الأدعية والأذكار الْمَأْثُورَات
أثناء وبَعْد الصَّلَوَات
دكتور
إسماعيل مُحَمَّد عَلِيّ عبد الرحمن
أستاذ أصول الفقه المساعد
كلِّيّة الدراسات الإسلامية والعربية
لِلبنات بالمنصورة - جامعة الأزهر
حقوق طبع هذا الكتاب متاحة لكل مسلم شريطة
عدم التصرف في مادة الكتاب إلا بإذن من المؤلف
مَكْتَبَة الرَّحْمَة الْمُهْدَاة
المنصورة - ش الهادي - عزبة عقل
ت : 1421469/010
جَزَى الله تعالى عَنَّا خير الجزاء كُلَّ مَنْ أعان على طَبْع أو نَشْر أو تصوير هذه الأذكار ، وجعلها في موازين حسناتنا أجمعين .
رقم الإيداع بِدار الكتب
5540/2008
الترقيم الدولي
977 - 5899 - 46 - X
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم
المقدمة
الحمد لله الذي هَدَانَا لِلإيمان وحَبَّبَه إلينا وزَيَّنَه في قلوبنا ، فنسأله تعالى أنْ يثبِّت قلوبنا على ذلك وأنْ يجعلنا مِن الراشدين ..
وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، جعل الصلاة والخشوع فيها مِن أعظم أمارات الفلاح ؛ قال تعالى { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ bqمèد±"yz } (1) ، وقال تعالى { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } (2) .
وأشهد أنّ سيدنا محمداً عَبْد الله ورسوله ، حَصَر فلاح العبد ونجاحَه في الآخرة في صلاح صَلاَته ؛ فقال - صلى الله عليه وسلم - { إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلاَتُهُ : فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ ، فَإِنِ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْئاً قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلّ :( انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّع ) ، فَيُكْمَلُ مِنْهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الْفَرِيضَةِ ، ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ أَعْمَالِهِ عَلَى هَذَا } (3) ..
(1) سورة المؤمنون : الآيتان 1 ، 2(1/1)
(2) سورة الأعلى : الآيتان 14 ، 15
(3) رواه الترمذي وحسَّنه والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ..
يراجع كنز العمال 7/280 برقم (18877) .
صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومَن تَبِع هداهم إلى يوم الدين ..
وبَعْدُ .. فإني قد رأيتُ بعضاً مِن أئمّة المساجد يطيلون في سجودهم وركوعهم إطالةً يلحق بعض المصلِّين ( المأمومين ) بسببها أذى ومشقة ونحو ذلك ، وعندما ناقشتُ أحدَهم ناصحاً ومذكِّراً إياه بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتخفيف في الصلاة حاول أن يؤوِّل النص حتى يتفق مع رغبته وميوله .
كما رأيتُ بعضاً آخَر مِن الناس يؤمّون الناس في صَلاتهم على النقيض مِن الصنف السابق ؛ فينقر الصلاة نقراً حتى إنك لا تتمكن مِن قراءة الفاتحة أو الإتيان بأذكار الصلاة بطمأنينة وخشوع .
كما رأيتُ نفراً مِن علماء القنوات الفضائية عندما سئل : " هل هناك مِن أذكار مسنونة تقال بعد التسبيحات في الركوع والسجود ؟ " فلم يجبه إجابةً شافيةً كافية .
لِكُلّ ما سبق فَقَدْ شَرَح الله تعالى صدري لِتحقيق منهج الوسطية في الركوع والسجود ، وجَمْع أغلب ما ورد في السُّنَّة مِن أدعية وأذكار أثناء الصلاة وبعدها في هذا المصنَّف الذي سَمَّيْتُه بِـ( الأدعية والأذكار المأثورات أثناء وبعد الصلوات ) ..
وقَدْ قَسَّمْتُه إلى أربعة مطالب على النحو التالي :
المطلب الأول : أذكار القيام .
وفيه خمسة فروع :
الفرع الأول : دعاء الاستفتاح .
الفرع الثاني : الاستعاذة .
الفرع الثالث : دعاء القراءة .
الفرع الرابع : القراءة خلف الإمام .
الفرع الخامس : التأمين .
المطلب الثاني : أذكار الركوع والرفع منه والقنوت .
وفيه ثلاثة فروع :
الفرع الأول : أذكار الركوع .
الفرع الثاني : أذكار الرفع مِن الركوع .
الفرع الثالث : القنوت .
المطلب الثالث : أذكار السجود والجلوس بين السجدتَيْن وبعد التشهد .
وفيه أربعة فروع :(1/2)
الفرع الأول : أذكار السجود .
الفرع الثاني : حكم التسبيح في الركوع والسجود ، وعدد
التسبيحات .
الفرع الثالث : أذكار الجلوس بين السجدتَيْن .
الفرع الرابع : الدعاء بعد التشهد .
المطلب الرابع : الدعاء والأذكار في الصلاة وبعدها .
وفيه فرعان :
الفرع الأول : الدعاء في الصلاة بصفة عامة .
الفرع الثاني : أذكار ما بعد الصلاة .
واللهَ تعالى أسأل التوفيق والسداد والقبول ، وأنْ يجعل هذا العمل خالصاً لِوجهه حتى أنال به عفوه جلّ وعَلاَ ومغفرتَه ، وكذا والدَيّ وأصحاب الحقوق عَلَيّ ؛ إنه وليّ ذلك والقادر عليه ..
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
المطلب الأول
أذكار القيام
بالرجوع إلى السُّنَّة المطهّرة في هذا المقام نرى أنّ هناك أربعة أذكار ، وهي : دعاء الاستفتاح ، والاستعاذة ، ودعاء القراءة أو الاستماع ، والتأمين ..
ونفصل القول في كل فرع منها فيما يلي ..
الفرع الأول
دعاء الاستفتاح
والحديث عن دعاء الاستفتاح يستدعي بيان المراد به ومحلّه ، والروايات الواردة فيه ، وحكمه .
ونفصل القول في كل واحد منها فيما يلي ..
أوّلاً - المراد بدعاء الاستفتاح ومحلّه :
المراد بدعاء الاستفتاح : ما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مِن أذكار ودعوات مبتدئاً بها صَلاَتَه بعد تكبيرة الإحرام قبل قراءة الفاتحة .
ثانياً - الروايات الواردة في دعاء الاستفتاح :
لقد ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - روايات عديدة بأذكار مختلفة ، وقد حصرتُ ما وقفتُ عليه منها فيما يلي :(1/3)
الرواية الأولى : عن عليّ وابن عمر - رضي الله عنهم - : وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ .. إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ ، وَأَنَا أَوَّلُ (1) الْمُسْلِمِينَ .. اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ .. أَنْتَ رَبِّي
(1) قال الإمام الشافعي - رضي الله عنه - : ويجعل مكان " وَأَنَا أَوَّلُّ الْمُسْلِمِين " : وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِين .. الأُمّ 1/106
وَأَنَا عَبْدُكَ ، ظَلَمْتُ نَفْسِي وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي ، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعَهَا ؛ إِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ ، وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأَخْلاَقِ لاَ يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إِلاَّ أَنْتَ ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَ الأَخْلاَقِ لاَ يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنْتَ .. لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ بِيَدَيْكَ ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْك (1) (2) .
الرواية الثانية : عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْكُتُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ ، فَقُلْتُ :" بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي إِسْكَاتِكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ مَا تَقُولُ ؟ " قَال { أَقُولُ : اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ .. اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ .. اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَد } (3) .(1/4)
(1) وعَقَّب ابن القيم - رحمه الله تعالى - بأنّ المحفوظ أنّ هذا الاستفتاح إنما كان يقوله - صلى الله عليه وسلم - في قيام الليل ( زاد المعاد 1/196 ) ، وفيه نظر .
(2) رواه النسائي /124 ، 125 برقم (898) وأبو داود /118 ، 119 برقم (760) والبغوي في شرح السُّنَّة 1/34 ، 35 ، ويراجع : مشكاة المصابيح 1/256 ، 257 برقم (813) والأذكار /90
(3) رواه البخاري /221 برقم (744) ومسلم /419 ، 420 برقم (147) والنسائي /124 برقم (896) وابن ماجة /115 برقم (805) ، =
الرواية الثالثة : عن السيدة عائشة - رضي الله عنها - قالت : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اسْتَفْتَحَ الصَّلاَةَ قَال { سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ ، وَتَعَالَى جَدُّكَ ، وَلاَ إِلَهَ غَيْرُك } (1) .
وكان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يجهر بها (2) .
الرواية الرابعة : عن جُبَيْر بن مُطْعِم - رضي الله عنه - قال : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ دَخَلَ فِي الصَّلاَةِ قَال { اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرا [ ثَلاَثَ مَرَّات ] ، الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرا [ ثَلاَثَ مَرَّات ] ، سُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلا [ ثَلاَثَ مَرَّات ] .. اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ : مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِه } (3) ..
الرواية الخامسة : عن السيدة عائشة - رضي الله عنها - أنّ
= ويراجع : سنن أبي داود /781 وشرح السُّنَّة 1/40 برقم (574) ومشكاة المصابيح 1/256 برقم (812) وزاد المعاد 1/195 والأذكار /91
(1) أخرجه الترمذي /67 برقم (243) وأبو داود برقم (776) وابن ماجة برقم (806) والنسائي برقم (899) والبغوي في شرح السُّنَّة 1/38 برقم (573) ، ويراجع : مشكاة المصابيح 1/258 برقم (815) والأذكار /91
(2) يراجع المجموع 3/278(1/5)
(3) رواه أبو داود /119 ، 120 برقم (764) وابن ماجة /115 برقم (807) والبغوي في شرح السُّنَّة 1/43 برقم (575) ، ويراجع مشكاة المصابيح 1/259 برقم (817) .
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذَا قام مِنَ الليل افتتح صَلاتَه فقال { اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ ؛ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم } (1) .
الرواية السادسة : عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يَقُول إذَا قام إلى الصلاة في جوف الليل : { اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيَّامُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ .. أَنْتَ الْحَقُّ ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ ، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ ، وَلِقَاؤُكَ حَقُّ ، وَالْجَنَّةُ حَقُّ ، وَالنَّارُ حَقٌّ ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ .. اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ ، وَبِكَ آمَنْتُ ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ ، وَبِكَ خَاصَمْتُ ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَأَخَّرْتُ وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ ، أَنْتَ إِلَهِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْت } (2) .
الرواية السابعة : عن عاصم بن حُمَيْد - رحمه الله تعالى - أنّه
(1) رواه أبو داود في سننه /120 برقم (767) ومسلم برقم (770) .
(2) رواه البخاري في التهجد 3/3 ، 4 ومسلم برقم (769) وأبو داود في سننه /120 برقم (771) ، ويراجع زاد المعاد 1/196(1/6)
سأل السيدة عائشة رضي الله عنها :" بأيّ شيء كان يَفتَتِح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قيام الليل ؟ " فقالت : كَانَ إِذَا قَامَ كَبَّرَ عَشْراً وَسَبَّحَ عَشْراً وَهَلَّلَ عَشْراً وَاسْتَغْفَرَ عَشْراً ، وَقَال { اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَاهْدِنِي وَارْزُقْنِي وَعَافِنِي } ، وَيَتَعَوَّذُ مِنْ ضِيقِ الْمَقَامِ يَوْمَ الْقِيَامَة (1) .
الرواية الثامنة : عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذَا قام مِن الليلِ كَبَّر ثُمّ يَقُول { سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّه } ثَلاَثاً ، ثُمَّ يَقُول { اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرا [ ثَلاَثا ] ، أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ : مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِه } (2) .
الرواية التاسعة : عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ : " اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيراً ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيراً ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً " فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - { مَنِ الْقَائِلُ كَلِمَة كَذَا وَكَذَا } قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ :" أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ " قَال { عَجِبْتُ لَهَا لِلَّهِ فُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاء } ..
(1) رواه أبو داود في سننه /120 برقم (766) والإمام أحمد 6/143
(2) رواه الترمذي /67 برقم (242) وأبو داود /121 برقم (775) ، ويراجع : زاد المعاد 1/197 والأذكار /94
قال ابن عمر : فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ ذَلِك (1) .(1/7)
الرواية العاشرة : عن جابر - رضي الله عنه - قال : كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اسْتَفْتَحَ الصَّلاَةَ كَبَّرَ ثُمَّ قَال { إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ ، وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ .. اللَّهُمَّ اهْدِنِي لأَحْسَنِ الأَعْمَالِ وَأَحْسَنِ الأَخْلاَقِ ؛ لاَ يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إِلاَّ أَنْتَ ، وَقِنِي سَيِّئَ الأَعْمَالِ وَسَيِّئَ الأَخْلاَقِ ؛ لاَ يَقِي سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنْت } (2) .
الرواية الحادية عشرة : عن محمد بن مسلمة - رضي الله عنه - أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذَا قام يصلي تطوعاً قال { اللَّهُ أَكْبَرُ .. وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ .. إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ ، وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ .. اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ ، سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِك } ثُمَّ يَقْرَأ (3) .
(1) رواه مسلم 1/419 ، 420 برقم (150) .
(2) رواه النسائي في سننه /124 برقم (897) والدارقطني 1/298 برقم (1151) .
(3) رواه النسائي في سننه /125 برقم (899) .
ثالثاً - حكم دعاء الاستفتاح :
دعاء الاستفتاح سُنَّة في قول أكثر أهل العلم ، وعليه الأئمة أبو حنيفة والشافعي وأحمد - رضي الله عنهم - .
أمَّا الإمام مالك - رضي الله عنه - : فيرى القراءة بعد التكبير ؛ محتجّاً بما رواه أنس - رضي الله عنه - قال : كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَفْتَتِحُونَ الصَّلاَةَ بـ { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ْüدJn="yèّ9$# } (1) .(1/8)
وحمل الجمهور حديث أنس - رضي الله عنه - على القراءة ، وعليه فلا تَعَارُض بين رواية أنس - رضي الله عنه - وروايات الاستفتاح ؛ لأنّه لا مانع أنْ يبدأ القراءة بالحمد ( الفاتحة ) بعد دعاء الاستفتاح .
ودعاء الاستفتاح سُنَّة في جميع الصلوات - فرضاً كان أم نفلاً - إلا صلاة الجنازة والمسبوق إذَا أدرك الإمامَ في غير القيام ، أمَّا إنْ أدركه في القيام أتى به إلا أن يخاف فوات قراءة الفاتحة ؛ لأنّها - أي الفاتحة - واجبة والاستفتاح سُنَّة .
قال الإمام الشافعي - رضي الله عنه - : وسواء في ذلك الإمام والمأموم إذَا لم يفت المأموم مِن الركعة ما لا يقدر عليه ، فإنْ فاته منها ما يقدر على بعض هذا القول ولا يقدر على بعضه أحببتُ أنْ يقوله ، وإنْ لم يَقُلْه لم يَقْضِه في ركعة غيرها .. ا.هـ (2) .
(1) رواه أبو داود في سننه /122 برقم (782) والنسائي في سننه /125 برقم (904) .
(2) الأُمّ 1/106
ولو ترك دعاءَ الاستفتاح عامداً بعض مرة - وليس دائماً ؛ لأنّ في تركه حينئذ رغبة عن سُنَّتِه - صلى الله عليه وسلم - أو ناسياً حتى شرع في القراءة فلا يَعُود إليه ؛ لأنّه سُنَّة فات محلّها ، ولا تبطل صَلاته ، وكره البعض إتيانه بعد الشروع في القراءة (1) .
والسُّنَّة عدم الجهر بدعاء الاستفتاح إلا لِلتعليم ..
قال الإمام أحمد - رضي الله عنه - : ولا يجهر الإمام بالافتتاح ، وعليه عامة أهل العلم ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يجهر به ، وإنما جهر به عمر - رضي الله عنه - لِيُعَلِّم الناس (2) .
وقد صح أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان يجهر بالرواية الثالثة { سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ ، وَلاَ إِلَهَ غَيْرُك } (3) ..
واختار هذه الرواية الإمامان أبو حنيفة وأحمد رضي الله عنهما (4) .
كما ثبت أن ابن عمر - رضي الله عنهما - التزم الرواية(1/9)
(1) يراجع : بدائع الصنائع 2/534 والمجموع 3/276 ، 277 والأذكار /93 والمغني لابن قدامة 1/475
(2) يراجع المغني لابن قدامة 1/475
(3) يراجع زاد المعاد 1/198
(4) يراجع : بدائع الصنائع 2/535 والمغني 1/473 والإنصاف 2/47
التاسعة وداوم عليها : اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيراً ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيراً ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلا .
واختار الإمام الشافعي - رضي الله عنه - الرواية الأولى { وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِين ... } الحديث .
وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى : يجمع بين قول { سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك ... } الحديث وبين قول { وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَات ... } الحديث ..
وهو قول أبي إسحاق المروزي وأبي حامد مِن الشافعية (1) .
واختار النووي - رحمه الله - استحباب الجمع بينها كلها لِمَن صلى منفرداً ، ولِلإمام إذَا أَذِن له المأمومون ، فأمَّا إذَا لم يأذنوا له فلا يطوِّل عليهم ، بل يقتصر على بعض ذلك (2) .
والأَوْلَى عندي - لِمَن قدر على حفظها أو حفظ بعضها - أن يُنَوِّع منها ويبدِّل بينها ؛ لِمَا أورده ابن القيم - رحمه الله تعالى - أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يَستفتح تارةً بـ { اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَاي ... } الحديث ، وتارةً يقول { وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَات ... } الحديث ، وتارةً يقول
(1) يراجع عمدة القاري 5/35
(2) يراجع الأذكار /92 ، 93(1/10)
{ اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيل ... } الحديث ، وتارةً يقول { اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْض ... } الحديث ، وتارةً يقول { اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَر ... } الحديث ، وتارةً يقول { اللَّهُ أَكْبَر } عشر مرات ثُمّ يُسَبِّح عشر مرات ... الحديث ..
ثُمّ عَقَّب بقوله : فَكُلّ هذه الأنواع صَحَّتْ عنه - صلى الله عليه وسلم - (1) .
وإذَا كان كذلك فعلينا أن نتخيَّر منها كما فعل بعض الصحابة - رضي الله عنهم - أو ننوِّع بينها .
وقال ابن الأثير - رحمه الله تعالى - في " شرح المسند " : الذي ذهب إليه الشافعي في " الأُمّ " أنّه يأتي بهذه الأذكار جميعاً مِن أولها إلى آخِرها في الفريضة والنافلة .. ا.هـ (2) .
وكأني بالإمام الشافعي - رضي الله عنه - يرمي إلى التنويع بينها ، وليس جمعها كما اختار النووي الذي أتفق معه في جمعها لِلمنفرِد دون الإمام .
كما أنّ جمعها كلها في استفتاح واحد في النفس منه شيء ؛ لأنّه لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه الكيفية .
(1) زاد المعاد 1/51 ، 52
(2) عمدة القاري 5/35 ويراجع الأُمّ 1/106
الفرع الثاني
الاستعاذة
والحديث في الاستعاذة يشمل تعريفها ، ومحلّها ، وحكمها ، والجهر والإسرار بها ، والصلوات المستحَبّ التعوذ فيها ، وصيغ التعوذ والروايات الواردة فيها ..
ونفصل القول في كل واحد منها فيما يلي ..
أوّلاً - تعريف الاستعاذة :
الاستعاذة لغةً : مِن " عاذ به يَعُوذ عوذاً وعِيَاذاً ومَعَاذاً " لاذ به ولجأ إليه واعتصم ، و" عُذْتُ بفلان واستعذتُ به " أي لجأتُ إليه (1) .
ولذا يكون معنى الاستعاذة هو الالتجاء والاعتصام .
ثانياً - محلّ الاستعاذة :
جمهور العلماء على أنّ محلّ الاستعاذة بعد الفراغ مِن دعاء الاستفتاح وقبل القراءة في الركعة الأولى ، فإنْ لم يتعوذ فيها أتى بها في الثانية ، فإنْ لم يفعل ففيما بعدها .(1/11)
وإنْ تَعَوَّذ في الأولى هل يُستحَبّ أنْ يتعوذ في الثانية ؟ :
قولان :
الأول : لا يُستحَبّ .
(1) يراجع : لسان العرب 9/464 والقاموس المحيط /428
وهو قول عطاء والحسن البصري والنخعي والثوري وأبي حنيفة - رضي الله عنهم - .
الثاني : يُستحَبّ .
وهو الأصح عند الشافعية وقول ابن سيرين رحمه الله تعالى ، لكنها في الأولى آكَد .
واحتجّوا : بما نُقِل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مِن أنّ تَعَوُّذَه بعد الثناء قبل القراءة .
وذهب أبو هريرة وابن سيرين والنخعي - رضي الله عنهم - والظاهرية إلى أنّ محلّه بعد القراءة ؛ لِظاهر قوله تعالى { فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ Oٹإ_چ9$# } (1) ، وفيها أمر بالاستعاذة بعد قراءة القرآن ؛ لأنّ الفاء لِلتعقيب .
ورَدّ الجمهور هذا الاستدلال : بأنّ الإرادة مضمَرة في الآية ؛ أيْ فإذَا أردتَ قراءة القرآن فاستعذ بالله ، ولأنّ التعوذ شُرِع صيانةً لِلقراءة عن وساوس الشيطان (2) .
وهذا الرأي هو ما أميل إليه .
(1) سورة النحل : الآية 98
(2) يراجع : المجموع 3/383 ، 384 وبدائع الصنائع 2/536 والأذكار /94 ، 95
حكم الاستعاذة :
اختلف العلماء في حكم الاستعاذة في الصلاة على أقوال ثلاثة :
القول الأول : الندب .
وهو ما عليه الجمهور ، وهو قول ابن عمر وأبي هريرة والحسن وابن سيرين وعطاء والثوري والنخعي والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي وأحمد وداود - رضي الله عنهم - .
واحتجّوا : بقوله تعالى { فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ Oٹإ_چ9$# } (1) ، والأمر بالاستعاذة هنا ليس لِلوجوب ؛ لأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتركها أحياناً .
القول الثاني : عدم الاستعاذة .
وهو قول مالك - رضي الله عنه - .(1/12)
واحتجّوا : بحديث أنس - رضي الله عنه - أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - كانوا يفتتحون القراءة بـ { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ْüدJn="yèّ9$# } (2) .
كما احتجّوا : بحديث المسيء في صَلاته (3) ، وفيه لم يأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالاستعاذة .
(1) سورة النحل : الآية 98
(2) سبق تخريجه .
(3) متفق عليه .. يراجع مشكاة المصابيح 1/174 برقم (790) .
القول الثالث : الوجوب .
وهو منقول عن عطاء والثوري ، ورواية عن داود رحمهم الله تعالى .
واحتجّوا : بالأمر الوارد في قوله تعالى { فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ Oٹإ_چ9$# } (1) ، وهؤلاء حملوا الأمر على ظاهره فأوجبوا الاستعاذة عند قراءة القرآن .
والراجح عندي : أنّ قراءة الاستعاذة قبل الفاتحة سُنَّة ، وهو ما عليه الجمهور ؛ لِقوة حُجّتهم ، ولِورود روايات عدة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه كان يتعوذ قبل القراءة في الصلاة .
ثالثاً - حكم الاستعاذة في حق الإمام والمأموم :
اتفق الجمهور على أنّ الاستعاذة سُنَّة في حق الإمام ..
واختلفوا في حكمها في حق المأموم على قولين :
القول الأول : أنّها مستحبة في حق المأموم كالإمام .
وهو قول أبي يوسف والشافعية .
ويمكن الاحتجاج لهم : بعموم الأمر في قوله تعالى { فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ Oٹإ_چ9$# } (2) .
القول الثاني : عدم استحبابها .
(1) سورة النحل : الآية 98
(2) سورة النحل : الآية 98
وهو قول الثوري وأبي حنيفة ومحمد والإمام أحمد - رضي الله عنهم - .
وحُجّتهم : أنّ المأموم لا قراءة عليه ، ومِن باب أَوْلَى الاستعاذة (1) .(1/13)
وأرى : أنّ حُجَّة القول الثاني فيها نظر ؛ لأنّا لا نُسَلِّم أنّ المأموم لا قراءة عليه ، ولذا فإنّ قراءة الاستعاذة - عندي - في حق المأموم سُنَّة كالإمام ، وهو ما عليه القول الأول .
رابعاً - الجهر والإسرار بها :
اتفق العلماء على أنّ الصلاة السرية يُسرّ فيها بالاستعاذة .
وإنْ كانت الصلاة جهريّةً ففي الجهر بالاستعاذة خلاف على قَوْلَيْن :
القول الأول : الإسرار بها .
وهو قول الحنفية ، وهو الأصح عند الشافعية ، ومرويّ عن ابن عمر رضي الله عنهما .
وحُجّتهم : أنّ الجهر بالاستعاذة لم يُنْقَلْ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
القول الثاني : ندب الجهر بها .
وهو ما عليه بعض أهل العلم .
(1) يراجع : المجموع 3/284 والمغني لابن قدامة 1/475 وبدائع الصنائع 2/537 والجامع لأحكام القرآن 1/62
القول الثالث : يتخير بين الجهر والإسرار .
وهو ظاهر نص " الأُمّ " (1) .
وحيث إنّ الجهر بالاستعاذة لم يُنْقَلْ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فالأَوْلَى الإسرار بها ، إلا إنْ كان لِلتعلم فلا بأس مِن الجهر بها .
خامساً - الصلوات المستحَبّ التعوذ فيها :
يُستحَبّ التعوذ في كل صلاة : فريضة أو نافلة أو منذورة .
واختلفوا في التعوذ في صلاة الجنازة ، والصحيح عند الشافعية استحبابه فيها (2) .
سادساً - صيغ التعوذ :
وردت في التعوذ صيغ عديدة ، حصرتُها فيما يلي :
الصيغة الأولى : ( أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم ) .
وهي اختيار الإمامين أبي حنيفة والشافعي رضي الله عنهما .
وحُجَّتُه : قوله تعالى { فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ Oٹإ_چ9$# } (3) .
(1) يراجع : الأُمّ 1/107 والمجموع 3/282 والأذكار /94 ، 95 وبدائع الصنائع 2/537
(2) يراجع : المجموع 3/283 ومغني المحتاج 1/156
(3) سورة النحل : الآية 98(1/14)
الصيغة الثانية : ( أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم ) .
وهي اختيار الإمام أحمد والحسن بن صالح رضي الله عنهما .
واحتجّوا : بخبر أبي سعيد - رضي الله عنه - (1) ..
ولِقوله تعالى { فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ Oٹخ=yèّ9$# } (2) .
الصيغة الثالثة : ( أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ : مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِه ) .
وذكر النووي - رحمه الله - أنّه اللفظ المختار في التعوذ ، ولكن المشهور المختار هو الأول ( يعني الصيغة الأولى ) (3) .
الصيغة الرابعة : ( أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ، إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم ) .
وهي اختيار الثوري رحمه الله تعالى (4) .
وأرى : أنْ نتخير مِن هذه الصيغ على وجه التبديل والتنويع ، مع ترجيح الصيغة الثالثة ؛ لِكثرة الروايات التي وردت فيها .
(1) يراجع صفحة 12 مِن هذا الكتاب .
(2) سورة فُصِّلَت مِن الآية 36
(3) يراجع الأذكار /94
(4) يراجع : المجموع 3/284 والمغني لابن قدامة 1/475 ، 476 وبدائع الصنائع 2/537 ومغني المحتاج 1/156 والهداية مع شرح فتح القدير /204
سابعاً - الروايات الواردة في الاستعاذة :
الرواية الأولى : عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كان إذَا قام مِن الليلِ كَبَّر ثُمّ يَقُول { سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّه } ثَلاَثاً ، ثُمَّ يَقُول { اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرا [ ثَلاَثا ] ، أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ : مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِه } (1) .(1/15)
الرواية الثانية : عن جُبَيْر بن مُطْعِم - رضي الله عنه - قال : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ دَخَلَ فِي الصَّلاَةِ قَال { اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرا [ ثَلاَثَ مَرَّات ] ، الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرا [ ثَلاَثَ مَرَّات ] ، سُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلا [ ثَلاَثَ مَرَّات ] .. اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ : مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِه } (2) ..
الرواية الثالثة : عن ابن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال { اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَهَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِه } (3) .
الرواية الرابعة : رُوِي أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال قبل القراءة في الصلاة { أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ : مِنْ نَفْخِهِ وَنَفْثِهِ وَهَمْزِه } (4) .
(1) سبق تخريجه .
(2) سبق تخريجه .
(3) رواه ابن ماجة في سننه /115 برقم (808) .
(4) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والبيهقي ..
يراجع الأذكار /94
الفرع الثالث
دعاء القراءة أو الاستماع
لقد ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في دعاء القراءة أو الاستماع روايات كثيرة ، وقفتُ منها على ما يلي :
الرواية الأولى : عن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنهما - قال : صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ لَيْلَةٍ ، فَافْتَتَحَ " الْبَقَرَةَ " فَقُلْتُ : يَرْكَعُ بَعْدَ الْمِائَةِ ، ثُمَّ مَضَى فَقُلْتُ : يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ ، فَمَضَى ، فَقُلْتُ : يَرْكَعُ بِهَا ، ثُمَّ افْتَتَحَ " النِّسَاءَ " فَقَرَأَهَا ، ثُمَّ افْتَتَحَ " آلَ عِمْرَانَ " فَقَرَأَهَا ، يَقْرَأُ مُتَرَسِّلاً ، إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ ، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذ (1) .(1/16)
الرواية الثانية : عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذَا قرأ { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى } (2) قال { سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى } (3) .
الرواية الثالثة : عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال { مَنْ قَرَأَ مِنْكُم { وَالتِّينِ bqçG÷ƒ¨"9$#ur } فَانْتَهَى إِلَى { أَلَيْسَ
(1) رواه النسائي برقم (1675) ومسلم برقم (1850) ، ويراجع الأذكار /122
(2) سورة الأعلى : الآية 1
(3) رواه أحمد وأبو داود .. يراجع مشكاة المصابيح 1/271 برقم (859) .
ھ!$# بِأَحْكَمِ ûüةKإ3"ptّ:$# } (1) فَلْيَقُلْ " بَلَى ، وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنَ الشَّاهِدِينَ " ، وَمَنْ قَرَأ { لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ pyJ"uٹة)ّ9$# } فَانْتَهَى إِلَى { أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى } (2) فَلْيَقُلْ " بَلَى " ، ومَنْ قَرَأَ " الْمُرْسَلاَتِ " فَبَلَغ { فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ cqمZدB÷sمƒ } (3) فَلْيَقُلْ : آمَنَّا بِاللَّه } (4) .
الرواية الرابعة : وعن السيدة عائشة - رضي الله عنها - قالت : كُنْتُ أَقُومُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ التَّمَامِ ، فَكَانَ يَقْرَأُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءِ ، فَلاَ يَمُرُّ بِآيَةٍ فِيهَا تَخْوِيفٌ إِلاَّ دَعَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَاسْتَعَاذَ ، وَلاَ يَمُرُّ بِآيَةٍ فِيهَا اسْتِبْشَارٌ إِلاَّ دَعَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَرَغِبَ إِلَيْه (5) .
الرواية الخامسة : عن موسى بن أبي عائشة - رحمه الله تعالى - قال : كَانَ رَجُلٌ يُصَلِّي فَوْقَ بَيْتِهِ ، وَكَانَ إِذَا قَرَأ { أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى } (6) قال :" سُبْحَانَكَ فَبَلَى " ،
(1) سورة التين : الآية 8
(2) سورة القيامة : الآية 40
(3) سورة المرسلات : الآية 50(1/17)
(4) رواه أبو داود والترمذي إلى قوله { وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنَ الشَّاهِدِين } ..
يراجع مشكاة المصابيح 1/272 برقم (860) .
(5) رواه الإمام أحمد .. يراجع مجمع الزوائد 2/272
(6) سورة القيامة : الآية 40
فَسَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - (1) .
الرواية السادسة : عن عوف بن مالك - رضي الله عنه - قال : قُمْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَدَأَ فَاسْتَاكَ وَتَوَضَّأَ ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى فَبَدَأَ فَاسْتَفْتَحَ " الْبَقَرَةَ " : لاَ يَمُرُّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ إِلاَّ وَقَفَ فَسَأَلَ ، وَلاَ يَمُرُّ بِآيَةِ عَذَابٍ إِلاَّ وَقَفَ فَتَعَوَّذَ ، ثُمَّ رَكَعَ فَمَكَثَ رَاكِعاً بِقَدْرِ قِيَامِهِ يَقُولُ فِي رُكُوعِه { سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَة } ، ثُمَّ سَجَدَ بِقَدْرِ رُكُوعِهِ يَقُولُ فِي سُجُودِه { سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَة } ، ثُمَّ قَرَأَ " آلَ عِمْرَانَ " ثُمَّ سُورَةً سُورَةً ، ثُمَّ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِك (2) .
الرواية السابعة : عن جابر - رضي الله عنه - قال : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَةَ الرَّحْمَنِ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا فَسَكَتُوا ، فَقَال { لَقَدْ قَرَأْتُهَا عَلَى الْجِنِّ لَيْلَةَ الْجِنِّ فَكَانُوا أَحْسَنَ مَرْدُوداً مِنْكُمْ ؛ كُنْتُ كُلَّمَا أَتَيْتُ عَلَى قَوْلِه { فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا b$t/ةjs3è? } (3) قَالُوا : لاَ بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا (1) رواه أبو داود برقم (884) .
(2) رواه النسائي وأبو داود والترمذي ..
يراجع الأذكار /105 برقم (136) .
(3) وردت هذه الآية في سورة الرحمن إحدى وثلاثين مرة .
نُكَذِّبُ ، فَلَكَ الْحَمْد } (1) .(1/18)
هذه النصوص ونحوها تُثْبِت استحباب الدعاء عند قراءة آيات الرحمة وآيات العذاب والتسبيح ..
ولذا قال النووي رحمه الله تعالى : قال أصحابنا : يُستحَبّ هذا التسبيح والسؤال والاستعاذة لِلقارئ في الصلاة وغيرها ولِلإمام والمأموم والمنفرد ؛ لأنّه دعاء ، فاستووا فيه كالتأمين ..
ويُستحَبّ لِكُلّ مَن قرأ { أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ ûüةKإ3"ptّ:$# } (2) أنْ يقول " بَلَى ، وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنَ الشَّاهِدِين " ، وإذَا قرأ { أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى } (3) قال " بَلَى أَشْهَد " ، وإذَا قرأ { فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ cqمZدB÷sمƒ } (4) قال " آمَنْتُ بِاللَّه " ، وإذَا قرأ { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى } (5) قال " سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى " ، ويقول هذا كُلَّه في الصلاة وغيرها .. ا.هـ (6) .
ومع تسليمي بندب واستحباب سؤال الرحمة والاستعاذة
(1) رواه الترمذي .. يراجع مشكاة المصابيح 1/272 برقم ( 861) .
(2) سورة التين : الآية 8
(3) سورة القيامة : الآية 40
(4) سورة المرسلات : الآية 50
(5) سورة الأعلى : الآية 1
(6) الأذكار /102 ، 103 ويراجع المجموع 4/75 ، 76
مِن العذاب والتسبيح والتعقيب على بعض الاستفهامات الواردة في القرآن الكريم عند قراءة القرآن أو الاستماع إليه خارج الصلاة وكذا في الصلوات المسنونة ، أمَّا فعل ذلك في صلاة الفرض فلم أقف على رواية تُثْبِت ذلك ، وإنّما أثبتت الروايات التي وقفتُ عليها أنّها كانت في صلاة الليل أو في غير الفريضة ، إلا أنّ رواية أبي هريرة - رضي الله عنه - تُثْبِت عموم ذلك كما ذهب النووي رحمه الله تعالى .
وفي رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه قال : سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِي صَلاَةٍ لَيْسَتْ بِفَرِيضَة (1) .(1/19)
وعن السيدة عائشة - رضي الله عنها - قالت : كُنْتُ أَقُومُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ التَّمَام ... (2) .
وعن عوف بن مالك - رضي الله عنه - قال : قُمْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ... (3) .
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى : ولا يُستحَبّ ذلك في الفريضة ؛ لأنّه لم يُنْقَلْ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في فريضة مع كثرة مَن وصف قراءته فيها .. ا.هـ (4) .
(1) رواه ابن أبي شيبة 2/210 برقم (6034) وأحمد 4/347 برقم (19265) .
(2) سبق تخريجه .
(3) سبق تخريجه .
(4) المغني 1/550
وقال الكاساني رحمه الله تعالى : وأمَّا الإمام في الفرائض فيُكْرَه له ذلك ؛ لأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفعله في المكتوبات ، وكذا الأئمة بعده إلى يومنا هذا ، فكان مِن الْمُحْدَثَات ، ولأنّه يَثْقُل على القوم ، وذلك مكروه ، ولكن لا تفسد صَلاته ؛ لأنّه يزيد خشوعه ، والخشوع زينة الصلاة .. ا.هـ (1) .
(1) بدائع الصنائع 2/69
الفرع الرابع
القراءة خلف الإمام
روايات كثيرة وردت في القراءة خلف الإمام ، وقفتُ منها على ما يلي :
الرواية الأولى : عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصرف مِن صلاة جهر فيها بالقراءة فقال { هَلْ قَرَأَ مَعِي أَحَدٌ مِنْكُمْ آنِفا } فقال رجل :" نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّه " فقال - صلى الله عليه وسلم - { إِنِّي أَقُولُ مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآن } ..
قال : فَانْتَهَى النَّاسُ عَنِ الْقِرَاءَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا جَهَرَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْقِرَاءَةِ مِنَ الصَّلاَةِ حِينَ سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - (1) .(1/20)
الرواية الثانية : عن عُبَادَة بن الصامت - رضي الله عنه - قال : صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الصُّبْحَ فَثَقُلَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَال { إِنِّي أَرَاكُمْ تَقْرَأُونَ وَرَاءَ إِمَامِكُم } قُلْنَا :" يَا رَسُولَ اللَّهِ .. إِي وَاللَّهِ " قَال { لاَ تَفْعَلُوا إِلاَّ بِأُمِّ الْقُرْآنِ ؛ فَإِنَّهُ لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا } (2) .
(1) رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي .. يراجع : مشكاة المصابيح 1/270 برقم (855) وشرح السُّنَّة 1/83 برقم (607) .
(2) رواه الترمذي وأبو داود والحاكم والدارقطني .. يراجع : مشكاة =
الرواية الثالثة : عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال { إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا ، وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا } (1) .
الرواية الرابعة : عن البياضي - رضي الله عنه - أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خَرَج على الناس وهُمْ يصلَّون وقَدْ عَلَتْ أصواتُهُمْ بالقراءة فقال { إِنَّ الْمُصَلِّيَ يُنَاجِي رَبَّهُ ، فَلْيَنْظُرَ بِمَ يُنَاجِيهِ بِهِ ، وَلاَ يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقُرْآن } (2) .(1/21)
الرواية الخامسة : عن عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنه - قال : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ :" إِنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ أَنْ آخُذَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئاً ، فَعَلِّمْنِي مَا يُجْزِئُنِي " قَالَ - صلى الله عليه وسلم - { قُلْ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّه } ، قَالَ :" يَا رَسُولَ اللَّهِ .. هَذَا لِلَّهِ تَعَالَى ، فَمَا لِي ؟ " قَالَ - صلى الله عليه وسلم - { قُلِ : اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَعَافِنِي وَاهْدِنِي وَارْزُقْنِي } ، فَلَمَّا قَامَ قَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -
= المصابيح 1/269 ، 270 برقم (853) وشرح السُّنَّة 1/82 برقم (606) .
(1) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة .. يراجع مشكاة المصابيح 1/271 برقم (857) .
(2) رواه مالك وأحمد .. يراجع : شرح السُّنَّة 1/86 ، 87 برقم (608) ومشكاة المصابيح 1/271 برقم (856) .
{ أَمَّا هَذَا فَقَدْ مَلأَ يَدَيْهِ مِنَ الْخَيْر } (1) .
الأحكام المستفادة مِن هذه الروايات :
1- اختلف العلماء في حكم قراءة المأموم على أقوال :
القول الأول : لا تجب قراءة الفاتحة على المأموم مطلقاً .
وهو قول الإمام أبي حنيفة - رضي الله عنه - ، وعليه الحنابلة .
ولا تجب عنده قراءة المأموم ، سواء جهر الإمام أو لم يجهر ، ولا تُسَنّ له القراءة خلف الإمام بحال .
وحُجَّة الحنفية في ذلك : حديث { مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ فَقِرَاءَتُهُ لَهُ قِرَاءَة } (2) ، وحديث { إِنِّي أَقُولُ : مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآن } (3) .
القول الثاني : كراهة قراءة الفاتحة فيما يجهر به الإمام ، سمع قراءتَه أو لم يسمع .
وهو قول الإمام مالك - رضي الله عنه - .
القول الثالث : استحباب القراءة في سكتات الإمام .(1/22)
وهو قول مرويّ عن الإمام أحمد - رضي الله عنه - .
(1) يراجع شرح السُّنَّة 1/89
(2) رواه ابن ماجة والإمام أحمد والدارقطني والطبراني في الأوسط عن جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما .. يراجع نصب الراية 2/10
(3) سبق تخريجه .
وحُجَّته : حديث { إِذَا قَرَأَ الإِمَامُ فَأَنْصِتُوا } (1) .
القول الرابع : وجوب قراءة الفاتحة على المأموم ، جهر الإمام بالقراءة أم لم يجهر .
وهو قول الإمام الشافعي - رضي الله عنه - .
وحُجّتهم : حديث { لاَ صَلاَةَ إِلاَّ بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب } (2) وحديث { فَلاَ تَفْعَلُوا إِلاَّ بِأُمِّ الْكِتَاب } (3) .
القول الخامس : ندب قراءة الفاتحة لِلمأموم .
وهو محكيّ عن الأصمّ والحسن بن صالح رحمهما الله تعالى .
ورُوِي عن الإمام أحمد - رضي الله عنه - أنّ المأموم يقطع قراءة الفاتحة إذَا سمع قراءةَ الإمام وينصت لِلقراءة (4) .
والأَوْلَى عندي : ما عليه أصحاب القول الرابع ، وهو وجوب قراءة الفاتحة على المأموم ؛ لأنّ الأمر بالإنصات وَرَد
(1) رواه مسلم عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - ..
يراجع كنز العمال 7/441 برقم (19684)
(2) رواه الترمذي وابن ماجة بمعناه عن أبي سيعد الخدري - رضي الله عنه - ..
يراجع نصب الراية 1/268
(3) رواه أبو داود عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - ..
يراجع كنز العمال 7/440 برقم (19678) .
(4) يراجع : الإنصاف 2/228 ، 229 والمغني لابن قدامة 1/565 والحاوي الكبير 2/103 ورحمة الأمة /33 وبداية المجتهد 1/146 ، 155
مقيَّداً بقراءة الإمام ، فإذَا لم يقرأ الإمام أو كانت الصلاة سرِّيَّةً هل نترك المأموم لِنفسه والشيطان ؟!
كما أنّ النهي عن القراءة مستثنى منه قراءة أُمّ القرآن .(1/23)
وإذ لم يُسْمَحْ لِلمأموم أنْ يقرأ في الصلاة الجهرية سوى الفاتحة فَمِنْ باب أَوْلَى لا يجوز لِلمأموم أنْ يقرأ مع الإمام كما نرى بعض المصلين ، وبعضهم - لِلأسف - حافِظ لِكتاب الله تعالى ، وهو - عندي - حافِظ بلا تدبر وفهم ؛ لأنه لو تدبر القرآن لوجد الأمر فيه صريحاً بالاستماع والإنصات في قوله تعالى { وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ bqçHxqِچè? } (1) ، فكيف يخالف هذا الأمر ؟! وهذا لا يفعله إلا جاهل ناسٍ .. هذا مِن جهة ..
ومِن جهة أخرى .. غالباً ما يؤذي هذا القارئ مع الإمام مَن يجاوره مِن المصلين ويقطع عليه تواصُلَه في الاستماع لِقراءة الإمام والإنصات له .
وقد حدثت لي واقعة في هذا المقام عندما كنا نصلي صلاة القيام وكذا التراويح بالحرم المكي ، وكان الإمام محبوّاً بصوت عذب جميل يأخذ بتلابيب القلوب ويجذبها إليه ، وإذَا بجار لي يقرأ معه بصوتٍ آذاني وقطع عَلَيّ مواصَلة الإنصات والتدبر
(1) سورة الأعراف : الآية 4
مع الإمام ، وبعد الصلاة أشرتُ إليه بيدي ، ففهم - جزاه الله تعالى خيراً - ولم يَعُدْ إليها فيما بقي مِن صلوات .
2- كراهة رفع الصوت بالقراءة على بعضنا البعض خارج الصلاة كما يحدث مِن البعض في المساجد عندما يقرأ القرآن الكريم بصوت مرتفع وهناك جالِس بجواره يقرأ القرآن الكريم أيضاً ، فيؤثِّر حينئذٍ على تدبره ويشوش عليه ، وقد يكون الرافع لِصوته لا يجيد تلاوة القرآن الكريم ، وقد يكون صَوْتُه غير حسن .
3- إنّ الواجب في الصلاة قراءة الفاتحة ، فإنْ لم يمكنه حفظها أو لم يحسن قراءتها قرأ سبع آيات مِن غيرها ، فإنْ لم يحسن شيئاً مِن القرآن فعليه أنْ يأتي ببدلها مِن التسبيح والتحميد كما ورد في الحديث المتقدم (1) .
(1) يراجع شرح السُّنَّة 1/84 - 89
الفرع الخامس
التأمين
والحديث فيه يقتضي تعريفه ، والروايات الواردة فيه ، وحكمه ..(1/24)
ونفصل القول في كل واحد منها فيما يلي ..
أوّلاً - تعريف التأمين :
والتأمين : مِنْ قَوْلِك " آمين " ..
ومعنى " آمِين " : اللَّهُمّ افعل ، وقيل : افعل هكذا ، وقيل : أَجَلْ (1) .
وذكر ابن كثير - رحمه الله تعالى - أنّ معنى " آمين " عند الأكثرين : اللَّهُمّ اسْتَجِبْ لَنَا (2) .
ثانياً - الروايات الواردة فيه :
الرواية الأولى : عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال { إِذَا أَمَّنَ الإِمَامُ فَأَمِّنُوا ؛ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِه } (3) ..
(1) يراجع المحيط في اللغة 2/476
(2) يراجع : تفسير ابن كثير 1/31 وفتح القدير 1/26
(3) رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة ..
يراجع كنز العمال برقم (19714) .
وفي رواية { إِذَا أَمَّنَ الْقَارِئُ فَأَمِّنُوا ؛ فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تُؤَمِّنُ ، فَمَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِه } (1) .
وفي رواية { إِذَا قَالَ الإِمَام { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا ûüدj9!$ز9$# } فَقُولُوا " آمِينْ " ؛ فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَقُولُ " آمِينْ " ، وَإِنَّ الإِمَامَ يَقُولُ " آمِينْ " ، فَمَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِه } (2) .
الرواية الثانية : عن وائل بن حُجْر - رضي الله عنه - قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَرَأ { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا ûüدj9!$ز9$# } فَقَال { آمِين } يَمُدُّ بِهَا صَوْتَه (3) ..
وفي رواية : { إِذَا قَالَ الإِمَام { وَلَا ûüدj9!$ز9$# } فَقُولُوا : آمِين } (4) .
قال : ولا بُدّ مِنْ سُنَّة الدُّعَاء أنْ يُؤَمِّن عليه غَيْرُ مَنْ يَدْعُو به .(1/25)
(1) رواه النسائي وابن ماجة .. يراجع نصب الراية 1/270
(2) رواه النسائي وأحمد وابن حبان .. يراجع كنز العمال برقم (19719) .
(3) رواه ابن أبي شيبة .. يراجع كنز العمال برقم (22191) .
(4) رواه الإمام مالك والبخاري وأبو داود والنسائي ..
يراجع كنز العمال برقم (19713) .
ثالثاً - حكم التأمين :
التأمين سُنَّة عقب قراءة الفاتحة لِكُلّ مُصَلٍّ : إماماً كان أم مأموماً أو منفرداً .
وذهب الإمام مالك - رضي الله عنه - إلى أنَّه سُنَّة في حقّ المأموم دون الإمام ؛ محتجّاً برواية وائل بن حُجْر - رضي الله عنه - المتقدمة .
ولكنّ هذا الاستدلال مردود بروايات أبي هريرة - رضي الله عنه - المتقدمة سالفاً التي قرنت أو اشترطت لِتأمين المأموم تأمينَ الإمام (1) .
ويُستحَبّ لِلمأموم أنْ يوافِق الإمامَ ؛ فلا يسبقه ولا يتأخر عنه ، وفي وجه عند الحنابلة يقوله بعد الإمام .
واختلفوا في الجهر بالتأمين على أقوال أربعة :
القول الأول : لا يجهر به الإمام ولا المأموم .
وهو قول الإمام أبي حنيفة - رضي الله عنه - ، والإمام الشافعي - رضي الله عنه - في الجديد ، ورواية عن الإمام مالك - رضي الله عنه - ؛ لأنّه ذِكْر ، فلا يجهر به كسائر أذكار الصلاة .
القول الثاني : يجهر به المأموم .
وهو قول الإمام مالك - رضي الله عنه - ، وله روايتان في جهر الإمام .
(1) انظر صفحة 38 ، 39 مِن هذا الكتاب .
القول الثالث : يجهر به الإمام والمأموم .
وهو قول الإمامين الشافعي في القديم وأحمد رضي الله عنهما (1) .
واختار ابن كثير - رحمه الله تعالى - عدم جهر المأموم إنْ كان المسجد صغيراً ؛ لأنّهم يسمعون قراءةَ الإمام ، وإنْ كان كبيراً جهر ؛ لِيبلغ التأمين مَن في أرجاء المسجد (2) .(1/26)
وهذا القول هو الأَوْلَى عندي بالترجيح والقبول ؛ لِحديث السيدة عائشة رضي الله عنها { مَا حَسَدَتْكُمُ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ مَا حَسَدَتْكُمُ الْيَوْمَ عَلَى السَّلاَمِ وَالتَّأْمِينِ خَلْفَ الإِمَام } (3) ، وهذا لا يتحقق إلا برفع الصوت مِن المأمومين ..
وفي ذلك يقول عطاء رحمه الله تعالى : أدركتُ مائتين مِن الصحابة - رضي الله عنهم - في هذا المسجد إذا قال الإمام { وَلَا ûüدj9!$ز9$# } سُمِعَتْ لهم رجّة " آمِين " (4) .
(1) يراجع : الرحمة /33 ، 34 والحاوي الكبير 2/110 ، 111 والإنصاف 2/50 ، 51 وبداية المجتهد 1/146
(2) يراجع : تفسير القرآن العظيم 1/31 وفقه السُّنَّة 1/105
(3) رواه البخاري في الأدب المفرد ..
يراجع كنز العمال 7/446 برقم (19716) .
(4) يراجع فقه السُّنَّة 1/105
فائدة :
يجهر المأموم خلف الإمام - عند الشافعية - في خمسة مواضع : أربعة مواضع تأمين يؤمِّن مع تأمين الإمام ، وفي دعائه في قنوت الصبح ، وفي قنوت الوتر في النصف الثاني مِن رمضان ، وفي قنوت النازلة في الصلوات الخمس ، وإذا فتح عليه (1) .
(1) يراجع مغني المحتاج 1/161
المطلب الثاني
أذكار الركوع
والرفع منه والقنوت
هذا المطلب يحتوي على ثلاثة فروع :
الفرع الأول : أذكار الركوع .
الفرع الثاني : أذكار الرفع مِن الركوع .
الفرع الثالث : القنوت .
ونفصل القول في كل فرع منها فيما يلي ..
الفرع الأول
أذكار الركوع
لقد وردت روايات عديدة في أذكار الركوع ، وقفتُ منها على ما يلي :(1/27)
الرواية الأولى : عن عقبة بن عامر الْجُهَنِيّ - رضي الله عنه - قال : لَمَّا نَزَلَت { فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ Oٹدàyèّ9$# } (1) قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - { اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُم } ، فَلَمَّا نَزَلَت { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى } (2) قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - { اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُم } (3) .
الرواية الثانية : وقال عقبة - رضي الله عنه - : فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا رَكَعَ قَال { سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِه } ثَلاَثاً ، وَإِذَا سَجَدَ قَال { سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى وَبِحَمْدِه } ثَلاَثا (4) .
الرواية الثالثة : عن حذيفة - رضي الله عنه - أنّه صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - : فَكَانَ
(1) وردت هذه الآية مرتين في سورة الواقعة : الآية 74 والآية 96 ، ومرة في سورة الحاقة : الآية 52
(2) سورة الأعلى : الآية 1
(3) رواه أبو داود وابن ماجة والدارمي ..
يراجع مشكاة المصابيح 1/277 برقم (879) .
(4) رواه أبو داود .. يراجع كنز العمال برقم (17893) .
- صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِي رُكُوعِه { سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيم } ، وَفِي سُجُودِه { سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى } ، وَمَا أَتَى عَلَى آيَةِ رَحْمَةٍ إِلاَّ وَقَفَ وَسَأَلَ ، وَمَا أَتَى عَلَى آيَةِ عَذَابٍ إِلاَّ وَقَفَ وَتَعَوَّذ (1) .
الرواية الرابعة : قال - صلى الله عليه وسلم - { إِذَا قَالَ أَحَدُكُمْ " سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ " ثَلاَثاً فَقَدْ تَمَّ رُكُوعُه } (2) .(1/28)
الرواية الخامسة : عن السيدة عائشة - رضي الله عنها - قالت :" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِه { سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ .. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي } يَتَأَوَّلُ الْقُرْآن " أي تريد قوله تعالى { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ nِچدےَّtGَ™$#ur } (3) (4) .
الرواية السادسة : عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال { إِذَا رَكَعَ أَحَدُكُمْ فَقَالَ فِي رُكُوعِهِ " سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ " ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَقَدْ تَمَّ رُكُوعُهُ ، وَذَلِكَ أَدْنَاهُ ، وَإِذَا سَجَدَ فَقَالَ فِي سُجُودِهِ " سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى " ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَقَدْ
(1) رواه الترمذي برقم (263) والنسائي برقم (1061) .
(2) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة .. يراجع الأذكار /104
(3) سورة النصر مِن الآية 3
(4) رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .. ويراجع : الأذكار /105 وشرح السُّنَّة 1/100 ، 101 برقم (618)
تَمَّ سُجُودُهُ ، وَذَلِكَ أَدْنَاه } (1) .
الرواية السابعة : عن السيدة عائشة - رضي الله عنها - أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يَقُول في ركوعه وسجوده { سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلاَئِكَةِ وَالرُّوح } (2) .
الرواية الثامنة : عن عليّ - رضي الله عنه - أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذَا ركع يقول { اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ ، وَبِكَ آمَنْتُ ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي } (3) ..
وفي رواية : { خَشَعَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وعَظْمِي وَمَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ قَدَمِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين } (4) .(1/29)
الرواية التاسعة : عن جابر - رضي الله عنه - أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذَا رَكَع قال { اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ ، وَبِكَ آمَنْتُ ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ .. أَنْتَ رَبِّي ، خَشَعَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَدَمِي وَلَحْمِي وَعَظْمِي وَعَصَبِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين } (5) .
(1) رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجة والشافعي في الأُمّ .. يراجع : الأذكار /104 برقم (131) ومشكاة المصابيح 1/277 برقم (188) وشرح السُّنَّة 1/102 برقم (621) .
(2) رواه مسلم .. يراجع مشكاة المصابيح 1/276 برقم (872) .
(3) رواه مسلم .. يراجع الأذكار /104 برقم (133) .
(4) رواه أبو داود .. يراجع الأذكار /104 برقم (134) .
(5) رواه النسائي برقم (1050) .
الرواية العاشرة : عن عوف بن مالك - رضي الله عنه - قال : قُمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةً ، فَقَامَ فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ : لاَ يَمُرُّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ إِلاَّ وَقَفَ وَسَأَلَ ، وَلاَ يَمُرُّ بِآيَةِ عَذَابٍ إِلاَّ وَقَفَ وَتَعَوَّذ ..
قال : ثُمَّ رَكَعَ بِقَدْرِ قِيَامِهِ يَقُولُ فِي رُكُوعِه { سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَة } ، ثُمَّ قَالَ فِي سُجُودِهِ مِثْلَ ذَلِك (1) .
الرواية الْحَادِيَة عشرة : عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال { أَلاَ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعاً أَوْ سَاجِداً ، فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُم } (2) .(1/30)
الرواية الثانية عشرة : عن سعيد بن جبير - رحمه الله تعالى - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَشْبَهَ صَلاَةً بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ هَذَا الْفَتَى [ يعني عمر ابن عبد العزيز - رضي الله عنه - ] ..
قال : فحَزَّرْنَا في ركوعه عشر تسبيحات ، وفي سجوده عشر تسبيحات (3) .
(1) سبق تخريجه .
(2) رواه مسلم وأبو داود والنسائي.. يراجع : مشكاة المصابيح 1/276 برقم (873) وشرح السُّنَّة 1/107 برقم (626) .
(3) رواه أبو داود .
ومما تقدم يمكن حصر أذكار الركوع فيما يلي :
1- سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيم [ ثلاثاً ] .
2- سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِه [ ثلاثاً ] .
3- سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلاَئِكَةِ وَالرُّوح .
4- اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ ، وَبِكَ آمَنْتُ ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ .. خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي .
5- اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ ، وَبِكَ آمَنْتُ ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ .. أَنْتَ رَبِّي .. خَشَعَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَدَمِي وَلَحْمِي وَعَظْمِي وَعَصَبِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين .
6- سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ .. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي .
7- سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَة .
واختلفوا في الدعاء في الركوع :
فَكَرِه ذلك مالِك - رضي الله عنه - ؛ لِحديث عليّ - رضي الله عنه - { أَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِيهِ فِي الدُّعَاء } (1) .
وقالت طائفة : يجوز الدعاء في الركوع ..
واحتجّوا بأحاديث جاء فيها أنّه - صلى الله عليه وسلم - دَعَا في الركوع .
وهو مذهب البخاري ، واحتجّ بحديث السيدة عائشة
(1) سبق تخريجه .(1/31)
رضي الله عنها : كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِه { سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ .. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي } (1) .
وأبو حنيفة - رضي الله عنه - لا يجيز الدعاء في الصلاة بغير ألفاظ القرآن ، ومالك والشافعي وأحمد - رضي الله عنهم - يجيزون لك ..
والسبب في ذلك : اختلافهم فيه : هل هو كلام أم لا ؟ (2) .
(1) سبق تخريجه .
(2) بداية المجتهد 1/129 بتصرف .
الفرع الثاني
أذكار الرفع مِن الركوع
لقد وردت في أذكار الرفع مِن الركوع روايات كثيرة ، وقفتُ منها على ما يلي :
الرواية الأولى : عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال { إِذَا قَالَ الإِمَامُ " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ " فَقُولُوا " اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ " ؛ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِه } (1) .
الرواية الثانية : عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَال { سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَه } قَال { اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْد } ، وَكَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا رَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ يُكَبِّرُ ، وَإِذَا قَامَ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ قَال { اللَّهُ أَكْبَر } (2) .
الرواية الثالثة : عن رفاعة بن رافع الزرقي - رضي الله عنه - قال : كُنَّا نُصَلِّي يَوْماً وَرَاءَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَال { سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَه } ، قَالَ رَجُلٌ :" رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ
(1) رواه البخاري برقم (795) والنسائي /147 برقم (1046) وأبو داود /131 برقم (848) والبغوي في شرح السُّنَّة 1/112 برقم (630) .
(2) رواه البخاري /129 برقم (795) .(1/32)
حَمْداً كَثِيراً طَيِّباً مُبَارَكاً فِيه " ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَال { مَنِ الْمُتَكَلِّم } قَالَ :" أَنَا " ، قَال { رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاَثِينَ مَلَكاً يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلا } (1) .
الرواية الرابعة : عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذَا افتتح الصلاةَ رَفَع يديه حذو منكبيه ، وإذَا كَبَّر لِلركوع وإذَا رَفَع رأسَه مِن الركوع رفعهما كذلك أيضاً وقال { سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ .. رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْد } ، وكان لا يفعل ذلك في السجود (2) .
الرواية الخامسة : عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَال { اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْد } (3) .
الرواية السادسة : عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول حين يقول { سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَه } : { اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاء } ..
قال مؤمَّل بن الفضل ( أحد الرواة ) : { مِلْءَ السَّمَاوَاتِ
(1) رواه البخاري /129 برقم (799) وأبو داود /120 برقم (770) والنسائي /147 برقم (1063) والبغوي في شرح السُّنَّة 1/115 برقم (632) .
(2) رواه النسائي /146 برقم (1060) .
(3) رواه النسائي /146 ، 147 برقم (1061) .
وَمِلْءَ الأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ ، أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ ، وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ ، لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْت } ..
زاد محمود بن خالد ( أحد الرواة ) : { وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْت } .
ثُمّ اتفقوا : { وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدّ } (1) .(1/33)
وقال بشر بن بكر ( أحد الرواة ) : { رَبَّنَا لَكَ الْحَمْد } لم يَقُلْ محمود { اللَّهُمّ } ، قال { رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْد } ..
ورواه الوليد بن مسلم عن سعيد قال : { اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْد } ، ولم يَقُل { وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْت } (2) .
الرواية السابعة : عن عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَال { سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ .. رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الأَرْضِ وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْد } (3) .
الرواية الثامنة : عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
(1) رواه مسلم برقم (1099) .
(2) رواه أبو داود /131 برقم (847) .
(3) رواه الترمذي /73 برقم (266) ومسلم برقم (1848) والبغوي في شرح السُّنَّة 1/113 برقم (636) .
قال { إِذَا قَالَ الإِمَامُ " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ " فَقُولُوا : رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْد } (1) .(1/34)
الرواية التاسعة : عن رفاعة بن رافع - رضي الله عنه - قال : صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَعَطَسْتُ فَقُلْتُ :" الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْداً كَثِيراً طَيِّباً مُبَارَكاً فِيهِ مُبَارَكاً عَلَيْهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى " ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - انْصَرَفَ فَقَال { مَنِ الْمُتَكَلِّمُ فِي الصَّلاَة } فَلَمْ يُكَلِّمْهُ أَحَدٌ ، ثُمَّ قَالَهَا الثَّانِيَة { مَنِ الْمُتَكَلِّمُ فِي الصَّلاَة } فَقُلْتُ :" أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ " ، قَال { كَيْفَ قُلْت } قُلْتُ :" قُلْتُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْداً كَثِيراً طَيِّباً مُبَارَكاً فِيهِ مُبَارَكاً عَلَيْهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى " فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - { وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدِ ابْتَدَرَهَا بِضْعَةٌ وَثَلاَثُونَ مَلَكاً أَيُّهُمْ يَصْعَدُ بِهَا } (2) .
ومِنْ مجموع هذه الروايات يمكن أنْ نستنتج ما يلي :
1- أنّ هذا الذكر بعد الرفع مِن الركوع سُنَّة وليس واجباً ؛ لِحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لِلرجل { ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِما } (1) ، ولم ينصّ على التسميع والتحميد .
(1) رواه ابن ماجة /124 برقم (878) .
(2) رواه أبو داود /126 برقم (773) والنسائي /129 برقم (932) .
(3) سبق تخريجه .
2- أنّ السُّنَّة أنْ يقول الإمام " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَه " جهراً ، ويُسِرّ عند قوله " رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْد " ، أمَّا المأموم والمنفرد فيُسِرّ بهما جميعاً .
3- أنْ يحرص المأموم على التحميد عقب سماع التسميع مِن الإمام ؛ لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك لِيوافق الملائكةَ فيفوز بمغفرة ما تقدَّم مِن ذنبه .(1/35)
4- أنّ الأئمة أبا حنيفة ومالك وأحمد - رضي الله عنهم - قالوا : لا يزيد الإمام على قوله " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَه " ، والمأموم لا يزيد عن قوله " رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْد " .
وذهب الإمام الشافعي - رضي الله عنه - إلى الجمع بين التسميع والتحميد في حقّ الإمام وكذا المنفرد ، أمَّا المأموم فيقتصر على التحميد ، كما قال بالزيادة الواردة في رواية عليّ - رضي الله عنه - (1) .
5- أنّ درجات هذا الذكر يمكن حصرها في ستّ :
الأولى : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَه .
الثانية : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ .. رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْد .
الثالثة : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ .. رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً كَثِيراً طَيِّباً مُبَارَكاً فِيه .
(1) يراجع : بدائع الصنائع 2/551 - 553 والإنصاف 2/61 - 64 والحاوي لِلماوردي 2/22 والرحمة في اختلاف الأمة /35
الرابعة : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ .. الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْداً كَثِيراً طَيِّباً مُبَارَكاً فِيهِ مُبَارَكاً عَلَيْهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى .
الخامسة : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ .. رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الأَرْضِ وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْد .
السادسة : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ .. اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الأَرْضِ وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ ، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ ، أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ ، وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ ، لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدّ .(1/36)
وأرى أن المصلِّي له أنْ يتخير منها ؛ فجميعها وردت به السُّنَّة ، لكن الأحبّ إلى نفسي منها هي الدرجة السادسة ؛ لأنّها جمعت الكل ، ولِكثرة ما فيها مِن الحمد والثناء على الله عز وجل ، مما يطيل الوقوف بين يدي الله جل وعلا ، إلا إنْ كان المصلِّي إماماً فعليه أنْ يتوسط في هذا الذكر ؛ حتى لا يشقّ على المأمومين .
الفرع الثالث
القنوت
هذا الفرع يمكن تقسيمه إلى ما يلي :
1- تعريف القنوت .
2- الروايات الواردة في القنوت .
3- ما يقنت فيه مِن الصلوات وحكمه .
4- الجهر بالقنوت ورفع اليدين فيه .
ونفصل القول في كل واحد منها فيما يلي ..
أوّلاً - تعريف القنوت :
القنوت : لزوم الطاعة مع الخضوع ، وفُسِّر بكل واحد منهما في قوله تعالى { #qمBqè%ur لِلَّهِ ûüدFدY"s% } (1) وقوله { كُلٌّ لَهُ bqçFد^"s% } (2) خاضعون ، وقيل : طائعون ، وقيل : ساكتون (3) .
وقنت : أطال القيام في الصلاة والدعاء ، فهو قانت .
والقنوت هنا مراد به دعاء القنوت ، وهو صيغة دعائية خاصة (4) .
(1) سورة البقرة مِن الآية 238
(2) سورة البقرة مِن الآية 116
(3) يراجع مفردات غريب القرآن /428
(4) يراجع المعجم الوجيز /517
ثانياً - الروايات الواردة في القنوت :
لقد وردت روايات كثيرة في القنوت ، وقفتُ منها على ما يلي :(1/37)
الرواية الأولى : عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذَا أراد أنْ يدعو على أحد قنت بعد الركوع ، فربّما قال إذَا قال { سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَه } : { رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ .. اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ وَاجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِيِّ يُوسُفَ - عليه السلام - } يَجْهَر بذلك ، وكان يقول في بعض صلاة الفجر { اللَّهُمَّ الْعَن فُلاَناً وَفُلاَنا } لأحياء مِن العرب ، حتى أنزل الله سبحانه وتعالى { لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ نَسx" } (1) (2) .
الرواية الثانية : عن الحسن بن عليّ - رضي الله عنهما - قال : عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي الْوِتْر : { اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ ؛ فَإِنَّكَ تَقْضِي وَلاَ يُقْضَى عَلَيْكَ ، إِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ ،
(1) سورة آل عمران مِن الآية 128
(2) رواه البخاري ومسلم ..
يراجع : الأذكار /270 وشرح السُّنَّة 1/121 برقم (637) .
تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْت } (1) .
الرواية الثالثة : عن أنس - رضي الله عنه - قال : مَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْنُتُ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ حَتَّى فَارَقَ الْحَيَاة (2) .(1/38)
الرواية الرابعة : عن أبي مالك الأشجعي - رضي الله عنه - قال : قُلْتُ لأَبِي :" يَا أَبَتِ .. إِنَّكَ قَدْ صَلَّيْتَ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِالْكُوفَةِ نَحْواً مِنْ خَمْسِ سِنِينَ : أَكَانُوا يَقْنُتُونَ ؟ " قَالَ : أَيْ بُنَيَّ مُحْدَث (3) .
الرواية الخامسة : رُوِي أنّ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قَنَت بعد الركوع فقال : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ ، وَانْصُرْهُمْ عَلَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ .. اللَّهُمَّ الْعَنْ كَفَرَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ وَيُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ وَيُقَاتِلُونَ أَوْلِيَاءَكَ .. اللَّهُمَّ خَالِفْ بَيْنَ كَلِمَتِهِمْ وَزَلْزِلْ أَقْدَامَهُمْ وَأَنْزِلْ بِهِمْ بَأْسَكَ الَّذِي لاَ تَرُدُّهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ .. بِسْمِ اللَّهِ
(1) رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجة والنسائي والدارمي والحاكم ..
يراجع : الأذكار /50 وشرح السُّنَّة 1/118 برقم (640) .
(2) رواه الدارقطني في سُنَنِه وإسحاق بن راهويه في مسنده ..
يراجع : نصب الراية 2/77 وشرح السُّنَّة 1/124 برقم (638) .
(3) رواه الترمذي وابن ماجة وأحمد والنسائي .. يراجع : : مشكاة المصابيح برقم (1292) وشرح السُّنَّة 1/122 ، 123 برقم (638) .(1/39)
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ .. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ وَنُثْنِي عَلَيْكَ الْخَيْرَ وَلاَ نَكْفُرُكَ ، وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَفْجُرُكَ .. اللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ، وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ ، وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ ، نَرْجُو رَحْمَتَكَ وَنَخْشَى عَذَابَكَ ؛ إِنَّ عََذابَكَ بِالْكُفَّارِ مُلْحَق (1) .
الرواية السادسة : وفي رواية : اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ وَلاَ نَكْفُرُكَ ، وَنُؤْمِنُ بِكَ وَنَخْلَعُ مَنْ يَفْجُرُكَ .. اللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ، وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ ، وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ ، نَرْجُو رَحْمَتَكَ وَنَخْشَى عَذَابَكَ ؛ إِنَّ عَذَابَكَ الْجَدَّ بِالْكُفَّارِ مُلْحَقٌ .. اللَّهُمَّ عَذِّبِ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ وَيُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ وَيُقَاتِلُونَ أَوْلِيَاءَكَ .. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِِ ، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ، وَاجْعَلْ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَالْحِكْمَةَ ، وَثَبِّتْهُمْ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِكَ - صلى الله عليه وسلم - ، وَأَوْزِعْهُمْ أَنْ يُوفُواَ بِعَهْدِكَ الَّذِي عَاهَدْتَهُمْ عَلَيْهِ ، وَانْصُرْهُمْ عَلَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ إِلَهَ الْحَقِّ ، وَاجْعَلْنَا مِنْهُم (2) .
(1) رواه البيهقي .. يراجع : كنز العمال (21957) وشرح السُّنَّة 1/131
(2) رواه البيهقي .. يراجع الأذكار /118 برقم (164) ..(1/40)
وعقَّب النووي - رحمه الله تعالى - بقوله : واعلم أنّ المنقول عن عمر - رضي الله عنه - :" عَذِّبِ الْكَفَرَةَ أَهْلَ الْكِتَاب " ؛ لأنّ قتالهم ذلك الزمان مع كفرة أهل الكتاب ، وأمَّا اليوم فالاختيار أنْ يقول :" عَذِّبِ الْكَفَرَة " ؛ فإنّه أَعَمّ .. ا.هـ .. الأذكار /118
قال النووي رحمه الله : واعلم أنّ القنوت لا يتعين فيه دعاء على المذهب المختار ؛ فأيّ دعاء دعا به حصل القنوت ، ولو قنت بآية أو آيات مِن القرآن العزيز وهي مشتملة على الدعاء حصل القنوت ، ولكن الأفضل ما جاءت به السُّنَّة .. ا.هـ (1) .
ثالثاً - ما يقنت فيه مِن الصلوات وحكمه :
لقد ورد القنوت في السُّنَّة في مواطن ثلاثة :
الأول : القنوت في الصلوات كلها عند النوازل ..
فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَهْراً مُتَتَابِعاً فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَصَلاَةِ الصُّبْحِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ إِذَا قَال { سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَه } مِنَ الرَّكْعَةِ الأَخِيرَةِ يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ سُلَيْمٍ عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ ، وَيُؤَمِّنُ مَنْ خَلْفَه (2) .
الثاني : القنوت في صلاة الصبح ..
اختلف الفقهاء في القنوت في صلاة الصبح على قولين :
القول الأول : عدم القنوت .
وهو ما عليه أصحاب الرأي وأحمد وإسحاق ، ورُوِي عن
(1) الأذكار /119
(2) رواه أبو داود وأحمد ..
يراجع : مشكاة المصابيح برقم (1290) وشرح السُّنَّة 1/122
ابن مسعود وابن عمر - رضي الله عنهم - .
وحُجَّتهم : رواية أبي مالك الأشجعي - رضي الله عنه - (1) .
القول الثاني : ندب القنوت .
وهو قول مالك والشافعي رضي الله عنهما ، ورُوِي عن عمر وعثمان وعليّ وأبي هريرة - رضي الله عنه - .
وحُجَّتهم : رواية أنس - رضي الله عنه - (2) .
الثالث : القنوت في الوتر ..(1/41)
اختلف العلماء في أوقات القنوت في صلاة الوتر على أقوال :
القول الأول : القنوت في جميع السَّنَة .
وهو قول النخعي والثوري وابن المبارك وأصحاب الرأي رحمهم الله تعالى ، ورُوِي عَنِ ابن مسعود - رضي الله عنه - .
القول الثاني : القنوت في النصف الآخر مِن شهر رمضان .
وهو قول الزهري ومالك والشافعي وأحمد ، ورُوِي عَنْ أُبَيّ بن كعب وابن عمر ومعاذ - رضي الله عنهم - .
القول الثالث : عدم القنوت .
وهو مروي عن ابن عمر رضي الله عنهما .
(1) انظر صفحة 58 مِن هذا الكتاب .
(2) انظر صفحة 58 مِن هذا الكتاب .
محلّ الدعاء بالقنوت :
في صلاة الصبح - عند القائلين به - قولان :
الأول : بعد الركوع .
وهو ما عليه أكثر القائلين بالقنوت في صلاة الصبح .
الثاني : قبل الركوع بعد القراءة .
وهو قول عروة رحمه الله تعالى .
وروى حميد أنّ أنساً - رضي الله عنه - سُئِل عن القنوت في صلاة الصبح : أقَبْل الركوع أم بعده ؟ فقال : بَلْ كُنَّا نَفْعَلُهُ قَبْلَ وَبَعْد (1) .
وفي صلاة الوتر لهم قولان في موضعه :
الأول : قبل الركوع بعد القراءة .
وهو ما عليه أصحاب الرأي .
الثاني : بعد الركوع .
وهو مرويّ عن عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه (2) .
رابعاً - الجهر بالقنوت ورفع اليدين منه :
الجهر بالقنوت :
المنفرد يُسِرّ بالقنوت ، أمَّا الإمام فيجهر به عند الأكثرين ،
(1) رواه ابن ماجة .. يراجع تلخيص الحبير 1/247
(2) يراجع شرح السُّنَّة 1/126 ، 127
وقيل : يُسِرّ ..
أمَّا المأموم : فإنْ لم يجهر الإمام قنت سرّاً كإمامه ، وإنْ جهر سمعه وأَمَّن على دعائه إنْ سمعه ، وإلا قنت سرّاً .
أمَّا في غير صلاة الصبح : فإنْ كانت جهريّةً - كالمغرب والعشاء - جهر بالقنوت ، وإنْ كانت صلاةً سرِّيِّةً أَسَرّ .
وقيل : إنَّهَا كالجهريَّة ؛ يجهر به في جميع الصلوات .(1/42)
ويؤيده : الحديث الصحيح في قنوت النبي - صلى الله عليه وسلم - على الذين قَتَلوا القراء ببئر معونة ؛ فإنّه يقتضي ظاهرُه الجهرَ بالقنوت في جميع الصلوات (1) .
رفع اليدين في القنوت :
قال النووي رحمه الله تعالى : اختلف أصحابنا في رفع اليدين في دعاء القنوت ومسح الوجه بهما على ثلاثة أوجه :
أصحها : أنّه يُستحَبّ رفعهما ولا يمسح الوجه .
والثاني : يرفع ويمسحه .
والثالث : لا يمسح ولا يرفع .
واتفقوا على أنّه لا يمسح غيرَ الوجه مِن الصدر ونحوه .. ا.هـ (2) .
(1) يراجع الأذكار /120
(2) الأذكار /1191
المطلب الثالث
أذكار السجود والجلوس
بين السجدتَيْن وبعد التشهد
وفيه فروع أربعة :
الفرع الأول : أذكار السجود .
الفرع الثاني : حكم التسبيح في الركوع والسجود ، وعدد التسبيحات .
الفرع الثالث : أذكار الجلوس بين السجدتَيْن .
الفرع الرابع : الدعاء بعد التشهد .
الفرع الأول
أذكار السجود
لقد وردت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - روايات كثيرة في أذكار السجود ، وقفتُ منها على ما يلي :
الرواية الأولى : عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال : لَمَّا نَزَلَت { فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ Oٹدàyèّ9$# } (1) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - { اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُم } ، فَلَمَّا نَزَلَت { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى } (2) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - { اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُم } (3)
الرواية الثانية : وقال عقبة - رضي الله عنه - : فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا رَكَعَ قَال { سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِه } ثَلاَثاً ، وَإِذَا سَجَدَ قَال { سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى وَبِحَمْدِه } ثَلاَثا (4) .(1/43)
الرواية الثالثة : عن عليّ - رضي الله عنه - أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذَا سجد قال { اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ ، وَبِكَ آمَنْتُ ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ
(1) وردت هذه الآية مرتين في سورة الواقعة : الآية 74 والآية 96 ، ومرة في سورة الحاقة : الآية 52
(2) سورة الأعلى : الآية 1
(3) سبق تخريجه .
(4) سبق تخريجه .
سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ ، فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِين } (1) .
الرواية الرابعة : عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في سجوده { اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُوراً ، وَاجْعَلْ فِي سَمْعِي نُوراً ، وَاجْعَلْ فِي بَصَرِي نُوراً ، وَاجْعَلْ مِنْ تَحْتِي نُوراً ، وَاجْعَلْ مِنْ فَوْقِي نُوراً ، وَعَنْ يَمِينِي نُوراً ، وَعَنْ يَسَارِي نُوراً ، وَاجْعَلْ أَمَامِي نُوراً ، وَاجْعَلْ خَلْفِي نُوراً ، وَأَعْظِمْ لِي نُورا } (2) .
الرواية الخامسة : عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِي سُجُودِه { اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ : دِقَّهُ وَجِلَّهُ ، وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ ، وَعَلاَنِيَتَهُ وَسِرَّه } (3) .
الرواية السادسة : عن السيدة عائشة - رضي الله عنها - قالت : فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةً مِنَ الْفِرَاشِ فَالْتَمَسْتُهُ ، فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ يَقُول { اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ ، لاَ أُحْصِي ثَنَاءً (1) رواه مسلم .. يراجع الأذكار /110 برقم (148) .
(2) رواه النسائي برقم (1120) .(1/44)
(3) رواه مسلم .. يراجع مشكاة المصابيح 1/281 برقم (892) .
عَلَيْكَ ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِك } (1) .
الرواية السابعة : عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال { إِذَا رَكَعَ أَحَدُكُمْ فَقَالَ فِي رُكُوعِهِ "سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ " ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَقَدْ تَمَّ رُكُوُعُهُ ، وَذَلِكَ أَدْنَاهُ ، وَإِذَا سَجَدَ فَقَالَ فِي سُجُودِهِ " سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى " ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَقَدْ تَمَّ سُجُودُهُ ، وَذَلِكَ أَدْنَاه } (2) .
الرواية الثامنة : عن السيدة عائشة - رضي الله عنها - قالت :" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِه { سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ .. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي } يَتَأَوَّلُ الْقُرْآن " أي تريد قوله تعالى { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ nِچدےَّtGَ™$#ur } (3) (4) .
الرواية التاسعة : عن السيدة عائشة - رضي الله عنها - قالت : فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ مَضْجَعِهِ ، فَجَعَلْتُ أَلْتَمِسُهُ ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ قَدْ أَتَى بَعْضَ جَوَارِيهِ ، فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَيْهِ وَهُوَ سَاجِدٌ وَهُوَ يَقُول { اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْت } (5) .
(1) رواه مسلم .. يراجع مشكاة المصابيح 1/281 برقم (893) .
(2) سبق تخريجه .
(3) سورة النصر مِن الآية 3
(4) سبق تخريجه .
(5) رواه النسائي برقم (1123) وأحمد برقم (25883) .
الرواية العاشرة : عن عوف بن مالك - رضي الله عنه - قال : قُمْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَدَأَ فَاسْتَاكَ وَتَوَضَّأَ ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى ، ثُمَّ سَجَدَ قَدْرَ رَكْعَةٍ يَقُولُ فِي سُجُودِه { سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَة } (1) .(1/45)
الرواية الحادية عشرة : عن السيدة عائشة - رضي الله عنها - قالت : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِه { سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلاَئِكَةِ وَالرُّوح } (2) .
الرواية الثانية عشرة : عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - السِّتْرَ وَرَأْسُهُ مَعْصُوبٌ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَقَال { اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْت ( ثَلاَثَ مَرَّات ) .. إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلاَّ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ أَوْ تُرَى لَهُ .. أَلاَ وَإِنِّي قَدْ نُهِيتُ عَنِ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ، فَإِذَا رَكَعْتُمْ فَعَظِّمُوا اللَّهَ ، وَإِذَا سَجَدْتُمْ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ ؛ فَإِنَّهُ قَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُم } (3) .
الرواية الثالثة عشرة : عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - { أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ ،
(1) سبق تخريجه .
(2) سبق تخريجه .
(3) سبق تخريجه .
فَأَكْثِرُوا الدُّعَاء } (1) .
الرواية الرابعة عشرة : عن السيدة عائشة - رضي الله عنها - أنَّهَا فَقَدَت النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ مَضْجَعِه ، فَلَمَسَتْه بِيَدِهَا فوَقَعَتْ عليهِ وهو ساجِد وهو يَقُول { رَبِّ أَعْطِ نَفْسِي تَقْوَاهَا ، زَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا ؛ أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاَهَا } (2) .
ومما تقدم يمكن حصر أذكار السجود فيما يلي :
1- سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى ( ثلاثاً ) .
2- سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى وَبِحَمْدِه ( ثلاثاً ) .
3- سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلاَئِكَةِ وَالرُّوح .
4- سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ .. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي .(1/46)
5- اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ ، وَبِكَ آمَنْتُ ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ .. سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ ، فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِين .
6- اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْت .
7- اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ : دِقَّهُ وَجِلَّهُ ، وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ ، وَعَلاَنِيَتَهُ وَسِرَّه .
(1) رواه مسلم .. يراجع مشكاة المصابيح 1/581 برقم (893) .
(2) رواه الإمام أحمد عن السيدة عائشة رضي الله عنها ..
يراجع مجمع الزوائد 2/127
8- سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَة .
9- اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ ، لاَ أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِك .
10- اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُوراً ، وَاجْعَلْ فِي سَمْعِي نُوراً ، وَاجْعَلْ فِي بَصَرِي نُوراً ، وَاجْعَلْ مِنْ تَحْتِي نُوراً ، وَاجْعَلْ مِنْ فَوْقِي نُوراً ، وَعَنْ يَمِينِي نُوراً ، وَعَنْ يَسَارِي نُوراً ، وَاجْعَلْ أَمَامِي نُوراً ، وَاجْعَلْ خَلْفِي نُوراً ، وَأَعْظِمْ لِي نُورا .
11- رَبِّ أَعْطِ نَفْسِي تَقْوَاهَا ، زَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا ؛ أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاَهَا .
هذه بعض أذكار النبي - صلى الله عليه وسلم - في سجوده ، تؤكد الاجتهاد في الدعاء في السجود ؛ لِغايتين حددهما النبي - صلى الله عليه وسلم - :
الأولى : في قوله - صلى الله عليه وسلم - { وَإِذَا سَجَدْتُمْ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ ؛ فَإِنَّهُ قَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُم } (1) .
الثانية : في قوله - صلى الله عليه وسلم - { أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاء } (2) .(1/47)
وأرى أنّ لِلمصلِّي أنْ يتخير منها ويحفظ منها ما استطاع ،
(1) سبق تخريجه .
(2) سبق تخريجه .
إلا أنّ الذِّكْر الأول هو الواجب ، ونحوه الذِّكْر الثاني ، وليأتِ بواحد منهما أوّلاً ثلاث مرات ، وهو أدناه كما في رواية ابن مسعود - رضي الله عنه - ، ولذا فعلى الساجد أنْ يبدأ بالذِّكْر المأمور به ثم يأتي بما شاء مِن الدعاء والأذكار ، وأفضلها ما كان مأثوراً في القرآن أو السُّنَّة ، ولا بأس بالدعاء لِحاجة أخرى مِن حوائج الدنيا والآخرة ؛ حيث ورد الأمر بالاجتهاد بالدعاء - في السجود - مطلقاً .
وقد عقَّب ابن القيم - رحمه الله تعالى - على هذا الأمر بقوله : وهل هذا أمر بأنْ يُكْثِر الدعاء في السجود أو أمر بأنّ الداعي إذَا دعا في محلّ فليكن في السجود ؟
وفرق بين الأمرين ، وأحسن ما يُحْمَل عليه الحديث : أنّ الدعاء نوعان ، دعاء ثناء ودعاء مسألة ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُكْثِر في سجوده مِن النوعين ، والدعاء الذي أمر به في السجود يتناول النوعين .. ا.هـ (1) .
(1) زاد المعاد 1/59
الفرع الثاني
حكم التسبيح في الركوع
والسجود وعدد التسبيحات
أوّلاً - حكم التسبيح في الركوع والسجود :
اختلف العلماء في حكم التسبيح في الركوع والسجود على قولين :
القول الأول : الوجوب .
وهو قول الإمام أحمد وإسحاق والحسن - رضي الله عنهم - .
وحُجّتهم : حديث عقبة - رضي الله عنه - : لَمَّا نَزَلَت { فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ Oٹدàyèّ9$# } (1) قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - { اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُم } ، فَلَمَّا نَزَلَت { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى } (2) قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - { اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُم } (3) ..
فهؤلاء حملوا الأمر فيما تقدَّم على الوجوب في الحالتين .
ونُقِل عن الإمام مالك - رضي الله عنه - في قول : مَن ترك التسبيح في(1/48)
(1) وردت هذه الآية مرتين في سورة الواقعة : الآية 74 والآية 96 ، ومرة في سورة الحاقة : الآية 52
(2) سورة الأعلى : الآية 1
(3) سبق تخريجه .
الركوع تبطل صَلاته .
وفي رواية عنه أنّه قال : لا نجد في الركوع دعاءً مؤقّتاً .
القول الثاني : الندب ( سُنّة ) .
وهو ما عليه الجمهور .
وحُجّتهم : قوله - صلى الله عليه وسلم - لِلأعرابي في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - { ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعاً ، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائما } (1) ، وفيه اقتصار على بيان المفروض ، ولم يكن فيه بيان التسبيح .
ثانياً - عدد التسبيحات :
أوجب الإمام أحمد - رضي الله عنه - تسبيحةً واحدةً في الركوع والسجود ، وأدنى درجة الكمال في عدد التسبيحات عند الجمهور ثلاث ؛ لِحديث ابن مسعود - رضي الله عنه - المتقدم (2) (3) .
وفي ذلك يقول الإمام الشافعي - رضي الله عنه - : إنْ كان هذا ثابتاً [ يعني حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - ] فإنّما يعني - والله أعلم - أدنى ما يُنسَب إلى كمال الفرض والاختيار معاً لا كمال
(1) سبق تخريجه .
(2) انظر صفحة 67 مِنْ هذا الكتاب .
(3) يراجع : الكافي 1/176 والأذكار /106 والحاوي الكبير 2/120 وبدائع الصنائع 2/549 والرحمة /34 والإنصاف 2/60 ، 61
الفرض وحده ، وأحبّ أنْ يبدأ الراكع في ركوعه أنْ يقول " سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيم " ثلاثاً ، ويقول ما حكيتُ أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقوله .. ا.هـ (1) .
وقال في السجود : وأُحِبّ أنْ يبدأ الرجل في السجود بأنْ يقول " سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى " ثلاثاً ، ثُمّ يقول ما حكيتُ أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقوله في سجوده ، ويجتهد في الدعاء فيه رجاءَ الإجابة ما لم يكن إماماً فيُثْقِل على مَن خلفه ، أو مأموماً فيخالف إمامَه .. ا.هـ (2) .(1/49)
ونقل الكاساني - رحمه الله تعالى - عن الإمام الشافعي - رضي الله عنه - أنّه كان يزيد في الركوع على التسبيحة الواحدة : اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ ، وَلَكَ خَشَعْتُ ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ ، وَبِكَ آمَنْتُ ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْت ..
ويقول في السجود : سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ ، فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِين ..
كَذَا رُوِي عن عليّ - رضي الله عنه - ، وهو عندنا [ يعني الحنفية ] محمول على النوافل .. ا.هـ (3) .
(1) الأُمّ 1/111
(2) الأُمّ 1/115
(3) بدائع الصنائع 2/550
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل رحمهما الله تعالى : سمعتُ أبي يقول في سجوده : اللَّهُمَّ كَمَا صُنْتَ وَجْهِي عَنِ السُّجُودِ لِغَيْرِكَ فَصُنْ وَجْهِي عَنِ الْمَسْأَلَةِ لِغَيْرِك ..
وقال : كان عبد الرحمن يقوله في سجوده .
وقال : سمعتُ الثوري يقوله في سجوده .
وهذا دليل على جواز الدعاء بغير المأثور في الصلوات خاصّةً في السجود الذي أُمِرْنَا بإكثار الدعاء فيه (1) .
وعن الحسن البصري - رضي الله عنه - : التسبيح التام سبع ، والوسط خمس ، وأدناه ثلاث (2) .
ورُوِي عن ابن المبارك - رضي الله عنه - أنّه قال : أستحبّ لِلإمام أنْ يسبِّح خمس تسبيحات ؛ لِكي يدرك مَن خلفه ثلاث تسبيحات ..
وهكذا قال إسحاق بن إبراهيم (3) وسفيان الثوري (4) رحمهما الله تعالى .
وقال ابن قدامة رحمه الله تعالى : وإذَا كان إماماً لم يُستحَبّ له التطويل ولا الزيادة في التسبيح ..
(1) يراجع المغني 1/547 ، 548
(2) يراجع المغني 1/501
(3) يراجع : الأذكار /106 وشرح السُّنَّة 1/103
(4) يراجع بدائع الصنائع 2/550
قال القاضي : لا يُستحَبّ له التطويل ولا الزيادة عن ثلاث ؛ كي لا يشقّ على المأمومين .(1/50)
وهذا إذَا لم يرضوا بالتطويل ، فإنْ كانت جماعة يسيرة ورضوا بذلك استُحِبّ له التسبيح الكامل على ما ذكرناه ، وكذلك إنْ كان وحده .. ا.هـ (1) .
وقال الماوردي رحمه الله : فأمَّا أَتَمّ الكمال : فإحدى عشرة أو تسع ، وأوسطه خمس ، ولو سبَّح مرّةً أجزأه .. ا.هـ (2) .
والراجح عندي : أنّ الإمام يسبِّح خمس تسبيحات لِكي يدرك مَن خلفه ثلاثاً ، وهو قول ابن المبارك وإسحاق والثوري - رضي الله عنهم - ، وأنّ المنفرد يسبِّح بأيّ عدد شاء ، ولا ينزل عن الثلاث التي هي أدنى درجات الكمال ، إلا إذَا لم يتمكن مِن ذلك لِعذر أو ضرورة فعليه الإتيان بتسبيحة واحدة ..
ومَن أتى بتسبيحة واحدة بغير عذر وترك الثلاث التي هي أدنى درجات الكمال فقد ترك السُّنَّةَ في ذلك .
وقد رُوِي عن محمد بن الحسن - رحمه الله تعالى - أنّه إذَا سَبَّح مرّةً واحدةً يُكْرَه ؛ لأنّ الحديث جعل الثلاث أدنى التمام ، فَمَا دونه يكون ناقصاً فيُكْرَه (3) .
(1) المغني 1/503
(2) الحاوي الكبير 2/120
(3) بدائع الصنائع 2/550
الفرع الثالث
الدعاء بين السجدتين
وفيه حصرتُ هذه الروايات :
الرواية الأولى : عن حذيفة - رضي الله عنه - : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْن { رَبِّ اغْفِرْ لِي .. رَبِّ اغْفِرْ لِي } (1) .
الرواية الثانية : عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فِي صَلاَةِ اللَّيْل { رَبِّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاجْبُرْنِي وَارْزُقْنِي وَارْفَعْنِي } (2) .
وفي رواية : { رَبِّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاجْبُرْنِي وَارْفَعْنِي وَارْزُقْنِي وَاهْدِنِي } (3) ، وفي رواية : { وَعَافِنِي } (4) .(1/51)
ومِن مجموع هذه الروايات يتضح تفاوتها في الدعاء بين دعاء بمطلوب واحد وبين دعاء بأكثر مِن مطلوب واحد كما في رواية البيهقي رحمه الله تعالى ؛ فقد حوت ستّةً منها ، ويضاف إليها ما في رواية أبي داود - رحمه الله تعالى - لِتصبح سبعةً ، لِلمصلِّي أنْ يتخير منها أو يأتي بجميعها .
(1) رواه الإمام أحمد والنسائي .. يراجع المسند الجامع برقم (3295) .
(2) رواه ابن ماجة .. يراجع المسند الجامع برقم (6033) .
(3) رواه البيهقي برقم (2857) .
(4) رواه أبو داود .. يراجع : الأذكار /114 برقم (159) ، (160) وشرح السُّنَّة 1/163 ، 164 برقم (667) .
الفرع الرابع
الدعاء بعد التشهد
لقد وردت أذكار كثيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد التشهد وقبل السلام ، وقفتُ منها على ما يلي :
الرواية الأولى : عن السيدة عائشة - رضي الله عنها - قالت : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - { إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنَ التَّشَهُّدِ الأَخِيرِ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ : مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ ، وَمِنْ شَرِّ الْمَسِيحِ الدَّجَّال } (1) .
وفي رواية : { إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ ؛ يَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّال } (2) .
الرواية الثانية : عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه كان يقول بعد التشهد { اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ
(1) رواه مسلم وأبو داود وابن ماجة .. يراجع : مشكاة المصابيح 1/297 برقم (940) والأذكار /128 برقم (177) .(1/52)
(2) رواه مسلم .. يراجع الأذكار /127 برقم (175) .
فِتْنَةِ الدَّجَّالِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَات } (1) .
الرواية الثالثة : عن عليّ - رضي الله عنه - قال : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ يَكُونُ مِنْ آخِرِ مَا يَقُولُ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيم { اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ وَمَا أَسْرَفْتُ وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي ؛ أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْت } (2) .
الرواية الرابعة : عن مِحْجَن بن الأَدْرَع - رضي الله عنه - قال : دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَدْ قَضَى صَلاَتَهُ وَهُوَ يَتَشَهَّدُ وَهُوَ يَقُولُ :" اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يَا اللَّهُ الأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي ؛ إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ " فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم - { قَدْ غُفِرَ لَهُ .. قَدْ غُفِرَ لَهُ .. قَدْ غُفِرَ لَه } (3) .
الرواية الخامسة : عن أنس - رضي الله عنه - قال : كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَالِساً وَرَجُلٌ قَائِمٌ يُصَلِّي ، فَلَمَّا رَكَعَ وَسَجَدَ وَتَشَهَّدَ دَعَا فَقَالَ فِي دُعَائِهِ :" اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ، يَا ذَا الْجَلاَلِ
(1) رواه أبو داود برقم (986) .
(2) رواه مسلم .. يراجع الأذكار /128 برقم (179) .
(3) رواه أبو داود برقم (987) .(1/53)
وَالإِكْرَامِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ إِنِّي أَسْأَلُكَ " ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَصْحَابِه { أَتَدْرُونَ بِمَ دَعَا } قَالُوا :" اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ " قَال { وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ دَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى } (1) .
الرواية السادسة : عن أبي صالح ذكوان - رحمه الله - عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِرَجُل { كَيْفَ تَقُولُ فِي الصَّلاَة } قَالَ :" أَتَشَهَّدُ وَأَقُولُ " اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ " ، أَمَا إِنِّي لاَ أُحْسِنُ دَنْدَنَتَكَ وَلاَ دَنْدَنَةَ مُعَاذٍ " ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - { حَوْلَهَا نُدَنْدِن } (2) .
الرواية السابعة : عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - عَلَّمَهُم التشهد ثم قال في آخِره { ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الدُّعَاء } ..
وفي رواية : { ثُمَّ لْيَتَخَيَّرْ مِنَ الدُّعَاء } .
وفي رواية : { ثُمَّ لْيَتَخَيَّرْ بَعْدُ مِنَ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاء } (3) .
مِن مجموع هذه الروايات التي حوت أذكاراً لِلنبي - صلى الله عليه وسلم - بعد التشهد وقبل السلام يمكن جمعها وحصرها فيما يلي :
1- اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ
(1) رواه النسائي برقم (1299) .
(2) رواه أبو داود .. يراجع الأذكار /129 برقم (181) .
(3) أمَّا الرواية الأولى فرواها البخاري ومسلم ، وأمَّا الثانية فرواها البخاري ، وأمَّا الثالثة فرواها مسلم .. يراجع الأذكار /126 برقم (172) .
عَذَابِ الْقَبْرِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَات .(1/54)
2- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّار .
3- اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ وَمَا أَسْرَفْتُ وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي ؛ أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْت .
4- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يَا اللَّهُ الأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي ؛ إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
5- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ إِنِّي أَسْأَلُك .
قال النووي رحمه الله : اعلم أنّ هذا الدعاء مستحَبّ ليس بواجب ، ويُستحَبّ تطويله إلا أنْ يكون إماماً ، وله أنْ يدعو بما شاء مِن أمور الآخرة والدنيا ، وله أنْ يدعو بالدعوات المأثورة وله أنْ يدعو بدعوات يخترعها ، والمأثورة أفضل .. ا.هـ (1) .
وأفضل المأثورات ما ورد الأمر به : وهو الاستعاذة مِن أربع كما مرّ .
(1) الأذكار /127 ، 128
المطلب الرابع
الدعاء والأذكار
في الصلاة وبعدها
وفيه فرعان :
الفرع الأول : الدعاء في الصلاة بصفة عامة .
الفرع الثاني : أذكار ما بعد الصلاة .
الفرع الأول
الدعاء في الصلاة بصفة عامة
ومرادنا بالدعاء في الصلاة بصفة عامة : أنّ هذه الأدعية وردت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ودَعَا بها في صَلاته دون تحديد أيّ موضع مِن مواضع الصلاة ، فلذا فإنّه يمكن أنْ نَذكر منها في الركوع وفي السجود وبعد التشهد ؛ فكُلّها مواضع داخل الصلاة .
ومِن هذه الروايات التي وقفتُ عليها ما يلي :(1/55)
الرواية الأولى : عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أنّه قال لِرسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاَتِي " فقال - صلى الله عليه وسلم - { قُلِ : اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْماً كَثِيراً ، وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي ؛ إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيم } (1) .
وعقَّب النووي - رحمه الله تعالى - على هذا الحديث بقوله :" وقد احتجّ البخاري - رحمه الله - في صحيحه والبيهقي وغيرهما مِن الأئمة بهذا الحديث لِلدعاء في آخِر الصلاة ، وهو استدلال صحيح ؛ فإنّ قوله :" فِي صَلاَتِي "
(1) رواه الشيخان .. يراجع : الأذكار /129 برقم (180) ومشكاة المصابيح 1/297 ، 298 برقم (942) .
يَعُمّ جميعهَا ، ومِن مظانّ الدعاء في الصلاة هذا الموطن .. ا.هـ (1).
وأرى أنّ عموم الحديث يجعل محلّ الدعاء في أيّ موطن مِن مواطن الصلاة ، وليس قصراً له على ما بعد التشهد أو في آخِر الصلاة كما ذهب بعض أهل العلم .
أمَّا رواية السيدة عائشة التالية فهذه التي يمكن أنْ تُحْمَل على آخِر الصلاة ؛ لأنّ التعوذ قد ورد في روايات عديدة قبل السلام ، ومع ذلك فلا أرى بأساً مِن قراءة هذا الدعاء في الصلاة لا سيما في السجود .(1/56)
الرواية الثانية : عن السيدة عائشة - رضي الله عنها - أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو في الصلاة فيقول { اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ .. اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَم } ، فقال له قائل :" مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ الْمَغْرَم ؟! " فقال - صلى الله عليه وسلم - { إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ وَوَعَدَ فَأَخْلَف } (2) .
(1) الأذكار /129
(2) رواه الشيخان .. يراجع : الأذكار /128 برقم (178) وشرح السُّنَّة 1/200 برقم (691) ومشكاة المصابيح 1/297 برقم (939) .
الرواية الثالثة : عن شداد بن أوس - رضي الله عنه - قال : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِي صَلاَتِه { اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكُ الثَّبَاتَ فِي الأَمْرِ وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ ، وَأَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ وَحُسْنَ عِبَادَتِكَ وَأَسْأَلُكَ قَلْباً سَلِيماً وَلِسَاناً صَادِقاً ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ ، وَأَسْتَغْفِرُ لِمَا تَعْلَم } (1) .(1/57)
الرواية الرابعة : عن عمار بن ياسر - رضي الله عنهما - أنّه دعا بدعوات في صَلاته سمعهنّ مِن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وهي { اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْراً لِي ، وَتَوَفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الْوَفَاةَ خَيْراً لِي .. اللَّهُمَّ وَأَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ، وَأَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الرِّضَاءِ وَالْغَضَبِ ، وَأَسْأَلُكَ الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى ، وَأَسْأَلُكَ نَعِيماً لاَ يَنْفَدُ ، وَأَسْأَلُكَ قُرَّةَ عَيْنٍ لاَ تَنْقَطِعُ ، وَأَسْأَلُكَ الرِّضَاءَ بَعْدَ الْقَضَاءِ ، وَأَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلاَ فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ .. اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الإِيمَانِ وَاجْعَلْنَا هُدَاةًً مُهْتَدِين } (2) .
الرواية الخامسة : عن فروة بن نوفل - رحمه الله تعالى -
(1) رواه النسائي وأحمد .. يراجع مشكاة المصابيح 1/301 برقم (955) .
(2) رواه النسائي برقم (1304) .
قال : قلتُ لِعائشة رضي الله عنها :" حَدِّثيني بشيء كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو به في صَلاته " قالت : نَعَمْ .. كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُول { اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَمِلْتُ وَمِنْ شَرِّ مَا لَمْ أَعْمَل } (1) .
ومِن مجموع هذه الروايات يمكن لنا أنْ نحصر الأذكار التي وردت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة بصفة عامة فيما يلي :
1- اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْماً كَثِيراً ، وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي ؛ إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيم .(1/58)
2- اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ .. اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَم .
3- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكُ الثَّبَاتَ فِي الأَمْرِ وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ ، وَأَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ وَحُسْنَ عِبَادَتِكَ ، وَأَسْأَلُكَ قَلْباً سَلِيماً وَلِسَاناً صَادِقاً ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ ، وَأَسْتَغْفِرُ لِمَا تَعْلَم .
4- اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْراً لِي ، وَتَوَفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الْوَفَاةَ خَيْراً لِي .. اللَّهُمَّ وَأَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ، وَأَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ
(1) رواه النسائي برقم (1306) .
فِي الرِّضَاءِ وَالْغَضَبِ ، وَأَسْأَلُكَ الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى ، وَأَسْأَلُكَ نَعِيماً لاَ يَنْفَدُ ، وَأَسْأَلُكَ قُرَّةَ عَيْنٍ لاَ تَنْقَطِعُ ، وَأَسْأَلُكَ الرِّضَاءَ بَعْدَ الْقَضَاءِ ، وَأَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلاَ فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ .. اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الإِيمَانِ وَاجْعَلْنَا هُدَاةًً مُهْتَدِين .
الفرع الثاني
أذكار ما بعد الصلاة
عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال : قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :" أَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمَعُ ؟ " قَال { جَوْفُ اللَّيْلِ الآخِرِ ، وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَات } (1) .(1/59)
ولَمَّا كان الدعاء عقب الصلوات المكتوبات أَسْمَع عند الله تعالى فقد رأينا حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على كثرة الدعاء في هذا المقام ..
وقد وقفتُ مِن هذه الأدعية والأذكار على ما يلي :
الرواية الأولى : عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنّ رفع الصوت بالذِّكْر حين ينصرف الناس مِن المكتوبة كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ..
وفي رواية : كُنْتُ أَعْرِفُ انْقِضَاءَ صَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالتَّكْبِير .
وفي رواية : كُنْتُ أَعْلَمُ إِذَا انْصَرَفُوا بِذَلِكَ إِذَا سَمِعْتُه (2) .
الرواية الثانية : عن ثوبان - رضي الله عنه - قال : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلاَتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلاَثاً وَقَال { اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلاَمُ
(1) رواه الترمذي .. يراجع الأذكار /132 برقم (187) .
(2) رواه البخاري ومسلم .. يراجع : الأذكار /132 برقم (188) ، (189) وشرح السُّنَّة 1/223 برقم (712) .
وَمِنْكَ السَّلاَمُ ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَام } ..
قيل لِلأوزاعي ( أحد رواة الحديث ) :" كيف الاستغفار ؟ " قال : تقول : أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ .. أَسْتَغْفِرُ اللَّه (1) .
الرواية الثالثة : عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال { مَنِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ " أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيَّ الْقَيُّومَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ " غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ فَرَّ مِنَ الزَّحْف } (2) .
والأَوْلَى عندي : حَمْل الاستغفار المطلق في رواية ثوبان - رضي الله عنه - على تقييده في رواية البراء بن عازب - رضي الله عنه - ؛ فيأتي المصلِّي بهذه الصيغة ، وإنْ أتى بصيغة الأوزاعي - رحمه الله - فلا بأس .(1/60)
الرواية الرابعة : عن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول دُبُرَ كل صلاة مكتوبة { لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .. اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ ،
(1) رواه مسلم .. يراجع الأذكار /132 ، 133 برقم (190) ..
ونحوها رواية السيدة عائشة - رضي الله عنها - عند مسلم .. يراجع : مشكاة المصابيح 1/303 برقم (960) وشرح السُّنَّة 1/224 برقم (713) .
(2) رواه أبو يعلى ..
يراجع : الجامع الصغير 2/163 وفيض القدير 6/57 برقم (417) .
وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدّ } (1) .
الرواية الخامسة : عن عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - قال : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا سَلَّمَ مِنْ صَلاَتِهِ يَقُولُ بِصَوْتِهِ الأَعْلَى { لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .. لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ .. لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَلاَ نَعْبُدُ إِلاَّ إِيَّاهُ ، لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الْفَضْلُ وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ .. لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون } (2) .
الرواية السادسة : عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - أنّه كان يعلِّم بنيه هؤلاء الكلمات ويقول : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَتَعَوَّذُ بِهِنَّ دُبُرَ الصَّلاَة : { اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَرْذَلِ الْعُمُرِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الْقَبْر } (3) .(1/61)
(1) رواه الشيخان .. يراجع : مشكاة المصابيح 1/303 ، 304 برقم (962) وشرح السُّنَّة 1/255 برقم (715) .
(2) رواه مسلم .. يراجع : الأذكار /133 برقم (192) ومشكاة المصابيح 1/304 برقم (963) وشرح السُّنَّة 1/226 ، 227 برقم (716) .
(3) رواه البخاري .. يراجع : مشكاة المصابيح 1/304 برقم (964) والأذكار /134 برقم (196) .
الرواية السابعة : عن السيدة عائشة - رضي الله عنها - أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذَا جلس مجلساً أو صلى تكلَّم بكلمات ، فسألَتْه عنها فقال - صلى الله عليه وسلم - { إِنْ تَكَلَّمَ بِخَيْرٍ كَانَ طَابِعاً عَلَيْهِنَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَإِنْ تَكَلَّمَ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَانَ كَفَّارَةً لَهُ : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْك } (1) .
الرواية الثامنة : عن السيدة عائشة - رضي الله عنها - قالت : دَخَلْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَتْ :" إِنَّ عَذَابَ الْقَبْرِ مِنَ الْبَوْلِ " فَقُلْتُ :" كَذَبْتِ " ، فَقَالَتْ :" بَلَى ؛ إِنَّا لَنَقْرِضُ مِنْهُ الْجِلْدَ وَالثَّوْبَ " ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الصَّلاَةِ وَقَدِ ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُنَا ، فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم - { مَا هَذَا لِلَّهِ } فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَتْ ، فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم - { صَدَقَت } ، فَمَا صَلَّى بَعْدَ يَوْمَئِذٍ صَلاَةً إِلاَّ قَالَ فِي دُبُرِ الصَّلاَة { اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ أَعِذْنِي مِنْ حَرِّ النَّارِ وَعَذَابِ الْقَبْر } (2) .(1/62)
الرواية التاسعة : عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال : كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحْبَبْنَا أَنْ نَكُونَ عَنْ يَمِينِهِ ؛ يُقْبِلُ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ ، فَسَمِعْتُهُ - صلى الله عليه وسلم - يَقُول { رَبِّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَث [ أو : تَجْمَعُ ] عِبَادَك } (3) .
(1) رواه النسائي .. يراجع مشكاة المصابيح 2/51
(2) رواه النسائي وأحمد .. يراجع المسند الجامع برقم (16238) .
(3) رواه مسلم وأبو داود .. يراجع شرح السُّنَّة 1/213 برقم (704) .
الرواية العاشرة : عن معاذ - رضي الله عنه - أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَخَذ بيده وقال { يَا مُعَاذُ .. وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّك } ، ثم قال { أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ .. لاَ تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ أَنْ تَقُولَ : اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِك } (1) .
الرواية الحادية عشرة : عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال { أَتُحِبُّونَ أَنْ تَجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ : قُولُوا : اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى شُكْرِكَ وَذِكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِك } (2) .
الرواية الثانية عشرة : عن أنس - رضي الله عنه - قال : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَضَى صَلاَتَهُ مَسَحَ جَبْهَتَهُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى ثُمَّ قَال { أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ .. اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنِّي الْهَمَّ وَالْحَزَن } (3) .(1/63)
الرواية الثالثة عشرة : عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال : مَا دَنَوْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي دُبُرِ صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ وَلاَ تَطَوُّعٍ إِلاَّ سَمِعْتُهُ يَقُول { اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَخَطَايَايَ كُلَّهَا .. اللَّهُمَّ أَنْعِشْنِي وَاجْبُرْنِي وَاهْدِنِي لِصَالِحِ الأَعْمَالِ وَالأَخْلاَقِ ؛ إِنَّهُ
(1) رواه أبو داود والنسائي .. يراجع الأذكار /135 ، 136 برقم (199) .
(2) رواه الحاكم وأبو نُعَيْم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ..
يراجع كنز العمال 2/216 برقم (3830) .
(3) رواه ابن السني .. يراجع الأذكار /136 برقم (200) .
لاَ يَهْدِي لِصَالِحِهَا وَلاَ يَصْرِفُ سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنْت } (1) .
الرواية الرابعة عشرة : عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذَا فرغ مِن صَلاته - لا أدري قبل أنْ يسلِّم أو بعد أنْ يسلِّم - يقول { سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ، وَسَلاَمٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين } (2) .
الرواية الخامسة عشرة : عن أنس - رضي الله عنه - قال : كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ إِذَا انْصَرَفَ مِنَ الصَّلاَة { اللَّهُمَّ اجْعَلْ خَيْرَ عُمْرِي آخِرَهُ وَخَيْرَ عَمَلِي خَوَاتِمَهُ ، وَاجْعَلْ خَيْرَ أَيَّامِي يَوْمَ أَلْقَاك } (3) .
الرواية السادسة عشرة : عن أبي بكرة - رضي الله عنه - أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في دبر الصلاة { اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ وَعَذَابِ الْقَبْر } (4) .(1/64)
الرواية السابعة عشرة : عن مسلم بن الحارث التميمي - رضي الله عنه - أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَسَرّ إليه فقال { إِذَا انْصَرَفْتَ مِنْ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ فَقُلِ " اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنَ النَّارِ " سَبْعَ مَرَّاتٍ ؛ فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ ثُمَّ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ كُتِبَ لَكَ جِوَارٌ مِنْهَا ، وَإِذَا صَلَّيْتَ الصُّبْحَ فَقُلْ كَذَلِكَ ؛ فَإِنَّكَ إِنْ مُتَّ مِنْ يَوْمِكَ
(1) رواه ابن السني .. يراجع الأذكار /136 برقم (201) .
(2) رواه ابن السني .. يراجع الأذكار /136 برقم (202) .
(3) رواه ابن السني .. يراجع الأذكار /137 برقم (203) .
(4) رواه ابن السني .. يراجع الأذكار /137 برقم (204) .
كُتِبَ لَكَ جِوَارٌ مِنْهَا } (1) .
الرواية الثامنة عشرة : عن عبد الرحمن بن غُنْم - رضي الله عنه - أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال { مَنْ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ وَيَثْنِي رِجْلَهُ مِنْ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ وَالصُّبْحِ " لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ ، يُحْيِي وَيُمِيتُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " عَشْرَ مَرَّاتٍ كُتِبَ لَهُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَمُحِيَتْ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزاً مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ وَحِرْزاً مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ، وَلَمْ يَحِلَّ لِذَنْبٍ أَنْ يُدْرِكَهُ إِلاَّ الشِّرْكَ ، فَكَانَ مِنْ أَفْضَلِ النَّاسِ عَمَلاً إِلاَّ رَجُلاً يَفْضُلُهُ يَقُولُ أَفْضَلَ مِمَّا قَال } (2) .
الرواية التاسعة عشرة : عن السيدة أُمّ سلمة - رضي الله عنها - قالت : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ قَال { اللَّهُمَّ إِنِّي(1/65)
(1) رواه أبو داود .. يراجع الأذكار /138 برقم (208) .
وجاء في رواية { فَقُلْ قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمَ أَحَداً مِنَ النَّاس } رواه الإمام أحمد ..
يراجع الفتح الرباني 4/56 برقم (778) .
(2) رواه أحمد والترمذي .. يراجع مشكاة المصابيح 1/308 برقم (975) ..
ونحوه رواية أبي ذر - رضي الله عنه - إلى قوله { إِلاَّ الشِّرْك } ، ولم يذكر { صَلاَةِ الْمَغْرِب } ولا { بِيَدِهِ الْخَيْر } رواه الترمذي ..
يراجع مشكاة المصابيح 1/308 ، 309 برقم (976) .
أَسْأَلُكَ عِلْماً نَافِعاً وَعَمَلاً مُتَقَبَّلاً وَرِزْقاً طَيِّبا } (1) .
الرواية العشرون : عن صهيب الرومي - رضي الله عنه - أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يحرِّك شفتيه بعد صلاة الفجر بشيء ..
قال : فَقُلْتُ :" يَا رَسُولَ اللَّهِ .. مَا هَذَا الَّذِي تَقُولُ ؟ " قَالَ - صلى الله عليه وسلم - { اللَّهُمَّ بِكَ أُحَاوِلُ ، وَبِكَ أُصَاوِلُ ، وَبِكَ أُقَاتِل } (2) .
الرواية الحادية والعشرون : عن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ عِنْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الصَّلاَة { لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير } ثَلاَثَ مَرَّات (3) .
الرواية الثانية والعشرون : عن عطاء بن أبي مروان عن أبيه أنّ كعباً - رحمهم الله تعالى - حلف له بالله الذي فلق البحرَ لِموسى - عليه السلام - : إنَّا لَنَجِد في التوراة أنّ داود نبيّ الله - عليه السلام - كان إذَا انصرف مِن صَلاته قال : اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي جَعَلْتَهُ لِي عِصْمَةً ، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي جَعَلْتَ فِيهَا مَعَاشِي .. اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ ، وَأَعُوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ
(1) رواه أحمد وابن ماجة وابن السني ..(1/66)
يراجع الأذكار /138 برقم (209) .
(2) رواه ابن السني .. يراجع الأذكار /139 برقم (210) .
(3) رواه النسائي برقم (1342) .
نِقْمَتِكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ ، لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدّ .
قال : وحدَّثني كعب - رضي الله عنه - أنّ صهيباً - رضي الله عنه - حدَّثه أنّ محمَّداً - صلى الله عليه وسلم - كان يقولهنّ عند انصرافه مِن صَلاته (1) .
الرواية الثالثة والعشرون : عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - { مَنْ سَبَّحَ اللَّهَ تَعَالَى فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ وَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى ثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ وَكَبَّرَ اللَّهَ تَعَالَى ثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ - فَتِلْكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ - وَقَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ " لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْر } (2) .
الرواية الرابعة والعشرون : عن كعب بن عجرة - رضي الله عنه - قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - { مُعَقِّبَاتٌ لاَ يَخِيبُ قَائِلُهُنّ [ أو : فَاعِلُهُنَّ ] دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ : ثَلاَثٌ وَثَلاَثُونَ تَسْبِيحَةً ، وَثَلاَثٌ وَثَلاَثُونَ تَحْمِيدَةً ، وَأَرْبَعٌ وَثَلاَثُونَ تَكْبِيرَة } (3) .
(1) رواه النسائي برقم (1345) .
(2) رواه مسلم .. يراجع : مشكاة المصابيح 1/305 برقم (967) والأذكار /134 برقم (195) وشرح السُّنَّة 1/228 ، 229 برقم (718) .
(3) رواه مسلم .. يراجع : مشكاة المصابيح 1/304 برقم (966) والأذكار /134 برقم (194) وشرح السُّنَّة 1/231 برقم (721) .(1/67)
الرواية الخامسة والعشرون : عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : إِنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا :" قَدْ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَى وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ " فَقَال { وَمَا ذَاك } قَالُوا :" يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ ، وَيَتَصَدَّقُونَ وَلا َنَتَصَدَّقُ وَيُعْتِقُونَ وَلاَ نُعْتِقُ " ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - { أَفَلاَ أُعَلِّمُكُمْ شَيْئاً تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ وَتَسْبِقُونَ بِهِ مَنْ بَعْدَكُمْ وَلاَ يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْكُمْ إِلاَّ مَنْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُم } قَالُوا :" بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ " قَال { تُسَبِّحُونَ وَتُكَبِّرُونَ وَتَحْمَدُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ مَرَّة } ..
فَرَجَعَ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا :" سَمِعَ إِخْوَانُنَا أَهْلُ الأَمْوَالِ بِمَا فَعَلْنَا فَفَعَلُوا مِثْلَهُ " فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - { ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاء } (1) .
الرواية السادسة والعشرون : عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال : أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ أَقْرَأَ بِالْمُعَوِّذَاتِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَة (2) .
(1) رواه البخاري ومسلم ..
وفي رواية لِلبخاري رحمه الله تعالى : { تُسَبِّحُونَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ عَشْراً وَتَحْمَدُونَ عَشْراً وَتُكَبِّرُونَ عَشْرا } بدل { ثَلاَثاً وَثَلاَثِين } .
يراجع : مشكاة المصابيح 1/304 ، 305 برقم (965) وشرح السُّنَّة 1/227 ، 228 برقم (717) .
(2) رواه أحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي .. =(1/68)
الرواية السابعة والعشرون : عن عليّ - رضي الله عنه - قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى أَعْوَادِ هَذَا الْمِنْبَرِ يَقُول { مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلاَّ الْمَوْتُ ، وَمَنْ قَرَأَهَا حِينَ يَأْخُذُ مَضْجَعَهُ آمَنَهُ اللَّهُ عَلَى دَارِهِ وَدَارِ جَارِهِ وَأَهْلِ دُوَيْرَاتٍ حَوْلَه } (1) .
الرواية الثامنة والعشرون : عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال { خَصْلَتَان [ أو : خَلَّتَانِ ] لاَ يُحَافِظُ عَلَيْهِمَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ ، هُمَا يَسِيرٌ ، وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ : يُسَبِّحُ اللَّهَ تَعَالَى دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ عَشْراً ، وَيَحْمَدُ عَشْراً ، وَيُكَبِّرُ عَشْراً ، فَذَلِكَ خَمْسُونَ وَمِائَةٌ بِاللِّسَانِ ، وَأَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٌ فِي الْمِيزَانِ ..
وَيُكَبِّرُ أَرْبَعاً وَثَلاَثِينَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ ، وَيَحْمَدُ ثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ ، وَيُسَبِّحُ ثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ ، فَذَلِكَ مِائَةٌ بِاللِّسَانِ وَأَلْفٌ بِالْمِيزَان } ..
قال : فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعْقِدُهَا بِيَدِهِ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ .. كَيْفَ هُمَا يَسِيرٌ وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ ؟ " قَال
= وفي رواية أبي داود والنسائي { بِالْمُعَوِّذَات } .
يراجع : مشكاة المصابيح 1/306 برقم (969) والأذكار /135 برقم (198) .
(1) رواه البيهقي .. يراجع مشكاة المصابيح 1/308 برقم (974) .
{ يَأْتِي أَحَدَكُم [ يعني الشيطان ] فِي مَنَامِهِ فَيُنَوِّمُهُ قَبْلَ أَنْ يَقُولَهُ ، وَيَأْتِيهِ فِي صَلاَتِهِ فَيُذَكِّرُهُ حَاجَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَقُولَهَا } (1) .(1/69)
وعند ابن ماجة : { يَأْتِي أَحَدَكُمُ الشَّيْطَانُ وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ فَيَقُولُ :" اذْكُرْ كَذَا وَكَذَا " حَتَّى يَنْفَكَّ الْعَبْدُ لاَ يَعْقِلُ ، وَيَأْتِيهِ وَهُوَ فِي مَضْجَعِهِ فَلاَ يَزَالُ يُنَوِّمُهُ حَتَّى يَنَام } (2) .
الرواية التاسعة والعشرون : عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنّ رجلاً رأى فيما يرى النائم قيل له :" بأيّ شيء أمركم نبيّكم - صلى الله عليه وسلم - ؟ " قال :" أَمَرَنَا أَنْ نُسَبِّحَ ثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ ، وَنَحْمَدَ ثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ ، وَنُكَبِّرَ أَرْبَعاً وَثَلاَثِينَ ؛ فَتِلْكَ مِائَة " ، قال : " سَبِّحُوا خمساً وعشرين ، واحمدوا خمساً وعشرين ، وكَبِّرُوا خمساً وعشرين ، وهَلِّلُوا خمساً وعشرين ؛ فتلك مائة " ، فلَمَّا أصبح ذَكَر ذلك لِلنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - { افْعَلُوا كَمَا قَالَ الأَنْصَارِيّ } (3) .
الرواية الثلاثون : عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - { مَنْ سَبَّحَ فِي دُبُرِ صَلاَةِ الْغَدَاةِ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ وَهَلَّلَ
(1) رواه أبو داود والترمذي والنسائي ..
يراجع الأذكار /134 ، 135 برقم (197) .
(2) رواه ابن ماجة /299 برقم (926) .
(3) رواه النسائي برقم (1350) .
مِائَةَ تَهْلِيلَةٍ غُفِرَ لَهُ ذُنُوبُهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْر } (1) .
الرواية الحادية والثلاثون : عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعْقِدُ التَّسْبِيحَ بِيَدِه (2) ..
وعن يُسَيْرَة بنت ياسر - رضي الله عنها - قالت : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - { يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ .. اعْقِدْنَ بِالأَنَامِلِ ؛ فَإِنَّهُنَّ مَسْئُولاَتٌ مُسْتَنْطَقَات } (3) .(1/70)
الرواية الثانية والثلاثون : عن زيد بن أرقم - رضي الله عنه - قال : كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِي دُبُرِ صَلاَتِه { اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ أَنَا شَهِيدٌ أَنَّكَ أَنْتَ الرَّبُّ وَحْدَكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ (4) .. رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ أَنَا شَهِيدٌ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ .. رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ أَنَا شَهِيدٌ أَنَّ الْعِبَادَ كُلَّهُمْ إِخْوَةٌ .. اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ اجْعَلْنِي مُخْلِصاً لَكَ وَأَهْلِي فِي كُلِّ سَاعَةٍ مِنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ .. ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ اسْمَعْ وَاسْتَجِبْ .. اللَّهُ الأَكْبَرُ الأَكْبَرُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ .. اللَّهُ الأَكْبَرُ
(1) رواه النسائي .. يراجع كنز العمال 1/464 برقم (2016) .
(2) رواه أبو داود والنسائي والترمذي والحاكم ، وفي رواية : بِيَمِينِه ..
يراجع : الأذكار /18 برقم (28) وكنز العمال 7/52 برقم (17912) .
(3) رواه أحمد وابن سعد والطبراني ..
يراجع كنز العمال 1/446 برقم (1928) .
(4) قال إبراهيم بن مهديّ ( أحد الرواة ) : مرتين .
الأَكْبَرُ حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ .. اللَّهُ الأَكْبَرُ الأَكْبَر } (1) .(1/71)
الرواية الثالثة والثلاثون : عن شداد بن أوس - رضي الله عنه - قال : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعَلِّمُنَا كَلِمَاتٍ نَدْعُو بِهِنَّ فِي صَلاَتِنَا ( أو قال : فِي دُبُرِ صَلاَتِنَا ) : { اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكُ الثَّبَاتَ فِي الأَمْرِ ، وَأَسْأَلُكَ الْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ ، وَأَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ وَحُسْنَ عِبَادَتِكَ ، وَأَسْأَلُكَ قَلْباً سَلِيماً وَلِسَاناً صَادِقاً ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ تَعْلَمُ ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَم } (2) .
الرواية الرابعة والثلاثون : عن عليّ - رضي الله عنه - قال : كَانَ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِي آخِرِ وِتْرِه { اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ ، وَأَعُوذُ بِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ ، لاَ أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِك } (3) .
بعد الوقوف على هذه الروايات التي حوت كثيراً مِن أذكار النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد الصلاة نرى أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقلها مجموعةً مرّةً واحدةً ، ولم يَقُلْ أحد مِن أهل العلم بذلك ، لكنّا وجدنا بعضاً منها كان يقوله النبي - صلى الله عليه وسلم - دبر كل صلاة ، ومنها ما أمر
(1) رواه الإمام أحمد .. يراجع الفتح الرباني 4/53 ، 54 برقم (773) .
(2) رواه الإمام أحمد .. يراجع الفتح الرباني 4/56 ، 57 برقم (779) .
(3) رواه الإمام أحمد .. يراجع الفتح الرباني 4/64 ، 65 برقم (788) .
به النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ومنها ما أوصى به - صلى الله عليه وسلم - ، ومنها ما رغَّب - صلى الله عليه وسلم - في الحرص عليه ببيان عظيم أجره وثوابه ، ومنها ما ورد بعد بعض الصلوات دون غيرها ..(1/72)
والأذكار التي وردت في حالة مِن الحالات السابقة هي عندي أَوْلَى بالتقديم والمداومة عليها والتمسك بها ، وما عداها لا نغفل عنه ، بل نحاول أنْ نأتي منها ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً ؛ لأنّها مِن هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وسُنَّتِه .
وقد حصرتُ هذه الحالات في الأربعة التالية :
الحالة الأولى : الأذكار التي كان يقولها النبي - صلى الله عليه وسلم - دبر كل صلاة :
في الروايات : الثانية ، والثالثة ، والرابعة ، والخامسة ، والحادية والثلاثين .
الحالة الثانية : الأذكار التي أمر بها النبي - صلى الله عليه وسلم - أو أوصى بها :
في الروايات : العاشرة ، والحادية عشرة ، والسادسة والعشرين ، والتاسعة والعشرين .
الحالة الثالثة : الأذكار التي رغَّب - صلى الله عليه وسلم - في الحرص عليها لِعِظَم أجرها وثوابها :
في الروايات : الثالثة والعشرين ، والسابعة العشرين ، والثلاثين .
الحالة الرابعة : الأذكار الخاصة ببعض الصلوات :
في الروايات : السابعة عشرة ، والثامنة عشرة ، والتاسعة عشرة ، والعشرين .
والترتيب الثابت بين هذه الأذكار : أوّلاً الاستغفار ثم التهليل ، وما عداهما فلم يثبت - عندي - فيه ترتيب ، فمَن قدَّم آية الكرسي والمعوذات على التسبيح والتحميد والتهليل فلا حرج عليه ، ومَن عكس فقدَّم التسبيح والتحميد والتهليل فلا حرج عليه ، والله أعلى وأعلم .
تنبيه :
كان هَدْي النبي - صلى الله عليه وسلم - في الدعاء بصفة عامة أنْ يكرره ثلاثاً ..
فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : كَانَ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا دَعَا دَعَا ثَلاَثاً ، وَإِذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلاَثا (1) ..
وعَقَّب النووي - رحمه الله تعالى - فقال : فيه استحباب تكرير الدعاء ثلاثاً ، وقوله :" إِذَا سَأَل ... " هو الدعاء ، لكنْ عَطَفَه لاختلاف اللفظ توكيداً (2) .
(1) رواه مسلم .. يراجع تلخيص الحبير 3/214
(2) شرح النووي على صحيح مسلم 12/152(1/73)
وختاماً .. أسأل الله تعالى أنْ يتقبل هذا العمل ، وأنْ ينفع به المسلمين والمسلمات حتى يلحقني أجره بعد الممات وكَذَا والدَيّ وأصحاب الحقوق علَيّ ؛ إنّه وليّ ذلك والقادر عليه ..
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
أهم المراجع
الأذكار لِلنووي .. مؤسسة الرسالة - بيروت .
الأُمّ لِلإمام الشافعي .. مكتبة الكليات الأزهرية - القاهرة .
الإنصاف لِلمرداوي .. دار إحياء التراث العربي - بيروت .
بدائع الصنائع لِلكاساني .. دار الكتاب العربي - بيروت .
بداية المجتهد لابن رشد .. مكتبة الحلبي - القاهرة .
تفسير القرآن العظيم لابن كثير .. دار البيان العربي - القاهرة .
تلخيص الحبير لابن حجر العسقلاني .. طبعة المدينة المنورة .
الجامع الصغير لِلسيوطي .. دار الكتب العلمية - بيروت .
الجامع لأحكام القرآن لِلقرطبي .. دار الكتب العلمية - بيروت .
الحاوي الكبير لِلماوردي .. دار الكتب العلمية - بيروت .
رحمة الأمة في اختلاف الأئمة لِلدمشقي العثماني .. مكتبة الحلبي - القاهرة .
زاد المعاد لابن القيم .. المطبعة المصرية .
سنن أبي داود .. طبعة الحرس الوطني بالرياض .
سنن النسائي .. طبعة الحرس الوطني بالرياض .
شرح السُّنَّة لِلبغوي .. المكتب الإسلامي - بيروت .
شرح صحيح مسلم للنووي .. دار إحياء التراث العربي - بيروت .
صحيح البخاري .. طبعة الحرس الوطني بالرياض .
الفتح الرباني لِترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني لِلبنا .. دار إحياء التراث العربي - بيروت .
فقه السُّنَّة لِسيد سابق .. الفتح لِلإعلام العربي - القاهرة .
فيض القدير شرح الجامع الصغير لِلمناوي .. المكتبة التجارية الكبرى - القاهرة .
القاموس المحيط .. مؤسسة الرسالة - بيروت .
الكافي في فقه أهل المدينة المالكي لابن عبد البر .. مطبعة حسان - القاهرة .
كنز العمال لِلمتقي الهندي .. مؤسسة الرسالة - بيروت .
لسان العرب لابن منظور .. دار صادر - بيروت .(1/74)
مجمع الزوائد ومنبع الفوائد لِلهيثمي .. دار الكتب العلمية - بيروت 1408 هـ .
المجموع لِلنووي .. دار الفكر - بيروت .
المحيط في اللغة لِلصاحب بن عبّاد - بيروت 1994 م .
مشكاة المصابيح لِلتبريزي .. المكتب الإسلامي - بيروت .
المعجم الوجيز .. مجمع اللغة العربية بمصر .
المغني لابن قدامة .. مكتبة الرياض الحديثة - السعودية .
مفردات غريب القرآن لِلأصبهاني .. دار الفكر - بيروت .
نصب الراية للزيلعي .. دار الحديث - مصر .
فهرس الكتاب
الموضوع ... ص
المقدمة....................................................... ... 3
المطلب الأول : أذكار القيام . ... 7
الفرع الأول : دعاء الاستفتاح . ... 8
أوّلاً : المراد بدعاء الاستفتاح ومحلّه............................. ... 8
ثانياً : الروايات الواردة في دعاء الاستفتاح...................... ... 8
ثالثاً : حكم دعاء الاستفتاح................................... ... 14
الفرع الثاني : الاستعاذة . ... 18
أوّلاً : تعريف الاستعاذة....................................... ... 18
ثانياً : محلّ الاستعاذة.......................................... ... 18
حكم الاستعاذة............................................... ... 20
ثالثاً : حكم الاستعاذة في حقّ الإمام والمأموم................... ... 21
رابعاً : الجهر والإسرار بها..................................... ... 22
خامساً : الصلوات المستحبّ التعوذ فيها........................ ... 23
سادساً : صيغ التعوذ.......................................... ... 23
سابعاً : الروايات الواردة في الاستعاذة.......................... ... 25
الفرع الثالث : دعاء القراءة . ... 26
الفرع الرابع : القراءة خلف الإمام . ... 32
الأحكام المستفادة مِن هذه الروايات............................ ... 34
الفرع الخامس : التأمين . ... 38
أوّلاً : تعريف التأمين......................................... ... 38(1/75)
ثانياً : الروايات الواردة فيه.................................... ... 38
المطلب الثاني : أذكار الركوع والرفع منه والقنوت .
الفرع الأول : أذكار الركوع .
الفرع الثاني : أذكار الرفع مِن الركوع .
الفرع الثالث : القنوت .
المطلب الثالث : أذكار السجود والجلوس بين السجدتَيْن وبعد التشهد .
الفرع الأول : أذكار السجود .
الفرع الثاني : حكم التسبيح في الركوع والسجود ، وعدد التسبيحات
الفرع الثالث : أذكار الجلوس بين السجدتَيْن .
الفرع الرابع : الدعاء بعد التشهد .
المطلب الرابع : الدعاء والأذكار في الصلاة وبعدها .
الفرع الأول : الدعاء في الصلاة بصفة عامة .
الفرع الثاني : أذكار ما بعد الصلاة .
الموضوع ... ص
ثالثاً : حكم التأمين........................................... ... 40
المطلب الثاني : أذكار الركوع والرفع منه والقنوت . ... 43
الفرع الأول : أذكار الركوع . ... 44
الفرع الثاني : أذكار الرفع مِن الركوع . ... 50
الفرع الثالث : القنوت . ... 56
أوّلاً : تعريف القنوت......................................... ... 56
ثانياً : الروايات الواردة في القنوت............................. ... 57
ثالثاً : ما يقنت فيه مِن الصلوات............................... ... 60
رابعاً : الجهر بالقنوت ورفع اليدين فيه......................... ... 63
المطلب الثالث : أذكار السجود والجلوس بين السجدتَيْن وبعد التشهد .
الفرع الأول : أذكار السجود . ... 64
الفرع الثاني : حكم التسبيح في الركوع والسجود ، وعدد التسبيحات . ... 65
أوّلاً : حكم التسبيح في الركوع والسجود......................
ثانياً : عدد التسبيحات........................................ ... 72
الفرع الثالث : أذكار الجلوس بين السجدتَيْن . ... 72
الفرع الرابع : الدعاء بعد التشهد . ... 73
المطلب الرابع : الدعاء والأذكار في الصلاة وبعدها . ... 77
الفرع الأول : الدعاء في الصلاة بصفة عامة . ... 78
الفرع الثاني : أذكار ما بعد الصلاة . ... 82(1/76)
أهمّ المراجع.................................................. ... 83
88
105
ص8 : وأنا أول : وأنا أوَّل
ص29 سورة الزيتون : سورة التين
ص89 الحيُّ القيومُ : الحيَّ القيومَ
ص94 عشرَ حسنات : عشرُ حسنات
ص103 ثلاثاً : ثلاثا(1/77)