استخدام عمليات البنية المقطعية فى القرءان
لعلاج اضطرابات النطق
دكتور
محمد محمود النحاس
يستمتع الاباء والامهات ببدايات نطق الكلمات عند الأبناء ،والبعض يسترسلون مع الصغار مرددين لهم مزيد من الكلمات معكوسة أو غير صحيحة فى حروفها وذلك لكي يتمتعوا بسماعها منهم ، ومع الاستمرار في هذا المسلك الخاطىء تكون النتيجة هى إصابة الإبن بعيوب النطق الدائمة والتى تشتهر أعراضها عند الأطفال مثل التلعثم واللدغة والابدال والاضافة والحذف والتشوية لبعض الكلمات.
وفقدان القدرة على التعبير والسرعة في الكلام وإدغامه، ويصاحبها غالباً أعراض جسمية أسبابها نفسية كتحريك اليدين أو الكتفين أو الضغط على الأسنان لبعض الوقت أو الدق بالقدمين على الأرض ، أو ظهور حركات هستيرية كرعشة رموش العينين وتحريك الجفون وتحريك الرأس يميناً ويساراً وبلع الريق عند الكلام .
الأسباب التى أّدت إلى وجود هذا العيوب وهى:
1- أسباب عضوية :
نقص أو اختلال الجهاز العصبى المركزى واضطراب الأعصاب المتحكمة فى الكلام أو إصابة المراكز الكلامية فى المخ بتلف
عيوب الجهاز الكلامى الفم – الأسنان- اللسان – الشفتان – الفكان
2- أسباب نفسية :
- الشعور بالنقص.
- فقدان الحنان من أحد الأبوين.
- التدليل الزائد و الإستجابة لرغبات الطفل دون أن يتكلم فيكفى أن يشير أو أن يعبر بحركة
ما أو بكلمة فتلبى رغبته.
- قلق الآباء واستعجالهم مما يجعلهم يدفعونه دفعاً للكلام قبل الأوان.
- التأخر الدراسي والإخفاق في التحصيل .
- الإنطوائية و الكسل .
- عدم التوافق بين الأبوين والشجار الدائم بينهما .
البيئة المحيطة بالطفل ودورها في حدوث اضطرابات النطق :
تعتبر الأسرة أول بيئة تربوية يتواجد فيها الطفل ويتفاعل معها ، فهي التي توفر له الحماية والأمن وهى المسئولة عن توفير كل الاحتياجات اللازمة له طبقاً للمرحلة العمرية التي يمر بها.(1/1)
ولما كانت الأسرة هي المجال الاجتماعي الأول الذي ينشأ فيه الطفل ، أصبحت العلاقات الأسرية سببا مباشرا من أسباب نمو الطفل نموا سويا أو نموا غير سوى ، ودرجة الأمن التي يحس بها الطفل ذات أثر كبير في تكيفه أو عدم تكيفه من الوجهة الاجتماعية و النفسية .
(مصطفى فهمي، 1976 ،59 )
فأساليب معاملة الوالدين للطفل تعد بمثابة المرآة التي تتضمن أحكاماً عن قيمة ومكانةٍ الطفل داخل الأسرة ، فإحساس الطفل بقيمته مرتبطاً بمدى شعوره بالنقص أو شعوره بالثقة ، حيث يدعم هذه الأحاسيس سلوك الوالدين تجاه طفلهم ، فكلما زاد إحساس الطفل بقيمته وأهميته في المحيط الاجتماعي الذي يعيش فيه كلما دعم هذا من ثقته بنفسه ومن قدرته على الاعتماد عليها.
وعلى العكس من ذلك فالأسرة التي يتسم فيها الوالدان بالسيطرة والتحكم ، تهييء جواً أسرياً مشحوناً بالضغوط ، الأمر الذي يؤدى إلى الاخفاق في إتمام عملية التواصل بين الطفل ووالديه ، ومن ثم مزيداً من المعوقات للنمو الطبيعي لكلام الطفل .
فجذورمشكلة النطق توجد دائما في العلاقات التي تقوم بين الطفل ووالديه في المراحل المبكرة من حياةٍ الطفل ، فعندما تصبح مطالب الآباء من الطفل أعلى مما يستطيع أداءه ، وعندما يستخدم الآباء في سبيل ذلك العقاب القاسي والقيود المشددة ويقيمون ما ينجزه الطفل تقييماً سلبياً باستمرار ، فإن الاحتمال الأكبر أن يصاب الطفل عندئذ بالقلق والتوتر و حدوث اضطرابات النطق .
(Jennifer,2001,69)
كما تؤثر الاتجاهات الوالدية الخاطئة التي ينشأ فيها الطفل من تدليل زائد ، وحنان مفرط ، أو صرامة زائدة إلى حد القسوة ، في وجود علاقة غير سوية بين الوالدين والطفل ، ينعكس أثرها بشكل سلبي على نطق الطفل .(1/2)
ومن بين العوامل البيئية الهامة التي يحتمل أن تؤثر على النطق عامل أساسي يتمثل في أنماط كلام الآخرين التي يتعرض لها الطفل أثناء تعلم الكلام وخصوصا الأم ، وكميه الاستثارة والدافعية التي يحصل عليها الطفل خلال مرحلة نمو الكلام .
حيث أوضحت دراسة كل من مايرز و فريمان Meyers & Freeman (1985) أن أمهات الأطفال ذوى اضطرابات النطق يطالبن أطفالهن بالكلام دون أن يكن هن نموذجا لهم في النطق مما يؤدى إلى وجود نوع من الضغوط على الطفل في التواصل والفشل في النطق وعدم تحقيق الطلاقة اللفظية .
(Meyers & Freeman, 1985,204)
كما تشير دراسة نوران العسال (1990) إلى أن انتقاد الوالدين لكلام الطفل و مطالبته بالكمال في النطق يؤدى بالطفل إلى تفادى وتحاشى الكلام أمامهم مما يساعد على ظهور اضطرابات النطق عند الطفل.
(نوران العسال ،1990، 90)
وقد تبين من نتائج دراسة جهان غالب (1998) أن حدة التلعثم تزداد بازدياد انشغال الآباء عن أبنائهم و بارتفاع مستوى تعليم الأب والأم حيث يتوقعون من أبنائهم أكثر مما يستطيعون إنجازه، والعلاقات الأسرية التي يشملها نوع من الفتور تؤثر بالسلب على علاقات الطفل المدرسية والمجتمع البيئي المحيط به ، مما يؤدى في نهاية الأمر إلى سوء التوافق الاجتماعى وزيادة الاضطراب في النطق .
(جهان غالب ، 1998 ،104 )
وتعد البيئة الأسرية عاملا أساسيا في مساعدة الطفل على النطق الصحيح حيث وجد انجهام (Ingham 1993) أن أسر الأطفال ذوى اضطرابات النطق تتصف بالتالي :
1- أساليب سيطرة والدية خاطئة و سوء استخدام قاعدة الثواب والعقاب .
2- الاعتماد على حل الصراع الداخلي في الأسرة من خلال التهديد للطفل .
3- عجز الاتصال بين الوالدين والطفل والتفاهم من خلال الكلمة والموضوع و التي تستبدل بشدة الأفعال والأصوات .(1/3)
4- صدور مقاطع كلامية تحمل معنى السخرية من الطفل أثناء الحديث معه مما يعوق تدفق أفكار الطفل و يجعله يتجنب الحديث أمامهم .
Ingham , 1993, 137) )
ويذكر طلعت منصور (1967) أن من المواقف التي تزيد من حدة التلعثم عند الطفل المواقف التالية :
1- تحدث الطفل إلى شخص ممثل للسلطة .
2- تحدث الطفل أمام الآخرين .
3- تحدث الطفل إلى مستمع يبدى اهتماما بالغا لما يقوله .
4- تحدث الطفل بشكل سريع بسبب ضيق الوقت .
5- تحدث الطفل لإبلاغ رسالة ذات مضمون هام .
6- تحدث الطفل في المواقف المرتبطة بالشعور بالتهديد .
(طلعت منصور، 1967 ،194 )
و هذه المواقف السابقة و التي ذكرها طلعت منصور في دراسته (1967) تنطبق على الطفل المتلعثم داخل البيئة المدرسية فتزيد من تلعثمه فهو يتحدث إلى المدرس والناظر وهم ممثلين للسلطة ، كما يتحدث أمام الآخرين وهم زملاؤه في الفصل ، كما يتحدث أيضا أمام شخص ناقد عندما يطلب منه المدرس الإجابة على الأسئلة بسرعة لضيق وقت الحصة مما يؤدى لشعور الطفل بالتهديد و يزيد من حدة التلعثم لديه.
وسوف يستعرض الباحث أهم الاضطرابات المتعلقة بالنطق والكلام.
أولاً : اللدغة Dyslalia :
1- اللدغة الرائية وهى قلب صوت ( الراء ) إلى التالي
ر ... ... ... ى مثال كلمة ( رامي ) تنطق ( يامي )
ر ... ... ... ل مثال كلمة ( رامي ) تنطق ( لامي )
ر ... ... ... غ مثال كلمة ( رامي ) تنطق ( غامي )
2- اللدغة السينية : وفيها يخرج صوت السين ( س ) بشكل غير صحيح:
وهناك اللدغة السينية الأمامية مثال كلمة ( سامي ) تنطق ( ثامي )
وهناك اللدغة السينية الجانبية مثال كلمة ( سامي ) تنطق ( شامي )
وهناك اللدغة السينية البلعومية مثال كلمة ( سامي ) تنطق ( خامي )
3- اللدغة الخلفية الأمامية : حيث يقوم الطفل بقلب صوت الكاف إلى ( تاء) أو قلب صوت الجيم إلى ( دال ) :
ك ... ... ... ... ... ت مثال كلمة ( كنافة ) تنطق ( تنافة)
ج د ( جمل ) ( دمل)(1/4)
ثانياً الخنف Nasality : اضطرابات في النطق ينتج عن عدم تكافؤ الصمام اللهائي البلعومي، ففي بعض الحالات لا يحدث غلق للتجويف الأنفي نتيجة عن عدم تكافؤ الصمام اللهائي البلعومي
الأمر الذي يجعل كثيراً من الأصوات تخرج منه، وهنا يحدث الخنف.
ثالثاً: الحبسة الكلامية Dysarthria
... وهى عدم القدرة على أداء أصوات الكلام بشكل صحيح نتيجة لاضطراب فى الجهاز الحركي الذى يؤدى إلى تدهور التناسق بين عضلات جهاز النطق، فتنطق الكلمة وعضلات الفم مرتخية فيحدث لهاتطويل مثال: أسمى أحمد.
أو تنطق الكلمة وعضلات الفم فى حالة تشنج فيحدث لها إدغام مثال: (أسى أحد) بدلا من أن ينطقها اسمى أحمد.
رابعاً: التلعثم:
... وهو إنشطار للفونيم يظهر فى الصور التالية :
- تلعثم توقفي مثال ------- كلمة ( محمد ) تنطق مـ توقف ـ حمد
- تلعثم تطويلي مثال ------- كلمة ( محمد ) تنطق مـ تطويلـ حمد
- تلعثم تكراري مثال ------ كلمة ( محمد ) تنطق م م م م م م م حمد تكرار
أو تنطق محمد محمد محمد محمد .
ففي التلعثم التكراري يحدث تكرار للصوت الواحد من الكلمة مثل ( م ) أو تكرار للكلمة بأكملها مثل كلمة ( محمد ) كما في المثال السابق.
وبالإضافة إلى ذلك فأن اضطرابات النطق تتمثل فى أربعة أشكال هى :
1-الحذف Omission
وهو عبارة عن حذف ( فونيم ) صوت من أصوات الكلمة مثال كلمة (طيارة ) تنطق يارة حيث نلاحظ حذف صوت الـ ( ط ).
2-الإضافة : Addition
عبارة عن إضافة صوت زائد على أصوات الكلمة الأساسية مثال كلمة (طيارة) تنطق (ططيارة) حيث نلاحظ إضافة صوت ( ط ).
3-الإبدال : Substitution
عبارة عن إبدال صوت بأخر عند النطق مما يؤدى صعوبة فهم كلام الطفل مثال كلمة (طيارة) تنطق (أيارة) حيث نلاحظ إبدال صوت ( ط ) بصوت ( أ ).
4-التحريف : Distortion(1/5)
نطق الصوت بطريقة خاطئة مثل كلمة (طيارة) تنطق (أيرارة) وأكثر الأصوات تأثراً بهذه الاضطرابات هي الأصوات الساكنة مثل ( ف ) ، ( ب ) ، ( ش)، ( ذ ) حيث تكثر الأخطاء مع حدوث الكلام التلقائي.
استخدام عمليات البنية المقطعية فى القرءان لعلاج اضطرابات النطق:
يعد التعرف على عمليات البنية المقطعية syllables structure processes لنطق الأطفال من المعايير الهامة عند تقييم وعلاج المشكلات التخاطبية الخاصة بالأطفال الذين يعانون من اضطرابات النطق والكلام. ... ... ...
...
1- تقليل عدد الصوامت المتوالية :
وقيه تؤول الأصوات الصامتة المتوالية إلى صوت صامت واحد كما في كلمة (قطار) تنطق فى العامية ( أطر) وبتحليل عناصر المقطع اللفظي (أطر) كالتالي :
أ + ... ط + ... ر ... تنطق ... أط ... توقف ... ر
+ V ... + C ... C ... V+C ... توقف ... C
متحرك ... صامت ... صامت
وتتضح هذه العملية في نطق كلمة قطار المكونة من
ق + ... ط + ... أ + ... ر ... فتنطق ... ق ... توقف ... طار
+ C ... + C ... V ... + C
صامت ... صامت ... متحرك ... صامت
ونلاحظ توقف النطق لوجود صامت تالي ولكن عند نطق مقطع (طار) لا يكون هناك صعوبة في النطق لأنه مقطع مكون من (صامت + متحرك + صامت ) فالصوتان الصامتان يوصلهم صوت متحرك.
2-الإطالة في الصوت المتحرك
تمتاز الأصوات المتحركة بوجود ممر صوتي مفتوح ، وتتكون هذه الأصوات المتحركة عن طريق إحداث تغييرات في شكل واتساع الممرات فوق الحنجرية (البلعوم ، الأنف ، الجيوب الأنفية ، تجويف الفم ).
مما يؤدى إلى إعادة تشكيل الصوت الحنجري الأولي عن طريق تقوية أصوات معينة وإضعاف أصوات أخرى وهذا يسمي بالرنين فالمتحركات تمتاز بشدة أعلي وتردد أقل . ...
... (ناصر قطبي ، 1986 ، 46)
فمثلاً في كلمة ( أنا ) والتي تتكون من مقطع واحد عند تحليل عناصرها الفونيمية نجد كالتالي:
أ + ... ن + ... أ ... تنطق ... أ ... تطويل ... نا
+ V ... + C ... فتنطق ... V ... + تطويل ... V+ C
متحرك ... صامت ... متحرك
ويتضح من المثال السابق التالي :(1/6)
تحدث الإطالة للصوت المتحرك ( أ ) والذي تبدأ به كلمة (أنا) إلى أن يلتقي بصامت فينطقه.
3- التكرار:
حيث يحدث تكرار للمقطع الأول الذي يتكون من ( ساكن + متحرك ) في الكلمة المكونة من أكثر من مقطع
فمثلاً في كلمة ( شايف ) والتي تتكون من مقطعين وكل مقطع يحتوى على فونيمين كالتالي :
ش ... + أ ... + يـ ... + ف ... فتنطق ... شا ... شاشا ... يف
C ... + V ... + C ... + C
صامت ... متحرك ... صامت ... صامت
(فونيم + فونيم) (فونيم + فونيم) تنطق ( شاشا يف)
( مقطع) ( مقطع)
( كلمة )
وقد استفاد الباحث من عمليات البنية المقطعية ، فكان ضمن أهداف علاج التلعثم أن يتضمن كلام الطفل المتلعثم تدفق مستمر من المقاطع داخل الدفعات الزفيرية التنفسية مراعيا قواعد التوقف أو التطويل أو التكرار.
وقد أشارت سحر الكحكي (1997) في دراستها إلى أن الطفل المتلعثم غالباً ما يحدث تلعثمه إذا نطق مقاطع مضغوطة وأوصت بأن يتعلم كيف يتم ذلك حتى يستطيع أن يتحاشاه وذلك للأسباب الآتية :
1- أن المقطع المضغوط أقل طلاقة من المقطع غير المضغوط
2- أن المقطع المضغوط يستهلك وقتاً طويلاً قبل وبعد نطقه مما يتعارض مع الطلاقة اللفظية . ... ... ... ... ...
(سحر الكحكي 1997 ، 28)
عمليات البنية المقطعية فى القرءان
تعريف : كل حرفين التقيا في الخط واللفظ ـ بأن لا يفصل بينهما فاصل مثل (أنَا نَذير)ـ سواء كانا في كلمة واحدة (مناسكَكُم) أو كلمتين (الرحيمِ مَالك)
أو التقيا في الخط دون اللفظ ـ ولا يكون ذلك إلا في كلمتين ـ مثل الهاءين في (إنهُو هو) انقسم كل من الحرفين المتلاقيين هذا التلاقي إلى أربع أقسام كالآتي:
متماثلين متجانسين متقاربين متباعدين(1/7)
وذلك ما عدا حروف المد الثلاثة مع غيرها فلا يقال بينهما تقارب ولا تجانس ولا تباعد ـ لأنه لم بكن لحروف المد مخرج من حيز مخصوص كغيرها ـ ولكن قد يقال بينهما تماثل ـ وذلك كالياء والواو المدية إذا جاورت الياء والواو المتحركة مثل (الذي يُوسوس) و(قالُوا وَأقبلوا) فإنهما يوصفان بالمثلين لأن اسمهما واحد ورسمهما واحد ـ والله أعلم.
1) فالمتماثلين: هما الحرفان اللذان اتحدا في الاسم والرسم ( اسمهما واحد وذاتهما في الرسم واحد ) مثل:
مناسكَكُم سلكَكُم الرحيمِ مَالك وتحسبونهُ هَينا
2) والمتجانسين: هما الحرفان اللذان اتفقا في المخرج واختلفا في بعض الصفات مثل:
الطاء مع التاء ( أحطتُ ـ بسطتَ )
الدال مع التاء ( حصدتُّم ـ أردتُّم )
الثاء مع الذال ( يلهث ذَّالك )
3) والمتقاربين: هما الحرفان اللذان
أ- تقاربا في المخرج والصفة مثل ( من لَّدنه ـ من رِّزق ـ خلقكم )
ب- تقاربا في المخرج دون الصفة مثل ( عددَ سِنين )
ج- تقاربا في الصفة دون المخرج مثل ( الرأسُ شَيبا ـ بعدتْ ثَمود )
وأرجح الأقوال في المتقاربين هو التقارب في الصفة دون المخرج ـ ويقال له التقارب النسبي ـ سواء أكان الحرفان من عضو نطق واحد مثل ( ذي العرشِ سَبيلا ) و ( قدْ شَغفها ) و ( كذبتْ ثَمود ) أم كانا من عضوي نطق مثل ( من وَلي ) أو ( من مَّال الله )
4) والمتباعدين: هما الحرفان اللذان تباعدا في المخرج واختلفا في الصفة (وهذا هو الغالب)
مثل: تحملون ـ قرئ
وقد يتفق الحرفان المتباعدان في الصفة وهذا يكاد يكون قليلا مثل: ولتكملوا ـ حثيثا.
وعند تلاقي الحرفان إما أن يظهر كل حرف أو يدغم الأول في الثاني أو يخفي الأول عند الثانى ، وكذا يمكن أن يُسقط الحرف الأول إن كان حرف مد ـ أو يُحرَّك بحركة ما ـ وسيتم توضيح ذلك عند الكلام علي النون والميم الساكنتين والتنوين وكذا عند التقاء الساكنين.(1/8)
والأصل في حالة تلاقي الحرفان إظهار كل حرف، لأن الإظهار لا يحتاج إلي سبب، أما الإدغام والإسقاط والتحريك فهم فروع منه لاحتياجهم إلي سبب.
الإدغام لغةً: هو الإدخال ـ وفي الاصطلاح: التقاء حرف ساكن بحرفٍ متحرك بحيث يصير الحرفان حرفا واحدا مشددا يرتفع اللسان به ارتفاعة واحدة وهو بوزن حرفين.
فائدة الإدغام:
التخفيف والتسهيل في النطق ، إذ النطق بحرف واحد فيه خفة وسهولة عن النطق بحرفين.
أقسام الإدغام:
أ) الإدغام الكامل: وهو سقوط المدغم ذاتا وصفة بإدغامه في المدغم فيه فيصير المدغم و المدغم فيه حرفا واحدا مشددا تشديدا كاملا نحو (وقل رَّب) و (وإن أردتُّم) و (من رَّبهم) و (ألم نخلقكُّم).
ب) الإدغام الناقص: وهو سقوط المدغم ذاتا لا صفة بإدغامه في المدغم فيه فيصير المدغم و المدغم فيه حرفا واحدا مشددا تشديدا ناقصا وذلك من أجل بقاء صفة المدغم نحو (أحطتُ) و (بسطتَ)
شروط الإدغام:
أ) التقاء المُدغَم (الحرف الأول) بالمُدغَم فيه (الحرف الثاني) خطاً ولفظا مثل (من رَّبِهم) ـ (راجع تعريف التقاء الحروف).
ب) أن يكون بعد المدغم فيه حرف أو أكثر من حرف إذا كان الإدغام في كلمة واحدة مثل (ألم نخلقكُّم) وبذلك يمتنع الإدغام في (خلقَكَ و نرزقُك).
كيفية الإدغام:
جعل المُدغَم (الحرف الأول) من جنس المُدغَم فيه (الحرف الثاني) ثم إدغامه في المدغم فيه مثل (مِن لَّدنَّا) و (مِن رِّزقِ الله) وذلك في المتجانسين والمتقاربين. أما في المتماثلين فالحرف الأول مثل الحرف الثاني فيدغم فيه مباشرة مثل ( فلا يُسْرِف فِّي القتل).
وقد قسم العلماء حالات التقاء الحرفين إلي الآتي:
1) الصغير : وفيه يكون الحرف الأول ساكنا والحرف الثاني متحركا. وقد أدغم الإمام حفص عن شيخه عاصم ـ المتماثلين ـ والمتجانسين ـ والمتقاربين (في أربع حالات فقط) ـ وأظهر المتباعدين.
المتماثلان : يدْرِككُّم ـ يوجههُّ ـ من نَّاصرين ـ والَّيل إذا يغشي.(1/9)
المتجانسان : ولو تواعدتُّم ـ همت طَّائفة
المتقاربان :1- اللام الساكنة مع الراء (بل و قل) مثل بل رَّبكم ـ بل رَّفعه الله إليه ـ وقل رَّب أنزلني منزلا مباركا.
2- النون الساكنة ـ ولو تنوينا ـ مع يرملو مثل إن يَقولون (يومئذٍ يُوفيهم ) ـ من رَّبهم ( محمدُُ رَّسول الله ) ـ من مال (مثلاً مَّا) ـ من لَّدنه (هديً لِّلمتقين) ـ من وَلي (ولياً وَلا نصيرا).
3- الإدغام الشمسي وهو إدغام لام التعريف في أربعة عشر حرفا
طِب ثم صِل رحماً تفزْ ضِفْ ذا نِعَم * دعْ سوءَ ظنٍ زرْ شَريفاً للكَرم
ماعدا اللام فهي من إدغام المتماثلين
4- القاف الساكنة في الكاف مثل (ألم نخلقكُّم من ماء مهين)
المتباعدان : تألَمون
2) الكبير: وفيه يكون الحرف الأول متحركا والحرف الثاني متحركا أيضا. وقد أظهر الإمام حفص عن شيخه عاصم الجميع فيما عدا الملحوظة المذكورة:
المتماثلان : مناسكَكُم
المتجانسان : الصالحاتِ طُوبى
المتقاربان : رزقَكُم
المتباعدان : استهزِئَ
ملحوظة: وردت كلمتين في القرءان قرأهما الإمام حفص بالإدغام وهما:
مالك لا تأمنَّا (سورة يوسف 11). ما مكَّنِّي ربى (سورة الكهف 95).
3) المطلق : وفيه يكون الحرف الأول متحركا والحرف الثاني ساكنا. وقد أظهر الإمام حفص الجميع فيها كالآتي:
المتماثلان : تُتْلى ـ تمسَسْه
المتجانسان : يَشْكر
المتقاربان : أَحْمِلُ
المتباعدان : قَوْلٌ
4) التقاء الساكنين:
يلتقي الحرفان الساكنين إذا كانا في كلمة واحدة أو في كلمتين.
ويكون التقاء الحرفان الساكنين في كلمة واحدة في حالتين لا ثالث لهما:
أ- أن يكون الحرف الأول حرف مد أو حرف لين مثل
( ولا الضالِّين – أتحاجُّونِّي ) أو ( كهيعص عسق "عين" )
ب- أن يكون سكون الحرف الثاني بسبب الوقف العارض مثل
( الكتاب ـ تعملون ـ نستعين ـ قريش ـ خوف ـ القدر ـ السحت ـ– لله الأمر من قبْل ومن بعْد )(1/10)
أما إن كان الحرفان الساكنين في كلمتين ـ بأن يكون الساكن الأول في آخر الكلمة الأولي والساكن الثاني في أول الكلمة التالية ـ فإنه لا بد من التخلص من أحد الساكنين وذلك في حالة الوصل فقط ويكون ذلك بالآتي:
أولا: حذف الحرف الساكن الأول.
ثانيا: تحريك الحرف الساكن الأول بحركة مناسبة كالفتح والضم والكسر.
أولا: حذف الحرف الساكن الأول:
1- يحذف حرف المد لفظا في حالة الوصل إذا وقع بعده همزة وصل مثل: (إن الله لا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء ـ وإذ قالوا اللهم ـ إلا أن قالوا ائتوا ـ وفي السماء رزقكم ـ إذا الشمس كورت * وإذا النجوم انكدرت)
2- قد يحذف حرف المد في حالتي الوصل والوقف لحذفه في رسم المصحف مثل كلمة تحي في الآية الكريمة (رب أرني كيف تحي الموتي)
ولتوضيح ذلك إليك بعض الأمثلة ......
الألف المدية:
إذا وليها ساكن فتحذف في الوصل للتخلص من التقاء الساكنين وتثبت في الوقف تبعا للرسم سواء أكانت أصلية أم منقلبة عن ياء أم كانت للمثنى أم لغيره كالوقف على الكلمات الآتية:
قلنا قلنا اهبطوا منها جميعا – قلنا احمل فيها من كلٍّ زوجين اثنين
القتلى كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر
ذكرى إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار
ذاقا فلما ذاقا الشجرة بدت
تلكما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة
أيها يا أيها الناس اتقوا ربكم
ملحوظة :
يستثنى من لفظ أيها ثلاثة مواضع فى القرءان رسمت في المصاحف بغير ألف بعد الهاء وهى قوله تعالى
أيُّهَ وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون ( النور ـ 31 )
وقالوا يا أيه الساحر ( الزخرف ـ 49 )
سنفرغ لكم أيه الثقلان ( الرحمن ـ 31 )
الواو المدية:
إذا وليها ساكن فتحذف في الوصل للتخلص من التقاء الساكنين وتثبت في الوقف تبعا للرسم سواء أكانت في إسم أو في فعل.
- فمثال حذفها في الآسماء في حالة الوصل وإثباتها في الوقف:
ملاقوا قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم ( البقرة ـ 249 )(1/11)
كاشفوا إنا كاشفوا العذاب قليلا ( الدخان ـ 15 )
مرسلوا إنا مرسلوا الناقة فتنة لهم ( القمر ـ 27 )
أولوا إنما يتذكر أولوا الألباب ( الرعد ـ 19 )
صالوا إنهم صالوا النار ( ص ـ 59 )
وما إلى ذلك
- ومثال حذفها في الأفعال في حالة الوصل وإثباتها في الوقف: ( متفق عليه)
يمحوا يمحوا الله ما يشاء ويثبت ( الرعد ـ 39 )
وأسروا وأسروا النجوى ( الأنبياء ـ 3 )
وأوفوا وأوفوا الكيل إذا كلتم ( الإسراء – 35 )
فاستبقوا فاستبقوا الصراط ( يس ـ 66 )
يرجوا لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر (الأحزاب ـ 21 )
تبوّءو والذين تبوَّءو الدار والإيمان ( الحشر ـ 9 )
ويقيموا ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ( البينة ـ 5 )
جابوا وثمود الذين جابوا الصخر بالواد ( الفجر ـ 9 )
الياء المدية:
إذا وليها ساكن فتحذف في الوصل للتخلص من التقاء الساكنين وتثبت في الوقف تبعا للرسم سواء أكانت في فعل أو في حرف أو في إسم ( متفق عليه ).
- فمثال حذفها في الأفعال في حالة الوصل وإثباتها في الوقف:
تسقي ولا تسقي الحرث ( البقرة ـ 71 )
يؤتي يؤتي الحكمة من يشاء ( البقرة ـ 269 )
ويربي ويربي الصدقات ( البقرة ـ 276 )
يأتي فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ( المائدة ـ 54 )
أُوفي ألا ترون أني أوفي الكيل ( يوسف ـ 59 )
ادخلي قيل لها ادخلي الصرح ( النمل ـ 44 )
- ومثال حذفها في الحروف في حالة الوصل وإثباتها في الوقف:
إني إني اصطفيتك علي الناس برسالاتي وبكلامي ( الأعراف ـ144)
ليتني يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا ( الفرقان ـ 27 )
- ومثال حذفها في الأسماء في حالة الوصل وإثباتها في الوقف:
عهدي قال لا ينال عهدي الظالمين ( البقرة ـ 124 )
قومي إن قومي اتخذوا هذا القرءان مهجورا ( الفرقان ـ 30 )
بعدي ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد ( الصف ـ 6 )
أيدي يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين ( الحشر ـ 2 )
ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ( الروم ـ 41 )(1/12)
بهادي وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم ( النمل ـ 81 )
مخزي وأن الله مخزي الكافرين ( التوبة ـ 2 )
- ومثال حذفها في جمع المذكر السالم المنصوب أو المجرور بالياء المضافة لما بعده
حاضري لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ( البقرة ـ 196 )
محلى غير محلِّي الصيد وأنتم حرم ( المائدة ـ 1 )
معجزي واعلموا أنكم غير معجزي الله ( التوبة ـ 2و3 )
ءاتي إن كل من في السموات والأرض إلا ءاتي الرحمن عبدا ( مريم ـ 11 )
والمقيمي والمقيمي الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ( الحج ـ 93 )
مهلكي وما كنا مهلكي القري إلا وأهلها ظالمون ( القصص – 59 )
ملاحظة: أصل هذه الكلمات ( حاضرين – محلين .... الخ ) وحذفت النون للإضافة وبقيت الياء مرسومة – فعند الوقف يوقف عليها بالياء المرسومة ولا يجوز رد النون المحذوفة بحجة زوال إضافتها.
ثانيا: تحريك الحرف الساكن الأول:
أ) التحريك بالكسر وذلك:
1) إذا وقع بعد الساكن الأول همزة وصل فيتم التخلص من التقاء الساكنين بكسر الساكن الأول وإسقاط همزة الوصل لفظا مثل (قلِ ادعوا الله ـ قلِ اللهم ـ وقالتِ اخرج عليهن ـ ولو أنا كتبنا عليهم أنِ اقتلوا أنفسكم ـ أوِ اخرجوا ـ ولقدِ استهزئ ـ فلينظرِ الإنسان).
2) إذا كان الحرف الساكن الأول نون التنوين الساكنة ووقع بعدها همزة وصل فيتم التخلص من التقاء الساكنين بكسر هذه النون وإسقاط همزة الوصل لفظا مثل (عاداً الأولي- قل هو الله أحدٌ * الله الصمد).
ب) التحريك بالفتح وذلك في حالتين:
1) نون ( مِنْ ) إذا وقع بعدها همزة وصل مثل (منَ الشاهدين ـ مالكم منَ الله من ولي ـ منَ الشاكرين ـ ومنَ الليل فتهجَّد ـ منَ العذاب ـ وءاتيناهم منَ الآيات ـ عاليا منَ المسرفين).
2) ياء المتكلم إذا وقع بعدها همزة وصل مثل (اذكروا نعمتيَ التي أنعمت عليكم ـ إني عبد الله ءاتانيَ الكتاب ـ فما ءاتانيَ الله خير مما ءاتاكم)
ج) التحريك بالضم وذلك في حالتين أيضا:(1/13)
1) إذا وقعت همزة الوصل بعد واو اللين للجمع مثل (فتمنَوا الموت ـ الذين كفروا وعصَوا الرسول).
2) إذا وقعت همزة الوصل بعد ميم الجمع مثل (وسخر لكمُ الليل ـ قل إن كانت لكمُ الدار ـ لو تسوي بهمُ الأرض ـ ذلكمُ الله ربكم ـ فأتاهمُ العذاب ـ لا يمسهمُ السوء ـ جعل لكمُ الليل)
المراجع
1- جهان عباس غالب (1998): ...
دراسة لبعض المتغيرات البيئية و النفسية المرتبطة بظاهرة التلعثم فى الكلام عند الأطفال، رسالة ماجستير، معهد الدراسات العليا للطفولة-جامعة عين شمس.
2- سحر محمد الكحكي (1997): ...
تقييم برنامج علاجي تكاملي لعلاج التلعثم لدى عينه من الأطفال المعوقين رسالة دكتوراه (غير منشورة) كلية الآداب – جامعة عين شمس.
3- طلعت منصور غبريال (1967): ...
دراسة تحليلية للمواقف المرتبطة باللجلجة فى الكلام – رسالة ماجستير، كلية التربية، جامعة عين شمس.
4- ناصر قطبي (1986): ...
محاضرات في التخاطب، دورة التأهيل التخاطبي، وحدة التخاطب، كلية الطب – جامعة عين شمس.
5- نوران نجدى العسال (1990): ...
التلعثم ، رسالة ماجستير – كلية الطب – جامعة عين شمس.
6- مصطفي فهمي (1976): ...
أمراض الكلام – ط 5 – القاهرة، مكتبة مصر.
7- Jennifer , Arndt ,(2001): Concomitant Disorders in school-age children who stutter. Journal of language, speech and Hearing Vol.. 32, no2, PP. 68 – 72.
8- Ingham, J, (1993): "Stuttering treatment efficacy: paradigm dependent or independent" Journal of Fluency disorders,18, 1993, pp133-147.
9- Meyers, S.C and freeman, f (1985): Are mothers of stutters different? AM investigation of social communicative. Vol. 10, pp.. 193-209.(1/14)