صحيح أذكار الصلاة
إعداد وترتيب
محمد حسن يوسف
…توزيع: …مكتبة سلسبيل للنشر والتوزيع
إهداء
إلى من تحملتني ...
كي أتعلم منها عمليا السر في معنى قوله صلى الله عليه وسلم: " ما من شيء في الميزان أثقل من حسن الخلق "
إلى زوجتي الغالية ... أهدي هذا الكتاب
محمد حسن
الطبعة الأولى
شوال 1425 هـ - نوفمبر 2004 م
رقم الإيداع: 19905/2004
جميع حقوق الطبع محفوظة للمؤلف
توزيع: مكتبة سلسبيل للنشر والتوزيع
3 شارع ماهر - متفرع من شارع العزيز بالله - حدائق الزيتون
هاتف: 6761219/010
( قال أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود: " ما دام الرجل يذكر الله، فهو في صلاة، وإن كان في السوق. وإن حَرَّكَ به شفتيه، فهو أفضل.
( وقال أبو جعفر المحوَّلي: وليُّ الله: المحب لله، لا يخلو قلبه من ذكر ربه، ولا يسأم من خدمته.
( وقال الربيع بين أنس عن بعض أصحابه: علامةُ حُبِّ الله كثرة ذكره، فإنك لن تحب شيئا إلا أكثرت ذكره.
( وقال ذو النون: من اشتغل قلبه ولسانه بالذكر، قذف الله في قلبه نور الاشتياق إليه.
( فكلما قويت المعرفة، صار الذكر يجري على لسان الذاكر، من غير كُلفة، حتى كان بعضهم يجري على لسانه في منامه: الله الله. ولهذا يُلهم أهل الجنة التسبيح، كما يُلهمون النَّفَس. وتصير " لا اله إلا الله " لهم كالماء البارد لأهل الدنيا.
مقدمة
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ( ] آل عمران: 102[.(1/1)
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ( ] النساء: 1[.
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ( ] الأحزاب: 70-71 [.
وبعد ... فالصلاة هي الركن الثاني في الإسلام. ولقد شرع الله الصلوات الخمس إقامة لذكره، واستعمالا للقلب والجوارح واللسان في العبودية، وإعطاء كل منها قسطه من العبودية التي هي المقصود بخلق العبد، فوُضعت الصلاة على أكمل مراتب العبودية.1
ولا مجال هنا لشرح أقوال الصلاة وأفعالها، وإنما مجرد إثبات الأذكار التي كان سيد الرسل ( يقولها في صلاته. ولا مجال للتنبيه أن كل ما ذُكر هنا ليس من قبيل الواجب، ذلك أن الصلاة تتم بأذكار دون ذلك. وإنما أردت فقط سرد جميع الأذكار التي كان ( يقولها في صلاته، مع محاولة شرح معانيها ما أمكن، لكي يستطيع من يقولها أن يفهمها، ومن ثم يتدبر معانيها. وقد حاولت جمع كل الأذكار المتعلقة بالصلاة في هذا الكتيب، ليكون مرجعا شاملا لكل مسلم، يحاول أن يحفظها ويفهمها ويجدها سهلة في متناول يده كلما طلبها.
وليس لي من نية في هذا العمل سوى أن انفع عامة المسلمين به، وأن أذب عن سنة رسول الله (، وأن أنشر دين الله في الأرض، وأن أحاول تنفيذ قوله (: " صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي ".2(1/2)
فالرسول ( ثبت عنه تنويع أذكار الصلاة. وحيث إننا مأمورون بإتباعه ( في كيفية أدائه لصلاته، فيجب علينا من ثم تنويع أذكار الصلاة كما كان يفعل هو (. وهذا التنويع في الأذكار له عدة فوائد: منها المحافظة على السنة، فلو أنك حافظت على ترديد ذكر معين دون غيره، وأهملت بقية الأذكار الأخرى، فسوف يؤدي ذلك لنسيانها واندثار العمل بها.
ومن فوائده أنك تتبع السنة: فطالما ثبتت صحة ما نُقل عن النبي ( من أذكار، فالواجب العمل بها لكي تكون من متبعي سنته (. ومن فوائده كذلك: حضور القلب، لأن الإنسان إذا عمل بهذا مرة وبهذا مرة، صار قلبه حاضرا عند أداء السنة، بخلاف إذا ما اعتاد الشيء دائما، فإنه يكون فاعلا له كفعل الآلة عادة، وهذا شيء مشاهد.
ومن أهم ما يُطلب من المصلي أن يحرص عليه في صلاته، هو التزام الخشوع في صلاته. ومن الأسباب التي تعين المصلي على الخشوع في صلاته: تدبر الآيات المقروءة، وبقية أذكار الصلاة، والتفاعل معها. ولا يحصل ذلك إلا بالعلم بمعنى ما تقرأ. فينبغي لذلك أن يعرف المرء معنى الأذكار التي يرددها ليمكنه تدبر معانيها. ولهذا فقد عملت جاهدا على شرح الأحاديث التي أوردتها، لكي تتحقق ثمرة الخشوع في الصلاة.
وقد قمت بتخريج الأحاديث الواردة وفقا لتعليقات العلامة الألباني رحمه الله، ووضعت أرقام الأحاديث بترقيم محمد فؤاد عبد الباقي في صحيحي البخاري ومسلم، والأرقام الخاصة بكتب السنن التي خرّجها الألباني، وفقا للطبعات المثبتة في قسم المراجع.
ولكي تتحقق أقصى استفادة ممكنة من هذا الكتاب، فإما أن: تحفظ كل يوم أحد الأذكار الواردة فيه، ثم تطّبقها في صلاتك طوال اليوم. وبذلك فبعد مدة يسيرة من الزمن تجد نفسك وقد حفظت جميع هذه الأذكار. ثم تبدأ في تنويع تلاوتها حتى يتحقق الخشوع التام في الصلاة بعيدا عن الرتابة التي قد تحدث من جراء حفظك لذكر معين ودأبك على تلاوته دائما.(1/3)
وإما أن تكتب الأذكار الواردة في هذا الكتاب في وريقات صغيرة تكون في متناولك أثناء شروعك للصلاة بحيث تستعين بها في القراءة منها أثناء صلاة التطوع.
ويفضل أن تعمل بكل حديث من الأحاديث الواردة في هذا الكتاب مرة واحدة على الأقل، حتى تكون من المتابعين لسنته (. قال النووي: اعلم أنه ينبغي لمن بلغه شيء في فضائل الأعمال أن يعمل به ولو مرة واحدة ليكون من أهله، ولا ينبغي له أن يتركه مطلقا، بل يأتي بما تيسر منه، لقول النبي ( في الحديث المتفق على صحته: " إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ".3
والله أسأل أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم، وان يكون أنيسا لي في قبري، وأن ينفعني به يوم لا ينفع مال ولا بنون.
والله من وراء القصد
وكتب
محمد حسن يوسف
10 شوال 1425 هـ
قبل أن تبدأ
الناس في الصلاة على مراتب خمسة:
أحدها: مرتبة الظالم لنفسه المفرط، وهو الذي انتقص من وضوئها ومواقيتها وحدودها وأركانها.
الثاني: من يحافظ على مواقيتها وحدودها وأركانها الظاهرة ووضوئها، لكنه قد ضيّع مجاهدة نفسه في الوسوسة، فذهب مع الوساوس والأفكار.
الثالث: من حافظ على حدودها وأركانها وجاهد نفسه في دفع الوساوس والأفكار، فهو مشغول بمجاهدة عدوه لئلا يسرق صلاته، فهو في صلاة وجهاد.
الرابع: من إذا قام إلى الصلاة أكمل حقوقها وأركانها وحدودها، واستغرق قلبه مراعاة حدودها وحقوقها لئلا يضيع شيئا منها، بل همه كله مصروف إلى إقامتها كما ينبغي وإكمالها وإتمامها، قد استغرق قلبه شأن الصلاة وعبودية ربه تبارك وتعالى فيها.(1/4)
الخامس: من إذا قام إلى الصلاة قام إليها كذلك، ولكن مع هذا قد أخذ قلبه ووضعه بين يدي ربه عز وجل، ناظرا بقلبه إليه، مراقبا له، ممتلئا من محبته وعظمته، كأنه يراه ويشاهده، وقد اضمحلت تلك الوساوس والخطرات، وارتفعت حجبها بينه وبين ربه، فهذا بينه وبين غيره في الصلاة أفضل وأعظم مما بين السماء والأرض، وهذا في صلاته مشغول بربه عز وجل قرير العين به.
فالقسم الأول معاقب، والثاني محاسب، والثالث مكّفر عنه، والرابع مثاب، والخامس مقرّب من ربه، لأن له نصيباً ممن جُعلت قرة عينه في الصلاة. فمن قُرت عينه بصلاته في الدنيا، قُرت عينه بقربه من ربه عز وجل في الآخرة، وقُرت عينه أيضا به في الدنيا. ومن قُرت عينه بالله، قُرت به كل عين. ومن لم تقر عينه بالله تعالى، تقطعت نفسه على الدنيا حسرات.
[ الوابل الصيب لابن قيم الجوزية، ص ص: 40-41 ]
(1) أذكار الصلاة
أولا - أذكار الاستفتاح4
وموضعها بعد تكبيرة الإحرام في الركعة الأولى. وقال جمهور العلماء بمشروعيتها، ووردت العديد من الروايات التي يدل ظاهرها على أن المصلي مخيّر في الاستفتاح بأيها شاء، لا فرق في ذلك بين الفريضة والنافلة5. وأما التقسيمات الواردة أدناه فالمقصود منها تصنيف أحاديث الرسول ( ومعرفة ما كان يفعله على وجه الدقة.
? في الفرض
]1[ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (، قَالَ: كَانَ رَسُولُ ( إِذَا كَبَّرَ فِي الصََّلاةِ سَكَتَ هُنَيَّةً قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي! أَرَأَيْتَ سُكُوتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ، مَا تَقُولُ؟ قَالَ: أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ. اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ اْلأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ. اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ.6(1/5)
شرح الحديث: ( هنية ): قليلا من الزمان. وهو تصغير هنة، ويقال هنيهة أيضا. ( باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب ): والمباعدة بين المشرق والمغرب هو غاية ما يبالغ فيه الناس، والمعنى: باعد بيني وبين فعلها بحيث لا أفعلها، وباعد بيني وبين عقوبتها إن فعلتها. ( نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ): هذه الجملة تدل على أن المراد بذلك الخطايا التي وقعت منه. وبعد التنقية قال: ( اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد ). إذن فالذي يظهر أن الجملة الأولى في المباعدة، أي أن لا أفعل الخطايا. ثم إن فعلتها، فنقني منها. ثم أزل آثارها بزيادة التطهير بالماء والثلج والبرد. ومناسبة استخدام الثلج والبرد هنا، هو أن الذنوب آثارها العذاب بالنار، والنار حارة. والحرارة يناسبها في التنقية منها الشيء البارد.
قال الشوكاني: وخص الثوب الأبيض بالذكر، لأن الدنس يظهر فيه زيادة على ما يظهر في سائر الألوان.7 وقال الخطابي: ذكر الثلج والبرد تأكيد, أو لأنهما ماءان لم تمسهما الأيدي ولم يمتهنهما الاستعمال. وقال ابن دقيق العيد: عبر بذلك عن غاية المحو, فإن الثوب الذي يتكرر عليه ثلاثة أشياء منقية يكون في غاية النقاء ... وقال الكرماني: يحتمل أن يكون في الدعوات الثلاث إشارة إلى الأزمنة الثلاثة: فالمباعدة للمستقبل, والتنقية للحال, والغسل للماضي.8
? في التطوع(1/6)
]2[ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ (، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( كَانَ إِذَا قَامَ يُصَلِّي تَطَوُّعًا، قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَاْلأرْضَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صََلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، َلا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ َلا إِلَهَ إَِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، ثُمَّ يَقْرَأُ.9
شرح الحديث: ( وجهت وجهي ): قصدت بعبادتي، أو أقبلت بوجهي. ( حنيفا ): الحنيف: المائل إلى الدين الحق، وهو الإسلام. ( نسكي ): النسك: العبادة، أو كل ما يتقرب به إلى الله عز وجل.
? في الفرض والتطوع
]3[ عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( إِذَا اسْتَفْتَحَ الصََّلاةَ، قَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وََلا إِلَهَ غَيْرَكَ.10(1/7)
شرح الحديث: رجّح ابن القيم في كتابه زاد المعاد دعاء هذا الاستفتاح على غيره، فأورد في ذلك عشرة أوجه، فلتراجع هناك11. ( سبحانك ): اسم مصدر من سبّح يسبّح، ومعنى التسبيح: التنزيه، أي تنزيها لك يا رب عن كل نقص. والذي يُنزه الله عنه إما مطلق النقص، فينزه الله عز وجل عن الجهل والعجز والضعف والموت والنوم وما أشبه ذلك، أو النقص في صفات الكمال، فينزه عن التعب فيما يفعله، أو في مماثلة المخلوقات، فإن مشابهة المخلوقين نقص، لأن إلحاق الكامل بالناقص يجعله ناقصا، بل مقارنة الكامل بالناقص يجعله ناقصا. ( وبحمدك ): أي ونحن متلبسون بحمدك. والحمد: هو وصف المحمود بالكمال مع المحبة والتعظيم: فالله سبحانه وتعالى كامل في ذاته، وكذلك في أفعاله، ففعله دائر بين العدل والإحسان. قال ابن القيم12: وبهذا يُعرف الفرق بين الحمد والمدح، فإن المدح وصف الممدوح بالكمال أو بالصفات الحميدة، لكن لا يلزم منه أن يكون محبا معظما، أما الحمد فهو إخبار عن محاسن المحمود، مع حبه وإجلاله وتعظيمه. ( وتبارك اسمك ): اسم هنا مفرد، لكنه مضاف، فيشمل كل اسم من أسماء الله. ( وتعالى جدك ): تعالى: أي ارتفع ارتفاعا معنويا. والجد: الجلالة والعظمة. يعني أن عظمتك عظمة عظيمة عالية، لا يساميها أي عظمة من عظمة البشر، بل من عظمة المخلوق كله. ( ولا إله غيرك ): كلمة التوحيد التي أُرسل بها جميع الرسل.(1/8)
]4[ وعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (، أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصََّلاةِ، قَالَ: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَاْلأرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صََلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، َلا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ. اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ، َلا إِلَهَ إَِلا أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إِنَّهُ َلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إَِلا أَنْتَ، وَاهْدِنِي ِلأَحْسَنِ اْلأخَْلاقِ، َلا يَهْدِي ِلأَحْسَنِهَا إَِلا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا، َلا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إَِلا أَنْتَ. لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ. وَإِذَا رَكَعَ، قَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي. وَإِذَا رَفَعَ قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ اْلأرْضِ وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ. وَإِذَا سَجَدَ قَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ. ثُمَّ يَكُونُ مِنْ آخِرِ مَا يَقُولُ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ وَمَا أَسْرَفْتُ وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ(1/9)
مِنِّي، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ َلا إِلَهَ إَِلا أَنْتَ.13
شرح الحديث: ( وجهت وجهي ): معناها: أقبلت بوجهي. وقيل: قصدت بعبادتي وتوحيدي إليه. ( فطر السموات ): أي ابتدأ خلقها على غير مثال سابق. وجمع السموات دون الأرض، وإن كانت سبعا كالسموات، لأنه أراد جنس الأرضين. وجمع السموات لشرفها. ( حنيفا ): أي مستقيما. وقيل: الحنيف: المائل، ومنه قيل أحنف الرجل. والمراد هنا: المائل إلى الحق، وقيل له ذلك لكثرة مخالفيه. ( وأنا من المسلمين ): وجاءت في بعض الروايات الصحيحة: " وأنا أول المسلمين "، فإن قالها كان ذلك بقصد التلاوة، أو على معنى: وأنا أول المنقادين إلى الخير، بمعنى المسارعة في الامتثال لما أُمرت به. ( لأحسن الأخلاق ): أي أكملها وأفضلها. ( سيء الأخلاق ): قبيحها. ( لبيك ): لفظ يجاب به الداعي. ومعناه: أنا مقيم على طاعتك إقامة بعد إقامة. ( وسعديك ): من الألفاظ المقرونة بلبيك، ومعناها: إسعادا بعد إسعاد. والمراد: مساعدة لأمرك بعد مساعدة، ومتابعة لدينك الذي ارتضيته بعد متابعة. ( والشر ليس إليك ) 14: اعلم أن مذهب أهل الحق من المحدثين والفقهاء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء المسلمين: أن جميع الكائنات خيرها وشرها، نفعها وضرها، كلها من الله تعالى وبإرادته وتقديره. فلابد من تأويل الحديث، فذكر العلماء فيه أجوبة: أحدها - وهو أشهرها: أن معناه: والشر لا يتقرب به إليك. والثاني: لا يصعد إليك، إنما يصعد الكلم الطيب. والثالث: لا يضاف إليك أدبا، فلا يقال: يا خالق الشر، وإن كان خالقه، كما لا يقال: يا خالق الخنازير، وإن كان خالقها. والرابع: ليس شرا بالنسبة إلى حكمتك، فإنك لا تخلق شيئا عبثا. ومعنى العبارة15: أنه سبحانه لا يبدأ بالشر أحدا، وإنما يجلبه العباد على أنفسهم بسوء عملهم. ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ( ] الشورى:(1/10)
30 [ . ( أنا بك وإليك ): أي التجائي وانتمائي إليك وتوفيقي بك. ( تباركت ): استحققت الثناء، وقيل: ثبت الخير عندك.
]5[ وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ( إِذَا اسْتَفْتَحَ الصََّلاةَ كَبَّرَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ صََلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، َلا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ. اللَّهُمَّ اهْدِنِي ِلأَحْسَنِ اْلأَعْمَالِ وَأَحْسَنِ اْلأَخَْلاقِ، َلا يَهْدِي ِلأَحْسَنِهَا إَِلا أَنْتَ، وَقِنِي سَيِّئَ اْلأَعْمَالِ وَسَيِّئَ اْلأَخَْلاقِ، َلا يَقِي سَيِّئَهَا إَِلا أَنْتَ.16
]6[ وعَنْ أَنَسٍ (، أَنَّ رَجُلاً جَاءَ فَدَخَلَ الصَّفَّ وَقَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ. فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ (، قَالَ: أَيُّكُمُ الْمُتَكَلِّمُ بِالْكَلِمَاتِ؟ فَأَرَمَّ الْقَوْمُ، فَقَالَ: أَيُّكُمُ الْمُتَكَلِّمُ بِهَا؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بَأْسًا. فَقَالَ رَجُلٌ: جِئْتُ وَقَدْ حَفَزَنِي النَّفَسُ، فَقُلْتُهَا. فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا، أَيُّهُمْ يَرْفَعُهَا.17
شرح الحديث: ( حفزه ): الحفز: الحث والإعجال. ( فأرم القوم ): أي سكتوا. ( يبتدرونها ): أي: يسارعون إلى كتابة هذه الكلمات لعظم قدرها.(1/11)
]7[ وعَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (، إِذْ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (: مَنِ الْقَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: عَجِبْتُ لَهَا، فُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( يَقُولُ ذَلِكَ.18
? في صلاة الليل
]8[ عن ابْنَ عَبَّاسٍ، رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ( إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ، قَالَ: " اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَاْلأرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ، لَكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَاْلأرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَاْلأرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ مَلِكُ السَّمَوَاتِ وَاْلأرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ ( حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، َلا إِلَهَ إَِلا أَنْتَ، أَوْ َلا إِلَهَ غَيْرُكَ " قَالَ سُفْيَانُ: وَزَادَ عَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ: " وََلا حَوْلَ وََلا قُوَّةَ إَِلا بِاللَّهِ ".19(1/12)
شرح الحديث: ( قيم السموات والأرض ): الذي يقوم بحفظهما. ( نور السموات والأرض ): منوّرهما حتى صارت دالة على وجودك. وقيل: المعنى بنورك يهتدي من في السموات والأرض. ( أنت الحق ): هو من أسماء الله تعالى، ومعناه: المتحقق وجوده، أو الثابت حقا لا يتغير ولا يزول. ( ووعدك الحق ): الذي لا يدخله خُلف. ( وقولك حق ): الثابت مدلوله اللازم. ( ولقاؤك حق ): أي رؤيتك في الآخرة بعد البعث حيث لا مانع. ( والجنة حق والنار حق ): أي كل منهما موجود. ( والساعة حق ): أي قيامها. ( لك أسلمت ): انقدت لأمرك ونهيك. ( وبك آمنت ): صدّقت بك وبما أنزلت. ( وعليك توكلت ): تبرأت من الحول والقوة لي، وفوضت أمري إليك. ( وإليك أنبت ): رجعت إلى طاعتك، وامتثال أمرك، والتوبة إليك من ذنوبي. ( أنت المقدم وأنت المؤخر ): أي يقدم من لطف به إلى رحمته، ويؤخر من شاء عن ذلك بعدله.
]9[ وعن عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، رضي الله عنها، أنها سئلت بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ ( يَفْتَتِحُ صََلاتَهُ، إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ؟ قَالَتْ: كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ، افْتَتَحَ صََلاتَهُ: اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَاْلأرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.20(1/13)
شرح الحديث: ( جبرائيل وميكائيل وإسرافيل ): ذكر هؤلاء الثلاثة من الملائكة لكمال اختصاصهم واصطفائهم وقربهم من الله، وكم مِن مَلَك غيرهم في السموات، فلم يُسم إلا هؤلاء الثلاثة. فجبريل: صاحب الوحي الذي به حياة القلوب والأرواح، وميكائيل: صاحب القطر الذي به حياة الأرض والحيوان والنبات، وإسرافيل: صاحب الصور الذي إذا نفخ، أحيت نفخته بإذن الله الأموات، وأخرجتهم من قبورهم.21
]10[ وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ (، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ، كَبَّرَ، ثُمَّ يَقُولُ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وََلا إِلَهَ غَيْرَكَ. ثُمَّ يَقُولُ: َلا إِلَهَ إَِلا اللَّهُ، ثََلاثًا. ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، ثََلاثًا، أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِهِ، ثُمَّ يَقْرَأُ.22
شرح الحديث: ( جدك ): الجد: الجلال والعظمة. ( الهمز ): الجنون. ( النفخ ): الكبر. ( النفث ): الشعر المذموم. قال الشوكاني23: يسمى الشعر نفثا، لأنه كالشيء ينفث من الفم كالرقية. وسُمي الكبر نفخا، لما يوسوس إليه الشيطان في نفسه ويعظمها عنده، ويحقر الناس في عينه حتى يدخله الزهو. وهمزات الشياطين: همزاتها التي تحضرها بقلب الإنسان.(1/14)
]11[ وعَنْ حُذَيْفَةَ (، أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ ( يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ، فَكَانَ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، ثََلاثًا، ذُو الْمَلَكُوتِ وَالْجَبَرُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ. ثُمَّ اسْتَفْتَحَ، فَقَرَأَ الْبَقَرَةَ. ثُمَّ رَكَعَ، فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ، وَكَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ، سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ. ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، فَكَانَ قِيَامُهُ نَحْوًا مِنْ رُكُوعِهِ، يَقُولُ: لِرَبِّيَ الْحَمْدُ. ثُمَّ سَجَدَ، فَكَانَ سُجُودُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ، فَكَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: سُبْحَانَ رَبِّيَ اْلأعْلَى. ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ، وَكَانَ يَقْعُدُ فِيمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ نَحْوًا مِنْ سُجُودِهِ، وَكَانَ يَقُولُ: رَبِّ اغْفِرْ لِي، رَبِّ اغْفِرْ لِي. فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَقَرَأَ فِيهِنَّ الْبَقَرَةَ، وَآلَ عِمْرَانَ، وَالنِّسَاءَ، وَالْمَائِدَةَ أَوِ اْلأنْعَامَ شَكَّ شُعْبَةُ.24
شرح الحديث: ( الجبروت والملكوت ): هما مبالغة من ( الجبر ): وهو القهر، و( الملك ): وهو التصرف، أي: صاحب القهر والتصرف البالغ كل منهما غايته.
]12[ وعَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها: بِمَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( يَسْتَفْتِحُ قِيَامَ اللَّيْلِ؟ قَالَتْ: لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ شَيْءٍ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( يُكَبِّرُ عَشْرًا، وَيَحْمَدُ عَشْرًا، وَيُسَبِّحُ عَشْرًا، وَيُهَلِّلُ عَشْرًا، وَيَسْتَغْفِرُ عَشْرًا، وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي، وَعَافِنِي، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ضِيقِ الْمَقَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.25(1/15)
شرح الحديث: ( أعوذ بالله من ضيق المقام يوم القيامة ): أي يتعوذ من شدائد أحوالها وسكرات أهوالها.
? فائدة
هل يُجمع بين أذكار الاستفتاح؟ الجواب: لا يُجمع بينها، لأن النبي ( - كما في الحديث ]1[ - أجاب أبا هريرة حين سأله، بأنه يقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي ... الخ. ولم يذكر " سبحانك اللهم وبحمدك "، فدل على أنه لا يجمع بينها.26
ثانيا- أذكار الركوع
سبق: ]4[ وَإِذَا رَكَعَ، قَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي.
]13[ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ (، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ( يَقُولُ إِذَا رَكَعَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ، ثََلاثَ مَرَّاتٍ، وَإِذَا سَجَدَ قَالَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ اْلأعْلَى، ثََلاثَ مَرَّاتٍ.27
شرح الحديث: ( سبحان ) اسم مصدر بمعنى التسبيح، أي التنزيه، وقد سبق شرحه في الحديث رقم ]3[. ( العظيم ): في ذاته وصفاته، فإنه سبحانه وتعالى في ذاته أعظم من كل شيء. أي أنك بهذا الذكر تنزه الله سبحانه وتعالى، وتصفه بعد تنزيهه بأمرين كماليين: وهما الربوبية والعظمة. فيجتمع من هذا الذكر التنزيه والتعظيم. والتنزيه والتعظيم باللسان تعظيم قولي، وبالركوع تعظيم فعلي. فيكون الراكع جامعا بين التعظيمين: القولي والفعلي.
]14[ وعنه أيضا: أن النبي ( كان يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم وبحمده، ثلاثاً، وفي سجوده: سبحان ربي الأعلى وبحمده، ثلاثاً.28
]15[ وعَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ.29(1/16)
شرح الحديث: ( يتأول القرآن ): أي يعمل بما أُمر به في قول الله عز وجل: ( فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ( ] النصر: 3 [.
]16[ وعن عَائِشَةَ، رضي الله عنها، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، رَبُّ الْمََلائِكَةِ وَالرُّوحِ.30
شرح الحديث: ( سبوح ): الذي ينزه عن كل سوء أو المبرأ من النقائص. ( قدوس ): المبارك أو المطهر من كل ما لا يليق به، وقيل: الطاهر. وسبوح قدوس: من صفة الله عز وجل، لأنه يُسَبّح ويُقَدّس، ومعناه: المبرأ من كل نقص، ومن الشريك، ومن كل ما لا يليق بالإلهية. ( الروح ): ملك عظيم يكون إذا وقف كجميع الملائكة، وقيل: هو جبريل، وعلى هذين التفسيرين يكون التعبير ( رب الملائكة والروح ) هو من عطف الخاص على العام. وقيل: إن الروح خلق لا تراهم الملائكة، كنسبة الملائكة إلينا.
]17[ وعن علي بن أبي طالب (، قال: كان رسول الله ( إذا سجد في الصلاة المكتوبة قال: اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، أنت ربي، سجد وجهي للذي خلفه وصوره، وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين. وكان إذا ركع قال: اللهم لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، أنت ربي، خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظامي، وما استقلت به قدمي، لله رب العالمين. وكان إذا رفع رأسه من الركوع في الصلاة المكتوبة قال: اللهم ربنا ولك الحمد، ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد.31
شرح الحديث: ( ما استقلت ): أي ما حملته، من الاستقلال، بمعنى: الارتفاع، فهو تعميم بعد تخصيص.
]18[ وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (، عَنْ النَّبِيِّ (: كَانَ إِذَا رَكَعَ، قَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ. أَنْتَ رَبِّي. خَشَعَ سَمْعِي، وَبَصَرِي، وَدَمِي، وَلَحْمِي، وَعَظْمِي، وَعَصَبِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالِمِينَ.32(1/17)
? في التطوع
]19[ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ (، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( كَانَ إِذَا قَامَ يُصَلِّي تَطَوُّعًا، يَقُولُ إِذَا رَكَعَ: اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ. أَنْتَ رَبِّي. خَشَعَ سَمْعِي، وَبَصَرِي، وَلَحْمِي، وَدَمِي، وَمُخِّي، وَعَصَبِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.33
? في صلاة الليل
سبق: ]11[ وَكَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ، سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ.
]20[ عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها، قَالَتِ: افْتَقَدْتُ النَّبِيَّ ( ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ. فَتَحَسَّسْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ، فَإِذَا هُوَ رَاكِعٌ أَوْ سَاجِدٌ، يَقُولُ: سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، َلا إِلَهَ إَِلا أَنْتَ. فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي! إِنِّي لَفِي شَأْنٍ، وَإِنَّكَ لَفِي آخَرَ.34
]21[ وعن عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ (، قال: قُمْتُ مَعَ النَّبِيِّ (، فَبَدَأَ فَاسْتَاكَ وَتَوَضَّأَ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى، فَبَدَأَ فَاسْتَفْتَحَ مِنَ الْبَقَرَةِ، َلا يَمُرُّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ إَِلا وَقَفَ وَسَأَلَ، وََلا يَمُرُّ بِآيَةِ عَذَابٍ إَِّلا وَقَفَ يَتَعَوَّذُ. ثُمَّ رَكَعَ فَمَكَثَ رَاكِعًا بِقَدْرِ قِيَامِهِ، يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ. ثُمَّ سَجَدَ بِقَدْرِ رُكُوعِهِ، يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ. ثُمَّ قَرَأَ آلَ عِمْرَانَ، ثُمَّ سُورَةً، ثُمَّ سُورَةً، فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ.35
? فوائد(1/18)
فائدة (1): يقول الشيخ الألباني36: هل يشرع الجمع بين هذه الأذكار في الركوع الواحد أم لا؟ اختلفوا في ذلك، وتردد فيه ابن القيم في الزاد، وجزم النووي في الأذكار بالأول، فقال: " والأفضل أن يجمع بين هذه الأذكار كلها إن تمكن، وكذا ينبغي أن يفعل في أذكار جميع الأبواب ". وتعقبه أبو الطيب صديق حسن خان، فقال في نزل الأبرار: " يأتي مرة بهذه، وبتلك أخرى، ولا أرى دليلا على الجمع، وقد كان رسول الله ( لا يجمعها في ركن واحد، بل يقول هذا مرة، وهذا مرة، والإتباع خير من الابتداع ". وهذا هو الحق إن شاء الله تعالى، لكن قد ثبت في السنة إطالة هذا الركن وغيره، ... حتى يكون قريبا من القيام، فإذا أراد المصلي الإقتداء به ( في هذه السنة، فلا يمكنه ذلك إلا على طريقة الجمع الذي ذهب إليه النووي، وقد رواه ابن نصر في قيام الليل عن ابن جريج عن عطاء، وإلا اقتصر على طريقة التكرار المنصوص عليه في بعض هذه الأذكار، وهذا أقرب إلى السنة. والله أعلم. وقال ابن العثيمين37: لكن أذكار الركوع المعروف عند عامة الفقهاء إنها تذكر جميعا.
فائدة (2): كراهة قراءة القرآن في الركوع والسجود: وذلك للأحاديث التالية:
]22[ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما، قَالَ: كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ ( السِّتَارَةَ، وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ. فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إَِلا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ، أَوْ تُرَى لَهُ. أََلا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا. فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ.38
شرح الحديث: ( فقمن ): أي حقيق وجدير.(1/19)
]23[ وعن عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (، قال: نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ ( عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَأَنَا رَاكِعٌ أَوْ سَاجِد.39
وقيل في تفسير السبب وراء ذلك:
1- لما كان قارئ القرآن قائما مقام الكليم، كان لابد له من التلبس بحالة من الرفعة تعظيما لما يقرؤه من كتاب الله تعالى، وهذا لا يتناسب مع الركوع والسجود باعتبارهما حالتي ذل وانكسار، وتطامن40 وانخفاض. إن الركوع يقف فيه الإنسان في مقام تعظيم لله سبحانه وتعالى، ومقام تعظيم الغير هو مقام ذل للمُعَظِّم. ولما كان القرآن أشرف الذكر، لم يناسب أن يقرأه الإنسان وهو في هذا الانحناء، بل يُقرأ حال القيام. اللهم إلا إذا دعا بجملة من القرآن مثل: ( رَبَّنَا َلا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ( ] آل عمران: 8 [، فهذا لا يضر، لأن المقصود به الدعاء. قال ابن القيم41: إن القرآن هو أشرف الكلام، وهو كلام الله. وحالتا الركوع والسجود حالتا ذل وانخفاض من العبد، فمن الأدب مع كلام الله ألا يُقرأ في هاتين الحالتين، ويكون حال القيام والانتصاب أولى به.
2- إذا كانت السنة قد اقتضت استكثار الدعاء في الركوع والسجود، فقد كُرِه أن يُجمع بين كلام الله وكلام المصلي في موضع واحد فيكونان سواء.
3- لما كان القرآن من أفضل أذكار الصلاة، كانت هيئة القيام من أفضل هيئات الصلاة على الإطلاق لشرف تلاوة القرآن فيها42. وبذلك جُعل الأفضل للأفضل، ونُهي عن جعل القرآن في غير القيام لئلا يتوهم استواؤه مع بقية الأذكار والأدعية.
ثالثا- أذكار الرفع من الركوع والاعتدال43
سبق: ]4[ وَإِذَا رَفَعَ قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، مِلْءَ السَّمَاوَاتِ، وَمِلْءَ اْلأرْضِ، وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ.(1/20)
سبق: ]17[ وكان إذا رفع رأسه من الركوع في الصلاة المكتوبة قال: اللهم ربنا ولك الحمد، ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد.
]24[ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (، عَنِ النَّبِيِّ ( أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا جُعِلَ اْلأمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فََلا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ. فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ، وَأَقِيمُوا الصَّفَّ فِي الصََّلاةِ، فَإِنَّ إِقَامَةَ الصَّفِّ مِنْ حُسْنِ الصََّلاةِ.44
]25[ وعَنْه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( قَالَ: إِذَا قَالَ اْلأمَامُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمََلائِكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.45
]26[ وعنه أيضا، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( إِذَا قَامَ إِلَى الصََّلاةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ، ثُمَّ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ: رَبَّنَا! وَلَكَ الْحَمْدُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوِي سَاجِدًا، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الصََّلاةِ كُلِّهَا حَتَّى يَقْضِيَهَا، وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنَ الْمَثْنَى بَعْدَ الْجُلُوسِ. ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنِّي َلأشْبَهُكُمْ صََلاةً بِرَسُولِ اللَّهِ (.46
شرح الحديث: ( يهوي ): يسقط ساجدا.(1/21)
]27[ وعَنْه أيضا، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ( إِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ. وَكَانَ النَّبِيُّ ( إِذَا رَكَعَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ، يُكَبِّرُ. وَإِذَا قَامَ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ، قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ.47
]28[ وعَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى (، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( إِذَا رَفَعَ ظَهْرَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. اللَّهُمَّ! رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ. مِلْءُ السَّمَاوَاتِ، وَمِلْءُ اْلأرْضِ، وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ.48 زاد في رواية مسلم: اللَّهُمَّ طَهِّرْنِي بِالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَالْمَاءِ الْبَارِدِ. اللَّهُمَّ طَهِّرْنِي مِنْ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ.49
شرح الحديث: ( ملء ): صفة لموصوف محذوف، والتقدير: حمدا ملء. ومعنى قوله ( ملء السموات ): هو أن الله سبحانه وتعالى محمود على كل مخلوق يخلقه، وعلى كل فعل يفعله، فإن الله تعالى يستحق عليه الحمد. ومعلوم أن السموات والأرض بما فيها كلها من خلق الله، فيكون الحمد حينئذٍ مالئا للسموات والأرض، لأن المخلوقات تملأ السموات والأرض. ( وملء ما شئت من شيء بعد ): أي ما يشاء الله من شيء بعد السموات والأرض مما لا يعلمه إلا الله، حيث تطوى السموات والأرض وتزولا، ثم تأتي الجنة والنار. فهذا أعم من بقاء السموات والأرض.(1/22)
]29[ وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ ( كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، قَالَ: اللَّهُمَّ! رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ. مِلْءُ السَّمَاوَاتِ، وَمِلْءُ اْلأرْضِ، وَمَا بَيْنَهُمَا، وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ. أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ. َلا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وََلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وََلا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ.50
شرح الحديث: ( الثناء ): الوصف الجميل والمدح. ( المجد ): العظمة ونهاية الشرف. ( ولا ينفع ذا الجد منك الجد ): أي لا ينفع أحدا ما قسمت له من دنيا عريضة، إنما ينفعه ما يلقاك به من تقوى وأدب.
]30[ وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ (، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، قَالَ: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ. مِلْءُ السَّمَاوَاتِ وَاْلأرْضِ، وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ. أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ. أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ. وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ. اللَّهُمَّ! َلا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وََلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وََلا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ.51
شرح الحديث: ( أحق ما قال العبد ): معناه قوله: " لا مانع لما أعطيت " إلى آخره، وقوله ( وكلنا لك عبد ): اعتراض بين المبتدأ والخبر. وفيه كمال التفويض إلى الله تعالى، والاعتراف بكمال قدرته وعظمته وقهره وسلطانه، وانفراده بالوحدانية وتدبير مخلوقاته.(1/23)
]31[ وعَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ (، قَالَ: كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّي وَرَاءَ النَّبِيِّ (، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ، قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ. فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: مَنِ الْمُتَكَلِّمُ؟ قَالَ: أَنَا. قَالَ: رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثََلاثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ.52
? صلاة الليل
سبق: ]11[ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، فَكَانَ قِيَامُهُ نَحْوًا مِنْ رُكُوعِهِ، يَقُولُ: لِرَبِّيَ الْحَمْدُ.
? فائدة
يُعلم من أحاديث الباب أن قول " سمع الله لمن حمده " فرض على الإمام، لأنه هو الذي يقولها، وقد بيّن النبي ( ذلك53. ولكنها ليست فرضا على المأموم، لأن رسول الله ( كلّف المأموم تكليفا آخر كما دلت أحاديث الباب، إذ قال: َإِذَا قَالَ ( أي الإمام ): سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ. كما يتضح خطأ زيادة بعض المصلين لفظة " والشكر " عند الاعتدال من الركوع، إذ لم ترد مطلقا.
رابعا- أذكار السجود54
سبق: ]4[ وَإِذَا سَجَدَ قَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ.
شرح الحديث: ( تبارك الله أحسن الخالقين ): أي تعالى، والبركة النماء والعلو.
سبق: ]13[ وَإِذَا سَجَدَ قَالَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ اْلأعْلَى، ثََلاثَ مَرَّاتٍ.
شرح الحديث: أما قوله ( ربي الأعلى ): في السجود دون أن يقول ربي العظيم، لأن ذكر علو الله هنا أنسب من ذكر العظمة، لأن الإنسان الآن أنزل ما يكون، لذا كان من المناسب أن يثني على الله بالعلو.(1/24)
سبق: ]14[ كان يقول في سجوده: سبحان ربي الأعلى وبحمده، ثلاثاً.
سبق: ]15[ كَانَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ.
سبق: ]16[ كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، رَبُّ الْمََلائِكَةِ وَالرُّوحِ.
سبق: ]17[ كان إذا سجد في الصلاة المكتوبة قال: اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، أنت ربي، سجد وجهي للذي خلفه وصوره، وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين.
? والأذكار الأخرى
]32[ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( كَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: اللَّهُمَّ! اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ، دِقَّهُ وَجِلَّهُ، وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، وَعََلانِيَتَهُ وَسِرَّهُ.55
شرح الحديث: ( دقه ): قليله. ( جله ): كثيره.
]33[ وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (، عَنْ النَّبِيِّ (، كَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ. وَأَنْتَ رَبِّي، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ. تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ.56
شرح الحديث: ( أحسن الخالقين ): أي المقدرين. أو لو فُرض هناك خالق آخر، لكان أحسنهم خلقا، وإلا فهل من خالق غير الله، لا اله إلا هو.
]34[ وعن عبد الله بن مسعود (، قال: كان رسول الله ( يقول في سجوده: سجد لك سوادي وخيالي، وآمن بك فؤادي، أبوء بنعمتك علي، هذه يداي وما جنيت على نفسي أو بما جنيت على نفسي.57
شرح الحديث: ( سوادي ): السواد: الشخص. ( خيالي ): الخيال: الشخص.
? في صلاة الليل
سبق: ]11[ ثُمَّ سَجَدَ، فَكَانَ سُجُودُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ، فَكَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: سُبْحَانَ رَبِّيَ اْلأعْلَى.(1/25)
سبق: ]20[ فَإِذَا هُوَ رَاكِعٌ أَوْ سَاجِدٌ، يَقُولُ: سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، َلا إِلَهَ إَِلا أَنْتَ.
سبق: ]21[ ثُمَّ سَجَدَ بِقَدْرِ رُكُوعِهِ، يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ.
]35[ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( لَيْلَةً مِنَ الْفِرَاشِ، فَالْتَمَسْتُهُ، فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ، وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ! أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ. َلا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ.58
شرح الحديث: ( اللهم أعوذ برضاك من سخطك ): السخط: الكره والغضب. واستعاذ بالله سبحانه وتعالى أن يجيره برضاه من سخطه، وكذلك استعاذ به سبحانه وتعالى أن يجيره بمعافاته من عقوبته. والرضا والسخط ضدان لا يجتمعان، وكذلك المعافاة والعقوبة. فإذا حصل له أحدها سلم من الآخر. ولما صار إلى ما لا ضد له، وهو الله سبحانه وتعالى، قال: ( وأعوذ بك منك ): ومعناه الاستغفار عن التقصير فيما يجب عليه من العبادة والشكر. والتقصير هنا يرجع إلى واحد من أمرين: أن طاقة البشر محدودة والواجب كبير، أو أن عظمة الرب فوق ما يعي الواعون. فالألفاظ تفنى، وحق الله أكبر مما يقولون. ( لا أحصي ثناء عليك ): أي: لا أطيق إحصاءه، ومعناه: لا أحصي الثناء بنعمتك وإحسانك، وإن اجتهدت في ذلك. ( أنت كما أثنيت على نفسك ): فيه الاعتراف بالعجز عن القيام بواجب الشكر والثناء، وأنه لا يقدر عليه، وإن بلغ فيه كل مبلغ. بل هو سبحانه كما أثنى على نفسه. فكأنه قال: هذا أمر لا تقوم به القوى البشرية، ولكن أنت القادر على الثناء على نفسك بما يليق بها، فأنت كما أثنيت على نفسك.(1/26)
]36[ وعن عَائِشَةُ، رَضِي اللَّهُ عَنْهَا، قالت: فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( مِنْ مَضْجَعِهِ، فَجَعَلْتُ أَلْتَمِسُهُ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ أَتَى بَعْضَ جَوَارِيهِ، فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَيْهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ.59
]37[ وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما، قَالَ: بِتُّ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ، فَبَقَيْتُ كَيْفَ يُصَلِّي رَسُولُ اللَّهِ (. قَالَ: فَقَامَ فَبَالَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ، ثُمَّ نَامَ. ثُمَّ قَامَ إِلَى الْقِرْبَةِ، فَأَطْلَقَ شِنَاقَهَا، ثُمَّ صَبَّ فِي الْجَفْنَةِ أَوِ الْقَصْعَةِ، فَأَكَبَّهُ بِيَدِهِ عَلَيْهَا، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءًا حَسَنًا بَيْنَ الْوُضُوءَيْنِ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي. فَجِئْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ. قَالَ: فَأَخَذَنِي فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ. فَتَكَامَلَتْ صََلاةُ رَسُولِ اللَّهِ ( ثََلاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً. ثُمَّ نَامَ حَتَّى نَفَخَ، وَكُنَّا نَعْرِفُهُ إِذَا نَامَ بِنَفْخِهِ. ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصََّلاةِ، فَصَلَّى، فَجَعَلَ يَقُولُ فِي صََلاتِهِ أَوْ فِي سُجُودِهِ: اللَّهُمَّ! اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ شِمَالِي نُورًا، وَأَمَامِي نُورًا، وَخَلْفِي نُورًا، وَفَوْقِي نُورًا، وَتَحْتِي نُورًا، وَاجْعَلْ لِي نُورًا، أَوْ قَالَ: وَاجْعَلْنِي نُورًا.60
شرح الحديث: ( فبقيت كيف يصلي ): أي: رقبت ونظرت. يقال: بقيت وبقوت، بمعنى رقبت ورمقت. ( ثم توضأ وضوءا بين الوضوءين ): بمعنى لم يسرف ولم يقتر، وكان بين ذلك قواما.(1/27)
]38[ وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ (، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( كَانَ إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يُصَلِّي تَطَوُّعًا، قَالَ إِذَا سَجَدَ: اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ. اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي. سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ. تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ.61
? سجود التلاوة
]39[ وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( يَقُولُ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ بِاللَّيْلِ: سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ.62
]40[ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ (، قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ (، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي رَأَيْتُنِي اللَّيْلَةَ وَأَنَا نَائِمٌ، كَأَنِّي أُصَلِّي خَلْفَ شَجَرَةٍ، فَسَجَدْتُ، فَسَجَدَتْ الشَّجَرَةُ لِسُجُودِي، فَسَمِعْتُهَا وَهِيَ تَقُولُ: اللَّهُمَّ اكْتُبْ لِي بِهَا عِنْدَكَ أَجْرًا، وَضَعْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا، وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَكَ ذُخْرًا، وَتَقَبَّلْهَا مِنِّي كَمَا تَقَبَّلْتَهَا مِنْ عَبْدِكَ دَاوُدَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقَرَأَ النَّبِيُّ ( سَجْدَةً، ثُمَّ سَجَدَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَسَمِعْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ مِثْلَ مَا أَخْبَرَهُ الرَّجُلُ عَنْ قَوْلِ الشَّجَرَةِ.63
ملاحظة: راجع ما جاء من الأحاديث في الفائدة (2) في أذكار الركوع من كراهة قراءة القرآن في الركوع والسجود.
? فائدة: الدعاء في السجود:
سبق: ]22[ وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ.(1/28)
شرح الحديث: قال النووي64: والاجتهاد في الدعاء، أن يقول: " اللهم لك سجدت وبك آمنت " إلى آخر حديث علي (. ويجتهد في الدعاء ما لم يكن إماما فيثقل على من خلفه، أو مأموما فيخالف إمامه. والرجل والمرأة في الذكر سواء.
بالإضافة إلى الحديث التالي:
]41[ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( قَالَ: أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ.65
شرح الحديث: اعلم أن حال السجود من أفضل أحوال العبد قربا من الله تعالى. ثم يكون وهو فيه أقرب إلى رحمة مولاه من سائر أحوال الصلاة وغيرها، لما فيه من التواضع والانكسار وترك الكبر وخضوع النفس التي تتعاظم أن يباشر صاحبها مصلاه بأديم وجهه وانحطاطه إلى الأرض حتى ينالها بثقل رأسه، وقد ارتفعت أسافله على أعاليه ليأتي سجوده مخالفا لغطرستها وتعاليها، وتحررا من سيطرتها وإفسادها، وقهرا لكبريائها وعتوها. فبقدر بعده عن نفسه الأمارة بالسوء، يكون القرب من رحمة ربه وفضل مولاه.66 واعلم أن الدعاء نوعان: دعاء ثناء، ودعاء مسألة. والنبي ( كان يُكثر في سجوده من النوعين. والدعاء الذي أمر به في السجود يتناول النوعين. والاستجابة أيضا نوعان: استجابة دعاء الطالب بإعطائه سؤاله، واستجابة دعاء المُثني بالثواب. وبكل واحد من النوعين فُسر قوله تعالى: ( أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ( ] آل عمران: 135 [. والصحيح أنه يعم النوعين.67 وقوله ( " فأكثروا الدعاء "، أطلق الأمر بالدعاء ولم يقيده، قتناول كل ما يسمى دعاء. وحيث إنه ( دعا في مواضع بأدعية مختلفة، فدل على أنه لا حجر فيه.68 وفصّل ابن تيمية الأمر، فقال: وأما الدعاء في الفرض ففي كراهيته نزاع، وإن كان الصحيح أنه لا يُكره، ولكن الذكر أفضل.69
خامسا- أذكار ما بين السجدتين(1/29)
]42[ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ ( كَانَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاجْبُرْنِي، وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي.70وفي رواية أبي داود أَنَّه ( كَانَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَعَافِنِي، وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي.71
شرح الحديث: ( اغفر لي ): المغفرة هي: ستر الذنب والعفو عنه، مأخوذة من المغفر الذي يكون على رأس الإنسان عن الحرب يتقي به السهام. ( ارحمني ): طلب رحمة الله عز وجل التي بها حصول المطلوب، وبالمغفرة زوال المرهوب، هذا إذا جمع بينهما. ( اجبرني ): الجبر يكون من النقص. وكل إنسان ناقص مفرط مسرف على نفسه بتجاوز الحد أو القصور عنه، ويحتاج إلى جبر حتى يعود سليما بعد كسره: من كسر العظام البدنية ومن كسر العظام المعنوية، لأن الإنسان يحتاج إلى جبر يجبر له النقص الذي يكون فيه. ( ارزقني ): طلب للرزق، وهو ما يقوم به البدن من طعام وشراب ولباس وسكن، وما يقوم به الدين من علم وإيمان وعمل صالح. والإنسان ينبغي له أن يُعوّد نفسه على استحضار هذه المعاني العظيمة حتى يخرج من صلاته منتفعا. ( عافني ): إذا كان الإنسان صحيحا، فالظاهر أنه يقول عافني لأنه دعاء مسنون في هذا المكان دون أن يستحضر شيئا. وإن كان مريضا مرضا بدنيا، استحضر أنه يسأل الله أن يعافيه من هذا المرض البدني. وإذا كان مريضا مرضا قلبيا، وما أكثر الأمراض القلبية، نسأل الله أن يعافينا منها، استحضر أن يعافيه الله من هذا المرض. على كلٍ ينبغي للإنسان إذا سأل الله العافية في هذا المكان أن يستحضر أن يسأل الله العافية، عافية البدن وعافية القلب، ولا حرج أن يقول: عافني في بدني وقلبي حتى يستحضر، لأنه إن لم يقل هذا قد يغفل.72
? في صلاة الليل(1/30)
سبق: ]11[ وَكَانَ يَقْعُدُ فِيمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ نَحْوًا مِنْ سُجُودِهِ، وَكَانَ يَقُولُ: رَبِّ اغْفِرْ لِي، رَبِّ اغْفِرْ لِي.
]43[ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، فِي صََلاةِ اللَّيْلِ: رَبِّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاجْبُرْنِي، وَارْزُقْنِي، وَارْفَعْنِي.73
شرح الحديث: ( واجبرني ): من جبرت الوهن والكسر، إذا أصلحته، وجبرت المصيبة، إذا فعلت مع صاحبها ما ينساها به.
]44[ وعَنْ حُذَيْفَةَ (، أَنَّ النَّبِيَّ ( كَانَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: رَبِّ اغْفِرْ لِي، رَبِّ اغْفِرْ لِي.74
سادسا - الدعاء بعد التشهد وقبل السلام
(أ) الدعاء في الصلاة
كان ( يدعو في صلاته بأدعية متنوعة، تارة بهذا وتارة بهذا، وأقر أدعية أخرى، وأمر المصلي أن يتخير منها ما شاء ( انظر الحديث ]45[ أدناه ). وقال الألباني75: وإنما لم نقل في " تشهده "، لأن النص هكذا: " في صلاته " غير مقيد بالتشهد أو غيره، وهو يشمل كل موضع صالح للدعاء، كالسجود والتشهد.(1/31)
]45[ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (، قَالَ: كُنَّا إِذَا كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ( فِي الصََّلاةِ، قُلْنَا: السََّلامُ عَلَى اللَّهِ مِنْ عِبَادِهِ، السََّلامُ عَلَى فَُلانٍ وَفَُلانٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ (: َلا تَقُولُوا السََّلامُ عَلَى اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ السََّلامُ، وَلَكِنْ قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السََّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السََّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ. فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمْ، أَصَابَ كُلَّ عَبْدٍ فِي السَّمَاءِ، أَوْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَاْلأرْضِ. أَشْهَدُ أَنْ َلا إِلَهَ إَِلا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ فَيَدْعُو.76
واعلم أن هذا الدعاء مستحب ليس بواجب، ويستحب تطويله، إلا أن يكون إماما. وله أن يدعو بما شاء من أمور الآخرة والدنيا، وله أن يدعو بالدعوات المأثورة، وله أن يدعو بدعوات يخترعها، والمأثورة أفضل. ثم المأثورة منها ما ورد في هذا الموطن، ومنها ما ورد في غيره، وأفضلها هنا ما ورد هنا.77 ويكون الدعاء قبل السلام، لأن هذا هو الذي أرشد إليه النبي (، ولأنك ما دمت في صلاة فإنك تناجي ربك، وإذا سلمت انصرفت، وكونك تدعو في الحال التي تناجي فيها ربك خير من كونك تدعو بعد الانصراف78. وأما الدعاء بعد السلام من الصلاة مستقبل القبلة أو المأمومين، فلم يكن ذلك من هديه ( أصلا، ولا رُوي عنه بإسناد صحيح ولا حسن.79 ولا بأس أن تدعو بشيء يتعلق بأمور الدنيا، وذلك لأن الدعاء عبادة، وليس للإنسان ملجأ إلا الله. وإذا كان الرسول ( يقول:
سبق: ]22[ وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ.
ويقول:(1/32)
سبق: ]41[ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ.
ويقول في حديث ابن مسعود لما ذكر التشهد:
سبق: ]45[ ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ فَيَدْعُو.
والإنسان لا يجد نفسه مقبلا تمام الإقبال على الله إلا وهو يصلي، فكيف نقول لا تسأل الله وأنت تصلي شيئا تحتاجه في أمور دنياك؟ هذا بعيد جدا. فالصواب بلا شك أن يدعو بعد التشهد بما شاء من خير الدنيا والآخرة، وأجمع ما يدعى به في ذلك: ( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي اْلآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ( فإن هذه جامعة لخير الدنيا والآخرة.80
(ب) صيغ الدعاء:
? بعد التشهد
سبق: ]4[ ثُمَّ يَكُونُ مِنْ آخِرِ مَا يَقُولُ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ وَمَا أَسْرَفْتُ وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ َلا إِلَهَ إَِلا أَنْتَ.
]46[ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (: إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ، فَلْيَسْتَعِذْ81 بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ، يَقُولُ: اللَّهُمَّ! إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ.82(1/33)
شرح الحديث: هذا الدعاء في غاية الأهمية، لدرجة أن مسلم قال: بلغني أن طاووسا ( وهو أحد التابعين ) قال لابنه: أدعوت بها في صلاتك؟ فقال: لا. قال: أعد صلاتك. لأن طاووسا رواه عن ثلاثة أو أربعة83. ( يستعذ ): أي يقول: أعوذ بالله. والعياذ هو الالتجاء أو الاعتصام من مكروه، يعني: أن يعتصم بالله من المكروه. ( عذاب جهنم ): أي العذاب الحاصل منها. والعذاب: كل ما يضني الإنسان ويشق عليه، وأصله المنع. وسُمي عذابا لأنه يمنعه من المعاودة، ويمنع غيره من مثل ما فعله. والاستعاذة من عذاب جهنم تشمل الاستعاذة من فعل الأسباب المؤدية إلى عذاب جهنم، وكذلك الاستعاذة من عقوبة جهنم إذا فعل الأسباب التي توجب ذلك. لأن الإنسان بين أمرين: إما عصمة من الذنوب، فهنا إعاذة الله من فعل السبب، وإما عفو عن الذنوب، وهنا إعاذة الله من أثر السبب. ( عذاب القبر ): لا يدري الإنسان في الحقيقة هل يموت ويدفن، أو يموت وتأكله السباع، أو يحترق ويكون رمادا. ولذلك فاستحضر عند استعاذتك من عذاب القبر أن يكون ذلك من العذاب الذي يكون للإنسان بعد موته إلى قيام الساعة. ( فتنة المحيا ): ما يعرض للإنسان مدة حياته من الافتنان، أي الابتلاء بالدنيا والشهوات والجهالات. ( فتنة الممات ): ما يفتن به عند الموت، بأن يُذهل عن التخلص مما عليه، وعن كلمة الشهادة. وقيل: المراد بها فتنة القبر من سؤال الملكين للميت في قبره عن ربه ودينه ونبيه. ولا مانع إنها تشمل الأمرين جميعا. ويكون قد نص على الفتنة التي قبل الموت وعند الموت، لأنها أعظم فتنة ترد على الإنسان. ( فتنة المسيح الدجال ): هي ما يظهر على يده من الأمور التي يُضلّ بها من ضعف إيمانه، وهي أعظم فتنة على وجه الأرض منذ خُلق آدم إلى قيام الساعة.(1/34)
]47[ وعَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ (، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ( لِرَجُلٍ: كَيْفَ تَقُولُ فِي الصََّلاةِ؟ قَالَ: أَتَشَهَّدُ، وَأَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ. أَمَا إِنِّي َلا أُحْسِنُ دَنْدَنَتَكَ وََلا دَنْدَنَةَ مُعَاذٍ! فَقَالَ النَّبِيُّ (: حَوْلَهَا نُدَنْدِنُ.84
شرح الحديث: ( دندنتك ): أي مسألتك الخفية أو كلامك الخفي، و( الدندنة ): كلام لا يُفهم، أي أن يتكلم الرجل بكلام تسمع نغمته ولا يُفهم. وضمير الهاء في قوله ( حولها ): يعود للمقالة، أي: كلامنا قريب من كلامك. والمعنى: أي حول الجنة ودخولها، ندور في أدعيتنا.
]48[ وعن مِحْجَنَ بْنَ اْلأدْرَعِ (، قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ( الْمَسْجِدَ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَدْ قَضَى صََلاتَهُ، وَهُوَ يَتَشَهَّدُ، وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يَا أَللَّهُ اْلأحَدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. قَالَ: فَقَالَ: قَدْ غُفِرَ لَهُ، قَدْ غُفِرَ لَهُ، ثََلاثًا.85(1/35)
]49[ وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ (، قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ( جَالِسًا، يَعْنِي، وَرَجُلٌ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَلَمَّا رَكَعَ وَسَجَدَ وَتَشَهَّدَ دَعَا. فَقَالَ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ، َلا إِلَهَ إَِلا أَنْتَ، الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَاْلأرْضِ، يَا ذَا الْجََلالِ وَاْلأكْرَامِ! يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ! إِنِّي أَسْأَلُكَ. فَقَالَ النَّبِيُّ ( ِلأَصْحَابِهِ: تَدْرُونَ بِمَا دَعَا؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ! قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ دَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ، الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى.86
شرح الحديث: قال الألباني87: فيه التوسل بأسماء الله وصفاته، وهو ما أمر الله تعالى به في قوله: ( وَلِلَّهِ اْلأسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا( ] الأعراف: 180[. وأما التوسل بغير ذلك، كالجاه والحق والحرمة، فقد نص أبو حنيفة رحمه الله تعالى وأصحابه على كراهته، وهي عند الإطلاق للتحريم. ومما يؤسف له أن ترى أكثر الناس، وفيهم كثير من المشايخ، قد أعرضوا عن هذا التوسل المشروع اتفاقا، فلا تكاد تسمع أحدا منهم يتوسل به، مع محافظتهم على التوسل المبتدع، الذي أقل ما يقال فيه: إنه مُخْتَلَف فيه، ويداومون عليه كأنه لا يجوز غيره.
]50[ عَنْ جَابِرٍ (، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( كَانَ يَقُولُ فِي صَلاَتِهِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ: أَحْسَنُ الْكَلاَمِ كَلاَمُ اللَّهِ، وَأَحْسَنُ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ (.88
شرح الحديث: قال الألباني89: والصلاة هنا بمعنى الدعاء.
? قبل السلام(1/36)
]51[ عنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجَ النَّبِيِّ (، أَنَّ النَّبِيَّ ( كَانَ يَدْعُو فِي الصََّلاةِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ. قَالَتْ: فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ الْمَغْرَمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ، حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ.90
شرح الحديث: ( المأثم ): هو الأمر الذي يأثم به الإنسان، أو هو الإثم نفسه، وضعا للمصدر موضع الاسم. وكذلك ( المغرم ): ويريد به الدَّيْن فيما لا يجوز ثم يعجز عن أدائه.
]52[ وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ (، أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ (: عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صََلاتِي؟ قَالَ: قُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وََلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إَِلا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي إِنَّك أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.91(1/37)
شرح الحديث: ( ظلمت نفسي ): أي بملابسة ما يوجب العقوبة أو ينقص الأجر. ( ولا يغفر الذنوب إلا أنت ): فيه اعتراف بالقصور، وإقرار بأن ذلك للرب سبحانه وتعالى لا يقدر عليه غيره، ومثل ذلك قوله تعالى: ( وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إَِّلا اللَّهُ ( ] آل عمران: 135 [. قال ابن القيم92: فجمع في هذا الدعاء الشريف العظيم القدر، بين الاعتراف بحاله، والتوسل إلى ربه عز وجل بفضله وجوده، وأنه المنفرد بغفران الذنوب، ثم سأل حاجته بعد التوسل بالأمرين معا، فهكذا أدب الدعاء وآداب العبودية. قال الشوكاني: وهذا الحديث مطلق ليس فيه تعيين الموضع الذي يقال فيه. قال ابن دقيق العيد: ولعل الأولى أن يكون في أحد مواضع السجود أو التشهد، لأنه أُمر فيهما بالدعاء. وقد أشار البخاري إلى محله، فأورده في باب الدعاء قبل السلام.93(1/38)
]53[ وعن السَّائِبِ، قَالَ: صَلَّى بِنَا عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ ( صََلاةً، فَأَوْجَزَ فِيهَا، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْقَوْمِ: لَقَدْ خَفَّفْتَ، أَوْ أَوْجَزْتَ، الصََّلاةَ. فَقَالَ: أَمَّا عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ دَعَوْتُ فِيهَا بِدَعَوَاتٍ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (. فَلَمَّا قَامَ تَبِعَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، ( هُوَ السَّائِب، غَيْرَ أَنَّهُ كَنَى عَنْ نَفْسِهِ )، فَسَأَلَهُ عَنِ الدُّعَاءِ؟ ثُمَّ جَاءَ، فَأَخْبَرَ بِهِ الْقَوْمَ: اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ، وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ، أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الْوَفَاةَ خَيْرًا لِي. اللَّهُمَّ وَأَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَأَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ، وَأَسْأَلُكَ الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَأَسْأَلُكَ نَعِيمًا َلا يَنْفَدُ، وَأَسْأَلُكَ قُرَّةَ عَيْنٍ َلا تَنْقَطِعُ، وَأَسْأَلُكَ الرِّضَاءَ بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَأَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ، فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وََلا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ. اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ اْلأيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ.94
شرح الحديث: ( القصد ): التوسط بلا إفراط ولا تفريط. ( مضرة ): اسم فاعل من أضر.
]54[ وعَنْ فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: حَدِّثِينِي بِشَيْءٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( يَدْعُو بِهِ فِي صََلاتِهِ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَمِلْتُ، وَمِنْ شَرِّ مَا لَمْ أَعْمَلْ.95(1/39)
شرح الحديث: ( من شر ما عملت ): أي من شر ما فعلت من السيئات. ( ومن شر ما لم أعمل ): من الحسنات، يعني: من شر تركي العمل بها.
]55[ وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ( يَقُولُ فِي بَعْضِ صََلاتِهِ: اللَّهُمَّ حَاسِبْنِي حِسَابًا يَسِيرًا. فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! مَا الْحِسَابُ الْيَسِيرُ؟ قَالَ: أَنْ يَنْظُرَ فِي كِتَابِهِ فَيَتَجَاوَزَ عَنْه، إِنَّهُ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ يَوْمَئِذٍ يَا عَائِشَةُ هَلَكَ. وَكُلُّ مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ يُكَفِّرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ عَنْه، حَتَّى الشَّوْكَةُ تَشُوكُهُ.96
]56[ وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (، فَأَرَادَ أَنْ يُكَلِّمَهُ وَعَائِشَةُ تُصَلِّي. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ (: عَلَيْكِ بِالْكَوَامِلِ، أَوْ كَلِمَةً أُخْرَى. فَلَمَّا انْصَرَفَتْ عَائِشَةُ، سَأَلَتْهُ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ لَهَا: قُولِي: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ، عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ، عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، وَأَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ، وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ، وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ مُحَمَّدٌ (، وَأَسْتَعِيذُكَ مِمَّا اسْتَعَاذَكَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ مُحَمَّدٌ (، وَأَسْأَلُكَ مَا قَضَيْتَ لِي مِنْ أَمْرٍ، أَنْ تَجْعَلَ عَاقِبَتَهُ رَشَدًا.97
(2) صيغتا التشهد والقنوت
أولا- صيغة التشهد(1/40)
والتشهد: من تشهَّد، على وزن: تفعَّل. وسمي بذلك لاشتماله على النطق بالشهادة الحق، تغليبا لها على بقية أذكاره، لشرفها.98 ورغم اختلاف روايات التشهد وتعددها، فإن العلماء قد أجمعوا على جواز كل واحد منها. وبأيّها تشهد المصلي، أجزأه. وإنما اختلفوا في الأفضل منها: فمذهب الشافعي وبعض أصحاب مالك أن تشهد ابن عباس أفضل، لزيادة لفظة المباركات فيه، وهي موافقة لقول الله عز وجل: ( تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ( ] النور: 61 [ ، ولأنه أكده بقوله: يعلّمنا التشهد كما يعلّمنا السورة من القرآن. وقال أبو حنيفة وأحمد وجمهور الفقهاء وأهل الحديث: تشهد ابن مسعود أفضل، لأنه عند المحدثين أشد صحة، وإن كان الجميع صحيحا. وقال مالك: تشهد عمر بن الخطاب ( الموقوف عليه أفضل، لأنه علّمه الناس على المنبر ولم ينازعه أحد، فدل على تفضيله.99
سبق: ]45[ قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السََّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السََّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ. فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمْ، أَصَابَ كُلَّ عَبْدٍ فِي السَّمَاءِ، أَوْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَاْلأرْضِ. أَشْهَدُ أَنْ َلا إِلَهَ إَِلا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. زاد في رواية للبخاري100: وَهُوَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا، فَلَمَّا قُبِضَ قُلْنَا: السَّلاَمُ يَعْنِي عَلَى النَّبِيِّ (.101(1/41)
شرح الحديث: ( التحيات ): جمع تحية، والتحية معناها السلام، وقيل: البقاء، وقيل: العظمة، وقيل: السلامة من الآفات، وقيل: الملك. أي: الألفاظ التي تدل على السلام والملك والبقاء هي لله تعالى، يعني كل نوع من أنواع التحيات فهو لله. قال البغوي102: لأن شيئا مما كانوا يُحيّون به الملوك لا يصلح للثناء على الله تعالى. ( والصلوات ): قيل: المراد الصلوات الخمس، وقيل: العبادات كلها. وقيل: أي: الأدعية التي يراد بها تعظيم الله تعالى هو مستحقها لا تليق بأحد سواه. فالصلوات كلها - شرعا أو لغة - لله حقا واستحقاقا، لا أحد يستحقها سوى الله عز وجل. ( والطيبات ): أي: ما طاب من الكلام وحسن أن يثني به على الله دون ما لا يليق بصفاته، مما كان الملوك يُحيّون به. وقيل: ذكر الله تعالى، وهو أخص. وقيل: الأعمال الصالحة، وهو أعم. ( السلام ): معناه: التعويذ بالله والتحصين به، فإن السلام اسم له سبحانه تقديره: الله عليك حفيظ وكفيل، كما يقال: الله معك، أي بالحفظ والمعونة واللطف. ( السلام علينا ): المراد الحاضرون من الإمام والمأمومين والملائكة وغيرهم. ( وبركاته ): هو اسم لكل خير فائض منه تعالى على الدوام.
]57[ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ، فَكَانَ يَقُولُ: التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ. السََّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. السََّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ. أَشْهَدُ أَنْ َلا إِلَهَ إَِلا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ.103(1/42)
شرح الحديث: ( التحيات ): جمع تحية، وإنما جاءت بلفظ الجمع، لأن ملوك الأرض يحيون بأنواع من التحيات، كتحية ملوك الجاهلية، وملوك الفرس، وملوك الإسلام، وغيرهم من ملوك الأرض، فجُمعت كلها وجعلت لله تعالى.104 (المباركات الصلوات الطيبات ): قال النووي105: تقديره: والمباركات والصلوات والطيبات، كما في حديث ابن مسعود وغيره، ولكن حذفت الواو اختصارا، وهو جائز معروف في اللغة. ومعنى الحديث: إن التحيات وما بعدها مستحقة لله تعالى، ولا تصلح حقيقتها لغيره.(1/43)
]58[ وعَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي مُوسَى اْلأشْعَرِيِّ ( صََلاةً، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الْقَعْدَةِ، قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أُقِرَّتِ الصََّلاةُ بِالْبِرِّ وَالزَّكَاةِ. قَالَ: فَلَمَّا قَضَى أَبُو مُوسَى الصََّلاةَ وَسَلَّمَ، انْصَرَفَ فَقَالَ: أَيُّكُمُ الْقَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: فَأَرَمَّ الْقَوْمُ. ثُمَّ قَالَ: أَيُّكُمُ الْقَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا؟ فَأَرَمَّ الْقَوْمُ. فَقَالَ: لَعَلَّكَ يَا حِطَّانُ قُلْتَهَا؟ قَالَ: مَا قُلْتُهَا. وَلَقَدْ رَهِبْتُ أَنْ تَبْكَعَنِي بِهَا. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَنَا قُلْتُهَا. وَلَمْ أُرِدْ بِهَا إَِلا الْخَيْرَ. فَقَالَ أَبُو مُوسَى: أَمَا تَعْلَمُونَ كَيْفَ تَقُولُونَ فِي صََلاتِكُمْ؟ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( خَطَبَنَا، فَبَيَّنَ لَنَا سُنَّتَنَا، وَعَلَّمَنَا صََلاتَنَا. فَقَالَ: إِذَا صَلَّيْتُمْ فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، ثُمَّ لْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ. فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذْ قَالَ: ( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وََلا الضَّالِّينَ ( ] الفاتحة: 7[، فَقُولُوا: آمِينَ، يُجِبْكُمُ اللَّهُ. فَإِذَا كَبَّرَ وَرَكَعَ، فَكَبِّرُوا وَارْكَعُوا، فَإِنَّ اْلأمَامَ يَرْكَعُ قَبْلَكُمْ، وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (: فَتِلْكَ بِتِلْكَ. وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، يَسْمَعُ اللَّهُ لَكُمْ. فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ (: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. وَإِذَا كَبَّرَ وَسَجَدَ، فَكَبِّرُوا وَاسْجُدُوا، فَإِنَّ اْلأمَامَ يَسْجُدُ قَبْلَكُمْ، وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (: فَتِلْكَ بِتِلْكَ. وَإِذَا كَانَ(1/44)
عِنْدَ الْقَعْدَةِ، فَلْيَكُنْ مِنْ أَوَّلِ قَوْلِ أَحَدِكُمُ: التَّحِيَّاتُ الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ. السََّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. السََّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ. أَشْهَدُ أَنْ َلا إِلَهَ إَِلا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.106
شرح الحديث: قوله: ( فأرم القوم ): أي سكتوا. قوله: ( لقد رهبت أن تبكعني بها ): أي تبكتني بها وتوبخني. ( الطيبات ): أي الكلمات الطيبات، وهي ذكر الله.
]59[ وعَنْ أَبِي بِشْرٍ، سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (، فِي التَّشَهُّدِ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، الصَّلَوَاتُ، الطَّيِّبَاتُ. السََّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: زِدْتَ فِيهَا: وَبَرَكَاتُهُ. السََّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ. أَشْهَدُ أَنْ َلا إِلَهَ إَِلا اللَّهُ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: زِدْتُ فِيهَا: وَحْدَهُ َلا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.107
شرح الحديث: قال الألباني108: هاتان الزيادتان ثابتتان في التشهد عن النبي (، ولم يزدها ابن عمر من عند نفسه، وحاشاه من ذلك، إنما أخذها عن غيره من الصحابة الذين رووها عنه (، فزادها هو على تشهده الذي سمعه من النبي ( مباشرة.(1/45)
]60[ وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ (، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، يُعَلِّمُ النَّاسَ التَّشَهُّدَ. يَقُولُ: قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ، الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ. السََّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. السََّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ. أَشْهَدُ أَنْ َلا إِلَهَ إَِلا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.109
]61[ وقال القاسم بن محمد: كانت عائشة، رضي الله عنها، تعلمنا التشهد، وتشير بيدها، تقول: التحيات، الطيبات، الصلوات، الزاكيات لله. السلام على النبي ورحمة الله و بركاته. السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. أشهد أن لا إله إلا الله، و أشهد أن محمداً عبده و رسوله. ثم يدعو الإنسان لنفسه بعد.110
? فائدة
من السنة في التشهد الإسرار، لإجماع المسلمين على ذلك. وقد جاء في الحديث:
]62[ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ (، قَالَ: مِنْ السُّنَّةِ أَنْ يُخْفِيَ التَّشَهُّدَ.111
ثانيا- صيغة الصلاة على النبي (
قال الألباني112: أولى ما قيل في معنى الصلاة عل النبي ( قول أبى العالية: صلاة الله على نبيه: ثناؤه عليه وتعظيمه. وصلاة الملائكة وغيرهم عليه: طلب ذلك من الله تعالى، والمراد طلب الزيادة لا طلب أصل الصلاة. ذكره الحافظ في الفتح، ورد القول المشهور أن صلاة الرب الرحمة، وفصل ذلك ابن القيم في جلاء الأفهام بما لا مزيد عليه، فراجعه.(1/46)
وأما اللفظ ( اللهم بارك ): فمن البركة: وهي النماء والزيادة، والتبريك: الدعاء بذلك. فهذا الدعاء يتضمن إعطاءه ( من الخير ما أعطاه لآل إبراهيم، وإدامته وثبوته له، ومضاعفته له وزيادته. ( في العالمين ): جمع عالم، وهو ما سوى الله تعالى. والمراد بهم هنا: الأنس والجن والملائكة. وأما جملة ( إنك حميد مجيد ): حميد: فعيل، بمعنى فاعل وبمعنى مفعول، فهو حامد ومحمود، حامد لعباده وأوليائه الذين قاموا بأمره، ومحمود يُحمد عز وجل على ما له من صفات الكمال وجزيل الإنعام، وهو الذي تحمد أفعاله. ومجيد: فعيل بمعنى فاعل، أي: الماجد، وهو من كمل في الشرف والكرم والصفات المحمودة، أو ذو المجد. والمجد هو العظمة وكمال السلطان. ولاحظ أن هذه الصلاة تنتهي بما انتهى به دعاء الملائكة لإبراهيم وآله: ( رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ( ] هود: 73 [ .
]63[ عن عَبْدَ الرَّحْمَنِ ابْنَ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ (، فَقَالَ: أََلا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً سَمِعْتُهَا مِنَ النَّبِيِّ (؟ فَقُلْتُ: بَلَى فَأَهْدِهَا لِي. فَقَالَ: سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ (، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَيْفَ الصََّلاةُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ؟ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ عَلَّمَنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ. قَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.113(1/47)
شرح الحديث: ( كيف نسلّم عليكم ): أي أهل البيت. قال البيهقي114: فيه إشارة إلى السلام الذي في التشهد، وهو قول " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ". فيكون المراد بقولهم " فكيف نصلي عليك ": أي بعد التشهد.
]64[ وعن أَبي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ (، أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ. وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ. إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.115
]65[ وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ (، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَذَا التَّسْلِيمُ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ. وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ. وفي رواية: عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ. وفي رواية: كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ.116(1/48)
]66[ وعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ اْلأنْصَارِيِّ (، قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ ( وَنَحْنُ فِي مَجْلِسِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ. فَقَالَ لَهُ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ: أَمَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ ( حَتَّى تَمَنَّيْنَا أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ. وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ. فِي الْعَالَمِينَ. إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. وَالسََّلامُ كَمَا قَدْ عَلِمْتُمْ.117
]67[ وعَنْ طَلْحَةَ بن عبيد الله (، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَيْفَ الصََّلاةُ عَلَيْكَ؟ قَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.118
]68[ وعَنِ النَّبِيِّ (، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.119
? فائدة: حكم زيادة لفظ " سيدنا " إلى الصلاة على النبي ( في الصلاة:(1/49)
أشار العلماء إلى جواز زيادة لفظ " سيدنا " في غير الصيغ الواردة عنه ( تأدبا. أما الصيغ التوقيفية الواردة بنصها، كالآذان والإقامة والتشهد والصلاة على النبي ( بعده، فيقتصر فيها على ما ورد، لأن الزيادة في الوارد تؤدي إلى رد العمل وعدم قبوله، لما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:
]69[ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( قَالَ: مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ.120
ثالثا- صيغة القنوت
والقنوت في اللغة له معانٍ، منها الدعاء. ولهذا سُمي هذا الدعاء قنوتا، ويطلق على الدعاء بخير وشر. يقال: قنت له وقنت عليه.
]70[ عن الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا، قال: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ ( كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي الْوِتْرِ، وفي لفظ: فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ، قال: اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وََلا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ َلا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وََلا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ.121
]71[ وعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( كَانَ يَقُولُ فِي آخِرِ وِتْرِه: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سُخْطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، َلا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ.122
شرح الحديث: ( في آخر وتره ): أي قبل السلام أو بعده.123(1/50)
]72[ وعن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، قال: صليت خلف عمر بن الخطاب (، صلاة الصبح. فسمعته يقول بعد القراءة قبل الركوع، فقال: اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إن عذابك الجد بالكفار ملحق. اللهم إنا نستعينك ونستغفرك، ونثني عليك الخير ولا نكفرك، ونؤمن بك، ونخضع لك، ونخلع من يكفرك. كذا قال : قبل الركوع، وهو وإن كان إسناداً صحيحاً، فمن روى عن عمر قنوته بعد الركوع أكثر، والعدد أولى بالحفظ من الواحد.124
شرح الحديث: ( وإليك نسعى ونحفد ): أي نسارع إلى طاعتك. وأصل الحفد: العمل والخدمة. ( الجد ): بكسر الجيم، أي الحق. ( ملحق ): الأشهر فيه كسر الحاء، وحُكي فيه الفتح. فمن فتح، فمعناه: إن شاء الله ألحقه بهم. ومن كسر، معناه: لحق.
? فائدة
اعلم أن القنوت لا يتعين فيه دعاء على المذهب المختار، فأي دعاء دعا به حصل القنوت، ولو قنت بآية أو آيات من القرآن العزيز وهي مشتملة على الدعاء حصل القنوت، ولكن الأفضل ما جاءت به السنة ... واعلم أنه يستحب إذا كان المصلي إماما أن يقول: " اللهم اهدنا ... " بلفظ الجمع، وكذلك الباقي. ولو قال: " اهدني ... " حصل القنوت وكان مكروها، لأنه يكره للإمام تخصيص نفسه بالدعاء.125
رابعا- دعاء ختم القرآن ( المنسوب لشيخ الإسلام ابن تيمية )126
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين، صدق الله العظيم، الذي لا إله إلا هو، المتوحد في الجلال بكمال الجمال تعظيما وتكبيرا، المنفرد بتصريف الأحوال على التفصيل والإجمال تقديرا وتدبيرا، والمتعالي بعظمته ومجده، الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا،
وصدق رسوله ( تسليما كثيرا، الذي أرسله إلى جميع الثقلين الجن والإنس بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا،(1/51)
اللهم لك الحمد على ما أنعمت به علينا من نعمك العظيمة وآلائك الجسيمة، حيث أنزلت علينا خير كتبك وأرسلت إلينا أفضل رسلك وشرعت لنا أفضل شرائع دينك، وجعلتنا من خير أمة أخرجت للناس، وهديتنا لمعالم دينك الذي ارتضيته لنفسك وبنيته على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام.
ولك الحمد على ما يسرته من صيام شهر رمضان وقيامه وتلاوة كتابك العزيز الذي ( َلا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وََلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ( ] فصلت: 42 [ .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.(1/52)
اللَّهُمَّ إِنِّا عَبْيدُكَ بنو عَبْيدِكَ بنو إمائك، نَواصينا بِيَدِكَ، مَاضٍ فِينا حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِينا قَضَاؤُكَ. نَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْوبنا، وَنُورَ صَدْورنا، وَجَِلاءَ أحزاننا، وَذَهَابَ همومنا. اللهم ذكرنا منه ما نسينا، وعلمنا منه ما جهلنا، وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار، على الوجه الذي يرضيك عنا. اللهم اجعلنا ممن يحل حلاله ويحرم حرامه، ويعمل بمحكمه ويؤمن بمتشابهه، ويتلوه حق تلاوته. اللهم اجعلنا ممن يقيم حدوده، ولا تجعلنا ممن يقيم حروفه ويضيع حدوده. اللهم اجعلنا ممن اتبع القرآن فقاده إلى رضوانك والجنة، ولا تجعلنا ممن اتبعه القرآن فزج قفاه إلى النار، واجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصتك يا أرحم الراحمين.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، وألف بين قلوبهم، وأصلح ذات بينهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم، واهدهم سبل السلام، وأخرجهم من الظلمات إلى النور، وبارك لهم في أسماعهم وأبصارهم وذرياتهم وأزواجهم أبدا ما أبقيتهم، واجعلهم شاكرين لنعمك مثنين بها عليك، وأتمها عليهم برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم اغفر لجميع موتى المؤمنين الذين شهدوا لك بالوحدانية، ولنبيك بالرسالة، وماتوا على ذلك. اللهم اغفر لهم وارحمهم وعافهم واعف عنهم وأكرم نزلهم ووسع مدخلهم وأغسلهم بالماء والبرد ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.
( رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِاْلأيمَانِ وََلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ( ] الحشر: 10 [ .(1/53)
اللَّهُمَّ إِنِّا نسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ، عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنا مِنْهُ وَمَا لَمْ نعْلَمْ، وَنعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ، عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنا مِنْهُ وَمَا لَمْ نعْلَمِ. اللَّهُمَّ إِنِّا أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَرسولك محمد (، وَنعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا استعَاذَ بِهِ عَبْدُكَ وَرسولك محمد (. اللَّهُمَّ إِنِّا نسْأَلُكَ الْجَنَّةَ، وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَنعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ، وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ. ونسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار.
اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا دينا إلا قضيته، ولا مريضا إلا شفيته وعافيته، ولا حاجة هي لك رضا ولنا فيها صلاح إلا قضيتها يا أرحم الراحمين.
( رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ( ] آل عمران: 147[ .
( رَبَّنَا َلا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ( ] آل عمران: 8[ .
( رَبَّنَا َلا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وََلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وََلا تُحَمِّلْنَا مَا َلا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوَْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ( ] البقرة: 286[ .
( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي اْلآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ( ] البقرة: 201[ .(1/54)
( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسََلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ( ] الصافات: 180-182[ .
(3) الأذكار بعد الصلاة
أجمع العلماء على استحباب الذكر بعد الصلاة. ويتأكد فضله ومشروعيته من الأحاديث التالية:
]73[ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ (، قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ (! أَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمَعُ؟ قَالَ: جَوْفَ اللَّيْلِ اْلآخِرِ، وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ.127
شرح الحديث: قال العلامة ابن العثيمين128: يجب أن يُحمل المراد بـ ( دبر129 الصلوات المكتوبات ) على أنه آخر الصلوات، بدليل حديث ابن مسعود ]45[، حيث أمر النبي ( بالدعاء بعد التشهد، والسنة يفسر بعضها بعضا. أما أدبار الصلوات فقد أرشد الله سبحانه وتعالى عباده إلى أن يذكروا الله بعدها، فقال: ( فَإِذَا قَضَيْتُمْ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ ( ] النساء: 103 [ ، وليس فيه الأمر بالدعاء. وعلى هذا فنقول: ما ورد مقيدا بدبر الصلاة، فإن كان ذكرا فهو بعد السلام، وإن كان دعاء فهو قبل السلام. ويقول ابن القيم130: إلا أن ها هنا نكتة لطيفة، وهو أن المصلي إذا فرغ من صلاته، وذكر الله وهلَّله وسبَّحه وحمده وكبَّره بالأذكار المشروعة عقيب الصلاة، استحب له أن يصلي على النبي ( بعد ذلك، ويدعو بما شاء. ويكون دعاؤه عقيب هذه العبادة الثانية، لا لكونه دبر الصلاة. فإن كل من ذكر الله، وحمده، وأثنى عليه، وصلى على رسول الله (، اُستحب له الدعاء عقيب ذلك.
]74[ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ حِينَ يَنْصَرِفُ النَّاسُ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ (. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُنْتُ أَعْلَمُ إِذَا انْصَرَفُوا بِذَلِكَ إِذَا سَمِعْتُهُ.131
والقاعدة في هذا أن يتم الاسترشاد بالحديث التالي:(1/55)
]75[ عَنْ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ (، صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ (، أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ ( سَمِعَ رَجُلاً يَدْعُو فِي صَلاَتِهِ، لَمْ يُمَجِّدْ اللَّهَ تَعَالَى، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (: عَجِلَ هَذَا. ثُمَّ دَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ: إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ، فَلْيَبْدَأْ بِتَمْجِيدِ رَبِّهِ جَلَّ وَعَزَّ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ (، ثُمَّ يَدْعُو بَعْدُ بِمَا شَاءَ.132
وإياك أن ترفع صوتك أثناء ختامك للصلاة ... حتى لا تكون مخالفا للسنة ... هذا بالإضافة إلى التشويش على مأموم مسبوق قام بعد تسليم الإمام لإتمام صلاته بإتيان ما فاته من ركعات ... اللهم إلا إذا كنت إماما وتريد تعليم المأمومين ختام الصلاة الوارد عن رسول الله ، فلا مانع حينئذ من رفع صوتك للتعليم دون ضجيج أو تهريج.133 وأما ما يحدث من بعض المصلين من المسارعة بمصافحة بعضهم عقب السلام، وترك ما شرعه النبي ( من أذكار مسنونة، فهو من البدع التي يجب التخلي عنها.134
أولا- تلاوة بعض آيات القرآن الكريم
]76[ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ (، قَالَ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ ( أَنْ أَقْرَأَ بِالْمُعَوِّذَاتِ دُبُرَ كُلِّ صََلاةٍ.135
شرح الحديث: وقال النووي في الأذكار136: فينبغي أن يقرأ: ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (، و( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (، و( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (.
]77[ وعن أبى أمامة ( أن النبي ( قال: " من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة، لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت ".137
ثانيا: ذكر الله
ويستحب أن يبدأ من هذه الأذكار بحديث الاستغفار.138
]78[ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كُنْتُ أَعْرِفُ انْقِضَاءَ صَلاَةِ النَّبِيِّ ( بِالتَّكْبِيرِ.139(1/56)
]79[ كَتَبَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ ( إِلَى مُعَاوِيَةَ ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنَ الصََّلاةِ وَسَلَّمَ قَالَ: " َلا إِلَهَ إَِلا اللَّهُ وَحْدَهُ َلا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ َلا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وََلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وََلا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ ".140
شرح الحديث: ( لا ينفع ذا الجد منك الجد ): لا ينفع ذا الغنى منك غناه، وإنما ينفعه الإيمان والطاعة.
]80[ كَانَ سَعْدٌ بن أبى وقاص ( يُعَلِّمُ بَنِيهِ هَؤَُلاءِ الْكَلِمَاتِ كَمَا يُعَلِّمُ الْمُعَلِّمُ الْغِلْمَانَ الْكِتَابَةَ، وَيَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْهُنَّ دُبُرَ الصََّلاةِ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ".141
شرح الحديث: ( البخل ): هو الشح بالمال. ( الجبن ): هو الشح بالنفس، وهو تهيب الإقدام على ما لا ينبغي أن يخاف منه. وإنما تعوذ منه ( لأنه يؤدي إلى عدم القيام بفريضة الجهاد والصدع بالحق وإنكار المنكرات. ( وأن أرد إلى أرذل العمر ): هو البلوغ إلى حد في الهرم يعود معه كالطفل في ضعف العقل وقلة الفهم. ( فتنة الدنيا ): الاغترار بشهواتها، أو يعني فتنة الدجال.
]81[ وعَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صََلاتِهِ، اسْتَغْفَرَ ثََلاثًا، وَقَالَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السََّلامُ وَمِنْكَ السََّلامُ تَبَارَكْتَ ذَا الْجََلالِ وَاْلإكْرَامِ.142(1/57)
شرح الحديث: ولم يمكث مستقبل القبلة إلا مقدار ما يقول ذلك، بل يُسرع الانتقال إلى المأمومين143. ( استغفر ثلاثا ): أي قال: استغفر الله ثلاث مرات. أي اطلب من الله المغفرة. وإنما شُرع للإنسان سؤال المغفرة بعد أداء هذه العبادة العظيمة، لأنها جديرة بالاعتناء والاهتمام، وكثير من الناس يفرط فيها. لذا كان الاستغفار بعد السلام له مناسبة عظيمة، وهي التقصير في الصلاة، فنسأل الله المغفرة، ولهذا اُستحب للإنسان أن يختم عمله بالاستغفار، وأن يختم عمره بالاستغفار. فيأتي الاستغفار في هذا الموضع تذكيرا للعبد بتقصيره في حق ربه، وعدم القيام بتمام ما كُلف به من فروض، وحتى لا يغتر بما أتى به من طاعة. ( أنت السلام ومنك السلام ): الأول من أسماء الله سبحانه وتعالى، والثاني من السلامة. ومناسبة قول ذلك ظاهرة، فكأنك تقول: اللهم أنت السلام، فسلّم لي صلاتي من الرد والرفض، لأن الصلاة قد تقبل وقد لا تقبل، قد تُلف ويضرب بها وده صاحبها والعياذ بالله، وقد تقبل، وما أربح الذين يقبل الله صلاتهم. ( تباركت ): تفاعلت، من البركة، وهي الكثرة. ومعناه: تعاظمت إذ كثرت صفات جلالك وكمالك.
]82[ كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ ( يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صََلاةٍ، حِينَ يُسَلِّمُ: " َلا إِلَهَ إَِلا اللَّهُ وَحْدَهُ َلا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، َلا حَوْلَ وََلا قُوَّةَ إَِلا بِاللَّهِ َلا إِلَهَ إَِلا اللَّهُ، وََلا نَعْبُدُ إَِلا إِيَّاهُ، لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الْفَضْلُ، وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ، َلا إِلَهَ إَِلا اللَّهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ " وَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( يُهَلِّلُ بِهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صََلاةٍ.144(1/58)
]83[ وعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ( إِذَا سَلَّمَ مِنَ الصََّلاةِ، قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ، وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ، وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَسْرَفْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ، وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، َلا إِلَهَ إَِلا أَنْتَ.145
]84[ وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ (، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( أَخَذَ بِيَدِهِ، وَقَالَ: " يَا مُعَاذُ! وَاللَّهِ إِنِّي َلاحِبُّكَ، وَاللَّهِ إِنِّي َلاحِبُّكَ ". فَقَالَ: " أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ: َلا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صََلاةٍ، تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ ".146
شرح الحديث: جاء لفظ ( اللهم أَعِنّي )، لأن الدنيا كثيرا ما تكون سببا في انشغال الإنسان عن ربه، لتكون بذلك سببا في ضياعه وهلاكه. ولذا كان من الحكمة سؤال الله عز وجل أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، حتى نكون في حصانة من فتنها وكيدها.
]85[ وعَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( كَانَ إِذَا جَلَسَ مَجْلِسًا أَوْ صَلَّى تَكَلَّمَ بِكَلِمَاتٍ، فَسَأَلَتْهُ عَائِشَةُ عَنِ الْكَلِمَاتِ؟ فَقَالَ: " إِنْ تَكَلَّمَ بِخَيْرٍ، كَانَ طَابِعًا عَلَيْهِنَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنْ تَكَلَّمَ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَانَ كَفَّارَةً لَهُ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ ".147
]86[ وعن أبي أمامة (، قال: ما دنوت من نبيكم ( في صلاة مكتوبة أو تطوع إلا سمعته يدعو بهؤلاء الكلمات ( الدعوات )، لا يزيد فيهن، ولا ينقص منهن: " اللهم اغفر لي ذنوبي وخطاياي كلها، اللهم أنعشني واجبرني، واهدني لصالح الأعمال والأخلاق، فإنه لا يهدي لصالحها ولا يصرف سيئها إلا أنت ".148(1/59)
شرح الحديث: ( اغفر لي ذنوبي ): جمع ذنب. والذنب ما له تبعة دنيوية أو أخروية، مأخوذ من الذَنَب. أي استرها. ( كلها ): أي صغيرها وكبيرها. ( أنعشني ): أي ارفعني وقوِ جأشي. ( واجبرني ): أي سُد مفاقري. والجبر أن تُغني الرجل من فقر، أو تصلح عظمه من كسر.
]87[ وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (: أَتَانِي اللَّيْلَةَ رَبِّي، تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، قَالَ: أَحْسَبُهُ قَالَ: فِي الْمَنَامِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! هَلْ تَدْرِي فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمََلا اْلأعْلَى؟ قَالَ: قُلْتُ: َلا. قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ، حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَهَا بَيْنَ ثَدْيَيَّ، أَوْ قَالَ: فِي نَحْرِي، فَعَلِمْتُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي اْلأرْضِ. قَالَ: يَا مُحَمَّدُ! هَلْ تَدْرِي فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمََلا اْلأعْلَى؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فِي الْكَفَّارَاتِ، وَالْكَفَّارَاتُ: الْمُكْثُ فِي الْمَسَاجِدِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ، وَالْمَشْيُ عَلَى اْلأقْدَامِ إِلَى الْجَمَاعَاتِ، وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِي الْمَكَارِهِ. وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، عَاشَ بِخَيْرٍ وَمَاتَ بِخَيْرٍ، وَكَانَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ. وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! إِذَا صَلَّيْتَ، فَقُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَإِذَا أَرَدْتَ بِعِبَادِكَ فِتْنَةً، فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مَفْتُونٍ. قَالَ: وَالدَّرَجَاتُ: إِفْشَاءُ السََّلامِ، وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَالصََّلاةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ.149(1/60)
]88[ وعَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: كَانَ أَبِي يَقُولُ فِي دُبُرِ الصَّلاَةِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْكُفْرِ، وَالْفَقْرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ. فَكُنْتُ أَقُولُهُنَّ، فَقَالَ أَبِي: أَيْ بُنَيَّ! عَمَّنْ أَخَذْتَ هَذَا؟ قُلْتُ: عَنْكَ! قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( كَانَ يَقُولُهُنَّ فِي دُبُرِ الصَّلاَةِ.150
]89[ وعَنْ الْبَرَاءِ (، قَالَ: كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ (، أَحْبَبْنَا أَنْ نَكُونَ عَنْ يَمِينِهِ، يُقْبِلُ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ. قَالَ: فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: رَبِّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ أَوْ تَجْمَعُ عِبَادَكَ.151
شرح الحديث: قال النووي152: قال القاضي: يحتمل أن يكون التيامن عند التسليم وهو الأظهر، لأن عادته ( إذا انصرف أن يستقبل جميعهم بوجهه. وإقباله ( يحتمل أن يكون بعد قيامه من الصلاة، أو يكون حين ينفتل.
ثالثا: التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل(1/61)
]90[ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (، قَالَ: جَاءَ الْفُقَرَاءُ إِلَى النَّبِيِّ (، فَقَالُوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنَ اْلأمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ الْعَُلا وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا وَيَعْتَمِرُونَ وَيُجَاهِدُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ. قَالَ: " أََلا أُحَدِّثُكُمْ إِنْ أَخَذْتُمْ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ، إَِلا مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُ؟ تُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صََلاةٍ ثََلاثًا وَثََلاثِينَ "، فَاخْتَلَفْنَا بَيْنَنَا، فَقَالَ بَعْضُنَا: نُسَبِّحُ ثََلاثًا وَثََلاثِينَ وَنَحْمَدُ ثََلاثًا وَثََلاثِينَ وَنُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَثََلاثِينَ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: تَقُولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ حَتَّى يَكُونَ مِنْهُنَّ كُلِّهِنَّ ثََلاثًا وَثََلاثِينَ.153 وفي رواية للبخاري مثل أوله من قول فقراء المهاجرين، وقول النبي (، وقال فيه: تُسَبِّحُونَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرًا، وَتَحْمَدُونَ عَشْرًا، وَتُكَبِّرُونَ عَشْرًا.154 وفي رواية لمسلم155، يَقُولُ سُهَيْلٌ ( راوي الحديث ): إِحْدَى عَشْرَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ، 156 فَجَمِيعُ ذَلِكَ كُلِّهِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ. وفي أخرى لمسلم157، قال: قال رَسُولِ اللَّهِ (: " مَنْ سَبَّحَ اللَّهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صََلاةٍ ثََلاثًا وَثََلاثِينَ، وَحَمِدَ اللَّهَ ثََلاثًا وَثََلاثِينَ، وَكَبَّرَ اللَّهَ ثََلاثًا وَثََلاثِينَ، فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَقَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ: َلا إِلَهَ إَِلا اللَّهُ وَحْدَهُ َلا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ(1/62)
قَدِيرٌ. غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ ".
شرح الحديث: ( الدثور ): جمع دثر، وهو المال الكثير. ( من أنتم بين ظهرانيه ): أي من أنتم بينهم. ( دبر ): أي بعد كل صلاة.
]91[ وعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ (، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (، قَالَ: مُعَقِّبَاتٌ َلا يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ أَوْ فَاعِلُهُنَّ دُبُرَ كُلِّ صََلاةٍ مَكْتُوبَةٍ: ثََلاثٌ وَثََلاثُونَ تَسْبِيحَةً، وَثََلاثٌ وَثََلاثُونَ تَحْمِيدَةً، وَأَرْبَعٌ وَثََلاثُونَ تَكْبِيرَةً.158
شرح الحديث: ( معقبات ): هو من التعقيب، وهو الجلوس بعد انقضاء الصلاة للدعاء ونحوه. ويجوز أن يراد به العود مرة بعد أخرى.
]92[ وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ (، قَالَ: خَصْلَتَانِ أَوْ خَلَّتَانِ َلا يُحَافِظُ عَلَيْهِمَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ إَِلا دَخَلَ الْجَنَّةَ، هُمَا يَسِيرٌ، وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ: يُسَبِّحُ فِي دُبُرِ كُلِّ صََلاةٍ عَشْرًا، وَيَحْمَدُ عَشْرًا، وَيُكَبِّرُ عَشْرًا، فَذَلِكَ خَمْسُونَ وَمِائَةٌ بِاللِّسَانِ، وَأَلْفٌ وَخَمْسُ مِائَةٍ فِي الْمِيزَانِ159، وَيُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَثََلاثِينَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ، وَيَحْمَدُ ثََلاثًا وَثََلاثِينَ، وَيُسَبِّحُ ثََلاثًا وَثََلاثِينَ، فَذَلِكَ مِائَةٌ بِاللِّسَانِ وَأَلْفٌ فِي الْمِيزَانِ. فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( يَعْقِدُهَا بِيَدِهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَيْفَ هُمَا يَسِيرٌ، وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ؟ قَالَ: " يَأْتِي أَحَدَكُمْ، يَعْنِي الشَّيْطَانَ، فِي مَنَامِهِ فَيُنَوِّمُهُ قَبْلَ أَنْ يَقُولَهُ، وَيَأْتِيهِ فِي صََلاتِهِ فَيُذَكِّرُهُ حَاجَةً قَبْلَ أَنْ يَقُولَهَا ".160(1/63)
شرح الحديث: ( خلتان ): خصلتان حميدتان. ( يعقدها بيده ): قال الألباني161: أي بيمينه، فالتسبيح باليدين معا خلاف السنة، والعجب من أناس يأكلون باليد اليمنى فقط، ويسبحون بهما!!
]93[ وعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ (، قَالَ: أُمِرُوا أَنْ يُسَبِّحُوا دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَيَحْمَدُوا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَيُكَبِّرُوا أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ. فَأُتِيَ رَجُلٌ مِنْ اْلأَنْصَارِ فِي مَنَامِهِ، فَقِيلَ لَهُ: أَمَرَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ ( أَنْ تُسَبِّحُوا دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَتَحْمَدُوا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَتُكَبِّرُوا أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَاجْعَلُوهَا خَمْسًا وَعِشْرِينَ، وَاجْعَلُوا فِيهَا التَّهْلِيلَ. فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِيَّ ( فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: اجْعَلُوهَا كَذَلِكَ.162
]94[ وعَنْ أُمِّ الْحَكَمِ أَوْ ضُبَاعَةَ - ابْنَتَيْ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ - حَدَّثَتْهُ عَنْ إِحْدَاهُمَا، أَنَّهَا قَالَتْ: أَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ ( سَبْيًا، فَذَهَبْتُ أَنَا وَأُخْتِي وَفَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ (، فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَحْنُ فِيهِ، وَسَأَلْنَاهُ أَنْ يَأْمُرَ لَنَا بِشَيْءٍ مِنْ السَّبْيِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (: سَبَقَكُنَّ يَتَامَى بَدْرٍ. لَكِنْ سَأَدُلُّكُنَّ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُنَّ مِنْ ذَلِكَ: تُكَبِّرْنَ اللَّهَ عَلَى إِثْرِ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ تَكْبِيرَةً، وَثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ تَسْبِيحَةً، وَثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ تَحْمِيدَةً، وَلاَ إِلَهَ إَِّلا اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.163
? فوائد(1/64)
فائدة (1): يتضح من الروايات الواردة أن التسبيح والتحميد والتكبير دبر كل صلاة ورد بأعداد مختلفة ... كما يتضح من هذه الروايات أيضا أن مراعاة العدد المخصوص في الأذكار عقب الصلوات من الأمور المعتبرة، والمفروض ألا يتعداها الذاكر وإلا حُرم ثوابها، لاحتمال أن يكون لتلك الأعداد حكمة وخاصية تفوت بمجاوزة العدد. وقد مثّله بعضهم بالدواء يكون فيه مثلا أوقية من السكر، فلو زيد فيه أوقية أخرى لتخلف الانتفاع به.164
فائدة (2): ربما كان من فوائد تنوع أعداد التسبيح والتحميد والتكبير دبر الصلوات مناسبة الأحوال المختلفة للمصلين، فإن الإنسان يحب أن يسرع في الانصراف في بعض الأحيان، فيقتصر على سبحان الله عشر مرات، والحمد لله عشر مرات، والله أكبر عشر مرات، فيكون هنا فاعلا للسنة قاضيا لحاجته، ولا حرج على الإنسان أن يفعل ذلك مع قصد حاجته.165
فائدة (3): يستحب عدّ الأذكار على الأنامل، وذلك لحديث عبد الله بن عمرو ]92[ أعلاه، وفيه: فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( يَعْقِدُهَا بِيَدِهِ، وللحديث:
]95[ عَنْ يُسَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ ( أَمَرَهُنَّ أَنْ يُرَاعِينَ بِالتَّكْبِيرِ وَالتَّقْدِيسِ وَالتَّهْلِيلِ، وَأَنْ يَعْقِدْنَ بِاْلأَنَامِلِ، فَإِنَّهُنَّ مَسْئُوَلاتٌ مُسْتَنْطَقَاتٌ.166
وفي الروايات الحث على الذكر بعد الصلاة، والترغيب في عدّه على الأنامل لتشهد له يوم القيامة، ولتعود بركة الذكر عليها. وأن العد على الأنامل أولى من عدّه على نحو المسبحة. والحث على استعمال الأعضاء فيما يُرضي الله تعالى وحفظها عما يغضبه.167
فائدة (4): يستحب الترتيب بين التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل: فيبدأ المصلي ذكره بالتسبيح المتضمن نفي النقائص عن الباري سبحانه. ثم يثني بالتحميد، الذي يثبت الكمال له سبحانه. ويليه التكبير، المتضمن لأكبريته فلا يماثله شيء. ثم يختم ذلك كله بالتهليل، الدال على انفراده سبحانه بجميع ذلك.(1/65)
رابعا- الأذكار بعد صلوات مخصوصة:
]96[ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ (، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (: " مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ "، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (: " تَامَّةٍ، تَامَّةٍ، تَامَّةٍ ".168
شرح الحديث: ( الغداة ): أي الصبح.
]97[ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، رضي الله عنها، أَنَّ النَّبِيَّ ( كَانَ يَقُولُ، إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ، حِينَ يُسَلِّمُ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا وَرِزْقًا طَيِّبًا وَعَمَلاً مُتَقَبَّلاً ".169(1/66)
]98[ عَنْ أَبِي ذَرٍّ (، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( قَالَ: " مَنْ قَالَ فِي دُبُرِ صََلاةِ الْفَجْرِ، وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَيْهِ، قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ: َلا إِلَهَ إَِلا اللَّهُ وَحْدَهُ َلا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، عَشْرَ مَرَّات،ٍ كُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ، وَكَانَ يَوْمَهُ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي حِرْزٍ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ، وَحُرِسَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَلَمْ يَنْبَغِ لِذَنْبٍ أَنْ يُدْرِكَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، إَِلا الشِّرْكَ بِاللَّهِ ".170 وفي سنن النسائي الكبرى عنه أيضا قال رسول الله (: " من قال دبر صلاة الفجر، وهو ثاني رجله قبل أن يتكلم: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير عشر مرات، كتب الله له بكل واحدة قالها منهن حسنة ومحي عنه سيئة، ورفع بها درجة، وكان بكل واحدة قالها عتق رقبة، وكان يومه ذلك في حرز من كل مكروه، وحرس من الشيطان، ولم ينبغ لذنب أن يدركه في ذلك اليوم، إلا الشرك بالله ".171 وفي سنن النسائي الكبرى أيضا عن معاذ ( قال: قال رسول الله (: " من قال حين ينصرف من صلاة الغداة: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، و له الحمد، وهو على كل شيء قدير، عشر مرات، من قبل أن يتكلم كتب له بهن عشر حسنات ومحي عنه بهن عشر سيئات، ورفع بهن عشر درجات، وكن له عدل عشر نسمات، وكن له حرساً من الشيطان، و حرزاً من المكروه، ولم يلحقه في يومه ذلك ذنب إلا الشرك بالله. ومن قالهن حين ينصرف من صلاة العصر أعطي مثل ذلك في ليلته ".172
شرح الحديث: ( صلاة الغداة ): أي صلاة الصبح. ( وهو ثانٍ رجليه ): أي وهو على هيئة التشهد في الصلاة.(1/67)
]99[ عن أبي أمامة (، قال: قال رسول الله (: " من قال في دبر صلاة الغداة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك، وله الحمد، يحيى ويميت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، مائة مرة، قبل أن يثني رجليه، كان يومئذ أفضل أهل الأرض عملا، إلا من قال مثل مقالته، أو زاد على ما قال ".173
]100[ عن صهيب (، أن رسول الله ( كان يحرك شفتيه بعد صلاة الفجر بشيء، فقلت: يا رسول الله، إنك تحرك شفتيك بشيء ما كنت تفعل، ما هذا الذي تقول؟ قال: أقول: اللهم بك أحاول، وبك أصاول، وبك أقاتل.174
شرح الحديث: ( بك أحاول ): أي اصرف كيد العدو واحتال لدفع مكرهم. من حال يحول حيلة، وأصله حولة. ( وبك أصاول ): أي احمل على العدو حتى اغلبه واستأصله. ومنه الصولة، بمعنى الحملة. ( وبك أقاتل ): أي أعداءك.
]101[ عن أبي أيوب (، قال: قال رسول الله (: " من قال إذا أصبح: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، عشر مرات، كتب له بهن عشر حسنات، ومحي بهن عنه عشر سيئات، ورفع له بهن عشر درجات، وكن له عدل عتاقة أربع رقاب، وكن له حرساً من الشيطان حتى يمسي، ومن قالهن إذا صلى المغرب في دبر صلاته، فمثل ذلك حتى يصبح ".175
شرح الحديث: ( وكن له عدل عتاقة أربع رقاب ): أي مثل عتق أربع رقاب من العبيد.
]102[ عن معاذ بن جبل (، قال: قال رسول الله (: من قال حين ينصرف من صلاة الغداة، قبل أن يتكلم: " لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، عشر مرات، أعطي بهن سبعاً: كتب له بهن عشر حسنات، ومحا عنه بهن عشر سيئات، ورفع له بهن عشر درجات، وكن له عدل عشر نسمات، وكن له حفظا من الشيطان، وحرزا من المكروه، ولم يلحقه في يومه ذلك ذنب إلا الشرك بالله. ومن قالهن حين ينصرف من صلاة المغرب، أعطي مثل ذلك ليلته ".176(1/68)
]103[ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، عَنِ النَّبِيِّ (، أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ وَيَثْنِيَ رِجْلَهُ مِنْ صََلاةِ الْمَغْرِبِ وَالصُّبْحِ: َلا إِلَهَ إَِلا اللَّهُ وَحْدَهُ َلا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، عَشْرَ مَرَّاتٍ، كُتِبَ لَهُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ، وَكَانَتْ حِرْزًا مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ، وَحِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، وَلَمْ يَحِلَّ لِذَنْبٍ يُدْرِكُهُ إَِلا الشِّرْكَ، فَكَانَ مِنْ أَفْضَلِ النَّاسِ عَمَلًا، إَِلا رَجُلًا يَفْضُلُهُ، يَقُولُ أَفْضَلَ مِمَّا قَالَ ".177
]104[ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ شَبِيبٍ السَّبَأِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (: " مَنْ قَالَ: َلا إِلَهَ إَِلا اللَّهُ وَحْدَهُ َلا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، عَشْرَ مَرَّاتٍ، عَلَى إِثْرِ الْمَغْرِبِ، بَعَثَ اللَّهُ مَسْلَحَةً يَحْفَظُونَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا عَشْرَ حَسَنَاتٍ مُوجِبَاتٍ، وَمَحَا عَنْهُ عَشْرَ سَيِّئَاتٍ مُوبِقَاتٍ، وَكَانَتْ لَهُ بِعَدْلِ عَشْرِ رِقَابٍ مُؤْمِنَاتٍ ".178
]105[ عَنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( كَانَ يُوتِرُ بِـ ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ اْلأعْلَى(، وَ ( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (، وَ ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (، وَكَانَ يَقُولُ إِذَا سَلَّمَ: " سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ، ثََلاثًا "، وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالثَّالِثَةِ.179
المراجع(1/69)
1- إرشاد السالكين إلى أخطاء المصلين، محمود المصري ( أبو عمار ). القاهرة: مكتبة العلم، 1999.
2- إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، محمد ناصر الألباني. بيروت: المكتب الإسلامي، 1405.
3- أسرار الصلاة والفرق والموازنة بين ذوق الصلاة والسماع، ابن قيم الجوزية. بيروت: دار ابن حزم، 1424.
4- بدائع الفوائد، ابن قيم الجوزية. القاهرة: دار الحديث، 1423.
5- تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين من كلام سيد المرسلين (، محمد بن علي الشوكاني. القاهرة: مكتبة النشرتي، 1421.
6- جامع الأصول في أحاديث الرسول (، الإمام ابن الأثير الجزري. بيروت: دار الكتب العلمية، 1418.
7- زاد المعاد في هدي خير العباد (، ابن قيم الجوزية. بيروت: مؤسسة الرسالة، 1421.
8- شرح السنة، للإمام الحسين بن مسعود البغوي. تحقيق: شعيب الأرناؤوط ومحمد زهير الشاويش. بيروت: المكتب الإسلامي، 1403.
9- الشرح الممتع على زاد المستقنع، محمد بن صالح العثيمين. الرياض: مؤسسة آسام، 1416.
10- صحيح الترغيب والترهيب للمنذري، محمد ناصر الدين الألباني. الرياض: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، 1421.
11- صحيح الجامع الصغير وزيادته، محمد ناصر الدين الألباني. بيروت: المكتب الإسلامي، 1408.
12- صحيح سنن ابن ماجه، محمد ناصر الدين الألباني. الرياض: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، 1417.
13- صحيح سنن أبي داود، محمد ناصر الدين الألباني. الرياض: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، 1421.
14- صحيح سنن الترمذي، محمد ناصر الدين الألباني. الرياض: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، 1420.
15- صحيح سنن النسائي، محمد ناصر الدين الألباني. الرياض: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، 1419.
16- صحيح الكلم الطيب لشيخ الإسلام ابن تيمية، محمد ناصر الدين الألباني. بيروت: المكتب الإسلامي، 1408.
17- صحيح مسلم بشرح النووي، الإمام أبي زكريا محيي الدين بن شرف النووي. القاهرة: دار الحديث، 1419.(1/70)
18- الصحيح المسند من أذكار اليوم والليلة، مصطفى العدوي. المنصورة: دار ابن رجب، 1422.
19- صفة صلاة النبي ( من التكبير إلى التسليم كأنك تراها، محمد ناصر الدين الألباني. الرياض: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، 1417.
20- عجالة الراغب المتمني في تخريج كتاب عمل اليوم والليلة لابن السني، سليم بن عيد الهلالي. بيروت: دار ابن حزم، 1422.
21- عمل اليوم والليلة، الحافظ أحمد بن محمد الدينوري المعروف بابن السني. تحقيق: بشير محمد عيون. دمشق: مكتبة دار البيان، 1414.
22- عون المعبود شرح سنن أبي داود، العلامة: محمد شمس الحق العظيم آبادي. القاهرة: دار الحديث، 1422.
23- فتح الباري شرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني. القاهرة: المكتبة السلفية ومطبعتها، 1407.
24- فن الذكر والدعاء عند خاتم الأنبياء (، محمد الغزالي. دمشق، دار القلم، 1425.
25- فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير، محمد عبد الرؤوف المناوي. بيروت: دار الفكر، 1416.
26- قبس من هدي الصلاة، علي مرسي. القاهرة: دار الهدى للنشر والتوزيع، 1422.
27- كتاب الأذكار، الإمام يحيي بن شرف النووي، تحقيق: بشير محمد عيون. دمشق: مكتبة دار البيان، 1424.
28- الكلم الطيب، شيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني. الرياض: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، 1422.
29- اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان، محمد فؤاد عبد الباقي. القاهرة: دار الحديث، 1417.
30- المجموع شرح المهذب للشيرازي، الإمام أبي زكريا محيي الدين بن شرف النووي. حققه وعلق عليه وأكمله بعد نقصانه: محمد نجيب المطيعي. جدة: مكتبة الإرشاد، ب. ت.
31- مجموع الفتاوى، شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية، تحقيق: عامر الجزار وأنور الباز. المنصورة: دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع، 1419.(1/71)
32- مختصر النصيحة في الأذكار والأدعية الصحيحة، محمد أحمد إسماعيل. الإسكندرية: دار العقيدة للتراث، 1414.
33- مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، ابن قيم الجوزية. القاهرة: دار الحديث، 1416.
34- المعجم الوسيط. القاهرة: مجمع اللغة العربية، 1405.
35- من وصايا الرسول، طه عبد الله العفيفي. القاهرة: دار الاعتصام، د. ت.
36- مهذب عمل اليوم والليلة للإمام ابن السني، علي حسن علي عبد الحميد. عمان: المكتبة الإسلامية، 1405.
37- النهاية في غريب الحديث والأثر، الإمام مجد الدين أبي السعادات ابن الأثير. بيروت: دار الفكر، 1421.
38- الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب، ابن قيم الجوزية، تحقيق: بشير محمد عيون. دمشق: مكتبة دار البيان، 1421.
الفهرس
مقدمة
4
قبل أن تبدأ
8
(1) أذكار الصلاة…
10
أولا: أذكار الاستفتاح
10
ثانيا: أذكار الركوع
22
ثالثا: أذكار الرفع من الركوع والاعتدال
29
رابعا: أذكار السجود
34
خامسا: أذكار ما بين السجدتين
42
سادسا: الدعاء قبل السلام
44
أ- الدعاء في الصلاة
44
ب- صيغ الدعاء
46
(2) صيغتا التشهد والقنوت……
54
أولا: صيغة التشهد
54
ثانيا: صيغة الصلاة على النبي (
59
ثالثا: صيغة القنوت
63
رابعا: دعاء ختم القرآن المنسوب لشيخ الإسلام ابن تيمية
66
(3) الأذكار بعد الصلاة
70
أولا: تلاوة بعض آيات القرآن الكريم
72
ثانيا: الدعاء والذكر
72
ثالثا: التسبيح والتحميد والتكبير
78
رابعا: الأذكار بعد صلوات مخصوصة
84
المراجع
89
الفهرس
93
مقالات للمؤلف على الانترنت
* التحذير من البلية بالالتحاق بالمدارس الأجنبية
www.saaid.net/manahej/40.htm
www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=779
* إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا
www.saaid.net/arabic/ar163.htm
www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=775
* وقفات مع نشر صور تعذيب المعتقلين العراقيين(1/72)
www.saaid.net/mktarat/iraq/44.htm
* ومتى فقناهم عددا أو عدة؟
www.saaid.net/arabic/ar173.htm
* محاولة لفهم اليهود من خلال نصوص التوراة
www.saaid.net/mktarat/flasteen/63.htm
* أخطاء شائعة في الترجمة إلى العربية
www.saaid.net/Minute/89.htm
* النوم ... وقت اجتماع القوم!!!
www.saaid.net/aldawah/212.htm
* ثقافة الخلود: الهوانم في صالونات الفرفشة
www.saaid.net/arabic/ar185.htm
* التغريب في ديار الإسلام
www.saaid.net/arabic/ar189.htm
* العادات المرذولة بربط مواسم الطاعة بالأصناف المأكولة
www.saaid.net/mktarat/ramadan/67.htm
* يوم في حياة صائم
www.saaid.net/mktarat/ramadan/139.htm
* أفكار رمضانية للمتميزين
www.saaid.net/mktarat/ramadan/140.htm
* سنن العيدين
www.saaid.net/mktarat/eid/31.htm
سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية هذا السؤال وأجابت عليه بالفتوى رقم 20062 بتاريخ 3/12/1418 هـ
السؤال: هل طباعة الكتب الشرعية الصحيحة ينتفع بها الإنسان بعد موته ويدخل في العلم الذي ينتفع به كما جاء في الحديث؟
الجواب: طباعة الكتب المفيدة التي ينتفع بها الناس في أمور دينهم ودنياهم هي من الأعمال الصالحة التي يثاب الإنسان عليها في حياته ويبقى أجرها ويجري نفعها له بعد مماته ويدخل في عموم قوله ( فيما صح عنه من حديث أبي هريرة ( أن ( قال: " إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له "، رواه الإمام مسلم في صحيحه والترمذي والنسائي والإمام أحمد. وكل من ساهم في إخراج هذا العلم النافع يحصل على هذا الثواب العظيم سواء كان مؤلفا أو معلما أو ناشرا له بين الناس أو مخرجا أو مساهما في طباعته كل بحسب جهده ومشاركته في ذلك.
1 الوابل الصيب، ص: 26.
2 رواه البخاري في صحيحه عن مالك بن الحويرث (: (631) و(6008) و(7246).(1/73)
3 كتاب الأذكار، للإمام النووي، ص: 25.
4 ولا يقال شيء قبل هذه التكبيرة، ولا تلفظ بالنية البتة، فلم يرد عنه ( أنه قال: أصلي لله صلاة كذا مستقبل القبلة أربع ركعات إماما أو مأموما، ولا قال: أداء ولا قضاء، ولا فرض وقت ( زاد المعاد: 1/194 ). فكل هذا من البدع التي لم يأت بها الشرع.
5 لشيخ الإسلام ابن تيمية كلام نفيس عن أنواع الاستفتاح في الصلاة ( مجموع الفتاوى: 22/221-236 )، فأنظره لأهميته.
6 صحيح. رواه البخاري (744)، ومسلم (598/147)، والنسائي (894)، وأبو داود (781)، وابن ماجه (812). واللفظ لمسلم.
7 تحفة الذاكرين للإمام الشوكاني، ص: 267.
8 راجع هذه الأقوال في: فتح الباري بشرح صحيح البخاري: 2/269.
9 صحيح. انفرد به النسائي (897).
10 صحيح. رواه الترمذي (243)، وأبو داود (776)، وابن ماجه (813). واللفظ لأبي داود.
11 زاد المعاد: 1/198-199.
12 بدائع الفوائد: 2/318.
13 صحيح. رواه مسلم (771/201)، والترمذي (3421) و(3422) و(3423)، والنسائي (896)، وأبو داود (760). واللفظ لمسلم.
14 كتاب الأذكار للإمام النووي، ص: 69، والكلم الطيب لشيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق العلامة الألباني، ص: 100.
15 فن الذكر والدعاء، ص: 94.
16 صحيح. انفرد به النسائي (895).
17 صحيح. رواه مسلم (600/149)، والنسائي (900)، وأبو داود (763). واللفظ لمسلم. وفي رواية لأحمد: " فقال: الله أكبر، الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ". فتُحمل رواية مسلم على أنه قال ذلك بعد التكبير.
18 صحيح. رواه مسلم (601/150)، والترمذي (3592)، والنسائي (884) و(885). واللفظ لمسلم.
19 صحيح. رواه البخاري (1120)، ومسلم (769/199)، والترمذي (3418)، والنسائي (1618)، وأبو داود (771)، وابن ماجه (1372). واللفظ للبخاري.
20 صحيح. رواه مسلم (770/200)، والترمذي (3420)، والنسائي (1624)، وأبو داود (767) و(768)، وابن ماجه (1375). واللفظ لمسلم.
21 زاد المعاد: 1/44.(1/74)
22 صحيح. رواه الترمذي (242)، والنسائي (898) و(899)، وأبو داود (775)، وابن ماجه (811). واللفظ لأبي داود.
23 تحفة الذاكرين للإمام الشوكاني، ص: 334، نقلا عن الصغاني في العباب.
24 صحيح. رواه مسلم (772/203)، والنسائي (1068) و(1132) و(1144) و(1663)، وأبو داود (874). واللفظ لأبي داود.
25 صحيح. رواه النسائي (1616) و(5550)، وأبو داود (766)، وابن ماجه (1374). واللفظ للنسائي.
26 راجع في ذلك: الشرح الممتع على زاد المستقنع: 3/67.
27 صحيح. رواه الترمذي (262)، والنسائي (1007) و(1045) و(1664)، وأبو داود (871)، وابن ماجه (896). واللفظ لابن ماجه.
28 صحيح. رواه الدارقطني في سننه، وصححه الألباني في صفة الصلاة، ص133.
29 صحيح. رواه البخاري (794) و(817)، ومسلم (484/217)، والنسائي (1046) و(1121) و(1122)، وأبو داود (877)، وابن ماجه (897). واللفظ لمسلم.
30 صحيح. رواه مسلم (487/223)، والنسائي (1047) و(1133)، وأبو داود (872). واللفظ لمسلم.
31 صحيح. رواه الدارقطني في سننه، وصححه الألباني في صفة الصلاة، ص133.
32 صحيح. انفرد به النسائي (1050).
33 صحيح. انفرد به النسائي (1051).
34 صحيح. رواه مسلم (485/221)، والنسائي (1130). واللفظ لمسلم.
35 صحيح. رواه النسائي (1048) و(1131)، وأبو داود (873). واللفظ للنسائي.
36 صفة صلاة النبي (، ص 134.
37 الشرح الممتع على زاد المستقنع: 3/133.
38 صحيح. رواه مسلم (479/207)، والنسائي (1044) و(1119)، وأبو داود (876)، وابن ماجه (3968). واللفظ لمسلم.
39 صحيح. رواه مسلم (480/210)، والنسائي (1118). واللفظ لمسلم.
40 أي: سكون وانحناء.
41 نقلا عن شيخ الإسلام، كما في مدارج السالكين: 2/364.
42 قال شيخ الإسلام ابن تيمية: القيام أفضل بذكره، وهو القراءة. والسجود أفضل بهيئته. فهيئة السجود أفضل من هيئة القيام، وذكر القيام أفضل من ذكر السجود. انظر: زاد المعاد: 1/230.(1/75)
43 الأذكار التالية مستحبة للإمام والمأموم والمنفرد، إلا أن الإمام لا يأتي بجميعها، إلا أن يعلم من حال المأمومين أنهم يؤثرون التطويل.
44 صحيح. رواه البخاري (722) و(734)، ومسلم (414/86) و(417/89)، والنسائي (920) وأبو داود (603)، وابن ماجه (853). واللفظ للبخاري.
45 صحيح. رواه البخاري (796) و(3228)، ومسلم (409/71)، والترمذي (267)، والنسائي (1062) وأبو داود (848). واللفظ للبخاري.
46 صحيح. رواه البخاري (789) و(803)، ومسلم (392/28)، والنسائي (1022) و(1059) و(1155)، وأبو داود (836). واللفظ لمسلم.
47 رواه البخاري (795).
48 صحيح. رواه مسلم (476/202)، وأبو داود (846)، وابن ماجه (885). واللفظ لمسلم.
49 انظر: جامع الأصول، حديث رقم (2168).
50 صحيح. رواه مسلم (478/206)، والنسائي (1065) و(1066). واللفظ لمسلم.
51 صحيح. رواه مسلم (477/205)، والنسائي (1067)، وأبو داود (847). واللفظ لمسلم.
52 صحيح. رواه البخاري (799)، والنسائي (1061)، وأبو داود (770) و(773). واللفظ للبخاري. وانظر جامع الأصول، حديث رقم (2173).
53 كما أنها فرض على المنفرد، لأن رسول الله ( أمر بها المسيء في صلاته كما في رواية أبي داود (857)، وفيها أنه ( قال: إِنَّهُ َلا تَتِمُّ صَلاَةٌ ِلأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ حَتَّى يَتَوَضَّأَ ... ثُمَّ يَرْكَعُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ، ثُمَّ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِمًا.
54 الحكمة من السجود: أنه كمال التعبد لله والذل له، فإن الإنسان يضع أشرف ما فيه، وهو وجهه، بحذاء أسفل ما فيه، وهو قدمه. وأيضا يضعه على موطئ الأقدام. يفعل كل هذا تعبدا لله تعالى وتقربا إليه.
55 صحيح. رواه مسلم (483/216)، وأبو داود (878). واللفظ لمسلم.
56 صحيح. انفرد به النسائي (1126).
57 رواه البزار في مسنده، وصححه الألباني في صفة صلاة النبي (، ص146.(1/76)
58 صحيح. رواه مسلم (486/222)، والترمذي (3493)، والنسائي (169) و(1099) و(1129) و(5549)، وأبو داود (879)، وابن ماجه (3909). واللفظ لمسلم.
59 صحيح. رواه النسائي (1123) و(1124).
60 صحيح. رواه مسلم (763/187)، والنسائي (1120). واللفظ لمسلم.
61 صحيح. انفرد به النسائي (1126).
62 صحيح. رواه الترمذي (580) و(3425)، والنسائي (1128)، وأبو داود (1414). واللفظ للترمذي.
63 حسن. رواه الترمذي (579) و(3424)، وابن ماجه (1062). واللفظ للترمذي.
64 المجموع شرح المهذب للنووي: 3/410-411.
65 صحيح. رواه مسلم (482/215)، والنسائي (1136)، وأبو داود (875). واللفظ لمسلم.
66 قبس من هدي الصلاة، ص: 317.
67 زاد المعاد: 1/227.
68 المجموع شرح المهذب: 3/454.
69 مجموع الفتاوى: 22/222.
70 صحيح. رواه الترمذي (284)، وأبو داود (850).
71 انظر الكلام على هذا الحديث لمحقق كتاب أسرار الصلاة لابن القيم، ص: 152-158.
72 الشرح الممتع على زاد المستقنع: 3/181-183.
73 صحيح. رواه ابن ماجه (906).
74 صحيح. رواه ابن ماجه (905)، وأصله في الحديث رقم ]11[ أعلاه.
75 صفة صلاة النبي (، ص: 183.
76 صحيح. رواه البخاري (835)، ومسلم (402/55)، والترمذي (289)، والنسائي (1162) و(1278) و(1197)، وأبو داود (968)، وابن ماجه (907). واللفظ للبخاري.
77 كتاب الأذكار، للإمام النووي، ص: 95.
78 الشرح الممتع على زاد المستقنع: 3/279.
79 زاد المعاد: 1/249.
80 انظر في ذلك: المجموع شرح المهذب: 3/451، والشرح الممتع: 3/284-285.
81 قال الشيخ مصطفى العدوي في الصحيح المسند من أذكار اليوم والليلة ( ص: 66 ): يصرف هذا الأمر عن الوجوب إلى الاستحباب قوله ( في الحديث السابق حديث عبد الله بن مسعود ( الحديث ]45[ أعلاه ) بعد أن ساق صفة التشهد: ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو. والله أعلم.(1/77)
82 صحيح. رواه مسلم (588/128)، والنسائي (1309)، وأبو داود (983)، وابن ماجه (919). واللفظ لمسلم.
83 صحيح مسلم بشرح النووي: 3/96.
84 صحيح. رواه أبو داود (792)، وابن ماجه (920) و(3915). واللفظ لأبي داود.
85 صحيح. رواه النسائي (1300)، وأبو داود (985). واللفظ لأبي داود.
86 صحيح. رواه النسائي (1299)، وأبو داود (1495). واللفظ للنسائي.
87 صفة صلاة النبي (، ص: 186.
88 صحيح الإسناد. رواه النسائي (1310). واللفظ له.
89 صحيح سنن النسائي: 1/421.
90 صحيح. رواه البخاري (832)، ومسلم (589/129)، والنسائي (1308)، وأبو داود (880). واللفظ لمسلم.
91 صحيح. رواه البخاري (834) و(6326) و(7388)، ومسلم (2705/48)، والترمذي (3531)، والنسائي (1301)، وابن ماجه (3903). واللفظ للبخاري.
92 الوابل الصيب، ص: 186.
93 تحفة الذاكرين للإمام الشوكاني، ص: 299.
94 صحيح. رواه النسائي (1304). وللحديث رواية أخرى عنده (1305) باختلاف يسير في الألفاظ.
95 صحيح. رواه مسلم (2716/65)، والنسائي (1306)، وأبو داود (1550)، وابن ماجه (3907). واللفظ للنسائي.
96 صحيح. رواه أحمد في مسنده، وصححه الألباني في صفة الصلاة، ص: 184.
97 صحيح. رواه أحمد في مسنده، وصححه الألباني في صفة الصلاة، ص: 185.
98 قبس من هدي الصلاة، ص: 326.
99 انظر: صحيح مسلم بشرح النووي: 2/354-355، والمجموع شرح المهذب: 3/437.
100 صحيح البخاري (6265).
101 قال الألباني: وقول ابن مسعود: " قلنا: السلام على النبي "، يعني أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يقولون: " السلام عليك أيها النبي " في التشهد، والنبي ( حي، فلما مات عدلوا عن ذلك، وقالوا: " السلام على النبي ". ولابد أن يكون ذلك بتوقيف منه (. ويؤيده أن عائشة رضي الله عنها كذلك - كما سيأتي ]61[ - كانت تعلمهم التشهد في الصلاة: " السلام على النبي ". انظر: صفة صلاة النبي (، ص: 161.
102 شرح السنة، للإمام البغوي: 3/182.(1/78)
103 صحيح. رواه مسلم (403/60)، والترمذي (290)، والنسائي (1173)، وأبو داود (974)، وابن ماجه (910). واللفظ لمسلم.
104 انظر شرح الحديث السابق.
105 صحيح مسلم بشرح النووي: 2/355.
106 صحيح. رواه مسلم (404/62)، والنسائي (1063) و(1171) و(1172) و(1279)، وأبو داود (972)، وابن ماجه (911). واللفظ لمسلم.
107 صحيح. رواه أبو داود (971).
108 صفة صلاة النبي (، ص:163.
109 رواه مالك في الموطأ، وصححه الألباني في صفة صلاة النبي (، ص163.
110 رواه البيهقي في السنن الكبرى، وصححه الألباني في صفة الصلاة، ص164.
111 صحيح. رواه الترمذي (291)، وأبو داود (986). واللفظ للترمذي.
112 صفة صلاة النبي (، ص:165.
113 صحيح. رواه البخاري (3370) و(4797) و(6357)، ومسلم (406/66)، والترمذي (483)، والنسائي (1286) و(1287) و(1288)، وأبو داود (976)، وابن ماجه (914). واللفظ للبخاري.
114 فتح الباري بشرح صحيح البخاري: 11/159.
115 صحيح. رواه البخاري (3369) و(6360)، ومسلم (407/69)، والنسائي (1293)، وأبو داود (979)، وابن ماجه (915). واللفظ لمسلم.
116 صحيح. رواه البخاري (4798) و(6358)، والنسائي (1292)، وابن ماجه (913). واللفظ للبخاري.
117 صحيح. رواه مسلم (405/65)، والترمذي (3220)، والنسائي (1284) و(1285)، وأبو داود (980). واللفظ لمسلم.
118 صحيح. رواه النسائي (1289) و(1290). واللفظ له.
119 رواه أحمد في المسند، وصححه الألباني في صفة صلاة النبي (، ص 165.
120 صحيح. البخاري (2697)، ومسلم (1718/17 و18)، وأبو داود (4606)، وابن ماجه (14). واللفظ لمسلم.
121 صحيح. رواه الترمذي (464)، والنسائي (1744)، وأبو داود (1425)، وابن ماجه (1190). واللفظ لأبي داود.
122 صحيح. رواه الترمذي (3566)، والنسائي (1746)، وأبو داود (1427)، وابن ماجه (1191). واللفظ لأبي داود.
123 مختصر النصيحة، ص: 71.(1/79)
124 إسناده صحيح. رواه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الصلاة، باب دعاء القنوت. وصححه الألباني في إرواء الغليل (2/171).
125 كتاب الأذكار، للإمام النووي. ص ص: 88 - 89.
126 نقلا عن: رهبان الليل ( ج:2، ص: 525 ). وهو مجرد دعاء للاسترشاد، لمن لا يعرف ماذا يقول عند ختم القرآن، وإلا فالأولى أن يدعو المرء بما يجيش به صدره.
127 حسن. انفرد به الترمذي (3499).
128 الشرح الممتع على زاد المستقنع: 3/281.
129 دبر الصلاة يحتمل قبل السلام وبعده. وكان شيخ الإسلام يُرجَّح أن يكون قبل السلام، حيث يقول: دُبُرُ كل شيء منه، كدبر الحيوان. انظر زاد المعاد: 1/295.
130 زاد المعاد: 1/250.
131 صحيح. رواه البخاري (841) و(842)، ومسلم (583/120 و121 و122)، والنسائي (1334)، وأبو داود (1003). واللفظ للبخاري.
132 صحيح. رواه الترمذي (3476) و(3477)، والنسائي (1284)، وأبو داود (1481). واللفظ لأبي داود.
133 من وصايا الرسول (: 1/189، والمجموع شرح المهذب: 3/468.
134 مجموع الفتاوى لابن تيمية: 23/192.
135 صحيح. رواه الترمذي (2903)، والنسائي (1335)، وأبو داود (1523). واللفظ لأبي داود.
136 ص: 102.
137 صحيح. صحيح الجامع الصغير وزيادته للألباني (6464).
138 المجموع شرح المهذب: 3/468.
139 صحيح. رواه البخاري (841) و(842)، ومسلم (583/120) و(583/121) و(583/122)، والنسائي (1334)، وأبو داود (1002). واللفظ للبخاري.
140 صحيح. رواه البخاري (844) و(6330) و(6473) و(6615) و(7292)، ومسلم (593/137)، والنسائي (1340) و(1341)، وأبو داود (1505). واللفظ لمسلم.
141 صحيح. رواه البخاري (2822) و(6365) و(6370) و(6374) و(6390)، والترمذي (3567)، والنسائي (5462) و(5494). واللفظ للبخاري.
142 صحيح. رواه مسلم (591/135)، والترمذي (300)، والنسائي (1336)، وأبو داود (1513)، وابن ماجه (938). واللفظ لمسلم.(1/80)
143 لحديث عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( إِذَا سَلَّمَ َلا يَقْعُدُ إَِّلا مِقْدَارَ مَا يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلاَلِ وَاْلإِكْرَامِ. [ صحيح. رواه مسلم (592/136)، والترمذي (298)، وابن ماجه (934). واللفظ لمسلم ]. وانظر: زاد المعاد: 1/285.
144 صحيح. رواه مسلم (594/139)، والنسائي (1338) و(1339)، وأبو داود (1506). واللفظ لمسلم.
145 صحيح. رواه أبو داود (1509). وهو قطعة من حديثه المتقدم ]4[. ولمسلم فيه لفظان: أحدهما: إن النبي ( كان يقوله بين التشهد والتسليم، وهذا هو الصواب. والثاني: كان يقوله بعد السلام. ولعله كان يقوله في الموضعين، والله أعلم. انظر: زاد المعاد: 1/288، والمجموع شرح المهذب: 3/467.
146 صحيح. رواه النسائي (1302)، وأبو داود (1522). واللفظ لأبي داود.
147 صحيح. رواه النسائي (1343).
148 حسن. صحيح الجامع الصغير للألباني (1266).
149 صحيح. انفرد به الترمذي (3233) و(3234).
150 صحيح الإسناد. رواه النسائي (1346).
151 صحيح مسلم (709/62).
152 صحيح مسلم بشرح النووي: 3/239.
153 صحيح. رواه البخاري (843)، ومسلم (595/142)، وأبو داود (1504). واللفظ للبخاري. وراجع جامع الأصول (2197).
154 صحيح البخاري (6329)
155 صحيح مسلم (595/143).(1/81)
156 قال ابن القيم: والذي يظهر في هذه الصفة، أنها من تصرف بعض الرواة وتفسيره، لأن لفظ الحديث: تُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صََلاةٍ ثََلاثًا وَثََلاثِين. وإنما مراده بهذا أن يكون الثلاث والثلاثون في كل واحدة من كلمات التسبيح والتحميد والنكبير. وهذا ما فسره راوي الحديث، بالقول: قولوا: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ حَتَّى يَكُونَ مِنْهُنَّ كُلِّهِنَّ ثََلاثًا وَثََلاثِينَ. وأما تخصيصه بإحدى عشر، فلا نظير له في شيء من الأذكار، بخلاف المائة فإن لها نظائر، والعشر لها نظائر أيضا. انظر: زاد المعاد: 1/290 ( بتصرف يسير ).
157 صحيح مسلم (597/146).
158 صحيح. رواه مسلم (596/144)، والترمذي (3412)، والنسائي (1348). واللفظ لمسلم.
159وهذا بالنسبة لجميع الصلوات المفروضة في اليوم والليلة، أي: 30×5=150، فإذا ضربت الناتج × 10 ( لأن الحسنة بعشر أمثالها )، فيكون المجموع الإجمالي 1500 كما ورد في الحديث.
160 صحيح. رواه الترمذي (3410)، والنسائي (1347)، وأبو داود (5065)، وابن ماجه (936). واللفظ لأبي داود.
161 صحيح الكلم الطيب، ص: 46.
162 صحيح. رواه النسائي (1349).
163 صحيح. انفرد به أبو داود (2987).
164 من وصايا الرسول (: 1/186-187. ولتمام الفائدة، انظر: تحفة الذاكرين، ص: 193، وقبس من هدي الصلاة، ص: 435.
165 الشرح الممتع على زاد المستقنع: 3/37-38.
166 حسن. رواه الترمذي (3486) و(3583)، وأبو داود (1501). واللفظ لأبي داود.
167 قبس من هدي الصلاة: 435. وهناك كلام نفيس أورده الشيخ طه العفيفي في كتابه من وصايا الرسول (، فأنظره ( 1/187 ).
168 صحيح. انفرد به الترمذي (586).
169 صحيح. رواه ابن ماجه (935).(1/82)
170 حسن لغيره. صحيح الترغيب والترهيب للألباني (472/1). وكان الألباني قد ضعّفه في ضعيف سنن الترمذي (3474)، إلا أنه عاد وحسّنه في صحيح الترغيب والترهيب، وقال: " حسن بشواهده ".
171 حسن لغيره. صحيح الترغيب والترهيب للألباني (472/1).
172 حسن لغيره. صحيح الترغيب والترهيب للألباني (472/1).
173 حسن. صحيح الترغيب والترهيب للألباني (476/5).
174 إسناده صحيح. رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة (118).
175 حسن صحيح. صحيح الترغيب والترهيب للألباني (474/3).
176 حسن لغيره. صحيح الترغيب والترهيب للألباني (475/4).
177 حسن لغيره. صحيح الترغيب والترهيب للألباني (477/6).
178 حسن. انفرد به الترمذي (3534).
179 صحيح. رواه النسائي (1728) و(1731) و(1732) و(1733) و(1735) و(1739) و(1740)، وأبو داود (1430).
??
??
??
??
صحيح أذكار الصلاة
صحيح أذكار الصلاة…(1/83)