التخريج ودراسة الأسانيد
بقلم
الأستاذ الدكتور
الخشوعى الخشوعى محمد الخشوعى
أستاذ الحديث بجامعة الأزهر
وعضو هيئة علماء الجمعية
2002
مقدمة
حمدًا لمن وفقنا لحمده، وصلاة وسلامًا على سيدنا محمد وحزبه، أما بعد..
فتيسيرًا على طلبة وطالبات معاهد إعداد الدعاة التابعة للجمعية الشرعية الرئيسية وهيئة علمائها قام الأخ الفاضل الأستاذ الدكتور/الخشوعى محمد الخشوعى أستاذ الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر بالقاهرة وهو أحد أعضاء هيئة العلماء، بوضع هذه المذكرة عن التخريج وطرقه ومصادره ودراسة الأسانيد، بإيجاز يناسب هذه الفئة التى تبغى من وراء التحاقها بهذه المعاهد أن تقف على أهم ما ينبغى تحصيله من علوم الإسلام حتى يكونوا أهلاً لحمل رسالة الدعوة إلى الله على بصيرة، ملمين بمفاتيح العلوم الضرورية التى تميز الغث من السمين، وبخاصة ما يتصل بنسبة الحديث إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فإن من كذب على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عامدًا فليتبوأ مقعده من النار ومن نسب إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ما لم يقله، كان من المفترين المطرودين من رحمة الله.
ندعو الله – عز وجل – أن يجزى الإخ الفاضل بما هو أهله، وأن ينفع بما كتبه، وأن يجعله فى ميزان حسناته، إنه نعم المولى ونعم النصير.
أ. د. محمد المختار محمد المهدى
إمام أهل السنة والرئيس العام للجمعيات الشرعية
تمهيد
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
{(1/1)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } (1).
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِى تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } (2).
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } (3).
وبعد،،
__________
(1) سورة آل عمران ، آية رقم 102 ، 103 .
(2) سورة النساء ، آية رقم 1 .
(3) سورة الآحزاب ، آية رقم 70 .
هذه تسمى خطبة الحاجة .
أخرجها أبو داود ، كتاب النكاح / باب فى خطبة النكاح 2/245 عن عبد الله بن مسعود مرفوعة.
وأخرجها الترمذى ، كتاب النكاح / باب ما جاء فى خطبة النكاح ، قال أبو عيسى حديث عبد الله " حديث حسن " 3/405،404 عن عبد الله بن مسعود مرفوعة.
وأخرجها النسائى، كتاب النكاح / باب ما يستحب من الكلام عند النكاح 6/88 عن عبد الله مرفوعة.
وأخرجها ابن ماجه ، كتاب النكاح / باب خطبة النكاح 1/610،609.
وأخرجها الحاكم فى المستدرك ، كتاب النكاح / باب خطبة الحاجة 2/183،182 عن عبد الله بن مسعود.(1/2)
فهذا مبحث متواضع فى التخريج ودراسة الأسانيد، والأمر متوقف بعد توفيق الله تعالى ثم بعد دراسة هذا المكتوب على التدريب العملى.
وإن كان فى هذا البحث خير، فمرده إلى الله وحده، فهو الذى أعاننى ووفقنى وهدانى إلى الصواب: { وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ } (1).
وما كان فيها من تقصير– وهو واقع لا محالة – فهو عمل البشر الذى لا يسلم من الزلل ليبقى الكمال المطلق لكتاب الله الكريم، وأسأل الله العفو والعافية فى الدين والدنيا والآخرة، وأسأله تعالى أن يجعل هذا العمل
خالصًا لوجهه الكريم، وأن يجعله فى ميزان حسناتى يوم ألقاه، وأن ينفع به المسلمين ؛ وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
{ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِى قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } (2).
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد النبى الأمى الكريم ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
... ... ... ... ... الدكتور
... ... ... ... الخشوعى الخشوعى محمد الخشوعى
... ... ... أستاذ بقسم الحديث– كلية أصول الدين
... ... ... جامعة الأزهر الشريف – القاهرة
مصادر التخريج
تعريف التخريج اصطلاحًا:
[ الدلالة على موضع الحديث فى مصادره الأصلية مع بيان درجته ]
شرح التعريف:
هذا التعريف عبارة عن شقين:
1 – الشق الأول: معرفة موضع الحديث فى كتب السنة وغيرها.
2 – الشق الثانى: معرفة درجة الحديث.
الشق الأول:
المراد بالدلالة على موضع الحديث: ذكر المصنفات التى يوجد فيها الحديث الذى يبحث عنه كأن نقول: هذا الحديث أخرجه الإمام البخارى فى صحيحه.
مصادر الحديث:
تنقسم مصادر الحديث إلى قسمين:
1 – مصادر الحديث الأصيلة.
2 – مصادر الحديث غير الأصيلة.
أولاً: مصادر الحديث الأصيلة:
__________
(1) سورة الأعراف، آية رقم 43 .
(2) سورة الحشر، آية رقم 10.(1/3)
وتتمثل فى كل كتاب تروى فيه الأحاديث بإسناد صاحبه إلى قائلها بغض النظر عن كونه مصنف فى السنة أو غيرها، ومن ذلك:
1 – كتب السنة التى تروى فيها الأحاديث بأسانيد أصحابها إلى قائلها الأول، مثل الكتب الستة وموطأ الإمام مالك وغير ذلك.
2 – الكتب المصنفة فى العلوم الأخرى غير الحديث مثل كتب التفسير التى تروى فيها الأحاديث بأسانيد أصحاب هذه الكتب، مثل تفسير ابن جرير الطبرى، فهذا الكتاب وإن كان صنف فى التفسير إلا أن ابن جرير – رحمه الله تعالى – يروى فيه الأحاديث والآثار التى يستدل بها بإسناده هو إلى قائلها الأول.
3 – وكذلك كتب الفقه التى تروى فيها الأحاديث بأسانيد صاحب الكتاب إلى قائلها الأول، مثل كتاب الأم للإمام الشافعى – رحمه الله تعالى -.
4 – وكذلك كتب التاريخ التى تروى فيها الأحاديث بأسانيد أصحابها إلى قائلها الأول، مثل تاريخ ابن جرير الطبرى.
فهذه المصادر الأصيلة تعزى إلى الأحاديث والآثار.
ثانيًا: مصادر الحديث غير الأصيلة:
وهى الكتب التى تذكر فيها الأحاديث بدون أسانيد إلى قائلها، وإنما اعتمد أصحاب هذه الكتب على المصادر الأصيلة فأخذوا منها المتون وعزوها إلى من أخرجها من أصحاب المصادر الأصيلة، وذلك مثل:
- الكتب التى جمعت أحاديث الأحكام، مثل كتاب بلوغ المرام من أدلة الأحكام للحافظ ابن حجر.
- وكذلك الكتب التى صنفت فى الفضائل، مثل رياض الصالحين للإمام النووى، والأذكار للإمام النووى.
- وكذلك الكتب التى رُتبت الأحاديث فيها على حروف المعجم، مثل كتاب الجامع الصغير للإمام السيوطى، والفتح الكبير للإمام النبهانى.
- وكذلك الكتب التى صنفت فى الأحاديث المشتهرة على الألسنة، مثل كتاب " كشف الخفاء ومزيل الإلباس فيما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس " للإمام العجلونى.
وغير ذلك من الكتب التى تجمع فيها الأحاديث بدون أسانيد إلى أصحاب هذه الكتب.
هل يجوز التخريج من المصادر غير الأصيلة والاكتفاء بذلك ؟(1/4)
لا يجوز التخريج من المصادر غير الأصيلة والاعتماد عليها إلا إذا كان الكتاب الذى يُعزى إليه الحديث غير موجود، إما لأنه قد فقد أو لأنه غير متيسر للطالب ولا يستطيع الوصول إليه، إما لأنه مخطوط لم يطبع أو غير ذلك، أما إذا كان الكتاب الذى يُعزى إليه الحديث موجودًا متيسر الوصول إليه فينبغى الرجوع إليه.
وفائدة هذه المصادر غير الأصيلة تتمثل فى أمرين:
1 – تعريف الباحث بأن هذا الحديث الذى يبحث عنه موجود فى كتاب كذا وكذا على وجه الإجمال من غير نص على موضعه فى هذه الكتب التى يعزو إليها، فعلى الباحث أن يتتبع هذا الحديث فى مصادره الأصيلة.
2 – إذا كان الكتاب يعزو إلى مصادر مفقودة، فقد عرف الباحث بمصدر هذا الحديث.
الشق الثانى:
المراد بمعرفة درجة الحديث، أى معرفة درجة الحديث من الصحة أو الحسن أو الضعف، وذلك بدراسة إسناده ومتنه ومعرفة:
- هل توافرت فى الحديث أعلى شروط القبول، وعند ذلك يكون الحديث صحيحًا.
- أم هل توافرت فى الحديث أدنى شروط القبول وعند ذلك يكون الحديث حسنًا.
- أما إذا فقد الحديث شرطًا أو أكثر من شروط القبول عند ذلك يكون الحديث ضعيفًا، كما هو معلوم فى مصطلح الحديث.
فائدة التخريج:
للتخريج فوائد كثيرة، نذكر بعضها لنتعرف على مدى أهمية هذا العلم.
1 – معرفة من خرج الحديث من الأئمة فى مصنفاتهم، وبذلك نقف على مصدر الحديث وأماكن وجوده فى كتب السنة وغيرها.
2 – معرفة درجة الحديث من صحة أو حسن أو ضعف على الحقيقة.
وذلك لأن الباحث حين يخرج الحديث ويجمع الطرق فقد يكون الحديث مرويًا بإسناد ضعيف فى كتاب من كتب السنة، غير أنه روى من طريق آخر صحيح أو له أكثر من طريق، وإن كانت هذه الطرق ضعيفة فيرتقى الحديث من الضعيف إلى الحسن لغيره، وذلك لأن الحكم على متن الحديث إنما هو بأعلى الأسانيد، وبذلك يتقوى الحديث ويصبح صالحًا للاحتجاج به، لأن كثرة الطرق يقوى بعضها بعضًا كما هو معلوم فى علوم الحديث.(1/5)
3 – معرفة المتواتر من الآحاد، وذلك لأن الباحث حين يخرج الحديث ويجمع طرقه وأسانيده، فإنه يعرف هل الحديث متواتر أو آحاد، هل هو مشهور أو عزيز أو غريب.
4 – معرفة سبب ورود الحديث، وذلك لأن الباحث حين يخرج الحديث فإنه قد يعثر على رواية ذكر فيها سبب ورود الحديث.
ومعرفة سبب ورود الحديث من الأهمية بمكان، فإنه يعين على فهم الحديث فهمًا صحيحًا، كما أن معرفة سبب نزول الآية يعين على فهم الآية.
5 – معرفة المبهم، فقد يقع فى إسناد الحديث أو متنه شخص مبهم،
كأن يقال فى الإسناد عن " رجل "، أو يقال فى المتن جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم.
وعند تخريج الحديث قد يعثر على اسم هذا الراوى المبهم فى الإسناد، فنستطيع أن نعرف مرتبته من العدالة أو الجرح.
وقد يكون هذا الشخص المبهم فى المتن ورد فى رواية أخرى مسمى، فيستفاد من ذلك فى التراجم.
6 – تمييز المهمل، فقد يقع فى إسناد الحديث أو متنه شخص مهمل، فيقال مثلاً فى الإسناد عن " محمد "، أو يرد فى المتن جاء " محمد " مثلاًَ بدون ذكر ما يميزه عن غيره من المحمدين، وبتخريج الحديث قد نعثر على اسمه مميزًا، فيقال مثلاً عن " محمد بن فلان " أو يدكر بما يميزه فنستطيع أن نعرف مرتبته من العدالة أو الجرح، وقد يترتب على معرفته – إذا كان فى المتن – فائدة.
7 – دفع العلل عن الحديث، مثال ذلك:
أ – دفع تهمة التدليس، فقد يكون فى إسناد الحديث راو مدلس روى عمن فوقه بالعنعنة، فهذه الرواية ينظر إليها على أنها منقطعة.
وعند تخريج الحديث، قد نجد هذا الراوى المدلس صرح بالتحديث عن شيخه فى إحدى روايات هذا الحديث فتزول بذلك تهمة التدليس ويحكم للإسناد بالاتصال.(1/6)
ب – دفع تهمة الاختلاط، فقد يكون فى إسناد الحديث راو روى عمن اختلط ولم نعرف هل هذه الرواية عن هذا المختلط كانت قبل الاختلاط أم بعده، فبتخريج الحديث قد نجد فى بعض طرقه أن هذا الراوى ذكر أنه سمع هذا الحديث عن الشيخ المختلط قبل اختلاطه، كأن يقول الراوى حدثنى فلان فى سنة مائة وخمسين، ومعلوم أن فلانًا هذا اختلط فى سنة مائة وستين، فيعرف بذلك أن هذا الحديث سمعه الراوى من الشيخ قبل الاختلاط، وبذلك يكون الحديث قد سلم من الاختلاط.
8 – معرفة الإدراج(1) الواقع فى سند الحديث أو متنه، فعندما يقوم الباحث بتخريج الحديث وجمع طرقه، فإنه يستطيع عند مقارنة المرويات ببعضها أن يقف على ما وقع فى المرويات من زيادات، سواء كان ذلك فى الإسناد أو المتن، وبذلك يزول التعارض بين المرويات ويعرف الإدراج الواقع فى الإسناد أو المتن.
طرق التخريج
نستطيع حصر طرق التخريج فى خمسة طرق على النحو التالى:
1 – التخريج عن طريق معرفة الراوى الأعلى للحديث، أى الصحابى فى الحديث الموصول، أو التابعى فى الحديث المرسل.
2 – التخريج عن طريق معرفة أول لفظة من متن الحديث.
3 – التخريج عن طريق معرفة موضوع الحديث.
4 – التخريج عن طريق النظر فى حال الحديث سندًا أو متنًا.
5 – التخريج عن طريق معرفة كلمة يقل دورانها على الألسنة.
وسوف نتحدث بحول الله وقوته عن كل طريق كلامًا موجزًا يتضح به الأمر ويكشف الغموض، حتى يتيسر للطالب معرفة ذلك ويطبق ذلك تطبيقًا عمليًا إن شاء الله تعالى، فإن التخريج لا يستفيد الطالب من دراسته إلا إذا مارس ذلك ممارسة عملية، ووجد من يأخذ بيده ويصوب له الخطأ.
أولاً: التخريج عن طريق معرفة الراوى الأعلى للحديث:
__________
(1) الحديث المدرج هو : الحديث الذى أدخل فى سنده أو متنه ما ليس منه ، وهو نوع من أنواع الحديث الضعيف .(1/7)
والمراد بالراوى الأعلى هو الصحابى إذا كان الحديث موصولاً، أما إذا كان الحديث مرسلاً فراويه الأعلى هو التابعى.
متى يلجأ إلى هذه الطريقة ؟
إنما يلجأ إلى هذه الطريقة إذا كان اسم الصحابى مذكورًا فى الحديث الذى يراد تخريجه، أما إذا كان اسم الصحابى غير مذكور فى الحديث ولم يعرف أن هذا الحديث المراد تخريجه من حديث فلان، فلا يمكن استخدام هذه الطريقة بحال من الأحوال.
المصنفات التى يبحث فيها بهذه الطريقة:
يبحث بهذه الطريقة فى ثلاثة أنواع من المصنفات الحديثية وهى:
1 – المسانيد. 2 – المعاجم. 3 – كتب الأطراف.
أولاً: المسانيد:
تطلق كلمة مسند على الآتى:
1 – المصنفات التى تجمع فيها أحاديث كل صحابى على حدة، بغض النظر عن موضوع الحديث.
فترى حديثًا موضوعه الصلاة بجوار حديث موضوعه الزكاة بجوار حديث موضوعه الطلاق، إلى غير ذلك.
من المسانيد التى صنفت على هذه الطريقة، مسند الإمام أحمد ابن حنبل الشيبانى المتوفى فى سنة إحدى وأربعين ومائتين من الهجرة، وإلى مسنده تنصرف كلمة المسند عند الإطلاق.
وقد رتب الإمام أحمد مسنده على مسانيد الصحابة، فيجمع أحاديث كل صحابى على حدة، بغض النظر عن موضوعه.
غير أنه لم يرتب أسماء الصحابة داخل المسند على حروف المعجم، وإنما راعى فى ترتيبهم أمورًا أخرى، وربما جعل أحاديث بعض الصحابة فى أكثر من موضع، لذلك لا يستطيع الباحث الوصول إلى مسند الصحابى داخل المسند إلا بعد البحث والتفتيش، غير أن الشيخ الألبانى – رحمه الله تعالى – قام بعمل فهرس لأسماء الصحابة مرتبًا على حروف المعجم وأمام اسم كل صحابى رقم الجزء والصفحة التى يقع فيها مسنده، وقد طبع هذا الفهرس مع المسند فى الجزء الأول طبعة المكتب الإسلامى، وبذلك سهل الأمر وأصبح الوصول إلى مسند الصحابى سهلاً ميسورًا.
أهم عيوب هذه الطريقة:(1/8)
- إن الباحث ينفق كثيرًا من الوقت والجهد حتى يصل إلى الحديث الذى يبحث عنه، خاصة إذا كان هذا الحديث الذى يبحث عنه من رواية أحد المكثرين من الصحابة كأبى هريرة رضى الله عنه.
- وقد لا يعثر الباحث على الحديث بعد أن بذل جهدًا ووقتًا طويلاً، لأن الحديث لم يخرجه صاحب المسند.
- وقد يكون الحديث موجودًا فى مسند ذلك الصحابى ولا يعثر عليه الباحث لكثرة الإعياء والتعب الذى حدث له من طول البحث، فيمر الباحث على الحديث وهو لا يبصره.
غير أن المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوى الذى صنفه المستشرقون، قد حل هذا الإشكال وأصبح الوصول إلى أحاديث المسند بواسطة المعجم سهلاً ميسورًا، كما سترى إن شاء الله تعالى.
2 – المصنفات التى رتبت فيها الأحاديث على الأبواب الفقهية، مثل صحيح الإمام البخارى، واسمه " الجامع الصحيح المسند المتصل من أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه " ومثل مسند بقى بن مخلد الأندلسى، فقد رتبت أحاديثه على أبواب الفقه، وإنما أطلق على هذه المصنفات مسانيد وإن كانت أحاديثها لم ترتب على أسماء الصحابة، لأن أحاديث هذه الكتب مسندة إلى قائلها الأول وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثانيًا: المعاجم:
يطلق المعجم فى اصطلاح المحدثين على الآتى:
1 – الكتاب الذى رتبت فيه الأحاديث على مسانيد الصحابة، مثل المعجم الكبير للإمام أبى القاسم سليمان بن أحمد الطبرانى المتوفى سنة ستين وثلاثمائة، وإليه ينصرف اللفظ عند الإطلاق، وقد رتب الطبرانى أسماء الصحابة على حروف المعجم داخل المعجم، غير أنه أفرد مسند أبى هريرة فجعل له مصنفًا خاصًا.
2 – الكتاب الذى ترتب فيه الأحاديث على مسانيد الشيوخ، مثل المعجم الأوسط للإمام الطبرانى، فهو مرتب على أسماء شيوخ الطبرانى.
ثالثاً: كتب الأطراف:(1/9)
المراد بكتب الأطراف، هى الكتب التى اقتصر مصنفوها على ذكر طرف الحديث الذى يدل على بقيته، ثم ذكر أسانيده إما على سبيل الاستيعاب أو بالنسبة لكت مخصوصة.
ملحوظة: يلاحظ أن كتب الأطراف لا تذكر متن الحديث كاملاً، إنها لا تعطى لفظ الحديث ذاته فى الكتب التى يجمعها كتاب الأطراف، وإنما تعطى المعنى الموجود فى تلك الكتب، لذلك يجب الرجوع إلى الكتب التى أشار إليها كتاب الأطراف، فكتب الأطراف بمثابة المفتاح الذى يدل الباحث على الكتاب الذى خرج الحديث.
كما أن كتب الأطراف توقف الباحث على أسانيد الحديث، فيعرف الباحث هل الحديث متواتر أم آحاد، وإذا كان آحادًا فهل هو مشهور أو عزيز أو غريب، وهل بالإسناد انقطاع أم إعضال، أو غير ذلك.
كتاب تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف:
للإمام الحافظ أبى الحجاج جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن المزى المتوفى فى سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة من الهجرة.
جمع الحافظ المزى فى هذا الكتاب أحاديث الكتب الستة وبعض ملحقاتها، وجمع أسانيد الحديث الواحد فى مكان واحد.
الكتب الستة هى:
صحيح الإمام البخارى – صحيح الإمام مسلم – سنن الإمام أبى داود – سنن الإمام الترمذى – سنن الإمام النسائى – سنن الإمام ابن ماجه.
ملحقات الكتب الستة التى جمعها الحافظ المزى مع الكتب الستة:
1- مقدمة صحيح الإمام مسلم.
2- كتاب المراسيل للإمام أبى داود.
3- كتاب العلل الصغير للإمام الترمذى – الذى فى آخر سنن الترمذى.
4- كتاب الشمائل للترمذى.
5- كتاب عمل اليوم والليلة للإمام النسائى.
الرموز التى استخدمها الحافظ المزى فى تحفته:
( خ ) للإمام البخارى، ( خت ) للإمام البخارى إذا كان قد أخرج الحديث فى صحيحه معلقًا.
( د ) للإمام أبى داود، ( مد ) للإمام أبى داود فى مراسيله.
( ت ) للإمام الترمذى، ( تم ) للإمام الترمذى فى الشمائل.
( س ) للإمام النسائى، ( سى ) للإمام النسائى فى كتابه عمل اليوم والليلة.
((1/10)
ق ) لابن ماجه، ( ز ) لما زاده المزى من الكلام على الأحاديث.
( ك ) لما استدركه المزى على ابن عساكر.
( ع ) لما رواه الستة.
وهذه الرموز ذكرها المزى فى أول الكتاب وقد وضعت فى نهاية كل صفحتين متقابلتين.
أما الكتب التى استعملت بقلة فلا يستخدم لها رموزًا بل ذكرها بأسمائها مثل كتاب المراسيل لأبى داود والعلل الصغير للإمام الترمذى.
ترتيب الكتاب:
رتب الحافظ المزى كتابه تحفة الأشراف على الوجه الآتى:
- جمع الحافظ المزى أسماء الصحابة الذين لهم رواية فى الكتب الستة وملحقاتها ورتبهم على حروف المعجم فى اسم الراوى واسم أبيه، ورتب الصحابة على الأسماء ثم الكنى ثم المنسوبون إلى آبائهم أو أجدادهم ثم المبهمات، ورتب المبهمات على الحرف الأول فما بعده فيمن روى عنهم ثم المبهمات عن المبهمات ثم رتب النساء كذلك.
- جمع أسماء التابعين ومن بعدهم ممن لهم رواية مرسلة أو مقطوعة فى الكتب الستة وملحقاتها ورتبهم على حروف المعجم فى اسم الراوى واسم أبيه.
- جمع تحت اسم كل صحابى أو تابعى فمن بعده ما له من أحاديث فى الكتب الستة وما يجرى مجراها.
- لم يرتب الأحاديث تحت اسم الصحابى بل رتب أحاديث المكثرين من الصحابة كأبى هريرة على حسب الرواة عنه من التابعين.
- رتب الرواة من التابعين عن المكثرين من الصحابة على حسب حروف المعجم.
- جمع الحافظ المزى تحت اسم كل راو من التابعين ما رواه عن هذا الصحابى المكثر.
- إذا كان التابعى قد أكثر من الرواية عن الصحابى المكثر فإنه يرتب الرواة عن ذلك التابعى على حروف المعجم.
- ويجمع تحت اسم كل من روى عن ذلك التابعى ما رواه عن ذلك التابعى.
- إذا كان أحد أتباع التابعين قد أكثر من الرواية عن التابعى فإنه يرتب الرواة عنه على حروف المعجم.
ثانيًا: التخريج عن طريق معرفة أول لفظ من متن الحديث:
متى نلجأ إلى هذه الطريقة ؟
إنما نلجأ إلى هذه الطريقة فى التخريج إذا كنا على علم بأول كلمة من متن الحديث.(1/11)
فإذا لم نعرف أول كلمة من متن الحديث أصبح الوصول إلى الحديث غير ممكن اللهم إلا أن يفتش الباحث ويبحث فى الكتاب من أوله إلى آخره وفى ذلك ما فيه من إضاعة للوقت والجهد.
المصنفات التى يبحث فيها بهذه الطريقة:
كل كتاب رتبت أحاديثه على حروف المعجم مثل الكتب التى صنفت فى الأحاديث المشتهرة على الألسنة(1) وغير ذلك من الفهارس التى صنفت لخدمة كتب السنة.
من أمثلة الكتب المصنفة فى الأحاديث المشهورة على الألسنة(7):
1- " المقاصد الحسنة فى بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة " للإمام الحافظ محمد بن عبدالرحمن السخاوى المتوفى فى سنة 902هـ.
- عدد أحاديث هذا الكتاب ستة وخمسون وثلثمائة وألف حديث.
- رتب السخاوى أحاديث هذا الكتاب على حروف المعجم فسهل على الباحث الوصول إلى الحديث الذى يبحث عنه بسهولة ويسر بشرط أن يكون الباحث يعرف أول كلمة من الحديث أما إذا كان الباحث لا يعرف أول كلمة فى الحديث فلن يصل الباحث إلى الحديث إلا بمشقة وعناء فلابد من أن يتصفح الكتاب.
- بعد أن يذكر السخاوى الحديث يذكر من أخرجه من أصحاب المصنفات إن كان له أصل ويبين درجته من الصحة أو الحسن أو الضعف وما قاله العلماء فى الحكم على الحديث بشكل يشفى الغليل.
- إن لم يكن للحديث أصل أى ليس فى كتاب من كتب السنة نص على ذلك وقال: " لا أصل له " وإن خشى أن يكون له أصل توقف وقال لا أعرفه.
__________
(1) المراد بالأحاديث المشتهرة على ألسنة الناس: ما يدور على ألسنة الناس ويتناقلونه فيما بينهم على أنه من الأقوال المنسوبة إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - ؛ وقد يكون بعض هذه الأحاديث صحيحًا أو حسنًا أو ضعيفًا أو موضوعًا لا أصل له، بل بعضها متواتر، فالمراد بالشهرة هنا: الشهرة اللغوية وليست الاصطلاحية المعروفة.(1/12)
2- " تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث " للعلامة عبدالرحمن بن على بن الدبيع الشيبانى المتوفى فى سنة 944هـ وهو تلميذ الإمام السخاوى.
عمل الشيبانى فى كتابه التمييز:
أ – جعل الشيبانى كتاب المقاصد الحسنة أصلا لكتابه فلم يحذف أحاديث من كتاب المقاصد الحسنة بل زاد عليها أحاديث يسيرة ميزها بقوله فى أول الحديث " قلت " وفى آخرها " والله أعلم " ووضع كل حديث فى وضعه اللائق به وأبقى ترتيب الكتاب على الأصل.
ب – اختصر الشيبانى الكلام الذى ذكره السخاوى عقب أحاديث المقاصد الحسنة، فذكر عقب كل حديث من أخرجه ومرتبته ولم يذكر تفصيل الكلام عن رجاله أو بيان سبب ضعف الحديث أو تركه والغاية من هذا الاختصار تقريب الكتاب إلى الطلاب وهو مختصر جيد فى بابه غير أن المشتغلين بالحديث لا يكتفون به عن الأصل.
3- " كشف الخفاء ومزيل الألباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس "، للعلامة إسماعيل بن محمد العجلونى المتوفى فى سنة 1162هـ.
عدد أحاديث الكتاب 3254، وهو أجمع كتاب فى بابه.
عمل العجلونى فى كشف الخفاء:
- جعل العجلونى كتاب المقاصد الحسنة أصلا لكتابه كشف الخفاء فلم يحذف من أحاديث المقاصد الحسنة شيئا بل زاد عليها كما هو واضح فى الفرق بين عدد أحاديث الكتابين.
- اختصر العجلونى الكلام الذى ذكره السخاوى عقب أحاديث المقاصد الحسنة فاقتصر على ذكر من أخرج الحديث ودرجته أو يذكر أقوال العلماء فى الحكم على الحديث.
- إذا لم يكن للحديث أصل بينه، وإذا لم يكن بحديث بين ذلك بقوله: " ليس بحديث " وربما قال إنه من الحكم المأثورة أو من كلام أحد الصحابة أو من كلام أحد العلماء.
ومن المصنفات التى يبحث فيها بطريقة أول لفظ من متن الحديث أيضا:
1- الجامع الصغير من حديث البشير النذير للحافظ جلال الدين عبدالرحمن بن أبى بكر السيوطى المتوفى فى سنة 911هـ.(1/13)
- رتب الحافظ السيوطى أحاديث الجامع الصغير على حروف المعجم مراعيا أول الحديث فما بعده وبذلك يسهل على الباحث الوصول إلى الحديث بسرعة فائقة إذا كان حافظا لأول كلمة من الحديث.
- يورد السيوطى الحديث مجردا من إسناده غير أنه يذكر الصحابى الذى رواه فى نهاية الحديث ويذكر من أخرج الحديث من أصحاب المصنفات ثم يذكر درجته من الصحة أو الحسن أو الضعف رامزاً إليها كما هو واضح فى الكتاب.
2- الفتح الكبير فى ضم الزيادة إلى الجامع الصغير للعلامة الشيخ يوسف بن إسماعيل النبهانى.
- بعد أن صنف الحافظ السيوطى كتابه الجامع الصغير قام بجمع أربعة آلاف وأربعمائة وأربعين حديثا ورتبهم على حروف المعجم مثل ترتيب الجامع الصغير وسمى هذا المؤلف " زيادة الجامع " وظل الجامع الصغير على حدة والزيادة على حدة إلى أن جاء الشيخ النبهانى فقام بضم الزيادة إلى الجامع الصغير ومزج الكتابين ببعضهما ووضع كل حديث فى موضعه اللائق به من الترتيب على حروف المعجم بحيث لا يستطيع القاريء أن يميز بين أحاديث الكتابين.
- غير أنه وللأمانة العلمية وضع أمام أحاديث الزيادة حرف (الزاي) إشارة إلى أن هذا الحديث من ( زيادة الجامع).
ثالثاً: التخريج عن طريق معرفة موضوع الحديث:
يتوقف التخريج بهذه الطريقة على معرفة موضوع الحديث فإذا وفق الباحث لتحديد موضوع الحديث أمكنه الوصول إليه فى الكتب المصنفة على هذه الطريقة بشرط أن يتفق تحديد الباحث لموضوع الحديث مع مؤلف الكتاب الذى يبحث فيه.
وقد يتعدد موضوع الحديث بمعنى أن يشتمل الحديث على أكثر من موضوع فعلى الباحث الرجوع إلى كل موضوعاته حتى يتمكن من الوقوف على أماكن وجود الحديث على وجه الاستيعاب.
قد يكون موضوع الحديث غير ظاهر فيحتاج الباحث إلى إمعان النظر ليحدد موضوع الحديث.
قد لا يوفق الباحث فى تحديد موضوع الحديث وعند ذلك يكون الوصول إلى الحديث عسرا.
المصنفات التى يبحث فيها بهذه الطريقة:(1/14)
كل كتاب رتبت أحاديثه على الأبواب والموضوعات، مثل: موطأ الإمام مالك، وصحيح الإمام البخارى، وصحيح الإمام مسلم، وسنن الإمام أبى داود، وسنن الإمام الترمذى، وسنن الإمام النسائى، وسنن الإمام ابن ماجه، وسنن الإمام الدارمى، وصحيح الإمام ابن خزيمة، وصحيح الإمام ابن حبان، ومستدرك الحاكم، وسنن الإمام البيهقى، وغير ذلك من المصنفات والمستخرجات على كتب السنة.
وكذلك الكتب التى جمع مصنفوها بين أحاديث عدة كتب من كتب السنة ورتبوها على الأبواب، مثل: الجمع بين الصحيحين للحميدى، وجامع الأصول من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم لابن الأثير وهو كتاب يجمع بين أحاديث الكتب الستة إلا أنه جعل سادس الخمسة موطأ الإمام مالك.
وكذلك الكتب المشتملة على الأحاديث المتعلقة بموضوع واحد، مثل: جزء رفع اليدين فى الصلاة للإمام البخارى، وكذلك جزء القراءة خلف الإمام للبخارى.
وكذلك كتب الترغيب والترهيب، مثل: الترغيب والترهيب للإمام المنذرى.
وكذلك الكتب المصنفة فى الزهد والفضائل والآداب والإخلاص، مثل: كتاب الزهد للإمام أحمد بن حنبل، وكتاب الزهد للإمام عبدالله بن المبارك، وكتاب رياض الصالحين للإمام النووى، وكتاب الأذكار للإمام النووى.
وكذلك الكتب المصنفة فى الأحكام، مثل: كتاب بلوغ المرام من أدلة الأحكام للإمام ابن حجر العسقلانى.
وكذلك الكتب المصنفة فى موضوعات خاصة، مثل: كتاب الأسماء والصفات لأبى بكر أحمد البيهقى، وكتاب الجهاد للإمام عبدالله بن المبارك المروزى.
وكذلك الكتب المصنفة فى علوم أخرى غير الحديث، مثل: كتب التفسير.
والكتب المصنفة فى التفسير تنقسم إلى قسمين:
أ - كتب تروى فيها الأحاديث بأسانيد صاحب الكتاب، مثل: تفسير ابن جرير الطبرى.
ب- كتب تورد الأحاديث مجردة عن الإسناد ثم تذكر من أخرجها من أصحاب كتب السنة، مثل: الدر المنثور فى التفسير بالمأثور للإمام السيوطى.(1/15)
فإن هذه الكتب يورد أصحابها الأحاديث المرفوعة والموقوفة والمقطوعة عند تفسير الآيات القرآنية.
أما عن المفاتيح التى تستخدم لمعرفة من أخرج الحديث عن طريق معرفة موضوع الحديث فسنذكر بعضها:
1 - كنز العمال فى سنن الأقوال والأفعال للعلامة الشيخ على بن حسام الدين الشهير بالمتقى الهندى.
2 - منتخب كنز العمال للمتقى الهندى وهو اختصار لكنز العمال السابق.
3 - المغنى عن حمل الأسفار فى الأسفار فى تخريج ما فى الإحياء من الأخبار للحافظ العراقى.
وفى هذا الكتاب قام الحافظ العراقى بتخريج أحاديث احياء علوم الدين للإمام الغزالى حيث إن الغزالى لم يعز هذه الأحاديث إلى من أخرجها من أصحاب المصنفات ولم يذكر درجة الحديث فقام الحافظ العراقى بهذا المجهود خير قيام فخرج الأحاديث وحكم عليها غير أن الحافظ العراقى اقتصر على تخريج المرفوع فقط وترك الآثار الموقوفة على الصحابة وكذا المضافة إلى من بعدهم.
4 - نصب الراية لتخريج أحاديث الهداية لجمال الدين الزيلعي، قام الزيلعى بتخريج أحاديث كتاب الهداية للإمام برهان الدين أبوالحسن الفرغانى المرغينانى وهو كتاب فى الفقه الحنفى.
قام الزيلعى بتخريج هذه الأحاديث وبيان درجاتها ثم ذكر أدلة الخصوم فلم يقتصر على أدلة المذهب الحنفي، وأحاديث الكتاب مرتبة على الأبواب الفقهية ولسنا بصدد الكلام عن الكتاب على وجه التفصيل.
5 - الدراية فى تخريج أحاديث الهداية للحافظ ابن حجر العسقلانى قام الحافظ ابن حجر بتلخيص " كتاب نصب الراية " فاختصره اختصاراً فلم يخل بمقاصد الأصل وحذف ما يستغنى عنه.
6 - التلخيص الحبير فى تخريج أحاديث الرافعى الكبير للإمام الحافظ ابن حجر العسقلانى.(1/16)
صنف الإمام الغزالى كتابه الوجيز فى فقه الشافعية فقام الإمام أبوالقاسم عبدالكريم بن محمد الرافعى الشافعى بشرح هذا الكتاب فى شرحين أحدهما صغير والآخر كبير وسماه " فتح العزيز على كتاب الوجيز " وقد اهتم عدد من علماء الحديث بهذا الكتاب فقاموا بتخريج أحاديثه منهم الحافظ ابن حجر فى كتابه التلخيص الحبير ولسنا بصدد الحديث عنه.
رابعاً: التخريج عن طريق النظر فى حال الحديث سنداً ومتناً:
وإنما يلجأ إلى هذه الطريقة عندما نمعن النظر فى سند الحديث ومتنه فإذا كان فى السند أو المتن ما يجعله متميزاً بحثنا فى الكتب الخاصة بما يتميز به الحديث.
فإذا كان الحديث قدسيا بحثنا فى الكتب المصنفة فى الأحاديث القدسية مثل:
- الاتحافات السنية فى الأحاديث القدسية للعلامة الشيخ محمد بن محمود الشهير بالمدنى المتوفى فى سنة 1200هـ.
عدد أحاديث هذا الكتاب 864 حديثًا.
- الأحاديث القدسية تأليف لجنة القرآن الكريم والحديث الشريف بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية عدد أحاديثه أربعمائة حديث وغير ذلك من المصنفات.
وإذا ظهرت على المتن علامات الوضع بحث عن الحديث فى كتب الموضوعات.
والكتب المصنفة فى الأحاديث الموضوعة كثيرة منها:
1- الموضوعات للإمام أبى الفرج عبدالرحمن بن الجوزى المتوفى فى سنة 597هـ.
قسم ابن الجوزى كتابه إلى كتب وقسم كل كتاب إلى أبواب ولسنا بصدد الحديث عن كتاب ابن الجوزى.
2- اللالئ المصنوعة فى الأحاديث الموضوعة للإمام جلال الدين عبدالرحمن السيوطى المتوفى فى سنة 911هـ.
3- تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة للإمام أبى الحسن على بن محمد بن عراق.
إلى غير ذلك من الكتب المصنفة فى الأحاديث الموضوعة، وهى كثيرة:
- إذا كان الحديث مرسلا فيستعان بكتب المراسيل التى جمعت المراسيل، مثل: كتاب المراسيل لأبى داود وهو مرتب على الأبواب، وكتاب المراسيل لابن أبى حاتم الرازى.(1/17)
- إذا كان فى الإسناد راو ضعيف فيبحث عن الحديث فى الكتب المصنفة فى الضعفاء والمتكلم فيهم، مثل: الكامل فى ضعفاء الرجال لابن عدى.
خامسًا: التخريج عن طريق معرفة كلمة يقل دورانها على الألسنة من متن الحديث:
ويستخدم لهذه الطريقة:
- " المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوى ".
صنف هذا المعجم جماعة من المستشرقين لخدمتهم فى أبحاثهم فهو فى الحقيقة يوفر الوقت والجهد ويضع يد الباحث على أماكن وجود الحديث فى هذه الأمهات التسع بسهولة ويسر.
الكتب التى يتعامل معها المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوى:
يتعامل هذا المعجم مع تسعة كتب من أمهات كتب السنة المطهرة، وهى:
1 - صحيح الإمام البخارى.
2 - صحيح الإمام مسلم.
3 - سنن الإمام أبى داود.
4 - سنن الإمام الترمذى.
5 - سنن الإمام النسائى.
6 - سنن الإمام ابن ماجه.
7 - سنن الإمام الدارمى.
8 - موطأ الإمام مالك بن أنس.
9 - مسند الإمام أحمد بن حنبل.
الرموز المستخدمة فى المعجم:
لقد استخدم مصنفو المعجم رموزا لهذه الكتب التى يتعامل معها المعجم المفهرس من باب الاختصار وهذه الرموز التى استخدمها المعجم وما تدل عليه مسجلة فى أسفل كل صفحتين متقابلتين من صفحات المعجم وقد رمز المعجم لهذه الكتب بالرموز الآتية:
1 - صحيح الإمام البخارى ( خَ ) ويذكر اسم الكتاب ورقم الباب.
2 - صحيح الإمام مسلم ( مَ ) ويذكر اسم الكتاب ورقم الحديث فى هذا الكتاب.
3 - سنن الإمام أبى داود ( دَ ) ويذكر اسم الكتاب ورقم الباب.
4 - سنن الإمام الترمذى ( تَّ ) ويذكر اسم الكتاب ورقم الباب.
5 - سنن الإمام النسائى ( نَ ) ويذكر اسم الكتاب ورقم الباب.
6 - سنن الإمام ابن ماجه ( جَه ) ويذكر اسم الكتاب ورقم الباب.
7 - موطأ الإمام مالك ( طَ ) ويذكر اسم الكتاب ورقم الحديث فى هذا الكتاب.
8 - مسند الإمام أحمد ( حَم ) ويذكر رقم الجزء والصفحة.
9 - سنن الإمام الدارمى ( دَى ) ويذكر اسم الكتاب ورقم الباب.(1/18)
يلاحظ أن هذه الرموز التى سار عليها مصنفو المعجم فى المعجم من أوله إلى آخره إلا فى الثلاث وعشرين صفحة الأولى فإنه استخدم رمز (حل ) لمسند الإمام أحمد بن حنبل، ورمز ( ق ) لسنن الإمام ابن ماجه.
وعلى كل حال فإن هذه الرموز المستخدمة فى المعجم وما تدل عليه مسجلة فى أسفل كل صفحتين متقابلتين من صفحات المعجم فلا يضير المعجم أن يستخدم ما شاء من الرموز مادام أنه ذكر ما يدل على كل رمز فى أسفل صفحات المعجم.
تقسيم هذه الكتب:
قسم المعجم هذه الكتب إلى ثلاث مجموعات:
المجموعة ( أ ):
وهى عبارة عن ست كتب وهى:
1 - صحيح الإمام البخارى.
2 - سنن الإمام أبى داود.
3 - سنن الإمام الترمذى.
4 - سنن الإمام النسائى.
5 - سنن الإمام ابن ماجه.
6 - سنن الإمام الدارمى.
بخصوص هذه المجموعة فإن المعجم يذكر اسم الكتاب ورقم الباب إذا تكرر الحديث فى كتاب من هذه الكتب فإن مصنفو المعجم يذكرون أسماء الأبواب التى تكرر فيها الحديث عقب رمز الكتاب لذلك يظل العزو إلى الكتاب صاحب الرمز مالم يأت رمز آخر.
المجموعة ( ب ):
وهى عبارة عن كتابين فقط:
1 - موطأ الإمام مالك.
2 - صحيح الإمام مسلم.
بخصوص هذه المجموعة فإن المعجم يذكر اسم الكتاب ورقم الحديث إذا تكرر الحديث فى كتاب من هاتين الكتابين فإن مصنفى المعجم يضعون نجمتين فوق رقم الحديث.
المجموعة ( جـ )
وهى عبارة عن كتاب واحد وهو: مسند الإمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيبانى.
بخصوص مسند الإمام أحمد فإن المعجم يذكر رقم الجزء ورقم الصفحة، ويكتب رقم الجزء بخط كبير متميز، ورقم الصفحة بخط دون ذلك.
تكرير الحديث فى مسند الإمام أحمد: من المعلوم أن الإمام أحمد رحمه الله تعالى خرج فى مسنده أربعين ألف حديث منها عشرة آلاف حديث قد تكررت فماذا يفعل المعجم فى هذه الأحاديث التى تكررت ؟
1 - إذا تكرر الحديث فى نفس الصفحة فإن مصنفى المعجم يضعون نجمتين فوق رقم الصفحة.(1/19)
2 - إذا تكرر الحديث فى الجزء فإنهم يكتبون رقم الجزء بخط كبير متميز ويكتبون أرقام الصفحات بخط صغير دون خط الجزء لذلك يظل العز إلى الجزء المذكور ما لم يكتب الرقم بخط كبير.
3 - إذا تكرر الحديث فى المسند فإن مصنفى المعجم يكتبون أرقام
الأجزاء والصفحات التى ورد فيها الحديث مميزين رقم الجزء عن رقم الصفحة كما سبق.
طريقة التخريج بواسطة المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوى:
إن التخريج بواسطة المعجم المفهرس هى أسهل طريقة للتخريج فهى لا تتوقف على معرفة الراوى الأعلى للحديث أو على معرفة أول لفظة من متن الحديث ولا على معرفة موضوع الحديث ولا عن طريق النظر فى حال السند والمتن ولكن إذا أراد الباحث أن يخرج حديثًا فعليه أن يتخير كلمة أو أكثر من متن الحديث يقل دورانها على الألسنة ثم يجرد الكلمة فيردها إلى أصلها فيأتى منها بالفعل الماضى ثم يبحث عنها فى المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوى.
وقد رتب مصنفو المعجم مواد الكلمة فى المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوى حسب ترتيب المعاجم اللغوية بشكل عام ولكن ليس للأحرف ولا لأسماء الأعلام ولا للأفعال التى يكثر ورودها فى الكلام ذكر فى المعجم كجاء وقال وغير ذلك.
ترتيب مواد الكلمة فى المعجم المفهرس لألفاظ الحديث:
معرفة نظام ترتيب المواد فى المعجم ضرورة لكل باحث وقد طبع ذلك فى أول الجزء السابع من المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوى وسأقوم بنقلها بتمامها ليكون الباحث على بينة من الأمر ويعرف كيف رتبت مواد الكلمة وهذا نص ما جاء فى الجزء السابع من المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوى، قال مصنفو المعجم:
نظام ترتيب المواد فى المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي:
أ - الأفعال:
... الماضى، المضارع، الأمر ؛ اسم الفاعل، اسم المفعول.
وتذكر الصيغ التالية لكل ضمير:
1 - صيغ الأفعال المبنية للمعلوم دون لواحق.
2 - صيغ الأفعال المبنية للمعلوم مع اللواحق.(1/20)
3 - صيغ الأفعال المبنية للمجهول ( دون لواحق، ثم مع اللواحق ).
( يُذكر المجرد أولاً ثم بعد ذلك المزيد، بالترتيب المتداول عند الصرفيين ).
ب - أسماء المعانى:
1 - الاسم المرفوع المنون.
2 - الاسم المرفوع دون تنوين ( ودون لواحق ).
3 - الاسم المرفوع مع لاحقه.
4 - الاسم المجرور بالإضافة منوناً.
5 - الاسم المجرور بالإضافة دون تنوين ( ودون لواحق ).
6 - الاسم المجرور بالإضافة مع لاحقه.
7 - الاسم المجرور بحرف الجر.
8 - الاسم المنصوب المنون.
9 - الاسم المنصوب دون تنوين ( ودون لواحق ).
10- الاسم المنصوب مع لاحقه.
( ثم يذكر المثنى كذلك، ثم الجمع كذلك ).
ج - المشتقات:
1 - ( المشتقات ) دون إضافة الحروف الساكنة.
2 - ( المشتقات ) بإضافة الحروف الساكنة.
ملاحظة: التطابق الحرفى يكون بين النص وبين المرجع المشار إليه أولاً، والنجم المزدوج ( ** ) يدل على تكرر اللفظ فى الحديث المنقول أو فى الباب أو فى الصفحة.
دليل المراجعة:
مثال واحد مأخوذ عن كل كتاب من الكتب التسعة.
ت أدب 15 = الباب الخامس عشر من كتاب الأدب فى صحيح الترمذى.
جه تجارات 31 = الباب الحادى والثلاثون من كتاب التجارات فى سنن ابن ماجه.
حم 4، 175 = صفحة 175 من الجزء الرابع لمسند ابن حنبل.
خ شركة 3، 16 = الباب الثالث والسادس عشر من كتاب الشركة فى صحيح البخارى.
د طهارة 72 = الباب الثانى والسبعون من كتاب الطهارة فى سنن أبى داود.
دى صلاة 79 = الباب التاسع والسبعون من كتاب الصلاة فى مسند الدرامى.
ط صفة النبى 3 = الحديث رقم 3 من صفة النبى فى موطأ مالك.
م فضائل الصحابة 165 = الحديث رقم 165 من كتاب فضائل الصحابة فى صحيح مسلم.
ن صيام 78 = الباب الثامن والسبعون من كتاب الصيام فى سنن النسائى.
وقد ذكر فى أول المجلد السابع بعض التنبيهات والاصطلاحات وإليك نصها:(1/21)
أولاً: أوردنا الفعل ثم الاسم لكل مادة بمراعاة الترتيب حسب تسلسل الاشتقاق وتنوع المعنى طبقاً لما هو مقرر فى علمى الصرف والنحو.
ثانياً: أوردنا الحديث واتبعناه بالمكان الذى يوجد فيه لفظه، والأماكن الأخرى باعتبار المعنى فقط.
- قد يوجد تفاوت بين أرقام الأبواب والأحاديث المضبوطة فى هذا الكتاب وبين الترتيب الموجود فى بعض النصوص المطبوعة.
- لم يؤخذ من الموطأ سوى الحديث وحده، دون ما ذهب إليه مالك وغيره من أهل الأثر والفقه.
- لم يؤخذ من صحيح مسلم ما كان إسناداً فقط. أهـ
ملحوظة: ينبغى أن يعلم الباحث أن المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوى ليس كتابا يعتمد عليه فى تخريج الحديث فلا يصح أن ينقل منه الحديث أو طرفه ثم ينسب الحديث إلى كتب السنة التى أشار إليها المعجم فالمعجم ما هو إلا مفتاح يضع يد الباحث على أماكن وجود الحديث فى كتب السنة التى يتعامل معها وعلى الباحث الرجوع إلى كتب السنة التى أشار إليها المعجم وينظر هل حديثه الذى يبحث عنه موجود فى هذه الكتب التى أشار إليها المعجم أم لا فقد يكون هذا الطرف الذى ذكره المعجم وأشار إلى أماكن وجوده فى كتب السنة ليس هو حديثه الذى يبحث عنه.
وعليه أن ينظر أيضا العلاقة بين حديثه الذى يبحث عنه وحديث صحيح الإمام البخارى مثلا إن كان الحديث قد أخرجه الإمام البخارى هل أخرج الإمام البخارى الحديث المبحوث عنه بلفظه أم بمعناه وهل أخرجه كاملا أم أخرج جزءاً منه أى أخرج أصل الحديث ولم يخرج
الحديث كاملاً فإن ضبط الفروق بين الروايات أمر من الأهمية بمكان عظيم فبه يعرف الشاذ المردود من الحديث، وما يقع فى المرويات من إدراج أو قلب أو تصحيف إلى غير ذلك من علل المتن.
فقد يكون أصل الحديث ثابتا صحيحا ولكن زيد فى بعض رواياته ما يجعل هذه الرواية شاذة مردودة.(1/22)
وقد يحكم على الحديث بالشذوذ لوجود لفظة فى هذه الرواية تخالف أصل الحديث المروى بدون هذه الزيادة ولا يعرف ذلك إلا إذا جمعت روايات الحديث ونظر فى أسانيدها ومتونها.
ملحوظة: يعزف بعض الناس عن الاستعانة بالمعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوى لأنه من تصنيف المستشرقين الذين يكيدون للإسلام والمسلمين ومن الممكن أن يكونوا قد ادخلوا فيه ما ليس من السنة المطهرة ونسبوا هذه الأحاديث إلى كتب السنة المطهرة.
وسبق أن ذكرنا أن المستشرقين لم يصنفوا هذا المعجم لخدمة الإسلام والمسلمين فهم بالفعل يكيدون ويمكرون بالليل والنهار من أجل إضلال المسلمين وإخراجهم من دينهم وإنما صنفوا هذا المعجم من أجل خدمة أبحاثهم فهو يوفر الوقت والجهد وهذا أمر يعرفه كل من يتعامل مع المعجم وهؤلاء لن يضللوا أنفسهم.
كما قد علمت أن المعجم ليس كتابا يعتمد عليه فى التخريج بمعنى أن ننقل منه الحديث ثم نقول أخرجه الإمام البخارى أو غيره كما يشير المعجم عقب الفقرات التى يذكرها.
وإنما هو كما ذكرنا مفتاح يضع يد الباحث على أماكن وجود الحديث فى كتب السنة وعلى الباحث أن يراجع هذه الكتب ليعرف هل خرج من نسب إليهم المعجم الحديث الذى يبحث عنه أم لا ؟
معرفة الثقات والضعفاء من الرواة(1)
فائدة معرفة الثقات والضعفاء من الرواة: يتوقف على معرفة ذلك معرفة صحيح الحديث من ضعيفه، وما يصلح للاحتجاج به وما لا يصلح، لأنه يشترط فى الحديث الذى يحتج به أن يكون كل راو فى إسناده عدلاً فى دينه ضابطًا لحفظه مع باقى الشروط الأخرى.
__________
(1) الراوى هو من يروى الحديث بإسناده سواء كان عنده علم به أو ليس له إلا مجرد الرواية.(1/23)
كيف يعرف أن الراوى ثقة ؟(1)
يعرف أن الراوى ثقة بطريق من الطرق الآتية:
( أ ) التوثيق القولى أو النظرى، ويكون بالآتى:
1 – الاستفاضة والشهرة: فمن اشتهرت عدالته بين أهل العلم من أهل الحديث وغيرهم وكثر ثناء الناس عليه بالثقة والأمانة استغنى بذلك فى إثبات عدالته، كالإمام مالك بن أنس، والإمام الشافعى، والإمام أحمد بن حنبل، والإمام البخارى – رحمهم الله تعالى – فلا يسأل عن عدالة هؤلاء.
2 – التنصيص: وذلك بأن ينص إمام من أئمة الجرح والتعديل أو أكثر على أن فلانًا من الناس ثقة.
3 – أن يذكر الراوى فى كتاب من الكتب التى صنفت فى الثقات خاصة: ككتاب الثقات لابن حبان، فكل من يذكر فى كتاب من الكتب التى صنفت فى الثقات خاصة، يكون ثقة، ولو من وجهة نظر صاحب هذا الكتاب.
(ب) التوثيق العملى، ويكون كالآتى:
1 – أن يخرّج للراوى من اشترط ألا يخرّج إلا الصحيح من الحديث، كالإمامين الجليلين: البخارى ومسلم، خاصة إذا خرّجا أو أحدهما للراوى فى الأصول.
2 – أن يحكم إمام من أئمة الحديث على حديث بالصحة، فيكون هذا توثيقًا عمليًا لكل راو من رواة إسناد هذا الحديث، فإن الفرق بين أن يقول الإمام: فلان ثقة وبين أن يحكم على حديثه بالصحة، أنه يلزم من كون الحديث صحيحًا أن يكون كل راو من رواة إسناده ثقة.
المصنفات فى الثقات من الرواة
__________
(1) المراد بالراوى الثقة: أن يكون عدلاً فى دينه تام الضبط لحفظه وحديث من يقال فيه ثقة ( صحيح )، هذا هو المراد بكلمة ثقة عند الإطلاق، ولكن المراد بالثقات هنا ما هو أعم من ذلك، فيدخل فى ذلك أصحاب المراتب الثلاث الأولى من مراتب التعديل أى ما قيل فيه ( أوثق الناس )، أو ( ثقة ثقة )، أو ( ثقة ) فقط، أو ما رادف هذه الألفاظ.(1/24)
خص بعض العلماء الثقات من الرواة بالتصنيف، فجعلوا لهم كتبًا خاصة بهم لا يذكرون فيها إلا الثقات من الرواة، فكل من يذكر فى هذه المصنفات فهو ثقة ولو من وجهة نظر مصنفه، بغض النظر عن كونه ثقة أم لا.
من هذه المصنفات التى صنفت فى الثقات خاصة:
1 – " معرفة الثقات " للعجلى، أبى الحسن أحمد بن عبد الله بن صالح العجلى، المتوفى سنة إحدى وستين ومائتين (261هـ).
2 – " الثقات " لابن حبان، أبى حاتم محمد بن حبان بن أحمد البستى المتوفى سنة أربع وخمسين وثلاثمائة (354هـ).
قال السخاوى عن ثقات ابن حبان وهو أحفلها لكنه يدرج فيهم من زالت جهالة عينه بل ومن لم يرو عنه إلا واحد ولم يظهر فيه جرح وهو مجهول العين، وهذا غير كاف للتوثيق عند الجمهور، وربما يذكر فيهم من أدخله فى الضعفاء إما سهوًا، أو غير ذلك(1).
3 – " تاريخ أسماء الثقات ممن نقل عنهم العلم " لابن شاهين، أبى حفص عمر بن أحمد بن عثمان، المعروف بابن شاهين، المتوفى سنة خمس وثمانين وثلاثمائة (385هـ).
4 – " معرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد " للإمام الحافظ، أبى عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبى، المتوفى سنة ثمان وأربعين وسبعمائة (748هـ).
قال الحافظ الذهبى – رحمه الله تعالى – فى مقدمة كتابه " معرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد ": أما بعد، فهذا فصل نافع فى معرفة الثقات الرواة الذين تكلم فيهم بعض الأئمة بما لا يوجب رد أخبارهم وفيهم بعض اللين وغيرهم أتقن منهم وأحفظ، فهؤلاء حديثهم إن لم يكن فى أعلى مراتب الصحيح فلا ينزل عن رتبة الحسن، اللهم إلا أن يكون للرجل منهم أحاديث تستنكر عليه وهى التى تكلم فيه من أجلها فينبغى التوقف والله ولى التوفيق للحق بمنه(2).
كيف يعرف أن الراوى ضعيف ؟
يعرف أن الراوى ضعيف بطريق من الطرق الآتية:
__________
(1) فتح المغيث للسخاوى 1/42، 4/353.
(2) معرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد ص51.(1/25)
1 – أن ينص إمام من أئمة الحديث على ضعف الراوى.
2 – أن يترجم للراوى فى كتاب من الكتب التى صنفت فى الضعفاء خاصة.
3 – أن يحكم إمام من أئمة الحديث على حديث بالضعف، ويبين أن سبب ضعف الحديث هو فلان، فيعلم بذلك أن الراوى ضعيف.
المصنفات فى الضعفاء من الرواة
وكما خص بعض الأئمة الثقات من الرواة بالتصنيف أو التأليف، فلقد خص بعض الأئمة الضعفاء من الرواة أيضًا بالتصنيف، فجعلوا لهم كتبًا خاصة بهم، وكل من يذكر فى هذه المصنفات فهو ضعيف ولو من وجهة نظر صاحب هذا الكتاب، بغض النظر عن كونه ضعيفًا أو لا.
من هذه المصنفات التى صنفت فى الضعفاء خاصة:
1 – " الضعفاء الصغير " للإمام البخارى، أبى عبد الله محمد بن إسماعيل ابن إبراهيم البخارى، المتوفى سنة ست وخمسين ومائتين (256هـ).
2 – " أحوال الرجال "، لأبى إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجرميانى، المتوفى سنة تسع وخمسين ومائتين (259هـ).
3 – " الضعفاء " للإمام أبى زرعة الرازى، عبد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ أبو زرعة الرازى، المتوفى سنة أربع وستين ومائتين (264هـ).
قال الذهبى: يعجبنى كثيرًا كلام أبى زرعة فى الجرح والتعديل، يبين عليه الورع والخبرة، بخلاف رقيقة أبى حاتم فإنه جراح(1).
4 – " الضعفاء والمتروكون " للنسائى، أبى عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائى، المتوفى سنة ثلاث وثلاثمائة (303هـ).
5 – " الضعفاء الكبير " للعقيلى، أبى جعفر محمد بن عمرو بن موسى العقيلى، المتوفى سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة (322هـ).
6 – " كتاب المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين " لابن حبان أبى حاتم محمد بن حبان بن أحمد البستى، المتوفى سنة أربع وخمسين وثلاثمائة (354هـ).
7 – " الكامل فى ضعفاء الرجال " لابن عدى، أبى أحمد عبد الله بن عدى الجرجانى، المتوفى سنة خمس وستين وثلاثمائة (365هـ).
__________
(1) سير أعلام النبلاء 13/81 ترجمة أبى زرعة الرازى.(1/26)
قال الحافظ السخاوى عن " الكامل لابن عدى ": وهو أكمل الكتب المصنفة قبله وأجلها، ولكنه توسع لذكر كل من تكلم فيه وإن كان ثقة.
وذيل عليه أبو الفضل بن طاهر فى تكملة الكامل(1).
8 – " الضعفاء والمتروكون " للدارقطنى، أبى الحسن على بن عمر بن أحمد الدارقطنى، المتوفى سنة خمس وثمانين وثلاثمائة (385هـ).
9 – " تاريخ أسماء الضعفاء والكذابين " لابن شاهين، أبو حفص.
عمر بن أحمد بن شاهين، المتوفى سنة خمس وثمانين وثلاثمائة (385هـ).
10 – " الضعفاء والمتروكون " لابن الجوزى، أبى الفرج عبد الرحمن ابن على بن الجوزى، المتوفى سنة سبع وتسعين وخمسمائة (597هـ).
قال الحافظ الذهبى: من عيوب كتاب ابن الجوزى أنه يسرد الجرح ويسكت عن التوثيق(2).
11 – " الضعفاء " للإمام أبى نعيم الأصبهانى، أحمد بن عبد الله بن أحمد أبو نعيم الأصبهانى، المتوفى سنة ثلاثين وأربعمائة (430هـ) عن أربع وتسعين سنة.
12 – " ديوان الضعفاء والمتروكين وخلق من المجهولين وثقات فيهم لين " للذهبى، أبى عبد الله شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبى.
13 – " ميزان الاعتدال فى نقد الرجال " للإمام الحافظ الذهبى.
اختصر الحافظ الذهبى كتاب ابن الجوزى (الضعفاء والمتروكون) وذيل عليه فى تصنيفين وجمع معظمها فى ميزانه، فجاء كتابًا نفيسًا، عليه معول من جاء بعده مع أنه تبع ابن عدى فى إيراد كل من تكلم فيه ولو كان ثقة ليدفع عنه ما ألصق به، فلولا أن المصنفين فى الضعفاء كابن عدى ذكروا هؤلاء الثقات ما ذكرهم الذهبى، غير أنه ذكرهم على الإنصاف وحتى لا يتعقبه متعقب، وقد التزم أن لا يذكر أحدًا من الصحابة ولا أحدًا من الأئمة المتبوعين فى الفروع لجلالتهم فى الإسلام وعظمتهم فى نفوس المسلمين، فإن ذكر أحدًا منهم فإنه يذكره على الإنصاف وما يضره ذلك عند الله ولا عند الناس.
__________
(1) فتح المغيث للسخاوى 4/352.
(2) ميزان الاعتدال 1/16.(1/27)
قال الحافظ الذهبى: وقد استخرت الله – عز وجل – فى عمل هذا المصنف، ورتبته على حروف المعجم حتى فى الآباء، ليقرب تناوله ورمزت على اسم الرجل الذى أخرج له فى كتابه من الأئمة الستة: البخارى، ومسلم، وأبى داود، والنسائى، والترمذى، وابن ماجه، برموزهم السائدة، فإن اجتمعوا على إخراج رجل، فالرمز ( ع ) وإن اتفق عليه أرباب السنن الأربعة، فالرمز ( عو )، وفيه من تكلم فيه مع ثقته وجلالته بأدنى لين، وبأقل تجريح، فلولا أن ابن عدى أو غيره من مؤلفى كتب الجرح، ذكروا ذلك الشخص، لما ذكرته لثقته، ولم أر من الرأى أن أحذف اسم أحد ممن له ذكر بتليين ما فى كتب الأئمة المذكورين، خوفًا من أن يتعقب على، لا أنى ذكرته لضعف فيه عندى، إلا ما كان فى كتاب البخارى وابن عدى وغيرهما – من الصحابة – فإنى أسقطهم لجلالة الصحابة، ولا أذكرهم فى هذا المصنف، فإن الضعف إنما جاء من جهة الرواة إليهم.
وكذا لا أذكر فى كتابى من الأئمة المتبوعين فى الفروع أحدًا لجلالتهم فى الإسلام وعظمتهم فى النفوس، مثل أبى حنيفة، والشافعى والبخارى، فإن ذكرت أحدًا منهم فأذكره على الإنصاف، وما يضره ذلك عند الله ولا عند الناس، إذ انما يضر الإنسان الكذب، والإصرار على كثرة الخطأ، والتجرؤ على تدليس الباطل، فإنه خيانة وجناية، والمرء المسلم يطبع على كل شىء إلا الخيانة والكذب.(1/28)
وقد احتوى كتابى هذا على ذكر الكذابين الوضاعين المتعمدين –قاتلهم الله –، وعلى الكاذبين فى أنهم سمعوا ولم يكونوا سمعوا، ثم على المتهمين بالوضع أو بالتزوير، ثم على الكذابين فى لهجتهم لا فى الحديث النبوى، ثم على المتروكين الهلكى الذين كثر خطؤهم وترك حديثهم ولم يعتمد على روايتهم، ثم على الحفّاظ الذين فى دينهم رقة، وفى عدالتهم وهن، ثم على المحدثين الضعفاء من قبل حفظهم، فلهم غلط وأوهام ولم يترك حديثهم، بل يقبل ما رووه فى الشواهد والاعتبار بهم لا فى الأصول والحلال والحرام، ثم على المحدثين الصادقين أو الشيوخ المستورين الذين فيهم لين ولم يبلغوا رتبة الأثبات المتقنين، ثم على خلق كثير من المجهولين ممن ينص أبو حاتم الرازى على أنه مجهول، أو يقول غيره: لا يعرف أو فيه جهالة أو يجهل، أو نحو ذلك من العبارات التى تدل على عدم شهرة الشيخ بالصدق، إذ المجهول غير محتج به، ثم على الثقات الأثبات الذين فيهم بدعة، أو الثقات الذين تكلم فيهم من لا يلتفت إلى كلامه فى ذلك الثقة، لكونه تعنت فيه وخالف الجمهور من أولى النقد والتحرير، فإنا لا ندعى العصمة من السهو والخطأ فى الاجتهاد فى غير الأنبياء(1).
14 – " ذيل ميزان الاعتدال " للحافظ العراقى، أبى الفضل عبد الرحيم ابن الحسين العراقى، المتوفى سنة ست وثمانمائة (806هـ)، ذكر الحافظ العراقى فى كتابه هذا من تكلم فيه من الرواة وفات صاحب الميزان ذكره والكثير منهم من رجال التهذيب(2).
15 – " المغنى فى الضعفاء " للذهبى، قال الحافظ السيوطى: وللذهبى فى هذا النوع " المغنى " كتاب صغير الحجم نافع جدًا من جهة أنه يحكم على كل رجل بالأصح فيه بكلمة واحدة على إعواز فيه(3).
__________
(1) ميزان الاعتدال/ المقدمة 1/302.
(2) لسان الميزان/ خطبة الكتاب 1/4.
(3) تدريب الراوى 2/398.(1/29)
16 – " لسان الميزان " للإمام الحافظ ابن حجر العسقلانى، أحمد بن على بن حجر العسقلانى، المولود سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة، والمتوفى سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة (852هـ).
أساس هذا الكتاب " لسان الميزان " هو كتاب " ميزان الاعتدال " للحافظ الذهبى، غير أن الحافظ ابن حجر فعل ما يأتى:
أ – حذف الحافظ ابن حجر من " لسان الميزان " التراجم للذين خرج لهم فى كتاب من الكتب الستة(1)، اعتمادًا على أن هؤلاء الرواة ترجم لهم فى تهذيب الكمال بما أغنى عن إعادتهم فى " لسان الميزان".
ب – نقل الحافظ ابن حجر التراجم كاملة من " ميزان الاعتدال "، ثم يختم كلام الحافظ الذهبى بقوله (انتهى ).
ج – تعقب الحافظ ابن حجر الحافظ الذهبى فى حكمه على بعض الرواة، فيقول بعد نقل الترجمة كاملة من " ميزان الاعتدال " ويختم كلام الذهبى بقوله ( انتهى )، ثم يقول: ( قلت ) ويذكر تعقيبه على حكم الذهبى.
د – زاد الحافظ ابن حجر فى " لسان الميزان " تراجم لم يذكرها الحافظ الذهبى فى " ميزان الاعتدال " ورمز إليها بحرف (ز) أمام الترجمة.
هـ – نقل الحافظ ابن حجر من " ذيل ميزان الاعتدال " للحافظ العراقى التراجم التى زادها على " ميزان الاعتدال " ممن لم يخرج لهم أحد من أصحاب الكتب الستة ورمز له بحرف (ذ) إشارة إلى أنه من " ذيل الميزان " للحافظ العراقى.
__________
(1) المراد بالكتب الستة: هى صحيح الإمام البخارى، صحيح الإمام مسلم، سنن الإمام أبى داود سنن الإمام الترمذى، سنن الإمام النسائى، سنن الإمام ابن ماجه – رحمهم الله تعالى وجزاهم خير الجزاء –.(1/30)
قال الحافظ السخاوى: وقد ذيل عليه – أى على " ميزان الاعتدال " – الحافظ العراقى فى مجلد والتقط شيخنا – أى الحافظ ابن حجر – منه من ليس فى تهذيب الكمال وضم إليه ما فاته – أى الحافظ الذهبى – من الرواة والتتمات مع انتقاد وتحقيق فى كتاب سماه " لسان الميزان " وعم النفع به، بل له كتابان آخران هما " تقويم اللسان " و" تحرير الميزان"(1).
المصنفات فى الثقات والضعفاء
وإذا كان بعض العلماء أفردوا الثقات من الرواة بالتأليف والتصنيف فجعلوا لهم كتبًا خاصة بهم وبعضهم أفرد الضعفاء من الرواة بالتأليف والتصنيف فجعلوا لهم كتبًا خاصة بهم فإن بعض العلماء ألفوا كتبًا جمعوا فيها بين الثقات والضعفاء من الرواة، وهذه المصنفات التى تجمع بين الثقات والضعفاء على قسمين:
أ – مصنفات جعلها مصنفوها خاصة برجال كتاب معين أو برجال كتب معينة.
فمن ذلك:
مصنفات خاصة برجال الكتب الستة:
صحيح البخارى، صحيح مسلم، سنن أبى داود، سنن الترمذى، سنن النسائى، سنن ابن ماجه.
" الكمال فى أسماء الرجال " للمقدسى، عبد الغنى بن عبد الواحد المقدسى الحنبلى، المتوفى سنة ستمائة (600هـ).
هذب هذا الكتاب الحافظ المزى فى كتابه: " تهذيب الكمال فى أسماء الرجال "، أبو الحجاج جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن المزى، المتوفى سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة (742هـ).
هذب الحافظ المزى كتاب " الكمال " للمقدسى، وأضاف إليه إضافات كثيرة:
أضاف إلى تراجم رجال الكتب الستة تراجم بعض مصنفات أصحاب الكتب الستة.
رتب شيوخ الراوى وتلاميذه على حروف المعجم، وإن كان لم يستوعب جميع الشيوخ والتلاميذ، فهذا أمر عسر جدًا خاصة مع أولئك المكثرين من الرواية، مثل الإمام مالك وسفيان الثورى وغيرهما(2).
__________
(1) فتح المغيث للسخاوى 4/353،352.
(2) راجع مقدمة تهذيب الكمال 1/145 وما بعدها.(1/31)
اختصر " تهذيب الكمال " للحافظ المزى الحافظ الذهبى فى كتابه: " تهذيب الكمال " للحافظ أبى عبد الله محمد بن أحمد الذهبى.
قال الحافظ ابن حجر: ثم رأيت للذهبى كتابًا سماه " تذهيب التهذيب " أطال فيه العبارة ولم يعد ما فى التهذيب – أى تهذيب الكمال – غالبًا، وإن زاد، ففى بعض الأحايين وفيات بالظن والتخمين أو مناقب لبعض المترجمين مع إهمال كثير من التوثيق والتجريح اللذين عليهما مدار التضعيف والتصحيح(1).
واختصر الحافظ الذهبى كتابه " تذهيب تهذيب الكمال " فى كتابه: " الكاشف فى معرفة من له رواية فى الكتب الستة "، اقتصر الذهبى فى هذا الكتاب على ذكر من له رواية فى الكتب الستة دون باقى تلك التواليف التى فى " التهذيب " ودون من ذكر للتمييز أو كرر للتنبيه(2)
قال الحافظ ابن حجر: " وجدت تراجم " الكاشف " إنما هى كالعنوان، تتشوق النفوس إلى الاطلاع على ما وراءه "(3).
ذيل على " الكاشف " للذهبى، الإمام أبو زرعة أحمد بن عبد الرحيم العراقى، المتوفى سنة ست وعشرين وثمانمائة (826هـ).
قال الحافظ ابن حجر عن ذيل " الكاشف " لأبى زرعة: " وقد تتبع أبو زرعة الأسماء التى فى تهذيب الكمال ممن أهمله الكاشف وضم إليه من ذكره الحسينى من رجال أحمد وبعض من استدركه الهيثمى وصيّر ذلك كتابًا واحدًا، واختصر التراجم فيه على طريقة الذهبى، فاعتبرته فوجدته قلد الحسينى والهيثمى فى أوهامهما وأضاف إلى أوهامهما من قبله أوهامًا أخرى وقد تعقبت جميع ذلك مبينًا محررًا مع أنى لم أدع العصمة من الخطأ والسهو، بل أوضحت ما ظهر لى فليوضح من يقف على كلامى ما ظهر له فما المقصد إلا بيان الصواب طلبًا للثواب(4).
__________
(1) تهذيب التهذيب، المقدمة 1/3.
(2) مقدمة تهذيب الكمال 1/154.
(3) تهذيب التهذيب، المقدمة 1/3.
(4) تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة ص18.(1/32)
اختصر " تذهيب تهذيب الكمال " للحافظ الذهبى الخزرجى فى كتابه: " خلاصة تذهيب تهذيب الكمال فى أسماء الرجال " لصفى الدين أحمد بن عبد الله الخزرجى، المتوفى سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة (923هـ)
كما اختصر " تهذيب الكمال " للحافظ المزى الحافظ ابن حجر فى كتابه: " تهذيب التهذيب " للحافظ أبى الفضل شهاب الدين أحمد بن على بن محمد بن حجر العسقلانى، المتوفى سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة (852هـ).
عمل الحافظ ابن حجر فى كتابه " تهذيب التهذيب ":
الاقتصار على ما يفيد الجرح والتعديل، إذا كان فى ترجمة الراوى كلام لا يفيد توثيقًا ولا تجريحًا فإنه يحذفه.
إذا وقف على توثيق أو تجريح للراوى فإنه يذكره ففائدة ذكر كل ما قيل فى الراوى من جرح وتوثيق يظهر عند المعارضة.
حذف الأحاديث التى ( خرجها صاحب التهذيب ) فى أثناء الترجمة، وهذه الأحاديث التى حذفها نحو ثلث الكتاب.
إذا كان الراوى من المكثرين من الرواية فإنه يقتصر على ذكر بعض شيوخه وتلاميذه، ويقتصر على الأشهر والأحفظ والمعروف منهم، فليس للبحث والتنقيب عن شيوخ الراوى وتلاميذه من فائدة بالنسبة لهؤلاء المشهورين المعروفين من الرواة الذين كثر شيوخهم
وكثر الآخذون عنهم، اللهم إلا معرفة أن الإسناد متصل بينه وبينهم، وهذا يعرف من تراجمهم.
أما إذا عرف أن الراوى ليس له إلا راو واحد فقط فإن العثور على أكثر من راو عنه يرفع عنه الجهالة العينية وعند ذلك يكون للبحث والتنقيب عن راو آخر أو أكثر له من الأهمية بمكان عظيم.
إذا كانت الترجمة طويلة اقتصر على ذكر الشيوخ والتلاميذ الذين عليهم رقم الشيخين مع ذكر جماعة غيرهم ولا يعدل عن ذلك إلا لمصلحة، مثل أن يكون الراوى قد عرف من حاله أنه لا يروى إلا عن ثقة، كمالك وشعبة وغيرهما فإنه يذكر جميع شيوخه أو أكثرهم.
إذا كانت الترجمة متوسطة اقتصر على ذكر الشيوخ والتلاميذ الذين عليهم رقم فى الغالب.(1/33)
إذا كانت الترجمة قصيرة لم يحذف منها شيئًا فى الغالب.
لم يلتزم سياق الشيوخ والتلاميذ على حروف المعجم لأنه يلزم من ذلك تقديم الصغير على الكبير فحرص على أن يذكر فى أول الترجمة أكبر شيوخ الرجل وأسندهم وأحفظهم إن تيسر معرفة ذلك إلا أن يكون الرجل ابنًا لصاحب الترجمة، أو قريبًا له فإنه يقدمه فى الذكر غالبًا، ويحرص على أن يختتم الرواة عن صاحب الترجمة بمن وصف بأنه آخر من روى عن صاحب الترجمة وربما صرح بذلك.
لم يحذف من رجال تهذيب الكمال أحدًا بل ربما زاد فيهم من هو على شرطه.
حذف كثيرًا من الخلاف فى وفاة الرجل إلا لمصلحة تقتضى عدم الاختصار.
ما زاده الحافظ ابن حجر فى أثناء التراجم قال فى أوله: " قلت " ثم يذكر كلامه بعد ذلك فيما بعد " قلت " فإنما هو كلام الحافظ ابن حجر.
لم يلتزم بلفظ الأصل فلربما أورد بعض كلام الأصل بالمعنى مع استيفاء المقاصد وربما زاد ألفاظًا يسيرة فى أثناء كلامه لمصلحة فى ذلك(1).
اختصر الحافظ ابن حجر كتابه " تهذيب التهذيب " فى كتابه: " تقريب التهذيب ".
قال الحافظ ابن حجر: " وكنت قد لخصت " تهذيب الكمال " وزدت عليه فوائد كثيرة وسميته " تهذيب التهذيب " وجاء نحو ثلث الأصل، ثم لخصته فى تصنيف لطيف سميته " التقريب " وهو مجلد واحد يحتوى على جميع من ذكر فى " التهذيب " مع زيادات فى التراجم.
ويذكر الحافظ ابن حجر فى " تقريب التهذيب " رأيه فى الراوى جرحًا أو تعديلاً بأوجز العبارة ومع أن قوله فى غاية الإيجاز إلا أنه يجمع ما قيل فى الراوى جرحًا وتعديلاً ولم يذكر رأيًا لغيره فى التقريب.
عمل الحافظ ابن حجر فى كتابه " تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة ":
جمع الحافظ ابن حجر فى هذا الكتاب الرجال الذين خرج لهم الأئمة الأربعة وهم " أبو حنيفة ومالك والشافعى وأحمد ابن حنبل " زيادة على رجال الكتب الستة.
__________
(1) مقدمة تهذيب التهذيب 1/502 .(1/34)
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله تعالى – إذا انضم " تعجيل المنفعة " إلى رجال " التهذيب " يصير ما فى الكتابين حاويًا إن شاء الله تعالى لغالب رواة الحديث فى القرون الفاضلة إلى رأس الثلاثمائة(1).
ب – كتب غير مرتبطة برجال كتب معينة منها:
1 – " الطبقات الكبرى " لابن سعد، أبى عبد الله محمد بن سعد بن منيع الزهرى، المتوفى سنة ثلاثين ومائتين (230هـ).
2 – " التاريخ الكبير " للإمام البخارى، أبى عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخارى، المتوفى سنة ست وخمسين ومائتين (256هـ).
3 – " التاريخ الصغير " للإمام البخارى.
4 – " تاريخ عثمان بن سعيد الدامى "، المتوفى سنة ثمانين ومائتين (280هـ).
5 – " الجرح والتعديل " لابن أبى حاتم، أبى محمد عبد الرحمن بن محمد بن أبى حاتم الرازى، المتوفى سنة سبع وعشرين وثلاثمائة (327هـ).
6 – " تاريخ جرجان "، لأبى القاسم حمزة بن يوسف السهمى، المتوفى سنة سبع وعشرين وأربعمائة (427هـ).
7 – " الإرشاد فى معرفة علماء الحديث "، للحافظ أبى يعلى الخليل ابن عبد الله بن أحمد الخليلى القزوينى، المتوفى سنة ست وأربعين وأربعمائة (446هـ).
8 – " تارخ بغداد " للإمام الخطيب البغدادى، أبى بكر أحمد بن على الخطيب البغدادى، المتوفى سنة ثلاث وستين وأربعمائة (463هـ).
9 – " تاريخ دمشق " للحافظ ابن عساكر، أبى القاسم على بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله بن الحسين المعروف بابن عساكر، المتوفى سنة إحدى وسبعين وخمسمائة (571هـ).
10 – " العبر فى خبر من غبر " للإمام الذهبى، أبو عبد الله محمد ابن أحمد بن عثمان الذهبى، المتوفى سنة ثمان وأربعين وسبعمائة (748هـ).
11 – " شذرات الذهب فى أخبار من ذهب "، لأبى الفرج عبد الحى بن العماد الحنبلى، المتوفى سنة تسع وثمانين وألف (1089هـ).
وغير ذلك من الكتب التى صنفت فى رجال الحديث ولا نطيل بذكرها.
__________
(1) تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة ص21 .(1/35)
هذا والله أعلى وأعلم
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد النبى الأمى الكريم
وعلى أزواجه أمهات المؤمنين وذريته وآل بيته الطيبين الطاهرين
ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
دليل كتاب التخريج
رقم الصفحة
- ... تقديم إمام أهل السنة ... 2
- ... مقدمة المؤلف ... 3
- ... مصادر التخريج ... 5
- ... فائدة التخريج ... 7
- ... طرق التخريج ... 8
- ... معرفة الثقات والضعفاء ... 23
- ... المصنفات فى الثقات ... 24
- ... المصنفات فى الضعفاء ... 25
- ... المصنفات فى الثقات والضعفاء ... 28(1/36)