بسم الله الرحمن الرحيم
بحث عن
الاستشارات الأسرية
في ظاهرة الإدمان
متطلب من ضمن متطلبات مرحلة الماجستير تخصص العلاج الأسري
إعداد
عبد الله بن أحمد العلاف
Al-alaf@hotmail.com
الفصل الأول
الإدمان
تعريف الإدمان: هو سوء استعمال العقاقير أو الكحوليات ويصبح المدمن تحت تأثيرها في جميع تصرفات حياته ولا يمكنه الاستغناء عنها ..
وبمجرد نفاذ مفعولها يلجأ إلى البحث عنها وتصبح شغله الشاغل متجاهلاً أي شيء هام آخر أو الالتفات إلى حقيقة اعتماده الادماني عليها والذي يوصل له الشعور بالسعادة والانبساط الذي يترجم من الناحية الأخرى ويرى في صورة ملموسة من تدمير مستقبله وعائلته وحياته بأكملها.
* واندفاع الإنسان وراء الإدمان إما يكون بسبب:
- الهروب من بعض المشاكل التي لا يستطيع حلها أو الهروب من الحياة بأكملها.
- أو بغرض تحقيق المزاج العالي والسعادة المدمرة.
وللأسف في كلا الحالتين يفشل الإنسان في التوقف عن هذه العادة السيئة.. وإذا أخذ القرار بجرأة سيتعرض إلى:
- الشعور بالآلام الجسدية.
- الارتعاش.
- التقيؤ.
- الأرق.
- الإسهال.
::::: وأول خطوة للشفاء هو الاعتراف واللجوء لطلب المساعدة :::::
* كيف تعرف بأن الشخص الذي تحبه والقريب منك يعاني من مشكلة الإدمان .. بملاحظة الأعراض والعلامات التالية:
- استخدام العقار لتهدئة أعصابه ونسيان آلامه وضغوطه.
- التفكير باستمرار في استخدام العقار.
- الاحتياج إلى المزيد منه (تزويد الكم الذي يتناوله الشخص) لضبط المزاج.
- فقدان الشهية للطعام.
- التعب المستمر وعدم التركيز في العمل.
- الشغف في تناول العقاقير أو شرب الكحوليات.
- اللجوء إلى الكذب وإخفاء العقار حتى لا يراه أحد.
- أزمات مالية.
- الإثارة وعدم الاسترخاء عند الاحتياج إلى العقار.
- ملاحظة الآخرين لك وإبداء تعليقاتهم.
- السرقة وفي بعض الأحيان القتل لشرائه.
- عدم القدرة على الإقلاع لمرات عديدة والفشل في ذلك.(1/1)
- الشعور بحالة مرضية بعد استخدام العقار مثل نزيف الأنف مع الكوكايين والتصرف بشكل سئ بعد شرب الكحوليات.
ظاهرة الإدمان
اتسمت الجهود الدولية لمراقبة المخدرات في الماضي بدرجة كبيرة من الاستقطابية .فمن ناحية كانت هناك البلدان المنتجة لهذه المخدرات ومن ناحية أخرى كانت هناك البلدان المستهلكة. وقد تغيرت هذه الصورة بصورة جذرية في الفترة الأخيرة بسبب التوافر المتزايد للمواد الصيدلية الباعثة للاضطرابات النفسية، واليوم أصبحت غالبية الدول التي صادفت المشاكل المرتبطة بالمخدرات دولا منتجة ومستهلكة على حد سواء . وكان على البلدان النامية والمتقدمة على حد سواء أن تواجه داخل حدودها الخاصة المشاكل الدولية المرتبطة فيما بينها والمتعلقة بالعرض غير المشروع والطلب غير المشروع والاتجار غير المشروع في المخدرات.
أن العرض ( ويتضمن التهريب) والطلب يعززان ويدعمان الواحد منهما الآخر في تنمية إساءة استعمال المخدرات والإبقاء عليها، وتواصل الدائرة المفرغة للطلب المتزايد والعرض المتزايد، خلق الأنشطة غير المشروعة في المخدرات والمشاكل المرتبطة بها
وينبع هذا إلى حد كبير من طبيعة الطلب على المخدرات، الذي يتسم غالبا بسمتين مميزتين:
الأولى هي الدافع الذي لا يقاوم من جانب المستعمل لتعاطي المخدر على أساس مستمر، أو دوري ليختبر تأثيره النفسي أو ليتجنب مشقة غيابه .
الثانية هي تطور القدرة على تحمله ومن ثم تصبح كميته متزايدة ومطلوبة لتحقيق الآثار المرغوبة .
ويفسر هذان العاملان الدافع الذي لا يقاوم لاستمرار الاستعمال وتطور القدرة على الاحتمال، ولماذا تفشل باستمرار سياسات مراقبة المخدرات التي تستبعد تدابير خفض الطلب 0
والسؤال الذي يُطرح دائما هو لماذا يدمن البعض00 بينما يستطيع الآخرون مقاومة مشكلة الإدمان ؟؟
والجواب أن الفرد يصبح عرضة للإدمان على المخدرات تحت الظروف الآتية:
أن يكون جاهلا بمخاطر استعمال المخدرات(1/2)
أن يكون في حالة صحية ضعيفة وغير راض عن نوعية حياته
أن تكون شخصيته ضعيفة التكامل
أن يعيش في بيئة غير مناسبة 0
أن يصادف كثيرا المواد المحدثة للإدمان سهلة التوافر
وبالعكس تقل كثيرا الأخطار التي تواجه فردا مطلعا ،سليما صحيا ،متكامل الشخصية وله فرصة محدودة في الوصول للمخدرات المسببة للإدمان ويعيش في ظروف مناسبة اقتصادية وأسرية ،أو شعوره بأعراض تزعجه عند تجربه المخدر فينفر منه ولا يعود إلى استعماله مرة أخرى .
ومن ثم ينبغي أن يكون للسياسات والبرامج التي تهدف إلى خفض الطلب غير المشروع على المخدرات تأثير على العناصر التي تساعد على الإدمان واستمراره0ويستدعى هذا عمل تدابير للوقاية في القطاعات العامة والتربوية، وخدمات في قطاع الصحة العامة والنفسية ،والرقابة على توافر المخدرات المولدة للإدمان ، وتنمية قوية في البيئة الاجتماعية والمادية.
ويمكن تطبيق التدابير الوقائية على ثلاثة مستويات وهى:
الوقاية من الدرجة الأولى:وتحاول منع حدوث مشكلة الإدمان، أو تقليل معدل وقوعها 0
الوقاية من الدرجة الثانية: تحاول خفض عدد الأشخاص المدمنين على المخدرات حاليا.
الوقاية من الدرجة الثالثة: وتهدف إلى تخفيض آثار الاستعمال المضر للمخدر وتكون عادة من خلال العلاج والتأهيل وإعادة الاندماج الاجتماعي.
ونظرا لأن هناك الكثير من المصطلحات العلمية التي سوف يتناولها هذا الكتاب فقد وجب البدء في الإلمام بمعاني هذه المصطلحات0
تعريف مصطلح الأدوية(1/3)
نتيجة لازدياد الأثر الاجتماعي والطبي للأدوية أضيفت مصطلحات جديدة إلى لغة الدواء. فعرف الدواء بأنه مادة تؤخذ للوقاية أو العلاج من المرض. ولم يمض وقت طويل حتى سميت عملية تناول الأدوية التي تتسبب في إلحاق ضرر اجتماعي أو صحي بمن يتناولها "إساءة استعمال الدواء ". وكان الإدمان على الأفيون ومشتقاته من المشكلات الأولي التي نجمت عن إساءة استعمال الأدوية وقد اشتقت مصطلحات كثيرة تتعلق بالدواء من حيث تعريف تلك المشكلة وعلاجها . وعرفت منظمة الصحة العالمية (WHO) المدمن والإدمان . ولكن مع زيادة استعمال أدوية أخرى تبعث النشوة في النفس نشأت مصطلحات أخرى .
فوصف منظمة الصحة العالمية للمدمن مثلا لا ينطبق على المدمنين ممن يستعملون الأدوية المؤثرة نفسانياً فقد وصفت منظمة الصحة العالمية الإدمان بأنه حالة التزم معها المدمن بالمخدر جسمانيا وعقليا وارتقي سلم قوة الاحتمال بثبات وأصبحت مشكلة اجتماعية 000 على أن كثيراً من الأدوية الجديدة لم تسفر عن اعتماد جسماني . ولكن الدافع العقلي إلى تناولها لا يزال قوياً وبه ضراوة تصعب مقاومتها .
*****
العقار والمخدر:
ذكر د.هاني عرموش - في كتاب المخدرات - العقار بأنه " أي مادة إذا تناولها الكائن الحي أدت إلى تغيير وظيفة أو أكثر من وظائفه الفسيولوجية …أما المخدر فهو العقار الذي يؤدي تعاطيه إلى تغيير حالة الإنسان المزاجية وليس الجسدية" .
ومن التعريفين السابقين يتضح لنا أن أية مادة مخدرة هي عقار ، ولكن ليس كل عقار هو مادة مخدرة .(1/4)
وسيتم التركيز في هذا الكتاب على الأدوية المؤثرة نفسياً والتي تحدث تغيرا في مسلك الفرد. وهذا لا يتطلب مجرد إلقاء نظرة على التأثير الدوائي للأدوية والمخدرات و إنما يتطلب ذلك فحص خواص المادة ودراسة الطريقة التي تتفاعل بها هذه المادة مع الكائن الحي. وليس هناك ما يمكن تسميته أثرا واحدا للدواء،ذلك لان للأدوية جميعا آثارا متعددة تتفاوت بتفاوت مستوى الجرعات وبين شخص وأخر 00وتتأثر إلى حد بعيد بالزمان والمكان . وآثار المخدر هي عبارة عن محصلة التفاعل بين الدواء ووضع الفرد الجسدي والنفسي والاجتماعي.
ظاهرة التحمل:
يقوم الجسم بتحطيم وطرد كل ما يدخله من عقاقير. ومن البديهي أن مقدرة الأجسام على فعل ذلك تختلف بين شخص وآخر تجاه نفس العقار. وعندما يتناول المرء عقاراً مخدراً فإن ما يحدث داخل جسمه يمكن توضحيه على النحو التالي :
1- يقوم الجسم ، في المرة الأولى لتناول العقار بتحطيمه وطرده إلى خارج الجسم، ولدى تكرار تناوله فإن مقدرة الجسم على تحطمه وطرده تزداد بسب النشاط الزائد للأنزيمات المحطمة لهذا العقار في الكبد ، مما يستدعي زيادة الكمية المأخوذة في المرات اللاحقة ، وباستمرار، للحصول على نفس المفعول الحادث في المرات السابقة.
2- ومن جهة ثانية، إذا استمر نفس الشخص بتناول نفس الكمية السابقة من نفس العقار، فإن خلايا جهازه العصبي تعتاد على ذلك العقار ولا تعود تتأثر به كالسابق، وبالتالي تحتاج إلى كمية أكبر للحصول على التأثير السابق نفسه.
وخلاصة القول: إن زيادة مقدرة الجسم على تحطيم العقار من جهة، وتعوده عليه من جهة أخرى، وبالتالي حاجته إلى كمية أكبر للحصول على نفس التأثير السابق هو ما يسمي بظاهرة التحمل..
سوء استعمال العقاقير :(1/5)
سوء استخدام العقاقير هو الإسراف في تناول العقاقير دون أخذ رأي الطبيب ، وغالباً ما يؤدي سوء الاستعمال هذا إلى إدمان العقار المستعمل . وبمعني آخر هو سوء الاستعمال الذي يتم دون رأي الطبيب والذي يؤدي إلى الاعتماد النفسي ، والجسدي أو كليهما معاً .
ظاهرة الاعتماد :
عرفت منظمة الصحة العالمية عام 1973 الاعتماد بما معناه:
" هو حالة من التسمم الدوري أو المزمن الضار للفرد والمجتمع ، وينشأ بسبب الاستعمال المتكرر للعقار الطبيعي أو " المصنع" ويتصف بقدرته على إحداث رغبة، أو حاجة ملحة لا يمكن قهرها أو مقاومتها ، للاستمرار على تناول العقار والسعي الجاد للحصول عليه بأية وسيلة ممكنة ، لتجنب الآثار المزعجة المترتبة على عدم توفره ، كما يتصف بالميل نحو زيادة كمية الجرعة ، ويسبب حالة من الاعتماد النفسي أو العضوي على العقار ، وقد يدمن المتعاطي على أكثر من مادة واحدة " .
ويضاف إلى التعريف السابق ما يلي :
يؤدي الاعتماد إلى حدوث رغبة ملحة في الاستمرار على تعاطي العقار والحصول عليه بأية وسيلة .
ضرورة زيادة الجرعة بالتدريج وباستمرار، لتعود الجسم عليه، وإن كان بعض المدمنين يداوم على جرعة ثابتة.
حدوث اعتياد نفسي واعتماد جسدي على العقار المستعمل .
ظهور أعراض نفسية وجسمية مميزة لكل عقار عند الامتناع عنه فجأة.
تظهر الآثار الضارة على المدمن وعلى المجتمع معاً .
كل ذلك يعني أن إدمان الشيء هو الاعتماد عليه في الحياة ، واعتماد الشخص على العقار يعني أن نشاطه العادي وحياته اليومية مرتبطتان بتناول ذلك العقار ليحافظ على وجوده في دمه بنسبة ثابتة وبشكل دائم ، فإذا انخفضت هذه النسبة في دم المدمن، أدى ذلك إلى توقفه عن العمل وعن كل نشاط سوى البحث عن العقار المطلوب ، وذلك يعني بوضوح، اعتماد الشخص في كل أنشطته الحياتية على استمراره في تناول العقار وهذه هي ظاهرة الاعتماد .
*****(1/6)
هل كل إنسان يستعمل عقاراً معيناً مدة من الزمن هو إنسان مدمن؟؟
علينا أن نميز هنا أن اعتماد الشخص على العقاقير ، ليضمن استمرار حياته أو ليضمن عدم إصابته بمضاعفات خطيرة ، كحالة مريض البول السكري الذي يعتمد على الأنسولين ويكرر الحقن بانتظام ليحافظ على مستوى السكر في دمه ضمن الحدود الطبيعية ، أو كحالة المصاب بارتفاع ضغط الدم الذي يضطر فيه المريض لأخذ أدوية خافضة لضغط الدم ليضمن عدم ارتفاع ضغطه بشكل خطر على حياته ، وكحالة مريض الصرع الذي يتعاطى العلاج لمدة طويلة 000وغيرهما من الحالات المرضية.
علينا أن نميز أن جميع هذه الحالات ومشابهاتها لا تدخل ضمن التعريف الذي يطلق على مدمن المخدرات . فتعبير الاعتماد على العقاقير يقصد به الاعتماد على العقاقير المغيرة للحالة المزاجية للإنسان فقط، والتي هي خارج نطاق الاستعمال الطبي كالحالات المذكورة سابقاً.
وبعد ما أوضحنا أن سوء استعمال العقاقير يؤدي إلى الاعتماد عليها ، لابد لنا من ملاحظة أن العقاقير المخدرة ليست كلها نوعاً واحداً ،ولا تتعاطى بطريقة واحدة ، وبالتالي ليس لها تأثير واحد على الإنسان ، والاعتماد الذي تسببه يمكن تقسيمه إلى نوعين رئيسيين هما : الاعتماد النفسي ، والاعتماد الجسدي أو العضوي.
أ- الاعتماد النفسي:
يتعلق الاعتماد النفسي بالشعور والأحاسيس ولا علاقة له بالجسد، وهو تعود الشخص على الاستمرار في تعاطي عقار ما، لما يسببه من الشعور بالارتياح والإشباع دون أن يعتمد عليه في استمرار حياته. وبتعبير آخر هو ظاهرة نفسية اعتاد فيها عقل الشخص وتكيف على تكرار أخذ الجرعة من العقار بصورة متصلة، لتحقيق الراحة واللذة والنشوة ولتجنيب الشعور بالقلق والتوتر . فالاعتياد على شيء يجعل الترابط متيناً مع هذا الشيء، ويجعل الابتعاد عنه من الأمور الصعبة بل شبه مستحيلة أحياناً.
ويتصف الاعتماد النفسي ( أو التعود ) بشكل عام بالصفات الشاملة التالية:(1/7)
1-وجود رغبة مستمرة في أخذ جرعات دائمة من العقار لما يحدثه من راحة.
2- عدم وجود ظاهرة التحمل ، أي عدم وجود حاجة لزيادة الجرعة .
3- يحدث التعود على عقار معين اعتماداً نفسياً فقط ولا يحدث اعتماداً جسدياً .
ونذكر كمثال على ذلك المخدرات التي تسبب اعتماداً نفسياً : التبغ – الحشيش – القات – الكافئين – الكوكايين وهو أشدها تأثيراً .
ب- الاعتماد الجسدي:
هو ظاهرة اضطربت فيها الأعمال الوظيفية الطبيعية لجسم المدمن بسبب استمراره في أخذ عقار مخدر ، بحيث أصبح تناول هذا العقار ، بشكل طبيعي دائم ضرورة ملحة لاستمرار حياة الإنسان المدمن وتوازنه بشكل طبيعي ، ويصبح العقار المخدر ضرورياً له كالطعام والشراب والماء ، بل أهم من ذلك ، بحيث يحدث منعه عنه مصاعب كبيرة جداً وأعراضاً خطيرة قد تدفعه إلى ارتكاب أية جريمة للحصول على العقار المخدر المنشود ، أو ربما يسبب له الوفاة المفاجئة أحياناً . ونذكر كمثال على المخدرات التي تسبب اعتماداً جسدياً: المنومات – الخمور – الهيروين وهو أشدها تأثيراً.
*****
ويظن بعض الأشخاص أن الاعتماد النفسي أمر قليل الأهمية ، أو أنه أقل أهمية من الاعتماد الجسدي . وربما يرجع ذلك الاعتقاد إلى ما يحدثه الاعتماد الجسدي من آلام وتشنجات وهياج وظواهر غير مألوفة ومضاعفات أخرى ( قد تؤدى إلى الموت أو الانتحار أحياناً ) عند المدمن إذا توقف فجأة ، ولسبب من الأسباب ، عن تناول جرعة المخدر المعتادة . ولكن رغم كل ذلك فإن ظاهرة الامتناع ، التي يسببها الاعتماد الجسدي ، ينتهي تأثيرها خلال أيام قليلة ، ويعود الجسم إلى طبيعته الأولى ، وينتهي الأمر كله خلال فترة زمنية محدودة ، ويمكن أن تمر المرحلة بسلام وهدوء إذا تم العلاج تحت إشراف أطباء متخصصين وبطرق فعالة.(1/8)
أما الاعتماد النفسي فهو أمر آخر نستطيع أن نشبهه بمغناطيس قوي المفعول يجذب له الإنسان بشكل مستمر ولفترات زمنية طويلة قد تدوم مدى الحياة ، ولا يستطيع عادة أن يسيطر على تلك العوامل النفسية القوية إلا رجال قليلون يتمتعون بإرادة قوية . وحسبنا مثالاً على ذلك أن مدمن المخدرات ، سواء أكان منها الحشيش أو الهيروين أو غيرها ، عندما يخرج من السجن أو المستشفى بعد فترة طويلة ، غالباً ما يتجه مباشرة إلى تاجر المخدرات قبل ذهابه إلى منزله ، أو أنه يعود إلى تعاطي المخدر بعد عدة أيام ، أو بمجرد مجالسته لأصدقائه القدامى.
ظاهرة سحب العقار :
يصاب المدمن الذي أدمن عقاراً يسبب اعتماداً جسدياً ، إذا توقف طوعاً أو قسراً عن أخذ المخدر الذي أدمنه ، بمجموعة من الاضطرابات الجسمية والنفسية والعقلية تشكل بمجموعها أعراضاً خاصة تسمى ظاهرة سحب العقار ، وهى أعراض شديدة الوقع على المدمن ، وقد تكون وخيمة العواقب لدرجة أنها تسبب وفاته أحياناً ، كما أنها ترتبط بنوع العقار الذي أدمنه المتعاطي .
ظاهرة التداخل:
هي تحمل المرء لمقدار أكبر من مخدر ما إذا كان مدمناً على مخدر آخر له تأثير مشابه على جسم الإنسان. مثال ذلك المدمن على المنومات يتحمل كميات أكبر من الكحول والعكس صحيح.
******
وأخيرا فتعتبر جميع الأدوية خطرة على الأفراد عند مستوى معين وفى ظل ظروف معينة . وبعض الأدوية أكثر خطرا من أدوية أخرى 00وبعض الأفراد أكثر حساسية للأدوية من غيرهم.ولذلك فان استخدام أي دواء بدون استشارة الطبيب يعتبر مغامرة محفوفة بالمخاطر.
الفصل الثاني
الإدمان ومعاناة الأسرة(1/9)
إن الأب والأم هما قدوة لأبنائهما حتى لو لم يفعلوا ذلك عمدا0 إن الأبناء يتحركون ويتكلمون كما يتحرك آباؤهم ويتكلمون، ولذا يمكن استخدام هذه الظاهرة في وقاية أبنائهم من خطر تعاطي الخمور والمخدرات0فمن خلال تحلى الأم والأب بالخلق والتدين السليم فإنهم يحفظون أبناءهم من السلوك المنحرف ومن تعاطي المخدرات 0
إن امتناع الآباء عن تعاطي الخمور والحشيش والمخدرات ، هو عامل أساسي في وقاية ابنائهم0 قال تعالى " وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله " صدق الله العظيم 00 إن عدم استخدام هذه المخدرات من قبل الأب والأم يعطيهم القدرة على إقناع الأبناء بعدم التورط في هذه المشكلة 0
إن أبناءنا النشء دائما ما يتعرضون للضغوط من قبل أصدقائهم ، تلك الضغوط تهدف إلى خضوعهم لأحكام الجماعة حتى يكونوا مقبولين منها، إننا جميعا نهتم بنظرة الناس لنا ونسعى أن نكون مقبولين من الآخرين- وكلما اقترب الأبناء من سن الاستقلال أصبح ضغط الأصدقاء أقوى وازداد تأثير الأصدقاء على معتقداتهم وسلوكهم وطريقة لبسهم ومزاحهم 000 وتلك الضغوط قد تشجع على تعاطي الخمور والمخدرات0 هؤلاء الأبناء الذين يمرون بمرحلة النمو والبحث عن مبادئ للانتماء إليها فإنهم يجارون من هم أكبر منهم سنا ويؤدي ذلك إلي قبولهم لضغوط هؤلاء عليهم0
إن قبول الأبناء لآبائهم وعدم وجود أي انحرافات في نموذج الآباء يؤدي إلي تأثرهم بشخصية الآباء وثبات معتقداتهم وقدرتهم على اختيار الأصدقاء وتحمل ضغوطهم لتعاطي أو لتجربة المخدرات0
لذلك فإن تعليم الأبناء الاعتماد على أنفسهم والثقة في قراراتهم المبنية على حسن التقدير وعدم الانحراف خلف قرارات الآخرين هو العامل الأساسي الذي سوف يجعلهم يرفضون تعاطي المخدرات حتى لو تعاطاها كل أصدقائهم0 ولكي يتخذ الأبناء قرار عدم تجربة المخدرات باقتناع فإن الآباء يستطيعون تأكيد ذلك من خلال :-(1/10)
1- تعليم الأبناء الحقائق والمخاطر الناجمة عن استعمال الخمور والمخدرات0
2- تعليمهم المبادئ الأساسية للصحة العامة وطرق حماية أنفسهم وأهمية ذلك للحياة الصحية السليمة0
3- حسن تأديبهم وإظهار حرمة تجربة وتعاطي المخدرات وأثرها على النفس والمجتمع وتذكيرهم بكل ما جاء من آيات عن الخلق السليم والحفاظ على النفس " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" صدق الله العظيم 000فإن الامتناع عن تعاطي المخدرات يأتي كسلوك ديني عام يهدف إلى منع حدوث الانحرافات السلوكية عامة0
4- أن يكون هناك حدود لسلوك الأبناء ويجب عدم السماح بتخطي هذه الحدود ، فلا يجوز مثلا للأبناء تعاطي الحشيش أو الخمور ، مما قد يؤدي بهم إلى الانهيار وإلى تعاطي الهيروين 0
5- مساعدة الأبناء على اكتساب المهارات التي ترفع من قدراتهم المعرفية فتساعدهم على الثقة في أنفسهم وعدم السعي إلى خلق أوهام من خلال حصولهم على الثقة في النفس نتيجة لتقليدهم للآخرين0
إن ذلك يحتاج من الأسرة أن يكون لها سياسة تربوية واضحة، فالتزام الأب والأم بالحدود الدينية السليمة وعدم تخطيهم لهذه الممنوعات هو أساس لسياسة أسرية سليمة0 إن ذلك يجعل التزام الأبناء ليس نابعا من سلطة الأب والأم ، ولكن من الله الخالق العليم والتزام الآباء يجعل التزام الأبناء مبدأ لا مناص منه وهو أحسن دفاع يمكن إعطاؤه للأبناء لوقايتهم من ضغوط المجتمع، كما أن العقاب الذي سوف يحدث يجب أن يكون واضحا للأبناء0 ويكون التنبيه إليه من خلال حديث إيجابي مثل (ابتعد عن كذا) وليس (لا تفعل كذا )
*****
** ماذا تعمل إذا شككت أن ابنك مدمن ؟(1/11)
إذا حدث وملأ الشك قلبك أو علمت أن أحد أبنائك يتعاطى المخدرات فتحدث معه مباشرة في هذه المشكلة ، وعن اهتمامك بها وسبب هلعك عند علمك بها لما لها من آثار صحية ونفسية وعصبية خطيرة ولتحريم الله لها، وكن معه متفهما للأسباب التي سوف يذكرها لمشكلته ، ولكن كن حازما في ضرورة الانتهاء منها ووقوفك بجانبه في تخطي هذه المشكلة وحاول عدم أهانته حتى لا يتحول إلى الإنكار والدفاع عن نفسه ورفضه للمساعدة ، حيث إن غضبك سوف يشغله عن حزمك واهتمامك بصلاحه كذلك حاول استخدام الأحاديث التي لا تؤدي إلى تحوله للدفاع والإنكار ورفض المساعدة لذلك تجنب :
* الأحاديث الساخرة التي تلحق به العار 0
* الأحاديث السلبية مثل ( أنا عارف من زمان انك بتشرب وما أبغى أتكلم معاك)
* أحاديث الضعف مثل ( أنت ماأنت حاس إنك تؤذيني وتجرحني لما بتأخذ المخدرات00)
* أحاديث لوم النفس ( هذه غلطتي علشان ما ربيتك كويس) 0
بدلا من ذلك كن حازما وأظهر له أن استمرار ذلك مستحيل ولن ترضاه وكن عطوفا في إظهار وقوفك بجانبه حتى ينتهي من هذه الكارثة 000وأعطه الكثير من وقتك لتحميه من نفسه ومن تجار المخدرات وأصدقاء السوء الذين يسعون خلفه وبخاصة أصدقاءه الذين يعطونه كثيرا من الوقت 000 حيث إن انقطاعه فجأة عن هؤلاء الأصدقاء الذين صاحبوه سنوات طويلة صعب عليه، لذلك كن صديقا حتى يتجاوز هذه المرحلة 000وابحث عن أصدقائه الذين تركوه بسبب تعاطيه المخدرات ليصاحبوه مرة أخرى0 إن منعه من الخروج من المنزل إلا بصحبتك سوف يتيح لك الوقت للتعمق في فهم مشاكله0 إننا نحتاج حتى لمنعه من الاتصال تليفونيا بأصدقائه وأن نظهر له أن ذلك حبا منا ومساعدة له على عبور فترة الانقطاع الأولى.
كما يحتاج الأمر إلى الاتصال بأهل أصدقاء السوء زملاء الإدمان لتوضيح خطورة تركهم لأبنائهم بدون علاج واطلب منهم مساعدتك في إنجاح خطة علاج ابنك0(1/12)
الرياضة والهوايات المفيدة تساعد على وقاية الشباب من خطر الإدمان
إننا نحتاج إلى تشجيع أبنائنا على أنشطة أخرى مثل الهوايات والرياضة ، ان ذلك يساعد على وقايتهم من الإدمان ويساعدهم في الأيام الأولى على التوقف ،وإذا لم يكن لابنك هواية ورياضة فأعطه الوقت والمحاولة للبحث عن شيء يميل إليه يجعله ينشغل عن التفكير في المخدرات ويجعله أكثر بعدا عنها 0
إنهم يحتاجون لنشاط جماعي مع الأسرة من زيارات للأهل ورحلات مع الأسرة والذهاب للمساجد وأماكن العبادة وأن يكون أهم شيء عندك هو قضاء وقت كاف معهم0
إننا نحتاج إلى نشاط وقائي مشترك بين الأسرة والهياكل الاجتماعية المحيطة مثل النوادي والجمعيات الخيرية والنشاط الذي يهتم بالكشف عن أماكن التعاطي 000وأن نبذل جهدا لجعل الاتجار بالمخدرات حول مسكنك ليس سهلا بل ومحفوفا بالخطر حتى يبتعد مروجو المخدرات عن أسرتك0
تذكر دائما
* تعلم قدر استطاعتك طبيعة المخدرات وضررها وتأثيرها على أجهزة الجسم المختلفة0
* تحدث مع أبنائك عن خطورة المخدرات واسألهم عما يعلموه عنها حتى تصحح لهم معلوماتهم الخاطئة عنها 0
* كن صبورا مع أبنائك وأحسن الاستماع إليهم والرد على أسئلتهم 0
* كن قدوة طيبة لأبنائك وحافظ على تماسك أسرتك 000وكن (أبا وأما) ومتعاطفا مع شريك عمرك ولا تجعل الخلافات الأسرية تنفر الأبناء منك0
* الالتزام بالتعاليم الدينية والفروض والسنن والنوافل وغرس هذه القيم في أبنائك يعطيهم مناعة طيبه0
* وضع قواعد سلوكية وعقوبات تطبق على من يخرج عنها من أبنائك 0
* علم أبنائك الفطنة والاعتماد على النفس وكيف يتعاملون مع أصدقاء السوء0
* تذكر أن تكون هادئ الطباع وحاسما في تحدثك مع أبنائك عن المخدرات وتجنب أن تضعهم في موقف التحقيق وأخذ الاعتراف منهم بالقوة وبدلا من ذلك راقب سلوكهم وقوم انحرافاتهم ولا تهملها ولا تؤجل البحث عن سببها0(1/13)
* شجع أبناءك على مزاولة الرياضة وعلى تعلم الهوايات مثل النجارة والرسم والنحت والصيد 0 إن أي هواية يتعلمها طفلك هي وقاية له حيث إن الإشباع الذي يجده من الإجادة فيها سوف يغنيه عن البحث عن الإشباع في المخدرات 0
* شارك جيرانك وأهل منطقتك في وضع برامج الحصانة اللازمة لأبنائكم ولا تترك بؤرة توزيع مخدرات قريبة منك بدون الإصرار على الخلاص منها000
إن الهدف الأساسي للوقاية في مجال مكافحة المخدرات هو حماية الشباب من خلال دفاعاتهم النفسية ودعم قيمهم بجعل فرصة إقدامهم على تعاطي المخدرات أو تجربتها فرصة ضئيلة أو مستحيلة أو شاقة وكما يقال الوقاية خير من العلاج ،ودرهم وقاية خير من قنطار علاج ، والكثير من الآباء قد شرع فعلا في غرس بذور الوقاية من المخدرات بدافع غريزي ، إن ذلك يحدث من خلال اهتمام هؤلاء الآباء بالاستماع إلى مشاكل أبنائهم والاهتمام بإعداد حلول لها وأن يكونوا على مقربة منهم مع ملاحظة مستمرة بحب وعطف وأن يكونوا قدوة لهم ، إن ذلك كله يساعد النشء في بناء الدفاعات النفسية السليمة التي تقف في وجه محاولات تجربة أو تعاطي المخدرات 0
** الثقة بالنفس :
الوقاية من المخدرات تتمثل في بناء مقاومة داخلية في النشء تقول لا لمحاولة تجربة المخدرات وليس تعاطيه 000 هذه الوقاية تشمل جهودا مختلفة وواسعة لمساعدة النشء والشباب في اكتساب خبرات ومهارات ، حتى يكتسبوا الثقة في النفس والتعلق بالقيم ، وبرامج الوقاية تهتم بتعليم النشء أهمية احترام أجسامهم وغرس القيم التي تولد أهمية الحياة الصحية السليمة ، وإذا ما وثق هؤلاء النشء في أنفسهم وفي من يقومون ببرامج الوقاية فإنهم إن- شاء الله -سوف يكونون بعيدين عن احتمال تعرضهم لخطر الإمان000
** مخاطر التجربة :(1/14)
المراهقون عادة يجنحون إلى تجربة كل شيء في الحياة خاصة ما يعتبرونه من مفاتيح النضوج والرجولة ، وقد تحمل هذه مفاهيم خاطئة عن المخدرات والتدخين لذلك فإن مراقبة صداقات الأبناء وتحذيرهم من التجربة الأولى خاصة مع السموم البيضاء من خلال وضع مفاهيم سليمة عن الرجولة والحياة لهو من أسس الوقاية ضد هذه المخدرات0
** تحدث معهم عن المخدرات :-
الكثير من الآباء قد يتغاضون عن الحديث مع أبنائهم وتحذيرهم إذا علموا بأن أبناءهم يتعاطون الحشيش أو الخمور بادعاء أنهم لا يريدون أن يظهروا بصورة الفلاسفة أو المعقدين ، غير أن ذلك يؤدي حتما إلي كارثة ، إنه من الأشياء الجوهرية أن يتحدث الإنسان إلى أبنائه محددا أخطاء التعاطي والحقائق عن كوارث حدثت لمن تعاطي لأنه ما لم يضع اللبنة الأولى للوقاية فإن إمكانية إقدامهم على التجربة والتعاطي قائمة وبنسبة عالية0
** المراهقة 00 حان وقت الرجولة 00
إن فترة المراهقة هي فترة مزعجة ومتوترة لكل من الشباب والأهل 000إنها الفترة التي تحدث تغيرات جسدية ومزاجية جوهرية حادة ، كما أن فترة المراهقة أيضا تثير مشاكل عديدة للشباب في كيفية تقبلهم للتغيرات الجسدية والتغيرات الاجتماعية والبيئية والسياسية المحيطة بهم وكيفية تدريبهم على مواجهة هذه المتغيرات سوف يؤثر على ثبات وقوة شخصيتهم وشعورهم بالاستقرار في مواجهة هذه المشاكل0 وفترة المراهقة تتميز برغبة جامحة للتجربة خاصة على المستوى السلوكي في نمط وأسلوب حياتهم في علاقتهم بأصدقائهم وفي علاقتهم بالجنس الآخر وهم قد يرفضون تقليد الأهل ويختارون أسلوب حياتهم بأنفسهم وهذه الرغبة للتجربة هي رغبة قوية لدرجة تجعل إحساسهم أن القيود التي يفرضها الأهل بأنها عدم ثقة فيهم- حتى مع علمهم بأنهم يمارسون الخطأ وأن ممارستهم وصلت إلى حد الخطورة- وذلك يحتاج من الأسرة إلى الحكمة في مواجهة هذه الرغبة في استقلالية القرار0(1/15)
إن تعاطي المخدرات قد يكون أكثر من مجرد تجربة ، إن تعاطي المخدرات قد يكون عرضا لمشكلة مزاجية داخلية000 إن الإنسان الخجول أو الذي يرى نفسه غير جميل قد يجد نفسه أكثر ثقة في نفسه تحت تأثير المخدرات وأكثر قبولا عند زملائه، فضغوط أصدقاء السوء قد تدفع البعض إلى التعاطي حتى يكون مقبولا منهم أو حتى يصبح رجلا مثلهم 000ذلك أن من تحت تأثير أصدقاء السوء تتكون مفاهيم ضعيفة وأهداف في الحياة غير واضحة0
درب أبناءك على المواجهة :
إنه من الهام أن تعلم أن التغيرات الجسمية والمزاجية والسلوك التجريبي في مرحلة المراهقة هي جزء لا يتجزأ من مرحلة النضوج000 ولكن كيف يتعامل النشء مع هذه المتغيرات والدوافع تعتمد اعتمادا أساسيا على حجم ما نالوه من آبائهم من الحب والتوجيه والفهم والدعم ، إن ذلك كله يجعل رحلتهم خلال فترة المراهقة رحلة هادئة مستقرة ناضجة 00 بدون تجربة المخدرات 0
وجوب التعليم المبكر :
ولأن الطريق أثناء المراهقة محفوف بالمخاطر فان الوقاية هامة قبل وصول الأبناء إلى سن العشرينات ، فالنشء قبل بداية الحادية عشرة يستطيعون فهم مشاكل المراهقة ولكنهم يكونون أكثر قابلية للتوجيه من الأسرة ومن هم أكبر منهم000 جاء فى الأثر (لاعب أبناءك سبعا وعلمهم سبعا وصاحبهم سبعا ثم اترك الحبل على الغارب)0 إن الآباء يحتاجون إلى الحديث صراحة عن أخطار المخدرات وتعليم أبنائهم كيفية مواجهة ضغوط الأصدقاء الذين يحاولون دفعهم للتعاطي لحمايتهم من هذه الأخطار مبكرا0
** كيف تتحدث مع أبنائك عن المخدرات :(1/16)
إنه من الهام إعطاءهم المعلومات الدقيقة عن المخدرات والخمور وحتى يكون ذلك دقيقا يجب الإلمام بقاعدة معلومات سليمة عامة عن المخدرات تكفي للرد على تساؤلاتهم ، ذلك أن تجار المخدرات يروجون لها بأنها تعطي السرور والرجولة والجنس والقوة وبسهولة العلاج منها وعدم ضرر تعاطي كميات بسيطة منها 000ويحتاج ذلك منا للرد السليم على هذه الإيحاءات المغرضة0
** الأوقات المناسبة للحديث عن المخدرات :
إن أفضل الأوقات للحديث عن خطورة المخدرات مع الأبناء هي أوقات الاسترخاء والراحة ، وقد يكون من المناسب الحديث عن ذلك عندما يكون هناك مشكلة منشورة في الصحف أو في التليفزيون عن مأساة شخص معين .مع أهمية توضيح الآيات والأحاديث القرآنية والدينية عامة التي تتحدث عن خطورة المخدرات لجعل الحديث أكثر قبولا وأسرع تأثيرا0
** استخدم سلطاتك كأب :
حاول أن يكون واضحا جليا حزمك في رفض استعمال أبنائك للمخدرات في فترات السن الصغيرة 0 الطفل قبل المراهقة يرضخ لسلطاتك كأب 000 ويساعدهم ذلك على تفهم عدم شرعية تعاطيهم المخدرات كما يساعدهم على رفض قبول المخدرات من الآخرين خوفا من سلطتك0
لا تدع وقتا يمر بدون تذكيرهم بخطورة المخدرات 00 إن الأبناء يعايشون في حياتهم يوميا ضغوط أصدقاء السوء والمروجين للمخدرات ويسمعون ويرون في التليفزيون نماذج ممن يتعاطون الخمور والمخدرات 000وهذا الشحن المستمر من مروجي المخدرات والخمور يحتاج من الآباء إلى الحديث عن خطورة المخدرات بصفة منتظمة أيضا فلا تنس أن تتحدث معهم بانتظام عن خطورة المخدرات حتى يكون ذلك عاملا أساسيا في مواجهة الإعلام المروج للمخدرات 0
** أهمية وجود قنوات اتصال مع الأبناء :
إن أهم ركن من أركان الوقاية من المخدرات هو وجود قنوات الاتصال مع الأبناء وذلك من خلال حديث الأهل في كل مشاكلهم حتى إذا كانت ممارستهم لحياتهم أثناء المراهقة طيبة0
* الاستماع للأبناء:(1/17)
يحتاج الأبناء من الآباء للاستماع إليهم وإعطائهم الانتباه الكامل للاستماع لأفكارهم ومعتقداتهم ووجهات نظرهم 000 والاستماع ليس مجرد الاتصال فقط بل الفهم لكل هذه الأفكار والحديث إليهم بمستوى فهمهم، بل وتحمل انفعالاتهم وغضبهم وعدائهم أحيانا بدون أن يؤدي ذلك إلى فقدهم لحب الآباء لهم00
* الاستجابة السليمة :
إن الحديث عادة ما يتطرق إلى موضوع المخدرات، وعلى الآباء البعد عن الحديث الذي قد يحمل معنى الإكثار من إعطاء النصح وانتقاد الأبناء والاستخفاف بعقولهم0 فإن هذه الطرق قد تفقد النشء الثقة والحوار مع الآباء00
* حسن الاستماع للأبناء :
إن حسن الاستماع إلى الأبناء يؤدي إلى تشجيعهم وازدياد ثقتهم في أنفسهم ومن مقومات حسن الاستماع للأبناء 000
* إعادة صياغة سؤال الابن حتى يعلم الابن أن الأب قد فهم السؤال وأعطاه أهميته0
* راقب تعبيرات وجه طفلك وحركات جسمه حتى تعلم هل هو صادق في حديثه أم لا 00
* أعط أبناءك الدعم غير اللغوي من خلال ابتسامة له أو الربت على ظهره أو كتفيه، أو بنظرة العين له00
استخدم نبرات صوت مناسبة للرد على سؤاله وتجنب أن تكون ساخرا منه أو أن تفرض عليه رأيك واجابتك00
أنماط التدخل الاختياري للأسرة والمجتمع
لما كان تعاطي النشء للمخدرات يبدأ بأسباب مختلفة ومعقده وتدخل عدة عناصر إيجابية أو سلبية في حدوث الإدمان مثل الآباء والأصدقاء والمدرسة والإعلام والمجتمع ، لذلك يجب مشاركة كل هذه العناصر في برامج التدخل الوقائية 0
ولما كانت هذه القوى تؤثر في نمط النمو النفسي الاجتماعي لشخصية الإنسان فإن هذا التدخل يجب أن يحدث أثناء هذه الفترة المبكرة قبل احتمال التعرض لتعلم سلوك التعاطي0
ويهدف هذا التدخل إلى : -
1- غرس الأساليب الصحية لبرنامج الحياة اليومي والمواقف والعوامل التي تحمي من احتمالية تعرض الشباب لضغوط التعاطي 0(1/18)
2- تأخير احتمالية حدوث حالة التجريب الأولى حيث أثبتت الأبحاث أن تأخر تجريب المخدرات مرتبط بانخفاض حدة الإدمان وبالقدرة على التوقف التلقائي 0
3- إن للتدخل الوقائي أهمية قصوى لحماية الشباب
4- إن احتمالية البدء في تجربة تعاطي المخدرات قد تبدأ بسبب التسيب في مفهوم خطورة استخدام العقاقير بدون استشارة طبية - لذلك ينصح بأن يكون الحديث ممهدا من خلال الثقافة الخاصة بخطورة استعمال العقاقير المسموح بها في الصيدليات بدون استشارة طبية0
5- لما كان سلوك التعاطي يعتمد على تعايش المدمن في مجتمع يتداول المخدرات ويتعامل مع العقاقير الممنوعة بدون خوف فإنه يجب الآتي:-
* يجب إعطاء الشباب معرفة كافية عن الحجم الحقيقي لانتشار التعاطي في المجتمع عامة (وهو أقل كثيرا من مجتمعهم المحدود)0
* تدعيم قدرات الشباب بالمفاهيم السليمة والأساليب السليمة لاتخاذ القرار حتى يكون قادرا على مقاومة ضغوط الأصدقاء والمجتمع وتأخير فرص استجابته للضغوط وتقليل اللهفة على التجربة 0
* دعم البرنامج اليومي الصحي للشباب في المدرسة وخارج اليوم الدراسي وتقوية مجتمع الشباب الخالي من الإدمان وجعله أكثر إقناعا 0
1- التعاون المشترك بين الأسرة والمدرسة بما يسمح بتعود الطلاب على السلوك الناضج والرقابة المشتركة مما يجعل الدخول في سلوك تجربة المخدرات من المخاطر غير المحمودة للشباب0
2- لما كانت هناك مواقف في الحياة تؤلم الشاب مثل التفكك الأسرى والرسوب في المدرسة وعدم الثقة في النفس مما قد يجعله عرضة للبحث عن أحاسيس السعادة من أي مصدر خاصة مع تعدد الضغوط وتعقدها لذلك فإن البحث عن وسائل ممتعة للشاب وأساليب وأنشطة هي في الواقع بدائل تغنيه عن الدخول في دائرة تجربة المخدرات 0
عناصر هامة في برامج تعليم الشباب للوقاية من الإدمان
يجب أن يهتم في الأعداد لبرامج الوقاية من الإدمان بالأساليب التعليمية السليمة وأهم هذه العناصر هي :-(1/19)
* مشاركة شباب من نفس سن الفئة المستهدفة أو أكبر سنا بصورة إيجابية من خلال التفهم والقبول وتأكيد المعلومة وجعل معلومة خطورة المخدرات مقبولة ممن يعيش نفس الظروف ويبحث عن نجاح شبيه في حياته 0
* مشاركة مجتمعية من خلال تنشيط مشاركة المجتمع خاصة الأسرة لتقوية دفاع الشباب ضد ضغوط التعاطي خاصة في المجتمعات الهشة 0
* الاستخدام السليم للوسائل النفسية السليمة من خلال الحديث عن حياة التعاطي مقابل غير المتعاطي ومناقشة مبررات عدم التعاطي0
* مناقشة القدرات والمهارات التي يمكن أن تحمي الشباب وتساعدهم من ضغوط وسائل الإعلام وجماعات التعاطي .
* مناقشة إيجابيات وسائل الإعلام ودور الأسرة في نشر المعلومة الصحيحة0
* استخدام الوسائل المعرفية والنقاش الحر الذي يساعد على عملية تعليم البعد عن المخدرات وتجنب تجربته 0
* استخدام النقاش الحر للحد من البدائل في الحياة لا إحلالها محل تعاطي المخدرات0
* استمرار الأنشطة الوقائية لفترة من الوقت تسمح بحدوث تغير موقف مجتمع الشباب في نظرته لمشكلة الإدمان0
* الاعتماد على المفاهيم الأولية للصحة العامة التي سوف تؤدي إلى القضاء على مفاهيم خاطئة قد تؤدي إلى بداية سلوك تجربة المخدرات 0
التعامل مع المفاهيم المشوهة التي تحيط بمفاهيم الإقبال على تجربة المخدرات والتي تهدف إلى إحداث حالة قبول لفكرة التجربة والاندفاع نحو العودة بعد التوقف عن التعاطي0
*****
الرصيد الصحي
ويقصد بالرصيد الصحي مقدرة الفرد أو المجموعة على :-
- الحفاظ على التوازن الصحي
- ومنع اختلال الميزان الصحي
- واستعادة التوازن الصحي كلما أختل
كيف نساعد أبناءنا بعد علاج الإدمان ونوُقف الانتكاس إلى المخدرات !(1/20)
يستطيع كل من تعاطى المخدرات أو أدمنها أن يتوقف عن التعاطي وحده أو قد يحتاج إلى برنامج علاجي كامل . وتعتبر الفترة التي تلي العلاج الدوائي وانتهاء أعراض الانسحاب من الإدمان أهم فترة يجب التخطيط لها حتى يصل الناقهون من الإدمان إلى المعافاة الكاملة حماية لهم من شبح الانتكاس والعودة للإدمان .
والإدمان ليس فقط مرضا ولكنه نمط حياة وأولئك الذين قرروا الإقلاع عن الإدمان والعودة إلى الصحة النفسية فإنهم كالمهاجرين من مجتمع إلى مجتمع آخر داخل نفس المدينة والمكان، فالتوقف إذن ليس فقط التوقف عن تعاطي عقار أو مخدر ولكنه تأقلم جديد لحياة جديدة في مجتمع الأمل والاطمئنان بعيدا عن مجتمعهم الماضي.
وكغيرهم من المهاجرين فإنهم يأملون من الله المساعدة ويأملون التقدير من الآخرين. غير أن أولئك الناقهين من الإدمان في بحثهم عن طريق جديد للاطمئنان والحياة المستقرة فإنهم يحتاجون منا إلى شيء أكثر من مجرد التشجيع000 إنهم يحتاجون إلى التوجيه واكتساب خبرات جديدة وعلاقات جديدة تساعدهم في النجاح للهجرة من مجتمع الإدمان المظلم إلى مجتمعهم الجديد الذين ينشدون فيه الاطمئنان والسعادة والأمان. ولكي نستطيع مساعدة ذلك الذي هجر المخدرات وأصبح نظيفا منها يجب أن نعرف ما يعانيه وما يقاسيه وما يدور في ذهنه بعد التوقف عن تعاطيه المخدرات.كما يجب أن يكون مفهوما أنه ما أن يتوقف الشخص عن تعاطي المخدرات فإنه يحتاج لتعلم أشياء جديدة يملأ بها وقت فراغه ، وأكثر هذه الأشياء هي تلك التي يمكن أن تسعده وترفه عنه حيث إن كثيرا ممن أقلعوا عن استعمال المخدرات لم تكن هذه المخدرات تعني بالنسبة لهم سوي المتعة والبهجة .
إن المجتمع والسن والقدرات وعوامل أخرى كثيرة تتحكم في سلوكنا وتعلمنا لطرق التمتع أيا كانت ترفيهية رياضية , غذائية , جنسية , فكرية , أو دينية .
** إن أول شيء يواجه الناقهين من المخدرات هو:(1/21)
1- الرغبة في العودة لها وذلك الشعور يستمر معه لمدة عدة أشهر بعد العلاج 0 ذلك الإحساس والرغبة في العودة للمخدرات هو نتيجة لتعوده لمدة طويلة عليه وتعوده على مصاحبة مجموعة من أصدقاء ومجموعة من الأماكن التي كان يذهب إليها، وهو يحتاج للإرادة حتى يؤثر في هذه المجموعات لا أن يتأثر بها مرة أخرى. والشيء الآخر هو احتياجه إلى مجموعة من العلاقات الاجتماعية السوية التي تساعده على النضوج وتساعد إرادته في النمو وتقوي من عزيمته . غير أنه كثيرا ما يخشى هذه العلاقات الجديدة لخوفه من معرفة الناس أنه كان مدمنا . ولاحتياج الصداقة الجديدة للمصارحة بماضي الإنسان فإن هذه الصداقات الجديدة تسبب له القلق والتوتر 00 وتدفعه بعيدا عن تكوين علاقات جديدة مع أفراد أصحاء 0
2- مشاكل التأقلم مع الحياة واكتساب طرق جديدة للإشباع بعيدا عن المخدرات ، وهذه تحتاج منه إلى تعلم أنماط جديدة من السلوك وتحمل ظروف الحياة والتأقلم مع المشاكل ومواجهتها ، وفشله في ذلك سوف يجعله يشك سريعا في قدرته على الاستمرار نظيفا من المخدرات خاصة أنه يفقد الكثير من المزاج والمرح الذي كان يحصل عليه مع هذه المخدرات مما يجعل رؤيته لما يدور حوله رؤية غير ممتعة في أول الأمر ويحتاج لبعض الوقت للتأقلم مع هذه الأحداث0
3- وفي خلال هذه الفترات الأولى من التأقلم وتعلم أنماط جديدة من السلوك فأن حدوث آلام أو مشاكل أو توترات شديدة مع عدم اكتمال تعلمه للصبر عليها0 0وطرق التخلص منها والسلوك السليم في مواجهتها فإن هذه الآلام والمشاكل والصعاب قد تدفعه إلى الإحباط واليأس والعودة للإدمان مرة أخرى.
4- هناك أيضا الحاجة لعلاقات جديدة تدفعه إلى الاعتماد على النفس أكثر من اعتماده على الآخرين ومن اعتماده على المخدرات .. غير أن ذلك يحتاج للوقت ويأتي ببطء ويحتاج لفترة طويلة وصبر وإصرار.(1/22)
5- كما أن علاقات ذلك الشخص بعد تركه للمخدرات مع أصدقائه والمحيطين به تتعرض لمشاكل كثيرة نتيجة لتركه لرفقاء السوء ونظرته الجديدة لهم مما يدفع بهم إلى الهجوم عليه في مسيرته الجديدة بهدف تحطيمهم لثقته في نفسه وفي قدرته على الاستمرار بعيدا عن المخدرات مما قد يؤثر في مسيرته حيث تكون شخصيته هشة في هذه الفترة بالإضافة إلى ضغوط الأهل ( أب وأم وزوجة وأبناء) فتتجمع هذه الضغوط لتؤثر في مسيرته إلى الصحة النفسية والنضوج.0
6- ثم هنالك توفر المخدرات إما من الأصدقاء أو من زملاء العمل أو كهدايا تقدم له للضغط عليه000 ولذلك فإن تعلمه أن يقول (لا) للمخدرات هو عامل أساسي في التحسن000 ذلك أن تعاطيه لجرعة جديدة من المخدرات بعد علاجه أيا كانت جرعتها وظروف تلك الجرعة والضغوط حولها قد تؤدي إلى انتكاسه تعيده بعنف للمخدرات.
كل تلك المؤثرات بالإضافة إلى ما قد يتعرض له المدمن من مشاكل دراسية أو مشاكل في العمل والحياة مع الوالدين والأسرة والزوجة قد تؤثر عليه تأثيرا سلبيا مؤدية به إلى احتياجه إلى المزيد من جهد الآخرين معالجين وأصدقاء وأسرة ومجتمع كبير لمساعدته في المرور بمرحلة النقاهة من المخدرات بسلام عودة إلى الحياة المطمئنة السعيدة.
إن مجرد الرغبة في الخروج من المخدرات قد لا تكون كافية في مواجهة هذه المشاكل، بل إن الإصرار والصبر هو الحل الوحيد 000ذلك أن الانتكاس مرة أخرى إلى المخدرات يؤدى إلى فقده الثقة في نفسه وألمه الشديد لفشله في مواجهة هذه المشكلة ، وآلام الأسرة لذلك وآلام الأصدقاء وآلام المعالجين أنفسهم، ولذلك يجب أن تكون فترة ما بعد العلاج من الإدمان على المخدرات هي فترة اهتمام قصوى من الأسرة والأصدقاء والمريض نفسه وأن تكون "لا" للمخدرات هي إصرار وعزم لان الانتكاس يفقد الآخرين الاهتمام به ويؤدي بهم إلى اليأس منه000 فتقل مساعدتهم له وتزداد مشاكله مرة بعد أخرى.(1/23)
*لذلك فإن أي برنامج لمساعدة هؤلاء الذين قرروا التوقف عن الإدمان على المخدرات يجب أن يشتمل على :
1- علاج كيماوي لإنهاء تأثير الانسحاب من المخدرات وإصلاح ما أفسدته المخدرات في أجهزة الجسم المختلفة وذلك يحتاج إلى الفريق الطبي المدرب.
2- العلاج الأساسي وهو استكشاف أسباب المشكلة والوصول إلى أعماق الشخصية ومحاولة العلاج النفسي الفردي وعلاج جذور المشكلة أسريا وتعريف المريض بمخاطر المخدرات ومساعدته في المرور من مرحلة الشوق للمخدرات إلى الاطمئنان بدونها.
3- متابعة نفسية لمناقشة الماضي وتدعيم حركته في المستقبل ودعمه نفسيا
وتدريبه لمواجهة المشاكل من خلال برامج تأهيلية نفسية وعلاج نفسي تدعيمي وتنمية مهارات اجتماعية ومهارات التغلب على ضغوط أصدقاء السوء.
4- مساعدة للنفس والآخرين من خلال جماعات أصدقاء المرضى وهم في الأصل مرضى آخرون يكون وجودهم مع مرضى في مرحلة النقاهة هاما حتى يعطوهم الخبرة اللازمة ويكونون لهم أصدقاء يساعدونهم على النقاهة والمرور من هذه الفترة بهدوء .
** رعاية الناقهين من الإدمان :(1/24)
يمكن القول بأن مرحلة ما بعد التوقف عن المخدرات تحتاج إلى مستويات من المساعدة وهي خدمة نفسية متخصصة الهدف منها هو تقديم مساعدة علاجية جماعية لتدريب الناقهين من المخدرات في الأيام الأولى على اجتياز هذه الفترة الحرجة غير أن هذه الجماعات العلاجية لا تناقش أمورا علاجية أساسية مثل الاكتئاب والغضب فى الفترات الأولى للتوقف عن المخدرات ، ولا تقدم طرقا استرخائية سلوكية تهدف إلى البعد عن التوتر في هذه الأيام الأولى للتوقف ولكن هدفها هو تدريب تعليمي لمساعدة أولئك الناقهين من المخدرات في إعادة دراسة خبرتهم السابقة مع المخدرات والتفكير في طريق أفضل للخلاص من هذه المخدرات وعدم العودة لها وتعلم مفاهيم أساسية عن طريق الحياة الصحية وكيفية خلق مجالات جديدة في حياتهم تساعدهم على خوض هذه التجربة بنجاح وتحضيرهم للمصاعب المتوقعة في الفترات الأولى للتوقف وممارستهم لما يجب عمله في مواجهة هذه المشاكل ومساعدتهم في استمرار هذا التحسن والنقاء من المخدرات مع المساعدة الاجتماعية اللازمة.
كما أننا نحتاج إلى قاعدة واسعة من الأنشطة تكون قلبا وعقلا لهذا المجتمع من خلال عدة أنشطة وقائية وعلاجية والعمل على إنشاء جماعات أصدقاء الناقهين من الإدمان على أن تتكون هذه الجماعات من الناقهين من الإدمان أنفسهم مع كوادر مساعدة لهم من المعالجين من أطباء وأخصائيين نفسيين أو أخصائيين اجتماعيين أو رجال شرطة أو شخصيات اجتماعية تكون قدوة لهؤلاء الناقهين.
الفصل الثالث
العلاج من الإدمان
عند الحديث عن علاج الإدمان ،لابد من إدراك أن هذا الأمر ليس سهلا، ويجب أن يتم تحت الإشراف الطبي المباشر ،وفى مكان صالح لذلك ،كالمصحات النموذجية والقرى الطبية المخصصة لعلاج الإدمان 000حيث يتم علاج كل مدمن بالطريقة المناسبة للعقار الذي أدمن عليه ، وبما يتناسب مع شخصيته وحجم إدمانه ومداه0
فيما يلي بعض الأهداف الأساسية لبرامج العلاج والتأهيل:(1/25)
تحقيق حالة من الامتناع عن تناول المخدرات وإيجاد طريقة للحياة أكثر قبولاً .
تحقيق الاستقرار النفسي لمدمن المخدرات بهدف تسهيل التأهيل وإعادة الاندماج الاجتماعي .
تحقيق انخفاض عام في استعمال المخدرات والأنشطة غير المشروعة .
1ـ تدابير العلاج
وتتضمن هذه عادة ما يلي :
مواجهة آثار الجرعات الزائدة.
مواجهة حالات الطوارئ المرتبطة بالانقطاع عن تناول المخدرات المسببة للإدمان .
الحالات الطبية العقلية الطارئة الناجمة عن استعمال المخدرات .
إزالة تسمم الأفراد المدمنين على استعمال مخدرات معينة .
تعاطي الأدوية المضادة فسيولوجيا للمخدرات والتي تفسد تأثير مشتقات الأفيون وتجعل تعاطيها لا طائل من ورائه .
مساعدة المدمنين على تحقيق وجود متحرر من المخدرات على أساس العلاج في العيادة الخارجية.
2 ـ وسائل التأهيل وإعادة الاندماج الاجتماعي
وفي حين أن هذه التدابير تختلف من بلد إلى بلد، فإن التدابير التالية هي الأكثر شيوعاً في التطبيق:
برامج لرفع مستوى المؤهلات التعليمية والمهارات للمتردد على العيادة حتى يمكن أن يؤهل إما للتعليم اللاحق أو للتدريب المهني .
تدريب مهني.
مشاريع إعلامية في مجتمع يضم مدمنين على المخدرات.
تشغيل بيوت إقامة وسيطة لمساعدة المترددين من الانتقال تدريجياً من محيط المؤسسات العلاجية إلى الحياة المستقلة.
*****
خطوط إرشادية لتخطيط العلاج
من المهم قبل الشروع في برامج العلاج أن نضع في الاعتبار بعض القضاياً التي تؤثر على تصميمها وتنفيذها، ويمكن أن يؤدي تحديد هذه العوامل إلى برامج أقل تكلفة وأكثر فعالية لتحقق أفضل استخدام للقوى العاملة والمنشآت القائمة في المجتمع.
الهدف المباشر للعلاج
يتمثل الهدف المباشر للعلاج في الإقلال من المضاعفات الطبية والنفسية المرتبطة بالاستعمال غير المشروع للمخدرات.
العوامل التي تؤثر على محصلة العلاج(1/26)
أن جهودا مثابرة مطلوبة لحفز المعتمدين على المخدرات على بدء العلاج كما قد يتطلب الأمر حفز أسرة المريض هي أيضاً بهدف التأثير عليه ليشرع في العلاج أو يستمر فيه.
يعتقد البعض أن إزالة التسمم من المخدرات كافية للشفاء، لكن يتعين حفز المرضى لمواصفة العلاج وإعادة التأهيل.
وعلى هيئة العلاج أن تبذل كل ما تستطيع لدعم وتعزيز رغبة المريض في أن يظل متحرراً من المخدر، وقبوله بسهولة إذا ارتد للمخدرات وعاد للبرنامج.
إن إتباع أسلوب الوعظ والإرشاد في إبلاغ الشخص المعتمد على المخدرات كم هو مخجل وضار استخدام المخدرات لن يحقق الكثير.
إذا استطاعت هيئة العلاج أن تفهم ما يعنيه استعمال المخدرات بالنسبة للفرد، فإنها ستكون في وضع أفضل لمساعدة المدمنين المزمنين على الرجوع لطريقة الحياة الطبيعية.
ربط العلاج بالتأهيل وإعادة الاندماج الاجتماعي
إن العلاج وحده قدرته محدودة على مساعدة المعتمدين على المخدرات في الوصول لحالة تحرر من المخدرات وأن يعودوا لطريقة حياة مثمرة وأكثر إنجازا. والعلاج في هذا الإطار ، هو خطوة مبكرة في عملية أطول ، وينبغي ربط برامج العلاج منذ البداية بتلك التدابير الأوسع نطاقاً والتي تشكل تدابير تأهيلية مع غيرها من التدابير للمساعدة على استعادة الصحة . وإذا وضع هذا الاعتبار في وضع السياسات، فإن البرامج ستكون أكثر نجاحاً.
طرق بديلة للحياة
يكمن جانب من برامج التأهيل في تعلم الخبرات النفسية السوية والأفضل والأكثر دواماً من خبرات تعاطي المخدرات. وأحد طرق تعلم الخبرات النفسية السوية يكون من خلال تعلم خبرات بديلة. وسيختلف هذا من شخص لآخر0000 فقد يتعلم البعض مهارات سلوكية جديدة ، أو ينهمكوا في الرياضة والأنشطة التي تتم في الخلاء ، وقد يجد آخرون متعة في الموسيقى أو الفن .(1/27)
وقد يهتم بعض الشباب بتطوير وعى أكبر بالذات. ويهتم آخرون بتطوير وعي أكبر بالآخرين. وقد يبدي البعض اهتماماً كبيرا بالنواحي الدينية ودروس العلم... وكل ذلك يتم من خلال البرامج التأهيلية المعرفية.
دور النهج السيكولوجية والسلوكية وغيرها
أن الجوانب الطبية في العلاج لا يجب أن تغنى عن النهج الأخرى التي يمكن أن تساعد المريض على تعديل إدراكه لذاته ، وإدراكه للآخرين ولسلوكه. فعلى سبيل المثال ، ينبغي النظر لإزالة التسمم، كمقدمة لهذه النهج الأخرى
الطرق الطبية للعلاج:
إذا أفلتت فرصة الفرد من الوقاية فعلينا أن نتشبث بفرصة العلاج لتكون الحل الأخير., سواء للوصول إلى تخليص الفرد من تلك الأضرار الصحية المدمرة، أم لإنقاذه من معاناة وآلام مرحلة الانسحاب على حد سواء. وعلاج الإدمان له مراحل متتالية ، لا يمكن تجزئته بالاكتفاء بمرحلة منه دون أخرى ، أو تطبيق بعضه دون بعض ، لأن ذلك مما يضر به ويضعف من نتائجه ، فلا يجوز مثلاً الاكتفاء بالمرحلة الأولى المتمثلة في تخليص الجسم من السموم الإدمانية دون العلاج النفسي والاجتماعي ، لأنه حل مؤقت ولا يجوز الاكتفاء بهذا وذلك دون إعادة صياغة علاقة التائب من الإدمان بأسرته ومجتمعه ، ثم دون تتبع الحالة لمنع النكسات المحتملة التي تمثل خطراً شديداً على مصير العملية العلاجية ككل.
وكما أن العلاج وحدة واحدة ، فإنه أيضاً عمل جماعي يبدأ من المدمن ذاته الذي يجب أن تتاح له الفرصة ليسهم إيجابياً في إنجاحه ، ويصدق هذا القول حتى ولو كان العلاج بغير إرادته كأن يكون بحكم قضائي أو تحت ضغط الأسرة ، بل إن مشاركة الأسرة ذاتها ضرورة في كل مراحل العلاج ، ويحتاج الأمر أيضاً إلى علاج مشاكل الأسرة سواء كانت هذه المشاكل مسببة للإدمان أو ناتجة عنه.
*****(1/28)
ومن الضروري ألا يقتصر العلاج على كل ذلك ، بل يجب أن تتكامل التخصصات العلاجية وتتحدد وصولاً إلى النتيجة المطلوبة ، وهى الشفاء التام وليس الشفاء الجزئي أو المحدود ؛ ذلك أن الشفاء الحقيقي لا يكون مقصوراً فقط على علاج أعراض الانسحاب ثم ترك المدمن بعد ذلك لينتكس ، إنما يجب أن نصل معه إلى استرداد عافيته الأصلية من وجوهها الثلاثة ، الجسدية والنفسية والاجتماعية ، مع ضمان عودته الفعالة إلى المجتمع ووقايته من النكسات في مدة لا تقل عن ستة أشهر في الحالات الجديدة ،أو سنة أو سنتين في الحالات التي سبق لها أن عانت من نكسات متكررة .
وعلى العموم فإنه كلما ازداد عدد النكسات وزادت خطورة المادة الإدمانية يجب التشدد في معايير الشفاء حتى في الحالات التي يصحبها اضطراب جسيم في الشخصية أو التي وقعت في السلوك الإجرامي مهما كان محدداً ، وتبدأ مراحل العلاج بالمراحل الآتية:
1- مرحلة التخلص من السموم:
وهي مرحلة طبية في الأساس ، ذلك أن جسد الإنسان في الأحوال العادية إنما يتخلص تلقائياً من السموم؛ ولذلك فإن العلاج الذي يقدم للمتعاطي في هذه المرحلة هو مساعدة هذا الجسد على القيام بدوره الطبيعي ، وأيضاً التخفيف من آلام الانسحاب مع تعويضه عن السوائل المفقودة ، ثم علاج الأعراض الناتجة والمضاعفة لمرحلة الانسحاب ، هذا، وقد تتداخل هذه المرحلة مع المرحلة التالية لها وهى العلاج النفسي والاجتماعي؛ ذلك أنه من المفيد البدء مبكرا بالعلاج النفسي الاجتماعي وفور تحسن الحالة الصحية للمتعاطي.
2- مرحلة العلاج النفسي والاجتماعي(1/29)
إذا كان الإدمان ظاهرة اجتماعية ونفسية في الأساس . فإن هذه المرحلة تصبح ضرورة، فهي تعتبر العلاج الحقيقي للمدمن، فأنها تنصب على المشكلة ذاتها، بغرض القضاء على أسباب الإدمان. وتتضمن هذه المرحلة العلاجية العلاج النفسي الفردي للمتعاطي ، ثم تمتد إلى الأسرة ذاتها لعلاج الاضطرابات التي أصابت علاقات أفرادها ، سواء كانت هذه الاضطرابات من مسببات التعاطي أم من مضاعفاته ، كما تتضمن هذه المرحلة تدريبات عملية للمتعاطي على كيفية اتخاذ القرارات وحل المشكلات ومواجهة الضغوط ، وكيفية الاسترخاء والتنفس والتأمل والنوم الصحي . كما تتضمن أيضاً علاج السبب النفسي الأصلي لحالات التعاطي فيتم ــ على سبيل المثال ــ علاج الاكتئاب إذا وجد أو غيره من المشكلات النفسية كما يتم تدريب المتعاطي على المهارات الاجتماعية لمن يفتقد منهم القدرة والمهارة ، كما تتضمن أخيراً العلاج الرياضي لاستعادة المدمن كفاءته البدنية وثقته بنفسه وقيمة احترام نقاء جسده وفاعليته بعد ذلك.
3- مرحلة التأهيل والرعاية اللاحقة:
وتنقسم هذه المرحلة إلى ثلاثة مكونات أساسية أولها:
أ- مرحلة التأهيل العملي:
وتستهدف هذه العملية استعادة المدمن لقدراته وفاعليته في مجال عمله، وعلاج المشكلات التي تمنع عودته إلى العمل، أما إذا لم يتمكن من هذه العودة، فيجب تدريبه وتأهيله لأي عمل آخر متاح، حتى يمارس الحياة بشكل طبيعي.
ب- التأهيل الاجتماعي:
وتستهدف هذه العملية إعادة دمج المدمن في الأسرة والمجتمع ، وذلك علاجاً لما يسمى (بظاهرة الخلع) حيث يؤدي الإدمان إلى انخلاع المدمن من شبكة العلاقات الأسرية والاجتماعية ، ويعتمد العلاج هنا على تحسين العلاقة بين الطرفين (المدمن من ناحية والأسرة والمجتمع من ناحية أخرى) وتدريبها على تقبل وتفهم كل منهما للآخر ، ومساعدة المدمن على استرداد ثقة أسرته ومجتمعه فيه وإعطائه فرصة جديدة لإثبات جديته وحرصه على الشفاء والحياة الطبيعية.(1/30)
جـ- الوقاية من النكسات:
ومقصود بها المتابعة العلاجية لمن شفى لفترات تتراوح بين ستة أشهر وعامين من بداية العلاج ، مع تدريبه وأسرته على الاكتشاف المبكر للعلامات المنذرة لاحتمالات النكسة، لسرعة التصرف الوقائي تجاهها.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين,,
:: المراجع ::
http://www.elazayem.com
http://bafree.net/forum/viewforum.php?f=17
http://www.elazayem.com/new_page_15.htm
http://www.callforall.net/addiction.htm(1/31)