الأدلة الزكية
في بيان أقوال الجفري الشركية
تأليف
أبي عبد الرحمن: يحيى بن علي الحجوري
حفظه الله تعالى
إعادة تنسيق الكتاب
أبو عمر الدوسري
المقدمة
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهديه الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:
?يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً?[النساء:1].
?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً?[الأحزاب: 70-71].
أما بعد:
فيقول الله عز وجل في كتابه الكريم: ? ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ?[محمد:4].(1/1)
ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ?وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ?[محمد:31]، ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ?أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ?[آل عمران:142]، ويقول الله في كتابه الكريم: ?وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ مَا لا يَرْجُونَ?[النساء:104]. ويقول الله عز وجل: ?هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ?[الحج: 19-21].
فمن هذه الأدلة يُعلم، أنه لا بد أن يكون بين الحق والباطل صراع، وأنه لا يخلو زمن من الأزمان، ولا حقبة من الحقب، ولا فترة من الفترات من وجود من يعبد الله، ومن يعبد غير الله، ومن يدعو الله، ومن يدعو غير الله، ومن يوحد الله، ومن يشرك بالله إلى قيام الساعة، كما يقول الله سبحانه: ? وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ?[البقرة:220].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: "أنت الجنة رحمتي، أرحم بك من أشاء، وأنت النار عذابي أعذب بك من أشاء ولكليكما عليّ ملؤها".(1/2)
والنار وقودها الناس والحجارة، ? وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ?[البقرة:24]، وبعد هذا فإننا نلاحظ ونسمع، شركاً صريحاً وغلواً قبيحاً، وفتنة واضحة، ودعوة إلى الوثنية، من أوباش الصوفية، في هذه الأزمنة، وهم من حيث الجملة، الصوفية أموات بمعاصيهم، وأموات بشركياتهم، وأموات ببدعهم وخرافاتهم، وإن كانوا يعيشون يأكلون ويشربون، لكن كما قيل:
ليس من مات فاستراح بميت ** إنما الميت ميت الأحياء
إنما الميت من يعيش كئيباً ** كاسف باله قليل الرجاء
وهذا لا شك أنه يعيش في نكد المعاصي، ?وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ?[يونس:27]، وقد استجرى بهم الشيطان، وركب كواهلهم إلى الغلو الشديد، فيما يسمونهم بالأولياء، والإطراء الشديد في حق من يعتقدون فيهم الولاية، فأشركوهم ونددوهم بالله سبحانه وتعالى، وقد علمتهم أن هذه الخصلة من الرافضة والصوفية تعتبر نظير فعل اليهود والنصارى.
فالغلو هو شأن اليهود والنصارى كما هو مذكور في كتاب الله عز وجل، وفي سنة رسول الله صلى الله علي وسلم، يقول الله سبحانه وتعالى: ?يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ?[النساء:171]، فذم الله أهل الكتاب، الذين ذكرهم الله في هذه الآية بغلوهم، وقال سبحانه: ?قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ?[المائدة:77].(1/3)
وأبان الله سبحانه غلوهم فقال: ?لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرائيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَاللهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ?[المائدة: 72-76].
فأبان الله عز وجل، أن هذه تعتبر من أهل الكتاب عبادة لغير الله سبحانه، هذا الغلو الذي غلوه في عيسى عليه الصلاة والسلام، يعتبر عبادة من دون الله، قال الله تعالى: ?اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ?[التوبة: 31-33].(1/4)
فأبان الله سبحانه في هذه الآيات، أن اتخاذهم الأحبار والرهبان أربابًا من دون الله، وأن غلوهم في أولئك الأشخاص، من الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه، أو من غيرهم، أن هذا يعتبر شركاً منهم بالله سبحانه وتعالى، فحملهم غلوهم هذا على الشرك والتنديد، والضلال البعيد، ولهذا ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذر من الغلو، قال: "لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم، فإنما أنا عبد الله رسوله، فقولوا: عبد الله رسوله"، والحديث في الصحيح، وهكذا قال رجل: يا سيدنا، وابن سيدنا، ويا خيرنا وابن خيرنا، قال عليه الصلاة والسلام: "أيها الناس، قولوا بقولكم الأول ولا يستجرينكم الشيطان، إنما أنا عبد الله ورسوله، فقولوا: عبد الله ورسوله".
وكفى شرفاً بمقام العبودية لله عز وجل، فقد وصف الله سبحانه وتعالى، أنبياءه بالعبودية في أشرف المقامات، قال سبحانه: ?سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى?[الإسراء:1]، ففي مقام الإسراء، وهو يصفه بالعبودية لله سبحانه وتعالى، وأنه عبد الله، ?وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً?[الجن:19].
وفي مقام الدعاء قال: ?وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ * إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ * وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ?[صّ:45-47].
وقال تعالى: ?إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً?[مريم: 93-95].(1/5)
فما من إنسان في هذه الحياة الدنيا من جن أو إنس، إلا وإن الله سبحانه وتعالى خلقه لعبادته، قال الله سبحانه: ?وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ?[الذاريات: 56-58].
وقال سبحانه: ?وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً?[النساء:36].
وقال: ?يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ?[البقرة: 21-22].
وقال تعالى: ?قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً?[الأنعام:151] إلى آخر الآيات.
وفي سورة الفاتحة: ?الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ?[الفاتحة: 2-7]، ?إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ?[الفاتحة:5].
وما أرسل الله رسله، ولا أنزل كتبه إلا لتوحيده، وللدعوة إلى توحيده، وبيان توحيده سبحانه وتعالى، والتحذير من الشرك به.(1/6)
يقول الله: ?وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ?[الانبياء:25].
ويقول الله سبحانه وتعالى: ?وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ?[الاحقاف:21].
ويقول الله سبحانه وتعالى: ?وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ?[النحل:36]، فخلقنا الله سبحانه وتعالى لعبادته، لا عبادة البشر، ولا للشرك به والتنديد به، ولكن هؤلاء القوم غلوهم أدى بهم إلى مكان سحيق من الضلال، حتى اعتقدوا أن الولي يتصرف في الكون، كما سيمر بنا في بعض هذه الفقرات، التي يقولها علي الجفري، والذي له رواج نخشى صولته الضالة، وفتنه العمياء على عوام الناس ودهمائهم، وهذا والله من المنكر الذي لا يجوز السكوت عليه، لا من المسئولين، ولا من العلماء، ولا من أي غيور على دين الله الحق، فإن هذا هو شرك قريش الذين كانوا يدعون إليه نفس الفكر، بل إن المشركين الذين كانوا على شرك بالله سبحانه وتعالى: كانوا يجأرون في الشدائد إلى غير الله، إلى الحبيب فلان، والولي فلان، والله المستعان، قال تعالى: ? ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ?[النحل:53].(1/7)
وهذه عدة نقاط موثقة، من روابطها من شبكات الانترنت، وقد سمعت صوته بأذني وهو يقول هذه الفقرات، اكتفينا بالعزو إلى الروابط المذكورة من الشبكة (الانترنت) التي نشرت كلام هذا الفاجر الأثيم، وهو علي الجفري، وأيضاً نظير أقواله، أقوال عمر بن حفيظ، له كلام يبيح فيه دعاء غير الله سبحانه وتعالى، وعندي شريط في ذلك من أقواله، وله كلام في رسالة صغيرة تسمى بالتوحيد، وهو عن التوحيد بعيد، يقول فيها: إن القرآن لا يوصف بأنه عربي، والله عز وجل يقول: ?بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ?[الشعراء:195]، ويقول: ?إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ?[يوسف:2]، ويقول: ?وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ?[إبراهيم:4]، ورسول الله صلى الله عليه وسلم عربي، وإلى بيان هذه الفقرات، الظالم أهلها:
السؤال الأول
السائل: يقول في موقع:
(http://www.geocities.com/abdullah_moslm/g3.ra)،
الجفري يقول: أنه لا يستغرب خروج روح الميت لكي تنفع من يستغيث بها بإذن الله؟
الجواب: هذا الكلام فيه ثلاث ضلالات
الأولى: يقول: لا يستغرب خروج روح الميت بعد موته، لكي تنفع بإذن الله من يستغيث به، وهذا فيه دعوة إلى الاستغاثة بالأموات.
والاستغاثة بالأموات: هي دعاء غير الله سبحانه وتعالى، مع تلهف أيضاً، قال الله عز وجل: ?إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ?[الأنفال:9]، فالاستغاثة لا تكون إلا بالله سبحانه وتعالى، لا تكون بالأموات؛ فإن الأموات لا يستطيعون أن يغيثوا في شيء من الأشياء بعد موتهم، لقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ?فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ?[يّس:50].(1/8)
ولقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ?قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ?[الأعراف:188]، ولقول الله سبحانه وتعالى: ?فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ?[الروم:52] ولقوله سبحانه: ?وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ?[فاطر:22] ولقول الله سبحانه: ?وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ?[يونس:107].
الضلالة الثانية: أن هذا قول بالرجعة وربنا سبحانه وتعالى يقول: ?حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ * فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ?[المؤمنون: 99-103].(1/9)
ويقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ?وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ * فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ?[الملك: 10-11]، ففي هذه الآية أنهم ليس لهم رجوع، وليس لهم إلا السحق، ويقول: ?أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ * وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ?[الزمر: 56-60].
فهذه الآيات تدل على أنه ليس بعد الموت كرة رجوع، وقال تعالى عن أهل النار: ?قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ? [غافر:11]، وقال عن أهل النار: ?وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ? [الزخرف:77]، وقال تعال: ?فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ? [يّس:50].
وقال الصديق رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما مات: بأبي أنت وأمي، أما الموتة الأولى فقد ذقتها، ولن تذوق بعدها موتة أخرى.(1/10)
لا رجوع بعد الموت، وبعد مفارقة الروح للجسد، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ما أحد يموت فيدخل الجنة، يتمنى أن يعود إلى الدنيا وله مثل الدنيا عشر مرات، إلا الشهيد، فإنه يتنمى أن يعود إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة". يتمنى أن يعود فلا يعود إلى الدنيا، فاعتقاد الرجعة، اتفق فيها الصوفية والروافض؛ ولذلك صار من ضلال الرافضة أن بعض آل البيت يرجعون إلى الحياة ثم يقتلون من ولي الخلافة، من غير آل البيت، فهذا اعتقاد الرجعة، والصوفية هم أحفاد الرافضة، وأحفاد الرهابين في هذه الأفكار، جمعوا بين ضلال النصارى، فإن ديدن الصوفية، نفس ديدن النصارى والرهابين في البدع والخرافات.
قال الله عن النصارى: ?وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ ? [الحديد:27]، يذكر أهل العلم أنهم أخذوا دينهم عن الرافضة؛ في كثير من البدع والخرافات، والشركيات، يتفقون فيها.
الضلالة الثالثة: أن الأموات من المسلمين بحاجة إلى الدعاء، النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا مر بالمقابر قال: "السلام عليكم دار قوم مؤمنون، وإن شاء الله بكم لاحقون، ونسأل الله لنا ولكم العافية"، أما القول أن الميت هو الذي يرجع، أو روحه ترجع، ويغيث الأحياء، فهذه دعوة إلى الشرك والوثنية، وإلى دعاء غير الله سبحانه وتعالى يقول الله في كتابه الكريم: ?وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ?[المؤمنون:117]، ويقول: ?وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ? [الاحقاف:5-6].
السؤال الثاني
السؤال: وهناك في موقع:
http://www.geocities.com/abdullah_moslm/g4.ra))،(1/11)
الجفري يقول: أن الأموات يغيثون بأرواحهم، من يستغيث بهم، ولا يمنع في اعتقاده أن يخرج جسد من قبره؟
الجواب: هذا باطل، وهذا كذب، وهذا معاندة للقرآن والسنة، مما قد تلونا ومن قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك"، ومن قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من ميت إلا ويعرض عليه مكانه، من الجنة أو النار، فيقال: هذا مكانك من النار، أو هذا مكانك في الجنة إلى يوم القيامة"، الحديث أخرجه الشيخان عن ابن عمر، وثبت من حديث أوس بن أوس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أكثروا عليّ يوم الجمعة من الصلاة، فإن صلاتكم معروضة عليّ" قالوا: يا رسول الله، كيف نصلي عليك وقد أرمت، أي بليت، قال: "فإن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء".
والشاهد من هذا أنها حياة برزخية تختلف عن الحياة الدنيا، وأيضاً الشاهد من هذا "أرمت" أي: بليت، وسائر الأموات بعد موته بأيام ينفطر وتتقطع أوصاله، وتتمزق أشلاؤه، ولا يبقى إلا عجب الذنب منه يركب الإنسان إذا نفخ في الصور، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكما قال الله عز وجل: ?وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ?[الزمر:68].
أما أن يعتقد أنهم ينفعون أو يضرون، أو أنهم كذلك يجيبون الأحياء، وينفعونهم، فهذا باطل لا دليل عليه، وهو من عقيدة أهل الضلال من الصوفية وأضرابهم، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
السؤال الثالث
السؤال: وهناك في الموقع:
(http://www.geocities.com/abdullah_moslm/g5.ra)
الجفري يصرح بأن هناك من الأولياء من فوضهم الله في إدارة أمور الكون، وأن عندهم أذن مسبق في التصرف، وأنه بإمكانهم الرزق والإحياء والإماتة؟
الجواب: قوله: (يتصرفون في الكون)، وقوله: (بإمكانهم الرزق، وبإمكانهم الإحياء والإماتة)، هذه ثلاث مسائل كلها شرك في الربوبية.(1/12)
المسألة الأولى: يعتقد أنه يمكن أن الولي يتصرف في الكون، والله سبحانه يقول: ?قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى اللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ * أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ * أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ * أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ تَعَالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّنْ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ * بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ?[النمل: 59-66].(1/13)
ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ?فَسُبْحَانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ * يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ * وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمْ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِ بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ?[الروم: 17-24].(1/14)
ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ?حم * تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنْ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * مَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنْ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ?[الأحقاف: 1-6]، الآيات.
ويقول الله سبحانه وتعالى: ?قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرَادَنِي اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِي اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ?[الزمر:38].
ويقول الله سبحانه وتعالى: ?قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمْ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنْ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلاَّ غُرُوراً * إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً?[فاطر: 40-41].(1/15)
فمن الذي يستطيع أن يتصرف في الكون غير الله سبحانه وتعالى: ?بسم الله الرحمن الرحيم * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ?[الفاتحة: 1-5]، ? لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ?[الروم:4]، ? لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ?[غافر:16]، ?حم * تَنزِيلٌ مِنْ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ * وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ * قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ?[فصلت: 1-6]، رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتصرف في الكون ولا غيره من المرسلين: قال الله تعالى: ?قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ?[فصلت:6].
ويقول الله سبحانه وتعالى: ?وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ * تَدْعُونَنِي لأَكْفُرَ بِاللهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ * لا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ * فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ?[غافر: 41-44].(1/16)
ويقول سبحانه وتعالى: ? وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ?[فاطر: 13-14]، هذا القطمير؛ اللفافة القشرة التي على التمرة لا يملكونها فضلاً عن أن يتصرفوا في الكون، ويقول سبحانه وتعالى: ?يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمْ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ * مَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ?[الحج: 73-74].
والله هؤلاء المشركون من أمثال الجفري، ما قدروا الله حق قدره، ويقول سبحانه: ?لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ?[الرعد:14].
مثل ذلك، كإنسان في غاية من العطش، على بئر يمد يده يقول: اصعد يا ماء أريد أن أشرب، لا يصعد الماء، ويبقى في غاية العطش، ويقول الله سبحانه وتعالى: ?يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ?[فاطر: 15-17].(1/17)
ويقول الله في كتابه الكريم: ?فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً?[هود:57]، ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ? وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ?[محمد:38].
وفي "صحيح مسلم" من حديث أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم كما يروي عن ربه عز وجل أنه قال: "يا عبادي إني حرمت الظلم... " -إلى أن قال-: "يا عبادي إنكم لم تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أفيكم أياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه".
المرسلون عليهم الصلاة والسلام، ما أحد يتصرف في الكون، ولا الملائكة، ?قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ?[النمل:65]، ?عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً?[الجن:26]، ?وَمَا كَانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ?[آل عمران:179].
وقال سبحانه في كتابه الكريم: ?ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ?[التحريم:10]. وقال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم، لما قال نوح: ?رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ?[هود:45]، قال الله له: ? يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ?[هود:46].(1/18)
ولما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أناس من المشركين قال الله عز وجل: ?لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ?[آل عمران:128]، ولما سأل ربه عز وجل في ثلاثة، قال: "سألت ربي ثلاثاً فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة"، فلم يستجب سبحانه كل دعاءه ذلك، قال الله تعالى: ?لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ?[الروم:4]، وقال تعالى: ?الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ * هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمّىً عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ * وَهُوَ اللهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ?[الأنعام: 1-3].
ويقول سبحانه وتعالى: ?قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ?[الأنعام:19].(1/19)
نحن نبرأ إلى الله من الجفري، ومن أقوال الجفري، ومن أفعال الجفري وابن حفيظ، نبرأ إلى الله منهم، ونشهد الله على ضلالهم، ونقول كما قال الله سبحانه: ?بَرَاءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَأَنَّ اللهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ * وَأَذَانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ?[التوبة: 1-3]، وهكذا يقول الله سبحانه وتعالى، عن نبيه إبراهيم عليه الصلاة والسلام: قل إن ?قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ *?[الأنعام: 162-163].
ويقول: ?فَلَمَّا رَأى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ?[الأنعام: 78-79]،
فهذه براءة من الله سبحانه وتعالى، ويجب أن يتبرأ كل مسلم من هذه الأقوال والأفعال، وأن يحذروا ضلال هؤلاء الزائغين، دعاة الشرك والوثنية في هذه الأزمنة، وهم يقولون: (ما في شرك)، هذا عين الشرك الأكبر الذي أنتم فيه.
أنتم تنددون، أنتم تشركون، ثبت من حديث قتيلة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: حين سمعهم قالوا: والكعبة، وقالوا: ما شاء الله وشئت، قال: "إنكم تشركون، إنكم تنددون، تقولون: والكعبة، وتقولون: محمد"،(1/20)
الجفري، وابن حفيظ، ومرعي صاحب الحديدة، وأمثالهم مشركون شركًا أكبر، ويغطون على شركهم؛ بأنه ما هناك شرك، هذا ما أنتم فيه عين شرك المشركين، ووثنية الوثنيين، وزندقة الزنادقة، وفلسفة الفلاسفة، وضلال الضالين، وبُعد البعداء، وزيغ الزائغين، وهلوسة المهلوسين، ودجل الدجاجلة، فما بالكم تموّهون عما أنتم تعلمون.
السؤال الرابع
السائل: وفي موقع:
(http://www.geocities.com/abdullah_moslm/g6.ra)،
الجفري يقول: يمكن للولي الميت أن يدعو للحي، وأن كرامات الأولياء لا حد لها إلا في مسألتين، وهما: أن ينزل عليه كتاب من الله.
الجواب: قوله: (كرامات الأولياء لا حد لها):
أولاً: أن كرامات الصوفية مدّعاة، الصوفية دجاجلة، واقرأوا تلبيس إبليس فيما يصنع الصوفية من ادعاء الكرامات، فقد ذكر ابن الجوزي رحمة الله عليه من تلبيس الشيطان على هؤلاء الدجاجلة، أن بعضهم يكون تارك صلاة ما يصلي، وبعد ذلك يقول لهم: أنا أخطو إلى مكة، وأصلي وأرجع وأنتم ما قد صليتم، وذكر أن بعضهم: أنه أصبح في مزبلة، يعبث به الشيطان.
وهكذا الحلاج الذي يقول: (أنا الله بلا شك، فسبحانك سبحاني، وتوحيدك توحيدي، وعصيانك عصياني)، يدعي أنه عنده كرامة، ويتمالأ مع مريديه، أي: مع طلابه، والصحيح (أنهم المردة)، يتمالأ مع المردة، ويذهبون إلى أماكن يخبئون الحلوى واللحم والماء البارد، وإذا أصبح قالوا: نريد رحلة إلى بلد كذا، أنأخذ ماء، أنأخذ طعاماً يا حبيب؟ قال: لا هذا يخرم التوكل.
أخزاكم الله يا أيها الصوفية، العمل بالسبب يخرم التوكل، وأنبياء الله كانوا يعملون بالسبب، أأنتم أفضل أم أنبياء الله، أليس نبي الله صلى الله عليه وسلم لبس المغفر، أليس الله قد أخبر أن ما نبي إلا وقد جعل له أزواجاً وذرية، وهذا من العمل بالسبب من إنجاب الأولاد، أليس الله يقول لمريم: ?وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً?[مريم:25].(1/21)
وهذا عمل بالسبب، امرأة ما عساها تعمل في النخلة، أليس الله يقول: ? اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ?[الشعراء:63]، ما عسى العصا تفعل بالبحر، ولكنه سبب من الأسباب، أليس النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لو توكلتم على الله حق توكله؛ لرزقكم كما يرزق الطير، تغدوا خماصاً وتروح بطاناً".
هذا من العمل بالأسباب، ويقول سبحانه وتعالى: ? فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ?[الملك:15]، إلى آخره، وهؤلاء يقولون: هذا يخرم التوكل، ثم ذهبوا وقالوا: جعنا يا حبيب، عطشنا يا حبيب، قال: مكانكم، ويذهب يحفرها ويطلع اللحم، ويطلع الماء الذي قد خبأه من الأمس، ويقول لهم: اشربوا، كرامة!! كرامة!! دجل.
ذكر ابن الجوزي وغيره في ترجمة الحلاج على أن هذا الرجل، كان عنده بركة داخل بيته قد ملأها بالأسماك، وملأها بالطين الحمأة، أي الطين الأسود يعيش فيه الأسماك، وربى له أسماك في البركة، وجاء رجل وقال له: نحن اشتقنا للحم السمك، قال: مكانك، أنا آتيك بالسمك الآن، وذهب وكأنه نزل في بحر من البحور، وأتى به من بحر كذا، وأخرج السمكة من البركة حقه، وأتى بها وما زالت ترتعش، وقال له: من أين أتيت بها؟ قال: هذه من الكرامة، كُل؟ ثم ذهب وكأنه يريد أن يقضي الحاجة، ثم رأى البركة، قال: فنزل وأتى بسمكة أكبر من تلك، فجاء بها، ثم قال له الحلاج: من أين أتيت بها؟ قال: من البحر التي أتيت بالسمكة الأولى منه.
الصوفية عبثوا بنساء المسلمين، وبعقول المسلمين، بأفكار المسلمين، بأموال المسلمين، وقد أثبت عليهم من عايشهم وعرفهم: أنهم كانوا يبتكرون بنساء بعض البلداء، يعتبرونه يباركها بركة، إذا لم تمر بالولي، وتبيت عنده ليلة أو ليلتين تعتبر ما فيها بركة، هذا كرامة.(1/22)
ويذكرون أن واحداً كان عنده كبش، يريد أن يضحي به، فقال له: أين تريد بهذا الكبش، أعطني وإلا جعلته كلباً؟ قال صاحب الكبش: لا تجعله كلباً، وإنما أجعله كبشين، واحد لي وواحد لك.
ومما يذكرون أن أحدهم يعمل الفاحشة بالأتان -أنثى الحمار- فيقولون: ما لك يا حبيب، كيف تفعل هذا؟! يقول: أنا على حقيقة لا تعلمونها، ما هذه الحقيقة؟ قال: لو نزعت لغرقت سفينة في بحر كذا وكذا، وأنا أسد الخرق من هنا، متى يعقل المجتمع زندقة الصوفية، غلاة الصوفية كفرة، لا يمتري في ذلك اثنان ولا تنتطح في ذلك عنزان، واسمع إلى ما يقول الشعراني:
مريدي تمسك بي وكن بي واثقاً ** أحميك في الدنيا ويوم القيامة
فقالوا: أيا هذا تركت صلاتك ** وما علموا أني أصلي بمكة
والله سبحانه وتعالى يقول: ?وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ?[الحجر:99]، يتأولون الآية: يقولون: اليقين أن ينحب فإذا إغمي عليه ارتفع عنه القلم، لا تحسب عليه سيئات، والحقيقة أن هذا اليقين، يقع في يقين الكفر، في ترك الصلاة، وفي ترك التكليف، حتى قال بعضهم: هم معشر حلوا النظام، واخترقوا الاسياج، فلا فرض لديهم ولا نفل.
مجانين غير أن جنونهم ** عزيزاً عند يسجد العقل
هذا يا أخي، قليل من كثير من ضلال هؤلاء الناس، ومن أقوالهم: أنه يمكن للولد أن يخرج من ظهر أبيه صبيًا من غير زواج ولا حمل!.
وقوله: إن كرامات الأولياء لا حد لها إلا في مسألتين.
الجواب: أعظم كرامة: دوام الاستقامة، وأنتم تتكلفون الكذب، وتتكلفون الدجل، فليس لكم كرامة، إن الكريم هو المؤمن المتقي لله سبحانه وتعالى، ?يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ?[الحجرات:13].(1/23)
قال: أتقاكم، ولم يقل: أكرمكم عند الله مشرككم، ولم يقل: ضلالكم، فمن أين لكم التقوى وأنتم تشركون، وأنتم تنددون، وأنتم تفجرون، وأنتم تضلون وتضلون، ما لكم كرامة، بل أنتم مهانون، أهانكم الله بالبدع، يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ?وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ?[الحج:18].
ويقول سبحانه: ?الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ?[الأنعام:82]، وأنتم أظلم الظلم عندكم؛ لأن الشرك أظلم الظلم، قال الله سبحانه مخبراً عن لقمان: ? يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ?[لقمان:13].
أنتم واقعون في ظلم عظيم، وفي أفرى الفرى على سبحانه وتعالى، فمن أين لكم كرامة، والله سبحانه يقول: ?إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَبذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ?[الأعراف:152].
فمن أين لكم كرامة بعد ذلك كله، دعوكم من التلبيس، لقد لبس زنادقة كثير، مثل الحلاج، ومثل ابن عربي، الذي كان يعتقد أنه الله، يقول: ما في الجبة إلا الله.
وابن سبعين الذي يسمع الشاة تيعر، أو الكلب ينبح، ويقول: سبحانك يا أرحم الراحمين، يعتقد أن الأشياء الموجودة كلها الله سبحانه، والبسطامي كان يقول: سبحاني سبحاني، ما أعظم شاني، الجنة لعبة صبياني.
والذي يقول: أن الكون يتصرف فيه بعض الأولياء، هذا الكلام زندقة، ومثل هؤلاء الزنادقة، أرى أن عندهم نفحة من الحلول.(1/24)
ذكر الغزالي في "إحياء علوم الدين"، الذي ما أجدره بالتحريق: كما أفتى بذلك غير واحد من أهل العلم، أن هذا الكتاب جدير بالتحريق؛ فإن في ذلك الكتاب الكفر الصريح، يقول بعضهم البارحة رأيت الله، قال: يا مسكين أنا رأيت ابن سبعين، والنظر إلى ابن سبعين أفضل من النظر إلى الله سبعين مرة، هذا موجود في "إحياء علوم الدين"، فالناس في غفلة عن ضلال الصوفية، والله ما ضلالهم عن ضلال المكارمة ببعيد، ولا عن ضلال الرافضة ببعيد، كلهم فلاسفة، يختلفون في بعض المسائل، وإلا فالمؤدى واحد، فهل من مدكر، وهل من منكر، وهل من غيور على دين الله عز وجل، هؤلاء ناس يعبثون بعقول المسلمين.
يا حكام المسلمين، الله يقول في كتابه الكريم: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ?[التحريم:6]، ويقول في كتابه الكريم: ?وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ?[آل عمران:104]، فلا فلاح لنا ولكم ولا لسائر الأمة: إلا بإنكار البدع، وهذه المنكرات الفاشية الضارة بالشعوب، كل شر بسبب الذنوب، وما أعظم الذنوب والشرك والبدع، قال تعالى: ?وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ?[الشورى:30]، وقال: ?ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ?[الروم:41].(1/25)
فواجبكم إنكار البدع والمنكرات، يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ?الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ?[الحج:41]، أنا والله اعتقد أن ذلك جناية على الإسلام والمسلمين، أن يمكن هؤلاء من بث فتنهم وشركياتهم، وبدعهم، وخرفاتهم، في تشويش عقول المساكين، وغشهم وإبعادهم عن الصراط المستقيم، وفي تشويه رونق وجمال الإسلام الحنيف، قال النبي صلى الله عليه وسلم : "بعثت بالحنيفية السمحة".
والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: ?وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ?[البينة:5]، وهؤلاء يريدون أن يردوا المجتمعات إلى الشرك، والوثنية، وإن كانوا يصلون، فالصلاة وسائر الأعمال لا تقبل ولا تنفع مع الشرك، قال الله تعالى: ?وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ? [الأنعام:88]، وقال: ?وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ? [الزمر:65]، وقال: ?وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً? [الفرقان:23].(1/26)
الإسلام له نواقض، ولا إله إلا الله لها نواقض، والتوحيد له نواقض إذا حصل شرك انتقض، يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ? وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ?[البقرة:217]، والردة إنكار وجودها ردة، ارتد أناس من مشركي العرب بعد أن أسلموا، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "من بدل دينه فاقتلوه"، وقال عليه الصلاة والسلام: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة"، فقد يترك الإنسان دينه بكلمة.
قال الله عز وجل: ? وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا?[التوبة:74]، الذي يقول: ما في ردة! وما في شرك! هذا كذاب أشر، الذي يقول: ما في ردة، ما في شرك في هذه الأزمان، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة"، متفق عليه من حديث أبي هريرة، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : "لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق"، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : "لا تذهب الدنيا حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه، وما به إلا الفتن"، ومن أعظم الفتن الشرك بالله، قال الله تعالى: ?وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ?[لأنفال:39]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : "لا يأتي عام إلا والذي بعده شر منه، حتى تلقوا ربكم"، أخرجه البخاري من حديث أنس، وهؤلاء الخراصون يلبسون على الناس أنه ما في شرك.(1/27)
والحزبي يقول: ما في حزبية، المشرك يقول: ما في شرك، والزنديق يقول: ما في زندقة، وكثير من المرتدين يقولون: ما في ردة، وكل صاحب باطل يحاول أن يبعد الناس عن إنكار ما هو عليه، وكما يقال:
شكونا إليهم خراب العراق ** فعابوا علينا لحوم البقر
فصرنا كما قيل فيما مضى ** أريها السهى وتريني القمر
هذا حالهم تقول: أنت مشرك، قال: لا، لا يوجد مشرك، الناس الآن يصلون، ويصومون، ويحجون، المنافقون الاعتقاديون كانوا يصومون ويصلون، ويحجون ?إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً?[النساء: 145-146].
?إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلاً * مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً?[النساء: 142-143] هذا شأنهم.
وقوله: (إن كرامات الأولياء لا حد لها إلا في مسألتين وهما: أن ينزل عليه كتاب من الله).
أولاً: إن كرامات الأولياء لا تتكلف، وتكلفها من شأن الصوفية، ومعنى ذلك أن الله قد يكرم المسلم بالاستقامة، فإذا هداك الله، فاعلم أنه قد هداك الله، على ما دلت عليه الآية: ?أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ?[يونس: 62-63].
فوالله لستم بمكرمين، والله لستم بأولياء، بل أنتم أردياء، وإن كنتم أولياء فليس لله، بل للشيطان.(1/28)
قال الله سبحانه وتعالى: ? وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ?[البقرة:257]، فسائر الكافرين، والمشركين، أولياؤهم الطاغوت، كل من دعى مع الله إله آخراً، فليعلم أن هذا منه كفر؛ قال الله تعالى: ?وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ?[المؤمنون:117]، ولاحظ قوله: ?إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ? .
باطل! باطل! أن يسكت على شركيات الرافضة والصوفية، حتى لا يقول الجهال: أنت تكفر الناس، الذي يقول: إن واحداً يتصرف في الكون دون الله سبحانه وتعالى هو كافر، مشرك، زنديق، قال الله تعالى: ?قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ?[الإخلاص: 1-4].
السؤال الخامس
السؤال: الجفري يقول: إن مسألة خلق الطفل، من غير أب خلافية بين العلماء، (أي الصوفية)، وأن الولي يمكن أن تخرج روحه من الروضة يتنعم فيها ليغيث من استغاث به؟
الجواب: أما مسألة الاستغاثة فقد سبق بيانها، ولكن نقول: هنيئاً لكنّ أيها البغايا هذه الفتوى، تلفلف لها من الشارع وتقول: هذا خلقه الولي بغير أب، وما أحسن ما قاله ذلك الشاعر:
وقد سمعت بابن قطرة السماء ** خرافة تجلب للقلب العمى
يقال: أن واحداً يقال له ابن قطرة السماء، وكان هناك دجال من الدجاجلة الذين يدعون أنه يمكن أن يخلق طفلاً من غير سبب من الأسباب: (زواج، أو من غير جماع)، أتته امرأة بلبن، فقالت: إن اللبن وقعت فيه قطرة من السماء، قال: اشربيه فإن فيه بركتك، فشربته وحملت بذلك الولي الذي يقال له: ابن قطرة السماء، والله لعل تلك الجارية حملت منه، ثم أدعى بعد ذلك أنها قطرة من السماء، نزلت فحملت تلك المرأة من قطرة.
انظروا يا إخوان على تلاعب بعقول الناس:(1/29)
وقد سمعت بابن قطرة السماء ** خرافة تجلب للقلب العمى
يا أخي، هؤلاء يعبثون بعقول الناس، الله عز وجل هو الذي: ?يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ?[الشورى: 49-50]، وقال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ?وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ?[المؤمنون: 12-14]، وقال: ?ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ?[المؤمنون:16]، ?يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ?[الحج:5].
وفي "الصحيحين": عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثم ينفخ فيه الروح، فيأمر بأربع كلمات، بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد، فو الله الذي لا إله إلا هو إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار، حتى لا يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها".
وبنحوه في حديث حذيفة بن أسيد، عند مسلم كل هذا يدل على أنه لا يستطيع أحد أن يخلق، قال تعالى: ?أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ?[الطور: 35-36].(1/30)
وقال تعالى: ?أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ * أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ * نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ?[الواقعة: 58-60].
وهذا من ضلال هذا الرجل، أنه يعتقد أنه يمكن أن يخلق الإنسان طفلاً، وهذا لا يمكن لأحد من دون الله أبدًا، قال الله عز وجل: ?أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ?[الأعراف:54]، فهذه من خصائص رب العالمين عز وجل.
قال تعالى: ?وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ?[الزمر:38]، فليس ذلك لأحدٍ من دون الله سبحانه وتعالى ولو ذباباً: ?يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ?[الحج:73].
وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما: "احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك، لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك". (مجرد النفع، فضلاً أنه يخلق)، " ولو اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف"، وهكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : "رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق".
والشاهد منه: أن هذه أمور عليها كتابة، وموكل فيها ملائكة، وليس كل من جاء خلق من هؤلاء الفجرة، الزائغين الدجاجلة.
فحاصله: أن هذا شرك في الربوبية، عند هذا الرجل شرك في الربوبية، في مسألة الخلق، وفي مسألة الرزق، والله سبحانه وتعالى يقول: ?وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُون?[الذريات: 22-23].(1/31)
وأما قول الله سبحانه: ?وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً?[النساء:8] أي: أعطوهم، ولن يستطيع أحد أن يرزق أحداً من دون الله، بما لم يرزق الله سبحانه وتعالى، ففي الصحيحين، من حديث معاوية رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما أنا قاسم والله معطي"، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد"، ?فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً?[النساء:78]، حقًا إنهم ?صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ?[البقرة:171]، فبذنوبهم طبع الله على قلوبهم، فالرجل كما سمعتم يقول: ممكن للولي أن يخلق طفلاً من غير أب!.
السؤال السادس
قال السائل: وهناك في الموقع:
(http://www.geocities.com/abdullah_moslm/g7.ra):
الجفري يقول: إن العلماء اختلفوا في مسألة أن يخلق الولي الطفل من غير أب، وأن السبب الذي جعل من يقول بامتناع ذلك هو التحّرز على الإنسان، حتى لا تأتي امرأة حامل من الزنا وتقول: من غير أب.
الجواب: أي الجفري ممكن يخلق أولادًا لكن الذي يتورع منه الجفري؛ أنه قد يحصل من البغايا أن تأتي لها بطفل وتقول: هذا خلقه الجفري، وهذا خلقه ابن حفيظ، ?أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ?[الانبياء:67].
السؤال السابع
قال السائل: هناك في الموقع:
(http://www.geocities.com/abdullah_moslm/g9.ra)،
الجفري يقول: بإمكانية رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكن بعين البصيرة، وأن هناك من الأولياء -أي الأحيا- من يجتمع بالرسول صلى الله عليه وسلم بعد موته يقظة.(1/32)
فأجاب الشيخ: ? إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ?[غافر:56]، هؤلاء الناس بلغ بهم الكبر، على أنه يمكن أن يلتقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته وهم أحياء، حصلت فتن في زمن علي رضي الله عنه، وفي زمن معاوية رضي الله عنه، وزمن زوجته صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها، حصلت فتن، ما أحد منهم قال: إنه يمكن أن ينادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويراه، أنتم أكرم عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!! ما رأوا هذا القول، ونعوذ بالله.
الصوفية من هذا أنهم يعتقدون أنه يمكن للولي أن يشافه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويتكلم معه يقظةً، بعين البصيرة، هكذا بالبصر، يقظة يتكلم معه وهذا كلام باطل كما سمعت: قال تعالى: ?إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُون?[الزمر: 30-31].
ويقول الله سبحانه وتعالى: ?وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ?[آل عمران:144].
ويقول الله سبحانه وتعالى: ?كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ?[الرحمن: 26-27]، ويقول الله سبحانه وتعالى: ?كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ?[آل عمران:185].(1/33)
وكم من الأدلة الدالة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات، وأنه لا يمكن للميت أن يشافه أو يتكلم مع الأحياء يقظة، فهذا باطل، والله المستعان، ضلالات هؤلاء الناس لا تتناهى، وكفى بضلالاتهم الشرك بالله سبحانه، فلماذا الصحابة يختلفون وكان يكفيهم أن يقولون: يا رسول الله، هات لنا خبر كذا وكذا، والله عزوجل يقول: ?فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ? [يّس:50]، وفي "الصحيحين" أنه يقال للنبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، حتى من ضلالاتهم يقولون في المولد:
مرحبا بك مرحباً ** جد الحسيني مرحبا
وعملوا ذلك (التداخين)، ويقومون يتراقصون، ويزملون ويرحبون برسول الله صلى الله عليه وسلم، بالله ما هذه العقول يا إخوان؟! التي باض فيها الشيطان وفرخ، واحد في المغرب يرحب بالنبي صلى الله عليه وسلم، وواحد في أندونيسيا، بل مئات الناس عندهم موالد، آلاف المساجد عندهم موالد، في اليمن ومصر يرحبون بالنبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة، وآلاف المساجد في السودان، والصومال، وأثيوبيا، وليبيا، وموريتانيا وفي سائر بلدان العالم، وكل واحد يقول: مرحبا بك مرحبا، وهذا مرحبا بك مرحبا، رسول الله صلى الله عليه وسلم واحد بشر، فما هذه العقول؟!.
يأتي عندك أو يأتي عند صاحب أندونيسيا، أو صاحب هذا المسجد، أو عند صاحب هذا المسجد، عقولهم عشعشت عليها المعاصي يقول الله سبحانه وتعالى: ?فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ?[الحج:46]، ويقول: ?أَيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ * وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ * وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ?[الأعراف: 191-198].(1/34)
ويقول الله: ?وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ?[الحجر: 14-15].
ويقول الله تعالى في كتابه الكريم عن ضلالهم: ?وَإِذْ قَالُوا اللهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ?[الأنفال:32].
ويقول الله سبحانه: ?إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ * إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ?[الأعراف: 194-196].
ومن ضلال هذا الرجل قوله: (ممكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغيث في اللحظة الواحدة ملايين الناس، وهو ميت)، والله لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حياً لجاهد أمثال هؤلاء الناس، فقد جاهد المشركين على أقوالهم وأفعالهم تلك التي قالوها مثل هذا القول، والله لو كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه حياً لجاهدهم كما جاهد ابن سبأ الذي قال: (أنت الله)، أله علي بن أبي طالب، واعتقد عبد الله بن سبأ، وجماعة عبد الله بن سبأ، أنه إله، فحفر الخنادق وأوقد النيران فيها، وأتى بهم فألقاهم في تلك النيران، وجاء أنه قال:
لما رأيت الأمر أمراً منكراً ** أججت ناري ودعوت قنبرا(1/35)
نسأل الله السلامة والعافية، قلنا هذا: ليهلك من هلك عن بينة وإن الله لسميع عليم، ?هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ? [إبراهيم:52]، ? فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ?[يونس:32] ?بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ?[الأنبياء:18]، ?وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً?[الإسراء:81].
ونبرأ إلى الله من الشرك، والمشركين، والحمد لله رب العالمين.(1/36)