أين
صلاة الفجر يا أمة الإسلام....؟
{ الاختبار الصعب}
للشيخ : ندا (أبو أحمد)
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{((((((((((( ((((((((( (((((((((( ((((((((( (((( (((( (((((((((( (((( ((((((((( (((( (((((((( ((((((((((( (((((}
{((((((((((( (((((((( ((((((((( (((((((( ((((((( ((((((((( (((( (((((( ((((((((( (((((((( ((((((( ((((((((( (((((( ((((((((( ((((((( (((((((( (((((((((( ( ((((((((((( (((( ((((((( ((((((((((((( ((((( ((((((((((((( ( (((( (((( ((((( (((((((((( (((((((( (((}
{((((((((((( ((((((((( (((((((((( ((((((((( (((( (((((((((( (((((( (((((((( (((( (((((((( (((((( ((((((((((((( (((((((((( (((((( ((((((((((( ( ((((( (((((( (((( (((((((((((( (((((( ((((( ((((((( (((((((( ((((}
أما بعد:
أخي الحبيب أنظر إلي حال المساجد وعمار المساجد في صلاة الجماعة وصلاة الفجر خاصة
فترى العجب العجاب ... أعداد قليلة تُعد على أصابع اليد .
بل هناك مُؤذن يسأل فيقول : أُأذِن لصلاة الفجر فلا يأتي أحد ،هل أغلق المسجد وأذهب إلي مسجد آخر حتى أُدرك الجماعة معهم .....؟
أم أُصلي بمفردي .....؟
آه ثم آه .. منابر الأذان بُحت أصواتها ومحاريب المساجد ذرفت دموعها تنادي أين رجال الفجر..؟
أين عُمار المساجد...؟
فيأتيك الجواب:
إنهم صرعى ضربات الشيطان بعقده الثلاث يغطون في سباتٍ عميق وقد أضاعوا صلاة الفجر وكأن فريضة الفجر على غيرنا كتبت ، وكأن صلاة الفجر في حقنا نسخت .. !!
? أيها الأحبة إن صلاة الفجر محل اختبار للتمييز بين المحب الصادق لله والمُدعي الكاذب ......(1/1)
فإن الله عزَّ وجلَّ وضع لعباده اختبارات معينة تكشف سرائر القلوب وخبايا النفس والغرض من الاختبار هو..
1) إقامة الحجة عليهم فلا يشعر أحدهم يوم القيامة بظلم ولا هضم .
2) كذلك يميز اللهُ الخبيث من الطيب وينقي صف المؤمنين من المنافقين لأن اختلاط المنافقين بالمؤمنين يُضعف الصفوف ويسبب الاضطراب ويجلب الهزائم والنكسات ، قال سبحانه وتعالى:
{(((( ((((((((( (((((( ((( (((((((((( (((( ((((((( ((((((((((((( ((((((((((( ((((((((((((( (((((((((((( ((((((((( (((((((((( (((((( ( (((((( ((((((( ((((((((((((((( ((((} ( التوبة 47)
3) وكذلك للتميز بين الصادقين والكاذبين . قال تعالى:
{((((( ((( (((((((( (((((((( ((( (((((((((((( ((( ((((((((((( (((((((( (((((( (( ((((((((((( ((( (((((((( ((((((( ((((((((( ((( (((((((((( ( (((((((((((((( (((( ((((((((( ((((((((( (((((((((((((( (((((((((((((( (((} ( العنكبوت 1 : 2)
4) وكذلك للتميز بين المؤمنين أنفسهم في درجة الإيمان وصِدقْ المحبة
?وهذا الاختبار له خصائص معينة:
أولها: يجب أن يكون الاختبار صعب لأنه لو كان سهلاً لنجح فيه الجميع.
ثانيها: يجب ألا يكون الاختبار مستحيلاً لأنه لو كان مستحيلاً لفشل فيه الجميع.
ومن هذه الاختبارات الصعبة صلاة الفجر
? وبين النجاح بتفوق وبين الرسوب درجات كثيرة متفاوتة:
- فهناك من يصلي معظم الصلوات في المسجد ويفوته بعضها.
- وهناك من يصلي بعض الصلوات في المسجد ويفوته معظمها.
- وهناك من يصلي في بيته قبل خروج الوقت.
- وهناك من يصلي في بيته بعد خروج الوقت.
- وهناك من لا يصلي بالكلية.
ولكن يبقى النجاح المطلوب هو صلاة المؤمن في المسجد - خصوصاً الفجر- في أول الوقت.
?يا من تُأخِّرون صلاة الفجر فتصلوها بعد وقتها أعلموا أن أفضل الأعمال عند الله الصلاة لوقتها.(1/2)
* قال تعالى: {(((( ((((((((((( ((((((( ((((( ((((((((((((((( (((((((( (((((((((( ((((( } ( النساء 103 )
فما كان لي ولك أن نصليها متى شئنا بل تقف بين يدي الله في الوقت الذي أراده منك ولسان حالنا يقول " إياك أريد بما تريد ".
* وقد مدح الله تعالى الذين يحافظون على مواقيت الصلاة فقال تعالى:
{((((((((((( (((( (((((( (((((((((( (((((((((((( (((( } ( المعارج 34 )
* قال ابن مسعود كما عند ابن المنذر
أي على مواقيتها .
* فالصلاة على وقتها أفضل الأعمال عند الله عزَّ وجلَّ.
- فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن مسعود ( قال:
" سألت رسول الله ( أيُّ الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة على وقتها ".
* وقد توعد الله المضيعين لأوقات الصلاة بوعيد شديد:
1) قال تعالى: {(((((((( (((( (((((((((( (((((( (((((((((( ((((((((((( ((((((((((((( (((((((((((( ( (((((((( (((((((((( ((((( (((( } ( مريم 59 )
* قال طائفة من السلف كما نقل ذلك ابن جرير في تفسيره:
ليس معنى أضاعوها تركوها بالكلية ولكن أخروها عن وقتها
ومعنى غياَّ : قال ابن مسعود ( هو " نهر في جهنم خبيث الطعم بعيد القعر "
وقال ابن عمرو: " هو وادٍ في جهنم ".
2) وقال تعالى: {(((((((( ((((((((((((((( ((( ((((((((( (((( ((( (((((((((( (((((((( ((( }(1) ( الماعون 4 )
- أخرج ابن جرير عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص قال : قلت لأبي :
" أرأيت قول الله عزَّ وجلَّ {((((((((( (((( ((( (((((((((( ((((((((} أهو ما يُحدِّث به أحدنا نفسه في صلاته؟ قال : لا ولكن تأخيرها عن وقتها ".
- وفي رواية أبي يعلى قال مصعب:
" أينا لا يلهو ؟! أينا لا يُحدِّث نفسه؟ قال: ليس ذاك إنما هو إضاعة الوقت يلهو حتى يضيع الوقت"
______________________________________________
(1) الويل: هو شدة العذاب ، وقيل وادٍ في جهنم لو سيرت فيه جبال الدنيا لذابت من شدة الحر.(1/3)
وقد قيل: إن المُفرطين في أمر الصلاة على طبقات:
- طبقة لم يقبلوها رأساً ومصيرهم سقر ، قال تعالى:
{((( (((((((((( ((( (((((( (((( (((((((( (((( (((( (((( (((((((((((((( (((( }(1) ( المدثر 62 : 63 )
- وطبقة قبلوها ولم يؤدوها وجزاؤهم الغي ، قال تعالى:
{(((((((( (((( (((((((((( (((((( (((((((((( ((((((((((( ((((((((((((( (((((((((((( ( (((((((( (((((((((( ((((( (((( } ( مريم 59 )
- وطبقة لم يهتموا بها ولم يُبالوا أدّوها في وقتها أو أخروها فهؤلاء وأمثالهم لهم الويل ، قال تعالى:
{(((((((( ((((((((((((((( ((( ((((((((( (((( ((( (((((((((( (((((((( ((( } ( الماعون 4 )
?إن النوم عن صلاة الفجر أمر خطير يحتاج منا إلي وقفة وحل فما الحل لهذه المشكلة:
- حل المشكلة هذه له جانبان : ( جانب علمي ، وجانب عملي )
?أما الجانب العلمي فله وجهان:
الوجه الأول: معرفة فضائل صلاة الفجر في جماعة ( وهذا يدفع للترغيب في فعلها والمسارعة لأدائها)
بدايةً الذي يصلي الصبح في جماعة يأخذ كل المزايا التي يأخذها الذي يصلي أي صلاة أخرى في جماعة :
1. فإنه إذا مشى إلي المسجد فيؤجر على مشيه فكل خطوة يخطوها يُكتب له بها حسنة وتُحط عنه خطيئة وتُرفع له درجة بل وينتظره من الكرامة في الجنة ما لا يعلمه إلا الله
- فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن النبي ( قال:
" من غدا إلي المسجد أو راح أعدَّ اللهُ له في الجنةِ نُزلاً كلما غدا أو راح " (2).
2. وإذا دخل المسجد فهو في صلاة مادام منتظر الصلاة.
3. والملائكة تستغفر له وتدعوا له.
4. فإذا صلى في جماعة تحسب له الصلاة بخمسٍ وعشرين أو سبعٍ وعشرين درجة.
5. وتكتب له الحسنات وتُمحى عنه السيئات وتُرفع له الدرجات.
فهذا في صلاة الفجر وفي غيرها
غير أن صلاة الصبح بها مزايا خاصة عن بقية الصلوات....
_________________________________________________
(1) وسقر: اسم لجهنم .(1/4)
(2) النُزل: هو ما يُهيأ للضيف من كرامة عند قدومه .
فضل صلاة الفجر في جماعة
عظَّم الله عزَّ وجلَّ وقت الصبح في كتابه فأقسم به سبحانه في كتابه وإذا أقسم العظيم بأمرٍ فاعلم أن هذا الأمر مُعظم ، قال تعالى:
{ (((((((((((( ((( ((((((((( (((((( ((( } ( الفجر 1 : 2 )
وأخذ الحبيب ( يبين فضائل صلاة الفجر كما سيأتي إلي درجة أنه قال إن لم تستطع أن تأتي الفجر إلا زحفاً على الركب فافعل.
- فقد أخرج البخاري من حديث أبي هريرة أن رسول الله ( قال:
" لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا ، ولو يعلمون ما في التهجير ( التبكير) لاستبقوا إليه ، ولو يعلمون ما في العتمة ( العشاء) والصبح لأتوهما ولو حبواً " .
قال النووي -رحمه الله- في شرح مسلم (5/154) :
" قوله صلى الله عليه وسلم ( لأتوهما ولو حبوا ) معناه لو يعلمون ما فيها من الفضل والخير ثم لم يستطيعوا الإتيان إليهما إلا حبوا لحَبَوا إليها ولم يفوتوا جماعتها في المسجد ففيه الحث البليغ على حضورهما " أهـ .
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (2/141) :
" قوله (لو يعلمون ما فيهما ) أي مزيد من الفضل (لأتوهما) أي الصلاتين والمراد لأتوا إلى المحل الذي يصليان فيه جماعة وهو المسجد ،وقوله (ولو حبوا ) أي يزحفون إذا منعهم مانع من المشي كما يزحف الصغير " أهـ .
- وأخرج الطبراني بسندٍ حسن أن أبي الدرداء قال حين حضرته الوفاة سمعت رسول الله ( يقول:
" اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك واعدُوا نفسك في الموتى ، وإياك ودعوة المظلوم فإنها تُستجابُ ومن استطاع منكم أن يشهدَ صلاتين العشاء والصبح ولو حَبواً فليفعل ".
? فضائل صلاة الفجر
آه لو يعلم النُّوام عن صلاة الفجر ما فيها من فضائل لأتوها ولو زحفاً على الركب وما تخلفوا عنها أبداً .
?البشارةِ الأولى: إن صلاة الفجر من أفضل الصلوات(1/5)
- فقد أخرج البيهقي بسند صحيح أن النبي ( قال:
" أفضل الصلوات عند الله صلاة الصبح يوم الجمعة في جماعة "(1)
وتتوالى تلك البشارات بدايةً من الاستيقاظ من النوم.
?البشارة الثانية: أن الله يباهي الملائكة بمن ترك فراشه وقام لصلاته
- فقد أخرج الإمام أحمد بسندٍ حسن أن النبي ( قال:
" عَجِبَ ربُّنا عزَّ وجلَّ من رجلٌ ثار عن وطائه ولحافه من بين أهله وحِبه إلي صلاته ، فيقول ربنا أيا ملائكتي انظروا إلي عبدي ثار عن فراشه ووِطائه ومن بين حِبه وأهله إلي صلاته رغبةً فيما عندي وشفقة مما عندي ".
إنها صورة من عباد الله الصالحين ، صورة للمنتصرين على أنفسهم وشهواتهم فهنيأً لكم فقد عجِب الرحمن من صنيعكم، خرجوا إلي صلاتهم ولسان حالهم يقول :
اللهم ربنا لم نخرج رياءً ولا سمعة ، لكننا خرجنا اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك ، خرجنا استجابة لدعوتك ورجاء رحمتك ....
فيجيب الكريم: قد أعطيتكم ما قد رجوتم وأمنتكم مما تخافوا .
- قاموا عن الفُرُش الوثيرة وعن الزوجة الجميلة يرددون :
مهما تعالت أمواج الشهوات ، مهما كانت المغريات ، مهما تنوعت برامج الفضائيات والسهرات فجنة قلوبنا الصلوات وأُنس أرواحنا تلك اللحظات في النسمات.
كيف يعيش في البستان غرس إذا ما عُطلت عنه السواقي.
إن صلاة الفجر مددٌ لأرواحنا وموعد اللقاء بمحبوبنا.
إنها قرة أعيننا وملاذ همومنا وراحة نفوسنا وقلوبنا.
?البشارة الثالثة: من خرج يسعى لصلاة الفجر في جماعة أعطاه الله نور يوم الظلمات:
إذا كان يوم القيامة تختفي مصادر النور العادية فتُكور الشمس وتنكدر النجوم كما قال سبحانه وتعالى: {((((( ((((((((( ((((((((( ((( ((((((( (((((((((( ((((((((((( ((( }(2) ( التكوير 1 :2 )(1/6)
ويبعث الخلق في ظلمة شديدة ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ، وفي ذلك اليوم العصيب المُظلم يعطي الله عزَّ وجلَّ النور لكل من أعلن كلمة الإسلام في دنياه حتى إذا اقترب الجميع من الصراط أبقى الله عزَّ وجلَّ النور للمؤمنين الصادقين ، قال تعالى:
{(((((( ((((( ((((((((((((((( ((((((((((((((((( (((((((( (((((((( (((((( ((((((((((( (((((((((((((((( ((((((((((( (((((((((( ((((((( ((((((( ((( ((((((((( ((((((((((( (((((((((( (((((( ( ((((((( (((( (((((((((( ((((((((((( ((((} ( الحديد 12)
ويسلب النور من المنافقين فيقع المنافقون في رعب شديد فيلجأون إلي المؤمنين ليعطوهم شيئاً من النور الذي معهم فيقولوا: {((((((((((( (((((((((( ((( (((((((((} ( الحديد 13)
فيشير عليهم المؤمنون أن يعودوا إلي المكان الذي أعطاهم الله عزَّ وجلَّ فيه النور يوم القيامة:
{((((( ((((((((((( (((((((((((( ((((((((((((((( ((((((} ( الحديد 13)
فيعود المنافقون فلا يجدون شيئاً .
لكن من أين أتى المؤمنون بهذا النور العظيم في ذلك اليوم المُظلم؟
- اقرأ حديث رسول الله ( الذي رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجة بسندٍ صحيح عن بُريدة الأسلمي قال: قال رسول الله ( :
" بشر المشَّائين في الظُّلمِ إلي المساجدِ بالنور التامِّ يومَ القيامة "(3).
- وعند الطبراني بإسنادٍ حسن من حديث أبي هريرة أن رسول الله ( قال:
" إن الله ليضيء للذين يتخللونَ إلي المساجد في الظلام بنورٍ ساطعٍ يومَ القيامة ".
ولا يخفى أن أنوار المؤمنين تتفاوت يوم القيامة فليس كل مؤمن يأخذ نوراً مثل الآخر إنما يأخذون النور بحسب أعمالهم ، وهنا يبرز دور صلاة الفجر حيث يعطي الله بها نوراً تاماً للمؤمن يوم القيامة.
- وأخرج الطبراني بسندٍ صحيح عن أبي الدرداء عن النبي ( قال:
" من مشى في ظلمةِ الليل إلي المسجد لقي الله عزَّ وجلَّ بنورٍ يوم القيامة ".(1/7)
- وعند ابن حِبان بلفظ:
" من مشى في ظلمة الليلِ إلي المساجدِ آتاه الله نوراً يوم القيامة ".
ورسول الله ( الحريص على أمته والمُحب لأتباعه يُعلمهم ذكراً خاصاً يقولونه وهم في طريقهم إلي صلاة الفجر والظلام يُغطي الأرض ، يُعلمهم ذكراً يسألون الله فيه النور الذي يضئ لهم حياتهم وينور لهم قبورهم ويبقي معهم يوم القيامة ...
- أخرج البخاري ومسلم من حديث ابن عباس أن رسول الله ( خرج إلي صلاة الفجر وهو يقول:
" اللهم اجعل في قلبي نوراً وفي لساني نوراً واجعل في سمعي نوراً واجعل في بصري نوراً واجعل من خلفي نوراً ومن أمامي نوراً واجعل من فوقي نوراً ومن تحتي نوراً اللهم اعطني نوراً ".
- زاد البخاري:
" وعن يميني نوراً وعن يساري نوراً "
وهذا النور الذي تطلبه من الله يضئ لك بصيرتك حتى تستطيع أن تميز بين الحق والباطل وبين الصواب والخطأ خصوصاً في زمن الفتن.
- والتي أخبر عنها رسول الله ( كما في صحيح مسلم فقال:
" بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المُظلم ".
وفي هذه الفتن المظلمة يرى المؤمن طريقه فلا يضل ولا يشقى ويهديه الله عزَّ وجلَّ إلي الحكمة فيعْلمُها ويُعلْمها ، قال تعالى:
{((((((( ((((( ((((((( ((((((((((((((( ((((((((((( ((((( (((((( ((((((( ((((( ((( (((((((( ((((( ((((((((( ((( (((((((((((( (((((( ((((((((( (((((((( ( ((((((((( ((((((( (((((((((((((( ((( (((((((( ((((((((((( (((((} ( الأنعام 122)
ونسأل الله عزَّ وجلَّ أن ينور لنا دينانا وقبورنا وآخراتنا إنه ولي ذلك والقادر عليه.
?البشارة الرابعة: ركعتا الفجر (سنة الفجر) خيرٌ من الدنيا وما فيها
أخرج الإمام مسلم من حديث عائشة أن النبي ( قال:
" ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها "
فيا من تركتم الفجر من أجل الدنيا سنة الفجر خيرٌ من الدنيا وما فيها من كنوز وأموال ومناصب وأعمال ومغريات وملهيات.(1/8)
فالذي ترك الدنيا واستيقظ قبل ميعاد صلاة الصبح نجح في الاختبار وكما ترك الدنيا من أجل هذه الصلاة فإن الله يعطيه أجر أكبر من الدنيا جميعاً بهذه الصلاة.
لذا تجد أن النبي ( ما كان يتركها في سفر ولا في حضر
تقول عائشة ( رضي الله عنها) كما عند البخاري
" لم يكن النبي ( علي شيء من النوافل أشد منه تعاهداً على ركعتي الفجر ".
* وذكر ابن حجر العسقلاني في (فتح الباري)
لم يحفظ عنه ( أنه صلى سنة الصلاة قبلها ولا بعدها في السفر إلا ما كان من سنة الفجر.
- ولذلك كان يقول ( كما عند أبي داود وأحمد من حديث أبي هريرة:
" لا تدعوا ركعتي الفجر وإن طردتكم الخيل ".
ولهذا كان ( إذا فات موعدها (قبل الصلاة) فيصليها بعد صلاة الصبح ، وكل هذا التعظيم لهذه النافلة يعطيك التفخيم والتعظيم للفرض (وهو صلاة الفجر) فإذا كانت النافلة خيرٌ من الدنيا وما فيها فما تقول في الفرض ....؟
?البشارة الخامسة: ثم إذا صليت في جماعة الفجر يكتب لك أجر قيام الليل:
أي فضل هذا أن يكتب لك أجر قيام الليل وأنت نائم على فراشك إذا استيقظت للفجر وأديتها في جماعة.
- أخرج الإمام مسلم من حديث عثمان بن عفان قال: قال رسول الله ( :
" من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله ".
قال أبو بكر بن العربي المالكي في عارضة الأحوذي (2/23) :
" حديث عثمان هذا مفسرا للحديث ( ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا ) يعني أن جماعة العتمة توازي في فضيلتها نصف ليلة وجماعة الصبح توازي في فضيلتها قيام الليل " أهـ.
?البشارة السادسة: تجتمع فيها الملائكة وتدعو لمن صلى الفجر في جماعة:
قال تعالى: {((((((((((( (((((((((( ( (((( ((((((((( (((((((((( ((((( (((((((((( (((( } ( الإسراء 78)
قال المفسرون: المراد بقرآن الفجر : صلاة الفجر.
مشهودا: أي تشهده ملائكة الليل والنهار.(1/9)
- أخرج البخاري من حديث أبي هريرة قال: سمعت رسول الله ( يقول:
" تفضل صلاة الجميع ( الجماعة) صلاة أحدكم وحده بخمس وعشرين جزءاً وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر ".
ثم يقول أبو هريرة ( : فاقرءوا إن شئتم " (((( ((((((((( (((((((((( ((((( (((((((((( ".
- وعند البخاري أيضاً من حديث أبي هريرة أن رسول الله ( قال:
" يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ثم يَعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ( وهو أعلم بهم) كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون ".
- زاد ابن خزيمة في صحيحة:
" إن الملائكة تقول : اللهم أغفر له يوم الدين "
فانظر رعاك الله إلي الفارق الهائل بين أن تقول ملائكة الرحمن لله عزَّ وجلَّ وجدنا فلاناً يصلي صلاة الفجر في جماعة ، وبين أن يقولوا وجدنا فلاناً نائماً غافلاً عن صلاة الفجر.
" كم حُرم هذا المسكين من خير ومن دعاء الملائكة له "
قال الإمام النووي- رحمه الله - في شرح مسلم (5/133) :
" أما اجتماعهم في الفجر والعصر فهو من لطف الله تعالى بعباده المؤمنين وتكرمة لهم أن جعل اجتماع الملائكة عندهم ومفارقتهم لهم في أوقات عبادتهم واجتماعهم على طاعة ربهم فيكون شهادتهم لهم بما شاهدوه من الخير "
فيا خيبة من نام ولم تشهد له الملائكة عند ربه
?البشارة السابعة: ذكر خاص بعد صلاة الفجر فيه ما فيه من الأجر:
- أخرج الترمذي بسندٍ حسن من حديث أبي ذَرٍّ أن رسول الله ( قال:
" من قال في دُبُر صلاة الفجر وهو ثانٍ رجليه قبل أن يتكلم لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيى ويُميت وهو على كل شيءٍ قدير عًشْرً مرات
كتبت له عشر حسنات ، ومُحيت عنه عًشر سيئات ورُفع له عشر درجات وكان يومه هذا كله في حِرز من كل مكروه وَحِرس من الشيطان ولم ينبغِ لذنبٍ أن يدركهُ في ذلك اليوم إلا الشرك بالله "(1/10)
- زاد النسائي: " بيده الخير"
- وزاد كذلك: " وكان له بكل واحدة قالها عتق رقبة ".
?البشارة الثامنة: وبعد الانتهاء من الصلاة أنت كتبت من الأبرار ومن وفد الرحمن:
- أخرج الطبراني بسندٍ حسن حسنه الألباني من حديث أبي أُمامة أن النبي ( قال:
" من توضأ في بيته ثم أتى المسجد فصلى ركعتين قبل الفجر ثم جلس حتى يصلي الفجر ثم خرج من المسجد كتبت صلاته يومئذٍ في صلاة الأبرار وكتب في وفد الرحمن ".
وقد قال الله عن الأبرار: ? قال ابن كثير في تفسيره:
{(((( ((((((((((( ((((( ((((((( (((( ((((( (((((((((((( (((((((((( الوفد هم الذين يُحشرون يوم القيامة ركباً على
(((( (((((((( ((( ((((((((((( (((((((( (((((((((( ((((} نجائب من نور.
( المطففين 24) فالوفد هم الذين يُحشرون ركباً حين يمشي الناس
يشبعون حين يجوعُ الناس ، يرتوون حين
يعطش الناس ، يثبتون حين يزلزل الناس ،
أمنون حين يخاف الناس .
اللهم اجعلنا منهم .
?البشارة التاسعة: وبعد الانتهاء من الصلاة أنت في حماية وحفظ الله:
- أخرج الطبراني بسندٍ حسن أن النبي ( قال:
" من صلى الصبح كان في جوار الله يومه ".
- وأخرج الإمام مسلم من حديث جندب بن سفيان أن رسول الله ( قال:
" من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله ( حتى يُمسي)
أي في حماية الله ، وفي ضمان الله عزَّ وجلَّ ، وفي عهد الله .
- زاد مسلم في رواية:
" فلا تخفروا ذمة الله ومن خفر ذمة الله كبه في النار "
- وعند ابن ماجة بلفظ:
" فلا تخفروا الله في عهده ".
ثم يقول النبي ( " فمن قتله طلبه الله حتى يكبه في النار على وجهه ".
* ومعنى الحديث:
أي لا تصيبوا من صلى الصبح بسوء فهو في عهد وحماية الله ومن خفر ذمة الله ( أي نقض عهد الله في هذا الرجل بالأمان) فأصاب هذا الرجل الذي صلى الصبح بسوء فالذي ينتقم منه هو الله .(1/11)
{(((( (((( ((((((((( (((( ((((((((( ((((((((((( ( (((( (((( (( (((((( (((( ((((((( ((((((( (((( } ( الحج 38 )
فيا من صليت الصبح أنت في حماية ربانية ، تشعر بثقة هائلة أثناء يومك ،و تشعر بثبات أمام المصائب وأمام المحن لأنك في حماية مالك الملك وخالق الأكوان
وكل هذا بركعتين..
فهيا أيها الكسلان أنفض عنك غبار النوم والكسل
?البشارة العاشرة: ثم إن صلاة الفجر تعطيك فرصة عظيمة لتحصيل الأجور الكبيرة:
فمن صلى الفجر في جماعة فله فرصة أن ينال أجر حجة وعمرة وليس هذا الأجر إلا لمن صلى الفجر
- فقد أخرج الترمذي بسند حسن حسنه الألباني عن أنس بن مالك عن النبي ( قال:
" من صلى الغداة ( الصبح) في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة ".
هذا بجانب الأذكار التي تُقال عند انتظارك لهاتين الركعتين فإن فيها ما فيها من الأجر العظيم والثواب الجزيل .
كذلك من صلى الفجر فهو أسعد الناس بدعوة النبي ( لحصول البركة له:
فالساعات الأولى في الصباح بعد صلاة الصبح هي أبرك ساعات اليوم كله ولن يستغلها إلا الذي استيقظ في هذا الوقت المبكر وصلى الصبح.
- أخرج الإمام أحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجة عن صخر الغامدي عن النبي ( قال:
" اللهم بارك لأمتي في بكورها ".
وهذه البركة في كل شيء وفي كل الأعمال في التجارة ، الزراعة ، القراءة والحفظ ، السفر ، الجهاد .
لذلك كان صخر الغامدي (راوي الحديث) إذا بعث سرية أو جيشاً بعثهم أول النهار ، وكان صخر رجلاً تاجراً كان إذا بعث تجارة بعثهم أول النهار فأثري وكثر ماله.
- حتى أنه جاء في رواية أحمد:
" أن صخراً كثر ماله حتى كان لا يدري أين يضعه ".(1/12)
ولو لم يستيقظ الإنسان مبكراً قام خبيث النفس كسلان وقد كان لما أنتشر التليفزيون والفيديو والقنوات الفضائية والمقاهي والأندية كان السهر الطويل والاستيقاظ المُتأخر وسبباً في ضياع وذهاب البركة وقلة الإنتاج.
?البشارة الحادية عشر: من صلى الصبح في جماعة فله وعد من الله بدخول الجنة:
- فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله ( :
" من صلى البردين دخل الجنة "(4)
?الجنة وما أدراك ما الجنة:
ريحانةٌ تهتز وقصرٌ مشيد وثمرةٌ نضيجة وزوجةٌ حسناء جميلة ظل ممدود وماء مسكوب وفاكهةٍ كثيرة لا مقطوعةٌ ولا ممنوعة وفرشٌ مرفوعة ونمارقُ مصفوفة وزرانيُ مبثوثة
قصور وأنهار ، أشجار وثمار ، سعادة لا تنقضي ، لذة لا تنقطع ، راحة أبدية لا سأم ولا إثم ، روح وريحانة ، نخل ورمان ، رؤيةُ الرحمن ، طمأنينة ورضوان صحبة الأنبياء والمرسلين والصحابة والأخيار .....
اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى من غير سابقة عذابِ أو مناقشة حساب يا أكرم الأكرمين....
* بل له أمان من الله-عز وجل-بعدم دخول النار
فقد أخرج الإمام مسلم عن عمارة بن رويبة أن النبي ( قال :
" لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها "
يعني الفجر والعصر .
والنجاة من النار ودخول الجنة هو منتهى أحلام المؤمنين وهوالفوز العظيم . قال تعالى :
" فمن زُحزِحَ عن النارِ وأدخل الجنةَ فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاعُ الغرور " ( آل عمران 185)
* بل هناك ما هو أعلى من ذلك .
ويتعجب الإنسان وهل هناك ما هو أعلى من النجاة من النار ودخول الجنة ؟
نعم .. إنها رؤية الله-عز وجل- في الجنة . إنها الجائزة الكبرى والهدية العظمى والمنحة التي تتضاءل إلى جوارها كل المنح ، ولكن من ينول هذه الفرصة العظيمة ؟
إنهم الذين يحافظون على صلاة الفجر والعصر .
فقد أخرج البخاري ومسلم عن جرير بن عبد الله البجلي -رضي الله عنه- قال :(1/13)
كنا جلوسا مع النبي ( فنظر إلى القمر ليلة البدر فقال إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون(5) في رؤيته ، فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الفجر وقبل غروبها فافعلوا "
قال العلماء : ثبت لهاتين الصلاتين من الفضل على غيرهما من اجتماع الملائكة فيهما ورفع الأعمال وقد أقسم الله بهما في كتابه وغير ذلك ، فهما أفضل الصلوات فناسب أن يجازى المحافظ عليهما بأفضل العطايا وهو النظر إلى الله تعالى . ( فتح الباري 2/34 )
فلا يسعنا إلا أن نقول لمن ترك هذا الخير كله : أحسن الله عزاءك
?عقوبات تارك صلاة الفجر?
* الوجه الثاني من الجانب العلمي : هو معرفة عقوبات تارك صلاة الفجر: ( وهذا يكون بمثابة واعظ وزاجر يمنع من النوم عنها )
?التحذير الأول: من ترك صلاة الفجر يُضرب عليه الكسل طوال يومه ويشعر بضيق في صدره ويصبح خبيث النفس كسلان:
- فقد أخرج البخاري من حديث أبي هريرة أن النبي ( قال:
" يعقد الشيطان علي قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب على مكان كل عقدة عليك ليل طويل فارقد ، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة ، فإن توضأ انحلت عقدة ، فإن صلى انحلت عقدة فأصبح نشيطاً طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان ".
قيل أن الصلاة المذكورة هنا قيام الليل ولا ريب أن صلاة الفجر تدخل في الحديث ويؤيد هذا أنه ( قال " وإلا أصبح ".
* والذي ينام عن صلاة الفجر فقد استحوذ عليه الشيطان واستهزأ به :
- فقد أخرج البخاري من حديث عبد الله بن مسعود ( قال:
" ذكر عند النبي ( رجل فقيل: مازال نائماً حتى أصبح ما قام إلي الصلاة فقال: بال الشيطانُ في أذنه ".
والصلاة المذكورة: هي الفجر
- يؤيد ذلك رواية ابن حبان: " نام عن الفريضة"
ومعنى بال الشيطانُ في أُذنه: قيل أن الشيطان استولى عليه واستخف به حتى اتخذه كالكنيف المُعد للبول إذ من عادة المستخف بالشيء أن يبول عليه.(6)(1/14)
فمن سمع حي على الصلاة حي الفلاح ولم تؤثر في قلبه فآثر لذة الدنيا على نعيم الآخرة فإنها يعاقب بأن يبول الشيطان في أذنيه وبصبح خبيث النفس كسلان .
يا أخي الحبيب: هل تحب أن تكون أذانك مبولة للشيطان.
?التحذير الثاني: من ترك صلاة الفجر ضرب على قلبه النفاق:
- فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله ( :
" أثقلُ الصلاة على المنافقين صلاةُ العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً ولقد هممتُ أن آمرَ بالصلاة فتُقام ثم آمر رجُلاً فيصلي بالناس ثم انطلق برجال معي برجال معهم حُزَم من حطب إلي قوم لا يشهدون الصلاة فأُحرَّقَ عليهم بيوتهم بالنار ".
وكان رسول الله ( إذا شكَّ في إيمان رجلٍ بحث عنه في صلاة الفجر فإن لم يجده تأكد عنده الشك الذي في قلبه .
- فقد أخرج الإمام أحمد وغيره عن أبي بن كعب ( قال:
" صلى النبي ( صلاة الصبح ثم قال: أَشَهِدَ فلان الصلاة؟ قالوا : لا ، قال : ففلان فقالوا : لا ، فقال: إن هاتين الصلاتين ( الصبح والعشاء) من أثقل الصلاة على المنافقين ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً ".
- وروى ابن أبي شيبة بسندٍ صحيح عن ابن عمر (رضي الله عنهما ) قال:
" كنا إذا فقدنا الرجل في صلاة الفجر والعشاء أساءنا به الظن ".
? تنبيه
لا تجعل نفسك ممن يقيم الأحكام على الناس ويرميهم بالنفاق فقد يتخلف هذا الرجل لمرض أو يصلي في مكان آخر ، لكن كل مسلم حسيب نفسه فإذا كان يتخلف عن هذه الصلاة بصورة منتظمة فليراجع نفسه فهذا نذير شؤم .
فالمحافظة على هاتين الصلاتين معيار صدق الرجل وإيمانه ومعيار يُقاس به إخلاصه ، لأن ما سواهما من الصلوات قد يستطيعها المرء لمناسبتها لظروف العمل ووقت الاستيقاظ في حين لا يستطيع المحافظة على الفجر والعشاء مع الجماعة إلا الحازم الصادق الذي يرجى له الخير.
?التحذير الثالث: من ترك صلاة الفجر متعمداً فقد برِئت منه ذمة الله ورسوله:(1/15)
- فقد أخرج الإمام أحمد عن أم أيمن ( قالت: قال رسول الله ( :
" لا تترك الصلاة فإنه من ترك الصلاة متعمداً فقد برئت منه ذمة الله ورسوله ".
ومما لا شك فيه أن من تعمد ضبط المنبه على الساعة السابعة أو الثامنة أي بعد الشروق هو ممن تعمد ترك صلاة الفجر ، ومن فعل ذلك فقد برئت منه ذمة الله ورسوله
وهل تحب أن يتبرأ منك أرحم الراحمين الذي وسعت رحمته كل شيء ؟ ..... أترك لك الإجابة .
?التحذير الرابع: من داوم على ترك صلاة الفجر متعمداً يُعذب في قبره:
- أخرج البخاري عن سمرة بن جندب أن النبي ( قال في حديث الرؤيا الطويل :
" إنه أتاني الليلة آتيان ( جبريل وميكائيل) وإنهما قالا لي انطلق وإني انطلقت معهما وإنا أتينا على رجل مضطجع وإذا آخر قائم عليه بصخرة وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ رأسه(7) فيتدهده(8) الحجر ها هنا فيتبع الحجر فيأخذه فلا يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل به مرة الأولى قال قلت لهما سبحان الله ما هذان ؟ قال قالا لي انطلق انطلق
وفي آخر الحديث قالا للنبي ( :
" أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة ".
فلنحذر أن نعتاد المُخالفة فإنه من اعتاد المُخالفة وقع في الفتنة ومن وقع في الفتنة وقع في العذاب الأليم:
{(((((((((((( ((((((((( (((((((((((( (((( (((((((((( ((( ((((((((((( (((((((( (((( ((((((((((( ((((((( ((((((( ((((} ( النور 63)
?أخي الحبيب :
أرجوا من الله أن تكون هذه الكلمات برداً وسلاماً على قلبك كما اسأله سبحانه أن يجعل قلبك متهيئأً لاستقبالها حتى تنتفع بها ....
وفي هذه الحالة يكون قلبك كالأرض النقية التي قبلت الماء وأنبتت الزرع ومن لم ينتفع بهذه الكلمات ولم يتأهب لاستقبالها فقلبه كالأرض الصلبة التي لا تمسك الماء ولا تنبت الزرع.(1/16)
فالقلوب التي تستقبل هدى السماء قلوب حية كالأرض الخصبة التي تنبت الكلأ وتمسك الماء.
- فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي بُردة عن أبي موسى أن النبي ( قال:
" مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا وأصابت منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به ".
?أيها النائم أيها الغافل:
كيف تنام قرير العين وربك يدعوك حيَّ على الصلاة حيَّ على الفلاح وحبيبك يخبرك بأن الصلاة خيرٌ من النوم.
- فقد أخرج أبو داود عن أبي محذورة أن رسول الله ( :
"علَّمه أن يقول في أذان الصبح بعد حيَّ على الفلاح الصلاة خيرٌ من النوم الصلاة خيرٌ من النوم "
فالصادق المصدوق يخبرك أن صلاة الفجر خيرٌ من النوم مهما كان النوم لذيذ ...
يا نائماً ومستغرقاً في المنام قم واذكر الحي الذي لا ينام
مولاك يدعوك إلي ذكره وأنت مشغول بطيب المنام
الصلاة يا مؤمنون الصلاة الصلاة خيرٌ من النوم
فمن آثر لذة الوسادة على لذة العبادة فقد السعادة ، فيا غافلاً متى تستيقظ من غفلتك ، هل تستيقظ عند السكرات وعند القبر والظلمات .
فهيا هيا لا تحرموا أنفسكم تلك الخيرات فكل شيء يهون إلا ترك الصلوات.
?أخي الحبيب:
إن لذة الدقائق التي تنامُها وقت الفجر لا تعدل ضمةً من ضمات القبر أو زفرة من زفرات النار
يأكل المرءُ بعدها أصابعه ندماً أبد الدهر يقول:
{((((( ((((((((((( (((( ((((((((( (((((((( (((((((( (((((( (((((((( (} ( المؤمنون 99 )
فتباً للذة تعقب ندماً وراحةً تجلب ألماً.
فوالله لو صحت أجسامكم ومرضت قلوبكم لهُنتُم على ربكم.
?أخي الحبيب:
يا من ضيعت صلاة الفجر....!(1/17)
أريد أن أهمس في أذنك بسؤال وأرجو الإجابة بصدق .........
ما حالك عندما تفوتك صلاة الفجر في جماعة ؟
هل بكيت مرة ؟ هل ندمتَ على تركها ؟ هل تشعر بحرقة عند فواتها ؟ هل تستغفر من هذا الأمر ؟
أم أنك تنام وتقوم قرير العين وكأنك ما قصرت وما أذنبت وقد يتكرر منك هذا مرات ومرات ولم يتمعر وجهك ولم يحترق قلبك .
1) أنظر إلي أنس بن مالك ( كان يبكي كلما تذكر فتح " تُسْتَر " ... أتدري لماذا ؟
لأنه فتح باب حصن تُستَر قبيل ساعات الفجر بقليل وتُسْتَر هذه مدينة فارسية حصينة حاصرها المسلمون سنة ونصفاً بالكامل وانهمرت الجيوش الإسلامية داخل الحصن ودار لقاء رهيب بين ثلاثين ألف مسلم ومائة وخمسين ألف من فارس وكان قتالاً في منتهى الضراوة وفي النهاية كان النصر بفضل الله للمسلمين ثم يبكي أنس بن مالك لضياع صلاة الصبح مرة واحدة في حياته
يبكي وهو معذور لكن الذي ضاع منه عظيم
يقول أنس: وما تُستَر ؟ لقد ضاعت مني صلاة الصبح وما ودت أن لي الدنيا جميعاً بهذه الصلاة
وهنا نفهم لماذا كان يُنصر هؤلاء :
{((( (((((((((( (((( ((((((((((( ((((((((((( ((((((((((((( (((} ( محمد 7 )
2) وانظر إلي يحيى بن عبد الرحمن مهدي
يُحكى عن أبيه أنه قام ليلة وكان يحيى الليل ، فلما طلع الفجر رمى بنفسه على الفراش حتى طلعت الشمسُ ولم يصلي الصبح فجعل على نفسه ألا يجعل بينه وبين الأرض شيئاً شهرين فقرح فخذاه .... سبحان الله !
مجرد غفوة بعد تعب من قيام الليل ومع ذلك عاهد نفسه لا ينام على فراش حتى تقرحت فخذاه لكي لا تفوته صلاة الفجر مرة أخرى.
3) وانظر إلي سعيد التنوخي:
إذا فتته صلاة الجماعة بكى ، أتعلم ما معنى أنه يبكي ؟
أي حرقة في القلب ، آسى في النفس ، دمعة في العين
فهل تجد ذلك أيها المُحب عند ضياع صلاة الفجر .
4) بل انظر إلي عمر بن الخطاب ( :
- أخرج الإمام مالك في موطئه:(1/18)
" أن المسور بن مخرمة دخل على عمر بن الخطاب ( في الليلة التي طعن فيها فأيقظ عمر لصلاة الصبح ( وعمر ( مطعون طعنة قاتلة والظرف صعب جداً لكن صلاة الصبح لا تُؤخر ، فماذا قال عمر عندما أيقظه المسور بن مخرمة ..!!
قال : نعم ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة ، فصلى عمر وجرحه يثعب دماً!! ".
يا آلله كم كانت صلاة الصبح معظمة في قلوب هؤلاء ولذلك تجد الصالحين من هذه الأمة حريصين على بدء القتال دائماً بعد صلاة الصبح ( وليس قبلها) حتى لا تضيع عليهم الصلاة .
* ها هو خالد بن الوليد ( لم يكن يبدأ قتاله إلا بعد صلاة الصبح.
* وكذلك يوسف بن تاشفين -رحمه الله- زعيم دولة المرابطين وقائد من أعظم قادة المسلمين لم يخض موقعة الزلاقة المشهورة إلا بعد أن صلى الفجر بجيش المسلمين ثم بدأ القتال.
* قطز -رحمه الله- بدأ القتال في موقعة عين جالوت المشهورة ضد التتار بعد صلاة الصبح مباشرة.
?ثم دعني أهمس في أذنك مرة أخرى وأطرح عليك هذه الأسئلة:
1) هب أنك على سفر وأن الطائرة ستقلع في تمام الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً ، هل ستتخلف عن الميعاد ؟
الجواب : لا
فلماذا لا تحرص على صلاة الفجر كحرصك على موعد السفر ؟
2) أولست تحرص على الاستيقاظ قبل ميعاد العمل حتى تصل إلي العمل في الموعد المحدد مخافة اللوم من المدير أو خشية الخصومات من المرتب فلماذا لا تحرص على صلاة الفجر كحرصك على الذهاب للعمل ؟
3) تخيل لو أن رجلاً من الأغنياء وعدك بأنه سيعطيك ألفاً من الجنيهات في وقت الفجر ، هل ستتخلف عن القيام وتتعلل بأنك نمت متأخراً أم ستقوم في جد ونشاط لتحصيل الألف جنيه
فما بالك وأن صلاة الفجر خيرٌ من الدنيا وما فيها
- وهل تحب أن يكون معك مال الدنيا في قبرك وليس معك صلاة الفجر أم يكون معك صلاة الفجر وليس معك جنيه واحد ، أجب بصراحة ؟
4) لو أن رجلاً ذو مركز مرموق طلب منك الحضور قبل صلاة الفجر هل ستتخلف ؟ ما أظن(1/19)
5) تخيل لو أن زوجتك أيقظتك في الرابعة صباحاً وهي تصرخ النار النار وقد شبت النيران في المنزل هل ستقول لها اتركيني أنام قليلاً أو أن مرهق لقد نمت متأخراً أم ستقفز مسرعاً من فراشك خوفاً من النار.
- فلماذا تخاف من نار الدنيا ولا تخاف من نار الآخرة ، وما أدراك ما نار الآخرة ؟
إنها أشدُّ من نار الدنيا بسبعين مرة وأنها لا تُطفأ .
- أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن النبي ( قال:
" ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزأً من حر جهنم ، قالوا : والله إن كانت لكافية يا رسول الله
قال: فإنها فضلت عليه بتسعة وستين جزءاً كلها مثل حرها ".
- وقال عنها أيضاً كما عند الترمذي وابن ماجة من حديث أبي هريرة:
" أُوقد على النار ألف سنة حتى أحمرت ثم أُوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت ثم أُوقد عليها ألف سنة حتى اسودت فهي سوداء مظلمة ".
- وعند ابن ماجة:
" فهي كالليل المظلم ".
فأنت أخي الحبيب تستطيع أن تتقي هذا كله بركعتي الفجر.
- فقد أخرج الإمام مسلم عن عمارة بن رويبة أن رسول الله ( قال:
" لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ". ( يعني الفجر والعصر)
?ثم أعلم أيها الغافل يا من أضعت صلاة الفجر:
أن أعداء الإسلام يعترفون أن النصر والتمكين للأمة الإسلامية سيكون على أيدي رجال الفجر.
- يقول أحد المسئولين اليهود :
لن تستطيعوا أن تنتصروا علينا حتى يكون عدد المسلمين في صلاة الفجر كعددهم في صلاة الجمعة ، نعم إن كل عاقل يدرك يقيناً أن نصر هذه الأمة ورفعتها سيكون ولا شك على أيدي رجال الفجر فصلاة الفجر مُلتقى الأبرار وزاد الأبطال وسر العظمة والرفعة وهي أهم أدوات النصر.
- فها هو صلاح الدين الأيوبي:
يُربي جيشه ويحفزه على الصلاة وخصوصاً قيام الليل وصلاة الفجر وكلما مرَّ على قوم يصلون يقول من هنا يأتي النصر ، وكلما مرَّ على قومٍ نائمون يقول من هنا تأتي الهزيمة ...............(1/20)
فلما نصرَ اللهَ وذلك بامتثال ما أمر والنهي عما زجر كان النصر حليفه وصدق ربنا حيث قال :
{((((((((((((( (((( ((( ((((((((((( ( } ( الحج 40 )
فكيف ينصر الله المسلمين وهم يضيعون فرضاً من فروضه ؟
فكيف ينام المسلمون عن صلاة الفجر ثم يرفعون أيديهم يطلبون النصر والتمكين !!!؟
وهل تنشأ يقظة من غفلة ؟ أو نهضة من رقود؟إن الطريق إلى الفلاح والتمكين يبدأ من المحراب
مرَّ معنا كيف كان القادة يسيرون الجيش بعد صلاة الفجر ويكون النصر حليفهم في الصباح
ويتبدل الحال ..
- يا غافلاً عن أشرف الأوقات أعلم أن وقت الصبح هو وقت التغير من الظلم إلي العدل ومن الفساد إلي الصلاح .....
انظر متى كان هلاك قوم لوط ( :
قال تعالى: {(((( (((((((((((( ((((((((( ( (((((((( ((((((((( ((((((((( (((( } ( هود 81)
فلما كان هذا التغير في هذا التوقيت لأنه أول لحظات النور بعد الظلام وأول لحظات العدل بعد الظلم والصلاح بعد الفساد .
وانظر متى كان هلاك قوم هود ( :
فلقد أرسل الله عليهم ريحاً عاتية وجاءت هذه الريح المدمرة في وقت الصباح فهلك الظالمون ونجى الله المؤمنين في هذا الوقت الشريف .
اقرأ بقلبك قوله تعالى : { ((((((((( (((( (((((( (((((((( (((((((( ((((((((((((( (( (((((( (((( ((((((((((((( } ( الأحقاف 25)
- وانظر متى كان هلاك قوم صالح ( :
اقرأ بقلبك قوله تعالى: {(((((((( ((((((((( ((((((((( ((((((((((( ((((((((((((( ((( ((((((((((( (((((((((( (((( ((((( (((( (((((((((( ((((((( ( (((( (((( ((((((((( ((((((((( (((((((( ( (((( ((((((( (((((((((( ((((} ( هود 67 : 68 )
- حتى مع رسول الله ( كان التغيير في وقت الصباح حتى إنه كان يقول:
" إنا إذا نزلنا بساحةِ قومٍ فساء صباحُ المُنذرين ".
فهذا هو وقت التغيير ووقت الجهاد ووقت التمكين .(1/21)
وعندما أقسم الله بالخيول التي تجاهدُ في سبيلِ الله عزَّ وجلَّ أقسم بالخيول التي تُغيرُ على الأعداء في وقت الصباح .
قال سبحانه : {(((((((((((((((( ((((((( ((( (((((((((((((((( ((((((( ((( (((((((((((((((( ((((((( ((( } ( العاديات 1 : 3 )
- وسيظل هذا التغيير في هذا التوقيت إلي يوم القيامة:
ففي اللحظاتِ الأخيرة من عمر الأرض سيكون التغيير والإصلاح والتمكين لأولئك الذين يحافظون على صلاة الفجر في جماعة . فنزول المسيح ( إلي الأرض واستقرار العدل في الأرض سيكون في صلاة الفجر .
والجيلُ الذي يستحق استقبال المسيح ( جيل يحافظ على صلاة الفجر:
- أخرج ابن ماجة عن أبي أُمامة الباهلي أن النبي ( قال:
" إنه لم تكن فتنة في الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدم أعظم من فتنة الدجال وإن الله لم يبعث نبياً إلا حذر أُمته الدجال وأنا آخر الأنبياء وأنتم آخر الأمم وهو خارج فيكم لا محالة ".
ثم بدأ النبي ( يتحدث عن صفات الدجال وعن الأحداث المُصاحبة له وعن يأجوج ومأجوج ، ثم بدأ يتحدث عن اللحظات الأخيرة في الأرض فتحدث عن طائفة المؤمنين التي سينزل عليها المسيح ( ليقيم العدل في الأرض من جديد بشريعة محمد ( فقال:
" وجلهم ببيت المقدس ( أي جل المؤمنين آنذاك ببيت المقدس ) وإمامهم رجل صالح فبينما إمامهم قد تقدم يُصلي بهم الصبح إذ نزل عليهم عيسى ابن مريم الصبح ، إذ رجع ذلك الإمام ينكص يمشي القهقري ليتقدم عيسى يصلي بالناس فيضع عيسى يده بين كتفيه ثم يقول :
تقدم فصلِّ فإنها لك أُقيمت فيُصلي بهم إمامهم ".
أخي الحبيب ..
ها قد جاءك النذير وتبين لك القول المنير فأنقذ نفسك من حجب الهوى إلي سبل الهدى ......
أبحث عن الوسائل المُعينة لحضور هذه الفريضة
* فمن أهم هذه الوسائل :
1) أن تضع نصب عينك البشارات لمن حافظ على صلاة الفجر في جماعة وكذلك التحذيرات لمن تركها ولم يحافظ عليها .
2) العزيمة والإرادة على الاستيقاظ(1/22)
فإذا كانت هناك إرادة وعزيمة قوية على الاستيقاظ للفجر فثق أنك ستقوم فإن الله تعالى قال عن المنافقين :
{(((((( (((((((((( ((((((((((( ((((((((( ((((( (((((( (((((((( (((((( (((( ((((((((((((((( (((((((((((( ((((((( ((((((((((( (((( (((((((((((((( (((( } ( التوبة 46 )
فتأتي الإرادة أولاً فلو كانوا صدقاً وحقاً يريدون الخروج لأعدوا له وكذلك الذي يريد أن يصلي الفجر فإنه إن لم يعد له العدة فليس من الصدق أن يقول أنا أريد ولكني لا أوَفق ....
فعلى سبيل المثال إن كان ينام متأخراً ولا يضبط منبهاً ولا يأخذ بأي سبب من أسباب الإيقاظ فكيف يقول أنا أريد ولكني لا اسمع الأذان.
- فلو لم تكن هناك عزيمة صادقة فليس هناك أمل في سماع الأذان ، قال تعالى :
{(((((( (((((( (((( ((((((( ((((((( (((((((((((( ( } ( الأنفال 23 )
حتى لو سمع المسلم الأذان وهو ضعيف العزيمة فلن يقوم ، لكن الأخطر من ذلك أن يصل إلي المرحلة التي يكره الله عزَّ وجلَّ قيام المسلم للصلاة ؟
يكره الله له ذلك عندما يجد الله منه إصراراً على المخالفة وخوراً في العزيمة ونية واضحة للمعصية ، والله عزَّ وجلَّ لا يريد الذي يأتي إليه أن يأتي مضطراً كارهاً ، إنما يحب العبد الطائع عن رغبة والملبي له عن شوق .
- فإذا وجد الله عزَّ وجلَّ هذا الضعف في العزيمة فإنه يكره انبعاث المسلم للصلاة أو إلي أي من أعمال الخير بل ويثبطه ويمنعه من الفعل كما قال تعالى:
{(((((((( (((((( (((( ((((((((((((((( (((((((((((( ((((((( ((((((((((( (((( (((((((((((((( (((( } ( التوبة 46 )
فاحذر أن تكون ممن كره الله عزَّ وجلَّ انبعاثهم فأصابك بالكسل والفتور والضعف والقعود.
3) البعد عن المعاصي والذنوب
فعلى العبد أن يصلح يومه لله فلا يقترف ذنباً إذ أن الذنوب تقيد العبد عن القيام للصلاة ، ومما لا شك فيه أن ضياع صلاة الفجر مصيبة ، والله عزَّ وجلَّ يقول في كتابه:(1/23)
{(((((( (((((((((( (((( ((((((((( ((((((( (((((((( (((((((((((} ( الشورى 30 )
* قيل لبعض السلف
ما بالنا لا نقوم الليل ، قال: كبّلتكم خطاياكم .
* وجاء رجلٌ إلي الحسن البصري فقال له
يا أبا سعيد ... أعد طهوري وأبيتُ معافى ولا استيقظ للصلاة.
فقال الحسن : قيدتك ذنوبك ، أحسن في نهارك يُحسن لك في ليلك.
فأصحاب الذنوب حرمهم الله شرف الوقوف بين يديه سبحانه لأنهم هانوا عليه فتركهم ولو عزوا عليه لعصمهم .
4) البعد عن أسباب الغفلة وقسوة القلب
ككثرة الطعام والشراب وفضول الكلام وفضول النظر والسماع وكثرة الضحك فكل هذا يؤثر على القلب ويورثه الكسل عن الطاعات . والقلب هو القائد الذي إذا استقام استقامت جنوده من الجوارح والأركان ولا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه وشجرة الإيمان في القلب يرويها القرآن الكريم ويسقيها ذكر الله سبحانه ويقيمها على ساقها حفظ حدود الله -عز وجل- وتعظيم أمره ونهيه .
5) لا تأكل كثيراً قبل النوم
فالذي يأكل كثيراً فإنه يشرب كثيراً وينام كثيراً فيخسر كثيراً فعلينا إتباع الإرشادات النبوية وخير الهدى هدى محمد ( .
- فقد أخرج الترمذي عن مقدام بن معد يكرب قال : سمعت رسول الله ( يقول :
" ما ملأ آدميٌ وعاءً شراً من بطنه بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه ".
6) إتباع هدي النبي ( عند النوم ومن ذلك:
أ- النوم على طهارة.
ب- عدم السهر والنوم مبكراً.
- فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي برزة ( :
" أن رسول الله ( كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها ".
* قال في ( عون المعبود شرح سنن أبي داود )
ينهى عن النوم قبلها : أي قبل صلاة العشاء لما فيه من خوف فوت الجماعة .
والحديث بعدها : أي المحادثة بعدها لأنه يؤدي إلي الإكثار فيؤدي إلي تفويت قيام الليل بل صلاة الصبح أيضاً.
* قال النووي كما في ( شرح مسلم )(1/24)
وسبب كراهة الحديث بعدها أنه يؤدي إلي السهر ويخاف منه عليه النوم عن قيام الليل أو الذكر فيه أو عن صلاة الصبح في وقتها الجائز أو في وقتها المُختار أو الأفضل ، ولأن السهر في الليل سبب للكسل في النهار عما يتوجه من حقوق الدين والطاعات ومصالح الدنيا.
* قال العلماء
والمكروه من الحديث بعد العشاء هو في الأمور التي لا مصلحة فيها أما ما فيه مصلحة وخير فلا كراهة فيه كمدارسة العلم وحكايات الصالحين .
ولكننا نجد في هذا الزمان من يسهر لكن في معصية الله فيجلسون أمام التلفاز ومنهم من يجلس على المقاهي ومنهم من يلعب البلياردوا ومنهم من يقف على نواصي الشوارع وغير ذلك من أصناف المعاصي ولا شك أن هؤلاء جمعوا أوزار مع أوزارهم فعليهم وزر السهر على الحرام ووزر تأخير الصلاة عن وقتها .
فالسهر إن ضيع الصلاة المفروضة فلا يجوز وإن كان في قيام الليل .
- فقد أخرج الإمام مالك في المُوطأ عن أبي بكر سليمان بن أبي حَثمهَ :
" أن عمر بن الخطاب فقد سليمان بن أبي حثمة في صلاة الصبح وأن عمر غدا إلي السوق ومسكن سليمان بين المسجد والسوق فمرَّ على الشفاءِ أم سليمانَ فقال لها: لم أر سليمان في صلاة الصبح!
فقالت: إنه بات يُصلي فغلبتهُ عيناهُ فقال عمر: لأن اشهد صلاة الصبح في جماعة أحب إليَّ من أن أقوم ليلة ".
يا الله إنه ما سهر في معصية ولكن انظر ما قاله عمر لتعلم قدر صلاة الفجر .
ج- النوم على الجانبِ الأيمن.
د- الأذكار عند النوم :
?ومنها آية الكرسي :
- أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة ( قال :
" وكلني رسول الله ( بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام فأخذته فقلت لأرفعنك إلى رسول الله ( فذكر الحديث .. وفيه : فقال إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي لن يزال معك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح وقال النبي ( صدقك وهو كذوب ذاك شيطان ".
? ومنها ( قل هو الله أحد والمعوذتين):(1/25)
- أخرج البخاري من حديث عائشة ( رضي الله عنها) :
" أن النبي ( كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ فيهما قل هو الله أحد و { قل أعوذ برب الفلق } و { قل أعوذ برب الناس } ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات ".
? ومنها :
" باسمك ربي وضعتُ جنبي وبك أرفعه ، إن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين ".
? ومنها ما علمه النبي ( للبراء بن عازب :
- فقد أخرج البخاري عن البراء بن عازب أن رسول الله ( قال :
" إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم أضجع على شقك الأيمن ثم قل:
اللهم أسلمتُ وجهي إليك ، رغبة ورهبة إليك ، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك
اللهم آمنتُ بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة واجعلهنَّ آخر ما تتكلم به ".
7) ذكر الله تعالى عند الاستيقاظ مباشرة
فإن البعض قد يستيقظ في أول الأمر ثم يعاود النوم مرة أخرى أما إذا بادر بذكر الله أول استيقاظه انحلت عقدة من عقد الشيطان وصار ذلك دافعاً له للقيام
فإذا توضأ اكتملت العزيمة وتباعد الشيطان
فإذا صلى أخزى الشيطان وأصبح طيب النفس نشيطاً ".
8) إيقاد المصباح عند الاستيقاظ
فإن هذا له تأثيراً في طرد النعاس ، ومما يساعد على طرد النعاس كذلك ألا يجعل القيام على مراحل بل يهُب ويقفز القفزة التي تحجب عنه معاودة النوم.
9) اتخاذ الأسباب المعينة على الاستيقاظ ومنها:
أ- المنبه:
وأن يوضع في مكان بعيداً عنه قليلاً ، وألا يضبط المنبه على وقت متقدم عن وقت الصلاة كثيراً إذا علم من نفسه أنه إذا قام في هذا الوقت قال لنفسه لا يزال معي وقت طويل فلأرقد قليلاً ، وكلٌ اعلم بسياسة نفسه لأن هناك من يحب أن يقوم قبل الصلاة بوقت لأداء قيام الليل .
ب- الأهل
فيستعن بالأهل على إيقاظه وهذا يدخل تحت قوله تعالى :(1/26)
{(((((((((((((( ((((( ((((((((( ((((((((((((( ( } ( المائدة 2 )
- وفي قوله تعالى :
{(((((((((((( ((( (((( (((((((((( ((((( (((((( ((( (((( ((((((((( (((((((((( ((((((((((( ((((((((((((( ((((((((((((( ((((((((((( ((((((((((((( ((((((((((( ((( } ( العصر )
فالزوجة توقظ زوجها والعكس والأب يوقظُ أولاده والعكس حتى ولو كان بنضح الماء في الوجه .
ج- الصحبة الطيبة الصالحة
وهي وسيلة هامة ، فالطاعة على الإنسان الوحيد صعبة والشيطان على من سار بمفرده أقدر.
- فقد أخرج الإمام أحمد والترمذي عن عمر بن الخطاب ( عن النبي ( قال:
" عليكم بالجماعة وإياكم والفُرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد ومن أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة ".
والصحبة الطيبة هي التي تعينك على طاعة الله وإن غبت عن المسجد سألوا عنك كما فعل عمر بن الخطاب عندما سأل عن سليمان بن أبي حثمة عندما غاب عن الصلاة يوماً ولهذا نجد
" أن النبي ( نهى أن يبت الرجل وحده "(9).
ولعل من حكم هذا النهي أنه قد يغلبه النوم فلا يكون عنده من يوقظه للصلاة.
10) أن يستعين بالقيلولة في النهار
فهذا يعينه على الاستيقاظ لصلاة الفجر وقد أوصى النبي ( بذلك فقال كما (في صحيح الجامع 4431)
" قيلوا فإن الشياطين لا تقيل ".
11) وأخيراً : الدعاء
وهي وسيلة في غاية الأهمية فما صلى من صلى إلا بتوفيق من الله عزَّ وجلَّ فادعوا الله أن يمُن عليك بصلاة الفجر في جماعة ، وتذكر أن هذا النوم ما هو إلا نوع من الموت واليقظة نوع من البعث ، قال تعالى: {(((( ((((((((( ((((((((( ((((( ((((((((( ((((((((( (((( (((((( ((( (((((((((( ( (((((((((( ((((((( (((((( ((((((((( (((((((((( (((((((((( (((((((((( (((((( (((((( ((((((( ( (((( ((( ((((((( ((((((( ((((((((( ((((((((((((( (((( } ( الزمر 41 )(1/27)
لذلك علمنا رسول الله ( عند النوم دعاءً مهماً وكذلك عند اليقظة وهذا الدعاء يوضح معنى التشابه الشديد بين النوم والموت وبين اليقظة والبعث ....
- فقد أخرج البخاري ومسلم عن حذيفة بن اليمان ( قال:
" كان النبي ( إذا أوى إلي فراشه قال:
باسمك اللهم أموتُ وأحيا ، وإذا قام قال: الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور ".
إذن ينبغي علينا أن ندعو الله عزَّ وجلَّ الذي يمسك بأرواحنا أن يرسلها على صلاة الفجر أو قبل صلاة الفجر .
وندعوه أن يزين الإيمان في قلوبنا.
وندعوه أن ييسر لنا الطاعة.
وندعوه أن يعيننا على الصلاة في أوقاتها في المسجد.
وندعوه أن يثبت أقدامنا على طريقه فلا تضل ولا تزل.
وندعوه أن يعظم في أعيننا شرعه وأمره فلا نعصيه ولا نخالفه.
?وأخيراً أيها الأحبة
البِدَار البدار ، المسارعة المسارعة لشهود هذه الصلاة التي تجدد الإيمان وتُحي القلوب وتشرح الصدور وتملأ النفس بالسرور ويُثقل الله بها الموازين ويعظم الأجور .
فهيا هيا حافظوا على صلاة الفجر
فهي الدرة الثمينة عند متنفس الصبح
والجوهرة النفيسة التي يولد بها النور من رحم الظلام
وأمان المسلم من النفاق
وصفاء الروح من الكدر
ونقاء النفس من العطب
لطائف النسمات وتسابيح الكائنات وشهود الملائكة الأبرار طمأنينة اليوم
وكلاءة الرحمن وربيع الإيمان ومطردة للشيطان
هيا هيا ، جد تجد ، ليس من سهر كمن رقد ، والفضائل تحتاج لوثبة أسد .
" سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك ".(**)
(1) رواه كذلك أبو نعيم في الحلية وهو في السلسلة الصحيحة
(2) الشمس كورت: أُزيل ضياؤها أو لُفت وطُويت. النجوم انكدرت: تساقطت وهوت .
(3) في الظلم: العشاء والفجر . إلي المساجد: النور يُعطى لمن صلى العشاء والفجر في جماعة .
(4) البردان : هما الصبح والعصر .
(5) لا تضامون : ترونه بوضوح تام كما ترون القمر الآن بوضوح تام
(6) ذكر ذلك ابن حجر في الفتح .(1/28)
(7) يشدخه ويشقه
(8) يتدحرج
(9) رواه أحمد وهو في السلسلة الصحيحة
(**) ? تنبيه
استفدت كثيراً من رسالة كيف تحافظ على صلاة الفجر للدكتور راغب السرجاني .
??
??
??
??(1/29)