بسم الله الرحمن الرحيم
البتار في فضح الشيعي الصفار
أعده: أبو محمد السني
المقدمة:
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأصلي وأسلم على من بعثه ربنا رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثرهم وسار على نهجهم إلى يوم الدين، أما بعد:
فكنت من زمن أسمع عن رجل يقال له: حسن بن موسى الصفار ممن يعرف تاريخ الرجل في المملكة العربية السعودية، وبعد سنوات من تلك السماعات رأيت الرجل يطرح بضاعته المشبوهة في بعض وسائل الإعلام .. الأمر الذي جعلني أرقب ما يكتب بين الفينة والأخرى .. فاتضح لي جلياً أن الرجل يعيش قضية كبرى يطرحها بأثواب متعددة لا تختلف عن مضمونها .. -من هذا وغيره من شواهد - عرفت أن الرجل يتحدث في مكان وزمن يحتم عليه مذهبه أن لا يعلن بكل ما يعتقد- لأن مقام القوة يختلف عن مقام الضعف – وإن أتيحت له بعض الفرص والمواقف .. وإلا لماذا لم تكن أطروحاته الإصلاحية -بزعمه- في دولة تتبنى أصول مذهبه؟ إلا أن الأمر له دلالاته و مقاصده.
ولست أتهم الرجل في ذلك ولا أحكم عما يكنه قلبه، فهذا منهي عنه أشد النهي؛ لكنني سأذكر دلالات وبينات من نصوص كلامه الواردة في كتبه التي وقفت عليها – ولم أدقق في كل ما جاء فيها – إجمالاً.
وفي هذا الكتاب لن أسلك مع الرجل مسلك العرض والرد فهذا أمر يطول ولا يسعه مثل هذا الكتاب ولأنه تحصيل حاصل؛ وإنما هو إثبات ما كتبه بألفاظه ووضع تساؤل أو بيان كذب وافتراء أو تناقض يبين تناقضه أو سؤاله بالجمع مابين الإصلاح المزعوم وما يدعو إليه ... لأن الرجل ينطلق من منطلقات مذهبية تخالف ما عليه أهل الإسلام في أصولهم وفي كثير من فروعهم .(1/1)
وهنا أذكر شيئاً لابد من التفطن له وهو أن الرجل في أطروحاته يريد من الآخرين أن يفهموا أن هناك خطاً ثالثاً يمكن الاجتماع عليه، ولذا كان يصرف كل نص من النصوص الدينية في هذا الخصوص.. فهو لا يريد منا أن نكون أهل سنة وجماعة ولا يريد من أتباعه أن يكونوا شيعة.. بمعنى أن يتخلى الجميع عما يعتقدون ليركبوا معه خطه الثالث الذي يسميه إصلاح .. أو تعايش .. أو أن يلتزم صاحب كل مذهب ما عنده من دين ويقر الآخر على ما عنده؛ دون التدخل في الآخرين.. فلا دين ولا مذهب وإنما هو شيء اسمه: إصلاح ..وهذه كلمة فضفاضة قد يدعيها اليهودي والنصراني والمجوسي والبوذي ... إلخ من الديانات.
وعلى هذا فلا رب يعبد وحده لا شريك له، ولا كتاب يبين الحق من الباطل،ولا رسل ولا أنبياء يجاهدون من أجل إحقاق الحق وإبطال الباطل، وإنما هو .. إصلاح .. أو مصالح مشتركة أوتراب.. أو قوميات .. أو أعراق .. أو تعايش .. أو وحدة ... إلخ .
وعلى هذا فالدين فقط في قلب حامله يحرم عليه إظهاره أو ترجمته إلى واقع الحياة، وبهذا الإصلاح المزعوم يهدم الدين الحق ليستبدل بدين جديد اسمه إصلاح ...
مع أن الرجل في أغلب ما كتب يقرر الحقيقة الدينية ويثير أتباعه لها ويؤصلها -كما سترى- ويبني النفوس ويهيؤها لما هو مطلوب منهم بعد المزاعم الإصلاحية.
أسأل الله تعالى الهداية والإعانة والتوفيق والسداد، وأن يجعل هذا الكتاب لوجهه الكريم، كما أسأله سبحانه أن يهدي قلب كل من انخدع بالرجل وانطلى عليه كلامه.
والحمد لله رب العالمين
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
* الصفار يستحث الشباب على البذل والعطاء من جانب واحد ويمايز بين المذاهب ..فأين الوحدة الوطنية؟؟
مشاهدة المشاركة: الشيخ الصفار وزيارته للأحساء
أهل الرميلة:(1/2)
وسط جمهورٌ متميز من الشباب والناشئة وبحضور عدد من علماء وشخصيات البلد افتتح سماحة الشيخ حسن الصفار النشاط الصيفي لحسينية الإمام الخوئي ببلدة الرميلة بمحافظة الأحساء مساء يوم الخميس (ليلة الجمعة) 29 ربيع الآخر 1425هـ الموافق 17 يونيو 2..4م، حيث دُعي سماحته إلى ندوةٍ تحت عنوان: «نحو استثمارٍ أفضل لعطلة الصيف».
وهذا تقريرٌ عن تلك المشاركة:
• كلمة سماحة الشيخ:
...وأضاف إن الإنسان في هذه الحياة يمتلك طاقاتٍ عظيمة وقدراتٍ كبيرة وعليه خلال فترة حياته أن يفجر هذه الطاقات وأن يقدم أكبر قدرٍ من الإنجاز والعطاء.
...واستشهد بكلمةٍ لأمير المؤمنين يستحث فيها أصحابه عبر الحديث عن نقاط القوة لأهل الشام، ثم يقول لهم: [[ ويحكم القوم رجالٌ أمثالكم ]]^.
..وتحدث بعد ذلك عن توجهات استثمار العطلة الصيفية، وقال: إن العطلة الصيفية تمثل مرحلة فاصلة بين مرحلتين دراسيتين، ففي أيام الدراسة يكون الطالب مشغولاً بالمقررات الدراسية، فلا وقت لتنمية وتفعيل الجوانب الأخرى في شخصيته وأبرزها: الوعي الديني والاجتماعي والثقافي.
* قلت: الصفار يريد من المسلمين أن يقلدوا الغرب في مسألة التعايش المبني على المصالح الدنيوية البحتة دون النظر للدين.
الصفار والمناصب الأمنية والسياسية:
(الوكالة الشيعية للأنباء (إباء) محرر موقع سماحة الشيخ حسن الصفار حفظه الله)
أمّ سماحة العلامة الشيخ حسن موسى الصفار (حفظه الله)، جموع المصلين اليوم الجمعة الموافق 25 شعبان 1423هـ في مسجد سماحة الشيخ علي المرهون حفظه الله بالقطيف. وبعد الصلاة ألقى سماحته كلمةً افتتحها بقوله تعالى: (( وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ))[الفرقان:30]^.
...(1/3)
وتحدث عن مفارقة بين وضع الأمة الإسلامية ووضع الغرب في العلاقات الاجتماعية وأسس التعايش، وكيف أن الأمة الإسلامية لا تحظى بأي نوعٍ من أنواع التعايش مع التوافق فيما بينهم في الدين، وتجد أن الدول الغربية المتحاربة تُفكر كيف يتحدون مع بعضهم، ويضعون لهم أسساً تضمن التعايش الآمن فيما بينهم.
* قلت: الصفار يطالب بالمناصب الأمنية والسياسية والدعوة لمذهب الشيعة عبر بعض وسائل الإعلام للدولة .
الصفار .. وحقوق الشيعة:
الحكم السعودي بين استحقاقات التغيير والخشية من النتائج د. سعيد الشهاب
28/5/2003م
وكان الشيخ حسن الصفار أحد كبار الزعماء الشيعة في المملكة العربية السعودية أعرب عن الأمل بأن ينتهي التمييز الذي يستهدف الشيعة السعوديين بعد التغيرات الكبيرة التي حصلت في العراق المجاور. وقال الشيخ الصفار في منزله في القطيف في المنطقة الشرقية: (نحن مستمرون في اتصالاتنا مع المسئولين في بلادنا، كما في السابق، لمعالجة بعض ما يشكو منه المواطنون الشيعة في المملكة من حالة من التمييز المنصبي والطائفي بينهم وبين بقية المواطنين) وأضاف في اتصال معه من دبي: إن هذا التمييز (يتمثل في عدم السماح لهم بخدمة وطنهم في المجالين: العسكري والأمني، وكذلك في السلك الدبلوماسي، ومن خلال محدودية وجودهم في مجلس الشورى، وفي عدم إتاحة الفرصة لهم للتعبير عن آرائهم في وسائل الإعلام في المملكة، وفي التضييق عليهم في ممارسة شعائرهم الدينية، وفي حظر نشاطهم الديني والثقافي، رسمياً حيث تمنع طباعة كتب الشيعة في المملكة ودخولها إلى المملكة).
* قلت: الصفار يكشر عن أنيابه- لكن ليس كلها- عندما قرب الأمريكان للمنطقة.
وكان الشيخ الصفار من بين 13 شخصية سعودية شيعية من المنطقة الشرقية أصدرت بياناً في الثامن عشر من نيسان (إبريل) رحب بسقوط (الديكتاتور العراقي) وقال الشيخ الصفار : إنه يمكن التعبير عما يشعر به الشيعة بأنه حالة من التهميش.(1/4)
ويسيطر السنة في السعودية على مقاليد الحكم وهم متأثرون بالتيار الوهابي المتشدد. وأضاف حسن السعودي الشيعي حول تأثير ما حصل في العراق على شيعة السعودية: (سيتأثرون وسيطالبون بحقوق أكثر وسوف نرى ربما شيئاً من التحدي للحكومة) مشيراً إلى احتمال تعرض المملكة (لضغوط خارجية).
وكان الصفار يشير بذلك إلى الولايات المتحدة حيث قال الرئيس الأميركي جورج بوش مراراً: بأنه يريد إقامة نظام ديمقراطي في العراق يكون مثالاً يحتذى لبقية دول الشرق الأوسط.
الشيخ الصفار في حوارٌ ساخن وصريح مع مجلة الجسور:
مجلة الجسور - « القطيف- ياسر باعامر » - 21/.5/2..4م -
أجرت «مجلة الجسور» التي يصدرها الدكتور عوض بن محمد القرني في عددها الجديد العدد(التاسع) -السنة الأولى- ربيع الأول 1425هـ، حواراً ساخناً ومطولاً مع سماحة الشيخ حسن الصفار استغرق 11 صفحة من صفحات المجلة.
وكان سكرتير تحرير المجلة الأستاذ «ياسر بن محمد باعامر » قد زار سماحة الشيخ الصفار في مكتبه في القطيف وأجرى معه الحوار الشامل الذي تناول كثيراً من التساؤلات التي تدور في أوساط التيار السلفي تجاه المواطنين الشيعة في المملكة.
وقد أجاب عليها سماحته بشفافية ووضوح. ومجلة «الجسور» مجلة شهرية فكرية شاملة حديثة الصدور، ولها تأثيرها في أوساط شباب الصحوة في المملكة. ويُعتبر هذا الحوار هو الأول من نوعه في درجة صراحته ووضوحه، ونأمل أن يُساعد على فهم أفضل متبادل من أجل علاقةٍ أفضل بين المواطنين على تنوع اتجاهاتهم الفكرية والمذهبية.
مقتطفات من الحوار:
• المرجعية الدينية عند الشيعة في السعودية هي مرجعية في المسائل الدينية الفقهية فقط لا في المسائل السياسية.
• إيران تراجعت عن تصدير الثورة، وإثارة هذه المسألة في أجواء الحوار سلوك مغرضٌ.
• لا يلام الشيعة على عواطفهم نحو إيران وإنما يلام الذين لا يبدون تعاطفاً مع إيران وهي دولةٌ إسلاميّة واجهت النفوذ الأمريكيّ.(1/5)
• أعتقد أن نسبةً كبيرةً من المواطنين في المملكة يتعاطفون مع حزب الله بسبب مواقفه الجهادية المشرقة.
• السياسات العامة القائمة في البلد هي المسئولة عن انعزالية الشيعة في مجتمعات مغلقة.
• لا مانع عندنا من الناحية الفقهية أن يتزوج الشيعي سنية أو تتزوج الشيعية سنياً، وفتاوى علمائنا واضحة في هذا السياق، ولكن المؤسسة الدينية الرسمية لديها تعليمات تمنع زواج السنية من الشيعي.
• التقيت مع الشيخ ابن باز و اللحيدان لتوضيح صورة الشيعة وكان تفاعلهما معي طيباً.
• أعرف من بين الأشخاص الذين يصنفون ضمن التيار الليبرالي أناساً معتدلين يؤمنون بثوابت الدين، ويؤمنون بثوابت المصلحة الوطنية.
• أعتقد بأن سقف المطالب الشيعية الآن أصبح أكثر اعتدالاً مما كان عليه قبل (25 سنة) وبإمكانكم أن تراجعوا أدبياتنا في ذلك الوقت وتقارنوها بأدبياتنا الآن.
• الشيعة عملاً لا يمارسون سب الصحابة ولا تكفيرهم، أما ما ذُكِرَ في الكتب فهذه الكتب المنشورة كلها كتبٌ قديمة.
• كيف نتهم بعدم الولاء للوطن ونحن الذين خففنا معارضتنا إبان حرب الخليج تضامنا مع الحكومة بينما كانت رموزٌ سلفية تستغل الأوضاع لتصعيد المعارضة.
• إثارة هذا التشكيك تجاه الثورة في إيران وتجاه الشيعة تولى كبره الاستعمار، ومع الأسف بعض إخوتنا السنة مرّت عليهم هذه المؤامرة واستجابوا لها وشاركوا فيها.
• القول بتحريف القرآن رأي شاذ يعتمد على روايات غير مقبولة وغير صحيحة، والقرآن الذي يقرأ عند الشيعة هو القرآن الذي يقرأ عند السنة.
حوار مع حسن الصفار
أجرته مجلة الجسور
تفصيل الحوار:(1/6)
السؤال: أدى البروز الشيعي الأخير إلى قلق في الشارع السعودي، بمختلف مؤسساته وعلى رأس تلك المؤسسات المؤسسة الشرعية الرسمية منها والأهلية، وثمّت من القواعد الصحوية في المملكة من يرفض من الأساس مبدأ الحوار مع الطرف الشيعي، وقد صرح الشيخ صالح الفوزان – عضو هيئة كبار العلماء -لصحيفة الحياة في 3 أبريل 2..4 حينما سئل عن منهج أئمة الدعوة في التقارب مع الشيعة أجاب بصراحة قائلاً: " نحن لا نتقارب إلا مع أهل الحق وأهل السنة، أما أهل الباطل وأهل الضلالة فلا نتقارب معهم إلا إذا تابوا إلى الله عز وجل ورجعوا إلى الحق".. إجابة واضحة تمثّل قطيعةً حدّيّة مع التشيّع وأهله باعتبارهم ضُلالاً مبتدعة.
الجواب: أعتقد أنّ الحوار الوطني له مهمتان رئيستان، المهمة الأولى: تحقيق حالة التواصل والانفتاح بين الشرائح والفئات الوطنية المختلفة، فقد كنا نعيش حالة من القطيعة والتباعد، وكانت حالة الإقصاء والإلغاء هي السائدة في البلد، ومؤتمر الحوار الوطني كان فرصة لكي يلتقي هؤلاء الناس مع تنوع مذاهبهم وأفكارهم ومناطقهم، يلتقون ويرسون قواعد للتواصل الدائم فيما بينهم؛ ليتجاوزوا حالة القطيعة والتنافر هذه هي المهمة الأولى.
السؤال: هل من الصحيح أن يجمع الشيعة بين انتماءاتهم المذهبية للحوزات العلمية في العراق وإيران وهذا أمر لا يخفى وبين ولائهم الوطني؟ خصوصاً أن البعض يرى أنّ مثل هذا الجمع يعد مشكلة وطنية في حد ذاتها، خصوصاً وأن المرجعية الشيعية لها قدسية في المجتمع الشيعي، بمعنى أنّها لو أصدرت فتوى بمناهضة الحوارات الوطنية فسيلتزم بها المجتمع لديكم.(1/7)
الجواب: هذا يحتاج إلى أن تفهم موقعية المرجعية الدينية للشيعة، المرجعية الدينية عند الشيعة هي مرجعية في المسائل الدينية الفقهية فقط، وليست في المسائل السياسية، والشيعة في مختلف بلدانهم وأوطانهم مندمجون في أوطانهم ومجتمعاتهم ولهم أطرهم الوطنية الموجودة داخل بلدانهم فيما يرتبط بأوضاعهم الوطنية.
المرجعية لها دور ديني فقهي والأصل ألا تتدخل المرجعيات الشيعية في الأوضاع السياسية في بلدان الشيعة. مثلاً: طوال تاريخ الشيعة في المملكة لم تتدخل المرجعيات الدينية في العراق أو في إيران بإلزام الشيعة في المملكة بشيء يخالف سيادة الوطن، وهذا تاريخ قائم.
* قلت: (سيتبين بعد ذلك كذب الرجل في قوله: إن المرجعية في المسائل الدينية الفقهية فقط وليست في المسائل السياسية . كما سيأتي من تقريره في بعض كتبه التي نقلت منها نصوصاً كثيرة تخالف ما قرره هنا، والشيخ صالح الفوزان – نفع الله به – يعنى في إجاباته أننا لا نرضى الحوار الذي معناه مداهنة أهل الباطل وإقرارهم على الباطل وإنما نرضى الحوار الذي معناه تمييز الحق من الباطل).
السؤال: وما تقول في الفتوى المشهورة عند الشيعة التي تنصّ على أنّ: « لولي أمر المسلمين ولاية على مقلديه خارج الحدود، بحيث لو أصدر حكماً فعليهم اتباعه». وهذا يؤكد أن شيعة المملكة لهم ولاءات خارج الحدود، كيف تتفق الوطنيّة مع هذه الولاءات؟
الجواب: هناك اختلاف داخل المجتمعِ الشيعيّ حول مسألة (ولاية الفقيه)، وأكثر مراجع الشيعة لا يرون مبدأ (ولاية الفقيه المطلقة).
* قلت: (إن كانت المرجعية دينية فقهية .. فلماذا يجيب بالقول أنها خلافية .. ويتملص منها؟)
إنّ آية الله السيد الخوئي الذي يعتبر المرجع الأعلى للشيعة في العالم وفي المملكة لا يرى ولاية الفقيه المطلقة، والمرجعية العليا للشيعة السيد السيستاني الموجود الآن في العراق هو الآخر لا يرى هذه الولاية للفقية.(1/8)
قضية ولاية الفقيه لها جذور في الفقه الشيعي، ولكن الذي بلورها وطرحها في هذا العصر هو الإمام الخميني ، وأقام على أساسها الجمهورية الإسلامية، ولكن ليس كل الشيعة يقلّدون الإمام الخميني ، أويقلّدون خليفته الآن السيد خامئني في إيران هذا أولاً.
* قلت: (إذن ولاية الفقيه ليست دينية فقهية بل وسياسية عليها تقوم الدولة الشيعية)
أما الناحية الثانية: فهي متعلقةٌ بحدود ولاية الفقيه عند من يؤمن بهذه النظريّة. أكثر علماء الشيعة يرون أن ولاية الفقيه لا تتعدّى حدود منطقته، وقد تحدث السيد محمد حسين فضل الله الموجود الآن في لبنان عن هذه المسألة وقال بوضوح: «للفقيه المجتهد الولاية والسلطة على إدارة شئون الناس العامة مما يحتاج فيه إلى ولايته. والشئون العامة هي ما يرجع إلى النّظام العام الذي يتوقف عليه توازن حياة المسلمين بغيرهم بما يحفظ مصالحهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية ونحوها، ويقوم به نظام حياتهم كمجتمع، كذلك فإنّ له الولاية على الأفراد الذين فقدوا وليهم كالقاصرين والمجانين. هذا وحيث يصدر الفقيه أمراً تجب طاعته، ولا يجوز الخروج فيما هو ولي عليه في حدود المنطقة التي يعمل ولايته فيها».
* (قلت: إن كانت مختلفاً فيها فيوجد من يوافق عليها ويلتزمها .. وهذا أمر لا يقدر الصفار ولا غيره منعه .. فرجع الأمر إلى أن ولاية الفقيه والصدور عنها قائمة .. فتنبه.)
مثلاً في إيران هناك مجلس خبراء منتخب من مختلف مناطق إيران، هذا المجلس المنتخب هو الذي يختار ولياً للفقيه، فهم اختاروا ولياً للفقيه فولايته عليهم هم، أما الشيعة الذين هم خارج هذا الإطار، ولم يشاركوا في الاختيار والانتخاب فلا تسري عليهم ولايته.
* (قلت: فلماذا يستشهد بها ويجعلها قدوة في الانتماء والعمل؟؟)
إذن هناك نقطتان حتى الآن:
الأولى: أن ولاية الفقيه ليست مبدأ مجمعاً عليه عند الشيعة.(1/9)
والثانية: أنه حتى مع القول بولاية الفقيه فإنّ ولايته تختص بمن انتخبه، وبالمنطقة التي يُعملُ فيها ولايته.
ثمّت نقطةٌ ثالثة: هي أنّ من ميزة المرجعية عند الشيعة أنّ المرجع يختار ضمن مواصفات علمية متقدمة، يعني يعرفه العلماء، وتعرفه الحوزة العلمية، وبالتالي غالباً ما يكون له نضج وله اتزان نفسي، هذا النضج وهذه المقومات التي عنده تجعله أكثر تعقّلاً من أن يعطي أمراً لأناس يعيشون ضمن وطن وضمن بلد ولهم أوضاعهم وأحوالهم. المسألة ليست كمسألة بعض الجماعات الإسلامية التي تختار شاباً وتبايعه أميراً للجماعة وقد لا يمتلك شيئاً من العلم أو النضج فيفتي ويقرر. الشيعة ليسوا كذلك، إنما يختارون العالم بل الأعلم، ويرون أن يكون الأعلم هو من منسوبي الحوزات العلمية يعرفه العلماء ويعرفه الفقهاء وعلى درجة من العدالة والنضج، وبهذا يكون في مستوى من التعقل بحيث لا يتدخل في شئون البلدان الأخرى بما يوجب اختلال النظام، وبما يوجب الإساءة لوضع المواطنين الشيعة.
* (قلت: إن لم يتدخلوا صراحة فيوجد من يتبنى ويعود محملاً بما يراد إيصاله وتبليغه .. من أولئك الذين يذهبون للحوزات للتتلمذ على مراجعها الدينية والسياسية).
إذن: نحن ليست لدينا مشكلةٌ مع أوطاننا أبداً. وانظر حولك هاهم الشيعةُ يعيشونَ في المملكة ولبنان والبحرين والكويت ومختلف المناطق ولم يحصل أن جاءهم أمر من الخارج يزعزع وضعهم السياسي في البلد.
* قلت: (وهل نسينا أنهم ثاروا في بعض الأحيان وحصل ما حصل .. وهناك معارضة في الخارج تعمل لتحريك ما بالداخل، ثم لا ننس أن هناك دولة وأمناً قد ضبطت الأمور فأنى لمثلهم أن يزعزع الوضع الساسي).(1/10)
إن علاقة الشيعة مع المراجع مثل علاقة السنة مع علمائها، أليس هناك اليوم مسلمون في الباكستان يتبعون فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله؟ هل يتناقض هذا مع ولائهم للوطن الأم باكستان؟ وهناك مسلمون في مختلف المناطق يتبعون فتاوى شيخ الجامع الأزهر فهل يناقض اتّباعهم لفتاوى شيخ الأزهر ولاءهم للوطن؟ الشيخ القرضاوي الآن يعدّه الكثيرون مرجعية دينيّة وفكريّة فهل نقول: إنّ اتّباع هؤلاء للشيخ القرضاوي يتناقض مع ولائهم الوطني؟لماذا يثار هذا الكلام فقط حول الشيعة مع أن علاقتة الشيعة بمراجعهم مثل علاقة السنة بعلمائهم مع بعض الميزات المحددة التي لا تخالف هذا السياق العام.
* قلت: (عندما تكون العلاقة مجرد فتوى دينية فقهية ليس فيها تحريض أو إثارة أو خروج على سياسة تلك البلاد فلا غبار، وإنما الغبار على من يثير ويدعو للثورة في وجوه السلطة الظالمة المغتصبة للحقوق؛ كما سيتبين من تلك النصوص المنقولة عن الرجل)
قلق سني:
السؤال: دعني أتجاوزُ هذا الإطار الفقهيّ المحض وأتحدّث عن واقعٍ سياسيّ، هناك قلق في الشارع السعودي الشعبي والنخبوي على حد سواء، وأيضاً على صعيد المؤسسة الرسمية من الانتماء الشيعي السعودي خارج الحدود، ويرى هؤلاء القلقون أنّ هذا يقدح في وطنية الشيعة مستدلين بالتدفق الشيعي العاطفيّ نحو إيران، وغيرها من التكتلات الشيعية، وبتاريخية الانحياز الشيعي ضد الوطن لصالح إيران في أكثر من موقع، بل هناك حديث عن علاقة للشيعة في المنطقة الشرقية بحزب الله اللبناني، ما حقيقة انتماء شيعة المملكة العابر للحدود؟(1/11)
الجواب: في البداية ليس الشيعة هم الذين يسألون: لماذا لديهم تدفق عاطفي نحو إيران؟ وإنما الإخوة المعترضون يسألون: لماذا هم لا تتدفق عواطفهم نحو إيران؟ إيران شعب مسلم كان يعيش تحت ظل نظام غربي (نظام الشاه ) يتعاطى مع إسرائيل، ويتعاون مع إسرائيل. جاءت ثورة إسلامية بقيادة علماء الدين، وصنعت جمهورية إسلامية، وتبنت القضية الفلسطينية.
السؤال من أساسه خطأ، والسؤال الصحيح: لماذا لا يتفاعل هؤلاء المعترضون مع دولة مسلمة كإيران؟ إيران شعبٌ مسلم ويريد تطبيق الإسلام.
* (قلت: لا أظن رجلاً مثل الصفار يجهل الجواب .. لكن الرجل يحاول أن يضفي على السؤال نوعاً من التقية التي لا يمكن لأي شيعي أن يتخلى عنها مهما تظاهر بالصدق .)
السؤال: بالله عليك، كيف تريد أن تتدفق عواطفنا نحو إيران، وفكرة تصدير الثورة بارزة أمامنا؟
الجواب: تصدير الثورة هذا موضوع سياسي وخاطيء، وإيران تراجعت عنه. ثم هو لم يكن سياسة عامة، كان مجرّد تصريحات خاطئة تراجعت عنها إيران، فلا يلام الشيعة على عواطفهم نحو إيران وإنما يلام الذين لا يبدون تعاطفاً مع إيران، هم يجب أن يسألوا: هل هذا من منطلق طائفي؟ إذاً: هم طائفيون؛ لأنهم لم يتعاطفوا مع إيران، أما الشيعة عندما تعاطفوا مع إيران فهم منسجمون مع وجدانهم ومع عواطفهم الدينية والإنسانية.
* (قلت: ما زال الصفار يلوي الإجابة بالتقية .. ثم هل يوثق بقوله تراجعت وهل هو موكل وناطق رسمي عن دولة كإيران أن يجيب عنها بهذا، ثم الواقع يكذب ما يقول فهل نحن غافلون أو متغافلون مثل الصفار حتى يقال لنا مثل هذا الكلام)
السؤال: لكن ثمت من يشكك في تخلي الشيعة عن فكرة تصدير الثورة، ويقولون: هذا تكتيك مقنّع بالتقية المعمول به عند الشيعة. كيف ترد على ذلك؟(1/12)
الجواب: أنا أرد بأن الولايات المتحدة الأمريكية كان لها دور في إثارة هذا التشكيك وفي دعم هذه التوجهات التشكيكية، الثورة الإسلامية حينما انتصرت في إيران كانت ضربةً كبيرة لمصالح الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، ولذلك حاولت أمريكا بمختلف الطرق محاصرة هذه الثورة، وهي التي دفعت النظام العراقي الزائل لمحاربة إيران. إثارة هذا التشكيك تجاه الثورة في إيران وتجاه الشيعة تولى كبره الاستعمار، ومع الأسف بعض إخوتنا السنة مرّت عليهم هذه المؤامرة واستجابوا لها وشاركوا فيها. نعم.. هناك أخطاء حصلت عند الإيرانيين نحن لا ننزه الإيرانيين عن الأخطاء، وهم يعترفون بأنهم حينما جاءوا إلى الحكم لم تكن لديهم خبرة سياسية، ولم توجد لديهم كذلك تجربة سابقة، هناك أخطاء لكن المشكلة في الأساس تكمن في الدور الأمريكي والصهيوني من أجل محاصرة هذه الثورة ومن أجل العبث بخيرات هذه المنطقة ومع الأسف أن بعض السنة -ولا أقول: الكل- مرت عليهم هذه المؤامرة.
* (قلت: ليس صحيحاً ما يدعيه الصفار فليست القضية قضية مآمره من قبل الأمريكان ولا غيرهم لأن من سياسة الكفار أنهم مع من غلب، ثم شماعة الاستعمار لم يعد خافياً على أنصاف المتعلمين فضلاً عن غيرهم، وإنما هو أمر أطماع في تصدير الثورة إلى خارج إيران).
العلاقة السنية الشيعية:
السؤال: وماذا عن الانعزالية التي تعيشونها؟ لماذا لا تعترف بأن علماء الشيعة قد أوصلوا مجتمعهم إلى حالة من الانفصال عن بقية المجتمع السعوديّ. دائماً الشيعة يتركزون في أحياء معينة ومدن معينة بعيداً عن الاختلاط بالشعب، وقد لاحظت هذا بوضوح وأنا أتجول في مدنكم؟
الجواب: هذه الحال الموجودة حالٌ سلبية بالتأكيد. وقد سبّبها أمران:
أولهما: الحصار المفروض على الشيعة.
السؤال: من قِبَلِ من؟
الجواب: من قبل الأطراف الأخرى كالمؤسسة الدينية، والأجهزة المتجاوبة معها. هؤلاء فرضوا على الشيعة هذا الحصار هذا أولاً.(1/13)
* (قلت ولله الحمد أن من يتجول في تلك المناطق لا يجد حواجز أمنية ولا جدران تحول بين الشيعة والسنة ... ولكن هناك من الشيعة وخصوصاً كبرائهم يقفون خلف ذلك .. لا من وصفهم الصفار أنها المؤسسات الدينية والأجهزة المتجاوبة معهم، فلا داعي للمراوغة وتضليل الآخرين)
من الناحية الثانية أصبح عند الشيعة كرد فعل لهذا الحصار الذي فرض عليهم حالة من الانطواء.
والحقيقةُ أنّ هذه المسألة لا تخصّ الشيعة وحدهم. كل الأطراف الأخرى تعيش ضمن حالة منطوية منغلقة: الصوفية في الحجاز أيضاً يعيشون مثل هذه الحالة، الإسماعيلية في نجران أيضاً يعيشون ضمن هذه الحالة، حتى أتباع المذاهب السنية الأخرى. أنا أعرف بعض علماء المذاهب الأخرى في المنطقة الشرقية هم يشكون من أنهم يعانون من مثل هذه الحالة. حصول هذه الكنتونات المسئول عنها السياسات العامة القائمة في البلد التي لم تتح المجال بمستوى متساوٍ لمختلف الأطراف، فالفرص كلها متاحة لطرف واحد، والأطراف الأخرى لا مجال لفرص أمامها، وهذا ساعد على خلق هذه الفجوة وهذه الكنتونات.
ويهمّني أن أقول: بأنّ الوضع ليس بهذه الحدّة التي صورتموها في سؤالكم، هناك الآن مجاميع كبيرة من الشيعة يعيشون في مختلف مناطق المملكة، ويعملون في مختلف أجهزة الدولة في الرياض وغير الرياض وهنا في المنطقة الشرقية أيضاً هناك تداخل جيد، ومن قبل هذه الحالة المستجدة كان هناك تداخلٌ رائعٌ بين السنة والشيعة في المنطقة الشرقيّة، ولحدّ الآن يتذكّرُ آباؤنا من السنة والشيعة في المنطقة الشرقية كيف كانت حالة التمازج والاندماج والتواصل قبل أربعين سنة.
* (قلت: لاحظ التلاعب والمراوغة ثم الرجل يريد أن يعبر عن مذهبيته المنحرفة بالفرص .. فما زال يتخفى بتعصبه من تحت ردائه المعبر بكل صورة من صور التعصب وإرادة مخالفة المجتمع الذي يعيشه حتى في الزي العام).(1/14)
السؤال: قبل قليل حمّلت المؤسسة الدينية حالة الانفصام بين الشيعة والمجتمع.
الجواب: نعم صحيح، كل هذا بسبب المؤسسة الرسمية الدينية بالمملكة فقط.
السؤال: فقط المؤسسة الدينية!
الجواب: نعم، والباقي ردود فعل، الفعل منها وما يحصل عند الآخرين ردود فعل. أضرب لك مثلاً فيما يرتبط بالتزاوج، نحن لا مانع عندنا من الناحية الفقهية أن يتزوج الشيعي سنية، أو تتزوج الشيعية سنياً، وفتاوانا وفتاوى العلماء واضحة في هذا السياق ولكنّ المؤسسة الدينية الرسمية لديها تعليمات تمنع زواج السنية من الشيعي. بل يطبق هذا القرار حتى خارج المملكة! يحصل أكثر من مرة أن يذهب مواطن شيعي إلى الشام مثلاً إلى سوريا ويتزوّج سنية هناك. وحينما يأتي بمعاملته إلى السفارة ويتنبّهون إلى أنه شيعي وهي سنية يوقفون المعاملة ! من الذي يمنع الاندماج؟ ليس الشيعة من يمنع الاندماج.
* (قلت: الصفار يعي تماماً أن أهل السنة يمنعون ذلك لمسائل عقدية أصولية وليست فرعية .. فلماذا الرجل يتحدث بهذا المنطق . فإن كان يعلم فلا داعٍ لإثارة مثل ذلك وإن كان لا يعلم – ولا أظن ذلك – فمثله ينبغي له أن لا يتكلم حتى يتعلم)
أمرٌ آخر. الشيعة كلهم يدرسون كتب السنة في مناهج التعليم، ويقرءونها في المكتبات العامة، كتب السنة موجودة في المملكة،ولكن كتب الشيعة ممنوع أن تتوفر في المملكة. من الذي لا يريدُ أن ينفتح إذن؟
* (قلت: هل يجرؤ الصفار أن يقول مثل هذا الحديث في دولة إيران مثلاً .. وهل لو مكن الصفار من أمر مثل ذلك أن يقرر خلاف ما يذهب إليه .. الرجل يهرف بما يعلم ويسلك طرق أسلافه في ذلك).
أقول: إنّ هذه الحالة الموجودة في المملكة بين الطوائف وبين الشرائح المسئولُ عنها هي السياسات العامة المطبقة في البلد والتي هي بوحي من المؤسسة الدينية الرسمية بالبلد.(1/15)
* (قلت: وهل يعتقد الصفار أن دولة قامت على التوحيد وتعاهد عليه ولاتها – ثبتنا الله وإياهم على الدين – أن تهدم كل ذلك بحجة الانفتاح على الآخرين؟؟ أقول لك يا صفار : الحق واحد لا يتعدد: إما توحيد وإما شرك).
السؤال: أليس من حق الأكثرية تشكيل هوية الوطن، كما أن من حق الأقلية أن لا تُظلم ولا يعتدى عليها؟ الملاحظ أنّكم تتجاوزن حدّ المطالبة برفع الظلم إلى المطالبةِ بإعطاء السعوديّة وجهاً شيعياً بارزاً مع أنكم لستم إلا أقلية.
الجواب: أولاً اسمح لي بالتحفظ على مصطلح الأقلية والأكثرية، أنا أعتقد أننا كلّنا نعيش في هذا الوطن كمسلمين، ولا ينبغي أن يكون هناك فرز مذهبي، بحيث تكون هناك أقلية وأكثرية، ما دمنا ننتمي إلى عرق واحد، وما دمنا ننتمي إلى دين واحد، وإذا سلّمنا بهذا المصطلح أقلية وأكثرية وأن الشيعة أقلية في المملكة فإني لا أعلم أن الشيعة يريدون أن يبرزوا ملامح شيعية للمملكة، الشيعة يكفيهم أن تحفظ حقوقهم وأن يعيشوا حالة مساواة مع بقية المواطنين وليس هناك شيء أكثر من هذا.
* (قلت: لغة المغلوب على أمره أصبحت ظاهرة جداً .. ويقال للصفار : وضع الشيعة بالمملكة لا يقارن بأوضاع السنة في بعض البلدان التي فيها السلطة للشيعة . فشيعة المملكة يتمتعون بما يتمتع به أي مواطن، والواقع خير شاهد فالشيعة منهم التجار والموظفون بل وفي بعض أجهزت الدولة الأمنية وغيرها، فهل يريد الصفار أكثر من ذلك..؟ أم يقول تحت قاعدة (نحن شركاء في الوطن) فيحق لنا أن نحكم البلد وأن يطبق المذهب الاثني عشري في بلاد التوحيد؟؟(1/16)
السؤال: في 23 يناير 2..4م قلت في مقالتك بجريدة الشرق الأوسط – بعنوان اللقاء الوطني الثاني.. الانفتاح الكبير- ما نصه: "ليس مقبولاً أن يتحدث البعض منا في جلسات الحوار بلغة الوحدة الدينية والوطنية، وأن يظهر الاحترام للرأي الآخر، فإذا ما عاد إلى وسط جمهوره وتياره، خضع للأجواء السائدة من تجاهل الآخر، والدعوة إلى إلغائه، واستخدام لغة التشدد والتزمت"، كيف تفسر شريط هاشم السلمان الذي تهجّم فيه -في ندوة مغلقة بين مريديه- على الشيخ الدكتور سلمان العودة واتّهمه بأنه من العلماء المتشددين، وتهجّم على المجتمع السنّي بعمومه. إذاً من يمارس الحديث بلغتين؟ إضافة إلى قول البعض: أن الصفار و السلمان وجهان لعملة واحدة؟
الجواب: من الخطأ حينما يكون هناك حديث لشخص أن يعمم على الشيعة،أما اتهامهم لي فهذا من ضمن التهريج الذي لا أصل له.
* (قلت: كذب الصفار فيما يقول ..ولعل فيما يأتي ما يكشف كذبه)
وبالنسبة لشريط السيد هاشم تحدثت معه حوله، وفهمت أن شريطه لم يكن يتضمّن شيئاً سيئاً، كان يدعو جمهوره لمراعاة الآخرين، ولاحترام الرأي الآخر، ولكنه حينما تحدث عن اللقاء الوطني تحدث بعفوية، يعني قد تكون بعض عبارته غير موفقة أو غير سليمة في هذا الاتجاه، وهو قد تراجع عنها.
* (قلت: الرجل على ما عهدنا من المراوغة .. يلتمس الأعذار الباردة ثم يقول: وهو قد تراجع عنها؟ فهل يستخف الصفار بالعقول وصدق الله (( وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ))[النور:40]^.
ولكن هناك من تحدث في قنوات فضائية وأصدر حكماً بتكفير أغلبية الشيعة، ومع ذلك لا نقول: هذا رأي السنة.
* (قلت: من أصدر ذلك حكم على أصل المعتقد والقائم عليه ..فتنبه)(1/17)
في رأيي أن ما حصل في اللقاء الوطني مكسب، ولا يصح لنا أن نضيّعه بسبب خطأ شخصٍ أو تطرّف آخر. وإنما نعالج هذه الإشكاليات بحدودها، ونواصل مسيرة الانفتاح والتعاون. وأنا أعتقد أنه ينبغي وخاصة للمشاركين في الحوار أن تكون لغتهم لغة وحدوية، وأن يواصلوا رسالة الحوار إلى جماهيرهم، كل شخص سنياً كان أو شيعياً يتجاوز هذا الإطار فأنا أعتبره مخطئاً. سواء كنت أنا أو هاشم السلمان أو كان الشيخ سلمان العودة أو الدكتور عائض القرني . أنا أعتقد بأن تجاوز هذا الشيء يعتبر خطأ وليس في مصلحة الدين ولا مصلحة الوطن وليس من الأمانة للحوار وللتوصيات التي اتفقنا عليها.
* (قلت: مسكين الصفار ، يستميت من أجل الحوار ويري فيه متنفساً ومكسباً لتمرير ما يريده ويظن أن أسلوبه وطريقته ستنطلي على الآخرين .)
السؤال: في حوارك مع مجلة المواقف البحرينية – عدد 1266 بتاريخ 17 سبتمبر 2..1- أشرتَ إلى أنك اجتمعت مع سماحة الشيخ ابن باز -رحمه الله- وأيضاً مع الشيخ صالح اللحيدان (رئيس مجلس القضاء الأعلى)، ألا تعتقد أنكم كمراجع شيعية مصابون بازدواجية، تارة تقولون: إنّ المؤسسة الدينية الرسمية هي السبب فيما حصل لكم، وتارة تحاورونهم، كيف إذاً نفهمكم؟
الجواب: هذا ليس ازدواجاً وإنما هذا سعي، أنت حينما ترى أن شخصاً لا يفهمك فتذهب إليه وتتحاور معه وتقترب منه لكي توضح له الصورة هذا ليس ازدواجية، هذا سعي لإصلاح الموقف. هؤلاء جلسنا معهم وكان جلوسنا معهم بهدف توضيح صورتنا أمامهم؛ لأننا نعتقد بأن بعض الانطباعات الخاطئة عن الشيعة ناتجة عن تصور خاطئ، فالحكم على شيء فرع لتصوره، فلقاءاتنا معهم كانت تستهدف توضيح الصورة حتى يكون الانطباع ويكون الموقف لديهم أفضل بعد أن تتوضح لهم الصورة.
* (قلت: هذا -تهريج بلغة الصفار - هل يقال إن الشيخ ابن باز رحمه الله والشيخ اللحيدان نفع الله به يخفى عليهما مذهبكم وما أنتم عليه حتى يقول هذا الكلام ..؟)(1/18)
السؤال: بماذا خرجتم من هذه اللقاءات؟
الجواب: مسئوليتي أن أوضح الصورة وأن أسعى للطرف الآخر وأبين له واقعي وحقيقتي. أما ماذا بعد ذلك فمسئوليته هو.
السؤال: وضح لي كيف وجدتم تفاعلهم معكم؟
الجواب: كان طيباً جداً.. التفاعل معنا أثناء اللقاء كان تفاعلاً طيباً، وقد أخبروا الجهات الأخرى خاصةً الجهات المسئولة. أنا سمعت بعض المسئولين في الحكومة يقولون: إنهم وصلتهم انطباعات جيدة عن اللقاء الذي دار مع الشيخ ابن باز ، ومع الشيخ اللحيدان .
* (قلت: الرجل لا يوثق بكلامه والشيخ صالح اللحيدان -والله الحمد- حي يرزق يمكن أن يخبرنا هو بنفسه ولا داعي للوسائط في نقل انطباعات الآخرين .)
السؤال: هل كان حوارك معهما بمبادرة ذاتية منك أم بإيعاز من علماء الشيعة في المملكة؟
الجواب: لا... كانت مبادرة ذاتية مني، ولكني أيضاً حاولت أن أجس رأي ونبض بقية العلماء الموجودين في المنطقة، وليس رأيهم مخالفاً، بالعكس هم يرحبون بأي خطوة يمكن أن تساعد على التواصل وعلى التعامل.
السؤال: يظهر أن هناك تحالفاً بين الشيعة و الليبراليين، وظهر هذا التلاحم في جلسات الحوار الوطني، ويؤكد ذلك ما ذكره الشيخ هاشم السلمان في شريطه أنه حصل تحالف بين الشيعة والليبراليين ضد السلفيين، وأنهم استطاعوا من خلال هذا التحالف هزيمة التيار السلفي. ما حقيقة هذا التحالف؟ وهل أنتم فعلاً تتبنّون حرب السلفية ومحاولة القضاء عليها، وتتخذون من الحوار الوطني سبيلاً إلى ذلك؟(1/19)
الجواب: إذا كان السيد السلمان قد تحدث هكذا فينبغي أن يسأل هو، أما بالنسبة لي شخصياً فلا أعرف شيئاً عن التحالف بيننا كشيعة وبين اتجاهات أخرى. أنا أعتقد أنه لا يصح لنا في الحوار الوطني أن نتحدث بلغة المنتصر والمنهزم، الانتصار إذا حصل فهو للجميع، والهزيمة إذا حصلت فعلى الجميع، إذا استطعنا أن نصل إلى نتائج وتوصيات جيدة فهذا انتصار للكل، وإذا تعثرت مسيرة الحوار الوطني فسيتضرر الجميع. ولذلك أنا لا أقبل هذه اللغة، ويجب أن نسأل من يتحدث بمثلها. أنا لن أتحدث هكذا وخطاباتي بعد الحوار الوطني منشورة ومبثوثة أيضاً وليس فيها شيء من هذا.
* (قلت: عجباً لك يا صفار قبل قليل تدافع وتوجد الأعذار للرجل، والآن تقول: ينبغي أن يسأل هو؟؟ لكن أمراً مثل هذا لا أظن الصفار يخفى عليه أبداً، لكن الرجل على الطريقة السابقة في التملص من الإجابة)
السؤال: كيف تنظر للتيارات الليبرالية في المملكة؟
الجواب: أنا أرفض التعميم، كل جماعة من الجماعات فيهم ناس معتدلون ومتعقلون، وقد يكون فيهم ناس متطرفون متشددون. أنا أعرف من بين الأشخاص الذين يصنفون ضمن التيار الليبرالي أناساً متعقلين معتدلين يؤمنون بثوابت الدين، ويؤمنون بثوابت المصلحة الوطنية. والليبرالية عند هؤلاء الأشخاص لا تعني أكثر من أجواء الحريات والمشاركة الشعبية، ليس هناك مضمون عقدي يختلفون فيه مع الدين الإسلامي.
السلفيون والشيعة:
السؤال: كيف كان تعامل التيار السلفي معكم في جلسات الحوار الوطني؟(1/20)
الجواب: أقول للإنصاف: إنّه حينما كانت تطرح أي قضية من القضايا فإنّ رموز التيار السلفي لم يكونوا ينظرون للمطروح من خلال (من يقول هذا الرأي)، وإنما كانوا يناقشونه فإن رأوه صواباً تجاوبوا معه، وإن رأوه غير ذلك أبدوا وجهة نظرهم. وهذه اللغة الصحيحة في الحوار الوطني. لم تكن هناك آراء تطرح باعتبارها رأي فلان أو رأي التيار الفلاني وإنما الآراء طرحت باعتبارها توخياً للمصلحة وتوخياً للصواب.
* (قلت: أخطأت يا صفار ، فإنه لا يظن بمن ذكرت أن يكونوا كما ذكرت؛ لأن المصلحة العامة هي في دين الله وعليها تدور رحا الصالح العام).
السؤال: كأنك تريد أن تفهمني بأنّ مسيرة الحوار كانت مفروشة بالورود الحمراء، نحن نعلم يقيناً غير ذلك.
الجواب: في اللقاء الأول حصلت بعض التشنجات لكن أمكن تجاوزها، وبالتالي انتهى اللقاء في حالة ودية، وبتوافق على توصيات نتائج معينة. وحينما نتحدث عن اللقاء بشكل إيجابي فإنما نقصد ما آل إليه اللقاء من نتائج وتوصيات متفق عليها بحضور ولي العهد. وقد أعرب كثيرون من مختلف التيارات عن ارتياحهم للقاء، وعن تغير انطباعاتهم اتجاه بعضهم البعض أمام ولي العهد بجلسة خاصة بينه وبين المحاورين. اللقاءات الثنائية كانت أيضاً لقاءات ودية غير متشنجة هذا بالنسبة للقاء الأول. في اللقاء الثاني حصلت أيضاً بعض المواقف المتشددة، لكنّها لم تكن من منطلق المذهب والطائفة، وإنما كانت حول عدة قضايا مختلفة، وقد تمّ تجاوز الخلاف واعتذرت الأطراف من بعضها.
* (قلت: مسكين يا صفار تريد أن ينجح الحوار بأي صورة كانت .. ثم ليكن عند الصفار الشجاعة ويذكر لنا من اعتذر من من ومن أي شيء يعتذر منه؟؟؟)
السؤال: الدولة السعودية التي قامت على منهج الإمام محمد بن عبد الوهاب يرحمه الله، وعلماء الشيعة يرون أنهم مُقْصَون بسبب هذا الفكر، فكيف ستحلّ هذه الإشكالية؟(1/21)
الجواب: نحن ليست لدينا مشكلة مع منهج محمد بن عبد الوهاب ، مشكلتنا مع مفردة واحدةٍ من مفردات الممارسة لهذا المنهج، وهي مفردة إقصاء الآخر وإلغاؤه، وعندي قناعةٌ تامّةٌ أنّه من الخطأ المحض الربط العضويّ بين منهج الشيخ محمد بن عبد الوهاب والإقصائيّة. أنا أقول: بإمكان منهج الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب أن يتجاوزا هذه الإشكالية، كل التيارات، كل المذاهب، كل التوجهات يكون فيها تطوير، يكون فيها معالجة، يكون فيها تلاشي لبعض الثغرات والسلبيات وأنا متفائل أن هذا ممكن.
* (قلت: رجع الصفار للكذب والتضليل .. فالصفار يعلم يقيناً أن الإشكال ليس فيما ذكر وإنما هو في أصل الدين (توحيداً وشركاً) ثم يقال: فسر لنا معنى الإقصاء؟ أهو عدم التمكن من مظاهر الشرك بين الناس وإقامة المذاهب البدعية في بلاد قامت على التوحيد واتباع السلف الصالح من الصحابة والتابعين . أيسمي من حمى جناب التوحيد يسمى أنه أقصى الآخرين . أما ماذا يريد الصفار . ثم هل يطلب منا الصفار أن نطور دعوة الشيخ محمد من كونها قامت على توحيد الخالق سبحانه وتعالى وإخلاص العبادة له إلى أن تكون مرتعاً للشرك والمشركين والمبتدعين فنكون متطورين عقدياً؟؟؟)
السؤال: لماذا بدأتم في الآونة الأخيرة –وعبر الحوار الوطني خاصة- في الإعلان عن أنفسكم ووجودكم ومطالبكم بلهجة مختلفة عن السابق؟ هل أصبح الوجود الأمريكي بوابة التمكين للوجود الشيعي؟ بعض المحللين يقول ما نصه:«الشأن العراقي تحول إلى حدث عالمي، فقد تعولم كل ما يمت إليه بصلة وخاصة الشأن الشيعي، ووصلت تداعياته إلى الداخل السعودي، فأصبح شيعة السعودية أكثر جرأة في طرح مطالبهم ومشاكلهم على الملأ، وأكثر إدراكاً بأن سقف ما يسمى بقوات التحالف يغطي سقف المنطقة العربية برمتها لا السقف العراقي فحسب».(1/22)
الجواب: أنا أدعو من يطرح لكم مثل هذا التساؤل إلى أن يقرأ الكتابات الشيعية والمطالب الشيعية من قبل نصف قرن من الزمن إلى الآن ليرى: هل المطالب الشيعية ارتفع سقفها الآن أو أنها لا تزال تدور في نفس المكان.
ثم وثائق تاريخية هي عبارة عن مقالات ورسائل قدمت للحكومة السعودية منذ سنوات طويلة، ومن يطلع على هذه الأمور سيرى أن المطالب الشيعية لم تتغير، ولم تتجاوز مسألة معالجة قضايا التمييز الطائفي، بل بالعكس أنا أعتقد بأن سقف المطالب الشيعية الآن أصبح أكثر اعتدالاً مما كان عليه قبل (25) سنة وبإمكانكم أن تقارنوا بين أدبياتنا في ذلك الوقت يوم كنا في المعارضة وأدبياتنا الآن.
مطالب الشيعة واضحة ليست جديدة، ولا ترتبط بانتصار الثورة الإسلامية في إيران، ولا ترتبط بالوضع العراقي. لكن من الموضوعية نقول: إن الأحداث السياسية تترك انعكاساتها، ليس على الشيعة فقط، بل على الجميع، وأستغرب من التركيز على الشيعة، كل المواطنين وكل المسلمين يشعرون بأنه يوجد تطور عالمي تطور إقليمي.
* (قلت: لا أظن عاقلاً سيصدق ما يقوله الصفار .. فإعلام الشيعة الخارجي بمخالفة أهل السنة على قدم وساق وما تصريح أحمد الأحمد الشيعي عنا ببعيد . لكن الصفار المسكين لا يعلم أن ثمة من يلحظ ويفهم الأحداث الداخلية والخارجية فلا تنطلي عليه مثل هذه التصريحات).
السؤال: في 21 نوفمبر 2..3م – في حواركم مع موقع إيلاف- تعرضت في جوابك على مسألة سب الصحابة وتكفيرهم وقلت: " ليس شرطاً لحسن العلاقة بين السنة و الشيعة أن يتنازل كل طرف عن رأيه وقناعته" هناك إجماع عند أهل السنة أن سب وتكفير الصحابة هو كفر بحد ذاته، فكيف تريدنا أن نقيم حواراً وطنياً هل هناك تكييفٌ لهذا الأمر؟(1/23)
الجواب: أنا أعتقد أن هذه حجة زائفة بدليل أن الجمهورية الإسلامية في إيران لها الآن أكثر من ربع قرن من الزمن ولم نسمع سب للصحابة أو تكفيرهم، هذه إذاعتهم وهذه فضائياتهم وهذه خطب الجمعة لهم تبث منذ أكثر من (25) سنة على الهواء مباشرةً ليس فيها شيء من هذا. حزب الله في لبنان سمعتم كلامهم وإعلامهم ومواقفهم وخطابات قياداتهم ليس فيها شيء من هذا القبيل. هذه الأطراف الرافضة للشيعةِ هل تغير موقفها نحو حزب الله ونحو الجمهورية الإسلامية بإيران؟ هذا دليل على أن المشكلة ليست مشكلة السب والشتم وإنما هي مشكلة أخرى، المشكلة الأخرى هي رفض الأطراف الأخرى، الدين له عندهم هذا التفسير ومن خالف هذا التفسير فهو كافر أو مبتدع.
السؤال: كيف تقول لي: إنّها ليست مشكلة. هي مشكلة لها أبعادها العقدية لدينا نحن السنة، وماذا عن الأشرطة التي نسمعها أو الكتب التي نحصل عليها وفيها الشتم و السب للصحابة الأطهار. هل هذه كتب أو أشرطة مزورة؟
الجواب: أنا أقول: إن هذه ليست المشكلة؛ لأن الشيعة عملياً لا يمارسون سب الصحابة ولا تكفيرهم، أما بشأن ما ذكرت فهذه الكتب المنشورة كلها كتبٌ قديمة. انظر إلى الممارسة العملية وإلى واقع الشيعة الآن، ليس واقعهم سرياً، انظر إلى شيعة البحرين ولبنان. بل انظر إلى شيعة العراق وهم يعيشون انفلاتاً سياسياً وأمنياً هل سمعتم منهم سباً للصحابة؟
السؤال: قد يكون ذلك في محاضنكم التربوية الخاصة بكم؟
الجواب: لا تحاسبني على ما (قد) يكون، حاسبني على ما هو كائنٌ وظاهرٌ. السب والشتم أصبح ممارسةً قديمةً؛ لأن الشيعة كان لديهم بعض ردود الأفعال في مراحل سابقة، ولكنهم اليوم لا يمارسون سباً ولا شتماً. ما هو المطلوب أكثر من هذا؟
* (قلت: كذبت يا صفار .. وذلك من وجهين:(1/24)
1- كتب الشيعة التي تمثل المذهب ككل فيها السب والشتم يعجز الباحث عن تتبعه وحصره؛ فإن كان الصفار لا يقر بذلك فعليه أن ينكر تلك الكتب ويتبرأ منها أو يرد عيها في كتاب علنا على الأشهاد حتى لا نورد عليه مثل ذلك .
2- الكتب المعاصرة الحديثة (وكذا الأشرطة) فيها من السب والشتم خصوصا للشيخين رضي الله عنهما كما في كلام البائس الكويتي الشيعي في شريط مسموع له وكذلك ما سمع من الصفار وهو يقول: .. وإلا فالشيعة هم الذين قتلوا عثمان جزاهم الله خيراً ..) فهل يعقل الصفار ما يقول هل يدرك ما يهرج به .)
السؤال: وماذا عن موقفكم من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وأرضاهما؟
الجواب: للشيعة موقفٌ واضحٌ من مسألة الإمامة، يعتقدون أن الإمامة من حقّ علي كرم الله وجهه بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولكنهم يرون أيضاً أن علياً رضي الله عنه بايع الشيخين وبايع عثمان وعمل تحت ظل خلافتهم، وبالتالي فلا ينبغي أن يساء لهم، وأنا شخصياً قلت: إن هذا حرام. وليس مطلوب من الشيعة أكثر من هذا.
* (قلت: أضف هذه لرصيد الصفار من الكذب والبهتان .. الشيعة يتعبدون الله بسب ولعن الشيخين صباحاً مساء، ويعتقدون أن سبب الفرقة والخلاف هو الإمامة وأن هذه القضية لم تنته بعد، فهناك أحداث ستحصل بعد ذلك ...الخ فكيف يقال بعد ذلك: فلا ينبغي أن يساء لهم .. ثم قول الصفار: إن الإمامة حق علي -رضي الله عنه- معناه أن الصحابة -رضي الله عنه- ظلموه حقه وهذا يصرح به الشيعة قديماً وحديثاً بأن خلافة الخلفاء الثلاثة باطلة .)
إذن نحن لنا قناعاتنا حول الإمامة والخلافة والخلفاء، وليس من حق أي جهة أن تحاكم الأخرى على قناعاتها ومعتقداتها، ما يحق فقط هو عدم الإساءة. يحق للسنة ألا يقبلوا من الشيعة الإساءة إلى رموزهم، أما رؤية الشيعة الداخلية وقناعاتهم فليس من حق أحد أن يحاسبهم عليها.(1/25)
* (قلت: وهل يعقل أن نتعامل مع أشخاص يخالفوننا في المعتقد وآمن جانبهم وأنا أعلم ذلك؟؟ ثم هل يجوز أن يسمي الصحابة رموزاً وهم خير الأمة . إنما الرموز هم دعاة الفتنة في المصطلح المعاصر .)
أعود إلى مسألة الأشرطة التي أشرت إليها وقلت: إن فيها سباً للصحابة. العاقل عندما يسمع شريطاً لا يسمح لنفسه أن يعمّم على مجتمع كبير قبل أن يتبين. هل يصح للشيعي أن يعمم رأي شخص سني قد يكون خاطئاً ويقول: هذا هو رأي السنة؟
* (قلت: تقدم أن أحد الأشخاص هو الصفار نفسه ... فلا داعي للمراوغة وابحث عن غيرها .)
أنت تسمع خطاب السيد حسن نصر الله - أمين عام حزب الله- طيب! لماذا لا تحكم على الشيعة من خلال خطاب السيد حسن نصر الله وتحكم عليه من خلال شخص أنت لا تعرفه؟
* (قلت: ما زال الصفار يراوغ .. فياليته لم يفصح عن عقله كثيراً..)
السؤال: ربّما كنتم تتعمّدون إخفاءَ هذا، فلا ينطق به رموزكم وأعلامكم.
الجواب: دع عنك هذا. أنت تسمع الآن خطابين: خطاب شيعي متعقل هو خطاب السيد حسن نصر الله وهو شخص معروف وله وضعه، وإذا كان ثمّت أحد يعبر عن الشيعة ويمثّلهم فهم السيد حسن نصر الله والسيد الخامئني والسيد السيستاني وهو الأكثر تعبيراً، وكذلك المراجع البارزون للشيعة. هؤلاء هم من يمكن أن تعتبر رأيهم رأي الشيعة. فكيف تسمح لنفسك أن تغفل خطابَ هؤلاء وطروحاتهم وتدندن على شريط لرجل مجهولٍ وتعتبر أنّه يمثل رؤية الشيعة؟ هذا الذي يتحدث ليس مرجعاً وليس له أتباع وليس له تأثير.
* (قلت: هب ما قلت صحيحاً ووافقناك على ذلك فأين المراجع التي تتلمذ عليها المراجع المتكلمون والمذكورين آنفاً وهل يمكن للصفار أن يفرق بين المراجع الصامتة (الكتب) والمراجع المتحدثة (من ذكر من الأشخاص) .(1/26)
ولو نحن طبّقنا هذه المسألة لاعتبرنا السنّة كلهم تكفيريين إرهابيين بناء على خطاب الظواهري وأشباهه. عندما تقول أمريكا: إن السلفيين إرهابيون احتجاجاً بمقالات الظواهري و أسامة و أبي قتادة فإنكم تقولون: هؤلاء ليسوا مرجعيّاتنا ولا يمثلوننا. نحن نقول مثل ذلك.
السؤال: إذا كان الشيعة يبحثون – كما تقولون – عن تهيئة الجو المناسب في تعميق حوارهم الوطني مع أهل السنة، فما هي طبيعة العلاقة بينكم وبين المذهب السني في المنطقة الشرقية؟وهل هناك شواهد من الواقع في هذا المضمار.
الجواب: في المنطقة الشرقية يؤرخ لهذه العلاقة بحقبتين حقبة سابقة كانت العلاقة فيها جداً طيبة، فقد كان بعض العلماء السنة من دارين يدرسون عند بعض علماء الشيعة (ودارين ضمن جزيرة تاروت بالمنطقة الشرقية). الشيخ علي الخنيزي كان قاضياً للسنة والشيعة معاً، وإلى الآن لو سألت الأخوة السنة في منطقة (منطقة ذات غالبية سنية بمحافظة القطيف) لأخبروك كيف كانوا عندما يذهبون إلى البادية يتركون أموالهم وصكوكهم ووثائقهم أمانة عند أبناء الشيعة في القطيف. هذه حقبة.
* (قلت: وهي حقبة الجهل لدى الطرفين وخصوصاً السنة.)(1/27)
الحقبة الثانية حينما انتشرت بعض الآراء المتشددة التعبوية ضد الشيعة ونسبت إليهم مختلف الاتهامات، وبدأت تدعو إلى مفارقة أهل البدع وإلى هجر المبتدعين والابتعاد عن الشيعة وإلى كذا وإلى كذا هذه الثقافة بدأت تربي جيلاً يتباعد ويقاطع الشيعة، ولا يتواصل مع الشيعة، ونحن الآن نعيش هذه المشكلة، ولكن هناك بشائر في إمكانية التجاوز لها حيث بدأ نوع من التواصل ونوع من إعادة التلاحم بين السنة والشيعة. طبعاً هناك فارق بين الأحساء والقطيف، في الأحساء العلاقات لا تزال أفضل مما هي عليه في القطيف؛ لأنها مناطق مشتركة وهناك تداخل بين السنة والشيعة في الأحساء، وقد أخبرني عدد من أدباء وشخصيات السنة في الأحساء بأنهم قد تعلموا القرآن وتعلموا القراءة والكتابة في بيوت المعلمات الشيعيات خاصة وأن أتباع المذاهب السنية في المنطقة الشرقية أغلبهم كانوا من المذهب المالكي والمذهب الشافعي والمذهب الحنفي وهناك أيضاً من الحنابلة هذه المذاهب الثلاثة لم يكن في وسطها تيار متشدد تجاه العلاقات بالشيعة ولذلك العلاقة أفضل.
* (قلت: ارجع لقول الصفار .. هذا إن حصل من البعض فالكثير لم يحصل منهم فلا يقاس ولا يؤخذ على أنه الغالب .)
السؤال: في مقالتك في الشرق الأوسط تحت عنوان « نحو علاقة أفضل بين السلفيين و الشيعة» بتاريخ 22 فبراير 2..4م ذكرت أنّ البؤر الساخنة على خط الخلاف السني الشيعي أربكت هذه المسيرة، وأضعفت حركتها، وفي طليعة هذه البؤر: التشنج القائم بين السلفيين والشيعة. لماذا تحاول جعل خلافكم محصوراً مع السلفيين؟ تيار أهل السنة لا يقتصر فقط على السلفيين، وكلهم يختلفون معكم.(1/28)
الجواب: قلت في مقالتي: إن البؤر المتشنجة حالياً هي بين الشيعة والسلفية فقط، صحيح أن هناك خلافاً مع بعض السنة لكنّه خلافٌ غير متشنج. في لبنان على سبيل المثال لا توجد بين السنة و الشيعة مشكلة متشنجة، انظر إلى علاقة السنة في البحرين مع الشيعة، وانظر كذلك إلى الهند وغيرها من البلدان.
الحالة المتشنجة هي القائمة بين السلفيين والشيعة وأنا ذكرتها في معرض الحديث عن معالجة وليس في معرض إدانة لطرف ما. هذا واقع موجود علينا أن نعالجه.
* (قلت: سأجيب بوضوح وهو أن السلفيين يلتزمون نصوص الوحيين ولا يجاملون أحداً في دين الله تعالى؛ ولذا يصفهم الصفار بالمتشنجين تشنيعاً عليهم ولا يضرهم مثل ذلك .)
السؤال: لا أعرف حتى الآن كيف نقيم حواراً وطنياً، وهناك تنوع عقدي خطير يوضحه الأستاذ عبد العزيز الخميس حين يقول:« هناك تيار سلفي لديه إيمان بخروج الشيعة عن السنة، ملتزم بطاعة ولي الأمر التي تتعارض مع المبادئ الشيعية الثورية التي تؤمن بالإمام الغائب لا الحاضر الحاكم» وهذا قد يكون سبباً رئيساً في المشكلة الوطنية. ما هو تعقيبك على ذلك؟
الجواب: أنا لا أرى أن هناك تعارضاً، والاعتقاد بالإمام المهدي المنتظر وأنه سيخرج في آخر الزمان ليست عقيدة شيعية، الشيخ ابن باز له كلام واضح حول الموضوع ينصّ فيه (على أن من عقيدة أهل السنة والجماعة الإيمان بالإمام المهدي ، وأنه من سبط رسول الله، وأنه من بيت فاطمة ، وأنه سيخرج في آخر الزمان) " يشير الشيخ الصفار إلى كلام الشيخ ابن باز في هذه النقطة".(1/29)
* (قلت: مهدي أهل السنة غير مهدي الشيعة، وغير مهدي اليهود وغير مهدي النصارى وغير مهدي ... إلخ فلا يخلط الصفار بين الأمور، وقد كذب الصفار على الشيخ / ابن باز -رحمه الله- أن المهدي المنتظر عند أهل السنة من بيت فاطمة -رضي الله عنها- مطلقاً، وإنما هو من بيت الحسن بن علي -رضي الله عنهما- لا من بيت الحسين -رضي الله عنه- الذي يتعلق به الشيعة .)
أما قبل خروج الإمام المهدي السنة والشيعة متفقون على أنه لا بد من إمامة تسير أمورهم؛ إذْ لا يمكن أن يعيش الناس في فوضى إلى أن يظهر الإمام المهدي ، والحكومة التي تسير أمور الناس وتكون برضا من الناس اتباعها وطاعتها مطلوب وواجب عند السنة والشيعة، ولا أرى أن الشيعة يختلفون عن السنة في هذا الأمر.
* (قلت: الأمر ليس كما قال فهناك تحريض على السلطان القائم ودعوة للثورة عليه و... إلخ سيأتي بيانها من نصوص كلامه من كتبه)
أما مسألة الخروج والثورة فهذه أيضاً ليست حالة شيعية خاصة، نحن نجد الآن كثيراً من الجماعات الإسلامية والفئات الإسلامية السنية تخالف حكوماتها. المعارضة الموجودة في مصر أو الخروج على الحكومة في مصر أو في الجزائر أو في تونس هؤلاء ليسوا من الشيعة، هم من السنة، فهي ليست مسألة مقصورة عند الشيعة.
* (قلت: أقر المسكين على نفسه وأكد ما كتبه في كتبه وبين موقفه من الثورة وتصديرها .ثم من مثل بهم من أهل السنة (مصر والجزائر وتونس ..) ليسوا ممثلين لأهل السنة شرعاً وعقلاً، وقياساً على قول الصفار ، وكل عالم من علماء المسلمين ينكر تلك الثورات؛ لأنها لا تمثل دين الله تعالى في شيء .)(1/30)
التعامل مع الحاكم عند الاختلاف معه فيه رأيان: رأيٌ بالصبر و السكوت وهذا موجود عند السنة، ويرى كثير من علماء الشيعة التقليديين عدم المعارضة والخروج قبل خروج المهدي ، ورأيٌ آخر يدعو إلى المعارضة و الثورة وهذا موجود عند بعض الأوساط السنية وموجود كذلك عند الشيعة إلخ.... ضَعْفُ الاطلاع هو الذي يصور المسألة وكأنها خصوصية مذهبية بين السنة والشيعة.
* (قلت: لن أعلق عليها ..لكن سأتركها في محلها من كتبه الآتية إضافة على ما سبق قبل قليل من بيانه)
السؤال: كيف يمكننا أن نوفق بين تصريحات علماء الشيعة الآن: أنهم يؤمنون بالقرآن الموجود الآن في أيدي المسلمين، وأنه لا يوجد قرآن غيره لا عند صاحب الزمان « المهدي » ولا مصحف فاطمة ولا غيره، وبين تمسك شيعة اليوم بكتب الحديث الشيعية وكتب العقائد وكتب التفسير التي يطبعها الشيعة اليوم، وهي مشحونة بآلاف النصوص التي تنص على أن القرآن محرف ومبدل وزيد فيه ونقص منه، وأن هذا إجماع عندهم؟
الجواب: الكلام حول صيانة القرآن وتحريف القرآن هذا الكلام يجب أن يُتَجاوز؛ لأن لعلماء الشيعة رأياً قاطعاً في هذه المسألة، والقول بتحريف القرآن رأي شاذ يعتمد على روايات غير مقبولة وغير صحيحة، والقرآن الذي يقرأ عند الشيعة هو القرآن الذي يقرأ عند السنة. أما مصحف فاطمة فهو ليس قرآناً وإنما هو تفسير لآيات القرآن كانت تسمع من أبيها صلى الله عليه وسلم فتكتبها على النسخة التي عندها. وقد تحدث الشيعة حول هذا الموضوع وأبانوا رأيهم، وقرأت كلاماً جميلاً للشيخ عبد الله المنيع حينما سئل عن هذا الموضوع فقال: يجب أن نتجاوز، ويجب أن نعترف بأن الشيعة ليس لديهم قرآنٌ غير الذي عندنا، وهو نفس الكلام الذي ذكره الشيخ القرضاوي .(1/31)
أقول: ضِمْنَ التهريج يأتي مثل هذا الحديث، أما ضمن الحقيقة فالكل يعرف أن الشيعة ليس لهم قرآن، وأنّهم في حوزاتهم العلمية وأبحاثهم لا يستدلون إلا بهذا القرآن الذي بين أيدي الناس اليوم.
* (قلت: إن كان ما يقول الصفار على ظاهره فنطلب منه أن يكتب لنا كتاباً يتبرأ فيه ممن يقول بتحريف القرآن وأن يرد على تلك الكتب التي صنفت في ذلك أمثال: فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب للنوري ، وكتاب: الروضة للقمي صاحب التفسير، وكتاب الكافى للكليني ، وكتاب الاستغاثة لأبى القاسم الكوفي ، وكتاب أوائل المقالات للشيخ المفيد ، وكتاب حديقة الشيعة للأردبيلي وكتاب الاحتجاج للطبرسي .. فالقائمة طويلة. ومن كل مرجع يقول بذلك ثم ليتبين من هو صاحب التهريج.
ثم قوله: مصحف فاطمة ليس قرآناً وإنما هو تفسير؛ هل التفسير يسمى قرآناً أو هو التضليل والتعمية. وهل النبي صلى الله عليه وسلم خص فاطمة بعلم دون غيرها من الأمة وعلي -رضي الله عنه- يقسم: ما خصهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعلم دون الأمة).
السؤال: يقول نعمة الله الجزائري المرجع الشيعي الكبير: نحن لا نجتمع مع أهل السنة على إله واحد، ولا على نبي واحد، ولا على إمام واحد؛ لأن الإله الذي خليفة نبيه أبو بكر ليس إلهنا، ولا ذلك النبي نبينا، ولا ذلك الإمام إمامنا " وفي كتاب كشف الأسرار للخميني يقول: إننا لا نعبد إلها يقيم بناءً شامخاً للعادلة إننا نرفض العصاة والمنحرفين أمثال معاوية و عثمان في مقام الإمامة.
الجواب: بالنسبة للسؤال الأول فنعمة الله الجزائري لم يكن مرجعاً للشيعة في أي عصر من العصور، وإنما هو مجرد عالم من علمائهم كتاباته فيها الصحيح والخطأ، فيها ما يقبل وفيها ما يرفض، وهذا الكلام مرفوض عند أغلب العلماء عملاً هم يرفضونه لكن لا يعني ذلك أن نرفض كل شيء من السيد نعمة الله الجزائري ، وهو عالم فيه الخطأ وفيه الصواب يؤخذ منه ويرد عليه.(1/32)
* (قلت لم يفصح الصفار عما يؤخذ منه ويرد عليه، ثم ليثبت ذلك برد عليه في كتاب ويشهر ذلك ووجه آخر وهو ليس صحيحاً ما يقوله في نعمة الله الجزائري ، فهذا آغا بزرك الطهراني في الذريعة 2/446 يقول عن الأنوار النعمانية: (بأنه يحوي فوائد علمية وتحقيقات عرفانية) وقال عنه الحر العاملي : (السيد نعمة الله الجزائري فاضل عالم محقق جليل القدر) وقال عنه الخونساري في روضات الجنات: (كان من أعظم علمائنا وأفخم فضلائنا المتبحرين، وأحد عصره في العربية والأدب والفقه والحديث).. إلخ قائمة الممجدين به لا أظن الصفار وأمثاله يتساوون في المذهب الشيعي. فماذا عسى الصفار سيقول بعد ذلك؟؟
أما كتاب (كشف الأسرار) للإمام الخميني أنا ما قرأته، ولذلك الإمام الخميني رفض طباعته والجمهورية الإسلامية لا تنشره، ولا تعترف به، ولا تقبل بوجود هذا الكتاب أصلاً، ثم إن هناك منظمة رسمية لآثار الإمام الخميني وكتبه، تعتبر أن هذا الكتاب مزور ومشوه وهو في الأصل كتاب باللغة الفارسية قد كتبه الإمام الخميني في بداية شبابه، والذي ترجمه إلى اللغة العربية زوّره وشوهه، وقد كشف كاتب مصري يدعى الدكتور إبراهيم دسوقي هذا التزوير.
* (قلت: وهل وقف الأمر على هذا الكتاب حتى يقال ذلك ... ثم هو ينكر أنه للخميني جملة ثم يعترف بأنه كتبه وهو صغير).
السؤال: يقول الإمام الخميني في كتاب «الحكومة الإسلامية» ما نصه:«إن لأئمتنا مقاماً محموداً ودرجة سامية وخلافة تكوينية تخضع لسيطرتها جميع ذرات هذا الكون، وإن لأئمتنا حالات مع الله لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل». فما قولكم بهذا النص؟
الجواب: رأيٌ عند الإمام الخميني لا يوافقه كل العلماء عليه، لكنه رأي لا يخرج عن الملة ولا يخرج عن الشريعة، مادام يعتقد أن مكانة الأئمة عطاء من الله، وليس قدرة ذاتية.(1/33)
* (قلت: من كلام الصفار يظهر التناقض يقول: لا يوافقه كل العلماء ..ثم يقول: (مادام يعتقد أن مكانة الأئمة عطاء من الله ..) فقد اتفقت عقيدة الصفار مع الخميني في مسألة عصمة الأئمة فتنبه . ثم إن العامي من الناس يعلم علماً يقينياً أن هذا الكلام خروج عن ملة الإسلام .)
السؤال: لم نسمع من الصفار ولا السلمان ولا غيرهم أنّهم تبرءوا من الكتب الشيعية كالكافي وفقيه من لا يحضره الفقيه والاستبصار والتهذيب التي يطلقون عليها الصحاح الأربعة وهي مليئة بالقول ببغض أهل السنة، والتقرب إلى الله بإيذائهم، بل إنّ وصية جعفر الصادق التي افتتح بها الكليني كتاب الروضة من الكافي تنص على وجوب مخالفتهم وكرههم والتربص بهم وعدم موالاتهم، وأنه يجب على الشيعي أن يجعل هذه الوصية في مصلاه ويقرأها دبر كل صلاة، فكيف نجمع بين هذا ودعوتكم للوفاق الوطني، وأنت إلى الآن لم تقل كلمة واحدة تتبرأ فيها من هذه الكتب التي شحنت بمثل هذه النصوص؟
الجواب: نحن لا نعتبر هذه الكتب الأربعة صحاحاً،نحن نعتبرها مجرد مجاميع حديثية كل رواية من الروايات الواردة فيها قابلة للنقاش، ففيها ما يقبل سنده وفيها ما يرد سنده، ونحن لا نتبرأ من هذه الكتب ولن نتبرأ منها، نحن نتبرأ من الشيء الخطأ الذي فيها ولا نقبله، ومؤلفو هذه الكتب أشاروا إلى أنهم جمعوا هذه الأحاديث من العلماء المحدثين فنحن لا نتبرأ من هذه الكتب، وإنما نعتبرها من جملة المصادر الموجودة، فلا نقدّسها ولا نعتبرها صحاحاً كما تعتبرون أنتم الصحاح، لا ليس عندنا شيء من هذا. إذنْ نحن نتعامل مع هذه الكتب الأربعة تعاملاً موضوعياً علمياً نقبل ما يقوم الدليل على صحته ونرفض ما ليس هناك دليل على صحته، وليس المطلوب أن نتبرأ من شيء.(1/34)
أنا أستغرب لماذا تقحم كل مسألة من المسائل في موضوع الحوار الوطنيّ ! ! الاتّحاد والاتفاق بين الأطراف لا يعني التماهي وذوبان كلٍّ في الآخر، هل يشترطُ من يريد مصادقة شخصٍ أن يقوم بعمليّة تجميلية ليكون وجهُهُ على نحو ما يعجبُ هذا المشترط؟ هذا لا يمكن. ليس مطلوباًَ أن يتحوّل السني إلى شيعي ولا العكس، المطلوبُ أن يكفّ كلٌّ عما يؤذي الآخر.
* (قلت: الصفار على سابق عهدنا به يدندن حول التملص من الإجابة .. فإن كان ما يقوله حقاً نقول له: جردوا هذه الكتب مما تقولون وتبرءوا مما سواها ولننظر ماذا سيبقى من مذهب التشيع، فإن كان صادقاً فليعمل الشيعة بكتبهم كما عمل أهل السنة في الجرح والتعديل ولما استخلصوا الأحاديث الصحيحة من الضعيفة والمكذوبة من كتبهم، وكما حصروا الوضاعين والضعفاء والمتروكين من الرواة.
وأمر آخر: الوحدة الوطنية لابد لها من شرطين:
1- الوحدة في الكلمة.
2- الوحدة في الصف.
من غير هاتين النقطتين فلا وحدة وطنية).
كلمة أخيرة..
أنا أدعو نفسي وأدعو إخواني المسلمين بمختلف المذاهب إلى أن يتعاون بعضهم مع بعض، وأن يقرءوا بعضهم البعض قراءة صحيحة ليس اعتماداً على الآراء المناهضة، وليس اعتماداً على التعميم، فأتباع كل مذهب ليسوا قالباً واحداً، هناك آراء متفاوتة داخل أبناء المذاهب، وعلى المعتدلين والمتعقلين في كل المذاهب أن يتعاطوا مع بعضهم البعض لكي يحاصروا المتشددين والمتشنجين ضمن مذاهبهم، وأشكركم على إتاحة هذه الفرصة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
* (قلت: لم يؤثر في الصفار تلك الأسئلة التي أبانت عن حقيقة معتقده وأنه هو المتشدد والمتشنج كما سبق بيانه وتوضيحه من كلامه)
خاص الوكالة الشيعية للأنباء (إباء)
دمشق - علي الشمري(1/35)
بمناسبة الزيارة التي يقوم بها سماحة العلامة الشيخ حسن الصفار أحد أبرز علماء الدين المسلمين الشيعة في المنطقة الشرقية بالسعودية، وذلك مساء الإثنين 2 أيلول سبتمبر الجاري، في صالة فندق الروضة في حي السيدة زينب (عليها السلام) بدمشق – سوريا والذي حضرته مجموعة كبيرة من الشخصيات الدينية والحوزوية والفكرية من الشيعة والسنة، إضافة إلى حضور شخصيات دينية مسيحية من بينها المطران غطاس هزيم بطريرك الروم الأرثوذكس.
مما قاله سماحة الشيخ الصفار : إن رسالة الإسلام جاءت لتوحيد ورفعة البشرية، ومن أجل تحرير الإنسان من هيمنة القوى والجهات التي تريد مصادرة حريته وكرامته، كما أن الأديان جاءت من أجل توفير العدل لبني البشر، مشيراً إلى الآية القرآنية الكريمة: (( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ ))[الحديد:25]^.
وأكد أن الشرائع السماوية تركز بشكل أساسي على كرامة ومكانة الإنسان، حيث قوله تعالى: (( وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ))[الأعراف:85]^، ومن دون أي تفرقة أو تمييز بين أبناء البشر، وبغض النظر عن ألوانهم وأعراقهم وأديانهم ومذاهبهم.
ومما قاله العلامة الصفار : (علينا أن نعيد الاعتبار لمسألة حقوق الإنسان بيننا وفي أوساطنا، وأن لا نقبل بأي عدوان على حقوق الإنسان، باسم الاختلاف في الدين أو المذهب، فالقرآن يأمر المسلمين ويوصيهم بأن يبنوا أفضل علاقة قائمة على القسط والإحسان فيما بينهم ومع أتباع الديانات الأخرى.
وفي ختام كلمته دعا سماحته إلى الاقتداء بأئمة أهل البيت والاستنارة بفكرهم وثقافتهم وسلوكهم، باعتبارهم القدوة والمثل الأعلى للأمة.(1/36)
? (قلت: يدعو إلى الوحدة والتعايش ... ثم هو يتهجم على الآخرين ويشحن النفوس غيضاً وحقداً عليهم ويصفهم بالقوى التي تصادر كرامتهم وبأعداء الحريات؟؟ ثم هو يتناقض حينما يأمر بالتآخي بين الطوائف ثم يأمر بالاقتداء بأئمة أهل البيت. ولم يقل: الاقتداء بأهل الحق من أي طائفة).
للفائدة أنقل ما كتبه الشيخ/ سليمان بن صالح الخراشي حول الندوة التي ألقاها حسن الصفار في أحدية راشد المبارك بتاريخ 5/صفر/1422هـ، تحت عنوان: "السِّلم الاجتماعي".
قام الصفار -هداه الله- بإلقاء محاضرة عن (السِّلم الاجتماعي) في ندوة راشد المبارك بالرياض في يوم 5/صفر 1422هـ(1). ملخصها: أن الإسلام يدعو إلى السِّلم، وأنه لا استقرار ولا أمن إلا بهذا السلم، لكافة أفراد المجتمع مهما كانت دياناتهم أو مذاهبهم! فالواجب -في نظره- أن يكف كل فريق عن الآخر ولا يفرض عليه مذهبه أو توجهه، إنما يعيش الجميع في وئام وتعاون! (2) ثم يختم محاضرته بقوله: "ولا يصح أبدًا أن تُترك الساحة للجهات الساذجة أو المغرضة لتذكي أوار الفتن والخلافات، وتسمم الأجواء بالكراهية والحقد.."(3)
__________
(1) ثم طبعتها دار الساقي في كتاب، 2..2م. وعنه أنقل.
(2) أما الواجب في نظر دعاة الكتاب والسنة فهو أن يرجع أهل البدع إلى دينهم ويتركوا مخالفاتهم ويكونوا صفًا واحدًا مع إخوانهم.
(3) ... ص 7..(1/37)
وكل هذا الذي سبق لا يهمني الآن! لأن الرجل ما دام يظن أنه وطائفته في مرحلة ضعف في هذه البلاد وأن الغلبة والسلطة ليست لهم فإنهم لابد حينئذٍ سيدندنون حول مفاهيم "السلم" و"التسامح".. إلخ! (1)؛ لأن هذه المفاهيم تمكنهم –في حال انتشارها- من الحفاظ على مكاسبهم دون مخاوف أو مصاعب(2)،
__________
(1) ... كما في كتبه: "التعددية والحرية في الإسلام" ، "الوطن والمواطنة"، "التنوع والتعايش"، "التطلع للوحدة".
(2) ... ومن أخطر ما قال: قوله في كتابه "التطلع للوحدة، ص9": "إذا ما شعر كل المواطنين في أي بلد إسلامي متنوع الاإنتماءات بالمساواة، وتكافؤ الفرص، وإتاحة المجال للمشاركة السياسية، والتداول السلمي للسلطة؛ فإن ذلك سيكون أفضل حماية للوحدة في ذلك البلد"!
... فالرجل يمهد لطائفته لاستلام السلطة في بلاد التوحيد! ولكن من يضمن لنا أنها ستُتداول بعد ذلك؟!
... وقارن حاله بحال النصيريين في سوريا حيث انضموا إلى حزب البعث واستغلوه، وتسلقوا من خلاله إلى الحكم في بلاد الشام؛ ثم كشروا عن أنيابهم بعد ذلك، واتضحت طائفيتهم لكل أحد.
... انظر شيئاً من خططهم في سبيل تحقيق هدفهم: في كتاب "الصراع على السلطة في سوريا" للدكتور نيقولا وس فان دام، سفير هولندا في مصر.
... فاعتبروا يا أولي الأبصار !(1/38)
إنما الذي يهمني ولأجله أنشأت مقالي هذا: هو ما جاء في المداخلات التي تلت المحاضرة؛ حيث سئل الصفار عن مسألة سب الشيعة للصحابة -رضي الله عنهم-، فأجاب: "لو رجعنا إلى ما ورد في مذهب أهل البيت، الإمام علي في خضم معركة صفين يمر على جماعة من أصحابه يسبون معاوية وأهل الشام، فيقف عليهم ويقول: إني أكره لكم أن تكونوا سبابين ... إلى أن يقول الصفار : والعلماء الواعون المخلصون يحاربون هذا الأمر، ولكن كما في الكثير من المجتمعات غالباً ما يكون أمر الشارع، وأزمة الرأي العام ليست بأيدي الواعين المخلصين، بل بأيدي من يستفيدون من هذا الأمر لتكريس مواقعهم ونفوذهم. ولكن في العصر الراهن هناك العديد من علماء الشيعة، بل أكثر علماء الشيعة، يصرحون بهذا الأمر، ويدعون أبناء الشيعة إلى تجاوز هذه السلبيات الخاطئة والمفرِّقة.
والاحتجاج بما في بعض كتب الشيعة، ليس احتجاجاً تاماً، لأننا نعترف بأن في تراثنا أخطاء وثغرات، ونقاط ضعف. الآن كأمر واقع، هناك ثورة، هناك معارضة لمثل هذه التوجهات، وتنقية لمثل هذه التوجهات، نأمل أن نوفَّق جميعاً لتجاوز هذه الأخطاء والثغرات، وأن نستفيد من "أهل البيت" ومن صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم. وبالمناسبة، كتاب الصحيفة السجادية للإمام زين العابدين علي بن الحسين ، وهو كتاب معروف ومنتشر بين الشيعة، فيه دعاء من الأدعية حول الصحابة، في الثَّناء على أصحاب الأنبياء ومدحهم، والصلاة عليهم، والاستغفار لهم، والإقرار بفضائلهم. وهذا هو المنهج السليم الصحيح الذي سار عليه أئمة "أهل البيت" ونأمل أن يوفقنا الله جميعاً للسير على هذا المنهج" انتهى(1)
والآن: انظر إلى الوجه الآخر الحقيقي للصفار من خلال مقطعين من بعض محاضراته وندواته بين مريديه –هداهم الله- حيث عدم الحاجة إلى عقيدة "التقية"!
__________
(1) ... السابق ، ص 91 – 92.(1/39)
يقول الصفار -وأنقل كلامه كما هو بلهجته الدارجة-: " إذًا أول سمة من سمات التاريخ الشيعي؛ هي سمة العطاء، هي سمة العمل، هي سمة النشاط. وكان الشيعة في كل العصور، في عصور الخلفاء، حتى في عصر الخليفة أبي بكر و عمر ، لم يكن الشيعة جامدين، وإنما كانوا يعملون؛ حتى استطاعوا أن يفجروا الثورة الكبرى في عهد عثمان ، وأن يأخذوا الخلافة والحكم إلى الإمام علي . فيه مشكلة: كثير من الناس لا يعرفون أن الثورة التي حدثت على الخليفة عثمان إنما كانت بتخطيط شيعي، وقد شارك فيها عمار بن ياسر ، بل كان هو المخطط لها عمار بن ياسر . إنما لأن معاوية جعل مقتل عثمان كقميص ضد الإمام علي وحارب الإمام علي بتهمة قتل عثمان ، الإمام علي بشكل طبيعي ما كان إلَهْ يد مباشرة في العمل في قتل عثمان ، كذلك الشيعة يتبرءون من هذه القضية حتى لا يأخذها السنة مستمسك عليهم، وإلا فالشيعة هم الذين قتلوا عثمان جزاهم الله خيراً"(1)!
ويقول الصفار في كلام واضح صريح مبيناً عقيدته تجاه بقية الخلفاء الراشدين –رضي الله عنهم-: "ولذلك إحنا الشيعة إذا تشوفوا: نكره أبو بكر و عمر و عثمان . كثير من الشباب يقولوا: وش بينا فيهم، صحابة الرسول، صاحبوا الرسول وماتوا. في الواقع إحنا نحقد عليهم، ونبغضهم، ونلعنهم؛ لأنهم كانوا يعني بداية انحطاط الأمة"(2)!
الإمام المهدي عليه السلام أمل الشعوب
حسن موسى الصفار
منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت – لبنان ص. ب 712. حقوق الطبع محفوظة
الطبعة الأولى 1399هـ - 1379م
بسم اللَّه الرحمن الرحيم
((
__________
(1) ... استمع إلى كلام الصفار من خلال موقع "البرهان" على شبكة الإنترنت www.albrhan.com ، قسم "مشاهد وصوتيات".
(2) ... المصدر السابق. وانحطاط الأمة لم يبدأ إلا منذ دخل فيه بقية المجوس وأحدثوا دين الرفض، وجعلوه خنجراً مسمومًا في ظهر الأمة، لو كنت تعقل.(1/40)
وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ))[القصص:5]^ محاضرة ألقيت بمناسبة ميلاد الإمام المهدي
في مدينة سيهات بتاريخ 15/ 8/ 1398هـ
مما جاء فيه:
...الإنسان الذي رفعه اللَّه إلى أعلى درجات الكرامة والإجلال:
(( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ))[الإسراء:70]^.
هذا الإنسان الكريم على اللَّه ... كم عانى من الآلام والمحن في تاريخه الطويل؟ !
كما عانى من الاستعباد والاستغلال والتفرقة والعنصرية والتعصب الطائفي والنزاعات القومية والظلم والطغيان؟ !
* (قلت: يعني بالإنسان نفسه ومن هم على شاكلته ..من الشيعة وهو بهذا الخطاب يبث الكره والحقد والثورة في وجه من كانوا سبباً في ذلك .. فأين الوحدة والتعايش والتسامح الذي يدعو إليه والتماس الأعذار .. كل ذاك ذهب هباء منثوراً، ونسي أن الله قال في الإنسان: (( ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ ))[التين:5]^ * (( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ .. ))[التين:6]^ وأما المشركون فهم أسفل سافلين ومنهم من عبد غير الله من الأئمة والأموات) .
ويقول تبارك وتعالى:
(( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ))[القصص:5]^.
فالفئات المضطهدة المستضعفة المحرومة في الأرض والتي من أظهر مصاديقها أئمة الحق أهل بيت محمد صلوات اللَّه عليهم أجمعين ...
*(قلت: وليس منهم الشيعة المبتدعة والمشركون) .
سيمن اللَّه عليهم وسيتيح لهم المجال ليكونوا أئمة العالم وقادته عملياً وليرثوا مكاسب وثروات الكون في ظل دولة العدالة والإيمان.(1/41)
*(قلت: ما كان هذا إلا لأهل الإيمان الموحدين وهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتباعهم، والصفار يمني سامعيه بدولة شيعية قادمة ولن يكون ذلك إلا لأهل التوحيد والإيمان).
إنها لآيات صريحة كلها تؤكد انتصار الحق أخيراً، وأخذه بزمان العالم إلى شاطئ الأمن والإيمان.
* (قلت: هذا في الذين قال النبي صلى الله عليه وسلم فيهم (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى).
ولاشك أن هذه الوعود لم تتحقق فيما مضى من تاريخ الإنسان، وليس هي الآن متحققة في واقع الإنسان.
(قلت: بل تحقق لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن اتبعهم ولكنه ينكر تاريخ الإسلام) .
فليس أمامنا إذن إلا التشكيك بصدق هذه الوعود -والعياذ باللّه- أو الإيمان بأنها ستحقق في المستقبل. وإذا كان لا يمكننا التشكيك في صحة هذه الوعود وصدقها لأنها (( وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ ))[الروم:6]^، و(( إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ))[آل عمران:9]^ فلابد لنا إذن من الاطمئنان بأن هذه الوعود ستصبح حقيقة واقعة في مستقبل الحياة وإن طال الأمد.
*(قلت: ما زال يمني أتباعه ..جرياً على عادته، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني)
كيف يتحقق الأمل؟
ولكن كيف يتحقق ذلك الأمل العظيم الذي تشرئب إليه أعناق البشرية وخاصة كلما لسعتها سياط الظلم ونالت منها حراب الجور والطغيان؟
ومتى يتحقق؟ وما هي خطة الإصلاح والتغيير المرتقبة؟ وعلى يد من تكون؟(1/42)
هذه أسئلة ملحة تشغل بال الإنسانية منذ عصور وعصور.. ولأهمية هذه الأسئلة وخطورتها في حياة الإنسان لتعلقها بمصير الإنسانية ككل، فقد تكفلت السنة الشريفة عبر أحاديث الرسول محمد صلى اللَّه عليه وآله والقادة من أهل بيته المعصومين تكفلت بوضع الإجابات المفصلة الكاملة على جميع الأسئلة الخطيرة. حتى بلغت الأحاديث الواردة حول هذه القضية أكثر من (6000) حديث، وقلّ أن يتوفر في قضية إسلامية مثل هذا العدد الضخم من الأحاديث.
فماذا تقول تلك الأحاديث؟
إنها تؤكد بإصرار شديد ذلك الوعد القرآني المقدس ببناء مجتمع العدالة والإيمان والتقدم في هذه الحالة وبإشادة دولة الحق العالمية في ربوع الكرة الأرضية.
*(قلت: الوعد القرآني حق وما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم حق ولكنه لأهل السنة والجماعة الذين هم على مثل ما عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه. وأما ستة آلاف حديث كما ذكر فكلها كذب إلا ما صح في كتب السنة المعتبرة التي رفضها الشيعة.
وخطة الإصلاح والتغيير هي شريعة الإسلام المجيدة، وتوقيتها نهاية هذه الحياة وقبيل قيام الساعة وحلول القيامة، فهي نهاية مطاف البشرية وآخر خطوة في مسيرة الإنسان في هذه الحياة.
أما رائد هذه الثورة العالمية، وقائد عملية الإنقاذ والتغيير الشامل فهو رجل من ذرية رسول الإسلام محمد صلى اللَّه عليه وآله لا يفصل بينه وبين الرسول الأعظم إلا اثنا عشر أب.
فهو الإمام محمد المهدي بن الإمام الحسن العسكري بن الإمام علي بن محمد الهادي بن الإمام محمد بن علي الجواد بن الإمام علي بن موسى الرضا بن الإمام موسى بن جعفر الكاظم بن الإمام جعفر بن محمد الصادق بن الإمام محمد بن علي الباقر بن الإمام علي بن الحسين السجاد بن الإمام الحسين بن علي الشهيد بن الإمام علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليهم السلام جميعاً أفضل الصلاة والسلام.(1/43)
*(قلت: هذا الإمام الذي ذكره لا حقيقة له والحسن العسكري ليس له عقب ولما لم يكن له عقب قالوا: إن ابنه هذا اختفى في السرداب وسيظهر في آخر الزمان. وهي فرية يضحك منها العقلاء.)
اهتمام الأمة:
لأهمية القضية وخطورتها فقد اهتمت بها أجيال الأمة من العلماء ورواة الأحاديث منذ كشف الرسول الكريم صلى اللَّه عليه وآله النقاب عن تفاصيلها وإلى الآن.
فعشرات من صحابة الرسول محمد صلى اللَّه عليه وآله نقلت ما سمعته عن النبي القائد حول خروج الإمام المهدي وإنقاذ العالم على يديه، ومئات من التابعين تلقوا تلك الأحاديث من الصحابة الكرام ونقلوها إلى الأجيال التي بعدهم، وجميع أئمة الحديث والمهتمين بحفظ السنة المقدسة خرجوا تلك الأحاديث وأثبتوها في صحاحهم وكتبهم..
ومجموعة كبيرة من علماء الأمة كتبت دراسات خاصة وكتباً قيّمة في تحقيق هذه القضية وإثباتها وذكر تفصيلاتها، كل ذلك يدلنا على أهمية القضية وخطورتها، ويسد الطريق على أي محاولة تريد التنكر لهذه القضية الإسلامية، لتسلب من الإنسانية أملها العظيم، وتلفها برداء اليأس الأسود.
* (قلت: تنبه فهو على عقيدة التشيع لا عقيدة النصارى ولا اليهود فضلاً عن أهل السنة، والأحاديث التي ادعاها كلها كذب وتضليل. (( إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ ))[النحل:105]^.
وأشرق الأمل:(1/44)
أهم شيء يرهب الطغاة ويقلق الحكام المستبدين هو وجود الفكرة المناهضة لتسلطهم واستبدادهم، فهم يريدون استعباد الناس والتحكم بمصايرهم والتلاعب بثرواتهم، ويريدون من الناس أن يتقبلوا ذلك بكل سرور وارتياح ! وأن لا يسمحوا لأنفسهم حتى بالتفكير المعارض للسلطة الحاكمة، فهي تحكم لا على أجسامهم فقط، وإنما على عقولهم وتفكيرهم ومشاعرهم. وإذا أحست السلطة الظالمة بوجود فكرة معارضة تختمر في ذهن فرد أو جماعة فلا مكان لهم إلا بطن الأرض بعد أن يمروا بمرحلة قاسية من التأديب على تمردهم الفكري على السلطة التي ترى نفسها قد استملكتهم! فالمعارض لا حق له في الحياة.
* (قلت: الصفار يشحن أتباعه للثورة تجاه الحكام المسلمين الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بطاعتهم ونهى عن الخروج عليهم).
أهل البيت - معارضة صادمة:
وأهل البيت عليهم السلام وهم الذرية الطاهرة للرسول محمد صلى اللَّه عليه وآله والذين أعدهم اللَّه لقيادة الأمة وتحمل مسئولية الرسالة وصيانة نقائها وطهارتها عن التلويث والتشويه والتحريف لابد وأن يشكلوا أهم جبهة معارضة بمجرّد وجودهم وممارستهم لدور التوجيه والتوعية وحماية الرسالة، فهم الشبح المرعب للحكام الطغاة من الأمويين والعباسيين الذين تسلطوا على الأمة بدون حق ولا جدارة، وهم العقبة الكأداء في طريق تضليل الناس وتحذيرهم بأعلام الاستبداد والتسلط المزيّف.
فلابد إذاً من أن يكون لهم النصيب الأوفر من تنكيل السلطات واضطهادها.
وتحمل أهل البيت والصفوة من أتباعهم كل وسائل التنكيل وأساليب الاضطهاد التي كانت تمارسها السلطات ضدهم.
*(قلت: يلزم على هذا وصف الله بالظلم حيث مكن لهؤلاء الطواغيت بزعمه هذه المدة الطويلة وحرم أولياءه المزعومين عند الصفار )(1/45)
واستطاعوا بصمودهم وسياستهم المرنة الحكيمة وخططهم الرسالية الصائبة أن يتجاوزوا برسالتهم تلك الفترات الحالكة وأن يتغلبوا على تلك الظروف القاسية وأن يخترقوا كل الحجب والحواجز التي اصطنعتها السلطة للفصل بين جماهير الأمة وبين جوهر دينها العظيم وقادتها الحقيقيين الصادقين.
فبعد أكثر من قرنين من الصراع العنيف الذي استخدمت فيه السلطة كل إمكاناتها وجهودها ضد فكرة الحق وأئمة الهدى، بعد ذلك ورغم كل ذلك فقد امتدت جبهة الحق واتسعت رقعة المعارضة في صفوف جماهير الأمة وشعوبها الإسلامية، وازدادت ثقة الناس وقوي التفاهم حول القادة الرساليين من أهل البيت عليهم السلام.
* (قلت: لا يشك عاقل أن الرجل يثير مثل ذلك في نفوس أصحابه حتى يعملوا ما عمله الأوائل ... ثم إن نوقش الصفار في مثل ذلك قال: تلك كتب قديمة وحاكمونا لكتب جديدة).
...وهناك في طبرستان لهم ثورة قوية حققت النصر على جحافل السلطة وأعلنت انفصال المنطقة عن الحكم العباسي وقيام دولة علوية معادية للعباسيين.
*(قلت: أين هي وأين دولتها؟ ولماذا استمرت بني العباس إلى عهد التتر).
وهناك في الكوفة إرهاصات ثورة، وفي الحجاز محاولات تمرّد، وفي اليمن فلول معارضة، كل ذلك من تأثير الفكر الرسالي الثوري الذي يبثه أهل البيت في صفوف الأمة الإسلامي.
* (قلت: وما الصفار وأتباعه الناعقين بالوحدة والتعايش إلا تلاميذ لهذا الفكر الثوري على المجتمع، فمن أين تأتي الوحدة والتعايش مع رجل هذا هو فكره ومعتقده ومنطلقاته؟ لكنه لما كان بين بني جنسه صرح بما كان يخفيه ويتظاهر بخلافه).
الإمام العسكري - القائد الحكيم:
وكان الإمام القائد لطلائع الأمة في ذلك العصر هو الإمام الحادي عشر من أئمة أهل البيت الإمام الحسن بن علي العسكري ، والذي فرضت عليه السلطة إقامة جبرية في عاصمة الخلافة العباسية آنذاك (سامراء).(1/46)
ولكنه ورغم ضغوط السلطة ورقابتها الدقيقة التي كانت تلاحق الإمام حتى في فترات سجنه ومعتقلاته. رغم ذلك كان يمارس دوره في توجيه الأمة وتزريق -هكذا- جماهيرها بالوعي وقيادة طلائعها المؤمنة.
* (قلت: الصفار كأنه يحكي بعض واقعه في بعض فترات حياته وحياة من يعرفهم .. فتنبه).
فكانت الحقوق الشرعية من الأخماس والزكوات ترد على الإمام العسكري بصورة سرية رائعة، عبر أحد وكلائه الثقاة: عثمان بن سعيد العمري والذي كان من كبار العلماء، ولكن الإمام دفعه للاتجار بالسمن (الزيت) ليصنع من ذلك تغطية ظاهرية لدوره الهام في إيصال الأموال إلى الإمام بسرية كافية.. فباعتباره بيّاعاً للمسن كان يملأ بعض أجربة السمن بالأموال المتوفرة لديه من الحقوق الشرعية ثم يبعثها إلى بيت الإمام العسكري وظاهرها ملطخ بالسمن، وطبعاً لا يثير شبهة الجواسيس دخول جراب سمن لبيت الإمام !(1)
* (قلت: وهكذا أصحاب الدعوات المشبوهة دائماً يعملون في الخفاء ويتربون عليها ويؤصلونها في نفوس أتباعهم).
كما عهد الإمام العسكري إلى أحد أصحابه وهو محمد بن مسعود العياشي أن يقوم بمهمة جمع تراث الأئمة من أهل البيت بعد أن فرقته ظروف الكبت والإرهاب، فأنفق العياشي ثروة أبيه الضخمة على ذلك حتى كانت داره كالمسجد تجمع العشرات ما بين ناسخ ومقابل وقارئ ومعلق.. فاجتمع لديه نتيجة ذلك النشاط العظيم ما يزيد على مائتين كتاب تحوي أحاديث أهل البيت وتعاليمهم في مختلف المجالات(2).
*(قلت: وكلها بحمد الله أحاديث مكذوبة، لا تروج إلا على أشباه الأنعام)
__________
(1) الغيبة الصغرى، للسيد محمد الصدر، ص227.
(2) سيرة الأئمة وتأسيس الشيعة لعلوم الإسلام.(1/47)
إذن فقد كان النشاط على أشده في صفوف الجماهير المسلمة بيد أن الشيء الذي يقلق طلائع الإيمان والوعي هو مستقبل هذا النشاط ومصير حركة الوعي الديني السليم بعد الإمام الحسن العسكري ، والذي لابد وأن تصادر السلطة حياته كما صادرت حياة آبائه من قبل، فمن هو القائد بعد ذلك؟ ومن هو الإمام الذي سيتحمل مسئولية الرسالة ويقوم بقيادة طلائع الأمة؟
* (قلت: ظاهر من النص أن الصفار رجل حركي منظر للثورة يعي ما يقول وما ينتقي في كلامه)
..كلما أوجعت الإنسان سياط الظلم، وأرهقته عهود الجور والطغيان، وسلبت كرامته ظروف الفساد والانحراف.. شحّ بصره واشرأب عنقه تجاه الإمام المنقذ صاحب العصر والزمان.. وتوجه إليه من أعماق نفسه، وأطلق آهات الاستغاثة.. ورفع أنات الشكوى وآهات الألم.. يستعجل ظهور الإمام المنقذ..
* (قلت: أين عقلك يا صفار ... هل أعرته غيرك أم استغنيت عنه، وهل هناك من يستغاث به عند الشدائد إلا الله الذي يقدر على كشفها .. لكنه الشرك المتأصل).
..وكلما شاهد المؤمن مظاهر الكفر والنفاق، ورأى تكاتف أنظمة الجور على سحق مبادئ الإسلام، وأزعجته معاملة الكبت والإرهاب التي يعيشها المؤمنون المخلصون في ظل سلطات الانحراف ...
* (قلت: ظاهر جداً أن السلطة المعنية سلطة من أكرمتهم وعلمتهم ولم تبخل عليهم بشيء، وهذا الكلام فيه تكفير للمسلمين من الصحابة ومن بعدهم وهو مذهب الشيعة).
...كلما حدث ذلك التجأ المؤمن إلى اللَّه يدعوه ويطلب إليه الإسراع في خروج أمل الإنسانية وإمام الحق صاحب العصر والزمان..
.. فتارة تكون آهات الاستغاثة على شكل دعاء يتوجه به المؤمن إلى ربه الحكيم جلّ وعلا لينجز وعده بإظهار دين الحق والعدل وخروج إمام العصر والزمن:
(((1/48)
اللهم إنا نشكو إليك فقد نبينا -صلواتك عليه وآله- وغيبة إمامنا، وكثرة عدونا، وقلة عددنا، وشدة الفتن بنا، وتظاهر الزمان علينا، فصلِّ على محمد وآله محمد، وأعنا على ذلك بفتح منك تعجله، وضرّ تكشفه، ونصر تعزه، وسلطان حق تظهره، ورحمة منك تجللناها، وعافية منك تلبسناها برحمتك يا أرحم الراحمين)) (1).
* (قلت: هذا صريح في إنكار خلافة الخلفاء وولاية أمراء المسلمين وأنه لا ولاية بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ولاية الإمام المنتظر ، فكيف مع ذلك لا التصالح مع أهل السنة وأنه لا فرق بينهم؟؟)
وتارة تنفجر أحاسيس الألم، في قلب المؤمن، فتتدفق في قنوات الشعر الحماسي المثير، الذي يتقاطر شوقاً وتلهفاً لظهور دولة العدل والأمان التي ينتقم اللَّه فيها من جبابرة الأرض، وطغاة التاريخ ويمن بها على المستضعفين والمحرومين والمؤمنين، فهذا أحدهم يقول: (منها)
كم ذا يؤلف شمل الظالمين لكم ... وشملكم بيدي أعدائك بدد
فانهض فدتك بقايا أنفس ظفرت ... بها النوائب لما خانها الجلد (2)
وهذا آخر يستغيث الإمام المهدي ويستحثه الخروج باسم العدالة والدين والإنسانية فقد حزّ في قلبه أن يتحكم في مصير الشعوب مجموعة من الخمارين الذين سلبوا حرية رعاياهم وكرامتهم:
يا صاحب العصر أترضى رحى ... عصارة الخمر علينا تدار
قد ذهب العدل وركن الهدى ... قد هدّ والجور على الدين جار
متى تسل البيض من غمدها وتشرع السمر وتحمى الذما؟ (3)
* (قلت: واضح جداً أن الرجل لا يريد إلا ثورة مدوية في المجتمعات وخروجاً على الولاة وأن الأمة ما زالت في ظلم ولا يزيله إلا الإمام المنتظر بزعمهم).
..
__________
(1) دعاء الافتتاح.
(2) للسيد رضا الهندي.
(3) للسيد صالح الحلي.(1/49)
وتارة أخرى: يعرب الإنسان عن تضايقه من واقع الطغيان والانحراف، وتلهفه لحياة السعادة والأمان بتساؤله عن سبب تأخر ظهور الإمام المهدي إلى آخر الزمان؟ فلماذا لم يخرج حتى الآن؟ أما يكفي ما عاشته الإنسانية من مشاكل وآلام عبر التاريخ؟ أما آن بوضع حد لمعاناة هذا الإنسان المحروم؟
*(قلت: الجواب أن هذا المهدي المنتظر خرافة لا وجود له إلا في الأماني والكذب).
..وسنحاول الآن الإجابة على هذه الأسئلة الحائرة التي تنبع من ضمير الإنسان وتفرضها معاناته.
ونحن نعيش الآن في عصر الغيبة، حيث اقتضت حكمة اللَّه تعالى أن يحتجب عنا الإمام القائد وأن يتأجل خروجه.
* (قلت: تنبه لما سيأتي فهو خطير وهو معلم من معالم التجديد الذي يدعو إليه الصفار ).
ولكن هل تعني غيبة الإمام عقد هدنة بين الحق والباطل، وتجميد الصراع ووقف إطلاق النار في ساحة المعركة بينهما؟
هل أنهى الباطل نشاطه، وتنازل الحق عن دوره في هذه الفترة الطويلة؟ أم أن الصراع لا يزال مستمراً بين جبهتي الحق والباطل؟
لا يستطيع أحد أن يدّعي توقف الصراع، فالباطل لا يزال يواصل اعتداءاته، ويوسع نطاق عمله، ويجدد وسائله وأساليبه.
*(قلت: أين أصحاب التقريب ..أين المستجيبون لفكرة التقريب التي هي في الحقيقة دعوة لسريان مذهب الشيعة وتقليص مذهب أهل السنة وأين دعاة الحوار من هذا الكلام؟) .
فهل يجوز أن يقف الحق أمامه مكتوف الأيدي معدوم النشاط يتفرج على انهيار مواقعه وتدمير قواه وطاقاته؟
وإذا كان الصراع بين الحق والباطل إنما يتم عبر اتباع كل منهما، فإن علينا أن نطرح السؤال بالشكل التالي:
هل أن أتباع الباطل متوقفون عن نصرة باطلهم ونشره ومدّ سيطرته ونفوذه؟ أم أنهم في عمل دائب مستمر لمقاومة الحق وإظهار الباطل في جميع الحقول وعلى كافة المستويات؟(1/50)
وإذا كان أهل الباطل نشطين في خدمة باطلهم، والعمل من أجلهم، فهل يصح لأهل الحق أن يعلنوا الهدنة، وإنهاء المعركة من طرف واحد، ويستقبلون رماح الباطل وطعناته، ويسكنون عن اعتداءاته إلى ظهور القائد المنتظر ؟
* (قلت: لابد أن تعرف من هم أهل الباطل ومن هم أهل الحق في لغة الصفار وأتباعه؛ إن أهل الباطل عنده أهل السنة، وأهل الحق عنده هم الشيعة، فهل يبقى محل للحوار معهم؟)
لا يمكن أبداً أن يكون هذا هو معنى الانتظار، ولا أن تكون هذه هي وظيفة المؤمنين في عصر الغيبة !
فمبادئ الإسلام التي تأمر بالدعوة إلى اللَّه وتوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتحت على هداية الناس، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، هذه المبادئ مبادئ عامة وشاملة تسري على كل زمان، وتلزم كل جيل، وغيبة الإمام المهدي عليه السلام لا تعني نسخ هذه المبادئ ولا تجميد مفعولها.
* (قلت: انظر كيف يوظف الصفار كلمات الحق لباطله، وكلمات الحق في الحقيقة ضده وضد شيعته، وأقول كذلك: إن الصفار يريد أن يقنع أتباعه بالثورة والجهاد –زعم- راداً على من قال: إن ذلك لا يمكن إلا مع ظهور الإمام المنتظر ، وهنا تكمن خطورة الرجل ..فتنبه جيداً.)
يقول العلامة المظفر: ((ومما يجدر أن نذكره في هذا الصدد، ونذكر أنفسنا به، أنه ليس معنى انتظار هذا المصلح المنقذ (المهدي ) أن يقف المسلمون مكتوفي الأيدي فيما يعود إلى الحق من دينهم، وما يجب عليهم من نصرته، والجهاد في سبيله، والأخذ بأحكامه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل المسلم أبداً مكلّف بالعمل بما أنزل من الأحكام الشرعية، وواجب عليه السعي لمعرفتها على وجهها الصحيح بالطرق الموصلة إليها حقيقة، وواجب عليه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ما تمكن من ذلك وبلغت إليه قدرته.
كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته:(1/51)
فلا يجوز له التأخر عن واجباته بمجرّد الانتظار للمصلح المهدي ، والمبشر الهادي، فإن هذا لا يسقط تكليفاً، ولا يؤجل عملاً، ولا يجعل الناس هملاً كالسوائم)) (1).
*(قلت: هذا اعتراف منه بأنه لا حقيقة للمهدي المنتظر ولا فائدة في انتظاره).
فما هو واجبنا في عصر الغيبة وفي انتظار الإمام القائد؟
1- أن نجعل من أنفسنا شخصيات إسلامية واعية، على مستوى مواجهة التحديات المناوئة، وذلك بتعميق الوعي العقائدي، والالتزام بالسلوك الإسلامي الصحيح.
وإذا ما عرفنا قوة التحديات الفكرية المادية المعاصرة وحدة المغريات والمرغبات المتوفرة، أدركنا مدى مسئولية الإنسان المؤمن وقيمة تمسكه والتزامه.
لذلك تعتبر الروايات الواردة عن الأئمة القادة (عليهم السلام) التزام المؤمن بإيمانه ومواجهته للتحديات المناوئة في عصر الغيبة. تعتبر ذلك جهاداً ونضالاً لا يقل عن جهاد صحابة الرسول الأعظم صلى اللَّه عليه وآله، فعن الإمام علي بن الحسين عليه السلام: [[ من ثبت على موالاتنا في غيبة قائمنا، أعطاه اللَّه عزّ وجلّ أجر ألف شهيد من شهداء بدر وأحد ]]^.
وعن الإمام الصادق عليه السلام: [[ طوبى لمن تمسك بأمرنا في غيبة قائمنا فلم يزغ قلبه بعد الهداية ]]^ (2).
*(وأقول: لقد كذبوا على الإمام الصادق -رحمه الله- فهو بريء من هذه الأقوال لأنه من أئمة أهل السنة).
..وقد أكّد الإمام القائد المهدي عليه السلام في رسالة وجهها لأوليائه المؤمنين، عبر الشيخ المفيد (رحمه اللَّه)، أهمية الالتزام بالسلوك الصحيح، وعدم الانسياق خلف المغريات والشهوات المنحرفة. قال: ((فليعمل كل امرئ منكم بما يقربه من محبتنا، ويتجنب ما يدنيه من كل كراهتنا وسخطنا)) (3).
..
__________
(1) الشيخ محمد رضا المظفر، عقائد الإمامية.
(2) المصدر السابق، ص514.
(3) الغيبة الكبرى، ص427.(1/52)
وحينما يرفع الإنسان المؤمن وعيه إلى مستوى المواجهة، ويجعل سلوكه في مستوى المسئولية في هذه الظروف الحرجة، فإنه بذلك يتفوق في فضله ومكانته على جميع الأجيال المؤمنة السابقة، كما ينص على ذلك الإمام زين العابدين عليه السلام بقوله: [[ إن أهل زمان غيبته القائلين بإمامته، والمنتظرين لظهوره، أفضل من أهل كل زمان، لأن اللَّه تبارك وتعالى أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة، ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة العيان، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول اللَّه بالسيف، أولئك المخلصون حقاً والدعاة إلى دين اللَّه سرًّا وجهراً ]]^ (1).
*(قلت: كذبتم – وايم الله – ما قال ذلك زين العابدين علي بن الحسين إمام أهل السنة رحمه الله)
2- تهيئة النفس وتربيتها على التضحية والبذل والجهاد في سبيل اللّه.
فإن نفس الإنسان لا تتغير فجأة ولا تتحول في لحظة واحدة لتصبح نفسية باذلة معطاءة مستعدة للجهاد والتضحية، بل على الإنسان أن يربي نفسه ويهيئها مبكراً لينجح في لحظة الامتحان وفي وقت الحاجة، وإلا فسيخسر نفسه ويضيع الفرصة، ويكون من الهالكين.
والمؤمن الذي يعيش في عصر الغيبة، منتظراً لخروج الإمام القائد وظهوره لابدّ وأن يهيئ نفسه لاستقبال الإمام، والانضمام إلى جبهته، والعمل تحت لوائه.
* (قلت: وهذا ما يدعو إليه الصفار حقيقة .. وما ظهور الميلشيات المقاتلة في العراق فجأة عنا ببعيد وما أحداث القطيف وغيرها من تلك المناطق عن ذاكرتنا منسية .. فهل هذه هي الوحدة الوطنية والتعايش السلمي الذي يدعو إليه الصفار ؟؟).
..وهذا لا يتأتى للإنسان إذا لم يرب نفسه ويهيئها من الآن للساعة المنتظرة قبل أن تأتي تلك الساعة وهو يفقد زمام نفسه وتخونه إرادته.
ولأن موعد الظهور مجهول لدى الإنسان المؤمن، فيجب أن يكون على أُهبة الاستعداد دائماً وأبداً، ويتوقع الأمر في كل لحظة.
__________
(1) المصدر السابق، ص448.(1/53)
* (قلت: ألم أقل: إن الصفار كاذب في دعواه للوحدة الوطنية والتعايش .. إلخ والسؤال: أينا يهرج ويبهرج يا صفار ؟؟ وقد اعترفت بخرافة الانتظار وأنها مجهولة بل مكذوبة).
فقد سئل الرسول الأكرم صلى اللَّه عليه وآله: (يا رسول اللَّه متى يخرج القائم من ذريتك؟ فقال صلى اللَّه عليه وآله: مثله مثل الساعة لا يجليها لوقتها إلاّ الله عزّ وجلّ، لا تأتيكم إلا بغتة) (1).
*(قلت: كذبتم –والله- لم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك، وإنما كذبتموه أنتم . وقد قال صلى الله عليه وسلم: (من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) فاحجزوا أمكنتكم في النار.
...وفي حديث للإمام الصادق عليه السلام: [[ عندها تتوقعون الفرج صباحاً ومساءً ]]^ (2).
وعن الإمام المهدي المنتظر عليه السلام: [[ إن أمرنا بغتة فجأة ]]^ (3).
ولكن كيف يهيئ الإنسان نفسه للتضحية والجهاد استعداداً لخروج الإمام المنتظر؟
أ - تغذية النفس بالثقافة الدينية الواعية، التي تحث الإنسان وتجند كل مشاعره وأحاسيسه باتجاه البذل والتضحية والعطاء، كالقرآن الكريم ونهج البلاغة، وأحاديث أهل البيت عليه السلام وتعاليمهم.
فهاك -مثلاً- أدعية رائعة يستحب للمؤمن أن يكررها في عصر الغيبة، كدعاء (العهد) الذي يكرس في نفس الإنسان حب التضحية وإرادة البذل والجهاد، ولذلك يستحب قراءته كل يوم صباحاً.
واقرأ معي هذه الفقرات المقتطفة من هذا الدعاء العظيم:
((اللهم بلّغ مولانا الإمام الهادي المهدي القائم بأمرك (صلوات اللَّه عليه وعلى جميع آبائه الطاهرين) عن جميع المؤمنين والمؤمنات في مشارق الأرض ومغاربها، سهلها وجبلها وبرها وبحرها، وعني وعن والديّ من الصلوات زنة عرش اللَّه، ومداد كلماته، وما أحصاه علمه، وأحاط به كتابه.
__________
(1) الغيبة الكبرى، ص427 - 428.
(2) الغيبة الكبرى، ص427 - 428.
(3) الغيبة الكبرى، ص427 - 428.(1/54)
اللهم إني أجدد في صبيحة يومي هذا، وما عشت من أيامي عهداً وعقداً وبيعة له في عنقي، لا أحول عنها ولا أزول أبداً)).
* (قلت: أين بيعتهم لولي أمر المسلمين وأين قول بعض الرءوس لولي العهد السعودي .. (نحن نجدد البيعة لكم) فأين يذهب بكم يا دعاة التقريب والوحدة والحوار؟؟؟)
اللهم اجعلني من أنصاره وأعوانه والذابين عنه، والمسارعين إليه في قضاء حوائجه، والمتمثلين لأوامره، والمحامين عنه، والسابقين إلى إرادته، والمستشهدين بين يديه.
اللهم إن حال بيني وبينه الموت الذي جعلته على عبادك حتماً مقضياً فأخرجني من قبري مؤتزراً كفني، شاهراً سيفي، مجرّداً قناتي، ملبياً دعوة الداعي في الحاضر والبادي.
اللهم أرني الطلعة الرشيدة، والغرة الحميدة، وأكحل ناظري بنظرة مني إليه، وعجل فرجه وسهل مخرجه وأوسع منهجه واسلك بي محجته وأنفذ أمره واشدد أزره)) (1).
وفي دعاء الافتتاح الذي تستحب قراءته كل ليلة من ليالي شهر رمضان المبارك، مناطق تهز وجدان المؤمن وتشعره بسوء الواقع الأليم الذي يعيشه في غياب سلطة الحق والعدل، وتجعله يتشوق إلى التضحية والعطاء في سبيل اللَّه، كما يتضح ذلك من تأمل الجمل التالية:
((اللَّهُمَّ إِنَّا نَرْغَبُ إِلَيْكَ فِي دَوْلَةٍ كَرِيمَةٍ تُعِزُّ بِها الإسْلامَ وَأِهْلَهُ وَتُذِلُّ بِها النِّفَاقَ وَأَهْلَهُ وَتَجْعَلُنَا فِيْهَا مِنَ الدُّعَاةِ إلَى طَاعَتِكَ والْقَادَةِ إلَى سَبِيلِكَ وَتَرْزُقُنَا بِها كَرَامَةَ الدُّنْيا والآخِرَةِ.
اللَّهُمَّ ما عَرَّفْتَنَا مِنَ الْحَقِّ فَحَمِّلْنَاهُ ومَا قَصُرْنَا عَنْهُ فَبَلِّغْنَاهُ.
__________
(1) كتاب (الدعاء والزيارة) لآية اللَّه الإمام السيد محمد الشيرازي دام ظله.(1/55)
اللَّهُمَّ إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ فَقْدَ نَبِيِّنَا صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وآلِهِ وَغَيْبَةَ وَلِيِّنَا وَكَثْرَةَ عَدُوِّنَا وَقِلَّةَ عَدَدِنَا وَشِدَّةَ الْفِتَنِ بِنَا وَتَظَاهُرَ الزَّمَانِ عَلَيْنَا فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَأَعِنَّا عَلى ذَلِكَ بِفَتْحٍ مِنْكَ تُعَجِّلُهُ وَبِضُرٍّ تَكْشِفُهُ وَنَصْرٍ تُعِزِّهُ وَسُلْطَانِ حَقٍّ تُظْهِرُهُ وَرَحْمَةٍ مِنْكَ تُجَلِّلُنَاهَا وَعَافِيَةٍ مِنْكَ تُلْبِسْنَاهَا بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين.
اللهم برحمتك في الصالحين فأدخلنا ... وقَتْلاً في سَبِيْلِكَ فَوَفِّقْ لَنَا)) (1).
أرأيت كيف أن هذه الأدعية تربي المؤمن وتشوقه للتضحية حتى تصبح الشهادة في سبيل اللَّه أمنية يدعو اللَّه لتحقيقها؟!
*(أقول: كل هذا كذب واعتداء في الدعاء والله (( لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ))[البقرة:190]^.
ب- الممارسة الفعلية للعطاء والتضحية في سبيل اللَّه حسب الإمكانات والظروف، بالتبرع بالمال للفقراء والمحرومين.
فبالمساهمة في الأعمال والنشاطات الخيرية الإسلامية، وبالدفاع عن قضايا الحق والعدل في المجتمع، وبالاهتمام بشئون الأمة وأحداث العالم.
وإلاّ فمن يبخل الآن بشيء من ماله، فسيصعب عليه غداً أن يجود بنفسه، ومن يتهرب اليوم عن المشاركة في مشاريع الخير، فسيكون أول المنهزمين فيما بعد عن ساحة النضال، والذي لا تهمه الأوضاع المعاصرة ولا يفكر في واقع أمته، سوف لا يتوقف في ذلك الوقت للعمل من أجل توحيد العالم تحت راية الإسلام.
..ولا يكفي الرجاء والتمني بديلاً عن الممارسة الفعلية، فإن القرآن الكريم يحدثنا عن قوم اعتذروا عن البذل في سبيل اللَّه في ظرف ما، على أمل أن يتوفقوا للبذل في المستقبل، وحينما تتغير ظروفهم وتتحسن أحوالهم المادية، ولكنهم لم يتوفقوا لذلك فيا بعد، لأن نفسيتهم لم تمارس البذل، ولم تتشرب على العطاء.
__________
(1) المصدر السابق.(1/56)
يقو تعالى: (( وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ ))[التوبة:75]^ * (( فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ))[التوبة:76]^.
3- التمهيد لظهور الإمام المهدي :
فالمهمة الأساسية للإمام المهدي حين خروجه هي: نشر الحق والعدل، وبناء دولة إسلامية عالمية لجميع البشر.
..فعلى المؤمن أن يقوم بدور التمهيد لإنجاز هذه المهمة الخطيرة، وذلك ببث الوعي الإسلامي الصحيح على أوسع نطاق في العالم، وبتكوين نواة المجتمع الإسلامي الذي يهدف الإمام إلى تحقيقه.
فإذا ما بدأ المؤمنون مسيرة العمل والنضال من أجل تطبيق رسالة الله وترجمتها إلى واقع اجتماعي حيّ، فإن الإمام المهدي عليه السلام حيث خروجه سيكمل تلك المسيرة، ويتوجه بانتصاراته العالمية الحاسمة.
..وهناك مجموعة روايات تشير إلى هذه الحقيقة، فقد روي عن النبي صلى اللَّه عليه وآله: (يأتي قوم من قبل المشرق ومعهم رايات سود، فيسألون الخير فلا يعطونه، فيقاتلون فينصرون، فيعطون ما سألوه، فلا يقبلونه حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي، فيملؤها قسطاً كما ملئت جوراً، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبواً على الثلج) (1).
وعن الإمام الباقر عليه السلام: [[ وكأني بقوم قد خرجوا بالمشرق يطلبون الحق فلا يعطونه، ثم يطلبونه فلا يعطونه، فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم، فيعطونه ما سألوا، فلا يقبلون حتى يقيموا، ولا يدفعونها إلاّ إلى صاحبكم (يعني الإمام المنتظر ) قتلاهم شهداء ]]^.
ومرّ علينا في رواية سابقة عن الإمام زين العابدين عليه السلام وهو يتحدث عن المؤمنين في عصر الغيبة قوله عليه السلام: [[ أولئك هم المخلصون حقاً، والدعاة إلى اللَّه سرًّا وجهراً ]].
اللهم اجعلنا منهم، اللهم اجعلنا منهم، اللهم اجعلنا منهم.
__________
(1) في انتظار الإمام، ص145.(1/57)
انتهت الشواهد المقصودة من الكتاب .
كتاب مسئولية المرأة:
حسن الصفار
8/11/1398هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
(( الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ))[الأحزاب:39]^.
صدق الله العلي العظيم
(قلت: لا يخلو كتاب- في الغالب الكثير من كتب الشيعة - من هذه الآية لكنهم يريدون بذلك تبليغ مذهب الشيعة الذين يزعمون أنه مكتوم لأنه منظمة سرية).
المقدمة :
...أرى في الأفق ملامح عزم وتصميم لدى الأمة *(قلت: يقصد الشيعة) على تجاوز واقع التخلف والانحطاط الذي تعيشه منذ فترة طويلة..
..فطلائع الإسلام * (قلت: يعنى مذهب الشيعة) المؤمنة، بدأت تمزق ظلام الانحراف والجهل بتضحياتها البطولية الرائعة في أكثر من مكان من سماء العالم الإسلامي..
وجماهير الأمة أصبحت في مستوى أفضل من الوعي واليقظة يؤهلها للتخلص من مظلة الاستعمار وبناء كيانها الاستقلالي المميز..
..في هذه المرحلة الخطيرة من التاريخ يجب أن تستغل كل الطاقات، وتوجه كل الجهود والإمكانيات لخدمة الهدف الأسمى:- هو تحرير الأمة من سلطان التخلف والخروج بها من سجن التبعية والذيلية للاستعمار البغيض..
*(قلت: يقصد مذهب أهل السنة يصفه بأنه استعماري)
..ومن الأوضاع التعيسة التي نعيشها ويعمل الاستعمار على تكريسها في حياتنا هي تجميد وشل أكثر طاقات الأمة لمنعها من المشاركة في المعركة المصيرية للأمة.. وذلك بمختلف العناوين والمبررات..
فعلماء الدين..
يجب أن يفصلوا عن قضايا الأمة وأن لا يتدخلوا في مشاكلها الأساسية؛ لأن ذلك ليس من شئونهم، فالعالم الديني لا يحق له أن يتدخل في السياسة وليس مؤهلاً لذلك.
* (قلت: مع من نصنف أمثالك يا صفار ).
..والشباب أهم أطفال يافعون، وصبيان طائشون، لا يمكن الاعتماد عليهم في القضايا والأمور المهمة..
..(1/58)
والمرأة (أعوذ بالله !) أن يسمح لها بتجاوز مهمات المنزل أو يفسح لها مجال المشاركة في أحداث الحياة ومشاكل المجتمع فذلك من شؤون الرجال القوامين على النساء. (*(قلت: وهذه سخرية بالآية)
* (قلت: ستعرف أن الصفار يتقلب حيث المصلحة .. وسيأتي شاهد هذا)
والآن..
وتصميمنا على تجاوز هذا الواقع الأليم وتخطي هذه الأوضاع التعيسة وما دمنا متطلعين إلى أهدافنا الرسالية السامية. فعلينا أن نحطم كل تلك الحواجز المصطنعة التي تحول بين بعض طاقات الأمة وفئاتها وبين المشاركة في صنع مستقبل الأمة المشرق الوضاء..
وذلك بتحميل كل فرد من أي فئة أو طبقة مسئوليته تجاه الواقع المعاش ومطالبته بدور ما في معركة المصير..
(انتبه لكلامه عن المرأة أولاً ثم قارن بالآتي)
المرأة والموقف السياسي:
..يوم كان المجتمع الإسلامي يعيش في ظلال الإسلام الوارفة ويخضع لمبادئه الحكيمة، ويطبقه تطبيقاً شاملاً صحيحاً.. يومها كان للمرأة شأنٌ عظيمٌ، ودورٌ كبيرٌ لم تحظ بمثله طوال التاريخ..
فقد توفر للمرأة في ظل الإسلام، وضمن المجتمع الإسلامي حرية اختيار الموقف السياسي الذي ينبع من إرادتها وقناعتها.. *(قلت: متى كان هذا؟!)
لأن الإسلام يطلب منها اتخاذ موقف محدد تجاه قضايا السياسة والحكم باعتبارها من أهم قضايا الأمة. ونظر لموقفها نظرة احترام وتقدير، ولا يراه موقفاً فضولياً عبثياً لا قيمة له..(1/59)
فكما كان النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يتقبل مبايعة وتأييد الرجال المؤمنين كان يتقبل مبايعة النساء المؤمنات بأمر من الله سبحانه وتعالى، إذ يقول تعالى في سورة الممتحنة: (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ))[الممتحنة:12]^.
هكذا يأمر الله تعلى نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن يتقبل مبايعة النساء، والمبايعة موقف سياسي ويطلب من نبيه أن يشرح لهن برنامجه ونظامه الاجتماعي بالإضافة إلى عقيدته الإلهية، حتى تكون البيعة على أساس من الوعي والمعرفة..
*(قلت: بيعت النساء هي على هذه الأشياء المذكورة في الآية وليست على أمور السياسة كما موه الصفار ).
وحينما لم تقتنع فاطمة الزهراء (عليها السلام) بضعة الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) برأي الخليفة أبي بكر في مصادرة أرض فدك أعلنت رفضها الصريح في المجتمع، وخطأت الخليفة في مصادرته "فدك" ولم تقبل حتى بمقابلة الخليفة أو مبادلته التحية..كما جاء في كتاب (الإمامة والسياسة) المعروف بتاريخ الخلفاء، لابن قتيبة الدنيوري المتوفى سنة (276 هـ) قال في الجزء الأول صفحة (20):
*(قلت: هذا كذب، فليس الكتاب لابن قتيبة السني ؛ وإنما هو لابن قتيبة الشيعي .. فتنبه)!!
(فقال عمر لأبي بكر رضي الله عنهما: انطلق بنا إلى فاطمة ، فإنّا قد أغضبناها..
فانطلقا جميعاً، فاستأذنا على فاطمة ، فلم تأذن لهما، فأتيا علياً فكلماه، فأدخلهما عليها فلما قعدا عندها، حولت وجهها إلى الحائط، فسلما عليها فلم ترد عليهما السلام.(1/60)
فتكلم أبو بكر فقال: يا حبيبة رسول الله! والله إن قرابة رسول الله أحب لي من قرابتي، وإنك لأحب إلي من عائشة ابنتي، ولوددت يوم مات أبوك أني مت، ولا أبقى بعده، أفتراني أعرفك وأعرف فضلك وشرفك وأمنعك حقك وميراثك من رسول الله؟
إلا إني سمعت أباك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: (لا نورث ما تركناه فهو صدقة.)
فقالت: أرايتكما إن حدثتكما حديثاً عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عرفتانه وتفعلان به؟
قالا: نعم.
فقالت: نشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله يقول: (رضا فاطمة من رضاي، وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني، ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني؟..).
قالا: نعم سمعنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
قالت: فإني أشهد الله والملائكة إنكما أسخطتماني ولم ترضياني ولئن لقيت رسول الله لأشكونكما إليه..
*(قلت: الحديث الذي ذكره ليس في موضوع الميراث، فالميراث فيه الحديث الذي استدل به أبو بكر رضي الله عنه، ولم تكن فاطمة رضي الله عنها تخالفه؛ وإن خالفته فذلك اجتهاد منها رضي الله عنها ولا اجتهاد مع النص)
فقال أبو بكر : أنا عائذ بالله تعالى من سخطه وسخطك يا فاطمة ، ثم انتحب أبو بكر يبكي حتى كادت نفسه أن تزهق.. *(قلت: هذا كذب واضح)
وهي تقول: (والله لأدعون عليك في كل صلاة أصليها)(2).
*(قلت: فلتكن عند الصفار الجرأة وينكر مثل هذه النقول التي يستدل بها ويترك تلبيسه على الناس بتظاهره بالترضي على الشيخين، فهل يترضى الصفار على من تقول في حقهما فاطمة رضي الله عنها: (فإني أشهد الله والملائكة أنكما أسخطتماني ولم ترضياني ولئن لقيت رسول الله لأشكونكما إليه) وقولها: (والله لأدعون عليك في كل صلاة أصليها)(2).؟؟؟
هكذا كانت المرأة المسلمة تمارس موقفها السياسي تأييداً ورفضاً حسب إرادتها وقناعتها..(1/61)
وفي هذا العصر حيث يحتجب عنا الإمام القائد المهدي المنتظر (عليه السلام) للمرأة المؤمنة حريتها الكاملة في اختيار القائد الديني، الذي تعتبره مرجعاً لها وحاكماً شرعياً بالنيابة عن الإمام (أرواحنا فداه).. ضمن المواصفات والشروط الإسلامية التي يجب توفرها في المرجع القائد ولا يصح لزوجها أو لأبيها – مثلاً – أن يجبرها على تقليد مرجع معين لا تؤمن هي بجدارته وكفاءته..
وحينما تلاحظ المرأة فساداً أو انحرافاً في جهاز الحكم وإدارات الدولة، فعليها أن تفضح هذا الانحراف، وتكشف هذا الفساد.. وتسعى لإصلاحه وتقويمه بمطالبة القيادة العليا ووضعها أمام واجبها ومسئوليتها.. وهذا داخل ضمن واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..
*(قلت: هذا مذهب الشيعة الخاص بهم فليفعلوا فيه ما شاءوا) .
..وبعد أن تسلط معاوية بن أبي سفيان على رقاب الأمة وتسلم أزمة الحكم بالقوة والإرهاب، فرض على الولايات والمناطق ولاة قساة منحرفين، مؤهلهم الوحيد الولاء والتأييد لسلطة معاوية .
* (قلت: هذا مقام معاوية رضي الله عنه عند الصفار ، أما عند المؤمنين فهو الخليفة العادل والصحابي الجليل الذي رضيته الأمة).
وكانت هذه المرأة المؤمنة البطلة "سودة بنت عمارة " تلاحظ سلوك الوالي على منطقتها- فتراه ظاهر الانحراف، يغلب عليه الجور والفساد.. بيد أن شخصيات المجتمع يرهبون بطش معاوية ، ويخافون سطوته.. فهل تسكت "سودة " وتغض النظر عن هذا الانحراف الواضح في جهاز الحكم المتمثل في جور الوالي وقسوته؟ وهل سيسمح لها ضميرها ووجدانها بالتفرج على شقاء مجتمعها ومعاناته؟
كلا، فقد تحملت مسئوليتها وهبت لأداء دورها وواجبها وتجشمت عناء السفر إلى معاوية لتشكو إليه هذا الوالي الظالم، وهذا الجور القاسي.. رغم أن لها في الماضي دوراً سياسياً وإعلامياً بارزاً ضد معاوية أثناء حرب صفين.. وهذا ما لم ينسه معاوية بعد..(1/62)
فحينما دخلت على معاوية وسلمت عليه عرفها وذكر دورها المناوئ له في صفين الذي أوغر قلبه عليها فأسرع يجابهها قائلاً: ألست القائلة يوم صفين؟ تشجعين أخاك على قتالي:
شمّر كفعل أبيك يا ابن عمارة يوم الطعان وملتقى الأقران
وانصر علياً و الحسين ورهطه واقصد لهند (3) وابنها بهوان
إن الإمام أخا النبي محمد علم الهدى ومنارة الإيمان
فقُد الجيوش وسر أمام لوائه قدما بأبيضٍ صارم وسنان؟؟..
سودة : إي والله لقد قلت ذلك وما مثلي من رغب في الحق أو اعتذر بالكذب.
معاوية : فما حملك على ذلك؟
سودة : حب علي واتباع الحق.
معاوية : (متشمتاً) فوالله ما أرى عليك من أثر علي شيئاً.
سودة : مات الرأس وبتر الذنب، فدع عنك تذكار ما قد نسي وإعادة ما مضى..
معاوية : هيهات ما مثل مقام أخيك ينسى، وما لقيت من أحد ما لقيت من قومك وأخيك.
سودة : صدق فوك لم يكن أخي صغير المقام ولا خفي المكان كان والله كما تقول الخنساء :
وإن صخراً لتأتم الهداة به ... كأنه علم في رأسه نار
معاوية : صدقت كان كذلك.
سودة : بالله أسأل إعفائي مما استعفيت منه (تعني: تذكار الأحداث الماضية).
معاوية : قد فعلت فما حاجتك؟
سودة : إنك أصبحت للناس سيداً ولأمرهم متقلداً والله سائلك عن أمرنا وما افترض من حقنا ولا يزال يقوم علينا من ينوء بعزك، ويبطش بسلطانك فيحصدنا السنبل ويدوسنا دوس البقر ويسومنا الخسيسة ويسلبنا الجليلة.. هذا بسر بن أرطاة قدم علينا من قبلك فقتل رجالي وأخذ مالي ولولا الطاعة لكان فينا عز ومنعة، فإما عزلته عنا فشكرناك، وإما لا ففرقناك ! !
فتأثر معاوية من كلامها واعتبره جرأة على الحاكم وتهديداً للسلطة، فقال لها: أتهدديني بقومك؟ لقد هممت أن أحملك على قتب أشرس فأبعثك إليه ينفذ فيك حكمه؟
فأطرقت إلى الأرض وهي باكية العين، حزينة القلب، ثم أنشأت تقول:
صلى الإله على جسم تضمنه قبر فأصبح منه العدل مدفونا
قد حالف الحق لا يبغي به بدلاً فصار بالحق والإيمان مقرونا(1/63)
معاوية : ومن ذلك؟
سودة : علي بن أبي طالب .
معاوية : وما صنع بك حتى صار عندك كذلك؟
سودة : قدمت عليه في رجل ولاه صدقتنا، فكان بيني وبينه ما بين الغث والسمين، فأتيت علياً (عليه السلام) لأشكو إليه ما صنع، فوجدته قائماً يصلي، فلما نظر إلي انفتل من صلاته، ثم قال لي برأفة وتعطف: لك حاجة؟ فأخبرته الخبر، فبكى ثم قال:
(اللهم إنك أنت الشاهد علي وعليهم، إني لم آمرهم بظلم خلقك ولا بترك حقك) ثم أخرج من جيبه قطعة جلد كهيئة طرف الجراب فكتب فيها (بسم الله الرحمن الرحيم، قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ إذا قرأت كتابي فاحتفظ بما في يديك من عملنا حتى يقدم عليك من يقبضه منك والسلام) فأخذته منه، والله ما ختمه بطين ولا حزمه بحزام!!
فانبهر معاوية وتعجب من هذا العدل والإنصاف، وقال:
اكتبوا لها بالإنصاف والعدل لها؟ فانبرت إليه قائلة: إلي خاصة أم لقومي عامة..
معاوية : وما أنت وغيرك؟
سودة : هي والله إذن الفحشاء واللوم، إن لم يكن عدلاً شأمك، وإلا فأنا كسائر قومي.
معاوية : اكتبوا لها ولقومها بحاجتها(4).
وسودة هذه البطلة نموذج واحد لها مثيلات كثيرات في تاريخنا الإسلامي من النساء اللاتي مارسن موقفاً سياسياً تجاه السلطة وقضايا الحكم..
* (قلت: هكذا يكون كاتب الوحي -معاوية رضي الله عنه- في نظر الصفار ومن نقل عنهم ومن يتتلمذون على يد الصفار وأمثاله، وهذا الكلام الذي ذكره عن المرأة -إن صح- هو قول الخوارج، فلا عبرة به أو هو قول الشيعة وهو أخس).
... وهكذا يبدو بوضوح الدور الكبير الذي رسمه الإسلام للمرأة المؤمنة في المجتمع..
ومرة قرر الخليفة الثاني عمر بن الخطاب تحديد مهور النساء بمبلغ معين وهدد بمعاقبة من أزاد على ذلك وصعد المنبر يبلغ الناس ذلك القرار قائلاً:
((1/64)
أيها الناس! لا تغالوا بصداق النساء، فلو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما أصدق امرأة من نسائه أكثر من اثني عشر أوقية)..
فقامت إليه امرأة فقالت له: يا أمير المؤمنين! لم تمنعنا حقاً جعله الله لنا والله يقول وأتيتم إحداهن (( وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا ))[النساء:20]^.
فقال عمر : كل أحد أعلم من عمر .
*(قلت: هذه القصة لم تثبت بسند صحيح عند أهل العلم، لكنها على كل حال أحسن من أكاذيب الشيعة التي شحنت بها كتبهم).
ثم قال لأصحابه: تسمعونني أقول مثل هذا القول فلا تنكرونه عليّ حتى ترد عليّ امرأة ليست من أعلم النساء(3)..
واضطر الخليفة أمام معارضة امرأة عادية ليست من أعلم النساء إلى سحب قراره؛ لأن معارضتها مدعومة بالدليل والبرهان الذي يثبت خطأ قرار الخليفة !
*(قلت: أما أهل السنة المحققين منهم لا يثبتونها، وأما أهل التشيع والتشفي فقد كفانا الصفار معرفة مذهبهم فيها).
*(قلت: لم تعترض على الرسول صلى الله عليه وسلم وإنما تشتكى إلى الله أن يفرج عنها وقد فرج عنها).
أرأيت كيف كانت مكانة المرأة في المجتمع الإسلامي إنها تناقش الرسول وتجادله وتعترض على الخليفة فتضطره إلى إلغاء قراره!!
المرأة والجهاد:
والمرأة المسلمة اليوم مدعوة للجهاد ضد الاستعمار وعملائه الخونة الذين يعتدون على مصالح الرسالة ويسلبون حقوق الأمة..
*(قلت: يقصد بعملاء الاستعمار أهل السنة الذين لا يقبلون كذب الشيعة).
المرأة والتغيير:
ليس غريباً أن يتسلط الظلمة أو يستبد الطغاة، فنوازع الشر والفساد موجودة في أعماق نفس الإنسان، وإذا ما انعدم الإيمان وتوفر المجال وأتيحت الفرصة لأحد من الناس أن يتسلط على أبناء جنسه بغير حق، وأن يحكم فيهم بالظلم والجور، فسوف لن يتورع عن ذلك..(1/65)
ولا عجب ولا غرابة من ذلك، فطبيعة الإنسان هي الطغيان عند القدرة عليه، إلا أن يعصمه مانع من دين أو ضمير قال الله تعالى: (( إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى ))[العلق:6]^ * (( أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ))[العلق:7]^ وقديماً قال الشاعر العربي:
الظلم من شيم النفوس وإن تجد
ذا عفة فلعله لا يظلم...
ولكن الشيء العجيب المستغرب هو قبول الجماهير بسيطرة الظلمة وسكوتها عن استبداد الطغاة
*(قلت: أهل السنة عملوا بقول الله تعالى وقول رسوله صلى الله عليه وسلم في طاعة ولاة الأمور وإن جاروا وإن ظلموا).
فالله تعالى قد خلق نفس الإنسان تواقة للحرية، طامحة للعدل، محبة للخير والتقدم، فكيف إذا خضعت للاستعباد وتستسلم للظلم، وتسكت على الاستبداد والتخلف؟..
** هناك أسباب معينة تجعل الإنسان يرضى لنفسه الاستعباد والخضوع، من أهمها:
1- المطامع المصلحية:
حيث المتسلطين الظلمة مستعدون لشراء الضمائر، وإعطاء الامتيازات، وتقديم الاغراءات، لمن يساعدهم على تثبيت حكمهم الجائر، وسلطتهم اللامشروعة.. وهنا يجد المصلحيون الانتهازيون الفرصة سانحة لتحصيل مطامعهم، وتحقيق مآربهم المادية، أو حفظ مصالحهم وثرواتهم ومكانتهم ولو على حساب كرامتهم ومبادئهم وشعوبهم، فيستسلمون للطغاة ويرضخون لحكمهم..
2- الضعف النفسي:
فرفض الذل والخنوع، والاحتفاظ بالكرامة والحرية، يحتاج إلى قوة نفس، وشجاعة قلب، ورباطة جأش، وكثير من الناس قد يسيطر عليهم الخوف، ويستولي على نفوسهم الجبن ويغلب على قلوبهم الضعف فيصبحون أذلاء خانعين وعبيداً مستسلمين.
3- الانخداع والضلال:
تحاول السلطات اللامشروعة أن تضفي على حكمها صفة الشرعية، وأن تقنع الناس بأحقيتها وجدارتها بالحكم والسلطة، وتعمل على إظهار نفسها بمظهر الخير والإصلاح وذلك بواسطة وسائل الإعلام والدعاية ومناهج التدريس..(1/66)
*(قلت: نعم هذا حق شرعه الله لها على الأمة الإسلامية، ولا يمر النص بلا وقفة: موقف الصفار من ولاة الأمر القائمين وثانياً موقفه من مناهج التعليم .. فلا يحتاج ذلك لبيان، ومناهج التعليم في البلاد الإسلامية تتمشى على الكتاب والسنة لا على مذهب الشيعة).
والمؤمن بالله حقاً هو الإنسان الذي يتجاوز هذه الحواجز، ويتخطى هذا العقبات، فلا تستعبده المصالح ولا تغريه المطامع، ولا ينخدع بوسائل الإعلام السلطوية، ويتسلح بالإقدام والشجاعة.. لمقاومة الظلم والطغيان..
* (قلت: كما سبق الصفار يدعو للثورة لا للوحدة ..)
وهذا هو المؤمن الذي عناه الإمام الثائر الحسين بن علي (عليهما السلام) بقوله:
[[ ألا ترون إلى الحق لا يعمل به وإلى الباطل لا يتناهى عنه فليرغب (المؤمن) في لقاء ربه محقاً، فإني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما ]]^ (2).
أما الذي يتوانى عن اختراق هذه الحجب، وينهار أمام عوامل الخنوع والاستسلام، فقد خان إيمانه وأضاع دنياه وآخرته.. وإليه يتجه تهديد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث يقول:
(من رأى منكم سلطاناً جائراً، مستحلاً لحرام الله، ناكثاً لعهده مخالفاً لسنة رسول الله، يعمل في عباده بالإثم والعدوان، فلم يغير ما عليه بفعل أو قول، كان حقاً على الله أن يدخله مدخله)(3).
* (قلت: هذا من كذب الشيعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم).
ولكن المؤسف أن هذه الفئة التي تتوفر فيها مواصفات الثورة ضد أعداء الرسالة والشعب، المتسلطين بالباطل والظلم هي فئة قليلة.. ولذلك وجد الظلمة مجالاً كبيراً للسيطرة والحكم عبر تاريخنا الإسلامي بشكل خاص وطوال تاريخ البشرية بشكل عام.
والمرأة.. ما هو المطلوب منها تجاه سلطات الظلم والجور؟(1/67)
أما ما دامت المرأة في الإسلام جزءاً أساسياً من المجتمع، ووجوداً مستقلاً، كوضع الرجل تماماً، فلا يمكن أن يسمح لها الإسلام بالسكوت على الظلم والرضا بالانحراف، والخضوع للطغيان.
بل هي مسئولة مع الرجل عن مكافحة الظلم وهو أكبر المنكرات، وعن إقامة العدل، وهو أهم معروف، هكذا يقرر القرآن الحكيم وتأمر الشريعة الإسلامية.
* (قلت: المرأة المؤمنة لن تنخدع بكلامك) .
يقول تعالى:
(( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ))[التوبة:71]^.
وتستطيع المرأة في مجال العمل الثوري أن تقدم الكثير لخدمة الثورة ومن أجل إنجاحها وانتصارها ففضح جرائم السلطة، وإثارة الجماهير ضدها وإزكاء روح الشجاعة والمقاومة في نفوس الناس والإعلام المؤيد للثورة..كل ذلك تستطيع تعمله المرأة لخدمة الثورة حسب اختلاف الأوضاع والظروف.
وكمثال واضح على ما نقول: نذكر ثورة كربلاء العظيمة التي فجرها الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) فقد كان للمرأة دور رئيس في الثورة ومساهمة في تحقيق أهدافها.
وأمامنا الآن بعض المواقف الثورية التي وقفتها المرأة المؤمنة في ثورة الإمام الحسين (عليه السلام):
* (قلت: ليعلم الجميع أن الحسينيات وما يحصل فيها خصوصاً في شهر المحرم إنما هو إذكاء روح الثورة ضد المجتمعات الآمنة، فهل يصدق بعد ذلك الصفار في قوله .. وحدة .. تعايش .. حوار).
..إن الثورة تضحية وعطاء: تضحية بكل المصالح الشخصية والارتباطات المادية، وعطاء يأتي على كل ما يمتلك الإنسان من مال وجهد وحياة.
فلا يلحق بركاب الثورة إلا من وطّن نفسه على التضحية، وربى ذاته على البذل والعطاء.
قال معلم الثوار وسيد الشهداء أبو عبد الله الحسين (عليه السلام):
[[ ألا ومن كان باذلاً فينا مهجته موطنّاً على لقاء الله نفسه فليرحل معنا... ]](1)
...(1/68)
وحينما فجَّر الإمام الحسين (عليه السلام) ثورته المقدسة، خذله أكثر الناس، لأن نفوسهم كانت تعاني ضعف الإيمان، وينقصها الاستعداد للعطاء والتضحية.
* (قلت: أنتم الذين خدعتم الحسين -رضي الله عنه- ثم خذلتموه وأسلمتموه كما هو معروف في تاريخكم الأسود) .
وسار في ركاب ثورته مَن عمر الإيمان قلبه، وتوفر الاستعداد في نفسه.. وكانت النساء يشكلن نسبة كبيرة في قافلة الثورة الحسينية.
وهؤلاء النسوة اللاتي شاركن في ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) لم يكنّ غافلات ولا جاهلات بنتائج الثورة، وما ستجرّه عليهن من مصائب ومتاعب وعناء... بل كنَّ يعرفنَ كل ذلك، وكان الحسين (عليه السلام) يذكرهن بما سيصيبهن عدة مرات.
وما كنَّ مجبرات ولا كان الخروج مفروضاً عليهن، بل كان بإمكان أية واحدة منهن أن تعتذر بارتباطها العائلي، وبأعمالها البيتية، ومسئوليتها التربوية.. وتبقى في راحة من مصاعب الثورة ومشاكلها.
كان ذلك ممكناً ووارداً، ولكنهن أبينَ إلا أن يشتركنَ في الثورة !.. بدافع من إيمانهن العميق ورؤيتهن الواضحة واستعداد نفوسهن للتضحية والعطاء.
...
* (قلت: لم يكتف الصفار بإشعال الثورة في نفس الرجال حتى أثارها في نفوس النساء)
والسؤال: هل تريد بناتنا ونساءنا أن يخدمن قضايا الأمة والرسالة؟
إذا كن يردن ذلك فلهن زينب أسوة حسنة.
والإنسان المؤمن عليه أن يشهر سلاح الكلمة لخدمة رسالته ومبادئه ولمصلحة أُمته ووطنه.
*(قلت: خلط المسكين فبان عوره ..خدمة المبادئ الشيعية ومصلحة وطنه.. كيف تتفق؟؟)
. فبها يستطيع أن يهدي الناس إلى الحق ويوصل إلى قلوبهم معاني الخير والصلاح.
ورد في الحديث عن النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم):
(ما أهدى مسلم هدية لأخيه أفضل من كلمة حكمة يزيده الله بها هدى أو يردّه بها عن ردى)(7).
فلنشهر سلاح الكلمة لخدمة مبادئنا الرسالية ومن أجل إصلاح أمتنا، فكم فمن كلمة فجّرت ثورة وغيّرت مجرى التاريخ؟(1/69)
وكم من كلمة صنعت ثائراً بقي مناراً للأجيال؟
* (قلت: هذا مصداق التناقض وأن الرجل يقدم مذهبه ويبدى عبارات لذر الرماد في العيون ..فتنبه)
وكم من كلمة انتشلت إنساناً من هوّة الضلال والانحراف، ورفعته إلى أوج الهداية والصلاح؟
..وفي ثورة كربلاء كان للكلمة دور عظيم يضاهي مكانة دماء الشهداء.. وكان للمرأة في هذا المجال من الثورة – مجال الكلمة الثورية – نصيب كبير..
فقد كانت كلمة امرأة الثورة دفعاً وتشجيعاً على النضال والثورة، وحرباً على نفوس أتباع السلطة وجنودها، تضعف معنوياتهم، وتستثير ضمائرهم.
وإعلاماً جماهيرياً، يكشف للناس حقيقة الثورة وأهدافها، ويمزق حجب التضليل والتزييف الإعلامي السلطوي.
وقد لعبت الكلمة الهادفة المنسابة من فم المرأة المؤمنة دوراً أساسياً في صنع بعض بطولات الثورة وملاحمها.
...وهكذا استطاعت زوجة زهير بكلمة أن تضع زوجها على طريق الثورة.
فالكلمة الصادقة الحقة لها مفعول كبير وتأثير عظيم بحجم موقعها وهدفها.
فعلى الرسالي أن لا يبخل بالكلمة وأن يحسن استخدامها.
ومرة أخرى:
فلنشهر سلاح الكلمة لخدمة مبادئنا العظيمة وأهدافنا الرسالية السامية.
* (قلت: الصفار يحرض على الثورة ويتظاهر بالتسامح والتعايش السلمي في مراكز الحوار خديعة وغشاً) .
..فمن أين توفر الثورة المال والثروات تحت سلطات الجور والطغيان؟
وهذه مشكلة خيرة تواجهها الثورات والحركات التغييرية، وهي مشكلة (المال)، وقد تصبح الثورة مهددة بالجمود أو بالمساومة على استقلاليتها وأهدافها من قبل مصادر المال والثروة، فهناك جهات في الداخل والخارج تحاول استغلال الثورة والمساومة على أهدافها، في مقابل دعمها بما تحتاج من المال !..
ولكن الثورة الواعية المخلصة هي التي تتجاوز هذه العقبة وتحافظ على استقلالها وأصالتها.. ويمكنها الاعتماد على المصادر التالية لتغطية احتياجاتها المالية:(1/70)
أولاً: أموال الثوار أنفسهم.. فالإنسان الثائر، والذي يقدم نفسه لخدمة الثورة، ليس من الصحيح أن يبخل بما يملك من مال أو عقار، بل عليه أن يتنازل عن كل شيء من أجل أهدافه المقدسة التي آمن بها.
أما أن يكون ثورياً، وفي نفس الوقت يهمه المحافظة على رصيده النقدي، أو على بيته الجميل، أو على سيارته الفارهة، إنها إذاً لثورية مزيفة!..
ثانياً: أن يحاول الثوار إنقاذ ما يمكن من أموال الشعب التي بيد السلطة وتوظيفها في خدمة الثورة.. فملكية السلطة الظالمة المغتصبة غير محترمة يجوز للعاملين من أجل مصلحة الشعب أن يأخذوا منها ما يستطيعون.
فالذي لا يحق له أن يحكم لا يحق له أن يملك.
* (قلت: الصفار على مذهب الشيعة .. مال الدولة حلال .. أي: الحلال ما حل بيدك. وقد فسر الصفار ذلك بقوله أن الذي لا يحق له أن يحكم لا يحق له أن يملك، فهل يستأمنون الشيعة على أموال المسلمين؟ .)
هل تملك –مثلاً- السلطة التي تحتل كراسي الحكم الباطل: أن تجني الضرائب، وتتصرف في الأراضي، وتتسلم هدايا الناس للحكام؟.
إن الذي ليس كفواً لإدارة البلاد مغتصب ولا بد أن لا يملك، وإلا لأصبحت ملكيته مكافأة له على الغصب والاحتيال.
* (قلت: هذا عزل لولاة المسلمين الذين ليسوا على مذهب الشيعة)
وهذا ما لا تقرّه قيَم الدين.
ثالثاً: أن يوفق الله تعالى بعض الأثرياء من الشعب، لتفهم موقف الثورة والتعاطف معها..
وبذل المال لتمويل الثورة عمل ثوري، لا يقلُّ أهمية عن بذل النفس،..
...بينما يتلقى الثوار ضربات العدو القاسية، ويواجهون تحدياته العنيفة، ويعانون من العقبات والأشواك التي يزرعها في طريق الثورة، وأمام الثوار..
هل يجوز للشعب أن يقف متفرجاً مكتوف الأيدي، يشاهد مصارع أبنائه المخلصين وحُماته الرساليين، دون أن يحرّك ساكناً؟.
كلا..
إن موقف السلبية والتفرج، أو الحياد وعدم التدخل، موقف خائن أهوج..(1/71)
إذ أن القضية ليست صراعاً شخصياً أو نزاعاً على مصالح خاصة بين الثوار والسلطة..
وإنما هي صراع مبدئي من أجل مصلحة الأمة، وإعلاء كلمة الحق، ولحماية حقوق الناس وحرياتهم..
وسلبية الشعب تجاه الثورة يشجع السلطة على الاستمرار في إنزال أقسى الضربات بالثوار، ويُغريها بالتفنن في أساليب المواجهة للقضاء على الثورة المخلصة..
وهذا يعني مزيداً من الاستعباد والإرهاب سيعيشه الشعب في ظل تلك السلطة الظالمة، بتخاذله عن نصرة الثائرين من أجل حقوقه وكرامته.
يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام):
[[ لو لم تتخاذلوا عن نصر الحق، ولم تهنوا عن توهين الباطل، لم يطمع فيكم مَن ليس مثلكم، ولم يقوَ مَن قويَ عليكم ]]^(1).
وهذه حقيقة ثابتة أكدتها أحداث التاريخ..
فأي شعب يتقاعس عن الثورة، ويتخاذل عن الثائرين: تطول مدة استعباده ويعاني المزيد من الإرهاب والهوان.
فعلى الشعب أن يكون واعياً لدوره، عارفاً بمسئوليته، في دعم ثورته المخلصة، والدفاع عن الثوار وحمايتهم.
ويجب على كل فرد من أفراد الشعب، أن يقوم بدور ما في خدمة الثورة، للتضامن مع الثائرين.
فإذا لم يستطع الانخراط في صفوف المجاهدين الثوار فليدعمهم بالمال، أو ليساهم في الإعلام للثورة، ونشر أهدافها وأفكارها، أو ليقم بأي عمل يتضامن به مع الثوار، ويعلن به شجبه ورفضه لسياسة السلطة وتصرفاتها، بالإضراب أو بالمظاهرة أو بالاعتصام أو بأي شيء آخر...
انتهى المقصود نقله من الكتاب، وكله تحريض للرجال والنساء على الثورة في بلاد الحرمين الشريفين الذي يعيش الصفار وجماعته في ظلها ويتظاهر بولائه لها.
رمضان برنامج رسالي
حسن الصفار
دار البيان العربي
بسم الله الرحمن الرحيم
(( الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ))[الأحزاب:39]^.
صدق الله العلي العظيم.
...(1/72)
وطريقة تصرفنا في أموال البترول حيث التلاعب والإسراف والتبذير تؤكد غرورنا بما لدينا وعدم اهتمامنا بمستقبلنا الاقتصادي..
..وبالإضافة إلى ذلك فقد أعد الإسلام مواسم ودورات تربوية تستوعب الأمة كلها، لتنمي فيها روح الثورة وتذكي طموح التقدم وتعالج سلبيات المسير وتدفعها قدماً نحو الأمام.
..فرمضان مدرسة التغيير، ودورة التدريب على الثورة والتقدم، ومحطة التأمل في خبايا النفس وحركات السلوك.. ولكنه كأي مدرسة أخرى يحتاج الطالب فيها إلى الالتزام والمواظبة والانتباه والاهتمام، وإلا فسيكون نصيبه السقوط والرسوب ليأتي عليه العام الثاني بموسمه الدراسي وهو يعيش في نفس المستوى السابق.
..والشعب الذي يواجه عدواً مستعمراً وتتحرك فيه إرادة التحرر ويصمم على ذلك، فانه سيكون مستعداً للبذل والتضحية والعطاء حتى ينال الاستقلال والحرية.. كما حدث ذلك بالفعل للشعب الجزائري المسلم الذي واجه طغيان الاستعمار الفرنسي بكل شجاعة وصمود وقدم ما يزيد على مليون شهيد، حتى طرد الاستعمار الأثيم وعاش الحرية والاستقلال..
* (قلت: هكذا يوظف الصفار أمور الدين للثورة على أهل السنة وولاة أمورهم)
..وهكذا يجب على الأمة الإسلامية أن تسير دائماً باتجاه التغيير والثورة المستمرة على الجمود.. وأن لا تنام على الحرير الذي نسجته في رمضان فتعود مرة أخرى إلى سجن الهزيمة.
..ومن ناحية أخرى فإن الله خلق الحياة كمرحلة ابتلاء وامتحان للبشر، وتفاوت المستوى الاقتصادي شكل من أشكال الامتحان (( وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ ))[الأنعام:165]^.
وإذا كان من الحكمة وجود هذا التفاوت الاقتصادي فليس من العدالة أن تستأثر فئة بخيرات الكون وثروات العالم وتتفرج على بقية الناس يعانون من ألم الفقر والحرمان !
* (قلت: انتبه .. هنا كلام .. خطر) قال:
... ربما يكون هنالك سببان لعدم توجه الخطباء والعلماء لتكوين تجمع موحد.(1/73)
ا/ التخوف من ردة فعل السلطة، إذ يعتقد البعض إمكانية مثل هذه الاجتماعات قد ينظر إليه على إنكار جلسات سياسية تدفع السلطة نحو القيام بإجراءات عدائية وقمعية ضدهم، ولكن إلى متى نحن نتخوف من سخط السلطة، ونحاول دائماً إرضاءها على حساب قيمنا ومبادئنا؟ ولو كان آباؤنا يفكرون بمثل ما نفكر نحن لما أقاموا المجالس الحسينية.
هذا الأمر لا يحتاج سوى نوع من الجرأة والشجاعة، ثم إمكانية هذا الاجتماع ليس له مظهر سياسي، وإنما نشاط اجتماعي ثقافي، وسعي للتفكير الجماعي في كيفية ونوعية التوجيه الأخلاقي والعقائدي والروحي المطلوب في هذه الفترة.
2/ الحواجز النفسية عند الكثير من الخطباء والعلماء، حيث إمكانية بعضهم لا يمتلك الاستعداد للالتزام بالعمل الجماعي وذلك لسهولة العمل الفردي المزاجي، غير إمكانية التغيير الاجتماعي وإصلاح الناس والقضاء على الفساد في المجتمع لا يتم بالعمل الفردي، وإنما بالعمل الجماعي المنظم.
وفي مجتمعنا لا يمكن أن يحدث تغيير إذا لم تتركز الجهود والإيرادات، إلى الذين يحاربون العمل المنظم وينادون بالعمل كيفما اتفق، فإن هؤلاء قد رسموا في أذهانهم صورة مشوشة وغير واضحة عن التنظيم بينما التنظيم أمر سهل، لا يعني سوى جمع الطاقات والجهود وصبها وفق خطة محدودة وبإرادة معينة، وبعد ذلك لك الخيار في الاسم، أردت إمكانية تسميه حزباً أو منظمة فالمسألة ليست في الاسم، وإنما في المضمون والجوهر.
وكما نحتاج للتنظيم والتجمع في الإعلانات الخيرية والثقافية والاجتماعية، كذلك لا يمكننا التحرك السياسي الفعال دون إطار تنظيمي، والواعون من أبناء مجتمعنا إذا ما أرادوا التصدي للفساد، فلابد لهم من التعاون ضمن تنظيم سياسي ثوري، وعلى كل الألوان من العمل الجماعي المنظم يصدق مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام)* الله الله في نظم أمركم ".
..(1/74)
إن هذه المشاكل والصراعات ترجع في جذورها إلى حالة التخلف والجهل، وإلى تشجيع السلطات أقدامهم، وهذا أمر طبيعي مارسه كل طغاة التاريخ، فعندما يرون بعض الناس يتحركون في اتجاه مناقض لسياستهم، فمن أجل إيقاف أو إعاقة هذا التحرك لا أقل فإنهم يستخدمون وسيلة وقاعدة (فرق تسد) وقد حدثت بالفعل خلافات حتى في أوساط دينية للأسف الشديد إذ وصل الإمام بالبعض لأن يرتقي منابر الحسين (عليه السلام) ويستغل المآتم لمحاربة من يشكل امتداداً لخط الأكثر الحسين (عليه السلام) فيتحدث صراحة أو غمزاً في قناة عمل المجاهدين الرساليين دونما وازع من ضمير، ثم يأوي إلى فراشه وينام ملء جفنيه، بينما أهله الذين وشاهم وعابهم يعيشون مشردين خارج أوطانهم وبعضهم في غياهب السجون يعانون من آلام التعذيب..
...لقد وصل الإمام – لعلها الأمر - إلى استغلال المساجد والحسينيات، وإدخال السلطة في خلافات المتدينين مع بعضهم البعض وهذا ما تريده السلطة، حيث قام البعض بتقديم تقارير للسلطة حول العاملين الرساليين من أبناء مجتمعه بسبب تلك الخلافات التي تحصل بمختلف العناوين والأسماء.
ونحن لا نطالب بانحياز الوجهاء والعلماء إلى الطرف المحق، رغم أن نصرة الحق والانحياز له أمر ضروري ومطلوب، ولكن ليأخذوا على الأقل دور الإصلاح والتوسط للم الشمل، وتوحيد الصف، وإيقاف شماتة العدو بنا، وفرحته بفرقتنا.
...وفي مجتمعاتنا الآن تعيش مجموعة كبيرة من المؤمنين في زنزانات السجون الرهيبة، بتهمة ممارسة النشاط الديني، وبعضهم حكم عليه بالسجن المؤبد أو لسنوات طويلة، مما يعني حرمان أبنائهم من الرعاية الأبوية، والحنان العائلي، فهم كأبناء الشهداء أمانة في أعناقنا جميعاً.
..إلا أنه بسبب التخلف والجهل والخوف والجبن أصبح الجهاد عملاً تقوم به فئة محدودة وقليلة من مجتمعاتنا، بينما هناك مجتمعات كالمجتمع الإيراني أنعم الله عليهم، فأصبحوا يعرفون الجهاد ويرغبون فيه....(1/75)
كما أن الفئة العاملة المجاهدة مع قلتها فهي لا تسلم من ألسنة المتقاعسين، إذ يعتبرونهم طائشين، متطرفين..
..إن الإمام علي (عليه السلام) يذكرنا في شهر رمضان، وفي آخر وصية له بالجهاد وقد ربط الإمام في حديث سابق بين الجهاد والصيام وقال: [[ زكاة البدن الجهاد و الصيام ]]^.
وقد تحدث في وصيته عن ثلاثة ألوان من الجهاد:
أ/ الجهاد بالمال: ففي مقابل الميزانيات الضخمة التي ترصدها الحكومات لأجهزتها ومشاريعها، وفي مقابل الأموال التي يصرفها الأعداء على نشاطاتهم المناوئة لأمتنا، لا يمكن للعاملين في سبيل الله أن يواصلوا ويصعّدوا عملهم الجهادي دون مساعدة المجتمع ودعم الأثرياء والمتمكنين..
وفي بلادنا هناك كثير من التجار وأصحاب المال، ولكنهم مع الأسف يبخلون بأموالهم ولا ينفقون شيئاً منها في سبيل الله، وإذا ما تحمس أحدهم للإنفاق فإنه يقتصر على الأعمال والمشاريع العادية والمعروفة في المجتمع، كبناء المساجد ومساعدة الفقراء، أما الإنفاق من أجل الجهاد في سبيل الله ولمقاومة أعداء الإسلام، فهذا ما لا يفكر فيه أحد من الأثرياء في بلادنا..
ولا يجهل هؤلاء المتمكنون وجود المجاهدين والثائرين ومحنهم، غافلون أو متغافلون عن مسئوليتهم الشرعية تجاه الجهاد في سبيل الله..
وليتهم ينتبهون إلى أن مستقبل حياتهم وأموالهم في خطر شديد، إن لم يقفوا في وجه الأعداء والظالمين. وأمامنا تجربة قاسية مرت بإخوتنا المسلمين في العراق حيث تقاعس الأثرياء عن دعم الحركة الإسلامية فتسلط المجرمون على الشعب، ولم يبقوا حرمة لدين أو دم أو مال..
إن الألوف من المؤمنين الذين صادر الظالمون أموالهم في العراق أبعدوهم بصورة بشعة، يتأسفون اليوم، ويتندمون حيث لا ينفع الندم، على تقصيرهم في دعم المجاهدين يوم كانت الأموال بأيديهم.(1/76)
وما حكام كثير من البلاد الإسلامية الأخرى بأشفق قلباً من صدام وعصابته المجرمة.. وصدق أمير المؤمنين (عليه السلام) حينما يقول في فقرة أخرى من هذه الوصية: [[ لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيولى عليكم شراركم، ثم تدعون فلا يستجاب لكم ]]^.
ب/ الجهاد بالنفس: فمعركة الإسلام مع الكفر محتدمة الآن، والأعداء يحشدون كل ما لديهم من قدرات وطاقات لتثبيت هيمنتهم على أمتنا الإسلامية.. وإذا لم يتصد المؤمنون لهذه الهجمة الكافرة الشرسة، فسيقضي الكفار على كل ما تبقى من جذورنا الإسلامية، وسنبقى بعدها لقرون طويلة نجتر الهزيمة المأساة والتخلف.
والتصدي لهجمات الأعداء يتطلب استعداد أبناء الأمة للفداء والتضحية بأنفسهم في سبيل الله.. كما يفعل الآن إخوتنا في أفغانستان وإيران ولبنان..
فليبادر القادرون من أبناء مجتمعنا للحاق بركب الثورة والجهاد، وليصمموا على التفرغ للعمل في سبيل الله.
جـ/ الجهاد باللسان: وذلك بنشر الأفكار الثورية، وبدعوة الناس إلى الجهاد، وبالدفاع عن المجاهدين الرساليين..
(قلت: تقدم تقرير مثل ذلك ثم جاء الصفار هنا ليؤكد ما تقدم سابقاً).
فليدافع كل غيور عن العاملين في سبيل الله، فالسلطات والرجعيون يشيعون أحوالهم أسوأ الاتهامات، لمنع الناس من التفاعل والالتفاف حول المجاهدين.
انتهي المقصود من الكتاب وكله تحريض للشيعة على الثورة في بلاد المسلمين ثم يتظاهر صاحبه بالولاء لحكومة البلاد وشعبها خداعاً ومكراً.
كتاب معرفة النفس:
حسن موسى الصفار
أصلها محاضرة ألقيت ثم كتبت بعد ذلك.
المؤلف
1 / شعبان / 1411هـ
أساليب المعالجة النفسية:(1/77)
... في بعض الأوقات يكون الجانب العملي أكثر تأثيراً من الجانب النظري في إصلاح النفوس، ومن هنا تبرز قيمة الانتفاضات والأعمال الثورية في المجتمعات والشعوب، بعض الناس يقولون: إننا يجب أن نثقف الناس فنعطيهم الفكر والمعرفة والثقافة إلى مرحلة تستغرق سنين عديدة، أما الأعمال الثورية والاصطدام مع السلطة وأعمال أخرى من هذا القبيل فهذه سابقة لأوانها، لا بد من التثقيف والتوعية فقط في هذه المرحلة.
نقول: إذا اتفقنا على أن المشكلة معالجة نفوس الناس فقد تكون الأعمال الثورية أكثر تأثيراً في أعماق الناس من الأعمال الفكرية والثقافية المجردة.
... الناس مقبلون على حب الدنيا، يحبون الراحة، يخافون على حياتهم، وأموالهم وأنفسهم، فلو أنك كتبت مائة كتاب عن التضحية، وألقيت ألف محاضرة حول العطاء، وتكلمت وخطبت ومارست التوجيه في هذا المجال قد لا يكون لكل هذا تأثير يعادل تأثير القيام بتضحية فعلية أمام هذا المجتمع، وهذا مجرب في مجتمعاتنا وشعوبنا، في مجتمعنا قبل الانتفاضة التي حصلت كنا نمارس دور توجيه الناس وتثقيف المجتمع ولكن أحداث الانتفاضة التي عاشتها جماهيرنا في كل مكان، تلك المظاهرات، ذلك الاصطدام مع السلطات، تلك الاعتقالات وهذه الأعمال الثورية استطاعت أن تقفز بالعمل أشواطاً كبيرة ومرحلة عالية جداً لماذا؟
لأنه نضال؛ لأنه عمل والإمام الحسين (عليه السلام) كان يعرف أنه بثورته لا يصل للحكم، بل كان ينتظر الشهادة وقد قال في مكة قبل أن يشد رحاله نحو العراق: (وكأني بأوصالي هذه تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء) كان يعلم بأنه سيستشهد، إذاً: لماذا ثار وتحرك؟ لماذا لم يعمد الحسين والحال هذه إلى أسلوب الكتابة والتأليف والخطابة لتحريك الأمة وتغيير نفسياتها؟
* (قلت: الرجل ليس منظراً فقط بل وحركي يدعو للثورة والقتال فهل يتفق ذلك مع الوحدة والتعايش والتقريب ..؟؟ الذي يدعيه في حواراته مع جريدة المدينة) .(1/78)
... لأن الحسين كان يعلم بأن أسلوب الدم في ذلك الوقت كان أبلغ أثراً، وكان أعظم تأثيراً وبالفعل فإن استشهاد الإمام الحسين حرك الأمة تلك الحركة العظيمة، وكانت دماؤه ناقوس إنذار، أيقظ بدمائه الأمة من سباتها العميق، وكانت ثورته مشعلاً من مشاعل الهداية في النهضة الإسلامية العظيمة ولا يزال.
... مشكلة المجتمع هي الأمراض النفسية من خوف وكسل وحب الذات والإنشداد إلى الدنيا والروح المصلحية، هذه الأشياء هي التي تجعل الناس يخضعون للسلطات الطاغوتية، فعلينا أن نعالج نفوس الناس كما نزيد من ثقافتهم ونوسع من آفاق أفكارهم.
..وهذه الانتفاضات ثبت أن تأثيرها في معالجة النفوس كثيراً ما يكون ناجحاً، وشاهدنا ذلك بأم أعيننا، شاهدنا أشخاصاً كنا نحتاج إلى محاضرات وجلسات لكي نقنعهم بأن يتفرغوا شهراً ليعملوا في سبيل الله، ويتخلوا عن أهلهم ووطنهم، ولكن بعد التحرك الثوري أصبح هؤلاء الأشخاص يتطوعون بأنفسهم للتفرغ طيلة العمر وليس شهراً واحداً.
...كنا نلقي المحاضرات والخطابات على الناس ونقول لهم: لا تخافوا، لا ترهبوا كثيراً من قوة السلطة، ولكن حينما واجه الناس قوات السلطة، وحينما تساقط الشهداء في المواجهة، وحينما عانى الناس تلك الظروف وتلك الأوضاع، أصبح الناس هم الذين يشجعوننا وأصبح الناس هم الذين يدفعوننا للمواجهة، وهم الذين يطمئنوننا بأنه لا داعي للخوف، كلكم تعلمون بأن السجن كان شيئاً رهيباً في مجتمعاتنا، ولم تكن الخطابات والمحاضرات كفيلة باقتلاع رهبة السجن من نفوس الناس، ولكن الآن أصبح شيئاً اعتيادياً عند شبابنا.
من أين يأتي الخطر؟
ثانياً: ضغوط الالتزام:
... ففي هذا العصر المادي وفي مثل هذه الأجواء الفاسدة التي نعيش، يصبح الالتزام بالمبادئ والقيم مصدر مصاعب ومتاعب وضغوط قاسية في حياة الإنسان المؤمن...(1/79)
... وقد صدق رسولنا العظيم (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو الصادق الأمين حينما قال: (يأتي على الناس زمان يكون القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر).
... هذه الضغوط التي يعانيها الإنسان المؤمن من قبل سلطات الطاغوت أو قطاعات المجتمع المتخلف وحتى من قبل أهله وعائلته... ولتحديه الأجواء الفاسدة ومواجهته للواقع السيئ... كل تلك الضغوط تسبب له مضايقة نفسية قد تؤدي إلى بعض التراجع والانهزام أو سوء الخلق وتعقد النفس...
..فباسم العبادة والإقبال على الصلاة والدعاء يهمل الجهاد في سبيل الله، وتحت عنوان لزوم (التقية) ووجوبها يعيش المؤمن الخضوع والاستسلام للطغيان والباطل...
... وبحجة اتباع وتقليد أحد الفقهاء والمجتهدين يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعمل على مقاومة الظلم والفساد...
... وبمبرر التفرغ لإصلاح الذات وبنائها يكون التهرب من النشاط والعمل في سبيل الله... إن أمثال هذه الموارد غالباً ما تكون مصائد وأحابيل للشيطان تنطلي على بعض المؤمنين في لحظات الغفلة وعدم الانتباه.
نوعية التدين عند المجتمع:
... ..بالرغم من أن أبعاد التدين الثلاثة في شخصية الإنسان المؤمن تتفاوت من حيث القوة والضعف من إنسان لآخر، فهناك من يبرز البعد العقلي في شخصيته دون البعدين الآخرين، وآخر يبرز البعد السلوكي دون البعد العقلي والنفسي وهكذا.. غير أن أكثر مجتمعاتنا جل أفرادها المتدينين يبدو في شخصياتهم البعد العقلي، والسلوكي بينما ينحصر البعد النفسي للتدين في مجموعات وفئات قليلة من المجتمع، وهذا ما يلاحظ في المناقشات التي تدور في المجالس والخطب التي تلقى من على المنابر والكتابات التي تصدر إنما تدور حول الأدلة العلمية والعقلية لإثبات وجود الله، وكذلك يبدو الجانب السلوكي بشكل واضح، بينما يكاد يختفي التفاعل النفسي مع تلك الحقائق الإلهية والسلوكيات العبادية.(1/80)
... ..إذ يؤمن الإنسان – مثلاً – بوجود أسرار الطبيعة والسنن الكونية إلا أن هذا الإيمان لا يخرج عن الإطار النظري ليدخل في الإطار النفسي كلا، بل يبقى بعيداً عن التفاعل النفسي، تماماً مثل ذلك الإنسان يخضع لحكومته نظرياً وسلوكياً غير أنه غير خاضع نفسياً وشعورياً لها.
وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى هذه الحقيقة في كتابه الكريم، حيث قال: (( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ ))[العنكبوت:61]^.
(( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ ))[العنكبوت:63]^ (( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ ))[الزخرف:87]^ (( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ))[النمل:14]^.
..إذن المشكلة ليست في الإيمان العقلي بل هي في الإيمان النفسي والخضوع لتلك الحقائق والتفاعل معها، حيث أن الأدلة والبراهين التي تثبت وحدانية الله وملكيته وحاكميته لا يمكن لأحد عاقل أن ينكرها ولكن يمكنه أن لا يتفاعل معها، فلهذا لا عجب أن نرى كثيراً من المسلمين لا ينكرون وجود الله عقلاً ومنطقاً إلا أنهم لا يتفاعلون مع هذا الإيمان العقلي ولا ينعكس على مشاعرهم وتصرفاتهم.
الروح الدينية للشعب الإيراني:
المجتمع الإيراني المسلم يتميز بتدينه النفسي وهذه الميزة هي التي جعلته ينتصر قبل غيره من المجتمعات الإسلامية الأخرى، وذلك لأن إيمانه النفسي يدفعه للالتفاف حول القيادة الشرعية وللشهادة والتضحية في سبيل الله.
...(1/81)
ويعود سبب ذلك إلى الموجهين الدينيين في إيران، فقد كانوا يركزون على الجانب الروحي ويشوقون الناس لله ويوثقون علاقتهم به وبأهل بيت الرسالة صلوات الله وسلامه عليهم، إلى درجة أن بعضهم كان الطابع العام لخطاباته تذكير الناس بالله سبحانه وتعالى وبالآخرة..
إذن إذا أردنا أن نزرع روح التضحية في نفوس شعوبنا وندفعهم للجهاد والعمل في سبيل الله فلا يكفي أن نعطيهم فكراً وعلماً وثقافة، وإنما يجب أن نزرع في نفوسهم روح التدين ونمزج نفوسهم بحب الله سبحانه وتعالى؛ لأن هذا هو الذي يضمن الالتزام بالدين ويدفع الإنسان إلى التضحية من أجله وهو المسلك إلى الثورة والانتصار.
عقدة الحقارة.. مظاهرها ونتائجها:
6/ الأفكار الانهزامية..
هناك بعض الأفكار تفقد الإنسان الثقة بنفسه وتشعره بالحقارة والضعف حيث توحي للإنسان بأنه عاجز عن مقاومة واقعه وتغيير أوضاعه، وكأن الواقع المعاش مفروض من قبل الله.. وتسعى الحكومات الطاغوتية إلى ترسيخ هذه الفكرة لدى أبناء الشعب لكي لا يفكروا في الثورة والتحرك ولا تنمو في نفوسهم الطموحات العالية.
والصحيح أن واقع الناس تصنعه نفسياتهم ومواقفهم، يقول تعالى:
(( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ))[الروم:41]^.
فللحياة الاجتماعية قوانينها ومعادلاتها، ومن أبرز السنن الاجتماعية سنة التغيير والتحول في المجتمعات والتي ترتبط بوجود فئة تعمل من أجل التغيير وإن كانت قليلة العدد، إلا أن إخلاصها وعطاءها يقربها من النصر يقول تعالى: (( كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ))[البقرة:249]^.
إن الحكومات المسيطرة على شعوبنا ضعيفة وهشة ولكن المشكلة تكمن في أن الشعوب لم تكتشف ذاتها ولم تمتلك الثقة بقدراتها بسبب الأفكار السلبية الانهزامية التي تزرع عقدة الحقارة على صعيد الأفراد والمجتمعات.(1/82)
السلطات الطاغوتية..
يسعى الحكام الجائرون إلى إضعاف ثقة الناس بأنفسهم وإشعارهم بالحقارة والضعة والعجز عبر وسائل الإرهاب والقمع، فكل قانون وكل ممارسة لهذه السلطات يقوم على أساس إذلال المواطن وتحقيره فالحريات مصادرة والقانون معدوم وسياسة البلد يقررها الحكام وحدهم ويهان المواطن عند مراجعة الدوائر الحكومية وتوضع أمامه آلاف القوانين والعقبات التي تكبل حريته في العمل والتحرك..
وإذا ما تجرأ المواطن على مخالفة السلطة فسيكون لعبة بيد الجلاوزة والمعذبين والمحققين يمارسون معه أبشع أساليب الإهانة والتنكيل.. وقد تزيد السلطة من قمعها واضطهادها لطائفة من الشعب وتمارس ضدها التمييز العنصري أو القومي أو المذهبي وبمختلف الوسائل لإذلال أبنائها وتحقيرهم..
وفي ظل هذه السلطات يفقد الناس الثقة بأنفسهم ويحتقرون قدراتهم إن لم يتوفر لهم الوعي والثقافة الرسالية..
قال تعالى: (( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ))[القصص:4]^.
علاج عقدة الحقارة:
5/ المحيط الصالح..
..والحمد لله نعيش في هذا الوقت صحوة إسلامية عظيمة أفرزت تجمعات إيمانية تساعد الإنسان على تفجير طاقاته وكفاءاته، فعلى الإنسان أن يبحث عن تلك التجمعات ويبتعد عن التجمعات السيئة التي تزيد من عقدة الحقارة عنده، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد الإسلام مثل أخ يستفيده في الله).
انتهي المراد نقله من الكتاب وهو كسوابقه .. تحريض على الثورة وقلب الحكم في بلاد الحرمين .. وهو يتملق بالمواطنة والتعايش السلمي خداعاً ومكراً.
كيف نقاوم الإعلام المضاد
الشيخ حسن الصفار
المؤلف
5 /12/14.3هـ
...(1/83)
من هنا تبرز الحاجة الملحة لدراسة قضايا التغيير والمشاكل التي تعترض طريق تحرك الأمة نحو الإسلام ونهوضها من أجل الحرية والاستقلال..وخاصة في هذا الوقت حيث تتفجر حركات الثورة والإصلاح في مختلف مجتمعات الأمة..
..وفي تراثنا الإسلامي ثروة هائلة من التعاليم والتجارب في هذا المجال.. ذلك لأن الإسلام رسالة من أجل التغيير والإصلاح وتاريخنا زاخر بالتجارب الثورية وحركات المواجهة للظلم والفساد..
..وهذا الكتيب بين أيدي القراء الكرام هو مجموعة أحاديث ألقيتها حول معالجة مشكلة من المشاكل التي تعترض طريق المصلحين وهي مشكلة الإعلام المضاد.
أقدمها لإخواني العاملين في سبيل الله عسى أن تساعدهم ولو بشكل بسيط على مواجهة إحدى مصاعب الجهاد..
وأرجو أن تساهم هذه السطور المتواضعة في توعية جماهير الأمة بحقيقة الصراع الدائر الآن بين طلائع الإسلام الثائرين وأعدائه الظالمين..
..ولا فرق في هذه الحالة بين أن يكون العدو هيمنة خارجية ظالمة، أو سلطة داخلية مستبدة، فكلاهما يغذي حالة النزاع في المجتمع ويوجه الحراب صوب فئات الثورة والجهاد ...
..وفي كل مجتمعاتنا الإسلامية المعاصرة تتوفر نماذج تطبيقية لهذه الحقيقة حيث تتصاعد الآن روح الثورة والجهاد من أجل الإسلام والاستقلال والحرية لدى الفئات الواعية المخلصة في شعوب الأمة ... ويدرك العدو – المتمثل في السلطات العميلة الحاكمة على بلادنا والنفوذ الأجنبي المهيمن – جيداً خطر هذه الروح الثورية وهذه الفئات الواعية على وجوده ومصالحه ... وحتماً لن يقف مكتوف الأيدي أمام هذا الخطر ولن يستخدم القمع كأسلوب وحيد لمواجهة خطر الثورة ما دام يمتلك أسلوباً آخر هو نقل المعركة إلى داخل المجتمع وإثارة الناس الأبرياء ضد الثوار المجاهدين عبر تلفيق الاتهامات واختلاق الإشاعات ضدهم ...
أهداف الإعلام المضاد:(1/84)
حينما تشن حملة الاتهامات والإشاعات والدعايات ضد الأكفاء والمصلحين فإنها تستهدف تحقيق الأغراض التالية:
أولاً: الهزيمة النفسية:
فالمصلح الذي يتبنى تغيير المجتمع يحتاج إلى ثقة عالية بنفسه، ومعنويات رفيعة في أعماقه ليرى في نفسه الكفاءة والقدرة على مواجهة الواقع الفاسد المتخلف ... وعادة ما يبدأ المصلحون والثائرون كذلك ... ولكن الأعداء يشنون ضد المصلح أو الثائر حملة من الإشاعات والاتهامات ليضعفوا ثقته بنفسه وبالتالي ليشكك في قدرته على المواجهة والتغيير حينما يرى الأجواء قد تعبأت ضده ... وإن سمعته أصبحت مشوهة في أنظار الناس ... فمن يسمع كلامه؟ ومن يستجيب له؟ ومن سيثق فيه؟
وهنا عقبة الامتحان والاختبار التي يتجاوزها المصلحون الصامدون والثوار الحقيقيون بينما يتراجع أمامها من كان يظن أن طريق الإصلاح والثورة مفروش بورود الراحة والسلامة..
المصلح الحقيقي لا يسمح لتلك الإشاعات والاتهامات أن تؤثر في نفسه فتضعف ثقته وتزلزل معنوياته وتشككه في قدراته..
وفي مجتمعاتنا اليوم وحيث تنبري الطلائع المؤمنة والمصلحون المجاهدون لمواجهة سيطرة الكفار الأجانب وللوقوف أمام انحراف السلطات الحاكمة وللثورة على الواقع الفاسد المتخلف الذي تعيشه الأمة..
* (قلت: دعوة متنوعة للثورة ضد الحكام غير الشرعيين في نظر الصفار )
...وحيث يسعى المؤمنون المجاهدون لتجنيد طاقات الأمة، وتوجيه اهتمامها صوب معركة الاستقلال والحرية والتقدم، في مقابل ذلك يحاول المستعمرون الأجانب وعملاؤهم الحكام الظلمة إثارة الاتهامات والإشكالات ضد المؤمنين المجاهدين ...
..وتلقف تلك الدعايات والإشاعات بعض البسطاء والمغرضين في المجتمع.. وهنا يجد المؤمن المجاهد نفسه محرجاً ومتورطاً.. هل يسكت على نشاط هؤلاء المناوئين والذين يلفقون ضده التهم والأكاذيب ويترصدون أخطاءه ونقاط ضعفه وهم بذلك يخدمون خطط العدو الرئيس؟
أم يدافع عن نفسه ويواجه اتهاماتهم وإشكالاتهم؟
..(1/85)
إن سكوته يفسح المجال أمامهم لعرقلة مسيرة الإصلاح والتغيير كما أن مواجهته تستهلك جهداً واهتماماً وطاقة يريد ادخارها للمعركة الحقيقية والعدو الرئيس.
..ويحتاج المصلح هنا إلى سيطرة كاملة على أعصابه ومشاعره وإلى حكمة وحنكة في ممارساته ومواقفه حتى لا ينزلق في هذه المعارك الجانبية المفتعلة في الوقت الذي يواجه فيه نشاط المغرضين بتذكير الناس بالقضية الحقيقية وتوجيههم نحو الأعداء الرئيسيين.. وتوعية الناس بخلفية الأمور وأسبابها..
* (قلت: قد طبق الصفار ما حرره بيده الآن .. وسترى فيما بعد حقيقة ما أقول).
...فلنكن جريئين في طرح قياداتنا الإسلامية والدعاية لكل أعمال الخير والصلاح.. المؤسسة العاملة.. الكتاب الجيد.. الكلمة الصادقة.. الموقف الشجاع.. التجمعات الصالحة.. النشاطات الدينية .. ورحم الله المؤمنين الأوائل الذين كانوا يشيدون بفضل أئمة الهدى ويدفعون حياتهم وأرواحهم ثمناً لذلك.
خاتمة المطاف:
..أمتنا الإسلامية اليوم في حالة يقظة ونهوض..
..والمؤمنون والمجاهدون والحركات الإسلامية والمصلحون هم اليوم طليعة نهضة الأمة وقادة مسيرتها نحو الإسلام والحرية والاستقلال..
ومن أجل عرقلة مسيرة النهضة المباركة وإجهاض الحركة الإسلامية الثائرة، يشن الأعداء هجوماً إعلامياً واسعاً ضد الطلائع المؤمنة والمصلحين المجاهدين..
وفي مجتمعاتنا فئات جاهلة أو مغرضة تشارك الأعداء في تنفيذ مخططهم الخبيث..
التعددية والحرية في الإسلام
بحث حول حرية المعتقد وتعدد المذاهب
المؤلف
حسن موسى الصفار
24 /5/142. هـ 23/ 12/ 989 1 م
تقديم للطبعة الثانية
بقلم سماحة آية الله الشيخ محمد مهدي شمس الدين دام ظله
11/4/1416هـ
1995/9/7 م
بيروت/ لبنان
تقديم للطبعة الأولى(1/86)
بقلم الدكتور محمد فتحي عثمان [أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة جنوب كالفيورنيا U.S.C / مفكر إسلامي بارز له العديد من الكتب منها :حقوق الإنسان بين شريه الإسلام و الفكر القانوني الغربي].
..فإذا كانوا يريدون تطبيق الإسلام وبناء الدولة والمجتمع على أساسه، فما هو موقفهم من الرأي الآخر والمعتقدات المخالفة؟ وضمن دائرة الإسلام هل هناك مجال للتعددية في الرأي والموقف؟ أم هو الرأي الواحد، والموقف المتفرد، ولا موقع لسواه؟
...إن عصور التخلف المظلمة التي مرت على أمتنا أعطت عن الإسلام صورة سلبية بأنه يدعو إلى الديكتاتورية والاستبداد، ويسمح بممارسة القمع والإرهاب ! كما أن بعض الجهات والطروحات في الساحة الإسلامية، لا تزال إلى اليوم تصر على التّفرد بالساحة، والاستبداد بالرأي، ولا تعترف بالرأي الآخر، ولا تحترم الموقف المغاير!!
* (قلت: يشير الصفار إلى أهل السنة بالاستبداد والشيعة بالموقف الآخر ..)
لا إكراه في الدين:
..من الطبيعي أن يسعى أصحاب كل دين أو مذهب لنشر دينهم والتبشير بعقيدتهم ليغطي أكبر مساحة ممكنة من أبناء البشر.
*(قلت: هذا يصدق على المتغلب من الطرفين ..)
..فما داموا يعتقدون الصواب والحق في دينهم فسيكونون مندفعين لدعوة الناس إليه، كما أن وفاء وإخلاص كل شخص لدينه يجعله متحمساً للتبشير به، ولأن الدين يصبح جزءاً هاماً من ذاتية الإنسان وشخصيته فأي تقدم أو مكسب للدين يعتبره الإنسان تقدماً ومكسباً ذاتياً وشخصياً.
*(قلت: هذا في دين الشيعة.. لا دين الإسلام الذي أوحاه الله إلى محمد بن عبد الله وبلغه صلى الله عليه وسلم لأمته .)
...إن حرية الاعتقاد هي أول حقوق "الإنسان " التي يثبت له بها وصف "إنسان " فالذي يسلب إنساناً حرية الاعتقاد، إنما يسلبه إنسانيته ابتداء.. ومع حرية الاعتقاد حرية الدعوة للعقيدة، والأمن من الأذى والفتنة.. وإلا فهي حرية بالاسم لا مدلول لها في واقع الحياة.(1/87)
* (قلت: وهل سمع أحد أن ممن يعنيهم الصفار أخذوهم وشقوا صدورهم ووضعوا فيها ما يريدون؟ ثم هل خلق الله الخلق ليعتقدوا ما يشاءون أو خلقهم لعبادته وحده وترك عبادة ما سواه وأشاع قتال المشركين ليعبدوه وحده) .
...ففي ظل الإسلام لا تلغى الديانات الأخرى، ولا يحظر وجود سائر المبادئ والملل، بل يخاطبهم القرآن الحكيم معترفاً بوجودهم، وتاركاً لهم حرية اختيارهم (( لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ))[الكافرون:6]^.
* (قلت: لكن يلتزمون شرائع الدين التي يخاطبون بها فلا يعلنون دينهم ولا يبنون معابدهم ويحترمون شعائر الدين ... إلا من الأحكام المتعلقة بهم، فلا يلقى الكلام جزافاً كما فعل الصفار ليحقق من ورائه ما يريد، ثم إن الصفار يريد أن يقول: اعتبروا الشيعة مثل اليهود والنصارى وأعطوهم ما تعطون اليهود والنصارى، فنقول: قد سبق بيانه في أول الكلام).
..بل نظم الإسلام تشريعات ووضع قوانين لحماية أتباع الأديان الأخرى وللتعامل معهم في إطار الدولة الإسلامية، فإذا ما خضعوا للنظام السياسي، وساهموا مالياً في توفير احتياجاته عبر دفع الجزية وهي مبلغ سنوي من المال يحدده الحاكم الشرعي على كل فرد ذكر قادر من غير المسلمين، كما يدفع أفراد المسلمين الزكاة والخمس، فإنهم بعد ذلك أحرار في البقاء على أديانهم وممارسة معتقداتهم، دون أن يجبرهم أحد على تركها أو العدول عنها. حرية العبادات والأحكام:
..وحينما يقبل الإسلام بوجود سائر الأديان والاتجاهات ضمن مجتمعه وفي ظل دولته، فإنه يمنحهم الحرية الكاملة في ممارسة شعائر أديانهم والقيام بطقوس عباداتهم، وتنفيذ تعاليمها وأحكامها دون أن يفرض عليهم شعائره وأحكامه أو يتدخل في شئون أديانهم.
* (قلت: هذا ليس صحيحاً على إطلاقه، بل يشترط أداء الجزية والدخول تحت حكم الإسلام لمن كان في بلاد الإسلام).(1/88)
وقد تعهد رسول الله (ص) لنصارى نجران بضمان حريتهم الدينية في عباداتهم وشعائرهم كما جاء في نص معاهدته لهم وفي كتابه لأبي الحارث بن علقمة أسقف نجران.
..من هنا يرفض الإسلام اضطهاد الناس على أساس دينهم أو اعتقاداتهم، بل ويوصي الإسلام أبناءه بأن يكونوا المثل الأعلى في الأخلاق وحسن التعامل مع الآخرين، حتى لا تحسب تصرفاتهم غير اللائقة على الإسلام فنشوه لسمعته وتنفر الآخرين منه.
..يقول تعالى: ((( وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ))[الأنعام:108]^.
* (قلت: هذا من باب درأ المفسدة الراجحة إذا كانت الغلبة للكفار) .
فالآية الكريمة تلفت أنظار المؤمنين إلى عدة حقائق يجب أن يأخذوها بعين الاعتبار في تعاملهم مع الآخرين:
أ- إن كل أمة أو جماعة لها مبدأ فإنها تعتقد بقداسته وان كان باطلاً في نظر الآخرين (( كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ))[الأنعام:108]^.
* (قلت: هذا من تزيين الشيطان للصفار .. وهل يقول عاقل مثل هذا القول).
2- إن الدنيا دار حرية واختيار للإنسان وهو مسئول أمام ربه غداً يوم القيامة، ولا يحق لأحد في الدنيا أن يفتش عقائد الناس ويحاكمهم على أديانهم، فذلك الأمر موكول لرب الخلق يوم الحساب.
* (قلت: إذن فلا دعوة ولا جهاد ولا دين يقام في الأرض ليعبد الله وحده لا شريك له).
3- إن أي فعل تجاه الآخرين يسبب ردّ فعل من نوعه وجنسه، فإذا كان المسلمون حريصين على احترام دينهم، ومقدساتهم فعليهم أن يحترموا أديان الآخرين ومقدساتهم في ظاهر التعامل معهم وإلا فليتوقعوا الإهانة لمعتقداتهم حينما يسبّون معتقدات الآخرين.
الحوار لغة التعامل:
...(1/89)
وإذا كان الإسلام يقرّ حرية العقيدة والفكر، فإنه في ذات الوقت يدعو أبناء البشر لاختيار الحق واتباع الهدى، وأن لا تكون حالات التعصب والانفعال والأهواء المصلحية سبباً لابتعاد الإنسان عن الحق وارتمائه في حضيض الباطل.
لذلك حمل الإسلام دعاته وأبناءه مسئولية هداية الآخرين والسعي لإقناعهم بالدين الحق عبر الحوار والمناقشة الموضوعية الهادفة في جوّ من الحرية والاحترام المتبادل.
والحوار الموضوعي لا يتنافى مع الحرية بل هو مظهر صادق لوجودها وطريق سليم للوصول إلى الحق.
وينطلق الحوار في نظر الإسلام من منطلق ضرورة البحث عن الحق ولزوم اتباعه.
* (قلت: على قاعدة الصفار فلا ثوابت لدينا؛ لأننا نبحث عن الحق عن طريق الحوار).
مقارنة الأديان:
..انطلاقاً من تعاليم الإسلام الداعية إلى الانفتاح على سائر الأديان والأفكار، والحوار مع أصحابها بالتي هي أحسن، عبر الاحتكام إلى العقل والرجوع إلى الفطرة والمنطق، ليتضح الحق للباحثين عنه، وتثبت الحجة على الجاهلين والضالين.. فقد تمخض عن تلك المناظرات والحوارات الموضوعية التي أدارها قادة المسلمين وعلماؤهم مع أئمة مختلف الأديان والمبادئ تمخض عنها علم جديد لم يكن متداولاً من قبل هو علم مقارنة الأديان.
* (قلت: الرجل يطرح الدين ليحل محله العقل والفطرة والمنطق في حواره لمن وصفهم بالجاهلين والضالين).
(أقول: في السطور التالية: يصرح بأن أي حكومة ليست لها حق القيادة والتجمع حولها؛ لأن قائدها ليس رسولاً ولا معصوماً فأين الدعوة إلى الإصلاح ووحدة الصف؟؟؟).
فيقول:
التعددية في حياة البشر:
كل مؤمن صادق الإيمان يتمنى من أعماق نفسه أن يرى أمته ومجتمعه متوحداً متماسكاً بعيداً عن الصراعات والنزاعات..
..وكل مجاهد واعٍ يحمل منتهى الرجاء والأمل بأن يصبح العاملون (( يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ ))[الصف:4]^ دون صدامات أو اختلافات..(1/90)
ولكن كيف تتوحد الصفوف ويجتمع الشمل ونتخلص من مشاكل الصراعات الداخلية؟
البعض يعتقد أن الوحدة إنما تتحقق باتفاق الآراء وتطابق المصالح ووحدة القيادة، فإذا كانت القناعات الفكرية والآراء السياسية واحدة، وتوافقت مصالح كل الأطراف، وخضع الجميع لقيادة واحدة.. فإننا سنتخلص من أي مظهر للتفرقة والاختلاف وسننعم بما نطمح إليه من وحدة واجتماع..
..وهذه صورة مثالية ومستوى رفيع قد يستحيل تحقيقه في حياة الأمة إلا بوجود قيادة معصومة تخضع لها كل الأمة وتقبلها كقيادة الرسول الأعظم محمد (ص)، أو حينما يظهر الإمام المهدي صاحب العصر والزمان ويهيئ الله له أسباب الهيمنة على العالم..
* (قلت: هذا منهج الشيعة وليس منهج الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، وليس هناك معصوم غير الرسول صلى الله عليه وسلم).
واقع الاختلاف في حياة البشر:
...أن يختلف الناس في أفكارهم وآرائهم ومواقفهم وعاداتهم، فذلك أمر طبيعي تقتضيه ظروف حياة البشر، فلو استقصينا أزمنة التاريخ لما وجدنا البشرية في أي لحظة من الزمن تجتمع وتتفق على كل الأمور والقضايا بمجملاتها وتفاصيلها، اللهم إلا تلك الفترة البدائية القصيرة التي يتحدث عنها القرآن الحكيم بقوله: (( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً ))[البقرة:213]^ أي: قبل أن يعملوا عقولهم ويتنبهوا إلى ما حولهم من حقائق ومصالح.
*(قلت: النظرة العقلية البحتة للأمور ولو كان بيانا لماً ورد في القرآن الكريم ظاهرة جداً على كلام الصفار ).
...وحتى المجتمعات الإيمانية من أبناء البشر كأتباع الأنبياء والأئمة والأولياء لم يكونوا جميعاً على مستوى واحد من الفكر والالتزام، ولا كانت آراؤهم متطابقة ولا متفقة على جميع الجزئيات والتفاصيل الدينية والحياتية.
..ونلاحظ جلياً في حياتنا كيف يختلف الناس في كل شعب حتى لا نكاد نجد أمراً يتفق عليه الجميع وقد يتفاوت أفراد العائلة الواحدة في توجهاتهم وأذواقهم.(1/91)
*(قلت: إلا الدين فالأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأتباعهم متفقون على عبادة الله وحده لا شريك له، أما الصفار ومن يذكرهم فهم كما ذكر).
..ولعلنا نستوحي أو نستشف من بعض الآيات الكريمة في القرآن الحكيم حتمية وجود الاختلاف والتفاوت بين أبناء البشر حسبما شاءت إرادة الله تعالى وحكمته.
...إذاً: فاختلاف المصالح بين الجهات أمر وارد وهو يسبب الاختلاف في المواقف.. ولكن ذلك لا يمنع التعاون والتوافق ضمن صيغة تحفظ لكل منهم مصلحته التي يراها وتمنعه من الاعتداء على مصالح الآخرين، وهذا هو الأسلوب الحضاري الذي تتعامل به الجهات المتحضرة المتمدنة في العالم فيما بينها.
* (قلت: الحمد لله الذي أنطق الرجل وأقر على نفسه أن العلاقة بين الأطراف المختلفة علاقة مصالح، وأن يريد أن يقلد الدول المتحضرة في تلك العلاقة .. وهذا شيء ليس في دين الله تعالى، الاجتماع على الصفار على دنيا مصالح فقط).
فهم يعترفون باختلاف المصالح فيما بينهم، ويتنافسون في اكتساب المصالح والمكاسب ولكنهم يتعاونون في نفس الوقت ضمن أطر وصيغ مرنة.
..وبهذا الأسلوب تتعايش الأحزاب المتنافسة على المصالح في أمريكا وأوروبا الغربية، فحينما يصل حزب إلى الحكم في بلد فإن الحزب الآخر يأخذ موقف المعارضة ولكن ضمن حدود وأطر متفق عليها بين الطرفين ويستمر بينهما التشاور والتعاون والتعامل وخاصة عند التحديات وفي المواقف المشتركة.
الخلاصة:
يتبين من كل ما سبق أن الاختلاف في حياة البشر أمر طبيعي وواقعي، وحتى في المجتمعات الإيمانية لا تزول ولا تنتهي أسباب الاختلاف، فهناك تفاوت في درجات الإيمان، وتفاوت في مستوى المعرفة والوعي، وتعارض بين المصالح.
* (قلت: الله نهى عن الاختلاف في الدين، وأمر بالرجوع إلى كتابه وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – لحسمه إذا حصل بين المؤمنين).(1/92)
وحينما تدعو الفطرة ويشجعنا العقل على التعاون، ويأمرنا الدين بالوحدة والتآلف، فذلك ليس مشروطاً بأن نكون متفقين في كل أفكارنا ومواقفنا ومصالحنا فذلك أمر مستحيل أو متعذر.
وإنما المطلوب منا التآلف والتعاون حتى مع وجود حالات الاختلاف والتنافس، والذين يجعلون الاتفاق في كل شيء شرطاً للوحدة والتعاون إما أن يكونوا غافلين عن الحقائق الواقعية، وإما هم غير جادّين في التطلع لوحدة الأمة وتماسك قواها المؤمنة الخيّرة.
* (قلت: الصفار ليس له نظر إلا مادية مصلحية .. -ولا أظنه إلا أنه يتظاهر بذلك- أما أهل الحق والإيمان فإن نظرتهم للأمور نظرة شرعية دينية، فلا يفعلون إلا ما يرضي الرب تعالى، وأما ما يسخطه فإنهم يتجنبونه) .
..إن قضية الوحدة والتعاون بين المؤمنين تحتل موقعاً هاماً في ثقافة الإسلام وتعاليمه، والمؤمن ليس مخيراً بين السلوك الوحدوي والأخلاقية التعاونية وبين التفرقة والتخاصم.. بل إنه ملزم من قبل الله تعالى بوحدة الصف ولم الشمل، ومكلف بالابتعاد عن التفرقة والبغضاء..
فالوحدة والتعاون واجب شرعي وتكليف إلهي على كل مسلم مراعاته وتطبيقه.. والتفرقة والعداوة بين المؤمنين عمل محرم وجريمة نكراء يحرم اقترافها وممارستها..
* (قلت: هذا يصلح مع من كانت عقيدته على مثل ما عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه).
ا- يقول تعالى: (( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا ))[آل عمران:103]^.
فالآية تحمل أمراً صريحاً بالاجتماع، ونهياً واضحاً عن التفرقة.. لا للإرهاب الفكري.
* (قلت: هذا رأي للصفار مع خطئه وانحرافه).
التسامح واحترام الرأي:
..(1/93)
إن التكفير والاتهام بالزندقة هو مظهر للإرهاب الفكري حيث يدعي البعض لنفسه أن الإسلام ينحصر فيما يراه ويفهمه هو، وأن من يخالفه في ذلك الفهم أو الرأي والمذهب فهو كافر لا مكان له في أجواء الإسلام ومجتمعه! ولقد حذر رسول الله (ص) من أن يشهر مسلم على أخيه المسلم سلاح التكفير ففي الحديث الصحيح: (من قال لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما).
* (قلت: مسكين الصفار يظن أنه لا يكشف أمره بهذه اللغة التي يستجدي بها من قلة بضاعته في دين الله .. وهل قرأ الصفار مسائل الردة في دين الإسلام؟ وهل يميز الصفار بين الكافر الأصلي وغيره .. فالصفار يهرف بما يعرف ومالا يعرف)
التعصب واحتكار الحق:
..ففي مقابل خلق التسامح واحترام الرأي هناك مرض التعصب واحتكار الحق بأن يتشبث الإنسان برأيه، ويرفض مجرد النقاش والبحث في الرأي الآخر، ويعتقد بأن رأيه الحق المطلق، ليس بعده إلا الكفر والضلال.
* (قلت: الحق أينما هو باتباع الكتاب والسنة لا باتباع الآراء).
إن هذا المرض المقيت يسبب تحجر الفكر، ويؤدي إلى الإرهاب الفكري، وينتج الصراع والنزاع في المجتمع.
فالحق والصواب في أي أمر علمه الواقعي عند الله سبحانه، وأي رأي بشري يحتمل الصواب كما يحتمل الخطأ، وقد لا يكون الصواب والخطأ في أي رأي مطلقاً وتاماً بل قد تختلف نسبته المئوية، فهو صحيح أو خطأ بنسبة 1% أو 1.% أو 5.% أو 9.% وهكذا.
*(قلت: كما تقدم .. الصفار ينظر نظرة عقلية، وإلا من يعنيهم فهم يقيسون الأمور بدين الله لا بالرأي والذوق).
من هنا يربي الإسلام أبناءه على خلق التسامح واحترام الرأي والبحث عن الحق واستماع القول ! لاتباع أحسنه، ويحذرهم من التعصب المقيت وادعاء الحق المطلق.
مآسي الإرهاب الفكري:
..(1/94)
فالسلطات الحاكمة كانت تتدخل بقوتها لفرض رأي أو لمحاربة آخر، وبعض رجال الدين المرتبطين بالسلطات كانوا يشجعونها بهذا الاتجاه، ولعل الخوارج هم أول من مارس هذا النوع من الإرهاب الفكري في تاريخ المسلمين حيث كفروا !ن – لعلها: كفروا من - يخالفهم في الرأي أو الموقف السياسي.
* (قلت: هذه صريحة في تهمة من عناهم بالخوارج حكامهم وأتباعهم وما هم عليه ..فتنبه)!!
الوحدة والإرهاب الفكري:
...مؤسف جداً أن هناك من لا يزال يعيش بتلك العقلية الضيقة ويريد فرض وصايته وآرائه على الآخرين، وإذا ما خالفه أحد أو ناقشه بادر إلى إصدار فتوى التكفير والمروق عن الدين بحقه أو اتهمه بالابتداع والضلال.
*(أقول: نقل كلاماً ليوسف القرضاوي ولم يحدد النقل ومن جملة ذلك الآتي ولم أتبين أهو ليوسف أم للصفار :)
..فحينما تأسست في القاهرة دار التقريب بين المذاهب الإسلامية في الستينات وهي مشروع وحدوي حضاري قام به نخبة من علماء المسلمين السنة والشيعة، ثارت ثائرة أولئك المتشددين وبدءوا يصدرون الكتب والمجلات، التي توزع أحكام التكفير والمروق من الدين على هذا المذهب وتلك الطائفة، حتى كتب أحدهم كتاباً قال في مقدمته مهاجماً فكرة التقارب بين المذاهب الإسلامية: إنه لا يمكن الجمع بين النور والظلام والتقريب بين الحق والباطل!!
...والواعون من الأمة مطالبون بمقاومة الإرهاب الفكري، وتشجيع حرية الفكر، وبث أخلاق الإسلام الداعية إلى التسامح واحترام الرأي.(1/95)
* (قلت وهل فعل هذا من يبجلهم ويجعلهم قدوة في الأمور مثل إيران مع أهل السنة هناك؟؟؟) ومن المبادرات الإيجابية في هذا المجال الكتاب الذي أصدره الدكتور الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي من أبرز علماء المسلمين في سوريا تحت عنوان (السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي) فالكتاب كانت بعض نقاطه مورد نقاش واختلاف نظر، لكن الموضوع الأساسي للكتاب دفاع عن حرية الرأي والفكر وإدانة للإرهاب الفكري، ويشير المؤلف إلى أخطار التحجر الفكري ومصادرة حق الآخرين في إبداء آرائهم وما ينتجه هذا التوجه الذي تتخذه السلفية شعاراً ولواء من تكريس للخلافات وتمزيق للصف الإسلامي الواحد.
* (قلت: البوطي من المنحرفين وكتابه رد عليه ولله الحمد، والسلفية ليست مصدراً للخلاف وإنما للوحدة بين أفراد المجتمع المسلم، أما ما ذكره الصفار ... فهم أصحاب الانفتاح على كل الأديان والفرق والمذاهب .. ولكل عاقل أن يتصور أمة بهذا الدين الجديد الذي يدعو إليه الصفار .. من أين تأتى الوحدة والتعايش و .. إلخ).
..وفي أحد الأصقاع النائية حيث تدافع أمة من المسلمين الصادقين في إسلامهم عن وجودها الإسلامي، وعن أوطانها وأراضيها المغتصبة، تصوب إليهم من الجماعات السلفية سهام الاتهام بالشرك والابتداع، لأنهم قبوريون توسليون، ثم تتبعها الفتاوى المؤكدة بحرمة إغاثتهم بأي دعم معنوي أو عون مادي ويقف أحد علماء تلك الأمة المنكوبة المجاهدة، ينادي في أصحاب تلك الفتاوى والاتهامات: يا عجباً لإخوة يرموننا بالشرك، مع أننا نقف بين يدي الله كل يوم خمس مرات نقول: (( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ))[الفاتحة:5]^ ولكن النداء يضيع ويتبدد في الجهات دون أي متدبر أو مجيب ".
* (قلت: ما زال الصفار متجاهلاً أصول الدين الذي نزل على محمد بن عبد الله ولذا هو يعبث بالكلام عبث الأطفال).
الأسس والأصول المشتركة:(1/96)
فرغم تعدد المذاهب والفرق الإسلامية، ورغم أن الخلاف بينها أخذ منحى سلبياً في بعض الفترات، ووصل إلى حد التنازع والتقاتل، إلا أن من نعم الله تعالى على هذه الأمة اتفاقها على أسس الدين وأصوله، وعلى أكثر قضاياه وأحكامه، فالاختلاف بين المذاهب الإسلامية حاصل في جزئيات العقائد، وتفاصيل القضايا وتطبيقاتها، وفي الفروع والأحكام الجانبية.
* (قلت: هذا كذب صريح).وهذا الاتفاق على الأسس والأصول يشكل ضمانة كبيرة لحفظ وحدة الأمة وتماسك كيانها، كما يشكل أرضية مناسبة لمعالجة نقاط الاختلاف وموارد الافتراق.لكن ذلك مشروط بتوجه الأمة وتركيزها على هذا الاتفاق والاشتراك في الأصول والأسس، والانطلاق منه للتعامل مع مسائل الاختلاف بروح وحدوية ايجابية، أما حين تتغافل الأمة وتتناسى موضوع الاتفاق الأهم في الأصول وتتوجه لتضخيم قضايا الاختلاف على الفروع والجزئيات فإن ذلك يهدد وحدة الأمة بالتزلزل والاهتزاز.
.. ونستعرض هنا أهم الأسس والأصول التي تجمع الأمة وتتفق عليها بشكل إجمالي مع وجود اختلاف بين المذاهب في جزئيات وتفاصيل تلك الأسس.
أولاً: أصول العقيدة:
حيث يتفق المسلمون على أنها ثلاث لا يتحقق الإسلام بدونها:
* (قلت: أصول العقيدة ستة لا ثلاثة، وهي: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والإيمان بالقدر خيره وشره).
..ولا يضر الاختلاف فيما عداها، وهي الإيمان بالله وبالنبوة وبالمعاد يوم القيامة، فليس مسلماً من أنكر وجود الله ووحدانيته، ولا من جهل نبوة النبي محمد (صلى الله عليه وآله وصحبه)، ولا من شكك في البعث والمعاد بعد الموت في القيامة، أما تفاصيل كل أصل من هذه الأصول الثلاثة، كصفات الله الثبوتية والسلبية، وخصائص الرسول وجوانب حياته، وجزئيات قضايا الآخرة والمعاد، فهي ساحة واسعة للبحث والنقاش واختلاف الرأي بين المذاهب بل بين أتباع المذهب الواحد في كثير من الأحيان.(1/97)
ذلك أن القضايا العقائدية في الأصل تعتمد على عقل الإنسان وإدراكه ولا مجال فيها للاتباع والتقليد دون برهان ودليل.
* (قلت: الصفار يحكي عقيدة الشيعة لا عقيدة المسلمين، ثم هو يقرر المذهب العقلاني في فهم القضايا العقدية ويقصي الاتباع للأنبياء والرسل .. فهل يقول بذلك مسلم).
ثانيا: القرآن الكريم:
فهو الكتاب الإلهي الوحيد الذي بقي مصاناً محفوظاً من أن تمسه يد التحريف والتغيير، كما حدث للكتب السماوية السابقة- التوراة والإنجيل وغيرهما- وإذا كان اليهود يختلفون فيما بينهم على أسفار كتابهم المقدس المعروف بالعهد القديم، فبعض أحبار اليهود يضيفون أسفاراً لا يقبلها أحبار آخرون... وإذا كان النصارى يختلفون في أسفار إنجيلهم المعروف بالعهد الجديد ويلغون بحضها حسب قرارات مجمع نيقية سنة 325 م ثم يتفقون على أربعة أناجيل (إنجيل متى- إنجيل مرقس- إنجيل لوقا- إنجيل يوحنا) بالإضافة إلى مجموعة رسائل، ولا تتحد هذه الأناجيل نصاً ومضموناً .. إذا كان هذا حال اليهود والنصارى مع كتبهم المقدسة، فليس الأمر كذلك عند المسلمين والحمد لله، فهم يؤمنون جميعاً بالقرآن الكريم، على اختلاف مذاهبهم وفرقهم، وهو هذا القرآن المتداول عندهم دون تشكيك في أي سورة أو آية أو حرف منه زائداً أو ناقصاً؛ لأن الله تعالى يقول: (( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ))[الحجر:9]^ أما بعض الروايات الواردة في كتب الأحاديث كصحيح البخاري والكافي وغيرهما والتي تشير إلى حدوث تحريف وتغيير في القرآن الحكيم فهي مرفوضة عند جميع المسلمين.
*(قلت: انظر لخبث الرجل يجعل صحيح البخاري ومع الكافي في القول بالتحريف والجميع يعلم أن تحريف القرآن من عقيدة الشيعة لا السنة، فإن كان الرجل صادقاً فليرد على من قال بالتحريف ويتبرأ منها علناً، وليس في صحيح البخاري ما ذكره أن في القرآن تحريفاً وإنما هذا في كتب الشيعة فقط).
..(1/98)
لو قمنا بدراسة تفصيلية لتحديد مساحات الاتفاق والافتراق بين المذاهب الإسلامية عقائدياً وفقهياً، لوجدنا أن الاختلاف هو الأضيق مساحة والأقل شأناً، بينما يشمل الاتفاق أغلب المسائل وأهمها، ولكن مشكلة المسلمين تكمن في وجود من يثير ويضخم مسائل الاختلاف لأهداف مغرضة مشبوهة.
* (قلت كذب الصفار فيما يقول، فهناك من يخالف في أصل الدين كالصفار ومن هم على شاكلته (في النبي والقرآن الكريم كما صرح به بعض مراجعهم) ثم الذين عناهم الصفار ممن يثير ويضخم لأهداف مغرضة مشبوهة .. إن الذي أحق بهذا الكلام هو قائله ومن نسب إليهم هم منهم براء، لكن لما كان الذين يعنيهم هم ممن تمسك بالدين وطبق أحكامه وناصر عليه ولاة أمر المسلمين راح الصفار يكيل التهم ويلفق).
لا للتكفير:
..أراد الإسلام لمجتمعه أن يكون مجتمعاً قائماً على التسامح والرحمة، وأن تكون أبواب المجتمع المسلم مفتوحة مشرعة على أبناء البشرية جمعاء لاستقطابهم واحتوائهم تحت راية الإيمان بالله والخضوع لشريعته.. لذلك لم يتشدد الإسلام في وضع شرائط ومؤهلات الانتماء لكيانه الاجتماعي.. فمجرد إعلان الشهادتين (لا إله إلا الله محمد رسول الله) كاف لقبول عضوية الفرد في مجتمع المسلمين، بأن يصبح جزءاً منهم له ما لهم وعليه ما عليهم، ثم يبقى المجال مفتوحاً لتفاوت مستوى الإخلاص ودرجات الإيمان والتقوى بين أفراد المجتمع.
*(قلت: هذا دين لا يعرفه محمد صلى الله عليه وسلم .. لكن من نطق بالشهادتين وأدى حقوقها وما أوجبه الله عليه وانتهى عما نهاه عنه كان مسلماً)
..(1/99)
وتسرب هذا الداء الوبيل منهم لغيرهم، وصار التكفير سلاحاً في معارك الخلاف المذهبي والفكري لدى الفئات المتعصبة المتطرفة، حيث تعتبر كل جهة متعصبة أن الإسلام محصور في عقيدتهم وفهمهم، وأن من خالف ذلك الفهم ولو أدنى مخالفة فهو خارج عن حظيرة الإسلام محكوم بالكفر أو الشرك!!*(قلت: من خالفنا في أصل الدين فنعم، وإما ما يساغ الخلاف فيه فلا).
محنة خلق القرآن: ..وفي أواخر القرن الثاني الهجري أثيرت مسألة على بساط البحث بين علماء المسلمين، وهي: تحديد هوية القرآن هل هو مخلوق محدث أوجده الله أو هو قديم لانتسابه لله سبحانه؟بالطبع ليس لنتيجة البحث هذا أي تأثير على أصول العقيدة ولا برامج التشريع ولا مصالح الحياة، بل هو بحث هامشي لا داعي له، لذلك امتنع الأئمة الهداة من الخوض فيه، فقد سأل الريان بن الصلت في الإمام علي بن موسى الرضا (ع): [[ ما تقول في القرآن؟ فقال: كلام الله لا تتجاوزوه ولا تطلبوا الهدى في غيره فتضلوا ]]^. فالمهم هو الالتزام بالقرآن وعدم الضلال عنه.* (قلت: سبق الكلام أن الصفار يتحدث عن عقيدته الشيعية لا عن عقيدة المسلمين؛ ولذا مسألة القول بخلق القرآن عنه هامشية ولا تعلق لها بالذات الإلهية .. ويريد منا الصفار أن نترك ما جاء في باب الأسماء والصفات بحجة أنه بحث هامشي).(1/100)
وحدث سليمان بن جعفر الجعفري قال. "قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر (ع): [[ يا ابن رسول الله! ما تقول في القرآن؟ فقال: اختلف فيه من قبلنا، فقال قوم: إنه مخلوق، وقال قوم: إنه غير مخلوق؟ فقال (ع): إما أني لا أقول في ذلك ما يقولون ولكني أقول: أنه كلام الله ]]^.إن امتناع الأئمة من إعطاء رأيهم الصريح في الموضوع آنذاك إنما هو ابتعاد منهم عن المشاركة في فتنة مشبوهة كما أشار إلى ذلك الإمام علي الهادي ك !م ! حيث كتب إلى بعض شيعته ببغداد الرسالة التالية: [[ بسم الله الرحمن الرحيم. عصمنا الله وإياك من الفتنة، فإن يفعل فقد أعظم به نعمة، وإن لا يفعل فهي الهلكة، نحن نرى الجدال في القرآن بدعة اشترك فيها السائل والمجيب، فيتعاطى السائل ما ليس له ويتكلف المجيب ما ليس عليه، وليس الخالق إلا الله عز وجل، وما سواه مخلوق، والقرآن كلام الله، لا تجعل له اسماً من عندك فتكون من الضالين، جعلنا الله وإياك من الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون ]]^.
* (قلت: ذكر من نقل عنه الصفار أن القرآن مخلوق لكن الغبي – الصفار – لم يدرك ولم يفهم ما نقل، والأئمة الذين لم يتوقفوا في هذه المسألة – كما زعم – بل صرحوا أن القرآن غير مخلوق).ولكن هذه المسألة الجزئية الهامشية أصبحت ملاكاً واحداً فاصلا بين الإيمان والكفر لدى المتعصبين والمتطرفين، فهذا أبو عبد الله محمد بن يحيى الدهلي المتوفى سنة 255 يقول: من زعم أن القرآن مخلوق فقد كفر، وبانت منه امرأته، فإن تاب وإلا ضربت عنقه، ولا يدفن في مقابر المسلمين!!
التعصب والإرهاب الطائفي:
بينما عانت الأمة الويلات والمآسي من تصرفات وممارسات خط التعصب المذهبي والإرهاب الطائفي، أولئك الذين كانوا يعتقدون أن الحق حصر في آرائهم، والجنة لا تتسع لغيرهم، ويجيزون لأنفسهم محاسبة الناس ومحاكمتهم على اعتقاداتهم وانتماءاتهم، ويعتبرون الرأي الآخر جريمة لا يطيقون سماعه فضلاً عن نقله واحترامه.(1/101)
* (قلت: كيف لو قال مثل هذا القول أهل السنة في إيران ...)
.. وضمن هذا السياق يقول ابن تيميه في منهاجه عند بيان التشبه بالشيعة: ومن هنا ذهب من ذهب من الفقهاء إلى ترك بعض المستحبات، إذ صارت شعاراً لهم، فإنه وإن لم يكن الترك واجباً لذلك لكن في إظهار ذلك مشابهة لهم، فلا يتميز السني من الرافضي، ومصلحة التمييز عنهم لأجل هجرانهم ومخالفتهم أعظم من مصلحة ذلك المستحب!.
هكذا يفعل التعصب بأهله: ترك ما ندب إليه الشرع، إصراراً على إيجاد الحواجز والفواصل بين المسلمين، والدعوة الصريحة إلى التنافر والتهاجر المنهي عنه شرعاً بين أبناء الأمة الواحدة. وأقول ولله الحمد والمنة ..هذه كتب شيخ الإسلام – رحمه الله – بين أيدينا هذا قوله: (بنفس الجزء والصفحة التي نقل منها الصفار إن كان هو حقيقة الناقل).
وأما الطريق الثاني في الجواب فنقول الذي عليه أئمة الإسلام أن ما كان مشروعاً لم يترك لمجرد فعل أهل البدع لا الرافضة ولا غيرهم، وأصول الأئمة كلهم يوافقون هذا ..إلى أن قال- رحمه الله-: وكذلك الجهر بالبسملة هو مذهب الرافضة وبعض الناس تكلم في الشافعي بسببها وسبب القنوت ونسبه إلى قول الرافضة والقدرية ؛ لأن المعروف في العراق أن الجهر كان من شعار الرافضة وأن القنوت في الفجر كان من شعار القدرية، حتى إن سفيان الثوري وغيره من الأئمة يذكرون في عقائدهم ترك الجهر بالبسملة؛ لأنه كان عندهم من شعار الرافضة كما يذكرون المسح على الخفين لا تركه عندهم من شعار الرافضة، ومع هذا فالشافعي لما رأى أن هذا هو السنة كان ذلك مذهبه وإن وافق قول الرافضة .
فأين كلام الصفار من حقيقة ما قاله شيخ الإسلام ...؟(1/102)
الانفتاح الفكري بين المذاهب الإسلامية:ما الذي يشد الإنسان المسلم إلى مذهب من المذاهب، أو إمام من الأئمة؟وما الذي يدفعه إلى اعتناق هذه الفكرة أو الالتزام بذلك المنهج؟ المفروض أن الدافع وعنصر الانشداد هو طلب الحقيقة والوصول إلى الرأي الأصح والأصوب عقائدياً وتشريعياً لإحراز براءة الذمة ورضا الله سبحانه وتعالى، حيث يتفتح وعي الإنسان المسلم في هذه الحياة فيرى أمامه عدة مناهج وطرق في فهم عقائد الإسلام وتحديد جزئيات أحكامه، وعند الاختلاف فإن الحق لا يتعدد خلافاً لما يراه المصوبة، فإذا ما جمان- لعلها: كان _ هناك أكثر من رأي حول قضية واحدة فلا بد أن بعضها مصيب والآخر مخطئ، كما أن نسبة الصواب والخطأ قد تكون نسبية بين الآراء، وعلى أحسن الفروض فإن هناك صحيحاً وأصح وصائباً وأصوب، مع قطع النظر عن معذورية المخطئ بل وثوابه ما دام مجتهداً قد بذل غاية وسعه، فإن المجتهد إذا أصاب فله أجران وإذا أخطأ فله أجر واحد.وهنا يفترض في المسلم أن يدرس ويتأمل المذاهب والمناهج المطروحة في الساحة الإسلامية ويعتمد على عقله وتفكيره وعوامل الاستدلال والاطمئنان المتوافرة لديه لكي يختار أحد تلك المناهج والمذاهب.وهذا يعني أمرين:الأول: إتاحة الفرصة وتوفر المجال للاطلاع على مختلف الآراء والمذاهب؛ بأن تسود أجواء المجتمع حرية فكرية ثقافية، يتمكن الإنسان عبرها من التعرف على جميع الطروحات والآراء، وهذا ما كان متداولاً ومعروفاً في العصور الإسلامية الأولى، حيث كانت تتعدد حلقات الإفتاء والتدريس في المساجد العامة وفقاً لتعدد المذاهب واختلاف الأئمة، كما كانت تنعقد جلسات المناظرة والحوار وتتداول كتب العقائد والحديث والفقه على رأي مختلف المذاهب والمدارس.(1/103)
بالطبع فإن حرية الفكر والثقافة حق طبيعي للإنسان ومبدأ أساسي من مبادئ الإسلام، وإذا ما انعدمت هذه الحرية الفكرية واستبد بالساحة مذهب واحد ورأي فكري واحد مع حظر باقي المذاهب وقمع سائر ا !دارس – لم أتبينها - فإنه لا يمكن للمسلم أن يطمئن إلى صحة اختياره وانتخابه للمذهب المفروض عليه بشكل غير مباشر.الثاني: اهتمام المسلم بالبحث الموضوعي وتجرده عن دواعي التعصب والمصلحة، ذلك أن الكثيرين لا يجدون دافعا للبحث والاهتمام مكتفين بما يجدون عليه عوائلهم وأهاليهم، وما يسود في مجتمعهم وبيئتهم.
* (قلت: هذه دعوة للزندقة وإعمال العقل في كل شيء دون ضابط .. فلا دين حق يتعبد لله به، و لا إله واحد يوحد بالعبادة)
..ويبدو أن هناك إشكالاً عميقاً يكمن في مناهج الدراسة في الحوزات والجامعات والمعاهد الدينية، حيث تقتصر كل مؤسسة على تدريس اتجاه معين في العقائد والفقه والعلوم الدينية متجاهلة سائر الاتجاهات والمذاهب، والأخطر من ذلك هو تعبئة الطلاب في كل معهد ديني ضد ما يخالف مذهبه ومنهجه عبر أسلوب التهريج والإسقاط والدعاية السوداء، فيتخرج طلاب العلوم الدينية بفكر منغلق وعقلية ضيقة جاهلين بالرأي الآخر منحازين بتعصب ضده.
* (قلت: ولذا جاء الحديث عن تغيير المناهج والإحداث فيها، وأعتقد أن الصفار هو أحد رواد هذه الدعوة، فأمر الصفار فيه العجب لمن يحب أن يسمع العجب .. ينادي بالوحدة وهو هنا يدعو إلى التفرق والتمذهب بل الانفتاح على كل فكر؟؟ .)
..إن ساحتنا الفكرية تعاني من الجمود والتقوقع والإرهاب فلا بد لنا من نهضة ثقافية فكرية نرتفع بها إلى مستوى الانفتاح العلمي والتحرر الفكري والتنافس المعرفي الهادف، حتى تتفجر الطاقات والمواهب وتتبلور الأفكار والآراء، ونستفيد من إيجابيات كل المذاهب الإسلامية لتقديم صورة مشرقة عن الإسلام العظيم للعالم، ولبناء أسس حضارة إسلامية جديدة ترتقبها كل جماهير أمتنا بشوق ورجاء.(1/104)
* (قلت: قد تقرر سابقاً أن بينت أن الصفار يدعو إلى دين جديد لا يعرفه رسول الله ولا صحابته من بعده .. فهل أدركت ذلك)
..إننا بحاجة إلى مؤسسات علمية فكرية تدرس قضايا الدين والحياة على ضوء مختلف المذاهب الإسلامية، وإلى معاهد ومؤتمرات وندوات تخصصية لمناقشة موارد الاتفاق والاختلاف بين طوائف المسلمين بروح موضوعية أخوية.
* (قلت: يا مسكين! قد تقرر ذلك وأنت في عزلة عن المجتمع الثقافي، فالأمور مضبوطة ومقضيه من قبل أن تأتي إلى الدنيا).
انتهى المقصود من الكتاب .
الوطن والمواطنة .. الحقوق والواجبات
حسن الصفار
فهذا البحث هو أحد محاضرات سماحة الشيخ العامة، والتي عادة ما تخاطب الجمهور العريض في مختلف مستوياته، والذي قام بنفسه بالإشراف عليه وإعادة صياغته، وتهميشه وتوثيقه، حتى خرج البحث في صيغته النهائية للنشر وأُلقيت هذه المحاضرة في القطيف بتاريخ 2/1/1416 هـ.
ذاكر آل حبيل
القطيف 15/ شعبان / 1416 هـ
الإخراج من الوطن وتشريع الجهاد:
..أن يعيش الإنسان في ربوع وطنه، وأن يتمتع بالحياة في بلده ومسقط رأسه فذلك حق طبيعي، لا يحق لجهة أن تصادره.
..ويندد الله تعالى بالمتسلطين الكافرين الذين يُلجئون المؤمنين المواطنين إلى ترك أوطانهم لا لشيء إلا لتميزهم العقيدي والديني، فاختلاف العقيدة والدين لا يبرر الحرمان من الوطن ومصادرة حق الإنسان في العيش في وطنه.
..وهنا يشرع الإسلام الجهاد والقتال للإنسان دفاعاً عن هذا الحق الطبيعي: حق العيش في الوطن، ويدعو إلى إعلان الحرب على المتسلطين الذين يحرمون المواطنين الأبرياء من نعمة الحياة في بلادهم وديارهم.
* (قلت: الرجل ثوري يبث روح الثورة على المجتمعات بكل طبقاته؛ فالصفار كان ممن تركوا البلاد في بعض الأزمنة وجاء هنا ليقرر للناس ما تربي عليه في أحضان مراجعه).
واجبات تجاه الوطن:
...(1/105)
وأن كانت العقيدة هي القاسم الأكبر والأعظم في إطار علاقتنا جميعاً، ولكن حتى لو لم تكن العقيدة واحدة، فالاشتراك معهم في العيش على أرض واحدة ووطن واحد، يوجد علاقة معينة، وارتباطاً إنسانياً لا بد منه، مع اختلاف العقيدة والدين..
* (قلت: الحمد لله ..فقد صرح الصفار عما كان يخفيه من قلب في أن المجتمع كله مسلم وأن هناك أشياء طفيفة خلافية لا تؤثر في العلاقة مع الآخرين .. إلخ معنى كلامه فتنبه بوركت .)
.. ولذلك نرى النبي محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) حينما هاجر إلى المدينة، وأقام المجتمع الإسلامي هناك، عمل صحيفة معروفة في السير والتاريخ (بصحيفة المدينة)، الصحيفة التي تحدثت عن علاقة المسلمين فيما بينهم ثم عن علاقتهم مع بطون اليهود المقيمين آنذاك في المدينة، ومما جاء في تلك الوثيقة الصحيفة..
..قال ابن إسحاق : وكتب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كتاباً بين المهاجرين والأنصار، وادع فيه اليهود وعاهدهم، وأقرهم على دينهم وأموالهم، وشرط لهم واشترط عليهم:
((1/106)
بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمد النبي بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب، ومن تبعهم، فلحق بهم، وجاهد معهم إنهم أمة واحدة من دون الناس... وأنه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصرين عليهم... وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وأن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم، وللمسلمين دينهم... وإن ليهود بني النجار مثل ما ليهود بني عوف، وإن ليهود بني الحارث مثل ما ليهود بني عوف، وإن ليهود بني ساعدة مثل ما ليهود بني عوف، وإن ليهود بني جُشَم مثل ما ليهود بني عوف، وإن ليهود بني الأوس مثل ما ليهود بني عوف، وإن ليهود بني ثعلبة مثل ما ليهود بني عوف، إلا من ظلم وأثم، فإنه لا يُوتغ إلا نفسه وأهل بيته... وإن على اليهود نفقتهم، وعلى المسلمين نفقتهم، وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وإن بينهم النصح والنصيحة، والبر دون الإثم، وإنه لم يأثم امرؤ بحليفه، وإن النصر للمظلوم، وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وإن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة، وإن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم...) [ابن هشام / السيرة النبوية ج 2 ص 115 دار إحياء التراث العربي - بيروت 1994م .].
قال الدكتور وليم سليمان قلادة المحامي ونائب رئيس مجلس الدولة المصري سابقاً في محاضرة ألقاها في مركز اتحاد المحامين العرب للبحوث والدراسات القانونية في القاهرة وطبعت ضمن كتاب (التسامح الديني والتفاهم بين المعتقدات) سنة 1986م قال تعليقاً على صحيفة المدينة:
(هذا نص أعتقد أنه لا يختلف مطلقاً عن النص الذي يقول: إن هناك وحدة وطنية مع تعدد الأديان) [الدكتور وليم سلمان قلادة / التسامح الديني ص 23 .].
..(1/107)
وللعلامة المعاصر الشيخ محمد مهدي شمس الدين دراسة قيمة حول هذه الصحيفة تناول فيها من حيث السند والمصادر ومن حيث المتن والفقرات ومن حيث المعاني والدلالات ضمن كتابه القيم (في الاجتماع السياسي الإسلامي) [محمد مهدي شمس الدين / في الاجتماع السياسي الإسلامي ص 285 ].
..فمع كونهم يهوداً ولكن الرسول أجرى معهم عقداً وطنياً ملزماً لماذا؟... لأنهم يشتركون مع المسلمين في وطن واحد يريد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يجعل من هذا العيش المشترك على أرض المدينة محمياً من أي تصدع وخلاف، فألزم الجميع بتلك الوثيقة النموذج، للعيش المشترك على أرض المدينة؛ لأنها وطن الجميع من مسلمين وغيرهم...
* (قلت: أولاً كان ذلك قبل أن تفرض الجزية، وحين كان المسلمون فيهم ضعف وكان لليهود نصيب في المغنم إذا قاتلوا مع المسلمين شرط عليهم في هذا الكتاب النفقة معهم في الحرب. وثانياً: هل يريد الصفار أن ينزل الشيعة منزلة اليهود؟ إن قال: نعم فقد أعلن الخروج عن الإسلام، وإن قال: لا. فلا داعي ولا يصح له الاستشهاد بمثل ما نقل).
انتهى المقصود نقله من الكتاب .
التطلع للوحدة ..وواقع التجزئة في العالم الإسلامي
حسن الصفار
معالجة أسباب التجزئة والانفصال:
..إن وجود حالات ظلم وحرمان وتمييز بين المواطنين في أي بلد إسلامي، على أساس التمايز القومي أو المذهبي أو القبلي أو المناطقي، يشكل أرضية خصبة تنبت مشاريع التجزئة وتغذي التوجهات الانفصالية، مما يعطي الفرصة للأعداء لتمرير مؤامراتهم في الإمعان في تجزئة الأمة وزيادة تمزيقها.
* (قلت: لو أعطي الصفار ومن يتحدث عنهم شيئاً من الدنيا لسكت ولم يتعب نفسه بتحرير الكتب)
...(1/108)
واعتماد الحل العسكري والأمني وحده في مواجهة دعوات الانفصال ومشاريع التجزئة، لا يكفي بل قد يقدم لها المزيد من المبررات ويشعل أوارها أكثر، بينما التوجه إلى الثغرات ونقاط الضعف المتمثلة في السياسات الخاطئة القائمة على التمييز بين المواطنين، واستضعاف بعض طوائفهم، باستبعادهم عن المشاركة السياسية، وحرمانهم من بعض حقوقهم المشروعة.. هذا التوجه وهو العلاج الصائب والجذري الذي يفشل محاولات التجزئة والانفصال.
* (قلت: الصفار يتهم ولاة الأمر بعدم الحكمة في تيسير أمور الدولة ويشير إلى أتباعة تهديداً ووعيداً بأنهم لن يسكتوا).
..فإذا ما شعر كل المواطنين في أي بلد إسلامي متنوع الانتماءات، بالمساواة وتكافئ الفرص وإتاحة المجال للمشاركة السياسية والتداول السلمي للسلطة؛ فإن ذلك سيكون أفضل حماية للوحدة في ذلك البلد.
* (قلت: ليت الصفار تكون له الشجاعة الأدبية – كما يدعو لها – ويقول: لابد لآل سعود (حكام المملكة العربية السعودية) أن يتنحوا عن الحكم ويدعوا المجال لغيرهم، لأن ذلك بزعمه (سيكون أفضل حماية للوحدة في البلد) وإلا ستكون هناك انقلابات وثورات عارمة ضد السلطة الباغية) .
انتهى المراد من الكتاب
أحاديث في الدين والثقافة والاجتماع
حسن الصفار
..والآن يضيف الأخ الصفار إلى أعماله في رفع مستوى أبناء مجتمعه ثقافياً:
- مجلسه ليلة السبت في داره بالقطيف، وهو ملتقى ثقافي عام.
- أحاديثه يوم الجمعة، وهي التي بين يدي القارئ الكريم.
والهدف من إلقاء هذه الأحاديث الأسبوعية هو التثقيف والتبليغ.
التثقيف، لأنه مسئولية كل حملة الفكر يتوخون منه رفع مستوى أبناء المجتمع ثقافياً.
ومن المفروغ منه أن خطب صلاة الجمعة، والأحاديث الأسبوعية -سواء كانت مما يلقى يوم الجمعة أم في غيره من أيام الأسبوع- لها دور فاعل في رفع مستوى الوعي الثقافي عند أبناء المجتمع، ودور مساهم في بناء شخصية الفرد الثقافية، وزيادة مخزون رصيده الثقافي.(1/109)
أما التبليغ -وأعني به: التبليغ الديني- فهو أهم واجب من واجبات العالم الديني والخطيب الديني، فعن طريقه ينشدّ المسلم عاطفياً بدينه، ويرتفع إلى مستوى رسالته في هذه الحياة.
وقد أثبتت تجارب التثقيف والتبليغ أن نجاح من يقوم بذلك مرهون بمدى قدرته على ربط الفكرة بالواقع، ومقدار معرفته بنفسيات مستمعيه ودرجات وعيهم الثقافي.
وهذا ما نستطيع أن نلمسه -وبوضوح- في أحاديث هذا الكتاب الذي بين يدينا.
إن الشيخ الصفار من أولئكم القلة الذين جمعوا بين رسالتي المسجد والمنبر، فقد تخرج في الحوزة العلمية بعد إتمام دراسته للعلوم الإسلامية، وشغل منصب العالم الديني في بلدة القطيف.
وهو من أنشط العاملين في هذا المجال، وبخاصة أولئكم النفر القليل الذين جمعوا بين الأصالة والمعاصرة، وقد أفاد هذا -بالإضافة إلى دراسته الحوزوية- من قراءاته المتنوعة والمتعددة، وإنك لتلمس هذا واضحاً في مؤلفاته ومحاضراته.
ويعد في خطابته من الموهوبين، فهو يمتلك أدوات التأثير المنبري، ولديه آليات النفوذ إلى ذهنيات مستمعيه عن طريق مخاطبة عواطفهم.
إنه في أحاديثه هذه يدفع الفكرة دفعاً لتمس واقع الناس، فتعمل على تغييره لما هو أفضل.
ومن المفيد أن لا أطيل في البيان، وأترك الأمر للقارئ الكريم يتفاعل مع هذه الأحاديث قراءة وفهماً ثم استيعاباً ليستفيد منها ويفيد الآخرين.
شكر اللّه سعي أخينا الصفار ووفقه إلى المزيد من هذا العطاء الخيّر، إنه ولي التوفيق وهو الغاية.
عبد الهادي الفضلي
قال حسن الصفار :
لقد ألقيت هذه الأحاديث عبر منبر الجمعة في مسجد الفتح بالقطيف، خلال سنة 142.هـ، وكنت أكتب كل حديث بعد إلقائه، ليتداوله الإخوة المؤمنون، وربما ساعدني بعض الإخوة الأعزاء في كتابة بعضها من شرائط التسجيل.
وإذ أقدمها اليوم مجموعة ضمن هذا الكتاب، لأرجو أن يكون فيها ما يفيد القارئ، ويسهم في تدوير التجربة بين المهتمين بشأن الخطاب الديني.(1/110)
كما لا يفوتني أن أشكر الإخوة الأعزاء الذين شاركوني في تقديم هذا الجهد، وأخص بالذكر الأخ الأستاذ ذاكر حبيل والأخ الأستاذ ميرزا الخويلدي ، اللذين كثيراً ما استعنت بهما في الإعداد للحديث، وتوثيق المعلومات، وكذلك الأخ الشيخ حسين الصويلح الذي قام بمتابعة طبع هذه الأحاديث ونشرها، جزاهم اللَّه وبقية الإخوة خير الجزاء.
حسن الصفار
1./ 3/ 1422هـ
2/ 6/ 2..1م
كلمة الجمعة بتاريخ 11/ 8/ 142.هـ
نوعان من المعتقدات:
الأول: معتقدات يعتمد فيها على العقل بشكل مباشر، ولا شأن للنقل في تحصيل الإيمان بها، كأصول العقيدة، مثل الإيمان بوجود اللَّه تعالى، وبالنبوة، حيث تقود الإنسان إلى ذلك فطرته النقية، وعقله السليم، وليس النصوص والأحاديث والآيات.
الثاني: معتقدات يعتمد فيها على النقل ولكن ضمن مرجعية العقل، وذلك على أساس الضوابط التالية:
- أن تكون الجهة التي صدر عنها النقل مورد اعتماد العقل واطمئنانه، وهي الجهة المعصومة، التي لا يشك العقل في صدقها ونزاهتها، كالقرآن الكريم والنبي المرسل، والإمام المعصوم.
- أن يثبت النقل عن تلك الجهة بطريق عقلاني شرعي، وأن تكون الدلالة فيه على المراد صحيحة ظاهرة عند العقلاء.
- أن لا تكون مخالفة للأحكام العقلية القطعية، كاجتماع النقيضين، وارتفاعهما، ووجود المعلول بلا علة، وانقسام الثلاثة إلى عددين صحيحين، وقبح الظلم وحسن العدل.
وعلى ضوء ما سبق فإننا كمسلمين نؤمن ببعض المعتقدات التي وردت من مصدر شرعي معتمد، وبسند صحيح ثابت، مادامت لا تخالف الضرورات العقلية، والإيمان بها ضمن هذه الضوابط ليس خارج دائرة العقل، بل في ظل مرجعيته وهديه.
* (قلت: الصفار يحكي أصول اعتقاده لا أصول عقيدة المسلمين .. فتنبه)
انتهى المقصود منه .
كلمة الجمعة بتاريخ 9 رمضان 142.هـ
شهر رمضان والانفتاح على الذات:
..(1/111)
والسؤال الذي يجب أن يطرحه الإنسان على نفسه هو: هل أنه راضٍ عن الحالة التي يعيشها؟ وهل يعتبر نفسه ضمن الوضع الأفضل والأحسن؟ أم أنه يعاني من نقاط ضعف وثغرات؟ وهل أن ما يحمله من أفكار وصفات، وما يمارسه من سلوك، شيء مفروض عليه لا يمكن تغييره أو تجاوزه؟ أم أنه إنسان خلقه اللَّه حراً ذا إرادة واختيار؟
* (قلت: الصفار يحرض على الثورة والمجابهة مع المخالفين .. فهل هذه وحدة وتعايش يا أهل الحوار الوطني)
انتهي المقصود منه.
كلمة الجمعة بتاريخ 16/رمضان / 142.هـ
كيف نتعامل مع التشنجات الفئوية؟
..ثالثاً: عدم رفع وتيرة الاختلاف الفكري والثقافي إلى مستوى الخلاف والنزاع. ونشر ثقافة التعددية والقبول بالرأي الآخر.
* (قلت: هذا ما يريد أن يصل إليه الصفار تمهيداً لأغراض دينية مذهبية ..)
انتهى المقصود من.
كلمة الجمعة بتاريخ 23 رمضان 1420هـ
الخصومة في الدين: هل لها مبرر؟
الخصومة في الدين:
هل في الدين ما يبرر الخصومة؟ وبعبارة أخرى: هل يجوز لمن يختلفون لأسباب دينية عقائدية أن يعبروا عن اختلافاتهم تلك بالحروب والمعارك؟
في الحقيقة أننا حينما نتتبع أحكام الشريعة نجد أنه لا يوجد ما يبرر الخصومة في الدين على الإطلاق؛ وذلك للأسباب التالية:
أولاً: أن الدين شأن قلبي، ولا يمكن إخضاع الناس لعقيدة ما ما لم يقتنعوا بها، ولقد خلق اللَّه الناس أحراراً ولم يجبرهم حتى على الإيمان به، ولم يخوّل حتى الأنبياء والرسل أن يفرضوا على الناس الإيمان (( لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ ))[البقرة:256]^.
(( فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ ))[الغاشية:21]^ * (( لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ ))[الغاشية:22]^.
(( وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ))[الكهف:29]^.(1/112)
ثانياً: إن الخيار الوحيد المتاح للإنسان من أجل إقناع الغير بما يعتقد به هو، ويراه صحيحاً، هو الحوار والمجادلة، أما العداوة والمخاصمة فإنها ليست عاجزة عن إقناع الطرف الآخر فحسب، بل ومن شأنها أن تحوله إلى عدو لدود، وعندما تنعكس المعادلة تنعكس النتيجة (( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ))[فصلت:34]^.
ويؤكد القرآن الكريم على أن الجدال والنقاش مع أهل الكتاب، إما أن يكون بالتي هي أحسن، أو لا يكون أصلاً (( وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ))[العنكبوت:46]^. ويقول تعالى: (( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ))[النحل:125]^.
* (قلت: ما الفرق بين العلمانية والطريقة الصفارية في موقفها من الدين؟؟).
ثالثاً: إذا جاز لك أن تعادي الناس وتخاصمهم لأنهم تمسكوا بقناعاتهم دون قناعتك، فإن ذلك يعني أن لهم نفس الحق في التعامل معك بنفس الأسلوب، والحال أنك لا تقبل بذلك، وتود لو أن الناس يحترمون عقيدتك وقناعاتك، وما دمت كذلك فـ (عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به).
يقول الإمام علي (عليه السلام): [[ اجعل نفسك ميزاناً فيما بينك وبين غيرك، أحبب لغيرك ما تحب لنفسك واكره له ما تكره لها ]]^.(1/113)
وتأسيساً على هذه الحقائق، فإن الإسلام لم يشرع الجهاد والحرب مع الكفار إلا في حالة الدفاع، إذا ما قاموا بالاعتداء على المسلمين، أو في حالة صدهم وتعويقهم لنشر الإسلام والدعوة إليه، وفي غير ذلك فإن الإسلام يدعو إلى حسن التعامل مع الآخرين، يقول تعالى: (( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ))[الممتحنة:8]^.
* (قلت: لعل القارئ أدرك حقيقة التناقض والطريفة الصفارية في تقرير الدين).
انتهى المقصود منه.
كلمة الجمعة بتاريخ 7 شوال 142.هـ
التديّن والتعّقل:
إن البعض من أولئك المتدينين، حينما تناقشهم حول آرائهم وأفكارهم وممارساتهم، على ضوء العقل والمنطق، يغلقون باب النقاش والحوار، على أساس أن قضايا الدين تعبدّية، وأن دين اللَّه لا يصاب بالعقول، فما هي حقيقة العلاقة بين الدين والعقل؟ وهل التدين يعني تجميد دور العقل وإلغاؤه؟
*(قلت:طبعاً لا .. لأن النقل الصحيح لا يمكن أن يعارض مع العقل السليم).
مرجعية العقل:
في المعتقدات الأساسية للدين يكون العقل هو المرجع، وعبر النظر والفكر يتوصل الإنسان إلى الإيمان بأصول الدين، ويرى أكثر العلماء المحققين وجوب التزام العقيدة عن طريق العقل لا النقل والتقليد، بل ادعى العلامة الحلي الإجماع على ذلك، فقال: (أجمع العلماء على وجوب معرفة اللَّه، وصفاته الثبوتية، وما يصح عليه، وما يمتنع عنه، والنبوة، والإمامة، والمعاد، بالدليل لا بالتقليد) [الأنصاري: الشيخ مرتضى، فرائد الاصول ج1 ص382، الطبعة الاولى1991م – مؤسسة الأعلمي للمطبوعات – بيروت.].(1/114)
* (قلت: الصفار ومن ينقل عنهم على عقيدة المعتزلة المنحرفة والذين ما زالوا حتى اليوم يخرجون للناس بمثل ما خرج به الصفار ليدعوا المسلمين لها بعد أن يضفي عليها – بهتاناً – صورة الإسلام)
انتهي المقصود منه .
كلمة الجمعة بتاريخ 14 شوال 142.هـ
3- التصنيف والأحكام المسبقة:
في أجواء التشنج والخصام، وحينما تتضخم مسائل الخلاف، يصنّف الناس بعضهم بعضاً تصنيفاً حاداً، ويصدرون على بعضهم البعض أحكاماً غيابية قاسية، فهذا كافر، وهذا مشرك، وهذا مبتدع، وهذا فاسق، وهذا رافضي، وهذا علماني، وهذا عميل ! ! ! وحتى تقليد المراجع تحوّل إلى سبب للتصنيف، يُنظر إلى الناس من خلاله.
... ثم إن كون الآخر منتمياً لهذا الاتجاه أو ذاك، ومهما كان تصنيفك له، فإنه لا يصح أن يمنعك من إشادة جسر العلاقة الإنسانية والاجتماعية معه، وخاصة مع وجود مصلحة مشتركة.
إن التعامل الحسن مع الآخرين يساعدك على استقطابهم والتأثير فيهم، بينما إساءة التعامل والأخلاق تنفّر الآخرين من الحق الذي تعتبر نفسك داعية له ! !
* (قلت: الرجل منفتح على كل المذاهب وذلك لوجود مصالح مشتركة ثم هو يقرر حرية الفكر واعتناقه وهو هنا يقول (استقطابهم والتأثير فيهم) فكيف يتفق الكلام .)
انتهى المقصود منه.
كلمة الجمعة بتاريخ 26 ذو القعدة 142.هـ
3- انطلاق العقل:
هناك علاقة وثيقة بين حركة التطوير وحرية التفكير، فإذا قمع الناس عقولهم رهبة أو رغبة، وسادتهم أجواء الكبت والإرهاب الفكري، بحيث يحجر الإنسان على عقله الانطلاق خارج المألوف، أو أن المجتمع يرفض الآراء المتطورة الجديدة، ولا يعطيها فرصة الطرح والمناقشة والتجربة، فحينئذٍ تتعطل مسيرة التجديد ولا يحصل تطور أو تغيير.(1/115)
إن حرية الفكر والرأي حق أساسي من أهم حقوق الإنسان، بها يشعر الإنسان بإنسانيته، ويستثمر أعظم نعمة وهبها اللَّه تعالى له، وهي نعمة العقل، وعبرها يتمكن من تسخير الكون، وإعمار الحياة، حيث أراد اللَّه تعالى منه ذلك.
وإذا كان الدين يأمر بالتفكير وإعمال العقل، فلا يمكن أبداً أن يرضى بمصادرة حرية الرأي، أو إرهاب الفكر، نعم هناك ضوابط لحماية هذه الحرية من عبث العابثين وإفساد المغرضين.
(قلت: الصفار يمهد لما بعد زرع مثل هذه القناعات لدى مستمعيه).
انتهى المقصود منه.
كلمة الجمعة بتاريخ 18 ذي الحجة 142.هـ
يتفق المسلمون سنة وشيعة على الإيمان باللَّه تعالى إلهاً واحداً لا شريك له، وعلى التسليم بنبوة النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنه خاتم الأنبياء والمرسلين، والاعتقاد بالبعث والمعاد يوم القيامة، ويؤمنون جميعاً بقرآن واحد منزل من قبل اللَّه تعالى، هو هذا المصحف الكريم المتداول بين المسلمين، دون زيادة أو نقصان، وأن القرآن والسنة هما مصدر الدين والتشريع، كما يتجهون إلى قبلة واحدة في أداء الصلوات الخمس، ويحجون إليها، ويؤدون الزكاة ويصومون شهر رمضان.. فهم متفقون في أصول الدين وأركانه.
ونقطة الاختلاف الرئيسة، بين الطائفتين المسلمتين السنة والشيعة، تكمن في موضوع الإمامة والخلافة، حيث يرى أهل السنة أنها أمر متروك للأمة، فهي تختار الإمام والخليفة بالشورى والانتخاب.
*(قلت: ليس هذا فقط هو ما تنعقد به الإمامة بل وبولاية العهد من الخليفة السابق وبالتغلب بالسيف إذا كان المتغلب من المسلمين).
بينما يرى الشيعة أن الإمامة تكون بالنص والتعيين من قبل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
* (قلت: كذب الصفار في دعواه، فالخلاف ليس في ذلك بالخلاف في أصول الدين والتلقي) .(1/116)
ثالثاً: من الضروري جداً أن يتعرف المسلمون على بعضهم البعض، وأن تتضح وجهة نظر كل طرف للآخر، بشكل موضوعي هادئ، ليس بقصد التبشير المذهبي، وأن يقتنع السني بوجهة نظر الشيعي أو العكس، وإنما لأن المعرفة والوضوح، توفر أجواء الفهم المتبادل، وتقطع الطريق على المغرضين، الذين يشوهون صورة كل جهة أمام الأخرى، ليصطادوا في الماء العكر.
* (قلت: الصفار ولغة الضعيف .. وهل يخفى على أنصاف العلم مذهب التشيع، حتى يقال: تتضح وجهة نظر كل طرف للآخر).
انتهى المقصود منه.
كلمة الجمعة بتاريخ 25 ذي الحجة 142.هـ
عاشوراء: تطلعات وآفاق:
في كربلاء كان هناك الشاب الذي كرّس شبابه لخدمة الرسالة والأمة، والمرأة التي كافحت بحجابها وعفافها، ومنطقها وصمودها، إلى جانب نصرة الحق، والشيخ الطاعن في السن الذي لم يقعد به ضعفه وشيبته عن المشاركة في معركة الفداء، والأخ الوفي المواسي لأخيه في أحلك الظروف، والجماعة المؤمنة التي لم تتوانى عن أداء الصلاة عند وقتها تحت مشتبك الأسنة والرماح، والمصابون المثكلون الذين لم تنل الرزايا والخطوب الفادحة من ثباتهم واستقامتهم..
إنها صور رائعة، ودروس عظيمة، يجب أن نقرأها، لنستلهم منها القيم والعبر، بما ينفعنا لإصلاح حاضرنا وبناء مستقبلنا على ضوء المبادئ والقيم.
* (قلت: هكذا توجه الحسينات مرتاديها في عاشوراء وفي غيره ..إنها الثورة إنها الخروج والمجابهة في وجه المعارض المغتصب الذي هو ولي أمر المسلمين إذا كان من غير الشيعة).
بناء الوحدة الوطنية والإسلامية:
التحديات التي تواجهنا على المستوى الوطني والإسلامي، يجب أن تدفعنا جميعاً إلى التوحد والتلاحم،وتنوعنا المذهبي سنة وشيعة لا يبرر التباعد والخلاف، مادمنا نتفق على الأصول، ويجمع بيننا الوطن الواحد والمصلحة المشتركة.
* (قلت: لابد أن يكون أحد الطرفين محقاً والثاني مبطلاً، ثم أي أصول يتفق عليها المذهبان؟)
انتهى المقصود منه .
مقابلات(1/117)
الفكر الإسلامي بحاجة إلى التجديد في كل زمان
[حوار أجرته جريدة الوطن الكويتية، بتاريخ 4 جمادى الآخر 1419هـ - 24 سبتمبر 1998 العدد 8121/ 2567 السنة 37].
الشيخ حسن الصفار :
? لا توجد حرب باردة بين (قم) و (النجف).
? ونعم لتأسيس حوزة علمية في الخليج
? الفكر المنحرف يواجه بالفكر لا بشيء آخر.
حوار ومتابعة: إياد الشارخ ...
عن جريدة الوطن
...فنحن نعرف أن هناك من ينتمي إلى المذهب الزيدي، والمذهب الأباضي، ومن ينتمي إلى المذهب الاثني عشري الشيعي، ومن ينتمي إلى المذاهب الأربعة من أهل السنة، وكلهم يعيشون في هذه المنطقة، وهناك قوى خارج المنطقة تتربص بهذه المنطقة، وإذا لم يكن هناك تعاون وانفتاح فإن هذه الخلافات المذهبية قد تكون ثغرة للقوى الخارجية الأخرى تنفذ منها للعبث في أمن منطقتنا وبلادنا؛ فحكومات المنطقة أيضاً ينبغي أن تشجع وتدفع باتجاه الحوار والانفتاح المذهبي.
* (قلت: العدو المتربص معروف ومشاهد يمكن التحرز منه – بعون الله – لكن الخوف من العدو الداخلي الذي يبطن أشياء ويظهر شيئاً آخر كالصفار وجماعته) .
حوزة علمية في الخليج:
س: مادمنا نتحدث عن الحوزات العلمية ما رأيكم فيما يطرح حول إقامة أو ضرورة وجود حوزة علمية في الخليج؟(1/118)
ج: الصفار : أنا أعتقد بضرورة هذا الأمر، وأعتقد بضرورة وجود حوزات دينية للشيعة في كل منطقة من مناطقهم؛ وذلك لأن من يرتادون الحوزة العلمية غالباً من مقتبل العمر، وهذا الشاب الذي يكون متحمساً دينياً إذا لم نوفر له الدراسة الدينية في بلده وفي ظروف أوضاع بلده ويخرج إلى بلدان أخرى فلا نعرف كيف سيكون وضعه، وما هي الأجواء التي سيعيش فيها في تلك البلدان؟ ويبقى لفترة طويلة هناك ثم يعود غير مواكب للظروف المتطورة والمتغيرة في مجتمعه، فمن الأفضل أن تكون هناك حوزات علمية للشيعة في مناطقهم في الخليج والجزيرة العربية، فطلاب العلوم يدرسون دراساتهم الأولية في هذه الحوزات، وإذا احتاجوا للدراسات العليا يكون الطالب قد كبر نوعاً ما، ونضجت شخصيته، وتجاوز فترة الشباب والمراهقة والعنفوان، وفيما بعد ليس هناك أي مشكلة في أن يسافر إلى أي بلد آخر لمواصلة دراسته العليا.
لكن بسبب عدم وجود حوزات علمية دينية للشيعة في الخليج والجزيرة العربية فإن أي شخص يرغب في الدراسة الدينية في مقتبل العمر فعليه أن يهاجر من بلده إلى منطقة أخرى وهو في هذا العمر، ويعيش في جو آخر يختلف عن جو بلده وظروف بلده السياسية والاجتماعية والفكرية، وقد يحصل أنه يعيش حالة من الإرباك أو حالة من عدم النضج في أخذ ما يجب أخذه أو ترك ما ينبغي تركه، فالأفضل أن تكون هذه الحوزات في مناطق الشيعة.
* (قلت: الصفار يبرر أهمية وجود الصفار خوفاً على شبابهم أن يرجعوا بأفكار تضر بلدانهم بعد الرجوع، وهذا ما يسمى بالذم في صورة المدح .. والتهديد المبطن).
أسباب علمية وسياسية:
السؤال: ما هي أسباب عدم وجود هذه الحوزات. هل هي أسباب سياسية أم علمية؟(1/119)
الجواب:- الصفار : في بعض الأحيان أسباب علمية؛ لأن وجود حوزة يحتاج إلى وجود عدد من العلماء المتفرغين للتدريس، والعلماء في هذه المناطق قلة، والموجود منهم منشغل بمهامه الإجتماعية، وفي بعض الأحيان يكون السبب عدم وضوح أهمية وجود الحوزة أمام الجهات الحاكمة وأمام الأنظمة والحكومات، مما يجعلهم لا يشجعون مثل هذا الأمر.
السؤال: هل هناك تفكير جاد لإيجاد مثل هذه الحوزات في الخليج مستقبلاً؟
الجواب:- الصفار : هناك بدايات طيبة الآن لكنها تحتاج للتشجيع والوقت حتى تنمو بشكل أفضل، فمثلاً: في الكويت منذ عام 1971 كانت هناك تجربة إيجاد حوزة دينية حينما كان هنا الإمام السيد محمد الشيرازي فقد أنشأ مدرسة دينية وأقمت أنا فيها عدة سنوات وكانت محاولة رائدة وجيدة، وتوجد الآن محاولات في مختلف مناطق دول الخليج والجزيرة العربية بهذا المنحى، لكنها تحتاج إلى دعم أكثر من قبل الناس وتشجيع من قبل الحكومات في هذه المنطقة.
* (قلت: إنشاء حوزة يعنى الإقرار بها وبمعتقداتها .. وهذا لا يتفق مع أصول الدين).
المرأة والسياسة:
والدور السياسي واضح منذ العهد الإسلامي الأول بدءاً بموقف السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام التي كانت صاحبة رأي سياسي بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، والسيدة عائشة رضي اللَّه عنها أيضاً لها رأي سياسي يخالف رأي الخليفة الإمام علي عليه السلام، وانتهاء بالكثير من الأحداث التي كان للمرأة فيها دور ومشاركة سياسية.
فالحالة الموجودة من تفاوت بين موقع الرجل والمرأة بحيث تكون المرأة محصورة بأعمال البيت فقط هذه حالة ليست نابعة من الإسلام، وإنما هي نابعة من الأعراف والتقاليد في المجتمعات الحديثة، وبالمناسبة فأنا لدي كتاب مطبوع في هذا المجال تحت عنوان (مسئولية المرأة) وفيه مناقشة لهذه الجوانب.(1/120)
* (قلت: أين هذا من قوله تعالى: (وقرن في بيوتكن) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (وبيوتهن خير لهن) وقد اطلعت على الكتاب المشار إليه وعرفت منه أن الكاتب يحرض المرأة على الثورة في وجه الطغاة وقدوتها في ذلك – زعم – زينب بنت علي رضي الله عنه ثم لا حاجة لنا بقول الصفار في المرأة فقد بين القرآن وصحيح السنة وظيفة المرأة على وجه الكمال والتمام).
بين التراث السني والشيعي:
السؤال: بالنسبة إلى مراجع الفقه والتراث الشيعي هناك من يعتقد بأنها بحاجة لمراجعة أملاً بتنقيتها من بعض الروايات المكتوبة والتي تزيد من حجم المسافة ما بين المذهب الشيعي والمذاهب الأخرى وهذه مسيرة طويلة، ألا تعتقدون بأن هذا المشروع يستحق من ينبري له بجد؟
الجواب: - الصفار : في الواقع كل التراث الإسلامي سواء كانت المصادر عند الشيعة أو عند السنة تحتاج إلى تنقية وغربلة، وبعضها يحتاج إلى التوثق من صحته وصدوره، وبعضها يحتاج إلى إعادة النظر في فهمنا للنص حتى على تقدير صحة النص فكيف نفهمه، فكل التراث سواء كان ما عند السنة وما عند الشيعة يحتاج لبحث، لكن الملفت للنظر أننا نهرب من النقد الذاتي وكل واحد يوجه نقده للآخر وليس لذاته، فالشيعي ينتقد ما في تراث أهل السنة، لكنه لا يتحلى بالجرأة لكي ينقد تراثه هو، والسني أيضاً ينقد ما في تراث الشيعة ولا يتحلى بالجرأة لينقد ما عنده هو من تراث أيضاً ويعيد النظر فيه، وفي الحقيقة كل تراثنا السني والشيعي بحاجة إلى إعادة نظر.
*(قلت: أهل السنة أسسوا علم الجرح والتعديل وحاصروا الكذابين والوضاعين من الرواة وفرزوا الأحاديث الضعيفة والمكذوبة، أما الشيعة فكل كتبهم تعتمد على الكذب ولا ينقدونها).(1/121)
ومما يساعد على إعادة النظر في التراث الشيعي أن الشيعة ليس عندهم صحاح، وإذا كان أهل السنة عندهم الصحاح الخمسة أو الصحاح الستة وإذا كان هناك صحيح البخاري وصحيح مسلم ، فالشيعة ليس عندهم مصدر تراثي يعتبرونه صحيحاً وإنما يرون أن كل ما في مصادرهم خاضع للبحث والنقاش، فمثلاً الكتب الأربعة عندنا نحن الشيعة والتي تعتبر مصادر: الكافي، والتهذيب، والاستبصار، ومن لا يحضره الفقيه، وهذه الكتب الأربعة عندنا نعتمدها كمصادر وكل فقيه من الفقهاء وكل مرجع حينما يأتي يجب أن يجتهد في كل رواية في هذه المصادر ولا يصح له أن يعتمد على أن هذه الروايات صححها الكليني أو الطوسي ، وبناءً على ذلك يعمل بها، وإنما يجب أن يُعْمِل رأيه واجتهاده فيها، وقد ألف أحد العلماء المعاصرين كتاباً سماه (صحيح الكافي) يحوي منتخب الروايات التي يراها صحيحة اعتبرها صحيح الكافي فاعترض عليه سائر العلماء؛ لأن هذا صحيح في نظرك أنت وليس صحيحاً في نظر المجتهدين وقد يختلفون معك في الرأي، فليس هناك ما هو مقطوع أو مسلم به في كتب التراث إلا بعد الدراسة والبحث والاجتهاد، وهذا ما يسهل على الشيعة مهمة المراجعة ومهمة إعادة النظر في بعض الروايات سواء في صحة سندها وثبوت ورودها، أو في فهمهم لها.
*(أقول: أين هذا من الصفار إنه لا يعتمد على كتب الشيعة).
ولكن قد يكون بالنسبة لإخواننا أهل السنة نوع من الصعوبة لأن بعض الصحاح وخاصة صحيح البخاري وصحيح مسلم أصبح لهما مكانة في النفوس وثقة عند العلماء بحيث يصعب مخالفة شيء مما ورد فيها.
ومن وجهة نظرنا نرى أنه مفروض أن يكون هناك مجال لإعادة النظر في كل ما ورد، والمقطوع به هو كتاب اللَّه سبحانه وتعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ما عدا ذلك فالاحتمالات واردة إما في صحة ورود النص أو في فهمنا للنص.(1/122)
* (قلت: ذكرني الرجل بمن يتسمون بالقرآنيين .. وعلى كل حال لم يتكلم أحد من أهل السنة بمثل ما تكلم فيه الصفار في تراثه، فإذا كان الصفار عنده شك في صدق ما نقل من تراث الشيعة فأهل السنة ولله الحمد فقد ضبطت كتبهم من قبل أن يولد الصفار وأمثاله، فلم يبق حجة عند الصفار ولا غيره في ترك المشتبه فيه من دين الشيعة والإقرار بالحق المنضبط من دين الله تعالى).
الشيعة والعالم:
حوار أجرته مع سماحة الشيخ حسن الصفار مجلة الموسم، فصلية مصورة تُعنى بالآثار والتراث، تصدر عن دار الموسم للإعلام - بيروت، العدد 11، المجلد الثالث 142.هـ - 1999م.
السؤال: هناك من يرى بأن الأنشطة السياسية والأعمال الجهادية التي قامت بها بعض الحركات والجهات الشيعية في العقد الماضي قد خلفت آثاراً سلبية على الوضع الشيعي اجتماعياً وسياسياً، كما أعطت المبرر لتشويه صورتهم على المستوى الدولي فما هو رأيكم؟
الجواب: معلوم أن هناك توجهين في فهم الإسلام والتشيع وعلاقتهما بالواقع الاجتماعي، فالتوجه الأول ينظر إلى الدين في حدود المسائل العقائدية والعبادية والوعظية، دون الاهتمام والتدخل في الشئون السياسية والاجتماعية، وبناء على هذا الفهم فالتحرك والنشاط الشيعي ينحصر في الالتزام بفقه أهل البيت عليهم السلام وإحياء شعائرهم، ونشر أفكارهم وفضائلهم.. ولا ينبغي أن يتجاوز ذلك إلى العمل الجهادي والسياسي، لأن ذلك يتناقض مع مفهوم التقية (حسب نظرتهم) ويشكل استباقاً وتسرعاً للدور التغييري الشامل الذي سيقوم به صاحب العصر والزمان (عجل اللَّه فرجه).. ولأصحاب هذا التوجه منظومة من الأفكار والقناعات يستدلون بها بمختلف النصوص الدينية والمواقف التاريخية.. ولسنا الآن في مورد مناقشة هذا الموضوع ولكنا نريد الإشارة إلى أن للتساؤل المطروح هذه الخلفية، وانطلاقاً منه يحصل هذا الإشكال..(1/123)
أما التوجه الآخر فيرى أن الدين معني بجميع جوانب حياة الإنسان والمجتمع، والشأن السياسي له الدور الرئيسي والتأثير الكبير على كل مجالات الحياة، فمن غير الممكن تجاهله وإهماله من قبل الإنسان المؤمن.. والتشيع ليس تياراً عقائدياً ولا مدرسة فقهية مذهبية فقط، بل هو رؤية موقف تجاه الواقع الذي تعيشه الأمة، وتوجيهات أهل البيت (عليهم السلام) تدفع أتباعهم إلى تحمل المسئولية في الدفاع عن مصالح الإسلام وقضايا المستضعفين، فأمير المؤمنين علي (عليه السلام) يقول: [[ وما أخذ اللَّه على العلماء أن لا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم ]]^ والإمام الحسين (عليه السلام) يروي عن جده رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله: (من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرام اللّه، ناكثاً لعهد اللّه، مخالفاً لسنة رسول اللّه، يعمل في عبادة اللَّه بالإثم والعدوان فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقاً على اللَّه أن يدخله مدخله).. إلى كثير من النصوص والروايات الموجودة في مظانها، وإلى جانب هذه التعاليم والتوجيهات هناك حياة الأئمة أنفسهم والتي كانت حافلة بمواقف الجهاد والثورة والمعارضة للفساد والظلم، ونتيجة لذلك تحمل أهل البيت تبعات مواقفهم الرسالية، ودفعوا حياتهم ثمناً لتلك المواقف، وعاشوا الآلام والغصص والتشريد والتنكيل، وأتباع أهل البيت وشيعتهم عرفوا في التاريخ بأنهم ضمير الأمة وحماة الرسالة، وثورات العلويين والهاشميين الدائمة مثال على ذلك..
* (قلت:ما زال الصفار يصور واقع الشيعة بالظلم والجور، ولذا لابد من الثورة على ذلك المجتمع).(1/124)
والنشاط السياسي والتحرك الجهادي للحركات الشيعية المعاصرة إنما هو امتداد لذلك التاريخ، وانبثاق من ذلك الفهم لدور الدين في الحياة ومسئولية المؤمن تجاه الواقع المعاش، وبناء على هذا الفهم والتوجه لا ضير في تحمل المعاناة والصبر على الموقف الإيماني الرسالي والملتزم، اقتداء بأهل البيت عليهم السلام وأسوة بهم، فقد شوهت سمعتهم وشكك البعض حتى في دينهم كما هو الحال في اتهام الخوارج للإمام علي بالشرك، ودعاية معاوية ضده بأنه لا يصلي ولا يغتسل عن الجنابة، وكما اتهم الإمام الحسين (عليه السلام) بالخروج عن الدين، وسبيت نساؤه وعائلته، ويمكن القول: إن حياة أهل البيت عليهم السلام سلسلة متواصلة من الجهاد والفداء من أجل اللَّه والمستضعفين.
* (قلت: طبعاً الصفار أحد تلك القادة السائرين على طريق من ادعى فيهم ما قال).
من ناحية أخرى فإن ما قامت به الحركات الشيعية من جهاد وتحرك إنما يأتي ضمن صحوة ونهضة إسلامية هبّ نسيمها على جميع المسلمين، حيث أفاقت جماهير الأمة على نفسها لترى أن واقعها بعيد عن منهج اللّه، وأنها تعيش حياة التبعية والتخلف، ويلفها الحرمان والجهل، وأزمة أمورها بأيد غير كفوة ومخلصة، فتحركت الغيرة والشعور بالمسئولية لدى الواعين المخلصين، وتشكلت الحركات والمنظمات، وحدثت الانتفاضات والثورات، في مختلف البلدان الإسلامية.. والشيعة وهم جزء لا يتجزأ من الأمة الإسلامية ما كان يصح لهم التخلف عن ركب الصحوة والنهضة الإسلامية التي تهدف إلى تحكيم الدين في الحياة وإعلاء كلمة اللّه، وإعادة أمجاد المسلمين.. وما حصل كان ضمن هذا السياق وهو في مجمله مدعاة للفخر والاعتزاز. كما أن شدة الظلم والقمع والاضطهاد الذي تتعرض له الطائفة في بعض البلدان يشكل عاملاً ضاغطاً ودافعاً باتجاه المقاومة ورد الفعل.(1/125)
وإذا كانت هناك آلام ومآسي ومضاعفات قد حصلت للطائفة الشيعية بسبب تلك الأعمال السياسية والجهادية فإنها لا يصح أن تحجب عنا رؤية الإنجازات والمكاسب التي تحققت للإسلام والمسلمين من خلال تلك الأنشطة، حيث انتشرت رقعة الوعي الديني، وازداد التفاف الجمهور حول القضايا الإسلامية، واضطرت العديد من الحكومات إلى الاهتمام بالإسلام والتظاهر بالتزامه، وأصبح الإسلام واقعاً وموافقاً يفرض نفسه على المستوى العالمي والمحلي والاجتماعي..
بالطبع فإن الحديث عن مشروعية التحرك ومبررات النشاط السياسي الجهادي لا يعني القبول بجزئيات وتفاصيل كل الممارسات التي تحصل انطلاقاً من ذلك، فالمجال مفتوح والساحة واسعة، لأساليب العمل المختلفة وأشكاله المتعددة، ويمكن النقاش حول بعض الممارسات، أو توجيه النقد لبعض المواقف، فقد تتعدد الاجتهادات، وتحدث التداخلات، وتحصل الأخطاء..
ولا يفوتنا أن نشير إلى أن هناك جهات دولية وسلطات محلية، وبعض المغرضين الطائفيين، عملوا كثيراً على تضخيم بعض السلبيات، وإثارة الاتهامات ضد الحركات الإسلامية الجهادية بشكل عام والحركات الشيعية منها بالخصوص، وعلينا أن لا نخضع للحرب النفسية، وننهزم أمام التضليل الإعلامي، فالإعلام كان ولا يزال سلاحاً يستخدمه المستكبرون والظالمون ضد تحرك المستضعفين والمظلومين.
* (قلت الصفار يتظاهر بالوحدة والتعايش ..وهنا يخوض حرباً مع من خالفه؟؟)(1/126)
ثالثاً: إذا كانت قيمنا ومبادئنا ثابتة دائمة، فإن البرامج والوسائل والأساليب قابلة للتغيير والتطوير كلما تقدم الزمن نحو الأحسن والأفضل، وهذا ما يؤكده علينا ديننا الحنيف كما هو مفاد الحديث الشريف عن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام): [[ من استوى يوماه فهو مغبون، ومن كان آخر يوميه شرهما فهو في نقصان، ومن كان إلى نقصان فالموت خير له من الحياة ]]^، وقريب منه حديث عن الإمام علي (عليه السلام) وآخر عن الإمام الصادق (عليه السلام) [كما في بحار الأنوار الجزء 78 ص277، ص327 والجزء77 ص377] وفي دعاء يوم الأحد للإمام زين العابدين (عليه السلام): [[ واجعل غدي وما بعده أفضل من ساعتي ويومي ]]^.
ومسيرة التقدم والتطور في حياتنا المعاصرة بوتيرة سريعة في مختلف الأصعدة والتكنولوجيا ووسائل المعرفة والإعلام والإدارة، فإذا ما تمسكنا بذات الأساليب والأدوات والمناهج الموروثة في أجوائنا العلمية والدينية، فسوف تكون المسافة الفاصلة بيننا وبين ركب التقدم المعاصر كبيرة وواسعة..
* (قلت: الصفار زعيم الحركة التغييرية في هذا العصر .. فهو يريد منا أن يكون لنا دين كل مرة على ما تقتضيه الظروف الحالية ونترك ما أورثه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الهدى ودين الحق، ولا يستغرب أطروحة مثل هذه الأطروحات من زعيم التغيير إذا علمنا أن الرجل يشك في تراثه ولا يثق به).
وبذلك تستطيع المجالس الحسينية أن تفعل الكثير، وأن تترك الأثر في الجمهور الشيعي، إلا أن هناك بعض المعوقات التي تضعف دور المنبر وقدرته على إحداث أقصى ما يمكن من تأثير منها:(1/127)
الظروف السياسية والتي تحد من حرية الخطيب في طرح المواضيع المواكبة للأوضاع والمهتمة بشئون الساعة، فما دامت الحرية الفكرية والسياسية غير متوفرة في العديد من البلدان، فإن المنبر يكون مقيداً بما تحيطه من ظروف.. ونعرف كيف أن بعض الخطباء الذين أرادوا تبليغ رسالتهم الدينية دون مبالاة بالظروف المحيطة قد دفعوا حياتهم ثمناً لشجاعتهم، والبعض تحملوا السجون والتنكيل والتشريد، كما حصل لخطباء إيران المجاهدين في عهد الشاه المقبور، وكما حصل في العراق.
* (قلت: تقدم البيان عن الحسينات ودورها في إشعال الضغينة وبث النزاع والخلاف بين الناس) .
انتهى المقصود من الكتاب .
تقديم كتاب (عقدة الحقارة): [أفغانستان: تاريخها، رجالاتها، الشيخ حسين الفاضلي، دار الصفوة/ بيروت- لبنان، الطبعة الأولى 1414هـ - 1993م ]
[مفاهيم القرآن: يبحث عن شخصية النبي الأكرم m وحياته في القرآن الكريم، تأليف جعفر السبحاني، الجزء السابع، الطبعة الأولى 1413هـ-1992م، دار الأضواء.]
عقدة الحقارة، رضي آل مطر ، دار البيان العربي، الطبعة الأولى 1413هـ.
ذلك هو مرض (عقدة الحقارة) الذي يجعل الفرد خانعاً ذليلاً مستسلماً للتخلف والظلم، والذي يمنع الإنسان من تفجير طاقاته ومواهبه، ويقتل ثقته بنفسه، ويحرمه من القيام بأي دور فعال لخدمة مجتمعه.
وفي ذات الوقت فإن مرض (عقدة الحقارة) يدفع الإنسان نحو السلوك الشائن والتصرف المنحرف الخاطئ.
وكم نرى في مجتمعنا عناصر وأشخاصاً يكبتون مواهبهم وقدراتهم لضعف ثقتهم بأنفسهم، وكم نلاحظ حالات الذل والخنوع والهزيمة أمام معتدين ضعفاء جبناء لا قوة لهم إلا استسلام ضحاياهم وسيطرة الشعور بالعجز والضعف على نفوسهم.
بالطبع فإن عوامل عديدة أسهمت في خلق هذا المرض وتفشيه في نفوس أبناء المجتمع. فما هي تلك العوامل؟ وكيف نواجهها؟.
حسن موسى الصفار
15/6/1413هـ(1/128)
* (قلت: قال الله تعالى: (( وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ))[الحج:18]^.
انتهى المراد من الكتاب.
رسالة إلى مواكب العزاء:
كلمة موجهة إلى مواكب العزاء في ذكرى عاشوراء، بتاريخ 9/ 1/ 1417هـ.
الإعلام لأولياء اللَّه:
افتتاحية مجلة المرشد، مجلة دورية مصورة تعنى بالثقافة والتراث والآثار، العدد 6 السنة الرابعة 1417هـ - 1997م، صاحبها ورئيس تحريرها الشيخ حسين محمد علي الفاضلي .
تحية لـ[مجلة المرشد]:
لقد أكبرت في الأخ الكريم الفاضل الشيخ حسين الفاضلي همته العالية وطموحه الريادي حينما أخبرني عن عزمه على إصدار مجلة ثقافية موسمية فشجعته على ذلك، لكني أشفقت عليه من عبء هذه المهمة الشاقة لما أعرفه من أوضاع الساحة الدينية والتي غالباً ما تضن بالدعم والتشجيع للمبادرات الطيبة وتستقبل أي مشروع بالتساؤلات والتشكيكات، وتضيق ذرعاً بالمنابر الحرة التي تستوعب مختلف التوجهات، وتحترم الرأي والرأي الآخر.
المشهد الثقافي الراهن في المملكة:
مشاركة في ملف أعدته مجلة الكلمة، مجلة فصلية تصدر عن منتدى الكلمة للدراسات والأبحاث، العدد 17، السنة الرابعة، خريف 1997م.
...يمكنك أن تفرض على الآخرين ممارسة معينة، أو تجبرهم على القيام بعمل معين، لكنك لا تستطيع أن تجبرهم على الإيمان بفكرة لا يقتنعون بها وإن تظاهروا لك بذلك....
وأضيف هنا إن المملكة بدورها الريادي والقيادي في الأمة الإسلامية لا بد وأن تستوعب مختلف التيارات والتوجهات والمذاهب والمدارس الإسلامية، بل وأن تلعب دور حفظ التآلف والتضامن وتشكل جسر الارتباط والتواصل بين الجميع بما يخدم مصلحة الإسلام والمسلمين.
وتبني المملكة للمؤسسات الإسلامية العالمية كرابطة العالم الإسلامي ومجمع الفقه الإسلامي يعزز لديها توجه الانفتاح على الجميع والتعامل مع مختلف التوجهات.(1/129)
* (قلت: النبي محمد صلى الله عليه وسلم أرسله الله ليوحد الناس على عبادة الله وحده لا شريك له ..والصفار يريد أن يشاق الله ورسوله ويحادهما في قوله: (تستوعب التيارات والتوجهات والمذاهب والمدارس الإسلامية) و له كلام سابق يدخل في اليهود والنصارى).
ومهرجان الجنادرية أصبح مثلاً بارزاً لتلاقي مختلف الاتجاهات والتيارات تدعيماً لوحدة الموقف العربي والإسلامي.
* (قلت: الجنادرية للتراث والأدب لا لجمع المذاهب المنحرفة والأديان الضالة).
وحيث ابتليت الساحة الإسلامية ببعض التوجهات المتطرفة التي تسيء لسمعة الإسلام بممارساتها وأعمالها المنافية فلا بد وأن تهتم خطب الجمعة والبرامج الدينية ببث الروح الإسلامية السمحاء والتركيز على منهج الوسطية والاعتدال ونبذ التطرف والتعصب وتعليم الناس على القبول ببعضهم البعض والانفتاح على بعضهم والاحترام المتبادل وإن اختلفت مذاهبهم أو مدارسهم أو أفكارهم.
أما تكفير الآخرين والمسارعة في اتهام نواياهم والتشكيك في دينهم فليس ذلك من الإسلام في شيء.
* (قلت: الصفار المسكين يشعر بالاحباط دائما ولذا يركز على قبول الآخر .. ونقول للصفار ليس بالضرورة أن تجبر الناس على قبول الآخرين وآرائهم ..كما تقرر ذالك في كتبك فلما ذا تطالب به هنا؟؟ فلا يقبل إلا من كان على الحق الذي جاء به القرآن والسنة أما الآخر المخالف فلا قبول له ولا كرامة).
انتهى المراد من الكتاب.
معرفة النفس:
حسن موسى الصفار
..(1/130)
وهذه السطور المتواضعة بين يديك – أيها القارئ العزيز – هي محاولة بسيطة للمشاركة في الاهتمام بهذا الجانب الخطير.. وكانت في الأساس مجموعة من الأحاديث والمحاضرات ألقيتها في فترات مختلفة، وقد نالت تسجيلاتها رواجاً وإقبالاً يكشف عن تلهف الجمهور لهذا النوع من الأحاديث، مما شجع بعض الإخوة المؤمنين على كتابتها وتقديمها للطبع والنشر بعد شيء من التصحيح والتهذيب.. وإذ أقدمها اليوم مع تعديلات مواضيعها، وأضرع إلى الباري سبحانه أن يجعلني من المتعظين بها وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم، وأن ينفع بها المؤمنين وله الشكر والحمد على نعمه وتوفيقه.
... المؤلف
1 / شعبان / 1411هـ
....فهل يسرنا أن يكون أبناء مجتمعنا في مثل علم وأدب حسان مع نفسيته الجبانة الضعيفة؟!
*(قلت: هذا طعن في صحابي جليل دافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن لعل ذنبه عند الصفار هو هذا الدفاع المجيد الذي أثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم به ودعا له) .
إننا إذا أردنا إصلاح شعوبنا ومجتمعاتنا فمن الخطأ جداً أن نركز فقط على إعطاء الفكر والثقافة للناس، لأن ذلك وحده لا يكفي بل يجب إصلاح نفوس الناس في البداية أليس الله سبحانه يقول: (( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ))[الرعد:11]^ ..
* (قلت: ومن أخطر ما قال وأنه داعية فتنة وثورة وتفرق).
أساليب المعالجة النفسية:
... في بعض الأوقات يكون الجانب العملي أكثر تأثيراً من الجانب النظري في إصلاح النفوس ومن هنا تبرز قيمة الانتفاضات والأعمال الثورية في المجتمعات والشعوب، بعض الناس يقولون: إننا يجب أن نثقف الناس فنعطيهم الفكر والمعرفة والثقافة إلى مرحلة تستغرق سنين عديدة، أما الأعمال الثورية والاصطدام مع السلطة وأعمال أخرى من هذا القبيل فهذه سابقة لأوانها، لا بد من التثقيف والتوعية فقط في هذه المرحلة.(1/131)
نقول: إذا اتفقنا على أن المشكلة معالجة نفوس الناس فقد تكون الأعمال الثورية أكثر تأثيراً في أعماق الناس من الأعمال الفكرية والثقافية المجردة.
... الناس مقبلون على حب الدنيا، يحبون الراحة، يخافون على حياتهم وأموالهم وأنفسهم، فلو أنك كتبت مائة كتاب عن التضحية، وألقيت ألف محاضرة حول العطاء، وتكلمت وخطبت ومارست التوجيه في هذا المجال قد لا يكون لكل هذا تأثير يعادل تأثير القيام بتضحية فعلية أمام هذا المجتمع، وهذا مجرب في مجتمعاتنا وشعوبنا. في مجتمعنا قبل الانتفاضة التي حصلت كنا نمارس دور توجيه الناس وتثقيف المجتمع ولكن أحداث الانتفاضة التي عاشتها جماهيرنا في كل مكان تلك المظاهرات، ذلك الاصطدام مع السلطات تلك الاعتقالات وهذه الأعمال الثورية استطاعت أن تقفز بالعمل أشواطاً كبيرة ومرحلة عالية جداً لماذا؟
* (قلت لا تعليق ولكن هل يتفق هذا مع الوحدة والتعايش والحوار ...)
لأنه نضال، لأنه عمل والإمام الحسين (عليه السلام) كان يعرف أنه بثورته لا يصل للحكم، بل كان ينتظر الشهادة وقد قال في مكة قبل أن يشد رحاله نحو العراق: [[ وكأني بأوصالي هذه تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء ]]^ كان يعلم بأنه سيستشهد، إذن لماذا ثار وتحرك؟ لماذا لم يعمد الحسين والحال هذه إلى أسلوب الكتابة والتأليف والخطابة لتحريك الأمة وتغيير نفسياتها؟
... لأن الحسين كان يعلم بأن أسلوب الدم في ذلك الوقت كان أبلغ أثراً، وكان أعظم تأثيراً، وبالفعل فإن استشهاد الإمام الحسين حرك الأمة تلك الحركة العظيمة، وكانت دماؤه ناقوس إنذار، أيقظ بدمائه الأمة من سباتها العميق، وكانت ثورته مشعلاً من مشاعل الهداية في النهضة الإسلامية العظيمة ولا يزال.
* (قلت: وعليه فلا تنهض الأمة الشيعية إلا بما تقرر آنفاً).(1/132)
... مشكلة المجتمع هي الأمراض النفسية من خوف وكسل وحب الذات والإنشداد إلى الدنيا والروح المصلحية، هذه الأشياء هي التي تجعل الناس يخضعون للسلطات الطاغوتية فعلينا أن نعالج نفوس الناس كما نزيد من ثقافتهم ونوسع من آفاق أفكارهم.
..وهذه الانتفاضات ثبت أن تأثيرها في معالجة النفوس كثيراً ما يكون ناجحاً، وشاهدنا ذلك بأم أعيننا، شاهدنا أشخاصاً كنا نحتاج إلى محاضرات وجلسات لكي نقنعهم بأن يتفرغوا شهراً ليعملوا في سبيل الله، ويتخلوا عن أهلهم ووطنهم، ولكن بعد التحرك الثوري أصبح هؤلاء الأشخاص يتطوعون بأنفسهم للتفرغ طيلة العمر وليس شهراً واحداً.
... كنا نلقي المحاضرات والخطابات على الناس ونقول لهم: لا تخافوا، لا ترهبوا كثيراً من قوة السلطة، ولكن حينما واجه الناس قوات السلطة، وحينما تساقط الشهداء في المواجهة، وحينما عانى الناس تلك الظروف وتلك الأوضاع، أصبح الناس هم الذين يشجعوننا وأصبح الناس هم الذين يدفعوننا للمواجهة، وهم الذين يطمئنوننا بأنه لا داعي للخوف، كلكم تعلمون بأن السجن كان شيئاً رهيباً في مجتمعاتنا ولم تكن الخطابات والمحاضرات كفيلة باقتلاع رهبة السجن من نفوس الناس ولكن الآن أصبح شيئاً اعتيادياً عند شبابنا.
* (قلت: وهل بعد هذا الكلام كلام لأنصار الوحدة والتعايش والتقريب، الذي يخدعون الناس ويغررون بهم وبفعلهم).
ثانياً: ضغوط الالتزام:
... ففي هذا العصر المادي وفي مثل هذه الأجواء الفاسدة التي نعيش، يصبح الالتزام بالمبادئ والقيم مصدر مصاعب ومتاعب وضغوط قاسية في حياة الإنسان المؤمن...
وقد صدق رسولنا العظيم (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو الصادق الأمين حينما قال: (يأتي على الناس زمان يكون القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر).
*.(قلت: يعني دين الرسول صلى الله عليه وسلم لا دين الشيعة).(1/133)
... هذه الضغوط التي يعانيها الإنسان المؤمن من قبل سلطات الطاغوت أو قطاعات المجتمع المتخلف وحتى من قبل أهله وعائلته... ولتحديه الأجواء الفاسدة ومواجهته للواقع السيئ... كل تلك الضغوط تسبب له مضايقة نفسية قد تؤدي إلى بعض التراجع والانهزام أو سوء الخلق وتعقد النفس...
الدعوة للثورة بالاستدلال ....
...فباسم العبادة والإقبال على الصلاة والدعاء يهمل الجهاد في سبيل الله، وتحت عنوان لزوم (التقية) ووجوبها يعيش المؤمن الخضوع والاستسلام للطغيان والباطل...
... وبحجة اتباع وتقليد أحد الفقهاء والمجتهدين يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعمل على مقاومة الظلم والفساد...
* (قلت: قد تعدى الصفار جميع الخطوط الحمراء المرسومة من ساسات الشيعة ليبرز لنا مدى تعصبه وتلهفه للثورة ضد من وصفهم بسلطات الطاغوت، والخروج على التقية التي هي عمدة الشيعة)
... ..وعلينا أن نتذكر أحداث التاريخ لنستفيد منها دروساً تجعلنا قادرين على فضح مؤامرات الشيطان... فالذين اعتزلوا القتال مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ضد معاوية كانت لهم أمثال هذه التبريرات... حيث قالوا: إنها فتنة وتورط في سفك دماء المسلمين لا نلطخ أيدينا بها...
... والذين قعدوا عن نصرة الإمام الحسين وسكتوا على حكم يزيد كانوا يقولون: مالنا والدخول بين السلاطين أو من لا تقية له لا دين له.
* (قلت: هكذا يستشهد الصفار من أحداث التاريخ المحرف ليجعله واقعا في نفوس سامعيه استعداداً للثورة ضد السلطات الطاغوتية).
6 / الأفكار الانهزامية..:
هناك بعض الأفكار تفقد الإنسان الثقة بنفسه وتشعره بالحقارة والضعف حيث توحي للإنسان بأنه عاجز عن مقاومة واقعه وتغيير أوضاعه، وكأن الواقع المعاش مفروض من قبل الله.. وتسعى الحكومات الطاغوتية إلى ترسيخ هذه الفكرة لدى أبناء الشعب لكي لا يفكروا في الثورة والتحرك ولا تنمو في نفوسهم الطموحات العالية.(1/134)
والصحيح أن واقع الناس تصنعه نفسياتهم ومواقفهم، يقول تعالى: (( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ))[الروم:41]^.
فللحياة الاجتماعية قوانينها ومعادلاتها، ومن أبرز السنن الاجتماعية سنة التغيير والتحول في المجتمعات والتي ترتبط بوجود فئة تعمل من أجل التغيير وإن كانت قليلة العدد إلا أن إخلاصها وعطاءها يقربها من النصر يقول تعالى: (( كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ))[البقرة:249]^.
إن الحكومات المسيطرة على شعوبنا ضعيفة وهشة ولكن المشكلة تكمن في أن الشعوب لم تكتشف ذاتها ولم تمتلك الثقة بقدراتها بسبب الأفكار السلبية الانهزامية التي تزرع عقدة الحقارة على صعيد الأفراد والمجتمعات.
7 / السلطات الطاغوتية..:
يسعى الحكام الجائرون إلى إضعاف ثقة الناس بأنفسهم وإشعارهم بالحقارة والضعة والعجز عبر وسائل الإرهاب والقمع، فكل قانون وكل ممارسة لهذه السلطات يقوم على أساس إذلال المواطن وتحقيره، فالحريات مصادرة، والقانون معدوم، وسياسة البلد يقررها الحكام وحدهم، ويهان المواطن عند مراجعة الدوائر الحكومية وتوضع أمامه آلاف القوانين والعقبات التي تكبل حريته في العمل والتحرك..
وإذا ما تجرأ المواطن على مخالفة السلطة فسيكون لعبة بيد الجلاوزة والمعذبين والمحققين يمارسون معه أبشع أساليب الإهانة والتنكيل.. وقد تزيد السلطة من قمعها واضطهادها لطائفة من الشعب وتمارس ضدها التمييز العنصري أو القومي أو المذهبي وبمختلف الوسائل لإذلال أبنائها وتحقيرهم..(1/135)
وفي ظل هذه السلطات يفقد الناس الثقة بأنفسهم ويحتقرون قدراتهم إن لم يتوفر لهم الوعي والثقافة الرسالية، قال تعالى: (( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ))[القصص:4]^.
* (قلت: أترك التعليق للقارئ).
انتهى المقصود من الكتاب.
مسئولية الشباب
حسن الصفار
الطبعة الثالثة 1412هـ - 1992م
دار البيان العربي – بيروت – لبنان
الثورة ضد التخلف والتمرد على الطغيان:
في مواجهة هذا الواقع السيئ المأساوي الذي تعيشه أمتنا الإسلامية، ما أحوجنا إلى روح الثورة، ومواقف الرفض والتمرد ! !
فالحكومات الديكتاتورية الظالمة لا تزال تفرض سيطرتها على شعوبنا المستضعفة وتنفذ فيها سياسة الاستعمار، وخطط الدول الكبرى..
والأفكار السلبية المتخلفة، ما برحت تعشعش في عقول زعمائنا وشخصياتنا الدينية والاجتماعية، ومن خلالها يقودون المجتمع ويوجهونه..
والعادات السيئة والتقاليد البالية لا تزال تخلق المزيد من المشاكل والعقد لمجتمعاتنا..
تخلف شامل.. ورجعية متحكمة.. وديكتاتورية متسلطة.. ذلك هو طابع حياتنا، والسمة العامة لشعوبنا..
ولكن ما هو موقف المجتمع تجاه هذا الواقع الأليم؟ إنه الاستسلام الكامل، والخنوع المذل، والخضوع الجبان !
لقد تلاشت روح الثورة المتقدة التي كانت تغمر نفوس أمتنا.. وانعدمت مواقف الرفض.. وانتهت نفسية التمرد.. وخمدت جذوة المعارضة..
أصبح كل واحد منا لا تهمه إلا حياته، ولا يفكر إلا في مصالحه الخاصة.. أما واقع الأمة وأوضاع الوطن السياسية والاقتصادية، وحالة المجتمع، فتلك أشياء لا يتسع لها فكره ولا تحوم حولها اهتماماته..(1/136)
وبقينا ولا نزال نعيش هذا الواقع المهترئ، وقد تتبدل الوجوه، وتتغير الشعارات، وتتعدد المظاهر.. ولكن الواقع هو الواقع في تخلفه وانحطاطه، وفي جوهر بؤسه ومأساويته..
وسنبقى نعيش هذا الواقع إلى أن تتولد فينا روح الثورة، وتتوفر لدينا نفسية التمرد، ونمارس مواقف المعارضة والرفض لهذا التخلف المرير..
يقول تعالى: (( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ))[الرعد:11]^.
وإذا كنا نسعى للحصول على هذه الروح الثورية، ونتمنى امتلاك نفسية الرفض والمعارضة ففي مرحلة الشباب بذور حية واستعداد طبيعي للقيام بهذا الدور المطلوب..
* (قلت: وهل سيوافق أصحاب الوحدة والتعايش والحوار البناء مع أمثال الصفار إذا كان هذا هو توجهه وطموحاته تجاه مخالفيه؟؟ أتمني أن أسمع ولو إجابة واحدة .)
وذك للملابسات الآتية:
أولاً: لأن الشباب يستشعر بقوة نفسه وعضلاته، بعد أن كان يعيش ضعف الطفولة.. ولذا يجب أن يمارس هذه القوة في الحدي والتمرد..
ثانياً: باعتباره يعيش أوائل الحياة وبدايتها، فهو غير متشبث بها ولا حريص عليها كحرص الكبار، بل يعشق المغامرة، ويود التعرض للأخطار –كما تقدم في الفصل السابق- وهذا ما يؤهله لتقمص روح الثورة والرفض.
ثالثاً: إنه غير منشد ولا مرتبط بهذا الواقع، انشداداً قوياً أو ارتباطاً وثيقاً.. لقصر عمر معايشته لهذا الواقع، وعدم وجود مصالح كثيرة له تجلب رضاه على ذلك الواقع..
* (قلت: هكذا ينشأ الشباب وهكذا يخطط لهم ..)
لأن الإنسان إذا عايش واقعاً معيناً لفترة طويلة، وتعددت ارتباطاته، ومصالحه بذلك الواقع، أصبح من الصعب عليه التفكير بتغيير ذلك الواقع، بل قد يقلقه احتمال تبديله.
((1/137)
كما كان ينظر ( جان جاك روسو ) إلى الملكية في فرنسا، فقد جاء عنه أنه كان يرعبه مجرد أن يتصور فرنسا بدون ملك، على الرغم من كونه من الدعاة الكبار فكرياً وفلسفياً إلى تطوير الوضع السياسي القائم وقتئذ، لأن (روسو ) هذا نشأ في ظل الملكية، وتنفس هواها طيلة حياته).
وهكذا يكون الشباب أقرب فئات المجتمع إلى روح الثورة وأكثرهم استعداداً للمعارضة والرفض.
وقد استفادت كل الرسالات السماوية، والثورات الاجتماعية من هذه الظاهرة، فاعتمدت الشباب كطليعة لتغيير، ووقود للثورة..
أما في مجتمعاتنا الإسلامية فهناك خطأ كبير يحدث في التعامل مع الشبيبة الناشئة، فبدلاً من أن توجه روح الثورة لديهم، وميول المعارضة والرفض عندهم ضد التخلف السائد، والطغيان المسيطر، بدلاً من ذلك نحاول أن نقتل عند شبابنا روحه الثائرة وحماسه المشتعل في مواجهة هذه الأوضاع، ونعمل على إقناعه بالخنوع لهذا الواقع السيئ، والاستسلام لهذه الأوضاع الفاسدة عن طريق تثبيط العزائم، وبث اليأس في النفوس، وقد نستعين بتحريف المفاهيم الإسلامية لكي نقنع شبابنا بعدم المعارضة والرفض..
فالتقية واجبة شرعاً وهي تقتضي السكوت والخنوع لأي ظالم يسيطر على الشعب ! !
والمقاومة تعني إلقاء النفس في التهلكة، وهذا محرم في شريعة الإسلام.
والمعارضة تحتاج إلى فتوى من المجتهد وهو لا يرى في الثورة والمعارضة مصلحة للدين ! !
والثورة الآن سابقة لأوانها، ووظيفة المؤمن حالياً هي الانتظار لظهور الحجة ! !
ولكن هل تنطلي هذه المفاهيم الخاطئة، والأفكار السلبية على كل الشباب الطامحين للتغيير، والمتحمسين للثورة والمعارضة؟
كلا.
فللناس عقول يفكرون بها ويستعرضون أمامها هذه المفاهيم والأفكار.. فقد ينخدع بها بعض الشباب، ويستسلمون لهذا الواقع الفاسد، يتنازلون عن ثوريتهم، وحماسهم.. بينما يبحث الآخرون عن طريق ثوري يسلكونه لتغيير الأوضاع وتبديل الواقع..(1/138)
وهذه هي فرصة التيارات المناوئة، والخطط الاستعمارية، لكي تتصيد شبابنا باسم الثورة، وتحت شعارات الرفض والمعارضة..
وحينما يجد الشباب أمامه طريقين:
طريق الدين وهو يدعوه إلى الاستسلام والخنوع للتخلف والطغيان (كما يتصوره بعض الدعاة الرجعيين).
وطريق الإلحاد وهو يشجعه على الثورة، ويعطيه طموح التقدم والتغيير..
فمن الطبيعي أن تسلك الأكثرية الاتجاه الثاني لأنه ينسجم مع طبيعتهم الثورية، وميولهم الرافضة، ويتوافق مع طموحات الإنسان وآماله الواسعة..
...فحينما يفتح الشاب عينه على مجتمعه المتخلف المتمزق، الذي تسوده الأنانية، والطبقية والظلم والكبت والتحجر الفكري، يرى أن كل هذه المساوئ تمارس باسم الإسلام، بلباس ديني.. فالحاكم المستبد الديكتاتوري يحكم الناس باسم الإسلام.
والنظام السيئ المتخلف عليه مسحة إسلامية.
وبعض العقول الرجعية المتحجرة تمار دور علماء الدين !
والأفكار السلبية الانهزامية تطرح على الناس كمفاهيم إسلامية !
مادام الإسلام يعرض على الشباب من خلال هذا الواقع المهترئ والمتخلف فكيف سيكون موقف هؤلاء الشباب من الإسلام؟
أليس من الطبيعي أن ينفروا من الإسلام ويتنكروا لمبادئه، ويبحثوا عن طريق آخر يسلكونه لتغيير واقع أمتهم وإصلاح مجتمعهم؟
إن الحياة المتخلفة والتي نعيشها بماركة الإسلام، والأفكار السلبية والرجعية التي نقدمها لأبنائنا كصورة مشوهة عن ثقافة الإسلام.. إن ذلك هو عامل رئيس في تراجع هذا الجيل الناشئ من الشباب عن التدين والإسلام..
..يتفنن الاستعمار وأذنابه من الحكام والعملاء، في الوسائل والأساليب التي يضيّعون بها شباب أبنائنا وأعز مراحل حياتهم، فمن مناهج دراسية خاطئة ووسائل إعلام سخيفة، واهتمامات مزيفة مختلفة..
وإن الإنسان ليتعجب من هذه المبالغ الطائلة التي تصرفها الحكومات من ثروة الشعب، في مجالات الرياضة والفن والترفيه ! أكل ذلك رغبة من الحكومات في إراحة شعوبها وترفيهها؟(1/139)
كلا! فلو كانت هذه الحكومات تريد راحة الشعب، لعملت له مشاريع الصناعة، بل ووسائل الحاجة الضرورية للحياة، فأكثر شعوبنا تشكو من عدم توفر الرعاية الصحية، والضمان الاجتماعي، حيث لا بيت للسكن، ولا إعانة للحياة..
وبعد ذلك تنفق الحكومة على الرياضة والفن بسخاء حاتمي، لماذا إذن؟
والجواب واضح جداً، فهي تريد تفويت فرصة الشباب على أُمتنا دون أن نستفيد منها بشيء في صالح مستقبلها..
تريد شغل أوقات شبابنا وتزييف اهتماماتهم حتى لا يتفرغوا للتفكير في واقع أمتهم، والتخطيط لإنقاذها..
تريد تذويب وإضاعة كفاءات أبنائنا ومواهبهم لنبقى دائماً أسرى للكفاءات والخبرات الأجنبية..
* (قلت: هكذا يظن الصفار بولاة أمر المسلمين ..ولا عجب فالرجل يعرف كيف يتكلم ومع من يتكلم).
انتهى المقصود من الكتاب.
رؤى الحياة في نهج البلاغة
الطبعة الرابعة
(1418هـ ـ 1997م)
حسن الصفار
... وهذا الكتاب هو مجموعة من المحاضرات أُلقيت على ثلّة من الشّباب والمثقّفين أثناء عطلة(1977م) في محاولة لدراسة [نهج البلاغة] دراسة موضوعية متكاملة.
أرجو أن أُوفّق لمواصلة هذه الدّراسة كما أرجو أن تكون محفزة لمفكّري الأمة من أجل تعميق هذه الدّراسات وتعميمها.
والله ولي التوفيق.
حسن الصفار
قال وهو يرد عمن لايقر بأن كتاب نهج البلاغة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه:(1/140)
2- إنّ فيه ذمّاً لبعض الصّحابة لا يمكن أن يصدر من الإمام، والجواب أنّ الإمام يعتنق رأي الإسلام الّذي يرى أنّ المبادئ هي المقياس وليس الأشخاص فأيّ شخص يلتزم بالمبادئ يقدَّس ويحترم ولو كان عبداً يعيش في القرن العشرين بعد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وأي شخص خالف المبادئ وانحرف عنها يجب أن يذمّ ويخطّئ ولو كان يعيش مع النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) في بيت واحد، فـ (( أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ))[الحجرات:13]^ كما ذم القرآن الكريم زوجتي نبي الله نوح ونبي الله لوط قال تعالى: (( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ))[التحريم:10]^.
* (قلت: لا غرابة فالصفار مرة يكشر عن أنياب البغض للصحابة –رضي الله عنهم – ومرة يبدي شفتين صفراوين عند ذكر الصحابة – رضي الله عنهم – وذلك بحسب الحال والمقام .. فتنبه، وكتاب نهج البلاغة من وضع الشيعة وليس لعلي رضي الله عنه كما نبه على ذلك أهل التحقيق . والذي وضعه هو الشريف الرضي )
ج ـ الاضطرابات الاجتماعية: فإلى كم سيصبر الفقراء على ألم الجوع ويتحمّلون الحاجة والحرمان؟.. بل لابدّ وأن يتورّم الحقد في قلوبهم فيتفجّروا في ثورة عارمة.
يقول(عليه السلام): [[ الْحَيْفُ يَدْعُو إلَى السَّيْفِ ]]^.
2- عدم تكافؤ الفرص: وهذا هو المشهد الثّاني من مشاهد الظُّلم الاجتماعي، حيث يُتاح المجال الاجتماعي والامتيازات الاقتصادية لفئة دون أُخرى، على أساس علاقتهم بجهاز الحكم أو قرابتهم من شخص الحاكم.(1/141)
وهذا يسبّب وصول غير المؤهّلين لمراكز السّيادة، فيتلاعبون حينئذٍ بكرامة النّاس وحقوقهم، بينما ينسحب أصحاب الكفاءة لعدم إتاحة المجال لهم لممارسة كفاءتهم، فيُحرم المجتمع من خبراتهم وخدماتهم.
مظاهر الحريّة:
فالرِّسالات السّماوية تعترف للإنسان بحريته وتحمي حريته.
*(قلت: حرية الإنسان في عبادة الله لا في عبادة القبور).
والمجالات التي يمكن للإنسان أن يستعمل فيها حريته في الإسلام هي بسعة الحياة وأبرزها ما يلي:
1- حرّية الرأي والفكر: فلا يصحّ أن تجبر إنساناً ما على اعتناق عقيدة معينة: (( لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ))[البقرة:256]^، (( أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ))[يونس:99]^، (( فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ))[الكهف:29]^ ويقول الإمام علي (عليه السلام): [[ إِنَّ الْقَلْبَ إِذَا أُكْرِه عَمي ]]^، وفي ظلّ الحكم الإسلامي عاش اليهود والنّصارى محتفظين بديانتهم وعقائدهم.
وما عدا الأُصول الأساسية للعقيدة الإسلامية، يتمتّع الإنسان المؤمن بحرّيته الكاملة في الإيمان بسائر المفاهيم الثّانوية، ما لم تصل إلى حدِّ المساس بالعقائد الأساسية.
* (قلت:تقدم بيان شيء من ذلك سابقا)
2- حرية القول والمعارضة: وللإنسان في ظلّ الإسلام الحقّ في أن يقول ما يشاء وأن يعارض ما يراه انحرافاً أو مخالفة.
(قلت: الصفار سيجيب عن سؤال: كيف يستعبد الإنسان؟)
قال:
3- قوّة الآخرين وتسلّطهم: فيمنعون الإنسان من ممارسة حريته ويفرضون عليه آراءهم وقوانينهم، يقول (عليه السلام): [[ اتخذتهم الفراعنة عبيداً فساموهم سوء العذاب وجرّعوهم المُرار ]]^.
ويُعالج الإسلام هذه المشكلة من جانبين: جانب المتسلّط المستعبِد حيث يمنعه من سلب حريات الناس، وجانب المستعبَد الذّليل حيث يحفّزه على المطالبة بحرّيته، ويمنعه من الرُّضُوخ والاستسلام.(1/142)
* (قلت وبطبيعة الحال لن يتخلص الصفار مما يصوره للآخين إلا عن طريق الثورة والجهاد ضد السلطة الطاغوتية الحاكمة ... فهل يصدق بعد ذلك الصفار في دعواه للوحدة والتعايش والحوار البناء).
ثانياً - الاهتمام السّلبي:
3- وإذا بقي المتديّنون ملتزمين بدينهم محافظين على صلاتهم وصومهم دون أن يكون لهم دورٌ اجتماعي أو عمل تغييري، فماذا ستكون النّتيجة؟
إنَّ النّتيجة الحتمية لهذا التَّقاعس من جانب المتديّنين هي توسيع جبهة الباطل والفساد، وبالتّالي سيطرة الظّالمين والأشرار على المجتمع، واستيلاؤهم على أزمة الأُمور، لأنّ هذا هو منطق الحياة الاجتماعية وطبيعتها.
* (قلت: لا حظ أن الرجل يتطلع إلى سيادة ورئاسة بل وإلى حكم ...، فلعل مثل هذا أبان أن الشعارات المرفوعة من قبله وقتية وممهدة لأمر يريده مستقبلا)
يقول تعالى: (( وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ ))[البقرة:251]^.
وبعد أن يسيطر الأشرار على المجتمع، ويحكمون قبضتهم على شئونه، عندها هل يسْلم المصلّون الصّائمون من ظلم الأشرار ومضايقاتهم، أم سيكونون أوّل ضحاياهم؟
إنّ تجارب التّاريخ وأحداث الماضي تدلُّ على أنَّ الأشرار حينما يمتلكون زِمام المجتمع سوف لا يتساهلون مع أي بريء أو هادئ، وسوف لا يتركون المصلّين يؤدُّون صلاتهم وطقوسهم بحرية وراحة.
فما العلاج إذاً؟.. إنّنا في حاجة إلى الوقاية قبل أن نضطرّ إلى العلاج، وذلك بأن نبدأ بمكافحة الفساد والظُّلم والانحراف، قبل أن يتفاقم ويستولي علينا ويمنعنا حتّى عن الالتزام الفردي بالواجبات، وهذا هو الحلّ الّذي يفرضه علينا الدين. يقول تعالى: (( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ))[الأنفال:25]^(1/143)
وهناك قطاع آخر من النّاس يعانون من سوء الفهم لموضوع الجهاد في الدّين، فيقولون: إنّ ظروف الجهاد غير متوفّرة حيث لا يوجد إمام معصوم يأذن للجهاد.. وهذه مغالطة يكتشفها من له أدنى اطّلاع على فقه الجهاد في الإسلام، فالجهاد يقسّمه الفقهاء إلى قسمين:
أ- جهاد الغزو في سبيل الله لنشر الإسلام في المجتمعات الأُخرى وإعلاء كلمة الله في الأرض، وهذا الجهاد هو الّذي يشترط فيه قيادة الإمام أو إذنه، ويكون وجوبه كفائياً إذا قامت به فئة من الأمة سقط الوجوب عن الباقين، يقول الإمام علي (عليه السلام) في هذا المجال: [[ لاَ يَخْرُج الْمُسْلِمُ فِي الْجِهَادِ مَعَ مَنْ لاَ يُؤمن عَلَى الْحُكْم -يعني القيادة غير الشّرعية-، ولا ينفذ فِي الْفَيء أمْر الله عَزَّ وَجَلَّ –يعني: ليست قيادة عادلة ]]^.
ب ـ جهاد الدّفاع عن الدين أو عن الوطن أو عن حقوق الشّعب أو عن النّفس والمال والعرض أو عن المحرومين والمظلومين، وهذا النّضال مشروع بل واجب على كلّ فرد ولا يحتاج إلى إذن الإمام أو المرجع، وإذا قُتل المجاهد عن أحد هذه الأهداف السّامية اعتبر شهيداً عند الله.
* (قلت: ولاشك أن الصفار يرى أن هذا النوع - جهاد الدفاع – يحتاجه وأتباعه الآن ولا يرى الانتظار حتى خروج المهدي المنتظر – زعموا -... فالصفار في الحقيقة أخطر من سابقيه من الشيعة بل ومن اللا حقين).
يقول الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم): (مَنْ قُتلَ دُونَ عِيَالِهِ فَهُوَ شَهيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ مَظْلَمَتِهِ ـ حقوقه ـ فَهُوَ شَهِيدُ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهيدٌ).
وقد أفرد الحر العاملي في موسوعته الحديثية [وسائل الشّيعة] باباً في كتاب « الجهاد » هو الباب (رقم: 46) تحت عنوان « باب جواز قتال المحارب واللصّ والظّالم والدّفاع عن النّفس والحريم والمال وإن قلّ، وإن خاف القتل ».(1/144)
وقد أثبت في ذلك الباب سبعة عشر حديثاً، وآخرها حديث يقول: كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: [[ مَن دخل عليه لص فليبدره بالضّربة فما تبعه من إثم فأنا شريكه فيه ]]^.
وفي[نهج البلاغة] نجد الإمام يعاتب قوماً ويوبّخهم لأنّهم لم يقاوموا المعتدين عليهم من جيش معاوية ، يقول (عليه السّلام): [[ ثُمَّ انْصَرَفُوا وَافِرِينَ، مَا نَالَ رَجُلاً مِنْهُم كَلْمٌ، وَلاَ أريق لهم دم ]]^. ويقول (عليه السلام): [[ فَقُبْحاً لَكُمْ وَتَرَحاً حِينَ صِرْتُمْ غَرَضاً يُرْمَى: يُغَارُ عَلَيْكُمْ وَلاَ تُغِيرُونَ، وَتُغْزَوْنَ وَلاَ تَغْزُونَ ]]^.
3- الأعذار المزيّفة: وهناك قسم من النّاس يؤمن بضرورة العمل والجهاد، ولكنّه يبرّر جموده وتقاعده بأعذار مزيّفة، فتارة يحتج بإتمام دراسته أو بمسؤوليته التجارية، وأخرى يتعذّر بعائلته وأولاده، وثالثة يلقي اللوم على الظُّروف الحرجة... وهنا يأتي القرآن الكريم لينسف هذه الأعذار بقوّة وليشجب التّعلّل بها، ويهدّد أصحابها بسوء المصير.. فيقول الله تعالى: (( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ))[التوبة:24]^.
4- الثّورة الكلامية: وبعض النّاس يكتفي من الجهاد بحماسة الكلام وثورية الكتابة والخطابة، ولكنّه حين تُطلب منه تضحية عملية ونضال حقيقي ومهمّة جهادية تراه ينهزم ويفرُّ بعيداً بعيداً.(1/145)
في هذا المجال يقول الإمام في[نهجه] العادل مخاطباً بعض أصحابه المتّصفين بهذه الصّفة الخادعة: [[ أَيُّهَا النَّاسُ! الْمُجْتَمِعَةُ أَبْدَانُهُمْ الْمُخْتَلِفَةُ أَهْوَاؤُهُمْ، كَلاَمُكُمْ يُوهِي الصُّمَّ الصِّلاَبَ، وَفِعْلُكُمْ يُطْمِعُ فِيكُمُ الأَعْداءَ ! تَقُولُونَ فِي الْمَجَالِسِ كَيْتَ وَكَيْتَ، فَإِذَا جَاءَ الْقِتَالُ قُلْتُمْ: حِيدِ حَيَادِ -يعني بعيداً بعيداً- ]]^
بماذا ولماذا الجهاد؟
في مواجهة الاستعمار والظُّلم والانحراف يحتاج الإسلام إلى مختلف الطّاقات والأسلحة، فالإعلام سلاح والقلم سلاح، والنّشاط سلاح والمال سلاح، والتّحرّك الاجتماعي سلاح... والمعركة تتطلّب كلّ هذه الأسلحة، ولذلك يقرن الرّسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم) مال خديجة بسيف علي كسببين أساسيين لانتصار الإسلام، ودائماً يحثّ القرآن الكريم على الجهاد بالمال والنّفس، ويقول الإمام علي (عليه السلام): [[ الله. الله، فِي الْجِهَادِ بِأَمْوالِكُم وَأَنْفُسِكُم وَأَلْسِنَتِكُم فِي سَبِيلِ الله ]]^.
* (قلت: قال الصفار عن أهداف الجهاد):
3- للإصلاح داخل الأُمة، يقول الإمام (عليه السّلام): [[ لأقَاتِلَنَّهُم عَلَى تَأْويلِ الْقُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتُهُم عَلَى تَنْزِيلِهِ ]]^.
4- للدّفاع عن المظلومين والمحرومين، يقول تعالى: (( وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ ))[النساء:75]^.
انتهى المقصود من الكتاب
كيف نقهر الخوف؟
دراسة إسلامية في سيكولوجيا الرُّهاب (الفوبيا)
حسن الصفار
...ويمثل (الخوف) في حالته المرضية واحداً من أبرز تلك العوائق، حيث يفرض الإنسان الخائف على نفسه قمعاً ذاتياً بوليسياً، يشلّ تفكيره وحركته، فلا يفصح عن رغبته، ولا يعبر عن رأيه، ولا يعلن موقفه، فضلاً عن أن يقوم بدور، أو يمارس تحركاً.(1/146)
يخاف من القوة السياسية أن تسجنه أو تعرقل بعض مصالحه، ويخاف من الجهات الدينية أن تكفره أو تصدر فتوى بضلالته والتشكيك في دينه، ويخاف من مراكز النفوذ الاجتماعي أن تحاصره وتلغي دوره، ويخاف من نفسه على نفسه أن يورّطها، أو يسبب لها المشاكل، أو يوقعها في فشل.
هذا الخوف المكعب المربّع، الذي يملأ نفس إنساننا، هو المسئول بدرجة كبيرة عن حالة الجمود والتخلف التي تعيشها مجتمعاتنا.
ولا بد من التحرر من سيطرة الخوف، دون أن يعني ذلك الوقوع في فخ التهور والفوضى.
..وكنت قد تحدثت عن هذا الموضوع في خطابات أيام عاشوراء سنة 14..هـ في القطيف، ثم كتبتها بعد ذلك لتصبح كتاباً تحت هذا العنوان (كيف نقهر الخوف) والذي طبع أول مرة في طهران ـ الجمهورية الإسلامية الإيرانية ـ سنة 14.4هـ، ثم أعيد طبعه ثانية في طهران أيضاً، بحجم صغير وورق خفيف، من قبل بعض الإخوة العراقيين، ليتمكن من اختراق الحواجز، والوصول إلى أيدي الناس داخل العراق. وطبع مرة ثالثة في لبنان من قبل مؤسسة الوفاء سنة 1984م، وترجم إلى اللغة الفارسية ونشر تحت عنوان (غلبه برخوف) دون تنسيق مع المؤلف.
ثم لم أفكر في إعادة طبعه، لاعتقادي بأن طرح هذا الموضوع الآن يحتاج إلى تطوير وتجديد، بعد حوالي عشرين عاماً، شهدت الكثير من المتغيرات والتطورات الفكرية والاجتماعية، لكن بعض الإخوة الكرام كانوا يرغبون في إعادة طبعه، ومنهم الأخ الفاضل السيد الهاني إدريس والذي أحترم رأيه، فهو صاحب مؤلفات وأبحاث قيمة، وقد بادر جزاه الله خيراً لاقتراح بعض التغييرات والتصحيحات في بعض المواقع من الكتاب، كما بذل الأخ الأستاذ محمد دكير جهداً طيباً في الإشراف على تنقيحه وطباعته، فلهما جزيل الشكر والامتنان، وأرجو أن يكون في إعادة طبعه للمرة الرابعة -بعد شيء من التنقيح- نفع وفائدة. والله ولي التوفيق.
المؤلف
17/11/1423هـ، 2./1/2..3م
....(1/147)
فالاستبداد حينما يرى الناس خائفين خاضعين، يزداد هو قوة في مقابلهم، والحال أن قوته ليست ذاتية.. وإنما تأتي من خنوع الناس وضعفهم أمامه..
....يقول أحد المجاهدين بعد خروجه من سجن مرير، ذاق فيه مختلف ألوان العذاب: كلما تسارعت وتوالت على جسدي سياط التعذيب، ونهشت أطراف جسمي اللسعات الكهربائية المزعجة.. واقترب مني شبح الموت لما أعاني، كنت ألجأ إلى ذاكرتي وأستحضر صورة بلال الحبشي وهو يتلوى تحت السياط، على رمال مكة الحارقة، وهو يصرخ: أحد، أحد.. وأتذكر آل ياسر، الذين أحاط بهم بلاء قريش، حتى استشهد ياسر و سمية تحت التعذيب أمام أعين ولدهما عمار ، وكيف أن الرسول الأعظم لم يكن يستطيع تقديم أي مساعدة لهم سوى كلمته الصادقة: (صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة).. وهكذا أستحضر في مخيلتي مواقف كل الأبطال، وصمود كل المناضلين.. حينها يبطل مفعول السياط، وتزداد عندي إرادة التحدي والصمود، وأحس بارتفاع هائل في روحيتي ومعنوياتي..
* (قلت: لا يحتاج مثل هذا الكلام لتوضيح المقصد من إيراده)
... التسلح بالفكر الرسالي:
..وتلوث عقل الإنسان بالثقافة المتخلفة، يعزز الحالات السلبية في نفسه كالخوف ويكرسها.. باسم التقية والزهد والصبر، وانتظار الفرج، وعدم إلقاء النفس إلى التهلكة، وتقديس السلف الصالح، وعدم التدخل في السياسة، وحرمة التدبر في القرآن.. وبمختلف العناوين التي تعرضت مضامينها ومعانيها للتحريف والتشويه..(1/148)
بينما الفكر الرسالي والثقافة الإسلامية الأصيلة، تدفع الإنسان المسلم نحو التغيير والثورة على سلبيات نفسه، وتجاوز الثغرات في ذاته، ثم تحمله مسئولية التغيير في الواقع الاجتماعي المحيط به، بل ولا تقف طموحات الثقافة الرسالية عند هذا الحد، بل تدفع الإنسان الرسالي، والأمة المؤمنة، نحو القيام بدور قيادي رائد، على صعيد العالم كله، تحقيقاً لقوله تعالى: (( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ))[البقرة:143]^.
* (قلت: تقدم أن الرجل طالب حكم وزعامة لا وحدة وتعايش وتقريب وجهات النظر ..)
..وفي أوضاعنا الحاضرة حيث تعيش مجتمعاتنا مرحلة انتقال وتحول، من حالة الجمود والاستسلام، إلى مرحلة النهوض والتغيير، باتجاه الحرية والإسلام إن شاء الله.. فإن هناك تجمعات رسالية تتصف بالشجاعة، ضد الواقع الفاسد، والبطولة في مقابل نفسيات الذل والخنوع.. وكل مسلم واع مطالب بأن يقف إلى جانب هؤلاء المؤمنين الصادقين استجابة لأمر الله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ))[التوبة:119]^. لنصرة هؤلاء المجاهدين في معركتهم ضد التخلف والفساد، وأخيراً لكي يكتسب الإنسان منهم صفات البطولة والاستقامة والفداء..
انتهى المقصود من الكتاب، وهو كسابقاته يحث الشيعة على الثورة بدلاً من المواطنة والتحاور.
التنوع والتعايش بحث في تأصيل الوحدة الاجتماعية والوطنية
حسن الصفار
..ولا يفوتني أن أشير إلى أن نواة هذا البحث كانت محاضرة ألقيتها في مدينة القطيف، بتاريخ 4/1/1416هـ، وكان للأخ الكريم الفاضل ذاكر آل حبيل شكر الله مساعيه دور أساس في التشجيع والمساعدة على تحويل المحاضرة إلى بحث مكتوب، حيث قمت بإعادة صياغة الموضوع وتوسيعه وتوثيقه راجياً من الله تعالى القبول والتوفيق.
تقديم(1/149)
بقلم الدكتور الشيخ محمد عبده يماني
قال يماني :
.. وهنا يؤكد الكاتب على ما جاء في سورة المائدة، بأن الله سبحانه وتعالى، جعل لكل أمة شرعة ومنهاجاً، ولو شاء لجعل الناس كلهم أمة واحدة، قال تعالى: لكل جعلنا (( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ))[المائدة:48]^.
وختاماً فالكتاب في رأيي بمجمله يطرح قضايا مهمة، ومعالجات موضوعية، ويضع في النهاية تساؤلات مهمة، عن التعايش الحضاري، والتسامي الخلقي، وأهمية الحوار، ودور رجال الفكر، وأن يتحمل الجميع مسئوليتهم، في قضية صنع وحدة الأمة الإسلامية، وبعدها عن التنازع والصدام، ويختم بالآية الكريمة (( وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ))[الأنفال:46]^.(1/150)
وقد سرني أن أقدم لهذا الكتاب، لأن المؤلف رجل من علماء المذهب الشيعي، الذين عرفوا بالاعتدال والموضوعية، وممن عرفنا فيهم الحرص على الحوار الهادف، في معالجة القضايا الأساسية، وخاصة محبة الله عز وجل، ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم وآل بيته وصحابته الكرام، واحترامهم وتوقيرهم جميعاً، كما أمرنا الله عز وجل في قوله: (( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ))[الحشر:10]^ وكما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال: (الله الله في أصحابي لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ من أحدهم ولا نصيفه) ثم في تقدير أمهات المؤمنين جميعاً رضي الله عنهن وفي مقدمتهم السيدة خديجة بنت خويلد ، هذه السيدة التي لها في رقاب المسلمين جميعاً مِنَّة وفضل، بما صدقت به المصطفى ووقفت معه وآزرته، وابنتها الزهراء البتول وجميع بناتها رضي الله عنهن وأرضاهن، وكذلك بقية أمهات المؤمنين، والسيدة عائشة ، التي نقلت لنا بأمانة، أحاديث عن فضل السيدة فاطمة ، لم يروها أحد غيرها، بأنها رضي الله عنها سيدة نساء أهل الجنة.. كما نقلت لنا أخبار السيدة فاطمة رضي الله عنها وإنها أحب إنسانة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك سيدنا علي كرم الله وجهه. انتهى. (كلام يماني )
*(قلت: يماني يتعاطف مع هذا الشيعي المحترق الذي يحرض في كثير من كلامه الذي مر والذي سيأتي على الثورة الحكام والقضاء على أهل السنة بصفتهم ظلمة ومستبدين) .
قال الصفار :... فإذا ما اعترفنا ببعضنا بعضاً، واحترم كل واحد منا الآخر، وأقر بشراكته ودوره، حينئذٍ يمكننا العمل معاً لتجاوز حالة التخلف العميق والانطلاق نحو أفق الحضارة الواسع.(1/151)
* (قلت: الواقع العملي للمجتمع قائم -ولله الحمد- فالجميع يعمل ويتجر ويمارس أنشطته المتنوعة .. أم أن الصفار يريد بقول: (وأقر بشراكته ودوره) أي: في الحكم وتيسير أمور الدولة؟)
...لكن دور الأنبياء يقتصر على تبليغ رسالة الله، وليس لهم حق السيطرة والهيمنة، وإجبار الناس على قبول دين الله، فانقسم الناس إلى شطرين رئيسين: شطر استجاب لدعوة الأنبياء بقناعة وإيمان، والشطر الآخر أعرض عن رسالات الله، ونحت من أوهامه وتصوراته ديانات ومعتقدات وثنية خرافية، يقول تعالى: (( فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ))[النحل:35]^ * (( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ ))[النحل:36]^.
..وضمن سياقه الموضوعي، يلاحظ دون أدنى شك طبيعة الإقرار القرآني بحقيقة الاختلاف الديني بين بني البشر، بل ويبسط مدارات الحديث عن ذلك في أكثر من جهة وموضوع.
* (قلت: هل يقول الصفار أن القرآن يقر الاختلاف الديني ..بحيث لا يعاقب الله من أخطأ الطريق بحجة أن القرآن أقر الاختلاف وأنه من طبيعة البشر؛ إذا لماذا بعث الرسل وأنزل الكتب بإنكار الشرك وجهاد أهله حتى يكون الدين لله وحده . وقوله: إن القرآن يقر الاختلاف الديني ..كذب على القرآن؛ لأن القرآن ينكر الكفر والشرك وينهى عنهما أشد النهي) .
فأولاً: لا يمكن إلغاء حالة التعدد الديني بالقوة والفرض حيث (( لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ))[البقرة:256]^ و (( لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ))[الكافرون:6]^.
ثانياً: والمؤمن بدين الله، عليه أن يعتمد الأسلوب اللائق المناسب في الدعوة إلى دينه، دون تهريج أو تجريح أو تشنج وانفعال: (( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ))[النحل:125]^.(1/152)
ثالثاً: يفترض أن يستهدف الإنسان من تدينه الوصول إلى الحقيقة، فلا بد له حينئذ من الانفتاح على الديانات والآراء الأخرى، بحثاً عن الحق والصواب، (( الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ))[الزمر:18]^.
* (قلت: ما زال الصفار في شك من دينه ولذا هو يبحث عن الحقيقة، وأما أهل السنة والجماعة فهم -ولله الحمد- متمسكون بما جاء به النبي محمد صلى الله عليه وسلم ومتبعون له وليس عندهم شك فيه .)
ولا يصح له أن ينكفأ على عقيدته الموروثة، دون تفكير أو نقاش (( قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ ))[المائدة:104]^.
لذا ينبغي أن يسود الحوار السليم بين الديانات المختلفة، اعتماداً على الدليل والبرهان (( أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ ))[الأنبياء:24]^.
والحوار بين الأديان يجب أن يكون موضوعياً هادئاً، على أساس الاحترام المتبادل (( وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ))[العنكبوت:46]^.
? (قلت: الصفار بعد أن كان يدعو إلى الحوار بين المذاهب هنا يوسع المسألة حتى ينظر فيما عند الأديان الأخرى فلعله يجد ما يأخذه منها فيتبعه، ونسي المسكين قول الله تعالى (( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ))[آل عمران:85]^. وقوله: (( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ ))[آل عمران:19]^.(1/153)
رابعاً: والاختلاف الديني بين الناس لا ينبغي أن يؤدي إلى الصراع والنزاع، فالأصل في العلاقة بين أبناء البشر هو التعايش والانسجام والاحترام المتبادل، أما من تسوّل له نفسه الاعتداء على المختلفين معه، فلا بد من ردعه ومواجهة عدوانه: (( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ))[الممتحنة:8]^.
* (قلت: نسي أو تناسى سنة التدافع .. بين الخير والشر وبين التوحيد والشرك)
..وينهى الإسلام عن جرح مشاعر أتباع الديانات حتى لو كانت وثنية، بسب مقدساتهم، لأن رد فعلهم الطبيعي سيكون سب مقدسات المسلمين (( وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ))[الأنعام:108]^.
الثاني: تنوع اختياري كسبي، يرتبط بقناعات الإنسان وأفكاره، ونمط سلوكه واتجاهه، فكل إنسان هو الذي يقرر ما يعتنق من دين، وما يؤمن به من فكر، وما يرتضيه لنفسه من ثقافة وسلوك، وتبعاً لذلك تتعدد الأديان بين الناس وتختلف المدارس الفكرية، وتتنوع التوجهات السياسية.
* (قلت: وعليه فلا منكر ينكر ولا معروف يعرف، والله لم ينه عن سب الكفر إلا إذا ترتب على ذلك مفسدة أكبر، وإلا فالقرآن مملوء من سب الكفر والنهي عنه والأمر بقتال أهله حينما يكون عند المسلمين استطاعة لذلك)
يقول تعالى:
(( وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ))[المائدة:48]^.
(( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ))[هود:118]^.
(((1/154)
وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ))[النحل:93]^.
(( فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ))[الشورى:7]^ * (( وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ))[الشورى:8]^.
ولأهمية هذه الحقيقة، ولأن البعض من الناس قد يحاول مصادرة قرار الآخرين وحرياتهم، بفرضه ما يؤمن به عليهم، لذلك يكرر القرآن ذكر هذه الحقيقة لتأكيدها وتثبيتها.
..فلو كان فرض الاتجاه مقبولاً، لسيّر الله خلقه وعباده في طريق الإيمان به، والخضوع لدينه الحق، ولكنه تعالى لحكمته ترك حرية الاختيار للإنسان: (( وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ))[الكهف:29]^.
* (قلت: هل يستطيع الصفار أن يرد على من كفر بالله أو أخطأ الطريق إلى الله، وقال: هذه سنة الله وهذا قدر الله علي، ولو شاء الله لجعلني مسلماً .. ونحوها من الكلمات، وهذا من جنس احتجاج المشركين بقولهم: (( وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ))[النحل:35]^.
وإذا كانت حكمة الله تعالى قد أتاحت الفرصة، لظهور هذا التنوع بين الناس في أديانهم واتجاهاتهم، باعتبارهم أحراراً في الاختيار، ولأنهم يعيشون دنيا ابتلاء وامتحان، فهل يصح لأحد أن يفكر في إلغاء هذا التنوع، وأن يفرض على الناس اتجاهاً واحداً؟
كلا!
فحتى الأنبياء إنما يقومون بدور التبليغ والإرشاد، وليس لنبي أو رسول حق الفرض والسيطرة.(1/155)
* (قلت: وما تسمى الجهاد في سبيل الله .. والجزية على من أبى الإسلام .. الصفار يريد منا أن نقر الكفر والضلال بكلامه ويريد أن يصل إلى أن أي دين ومذهب ضال له حرية نشر دينه ومذهبه ولو كان كفراً وإلحاداً .)
يقول تعالى: (( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ))[يونس:99]^ (( فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ ))[الغاشية:21]^ * (( لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ ))[الغاشية:22]^.
..صحيح أن الحق واحد لا يتعدد، لكن كلمة الفصل والحسم لإلزام الإنسان بالحق، وإخضاعه له، مؤجلة إلى يوم القيامة، وبعد أن تنتهي فرصة الابتلاء والامتحان في الدنيا، هنالك يصبح جميع الناس أمام الحقيقة الملزمة الحاسمة، أما في الدنيا فالمجال متاح للتنوع والاختلاف بين الأديان والمذاهب والآراء، وحيث تدعي كل جهة أن الحق معها، وفي حوزتها، إما عن اقتناع أو تعصب.
* (قلت: وما الفرق بين دعوة الصفار ودعوة العلمانيين).
(( وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ))[البقرة:113]^.
(( إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ))[المائدة:48]^.(1/156)
وهكذا تتضح لنا مشروعية التنوع في رؤية الإسلام، بمعنى الإقرار بحق الآراء والتوجهات المختلفة، في الوجود والظهور، بغض النظر عن صوابيتها وصحتها، وإلا فإن الحق واحد، والدين المقبول عند الله واحد (( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ ))[آل عمران:19]^، (( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ))[آل عمران:85]^.
* (قلت نتيجة حتمية لما قرره فيما سبق .. ولعله مهما رأينا من كفر وإلحاد ليس فقط إقراره بل واحترامه .. فما أهانه الله نكرمه وما كفره الله وضلله نحترم رأيه ... وهكذا؛ (( سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ))[النور:16]^.
أولاً: ضمان الحقوق والمصالح للأطراف المختلفة:
فإذا ما شعر طرف من الأطراف بانتهاك حقوقه، أو التعدي على مصالحه، من قبل طرف آخر فلن تتوفر حينئذٍ أجواء التعايش، وما يحصل غالباً من تنازع وصراع بين الجهات المتنوعة في المجتمع، إنما هو بسبب طغيان وتعدي فئة على حقوق ومصالح فئة أخرى، والفئة المضطهدة حتى وإن كانت أقلية أو ضعيفة، إلا أن شعورها بالغبن والظلامة، يمنعها من التفاعل الإيجابي مع بقية الفئات، بل يدفعها إلى التفكير في الثأر والانتقام.
* (قلت: لا حاجة لهذا القول ..فالصفار من قبل يقرر هذه الحقيقة ويحرض أتباعه دائماً على الثورة والخروج على المجتمعات، وتقدم الكثير من ذلك).
أصول ثابتة وتنوع في المذاهب:
يعتمد المسلمون في فهم أمور دينهم العقائدية والفقهية على مصدرين أساسيين، هما: كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم لكن وسيلة الفهم وأداة المعرفة من هذين المصدرين هو إعمال العقل، واستخدام الفكر، مما يفتح باب الاجتهاد، ويفسح المجال أمام تعدد الآراء، واختلاف الاستنتاجات.(1/157)
* (قلت: وهذه ركيزة، ومن ركائز التفكير لدى الصفار في موقفه من نصوص الكتاب والسنة، ولا ريب أنها قاصرة، إذ بأي عقل وبأي تفكير نصير إليه؟؟).
..كما لا يستبعد تأثير الظروف الاجتماعية والسياسية، على تكون الآراء وتبنيها وانتشارها.
لكل ذلك وغيره تنوعت المدارس الفكرية والمذاهب الفقهية في الأمة الإسلامية.
ففي مجال العقائد ظهرت المدرسة الجبرية، والقدرية، ومدرسة المعتزلة، والأشاعرة، والمرجئة والماتريدية..
وفي المجال الفقهي، كان هناك مدرسة أهل الحديث ومركزها الحجاز، ومدرسة أهل الرأي ومركزها العراق.
ثم تعددت المذاهب الفقهية، وتنوعت ضمن التوجهات المختلفة لعلماء الأمة، فهناك مذاهب أهل السنة، ومذاهب الشيعة، ومذاهب الخوارج.
فبذور التعددية المذهبية قد غرست مبكراً في أرضية الأمة، والاختلاف الفكري بدأ باكراً في حياة المسلمين.
..بيد أن التنوع الفقهي والفكري، لم يكن ملازماً للخلاف والفرقة، بل كان في مراحله الأولى وفي فترات مشرقة من حياة الأمة، ميداناً لتلاقح الأفكار، وإثراء الفكر، والفقه الإسلامي، وكان التعاطي والتعامل فيما بين الصحابة عند اختلافهم في المسائل وفيما بين أئمة المذاهب يتم بموضوعية وسعة صدر، فإما أن يخضع للرأي الآخر ويتنازل عن رأيه حينما تتضح له الحجة والصواب، وإما أن يتمسك برأيه مع تقديره لمخالفه واحترامه لرأيه.
لذلك توفرت للمسلمين ثروة فكرية وفقهية واسعة، بسبب تعدد المدارس والتيارات الفقهية والفكرية.
* (قلت: المسألة ليست فيما يقرره الصفار ، وإنما هي قضية الإيمان والكفر والتوحيد والشرك .. فلا يخلط بين الأمور، فالصفار يريد أن يستدل بما قاله على تعدد الأديان والمذاهب وإقرار ذلك ويأبى الله إلا أن يتم نوره ويظهر دينه وحده لا شريك له).
..(1/158)
وإقراراً للتعددية وحماية لها، رفض الإمام مالك بن أنس إمام المذهب المالكي، فرض مذهبه وآرائه على جميع المسلمين، وقد أراد الخليفة هارون الرشيد ، أن يجعل من كتاب الإمام مالك (الموطأ) قانوناً عاماً، ويعلق نسخة منه بالكعبة، ليعلمه الناس جميعاً ولكن الإمام مالك لم يرتض ذلك [محمد أبو زهرة/ تاريخ المذاهب الإسلامية ص43..].
* (قلت: كما سبق بيانه) .
الانتقال من زمن التعصب.. إلى زمن التعايش... مسئولية من؟
التعايش هو الخيار:
حينما يكون الانتماء المذهبي للمواطنين المسلمين متنوعاً، فإن أمامهم أحد خيارات ثلاثة، للتعاطي مع هذا التنوع والتعدد:
الخيار الأول: محاولة الفرض والإلزام، بأن يسعى أتباع كل مذهب لفرض مذهبهم على الآخرين، وإلزامهم بأخذه والتعبد به، لأن أتباع كل مذهب يعتقدون بأحقية مذهبهم، ويرون أنفسهم مكلفين بنشره وتطبيقه.
وهذا الخيار مشكل من الناحية الشرعية، لأن المعتقد وطريقة التعبد لا يصح فرضها بالإكراه (( لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ))[البقرة:256]^ بل يجب أن يكون عن قناعة، واندفاع ذاتي، كما أن الشرع لا يجيز للمسلم أن يفرض على الآخرين ما لا يعتقدونه، ويؤمنون به، فالله تعالى لم يعط لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم هذا الحق وإنما قال له: (( فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ ))[الغاشية:21]^ * (( لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ ))[الغاشية:22]^ (( أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ))[يونس:99]^.
ومن الناحية العملية، فإن كل تجارب فرض الأفكار والمعتقدات، هي تجارب فاشلة، حيث يتمسك الناس بأديانهم ومذاهبهم أكثر في حالة التحدي والمواجهة، وواقع الشعوب الإسلامية في البلدان التي كانت تهيمن عليها الشيوعية أوضح شاهد على ذلك.(1/159)
كما إن مثل هذه المحاولات حصلت في تاريخنا بعض الفترات، حيث حاولت بعض الجهات فرض رأيها أو مذهبها لأنها تمثل الأكثرية، أو تمتلك القدرة والقوة، لكن تأثير تلك المحاولات كان وقتياً ومحدوداً.
الخيار الثاني: حالة العداء والصراع: حيث يتحصن أتباع كل مذهب في خندق مذهبهم، ويعبئون أفرادهم تجاه المذهب الآخر، وتسود حالة التشنج والعداء، ويكون هناك قطيعة وتنافر، وتقوم الجهة المقتدرة باضطهاد الجهة الأخرى، والتي ستعمل بدورها للدفاع عن نفسها، وللانتقام من الطرف الآخر.. وهكذا يدخل المجتمع في نفق الصراع الداخلي، والذي قد ينتهي إلى حرب أهلية.
وهنا يخسر الجميع، وتكون الفرصة مؤاتية للأعداء، أعداء الإسلام، وأعداء البلاد، لينفذوا من خلال هذا الصراع مخططاتهم ومؤامراتهم.
وما الحرب الأهلية السيئة الذكر في لبنان، والأحداث الطائفية الدامية التي تجري الآن في باكستان، إلا نموذج لمثل هذا الخيار البغيض.
الخيار الثالث: هو التعايش بأن يعترف كل طرف للآخر بحقه في التمسك بقناعاته ومعتقداته، وممارسة شعائره الدينية، والعمل وفق اجتهاداته المذهبية، ويتعامل الجميع كمواطنين متساويين في الحقوق والواجبات، متعاونين لتحقيق المصلحة العامة ومواجهة الأخطار المشتركة.
..وهذا هو ما يأمر به الإسلام، وتدعو إليه تعاليمه السمحاء، وهو منهج أئمة الإسلام، وأعلام المسلمين الواعين المخلصين.
... ..وأيضاً هو ما يدعو إليه العقل والمنطق السليم، وتفرضه طبيعة الاشتراك في ظروف حياتية واحدة، وضمن وطن واحد، وكما يقول الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام: [[ صلاح شأن الناس التعايش ]]^ [ / محمد باقر المجلسي / بحار الأنوار / ج71 ص167 دار إحياء التراث العربي 1983م بيروت].(1/160)
*(قلت: الصفار لم يفصح كثيراً .. وأقول: هو يريد أهل السنة والشيعة .. وأهل السنة ولله الحمد يعرفون دينهم جيداً ويدركون جميع ما طرحه الصفار؛لكن ليس كما أراد الصفار أن يوظف ما استشهد به لصالحه، فهو يتكلم بلغة الضعيف الذي يعيش في بلد غلب فيها التوحيد وانطمس فيها – ولله الحمد – مظاهر الشرك بالله، ثم إن أهل السنة لا يظلمون ولا يتعدون على أحد، فالحقوق في بلاد التوحيد محفوظة ومؤداه، لكن عندما يظهر الشرك بالله والزيغ عن دين الله فإن أهل السنة يوقفونه ويحاربونه، وهذا يعطينا أن نقطة الخلاف هي في أصول الدين لا في فروعه، ثم إن أهل السنة لا يجبرون أحداً على عقيدة معينة وإنما هي سياسة عامة للبلد في التعليم والدعوة ..فمن شاء أخذ ما هو موجود ومن أبى ذلك فليبحث عن مكان آخر يعلن فيه ما يشاء ويتعبد ما يراه ويعتقده وأرض الله واسعة .)
انتهى المقصود من الكتاب.
اللقاء الوطني:
بمناسبة اختتام الحوار الوطني المنعقد في مكتبة الملك عبد العزيز العامة بالرياض
في المدة من (15-18/4/1424هـ
الموافق (15-18/6/2..3م)،
الآحادية والقطيعة:
...لكن حقبة صعبة مرت على الوطن، تراجع خلالها مستوى التواصل والانسجام بين أطراف المجتمع المتعدد المذاهب والتوجهات، حيث استأثر بالساحة الدينية والفكرية رأي أحادي، يرفض الاعتراف بالآخر، ويضيق عليه الخناق، ويحرمه من فرصة التعبير عن وجهة نظره، حتى أصبح اعتناق الرأي الآخر وكأنه مروق من الدين، وخلل في الولاء للوطن، ومخالفة للنظام.
* (قلت: هذا الكلام ذر الرماد على العيون، وإلا متى كان للشيعة ولاء لأوطانهم؛ومتى كان إعلان الشرك بالله تعالى أمر مستساغ لدى الموحدين ..)
فانكفأ أتباع المذاهب الأخرى على أنفسهم، وانطوت كل جهة منهم ضمن دائرتها الخاصة، لتهتم بتحصين أتباعها ضد تأثيرات الاتجاه السائد، الذي يحتكر كل الوسائل والإمكانات العامة.
..(1/161)
لقد تبلورت الآراء في أوساط الملتقين، وتمخض الحوار عن ضرورة الاعتراف والإقرار بالتعدد المذهبي والفكري، وأنه سنة كونية، وحقيقة تاريخية، لا يمكن إلغاؤه وتجاوزه، وأنه لا بديل عن التعايش بين أتباع هذه المذاهب والتوجهات، وحفظ السلم الاجتماعي، والوحدة الوطنية، والتساوي في حقوق المواطنة.
.... وإذا كان من حق الشيعة التمسك بمعتقداتهم حسب قناعتهم، وممارسة شعائرهم العبادية وفق آراء فقهائهم، فإنه يجب منع وردع أي إساءة قد تصدر من بعض الجاهلين أو المغرضين منهم تجاه الطرف الآخر، بالنيل من رموزه ومقدساته عن طريق السب أو الشتم، فذلك حرام شرعاً، ومخالف لآداب أهل البيت وأخلاقهم.
* (قلت: الصفار هنا يدافع عن الشيعة وبقوة .. ثم تقدم أن ما يعتقده في قلبه – الشيعي – هذا راجع له أما إقامة مظاهر الشرك والتعدي على أنظمة الدولة والمطالبة بأكثر مما أعطي فلا .)
وكما أن على الأكثرية ضمان حقوق الأقلية، فإن على الأقلية احترام مشاعر الأكثرية، وذلك هو طريق التعايش، واستقرار السلم الاجتماعي.
أقول: ومما جاء من التوصيات في ذلك الحوار:
4- المحافظة على الوحدة الوطنية لهذه البلاد المبنية على العقيدة الإسلامية الصحيحة وعلى الثوابت الشرعية التي تستمد منها الدولة نظامها ويستمد منها المجتمع هويته وتعميق معاني البيعة والسمع والطاعة بالمعروف تحقيقاً للجماعة ومنعاً من الافتراق والتشتت واستتباباً للأمن بكل معانيه المادية والمعنوية.
* (قلت: كذب الصفار .. واستخدم التقية؛ لأننا عرفنا من أصول الصفار أنها تخالف أصول أهل السنة، وعرفنا موقفه من السلطان الطاغوتي ..الذي يحث أتباعة للثورة عليه .. فمن أين يأتي التعايش واستتباب الأمن؟)
13- أهمية الحوار وسيلة للتعبير عن الرأي وأسلوباً للحياة وتأطيره لتحقيق التعايش من خلال منهجية شاملة تلتزم بالأصول والضوابط الشرعية.(1/162)
14- الاختلاف والتنوع الفكري سنة كونية وحقيقة تاريخية، لذا لا يمكن إلغاؤه وتجاوزه وإن ما يخفف من آثاره الضارة اعتماد منهج القرآن الكريم في الحكم على الآراء والأشياء والأشخاص بتحري الحقيقة والموضوعية والعدل والتعايش مع هذا الاختلاف وضبطه والتفريق بين الثوابت والاجتهادات في مجال التنوع والاختلاف وتحديد مرجعيته بالكتاب والسنة.
* (قلت: على أي مذهب يريدنا الصفار أن نتعامل وبأي عقل نفهم دين الله؟)
16- ضمان حرية التعبير عما يراه المسلم حقاً وفق الضوابط الشرعية المعتبرة بما لا يتعارض مع محاسبة من يمس الثوابت الشرعية أو المصالح المتفق عليها أو حريات الآخرين.
19- الجهاد ذروة سنام الإسلام، وقد بينت الشريعة أحكامه وأسسه ومبادئه والحاجة قائمة إلى ربط تلك الأحكام بالواقع وإعلان الجهاد منوط بولي الأمر ويجب العمل على توضيح أحكام الجهاد حتى لا يساء فهمه، ولابد أن يفرق بين الجهاد الحق والإفساد في الأرض.
* (قلت: تقدم مفهوم الجهاد عند الصفار .. فتنبه ولا تنخدع بكلامه).
انتهى المقصود منه.
علماء الدين .. قراءة في الأدوار والمهام
دار الجديد
جميع الحقوق محفوظة
الطبعة الأولى، 1999
تنفيذ وتوزيع شركة دار الجديد ش. م. م. صندوق بريد:5222/11
بيروت- لبنان. هاتف وفاكس: 5. 98 73- 71 81 73 (.1).
بريد إلكتروني: Aljadeed@cyberia.net.lb.
..وما يلاحظ الآن من وجود حالات تزمّت وتطرّف عند بعض الجهات العاملة باسم الإسلام، أو سياسات خاطئة منحرفة تطبّقها قوى إسلامية في موقع السلطة والحكم، كلّ ذلك مؤشّر على الفقر في المناهج والبرامج الفكرية العملية، يثير القلق على مستقبل الدين والأمّة.
....(1/163)
ويبدو أن هذا الشلل والركود رأي الأعلام السابقين أصبح منهجاً مستمرّاً في أوساط علماء الدين إلاّ ما ندر. والحاجة ماسّة في هذا العصر لجرأة ابن إدريس وشجاعته العلمية، ليتحرّر العلماء من ربقة رأي المشهور وأقوال علماء السلف، ويتعاملوا مع النصّ الشرعيّ مباشرة، وبالانفتاح على الواقع والتشخيص الدقيق للموضوعات.
* (قلت: الصفار يعلنها ثورة على تراث الأمة ثم نستبدل ذلك بأفكاره الحديثة التي لا تمت للإسلام بصلة، ثم إذا كان الصفار يري أن مثل هذه القضية لازمة في مذهبه؛ فأهل السنة ولله الحمد في غنى عن هذا الفكر؛ لأن الله قد تكفل بحفظه، وعلماؤهم متوافرون وبدين الله قائمون، وإذا كان يصف أهل السنة بالتزمت لأنهم تمسكوا بدينهم ورفضوا الباطل فكيف لا يرى تزمت الشيعة في باطلهم وإصرارهم على الضلال؟) .
..إن المهتمين بمختلف جوانب العلم والحياة، من سياسيين وعلماء الطبيعة وخبراء الاقتصاد وباحثي الاجتماع، وحتى هواة الرياضة والفن، لديهم مؤتمرات وملتقيات يتداولون فيها شئون اهتماماتهم، ويتبادلون عبرها الرأي والخبرة والتجربة، ولديهم مراكز دراسات وأبحاث يستندون إليها في أعمالهم وأنشطتهم، فإلى متى يبقى علماء الدين ضمن الحالة الفردية والشخصية، واعتماداً على القدرة الذاتية المحدودة؟
* (قلت: هذا في دين الشيعة فقط ..)
.. فقد حدث تغيير في أساليب التعبير، واختلاف في المصطلحات بين الأجيال اللاحقة والسابقة، كما تعرض قسم من النصوص الشرعية للتلف والضياع، وحصل شيء من الدسّ والوضع في الأحاديث والروايات،...
* (قلت: ولهذا يطالب الصفار بالثورة على ما هو قديم .. وتقدم أن ذلك في دين الشيعة)
العمل الجماعي والمؤسساتي:
..غالباً ما تكون المؤسسات الدينية الثقافية ضمن الإطار والإشراف الحكومي الرسمي، مما يحد من حركتها وحريتها، ويجعل مواقفها وأنشطتها تابعة لمسار الحكم ومواقفه السياسية..(1/164)
أما العلماء المستقلون في حركتهم ونشاطهم عن وضع السلطة والحكم، فإنهم عادة ما يمارسون أدوارهم ومهامهم كأفراد، وليس كتجمعات ومؤسسات.
والسبب الرئيس في هذا المنحى الفردي هو الحذر من السلطات، والتي تنظر إلى أي نشاط جماعي خارج إطارها بعين الريبة والشك، وتمنعه أو تعرقل طريقه.
* (قلت: أين البيعة والطاعة لولاة الأمر وأين الوحدة الوطنية ...؟)
لكن هذا السبب لا يعني انعدام فرص العمل الجمعي بالكامل بين علماء الدين، فهناك هامش من الحرية والمجال، تتفاوت مساحته بين بلد وآخر، كما يمكنهم فرض الأمر الواقع في بعض الأحيان، أو الاتفاق على درجة من التشاور والتنسيق لا يثير السلطة.
..وهناك بعض العلماء يفرطون في الحذر والخوف من رد فعل السلطات الحاكمة فيتحفظون على أي عمل جمعي.
وعلماء الدين في هذا العصر، مطالبون بنفض غبار التخلف، وركام التحريف عن تراثنا وثقافتنا، ليعود للدين خلوصه ونقاؤه، ولتتحرر جماهير الأمة من أغلال الفهم القشري، وقيود الفكر الرجعي المتزمت، ولتستطيع ثقافة الإسلام الحقيقية مواجهة تحديات الحضارة المادية المتقدمة وتموجاتها الفكرية.
* (قلت: الحمد لله فقد أقر الصفار على نفسه وعلى دينه .. فهل بعد ذلك يوثق به وبما جاء به من أفكار أصولية شيعية، ثم إن كان مذهبه بهذه الصورة فحقيق عليه أن يتبرأ منه .)
وعلى الرغم من صعوبة مهمة الإصلاح وتنقية الثقافة الدينية، إلا أن العلماء المخلصين قد اقتحموا هذا الميدان، وتحملوا آلام ومشاكل موقفهم الشجاع بدافع ديني عقيدي.. وأثمرت أفكارهم وأطروحاتهم تياراً دينياً تجديدياً. تعقد عليه آمال خلاص الأمة..
* (قلت: تقرر سابق أن الصفار يدعوا إلى دين جديد -أو قل: خليط- كما هو ظاهر من كلامه) .
...(1/165)
ومشكلة بعض هؤلاء العلماء المنغلقين أنهم لا يسكتون عمن يخالفهم التوجه والرأي بل يحاولون إثارة الشكوك والشبهات ضد العلماء النشطين اجتماعياً بدافع فرض توجههم أو لنوازع الحسد والخوف من التفاف الناس حول غيرهم، وحتى لا يطالبهم الناس بتحمل المسئولية أسوة بالعلماء العاملين.
* (قلت: يتحدث الصفار عن نفسه وموقف الخوئي منه ومن دعوته عندما ذكر الخوئي أن الصفار لا يوثق به ..وأن أمره مريب ونص السؤال والجواب الآتي:
بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة آية الله العظمى الإمام الخوئي دام الله ظلاله الوارفة
بعد الدعاء بالتسديد والتأييد برعاية مولانا صاحب الزمان أرواحنا له الفداء
مولاي يا زعيم الحوزة:
لقد وقعت بأيدينا فتوى موقعة بختم سماحتكم وسماحة الإمام الراحل السيد الشاهرودي والأمام الراحل المرتضى من آل يا سين وحجة الإسلام يوسف الحائري قدس الله أرواحهم تنص على عدم اجتهاد السيد محمد نجل العلامة السيد مهدي الشيرازي الموجود حالياً في قم المقدسة، ونظراً لقيام الضجة حول هذا الرجل والدعوة له بالتقليد وجميع الحقوق الشرعية ونظراً لقيام وقول المروجين والدعاة له بالتقليد وعلى رأسهم (حسن بن موسى الصفار ) وهل هو ثقة عندكم؟ وهل درس تحت رعايتكم أو في الحوزة العلمية بالنجف كما يدّعي؟ وهل يجوز الائتمام به؟ وهل إن هذه الدعوة التي يقوم بنشرها لها نصيب من الواقع أو أساس من الصحة؟ بأن الرجل السيد محمد الشيرازي يرجح علم سماحتكم بحاله قديماً وهو الآن من المجتهدين المراجع؟
أفتونا مأجورين فقد وقع الناس يا مولانا في غموض من أمر دينهم واعتراهم الارتباك والالتباس لما هم مسئولون عنه يوم القيامة دام ظلكم
ابنكم الروحي
أحمد علي عباس آل مدن
القطيف أم الحمام
18 شوال 1399هـ(1/166)
بسمه تعالى ما أشرتم إليه من الإجابة الموقعة منا ومن العلماء المذكورين قدس سرهم صحيحة وواقعة ولا تزال قائمة، وهو منذ صدور هذه الإجابة حتى الآن لم يكن في دراسة حتى يمكن أن يحصل هذا الاحتمال المزعوم على أنه مع.... لو قدر له أن يكون مجتهداً فليس كل مجتهد يصح الرجوع إليه في التقليد حيث تشترط الأعلمية والعدالة والأعلمية لا يرجع في عدم اشتراطها إلى غير الأعلم.....
وأما حسن الصفار فسبق أن أجبنا على سؤال وردنا.... وتكرر الجواب لبعض القطيفيين: (بأن.... أمره لمريب ولا يوثق به ولا بتصرفاته وما ذكرتموه يؤكد انعدام الثقة منه).
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل،، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في 25 شوال 1399 هـ
الخوئي
*هنا يصرح الصفار بحقيقة ما يدعو إليه ومنهجه في ذلك كما في قوله:
.. من حق كل رجل دين أن يطرح آراءه المذهبية وانتماءه المرجعي وقناعاته الفكرية ولكن ضمن ضابطتين الأولى: الموضوعية وعدم التعبئة ضد الجهة الأخرى والتشهير.. والثانية: مراعاة الظروف وتقدير مدى أهمية الرأي والفكرة المطروحة. فليس كل فكرة صحيحة تستحق أن تطرح في كل وقت، ونقدم نموذجاً لذلك موقف أئمة أهل البيت (عليهم السلام) من مسألة النزاع حول خلق القرآن وهل أن كلام الله قديم غير مخلوق أم حادث مخلوق، والتي أثرت بشكل حاد أواخر القرن الثاني الهجري وسببت الكثير من المحن والخلافات، لكن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) منعوا أصحابهم عن الخوض في تلك المسألة، فقد سأل الريان بن الصلت الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) وقاله له: [[ ما تقول في القرآن؟ فقال: كلام الله لا تتجاوزه ولا تطلبوا الهدى في غيره فتضلوا ]]^.(1/167)
وحدث سليمان بن جعفر الجعفري قال: [[ قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام): يا ابن رسول الله، ما تقول في القرآن فقد اختلف فيه من قبلنا، فقال قوم: إنه مخلوق، وقال قوم: إنه غير مخلوق، فقال (عليه السلام): أما إني لا أقول في ذلك ما يقولون ولكني أقول: إنه كلام الله ]]^.
فإنا نرى أن الإمام (عليه السلام) يبتعد عن الخوض في تلك المسألة لما رأى أن الخوض فيها ليس لصالح الإسلام، وأن الاكتفاء بأنه كلام الله أحسم لمادة الخلاف، ولكنهم عندما أحسوا بسلامة الموقف أدلوا برأيهم في الموضوع، وصرحوا بأن الخالق هو الله وغيره مخلوق، وكتب الإمام علي بن محمد الهادي إلى بعض أصحابه ما نصه: [[ نحن نرى أن الجدال في القرآن بدعة اشترك فيها السائل والمجيب، فيتعاطى السائل ما ليس له، ويتكلف المجيب ما ليس عليه، وليس الخالق إلا الله عز وجل، وما سواه مخلوق، والقرآن كلام الله ]]^ [ السبحاني، الشيخ جعفر / الملل والنحل / ج 2 صفحة 299].
* (قلت: يعني بكل وضوح ..تقية .. والصفار يتمشى مع المواقف؛ فإن كان القول بالحوار والتعايش والوحدة مما يساغ ويقبل قال به .. حتى يأتي وقت يقول فيه الثورة ضد السلطان والخروج عليه وإقامة دولة شيعية ... فتنبه واربط كلامه بعضه ببعض ..ولا تزد عليه .)
وقد لاحظنا في هذا العصر ومع توجه أنظار القوى الطامعة في العالم إلى مناطقنا والخليج والجزيرة العربية -لما تختزنه من ثروات نفطية هائلة-، لاحظنا كيف أن جماعة من رجال الدين همهم الشاغل طرح قضايا جانبية مختلف عليها مذهبياً كزيارة القبور والتوسل بالأولياء، وإصدار فتاوى التكفير ضد من يخالفهم في الرأي، مما خلق في مناطقنا توتراً وتشنجاً طائفياً لا مثيل له في أي بقعة من العالم الإسلامي.(1/168)
* (قلت: مسكين يا صفار تريد كسب الموقف وتتباكى على البلاد والعباد بوجود عدو خارجي .. وماذا عن العدو الداخلي؟ ثم إن أهل السنة عندهم يقين بربهم أنه سبحانه لا ينصر إلا من نصره ومن نصر الدين إقامة التوحيد وقمع الشرك ومظاهره، ثم إن التوسل بالأولياء ليس مختلف فيها إلا بين الموحدين والمشركين لا بين الموحدين .)
...إضافة إلى ذلك فإن سياسية الاستبداد واحتكار السلطة المعمول بها في أكثر بلاد المسلمين، وما يرافقها من إرهاب وقمع، صيّرت الاقتراب من الشأن السياسي أمراً بالغ الخطورة والضرر.
* (قلت: بالعربي الفصيح يريد الصفار أن يكون وزيراً .. فلا غرابة ففي موقعه على الشبكة العالمية كان من العناوين البارزة: لماذا لا يكون هناك وزيراً شيعياً؟؟)
التصدي السياسي:
...والأئمة الهداة الذين نعتقد بإمامتهم ليسوا في عقيدتنا مجرد مفتين ومرشدين، بل هم قادة كان يجب أن تخضع الأمة لهم، وأن يتسنموا موقع السلطة والحكم.
لذلك ورد في وصف الأئمة -عليهم السلام-: [[ أنتم ساسة العباد ]]^ وورد أيضاً: [[ الإمام عارف بالسياسية ]]^ [الطريحي، فخر الدين، مجمع البحرين،مؤسسة الوفاء، بيروت، الطبعة الثانية 1983م، ج4 ص78].
إن تصدي الأئمة والأولياء لمهام القيادة وشئون السياسية ليس إلا استجابة للواجب الشرعى وقياماً بالمهمة الدينية، دون أن يشوبه أي غرض مصلحي،...
* (قلت: الدوافع سياسية والآمال معقودة مستقبلاً) .
وإذا ابتعد العلماء العدول عن ميدان السياسية، ولم يتحملوا مهام إدارة شئون الحكم، فستكون النتيجة إتاحة الفرصة وفسح المجال لغير الكفوئين الصالحين من الجهلة والمنحرفين لكي يتسلطوا على رقاب العباد.
أما تحديد الدور السياسي للفقيه وكيفية تصديه للقيام به فذلك يخضع لطبيعة الظروف والأوضاع التي يعيشها المجتمع ولقدرة الفقيه وإمكانياته، فإذا تمكن الفقيه من التصدي الكامل والمباشر لإدارة دفة السياسية والحكم فهو المطلوب بالدرجة الأولى.(1/169)
* (قلت: كما تقدم من تطلعات الصفار المستقبلية).
وإن تعذر عليه ذلك واستطاع ممارسة دور التوجيه والإشراف على الحاكمين كانت تلك وظيفته.
وإذا لم تكن الظروف مهيأة لهذا المستوى من التصدي وأمكن للفقيه المشاركة في الحكم لإصلاح ما يمكن إصلاحه، تعين ذلك ما لم تكن له مضاعفات وأخطار غير محتملة.
وإذا كانت الأوضاع التي تعيشها الأمة متردية سياسياً وبلغ الانحراف والظلم بالحاكمين مداه، بحيث لا يتمكن العلماء من القيام بأي دور أو تأثير سياسي إيجابي فلابد حينئذٍ من التصدي للمعارضة، بأن يعلن الفقيه موقفه المعارض ويحمل راية الثورة والجهاد.
* (قلت: وهل أوضح من هذه يريد أنصار الوحدة والتقارب والتعايش) .
وحيث لا تكون الظروف مساعدة والأجواء مهيّأة فعليه التخطيط والإعداد لصنع الأرضية المناسبة لتحمل واجب المعارضة.
تلك هي أهم الصور والخيارات التي يمكن للفقيه أن يمارس عبرها دوره السياسي، ويتصدى لمسئوليته القيادية الخطيرة.
الفقيه الحاكم:(1/170)
وفي عصرنا الحديث تتألق الثورة الإسلامية في إيران والتي قادها الإمام الخميني -رحمه الله- كأروع نموذج لتصدي الفقيه لشئون الأمة وممارسته لدور القيادة الناجحة.. فقد أسقط بثورته المباركة أعتى حكومة استبدادية في المنطقة، وقاد أعظم حركة جماهيرية في التاريخ، وأسس أول جمهورية إسلامية عصرية، تعتمد على رأي الشعب، حيث دعا الشعب بعد انتصار الثورة إلى الاستفتاء على نظام الجمهورية وإلى انتخاب ممثلين خبراء عنه ليضعوا دستوراً للحكم في البلاد على أساس الإسلام، ثم عرض الدستور على الشعب للتصويت والاستفتاء، وأشاد هيكلية الحكم انطلاقاً من الدستور الذي وضعه الفقهاء والخبراء ووافق عليه الشعب، كما واجه الفقيه الخميني الاعتداءات الخارجية والمؤامرات الداخلية بكل حزم وصمود، حتى وطّد أركان الحكم الإسلامي، إلى أن اختاره الله إلى جواره بتاريخ 29/1./14.9هـ، فاختار الفقهاء في مجلس الخبراء بعده تلميذه آية الله السيد علي الخامنئي -حفظه الله- لمواصلة المسيرة.
* (قلت: لتعلم منهم القادة الحقيقيون ومن هم القدوة في الثورة والخروج على المجتمع وتعلم كيف يخطط الرجل وبأي لغة يتكلم، وهو بهذا يعترف أن الإمام الغائب لا فائدة في انتظاره لو كان حقيقة فكيف وهو وهم وكذب .)
المشاركة في الحكم:
ويمكن اعتبار علي بن يقطين البغدادي (124-182هـ) من أبرز وأوضح النماذج التاريخية للقيام بدور المشاركة في الحكم، فقد كان من عيون أهل العلم ومن فضلاء عصره وتلميذاً وثيق الصلة بالإمام موسى بن جعفر الكاظم .
..(1/171)
وفي العصر الحديث هناك نماذج عديدة من الفقهاء المصلحين الذين شاركوا في الحكومات القائمة في مناطقهم خدمة للمصلحة الدينية والاجتماعية العامة، ونشير هنا إلى نموذج واحد هو الفقيه السيد هبة الدين الشهرستاني (1301-1386هـ/1884-1967م) وهو من فضلاء علماء العراق في عصره، فقد كان فقيهاً مصلحاً مجاهداً، يشارك في معركة الدفاع ضد الاحتلال الروسي لآذربيجان الإيرانية، كما قام بدور هام في مقاومة الاحتلال البريطاني للعراق في ثورة العشرين، وأسهم أيضاً في الحركة الدستورية الإيرانية ضد الاستبداد.
جواب لسؤال: لماذا يحرص الصفار على الحوار وما هي أبعاده السياسية؟
قال الصفار :
النصيحة للحاكم:
وقد يكون للحوار والنصيحة والموعظة أثر محتمل حتى على الحاكمين الظالمين والفاسدين، لذلك أمر الله تعالى نبيه موسى -عليه السلام- بتوجيه الخطاب اللّين الهادئ لفرعون في بداية الأمر، قال تعالى: (( اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ))[طه:43]^ * (( فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ))[طه:44]^.
* (قلت: فهل سيبارك الجميع للصفار مساعيه الحثيثة من أجل الحوار ووحدة الصف والتعايش المزعوم؟؟؟وهل سيوثق بعد ذلك بحديثه عبر اللقاءات والصحف والمجلات).
موقف المعارضة:
حين تتوغل السلطة السياسية في الانحراف والفساد، فلا تعنى بقيم الدين وأحكامه، ولا تراعي حقوق الناس ومصالحهم، وحين لا تجدي أساليب النصيحة والوعظ، فإنه لا يصح للأمة وفي طليعتها العلماء السكوت على واقع الظلم والفساد والانحراف.
فلا بد من التخطيط والإعداد لمعارضة الطغيان، ومسئولية العلماء هي التصدي لإنقاذ الدين والأمة، وذلك من أجلى مصاديق فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
..(1/172)
وتاريخنا الإسلامي زاخر بحركات المعارضة وثورات الإصلاح التي قادها أعلام الأمة وفقهاؤها ضد الانحرافات السياسية، كثورة الإمام الحسين بن علي سبط رسول الله سنة 61 هـ، وثورة حفيده زيد بن علي بن الحسين سنة 121 هـ على الحكم الأموي، وثورة محمد بن عبد الله الملقب بالنفس الزكية سنة 145هـ، وثورة الحسين بن علي شهيد فخ سنة 169هـ على العباسيين.
..وتنتشر الآن الحركات الإسلامية في العالم الإسلامي يقودها علماء أفاضل يطالبون بتطبيق شرع الله، ورفض هيمنة أعداء الله وإجراء العدل بين الناس.
والحديث عن وسائل المعارضة وأساليبها وبرامجها يحتاج إلى أبحاث تفصيلية موسعة.
ذلك أن الظروف الزمانية والمكانية لها دخل في تحديد الأساليب والوسائل، فكل ظرف سياسي ووضع اجتماعي يستلزم نمطاً معينا من التحرر والعمل.
* (قلت: من أنماطه وظروفه السياسية أن يعلن التعايش والوحدة).
ودور العلماء هو التصدي لقيادة المعارضة حينما تكون مطلوبة لترشيدها وتوجيهها وفق تعاليم الإسلام ومقتضيات الظروف والمصلحة العامة.
بالطبع أن التصدي لهذه المهمة الخطيرة يعني الاستعداد للتضحية وتحمل الآلام والمصاعب من سجن وتعذيب وتشريد وقتل.. والعالم بدين الله والعارف بعظمة الله لا يبخل بنفسه على البذل في سبيل الله، ولقد سجّل المجاهدون من علماء الإسلام في الماضي والحاضر بنضالهم ودمائهم الزكية أروع مواقف الفداء والتضحية دفاعاً عن قيم الدين ومصلحة الأمة.
.. إن اللقاء مع الحاكم من قبل العلماء لتذكيره بمراعاة قوانين الإسلام ولحثه على احترام حقوق المواطنين، أو كتابة الرسائل والبرقيات، وإرسال الوفود والمندوبين إليه بهذا الصدد، قد يكون وسيلة مؤثرة أو محتملة التأثير. طبعاً مع أخذ مجمل الظروف والأوضاع بعين الاعتبار، ودراسة الموقف لاختيار أنسب الوسائل والأساليب.
.. علماء الدين ومسئولية الوحدة:
..(1/173)
وأغلب الحاكمين، تسيطر عليهم نزعة التسلط والتفرد، وليسوا مخلصين لمصلحة الأمة، ولا جادّين في تحقيق آمالها وتطلعاتها، كما لا يمتلكون مستوى من الوعي السياسي الحضاري الذي يدفعهم للتعاون فيما بينهم.
من هنا أصبحت المؤسسات الرسمية ذات الطابع الوحدوي هياكل شكلية، وبقيت الأطر دون محتوى ومضمون حقيقي، وانتهت أغلب مشاريع الوحدة إلى التفكك والخلاف والنزاع.
..وينقل الشيخ ابن تيمية في منهاج السنة أن (المعروف في العراق أن الجهر بالبسملة كان من شعار الرافضة، وأن القنوت في الفجر كان من شعار القدرية، حتى إن سفيان الثوري وغيره من الأئمة يذكرون في عقائدهم ترك الجهر بالبسملة؛ لأنه كان عندهم من شعار الرافضة) (29) [(منهاج السنة 2/146 ط. دار الكتب العلمية)].
ثم يقول ابن تيمية : (ومن هنا ذهب من ذهب من الفقهاء إلى ترك بعض المستحبات إذا صارت شعاراً لهم –الشيعة- فإنه وإن لم يكن الترك واجباً لذلك، لكن في إظهار ذلك مشابهة لهم، فلا يتميز السني من الرافضي، ومصلحة التميّز عنهم لأجل هجرانهم ومخالفتهم أعظم من مصلحة هذا المستحب)(30)(1/174)
* (قلت: ولله الحمد والمنة ..هذه كتب شيخ الإسلام -رحمه الله- بين أيدينا، وهذا قوله: (بنفس الجزء والصفحة التي نقل منها الصفار إن كان هو حقيقة الناقل): وأما الطريق الثاني في الجواب فنقول: الذي عليه أئمة الإسلام أن ما كان مشروعاً لم يترك لمجرد فعل أهل البدع لا الرافضة ولا غيرهم، وأصول الأئمة كلهم يوافقون هذا ..إلى أن قال- رحمه الله-: وكذلك الجهر بالبسملة هو مذهب الرافضة وبعض الناس تكلم في الشافعي بسببها وسبب القنوت ونسبه إلى قول الرافضة والقدرية؛ لأن المعروف في العراق أن الجهر كان من شعار الرافضة، وأن القنوت في الفجر كان من شعار القدرية، حتى أن سفيان الثوري وغيره من الأئمة يذكرون في عقائدهم ترك الجهر بالبسملة؛ لأنه كان عندهم من شعار الرافضة، كما يذكرون المسح على الخفين لأن تركه عندهم من شعار الرافضة، ومع هذا فالشافعي لما رأى أن هذا هو السنة كان ذلك مذهبه وإن وافق قول الرافضة.
فأين كلام الصفار من حقيقة ما قاله شيخ الإسلام ...؟)
* * (قلت: بهتان وزور يسطره الصفار على الأحياء والأموات السابقين واللاحقين، فانظر ما يفتريه في الكلام الآتي على محدث العصر الشيخ محمد ناصر الدين الألباني وينسب له التشكيك في صحة حديث الذباب، قال الصفار :
ولا تزال الساحة الإسلامية تعاني من مثل هذه الخلافات والمعارك المفتعلة حول قضايا جانبية، تشغل بال الأمة عن التحديات الخطيرة التي تواجهها، وهموم الواقع المعاش.(1/175)
وقبل فترة بسيطة اطّلعت على كتاب طُبع مؤخراً تحت عنوان (الإصابة في تصحيح حديث الذبابة) وهو رد على المشككين في صحة حديث يرويه أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه كله ثم لينتزعنه، فإن في إحدى جناحيه داء وفي الأخرى شفاء). وبطريق آخر عن أبي سعيد الخدري أنه قال: (إن أحد جناحي الذباب سمّ والآخر شفاء، فإذا وقع في الطعام، فأملقوه، فإنه يقدم السمّ، ويؤخر الشفاء)(34).
علماً أن من المشكّكين فيه أحد أبرز العلماء السلفيّين المعاصرين الشيخ الألباني في كتابه سلسلة الأحاديث الصحيحة. (1/59، 6. حديث 39) .
(قلت: في نفس المرجع (1/59، 6. حديث 39) يثبت الشيخ الألباني صحة الحديث ويرد على الرافضة الذين يقدحون في نقل أبي هريرة .. فالصفار وأتباعه أرادوا قلب الحقائق وقلبوا الكلام والشيخ منه براء .قال رحمه الله: (أما بعد: فقد ثبت الحديث بهذه الأسانيد الصحيحة .. ثبوتاً لا مجال لرده ولا للتشكيك فيه .. خلافاً لبعض غلاة الشيعة من المعاصرين ومن تبعهم من الزائغين .)
..وقد ظهرت في هذا العصر، والحمد لله، مبادرات طيبة، من قبل المخلصين من علماء الأمة، لإعادة صياغة اهتمامات العلماء، باتجاه التركيز على مساحات اللقاء، وتحجيم موارد الاختلاف، كمبادرة (دار التقريب بين المذاهب الإسلامية) التي انطلقت في القاهرة في الستينات من هذا القرن، والمبادرة الجديدة المشابهة لها في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
* (قلت: أثبتت فشلها ..والصفار يبعثها من جديد مع من يحملون فكر سابقيهم من مناصريها)
انتهى المقصود من الكتاب .
المَرأة العَظِيمَة .. قِراءَة في حَيَاة السَيِّدة زينب بنت عَلي (عليها السلام)
الطبعة الثانية – مزيّدة ومننقّحة
1421 ه- 2...م
جَميع الحقوق مَحفوظَة(1/176)
ونراها الثّائرة المجاهدة حيث غادرت بيتها العائلي الهادىء والتحقت بقافلة الثّورة، لتنتقل من المدينة إلى مكة، ومنها إلى كربلاء، ثم إلى الكوفة والشام.
ونراها الحاضرة الشّاهدة في جميع أحداث النّهضة الحسينيّة، تحاور أخاها الإمام، وتحرّض أصحابه الأبطال، وتهرول إلى ساحة المعركة، وتصرخ في وجوه العسكر، وتقود قافلة العائلة.
ونراها الخطيبة المفوّهة ترتجل الخطاب أمام جماهير الكوفة، وفي مجلس ابن زياد ، ومجلس يزيد ، حيث رجالات الحكم، والجمع الحاشد من الجند والأعيان.
هذه الصّور الحيّة التي نراها في حياة السيدة زينب ، تناقض ما نراه من واقع المرأة في مجتمعاتنا فأين يقف الدين إذاً؟.
وأيّ من الواقعين يمثّل رؤية الإسلام ويجسّد تعاليمه؟.
* (قلت: بعد انتهاء الصفار من تحريضه الرجال على الثورة ضد مخالفيه التفت للمرأة لتلحق بركب الثوار والخارجين على مجتمعاتهم بالكلمة والأعمال القتالية .)
وبعد:
قادني التّوفيق الإلهي منذ بضع سنوات لمجاورة السيدة زينب (عليها السلام) [مكثت بجوارها المبارك خمس سنوات تقريباً من بداية شهر رجب 1410هـ حتى شهر ربيع الثاني 1415هـ.] والعيش قرب مقامها الشّريف في المنطقة التي تُعرف باسمها جنوب دمشق الشام.
وقد أفاض الله عليّ الكثير من ألطافه ونعمه ببركتها، وكنت أهرع إلى مقامها وأتوسّل إلى الله (سبحانه) بحقّها وفضلها كلّما واجهني مشكل من مشاكل الحياة، فأعود مطمئناً برحمة الله واثقاً من عنايته وتسديده.
* (قلت: هذه عقيدة عباد القبور ..دائماً الوسائط بينهم وبين ربهم ..فهل يلتقى الشرك والتوحيد يوماً ما؟)
...ورأيت آلاف الزّائرين يتقاطرون على حرمها الشريف من مختلف بقاع الأرض يقصدون التّقرب إلى الله (تعالى) بزيارتها، ويعبّرون عن عظيم حبّهم وولائهم لها ولأسرتها النّبويّة الكريمة.
حسن الصفار
1./11/1413هـ
2/5/1993م(1/177)
* (قلت: اسأل أي مسلم موحد كم حرماً عندنا في الإسلام؟ فستجد الإجابة بدون تردد: المكي والنبوي، فمن أين جاء الصفار بهذا الحرم) .
..وإذا كان النبي محمد (صلى الله عليه وآله) هو الشخصية الأولى في تاريخ البشر، والنموذج الأفضل والأرقى للإنسان، فإن علي بن أبي طالب (عليه السلام) يحتل المكانة الثانية في العظمة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله). وهذا ما يؤكد عليه القرآن الكريم حيث نصّ على أنّ علياً نفس الرسول كما هو صريح آية المباهلة: (( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ))[آل عمران:61]^.
(قلت: الصفار على عقيدة الشيعة .. والغلو في علي -رضي الله عنه- ظاهر).
الخلافة:
الأولى: قضيّة خلافة رسول الله (صلى الله عليه وآله): فقد كان الإمام علي يرى نفسه الأجدر بمقام الخلافة والإمامة، بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكان بنو هاشم وبعض الصحابة يرون ذلك، لنصوص سمعوها من الرسول في حقّ علي وأولويّته في الخلافة، ولأنّه الأكفأ والأجدر من بين الأصحاب.
لكنّ اجتماعاً حصل في سقيفة بني ساعدة، لم يحضره علي وبنو هاشم، لانشغالهم بتجهيز رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم فوجئوا بأنّ ذلك الاجتماع في سقيفة بني ساعدة انتهى بمبايعة أبي بكر بخلافة رسول الله (صلى الله عليه وآله).
ورأى الإمام علي وأهل بيته فيما حصل اغتصاباً لحقّهم الشرعي في الخلافة، وانتزاعاً لدور علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ولذلك لم يقبل علي بنتائج اجتماع السقيفة، وتأخّر لفترة يختلف المؤرّخون في تحديدها حتى خضع وبايع أبا بكر .
...(1/178)
والصحيح: أنّ أمير المؤمنين ما بايع إلاّ بعد ستّة أشهر، والله أعلم [ابن الأثير: عز الدين أبو الحسن علي/ الكامل في التاريخ ج2 ص325 مصدر سابق.].
ويقول المؤرّخ المسعودي : (ولما بويع أبو بكر في يوم السقيفة وجدّدت البيعة له يوم الثلاثاء على العامّة، خرج علي فقال:
[[ أفسدت علينا أمورنا ولم تستشر، ولم ترع لنا حقاً..
فقال أبو بكر : بلى، ولكنّي خشيت الفتنة..]]^ ).
*(قلت: كذب الصفار ، فعلي رضي الله عنه لا يرى أنه أحق بالخلافة؛ لأنه لوكان كذلك فهذا حكم شرعي لم يكن علي رضي الله عنه ليخالفه ويتنازل عنه ويبايع لأبي بكر الصديق رضي الله عنه ولم يكن الصحابة ليخالفوه) .
.. ولم يبايع -أبا بكر - أحد من بني هاشم حتى ماتت فاطمة (رضي الله عنها) [المسعودي: علي بن الحسين/ مروج الذهب ج2 ص301 دار الأندلس - بيروت 1965م.].
... وما يهمّنا الآن الإشارة إليه التأكيد على أنّ أهل البيت كانوا يعتقدون بأحقيّة علي بالخلافة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنّ ما حصل من بيعة أبي بكر كان أشبه بالانقلاب على علي ..
* (قلت: هكذا يثير الخلاف القديم ويحرض على الفتنة ..ثم يقول: وحدة ..تعايش .. فمن أين يأتي ذلك .)
لكنّ الخليفة أبا بكر رأى أن يصادر فدك من فاطمة الزهراء (عليها السلام) باعتبار أنّ النبي لا يورث، كما ينقل هو أنّه سمع ذلك من النبي، ولم يقبل قول الزهراء أنّ أباها وهبها أيّاها، كما رفض شهادة علي بذلك لفاطمة ، وشهادة أم أيمن الصّحابية الجليلة!!. [الميلاني: فاضل/ فاطمة الزهراء أم أبيها ص144/ مؤسسة أهل البيت بيروت 1979م. ]
* (قلت: انظر إلى الحقد والتقليل من شأن الخليفة الراشد أبي بكر الصديق والتشكيك في صدقه وتصويره بالتعالي على الآخرين).(1/179)
وقد جاء انتزاع فدك من فاطمة الزهراء (عليها السلام) في الأيام الأولى لمصيبتها بأبيها، ومواكباً لتنحية علي عن حقّه الشّرعي في خلافة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأحدث ذلك أثراً كبيراً في نفس فاطمة ، دفعها لإعلان معارضتها للخليفة، والاحتجاج عليه أمام المسلمين في خطبتها المشهورة..
وهكذا ظلّلت بيت زينب غيوم وهموم ثقيلة، سلبت من عائلتها حالة السّرور والسّعادة والهناء، وجعلتهم يعيشون أفظع المآسي وأشدّ الآلام، فقد فقدوا زعيمهم وأباهم الحنون رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما زوي عنهم حقّهم السياسي في القيادة والخلافة، وإضافة إلى ذلك صودرت أهمّ ممتلكاتهم الماليّة فدك ! !.
* (قلت: ما زال الحقد يطيش من الصفار ..)
...هذا ما ينقله التّاريخ لنا من تلاعب الحكّام الأمويين والعباسيين وغيرهم في الماضي بثروات الأمّة، وبناء القصور بها والاستيلاء على الأراضي، واكتناز الثّروات، وبسط الموائد الفاخرة.
... وكان معاوية بن أبي سفيان يقول: الأرض لله، وأنا خليفة الله، فما آخذ من مال الله فهو لي، وما تركته كان جائزاً لي [القرشي: باقر شريف/ حياة الإمام موسى بن جعفر ج1 ص301 الطبعة الثانية 1970م دار الكتب العلمية - قم/ إيران.].
وكتب معاوية إلى زياد بن أبيه عامله على العراق، أن يصطفي له الصفراء والبيضاء، فأوعز زياد إلى عمّاله بذلك، وأمرهم أن لا يقسموا بين المسلمين ذهباً ولا فضة [المصدر السابق ص301].
وكذلك كان الحال لدى حكّام بني العباس، فقد ورد أنّ هارون الرشيد كان ينفق كل يوم على موائد طعامه عشرة آلاف درهماً، وربّما اتّخذ له الطّباخون ثلاثين لوناً من الطعام [المصدر السابق ج2 ص39.].(1/180)
وقد شغف هارون الرشيد بالجواهر والأحجار الثّمينة فاشترى خاتماً بمائة ألف دينار، وكان عنده قضيب زمرّد أطول من ذراع، وعلى رأسه تمثال طائر من ياقوت أحمر لا تقدير لثمنه؛ نظراً لنفاسته، وقد قُيِّم الطائر وحده بمائة ألف دينار [المصدر السابق ص46.].
ويتحدّث التاريخ عن ترف وإسراف زوجته زبيدة ، فقد اشترت غلاماً ضرّاباً على العود مجيداً بثلاثمائة ألف درهم، واتخذت الخفاف -الأحذية- المرصّعة بالجوهر تلبسها في قصرها، واتّخذت سبحة من يواقيت رمانية كالبنادق اشترتها بخمسين ألف دينار، وصنعت لها بساطاً من الديباج، جمع صورة كل حيوان من جميع الأجناس، وصورة كلّ طائر من الذهب وأعينها من يواقيت وجواهر، يقال: إنّها أنفقت عليها نحواً من ألف ألف دينار، واتّخذت آلة من الذهب المرصّع بالجوهر، والثّوب من الوشي الرفيع يزيد ثمنه على خمسين ألفاً.
*(قلت: إذا كان الصفار قد كذب على كبار الصحابة فكيف لا يكذب على معاوية رضي الله عنه) .
..هكذا يعيش الخلفاء ونساؤهم وعوائلهم، فكيف كان يعيش علي بن أبي طالب مع نسائه وعائلته أيّام خلافته؟ وماذا نالت ابنته زينب من امتيازات الخلافة والحكم؟ وهي كبرى بنات الخليفة، وحبيبة قلبه، وسيّدة بيته؟
* (قلت: حقد وتشويه لأهل السنة ..وتكذيب بالحقائق التاريخية..)
لنستعرض بعض ما ينقله لنا التاريخ، عن حياة علي أثناء خلافته، لنرى الظروف والأوضاع التي عايشتها السيدة زينب ، في ظلّ خلافة أبيها في الجانب الحياتي المادّي.
كان علي يوزّع ما في بيت المال أسبوعياً كلّ جمعة، ثم يكنس بيت المال وينضحه بالماء، ثم يصلّي فيه ركعتين ويقول: [[ أشهد لي يوم القيامة أنّي لم أحبس فيك المال على المسلمين ]]^ [الثقفي: أبو إسحاق (المتوفى 283هـ)/ الغارات ج1 ص49 طبع طهران.].(1/181)
وعن الشعبي قال: دخلت الرّحبة وأنا غلام في غلمان، فإذا أنا بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، قائماً على صرّتين من ذهب وفضة، فقسّمه بين الناس حتى لم يبقَ منه شيء، ورجع ولم يحمل إلى بيته منه شيئاً، فرجعت إلى أبي، فقلت: لقد رأيت اليوم خير الناس أو أحمق الناس.
قال: ومن هو يا بني؟
قلت: رأيت أمير المؤمنين علياً فقصصت عليه الذي رأيته يصنع فبكى وقال:
يا بني! بل رأيت خير النّاس [المصدر السابق ص54.].
* (قلت: قارن بين ذكره لمعاوية و هارون وزوجته وبين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- لترى كيف يحقق التوفيق بين المجتمع الواحد باسم الحوار والتعايش).
بعد أن اختارته جماهير الأمّة حاكماً وخليفة، وبايعه النّاس برغبتهم واختيارهم، وبشكل لا شبيه له في تاريخ المسلمين، وذلك في شهر ذي الحجة سنة (35هـ) في أعقاب مقتل الخليفة عثمان بن عفان .
* (قلت: قال في السابق أن علياً -رضي الله عنه- منصوص على خلافته وهنا يقرر مذهب الاختيار ..)
1- معركة الجمل:
حيث تحالفت السيدة عائشة بنت أبي بكر ، زوج رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع طلحة بن عبد الله التيمي ، و الزبير بن العوام ابن عمّة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، تحالفت معهما للتمرّد على سلطة الإمام علي وكانا قد بايعاه، فسارت معهما إلى البصرة، تحرّض النّاس ضدّ الإمام، وتدعوهم لقتاله، تحت شعار المطالبة بدم الخليفة عثمان ، واحتشد معها ثلاثون ألف مقاتل، وقد سعى الإمام وحاول التّفاوض والحوار معهم، لإعادتهم إلى جادّة الحقّ والشرعية، لكنهم أصرّوا على القتال والمواجهة،...
* (قلت: لو كانت عائشة -رضي الله عنها- أماً له لما قال عنها ما قال، لكنها ليست أماً له، وقد كذب الصفار على كبار الصحابة الذين حضروا وقعة الجمل فوصفهم بالخروج على علي رضي الله عنه وهم إنما خرجوا يطالبون بدم عثمان رضي الله عنه ويريدون القصاص ممن قتلوه وكانوا في جيش علي رضي الله عن الجميع.).(1/182)
الصفار والحقد الكبير على الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان :
...لذلك قرّر الإمام الحسن الاستجابة إلى دعوة الصّلح، التي كان معاوية يلحّ في طرحها، وتنازل الإمام عن الخلافة والحكم، بشروط قبلها معاوية ، ومن أهمّها: العمل بكتاب الله وسنّة نبيّه، وعدم الظلم والاعتداء على حقوق الناس، وخاصة أهل البيت وأتباعهم، وأن تكون الخلافة بعد معاوية للإمام الحسن أو حسب اختيار المسلمين.
وتمّ الصّلح حوالي شهر ربيع الأول سنة (41هـ) أي: بعد ستة أشهر من خلافة الإمام الحسن (عليه السلام).
بالطبع كان مؤلماً للإمام الحسن ولأهل بيته وأتباعه، أن يروا معاوية متسلطاً على المسلمين، متحكماً في أمورهم، وأن يلاحظوا الانحرافات الكبيرة الخطيرة التي يقوم بها، دون رادع أو مانع، لكن ماذا يصنع الإمام الحسن وقد خانته الظروف، ولم تخلص له الأمة؟.
...وفي المدينة واصلت السيدة زينب تحمّل مسئوليتها في الهداية والإرشاد، وبثّ المعارف والوعي، كما كانت تشارك أخاها الإمام الحسن ، مواجهة إساءات الحكم الأموي وانحرافاته، حيث لم يلتزم معاوية بأيّ شرط من شروط الصّلح، وصار يحكم المسلمين حسب رغباته وشهواته، بعيداً عن تعاليم كتاب الله وسنّة رسوله، كما كان يوجّه سهام بغيه وحقده صوب أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم، فسنّ شتم الإمام علي على المنابر، وقتل خيار أتباعه، وضيّق على شيعته، وصار يخطّط لتنصيب ولده يزيد خليفة وحاكماً على الأمّة من بعده.
* (قلت: لاحظ كيف وصف – أمير المؤمنين وخالهم – معاوية – رضي الله عنه – وكلامه عن الحكام في هذا الزمن الذين قال عنهم السلطة الطاغوتية الذين يضيقون على الناس في حرياتهم ..فتنبه، والحسن رضي الله عنه تنازل لمعاوية رضي الله عنه تحقيقاً للبشرى التي بشر بها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به طائفتين من المسلمين).(1/183)
بالطبع كان وجود الإمام الحسن يقلق معاوية ، ويعرقل بعض مخطّطاته الفاسدة، لذلك فكّر في تصفية الإمام الحسن ، والقضاء على حياته، فأغرى زوجته جعدة بنت الأشعث بمائة ألف درهم، ووعدها بأن يزوّجها ولده يزيد ، إن هي دسّت السمّ للإمام الحسن وقضت على حياته.
واستجابت جعدة لتلك الإغراءات، وألقت السمّ الفتّاك الذي بعثه إليها معاوية في طعام الإمام الحسن ، فتقطّعت بذلك كبده وأمعاؤه، واستعدّ لمفارقة الحياة.
* (قلت: الصفار يقرر أن معاوية -رضي الله عنه- هو قاتل الحسن -رضي الله عنه- فهل بعد ذلك يجرؤ مسلم أن يجالس أو يسمع من الصفار ) .
.. وواقعة كربلاء شرّعت للأمّة مقاومة الظلم والطغيان، وشقّت طريق الثورة والنضال، أمام الطّامحين للعدالة والحريّة.
..كما عمل الحكم الأموي على تعبئة أجواء الرأي العام ضدّ أهل البيت (عليهم السلام)، وسنّ سب الإمام علي بن أبي طالب على المنابر وفي خطب الجمعة، وفرض ذلك على جميع عمّاله وولاته، ومن أبى منهم عزله، وبقي ذلك سنّةً إلى عهد عمر بن عبد العزيز ، حيث أمر بإلغائه حين تولّى الخلافة، سنة (99هـ) أي: أنّ سبّ الإمام علي استمرّ أكثر من نصف قرن من سنة (41هـ إلى سنة 99هـ).
وازدادت الضغوط القمعية على أهل البيت وشيعتهم من قبل الحكم الأموي، فقد رفع معاوية مذكّرة إلى جميع عمّاله وولاته جاء فيها:
[[ أُنظروا إلى من قامت عليه البيّنة أنّه يحبّ علياً وأهل بيته فامحوه من الديوان، وأسقطوا عطاءه ورزقه ]]^.
ثمّ شفع ذلك بنسخة أخرى جاء فيها: [[ ومن اتّهمتموه بموالاة هؤلاء القوم، فنكّلوا به واهدموا داره ]]^.
..(1/184)
إضافة إلى إظهار الفساد والمخالفة للدين، كتعطيل الحدود، وممارسة الخلاعة والمجون، واستلحاق معاوية لزياد بن أبيه ، والجرأة الصّريحة على مخالفة الأحكام الشّرعية من قبل معاوية حتى في العبادات، كالأذان في صلاة العيد، والخطبة قبل صلاة العيد، وأخذ الزكاة من الأعطية، والتّطيّب في الإحرام، واستعمال أواني الذّهب والفضّة، ولبس الحرير.
..وقد ساءت أوضاع الناس الاقتصادية، لأنّ معاوية كان يستأثر هو ومن حوله بأموال المسلمين، ويضعون عليهم مختلف الضّرائب، وكان معاوية يرى لنفسه الحقّ في التّصرّف كما يشاء في ثروات الأمة، بينما يتضوّر الفقراء والمستضعفون جوعاً وحرماناً، وينقل عنه قوله:
[[ الأرض لله وأنا خليفة الله، فما أخذت من مال الله فهو لي، وما تركته كان جائزاً لي ]]^ [عقيل: محمد/ النصائح الكافية لمن يتولى معاوية ص131-134/ الطبعة الثانية 1981م دار الزهراء - بيروت.].
*(أقول: الذين قتلوا الحسين هم الشيعة حيث استدرجوه للخروج ثم سلموه وخذلوه).
كما سلّط معاوية على الأمّة ولاةً جفاة قساة، نشروا الرّعب والبطش، وحكموا النّاس بالإرهاب والقمع، مثل سمرة بن جندب ، والذي استعمله زياد على البصرة نائباً عنه، فأسرف في قتل الأبرياء، وازهاق الأنفس بغير حقّ، فقد حدّث محمد بن سليم وقال:
سألت أنس بن سيرين : هل كان سمرة قتل أحداً؟.
فاندفع أنس بحرارة والتّأثّر بادياً عليه قائلاً: وهل يُحصى من قتل سمرة بن جندب ؟ استخلفه زياد على البصرة وأتى الكوفة فجاء وقد قتل ثمانية آلاف من الناس.
فقال له زياد : هل تخاف أن تكون قد قتلت أحداً بريئاً؟.
فأجابه سمرة : لو قتلت إليهم مثلهم ما خشيت [القرشي: باقر شريف/ حياة الإمام الحسن ج2 ص194 مصدر سابق.].
* (قلت: اربط بين الآتي وما سبق من تقرير الصفار إلى الثورة في وجه من يسميهم الظلمة تجد الرجل يبني مخططاً ضخماً وتهيئة لنفوس أصحابه لشيء يريده مستقبلاً).
قال الصفار :
...(1/185)
ومن أمضى أسلحة جبهة الحق، التي تجلّت في ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) هو سلاح المظلومية، بإبراز عدوانية الطّرف الآخر وبشاعة جرائمه، وإظهار عمق المأساة، وشدّة الآلام والمصائب التي تحمّلها معسكر الإمام الحسين .
والمظلومية تستصرخ ضمائر الناس، وتوقظ وجدانهم، وتدفعهم إلى الوقوف إلى جانب أهل الحق المظلومين، كما تستثير نقمتهم وغضبهم ضدّ المعتدين الظّالمين.
والمظلومية تعبّىء الأتباع المناصرين، وتدفعهم للالتفاف أكثر حول معسكرهم وقضيتهم، كما تؤثّر في نفوس الجمهور، ليتعاطف ويؤيّد المظلومين ضدّ الظالمين، بل وتمتدّ آثارها حتى إلى معسكر العدو، لتحرّك فيه ضمائر بعض جنوده المخدوعين، فيتمرّدون على معسكرهم الظالم، ويلتحقون بصفوف الثوّار المخلصين، وأكثر من ذلك فإنّ تأثير المظلومية يتخطّى الأزمنة والأعصار، ليحشد أجيال البشرية على مرّ التاريخ إلى جانب معسكر الحقّ.
* (قلت: هل في هذا الكلام شك أو ريب في الرجل؟)
وقد تحقّق كلّ ذلك وبأروع صورة في واقعة كربلاء، فبينما كانت السلطة الأموية تستعرض قوّتها العسكرية أمام النّاس، لترهبهم حتى يقفوا إلى جانبها، وتمارس عليهم أشدّ ضعوط القمع.
وبينما كان الوالي الأموي على الكوفة عبيد الله بن زياد ، يغدق الأموال والرشوات على الزّعماء والوجهاء، ويزيد في عطاء الجنود، ويعد القيادات كعمر بن سعد ، و شمر بن ذي الجوشن ، وشبث بن ربعي ، بالمناصب والولايات.
في مقابل كلّ ذلك كان الإمام الحسين وأصحابه يبشّرون بالقيم السّامية ويخاطبون الضمائر الحرّة، ويبصّرون الناس بواقعهم ومسئولياتهم، ويلفتون الأنظار إلى جرائم السلطة الظالمة، وعدوانيتها وجورها الذي تجاوز كلّ الحدود.
* (قلت: ماذا تعمل الحسينيات في سامعيها؟)
..(1/186)
وأبرع وأكثر من شهر سلاح المظلومية واستخدمه في واقعة كربلاء، هي السيدة زينب .. حيث كانت تسلّط الأضواء، وتلفت الأنظار، إلى مواقع الظلامة، وقامت بدور تأجيج العواطف، وإلهاب المشاعر، أثناء الواقعة، وبعد الواقعة، في الكوفة والشام، وحينما عادت إلى المدينة، بل كرّست باقي أيّام حياتها للقيام بهذا الدور العظيم..
إنّ المواقف العاطفية الوجدانية التي قامت بها السيدة زينب ، حيث كانت تبكي وتتألّم، وتنعي وتندب، وتستغيث وتستصرخ، لم تكن مجرّد ردود أفعال عاطفية على ما واجهته من مآسي وآلام، بل كانت تلك المواقف فوق ذلك سلاحاً مشرعاً تصوّبه نحو الظلم والعدوان، وتدافع به عن معسكر الحقّ والرسالة..
ولنقتطف الآن بعض العيّنات والنماذج من تلك المواقف الزينبية:....
قال عن زينب بعد رجوعها إلى المدينة:
..وأصبح برنامجها اليومي والدائم في المدينة المنورة تذكير جماهير الأمة بمظلومية الحسين وأهل بيته، وتخليد المأساة العظيمة في كربلاء، لتؤجّج بذلك العواطف، وتلهب المشاعر، وتحرّض الناس على الحكم الفاسد الظالم.
.. فالأمويون وإن كانوا يتظاهرون بالإسلام، ويحكمون باسمه، إلاّ أنّهم يتعاملون مع الحياة، وينظرون للأمور حسب المعادلات الماديّة، وضمن دائرة المصالح الدنيوية العاجلة، بعيداً عن القيم والمبادئ.
...والصراع بين أهل البيت والأمويين في نظر السيدة زينب ، ليس صراعاً قبلياً على الزعامة، بل هو مظهر وامتداد للصّراع الأبدي الدائم بين الخير والشر، بين حزب الله وحزب الشيطان.
(قلت: وهل يقول بعد ذلك أينا لا يريد التقارب والحوار؟ وهو يقرر لقرائه هذه العقيدة التي يؤصلها في نفوسهم .)
ثالثاً: الجذور العائلية الفاسدة:(1/187)
فسياسات يزيد المنحرفة، ومواقفه الفاسدة، لم تنطلق من فراغ، وإنّما هي امتداد واستمرار لسلوكيات أسلافه المشركين والمنافقين، لذلك تذكّره السيدة زينب بجدّته هند أم معاوية وزوج أبي سفيان ، والتي قادت حملة التأليب والتحريض على قتال رسول الله والمسلمين، وأغرت وحشي بقتل الحمزة بن عبد المطلب عمّ رسول الله، ثمّ مثّلت بجسمه، وانتزعت كبده، وحاولت مضغها بأسنانها، إظهاراً لحقدها البشع، وبغضها المتوحّش لرسول الله وذويه، ويزيد في اعتداءاته الأليمة على أهل البيت، لم يأت بشيء غريب، وإنّما هو شرّ خلف لشرّ سلف، تقول (عليها السلام) [[ وكيف يرتجى مراقبة من لفظ فوه أكباد الأزكياء ]]^.
رابعاً: الإشادة بأهل البيت:
..فأهل البيت هم القادة الحقيقيون لهذه الأمّة، وهم الأولى بالسلطة والحكم.
...من إشراقات عظمة السيدة زينب ، أن تتنافس البقاع والبلدان على ادّعاء شرف احتضان مرقدها ومثواها.
ونتحدّث في السّطور التّالية عن أبرز المقامات المشادة باسم السيدة زينب (عليها السلام).
قال وهو يتحدث عن مشهد زينب :
وفي سنة (137.هـ) أهدى التّاجر الباكستاني محمد علي حبيب ، مؤسّس المصرف المعروف باسمه حبيب بنك أهدى قفصاً ثميناً، وزنه اثنا عشر طناً، لينصب على قبرها، لأنّ الله قد شفا ولده الوحيد من الشّلل، بعد أن عجز عنه الأطبّاء ببركة السيدة زينب ، وقد نصب هذا القفص الفضيّ المذهّب، المحلّى بالجواهر الكريمة النّادرة، في احتفال رسمي وشعبي.
المشهد الزينبي في القاهرة:
وفي سنة (121.هـ) جدّدت المقصورة الشريفة، التي تحيط بالتابوت الطاهر المقام فوق القبر، وصنعت من النحاس الأصفر، ووضع فوق بابها لوحة نحاسية كتب عليها:
«يا سيدة زينب يا بنت فاطمة الزهراء مددكِ 121.هـ». وما زالت اللوحة على الضّريح الشريف حتى اليوم.(1/188)
أما المسجد القائم حالياً فقد تمّ إنشاؤه على مراحل ثلاث، فبني الجزء الأول منه، وهو المطلّ على الميدان المعروف باسم ميدان السيدة زينب، في عهد الخديوي توفيق سنة (13.2هـ)، وكتب على أبواب القبّة الشريفة التي تضمّ الضريح أبياتاً من الشعر:
قف توسّل بباب بنت علي ... بخضوع وسل إله السماء
تحظ بالعزّ والقبول وأرّخ ... باب أخت الحسين باب العلاء
* * *
رفعوا لزينب بنت طه قبة ... علياء محكمة البناء مشيدة
نور القبول يقول في تاريخها ... باب الرضا والعدل باب السيدة
* * *
باب لبنت المصطفى صفوته ... يدخل من يشاء في رحمته
كماله بزينب أرّخه توفيق ... باني العزّ في دولته
* (قلت: فهل يلتقي التوحيد والشرك يوماً ما .. وهذا الصفار يمجد قباب الشرك والوثنية ويقول لأهل التوحيد: نتقارب فيما بيننا؟)
في سنجار شمال العراق:
واشتهر في سنجار الكثير من المراقد والأضرحة المنسوبة لآل البيت، والتي عمّرها الفاطميون والبويهيون والحمدانيون والعقيليون.
وتخضع هذه المقامات الآن لنفوذ اليزيديين، وهؤلاء لهم ديانة معروفة خاصّة بهم، لكنهم يعظّمون ويحترمون هذه المقامات وأصحابها.
انتهى ... المقصود من الكتاب .
وبعد هذا العرض لبعض كتب الصفار .. فإن الغرض من ذلك هو بيان عقيدة الرجل وما يصبو إليه من تضليل السذج من الناس الذين انخدعوا به وبما يدندن حوله من وحدة وحوار وتعايش ..
أيها المسلمون! هذا هو الصفار الذي شغلكم بنفاقه من خلال جريدة المدينة فترة من الزمن، يريد منكم التنازل عن منهج التوحيد إلى منهج الرافضة الذين يبنون المشاهد على القبور وينفقون عليها الأموال الطائلة ليصدوا عن سبيل الله (( فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ))[الأنفال:36]^.
فأسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقاً وأن يرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وأن لا يجعله علينا ملتبساً فنضل .(1/189)
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين
قاله كاتبه
أبو محمد السني
28/1./1425 من الهجرة النبوية(1/190)