|
تم استيراده من نسخة : أ/علي عبد الباقي
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، بلغ رسالة ربه خير بلاغ، وأدى أمانة ربه خير أداء، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه الذين حملوا هذا الدين ونشروه في ربوع الدنيا، فجزاهم الله عنَّا خير الجزاء ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن الله عز وجل شرَّف هذه الأمة، وجعلها خير أمة أخرجت للناس، وذلك بفضل الدعوة إلى الله تعالى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن هذه الأمة آخر الأمم ولم تنقطع الدعوة بموت الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، بل أمر الدعوة ماضٍ إلى يوم القيامة، يحملها جيل عن جيل حتى تبلغ الدعوة وتقام حجة الله على خلقه ويظهر دينه، قال الله عز وجل: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}.
(1/1)
قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله- : أي بالعلم النافع والعمل الصالح يظهر هذا الدين، والهدف من الدعوة إلى الله عز وجل هو العمل على انتشار الخير والفضيلة، وتقليل واندثار الشر والرذيلة وكلما ازداد الضلال والفساد، ازدادت الدعوة وجوبًا على الدعاة ليكثفوا جهودهم في نشر الخير، يحدوهم الأمل في هداية أحد؛ إرضاءً لله عز وجل وأن يفوزوا بالأجر والفضل، ولو اهتدى على أيديهم رجل واحد، للحديث الشريف الذي رواه مسلم -رحمه الله- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعلي -رضي الله عنه-: «فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من حمر النعم» وكذلك الحديث الآخر، الذي رواه مسلم رحمه الله عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا».
فهذا فضل عظيم، أن الداعي يعطي مثل أجور من هداهم الله على يديه ولو كانوا آلاف الملايين، فهنيئًا لك أيها الداعية بهذا الخير العظيم، وبهذا يتضح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يُعطى مثل أجور أتباعه إلى يوم القيامة؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - دلهم على كل خير، وكذلك أصحابه ومن تبعهم إلى يوم الدين، وأنت أيها الداعية في كل زمان تعطى أجور أتباعك والقابلين دعوتك فاغتنم وسارع إليها ولا تغفل عنها.
ومن باب النصح والتعاون على البر والتقوى فقد وفقني الله عز وجل وأسهمت بهذه الرسالة تعاونًا معك أخي الداعية تذكيرًا لكل مسلم عامة ولكل داعية خاصة، وسميتها: «أخي الداعية .. هنيئًا لك» فما كان فيها من خير وصواب فهو من الله عز وجل ذي الفضل العظيم، وما كان فيها من خطأ وزلل فمن نفسي ومن الشيطان.
(1/2)
والله أسأل أن يوفقنا إلى ما يحبه ويرضاه، وأن يجعلنا من الدعاة في سبيله بحق وصدق، وأن يتوفانا وهو راضٍ عنَّا، وأن يحشرنا في ظله يوم لا ظل إلا ظله في زمرة سيد الدعاة - صلى الله عليه وسلم - إنه سميع قريب مجيب الدعاء، والله من وراء القصد والهادي إلى سواء السبيل.
كتبه
أبو أسامة رجب رجب سلامة
المعروف بـ: عبد الله بن رجب
السعودية ص.ب (154491 الرياض 11746)
* * * *
الوقفة الأولى
فضل الدعوة إلى الله
1- الداعي في أعلى مراتب الفضل والأجر والثواب، قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 33].
قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: هو في نفسه مهتدٍ بما يقوله، فنفعه لنفسه ولغيره لازم ومتعدٍّ، وليس هو من الذين يأمرون بالمعروف ولا يأتونه وينهون عن المنكر ويأتونه، بل يأتمر بالخير ويترك الشر ويدعو الخلق إلى الخالق تبارك وتعالى، وهذه عامة في كل من دعا إلى الخير وهو في نفسه مهتدٍ ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولى بذلك.
وذكر عن الحسن البصري -رحمه الله- أنه تلا هذه الآية: فقال: هذا حبيب الله، هذا ولي الله، هذا صفوة الله، هذا خيرة الله، هذا أحب أهل الأرض إلى الله، أجاب الله في دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من دعوته، وعمل صالحًا في إجابته، وقال: إنني من المسلمين، فالداعي أحسن الناس كلامًا وأحسنهم عملاً، إذا صدق عمله قولَه.
2- أن الدعوة إلى الله عمل الأنبياء والمرسلين، قال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108].
(1/3)
قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: يقول تعالى لعبده ورسوله إلى الثقلين الإنس والجن، آمرًا له أن يخبر الناس، أنه هذه سبيله؛ أي طريقه ومسلكه وسنته وهي الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يدعو إلى الله بها على بصيرة من ذلك ويقين وبرهان هو وكل من اتبعه، يدعو إلى ما دعا إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بصيرة ويقين وبرهان شرعي وعقلي، منزهًا الله عز وجل عن الشريك، فالمتأمل في هذه الآية الكريمة يرى فيها صفتين:
الصفة الأولى: أنهم داعون إلى الله.
الصفة الثانية: يدعون إلى الله على بصيرة.
فقوله تعالى: { أَدْعُو إِلَى اللَّهِ } بالجار والمجرور؛ ليختلف الحال عن مَنْ يدعو لغير الله أو يدعو لنفسه.
كما ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتابه التوحيد، في المسائل المستفادة من هذه الآية: «التنبيه على الإخلاص»، فمن الناس من يدعو إلى نفسه رياء وسمعة، فالخير في الدعوة أن تكون النية خالصة لله تعالى.
فلا تدعو إلى جماعة أو إلى حزب أو إلى شخص، وقوله تعالى: { عَلَى بَصِيرَةٍ } أي على علم نافذ صحيح لا شبهة فيه، وقوله تعالى: { أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي } فالداعي معطوف وتابع وناشر دين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فهو في المقام والحال والفضل له أجر الدعاة.
فكل من علم علمًا صحيحًا بدليله وفهم صحيح عن السلف فعليه أن يدعو إليه ويؤديه إلى غيره، وعلينا أن نفرق بين أمرين:
أ- لا يدعو إلاَّ العلماء.
ب- لا يدعو إلاَّ من علم.
(1/4)
لو قلنا: لا يدعو إلاَّ من علم: أي من علم مسألة بحجتها الصحيحة يدعو إليها بدليل حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «نضر الله وجه امرئ سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها، فرب حامل فقه ليس بفقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه» (1) فمن سمع المقالة الواحدة وحفظها وأدها صحيحة فله أجر نضارة الوجه، ولذلك فالعلم يتجزأ بالمسائل، فكذلك الدعوة تتجزأ بالمسائل، فمن دعا إلى رد الشبهات فقد دعا إلى الله، ومن دعا إلى إتيان الفرائض ودعا إلى الأخلاق الكريمة، فقد دعا إلى الله تعالى، فالدعوة إلى الله غير مختصة ببابٍ دون باب.
قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: تتنوع الدعوة من حيث الوجوب ومن حيث الوقوع.
3- الداعي إلى الله ومعلم الناس الخير مثل الأرض الطيبة. في الحديث عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضًا؛ فكانت منها طائفة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير ...» [الحديث متفق عليه]. فمعنى الغيث في الحديث هو الوحي والعلم الشرعي.
فالداعي إلى الله تعالى كالأرض الطيبة قبلت الماء وهو العلم الشرعي، فحفظه وعمل به وعلمه غيره فأنبت وأثمر كثيرًا بسبب الدعوة.
4- الدعاة إلى الله مفلحون في الدنيا والآخرة. قال الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: 104].
قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى-: المقصود من هذه الآية، أن تكون فرقة من هذه الأمة متصدية لهذا الشأن، وإن كان ذلك واجبًا على كل فرد بحسبه، فأولئك هم المفلحون الفائزون بجنات النعيم.
__________
(1) رواه الترمذي عن ابن مسعود وقال: حديث حسن صحيح.
(1/5)
5- الدعوة إلى الله خيرية هذه الأمة. قال الله تعالى: { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ } [آل عمران: 110].
قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى-: يخبر تعالى عن هذه الأمة المحمدية بأنهم خير الأمم، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: خير الناس للناس تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام.
وقال الإمام أحمد -رحمه الله-: عن درة بنت أبي لهب قالت: قام رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر فقال: يا رسول الله، أي الناس خير؟ قال - صلى الله عليه وسلم - : «خير الناس أقرؤهم وأتقاهم لله، وآمرهم بالمعروف، وأنهاهم عن المنكر وأوصلهم للرحم» وذكر الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى-: الصحيح أنَّ هذه الآية عامة في جميع الأمة، كل قرن بحسبه، وخير قرونهم الذين بعث فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، وإنما حازت هذه الأمة قصب السبق إلى الخيرات بنبيها محمد - صلى الله عليه وسلم - ، فإنه أشرف خلق الله تعالى وأكرم الرسل على الله، وبعثه الله بشرع كامل عظيم لم يُعطه نبي قبله ولا رسول من الرسل، فالعمل على منهجه وسبيله يقوم القليل منه ما لا يقوم العمل الكثير من أعمال غيرهم مقامه.
وبالتأمل في الآية يُلحظ تقديم الأمر والنهي على الإيمان؛ وذلك لأن الإيمان بالله قاصرٌ على من آمن وحده، أما الآمر الناهي مؤمن وإيمانه تعدى بالدعوة إلى غيره، فالعلماء والدعاة أفضل من غيرهم؛ لأنهم آمنوا وعملوا وعملوا.
(1/6)
5- الداعي إلى الله ومعلم الناس الخير له فضل عظيم: الله سبحانه يصلي عليه وكذلك ملائكته ويستغفر له كل شيء، في الحديث عن أبي أمامة -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلمي الناس الخير» [رواه الترمذي وقال: حديث حسن] وفي رواية عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :«وإنَّ العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء ...» [رواه أبو داود والترمذي] فالدعوة إلى الله تعالى من أسباب المغفرة.
6- الداعي إلى الهدى له أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، في الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا» [رواه مسلم]. فمن علّمته تصحيح معتقده وإذا علمت مائةً الصلاة الصحيحة- فلك مثل أجورهم لا ينقص من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى الهدى ولو بعمل بسيط فله أجر من اهتدى به، مثل مطوية في أذكار الصباح والمساء، علق لوحة «اذكر الله»، «لا تنس ذكر الله»، فكل من قرأها وذكر الله تعالى فلك مثل أجره، «نشر كتاب» ليستفيد منه الناس في سيرهم إلى الله تعالى، وأثر الدعوة ليس مختصرًا على الدنيا بل ممتد في الآخرة، قال الله تعالى: { إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ } [يس: 12]فمعنى { مَا قَدَّمُوا } أي في الدنيا {وَآَثَارَهُمْ} أي بعد موتهم، في الحديث: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» [رواه مسلم].
(1/7)
7- الداعي إلى الله: مجاهد في سبيل الله: في مكة قبل أن يشرع الجهاد بالسنان، كان الجهاد بالدعوة باللسان وإقامة الحجة والبيان، قال الله تعالى: { فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا } [الفرقان: 52] قال ابن عباس -رضي الله عنهما- أي: جاهدهم بالقرآن.
وفي الحديث: «لا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق ظاهرين حتى تقوم الساعة» فلا بد من وجود طائفة ظاهرة منصورة.
قال أهل العلم: نصرها وظهورها إما بالسنان أو باللسان والبيان، وأنَّ الله تعالى جعل نبيه ظاهرًا منصورًا في مكة قبل الهجرة وبعدها، فهم ظاهرون منصورون حتى لو كانوا قليلين في البلاد؛ لأنَّ حجتهم والحق معهم أعظم من غيرهم، فمن كان داعيًا بما معه من القرآن الكريم وصحيح السنة سائرًا على هدي السلف الصالح مستقيمًا على أدب الدعوة وشروطها- فهو مجاهد في سبيل الله تعالى.
* * * *
الوقفة الثانية
ثمرات الدعوة إلى الله تعالى على الفرد والمجتمع والدولة
أولاً: على الفرد الداعي:
إنَّ الداعي إلى الله تعالى يقوى فيه أشياء إيمانية منها:
1- يضعف تسلط الشيطان على النفس، فمن دعا يحب ما دعا إليه ويكره الشر.
2- يشعر الداعية بالعزة خاصة في هذا الزمان الذي كثر فيه الملهيات ومغيرات الفطرة، فإن عنده عزة تبعثه على عدم قبول الشر، ويشعر بعزة في قلبه بالتوحيد ودين الله، ولو كان واحدًا فهو أمة، قال تعالى: { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً } ومعنى { أُمَّةً } لئلا يتوحش سالك الطريق من قلة السالكين، فيقوي فيه الحب والعزة والمنعة من المؤثرات.
3- الداعي يحب أهل الخير ويعينهم عليه، فمن ثمرات الدعوة أنه يكون قلبه مع من يحب الله ورسوله.
4- الداعية يشعر بالسعادة وانشراح الصدر ليس عنده قلق ولا ضيق في صدره ولا بعُد عن السكينة والطمأنينة.
5- الدعوة توطن الإنسان المسلم على حب الآخرة وعدم الركون إلى الدنيا وزخرفها.
(1/8)
ثانيًا: من ثمرات الدعوة، على المجتمع:
1- تحقيق الولاية: فالمؤمنون بعضهم أولياء بعض.
2- يتحقق بالدعوة رفع العقوبات والبلاء عن المجتمع.
3- يرتفع الإثم العام عن الناس؛ لأنَّ الدعوة فرض كفاية.
ثالثًا: ثمرات الدعوة، على الدولة، ومعنى «الدولة» الراعي والرعية:
1- سبب في تحبيب الراعي إلى الرعية، وتحبيب الرعية إلى الراعي، فالكل عبد لله تعالى.
2- بالدعوة يتحقق الأمن الذي هو أعلى مطالب الدولة؛ الأمن النفسي، الأمن الاجتماعي، الأمن العقدي الديني: { الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ } [الأنعام: 82].
* * * *
الوقفة الثالثة
خطر ترك الدعوة إلى الله
إنَّ من سنن الله الماضية أن يسلط عقوباته على المجتمعات التي تفرط في شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فسنن الله تعالى في خلقه ثابتة لا تتغير، ولا تحابي أحدًا ولا تتخلف عن وجود أسبابها، قال الله تعالى: { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ } [المائدة: 78].
وعن حذيفة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «والذي نفسي بيده، لتأمرنَّ بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابًا منه، ثم تدعون فلا يستجاب لكم» [رواه الترمذي وقال: حديث حسن].
فهذا الحديث تحذير شديد يهز القلوب، ويدفع أصحابها إلى أن يكونوا من أولي البقية الذي ينهون عن الفساد في الأرض.
(1/9)
عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «مثل القائم على حدود الله، والواقع فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها فكان الذي في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا، ولم نؤذِ من فوقنا؛ فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا».
فالمجتمع تمامًا مثل أصحاب السفينة هؤلاء، والناصحون في الأمة هم صمام الأمان والنجاة لها من الإهلاك العام، فإن فقد هذا الصنف من الناس فإن الأمة وإن كان فيها الصالحون يحل عليها عذاب من الله كلها صالحها وفاسدها، وسبب ذلك لأنَّ الفئة الصالحة سكتت عن إنكار الخبث، وعطلت شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فاستحقت أن يشملها العقوبة، نسأل الله السلامة والعافية.
* * * *
الوقفة الرابعة
حكم الدعوة إلى الله
الدعوة إلى الله تعالى واجبة على هذه الأمة وحق للبشرية عليها، وهذا الوجوب يكون فرض كفاية، إذا قام به من يكفي من الأمة سقط الإثم عن الباقين، وإن لم يقم به أحد أو قام به من لا تحصل به الكفاية أثم كل أفراد الأمة ممن عنده الاستطاعة.
قال الله تعالى: { وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ } [آل عمران: 104].
(1/10)
قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى-: «والمقصود من هذه الآية أن تكون فرقة من هذه الأمة متصدية لهذا الشأن، وإن كان ذلك واجبًا على كل فرد من الأمة بحسبه» فالواجب على أهل العلم والإيمان أن يقوموا بهذا، وأن يبلغوا رسالات الله إلى عباده، ولا يخشون في الله لومة لائم، وقد يكون ذلك فرض عين إذا كنت في مكان ليس فيه من يؤدي ذلك سواك، وأما إذا وجد من يقوم بالدعوة والتبليغ والأمر والنهي غيرك فإنه يكون في حقك سنة، وإذا بادرت إليه وحرصت عليه كنت بذلك منافسًا في الخيرات وسابقًا إلى الطاعات، وعند غلبة الجهل وكثرة المنكرات -كحالنا اليوم- تكون الدعوة فرض عين على كل واحد بحسب طاقته وعلمه ومعرفته، يبدأ بنفسه يعلمها ويزكيها، ثم من يعول من الأهل والأولاد والأقارب والجيران والأصدقاء وغيرهم، حتى ينتشر العلم والفضيلة ويندثر الجهل والرذيلة.
عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» [رواه مسلم].
(1/11)
فالمتأمل في هذا الحديث الشريف: أن المنكر يغير بحسب المستطاع، متدرجًا في ذلك من أقوى صور الإنكار إلى ما هو دونها، أما من حيث الواقع العملي، فالذي يحدث أولاً هو تأثر القلب ونفوره وإنكاره للمنكر عندما يراه، ثم يرسل القلب الأوامر إلى اللسان لينطق بإنكار ذلك المنكر على من وَاقعه واقترفه، فإن امتثل وأقلع عن منكره فهذا هو المراد وإلا كان الانتقال إلى التغيير باليد وذلك ليس لكل أحد، وإنما لمن كان ممكنًا وله السلطة في التغيير باليد مثل الحاكم أو من ينيبه، وكذلك مدير مصلحة أو مدير مدرسة، وكذلك صاحب البيت بقدر ما يراه من مصلحة في التغيير باليد، أما إقامة الحدود والتعزيرات فمن حق السلطان أو من ينيبه وليس ذلك لأفراد الرعية أو جماعة من الجماعات، والإنكار بالقلب فرض عين على جميع المسلمين في جميع الأحوال؛ لأن القلب لا سلطان عليه لأحدٍ من الناس حتى يستطيع منع مقت المنكر وكرهه.
* * * *
الوقفة الخامسة
ركائز نجاح الدعوة ثلاثة
أولاً: منهج حق صحيح من الكتاب والسنة:
قال الله تعالى: { قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ } [النور: 45].
وقوله: { اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ } [الأنفال: 24]، وقوله تعالى: { وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } [الحشر: 7]، وقوله تعالى: { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ...} [آل عمران: 31]، وقوله: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا } [النساء: 56].
(1/12)
وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «إنَّ أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وكل بدعة ضلالة» [رواه مسلم] وفي الحديث: «تركتُ فيكم ما إن تمسكتم به فلن تضلوا بعدي أبدًا: كتاب الله وسنتي».
فيجب على الداعية أن يدعو بمنهج صحيح بفهم صحيح عن سلف الأمة؛ لأنَّ هذا المنهج هو السبيل الصحيح والطريق القويم للعمل بهذا الدين. وقد أمرنا الله تعالى باتباع سبيل المؤمنين وهم السلف الصالح، قال تعالى: { وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا } [النساء: 115]. ولذلك ما انحرف المنحرفون، وما ضلَّ الضالون من المبتدعة والفرق الضالة والمذاهب الباطلة من الخوارج والمعتزلة والرافضة إلاَّ بعد أن انحرفوا عن فهم السلف الصالح، وادّعوا فهمًا لأنفسهم فضَلوا وأضلوا.
ثانيًا: أسلوب الدعوة على منهاج النبوة:
لقد أرسل الله تعالى الرسول محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بشيرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، وجعله قدوة وأسوة في عبادته ودعوته؛ فقد دعا إلى الله في كل أحيانه وأحواله، فقد دعا في ضعفه وقوته، وفي صحته ومرضه، وفي غناه وفقره، وفي سفره وإقامته، وفي سلمه وحربه، وفي حلمه وشدته، فجديرٌ بنا أن نفقه أسلوب النبي - صلى الله عليه وسلم - في دعوته، وننزل كل حال على حاله - صلى الله عليه وسلم - ، ونتعلم كيف دعا فيها - صلى الله عليه وسلم - . وعلى الداعية أن يكون بصيرًا بما يلي:
أ- بالمنهج الذي يدعو إليه: فيكون عالمًا بأحكامه بفهم صحيح ومعرفة الحلال والحرام، والواجب والمكروه، والمستحب والمندوب والجائز؛ حتى لا يخلط في الأحكام فيدعو الناس إلى حكم حرام وهو حلال، أو يُوجب عليهم ما هو مندوب أو مباح وغير ذلك.
(1/13)
ب- أن يكون بصيرًا بحال المدعوين ومعرفة منازلهم، وقدر عقولهم، وقد بيَّن القرآن الكريم حال المدعوين ودرجاتهم في العلم والمعرفة قال الله تعالى: { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ } [النحل: 125].
فالأول: جاهل: وهذا يُعلَّم ويُفهَّم بالرفق واللين والحكمة واللطف والرأفة؛ حتى يفهم عن الله أحكامه وفرائضه، ومحابه ومساخطه، فيعبد الله على علم وهدى؛ فتزكو نفسه وتصفو روحه بالعلم والحلم، ولا يتناسب مع هؤلاء العوام الشدة والغلظة، فينفرون من العلم.
والثاني: عالمٌ، وهذا العالم له أسلوب في نصحه ودعوته إذا صدر منه خطأ أو نسيَ، فالعالم يُذكرَّ ويوقَّر، فليس بذل النصح للعلماء الفضلاء كنصح السفهاء لا في التلقي ولا الأداء؛ لأن العلماء هم حملة الشريعة، المبلغون لدين الله تعالى العاملون المتقون أهل الفضل والحلم، وهم الدعاة إلى الله المجاهدون في سبيل الله، الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر الحافظون لحدود الله، وهم مع ما لهم من علم وفضل بشرٌ يخطئون ويصيبون، وصوابهم أكثر من خطئهم.
وخطؤهم ليس حجة، ولا ينبغي أن يكون مرتكز الغيبة والنميمة، وتكون مناصحة أهل العلم الفضلاء على جهة التذكير، وتلميح الإشارة لا بصريح العبارة، وبالأسلوب المناسب لمكانهم الملائم لهيئتهم وما خصهم الله به من مزية العلم وفضل المعرفة.
(1/14)
الثالث: المعاند، سواء من أهل الكفر والضلال أو من المبتدعة أصحاب المذاهب الباطلة، فهؤلاء المناسب في دعوتهم يُجادلون بالتي هي أحسن؛ لأن الجدال فيه مظنة الإغضاب، فإذا كان الجدال بالتي هي أحسن حصلت منفعته، ويحسُن قبل مجادلة هؤلاء ينبغي معرفة مظاهر ضلالهم وانحرافهم وكذلك معرفة كيف رد علماء السلف عليهم وكشف ضلالهم، وينبغي أن يكون المجادل من أهل الحق على علم وبصيرة بأسلوب الجدال والمناظرة؛ لأنه عسى أن يكون المعاند ذا لسان مراوغ فيُظن أن الحق معه وهو على الباطل.
وإليك أخي الحبيب بعض مواقف السلف في دعوة هذه الأصناف:
أولاً: المواقف الدعوية بالحكمة:
فمن مواقف النبي - صلى الله عليه وسلم - :
1- موقفه مع الأعرابي الذي بال في المسجد.
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد فقال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : مه مه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «لا تزرموه، دعوه فتركوه حتى بال، ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعاه فقال له: إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله، والصلاة، وقراءة القرآن» أو كما قال - صلى الله عليه وسلم - ، قال: فأمر رجلاً من القوم فجاء بدلو من ماء فشنه عليه. [رواه مسلم في كتاب الطهارة].
قال فضيلة الشيخ سعيد القحطاني -حفظه الله- تعقيبًا على هذه الرواية: النبي - صلى الله عليه وسلم - أحكم خلق الله، فمواقفه وتصرفاته كلها مواقف حكمة مشرفة، ومن وقف على أخلاقه ورفقه وعفوه وحلمه ازداد يقينه وإيمانه بذلك.
(1/15)
وهذا الأعرابي قد عمل أعمالاً تثير الغضب، وتسبب عقوبته وتأديبه من الحاضرين، ولذلك قام الصحابة إليه، واستنكروا أمره، وزجروه؛ فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقطعوا عليه بوله؛ لأن هذا الأعرابي قد شرع في المفسدة، فلو منع ذلك لزادت المفسدة، وقد حصل تلويث جزء من المسجد، فلو منعه - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك لدار بين أمرين:
إما أن يقطع عليه بوله؛ فيتضرر الأعرابي بحبس البول بعد خروجه.
وإما أن لا يقطعه؛ فلا يأمن من تنجيس بدنه، أو ثوبه، أو مواضع أخرى من المسجد، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالكف عنه للمصلحة الراجحة وهي دفع أعظم المفسدتين أو الضرر باحتمال أيسرهما، وتحصيل أعظم المصلحتين بترك أيسرهما.
وهذا من أعظم الحكم العالية، فقد رسم - صلى الله عليه وسلم - لأمته والدعاة من بعده كيفية الرفق بالجاهل وتعليمه ما يلزمه، من غير تعنيف ولا سبٍّ، ولا إيذاء ولا تشديد.
الموقف الثاني: من النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الشاب الذي استأذنه في الزنا.
(1/16)
عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: إنَّ فتى شابًّا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه! فقال له: «ادنه» فدنا منه قريبًا، قال: «أتحبه لأمك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم، قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم، قال: أفتحبه لخالتك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم، قال: فوضع يده عليه وقال: اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصَّن فرجه». فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء. [أخرجه أحمد في مسنده، وانظر: سلسلة الصحيحة للألباني (1/370)].
وهذا الموقف الحكيم العظيم مما يؤكد على الدعاة إلى الله -عز وجل- أن يعتنوا بالرفق والإحسان إلى الناس، ولا سيما من يُرغبُ في استئلافهم؛ ليدخلوا في الإسلام أو ليزيد إيمانهم ويثبتوا على إسلامهم، والمتأمل في هذا الموقف العظيم كيف حاور النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الشاب حتى أقنعه وصرفه عن الزنا الحرام.
ثانيًا:
إليك هذه المواقف الجميلة في الدعوة بالموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن: مع حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-.
(1/17)
1- ذكر هذه القصة الدكتور عبد الرحمن رأفت الباشا في كتابه الجميل «صور من حياة الصحابة» من مناقب عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- لما اعتزل بعض أصحاب علي -رضي الله عنه- وخذلوه في نزاعه مع معاوية -رضي الله عنه- قال عبد الله بن عباس: -رضي الله عنهما- لعليٍّ -رضي الله عنه-: ائذن لي يا أمير المؤمنين أن آتي القوم وأكلمهم، فقال: إني أتخوف عليك منهم، فقال: كلا إن شاء الله، ثم دخل عليهم فلم يرَ قومًا قط أشد اجتهادًا منهم في العبادة، فقالوا: مرحبًا بابن عباس، ما جاء بك؟ فقال: جئت أحدثكم، فقال بعضهم: لا تحدثوه.
وقال بعضهم: قل نسمع منك. فقال: أخبروني ما تنقمون على ابن عم رسول الله، وزوج ابنته وأول من آمن به؟!
قالوا: ننقم عليه ثلاثة أمور:
قال: وما هي؟
قالوا: أولها: أنه حكَّم الرجال في دين الله.
ثانيها: أنه قاتل عائشة ومعاوية ولم يأخذ غنائم ولا سبايا.
وثالثها: أنه محا عن نفسه لقب أمير المؤمنين، مع أن المسلمين قد بايعوه وأمّروه. فقال: أرأيتم إن أسمعتكم من كتاب الله وحدثتكم من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لا تنكرونه، أفترجعون عما أنتم فيه؟
قالوا: نعم.
(1/18)
قال: أما قولكم: إنه حكم الرجال في دين الله، فالله سبحانه وتعالى يقول: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ } [المائدة: 95]. أنشدكم بالله، أفحكم الرجال في حقن دمائهم وأنفسهم وصلاح ذات بينهم أحق أم حكمهم في أرنب ثمنها ربع درهم؟! قالوا: بل في حقن دماء المسلمين وإصلاح ذات بينهم، فقال: أخرجنا من هذه؟ قالوا: اللَّهمَّ نعم.
قال: وأما قولكم: إن عليًّا قاتل ولم يسبِ كما سبى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، أفكنتم تريدون أن تسبوا أمكم عائشة وتستحلونها كما تستحل السبايا؟!.
فإن قلتم: نعم، فقد كفرتم، وإن قلتم: إنها ليست بأمكم كفرتم أيضًا.
فالله سبحانه وتعالى يقول: { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ } [الأحزاب: 6].
فاختاروا لأنفسكم ما شئتم، ثم قال: أخرجنا من هذه أيضًا؟
قالوا: اللَّهمَّ نعم.
قال: وأما قولكم: إن عليًّا قد محا عن نفسه لقب إمرة المؤمنين، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين طلب من المشركين يوم الحديبية أن يكتبوا في الصلح الذي عقده معهم: «هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله، قالوا: لو كنا نؤمن أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب "محمد بن عبد الله" فنزل عند طلبهم وهو يقول: والله إني لرسول الله وإن كذبتموني».
فهل خرجنا من هذه؟ فقالوا: اللَّهمَّ نعم.
(1/19)
وكان من ثمرة هذا اللقاء وما أظهره فيه عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- من حكمة بالغة وحجة دامغة أن عاد منهم عشرون ألفًا إلى صفوف عليٍّ رضي الله عنه.
2- وهذا موقف آخر بالجدال بالتي هي أحسن.
موقف الإمام أبي حنيفة النعمان بن ثابت -رحمه الله- مع الملحدين: اجتمع طائفة من الملاحدة بأبي حنيفة -رحمه الله- فقالوا: ما الدلالة على وجود الصانع؟ فقال: دعوني، فخاطري مشغول بأمر غريب، قالوا: ما هو؟ قال: بلغني أن في دجلة سفينة عظيمة مملوءة من أصناف الأمتعة العجيبة، وهي ذاهبة وراجعة من غير أحد يحركها ولا يقوم عليها، فقالوا له: أمجنون أنت؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: إن هذا لا يصدقه عقل.
فقال لهم: فكيف صدقت عقولكم أن هذا العالم بما فيه من الأنواع والأصناف والحوادث العجيبة وهذا الفلك الدوَّار السَّيار يجري، وتحدث هذه الحوادث من غير مُحدث، وتتحرك هذه المتحركات بغير محرك؟ فرجعوا على أنفسهم بالملام.
[انظر: درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية (3/127)].
3- من مواقف الحكمة في الدعوة موقف الإمام مالك وهو يرد على المبتدعة.
سأل رجل الإمام مالك فقال: يا أبا عبد الله: { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } [طه: 5].
كيف استوى؟ فما وجد مالك -رحمه الله- من شيء ما وجد من مسألته، فنظر إلى الأرض وجعل ينكت بعود في يده حتى علاه الرحضاء «العرق»، ثم رفع رأسه ورمى بالعود، وقال: «الكيف غير معقول والسؤال منه غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وأظنك صاحب بدعة، وأمر به فأخرج».
وهذا موقف حكيم مسدد؛ لأنه أجاب بالإجابة قاعدة ثابتة لأهل السنة والجماعة، تُجرى عليها صفات الله تعالى كلها.
4- كذلك من المواقف الحكيمة للإمام مالك في بيان الفهم الصحيح، قال له بعض العباد يلومه على تركه الجهاد وانشغاله بالعلم فقال الإمام مالك -رحمه الله-:
(1/20)
«إن الله قسم الأعمال كما قسم الأرزاق، فرب رجل فتح له في الصلاة، ولم يفتح له في الصوم، وآخر فتح له في الصدقة ولم يفتح له في الصوم، وآخر فتح له في الجهاد، فنشر العلم من أفضل أعمال البر، وقد رضيت بما فتح لي فيه، وما أظن ما أنا فيه بدون ما أنت فيه، وأرجو أن يكون كلانا على خيرٍ وبرٍّ».
5- وهذا موقف عظيم أصولي للإمام الشافعي مع أهل الكلام:
جاء رجلٌ من أهل الكلام إلى الشافعي وهو في مصر فسأله عن مسألة من الكلام فقال له الشافعي: أتدري أين أنت؟ قال الرجل: نعم، قال: هذا الموضع الذي أغرق الله فيه فرعون، أبلغك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بالسؤال عن ذلك؟
قال: لا.
قال: هل تكلم فيه الصحابة؟
قال: لا.
قال: هل تدري كم نجمًا في السماء؟
قال: لا.
قال: فكوكب منها تعرف جنسه، طلوعه، أفوله، مم خلق؟
قال: لا.
قال: فشيء تراه بعينك من الخلق لست تعرفه.
تتكلم في علم خالقه؟
ثم سأله الشافعي عن مسألة من الوضوء فأخطأ فيها، فرّعها على أربعة أوجه، فلم يصب في شيء من ذلك، فقال له: شيء تحتاج إليه في اليوم خمس مرات تدع علمه، وتتكلف علم الخالق؟
(1/21)
إذا هجس في ضميرك ذلك فارجع إلى الله وإلى قوله تعالى: { وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } [البقرة: 163، 164] فاستدل بالمخلوق على الخالق، ولا تتكلف علم ما لم يبلغه عقلك، فتاب الرجل على يد الشافعي من علم الكلام، وأقبل على فقه الكتاب والسنة، وكان يقول بعد التوبة: «أنا خُلقٌ من أخلاق الشافعي».
ونعود بعد هذه المواقف الطيبة في أسلوب الدعوة إلى الركيزة الثالثة من ركائز الدعوة وهي:
الصبر على الدعوة وعدم استعجال النتائج:
لأن الهدف من الدعوة إخراج الناس من الظلمات إلى النور وإرشادهم إلى الحق، حتى يأخذوا به وينجوا من النار، وغضب الله تعالى، وإخراج الكافر من ظلمة الكفر إلى نور الإسلام، وإخراج الجاهل من ظلمة الجهل إلى نور المعرفة والعلم، وإخراج العاصي من ظلمة المعصية إلى نور العبادة والطاعة، وأن يكون همّ الداعية تزكية نفسه وإخوانه والاستقامة على الحق بالعلم والعمل الصالح، ولا يكون شغله الشاغل وهمه كثرة العدد من الناس دون تزكية وتربية صحيحة على المنهج القويم، فكثرة العدد دون منهج صحيح فتنة وضلال.
قال الله تعالى: { وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ } [الأنعام: 116] فرسالة الرسل وأتباعهم هي الدعوة إلى المنهج الحق ومسألة التوفيق لإصابتهم من عند الله تعالى.
(1/22)
قال تعالى: { إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ } [الشورى: 48].
وقال تعالى: { فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ } [الغاشية: 21، 22].
وينبغي على الداعية ألا يستعجل نتائج دعوته، بل يسير في دعوته بالأسلوب الحكيم والقدوة الحسنة.
ملاحظة مهمة جدًّا جديرة بالانتباه:
كثير من الناس يستعجلون النتائج ويظنون أن المعركة يمكن أن تبدأ مع الحكام أولاً، ثم بعد ذلك يسعون في إصلاح نفوس الناس وتعبيدهم لله عز وجل، وفي الحقيقة أن هذا المنهج مخالف للمنهج القرآني، وهو أن المعركة تبدأ مع النفوس أولاً، وذلك بتطهيرها من الشرك، وتعبيدها لله تبارك وتعالى، وتزكيتها بالعبادات، فهذا طريق الأنبياء وأتباعهم وليس بالمواجهة المسلحة ولا بالمهاترات السياسية والانشغال بنقد الحكام والمسئولين على المنابر والتشهير بهم علانية، فما جعلت المنابر إلا لوعظ ونصح العوام، أما المسئولون فلهم أسلوب في نصحهم ووعظهم بالحكمة والرفق واللين، حتى يكون أدعى للإجابة.
وينبغي أن يكون واضحًا أمام الدعاة أن الطريق طويل وشاق.
وأن الدعوة تنتقل من مرحلة إلى مرحلة، وأن لكل أسلوبها وخاصيتها.
وإذ ندعو إخواننا إلى معرفة مراحل الدعوة والأسلوب الواجب فيها، ندعوهم أيضًا إلى الإيمان واليقين في ظهور هذا الدين قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا } [الفتح: 28].
وقال سبحانه: { وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ } [الصافات: 173].
وعندما نكون المؤمنين بحق والمسلمين بصدق ينصرنا الله سبحانه، فوعدنا بذلك جل جلاله ووعده الحق.
قال عز وجل: { وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ } [الروم: 47].
(1/23)
وقوله تعالى: { وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا } [النساء: 141] وينبغي الاهتمام في الدعوة أولاً إلى التوحيد وصدق التوجه إلى الله وحده وإخلاص العبودية لله وحده، فأسباب القوة والتمكين بقوة إفراد الله بالعبادة، وأسباب الخذلان والخسران، والهزيمة ومحو البركات، بقدر التقصير في إفراد الله بالعبادة قال الله تعالى: { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } [الأعراف: 96].
وقوله سبحانه: { وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا } [الجن: 16].
وقوله جل شأنه: { وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } [طه: 124].
وقوله سبحانه: { وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ } [النحل: 112].
* * * *
الوقفة السادسة
شروط نجاح الداعية
* إخلاصه لله عز وجل -في دعوته- لا يبتغي بها شهرة ولا جاه ولا سمعة ولا رياء، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «من تعلم علمًا مما يبتغي فيه وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضًا من الدنيا- لم يجد عرف الجنة يوم القيامة»، أي ريحها [رواه مسلم بإسناد صحيح].
* أن يتسلح بسلاح العلم النافع الموروث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من الكتاب وصحيح السنة.
* أن يكون قدوة في مظهره ومخبره وتعامله، وأن يكون طيب الكلام حسن العشرة.
(1/24)
* أن يكون بيته قدوة في اتباع السنة الشريفة؛ لأنَّ الناس ينظرون إلى أثر دعوته في بيته في أهله وأولاده، فعارٌ عليه أن يدعو الناس ويترك بيته دون دعوة وإرشاد وتوجيه.
* تحضير درسه أو خطبته؛ لأنه في مقام سام وأنه المبلغ عن الله تعالى المتحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
* أن يحترم عقول المستمعين، ويراعي مشاعرهم ويدعوهم إلى الحق وبما يستطيعون أن يعملوه ولا يحملهم فوق طاقتهم.
* في أثناء خطبته ودرسه يكثر من الآيات الكريمة والآثار الصحيحة، ولا يكثر من الحشو الذي لا ينفع ولا يفيد.
هذا والله أسأل أن يوفقنا إلى رضاه، وأن يتقبل أعمالنا ويجعلها خالصة صالحة، وأن يجعلها في موازين حسناتنا يوم نلقاه.
إنه سميع قريبٌ مجيب الدعاء والهادي إلى سواء السبيل.
تمت الرسالة بفضل الله عز وجل، فله الحمد والمنة، ليلة الثلاثاء الثاني عشر من ذي القعدة 1421هـ.
كتبه
أبو أسامة
رجب رجب سلامة
المعروف بـ عبد الله رجب
* * * *
المراجع
1- القرآن الكريم.
2- تفسير القرآن العظيم، للحافظ ابن كثير - رحمه الله-.
3- التفسير الميسر، نخبة من العلماء - جزاهم الله خيرًا-.
4- رياض الصالحين، للإمام النووي تخريج الشيخ الألباني - رحمه الله -.
5- رسائل في الدعوة وأخلاق الدعاة لكل من:
- الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -.
- الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -.
- الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله -.
- الشيخ عبد الرب نواب الدين - حفظه الله -.
6- كتاب الحكمة في الدعوة إلى الله، للشيخ سعيد بن وهف القحطاني - حفظه الله -.
7- كتاب وقفات تربوية في السيرة النبوية، للشيخ أحمد فريد - حفظه الله -.
8- محاضرة بعنوان فضل الدعوة وثمراتها، للشيخ صالح آل الشيخ - حفظه الله -.
جزى الله تعالى هؤلاء الأعلام خير الجزاء.
الفهرس
مقدمة ... 5
الوقفة الأولى فضل الدعوة إلى الله ... 6
(1/25)
الوقفة الثانية ثمرات الدعوة إلى الله تعالى على الفرد والمجتمع والدولة ... 6
أولاً: على الفرد الداعي: ... 6
ثانيًا: من ثمرات الدعوة، على المجتمع: ... 6
ثالثًا: ثمرات الدعوة، على الدولة، ومعنى «الدولة» الراعي والرعية: ... 6
الوقفة الثالثة خطر ترك الدعوة إلى الله ... 6
الوقفة الرابعة حكم الدعوة إلى الله ... 6
الوقفة الخامسة ركائز نجاح الدعوة ثلاثة ... 6
أولاً: المواقف الدعوية بالحكمة: ... 6
فمن مواقف النبي - صلى الله عليه وسلم - : ... 6
1- موقفه مع الأعرابي الذي بال في المسجد. ... 6
الموقف الثاني: من النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الشاب الذي استأذنه في الزنا. ... 6
ثانيها: أنه قاتل عائشة ومعاوية ولم يأخذ غنائم ولا سبايا. ... 6
وثالثها: أنه محا عن نفسه لقب أمير المؤمنين ... 6
الصبر على الدعوة وعدم استعجال النتائج: ... 6
ملاحظة مهمة جدًّا جديرة بالانتباه: ... 6
الوقفة السادسة شروط نجاح الداعية ... 6
المراجع ... 6
الفهرس ... 6
(1/26)