الموضوع : أين حجابي ؟؟؟
الكاتب : أحمد بن عبدالعزيز الحصين
بتاريخ : 30/6/1424هـ
النص :
أين حجابي ؟
بقلم:/ أحمد بن عبدالعزيز الحصين
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة:
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا.
في هذه الأيام ازداد دعاء السفور والتبرج والخنوع، وأخذوا ينادون بنزع الحجاب وكل ما يؤدي إلى العفة والشرف، وكذلك طالبوا بالاختلاط بين الجنسين ومشاركة المرأة في العمل.
وحين جاء الإسلام أعطى المرأة كل حقوقها التي كانت مسلوبة، ولا تملك من أمر نفسها شيئا، بل كانت تباع وتشترى كالمتاع يتحكم فيها جنس الرجال دون وازع من دين أو ضمير وقد استمر هذا الوضع حتى مجيء
الإسلام، فأنصفها طفلة، وأختا وأما وجدة، وكلما كبرت سنا زادت مقاما، على حين أن أوربا التي تتباهى بأنها سباقة في إعطاء المرأة لحقوقها، فإننا لم نسمع ذلك إلا من عهد قريب، ففي الماضي كانوا يطلقون عليها بأنها مخلوقة شريرة لا ترتقي إلى جنس البشر، وفي وقتنا الحاضر فهي سلعة تباع وتشترى، وكلما كبرت سنا وبهت جمالها انحطت مقاما وتوضع في بيت للمسنين (1)، فنحن لا نرى للمرأة في الغرب إلا أنها لحم رخيص ورقيق تباع لمن يدفع الثمن، وهذه هي جاهلية القرن العشرين التي يتباهون ويتفاخرون بها ليل نهار، وقد اتبعهم في ذلك بعض الأبواق المنافقة في ديار الإسلام، حيث نادوا ب!عطاء المرأة الحرية الكاملة في التصرف في كل ما تملك، دون رقابة من وازع أو ضمير، وهذه هي الفوضوية والإباحية التي تريد ثلة من أهل النفاق ترويجها في ديارنا.(1/1)
وقد حصن الإسلام المرأة بالعفة والعفاف، وحين قرنت في بيتها والتزمت حجابها، وحصنت أطفالها، أخرجت جيوشا دقت أبواب دول الكفر والبهتان، أمثال أسامة بن زيد، وقتيبة بن مسلم الباهلي، وصلاح الدين ا لأيوبي.
وصدق الشاعر إذ يقول:
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق
والحق وما شهدت به الأعداء..
قال نابليون بونابرت: " المرأة التي تهز المهد بشمالها، تهز العالم بيمينها.
ولقد فطن الأعداء إلى هذا السر فأخذوا يشخصون الداء الذي ألم بهم، فتوصلوا إلي الدواء الذي يشفي غليلهم، ويدمر أعداءهم ألا وهو (( انسلاخ المرأة المسلمة من تعاليم دينها ))، وقد شيدت الجامعات في أوروبا وجذبت أبناءنا وبناتنا إليها، وعندما رجع أبناؤنا إلى ديارهم، عادوا وهم يحملون سلاحا فتاكا يقرضون به بنيان الأمة، ألا وهو (( التمرد على الله وتعاليم نبيه )).
فهذا رفاعة الطهطاوي الأزهري وهو تلميذ من تلاميذ الاستشراق الفرنسي، فهو درس في فرنسا بعد أن تخرج من الأزهر، وجاء وهو يحمل أفكارا مسمومة دونها في كتابه المشؤوم (( تخليص الإبريز في تلخيص باريز))، وفي هذا الكتاب يرفع لواء تحرير المرأة المسلمة.
يقول: (( السفور والاختلاط بين الجنس ليس داعيا إلى الفساد)).
وكذلك فهمي مرقص في كتابه (( المرأة في الشرق ))، وقاسم أمين في كتابه (( تحرير المرأة)) الذي ألفه في عام 1899 م ينادي برفع الحجاب والدعوة إلى السفور (2). وغير هؤلاء الكثير الذين يعيثون في الأرض فسادا، ومع ذلك ورغم ذلك التيار الجارف من العلمانية والمفسدين ظلت المرأة في الغالب ملتزمة بأوامر الله جل وعلا، ولهن في نساء الصحابة الأسوة الحسنة.
تقول عائشة رضي الله عنها: " يرحم الله نساء المهاجرات الأولى، لما أنزل الله (( وليضربن بخمرهن على جيوبهن)) شققن مروطهن فاختمرن بها " .(1/2)
هذه رسالة صغيرة الحجم، كبيرة المعاني، من فتاة انخدعت بالبريق الحضاري الزائف، وبالشعارات الكاذبة التي تسمى " تحوير المرأة "، وانساقت خلف السراب، ولولا الله جل وعلا ثم المرأة الإنجليزية التي أطلقت على نفسها اسم " خديجة " بعد إسلامها لكانت صاحبتنا في الهالكين، ولكن الله قد من عليها بالهداية والتوبة. فسطرت بقلمي هذه الرسالة على لسانها لكي تكون نبراسا لكل فتاة، ولتعرف قيمة حجابها الذي هو رمز من رموز العفة والشرف، ولتعلم أن أعداءها يحاربون
حجابها في كل مكان، فقد نشرت صحيفة " الأنباء الكويتية في عددها رقم 7352 " هذا الخبر تحت عنوان: (منع مدرسة مسلمة من ارتداء الحجاب في سويسرا) تلقت المدرسة السويسرية المسلمة " في لوسيا " والتي تعمل في مدرسة ابتدائية حكومية بحي شتالين في جنيف خطابا بضرورة عدم ارتداء الحجاب وإلا فإن إدارة التعليم الابتدائي في جنيف سوف تبدأ في إجراءات منعها من دخول المدرسة والتدريس. ونظرا لعدم مشروعية هذا القرار المجحف فقد بادرت لوسيا الملتزمة بتعاليم دينها برفع قضية ضد إدارة التعليم الابتدائي عن طريق المحامي السويسري الشهير ميتر جاك باريبون ومعاونه مارك ليروني وفي هذا السياق حاولت جاكلين بيران مديرة التعليم الابتدائي بجنيف التنصل من هذه القضية.
مشيرة إلى أن ارتداء المعلمة للخمار في الفصل يؤدي إلى التشويش على الطالبات. ولأن الجاليات الإسلامية في سويسرا شعرت بأن إدارة التعليم الابتدائي في جنيف تستعدي السلطات على معلمة مسلمة فقد سارع أعضاؤها مد الجهود والطاقات من أجل جمع التبرعات لدعم قضية المعلمة لوسيا، والتي ما زالت قيد البحث.(1/3)
فأرجو من الله أن تكون هذه الرسالة نافعة، وأن تجد إقبالا قبل أن تطمس من قبل أعداء المرأة المسلمة التي لا . يريدون خيرا أبدأ للمرأة المسلمة الطيبة العاقلة، وأما الذين يجرون وراء أوروبا ويقلدونها في كل شيء مع وضوح الرؤية لحكم الإسلام في الحجاب، فلم أجد لهؤلاء- إلا قول الله جل وعلا ((ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن )).
بقلم
أحمد بن عبد العزيز الحصين
القصيم- بريدة
أين حجابي
البيئة الصالحة:
عشت أيام الصبا في مدينتي الرياض الناظرة، عاصمة المملكة العربية السعودية، والتي اتخذت شرع الله منهاجا تسير عليه في أمورها الدينية والدنيوية، وتعلمت في مدارسها العفة والحشمة والآداب الإسلامية والخلق الرفيع، وكانت المدرسات الفاضلات يلبسن الحجاب ملتزمات بدينهن، وكانت شوارع بلادي لا تري فيها المرأة سافرة كما نرى في أوروبا، بل كان جو بلادي إسلاميا في كل شيء.
عشت في هذه الأرض المباركة، وترعرعت فيها منذ الصغر، وكان صديقي الذي لا يفارقني هو حجابي منذ كنت في سن العاشرة، فكان معي في المراحل الدراسية، من أواخر الابتدائية إلى الجامعة، وأنا فخورة بحجابي الإسلامي، أحبه وأحافظ عليه لأنه أمر رباني وحكم شرعي.
وقد كنت أسمع عن تحرير المرأة وخروجها من بيتها، ونزع خمارها أو حجابها، وعن المنادين بالسفور والاختلاط بين الجنسين ومشاركة المرأة الرجل في مراحل الحياة، وكان من أشهر هؤلاء الدعاة، هدى هانم شعرواي، وقاسم أمين، وسهير القلماوي، وأمينة السعيد، ورائدة الفضاء الروسية " فالنتنا".
وكل هذه الشعارات لا أعيرها أي اهتمام، لأنها شعارات كاذبة خادعة، ولكن كما يقول المثل: " تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ".
وفي ذات يوم طرق بابنا شاب وسيم متعلم، فقد تعلم في الغرب، وعاد يحمل أفكارا غربية مسمومة، لا تنفع ولا تغني من جوع، ولكنها مع ذلك تضر المرء في دينه ود نياه.(1/4)
جاء هذا الشاب لكي يخطبني، وقد استخدم في ذلك أسلوب الحيلة والخديعة مع والدي قائلا:
* إنني رجل مستقيم.
* رجل أحافظ على الصلوات الخمس.
* رجل أصوم الخميس والإثنين.
* رجل أكرة الانسياق وراء الحضارات الزائفة.
إلى آخره من الكلمات الشيطانية التي ألبسها ثوب البراءة والطهر، ولا يجيد ذلك إلا منافق، فوافق والدي، وقد طرت طربا وفرحا لأسباب عدة وهي:
* إنني فتاة كبيرة، فقد وصل عمري إلى ثلاثين عاما، وخفت أن يفوتني قطار الزواج، كما يقال.
* إنني لست جميلة.
فهذا العاملان كفيلان على أنني أوافق على الزواج من هذا الشاب الوسيم الذي لم يبلغ عمره سوى سبعة وعشرين عاما.
وتم الزواج، وانتقلت إلى بيته الفاخر "الوكر الشيطاني " الذي أثث بأفخر أنواع الأثاث والسجاد والأواني الفضية وغيرها. وقد عشت في هذا البيت، أو الأصح " القصر" عيشة سعيدة معه متمسكة بديني وحجابي، وقد مرت الأيام والشهور وأنا على ذلك الحال.
وكان زوجي بين حين وآخر يغررني بأسلوب غريب لا تفهم معانيه ولا مآربه، وهو إشارات عن نزع الحجاب، فلم أعطه أي اهتمام، وقلت ربما أنه يضحك أو يمزح أو يريد يختبر إيماني، ومرت السنة الأولى وقد حملت وأنجبت طفلا جميلا، ملأ علينا البيت بهجة وسرور وسعادة، وأسعد قلبي وجوارحي، وقد من الله علي بطفل آخر، وعشت عيشة سعيدة بينهما.
وكان في بعض الأحيان ينتابني خوف شديد من زوجي، لا أعرف السبب، فدائما أراه يقرأ مجلات " المصور، وروز اليوسف وأكتوبر والنهضة وهو وهي، وكذلك المجلات الأوروبية والكتب العربية المارقة، وكان حديثه معي يدور حول المرأة وخروجها ومشاركتها مع الرجال، ويكرر كلمة الحجاب، وأنه من مخلفات الأتراك، وأنه يعوق المرأة في مسيرتها الحياتية، وكانت مكتبته ترزخ بصور النساء أمثال:
· فالنتا رائدة الفضاء الروسي.
· ديانا سبنسر.
· مارجريت تاتشر.
· صوفيا لورين الممثلة الإيطالية.
· أنديرا غاندي.(1/5)
· مارلين مونورو الممثلة الأمريكية المنتحرة.
وكنت أظن في بادي الأمر أنها مجرد هواية، وما كنت أظن أن زوجي من أنصار خروج المرأة ونزع حجابها وتدميرها، وإذا نظر إلى التلفاز وشاهد امرأة متبرجة أخذ يضرب يدا على يد ويقول هذا هو التقدم هذه هي الحياة.
السفر إلى أوربا (( الجحيم))
وقبل السفر إلى أوروبا أخذ زوجي يستعمل معي أساليب عجيبة في المناقشة فهو يتكلم بصوت خافت وبكلمات غريبة حول نزع الحجاب، ولكن كما يقول المثل " كثرة الطعن يفك الحديد ".
وجاء اليوم المشؤوم الذي لا أنساه أبدأ.
اليوم الذي عصيت فيه رب العباد وأرضيت فيه الشيطان.
اليوم الذي قلت لحجابي مع السلامة أيها الحجاب الرجعي.
اليوم الذي إنتصر فيه زوجي علي.
اليوم ا الذي نزعت فيه حجابي وكشفت عن محياي.
اليوم الذي ضحك زوجي طربا وفرحا بنزع حجابي، اليوم الذي دقت أجراس الشياطين فرحا.
اليوم الذي صعدت فيه إلى الطائرة وجلست على الكرسي، إذ تمتد يد زوجي إلى الغطاء الذي على وجهي وينزعه بقوة ثم عباءتي وحجابي ونزعهما أيضا.
وأنا مستسلمة لا أدري كيف أتصرف والركاب أمامي وأخذ يردد علي نغمة أن الأعمال في القلوب قائلا:
· كم فتاة متحجبة لكنها تفعل الأفاعيل.
· كم فتاة متحجبة جلبت على أهلها العار.
· كم فتاة متحجبة أساءت إلى الإسلام.
· كم فتاة متحجبة قلبها أسود.
وأنا أستمع إليه لا أعرف كيف أرد عليه تارة، وأنظر إلى أولادي خوفا من أن يطلقني تارة أخرى، وأنظر إلى الركاب لا أريد الفضيحة، خاصة أن هذه أول مرة أخرج من بلادي " السعودية ".(1/6)
واستسلمت على نزع الحجاب وغضبت ربي وأرضيت زوجي، فتناسيت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق "، ووصلت إلى فرنسا، وأنا أرتجف من الحياء، والخوف، ونزلت من الطائرة ولكني وضعت في داخلها أعز شيء هو حجابي " الغطاء والعباءة " وسمعت داخل مطار " باريس " عبر الميكرفون أن هذه الطائرة سوف ترجع إلى الرياض، فرجع حجابي إلى السعودية كما بدأ.
· رجع إلى موطنه الأصلي الأصيل.
· رجع إلى موطن الإيمان.
· رجع إلى الموطن الذي عاهد الله على المحافظة على المرأة.
· رجع إلى موطن التوحيد.
رجعت الطائرة وهي تحمل حجابي وقلبي، ومرت الأيام والأسابيع، وأنا وزوجي وأطفالي نتنقل إلى بلدان أوروبا الغربية تارة فرنسا، وإيطاليا وتارة هولندا، وتارة بلجيكا، وتارة ألمانيا، وتارة أسبانيا، ونشاهد معالمهم ومتاحفهم، وحدائقهم، ومسارحهم ، ومطاعمهم، وأسوا قهم.
ونسيت حجابي وبدأت أرتدي من الملابس الفاخرة
وأضع على وجهي المكياج الفاخر وألبس الحذاء الذي يمشي على وحدة ونص، ويوم بعد يوم أذهب إلى الكوافيرة لتسريح شعري وزوجي يغدق علي من المال الوفير، وهو في أشد فرحه،وأخذ أأخر الصلاة، أو بالأصح أجمع الصلوات الخمس، خاصة صلاة الفجر فلا أصليها إلا في الضحى، بل وصل بي الأمر أن تجرأت ولبست القميص الحرير والجينز.
وبهذا الأمر عرفت أوروبا على حقيقتها المزيفة، وعرفت المرأة ا لأوروبية التي لا تفرق بين زوجها وعشيقها. عرفت العائلة الأوروبية التي يختلط معها عشيق بناتها في مائدة واحدة.
عرفت أوروبا ا لاستعمارية العدوة للعرب والإسلام، عرفت أوروبا التي تعتبر العري والخلاعة هو " تحرير للمرأة "، وأن المرأة المتحررة ينبغي أن تكون:
· راقصة في الملاهي.
· عارضة أزياء.
· فتيات الضيافة (فتيات البغاء).(1/7)
عشت أيامي في ظل تعاليم الشيطان، وتركت تعاليم الإسلام، وانغمست في الحياة وزخارفها، فنسيت بلادي السعودية وتعاليمها الدينية، التي علمتني منذ الصغر حب الدين والالتزام بالحجاب وأوامر الله.
بلادي السعودية التي حصنتني من الذئاب البشرية وجعلت لي كيانا كإمرأة لها احترامها وتقديرها لدى المسؤولين، فانغمست في بلاد الغرب والحياة الصاخبة، ورأيت الرذيلة في شوارعها متمثلة في:
· ممثلة.
· ملكة جمال.
· ملكة الإغراء.
تستخدم كل مفاتن جمالها لترويج البضائع التجارية، وبيع اللحم الرخيص.
اللقاء العجيب بيني وبين الإنجليزية
وفي يوم من الأيام كنت أنا وزوجي وأولادي نتجول في المحلات الكبرى، في بريطانيا، خاصة محلات هارديز، وأنا مندمجة في الشراء، من ملابس وحلي وهدايا لأهلنا وأصحابنا في الرياض، وكانت عيوني تطير هنا وهناك على الملابس والإكسسوارات وغيرها، وأنا منغمسة في ملذات الحياة رأيت إمرأة تتسوق ولكنها امرأة تختلف عن النساء الأوروبيات، امرأة متحجبة من رأسها إلى أخمص قدميها، فلا يرى منها إلا عيونها " برقع"، فيدها متحجبة بالقفازات ورجلها متحجبة بالجوارب.
· امرأة يسطع الإيمان في زيها.
· امرأة تسير في هدى وطمأنينة.
· امرأة لا تسمع صوتها.
· امرأة غربية في المجتمع الغربي.
فوقعت كالمجنونة وسقطت الهدايا من يدي، وبدأت يدي ترجف ونفسي تسأل من هذه المرأة:
· أهي عربية مسلمة؟
· أهي أجنبية مسلمة؟!!
· ماذا يا ترى؟!! من هذه يا ترى؟!!
فأسرعت كالعاصفة، وقلبي تزداد خفقات ضرباته، بين الخوف والفرج والتعجب؟!!، وحين قربت إليها، وقفت أنظر إليها نظرت إيمانية.....
وهي تنظر إلي!!
وأخذت أنظر إليها وهي تنظر إلي وكأن بيننا شيئا مشتركا لا أعرفه؟
فقلت لها: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فردت التحية بأحسن منها..
قلت لها: أنت عربية؟
قالت: لا..
قلت لها: أنت مسلمة بريطانية..(1/8)
قالت: نعم ولله الحمد وقد أسلمت أنا وزوجي وأولادي قبل سنتين، واسمي خديجة بعد أن كان اسمي ا كاترينا، ومدينتنا " برايتون "، وقد جئت أنا وزوجي إلى المؤتمر السنوي للمسلمين في لندن..
قلت لها: أنت في بريطانيا وكيف تلبسين هذا الحجاب
قالت: إن الله أمرنا بالالتزام بالحجاب، اسمعي
يا أختي العربية المسلمة، ماذا يقول الله جل وعلا:
((يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين )). سورة ا لأحزاب، 1 لآية 59. وقال تعالى ((وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن )). سورة الأحزاب، الآية 53
وقال تعالى: ((وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ))
وقال: (( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن ))سورة النور ، الآية 31.
ثم قالت تلك المرأة إنني أعتز بهذا الحجاب يا أختاه، إنه يحصنني من الرجال، وأنت يا أختاه الفاضلة أرجو أن تمسحي هذه المساحيق التي على وجهك، وتنزعي هذا البنطلون، ارجعي يا أختاه إلى حجابك الحصين، واتلي آيات الحجاب واقرئي أحاديث الحجاب واسمعي ا لأشرطة الإسلامية، وعيب يا أختاه أن أنصحك وأنا أعجمية حديثة الإسلام، عشت طوال حياتي في هجمية بريطانيا، فنحن أحق أن نسمع نصائحك وأنت من بلاد مكة والمدينة، وعربية الأصل ومسلمة منذ الصغر، ولكن مع الأسف الشديد أنكم تأثرتم بالحضارة ا لأوروبية التي تريد سقوط المرأة في الهاوية والوحل، وبالفعل قد سقطت المرأة الأوروبية في الحضيض، ومنهن أنا، لولا أن الله من علي بالهداية إلى الدين الإسلامي، فوجدت كرامتي وإنسانيتي.
· عرفت الكرامة مع الإسلام.
· عرفت الستر والعفاف مع الإسلام.
· عرفت قيمة بيتي مع الإسلام.
· عرفت العلم الصحيح مع الإسلام.
· عرفت احترام زوجي مع الإسلام.
· أختاه ارجعي إلى حجابك.
· ارجعي إلى بلادك الإسلام.(1/9)
· ارجعي إلى كرامتك.
· ارجعي إلي بيئتك الإيمانية.
وختمت نصيحتها قائلة: اسمعي يا أختاه هذه الآية: ((إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون * أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون )) سورة يونس آية 7-8
وقال صلى الله عليه وسلم : " أطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء " حديث صحيح .
ثم سلمت علي وقالت كلمة اهتز لها كياني ووجداني، أرجو من الله أن أراك بحجابك الذي نزعتيه ".
وهنا وقفت كنخلة لا تتحرك وأخذت عيوني تذرف من الدموع لهذه النصيحة ومن أين؟!!، من امرأة إنجليزية عاشت حياتها في مستنقعات تحرر المرأة والتقدم المزيف. وسقطت الهدايا من يدي وخرجت من محلات هارديز كالمجنونة إلى بيتي والدنيا مظلمة أمامي وأسأل نفسي:
· أين النور؟
· أين حجابي؟
· أين حياتي الإسلامية؟
· أين هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
· أين التعليم الذي تعلمته في مدرسة البنات بواسطة الرئاسة العامة لتعليم البنات؟
· أين؟؟ أين؟؟؟ وأين ؟؟؟....
وأخيرا قررت التوبة والرجوع إلى الله، وأخبرت زوجي، ولكنه أخذ يضحك بصوت عال قائلا:
هذه الإنجليزية رجعية!!!...
طلبت من زوجي الرجوع إلى الرياض....
إلى بلاد الإسلام....
· بلاد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر...
· بلاد الحرمين الشريفين...
· بلاد المرأة المسلمة...
· بلاد تحافظ على المرأة من الذئاب البشرية.
· بلاد النور والسعادة...
وأصررت على الرجوع إلى الرياض أو الطلاق، وجاء موعد إقلاع الطائرة والمتجهة إلى بلاد الرياض ... لبست حجابي.
· حجاب الستر.
· حجاب العفاف.
· حجاب يستر جسمي ولحمي من الرجال الأجانب.
· حجاب عائشة وحفصة وزينب... زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم .
رجعت إلى كرامتي التي دمرنها بكلمة شيطانية، وقد اتخذت منهجا أسير عليه، ألا وهو الدعوة إلى الله بين النساء.. لعلي أكفر عن ذنبي(1/10)
وقد أخذت درسا قاسيا بعد أن عرفت أن شعارات تحرير المرأة والمنادين بتحريرها لا يريدون إلا إفسادها وتدميرها، وتحطيمها، وإخراجها من دينها وحجابها.
وقد قيل :
فتحجبي بنت العفاف ترفعا عن أعين الفساق في النظرات
إن الحجاب وقاية الأعراض من سفه السفور و ذلة اللذات
لا تسمعي إفك الكلام بذمة من كل أفاك كثير هنات
وقد من الله علي بأن جعل زوجي يتوب إلى رشده تائبا نادما على ما فرط.
وهكذا رجعت الإبتسامة الإيمانية والقلوب التي تتلألأ إيمانا ونورا وهداية وانقلب بيتي إلى مدرسة إيمانية لا تعرف إلا الذكر الحكيم .
وكلما لبست حجابي للخروج من منزلي تذكرت أختي المسلمة الإنجليزية التي لها الفضل بعد الله في رجوعي إلى حجابي فسلامي إليها أين ما تكون وأين ما ترحل.
فهذه قصتي يا أختي المسلمة...
فهل أيتها السافرة التي خدعت من قبل الأشرار ترجعي إلى حجابك...؟
فإنه يناديك قائلا :
· أنا حجابك
· أنا عفافك
· أنا حصنك
· أنا سترك
· أنا حجاب زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم .
· أنا حجابك الذي يقول جل وعلا في حقي (( أطهر لقلوبكم وقلوبهن )).
فارجعي إلى حجابك مهما قال بعض الغوغائيين المتحررين من القيم والأخلاق من تلاميذ زويمر وسارتر وأنجلز وقاسم أمين وهدى هانم شعرواي، وتقدمهم المزيف ونشاطهم المخرب المضلل، فإنهم دعاة فساد وتدمير.
ارجعي إلى حجابك يا فتاة الإسلام...
ارجعي إلى حجابك يا أختي ويا أمي ويا ابنتي.
فإذا قالوا أنت رجعية قولي لهم:
أنا رجعية... في حجابي
وإذا كان حجابي بهذا الوصف، فلا أنزعه أبدأ مادمت حية ولا يراني رجلا أبدا ما دمت حية، حتى ألقي الله يوم الحساب.
هذه رسالتي إليك أيتها الأخت الفاضلة أرجو من الله أن تجد مكانا في قلبك...
وأتمنى لك السعادة في الدنيا والآخرة...
وأتمنى أن أراك أيتها الفتاة السافرة راجعة إلى حجابك إلى طهرك إلى عفافك...(1/11)
فيومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله تعالى، وتنكس أعلام الشعارت المزيفة ويختفي التبرج من العالم الإسلامي، بذلك ترتفع راية الإسلام شاهقة خفاقة يحملها رجال قد رضعوا من أمهاتهم طهرا وحنانا ، وبذلك يمكن الله لنا في الأرض وجعلنا ورثة جنة النعيم .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
أخوكم
أحمد الحصين
---(1/12)