( .... فَاقْصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (
سورة الأعراف آية 176
( 1 )
آل ملك اليمن إلى أميرين من الحبشة. الأول أرياط والثانى أبرهة فاختلفا فيما بينهما، ومع كل منهما جيش كبير .
وأصبحت المواجهة بين هذين الجيشين آتية لا محالة .
فقال أحدهما للآخر إنه لا حاجة بنا إلى اصطدام الجيشين ، ولكن ابرز إلي وأبرز إليك فأينا قتل الآخر استقل بعده بالملك .
وخرج كل منهما للمبارزة فى منطقة منعزلة بحدود مائية
وليس معهما أحد إلا وزيران ؛ لكل منهما وزير .
ولا دخل لأحد الوزيرين فى المبارزة .
وكان البون كبيرًا بين الرجلين.
فقد كان أرياط جسيمًا عظيمًا في يده حربة. أما أبرهة فكان قصيرا حادرًا .
ودارت المبارزة عنيفة إما حياة معها الملك والسيادة وإما موت فى هذه اللحظة .. ودارت المبارزة بينهما فى قتال حتى الموت .
و حمل أرياط على أبرهة فضربه بالسيف ضربة هائلة شرم بها أنفه وفمه وشق وجهه فسال الدم الأحمر على وجهه الأسود .
وأوشكت المعركة أن تُحسم لصالح أرياط .
لولا أن حدث ما لم يكن فى الحسبان إذ تدخل وزير أبرهة (عتودة) فضرب أرياط ضربة غدر قاتلة من الخلف فمات لوقتها .
فاستسلم وزير أرياط وجيشه، فقد مات أميرهم. فعلام يقاتلون ؟!
وكان أبرهة رجلا حليما، فاستمال الجيش له وأخبرهم أن هذا أمر لا دخل له فيه ، بل إن وزيره تصرف من تلقاء نفسه .
وبذلك استقل أبرهة بمُلك اليمن .
وعلم النجاشى بما حدث من اتفاق أبرهة مع عتودة على تلك الخطة الغادرة لقتل أرياط ، فغضب غضبًا شديدًا .
وكتب إليه يسفه فعلته ويتوعده ويحلف ليطأن بلاده ويجز ناصيته .
وما كانت قوة أبرهة لتصمد ولو للحظات أمام قوة النجاشى ، وأيقن أبرهة أنه لا مجال إلى المقاومة فلجأ إلى الحيلة .
فأرسل أبرهة إلى النجاشى يترقق له ويصانعه وبعث إليه بهدايا وتحف وبجراب فيه من تراب اليمن وحلق ناصيته فأرسلها معه .(1/1)
وقال فى رسالته إلى النجاشى : ليطأ الملك على هذا الجراب فيبر قسمه وهذه ناصيتي قد بعثت بها إليك .
فلما وصل ذلك إلي النجاشى أعجبه منه ورضي عنه وأقره على عمله .
ومبالغة فى إرضاء النجاشى أرسل أبرهة إليه يقول : إني سأبني لك كنيسة بأرض اليمن لم يبن قبلها مثلها .
فشرع في بناء كنيسة هائلة بصنعاء رفيعة البناء عالية الفناء مزخرفة الأرجاء سمتها العرب القليس لارتفاعها لأن الناظر إليها تكاد تسقط قلنسوته عن رأسه من ارتفاع بنائها .
وعزم أبرهة الأشرم على أن يصرف حج العرب إليها كما يحج إلى الكعبة بمكة ونادى بذلك في مملكته .
ولكن وخلافا لتصوره فإنه لم ينصرف أهل مكة عن الكعبة فحسب بل إن أهل اليمن والحبشة أيضا لم ينسوها واستمروا بالذهاب إليها للحج.
وبعث أبرهة رجلا إلى بني كنانة يدعوهم إلى حج تلك الكنيسة فقتلوا ذلك الرجل .
و ذهب إلى القليس رجل من العرب و دخلها ليلا فأحدث فيها من بوله وبرازه ثم خرج فلحق بأرضه .
فلما علم أبرهة بذلك.
فقال : من صنع هذا ؟
فقيل : صنعه رجل من أهل هذا البيت الذي تحج إليه العرب بمكة فغضب فجاء فقعد فيها أي أنها ليست لذلك بأهل .
وجاء فتية من تجار قريش فنزلوا على ساحل البحر إلى القليس فأوقدوا نارا لطعامهم وتركوها و ارتحلوا فهبت ريح عاصف على النار فاحترقت القليس .
فأقسم أبرهة بعد هذه الأحداث ليسيرن إلى بيت مكة وليخربنه حجرا حجرا .
..............................
أما فى الحاضر فقد دارت المعركة الانتخابية فى الولايات المتحدة الأمريكية على منصب الرئاسة بين قطبيها : بوش ، وآل جور .
وكاد آل جور أن تنتهى المعركة لصالحه ، لولا أن تدخلت ألاعيب السياسة والحيل التى انتهجها بوش للفوز بهذه المعركة .
وتدخل الجميع لتنتهى هذه المعركة ولتطوى صفحتها حفاظا على وحدة الولايات المتحدة .
واستمال بوش لصالحه اللوب اليهودى وأعطى له الوعود والمواثيق أن يكون لهم خادمًا مطيعًا .(1/2)
وكما بنى أبرهة كنيسةً وأراد أن تحج إليه العرب ليستميل إليه النجاشة ، فقد أراد بوش أن يفرض المناهج الغربية فى المنطقة.
وكما أحرق بعض العرب القليس أعلى قمة لدي أبرهة والرمز الذى اتخذه علمًا له ؛ فقد قام بعض المسلمين بمهمة الحادى عشر من سبتمبر بضرب وحرق أعلى برجين عندهم - رمز الحضارة فى أمريكا - استهزاءً بهذه القوة الغاشمة .
وسنرى كيف تحرك القوتان فى الماضى والحاضر ..
( 2 )
توجه أبرهة مع جيشه العظيم المجهز بأقوى الأسلحة قاصدا مكة . ومعهم فيل عظيم يقدمونه فى مقدمة الصفوف ليهدم به الكعبة بأن يجعل السلاسل في الأركان وتوضع في عنق الفيل ثم يزجر ليلقي الحائط جملة واحدة .
وسمعت بذلك العرب ، فخرج إليه رجل من أشراف أهل اليمن وملوكهم يقال له ذو نفر فدعا قومه إلى حرب أبرهة .
وقاتله فهُزم ذو نفر وأصحابه وأخذ له ذو نفر فأتي به أسيرا .
فلما أراد قتله قال له ذو نفر : أيها الملك لا تقتلني فإنه عسى أن يكون بقائي معك خيرا لك من قتلي فتركه وحبسه عنده
ثم مضى أبرهة فى طريقه إلى هدم مكة ، حتى إذا كان بأرض خثعم عرض له نفيل بن حبيب يقود من تبعه من قبائل العرب فقاتله فهزمه أبرهة .
وأراد قتله لكنه تركه على أن يدله على مكة وشعابها .
حتى إذا مر بالطائف وثقيف خرج إليه مجموعة من الرجال فقالوا له : أيها الملك إنما نحن عبيدك سامعون لك مطيعون ليس عندنا لك خلاف و إنما تريد البيت الذي بمكة .
وسوف نبعث معك رجلا يدلك على هذا البيت فتجاوز عنهم .
و بعث أبرهة رجلا إلى مكة فساق إليه أموال أهل تهامة من قريش وغيرهم وأصاب فيها مائتي بعير لعبد المطلب بن هاشم فهمت قريش وبعض القبائل الأخرى بقتاله ، ثم عرفوا أنهم لا طاقة لهم به فتركوا ذلك .
وبعث أبرهة إلى أهل مكة رجلا يخبرهم على لسان الملك: إني لم آت لحربكم ، إنما جئت لهدم هذا البيت ، فإن م تعرضوا لي بحرب فلا حاجة لي بدمائكم .(1/3)
فقال عبد المطلب لذلك الرسول : والله ما نريد حربه وما لنا بذلك منه طاقة هذا بيت الله الحرام وبيت خليله إبراهيم عليه السلام فإن يمنعه منه فهو حرمه وبيته وإن يحل بينه وبينه فو الله ما عندنا دفع عنه .
فقال له الرسول : فانطلق إليه فإنه قد أمرني أن آتيه بك فأنطلق معه عبد المطلب ومعه بعض أولاده حتى أتى العسكر .
فسأل عبد المطلب عن ذي نفر وكان صديقا له حتى دخل عليه وهو في محبسه فقال له : يا ذا نفر هل عندك من غناء فيما نزل بنا؟
فقال له ذو نفر : وما غناء رجل أسير بيدي ملك ينتظر أن يقتله غدوا وعشيا ! ما عندي غناء في شيء مما نزل بك إلا أن أنيسا سائس الفيل صديق لي فسأرسل إليه وأوصيه بك وأعظم عليه حقك وأسأله أن يستأذن لك على الملك فتكلمه بما بدا لك ويشفع لك عنده بخير إن قدر على ذلك .
فقال عبد المطلب : حسبي .
فبعث ذو نفر إلى أنيس فأوصاه بعبد المطلب .
فكلم أنيس أبرهة قائلا : أيها الملك هذا سيد قريش ببابك يستأذن عليك وهو صاحب عين مكة يطعم الناس بالسهل والوحوش في رؤوس الجبال فأذن له عليك فيكلمك في حاجته .
فأذن له أبرهة .
ودخل عبد المطلب على أبرهة ، وكان عبد المطلب أوسم الناس وأعظمهم وأجملهم .
فلما رآه أبرهة أجله وأعظمه عن أن يجلسه تحته .
فنزل أبرهة عن سريره فجلس على بساطه وأجلسه معه عليه إلى جنبه .
فقال له عبد المطلب : أظنك تقصد مكة .
فأجابه أبرهة : نعم ، قل ما حاجتك ؟ ولم جئت إلى هنا؟
قال عبد المطلب : إن جندك أخذوا منى مائتا بعير ، فأريد ابلي التي أخذها جندك منى .
قال أبرهة : ماذا تقول ؟ لقد جئتُ لهدم الكعبة وأنت تفكر فى إبلك ؟
قال عبد المطلب : أنا صاحب الإبل ، وإن لهذا البيت صاحب سيمنعه .
قال أبرهة : ما كان ليمتنع مني !
قال عبد المطلب : أنت وذاك .
قال أبرهة : حسنا جدا ، أيها الجندى أرجع إليه إبله .
وأعدوا الجند إلى مكة .(1/4)
وكانت كلمات بسيطة لكن أذن الزمان تلقتها بكل وعى ويأتى إلينا صداها من حين لآخر ..
للبيت رب يحميه .. للبيت رب يحميه .
وانصرف عبد المطلب بعد تصميم الملك على القتال وبعدما رأى قوة الجيش الهادر وبعدما رأى مصير من قاوم ذلك الجيش .
وكان عبد المطلب سيد مكة وزعيمها بلا منافس رجلا دينا وهو الذى نذر أن يذبح أحد أولاده إذا اكتمل لديهم من صلبه عشرة أبناء كلهم قد بلغ مبلغ الرجال .
وكاد أن يبر بقسمه ويذبح ولده و فلذة كبده عبد الله لولا أن تدخل كبراء مكة وأشاروا عليه بتقديم قربان من الإبل ففعل .
ولما رجع إلى قريش وأخبرهم الخبر سألوه ماذا يفعلون .
فعلم عبد المطلب أن المعركة غير متكافئة بالمقاييس البشرية .
لكن الله له فى ذلك شأن آخر وسيحمى بيته لا محالة .
فأمرهم بالخروج من مكة و التحرز بأعالى الجبال والشعاب تخوفا عليهم معرة الجيش .
ثم قام عبد المطلب ومعه نفر من قريش يدعون الله ويستنصرونه فقال عبد المطلب وهو آخذ بحلقة باب الكعبة :
لا هم إن العبد يمنع
وانصر على آل الصليب
لا يغلبن صليبهم
إن يدخلوا البلد الحرام
***
***
***
***
رحله فأمنع حلالك
وعابديه اليوم آلك
ومحالهم عدوا محالك
فأمر ما بدالك
ثم ترك عبد المطلب حلقة باب الكعبة .
ثم أنطلق هو ومن معه من قريش إلى شغف الجبال فتحرزوا فيها ينتظرون ما أبرهة فاعل بمكة إذا دخلها .
..............................
وكما اجتهد العرب فى الماضى فى الدعاء والابتهال لرد هذه القوة الغاشمة - قوة أبرهة والفيل والجنود والعتاد - ، فقد دعا المسلمون فى الحاضر فى المساجد فى بلدان العالم الإسلامى أن يرد عنهم هذه الهجمة التى لا طاقة لهم بها وكانوا يبكون فى قنوتهم فى معظم صلوات الجماعة .(1/5)
والأول والآخر يقر كل منهم بقلة الحيلة فى مواجهة هذه القوى الغاشمة .. وكما دعا عبد المطلب أن هذا البيت بيتك فامنعه يارب ويا صاحب هذا البيت ، فكأن المسلمين كانوا يقولون : يا رب هذا دينك وهؤلاء الغزاة جاءوا يزيلونه ويفرضون مناهجهم فابرم لنا أمر رشد من عندك .
وكما ترك العرب الأوائل وسلموا الأمر لله حتى خرجوا إلى الشعاب وأعالى الجبال ، فقد تفككت قوى الدفاع العراقية واستسلم الجميع لدخول القوات الأمريكية. وترك الناس القنوت فى المساجد وتساءل الكثير : أين أثر هذه الدعوات ؟! وما علموا ما الله فاعل بالجميع .
وظن بوش كما ظن أبرهةُ من قبل أن الأمور قد استقرت إليه. وماهى إلا لحظات حتى يهدم كل منهما البيت ويفرض مناهجه فى المنطقة . لكن يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون .
(3)
تهيأ أبرهة فى الصباح لدخول مكة وهيأ فيله وعبأ جيشه .
وكان اسم الفيل محمودا .
فلما وجهوا الفيل إلى مكة أقبل نفيل بن حبيب حتى قام إلى جنب الفيل ثم أخذ بأذنه .
فقال له : ابرك محمود وارجع راشدا من حيث جئت فإنك في بلد الله الحرام ثم أرسل أذنه .
فبرك الفيل وخرج نفيل بن حبيب يشتد حتى صعد الجبل .
وضربوا الفيل ليقوم فرفض .
و جعلوا لا يصرفونه إلى جهة من سائر الجهات إلا ذهب فيها فإذا وجهوه إلى الحرم ربض وصاح .
وجعل أبرهة يحمل على سائس الفيل وينهره ويضربه ليقهر الفيل على دخول الحرم .
و قاموا بتسخين قضبان من الحديد ثم يضعوها على جسد الفيل ليطيعهم فرفض.
فوجهوه راجعا إلى اليمن فقام يهرول .
ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك .
ووجهوه إلى المشرق ففعل مثل ذلك .
ووجهوه إلى مكة فبرك .
وبينما كانوا مشغولين بفيلهم محمود ، إذ بأسراب من الطير تأتى كجماعات من كل مكان ومن كل اتجاه ، لم ير قبلها ولا بعدها مثلها، مع كل طائر منها ثلاثة أحجار : حجر في منقاره وحجران في رجليه أمثال الحمص والعدس .(1/6)
أمام كل فرقة طائر يقودها أحمر المنقار أسود الرأس طويل العنق فأهالت ما في مناقيرها على من تحتها .
فنزلت الحجارة عليهم تعرفهم واحدًا واحدًا كأنه مكتوب على كل حجر اسم صاحبه المقتول به .
لا تصيب منهم أحدا إلا هلك .
و كان الحجر يقع على خوذة أحدهم فيخرقها ويقع في دماغه ويخرق الفيل والدابة ويغيب الحجر في الأرض من شدة وقعه.
وكما كانت الطيور طيورا مخصوصة كذلك كانت الحجارة حجارة مخصوصة لإهلاك هؤلاء المتكبرين والمتجبرين على الله وعلى بيته الحرام .
وكان أصحاب الفيل ستين ألفا فتبعثروا وتقطعت أجسادهم كأنهم تبن أو كورق الزرع تأكله البهائم فترمى به هنا وهناك . وصارت أوصالهم مقطعة ذراع هنا ورأس هناك وقدم هنا و كبد هناك ..
ولم يرجع منهم أحد إلا أميرهم أبرهة رجع ومعه شرذمة قليلة .
وأصيب في جسده وخرجوا به معهم يسقط أنملة أنملة كلما سقطت منه أنملة أتبعتها منه قيحا وصديدا ودما .
حتى قدموا به إلى صنعاء اليمن وهو مثل فرخ الطائر فما مات حتى أنصدع صدره عن قلبه. فلما أخبروا بما رأوا هلكوا .
وكان الله قادر على أن يهلكه معهم لكنه أبقاه ليحكى للناس بنفسه ما حدث . فيصدق الخبر من أهل مكة مع أهل اليمن ليعظم الله بيته الحرام .
..............................(1/7)
وكما أرسل الله تعالى للأوائل طيرًا أبابيل من حيث لا يشعرون ولا يتوقعون ، فقد أرسل للآخرين جنودًا فى العراق يجاهدون فى سبيل الله ، وتساءل الجميع هل هذه المجموعات الصغيرة ستقف امام القوة العسكرية لأمريكا . وإذا بالأيام تمر وكل يوم يأتى لصالح هؤلاء المجاهدين وإذا بالجنود الأمريكان يقطعون أشلاء فتكثر فيهم الجراحات والقتلى ، وكما حاول الأول أن يدفع الفيل إلى هدم البيت فقد حاول بوش ومساعده رامسفيلد أن يدفعوا بالقوى العسكرية أن تنجز مهماتها فى العراق بسرعة وبطريقة غاشمة ... لكن الأيام تمضى والخاسر الأكبر هو رامسفيلد وبوش فجنودهم تقتل وترسل أشلاءً الى أوطانها التى جاءت منها ورد الله الذين كفروا لم ينالوا خيرا .
(4)
و كان أهل مكة يتقدمهم عبد المطلب فى أعالى الجبال يدعون الله ويستنصرونه وينتظرون ما تصير إليه الأمور.
مثلما ينتظر من يدعو الله لينزل عليه المطر من السماء ،
فإذا بهم يرون من بعيد طيورًا قد أقبلت من ناحية البحر.
فقال عبد المطلب : إن هذه الطير غريبة بأرضنا وإنها تشبه يعاسيب النحل وفي مناقيرها وأرجلها حجارة .
فلما رأوا الطيور ، فبعث عبد المطلب ابنه عبد الله على فرس له ينظر ما لقوا من تلك الطير فإذا القوم مشدخين جميعا.
فرجع يركض فرسه كاشفا عن فخذه .
فلما رأى ذلك أبوه قال : إن إبني هذا أفرس العرب وما كشف عن فخذه إلا بشيرا أو نذيرا .
فلما دنا من ناديهم بحيث يسمعهم الصوت .
قالوا : ما وراءك قال : هلكوا جميعا فخرج عبد المطلب وأصحابه فأخذوا أموال الجيش الهالك .
حتى أن عبد المطلب حفر حفرتين فملأهما من الذهب والجوهر .
ثم أصاب الناس من أموال الجيش الهالك حتى فاض المال .
ولما رد الله الحبشة عن مكة عظمت العرب قريشا وقالوا : هم أهل الله قاتل الله عنهم وكفاهم مئونة عدوهم .(1/8)
و كانت قصة الفيل فيما بعد من معجزات النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وإن كانت قبله وقبل التحدي لأنها كانت توكيدا لأمره وتمهيدا لشأنه .
وأنزل الله تعالى سورة يحكى فيها كيف فعل بأصحاب الفيل ، ولما تلا عليهم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - سورة الفيل كان بمكة عدد كثير ممن شهد تلك الوقعة فلم يعترضوا عليه بل أقروا بتلك الحادثة.
وأبقى الله قائد الفيل وسائقه أعميين يستطعمان الناس فى عصر النبى - صلى الله عليه وآله وسلم - ليجعل الله ذلك آية للناس .
واحتفظ بعض أهل مكة ببقية من تلك الحجارة سودا مخططة بحمرة
وهكذا هلك أبرهة وجيشه .. وحمى صاحب البيت بيته .
..............................
وكما تعجب عبد المطلب ومن معه من هذه الطيور الغريبة، فقد تعجب العَالمَََ ُ أجمع - وأول من تعجب المسلمون والعرب قبل غيرهم - من هؤلاء المجاهدين الذين جاءوا من أنحاء الأرض كالطيور المهاجرة الغريبة ولا يدرى أحد من أين جاء هؤلاء ؟! جاءوا - بأمر الله - يدمرون هذه القوى الأمريكية ويبثون فيها الرعب والخوف والهلع.
وأبقى الله تعالى بوش ورامسيفلد منبوذين حتى من شعبهما ، وعمياوين فى التفكير وفى الضلال ، وعبرة لكل من تسول له نفسه أن يأتى إلى أراضى الإسلام ويحاول القضاء على بيت الله أو دين الله.
وتتمنى أمريكا أنها لم تكن جاءت إلى العراق حتى لا تضيع هيبتها وحتى لا تلاقى ما لاقت من عناء وقتلى وخسارة ..
والله أكبر
والله غالب على أمره ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
منير عرفه
monirrrrrrr@yahoo.com
??
??
??
??
- 13 -(1/9)