التفاوض
علم وخبرة وأخلاق
رسالة لنيل درجة الماجستير في الإدارة العامة والتنفيذية
إعداد: زياد خليل قبلان
الأستاذ المشرف: البروفيسور فارس كريم
لأنكَ في كل المقاييس أكبر
لأنكَ أنقى وأغلى وأطهر
وحيدا شببتَ
وحيدا رحلتَ
وحيدا أتيتكَ
أجثو فأكبر
وأهديك حلم حياتك حبرا
وان كان هذا الحلم تأخر
لتغفر لي يا أبي في علاك
فمن جاء بالوعد
لم يتأخر
إلى روح أخي محمد
إلى العشق الذي لا تحدّه المسافة ولا الزمن
إخوتي فيصل، نضال ، جهاد ، صالح وأخواتي الغاليات وأزواجهن وأنجالهن
الى أستاذي العظيم البروفيسور فارس كريم
إلى كل من شدّ على يدي مشجعا: أصدقائي وزملائي وأحبتي
إلى رفيقة دربي وصبري وحلمي وحبي
زوجتي الحبيبة
إلى امتداد طريق النجاح
نغم
حيان
يارا
حمودة
روان، غازي،همام، مناف ، هالة،خليل، اليسار، أُبي
إلى كل من أحبني وأحببته
أهديكم هذا النتاج المتواضع
زياد
المحتوى
المقدمة ... ... ... ... ... ... ... ... ... 7
... ...
الفصل الأول
تعريف المفاوضات ... ... ... ... ... ... ... ... 13
أنواع التفاوض ... ... ... ... ... ... ... ... ... 14
دوافع التفاوض ... ... ... ... ... ... ... ... ... 17
أهمية علم التفاوض ... ... ... ... ... ... ... ... 19
مفاهيم مرتبطة بعملية التفاوض ... ... ... ... ... ... ... 20
عناصر التفاوض ... ... ... ... ... ... ... ... 22
شروط التفاوض ... ... ... ... ... ... ... ... ... 23
خطوات التفاوض ... ... ... ... ... ... ... ... 25
مناهج و استراتيجيات التفاوض ... ... ... ... ... ... ... 28
- قوانين عامة 28
- استراتيجيات التفاوض 44
- سياسات التفاوض ... ... ... ... ... ... ... 49
الحوار وفنون الإقناع ... 50
- أهمية الحوار ... ... ... ... ... ... ... 51
- فنون الإقناع 52
- كيف تقنع الآخرين بفكرة 55
الفصل الثاني
كيف تبدأ التفاوض ... ... ... ... ... ... ... ... 57
مناورات الافتتاح ... ... ... ... ... ... ... ... 61
استخدام الأسلوب الملزم ... ... ... ... ... ... ... ... 63
مناورات وسط التفاوض 66
- كيف تتعامل مع الموقف المتأزم ... ... ... ... ... ... 69
- كيف تتعامل مع الموقف المتعثر ... ... ... ... ... ... 70
- كيف تتعامل مع الموقف المتفاقم ... ... ... ... ... ... 71
اطلب دائما مقابل ... ... ... ... ... ... ... ... 71
الإنذارات ... ... ... ... ... ... ... ... ... 72
السلطة المحدودة ... ... ... ... ... ... ... ... ... 72
المقاطعات/التأخير ... ... ... ... ... ... ... ... 73
المعلومات الإحصائية ... ... ... ... ... ... ... ... 73(1/1)
لغة الجسد ... ... ... ... ... ... ... ... 74
التفاوض مع مختلف الجنسيات ... ... ... ... ... ... ... 77
الفصل الثالث
مناورات نهاية التفاوض ... ... ... ... ... ... ... ... 84
القيمة النسبية ... ... ... ... ... ... ... ... ... 85
لعبة الطيب والشرير ... ... ... ... ... ... ... 85 ...
الاقتناص ... ... ... ... ... ... ... ... ... 87 ...
التدرج في تقديم التنازلات ... ... ... ... ... ... ... 88
ممارسة الضغوط دون أن تتجاوز الحد ... 91 ... ... ... ... ... ... ... ...
الفصل الرابع
القوة في التفاوض ... ... ... ... ... ... ... ... 94
قيمة الوقت ... ... ... ... ... ... ... ... ... 94 ...
قوة التفاوض 95
مهارات و ميزات المفاوض الناجح ... ... ... ... ... ... 99
الفصل الخامس
حيل التفاوض القذرة ... ... ... ... ... ... ... ... 111
الطعم ... ... ... ... ... ... ... 111 ...
التقاط الكرز ... ... ... ... ... ... ... ... ... 112 ...
طلب المحال ... ... ... ... ... ... ... ... ... 114
الخطأ المتعمد ... ... ... ... ... ... ... ... ... 115
الرجوع عن الاتفاق بعد الاتفاق ... ... ... ... ... ... ... 115
المغالطة 116
التصعيد ... ... ... ... ... ... ... ... ... 116
حلية سمك الرنجة الأحمر ... ... ... ... ... ... ... 117 ...
الفصل السادس
معالجة مشكلات التفاوض الصعبة ... ... ... ... ... ... 118
- الوساطة ... ... ... ... ... ... ... ... 119
- التحكيم ... ... ... ... ... ... ... ... 125
- احد الفروق الهامة بين التحكيم والدعوى ... ... ... ... 125
- فن فض الصراع ... ... ... ... ... ... ... 135
الفصل السابع
... ... ... ... ... ...
استراتيجية ما بعد التفاوض ... ... ... ... ... ... ... 140
- ما بعد المصافحة باليد / تنفيذ الاتفاق ... ... ... ... 140
- تحويل الوعود الى التزامات ... ... ... ... ... 141 ...
- كتابة الاتفاق ... ... ... ... ... ... ... 142
شراك تنطوي عليها الاتفاقات المكتوبة بشكل سئ ... ... ... ... ... 142
اثنا عشر شرطا ينبغي أن تدخل في اتفاق ... ... ... ... ... ... 143
التعامل مع النقاد في شركتك ... ... ... ... ... ... ... 144
طرائق لإفشال اجتماع ... ... ... ... ... ... ... ... 146 ...
تعلم عمليات المحاكاة التفاوضية ... ... ... ... ... ... ... 146
الاستفادة القصوى من التدرب على التفاوض ... ... ... ... ... 148
ما مدى تمتعك بالمهارة التفاوضية ... ... ... ... ... ... 149
نصائح حول مهارة التفاوض ... ... ... ... ... ... ... 149 ...
خمس و عشرين قاعدة عامة للنجاح في التفاوض ... ... ... ... ... 152
العقود الالكترونية ... ... ... ... ... ... ... ... 154
المشكلات القانونية في ضوء مراحل التجارة الالكترونية ... ... ... ... 156 ...
المسائل القانونية للتجارة الالكترونية ... ... ... ... ... ... 159
- عقود التجارة الالكترونية و قانونية وسائل التعاقد ... ... ... 159
- العقود الالكترونية ... ... ... ... ... ... ... 160(1/2)
التوقيع الرقمي و تشفير البيانات المرسلة ... ... ... ... ... ... 163
هل يحقق التوقيع الرقمي الوظيفة التي يحققها التوقيع العادي ... ... ... 164
موثوقية التجارة الالكترونية و تحديات إثبات الشخصية ... ... ... ... 165
امن معلومات التجارة الالكترونية ... ... ... ... ... ... ... 166
الخصوصية ... ... ... ... ... ... ... ... ... 167
تحديات الملكية الفكرية ... ... ... ... ... ... ... ... 167
الضرائب ... ... ... ... ... ... ... ... ... 168
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
الفصل الثامن
حاله تفاوضية تطبيقيه ... ... ... ... ... ... ... ... 169 ... ... ... ... ... ... ...
... ... ... ... ...
المراجع ... ... ... ... ... ... ... ... ... 177 ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
المقدمة
هناك تعبير شائع في لعبة التنس هو(اللعب بالخبرة)، ويشير ذلك إلى الحد التنافسي الذي يصل إليه اللاعبون بعد لعب عدة مباريات مع منافسين لهم مما يوصلهم إلى أقصى حدود الخبرة في اللعب. وهذا هو السبب في أن لاعبا ذكيا مثل(جون ماكنرو) يمكن أن يخسر أمام لاعب غير معروف بسبب انقطاعه عن التنافس لمدة ست شهور على الرغم من لياقته وتمارينه اليومية.
نفس الشيء يحدث في مجال العمل التجاري، كثيرون يتراجعون في المفاوضات في اللحظة الحاسمة في الوقت الذي يقتضي أن يقاتلوا فيه لإنهاء الصفقة. وبدلا من الثبات واستثمار كافة طاقاتهم تجدهم يتراجعون، ربما تخيلوا أنهم سوف يكونون أقوى وأكثر سيطرة في الجولة القادمة والتي قد لا تأتي أبدا.
ولكي تكون مفاوضا بارعا، فهذا الأمر لا يحدث لك يوما ما لأنك تتمنى ذلك، أو لأنك حفظت مجموعة من القواعد، بل لابد من الممارسة، ولابد لك من إظهار امكاناتك عند اللزوم في ظل ظروف اللعبة.
إن استمرارك كمفاوض ذكي أشبه بالمحافظة على لياقتك أو بقائك في القمة في كل مباراة. فهو يتطلب تمارين يومية مع المحاولة المستمرة للنجاح الأفضل وتذكير نفسك دوما بالأساسيات.(1/3)
بالنسبة لأولئك الذين يتوقف نجاحهم المهني وازدهار شركاتهم على عقد الصفقات، يعد الإلمام بفن التفاوض ضرورة بحتة،وليس فقط مسألة استحسان. إن قائمة الوظائف التي تتطلب إتقان مهارات التفاوض طويلة جدا وتشمل رجال الأعمال والمحامين والسياسيين،ومن يعقدون الصفقات الكبرى البارزة.
في حقيقة الأمر: تعد القدرة على التفاوض في نطاق واسع من المعاملات عنصرا حيويا للنجاح على أي مستوى إداري.
على سبيل المثال، ينبغي على المسئولين التنفيذيين أن يعقدوا صفقات قد يكون لها تأثير عميق على المسار المستقبلي لشركاتهم، وفي نفس الأثناء،يشترك المديرون المتوسطون في أنشطة لا تقل أهمية عن تلك الصفقات في بلوغ أهداف الشركة، وذلك على المدى البعيد، وبتراكم هذه الأنشطة بعضها فوق بعض. وحتى المشرفين والموظفين العاديين الذين لا يبدو أن وظائفهم تتطلب إلماما بالتفاوض،ينبغي عليهم ينبغي عليهم أن يتصارعوا يوميا مع مشكلات العمل،مثل طلبات زيادة الرواتب والترقيات والمسائل النقابية. ثم وبطبيعة الحال هناك أولئك الذين يعملون في المشتريات والمبيعات والمهن الأخرى التي يعد فيها التفاوض من الواجبات الرئيسية لمراكزهم الوظيفية.
إن الإلمام بالتفاوض من الألف إلى الياء يقود إلى "راحة البال" فكثيرا ما ينتهي الأفراد الذين لا يتقنون أساليب التفاوض إلى صفقة ما، ثم ينصرفون وهم يعتقدون أنهم قد فازوا بصفقة جيدة، بينما تكون الحقيقة عكس ذلك. وفي بعض الأحيان يشعر هؤلاء بسعادة غامرة دون أن يدركوا أنه كان بإمكانهم تحقيق ماهو أفضل بكثير.ففي حقيقة الأمر، أينما كنت تعمل ومهما كانت وظيفتك، فمن المستحيل"تقريبا" أن تتجاهل الحاجة الى التفاوض ولو من وقت لآخر. ولكن مع الأسف، يعد التفاوض مجالاً يكمن فيه العديد من الشراك الخفية التي ترقد بانتظار الغافلين أو المتهورين.
هناك قاعدة مهمة في التفاوض يجب أن تبقى نصب عينيك:(1/4)
نحن لا نحصل على ما نريده في هذه الحياة بل نحصل على ما نتفاوض بشأنه.
فالتفاوض هو عملية النقاش المتبادل وتسوية البنود الخاصة باتفاق ما.
وهو عملية تبادلية بين طرفين لكل منهما احتياجات مختلفة.
أنه 'عملية اتصال بين شخصين أو أكثر يدرسون فيها البدائل للتوصل لحلول مقبولة لديهم أو بلوغ أهداف مرضية لهم'.
و التي يحدد فيها كلا الطرفين احتياجاتهم المُدركة ويستطيعا معاً الوصول إليها.
إن التفاوض هو عرض دائم الحضور في حياتنا، في كل بيوتنا وأماكن عملنا، عندما يجري الحديث بين أب وابنه عن سبيل تحسين علامة الرياضيات ،فإنما هم يمارسون التفاوض،وينطبق الوصف ذاته على الزوجين عندما يتفقان على توزيع المهام في المنزل ومن سيتسوق الحاجيات في عطلة نهاية الأسبوع. وفي مكان العمل تحتل المفاوضات الموقع الغالب على غيره. فكلمة مفاوضات تعني بالأصل اللاتيني(negotiatus)أي"الاستمرار في العمل.
أن هدف التفاوض هو الوصول إلى حل وسط يرضي جميع الأطراف، فالتفاوض الناجح هو الذي لا يكون فيه فائز مطلق أو خاسر مطلق، أما إذا اعتبر أحد الطرفين أن الهدف من التفاوض هو هزيمة الخصم وتحقيق الفوز بأي ثمن، فإن هذا قد يكون له عاقبة وخيمة وقد يؤدي إلى عكس المطلوب. ويتضح ذلك من هذين المثالين:
مثال1:
إذا أجبر العاملون في مصنع ما الإدارة على رفع الأجور بدرجة كبيرة عن طريق التهديد بالإضراب عن العمل، فقد يكون العمال هنا قد حققوا ظاهريًا الانتصار في المفاوضات على أصحاب الشركة، ولكن ماذا سيحدث إذا لم تحقق الشركة أرباحًا كافية لتمويل هذه الزيادة في الأجور، قد يؤدي ذلك إلى تسريح العاملين، وبالتالي فهم الخاسرون في النهاية.
مثال2:(1/5)
تفاوضت شركتان بشكل تنافسي على كمية محدودة من المواد الخام كانت جاهزة للشحن الفوري، وكانت الخصومة والعداوة مستحكمة بينهما في مجال المبيعات لسنوات طويلة، فعرضت إحدى الشركتين سعرًا باهظًا للمواد الخام لعلمها أن الشركة الأخرى لن تستطيع دفعه، وبالتالي تمكنت من الفوز بالمواد الخام، إلا أن ارتفاع التكاليف منعها من تحقيق الربح المطلوب مما أدى إلى سوء الموقف المالي للشركة في النهاية. ولكن في المثالين السابقين ماذا لو أن محور التركيز تحول من التنافس إلى التعاون ؟
لقد كان بإمكان العاملين والإدارة في المثال الأول أن يتوصلوا إلى حل وسط بصياغة زيادة في أجور العمال يتم ربطها بتحسن الإنتاج ورفع أرباح الشركة، فيتم بذلك تلبية حاجة العمال للمزيد من المال وحاجة الشركة للمزيد من الإنتاج والأرباح، وفي المثال الثاني كان يمكن أن يتفق الطرفان على تقسيم المواد الخام بينهما على نحو منصف يضمن استمرارها في الإنتاج.
مما سبق يتضح لنا: أن الميل لتبني الحلول الوسط هو الأساس الذي يرتكز عليه التفاوض المؤدي لفوز كلا الطرفين.
ولابد هنا التمييز بين التفاوض بهذا المعنى وبين ما يقوم به بعض الأطراف من التلاعب والخداع والإكراه الإجباري حتى يصلوا لاحتياجاتهم على حساب الأطراف الأخرى.
عليك أن تنتبه إلى أن الهدف من التفاوض ليس فوز طرفي التفاوض في كل ما يصبون إليه، التفاوض هو وسيلة تشعرك أنت والطرف الآخر بينما تغادرا طاولة المفاوضات بأن كليكما قد فاز.(1/6)
إذا بدأ شخصان بالتفاوض على برتقالة ربما يقرران في النهاية أن يشطرا البرتقالة إلى نصفين، فيحصل كل منهما على نصف ماكان يصبو إليه، فيقرر الشخصان أن يقوم أحدهما بشطر البرتقالة بينما يقوم الآخر باختيار الشطر الذي يرغب بالحصول عليه، وبينما يقوم الشخصان بالإفصاح عن احتياجاتهما الخفية، والهدف وراء سعيهما للحصول على البرتقالة يكتشفان أن أحدهما يسعى للحصول على عصير البرتقالة في الوقت الذي يسعى فيه الآخر للحصول على القشرة لإعداد كعكة، وبذلك يتوصل الفريقان إلى مخرج سحري يجعل كلاهما فائزا دون أدنى خسارة.
التفاوض القوي يعلمك كيف تفوز على طاولة التفاوض بينما تُشعر الطرف الآخر أنه قد فاز.
والتفاوض هو موقف تعبيري حركي قائم بين طرفين أو أكثر حول قضية من القضايا يتم من خلاله عرض وتبادل وتقريب ومواءمة وتكييف وجهات النظر واستخدام كافة أساليب الإقناع للحفاظ على المصالح القائمة أو للحصول على منفعة جديدة بإجبار الخصم بالقيام بعمل معين أو الامتناع عن عمل معين في إطار علاقة الارتباط بين أطراف العملية التفاوضية تجاه أنفسهم أو تجاه الغير.
وهناك مفهومين للتفاوض:
مفهوم المواجهة: يعتقد بعض الناس أن التفاوض أشبه بلعبة شد الحبل حيث يوجد فائز واحد في التفاوض، مما يعني أن يكون الطرف الآخر هو الخاسر ولا بد، وقد يكون هؤلاء عدوانيين يميلون بطبعهم للدخول في مشاحنات، فيرون في التفاوض فرصة لاختبار قوة بأسهم وإظهار تفوقهم، أو قد يكون هذا المفهوم الخاطئ للتفاوض قد تكون لديهم نتيجة لبعض التجارب الشخصية التفاوضية أحسوا فيها كما لو كانوا قد خدعوا أو بدوا أقل ذكاء من الطرف الآخر، ولكننا نقول:إن التفاوض الفعال ليس عملية مواجهة، ليس مباراة ملاكمة ذهنية يرفع فيها أحد الطرفين قفازه عاليًا مبتهجًا بالنصر عندما يسقط الطرف الآخر على الأرض.
فليس هناك حاجة على الإطلاق إلى أن ينطوي التفاوض على الخصومة أو العداوة.
مفهوم التعاون:(1/7)
وثمة مفهوم آخر للتفاوض، فكثير من الناس يعتقدون أن التفاوض هو وسيلة للتوصل لاتفاق، وهؤلاء يكونون ميالين بطبعهم للحلول الوسط، فهم لا ينظرون للأمور من جهة وجود منتصر وخاسر ولكن من جهة وجود رضا متبادل وفوز لكلا الطرفين، وهذا هو المفهوم الصحيح للتفاوض والذي يقوم على اعتباره تعاونًا لا مواجهة، فهو فرصة للعمل المشترك بين طرفين لتحقيق هدف لا يستطيع أحدهما إنجازه بمفرده.
التفاوض يهدف أساسا للحصول على شيء أفضل مما كنت ستحصل عليه من غير التفاوض.
في عام 1985 وفي ضل ظروف الانغلاق وجمود العلاقات الأمريكية السوفيتية اعتقل مكتب المباحث الفيدرالية الأمريكي عضو من أعضاء وفد سوفيتي في الأمم المتحدة اسمه زاخاروف بتهمة التجسس.
فعرض الاتحاد السوفيتي صفقة للمقايضة دانيلوف مقابل زاخاروف
فكان لدى الأمريكيين رد واحد فقط لا ثاني له وهو
لا مجال للمقايضة
وانتهت المفاوضات
لقد كان ذلك خطأ كبير.
فالتفاوض الفعال يمكن أن يفتح الأبواب مرات ومرات والمفاوضون الفعالون لا يعرفون فقط كيف يفوزون في المفاوضات. بل يعرفون كيف يفوزون ويجعلون الطرف المقابل مع ذلك يحس بأنه قد فاز أيضا.
وهم أيضا يستطيعون مواجهة أي موقف والتوصل لحلول تبدوا كأنها عادلة للطرفين.
هذا هو جوهر التفاوض الفعال
فما علاقة المكسب المتبادل التي تتحدث عنها غالبية كتب التفاوض إلا خدعة كبرى حيث يسعى الطرفان في كثير من الأحيان إلى نفس الهدف.
فإذا كنت بائعا مثلا فسوف تسعى إلى أقصى ما يمكن من كسب نقود الطرف الآخر أما إذا كنت مشتريا فستسعى إلى أقصى حد من الخصم على الأسعار وأفضل الشروط.
فليس هناك في الواقع مكسب متبادل وإنما شعور - مجرد شعور- متبادل بالمكسب.
فهل تحقيق ذلك الشعور يبدوا مستحيلا ؟
ليس هذا هو رأي ارماند هامر مدير شركة اوكسيدتنال بتروليوم.(1/8)
حتى يمكن حل الأزمة اقترح هامر على السوفيت أن يوافقوا أيضا على إطلاق سراح المنشق السوفيتي يوري ارلوف وزوجته وبذلك تمت الصفقة.
وكانت النتيجة إن أمريكا لم تقايض دانيلوف ب زاخاروف ولكنها مع ذلك استردته واسترد السوفييت احد رجالهم . وبذلك حصل كلا الطرفين على ما يريدون.
في هذه الحالة المفاوض الأمريكي هامر قام بتطبيق إحدى قواعد التفاوض الفعال ومضمونها هو: لاتسمح بوجود قضية واحدة فقط على مائدة التفاوض، فوجود قضية واحدة مطروحة للنقاش يعني انه لابد من وجود فائز وخاسر. لذلك يتعين على المفاوض أن يطرح قضية أخرى ليوفر جوا للمساومة ويفسح مكانا للمناورة".
إذا فالتعريف العلمي للتفاوض هو:
عملية اتصال بين شخصين أو أكثر يدرسون فيها البدائل للتوصل لحلول مقبولة لديهم أو بلوغ أهداف مرضية لهم'.فهو موقف يتبارى فيه تعبيريا طرفان أو أكثر من خلال مجموعة من العمليات لا تخضع لشروط محددة سلفا حول موضوع من الموضوعات المشتركة، يتم فيه عرض مطالب كل طرف وتبادل الآراء، وتقريب وجهات النظر، وموائمة الحلول المقترحة، وتكييف الاتفاق، واللجوء إلى كافة أساليب الإقناع المتاحة لكل طرف لإجبار الطرف الآخر على القبول بما يقدمه من حلول أو اقتراحات، تنتهي باتفاق يتبادل بموجبه الأطراف المواد المطلوبة، ويكون ملزما اتجاه أنفسهم واتجاه الغير.(1/9)
من هنا نقول: يجب أن يكون على مائدة التفاوض طرفين على الأقل، فنحن لا نتفاوض مع أنفسنا.والمفاوض عموما يجب أن يتمتع إضافة إلى إلمامه بموضوع التفاوض بعقلية لماحة، وصبر غير محدود، والقدرة على الإخفاء المؤقت للآراء والحقائق دون كذب، وأن يكون سلسا، ومرنا، وحاسما عند اللزوم. وأن تكون لديه القدرة على الربط بين الموضوعات والعلاقات المطروحة للمناقشة. ومما لا شك فيه أن من يمتلك هذه الخصائص يصبح على درجة عالية من المهارة التفاوضية، ولكن تبقى المشكلة العملية قائمة، حيث أن قليلين من المديرين الذين يهي:أن تصل قدراتهم إلى تحقيق هذه المعايير، وحتى مع اعتبار أنها سمات شخصية فليس من السهل اكتسابها من خلال مجرد قراءة كتاب أو حضور برنامج تدريبي معين.لذلك يستحسن لكي نحسن قدراتنا التفاوضية أن نضع يدنا على العوامل التي تقف وراء فعالية التفاوض، والدور التي تؤديه العوامل في هذا المجال، وهذه العوامل هي: المعرفة، المهارة، والاتجاهات. والتي يندرج تحت كل منها مجموعة من العناصر تمثل مبادئ من شأنها تحسين القدرات التفاوضية.
... الفصل الأول
1- تعريف المفاوضات
تعريف 1: التفاوض هو النشاط الذي يتضمن مشاركة طرفين أو اكثر (أفراد، مجموعات، وفود)، في إطار السعي لإيجاد حل مرضي غير عنيف لقضية تهم الطرفين. مع الأخذ بعين الاعتبار واقع كل منهما.
بالرغم من أن التعريف أشار إلى أطراف التفاوض والقضية محل التفاوض إلا انه يبقى ناقصا، كونه لم يتطرق إلى كنه العملية التفاوضية.
تعريف2:
يعرف بول pool التفاوض بالاستناد على الميزات التي يتحلى بها المفاوض حيث أنه جعل منها جوهر العملية التفاوضية ويقول في هذا الشأن أن: "المفاوض الجيد هو ذاك الذي يمتلك سرعة البديهة، لكن مع ذلك فهو يتميز بصبر غير محدود، يعرف كيف يكون متواضعا وحازما في آن واحد، يعرف كيف يراوغ دون أن يكون كاذب، يعرف كيف يجعل الشركاء يأتمنون به دون يبادلهم الشيء ذاته."(1/10)
تصطبغ التعاريف المقدمة بشأن العملية التفاوضية، بحسب اختصاص ومرجعية كل باحث وهو ما أفضى إلى تباين طريقة مقاربتهم لمفهوم التفاوض.
بيد أنه سيتم الاكتفاء بالتعريف الذي قدمه الباحث الأمريكي وليام مارك حبيب WILLIAM MARK HABEEB بفضل تمكنه من تلمس جوهر العملية التفاوضية بل جوهر الظاهرة السياسية، المتمثلة في القوة، ناهيك عن شمول تعريفه لباقي عناصر العملية التفاوضية، كالأطراف المتفاوضة، ووجود قضية محل تفاوض.
تعريف 3:
"تقتضي عملية التفاوض بذل مجهودات من قبل الفاعلين بغرض الحصول على نتيجة جيدة ومقبولة لهم. انطلاقا من مواقف أولية متعارضة. ويعود الفضل في التوصل لأية صيغة اتفاقية إلى استخدام القوة طالما أن تغيير أحد الأطراف أو كليهما لموقفه خلال التفاوض إنما يعود إلى سلوكيات الطرف الآخر."
2-أنواع التفاوض
التفاوض هو الوسيلة التي يعتمدها الناس لحل الخلافات الناشئة بينهم، سواء كانت هذه الخلافات تتعلق بشراء سيارة جديدة ، أو نزاعا على عقد عمل، أو شرطا لصفقة بيع، أو تحالفا معقدا بين شركتين، أو معاهدة سلام بين شعوب متحاربة . ويتم الجري عادة وراء الحلول بواسطة" المفاوضات". فالتفاوض " كما أسلفنا :هو السعي لإقرار اتفاق من خلال الحوار وللتفاوض أنواع أو أشكال رئيسية فإما أن يكون التفاوض "توزيعيا" أو أن يكون " تكامليا" .(1/11)
في النوع الأول القيمة المتاحة للأطراف ثابتة، ويسعى كل طرف للحصول على أكثر ما يستطيع من هذه القيمة. وهنا يأتي مكسب أحد الأطراف على حساب الطرف الآخر، وهذا ما يطلق عليه " اللعبة ذات المجموع الذي يساوي صفر". أو التفاوض ذو الإجمالي الثابت. بل ربما يكون تعبير ( إربح _ إخسر) أكثر تمثيلا لكل ماهو معني بالأمر .فالشغل الشاغل في التفاوض التوزيعي هو من سيحصل على حصة الأسد من الغنيمة. فمثلا: بيع سجادة، حيث لا يعرف البائع والمشتري بعضهما، وليس هناك من علاقة تربطهما، وكل ماهو مهم في الأمر هو السعر، وكل جانب يفاوض من أجل الظفر بأفضل صفقة ممكنة ، وكل مغنم يحصل عليه أحد الفريقين يعتبر" مغرما" للفريق الآخر.
أيضا : المفاوضات على الأجور بين أرباب العمل والعمال ، فإن أي قدر يتم التنازل عنه سيخرج من جيوبهم الخاصة، والعكس بالعكس.
في التفاوض التوزيعي النقي، تكون القيمة المكتسبة الخاضعة للتجاذب"ثابتة" ويكون هدف كل جانب هو الحصول على أكبر قدر ممكن من الكعكة
إن هدف البائع في صفقة توزيعية هو أن يتفاوض من أجل أعلى سعر متاح ، بينما يتمحور هدف المشتري في الحصول على أقل سعر ممكن ،( إن دولارا واحدا أكثر في جيب أحد الجانبين يعني دولارا أقل في جيب الجانب الآخر).
وهكذا يتنافس البائع والمشتري من أجل الحصول على أكبر مغنم ، فتبدأ لعبة " شد الحبل" فكل مفاوض يسعى (لسحب) الحد النهائي للصفقة بحيث يكون أقرب ما يمكن الى السعر المرغوب لدية( أو حتى لما وراء ذلك).(1/12)
الرابطة والسمعة لا تعني إلا قليلا في هذه اللعبة، حيث أنه لا توجد نية لدى أي من المتفاوضين أن يبادل المكسب في الصفقة بمكسب في علاقته مع الجانب الآخر. فمثلا: مدير تنفيذي نقل الى جهة أخرى من المدينة، لهذا فهو يجدّ في بحثه عن منزل قريب من مكان العمل ، ولن يكون مكترثا بعلاقة طويلة الأمد مع من يبعه المنزل عندما يبدأ بالتفاوض معه حول سعر البيت، فالبائع غريب عنه، وسيبقى كذلك حتى بعد إتمام الصفقة.
وتلعب المعلومات دورا هاما في هذا الشكل من التفاوض، فبقدر ما يجهل الطرف الآخر عن نقاط الضعف والأفضليات لديك، وبقدر ما يعلم عن قوتك في المساومة، يكون موقعك التفاوضي أفضل. فمثلا : قد يكون مدير المبيعات أرعن لو أنه ترك الجانب الآخر يعلم بأنه لا يوجد لديه سوى القليل من الزبائن الآخرين الذين يمكن أن يشتروا منتجه.وفي المقابل قد يكون المشتري متلهفا لأن يعلم الجانب الآخر بأن هناك مصنّعين آخرين يقرعون بابه وكلهم يرغبون بأن يكسبوا العقد.
ولتحقيق النجاح في تفاوض توزيعي تذكر مايلي:
_ يمكن للعرض الأول أن يصبح نقطة ارتكاز سيكولوجية، وهي بذاتها توطد مجال المساومة، لقد أظهرت الدراسات أن نتائج المفاوضات غالبا ما ترتبط بعلاقة مع العرض الأول، لهذا ينبغي البدأ من المكان الصحيح.
_ لا تفصح عن أي معلومات لها مغزاها عن ظروفك، بما في ذلك الدافع لعقد صفقة ما، ومصالحك الحقيقية أو القيود التي تكبل عملك، وأفضلياتك للقضايا أو الخيارات، أو النقطة التي عندها ستقبل بشروط الاتفاق وتترك طاولة المفاوضات.غير أنه في صالحك أن تدع الجانب الآخر يعرف بأن لديك خيارات جيدة إذا لم يحالف الحظ هذه الصفقة بأن تبصر النور.
_ إن المعلومات عن الطرف الآخر يمكن أن تكون ذات فائدة لك. أجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عن ظروف الطرف الآخر وأفضلياته، بما في ذلك ما يقف وراء رغبته في عقد صفقة.(1/13)
_استغل معلوماتك عن الطرف الآخر لتوظيفه في طرح عرضك أو طلبك الأولي.
_ لا تبالغ في ما تهدف إليه، فإذا طالبت بعنف أو بطمع، فقد يدفع هذا بالطرف الآخر لأن يترك موقعه وينسحب. وبذلك تكون قد أضعت فرصة إبرام اتفاق.
أما لتفاوض التكاملي: ففيه تتعاون الأطراف من أجل تحقيق أقصى المنافع، بإجراء تكامل بين مصالحها ضمن اتفاق معين، بينما يجري بينهما "في الوقت ذاته" تنافس حاد من أجل اقتسام الغنيمة. في التفاوض التكاملي ينبغي أن تكون ماهرا في إيجاد الغنيمة وتثبيت حقك فيها .إذا ففي التفاوض التكاملي تكون مهمتك ذات شقين:1- إيجاد أكبر قيمة بالقدر المستطاع لك وللجانب الآخر. 2-أن تتطالب بمغنم ذي قيمة لنفسك.
إن كثيرين يستعملون عبارة " ربح- ربح" أو"فوز-فوز" لدى إشارتهم الى هذا الشكل من التفاوض، ولسوء الحظ،يثير هذا التعبير إشكالية في أن جميع الأطراف تحصل على ما تريد، ولكن نادرا ما يكون الحال هكذا. فغالبا ما يجري كل طرف نوعا من المقايضة في سبيل حصوله على أشياء ذات قيمة أعلى، بينما يتخلى عن أشياء أخرى أقل أهمية. فمثلا :يتفاوض مصنع لصناعة الألبسة الجاهزة مع أحد موّرديه الرئيسيين " لأزرار القمصان" ، على أن يقوم بتوريد "100" ألف زر خلال ثلاثة أسابيع.
المصنع مهتم طبعا بالحصول على أقل الأسعار، لكنه في نفس الوقت حريص على استمرار علاقة طويلة الأجل مع هذا الموّرد، لأنه أثبت خلال السنوات الماضية أنه موّرد مبدع ويمكن الاعتماد عليه.وفي الوقت ذاته يرغب مدير المبيعات لدى الموّرد أن يصل بالسعر الذي ستحصل عليه شركته الى أقصى حد.ولكن أيضا يجب عليه أن يكون مستوعبا للعلاقة مع المصنع فهو لا يريد أن يخسر زبوناً قديما ومهماً.(1/14)
وبوصفهما شركاء على المدى البعيد ، يحاول كل جانب أن يفضي للآخر ببعض مصالحه، وبناءا عليه وَجَبَ على أحد الأطراف أن يقدم تنازلا في السعر، على أمل أن يكون بمقدور الطرف الآخر أن يقدم شيئا بالمقابل على جبهة أخرى.فيستقر الطرفان المتفاوضان على اتفاق يعطي الموَرد السعر الذي حدده بمقابل أن يقدم الموَرّد تسهيلات في السداد الى تسعين يوما بدلا من ثلاثين .فترة السماح هذه تساعد المصنّع على تقليص متطلبات رأس المال العامل بموجب هذا الشرط من العقد. زد على ذلك توافق الشركتين على تعاون مشترك بينهما مؤداه تصميم نوعية جديدة من ألأزرار لا تزال حاليا على لوحة الرسم.
في بعض الأحيان لا يجري التنافس أبدا بين مصالح الجانبين، في هذه الحالة تكون المهمة هي الوصول الى صفقة تجمع بين مصالحهما على أفضل وجه من الفعالية. إن الموافقة على مزيد من التنازل نحو ما يعتبر ذا قيمة لدى أحد المتفاوضين ، لا يعني بالضرورة أن يأخذ المفاوض الآخر قدراً أقل من أي شيء يُعتبر ذا قيمة له.وهكذا: إن مقدرة جانب واحد أن يدعي أو يحصل على ما يرغبه أو يحتاجه في الصفقة لا يستقطع بالضرورة قابلية الآخر لأن يطلب أو يكسب أكثر ما يمكن.
ليس فقط موضوع السعر أو تاريخ الشحن أو أي أمر منفرد هو مايتم التفاوض عليه تكامليا فالفرص المتوفرة للإبداع كثيرة .(1/15)
يقول (Mark Gordon) المتخصص بشؤون التفاوض وصاحب تعبير" المساومة التعاونية" ،فيما يخص هذا النوع من التفاوض:إن على الأطراف أن تبحث عن خيارات خلاّقة، وليس التركيز فقط على التنازل الذي سيتم تقديمه.( ينبغي أن تقتنع أنه يصب في مصلحتك أن تفتّش عن طُرق تُسدي فيها النفع الى نظيرك الذي يتفاوض معك. لا يعتبر هدفاً لك أن تتسبب في إيذائه،ولكن أن تساعده في حدود كلفة قليلة تقوم بتحملها، وأن تجعله يمد لك يد العون بكلفة غير مُرهقة. فبمقدار ما تكونا خلاّقين كطرفين تجاه تحقيق أشياء مفيدة لكما، فإن هذا يغمركما بالسعادة أنتما الاثنين.).
هذا الإبداع ممكن فقط إذا كان كل من الطرفين واع لمصالحه الرئيسية وتلك التي تخص الجانب الآخر.
هنا قد يطرح احد المشاركين في التفاوض السؤال التالي:" هل ينبغي عليّ أن أُقحم نفسي من أجل قطعة أكبر من هذه الكعكة،بمقابل أن أخاطر بأن يحصل الجانب الآخر على المغنم؟" أو"هل ينبغي عليّ أن أُبدي استعداد للتعاون أملا بالخروج بأداء مقنع؟"
في الحقيقة : تنطوي هذه الأسئلة على خيارات استراتيجية صعبة، وتعني إقامة توازن بين الإستراتيجيات المبنية على التنافس إزاء الإستراتيجيات المستندة الى التعاون.إن العلم سواء في المضي قدماً في التنافس" حيث تناقض المصالح"(المطالبة بالأكثر) ، أو في إيجاد قيمة بالاعتماد على تبادل المعلومات التي تؤدي الى نشوء خيارات ذات منفعة للطرفين هو في صلب" الفن" الذي يمارسه المفاوض.
في رأيي الشخصي والذي يتماشى مع رأي(Jim Camp) الناقد المعروف في التفاوض :
إن المفاوض المحنّك في أي حقل كان، يعلم أن المفاوض الآخر المتحمس لفكرة الكسب المزدوج ، والذي يجلس على الطرف الآخر من الطاولة ماهو إلا بطّة عاجزة...
إن أصحاب الكلام الانسيابي لا يقدمون شيئا لقاء تسوية ما، بل إنهم يطلبون منك أن تقوم بذلك
"أنا أقول كما كان السوفييت يقولون: ماهو لنا فهو لنا، وماهو لك فهو خاضع للتفاوض".(1/16)
" سوف نتحدث بتفصيل أوسع عن نوعي التفاوض عندما نستعرض استراتيجيات التفاوض في فصل لاحق."
3-دوافع المفاوض :
عادة تكون إما شخصية أو تنافسية أو محاولة لإيجاد حل مبتكر لمشكلة يواجهها أو دوافع لجهة يمثلها ويسعى للوصول لحل يرضيها
ففي الدوافع الشخصية فان المفاوض سوف تلاحظ عليه انه يسعى لتحقيق أهداف شخصية بالنسبة له.
إما دوافع المنظمة فانه سوف يبذل جهد كبير للوصول للحل الذي يجده وسيلة لإرضاء إدارته أو الجهة التي يتفاوض نيابة عنها.
أما دوافع الحل فهي أن يبحث المفاوض عن حلول مبتكرة ومرضية لكلا الأطراف.
والجانب الآخر هو جانب المعلومات ولا يقل أهمية فيجب عليك قبل أن تبدأ مفاوضاتك مع الطرف الآخر أن تجمع معلومات تدعم بها موقفك التفاوضي عن الجهة أو الطرف المقابل.
كأن تعرف مثلا مدى حماس الطرف الآخر لإيجاد الحل والكيفية التي يتحمس لها.
وما السعر الذي يريده أو يطلبه أو هدفه.
وصلاحياته وسلطته.
المفاوضون المخضرمون يبذلون أقصى مجهود ممكن لديهم لمعرفة الأشخاص الذين ينبغي عليهم التعامل معهم. مَن هم هؤلاء الأفراد الجالسون في الجانب الآخر من المائدة؟ هل هم مفاوضون أهل خبرة أم أنهم مجرد مبتدئين؟ هل هم من المكافحين أم من اللذين يحبون اجتناب المشكلات؟ هل ثقافة المؤسسة التي يعملون بها بيروقراطية أم ريادية؟ هل هم مخوّلون بإنجاز صفقة ما، أم عليهم أن يهرولوا عائدين إلى رؤسائهم لتلقي التعليمات وأخذ الموافقة؟ والمهم أكثر ما الذي يحاولون تحقيقه؟ وكم هي حيوية هذه المفاوضات لنشاط عملهم؟
إن السعي للحصول على إجابات لهذه الأسئلة مثل ماهو جزء هام من التحضير للمفاوضات يجب أن يستمر على مائدة التفاوض ، مثلا: عليك أن تسأل الجانب الآخر بأن يعرض لأسماء ومناصب فريقه المفاوض . وعندما تتعرف على الأسماء يمكنك الرجوع الى شركتك وجمع معلومات حول سابقة تفاوض بين شركتيكم وهل سبق لأحدهم أن اتخذ قرارا في إنهاء صفقة ما.(1/17)
فكلما كانت لديك هذه المعلومات فسوف تكون لديك القدرة على معرفة أي الأوراق الأقوى لتلعبها وأي النقاط حساس وأيها أكثر حساسية للجانب المقابل ويمكن أن تمارسها لتساعدك لتعزيز موقفك التفاوضي. ولتعرف أيضا ما هي الضغوط التي سوف تمارسها والأخرى التي يجب الابتعاد عنها.
وقد تأخذ تلك المعلومات من الطرف المقابل نفسه بأسئلة ذكية تعرف منها المزيد من التفاصيل.
لا تسير المفاوضات دائما حسب مسار يسهل توقعه، تصاب العلاقات أحيانا "بالعكر" وتدفع التطورات غير المتوقعة بأحد الجانبين لأن ينسحب أو يجمد المفاوضات. كما تشجع الفرص الجديدة التي يعثر عليها أحد الأطراف لكي يساوم بصلابة، وقد يتم استبدال مفاوض بآخر. هذه التطورات تعني أنه يجب على الأطراف أن تكون مستعدة للمضي قدما دون"خارطة طريق واضحة ". وعليها ممارسة الصبر لأن كثيرا من المفاوضات لها صفات الاستئناف تارة، والتعليق تارة أخرى. والمديرون الذين حققوا نجاحاتهم في إدارة العمليات بالعفوية" دعونا ننتهي من هذا الأمر الآن" لا يتحلون عادة بالصبر. لكنه ميزة مطلوبة يحتاجون إليها عند إجراء المفاوضات.
لذا عليك أن تكون جاهزا لممارسة المرونة في المسار التفاوضي وأن لا تكون أسيرا لفكرة رئيسية واحدة.
بقدر أهمية المرونة ، لكن كن مرناً ضمن إطار هدفك الكبير، فمثلا لو أن غايتك من التفاوض هو شراء عمل ما، ضع هذا الهدف في ذهنك، وأجرِ تعديلا على "حيّز" التفاوض بحسب الحاجة.
كن صبورا عندما تطرأ تأخيرات غير متوقعة، ولاتسمح أبدا لهذه العقبات في طريقك أن تؤدي بك لفقدان تطلعك إلى هدفك.
4-أهمية علم التفاوض
تنشا أهمية علم التفاوض من زاويتين أساسيتين:
الأولى: ضرورته.
الثانية: حتميته.(1/18)
فنحن نعيش عصر المفاوضات، سواء بين الأفراد أو الدول أو الشعوب فكافة جوانب حياتنا هي سلسلة من المواقف التفاوضية. وتظهر ضرورة علم التفاوض ومدى الأهمية التي يستمدها من العلاقة التفاوضية القائمة بين أطرافه أي ما يتعلق بالقضية التفاوضية التي يتم التفاوض بشأنها وتلك هي الزاوية الأولى.
أما إذا نظرنا إلى الزاوية الثانية وهي زاوية الحتمية. نجد أن
علم التفاوض يستمد حتميته من كونه المخرج أو المنفذ الوحيد الممكن استخدامه لمعالجة القضية التفاوضية والوصول إلى حل للمشكلة المتنازع بشأنها.
فكل طرف من أطراف القضية التفاوضية لديه درجة معينة من السلطة والقوة والنفوذ لكنه في الوقت نفسه ليس لديه كل السلطة أو النفوذ أو القوة الكاملة لإملاء إرادته وفرضها إجباريا على الطرف الآخر ومن ثم يصبح التفاوض هو الأسلوب الوحيد المتاح إمام الأطراف التي لها علاقة بالقضية وتريد الوصول إلى حل لها.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن التفاوض يمثل مرحلة
من مراحل حل القضية محل نزاع إذ يستخدم في أكثر من مرحلة وغالبا ما يكون تتويجا كاملا لهذه المراحل. فالتفاوض كأداة للحوار يكون اشد تأثيرا من الوسائل الأخرى لحل المشاكل.
فالعمل العسكري أو الحرب وإن كانت أسرع في فرض الإرادة إلا أنها لا تمثل نهاية المطاف فالحرب لا تؤثر في قهر الخصم وتدمير عزيمته. لذا يعد التفاوض مخرجا نهائيا نحو الاستقرار وإن كان يجب التحفظ قليلا للتأكد من صدق النوايا والتأكد من القدرات والقوى التوازنية التي تملكها الأطراف المتفاوضة. وهو كذلك انتصار للعقلانية المدركة
لكافة الأمور والأبعاد تستخدم فيها أسلحة الحوار ومقارعة الرأي والحجة بالحجة والدليل بالدليل ومن ثم يكون الوصول إلى نتائج نهائية يقنع بها الأطراف.
مفهوم التفاوض(1/19)
التفاوض هو موقف تعبيري حركي قائم بين طرفين أو أكثر حول قضية من القضايا يتم من خلاله عرض وتبادل وتقريب ومواءمة وتكييف وجهات النظر واستخدام كافة أساليب الإقناع للحفاظ على المصالح القائمة أو للحصول على منفعة جديدة بإجبار الخصم بالقيام بعمل معين أو الامتناع عن عمل معين في إطار علاقة الارتباط بين أطراف العملية التفاوضية تجاه أنفسهم أو تجاه الغير.
مفاهيم مرتبطة بعملية التفاوض
الاستراتيجية: تحدد الاستراتيجية رسم التوجهات والقيام بالأعمال الكبرى ووضع الهدف المرغوب تحقيقه.
التقنيات:
تحدد الكيفية التي يتعامل بها المفاوض مع الموضوع.
التكتيكات:
هي مبادرات ظرفية يستغل فيها المفاوض الفرص العارضة أو الظرفية لتجاوز العقبات.
المستوى ... الوظيفة ... الأفعال
الاستراتيجي ... التوجهات الكبرى ... أفكر في هدفي وأدعم هدف الطرف الخصم.
الخيارات ... كيفية بلوغ هذا الهدف.
الأهداف
التقني ... كيفية التعامل مع الموضوع. ... أبحث عن التقدم بتطلعاتي أو أنُظم دفاعي.
أختار التقنية.
التكتيكي ... أعمال دقيقة التوقيت وانتهازية. ... أتحرك في الميدان على ضوء الظروف، الوقت المناسب وما هو مفاجئ.
أقوم بإحداث انقلابات.
حسب Dupond تتمحور الاستراتيجية حول الأهداف المراد تحقيقها، والسبل التي يجب إتباعها للوصول إلى هذه الأهداف ( . . . ) .
التقنيات ترتبط بالمناورات التكتيكات ترتبط بالخطوات الانتهازية والدقيقة.
الاستراتيجية تجيب على السؤال: ما العمل؟
التقنيات : كيف العمل؟ انطلاقا من مواضيع التفاوض
التكتيكات مرتبطة بكيفية القيام بالعمل في الوقت المحدد؟ مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف الآنية
القضية ISSUE: "هي بند من بنود جدول الأعمال، أو هي مشكلة مستقلة يحاول الأطراف التحادث بشأنها والتي تعتبر جزءا من احتياجاتهم ، مطالبهم أو عروضهم".(1/20)
المحصلة OUTCOME: "هي اتفاق صريح بين الأطراف، يشتمل على المواضيع أو القضايا التي تم التفاوض بشأنها، أو هو وجه من أوجه السلوك الواقعي ( المطابقة للواقع) التي تميز بنود الاتفاقية وتظل قائمة فترة من الوقت. ويفترض أن يعطي أي طرف قيمة محددة سلبية كانت أم إيجابية للمكاسب الحالية أو المحتملة.
أفضل بديل للاتفاقية المتفاوض بشأنها: Best Alternative To a Negotiated Agreement (BATNA)
هو أفضل بديل لمسار العملية التفاوضية، يلجأ إليه طرف ما في حالة وصول المحادثات إلى نفق مسدود.
التساوم Bargain:
"يمكن تعريف العملية التساومية على أنها اتصال ضمني أو مباشر، تهدف للوصول إلى اتفاق بخصوص تبادل يكتسي قيمة ما. وتتضمن بنود ملموسة وأخرى غير ملموسة. ويتم التقييم بواسطة أحد الطرفين أو كليهما ولا يشترط الإفصاح في المساومة، فأحيانا يوصل محتوى الموضوع بالأفعال أكثر من أن يتم إيصاله بواسطة تبادل الكلام.
وتتسم عملية التساوم بحضور مشاركين أو أكثر، وأحيانا يكون هناك
وسطاء بحيث تكون مشاركتهم حيادية ويستفيدون في المحصلة. كما تقتضي عملية التساوم وجود قضية أو اكثر يسعى من أجلها كل مشارك للوصول إلى اتفاق مناسب بغية فض النزاع. لكن حصل اختلاف بين المشاركين في العملية التساومية بسبب الاهتمامات المختلفة التي يوليها المشاركون لهذه المسائل. تؤدي هذه النزاعات إلى حصول العملية التساومية، من حيث أنها تباعد بين مواقف الأطراف فيما يخص ما يرغبون في تحصيله. وتمثل النتيجة النهائية المتفق بشأنها نقطة تقاطع بين موقفي الطرفين، والتي تقع ضمن نطاق العملية التساومية المشار إليها.
عناصر التفاوض الرئيسية
أولا: الموقف التفاوضي:(1/21)
يعد التفاوض موقف ديناميكي أي حركي يقوم على الحركة والفعل ورد الفعل إيجابا وسلبا وتأثير أو تأثرا. والتفاوض موقف مرن يتطلب قدرات هائلة للتكيف السريع والمستمر وللمواءمة الكاملة مع المتغيرات المحيطة بالعملية التفاوضية. وبصفة عامة فان الموقف التفاوضي يتضمن مجموعة عناصر:
1. الترابط:
وهذا يستدعي أن يكون هناك ترابط على المستوى الكلي لعناصر القضية التي يتم التفاوض بشأنها أي أن يصبح للموقف التفاوضي (كل) عام مترابط وإن كان يسهل الوصول إلى عناصره وجزئياته.
2. التركيب:
حيث يجب أن يتركب الموقف التفاوضي من جزيئات وعناصر ينقسم إليها ويسهل تناولها في إطارها الجزئي وكما يسهل تناولها في إطارها الكلي.
3. إمكانية التعرف والتمييز:
يجب أن يتصف الموقف التفاوضي بصفة إمكانية التعرف عليه وتمييزه دون أي غموض أو لبس أو دون فقد لأي من أجزائه أو بعد من أبعاده أو معالمه.
4. الاتساع المكاني والزماني:
ويقصد به المرحلة التاريخية التي يتم التفاوض فيها والمكان الجغرافي الذي تشمله القضية عند التفاوض عليها.
5. التعقيد:
الموقف التفاوضي هو موقف معقد حيث تتفاعل داخله مجموعة من العوامل وله العديد من الأبعاد والجوانب التي يتشكل منها هذا الموقف ومن ثم يجب الإلمام بهذا كله حتى يتسنى التعامل مع هذا الموقف ببراعة ونجاح.
6. الغموض:
ويطلق البعض على هذا الموقف (الشك) حيث يجب أن يحيط بالموقف التفاوضي ظلال من الشك والغموض النسبي الذي يدفع المفاوض إلى تقليل دائرة عدم التأكد عن طريق جمع كافة المعلومات والبيانات التي تكفل توضيح التفاوضي خاصة وإن الشك دائما يرتبط بنوايا ودوافع واتجاهات ومعتقدات وراء الطرف المفاوض الآخر.
ثانيا: أطراف التفاوض:(1/22)
يتم التفاوض في العادة بين طرفين، وقد يتسع نطاقه ليشمل أكثر من طرفين نظرا لتشابك المصالح وتعارضها بين الأطراف المتفاوضة. ومن هنا فان أطراف التفاوض يمكن تقسيمها أيضا إلى أطراف مباشرة، وهي الأطراف التي تجلس فعلا إلى مائدة المفاوضات وتباشر عملية التفاوض. وإلى أطراف غير مباشرة وهي الأطراف التي تشكل قوى ضاغطة لاعتبارات المصلحة أو التي لها علاقة قريبة أو بعيدة بعملية التفاوض.
ثالثا: القضية التفاوضية:
لابد أن يدور حول (قضية معينة) أو (موضوع معين) يمثل محور العملية التفاوضية وميدانها الذي يتبارز فيه المتفاوضون، وقد تكون القضية، قضية إنسانية عامة، أو قضية شخصية خاصة وتكون قضية اجتماعية، أو اقتصادية أو سياسية، أو أخلاقية... الخ. ومن خلال القضية المتفاوض بشأنها يتحدد الهدف التفاوضي، وكذا غرض كل مرحلة من مراحل التفاوض، بل والنقاط والأجزاء والعناصر التي يتعين تناولها في كل مرحلة من المراحل والتكتيكات والأدوات والاستراتيجيات المتعين استخدامها في كل مرحلة من المراحل.
رابعا: الهدف التفاوضي:
لا تتم أي عملية تفاوض بدون هدف أساسي تسعى إلى تحقيقه أو الوصول إليه وتوضع من أجله الخطط والسياسيات. فبناء على الهدف التفاوضي يتم قياس مدى تقدم الجهود التفاوضية في جلسات التفاوض وتعمل الحسابات الدقيقة، وتجري التحليلات العميقة لكل خطوة.
ويتم تقسيم الهدف التفاوضي العام أو النهائي إلى الهداف مرحلية وجزئية وفقا لمدى أهمية كل منها ومدى اتصالها بتحقيق الهدف الإجمالي أو العام أو النهائي.
ومن ناحية أخرى فان الهدف التفاوضي ، يدور في الغالب حول تحقيق أي من الآتي:
* القيام بعمل محدد يتفق عليه الأطراف.
* الامتناع عن القيام بعمل معين يتفق على عدم القيام به بين أطراف التفاوض.
* تحقيق مزيجا من الهدفين السابقين معا.
شروط التفاوض
أولا: القوة التفاوضية:(1/23)
ترتبط القوة التفاوضية بحدود أو مدى السلطة والتفويض الذي تم منحه للفرد التفاوض وإطار الحركة المسموح له بالسير فيه وعدم تعديه أو اختراقه فيما يتصل بالموضوع أو القضية المتفاوض بشأنها.
ثانيا: المعلومات التفاوضية:
هي أن يملك فريق التفاوض المعلومات التي تتيح له الإجابة على الأسئلة الآتية:
- من نحن؟
- من خصمنا؟
- ماذا نريد؟
- كيف نستطيع تحقيق ما نريد؟
- هل يمكن تحقيق ما نريده دفعة واحدة ؟
- أم يتعين أن نحققه على دفعات وتجزئته للوصول إليه على مراحل؟
- وإذا كان ذلك يسير ،فما هي تلك الأهداف المرحلية ،وكيفية تحقيقها ؟
- ما الذي نحتاجه من دعم وأدوات ووسائل وأفراد للوصول إلى تلك الأهداف؟
وبناء على هذه المعلومات يتم وضع برنامج التفاوض محدد المهام ومحدد الأهداف وتتاح له الإمكانيات وتوفر له الموارد.
ثالثا: القدرة التفاوضية:
يتصل هذا الشرط أساسا بأعضاء الفريق. ومدى البراعة والمهارة والكفاءة التي يتمتع بها أو يحوزها أفراد هذا الفريق ومن ثم من الضروري الاهتمام بالقدرة التفاوضية لهذا الفريق وهذا يتأتى عن طريق الآتي:
- الاختيار الجيد لأعضاء هذا الفريق من الأفراد الذين يتوفر فيهم القدرة والمهارة والرغبة والخصائص والمواصفات التي يجب أن يتحلى بها أعضاء هذا الفريق.
- تحقيق الانسجام والتوافق والتلاؤم والتكييف المستمر بين أعضاء الفريق ليصبح وحدة متجانسة،محددة المهام ،ليس بينها أي تعارض أو انقسام في الرأي أو الميول أو الرغبات.
- تدريب وتثقيف وحشذ وتحفيز وإعداد أعضاء الفريق المفاوض إعدادا عاليا يتم خلاله تزويدهم بكافة البيانات والمعلومات التفصيلة الخاصة بالقضية التفاوضية.
- المتابعة الدقيقة والحثيثة لأداء الفريق المفاوض ولأي تطورات تحدث لأعضائه.
- توفير كافة التسهيلات المادية وغير المادية التي من شانها تيسير العملية التفاوضية.
رابعا: الرغبة المشتركة:(1/24)
ويتصل هذا الشرط أساسا بتوافر رغبة حقيقية مشتركة لدى الأطراف المتفاوضة لحل مشاكلها أو منازعاتها بالتفاوض واقتناع كل منهم بان التفاوض الوسيلة الحيدة أو الأفضل لحل هذا النزاع أو وضع حدا له.
خامسا: المناخ المحيط:
ويتصل المناخ التفاوضي بجانبين أساسيين هما:
1-القضية التفاوضية ذاتها:
وفي هذا الجانب يتعين أن تكون القضية التفاوضية ساخنة وبالتالي فان القضية كلما كانت ساخنة كلما أمكن أن يحظى التفاوض باهتمام ومشاركة الأطراف المختلفة وبفعالية؟
2. أن تكون المصالح متوازنة بين أطراف التفاوض :
يجب لتهيئة المناخ الفعال أن يتم التفاوض في إطار من توازن المصالح والقوى بين الأطراف المتفاوضة حتى يأخذ التفاوض دوره وتكون نتائجه أكثر استقرارا وتقبلا وعدالة واحتراما بين هؤلاء الأطراف فإذا لم يكن هناك هذا التوازن فانه لن يكون هناك تفاوضا بالمعنى السليم بل سيكون هناك استسلاما وتسليما وإجحافا بأحد
الأطراف الذي لا يملك القوة اللازمة لتأييد حقه أو للتدليل عليه أو لفرض رأيه وإجبار الخصم الآخر على تقبله واحترامه والعمل به أو بما سيتم التوصل بالتفاوض إليه.
خطوات التفاوض
للتفاوض العملي خطوات عملية يتعين القيام بها والسير على هداها وهذه الخطوات تمثل سلسلة تراكمية منطقية تتم كل منها بهدف تقديم نتائج محددة تستخدم في إعداد وتنفيذ الخطوة التالية. وإن تراكمات كل مرحلة تبنى على ما تم الحصول عليه من ناتج المرحلة السابقة وما تم تشغيله بالتفاوض عليه واكتسابه خلال المرحلة الحالية ذاتها قبل الانتقال إلى المرحلة التالية الجديدة، وبهذا الشكل تصبح العملي التفاوضية تأخذ شكل جهد تفاوضي تشغيلي متراكم النتائج بحيث تصبح مخرجات كل مرحلة التالية لها وهكذا.
الخطوة الأولى: تحديد وتشخيص القضية التفاوضية:(1/25)
وهي أولى خطوات العملية التفاوضية حيث يتعين معرفة وتحديد وتشخيص القضية المتفاوض بشأنها ومعرفة كافة عناصرها وعواملها المتغيرة ومرتكزاتها الثابتة. وتحديد كل طرف من أطراف القضية والذين سيتم التفاوض معهم. وتحديد الموقف التفاوضي بدقة لكل طرف من أطراف التفاوض ومعرفة ماذا يرغب أو يهدف من التفاوض.
ويتعين إجراء مفاوضات أو مباحثات تمهيدية لاستكشاف نوايا واتجاهات هذا الطرف وتحديد موقفه التفاوضي بدقة وبعد هذا التحديد يتم التوصل إلى نقطة أو نقاط التقاء أو فهم مشترك.
كما يتعين تحديد نقاط الاتفاق بين الطرفين المتفاوضين لتصبح الأرضية المشتركة أو الأساس المشترك لبدء العملية التفاوضية ويساعد في تحديد نقاط معرفة المصالح المشتركة التي تربط بين الطرفين المتفاوضين.
ومن ثم يتم تحديد مركز دائرة المصلحة المشتركة أو الاتفاق بين الأطراف ليمثل نقطة الارتكاز في التعامل مع وبهذه الدائرة حيث يتم في التفاوض نقل ذا المركز تدريجيا لتوسيع نقاط الاتفاق التي يوافق عليه الطرف الآخر وتصبح حقا مكتسبا.
وتستخدم في هذا المجال المفاوضات التمهيدية بهدف تحديد المواقف التفاوضية ومعرفة حقيقة ونوايا الطرف الآخر بالإضافة إلى:
* تغيير اتجاهات وراء الطرف الآخر.
* كسب تأييد ودعم الطرف الآخر والقوى المؤثرة عليه.
* دفع الطرف الآخر إلى القيام بسلوك معين وفقا لخطة محددة.
* الاستفادة من رد فعل الطرف الآخر.(1/26)
وبصفة عامة يتم في المفاوضات التمهيدية تحديد نقاط الالتقاء ونقاط الاختلاف بين الأطراف وتوضيح أبعاد كل منهما. ومن ثم يمكن تحديد النقاط الأشد تطرفا بالنسبة لكل طرف من الأطراف التي لا يمكن التأثير عليها والتي لن يتنازل عنها في الفترة الحالية على الأقل. وأكثر النقاط قبولا منه أو نقطة الالتقاء المشتركة التي يوافق عليها دون تردد. ومن ثم يقوم بالابتعاد عن أشد نقاط الاختلاف والتعامل فقط مع تلك النقاط التي تقع في منطقة التأرجح بين الموافقة والاعتراض والتي يمكن عن طريق التفاوض كسب النقاط التفاوضية بنجاح ويسر.
الخطوة الثانية: تهيئة المناخ للتفاوض:
إن هذه الخطوة هي خطوة مستمرة وممتدة تشمل وتغطى كافة الفترات الأخرى التي يتم الاتفاق النهائي عليها وجنى المكاسب النجمة عن عملية التفاوض.
وفي هذه المرحلة يحاول كل من الطرفين المتفاوضين خلق جو من التجاوب والتفاهم مع الطرف الآخر بهدف تكوين انطباع مبدئي عنه واكتشاف استراتيجيته التي سوف يسير على هداها في المفاوضات وردود أفعاله أمام مبادراتنا وجهودنا التفاوضية.
وتكون هذه المرحلة عادة قصيرة وبعيدة عن الرسميات وتقتصر عادة على لقاءات النادي أو على حفلات التعارف يتم فيها التبادل عبارات المجاملة والترحيب
الخطوة الثالثة: قبول الخصم للتفاوض:
وهي عملية أساسية من عمليات وخطوات التفاوض لقبول الطرف الآخر وقبول الجلوس إلى مائدة المفاوضات. ومن ثم تنجح المفاوضات أو تكون أكثر يسرا خاصة مع اقتناع الطرف الآخر بأن التفاوض هو الطريق الوحيد ، بل والممكن لحل النزاع القائم أو للحصول على المنفعة المطلوبة أو لجنى المكاسب والمزايا التي يسعى إلى الوصول إليها. ويجب علينا أن نتأكد من صدق رغبة وحقيقة نوايا الطرف الأخر، وان قبوله للتفاوض ليس من قبيل المناورات أو لكسب الوقت أو لتحجيمها عن استخدام الوسائل الأخرى.(1/27)
الخطوة الرابعة: التمهيد لعملية التفاوض الفعلية والإعداد لها تنفيذيا:
* اختيار أعضاء فريق التفاوض وإعدادهم وتدريبهم على القيام بعملية التفاوض المطلوبة وإعطائهم خطاب التفويض الذي يحدد صلاحياتهم للتفاوض.
* وضع الاستراتيجيات التفاوضية واختيار السياسات التفاوضية المناسبة لكل مرحلة من مراحل التفاوض.
* الاتفاق على أجندة المفاوضات ، وما تتضمنه من موضوعات أو نقاط أو عناصر سيتم التفاوض بشأنها وأولويات تناول كل منها بالتفاوض.
* اختيار مكان التفاوض وتجهيزه وإعداده وجعله صالحا ومناسبا للجلسات التفاوضية ، وتوفير كافة التسهيلات الخاصة به.
الخطوة الخامسة: بدء جلسات التفاوض الفعلية:
حيث تشمل هذه الخطوة من العمليات الأساسية التي لا يتم التفاوض إلا بها:
اختيار التكتيكات التفاوضية المناسبة من حيث تناول كل عنصر من عناصر القضية التفاوضية أثناء التفاوض على القضية وداخل كل جلسة من جلسات التفاوض.
* الاستعانة بالأدوات التفاوضية المناسبة وبصفة خاصة تجهيز المستندات والبيانات والحجج والأسانيد المؤيدة لوجهات نظرنا والمعارضة لوجهات نظر الطرف الآخر.
* ممارسة الضغوط التفاوضية على الطرف الآخر سواء داخل جلسة التفاوض أو خارجها. وتشمل هذه الضغوط عوامل:
- الوقت.
- التكلفة.
- الجهد.
- عدم الوصول إلى نتيجة.
- الضغط الإعلامي.
- الضغط النفسي.
* تبادل الاقتراحات وعرض وجهات النظر في إطار الخطوط العريضة لعملية التفاوض وفي الوقت نفسه دراسة الخيارات المعروضة والانتقاء التفضيلي منها.
* استخدام كافة العوامل الأخرى المؤثرة على الطرف الآخر لإجباره إلى اتخاذ موقف معين أو القيام بسلوك معين يتطلبه كسبنا للقضية التفاوضية أو إحراز نصر أو الوصول إلى اتفاق بشأنها أو بشان أحد عناصرها أو جزيئاتها.
الخطوة السادسة: الوصول إلى الاتفاق الختامي وتوقيعه:(1/28)
لا قيمة لأي اتفاق من الناحية القانونية إذا لم يتم توقيعه في شكل اتفاقية موقعة وملزمة للطرفين المتفاوضين. ويجب الاهتمام بأن تكون الاتفاقية شاملة وتفصيلية تحتوي على كل الجوانب ومراعي فيها اعتبارات الشكل والمضمون ومن حيث جودة وصحة ودقة اختيار الألفاظ والتعبيرات لا تنشأ أي عقبات أثناء التنفيذ الفعلي للاتفاق التفاوضي.
مناهج واستراتيجيات التفاوض
قبل أن نستعرض مناهج واستراتيجيات التفاوض ، وقبل الشروع بالتفاوض عليك التأكد من إلمامك بكافة الحقائق الضرورية للبدأ بعملية التفاوض، هذه الحقائق والضروريات تندرج تحت مجموعة من القوانين يُطلق عليها قوانين النجاح.
1:قانون السبب والنتيجة
? كل شيء يحدث بسبب. فلكل سبب تأثير ولكل أثر سبب أو عدة أسباب. وسواء كنت تعلمها أم لا، فلا شيء يقع مصادفة.
? باستطاعتك أن تحصل على كل ما ترجوه في الحياة إذا حددت أولا ماهيته بالضبط ثم قمت بنفس الأشياء التي قام بها الآخرون لتحقيق نفس النتيجة.
2:قانون العقل
? إن السببية أمر يتعلق بالفكر بكل ما تحمل الكلمة من معاني. فأفكارك تصبح واقعك، ولأن أفكارك إبداعية فإنك تصبح ما تفكر فيه معظم الوقت.
? فكر باستمرار في الأشياء التي ترغب فيها حقا ولا تفكر فيما لا ترغب فيه.
3: قانون التكافؤ العقلي
العالم من حولك هو المكافئ المادي للعالم الموجود بداخلك، ووظيفتك الرئيسية في الحياة أن تخلق داخل عقلك المكافئ الذهني للحياة التي تريد أن تحياها.
? تخيل حياتك المثالية من كافة الجوانب واحتفظ بهذا الخيال إلى أن يتحقق من حولك.
4:قانون التناظر
? إن حياتك الخارجية انعكاس لحياتك الداخلية وثمة تناظر مباشر بين أسلوب تفكيرك وشعورك بالداخل وأسلوب تصرفك واكتسابك للخبرات بالخارج.
? وما علاقاتك وصحتك وثروتك ومركزك الاجتماعي إلا صور ذهنية تعكس عالمك الداخلي.
5:قانون الإيمان(1/29)
أيا كان ما تؤمن به من صميم وجدانك فإنه يتحول إلى واقعك، فأنت لا تؤمن بما تراه بل ترى ما اخترت بالفعل أن تؤمن به.
? تعرف على المعتقدات التي تحد من انطلاقك وتقيد حركتك ثم تخلص منها.
6:قانون القيم:إنك تتصرف دائما على نحو منسجم مع قيمك ومعتقداتك المتأصلة في صميم وجدانك. وما تقوله وتفعله والخيارات التي تقوم بها – خاصة تحت تأثير التوتر العصبي – تشكل تعبيرا دقيقا عما تقدره وتعتز به حقا بغض النظر عما تقوله.
7:قانون الدافعية
إن كل شئ تفعله أو تقوله يقع بدافع من رغباتك وبواعثك وغرائزك الداخلية والتي قد تكون شعورية أو لا شعورية، ومفتاح النجاح هو أن ترسم الأهداف الخاصة بك وتحدد دوافعك.
8:قانون النشاط اللاشعوري
? إن عقلك الباطن يجعل كل كلماتك وأفعالك تتفق مع نمط يتسق مع مفهوم الذات الخاص بك ومعتقداتك الداخلية بشأن نفسك.
? وعقلك الباطن يدفعك للأمام أو للوراء وفقا للكيفية التي تبرمجه بها.
9:قانون التوقعات
? أيا كان ما تتوقعه بثقة فإنه يتحقق في العالم المحيط بك.
? إنك تتصرف دائما على نحو ينسجم مع توقعاتك، وتوقعاتك تؤثر على اتجاهات وسلوكيات الأشخاص المحيطين بك.
10:قانون التركيز
? أيا كان ما تمعن التفكير فيه فإنه ينمو ويتسع في حياتك.. وأيا كان ما تركز فيه تفكيرك مرارا وتكرارا فإنه يتزايد في حياتك.
? ولذا يجب عليك أن تركز تفكيرك على الأشياء التي تريدها حقا في الحياة.
11: قانون العادة
? 95% من كل ما تفعله هو نتيجة لعاداتك سواء أكانت مفيدة أم ضارة. ويمكنك أن تنمي عادات النجاح عن طريق ممارسة وتكرار السلوكيات التي تقود للنجاح مرات ومرات إلى أن تصبح تلقائية.
12:قانون الجاذبية
? إنك تجذب باستمرار إلى حياتك الأشخاص والأفكار والظروف التي تنسجم مع أفكارك الغالبة سواء أكانت إيجابية أم سلبية.
? إن باستطاعتك أن تصبح أرفع شأنا وأوفر مالا وسعادة لأنك تستطيع أن تغير أفكارك الغالبة.
13:قانون الاختيار(1/30)
? حياتك هي محصلة كل اختياراتك حتى هذه اللحظة.
? وحيث أنك حر دائما في اختيار ما تفكر فيه فأنت مسيطر تماما على حياتك وكل شيء يحدث لك.
14:قانون التفاؤل
? إن وجود اتجاه عقلي إيجابي أمر جوهري لتحقق النجاح والسعادة في كل نواحي الحياة. واتجاهك هو تعبير عن قيمك واعتقاداتك وتوقعاتك.
15:قانون التغيير
? التغيير أمر محتوم فهو سنة الحياة، لأن ما يحفز على حدوثه هو اتساع المعارف والتكنولوجيا فإنه يمضي بسرعة جبارة لم نشهد لها مثيلا من قبل. ومهمتك هي أن تسيطر على التغيير لا أن تكون ضحية له.
16:قانون السيطرة
تكون مشاعرك نحو نفسك إيجابية بقدر ما تشعر بسيطرتك على حياتك. وتبدأ في التمتع بالصحة والسعادة والأداء المرتفع عندما تتحكم تماما في تفكيرك وأفعالك وظروفك في العالم المحيط بك.
17:قانون المسئولية
إنك حيث أنت وما أنت عليه بسببك، فأنت مسئول مسئولية كاملة عما أنت عليه الآن، وعن كل شيء لديك وكل وضع يؤول إليه حالك.
18:قانون التعويض
? إن الكون في حالة توازن تام ونظام دقيق ولسوف تحصل دائما على تعويض بالكامل عن كل شيء تفعله وتسهم به، ومن ثم فبإمكانك أن تحصل على المزيد لأنك تستطيع أن تسهم بالمزيد.
19:قانون الخدمة
يتناسب حجم مكافآتك في الحياة تناسبا مباشرا مع قيمة الخدمة التي تقدمها للآخرين، فكلما عملت ودرست ونميت قدرتك على الإسهام بالمزيد في حياة الآخرين وسعادتهم كلما كانت حياتك أفضل في كافة المجالات.
20:قانون الجهد التطبيقي
إن كافة آمالك وأحلامك وأهدافك وطموحاتك مرهونة بالعمل المثابر الدؤوب، فكلما اجتهدت في العمل كلما أصبحت أوفر حظا .. فلا وجود للطرق المختصرة.
21: قانون الإعداد
إن الحظ هو محصلة التقاء الفرصة بالإعداد، ويأتي الأداء المتميز من الإعداد المتأني الدقيق لأسابيع وشهور وسنوات مسبقا.
? والأشخاص الأكثر نجاحا في كل مجال ينفقون وقتا أطول بكثير في الإعداد والتحضير عن الأشخاص الأقل نجاحا.(1/31)
22.:قانون الكفاءة الإجبارية
لا يتسع الوقت أبدا لأداء جميع الأعمال ولكنه يتسع دائما لأداء أهم الأشياء. وكلما اضطلعت بالقيام بالمزيد من الأعمال كلما أصبحت أكثر كفاءة، فلن تعرف أبدا كم الأعمال التي يمكنك أن تؤديها فعليا إلا إذا حاولت أن تؤدي منها قدرا كبيرا.
23:قانون القرار
? إن القدرة على اتخاذ قرار حاسم صفة جوهرية في جميع الأشخاص الناجحين، وكل خطوة عظيمة للأمام في حياتك تأتي بعد اتخاذك قرار واضح.
24:قانون الإبداع
? أيا ما كان يستطيع عقلك أن يتصوره ويؤمن به فهو قادر على تحقيقه، وكل خطوة للأمام في حياتك تبدأ بفكرة من نوع ما، ولما كانت قدرتك على توليد أفكار جديدة لا حدود لها، فإن مستقبلك أيضا يمكن أن يكون كذلك.
25:قانون المرونة
? كن واضحا بشأن أهدافك ومرنا بشأن كيفية تحقيقها.
? إن المرونة والقدرة على التكيف صفتان جوهريتان للنجاح في عصر التغير السريع والمنافسة والتقادم.
26:قانون المثابرة
? القدرة على التحلي بالمثابرة في وجه المحن والخطوب والعقبات والمواقف المخيبة للآمال هي مقياس إيمانك بنفسك.
? والمثابرة هي الصفة الحديدية للنجاح ولو أنك ثابرت وصبرت مدة طويلة بما يكفي فلابد أن يحالفك النجاح في نهاية المطاف.
27:قانون النزاهة
إن السعادة والأداء المرتفع يأتيان إليك عندما تختار أن تعيش حياتك وفقا لقيمك العليا وأشد معتقداتك رسوخا في وجدانك.
? كن دائما صادقا نحو أفضل ما بداخلك.
28:قانون العاطفة
أنت عاطفي بنسبة 100% في كل شيء تفكر فيه وتشعر به وتقرره، فأنت تقرر بوحي من انفعالاتك وعواطفك وتبرر من منظور منطقي.
? وحيث أنك تسيطر على أفكارك فإنك تكون سعيدا بقدر ما تقرر أن تكون كذلك.
29:قانون السعادة
تتحدد جودة حياتك حسب شعورك في أية لحظة معينة، ويتحدد شعورك حسب تفسيرك لما يجري حولك وليس بالأحداث ذاتها.(1/32)
? لا تقل "فات أوان الاستمتاع بطفولة سعيدة" ففي أي وقت يمكنك أن تعود للوراء وأن تغير أسلوب تفسيرك لتلك الخبرات.
30:قانون الإحلال
بإمكان العقل الواعي أن يحتفظ بفكرة واحدة فقط في المرة الواحدة – سواء أكانت إيجابية أو سلبية – وبإمكانك أن تقرر أن تكون سعيدا بإحلال الأفكار الإيجابية محل الأفكار السلبية، فعقلك يشبه الحديقة، فإما أن تنمو بها الأعشاب الضارة أو الزهور الجميلة.
31:قانون التعبير
أيا كان ما يتم التعبير عنه فإنه يترك انطباعا. وأيا كان ما ترتابه نفسك فإنه يولد أفكارا وخواطر وسلوكيات تتسق مع تلك الكلمات.
? تأكد من حديثك عن الأشياء التي تريدها ورفضك الحديث عما لا تريده.
32:قانون قابلية العكس
? تحدد أفكارك ومشاعرك أفعالك، وتحدد أفعالك بدورها أفكارك ومشاعرك. وعندما تتصرف بشكل إيجابي ومبهج ومتفائل، فإنك تتحول إلى شخص إيجابي ومتفائل يستمتع الآخرون بصحبته.
33:قانون التصور
? يمثل العالم من حولك مرآة للعالم القابع بداخلك وتؤثر الصور الذهنية التي تمعن التفكير فيها على أفكارك ومشاعرك وسلوكياتك.
? وكلما كان ما تتصوره أو تتخيله واضحا وانفعاليا فإنه سوف يتحول إلى حقيقة ملموسة في عالمك في نهاية المطاف.
34:قانون الممارسة
إي شيء تمارسه مرارا وتكرارا يصبح عادة جديدة، وباستطاعتك أن تنمي اتجاهات وقدرات وصفات السعادة والنجاح بتكرارها حتى تصبح جزءاً راسخا من شخصيتك.
35:قانون الالتزام
تتناسب جودة الحب ومدة دوام علاقة ما تناسبا مباشرا مع مدى عمق التزام طرفي تلك العلاقة بإنجاحها.
? التزم التزاما مخلصا وغير مشروط نحو أهم الأشخاص في حياتك.
36:قانون القيم
? إنك تنجذب دوما نحو الأشخاص الذين تكون لديهم نفس القيم والمعتقدات والأفكار التي تعتنقها وتنسجم معهم كل الانسجام .. فالحب ليس أعمى!
37:قانون التوافق والملاءمة(1/33)
? إنك تشعر بالارتياح تجاه شخص آخر عندما تكون القيم والاتجاهات والطموحات والمعتقدات التي تعتنقانها متطابقة.
? ابحث عن شخص له نفس أسلوب تفكيرك ومشاعرك بشأن أهم قضايا الحياة.
38:قانون الاتصالات
? يتحدد مدى جودة علاقاتك باتصالاتك بالأشخاص الآخرين كماً وكيفاً. ويتطلب بناء الاتصالات الجيدة والحفاظ عليها فترات طويلة من الزمن.
39:قانون الاهتمام
? إنك تولي اهتماما لما تكن له أعظم الحب والتقدير والإصغاء باهتمام للآخرين يشعرهم بأنك تحبهم ويبني الثقة التي هي أساس أي علاقة حب.
40.:قانون احترام الذات
? كل ما تفعله في الحياة لا يخرج عن زيادة أو حماية احترامك لذاتك، وكم تكون سعيدا عندما يشعرك شخص ما بأنك مهم وذو قيمة.
? وكلما زاد عدد الأشياء التي تفعلها لزيادة احترام شخص آخر لذاته، كلما أحببت نفسك واحترمتها أكثر أيضا
41:قانون الجهد غير المباشر
? إنك تحقق نجاحا أكبر في العلاقات بشكل غير مباشر وليس بشكل مباشر.. أن يكون لك صديق وأن تكون صديقا، أن تؤثر في الآخرين وأن تتأثر بهم.
? ولكي تقيم علاقات مفعمة بالحب والعطف والحنان وتحافظ عليها، عليك أن تصبح أنت نفسك شخصا عطوفا رقيقا محبا.
42:قانون الإجهاد المعكوس
? كلما بذلت جهدا لإنجاح علاقة ما كلما قلت فرص نجاح تلك العلاقة. فالعلاقات تسير على أفضل نحو عندما تسترخي ببساطة .. كن على طبيعتك واستمتع باللحظة التي تعيشها.
43:قانون التوحد أو التقمص:تمثل الحساسية المفرطة أو أخذ الأشياء على محمل شخصي مصدرا رئيسيا للمشاكل في العلاقات. ولا سبيل إلى أن تستمتع تماما بعلاقتك وأن تتصرف بفاعلية في إطارها إلا بعد التوحد ورؤية علاقتك من منظور موضوعي.
44:قانون التسامح
? إنك تكون موفور الصحة الانفعالية أو العاطفية بقدر ما تملك من قدرة على أن تغفر للآخرين ما قد يكونوا قد ارتكبوه في حقك بأية صورة.(1/34)
? إن عدم القدرة على العفو والتسامح هو أصل الشقاء، ويؤدي إلى تولد مشاعر الذنب والسخط والغضب والعداء تجاه الآخرين.
45:قانون الواقعية
الناس لا يتغيرون .. تعامل معهم كما هم ولا تحاول أن تغير الآخرين أو تتوقع منهم أن يتغيروا "فما تراه هو ما تحصل عليه".
? والقبول غير المشروط للآخرين هو مفتاح العلاقات السعيدة.
46:قانون الحد الأدنى من الجهد
إنك تحاول دائما أن تحصل على الأشياء التي تريدها بأقل جهد ممكن. وما الإنجازات التكنولوجية سوى سبل للحصول على أكبر ناتج ممكن بأقل مدخلات ممكنة، ومن ثم فإن كافة البشر كسالى يسعون وراء أسهل الطرق الممكنة في جميع العصور.
47:قانون تحقيق الحد الأقصى
أنت تحاول دائما الحصول على أقصى ما تستطيع مقابل وقتك أو نقودك أو مجهودك أو عواطفك، فلو أنك خيرت بين عائدين لنفس المساهمة أحدهما أكبر من الآخر لاخترت العائد الأكبر. ومن هذا المنطلق فإن الناس مجبولون على الطمع في ما يقومون به، وليس هذا شيئا جيدا أو سيئا في حد ذاته بل هو أمر واقع فحسب
48:قانون النفعية
أنت تحاول دائما الحصول على الأشياء التي تريدها في أسرع وقت ممكن وبأسهل الطرق الممكنة دون الاهتمام كثيرا بالعواقب الثانوية. فأنت تميل إلى اتباع سبيل المقاومة الأقل في كل ما تفعله.
49:قانون الازدواجية
? أنت دائما تقدم واحدا من سببين للقيام بأي شيء – السبب الذي يبدو جيدا أو السبب الحقيقي، فأما السبب الذي يبدو جيدا فهو دائما سامي ونبيل، وأما السبب الحقيقي فهو نابع من أن فعلك هو الطريقة الأسرع والأسهل للحصول على الأشياء التي تبتغيها الآن.
50:قانون الاختيار
كل ما تفعله هو اختيار مبني على قيمك الغالبة في اللحظة الراهنة، وحتى الامتناع عن فعل ما هو اختيار في جوهره. إن موقعك في الحياة ووضعك الحالي هما محصلة لاختياراتك وقراراتك حتى هذه اللحظة.
51:قانون القيمة الذاتية(1/35)
? كل إنسان يقدر قيمة الأشياء حسبما يراها من منظوره الخاص، فلا توجد قيمة محددة لأي شيء. وقيمة الشيء تساوي فقط المبلغ الذي يكون شخص آخر مستعدا لدفعه لقاءه. ويحدد الشخص المستعد للدفع في النهاية القيمة الحقيقية لأي صنف.
52:قانون التفضيل الزمني
? إنك تفضل دائما عند إشباع أي رغبة لك أن يتمذلك عاجلا وليس آجلا، ولذلك فإنك نافذ الصبر في كل ناحية من نواحي حياتك.
53:قانون الهامشية
يتحدد السعر النهائي لأي منتج أو خدمة بالمبلغ الذي يكون آخر العملاء مستعدين لدفعه نظير آخر الأصناف المتاحة.
? وكل عملية بيع أو تخفيض للأسعار هي اعتراف بأن البائع كان مخطئا في تخمينه عندما وضع الأسعار الأصلية.
54:قانون العرض والطلب
عندما تكون كمية السلع أو الموارد محدودة تؤدي الزيادة في السعر إلى انخفاض الطلب والعكس. أيا كان ما تكافئه فإنك تحصل على المزيد منه وأيا كان ما تعاقبه فإنك تحصل على الأقل منه. فالضرائب والقواعد التنظيمية هي عقاب على الأنشطة الإنتاجية، أما المزايا والرعاية والإعانات فهي مكافآت عن الأنشطة غير الإنتاجية.
55:قانون كوهين
كل شيء قابل للتفاوض، وكل سعر أو شرط – سواء كان متصلا بالبيع أو الشراء – هو أفضل ما يمكن أن يخمنه شخص بشأن ما يمكن أن تثمر عنه السوق. اطلب دائما سعرا أفضل.
56:قانون داوسون
? بإمكانك دائما أن تحصل على صفقة أفضل إذا عرفت كيف تطلبها على أفضل نحو ممكن.
? اطلب دائما أكثر مما تريد ولا تقبل أبدا أول سعر يعرض عليك، بل كن صبورا ثم اطلب المزيد.
57:قانون التوقيت
التوقيت جانب حيوي في أي تفاوض، وعندما تقدم عرضا ينبغي عليك أن تحدد موعدا نهائيا للقبول. من ناحية أخرى، إذا حاول شخص ما أن يحدد لك موعدا نهائيا لقبول عرض ما فما عليك سوى أن تقول ببساطة "إن كان هذا هو كل الوقت المتاح لدي فالإجابة هي كلا".
58:قانون الشروط
? شروط الدفع في أي تفاوض يمكن أن تكون أكثر أهمية من السعر أو أي عامل آخر.(1/36)
? ويمكنك عادة أن توافق على أي سعر تقريبا إذا استطعت الحصول على شروط مواتية للغاية.
59:قانون التحضير
يتوقف ثمانون بالمائة من النجاح في التفاوض على الإعداد الذي تقوم به سلفا. قبل الشروع في التفاوض عليك التأكد من إلمامك بكافة الحقائق ومراجعة افتراضاتك جيدا.
60:قانون الانعكاس
قبل أن تبدأ في التفاوض تخيل نفسك في مكان الطرف الآخر وتفاوض من منظوره. وعندما يصبح لديك إدراك جيد لموقف الطرف الآخر ، تستطيع عندئذ أن تفاوض بشكل أكثر فاعلية للحصول على أفضل صفقة أو اتفاق لنفسك.
61:قانون الرغبة
? الشخص الأشد توقاً لإنجاح التفاوض هو الذي يملك القوة التفاوضية الأقل، ولا يمكنك أن تتفاوض بفاعلية من أجل مصلحتك إلا إذا كنت مستعداً للانسحاب من المفاوضات إذا كان السعر أو الشروط المعروضة غير مرضية.
62:قانون التبادلية
الناس عادلون بطبيعتهم ومستعدون لرد أية تصرفات طيبة تأتي بها نحوهم ولو أنك قدمت تنازلات صغيرة في أثناء التفاوض، لاستطعت الحصول على تنازلات كبيرة في المقابل.
63:قانون النهاية المفتوحة
لا يوجد تفاوض نهائي على الإطلاق، فإذا حصلت على معلومات جديدة أو كنت غير راضٍ عن الشروط من أجل الطرف الآخر أيضاً إن كان هو الآخر غير راضٍ عنها.
64:قانون الوفرة
? نحن نعيش في عالم الوفرة حيث يوجد كم كبير من المال يكفي كل أولئك الذين يريدونه حقاً. ولكي تحقق الاستقلال المادي اتخذ اليوم قراراً يجمع ثروة ثم افعل ما سبق أن فعله الآخرون من قبلك لتحقيق نفس الهدف.
65:قانون التبادل
النقود هي وسيلة مبادلة السلع والخدمات المنتجة بواسطة شخص ما بالسلع والخدمات المنتجة بواسطة شخص آخر. والمبلغ الذي تكسبه في أي وقت هو انعكس للقيمة التي يرى الآخرون إن مساهمتك تنطوي عليها.
66:قانون رأس المال(1/37)
? يمثل رأس المال الأصول الممكن نشرها لتوليد تدفق نقدي، والأصل الأكثر قيمة لديك هو قدرتك على الكسب. إن مواردك المادية والذهنية والفكرية النامية والمتغيرة باستمرار هي راس مالك الشخصي.
67:قانون التوفير
ادفع لنفسك أولاً، فالحرية المادية لا تأتي إلا لأولئك الذين يوفرون 10% أو أكثر من دخلهم أثناء حياتهم، فإن كنت تفتقر للقدرة على توفير المال فإن ذلك يعني أن بذور العظمة ليست موجودة بداخلك.
68:قانون الحفظ والصيانة
? ليس المهم هو مقدار ما تكسبه بل مقدار ما تحتفظ به، والناجح هو من يوفر في أوقات الرخاء ليجد سنداً مالياً في أوقات الركود والكساد.
69:قانون باركنسون
? ترتفع النفقات دائماً حتى تتساوى مع الدخل وهذا هو السبب في أن معظم الناس يكونون فقراء عند بلوغهم سن التقاعد لكي تصبح ثرياً يجب عليك أن تنفق قدراً أقل مما تكسب وتوفر الباقي.
70:قانون الاستثمار:دقق ومحص قبل أن تقدم على الاستثمار، امنح دراسة الاستثمار نفس الوقت الذي يستغرقه كسبك للمال الذي توظفه فيه، ولا تسمح لنفسك قط بالاندفاع نحو التزام مالي لا يمكن الرجوع فيه.
71:قانون الفائدة المركبة
? إن جمع المال والسماح له بالنمو بفائدة مركبة سوف يجعلك غنياً. ويتمثل مفتاح تحقيق الاستقلال المادي من خلال التوفير في احتجاز النقود بعيداً وعدم لمسها لأي سبب.
72:قانون التراكم
الإنجاز المالي العظيم هو حصيلة تراكم مئات بل آلاف المجهودات الصغيرة التي لايراها أو يقدر قيمتها أحد مطلقاً. لا توجد طريقة سريعة أو سهلة للإثراء.
73:قانون الجاذبية
فيما تقوم بجمع المال تبدأ في اجتذاب المزيد منه نحو حياتك. إن تفكيرك بشكل إيجابي في نقودك أثناء توفيرك لها يحولك إلى مغناطيس نقود، إذ تبدأ النقود في الهبوط عليك.(1/38)
74:قانون الرغبة:لكي تصبح ثرياً يجب أن تكون لديك رغبة متأججة في جمع وتكديس الثروة، فلا يكفي أن تكون لديك رغبة معتدلة أو مجرد اهتمام عابر بذلك. ويمكنك معرفة مدى رغبتك في اقتناء النقود بملاحظة تصرفاتك كل يوم .. هل تتفق مع تكديس الثروة؟
75:قانون الغاية
تحديد الغاية هو نقطة البداية للوصول للثروة، فلكي تصبح ثرياً يجب عليك أن تحدد بالضبط ما تريده وتدونه ثم تضع خطة لتحقيقه، فكل الأشخاص الناجحون" يفكرون على
? الورق".
76:قانون الإثراء
كل الثروات الدائمة تأتي من إثراء الآخرين على نحو ما. وكلما دربت نفسك على إضافة قيمة لحياة الناس الآخرين كلما زاد ما تكسبه وبات من المؤكد أنك ستصبح ثريا.
77:قانون العمل الحر
? السبيل الأكيد للوصول للثراء هو أن تبدأ بإقامة مشروع تجاري ناجح خاص بك، فلا أحد يثرى أبدا من وراء العمل لحساب شخص آخر. ومن الضروري أن تكون منتجاتك أو خدماتك أفضل من منتجات أو خدمات منافسيك بنسبة 10% حتى تتمكن من وضع قدميك على أول الطريق المؤدي للثروة.
78:قانون التقشف
الطريقة المثلى والأكيدة لإقامة مشروع تجاري هي البدء بالقليل أو لا شيء ثم النمو خطوة خطوة اعتمادا على أرباحك. وأولئك الذين يبدأون بالقليل جدا من المال تفوق احتمالات نجاحهم تلك التي تنتظر من يبدأون بمبالغ مالية ضخمة، فالطاقة والخيال منطلقان لخلق الثروة.
79:قانون الشجاعة
? استعدادك للمخاطرة بالتعرض للفشل هو المقياس الحقيقي الوحيد لرغبتك في الثراء. ولما كان الفشل شرطا أساسيا للنجاح الباهر، فإن عليك أن تضاعف معدل فشلك إن أردت أن تنجح بشكل أسرع.
80:قانون المخاطرة
? ثمة علاقة مباشرة بين مستوى المخاطرة واحتمال تكبد الخسارة في أي مشروع تجاري. وأصحاب المشروعات الناجحة هم أولئك الذين يحللون المخاطرة ويقلصونها إلى أدنى حد ممكن في سبيل تحقيق الربح.
81:قانون التفاؤل المفرط(1/39)
? إن التفاؤل المفرط سلاح ذو حدين يمكن أن يؤدي للنجاح والفشل معا.
? وفي عالم الأعمال كل شيء يكلف ضعف ما تتوقعه ويستغرق ثلاثة أمثال الوقت الذي تخططه.
82:قانون المثابرة
إذا ثابرت لفترة طويلة بما يكفي في سعيك وراء الثروة فلابد أن يكون النجاح حليفك في النهاية. وكلما تعلمت من كل هزيمة وخيبة أمل تتعرض لها كلما تحولت العقبات التي تقف حجر عثرة في سبيلك إلى منطلقات نحو النجاح.
83:قانون الغاية في عالم الأعمال
? إن الغاية من أي مشروع تجاري هي إيجاد العميل والاحتفاظ به، ويجب أن تركز كافة الأنشطة التجارية على هذه الغاية المحورية. أما الأرباح فهي نتيجة إيجاد العملاء والاحتفاظ بهم على نحو محقق لمردودية التكاليف.
84:قانون المنظمة
منظمة الأعمال هي مجموعة من الأشخاص جمعت بينهم غاية واحدة مشتركة هي العثور على العملاء والاحتفاظ بهم. ويجب أن يكون كل موظف ضروريا لوظائف المنظمة.
85:قانون إرضاء العميل:يعمل الجميع من أجل إرضاء العميل، والعميل دائما على حق، ويسيطر على منشآت الأعمال الناجحة هاجس أسمه خدمة العميل.
86:قانون العميل
? ينشد العملاء دائما أقصى ما يمكن بأقل سعر ممكن، ويتطلب التخطيط الملائم للأعمال أن تركز على مصلحة العميل طول الوقت.
87:قانون الجودة
ترجع مسألة الجودة إلى اعتقاد العميل، وهو الذي يقرر كم تساوي. وتحدد قدرتك على إضافة قيمة إلى منتجك أو خدمتك مدى نجاحك في السوق.
88:قانون التقادم
إن كان يعمل فهو متقادم.
? كل منتج وخدمة اليوم في طريقه إلى أن يتحول إلى شيء قديم الطراز بسبب التكنولوجيا الحديثة المتطورة والمنافسة. فما هي "معجزتك التالية"؟
89:قانون الابتكار
فكرة واحدة جيدة هي كل ما تحتاجه لتبدأ في تكوين ثروة. فالطفرات والانطلاقات التي تحدث في عالم الأعمال نابعة من إيجاد سبل أسرع وأرخص وأفضل وأسهل لأداء مهمة ما.
90:قانون عوامل النجاح الحيوية(1/40)
? لكل منشأة تجارية أو مركز وظيفي عوامل نجاح حيوية يتراوح عددها بين خمسة وسبعة عوامل هي التي تحدد مدى كفاءة سيرها وأدائها.
? تعرف على الأشياء الجوهرية التي تؤديها وتحدد نجاحك أو فشلك. ضع خطة لكي تصبح أفضل في كل واحدة منها.
91:قانون السوق
السعر الحقيقي لأي شيء هو المبلغ الذي يكون شخص ما مستعدا لدفعه مقابله في سوق مفتوحة تنافسية مع وجود بدائل أخرى متاحة .. والسوق دائما على حق.
92:قانون التخصص
لكي تنجح في عالم الأعمال عليك أن تتخصص في منتج أو خدمة بعينها تخدم من خلالها عميل معين ثم بعد ذلك تفعل ما تفعله بصورة متميزة، فالسبب الرئيسي لفشل المنشأة التجارية هو الافتقار إلى محور تركيز.
93:قانون التمييز والتفاضل
كل منتج أو خدمة يجب أن يكون مختلفا وأفضل على نحو فريد لكي ينجح في السوق التنافسية. وميزتك التنافسية يجب أن تكون محسوسة وقابلة للإدراك وقابلة للترويج وأن تكون شيئا يمكن للسوق أن تدفع مقابلا ماديا له.
94:قانون التقسيم إلى قطاعات
? النجاح في عالم الأعمال يأتي من التعرف على مجموعات مستهلكين أو قطاعات سوقية محددة واستهدافها من أجل منتجك أو خدمتك.
? من هو عميلك بالضبط؟ أين يوجد؟ ولم يشتري؟
95:قانون التركيز السوقي
يأتي نجاح السوق من التركيز بعزم وطيد على أولئك العملاء الذين يمكنهم أن يحققوا أكبر استفادة من الميزة التنافسية الفريدة لمنتجك أو خدمتك.
? والتعرف على هذه المجموعة المحورية وتركيز مجهوداتك عليها هو مفتاح الوصول للربحية.
96:قانون التميز
لا تمنح السوق مكافآت التفوق إلا للأداء المتميز والمنتجات المتميزة أو الخدمات المتميزة.
? والتعرف على "مجال التفوق" الخاص بك وتنميته هو الوظيفة الأولى للإدارة.
97:قانون الاحتمالات
? لكل حدث احتمال حدوث، ولكي تزيد فرص وقوع حدث ما عليك أن تزيد عدد الأحداث.(1/41)
? وكلما زاد عدد مرات تجربتك للأشياء وزادت درجة تنوع واختلاف تلك الأشياء، كلما تعاظمت فرص نجاحك.
98:قانون الوضوح
كلما ازداد وضوح رؤيتك لما تريد وما أنت على استعداد لعمله من أجل الحصول عليه كلما زادت فرصتك في أن يحالفك الحظ وتحصل على ما تريد.
? إن وضوح الأهداف المنشودة مغناطيس يجذب إليك الحظ السعيد.
99:قانون الجذب
? إنك تجذب باستمرار إلى حياتك أناسا وأفكارا وفرصا منسجمة مع أفكارك السائدة.
? وعندما تقترن أهدافك بانفعال الرغبة سوف يظهر في حياتك ما يطلق عليه الآخرون "الحظ".
100:قانون التوقعات
? إنك تزيد من مقدار الحظ في حياتك عندما تتوقع باستمرار أن يصادفك حسن الحظ.
? ابدأ كل يوم بأن تقول لنفسك "أعتقد أن شيئا رائعا سوف يحدث لي اليوم!"
101:قانون الفرصة
تنبع أعظم الاحتمالات التي تتعرض لها في الغالب من أكثر المواقف شيوعا حولك.
? وربما تكمن أعظم فرصة في حياتك تحت قدميك أو في وظيفتك الحالية أو في الصناعة التي تعمل بها أو في تعليمك أو خبرتك أو اهتماماتك.
102:قانون القدرة
الحظ هو ما يحدث عند التقاء حسن الاستعداد بالفرصة. وكلما زاد حجم القدرات التي تمتلكها وتنميها في أي مجال كلما تعاظمت فرصتك في أن تنعم بحسن الحظ.
103:قانون التعقيد التكاملي
? الشخص الذي يمتلك أكبر ذخيرة متنوعة من المعارف والمهارات في أي مجال هو الذي يحظى بالقسط الأوفر من الحظ، فاتساع المعارف والمهارات يزيد الوعي ويتيح فرصا أكبر.
104:قانون الافتراض
الافتراضات غير الصحيحة هي أصل كل فشل، لذا عليك أن تمتلك من الشجاعة ما يمكنك من اختبار افتراضاتك.
? والاستعداد لتقبل احتمال أن تكون مخطئا يفتح السبيل لحدوث احتمالات وأحداث سعيدة قد لا تصادفها بدونه.
105:قانون التوقيت
? التوقيت هو كل شيء، ومع حسن الإعداد سوف يأتي لك الوقت المناسب.(1/42)
? "إن ثمة تيار في مجرى نهر شئون حياة البشر إذا ركبه الإنسان أثناء الفيضان قاده إلى النجاح والحظ السعيد".
? ويليام شكسبير
106:قانون الطاقة
كلما زاد ما تملكه من طاقة وحماس كلما زادت احتمالات تعرفك على الحظ وتجاوبك معه.
? وأفضل أفكارك وأعمق استبصاراتك تأتي بعد فترة من الراحة والاسترخاء.
107:قانون العلاقة
كلما زاد عدد الأشخاص الذين تعرفهم ويعرفونك على نحو إيجابي كلما حظيت بحظ أوفر. فالناس سوف يمنحونك أفكارا ويفتحون أمامك الأبواب إذا أحبوك.
108:قانون المشاركة الوجدانية
إنك عندما تنظر لموقف ما بعيون شخص آخر تجد في أغلب الأحيان احتمالات غير منظورة. ما الذي يحتاجه الناس ويرغبونه وكيف يمكنك أن تمنحهم إياه؟
109:قانون النمو
? إذا لم تكن آخذا في النمو فأنت مصاب بحالة من الجمود، وإذا لم تكن تتحسن فأنت تزداد سوءاً. اجعل التعلم والنمو المستمرين جزءاً من روتين حياتك اليومية.
110:قانون الممارسة
? الممارسة هي ثمن التمكن والبراعة الفائقة، وأيا كان ما تمارسه مرات ومرات فإنه يتحول إلى عادة جديدة في التفكير والأداء.
? ويأتي النمو والإنجاز من التخلي عن الممارسات القديمة واعتناق أخرى جديدة.
111:قانون التراكم
الحياة العظيمة هي محصلة تراكم آلاف المجهودات والتضحيات غير المنظورة من الآخرين.
? "إن تلك الذرى الشاهقة التي بلغها الرجال العظماء وتربعوا عليها لم تأت نتيجة لقفزة واحدة مفاجئة، فقد ظلوا يكافحون طول الليل في سبيل الصعود إليها في الوقت الذي كان فيه رفاقهم نياما".
? هنري وادسورث لونجفيلو
112:قانون تنمية الذات
? بإمكانك أن تتعلم أي شيء تحتاج إليه لتحقيق أي هدف تصفه لنفسك
? وأولئك الذين يتعلمون يكتسبون القدرة على فعل كل شيء.
113:قانون المواهب
? إنك تحتوي بداخلك على مزيج فريد من المواهب والقدرات التي إن تم التعرف عليها واستخدامها كما ينبغي مكنتك من تحقيق أي هدف ترسمه لنفسك.(1/43)
? أي جوانب عملك تستمتع بأدائها إلى أقصى حد وتجيدها؟ هذا هو أفضل مؤشر لمواهبك الحقيقية.
114:قانون التفوق
النجاح والسعادة لا يأتيان إلا عندما تتفوق تفوقا مطلقا في أداء شيء تستمتع به.
? "تتحدد جودة حياتك بمدى التزامك بالتفوق أكثر من أي عامل آخر"
? فنيس لومباردي
115:قانون الفرصة
? تجيء الصعاب لا لتعرقل ولكن لتعلم، ففي كل كبوة أو عقبة تكمن بذور منفعة أو فرصة مساوية أو أكبر.
? حول العقبات التي تقف حجر عثرة في سبيلك إلى منطلقات نحو النجاح.
116:قانون الشجاعة
الاكتساب المنتظم والمقصود للشجاعة أمر جوهري لبلوغ النجاح، فالخوف أكبر عقبة في وجه الإنجاز. عود نفسك دائما على مواجهة الأشياء التي تخشاها والقيام بها مهما يحدث.
117:قانون الجهد التطبيقي
كل النجاحات والإنجازات العظيمة يسبقها ويصاحبها عمل جاد دؤوب، وإذا خامرك شك حاول أكثر وإذا لم يفلح ذلك حاول أكثر وأكثر. عندما تعمل أقض كل وقتك في العمل! ولا تهدر الوقت.
118:قانون العطاء:
? كلما أعطيت من نفسك دون أن تتوقع الحصول على مقابل كلما أصابك خير كثير من المصادر الأقل توقعا.
? ولن تشعر أبدا بالسعادة الحقيقية إلا عندما تحس أنك تحدث اختلافا حقيقيا في العالم بخدمة الآخرين بطريقة ما.
119:قانون الإيجاب
إن 95% من تفكيرك وشعورك تتحدد بواسطة الأسلوب الذي تحدث به نفسك، فعقلك الباطن يقبل حوارك الداخلي باعتباره أوامر.
? تحدث إلى نفسك بشكل إيجابي وبناء طول الوقت حتى ولو لم تشعر برغبة في ذلك.
120:قانون التفاؤل
? يتحدد أسلوب تفكيرك وشعورك وسلوكك بالكيفية التي تفسر بها خبراتك لنفسك.
? وعندما تعود نفسك على البحث عن الخير في كل موقف، فإنك تكتسب بذلك اتجاها ذهنيا إيجابيا وتتحول في نهاية المطاف إلى شخص تتعذر هزيمته.
استراتيجيات التفاوض(1/44)
إن الاستراتيجيات العامة للتفاوض عادة ما تندرج تحت فئتين: مدخل الحل المشترك للمشكلات(فائز/فائز) أو التفاوض على أساس من الخصومة الحادة. وهذا ما أشرنا إليه في الفصل الأول.
أولا: استراتيجيات منهج المصلحة المشتركة:
يقوم هذا المنهج على علاقة تعاون بين طرفين أو أكثر يعمل كل طرف منهم على تعميق وزيادة هذا التعاون وإثماره لمصلحة كافة الأطراف. واستراتيجيات هذا المنهج هي:
1. استراتيجية التكامل:
هو تطوير العلاقة بين طرفي التفاوض إلى درجة أن يصبح كل منهما مكملا للآخر في كل شيء بل قد يصل الأمر إلى أنهما يصبحان شخصا واحدا مندمج المصالح والفوائد والكيان القانوني أحيانا وذلك بهدف تعظيم الاستفادة من الفرص المتاحة أمام كل منهما. ويمكن تنفيذ هذه الاستراتيجية من خلال:
التكامل الخلفي.
* التكامل الأمامي.
* التكامل الأفقي.
2. استراتيجية تطوير التعاون الحالي:
وتقوم هذه الإستراتيجية التفاوضية على الوصول إلى تحقيق مجموعة من الأهداف العليا التي تعمل على تطوير المصلحة المشتركة بين طرفي التفاوض وتوثيق أوجه التعاون بينهما. ويمكن تنفيذ هذه الاستراتيجية من خلال:
* توسيع مجالات التعاون: وتتم هذه الاستراتيجية عن طريق إقناع الطرفين المتفاوضين بمد مجال التعاون إلى مجالات جديدة لم يكن التعاون بينهما قد وصل إليها من قبل.
* الارتقاء بدرجة التعاون: وتقوم هذه الاستراتيجية على الارتقاء بالمرحلة التعاونية التي يعيشها طرفي التفاوض خاصة أن التعاون يمر بعدة مراحل أهمها المراحل الآتية:
مرحلة التفهم المشترك أو التعرف على مصالح كل الأطراف.
1. مرحلة الاتفاق في الرأي أو لقضاء المصالح.
2. مرحلة العمل على تنفيذه أو مرحلة تنفيذ المنفعة المشتركة.
3. مرحلة اقتسام عائده أو دخله أو مرحلة تنفيذ المنفعة المشتركة.
وفي كل هذه المراحل يقوم العمل التفاوضي بدور هام في تطوير التعاون بين الأطراف المتفاوضة والارتقاء بالمرحلة التي يمر بها.(1/45)
3. استراتيجية تعميق العلاقة القائمة:
تقوم هذه الاستراتيجية على الوصول لمدى اكبر من التعاون بي طرفين أو أكثر تجمعهم مصلحة ما.
4. استراتيجية توسيع نطاق التعاون بمده إلى مجالات جديدة:
تعتمد هذه الإستراتيجية أساسا على الواقع التاريخي الطويل الممتد بين طرفي التفاوض من حيث التعاون القائم بينهما وتعدد وسائله وتعدد مراحله وفقا للظرف والمتغيرات التي مر بها وفقا لقدرات وطاقات كل منهما .وهناك أسلوبين لهذه الاستراتيجية هما:
توسيع نطاق التعاون بمده إلى مجال زمني جديد: ويقوم هذا الأسلوب على الاتفاق بين الأطراف المتفاوضة على فترة زمنية جديدة مستقبلة ،أو تكثيف وزيادة التعاون وجني التعاون خلال هذه الفترة المقبلة.
1. توسيع نطاق التعاون بمده إلى مجال مكاني جديد: ويتم هذا الأسلوب عن طريق الاتفاق على الانتقال بالتعاون إلى مكان جغرافي آخر جديد.
ثانيا:استراتيجيات منهج الصراع:
على الرغم من أن جميع من يمارسون استراتيجيات الصراع في مفاوضاتهم سواء على المستوى الفردي للأشخاص أو على المستوى الجماعي، وتبنيهم لها واعتمادهم عليها إلا أنهم يمارسونها دائما سرا وفي الخفاء،
بل أنهم في ممارستهم للتفاوض بمنهج الصراع يعلنون أنهم يرغبون في تعميق المصالح المشتركة. إذ أن جزء كبير من مكونات هذه الاستراتيجيات يعتمد على الخداع والتمويه.
الاستراتيجية الأولى: استراتيجية (الإنهاك):
وتقوم هذه الاستراتيجية على الآتي:
1. استنزاف وقت الطرف الآخر. ويتم ذلك عن طريق تطويل فترة التفاوض لتغطي أطول وقت ممكن دون أن تصل المفاوضات إلا إلى نتائج محدودة لا قيمة لها. ويستخدم الأسلوب الآتي لتحقيق ذلك:
التفاوض حول مبدأ التفاوض ذاته ومدى إمكانية استخدامه واستعداد الطرف الآخر للتعامل به ومدى إمكانية تنفيذه لتعهداته التي يمكن الوصول إليها.(1/46)
* التفاوض في جولة أو جولات أخرى حول التوقيت والميعاد المناسب للقيام بالجولات التفاوضية التي تم الاتفاق أو جاري الاتفاق عليها.
* التفاوض في جولة أو جولات جديدة حول مكان التفاوض أو أماكن التفاوض المحتملة والأماكن البديلة.
* التفاوض في جولات جديدة حول الموضوعات التي سوف يتم التفاوض عليها.
* التفاوض حول كل موضوع من الموضوعات التي حددت لها أولويات وفي ضوء كل موضوع من الموضوعات التي يمكن تقسيمه إلى عناصر وأفرع متفرعة يتم كل منها في جلسة أو أكثر من جلسات التفاوض.
2. استنزاف جهد الطرف الآخر إلى أشد درجة ممكنة. ويتم ذلك عن طريق تكثيف وحفز طاقاته واستنفار كافة خبراته وتخصصاته وشغلهم بعناصر القضية التفاوضية الشكلية التي لا قيمة لها عن طريق:
إثارة العقبات القانونية المفتعلة حول كل عنصر من العناصر القضايا المتفاوض عليها وحول مسميات كل موضوع والتعبيرات والجمل والكلمات والألفاظ التي تصاغ بها عبارات واسم كل موضوع التفاوض.
* وضع برنامج حافل للاستقبالات والحفلات والمؤتمرات الصحفية وحفلات التعارف وزيارة الأماكن التاريخية.
* زيادة الاهتمام بالنواحي الفنية شديدة التشعب كالنواحي الهندسية والجغرافية والتجارية والاقتصادية والبيئية والعسكرية ...الخ، وإرجاء البت فيها إلى حين يصل رأي الخبراء والفنيين الذين سيتم مخاطبتهم واستشاراتهم فيها ومن ثم تنتهي جلسات التفاوض دون نتيجة حاسمة بل وهناك أمور كثيرة
معلقة لم يبت فيها وهي أمور شكلية في اغلب الأحيان وترتبط بها وتعلق عليها الأمور الجوهرية الأخرى بل والشكلية الأخرى أحيانا.
3. استنزاف أموال الطرف الآخر. وذلك عن طريق زيادة معدلات إنفاقه وتكاليف إقامته وأتعاب مستشاريه طوال العملية التفاوضية فضلا عن ما يمثله ذلك من تضييع باقي الفرص المالية والاقتصادية البديلة التي كان يمكن له أن يحصل عليها لو لم يجلس معنا إلى مائدة التفاوض وينشغل بها.(1/47)
الاستراتيجية الثانية: إستراتيجية التشتيت (التفتيت):
وهي من أهم استراتيجيات منهج التفاوض التوزيعي حيث تعتمد عليها بشكل كبير الأطراف المتصارعة إذا ما جلست إلى مائدة التفاوض. وتقوم هذه الاستراتيجية على فحص وتشخيص وتحديد أهم نقاط الضعف والقوة في طريق التفاوض الذي أوفده الطرف الآخر للتفاوض وتحديد انتماءاتهم وعقائدهم ومستواهم العلمي والفني والطبقي والدخلي وكل ما من شانه أن يصبغهم إلى شرائح وطبقات ذات خصائص محددة مقدما.
وبناء على هذه الخصائص يتم رسم سياسة ماكرة لتفتيت وحدة وتكامل فريق التفاوض الذي أوفده الطرف الآخر للتفاوض معنا والقضاء على وحدته وائتلافه وتماسكه وعلى الاحترام ليصبح فريق مفت متعارض تدب بين أعضائه الخلافات والصراعات ومن ثم يصبح جهدهم غير منسجما.
وتمتاز هذه الاستراتيجية بأنها من ضمن استراتيجيات الدفاع المنظم في حالة التعرض لضغط تفاوضي عنيف أو مبادرة تفاوضية جديدة لم نكن نتوقعها ولم نحسب حساب لها.
الاستراتيجية الثالثة: استراتيجية إحكام السيطرة (الإخضاع):
تعد العملية التفاوضية وفقا لمنهج الصراع معركة شرسة أو مباراة ذهنية ذكية بين طرفين. لذا تقوم هذه الاستراتيجية على حشد كافة الإمكانيات التي تكفل السيطرة الكاملة على جلسات التفاوض. عن طريق:
* القدرة على التنويع والتشكيل والتعديل والتبديل للمبادرات التفاوضية التي يتم طرحها على مائدة المفاوضات بحيث يكون لنا سبق التعامل مع الطرف الآخر وسبق البدء في الحركة فضلا عن إجبار الطرف الآخر على أن يتعامل مع مبادرة من صنعنا نعرف كل شيء عنها ومن ثم فان عليه أن يسير وفقا للطريق الذي رسمناه له والذي يسهل علينا السيطرة عليه فيه.
* القدرة على الحركة السريعة والاستجابة التلقائية والفورية والاستعداد الدائم للتفاوض فور قيام الطرف الآخر بإبداء رغبته في ذلك لتفويت الفرصة عليه في اخذ زمام المبادرة والسيطرة على عملية التفاوض من أولها إلى آخرها.(1/48)
* الحرص على إبقاء الطرف الآخر في مركز التابع والذي عليه أن يقبع ساكنا انتظارا للإشارة التي نعطيها له أو أن تكون حركته في نطاق الإطار الذي تم وضعه ليحيطه.
الاستراتيجية الرابعة: استراتيجية الدحر (الغزو المنظم):
وهي استراتيجية يتم استخدامها بغض النظر عن ندرة أو قلة المعلومات عن الطرف الآخر الذي يتم معه الصراع التفاوضي.
وفقا لهذه الاستراتيجية يتم استخدام التفاوض التدريجي خطوة خطوة ليصبح عملية غزو منظم للطرف الآخر حيث تبدأ العملية باختراق حاجز الصمت أو ندرة المعلومات بتجميع كافة البيانات والمعلومات الممكنة من خلال التفاوض التمهيدي مع هذا الطرف. ثم معرفة أهم المجالات التي يمتلك فيها ميزات تنافسية خطيرة تهدد منتجاتها والتفاوض معه على أن يترك لنا المجال فيها وان يتجه إلى مجالات أخرى تستغرق وتستنزف قدراته وإمكانياته. وفي الوقت نفسه جعله ينحسر تدريجيا عن الأسواق التقليدية التي كان يتعامل معها إلى أن يفقد أسواقه الخارجية بشكل كامل وينحصر عمله فقط في داخل بلاده.
وفي المرحلة التالية يتم اختراق السوق ببلده عن طريق عقود التصنيع المشتركة التي تتضمن توريد كافة المكونات الخاصة بالسلعة المصنعة أو المجمعة عن طريقنا ويقتصر عمله هو فقط على إقامة بعض خطوط التجميع.
وفي مرحلة لاحقة يصرف نظره عن هذه الخطوط ليقتصر عمله هو فقط على التوزيع ثم في مرحلة لاحقه نقوم نحن بالتوزيع. ويتطلب التفاوض وفقا لهذه الاستراتيجية قدرات غير عادية من فريق المفاوضين.
الاستراتيجية الخامسة: استراتيجية التدمير الذاتي (الانتحار):
لكل طرف من أطراف التفاوض: أهداف، آمال وأحلام وتطلعات وهي جميعا تواجهها: محددات، عقبات، ومشاكل، وصعاب، وكلما كانت هذه العقبات شديدة كلما ازداد يأس هذا الطرف وإحساسه باستحالة الوصول إليها وأنه مهما بذل من جهد فانه لن يصل إليها. وهنا عليه أن يختار بين بديلين هما:(1/49)
صرف النظر عن هذه الطموحات والأهداف وارتضاء ما يمكن تحقيقه منها واعتباره الهدف النهائي له.
1. البحث عن وسائل أخرى جديدة غير مرئية أو منظورة حاليا تمكنه من تحقيق هذه الأهداف في المستقبل.
سياسات التفاوض
سياسة الاختراق التفاوضية / سياسة الجدار الحديدي.
1. سياسة التعميق التفاوضية (التأكيد) / سياسة التعتيم التفاوضية (التشكيك).
2. سياسة التوسيع والانتشار التفاوضية / سياسة التضييق والحصار التفاوضية.
3. سياسة أحداث التوتر التفاوضي/ سياسة الاسترخاء التفاوضي.
4. سياسة الهجوم التفاوضي/ سياسة الدفاع التفاوضي.
5. سياسة التناول المتدرج للقضية التفاوضية / سياسة الصفقة التفاوضية الواحدة.
6. سياسة المواجهة المباشرة والصريحة / سياسة المراوغة والالتفاف.
7. سياسة التطوير التفاوضية / سياسة التجميد التفاوضية.
خصائص ومواصفات المفاوض المحترف
هناك عدد من الخصائص والمواصفات التي يجب أن تتوافر في رجل التفاوض المحترف حتى يستطيع أن يقوم بوظيفته التفاوضية خير قيام. وهذه الخصائص تتكامل مع بعضها البعض لتضع الإطار العام والخاص لشخصية رجل التفاوض وتجعل منه صالحا للقيام بعملية التفاوض التي تستند إليه.
وإن كان يجب القول أن كل عملية تفاوض تحتاج إلى خصائص ومهارات معينة في من يقوم بها ولعل هذا يفسر لنا أن كل موقف تفاوضي يحتاج إلى طريقة معينة لمعالجته والتعامل معه. ومن هنا فقد أصبحت عملية التفاوض عملية احتراف متعددة الجوانب والأبعاد يتم داخلها تخصص معين.
مبادئ التفاوض
وتلخص في (23) مبدأ:
كن على استعداد دائم للتفاوض،وفي أي وقت.
2-أن لا تتفاوض أبدا دون أن تكون مستعدا.
3-التمسك بالثبات الدائم وهدوء الأعصاب.
4-عدم الاستهانة بالخصم أو بالطرف المتفاوض معه.
5-ا تتسرع في اتخاذ قرار واكسب وقتا للتفكير.
6-أن تستمع أكثر من أن تتكلم وإذا تكلمت فلا تقل شيئا له قيمة خلال المفاوضات التمهيدية.(1/50)
7-ليست هناك صداقة دائمة،ولكن هناك دائما مصالح دائمة.
8-الإيمان بصدق وعدالة القضية التفاوضية.
9-الحظر والحرص وعدم إفشاء ما لديك دفعة واحدة.
10-ا أحد يحفظ أسرارك سوى شفتيك.
11-تبنى تحليلاتك ومن ثم قراراتك على الوقائع والأحداث الحقيقية ولا يجب أن تبنى على التمنيات.
12-أن نتفاوض من مركز قوة.
13-الاقتناع بالرأي قبل إقناع الآخرين به.
14-استخدام الأساليب غير المباشرة في التفاوض وكسب النقاط التفاوضية كلما أمكن ذلك.
15-ضرورة تهيئة الطرف الآخر وإعداده نفسيا لتقبل الاقتناع بالرأي الذي تتبناه.
16-هدوء الأعصاب والابتسامة مفتاح النجاح في التفاوض.
17-لتفاؤل الدائم ومقابلة الثورات العارمة والانتقادات الظالمة برباط الجأش والهدوء المطلق والعقلانية الرشيدة.
18-التجديد المستمر في طرق وأساليب تناول الموضوعات المتفاوض بشأنها وفي أسلوب عمل الفريق التفاوضي.
19-عدم البدء في الحوار التفاوضي بجملة استفزازية أو بنظرة عدوانية أو بحركة تعبر عن الكراهية والتحدي والعدوان.
20-لتحلي بالمظهر الأنيق المتناسق الوقور المحترم في جميع عمليات التفاوض وفي كافة جلساته الرسمية.
21-الاستمتاع بالعمل التفاوضي.
22-لا يأس في التفاوض ولا هزيمة مطلقة نهائية ودائمة فيه.
23-عدم الانخداع بمظاهر الأمور والاحتياط دائما من عكسها.
الحوار وفنون الإقناع
يعتبر الحوار من وسائل الاتصال الفعّالة، ولأنّ الخلاف صبغة بشرية فإن الحوار من شأنه تقريب النفوس وترويضها، وكبح جماحها بإخضاعها لأهداف الجماعة ومعاييرها، ويتطلب الحوار مهارات معينة، قواعد له إجرائية وآداب تحكم سيره، وترسم له الأطر التي من شأنها تحقيق الأهداف المرجوّة. إنّ في ثنايا الحوار فوائد جمّة نفسية وتربوية ودينية واجتماعية وتحصيلية تعود على المحاور بالنفع كونها تسعى إلى نمو شامل وتنهج نهجا حضاريا ينشده كثير من الناس.
هدف الحوار:(1/51)
لكل حوار هدف وهو الوصول إلى نتيجة مرضية للطرفين، وتحديد الهدف يخضع لطبيعة المتحاورين إذ أن حوار الأطفال غير حوار المراهقين أو الراشدين، وغير الحوار مع الموظفين، وبذلك فقد يكون الحوار لتصحيح بعض المفاهيم وتثبيت بعض الأفكار وقد يكون لتهذيب سلوك معين.
أهمية الحوار:
يعد الحوار من أحسن الوسائل الموصلة إلى الإقناع وتغيير الاتجاه الذي قد يدفع إلى تعديل السلوك إلى الحسن، لأن الحوار ترويض للنفوس على قبول النقد، واحترام آراء الآخرين، وتتجلّى أهميته في دعم النمو النفسي والتخفيف من مشاعر الكبت وتحرير النفس من الصراعات والمشاعر العدائية والمخاوف والقلق؛ فأهميته تكمن في أنّه وسيلة بنائية علاجية تساعد في حل كثير من المشكلات.
كيف يمكن أن يكون الحوار مفيداً؟
* تحديد الهدف من الحوار وفهم موضوعه، والمحافظة عليه أثناء الحوار إذ أنّ من شأن ذلك حفظ الوقت والجهد وتعزيز احترام الطرف الآخر.
* التهيؤ النفسي والعقلي والاستعداد لحسن العرض وضبط النفس، والاستماع والإصغاء والتواضع، وتقبّل الآخر، وعدم إفحامه أو تحقيره، والتهيؤ لخدمة الهدف المنشود بانتهاج الحوار الإيجابي البعيد عن الجدل وتحري العدل والصدق والأمانة والموضوعية في الطرح مع إظهار اللباقة والهدوء، وحضور البديهة ، ودماثة الأخلاق، والمبادرة إلى قبول الحق عند قيام الدليل من المحاور الآخر.
* عدم إصدار أحكام على المتحاور أثناء الحوار حتى وإن كان مخطأً لكي لا يتحول الموقف إلى جدال عقيم لا فائدة منه .
* محاورة شخص واحد في كل مرّة ما أمكن ذلك دون الانشغال بغيره بغيرة أثناء الحوار حتى يلمس الاهتمام به فيغدو الحوار مثمراً ومحققاً لأهدافه.(1/52)
* اختيار الظرف الزماني والمكاني ومراعاة الحال : على المحاور أن يختار الوقت والمكان المناسبين له ولمحاوره على حدٍّ سواء وبرضا تام. وعلى المحاور أن يراعي حالة محاوره أيضا؛ فيراعي الإرهاق والجوع ودرجة الحرارة، وضيق المكان والإضاءة والتهوية بحيث لا يكون الحوار سابقا لطعام والمحاور جائع، أو أن يكون الحوار سابقا لموعد الراحة والمحاور يفضّل النوم، أو يكون الحوار في وقت ضيق كدقائق ما قبل السفر، أو وقت عملٍ آخر، أو أثناء انشغال المحاور بشيء يحبّه أو في وقت راحته أو في زمن مرهق له. إن الحوار يجب أن يراعي مقتضى حال المحاورين من جميع الجوانب النفسية والاقتصادية والصحية والعمرية والعلمية ومراعاة الفروق الفردية والفئة العمرية مع الإيمان بأن الاختلاف في الطبيعة الإنسانية أمر وارد.
قواعد جوهرية في كيفية الحوار:
* الاستماع الإيجابي : وهي طريقة فعّالة في التشجيع على استمرارية الحوار بالإيجابية وهي تنمّي العلاقة بين المتحاورين. ويحتاج الاستماع الإيجابي إلى رغبة حقيقية في الاستماع تخدم الحوار، وفي ذلك تعلّم الصبر وضبط النفس، وعلاج الاندفاعية و تنقية القلب من الأنانية الفردية، والاستماع الإيجابي يؤدّي إلى فهم وجهة نظر الآخرين وتقديرها ويعطي مساحة أكبر في فهم الآخرين.(1/53)
* حسن البيان: يحتاج المحاور إلى فصاحة غير معقّدة الألفاظ، وإلى بيان دون إطالة أو تكرار فتكون العبارات واضحة، ومدعومة بما يؤكّدها من الكلام والشواهد والأدلة والأرقام وضرب الأمثلة. ومن البيان تبسيط الفكرة وإيراد الاستشهادات الداعمة لاستثارة الاهتمام واستنطاق المشاعر مع تقديرها، ومواصلة الحوار حتّى يتحقق الهدف.ومن البيان أيضاً عدم السرعة في عرض الأفكار لأن ذلك يُعجِز الطرف الآخر فلا يستطيع التركيز والمتابعة، وكذا عدم البطء كي لا يمل. ومن البيان ترتيب الأفكار بحيث لا تزحمْ الأفكار في ذهن المحاور، فيضطرب إدراكه. وعلى المحاور ألا ينشغل بالفكرة اللاحقة حتّى ينهي الفكرة الأولى، وعليه ألا يظن أن أفكاره واضحة في ذهن محاوره كما هي واضحة في عقله هو. وعلى المحاور أن يعرف متى يتكلم ومتى ينصت ومتى يجيب بالإشارة، وعليه استخدام نبرة صوتٍ مريحة وهادئة، وعليه أن يتحكم في انفعالاته حتى لا تسقط على الصوت أثناء الحوار، وعليه أن يغضض من صوته وأن يتذكر دائما أن الحجة الواهية لا يدعمها أيُّ صوتٍ مهما علا؛ فالحجة القوية غنية بذاتها عن كل صوت. ولا بأس بشيءٍ من الطرفة والدعابة الكلامية والرواية النادرة التي تجذب المحاور، مع وزن الكلمة قبل النطق، وكذا الحذر من الاستطراد. ومن البيان ألا يتعجل المحاور الردّ قبل الفهم لما يقول محاوره تماماً.
* يحتاج المحاور إلى الجاذبية، وتقديم التحية في بدء الحوار، وأن يبدأ بنقاط الاتفاق كالمسلمات والبديهيات، وليجعل البداية هادئة وسلسة، تقدر المشاعر عند الطرف الآخر، إنّ من شأن البدء بنقاط الاتفاق والبدء بالثناء على المحاور الآخر امتلاكَ قلبه وتقليص الفجوة وكسب الثقة بين الطرفين، وتبني جسرا من التفاهم يجعل الحوار إيجابيا متّصلا. أمّا البدء بنقاط الخلاف فستنسف الحوار نسفا مبكّراً.(1/54)
* يحتاج المحاور إلى جعل فقرة الافتتاح مسترعية انتباه محاوره، وعليه أن يحاول أن يكون الحديث طبيعيا مبنيا على الفهم ، وأن يعي الهدف المراد الوصول إلية من حوارهما
*على المحاور ألا يستخدم كلمة " لا " خاصة في بداية الحوار، ولا يستعمل ضمير المتكلم أنا، ولا عبارة " يجب عليك القيام بكذا ... " ولا عبارة " أنت مخطئ، و سأثبت ذلك
* على المحاور أن يستخدم الوسائل المعينة والأساليب الحسية والمعنوية التي تساعده على توصيل ما يريد كالشعر وضرب الأمثال والأرقام والأدلة والبراهين مع تلخيص الأفكار والتركيز على الأكثر أهمية.
* ضبط الانفعالات، فعلى المحاور أن يكون حكيما يراقب نفسه بنفس الدرجة من اليقظة والانتباه التي يراقب فيها محاوره، وعليه إعادة صياغة أفكار محاوره وتصوراته وقسمات وجهه ورسائل عينيه، وعليه ألا يغضب إذا لم يوافقه محاوره الرأي.
* عدم إعلان الخصومة على المحاور كي لا يحال الحوار إلى جدل وعداء.
* مخاطبة المحاور باسمه أو لقبه أو كنيته التي يحبّها، مع عدم المبالغة في ذلك.
* الإجابة بـ " لا أدري " أو " لا أعلم " إذا سئل المحاور عن مسألة لا يعرفها، وفي ذلك شجاعة نفسية بعدم التستر على الجهل الشخصي.
* الاعتراف بالخطأ وشكر المحاور الآخر على تنبيهه للمحاور الأول.
* على المحاور التذكر في كل لحظة أنه يحاور وليس يجادل خصما، وأن يتذكر أن الحوار قد يكون أشد من موج البحر في يوم عاصف، فإن لم يكن ربّانا ماهرا للحوار يمنع الاستطراد ويتجنب تداخل الأفكار؛ غرقت سفينة الحوار في بحر النقاش والجدل العقيم.
* على المحاور ألا يضخّم جانبا واحدا من الحوار على حساب جوانب أخرى.
*على المحاور ألا يتعالى بكلمة أو بإشارة أو بنظرة.
فنون الإقناع:(1/55)
كثيرون هؤلاء من يئسوا من عدم إتمام صفقات رغم محاولاتهم الكثيرة للتفاوض والإقناع مع عده أشخاص أو قد وصلوا الى النهاية ولكن لم يفلحوا في إغلاق الصفقة أو فشلوا بطريقه إعلاناتهم المرئية للمتلقين رغم كفائه المنتج...وهناك عده أسباب لهذا الفشل، من أهمها هو عدم معرفتهم بفنون الإقناع وأسراره والشخصية التي يجب أن يتصف بها الشخص المتفاوض ودراسة نمط تفكير الطرف الآخر المراد إقناعه.فتجدهم يتبعون أسلوب وشخصيه محدده تدربوا عليها ظناً منهم بأنها الأفضل..وهذا هو الخطأ..فعليك أن تتحكم بتصرفاتك وشخصيتك (إذا أردت أن تتفاوض) على غرار الطرف الذي أمامك بعد أن قمت بتصنيفه وذلك لتكسبه لصفك وتقنعه ..(أما إذا أردت أن تقدم إعلان بالصحف أو غيره ليشاهده الكثير) فعليك أن تراعي نوعيه العرض الذي سوف تقدمه لشد الانتباه. إن عدم درايتك بأهم الكلمات شيوعاً ومثيره للانتباه وتصنيف تلك الكلمات وانتقائها ووضعها في زاوية الصفحة بالجريدة أو الوسيلة سوف يكون لها مردود سلبي .فالمسوقون المحترفون يعرفون أي الكلمات مثيره للانتباه وأي الأساليب اكثر نفعا وجدوى فيوفرون الوقت بذلك ويحققون نتائج ايجابية..
"الصدق،الثقة بالنفس والمنتج،الإيجاز،التفكير السليم" صفات لا تفارق مفاوض ومسوق بارع.(1/56)
تجدهم خلف الإعلانات:حياتنا لا تخلو من إعلانات ..أين ما تذهب ستجدها(وأنت جالس بمنزلك مقابل التلفزيون أو خارجا أو بالانترنت ) هم ينتظرونك ليقنعوك يحاولون أن يرسخوا منتاجتهم بعقلك..وقليل فقط هؤلاء المبدعون الذين يخاطبون العقول الباطنية(الغير مباشره) للإقناع بسلعهم..فعندما تشاهد فلماً تصادف شخص يشرب الكولا!!..أو يقود البورش..وفي الحقيقة هي مدفوعة قيمتها للمنتجين..فهم بذلك يخاطبون العقل الباطني للشخص..فلقد أثبتت الأبحاث بان الشخص عندما يشاهد إعلان فانه بحواسه يميز الحقيقة من الكذب فإما أن يقبل أو يرفض ..واغلب الأحيان يرفض..فلذا بدأوا بمخاطبه العقل الباطني..وهي مهارة من مهارات الإقناع..فهل تستطيع أنت ان تقوم بذلك؟ وتسوق سعلتك بطريقه غير مباشره؟
التفاوض
كلمه كبيرة ..توحي بان هناك طرف يجب استمالته وإقناعه..نتائج نهاية أي مفاوضه لن يخرج عن أربع حالات فقط. لننظر جميعا الى أنواع التفاوض في أي مكان وزمان سواء صفقات أو حتى تبادل أطراف الحديث مع احد الزملاء .وسوف نضرب مثال على اثنين (الطرف المتلقي) وَ (الطرف المؤثر) مع كل نوع:
1-التعصب( كل طرف متمسك برأيه)
2-الاستقطاب( يزيد تنافر الطرفين في كل مره يتحدثان)
3- الإقناع (ينجذب الطرف المتلقي للطرف المؤثر)
4- التفاوض ( كل طرف يتخذ آلية لتضييق الخناق على الآخر)
تلك كانت أنواع التفاوض ..الآن دعني آخذك بجولة لإلقاء نظرة من بعيد على أهم ما يميز المسوقين البارعين عند التفاوض والتي تساهم في عمليات الإقناع :
1-يحرص على وضع صوره ممتازة بأول لقاء ( الانطباع الأول):(1/57)
دراسات وبحوث وتجارب تحذرنا من الظهور لأول مره أمام العميل بشكل مخالف أو غير لائق!!..عندما تسمع عن شخص أو اتصلت به أو زارك في موقعك فأنت دخلت الامتحان والذي يجب أن تكون جاهز له في أي وقت ومكان معه. أن أول ما يلفت انتباهك مطابقة شكله على الصورة الذي تخيلتها ..فإذا كان الشخص غير مهتم بشكله وأناقته سوف يؤثر ذلك عليك ونفس الشيء عليه..ويرسل بصرك مؤشرات لعقلك عن هذا الشخص لتترجمه بسرعة خلال دقائق فإما أن ترتاح أو غير ذلك..يجب أن تكون بأبها صوره لك في أول لقاء وتترك بصمات ممتازة عن شخصيتك ..والأبحاث العلمية تؤيد المقولة التي تقول ( انه من الصعب أن تتاح لك فرصة الانطباع الأول مره ثانيه)..وهذا يفسر لنا حرص بعض الشركات العالمية كالفنادق وشركات الدعاية والإعلان على أن يظهر موظفيها بأفضل صوره وتدفع لهم مقابل ذلك.لأنهم الواجهة للشركة والذين سوف يعطون الانطباع الأول للعميل بطريقه حديثهم وشكلهم.
2- يقدمون نفسهم بكل حرارة ويعرفون بأنفسهم للطرف الآخر عن مؤهلاتهم ووضعهم الاجتماعي ولا يشعرون بالحرج حتى وان كانوا بسطاء..فالفكرة إعطاء الطرف الآخر لمحه سريعة عنهم لاختصار مده توطيد العلاقات.
3-المصداقية والأمانة: من منا لا يحب أن يسمع الحقيقة والصدق؟.يظن اكثر المفاوضون أنهم بكذبهم وغشهم يكسبون ويحققون إنجازات ناجحة.ولكن مع الزمن تنكشف حقيقة كل كاذب.والشخص عندما يعرض سلعته ويبدأ باختلاق الأكاذيب تظهر عليه صفات ودلائل كذبه..مما يجعل اغلب كبار المفاوضين حال ما شاهدوا تلك الدلائل الانسحاب بكل أدب.فإذا ضع أمامك الصدق بكل كلمه تقوله هذي أول نقطه.ولا تقل مالا تعرفه حتى لا تتعرض لسؤال بعد أن فتحت الباب على نفسك يتسبب بوضعك بموقف المهزوم..
4-لا يبالغون في قولهم وحديثهم.وإعطاء ماهو مفيد باختصار ليدعوا الفرصة للطرف الآخر بالأسئلة والذي يعتبر مؤشر جيد بالإقناع عندما يبدأ بذلك.(1/58)
5-دائما يقولون لك:كن مستعماً جيدا..ولا تقاطع حديث الطرف الآخر...وركز دوما في عينيه لتبين له اهتمامك ..حتى ولو كان ما يقوله قد سمعته عشرات المرات بين له انك مهتم به..وعند مقاطعته للمداخلة استأذن..وفي حاله مقاطعه شخص لحديثكم فوراً يجب أن تستوقفه وتطلب منه عدم فعل ذلك مره أخرى..أنت بذلك فرضت شخصيتك على الجميع خاصة أمام من تحاول إقناعه.
6-لا يجعلون أي محاوله للإقناع أو قاعه مفاوضات خالي من الأدلة والبراهين وإذا أمكنهم شهادات عملاء سابقين
7-لا يخفون الجوانب السلبية بالمنتج..فهذا يزيد من ثقة الطرف الآخر والعملاء بهم قبل منتجهم...(تذكر أن لا تجعل ذكرك للجوانب السلبية بآخر الحديث اجعلها في البداية ..لترسل رسالة للطرف الآخر بان يثق بك ثم يبدأ يبني قراره على بقيه حديثك وعدم مفاجأته بالنهاية).
7- يمتازون باختيار الكلمات الجديدة والغير مستهلكه..بالإضافة الى استخدامهم لكلمات لها علاقة بطبيعة عمل العميل
مثال:
لنفرض بان من أريد إقناعه هو مهندس فأقول له:إن هذا المنتج (مبني) على (قواعد) متينة ....الخ
8-يدرسون نفسيه وشخصيه الطرف الآخر وعمل معادله سريعة ومعرفه نوعيتهم (وهذا يطول شرحه سوف نأخذ لمحه بسيطة عنه بعد قليل)
الآن بعد أن عرفنا أهم الأساسيات التي يجب أن يتصف بها المتفاوض البارع .ننتقل الى مهارة رائعة يقوم بها المفاوضون البارعون ليزيد من فرصه إتمامهم للصفقات وهي: دراسة شخصيه الطرف المراد إقناعه والى أي الفئات ينتمي؟ إن معرفه ذلك يساهم على اختيار الأسلوب والطريق الصحيح للإقناع فهناك أشخاص يحبذون الوسائل المرئية وهناك أشخاص يحبذون لغة الأرقام.وهناك أشخاص يحبوا أن يروا المنتج بعينه ويجب أن يلامسوه والا لن يقتنعوا....الخ وقد يحتاج المفاوض المبتديء الى وقت طويل حتى يتعرف ماذا يريد الطرف الآخر ليتم إقناعه .والدراسات الطويلة لخصت لنا أهم أربع فئات وكل فئة من نوعين تحدد نوع الطرف..
كما يلي:(1/59)
1-حسي (الشعوريون أو العاطفيون)
2-حدسي
وبعد ذلك هل هو:
1-انبساطي
2-انطوائي
ثم يلي ذلك:
1-شعوري
2مفكر
وأخيرا هل هو:
1-محكم
2-إدراكي
إذا استطعت أن تحدد نوع الطرف الآخر وانتمائه..تمكنت من استمالته لإقناعه وجذبه إليك .. أقدم أسلوب بالإقناع(أسلوب الخسارة) وتتلخص في : (خلق انطباع عند العميل بالخسارة إذا لم يشتري السلعة ) أسلوب ناجح خاصة مع الأشخاص من يتصفون بسمات (العاطفيون )
السبب يعود بكل بساطه بان لا احد منا يحب أن يخسر أو يفقد شيء..فوظف المقنعون البارعون هذه الغريزة لصالحهم.
لقد قام الباحثون بعمل تجربة لإثبات ذلك وأهميتها ..فقاموا بإعداد نشرات بصيغتين للنساء وذلك للسرعة بعمل كشف منتظم للثدي لاكتشاف أي ورم مبكر للسرطان ..فكان الكتاب الأول يؤكد على الآثار السلبية الناتجة عن عدم إجراء الفحص الذاتي المنتظم والخسائر التي سوف تجنيها المرأة بعد ذلك،وحيث أن النساء اللاتي لا يجرين الفحص تكون الفرصة ضئيلة لاكتشاف الورم مبكراً!!!...أما الكتيب الثاني فكان يركز على الآثار الايجابية الناتجة عن إجراء الفحص الذاتي المنتظم،وان النساء اللاتي يجرين الفحص تكون لديهن فرصه اكبر لاكتشاف الورم الذي لا يزال قابلاً للعلاج.
وبعد خمس شهور اكتشف الباحثون أن النساء اللاتي قرأن الكتيب الذي يركز على العواقب السلبية كن اكثر ممن من اجرين الفحص ممن من قرأن الكتاب الثاني.
مثال آخر:-
1-عندما يعرض مندوب عازل حراري لأشعه الشمس للسيارات سلعته يستطيع أن يقدم عرضه بطريقتين:
الأولى: بان المنتج سوف يخدمه كثيرا ويؤمن بروده اكثر بنسبه عالية وحماية سيارته من الحرارة العالية!!
الثانية:الخسارة التي سوف يجنيها صاحب السيارة من عدم استخدامه للعازل وصرفه للكثير من الأموال بالإضافة الى تهلك مراتب السيارة وتعرضها للحرارة..مما يضطره لتصليح ما قد تلف!!(1/60)
تلاحظ أحيانا ببعض الإعلانات والتي تحمل عنوان (لا تخسر الفرصة)..أو (لا تخسر فرصة العمر) الاخيره كانت لها مردود أفضل من بعض الإعلانات التي تقول(فرصه العمر)...
الشائع بيننا مفاوضة اغلبنا مع السماسرة أنفسهم (اكثر من وسيط) وعدم مخاطبه ومفاوضه( العميل نفسه) وهذا نجده في عالم العقار. فشيء طبيعي أن لا تتم الصفقة، فالذي ينقل سلعتك أو عرضك شخص غير واعي ومقنع ولا يرسم تخيل كافي للطرف الآخر وقد يكون ضعيف شخصيه أما الطرف الآخر فتفشل البيعة بالرفض ليأتي ويبلغك ذلك.فلا تستغرب فشل بعض الصفقات.
كيف تقنع الآخرين بفكرة ؟
أولاً : لابد أن تكون مقتنعا جدا من الفكرة التي تسعى لنشرها ، لأن أي مستوى من التذبذب سيكون كفيلا أن يحول بينك وبين إيصال الفكرة للغير.
ثانياً : استخدم الكلمات ذات المعاني المحصورة والمحددة مثل : بما أن ، إذن ، وحينما يكون .. الخ ، فهذه الألفاظ فيها شيء من حصر المعنى وتحديد الفكرة ، ولتحذر كل الحذر من التعميمات البراقة التي لا تفهم أو ذات معاني واسعة.
ثالثاً : ترك الجدل العقيم الذي يقود إلى الخصام يقول أحدهم ( إذا أردت أن تكون موطأ الأكتاف ودودا تألف وتؤلف لطيف المدخل إلى النفوس ، فلا تقحم نفسك في الجدل وإلا فأنت الخاسر ، فإنك إن أقمت الحجة وكسبت الجولة وأفحمت الطرف الآخر فإنه لن يكون سعيدا بذلك وسيسرها في نفسه وبذلك تخسر صديقا أو تخسر اكتساب صديق ، أيضا سوف يتجنبك الآخرون خشية نفس النتيجة .. ).
رابعاً : حلل حوارك إلى عنصرين أساسيين هما :-
1- المقدمات المنطقية : وهي تلك البيانات أو الحقائق أو الأسباب التي تستند إليها النتيجة وتفضي إليها .
2- النتيجة : وهي ما يرمي الوصول إليها المحاور أو المجادل ، مثال على ذلك : المواطنون الذين ساهموا بأموالهم في تأسيس الجمعية هم الذين لهم حق الإدلاء بأصواتهم فقط ، وأنت لم تساهم في الجمعية ولذلك لا يمكنك أن تدلي بصوتك ..(1/61)
خامساً : اختيار العبارة اللينة الهينة ، والابتعاد عن الشدة الإرهاب والضغوط وفرض الرأي .
الفصل الثاني
كيف تبدأ التفاوض
إن المفاوضات الناجحة تبدأ قبل الجلوس لعقد الصفقة بوقت طويل، ومهما كان الأفراد ماهرين أثناء المفاوضات فإنهم-في حقيقة الأمر- سيكونون في وضع شديد السوء حين يجلسون أمام خصوم قاموا بمهمة أفضل منهم في تخطيط أهدافهم مقدما.فحتى تحقق أهدافك من المفاوضات عليك أن تعرف ما تريده وأيضا ما يريده الطرف الآخر.
وبالإضافة الى ذلك، فقبل أن تبدأ بالتفاوض بوقت طويل، عليك أن تحدد البدائل المتاحة لك في حال فشل المفاوضات. وذلك لأنه كلما كانت البدائل أفضل، ازداد مركزك قوة عند التفاوض.كما أن معرفة البديل الأفضل لدى الجانب الآخر هو مصدر آخر للقوة في التفاوض. ولكن برغم الضرورة الحتمية التي توجب عليك معرفة البديل الأفضل لديك ومحاولة تقدير ذالك البديل المتاح للجانب الآخر، ينبغي عليك أن تعرف أن معظم الناس لا يقومون بعمل جيد لدى تقديرهم قِيَم البدائل. فمثلا يطرح (لاكس) تجربة تنطوي على قيمة شركة معروضة للبيع" حتى بوجود معلومات دقيقة عن وضع العمل كالميزانيات الختامية وقوائم الأرباح والخسائر، ومافي حكمها" فيقول: إن أولئك المكلفين بشراء الشركة يقومون تقليديا بوضع تخمين منخفض لقيمتها بقدر ما يستطيعون، بينما يعطي الذي عُهِدَ إليهم بالبيع أرقاما لقيمتها أعلى من أحسن التقديرات.ويميل المحكمون الحياديون الى وضع حد للسعر المحتمل في مكان ما بين التقديرين." إذن إن قيم البدائل يمكن أن تتأثر بوجهة نظرك الشخصية، لهذا كن متوخيا للحقيقة قد الإمكان، وتدارس أفكارك مع طرف ثالث محايد.فليس هناك مفاوض في وضع اضعف من الذي لا يملك بديلا عن صفقة ما،حيث يستطيع الجانب الآخر في هذه الحالة أن يملي الشروط"إن الذي يفقد البديل يقبل الصفقة".(1/62)
هناك أمر آخر يجب أن تضعه بالاعتبار مسبقا وهو:حدود التفاوض، أو بشكل أكثر تحديدا، ما يمكنك التنازل عنه حتى تحصل على ما تريده .
من السهل-على سبيل المثال- أن تحدد السعر الذي ستدفعه مقابل أحد العناصر إذا كنت تعقد صفقة خاصة ببعض المشتريات التقليدية المعتادة في شركتك، ولكن حتى هذه المعاملات التي تبدو روتينية قد تصبح أكثر تعقيدا في بعض الأحيان، وذلك حين تذهب للتفاوض على السعر.فقد تنشط حينئذ كل أنواع المتغيرات، الأمر الذي يؤثر على ما يمكنك أن تدفعه، فإذا لم تكن قد فكرت مقدما بهذا الأمر قد تصّر بشكل يفتقر الى المرونة على السعر الذي حددته، أو تضطر للقيام ببعض الموازنات السريعة حتى تتوصل الى رقم جديد، الأمر الذي قد يؤدي الى اتفاق غير مرض.
وفي مقدمة هذه العوامل ، توجد عدة جوانب لتخطيط التفاوض كثيرا مايتم التغاضي عنها ، ومن أمثلتها كيفية إعداد العروض المكتوبة، وكيفية معالجة العناصر الغير قابلة للتفاوض، بل واتخاذ قرار بالتفاوض من عدمه أصلا.فعندما تحدد أهدافك مسبقا، لن تصبح –على الأرجح- عرضة للوقوع في شرك الهدف الأدنى الذي يمكن أن يملى عليه الشروط وقبول أي شيء. إن ما يحدث هو أن الفرد الذي قام بقدر قليل من الإعداد إلا فيما يتعلق بالسعر المقبول سيميل الى التوقف عن التفاوض حين يصل الى هذا السعر، ثم ينصرف راضيا عن الصفقة الجيدة التي حصل عليها،دون أن يدرك كم ترك من المال على مائدة التفاوض.
إن أهم خطوة عليك اتخاذها قبل بدأ المفاوضات هي تحديد أهدافك من المفاوضات، ولذا فإن الفشل في اتخاذ هذه الخطوة بالشكل اللائق يمكن أن يضعك في مركز سيئ أثناء المفاوضات، حيث لا تعرف كيف تتصرف إزاء التكتيكات التفاوضية لخصمك.
إن اتخاذ هذه الخطوة يساعدك في:
*يجبرك تحديد الهدف على التفكير فيما تريده، وفي أسباب ذلك،وفي أنت مستعد للتنازل عنه في مقابل الحصول عليه.(1/63)
* يساعدك تحديد الهدف في تقديم التنازلات والتسويات عند تقدم المفاوضات.
* يحميك تحديد الهدف من التوصل الى اتفاقات غير مدروسة.
*الإستراتيجية المخطط لها بدقة تجنبك الفوضى والاضطراب الذي يمكن أن يستغله خصمك.
* يساعدك تحديد الهدف على زيادة سرعة عملية التفاوض ذاتها.
* يساعدك تحديد الهدف على تجنب فشل المفاوضات حيث أن التوقف في المفاوضات كثيرا ما ينشأ من نقص الإعداد.
* الأهم من كل شيء هو أن تحديد الهدف يتيح لك الوصول الى اتفاق أفضل. فأي خصم لك سيكون معقولا على الأرجح إذا استطعت أن تبين له من البداية أنك تعرف ما تريد.
وعلى وجه العموم ،فإن الوقت الذي تخصصه لإعداد هدفك من التفاوض سوف يعود عليك بالكثير من الفوائد حين تجلس الى مائدة المفاوضات بالفعل من أجل التوصل الى اتفاق.
إن التخطيط لأهدافك التفاوضية يرسي الأساس الأول لبدأ المفاوضات. ومن الضروري أن تواصل البناء على هذا الأساس بالتفكير فيما يرد خصمك إنجازه. ويعد هذا الأمر من المتطلبات التي لايمكن تجاهلها،حيث أنه قد يكون هو الذي يحدد النجاح أو الفشل أثناء المفاوضات.وعلاوة على ذلك، فإن أهداف الطرف الآخر قد تختلف كثيرا عما تعتقده في ظاهر الأمور، إذ قد تكون للخصم أهداف خفية، والفشل في إدراك هذه الأهداف يمكن أن يعرضك للوقوع في مأزق تفاوضي. وبطبيعة الحال،فبمجرد أن تبدأ المفاوضات بجدية، ستتعرف على ما يسعى خصمك الى تحقيقه بصورة أكبر. وعلى أي حال، فإن تخصيص قدر من الوقت لتحليل الإستراتيجية المحتملة للخصم قبل بدأ المفاوضات يتيح لك بداية أفضل نحو تحقيق أهدافك.(1/64)
ولكي تنجح في تحقيق مثل هذه البداية، لابد أن تحاول تحديد الأهداف التفاوضية لخصمك، ثم تحاول الموازنة بينها وبين أهدافك. من المفيد أيضا أن تفكر في الإستراتيجية المحتملة التي سيوظفها الخصم لتحقيق ما يريد. ويتطلب هذا الأمر أن تقيّم نقاط القوة والضعف في مركز الخصم حتى تستطيع أن تفند بفعالية حججه التي يطرحها على مائدة المفاوضات.
إن هذا التقييم سيقلل من احتمالات أن تواجه مفاجآت عند بدأ المفاوضات.
ومن المفيد أيضا أن تفكر في الأفراد الذين ستتفاوض معهم، هل لديهم من السلطة ما يتيح لهم التوصل إلى اتفاق؟ أم أن القرارات الرئيسية سيتخذها آخرون لن يشاركوا في المفاوضات بصورة نشطة؟
وعلاوة على ذلك، فإن بدا أن المفاوضات ستكون معقدة، أو كنت لا تشعر بالراحة للمواجهة، فربما يكون من المفيد أن تجري تجربة مع أفراد فريقك. إن هذه التجربة ستبين لك ما إذا كنت مستعدا بالشكل اللائق أم لا.
عندما تأتي بالجانب الآخر الى مائدة التفاوض،من المهم أن تدفع بالأشياء نحو بداية سلسة،من خلال تخفيف التوتر الذي يغلب أحيانا على جو البداية
فالدقائق الأولى تحدد جو المفاوضات ونتائجها. لذلك تجنب المواجهات في البداية وإذا لم توافق على مواقف الطرف الآخر فلا داع للجدل ولكن قل: إنني أدرك وجهة نظرك وقد شعر آخرون بمثل شعورك وقد سبق لنا أن شعرنا بنفس شعورك ولكننا وجدنا أن (ثم تعرض وجهة نظرك بهدوء)
ولهذا الأسلوب الودي المتفهم مفعول قوي وقدره عالية على نزع فتيل المواجهة في الجلسة الأولى لأهميتها وهو أيضا يسمح لك بالموافقة والرفض في نفس الوقت.
فمن المهم أن تكون دقيقا عندما تشترك في المفاوضات، وبالتالي عليك أن تعرف ما لذي ستقوله قبل البدأ بالكلام.(1/65)
إن السيطرة على الانفعال أثناء المفاوضات تعدّ ضرورية لتلافي الأخطاء التي تنتج عن الغضب. وعلاوة على ذلك،فإن الجو العدائي يجعل تقريب وجهات النظر والتوصل لاتفاق أمراً صعباً . وفي الحقيقة، فكلما زادت حرارة المناقشات، ازدادت احتمالات فشل المفاوضات دون أدنى أمل في استكمالها.بالتأكيد ليس من السهل دائما أن تسيطر على انفعالاتك، وبخاصة إذا كنت تحاول التوصل الى اتفاق مع خصم لا يتّسم بالود، والأسوأ من هذا أن بعض المفاوضين يحاولون عن عمد إثارة خصومهم حتى يقعوا في الخطأ.
ولكن الخصم قد يصبح عدوانيا لعدة أسباب، أولها التعتيم على حقيقة أن مركزه التفاوضي غير مدعّم بالحقائق. وللتغلب على هذه العقبة، قد يحاول الخصم أن يدفع الطرف الآخر للخضوع عن طريق التهديد والوعيد.إذا تعرضت لمثل هذه الحيلة، فتجاهل الأمر بكل بساطة، فردّ الفعل الغاضب بمثابة الوقوع في قبضة الخصم.أكّد على موقفك بهدوء، وأنتظر حتى يهدأ خصمك.
وقد يصبح الخصم غاضبا أيضا أملا في أن يدفعك هذا للوقوع في أخطاء عابرة، وإذا قابلت النار بالنار فسوف تقع –على الأرجح- في هذه الأخطاء العابرة. فالمفاوضون قليلو الخبرة يقعون فريسة للغضب بسبب الإحباط أحيانا، وبسبب الضغوط الحادة للمفاوضات المطولة أحيانا أخرى.
فمع أن تصّيد الخصم تكتيك يستخدمه بعض المفاوضين،إلا أنه من الأفضل تجنب هذا الأسلوب. فتصنع الغضب عن عمد لدفع الخصم الى التنازل أمر محفوف بالمخاطر أكثر من النتائج الإيجابية.فعندما تستثير خصمك من ناحية، ستفتح له الباب حتى يستثيرك هو أيضا، الأمر الذي لن يؤدي إلا لتدهور الأحوال، مما يقضي على الأمل في التوصل إلى الحل الوسط الذي يعدّ حجر الزاوية في أي اتفاق.(1/66)
قبل أن تدخل في ترتيبات المفاوضات الحقيقة، عليك أن تعرف كيف تجلب الطرف الآخر الى مائدة المفاوضات، ففي كثير من الحالات لا تتحرك المواضيع التي ترغب بالتفاوض حولها نحو الأمام لسبب بسيط هو أن أحد الأطراف أو أكثر من طرف لا يعتبرون أنفسهم معنيين، فهم مرتاحون لوضعهم ولا يرجون شيئا من التفاوض معك، وإذا كان لديهم قوة تنظيمية أعظم من تلك التي بحوزتك، فقد ينصرفون عنك "بفظاظة" بنماذج من الملاحظات مثل" لا أعتقد أن هناك داعيا لمناقشة هذا الأمر، فالأحوال جيدة" أو"إن وضعنا مرتهن لأقصى حد بالموازنة حتى أنني لا أستطيع أن أناقش الأمر قبل اشهر".
يقول جودث ويليامز وديبورا كولب في كتابهما(Harvard Business Review):" إن المقاومة هي جزء طبيعي من مسار التفاوض غير الرسمي، وإن أي اهتمام سيوصف بأنه سماع عادل عندما يعتقد شخص ما بشيئين أثنين: أن الطرف الآخر لديه شيء يتمناه، وأن أهداف المرء لن تُلبى دون إعطاء شيء ما بالمقابل.
إذن: الاستعداد للتفاوض هو اعتراف بحاجة متبادلة.
وعلى نحو أكثر دقة:لابد للمعارضين أن يستنتجوا بأنهم سيكونون في وضع أفضل لو أنهم فاوضوا،وفي وضع أسوأ إذا امتنعوا عن الدخول في التفاوض.وهنا يقترح ويليامز و كولب ثلاثة أشياء يمكنك القيام بها لمساعدة المفاوضين المترددين للوصول الى هذه القناعة:
- قدّم حوافز: ماهي حاجات الشخص المتردد؟ المال؟، الوقت؟،الدعم والمساندة؟قرر هذه الحاجات ثم ادفع بها لأنها منافع محتملة للمفاوضات.فمثلا إذا كان رئيسك أو مدير المبيعات مترددا لأن يعطيك وقتا لكي تعيد تصميم نظام لمخزون الشركة، قدّم شرحا عن أن نظاما متطورا سيساعد في حل إحدى مشكلاته_ مبيعات ضائعة بسبب عدم توفر نظام مخزون_.(1/67)
- ضع ثمنا للوضع القائم:أفصح عن الكلفة المترتبة على عدم التفاوض.كأن تسعى لتأمين عرض عمل لدى شركة أخرى إذا ماطلك المدير في مناقشة زيادة مرتبك . إن هذا قد يجبر مديرك على التفاوض أو مواجهة عملية مكلفة ومستهلكة للوقت لو أراد أن يوظف مكانك شخصا آخر." أي بيّن له ثمن الوضع" .
_ احشد الدعم: يستطيع الحلفاء أحيانا تحقيق مالا تستطيعه مقاييس أخرى. فمثلا لو أن مديرك في المثال السابق أصرّ على أن لا يعطيك وقتا لتقوم بتحسين نظام المخزون، تطلع نحو حلفاء لديهم نفوذ تنظيمي ودافع لكي يناصروا هدفك، فعلى سبيل المثال يستطيع المسؤول المالي أن يدعم أي خطة لتحسين إدارة المخزون، فهو يدرك أن إدارة أفضل للمخزون تعني متطلبات أقل لرأس المال العامل، وهو أمر يجعل الخطة تبدو جيدة. وعندما يجد المدير أن الأمر وصل الى الإدارة العليا فمن المرجح أنه سيقبل بالتفاوض.
عندما تستعمل واحدا أو أكثر من هذه الترتيبات، سوف يرى الطرف الآخر فائدة في التفاوض معك.وبالتالي تكون قد أتيت بالجانب الآخر الى طاولة المفاوضات.عند ذلك يصبح من المهم أن تدفع بالأشياء نحو بداية سلسة وتبدأ مناورات التفاوض.
وللمناورات التفاوضية ثلاث مراحل سوف نذكرها تفصيليا وهي مناورات الافتتاح ومناورات المرحلة الوسطى ثم مناورات الختام
مناورات الافتتاح:(1/68)
وهي المرحلة الأولى وهي البداية عند التفاوض في أي نوع من المفاوضات وهنا يجب أن تعرف شيئا هام وهو ادّعي بالباطل يأتيك الحق وهذه نقطة هامة جدا أي يجب أن تطلب أكثر مما تتوقع لأنك إذا طالبت فقط ما ترجو أن تحصل عليه فلن يتاح لك مجال أوسع للتفاوض وهي من البديهيات جدا لأنك في هذه الحالة لن تكون الظروف مواتية لفوزك لأنك إذا تمسكت بما قررت الحصول عليه فانك سوف تواجه موقف لا يحتمل إلى احد أمرين لا ثالث لهما وهما القبول أو الرفض. وبذلك قد تجعل الطرف الآخر يقف موقف الخسارة أو الشعور بها بينما لو طلبت أكثر مما تتوقع فانك سوف تبقي الطرفين بعيدا عن الإحساس أو الشعور بالخسارة لان الأمور سوف تتقارب بالتنازلات في المفاوضات. ولكن أحيانا لعدم مقدره الشخص المقابل لك بالتفاوض فقد تطلب زيادة عما تتوقع ويقابل بالقبول من الطرف الآخر وبذلك تكون أنت كسبت أكثر مما تتوقع. وان لم يحدث ذلك وتظاهرت بتقديم تنازلات للطرف الأخر فيجب أن تقدمها بمقابل أيا كان قدره.
السؤال الآن ماهو مقدار الزيادة التي يتعين عليك طلبها ؟
لكي تجيب على هذا السؤال يجب أولا أن تعرف وتحدد هدفك ثم تقدم العرض أعلى من هدفك بمقدار بعد ما يقدمه الطرف المقابل عن الهدف.
مثال:
تاجر عقار يريد بيع عماره بمبلغ 400 ألف يورو وأنت لا تريد أن تدفع إلا 350 ألف يورو إذا الفرق بينكما تقريبا 50 ألف، هنا يجب أن تعرف أن الفرق 50 ألف ويجب أن تعرض اقل مما تريد أن تدفع ب 50 ألف أي تعرض 300 ألف فقط.(1/69)
بهذه الطريقة أنت هيأت جو ومجال للتفاوض وسوف يقودكما التفاوض للتنازلات بين الطرفين إلى أن تصلوا في المنطقة الوسط أي أنت تتنازل بدفع 50 ألف إلى 350 وهو يتنازل عن 50 ألف ليبيع ب 350 ألف وبذلك تكون هذه المفاوضات ناجحة وتعطي شعور لكلا الطرفين بانهما كسبا ولم يخسرا في البيع وتنازلاتهما متساوية. فالبائع عندما يجد انه تنازل عن 50 قد يكون لديه شعور بأنه خسر ولكن سوف يتبدد هذا الشعور عندما يعرف انك أيضا تنازلت ودفعت زيادة خمسون ألف بقدر تنازله أي أنكما متكافئان وكلاكما كسبتم في بيعكما مثلا.
إذن : طالب بأكثر مما تتوقع للأسباب التالية:
1- ربما أمكنك بالفعل الحصول على ما تطالب به.
2- المطالبة بالكثير تتيح لك مساحة أوسع في التفاوض
3- تعزز قيمة العرض الذي تقدمه
4- تجنبك الوصول إلى طريق مسدود
5- تخلق لك مناخا يُشعر الطرف الآخر بأنه قد حقق فوزا.
"لاتقل نعم أبداً للعرض الأول" إذا أجبت بالقبول والموافقة على العرض الأول فانك حتما سوف تثير الشكوك لدى الطرف المقابل لك وقد يتسلل إليه مباشرة انه وقع في صفقة خاسرة. وهذه طبيعة نفسية بشريه لايمكن أن تتجاهلها ويجب الأخذ بها فعلى سبيل المثال إذا طلبت منك أن اشتري مبنى وطلبت وعرضت لك مبلغ نصف مليون مثلا ووافقت أنت مباشرة.
ألا تعتقد بأنك بعد لحظات سوف تندم وتقول ليتني طلبت أكثر لانني وافقت. بالتأكيد سوف تقولها وقد تشك بأنك لم تتمكن من تقييم المبنى والا لماذا دفعت لك مباشرة بدون مفاصلة. ونفس الشيء معي فقد اندم وأقول لماذا لم اعرض اقل. بينما قد يكون المبنى يستحق...) لذلك:
( احذر أن تقبل العرض الأول).
إن من أسباب قبولك للعرض الأول أن يكون لديك مثلا تصورات مسبقة لما يمكن أن تحصل عليه فإذا كان العرض يفوق ما تصورته فانك عندئذ تجد ما يغريك بقبوله.. ..
لذلك يجب أن تتجنب الإغراء ولا تضع تصورات مسبقة.(1/70)
ارفض مقترحات الطرف المقابل وعروضه بدهشة ويجب أن تكون هذه الدهشة والرفض ظاهرا منك كرد فعل تجاه مقترحات الطرف الآخر. وعندما يلاحظ الطرف الآخر هذه الدهشة والرفض فانه من هنا يبدأ في تقديم التنازلات لك. لذلك فان هذه الدهشة والرفض إذا لم يبدو عليك ظاهرا للطرف الآخر فانه سوف يكون اقل مرونة معك وقد يتسلل إليه شعور بأنك على وشك الموافقة.وللغة الجسد هنا تأثير هام جدا في التفاوض سنأتي على ذكرها لاحقا.
دائما يجب أن تكون متمنعا سواء كنت بائع أو مشتري المشترين إذا رأوا انك متحمس للبيع فتأكد تماما بأنهم سوف يخفضون عرضهم لما تبيعه أما إذا كنت متمنعا فان الطرف المقابل المشتري سوف يتولد لديه شعور أو إحساس انه عليه أن يرفع عرضه لإتمام الصفقة.
وبذلك تكون قد وسعت مجال التفاوض قبل أن تبدأ.
أيضا لكي تبدأ بداية صحيحة تضمن لك نهاية ناجحة ، فان هناك مجموعة من "الحِيَل" التفاوضية أُطلق عليها : حيل بداية التفاوض
سوف نستعرضها باختصار:
- استخدام الأسلوب الملزم : ويعد أكثر الحيل الفعالة ،إنه سوف يذهلك عند تطبيقه .
انه مجرد ذكر هذا التعبير البسيط :"يمكن أن يكون عرضك أفضل من ذلك " .لا أكثر ولا أقل .ولكن كيف؟؟
دعنا نفترض أنك تمتلك شركة صغيرة لإنتاج مادة معينة وتبيع منتجاتها بالجملة ، وتقوم أنت بصفتك صاحب الشركة بالاتصال بأحد الموزعين لبيع إنتاجك، ويقوم المشتري بالاستماع الى عرضك والتعرف على الهيكل السعري للمنتج، ولم تكن تعلم بأن المشتري على أتم الاتفاق مع مورده الحالي، ولم تكن لديه رغبة في التخلي عنه، بل انه قد بذل جهدا في إقناع نفسه بقبول منتجك. فأخيرا ستجد هذا الشخص يرد قائلا:إنني في منتهى الوفاق مع الشركة التي توّرد لي حاليا ،ولكني لا أمانع في الاستعانة بمورد احتياطي كي استحث موردي على المزيد، يمكنني أن أشتري منك حمولة سيارة واحدة شريطة أن يتم تخفيض السعر بنسبة "كذا" .(1/71)
في هذه الحالة يجب أن تلجأ للحيلة الملزمة وتجيبه بمنتهى الهدوء:" آسف ، ولكن يجب أن يكون عرضك أفضل من ذلك "
إذا كان المفاوض ذو خبرة فسوف يجيبك على الفور باستخدام الحيلة المقابلة قائلا: " إلى أي مدى بالضبط تريدني أن أحسّن مستوى العرض؟"
"يحاول المفاوض هنا أن يجبرك على تحديد مطلبك" .ومع ذلك فإن ما يحدث عادة هو وقوع المفاوض غير المحنك في الفخ بل وتنازله عن المساحة الأكبر في رقعته التفاوضية فقط للرد على هذه العبارة .
فالخطوة التالية إذاً بعد إلقاء عبارة " ألا يمكنك أن تقدم ما هو أفضل؟ أن تصمت ! اصمت ولا تنبس ببنت شفه. قد يبادر الطرف الآخر على الفور بتقديم تنازلا وهو ما ُيطلِق عليه رجال المبيعات"العبارة الساكنة" وهم يتعلمونها دائما في الأسبوع الأول للعمل.تقدم العرض ثم تصمت، قد يجيبك الطرف الآخر على الفور:"نعم" لذا فإنه من الحماقة أن تنطق بكلمة واحدة قبل أن يصلك رد الطرف المقابل إما بالقبول أو الرفض.
" جلس اثنين من رجال المبيعات على طاولة مفاوضات،وكان أحدهما يسعى لشراء عقار من الطرف الآخر، فقام المشتري بتقديم عرضه ثم صمت تماما كما تعلّم في مدرسة أصول البيع ،أما رجل المبيعات الأكثر خبرة أدرك مباشرة أن الطرف الأول يستخدم حيلة العبارة الصامتة ، فالتزم الصمت أيضا . واستمر الصمت دقائق ، فقام المفاوض الأكثر خبرة بكسر حاجز الصمت بأن كتب على ورقة " قرار" (لاحظ أنه لم يتكلم ) وتعمد أن يخطأ بصياغة الكلمة . ودفع الورقة عبر الطاولة إلى المفاوض الآخر ، فنظر الطرف الآخر إلى الكلمة وقال بدون تفكير: لقد أخطأت في كتابة كلمة قرار" . وبمجرد أن بدأ يتكلم لم يتوقف عن الحديث فواصل حديثه قائلا:إن لم تكن على استعداد لقبول العرض فربما يمكنني أن أقدم 2000 دولار إضافية ولكنني لن أزد على ذلك . لقد بدأ يعيد التفاوض مع العرض الذي قدمه دون أن يحصل على رد الطرف الآخر .(1/72)
إن استخدام الأسلوب الملزم يعني : أن يرد المفاوض المحنك على عرض الطرف الآخر أو عرضه المقابل قائلا: آسف ألا يمكنك أن تقدم ماهو أفضل من ذلك؟؟ ثم يلتزم الصمت .
إذاً:
- الجأ إلى الأسلوب الملزم للرد على العرض أو العرض المقابل:"يجب أن يكون عرضك أفضل من ذلك"
-إذا لجأ الطرف الآخر إلى هذا الأسلوب ، استخدم الحيلة المقابلة قائلا: "إلى أي مدى بالضبط تريدني أن أحسّن عرضي؟" مما سيجبر الطرف الآخر على تحديد مطالبه.
- ركز تفكيرك في قيمة المبلغ الذي تفاوض من أجله، وإياك أن تنشغل بالقيمة الإجمالية للصفقة .
-إن التفاوض القوي هو أقصر الطرق لتحقيق الربح .
لكن يبقى هناك سؤال مهم:إن كنت تطالب بما هو اكثر مما تتوقع الحصول عليه فإلى أي مدى يمكنك أن تطلب؟؟
الإجابة هنا هي: أنك يجب أن تقوم بحصر هدفك، يجب أن يكون عرضك المبدئي وسطا بين العرض والهدف الذي تسعى لبلوغه،كما يجب أن يكون كذلك بالنسبة للطرف الآخر ، أي أن يكون وسطا بين عرضه المبدئي والهدف الذي يسعى لتحقيقه. على سبيل المثال :
يطلب صاحب السيارة مبلغ 15 ألف دولار بينما ترغب أنت بشرائها بمبلغ 13 ألف ، هذا يعني أن عرضك المبدئي يجب أن يكون 11 ألف دولار.
- بصفتك رجل مبيعات، يقوم أحد المشترين بعرض 16 دولار ثمنا للسلعة وأنت ترى أن 17 دولار هو ثمنا مناسبا، مبدأ الحصر هنا يملي عليك أن تبدأ عند السعر 18 دولار، فان انتهى الأمر عند منتصف المسافة بينكما فهذا يعني أنك تمكنت من إصابة هدفك .
هذا لا يعني إطلاقا أنه يجب أن تعقد الصفقة دائما في منتصف المسافة بين الطرفين، ولكن يمكنك دائما أن تعمد إلى هذا الافتراض إن لم تكن تملك من المعلومات ما يكفي لتغيير وضعك المبدئي. وأفترض دائما أنك ستصل إلى منتصف المسافة بين الوضع المبدئي لكلا العرضين. راقب الأمر سوف تندهش من مقدار صحة هذا المبدأ .
لاحظ هذه الحالة التطبيقية لمبدأ الحصر:(1/73)
عام 1982 كانت أمريكا تتفاوض مع المكسيك بشأن سداد دين دولي ضخم قدره 82 مليار دولار، وكانت الحكومة المكسيكية لا تنوي سداد الدين.وفي محاولة لإيجاد حل مبتكر للأزمة اقترح الجانب الأمريكي على الجانب المكسيكي، أن تقوم المكسيك بتزويد أمريكا بكميات ضخمة من البترول كي تضيفه إلى الاحتياطي الاستراتيجي ، ووافقت المكسيك ،إلا أن هذا لم يكن كافيا لحل الأزمة ، فأقترح الأمريكان على الجانب المكسيكي أن يدفع 100مليون دولار كمصاريف تفاوض، عندما وصل الطلب إلى الرئيس المكسيكي رفض رفضا قاطعا وقال : أبلغوا رونالد ريغن أنني لن أدفع مليما واحدا كنفقات تفاوض .
لقد وقع الرئيس المكسيكي بالفخ وقدم عرضا عبارة عن (صفر) ولكنه فتح بابا للتفاوض، الجانب الأمريكي يطلب 100 مليون والجانب المكسيكي عرض مبلغ (صفر) ،وانتهت المفاوضات بأن حصل الأمريكان على 50 مليون دولار.
إذاً فاقتسام الفارق يعد حلا لحسم التفاوض على مستوى الأشياء الصغيرة والكبيرة ، فان المفاوض المحنك يعلم تمام العلم أنه بإتباع مبدأ"الحصر" سوف يحصل على كل ما يسعى إليه.
وحتى تتمكن من إجراء الحصر يجب أن تحمل الطرف الآخر على المبادرة بطرح موقفه"كما فعل الأمريكان مع الرئيس المكسيكي" .أما إذا تمكن الطرف الآخر من حملك أنت على تحديد موقفك أولا فهو الذي سوف يتمكن من إجراء الحصر، وإن انتهى المآل إلى اقتسام الفارق فسوف يحصل هو على ماكان يسعى إليه. لذلك يجب أن تدفع الجانب الآخر إلى تحديد موقفه أولا.
لكي تتم صفقة عليك أن تحضر لها جيدا قبل أن تبدأ بالتفاوض، ويجب أن يكون التحضير من خلال إعداد دراسة ورؤية واضحة لما يلي:
- فهم مصالحك ومصالح الطرف الآخر والبدائل الأفضل لكما
- تحديد الفرص المحتملة لإيجاد قيمة ما
- تقرير مستويات السلطة لكلا الجانبين"سنأتي عليها في الفصل الثاني"
- معرفة الجانب الآخر وفهم ثقافته
- التحضير للمرونة
- إظهار العدالة للموقف المتخذ(1/74)
- تغيير المسار عند اللزوم ليصبح في صالحك.
مناورات وسط التفاوض
المرحلة الثانية أو الوسطى من مراحل مناورات التفاوض تتجزأ إلى محورين:
أولا - الضغط على الشخص المقابل بدون مواجهة :
المفاوض الفعال بامكانه الضغط على الشخص المقابل في المفاوضات بدون مواجهة للحصول على اكبر قدر من التنازلات منه وبدون أن يضطر للجوء للمواجهة المباشرة.
ومن هذه الطرق للضغط بدون مواجهة هناك طريقة تسمى السلطة الأعلى. وتعني مديرك في العمل أو رئيس الشركة أو صاحب الشركة أو إي شخص آخر حتى إن هذه الطريقة يستخدمها حتى الأطفال الصغار بالفطرة للخروج من مأزق معين بان يقول أخي الأكبر لم يوافق مثلا.
ويستخدمها المفاوضون دائما بحيث أن يقوم بالضغط على الجهة المقابلة لأقصى حد يستطيع اخذ تنازلات منه ثم يحجم بعدها عن الموافقة بحجة (السلطة الأعلى ) كأن يقول مثلا يجب أن أحيل الموضوع على السلطة الأعلى.
وقد يكون ليس هناك سلطة اعلى ولا وجود لها ولكن أيضا قد تكون موجودة وقد تتكون من كيان معين مثل الرئيس أو مجلس الإدارة أو الإدارة القانونية مثلا.
ثم تعود في اليوم الثاني لاستئناف المفاوضات ولكن تكون لديك أخبار غير سارة للطرف الآخر ومحزنة كأن تقول مثلا السلطة الأعلى لم توافق على العرض وتصر على كذا وكذا أي مزيد من التنازلات من قبل الطرف الآخر. وبذلك تكون أنت شكلت ضغط على الطرف الآخر كي يبذل جهدا اكبر ويقدم تنازلات لتحسين الصفقة. والسبب بكل بساطة أنهم يتولد لديهم شعور بان عليهم تقديم تنازلات اكبر لينال عرضهم القبول عند السلطة الأعلى وان إقناعك أنت من قبلهم لا يكفي بل يجب أن يتم إقناع السلطة الأعلى بواسطتك. وبذلك تكون عروضهم أكثر يسرا لضمان إتمام الصفقة.(1/75)
وان مميزة هذه السلطة الأعلى كي تستخدمها في مفاوضاتك بأنها تجعلك تمارس اكبر قدر ممكن من الضغط من خلال تكتيك معين في المفاوضات يسمى (الطيب والشرير) وأنت هنا تمثل دور الطيب والسلطة الأعلى تمثل دور الشرير وغير موجودة في المفاوضات مما يجعلهم يأخذون عنه فكره بأنه شرير وأنت الطيب. وكذلك قد يكون ممثل السلطة الأعلى في المفاوضات متواجد ولكن يجب أن يكون عدواني في تفاوضه.
وأنت كيف تكون طيب؟
تكون كذلك بإظهار رغبتك في إتمام الصفقة واعتمادها وبذل اكبر جهد في إتمامها ولكن السلطة الأعلى ((الشرير)) هو من يمتلك القول الفصل في هذا الأمر وليس أنت ولذلك عليك إذا كان ممثل السلطة الأعلى متواجد في المفاوضات إن تكون أنت أيضا الشخص الطيب الذي يعتذر دائما عن الشرير ومحاولة استدراجهم لتنازلات أكثر كان تطلب منهم تقديم تنازلات بسيطة منهم بعد الاعتذار لهم لتعيد استئناف المفاوضات وإتمام العقد.
ولكن تخيل انك أنت الشخص المقابل للخطة.
فماذا تفعل وكيف تحرج من مأزق السلطة الأعلى؟
لكي تقطع الطريق عليهم من البداية لكي لا يقومون بتضليلك وإيقاعك في هذا المطب للسلطة الأعلى عليك أن تبدأ بمحاولة اخذ استيضاح منهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إثناء بدء المفاوضات بأنهم هم من لديهم قدرة على اتخاذ القرار. ولكن قد لن يفلح هذا الأمر معهم لذلك عليك استخدام أسلوب الأنانية والأسلوب الجاف معهم والتقليص من شأنهم إمامك مقابل سلطتهم الأعلى وتقليل أهميتهم وهي حالة نفسية قد تستفزهم بها لكي يدعوا أو يتظاهروا مثلا أنهم ليسو ذو أهمية اقل وإنهم قادرين على الموافقة على ما تصل إليه المفاوضات.
أو العكس إي رفع معنوياتهم وقدرهم بان تقول لهم مثلا وبشكل قاطع وواضح بأسلوب إعطائهم أهمية ودور بان السلطة الأعلى سوف توافق إذا وافقوا هم على التفاوض لأهميتهم ومعرفتهم.(1/76)
وبذلك يكون الطرف الآخر قد يعطي التزام بأنهم قادرين على اخذ الموافقة من السلطة الأعلى عند عرض التقرير النهائي للمفاوضات ويجب أن تطالب بإيضاح عن سبب رفض السلطة الأعلى في حالة الرفض أما الرفض الغير مسبب أو الغامض فهو غير مقبول ويجب أن لا تقبل به.
وأيضا بإمكانك إذا عرفت أن الشخص المقابل يستخدم أسلوب السلطة الأعلى أمامك أن تفهمه بطريقه مهذبه بأنك تعرف هذا الأسلوب وانه لن يجدي معك وانك تعرف تماما ما يسعون للوصول إليه وبذلك فان هذا الأسلوب لن يؤتي ثماره.
ثانيا- المحور الثاني، أسلوب النقلة الإلزامية أو الإجبارية
النقلة الإجبارية هي نقله تلزم بها الطرف الآخر بان يقدم عرض اقل ولكن يجب أن تتنبه لأمر مهم وهو عدم التحديد.
كيف يكون ذلك ؟
يجب أن لا تقابل الطرف الآخر بعرض مضاد لعرضه ومحدد برقم معين مثلا أو هدف محدد أي تجعله مبهم كأن يقدم لك عرض فترد عليه بأنك تريد عرض أفضل (عرض أفضل وليس عرض برقم أو هدف محدد) ثم تلتزم الصمت بعدها لفترة حسب وضع المفاوضات. وهذه هي النقلة الإجبارية وهي (الرد بطلب عرض أفضل والصمت بعدها إلى أن يصلك رد من الطرف المقابل) فهي تلقي ضغط على الشخص المقابل لتقديم مزيد من التنازلات بدون مواجهة.
كثير من المفاوضون المبتدئون يقدموا تنازلات بمجرد أن يسمع هذه العبارة وهي (نريد عرض أفضل)
مثال على ذلك:- عندما تتلقى عدة عروض مثلا لعمل شيئا ما أو توريد أو غيره مثلا فانك بالطبع سوف تختار اقلها وتوافق علية. أليس كذلك ؟
احد المسئولين في المفاوضات فعل ذلك وقبل اقل العروض ولكن في اللحظات الأخيرة تذكر هذه المقولة وكتبها على العرض (عليكم تقديم عرض أفضل) وسرعان ما أتاه الرد بخصم اقل مما كان أي انه باستخدامه لأسلوب النقلة الإجبارية وفر مبالغ من العقد.
ولكن عليك أن تتذكر بأنه عندما كتب نريد عرض أفضل لم يحدد مقدار ما يريده. وترك ذلك للطرف الآخر.
ورد الطرف الآخر بالخصم وإعطائهم عرض أفضل(1/77)
بينما المفاوضون المتمرسون لا يوافقون على إعطاء الخصم بهذه الطريقة عندما يكون غير محدد.
وإنما يردون بسؤال وهو إلى إي مدى تريدون أن يكون الخصم ؟
ولذلك عليك أن ترد بهذا السؤال إذا قابلت مثل هذا الطلب بعرض أفضل.
إياك أن تقترح اقتسام الفارق: يعتقد البعض أن اقتسام الفارق يكون دائما حلا منصفا حين يصل التفاوض حول السعر الى طريق مسدود. المفاوض البارع يعي تماما أن اقتسام الفارق لايعني بالضرورة اقتسامه في منتصف الطريق بين البائع والمشتري، بل يمكن أن يقسم الفارق مرتين لتصل القسمة 75/25 بل يمكنك أيضا أن تحمل الطرف الآخر على اقتسام الفارق بمقدار ثلاث أو أربع مرات
- لا تقع في الفخ وتظن أنه من الإنصاف اقتسام الفارق بين الطرفين.
- إن اقتسام الفارق لايعني الوقوف عند منتصف المسافة بين العرضين لأنه يمكن إعادة اقتسام الفارق أكثر من مرة.
- لا تبادر مطلقا بعرض اقتسام الفارق، ولكن احمل الطرف الآخر على ذلك.
- إن حمل الطرف الآخر على عرض اقتسام الفارق يضعه في موقف الطرف الذي يسعى للتسوية بتقديم حل وسط بينما تقوم أنت في هذه الحالة بقبول عرضه على مضض لتشعره أنه قد انتزع منك فوزا.
كيف تتعامل مع الموقف المتأزم
سوف تقابل أثناء المفاوضات الممتدة: مواقف متأزمة ،ومواقف متعثرة، ومواقف متفاقمة. الموقف المتأزم:هو الذي يحدث حين يصل الطرفان الى حالة من عدم الإتفاق الكامل حول إحدى نقاط التفاوض مما يهدد المفاوضات . أما الموقف المتعثر:فهو يعني أن الجانبين مازالا يتحاوران ولكن دون إحراز أي تقدم أو الوصول الى حل. أما الموقف المتفاقم فهو الموقف الذي يؤدي فيه الافتقار الى التقدم الى إحداث حالة من الإحباط عند كلا الطرفين بدرجة تدفع كل طرف الى الإحجام عن مواصلة التفاوض مع الطرف الآخر فيصلا بذلك الى طريق مسدود.
وهذا يعني أن من السهل اختلاط الأمر على أي مفاوض مبتدأ فيما يخص الموقف المتأزم والموقف المتفاقم(1/78)
مثال : افترض أنك تصنع علب خاصة لمواد التنظيف لصالح مصنع معين، فيفاجئك المصنع بأنه عليك تخفيض سعرك بنسبة 2% في السنة وعلى مدى خمس سنوات قادمة والا فسوف يضطر الى التعامل مع مورد آخر، وأنت ترى استحالة تلبية هذا الطلب لأن ذلك يعني أنك لن تحقق ربحا . قد تعتقد في هذا الموقف أن الموقف متفاقم ، وأنك وصلت الى طريق مسدود ، ولكن الأمر ليس كذلك إنه فقط موقف متأزم.
وفي المواقف المتأزمة يمكنك أن تلجأ الى إحدى الحيل التي تتسم بالسهولة وهي حيلة " الإهمال" . لقد أثبتت هذه الحيلة فاعليتها الشديدة في مفاوضات " كامب ديفيد" بين مصر وإسرائيل.
لقد ذهب الأمريكان الى الإسرائيليين وقالوا لهم : يجب أن تتحدثوا الى المصريين ، وإن لم تفعلوا ذلك فسوف تقوم الحرب العالمية الثالثة في المنطقة. فجاء رد الجانب الإسرائيلي: حسنا قد نكون على استعداد للتحدث الى المصريين ولكن على الجانب الأمريكي أن يعي منذ البداية أن هناك أمرا واحدا غير قابل للتفاوض وهو أننا لن ننسحب شبرا واحدا من سيناء.
ظن الأمريكان أنهم وصلوا الى طريق مسدود في بداية الأمر ولكنهم بحنكتهم لجأوا الى حيلة الإهمال فجاء ردهم :بوسعنا أن نتفهم مشاعركم تجاه سيناء،حيث تكمن آبار البترول، ونتفهم أنكم استطعتم أن تستولوا عليها في حرب1967 ،ولكن دعونا نضع هذه القضية جانبا في الوقت الحالي ونطرق بعض القضايا الهامة الأخرى. وقد تمكن الجانب الأمريكي بفضل هذه الحيلة أن يكسب مزيدا من قوة الدفع حال انهماكه في بعض القضايا الفرعية، وعندما عادت المفاوضات لتطرق القضية الرئيسية بدا الأمر أكثر يسرا وقابلا للتفاوض مما كان عليه في بداية التفاوض.
_ لا تخلط بين الموقف المتأزم والموقف المتفاقم ، إذ أن المواقف المتفاقمة الحقيقية نادرة الحدوث،ولذلك فأنت على الأرجح وقعت تحت وطأة موقف متأزم فقط.(1/79)
- تعامل مع الموقف المتأزم بتطبيق حيلة الاحتيال" دعنا نطرح الأمر جانبا في الوقت الراهن ونناقش بعض القضايا الأخرى. أتسمح بذلك؟؟"
- اكتسب قوة دفع بمعالجة الأمور الفرعية، ولكن لا تضيق خناق التفاوض وتحصره في قضية واحدة.
كيف تتعامل مع الموقف المتعثر:
بين الموقف المتأزم والموقف المتفاقم ،سوف يقابلك الموقف المتعثر، وهذا يحدث حينما يضل الحديث متواصلا بين الطرفين ومع ذلك يعجز الطرفان عن إحراز أي تقدم أو التوصل الى حل. إن الموقف المتعثر يشبه الى حد كبير كما يقال في الاصطلاحات الملاحية: أن السفينة استدارت برأسها باتجاه الريح. وأنها لن تستطيع الإبحار إلا إذا انحرفت بزاوية 30 درجة يسارا. إنه من الصعب أن تحتفظ بسير السفينة بهذه الطريقة إلا أنها في النهاية سوف توصلك الى حيث تشاء .
ولكي تستطيع أن تغير اتجاه السفينة عن الريح ، عليك أن تحرك مقدمة السفينة خلال الريح.وإذا ما ترددت فقد تعرض رأس السفينة للاصطدام بالريح ، وبالتالي فإنك فقدت قوة الدفع أثناء تغيير وجهة السفينة ولن يكون هناك ما يكفي من الهواء لتحريك المقدمة.
فحين يجد ربان السفينة نفسه في هذا الموقف يجب أن يتخذ التصرف اللازم لحل المشكلة وهذا يعني اعادة توجيه السفينة أو جذب شراع السفينة الى الوراء لتوجيه مقدمة السفينة أو إدارة الدفة أو أي شيء من شأنه أن يكسبه قوة دفع.
لذلك يجب أن تعمد في هذه الحالة الى تغيير أسلوب التفاوض لاكتساب قوة دفع .
وهذه بعض النصائح التي يمكن أن تلجأ اليها بدلا من أن تسعى لتغيير القيمة النقدية في التفاوض:
- اسع لتغيير القائمين على التفاوض من جانبك.
- اعمل على تغيير مكان التفاوض بأن تقترح مواصلة التفاوض أثناء الغداء أو العشاء.
- استبعد العضو الذي ربما يكون قد أثار الجانب الآخر.
- اعمل على تخفيف حدة التوتر بالتحدث عن الهوايات أو بعض الموضوعات الرئيسية في الأخبار.(1/80)
- حاول اقتراح بعض الحلول المادية مثل: دفع طويل الأجل،تخفيض قيمة الدفعة المقدمة،اعادة هيكلة أسلوب الدفع.
- تحدث عن طرق مشاركتك للطرف الآخر في تحمل جزء من المخاطرة، وأكد له أنك لن تقبل بخسارته، وحاول أن تقترح عليه استعدادك لاسترجاع بعض البضائع الراكدة في العام التالي شريطة أن تكون في حالة جيدة مقابل 20% مصاريف تخزين.
كيف تتعامل مع الموقف المتفاقم
إذا ما تخطت الأمور حد التأزم والتعثر، فهذا يعني أن الموقف قد بات "متفاقما" أي أن الطرفين قد شعرا بالإحباط من جراء العجز عن إحراز أي تقدم مما أفقداهما الرغبة في مواصلة الحوار.
إن الموقف المتأزم نادر الحدوث، ولكن إن حدث بالفعل ووقعت في إحدى هذه المواقف، فليس أمامك إلا أن تستعين بطرف ثالث ليعمل كوسيط أو حكم. وطبعا هناك فرق كبير بين الوسيط والحكم: ففي حال التحكيم يتفق الطرفان قبل بدأ التفاوض على أنهما سوف يلتزمان بقرار الحكم. أما الوسيط فهو لا يملك سلطة القرار ، إنما هو مجرد شخص أُشرك في المفاوضات لتسهيل إمكانية التوصل الى حل، أي أنه يعمل "كحافز" يحاول أن يوظف كل مهاراته لإيجاد حل يرضي الطرفين .
يعتقد المفاوض المبتدئ أن إشراك الوسيط يعد نيلا من قدرته كمفاوض ويضعه في صورة المفاوض الفاشل ، فتجده يخاطب نفسه قائلا:لن أطلب من مديري مد يد العون لأنه سوف يعتقد حينئذ أنني مفاوض فاشل.أما المفاوض البارع فهو يعلم تماما أن هناك أسباب كثيرة تقتضي تدخل طرف ثالث لحسم المشكلة ،وأن هذا لايعني أنه مفاوض فاشل.شريطة طبعا أن يكون الحكم أو الوسيط حياديا ويكون الطرفان متأكدين من حياديته .
-اطلب دائما مقابل:
إن حيلة المقايضة تقتضي أن تطلب المقابل فورا إذا حملك الطرف الآخر على تقديم تنازل خلال المفاوضات ،وسوف تكتشف عند أول استخدام لهذه الحيلة أنها سوف تدر لك من المال الشيء الكثير. خذ مثلا:(1/81)
لنفترض أنك بصدد بيع بيتك ، وجاءك المشتري طالبا السماح له بنقل بعض الأثاث الى "كراج المنزل" قبل إتمام الصفقة ببضعة أيام، وبرغم أنك لم تكن ترغب بانتقال المشتري الى المنزل قبل إتمام الصفقة، فإنك تجد وسيلة للضغط عليه، لأنه في هذه الحالة سيحاول تجنب أية مشكلات عند إتمام الصفقة . فتقول له في هذه الحالة : " دعني أطرح الأمر على الأسرة(الرجوع الى السلطة الأعلى) لأرى مدى تقبلهم للفكرة ، ولكن اسمح لي أن أسألك: إن أنا أسديت لك هذه الخدمة فما الذي بوسعك أن تقدمه لي؟؟ " .
لكنك أيضا قد تجد الجانب الآخر يجيبك حين تسأل عن المقابل قائلا: لن نقدم شيئا" أو " يجب أن تسعى الى مواصلة العمل معنا ، هذا هو ما سوف تحصل عليه".
عمليا أنت هنا لم تخسر شيئا رغم أنه كان بوسعك أن تحقق مكاسب إضافية ، ولكن إذا لزم الأمر يمكن أن تقول لهم :لا أستطيع أن أفرض على العمال أن يعجلوا بالشحن دون مقابل ، يجب أن تدفعوا مقابلا للشحن المبكر . أو ربما يمكنك أن تطلب منهم تقديم موعد السداد.
الإنذارات:
هي احد البيانات ذات الشأن التي تعمل على إثارة الرعب في نفس المفاوض غير المحنك،
أطلق على أسلوب"لك أن تقبل أو ترفض" اسم (بولواريزم)، ويرجع السبب في هذه التسمية إلى لوميول بولوار الذي كان رئيسا للعمل في شركة جنرال الكترك في فترة الخمسينات والستينات من القرن الماضي.
والهدف منها تهديدك أو تخويفك كي توقع على الاتفاق بسرعة ، أفضل أسلوب للتعامل مع هذه الطريقة هو تجاهلها والاستمرار في عملية التفاوض .
إن انتظارك لحين مرور موعد الإنذار النهائي سوف يكشف لك هذا الخداع وبالتالي سيفقد هذا التهديد مصداقيته.
حين تتبين نقطة ضعف هذا العامل سوف يسهل عليك استخدام أقوى الحيل المقابلة ، وهي كشف خدعة الطرف الآخر بتخطيه للموعد النهائي . ولكن عليك قبل ذلك أن
- تختبر مصداقية الإنذار بأسرع ما يمكن.(1/82)
- ارفض الإنذار وأخبر الطرف الآخر أنك لا تدري إذا كان بوسعك أن تنفذ المطلوب في الوقت المحدد.
- استخدم عامل الوقت، لأنه الحد الفاصل في مثل هذه المواقف التي يسعى فيها أحد الأطراف للتهديد، فكلما مرت فترة أطول بدون أن يقوم بتنفيذ تهديده كلما قلت فرصته في التنفيذ إلى أن تتلاشى
- اكشف الخدعة وأعمد إلى تخطي الوقت النهائي للإنذار.
السلطة المحدودة:
إن محاولة التفاوض مع شخص لا يملك سلطة اتخاذ قرار نهائي هو احد أكثر المواقف المثيرة للإحباط إلا إذا أدركت أن ذلك لا يتعدى كونه حيلة تكتيكية من الجانب الآخر. فان لم يكن كذلك فسوف يجتاحك شعور بأنه لن يتسنى لك أبدا التحدث مع صاحب سلطة القرار.
إن حيلة الرجوع الى السلطة العليا سوف يجنب الطرف الآخر الوقوع تحت ضغط وجوب اتخاذ قرار ، كما سوف يوفر له المزيد من الوقت لمراجعة المفاوضات .
يجب أن يتقن المفاوض البارع كيفية استخدام حيلة السلطة الأعلى وكيفية التعامل معها فهي إحدى التقنيات الأساسية التي يجب أن يلتفت إليها. احتفظ بحقك في الرجوع إلى السلطة الأعلى واسع دائما لانتزاع هذا الحق من الطرف الآخر وذلك بأن تنتزع منه اعترافا بأنه يملك سلطة اتخاذ القرار قبل انتهاء المفاوضات.
المقاطعات/التأخير:
إن المقاطعات والتأخير المخطط له في جلسات التفاوض يمكن أن يكون أداة مفيدة في تدعيم قضيتك، وأيضا حين يستخدمها خصمك فهي تعد مصدرا للإزعاج ويمكن أيضا أن تشتت انتباهك بما يكفي لوضع حد لفعاليتك، وبالتالي يجب أن تقلل من احتمالات التشتيت فيما عدا محاولات التشتيت التي تقوم بها أنت عن عمد.
إن إمكانية إعاقة المقاطعات لعملية التفاوض يمكن تقليلها بقليل من التخطيط مسبقا وقبل بداية المفاوضات، وتشكل الاتفاقات على تقليل عدد المشاركين وعقد الاجتماعات خارج مقر العمل جزءا من عملية الوقاية.
المعلومات الإحصائية:(1/83)
لابد أن الطرف الآخر سيكون قادرا على تبرير ما يطلبه لو قام بواجبه، ومع ذلك تنبه إلى مصدر معلوماته ، فلا يكفي أن يكون مصدرها شرعيا لكي تكون ملائمة ومناسبة ، فكثيرا من الوثائق يمكن أن تأخذ شكلا شرعيا وقانونيا لكنها في الحقيقة لا تخدم الهدف المطلوب كأن يتقدم لك الطرف الآخر بمعلومات (هي دقيقة فعلا) ولكنها لا تتحدث عن المنطقة المطلوب إجراء الدراسة عليها .
وهي أحدى الحيل غير الأخلاقية وما يسمى بالخطأ المتعمد وهو تكتيك غير أخلاقي يبحث عن ضحية حيث يقوم صاحبها بإعداد عرض مع تعمد إسقاط احد العناصر أو التخفيض من قيمة احد البنود أو إخفاء معلومة من وثيقة .
إياك أن تلجا إلى مثل هذه الأساليب لانتزاع ميزة فإنك إن تمكنت من الإفلات في المرة الأولى فانك ستسقط فريسة بكل تأكيد في إحدى المرات القادمة .
لغة الجسد
يعتقد علماء النفس بأن 60 % من حالات التخاطب والتواصل بين الناس تتم بصورة غير شفهية أي عن طريق الإيماءات والإيحاءات والرموز ، لا عن طريق الكلام واللسان ( ويقال إن هذه الطريقة ذات تأثير قوى ، أقوى بخمس مرات من ذلك التأثير الذي تتركه الكلمات ) ،،ومن الأخطاء الجسيمة التي نقع فيها جميعاَ هي تجاهلنا للغة الجسد والإيماءات في محاولتنا فهم ما يقوله لنا أحدهم أو إحداهم أو إحداهن وقراءة أفكاره أو أفكارها بل إننا نمضي ساعات في تحليل الكلمات التي قيلت لنا من دون أن ندرك مغزاها لأننا لا نحسب بالشكل الكافي لغة الإيماءات.
.. وقرأت مرة أنه يمكن فك الجدل التقليدي حول ما إذا كان الطرف الآخر مرتاح لنا بالاعتماد على إيماءاته وإيحاءاته ورموزه لا على كلامه، فالإيماءات جديرة بأن تقول ذلك ببلاغة أشد من الكلام وهذه بعض الإيماءات والإيحاءات التي تحدث في حياتنا اليومية وقد لا نكون مدركين للمغزى أو التأثير النفسي المسبب لها .
فمثلا ً:(1/84)
? مس اليد للوجه أثناء الحديث أمر مرتبط بالكذب وكذلك الحال عند لمس الأنف أثناء الكلام .
? وقد يلجأ البعض إلى لمس الأذن عند التشكيك بكلام يقال أمامهم .
? عندما يعقد اجتماع ما لمؤسسة أو إدارة ويلقي المدير نكتة عرضية نجد أن كلاً من الحاضرين يصطنع ابتسامة مزيفة تظهر بوضوح في عضلات زاويتي فمه التي تُشَدّ وتُرخى في اتجاه الأعلى أما في الابتسامة الحقيقية فإن عضلات أطراف العينين تتقلّص أيضاً .
? وإذا شبكت المرأة يديها بشكل لين فهذا دليل انفتاحها على الجو المحيط بها
? عندما يهز البعض رؤوسهم في إشارة إلى التأييد والاهتمام نجد أن الشخص المتكلم يزيد من سرعة كلامه.
? بينما يشير تشابك الذراعين وتباطؤ رفرفة العينين إلى الملل أو إلى عدم الموافقة ما يحتمل أن يجعل المتكلم يبطئ في كلامه .
قبل أن نذكر مناورات الختام أريد أن اذكر شيئين مهمين في التفاوض وهما الدوافع والمعلومات
الدوافع- من الخطأ افتراض أن الطرف المقابل في المفاوضات يرغب في تحقيق نفس الأشياء التي تهدف إليها أنت. وإنما بالتأكيد فان ما يهدف له قد يكون مختلف. ودورك أنت أولا أن تعرف ما يهدف إليه الطرف المقابل فان ذلك من أهم الأمور التي يجب أن تعرفها وكلما أدركت ذلك بشكل جيد أو اجتهدت في معرفة مأربه يكون هناك إمكانية بالنسبة لك لتحقيق أهدافك.وتستطيع تحقيقها بدون أن تقدم تنازلات اكبر مما تريد تحقيقه من أهداف.
بعض النواحي المهمة في لغة الجسد :
_لا تمتلك أية كلمات أو جمل ولكنها ترسل أجزاء من المعلومات التي تترابط لتكوّن رسالة كاملة.
_هذه الرسائل التي لا تكون أحياناً واضحة ومبهمة أحياناً أخرى هي بالأساس تتعلق بشعورنا.
_يستطيع الناس أن يتعلموا ويقرأوا تلك الرسائل بدرجة كبيرة من الدقة.
_ ... لا تستطيع أن تتخلى عن لغة الجسد وأنك ترسل رسائل غير شفوية دائماً وطوال الوقت بشكل عفوي.(1/85)
_إن حركاتك وأوضاع جسدك المفضلة تحدد ما حولك عن نوعية الشخصية التي تملك.
_إذا لم تطابق أقوالك حركات جسدك فإن الناس يصدقون حركات جسدك وليس كلماتك.
_يمكن أن تبدل من شعورك وذلك بالتغيير الواعي لحركات ولغة جسدك. إذا
بدأت تتصرف كما لو أنك أنت ذلك النوع من الأشخاص الذي تود أن تكون حقيقة منهم.
وتحليلاً للنقطة الأخيرة من الفقرة السابقة فإن عاملين اثنين يجب أن يؤخذا بعين الاعتبار:
أولاً: إن شعورك ولغة جسدك مرتبطة تماماً, وبشكل لصيق وأن العلاقات بينهما هي علامة في كلا الاتجاهين.
ثانياً: إن ما تشعر به يعتمد كثيراً على رؤيتك لنفسك منعكساً في الآخرين وكيف يرونك.
فمثلاً إذا لم تكن واثقاً بنفسك, وأكتافك مدلاة, وجسدك متوتر, ودائم النظر إلى الأسفل وليس إلى الناس ويداك مكتوفتان, فبمقدورك أن تغير شعورك للأحسن وذلك بالوقوف منتصباً مع إرخاء عضلاتك, وفك ذراعيك, والبسمة على وجهك.
وثانياً إذا قمت بعمل هذه الأشياء فإن الناس من حولك سوف يرونك واثقاً, ومطمئناً وتقوم لغة أجسامهم ببث الرسالة إليك وعندما تقرأ هذه الرسالة ستبدأ بتصديقها فوراً دون إبطاء. وتستطيع أن تستفيد من هذا إذا:
_أصبحت متيقناً من الكيفية التي تريد أن تظهر بها وتحاكيها.
_إذا أصبحت متيقناً كذلك من الكيفية التي أصبحت عليها, وكم تختلف أنت عن الشخص المحاكي.
ويوجد هناك عاملان هامان :
? هل يستطيع جسدك أن يقول ما تريده منه؟
? وهل تستطيع أن تفسر لغة أجساد الآخرين؟
إن الكثيرين منا لا يعون لغات أجسامنا حيث أن هذا ينطبق على الرجال الذي لا يلاحظون الإشارات التي تنبعث من أجسامهم وأجسام الآخرين ويتجاهلونها حول أشياء مهمة جداً.
وأنه لمن المفيد أن ينضم المرء إلى ورشة علمية تدور حول كيفية تحليل واكتشاف الإشارات المضللة للغة الجسد . .
وإليك بعض الأشياء التي يمكن أن تجربها:(1/86)
ابدأ بالانتباه الواعي للغة أجسام الناس حيث يمكن أن تشاهد التلفزيون لمدة عشر دقائق مع إخفاء الصوت كلياً.
دون بعض الملاحظات عن لغة أجسام الناس المحبوبين والمحترمين والمسموعين:
-كيف يقفون أو يجلسون؟
-ما نوع التعابير التي يملكون؟
-ماذا تفعل أيديهم, وأقدامهم؟
-ما نوع النظرات التي يملكونها؟
-ما هي الوسائل غير الشفوية التي يمتلكونها؟
-هل يتصرفون بعكس لغة أجسادهم الإيجابية وهل هذا يؤثر عليهم؟
ابدأ بالتصرف بلغة الأجساد الإيجابية لمن تحب, وتحترم, وسيبدأ الناس الآخرون بالنظر إليك بشكل مختلف عن السابق .
وحدها العيون تتخطى كل اللغات وتغزو كل الحصون فتلتقي في لحظة لتحكي بلمحة ما يعجز عنه اللسان وتتسلل إلى أعماق النفس لتقول كلماتها الخاصة جدا والصادقة جدا، فهي لغة لا تعرف الكذب ولا الرياء ... لغة ليست بلغة لكنها مرآه صافيه تعكس مباشرة كل المشاعر وتبوح بالأسرار ...
1: العين
تمنحك واحدا من أكبر مفاتيح الشخصية التي تدلك بشكل حقيقي على ما يدور في عقل من أمامك ، ستعرف من خلال عينيه ما يفكر فيه حقيقة ، فإذا اتسع بؤبؤ العين وبدا للعيان فإن ذلك دليل على أنه سمع منك توا شيئا أسعده ، أما إذا ضاق بؤبؤ العين فالعكس هو الذي حدث ، وإذا ضاقت عيناه ربما يدل على أنك حدثته بشئ لا يصدقه وإذا اتجهت عينه إلى أعلى جهة اليمين فأنه ينشئ صورة خيالية مستقبلية وإذا اتجه بعينه إلى أعلى اليسار فإنه يتذكر شيئا من الماضي له علاقة بالواقع الذي هو فيه وإذا نظر إلى أسفل فإنه يتحدث مع أحاسيسه وذاته حديثا خاصا ويشاور نفسه في موضوع ما .
2: الحواجب :(1/87)
إذا رفع المرء حاجبا واحدا فإن ذلك يدل على أنك قلت له شيئا إما أنه لا يصدقه أو يراه مستحيلا، أما رفع كلا الحاجبين فإن ذلك يدل على المفاجأة . أما إذا قطب بين حاجبيه مع ابتسامة خفيفة فإنه يتعجب منك ولكنه لا يريد أن يكذبك وإذا تكرر تحريك الحواجب فإنه مبهور ومتعجب من الكلام وموجات كلامك تدخل على دماغه بأكثر من شكل .
3: الأنف والأذنان :
فإذا حك أنفه أو مرر يديه على أذنيه ساحبا إياهما بينما يقول لك إنه يفهم ما تريده فهذا يعني أنه متحير بخصوص ما تقوله ومن المحتمل انه لا يعلم مطلقا ما تريد منه أن يفعله . ووضع اليد أسف الأنف فوق الشفة العلية دليل أنه يخفي عنك شيئا ويخاف أن يظهر منه.
4: جبين الشخص :
فإذا قطب جبينه وطأطأ رأسه للأرض في عبوس فإن ذلك يعني أنه متحير أو مرتبك أو أنه لا يحب سماع ما قلته توا ، أما إذا قطب جبينه ورفعه إلى أعلى فإن ذلك يدل على دهشته لما سمعه منك .
5: الأكتاف :
فعندما يهز الشخص كتفه فيعني انه لا يبالي بما تقول .
6: الأصابع :
نقر الشخص بأصابعه على ذراع المقعد أو على المكتب يشير إلى العصبية أو عدم الصبر.
7: عندما يربت الشخص بذراعيه على صدره :
فهذا يعني أن هذا الشخص يحاول عزل نفسه عن الآخرين أو يدل على أنه خائف بالفعل منك .
هذه الإشارات السبع تعطيك فكرة عن لغة الجسد وكيف يمكن استخدامها في إبراز قوة شخصيتك و التعرف على ما يفكر به الآخرون بالرغم من محاولاتهم إخفاء ذلك.
التفاوض مع الجنسيات المختلفة:
من المهم أيضاً أن تكون لديك خلفية"عامة" عن الجهة التي تتفاوض معها، فلكل شعب من شعوب الأرض سمة عامة تجمعهم خصائصها ، وبالتالي عليك أن تأخذها بعين الاعتبار" قبل ،وأثناء التفاوض" وسوف نعرض لها باختصار:(1/88)
إن جاز لنا أن نضع تخيلنا للمطاعم في المدينة الفاضلة سوف تكون تحت إدارة ألمانية ، بينما سيكون المشرف فرنسياً والنادل إنكليزيا والطاهي إيطالياً وفي المقابل إذا تصورنا مدينة بدائية فسوف تكون الإدارة في المطاعم إيطالية ، بينما سيكون المشرف ألمانياً والنادل فرنسياً والطاهي إنجليزياً . ذكر الممثل الكوميدي جورج كارلين "أن الشؤون الميكانيكية في المدينة الفاضلة يجب أن تكون في يد الألمان ، بينما يتولون السويسريون الإشراف على الفنادق ويكون الطهاة فرنسيين والعشاق إيطاليين والشرطة إنجليزية ، وفي المقابل يتولى الإيطاليون الشؤون الميكانيكية في المدينة البدائية ويقوم الفرنسيون بالإشراف على الفنادق والإنكليز بالطهي بينما يكون العشاق من سويسرا والشرطة من ألمانيا" . إنها نمطية في التفكير بالتأكيد ، إلا أنه من الخطأ تجاهل السمات التي يتمتع بها كل شعب في مجال العمل باسم تجنب النمطية .
يجب أن نتعرض للخصائص التفاوضية لغير الأمريكيين ، إلا أنني أنأى بنفسي من تهمة الوصمة النمطية لأنني لا أشير بالطبع إلى أن كل الأشخاص الذين يعيشون في بلد واحد أو تربطهم خلفية قومية واحدة يجب أن يحملوا نفس السمات. إلا أنه يبدو من الأمور الواقعية أن نعرف أن النسبة الأكبر من أبناء الشعب الواحد سوف يتصرفون بنفس الصورة . ولهذا فإنه من المجدي التعرف على الاتجاهات المختلفة للشعوب ومراقبة سلوك غير الأمريكيين حال التفاوض معهم في ضوء هذه المعرفة لتبين مدى توافقهم مع النموذج المرسوم.
الشعب الإنكليزي :
يجب أن تكون شديد الحرص بمعرفة الأصل القومي حال تعاملك مع الإنكليز .(1/89)
إذ أن بريطانيا العظمى تضم انكترا وويلز واسكتلندا، أما المملكة المتحدة فهي تضم بالإضافة إلى ذلك ايرلندا الشمالية. تصل نسبة الإنكليز في الدول الثلاثة التي تضمهم بريطانيا العظمى إلى 82% وهذا يعني أنك يجب أن تفترض أنهم جميعهم إنكليز ما لم تجد أحدهم يرتدي الحذاء الايرلندي. إن الإنكليزي يفضل دائما أن تطلق عليه إنكليزيا وليس بريطانياً وترجع تلك الحساسية في إحدى جوانبها إلى المشاكل الضخمة التي تسببت فيها الهجرة حيث أنه حتى الستينيات من القرن العشرين كان أي شخص يولد في إحدى المستعمرات البريطانية (التي كانت تضم 60% من مساحة الأرض في آن واحد) يحمل جوازاً بريطانياً ويحق له الهجرة الى انكلترة ولعلك سوف تسمع كثيرا هذه المقولة حال تعاملك مع الإنجليز"أرجو أن لا تقول أنني بريطاني ، إذ أن البريطاني قد يكون وافدا من أي مكان أما أنا فإنكليزي".
يجب أن تحدد موعدك مع الإنكليزي في وقت يسبق اللقاء بفترة طويلة،لأن الإنكليزي يحيا في ظل جدول أعماله ، كما يجب ان تصل في الموعد المحدد.
ولكن احذر أن تسبق الموعد.
أن تصل متأخراً بعشر دقائق خير لك من أن تسبق الموعد بدقيقة واحدة في المناسبات الاجتماعية.
يتميز الإنكليز بالأدب الجم . تذكر أن 60 مليون بريطانيا يعيشون في بلد تبلغ مساحته نصف مساحة"أوريجون". حيث يعيش معظمهم في البلاد المحيطة بلندن.
وهذا يعني أن الإنسان في ظل هذا البلد المزدحم يجب أن يحكم سلوكه بعدد من الضوابط والحدود.
إن هذه النقطة تعد مفتاح فهم الشخصية الإنكليزية.
وهكذا فإن قام أحد الأشخاص بالعزف على آلة" الساكسيفون"في قطار مزدحم في إنكلترا ، فإنه من غير المألوف أن يقوم أي أحد بالاعتراض على تصرفه،
أما في أمريكا فإن هذا الشخص سوف يتم إسكاته على الفور.(1/90)
نادرا ما يبادر الإنكليزي بطرح سؤال شخصي على الرغم من أنه من الطبيعي في أمريكا أن يبادرك أحد الأشخاص بالحديث قائلا:"ما الذي تفعله؟"، أو" ما عنوانك الحالي؟".والذي يعد تدخلا صارخا بالنسبة للإنكليزي.
إلا أن حياؤه سوف يدفعه في هذه الحالة الى الإجابة عن سؤالك ،ولكنه لن يقابل سؤالك بسؤال.
إن الإنكليزي لا يحب التحدث مع الغرباء ، أما أفضل طريقة لبدأ الحوار مع شخص غريب في إنكلترا فهي الإشارة الى حالة الجو بشكل عام، كأن تقول على سبيل المثال:"إنه يوم لطيف" أو" يبدو أنها سوف تمطر".
فإن جاء الرد غير مفسر وأحادي اللفظ حتى أنك لم تتمكن من تبين معناه، فهذا لايعني أن هذا الشخص غير مهذب ، وإنما هو ببساطة لا يود التحدث معك في ذلك الوقت.
أما إن كان يرغب في مواصلة الحديث ،فسوف يجيبك بشكل يماثل شكل السؤال التقليدي قائلا:" إن زهوري بحاجة الى بعض المطر"أو" لا يدهشني نزول المطر في هذا الوقت من السنة،إن الأمر لا يثير دهشتي بالمرّة.".
يمكنك في هذه الحالة أن تبدأ حديثك معه، ولكن تذكر أنك يجب أن لا تطرح عليه أية أسئلة شخصية.
يمكنك أن ترفض دعوته لتناول الشاي دون أن يأخذ ذلك على محمل سلبي ،وهو ما يعتبره غير الإنكليزي في أي مكان في العالم بمثابة إهانة.
الشعب الفرنسي:
يفخر الفرنسي بأن باريس عاصمة الموضة في العالم، فهو يقدّر الأناقة ، لذا يجب أن تحرص على الظهور بهيئة أكثر رسمية من تلك الهيئة التي تتسم بها عادة في بلدك.كما يجب أن تضيف بعض الرتوش على مظهرك كأن تضع منديلا في جيبك، أو ترتدي وشاحا من الحرير.وتذكر:إن الفرنسي يتباهى بمهارته اللغوية، وهذا يعني أن حب اللغة قد يمنع الفرنسي حتى الذي لا يعرف سوى بعض الكلمات الإنكليزية من محاولة التفوه بها حتى لا يبدو عليه أنه لا يجيدها.(1/91)
الفرنسي يعتز ببلاغته، وهو يعشق الحديث والمجادلة، ولاشي يمتعه أكثر من هذا الجدل المجرّد الذي يدور أثناء احتساء القهوة الصباحية. حيث يركز جلّ إمكانياته على منطق الجدل وليس على النقطة التي أثارت الجدل.
إن الفرنسي منطقي التفكير، وهو يحرص في عمله على مخاطبة المنطق والتفكير وليس على استشارة العواطف.
حينما يقول الفرنسي أثناء التفاوض:"نعم" فهذا يعني"ربما". أما إن قال" لا" فهذا يعني"دعنا نتفاوض".
يجب أن تحرص على دقة المواعيد حال التعامل مع الفرنسيين نلأنهم يعتبرون التأخير شكل من أشكال الإهانة، كما يجب أن تصافحهم مصافحة سريعة حين تقابلهم، أما تقبيل الخدّ فهو مقصور على الأصدقاء المقربين فقط.
كما يجب أن تنادي كل امرأة ناضجة بلقب " سيدتي" حتى إن لم تكن متزوجة".
أما أهم ما يجب أن تلتفت إليه، فهو أن لا تفسد أي وجبة بالحديث عن العمل،
إن الغداء الفرنسي قد يدوم لمدة ساعتين ، كما أنه تجربة مثيرة حقا. يجب في هذه الحالة أن تتجنب الحديث عن العمل إلا إذا بادر الطرف الآخر بالحديث.
إنه من الأفضل لك كثيرا في هذه الحالة أن تبدي مدى إعجابك بالطعام الفرنسي. كن مستعدا لتحمل نفقة الوجبة الباهظة إذا قمت بدعوة أحدهم على العشاء.
الألمان:
الألمان "بمافيهم السويسريون الناطقون بالألمانية" يندرجون ضمن الشعوب ذات السياق المنخفض ،أي أنهم يضعون جلّ تركيزهم على الصفقة بدلا من التركيز على العلاقة القائمة بين الأطراف، أو المناخ السائد عند توقيع العقد.
ولعل الشعب الألماني هو واحد من الشعوب القليلة التي تفوق الشعب الأمريكي حرصا على إعداد عقود شديدة التفصيل.
ويمكن أن نطلق عليهم بحق اسم"أسياد العقود". أي أنهم عندما يعقدوا الصفقة ، لا يسعون أبدا لإجراء أي تغيير.(1/92)
صافح الألماني بحرارة عند اللقاء وعند الرحيل،وتحرى الدقة في الحديث لأن هذا يعّد من الأمور الأساسية بالنسبة لهم، ولا تضع يدك في جيبك أثناء الحديث عن العمل ، لأنهم يعتبرون ذلك تصرفا غير لائق،كما أنك يجب أن لا تلق النكات في مكان العمل، لأنهم يرون ذلك غير مناسب على الإطلاق.
يولي الألمان اهتماما شديدا بالألقاب، فلا تنادي الألماني باسمه وإنما بإسم العائلة إلا إذا سمح لك هو بذلك.فإن كنت تملك لقبا فيجب أن تستخدمه، كما يجب أن تحترم ألقاب الآخرين. كما يجب أن يسبق اللقب لفظ: سيد أو سيدة أو آنسة.إذ يجب أن تقول على سبيل المثال:" السيد الدكتور شميث" أو " السيدة الأستاذة شميث".
الآسيوي:
يركّز الآسيوي بشدة على العلاقة بين الأطراف، أي أنه يركز بشدة على مدى ثقته بالطرف الآخر ،وليس العقد الذي يوقع عليه.
سوف يقوم الطرف الآخر في تايلاند أو في أي دولة من دول شرق آسيا بالترحيب بك بواسطة إيماءة صغيرة، وبتوجيه كلتا اليدين تجاهك مع ضم راحة اليد.
يجب أن ترد التحية بنفس الصورة، ولكن يجب أن تحرص على أن تكون يداك عند نفس درجة الارتفاع أو أعلى قليلا.
إن درجة ارتفاع اليدين تعكس درجة احترام الشخص للشخص الذي يقابله.
ينظر الآسيوي الى الوعود المقطوعة أثناء التفاوض بوصفها وعود ممنوحة للشخص القائم بالتفاوض وحده وليس للشركة التي يمثلها.وبينما يطلق الأمريكي على مرحلة توقيع العقد :المرحلة النهائية، ينظر اليها الآسيوي بأنها بداية للعلاقة. ولهذا يجب أن تحرص حال التعامل مع الآسيوي على أن تنقل له فكرة أنك تنظر الى توقيع العقد بوصفه بداية وليس نهاية.
لا تتوقع أن تتواصل مع الآسيوي بلغة العيون، لأنه يعتبر ذلك بأنه تصرفا غير لائق.
الروس والأوكرانيون:(1/93)
الروس بطبعهم ليسوا رجال أعمال،إن تجريد الحياة الروسية من كل الحوافز ،وحظر" الدين"، خلال سبعين عاما من حياة الإتحاد السوفييتي ،كان يعني بدوره القضاء على أي وازع أخلاقي يحث هذا المجتمع على فعل الخير.
إن حظر الشركات الخاصة التي تدر أرباحا ، كان يعني انعدام الحافز المادي الذي يشجع كل ماهو نافع.
لقد عمل الروس على مدى سبعين عاما لصالح الحكومة وليس لصالح أي جهة أخرى.فقد كان المال لايعني أي شيئ بالنسبة للروس،لأنه حتى عند امتلاك الروسي لأي مال فلم يكن هناك مجال لإنفاقه.
وعلى الرغم من أن بعض الروس قد سارعوا الى ركوب موجة النظام الرأسمالي ، إلا أن العديد منهم قد واجهوا صعوبة في التحرك نحو هذا النظام، ولهذا فلا تتوقع أ، يشكل الربح بالنسبة للروسي نفس القدر من الحافز الذي يشكله للأمريكي.
لا يخشى الروسي أن يبادر بفرض مطالب مبدئية قاسية، فهو ينتظر منك دائما أن تبدي له احترامك، وهو ما قد ينظر إليه الأمريكي على اعتباره تحكما.إلا أن الروسي ينظر الى الأمر بشكل مختلف.
يجب أن تدرس الشخص الذي تقوم بالتفاوض معه، كما يجب أن تشعره بمقدار ما تشعر به من امتنان للتعامل معه.
يتمتع الروسي بعقلية بيروقراطية،ولذلك فهو لا يخشى أن يفصح لك عن وجوب رجوعه الى السلطة الأعلى.وهو ما قد يشعرك بكمّ هائل من الإحباط.
لقد اعتاد الروسي أن يحمي نفسه من اللوم بالحصول على توقيع العديد من الأشخاص على كل ما اتخذ من قرارات، وهو ما يعد إحدى سقطات زمن الاتحاد السوفييتي حيث كان الخطأ يتسبب في عواقب جسيمة قد تقود الى " سيبيريا".
كما أنك سوف تقابل قيمة أخرى راسخة في العقلية الروسية، وهي أنه طالما لم يصرح له بفعل شيئ ما ، فهذا يعني أنه محظور.
كما أن الروسي لا يخشى أن يصرح لك بالأمور التي تثير قلقه، حتى وإن أشعرك ذلك بالارتباك.(1/94)
حاول أن تقدّر هذه الصراحة وأن لا تنزعج منها.وكما هو شأنك حال التعامل مع أي شخص غاضب، حاول أن تزحزحه عن الموقف بالتركيز على المصالح المشتركة التي تجمع بينكما.
إن المفاوض الروسي يركز على مصلحته الشخصية، أي أنه لا يسعى الى الحصول على مكسب للطرفين.
.لا تعتقد أن مشاركتك للروس في تناول المشروبات ، وأن تلك الأحضان الدافئة التي تحيط بك في كل مكان تعني أن هناك علاقة وطيدة قد باتت تجمع بينكم.
إن قال الروسي عن أحد الأمور أنه لا يبدو مناسبا، فهذا يعني أنه مستحيل التنفيذ.
الشرق الأوسط:
يجب أن تنبه الى الاختلافات العرقية عند إجراء مفاوضات في الشرق الأوسط.
إن أول ما يجب أن تأخذه في اعتبارك حال تعاملك معهم هو أن لا تشير إليهم بوصفهم " عرباً" مالم يكونوا من سكان شبه الجزيرة العربية، التي تضم العراق والأردن ودول الخليج العربي. أما المصريون واللبنانيون والمغاربة فهم لا يحبون أن تطلق عليهم اسم العرب، كما أن الإيرانيون سوف يريعهم ذلك.
يجب أن تتوقع قضاء وقت طويل ، ربما أيام طويلة في التعرف على الشخص الذي تسعى للتعامل معه الى أن يشعر بالارتياح عند التفاوض معك.
حين يقوم أي شخص من الشرق الأوسط بالتوقيع على عقد، فهذا يعني من وجهة نظره بداية التفاوض وليس نهايتها. أي انه يوقع العقد أولا ثم يشرع في التفاوض.
وقد أدرك الأمريكيين الذين يتعاملون في الشرق الأوسط هذا الأمر ،حتى أنهم أطلقوا عليهم اسم" جامعي العقود".
إن إدراكك لهذه الحقيقة يعد من الأمور الهامة،كما أنك يجب أن لا تنظر إليها بوصفها انحرافا، وإنما هي ببساطة طريقة مختلفة في التعامل.
إن العقد بالنسبة لهم تقل قيمته عن أي خطاب وفاق بالنسبة للأمريكان.(1/95)
لا تنزعج إن تأخر أحدهم عن الموعد المحدد، أو ربما لم يأت على الإطلاق. لأن المواعيد لا تشكل لهم مثل هذه الأهمية التي يستشعرها الأوروبيون والأمريكان.كما أن الوقت بصفة عامة لا يحظى بنفس الدرجة التي يوليها له الأوروبيون .
سوف تغرق في بحر من الترحاب والهدايا حال تفاوضك معهم، وهي محاولة مكشوفة لكسبك، ويجب أن تعرف كيف تتعامل مع هذا الأسلوب.
أما أفضل طريقة لمواجهة هذا الأسلوب فهي التعامل بالمثل بدلا من تكبّد عناء تلك المشاعر العدائية التي سوف تثيرها برفضك لهذه الخدمات.أما المبادلة فسوف تجنبك أية مسؤولية شخصية ، كما أنها سوف تضاعف من شعورك بالاستمتاع.
الفصل الثالث
مناورات نهاية التفاوض:
في المفاوضات أو المناورات هناك مناورات أخلاقية وهناك مناورات غير أخلاقية وعليك أن تعرف المناورات الغير أخلاقية التي يستخدمها بعض المفاوضين في المناورات الختامية للتفاوض لكي تبطل مفعولها." سوف نفرد لها فصلا خاصا لاحقا":
دائما أصحاب الصوت العالي أو المرتفع هم أكثر الناس في تقديم التنازلات
ضربة اللحظات الأخيرة:
الضربة الاخيره وهي التي تكون في الوقت الضائع وهي طلب تنازلات أكثر في اللحظات الأخيرة من الطرف المقابل، والمهم فيها وقتها حيث تكون في الوقت الذي يكون فيه المفاوضين تخلوا عن حذرهم وحرصهم تماماً.
ويستخدمها المفاوضون في طرح الأمور التي لا يتقبلها الطرف المقابل في بداية التفاوض. وعليك عندما أن تطرح عليك مثل هذه الطلبات كشخص مقابل أن تبتسم وبكل هدوء تقول أن الاتفاق عادل ولا يحتمل المزيد من التنازلات.
تحجيم التنازلات:(1/96)
إن الطريقة التي تقدم بها التنازلات قد تكون مؤثرة على توقعات الطرف المقابل وعلى أداءه التفاوضي، فقد يتوقع منك المزيد إذا فعلت ذلك باعطاءه تنازلات اكبر مما قدمت بداية التفاوض. لذلك عليك أن تقدم تنازل اقل مما قدمت ولا تنسى أن يكون تقديمه بشرط الحصول على مقابل من الطرف المقابل وليس بدون مقابل ويجب أن تكون التنازلات متناقصة.
_الغباء التفاوضي (الاستهبال):
لاشك بأنه قمة الذكاء والفعالية التفاوضية وهو ما يسمى الغباء التفاوضي أو التغابي بمعنى أصبح.
كثير من الناس يعتقد أو يظن أن التفاوض يعني العدوانية والثقة اللامحدودة بالنفس، ولكن ما يفعلونه في الواقع هو أنهم يضعون أنفسهم في مواقع لا يحسدون عليها بفقدهم لمقومات كثيرة من أوراق التفاوض الفعال التي ذكرناها سابقاً.
فكيف لك أن تستفيد من ورقة السلطة الأعلى أو الشخص الشرير مثلا إذا قلت للشخص المقابل في التفاوض انك أنت كل شيء وأنت المدير وأنت المسئول وأنت أنت.
لذلك عليك أن تتغابى وتجعل نفسك بسيطا وتأخذ من الشخص المقابل كل المعلومات ولا تبين له انك لديك كل ماهو مطلوب من معلومات وغيرة من هذا القبيل.
القيمة نسبية:
تذكر دائما بان القيمة للشيء المتفاوض عليه نسبية وتختلف من شخص لشخص آخر، وليست النقود أكثر أهمية فقد تكون أحيانا المادة المتفاوض عليها تشكل أهمية اكبر من النقود. فقد يكون هناك بعض المفاوضون قد يدفعون مالا أكثر في شيء يشكل بالنسبة لهم قيمة مضافة مثل ندرة أو جودة منتج معين.فيجب أن تعلم انه ليس السعر أكثر أهمية أحيانا للسلعة بالنسبة للطرف المقابل، فقد تكون السلعة أهميتها بالنسبة له اكبر من النقود.
يمكن تلخيص حيل نهاية التفاوض في " خمس " حيل رئيسية :
ولعل حيلة الفتى الطيب والفتى الشرير هي من أهم وأنجع الحيل" الأخلاقية" في رسم نهاية موفقة لجلسة تفاوض
لعبة الطيب والشرير:(1/97)
إن حيلة الفتى الطيب والفتى الشرير هي إحدى حيل التفاوض الشهيرة، وقد صورها (تشارلز ديكنز) في المشهد الأول من قصته " الآمال العظيمة" . حينما كان بطل القصة الصغير (بيب) في المقابر ثم خرج عليه رجل ضخم مرعب، وكان هذا الرجل (متهما) ، وكانت قدماه مقيدتين بالسلاسل، ثم طلب الرجل من بيب أن يأتي له بطعام ومبرد من المدينة كي يتمكن من التخلص من قيوده، ووقع المتهم في حيرة من أمره حيث أنه كان يريد أن يخيف "بيب" كي يجبره على إنجاز ما طلبه منه،ولكنه في نفس الوقت كان لا يرغب في أن يضغط عليه بشدة حتى لا يتسمر الولد في مكانه من الرعب، أو يهرع إلى البلدة لإبلاغ الشرطة بأمره.لذا لجأ المتهم الى حيلة الفتى الطيب والفتى الشرير فقال المتهم:" أريد أن أخبرك يا بيب أنني أحبك وأنني لن أتعرض لك بالأذى، ولكن يجب أن أحذرك من أن لي صديقا مختبئ هنا في الضباب، وهو شخص عنيف وأنا الوحيد القادر على السيطرة عليه. فإن لم أتمكن من التحرر من هذه القيود ولم تساعدني فسوف يلاحقك، لذلك يجب أن تساعدني، هل تفهم ما أقول؟"
إن استخدام حيلة الفتى الطيب والفتى الشرير هي إحدى الوسائل الفعالة في الضغط على الآخرين مع تجنب المواجهة.
في الأفلام البوليسية، حيث يقود الضابط أحد المتهمين إلى قسم الشرطة لاستجوابه ، يظهر المحقق بصورة رجل جامد وعنيف وشرس يسعى لتهديد المتهم بكل الطرق ويتوعده بكل ألوان العذاب إن لم يتعاون معهم ، ثم يخرج الرجل بصورة غامضة لتلقي مكالمة هاتفية ليحل محله المحقق الثاني المكلف بتولي أمر المتهم إلى أن يعود المحقق الأول ، ويبدو الرجل غاية في الحنيّة واللّطف ، يجلس المحقق ويصادق السجين ويعطيه سيجارة قائلا: اسمعني يا فتى: إن الصورة ليست قاتمة كما تبدو ، هل تعلم أنني أتفهمك؟ وأنا أعلم كل ما يدور في هذا المكان فلماذا لا تدعني أساعدك؟(1/98)
إنها محاولة جادة للإيحاء للمتهم بأن الفتى الطيب في صفّه بينما واقع الأمر بالطبع ليس كذلك.
يظهر الفتى الطيب ليتم الصفقة عند النقطة التي يطلق عليها رجال المبيعات (النقطة الثانوية لعقد الصفقة)، يأتي الفتى الطيب ليقول للمتهم: إن كل ما يسعى المحققون وراءه هو المكان الذي خبأت فيه المسدس أو "أين خبأت الجثة" .
إن البدء بإحدى النقاط الفرعية ثم استكمال الأمر من عند هذه النقطة يعد إحدى الوسائل الفعالة ، بمعنى أن يسألك رجل المبيعات قائلا:" إن كنت بصدد شراء هذه السيارة فما اللون الذي تفضله؟" وسمسار العقارات المحنك يقول: إذا قمت بالفعل بشراء هذا المنزل فكيف ستقوم بتأسيس غرفة المعيشة؟ أو أي من غرف النوم هذه سوف تختارها لتكون غرفة المولود الجديد؟ .إن مثل هذه القرارات البسيطة هي التي تقود إلى القرارات الكبيرة.
إن الآخرين يعمدون إلى تطبيق هذه الحيلة معك إلى حد يفوق تصورك ، راقب الأمور فسوف تجد أنك بما تخوض مفاوضات شخص واحد مقابل اثنين (وهذا ليس جيدا).
مثال على استخدام حيلة الفتى الطيب والفتى الشرير:
في نوفمبر عام 1980أخرجت الانتخابات الرئيس كارتر من السلطة الرئاسية بينما كان الإيرانيون يحتجزون بعضا من موظفي السفارة الأمريكية في طهران. وقد حال كارتر جاهدا إطلاق سراح الرهائن قبل انتهاء ولايته لكي لا يعود الفضل في تحريرهم مستقبلا للسيد "ريغان". لذلك شرع كارتر في تطبيق حيلة الفتى الطيب والفتى الشرير مع آية الله الخميني فقال له:لو كنت مكانك لسعيت الى إنهاء هذا الأمر"معي أنا" بدل أن تعرض نفسك لمخاطر التعامل مع الفريق الجديد الذي سيحل مكاني في يناير المقبل. يا إلهي هل رأيت هذه الزمرة؟ الرئيس ممثل رعاة بقر، ونائب الرئيس هو رئيس المخابرات الأمريكية السابق، أما وزير الخارجية فهو ألكسندر هيج، إنهم أشد جنونا من الإنكليز أنفسهم حتى انه لا يمكنني توقع ردة فعلهم حيال هذه القضية".(1/99)
ثم جاء دور ريغان ليقول" لو كنت مكانك لسعيت للتوصل الى حل مع كارتر، فهو رجل لطيف، وأنا على ثقة بأن موقفي حين أصل الى البيت الأبيض حيال هذه القضية لن يعجبك". وهذا ما حدث فعلا وتم تحرير الرهائن صبيحة دخول ريغان الى البيت الأبيض.
تذكر هذه النقاط الأساسية:
- إن حيلة الفتى الطيب والفتى الشرير تستخدم بشكل يفوق تصورك، فأحذر هذه الحيلة حين تكون بصدد التعامل مع شخصين أو أكثر.لأنها وسيلة فعالة للضغط على الجانب الآخر دون الحاجة الى خلق مواجهة. واجه الحيلة بالتعرف عليها وكشفها إذ أنها تكتيك مشهور حتى أنها تحرج الطرف الآخر وتجبره على التوقف حال كشفها.
- لا تقلق حين يكتشف الطرف الآخر انك تستخدم هذه الحيلة، فقد يبقى التكتيك فعالا حتى حال اكتشافه. وحينما تكون أحد المفاوضين البارعين فسوف تشعر بمزيد من المتعة عند تفاوضك مع أناس على دراية بكل أنواع الحيل.انه شعورك عندما تقوم بلعب مباراة شطرنج مع شخص يعادلك في مستوى الكفاءة وليس مع من هو دون مستواك.
2- الاقتناص:
إن مبدأ الاقتناص يعني أنه بإمكانك أن تكسب مزيدا من الإمتيازات بطريقة أسهل في وقت متأخر أثناء المفاوضات . المفاوض البارع يدرك تماما أنه بإمكانه أن يحصل على بعض الإمتيازات حتى بعد الإتفاق على كل الأمور وذلك باستخدام حيلة " الاقتناص" . بل يمكنه أيضا أن يحمل الطرف الآخر على قبول بعض الأشياء التي كان قد رفضها مسبقا.
يدرك بائعو السيارات هذه الحيلة جيدا .فهو يدرك أنه يجب أن يسعى أولا الى دفعك الى الحد الذي يجعلك تفكر في أنك قررت أن تشتري سيارة وسوف تشتريها من هذا المكان ، حتى وإن تطلب الأمر أن تتغاضى عن نوع أو طراز السيارة ، فيقوم باقتيادك الى غرفة مغلقة واحتساب بعض النفقات الإضافية التي من شأنها أن تزيد من أرباحه.
إذن: مبدأ الاقتناص يعني أنه بإمكانك أن تكسب مزيدا من الإمتيازات بطريقة أسهل في وقت متأخر أثناء التفاوض.(1/100)
يتسم الأطفال في هذا الصدد بمهارة فائقة، إنها مهارة طبيعية يكتسبونها بالسليقة ،حتى يتمكنوا من التعايش مع آبائهم وتحقيق مآربهم طوال فترة تربيتهم ، وهذا يعني أنهم بطبعهم مفاوضون بارعون .
عندما يتخرج ابنك ،فإنه يسعى للحصول على مكافأة تخّرج كبيرة . ولكن يكون لدية مطالب خفية، مثل الذهاب في رحلة خارجية، ونفقات الرحلة، وتجهيزات الرحلة.
ولكن تلاحظ أن ابنك لا يتقدم منك بهذه الطلبات مجتمعة بل يسعى للحصول على موافقتك أولا على الرحلة،بعد ذلك يطلب منك تغطية نفقات الرحلة والتي يكون قد أعدها لك سابقا، وبعد أن يضمن موافقتك يقول لك: هل تقبل بأن أسافر بحقائب وثياب قديمة؟؟
فلو انه طرح مطالبه جميعا دفعة واحده ،فغالبا فلاشك انك كنت ستفاوضه في موضوع النفقات والثياب والحقائب.
عندما تبلغ المفاوضات نقطة معينة ،وهي نقطة انتهاء المفاوضات،سوف تستشعر انك في منتهى الحساسية ، إذا انتابك هذا الشعور فهذا يعني انك وقعت في "فخ" الاقتناص.
خذ مثلا: انك تبيع سيارة ، وشعرت بالسعادة لأنك وجدت مشتريا ، وبينما يجلس المشتري ليحرر لك الشيك نظر إليك وقال إن الصفقة لا تنص على تعبئة السيارة بالبنزين أليس كذلك؟
يضعك هنا عند أكثر النقاط حساسية في المفاوضات لسببن:
الأول: لأنك عقد صفقة وتشعر أن معنوياتك مرتفعة، وهذه الحالة تجعلك على استعداد للتنازل عن بعض الأشياء التي لم تكن على استعداد للتنازل عنها قبل ذلك.
والثاني: سوف تقول في نفسك: لقد عالجت كل الأمور ولا أرغب بالعودة ثانية الى بداية المفاوضات ومناقشة كل الأمور فلربما خسرت الصفقة كلها. وأظن أن من الحكمة أن أتنازل عن هذه النقطة الصغيرة.
لقد بلغت إذا أكثر النقاط حساسية بعدما وافق الطرف الآخر على إتمام الصفقة، ولكن يجب أن تلتفت الى هؤلاء الذين يسعون لاقتناصك.
ولكي تتجنب خطر الاقتناص من الجانب الآخر استخدم الحيل التالية :(1/101)
-أعلمهم كتابيا أنهم سوف يتحملون ثمن أي تنازل إضافي، وحرر قائمة بالتسهيلات طويلة الأجل إذا كان بإمكانك أن تقدمها.
- أحمي نفسك من فخ التنازل بتطبيق حيلة السلطة الأعلى، والفتى الطيب والشرير، يجب أن تقابل حيلة الاقتناص بالحيلة المقابلة ، والتي تكمن في إشعار الطرف الآخر بمنتهى الهدوء بأنه "إنسان رخيص" . " ابتسم له وقل: لقد توصلت يا صديقي في هذه الصفقة الى سعر رائع ،فلا تجعلنا ننتظر رأي الإدارة في هذه الجزئية" . واحرص على الابتسامة لكي لا يشعر الطرف الآخر بأنها إهانة.
3- التدرج في تقديم التنازلات:
عند إجراء المفاوضات، ينبغي أن تفكر فيما إذا كنت ستقّدم التنازلات الواحد بعد الآخر، أو كنت ستحاول التوصل الى اتفاق بجمع التنازلات دفعة واحدة، وتقديم عرض إجمالي. ويبشر تقديم التنازلات الواحد بعد الآخر بأنك ستحصل على أقصى قيمة في مقابل التنازلات التي تقدمها، كما يزيل الخوف من التنازل عن شيء بلا داع أثناء عملية التفاوض.
ولكن السلسلة الطويلة من العروض والعروض المضادة حيث يتنازل كل طرف بعناء عن عنصر ثانوي بعد الآخر يستهلك الكثير من الوقت ، كما يؤدي الى ظهور الإحباط والعداء الذي يمكن أن يوقف المفاوضات تماما. إن التنازل عن العناصر الواحد بعد الآخر يمكن أن يتركك أيضا محاصرا إذا وصلت الى نقطة لم يبق لديك فيها سوى القليل الذي يمكن التنازل عنه، ثم أخذ الطرف الآخر بالضغط عليك لانتزاع مزيد من التنازلات ، وعلاوة على ذلك فعندما يقدم العرض تلو الآخر_ مع إدخال قدر بسيط من التحسينات كل مرة_ سيكون من الصعب أن تقنع خصمك بأن البئر قد نضبت. وعلى العكس من ذلك فإن العرض الإجمالي يتيح لكلا الطرفين تجنب ضرورة التعامل مباشرة مع النقاط الإشكالية الفردية الموجودة في موقف كل منهما.(1/102)
إن كيفية استمرارك ستُحدد في فترة مبكرة من المفاوضات على أغلب الأحيان ،فإذا كان العرض المبدئي للطرف الآخر يقترب نسبيا من هدفك التفاوضي، فلابد أن تكون قادرا على إتمام الإتفاق بتقديم مقايضة بالجملة للتوصل الى الإتفاق. أما إذا لم يكن عرضه يقترب مما يُعد مقبولا بالنسبة لك، فإنك ستضطر على الأرجح الى تقريبه من موقفك بتقديم سلسلة من التنازلات.
ومع جميع النوايا والأغراض، فإن المدخل الأكثر عملية هو محاولة التفاوض على العرض إجمالا"دفعة واحدة".بينما تحتاط من الفشل بالاحتفاظ بشيء يمكنك التنازل عنه، وهذا التصرف يبعدك عن الاضطرار الى التنازل عن أي شيء قيّم للتوصل إلى اتفاق في حال الدخول في طريق مسدود.
ومن الأمور التي يجب الاحتياط منها عند مقايضة التنازلات أن تتأكد بأنك لا تتنازل عن شيء ذو قيمة دون الحصول على تنازل مماثل من خصمك. وهذا يمكن أن يحدث عندما يقدم الطرف الآخر تنازلا يبدو جوهريا في الظاهر، لكنه لا يساوي شيئا في الحقيقة. وهناك ثلاث أسئلة أساسية يجب أن تضعها في اعتبارك دائما حين يعرض الطرف الآخر أن يقدم لك تنازلاً وهي:
- هل يقدّم لك الطرف الآخر شيئا ذو قيمة؟ إن المظاهر يمكن أن تكون خدّاعة وخاصة على مائدة المفاوضات، حيث يحاولا كلا الطرفين الحصول على أفضل صفقة ممكنة، الأمر الذي يعني تقديم أقل قدر ممكن من التنازلات.
وعلى الجانب الآخر، فمن الممكن أن تتوقع قبل البدأ بالمفاوضات أن شكلا من أشكال التنازل قد يكون لازماً أثناء التفاوض الفعلي. ونتيجة لذلك فإن طرفي التفاوض كليهما يرجّح أن يبدأ بمواقف أبعد من أهدافهما، ثم يبدأ الطرفان في تقديم تنازلات تزحزحهما عما كان يُعد هدفاً غير واقعي المنال في المقام الأول. ولهذا فإن التنازلات المبدئية في عديد من المفاوضات لا تمثل سوى" إزالة الزوائد" التي يضعها كل طرف في عرضه.(1/103)
وبافتراض أنك وضعت عرضك المبدئي بحيث يكسبك المرونة الكافية لتقديم تنازلات غير منطقية، ولا تمس صلب هدفك من التفاوض، فلن يلحق بك أي ضرر من مثل هذه المقايضة، ولكنك يمكن أن تواجه صعوبات إذا أغفلت وضع التنازلات في هدفك السابق للتفاوض، قايضت التنازلات بإهمال تاركا نفسك على قاعدة موقفك التفاوضي، بينما يتمتع خصمك بساحة رحبة للمناورة. وللوقاية من هذا الأمر ينبغي أن تتأكد من ضرورة القتال بضراوة في مقابل كل تنازل تقدمه. إن هذا لا يُعد إجراءا وقائيا ضد التورط في أي تنازل فحسب، وإنما يُعد أيضاً عاملا نفساً يعزز فكرة أنك تقدم تنازلات ثمينة.
حتى حين تصل المفاوضات الى النقطة التي يصبح من الضروري فيها تقديم تنازلات جوهرية لا يود أي من الطرفين تقديمها، يمكن أن تقع فريسة للتنازلات عديمة القيمة. وهذه التنازلات يمكن أن تأخذ أية صورة، بما في ذلك الوعود التي يستحيل أداؤها أو تلك التي يجرّمها القانون أو التشريعات الحكومية.
- أما السؤال الثاني الذي يجب أن تسأله لنفسك عندما يقدّم لك الطرف الآخر تنازلاً فهو:ماذا يطلب في المقابل؟ فنجاحك في تبادل التنازلات سوف يؤثر الى حد بعيد على جودة الصفقة التي تنتهي إليها. ومن الشراك الشائعة في هذا المجال"طلب تنازل مالي بنفس قيمة التنازل الذي يقدمه الطرف الآخر" الأمر الذي يخلق مشكلة حين يكون موقف الطرف الآخر بعيداً عن هدفك السعري.
- مثال: إذا كان مبلغ (200) ألف دولار هو السعر الأقصى الذي ستدفعه وعرض البائع اقتسام الفرق بين عرضه الأخير(300) ألف وعرضك أنت(150) ألف فإنك ستدفع بالتالي (225) ألف دولار إذا ما وافقت على اقتسام الفارق.
أما النقطة المهمة هنا فهي أن حتى ما يبدو كمقايضة متساوية القيمة يمكن أن يكون مضرا. ولهذا فعندما تفكر في نوعية التنازل الذي يطلبه الطرف الآخر، عليك أن تنظر الى الأمر من منظور هدفك التفاوضي العام، وليس كصورة تبادل تنازلات.(1/104)
- أي تنازل موعود لا قيمة له دون الالتزام بتنفيذه ( سنتحدث بالتفصيل عن هذه النقطة في استراتيجية ما بعد التفاوض لاحقا). فالعديد من التنازلات تتكون من عناصر ستشكل جزءا من أداء الموضوع محل التفاوض، ولهذا فعندما يكون أي تفاوض سيشكل جزءا من أداء أي اتفاق تم التفاوض عليه، ينبغي أن تتأكد من تدون الشروط في اتفاق مكتوب، والا فقد تجد نفسك لم تحصل على ما تفاوضت من أجله.
احرص خلال كل مراحل التفاوض الممتدة حول السعر أن لا تتبع نموذجا في التنازل يسهل اقتفاؤه
" بالأمس فقط جاءني استشاري "الإيزو" ، ومعه فاتورة تتضمن أتعابه عن الجولات التفتيشية الشهرية لشركتنا يطلب فيها "1000" دولار شهريا.
قلت له: يبدو أن هناك سوء تفاهم حصل بيني وبين مندوبكم ، لقد فهمت منه أنكم تطلبون 2-3 آلاف سنويا.إن هذا المبلغ كبير جدا ولا يمكنني أن اقبله ،فأرجو أن تقبل اعتذاري.
قال على الفور: أنا راغب جدا في استمرارية التعامل معك ، وأنا عادة أطلب من الشركات الأخرى 1200 دولار . قلت لابأس ولكن ليس لدي الإمكانية لدفع مبلغ كهذا ، ولا أخفيك أن لدي بدائل مناسبة أكثر .
قال حسنا لتكن 900 قلت ليس الموضوع مئة أو مئين ، إن الهوة شاسعة بيننا .
قال لكنك تطرح رقما بعيدا جدا عن الواقع . لم أجبه، استأذنته وخرجت من مكتبي لدقائق قليلة ثم عدت لأدعوه أن يشرب قهوته .دون أن أتحدث بالموضوع ، قال لن أخسرك كزبون وسأتنازل الى 800 وهذا سعري النهائي . قلت " بعد أن اتضحت طريقة تنازله": لا أريد أن أضيع مزيدا من وقتك وأقول لك 400 فتقول لي 600 وهكذا، ما رأيك أن أعتمد لك سعر 500 دولار الآن وأحيل الى المحاسبة لاستلام دفعة عن 6 أشهر؟؟
قال أكون سعيدا عندما تكون أنت سعيد . حسنا موافق.
مع أني كنت سأوافق لو قال 550 ولكني كنت متأكد انه "سيهبط" مئة بعد مئة.
لذلك انتبه الى النقاط التالية:(1/105)
- إن الطريقة التي تتبعها في تقديم التنازلات قد تتيح للطرف الآخر فرصة كشف ما يجول في عقلك.
- لا تقّدم تنازلات متساوية القيمة،مما يدفع الطرف الآخر الى مواصلة ممارسة الضغوط عليك.
- يجب أن لا يكون تنازلك الأخير مرتفع القيمة، لأنه قد يخلف شعورا عدائيا لدى الطرف الآخر.
- لا تتنازل عن مساحتك التفاوضية دفعة واحدة لمجرد أن الطرف الآخر يسعى لسماع عرض"أخير ونهائي" أو أنه يدعي أنه " لا يحب التفاوض".
- تدرج في خفض قيمة التنازل حتى توحي للطرف الآخر أنه قد حصل على أفضل صفقة ممكنة.
ممارسة الضغوط دون أن تتجاوز الحد:
سيأتي- على الأرجح- وقت أثناء المفاوضات يبدأ فيه الطرف الآخر في إلقاء العقبات، أو في المماطلة بسبب نقص في "الحسم". أو ربما يكون لديك موعد نهائي ينبغي مراعاته، والمفاوضات لا تتقدم بسرعة تكفي لخدمة أغراضك. ونظرا لهذه الأسباب و"لأسباب أخرى" قد تجد نفسك مضطرا لدفع التفاوض نحو نتيجة فورية، الأمر الذي قد يتطلب منك تكثيف المفاوضات للنقطة التي تضطر عندها للتهديد بالانصراف مالم يتم التوصل الى اتفاق.
إن مثل هذه الورطة يمكن أن تؤدي بك الى التوقف، حيث أنه من المحتمل أن يقول لك الطرف الآخر بكل بساطة " الى اللقاء" ، تاركا إياك تعاني من الإحباط بعد أن أدركت أنه ليس كل المفاوضات تنتهي بالتوصل الى اتفاق. ومع ذلك ، فمن المهم أن تعرف أن هناك عددا من الأسباب التي قد تجعل الطرف الآخر يهتم بالمماطلة أكثر من اهتمامه بالتوصل الى اتفاق، ومن بين هذه الأسباب:
1- أن المماطلة ستمكن الطرف الآخر من الحصول على اتفاق أفضل، وأوضح مثال حين يعلم الطرف الآخر أن لديك موعدا نهائيا ينبغي تحقيقه.
2- أن لاتكون للطرف الآخر مصلحة كامنة في التفاوض، ولهذا فهو يتفاوض فقط ليرى إن كان يستطيع أن يحصل منك على مكسب بالحسبان.(1/106)
3- الطرف الآخر يتفاوض فقط للضرورة، وليس بنيّة التوصل الى اتفاق، على سبيل المثال: دخول دولة في مفاوضات تجارية مع دولة أخرى فقط لكي تحبط اتخاذ إجراءات انتقامية ضدها.
4- الطرف الآخر يستخدمك كلعبة تفاوضية، فربما يكون الطرف الآخر يجري مفاوضات في نفس الوقت مع أطراف أخرى، ولهذا فهو يستخدم التفاوض معك كستار من الدخان للحصول على صفقة أفضل من طرف ثالث.
5- الطرف الآخر يتردد في التوصل الى اتفاق، ومن الأمثلة الشائعة: الشركة التي تملكها أسرة واحدة، حيث يمكن أن تقوم حرب عاطفية شرسة جداً حول ما إذا كان من الواجب أن تباع الشركة أم لا، حتى ولو كانت هذه الحرب في منتصف المفاوضات.
مع أن للماطلة أسبابا متنوعة، فإنك قد تجد نفسك مضطرا الى إنهاء المفاوضات دون التوصل الى اتفاق. وبطبيعة الحال، فإذا كان لديك بدائل أخرى مرضية، فإنك لن تضطر الى الشعور بالقلق من الانسحاب. ولكن مهما كانت حاجتك لصفقة معينة، فإنك قد تصل لنقطة ينبغي عليك فيها أن تعرف ما إذا كان الإتفاق سيتم التوصل إليه أم لا.
عندما تصل بالتفاوض الى مرحلة تضطر فيها لتحدي الخصم حتى تتوصل الى اتفاق، حاول أن تفعل هذا بأسلوب يتيح لك مساحة للتراجع. كن حاسما ومستندا الى الحقائق،وذلك دون أن تغضب. فإذا ضاع منك هدوءك وقعت في براثن الإحباط، ولن تنجح إلا في قتل أية فرصة"مهما كانت بعيدة" لإنقاذ الصفقة في اللحظة الأخيرة. قل مثلا:إننا ندور في حلقة مفرغة دون أن ننجز شيئاً، هل تستطيع أن تذكر لي سببا وجيها واحدا يجعلنا نستمر في التفاوض؟. إذا كانت الإجابة هي"لا" فأجب قائلا ببساطة:حسناً اتصل بي إذا غيرت رأيك، أما إذا لم تغير رأيك، فربما تتاح لنا فرصة عمل أخرى في المستقبل.(1/107)
وعلى الجانب الآخر، إذا كان الطرف الآخر يريد التعامل معك فعلا، فعلى الأرجح ستكون إجابته مشجعة وتبشر بإمكانية التوصل إلى اتفاق. فإذا حدث هذا، قدّم أي شكل من أشكال الضغط لتدفع خصمك الى تجاوز العبارات المطمئنة وذكر شيء ذي قيمة. أما إذا كانت النية هي المماطلة فحسب، فإنك بهذا تعرّض نفسك الى تأجيل الخيار الحتمي فقط " إنهاء المفاوضات".
وهناك عدة مداخل يمكنك اتخاذها حتى تحصل على التزام من الطرف الآخر ومنها:
1- طلب عرض من الطرف الآخر:" إذا كنت تريد التسوية حقاً، فلمَ لا تقدّم لي عرضا يتيح لنا التوصل الى اتفاق؟"
2- تقديم عرض من قبلك:"حسناً إنني لست مقتنعاً بأننا يمكن أن نحقق أي شيء، ولكني أريد التعامل معك، ولذا سوف أنتهز الفرصة وأقدّم لك عرضي الأخير."
3- تحديد موعد نهائي للتوصل الى اتفاق:" إنني سأبقى هنا لساعتين أخريين، ولكنني سأنصرف إذا لم نكن قد توصلنا الى اتفاق عندئذٍ ".
4- تحديد السبب الذي يؤدي الى تعثّر المفاوضات :"إذا كنت تريد الإتفاق، فمن الأفضل أن تحيطني علماً بأسباب المشكلة، والا سنظل ندور في دائرة مفرغة".
5- إشراك السلطات الأعلى في التسوية:"بصراحة أنا لست مقتنعاً بأننا يمكن أن نصل الى شيء، فأنا لا أعتقد أن لديك التزاما إدارياً بعقد هذه الصفقة، ولكني مستعد للبقاء والاستماع لمديرك .
ربما يعدّ أصعب جانب من جوانب دفع المفاوضات المتعثرة قُدماً هو العقبة العاطفية التي ترتبط بالخوف من الفشل. ويسري هذا الأمر على وجه الخصوص حين يبدو أنك ستربح من الإتفاق قدراً أكبر من الطرف الآخر. ومع الأسف، فإن العنصر العاطفي هو الذي يمكّن الطرف الآخر من اجتذابك على طول الخط، بالرغم من عدم وجود النية لديه للتوصل الى اتفاق، ولهذا فكلما شعرت بالقلق من عدم التوصل الى اتفاق، طال الوقت الذي يستغرقه التوصل الى اتفاق، أو اتخاذ قرار الانسحاب.(1/108)
وفي نهاية الأمر، فإذا بدا أن هناك فشلا في التوصل الى اتفاق حتى بعد ممارسة الضغوط، فلا بد أن تنصرف دائما دون حقد أو ضغينة- على مافي هذا الأمر من صعوبة-. فأنت لا تعرف أبدا ما الذي يخبأه المستقبل، فربما تصل إليك مكالمة هاتفية بعد ساعتين من انصرافك تفيد بأن الطرف الآخر قد قبل عرضك. وحتى إذا لم يحدث هذا، فقد تصادفك فُرصٌ أخرى للتعامل معه في المستقبل، ولهذا فإن إنهاء أي تفاوض غير مثمر، بشكل غاضب، لن يفيد بشيء سوى بإرضاء لحظي للذات .
...
الفصل الرابع
القوة في التفاوض
1- قيمة الوقت :
في التفاوض يشكل الوقت أهمية كبيرة خصوصا إذا كان محكوم بتاريخ محدد لإنهاء التفاوض والوصول للنتائج. وفي هذه الحالة فان كثير من المفاوضون يستخدمون ضغط الوقت مع المقابلون لهم خصوصا إذا عرفوا انه محدد أو محدودو، فيجب عليك أن تحرص شديد الحرص بان لا يعلم الشخص المقابل بأنك محكوم بإتمام العقد في وقت محدد، أما إذا كنت أنت الشخص المقابل فان الوقت سلاح فعال لاستخدامه للضغط في المفاوضات مما يجعلك تحصل على تنازلات اكبر.
ولكن إذا كنت تعتم بالوقت بناء على العقد الذي يجب عليك إتمامه في وقت محدد فعليك أن تطرح شروطك والبنود المتفاوض عليها مجتمعة ولا تسمح بتجزئتها ولا تتساهل في كلمة سنعود لاحقا للمناقشة.
أو انك تسرع في مفاوضاتك من البداية وعدم التساهل أو التأخير لها، فإذا كان الطرفين محكومين بوقت محدد فان ذو المدة الأقصر هو الجانب الأضعف في التفاوض.
المفاوضات الطويلة:
كما ذكرنا في الموضوع أعلاه أهمية الوقت وضغط الوقت فانه أحيانا تكون غير ملزم بوقت محدد ولكن عندما تطول مدة التفاوض قد تشعر بحاجتك لإنهائها مما يجعلك تقدم تنازلات أحيانا من اجل دفع عجلة المفاوضات والتوصل للحل (عليك أن لا تقع في ذلك) ويجب أن لا توافق على صفقة خاسرة حتى لو لم تتم أو طال أمدها.
القدرة على الانسحاب:(1/109)
لاشك بأنك إذا كانت لديك القدرة على الانسحاب في أي لحظة من المفاوضات فان ذلك يشكل ضغط على الطرف الآخر عندما تظهر له ذلك، انك قادرا على الانسحاب. ولكن كيف تجعل الشخص المقابل يحس بهذا النوع من الضغط ويحاول أن يخشى انسحابك من المفاوضات ؟
تجعله كذلك إذا جعلت من التعاقد أهمية بالنسبة له وغرست في أعماقه بان هذا الاتفاق بالنسبة له مهم ونقطة تحول له أو لأعماله وفي نفس الوقت تظهر أنت بان الاتفاق لا يشكل أهمية بالنسبة لك وسواء تم أو لم يتم هذا الاتفاق فهما سيان بالنسبة لك.
فلو كان الاتفاق لا يشكل أهمية له فقد يسمح لك بالانسحاب أو لا يهتم بإظهارك له قدرتك على الانسحاب.
وهنا عليك أن تبحث عن عدة عروض للاختيار منها والا فكيف تنسحب؟
10 طرق لقضاء وقت أقل في الاجتماعات
1-أَنهِ على الفور أو ألغ الاجتماعات الغير ضرورية .
2-قم دائماً بتحضير جدول الأعمال .
وزع هذا الجدول مقدماً وأحضر معك نسخاً إضافية .
3- حدد وقت الاجتماع ومدته .
ابدأ الاجتماع في الوقت المحدد وأنهه في الوقت المحدد .
4- لا تدعُ إلى الاجتماع إلا من كان حضورهم ضرورياً .
5- ضع كراسي غير مريحة في غرف الاجتماع .
6- قم في بداية الاجتماع بحصر النتائج المتوقعة من هذا الاجتماع بتعابير محددة واضحة .
لا تسمح بالانحراف عن هذه النتائج .
7- كن مستعداً للاجتماع وحفز الآخرين على فعل نفس الشيء .
8- ابدأ بالعمل فوراً .
قلل قدر الإمكان المحادثات التمهيدية التي تبدأ عادة لكسر الجليد .
9- دع المناقشات تستمر على نفس الخط المرسوم .
دع المجتمعين يجدون حلولاً للأسئلة المطروحة قبل الانتقال إلى مواضيع أخرى ، وشجعهم على أن يستفيدوا من أفكار بعضهم البعض .
10- في الجلسات الطويلة أعط استراحة لمدة عشر دقائق كل تسعين دقيقة .
إن الوقت الذي قد توفره بعدم إعطائك استراحة سيضيع أكثر منه نتيجة لانخفاض التركيز والإنتاجية .
2-القوة في التفاوض:(1/110)
إن القوة بتعريفها البسيط هي القدرة على التأثير على الطرف المقابل، وقد تكون مهاراتك التفاوضية إذا أتقنتها وصقلتها هي مصدر من مصادر قوتك التفاوضية لتدعم موقفك التفاوضي وكذلك معرفتك وامتلاكك للمعلومات تدعم أيضا موقفك وهي نوع من أنواع القوة البلاغة في الحديث الأسلوب أمور كثيرة لها التأثير.
ويوجد أيضا مصادر أخرى للقوة التفاوضية تتمثل في أمور معينة مثل القوة الشرعية، والقهرية، والعزيمة والخبرة، والفائدة، وقوة الموقف كذلك، وقد تكون لديك قوة مختلطة وممزوجة من كل ما ذكر مما يجعل موقفك المفاوضي مدعوما بشكل قوي.
واليك أنواع القوى بإيجاز بسيط لكل منها:
القوة الشرعية:
وهو ذلك النوع المصاحب لأصحاب السلطة والدرجات العليا في السلطة كان تكون مسئولا كبير في الهرم أو تتمتع بمزايا معينة مثل أن تقوم بالتفاوض من خلال مكتبك الفخم الذي يبهر الشخص المفاوض الآخر أو استخدام الألقاب، أو عدم ترك مقابلتك بسهولة قد يعطيك قوة وإعطاء أوامرك للسكرتير بحجب المكالمات عنك أثناء الاجتماع التفاوضي أيضا يعطيك قوة شرعية مظهرية، حتى عند الخروج لجولة ميدانية أثناء التفاوض فلا تقبل أن يكون ذلك إلا في سيارتك الخاصة والمناسبة التي تدعم أيضا قوتك وتجعل منك المسيطر والمتحكم بطريقة غير مباشرة.
قوة الفائدة:يزداد حماس الطرف المقابل أو الجهة التي تتفاوض معها لإبرام صفقة معينة معك إذا أدركت أنها إنما تنال منك فضلاً لا تمنحك إياه، متى حاول الطرف المقابل أن يعطيك إحساس أو إيحاء بان تفاوضه معك إنما هو فضلا منه لا تتضايق ولا تضجر من ذلك، وإنما يجب أن تكون هادئ جدا ولا تخدعك محاولاته وخصوصا إذا كنت واثقا من نفسك وفيما ستقدمه له وهو الذي يجعلك أنت المسيطر على التفاوض ولكن لا تجعل الغرور يدخل إليك في تلك اللحظات.
القوة القهرية :
وهي عكس قوة الفائدة.(1/111)
فعلى سبيل المثال إذا لم يتوصلوا معك لاتفاق فان ذلك يفقدهم مكاسب أو كسب حسب نوع المادة المتفاوض عليها، وهذا النوع من القوة عندما يتم مزجه بقوة الفائدة تشكل قوه فعالة تدعم موقفك التفاوضي.
قوة الموقف:
وهي بكل بساطة القوة التي تعطي لطرف قوة بلا حدود أمام طرف آخر ومثال عليها أن تشتري سلعة معينة وتعود لإرجاعها فيطلب البائع منك الفاتورة أو السند لإرجاعها لك ورد القيمة ولكنك بكل بساطة قد فقدت هذه الأوراق وهنا فان موقفك يكون ضعيفا جدا وهذا ما يسمى قوة الموقف.
وسوف اذكر هنا قصة معروفة ولكن سوف أحورها بشكل آخر وهي أن رجلا يسكن في احد الفنادق وأراد أن يخرج خارج غرفته أمام الباب لأخذ شيء ما وكان لا يلبس إلا ملابس داخلية وبشكل مفاجيء وعند خروجه قفل باب الغرفة وبقي خارجا والمفتاح بالداخل. فما كان منه إلى إن نزل عاريا إلى مدخل الفندق الاستقبال لطلب فتح باب غرفته بالمفتاح الاحتياطي. وعندما رآه المسئول طلب منه الهوية (استخدم قوة الموقف) ليتأكد بان الغرفة التي يريد فتحها له هي غرفته. فكيف يكون له أن يثبت هويته وهو عاريا تماما وكل ما يثبت هويته والمفتاح معها في داخل الغرفة التي قفلت. وهنا ماكان منه إلى أن يستخدم الطريقة التي قلبت موقفه بذكاء إلى قوة فطلب من الموظف أن يطلق إنذار الحريق لجمع كل المقيمين في الفندق وسؤالهم والتأكد منهم بأنه ليس سارقا مثلا أو متسللا لغرفة أحدا منهم.
قوة العزيمة والخبرة:
وهي أيضا من مصادر القوة التي تدعم للمفاوض قوة في موقفه التفاوضي.
من الأمور الهامة في التفاوض هو فهم نمط المفاوض المقابل لك، وأنت أيضا لك نمط خاص بك تتصف به لا يخرج عن أنماط معينة سوف أتطرق لكل منها وهي متراكمة من بداية تكوين المفاوض ونفسية نوعا ما لايمكن تغييرها أو تجاهلها.
لذلك ففهمك لنمط الشخص المقابل ونمط شخصيتك التفاوضية أنت نفسك له بالغ الأهمية في سير حياتك التفاوضية.
وأنماط المفاوضين هي:(1/112)
المفاوض الواقعي:
المفاوضون الواقعيون يتميزون بإعطائهم اهتمام بالوقت وهو النوع الذي يريد الدخول في صلب الموضوع مباشرة دون الخروج هنا أو هناك عن صلب الموضوع والدخول في هوامش غير مهمة بالنسبة له، ويتصفون بأنهم منظمون ويميلون للتعامل الرسمي، وتجدهم يتصرفون بعدوانية تجاه الطرف الآخر ولا يهتمون به أو باحتياجاته ولا يهمهم أن يكون مقتنع بما توصل إليه أو لم يقتنع، فهم يريدون أن يكونون هم الكاسبين وغيرهم يخسر أي (أنا ومن بعدي الطوفان كما يقال) وهذا النوع عندما تتفاوض معه عليك أن تدخل مباشرة في صلب الموضوع بدون ثرثرة وتفاصيل كثيرة وإضاعة للوقت، وعليك أن تأخذ قراراتك مع هذا النوع بسرعة وبتشدد دون تقديم تنازلات ولكن يجب أن تكون قراراتك مستندة على معلومات وحقائق واضحة ومباشرة.
أما المفاوض الانفتاحي:
فهو عكس الواقعي أعلاه فهو نوع يحب أثناء التفاوض أن يبتعد عن أجواء العمل ليجد لنفسه شيء من المداعبة مع الشخص المقابل وتجده متساهل أثناء تفاوضه.
وهذا النوع انفعالي نوعا ما في بعض المواقع من التفاوض ولكنه قادرا على اتخاذ القرار عادة وفوراً دون تردد وتجده يفيض من الأحاسيس الجياشة وذو إحساس مرهف.
وأنت كمفاوض إذا تعرضت لهذا النوع من الأنماط فحاول أن تستغل ذلك لتحقيق صفقة وتستطيع ذلك باستثارة حماسة نحو موضوعك أو مشروعك الذي تقدمة وإذا نجحت فسوف تجده يوافق بقرار سريع مبني على حماسه.
والنوع الثالث هو المفاوض الودود:
ويمتازون بحبهم للناس وتجد أن تصرفاتهم عاطفية أو يغلب عليها التعاطف مع الناس وهذا النوع مطلوب منك أنت فقط أن تجعله يشعر بالاطمئنان تجاهك، لأنه في بداية تفاوضه معك سوف لن يتخذ إي قرار إلى بعد أن يشعر بالاطمئنان نحوك، ولذلك تجدهم يتسمون بالبطء في اتخاذ القرارات ويكرهون الضغط فهم لن يتموا أو يوافقوا أو يتخذوا قرار تحت الضغط أيا كان.(1/113)
وهذا النوع في أثناء التفاوض يتحولون إلى عناصر تهدئة غالبا، فهم يسعون دائما إلى إسعاد الجميع أي جميع الأطراف المتفاوضة.
فإذا تفاوضت مع هذا النوع من الأنماط، فعليك أن ترضى على بطء اتخاذ القرارات منهم أولا ثم أن تحاول أن تنال ثقتهم وأن تُشعرهم بالاطمئنان نحوك في البداية، ولكن عليك الحذر من الضغط على هذا النوع من المفاوضين، فكلما ضغطت عليهم كلما كان ابتعادهم وحجمهم عن اتخاذ القرار.
النمط الأخير وهو التحليلي:
وهذا النوع لا يقتنع أبدا بأي عرض إلى بعد أن يعرف كل التفاصيل وتفاصيل التفاصيل، وبالطبع فان ذلك سوف يكون له الأثر على الوقت وسرعة اتخاذ القرار من قِبلهم، فسوف تتسم المفاوضات معهم بالبطء.
فإنهم يحبون أو بمعنى اصح يريدون أن يأخذوا وقتهم الكافي في التحليل والتمحيص في كل التفاصيل ولا يحبون أن يدفعهم المفاوض المقابل لاتخاذ القرارات بل يريدون أن يكون كل شيء في مكانة تماما بعد اخذ كل التفاصيل والمعلومات وغيرة.
هذا النوع عندما تقع فيه أثناء تفاوضك فعليك أن لا تعطيه كل المعلومات المطلوبة وإنما يجب أن تعطيه إياها على مراحل كلما سئل عنها أو طلبها ولتعطي لنفسك فرصة الإجابة على أسئلته التي لن تنتهي.
شخصيتك أنت:
نعود لشخصيتك أنت، فلاشك بان كل مفاوض يريد أن يتفاوض مع شخص له نفس نمطه أو بمعنى اصح مشابه له. وتحدث المشاكل في العادة عند اختلاف الأنماط أو تصادمها، ولتتفادى ذلك عليك أن تعرف أولا نمط الشخص المقابل لك وتحاول أن تغير في نمطك أو طريقتك لتجعلها تتناسب مع نمط المفاوض المقابل لك ولتنال قبوله وتتقرب إليه لتتمكن من تفادي الصراعات بينكم للوصول لقرار.
ختاماً:قد يكون التفاوض سهل جداً إذا تمكنت من إجادة أدواته فليس فيه من الصعوبة التي يعتقدها الكثير ولكن البديهة والخبرة والممارسة لها الدور الأكبر في فعالية المفاوض لاشك.
مهارات وميزات المفاوض الناجح
كيف يتكون مفاوضا ناجحا
- فن طرح السؤال(1/114)
- الوقت والمفاجأة
- مواجهة تكتيك المفاوض الآخر
- فرض جدول الأعمال
- التذرع بحجج محدودية الصلاحية
- الادعاء بسابقة مماثلة
- اللعب علي الرزنامة واستغلال الوقت
أولا : كيف يمكن اعتبار المفاوض كفؤا وجيدا وناجحا
بعد أن اخذ التفاوض مكانته في مختلف الميادين اهتم الباحثون في تحديد من هو المفاوض الجيد الناجح وقد لجأوا إلي عدة اختبارات خلال مفاوضات متنوعة المواضيع عن طريق التحليل والنتائج ففرقوا بين المفاوض الوسط المقبول والمفاوض الجيد الخبير الناجح وهذه أهم المزايا والمهارات التي يجب أن يتميز بها المفاوض الناجح:
1- أن يتعرف الطرفان المتفاوضان بقدرة المفاوض وفعاليته والمفوض الجيد ليس الذي يستطيع أن يصل إلي اتفاق نتيجة المفاوضات بل أن يكون اتفاقا جيدا وذا قيمة وتقدير
2- المقدرة علي التخطيط واستعمال الوقت الذي أعطي له للملائمة بين والهدف والتخطيط
3- أن يعتمد عدة حلول وإمكانيات للعمل وللمقترحات والمساومة
4- المفاوض المتمرس بالخبرة الجيدة هو الذي أثناء عملية التخطيط للتفاوض يركز اهتمامه علي المسائل التي تثير الخلاف والقضايا التي من شانها تحقيق الاتفاق المحتمل في المشكلة موضوع التفاوض
5- المفاوض الذي يضع حدا اعلي وحدا ادني لما يريد الوصول اليه في المفاوضات ويكون في جميع مراحل التفاوض محترما ومتقيدا بهذين الحدين وان يضع مخططا علي مراحل خلال سير المفاوضات فيبدأ مثلا بالنقطة "أ" وبعدها ينتقل إلى النقطة "ب" ولا يبدأ بالنقطة "ج" قبل أن تنتهي النقطة "ب" وهذا شانه أن يدفع الطرف المفوض الآخر إلى التعاون والتفهم
6- تلافي التعابير التي من شانها رد فعل سلبي عند الطرف الآخر كان يقول إن " عرضي السخي والكريم عليكم " وكأنه يمنن ويستكثر. أو يقول إن طلبي أو اقتراحي العادل
7- ..أو الشريف ... وغير ذلك من التعابير التي يمتدح فيها نفسه من شانها أن تصدم الطرف الثاني المفاوض نفسيا وعمليا(1/115)
8- كثيرا ما يقدم احد أطراف التفاوض اقتراحات أثناء عملية التفاوض ويقدم الطرف الثاني فورا اقتراحا مضادا إن المفاوض الناجح لا يقدم علي تقديم اقتراحات مضادة فورية لان لها آثار سيئة علي سير عملية التفاوض من شانها الإرباك والعرقلة
9 - عندما يكون موضوع التفاوض يتناول مشكلة تتضارب فيها المصالح يهاجم فيها احد الأطراف هجوما عاطفيا قويا الطرف الآخر بقصد إثارته المفوض الناجح والجيد يتلقى هذا الهجوم ببرودة أعصاب ولا يعتبره تحديا بل ينتظر ويفكر وعندما يقرر الدفاع يجب أن يكون دفاعا عن الهجوم بل دفاع مبني علي حجج وبراهين ووقائع
10- المفاوض الجيد والناجح عندما يقرر يجب أن يحزم بدون تردد لان التردد فيه أخطار قد يكون اقسي من أخطار الأقدام والجزم
قال الشاعر :
إذا كنت ذا رأي فكن فيه مقدما فان فساد الرأي أن ترددا
فإذا يجب أن ُيقدم مهما كان في الأقدام من مخاطر فأنها أهون من نتائج التردد
11 - اجمع الباحثون في فن التفاوض على أن المفاوض الناجح هو الذي يتقن طريقة طرح الأسئلة والاقتراحات ، مثلا بدلا من أن يسأل مباشرة: كم من الجلسات ستعقدها اللجنة الفرعية في العام ويبدأ بالقول : اسمحوا لي بان اطرح عليكم سؤال عن عدد الجلسات التي ستعقدها اللجنة الفرعية في العام ، وبدلا من أن يطرح اقتراحا بصورة مباشرة فجة، أن يقول إذا كنت أستطيع أن اقترح اقتراحا من شانه أن يوضح موقفي ... . ثم يطرح اقتراحه
إن طريقة طرح السؤال أو الاقتراح كما بيننا من شانها أن تثير انتباه الطرف الثاني وتدفعه للجواب المعقول كما تعطي لطارح السؤال أو الاقتراح الوقت لجمع أفكاره وللطرف الثاني الفرصة للتحرر من ضغط الاقتراحات السابقة .
12- المفاوض الجيد الناجح يطرح بوضوح أسئلته خلال التفاوض وقد اجمع الباحثون علي أن فن طرح الأسئلة له تأثير كبير في تقديم المفاوضات ونجاحها للأسباب التالية :(1/116)
I) الأسئلة الواضحة المدروسة تؤثر تأثيرا أكيدا علي تفكير الطرف الثاني ومواقفه
II) الأسئلة تسمح باستمرارية النقاش ، وتلافي الخلاف المباشر
III) الأسئلة تشغل الطرف المفاوض الأخر وتحد من الوقت الذي يخصصه لتفكيره بأمور أخري وتشغله بالتفكير بالرد علي السؤال
ثانيا : فن طرح الأسئلة :شرحنا في البندين السابقين فن طرح الأسئلة والاقتراحات ونضيف إليها المهارات التالية :
- المفاوض الناجح لا يسال أسئلته مباشرة حتى يجد الطرف الثاني مستعدا لذكر الحقائق والإدلاء بها بدقة لأن الأسئلة المباشرة كثيرا ما تحد وصفه السردي الطليق للمعلومات التي تريد أن يدلي بها انه إذا وجد ضرورة لأسئلة ملحة معينة فيجب أن يقدمها بطريقة يجعله يفهمها كتعبير عن الاهتمام بما يقول
-يجب ألا يوجه اكثر من سؤال في وقت واحد لان التجارب دلت علي أن توجيه سؤالين أو ثلاثة في وقت واحد من شانه إرباك الطرف الثاني الذي لا يكون قادرا علي أن ينظم بياناته وأجوبته بالشكل الذي توخته الأسئلة أصلا
- المفاوض الناجح من يحاول الاستمرار في المناقشة رغم بعد الحوار أحيانا عن موضوع التفاوض فيقدم سؤالا أو اقتراحا أو استفسارا يودي الى العودة لموضوع التفاوض لهذا يجب إعداد الأسئلة والاقتراحات سلفا التي يمكن استخدامها لهذه الغاية وقد دلت التجارب علي أن اعادة شرح موضوع الاستفسار بصيغ مختلفة يفيد إفادة أكيده.
- المفاوض الناجح من يرتب الأسئلة الهامة ويحتفظ بها في ذهنه ويستبعد أي سؤال بمجرد الحصول علي إجابة له يركز علي السؤال التالي ليستمع الى جوابه ويحاول أن يفهم المعني الكامل لكل عبارة ويتقصى بعناية كل إجابة لان ذلك قد يقوده الى اقتراحات معينة أو الى أسئلة ابعد مدى .(1/117)
- المفاوض الناجح هو الذي يعطي الطرف الثاني المفاوض فرصة ليستكمل عناصر إجابته والذي يختبر الأجوبة كلما أمكن ذلك بكل دقة والذي يسجل الملاحظات مباشرة أو في اقرب فرصة وفي كل جلسة من جلسات التفاوض خوفا من النسيان وحتى يكون لرأيه قيمة وتأثير في الجلسات الأخيرة للتفاوض وعند وضع مسودة الاتفاق
- المفاوض الناجح يتحاشى إعلان مواقفه جهارا فلا يقول أنا لست موافقا بل يجب أن يدلي بالأسباب والحقائق المستندة الى الوقائع التي لم يقتنع بها واستعداده لمتابعة الحوار والمناقشة فيكون لعدم موافقته مبرر مقنع.
-المفاوض الناجح الكفء هو من يحاول أن يحضر ما جري من اتفاق حول بعض النقاط في جلسات سابقة بكلمات مقتضبة ويبرر تفهمه للنقاط التي تجري البحث فيها ومن شان ذلك أن يقلل الأخطاء وحسن تفهم الطرف الآخر كان يقول للطرف الآخر " إذا كنت افهم جيدا ، فإنكم تعتقدون أو قائلون بأنكم لا ترون أي جديد في هذا الاقتراح"
-المفاوض الجيد هو الذي يحتفظ بأوراقه بمنأى عن الطرف الآخر ويعبر عندما يري الوقت مناسبا عن عواطفه بان يقول للطرف الآخر " لا اعرف جيدا ماذا
أجيبك عما قلته فإذا كانت المعلومات التي أعطيتها صحيحة أكون سعيدا بقبولها ولكن عندي شك بصحتها واني اشعر بالوقت نفسه بالسرور والشك فهل من الممكن أن تساعدني للوصول الى اليقين ... بينما التفاوض العادي إذا حصل علي اقتراح متقدم وايجابي من الطرف الآخر يقبله مع شكه في صحته
-المفاوضات بين طرفين ميزان بكفتين كل طرف يضع في كفتة اقتراحاته مع حججها ومبرراتها ويدور الحوار بين الطرفين والنقاش يحرك الكفتين وكل طرف يحاول أن تميل كفته بواسطة ثقل وصحة أسئلته وحججه ويعقد كل فريق أن كلما زاد حججه مال الميزان لصالحة(1/118)
- المفاوض الجيد الكفؤ يري انه إذا وضع خمس حجج في كفتة وكان احدها ضعيفا فان ذلك يؤثر تأثيرا سلبيا علي موقفة وعلي حججه الأخرى القوية لهذا يعتمد علي النوعية لا علي الكمية في تقديم آرائه وحججه وتبريراته
- المفاوض الناجح هو الذي بالإضافة الى تخصصه التقني وشخصيته المحببة وثقافته الواسعة له الرغبة الأكيدة والحوافز القوية للدخول في عملية التفاوض بناء لخبرته وممارسته لهذا الفن
-المفاوض الناجح هو الذي درس هدف التفاوض وتعمق في وضع الاستراتيجية والخطة والتكتيك اللازم والمنوع وأقام التوازن الذكي في استعمال الوسيلة المناسبة لبلوغ الغاية المرجوة
- الغاية تبرر الوسيلة هذا صحيح إلا أن المفاوض الناجح هو الذي لا يلجا الى الوسائل الملتوية أو الخادعة أو اللااخلاقية لأنه حتما لن يصل بهذه الوسائل الى الهدف المقصود
- المفاوض الناجح هو الذي إذا استثير ابتسم وإذا هوجم تقبل ذلك بسعة صدر واذا قوبل اللغو كان كريما متسامحا " وإذا مروا باللغو مروا كراما وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما " صدق الله العظيم
- الغضب وسرعة الانفعال والرد بحدة وعصبية سيئات يجب أن يتحاشاها المفاوض الناجح لان ذلك يشوه أهدافه واستراتيجيته ويعرقل عملية التفاوض ولا يأتي بالنتيجة المتوخاة " ولا ينال العلا من طبعه غضب "
- المفاوض الناجح من كان مرنا لينا يستمع عندما يجب الاستماع ويتكلم عندما يكون الكلام تأثيرا ووزنا يعطي ويأخذ يحاور بهدوء وأناة ويناقش بذكاء واختصار ويستطيع أن يبقي الشعرة غير مقطوعة مع المفاوض الآخر الذي إذا أرخى شد بلطف وإذا شد أرخى من دون ضعف
-المفاوض الناجح هو الذي يعرف كيف ، متى ، ولماذا يستثير غيرة من الخبراء أو الاختصاصيين فالاستشارة في الأمور والقضايا والمشاكل دليل علم ومقدرة وتواضع وقديما قيل " ما حار من استشار ".
ثالثا : الوقت والمفاجأة في التفاوض(1/119)
قد تتعثر المفاوضات وتصل الى طريق مسدود وتشرف علي الفشل الأكيد بسبب تعقيدات متعددة الأسباب هنا يجد المفاوض الناجح الكفؤ انه أمام رأين إما إيقاف المفاوضات أو الإذعان لإجابة مطالب الطرف الثاني والأمران ضد مصلحته وضد الهدف الذي من اجله قامت المفاوضات عندها يفاجئ الطرف الآخر باقتراح جديد لم يطرح سابقا ولم يبحث موضوعة خلال جلسات التفاوض لا من قريب أو بعيد فيفاجأ الطرف الثاني الذي يصبح هو الآخر أمام حلين أحلاهما مر فيوازن بين الرفض أو القبول ويرى أن الاقتراح المفاجأة بعزمه أولا علي طلب متابعة المفاوضات فيطلب وقتا للدرس والاستشارة وعندما يري أن المفاجأة ليست مناورة وان مصلحته الإذعان والقبول وهذا من شانه نجاح المفاوضات وتوقيع الاتفاق
المفاوض الناجح الكفؤ المحنك يضع استراتيجية وتكتيك تنفيذ هذه الاستراتيجية قبل البدء في المفاوضات وينظم الاولويات والأسئلة والمقترحات أثناء سير المفاوضات يعرف متي يهاجم وكيف يدافع ، متي يتكلم ومتي يسمع ومتي يبتسم ومتي يصمت فالصمت أحيانا من المفاوض الناجح ابلغ من الكلام وافعل ويقرر الوقت اللازم الذي يجب أن تأخذه المنافسة ومتي يجب أن توضع نهاية للتفاوض أو متابعته واستمراره ويؤقت أوان استعمال أوراقه ومقترحاته ومتى يفاجئ وأبعاد المفاجئة كسلاح هام وأخير(1/120)
بعض الباحثين وصف المفاجأة بالسلاح السري الذي يستعمله المفاوض بعد فشل استعمال أسلحته التقليدية والمفاوض الناجح هو وحده الذي يستطيع استعمال هذا السلاح وتحديد وقت استعماله إن الوقت والمفاجأة في التفاوض سلاح هام وفعال يستعمله المفاوض بعد فشل استعمال أسلحته التقليدية فيفاجئ الطرف الثاني المفاوض باقتراح يجعله أمام أمرين إما توقف المفاوضات وإعلان فشلها وهو ليس بمصلحة الطرفين المتفاوضين أو الإذعان للاقتراح " المفاجئة " وهو لصالح من طرحه أولا ولصالح الطرف الثاني الذي يرى ألا مجال لرفضه لان رفضه يضر ضررا أكيدا بمصالحه العليا
وحتى يمكننا تبيان ما للوقت والمفاجأة من اثر في التفاوض سنعرض لمفاوضات جرت بين طرفين كان من المستحيل نجاحها لولا استعمال سلاح الوقت والمفاجأة الذي كانت نتيجة نجاح تلك المفاوضات والوصول الى اتفاق بين الطرفين المتفاوضين
بعد الحرب العالمية قام الشعب الفيتنامي بثورة مسلحة ضد قوات فرنسا المحتلة لفيتنام وعام 1954 انزل الثوار في معركة " ديان بيان فو " هزيمة بالجيش الفرنسي قضت علي اكثر من خُمس القوات الفرنسية الموجود هناك .
كان رئيس وزراء فرنسا انذاكبيار فرانس من أقوى السياسيين الفرنسيين وأكثرهم دهاء فقرر إجراء مفاوضات مع الثوار كي ينقذ كرامة فرنسا وباقي القوات الفرنسية في فيتنام وقد روي جان جاك سرفان شرايبير الذي كان من اقرب المقربين لرئيس الوزراء ووزيرا لعدة مرات الراوية التالية :(1/121)
" أثناء الإعداد للمفاوضات كنت احد أعضاء اللجنة التي تدرس وتعد الاقتراحات " فقال لي منديس فرانسي " لابد من أن نجد أسلوبا جديدا للمفاوضات يختلف تمام الاختلاف عن الأسلوب التقليدي الذي يناقش المشاكل مشكلة وراء مشكلة لان هذا الأسلوب التقليدي سيدخلنا في متاهات لا نهاية لها وفي تصادمات من الآراء تستغرق وقتا طويلا وهذا يودي الى كارثتين لفرنسا الأولى إتاحة الفرصة للفيتناميين أن يجرونا الى مناقشات قد لا تنتهي والثانية انه أثناء هذه التعقيدات في المفاوضات التي تستغرق الوقت الطويل ستزداد خسائرنا وسنضطر الى المزيد من التورط فيها وقد نصل في نهاية الأمر الى أن يجد الفيتامين أن لا مصلحة لهم في المفاوضات لذلك فان عدونا رقم واحد في هذه المفاوضات هو الوقت والوقت ليس في صالحنا بل كلما امتد زادت الكوارث التي ستلحقنا
ويتابع شرابير القول :
" اقترحت علي رئيس الحكومة أن يحدد مدة شهر واحد لإنهاء المفاوضات وتخيير الفيتناميين انه في نهاية الشهر إذا كانت المفاوضات لم تصل الى اتفاق كامل ونهائي فانك سترسل إمدادات ضخمة للجيش الفرنسي وفي نفس الوقت تخبرهم انك بمجرد إرسال الإمدادات ستقدم استقالتك وتترك الحكم وفي ذلك تهديد مزدوج للفيتناميين بإرسال القوات الضخمة وبالاستقالة فهم يعرفون أن الأحزاب المعارضة الفرنسية لن تتفاوض معهم وهم ولا شك يريدون إنهاء المفاوضات لان ذلك سيحقق لهم الاستقلال
ثم يقول :
لقد قام رئيس الحكومة بتوجيه الإنذار الى المفاوضين الفيتناميين وهم يعرفون انه لا يناور وكان وقع الإنذار " المفاجئة " وقعا مذهلا إذ أن تحديد مدة شهر معناه أنهم مطالبين بالاستجابة للكثير من الشروط الفرنسية وقد حاولوا أن يناقشوا الإنذار دون جدوى وكانت النتيجة أن المفاوضات انتهت الى اتفاق كامل قبل أن يمر اليوم الأخير من المفاوضات
رابعا : مواجهة تكتيك الطرف المفوض الأخر(1/122)
يمكن للطرف الثاني " خصمك " أن يستعمل أربعة طرق تكتيكية لفرض وجهة نظرة خلال المفاوضات الجارية وهي التالية :
I) فرض جدول أعماله ووجهة نظرة
II) جعلك تعتقد أن حريته في العمل والتحرك محدودة
III) الادعاء بمسابقة مماثلة
IV) اللعب علي رزنامه وبرنامج عمل المفاوضات
المفاوض الناجح هو الذي يستطع خلال المفاوضات التصرف وإدارة الحوار والنقاش علي الشكل التالي :
1- فرض جدول الأعمال :
- تمشيا مع تكتيك مدروس يحاول الطرف الثاني فرض المواضيع والنقاط التي يجب بحثها والطرق والإجراءات التي تري إتباعها خلال المفاوضات
- وعلى الطرف الأول دراسة جدول الأعمال المقترح وان يطرح علي نفسه ويتأكد من الأمور التالية :
- هل يتضمن جدول الأعمال المقترح نقاطا غير قابلة للتفاوض فمثلا في المفاوضات حول الأجور بين شركة صناعية ونقابه العمال نقابة العمال تطالب دائما الإطلاع علي دفاتر محاسبة الشركة لتتأكد من الوقائع والعدالة في توزيع الأجور ممثل أرباب العمل في المفاوضات برد بان هذه النقطة غير قابلة للتفاوض إذاً عند البدء في المفاوضات يجب التأكد من جميع النقاط قبل البدء في المناقشة
-هل يتضمن جدول الأعمال جميع النقاط التي يجب أدراجها في التفاوض وهل الإجراءات المقترحة مناسبة ؟
- معرفة عدد المشاركين في المفاوضات عن الطرف الثاني وهل لديهم التفويض اللازم لاتخاذ القرارات والموافقة عليها وفي حال عدم التأكد من ذلك فانه تضييع وقت
-يجب الانتباه الى اقتراح الطرف الثاني بإدخال طرف ثالث في المفاوضات ، المبدأ لعام يقول بان طرف ثالث في المفاوضات من شأنه أن يسهلها وينجحها وفي الوقت نفسه يمكن أن يعقدها ويفشلها احذر من أن يتحالف الطرف الثالث مع الطرف الثاني ضدك(1/123)
-ناقش مع الطرف الثاني موضوع سرية المفاوضات وتسرب المعلومات عنها لأنه بقدر ما تبقي المعلومات عن سير المفاوضات سريه بقدر ما يسهلها وقد لاحظ الباحثون أن السرية في الدول النامية غير محترمة الى حد كبير فكثيرا ما تتفاوض شركات متعددة الجنسية أجنبية مع بلد نام بموضوع مشاريع صناعية أو استثمارية فنجد قبل بدء المفاوضات وخلالها أن معلومات كثيرة تسربت بواسطة الصحف وهذا يضر ضررا أكيدا وأحيانا يجعل الوصول الى الاتفاق صعبا إن لم يكن مستحيلا
- إذا وصلت خلال المفاوضات الى بعض الاتفاقيات أو الموافقات لتستعملها فيما بعد تأكد من أن الطرف الثاني لم يتراجع عنها أو يعدلها بصورة غير مباشرة
- يجب الانتباه الى برنامج الاجتماع ومكان ووقت انعقاده والتسهيلات اللازمة والمطلوبة للاتصال بالخارج وبمركز إدارتك إذا كان الاجتماع خارج بلدك كما يجب ألا تدع الطرف الآخر يكرس أوقات للترفيه والمآدب والحفلات اكثر من الأوقات المخصصة للنقاش والحوار فلكل شيء وقته وجدول أعمال المفاوضات والاتفاق علية هو احد الأسباب المهمة لنجاح التفاوض
2- التذرع بحجج محدودية الصلاحية :
احد صور التكتيك الجديد المستعمل في التفاوض هو تذرع الطرف الثاني بان حريته بالعمل والتحرك والموافقة محدودة أو التحجج بأسباب غير واقعية أو منطقية كان يقول :
- نحن لا نستطيع الموافقة علي هذه النفقات المقترحة لان ذلك يتطلب موافقة الرئيس ورئيسنا سيتغيب لمدة شهرين
- نحن لا نطلب إلا مساعدتكم ونجاح المفاوضات ولكن سياسية شركتنا هي أننا لا نستطيع شراء النحاس إلا نمن البلد الفلاني
-الذي تطلبونه هو بكل بساطة مستحيل لأنه يزيد سعر سلعتنا اكثر من 20 % وهذا من شأنه أن يضر بسوقنا
- نحن نعمل الآن بكامل طاقة مصنعنا ومن المستحيل زيادة الإنتاج حاليا إن ما تقترحونه يبدو لنا منطقي ولكن الدائرة القانونية في شركتنا لم تعطنا الضوء الأخضر للموافقة(1/124)
- لقد أثبتت التجارب أن كثيرا من الحجج يمكن أن تتغير وتتبدل وتزول وكل شيء قابل للتبديل والتعديل قابل للتفاوض
3- الادعاء بسابقة مماثلة :
بينت التجارب أن المفاوضين عادة ما يتذرعون بسابقة مماثلة لموضوع التفاوض الجاري لان مصلحتك أن يجري التفاوض الحالي استنادا الى تلك السابقة كان يقول احد الأطراف
-في مفاوضات سابقة جرت مع شركة أخرى أو مؤسسة أخرى : الشركة التي اتفقنا معها قبلت بزيادة 50% وانتم تعرضون 20 % وهذا قليل
-المفاوض الناجح هو الذي يبين بان السابقة التي يتذرع بها الطرف الثاني هي غير صالحة في التفاوض الحالي الدائر ويقنعه بان الظروف تغيرت وتطورت فمثلا إن الإيجار لمدة ثلاث سنوات لم يعد معمولا به في الحالات المشابهة أو أن زيادة 50% غير ممكنة لأسباب يبينها بكل دقة وإقناع
4- اللعب علي الرزنامة واستغلال الوقت :
كل طرف من أطراف التفاوض يحاول أن يستعمل الوقت المقرر للمفاوضات لصالحة أو يستغل ظرف الوقت المحدد فمثلا تبدأ المفاوضات صباح يوم الاثنين والطرف الأول مضطر لمغادرة البلد الذي تجري فيه المفاوضات مساء الجمعة ويعرف الطرف الثاني المفاوض بذلك فيطيل في الكلام حتى لا تصل المفاوضات الى بحث الأمور الهامة والأساسية إلا يوم الخميس فيضطر الطرف الأول لبعض التنازلات للوصول الى الاتفاق قبل مغادرته البلد
أو أن الطرف الثاني قانع بالنتائج الأولية للمفاوضات بالنسبة للنقاط بحيث يطيل بالمناقشة لتسلق نقاط البرنامج الآخر سلفا على الطرف الأول أن يطلب احترام دراسة روزنامة جدول الأعمال ويأخذ وقته في المنافسة وان النقاط جميعها بحاجة الى درس وردية والا عاد وناقش مجددا النقاط الأولى التي تم عليها الاتفاق .
خامسا : مهارات أخري هامة ومنوعة :(1/125)
-المفاوض الناجح المتفهم فن التفاوض والمتقن له هو من يحدد موضوعه استنادا الى الاستراتيجية الموضوعة والتكتيك الواجب استعماله فيسعى للحصول علي الحقائق والمعلومات والاتجاهات بكل لباقة ودبلوماسية والذي أثناء المناقشة يحاول اكتساب ثقة الطرف المفاوض الآخر لأن الثقة المتبادلة هي العلاقة الأنقى لنجاح التفاوض
- المفاوض الناجح هو من يساعد الطرف الآخر علي الشعور بالراحة والاستعداد للكلام فيتيح له التعود علي الظروف المحيطة وانه متكافئ معه ويستطيعان أن يتبادلا الأفكار والآراء والأسئلة التي تمكن كل منهما أن يظهر اعتزازه بمعلوماته فلكل إنسان ميل الى أن يعترف بقيمته
-المفاوض الناجح هو من يتقن فن الاستماع والذي ينصت للطرف الآخر وان خرج علي الموضوع فيتقصى الأفكار التي قد تحمل شيئا يدعم وجهة نظره والتي يمكن أن يستخدمها أثناء سير عمليات التفاوض
-المفاوض الناجح هو الذي يكون قويا واضحا اكثر منه داهية فلا يأخذ دور المدرس لان كثيرا من الناس لا يستسيغ أن يقف شخص غريب عنهم غالبا ما يكون قليل الخبرة بمجالهم الخاص موقف المعلم والمرشد الذي يلقي الخطب والمواعظ التي لا تجدي نفعا في التفاوض في مختلف أنواعه .
الفصل الخامس
حيَل التفاوض القذرة
إذا لم تكن على دراية بمثل هذه الحيَل، بحيث تكتشفها فور استخدامها، فسوف تنخدع وتُقدم على تقديم بعض التنازلات غير الضرورية فقط من أجل حمل الطرف الآخر على قبول عرضك، وهو ما يحدث في مثل هذه الظروف المحرجة، التي يحاول خلالها المفاوض توضيح الأمر لرئيسه الذي لا يفهم سبب تقديمه لبعض التنازلات. إذ يحاول المفاوض أن يشرح لرئيسه أن هذا التنازل كان السبيل الوحيد لعقد الصفقة، بينما الحقيقة هي أن الطرف الآخر استطاع أن يمارس إحدى هذه الحِيَل القذرة عليه.(1/126)
ليس هناك من مبرر للشعور بالغضب من الشخص الذي يلجأ إلى حيل التفاوض القذرة، لان المفاوض المحنك يجب أن يحرص على التركيز على القضايا، واعتبار التفاوض نوع من أنواع المباريات. إذ أن أي مفاوض على سطح الكرة الأرضية سوف يسعى لبذل كل ما في وسعه لانتزاع أفضل صفقة من الطرف الآخر.
يجب أن تكون من المهارة بحيث تستطيع كشف هذه الحيل غير الأخلاقية ،بل وتعرف كيفية مقابلتها بمنتهى المرونة.
- الطُعم:
قد يلجأ الطرف الآخر الى حيلة الطُعم ،كي يصرف انتباهك عن القضايا الأساسية أثناء التفاوض.مثلا: تصور أنك بعد جهود مضنية ورفض سابق من قبل عميل ما، أن أبدى هذا العميل استعداده لعقد صفقة كبيرة مع شركتك، شريطة أن يتم شحن المنتج خلال "90" يوما. رغم أن كلاكما متأكدين بأنه يستحيل الشحن قبل "120" يوم. نظراً للوقت الذي يحتجه التصميم والإنتاج والتغليف والشحن وما الى ذلك.
ولكن حرصك على إتمام الصفقة" المغرية" سيسيطر عليك وأنت مدرك في نفس الوقت استحالة الشحن خلال"90"يوماً.
تقوم بمناقشة الأمر مع العاملين لديك فيؤكدون لك استحالة الشحن قبل "120"يوما ، بل أن هذه المدة قصيرة أيضا وتتطلب نفقات إضافية لإتمامها في هذا الوقت.فتصل الى نتيجة مؤكدة مفادها استحالة تقديم موعد الشحن، واستحالة تأخيرها أيضا يوما واحدا حتى ولو أدى ذلك الى خسارة الصفقة.
فتعود الى العميل لتخبره بسعرك الذي يضاف إليه النفقات الإضافية لتنفيذ الصفقة خلال 120 يوم. بينما يصر العميل على أن يكون التوريد خلال 90 يوماً نظرا لحاجته الماسة للمادة التي ستقوم أنت بتوريدها له.
فتبدأ عمليا المفاوضات في هذا الجو، بينما يبدو أن الشخصين يبذلان جهدهما للتوصل الى حل ولكن دون جدوى، فتتعثر المفاوضات .(1/127)
وأخيرا يقول المشتري: ربما يمكنني المساعدة، سأتصل بمكتب الشحن وأعود لك مباشرة . ويتركك لمدة 15 دقيقة في دوامة حسابات ما ستخسره في حال فشلت الصفقة ، ويعود إليك بعد أن تكون قد توترت أعصابك تماما.
يرسم العميل نظرة قلقة على وجهه ويبادرك قائلا:أظن أنني وجدت حلاً، ولكني بحاجة الى مساعدتك لإتمام الأمر. لقد أبلغني مكتب الشحن أنه يمكننا شحن البضاعة بسرعة ولكن ذلك سيفرض علينا نفقات إضافية للسائقين وأصحاب وسائط النقل، لذلك أطلب منك أن تتنازل عن قيمة نفقات التصميم وأن تتحمل أنت نفقات الشحن الإضافية.
إذا لم تكن حذرا بما يكفي في هذه الحالة فسوف يجتاحك شعور بالارتياح بعد التوصل الى حل مما سيدفعك للتنازل عن القيمة الإضافية إضافة الى تحملك جزء هام من نفقات الشحن، وربما لن تكتشف أنك وقعت فريسة لحيلة الطعم إلا بعد انقضاء أشهر.
ستكتشف أن هذه الشركة لديها إدارة إنتاج وتسويق فائقة الدقة ولايمكن أن تقع في مطب نقص في المواد لكي تضطر الى طلبها خلال 90 يوما ، إنما كانت حيلة"قذرة" أفقدتك جزءا كبيرا من أرباحك.بحيث قايضك العميل على القضية الرئيسية وهي "نفقات التصميم" و"نفقات الشحن" مقابل شيئ ثانوي بالنسبة له وهو " زمن التوريد".
لذا: احذر الشخص الذي يسعى الى صرف انتباهك عن القضية الأساسية باستخدام حيلة الطعم. عليك أن تركز على القضية الأساسية وتطرح أي اعتراض جانبا بقولك" هل هذا كل ما يضايقك؟" ثم الجأ الى حيلة السلطة الأعلى والفتى الطيب والشرير قائلا:"دعنا ندون ما وصلنا إليه وسوف أحمله الى اللجنة وأنظر إذا كان بوسعي أن أسدي لك شيئاً." ثم اقلب الطاولة قائلا:" ربما أمكننا أن نعجل بالشحنة ولكن هذا يعني أن تكلفة الهندسة الإضافية سوف ترتفع" .
- التقاط الكرز:(1/128)
إنها إحدى الحِيَل التي يلجأ إليها المشتري وهي غير محمودة العواقب بالنسبة للبائع إلا إذا كان على دراية بها وبإمكانية استخدامها ضده.تصور أنك على مناقصة مقاولة لبناء منزل، وقد طلبت من 3 مقاولي باطن (sup contractor)أن يقدموا لك عروضهم لتنفيذ المشروع.
وانك طلبت منهم أن يتقدموا بعروض أسعارهم بشكل تفصيلي لكل بند على حدى.وجاءتك العروض على الشكل التالي:
عطاء المقاول"ج" ... عطاء المقاول"ب" ... عطاء المقاول"أ"
الهيكل:18،200 ... الهيكل:17،200 ... الهيكل:19,200
الأرضيات:2،800 ... الأرضيات:2،900 ... الأرضيات:6،400
أعمال العزل:7،300 ... أعمال العزل:6،800 ... أعمال العزل:2،400
أعمال المنجور:4،100 ... أعمال المنجور:4،100 ... أعمال المنجور:4،300
المياه:1،950 ... المياه:1،950 ... المياه:1،750
أعمال البلاستر:1،600 ... أعمال البلاستر:1،600 ... أعمال البلاستر:1،800
الدهانات:1،300 ... الدهانات:1،500 ... الدهانات:1،100
الإجمالي:37،650 ... الإجمالي:36،050 ... الإجمالي:36،850
ماهو العطاء الذي سيحظى بقبولك؟(أ، أم ب، أم ج؟".
إن بدا لك الأمر واضحا ، فأنت على الأرجح لا تبحث إلا عن السعر، بمعنى أنك لن تلتفت الى نوعية العمالة أو درجة الالتزام وتاريخ المباشرة وتاريخ الانتهاء، ونوعية الأدوات المستخدمة. وبناءاً على ذلك ستقوم باختيار المقاول"ب". أنا أرى أن هناك أمورا أخرى يجب أن تأخذها باعتبارك ربما أكثر من موضوع السعر، وهي التي قد تدفعك الى اختيار أعلى عطاء بوصفه الأفضل.
أما "ملتقط الكرز" ، فهو يتسم بأداء أفضل، لأنه سيتصل بالمقاول "ب" قائلا: يبدو أن سعركم مناسباً ومقتربا من العروض الأخرى، ولكنك تفوق العروض الأخرى في سعر الأرضيات بمقدار"500"، وسعر النجارة حوالي "200". فإذا كان بوسعك أن تتقدم بنفس سعر المقاول"أ" فسوف نختار عطاؤك". هذا سيدفع المقاول الى إعادة حساباته وتعديل العطاء."من هنا تفهّم سر حرص المقاولين على عدم تفصيل العطاءات".(1/129)
يمكنك أيضا أن تلتقط الكرز فيما يتعلق بشروط أحد العروض. ولنفترض أنك تقوم بشراء قطعة أرض، حيث عرض عليك البائع سعر"100" ألف على أن تدفع 20% دفعة مقدمة والباقي على أقساط لمدة عشر سنوات بفائدة مقدارها 10%.
في هذه الحالة يمكنك أن تسأل البائع عن السعر النهائي لقطعة الأرض إذا كان الدفع فوري،هنا يمكن أن يوافق على "90" ألف فورية الدفع، ثم تعود لتسأله عن سعر الفائدة عند سداد 50% من إجمالي المبلغ كدفعة مقدمة سيجيبك 7%. في ضوء هذه المعلومات يمكنك أن تعمد الى التقاط الكرز وهي أفضل الشروط في كل عرض، وهي في هذه الحالة تعني أن تعرض على البائع سعر إجمالي قدره"90" ألف مع دفع مقدم قدره 20% من هذا الإجمالي وسداد باقي القيمة على عشر سنوات بواقع فائدة7%.
إن مفتاح فاعلية حيلة التقاط الكرز،يعتمد بلا شك على القدرة على الحصول على المعلومات مما يتطلب الكثير من الوقت.ومع ذلك فحينما تريد شراء معدة جديدة للشركة التي تعمل بها، يجب أن تقوم بجولة لجمع المعلومات قبل أن تتخذ قراراً. اتصل بالشركات ،وأدع رجال المبيعات الى تقديم عروضهم وسوف تلحظ أن كل عرض يتسم بميزة مختلفة، فبينما يقدم لك أحد العروض أفضل الأسعار، يقدم لك عرض آخر أطول فترة ضمان. تستطيع في ضوء هذه المعلومات أن تتخير فيما بعد أفضل الشروط والمواصفات لشراء المُعدة.ثم تعود لصاحب أفضل عرض من وجهة نظرك قائلا:"إنني ارغب في شراء هذه المعدة من شركتكم، ولكنني أريد أن أحصل على فترة ضمان أطول، أو أريد موعدا أقرب للشحن". أنت في هذه الحالة تخلق شكل الصفقة ونوع العقد الذي تفضّله.
ومن هنا : يجب أن يسعى المشتري إلى المطالبة بعقود تفصيلية، بينما يجب أن يتجنب البائع تقديم مثل هذه العروض.
نلاحظ في هذه الحيلة أن المشتري يحب أن يلتقط الكرز، بينما يكرهه البائع.(1/130)
وبما أن التقاط الكرز يُعد إحدى الحيَل غير الأخلاقية، فلن يسعى المشتري لاستخدامها مع شخص يعرفه جيداً، وإنما سيعمد الى تطبيقها مع أي غريب.ولهذا يجب أن يحرص كل بائع على توطيد علاقته الشخصية بالمشتري حتى يتجنب الوقوع في هذا الفخ.
أيضا لكي تحبط هذه الحيلة إذا كنت بائعاً، عليك أن تحصل على أكبر قدر من المعلومات عن منافسيك، وأن تضع في اعتبارك كل البدائل التي يمكن أن تحل محل الطرف الآخر قبل أن تبادر بمنحه أي تنازل.فكلما قلت البدائل لدى الطرف الآخر كلما قويت سطوتك أنت عليه.
وعليك أن تعرف المناورات الغير أخلاقية التي يستخدمها بعض المفاوضين في المناورات الختامية للتفاوض لكي تبطل مفعولها وهي :
طلب المحال:
كأن يخترع المفاوض المقابل مثلا طلب صعب أو محال تنفيذه في آخر التفاوض فعلى سبيل المثال تم الاتفاق على استلام طلبية منتج معين يستغرق تصنيعه عشرة أيام فيقوم بطلب التسليم بعد خمسة أيام وهنا يجب إفهامه أن ذلك مستحيل وان ذلك تعجيز للتهرب من الاتفاق مثلا. ولكن إذا كان ذلك ممكنا فيجب أن يكون بثمن.
الخطأ المتعمد:
إنه تكتيك غير أخلاقي نهائيا.
بعض المفاوضين في البيع أو الشراء يتعمد عدم كتابة بند معين ليبدو وكأنه قد نسيه مثلا وهو متعمد ذلك ليكون ورقة لدعم موقفه لطلب مزيد من التنازلات من الطرف الآخر أو تحقيق كسب أو إيقاع الطرف الآخر.
مثال أن تشتري سيارة ويتعمد البائع عدم كتابة جزء معين مثل التكييف آو المسجل أي عدم كتابة سعره مما قد يتسبب في إلغاء الاتفاق مثلا.ففي هذه الحالة عليك أن تبين له بأنه تعمد ذلك .أو أن يقوم المشتري مثلا في آخر التفاوض بطلب التسليم في وقت هو يعرف انه مستحيل أن يكون التسليم فيه .(1/131)
وجميعهم في هذا الخصوص يقصدون تعطيل الاتفاق أو تأخيره أو التهرب منه في اللحظات الأخيرة لإعادة صياغته لإحساسهم مثلا بأنهم قد وقعوا في صفقة خاسره ويريدون عذرا للتهرب منها.وبذلك يأتي الرد من البائع بان ذلك غير ممكن وهنا يبدأ في فرض شروط مثلا بأن يقول له إذا كنتم لا تتمكنون من التسليم في الفترة المحددة فعليك تقديم خصم أكثر مقابل ذلك التأخير . لكي انتظر دون أن ابحث عن مكان آخر.
أن يقولك مالم تقله:
كان تكون أنت المشتري مثلا ومشغول في أعمالك ولا تجد الوقت ويرسل لك البائع الذي تعاقدت معه سابقا رسالة مفادها انه يفترض انك لم تحدد نوعا ما من بنود الاتفاق فيحدده هو بشكل غير واضح ويطلب منك الرد خلال مده معينه أن ترد وان لم ترد فسوف يعتبر ذلك موافقة منك . وهو يعلم مشاغلك ويستغل ذلك ليقولك مالم تقله.
في هذه الحالة يجب التصدي لمثل هذه التصرفات التي تعتبر غير أخلاقية في الاتفاقات من ناحية أنها غير محدده ومن ناحية أخرى انه بذلك يستغل مشاغلك وهو يعلم ذلك.
الرجوع عن الاتفاق بعد الاتفاق:
ويحدث ذلك أحيانا وخصوصا عندما تكون مضطرا للقبول لاحتياجك الشديد لما تم الاتفاق عليه فيقوم المفاوض المقابل بطلب المزيد بعد الاتفاق.
وهنا عليك أيضا أن تصعد الأمر وتقول له انك تريد إعادة الاتفاق وصياغة التعاقد مرة أخرى لأنك غير راضاً عن ماتم الاتفاق علية سابقا. أو تتحجج بسلطة عليا بأنها لم توافق على التعاقد مثلا أو لن تسمح بإعادة التفاوض أو تقوم بالإيحاء له بأنك تريد الانسحاب. وقد تكون لحاجتك لهذا الاتفاق تقوم باجراءت معينة مثل صياغة العقد بشكل لا يقبل الرجوع عنه بعد التوقيع أو أن تستخدم أمور أخرى عديدة لا مجال لذكرها تجعل من الشخص المقابل يجد صعوبة في الانسحاب أو اللجوء لهذا النوع من التصعيد قد تكون منها توطيد علاقتك الخاصة به مثلا.(1/132)
المغالطة: إنها إحدى الحَل التي يلجأ إليها أحد الأطراف لانتزاع إحدى المزايا من الطرف الآخر. كأن تقوم إحدى الشركات بإرسال"شيك" الى البائع بعد خصم نسبة 2،5% مصحوباً ببطاقة تشير الى أن الشركة تحصل على مثل هذا التخفيض من كل عملائها عندما تسدد القيمة خلال 15 يوماً،أو أن يرسل البائع رسالة الى أحد عملائه تتضمن:" بما أنك لم توافينا باختيارك فسوف نشحن لك الطراز الفاخر مالم يصلني منك رد خلال عشرة أيام".
إن هذه الحيلة تستهدف الشخص الكسول أو الشخص المشغول، فهي تتخير الطريق الأيسر وتتخذ الإجراء مباشرة مالم يصلها رد من الجانب الآخر.
إن الطرف الذي يقوم بهذه الحيلة يستغل تاريخ التعامل السابق مع العميل، فحينما يشرع العميل في الاعتراض على الإجراء المُتخَذ يرد قائلا:"ولكن الأمر لم يشكل لك أية مشكلة في الماضي".
ولمقابلة هذه الحيلة شأنها في ذلك شأن كل الحِيَل غير الأخلاقية، يجب أن تتصل بالطرف الآخر وتخبره بوجوب التقّيد بمزيد من الالتزام الأخلاقي في المستقبل.
التصعيد:
وهي أن يعمد أحد الطرفين الى تصعيد مطالبه بعد أن يكون الطرفان قد أبرما اتفاقاً، إنه بالطبع تصرف سافر وغير أخلاقي. ولكن ما الذي يجعل مثل هذا التصرف الشائن ينجح في إنتزاع بعض التنازلات؟
الإجابة هي: أن الطرف الآخر يقوم بالتنازل عن كبريائه ويرضخ بسهولة لمطالب الطرف الأول، فقد يُؤثر الطرف الآخر أن يدفع بدلا من أن يخسر الصفقة .
إن تاريخ الأعمال "يعجُّ" بقصص من هذا النوع والتي تمكن فيها أحد الأطراف من انتزاع بعض المزايا بعد إتمام الصفقة، فقط لأنهم يملكون من " الوقاحة" ما يكفي للمطالبة بالمزيد.(1/133)
ولكي تحمي نفسك من هذه الحيلة استخدم حيلة السلطة الأعلى: أخبر الطرف الآخر بأن عرضه لا يسيئك ولكن مجلس الإدارة لن يقبل أبداً بالتفاوض في صفقة قد تم عقدت فعلا، وقد يجبرونك على التنازل عن الصفقة برمّتها.ثم اسع لوضع الطرف الآخر في أفضل الأوضاع لقبول عرضك وذلك بإخباره بأنه على الرغم من أنه لن يكون بوسعك أن تقترب من السعر، فربما أمكنك أن تقدم أحد الإمتيازات القيّمة في أحد الجوانب الأخرى.
أو: اعمد أنت أيضا الى تصعيد مطالبك في المقابل. أخبر الطرف الآخر بأنك سعيد لأنهم أعادوك الى طاولة المفاوضات، لأنك قد أعدت التفكير في الصفقة من جانبك أنت أيضا. ويجب أن لاتسعى بالطبع الى انتهاك أي اتفاق، ولكن بما أن الطرف الآخر يرغب في مناقشة العرض الأساسي ، فمن حقك في هذه الحالة أن تشير الى ارتفاع السعر.
من الأفضل تجنب التصعيد وليس مواجهته. وتجنُّب التصعيد يكون باستخدام الأساليب التالية:
- أحسم كل التفاصيل منذ البداية.
- لا تترك أي نقطة بدون تغطية وافية.
- اقضي على عبارة: سوف نرى فيما بعد ما يمكن فعله حيال هذا الأمر" ولاتترك أمراً معلقا.
- تذكر أن القضايا التي لم تحسم أثناء المفاوضات هي التي تفتح باب التصعيد.
- اسع لتعزيز علاقتك الشخصية بالأطراف الأخرى حتى يمنعهم الحياء من استغلالك على هذا النحو.
- احصل على مقدم كبير لكي تصعب فكرة التراجع.
- يجب أن تسعى لكي يبدو أن الكل" فائز"، وأن تقطع على الطرف الآخر طريق التنصل مما تم الإتفاق عليه.
حيلة سمك الرنجة الأحمر: إن مصطلح سمك الرنجة الأحمر هو أحد المصطلحات الإنكليزية في عالم صيد الثعالب. فسمك الرنجة الأحمر تتحول بعد تجفيفها وتزويدها بالملح الى اللون الأحمر، وقد اكتشف مناوؤا صيد الثعالب أن إقحام هذه الأسماك في طريق الصيد فإن رائحتها تعمل على تشتيت عملية اقتفاء اثر الثعلب بالنسبة لكلاب الصيد.(1/134)
تعتبر صورة من صور حيلة الطعم،ففي حيلة الطعم يسعى أحد الأطراف الى طرح قضية فرعية لانتزاع تنازل يخص القضية الرئيسية، أما هنا فيقوم أحد الأطراف بتقديم طلب فرعي سوف يعمد فيما بعد الى التنازل عنه مقابل أحد التنازلات من الطرف الآخر. إذا تمكنت منك هذه الحيلة فسوف توحي إليك أنها ذات أهمية بالنسبة للطرف الآخر بينما هي في واقع الأمر ليست كذلك. هذه الحيلة لجأت إليها كوريا الشمالية أثناء مباحثاتها مع كوريا الجنوبية بشأن الأسلحة، حيث قررت الدول المعنية حينئذ في وقت مبكر للمحادثات أن يمثل مسؤولون رسميون من ثلاث دول محايدة كل من الكوريتين على مائدة المباحثات جنبا إلى جنب مع المفاوض الوطني لكل دولة. فاختارت كوريا الجنوبية : النيروج، السويد، سويسرا. بينما اختارت كوريا الشمالية : بولندا ، تشيكوسلوفاكيا، ولكنها لم تتوصل الى البلد الثالث، واقترحوا أن تبدأ المفاوضات لحين أن تعلن عن البلد الثالث.
إن ما كانت تسعى إليه كوريا الشمالية في حقيقة الأمر هو أن تتيح لنفسها استخدام حيلة الرنجة الحمراء، وحين آن الأوان وبدأت المباحثات قامت كوريا الشمالية بطرح اختيارها الثالث وهو الاتحاد السوفييتي. فجاء رد الجميع أن هذا لا يجوز لأن الاتحاد السوفييتي ليس دولة محايدة، فأجاب الكوريون الشماليون:ولكنها ليست متورطة بشكل مباشر في الصراع ولذلك فهي لا تعتبر دولة منحازة.
الفصل السادس
معالجة مشكلات التفاوض الصعبة
إن السبيل الوحيد " كما ذكرنا" لمعالجة الموقف المتفاقم ، هو إشراك طرف ثالث في التفاوض، والطرف الثالث إما أن يكون "وسيطاً" أو " حَكَماً".
وقلنا أن الموقف المتفاقم هو" الموقف الذي يشعر فيه الطرفان بمنتهى الإحباط من جرّاء الإخفاق في إحراز أي تقدّم مما يدفعهم الى افتقاد الرغبة في استكمال المفاوضات". وبالتالي يصبح من "المحتم" إدخال عنصر ثالث "إما محكّم وإما وسيط" الى مائدة التفاوض لمحاولة الوصول الى نهاية مرضية.(1/135)
هناك اختلافا جوهرياً بين التحكيم والوساطة ،ومن الضروري عدم الخلط بين الدورين.
إن الوسيط لا يملك سلطة التحكيم أو الإدارة، بمعنى لا يملك سلطة الإشارة الى الجانب المخطئ والجانب المصيب.وإنما هو شخص "أو فريق" تَدَخَّل لتوظيف مهاراته في محاولة للتوصل إلى حل.
أما الحكم فهو الشخص الذي وافق كلا الطرفين على قبول" الحُكم" الذي يراه منصفا. أي أن كلا الطرفين يمنحه سلطة التحكيم وفرض الحلول، وهو ما يسمى " التحكيم الملزم ( والذي يختلف عن التحكيم غير الملزم والذي سنتطرق إليه لاحقا).
إن الوساطة تعني أن كلا الطرفين قد اجتمعا بنيّة التوصل الى حل وسط، أي أن كليهما حريص على التوصل الى اتفاق يرضي الطرفين. وهذا يعني أن الطرفين قد يخفقان في التوصل الى اتفاق في بعض الأحيان، لأن هذا يتطلب أن يكونا كليهما راغبين أساسا في التوصل الى اتفاق.أما حال التحكيم فإن كل طرف يسعى للفوز، أي أنه يأمل بأن ينظر اليه الحكم على أنه الطرف " المصيب"، وأن ينظر الى الطرف الآخر على أنه "مخطئ"، ولهذا سيسعى كل طرف الى طرح قضيته بمنتهى القوة حتى يحظى بحكم التحكيم. وفي هذه الحالة سوف يصل قطعا الطرفين الى حل لأن الحكم سوف يستخدم سلطته لإرغام الطرفين على قبول حكمه ، ويمكنك الاستعانة بالوساطة والتحكيم في نفس الوقت.
في عام 1998،حين أعلن العاملين في شركة جنرال موتورز حالة الإضراب، لجأ الطرفان الى الوساطة، إلا أنهما استعانا بالتحكيم في أحد جوانب النزاع فقط وهو الجانب القانوني للإضراب وهل كان للعاملين الحق في ذلك أم لا.
( سوف أذكر لك ما يتعلق بالجانب القانوني للمحكم في قانون الإجراءات المدنية لاحقا).(1/136)
أهمية الوساطة: تتزايد في الوقت الحالي شعبية الوساطة بعد أن أصبح البتّ في القضايا من خلال المحاكم أقل فاعلية. إن موافقة الطرفين على اللجوء الى الوساطة لفض النزاع، تعني أنهما قد قصرا اللجوء الى القضاء على القضايا الأكثر تعقيداً. وتتميز الوساطة عن الدعوة القضائية في جوانب كثيرة، فهي أقل كلفة، لأن تكلفة الدعوى مرتفعة إلا إذا تمكنت من تفويض محامٍ على أساس "احتمالي"، بمعنى أن لا يتقاضى المحامي أية أتعاب إذا خسر القضية، بينما يتقاضى مبلغاً"محترما" في حال كسب الدعوى. وذا يعني أن الأمر إن لم يكن كذلك، فعليك أن تكون مستعدا لخسارة الآلاف قبل الوصول الى قاعة المحكمة. حيث أن المحامي سيكلفك بدفع كل نفقات ما قبل المحاكمة أي" نفقات كل ما يقوم به من استجوابات ودراسات حتى مع أولئك الأشخاص الذين لا تكاد تربطهم صِلة بالقضية ، الى غير ذلك من الأعمال التحضيرية الأخرى.
كما أنه يعتبر من "الأسرع" اللجوء الى الوساطة، إذ أن القضايا المدنية قد تستغرق شهوراً بل وسنوات الى أن تصل الى المحكمة، وقبل أن تصل الى هناك سوف يطالبك القضاء بوجوب محاولة فض الخلاف عن طريق الوساطة، ناهيك عن الوقت الذي ستأخذه المحكمة لحين إصدار الحكم.
أما الوساطة فقد تحسم القضية خلال ساعات حال توصل الطرفين الى حلّ. إن الوسيط لا يحتاج الى ساعات للإعداد، لأن هذا قد ينطوي على شيئ من الانحياز، إن الإعداد في هذه الحالة يقتصر على تفهُّم موقف كلا الطرفين.على الصعيد الآخر تجد أن من الأمور الصعبة أن تصل إحدى القضايا المدنية الى جلسة استماع في المحكمة ، وهذا يعود كما ذكرنا الى الى التكلفة المرتفعة والتأخير الشديد، والى رغبة القضاة أنفسهم في عدم إقحام مثل هذه القضايا في جداول المحكمة المكتظة ، خصوصا وأن مثل هذه القضايا يسهل "فضّها" عن طريق الوساطة أو التحكيم.وهذا يعني أنه من النادر أن تصل مثل هذه النوعية من القضايا الى ساحة القضاء.(1/137)
إن الحل الذي يصل إليه الطرفان من خلال الوساطة لا يكون قابلاً للاستئناف بعكس المحكمة،فقد تصل الى تسوية في إحدى القضايا، إلا أن تنفيذها قد يتعرض للتأجيل أو قد ينقلب الحكم ضدك بعد لجوء الطرف الآخر للاستئناف، وقد يلجأ دفاع الخصم الى الدفع بإفلاس موكله للتهرب من سداد التسوية.أما في حالة الوساطة، فإن الطرفين يوافقان على التسوية، وهكذا يكون من الأرجح أن يشرعا في تنفيذ ما تم التوصل إليه.
كما أن الطرفين حينما يتفقان على اللجوء الى الوساطة لفضّ أي نزاع، فهذا يعني أنه بوسعهما أن يتفاوضا بثقة لأنهما قد تجنبا بالفعل خطر التورط في الدعاوى القضائية غير مضمونة العواقب.
كما أن الوسيط يفوق القاضي في القدرة على تفهّم القضية، لأن من الشائع أن يتم إختيار وسيط خبير في مجال النزاع، وهذا يعني أن الخبير العقاري هو الذي سيلعب دور الوسيط إذا كان الموضوع عقارياً، وأن خبير التوظيف هو الذي سيلعب دور الوسيط لفض النزاع بين العاملين والإدارة.مما يعني أن الوسيط سوف يكون في هذه الحالة أكثر تفهّماً للقضية من القاضي نفسه.
إلا أن الوساطة لن يكون بوسعها التوصل الى حل إلا بعد موافقة كلا الطرفين. وهو ما يختلف طبعاً عن التحكيم والقضاء.
كما أن الوساطة سوف تتيح للطرفين القدرة على مواصلة العلاقة بينهما بدون ضغينة.
وتبقى كل تفاصيل النزاع "حال الوساطة" سريّة، إذا أن الوسيط يدرك تماما أنه لا يحق له التصريح بأية تفاصيل خاصة بالوساطة حتى بعد انقضاء سنوات، ويتم التخلص من جميع الملاحظات المدونة من قبل الوسيط ولا يبقى إلا الإتفاق النهائي. أما الدعاوى القضائية، فهي تتحول الى قضايا وتُدرج ضمن السجلات العامة.
وهكذا تكون السرية إحدى أهم المزايا التي تقدمها الوساطة للأشخاص والشركات التي لا تريد أن يُعرف عنها أنها ارتكبت خطأً ما أو أنها قد سعت للتوصل الى حل.
لماذا تنجح الوساطة:(1/138)
لا تتردد في اللجوء الى الوساطة لحسم الخلاف،ولا تقل" لا أريد أن أقحم نفسي في مثل هذه الأمور لأن هذا يعني أنني أعترف ضمنياً بأنني لست مفاوضا جيدا، وأنني أفتقر الى القدرة على معالجة الأمر".
إن الوساطة لا تعني أنك تُشرك مفاوضا أفضل، ولكن عناك بعض الأسباب التي تعمل على إنجاح الوساطة حينما يفشل الطرفان في التوصل الى حل.
فالوسيط يستطيع أن يخاطب كل طرف على حدى،وأن يذكِّر كل طرف بأنه يجب أن يسعى لأن يكون أكثر اعتدالا.( أما الحكم فبإمكانه أن يفرض ذلك على الطرفين وأن يجبرهما على التوصل الى حل خلال 24 ساعة بعد إخطارهما بأنه سوف يختار العرض الأكثر اعتدالاً، مما يدفع كل جانب أن يتسم بدرجة أكبر من الاعتدال خشية أن يتقدم الطرف المقابل بعرض أكثر جاذبية، وهذا يعني أن الأفكار المطروحة في نهاية المطاف سوف تكون بمثابة جلسة نهائية للنطق بالحكم).
إن الوسيط يستمع بشكل أفضل الى كلا الجانبين، لأنه يجب أن لا يسعى مسبقاً للحصول على أية معلومات قبل التدخل في المفاوضات، حتى لا يتخذ موقفاً متحيزاً. وبما أنه مأمون الجانب فسوف تمنحه تلك الميزة القدرة على الاستماع الى بعض الأمور التي قد يغفل عنها الخصم،كما أن لديه قدرة أكبر على الإقناع، لأن كلا الطرفين ينظران إليه باعتباره الطرف الأقل انتفاعا.
" يفقد الشخص الكثير من قدرته على الإقناع إذا نُظر إليه باعتباره أحد الأطراف المنتفعة".
على سبيل المثال: يحظى البائع بقدر كبير من المصداقية لدى المشتري إذا كان الأخير يعلم بأن البائع لا يحصل على عمولة.
وعلى العكس ستجد أن الوساطة الأمريكية لا تحظى بهذه المصداقية في المفاوضات العربية الإسرائيلية.(1/139)
إنك حين تقوم بالتفاوض المباشر، تميل الى الإعتقاد بأن الطرف الآخر عادة ما يكون على استعداد للموافقة على ما تطرحه من اقتراحات. يستطيع الوسيط أن يجتمع بكل طرف وأن يقترح بعض الحلول دون التلميح بأن الطرف الآخر سوف يكون مستعداً لقبول هذا الحل.
كما أن الوسيط سيكون عادة قادراً على إعادة كلا الطرفين إلى طاولة المفاوضات دون إجبارهم على تقديم أية تنازلات، إذ يكون عادة خبير في مجال النقاش، مما يمكنه من اقتراح بعض التصورات الجديدة بالنسبة للجانبين.
كما أن لديه من الخبرة ما يكفي لحسم مثل هذه النزاعات، وبعيداً عن المهارات التي تكسبها الخبرة للوسيط، فإنها تتيح له فرصة وضع تصّوُر لتسوية منصفة ومقبولة.
وجوب اعتبار الوسيط شخصية محايدة :
يجب أن ينظر الطرفان إلى الوسيط أو الحكم بوصفه شخص محايد
وإذا لم يشعر الطرفان بذلك فسوف يفقد الشخص فاعليته،ولذلك يجب أن يبذل الوسيط جهده لترسيخ
هذه الصورة المحايدة لدى الطرفين .بمعنى أن الوسيط المتمرس قد يفرض اقتراح أحد الجانبين إن
كانت تربطه به صلة عمل مسبقة بينما لا يقدم على مثل هذا التصرف مع الطرف الآخر .كما أنه
لن يقبل اقتراح الطرف الذي تربطه به معرفة اجتماعية ولكن ليس الطرف الآخر . إن ما يعنينا هنا
هو ترسيخ صورة المحايدة وليس علاقات العمل أو الصداقة .أما إن كان الوسيط يرتبط بِصلة عمل أو بصداقة مع الطرفين بنفس الدرجة فإن هذا لن يقلل من مقدار فاعليته.(1/140)
قد يشرع الوسيط في أداء دوره بمنتهى الصدق ثم يفاجئ بأنه يعرف أحد الأشخاص في أي من الجانبين . يجب في هذه الحلة أن يقوم بشرح الموقف للطرفين وأن يعرض فكرة الانسحاب،فإن لم يعترض أحد على وجوده فيمكنه المواصلة،ولكنه يجب أن يطرح المشكلة وأن لا يتجاهلها . لقد قامت مجموعة من علماء النفس في إحدى المرات بإجراء دراسة حول تأثير الوسيط المحايد في عملية الوساطة ،وكان من بين النقاط التي تعرضت لها المجموعة الأثر الذي يمكن أن يحدث إن نظر أحد الأطراف إلى الوسيط بوصفه غير محايد؟
والإجابة بديهية وغاية في البساطة ، وهي: "أن الوسيط يجب أن يسعى لتخطي هذه العقبة بالمبادرة بتقديم تنازل سريع لهذا الطرف" . سوف يعمل المثال التالي على إلقاء الضوء على هذه الفكرة .
يقول "روجر داو سون" أستاذ التفاوض:
في إحدى المرات شاركت في عملية التفاوض الخاصة ببيع إحدى الشركات لشركة أخرى وكان هناك فريقان من المحامين يعملان في محاولة لتسوية نقاط الخلاف بين جانبين، وبعد أسابيع من التفاوض بدا أننا قد وصلنا الى طريق مسدود. الى أن قام احد المحامين بإذابة الجليد فكان من الذكاء بحيث قال:"يبدو أن الأمر سوف يستغرق وقت أكثر مما كنت أتوقع،ولكنني يجب أن اذهب الى المحكمة عصرا، ولهذا فإن شريكي جو سوف يحل محلي بعد الغداء".(1/141)
وبينما ذهب المحامي الأول الى المحكمة عصر ذلك اليوم ، جاء جو ليحل محله وقد بدا على غير دراية بالموقف فبدأ كل فريق يشرح له وضع المفاوضات وبذل جو جهدا كبيرا كي يبدو محايدا حيث خاطب فريقه قائلا:"أترون انه من الإنصاف أن نضغط عليهم في هذه النقطة؟ يمكننا أن نتنازل قليلا في هذا الصدد ". مما دفع الجانب الأخر الى الاعتقاد بأنه أكثر اعتدالا من المحامي السابق ، وهكذا تجدد لديهم الأمل في التوصل الى تسوية . وبما إن نجح جو في اكتساب صورة الشخص المحايد استطاع أن يجد أرضية مشتركة في المفاوضات بين الجانبين التي كانت قد وصلت بالفعل الى طريق مسدود . نستخلص من ذلك انك يجب أن تسعى –فور شعورك بأنك وصلت الى طريق مسدود مع الطرف الآخر- لإشراك طرف ثالث شريطة أن ينظر إليه كلا الطرفين بصفته شخصية محايدة .
قد تنفق أعواما حتى تكتسب صفة الحيادية:
استطاع الرئيس كارتر أن يلعب دور الوسيط المساعد بنجاح بين مصر وإسرائيل في كامب ديفيد لأن الطرفين كانا يعتبرانه شخصا محايدا، وقد أمضت الولايات المتحدة سنوات كي تتمكن من اكتساب هذه الصفة أمام مصر . حيث كان الزعماء المصريون ينظرون للإدارة الأمريكية كأعداء ، بينما يعتبرون السوفييت أصدقاءً لهم. وقد اقتنص هنري كسينجر فرصة رائعة لتغيير هذه الصورة حينما كان في إحدى المرات في مكتب أنور السادات ،وكان الأخير يحاول أن يحمل السوفييت على تطهير قناة السويس التي كانت مغلقة من جّراء بعض السفن الغارقة في مياهها أثناء الحرب مما كان يسبب لمصر خسارة فادحة إثر عجزها في تحصيل رسوم مرور السفن عبر مياهها ، والذي كان يمثل لها في ذلك الوقت الشريان الاقتصادي . ولذلك كان الرئيس يسعى إلى الانتهاء من هذا الأمر بأسرع ما يمكن .(1/142)
وقد كان السوفيت "على الأرجح" على استعداد لأداء هذه المهمة إلا أن البيروقراطية التي يتسم بها نظامهم جعلت الأمور تسير ببطء مما دفع كسينجر إلى مخاطبة أنور السادات قائلاً:"أتود أن نساعدك في إنجاز المهمة؟" ، فأجابه أنور السادات :"وهل بوسعك ذلك حقاً؟" ، فالتقط كسينجر الهاتف من مكتب أنور السادات واتصل بالرئيس نيكسون في البيت الأبيض . وما انقضت أيام قلائل إلا وكان الأسطول السادس في طريقه إلى قناة السويس وهكذا شرع كسينجر ونيكسون في إضفاء صبغة الوسيط المحايد على الولايات المتحدة بين إسرائيل ومصر وهو ما أتاح لكارتر فرصة النجاح في دور الوسيط في كامب ديفيد.
طريقة الوساطة:
إن المحلل النفسي يجب أن يقنع المريض بأنه يعي تماماً ما يفعله ،وانه قد تخير للمريض الدواء المناسب الذي سيعمل على شفائه. وليس من الضروري أن يفهم المريض نوعية العلاج ووسيلته وإنما يجب أن يقتنع بأن هناك بالفعل نظاماً معيناً متبعاً لعلاجه. وحين تقترب من الأمر قد تجد أنه ليس هناك نظام بعينه في حقيقة الأمر، ولكن المريض يجب أن يصدق أن هناك نظاماً وهو كل ما يهم. وهكذا
يجب أن يقتنع كل المشاركين في المفاوضات بأن الوسيط يمتلك مهارات خاصة ، وأنه يتبع أسلوباً مجرباً لخدمة مصلحة كلا الطرفين ،
ويجب أن يسعى الوسيط لإثبات الآتي:
*أنه حيادي.
*أن يفهم موضوع التفاوض سواء كان في مجال البناء أو البيع بالتجزئة أو المشاكل الزوجية أو أياً كان مجال النزاع.
*أن يكزن صاحب خبرة جيدة في الوساطة في مشاكل مشابهة.
*أنه سيستخدم أسلوبا مضمون النتيجة.
الاتصال المبدئي بالأطراف :(1/143)
يقوم الوسيط بالاجتماع بالطرفين من خلال الإعلان عن مؤتمر ، أما اتصال الوسيط بالطرفين قبل هذا الاجتماع المشترك فنادرا ما يكون من الأفكار الجيدة ، لأنه إن شعر احد الطرفين بان الوسيط شديد التجاوب مع الطرف الآخر قبل بدء المفاوضات ، فإن هذا قد يؤدي الى الإضرار البالغ بعنصر المحايدة الذي يجب أن يحرص عليه الوسيط ، وخلال الاجتماع الموحد يجب أن يعيد التأكيد على أن الوساطة تعني استعداد الطرفين للتوصل الى حل وسط ، كما يجب أن يخبرهم أن الوساطة لن تؤتي ثمارها إن أصر احد الطرفين على التمسك بوضعه المبدئي في التفاوض في محاولة لإثبات خطأ الطرف الآخر ، وأخيرا يجب أن يبرز أهمية المرونة في التفاوض بتجنب الطرق المسدودة فيما بعد وهو ما يعد احد العوامل الأساسية لإنجاح الوساطة .
يقوم الوسيط بعد ذلك بشرح الخطوات المتبعة لكل طرف، على سبيل المثال : متى سوف يجتمعون؟ وكيف سيتم الاتصال بينهم؟ كما يجب أن يؤكد على أن مثل هذه الخطوات مجربة، وانه إن التزم الطرفان بها فسوف تثمر على الأرجح عن إنجاح المفاوضات، ثم يجب أن يسعى الوسيط بعد ذلك للحيلولة دون لجوء احد الطرفين الى السلطة الأعلى أي يجب أن يتأكد من أن الأشخاص الذين يمثلون الطرفين يمثلون سلطة اتخاذ القرار ، إلا انه يجب أن يتشدد في هذه النقطة لأنه في بعض الأحيان على سبيل المثال لن يكون بوسع إحدى الشركات الكبرى أن تمنح مفاوضيها تفويضا مطلقا . ولكن الوسيط يجب أن يسعى للمحاولة حتى يتجنب على الأقل لجوء بعض الإطراف الى سلطات "وهمية" مما يجنب المفاوضات بعض المفاجئات غير السارة فيما بعد .(1/144)
ثم يطلب الوسيط من كل طرف أن يتقدم بيان كتابي يشرح من خلاله وضعه في التفاوض، على أن يتضمن صور لأية مستندات ضرورية لإلقاء مزيد من الضوء على وضع الطرفين، ثم يطلب منهما أيضا أن يكون البين مختصرا، أي ألاّ يتعدى أربع أو خمس صفحات، كما يجب أن يقوم كل طرف بإرسال نسخة من نفس المعلومات الى الطرف الآخر. إن معرفة كل طرف بأنه يجب أن يرسل نسخة الى الطرف الآخر سوف يجنب لجوء أي من الطرفين الى محاولة للتأثير على الوسيط كما انه سيمنع الطرفين أيضا من إرفاق كميات هائلة من الوثائق الداعمة . يجب أن يضم كل بين الآتي:
*كيف نشب النزاع بين الطرفين؟
*القضية التي يسعى الطرفان لحلها.
*شكل الخسارة التي تعرض لها كلا الطرفين من جرّاء هذا النزاع.
*التسوية المقترحة من وجهة نظر كل طرف
يقوم الوسيط بإعلام كلا الطرفين بان كلا منهما يجب أن يقدم بيانا افتتاحيا يشرح فيه موقفه أثناء الاجتماع المشترك، ثم يقوم الوسيط بتحديد موعد هذا الاجتماع على أن يكون في أسرع وقت ممكن . فان أبدى الطرفان تحفزا للإسراع بعقد الاجتماع والآمال العريضة تحدوهم للتوصل الى اتفاق فهذا يعني انه يفضل أن يتم التصرف بأسرع ما يمكن ، ويجب أن يفرغ الوسيط يوما كاملا للوساطة وهذا يعني أن الاجتماع المبدئي سوف ينعقد في الصباح والذي يجب أن يكون في مكتب الوسيط ، فإن لم يكن ففي أي مكان محايد، ويبادر الوسيط عند بداية الاجتماع بقراءة بيان الافتتاح والتركيز على أهمية الأمور التالية:
*خبرته في مجال النزاع وسجل نجاحاته في دور الوسيط.
*يجب أن يؤكد أنه ليس قاضياً أو حاكماً وأنه لا يملك سلطة فرض أية تسوية.
*أنهم لم يجتمعوا في هذا المكان كي يسعى أحد الأطراف لإقناعه أو إقناع الطرف الأخر بأنه هو المصيب وأن الأخر هو المخطئ .
*أن الوساطة تعني مناقشة وضع كلا الجانبين املأ في الوصول إلى حل يرضي كلا الطرفين.(1/145)
يجب أن يقوم كل طرف بتمثيل موقفه للطرف الآخر وليس من خلال الوسيط بينما يطلب الوسيط من الطرفين أن يسمحا له بتدوين بعض النقاط ويؤكد لهما أنه سيتم التخلص منها نهائيا مع نهاية المفاوضات ليبقى كل ما تم لثناء التفاوض في طي الكتمان.
كما أن كل ما يقال خلال الاجتماع لن يعتد بع في المحكمة وهكذا يبدأ كل طرف بعرض بيانه الافتتاحي،وهي إحدى النقاط بالغة الأهمية في الوساطة، إذ أن الخلاف قد يكون قد نسب بين الجانبين منذ شهور كما أنه يرجح أن يكون الاتصال قد انقطع بينهما، أما الآن فقد أصبح كل طرف قادراً على شرح قضيته مباشرة للطرف الآخر وهي نقطة نفسية حساسة وبالغة الأهمية بالنسبة للطرفين، إذ أن كل طرف سوف يشعر بالارتياح بعد أن أفرغ كل ما في جعبته كما أنه قد أسقط عن كاهله عبئ تقديم العرض بعد أن انتهى من عرضه.وهذا يعني أن الحالة المعنوية لكلا الطرفين قد باتت مرتفعة وأن الطريق قد أصبح ممهداً للتوصل إلى حل وسط.
فإن قام أحد الطرفين بطرح نقطة ما لإثارة الجدل ولكن بدون دليل، فيجب أن يذكره الوسيط بلطف بأنه لا يصح التعامل إلا مع الحقائق المثبتة ، ويقوم الوسيط في هذه الأثناء بمعرفة الشخصيات التي تشكل كل فريق. فإن شعر بأن كل طرف يتعامل مع الحقائق ويحترم الطرف الآخر، فهذا يعني أن هناك فرصة جيدة للتوصل إلى تسوية سريعة. أما إن ركز كل طرف جهده على النيل من الطرف الآخر فهذا يعني أن الوسيط سيبذل جهداً مضنياً في مهمته. وإليك تذكرة بالنتائج التي سوف يحققها الاجتماع الأول:
*سوف يفهم الجميع الأسباب التي أدت إلى نشوب النزاع.
*سوف يتعرف كل طرف على مطالب الطرف الآخر.
*سوف يؤكد الوسيط على أهمية التركيز على الحقائق لا العواطف.
*سوف يبدي الوسيط شيئاً من التعاطف مع كلا الطرفين وسوف يعمل ذلك على"تضميد الجراح".
*سوف يشعر الطرفان أنهما يسيران في طريق التفاوض الصحيح وأنهما بصدد التوصل إلى تسوية.
أولى الاجتماعات المنفردة :(1/146)
الخطوة التالية هي أن يقوم الوسيط بلقاء كل طرف منفرداً ، على أن يبقى الطرف الآخر في غرفة أخرى ، حيث سيقوم بمطالبة كل طرف بترتيب مطالبه من حيث الأهمية ، ثم يتحقق من صلاحية كل نقطة وكل قضية، ويناقش مع طرف التفاوض مدى قوة موقفه في هذه القضايا حتى تكون الصورة واضحة أمامه إن آل الأمر في نهاية المطاف إلى القضاء. يسعى الوسيط من خلال مناقشة قوة البراهين التي يمتلكها كل جانب إلى حمل كلا الطرفين على التوسط واتخاذ مواقف أكثر اعتدالاً لإمكانية التوصل إلى حل وسط بغرض التسوية.
كما أن الوسيط يعلم أن هناك بعض نقاط ضعف في حجة كل من الطرفين ، وربما يرجع ذلك إلى أن أحد الطرفين لم يقم بقراءة العقد بمنتهى الدقة قبل التوقيع، أو ربما تكون هناك بعض النقاط المشوشة في العقد والتي عمد أحد الطرفين إلى إغفالها ، أو ربما قد سعى طرف إلى المراوغة في بياناته المبدئية كأن يقول –على سبيل المثال-في بداية التفاوض :"لم نكن نتصور أن هذا يمكن أن يحدث "، إن هذه المرحلة من الوساطة سوف تعمل على تغيير مثل هذه الأوضاع ففي المثال الأخير سوف تتغير الإجابة لتكون " نعم لقد كنا نعي أن هذا يمكن يحدث" . إن شعور كل طرف بأن بوسعه الكشف عن بعض نقاط الضعف بشكل سري يعد إحدى الخطوات النفسية بالغة الأهمية، وهكذا سيشعر الطرفان بكثير من التحسن بعد إفراغ ما بداخلهم.
ثاني اللقاءات المنفردة :
سوف يسعى الوسيط من خلال الجولة الثانية للقاءات إلى حمل كل طرف على اقتراح شكل من أشكال التسوية واعداً كل طرف بأنه لن يفصح عن هذا الشكل المقترح للطرف الآخر. وهو بهذا يدفع كل طرف إلى التقدم بالاقتراح بدلاً من أن يتولى هو هذه المهمة لأنه يعلم أن عوض التسوية المبدئية قد تكون في بعض الأحيان جيدة بدرجة غير متوقعة.
ثم يقوم الوسيط بالتلميح لكل جانب عن اقتراح الطرف الآخر بواسطة بعض الكلمات التي تحمل أكثر من معنى ثم يقترح أن يفصح لكل طرف عن عرض الطرف الآخر
.(1/147)
بما أن تطرح الاقتراحات على طاولة المفاوضات تكون الوساطة قد انتقلت إلى مرحلة التفاوض .وهنا يشرع الجانبان في تطبيق كل حيل التفاوض التي سبق أن أشرت إليها.
مرحلة التسوية :
بما أن يصل الطرفان إلى اتفاق يجب أن يقوموا بتدوين تسوية كتابية وسوف يكون كل في هذه الحالة على الأرجح بحاجة للحصول على النسخة القانونية للاتفاق النهائي حتى يكون مؤهلا لرفعها إلى القضاء إن لزم الأمر ،وهذا يعني أن كلاً منهما سوف يكون بحاجة إلى محاميه الخاص. ولا يتولى الوسيط مهمة إعداد الاتفاق حتى إن كان محامياً، إذ لا يصح أن يمثل الوسيط كلا الجانبين، كما أنه بذلك يصبح عرضة لتضارب مصالح بين الطرفين. قد يبدو هذا العرض لدور الوسيط مشوشاً بالنسبة لك ولكن يجب أن تلتفت إلى المهام التي أنجزها الوسيط، فقد بدأ مهمته في طريق مسدود بين طرفي نزاع حتى أن كل طرف لم يكن يحادث الطرف الآخر. وقد استطاع الوسيط انطلاقاً من هذا الموقف المتفاقم إلى القيام بالآتي:
*استطاع أن يعيد الحوار بين الطرفين.
*استطاع أن يقنعهما بضرورة التوصل إلى حل وسط.
*سمح لهما بتفريغ كل المشاعر السلبية في منتهى السرية.
*دفع الجانبين إلى التركيز على القضايا بدلاً من الشخصيات والعواطف.
*تأكد الطرفين من قدرة الوسيط على إقامة تسوية.
*اقتنع الطرفين بأن عملية الوساطة ذات أهمية وقد تنجح في فض النزاع .
*حمل الطرفين على التركيز على المصالح المتبادلة بدلاً من الصراعات.
*حمل الطرفين على التقدم بعروض تسوية.
*اقتنع الطرفين بأن الطرف الآخر يمكنه أن يتواءم مع الاتفاق النهائي.
التحكيم
تناولنا فيما سبق كل خطوات الوساطة التي تشبه التحكيم في بعض ا\لوجه ، وتخالفه تماما في بعض الجوانب الأخرى.(1/148)
أما أوجه التشابه فهي أن الطريقتين أقل تكلفة من الدعاوى القضائية، أما الإختلاف البيّن فهو أنه في ظل التحكيم سوف يكون هناك طرف رابح وطرف خاسر.إن الطرفين لايتوقعان أنه عند لجوئهم الى التحكيم سوف يحسم مابينهما من خلاف من خلال الوصول الى تسوية.قد يسعى الحكم الى تعديل موقف كل طرف، ولكنه يجب أن يغلب في النهاية طرف على طرف آخر.
دعنا نعرض صورة من صور التحكيم حتى نتعرف على الفارق بينه وبين الوساطة التي تتسم بقدر أكبر من البساطة ، وبين الدعوى القضائية التي تتسم بقدر أكبر من التعقيد.
إعداد التحكيم
يحاول الطرفان اختيار حكماً يكون موضع ثقة واحترام كل منهما، وأنا أنصح في مثل هذه الحالات أن ينتقي طرفا النزاع أحد أعضاء جمعية التحكيم(في حال وجودها في بلدك) للنأكد من تحليه بأعلى المعايير والضوابط الأخلاقية.
إذ أن جمعيات التحكيم تفرض قواعد صارمة على طريقة التحكيم المتبعة ، كما أنها تصدر حكماً يُعتدّ به في المحكمة.
ويجب أن يكون الحكم خبيراُ في مجال النزاع، وقد يتطلب الأمر وجود ثلاثة حكّام نظرا ل:
- اخفاق الطرفين في اختيار حكم واحد يحظى بالاحترام والثقة من كلا الجانبين.
وفي هذه الحالة سوف يقوم كل طرف بتعيين حكم، بينما يقوم الحكمان بتعيين حكم ثالث.
- قد يكون النزاع معقدا بحيث يفرض تدخل أكثر من حكم في مجالات خبرة مختلفة.
- حال تدخل أكثر من حكم يجب أن يكون العدد فرديا ليتجنب الوصول الى طرق مسدودة. يعتبر رقم "3" هو الرقم الشائع بحيث يتم اختيار احدهم كي يقوم بدور الرئيس الذي سيتولى ادارة الأمور والاستماع الى الجلسات. كما أنه سوف يتولى "بعد الاتفاق مع الحكمين الآخريم" سلطة بعض الأمور الإجرائية الخاصة باللائحة مثل: جدولة اللقاءات وإصدار مذكرات الإحضار للأداء بالشهادة.
حيادية التحكيم:(1/149)
يجب ان يكون الحكم محايدا، ويصف أن يٌنظر اليه بوصفه محايدا، كما يجب أن يوافق عليه المدعى والمدعى عليه وكل الأطراف المشاركة.
تزداد أهمية هذه النقطة في حالة التحكيم أكثر منه في الوساطة ، نظرا لطبيعة الصراع الذي يخوضه التحكيم، إذ أن الأمر يجب أن يؤول في التهاية الى إغضاب أحد الأطراف لأن الحكم سوف يصدر لصالح طرف على حساب الطرف الآخر.فإن لم ينظر الطرفان الى الحكم بوصفه حياديا ، فليس هناك أي معنى لخوض كل هذه الإجراءات الى أن يقوم أحد الأطراف في نهاية المطاف بالاعتراض على الحكم والإستئناف مشككا في حياديته.
يجب أن يفصح الحكم عن أي اتصال مسبق بالأطراف ، كما يجب أن يفصح عن أية معلومة قد تشكك في حياديته، كما يجب أن يتجنب الإتصال بأحد طرفي النزاع حال غياب الطرف الآخر.(وهو مايسمى بالاتصال أحادي الجانب).
ولتجنب الإتصال أحادي الجانب ، يجب أن يتولى موظف اداري مثل هذه التفاصيل الإدارية أي الإجابة عن أي تساؤل خاص بمكان اللقاء أو موعد الإجتماع.
الإجتماع التمهيدي:
يتم دعوة المدعي – وهو الشخص الذي تقدم بطلب التحكيم بحثا عن حل منصف- والمدعى عليه لحضور اجتماع تمهيدي. يستهدف هذا الإجتماع عدة نقاط:
فهو يسمح للطرفين بتحرير مشاعرهما ، كما أنه يتيح فرصة لإمكانية تدخل الوساطة بدلا من اللجوء الى التحكيم الذي يختلف عن الوساطة في انه ينطوي على الكثير من المشاعر العدائية.
بعدما يفرغ الطرفان ما بداخلهما قد تتحسن الأحوال، فيسعى الجانبان الى التوصل الى حل يرضي الطرفين بدلا من مواجهة قرار التحكيم الذي سوف يغلّب جانب على جانب آخر.أي أحد الحلول التي يستأثر فيها أحد الأطراف بالمكسب كاملا.
فإن تطلع الطرفين الى الوساطة في هذه الحالة ،يجب ان يشير الحكم انه بوسعه ان يقوم بدور الوسيط ،ولكن هذا سوف يمنعه في المستقبل من أداء دور الحكم إن تعثرت الوساطة.(1/150)
إن المعلومات التي سوف يحصل عليها الحكم إن قام بدور الوسيط مثل: التسويات المقترحة من كلا الجانبين سوف تقلص من قدرته على التحكيم الفعال.
أما إن شعر الطرفان برغبة في التفاوض بدون تدخل الوسيط ، فعليه في هذه الحالة أن ينسحب من تلقاء نفسه.
وبماأن تتضح كل تفاصيل الدعوى والدعوى المقابلة( يجب أن يسأل الحكم المدعى عليه إن كان ينوي رفع دعوى مقابلة لتجنب استخدام مثل هذه الحيل في اللحظة الأخيرة كإحدى الوسائل التكتيكية لتأجيل القضية).
قد يدرك الطرفان عند هذا الحد كم الجهد والمال والوقت الذي سيتكبده كل منهما من جراء التحكيم،وعندها قد يفضّلان اللجوء الى الوساطة.
يجب أن يتفق الطرفان على الوقت اللازم لعملية البحث الخاصة بكل طرف . لأن الحكم لايملك سلطة اجبار الطرفين على اجراء البحث وهو مايملكه القاضي.
ولعل هذا من الأسباب التي تحمل الطرفين على تفضيل الحكم على القاضي.
كما أن الطرفين سيوافقان على تسليم كل الوثائق المطلوبة.
أما إن رفض أحد الطرفين هذا الشرط ،فسوف تكون الجلسة التمهيدية فرصة طيبة للاتفاق على كل القواعد الخاصة بالبحث والفترة الزمنية المطلوبه حتى لا تستخدم هذه الحيلة فيما بعد لتأجيل الإجراءات.
وسوف يتفق الطرفان في هذه الحالة على جدول زمني لتبادل التقارير المتخصصة وشهادة الشهود ونتائج الإستجوابات، كما سوف يتفق الطرفان على تحديد موعد لجلسة الستماع .
وهكذا يعمل الاجتماع التمهيدي عل خدمة العديد من الأهداف أقلها أن يقرر الطرفان اللجوء الى الوساطة بدلا من التحكيم.
تبادل المعلومات قبل جلسة الاستماع الأولى:
يجب أن يكون كل طرف على استعداد لإعداد وتقديم كتاب مفصّل يضم كل الوثائق والمستندات المتعلقة بالقضية للطرف الآخر وللحكم.
كما يجب أن يقوم كل طرف بإعداد قائمة للشهود من الخبراء، وكذلك قائمة بالمستندات والشهود التي يود كل طرف أن يقوم الحكم باستجوابهم.(1/151)
كما يجب أن يحددا موعدا لجلسة الاستماع ،وهو اجراء اختياري ذو تكلفة منفصلة يقوم الطرفان بسدادها.
جلسة الإستماع الخاصة بالتحكيم:
انها تشبه تلك الجلسات التي تشاهدها في التلفاز، ولكن بدون وجود قاض أو محلفين، لكن قد يكون هناك ثلاث أشخاص فقط في القاعة وهم : الحكم والمدعي والمدعى عليه.
وقد يقوم كل طرف باصطحاب المحامي الذي يمكنه أن يتحث نيابة عن موكله ان رغب الأخير في ذلك.
يتقدم كل طرف ببيان تمهيدي،ثم يقوم الحكم باستدعاء الشهود ويطلب منهم أن يدلوا بالقسم، حيث يقوم كل طرف بإستجواب كل شاهد،ويحق لكل طرف أيضا أن يقوم بإستدعاء شهود النفي ، كما يقوم كل طرف بتقديم الحجج والبراهين، ويحق ايضا لكل طرف أن يبدي اعتراضه على اي سؤال إن أعتبره موجها أو "لاصلةله بالقضية".
كما يحق له الإعتراض على أي وجهة نظر تفتقر الى الدليل.:
دور الحكم:
سوف يقوم الحكم باستيضاح بعض الأسئلة من الشهود أو طرفي النزاع، كما أنه قد يطرح الأسئلة التي يعتبرها هامة حتى ان اختلف مضمونها عن تلك الأسئلة المدعمة بالأدلة، كما أنه سوف ينصت بمنتهى الحرص لكل شاهد ولكن دون أن يبدي أي رد فعل حيال شهادته، أي أنه يجب أن يتجنب أن يهز رأسه لأن هذا قد يوحي بإنحيازه.
وبهذا فهو يسعى دائما الى اختبار الشاهد الذي له صلة بموضوع التحكيم، كما أنه يسعى للتحقق من مدى مصداقية المتحدث.
أحد الفروق الهامة بين التحكيم والدعوى القضائية:
من أبرز الفروق بين التحكيم والدعوى القضائية ، أن المحلفين لاوجود لهم في التحكيم،أي أن الحكم يلعب دور كل من القاضي وهيئة المحلفين. مما يعني أيضا أن الحكم لا يستطيع أن يطلب من المحلفين مغادرة القاعة بينما يقوم بالإستماع الى شهادة كل طرف من طرفي النزاع مثلما يفعل القاضي ، كما أنه لايستطيع أن يضع حاجزا بينه وبين المحلفين حال استماعه لأحد الشهود أو الأطراف كما يفعل القاضي.(1/152)
وهذا يعني بدوره أن الحكم سوف يستمع الى معلومات لا يستطيع المحلفون أن يستمعون اليها، ويفضل أن يعتدّ الحكم بشهادة الشهود وأن يستند اليها فيما بعد حال اصدار الحكم بدلا من الإعتراض عليها مع تأجيل الحكم في جلسة الإستئناف.
إن الشائعات –على سبيل المثال- قد يُعتدّ بها أثناء التحكيم بينما لا يعترف بها من الأساس في القضاء.
أي أن الحكم عليه فقط أن يقرر إن كان سيعتبرها بمكثابة دليل حال اصدار حكمه، أم أنه لن يلقي اليها بالا.
اصدار الحكم:
خلال الثلاثين يوما التالية للجلسة الختامية،يجب أن يتقدم الحكم بحكمه كتابيا للطرفين.
سوف يحدد الحكم من خلال مستند مختصر-القيمة التعويضيبة-التي سوف يحصل عليها كل جانب مقابل الدعوى والدعوى المقابلة، أو قد يرفض الدعوى من الأساس.
كما أنه قد يحبط جزءا من الدعوى لسبب ما.
فيمكن أن يرى الحكم أن المدعى عليه يدين للمدعي بقيمة السيارة التي تبلغ قيمتها "200" الف، إلا أنه في المقابل لا يحق للمدعي أن يطالبه ب"20" الف لقاء رحلة قام بها المدعى عليه بالسيارةبحثا عن سيارة أخرى.
أما مايجب أن يتجنبه الحكم فهو : أن يقدم حكماُ جزئيا أملا في تهدئة كلا الطرفين لأن هذا هو دور الوسيط وليس الحكم.
تكون مثل هذه الأحكام ملزمة في أغلب الأحوال، لأن الجانبين قد وافقا منذ البداية على قبول الحكم. وفي حال التحكيم الملزم : يحق للفائز أن يوثق الحكم في المحكمة تماما مثل الحكم القضائي.
ولكن يبقى هناك احتمال أن لا يوافق الطرفان على التحكيم الملزم.
وبهذا تكون الخطوة التالية هي اللجوء الى الدعوى القضائية، وهذا يحدث حينما يقول أحد طرفي النزاع:"أوافق على الخوض في اجراءات التحكيم للأخذ برأي الحكم،فإن حكم لصالحي فربما أوحى لك ذلك بمدى ضعف موقفك، أما إن حكم ضدي فسوف أحتفظ بحكقي في مقاضاتك".(1/153)
يقوم كل طرف-كما هو شائع- بتحمل التفقات القانونية بغض النظر عن الطرف الفائز والطرف الخاسر، إلا اذا اتفق الطرفان من البداية أن يتحمل الجانب الخاسر كل التكلفة.
ماذا بعد صدور الحكم:
يحق للفائز بعد صدور الحكم لصالحه أن يسعى لتوثيقه في المحكمة، ولا يتطرق الحكم الى أسباب صدور الحكم أو الى طريقة السداد، أي أن مهمته تنتهي حال قبول أو رفض التعويض.
وبعد صدور الحكم يأمل الحكم أن لايقوم أحد الطرفين بإسقاط الحكم.
ولايحق للمحكمة" في غالبية الدول" أن تسقط الحكم لمجرد انها لم تكن لتصدر نفس الحكم ان كانت قد باشرت القضية.
ولكن يحق لها اسقاطه فقط في حال شككت في نزاهة التحكيم، كأن يكون هناك نوع من أنواع الخداع أو الفساد أو الإنحياز.
الا أننا يمكننا بمنتهى الإرتياح أن نستبعد حالات الخداع والفساد ،وبهذا لن يبق أمامنا سوى حالات الإنحياز وهي النقطة الوحيدة القادرة على اسقاط الحكم حال ثبوتها في حق الحكم.
ويقوم الحكم بعد صدور الحكم بالتخلص من كل الملاحظات التي قام بتدوينها،كما أنه يقوم بإعادة كل الأدلة لطرفي النزاع بعدما يتخلص من كل الملاحظات التي قام بتدوبنها أو ارفاقها، ولا يجب أن يخلف أية معلومة تشير الى الطريقة التي كان يفكر بها حال اختباره لهذه الأدلة
قانون الإجراءات المدنية الاتحادي رقم (11) لسنة 1992
الكتاب الثاني - الباب الثالث
التحكيم
المادة (203)
1- يجوز للمتعاقدين بصفة عامة أن يشترطوا في العقد الأساسي أو باتفاق لاحق عرض ما قد ينشأ بينهم من نزاع في تنفيذ عقد معين على محكم أو أكثر كما يجوز الاتفاق على التحكيم في نزاع معين بشروط خاصة.
2- ولا يثبت الاتفاق على التحكيم إلا بالكتابة.
3- ويجب أن يحدد موضوع النزاع في وثيقة التحكيم أو أثناء نظر الدعوى ولو كان المحكمون مفوضون بالصلح والا كان التحكيم باطلاً.(1/154)
4- ولا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح ولا يصح الاتفاق على التحكيم إلا ممن له أهلية التصرف في الحق محل النزاع.
5- وإذا اتفق الخصوم على التحكيم في نزاع ما فلا يجوز رفع الدعوى به أمام القضاء ومع ذلك إذا لجأ أحد الطرفين إلى رفع الدعوى دون اعتداد بشرط التحكيم ولم يعترض الطرف الآخر في الجلسة الأولى جاز نظر الدعوى وأعتبر شرط التحكيم لاغياً.
المادة (204)
1- إذا وقع النزاع ولم يكن الخصوم قد اتفقوا على المحكمين أو أمتنع واحد أو أكثر من المحكمين المتفق عليهم عن العمل أو اعتزله أو عزل عنه أو حكم برده أو قام مانع من مباشرته له ولم يكن هناك اتفاق في هذا الشأن بين الخصوم عينت المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع من يلزم من المحكمين وذلك بناء على طلب احد الخصوم بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى ويجب أن يكون عدد من تعينهم المحكمة مساويا للعدد المتفق عليه بين الخصوم أو مكملا له.
2- ولا يجوز الطعن في الحكم الصادر بذلك بأي طريق من طرق الطعن.
المادة (205)
لا يجوز تفويض المحكمين بالصلح إلا إذا كانوا مذكورين بأسمائهم في الاتفاق على التحكيم أو في وثيقة لاحقة.
المادة (206)
1- لا يجوز أن يكون المحكم قاصرا أو محجورا علي أو محروما من حقوقه المدنية بسبب عقوبة جنائية أو مفلسا ما لم يرد إليه اعتباره.
2- وإذا تعدد المحكومون وجب في جميع الأحوال أن يكون عددهم وترا.
المادة (207)
1- يجب أن يكون قبول المحكم بالكتابة أو بإثبات قبوله في محضر الجلسة.
2- وإذا تنحى المحكم بغير سبب جدي عن القيام بعمله بعد قبوله التحكيم جاز الحكم عليه بالتعويضات.(1/155)
3- ولا يجوز عزله إلا بموافقة الخصوم جميعا غير انه يجوز للمحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع وبناء على طلب احد الخصوم إقالة المحكم والأمر بتعيين بديل عنه بالطريقة التي جرى تعيينه بها ابتداء وذلك في حالة ثبوت أن المحكم أهمل قصدا العمل بمقتضى اتفاق التحكيم رغم لفت نظره خطيا بذلك.
4- ولا يجوز رده عن الحكم إلا لأسباب تحدث أو تظهر بعد تعيين شخصه ويطلب الرد لذات الأسباب التي يرد بها القاضي أو يعتبر بسببها غير صالح للحكم. ويرفع طلب الرد إلى المحكمة المختصة أصلا بنظر الدعوى خلال خمسة أيام من إخبار الخصم بتعيين المحكم أو من تاريخ حدوث سبب الرد أو علمه به إذا كان تاليا لأخباره بتعيين الحكم. وفي جميع الأحوال لا يقبل طلب الرد إذا صدر حكم المحكمة أو أقفل باب المرافعة في القضية.
المادة (208)
1- يقوم المحكم خلال ثلاثين يوما على الأكثر من قبول التحكيم بأخطار الخصوم بتاريخ أول جلسة تحدد لنظر النزاع و بمكان انعقادها وذلك دون تقيد بالقواعد المقررة في هذا القانون للإعلان ويحدد لهم موعدا لتقديم مستنداتهم ومذكراتهم وأوجه دفاعهم.
2- ويجوز الحكم بناء على ما يقدمه جانب واحد إذا تخلف الآخر عن ذلك في الموعد المحدد.
3- وإذا تعدد المحكومون وجب أن يتولوا مجتمعين إجراءات التحقيق وأن يوقع كل منهم على المحاضر.
المادة (209)
1- تنقطع الخصومة أمام المحكم إذا قام سبب من أسباب انقطاع الخصومة المقررة في هذا القانون ويترتب على الانقطاع أثاره المقررة قانونا ما لم تكن الدعوى قد حجزت للحكم.
2- وإذا عرضت خلال التحكيم مسألة أولية تخرج عن إرادة الحكم أو طعن بتزوير ورقة أو اتخذت إجراءات جنائية عن تزويرها أو عن حادث جنائي آخر، أوقف المحكم عمله حتى يصدر فيها حكم انتهائي، كما يوقف المحكم عمله حتى يصدر فيها حكم انتهائي، كما يوقف المحكم عمله للرجوع إلى رئيس المحكمة المختصة لأجراء ما يلي:-(1/156)
أ الحكم بالجزاء المقرر قانونا على من يختلف من الشهود عن الحضور أو يمتنع عن الإجابة.
ب الحكم بتكليف الغير بإبراز مستند في حوزته ضروري للحكم في التحكيم.
ج التقرير بالانابات القضائية.
المادة (210)
1- إذا لم يشترط الخصوم في الاتفاق على التحكيم أجلا للحكم كان على المحكم أن يحكم خلال ستة اشهر من تاريخ جلسة التحكيم الأولى و إلا جاز لمن شاء من الخصوم رفع النزاع إلى المحكمة أو المضي فيه أمامها إذا كان مرفوعا من قبل.
2- وللخصوم اتفاق – صراحة أو ضمنا- على مد الميعاد المحدد اتفاقا أو قانونا ولهم تفويض المحكم في مده إلى اجل معين و يجوز للمحكمة بناء على طلب المحكم أو احد الخصوم مد الأجل المحدد بالفقرة السابقة للمدة التي تراها مناسبة في الفصل في النزاع.
3- ويوقف الميعاد كلما أوقفت الخصومة أو انقطعت أمام المحكم ويستأنف سيره من تاريخ علم المحكم بزوال سبب الوقف أو الانقطاع، و إذا كان الباقي من الميعاد أقل من شهر امتد إلى شهر.
المادة (211)
على المحكمين أن يحلفوا الشهود اليمين و كل من أدى الشهادة كاذبة أمام المحكمين يعتبر مرتكبا لجريمة شهادة الزور.
المادة (212)
1- يصدر المحكم حكمه غير مقيد بإجراءات المرافعات عدا ما نص عليه في هذا الباب والإجراءات الخاصة بدعوة الخصوم وسماع أوجه دفاعهم وتمكينهم من تقديم مستنداتهم ومع ذلك يجوز للخصوم الاتفاق على إجراءات معينه يسير عليها المحكم.
2- ويكون حكم المحكم على مقتضى قواعد القانون إلا إذا كان مفوضا بالصلح فلا يتقيد بهذه القواعد عدا ما تعلق منها بالنظام العام.
3- وتطبق القواعد الخاصة بالنفاذ المعجل على أحكام المحكمين.
4- ويجب أن يصدر حكم المحكم في دولة الإمارات العربية المتحدة وإلا اتبعت في شانه القواعد المقررة لأحكام المحكمين الصادرة في بلد أجنبي.(1/157)
5- ويصدر حكم المحكمين بأغلبية الآراء وتجب كتابته مع الرأي المخالف ويجب أن يشتمل بوجه خاص على صورة من الاتفاق على التحكيم وعلى ملخص أقوال الخصوم ومستنداتهم وأسباب الحكم ومنطوقة وتاريخ صدوره والمكان الذي صدر فيه وتوقيعات المحكمين، وإذا رفض واحدا أو أكثر من المحكمين توقيع الحكم ذكر ذلك فيه ويكون الحكم صحيحا إذا وقعته أغلبية المحكمين.
6- ويحرر الحكم باللغة العربية ما لم يتفق الخصوم على غير ذلك وعندئذ يتعين أن ترفق به عند إيداعه ترجمة رسمية.
7- ويعتبر الحكم صادرا من تاريخ توقيع المحكمين عليه بعد كتابته.
المادة (213)
1- في التحكيم الذي يتم عن طريق المحكمة يجب على المحكمين إيداع الحكم مع اصل وثيقة التحكيم والمحاضر والمستندات قلم كتاب المحكمة المختصة أصلا بنظر الدعوى خلال خمسة عشر يوما التالية لصدور الحكم كما يجب عليهم إيداع صورة من الحكم قلم كتاب المحكمة لتسليمها إلى كل طرف وذلك خلال خمسة أيام من إيداع الأصل ويحرر كاتب المحكمة محضرا بهذا الإيداع يعرضه على القاضي أو رئيس الدائرة حسب الأحوال لتحديد جلسة خلال خمسة عشر يوما للتصديق على الحكم و يعلن الطرفان بها.
2- وإذا كان التحكيم واردا على قضية استئناف كان الإيداع في قلم كتاب المحكمة المختصة أصلا بنظر الاستئناف.
3- أما في التحكيم الذي يتم بين الخصوم خارج المحكمة فيجب على المحكمين أن يسلموا صورة من الحكم إلى كل طرف خلال خمسة أيام من صدور قرار التحكيم و تنظر المحكمة في تصديق أو إبطال القرار بناء على طلب احد الخصوم بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى.
المادة (214)(1/158)
يجوز للمحكمة أثناء النظر في طلب تصديق حكم المحكمين أن تعيده إليهم للنظر فيما اغفلوا الفصل فيه من مسائل التحكيم أو لتوضيح الحكم إذا كان غير محدد بالدرجة التي يمكن معها تنفيذه و على المحكمين في هاتين الحالتين أن يصدروا قرارهم خلال ثلاثة اشهر من تاريخ إبلاغهم بالقرار إلا إذا قررت المحكمة خلاف ذلك.
ولا يجوز الطعن في قرارها إلا مع الحكم النهائي الصادر بتحقيق الحكم أو إبطاله.
المادة (215)
1- لا ينفذ حكم المحكمين إلا إذا صادقت عليه المحكمة التي أودع الحكم قلم كتابها وذلك بعد الإطلاع على الحكم ووثيقة التحكيم والتثبت من انه لا يوجد مانع من تنفيذه وتختص هذه المحكمة بتصحيح الأخطاء المادية في حكم المحكمين بناء على طلب ذوي الشأن بالطرق المقررة لتصحيح الأحكام.
2- ويختص قاضي التنفيذ بكل ما يتعلق بتنفيذ حكم المحكمين.
المادة (216)
1- يجوز للخصوم طلب بطلان حكم المحكمين عندما تنظر المحكمة المصادقة عليه وذلك في الأحوال الآتية:
أ إذا كان قد صدر بغير وثيقة تحكيم أو بناء على وثيقة باطلة أو سقطت بتجاوز الميعاد أو خرج المحكم عن حدود الوثيقة.
ب إذا صدر الحكم من محكمين لم يعينوا طبقا للقانون أو صدر من بعضهم دون أن يكونوا مأذونين بالحكم في غيبة الآخرين أو صدر بناء على وثيقة تحكيم لم يحدد فيها موضوع النزاع أو صدر من شخص ليست له أهلية الاتفاق على التحكيم أو من محكم لا تتوفر فيه الشرائط القانونية.
ج إذا وقع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم.
2- ولا يمنع من قبول البطلان تنازل الخصم عن حقه فيه قبل صدور حكم المحكمين.
المادة (217)
1- أحكام المحكمين لا تقبل الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن.
2- أما الحكم الصادر بالمصادقة على حكم المحكمين أو ببطلانه فيجوز الطعن فيه بطرق الطعن المناسبة.(1/159)
3- واستثناء من حكم الفقرة السابقة لا يكون الحكم قابلا للاستئناف إذا كان المحكمون مفوضين بالصلح أو كان الخصوم قد نزلوا صراحة عن حق الاستئناف أو كانت قيمة النزاع لا تزيد على عشرة آلاف درهم.
المادة (218)
يترك للمحكمين تقدير أتعابهم ومصاريف التحكيم ولهم أن يحكموا بها كلها أو بعضها على الطرف الخاسر وللمحكمة بناء على كل احد الخصوم تعديل هذا التقدير بما يناسب الجهد المبذول وطبيعة النزاع.
فن فض الصراع
يبدو انه قد بات من الأمور الطبيعية أن يقوم احد الأشخاص باحتباس رهينة. هنا يتم على الفور استدعاء فريق (فريق التكتيك والأسلحة الخاصة) وتقام المتاريس وتسعى طائرات الهليكوبتر الخاصة بالإخبار للتحليق لنقل المأساة الإنسانية بينما يحاول مفاوضو الشرطة فض الصراع . قد يكون سطو غير محكم ، أو قد يكون موظفا غاضبا يسعى للانتقام من رئيسه ، وأحيانا يبدو الأمر تافها مثلما قام احد الآباء باحتجاز احد أعضاء مجلس إدارة المدرسة من جراء خلاف نشب بينهما خاص بإحدى الشؤون التعليمية للابن.
كيف يتولى المفاوض الذي يسعى لتحرير الرهائن مهمة فض الصراع؟ ما الذي يمكن أن نستقيه نحن من مثل هذه المواقف للإفادة منها في فض النزاعات اليومية التي تنشب بين بعضنا البعض ؟لم نكن تولي امريكا أهمية كبيرة لمثل هذه النوعية من المفاوضات الخاصة بالرهائن الى ان استحوذ حدثان غاية في الأهمية على انتباه الرأي العام ألا وهما : حادث حصار السجن في ولاية اتيكا عام 1971 واحتجاز الرهائن في المدينة الاولمبية في ميونخ في العام التالي.(1/160)
يعتبر تمرد سجن اتيكا اكبر الأحداث ترويعا في التاريخ من حيث أسلوب فض الصراع ، وما نجم عنه من نتائج مفجعة . حيث قام السجناء خلال أربعة أيام الأولى من التمرد في هذا السجن – الذي يقع على بعد 30 ميلا من مدينة بافالو-بقتل احد الحراس وثلاثة نزلاء . وبعد مرور الأيام الأربعة أصدر المحافظ نيلسون روكفلر أوامره الى شرطة الولاية باقتحام السجن بالقوة حيث أسقطت نيران قوات حينئذ 29 نزيلا و 10 من المحتجزين . ولمضاعفة الخطأ، أعلنت الشرطة في البداية أن السجناء قاموا بجز رقاب الرهائن ولكن تشريح الجثث جاء لينفي هذا الادعاء واثبت ان الوفاة جاءت نتيجة ل\لقات نارية من قبل الشرطة. حيث قامت عائلات السجناء في ذلك الوقت برفع 1280 دعوى قضائية ضد السجن إلا أن أولى هذه القضايا لم يبت فيها إلا بعد انقضاء 26 عاما وحكمت المحكمة بتعويض قدره 4 مليون دولار .
يلي هذا الحادث احتجاز الرهائن في مدينة الألعاب الاوليمبية في ميونخ عام 1972 حيث كانت عملية الإنقاذ مفجعة وأسفرت عن مقتل 11 يهوديا وخمس فلسطينيين وضابط شرطة ألماني .وقد اعترفت الشرطة الألمانية الآن أنها لم تكن مستعدة لمواجهة الأمر وان ما كان يعنيها آنذاك هو أن لا تعمل هذه الحادثة على استرجاع ممارسات هتلر أثناء الدورة الاولمبية عام 1936 حينما حاول استغلال الدورة في الترويج لأغراضه أي أن الشرطة كانت تسعى للتعتيم .حينها قام بعض الفائيين المصريين باقتحام إحدى وحدات التدريب واحتجاز 9 رهائن إسرائيليين بالإضافة الى قتل اثنين لإبدائهم مقاومة للفدائيين .(1/161)
وقد سقط المفاوضون في العديد من الأخطاء في ذلك الحين ، حين رفضت وزيرة الخارجية الإسرائيلية جولدا مائير أن تعطي أي تنازلات لصالح الفلسطينيين كما قطعت كل وسائل الاتصال الهاتفية بها ، وعلى الجانب الآخر لم يكن الفلسطينيين يمتلكون أية وسائل اتصال. وقد سمحت الشرطة لهم بنقل المحتجزين الى المطار وهو الخطأ الذي لا يمكن لأي مفاوض مستنير في الوقت الحاضر أن يقع فيه .
حينئذ تعهدت الشرطة الألمانية للفلسطينية بتامين نقلهم الى القاهرة ، بينما في حقيقة الأمر لم تكن تنوي أن تفي بوعدها . إن مثل هذه الطرق الخداعية –كما ثبت فيما بعد – تقود الى نتائج وحشية حينما يكتشفها الطرف المخدوع . وأخيرا لجأت الشرطة لتطوير للحيلولة دون ركوب الفلسطينيين في الطائرة إلا أن الفشل جاء ذريعا. حيث تولى هذه المهمة بعض الرماة محدودي المستوى كما أنهم كانوا لا يحملون أية معدات للإضاءة الليلية أو أية وسيلة اتصال . وقد عمدت الشرطة الألمانية حين إذ –تماما مثل ما حدث في اتيكا- الى تغطية أخطائها .
وحينما قام أهالي الضحايا من اليهود برفع دعاوى قضائية ضد الحكومة الألمانية أنكرت الحكومة وجود أية سجلات عسكرية أو قضائية أو أية سجلات على الإطلاق خاصة بهذه القضية .
وبعد انقضاء عشرين عاما على الحادث، ظهرت إحدى زوجات الضحايا في التلفزيون الألماني حيث قام مجهول بالاتصال بها وأطلعها على 080 صفحة مسروقة خاصة بتفاصيل تشريح الجثث والى غير ذلك من التقارير .
وهكذا وجدت الحكومة الألمانية نفسها مضطرة للكشف عن غرفة مكتظة ب 3000 ملف و 900 صورة خاصة بتلك القضية .
وهكذا سجل عام 1972 سقطة مروعة في عالم المفاوضات الخاصة بالرهائن.اذ فقد اكثر من 1000 محتجز حياته من بينهم 760 ضحية من جراء اقتحام الشرطة لمواقع الاحتجاز . وقد اثبت ذلك فشل الاستراتيجية المتبعة في رفض التفاوض مع محتجزي الرهائن ومحاولة القضاء عليهم بالقوة "كان الدواء أمّر من الداء " .(1/162)
ومن هنا سعى مركز الشرطة في نيويورك لتطوير برنامج يستهدف خلق حلول أفضل لمواجهة مثل هذه الأزمات بالمحتجزين ، أو أولئك الذين يهددون بالانتحار. وقد وكلت الشرطة الى فرانك بولز مهمة إعداد البرنامج بمساعدة الخبير النفسي هارفي شلوسبيرج ، وقد تحول هذا البرنامج بعدما اثبت فاعليته فيما بعد في شوارع نيويورك الى نموذج يحتذى به في كل مراكز الشرطة في كل أنحاء الولايات المتحدة .
وقد أثمر عن ضمان سلامة حياة المحتجز معترضة إلا في الحالات النادرة الى أن يصل القائمون على التفاوض الى مسرح الأحداث وبمجرد اتصالهم بالقائم بعملية الاحتجاز .
وقد أثبتت دراسة أجرتها جامعة فيرمونت حول احتجاز الأطفال أن 98% من الضحايا قد تم تحريرهم دون التعرض لأي إصابة جسدية ، كما أنها أشارت أصلا الى أن المختطفين أنفسهم لم يتعرضوا للقتل باستثناء بعض الحالات النادرة وهي حقيقة ذات مغزى خاص إذا ما اخذ في الاعتبار احد التيارات الحديثة التي أطلق عليها اسم (الانتحار بواسطة الشرطة) وهو التعبير الذي تقوم الشرطة بإطلاقه على المختطفين الذين يسعون في حقيقة الأمر الى الانتحار بدعوة رجال الشرطة الى قتلهم ، وقد وصلت النسبة الرسمية للانتحار بواسطة الشرطة في كاليفورنيا الى 25% من نسبة وفيات المختطفين .
وقد شرح فرانك وولز من خلال الدراسة التي أجراها مركز الشرطة في نيويورك أن هنالك 5 أساليب للرد على المختطفين وهي :
- الهجوم مع قليل من التفاوض أو مع انعدام التفاوض (كما حدث في اتيكا وميونخ حيث جاءت النتائج مفجعة )(1/163)
- ترقب الموقف لمعرفة ما سوف تؤول إليه الأمور . (وهو إحدى الوسائل الجيدة إذا لم تحدث أي مفاجآت مؤسفة) ، إن هذا هو أول الاعتبارات التي يجب أن يعتد بها حينما يتأرجح قرارك بين "هل نقدم على ذلك أم نحجم عنه؟" .ما الذي سيحدث إن لم تقدم على فعل شيء ؟ أستطيع أن اجزم أن المحيطين بمجتمع "واكو" في تكساس قد أدركوا تلك الحقيقة . لم تكن هناك أية أحداث مؤسفة تجري داخل المجمع وبالتالي كان على الشرطة الانتظار لمراقبة تطورات الموقف .
- التفاوض بدون تقديم أية تنازلات (لقد كانت هذه هي النبرة المحمومة السائدة في سنوات حكم ريجان، لن نتفاوض مع الإرهابيين! وقد حظي هذا الاتجاه بقبول جماهيري إلا أنه يتسم بجمود يصل إلى حد الجنون .يجب أن نتفاوض مع الإرهابيين بل يجب أن نكون على استعداد لتقديم تنازلات بسيطة . ولكن ما يجب تجنبه هو عدم إجابة المطالب الأساسية للإرهابي مما قد يغري الآخرين على أن يحذو حذوه)(1/164)
-التفاوض ومخادعة الطرف الآخر بشأن التنازلات .(قد تروق هذه الطريقة للعامة). قام أحد المختطفين باحتجاز فصل يضم مجموعة من الأطفال تحت تهديد السلاح في إحدى مدارس تسكالوسا في ألبانيا . حينئذ قام الحاكم جيي هانت بإصدار عفو عن المختطف وقام بتسجيل هذا العفو على شريط فيديو وأرسله إليه. قام المحتجز بدوره بالإفراج عن الرهائن إلا أن الشرطة قامت باعتقاله على الفور. وقد أرجع الحاكم سحب العفو الى أسباب فنية وهي أن العفو يجب أن يمنح فقط للشخص الذي أدين بالفعل أما في هذه الحالة فقد حصل المتهم على العفو تحت ضغط الاعتقال . وقد حكمت المحكمة على هذا المتهم بالسجن مدى الحياة . قد تبدو هذه الطريقة للوهلة الأولى في غاية الفاعلية ، إذ أنه ما الذي يضيرنا في مراوغة عتاة المجرمين؟ ومع ذلك فإن التكتيك الذي يعمد إلى خداع المختطف لا يحقق إلا مكسباً على المدى القصير بينما يتسبب في خسارة على المدى البعيد . فهذا يؤثر على كل المفاوضات التالية مع المختطف لأنه يعمل على الحد من قدرة المفاوض على إعادة بناء جسور الثقة بينه وبين المختطف .
-التفاوض مع الاستعداد لتقديم تنازلات .
إن الوقت هو صديق المفاوض الأول، أي أن كل دقيقة بدون جديد تعني اقتراب انفراج الأزمة.كما أن تخطي أحد الحدود النهائية قد يمثل انفراجة بالنسبة للمفاوض، فقد يزعم المختطف على سبيل المثال أنه إن لم يتصل به "المحافظ" الساعة 12 فسوف يقوم بقتل إحدى الرهائن.
وعلى الرغم من أن هذا قد يفزع المفاوض المبتدئ ، فإن هذا يسعد المفاوض البارع"المفاوض الأول"، لأنه يعني أن المتهم قد أصبح على استعداد للتفاوض.
كما أنه يدرك أن الوقت المحدد قد يمضي دون أية خسائر في الأرواح ، وبهذا سيفقد المتهم مصداقيته وسيعمل هذا على إضعاف طاقته التفاوضية.
إن الأمر ليس قاسيا كما يبدو، إن علمت أن القليل جدا من الرهائن هم الذين فقدوا حياتهم تحت سطوة مثل هذه النوعية من التهديد.(1/165)
إن قتل الرهائن لايتم إلا في تلك الأوقات المحمومة، إما في المراحل المبكرة من عملية الاحتجاز حينما تكون المشاعر ملتهبة، أو إن شعر المتهم أنه قد تعرض للخداع من قبل المفاوض الأول.
إن العلاقة التي يقوم المفاوض الأول ببنائها مع المتهم ،هي مفتاح معالجة الأزمة. وهذا يرجع الى سبب واحد وهو أن المفاوض لابد أن يكون قد قضى عدة أسابيع في تلقي محاضرات حول سلوك المختطف، وسلوك الشخص الذي يهدد علانية بالانتحار. أي أنه خبير في مثل هذا السلوك العصبي والاضطراب السلوكي. وهكذا فهو يستطيع أن يستوعب الحالة العقلية للمتهم، ويعرف كيف يسيطر عليه أثناء الأزمة.
ولعل هذا هو أحد الأسباب التي تجعل من الأفضل قصر التفاوض مع المتهم في هذه المرحلة على هذا الفريق المؤلف من المفاوض الأول والمفاوض الداعم والمفاوض الإستخباري.
لاحظ أنه في مثل هذه الأزمات لا يستطيع قائد العملية شخصيا- والذي قد يكون صاحب خبرة طويلة في مجال إدارة الأزمات- أن يفهم إيحاءات الحوار بين المفاوض الأول والمتهم،مما قد يدفعه الى المبالغة في التصرف. فإن سمع على سبيل المثال أن المتهم يطالب بفدية قدرها " 10" ملايين دولار ،أو بعقد مؤتمر صحفي مع المحافظ. فقد يدفعه ذلك الى استخدام القوة ،لأنه يرى أن هذه المطالب مستحيلة التحقيق.
أما المفاوض الأول فهو يستمع الى مثل هذه المطالب باعتباره في وضع مبدئي للتفاوض ، بل إنه يسعد بأنه قد تمكن من انتزاع بعض الشروط القابلة للتفاوض.إذ أنه ليس هناك أسوأ من متهم يرفض أن يتحدث.(1/166)
يقوم المفاوض الأول بالتحكم في الحالة العقلية للمتهم، فإن كان متقلب المزاج، فسوف يعمل المفاوض الأول على إلزامه بشيء من التعقل عن طريق تقديم بعض التنازلات البسيطة من كلا الجانبين. وهكذا يقوم المفاوض بنقل المتهم من التفكير بالجزء الأيمن من الدماغ والذي يتسم بالحدّة والتقلب الى التفكير بالجزء الأيسر الذي يتسم بالموضوعية والانضباط.(راجع حلقة بحث مهارات التفاوض إعداد زياد قبلان – إشراف البروفيسور فارس كريم).
أما إن كان المتهم بحالة من الهدوء الشديد، فهذا يعني أنه يعاني من حالة إحباط، ويجب على المفاوض حينئذ أن يتعامل مع هذه الحالة بمنحه مزيدا من الثقة وبالتأكيد على أن هناك دائما وسيلة للخروج من الأزمة ،شريطة أن يلتزم المتهم بسلامة الرهائن ،وهو الطريق الوحيد للحصول على بعض الخيارات.
يسعى المفاوض الأول الى بناء جسر من الثقة بينه وبين المتهم ،ولهذا فهو يحرص على أن لا يقول شيئا قد يفسّره المتهم فيما بعد على أنه نوع من أنواع الخداع، أي أنه يجب أن يفي بكل الوعود والالتزامات التي يقطعها على نفسه.ولكن يجب أن يعمل المفاوض الأول – قبل كل شيء- الى محاولة تغيير موقف المتهم ، وان يدفعه الى التركيز على المصالح المشتركة بينه وبين المفاوض . قد يتبدل موقف المتهم بنسبة 180 درجة ، وهذا يعني أن التركيز على موقف المتهم قد يكون من شأنه التعتيم على المصالح المشتركة بينه وبين المفاوض، وهذا لا يعني أن المفاوض الأول يخشى أن يكون عنيفا مع المتهم لان التهديد بالقوة الجسدية قائم على أية حال .
إن هذا يصح بدرجة كبيرة على وجه الخصوص حينما يتعرض المتهم بالأذى لإحدى الرهائن وهنا يجب أن يتمسك المفاوض بموقفه قائلا: "إن تعرضت بالأذى لأي رهينة فلن أتمكن من حمايتك ،
سوف تخرج الأمور من نطاق سيطرتي" .(1/167)
وبمرور الوقت يفرغ المتهم ما بداخله من عواطف ويتخطى الحدود النهائية وبهذا تتغير مطالبه ، ويجب أن يكون لكل تنازل مقابل فمثلا: "إن حررت رهينة سوف نبعث إليك بشطيرة" وبهذا يكون أساس للمقايضة ، وبمرور الوقت تقترب الأزمة من الانفراج. إن عامل الوقت يدفع المتهم الى تغيير مطالبه والى تقبل الوضع وبهذا يتعلم المتهم أن يثق بالمفاوض الأول وان ينفذ أوامره ، وهذا ينطبق على كل الحالات كأن يكون المتهم: زوجا غاضبا ، أو موظفا يهدد بالانسحاب ، او عميلا يسعى للانسحاب منت الصفقة . ما الذي يمكن أن نتعلمه من هذا الشكل من التفاوض المدرب بحيث يمكننا تطبيقه على حياتنا اليومية ؟
يجب أن نتعلم كيف نحتوي الأزمة لتجنب تفاقمها وهذا يعني أن تنتزع الحقيبة من الزوج أو الزوجة الغاضبة بينما يهدد بالرحيل وهو يعني أيضا انتزاع مفاتيح السيارة من يد المراهق الغاضب أو حمل هذا العميل الغاضب الى الموافقة على حضور مؤتمر أو اجتماع لتدارك الأمر.
يجب أن نسمح للشخص الغاضب بتحرير ما بداخله من مشاعر ، لذل يؤكد مفاوضو الرهائن على انك يجب أن تتعامل مع المتهم من خلال منظوره هو لا منظورك أنت .
قد يتصور المتهم انه يجب أن يتحدث مع ابرهام لينكولن ، قد يكون الطلب غير مبرر ولكنك يجب أن تبدي تفهمك لمقدار ما يشسعر به من غضب ، وهذا يعني – في الحياة اليومية – أن غضب الطرف الآخر قد لا يكون في واقع الأمر مبررا ولكنك يجب أن تعلمه بأنك تتفهم هذا الغضب وان تتعامل معه على انه غضي حقيقي .
حينما يكون الطرف الآخر غاضبا يجب أن تبحث عن السبب . إن الغضب يعقب دائما الإحساس بالألم . ما الذي جعل هذا الشخص يشعر بالألم أو التهديد ؟ إن التعرف على ذلك والإفصاح عنه سوف يعمل بشكل مباشر على الحد من قلة الغضب .(1/168)
وحتى تتمكن من الكشف عن مطالب الطرف الآخر اسع على الفور لإلزامه بموقف معين ، يجب أن تتساءل عن التصرف الذي يجب أن يتخذ لحل المشكلة حتى وان لم تكن على استعداد لتقديم أية تنازلات على الإطلاق للجانب الآخر قد يكون – على سبيل المثال –لديك موظفا يهدد بترك العمل ما لم يحصل على علاوة ، وقد يكون من مبادىء الشركة عدم منح أية علاوات للشخص الذي يهدد بترك وظيفته . الأمر يرجع إليك إلا أنني أرى انه في كل الأحوال يجب أن تسال هذا الشخص عن مقدار الزيادة التي يتطلع إليها ،إن تقييم المشكلة كميا يساعد الى حد بعيد على معالجتها .
اجمع كل المعلومات الممكنة وتفكر في المفاوض الأول الذي يلجا الى استجواب كل شخص يعرف المتهم من خلال المفاوض الإستخباري ، وركز على الشخص نفسه اكثر من المشكلة ، إذ أن الشخص نفسه في هذه الحالة هو مكمن الحل وليس الموقف ، وتذكر انك كلما حصلت على كم اكبر من المعلومات عن الشخص اقتربت من حل المشكلة ، فقد يتبين لك عند هذا الحد أن هناك مشكلة أخرى بمعنى أن المال لم يكن هو السبب الحقيقي الذي يدفع الشخص الى ترك وظيفته، ربما يكون غاضبا لان احد زملائه قد سبقه في الترقي ، او قد يكون قد تورط عاطفيا مع إحدى الزميلات ويسعى الى خلق مسافة بينهما ، أو يكون قد اندفع الى مثل هذا التصرف انطلاقا من إشاعة ليس لها أساس من الصحة .(1/169)
اسع لزحزحة الشخص الآخر عن الموقف الذي اتخذه ودعه يركز بدلا من ذلك على المصالح المشتركة بينكما ، فقد ينقلب موقفه بنسبة 180 درجة . كان يقول لك على سبيل المثال : "لقد كذبت علي " فتجيبه : "لا لم افعل" ثم يقول : " لقد خدعتني" فتجيبه :"لا لم افعل " وبهذا تنقلب مثل هذه المواقف القوية الى النقيض إلا أن هذا لا يعني انه لم يعد بينكما مصالح مشتركة ،فقد يكون بينكما مصلحة مشتركة قوية في ان يبقى هذا الموصف في الشركة ، وقد يكون بقاء علاقتك بهذا العميل الغاضب سببا يدر عليكما ربحا وفيرا . وهذا يعني أن المشكلة الحقيقية تكمن في التركيز الشديد على المواقف بحيث تغيب المواقف المشتركة من الرؤيا ولعل احد الأمثلة التقليدية لهذا السلوك هو الحرب الباردة ، حيث اتخذ كل جانب موقفا متشددا ، حيث أطلق الجانب الاميركي على روسيا اسم إمبراطورية الشر ، بينما كانت روسيا تضع حذائها على مائدة مفاوضات الأمم المتحدة وتصرخ بأنها سوف تحفر لنا قبورنا . لقد كانت مواقف قوية للغاية ، وعلى الرغم من ذلك فقد كان لدينا الكثير من المواقف المشتركة التي تجمع بيننا .
لقد كان كل منا يسعى الى خفض النفقات العسكرية كما كانت تجمعنا كثير من المصالح المشتركة في عالم الأعمال "فقد كانت روسيا تمتلك ثروة من التيتانيوم الذي كنا نحتاجه لأندية الجولف " ! لقد أعمتنا المواقف عن كل هذه الحقائق !
إن التعبير عن الخطوات التي يمكنم إتباعها لحل المشكلة سوف يمكنك من جمع المعلومات ومن دفع الآخرين الى التركيز على المصالح المشتركة ، أي انك تتحرك في طريق التفاوض كما يراه معظم الناس ، وهكذا يكون الحل الوسط جزءا من التفاوض . واليك إحدى الأفكار التي قد تطرأ على ذهن المفاوض في مثل هذه المواقف وهي ما أطلق عليه اضعف الإيمان بالنسبة للمفاوض:إن أهم الأفكار التي يجب أن تطرأ على ذهنك أثناء التفاوض يجب ألا تكون "ما الذي يمكن أن احملهم على تقديمه؟(1/170)
"وإنما ما التنازل الذي يمكن أن أقدمه دون أن يضعف من موقفي،ويكون في الوقت نفسه ذا قيمة بالنسبة للطرف الآخر؟ "
الفصل السابع
استراتيجية ما بعد التفاوض
ماذا تفعل بعد التوصل الى اتفاق؟ :
إن المصافحة باليد بعد أية جلسة تفاوض مضنية قد تشير الى أنه قد تم التوصل ولو إلى اتفاق مبدئي،ولكنها ليست بالتأكيد نهاية قلقك. فكثيراً ما يمكن أن تسبب الاتفاقات المكتوبة- وخاصة عندما يلم الإهمال بالمفاوضين – مزيدا من الخلافات والصراعات، بل إنها قد تؤدي الى جولة أخرى من المفاوضات. لذلك عليك أن تُلمّ بأساسيات إعداد الاتفاقات المكتوبة التي تؤدي الى حماية مصالحك بالشكل اللائق.
وحتى عندئذ لن تكون وظيفتك قد انتهت، ففي بعض الحالات، بمجرد أن يبدو أن المفاوضات قد أُختتمت، سيخرج هواة التخمين في شركتك من جحورهم. ونتيجة لذلك يُعدّ من المفيد أن تكون مستعداً للتعامل مع هؤلاء المشككين.
كما أن الاتفاقات التي تستوجب فترة طويلة لأدائها ستتطلب رقابة دقيقة حتى تتأكد من تنفيذ الالتزامات التي قُطعت على مائدة المفاوضات.
فعمليا ليس كل شيء يسير _ دائماً _ كما هو مخطط له، وهذا ربما يعني أن بعض الأحداث التي تبرر التفاوض على الاتفاق قد تقع في وقت لاحق. وهذه المفاوضات قد تكون أكثر إرهاقاً من المفاوضات الأصلية. ولكن من المفيد على أي حال أن تعرف كيف تعيد العمل في أي اتفاق بسرعة إذا دعت الحاجة لذلك. وهنا سنحاول أن نغطي هذه الجوانب من عملية التفاوض.
- ما بعد المصافحة باليد: تنفيذ الإتفاقات:(1/171)
عندما تنجح أطراف التفاوض أخيراً في التوصل إلى إتفاق، ومع أن التوصل الى اتفاق يعد بالتأكيد سببا كافيا لأخذ "نَفَس عميق" والشعور بالراحة، فإنه لا يبرر أبدا الوقوع في " براثن"الإهمال واللامبالاة. فلا قيمة أبداً لأن تقضي أياما أو أسابيع بل وشهوراً في الإعداد وفي إجراء المفاوضات، ثم ينهار كل شيء بسبب الفشل في تنفيذ ماتم الإتفاق عليه بالشكل اللائق.ولكي تنفذ الإتفاق بشكل لائق إتبع الخطوات التالية:
? تلخيص ماتم الإتفاق عليه.
? توفير أية مراجعات أو تصديقات مطلوبة.
? كتابة الإتفاق.
? إجراء عمليات المتابعة الدورية للتأكد من تنفيذ الإتفاق( يكون هذا الإجراء مطلوباً فقط عندما يكون العمل سيؤدى على مدار فترة طويلة من الوقت).
سوف نناقش هذه الموضوعات بشيء من التفصيل، ولكن هناك جانباً من الإتفاقات يحتاج إلى التوكيد عليه، ألا وهو الحاجة الى شكل من أشكال المراجعة القانونية لأي شيء " بخلاف معاملات العمل شديدة الروتينية" .
من السهل نسبياً أن تقول" سأستعين بالمستشارين القانونيين لاحقا إذا حدثت أي أخطاء" أو أن تقول "إن هذا الإتفاق شامل وواضح، ولذا لا داعي للمراجعة القانونية" . ولكن هناك عدة مشكلات تنتج عن مثل هذا الموقف (المُهمل).(1/172)
ففي المقام الأول، إذا فسد الإتفاق ودعت الحاجة الى الاستعانة بالمستشارين القانونيين ، فقد يتضح أن المرض المطلوب معالجته حاليا كان من الممكن الوقاية منه منذ البداية، وقد تكون تكاليف العلاج تزيد كثيرا على أي تكاليف أو متاعب كنت ستتحملها حين تجعل مستشارك القانوني يلقي نظرة على الإتفاق قبل توقيعه.كما أن المفاوضات تتطلب مستوى أعلى من التفاعل الشخصي، قد يصل الى حد أن الاقتراب كثيرا من الموقف يمكن أن يؤدي الى التغاضي عن " شِراك" تبدو بسيطة، ولهذا فإن مستشارك القانوني- بعيدا عن التفاصيل القانونية الفنية- قد يضع يده على مشكلات محتملة لم تكن قد فكرت بها. ونتيجة لذلك ستصبح على بيّنة من أمرك، مما يتيح لك التأكد من إجتياز الإتفاق للاختبار القانوني قبل أن تتورط فيه.
- تحويل الوعود الى التزامات:
قبل أن تصرّح بالتزامك بالاتفاق الذي تم التوصل إليه ، يُعد من المهم أن تتأكد بأن كلا الطرفين يعزفان من نفس" النوتة الموسيقية". ويسري هذا الأمر على وجه الخصوص حين تكون المفاوضات تشتمل على عدد من المسائل المعقدة، والعروض والعروض المضادة،بالإضافة الى قدر كبير من تغيير المواقف قبل التوصل الى اتفاق مبدئي.
وفي مثل هذا الموقف ، من الضروري أن يفترض طرفٌ أن إحدى المسائل قد سوّيت بشكل معين، بينما يعتقد الطرف الآخر بشيء مختلف. ولكن عندما لا تكتشف هذا الأمر في حينه" وغالباً ما يحدث عند مراجعة اتفاق المكتوب- يمكن أن يتولد قدر كبير من الاحتكاك. وعلى الأقل فإن أحد الطرفين أو كليهما سينتهي "ببيضة على وجهه"، في حين أن الاتفاق يمكن أن ينهار على أسوأ تقدير بسبب الخلاف على ماتم التفاوض عليه.(1/173)
إن مثل هذه الورطة يسهل الوقاية منها إذا خُصص وقت في نهاية المفاوضات لتلخيص شروط التسوية التي تم الإتفاق عليها. ولهذا ينبغي أن تمسك بزمام المبادرة وتصرّ على مراجعة نتائج المفاوضات، حتى وإن كان الطرف الآخر لا يرى ضرورة لذلك. وعلى الجانب الإجرائي، فربما تود أن تتوقف قليلا لمراجعة الملاحظات التي دونتها، ولتلخيص ماتم الإتفاق عليه.
من الشائع أن تراجع الشروط المتفق عليها بعد فضّ جلسة التفاوض، ولكن قبل إعداد الإتفاق المكتوب. وغالبا ما يجري هذا عبر الهاتف على سبيل الراحة، خاصة إذا كان الطرفين قريبين من بعضهما البعض.ولكن مالم تدعو الظروف، يُعدّ من الأفضل أن تقوم بمهمة التلخيص هذه في نهاية الاجتماع. فإذا كان هناك أي خلاف رئيسي، فسوف يمكن بهذه الطريقة أن تتم تسويته على الفور، ولكن بصرف النظر عن كيفية معالجة الأمر إجرائيا، فإن التلخيص لابد من القيام به قبل إعداد الإتفاق المكتوب.
- كتابة الإتفاق:
هناك سبب واحد فقط يجعلك تسعى إلى أن تكتب أنت الإتفاق بنفسك . وببساطة شديدة، فإن هذا السبب هو أن تتأكد أنت وليس خصمك من السيطرة على ما يدخل في هذا الإتفاق. إن من السهل أن تنتهي إلى أن من يقوم بكتابة الإتفاق لن يحدث فرقاً كبيراً، مادمت قد كنت مهتماً بتلخيص الشروط الأساسية للاتفاق. ولكن كثيرا مايتم التغاضي عن حقيقة أن العديد من التفاصيل الثانوية التي ستدخل في الإتفاق لن يكون أحد قد فكّر بها- بل ولن يكون أحد قد ناقشها- الى أن تحين مراجعة الإتفاق المكتوب. ونتيجة لذلك، فإن الفرد الذي يقوم بإعداد الإتفاق المكتوب يتحكّم الى حد بعيد فيما يرد فيه.
وعلاوة على ذلك: فإن الكثير من التفاصيل الدقيقة المتعلقة بواجبات كل طرف من حيث تنفيذ الإتفاق قد تكون لها أهمية كبيرة.(1/174)
هناك حقيقة أخرى بالغة الأهمية ، وهي أنه إذا كان هناك شيئ في وثيقة رسمية، فستكون هناك معارضة كبيرة للقيام بأي إستثناءات خاصة به.ونتيجة لذلك،فمع أن الطرف الآخر يفضّل كتابة شرط ما بصورة مختلفة، فإنه "على الأرجح" لن يعترض حين يراه مكتوباً. وفي نهاية الأمر، عندما تصل المفاوضات الى النقطة التي يتبقى فيها التوقيع على الإتفاق فقط، فلن يكون هناك من يرغب في أن تطول الأمور عن هذا الحد.
إن المحصلة الختامية :هي أن ما يوضع على الورق ويتم التوقيع عليه هو المهم، وليس ما يعتقد أحد أنه قد تم الإتفاق عليه على طاولة المفاوضات. وإذا كنت أنت من يكتب الإتفاق، فإن تفسيرك أنت لما تم الإتفاق عليه على طاولة المفاوضات هو ما سيدخل في الإتفاق. وبطبيعة الحال، فهذا لا يعني أنك تستطيع أن تغيّر في جوهر الإتفاق، ولكنه "بالتأكيد" يتيح لك حرية في تفسير نتائج المفاوضات ووضعها في صورتها النهائية. ولهذا السبب وحده،يعتبر من المفيد أن تكون أنت من يقوم بالأعمال الكتابية.
- شراك تنطوي عليها الإتفاقات المكتوبة بشكل سيء:
في سيناريو أسوأ حالة، قد يؤدي السيناريو المكتوب بشكل سيء الى قضية مكلفة تُنظر أمام المحاكم. وعلى أقل تقدير، فإنه يمكن أن يؤدي إلى خلافات مشتعلة حول تفسير الشروط التي ترد في الوثيقة. وليس هذا قاتلاً للوقت فحسب، ولكنه أيضا يشكل عقبة تحول دون إقامة علاقة عمل جديدة بين الطرفين. ولهذا يُعد من المنطقي أن تخصص الوقت للتأكد من إعداد الإتفاق بالشكل اللائق.
وفيما يلي بعض مظاهر الفشل التقليدية في الإتفاقات المكتوبة بإهمال:
? غياب بعض الشروط عن الإتفاق.
? سوء صياغة الشروط، الأمر الذي يؤدي الى خلاف حول تفسيرها.
? كتابة بعض الشروط بشكل مبهم يؤدي الى الكثير من التملّص في أدائها.
? وضع شروط " طنّانة" لا علاقة لها بالإتفاق من قريب أو بعيد.
? إرفاق وثائق مرجعية دون مراجعة محتواها بدقة.(1/175)
? وضع شروط متناقضة دون أي توضيح للشروط الضابطة في حال حدوث خلاف.
إن تعقيد موضوع الإتفاق سيؤثر الى حد ما على طول الإتفاق المكتوب. وبطبيعة الحال،فكلما طالت الوثيقة ازدادت احتمالات الوقوع في أخطاء. ولكن الحل لا يتمثل ببساطة في كتابة وثيقة قصيرة، حيث أن التركيز الأساسي ينبغي أن ينصبّ على وضع كل الأمور المطلوبة لتنفيذ كل ما أتفق عليه الطرفان. ولهذا لابد من تجنب الإيجاز.
وعلى الجانب الآخر، فإن الإتفاقات لا يجب أن تكتب بشكل يسبب فوضى وارتباك لا داعي لهما. وتعد هذه المشكلة مشكلة شائعة نتيجة استخدام عبارات مبهمة تبدو أحيانا وكأنها تحيل الوثيقة الى لغز يستعصي حلّه. ونتيجة لذلك ينبغي بذل الجهود بهدف تسهيل قراءة وفهم الاتفاقية، وتحقيق قدر من الإيجاز في ظل الحاجة الى وضع كل الأمور الضرورية.
تحذير:مع أنه يعدّ من مصلحتك أن تقوم أنت بكتابة الإتفاق، فإذا كتب الطرف الآخر الإتفاق فعليك أن ترجعه بدقّة قبل التوقيع عليه. لا تترد في طرح الأسئلة إذا كان هناك شيئ في الوثيقة لا تفهمه.انتبه خصوصا للشروط الطنّانة المبتذلة التي قد توضع في اتفاق. فربما تكون هذه الشروط قد عفا عليها الزمن، أو غير ذات صلة بالإتفاق.
هناك ميل أحياناً لوضع هذه الشروط المبتذلة في كل الوثائق التي تصدر من نفس الشركة، سواء كان لها علاقة بالإتفاق أم لا.
- اثنا عشر شرطاً ينبغي أن تدخل في أي اتفاق:
بالإضافة الى الشروط المطلوبة من المنظورين الإداري والقانوني،عليك أن تتأكد من وجود كل البنود المطلوبة التي تعكس ماتم التفاوض عليه في الوثيقة المكتوبة. وفيما يلي بعض الشروط الأساسية وبعض الشروط الأخرى الأقل وضوحاً والتي يجب أن تدخل في وثيقة الإتفاق:
? مواصفات شروط الأداء بالنسبة لَكلا الطرفين. ويشتمل على مواصفات مفصّلة وبيانات للعمل عند الضرورة.(1/176)
? شروط مفصلة للسداد، بما في ذلك أي ظرف يمكن في ظله تأخير السداد أو احتجازه، مثل تأخر التسليم و/أو العناصر التي لا تخضع لشروط الأداء المنصوص عليها في العقد.
? شروط التسليم التي تعكس نوايا الطرفين، بما في ذلك أي أسلوب متفق عليه لتعديل برنامج التسليم أثناء فترة الأداء. على سبيل المثال قد يريد المشتري شرطاً يزيد أو يقلل من سرعة عمليات التسليم أثناء فترة الأداء.
? الكيفية والظروف التي يمكن في ظلها أن يتم تعديل الإتفاق.
? أي إجراءات متفق عليها لتسوية الخلافات.
? أي شروط اختيارية، بما في ذلك توقيت وأسلوب تطبيقها.
? مواصفات أي حوافز للأداء، بما في ذلك الإجراءات التي تحدد أحقية المؤدي لها.
? العلاقات الوصفية المتعلقة بأية مسألة أخرجت من الإتفاق، ولكنها قد تُفسر- في غياب الموصوف- كما لو كانت المسألة قد حُذفت من العقد خطاً.
? الإجراءات الإدارية الضرورية لتنفيذ الإتفاق.
? كل الشروط القانونية التي قرر مستشارك القانوني أنها ضرورية.
? أي شرط تشعر أنت أو يرى خصمك أنه يجب أن يوضع في الإتفاق، بينما يصرّ الطرف الآخر على أنه غير ضروري. احرص على وضع مثل هذه الشروط، حيث أنها هي التي قد تؤدي الى مشكلات في المستقبل إذا لم تدخل في الوثيقة.
? مواعيد البدأ والانتهاء المحددة، إلا إذا كانت طبيعة العمل تستوجب قدراً من المرونة في تحديد هذه المواعيد.
من المؤكد أن هذه القائمة يمكن توسيعها أو تقليصها، فالكثير من الأمور تتوقف على موضوع التفاوض، أما النقطة المهمة، فهي أن تتأكد من وضع كل الشروط اللازمة في أي إتفاق لمنع أي خلاف فيما بعد. فكثيرا ما يصف أحد الطرفين نقطة ما بأنها غير ضرورية ويطلب حذفها من العقد ،ثم ترجع هذه النقطة فيما بعد فتُريكَ"الويل" .
التعامل مع النقّاد في شركتك:(1/177)
من بين كل الحقائق البديهية المرتبطة بعملية التفاوض، هناك واحدة ستصادفها بالتأكيد إذا قمت بأي قدر مطول من المفاوضات، وهي التعرض للنقد. بعد توقيع الإتفاق بوقت غير قصير ستواجه في الغالب نقّادا يخبرونك بما سار على نحو خطأ، أو بأنهم قد حصلوا على صفقات أفضل تحت ظروف مشابهة. والحقيقة أن العديد من النقاد يظنون أنهم مفاوضون، في حين أنهم لا يصلحون إلا للجلوس على "دكة الاحتياط" في مباريات كرة القدم.
وبطبيعة الحال، فإنك تواجه قبل التوقيع على العقد مهمة التعامل مع الأفراد الذين يحاولون إجهاض الإتفاق، أو على الأقل يلقون العقبات في طريقك أيضا. ومع أن النقد بعد التوقيع على العقد لا يؤثر عادة على ماتم التفاوض عليه، فهناك عدة احتمالات ينبغي أن تحذر منها.
ومن هذه الاحتمالات أن النقاد سيحاولون الضغط بغرض إلغاء العقد قبل إتمامه، ويسري هذا على وجه الخصوص إذا كان الأداء دون المستوى، على الأقل من وجهة نظر هؤلاء النقاد. ولا حاجة بنا لأن نقول إن هذا من بين الأسباب التي تحتم عليك الإشراف بنفسك على تنفيذ الإتفاق.
كذلك فإن المعارضون سيحاولون الضغط بغرض إعادة التفاوض على اتفاق تدخل فيه المسائل التي يريدونها. وبسبب الصعوبات الكامنة في إلغاء التعاقد و/أو إعادة التفاوض، فإنك لن تجد صعوبة في إحباط هذه المحاولة. ولكن ينبغي أن تتحلى بالحذر من المشكلات المحتملة في حال وجود معارضة داخلية منظمة لما تم التفاوض عليه.(1/178)
هناك أمر مزعج آخر ولكنه أقل أهمية، وهو ذلك التأنيب المزعج الذي يأتي من هؤلاء الذين يذكرونك دائما-إما ضمنيا أو صراحة- بأنه كان بإمكانهم أن يؤدوا المهمة على نحو أفضل منك. وبصراحة شديدة، فإن عليك أن تتعلم التكيّف مع هذا الأمر بوصفك مفاوضا. فليس مفيدا إطلاقا أن تكون ضعيف الاحتمال على مائدة المفاوضات، كما أن قوة الإحتمال تُعد مفيدة أيضا في الدفاع عن اتفاقك، أو في تجاهل النقّاد الذين يجلسون على المقاعد الوثيرة.
وفي الغالب فإنك لن تكسب الكثير في محاولة تبرير ما قمت به عند التفاوض على الاتفاق لأي فرد يريد أن يتصيّد لك خطأً. فالحقيقة هي أنك أنت أعلم فرد بشروط الإتفاق وبنوده. وأما النقاد، فإنهم قلما يدركون السمات الدقيقة والضرورات التي كانت تحتمها عملية المقايضة والتنازلات التي قُدمت من أجل الوصول الى الإتفاق.
قد تواجه ظروفا تضطرك الى الدفاع عما قمت به، ويكون هذا مرجحاً حين يتم تحدّي شروط الإتفاق صراحة في غرفة الاجتماعات، أو حين تخضع هذه الشروط لتساؤلات الرؤساء. ولهذا السبب وحده،ينبغي أن تحتفظ دائما بملف لأي تفاوض،يحتوي على الملاحظات والوثائق التي تدعم وتبرر كيفية اختتام المفاوضات.
إن هذا الملف سيخدمك جيداً إذا ظهرت أي تساؤلات حول ما أدى إلى معالجة مسألة ما بهذه الطريقة.لقد كان هناك سبب وجيه بالطبع، ولكن الاعتماد على الذاكرة لن يكفي، وبخاصة بعد مرور الوقت ، وتكون أنت قد انتقلت الى مسائل ومواضيع أخرى.
إذاً:إن الاحتفاظ بالملاحظات قريبا منك سوف تنعش ذاكرتك وتوفر عليك الكثير من الإحراج.(1/179)
وقد يكتسب ملف التفاوض مزيدا من الأهمية إذا حدث خلاف على معنى أحد شروط العقد، الأمر الذي لا يُرجح حدوثه إذا كان الإتفاق قد كُتب بالشكل اللائق.. ولكن الحقيقة هي أنه مهما كنت دقيقا وحذراً في كتابة الوثيقة ،فقد يظهر شيئ لم يكن متوقعا آنذاك. ونتيجة لذلك، فإن القدرة على الرجوع للملاحظات قد لا تؤدي فقط لحل المشكلة،ولكنها قد تمنعها أيضاً من التصاعد وأن تتحول الى شيئ أكثر خطورة" كدعوى قضائية مثلا".
طرائق لإفشال اجتماع :
هناك 6 طرق لإفشال الاجتماعات ويجب تلافي المشكلات لنجاح الاجتماعات .
1- استقبال المكالمات الهاتفية أثناء الاجتماع ( فهي تفسد الجلسة مهما كانت جودة التخطيط لها ، وهي لا تشوش فقط على الشخص المطلوب وإنما أيضاً على جميع الحاضرين.
2- تشجيع المتحدثين على استخدام أسلوب المحاضرة الذي ينجح فيه بعض الأساتذة ، وبذلك لن يضيع الوقت في استخلاص الأفكار من الموجودين ( وهذه طريقة ناجحة جداً لجعل الجميع – عدا المتحدث – يشعرون بأنهم لا قيمة لهم
3-عدم استخدام الرسوم الإيضاحية أو الجداول البيانية أو أي من الوسائل البصرية الأخرى ( هذه الوسائل لا تتوافق مع أولئك الذين يعتمدون على السماع فقط في أداء كل شيء ويجدون صعوبة في استخدام أكثر من حاسة واحدة في وقت واحد.
4-عدم السماح للمشاركين بأن يوضحوا ما يهمهم ، استمر في عملك غير مبال بآرائهم والتزم بجدول أعمال جامد كأنه قالب من فولاذ .
5-تشجيع الأحاديث الجانبية بين الموجودين ( وقد تكون شيقة جداً لمن يتجاذبون أطراف الحديث ،ولكنها نادراً ما تكون مفيدة لغيرهم.
6- مناقشة الحلول أولاً ثم الحقائق فيما بعد عند حل أية مشكلة قد تنشأ ( وهذا يزيد من فرص تبني أول حل يظهر بدون النظر في الإمكانيات ، بل قد يجعلك تتجاوز الحقائق غير المرغوبة التي لا تناسب حلك المفضل
تعلم عمليات المحاكاة التفاوضية:(1/180)
? خلال العقدين الماضيين تعلم المديرون التنفيذيون وطلبة ماجستير إدارة الأعمال مهارات التفاوض من خلال عمليات المحاكاة. وهي مواقف تفاوضية فرضية يختبرونها من خلال استراتيجيات وتقنيات جديدة.
وطور الباحثون على صعيد التفاوض المئات من عمليات المحاكاة التي غالباً ما ترتكز على حالاتٍ حقيقيةٍ لتعلّم مفاهيم تفاوضية مهمة.
ووجد الباحثون أنّ المشاركة في تمارين ملموسة ضمن أوضاع قليلة الخطورة هي طريقةٌ مثاليةٌ للمديرين لتعلم مهارات تفاوضية جديدة. ووصلوا إلى نتيجةٍ مفادها أنّ المحاكاة التفاوضية ناجحةٌ فقط عندما يكرس المتدربون أنفسهم بصورة تامة للعملية التعليمية. والعديد منهم يعارض هذه الطريقة للتعلم متمنين عوضاً عن ذلك الاستماع إلى المحاضر وتدوين الملاحظات.
ويلي التدريب التفاوضي من خلال المحاكاة الخطوات الثلاث للعملية التغيرية للعالم النفسي كيرت لوين:
? - الخطوة الأولى، مساعدة المتدرب على مواصلة مشاركته الحالية، وعادةً ما يكون ذلك عن طريق الإمساك بمرآة وتحدي الافتراضات المتأصلة.
? - الخطوة الثانية، يسعى المدربون إلى مساعدة المشاركين على تغيير منطقهم الداخلي (المبطن) عن طريق تصور مشاركة أكثر فعالية للعمل ذاته.
? - وأخيراً، يختبر الطلبة عن طريق المحاكاة مشاركتهم الجديدة الخاصة ضمن وضع من، حيث لا يقيم أو يسجل أداؤهم.
نموذجياً، يتلقى المشاركون تعليمات مكتوبة مشتركة تصف الوقائع المؤدية إلى لحظةٍ محددة ضمن بيئة العمل الافتراضي للتفاوض، بحيث يقسم الفصل الدراسي إلى أزواج أو مجموعات أكبر، إذ يمنح لكل شخص دور بائع رئيسي.(1/181)
كما يتسلم المشاركون أيضاً تعليمات سرية تمكنهم من لعب أدوارهم بشكل واقعي. ويلزمون بإلحاق أولويات محددة مع الخيارات التي يواجهونها إلى جانب معلومات مفصلة تسمح لهم بدعم حججهم. وبهذه الطريقة، يضمن المحاضرون أن يتعامل كل متدرب مع مشكلة تفاوضية محددة مثلما تفعله في حال خروجك من تحالف فائز. وبعد التفاوض في مجموعات صغيرة، يعاد لم شمل الفصل لمقارنة النتائج، بحيث يشير المحاضر إلى الدروس المستفادة من التجربة. وفي ما يلي العقبات الأكثر شيوعا لتدريب تفاوضي فعال وناجح:
? - مقاومة التعلم من خلال الممارسة: يجد بعض الأفراد أنّ لعب أدوار كتلك الأدوار، سيتسبب لهم بالإحراج، أو سيقلل من كرامتهم.
? - الافتقار إلى الصورة الشاملة: يصبح متدربون آخرون أكثر تمسكاً بتفاصيل الموقف الافتراضي، بحيث أنهم يفوتون الدروس الرئيسية. وغالباً ما يحدث ذلك عندما يؤسس كتّاب المحاكاة مواقف على أساس نماذج مخفية لقصص نشاطات عمل حقيقية.
? - صعوبة فهم السياقات الجديدة: يميل بعض المتدربين إلى التفاوض على رفض ما يجري في حالة عدم ملاءمة الموقف تماما للموقف الذي يعرفونه جيدا. ونجد على سبيل المثال أن المتدربة التي تعمل لوكالة إسكان حكومية قد تفترض أنه ليس هنالك ما ستتعلمه من محاكاة خاصة بمستشفى ما.
? - الخوف من الخسارة: يقلق بعض الأفراد كثيراً من ''خسارة'' اللعبة، حيث يفضلون تفويت فرصة تجربتها بأسلوب تفاوضٍ غير معتاد في بيئة تعلم محمية. وهذا الميل شائع بين المديرين الكبار. ولكن فقط من خلال اختبار الأسلوب الجديد في وضعٍ خالٍ من الخطورة، سيصبح المتدربون أكثر ميلاً إلى تجربته أثناء التدريب اليومي.(1/182)
وتعرض المحاكاة وسائل قيمة لتعليم مهارات التفاوض الحيوية. والواقع أنها طريقة فعّالة للتغلب على الشكوك الناجمة عن افتراضنا أنّ انتهاج أسلوب المنافع المتبادلة يمكن استخدامه بفاعلية مع مقاومٍ صعب. وبالمشاركة منفتحة الذهن في المحاكاة، يمكنك أنت والعاملون معك استخلاص أعلى القيم من تدريبك، وتحسين مهاراتك التفاوضية في العمل على نطاق واسع.
الاستفادة القصوى من التدرب على التفاوض:
? نادراً ما يقود الأسلوب السلبي للتعلم إلى نجاح تفاوضي في المستقبل. وحتى تتمكن من تعظيم خبرتك التدريبية، فإن عليك إتباع القواعد الإرشادية التالية:
? - اعمل على تشابك الأيدي (الجهود) في التدريب، وألق بنفسك تماماً في تجربة المحاكاة. وطالما أن رؤساءك أكدوا لك أن أداءك التدريبي لا يمكن أن يستخدم ضدك في مجال العمل، فإنه ليس لديك ما تخسره.
? ركز على الصورة الشاملة، ولا تأبه كثيراً بالتفاصيل الافتراضية لمحاكاة معينة. وبدلاً من ذلك، ابق مهتماً بالدروس الأشمل.
? جرّب من خلال الاستراتيجيات والأساليب الجديدة، حيث إن تنفيذ ذلك وفقاً لأصول السلامة لن يأخذك بعيداً. وتكون أفضل وسائل النجاح أحياناً في تخطي منطقة راحتك.
? - تعلم من المتدربين الآخرين، وابحث عن متدربين آخرين لإنجاز محادثة تدريبية. وحاول التعرف على ما فعلوه وما لم يفعلوه، واكتشف كيفية رد فعل الآخرين على هذه الاستراتيجيات. وإن من شأن المناقشات المركزة التي يقودها المدرب في الصف تعليمك دروساً أوسع. غير أن المناقشات الأصغر نطاقاً تظل أمراً لا يمكن الاستغناء عنه.
ـ مارس ما تعلمته، حيث إن تمارين المحاكاة ستنهض بإمكانياتك. أما إدخال أسلوب جديد في ممارساتك اليومية، فإن من شأنه تعزيز مهاراتك التفاوضية.(1/183)
إن التفاوض يعد طريقة متحضرة لتسوية الصراع، وعلاوة على ذلك فهو عبارة عن مهارة تمكنك من النجاح في كل من حياتك العملية وحياتك الشخصية عن طريق مساعدتك على تحقيق أهدافك وغاياتك وتلبية احتياجاتك.
أنعش ذاكرتك قليلاً:
تذكر معي كافة المفاوضات التي أجريتها في حياتك الشخصية والعملية، حاول أن تحدد النسبة بين مفاوضاتك الناجحة وتلك التي فشلت فيها، هل تود أن تحسن هذه النسبة لصالح مفاوضاتك الناجحة، لا شك أنك ترغب في ذلك، والأمر سهل ميسور لكنه يحتاج منك إلى شيء من الجهد والجدية في العمل والتطبيق، ولكن قبل ذلك
قيم نفسك:
ما مدى تمتعك بالمهارات التفاوضية؟
املأ هذا الجدول لتعرف مدى القوة والضعف عندك في عملية التفاوض، ضع علامة في الخانة التي تناسبك ولتكن صادقًا مع نفسك.
لا أبدًا ... أحيانًا ... غالبًا ، دائمًا ... نقاط التقييم ... رقم
احتفظ بهدوئي مع التعرض للضغط ... 1
يمكنني التفكير بحياد حتى مع محاولة البعض إثارة عواطفي ... 2
اعتقد أن كل شيء قابل للتفاوض ... 3
أعتقد أن كلا الطرفين يجب أن يكسب في التفاوض ... 4
دائمًا أستخدم أسئلة كثيرة مثيرة للكشف عن المعلومات في التفاوض ... 5
استمع في المفاوضات مثلما أتكلم أو أكثر ... 6
ألاحظ التعبيرات الجسدية في جلسات التفاوض وأعمل على تفسيرها ... 7
لدي مهارة التعرف على الأساليب التفاوضية وكيفية مواجهتها ... 8
أجهز بعناية كل مفاوضة ... 9
يمكنني استخدام تكتيكات التوقيت للاستفادة بها في التفاوض ... 10
أسعى دائمًا لإيجاد أرضية مشتركة وأطرح بدائل خلال التفاوض ... 11
أعتقد أن التفاوض يمثل فرصة للوصول لاتفاق ... 12
1ـ إذا كانت علاماتك أغلبها في خانة 'لا أبدًا' فأنت تفتقر تمامًا على مهارات التفاوض.
2ـ إذا كانت علاماتك أغلبها في خانة 'أحيانًا' فأنت لديك مهارات التفاوض لكنها ضعيفة للغاية ولا تشكل سلوكيات دائمة لك.
3ـ أما إذا كانت علاماتك أغلبها في خانة 'غالبًا دائمًا' فهنيئًا لك، فأنت مفاوض ممتاز.
نصائح حول مهارات التفاوض(1/184)
سواء مع صاحب العمل، أو الزملاء أو أحد أفراد العائلة، نحتاج أحيانا لان نفاوض للحصول على ما نعتقد انه من حقوقنا. نذكر مثالا على ذلك السعي للحصول على راتب أعلى، التفاوض من أجل خدمات أفضل أو لحل خلاف في العمل. فيما يلي بعض المهارات والأساليب والاستراتيجيات التي قد تساعد المرء على النجاح في خوض مفاوضات بشكل فعّال يضمن له الوصول إلى أهدافه، أو على الأقل تحقيق نسبة نجاح نسبية مقبولة.
أولا: حدد ما تريده من المفاوضات قبل خوضها
في بادئ الأمر، قيم مهاراتك وخصائصك. وحدد أطر أهدافك الأولية، فهل:
1- تسعى إلى إتمام المفاوضات بأقل وقت ممكن، وتريد الانتهاء من الأمر فحسب؟
2- أم أنك تسعى للفوز بغض النظر عن نتائج قد تنطوي على أسلوبك المنتهج للحصول على هذا الفوز؟
إذا كانت النقطة الأولى هو ما تسعى إليه، فقد ينتج عن ذلك استسلامك بسرعة أو التنازل عن الكثير من أهدافك.
أما إذا كانت النقطة الثانية هي ما تسعى إليه بالشكل الأساسي، فان ذلك قد يؤدي إلى اتباعك أسلوب هجومي وعدائي يؤدي بدوره إلى تدمير علاقاتك مع الطرف الآخر في المفاوضات.
ثانيا: تعرف على خصائص ومهارات الخصم
قبل خوض المفاوضات تحرى عن سمعة خصمك من حيث مهاراته في التفاوض وخبرته، وبالتالي تستطيع أن تحكم إن كان خصمك يشكل لك تهديدا خلال المفاوضات، أم أنه خصم مساو لك و لا يشكل تهديدا يستحق الذكر.
ثالثا: تنبأ بما قد يدور في ذهن خصمك
لا يكفي أن تعرف وتحدد ما تريده من خوض المفاوضات، بل عليك أن تحلل وتحاول أن تصل إلى ما يفكر به ويهدف إليه الطرف الآخر، بهذا أنت تفكر عن شخصين وبعقلين، تفكر عن نفسك وتفكر عن خصمك. والأفضل من ذلك، هو تطوير قدرتك بحيث تتمكن من التنبؤ بما يتوقع أو يعتقد خصمك انك تريده. وهنا، أنت تفكر بثلاث أدمغة، تعرف ما تريده، وتتنبأ بما يريده خصمك، وتتنبأ بما يعتقد خصمك أنك تريده.
رابعا: اعمل على بناء الثقة بينك و بين خصمك(1/185)
يعتبر التفاوض شكل متطور من أشكال الاتصال. ولكن في غياب الثقة بين طرفي المفاوضات، لن تستند العملية على تبادل ونقل فعال للمعلومات والأفكار، بل على العكس، سيحل محل الأسلوب المنهجي والمنظم لتبادل المعلومات أسلوب آخر يعمد إلى التلاعب بالمعلومات وبالتالي يصبح الجو العام للمفاوضات مفعماً بالشك والارتياب. اكسب ثقة خصمك بأن تكون جديراً بهذه الثقة وتصدق القول وتثق بنفسك.
خامسا: طور مهارات الإنصات للآخرين
معظم الأشخاص يديرون حوارا داخليا مع أنفسهم، أي يتحدثون إلى أنفسهم ضمنيا. وقد يكون لهذا آثار سلبية أثناء المفاوضات إن لم يتمكن المرء من أن يسيطر على الحوار الداخلي وينصت إلى ما يقوله، بل و يراقب تعابير وجه ونبرات صوت الطرف الآخر، وبالتالي لا تفوته أي رسالة شفهية أو تعبيرية مهمة والتي قد تساعده في كشف نقاط ضعف وقوة الخصم.
سادسا: لا تكشف أوراقك من البداية
لا تكشف نفسك وأهدافك وغاياتك وتضعها بين يدي خصمك بداية المفاوضات، بل استهل بأن تصرح عن موقفك الذي تتخذه. عندئذ وبعد أن تتوطد الثقة تدريجيا أثناء المفاوضات، تستطيع أنت أو الطرف الآخر أن تخاطرا بكشف أوراقكما وأهدافكما بتفاصيلها. وتقع على عاتقك كمفاوض مسؤولية توجيه الأسئلة الذكية والمنتقاة لخصمك والتي هدفها أن تكشف لك عن حاجات وأهداف وغايات الطرف الآخر.
سابعا: استعرض مصادر قوة خصمك(1/186)
لا تفترض أن امتلاك خصمك لقوة معينة يعني أنه يمتلك كل عناصر القوة الأساسية والتي تجعله يخوض المفاوضات بفعالية أو تؤهله للفوز. نأخذ على سبيل المثال، إذا كان خصمك صاحب موقف أولى قوي، على اعتبار هذا عنصرا من عناصر القوة، لا يعني أنه يمتلك جميع عناصر القوة الأخرى والمهارات الأساسية للتفاوض. بالنتيجة، ما عليك إلا أن توازن القوى وذلك بان تقيم وتحدد مصادر قوة الخصم وكذلك مصادر قوتك. ولتسهيل ذلك، يمكنك تقسيم مصادر القوة إلى مصادر داخلية وأخرى خارجية. أما المصادر الداخلية فتشمل على خصائص المرء، نأخذ على سبيل المثال: قوة الشخصية واحترام الذات والثقة بالنفس. أما المصادر الخارجية فهي غير ثابتة، تتحكم بها أمور سير المفاوضات.
ثامنا: استعرض الخيارات و البدائل
قبل البدء بالمفاوضات، لا يكفي أن تحدد أقصى غاياتك وأهدافك فقط، بل عليك أن تضع خيارات وبدائل لهذه الأهداف تقبل بها. وعليك أيضا أن تحدد الحجج المؤيدة وتلك المعارضة للخيارات المقترحة.
تاسعا: متى تعتبر نفسك فائزا؟
قبل أن تخوض المفاوضات، استعرض كل النتائج المتوقعة منها، واجعل لنفسك مدى للنجاح، وصولك إلى نتيجة ما تقع ضمن المدى الذي حددته سابقا، يعني أنك قد خضت المفاوضات بنجاح، بينما عدم تمكنك من تحقيق أية نتيجة تقع ضمن هذا المدى، تكون قد أحرزت فشلا.
عاشرا: استمتع أثناء المفاوضات
التفاوض عبارة عن عملية وليس حدثا فحسب. وهذه العملية تنطوي على خطوات تحضيرية ابتداء من وليس انتهاء بخلق وتهيئة الجو المناسب الذي يتسم بالثقة وتحديد الغايات والأهداف وكذلك النتائج المتوقع أن تترتب عليك خلال ولدى انتهاء المفاوضات. بالممارسة سوف تتمكن من اكتساب وصقل المهارات التي بدورها سوف تؤهلك للفوز وبالتالي تمكنك من الاستمتاع أثناء عملية المفاوضات.
خمسة وعشرون قاعدة عامة للنجاح في التفاوض:(1/187)
ليس هناك حل واحد بعينه يمكن أن يطبق على كل المفاوضات، فالنطاق الذي تغطيه المفاوضات بالإضافة الى شخصيات المفاوضين وفرديتهم تجعل هذا الحل مستحيلا. وعلاوة على ذلك، فلكل قاعدة شواذ . ومع وضع هذه الأمور بعين الاعتبار يمكننا أن نعتبر القواعد العامة التالية خطوطا عريضة تساعدك أثناء التفاوض:
1- كلما قل اهتمامك بالتوصل الى اتفاق، تحسن الاتفاق الذي يمكنك التوصل إليه.
2- إياك أن تفقد السيطرة على مشاعرك إذا كنت تريد السيطرة على المفاوضات.
3- ثق بنفسك دائما أثناء المفاوضات، فالناس يثقون بمن يثقون بأنفسهم.
4- تذكر أن الصفقة إذا كانت تبدو جيدة أكثر من اللازم ، فإنها كذلك حقا
5- ضع في اعتبارك أن السعر لن يكون مبالغا فيه إلا إذا كان المشتري يعتقد ذلك.
6- ميزة اللعب على أرضك ووسط جمهورك شأنها شأن الطعام الذي يُعدّ في المنزل.
7- لكي تواجه التكتيكات التفاوضية،عليك أن تعرفها أولا.
8- الجهل نعمة إذا كنت تتفاوض بقدر من الثقة يزيد على ما لديك من معرفة.
9- المفاوضون لا يشعرون بالسعادة إلا إذا اضطروا للعمل بجد واجتهاد للحصول على صفقة جيدة.
10- الخدعة ستكون جيدة مادمت تستطيع إقناع الطرف الآخر بأنها ليست خدعة.
11- إذا فقد المفاوض الآخر السيطرة على مشاعره، فإنه سرعان ما يقع في الخطأ.
12- لا تترك المفاوض الآخر يعرف أبدا أن بدائلك المتاحة في حال فشل المفاوضات ضعيفة.
13- تجنب إصدار أي افتراضات أثناء المفاوضات
14- إذا كنت واقعا تحت ضغط موعد نهائي قريب، فأحتفظ بهذا لنفسك.
15- تتطلب المفاوضات القدرة على إقناع الطرف الآخر، وليس على إرغامه.
16- مقاومة التهديدات تساعدك في الحصول على الإتفاق الذي تريده، وليس الذي يريده الطرف الآخر.
17- أفضل مدخل لمعالجة الإنذارات هو تجاهلها.
18- مصداقية عرضك الأول يمكن أن تحدد طابع المفاوضات.
19- لا تخبر الطرف الآخر بأن لديك أي عنصر غير قابل للتفاوض.(1/188)
20- استخدام الكسور يضيف مصداقية الى أرقامك.
21- تعامل مع كل تنازل تقدمه على أنه تنازلا رئيسيا.
22- عندما يضطرك الأمر الى تقديم تنازلات ، إياك أن تكون متساهلا.
23- الطرف الذي يتكلم كثيرا أثناء اجتماعات التفاوض سيقع في الفخ بقدميه.
24- يتوقف 80% من نجاح المفاوضات على الإعداد و20% على التكتيكات.
25- إذا كنت تستطيع التعايش مع النتيجة النهائية ، فأقبل الصفقة، والا فيجب أن تنصرف .
العقود الإلكترونية
قبل أن أختم هذا البحث ، أجد أن من المفيد أن أتطرق "باختصار" الى النموذج الحديث من التفاوض والتعاقد الذي نشأ مع التقدم العلمي والتكنولوجي .
إن التقدم العلمي في المجال الإلكتروني، وما تبعه من تنمية معلوماتية، واتجاه التجارة الدولية إلى التجارة الإلكترونية الدولية، التي تقوم على السرعة في إبرام العقود وتنفيذها، وتغيُر مفهوم التجارة الكلاسيكية، إذ أصبحت عبارة عن منظومة معلوماتية تربط بين المنتج والمستهلك، كل ذلك أثر على الكثير من جوانب المعاملات بين الأفراد، ومنها التأثير البالغ على المراكز القانونية،وأسس التفاوض التقليدية، وأسس المسؤولية المدنية والجنائية، ونشأ كنتيجة لذلك ما يعرف بالمعاملات الإلكترونية، ونتج عن ذلك أن ثارت الكثير من التساؤلات المتعلقة بالمعاملات الإلكترونية مثل صفتها وتكييفها، والقانون الواجب التطبيق، وما إلى ذلك من تساؤلات.
إبرام العقود الإلكترونية:
العقود الإلكترونية هي العقود التي يتم إبرامها عبر شبكة الإنترنت، وهي تكتسب صفة الإلكترونية من الطريقة التي تبرم بها، فالعقد الإلكتروني ينشأ من تلاقى الإيجاب والقبول بطريقة سمعية بصرية عبر شبكة دولية مفتوحة للاتصال عن بعد، دون الحاجة إلى التقاء الأطراف المادي والتقاؤهم في مكان معين، أي انتفاء مجلس العقد الحقيقي، فمجلس العقد في العقود الإلكترونية مجلس افتراضي حكمي.
تنفيذ العقود الإلكترونية:(1/189)
كما أن إبرام العقود الإلكترونية يتم عن بعد، فإن تنفيذه أيضا يمكن أن يتم عن بعد، دون انتقال الأطراف المادي والتقاؤهم في مكان معين، مثل عقود الخدمات المصرفية بين البنك والعميل (البطاقات الائتمانية)، وعقود الاستشارات القانونية بين المحامى وموكله، وعقود الاستشارات الطبية بين المؤسسات الطبية، وكل هذه العقود يتم تنفيذها عن بعد عبر شبكة للاتصالات عن بعد. أي أن العقد يتم تنفيذه على الشبكة مباشرة.
إثبات العقود الإلكترونية:
يتم إثبات العقد الإلكتروني بوسائل إلكترونية، حيث يتم إثباته عبر الوثائق الإلكترونية، والتوقيع الإلكتروني.
الوفاء بالمقابل في العقود الإلكترونية:
من حيث الوفاء بالعقود الإلكترونية فقد حلت النقود الإلكترونية محل النقود العادية حيث أصبح الوفاء يتم عن طريق البطاقات الائتمانية، وغيرها من طرق السداد الإلكترونية.
القانون الواجب التطبيق على العقود الإلكترونية: حيث أصبحت العقود الإلكترونية تشكل نسبة كبيرة من حجم التجارة الدولية، وحيث إن كافة المعاملات الإلكترونية ذات طابع دولي، فان أغلب النظم تجمع على خضوعها لقانون إرادة الأطراف أسوة بالعقود الدولية، حيث يقوم أطراف العقد من خلال الشبكة ومن خلال الوسائل الإلكترونية باختيار القانون الواجب التطبيق على العقد بينهما.
وفي حال عدم تحديد الأطراف للقانون الواجب التطبيق، يتولى القضاء تحديد القانون الواجب التطبيق بالنظر إلى قانون الدولة التي تم منها تقديم الخدمة، أو قانون الدولة التي يقيم فيها المستهلك.
لتفادي المشكلات التي قد تنشأ عند تنفيذ العقود الإلكترونية يُنصح بما يلي:
- دقة صياغة العقد باستخدام ألفاظ تتسم بالإحكام والانضباط وتجنب الألفاظ المرنة قدر الإمكان، بحيث تعبر الصياغة عن نية ومراد الأطراف على نحو بيّن وواضح.(1/190)
- تحديد العناصر الجوهرية مثل محل العقد من حيث مشروعيته، ومن حيث الالتزامات المتعلقة به من تسليم وضمان، والمقابل من حيث كيفية الوفاء، ونوع العملة، لما ينطوي عليه السداد الإلكتروني من مغالطات. بالإضافة إلى كافة الشروط المتفق عليها، والحقوق والالتزامات، والضمانات.
- تحديد القانون الواجب التطبيق، إذ يجب تحديد القانون الواجب التطبيق على العقد بدقة، تجنباً للدخول في تعقيدات القضاء من حيث تكييف العقد لتحديد القانون الواجب التطبيق.
كما يمكن شمول العقد لبديل آخر لحل المشكلات التي قد تنشأ وهو التحكيم الإلكتروني، الذي يتم فيه وضع إجراءات التحكيم وتبادل الوثائق إلكترونياً، وإصدار الأحكام التي تكون نافذة في حق الأطراف في ضوء الإجراءات التي تم الاتفاق عليها.
- تحديد المستندات التي تكون جزءاً من العقد مثل الرسائل الإلكترونية والمطبوعات المتبادلة بين الأطراف التي أفضت إلى التعاقد.(1/191)
تثير أنشطة التجارة الالكترونية والعلاقات القانونية الناشئة في بيئتها العديد من التحديات القانونية للنظم القانونية القائمة ، تتمحور في مجموعها حول اثر استخدام الوسائل الالكترونية في تنفيذ الأنشطة التجارية ، فالعلاقات التجارية التقليدية قامت منذ فجر النشاط التجاري على أساس الإيجاب والقبول بخصوص أي تعاقد وعلى أساس التزام البائع مثلا بتسليم المبيع بشكل مادي وضمن نشاط ايجابي خارجي ملموس ، وان يقوم المشتري بالوفاء بالثمن أما مباشرة (نقدا) أو باستخدام أدوات الوفاء البديل عن الدفع المباشر من خلال الأوراق المالية التجارية أو وسائل الوفاء البنكية التقليدية ، والى هذا الحد فان قواعد تنظيم النشاط التجاري سواء الداخلية أو الخارجية ، وبرغم تطورها ، بقيت قادرة على الاحاطة بمتطلبات تنظيم التجارة ، اذ بالرغم من تطور نشاط الخدمات التجارية والخدمات الفنية واتصال الأنشطة التجارية بعلاقات العمل والالتزامات المتعلقة بالإمداد والتزويد ونقل المعرفة أو التكنولوجيا ، فان القواعد القانونية الناظمة للأنشطة التجارية والعقود أمكنها أن تظل حاضرة وقادرة على محاكاة الواقع المتطور والمتغير في عالم التجارة ، لكن الأمر يختلف بالنسبة للتجارة الكترونية ، فالتغير ، ليس بمفهوم النشاط التجاري ، وإنما بأدوات ممارسته وطبيعة العلاقات الناشئة في ظله ، كيف لا ، ويتوسط كل نشاط من أنشطة التجارة الالكترونية الكمبيوتر والانترنت او شبكة المعلومات ، ان اثر وجود التقنية وهيمنتها على آلية انفاذ النشاط التجاري في ميدان التجارة الالكترونية ، بل ضرورتها لوجود التجارة الالكترونية ، كان لا بد أن يخلق تحديا جديدا أمام النظم القانونية القائمة.
والسؤال الذي يثور ، ما هي التحديات القانونية التي ظهرت في حقل التجارة الالكترونية ؟؟(1/192)
هل التجارة الالكترونية مجرد نشاط تجاري بين غائبين يمكن أن تطبق عليها نصوص التعاقد بين الغائبين المقررة في التشريعات المدنية ؟؟
وهل التحدي الوحيد أنها تعاقد بين غائبين ؟؟
المشكلات القانونية في ضوء مراحل التجارة الالكترونية .
إن تحديد تحديات التجارة الالكترونية القانونية ، يستلزم تصور العملية من بدايتها وحتى نهايتها بشكل عام لا تفصيلي ، ومن ثم توجيه مؤشر البحث نحو استخلاص عناوين التحديات ، ومن ثم بيان محتوى التحدي وما تقرر من حلول مقارنة لمواجهته .(1/193)
التجارة الالكترونية في صورتها العامة ، طلبات بضاعة أو خدمات يكون فيها الطالب في مكان غير مكان المطلوب منه الخدمة أو البضاعة ، وتتم الإجابة بشان توفر الخدمة أو البضاعة على الخط ، وقد يكون الوضع - كما في المتاجر الافتراضية - أن تكون البضاعة أو الخدمة معروضة على الخط يتبعها طلب الخدمة أو طلب الشراء من الزبون المتصفح للموقع ، وعلى الخط أيضا ، وبالتالي يمثل الموقع المعلوماتي على الشبكة ، وسيلة العرض المحددة لمحل التعاقد وثمنه أو بدله في حالة الخدمات على الخط (أي عبر شبكات المعلومات) . وتثير هذه المرحلة (السابقة على التعاقد فعليا) مشكلات وتحديات عديدة ، أولها ، توثق المستخدم أو الزبون من حقيقة وجود الموقع أو البضاعة أو الخدمة . وثانيهما مشروعية ما يقدم في الموقع من حيث ملكية مواده ذات الطبيعة المعنوية ( مشكلات الملكية الفكرية ) . وثالثها تحديات حماية المستهلك من أنشطة الاحتيال على الخط ومن المواقع الوهمية أو المحتوى غير المشروع للخدمات والمنتجات المعروضة . ورابعها :- الضرائب المقررة على عائدات التجارة الالكترونية عبر الخط ، ومعايير حسابها ، ومدى اعتبارها قيدا مانعا وحادا من ازدهار التجارة الالكترونية . وهذه التحديات أيضا ترافق المراحل التالية من خط نشاط التجارة الالكترونية ، فالموثوقية وحماية المستهلك تحديان يسيران بتواز مع سائر مراحل أنشطة التجارة الالكترونية .(1/194)
المرحلة التالية تتمثل في إبرام العقد ، بحيث يتلاقى الإيجاب والقبول على الخط أيضا ، ويتم ذلك بصور عديدة بحسب محتوى النشاط التجاري ووسائل التعاقد المقررة على الموقع ، اشهرها العقود الالكتروينة على الويب ، والتعاقدات بالمراسلات الالكترونية عبر البريد الالكتروني ، وبوجه عام ، تتلاقى إرادة المزود أو المنتج أو البائع مع إرادة الزبون ، ويبرم الاتفاق على الخط ، وهنا تظهر مشكلتين رئيستين :- اولهما توثق كل طرف من صفة وشخص ووجود الطرف الآخر ، بمعنى التوثق من سلامة صفة المتعاقد . وحيث أن من بين وسائل حل هذا التحدي إيجاد جهات محايدة تتوسط بين المتعاقدين (سلطات الشهادات الوسيطة) لجهة ضمان التوثق من وجود كل منهما وضمان أن المعلومات تتبادل بينهما حقيقية ، وتمارس عملها على الخط من خلال إرسال رسائل التأكيد أو شهادات التوثيق لكل طرف تؤكد فيها صفة الطرف الآخر . وثانيهما :- حجية العقد الالكتروني أو القوة القانونية الإلزامية لوسيلة التعاقد ، وهذه يضمنها في التجارة التقليدية توقيع الشخص على العقد المكتوب أو على طلب البضاعة أو نحوه أو البينة الشخصية ( الشهادة ) في حالة العقود غير المكتوبة لمن شهد الوقائع المادية المتصلة بالتعاقد إن في مجلس العقد أو فيما يتصل بانفاذ الأطراف للالتزامات بعد إبرام العقد ، فكيف يتم التوقيع في هذا الفرض ، وما مدى حجيته أن تم بوسائل الكترونية ، ومدى مقبوليته بينة في الإثبات ، وآليات تقديمه كبينة إن كان مجرد وثائق وملفات مخزنة في النظام ؟؟؟؟
إن بيئة التجارة الالكترونية توجد وسائل تتفق وطبيعتها ومن هنا وجدت وسيلة التوقيع الرقمي (Digital Signature ) لتحقيق وظيفة التوقيع العادي على نحو ما سنوضح فيما يأتي .(1/195)
والمرحلة الثالثة تتمثل في انفاذ المتعاقدين لالتزاماتهما ، البائع أو مورد الخدمة الملزم بتسليم المبيع أو تنفيذ الخدمة ، والزبون الملزم بالوفاء بالثمن ، ولكل التزام منهما تحد خاص به ، فالالتزام بالتسليم يثير مشكلات التخلف عن التسليم أو تأخره أو تسليم محل تتخلف فيه مواصفات الاتفاق ، وهي تحديات مشابهة لتلك الحاصلة في ميدان الأنشطة التجارية التقليدية ، أما دفع البدل أو الثمن ، فانه يثير إشكالية وسائل الدفع التقنية كالدفع بموجب بطاقات الائتمان ، أو تزويد رقم البطاقة على الخط ، وهو تحد نشأ في بيئة التقنية ووليد لها ، إذ يثير أسلوب الدفع هذا مشكلة امن المعلومات المنقولة ، وشهادات الجهات التي تتوسط عملية الوفاء من الغير الخارج عن علاقة التعاقد أصلا ، الى جانب تحديات الأنشطة الجرمية في ميدان إساءة استخدام بطاقات الائتمان وأنشطة الاستيلاء على رقمها وإعادة بناء البطاقة لغرض غير مشروع.
يضاف الى هذه التحديات ، تحديات يمكن وصفها بالتحديات العامة التي تتعلق بالنشاط ككل لا بمراحل تنفيذه كتحدي خصوصية العلاقة بين المتعاقدين وخصوصية المعلومات المتداولة بينهما (الفصل 2 من هذا القسم) وتحد حماية النشاط ككل من الأنشطة الجرمية لمخترقي نظم الكمبيوتر والشبكات ، أو ما يعرف عموما بجرائم الكمبيوتر وتحدي مشكلات الاختصاص القضائي في نظر المنازعات التي تظهر بين أطراف العلاقة التعاقدية ، إذ في بيئة الانترنت ، تزول الحدود والفواصل الجغرافية ، وتزول معها الاختصاصات المكانية لجهات القضاء ، فأي قضاء يحكم المنازعة وأي قانون يطبق عليها عند اختلاف جنسية المتعاقدين ، وهو الوضع الشائع في حقل التجارة الالكترونية ،.
ويوضح الشكل 1 الإطار العام لتحديات التجارة الالكترونية والوسائل التقنية لحل هذه التحديات .
شكل رقم 1
إطار توضيحي للتحديات القانونية للتجارة الالكترونية
المسائل القانونية للتجارة الالكتروينة :(1/196)
يمكننا تبويب وعرض المسائل والمشكلات القانونية الناشئة في حقل التجارة الالكترونية - المتقدم ذكرها – مع التعرض لأبرز عناصرها في حدود المساحة المتاحة وذلك ضمن الطوائف التالية :-
عقود التجارة الالكترونية وقانونية وسائل التعاقد ووثائقه وحجية التواقيع الالكترونية .
لما كانت طلبيات البضاعة أو الخدمات تتم عبر الشبكة ، أما بالدخول الى الموقع المعني من قبل المستخدم أو عبر تقنية البريد الإلكتروني ، ولما كان إبرام العقد يتم على الشبكة ، فان أول ما أثير في هذا الميدان مدى حجية هذه المحررات والعقود التي لا تتضمن توقيعا ماديا عليها من قبل أطرافها أو مصدريها ، وكحل يتفق مع الطبيعة التقنية لأنشطة التجارة الالكترونية ، استخدمت تقنيات التواقيع الالكترونية ، أما كصور تناظرية ، أو رموز رقمية ، ولا تعرف النظم القانونية القائمة التواقيع الالكترونية ولا تألفها ، لذا كان لزاما وضع القواعد التي تكفل قبول هذه التوقيعات وتضمن حجيتها وقوتها القانونية في الإثبات ، وأمام قواعد الإثبات بوجه عام ، التي لا تقبل بالنسبة للمستندات غير المستندات الرسمية بدون حاجة دعوة منظمها للشهادة ، و المستندات العرفية الموقعة المبرزة عبر منظمها ، ولا تقبل المستندات غير الموقعة إلا كمبدأ ثبوت بالكتابة يستلزم بينة أخرى إذا ما اعترف بها كمبدأ ثبوت بالكتابة ابتداء - بحسب نوع النزاع - فان قبول القضاء للتعاقدات الالكترونية ، يتطلب إقرار حجية العقود الالكترونية والمراسلات الالكترونية ( البريد الالكتروني مثلا ) والتواقيع الالكترونية وموثوقيتها كبينة في المنازعات القضائية .(1/197)
وقد تضمن القانون النموذجي للتجارة الالكترونية الذي وضعته ( اليونسترال ) ، وكذلك التشريعات التي سنت في الدول المتقدمة ، قواعد تقضي بالمساواة في القيمة ما بين التعاقدات التقليدية والتواقيع العادية وبين رسائل البيانات الالكترونية والعقد الالكتروني والتوقيع الالكتروني الرقمي ، وقررت عدد من التشريعات معايير للحجية تقوم على إثبات حصول الاتصال وموثوقية الموقعين المتصلين ، كما أجازت بعضها عمليات التشفير التي تكفل حماية التوقيع من الالتقاط غير المصرح به .(1/198)
وتثير العقود التقنية تحديا آخر ، يتمثل بالعقود النموذجية للتعاقد الموجودة أصلا على الموقع ، ويمكن ان نضيف إليها ، رخص الاستخدام المتعلقة بالمنتجات ذات الحقوق المعنوية لأصحابها ( رخص الملكية الفكرية ) ، ففي كثير من الحالات تكون شروط التعاقد موجودة على موقع النشاط التجاري على الشبكة ، وتتضمن شرطا صريحا بان مجرد طلب البضاعة أو الخدمة يعد قبولا وإقرارا بهذه الشروط ، أي أن القبول مربوط بواقعة مادية خارجة عن تصريح القبول ، تماما كما هو الحالة في عرض البضاعة مع تحديد سعرها المعروفة في القوانين المدنية السائدة ، وأما بالنسبة للسلع التي تتصل بحقوق الملكية الفكرية ، كشراء حزمة برامج الحاسوب مثلا ، وهي ما أثارت جدلا قانونيا بشان قانونية وحجية رخص فض العبوة عندما تتضمن العبوة الموضوع بها البرنامج عبارة تفيد أن فض العبوة بنزع الغلاف يعد قبولا لشروط التعاقد الواردة في الرخصة النموذجية - غير الموقعة ، أو تنزيل البرامج عبر الشبكة بعد أداء المقابل المطلوب ، حيث يترافق تشغيل البرنامج في هذه الحالة مع ظهور الرخصة المخزنة ( تقنيا ) داخله ، وهي رخصة تتضمن شروط الملكية الفكرية ومتطلبات التسجيل ، وتتضمن أن مجرد تنزيل البرنامج يعد إقرارا بشروط الرخصة وقيود الاستخدام ، وقد أثير جدال حول مدى حجية مثل هذه العقود أو الرخص المخزنة كنماذج شرطية داخل الوسائل التقنية ، هل تعد حجة على الأطراف ، المنتج أو البائع بوصفه مدخلا لها ضمن الواسطة التقنية ، والمستخدم لتحقق القبول من ثبوت واقعة الطلب أو استخدام المنتج ؟؟(1/199)
إن مشكلات عدم الإطلاع فعليا على هذه الشروط في كثير من الحالات ، ومشكلات عدم معرفة قواعد الإثبات القائمة لهذه الشروط المخزنة داخل النظم كشروط نموذجية تثبت عناصر والتزامات التعاقد ، بسبب عدم التوقيع عليها وعدم ثبوت توجيهها لشخص بعينه ، وثبوت عدم مناقشتها بين الأطراف ، كل ذلك وغيره استوجب التدخل التشريعي لتنظيم آلية إبرام العقد التقني أو شروط حجيته وموثوقيته ، سواء نتحدث عن العقد المتصل بالمبيع أو عن رخص الاستخدام بوصفها التزاما بين جهتين . ونوضح فيما يلي ابرز العناصر والمسائل المتصلة بالعقود الالكترونية.
· العقود الإلكترونية Web Wrap Agreement أو Click wrap Contracts.
قبل أن يكون هناك صفحات إنترنت web pages ، كان هناك البرمجيات ، وتماما كما أصبح لصفحات الويب ، عقود ويب (web wrap agreements ) فقد كان للبرمجيات الجاهزة (software) عقودا مشابهة سميت ( shrink wrap agreement ) وعقود (shrink wrap agreement) ، هي اتفاقيات الرخص (النقل) الرخص التي ترافق البرامج ، وهي على شكلين ، الأول ، التي رخص تظهر على الشاشة أثناء عملية تنزيل البرنامج على الجهاز ، وعادة لا يقرؤها المستخدم ، بل يكتفي بمجرد الضغط ( أنا اقبل I agree) أو (I accept) ، إنها العقد الإلكتروني الذي يجد وجوده في واجهة أي برنامج ويسبق عملية التنزيل (Install ) .
أما الصورة الثانية ، وهي السبب في أخذها هذا الاسم ( الذي يعني رخصة فض العبوة ) فإنها الرخص التي تكون مع حزمة البرنامج المعروضة للبيع في محلات بيع البرمجيات ، وعادة تظهر هذه الرخصة تحت الغلاف البلاستيكي على الحزمة وعادة تبدأ بعبارة (بمجرد فض هذه العبوة ، فانك توافق على الشروط الواردة في الرخصة) ومن هنا شاع تعبير (رخصة فض العبوة) .(1/200)
وكانت هذه الطريقة في حقيقتها طريقة مقنعة للتعاقد ، لكنها لم تكن يوما طريقة واضحة ، ولم تكن تشعر أن العقد ملزم ، لان أحدا لم يكن يهتم لقراءة الرخصة قبل فض العبوة ، ولا حتى بعد فضها ، وربما عدد محدود من الأشخاص ممن احتفظوا بالرخصة نفسها ، ومن هنا رفضتها المحاكم في المرحلة الأولى . لكن وفي الفترة الأخيرة ، وتحديدا في عام 1998 وفي إحدى القضايا وهي الأشهر من بين قضايا رخص فض العبوة ، وهي قضية Pro CD v. Zeienberg ، قضت محكمة الاستئناف الأمريكية / الدائرة السابعة ، بقبول حجية هذا العقد قياسا على العقود التي لا يجري معرفة شروط التعاقد إلا بعد الدفع فعلا كتذاكر الطائرة ، وبوالص التامين.
هذا العقد - عقد فض العبوة - مثل الأساس التاريخي والعملي لعقود الويب أو العقود الإلكترونية ، وسيكون لهذا العقد دور آخر في حقل العقد الإلكتروني عندما يكون محل القياس لدى بحث قانونية العقود الإلكترونية وسيجري قياس العقد الإلكتروني في قيمته القانونية أمام المحاكم الأمريكية .
ويعد العقد C lick Wrap Contract الصورة الأكثر شيوعا للعقد الالكتروني وهو عقد مصمم لبيئة النشاط (على الخط) كما في حالة الانترنت ، وذلك بوجود (وثيقة) العقد مطبوعة على الموقع متضمنة الحقوق والالتزامات لطرفيه (المستخدم وجهة الموقع) منتهية بمكان متروك لطباعة عبارة القبول أو للضغط على إحدى العبارتين ( اقبل ) أو ( لا اقبل ) أو عبارات شبيهة ، وترجع تسميته المشار إليها الى حقيقة أن إبرام العقد يتم بالضغط (click) على أداة الماوس ، إما على أيقونة الموضع المتضمنة عبارة ( أنا اقبل ) أو في المساحة المخصصة لطبع هذه العبارة لغايات وضع المؤشر فيها عبر الضغط بالماوس ..(1/201)
ويستخدم العقد الالكتروني لكافة التصرفات محل الاتفاقات على الشبكة ، وبشكل رئيس :- إنزال البرامج أو الملفات عن الشبكة ، الدخول الى خدمات الموقع وتحديدا التي تتطلب اشتراكا خاصا في بعض الأحيان أو مقابل مالي أو لغايات الحصول على الخدمة ( كالمحادثة ومجموعات الأخبار أو الإعلان والأدلة) أو لغايات التسجيل والالتزام العقدي بانفاذ الخدمة المعروضة مجانا بشروط الموقع كخدمات البريد المجاني والاستضافة المجانية وغيرها.وكذلك لإبرام التصرفات القانونية على الخط كالبيع والشراء والاستئجار وطلب القرض وإجراء عملية حوالة مصرفية وإبرام بوالص التأمين ودفع الثمن وغيرها .
ومن حيث أهمية العقد الإلكتروني ، فان تقنية العقود الالكترونية توفر قدرة التعاقد على الشبكة وفي بيئتها والحصول على الخدمات والبضائع والمصنفات بأرخص الأسعار ومن خلال قوائم اختيار معروفة وواسعة ومن أي موقع أو مصدر للموردين على الخط (OSP ) ، كما تتيح للمورد تحديد التزاماته بوضوح وتحديد نطاق المسؤولية عن الخطأ والأضرار جراء التعاقد أو بسبب محل التعاقد كأخطاء البرمجيات ومشاكلها ، وتساهم في تسهيل المقاضاة بين الطرفين لما تقرره من قواعد شاملة بالنسبة للحقوق والالتزامات .
وتتعدد أنواع العقود الإلكترونية من حيث آلية إبرامها :- ويمكن ردها بوجه عام الى طائفتين ، إما عقود تتم بمجرد الضغط على أيقونة (مربع/ مستطيل) القبول وتسمى (Icon Clicking ) . أو عقود تتم بطباعة العبارة التي تفيد القبول (Type & Click ) . أما من حيث المحل فتمتد الى أنواع غير حصرية باعتبارها تتعلق بمنتجات وخدمات وطلبات . ويوضح الشكل 5 الشكل الدارج للعقد الالكتروني على مواقع الانترنت.
شكل 2
نموذج إيضاحي للعقد الالكتروني على الانترنت(1/202)
وقد بحثت العديد من المحاكم في النظم القانونية المقارنة حجية هذه العقود ، وتباينت الاتجاهات بشأنها قبل أن يتم تنظيم حجيتها قانونا في عدد من الدول أو الاستعداد التشريعي في عدد آخر تمهيدا لقبولها وإقرار حجيتها ضمن شروط ومعايير معينة ، ويمكن القول أن الاتجاه العام قبل التدخل التشريعي أجاز قبول هذه التعاقدات قياسا على تراخيص فض العبوة في حقل البرمجيات ، وذلك ضمن شروط أهمها وأولها أن يكون متاحا بيسر الإطلاع على شروطها وقراءتها وتوفر خيارات الرفض والقبول وان يتعزز القبول بإجراء اكثر من مجرد الضغط على الماوس في حالة النوع الأول من هذه العقود المشار إليه أعلاه . وأضافت بعض المحاكم شرط اعتمادية وسائل التعريف بشخصية المستخدم الى جانب وسائل الأمان ( قضية Hotmail Corp v. Van Money Pic 1998 و قضية ProCD, Inc. v. Zeidenberg 1996 وقضية Hill v. Gateway 2000 Inc. 1997 & Brower v. Gateway 2000 Inc. 1998)
? التوقيع الرقمي وتشفير البيانات المرسلة .
التوقيع الإلكتروني عبارة عن جزء صغير مشفر من بيانات يضاف الى رسالة إلكترونية كالبريد الإلكتروني أو العقد الإلكتروني ، وثمة خلط كبير في مفهوم التوقيع الرقمي ، حيث يظن البعض انه أرقام ورموز أو صورة للتوقيع العادي . وهو ليس كذلك ، إذ لا تعد صورة التوقيع العادي بواسطة السكانر (الماسحة الضوئية) توقيعا إلكترونيا.
فالتوقيع الإلكتروني على رسالة ما عبارة عن بيانات مجتزأة من الرسالة ذاتها (جزء صغير من البيانات) يجري تشفيره وإرساله مع الرسالة. بحيث يتم التوثق من صحة الرسالة من الشخص عند فك التشفير وانطباق محتوى التوقيع على الرسالة.(1/203)
ويتم التوقيع الإلكتروني (الرقمي) بواسطة برنامج كمبيوتر خاص لهذه الغاية وباستعماله فان الشخص يكون قد وقع على رسالته تماما كما يوقع ماديا ( في عالم الأوراق والوثائق الورقية ) ، ويستخدم التوقيع الرقمي على كافة الرسائل الإلكترونية والعقود الإلكترونية .
أما وظيفة التوقيع الرقمي ، فيمكن من الوجهة القانونية تبين ثلاث وظائف رئيسة لها هي :-
1- التوقيع الرقمي يثبت الشخص الذي وقع الوثيقة.
2- يحدد التوقيع الرقمي الشيء (الوثيقة) التي تم توقيعها بشكل لا يحتمل التغيير .
3- يخدم التوقيع الرقمي
ويثور التساؤل ، هل يحقق التوقيع الرقمي الوظيفة التي يحققها التوقيع العادي ؟
متى ما كان للتوقيع الرقمي القدرة على إثبات الشخص الذي وقع الوثيقة ، فانه يحقق وظيفة التوقيع العادي التقليدي أو المادي ( Traditional penned signature )
والحقيقة أن التوقيع الرقمي من زوايا متعددة يفضل التوقيع العادي ، كيف؟؟
إن التوقيع العادي عبارة عن رسم يقوم به الشخص ، انه فنا وليس علما ، ومن هنا يسهل تزويره أو تقليده ، أما التوقيع الرقمي ، فهو من حيث الأصل وفي حدود أمن استخدام برنامجه من قبل صاحب البرنامج ، علم وليس فنا ، وبالتالي يصعب تزويره ، وان كان هذا لا يعني انه يمكن عند اختلال معايير الأمن المعلوماتي قد يتم استخدام توقيع الغير الالكتروني ، وتكمن صعوبة (التزوير) في اختيار أجزاء من الوثيقة المرسلة ذاتها ومن ثم تشفير هذه الأجزاء ، وهو ما يقوم به برنامج الكمبيوتر وليس الشخص ، وتحصين التوقيع الرقمي رهن بحماية سرية كلمة السر ومفتاح التشفير .(1/204)
وفي بيئة التوقيع العادي على الأوراق أو المحررات ، يمكن اقتطاع الوثيقة عن التوقيع الوارد عنها أو اقتطاع جزء منها واستبداله ، في حين ذلك ليس أمرا متاحا في الوثيقة الإلكترونية الموقعة رقميا ، فالتوقيع الرقمي لا يثبت الشخص منظم الوثيقة فقط ، بل يثبت بشكل محدد الوثيقة محل هذا التوقيع ، أنه جزء منها ورموز مقتطعة ومشفرة ، ولدى فك التشفير يتعين أن ينطبق التوقيع ذاته على الوثيقة . إنها مسالة أشبه بنموذج التثقيب الذي يستخدم لمعرفة صحة الإجابات النموذجية في امتحانات الخيارات المتعددة ، انك تضع الكرت المثقب على الإجابة فتحدد فورا الصواب والخطأ . وهنا يتعين أن ينطبق النموذج (التوقيع) على الرسالة فإذا تخلف ذلك كانت الوثيقة غير المرسلة وكان ثمة تلاعب بالمحتوى . ومن هنا أيضا يفضل التوقيع الرقمي التوقيع العادي.
ويرتبط التوقيع الالكتروني بالتشفير ارتباطا عضويا ، والتشفير encryptionوهو عملية تغيير في البيانات ، بحيث لا يتمكن من قراءتها سوى الشخص المستقبل وحده ، باستخدام مفتاح فك التشفير . وفي تقنية المفتاح العام يتوفر المفتاح ذاته لدى المرسل والمستقبل ويستخدم في عمليتي التشفير وفك التشفير .
والطريقة الشائعة للتشفير تتمثل بوجود مفتاحان ، المفتاح العام public-key وهو معروف للكافة ، ومفتاح خاص private-key ، يتوفر فقط لدى الشخص الذي أنشأه . ويمكن بهذه الطريقة لأي شخص يملك المفتاح العام ، أن يرسل الرسائل المشفرة ، ولكن لا يستطيع أن يفك شيفرة الرسالة . إلا الشخص الذي لديه المفتاح الخاص .(1/205)
ما تقدم تظهر العلاقة بين التوقيع الرقمي والتشفير ، فالتوقيع الرقمي هو ختم رقمي مشفر ، يملك مفتاحه صاحب الختم . ويعني تطابق المفتاح مع التوقيع الرقمي على الرسالة الالكترونية أن مرسل الرسالة هو من أرسلها ، فعلا ، وليست مرسلة من قبل شخص آخر كتب عنوانك البريد لتبدو كأنها مرسلة باسمك . ويضمن التوقيع الرقمي عدم تعرض الرسالة لأي نوع من أنواع التعديل ، بأي طريقة .
موثوقية التجارة الإلكترونية وتحديات إثبات الشخصية ومسؤولية الشخص الثالث .(1/206)
عندما يدخل مستخدم ما على موقع يباشر أنشطة التجارة الالكترونية على الخط ، يبدأ بطلب السلعة أو المنتج أو الخدمة ، وبالنسبة للقائم على موقع التجارة الالكترونية ، فان المهم لديه التوثق من صحة الطلب ، ويتطلب ذلك ابتداء التوثق من أن من يخاطبه هو فعلا من دون اسمه أو عنوان بريده الالكتروني أو غير ذلك من معلومات تطلبها مواقع التجارة الالكترونية ، فكيف يمكنه ذلك ، خاصة في ظل تنامي إجراءات الاختراق وإساءة استخدام أسماء الغير في أنشطة جرمية على الشبكة وبنفس الوقت سيجيب موقع التجارة الالكترونية الطلب وتحديدا الالتزام بتسليم محل التعاقد ، فما الذي يضمن للمستخدم أن ما وصله من معلومة إنما جاءته من هذا الموقع وما الذي يضمن له أيضا أن هذا الموقع حقيقي وموجود على الشبكة ، إن حل هذه المعضلة استتبع إيجاد حلول تقنية ( كوسائل التعريف الشخصية عبر كلمات السر والأرقام السرية ، أو وسيلة التشفير عبر ما عرف بوسيلة المفتاح العام والمفتاح الخاص ، ووسائل التعريف البيولوجية للمستخدم كبصمات الأصابع المنقولة رقميا أو تناظريا وسمات الصوت أو حدقة العين أو غيرها ) ، وهي وسائل أريد منها ضمان تأكيد الاتصال واثبات صحة صدور المعلومة عن النظام التقني الصادرة عنه ، لكن لكل منها ثغراته الأمنية وتعد بالعموم غير كافية - ليس دائما طبعا - وهذا ما استتبع اللجوء لفكرة الشخص الوسيط في العلاقة ، وهو جهة تؤكد صحة التعامل على الخط ، وهي شركات ناشطة في ميدان خدمات التقنية تقدم شهادات تتضمن تأكيدا أن الطلب أو الجواب قد صدر عن الموقع المعني وتحدد تاريخ ووقت صدور الطلب أو الجواب ، وحتى تضمن شخصية المخاطب توفرت تقنيات التعريف على الشخص ، بدأ بكلمة السر وانتهاء بالبصمة الصوتية ، أضف الى ذلك تقنيات التشفير التي يزداد الجدل حول مشروعيتها ، سيّما في ظل أثرها المانع والمقيد لحرية تدفق البيانات وانسيابها ومساسها في كثير من الحالات(1/207)
بالخصوصية سيما عند إجراء عملية التوثق وتفتيش النظم التي تتطلب إطلاعا على معلومات مخزنة في النظام خارجة عن العلاقة العقدية المعنية .
وقد أثير في ميدان العلاقات القانونية للتجارة الالكترونية ، مسألة مسؤولية الشخص الثالث ، وتحديدا مزودي خدمات الانترنت ، وجهات استضافة المواقع أو الجهات المناط بها تسجيل الموقع ، هل تسأل عن أنشطة المواقع التي تحتال عبر الإيهام بوجود نشاط تجاري الكتروني ، سواء أكان غير قائم أو غير محقق لما يعلن عنه ،، وتتجه التشريعات نحو إبراء الشخص الثالث من هذه المسؤوليات بكونه غريبا عن العلاقة العقدية ولتوفر وسائل الأمن التقنية وشركات الموثوقية المشار إليها التي تعطي أطراف العلاقة قدرة على ضمان حقوقهم بعيدا عن الشركات المزودة للخدمات التقنية ، لكن ذلك استدعى نصوصا قانونية صريحة ، نظرا لما تطاله القواعد العامة أحيانا في ميدان المسؤولية التقصيرية التي تمتد الى المتسبب في الخطأ لا الى المباشر فقط .
أما عن مسؤولية الشركات المتعاقد معها لضمان إثبات شخصية الطرف الآخر وصحة الاتصال ، فان الاتجاه الغالب يذهب الى مسؤوليتها عند إيرادها معلومات خاطئة أو غير دقيقة ، باعتبار أن التعاقد أنبنى على هذه المعلومات وسندا لوجود التزام قانوني عليها ، في الغالب يكون لقاء ما يدفعه الزبون لها لضمان صحة تعاملاته التجارية على الخط .
أمن معلومات التجارة الالكترونية وقانونية التشفير .(1/208)
هل بيئة الانترنت بيئة آمنة ،؟؟؟ ربما لم نكن نتردد بالإجابة بالنفي قبل نحو خمس سنوات ، ولكننا نلمس نجاحات حقيقية في توفير وسائل ومعايير فاعلة في حقل امن الشبكة ، ومع ذلك لا نبالغ إن قلنا أنها ليست آمنة بالقدر المتيقن على أن لا يفسر هذا الرأي ضمن حقل واتجاهات إقامة العائق أمام استخدامها أو عدم التشجيع على ذلك ، ولكنه رأي يستند الى ما يظهر في الواقع العملي من أنشطة اختراق لا تلاقي حلولا قانونية رادعة ، وإذا كان العالم قد اتجه منذ منتصف الثمانينيات الى إقرار قواعد لتجريم أنشطة إساءة استخدام الكمبيوتر والشبكات ، فان الحركة التشريعية في هذا الميدان لا تزال ضيقة ومتعثرة ، وقد دفعت التجارة الالكترونية وأهميتها المتزايدة الى وجوب الوقوف أمام أهمية التدابير التشريعية لحماية نظم المعلومات ، ومن هنا لم يكن كافيا اعتماد الحماية التقنية فقط - ومن المؤسف أن هناك تفريط في كثير من الحالات حتى في الحماية التقنية - فحماية أنشطة التجارة الالكترونية ، وتحديدا أنشطة الوفاء بالثمن والدفع عبر الخط ونقل المال والمعلومات المالية وسائر أنشطة البنوك الالكترونية ، تستلزم حلول امن تقنية مميزة ومتجددة وشاملة ، وضمن حقيقة أن مجرمي التقنية والشبكات يسبقون حماتها بخطوة دائما ، كما تستلزم حماية قانونية وتدخلا تشريعيا لتجريم كافة صور جرائم الكمبيوتر وتحديدا اختراق النظم دون تصريح ، والتقاط المعلومات وإعادة استخدامها للحصول على منفعة كما في اعادة بناء البطاقات المالية وأنشطة الغش المعلوماتي أو احتيال الكمبيوتر وأنشطة التزوير في عالم التقنية .(1/209)
إن امن المعلومات عموما وامن التجارة الالكترونية ؟، هو امن المعلومات المتبادلة على الخط ، ولذا ، وجدت جهات الحلول التقنية في سلسة التشفير مخرجا ملائما ، وتطور فن التشفير وحلوله الى المدى الذي أمكن للمتخاطبين ضمان أن لا تفك رموز رسائلهم وتعاقداتهم إلا من الجهة التي تملك المفتاح المزود من قبلها ، لكن التشفير استلزم قواعد تشريعية في ميدان المعايير المقبولة حتى لا تتجاوز فائدته الايجابيات الى سلبيات حقيقية في ميدان انسياب المعلومات ونشرها ، ولنا في التجربة الأمريكية مثالا حيا ، حيث قضي بعدم دستورية التشفير بصيغته التي اتبعت في عام 1996 لكن أصبح التشفير ، سواء في المواقع الحكومية أو الخاصة أمرا مقبولا في ظل معايير التشفير التي هي جزء من أخلاقيات استخدام التقنية وتشريعات تنظيم استخدامها المقرة بعد هذا التاريخ .
الخصوصية
إن حماية البيانات المتصلة بالحياة الشخصية ، أثير في معرض حماية قواعد المعلومات ، لكنه عاد ليحتل مكانا بارزا لدى بحث أسرار العلاقات التجارية وخطورة تفتيش النظم وملاحقة المعلومات على حق الخصوصية ، إذ تشيع وسائل تقنية ، استلزمتها التجارة الالكترونية ، تتيح تعقب الاتصالات ومعرفة معلومات تفصيلية عن مستخدم الشبكة ، وإذا كان التناقض قائما بين موجبات الحماية الأمنية وبين موجبات حماية الخصوصية ، فان التوفيق بينها جاء عبر القواعد التشريعية التي وضعت المعايير وأجازت أنشطة لا تخرق الخصوصية وفي الوقت ذاته تحمي نشاط التجارة الالكترونية.
تحديات الملكية الفكرية وتأثيرات اتفاقية تربس العالمية .(1/210)
عالجنا في الفصل أعلاه مسائل الملكية الفكرية في البيئة الرقمية ، واشرنا أعلاه في البند الخاص بالعقود الالكترونية الى واحد من تحديات التجارة الالكترونية المتصلة الملكية الفكرية ، وهي رخص المنتجات المباعة المخزنة داخل النظم التقنية وكجزء من المبيع ، وتثور أيضا مشكلة رخص الملكية الفكرية المغلفة مع المبيع ، وكذلك ، حقوق الملكية الفكرية في ميدان النشر الالكتروني خصوصا مع تزايد الاستيلاء على التصاميم التي يستخدمها موقع ما ، وحقوق الملكية الفكرية على أسماء المواقع ، وعلى ملكية الموقع نفسه ، وحقوق الملكية الفكرية بالنسبة للعلامات التجارية للسلع والأسماء التجارية ، وكذلك حقوق المؤلفين على محتوى البرمجيات التقنية التي تنزل على الخط أو تسوق عبر مواقع التجارة الالكترونية ، إن كل هذه المشكلات التي ضاعفت سطوتها التجارة الالكترونية استلزمت مراجعة شاملة للقواعد القانونية الخاصة بالملكية الفكرية وربطها بالأنشطة التجارية الدولية في ميدان البضائع والخدمات ، وهي المبرر أيضا لإقرار اتفاقية تربس العالمية كواحدة من اتفاقيات منظمة التجارة الدولية التي تلتزم بها الدول الأعضاء ، ولا نضيف جديدا إذا قلنا أن العديد من الدول ارتجلت قواعد في ميدان الملكية الفكرية دون النظر الى متطلبات التجارة الالكترونية وهو ما جعل قواعدها ، رغم حداثة تشريعها ووضعا ، غير متوائمة مع متطلبات التجارة الالكترونية .
الضرائب
تتجه السياسات الحكومية الى عدم إقرار أية ضرائب على أنشطة التجارة الالكترونية انسجاما مع تحرير التجارة والخدمات ، فإذا كانت الأنشطة التقليدية تتجه نحو التحرير، فانه من باب أولى أن لا تفرض أية قيود على التجارة الالكترونية لأنها بذاتها وطبيعتها عالمية لا تقيدها حدود ولا تعيقها الأنظمة الجغرافية القائمة .
الفصل الثامن
حالة تفاوضية تطبيقية :
صفقة الخزانات الاستراتيجية مع شركة PERMASTORE البريطانية(1/211)
رن جرس هاتفي عبر البدالة وكانت سكرتيرتي على الطرف الآخر :
- شخص يقول أنه مدير مكتب (فلان)
- هل أنتي متأكدة؟؟ ( لأن فلان شخصية VIP )
- نعم
- هل طلبني بالاسم أم سال عن المدير؟
- كلا سأل عن المدير
- حوليه لي بسرعة
- حياني وبادلته التحية ،قال نرغب أن تزورنا غدا في مكتبنا لموضوع هام
- قلت الساعة العاشرة موعد مقبول بالنسبة لكم؟
- نعم سأكون بانتظارك ، أرجو أن تعطيني الاسم الثلاثي لأؤمن لك تصريحا لدخول المبنى .
- أعطيته اسمي الكامل وأنهيت المكالمة مودعا.
لم أتمكن من معرفة أسباب الدعوة ولكني تكهنت أنه يخص عملا خاصا .
بشكل طبيعي أنا أهتم كثيرا بأناقتي وأنتقي عطوري بمنتهى الدقة ، لكن في ذلك اليوم أذكر أنني استبدلت الكثير من ملابسي حتى قررت ماذا سألبس .
قبل الموعد بدقائق كنت عند الباب الرئيسي ، وجدت أسمي عند الحرس ، رافقني أحدهم الى مكتبه.
كان في داخلي إحساس بأن شيئا هاما تنطوي عليه هذه الدعوة فقررت أن أعد كلماتي كما يعد البائع البخيل نقوده.
( نحن شركة تكاد تنفرد في مجال خزانات المياه المعدنية ذات الأحجام غير العادية)
قال بعد أن دعاني للجلوس: لقد سمعنا أنكم متخصصون بتوريد وتركيب خزانات المياه المعدنية
- هذا صحيح
- من أين تستوردون؟
- قلت من النمسا الأحجام الكبيرة ومن بريطانيا الأحجام الصغيرة
- قال نريد أن تقدموا لنا أسعاركم لتنفيذ مجموعة خزانات سعة (5) مليون جالون للخزان الواحد.
- حسب معلوماتي أن أكبر خزان حتى الآن موجود في كندا بسعة (4.5) مليون أمريكي فهل ترغبونها (أمبيريال جالون أم جالون أمريكي)؟؟
- قال لا نريدها أمبيريال جالون.
قلت أرجو أن تعطيني وقتا للبحث ومراسلة المصانع وسأجيبك في فترة ليست بعيدة
قال هل أسبوع يكفيكم؟
قلت لا أحتاج الى 3 أسابيع
قال حسنا أنتظر ردك.(1/212)
ما أن خرجت من مكتبه حتى بدأت أشعر أنني أقحمت نفسي وشركتي في موقف :إما أن يقودها الى مصاف الشركات العملاقة في المنطقة أو الى العدم ، إنها مجازفة بالاسم والسمعة في حال فشلت .
خمس ملايين أمبيريال جالون تعني ما يقارب 6 ملايين جالون أمريكي ، وهو برأيي رقم ليس من السهل تحقيقه .
فور وصولي الى مكتبي استدعيت وسيطا كان يؤمن لنا الطلبيات من شركة EVENPRODICT الإنكليزية وشركة WALF النمساوية .
عرضت عليه المشروع ، وأثناء الحوار كنت أقرأ في عيونه أن يخفي شيئا ، ولكني لم أشعره بارتيابي . زودته بالمعلومات وانصرف
وبدأت أبحث عن شركات " عبر الانترنت" . وصلت الى شركة
AMEREKAN TANKS التي نفذت خزان كندا.
طلبت منهم ما أريد وقبل أن يصلني الرد بالبريد ، اتصل بي شخص بالهاتف ، وعرفني بنفسه أنه وكيل PERMASTORE
وطلب مني تحديد موعد للقائي .
ارتبت من الهاتف ومن أين علم بالمشروع فاعتذرت عن مقابلته.
ولكنه " كبائع ناجح" أعاد الاتصال بعد يومين وقال لي: أن أميركن تانك هم من زودوه بالمعلومات وأنه وكيلهم ألحصري هنا وأستطيع أن انسق معه بكل شيء .
قلت حسنا سأنتظرك غدا الساعة السادسة مساءا .
أرسلت أميركان تانك لي رسالة في اليوم التالي تسألني هل لديك مانع أن يكون الشحن من بريطانيا؟؟ أجبتهم لا مانع لدي على أن اعرف السبب.
كان الوسيط الذي كلفته قد راسل شركة "وولف" وقدموا لي عرض سعرهم بقيمة /39/ مليون دولار .
على الموعد مع ممثل أمريكان تانك حضر، واحضر معه بروشور لشركة بيرماستور وقال: أميركان تانك هم وكلاء بيرماستور في أمريكا ونحن وكلاء بيرماستور في الشرق الأوسط.
بدأت الصورة تتضح أمامي أولا بأول .
قلت له: هل سبق لكم أن نفذتم خزانات بهذا الحجم؟ قال اقل بقليل ولكن لدينا الإمكانية لتنفيذه، فالدرسات جاهزة لدينا بإمكاننا إطلاعك عليها إذا وافقت على الشراء من عندنا.
قلت حسنا: مبدئيا زودوني بسعركم للمشروع ثم نبحث بقية التفاصيل.(1/213)
وأنهيت المقابلة.
في اليوم التالي تلقيت مكالمة من لندن :كان السيد جوليان مدير التسويق في بيرماستور على الطرف الأخر
- أنا سعيد بسماع صوتك سيد زياد وأكون أكثر سعادة إذا تمكنا من تنفيذ طلبكم.
- وأنا سعيد بالتعرف إليك وسأكون سعيدا إذا حققتم شروطي
- سأكون في أبو ظبي خلال 48 ساعة لنتباحث في الأمر هل هذا الموعد مناسب لك؟؟
- ولكن أرجو أن ترسل لي عرض سعركم قبل حضورك لأن لدي عروض أسعار أخرى ربما تريحك من عناء السفر
- حسنا غدا سيكون سعرنا بين يديك وأنا متأكد أنه سيحوز على موافقتكم المبدئية .
- حسنا سأكون بانتظارك في مكتبي إذا كان السعر مناسبا، وحبذا لو تطلعني على موعد وصولك بدقة ، وأرجو أن لا يرافقك ممثليكم في المنطقة الى الاجتماع ، هذه نقطة هامة بالنسبة لي سيد جوليان
- حسنا سأرسل لك رسالة بموعد وصولي مع عرض السعر وسأكون بمفردي.
- حسنا الى اللقاء
- الى اللقاء.
قرأت أكثر من نقطة في هذا الاتصال :1_ بيرماستور شركة عالمية منافسة لشركة"وولف" وبالتالي هم حريصون جدا على أن لا يذهب العقد ل وولف. وهذه نقطة في غاية الأهمية بالنسبة لي.
2- بيرماستور تحاول أن تستغل الزمن بأقصى سرعة ممكنة ،وبالتالي هم مستعدون لتقديم الكثير من التنازلات في سبيل إبرام هكذا صفقة"تاريخية" بالنسبة لهم أو لغيرهم .
3- يظن جوليان أنه محاور بارع وسيستطيع أن يعقد صفقة ترفع من مكانته في بيرماستور ،وسيكون من السهل عليه أن يصل معي الى حل يدخله تاريخ بيرماستور
بدأت بتدوين مجموعة من النقاط التي سأرتكز عليها في مفاوضاتي معه .
من البداية حاولت أن ابعد عنه "عناصر فريق تفاوضي" ووافق على ذلك ، وهذا أيضا مؤشر ايجابي هام بالنسبة لي.
في صباح اليوم التالي كان بين يدي عرض سعر مبدئي من بيرماستور بقيمة /28/ مليون جنيه إسترليني أي ما يعادل /37/ مليون دولار تقريبا.(1/214)
بدأ الشك ينمو في ذهني تجاه الوسيط مع وولف ،فلا يعقل أن تعطي شركة عالمية أسعارا غير مدروسة ،رغم أني أعرف أن لديهم قناعات بأننا " كعرب" والخليجيون خصوصا مبهورين بالصناعات الغربية والتفوق العلمي ولدينا الكثير من المال .
محاولة مني للوصول الى الحقيقة مع "وولف" أرسلت لهم من عنوان صديقي في أوروبا طلب شراء لخزان واحد سعة مليون جالون على أن يتضمن السعر أجور الشحن الى أبو ظبي .
كان حدسي في مكانه : جاء الرد : راجعوا وكيلنا السيد فلان في أبو ظبي " الوسيط طبعا" . فقررت أن لا اشتري من وولف حتى لو خسرت المشروع.
وصل جوليان ، واتصل بي ليعلمني انه موجود في فندق" البيتش هوتل"
وهو مستعد للاجتماع بي في الوقت الذي احدده
كانت الساعة حوالي الواحدة ظهرا. قلت حسنا سأكون بانتظارك الساعة السابعة مساءا ، وسأرسل سيارة من قبلي لإحضارك الى المكتب ، ستكون ضيفا علينا طيلة إقامتك سيد جوليان.
على الموعد كان جوليان في مكتبي ،أخبرتني سكرتيرتي أن ثلاثة أشخاص أحضرهم السائق يريدون مقابلتك.
قلت ليتفضل السيد جوليان والشخصين الآخرين اعتنوا بضيافتهم .
عندما دخل جوليان مكتبي ، كان رجلا ضخم الجثة لكن ملامح بياض بشرته كانت تشوبها حمرة غير طبيعية ، يلبس بنطال " سبور" وقميص مخطط وكرافة، ويحمل بيده حقيبته.
صافحته مرحبا ، كان يشد على يدي أكثر بكثير مما أشد على يده ، كنت أبادله عبارات المجاملة ولكني عيني لم تبرح عينيه التي كنت أقرأ فيها أنه ربما أخطأ التقدير.
كنت أحس بثورة يكبتها في "صدره" بابتسامات ليست طبيعية تماما ، لم افهم سببها بدقة ولكنها بادية بوضوح على محياه.أضفتها الى أوراقي الرابحة، كان لدي شعور قوي جدا بأني سأحقق مكسبا تاريخيا من هذا الاجتماع.
فتح جوليان حقيبته، وأخرج كمبيوتره المحمول ، وضعه أمامنا على الطاولة وقال: دعني أعطيك فكرة عن مصنعنا وإنتاجانا
قلت حسنا.(1/215)
لم ابد أي حماس لكل ما قدمه من عرض مدروس بمنتهى العناية والدقة ، ولكي أشعره بأنني أتابع العرض ، طلبت منه أن يشرح لي مبدأ عمل إحدى ماكينات مراحل الإنتاج " التي عرضها" وسألته عن درجة حرارة الفرن في مرحلة الطلاء وعن تدرج درجات الحرارة لحين خروج القطعة من الفرن، بدأت أساريره ترتاح ، بعد أن كان قد فرك أرنبة أنفه مرارا ، كنت ألاحظ أن إحدى رجليه تهتز بحركة لا يستطيع أن يسيطر عليها ، بعد سؤالي بدأ يستقر ، نفث زفرة تجاهلتها تماما، ثم اخذ يشرح لي بالتفصيل الممل وأنا أهز رأسي وأبدي أحيانا إشارات موافقة برأسي دون أن أتكلم.
عندما انتهى من العرض قلت : لابأس سيد جوليان ، أنا مدرك تماما بأن عمر آلات التصنيع وان بدا عليها أنها قديمة ، فالصناعات المعدنية تعتمد على الخامة أولا وعلى دقة الحسابات ثانيا ثم آلية التنفيذ ، أتمنى أن يكون لديكم طاقم هندسي كفؤ لدراسة مشروح بهذه الحساسية.
قال نعم لدينا طاقم مؤلف من 14 عشر مهندسا بخبرات لاتقل عن عشر سنوات .
قلت: هذا رائع ، إذا ما توصلنا الى اتفاق أتمنى أن التقي هذا الطاقم أثناء زيارتي للمصنع قبل توقيع العقد .
" كنت أدرك نظرية هامة يؤمن بها الكثير من الغربيين أن التفاوض مع العرب يبدأ بتوقيع العقد ثم يفاوضونك"
حاولت أن انزع هذه الفكرة تماما من رأسه قبل أن ندخل في المفاوضات .
قال يسعدنا أن تزور المصنع وسنقوم بإطلاعك على كل أجزاء المصنع .
قلت هذا جيد ، دعنا ندخل في المهم.
-جوليان: اظننا قد بدأنا بالمهم منذ وقت أليس كذلك؟
- نعم هناك المهم وهناك الأهم ربما أخطأت بالتعبير أرجو المعذرة
- هل تقصد السعر؟
- الأسعار جزء هام من "المهم" ولكن أيضا ضمانات الجودة وزمن التوريد مهم للغاية.
أحسست أن جوليان قد انتابه شعور بأنه بدأ يسيطر على الموقف ، فهاتين النقطتين ربما يستطيع أن يتحكم بهما من خلال إمكانيات المصنع من جهة ومن خلال خبرته التسويقية في الشرق الأوسط.(1/216)
كنت سعيدا بهذا الشعور لأنه سيفتح لي بابا هاما وهو أن يتكلم جوليان أكثر.
وفعلا قال جوليان: سأقوم بتزويدك بكل المخططات والمواصفات وتقوم بدراستها وسترى بأننا شركة تتمتع بمنتج عالي الجودة لا يستطيع أن ينافسنا بها أحد ، ثم سكت قليلا وكأنه يريدني أن أتداخل في الحديث
أحسست هنا أنه يريدني أن أطرق الى "وولف" لكني لم أفعل بل تابعت الإنصات ، أما من حيث زمن التوريد بإمكاننا الاتفاق على برنامج زمني.
هنا أيضا استلمت ورقة رابحة مجانية قذفها اليّ دون أن يدري ظانّاً أنه يقدم عرضا لي ، وأيضا لم أعلق على هذا البند .
قلت حسنا : أنا أدرك تماما أن أميركان تانك ووكيلكم هنا لهم نسبة من عملية البيع ، ولكن لو اعتبرنا النسبة القانونية للوكيل وحسمناها من السعر المقدم من قبلكم ، سنجد أن سعركم لا يزال مرتفعا .
أنا لا أريد أن أدخلك في مقارنة مع الشركات الأخرى التي قدمت لي عروض أسعارها لكي لا ندخل في تفاصيل حوارية غير مجدية .ولكن في النهاية ألا ترى أن من حقي أن اتجه الى أقل الأسعار في حال تماثلت المواصفات الفنية لمنتجك مع منتجات الآخرين؟؟
قال بالتأكيد .
قلت أنا لا أريد أن أضعك ضمن خيارين لا ثالث لهما ، ولكني لا أحب قسمة الفارق بين السعرين مناصفة كما يفعل بعض التجار، أريد أن أصل معك الى نتيجة أتمنى أن تكون سريعة ،لأن كلينا ليس لدينا وقت كي نضيعه.
قال هذا صحيح .
قلت من المنطق أن تكون نسبة عملائكم من حسابكم انتم أي من هامش ربحكم لا أن تكون مبلغا مضافا على سعركم أليس كذلك؟
قال بالتأكيد وهذا ما فعلناه فعلا، لقد أعطيتك سعرا مدروسا بعناية .
قلت: أنا أحترم ذكائك ولكن أرجو أن تسمح لي بأن أحافظ أيضا على ذكائي أمامك " قلت هذا وعينيي تتفرسان وجهه بمنتهى الدقة" لأنه بالتأكيد سيكون هناك رد فعل لا إرادي تبدو آثاره على وجهه.
وهذا ما حصل ، حاول إخفاء ارتباكه بالقول: عفوا سيدي أن لم أتعمد الإساءة لك .(1/217)
قلت أظن أن مشروعا لم تقوموا بتنفيذ مثيلا له من قبل من الصعب أن تتم دراسة سعره بدقة خلال 24 ساعة ، أنا أقدر أنك قدمت لي سعرا تقريبيا لحين لقاءنا للتفاوض .
لقد بدا الانهيار واضحا على جوليان ، كانت صعقة بالنسبة له ربما لم يتوقعها ، استأذنني لدخول الحمام ، وأنا مدرك أنها فرصة تكثيف أفكار أكثر من حاجته لدخول الحمام .
عاد باسما ممازحا قابلته بنفس الأسلوب وقلت له : لن أسقيك مزيدا من الشاي قبل أن نوقع الاتفاق المبدئي .
كان جملتي هذه جرعة مهمة جدا له أعادت له بارقة الأمل بالفوز بالعقد قال : ماهو السعر المناسب بالنسبة لك ؟
قلت إذا حذفنا نسبة 5% وهي نسبة العميلين مجتمعين يكون سعركم القابل للتفاوض هو 26 مليون و800 ألف جنيه أليس كذلك ؟
أخذ الآلة الحاسبة من يدي وأجرى حسابات " نصفها وهمية" ثم قال : لا أظن أن هذا السعر مناسب ، أستطيع أن أعطيك 1% حسم وعلى مسؤوليتي الشخصية.
قلت : أنا معك بأنه ليس السعر المناسب فنحن سنقتطع منه مبلغا آخر بعد أن ننتهي من هذه النقطة .
ضحك "نصف ضحكة" أتبعها بزفرة وقال :سأكون معك صريحا وواضحا : لقد أعجبت بك كشخص وسوف أكون الى جانبك قدر المستطاع ، سأعطيك كل ما تسمح به صلاحياتي جيد؟
قلت: أشكرك طبعا ولكن ربما صلاحياتك لا توصلنا الى الرقم المناسب ، لا مانع لدي أن ترجع الى إدارتك من الآن لا أن تنتظر الى وقت الحسم ، لأني أريد أن انهي نقاشا تكون نتيجته مرضية للطرفين وبنفس الوقت لا أضعك في مأزق مع إدارتك . وناولته سماعة الهاتف ، قال شكرا سأتحدث من هاتفي ولكن هل تسمح لي أن أتكلم على انفراد؟ قلت بكل تأكيد تفضل الى المكتب المجاور .
أسقط جوليان من يده أهم أوراق تفاوضه معي بهذه الخطوة وحتى الآن لا أدري كيف وقع بهذا المطب رغم أن الفترة اللاحقة أظهرت لي بأنه رجل مبيعات متميز .(1/218)
عاد جوليان بعد دقائق وقال : لقد وافقت الإدارة تحت إلحاح مني على حسم 2% من السعر .وهذا هو السعر النهائي بالنسبة ل بيرماستور.
قلت لابأس بإمكاني بكل بساطة أن أقول لك : حسنا ربما يكون بيننا مشروعا آخر في وقت لاحق خاصة وأنك تعلم تماما بأن لدي عروض من شركات أخرى، ولكني لا أحب هذه السياسة ، أنا مقتنع مبدئيا بمنتجكم ، ومقدر أهمية العقد بالنسبة لكم ولذلك سأترك الباب مواربا بيننا وأقول لك أنا بحاجة الى حسم 13% من السعر المقدم لكي تقتربوا من سعر منافسيكم
قال ولكن منافسنا لا يستطيع تنفيذ مشروع بهذا الحجم
قلت هذه قضيتهم وليست قضيتك ، عرضهم يتضمن التزاما تاما بالمواصفات العالمية وضمان للمشروع لمدة عشرين عاما. قال : اظن أن الفرق شاسع فيما بيننا ، قلت حسنا : ما رأيك أن أعطيك فرصة لتسأل الإدارة ولكن أرجو أن تعلمهم بأن عرضهم هذا ربما يكون آخر المطاف في نقاشنا؟
قال :أستطيع أن آخذ على عاتقي نسبة 4%
عمليا أنا كنت أطمح الى هذه النسبة ، فهي بالنسبة لي رقما جيدا ومع ذلك قلت له أرجو أن لا تستعجل الأرقام سيد جوليان أنت تعلم تماما أن هذه النسبة قليلة جدا. انك كنت تملك صلاحيات تنفيذ طلبي أنا جاهز الآن لتوقيع العقد المبدئي معك . قال : دعني أجري اتصالا آخر ، قلت حسنا
عاد وقال : مديرنا العام يهديك احترامه ويقول لك أنه موافق على تنفيذ المشروع بحدود الكلفة فقط وسيعطيك نسبة 6% . قلت أشكرك وأشكره
وماذا عني أنا؟
قال ماذا تقصد؟
قلت أنت تعلم أنني لست مالكا للشركة ، ومن حقي أيضا أن تكون لي عمولة كم ستعطيني؟
قال كم تريد؟
قلت 3%
قال أعطيك 2.5 بالمئة هل هذا كاف
قلت نعم
أضفها الى الحسم السابق وأتصل بالشركة لإعادة إرسال عرض سعر بحسم قدره8.5 % وسأبلغ سكرتيرتي بإعداد مسودة العقد المبدئي بعد أن نتفق على زمن التوريد .(1/219)
شعرت أن جوليان كاد يطير عن كرسيه فرحا ، هذه المرة كلمهم أمامي وعلى مسمعي وتبادل التهاني مع إدارته ، وقال لي السيد المدير العام يريد أن يتحدث إليك .
أخذت الهاتف من يده وحييت محدثي وهنأته بالعقد وتمنيت أن لا تعود زيارتي للمصنع بنتائج سلبية على العقد.
وعدني بأنني سأكون في غاية السعادة عندما أقابل الجهاز الفني والإداري وأزور جميع أقسام المصنع.
كان اتفاقنا على البرنامج الزمني للتوريد سهلا وسريعا ومناسبا جدا لي .
وقعت معه العقد الابتدائي ، وفي بداية الأسبوع التالي أوصلتني سيارة جوليان من محطة القطار قرب فوسوك الى مبنى يرفرف على سطحه
العلم البريطاني وعلم دولة الإمارات وعدد من كبار الموظفين عند مدخل المبنى يستقبلونني بكل بشاشة .
لم تكن سعادتي بنجاح المشروع حتى بعد أن انتهيت من تنفيذه ، تعادل نصف فرحتي عندما رأيت علم الإمارات فوق المبنى ورأيت " لوغو" شركتي على الشاشة الكبيرة في قاعة الاجتماعات في إدارة بيرماستور
مكتوب تحته عبارة ترحيب بي . أيقنت ساعتها أنهم سعداء بهذا العقد كما أنا أو أكثر ، وهذا ما أدى الى استمرار علاقتنا التجارية حتى الآن .
المراجع
- أسس عملية التفاوض، بناء المفاوض الفعال،عبد الكريم أحمد الخزامي، مصر، القاهرة
- علي الشهري،مشرف في التوجيه والإرشاد في المملكة السعودية،بتصرف
- فن إدارة الاختلاف- دليل المفاوض الفعل- د. جوديت فيشر- ترجمة علا احمد.
- رسالة التخاطب الإداري في هارفارد(Mark Gordon)
- فن التفاوض – سلسلة هارفارد لأساسيات الأعمال- البروفسور مايك بير – تعريب أيمن الطباع.
- http://www.ecwregypt.org/Arabic/rep/2005/eltaf.htm
- أسرار قوة التفاوض – روجر داوسون – منشورات مكتبة جرير.
- فن الإقناع – هري ميلز – منشورات مكتبة جرير
- دليل المفاوض – جورج فولر-منشورات مكتبة جرير
- http://www.tkne.net/vb/showthread.php?t=552(1/220)
- ما لم يدرس حتى الآن في جامعة هارفارد- تأليف مارك هـ ماكروماك – منشورات مكتبة جرير (بتصرف).
- www.thegulfbiz.com/archive/index.php/t-21690.html - 57k
- http://www.annajah.net/modules/news/article.php?storyid=326
- أسرار الإقناع القوي – روجر داوسون- منشورات مكتبة جرير.
- http://www.balagh.com/najah/zs1drxsp.htm
- http://www.ecwregypt.org/Arabic/rep/2005/eltafawd2.htm
- http://www.futurekeys.net/index.php?option=content&task=view&id=70&Itemid=35
http://www.geocities.com/ragdiabdellah/def.html#_ftn1_ (موقع الأستاذ عبد الله راقدي)
- http://www.ngoce.org/brtools.htm
- * إجراء الاتصالات, ساندي ماكميلان, سامي تيسير سلمان, بيت الأفكار الدولية للنشر والتوزيع.
_ما وراء العقل: المؤلفان: روجر فيشر ودانيال شابيرو- الناشر: بنجوين
- فن إدارة الاختلاف. دليل المفاوض الفعال- د. جوديث إي فيشر(1/221)