتنمو المدارك، وتزداد المعارف، وعليك يا ربَّ الأسرة اختيار الأماكن المناسبة للتسوّق والتجوّل بعيداً عن مضلات الفِتن ومزالِق الريب فكم من أسرة ما عرفت الشر إلا عندما أُهملت بعيداً عن عين الرقيب..
ما كانتِ الحسناءُ تُبدي خدرها *** لو كان في هذي الجموع رجالُ
أيها الأب: بادر إلى مواطن الخير، وكُن مسارعاً إلى الطاعات، حتى يقتدي بك أهلك وبنوك، وتكون مفتاحاً للخير إليهم، واقطع موادَّ الشر والفساد عن أهلك وأولادك، ولا تجلب إليهم ما يكون ضرراً عليهم في دينهم وأخلاقهم، واعلم أنه لا ينفعك أمام الله - تعالى -أن تقول فَعَلَ الناس فَفَعَلْت وأساءَ الناس فأسأت {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}[المدثر: 38]
وأخيراً لا يكن بيتك وسيارتك خالية من كتاب نافع أو شريط مفيد، فقد يسَّرها الله - تعالى -في هذا الزمان بأثمانٍ زهيدة.
وأسأل الله - عز وجل - أن يُكلِّل جهودك بالتوفيق، وأن يرزقك الذريَّة الطيبة التي تقر بها عينك في الدنيا والآخرة.
الرسالة الثانية: (إليكِ أيتها الأم):
إليك يا نبع الحنان، وقصة العطاء، وحكاية الجُود.. إن كثيراً من شؤون الأسرة لا يدركها أحدٌ غيرك.
أنت وحدكِ من تعرف ماذا يريد ابنك وما تفكِّر فيه ابنتكِ، فأنت تعرفين ذلك في قَسَمَات وجوههم، وفلتات ألسنتهم، فلا تتركين مجالاً للعادات السيئة والأخلاق الذميمة التي أتتنا من أعدائنا بأن تتسلل إليهم، وحاولي علاجها في أولها قبل أن تستشري وتزداد، فإن أعظم النار من مستصغر الشرر.(3/221)
وعوِّدي أبناءكِ على معالي الأمور، وبناتكِ على الحشمة والحياء، فإن من شبَّ على شيءٍ شاب عليه، ومَن أدّبَ ولده صغيراً سعُد به كبيراً، وترك لنفسه بين الناس ثناءً جميلاً.
كوني أيتها (الأم) صدراً مفتوحاً لهموم أبنائك ومشاكلهم حتى لو كانت صغيرة وتافهة، افتحي لهم مجالاً (للغة التقبّل) لتحققي نجاحاً في جعلهم يفتحون قلوبهم ويتحدثون عمّا في نفوسهم، وابتعدي عن لغة التحطيم والتوبيخ والسخرية والتخجيل، وقدِّمي لهم خبرات الحياة وأنواع المعرفة التي توفرت لديكِ، فكل خبرة نعطيها لأولادنا توفرِّ مقداراً من العناء، وتحفظهم بإذن الله من الأخطار والأشرار.
وأخيراً.. ألف شكرٍ يا صانعة الأبطال، وألف تقدير يا مربية الأجيال.
الرسالة الثالثة: إليك أيها الشاب:
إن هذه العافية التي تمرح في سعتها وتستمتع بحريَّتها ليست شيئاً قليلاً، إن كثيراً من الناس قد ابتلوا بفقدِها وليس يعلم إلاَّّّّّّ الله مدى ما يحسُّونه من ألم؟
فمنهم من حُبِس في جلدهِ، فما يستطيع حركة.
ومنهم مَن يستجدي الهواء الواسع نَفَساً يحيي به صدرهُ العليل فما يعطيه الهواء إلا زفرة وتخرج مليئة بالدم!
ومنهم مَن عاش منقوص الأطراف، مجروح المشاعر!!
ومنهم مَن يتلوّى من أكل لقمة؛ لأن أجهزته الهاضمة معطوبة.
ومنهم.... ومنهم...
إن كنت معافاً من هذا كلّه فاعلم أن الله قد زوَّدك بثروة عظيمة، ومنحك ما سوف يسألك عنه.
أخي الشاب: قدّم ما استطعت نظير ما أنعم الله عليك مِن نِعَم تتألَّق بين رأسك وقدميك وتتأنَّق بها في الحياة كيف تشاء، فقدِّم لو كلمةً أو نصيحةً أو شريطاً أو مطوية ولا تحقر من المعروف شيئاً.
واحذر يا أخي كل الحذر من أن تسن سُنَّة سيئة أو تجرّها على مسلم. فتكون ممن قال الله فيهم: {لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ} [النحل: 25].(3/222)
وأخيراً يا أخي:
* خذْ ما استطعتَ من الدنيا وأهليها *** لكنْ تعلم قليلاً كيف تعطيها
* كنْ وردةً طيبها حتى لسارقها *** لا دمنةً خبثها حتى لساقيها
* انظرْ إلى الماءِ إن البذلَ شيمتهُ *** يأتي الحقول فيرويها ويسقيها
* فما تعكر إلا وهو منحبسٌ *** والنفسُ كالماءِ تحكيهِ ويحكيها
الرسالة الرابعة: (إليك أيتها الفتاة):
أنتِ دُرَّة غالية، وعُمْلَة نادرة، وجوهرة وأيُّ جوهرة، إن طُهْركِ وعفافكِ وحيائكِ أنفس ما تملكين، فلا تُريقي حيائك في جنبات الطريق، ولا تنفقي عفافك في الحرام، ولا تبذلي جمالك للمتسولين...
صوني جمالكِ عنّا إننا بشرٌ *** من الترابِ وهذا الحُسنُ روحاني
أو فبتغي فلكاً تأوينه ملكاً *** لم يتخذ دَرَكاً في العالم الفاني
احذري (يا أخيتي) من الموضات والصيحات والصرعات القادمة من أعداء الدين، لتهين كرامتك بعدما أعلاها الإسلام، وتكونين فريسة للذئاب بعدما صانك الإيمان..
وأذَكِّركِ بالحديث الذي رواه أبو داود عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا استعطرت المرأة فمرَّت على القوم ليجدوا ريحها فهي كذا وكذا)) يعني زانية.
فكيف بمن تخرج كاسية عارية، متبرجة سافرة لا ترقب في مؤمن إِلاًّ ولا ذِمَّة.
صانكِ الله (يا أُخيتي) من ذلك، ورفع قدرك وأعلا همَّتك وزودك التقوى.
الخاتمة:
وأخيراً.. فالصيف آمال وآلام.. الصيف أمل الطالب والمعلم.. أمل للخريج.. أمل للعريس.. أمل للمسافر.. آمال وآمال، لكن كم يحمل في طيَّاته من آلام قد امتلأت بالأخبار والأسفار التي مُسِخَ فيها الحياء، وذُبِحَت الغيرة، وانتحر العفاف....
جعل الله أيامنا وأيامكم آمال وأفراح، وجنَّبنا الآلام والأتراح، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه.
http://www.saaid.net المصدر:
==============
الرسائل النبوية الشريفة : شرف يتيه على الزمان
مجدي إبراهيم(3/223)
لا شك أن العهد النبوي، كان ذا نتائج مهمة في تاريخ العالم السياسي والديني والاقتصادي••• نعم، كان قبل الهجرة عهد تمهيد وتجربة، ولا يصح أن يُقال: إن الجماعة الإسلامية في مكة كانت حينذاك دولة من الدول، فإنه لم يكن لها كيان سياسي ولا نظام سياسي، ولا نظام إداري، ولم يتصادف ما يطلق عليه اسم السياسة الخارجية ـ سوى بيعتي العقبة ـ إلا أنهما لم تكتبا في أوراق.
ولما هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة المنورة، وجد هناك قبائل يهودية عدة، فعاهدهم فدخلوا في دولة وفاقية تحت سياسته، وكان أول عمل سياسي حققه بعد الهجرة أن عاهد القبائل التي سكنت بين المدينة وساحل البحر وكانت ديارهم في طريق قريش في رحلتهم الصيفية إلى الشام ومصر قصدها النبي بمعاونة حلفائه من هذه القبائل، كما عاهد قبائل خزاعة وغيرهم ممن سكنوا حول مكة.
ولما حج النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع في آخر العام العاشر للهجرة، خطب خطبته الشهيرة في -
عرفة على جبل الرحمة وبيَّن فيها حقوق المسلمين وفرائضهم الأساسية، فلم يدع شيئاً له أهمية إلا بلَّغه، فبشر الله المسلمين في سورة المائدة في الآية (3) بقوله: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً.
فكانت هذه الخطبة الرائعة آخر الوثائق المتعلقة بالعهد النبوي.
ضياع أكثر الرسائل:
كانت الأمية هي الطابع الغالب على العرب، وفيهم قلة تعرف القراءة والكتابة، ثم إن انقطاع العربي في الصحراء، وسرعة الترحل وتبديل المحلات أبعدته عن الاتصال بالحضارات المجاورة ـ إلا من سكن العراق والشام، لذلك كانت الصلات مع الملوك والحكام المجاورين قليلة، وتتمثل هذه الصلات في الرسائل، رسالة عمرو بن هند إلى عامله بالبحرين، وقد ذكرها تاريخ الأدب العربي لعلاقتها بالشاعر طرفة بن العبد وخاله (المتلمس)، وفي النهاية المؤلمة للشاعر الذي قُتل.(3/224)
ومن الرسائل القليلة التي وردت في العصر الجاهلي، رسالة النعمان بن المنذر إلى كسرى، ورسالة عبد المطلب بن المطلب بن هاشم إلى أخواله في يثرب، والتحالف بين عبد المطلب وبين خزاعة••• ورسالة عدي بن زيد العبادي إلى أخيه الجارود••• وبذلك لن نجد أثراً (كبيراً) للرسائل في حياة العرب، ولعلها ضاعت عبر السنين وبسبب عوامل الطبيعة••• فقد قيل إن عمر بن الخطاب كانت عنده نسخ من العهود والمواثيق ملء صندوق، وبالرغم من حرصه عليها، فقد احترقت، ولو بقيت لأتى عليها المغول والتتار ومصائب الأيام وعوامل الطبيعة الكبيرة والكثيرة.
ولبعد المسافات وضرورة إيصال الدعوة للبعيد من العرب، بدأت كتابة العهود والرسائل، وتم وضع الأسس المتينة والقواعد الجديدة والمصطلحات الإسلامية، لإرساء العقيدة الجديدة، وهي بداية النثر الفني في الأدب العربي•
وكانت هذه الرسائل مختلفة عن الخطابة والأمثال والحكم لسلاسة عبارتها وجزالة أسلوبها وتركيز معانيها ووضوح أهدافها الإسلامية، وبُعدها عن الصناعة اللفظية.
رسائل الرسول - صلى الله عليه وسلم - داخل الجزيرة:
بعد انتشار الإسلام في المدينة، راح محمد يعلِّم الأنصار الدين الإسلامي ولما آمنوا احتاجوا إلى أسس محددة لفهم قواعد النظام الأساسي الجديد، وهنا أرسل إليهم أنظمة عدة، منها أنه حدد الفداء وضرورة مساعدة المحتاج من المسلمين، وافتداء أسراهم، وألا تكون منزلة المسلم مساوية لمنزلة الكافر.
كانت رسائل النبي إلى الأنصار نقلة من الدعوة الشفوية إلى الكتابة لبُعد المسافة، وبقي يعتمد في مكة على الإقناع المباشر الذي يخاف منه الكفار لمعرفتهم بقابلية الرسول الفذة في الإقناع، حتى أنهم كانوا يسدون آذانهم خوفاً من سماعه حتى لا يتأثروا بحديث ويبعدون الناس عن الاقتراب منه والحديث معه.(3/225)
وبعد هدنة الحديبية وقبل الفتح، قال الرسول: (إن الله بعثني رحمة وكافة)، ومعناه أن تنشر الدعوة إلى العالم كله، وبالفعل أرسل برسالتين إلى صاحب دمشق، وإلى ملك البحرين، كما أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - رسائل عدة التي ردد صداها العالم على سعة فكره ونظرته السليمة في بث الدعوة، وأخذت بعض القبائل تصدق بما تناقلته قريش عن ظهور النبي، وهي بعيدة عنه، كانت رسائله مختصر، مركَّزة عميقة الأثر في النفوس.
رسائل أعزها الله:
كتابه إلى هرقل:
أرسله الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع دحية الكلبي، وهذا نصه:
(بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى• أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم اليريسيين، (يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون).
كتابه إلى كسرى أبرويز:
(بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله، وأتى رسول الله إلى الناس كافة لينذر من كان حياً، اسلم تسلم فإن أبيت فعليك إثم المجوس).
كتابه إلى النجاشي ملك الحبشة:(3/226)
(بسم الله الرحمن الرحيم• من محمد رسول الله إلى النجاشي عظيم الحبشة، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن، وأشهد أن عيسى ابن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيبة الحصينة فحملت بعيسى من روحه ونفخه كما خلق آدم بيده، وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له والموالاة على طاعته وأن تتبعني وتؤمن بالذي جاءني، فإني رسول الله، وإني أدعوك وجنودك إلى الله - عز وجل -، وقد بلغت ونصحت فاقبل نصيحتي• والسلام على من اتبع الهدى).
رد النجاشي على رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم -:
(بسم الله الرحمن الرحيم، إلى محمد رسول الله من النجاشي الأصحم بن أبجر••• سلام عليك يا نبي الله ورحمة الله وبركاته، من الله الذي لا إله إلا هو الذي هداني إلى الإسلام••• أما بعد، فقد بلغني كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى، فورب السماء والأرض أن عيسى ما يزيد على ما ذكرت فروقاً، إنه كما قلت، وقد عرفنا ما بعثت به وقد قرينا ابن عمك وأصحابه فأشهد أنك رسول الله صادقاً مصدقاً، وقد بايعتك وبايعت إليك بابني أرها بن الأصحم بن أبجر، فإني لا أملك إلا نفسي وإن شئت أن آتيك فعلت يا رسول الله، فإني أشهد أن ما تقول حق والسلام عليك يا رسول الله) آل عمران: 46.
كتاب النبي إلى المقوقس عظيم القبط:
بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد بن عبد الله ورسوله إلى المقوقس عظيم القبط، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم أهل القبط، (يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً، ولا يتخذ بعضنا أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون.
نص الرد على رسالة النبي:(3/227)
(باسمك اللهم، من المقوقس إلى محمد، أما بعد، فقد بلغني كتابك وقرأته وفهمت ما فيه، أنت تقول إن الله - تعالى -أرسلك رسولاً (وفضلك تفضيلاً) وأنزل عليك قرآناً مبيناً، فكشفنا يا محمد في علمنا عن خبرك فوجدناك أقرب داع إلى الله وأصدق من تكلم بالصدق ولولا أني ملكت ملكاً (عظيماً) لكنت أول من سار إليك لعلمي أنك خاتم الأنبياء وسيد المرسلين وإمام المتقين، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته إلى يوم الدين).
كتاب النبي إلى بن ساوي أمير البحرين:
كتب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المنذر بن ساوي يدعوه فيها إلى الإسلام، وهذا نص الرسالة.
(أما بعد فإني أذكرك الله - عز وجل - فإنه من ينصح فإنما ينصح لنفسه، وأنه من يطع رسلي ويتبع أمرهم فقد أطاعني، ومن نصح لهم فقد نصح لي، وأن رسلي قد أثنوا عليك خيراً)، وأني قد شفعتك في قومك فاترك للمسلمين ما أسلموه عليه، وعفوت عن أهل الذنوب فاقبل منهم، وإنك مهما تصلح فلن نعزلك عن عملك، ومن أقام على يهوديته أو مجوسيته فعليه الجزية).
ورد المنذر بن ساوي على النبي بمكتوب هذا نصه:
(أما بعد يا رسول الله، فإني قرأت كتابك على أهل البحرين فمنهم من أحب الإسلام وأعجبه ودخل فيه، ومنهم من كرهه وبأرضي مجوس ويهود فاحدث أمرك).
كذلك توجد رسائل أخرى من أبي سفيان إلى النبي قبل غزوة الخندق ورد الرسول عليها، ورسائل يمنية في شبه الجزيرة العربية كالحجاز ونجد وأخرى داخل اليمن، فهناك كتاب النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - بين المهاجرين والأنصار، واليهود وهو دستور الدولة بالمدينة المنورة.(3/228)
وهناك رسائل بين الرسول وفروة بن عمرو الجزامي بالأردن، وبينه وبين صيفي بن عامر، ورفاعة بن زيد الجذامي، وزياد بن جهود اللخمي، وتميم الداري وإخوته حيروم والمرطوم وبيت عينون وبيت إبراهيم، وأهل دومة الجندل وقبيلة كلب، والحارث بن أبي شمر الغساني، وزمل بن عمرو من عذرة، وعامر بن الأسود بن عامر الطائي، وحبيب بن عمرو من بني أجا، وشرحبيل بن عبد كلال، ونعيم عبد كلال، وهناك رسائل لأهل جرش وقبيلة خثعم وبني الحارث أهل نجران وخالد بن الوليد، ونصارى نجران، وعمير ذي مران من حمدان، وجيفر وعبد ابني الجلندي (شيخا عمان)، وخطبة حجة الوداع.
خصائص الرسائل النبوية:
كانت رسائل النبي - صلى الله عليه وسلم - اللبنة القوية التي قام عليها الصرح الإسلامي الشامخ، فقد بدأت بمعاهدة المشركين ثم قبول دعوته، وفي رسائله كان يأخذ الأمور بالتدرج بيسر وسهولة، ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة والرقة واللين.
بدأ بالتوحيد والدعوة إلى الواحد القهار، ومحاربة الأوثان لأن الوثنية أسوأ أنواع الذل والطغيان، وأراد أن يدفع من سوية البشر ويسير بهم من عبادة الشرك المادية، سواء كانت وثناً أو أميراً أو ملكاً إلى عبادة الديان، ثم أتبعها بالصلاة فالزكاة بعدها الحج، ومن الملاحظ أن هذه الرسائل تمتاز بأمور، منها:
1 ـ لطف العبارة ورقتها وسهولة ألفاظها وسلاسة عبارتها.
2 ـ البعد عن التصنع اللفظي لتكون مفهومة لكل طبقات المجتمع الإسلامي.
3 ـ دخول المصطلحات الإسلامية الجديدة فيها، كالصلاة والزكاة والحج والجهاد والصدقة والمشرك والكافر، والفريضة، والسنَّة، والنافلة، والحسنة، والسيئة، والنفاق، وغيرها من الألفاظ الإسلامية والمصطلحات التي لا يعرفها العرب يمثل ما اصطلح عليه الإسلام ـ وإن كانت عربية.(3/229)
وقد اتخذ الخلفاء من بعد هذه الرسائل، وبخاصة تلك التي فرض فيها التعاليم الإسلامية أنموذجاً يسيرون في هديه، ويقبسون من فكره الواسع وعقليته الكبيرة.
http://alwaei.com المصدر:
=============
رسائل الجوال والرقم 700
الدكتور محمد بن عبد العزيز المسند
إن رسائل الجوّال الدعائية، التي توهم المستقبل بأن هناك جائزة كبيرة في انتظاره إذا اتصل على الرقم المدوّن أسفل الرسالة والذي يبدأ بالرقم (700) وأقل تكلفة للدقيقة الواحدة سبعة ريالات..!! نوع من أنواع المكر والخديعة لأمة الإسلام وعلى الجميع التنبه والتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة من خلال معرفة حكمها الشرعي والضرر الذي يلحق المتعاملين بها.
* الرأي حول هذه الظاهرة؟
هذه الظاهرة من الظواهر السيئة في هذا الزمن، لما تشتمل عليه من الاحتيال، وأكل أموال الناس بالباطل، وهي أيضاً دليل على قلّة الوعي لدى المستقبلين، وتهافتهم على الأوهام وما يشبه السراب دون النظر في العواقب.
* أمّا حكم التعامل مع هذه الجهات فهو محرّم، وهو من القمار والميسر الذي حرّمه الله - عز وجل
* ومن شارك وحصل على الجائزة فلا يجوز له أخذها، لأنّها سحت، وعليه أن يتخلّص منها يصرفها أو ثمنها في أعمال البرّ. مع التوبة إلى الله - عز وجل - من هذا العمل.
* أمّا الأدلّة التي تنطبق على مثل هذه الظاهرة، فمنها قوله - تعالى -: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) (الأنعام: 90).
وقوله - تعالى -: ((يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا)) (البقرة: 219).
ففي الآية الأولى قرن الله الميسر بالخمر والأنصاب (وهي الأصنام)،(3/230)
والأزلام (وهي الأقداح التي كان يتطيّر بها أهل الجاهلية)، وبيّن - سبحانه - أنّ كل هذه المذكورة رجس من عمل الشيطان، أي: نَجَس، وهي نجاسة معنوية على الصحيح. وفي الآية الثانية بيّن الله - عز وجل - أنّ في الخمر والميسر منافع للناس من أمثال المكاسب الماديّة من جرّاء بيعها والمتاجرة بها، أو ما قد يحصّله المقامر من المال الحرام، لكنّ ذلك مغمور في مقابل ما فيهما من الإثم، ويظهر ذلك من وجوه:
أحدها: تقديم الإثم على المنافع.
الثاني: إفراد الإثم مع وصفه بأنّه كبير، وجمع المنافع، مما يدلّ على أن تلك المنافع مغمورة في بحر ذلك الإثم الكبير.
الثالث: التصريح بأن إثمهما أكبر من نفعهما، والقاعدة الشرعية أنّ دفع المفاسد مقدّم على جلب المصالح. هذا مع العلم بأنّ هذه الآية قد نسخت بالآية السابقة، والتي فيها التصريح بأنّ الخمر والميسر رجس من عمل الشيطان. وأنّ الواجب اجتنابهما.
* وأمّا دور أهل العلم تجاه هذه الظاهرة، فإنّ الواجب عليهم جميعاً أن يتصدّوا لمثلها، العالم في درسه وإفتائه، والخطيب على منبره، والكاتب في كتاباته، والإعلاميّ في وسيلته الإعلامية، حتى ينتشر الوعي بين الناس، ويحذروا من هذه الظاهرة وأمثالها.
* أمّا القول بأنّها نوع من التقدّم التقني وثورة الاتصالات.. فأقول: نعم، إنّه تقدّم، لكنّه إلى الوراء، فإنّ من المعلوم عند كلّ ذي عقل أنّ هذه التقنيات سلاح ذو حدّين، فإذا استخدمت فيما ينفع الناس، وييسّر لهم أمورهم، كان ذلك محموداً، وتقدّماً إلى الأمام. وأمّا إذا استخدمت فيما يضرّ، من ابتزاز أموال الناس وأكلها بالباطل، أو إفساد الناس وتضليلهم، فإنّ ذلك تأخّر وتخلّف.(3/231)
* أمّا الطريقة المناسبة للحدّ من هذه الظواهر، فلا يكون إلا باجتثاث هذا الشرّ من جذوره، وذلك بملاحقة تلك الجهات المشبوهة، وسحب التراخيص منها، ومعاقبتها، وعدم تمكينها من القيام بهذه العمليات، وأقترح إنشاء هيئة عليا على مستوى الدول العربية والإسلامية لحماية الناس من عمليات النصب والاحتيال بجميع أنواعها والتي تقوم بها هذه الجهات، ووضع الحلول العملية الكفيلة بالقضاء على هذه الظاهرة.
15/8/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
============
رسائل متبادلة بين زوجين
عبد الملك القاسم
المقدمة:
الحمد لله الذي جعل بين الأزواج مودة ورحمة، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فإن الأسرة في الإسلام هي قوام المجتمع وعماده.اهتم بها الإسلام أيما اهتمام، ووردت آيات كثيرة في كتاب الله - عز وجل - تنظم هذه الأسرة وتقيم صلبها وتعالج مشاكلها، وأفاضت السنة النبوية المطهرة فأتمت الأمر وأوضحته، وكانت سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - خير مثال على حسن رعاية الأسرة وتعليمها والمحافظة عليها والقيام بحقوقها.
ولقلة ما في الساحة الإسلامية من كتيبات صغيرة تعالج مشاكل الأسرة وتحيي سعادتها- وتعيد لها مكانتها العظيمة.. سطرت هذا الكتاب بأسلوب جديد، آملاً أن يكون فيه الخير والفائدة حتى تكون الأسرة المسلمة مستقرة هانئة مطمئنة؛ لتخرج لنا جيلا تقر به أعين المسلمين. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قبل فتح الرسالة:
للرسائل عموماً وقع خاص في النفس.. وفي الرسائل المتبادلة بين الأحباب والأصحاب من علامات الرقي وحسن التربية ونبل المودة الشيء الكثير! فهي تقرب القلوب وتزيل إحن الصدور، وتنشر المودة، وتبقي المحبة!(3/232)
وهذه رسائل عتاب ومودة بين زوجين تحكي واقعا ملموسا ومشاهدا.. ولم آت فيها بجديد، وإنما هي أمور بدهية أحببت أن ألفت النظر إليها، والتأكيد على أهميتها، لعل فيها إصلاح ما تهدم، ووصل ما تقطع، وجمع ما تشتت.. وهي إشارات متتالية إلى كل زوج وزوجة.
يا زوجي:
قبل سنوات مضت فرحت وأنا أزف إليك، معتزة بقوامتك علي سعيدة باقترانك بي.. واليوم لا تساورني ندامة ولا دمعة حزن على زاوجي منك.. بل لك من المودة أعلاها، ومن المحبة أكملها وأسماها.. فالحمد لله الذي جعل لك في قلبي سكنا، وفي نفسي طمأنينة، وفي حديثي فخرا واعتزازا، وأحمد الله - عز وجل - فلا يظهر بيني وبينك تنافر في الخلق، ولا تباين في المزاج، ولا اختلاف في الطبائع.. بل وجدتك نعم الرجل متمسكا بقول الله - تعالى -: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}، ووجدت أثر حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - على قولك وفعلك ((.. واستوصوا بالنساء خيرا.. )).
فأنعم بك من رجل قام بحقوق الله - تعالى - وحقوق بيته، وأبشر بنصيب وافر من حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -((أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم)).(3/233)
ونحن نسير سويا في هذه الدنيا، نرى ونسمع من قد تنكب الصراط، أو زلت به القدم.. فخالف أمر الله - عز وجل - وهدي نبيه - صلى الله عليه وسلم - في القوامة وحسن المعاملة والصفح عن زلات أهل بيته.. والبعض أهملهم وبخسهم حقوقهم.. وإن كنت يا زوجي أربأ بك أن تحمل صفة من تلك الصفات وزلة من تلك الزلات، فإني كتبتها للذكرى، والمؤمن مرآة أخيه، والمؤمنون نصحة، والمنافقون غششة.. وعهدتك تحب الحوار وتستمع له، ولك قدوة في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر - رضي الله عنهم -، ومن سار على خطاهم، والعاقل الأريب الفطن الكيس من يستمع إلى قول الحق، فما بالك بمن يطلب الحق.. ولطول الطريق فقد يقع ما يكدر مسيرة الحياة الزوجية، وقد تكون هذه العثرات باب شؤم، وطريق معصية، ومفترق طرق، فأحببت أن أذكرك بها علك تنصح بها من وراءك من الأحباب والأصحاب.. إنها أنات زوجات، وآهات أمهات..
إنها جلسة وحديث من زوجة إلى زوجها ولا يبخس الرجل العاقل حديث النصيحة.. بل هو مستمع منصت رفعه الأدب وزانه العقل، محتسباً الإصلاح أجرا ومثوبة!
يا زوجي العزيز:
• لا أرى لك اهتماما بأمر العقيدة الذي عليه مدار الإسلام والإيمان. فقد تراخيت في أمر التوكل على الله، ووكلت الأمر للأسباب. قال ابن رجب عن التوكل: ((هو صدق اعتماد القلب على الله - عز وجل - في استجلاب المصالح، ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة..))
وقال ابن القيم: ((التوكل: نصف الدين)).
والناس في هذه الأزمان على ثلاث مراتب:
الأول: من تواكل وقعد عن العمل ولم يأخذ بالأسباب وهذا مخالف لسنة الله - عز وجل - في الكون.
الثاني: من قام بالأسباب وترك التوكل، وهؤلاء هم الماديون وأتباعهم.(3/234)
الثالث: أهل الحق، من قاموا بالأسباب وتوكلوا على الله - عز وجل -، وهذا هو طريق الأنبياء والمرسلين، فهم يعملون للجنة ويتوكلون على الله، ويسيرون في مصالحهم وهم متوكلون على الله - عز وجل -، ويجاهدون وهم مستعدون متوكلون.
فكن يا زوجي في أعلى المراتب وأسماها متوكلا عاملا، كما هو قدوتنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
• يا زوجي الحبيب:
تبدت أمور خطيرة تهدم الدين من أساسه، ومن أخطر تلك المعاول: موافقتك للذهاب لمن تعرف في قرارة نفسك أنه من المشعوذين والدجالين، وقد حذر الله - عز وجل - ورسوله من ذلك، فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -)).
وإن لبسوا عليك بالاسم وقالوا هو: طبيب شعبي.. فالأسماء لا تغير الأمر!
واسمع- يا زوجي- في أوساط الرجال حديثا يصل إلى الردة- والعياذ بالله- من الاستهزاء بالدين وأوامره من حجاب، وإعفاء لحية، وتقصير ثوب.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((إن الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر يكفر صاحبه بعد إيمانه)).
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي- رحمه الله -: ((إن الاستهزاء بالله ورسوله كفر يخرج عن الدين، لأن أصل الدين مبني على تعظيم الله وتعظيم دينه ورسله، والاستهزاء بشيء من ذلك مناف لهذا الأصل ومناقض له أشد المناقضة)).
وليس لك يا زوجي إلا الإنكار عليهم مع القدرة، أو القيام مع عدمها، واسمع قول الله - عز وجل -: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً}.
فتنبه يا زوجي لهذا الأمر الخطير، واحذر أن تزل قدمك بعد ثبوتها.
يا زوجي العزيز:(3/235)
• خلقنا الله - عز وجل - لأمر عظيم هو عبادته.. فأين موقع هذا الأمر من دقائق حياتك؟! وأذكرك بقول الله - عز وجل -: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} وأراك تكدح الليل والنهار من أجل ريالات تجمعها، وأنستك الدنيا الفانية الآخر الدائمة.. فأنت تعمل للدنيا وتجذ وتحرص وكأنك مخلد فيها، وتساهلت في أمر الآخرة وكأنك لن ترحل إليها.. وكلما رأيتك تجري وتلهث، تذكرت قول يحي بن معاذ: ((مسكين ابن آدم لو خاف النار كما يخاف الفقر دخل الجنة)).
يا زوجي الكريم:
هل انقطعت حاجتك عن الله - عز وجل - فأهملت الدعاء؟! من يدفع عنك المرض، ومن يصلح زوجك وأبناءك، ومن يعنيك على نوائب الدهر؟ أنسيت أنه كان من دعاء نبي هذه الأمة الدعوة على الثبات على هذا الدين؟! بل وأبو الأنبياء كان يدعو لنفسه ولأبنائه بأن يجنبهم الله - عز وجل - عبادة الأصنام.. {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ}.
فحري بك يا زوجي أن تكثر من الدعاء في زمن تتخطف فيه الفتن دين الرجل، والأمر كما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إن بين أيديكم فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمنا، ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا، ويصبح كافرا.. )).
لا تحقرن يا زوجي معصية لله - عز وجل -، فإن للمعاصي شؤما وخزياً وعاراً في الدنيا والآخرة، وربما يطمس الله على قلب الإنسان بسبب معصية صغيرة يحتقرها.. وقد ورد في القرآن العظيم أن الله - عز وجل - خسف الأرض بأمم أسرفت على نفسها في عمل الفواحش والذنوب، ثم تأمل من خسف الله به الأرض لأنه خرج في ذنب قد تراه سهلاً وهو عند الله عظيم.. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((بينما رجل يتبختر في حلة قد أعجبته نفسه، إذ أمر الله الأرض فأخذته، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة)).
يا زوجي الكريم:(3/236)
• أرى تقصيرا وتكاسلا منك في أداء الصلاة مع الجماعة وأحياناً أراك تصلي بجواري! مع علمك بوجوب أداء الصلاة مع الجماعة فما بالك! وماذا دهاك! وأخشى أن يكون فيك خصلة من خصال المنافقين، كما قال عبد الله بن مسعود: ((وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق)).
أما في أمر متابعة صلاتي وصلاة أبنائنا فأرى منك إعراضاً ولا مبالاة وهي تحتاج منك إلى صبر ومصابرة كما قال - تعالى -: {وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها} ونحن اليوم وإن كنا أحبابك ورعيتك، فإننا غدا يوم القيامة خصماؤك إن فرطت، فإن لك أمر الولاية علينا الآن ومسؤول ومحاسب عنها غدا..
يا زوجي..
• أرى في بعض تصرفاتك حدة ويتملكك الغضب والرسول - صلى الله عليه وسلم - حذر من ذلك فقال: ((لا تغضب))رددها مراراً. والكثير من المشاكل التي تقع داخل الأسر نتيجة تهور وغضب.. وأوصيك بحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - ((لا تغضب)) وكن قدوة لنا جميعا.. نرى فيك الرجل العاقل والزوج الحكيم والأب المتزن.
وسأورد لك ما ذكره ابن سعد في الطبقات الكبرى، عن أم ذرة عن ميمونة (أم المؤمنين) - رضي الله عنها - قالت: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة من عندي، فأغلقت دونه الباب،. فجاء يستفتح الباب فأبيت أن أفتح له، فقال: ((أقسمت إلا فتحته لي)) فقلت له: تذهب لأزواجك في ليلتي هذي، قال: ((ما فعلت، ولكن وجدت حقناً من بولي)).
أرأيت يا زوجي نبي هذه الأمة - عليه الصلاة والسلام - وقائدها ومعلمها يخرج لحاجته فيغلق دونه الباب في الليل المظلم، ويستفتح الباب فترفض زوجته! فيقسم عليها أن تفتح له الباب ويوضح ويشرح لها بكلمات وافية لماذا خرج! عندها ترضى أم المؤمنين - رضي الله عنها - وتفتح له الباب وينتهي الأمر! انتهى لرفق النبي - صلى الله عليه وسلم - بزوجاته وحلمه عليهن ومعالجته للموقف بهدوء واتزان.(3/237)
• سمعت يا زوجي أن جارتنا تسعى جادة لحفظ أجزاء من القرآن وقد شجعهما زوجها على ذلك، بل وجعل لها هدية ثمينة كلما أتمت حفظ سورة معينة، وأكثر من ذلك بدأ هو بنفسه يراجع ما حفظت.. فليتك تسعى معي بهذا الأمر وتحثني عليه، وتأكد أنني إذا رأيت فرحك وسرورك ومتابعتك سأكون مثل جارتنا، بل وأكثر منها.. فهيا نتعاون على الخير ونجني الحسنات.
• سأنقل لك يا زوجي صورة طالما تمنيتها في عشنا الزوجي.. عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((رحم الله رجلا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت، وأيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء)). فهلا رأيت منك تلك اللمسات الإيمانية..
•يا زوجي.. الإسلام تناله السهام من كل مكان وأراك تنام قرير العين.. لا يهمك أمر الإسلام ولا المسلمين! وأعجب من هذا أنك كنت فيما سبق سباقاً في العمل الدعوي فماذا دهاك؟ هل أنت في انحدار وتراجع؟ أم هي بداية انتكاسة والعياذ بالله؟! وإني لأربأ بأمثالك أن تكون همومه منحصرة في جيبه وبطنه وليس للإسلام مكان في قلبه!
يا أبا عبد الله.. لو لم يقم الصحابة - رضوان الله علمهم أجمعين- بتبليغ الرسالة إلينا فهل يصل الدين إلى من بعدهم؟. إنهم أمة من الأخيار قاموا بالدعوة وتلقفها السلف عن الخلف إلى يوم القيامة! فما نصيبك من هذا الخير العظيم. ولقد تيسرت السبل وتعددت وتنوعت ورخصت الأثمان في سبيل الدعوة.
قف وراجع نفسك فالأمة بحاجة إلى همتك وعزمك فكل قليل مع قليل يبارك الله فيه.. ولو كل رجل استشعر مكانه ورأى حق الإسلام عليه لارتفعت الراية وشيدت الحصون!(3/238)
• يا زوجي.. مال المرأة الذي يأتي إليها هدية، أو من وارث، أو من عمل تقوم به، هو مال خاص بها لا يجوز أخذ شيء منه إلا بطيب نفس منها وموافقتها! وهذا المبدأ من محاسن الدين الإسلامي وشرائعه في تكريم المرأة وقيام كيان مادي خاص بها. لكن مع الأسف كثر في الآونة الأخيرة التعدي على مال الزوجة بسبب أو بدون سبب، وافتعل كثير من الأزواج المشاكل لكي تتنازل الزوجة عن مالها وهي مكرهة إرضاء لزوجها، وآخرون اتخذوا التهديد والوعيد سلماً لمآربهم، وآخرون خدعوا زوجاتهم، إما بشكل مباشر كادعاء شراء أرض أو بيت لها وهو لا يفعل ذلك، وإما بأخذ المال على شكل قرض لا يرد! وهذا من أكل أموال الناس بالباطل.
• يا زوجي.. أرى رفقاء السوء بدأوا يخطون- نحو دارنا! وقد ذكرت لك ذلك من قبل، وقلت لي: إنك رجل عاقل وكبير ومطلع وتقدر الأمور بقدرها! ولكني أراك بدأت تنجرف معهم! وبدأت تتهاون في أمر دينك وتؤخر صلاتك.. والدش قاب قوسين أو أدنى! ورفقاء السوء يا زوجي لا يقتصرون على صغار السن فحسب.. فهذا أبو جهل يأتي إلى رجل كبير السن هو عم النبي - صلى الله عليه وسلم -.. يأتيه. أبو جهل ليكون رفيق سوء يصده عن قول لا إله إلا الله.. وكان لرفيق السوء ما أراد فمات عم النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو رجل كبير عاقل فطن على الشرك! هذا هو رفيق السوء يأتي مثل اللص حتى إذا وجد منك ثغرة نفذ منها!
• يا زوجي العزيز.. المشورة حث عليها الله - عز وجل - {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} وهناك أمور أرى أن من حقي عليك أن تشاورني فيها، وهناك أمور أنت وشأنك! أحياناً آخر من يعلم بقراراتك أنا!
هذه أم المؤمنين- أم سلمة - رضي الله عنها - دخل عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة الحديبية مهموماً مغموماً فشاورها، فلقي عندها الحل الأمثل والجواب الباتر..(3/239)
لما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كتابة الصلح مع قريش قال لأصحابه: ((قوموا فانحروا ثم احلقوا)) فثقل الأمر على الصحابة وقد كان حنينهم إلى مكة. فدخل - صلى الله عليه وسلم - على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس فقالت له أم سلمة رضي الله عنها: يا نبي الله أتحب ذلك؟ اخرج ثم لا تكلم أحدا كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك. فخرج فلم يكلم أحدا حتى فعل ذلك، نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه، فلما رأى الصحابة فعله، قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضاً.
• يا زوجي: أرعني سمعك، وأنصت بقلبك، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الله قال: ((من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولأن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه)).
فإذا أديت العبادة المفروضة كاملة وتقربت إلى الله - عز وجل - بالنوافل فإن الله - عز وجل - يكرمك بكرم عظيم ويجود عليك بأعظم أنواع الجود، يقول الخطابي- رحمه الله - عن هذا الحديث: ((المعنى توفيق الله لعبده التي يباشرها بهذه الأعضاء، وتيسير المحبة له فيها: بأن يحفظ جوارحه عليه ويعصمه عن مواقعة ما يكره من الإصغاء إلى اللهو بسمعه، ومن النظر إلى ما نهى الله عنه ببصره، ومن البطش فيما لا يحل له بيده، ومن السعي إلى الباطل برجله)).(3/240)
• القلوب يا زوجي تصدأ كما يصدأ الحديد.. وأرى أن قلبي بدأ يصدأ؟! وجلاؤه ذكر الله - عز وجل - وقراءة القرآن وسماع المواعظ والدروس والمحاضرات.. وأنا الآن أطلب منك أن تحضر لي دروس بعض العلماء ومحاضراتهم عبر شريط أو كتاب؟! فلماذا تبخل علي بذلك. ألا تريدني أن أتفقه في ديني، وأعرف حقوق ربي، وأتزود من دنياي لآخرتي.. ألا يسرك أن أسمع موعظة ترقق قلبي وتفيض منها عيناي خشية لله - عز وجل - ورجاء فيما عنده؟! ألا تحب أن تراني أسمع دروس العلماء في التوحيد والعقيدة وأحكام الطهارة وغيرها! فأتفقه في ديني وأعرف طريق جنتي؟!
قال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}.
• يا أبا عبد الله.. اتفقنا منذ- البداية أن هذه رسائل مصارحة دافعها المصالحة والإصلاح..
ولذا سأعلن لك للمرة الأولى يا زوجي أنك إنسان جانبت طريق النظافة في ملبسك وفي مظهرك، ولا أراك تستعمل فرشاة أسنان أما السواك فإنه مفقود من جيبك منذ شهور وهو من سنن المصطفى - صلى الله عليه وسلم -! فأين النظافة التي حث عليها الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ وأين التزين للزوجة؟! لا تغضب وراجع نفسك! ولو أصبح حالي مثل حالك، ماذا تفعل؟ كان ابن عباس رضي الله عنه يقول: ((إني لأحب أن أتزين لامرأتي كما أحب أن تتزين لي)).
والله - جل وعلا - يقول: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}.
قال ابن كثير - رحمه الله -: ((أي: طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم، وهيئاتكم بحسب قدرتكم، كما تحب ذلك منها فافعل أنت بها مثله كما قال - تعالى -: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}.(3/241)
• يا زوجي.. مع طول الأيام نشأ بيني وبينك حاجز وهمي.. فلم تعد الصراحة هي طريقنا ولم نعد نتحدث ببساطة مثل ما سبق.. بل أصبحت أحسب ألف حساب لكل كلمة أقولها؟ وماذا أقول؟ فإلى هذا الحد نما وترعرع هذا الحاجز بيننا! أخشى أن تمر الأيام وتتوالى الشهور وأنا أتردد أن أبوح لك بهمومي وهموم أبنائنا..
• يا زوجي الكريم.. المعادلة ناقصة والميزان أرى أنه لصالح الرجل.. فالنساء إحدى امرأتين إما أنها تخرج للعمل، أو أنها تبقى في المنزل وتعمل، والرجل كذلك... هذا كله في الفترة الصباحية، وإذا انتهى كل هذا الوقت الذي يشترك فيه الجميع في العمل أتى الرجل يريد الراحة والسكن أما الزوجة فإنها لا تجد راحة ولا سكناً، فهي مطالبة بالحمل من الصباح إلى أن تنام، وعليها أعباء أخرى من تدريس الأولاد وتربيتهم ونظافة المنزل و.. قائمة طويلة أليس كذلك؟! اتق الله في زوجتك أيها الرجل.. واعمل يوما واحدا مثل مجهودها لتعرف حجم مسئوليتها وكثرة إعمالها.. وإني أرى أنك خير من ينصف زوجته وأخته وابنته، فهيا إلى العمل، وأعنها على أعباء المنزل، ومتابعة الأبناء ومراجعة دروسهم، واحتسب الأجر في ذلك كله. قيل لعائشة رضي الله عنها: ماذا كان يعمل رسول الله في بيته؟ قالت: ((كان بشرا من البشر: يفلي ثوبه ويحلب شاته، ويخدم نفسه)).
• اسمع يا زوجي صوت ابنتك تناديك.. إنها في حاجة إلى العطف والحنان.. إن لم تجده لدينا بحثت عنه في مكان آخر.. فانتبه!! قربها وألن لها الجانب ودعها تفرح بأبوتك وحسن إنصاتك. ولك في سيرة خير الخلق قدوة حسنة.. كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رأى فاطمة ابنته - رضي الله عنها - رحب بها وقال: ((مرحبا بابنتي)) ثم يجلسها عن يمينه أو شماله.
وقال البراء رضي الله عنه: (... فدخلت مع أبي بكر على أهله فإذا عائشة ابنته مضطجعة قد أصابتها حمى، فرأيت أباها يقبل خدها، وقال: ((كيف أنت يا بنية)).(3/242)
• كثير من الرجال يتصيد الهفوات ويجمع الزلات وتراه يعيد ذكر زلة مضت منذ سنوات؟! ويجمع على الزوجة أخطاءها؟! فكيف يصح هذا؟! وأين كظم الغيظ؟! وأين العفو والمسامحة؟! بل أين الإحسان؟! {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين}. أما سمعت يا زوجي عن تلك الرتبة العالية والمنزلة الرفيعة يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم)).
يا زوجي: ألا تريد أن تدنو منزلتك في الجنة حتى تكون! بقرب الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((إن أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم أخلاقا)).
• يا زوجي.. نحن في نعم عظيمة، أولها ورأسها نعمة في الإسلام التي أكرمنا الله بها. !. - شرق أو غرب لترى أمم الكفر وكيف من الله علينا بهذا الدين العظيم. ومن النعم يا زوجي... نعمة الأمن، والاستقرار، ونعمة العقل، ونعمة السمع والبصر... وصدق الله إذ يقول: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} وواجبنا نحو هذه النعم شكرها والقيام بحقها.
ومن شكرها: استعمالها في طاعة الله - عز وجل - والبعد عما يغضب الله {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}. ومن شكرها إقامة عبودية الله - عز وجل - في نفوسنا وفي نفوس أبنائنا، وبث ذلك في مجتمعنا عبر الأمر بالمعروف النهي عن المنكر والتواصي بالحق وكثرة الثناء على الله - عز وجل - وحسن عبادته.
• يا زوجي الحبيب.. بيتنا يخلو من الجلسة الإيمانية.، أريدك أن تقرأ علينا حديثا من رياض الصالحين كل يوم، أو نسمع صوتك الجهوري يروي سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - من كتب السيرة.. فمتى تبدأ؟! لا تقل غدا.. بل اليوم سوف أهيئ لك الكتاب ودعنا نسمع صوتك ونأنس بجلوسك ويفرح أطفالنا جميعاً بأبوتك.
• كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - ينادي نساءه بأحب أسمائهن.. بل ويرخم الاسم إمعاناً في إظهار المودة والمحبة فكان ينادي عائشة - رضي الله عنها - بـ((يا عائش)).(3/243)
ولي شهور لم أسمع اسمي بصوتك الحبيب حتى نسيت اسمي، وظهر على لسانك أسماء وألقاب بعضها منهي عنه شرعاً لما فيه من التحقير والازدراء! فأين حقي من القدوة التي تقتدي بها!
• في الطريق ونحن سائرون أو في فترات الراحة أراك يا زوجي تطلق لسانك تزدري زميلك وتغتاب مديرك وتغمز هذا وتلمز ذاك! ألم تعلم أنه {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} أنسيت أن صحائفك تطوى لك اليوم وتنشر أمامك يوم القيامة!
قال الإمام الشافعي - رحمه الله -: ((إذا أراد الكلام فعليه أن يفكر قبل كلامه، فإن ظهرت المصلحة تكلم، وإن شك لم يتكلم حتى يظهر)).
فهل وقفت هذا الموقف يا زوجي؟! واعلم أن خصماءك يوم القيامة كثير.. قال الحسن: ((إن الرجل ليتعلق بالرجل يوم القيامة فيقول: بيني وبينك الله، فيقول: والله ما أعرفك! فيقول: أنت أخذت طينة من حائطي، وآخر يقول: أنت أخذت خيطا من ثوبي)).
• يا زوجي.. من الظواهر المخالفة لسنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - حلق اللحى وقد استمرأت النفوس هذا المنكر فلا ترى أحدا ينبه إلى هذه المعصية، أو يوضح الحكم لمن لا يعرفه. فإعفاء اللحية من هدي الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، وكذلك الصحابة الكرام والسلف الصالح.
قال - صلى الله عليه وسلم -: ((خالفوا المشركين: وفروا اللحى وأحفوا الشوارب)).
وقال - صلى الله عليه وسلم -: (جزوا الشوارب، وأرخو اللحى)).
قال ابن تيمية: ((يحرم حلق اللحية)).
وقال الإمام القرطبي: ((لا يجوز حلقها ولا نتفها ولا قصها)).
وقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز- رحمه الله -:
((إن تربية اللحية وتوفيرها وإرخاءها فرض لا يجوز تركه)).(3/244)
وحلق اللحية يا زوجي ليس من الأمور الصغيرة كما قد يتوهمه البعض، بل ربما يكون حلقها أعظم إثماً من بعض المعاصي الأخرى، لأن حلقه يعتبر من المجاهرة بالمعصية، وقد لا يعافى حالقها ولا يغفر له بسبب هذه المجاهرة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((كل أمتي معافى إلا المجاهرين)). كما أن في كراهية اللحية أو الاستهزاء بها وبأهلها يخشى على فاعله من الردة والكفر والعياذ بالله، لأن من نواقض الإسلام: الاستهزاء والسخرية بهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - أو كراهية ما جاء به، وحلق اللحية قد ينم عن كراهيتها والتخلص منها، وكراهيتها قد يكون أيضا سبباً لحبوط الأعمال كما قال - تعالى -: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ}.
• البخل داء تنفر منه النفوس الزكية فما بالك إذا نهى الإسلام عنه؟!.. قال الله - عز وجل -: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} والبخل آثاره واضحة على بيتنا وعلى الدعوة وعلى فقراء المسلمين! فأين نصيب أولئك مما رزقك الله.
ولمن يا زوجي العزيز تجمع الدينار والدرهم وأنت تبخل به علينا؟! هل تريد أن نتطلع إلى ما في أيدي الناس وأنت حي ترزق؟!
عن أنس - رضي الله عنه - قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول?(اللهم إني أعوذ بك من البخل والكسل)).
أولا تعلم يا زوجي العزيز أنك تؤجر على النفقة؟! كما قال - صلى الله عليه وسلم -?(إذا أنفق الرجل على أهله يحتسبها فهي له صدقة)).
يا زوجي: راجع واقعك وانظر في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -?(دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك)).
وتأمل في عظم وأهمية المصارف الأربعة، ثم انظر في أعلاها منزلة وأعظمها أجرا.(3/245)
• زوجي الحبيب: تمر بي حالات ضعف نفسي واضطراب جسمي وقد تصيبني الآلام والأمراض! ولكنك لا تلقي لذلك بالا. مع أنني امرأة ضعيفة مسكينة كسيرة الجناح!
تأمل في حال الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته فلما مرضت رقية - رضي الله عنها - تخلف زوجها عثمان بن عفان - رضي الله عنه - عن معركة بدر. ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضرب له بسهمه من الغنيمة - عليه الصلاة والسلام -: ((أقم معها، ولك أجر من شهد بدرا وسهمه)). وما ذاك إلا من عظم أمر العناية بالزوجة وأنها قد تحبس الرجل عن الجهاد إذا كانت في حاجة لرعايته وعنايته.. ذكرت لي صديقتي أن زوجها يثني على خفة دمك وظرفك وسرعة بديهتك وأنك حاضر النكتة! فهل هذا صحيح؟! لأنني لم أر إلا عبوساً وهجرا! فما رأيتك في مبتسماً ولا ملقياً طرفة إلي! أخشى أن تكون صديقتي أخطأت في وصفك أو أنك رجل لك أكثر من شخصية!
وأعود بك قروناً ليحدثك عبد الله بن الحارث فيقول: ((ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)).
والتبسم يا زوجي صدقة من الصدقات التي تؤجر عليها قال - صلى الله عليه وسلم -: ((وتبسمك في وجه أخيك صدقة)).
• يا زوجي: الولاء والبراء من أركان العقيدة، وشرط من شروط الإسلام، تغافل عنه كثير من الناس وأهمله البعض. الغنيمة وقال والولاء: هو حب الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحدين ونصرتهم.
والبراء: هو بغض من خالف الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحدين، من الكافرين والمشركين والمنافقين والمبتدعين والفساق.
فكل مؤمن موحد ملتزم للأوامر والنواهي الشرعية، تجب محبته وموالاته ونصرته، وكل من خالف ذلك وجب التقرب إلى الله - تعالى - ببغضه ومعاداته وجهاده بالقلب واللسان بحسب القدرة والإمكان.
قال - صلى الله عليه وسلم -: ((من أحب لله وأبغض لله، وأعطى لله ومنع لله، فقد استكمل الإيمان)).(3/246)
قال الشيخ حمد بن عتيق- رحمه الله -: (فأما معاداة الكفار والمشركين، فاعلم أن الله - سبحانه وتعالى- قد أوجب- ذلك، وأكد إيجابه، وحرم موالاتهم وشدد فيها حتى أنه ليس في كتاب الله - تعالى - حكم فيه من الأدلة أكثر ولا أبين من هذا الحكم بعد وجوب التوحيد وتحريم ضده)).
ومن صور موالاة الكفار: التشبه بهم في اللبس والكلام والسفر إلى بلادهم لغرض النزهة ومتعة النفس وكذلك مشاركتهم أعيادهم أو مساعدتهم في إقامتها، أو تهنئتهم بمناسبتها أو حضور إقامتها، ومن صور موالاتهم: مدحهم والإشادة بما هم عليه من- المدنية والحضارة، والإعجاب بأخلاقهم ومهاراتهم دون نظر إلى عقائدهم الباطلة ودينهم الفاسد. ومن صور موالاتهم: الاستغفار لهم والترحم عليهم ومما وقع فيه كثير من الناس وهو من صور موالاتهم استقدامهم للعمل لدينا دون ضرورة.
• يا زوجي: اعترف بجميلك وفضلك علي، فأنت تنفق الأموال وتتلمس حاجاتنا اليومية، فجزاك الله خيرا، وجعل ذلك في ميزان حسناتك. وأذكرك وأنت من كرام الرجال بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((تهادوا تحابوا)). والهدية مفتاح للقلوب تنبئ عن محبة وقرب. ولي سنوات لم أر منك ولو هدية بسيطة تقدمها في نهاية الأسبوع أو بمناسبة عودتك من السفر.. ولا يهمني قيمة الهدية.. فقيمتها أنها أنت منك وحدك!!
• يا أبا عبد الله.. مرت سنوات طويلة على زواجنا وما جرى مساء البارحة أدمى قلبي وجرح فؤداي! فهل بعد هذه العشرة الطويلة تهينني أمام أبنائنا وتلمزني بأسوأ الألقاب.. لقد سمعت ألفاظا نابية وكلمات غير لائقة! والمصيبة أن كل الأبناء سمعوا ذلك! فهل هذا تصرف يليق بنا كزوجين! وهل من العقل والحكمة أن يسمع الأبناء مشاكلنا وأن نضعها أمامهم! ألا ترى أن ذلك يؤثر سلبا على تربيتهم واحترامهم لنا!(3/247)
وأمر كهذا - يا زوجي - يكون علاجه في الخفاء بيني وبينك! ألم تسمع قول الله - تعالى -: {واهجروهن في المضاجع} ولم يقل واهجروهن عن المضجع، فهذا أدعى لعدم معرفة الناس لما شجر بين الأزواج، إنه هجر في المضجع وهو مكان قاص لا يعلم ما يدور بداخله أحد من البشر! إنه هجر في البيت وليس أمام الأقارب والأبناء! الهدف من ذلك العلاج لا التشهير أو الإذلال! فماذا جنيت مما حدث مساء البارحة!
• أمر خطير يا زوجي.. أرعني له سمعك، وأعرني فيه قلبك! لو تحدث رجل عن صفاتي. وطولي وعرضي أمام زملائك ماذا يكون موقفك؟! العجب أنك تقوم بهذا الدور مسروراً فرحا.. فتذكر ما يدور بيننا وماذا تفعل، وهي أسرار بيوت وخبايا أزواج..؟ والنبي - صلى الله عليه وسلم - حذر من هذا أشد الحذر فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة: الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر سرها)). فاحذر أن يقوم لسانك مقام (جهاز تصوير) يصف ما يقع بيننا فالأمر خطير!(3/248)
• لا تغضب يا زوجي إذا قلت لك إنك غير ثابت المنهج غير واضح الخطا.. ها أنت لا ترضى أن أنظر إلى الرجال في الأسواق والمحلات، بل وفي الشارع، ثم ها أنت تجلسني أمام الشاشة لأرى ذلك الممثل الجميل الممتلئ صحة ووسامة!! فكيف هذا التناقض عندك؟! أليس النظر حرام في كل مكان؟! وفي أمرك هذا لا طاعة لك؟ لأن الطاعة في المعروف {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}. ثم قل لي بربك.. كيف تطيع الله - عز وجل - ولا تنظر ببصرك إلى امرأة متسترة متحشمة في الشارع.. وفي المنزل تطلق عينيك في الشاشة لترى النساء بدون حجاب وبكامل زينتهن.. فأين الطاعة والامتثال وغض البصر؟! وأذكرك بقول عجيب قرأته حيث قال ابن سيرين: ((إني أرى المرأة في المنام فأعرف أنها لا تحل لي، فأصرف بصري عنها)).
• دخلت يا زوجي في مزالق خطيرة ودروب متعرجة فبدأت! تستهين بالمال من أين يأتي! أمن حلال أم من حرام.. ونحن كما قالت إحدى بنات السلف لأبيها: ((نصبر على الجوع ولا نصبر على النار)) وفي الحلال غنية حتى وإن كان قليلا!!
هذا جيبك يحوي بطاقات بعضها محرم وأفتى العلماء بحرمتها! وهذا أنت تسارع إلى التأمين التجاري عند شراء سيارة! والرشوة انتشرت بين الموظفين بأسماء مختلفة وصور متنوعة، والربا والتعامل به في كل زاوية، وفي تضييع أوقات الدوام والاستهانة بها أكل مال بدون وجه حق. فهذا الراتب وضع- لك كأجير تعمل به لدى بيت مال المسلمين. فهل وفيت أم أن الأمر فيه تهاون وتكاسل وإضاعة؟! إن كان كذلك فاعلم أنه قد يدخل إليك أموال محرمة أخذتها دون مقابل؟!(3/249)
• ويا زوجي.. ترك الخطيئة أيسر من طلب التوبة! فمتى يبدأ الفجر الصادق في حياتك.. متى تبدأ التوبة وتجدد العودة؟! واعلم أن المال ببركته لا بكثرته، فكم ترى من شخص يملك المليارات وهو في شقاء؟ وكم من سعيد وهو يملك الكفاف؟!
وقد سئل علي بن أبي طالب عن الدنيا فقال: ((حلالها حساب وحرامها النار)).
وقال الحسن: ((يا ابن آدم إنما بطنك شبر في شبر فلم يدخلك النار؟ )) ومَرات ومرات تسعى للمال ولا تسأل أهو حلال أم حرام!
• طاعة الوالدين بالمعروف واجبة، وهي من أعظم القربات إلى الله - عز وجل -، وأرى منك تململا حينما أطلب زيارة والدي.. وتستثقل طلبي الذهاب لهم كل أسبوع مرة أو مرتين! خاصة في فترات مرضهم أو ضعفهم! ودائما تعلل ذلك.. بأن الهاتف موجود ويكفي الاتصال الهاتفي بهم! لعلك من هذا اليوم تعينني على زيارتهم وتفقد. حاجاتهم وبرهم وصلتهم!
• يا أبا عبد الله: ظهرت في الفترة الأخيرة تزكية النفس من كثير من الشباب.. فها أنت تزكي نفسك وكأنك تجاوزت القنطرة! وتأمل في حالك.. لا تذهب إلى الصلاة إلا عند سماع الإقامة.. ومن رمضان الماضي إلى رمضان الحالي لم تختم القرآن، بل طويت المصحف وهجرته شهورا طويلة.. أما قيام الليل وصيام أيام البيض ويومي الاثنين والخميس فلعلك لم تسمع بها! يا زوجي لا تغضب، ولكن لا تزك نفسك فلازلت في بداية المشوار! ولكن كما قال أحمد بن عاصم: ((هذه غنيمة باردة، أصلح ما بقي من عمرك يغفر لك ما مضى)).
• سنوات طويلة نعيش فيها سويا تحت سقف واحد.. ولم أسمع طوال تلك السنوات كلمة حانية وهمسة محبة، فأنا أعيش في صحراء مقفرة ليس فيها همسة حانية ولا كلمة طيبة! ونادرا ما أسمع منك كلمة شكر لطعام أعددته أو للباس جميل ارتديته..
• زوجي الحبيب.. أراك رجلا موفور العقل حاد الذكاء.. ومع هذا كله لا تقدر جهدي!(3/250)
أحيانا أمضي ساعات من وقتي واقفة على قدمي لطبخ أكلة تحبها! وأتحمل الوقوف والتعب تقربا إلى الله - عز وجل - بخدمتك ويهمني رأيك.. أريد أن أسمع كلمة شكر على هذا الصنيع! ولكنك تفاجئني لخطأ بسيط في الإعداد وتنسى ذلك الجهد كله!! وكان قدوتنا - صلى الله عليه وسلم - لا يعيب طعاما قط إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه!
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: ((ما عاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعاما قط، إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه)).
يا أوجب الحبيب: نهاية الأسبوع يعني أن هناك أياماًَ غير عادية في منزلنا! فأنت تخرج مع أصحابك وزملائك وتتركني أنا وصغاري، ولطالما سمعت بكاءهم ورغبتهم في الخروج معك لرؤية الربيع والمرح في واحة رملية! غناء، ولكنك لا تبالي بذلك.. وتسارع خطواتك ثم تغلق الباب، ! وتتركني وصغاري في بكاء وحزن! لا نريد أن نحرمك متعتك سعادتك ولكن لي حق، وللصغار حقوق، فاقسم واعدل بيننا وبين أصحابك وزملائك!
• يا زوجي: من ورائك من الرجال انتشر بينهم الإسبال في الثياب والمشلح. وهذا مخالف لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم -. عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: مررت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي إزاري استرخاء فقال: يا عبد الله ارفع إزارك! فرفعته، ثم قال: ((زد فمازلت أتحراها بعد فقال بعض القوم: إلى أين؟ فقال: ((أنصاف الساقين))
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار)).
هذه الأحاديث وغيرها لمسبل ثيابه دون كبر وخيلاء، أما من تلبسه الشيطان وألقى عليه رداء الكبر والخيلاء فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة)).(3/251)
• لا تنزعج يا زوجي من سؤال طالما طرحته على نفسي وطالما سمعته من صغاري وهو: أين تقضي وقتك خلال الأسبوع؟! نرى أن الأصدقاء والزملاء والرحلات والاستراحات قد أخذت وقتك كله وليس لنا إلا دقائق نراك فيها، وفي بعض الأيام يكون أحد الصغار نائماً فيمر عليه يومان لم يرك؟! وهل- يا زوجي- الزملاء والبيع والشراء أحق منا بالوقت؟!
سأعود بك يا زوجي العزيز سنوات وقرون.. لترى من كان أكثر منك عملا ودعوة ومقابلة وتعليماً.. أطلق بصرك في كتب الحديث لترى نبي الأمة وقائدها ومعلمها مع كثرة أعبائه إلا أنه أعطى كل ذي حق حقه.. أليس لك فيه قدوة!! بلى والله، لنا جميعا فيه القدوة الحسنة..
• يا زوجي.. همومنا كثيرة ومتشعبة ولكني سأجعلها في أجمل ما رأت عيني.. كتاب الله - عز وجل - وسنة نبينا الكريم في حسن العشرة وطيب المودة: يقول الله - تعالى -: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} ويقول - صلى الله عليه وسلم -: ((استوصوا بالنساء خيرا.. ))وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم)).
يا زوجي: إن زللت في هذه الكلمات فأنت من الكرام الذين يعفون عن الخطأ ويتجاوزون عن الزلل.
زوجي: رزقك الله العافية وألبسك لباس الإيمان والتقوى، وأقر عينك بصلاح أبنائنا، وجمعني وإياك ووالدينا في الفردوس الأعلى من الجنة وجعلنا ممن ينادون يوم القيامة {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ}.
http://www.saaid.net المصدر:
=============
رسائل إلى بوش ورامسفيلد
1- حرائر العراق يكذبن بوش:(3/252)
في الوقت الذي كان الرئيس الأمريكي جورج بوش يبثُّ كلمته "المتلفزة" عبر محطتين فضائيتين أمريكية وعربية (الحرة والعربية) مساء يوم الخميس 6 من مايو 2004م؛ للاعتذار عن تصرفات جنوده في العراق بحق المعتقلين العراقيين.. كانت قناة (الجزيرة) الفضائية- التي رفض بوش بثَّ كلمته عبرها، مع أنها القناة التي كشفت مبكرًا عن هذه الانتهاكات- تبث تقريرًا لمراسلها في العراق، بعد أن سمحت له القوات الأمريكية بتفقُّد سجن (أبو غريب)، دون أن تسمح له برؤية أو لقاء معتقل عراقي واحد! في هذا الوقت ارتفعت أصوات مجموعة من المسجونات العراقيات في السجن بالصراخ، وحسْب المراسل فإنهن كنَّ يحاولن توصيل أصواتهن بالاستنجاد مما يعانينه من اغتصاب وهتك عرض وتعذيب على أيدي القوات الأمريكية.
وهكذا كَذَّبت حرائر العراق في سجون الاحتلال ما حاول أن يدعيه الرئيس الأمريكي من استقامة قواته هناك؛ وسواء اعتذرتَ مرةً أو سبع مرات، فإن الشعب العربي- يا بوش- لا يعرف سوى أن تخرج قواتك المحتلة من العراق، وبدون ذلك سيظل الاحتلال أبشع أنواع الإرهاب الذي تمارسه أنت وإدارتك التي اختطفت العراق في أكبر عملية قرصنة شهدها التاريخ المعاصر.
2- رامسفيلد.. هنيئًا أسوأ أيامك:
نجا دونالد رامسفيلد وزير الدفاع- الحرب الأمريكي الواقع- من جلسة تحقيق استمرت أكثر من ثلاث ساعات معه ومع أركان وزارته أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب (الكونجرس الأمريكي)، يوم الجمعة 7 من مايو 2004م، دون أن يتم حصاره أو إجباره على تقديم استقالته من منصبه؛ باعتباره المسئول الأول الذي يتحمل مسئولية الانتهاكات البشعة للجنود الأمريكيين في العراق بحق المعتقلين في سجن (أبو غريب).(3/253)
خرج رامسفيلد من باب المجلس وهو يتنفس الصعداء، برغم اعترافه بالمسئولية الكاملة عن الانتهاكات؛ لكن لا تفرحَنَّ كثيرًا يا رامسفيلد.. إنك إن نجوت اليوم فلن تنجو غدًا، فأمامك أيام هي أسوأ الأيام في حياتك، فهنيئًا لك بها، فلسوف تلقِّنك المقاومة العراقية درسًا قاسيًا، ولن يقف المؤشر عند رقم السبعمائة قتيل أمريكي في العراق أو أكثر.. لن يخرجك ذلك الرقم من الوزارة؛ ولكن الشعب الأمريكي سوف يقذفك بالطوب عندما يتضاعف هذا الرقم قريبًا بإذن الله.. لتكون قد جلبت الخراب والدمار والقتل لأبنائه.
هنيئًا لك أيامك القصيرة، وهي فرصة لأن نرى خدك يتمرَّغ في تراب الذِلَّة والمهانة والانكسار في مستقبل الأيام إن شاء الله؛ لتَمْثُل أنت ورئيسك بوش وصديقاك صاحبا الوجه والقلب الأسودين- كولن باول وكونداليزا رايس- أمام المحكمة كمجرمي حرب.
08/05/2004
http://www.ikhwanonline.com المصدر:
============
ثلاث رسائل
د.عبد الله قادري الأهدل
الرسالة الأولى: إلى الشعب العراقي:
أيها الشعب المسلم الشجاع الأبي، لقد ابتليت بمحن كثيرة من حكم كثير من أبنائك، وآخرهم النظام الذي أطيح به قبل عام.
ولكن البلاء الأشد جاء من بعض أبنائك الذين باعوك وباعوا وطنك وعزتك وخيرات واقتصادك ومقدساتك وعرضك، عندما ذهبوا يستجدون البيت الأبيض، ليزيح النظام السابق، ويعتلون هم كرسي الحكم في العراق، على سُلَّمٍ أجنبيٍّ، هو الدبابة الصليبية الأمريكية، لأن غالبهم كانوا يعلمون أن الشعب لا يمكن أن يقبل عملاء أعدائه الذين يتخذون أولئك العملاء همزة وصل تسقط عند الدرج، أو محللين كمحلل المطلقة ثلاثا لمن طلقها...
وكان أولئك العملاء يظنون أنهم سينعمون تحت مظلة الجيش الأمريكي، بحكم مستبد جديد، اسمه الحرية والديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان، ويصدرون القوانين والأنظمة باسمهم، بعد أن يتلقوا التوجيهات بها من ولي الأمر الحقيقي!(3/254)
ولم تخف على عقلاء الشعب وأحراره قبل الاحتلال وبعده، أهداف الحملة الأمريكية الظالمة، وهي السيطرة على العراق والشعوب العربية والإسلامية، واستغلال خيرات المنطقة، وإيجاد الفرقة والشقاق بين أهلها، ومحاربة الإسلام باسم الإرهاب، وتمكين الدولة اليهودية من السيطرة على الشرق الإسلامي، باسم الشرق الأوسط الكبير، كل ذلك تحت الشعارات الكاذبة السابقة.
واليوم يا شعب العراق، ظهر للعالم كله سوء النوايا المبيتة ممن باعك من أبنائك، وممن قتلك وشردك وانتهك مقدساتك وعرضك، ودمر كل مرافقك، إضافة إلى السيطرة على خيراتك.
وعندما سقط تمثال حاكم العراق السابق في وسط بغداد، كان كل من له عقل رشيد سليم، يعلم أن احتلال العراق ليس نزهة يتمتع بها العدو المغتصب، لأن العراق هو العراق في القديم وفي الحديث، وإلي ذلك أشار الكاتب، بهذا العنوان صباح سقوط بغداد:
و بقي العراق!
ولقد أثبت الشعب العراقي أنه باق، لم تخضع الأسلحة الفتاكة ولا الجيوش المتوحشة، والمشاهد هو البرهان...
اعتدى العدو الأجنبي الظالم على الشعب العراقي في بلده، فوقف وقفة المعتدى عليه المظلوم، خذله إخوانه وأهله المحيطون به، فلا نصير له إلا ربه، ثم إيمانه وجهاده وصبره ومصابرته، وتلك هي أسس عوامل نصره...
واليوم عرف المعتدون أنهم في ورطة لم يكونوا يتوقعونها، ولم تنبئهم بها استخباراتهم وأقمارهم التجسسية، لأن القوة العراقية لم تكن تحت ضوء الشمس حتى تنقل لهم استخباراتهم وجواسيسهم صورها، وإنما كانت في نفوس العراقيين وقلوبهم، فأبانت عن نفسها في وقتها!(3/255)
اليوم عادت الطائرات الحربية والصواريخ والأسلحة الثقيلة تدمر على أهل العراق بيوتهم، وتقتلهم قتلا جماعيا في شوارعهم وأسواقهم ومنازلهم ومستشفياتهم ومساجدهم، لا تفرق بين كبير وصغير وامرأة ورجل... وهم يناشدون إخوانهم العرب والمسلمين والجامعة العربية وهيئة الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي أن يستنكروا [فقط] ظلم حكام أمريكا وعدوانهم، فلم يجدوا من تلك المؤسسات من يستجيب لندائهم...
اليوم نقول لك يا شعب العراق، لا تنتظر من أولئك كلهم نصرا، فقد سبقك الشعب الفلسطيني الذي ينادي هذه النداءات منذ أكثر من خمسين عاما، ولم يتلق إلا الخذلان، لأن أمريكا قد قالت لهم جميعا، كما قال فرعون: "أنا ربكم الأعلى"
ولم يبق لك أيها الشعب إلا توكلك على ربك واللجوء إليه ونصح كل رجل وكل امرأة وكل طفل، أن يتقربوا إلى الله بالصلاة والدعاء ليلا ونهارا، بأن ينزل الله عقابه بالمعتدين الظالمين، وهذا ما يجب أن يفعله جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، ولا بيد أن يستجيب الله دعاء المظلومين، وينصرهم على الظالمين، كما نصر رسله على أممهم المعتدين، من نوح - عليه السلام - إلى محمد - صلى الله عليه وسلم -... وفي قصصهم القرآني آيات وآيات:
"وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد" "وانصرنا على القوم الكافرين" وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته) وقال لمعاذ العالم الصحابي الجليل: (واتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب) وفي الاتحاد السوفييتي عبرة...
فأكثروا من دعاء الله والاستعانة به، واتخذوا ما تملكون من أسباب الدفاع عن نفوسكم ودينكم وذريتكم وأموالكم، وأبشروا بنصر ربكم، فأنتم بلادكم وعدوكم زبد طارئ عليكم:
"فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ" [الرعد (17)](3/256)
الرسالة الثاني: إلى الشعوب الإسلامية وحكامها:
أيتها الشعوب الإسلامية، إن العدو الصليبي الجديد، والعدو اليهودي الأثيم، مصممان على هذه الحملة الظالمة المتجبرة على عدوانهما عليكم وعلى دينكم الذي سموه "العدو الأخضر" بعد قضائهم على الاتحاد السوفييتي الذي كانوا يسمون "العدو الأحمر" ولسنا في حاجة إلى إقامة البينات على هذا التصميم وهذا العدوان، فسماؤنا، وأرضنا ورمالنا وصحارينا وودياننا وجبالنا، وبحارنا وأنهارنا، ومساجدنا وعلماؤنا ونساؤنا وأطفالنا، ومستشفياتنا، كلها تؤذن وتسمعنا أذانها كل حين، بهذا العدوان السافر...
وإن ما يقع في فلسطين والعراق وأفغانستان، في طريقه إلى كل بلد إسلامي، وبخاصة البلدان العربية، التي هي أرض الرسالات وقلب الأمة الإسلامية، ولولا أن الله وفق الشعب العراقي المسلم الشجاع، أن يقف أمام المعتدين هذا الموقف الجهادي العظيم، لكان المعتدون قد ألحقوا به شعوبا أخرى مجاورة...
وهذا يوجب على علماء الأمة الإسلامية وحكامها ومفكريها وعقلائها، أن يتنبهوا لهذا الخطر الداهم، ويبصروا الأمة بالعواقب الوخيمة التي ستنزل بهم إذا استكانوا وتنازعوا فيما بينهم ذلك التنازع الذي ذكر الله - تعالى - ما يترتب عليه، من الذل والهوان وذهاب القوة: " وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ " [الأنفال (46)]
فنحن جميعا في سفينة النجاة أو الهلاك، سفينة النجاة إذا تعاونا على البر والتقوى وتناصحنا فيما بيننا تناصح صدق ووفاق، لا كلام ألسن ونفاق، فلا نجاة إلا بالنصح والصدق والوئام...
وسفينة هلاك إذا نحن نأينا بأنفسنا عن النصح والتعاون على البر والتقوى، وبقينا ننظر إلى هذا السيل الجارف الذي يريد أن يحطم كل السدود التي تغرقنا وتغرق سفينتنا، أشد مما أغرق سيلُ العرم أهلَ سبأ، وذلك الزلزال المدمر الذي سيعم تدميره ولا يخص:(3/257)
"وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ " [الأنفال (25)]
ارجعوا إلى ربكم، وفتشوا عن عيوبكم، وأصلحوا شأنكم، أنفسكم واقضوا على كل فساد حل بدياركم، ما دام في الوقت سعة، ولا تنتظروا ما ينادي به عدوكم من الصلاح، فهو لا يريد إلا مزيدا من فساد هذه الأمة.
اعرفوا الله في الرخاء يعرفكم في الشدة، ولا تستجيبوا لما يريده بكم عدوكم، من التفريق بينكم، واتخاذه بعضكم سلما للسيطرة عليكم، كما فعل بغيركم قبلكم...
وتذكروا هذا المثل العظيم الذي ضربه الرسول - صلى الله عليه وسلم -، في حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنهما -، عندما قال: (مثل القائم على حدود الله والواقع فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا لو: أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا) [صحيح البخاري (2/882)]
الرسالة الثالثة إلى الشعب الأمريكي
أيها الشعب الأمريكي تنبه لسياسة زعمائك الخارجية الخرقاء التي جعلت تتعجب من سكوتك على عدوان زعمائك ودعمك لهم بالضرائب التي أثقلت كاهلك، وهم يستغلونها في ظلم الشعوب والعدوان عليهم، وقتل أبنائهم وتخريب ديارهم، والسيطرة على مصالحهم بدون حق..
إنهم يخدعونك أيها الشعب ويزينون لك الباطل، ويسمون الظلم عدلا والاستعباد حرية، وإخافة الناس وإرهابهم أمنا واستقرارا.
إنهم يدفعون بأبنائك إلى الحروب الظالمة، ليعيدوهم إليك في نعوش أو معوقين فقدوا العيش الرغيد الذي كانوا يتمتعون به بجوار أسرهم في ربوعك.(3/258)
أترضون أيها الآباء والأمهات والإخوان والأخوات والأبناء والبنات، أن تروا أقرباءكم يحترقون في دباباتهم وفي طائراتهم التي يصطادهم فيها المظلومون في الأرض والجو، أترضون أن تستقبلوا أقرباءكم في النعوش وقد ودعتموهم أحياء؟
أترضون أن تروا أبناءكم يقتلون النساء والشيوخ والأطفال في منازلهم؟
ألا ترون أنه من الجنون والحمق والخرق، أن تختاروا لقيادتكم من يقودكم إلى دماركم وهلاككم؟
ألا تعتبرون بالاتحاد السوفييتي الذي اعتدى وظلم وتجبر، وكان غنيا قويا، فتمزق إلى دويلات وأصبح ضعيفا فقيرا؟
إن شعوب العالم مهما ضعفت لا بد أن تدافع عن نفسها، ولو بأسنانها و أظفارها، وإن هذه الشعوب التي كانت ترى في الشعب الأمريكي شعب النظام والقانون والعدل والديمقراطية والتسامح، أصبحت ترى فيه الفوضى والظلم والاستبداد والتعصب البغيض، بسبب مواقف قادته.
إن علماء المسلمين وزعماءهم لا يقرون العدوان على أبنائكم ومؤسساتكم في بلادكم، وقد أنكروا ما حصل في 11 سبتمبر، ولكن الظلم الذي يصدر من قادتكم على الشعوب الإسلامية في فلسطين والعراق وغيرهما، يثير في كثير من أبناء الشعوب الإسلامية الغيرة والحقد ويتصرفون تصرفات من قبل أنفسهم تصرفات لا يستطيع كثير من آبائهم ولا أسرهم ولا حكوماتهم أن يحولوا بينهم وبين تلك التصرفات.
ولكنكم تستطيعون أنتم أن تعيدوا احترام أبناء الشعوب الإسلامية لكم وتوقفها عن محاولة الهجوم عليكم في بلادكم وفي خارجها، إذا توقفتم عن دعم ظلم زعمائكم لتلك الشعوب، فلم تنتخبوا من يعتدي عليها ولا من يقف مع الظالمين اليهود على المظلومين في فلسطين وفي غيرها...
لقد كان أبناء الشعوب الإسلامية لا يرضى غالبهم بأمريكا بديلا في طلب العلم وفي السياحة وفي التدريبات المتنوعة، وفي التجارة والاقتصاد وغيرها...(3/259)
وقد خسرتم اليوم أموالكم وأبناءكم وأصدقاءكم، فهل يليق بكم أن تستمروا في دعم زعمائكم الذين جلبوا لكم تلك الخسارات، وجعلوكم تعيشون في رعب ممن لم يستطيعوا السيطرة على أنفسهم بعد أن حصل العدوان على بلدانهم...
إننا ندعوكم إلى التفكير في مصالحكم ومصالح أبنائكم وشعبكم، وأمنكم، ونعتقد أن هذا الشباب الذي يقوم بهجماته عليكم في الداخل والخارج، سيقف عن تلك الهجمات وسيسمع ويطيع للمفكرين والعقلاء الذين ينصحونه اليوم فلا يبالي بهم.
18/2/1425هـ ـ 8/4/2004م
http://saaid.net المصدر:
============
رسائل أخوية إلى الشباب
مازن التويجري
الخطبة الأولى:
ما من أمة بادت.. وأخرى قامت، إلا ولها شعار ترفعه، ووسام تفتخر به، به ترتقي وتزدهي، وبه تجالد أعداءها وخصومها، كان وما زال محط أنظار الدول والممالك، ومصدر قوتها وعزتها، هم شريحة من أي مجتمع عماده، وسلاحه، بدونهم لا تقوم لأمة قائمة، وبفقدانهم حسًا أو معنىً تبقى الأمة حبيسة التخلف والضعف، قابعة في مؤخرة الركب، لابسة أثواب الذل والصغار..
إنهم.. الشباب.. عماد الأمم، وسلاح الشعوب، يؤثرون في الأمة سلبًا أو إيجابًا، يدفعون عجلة التأريخ نحو أمل مشرق، ومستقبل مضيء، أو يديرونها إلى الوراء جهلاً وحمقًا.
والتاريخ يشهد على هذه الحقيقة، وأيام الزمن صور وعبر..
إبراهيم - عليه السلام -.. واجه قومه وأنكر عليهم عبادة الأوثان بل وكسرها وهو شاب يافع قَالُواْ سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْراهِيمُ [الأنبياء: 60].
ومؤمن آل فرعون يصدح بالحق وينادي وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مّنْ ءآلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبّىَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُمْ بِالْبَيّنَاتِ مِن رَّبّكُمْ [غافر: 28]. يقولها في وجه فرعون كبير المتغطرسين المتجبرين..(3/260)
والفتى الداعية غلام الأخدود يسعى للموت، ويطلب القتل، ترخص عليه روحه إذا كان في إزهاقها إيمان أمة، وصلاح شعب وَالسَّمَاء ذَاتِ الْبُرُوجِ وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ قُتِلَ أَصْحَابُ الأْخْدُودِ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ [البروج: 16].
وفي خبر أصحاب القرية يرسل الله إليهم ثلاثة من الأنبياء فكذبوهم وقتلوهم، فأضحى من آمن من قومهم يخفي إيمانه خوفًا على نفسه وأهله، واحتوى الرعب نفوس البشر، وتمكن الذعر من القلوب، واكتسى الأفق ثوب الصمت والوجوم، إذا بصوت حافي يقطع ذلك الصمت الرهيب، ويشق سماء الركود والهدوء، ليقشع غيوم الكفر والفسوق وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُواْ الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُواْ مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُّهْتَدُونَ وَمَا لِيَ لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [يس: 2022].
وهكذا يكون الشباب قوة الأمم، وفخارها وذخرها وسندها، ولذا كان لا بد من حديث خاص نخاطب فيه الشباب، شعاره الصدق والمحبة، وعنوانه الصراحة والتجرد..
فإليك أيها المبارك.. إليك يا أمل الأمة.. إليك يا سليل المجد.. يا حفيد العز..
كلمات ملؤها الصدق والوفاء، دفعني لها حبك وحب الخير لك، وجعلني أتطفل وأكسر تلكم الحواجز الوهمية، كرمك الفطري، وعقلك الثاقب..
فأملي أن تعيرني منك مسمع، ليكون الحديث حديث القلب إلى القلب، ونداء الروح للأرواح، يسري في الأعماق بين الجوانح، فتعال معي إلى هناك.... هناك بعيدًا عن الأصدقاء بعيدًا عن التعلق برواسب الدنيا وملذاتها، دعنا نتحدث بكل وضوح وصراحة وموضوعية..
الرسالة الأولى:(3/261)
لماذا خلقت؟ ما الغاية من وجودك؟.. أعلم أن الإجابة واضحة بدهية، خلقنا لعبادة الله.. ولكن السؤال الأهم، هل حياتنا، أفعالنا، أقوالنا، أخلاقنا، مشاعرنا، أفراحنا، وأحزاننا، آلامنا، وآمالنا.. هل هي لله، وفي مرضاة الله؟..
هل مسألة العبودية حكرًا على المساجد والطاعات فحسب أم أن القضية لها أبعاد أخرى وآفاق أرحب؟..
اسمع إلى الحكم الفصل في ذلك قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذالِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام: 162163].
انظر في نفسك.. ماذا يملئ قلبك؟ ماذا تحب؟ ومن تحب؟ ولماذا تحب؟ متى تفرح وتسر؟.. ولماذا ولمن؟..
أين تحب الجلوس؟ مع من؟ ماذا تسمع؟ بماذا تتحدث؟ أقوالك أفعالك.. لمن تصرفها؟ وما الذي يحركها؟...
أسئلة كثيرة تحتاج منك أيها المبارك وقفة جادة للمحاسبة والاسترجاع.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يبَنِى ءادَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ الشَّيطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِراطٌ مُّسْتَقِيمٌ [يس: 6061].
كن مع الله يكن الله معك.. أحبب لله يحبك الله.. اعبده، اذكره، اشكره، ناده وقل: ((اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، وأبوء لك بنعمتك عليَّ، وأبوء بذنبي، فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت)).قل وردد: ((اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي في يدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدل فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتبك أو علمته أحدًا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء همي وغمي)).
الرسالة الثانية:
قل لي من تصاحب؟ أقول لك من أنت؟..(3/262)
إنها قاعدة عظيمة تقرها فطرة الإنسان وطبيعته، فالنفس تؤثر وتتأثر سلبًا أو إيجابًا، وكلما كثرت الخلطة وطالت.. كثر ذلك التأثر وزاد..
والناس على اختلاف، فمن مقل ومكثر، أوما سمعت إلى قول نبيك - صلى الله عليه و سلم -: ((المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل))..
ومن ينكر هذه الخصلة في بني البشر أو يشككها فيها.. فهو مكابر، إنما يخالف عقله وفكره..
وإذا كان لا بد من دليل، فانظر إلى نفسك، نفسك أنت، كم من الخصال والطباع التي لم تكن عليها من قبل..
ها أنت ذا تمارسها شيئًا فشيئًا حتى غدت عادة لك..
فالمدخنون.. مثلاً.. كان أول عود أحرقوه تقليدًا ومحاكاة، إن لم يكن أُحرق لهم من جليس أو صاحب، والآن أضحت عادة وطبعًا..
وإن السؤال الذي يتحرج من طرحه كثير من الشباب على نفسه، ولا يرغبون سماعه، ويتهربون منه حتى في صراعهم مع أنفسهم، هل أصدقاؤك أحبابك، خلانك؟ أصدقاء سوء أم صلاح..؟
روى البخاري ومسلم عن أبي موسى - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه و سلم - قال: ((إنما مثل الجليس الصالح، والجليس السوء كحامل المسك، ونافخ الكير، فحامل المسك، إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير، إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة)).
ماذا يقولون؟ ماذا يفعلون؟ آراؤهم.. طباعهم.. هل توافق الشرع؟ هل ترضي الله؟ هل جلوسك معهم يقربك من ربك مولاك؟ أم على العكس من ذلك؟.. إضاعة للصلاة.. رقص وغناء.. تسكع في الشوارع.. إيذاء لخلق الله.. شتم ولعن..
نعم.. أيها الحبيب.. قد تعلو مجالسكم الضحكات والنكات، ولكنك توافقني أن بعدها من الهموم والحسرات، والغموم والآهات ما لا يعلمه إلا رب الأرض والسموات.
وأخيرًا.. أقول لك وأجبني بكل تجرد ووضوح، من تحب؟ من تجالس؟ من تصاحب؟ أولئك الذي تعلق قلبك بهم.. هل ترضى أن تحشر معهم يوم القيامة؟.. أن تكون في منزلتهم وحزبهم...؟؟(3/263)
أترك الجواب لك.. ولكني أذكرك وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً يا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً [الفرقان: 2729].
أبو طالب حُرم الإيمان وجنة الرحمن بسبب رفقة السوء والفسوق.. فتصور حال النبي - صلى الله عليه و سلم - وهو فوق رأسه يقول: ((يا عم، قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله))، والشياطين يرددون: أترغب عن ملة عبد المطلب..
فتمثل نفسك وقد تحشرجت روحك وأنت عند رفقائك.. هل سيذكرونك الشهادة أم ستبقى تصارع خروج الروح دون مذكر أو معين؟.
الرسالة الثالثة:
أين الاعتزاز بدينك وشخصيتك..
لم نزل نراك في موقف تلو موقف يفت الفؤاد فتًّا وأنت تتنازل عن دينك ومبادئك وما عليه أهلك وقومك.
ها نحن نراه يخرج في كل أسبوع أو أقل.. إلى ذلك الحلاّق السمج، ليصفصف شعيراته بطريقة مزرية، يلبس البنطال الضيق، والقميص الناعم، يمشي بتكسر وتميع.. لماذا كل هذا...؟
ماذا جرى...؟ أسفي أن تكون الإجابة.. لأن مغنيًا قص تلكم القصة، أو راقصًا لم يستبن إلى الآن.. هل هو ذكر أم أنثى؟ لبس قميصًا، وشدّ عصابة على رأسه... أسفي.. أن تكون الإجابة: أمشي كما يمشي ذلك اللاعب، وأتكلم كما يتحدث الممثل.. أين شخصيتك؟ أو مروءتك؟..
أنت الذي لا ترضى أن يمس كيانك، أو تؤذى مشاعرك، أنت صاحب الشخصية القوية، والعزم الأكيد، الذي إذا قررت شيئًا فعلته، تحركك كلمات مغني، وتقودك تصرفات راقص، وتأسرك طباع لاعب أو ممثل....
أنت سفلي الاهتمام.. ضعيف الإرادة، لا هدف لديك، حقير الشخصية، تُقاد ولا تقود.. أترضى هذا؟ أترضى أن توصف به؟.. أنا والله لا أرضاه لك!، ولكن كيف وقد حكى الواقع آلامًا، وروى أحزانًا..(3/264)
روى البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه و سلم - قال: ((لتتبعنَّ سننَ من كان قبلكم شبرًا شبرًا، وذراعًا ذراعًا، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم))، قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟، قال: ((فمن!))..
أيها الشاب المسلم:
أنت والله العزيز وهم الأذلون.. أنت الشريف وهم الوضعاء وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأْعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [آل عمران: 139]. فأنت على مر العصور قائدٌ لا مقود، رأسٌ لا ذنب.
الرسالة الرابعة:
عشيقتك؟!
في ليلة هادئة تسير في سيارتك إذا بهم من كل صوب، تجمعوا، تسارعوا، تراقصوا، صفقوا، يرفعون أعلامهم، ينشدون أحلامهم، تعالى صياحهم، ترامى صراخهم، توقفوا، ترجلوا، أغلقوا الطرقات، تعالت هتافات، وتوالت رقصات... ماذا يجري؟!..
أعاد القدس.. كلا.. أنُصر الإسلام..؟ كلا.. أهُزم الأعداء..؟ كلا.. تلي القرآن..؟ عاد الناس..؟ عمرت المساجد..؟ كلا... كلا... كلا!!
ولكن هزمنا المنافس وحزنا الكأس الغالية!..
يا شباب الأمة.. يا أيها العاقل، رفقًا بنفسك، شيئًا من التعقل.. هل يصح هذا؟ وهل الرياضة بهذه المنزلة.. حتى نصرف كل هذا؟ هل انتهت الهموم والغموم؟ وهل تقضت الآمال والأفراح، حتى تعلق بفوز فريق أو خسارته؟ إذا كان لذلك النادي الحب، وللاعبيه التعلق، إذا ربح، دامت الأفراح وزالت الأتراح، وبُلغ المنى، وراج السعد في الربوع، وإذا خسر سكبت العبرات، ونزلت الهموم، وأحاطت الغموم...
ناهيك عن معاني الحب تصرف لمن أحب فريقي، وشباك العداء تنصب لمن عشق المنافس..
أيها الناس: لست مبالغًا إنه واقع مرير نعيشه..
فإن لم تصدق فسلهم عن الحب والبغض والتفكير والنقاش.. عن ماذا؟ وفي ماذا؟..
فعند جهينة الخبر الأكيد.(3/265)
ثم تذكر أيها الأخ الحبيب.. يا صاحب الفطرة النقية، والقلب الرقيق، هل ترضى أن تأتي يوم القيامة بصحيفة أعمال، صرف فيها الحب والبغض والولاء والبراء.. صرف فيها الجهود والطاقات والمشاعر والعلاقات.. لأجل كرة وفريق..
أترك الجواب لك.. يا من تريد النجاة وترجو الفوز والفلاح.
الخطبة الثانية:
الرسالة الخامسة:
هل أنت رجل بحق؟
عذرًا أيها الحبيب.. فقد يكون السؤال ثقيلاً نوعًا ما، ولكن هذه هي الحقيقة..
ما هو معيار الرجولة عندك، وكيف تقيسها من وجه نظرك..؟
ما هي الرجولة في قاموس فهمك..؟
هل الرجولة في الاهتمام بالملبس والمظهر، والوقوف أمام المرأة لتصفيف شعرك..؟
هل هي في ملاحقة الطاهرات العفيفات، ورمي الأرقام، والأحاديث الوردية في آخر الليل..؟
هل الرجولة في سماع الأغاني ورفع صوت جهاز التسجيل والتراقص بالسيارة..؟
هل الرجولة في التفحيط والتهور..؟
هل هي في تقليب القنوات والنظر إلى ما حرم الله..؟
هل هي في السفر إلى بلاد العهر والضلال والتبجح بالحديث عن المغامرات والموبقات..؟
اسمع أين هي الرجولة؟ في ماذا تكون؟
لا أحكم بها أنا ولا أنت.. بل هي حكم أحكم الحاكمين - سبحانه - فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوّ وَالآْصَالِ رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَواةِ وَإِيتَاء الزَّكَواةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأْبْصَارُ [النور: 3637].
يا حبيبي.. أيسرك أن تقبض روحك وأنت تقلب قنوات الفضاء..؟!
أترضى أن يفجأك ملك الموت وأنت ممسك بسماعة هاتفك تخاطبها وتغرر بها..؟!
ماذا لو أتاك الموت وأنت تسمع الغناء.. وأنت ترقص.. وأنت ترى فلمًا أو تنظر في مجلة..؟!
ماذا لو نزل بساحتك ويراعك تسطر رسالة الحب والغرام إلى عشيقة أو عشيق..؟(3/266)
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ x الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَواةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُواْ بِئَايَاتِنَا يَجْحَدُونَ [الأعراف: 5051].
الرسالة الأخيرة:
أيها الأخ المبارك.. يا أمل الأمة ويا كنزها الغالي:
هل أنت راضٍ عن نفسك، عن واقعك، عن علاقتك بربك، عن أصدقائك، عن تعاملك، هل تجد طعم الراحة والسعادة..
أخبرنا.. هل وجدتها في الملهيات، في السهر والمعاكسات في الضحك والسمر في الذهاب والسفر...؟
دُلّنَا بصرنا.. هل وجدت الطمأنينة والأنس في السيارات، في المال، في الغناء، في رفقاء السوء..؟
ماذا عن نومك، يقظتك.. ليلك.. نهارك؟.
هل تشعر بالراحة والسرور، هل تشعر بانشراح الصدر وأمن النفس...؟
لو قلت فصدقت.. لقلت: لا، وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمَى [طه: 124]. فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلَامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء [الأنعام: 125].
إني أُراك جربت كل شيء.. كل شيء تبحث عن السعادة والراحة..
اسمعها.. إن السعادة والفرح في سجدة لله تبكي بها على ذنوبك وتندب تقصيرك..
إن السعادة الحقة في التوبة النصوح..
إنها هناك.. في المسجد حيث الهدى والنور، في الصلاة، في الدعاء والخضوع، في رفقة الصلاح، فلا هموم إلا هم الإسلام، لا تسمع إلا حقًا، ولا تمشي إلا إلى خير، تجد الضحك ممزوجًا بالحب الصادق، والأنس متعلقًا بالنصح والإنابة..(3/267)
فمتى.. متى تكون أكثر جرأة في اتخاذ القرار، أعظم قرار في حياتك؟ متى ستطلّق حياة اللهو والعبث بلا رجعة لتجرب حياة الإيمان والسعادة..؟.
ماذا تنتظر؟.. قلها واسمعها الدنا.. أنا مؤمن، لله حياتي، كلماتي، حركاتي، سكناتي، خفقان قلبي، وجريان الدم في عروقي.
عد إلى الله.. وتب إليه، مهما كانت ذنوبك، أو عظمت عيوبك...
روى مسلم عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه و سلم -: ((أن الله - عز وجل - يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها)).
وعند ابن ماجه بإسناد جيد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه و سلم -: ((لو أخطأتم حتى تبلغ خطاياكم السماء، ثم تبتم لتاب عليكم)).
وفي الخبر الذي رواه البخاري ومسلم عن الرجل الذي قتل مائة نفس فولّى إلى قرية ليعبد الله مع أهلها حتى إذا بلغ نصف الطريق أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبًا مقبلاً بقلبه إلى الله، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرًا قط، فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم، فقال: قيسوا ما بين الأرضين، فإلى أيتهما كان أدنى فهو له، فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد، فقبضته ملائكة الرحمة.
فاقبل وأمل وتب فالله يفرح بتوبتك.
http://www.alminbar.net المصدر:
==============
رسائل المربي
الشيخ/ محمد الراشد
لا ينبغي للداعية المربي الاكتفاء مع المدعوين بالحديث الشخصي، والمشافهة، أو بالدعوة إلى لقاء عام، أو محاضرة، أو إهداء كتاب، وشريط فحسب... بل إن من وسائل الدعوة إلى الله- تعالى- : المراسلة، حتى ولو كان القرين، أو المدعو قريبا. فإن للرسائل المكتوبة أثرا خاصا في النفس، وقد يعجز الإنسان أحيانا عن تبليغ مكنونات قلبه مشافهة، فيكون بتسطير المكتوب أثر أبلغ على القارئ.(3/268)
بالإضافة إلى أن الكتابة تجعل ألفاظ الكاتب دقيقة مركزة منتقاة، كما تدعو القارئ إلى استعادة القراءة، والنظر الطويل، والمتأمل.
إن فن رسائل الإخاء قديم، وأثره في النفوس معروف، ولقد تبادل العلماء الفقهاء رسائل المودة، والنصح، وازدحمت كتب الأدب بنماذج منها، والتي لا يعني الداعية ما ورد فيها من تملق ورياء، أو من أشواق، وغزل.. ولكن نعني بها رسائل الدعاة، وما اشتملته من نصح، وموعظة، أو ما تضمنته من مناقشة، وحوار، أو ما تكون قد حملته من اعتذار، أو عتاب.
ورغم ما حصل اليوم من تطور في أساليب الاتصال، إلا أن للرسائل طعما خاصا، لا يزال يؤدي دوره في مجالي الدعوة والتربية. إن أحد الاستدلالات الظاهرة ما أورده القرآن الكريم عن نبيه وهو يراسل ملكة سبأ برسالة لطيفة، فيها الدعوة إلى الله - عز وجل - لتسجل بذلك أول رسالة دعوية ، وتحدد أحد الرسائل المهمة، فقالت عنه:
{إني ألقي إلي كتاب كريم} [النمل: 29] ، وكيف لا يكون كريما، وفيه من كرم الأنبياء وعزة المرسلين، ويؤخذ من صفات هذه الرسالة، ما ينبغي أن تكون عليه رسائل الدعاة ، والتي منها ما ذكره القرطبي بقوله :
"وقيل: وصفته بذلك لما تضمن من لين القول، والموعظة في الدعاء إلى عبادة الله - عز وجل- وحسن الاستقطاف، والاستلطاف، من غير أن يتضمن سبا، ولا لعنا، ولا ما يغير النفس، ومن غير كلام نازل ، ولا مستغلق على عادة الرسل في الدعاء إلى الله - عز وجل -… ألا ترى قول الله - عز وجل - لنبيه - صلى الله عليه وسلم - : {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة} [النحل : 125] ، تفسير القرطبي.
http://www.sahwah.net المصدر:
-============
رسائل صادقة إلى الشابات المسلمات (1)
محمد العبدة
أختي المسلمة:(3/269)
يتردد على مسامعك كلمات تلوكها الألسن كثيراً في هذه الأيام، وعلى الفتاة المسلمة بشكل خاص، تسمعين كلمات مثل: الحرية، التشدد، والتزمت..... إلخ، فإذا سألنا من يطلق هذه الكلمات، ماذا تقصد بالحرية؟ وماذا تقصد بالتشدد؟ هل إذا استقام المسلم أو المسلمة كما أُمر يعتبر متشدداً أو متزمتاً؟ وهي كلمة لها ظلال قاتمة، من هنا يأتي التلبيس والوقوع في الفخ الذي ينصبه من لا يريد لهذه الأمة خيراً، أو أنَّه من الجاهلين الذين لا يدركون ما وراء المصطلحات الغامضة.
هل الإنسان حرٌّ يفعل ما يشاء، ويتصرف كما يحلو له وما يخطر على باله، أم أنَّه وهو جزء من مجتمع، وهو معبد لله سبحانه وتعالى مقيد بقيود تحدُّ من تصرفاته؟ ولو قلنا أنَّه حر في كل شيء فهذا معناه: الفوضى في كل شيء، القوي يأكل الضعيف، والماكر ينهب المغفل، وصاحب الفساد ينشر فساده، فلا بدَّ إذن أن نصل إلى نتيجة منطقية؛ وهي أنَّ الإنسان ليس حراً في كل الوجوه، إنَّ بعض من لا عقل له، أو لا يفقه هذا الدين يقول: لماذا يتدخل الإسلام في كل شؤون حياتنا؟ أليس هذا من التشدد والتضييق على الإنسان، ومحاصرة شخصيته؟ والذي يسأل هذا السؤال ينظر إلى ظاهر الأمور، ولكنه لم يدرس أو يتفهَّم النفس البشرية وما يصلح لها وما لا يصلح.. نعم؛ الإسلام يتدخل في حياتنا ولكن لمصلحتنا، ولننظر إلى مناهي الرسول صلى الله عليه وسلم مثل: النهي عن الشرب واقفاً، أو عن التنفس في الإناء، أو الأكل بالشمال، أو استعمال آنية الذهب والفضة، هل هذا تدخل في أمور شخصية؛ أم أنَّه شفقة من الرسول صلى الله عليه وسلم في أشياء قد لا يعرف الإنسان فائدتها، أو فائدة تركها، وربما يكتشفها وربما لا يكتشفها بوسائله المتوفرة بين يديه؟ وعندما يأمر الإسلام المرأة المسلمة بأن تلبس الساتر الواسع من الثياب، هل هذا تدخل في أمور شخصية، أم هو في مصلحة المرأة والمجتمع؟(3/270)
إنَّ الدين لا يحدُّ من حريتنا، ولكنه يضع تصرفاتنا ضمن حدود معينة، إنَّه يضبط هذه التصرفات لتتجه الوجهة السليمة، ولتثمر السعادة في الدنيا والآخرة.
موقع لها أون لاين
http://www.lahaonline.com/Daawa/Windows/a1-21-05-2002.doc_cvt.htm
============
رسائل صادقة إلى الشابات المسلمات (2)
علاقة الظاهر بالباطن
محمد العبدة
عندما ندرس شخصية الإنسان، وعلاقة الظاهر بالباطن، فإننا نلاحظ قوة هذه العلاقة، فعندما يكون باطن الإنسان (قلبه) طاهراً ليس فيه شوائب من الحقد والحسد، أو الأنانية والكِبر، فإنَّ هذا يظهر في وجهه ونظراته وحركاته، وإذا رأينا إنساناً يقلد الكفار في لباسه ومظهره وطرائق معيشته، فإننا نعلم أنَّ في قلبه مرضاً، مرض الشبهات والشك والهزيمة الحضارية، فإذا رأينا شاباً يلبس القبعة (الأمريكية) ويضع في يده أسورة، وفي عنقه سلسلة، أو شابة تلبس الضيق وتتبع آخر (موضة) في اللباس الذي لا يليق بالمسلمة، فماذا نقول عن هؤلاء؟ إنَّهم في منتهى الهزيمة!
والأصل هو الباطن، والإسلام يهتم بهذا الأصل اهتماماً كبيراً؛ لأنه إذا صَلُح صلح الظاهر، فقد تلبس المرأة لباساً شرعياً في الظاهر، ولكنها تحب في الخفاء إظهار زينتها، بل تحب أن تظهر هذه الزينة وكأنها جاءت عفواً وبغير إرادتها، كأن يكون بسبب الريح أو ركوب سيارة.. هذا بالإضافة إلى طريقة المشي والحركات والكلام، وحبها أن يرى الرجال شيئاً منها، كل هذا يدلُّ على مرض في قلبها..! فهل يكفي التستر الخارجي ـ رغم وجوبه وهو مطلوب لذاته ـ إذا لم تكن المسلمة متسترة داخلياً، تعلم ما معنى العفة والطهر، وتعلم ما معنى ألا تكون فتنة للناس؟
وإذا لم تكن كذلك، فهناك ألف وسيلة لتظهر المرأة شيئاً من زينتها التي يحرم عليها إظهارها، وهي متسترة ظاهرياً، والشيطان يوسوس لها ويزين لها أعمالها.(3/271)
ونحن وإن كان لنا الظاهر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يتعلق بالظاهر، لكن الحديث عن المسلمات المؤمنات التي قد تضعف إحداهن أمام الهجوم المتكرر على الحجاب والستر، وكثرة الذين يلوكون الكلام عن (تحرير المرأة)، ونحن نعلم أنَّ المسلمة حرة، إذا فُهم الإسلام على حقيقته، كما جاء به محمَّد صلى الله عليه وسلم، وكما طبَّقه جيل الصحابيات رضي الله عنهن.
موقع لها أون لاين
http://www.lahaonline.com/LahaAuthor/a2-23-08-203.doc_cvt.htm
=============
رسائل و توجيهات إلى أخواتنا المسلمات
حماد عبدالله الحماد
أخواتي في الله السلام عليكم و رحمه الله و بركاته السلام عليكن يوم رضيتن بالله رباً و بالسلام ديناً و بمحمد صلى الله عليه و سلم نبياً و رسولاً.
السلام عليكن يوم صبرتن و صابرتين على الاستقامة و على دين الإسلام رغم كثرة التيارات و العواصف المهلكات.
السلام عليكن يوم شعرتن و استشعرتن بلذة الاستقامة و سلوك سبل الطاعة رغم تزيين أهل الفسق و العصيان سبل الغواية. السلام عليكن يوم نشأتن في ظلال الأيمان فتيات و تحليتن بالحشمة و الستر و الوقار شابات و أمهات.
و بعد تلك التحيا العبقات .... أشرع فيما قصدت من نصائح و توجيهات مستشعرا أن تلك الكلمات من الدين يقول الرسول صلى الله عليه و سلم الذي النصيحة كررها ثلاثا".
أخواتي ...أحمد الله على نعمه الدين فالفضل لله وحدة فهو الذي هدى و اجتبى فله المنة و الفضل ( بل يمن عليكم أن هداكم للأيمان) و أسال الله الثبات و عمارة الأوقات بالخيرات.
أخواتي لقد كتب الله تعالى أن نعيش في هذه الحياة مبتلين بالأوامر و النواهي و بنفس بين أضهرنا ميالة إلى الشر و العصيان و بعدو يجرى منا مجرى الدم و لا منجى من هذا الابتلاء و الامتحان ألا الاستعانة بلله و حدة و مجاهدة النفس و الهوى و الشيطان و عصيانهم و إرضاء الجلال و الإكرام.(3/272)
و إن أقوى أسلحه عدونا الشيطان سلاح الغفلة الذي سلطه على كثير من الناس حتى أضلهم به عن الصراط المستقيم و جعلهم يغفلون عن الاستعداد بالعمل الصالح ولا فلا فكاك ولا خلاص من سلاح الغفلة إلا بمداومة التذكير بالمصير و الموت و ملقاة الله , و لهذا أوصى النبي صلى الله عليه و سلم أمته بكثرة ذكر الموت فقال "أكثروا من ذكر هادم الذات " رواة الترمذي و هادم الذات هو الموت ,لهذا ذكر العلماء أن ذكر الموت من المستحبات التي تقاوم سلاح الغفلة الذي انتصر به الشيطان .
يُذكر أن أحد الأمراء في زمن مضى قصرا" جميلا" و جمع له أهل قريته و كان يسأل كل وأحد منهم عن القصر هل فيه من عيب ؟؟ فيجيبونه بالثناء و الإعجاب لروعه بناء القصر و جمالة حتى و قف السؤال على رجلين و كانت أجابتهما مختلفة عن السابقين فقد قالوا: نعم إن في هذا القصر عيبين , قال الأمير فما هما قالا يفنى القصر و يموت صاحبه , فوقعت هذه الكلمة في قلب الأمير موقعها , و كانت بمثابة إبطال لسلاح الغفلة و الذي طغى على قلب الأمير و تذكر أن هذه الحياة مردها إلى الزوال و أن الآخرة ى خير و أبقى , فترك إمارته و قصره و خرج مع الرجلين عابدا" متنسكا" حتى لقي الله تعالى .
أسال الله تعالى أن يغفر لنا و له و جميع المسلمين أميين ...
موقع لها
http://www.lahaa.com/down.asp?order=2&num=10&text_num=441
-============
وسائل وتوجيهات للمرأة لاستغلال الإجازة الصيفية
إبراهيم الدويش
المرأة صنو الرجل وشريكته في صنع الحياة، وهي المحضن الذي يترعرع فيه رجال الغد، ومنه تنبت فسيلة الأسرة الصالحة؛ فإليها وهي البنت والأخت، والأم..إليها أقدم هذه التوجيهات:
1- لا تخلو مدينة من دور أو مراكز صيفية لتحفيظ القرآن فلتحرصي أيتها الأخت على المشاركة، ولتحرصي أيتها الأم، ويا أيها الأب على مشاركة بناتكم في هذه المراكز.(3/273)
وإننا-أيضاً-نطالبك أيتها الأخت بتوجيه وتشجيع أخواتك للالتحاق بهذه المراكز لاستثمار الإجازة، ولو لم يكن إلا أن تتعرف تلك الأخت على أخوات صالحات يتعاون على الخير وفعله، لكفى.
2- تكثر مناسبات الزواج والأفراح والاجتماعات في الإجازة الصيفية، وتجتمع أعداد كثيرة من النساء، ولو حسبت هذه الساعات التي تقضيها المرأة في هذه المناسبات والاجتماعات لربما وصلت إلى نصف الإجازة بدون مبالغة.فلماذا لا تستغل هذه المناسبات والاجتماعات من قبل بعض الصالحات في إلقاء بعض النصائح والتوجيهات، وإن لم تكوني أنت المتحدثة؟! فلماذا لا تكوني مفتاح خير للناس، فتكونين أنت الداعية لإحدى الأخوات القادرات؟ وإن لم تجدي فاتصلي بمركز الدعوة في مدينتك لعله أن يوفر لك مثل هذه المتحدثة.(3/274)
لماذا تتصور بعض النساء أن مثل هذه الأمور وهذه الأنشطة الدعوية خاصة بالرجال؟ أو أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خاص أيضاً بالرجال؟ ربما رأت المرأة في مثل هذه المناسبات عشرات المنكرات من غناء ماجن أو لباس فاضح أو تصوير أو غير ذلك من المنكرات، ومع ذلك لا تحرك ساكناً ولا تتفوه بكلمة، إن كلمة خفاء بينك وبين إحدى الأخوات المخالفات لترفعك عند الله مقاماً عظيماً. فلماذا تحرم المرأة نفسها من هذا الخير العظيم؟! ثم إن السكوت عن الخطأ والمجاملة في الحق هو المرض وهو الداء(العضال) الذي بليت به كثير من النساء خاصة الصالحات منهن. اسمعي وعي حتى تعلمي أن الأمر واجب عليك كما هو واجب على الرجال قال الحق عز وجل:( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ(71)وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ َالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنْ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )
إذن فأنت مكلفة بهذه الأمور كما أن الرجل مكلف بها سواء بسواء. فما هو عذرك إذن أمام الله عز وجل يوم تسألين وأنت ترين بعينيك المنكرات في الناسبات فلا تحركين ساكنا؟ إنه ما من مسلمة إلا تحب الخير وتحب انتشاره ولكني أسألك-أنت بالذات-أيتها المسلمة كيف تريدين للخير أن ينتشر بين النساء وأنت لم تعملي الأسباب؟(3/275)
بل كيف نريد للخير أن يعم النساء ونحن نسمع عن الفتيات اللاتي يحرصن على إيصال الروايات والأفلام الهابطة إلى صويحباتهن بكل مناسبة. وفي المقابل تجد الصالحة تستحيي بل قد لا يخطر على بالها أن تُحضر معها أشرطة وكتيبات تقوم بتوزيعها.
هذه المناسبات فرصة عظيمة لتعليم الأخوات كيف تستثمر الأوقات.
أيتها الأخت الغالية:
إننا نطالب بحمل الهم لنشر الخير بين النساء وفي المناسبات خاصة. ولا أقول بمقدار الهم للتزين والتجمل ولكني أقول بعشر معشار ذلك.
3- نتمنى أن تحرص دور تحفيظ القرآن ومساجد الأحياء أيضاً على تخصيص دورات خاصة للنساء في الموضوعات التي تخص المرأة وذلك مثل: أحكام الحيض والنفاس، الطلاق، معاملة الزوج، تربية الأبناء، واجب المرأة نحو قضايا المسلمين. وتتخلل هذه الدورات إقامة مسابقات خاصة بهن، وتلخيص بعض الكتب والبحوث الهامة، ومشروع الطبق الخيري، وغيرها مما يخص المرأة. فإن في ذلك استثماراً لوقت المرأة في هذه الإجازة.
4- أيضاً للمرأة:
الحرص على المشاركة في الدورات العلمية المقامة بمدينتك ومتابعة هذه الدروس وتقييدها والإستفادة منها وإن لم تستطيعي المشاركة كلية فإنك-على الأقل-تختارين من الدروس ما يناسبك فتحرصين على متابعتها والإفادة منها.
5- يجب على الأخت ألا تأتي وحدها لهذه الدورات بل تحرص على مشاركة أخواتهن فتشجعهن وتحثهن من خلال الاتصال المتكرر بهن.
وما أكثر الأوقات التي تقضيها المرأة بالمهاتفات! فلماذا لا تستغل هذه المكالمات في التوجيه والإرشاد والدلالة على الخير في كل مكان؟
فكوني مشجعة وحاثة لأخواتك على المشاركة وإن لم تتمكني أنت من المشاركة لظروف خاصة فإنك تنالين الأجر وإن لم تحضري؛ والدال على الخير كفاعلة.
وسائل وتوجيهات للصغار(3/276)
على الآباء والأمهات حث الصغار على حفظ بعض أجزاء القرآن في الإجازة، وتشجيعهم بكل وسيلة مشروعة؛ مثل تحديد جائزة مالية لكل من يحفظ من الأبناء جزءاً من القرآن في هذه الإجازة وإذا حفظ ولدك أو بنتك جزءاً كاملاً من القرآن أو حديثاً فإن في ذلك خير عظيم .
1- كم نفرط في صغارنا وأولادنا . . وكم نفرط في أوقاتهم . . ، وكم ينشغل عنهم أمهاتهم وآباؤهم في مثل هذه الإجازة خاصة ، ويظن بعض الآباء أنه بمجرد قيامهم برحلة أنه قد أدى ما عليه دون وضع برنامج خاص لهذه الرحلة. فإذا كان الصغار مع أبيهم أو أسرهم لماذا لا ترسم لهم البرامج المتنوعة : من مسابقات وألعاب وتدريب وقل مثل ذلك داخل المنزل ، فلو أن كل أسرة جمعت صغارها في مكان ما، وتقاسم الكبار الإشراف والتوجيه لبرامجهم لكان أجدى ولن يكلف ذلك الآباء والكبار شيئاً إذا تعاونوا وتقاسموا الأوقات بينهم فإن من الخطأ أن يترك الصغار مجتمعين دون حسيب أو رقيب ولو توسع الأمر إلى قيام الآباء بالحي الواحد بمثل هذه الفكرة لكان حسناً ، فلو أن الآباء في حي واحد اتفقوا على أن يجعلوا برنامجاً منظماً في مكان أو استراحة في وسط الحي لأبنائهم وجاءوا بمن يرعى هذا الأمر لما كان ذلك كثيراً على أولادهم لحفظهم من الشوارع ومن لصوص الأغراض، ولحفظ أوقاتهم ، في مثل هذه الأيام.
2- من المؤسف أن كثيراً من الشباب يمتد نفعه إلى كل أحد إلا أهل بيته وعشيرته ، فلماذا لا يفكر الشاب في جمع أفراد أسرته وكذلك تفكر الفتاة في جمع أفراد أسرتها وأقربائهم في مخيم صيفي في أي مكان ، أو في استراحة، حتى ولو في بعض الليالي ، أو حتى في ليلة واحدة ، حتى وإن كان ذلك في المنزل وينظم برامج ومسابقات وألعاب يتخللها بعض التوجيهات والكلمات وتوزيع الأشرطة والرسائل وفي ذلك منافع شتى . وقد جرب هذا فأعطى ثماراً يانعة، وهو صلة وبر ودعوة وإصلاح
موقع صيد الفوائد
==============
رسائل في الإجازة
محمد حامد القرني(3/277)
ملخص الخطبة
1- ثناء القرآن الكريم على الأمة الإسلامية. 2- لعن اليهود على لسان الأنبياء بسبب تركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 3- من الواجب علينا الاهتمام بهذه الفريضة دوماً ومنها موسم الإجازات. 4- الإجازة موسم للمنافسة والتسابق إلى الخيرات. 5- أقسام الناس في الإجازة. 6- رسائل إلى المجتمع بمناسبة الإجازة. 7- أخذ العظة والعبرة من الدنيا وانصرامها وزوالها.
الخطبة الأولى
أما بعد :
أيها المؤمنون بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد عليه الصلاة والسلام رسولاً ونبياً، يقول ربكم تبارك وتعالى: وَلْتَكُن مّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [آل عمران:104]. ويقول عز وجل: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ ءامَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ مّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ [آل عمران:110].(3/278)
هذا المدح، وهذا الثناء لأمة محمد عليه الصلاة والسلام، لأنها أمة ربانية، أمة خالدة، تحب الخير وتدعو إليه، وتبغض الشر وتنهى عنه، أما أن تعيش الأمة هائمة عمياء، لا أمر بمعروف، ولا نهي عن منكر، فحينئذٍ تنقلب الموازين، وتختلف المقاييس، فينقلب المدح قدحاً، وتنقلب الخيرية إلى لعنة من الله، كما حصل ذلك في بني إسرائيل لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِى إِسْراءيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذالِكَ بِمَا عَصَوْا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ [المائدة:78]. لماذا هذه اللعنة؟؟ ذالِكَ بِمَا عَصَوْا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ هل هذا هو سبب اللعنة فقط؟!! لا كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ [المائدة:79]. عطلوا وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يرى أحدهم صاحبه في المنكر فلا ينهاه، ولا يرشده، وحينئذٍ تقع لعنة الله.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: (لعنوا في التوراة والإنجيل والزبور وفي الفرقان) - يعني القرآن- فلا إله إلا الله، ما أشد تلك اللعنة، على من رأى منكراً فلم ينكره، أو ينه عنه، ويحذر منه.
روى الإمام أحمد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي؛ نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا، فجالسوهم في مجالسهم ،وواكلوهم، وشاربوهم، فضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم، ذالِكَ بِمَا عَصَوْا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ)).(3/279)
وروى أبو داود عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل، كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع، فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد، فلا يمنعه ذلك، أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ثم قال: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِى إِسْراءيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذالِكَ بِمَا عَصَوْا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ [المائدة:78].
ثم قال: كلا والله، لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد الظالم، ولتأطرنه على الحق أطراً، أو تقصرنه عن الحق قصراً)).
والأحاديث في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كثيرة جداً، منها قوله عليه الصلاة والسلام: ((والذي نفسي بيده، لتأمرون بالمعروف، ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً من عنده، ثم لتدعنه، فلا يستجاب لكم)).
أيها الأحبة :
ومن منطلق هذه الأحاديث، وهروباً من ذاك الوعيد، كان لزاماً علينا، أن نأتمر بالمعروف، ونتناهى عن المنكر، كل بحسب حاله، ألا وإن من مواسم المنكرات، كما هي مواسم للطاعات، مواسم الإجازات، فها نحن نطرق الأبواب لإجازة الربيع، ومنها أوجه الرسالة التالية بهذه المناسبة:
أيها الأحبة:(3/280)
كم هو مبهج أن يرتاح الإنسان بعد كد، وأن يتنفس بعد عناء، ولكن المؤمن الصادق مع ربه يعرف كيف يرتاح ومتى يتنفس، بعمق المؤمن الحق ليس له راحة في هذه الدنيا، حتى يطأ بقدميه جنة عرضها السماوات والأرض، أما ما دام في هذه الدنيا، فهو في ابتلاء وامتحان، شعاره وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر:99]. اعبده مخلصاً في عبادته، اعبده صادقاً في عبادته ،اعبده طالباً لجنته، اعبده كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك، ووالله لو عبدت الله ألف سنة ما عصيته فيها طرفة عين، ما أديت شكر نعمة واحدة من نعم الله عليك، كيف بك لو علمت بأن لله ملائكة ركعاً سجداً، يعبدون الله في كل ثانية، ويدعونه، ومن دعائهم قولهم: سبحانك ربنا ما عبدناك حق عبادتك.
قال عليه الصلاة والسلام: ((أطت السماء وحق لها أن تئط، ما من موضع أربع أصابع، إلا عليه ملك واضع جبهته ساجداً لله تعالى)) فلا بد من التنافس في الطاعات فاستبقوا الخيرات .
لكن لا بأس من التزود بحلال الدنيا ليساعد على التزود للآخرة، وهذه هي نظرة المؤمن لهذه الإجازة، ولذلك فالناس في هذه الأيام منقسمون إلى قسمين:
قسم عرف أن هذه إجازة وضعت بعد عناء فصل دراسي فأخذ أبناءه إلى رحلة لطيفة مباحة بعيدة عن الشبهات والمعاصي أو أخذ أبناءه إلى بيت الله الحرام أو إلى مسجد الحبيب صلى الله عليه وسلم واستغل إجازته في طاعة الله وتقرب إلى الله، فنعم القوم هم، وبارك الله في ابن تذكر والده أو والدته فزارها في هذه الإجازة، أو قريب تذكر رحمه في هذه الأيام فوصلها، فكسب بذلك الحسنى ((من أحب أن يبسط له في رزقه و ينسأ له في أثره فليصل رحمه)).(3/281)
وقسم آخر عرف أن هذه إجازة أيام وتنقضي، فنكس حساباته، وأعمى بصيرته ،فقضاها في الحرام، ضياع ولهو وفجور، وعن ذكر الله سهو، خرج إلى حيث اختلاطات البشرية، وانكشاف محارم الناس، أضاع دنياه وأخراه، أو ذهب إلى فضائل الأعمال، وقد عق والديه، وقطع رحمه، وأفسد أهله وعشيرته، فمثل هذا، أنقل له بشرى من هذا المكان الطاهر، بلعنة الله الماحقة لأعماله فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِى الأرْضِ وَتُقَطّعُواْ أَرْحَامَكُمْ أَوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:22-23].
أصمهم وأعمى أبصارهم، فيسمعون المواعظ، ولا يتعظون، والزواجر فلا ينزجرون، كأن الكلام لا يعنيهم، وكأن الموت لا يأتيهم، تالله ووالله إنهم لفي ظلمات يعمهون، وفي ضلالة يسيرون، دعاؤهم لا يستجاب، وبرهم لا يرفع، وقلوبهم لا تخشع، كأنما أشربت قلوبهم الدنيا فصارت لهم زاداً وشراباً، وكأنما نسوا المرجع إلى الله، فكانوا لا يرجون حساباً، ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبّهِ مَئَاباً إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْء مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَالَيْتَنِى كُنتُ تُراباً [النبأ:39-40].
فيا أيها المؤمنون :
أيام العمر قليلة، وأقل منها أيام الإجازة، ووالله إنها لشاهدة لكم أو عليكم فاعمروها بالطاعات، قبل أن تهدمكم بالسيئات، واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله، ثم توفى كل نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون.
كأن المنايا قد قصدن إليك يردنك فانظر ما لهن لديك
سيأتيك يوم لست فيه بمكرم بأكثر من حثو التراب عليك
الرسالة الثانية:
إلى عصب الأمة وشريانها النابض، إلى من يؤمل فيهم كل خير، ويرجى منهم كل نفع ،إليك أيها الشاب.(3/282)
أخي الشاب :ما نسبك، ومن قدوتك، وما هدفك، وكيف السبيل إليه ؟؟ أسئلة إن لم تتردد في ذهنك، فإني أخشى عليك عقاباً لا تصبر عليه.
أما نسبك فأنت ابن خالد بن الوليد، وعمار بن ياسر، وحنظلة، وسعد، والفاروق، وعلي بن أبي طالب، هؤلاء هم آباؤك وأجدادك، واسأل التأريخ يخبرك بصدق قولي، فلا تكن ابناً مشوهاً لصورة أجداده، فإن التأريخ ينتظر منك عملاً تثبت به أنك ابناً باراً رافعاً لرؤوس آبائه.
اسمح لي أخي أن أخاطب فيك عقلك الواعي وقلبك الحافظ، كل منا أنا أو أنت وغيري وغيرك، قد جعل لنفسه قدوة على اختلاف النظرات، فمنا من جعل قدوته حبيب القلوب محمد عليه الصلاة والسلام، ومنا جعل قدوته مطرباً أو لاعباً أو لاهياً أو غير ذلك، فهل قدوتك في ذهنك سينفعك بعد موتك ؟؟! هل سيشفع لك عند الله ويجادل عنك حتى يدخلك الجنة؟؟ أم أنك ستعجب به الآن وتستمتع لغنائه، وتعجب بحركاته وسكناته، ثم يوم القيامة، يلعن بعضكم بعضاً، وتتسابون بين يدي الله .. إني أدع الإجابة لك لأني متيقن بأن الله سيهديك للصواب...
أخي الشاب: لا تضيع وقتك خلال الإجازة في قيل وقال، وفي لهو ولعب، فأمتك تنتظر منك أعلى من ذلك، إخوانك في بلاد الإسلام يقتلون، ويذبحون، ويرفعون شعار الإسلام ،فكن معهم على الأقل بقلبك ودعائك.
أيها المؤمنون: رسالة عامة إلى كل مسلم حدث منه تعلق بالدنيا، وانغرار بزخرفها الزائل، وَما الْحياةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ [آل عمران:185].
نصحتك فاستمع قولي ونصحي فمثلك قد يدل إلى الصواب
خلقنا للممات ولو تركنا لضاق بنا الفسيح من الرحاب
ينادي في صبيحة كل يوم لدوا للموت وابنوا للخراب
فيا من غرته الدنيا وزخرفها .. تفكر يا مغرور في الموت وسكرته، وصعوبة كأسه ومرارته .. فيا للموت من وعد حق ما أصدقه .. ومن حاكم ما أعدله .. كفى بالموت مقرحاً للقلوب، ومبكياً للعيون .. ومفرقاً للجماعات .. وهادماً للذات..وقاطعاً للأمنيات ..(3/283)
اسمع لنداءات صادقة من أخ لك يحب لك الخير، إنه أبو الدرداء رضي الله عنه، إنها نداءات تقرع قلب المؤمن قرعاً، ينادي عند احتضاره، ويقول: (ألا رجل يعمل لمثل مصرعي هذا !! ألا رجل يعمل لمثل ساعتي هذه !! ألا رجل يعمل لمثل يومي هذا)!!
أيها الأخ :
لو أنك أخلفت موعداً مع مخلوق لاستحيت من مقابلته، فكيف تعصي الله وتقابله ،وقد أخلفت موعده وعصيته.
إخواني :
كيف الأمن والراحة والاغترار بالدنيا، وهذا الفاروق يقول: (لو أن لي طلاع الأرض ذهباً وفضة، لافتديت بها، ولما طعن رضي الله عنه، قال لابنه: ضع يدي على خدي على التراب فوضعه، فبكى، حتى لصق الطين بعينيه وجعل يقول: .. ويلي وويل أمي إن لم يرحمني ربي..).
فهل تفكرت يا ابن آدم في يوم مصرعك، وانتقالك من موضعك، وإذا انتقلت من سعة إلى ضيق، وخانك الصاحب والرفيق وهجرك الأخ والصديق .. وأخذت من فراشك وغطائك إلى قبر، وغطوك بعد لين بتراب وقذر، فيا جامع المال، والمجتهد في البنيان، ليس لك والله من مال إلاّ الأكفان
مثل وقوفك يوم العرض عرياناً مستوحشاً قلق الأحشاء حيراناً
النار تلهب من غيض ومن حنق على العصاة ورب العرش غضباناً
اقرأ كتابك يا نفس،ي على مهل فهل ترى فيه حرفاً غير ما كانا
لما قرأت ولم تنكر قراءته إقرار من عرف الأشياء عرفاناً
نادى الجليل: خذوه يا ملائكتي وامضوا بعبد عصى للنار عطشاناً
المشركون غداً في النار يلتهبوا والمؤمنون بدار الخلد سكاناً
اللهم إنا نسألك الجنة ونعوذ بك من النار .... أقول قولي هذا وأستغفر الله ....
الخطبة الثانية
الحمد لله ولي الصالحين، ولا عدوان إلاّ على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله إلى جميع الثقلين بشيراً ونذيراً وداعيا إلى اللهً بإذنه وسراجاً منيراً، اللهم صل وسلم عليه، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه، واستن بسنته إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً .
أما بعد :(3/284)
فاعلموا عباد الله أنكم تقطعون بأيامكم هذه مراحل إلى المستقر الأخير، ووالله ليس بعد الدنيا من دار إلاّ الجنة أو النار، كم كانت النفوس متشوقة لهذه الإجازة، فها هي تعيشها الآن، مرت الأيام، وما تزال تمر :
إنا لنفرح بالأيام نقطعها وكل يوم مضى يدني من الأجل
قال أبو الدرداء رضي الله عنه: يا ابن آدم إنما أنت أيام، كلما مضى منك يوم مضى منك بعضك.
فاحرصوا عباد الله على استغلال أوقات العمر وسويعاته، فالمرء بين يدي الله يسأل عن هذا الوقت، فيم قضاه، كيف استغله، قال عليه الصلاة والسلام: ((لن تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع، عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به)).
والشباب جزء من الوقت، لكن لما كان الشباب زمن القوة والنشاط، زمن الحيوية والعمل، خص بالسؤال في الحديث: ((وعن شبابه فيما أبلاه)).
إذا كان الأمر كذلك، فلنقدم لنا عملاً نلقاه عند الله شافعاً لنا، وويل ثم ويل لمن أهدر وقته في الملهيات والضياع واللهو، فأضاع دنياه وآخرته، ثم يوم القيامة يكون مع الذين يقولون: رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِى كُنَّا نَعْمَلُ [فاطر:37]. قال الله: أَوَلَمْ نُعَمّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ [فاطر:37].
عباد الله :(3/285)
إياكم والاغترار بالدنيا فإنها ظل زائل، تضحك مرة، وتبكي مرات، تفرح مرة، وتحزن مرات، وهي سجن المؤمن، وجنة الكافر، إِنَّمَا مَثَلُ الْحياةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالاْنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الاْرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالاْمْسِ كَذالِكَ نُفَصّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [يونس:24].
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، فاليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل.
اشغلوا أنفسكم في هذه الإجازة بخير، عليكم بحلق القرآن والذكر، عليكم بمطالعة الكتب النافعة، عليكم ببر الوالدين وصلة الأرحام وأعمال البر، فإنها خير ما تعمر به الأوقات والإجازات ..
موقع المنبر
============
رسالة إلى أهلنا في القدس الشريف
(الشبكة الإسلامية) بقلم / الشيخ رائد صلاح(3/286)
القدس في العيون والأقصى في العيون، ولأن أهلنا في القدس هم أقرب عضو من جسدنا الإسلامي العربي الفلسطيني يحيط بالقدس ويدافع عنها ويحفظ لها إسلاميتها وعروبتها وفلسطينيتها، لأنهم كذلك فهم في العيون ونحن نحبهم ونحيّي فيهم صمودهم في وجه سياسة تهويد القدس ونحيّي فيهم ذودهم المتواصل عن حرمة الأقصى ونحيّي فيهم إنزراعهم في حارات القدس وشوارعها وأسواقها وتلالها وأوديتها ومعابدها ومقدساتها وأوقافها وندعو لهم بالخير!! وأنا إن حسدت أحدًا (حسد غبطة) فأنا أحسد أهلنا في القدس الذين يسيرون ويجلسون وينامون ويصلون على ثرى القدس الطاهر الذي يحفظ صفحات مباركة من تاريخنا الإسلامي العربي المبارك ويحمل معالم شاهقة من حضارتنا الإسلامية العربية المجيدة، ويبشر ببزوغ فجر صادق إسلامي عربي لا محالة!! ولا شك أن إنسانا كأهلنا في القدس يحيا على هذه الثغرة التي لا تقبل التسعير فليعذرنا إذا حسدناه (حسد غبطة)!! وليعذرنا إذا كنا ولا زلنا نردد يا ليتنا مثله نعيش في القدس الشريف ورحاب المسجد الأقصى!! ولكن ما يعزينا أننا وإن لم نعش فيها فنحن نعيش في أكنافها!! كيف لا والجليل والمثلث والنقب والمدن الساحلية (عكا وحيفا ويافا واللد والرملة) من أكنافها!! بل إنني لا زلت على شعور طاهر يقوي ولا يضعف، إنني وإن كنت في سجن (اشمورت) فأنا في أكنافها!! وكلما تذكرت أن حبي للقدس وحبي للأقصى هو الذي قادني وقاد بقية من معي من رهائن الأقصى إلى السجن، كلما تذكرت ذلك، غمرتني الفرحة وتغشاني السرور وفاضت السكينة في صدري وأشرق الرضا في قلبي!! فهنيئا لكم يا أهلنا في القدس وأعانكم الله تعالى!!(3/287)
2- وأنا إذ اكتب هذه الرسالة إلى أهلنا في القدس فقد حرصت قبل اعتقالي أن أحافظ على (وصل القدس) مرة في الأسبوع على الأقل!! وهذا الوصل كان يعني لي تجديد عهد مع القدس وتجديد بيعة مع الأقصى حتى أبذل ما بوسعي سعيا إلى إعمار وإحياء القدس والأقصى!! وقد تعرفت على أهلنا في القدس من خلال مشاريع الإعمار والأحياء، وعرفت كم هم كرماء ومضحّون وعاملون في مشوار الإعمار والإحياء الذي باشرنا به، ولن نتوقف بإذن الله تعالى بإدارة ورعاية هيئة الأوقاف ولجنة الإعمار!! فمن أهلنا في القدس جاءت تلك المتصدقة الكريمة التي تقدمت قبل سنوات بمبلغ قيمته عشرة آلاف دولار، ولما سئلت عن اسمها رفضت أن تكشف عن اسمها وقالت: أنا طالبة لمرضاة الله تعالى!! ومن أهلنا في القدس كان يتدافع مئات الشباب مشمرين عن سواعدهم عاملين منذ الصباح حتى المساء في مشوار الإعمار الطويل الذي بدأ بالمصلى المرواني وأبوابه العملاقة وساحاته الرحبة مرورًا بإعمار الأقصى القديم وإقامة وحدات الحمامات والوضوء في باب حطة والأسباط وفيصل، إلى بقية المشاريع الأخرى التي لا تزال النفوس تواقة إلى متابعة إنجازها!! نعم كان يتدافع مئات الشباب من أهلنا في القدس عاملين بجد وإخلاص وحب في كل هذه المشاريع جنبا إلى جنب مع الأهل من المثلث والجليل والنقب والمدن الساحلية (عكا وحيفا ويافا واللد والرملة )!! وكنت أمازح أولئك الشباب المقدسيين وألاطفهم مع يقيني التام بأن قسما منهم كان يحافظ على الصلاة وهم الأكثر وقسما منهم بدأ يصلي خلال بدايات عمله في تلك المشاريع وقسما ثالثا لم يكن يصلي، بل إن قسما منهم كان يظهر على ساعده أو شمة الغفلة ومع ذلك أحببنا الجميع ولا زلنا نحب الجميع ولا زلنا على يقين أن الخير في الجميع!!(3/288)
ومن أهلنا في القدس كانت تصل مئات وجبات الطعام كل أسبوع لكل العاملين في تلك المشاريع المباركة!! ولا زلت أذكر أنني صليت الجمعة في الأسبوع الثاني من انتفاضة الأقصى في المسجد الأقصى ووقعنا تحت حصار قوات الاحتلال (الإسرائيلي) وقنابلهم ورصاصهم، وطال الحصار حتى صلاة العشاء، وخلال الحصار جُعْنا، فقام أهلنا في القدس جيران المسجد الأقصى بتهريب الطعام لنا عبر بعض أبواب المسجد الأقصى!!
ومن أهلنا في القدس كانت ولا تزال تصل عشرات الحافلات للمشاركة كل عام في (مهرجان الأقصى في خطر) العالمي الذي لا زال يجسد صرخة الأقصى القوية في وجه كل المتآمرين عليه!! هذا المهرجان المبارك الذي يقام كل عام في مدينتنا أم الفحم!!
ومن أهلنا في القدس نهض الدعاة والمصلحون وقامت المؤسسات التي لا تزال عاملة ومضحية وداعمة لكل هدف نبيل وغاية سامية وقيمة أصيلة!! وبصراحة من أنا حتى أحصي لهم جوانب عطائهم ومآثر بذلهم، فهم القوم الذين كانوا ولا يزالون يضحون بالغالي والرخيص قابضين على الجمر سعيا منهم لإعمار وإحياء القدس والأقصى .
3- ولأنهم كذلك فيسرني أن أنادي أهلنا في القدس من عميق قلبي وأنا خلف القضبان وأقول لهم: يا أهلنا في القدس أنا من الذين كتبوا عن المخاطر التي تتهدد القدس والأقصى حيث نشرت عشرات المقالات في صحف محلية وعالمية أخرى!! ولكني هذه المرة أكتب لكم وأنا على قناعة مؤلمة ومرة أن القدس الشريف اليوم والمسجد الأقصى اليوم يمران في أخطر لحظات مضت عليهما!! ولا أبالغ إذا قلت:إن بعض العاملين في الأذرع (الإسرائيلية) المختلفة قد بدأوا لأنفسهم بالعد التنازلي المتسارع في سبيل تحقيق مخططاتهم التي لن تكون ولن تقوم إلا على حساب المسجد الأقصى وإسلامية وعروبة القدس الشريف .(3/289)
4- فلا شك أنكم قد علمتم بخبر التقرير الذي نشرته صحيفة (يديعوت أحرونوت) بتاريخ 1-4-2004 والذي قُدم سرًّا لرئيس الحكومة (شارون) حيث يوصي بإغلاق المصلى المرواني ومحيطه أمام المسلمين، وقد وقعَّ على هذا التقرير سكرتير رئيس الحكومة العسكري (يوآف جلنط)!! وبعث هذا التقرير لجهات أمنية (إسرائيلية) وشخصيات حكومية وسيعقد شارون قريبًا جلسة مباحثات خاصة حول هذا التقرير.
5- وذكرت صحيفة (يديعوت احرونوت) في هذا الخبر أنه قد ألحق بهذا التقرير السري تقارير أخرى أعدتها سلطة الآثار (الإسرائيلية) ادعت من خلالها أن خطر الانهيار يتهدد الجدار الشرقي للمسجد الأقصى، وأن الجدار قد تحرك بعد حدوث الزلزال الأخير في شهر شباط الأخير (5.2 سم) وظهرت فيه تصدعات جديدة واتسعت التصدعات القديمة!!
6- وعلى أثر تقديم هذا التقرير قدّم مدير سلطة الآثار(الإسرائيلية) (شوقه دورفمن) طلبًا عاجلا للشرطة (الإسرائيلية) في لواء القدس للعمل على منع المسلمين من الدخول إلى المصلى المرواني.
7- وواضح جدًّا لكل عاقل أن انهيار جدار المغاربة الذي وقع قبل أسابيع كان بسبب تراكم الحفريات (الإسرائيلية) تحت حرم المسجد الأقصى!! وواضح لكل عاقل كذلك أنه إذا ظهر أي تصدع يتهدد الجدار الشرقي للمسجد الأقصى فإن سببه هو تراكم الحفريات (الإسرائيلية) تحت حرم المسجد الأقصى!! وادعاء المؤسسة (الإسرائيلية) أن سبب ذلك يعود إلى الزلزال الأخير الذي حدث في شهر شباط الأخير هو ادعاء قبيح، إنما يهدف إلى التستر على الآثار المأساوية التي خلفها تراكم الحفريات (الإسرائيلية) على المسجد الأقصى والتي حدث قسم منها وهو ينذر بحدوث آثار مأساوية أخرى في المستقبل القريب!! ولعل هذا ما خطط له المتآمرون على المسجد الأقصى.(3/290)
8- ومما يزيد الطين بلة أن حزب (تكوماة) اليميني (الإسرائيلي) قد دعا عبر موقعه على شبكة الانترنت الجماهير (الإسرائيلية) إلى المشاركة الفعالة في المسيرة الحاشدة داخل المسجد الأقصى المبارك يوم الأربعاء الموافق 7-4-2004 بمناسبة عيد الفصح العبري!! ودعا عبر موقعه الجماهير (الإسرائيلية) إلى إقامة الطقوس الدينية في هذا اليوم في المسجد الأقصى.
9- وكان مستوطنون قد استولوا في ساعة مبكرة من فجر الأربعاء الموافق 31-3-2004 على مبنيين سكنيين مأهولين يضمّان (13 شقة) سكنية في حي سلوان الواقع جنوبي المسجد الأقصى!! علمًا أن ملكية هذين المبنيين تعود إلى عائلتي الرجبي ومراغة!! وقد رافق هؤلاء المستوطنين قوة معززة من الجيش كانت معهم لما داهموا هذين المبنيين في الساعة الثالثة فجراً وأصحابها نيام، وطردوا العائلات واعتدوا على النساء والأطفال ورموا أثاث هذه العائلات المسكينة في الشارع ثم أدخلوا أثاثا جديدًا إلى هذين المبنيين وأدخلوا فيهما عشر عائلات من المستوطنين!!(3/291)
10- كان ذلك يحدث بالإضافة إلى ما كانت ولا زالت تتعرض إليه القدس ويتعرض إليه المسجد الأقصى من ويلات التآمر عليهما ومن مآسي المكر بهما ليل نهار!! ولعل أحد أهلنا من القدس يتساءل حزينا باكيًا ما العمل ونحن لا نرى في الأفق أي تحرك جدي على صعيد المسلمين والعرب حكاماً وشعوباً؟! ما العمل ونحن نرى أن حق القوة هو القانون المسيطر اليوم على أحداث الأرض كلها ولم يبق محل لقوة الحق؟! ما العمل وهذه الأنظمة العربية قد خيبت الآمال يوم أن عجزت عن مجرد عقد اجتماع لها في تونس الخضراء؟! ما العمل وهذا وحيد القرن الأمريكي راح يجتاح العالم الإسلامي والعربي بكل أدواته العسكرية ... دولة بعد دولة!! فبالأمس البعيد اجتاح أفغانستان وبالأمس القريب اجتاح العراق، واليوم استسلمت له عشرات الدول المسلمة والعربية وفتحت له أبوابها على مصراعيها، وراحت تأتمر بأمره ولسان حالها يقول: حاضر سيدي!! ما العمل وهذه الضفة الغربية وقطاع غزة محاصرتان براً وبحراً وجواً؟! ما العمل وهذا الاحتلال (الإسرائيلي) قد سولت له نفسه أن يمضي بدموية التصفيات العمياء التي طالت البيوت والمساجد والكنائس والكبار والصغار والنساء؟! ما العمل وها هم قد اغتالوا الشيخ الشهيد أحمد ياسين، وها هم يهددون باغتيال ياسر عرفات، بل وقد أعلنوا عن قائمة اغتيالات طويلة؟! نعم قد تتساءلون بحسرة ومرارة ودموع.(3/292)
11- إنها لأسئلة توجل منها القلوب وتذرف منها العيون، وأنا أشاطركم القول أن الأمة الإسلامية والعربية ما لم تغير ما بأنفسها فلن ننتظر منها اليوم ميلاد صلاح دين جديد يرد للقدس والأقصى كرامتهما!! ولكن مع كل ما قيل ومع كل تلك التساؤلات يبقى في أعناقكم واجب المرحلة الدامية التي نعيشها!! سيما وأنكم أنتم يا أهلنا في القدس أنتم الوحيدون من دون أهل الأرض بالإضافة إلى الأهل في المثلث والجليل والنقب والمدن الساحلية، أنتم وهم الوحيدون من دون كل مسلمي الأرض وعربها وفلسطينييها الذين بإمكانهم التواصل مع القدس الشريف والأقصى المبارك وحمل همومهما والوقوف في وجه كل مؤامرة تستهدف النيل منهما!! وأنا على يقين أن نخوة إسلام الأهل وعروبتهم وفلسطينيتهم في الجليل والمثلث والنقب والمدن الساحلية لن تترككم وحدكم!!
12- لذلك أقول لكم بكل محبة وصراحة: هذا هو الوقت الذي يجب أن ندرك فيه أكثر من أي وقت مضى أن بيوتكم في القدس القديمة وفي حارات القدس القديمة في خطر!! وهذا الوقت الذي يجب أن نتعالى فيه عن أي خلافات حزبية ومصلحية لمراجعة حالنا وفحص هذه البيوت بيتا بيتًا والوقوف في وجه (ثعابين التبن) التي باتت تزحف طامعة بالاستيلاء عليها.
13- وهذا الوقت الذي يجب أن ندرك فيه أكثر من أي وقت مضى أن الأرض في خطر والأوقاف في خطر والمقدسات في خطر!! فكم من أرض ابتلعها غول المصادرة في القدس الشريف!! وكم من مقبرة جرفتها الآليات (الإسرائيلية) وشقت على إثرها شارعًا أو أقامت بناية أو متنزها!! وكم من جامع تحول إلى (كنيس يهودي) حتى الآن في القدس الشريف!! وأنا على يقين أنكم تعلمون ذلك ولكن أما آن لنا أن نصغي إلى مقولة : (بالضغط والتضييق تلتحم الأجزاء المتفرقة)!!(3/293)
14- وأقولها لشباب القدس خاصة: هذا هو الوقت الذي يجب أن ندرك فيه أكثر من أي وقت مضى أنه آن الأوان لنا أن نهجر سوق الغفلة وأن نعود إلى الله تعالى!! فتصوروا يا شباب القدس - وأنتم عشرات الآلاف لو أنكم بادرتم لأداء الصلوات في المسجد الأقصى يوميًّا، وأؤكد يوميًّا!! لو أنكم بادرتم إلى ذلك في صلاة الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء كل يوم لتحولت صفوف صلاتكم إلى أعظم رد أبدي سيحبط بإذن الله تعالى كل مؤامرة وإن عظمت تستهدف النيل من المسجد الأقصى!! وليتآمر المتآمرون بعدها!! وليروجوا الأكاذيب حول المسجد الأقصى وحول أبنيته وجدرانه ومصاطبه وبوائكه، فستبقى صفوف صلاتكم الأبدية في المرصاد الأبدي لكل كيدهم الأبدي!! فلا تترددوا يا شباب القدس فأنتم الآن وبالذات الآن مرشحون للقيام بهذا الدور في هذا الوقت الحرج باسم الأمة الإسلامية والعالم العربي والشعب الفلسطيني!! وأعود وأقول إن الأهل في المثلث والجليل والنقب والمدن الساحلية لن يتركوكم لوحدكم!!
15- وأقولها لعائلات القدس الضاربة عراقة ومجدًا في أرض القدس وأقولها لكل وجهائها الكرام الذين تربطني علاقة المودة والمحبة بعدد كبير منهم، أقول لهم هذا الوقت الذي يجب أن تدركوا فيه أكثر من أي وقت مضى أنه آن الأوان أن تجمعوا أبناء عائلاتكم في دواوين عائلاتكم، وأن تثيروا فيهم نخوة التواصل اليومي الأبدي مع المسجد الأقصى صباح مساء!! ألستم الذين لا يزالون يجمعون أبناء العائلة في ديوان العائلة للقيام بواجب الأعراس والمآتم والإصلاح؟! وهذا سلوك جميل ومنهج حسن!! ولكن الأجمل من كل ذلك والأحسن من كل ذلك أن تجمعوا أبناء العائلة في ديوان العائلة للقيام بواجب الحفاظ على إسلامية وعروبة القدس، ثم للقيام بواجب التواصل اليومي الأبدي مع المسجد الأقصى .(3/294)
16 - ثم أين أنتم يا معشر الدعاة!! أين أنتم يا جمهور الوعاظ والعلماء!! أين أنتم يا رجال الأوقاف والمؤسسات والجمعيات الخيرية والهيئات الاجتماعية!! إنني أناديكم لأنني أعلم أنكم عناوين خير وأن فيكم الخير وقد بذلتم الخير الكثير!! لتعلموا أن هذا هو الوقت الذي يجب أن تدركوا فيه أكثر من أي وقت مضى أن عليكم أن تبادروا إلى الاجتماع سويًّا لتفكروا سويًّا وتتفقوا سويًّا على كيفية الحفاظ على إسلامية وعروبة القدس الشريف وعلى كيفية التواصل اليومي الأبدي مع المسجد الأقصى المبارك!!
17 - ولأنني أتوجس أكثر من أي وقت مضى أن شرًا مستطيرًا قد يقع على المسجد الأقصى المبارك خلال الأيام والليالي الحبالى القادمة، أقترح بشكل خاص إغلاق كل مساجد القدس وقت كل صلاة جمعة فقط!! وتوجيه كل أهلنا لأداء كل صلاة جمعة في المسجد الأقصى إلا للضرورة، والضرورة تقدر بقدرها!! مع يقيني التام بالخطاب النبوي القائل : "واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا".(3/295)
18- وأخيرًا لتعلموا يا أهلنا في القدس أن الشجاعة صبر ساعة فلا تتلعثموا ولا تترددوا وظلوا كما قيل عنكم: (وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر)!! ولا يخدعنكم أكاذيب المؤسسة (الإسرائيلية) حول المسجد الأقصى!! فتراكم حفرياتها تحت حرم الأقصى هو الذي تسبب بانهيار جدار باب المغاربة وفي نفس الوقت تمنع المؤسسة (الإسرائيلية) هيئة الأوقاف ولجنة الإعمار من مباشرة إعمار هذا الانهيار!! وتراكم حفرياتها تحت حرم الأقصى هو الذي يهدد تماسك وقوة كل بناء المسجد الأقصى بما في ذلك جداره الشرقي وفي نفس الوقت تمنع المؤسسة (الإسرائيلية) هيئة الأوقاف ولجنة الإعمار من مباشرة إعمار ما يلزم في هذا الجدار!! وهي (المؤسسة الإسرائيلية) تتيح لنفسها أن تحتل جدار البراق الذي سمته كذبًا حائط (المبكى) وتتيح لنفسها إجراء تصليحات فيه خلال هذه الأيام وفي نفس الوقت تمنع هيئة الأوقاف ولجنة الإعمار من مباشرة الإعمار في رحاب المسجد الأقصى!! وغني عن البيان أن المؤسسة (الإسرائيلية) هي التي أغلقت مبنى باب الرحمة وطردت منه لجنة التراث - بيت المقدس!! وغني عن البيان أن المؤسسة (الإسرائيلية) هي التي تحارب بالروح والدم كل مشروع تباشر به مؤسسة الأقصى في سبيل إعمار وأحياء المسجد الأقصى!! فما الذي تخطط له المؤسسة (الإسرائيلية) اليوم؟! هل تخطط لإغلاق المصلى المرواني تحت ذريعة أنه في خطر الانهيار لتنفرد به لبعض الوقت كما انفردت بمسجد الحرم الإبراهيمي ثم لتفرض عليه التقسيم الذي تحلم به بين المسلمين واليهود بقوة السلاح وعصا الاحتلال!! كما فرضت مثل هذا التقسيم الظالم البشع على مسجد الحرم الإبراهيمي؟! أعود وأقول الأيام والليالي القادمة حبالى!! ولكن أصحاب الحق هم المنتصرون لا محالة والمحتل مهزوم لأن الاحتلال ظلم والظلم زائل لا يدوم وحسبي الله ونعم الوكيل.
=============
رسالة إلى داعية
(الشبكة الإسلامية) بقلم :سعد الداعج
بسم الله الرحمن الرحيم(3/296)
أخي الكريم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
قد أوجب الله علينا جميعاً التواصي بالحق والتواصي بالصبر، ولا نجاة لنا من الخسر إلا بهذا، ومن هنا جاءت هذه الرسالة.
• إن مما يراه المرء في هذا الزمن – زمن الفتن من شبهةٍ، أو شهوةٍ، أو بدعة – يرى بعضاً من الدعاة إلى الله_ تعالى_ يصول ويجول في دعوته إلى الحق، ويحرص على هداية الناس ، ما يترك شاذةً ولا فاذةً إلا عملها أو شارك فيها؛ حرصاً على اكتساب الأجر واغتنام الفضل، ينعصر قلبه حرقة لهذا الدين القويم، ويتألم إذا أهين عباد الله المتقون، وتمضي به السنون وهو على هذا المنهاج القويم والصراط المستقيم.
ثم.. ثم بعد هذا النشاط يدب الفتور والبرود إليه، ويتخلى عن دعوته، لا انتكاساً ولكن تقاعداً وانشغالاً بالولد والرزق وكثرة الارتباط_كما يزعم_ ظاناً أنه صاحب الفضل على هذه الدعوة وأهلها،وأنه سيفتح المجال لغيره، أما هو فقد بلغ في نظره من الكِبَر عتياً، مقتصراً على الأجور العظيمة والفضائل الكثيرة التي عملها من قبل إن كان مخلصاً نقياً.
• وبعد هذا الانقطاع يرى أنه سينعكف على تربية أولاده وبناء نفسه التي في نظره أنه أهملها كثيراً من خلال ما تقدم من سنوات في دعوته.
• وبعد ذلك يبدأ نشيطاً في برنامجه الجديد مصمماً السير على منهجه الذي وضعه لنفسه، وبعد حين يتوسع في المباح وتتزعزع تلك المبادئ الشرعية التي لا يمكن أن يفتح المجال للكلام والخوض فيها في عز دعوته،حتى إن البعض منهم ما بينه وبين الانتكاس إلا ما هو أقل من خيط بيت العنكبوت.
• إن المرء ليحزن قلبه ويضيق صدره حينما يرى ويشاهد أعداء هذا الدين وقد عكفوا على محاولة هدم هذا الدين وإفساد أخلاق أهله ليل نهار،ويعجب من صبرهم وجَلَدهم على باطلهم، بينما صاحب الحق والدعوة الناصعة والحجة البينة الواضحة قد تقاعس في دعوته وبخل على أمته في أشد ما تكون حاجتها إليه.(3/297)
• إن على المرء المؤمن أن يسأل نفسه ماذا قدمت لهذا الدين،وخدمة عباد الله المؤمنين أمام هذا السيل الجارف من الفساد في العقائد والأخلاق.
• لقد كان أهل العلم قبل سنوات ليست بالكثيرة يحذّرون الأمة من التلفاز وخطره على الأولاد والأخلاق، ثم جاء الكفار بما هو أشد خطراً وأعظم أثراً وهو الفيديو، جاءت بعده الأطباق الفضائية،ثم أنتج هؤلاء الأعداء المعتدون الإنترنت بشره وخيره...،هكذا.. فهم ماضون في محاولة هدم هذا الدين وتغيير أخلاق أهله.. إنهم يفكرون ثم ينتجون ما يخدم أهدافهم، وينتجون ما هو أشد فتكاً وأسرع خطراً على هذا الدين وأهله.
• لقد بخل هذا الداعية على أمته بشيء من عمله اليسير وجُهده القليل بينما هي قدمت له الشيء والشيء الكثير.
• كيف يبخل ويقعد عن أمته ونصرتها بعد أن ذاق حلاوة الدعوة إلى الله، ولذة الحرص على هداية عباد الله؟ كيف يقعد عن الدعوة مَنْ يرى أمته تهوي في مكانٍ سحيق وتقرب من عذاب الله الأليم،وهو متبلد الإحساس، فاقد الضمير،لا يأمر ولا ينهى،ولا يدل ولا يرشد، همه جيبه ومصلحته، غايته هندامه ومركبه، قرة عينه ولده وزوجه؟؟! أما أمته التي غُزيت من كل جانب فقد خذلها في أشد ما تكون حاجتها إليه.
• لقد نسي هذا القاعد عن دعوته أو تناسى أن دين الله وإن حدث له ما حدث فإنّ النهاية له، والنصر حليفه حقاً ويقيناً لا مرية فيه، فهذا الدين لا ينتظره لينصره فنصره ليس واقفاً عليه،ولكن لهذا المرء الشرف والعزة والرفعة أن يكون من المشاركين في نصرة هذا الدين.
• إن مشاركة الإنسان لنصر الأمة ليس متوقفاً في حلقةٍ أو مكتبةٍ بل كل مجالٍ للخير فهو مشاركة للأمة في نصرتها مهما كان وأينما حل وصار، فالحرص على هداية الأهل والأقارب أو الجيران وأبنائهم أو الزملاء والأصدقاء أو العمال والجاليات أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو غيرها هي من طرق الدعوة وسبلها الكثيرة والكثيرة جداً.(3/298)
• ليت الذي تكاثر عمله وجهده يقارنه بعلماء الأمة العاملين ليعلم ضآلة عمله وقلة جهده، فمنذ أن كان في بطن أمه أو ظهر أبيه كان هؤلاء يدعون إلى الله_تعالى_ولا زالوا حتى الآن إنهم لم يملوا ولم يكلوا، بل ليس هناك سبيل في المشاركة في أي عمل إلا أسهموا بسهمهم وأدلوا بدلوهم، إنهم يحملون همَّ الإصلاح ويستشعرون عِظَم المسؤوليةمع كثرة أعمالهم،وزحمة أشغالهم،وكبر سنهم،وقلة صحتهم، ومع ذلك فهم يسألون الله الثبات حتى الممات على هذا الدرب القويم.
• ليت الذي قعد عن دعوته يدخل أحد المقاهي المنتشرة لينظر بأم عينه همة شباب المسلمين وقد عكفوا على فيلم فاضح وصوَّبوا النظر إلى وجهٍ داعر، وأعجبوا بمغنٍ فاسق.
• ليت الذي زهد في دعوته يدخل أحد أسواق المسلمين لينظر كيف أصبح الحجاب الشرعي غريباً وحل محله كل موضة وصرخة جديدة.
• ليت الذي تكاسل عن دعوته يقرب من شباب المسلمين لينظر فيم يفكرون أو يتكلمون.
قال شيخٌ كريمٌ وداعيةٌ مشهور:
لئن كنَّا نعطي الدعوة جزءاً من وقتنا،فيجب أن نعطيها الآن أضعاف تلك الأوقات، وذلك لقلة العاملين وكثرة المتكاسلين والمرجفين بل والقاعدين.
أخي الداعية:
امضِ في طريقك غير ملتفتٍ لصيحات المخذلين والراضين بالدون من العمل، واعلم أنك على ثغر من ثغور هذا الدين، فالله الله لا يُؤتينَّ الإسلام من قِبَلِك،فجدِّد الأسلوب وغيِّر الطريقة، ونوِّع الطرح،وحذِّر من الفتن، وركِّز على مراقبة الله في السر والعلن، والجدية في الالتزام، فنحن لسنا بحاجة إلى كثرة عدد وقلة عمل، وإياك ثم إياك أن تحتقر أحداً من المدعوين فربَّ إنسان احتقرته ثم أهملته ولو التزم لنفع الله به الأمة.
أخي الكريم:
إن الداعية إلى الله_تعالى_ينبغي ألا يفوّت على نفسه فرصة للدعوة إذا سنحت له إلا وقد استغلها، يلقي خلالها كلمة ولا يحتقرها،فربما وقعت في قلبٍ خاوٍ تائهٍ فغيّرت المسار وحُطَّ عنك بها الأوزار وأرضت العزيز الجبار.
أخي:(3/299)
إننا معشر الدعاة إلى الله_تعالى _نحمل رسالة في هذه الحياة وفي أعناقنا أمانة يجب أن نؤديها كما أمر الله، فضع يدك في أيدينا، وضم صوتك إلى أصواتنا، ننادي بالخير وندعوا إلى السعادة، نُرشد إلى الهداية، ونُحذر من الضلالة.
ثبتنا الله وإياك على دينه حتى يأتينا اليقين، وإلى لقاءٍ في عليين، في مقعد صدق عند مليكٍ مقتدر، وصلى الله وسلم وبارك على خير الداعين والعاملين لهذا الدين محمد بن عبد الله_عليه أفضل صلاة وأزكى تسليم_.
نقلا عن موقع الشيخ المنجد
============
رسالة إلى .. عابرة سبيل
(الشبكة الإسلامية) غنية خلفان الغافري - الدمام
أخيّتي : أسطر لك هذه الكلمات بأوراق من الأشجان وحبر من الدموع ... مرجعي في ذلك الغيرة على هذا الدين ثم حب الخير لك ..
ومن أعماق قلبي أحدثك حديث الروح للأرواح يسري...وتدركه القلوب بلا عناء .
أخيّتي عابرة سبيل ... وكلنا في هذه الدنيا عابرو سبيل ... ويوما ما سينقطع بنا المطاف لنصل إلى نهايته المحتومة .. فإما إلى جنة وإما إلى دار جحيم أجارني الله وإياك منها ... آمين .
أختاه .. قد تعجبين من مقدمتي هذه وكيف أخاطبك وأنا لا أعرفك ، ولكني عملا بقوله : صلى الله عليه وسلم ( الدين النصيحة ) ، وقوله : ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) أجدني مضطرة لأن أوجه إليك هذا الحديث ، علّ الله أن يُلقي له قبولا في قلبك، فما رأيته منك اليوم قد دمعتْ منه عيناي وتفطر له قلبي حزنا .. عيون كحيلة ووجنات مصبوغة وعباءة ذات قماش ناعم على الكتف وآخر مطرز ومزركش قد وضع على الرأس ليزيدك فتنة وجمالا و.. و
أختاه ... لا أشك أنك مسلمة ممن عبد الله وركع وسجد وتوضأ بنور الإيمان .. وممن يفتخرن بدين اسمه الإسلام . ولكن أخيتي .... أيليق بمن آمنت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا أن يكون هذا حجابها ؟(3/300)
أيليق بمن هذه صفاتها أن تكشف وجهها أو تلبس عباءة قصيرة ومطرزة أو تتلثم أو تتعطر ؟ أو تكثر الكلام مع الرجال أو تضحك وتمزح مع رفيقاتها في السوق بشكل يلفت النظر ، أو تقضي الساعات الطوال فيه دون حاجة لذلك ؟
كلا والله لا يليق بمن أوصافها مثلك أن تفعل مثل هذا .
أختاه ... لا أبالغ إذا قلت إنَ عباءتك في حد ذاتها تصلح لأن تكون فستانا لسهرة ! وأنها تحتاج لما يسترها ويخفي زينتها ولو نطقت لقالت :
لا تلوموني فلست الملامْ واسألوا من أزال اللثامْ
وأرادني لافتتان لا احتشامْ ولم يقتد بالأمهات الكرامْ
ألم تسمعي قول ربك جل جلاله : ( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن ) [ النور: 31 ] .
أنسيت أنك أمة من إمائه ، وأنك في قبضته وداره ، ولا سبيل لك إلا بامتثال أمره واجتناب نهيه (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخِيَرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ) [ الأحزاب : 36]
أخيتي : لا أظن عاقلا يوقن بالجنة وما أعده الله فيها من نعيم ثم يأبى دخولها .. قال عليه الصلاة والسلام : ( صنفان من أهل النار لم أرهما ) وذكر منهما : ( ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ) صحيح مسلم .فأسلك بالله حبيبتي :
من هي الفتاة العاقلة التي لا تريد الجنة ولا رائحتها ؟
إن كنت لا تعلمين أن التبرج من كبائر الذنوب التي حذر الرسول الكريم منها فاسمعي هذا الحديث : ( ثلاثة لا تسأل عنهم : وذكر منهم امرأة غاب عنها زوجها وقد كفاها مؤنة الدنيا فتبرجت بعده فلا تسأل عنهم ) ( صحيح الجامع 3058)
أي : لا تسأل عنهم لأنهم من الهالكين .
فهل تختارين أختاه طريق الهلاك بإرادتك واختيارك ؟
أختي المؤمنة ... إن لم نلتزم نحن بالحجاب الشرعي في بلد التوحيد ومهبط الوحي ومهد الرسالات ومحط أنظار المسلمين في العالم فمن يلتزم به؟(3/301)
وكيف يمكننا أن ندعو الآخرين إلى احترام ديننا والدخول فيه ونحن نخالف أوامره ونستنكر تعاليمه؟
أختي الكريمة .... أعلم أنك تريدين أن تظهري بالمظهر الحسن الجذاب أمام الناس، وقد يكون ذلك عن حسن نية .. ولكن أما تعلمين أنك بتبرجك وسفورك تعرضين نفسك للفتن وتفتنين الآخرين!!
أيرضيك أن تكوني وسيلة من وسائل الشيطان ؟
هل ترضين أن تكوني سببا في وقوع مسلم في الحرام ؟
أيسرك أن تكوني قدوة في الشر أو ممن سن في الإسلام سنة سيئة فكان عليه وزرها ووزر من تبعه إلى يوم القيامة ؟
أما تدرين أن غاية ما يرجوه أصحاب القلوب المريضة هو أن يسلبوك عقلك ثم يبحثوا عن ضحية أخرى ؟
فيا جوهرتي المصونة .... أحذرك أن تسيري في طريق التبرج والسفور، فتتبعي خطوات الشيطان فتقع ( الفاجعة ) وتفقدين أعز ما تملكين ثم تركنين على هامش الحياة ...هذا مع الذكر المشين وسخط رب العالمين ....
لا تستغربي أختاه .... فكثير ممن آل أمرهن إلى هذه النهاية المظلمة كانت بدايتهن نظرة محرمة أو مكالمة هاتفية أو عباءة مزركشة أو ... أو .....
أختي المسلمة ..... إن كنت تريدين أن تكوني جميلة فاعلمي أن جمال المسلمة الحقيقي يكمن في حجابها وخلقها وحيائها وطهرها ....
إن حجابك هو إيمانك وحياؤك .....
إن حجابك هو طهرك وعفافك ...
إلى متى تغترين بشبهات أعداء الدين من العَلمانين والشهوانين والمفسدين ؟
إلى متى تعيشين في أسر شهوات النفس وأهوائها وضلالها المبين ؟
أما تدرين أن هناك من يحيك لك الخطط لاخراجك عن دينك ويسلبك عفتك وطهارتك وحيائك .
لماذا ترضين أن تكوني فريسة سهلة لهم أو دمية بأيديهم يلبسونها ما شاءوا، ويكيفونها على أي وضع أرادوا ؟
اسمعي إلى أحد خبثائهم وهو يقول: (امرأة متبرجة واحدة أشد على المسلمين من ألف مدفع )(3/302)
وآخر يقول: (لا تستقيم حالة الشرق - أي لليهود - إلا إذا رفعت الفتاة الحجاب وغطت به القرآن ) ، كما لا يخفى عليك أخيّتي مواقفهم المفضوحة في بلاد الغرب من المسلمات اللاتي بدأن يظهرن تمسكهن بدينهن وظهورهن بالزي المحتشم مما أثار حفائظهم وبخاصة الفرنسيون في قضية الحجاب على الرغم من أن نصوص قوانينهم تعطي الحق لأهل كل ديانة أن يلتزموا بديانتهم !!
فأربأ بك أيتها العاقلة أن تكوني سهما في كنانة أعداء الملة يرمون به الإسلام وأنت لا تشعرين .
أيتها العاقلة .... إن كثيرا من النساء الغربيات ممن استيقظتْ فطرهن، بدأن يصرخن ويطالبن بنبذ الاختلاط وعودة المرأة إلى بيتها وممارستها لوظيفتها الأساسية في الحياة ، بعد أن عانين من ويلات وتبعات سفورهن وتبرجهن واختلاطهن بالرجال .... هذا وهن كافرات لا يعرفن للفضيلة قيمة ولا معنى .
في الوقت الذي يشتد لهَث نسائنا وراء المرأة الغربية وتقليدها في كل صغير وكبير فهل نريد أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون ؟
أصحاب الباطل يتراجعون عن باطلهم ونحن مصرون على تقليدهم والجري خلفهم !!
سبحان ربي العظيم !!
أيتها الفاضلة ..
لقد ساد المسلمون العالم يوما من الدهر .. فأسألك بالله العظيم هل سادوه بحسن لباسهم ومظهرهم ؟
أو بالزخرفة والزينة والنقوش والألوان ؟
أو بآخر موضة من الأزياء ومتابعة آخر صرخة في عالم العطور وآخر قصة في عالم الشعر ؟
كلا والذي لا إله غيره ما سادوا بذلك وإنما بتمسكهم بدينهم وتطبيقهم لشريعة ربهم ..
يوم أن قرّت نساؤهم في بيوتهن وتفرغن لتربية القادة الأبطال ..
لا يوم أن خرجت المرأة من بيتها وتمردت على شريعة ربها وتنكرت لدينه باسم التمدن والتحضر !!
لقد سادوا يوم أن أيقنوا أن عزتهم ليست بالمظهرية الجوفاء ولا بالتبعية الماسخة المذلة العمياء وإنما بالإسلام ... وبالإسلام وحده فقط !(3/303)
فنحن أخيّتي قوم كما قال عمر رضي الله عنه : ( كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله )
فيا أختي المسلمة اعرفي عظمة هذا الدين الذي تنتسبين إليه، واعلمي أن الله سبحانه إنما أمرك بالحجاب ليحفظ لك كرامتك وإنسانيتك وعفافك فهو الذي خلق الخلق وهو أعلم بمصالح عباده أين تكون ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير
حبيبتي وغاليتي .. راجعي نفسك أعيدي حساباتك قبل فوات الآوان ..
وأعلمي أن لكل جواد كبوة ولكل ذنب مغفرة وسارعي إلى التوبة من جميع الذنوب والمعاصي ، وأقبلي على طاعة ربك واغمري هذه العباءة وهذا الحجاب المزيف بسيل من الدموع والتوبة ثم ألقيه خلفك كماض أسود كسوادك حين أراك لا يرى منك شيء طاعة للرب وكيدا لمن أرادك أن تخرجي عن فطرتك وتمرقي عن دينك ...
وختاما .. تذكري حالك إذا غسلت بسدر وحنوط وكفنت بخمسة أثواب، هي كل ما تخرجين به من زينة الدنيا ...
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته
المحبة لك عابرة سبيل
=============
رسالة إلى شاب
(الشبكة الإسلامية)
الحمد لله تعالى وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واقتفى أثره ..وبعد
أخي الحبيب زهرة الدنيا وأمل الأمة : هذه رسالة للشيخ الدويش توجه بها إلى إخوانه الشباب قرأتها فأعجبتني فأحببت أن تشاركني في قراءتها لعل الله تعالى أن ينفعني وإياك بما جاء فيها ، ويجعلها سببا في عودتنا إلى طريق الله المستقيم .. آمين .
قال الشيخ .. حفظه الله : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد :
فأحييك أخي الشاب بتحية الإسلام، تحية أهل الجنة، تحية خص الله تبارك وتعالى بها هذه الأمة: وكلي أمل أن تتفضل بقراءة وجهة نظري بكل تجرد وموضوعية؛ وأحسب حينئذ أن نقاط الاتفاق بيني وبينك ستكون أكثر من نقاط الاختلاف، وأن اختلافك معي في قضية من القضايا لا يعني إهمال وإلغاء جميع ما توافقني عليه.(3/304)
أتمنى أن تفكر بموضوعية وإنصاف وتجيب على هذه الأسئلة بصوت خافت لا يسمعه غيرك، أجب عليها في نفسك بكل صراحة، ولن يجنى مرارة التستر على العيوب والمخادعة إلا من يخادع نفسه.
أي العبوديتين تختار؟
تأمل في هذا الإنسان وحياته، مرة يلم به مرض، ومرة يصيبه جوع، مرة يضيق صدره … بينما تراه فتياً نشيطاً، يتحدث بملء فيه، ويعلو صوته وصياحه إذا به يصاب بفيروس لا تراه عينه المجردة فيتحول ذلك الإنسان صاحب القوة والحيوية إلى جسم ممدد طريح الفراش، ل اتكاد تميز صوته، ولا يستطيع حراكاً .
يملك المال ويوغل في الثراء، فما يلبث أن تصيبه كارثة تحوله إلى أسير لديونه، وإذا به في طرفة عين قد انقلب من قمة الثراء إلى حضيض الفقر والحاجة والفاقة.
إنها أمارة نقصه وضعفه وهكذا شاء الله أن يكون المخلوق كذلك، لذا فلابد أن يكون المخلوق عبداً، فإما أن يكون عبداً لله يخضع له ويستجيب لأمره، وإما أن يبتلى بعبودية ماسواه، أرأيت كيف يسجد ويركع بعض الناس لأحجار نحتوها بأيديهم؟ أرأيت كيف يتعبد النصارى بخرافات سطروها بأقلامهم وألغوا لأجلها عقولهم وألبابهم؟
من الشاذ؟
إن العالم الفسيح من حولنا بأرضه وسمائه ونجومه وأفلاكه، وكل صغير وكبير ندركه أو لا ندركه، كل ذلك يسجد ويخضع لخالقه تبارك وتعالى، ويلهج بالتسبيح له عز وجل. { يسبح له السموات والأرض ومن فيهن ، وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كا ن حليما غفورًا}
والظل الذي نتقي به لهيب الشمس المحرقة يتفيأ ذات الشمال واليمين ساجداً لله تبارك وتعالى.
بل هذه الشمس التي نراها كل يوم، تعلن خضوعها وسجودها لخالقها، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم "فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها.."
فما بال الإنسان بعد ذلك؟ ما باله يستنكف ويستكبر على خالقه؟ بل ما باله يتمرد على نظام الحياة أجمع؟ وماذا عساه يساوي في هذا الكون؟ وأين مكانه في هذا العالم الفسيح؟(3/305)
فمن الشاذ والغريب حينئذٍ؟ ومن الذي يسبح ضد التيار؟ أهو المسلم القانت الساجد المسبح لله تبارك وتعالى فيتجاوب مع هذا الكون الخاضع لربه؟ أم هو الذي يتمرد على خالقه، ويستنكف عن طريق الهداية، فيستظل ويختبئ حين يواقع المعصية وراء حائط يسبح ويسجد لربه، والسيارة والهاتف والقلم… وسائر ما ييسر له طريق المعصية يخضع لمولاه ويسبح ويسجد له.
فالذي يسلك طريق الهداية يسير وفق السنة التي يسير عليها الكون أجمع، أما الذين يتنكبون طريق الهداية فيعيشون تناقضاً في حياتهم، ليس مع الكون الأرحب الواسع بل مع ذواتهم وأنفسهم، فأجسادهم وأعضاؤهم تخضع لله.
أسارى ولكن لايشعرون ..
أرأيت أتباع الشهوات والغارقين في أوحالها؟ أتظن أنهم يعيشون السعادة؟
إنهم أسرى وعبيد لهذه الشهوة المحرمة تأمرهم فيطيعون، وتنهاهم فينتهون، ولسكرهم في لذتهم لا يدركون ما هم فيه، وهاهو أحدهم لا يجد شبهاً لنفسه وحاله إلا بأهل الجنون، فرحم الله امرءًا عرف قدر نفسه.
قالوا جننت بمن تهوى فقلت لهم العشق أعظم مما بالمجانين
العشق لايستفيق الدهر صاحبه وإنما يصرع المجنون في الحين
إن أحدهم يقدم ما يملك فداء لمن يعشقه ويحبه، بل قد ينحر دينه قرباناً بين يدي معشوقه، وهاهو أحدهم يعبر عن ذلك:
رهبان مدين والذين عهدتهم يبكون من حذر العذاب قعوداً
لو يسمعون كما سمعت كلامها خروا لعزة ركعاً وسجوداً
ويستغرق المعشوق فؤاد من يعشقه فلا يبقى فيه مكان للبحث عن رضا مولاه، بل قد يصبح رضا الله مرتبة دون رضا معشوقه، كما قال هذا الشقي عن محبوبه -عافانا الله :
اسلم يا راحة العليل ويا شفا المدنف النحيل
رضاك أشهى إلي فؤادي من رحمة الخالق الجليل(3/306)
ولو أدرك أتباع الشهوات اللاهثون وراءها مرادهم، فسرعان ما تنتهي حياتهم، وتنتهي معها المتعة ويبقى دفع الثمن الباهظ الذي لا يمكن أن يقارن بحال بتلك الشهوة العاجلة واللذة الفانية، وهاهو الناصح الأمين صلى الله عليه وسلم يخبرنا عن ذلك فيقول : " يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيصبغ في النار صبغة ثم يقال: هل رأيت خيراً قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول:لا والله يارب، ويؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهل الجنة، فيقال له: ياابن آدم: هل رأيت بؤساً قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ما مر بي بؤس قط، ولا رأيت شدة قط" .
فالدنيا كلها ومتاعها وشهواتها تنسى في غمسة واحدة في العذاب، فكيف بما بعد ذلك؟
ماذا تنتظر؟
أعرف أن الشاب الغافل ليست هذه أول كلمة يسمعها، وأنه قد مرت به مواقف عدة دعته للتفكير في التوبة والرجوع إلى الله، لكن السؤال الذي لم أجد له إجابة مقنعة إلى الآن هو: لماذا الإصرار على الخطيئة؟ ولماذا التردد في سلوك سبيل الصالحين؟
انظر إلى من حولك، إلى من هو في سنك وعمرك، ممن هداهم الله فأقبلوا على طريق الصلاح والتقوى، وانظر إلى من كان له تاريخ في الغفلة والصبوة، فنهض وعاد إلى مولاه، إنهم بشر مثلك، ولهم شهوات وتنازعهم غرائز، وتعرض لهم الفتن وتشرع أبوابها أمام ناظريهم، فما بالهم ينتصرون على أنفسهم؟ وما الذي يجعلهم يستطيعون وأنت لاتستطيع؟ ولم ينتصرون وتنهزم أنت؟ بل ربما أنت أقوى شخصية من أحدهم، وأكثر ذكاء من الآخر وفطنة؛ إن الذي جعل هؤلاء ينتصرون على أنفسهم يمكن أن يجعلك كذلك. فهلا سلكت أنت الطريق وأقبلت إلى ربك؟!(3/307)
واعلم بأن الله يفرح بتوبة عبده حين يتوب إليه أشد من فرح رجل كان في صحراء على دابة فأضاعها وعليها طعامه وشرابه، ونام تحت شجرة ينتظر الموت فلما استيقظ وجدها عند رأسه، فقال من شدة الفرح ـ اللهم أنت عبدي وأنا ربك ـ أخطأ من شدة الفرح .. ففرح الله بتوبة عبده أشد من فرح هذا الرجل بدابته، فأقبل عليه، واتخذ القرار الحاسم ولا تتردد.
أيهما أكثر رجولة؟
صفة الرجولة صفة يحبها جميع الناس، ونفي الرجولة عن أحد تهمة جارحة يرفضها المرء ولو كانت جميع صفات الرجولة معدومة لديه.
أيهما أكثر رجولة وأقوى شخصية؟ الشاب الذي تقعد به نفسه عن فعل ما أمره به مولاه فتنتصر عليه، أم الشاب الذي يجتاز العقبات، ويستجيب لأمر ربه ولو كان شاقاً على نفسه؟
أيهما أكثر رجولة وأقوى شخصية الشاب الذي يسير وراء غرائزه وشهواته، ويستجيب لنفسه في كل ما تدعوه إليه وتدفعه له؟ أم الآخر الذي يملك الغرائز والشهوات، وتدعوه نفسه وتدفعه إليها، لكنه يكبح جماحها ويضبطها، ويقول لها: ليس من حقك أن تتمتعي بكل ما تريدين، فثمة عاقبة وخيمة للسير في هذا الطريق، وثمة عاقبة حميدة لمن يمنع نفسه عن الحرام؟ وهو وإن ترك الشهوة العاجلة فهو يعلم أن نهايتها في الدنيا مؤلمة، إما مرض عضال، أو فضيحة تنغص حياته، أو مصيبة أو كارثة، وحين ينجو من عذاب الدنيا لن ينجو من عذاب الآخرة إلا أن يمن الله عليه بعفوه.
أما الامتناع عنها فعاقبته السعادة في الدنيا والنعيم المقيم في الآخرة .
إن أشجع قرار، وأولى قرار يتخذه الإنسان هو أن يغير مجرى حياته، ويسلك في قطار الصالحين الأخيار. فأتمنى أن نكون شجعانا وجريئين؛ فنتخذ هذا القرار.
============
رسالة إلى خطيب
(الشبكة الإسلامية) الشيخ / وحيد عبد السلام بالي
الحمد لله وكفى ، وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد :(3/308)
فإن الدعوة إلى الله تعالى من أفضل الأعمال ، وكيف لا تكون كذلك وهي رسالة الرسل والأنبياء ، وطريق المصلحين والعلماء ، لا يقوم الدين إلا بها، ولا ينتشر إلا عن طريقها.
الداعي إلى الله تعالى قائل بأحسن قول : قال تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [فصلت:33].
ولقد بشر الله سبحانه الدعاة إلى الله بالفلاح في الدنيا والآخرة : فقال سبحانه وتعالى : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [آل عمران:104].
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صفة لازمة لعباد الله المؤمنين : قال سبحانه وتعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) [التوبة:71].
وحسبك أخي الداعية أن المخلوقات تدعو لك بظهر الغيب ؛ فقد روى الترمذي بسند جيد عن أبي أمامة رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [إن الله وملائكته ، حتى النملة في جحرها ، وحتى الحوت في البحر ، ليصلون على مُعَلِّمِ الناس الخير ] .(3/309)
أخي ـ خطيب الجمعة ـ : إن خطبة الجمعة لها أهمية كبرى بين وسائل الدعوة المتاحة للدعاة ، فقد يتكاسل الناس عن المحاضرة ، وقد يتخلفون عن الدرس، لكنهم لا يتخلفون عن الجمعة ، إلا الذين لا يصلون أصلاً ، لأن المسلمين مأمورون جميعا بحضور الجمعة . قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ) [الجمعة:9]. ولذا فقد تجد أمامك جمعا غفيرا من المسلمين ، وربما تجد من بينهم من لا يدخل المسجد إلا يوم الجمعة ، وستجد فيهم الصالح والطالح ، والمفرط والمحافظ ، والمتواضع والمتكبر ، والمتقبل والمعاند . بل ستجد منهم المتعلم والأمي ، والصغير والكبير، والذكر والأنثى ، وغير ذلك من فئات المجتمع ، فكيف تخاطب هؤلاء جميعا بالأسلوب المناسب ، وكيف تستغل هذا الموقف للأخذ بأيدي هؤلاء جميعا إلى طريق الله عز وجل ؟
فبات من الواجب عليك ـ أخي الخطيب ـ أن تتعلم فن الدعوة ؛ لتقدم تعاليم الإسلام في أبهى منظر وأجمل حلة .
أسباب نجاح الخطبة
1ـ التكلم باللغة العربية الفصحى :
ينبغي على الخطيب أن يحرص على أن يلقي خطبته بالفصحى قدر جهده ، لأنها لغة القرآن الكريم، وشعار الإسلام .
والحديث بالفصحى يضفي على خطبتك إشراقا ، وعلى كلماتك نوراً ، وفي نفوس مستمعيك قبولا .
2ـ التوسط في الإلقاء :
بحيث لا يكون كلامك سريعا فلا يفهم ، ولا بطيئا فيمله السامعون ، ولتعط لكل موقف ما يلزمه ، فإذا احتاج إلى انفعال أسرعت ، وإن احتاج إلى إقناع أبطأت .
3ـ الاقتصاد في الخطبة :(3/310)
فلا تكون طويلة مملة ، ولا قصيرة مخلة ، ولا تكون متشعبة الأفكار ، كثيرة الشواهد ، ركيكة المعاني ، بل موجزة مقتصدة ، وتلك هي السنة ، فقد قال سيد الخطباء صلى الله عليه وسلم: (إنَّ قصر خطبة الرجل ، وطول صلاته ؛ مئنة من فقهه). ( رواه مسلم ) ، لأن القصر والإيجاز وإيصال المعنى من أقرب طريق؛ دليل على الفصاحة والعلم والفقه .
4ـ ربط الخطبة بالواقع :
عليك أن تتحسس مشاكل مدينتك وتعالجها من فوق أعواد منبرك ، تعايش الناس وتترك المنبر يجيب عن تساؤلاتهم ، فحينما تكون خطبتك منتزعة من الواقع تكون أقرب إلى قلوبهم وأوقع في نفوسهم .
5ـ المخاطبة على قدر الفهم :
فلا تخاطب العوام بمنطق علمي مرتفع ، ولا المتعلمين المثقفين بمنطق بدائي ممجوج ، بل تخاطب الناس على قدر عقولهم وعلومهم .
6ـ الترفع عن الغلظة في القول والبذاءة في اللسان :
فلا تحقر مستمعيك ، ولا تقلل : من شأنهم ، ولا ترميهم بالجهل وقلة الفهم ، ولا تقذفهم بالفسق والفجور ، أو غير ذلك مما لا يليق بمكانة الداعية ـ حتى ولو كانوا كذلك ـ، بل تتلطف بهم في الحديث ، وترفق بهم في القول . قال تعالى ـ مبينا سبب اجتماع الناس حول النبي صلى الله عليه وسلم ـ: (وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ َ) [آل عمران:159]. وقال تعالى ـ مرشداً للطريقة المثلى في الدعوة : (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) [النحل:125].
7ـ استثارة همم المدعوين بما يفتح قلوبهم :
كان تخاطبهم بـ ( يا أخوة الإسلام ) ، ( يا أيها المؤمنون ) ، ( يا من آمنتم بالله ربا ، وبمحمد نبيا ، وبالإسلام دينا ) ، وما شابه ذلك مما يفتح قلوبهم ويقرب نفوسهم ، فإن المحبة مفتاح القلوب .
فهذا إبراهيم عليه السلام يذكر أباه برابطة الأبوة أثناء دعوته ، فيقول : ( يا أبت ..) [مريم : 42] ، ويكررها كثيراً .(3/311)
وهذا لقمان يذكر ابنه برابطة البنوة ليكون أدعى لقبول الموعظة ، فيقول: (يا بني لا تشرك بالله ...) [ لقمان: 13].
وهذا هود عليه السلام يذكر قومه برابطة القرابة فيقول : ( يا قوم .. ) [ هود : 50].
وربنا تبارك وتعالى يذكر المؤمنين بإيمانهم ، ليردهم وازع الإيمان إلى الاستجابة والطاعة ،فيقول سبحانه : (يا أيها الذين آمنوا ... ) [ البقرة : 153].
8 ـ الابتعاد عن الحركات الكثيرة :
ينبغي أن تتسم بالاتزان أثناء الإلقاء ، فلا تتحرك أو تشير إلا في الموقف الذي يدعو إلى ذلك ، وعليك بتجنب الحركات التي تسقط هيبتك من أعين الناس، مثل كثرة بلع الريق ، وفتل الأصابع ، والسعال المتكلف، وكثرة الالتفات ، وما شابهها .
9 ـ حسن المظهر :
ينبغي أن تصعد المنبر بالمظهر اللائق بالداعية ، فلا تلبس ثيابا رثة ، أو ممزقة ، ولا تلبس ثياب المترفين الرقيقة الشفافة .
فعليك أن تكون نظيف الثياب من غير تبرج ، طيب الرائحة من غير إسراف ، مهيب المنظر من غير تكلف .
10ـ التحضير الجيد للخطبة :
لا تصعد المنبر إلا وقد حددت موضوعك ، ورتبت أفكارك وانتقيت ألفاظك ، حتى لا ترتج عليك العبارات ، وتستعجم عليك الكلمات ، فلا تتمكن من تبليغ دعوة مولاك .
ولا بأس في أن تستمع إلى أشرطة الخطباء المشهورين ، والوعاظ المبرزين لتتدرب على طرق الإلقاء ، ووسائل التأثير ، وأساليب الإقناع .
11. ألا تصعد المنبر وأنت ممتلئ المعدة :
لأنه إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة ، و خرست الحكمة ، وكسلت الأعضاء عن العبادة . وقال محمد بن واسع : من قل طعامه فهم ، وأفهم وصفا و رقَّ ، وإن كثرة الطعام لتثقل صاحبها عن كثير مما يريد . وقال الشافعي : الشَّبع يثقل البدن ، ويزيل الفطنة ،ويجلب النوم ، ويضعف صاحبه عن العبادة .
تلكم هي أسباب نجاح الخطبة ، فاحرصوا عليها إخواني الخطباء ، وكونوا منها على ذكر دائما ، وأسأل الله عز وجل أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه .
==============(3/312)
رسالة إلى هيئة الأمر بالمعروف
صديقنا المبدع أبو ابراهيم عضو إيثار المقل.. كتب هذا المقال وأحببت أن أنقله للفائدة.
الكتابة بشكل مباشر وواضح لقطاع كبير يرى نفسه حارسا للفضيلة (وهو كذلك وإن لم يكن حارسا لكل الفضيلة) ، أمر فيه الكثير من المخاطر ، على مستوى عشاق هذا القطاع يمكن لأي فرد منهم أن يقول وبيقين لا يضاهيه يقين دخوله للجنة "ما بقى إلا لاعب كورة" حتى الرياضة أصبحت خطيئة ، وسيضيف "انتظروا قيام الساعة إنه الرويبضة" ، ولا يهمه ما الذي قيل وما هي تلك الفكرة التي طرحت ، لأن الفكرة لا قيمة لها إن خرجت من شخص لا يلبس بشتا ويرتدي عقالا ، فالفكرة بالنسبة لهذا العاشق المغيب لعقله لا يمكن لها أن تكون صحيحة ما لم تكن مرتدية ثيابا لها مواصفات خاصة جدا ، ومتجهمة جدا ، وتهدد وتتوعد من يخالفها أن مأواه النار وبئس المصير .
من جهة أخرى المعنيون بهذا القطاع يرون أن ما يقومون به من المفترض أن يشكروا عليه لا أن ينقدهم أحد ، وفي أحايين نادرة يرون من ينتقدهم ما هو إلا شخص يريد إشاعة الرذيلة في المجتمع ، لأنهم ينطلقون من فكرة أنه يمكن لفرد إفساد مجتمع بأكمله ، وهذا لا يمكن له أن يحدث ما لم يكن المجتمع قابل وعلى نحو ما أن يفسد .
فالطبيعي أن يضطهد المجتمع الفرد ، وأن تضطهد الأسرة الطفل والمراهق ، والمؤكد أن الفرد هو من يكون ضحية فالمجتمع و "أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" أي يفسداه .
ورغم هذه الألغام التي يمكن أن تنفجر بالكاتب فيطرد من الملة ، سأحاول لعل الرسالة تصل .
أعزائي رجال الهيئة ..(3/313)
لا أشك أبدا بنواياكم الطيبة ، وأعرف أن الأسرة والمجتمع والمؤسسات لم تعمل على بناء ضمير داخلي للفرد منذ الصغر ، واعتمدوا على أن يكون هناك رقيب خارجي ، هذا الرقيب إن اختفى يمكن للفرد أن يؤذي الناس بالطرقات ويفعل ما بدا له ، لأن كل شيء مباح إن لم يكن هناك رقيبا ، حتى إشارات المرور تستباح إن لم يكن هناك رقيب أمامها .
إن ما يحزنني أنه وبسبب خطأ ما في زمن ما من تاريخنا ، تحوَّل مسار هيئة الأمر بالمعروف وتقلص دورها وهمش إلى أن أصبحت مهامها مطاردة شاب وفتاة ، معتقدة أنه هنا يكمن جوهر صلاح المجتمعات أو فسادها .
مع أننا حين نعود للتاريخ ، يخبرنا أنه لم يتم مطاردة أي فرد ، فإن ماعز والغامدية رحمة الله عليهما هما من جاءا ليتطهرا من خطيئتهما .
حتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يكرر مطاردة الفرد في بيته ، وراح يطارد الفقر ليقتله .
فالفقر هو اللبنة الأولى لفساد أي مجتمع ، هو أيضا الابن الشرعي للظلم ، فالإنسان يكف عن الإنتاج حين يستشعر ظلما ، وأن هناك من يأخذ جهده وعرقه ولا ينصفه ، ولأنه لا يستطيع مواجهة المؤسسات والأغنياء ، يكف عن الإنتاج .
أعزائي رجال الهيئة ..
كان من الطبيعي أو هو من الطبيعي أن تتطور فكرة "هيئة الأمر بالمعروف" مع تطور المجتمعات ، لتلعب الدور الذي تلعبه الآن "هيئة حقوق الإنسان" .
فتقف مع الموظف لتنصفه من المؤسسات التي تضطهده وتريد أكل حقوقه ، تقف مع الفرد في المحاكم لتوفر له محاكمة عادلة ونزيهة .
تقف مع الأقليات والمضطهدين في دولهم لتوفر لهم حقوق المواطنة ، وحق العيش الكريم وألا يضطهدهم المجتمع لأنهم أقلية غير معترف بها .
أقول هذا ، لأن الإسلام همه الأول في الحياة الدنيا أن يوفر العدل للإنسان ، وألا يظلم أو يستعبد أو تنتهك حقوقه وحريته من قبل أية جهة .(3/314)
وجوهر الأمر بالمعروف ، هو أن يكون العاملون بهذه الهيئة أفرادا متطوعين ومستقلين ولا يتبعون لأية جهة حتى لا تؤثر عليهم أو تتحكم بهم ، ولأنهم كذلك ولأنهم بلا سلطة تنفيذية ، يطالبون الدول والحكومات والمؤسسات والمحاكم بتوفير العدل للإنسان بالمعروف .
أما النهي عن المنكر ، فلا يوجد منكر يضاهي ظلم إنسان أو فئة أو أقلية ، لأن الإنسان حين يظلم ، هذا يعني أن كرامته امتهنت .
والإنسان حين تمتهن كرامته ، يتحول إلى كائن يريد أن ينتقم من هذا المجتمع الذي امتهن كرامته ، فيخدع ويغش ويسرق وينافق ويخون ، ويتمنى كل الشرور لهذا المجتمع ، فيما بقية الأفراد وبسبب الظلم المستبد سيتحولون إلى قطاع طرق كل فرد منهم يريد سرقة ونهب ما استطاع وسط هذا المجتمع الذي تحول إلى غابة الكبار يأكلون حقوق الصغار .
أخيرا أتمنى أن تعيد هيئة الأمر بالمعروف النظر في أولوياتها ، فما تقوم به الآن يمكن لوزارة الداخلية القيام به من خلال إنشاء فرع "شرطة الآداب" .
فيما الهيئة تندمج مع هيئة حقوق الإنسان ، دون أن تتخلى عن شعارها "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" ، وأن يكون همها الأول تحقيق العدل للإنسان وحمايته من الاضطهاد ، فالدولة الإسلامية فيما مضى كان الناس يحجون لها لأنها توفر العدل للإنسان بغض النظر عن عرقه ودينه ومذهبه ، وكان اليهود والأقليات في أوروبا يهربون إلى غرناطة بحثا عن العدل ، الآن وبسبب تخلي البعض عن مهامه الأولية ، أصبحت الهجرة عكسية .
أتمنى أيضا ألا يكون هذا المقال سببا في قيام الساعة ، فعشاق الهيئة يستحقون أن يعيشوا قبل أن يموتوا .
نقلا عن جريدة "شمس" السعودية
http://www.rasid.com/artc.php?id=11829
- - - - - - - - - - - - -
الفهرس العام
مقدمة…2
رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم للناس…4
رسالة أصحاب الرجيع…5
رِسَالَةُ عَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ الْخَوَّاصِ الشَّامِيِّ…5(3/315)
رسالته صلى الله عليه وسلم للأنصار ببيعة العقبة…9
رسالة بجير لكعب أخيه…10
رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم لعرقل عظيم الروم…17
رسالة عبد الملك للحجاج حول الاقتادء بابن عمر…20
رسالة زياد نب ابي سفيان لعائشة أم المؤمنين…21
رسالة ابن عمر لعبد الملك بن مروان حول بيعته…21
رسالة سليمان بن سمرة إلى ابنه…22
رسالة عمر في الحث على الصلاة…22
رسالة عمر في مواقيت الصلاة…22
رسالة عمر بن عبد العزيز لعماله…23
رسالة ابن عباس لنجدة الحروري…24
رسالة عمر إلى القاضي شريح…25
رسالة عمر لأمراء الأجناد…25
رسالة عمر حول الجزية…25
رسالة عمر إلى أمراء الأجناد…26
رسالة عمر لأبي موسى الأشعري في القضاء…27
رسالة عمر بن عبد العزيز لعدي بن عدي…28
رسالة سعد لعمر حول أرض السواد…28
رسالة سلمان لأبي الدرداء…29
رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم لرعية السحيمي…30
رسالة عبد العزيز بن مروان لابن عمر…31
رسالة عبد الله بن عمرو لعامل له…31
رسالة عُمَرِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي أَهْلِ الْقَدَرِ لعامله حول القدر…31
رسالة عمر لسعد يوم القادسية…33
2- وصية أخرى له:…34
وصية عمر بن عبد العزيز لبعض جنده…35
رسالة لسان الدين ابن الخطيب إلى أحد سلاطين بني مرين…37
رسالة أخرى في استنهاض السلطان المريني…45
رسالة على لسان يوسف بن نصر إلى سلطان فاس…49
رسالة إلى السلطان المريني في الاعتذار عن فرار أبي الفضل المريني من غرناطة…54
رسالة عن لسان الغني بالله إلى أبي عنان…59
رسالة عن الغني إلى الأمير السعيد…67
من أبي الحجاج إلى أبي عنان…70
رسالة عن يوسف النصري…74
رسالة في حاجة الأندلس إلى بر العدوة…77
رسالة إلى غافل القلب…81
واعجباً، لمن رأى هلاك جنسه ولم يتأهب لنفسه…85
لما علم المحبون أن الموت يقطع التعبدات كرهوه لتدوم الخدمة،…86
رسالة عضد الدولة إلى ملك الروم…88
رسالةً إلى الصاحب شرف الدين الفائزي…88
رسالة إلى شارون…92(3/316)
رسالة الى المنفي…94
رسالة إلى طفلتين في الضفة الشرقية…97
رسالة إلى ميت…99
رسالة إلى أبي…100
رسالة إلى فلسطين…104
رسالة عمر بن عبد العزير لعبد الحميد الكاتب…108
رسالة عمر لأعل عرب سوس…108
رسالة عمر بن عبد العزيز للأمة…113
رسالة عمر بن عبد العزيز لعامله حول الاقتصاد في النفقات…113
رسالة عمر بن عبد العزيز ليزيد بن عبد الملك…114
رسالة حول فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ…114
رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى خزاعة…117
رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم لأهل مكة في صلح الحديبية…118
رسالة عبد العزيز الماجشون في القدر…125
رسالة عبد العزيز بن عبد الله الماجشون في الرؤية…132
رسالة اليث بن سعد لمالك بن أنس…141
رسالة عمر بن عبد العز يز إِلَى يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ…147
رسالة عمر بن عبد العزيز لرجل من قريش…147
رسالة ابن تيمية الى أصحابه وهو في السجن…151
رسالته إلى أهل البحرين…159
رسالته إلى نصر المنبجي…169
رسالته لملك قبرص…187
رسالة شَيْخُ الْإِسْلَامِ إلَى الْمَلِكِ النَّاصِرِ بَعْدَ وَقْعَةِ جَبَلِ كسروان…206
رسالة من المحاكم الإسلامية إلى الأمم المتحدة…213
إلى كل فتاة .. رسالة هامة…217
إعدام صدام رسالة طائفية سوداء…227
رسالة إلى الإسرائيلي المعتدي: إلى متى الأكاذيب؟…231
رسالة إلى شاب…234
رسالة إلى من غاب عنا…237
حقيقة الرسالة الإيرانية!!…241
من يكتب هذه الرسالة ...؟…243
رسالة إلى عيون الفلوجة…247
أكياس المشتريات رسالة للمجتمع…250
رسالة فتاة : أقرأوا قصتي…261
غزوة تبوك .. رسالة إلى أثرياء الأمة…264
رسالة تقربك إلى الله…267
إلى متى يستمر شعور عداوة الغرب للرسالة المحمدية ؟…271
إلى من يهمه تبليغ رسالة الإسلام…274
نجاح الاقتصاد الإسلامي .. رسالة إلى دعاة الليبرالية !…275
حملة رسالة الإسلام الأولون…279
رسالة إلى أهل العراق…301
أساس الخلاف بين الرسالة والجاهلية…306(3/317)
رسالة إلى الغاضبين…309
رسالة محزنة…312
رسالة إلى معلم…314
رسالة من طفل عراقي إلى الرئيس بوش…318
رسالة حب عاجلة إلى سيد نصير قاتل كاهانا…322
رسالة من مغترب…326
رسالة لكل مسؤول…329
رسالة مسكونة بالقلق في صنعاء…331
أماه ( رسالة إلى أم البطل )…336
رسالة إلى كل مسلم ملتزم…339
رسالة إلى أهل البلاء…342
رسالة إلى الدعاة…344
رسالة عاجلة من القلب للعين !!…348
رسالة إلى تاجر لمقاطعة بضائع المعتدين…350
رسالة إلى أعداء الإسلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم…352
رسالة مفتوحة المفوضية الأوربيّة…356
رسالة إلى أختي المسلمة…358
رسالة إلى عقلاء الغرب(1)…359
رسالة إلى عقلاء الغرب (2)…361
كيف تصنع رسالة دعوية…363
رسالة إلى أخواني طلاب المرحلة الثانوية مع نهائية العام الدراسي…368
رسالة الى ابي القابع في مكان ينر الزمن فيه كسلحفاة…371
رسالة فقط لمن يفعل فعل قوم لواط…374
رسالة إلى طالب الصف الأول الثانوي…379
رسالة عاجلة إلى أخي المسلم المدخن…382
رسالة إلى الخطيب المسلم…386
رسالة إلى فتاة متبرجة…390
رسالة إلى صاحب استراحة…396
رسالة إلى الفتاة المسلمة المحتشمة…398
رسالة إلى مهمومة…399
رسالة إلى من يتهاون بالصلاة في جماعة وخاصة صلاة الفجر…414
رسالة من تائب يعترف بذنبه…417
قضايا المرأة في المؤتمرات الدولية ...…422
رسالة إلى كل طالب وطالبة…424
رسالة إلى الشهر الكريم…433
البعد الإنساني في قصيدة ( رسالة خادمة إلى أولادها )…438
موعد مع الحياة - رسالة إلى متبرجة…441
رسالة إلى الأخت المسلمة…445
رسالة إلى معتمر…446
رسالة الطبيب في الحياة…453
رسالة وتوقيع ( تجنب النميمة )…454
سيف الدين قطز .. والرسالة الخالدة…456
رسالة إلى الشرفاء خلف الأسوار…463
رسالة مقترحة لمن بين إخوانه وأخواته مشكلات…465
رسالة إلى المعلم…468
رسالة من أب إلى ابنه الذي فشل في الامتحان…481
رسالة « كاترينا » إلى العرب…487(3/318)
بوح المحب .. رسالة من مسجدك المشتاق إليك…491
رسالة إلى رواد المساجد…496
رسالة إلى أهل البلاء…505
عالمية الرسالة وخطاب القرآن…508
رسالة من أم إلى ابنها…514
رسالة من الجندي المجهول…517
رسالة إلى أصحاب موقع الأغاني…519
رسالة إلى معلم…523
على هامش " رسالة من البصرة إلى الشعب البريطاني "…527
رسالة إلى المعلم المسلم…533
رسالة إلى التاجر المسلم…540
رسالة وتوقيع ( تابع .. معنى لا إله إلا الله )…549
رسالة إلى المرأة…550
رسالة إلى من تعين بعيدا عن أهله…553
رسالة إلى طالب الصف الأول الثانوي…557
رسالة عاجلة جدا ... لمن يملك جوالا ذي كاميرا…560
رسالة وتوقيع .. فخرنا يكون بالإسلام…567
رسالة وتوقيع .. خطر القوميون…569
رسالة وتوقيع .. معنى لا إله إلا الله…572
رسالة من جبان…573
رسالة إلى سيد الأقزام…575
رسالة إلى صاحب عمل…577
رسالة إلى مكلوم…582
رسالة إلى العفيفات…584
رسالة إلى فتاة تعمل بين الرجال…594
رسالة من مَواطن الفتن…600
رسالة إلى الزعيم مخرب..!…604
رسالة عاجلة من ابن العلقمي لمن يهمه الأمر…605
الاستعمار الفرنسي.. رسالة حضاريّة!!…611
رسالة إلى طالب جامعي مبتدئ…615
رسالة إلى أصحاب الحافلات وسيارات الأجرة، وسائقيها، ومعاونيهم…620
رسالة إلى المغترب المبتعث…623
رسالة الصيام الانتصار على الحملة الصهيوصليبية العالمية…627
رسالة دعوة إلى كل شاب…631
رسالة إلى مسلمي العالم ..…639
رسالة إلى أخي المسلم…640
رسالة إلى أهلنا في القدس الشريف…644
رسالة القلم…653
رسالة إلى كل بائع دخان…655
رسالة قصيرة للكتاب في المنتديات…656
رسالة من رائد فضاء…657
رسالة إلى بوش…663
اكتبي رسالة إليه…667
رسالة من أم إلى ابنها…669
رسالة النوارس…672
رسالة إلى فرعون…680
استشهاد فاطمة .. صاحبة الرسالة المبكية…683
رسالة إلى طالب العلم…687
أحدٌ..... أحدْ رسالة إلى بلالٍ الحبشي مؤذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -…691(3/319)
رسالة إلى حاسد…693
رسالة إلى العالم الحر !…701
رسالة الإعلامي المسلم ..!…702
رسالة إلى فنان…704
مدمن تائب رسالة إلى أمي العزيزة يرحمها الله…709
رسالة أبكتني !!…713
رسالة من شاب حائر…717
رسالة من زوج لزوجته…724
رسالة إلى المعتقلين والمعتقلات الفلسطينيين المسجونيين في المعتقلات الصهيونية…726
رسالة خاصة : ( همسة مشفقة ... لأختي النامصة )…729
رسالة من تلميذ إلى مُعَلِّمِه…733
رسالة إلى أصحاب الأمنيات…735
رسالة إلى أمي وأختي…738
رسالة إلى أم أسير…756
رسالة إلى العقلاء ( 1 )…757
رسالة إلى العقلاء ( 2 )…772
رسالة إلى معلم…785
رسالة رثاء وأمل…787
أختي المسلمة .. رسالة مهمة لكِ…790
رسالة في عيد…800
رسالة إلى صديقي الطبيب…802
رسالة إلى طالبتي…806
رسالة من طفل إلى معلمة…809
رسالة إلى حارس الأمن…812
رسالة إلى مدمن الانترنت…816
رسالة قلبية إلى الباحث عن السعادة القلبية…818
رسالة من الشهيد محمد الدرة إلى قناص يهودي…830
رسالة الإصلاح ووسائلها…832
رسالة إلى مدينة (الفلوجة) الباسلة…843
كيف تصنع رسالة دعوية؟…845
رسالة التخريب الأخلاقي…850
رسالة إلى الشهيد الرنتيسي…854
رسالة من حائرة…857
رسالة إلى إمام المسجد خلال شهر رمضان المبارك…861
رسالة إلى مشترك بالإنترنت…866
الرسالة الرمضانية…869
رسالة إلى كل زوج وزوجة .. هذه خديجة رضي الله عنها…875
رسالة إلى كل الإداريين والمشرفين والمشرفات وإلى كل من يتمنى الإشراف في المنتديات…881
رسالة إلى العاملين في خدمة الحجاج…885
رسالة من القلب " أبيضت الصحيفة فلا تسودها "…891
رسالة عتاب…892
رسالة المسجد في التعامل مع قضايا الشباب…893
رسالة إلى المعلم…904
رسالة إلى المعلمة…905
رسالة إلى كل طالب جامعي…920
رسالة إلى معلم جديد…925
رسالة لكل جامعي…927
رسالة إلى من تعين بعيدا عن أهله…931
رسالة إلى بني قومي…936
رسالة إلى معلمة…938
رسالة إلى سيدي الذي لم يحضر…940(3/320)
رسالة إلى ابني ..…943
رسالة .. من حراس المسجد الأقصى…945
رسالة إلى الجندي الأمريكي…956
رسالة إلى بوش…961
رسالة من الشهيد محمد الدرة إلى قناص يهودي…966
رسالةٌ إلى بلادِ الرافدين…967
رسالة من القلب…969
رسالة أهل سرقسطة الأندلسية إلى المسلمين على مر العصور…983
رسالة موجزة إلى الشيخ المعجزة…986
رسالة إلى أختي المسلمة !!…990
رسالة ونداء لرجال المال والأعمال…994
الرسالة التي أبكتني !…1001
رسالة في تعظيم الله…1005
رسالة إلى حكوماتنا العربية والإسلامية…1015
رسالة عاجلة إلى أهل الفلوجة حفظهم الله ونصرهم…1020
رسالة البطريرك ' جريجوريوس '.. وهكذا تهدم الأمة…1022
رسالة إلى حواء المعتزة بدينها…1025
رسالة من أم إلى ابنها العاق…1026
رسالة من زياد، الولد الأصغر لسامي الحصين إلى الرئيس الأمريكي…1028
رسالة إلى صاحب محل تجاري…1032
رسالة من الشيخ عقب استشهاده…1038
رسالة الملك كيف تقرؤها ؟…1040
رسالة مفتوحة إلى أسود الفداء في العراق…1045
رسالة نصح وعتاب إلى كل فتاة تتهاون بالحجاب…1051
رسالة الإعلام…1057
رسالة المعلم…1068
رسالة إلى طبيب امتياز…1072
رسالة من فتاة شيشانية…1074
يا بني.. هذه رسالة مكلومة من أمك المسكينة…1078
رسالة من الشهيد أحمد ياسين إلى أبناء الأمة…1082
رسالة إلى أختنا المتدينة…1085
رسالة من الشيخ أحمد ياسين للعالم…1087
رسالة إليك أختي الكريمة…1090
رسالة إلى من جاوز الأربعين…1092
رسالة متعة الحديث…1094
رسالة إلى أختي المسلمة!…1096
رسالة إلى البائع الخاسر…1098
رسالة إلى من أجاز كشف الوجه…1099
رسالة إلى ظالم…1104
رسالة إلى العروسين…1108
رسالة إلى من يشرب الخمر…1114
رسالة أوجهها إلى كل زوج…1118
رسالة من محمد الدرة إلى والديه…1118
رسالة لكل مبتديء في عالم النت…1121
رسالة عاجلة من بيت المقدس…1124
رسالة إلى قلبك…1127
قصة رسالة إلى عابد الحرمين في موسم حج"179"…1138(3/321)
رسالة إلى أختي المسلمة التي لم تتزوج…1145
رسالة إلى حفاظ القرآن الكريم…1147
إلى أختي الغائبة…1150
رسالة إلى امرأة متبرجة…1152
رسالة من معلم غيور إلى تلميذة المهذب…1158
رسالة.....إلى ذات النقاب…1160
رسالة إلى قلبك…1169
رسالة إلى أصحاب الفيديو…1179
رسالة محب…1184
رسالة إلي بعض الآباء…1186
رسالة إلى القلوب…1191
رسالة عتاب إلى أمتي…1194
رسالة من طالبة إلى أمها…1195
رسالة إلى متربي…1197
رسالة إلى أهل المعاصي والغفلة…1200
رسالة عاجلة إلى بغداد…1210
رسالة إلى الشيخ أحمد ياسين…1210
رسالة إلى مصطاف أغلى من الذهب…1214
تخيل فتحت بريدك فوجدت هذه الرسالة بماذا سترد عليها؟…1221
رسالة إلى داعية تعب في دعوته ثم كسل فقعد عن أمته…1225
إلى كل فتاة... رسالة هامة…1229
رسالة إلى الفتاة الملتزمة…1240
رسالة إلى الأستاذ المراقب…1242
رسالة إلى طالب مُمتَحن…1244
رسالة لمن فقد السعادة…1247
رسالة إلى صاحب صالون الحلاقة…1251
رسالة إلى صاحب المكتبة…1253
رسالة أخوية…1255
رسالة إلى إمام المسجد خلال شهر رمضان المبارك…1265
رسالة إلى المريض المسلم…1271
رسالة إلى الموظف المسلم…1277
رسالة إلى صديق…1280
رسالة إلى من تنتظر فارس الأحلام…1282
رسالة إلى المتخلفين عن الصلاة…1286
رسالة إلى معلم…1289
رسالة إلى مغتاب…1291
رسالة إلى نمام…1295
رسالة لصاحب الدش…1298
رسالة للرجل…1303
رسالة من جماعة المسجد لمن لا يشهد صلاة الفجر…1314
رسالة إلى مسافر…1319
رسالة إلى مصطاف…1330
رسالة أخوية إلى طالب…1337
رسالة من القلب…1340
رسالة إلى صاحب مقهى إنترنت....…1342
رسالة لصاحب التموينات…1344
رسالة لصاحب التموينات…1346
رسالة شهر رمضان…1348
رسائل المحمول .. قصيرة الكلمات كبيرة الإيرادات…1360
رسائل بعد اليوم .. ! [ زلزال قلب لم يشعر به أحد ]…1368
رسائل الصيف…1381
الرسائل النبوية الشريفة : شرف يتيه على الزمان…1386(3/322)
رسائل الجوال والرقم 700…1393
رسائل متبادلة بين زوجين…1395
رسائل إلى بوش ورامسفيلد…1418
ثلاث رسائل…1420
رسائل أخوية إلى الشباب…1427
رسائل صادقة إلى الشابات المسلمات (1)…1439
رسائل صادقة إلى الشابات المسلمات (2)…1441
رسائل و توجيهات إلى أخواتنا المسلمات…1442
وسائل وتوجيهات للمرأة لاستغلال الإجازة الصيفية…1444
رسائل في الإجازة…1448
رسالة إلى أهلنا في القدس الشريف…1457
رسالة إلى داعية…1467
رسالة إلى .. عابرة سبيل…1471
رسالة إلى شاب…1477
رسالة إلى خطيب…1482
رسالة إلى هيئة الأمر بالمعروف…1487(3/323)