بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمْ
التحديات الاجتماعية والتربوية
المعاصرة للمرأة المسلمة
بحث مقدم إلى مؤتمر
"الإسلام والتحديات المعاصرة"
المنعقد بكلية أصول الدين في الجامعة الإسلامية
في الفترة: 2-3/4/2007م
إعداد:
أ. فاتن سعيد أبو شوقة
ماجستير رياضيات - معيدة في الجامعة الإسلامية
أبريل/ 2007
المقدمة
…أحمد الله حمداً أتخده للنجاة سبباً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي المصطفى والرسول المجتبى عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته البررة النجباء صلاة وسلاماً دائمين ما هطلت السماء بوابلها وأبدت سحباً… وبعد…
…اعلموا وفقني الله وإياكم إلى ما يحب وبرضى أن من المرغب فيه وتحصل الفائدة به إن شاء الله الوعظ والتذكير بما قد يخفى عن التفكير، وإن ما دفعني إلى كتابة هذا البحث ما رأيته من مفاسد يتعرض لها مجتمعنا اليوم، والغزو الفكري والأخلاقي الموجه ضد إسلامنا والحروب العلمية والإعلامية الرهيبة التي تستخدم الفضائيات وشبكات الإنترنت والصحف والمجلات كسلاح قوي في هجومها على مجتمعنا، والدخول إلى بيوتنا وبالأخص عن طريق المرأة، مستغلين دورها العظيم الذي منحها الله إياه في تربية الأبناء وبناء المجتمع السليم، فزينوا لها كل ما هو هابط وحولوها إلى بضاعة رخيصة على شاشات الفضائيات ومواقع الإنترنت لتخريب الأمة وتدميرها وإفلاسها أخلاقياً وروحياً.
…فمنذ بزوغ فجر الإسلام وأعدائه يوجهون له الضربات محاولين عبثاً القضاء عليه وما برحوا يبحثون عن الوسائل والطرق لتدميره وتجييش الجيوش واستخدام الأسلحة الفتاكة.(1/1)
…لكن كل وسائلهم وأسلحتهم لطالما باءت بالفشل، ووقف الإسلام في وجهها فذهب أعدائه يبحثون عن أكثر منطقة حساسة فيه ليوجهوا إليه الضربة القاضية لقد وجد أعداء الإسلام المرأة المسلمة نبراس يضيء الإسلام وحجر أساس يرتكز عليه فهي تربي أجيال المستقبل وتنشئهم على الطريق المستقيم تعلمهم في المدارس وتغرس المبادئ والقيم في نفوسهم، هي الزوجة المعينة لزوجها على الحق، هي الأخت الرفيقة في المحن والشدائد، هي العالمة التي تقدم أروع انجازات علمية هي رفيق درب الرجل المسلم في كل نواحي الحياة.
…فخرج أعداء الإسلام بقناعة أن أفضل ضربة توجه للإسلام والتي تنعكس سلبياتها على الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والدينية هي أن ندفع المرأة إلى الهاوية ويقذف بها إلى نار الشيطان مستخدمين بذلك وسائل تبان في مظهرها الخارجي براقة رقيقة لامعة ولكن ليس كل ما يلمع ذهباً، فهي في داخلها سيف حاد.
…ومن هنا فإنني سأعرض زاوية مهمة من التحديات التي تواجه المرأة المسلمة والتي تنبثق منها باقي التحديات الأخرى، وهي التحديات الاجتماعية والتربوية. ولكن قبلها سأعرض بعض المواقف التاريخية للمرأة المسلمة في مواجهة أعداء الإسلام، وجهادها في ساحات المعارك، ثم سأعرض أسباب ووسائل محاربة المرأة المسلمة ومن ثم سأسلط الضوء على بعض التحديات الاجتماعية والتربوية سواء خارج المنزل أو حتى تلك التي تصل غلى داخل المنزل وتقصد المرأة بصورة مباشرة وكيفية العمل على مواجهتها، كما ويشرفني أن أعرض صور من جهاد المرأة الفلسطينية المشرفة، وآمل تحقيق الفائدة.
المرأة سلاح أعداء الإسلام في محاربة الإسلام(1/2)
…منذ أن رأت الدعوة الإسلامية النور وانطلقت في أرجاء الأرض تقضي على الفساد وتضع أسس العدالة والمساواة بين الناس، ظهر من يتصدى لها ويضيق عليها الخناق ويحاربها بكل الوسائل الممكنة (الحروب، الاقتصاد، الموارد الطبيعية، وغيرها) لكنهم وعلى مدار قرون لم يستطيعوا أن يدمروا هذه الدعوة الطاهرة النقية حتى القرن الأخير من الزمن عندما وصل أعداء الإسلام إلى قناعة أن تدمير الإسلام لا يتحقق إلا عن طريق تدمير البيت المسلم "الأسرة المسلمة"، لأنها اللبنة التي يقوى بها الإسلام وعندما بحثوا في عناصر الأسرة المسلمة ووجدوا أنها الزوج والزوجة والأبناء فقرروا محاربتها في مركز قوتها لإضعافها وهي المرأة المسلمة، فانطلقت في الغرب صيحات تحرير المرأة وعملوا على نقلها إلى الدول الإسلامية وأرادوا بذلك إبعاد المرأة عن دورها الحقيقي الذي خُلقت من أجله سواء كانت أماً أو أختاً أو زوجة أو ابنة، وكل دور أصيل خُلقت من أجله، وسعوا من خلال هذا المفهوم الشيطاني إلى إخراجها من طبيعتها وتكوينها، وعملوا على تغريب عقلها وثقافتها وتفكيرها وجرها للاهتمام بالموضة العالمية والأزياء الحديثة ومؤسسات التجميل الزائف، وصرفها عن أسرتها وقيمها ودعوتها للتمرد على ولي أمرها "أبوها أو زوجها أو…" وإشغالها عن دورها في تنشئة جيل الإسلام الصالح ورعايتهم وانصرافها إلى دعاوي تحرر الأجساد والعقول من كل قيمة أومفهوم صحيح يدعو له ديننا الإسلامي الحنيف.(1/3)
…إن قناعة أعداء الإسلام بضرورة ضرب الإسلام بإستخدام المرأة لم تأتي عبثاً، بل كانت نتيجة بحوث ودراسات على مدار قرون قادها المستشرقون، ففي القدم، اشتهرت مقولة اعتمدها عظام القادة في معاركهم وهي "حارب عدوك بسلاحه"، لذلك اعتكف مفكرون أعداء الإسلام والمستشرقين على دراسة تاريخ الدعوة الإسلامية منذ بدايتها ليتعرفوا على أسلحة المسلمين وكيفية تصديهم للهجمات الخارجية، فكانت المرأة دائما في الطليعة تجاهد وتحارب، تنتصر أو تستشهد، وخلد تاريخنا نساء هن شرف على جبين كل مسلم.
…وليس ذلك فحسب، فإن مفهوم الجهاد عند الكثيرين يقتصر على الخروج إلى ساحة المعركة لمحاربة الأعداء، ولكن الأمر مختلف بالنسبة للمرأة، فالله جعل كل أمر تقوم به المرأة هو جهاد في سبيل الله فطاعة الزوج، الحج والعمرة، طلب العلم، الحمل والولادة، حتى عملها داخل بيتها وحفظ سر زوجها جهاد في سبيل الله، وكل هذا ولم تحرم من الجهاد في محاربة أعداء الله.
…هذا المفهوم الواسع والشامل دق ناقوس الخطر عند أعداء الإسلام، فهم يعلمون ميل النفس البشرية المسلمة إلى أعظم درجات العبادة " الجهاد في سبيل الله "، وبالتالي فإن المرأة بطبيعتها ستكرس حياتها لجهاد أعداء الإسلام، حتى ولو لم تحاربهم فإنها ستنشئ جيل صالح ليحاب أعداء الإسلام، فكان القرار الذي اتخذوه بتكريس كل طاقاتهم لمحاربة المرأة والقضاء عليها.
…لذلك دعوني أعرض في البداية صور من جهاد المرأة في بداية الدعوة الإسلامية والتي جعلت المرأة أكبر تحدي يواجه أعداء الله.
صور من جهاد المرأة في بداية الدعوة(1/4)
…لقد كرم الله سبحانه وتعالى بني آدم عندما فرض عليهم الجهاد في سبيل الله، فهذا الجسد الذي نملكه، وهذه الروح التي بين ضلوعنا، خلقهما الله وكرمنا بهما، فإن خير ما نفعله شكراً لله وحمداً له على هذه النعمة أن نجاهد في سبيل إعلاء راية الحق حتى النصر أو الشهادة، ولأن الله عادل في حكمه، لم يحرم النساء من هذا الشرف، وراعى مع ذلك ضعفهن، فعن أبي هريرة ـ - رضي الله عنه - وأرضاه ـ عن رسول الله - - صلى الله عليه وسلم -- قال: "جهاد الكبير والصغير والضعيف والمرأة، الحج والعمرة ". سنن النسائي (2579).
…فإن الحج والعمرة بما يحملان من مشقة وتعب يعادلان الجهاد عند المرأة، وليس ذلك فحسب فإن طاعة الزوج والاعتراف بحقه أيضاً هو جهاد للمرأة، لعظم هذا الأمر، فإن جهاد الأعداء من الخارج لا يكتمل إلا إذا صلح حال المجتمع من الداخل، وهذا الأمر لا يكتمل إلا بطاعة الزوجة لأمر زوجها، واعترافها بحقه وفضله عليها، وهذا ما أكده الرسول -- صلى الله عليه وسلم --، فعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: جاءت امرأة إلى النبي -- صلى الله عليه وسلم -- فقالت: يا رسول الله، -- صلى الله عليه وسلم -- أنا وافدة النساء إليك: هذا الجهاد، كتبه الله على الرجال، فإن يصيبوا أُجروا، وإن قُتلوا كانوا أحياء عند ربهم يرزقون، ونحن معشر النساء نقوم عليهم فما لنا من ذلك ؟ قال: فقال رسول الله -- صلى الله عليه وسلم --: " أبلغي من لقيت من النساء: أن طاعة الزوج واعترافاً بحقه يعدل ذلك، وقليل منكن يفعله ". رواه البزار مختصراً.
…ولكن إذا وصل خطر الأعداء إلى بيتها، وتهددت حرمات المسلمين، وجب على المرأة أن تخرج وتشارك في القتال والدفاع عن حرمات المسلمين بما تقدر عليه.(1/5)
…أخرج ابن إسحاق عن عباد ـ رضي الله عنهما ـ قال: كانت صفية بنت عبدالمطلب ـ رضي الله عنها وأرضاها ـ في فارغ حصن حسان بن ثابت ـ - رضي الله عنه - وأرضاه ـ، قالت: كان حسان معنا فيه مع النساء والصبيان، فمر بنا رجل من اليهود فجعل يُطيف بالحصن، وقد حاربت بني قريظة، وقطعت ما بينهم وبين رسول الله -- صلى الله عليه وسلم --، وليس بيننا وبينهم أحد يدافع عنا ورسول الله -- صلى الله عليه وسلم -- والمسلمون في نحور عدوهم، لا يستطيعون أن ينصرفوا عنهم إلينا إذا أتانا آتٍ، فقالت: يا حسان إن هذا اليهودي ـ كما ترى ـ يُطيف بالحصن، وإني والله ما آمنه أن يدل على عوراتنا من ورائنا من يهود، وقد شُغِل رسول الله -- صلى الله عليه وسلم -- وأصحابه، فانزل إليه فاقتله، قال: يغفر الله لكِ يا بنت عبدالمطلب، والله لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا، قالت: فلما قال لي ذلك، ولم أرَ عنده شيئاً، احتجزت أي (شددت وسطي) ثم أخذت عموداً، ثم نزلت من الحصن إليه،فضربته بالعمود حتى قتلته، فلما فرغت منه رجعت إلى الحصن، فقلت: يا حسان انزل فاسلبه أي (خذ متاعه) فإنه لم يمنعني من سلبه إلا أنه رجل، قال: مالي بسلبه حاجة يا ابنة عبدالمطلب. البداية والنهاية (4/108).
…أما بالنسبة لقتال الأعداء في ساحة المعركة، فإن أرادت المرأة المُشَارَكة فيه تطوعاً فإن باستطاعتها المشاركة في تمريض الجرحى، وسقاية الجيش، كما ورد عن الصحابيات ـ رضي الله عنهن وأرضاهن ـ فعن أنس ـ - رضي الله عنه - وأرضاه ـ قال: لما كان يوم أُحد انهزم الناس عن النبي -- صلى الله عليه وسلم --، قال: لقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سُليم ـ رضي الله عنهما ـ وإنهما لمشمرتين، أري خدم سوقهما، تنقزان القرب، وقال غيره: تنقلان القرب على متونهما أي (على ظهورهما)، ثم تفرغانه في أفواه القوم، ثم ترجعان فتملآنه ثم تجيئان فتفرغانه في أفواه القوم. صحيح البخاري (2724).(1/6)
…وللمرأة منذ فجر الإسلام تاريخ مشرف في الجهاد في سبيل الله، والدفاع عن الإسلام، والثبات على الحق، وقد كرم الله المؤمنات والمسلمات بأن أول من استشهد في الإسلام هي امرأة، ثبتت على الحق، لم يتزعزع إيمانها وحبها لله عز وجل ورسوله -- صلى الله عليه وسلم -- وهي السيدة سمية بنت الخباط أم عمار بن ياسر ـ رضي الله عنهما وأرضاهما ـ عذبت في الله لترجع عن دينها فلم تفعل فمر بها يوماً أبو جهل فطعنها في قُبُلها فماتت وكانت عجوزاً كبيرة فهي أول شهيدة في الإسلام وعندما غزا المسلمون البحر أكرم الله المسلمات بأن جعل أول شهدائه ممن غزوا البحر هي الصحابية الجليلة أم حِرَام بنت ملحان خالة أنس؟ ـ رضي الله عنهما ـ فعن أنس ـ - رضي الله عنه - قال: دخل رسول الله -- صلى الله عليه وسلم -- على ابنة ملحان فاتكأ عندها ثم ضحك فقالت: لم تضحك يا رسول الله -- صلى الله عليه وسلم -- فقال: "ناس من أمتي يركبون البحر الأخضر في سبيل الله مثلهم مثل الملوك على الأسرة، فقالت: يا رسول الله -- صلى الله عليه وسلم --، ادع الله أن يجعلني منهم، فقال -- صلى الله عليه وسلم --: "اللهم اجعلها منهم " ثم عاد فضحك فقالت له مثل ذلك ـ أو ممَّ ذلك ـ فقال لها -- صلى الله عليه وسلم -- مثل ذلك، فقالت: ادع الله أن يجعلني منهم قال: "أنت من الأولين ولست من الآخرين قال: قال أنس ـ - رضي الله عنه - ـ: فتزوجت عبادة بن الصامت، فركبت البحر مع بنت قرظة فلما قفلت ركبت دابتها فوقصت أي (وثبت بهابها) فسقطت عنها فماتت. صحيح البخاري (2722،2737)(1/7)
…ولأن عطاء الله عز وجل لا حدود له فإن المرأة التي لا تستطيع الخروج للجهاد وتمنت الشهادة فإن الله يكرمها بها وهي في بيتها عابدة لله ومحبة لله عز وجل ولرسوله -- صلى الله عليه وسلم -- وخير مثال لنا الصحابية الجليلة أم ورقة بنت عبدالله بن الحارث الأنصارية فقد كان رسول الله -- صلى الله عليه وسلم -- حين غزا بدراً قالت له: ائذن لي أن أخرج معك فأُداوي جرحاكم وأمرض مرضاكم لعل الله عز وجل يُهدي إلي الشهادة قال -- صلى الله عليه وسلم -- " إن الله عز وجل مهدٍ لك الشهادة ".
…وكان رسول الله -- صلى الله عليه وسلم -- أمرها أن تؤم أهل دارها حتى عدا عليها جارية وغلام لها كانت قد دبرتهما فقتلاها في إمارة عمر بن الخطاب ـ - رضي الله عنه - ـ، فقيل إن أم ورقة قد قتلها غلامها وجاريتها فقال عمر بن الخطاب ـ - رضي الله عنه - وأرضاه ـ: صدق رسول الله -- صلى الله عليه وسلم -- كان يقول: "انطلقوا بنا نزور الشهيدة" رحمها الله هي والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات. ذكره الصابوني في صفوه الصفوة 2/86.
…فلله درهن من نساء عشن حياتهن مجاهدات ومتن شهيدات على حب الله عز وجل وحب رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
أسباب وأهداف محاربة المرأة المسلمة
أسباب استهداف المرأة المسلمة:
…يمكن هنا أن نلخص أسباب استهداف أعداء الإسلام للمرأة المسلمة في النقاط التالية:
لأنها عنصر فعال في الأسرة المسلمة والمجتمع المسلم، فالمراة في مجتمعاتنا المسلمة موجودة في كافة الميادين التنموية، فهي العاملة في المصنع والتي تقف على آلة الإنتاج لتشارك في التطور والرقي بمنتجاتنا المحلية، وهي المعلمة في المدرسة والجامعة تشارك في سير العملية التعليمية ببراعة، وهي الممرضة والطبيبة التي تسهر على راحة المرضى، وليس ذلك فحسب فللمراة رأيها المهم الذي يؤخذ به وله وزنه في المجتمع المسلم ولا يقل أهمية عن رأي الرجل.(1/8)
هي القائمة على شئون البيت وتنظيم احتياجاته بمشاركة زوجها، فبحكم طبيعة المراة والمهام التي أوكلها الله إليها فإنها تقضي معظم وقتها داخل البيت، فبالتالي تكون مطلعة على كل صغيرة وكبيرة داخل البيت، ولقد شهد الجميع عبر العصور على قدرة تحمل المرأة لأعباء الأسرة والمقدرة على تسيير أمورها أكثر من الرجل، فالمراة على مختلف الحالات التي تشغلها داخل الأسرة " أم، أخت، زوجة، إبنة، جدة" لاتوفر أي مجهود يمكن أن تبذلهه في سبيل إسعاد الآخرين أو مساعدتهم.
مصنع للرجال ومربية ومعلمة لجيل المستقبل، فمنذ أن يولد الطفل تتولى الأم رعايته بشكل كامل في الملبس والأكل والكشرب والرعاية بكافة صورها،وعندما يكبر قليلاً ويدخل الصف التمهيدي تتولى رعايته مربيات متعلمات ومثقفات يشرفن على بدء تعليمه أساسات دينه البسيطة وتأهيله للدخول إلى مرحلة المدرسة، وعلى مدار سنواته الأولى في التعليم نجد أن أغلب من يعلمه مدرسات، لاشك أن المراحل الأولى لحياة الإنسان مهمة جداً، لأن ما يتم زراعتة فيها سيجنيه الفرد والمجتمع عندما يكبر ويصل سن الشباب والفتوة، فإن كان الزرع طيب كان لصلاح الفرد والمجيمع، أما إذا كان الزرع خبيث كان هلاك الفرد والمجتمع.
رمز العفة والشرف في المجتمع الإسلامي، فمنذ اللحظات الأولى للإسلام فرض الله الحجاب على النساء، وطالبهن بإلتزام لبس الزي الشرعي، وكان هذا بمثابة هوية للمراة المسلمة ليميزها عن غيرها ولا ننسى كيف منع سيدنا عمر بن الخطاب الجواري من لبس الحجاب حتي لا يتشبهن بالمسلمات الحرائر.
اهتمام الإسلام بالمرأة وتكريمه لها.
الأهداف المرجو تحقيقها من محاربة المرأة المسلمة:
القضاء على الأخلاق الحميدة والقيم السامية عن طريق القضاء على مصدر العفة والشرف في المجتمع.
القضاء على القيم الاجتماعية التي زرعها الإسلام في المجتمع "إطاعة ولى الأمر، صلة الرحم، تكريم المرأة، وغيرها…"(1/9)
إشعال نار الفتنة في المجتمع جراء اختلاف الرأي بين المرأة والرجل.
إشاعة الإباحية بكل وسائلها.
تدمير الحضارة الإسلامية بكل مقوماتها.
القضاء على الإسلام.
وسائل محاربة أعداء الإسلام للمرأة المسلمة
أولاً: المناداة بحقوق المرأة ودعوى تحريرها:
لقد استغل أعداء الإسلام الفترة التي تعرضت فيها المرأة المسلمة إلى ظلم الرجل وتعسفه في إدارة الأسرة وسلبها لحقوقها التي منحها إياها الإسلام وبدؤوها بدعوات تحرير المرأة من الظلم والاستعباد وإرجاع حقوقها إليها بعبارات ملونة ومزخرفة،لا شك أن بداية هذه الدعوة في أوروبا أو أمريكا،والتي انطلقت غداة الثورة الفرنسية التي تلاها إعلان منظمة حقوق الإنسان بأن الناس يولدون أحراراً في 10 ديسمبر 1948 [المرجع4،ص1]، لاقت نجاحاً واسعاً من وجهة نظر بعض المفكرين وهذا ما دفع البعض في الدول الإسلامية إلى تبني هذه الأفكار المتطرفة والتي تخالف الإسلام.
…فالإسلام أعطى المرأة كافة حقوقها وأعلى شأنها وكرمها وأعزها، ومن حقوقها التي منحها إياها:
حقها في الميراث والتملك.
حقها في التعليم والعمل.
حقها في اختيار الزوج.
حقها في الخروج من دارها بضوابط معروفة ومطلوب من الرجال نصيبهم من هذه الضوابط أيضاً.
ثانياً: المساواة:
…كان من الطبيعي أن يعقب المطالبة بحرية المرأة المطالبة بمساواتها بالرجل ودعوتها للخروج إلى كافة الميادين ومشاركة الرجل في كافة واجباته وأعماله متجاهلين هل هذا يناسب المرأة أم لا؟
…إن الدعوة إلي مساواة المرأة بالرجل تبدو في ظاهرها تكريماً للمرأة ورفع من شأنها، لكنها في حقيقة الأمر عكس ذلك تماماً.(1/10)
…لعلها كانت في دول الغرب تكرم المرأة لأن المرأة في الغرب لطالما كانت مهانة وسلعة رخيصة يتاجر بها الرجل دون الاعتراف بإنسانيتها وحقها في الدفاع عن نفسها وكانت خادمة لدي الرجل مسلوبة كافة حقوقها ولطالما كان يعاملها على أنها أقل منه في كل شيء فظهرت دعوى المساواة في صالحها، لكن المرأة المسلمة فإن الإسلام أكرمها وجعلها جوهرة مكنونة مصونة،وليس ذلك فحسب فلو أننا نظرنا إلى ما منح الله المرأة لوجدنا أنه جعل الرجل القائم على خدمة المرأة ومصالحها فعندما قال الله تعالى "الرجال قوامون على النساء" فهذا دليل قاطع على أن الرجل مسئول عن المرأة ومراعاة شؤونها من الناحية المالية والنفسية والتربوية، فهي مكفولة من أبيها ثم من زوجها ثم من ابنها، فالدعوة بمساواتها بالرجل في كل المجالات ودون وضع قوانين تنظم هذه المساواة يقلل من شأنها ويسلبها الكثير من الامتيازات التي منحها لها الإسلام.
…تقول الدكتورة آيت الله أحمد علي [المرجع4،ص1] " لقد عانت المرأة طويلاً من الأوضاع الظالمة، إلى أن بزغ نور الإسلام، وأقر من بين المبادئ السامية التي جاء بها، مبدأ المساواة بين الناس جميعاً، ومن ذلك المساواة بين المرأة والرجل فيما لا يتعارض مع الطبيعة البشرية، والمساواة بينهما في التكاليف الدينية وفي الثواب والعقاب، وفي الالتزام بطلب العلم، وكذلك المساواة بينهما في الحقوق المدنية، فللمرأة ملكيتها الخاصة، لا يشاركها فيها الزوج، ولها حرية التصرف في أموالها دون أي قيد، وهي تحتفظ باسم أسرتها مدى الحياة، فلا تفقده بالزواج. هذه المساواة التي أقرها الإسلام في القرن السابع الميلادي، لم تظهر في أفق الدول الأوروبية إلا في العصر الحديث، وبعد كفاح مرير" فالمساواة التي نص عليها الشرع كنز ثمين منح للمرأة المسلمة، أما المساواة التي نصت علها القوانين الغربية فهي وباء قاتل لكل المعاني الجميلة التي تعيش المرأة من أجلها.(1/11)
ثالثاً: التأثير على تفكير الرجل لمهاجمة المرأة:
…من الوسائل الهامة التي استخدمها أعداء الإسلام في محاربة المرأة هي عقول الرجال فمن المعلوم في المجتمعات الإسلامية أن الرئاسة العليا في الأسرة والمجتمع للرجل وأن معظم أولياء الأمور هم من الرجال وأن المرأة بطبيعتها تنقاد إليهم وبذلك كان لابد من استخدامهم للتأثير على النساء فكرياً.
…وكان ذلك عن طريق زرع المبادئ الغربية في عقولهم كمبدأ المساواة وتحرير المرأة وإرسالهم ليؤثروا على مجتمعهم ونشر هذه الأفكار بين النساء وإنشاء مؤسسات وجمعيات تتولى أمر هذه الدعوات في المجتمعات المسلمة.
…والغريب أن أعداء الإسلام سرعان ما وجدوا مفكرين ومثقفين يتبنون أفكاره والعمل على نشرها، ولعله كان من أبرزهم قاسم أمين، وسعد زغلول، وهدي الشعراوي [المرجع7].
…تقول إلهام هاشم " عندما اطلقوا صيحة تحرير المرأة في الغرب تصدى بعض أصناف المثقفين في المجتمعات الإسلامية واخذوا يروجون هذه الأفكار غير عابثين بتناقضها مع ثقافتنا وهويتنا الإسلامية وأرادوا بذلك إبعاد المرأة عن دورها الحقيقي الذي خلقت من أجله". [المرجع2، ص2].
…وليست هذه هي الطريق الوحيدة للتأثير عل الرجل واستخدامه لمحاربة المرأة فالعجيب أنه مقابل دعوة التحرير والمساواة للمرأة مع الرجل نجد أن أعداء الإسلام تبنوا مهمة نشر أفكار مضادة بين الرجال تضر بالمرأة، بمعنى من جهة يطالبون بحقوق المرأة ومن جهة يغزون أفكار الرجال لمهاجمة المرأة بواسطة أفكار منها:-
خروج المرأة للعمل والسلبيات المتعلقة به.
تأثير خروج المرأة على بيتها وأسرتها.
أن المساواة بين الرجل والمرأة فيها امتهان للرجل وتقلل من قيمته.
هذا وغيره الكثير ليدفعوا الرجل إلى محاربة المرأة وتضييق الخناق عليها وهذا كله لتصبح الحياة الاجتماعية عبارة عن جحيم يذهب ضحيته المجتمع المسلم.(1/12)
…لقد عرضت الدكتورة مريم آيت أحمد علي في بحثها "المرأة المسلمة ودورها في التنمية الشاملة لللمجتمعات الإسلامية"[المرجع4] كيف أن عملية التنمية في مجتمعاتنا الإسلامية النامية لا تتم ولاتكتمل إلا بمساندة المرأة للرجل ومشاركتها الفعالة له في مجالات الحياة بالطريقة التي أرادها الله لها.
المرأة المسلمة والتحديات المعاصرة للإسلام
…نظراً لأن المرأة هي نصف المجتمع وتربي النصف الآخر فقد كان لها نصيب الأسد من التحديات الاجتماعية والتربوية التي وجهها أعداء الإسلام له، وسنذكر هنا بعضها:
أولاً: التحديات الاجتماعية:
…وهنا أقصد تلك التحديات التي تواجه الأسرة والمشاكل والعراقيل التي توضع بهدف تدمير العلاقات الأسرية وهدم الروابط القوية التي تجمع بين أفراد الأسرة المسلمة والتي تمثل أرض صلبة يبني عليها إسلام قوي سليم.
…وهنا سأعرض أهم ثلاث تحديات تواجه كل أسرة مسلمة في العصر الحالي:-
1- طاعة ولي الأمر:
…قال الله تعالى" أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم" سورة النساء الآية 59، إن طاعة ولي الأمر من ضروريات الحياة لكي نستطيع تخطي كل الصعوبات التي تواجهنا، فلابد من قائد يوصل السفينة إلى بر الأمان، ولطالما كان هم الإسلام الحفاظ على المرأة وصونها من أي رذيلة والحفاظ على الأسرة فجعل لهذا الغرض مسؤول يتابع تحقيقه، فأمر الأب بتربية ابنته ورعايتها وأمر الزوج بالحفاظ على زوجته ورعايتها وفي المقابل أمر الابنة بطاعة والدها وأخذ إذنه في كل أمرها وأمر الزوجة بطاعة زوجها واتباع أمره في كل حياتها وأخذ أذنه عند التصرف أو الخروج من البيت وذلك لأن أمر البيت لا يستقيم إلى بمن يتولى قيادته، كما قال الله سبحانه وتعالى "الرجال قوامون على النساء" وقد أعد الله الرجل لهذه المهمة وهذا الأمر ليس امتهان للمرأة بل حفاظ على كرامتها وصونها من المخاطر التي تواجهها في الحياة.(1/13)
…إلا أن أعداء الإسلام استغلوا هذا الأمر بصورة بشعة فادعوا أن الإسلام يقيد حرية المرأة ويضعها في سجن مفتاحه بيد الرجل وادعوا أنها مسلوبة الإرادة للرجل وهذا مخالف لما جاء به ديننا الحنيف، وبدءوا بترويج أفكار تدعوا المرأة للتحرر من سيطرة الرجل، وأخذ قراراتها المصيرية دون العودة لولى أمرها ودون إعلامه به، ودعوتها للاستقلال بالعيش بعيداً عن أهلها وأسرتها سواء داخل بلدها أو خارجها،وفقدان الأب أو الزوج الحق في توجيهها أو منعها من ارتكاب المعاصي، ومما زاد الطين بلة القوانين التي أصدرت حديثا والتي تدعم هذه الأفكار في بعض الدول الإسلامية.
…إن ضياع المرشد والمشرف على حياة المرأة وغياب القَيم على أمورها يزج بها إلى الهاوية،ويوقعها في حفرة الضياع والانحلال والفساد والفسوق، فالمرأة مخلوق ضعيف أمام مغريات الحياة الزائفة فالله سبحانه وتعالى قبل أن يخلق حواء خلق آدم حتى يشرف عليها ويرعى حياتها.
2- تعدد الزوجات:
…لقد استغل أعداء الإسلام حق تعدد الزوجات للرجل الواحد مدخل قوي لهدم المرأة ودفعا للثورة ضد الإسلام وتعاليمه، فادعوا أن الإسلام يظلم المرأة وينقصها حقها كزوجة ويجعل لها من يشاركها في زوجها مما يدفعه لظلمها وإنقاص حقها فيه، وادعوا أن الإسلام بفرضه حق تعدد الزوجات أشبع رغبات الرجل على حساب كرامة المرأة، ومما يدعوا للأسف أن هذه الدعوات وجدت من يسمعها ويتبنى نشرها في مجتمعنا الإسلامي والسبب في ذلك أن بعض الرجال استخدموا هذا الحق بتعسف وظلم ولم يطبقوا ما أمر به الله سبحانه وتعالى وما وصى به نبيه.
…يقول أ.د يوسف الكتاني "لم يشرع الإسلام تعدد الزوجات بل وجده نظاماً قائماً وعادة منتشرة، فعمد إلى تنظيمه وتقنينه انطلاقاً من مقاصده وغايته الحكيمة واعتباراً لطبائع الناس وما يصلحهم ويزكيهم ومراعاة ضرورات الفرد والجماعة والحفاظ عليها وهي المعتبرة في الشريعة الإسلامية" [المرجع3،ص3].(1/14)
…لقد جاء تعدد الزوجات لمعالجة قضايا هامة منها:
حل مشكلة العقم.
كفاية ازدياد الرغبة عند الرجال.
معالجة مشكلة ازدياد عدد النساء وقلة عدد الرجال (حروب،أوبئة،…).
الوقاية من الزنا وانتشار الفاحشة.
…وهنا أوجه لهم كلمة، إن كنتم تهاجمون الإسلام ونظام تعدد الزوجات الذي وضعه وتُحَرِمونه، فما بالكم بما يحدث في بلادكم فالرجل المتزوج ينتقل من امرأة زانية إلى أخرى ويترك زوجته حتى تبحث هي الأخرى عن رجل غير زوجها، فكل منهم غارق في وادي من الفسوق والفجور، ومن ثم ينعكس ذلك على أولادهم ويلحقوا أبويهم إلى وادي الانحلال، ترى من منهما في صالح المرأة أن يكون لها من يشاركها في زوجها بصورة شرعية تعلمها وتتقاسم معها زوجها بعدل، أم أن يتركها زوجها سعياً وراء الفاجرات ويتركها بلا قيمة حتى تنجرف إلى الهاوية؟!!!
3- صلة الرحم:
…من اهتمام الإسلام بالأسرة والعلاقات العائلية بين أفراد الأسرة الصغيرة والكبيرة فرض على جميع المسلمين الحفاظ على صلة الرحم، وجعل تاركها آثم يستحق العقاب، حتى أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم آخى بين المهاجرين والأنصار حتى تختفي أي مشاعر سيئة في قلوبهم وتتلاشى أي مظاهر للتفرقة بين الفريقين، ولتعميق التواصل بينهم ليتركوا أي أمور دنيوية جانباً ويرتقي لمستوي من المسؤولية يستطيعوا معه التصدي لأي حرب تشن ضد الإسلام والمسلمين.(1/15)
…وفي مجتمعاتنا الإسلامية كانت دائماً المرأة هي المشرفة على العلاقات الاجتماعية وتبادل الزيارات والحفاظ على صلة الرحم، وتنظيم أي مناسبة تحظى بها الأسرة، فهي كالمنبه لأفراد أسرتها أو مدير للعلاقات العامة الداخلية والخارجية تنبه كل فرد من أفراد أسرتها بواجباته ومهامه الأسرية والزيارات الاجتماعية المطلوبة منه، فكلما قامت المرأة بمهمتها الاجتماعية على أكمل وجه، كلما كان المجتمع متماسك كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى، أما إذا أهملت مهامها فإن المجتمع سيتفكك وسيصبح كل فرد منطو على نفسه، لا يشعر بأخيه، ولا يقدم المساعدة لأي محتاج، وبالتالي سيكون من السهل غزو هذا المجتمع بكل الوسائل المتاحة والقضاء عليه.
…ولما عرف أعداء المسلمين بذلك سعوا وراء ابتكار وسائل تدفع المرأة للبعد عن القيام بهذه المهمة، فكانت برامج التلفاز والمسلسلات التلفزيونية والبرامج التي تقضي وقت طويل في مشاهدتها فلا تجد وقت للقيام بزيارة أو السؤال عن أحد، حتى أنها قد تعمد لعدم ذكر ضرورة زيارة صلة الرحم لأن موعد الزيارة يتعارض مع موعد برنامجها المفضل، وليس ذلك فحسب فإننا نجد بعضهن يبقين التلفاز مشتعل لمتابعة برامجه حتى مع وجود ضيوف يزرونها، فلا تدع مجال لتبادل الأخبار وأو تجاذب أطراف الحديث، كما نجد بعضهن يكتفين بالسؤال عن الأقارب بالتلفون، صحيح إنه وسيلة رائعة لمعرفة الأخبار بسرعة لكنها لا تحل محل اللقاءات الأسرية التي تعمق العلاقات الطيبة بين المسلمين.(1/16)
…من أهم المساوئ التي ظهرت في مجتمعنا جراء هذه السلوكيات الفتور الذي أصاب المسلمين، فإن أحدهم إذا سمع خبر سيئ عن أحد أقاربه قد يحزن ويتأثر في لحظتها وسرعان ما يتلاشى الشعور وكأن شيئاً لم يكن وحتى أنه في بعض الأحيان لا يبدى أي تأثر لذلك الخبر، فكان من السهل على أعداء الإسلام شن الحرب على الإسلام والمسلمين بسهولة لأن مجتمع بهذا التفكك فإنه لن يتصدى لهم ولن يستطيع الدفاع عن نفسه.
…ولكن يبقى قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم" الخير في وفي أمتي إلى يوم الدين"، فرغم وجود هذه العينات السيئة، نجد في المقابل نساء صالحات يقد أسرهن إلى العلياء، ويتصدين لكل هذه التحديات بقوة لا مثيل لها، ويقدمن صلة الرحم على كل توافه الأمور، ويبقين العين الساهرة التي تتابع أفراد أسرتها الصغيرة والكبيرة ولا يتأخرن عن أي واجب يوكل لهن ولعلي أذكر هنا نساء فلسطين اللواتي لم تقف أمامهن حواجز الأعداء أو عقباته من أن يقمن بصلة الرحم وأن يؤدين واجباتهن على أكمل وجه، حتى لو دفعن حياتهن ثمناً لذلك، وكم قضين أيام وليالٍ على حواجز الموت وفي البرد القارس والعراء من أجل الإنتقال من مكان لآخر لزيارة الأقارب أو القيام بواجباتهن الدينية.
ثانياً: التحديات التربوية:
…والتي يقصد بها تلك الضربات التي توجه للمجتمع الإسلامي وهدفها تدمير الأخلاق الإسلامية والآداب السامية للمجتمع المسلم.(1/17)
…إن المشاكل الاجتماعية التي نتعرض لها تؤثر سلباً على التربية وسلوك أبنائنا، والمرأة في دورها التربوي كأم أو معلمة تواجه الكثير من الصعوبات والتحديات، فقديماً قالوا إن المرأة هي نصف المجتمع وتربي النصف الآخر، فمعنى أن تكوين هوية المجتمع تقع على عاتقها، وأي تغيير سلوكي أو أخلاقي طارئ يظهر في المجتمع تكون في الصف الأول لمواجهته والتعامل معه سواء كان إيجابياً فتنميه أو سلبياً فتعمل على التخلص منه وتنقية المجتمع منه لذلك نجد أن المرأة تواجه معظم التحديات التربوية التي يتعرض لها المجتمع مهما كانت الفئة الموجهة إليه.
…لذلك دعوني هنا أعرض بعض هذه التحديات التربوية التي غزت المجتمعات ودور المرأة في كل منها ودعوني أقسمها إلى قسمين:
1- التحديات خارج المنزل:
- الحجاب والزي الشرعي:
…لطالما كان الزي الشرعي والحجاب هوية للفتاة المسلمة تعبر عن مدى تمسكها بدينها وعقيدتها الإسلامية وتعاليم دينها، وبمقدار التزامها بالزي الشرعي والحجاب نستطيع أن نحكم على أخلاقها وتربيتها، فأي فتاة فاسدة خارجة عن تشريعات دينها والطريق القويم الذي رسمه لها الإسلام فإن أول ما تتخلى عنه من دينها هو زيها الشرعي وحجابها لكي تستجيب لمغريات الحياة ومفاسدها.(1/18)
…فبذل أعداء الإسلام جهود كبيرة لا يمكن إنكارها وما زالوا في محاولات مستمرة لينتزعوا من المرأة المسلمة حجابها الذي كرمها الإسلام به، وكل يوم يخرجون بحجة جديدة ليدفعوا المرأة المسلمة لخلع حجابها، فتارة يقولوا أن الحجاب رمز للتخلف والرجعية، وتارة يقولون أن الحجاب له آثار سلبية على الشعر وصحته، وتارة أخرى وهي الأشد إيلاماً والتي مع الأسف تبناها بعض مدعي الإسلام أنهم بدءوا بتفسير آيات الحجاب تفسيرات ما أنزل الله بها من سلطان، بدعوى أن الحجاب كان لفترة معينة ولأُناس معينين وانتهى، أو أن الحجاب له معاني أخرى غير التي نعرفها، ومما زاد الدين بلة خروج أناس يتبنون هذه الأفكار على شاشات التلفاز وينادون بها وأمور كثيرة غيرها مما يطعن الإسلام في ظهره ممن يدعون أنفسهم فقهاء "ولكن بلا فقه".
…ولقد تبنى بعض المفكرين العرب أفكار هدامة هدفها دفع المراة المسلمة لخلع حجابها وألفوا العديد من الكتب التى تحرض على ذلك أذكر منها:
كتاب المرأة في الشرق تأليف مرقص فهمي المحامي، نصراني الديانة، دعا فيه إلى القضاء على الحجاب وإباحة الاختلاط وتقييد الطلاق، ومنع الزواج بأكثر من واحدة، وإباحة الزواج بين النساء المسلمات والنصارى.
كتاب تحرير المرأة تأليف قاسم أمين، نشره عام 1899م، بدعم من الشيخ محمد عبده وسعد زغلول، وأحمد لطفي السيد. زعم فيه أن حجاب المرأة السائد ليس من الإسلام، وقال إن الدعوة إلى السفور ليست خروجاً على الدين.
كتاب: المرأة الجديدة تأليف قاسم أمين أيضاً - نشره عام 1900م يتضمن نفس أفكار الكتاب الأول ويستدل على أقواله وادعاءاته بآراء الغرب.(1/19)
…ولكن المسلمات الثابتات لم يخضعن لهذه المغريات وثبتن عل حجابهن مما دفع بعض الدول لاستخدام أساليب أخري لتمنع الحجاب بالقوة واذكر منها فرنسا التي منعت ارتداء الحجاب داخل الحرم الجامعي أو المرافق العامة، وتبعتها على هذا النهج الكثير من الدول، فأي حرية للمرأة يطلبونها وهم يحرمونها من دينها.
…ولم تقف الحرب عند الحجاب وحسب كما أسلفنا، فللزي الإسلامي نصيب كبير من هذه الحرب الشرسة، لقد حدد علماء الإسلام مواصفات الزي الإسلامي بأنه لا يصف ولا يشف ولا يلفت النظر، فركزت دور الأزياء في تصميماتها على الأزياء التي تصف وتشف وتلفت النظر، وحديثاً ظهرت دعوة من البعض إلى ابتكار أزياء إسلامية معاصرة لاجتذاب الفتيات الغير مسلمات والمسلمات الغير ملتزمات للزي الشرعي وترغيبهن فيه فبدءوا بابتكار الأزياء الضيقة واستخدام ألوان صارخة لا تناسب الزي الإسلامي، حتى أن الجلباب الإسلامي لم يسلم من أيديهم، فنجد تفصيلات أقل ما يقال عنها أنها فساتين للسهرة وليست جلابيب تلبسها المرأة المسلمة عن خروجها لقضاء حاجتها، والمؤسف أن هذه الأزياء ذهبت في اتجاه آخر فبدل أن تجذب الغير مسلمات للإسلام، نجد أن كثير من فتيات ونساء المسلمين بدأن بالتخلي عن زيهن الإسلامي وارتداء هذه الأزياء.
…إن تخلي المسلمة عن زيها الشرعي وحجابها لا يعود ضرره عليها فحسب، بل إنه يعود على المجتمع كله فإن خروج الفتيات في المرافق العامة بهذه الأزياء يدفعن الشباب للنظر وما يكون إلا
نظرةٌ فابتسامة فكلام……فسلامٌ فموعد فلقاء
فنحن لا نستطيع فرض غض البصر على شبابنا وهم يتعرضون يومياً لكل هذه المغريات فتنتشر الفاحشة في المجتمع، وتنهار الأخلاق الحميدة والقيم الإسلامية، وتشيع الفوضى والجريمة في المجتمع.
- مقاهي الإنترنت:(1/20)
مما قدمته لها الحضارة المعاصرة الإنترنت، وهي شبكة معلومات عالمية تجعل العالم كله أمامك على شاشة صغيرة وتسهل عليك الحصول على المعلومات، وقد تحدث العلماء مبتكرين الإنترنت أن من أهم أهدافه هي خدمة العلم والعلماء وجعل العالم قرية صغيرة، يتبادل الناس فيه مختلف الثقافات، ولعل هذا الهدف غاية سامية يحترمها أي مجتمع ويرحب في دخوله إلى كل مرفق من مرافقه.
لكن وبمجرد أن دخل الإنترنت إلى مجتمعاتنا الإسلامية، وبدأ ينتشر، حتى بدأت تنتشر عليه مواقع ترفيهية تافه، ومواقع مخلة للأخلاق والآداب، وأغلب هذه المواقع تخاطب جيل الشباب الذي يعتمد عليهم بناء مستقبل الأمة، ومواقع موجه لفئة الأطفال وغرضها الاتجار بهم، ناهيك عن مواقع التعارف والزواج عن طريق الإنترنت، والمصاحبة[المرجع5،ص6].
وليس ذلك فحسب، لقد أصبح الإنترنت بالنسبة للتجار مشروع ربحي، فقد انتشرت في الفترة الأخيرة مقاهي الإنترنت، هذا ما يكتب عليها من الخارج، أما من الداخل فنجد مجموعة من أجهزة الحاسب شُبكت على الإنترنت، وبجانبها طاولات للعب البلياردوا، أو مقهى لتناول المشروبات والتدخين، أو شاشة كبيرة لعرض الأفلام وكأنها سينما!!!
وهنا تكون الأم المربية الأولى لأولادها في موقف لا تحسد عليه، فإنها إن منعت الإنترنت من دخول البيت، فإنها لن تستطيع أن تمنع أبنائها من دخول هذه المقاهي، وحتى لو حاولت أن تمنعهم فإن أولادها سينعتونها بالتخلف عن ركب الحضارة، والتواصل مع العالم، بالإضافة أن المرأة لا تستطيع مراقبة أبنائها خارج المنزل طوال الوقت.(1/21)
قالت إحدى السيدات أن ابنتها بنت العشر سنوات طلبت منها ذات يوم أن تسمح لها بالخروج إلى مقهى الإنترنت مع صديقاتها للبحث عن موضوع في المنهج المقرر، فقالت لها لا داعي لذلك سأساعدك أنا باستخدام الإنترنت المنزلي، فرفضت البنت وأصرت على الخروج إلى المقهى مع صديقاتها، ماذا ننتظر من طفلة بسن العشر سنوات تصر على الخروج لهذه الأماكن لاستخدام الإنترنت بعيدا عن مراقبة أمها، هل هذه هي النشأة الإسلامية التي نتمناها لبناتنا وأبنائنا، إن المرأة تقع في مأزق حرج من جهة لو منعت أبنائها من استخدامه فإنها تمنع عنهم وسيلة لو استخدمت بطريقة الصحيحة فهي وسيلة للعلم والثقافة نافعة جداً، وإن سمحت لهم باستخدامه فإن الأمر مهما حاولت سيخرج عن سيطرتها ويوقعهم في الهاوية.
إن مواجهة مثل هذا الأمر تقع مسؤولية على جميع أفراد المجتمع، فلابد من التعاون لوضع خطة مشتركة تساعد الأمهات في مواجهة هذه المشكلة، ولعلي هنا اقترح نقطتين لابد من احتواء أي خطة عليها وهي:
ضرورة وضع رقابة على مقاهي الإنترنت بصورة عامة والتي يتردد عليها الأطفال والشباب بصورة خاصة.
إنشاء مقاهي إنترنت تربوية تكون العاملات فيه نساء مؤهلات إسلامياً وعلمياً وتربوياً لتحقيق الفائدة دون إلحاق الضرر بالتربية الإسلامية لأبنائنا.
2- التحديات داخل المنزل:
من أخطر التحديات التي يتعرض لها المجتمع الإسلامي وبالأخص المرأة كون أن معظم مسؤوليات البيت تقع على عاتقها هي التحديات التي تغزو البيت من الداخل، وتبدأ بالتغلغل لكل أفراد الأسرة والتأثير عليهم سلباً، وهي تتمثل في:
- القنوات الفضائية:
وهي لا تقل في خطورتها عن الإنترنت، بل هي أشد خطراً كونها في متناول يد جميع أفراد الأسرة، ولا شك أن أعداء الإسلام فطنوا إلى هذه الوسيلة واستطاعوا استخدامها جيداً، ودعوني أعرض بعض تأثيرات الفضائيات على التربية الإسلامية للمجتمع المسلم:(1/22)
البرامج الموجهة للمرأة، فمن شدة اهتمام المسئولون بشئون المرأة اختصوها ببرامج خاصة بها منها ما يهتم بالأزياء الفاضحة، وأخبار الفنانات والبرامج الترفيهية، أو تلك البرامج التي تظهر في مظهر البرامج حلال المشاكل التي تواجه المرأة وفي حقيقة الأمر هي برامج هدفها زرع القيم الغير إسلامية في مجتمعنا عن طريق طرح حلول تنافي شريعتنا الإسلامية، مستغلين ما تتعرض له المرأة المسلمة من عقابات في حياتها، وكأن حل مشاكلها يكون بعيداً عن الإسلام، فتبدأ رويداً رويداً بالتخلي عن إسلامها ومن ثم تنقل ذلك إلى أبنائها أو إلى الجيل الذي تربيه فينهار المجتمع المسلم وتنطمس معالم الإسلام الأخلاقية والدينية.
برامج الأطفال، التي تخاطبهم بلغة أكبر من سنهم فتدفعهم للتفكير بأمور لا تناسب سنهم، وبعض البرامج التي يغلب عليها طابع العنف، فتسلب الأطفال هدوءهم وتحولهم إلى أطفال عنيفين في طباعهم وتعاملهم مع الآخرين لا سيما والديهم، فإن الأطفال يصلوا إلى قناعة أن العنف وسيلة من وسائل العيش في الحياة وحل المشاكل، وبما أن الطفل في مراحل عمره الأولى يتلقى معظم تعاليمه من والدته أو معلمته في رياض الأطفال أو المدرسة، فإنهن يتعرض للكثير من المتاعب جراء ذلك السلوك العدواني الذي يتولد لدى الأطفال، فإن حاولت إحداهن محاولة تقويم الطفل ومنعه من استخدام العنف في تعامله مع الآخرين فإن الطفل يرد بسلبية، ويتكون داخله كراهية اتجاهها يتولد عنها عدم الاحترام مما يصعب معه زرع أي قيمة إسلامية داخل هذا الطفل، وللأسف فإن كثير من الأمهات تغفل عن هذا الخطر الذي يهدد أطفالها ولا تشعر بالشر الذي يزرع داخل طفلها مع مرور الوقت!!!(1/23)
البرامج الموجهة للشباب، والتي تعرض لهم سلوكيات المجتمعات الغير مسلمة، وتتعامل معها وكأنها سلوكيات حضارية لا ضرر في التعامل معها، وكأنها شيء طبيعي، إن العفة هي رمز الفتاة المسلمة وهم يحاولون أن يسلبوها إياها بكل الوسائل والطرق المتاحة، ومنها زرع الأفكار المخلة للآداب في قلوب فتياتنا على أنها من متطلبات العصر والتحضر.
إن كثرة القنوات الفضائية جعل أفراد الأسرة يجلسون أمام التلفاز معظم الوقت، فلا يجدون الوقت للجلسات العائلية أو حتى زيارات صلة الرحم، فيغفل الأباء عن تربية أبنائهم أو متابعة أمورهم وسلوكياتهم اليومية.
هذا الخطر الكبير الذي يقتحم بيوتنا جعل المرأة في دائرة الخطر، فلا بد لها كي تواجه هذا الغزو أن تعمل كأنها محطة تنقية ومراقب عام على كل ما يشاهده أبنائها، وأن تجعل أوقات محددة لمشاهدة التلفاز، وأوقات أخري للجلسات العائلية التي يجتمع فيها أفراد العائلة لمناقشة المشاكل التي تواجههم، ومحاولة وضع حلول لها، ولا بد لها من متابعة سلوكيات أبنائها وزرع القيم السامية داخلهم منذ نعومة أظافرهم والتأكد من عدم تأثرهم بكل ما يشاهدونه أو يسمعونه.
…- التربية التعسفية:
تحدي قديم وحديث أو أنه لا يخلو زمن منه، ومن الأخطاء التي يقع فيها الأباء هي التمييز في التربية بين البنات والأولاد، سواء بالقسوة مع البنات أو عدم الاهتمام بهن مثل الأولاد، وعدم مراعاة احتياجاتهن، وقد وصى النبي -- صلى الله عليه وسلم -- بالعدل بين الأبناء فقال: " اعدلوا بين أبنائكم، اعدلوا بين أبنائكم " سنن النسائي (3627).
وقد وصى النبي -- صلى الله عليه وسلم -- بالبنات وحسن معاملتهن، والحفاظ عليهن، وعدم إهانتهن فقال -- صلى الله عليه وسلم --: "من وُلدت له ابنة فلم يئدها، ولم يهنها، ولم يؤثر ولده عليها ـ يعني الذكرـ ادخله الله بها الجنة " مسند أحمد (1856).(1/24)
قديماً كانت الفتاة لا تتعامل مع العالم الخارجي فتبقي مشاعرها محتجزة داخلها فلا نشعر بالعواقب السيئة لهذا الأمر، ولكن في الوقت الحاضر أصبحت الفتاة منفتحة على العالم الخارجي، وتختلط بكافة شرائح المجتمع لذلك فإنها ستبحث عن وسيلة تعوضها عن ذلك، فيظهر ضعاف النفوس فيستميلوا هؤلاء الفتيات، ويدفعوهن للقيام بالأغراض الدنيئة، والأفعال الفاحشة وجعلها بضاعة رخيصة في أيدي تجار الأعراض، ومن ثم توظيفهن للإيقاع بالشباب وجرهم بدورهم إلى الهاوية، أو دفعها لإرتكاب الجرائم البشعة التي بندى لها الجبين، والأخطر من ذلك أن يتم إيقاعهن في شبكات التجسس لحساب أعداء الله، فأي مصيبة أكبر من ذلك ننتظر.
إن السلوكيات السيئة الموجودة في مجتمعاتنا الإسلامية تمثل أرض خصبة لأعداء الإسلام ليستغلوها للمضي قدماً في خطتهم لتدمير الإسلام وطمس معالمه، والسبب في وجودها هو غيب الرقيب الداخلي على النفس، فالإنسان يجب أن يراقب الله في عمله ومعاملته مع الآخرين حتى ينقي نفسه من الشوائب التي تعلق بها، ويحمي نفسه من الأوبئة التي يبثها أعداء الله للقضاء على الإسلام.
المرأة الفلسطينية وتحديات العصر(1/25)
وعلى الرغم من هذه الحرب الشرسة ضد الإسلام وضد المسلمات وتجنيد كل فاسد لدفع المرأة إلى هاوية الدمار والانحلال نجد المرأة الفلسطينية تقف صخرة صلبة في وجه كل هذه التحديات غير مكترثة بكل الصعوبات التي تتعرض لها، تحمل في قلبها إيمانها وفي يدها سلاحها وتشارك في الدفاع عن أرضها وعرضها جنباً إلى جنب مع أبيها وأخيها وزوجها، فإن الاحتلال على مدار 58 عاماً كان همة تدمير المجتمع ومحي الهوية الفلسطينية عن الوجود، ولطالما ارتبط احتلال فلسطين بتدمير الإسلام ومحي كل المعالم الإسلامية على هذه الأرض الطاهرة، فقتل وسرق ودمر ووضع الحواجز لتقسيم الأراضي وسلبها من أصحابها وإبعاد أفراد العائلة الواحدة عن بعضهم البعض، وعلى مدار 58 عام وقفت المرأة الفلسطينية في وجه الاحتلال، وبذلت كل ما بوسعها للحفاظ على أسرتها من كل الضغوط الخارجية التي يبذلها الاحتلال وحماية أبنائها من أن تتأثر أخلاقهم أو أن تضيع هويتهم الإسلامية الفلسطينية، ولنا هنا أن نذكر بعض المواقف التي قامت بها المرأة الفلسطينية، والتي يعتز بها الإسلام على مدار التاريخ والتي برهنت فيها على أن المسلمة تستطيع أن تقاوم كل التحديات وتقدم التضحيات من أجل الحفاظ على الإسلام:
أنشأت الفلسطينيات جيل الانتفاضة من عام 1982 وحتى الآن.
المسؤولية الكاملة التي تتحملها الزوجة الفلسطينية عند اعتقال زوجها أو استشهاده وتحملها لكل الصعوبات التي تواجهها في تربية أبنائها.
أمهات المصابين والمعاقين والدور البطولة الذي تقوم به في السهر على راحتهم.
خروجها لمواجهة الأعداء والدفاع عن المقدسات، فكم من شهيدة روت بدمائها الزكية أرض فلسطين، وكم من جريحة سالت دامئها الطاهرة دفاعاً عن القدس.
قيامها بدورها الدعوي رغم كل الصعوبات التي تواجهها، ورغم الحرب الشرسة التي يشنها ضدها أعداء الله والوطن.(1/26)
تواجدها في المدارس والجامعات وتنشئة جيل متعلم مثقف يرفع لواء العلم عالياً في وجه العدو.
رغم كل الظروف الصعبة التي تمر بها الأراضي الفلسطينية نجد النساء الفلسطينيات ناجحات صابرات قانتات يتصدرن المراكز الأولى في المحافل الدولية.
إن صمود المرأة الفلسطينية في وجه هذه التحديات لهو صمود بطولي وتحدي حقيقي يواجهه أعداء الإسلام ويهزموا أمام عظمة هذا الصمود البطولي.
إن المرأة الفلسطينية إما زوجة أو أخت أو ابنة ضربت مثلاً عظيماً للمرأة المسلمة الذي صح إسلامها وأثبتت أنها تستحق أن تكون خليفة الصحابيات الجليلات.
حلول واقتراحات
إن هذه التحيات والمشاكل التي تواجه المرأة والمجتمع المسلم ليست نهاية المطاف، أو أنها نهاية للإسلام فدائما بالعودة لتعاليم ديننا الحنيف ملجأ آمن لجميع مشاكلنا نجد الحل والعلاج في شريعة الله عز وجل.
وهنا سأعرض بعض الإقتراحات للوقوف في وجه هذه التحديات ومساعدة المرأة على التغلب عليها:
وضع الخطة لمكافحة المفاسد الأخلاقية من قبل علماء الدين المسلمين، تتولى تنفيذها الحكومات المسلمة وتشرف عليها.
معرفة القدرات الهائلة التي تمتلكها المرأة المسلمة والعمل على الاستفادة الأفضل من هذه الإمكانات الضخمة بإنشاء مراكز وجمعيات أهلية فعالة.
إعادة النظر بكل جدية في النظم والقوانين التي تحكم المرأة والعمل على إعادة صياغتها بحيث تكفل للمرأة حياة كريمة وتساعدها على التصدي لكل التحديات التي تتعرض لها.
تربيتها وتعليمها دينها الإسلامي وتمكين حب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من قلبها ليكون حافظ لها.
القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة.
العمل على مراقبة كل الوسائل الإعلامية "الكتب، المجلات، البرامج، النشاطات الخارجية،..." الموجهة للمرأة والعمل على تنقيتها من كل فاسد.
الإشراف على الوسائل الإعلامية الموجه بشكل خاص للمرأة والتعويض عن الفاسد منها بوسائل إسلامية فعالة ومنها:(1/27)
إنشاء محطات فضائية مسلمة تختص بقضايا المرأة المسلمة والعمل على إبرازها بالصورة الإسلامية النقية.
إنشاء إذاعات محلية خاصة بالمرأة المسلمة وتكون القائمات عليها من المسلمات اللواتي صح إسلامهن.
دعم إصدار المجلات النسائية الإسلامية.
دعم دور المرأة التربوي سواء في رياض الأطفال أو المدارس أو الجامعات.
ودعوني أختم بحثي هذا بقول للأستاذ الدكتور يوسف الكتاني" لما بزغ نور الإسلام وجدت المرأة في ظله ملاذها، ورد إليها اعتبارها، ووضعها في طريقها الصحيح الذي مكنها من حقوقها وواجباتها، إذ علمها التمسك بالقيم، والتشبث بالعقيدة، وقيام الحياة على الفضيلة والمروءة، وجعل سيرتها طهارة وتقوى، ووسيلتها عملاً وجهاداً، وهدفها حقاً وخيراً " [المرجع3].
المراجع
رجال ونساء حول الرسول، سعد يوسف أبو عزيز، دار الفجر للتراث، الطبعة الأولى.
المرأة المسلمة في مواجهة التحديات المعاصرة، إلهام هاشم، مجلة الطاهرة، العدد 28.
المرأة المسلمة والتحديات المعاصرة، أ.د يوسف الكتاني، جامعة القرويين المغرب.
المرأة المسلمة ودورها في التنمية الشاملة للمجتمعات الإسلامية،د. مريم آيت أحمد علي.
المرأة المسلمة نحو تفعيل الأداء في عصر العولمة، د. فريدة صالح زوزو.
توصيات ونتائج فعاليات ملتقى العلماء العالمي بتراجايا- ماليزيا، 11-12 يوليو 2003.
حركة تحرير المرأة، مجلة أقلام الثقافة الإلكترونية.
كيف نربي أبنائنا في هذا الزمان، د. حسان شمس باشا.(1/28)