أثر المملكة العربية السعودية الرائد في الاهتمام بالدراسات الاستشراقية
خلال ربع قرن
1400-1425
تأليف
الدكتور مازن بن صلاح مطبقاني
الأستاذ المشارك بقسم الثقافة الإسلامية
كلية التربية بجامعة الملك سعود
الطبعة الأولى
1426هـ/2005م
المقدمة
تأتي أهمية الحديث عن دور المملكة العربية السعودية الرائد في الاهتمام بدراسة الاستشراق ونقده في عهد خادم الحرمين الشريفين رحمه الله من أنّ كيان هذه البلاد قام حين قام مستمداً شرعيته ووجوده من اتخاذ القرآن الكريم دستوراً، ومن الشريعة الإسلامية قانوناً يحكم جوانب الحياة جميعاً. وقد قامت هذه الدولة منذ نشأتها على نشر الدعوة الإسلامية، وتصحيح المفاهيم ومحاربة الاتجاهات المعادية للإسلام، والتيارات الفكرية الضالة التي هاجمت أمتنا العربية الإسلامية، ومن أبرزها العلمانية والشيوعية والاستشراق.
ولما كانت المملكة العربية السعودية قد احتاجت إلى ابتعاث عدد من أبنائها إلى الخارج، والاستعانة بعدد من أساتذة الجامعات من الدول العربية والإسلامية وحتى الدول الغربية، فكان لا بد أن يجد الاستشراق ثغرة ينطلق من خلالها إلى أفكار الشباب السعودي في الجامعات بصفة خاصة، ولاسيما الذين درسوا في الجامعات الغربية في مجال العلوم الاجتماعية واللغة العربية وحتى العلوم الشرعية. كما تأثر الشباب السعودي بالاستشراق من خلال ما تقدمه وسائل الإعلام الغربية الموجَّهة إلى العالم العربي الإسلامي؛ كإذاعة لندن، وصوت أمريكا، ومونت كارلو، وغيرها من الإذاعات. وكذلك كان لوسائل الإعلام الأخرى مثل الصحف والمجلات الوافدة إلينا من الدول العربية تأثير في نشر الفكر الاستشراقي. وأخيراً عرفنا الغزو الفكري الذي يعتمد على الطروحات الاستشراقية من خلال القنوات الفضائية.(1/1)
ومن أجل مواجهة الغزو الفكري المتمثل في الاستشراق الذي دخل إلى كثير من المناهج الدراسية، ومن خلال وسائل الإعلام المختلفة فإن المملكة العربية السعودية أدركت هذه الخطورة فقررت أولاً جعل مادة الثقافة الإسلامية إحدى متطلبات الجامعة في السنوات الدراسية الأربع، ولم تكتف بذلك بل قررت تدريس مواد متخصصة في الاستشراق في جامعة الملك عبد العزيز، وجامعة الملك سعود، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. ولم تقتصر دراسة الاستشراق على الدراسات الشرعية فقط، فقد تقرر تدريس هذه المادة على طلاب كلية الآداب وكلية العلوم الاجتماعية في بعض الجامعات السعودية.
وزيادة على ذلك أنشأت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وَحْدة الدراسات الاستشراقية والتنصيرية بعمادة البحث العلمي بالرياض عام 1402هـ، ثم تطور الأمر إلى إنشاء قسم الاستشراق بالمعهد العالي للدعوة الإسلامية بالمدينة المنورة (كلية الدعوة حالياً) عام 1403هـ. وكانت جامعة الإمام قد عقدت في رحابها مؤتمر الفقه الإسلامي عام 1396هـ، وكان من ضمن محاوره الغزو الفكري، وجمعت بحوث هذا المحور ونشرت في كتاب، وكان الاستشراق أحد أهم موضوعات الغزو الفكري.(1/2)
أما قسم الاستشراق فقد قام بتقديم برامج الماجستير والدكتوراه منذ نشأته وتخرج فيه ما يربو على مائة دارسٍ في مرحلتي الماجستير والدكتوراه، كما شارك أعضاء القسم في نشر العديد من الدراسات والكتابات في وسائل الإعلام المختلفة، وحضر عدد منهم بعض المؤتمرات الدولية ممثلين للمملكة حول دراسة الاستشراق، كما شارك بعضهم في المحافل الأدبية في المملكة للحديث عن الاستشراق. وبناءً على دعوة من معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد شاركتُ باسم مركز المدينة المنورة لدراسات وبحوث الاستشراق بجناح خاص بالاستشراق في معارض وسائل الدعوة الذي أقامته الوزارة في كل من جدة والرياض والقصيم،وساهمت في تقديم معلومات عن الاستشراق والدعوة للوعي بالاستشراق وخطورته.(1/3)
وقد وجدنا أن الدول العربية والإسلامية الأخرى قد اهتمت بالاستشراق، ومن الأمثلة على ذلك ما كتبه الدكتور مصطفى السباعي تحت عنوان (السنّة ومكانتها في التشريع الإسلامي)(1) ليرد أساساً على افتراءات المستشرقين وعلى رأسهم جولدزيهر في مسائل الحديث النبوي الشريف، بالإضافة إلى جهوده الميدانية في زيارة معاقل الاستشراق والكتابة عن ذلك في مجلة حضارة الإسلام، وكذلك ما نشر من مؤلفات كثيرة حول الاستشراق من بينها مثلاً ما كتبه عباس محمود العقاد رحمه الله في كتابه (ما يقال عن الإسلام)، والأستاذ محمود شاكر رحمه الله في كتابيه (أباطيل وأسمار)(2) و(رسالة في الطريق إلى ثقافتنا)(3)، وكتابات محمد محمد حسين رحمه الله، وبخاصة كتبه (الاتجاهات الوطنية في الأدب العربي الحديث)(4) و(حصوننا مهددة من داخلها: أو في وكر الهدامين)(5) و(الإسلام والحضارة الغربية)(6)، وكتاب (فلسفة الاستشراق في دراسة الأدب العربي) لأحمد سمايلوفتش الذي كان في الأصل رسالة دكتوراه قدمت لجامعة القاهرة في عام 1974م/(1394هـ). ومنها أيضاً كتاب نجيب العقيقي بعنوان (المستشرقون) الذي يعد حتى الآن أوسع مرجع لأسماء آلاف المستشرقين وترجمات لهم (7)
__________
(1) مصطفى السباعي، السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، ط2(بيروت ودمشق: المكتب الإسلامي، 1396هـ/1967م).
(2) كانت وزارة الإعلام السعودية توزع هذا الكتاب مجاناً، مما يدل على أن المملكة أدركت أهمية مثل هذا الكتاب في الرد على الغزو الفكري، وبخاصة في مجال تأثير الاستشراق.
(3) هذا الكتاب كان جزءاً من كتاب عن المتنبي ثم أفرده الشيخ رحمه الله بالنشر في كتاب عن دار الهلال، ثم قامت دار المدني بجدة بنشره في 1407هـ/1987م.
(4) مصر: المطبعة النموذجية، 1982، ط2.
(5) ط5، (بيروت ودمشق: المكتب الإسلامي، 1398هـ/1978م).
(6) ط1 ،(بيروت ودمشق: المكتب الإسلامي، 1399هـ/1979م).
(7) قدمت مشروعاً مفصلاً لعمادة البحث العلمي بجامعة الإمام لإعداد موسوعة الدراسات العربية والإسلامية في الغرب في بداية العام الدراسي 1423هـ-1424هـ، وقد وافق مجلس العمادة على المشروع.(1/4)
. وغيرها كثير مما نجده في مجلة (الرسالة) أو في صحف ومجلات أخرى. كما نجد كتابات قيمة للرد على المستشرقين في شبه القارة الهندية، مثل كتابات شبلي النعماني وأبي الأعلى المودودي وأبي الحسن الندوي وغيرهم. وقد عقدت ندوات في بعض البلاد العربية والإسلامية حول الاستشراق، منها: (المؤتمر الدولي حول الاستشراق والدراسات الإسلامية) الذي عقد في جامعة عبد المالك السعدي بالتعاون مع المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة عام 1417هـ، والمؤتمر الدولي حول الاستشراق: الخطاب والقراءة في كلية العلوم الإسلامية والحضارة بجامعة وهران عام 1420هـ، والمؤتمر الدولي حول العلاقات العربية الأمريكية:نحو مستقبل مشرق الذي عقد في عمّان بالأردن بالتعاون مع جامعة برجام يونجBrigham Young بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1421هـ.
ولكن ريادة المملكة العربية السعودية في هذا المجال أمر واضح للعيان، يشهد بذلك إنشاء وحدة بحث متخصصة ثم إنشاء قسم علمي هو الوحيد في العالم الإسلامي يتخرج فيه عشرات الطلاب، بالإضافة إلى النشاطات الأخرى في العديد من الجامعات السعودية، بالإضافة إلى نشاطات المؤسسات والهيئات التي تهتم بالفكر والثقافة مما أعطى المملكة العربية السعودية مكان الصدراة في الاهتمام بالاستشراق دراسة ونقداً.
…وفي ختام هذا التقديم يسرني أن أتقدم بالشكر لسعادة عميد البحث العلمي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الأستاذ الدكتور تركي ابن سهو العتيبي؛ لتفضله بالإذن لي بالاطلاع على وثائق وحدة الدراسات الاستشراقية والتنصيرية التي أرجو أن يعود العمل فيها قريباً، كما أشكر له تشجيعه المستمر لي على مواصلة البحث العلمي ودعم فكرة نشر هذا الكتاب، وعلى ما لقيت من معاملة راقية في أثناء عملي في العمادة.(1/5)
وأشكر سعادة أمين عام مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية الأستاذ الدكتور يحيى محمود بن جنيد على كل ما قدمه للباحث من مساعدة ودعم، وأنوِّه بالدور الكبير لهذه المؤسسة المهمة في تقديم المساعدة العلمية القيمة لكل زملائي في مجال الاستشراق وغيرهم من الباحثين.
وأشكر سعادة أمين عام دارة الملك عبد العزيز الأستاذ الدكتور فهد بن عبد الله السماري على ترحيبه وإمداده لي بالمادة العلمية الخاصة بالموضوع ودعمه المعنوي للباحث. وكذلك سعادة أمين عام مكتبة الملك عبد العزيز العامة الأستاذ فيصل المعمر على تقديمه للباحث بعض مطبوعات المكتبة التي لها علاقة بهذا الموضوع. كما أود تقديم الشكر للأستاذ الدكتور محمد يعقوب تركستاني على تشجيعه المبكر لي على رصد ما كتب حول الاستشراق والمستشرقين في الصحف والدوريات العربية، ونشر ذلك في ملحق التراث بصحيفة المدينة المنورة.
كما أتقدم بجزيل الشكر للفاحصين الكريمين اللذين بذلا جهداً مباركاً في قراءة هذا الكتاب وتقويمه وتقديم الاقتراحات والتصويبات التي أخذت بها، فجزاهما الله خير الجزاء.
وثمة من يستحق الشكر على القراءة والاقتراحات ومساندتي في مجال عملي وهي زوجي خديجة محمد رفوح.
هذا وسوف يتكون الكتاب من ثلاثة فصول، هي:
الفصل الأول: موقف المملكة من الغزو الفكري وصلة الاستشراق به.
الفصل الثاني: جهود جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في دراسة الاستشراق في عهد خادم الحرمين الشريفين.
الفصل الثالث: مواجهة الاستشراق في المملكة من قبل الجامعات والمؤسسات والهيئات التعليمية والدعوية والثقافية في عهد خادم الحرمين الشريفين
الخاتمة والتوصيات
المراجع
الملاحق
الفهرس
الفصل الأول
موقف المملكة من الغزو الفكري وصلته بالاستشراق(1/6)
قبل أكثر من ثلاثين سنة كانت تجوب شوارع المدينة المنورة في موسم الحج -وربما في غيره من المواسم، وكذلك بقية المدن السعودية- سيارات توزع عدداً من الكتب لمؤلفين ما زلت أذكر بعضاً منهم، مثل معروف الدواليبي، وسيد قطب، ومحمد قطب، وعمر حليق، وأحمد محمد باشميل، ومحمود الصواف. وكانت هذه الكتب في مجملها تتناول الغزو الفكري والتيارات الفكرية التي انتشرت في العالم العربي، وبخاصة القومية والعلمانية والبعث والشيوعية. ومن أبرز الكتب التي طبعت ووزعت في تلك الفترة كتاب الأستاذ الشيخ محمد أحمد باشميل (لهيب الصراحة يحرق المغالطات)(1)، تناول فيه الاتهامات الموجهة من قبل الدول التي تبنت فكرة القومية العربية للبلاد المتمسكة بالإسلام، وبخاصة المملكة العربية السعودية، بأنها دول رجعية، وأنها عميلة للاستعمار والإمبريالية. وتساءل باشميل بحق: هل كانت أمريكا في يوم من الأيام تؤيد الإسلام وتسعى إلى نصرته؟ فأي مغالطة أكبر من هذه؟ وأضاف باشميل: إن الحليف الحقيقي للاستعمار والإمبريالية هو الذي ينكِّل بالدعاة إلى الله ويدخلهم السجون ويعذبهم ويحارب كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
__________
(1) بيروت: دار السلام، 1372هـ، وله كتاب بعنوان القومية في نظر الإسلام، وكتاب أكذوبة الاشتراكية العربية، و صراع مع الباطل وغيرها.(1/7)
وأذكر من تلك الكتب كتاب عمر حليق (موسكو وإسرائيل: دراسة مدعمة بالوثائق لجهود موسكو في خلق إسرائيل وإبقائها)(1)، تناول فيه الكاتب ما قامت به الشيوعية العالمية ممثلة في الاتحاد السوفيتي والجمهوريات التي كانت تدور في فلكه -حينذاك- في دعم قيام دولة إسرائيل ودعم استمرارها. ومن أبرز تلك المواقف ترؤس جمهورية أوكرانيا- إحدى جمهوريات الاتحاد- لدورة مجلس الأمن عند مناقشة مسألة تقسيم فلسطين عام 1947م، وكيف كان مندوب أوكرانيا عنيفاً بل قاسياً مع مندوبي الدول العربية. وكان هذا الكتاب رسالة موجهة إلى الشباب العربي المسلم الذي انخدع بالشيوعية ودعايتها المضللة في دعم قضايا الشعوب، وإن لم يتطرق الكتاب إلى الشيوعية من الناحية العقدية، فقد كان هذا الموقف بأدلته الدامغة يكفي للتنفير منها.
الجامعات السعودية ومواجهة الغزو الفكري:
واستمراراً لدور المملكة الرائد في مواجهة الغزو الفكري قررت عدد من الجامعات السعودية تدريس هذه المادة لطلابها في العديد من الجامعات في المرحلة الجامعية وكذلك في الدراسات العليا تحت عدة أسماء. ومن هذه الجامعات الجامعة الإسلامية التي قررت تدريس مادة (الغزو الفكري) على طلاب المرحلة الجامعية، وقام اثنان من أساتذتها بإصدار كتابٍ بعنوان (الغزو الفكري) طبع عدة مرات، وثمة كتب أخرى (2). كما تمت دراسة الغزو الفكري ضمن مادة قضايا معاصرة، وضمن مادة الاتجاهات الفكرية الحديثة.
__________
(1) جدة: الدار السعودية للنشر، بون تاريخ وللمؤلف كتاب آخر بعنوان أصول النكبة العربية، ط1(جدة: الدار السعودية للنشر، 1387هـ)
(2) علي جريشة ومحمد شريف الزيبق، أساليب الغزو الفكري للعالم الإسلامي، (القاهرة:دار الاعتصام، 1397هـ). وقد نشرت كتب أخرى كانت من الكتب المقررة على طلاب الجامعة الإسلامية.(1/8)
وليس هذا فحسب، فإن قسم الانتساب في جامعة الملك سعود قبل أربعين سنة تقريباً كان قد قرر على الطلاب المنتسبين لكلية الآداب دراسة كتاب (الفكر الإسلامي المعاصر وصلته بالاستعمار الغربي)(1) للدكتور محمد البهي، وفي هذا الكتاب حديث عن الغزو الفكري والتيارات الفكرية الغربية التي وفدت إلى عالمنا العربي الإسلامي، كما ألحق المؤلف بكتابه ترجمة للمقالة الأولى لعبد اللطيف طيباوي حول المستشرقين الناطقين باللغة الإنجليزية، وقدم المؤلف قائمة بأسماء عدد من المستشرقين صنفهم بحسب تعصبهم واعتدالهم.
ويطول الحديث عن جهود المملكة العربية السعودية في مواجهة الغزو الفكري، فيكفي أن نعرف المناهج الدراسية وما حدث فيها من تعديلات وتطوير يدل على وعي كبير بهذه القضية. ففي وقت من الأوقات وخصوصاً في الفترة التي كانت المملكة قد استعارت بعض المناهج الدراسية والكتب من بعض الدول الشقيقة، كنّا ندرس في مادة الرياضيات أو الحساب كيف نحسب الفوائد والأرباح الربوية، وإن لم يكن يطلق عليها أرباحاً ربوية، حتى شاء الله أن تتنبه بلادنا لهذا الأمر فتلغى تلك المناهج وتستبدل بها مناهج أخرى. ولا بد أنه كانت هناك أخطاء في مناهج أخرى مثل علم الاجتماع وعلم النفس والتاريخ والجغرافيا، وكان التنبه لأخطار الاستشراق هو السبب في تغيير هذه المناهج أو تعديلها.
__________
(1) وجدت في أكثر من مكتبة من مكتبات الكتاب المستعمل في الرياض نسخاً من هذا الكتاب وعليها آثار تخطيط الطلاب والإشارات المختلف،ة مما يدل على أنه كان كتاباً مقرراً كما أن الكتاب طبع =في إحدى طبعاته في مكة المكرمة وهذا يدل على اهتمامنا في هذه البلاد الغالية بالاستشراق وبتأثيرات الفكر الغربي الوافد ومواجهته بأسلوب علمي وموضوعي.(1/9)
ويؤكد هذا الأمر محمد عبد العليم مرسي حين يذكر أن نفراً من أهل الخليج لما رأوا خطورة الغزو الفكري والثقافي تداعوا لوضع الخطط لمواجهته ووقف حدته، وذلك "حين قرر العلماء ورجال التربية في المملكة العربية السعودية، من خلال تطبيق سياسة التعليم في المملكة إدخال مادة الثقافة الإسلامية وذلك على شكل مقررات تدرس في أقسام علمية أنشئت لهذا الغرض في الجامعات السعودية، هي أقسام "الثقافة الإسلامية" وطلاب الجامعة وطالباتها يمرون جميعاً من خلال مقررات تلك الأقسام فيفهمون مخاطر الغزو الثقافي ومنطلقاته"(1).
الاستشراق من معاول الغزو الفكري:
وقد عدّ الاستشراق ضمن الغزو الفكري، حتى إن ندوة أقامتها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية قبل عدة سنوات في مجال الفقه كان أحد محاورها الغزو الفكري، وقد كتب أحد الباحثين في هذا المحور عن الدراسات الاستشراقية بأنها: "دراسات في كثير من نواحيها تتميز بالصبر والجلد ومحاولة الاستيعاب والتحليل، ولكنها في نفس الوقت تحتوي على أخطاء جسيمة عمداً أو جهلاً، ثم هي في غالبها لم يقصد بها خدمة العلم والفكر، ولإشباع رغبة خاصة أو عامة في البحث والاطلاع، وإنما كانت في جملتها خدمة مباشرة للدول الاستعمارية أو للكنائس الأوروبية، بغرض تطويق الإسلام وضربه على وعي وبصر به واقتلاع جوهره الحي النابض الذي يشكل أكبر الأخطار بالنسبة لهم"(2).
__________
(1) محمد عبد العليم مرسي، الثقافة والغزو الثقافي في دول الخليج العربية: نظرة إسلامية، (الرياض: مكتبة العبيكان، 1415هـ/1995م)، ص 13-14.
(2) عبد الستار فتح الله سعيد، "الغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام" في الغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام. (الرياض: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1404هـ)،ص 175_280. وقد نشر هذا البحث في كتاب مستقل فيما بعد.(1/10)
ويؤكد د. عبد الله التركي الصلة بين الاستشراق والغزو الفكري بقوله: "فالاستشراق من شر أنواع الغزو الثقافي والفكري، وردع هذا الغزو ورده مهمة علمية جليلة لا يجوز التخلي عن حملها ولا الفتور في أدائها. والاستشراق تشويش عالي الضجيج حول دعوة الإسلام. ومن هنا، فإن إبطال هذا التشويش وإسكات صخبه عمل يدخل في صميم العمل الدعوي البصير والجاد...."(1)
وكتب عبد الكريم الخطيب في بحثه المقدم للمؤتمر السالف الذكر يذكر أن الاستشراق "حركة ولدت في هذا العصر الحديث، وهي - في ظاهرها- حركة علمية يراد بها دراسة التراث الشرقي في معتقداته وآدابه، ولكنها تبغي من وراء هذا التعرف على منابع هذا التراث، محاولة صرف أهله عنه ليولّوا وجوههم شطر الغرب ويتعلقوا بركاب حضارته"(2). ويشير فيما بعد إلى أن معظم المستشرقين "قد غلبتهم العصبية على أن يقولوا كلمة الحق وأن ينطقوا بما في أيديهم من شواهد، فقد كابروا، ولجّوا في الضلال، ورموا الإسلام بكل ما تحمل صدورهم من غل، وما تنفث أقلامهم من سم، حتى فضح ذلك عند من لا يعرفون الإسلام من قومهم حين رأوا سباباً وشتائم لا تتفق مع منهج العلم، الذي من شأنه أن يعرض الحقائق، ويترك للناس الحكم عليها، دون أن يمزجها بمرارة الحقد، ونفثات عداوته"(3).
وكتب أحمد بشير حول "الغزو الفكري الاستشراقي" إذ ذكر أن أهداف الاستشراق تتلخص فيما يأتي:
" 1- تفتيت وحدة المسلمين وإضعافها.
__________
(1) عبد الله بن عبد المحسن التركي،"ضرورة الحفاظ على الإسلام في مواجهة حملات التشويش الاستشراقي"، المنهل. (عدد خاص بالاستشراق)، ع 471، رمضان وشوال 1409هـ/إبريل ومايو 1989م، ص 8-10.
(2) عبد الكريم يونس الخطيب. " الغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام" في الغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام. (الرياض: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1404هـ/1984م)، الصفحات 391-459.
(3) المرجع نفسه ص 441.(1/11)
2 - التمهيد لاستعمار العالم الإسلامي.
3- استغلال الثروات والانتقام من المسلمين الذين قاموا في القرون الوسطى في وجه المسيحية". ويضيف قائلاً: "وإننا لنجد في دراسات المستشرقين الأدبية والإسلامية تركيزاً حول أهدافهم لإيجاد التخاذل الروحي والشعور بالنقص في نفوس المسلمين وحمهلم على الخضوع للتوجيهات الغربية"(1).
ونجد باحثاً آخر يرجع نشأة الاستشراق إلى الحروب الصليبية، فيذكر أن من أخطر نتائجها "الحرب العلمية والفكرية التي شنّها المستشرقون على المسلمين، وظهور عدد من تلامذتهم والمعجبين بأفكارهم من المسلمين ممن أخذوا يرددون آراءهم ويروجون لمفترياتهم"(2).
__________
(1) أحمد بشير، المرجع السابق، القسم الخامس الصفحات 459-497.
(2) محمد رشاد سالم،المدخل إلى الثقافة الإسلامية،(الكويت: دار القلم،1405هـ/ 1984م)، ص 8(1/12)
وتظهر الحماسة في كتابة الشيخ محمد الغزالي، وكيف لا وهو في معرض الدفاع عن الشريعة ضد مطاعن المستشرقين وهذا عنوان كتابه، يكتب قائلاً: "إن الاستشراق كهانة جديدة تلبس مسوح العلم والرهبانية في البحث، وهي أبعد ما تكون عن بيئة العلم والتجرد، وجمهرة المستشرقين مستأجرون لإهانة الإسلام وتشويه محاسنه والافتراء عليه"(1). ويزيد الأمر توضيحاً عند حديثه عن المستشرقين الأمريكيين بقوله: "والأمريكيون منذ دخلوا ميدان التبشير والاستشراق زادوا القوى المناوئة للإسلام شراسة وإصراراً، وأمدوها بسيل موصول من المال والرجال، فهي لا تني تواصل هجومها العلمي والعملي ودعايتها الماهرة، ونحن نعرف أن من حق غيرنا التمسك بدينه والدعوة إليه واستقبال الداخلين فيه، إلاّ أننا نقيّد هذا الحق بشرط واحد أن يكون بوسائل شرعية وصريحة. أما اختلاس عقائد الآخرين بالرغبة، أو الرهبة، واستباحة الغش والكذب والمكر والرشوة فذلك ما نقف له بالمرصاد."(2)
ويعد باحث مسلم يعيش في بريطانيا الاستشراق ضمن القوى التي حاولت تدمير حضارات الأمم الشرقية بقوله: "ويجب أن نتذكر أن الاستشراق لم يكن هو الاتجاه الوحيد الذي حاول أن يدمر حضارات الأمم الشرقية فهناك مجال آخر تعاون تعاوناً شديداً مع الاستشراق لخدمة الأهداف الاستعمارية ألا وهو علم الإنسان الذي غدا ابناً آخر للإمبريالية"(3).
__________
(1) محمد الغزالي، دفاع عن العقيدة والشريعة ضد مطاعن المستشرقين، (القاهرة: نهضة مصر، دون تاريخ)، ص 3.
(2) المرجع نفسه، ص 5. أصدرت مجلة الاجتهاد (بيروت) أعداداً خاصة عن دور علم الإنثروبولوجي في النشاط الغربي الموجه إلى العالم العربي والإسلامي، واستخدام هذا العلم في مد الهيمنة والسيطرة الغربية.
(3) آصف حسين، "المسار الفكري للاستشراق" ترجمة مازن مطبقاني، مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. العدد السابع، ربيع الآخر 1413هـ/أكتوبر 1992م، ص 565-592.(1/13)
وكما ذكرنا فإن الاستشراق عند كثير من الباحثين المسلمين إنما هو أسلوب من أساليب الغزو الفكري، فقد كتب محمد عبد الفتاح عليان حول ذلك قائلاً: "ومن بين أساليب الغزو الفكري كان الاستشراق مغلفاً خطورته بشكل علمي واضعاً سمّه في عسل المنهج، والجديد فيه، غير أن خلق المسلم يقتضينا أن نقرر أن استغلال الاستعمار للاستشراق ليس معناه أن الاستشراق كله جملة وتفصيلاً دار في هذا الفلك، إذ لم نعدم من أدى به إنصافه إلى بيان الحقيقة، ولئن كان هؤلاء قد نقلوا من حقيقة الحضارة الإسلامية أصالتها وأفادوا بها الغرب في نهضته فإن هذا قد اعترف به منصفون منهم وإن قلّوا."(1)
__________
(1) محمد عبد الفتاح عليان، أضواء على الاستشراق، (القاهرة: دار البحوث العلمية، 1400هـ 1980م)، ص 5.(1/14)
ويتناول عدنان الوزان الاستشراق على أنه اتجاه فكري يُعنى بدراسة الحياة الحضارية للأمم الشرقية بصفة عامة، ودراسة حضارة الإسلام بصفة خاصة.كما يتناوله من ناحية أهداف الاستشراق إذ يرى أن الاستشراق انطلق من فكرة واحدة هي فكرة الغزو الاستعماري والعقائدي "بقصد التمكين للحضارة الغربية المسيحية المادية من السيطرة على الحضارة الإسلامية وإلغاء دورها في الحياة الاجتماعية والسياسية والأخلاقية والاقتصادية وتشكيك المسلمين بدينهم ومحاولة إبعادهم وغيرهم عنه"(1). ويؤكد الوزان هذا الأمر في مواقع أخرى من كتابه حيث يقول في موضع آخر: "إن من أهداف المستشرقين الوقوف في وجه الشعوب التي لا تدين بالإسلام، ليمنعوهم من الدخول في دين الحق الدين الإسلامي بما يعملون جاهدين في تشويه الإسلام وتغيير الصورة الحقيقية لهذا الدين الحنيف، وإن إظهار الإسلام بصورة محّرفة مستكرهة أمام الشعوب غير المسلمة بقصد صدهم عن سبيل الله وما نزل من الحق"(2).
ويؤكد عدنان الوزان على مواجهة الاستشراق بقوله: "وأيقنت أن ما كتب ضد هؤلاء المستشرقين إنما هو حق، ولا أحد يلومنا إذا عزمنا على مقاومة هؤلاء المستشرقين وأخرجناهم من مكانتهم وأزحنا الأغشية التي يلفونها على وجوههم ومنازلتهم منازلة الند للند في ميدان الجدل العلمي والمناظرة الموضوعية."(3)
__________
(1) عدنان محمد الوزان، الاستشراق والمستشرقون:وجهة نظر. مكة المكرمة: رابطة العالم الإسلامي، سلسلة دعوة الحق ، س3 عدد14 ربيع الأول 1404هـ/ يناير 1984م، ص 197.
(2) المرجع نفسه ص 37.
(3) المرجع نفسه ص 8.(1/15)
ولئن رأى الكثيرون أن الاستشراق جزء من الغزو الفكري وقدموا الأدلة على موقفهم فإن حقيقة الأمر أن الاستشراق أكبر من أن يكون مجرد غزو فكري، فالغزو الفكري إنما هو جزء من مهمته الأساسية، حيث يدرس عدد من أبناء المسلمين في المعاهد والمراكز التي يطلق عليها أقسام دراسات الشرق الأوسط أو أقسام اللغة العربية والدراسات الإسلامية. فالاستشراق في نظرنا جزء من المنظومة الفكرية الغربية التي تسعى إلى المعرفة والتخصص والتدقيق. فكما أن الاهتمام بالشرق الأوسط له أهميته في الجامعات الغربية في أوروبا وأمريكا فهناك في الوقت نفسه اهتمام بدراسة جميع الشعوب من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب. فإذن يمكن أن يطلق على الاستشراق أنه من الغزو الفكري لكنه في الوقت نفسه فرع معرفي له أصوله ومناهجه وأهدافه القريبة والبعيدة (1).
ولعل من أقوى الناقدين للاستشراق الشيخ محمود شاكر رحمه الله الذي أطلق على المستشرقين (حملة هموم الشمال المسيحي)، ونسب إليهم كثيراً من الكوارث الفكرية ابتدءاً من المستشارين الأجانب لمحمد علي (الكبير) وبخاصة جونار الذي كان يشرف على الطلاب المصريين المبتعثين للدراسة في فرنسا.(2)
__________
(1) شاركتُ في ندوة عن الاستشراق بعنوان: المؤتمر الدولي حول الاستشراق- القراءة والخطاب في كلية العلوم الإنسانية والحضارية بجامعة وهران 18-20 محرم 1421هـ بورقة بعنوان "الاستشراق ومكانته بين المذاهب الفكرية المعاصرة"، وتبين لي أنه من الصعب تصنيف الاستشراق على أنه مذهب فكري بل هو مجال معرفي أو حتى مجالات معرفية جعلت هدفها معرفة العالم العربي والإسلامي معرفة دقيقة مفصلة في شتى حقول المعرفة.
(2) محمود شاكر، رسالة في الطريق إلى ثقافتن، (جدة: دار المدني، 1407 هـ)،ص 141(1/16)
وكذلك إفسادهم للذائقة الأدبية حيث يقول أولاً عن أهداف الحملة الفرنسية التي كان وراءها الاستشراق:" وئدت اليقظة، التي كان الخمسة الكبار أبطالها وصناديدها (يقصد محمد بن عبد الوهاب، وعبد القادر البغدادي، والجبرتي الكبير، والشوكاني، والمرتضى الزبيدي)، وكان ذلك نصراً مؤزراً للاستشراق بدهائه ومكره وثاقب نظره"(1). أما عن الاستشراق الإنجليزي فيقول: "وجاء الاستشراق الإنجليزي ليحدث في ثقافة الأمة المصرية صدعاً متفاقماً أخبث وأعتى من الصدع الذي أحدثه الاستشراق الفرنسي ...أي تفريغ الطلبة من ماضيها المتدفق في دمائها مرتبطاً بالعربية والإسلامية ومهد لملئه بماض آخر بائد في القدم والغموض ... (ويقصد بالانتماء البائد الفرعونية)(2).
الفصل الثاني
جهود جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في دراسة الاستشراق
…أدركت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية منذ وقت مبكر أهمية التعرف إلى الفكر الاستشراقي، فناقشت لجنة الشؤون التعليمية في إحدى جلساتها عام 1402هـ فكرة إنشاء وحدة الدراسات الاستشراقية ضمن مركز البحوث التابع لعمادة البحث العلمي بالرياض (3)، وفي وقت موازٍ كانت الاجتماعات والدراسات تتوالى لإنشاء قسم الاستشراق بالمعهد العالي للدعوة الإسلامية بالمدينة المنورة (كلية الدعوة حالياً).
وحدة الدراسات الاستشراقية:
__________
(1) المرجع نفسه، ص 146.
(2) 4المرجع نفسه، ص 148.
(3) من أوراق وحدة الدراسات الاستشراقية والتنصيرية بمركز البحوث التابع لعمادة البحث العلمي. قررت عمادة البحث العلمي إعادة العمل بهذه الوحدة ابتداءً من أول عام 1424/1425هـ، كما وافق معالي مدير الجامعة على الاقتراح الذي تقدمتُ به لإنشاء وحدة للدراسات الأوروبية والأمريكية باسم وحدة الدراسات الغربية.(1/17)
كلّفت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عدداً من الأساتذة للعمل في وحدة الدراسات الاستشراقية، ومن هؤلاء محمد فتحي عثمان، وقاسم السامرائي، وجعفر شيخ إدريس، ومازن مطبقاني، ومحمد مهر علي، والسيد محمد الشاهد. وقد قام كل من هؤلاء بوضع تصور لعمل هذه الوحدة، وقدمت الاقتراحات والمشروعات لعمل هذه الوحدة. كما زار الجامعة عدد من الأساتذة المتخصصين في الدراسات الاستشراقية، مثل أحمد سمايلوفيتش وغيره.
تذكر وثائق وحدة الاستشراق أن الدكتور محمد فتحي عثمان قد قدم مذكرة تتضمن بعض المقترحات للرد على الحملات الاستشراقية ضد الإسلام والمسلمين. أما الدكتور قاسم السامرائي فقدم ورقة تضمنت عدة اقتراحات نقتبس منها ما يأتي:
"جمع كل ما كتب باللغات الإسلامية كالعربية والتركية والفارسية والملاوية والأردية حول الاستشراق والتنصير من كتب ومقالات وبحوث ودراسات.
"الحصول على دراسات المستشرقين حول أي جانب من جوانب التراث الإسلامي أو العربي.
"الحصول على دراسات كبار المستشرقين والمنصّرين من موسوعات وكتب ومنشورات سرية أو علنية.
"الدعوة إلى عقد مؤتمر للمهتمين بالتنصير والاستشراق من المسلمين وغير المسلمين من المستشرقين المعروفين بالموضوعية (1).
ومن الطريف أن هذه الاقتراحات جاءت في ملخص حول ملف وحدة الاستشراق جاء في ختامه: "ونظراً لأن الوحدة لم تعرف تشكيلاً يضم عدداً من الأساتذة المتفرغين كلياً أو جزئياً فإن كثيراً من هذه المشروعات لم يتم إنجاز شيء منه"(2).
ومن المقترحات التي قدمت للوحدة ما قدمه كاتب هذه السطور، وتتلخص فيما يأتي:
"الحرص على اقتناء الفهارس الببليوغرافية للكتابات الاستشراقية، ومن أهمها Index Islamicus .
"الحصول على دورية مراجعة الكتب الصادرة عن المؤسسة الإسلامية بمدينة ليستر البريطانية.
__________
(1) مازن مطبقاني،" ملخص ملف وحدة الاستشراق" أٌعِدَّ في شهر ربيع الآخر 1410هـ.
(2) المرجع نفسه.(1/18)
"رصد كتابات الباحثين العرب والمسلمين المتأثرين بالاستشراق والمناهج الاستشراقية.
"إعداد مكتبة سمعية بصرية حول الاستشراق في وسائل الإعلام الغربية.
"إعداد قائمة بالإنتاج الغربي الذي يمكن ترجمته إلى اللغة العربية؛ حيث إن هناك العديد من الكتب التي تستحق الترجمة، ومن الأمثلة على ذلك كتاب (أتاتورك الخالد)الذي قدّم فيه مؤلفاه معلومة قيمة وتحليلاً نفسياً لشخصية الزعيم مصطفى كمال أتاتورك.
"التنسيق مع مكاتب الملحق الثقافي السعودي في أمريكا والدول الأوروبية ليقوموا ببعث ما لديهم من معلومات حول ما ينشر عن الإسلام، سواء كان في صورة بحوث أكاديمية أو أعمال إعلامية (1).
"الاتصال مع رابطة الطلاب المسلمين لأمريكا وكندا Muslim Student Association of the U.S. and Canada التي تأسست عام 1963م للإفادة بما يصل إليهم من معلومات، والمشاركة في مؤتمراتهم السنوية بعضو أو عضوين من مركز البحوث، وعنوانهم على الشبكة هو http://www.msa-natl.org
"انتداب أحد أعضاء المركز (مركز البحوث) لزيارة المراكز الاستشراقية والاطلاع على النشاطات التي تدور هناك (2).
__________
(1) كانت الملحقية الثقافية بسفارة المملكة بالولايات المتحدة الأمريكية تصدر تقريراً شهرياً حول ما يكتب عن الإسلام والمسلمين وحول القضايا العلمية المختلفة، بالإضافة إلى الدليل الذي أعدته الملحقية عن الدراسات العربية والإسلامية في الجامعات الأمريكية في طبعتين.
(2) ربما أخذ فهد السماري عميد البحث العلمي آنذاك بهذه التوصية حين قام بكتابة بحث بعنوان "مراكز دراسات الشرق الأوسط وعنايتها بالمسلمين" وقدمه للمؤتمر الإسلامي الثاني بعنوان (المسلمون في الغرب)في الفترة من 1_3 ربيع الآخر 1414هـ(1/19)
"الدعوة إلى اجتماع للمختصين بشؤون الاستشراق من جامعتي الإمام وجامعة الملك سعود مع بعض الشخصيات العامة ومنهم على سبيل المثال معروف الدواليبي لوضع خطة عمل للوحدة للسنوات القادمة(1). وقد تم الاجتماع مع الدكتور الدواليبي وعدد من الباحثين في العمادة، وقد تناول الدواليبي جهود الملك فيصل رحمه الله في مواجهة الغزو الفكري وبخاصة الشيوعية والقومية، والمنظمات الإسلامية التي أنشئت في عهد الملك فيصل، مثل البنك الإسلامي للتنمية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والندوة العالمية للشباب الإسلامي وتحدث الدواليبي أيضاً عن الحوار الإسلامي النصراني الذي ترأس وفد المملكة فيه الشيخ محمد علي الحركان ونتائج تلك الحوارات. ولكن الجلسات لم تستمر مع الدكتور الدواليبي، وإلاّ فقد كان من المتوقع أن توضع خطط جيدة لوحدة الاستشراق والتنصير (2).
وعمل السيد محمد الشاهد بوحدة الاستشراق وقدم تصوراً للوحدة وعملها، وكان من الأفكار والمقترحات التي قدمها ما يأتي:
"إعداد قائمة بأسماء المستشرقين في العصر الحديث (من القرن الثامن عشر حتى القرن العشرين)
"قائمة بأسماء المؤلفات الاستشراقية مرتبة حسب التخصصات.
"سجل للأبحاث التي تناولت الدراسات الاستشراقية.
"الاستعانة بباحثين آخرين لهم إلمام باللغات الأجنبية، مثل الإنجليزية والفرنسية والألمانية واللغات الإسلامية الأخرى؛ لترجمة التعليقات المتخصصة إلى اللغة العربية
"إعداد أرشيف يضم ما ينشر عن الإسلام في مجلات أو صحف عربية أو أجنبية بما يدخل في مجال الدراسات الاستشراقية، وربط العمادة بمراكز استشراقية أخرى، وكذلك دور النشر في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية(3).
__________
(1) مازن مطبقاني، "خطاب موجه لعميد البحث العلمي" في 27/4/1410هـ.
(2) حضرت بعضاً من هذه الجلسات، ولم أعثر على محاضر الجلسات.
(3) السيد محمد الشاهد، "وحدة الاستشراق والتنصير " في 23/3/1412هـ.(1/20)
وعلى الرغم من كثرة المقترحات والتصورات لعمل الوحدة وغزارتها، إلاّ أنّ الإنجاز الفعلي لها في النشر والتأليف يعد قليلاً، فلم يصدر إلاّ كتابان، وذلك لأن الوحدة لم تعرف الاستقرار؛ حيث تعاقب على العمل فيها عدد من الأساتذة، ولم يكونوا يقضون فيها مدة طويلة للتفرغ لمشروع علمي كبير، كما أن الوحدة كانت تقتصر في الغالب على باحث واحد أو اثنين.
وأتمنى أنه عند إنشاء مركز الدراسات الاستشراقية أو معهد دراسة الاستشراق بعمادة البحث العلمي الاهتمام بإعداد خطة عمل لعدة سنوات، وأن يتم اختيار أساتذة أكفاء متحمسين للعمل في هذا المجال. وكذلك أرجو ألاّ يكون هذا المركز أو المعهد بديلاً لقسم الاستشراق بكلية الدعوة بالمدينة المنورة. وأرجو كذلك أن ينظر في اقتراح إنشاء وحدة الدراسات الأوروبية والأمريكية التي تقدمتُ بها إلى عمادة البحث العلمي على أن تكون أساس إنشاء أقسام للدراسات الأوروبية والأمريكية، وبخاصة أن لدينا عدداً طيباً من الأساتذة الذين درسوا في الغرب في مجال علم الاجتماع والتاريخ واللغات وغيرها من التخصصات.
مؤلفات صدرت عن الوحدة:…
1-المستشرقون الناطقون باللغة الإنجليزية: دراسة نقدية(1)
__________
(1) المستشرقون الناطقون باللغة الإنجليزية: دراسة نقدية. (الرياض: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1411هـ/1991م)، ومن الطريف أنني كنتُ قد أكملت ترجمة المقالة، وعرفتُ عن جهد الدكتور السامرائي وأنه سبقني في الاتفاق مع جامعة الإمام لنشر الترجمة وسبقني إلى أخذ الإذن من ورثة المؤلف. ولكني استفدت من الترجمة واستمتعت بلغتها الإنجليزية العالية.(1/21)
قام الدكتور قاسم السامرائي بترجمة مقالتي عبد اللطيف طيباوي، وهما بعنوان: "المستشرقون الناطقون باللغة الإنجليزية"(1) حيث قام السامرائي بدمج المقالتين معاًً. ويعد هذا الكتاب من الكتب المهمة في نقد المستشرقين الذين كتبوا باللغة الإنجليزية؛ حيث إن الطيباوي عاش في بريطانياً ردحاً من الزمن وقرأ لهم وتعرف إليهم شخصياً، كما قدّم نقداً قوياً لمنطلقاتهم ومناهجهم وأساليبهم (2). ويقول في ذلك مدير الجامعة في تقديمه للترجمة: "ولا شك في أن الطيباوي قد أجاد في هذه الدراسة وكتبها بعد طول معايشة للاستشراق الإنجليزي وسبر أغواره، واطلاع واسع على خفاياه وأسراره، فهو شاهد عدل في الموضوع الذي يتحدث فيه؛ فقد عاش فترة طويلة بين ظهرانيهم وجادلهم وجادلوه ودخل معهم في معارك فكرية كثيرة"(3).
__________
(1) Tibawi. A.L. "English Speaking Orientalists. (2 ed. Critique) in Islamic Quarterly. Vol. III, London, 1399.
(2) طيباوي. المستشرقون الناطقون باللغة الإنجليزية، مرجع سابق ص 4_5. لقد آلم طيباوي المستشرقين بنقده، حتى إني حين لقيت المستشرق الإنجليزي اليوناني الأصل فاتكيوتس Vatikiotis تحدث عن طيباوي حديثاً مفعماً بالمرارة والنقمة، حتى إنه وصف طيباوي بألفاظ نابية، واتهم فاتيكيوتس طيباوي بأن سبب كتابته عن المستشرقين بتلك الطريقة إنما كان بسبب مصاعب معيشية =وأن نقد طيباوي لم يكن موضوعياً. ونتساءل هنا هل هذه هي الموضوعية التي يزعمها المستشرقون بكيل التهم دون دليل أو برهان؟
(3) المستشرقون الناطقون باللغة الإنجليزية، ص 5-6.(1/22)
2-الفهرس الوصفي للمنشورات الاستشراقية المحفوظة في مركز البحوث بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية: والمنشورات الاستشراقية إنما هي مجموعة تضم أكثر من خمسين ومائتي كتاب من الكتب الاستشراقية النادرة باللغة الإنجليزية نشرت في الفترة من القرن السابع عشر حتى النصف الأول من القرن العشرين، وقام قاسم السامرائي بعمل فهرس وصفي لها وتم نشره (1).
ومن المناسب هنا الإشارة إلى عبارة وردت في تقديم مدير الجامعة لهذا الكتاب، وهي: "إن الخطوة الأولى لمقاومة أي فكر منحرف أو تيار معاد هي التعرف الدقيق عليه، وسبر أغواره، وجمع المعلومات الشاملة عنه، وتحليل تلك المعلومات ونقدها بدقة، ومعرفة الأطوار والمراحل التي مر بها، والمنطلقات التي انطلق منها والأهداف التي يسعى إلى تحقيقها"(2).
وقد كانت للوحدة عدة أعمال متفرقة لا تتجاوز فحص بعض الكتب وكتابة تقارير عنها، ومن ذلك ما يأتي:
"تقرير عن كتاب إدوارد سعيد "الاستشراق" وترجمته، والاقتراح بإعادة ترجمته، وذلك لسوء الترجمة الحالية التي قام بها كمال أبو ديب(3).
"عدة تقارير حول مشروع الأستاذ محمد أسد بعنوان "الاستشراق الروسي". ومجمل التقارير أنه اهتم بالشيوعية وانتشارها في البلاد التي كانت خاضعة للاتحاد السوفيتي.
"تقرير عن كتاب بعنوان "ضوابط مناقشة المستشرقين".
"تقرير عن كتاب بالألمانية بعنوان "العرب في أوروبا".
"تقرير عن بحث بعنوان "المصادر العبرية وتشويه الإسلام"(4).
__________
(1) قاسم السامرائي، الفهرس الوصفي للمنشورات الاستشراقية المحفوظة في مركز البحوث بجامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية، (الرياض: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1408هـ/1988م).
(2) المرجع نفسه ص 3.
(3) من تقارير وحدة الاستشراق بقلم الدكتور نعمان عبد الرزاق السامرائي.
(4) تقرير أعده الدكتور محمد السيد الشاهد عن إنجازاته في وحدة الاستشراق للفصل الثاني عام 1413هـ.(1/23)
معهد العلوم الإسلامية والعربية
أنشئ هذا المعهد في 9 محرم 1409هـ الموافق 21 أغسطس 1988م بمدينة فيرفاكس بولاية فرجينيا القريبة من واشنطن دي سي (العاصمة الأمريكية) لتعليم الإسلام واللغة العربية، وقد كان من ضمن نشاطات هذا المعهد التعاون مع عدد من الجامعات الأمريكية في تصحيح صورة الإسلام ومحاورة الرد على الكتابات الاستشراقية. وقد عقد المعهد أكثر من ندوة حول الدراسات العربية والإسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية، ومنها الندوة الأولى التي عقدت في الفترة من 2-3 شعبان 1413هـ، الموافق 24-25 يناير 1992م في مقر المعهد، وكان من ضمن الباحثين الذين شاركوا فيها خالد يحيى بلانكنشب الذي قدم بحثاً بعنوان "الدراسات الإسلامية في الجامعات الأمريكية" وفيه حمل على هذه الدراسات متهماً إياها بالبعد عن الموضوعية وارتباط هذه الدراسات بالسياسية الأمريكية التي تهدف إلى السيطرة على العالم، ومما قاله: "على الرغم من ادعاءات المتخصصين في العلوم الإنسانية والتاريخ بالموضوعية في دراساتهم الأكاديمية فمما لا شك فيه أن هذه المجالات بها العديد من التحاملات الأيديولوجية، ويرجع ذلك إلى أن العلماء بغض النظر عن ميولهم الشخصية، لا يستهدفون المعرفة لذاتها"(1) ويوضح الأمر أكثر بقوله:" وقد كان الغرض من إنشاء هذا المجال هو خلق وسيلة تحكم عن طريق المعرفة ويتضح ذلك جلياً في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمطبوعة حيث لا يكاد يسمح للمسلمين بالتحدث عن الإسلام بل تتم دعوة "خبراء" غير مسلمين ذوي خلفيات يهودية أو مسيحية أو علمانية أو خلفيات عربية قومية للتحدث عن الإسلام."(2)
__________
(1) خالد يحيى بلانكنشب،" الدراسات الإسلامية في الجامعات الأمريكية" في وقائع الندوة الأولى للدراسات الإسلامية في الجامعات الأمريكية، (فيرفاكس: معهد العلوم الإسلامية والعربية، دون تاريخ)، ص 24.
(2) المرجع نفسه، ص 25.(1/24)
وتحدث في هذه الندوة يوشع صادق عن تدريس العلوم الإسلامية بالجامعات الأمريكية، فكان ملخص بحثه أن هناك عيوباً في تدريس العلوم الإسلامية، فمعظم المراجع المستخدمة "ألفها علماء غربيون، ولا سيما المستشرقين منهم، عدا قلة منها قام بتأليفها علماء مسلمون". ويضيف أن المصادر الأساسية في علوم الحديث هي كتابات المستشرقين من أمثال ونسنك وشاخت وجولدزيهر (1).
وقد عقدت الندوة الثانية للمعهد في الفترة من 13-15ذي القعدة 1415هـ (14-16إبريل 1995م) تحت العنوان نفسه، وتضمنت عدداً من البحوث فيما يأتي بعضها:
- عادل سليمان جمال، وبحثه بعنوان: "المحتوى الثقافي في كتاب العربية المعاصرة: المرحلة المتوسطة".
- سالم عويس، وبحثه بعنوان: "المحتوى اللغوي والثقافي للكتاب التعليمي في برامج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها في ضوء المفاهيم الحديثة".
- أحمد فرهادي، وبحثه بعنوان: "تدريس الثقافة أثناء تدريس العربية كلغة ثانية في المراحل التمهيدية"
- خالد يحيى بلانكنشب، وبحثه بعنوان: "صورة الإسلام والمسلمين في كتب الدين المعاصرة المقررة بجامعات أمريكا الشمالية".
- أبو حامد عبد القادر، وبحثه بعنوان: "نظرات في منهج الدراسات الإسلامية بجامعة يوتا: القانون الإسلامي والشريعة".
خاجة مصباح الدين، وبحثه بعنوان " الدراسات الإسلامية في جامعات كيبك"
مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
نشرت المجلة العديد من البحوث المتعلقة بالاستشراق هي الآتي:
""الاستشراق في خدمة التنصير واليهودية" للدكتور علي النملة في العدد 3، رجب 1410هـ / فبراير 1990م.
""أعمال المستشرقين مصدراً من مصادر المعلومات عن الإسلام والمسلمين" للدكتور علي النملة، العدد 7 (ربيع الآخر 1410هـ/ أكتوبر 1990م.
__________
(1) يوشع صادق ." تدريس العلوم الإسلامية بالجامعات الأمريكية" في المرجع السابق الصفحات 19-24(1/25)
""دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الرؤية الاستشراقية" للدكتور ناصر بن إبراهيم التويم، العدد 29 (محرم 1421هـ/ أبريل 2000م).
""المسار الفكري للاستشراق" بقلم الدكتور آصف حسين وترجمة الدكتور مازن مطبقاني، العدد 7 (ربيع الآخر 1413هـ/ أكتوبر 1992م).
""تطور الصور النمطية للإسلام والمسلمين في الغرب" للدكتور أحمد بن راشد بن سعيد، العدد 18 ( ذو القعدة 1417هـ/ يناير 1993م)
هذا وقد كانت الجامعة تصدر العديد من المجلات قبل دمجها في مجلة واحدة، ولذلك نشرت العديد من البحوث حول الاستشراق في هذه المجلات، ومنها البحوث الآتية:
"محمود أحمد الطحان، "عناية المحدثين بمتن الحديث كعنايتهم بإسناده ورد شبهات المستشرقين وأتباعهم"، مجلة كلية أصول الدين، العدد1، 1397 هـ.
"رمزي محمد نعناعة، "المستشرقون والمستغربون"، مجلة كلية اللغة العربية العدد 5، 1395هـ.
"عبد الستار الحلوجي، "جهود المستشرقين في التكشيف الإسلامي"، مجلة كلية اللغة العربية، العدد 6، 1396هـ.
قسم الاستشراق بكلية الدعوة بالمدينة المنورة:
أنشئ هذا القسم سنة 1403هـ/1983م على مستوى الدراسات العليا، وشملت الدراسة عدة مجالات، منها الدراسات الإسلامية عند المستشرقين، وتضم الدراسات حول القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، والفقه، والعقيدة، والسيرة والتاريخ، ومن مجالات القسم أيضا الدراسات اللغوية، ثم دراسة المراكز الاستشراقية والتنصيرية، ودراسة أعلام المستشرقين والمنصِّرين.(1/26)
وتأسيس هذا القسم في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أعطى الجامعة الريادة في دراسة هذا المجال الذي لم تلتفت إليه أي جامعة على مستوى العالم الإسلامي كله. وإن الاهتمام بما تقوله الأبحاث الغربية عن الإسلام والمسلمين فيه اتباع لمنهج القرآن الكريم، فقد أحصيت ما ورد في القرآن من مادة القوم ومشتقاتها فوجدت أن القرآن أعطى هذا الأمر اهتماماً كبيراً فقد وردت هذه المادة ومشتقاتها أكثر من خمسمائة موضع، ومن ذلك قولهم على الله عز وجل - تعالى الله علواً كبيرا- { وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ } (1)وقوله تعالى { قَالُوا إِن اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ } (2) وغيرهما من الآيات الكريمة.
وتأتي أهمية دراسة الاستشراق من كونه جزءاً من الغرب؛ مما يتطلب أيضاً فهم الحضارة الغربية وجذورها، وفهم المجتمعات الغربية من النواحي العقدية والسياسية والفكرية والثقافية والاجتماعية. وإن ريادة جامعة الإمام في إنشاء هذا القسم قد لفتت انتباه كثير من الغربيين ممن لقيت في المؤتمرات والندوات أو في المحافل الثقافية والفكرية داخل المملكة وخارجها، ومن هؤلاء على سبيل المثال القنصل الأمريكي السابق في جدة ستيفن بك Steven Buck الذي قال لي: "هل حقاً لديكم قسم لدراسة الاستشراق؟"، وطلب منّي لقاءً خاصاً لأحدثه عن القسم. وفي مؤتمر دولي عقد بألمانيا كان لمركز المدينة المنورة لدراسات وبحوث الاستشراق (موقع في الإنترنت) موقع في معرض الكتاب، فزاره أستاذ سويدي متخصص في مقارنة الأديان، هو جوناس أوتربك Jonas Otterbeck، فوقف مستغرباً لا يكاد يصدق أن توجد دراسات للاستشراق في أي دولة عربية.
__________
(1) سورة المائدة، آية 64.
(2) سورة المائدة، آية 73.(1/27)
وأوضح الدكتور قاسم السامرائي هذا الأمر في محاضرة ألقاها بجامعة ليدن عام 1412هـ قائلاً: "إن هدف الجامعة أن تعطي اهتماماً خاصاً للأعمال التي نشرها المستشرقون عن الإسلام ولغاته وثقافته. وإنه جزء من اهتمام الجامعة أن تقوم بإجراء دراسات لما كتبه المستشرقون في مجالات اللغة والثقافة والشعوب الإسلامية، ولتحقيق هذا الهدف أنشأت الجامعة وَحْدة الاستشراق والتنصير في الرياض، ثم بعد ذلك أنشأت قسماً مستقلاً لهذا الغرض" (1).
__________
(1) قاسم السامرائي، "الاهتمام بالاستشراق في السعودية في العصر الحاضر"، في عالم الكتب، مجلد 14، عدد4 محرم-صفر 1414هـ يوليو/ أغسطس 1993 م، ص 422_431.(الملحق الثاني)(1/28)
وقد تناول السامرائي في هذه المحاضرة كتابات العديد من الباحثين السعوديين في مجال نقد الاستشراق، وكذلك بعض الباحثين العرب والمسلمين الذين عملوا في الجامعات السعودية وقد قام بتجديد معلوماتها وتقديمها مرة أخرى عام 1420هـ. ومن الباحثين السعوديين الذين اهتم السامرائي بكتاباته الدكتور عاصم حمدان، والدكتور عباس طاشكندي، ومازن مطبقاني. وكان مما قاله في هذه المحاضرة عن بحث أعده كاتب هذه السطور حول اهتمام المستشرقين المعاصرين بالأدب العربي الحديث: "قدم مازن مبطقاني عرضاً ممتازاً لـ (الأدب العربي الحديث في الكتابات الاستشراقية المعاصرة" حيث استوعب كل الكتابات الأدبية العربية -سواء كانت لأدباء ذكور أو إناث- والتي نالت اهتماماً كبيراً من المستشرقين لسبب أو لآخر، ثم اهتم بصفة خاصة بالأديب المصري الفائز بجائزة نوبل نجيب محفوظ وروايته (أولاد حارتنا) وبدلاً من تقديم حكمه اقتبس نصوصاً لكتاب آخرين، وبالخصوص أحمد أبو زيد الذي أوضح "أن الاهتمام الاستشراقي بهذه الرواية لم يكن إلاّ لأنها تهدم كل مقدس في الدين والرسالة"، ويضيف السامرائي أن مطبقاني لم يتوقف عند هذا الحكم، بل رأى أن الاهتمام الاستشراقي بكتابات نجيب محفوظ ترجع إلى أن نجيب في كل كتاباته يدعو إلى الانحراف والرذيلة وتشويه صورة المجتمع المصري بخاصة والمجتمع العربي بعامة (1).
__________
(1) السامرائي، نص المحاضرة الثانية حول الاهتمام بالاستشراق في السعودية المعاصرة، وهو نص مخطوط (ملحق 2).(1/29)
وتناول السامرائي في محاضرته نفسها بحثاً آخر لمازن مطبقاني بعنوان (المغرب العربي بين الاستعمار والاستشراق)؛ حيث أشار إلى أن هذا الموضوع لم يدرس بعد في المملكة العربية السعودية من قبل علماء المملكة. كما تناول فيما بعد رسالة الدكتوراه التي قدمها مازن مطبقاني حول برنارد لويس الذي أكد صهيونيته ودفاعه عن إسرائيل ومحاولته تشويه كل ما هو إسلامي، بل تحذير الغرب وأمريكا بخاصة من الخطر الإسلامي والحضارة الإسلامية (1).
__________
(1) المرجع نفسه.(1/30)
ومع كل هذه الأهمية التي أعطتها الجامعة لدراسة الاستشراق فإن الباحث البريطاني فريد هاليداي Fred Haliday كتب عن الاهتمام بالاستشراق في المملكة العربية السعودية أنه (موضة)، حيث قال: "وهناك موضة من الإقبال على كتب "الاستشراق" الذي يفهم على أنه دراسة العالم العربي في إطار مؤامرة إمبريالية. وفي المكتبات العامرة يجاور قسم الاستشراق قسم الجاسوسية والمؤامرات الغربية أو الصهيونية"(1). وقد ناقشت هذه المقولة في مقالتين نشرتا في جريدة البلاد (2)، حيث أوضحت له أن الاهتمام بالاستشراق في المملكة ليس موضة، وأن الاستشراق وإن كان في غالبه يصنف ضمن الغزو الفكري والتيارات الهدامة فإن القيادات الفكرية في هذه البلاد قد تنبهت إلى أهمية دراسة الاستشراق دراسة علمية، وها هو قسم الاستشراق يبدأ في دراسته دراسة علمية أكاديمية رصينة، وكما جاء في وصف طبيعة هذه الدراسات: "تأخذ الدراسة الطابع العلمي المنصف والدعوي الحكيم، وتقوم بإبراز الجوانب الإيجابية والسلبية في إنتاج المستشرقين على ضوء قوله تعالى { وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى } (3) وقوله تعالى { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } (4)
أما أهداف القسم فقد حددتها المطبوعات الخاصة فيما يأتي:
"أ- إطلاع الدارسين على ما يحيط بالإسلام والمسلمين من اهتمامات ودراسات.
__________
(1) فريد هاليداي، الأمة والدين في الشرق الأوسط، ترجمة وتحقيق عبد الإله النعيمي (لندن: دار الساقي، 2000م)، ص 176.
(2) جريدة البلاد زاويتي الأٍسبوعية "الكلمة"، بعنوان "اهتمامنا بالاستشراق ليس موضة"، الأولى في العدد 16191، 30شعبان 1421هـ، والثانية في العدد 16198، 7 رمضان 1421هـ
(3) سورة المائدة، آية8 .
(4) سورة النحل، آية 125.(1/31)
ب- عرض مزايا الإسلام ومحاسنه، ومناقشة الشبهات المثارة حولها.
ج- دراسة المؤسسات الاستشراقية دراسة تحليلية، وتعريف الدارسين بها وبأساليبها للاستفادة من إيجابياتها وتجنب سلبياتها.
د- تحصين الدارسين من تقبل الأفكار الخاطئة والشبهات المثارة حول الإسلام والمسلمين.
هـ- تخريج علماء متخصصين بهذه الدراسات، ويكونون على صلة بتلك المؤسسات يتبادلون معها الدراسات والأبحاث.
و- إيجاد وسيلة لإقامة صلات علمية وثقافية بين المسلمين وصفوة من المستشرقين.
ز- بيان أثر الدراسات الاستشراقية في نقل الحضارة الإسلامية لبلاد الغرب.
حـ- سد ثغرة هامة وحاجة ملحة لمثل هذه الدراسات التي لم تعن بها الجامعات في العالم الإسلامي بشكل علمي (1).
أما برنامج الدراسة فيتضمن الدراسة مدة سنتين وبحثاً تكميلياً للطلاب الذين تخرجوا في كليات العلوم الشرعية، أما غيرهم فيكلفون بدراسة سنة تأهيلية يعطون فيها بعض المواد الشرعية لتأسيس فهم العلوم الشرعية كالقرآن والتفسير والحديث والسيرة وبعض المحاضرات في لغة أجنبية. ومن الشروط الأساسية للالتحاق بهذا القسم أن يكون الطالب مستعداً لدراسة إحدى اللغات الأوروبية، حتى يكون قادراً على الاطلاع على كتابات المستشرقين بلغاتهم الأصلية.
وكانت الدراسة في القسم تنقسم إلى عدة شعب منها الدراسات القرآنية، والحديثية والفقهية والتاريخية وغيرها، وكانت هذه الشعب وفقاً لتوفر الأساتذة لتدريس هذه المواد والإشراف على الرسائل العلمية. ثم توصل القسم إلى قرار بترتيبات جديدة بحيث يُعطى الطلاب خلفية واسعة عن المجالات التي اهتم بها المستشرقون، ثم يترك الخيار للطالب لاختيار المجال المناسب لبحثه التكميلي، وكان يستعان في الإشراف بأساتذة من خارج الكلية.
__________
(1) قسم الاستشراق بين الواقع والأمل: تقرير توضيحي، تقرير مطبوع على الآلة الكاتبة أعد عام 1409هـ.(1/32)
ومن المناسب أن نذكر بعض المواد الدراسية التي يدرسها الطلاب، وفيما يأتي برنامج السنة التأهيلية (للطلاب الذين ليست لديهم خلفية شرعية أو الذين لم يجتازوا اختبار القبول):
المادة الدراسية ………………عدد الساعات
- نصوص من القرآن والسنة……………… 2
- السيرة النبوية ……… … 2
- محاسن الإسلام ………… 2
- مدخل إلى الدعوة الإسلامية…… 2
- مدخل لدراسة الأديان……… 2
- مدخل لدراسة الاستشراق والتنصير … 2.
ومن المناسب أن نقدم تفصيلاً لبعض المواد التي يدرسها طلاب السنة الأولى، فمن هذه المواد على سبيل المثال مادة "الأديان والفرق"، حيث يدرس الطلاب فيها مقدمة عن منهج البحث في الأديان والفرق، ثم يتعرفون إلى جهود العلماء المسلمين في حقل الملل والنحل، كما يدرسون أن الإسلام هو أصل الدين عند كل الأنبياء، ويدرسون كذلك النصرانية واليهودية والجاهليات المختلفة الوثنية؛ كاليونانية والرومانية والفرعونية وغيرها (1).
وثمة مادة أخرى مهمة تدرس في السنة الأولى، وهي "أصول الحضارة الغربية" وهي عبارة عن "دراسة تاريخية تحليلية لأصول الحضارة الغربية وخصائصها وتأثير المسلمين فيها وتأثرهم بها"، وذلك من خلال:
أ- بيان مفهوم الحضارة والفرق بينها وبين المدنية والثقافة.
ب- عرض تاريخي موجز لكيفية انتقال أوروبا من العصور الوسطى إلى العصر الحديث وأهم مظاهر الفترتين، ومنها: التسلط الكنسي وما ترتب عليه في المجتمعات الغربية ثم النهضة الأوروبية الحديثة مابين القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين تقريبا" (2).
الأساتذة والأساتذة الزائرون:
"…حظي القسم بعدد من الأساتذة المتميزين في الدراسات الاستشراقية، سواء الذين عملوا عدة أعوام أم الذين كانوا زائرين فقط. وفيما يأتي بعض هؤلاء الأساتذة وتعريف موجز بهم:
__________
(1) المرجع نفسه، ص 28.
(2) المرجع نفسه ص 69.(1/33)
"محمد عثمان صالح: درس في جامعة أدنبرة مقارنة الأديان والدراسات الإسلامية وقد درس مع المستشرق المشهور وليام مونتجمري وات.
"محمد بحر عبد المجيد: حاصل على الدكتوراه من جامعة أكسفورد في الدراسات العبرية.
"علي الغمراوي- رحمه الله-: متخصص في دراسات العصور الوسطى من جامعة ميونخ بألمانيا، ويتقن العديد من اللغات الأوروبية.
"حامد غنيم أبو سعيد: متخصص في التاريخ الإسلامي من جامعة كمبريدج مع المستشرق سارجنت.
"محمد خليفة حسن: متخرج في جامعة تمبل Templeبالولايات المتحدة الأمريكية في الدراسات اليهودية ومقارنة الأديان.
"محجوب أحمد كردي: دكتوراه من جامعة تمبل في مقارنة الأديان، ومن خريجي الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة في المرحلة الجامعية.
أما الأساتذة الزائرون فأذكر منهم:(1/34)
"الدكتور محمد مناظر أحسن: رئيس المؤسسة الإسلامية بمدينة ليستر ومتخرج في جامعة لندن في التاريخ الإسلامي وأشرف عليه برنارد لويس. وقد قدم محاضرتين؛ إحداهما بعنوان "المستشرقون والسنّة" تناول فيها بعض شبهات المستشرقين حول السنة وطريقة الرد على هذه الشبهات، وذكر من هؤلاء جولدزيهر وجوتين ووات وغيرهم (1)، كما قدم محاضرة أخرى بعنوان "حقائق عن الاستشراق" تناول فيها الاهتمام المعاصر للاستشراق والذي تركِّز على الصحوة الإسلامية، وبخاصة بعد الثورة الإسلامية في إيران، وأصبح الإسلام في نظرهم يصوَّر بالعسكرية والعنف وظهرت كتابات كثيرة قام بها مستشرقون وصحفيون وأدباء وغيرهم. وذكر مجموعة من الجهود التي يقومون بها لدراسة الصحوة الإسلامية وعودة المسلمين إلى الإسلام (2).
"الدكتور أكرم ضياء العمري: أستاذ التاريخ بالجامعة الإسلامية ومتخرج في جامعة بغداد.
"الدكتور حسن الأمراني: متخصص في الأدب العربي وكتابات المستشرقين في هذا المجال. أمضى في الكلية سنة كاملة (كلية الآداب - وَجْدة-بالمغرب).
"ظفر الإسلام خان: متخصص في التاريخ الإسلامي من كلية دار العلوم بمصر، ولديه اهتمام خاص بالقدس وتاريخها واليهودية.
الرسائل العلمية (3):
__________
(1) محمد مناظر أحسن، "المستشرقون والسنة" محاضرة منسوخة على الآلة الكاتبة قدمت في قسم الاستشراق بتاريخ 24 صفر 1408هـ,
(2) محمد مناظر أحسن. حقائق عن الاستشراق" محاضرة مخطوطة قام بالترجمة وأعد النص مازن مطبقاني وعدنان الأماسي وألقيت المحاضرة في قسم الاستشراق في 25 صفر 1408هـ
(3) انظر الملحق رقم 1 لبيان بالرسائل العلمية التي قدمت في هذا القسم .(1/35)
أنجز في القسم أكثر من أربعين بحثاً مكملاً لنيل درجة الماجستير وعشر رسائل دكتوراه،كان من آخرها دراسة حول العبادات في دائرة المعارف الإسلامية التي تصدر عن دار برل للنشر وتشرف عليها هيئة استشراقية معروفة. وقد نوقشت فيما بعد عدة رسائل منها رسالة حول الاستشراق الماروني ونشاطاته، ورسالة أخرى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه في دائرة المعارف الإسلامية. ومن خلال تحليل موضوعات البحوث التكميلية لنيل درجة الماجستير وبحوث الدكتوراه نجد أن موضوع السيرة النبوية الشريفة والتاريخ الإسلامي هما من أكثر الموضوعات التي بحثت؛ حيث بلغ عدد الرسائل في هذا المجال ثلاث عشرة رسالة، وجاء موضوع التنصير في المرتبة الثانية بعشرة رسائل، وهناك عدد من الرسائل في مجال دراسات المستشرقين في مجال القرآن الكريم والحديث الشريف واللغة العربية وغيرها من الموضوعات.
المكتبة والنشر:
بالإضافة إلى المكتبة الاستشراقية المهمة التي وجدت في مركز البحوث في الرياض، فإن قسم الاستشراق قد استطاع أن يكوّن مكتبة متميزة في مجال الدراسات الاستشراقية والحصول على عدد من الدوريات المهمة. وقد اشترت الكلية مكتبة شاملة في مجال الاستشراق من أحد علماء باكستان، وهو الأستاذ ظفر قريشي. ويمكننا أن نضيف إلى المكتبة وحدة المعلومات التي أنشئت كجزء من مركز الدراسات الحضارية والاستشراقية والتي تضم آلاف المقالات حول مجالات الاستشراق المختلفة.
أما بالنسبة للنشر فإن القسم لم يقم بنشر أي كتاب على الرغم من أن البحوث التكميلية ورسائل الدكتوراه تجاوزت خمسين بحثاً، كثير منها يستحق أن ينشر لما تضمنه من جهد علمي في مجال فريد. ولكننا نجد أن النشر كان بجهود فردية من بعض أعضاء القسم، ومن هذه الجهود نشر الكتب الآتية:
"محمد عثمان صالح، خلفية صراع أهل الأديان حول فلسطين ولبنان، (المدينة المنورة: مكتبة دار ابن القيم، 1409هـ).(1/36)
"محمد عثمان صالح، النصرانية والتنصير أم المسيحية والتبشير، (المدينة المنورة: مكتبة دار ابن القيم، 1410هـ/1989م).
"عبد الله الرحيلي.ضوابط لمناقشة شبهات المستشرقين، بحث قدم لعمادة البحث العلمي ونشر مختصراً في كتيب حول مناقشة الشبهات.
"محمد أبو الفتح البيانوني، بحث الشبهات وموقف المسلم منها.
"محجوب كردي، منهجية علم الاجتماع المعرفي في كتابات بعض المستشرقين عن القصة الإسلامية.
"محمد خليفة حسن أحمد، أزمة الاستشراق المعاصر، (الرياض: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1422هـ).
"آثار الفكر الاستشراقي في المجتمعات الإسلامية (القاهرة: عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، 1997م).
"إسماعيل عمايرة، المستشرقون ومناهجهم اللغوية، (إربد: دار الملاحي، 1408هـ/1988م).
"إسماعيل عمايرة، المستشرقون ونظرياتهم في نشأة الدراسات اللغوية.
"مازن مطبقاني، الاستشراق والاتجاهات الفكرية في التاريخ الإسلامي. وهي أول رسالة دكتوراه منحت من القسم عام 1414هـ، (الرياض: مكتبة الملك فهد الوطنية، 1416هـ).
"مازن مطبقاني، المغرب العربي بين الاستعمار والاستشراق. (جدة: دار الريشة، 1409هـ).
"مازن مطبقاني، من آفاق الاستشراق الأمريكي المعاصر، (المدينة المنورة: مكتبة دار ابن القيم، 1409هـ).
"مازن مطبقاني.، الاستشراق المعاصر في منظور الإسلام، (الرياض: دار اشبيليا، 1420هـ).
"مازن مطبقاني، صراع الغرب مع الإسلام: استعراض للعداء التقليدي للإسلام في الغرب، ترجمة عن الإنجليزية، (المدينة المنورة: الندوة العالمية للشباب الإسلامي، 1418هـ).
"مازن مطبقاني، أصول التنصير في الخليج العربي، ترجمة عن الإنجليزية، ط2 (المدينة المنورة: الندوة العالمية للشباب الإسلامي، 1418هـ).
"مازن مطبقاني.، الغرب من الداخل: دراسة للظواهر الاجتماعية في الغرب، ( أبها: النادي الأدبي، 1418هـ).طبع عام 1425هـ على حساب المؤلف منقحاً ومزيّداً.(1/37)
"محمود ماضي، موقف جولدزيهر من الوحي.
"محمود ماضي، الوحي القرآني في المنظور الاستشراقي.
"حامد غنيم، المستشرق الروسي بارتولد وكتابه عن انتشار الإسلام بين المغول.
الرحلات العلمية والابتعاث:
أتاح قسم الاستشراق الفرصة لعدد من منسوبيه للقيام برحلات علمية، ومن هذه الرحلات رحلة قام بها كل من حميد ناصر الحميد وعبد العزيز المحويتي إلى أمريكا وبريطانيا وفرنسا، كما قمتُ برحلة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا. وكان الهدف من هذه الرحلات زيارة بعض المراكز الاستشراقية في هذه الدول وجمع المادة العلمية للإعداد لرسالة الدكتوراه.
أما الابتعاث فكان من نصيب كل من عدنان الأماسي الذي حصل على الدكتوراه من كلية سيلي أوك بجامعة برمنجهام البريطانية في الدراسات الاستشراقية والاقتصاد الإسلامي. وكانت رسالته للدكتوراه حول كتابات الباحث الأمريكي توران وموقفه من الاقتصاد الإسلامي. وكان المبتعث الثاني طلال ملوش الذي تخرج في جامعة أدنبرة، حيث أعد بحث الدكتوراه حول نظرية إجناز جولدزيهر في الحديث.
ومن المناسب أن نذكر هنا أن عدداً من الطلبة الذين تخرجوا في القسم قد أكملوا دراساتهم العليا في العديد من الجامعات داخل المملكة وخارجها، فمنهم من أكمل في مجال الاستشراق في جامعة جلاسجو وغيرها من الجامعات البريطانية.…
ومن الرحلات العلمية التي تمت في إطار الاهتمام بالدراسات العربية والإسلامية في الجامعات الأمريكية ومراكز البحوث والمعاهد هناك ما قمت به في إطار برنامج الزائر الدولي الذي ترعاه وكالة إعلام الولايات المتحدة بالقنصلية الأمريكية في جدة. وقد تضمنت الرحلة زيارة العديد من المدن الأمريكية وزيارة عدد كبير من الجامعات ومراكز البحوث والمعاهد في صيف عام 1995م ( 1415هـ) ومنها ما يأتي:
"معهد الشرق الأوسط بواشنطن.
"معهد الولايات المتحدة الأمريكية للسلام بواشنطن العاصمة.
"معهد بروكنجز Brookings بواشنطن العاصمة.(1/38)
"مكتبة الكونجرس قسم الشرق الأدنى بواشنطن.
"المعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن.
"مركز الدراسات العربية المعاصرة بجامعة جورج تاون بواشنطن العاصمة.
"مركز العلاقات النصرانية الإسلامية بجامعة جورج تاون أيضاً.
"معهد الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جون هوبكنز بواشنطن العاصمة.
"قسم دراسات الشرق الأدنى بجامعة إنديانا.
"معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة كاليفورنيا في مدينة بيركلي.
"مؤسسة راند Rand للبحوث والدراسات بمدينة لوس أنجلوس.
"مؤسسة مصادر المعلومات عن العالم العربي الإسلامي بمدينة بيركلي بكاليفورنيا.
" قسم دراسات الشرق الأوسط بجامعة تمبل بمدينة فيلادلفيا.
"قسم دراسات الشرق الأوسط بجامعة فيلانوفا.
"قسم دراسات الشرق الأدنى بجامعة برنستون بولاية نيوجرسي.
"معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة كولمبيا بمدينة نيويورك.
"مجلس الشؤون الخارجية بمدينة نيويورك(1).
المؤتمرات والندوات:
استمر هذا القسم لسنوات عديدة أنشط قسم في المعهد العالي للدعوة الإسلامية (كلية الدعوة حالياً)؛ حيث كانت تعقد جلسة أسبوعية يقدم فيها محاضرة أو ندوة عن كتاب. وقد ناقش أساتذة القسم العديد من الكتب الاستشراقية أو الكتب التي تناولت قضايا ذات علاقة بالاستشراق ومن هذه النشاطات مناقشة كتاب (مقدمة في علم الاستغراب) لحسن حنفي، وقدمت محاضرات وندوات مختلفة. وكان للقسم تقليد طريف أن يقدم طالب الدكتوراه عرضاً لموضوعه المقترح ويناقشه الأساتذة والطلاب.
وكان من بين خطط القسم أن يعقد ندوة سنوية عن الاستشراق إما على المستوى المحلي وإمّا دولية. ولم يتمكن القسم من ذلك، ولكن أتيحت الفرصة لعدد من أساتذة القسم المشاركة في ندوات ومؤتمرات دولية حول الاستشراق، منها:
__________
(1) انظر تقريراً عن هذه الرحلة في موقع مركز المدينة المنورة لدراسات وبحوث الاستشراق www.medinacenter.com(1/39)
"المؤتمر العالمي الأول حول العالم الإسلامي والقرن الواحد والعشرين في جامعة ليدن في الفترة من 17 إلى 20 محرم 1417هـ، وشاركتُ في المؤتمر ممثلاً للمملكة العربية السعودية ببحث حول موقف المستشرقين وتلاميذهم من نظرة عبد الحميد بن باديس إلى التنمية (1).
"المؤتمر العالمي الخامس والثلاثون للمؤتمر الدولي حول الدراسات الآسيوية والأفريقية الذي عقد في بودابست بالمجر في الفترة من 3-8 ربيع الأول 1418هـ، شاركتُ فيه ضمن وفد المملكة العربية السعودية، وقد قدمت بحثاً بعنوان "أثر الاستعمار والاستشراق الفرنسي في الحياة الاجتماعية في المغرب العربي قبل الحرب العالمية الثانية".
"المؤتمر الدولي حول الاستشراق والدراسات الإسلامية، وعقد في جامعة عبد المالك السعدي في تطوان برعاية مشتركة من المنظمة الإسلامية للعلوم والتربية والثقافة في الفترة من 15-17 رجب 1417هـ وشاركتُ ممثلا للجامعة وقدمت بحثاً بعنوان "لمحات من الاستشراق الأمريكي المعاصر"(2).
"المؤتمر الدولي حول الدراسات الاستشراقية: الخطاب والقراءة بجامعة وهران -كلية العلوم الإنسانية والحضارة الإسلامية (18- 20 محرم 1421هـ الموافق 23-25أبريل 2000م) وقدمت بحثاً بعنوان "الاستشراق ومكانته بين المذاهب الفكرية المعاصرة."
__________
(1) قدم لمجلة أكسفورد للدراسات الإسلامية الصادرة عن مركز أكسفورد للدراسات الإسلامية. والبحث باللغة الإنجليزية.
(2) نشرت هذه الورقة في مجلة الإسلام اليوم.(الرباط، المؤسسة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة العدد 15 في 1419هـ/ 1998م.(1/40)
"المؤتمر العالمي الأول حول دراسات الشرق الأوسط. عقد في جامعة جوتنبرج بمدينة مينز بألمانيا. في الفترة من 1-7رجب 1423هـ (8-13أغسطس 2002م، وقد قدم فيه أكثر من ألف وخمسمائة بحث، بالإضافة إلى المناشط الأخرى مثل معرض للكتاب حول العالم الإسلامي، وكذلك تكريم لعدد من البارزين في هذا المجال، ومهرجان للأفلام حول الشرق الأوسط. وقد كان الحضور العربي الإسلامي محدوداً بينما اهتم الباحثون من إسرائيل بإثبات حضورهم حيث كان عددهم يزيد على أربعين باحثاً، من اللافت للانتباه أن الحضور من الجامعة الأمريكية بالقاهرة كان أكثر من عشرين باحثاً. وقد انتقد أحد الكتاب الحضور العربي الإسلامي بأنه كان في غالبه من المتأثرين بالفكر الغربي والمتملقين للغرب والمشوهين للإسلام والمسلمين (1).
وقد كان من المؤمل أن يكون الحضور السعودي أكبر في مثل هذه التظاهرة العالمية؛ لما تتمتع به المملكة من مكانة في الساحة الإسلامية والدولية، ولأنها الدولة الرائدة بحق في الاهتمام بالاستشراق ومواجهته.
مركز الدراسات الحضارية والاستشراقية:…
__________
(1) جمال سلطان، "خواطر مسلم- صورتنا في الغرب"، مجلة الحج والعمرة، رمضان 1423هـ(نوفمبر- ديسمبر 2002م، ص 9(1/41)
أنشأت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في قسم الاستشراق بكلية الدعوة بالمدينة المنورة هذا المركز سنة 1412هـ لتحقيق عدد من الأهداف من أهمها: القيام بالبحوث المتمثلة في دراسة الاستشراق وآراء المستشرقين، وترجمة بعض الكتابات الاستشراقية المتميزة، والاطلاع على الحضارات والمفاهيم المتعددة، وإعداد وتدريب الباحثين للقيام بالبحوث في هذا المجال. ويتكون المركز من وحدتين منفصلتين هما: وحدة الدراسات الحضارية ووحدة الدراسات الاستشراقية، ويتبع هاتين الوحدتين شعبتان؛ إحداهما شعبة المعلومات والثانية شعبة الترجمة (1).
وقد قامت شعبة المعلومات بالفعل بدور مهم حيث جمعت آلاف المقالات والبحوث حول مجالات الاستشراق المختلفة، وجعلت لها ملفات متخصصة، فهناك معلومات حول الاستشراق موزعاً توزيعاً جغرافياً، ومعلومات عن مدارس الاستشراق الفكرية كالمدرسة اليهودية والمدرسة النصرانية والمدرسة الشيوعية وغيرها. كما ضمت الشعبة معلومات عن أعلام المستشرقين وملفات عن الاستشراق والمجالات المختلفة؛ كالاستشراق والقرآن الكريم، والاستشراق والحديث الشريف، وغيرهما. وقد قامت الوحدة بعمل ببليوغرافيا تضم المادة المتوفرة في الوحدة التي بلغت اثنتين وثلاثين وثلاثمائة وألف (1332) موزعة على اثنين وثمانين وثلاثمائة رأس موضوع (2). هذا عدا الببليوغرافيا باللغة الإنجليزية التي لم تنشر بعد.
__________
(1) دراسات استشراقية وحضارية، كتاب دوري محكم. (المدينة المنورة: مركز الدراسات الاستشراقية والحضارية، 1413هـ/1993م)، ص 16 وما بعدها.
(2) أحمد هويدي ومازن مطبقاني وآخرَيْن، دليل معلومات الاستشراق والتنصير والدراسات الحضارية. (القسم العربي) ( المدينة المنورة: مركز الدراسات الاستشراقية والحضارية، 1422هـ/2001م)(1/42)
وقد كُلِّفَ أحدُ الأساتذة بالعمل على إعداد كتاب حول الاستشراق الألماني(1). والكتاب عبارة عن عدد من البحوث كتبها مستشرقون ألمان حول الدراسات العربية والإسلامية في ألمانيا تناولت تطور الاستشراق الألماني وتحوله من "الموضوعات التقليدية إلى الموضوعات المرتبطة بالعصر الحاضر"(2). كما قدمت البحوث صورة عن الاستشراق الألماني المعاصر وآفاقه المستقبلية، وكذلك ارتباط هذا الاستشراق بالاستعمار والتنصير.
ولم ينجز المركز الكثير، ذلك أن العمل بالمركز كان قاصراً على جهود أعضاء هيئة التدريس في القسم، فلم يخصص أي باحث للتفرغ للعمل في المركز، كما أن المركز كان وما زال يشتكي ضعف الإمكانات المتاحة حيث؛ تنقصه الأجهزة العلمية والدوريات والأعمال الأساسية في الاستشراق والتنصير(3).
الفصل الثالث
مواجهة الاستشراق في المملكة من قبل الجامعات والمؤسسات والهيئات التعليمية والثقافية في عهد خادم الحرمين الشريفين
تقديم:
__________
(1) أحمد محمد هويدي، الاستشراق الألماني:تاريخه وواقعه وتوجهاته المستقبلية، (القاهرة: المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، 1420هـ/2000م)، وقد قام بإعداد الكتاب خلال فترة عمله في الوحدة.
(2) المرجع نفسه، ص 9.
(3) من مسودة خطاب (دون تاريخ) موجهة من عميد الكلية إلى وكيل الجامعة للشؤون التعليمية رداً على خطاب الوكيل المؤرخ في 19/11/1413هـ(1/43)
نال الاستشراق اهتماماً طيباً من الجهات العلمية، مثل وزارة التربية والتعليم في تناول الاستشراق في مناهجها. وكذلك اهتمت الجامعات السعودية المختلفة بذلك، فوجدت مادة الاستشراق من بين مواد الدراسات الإسلامية في جامعة الملك سعود أو ضمن دراسة العقيدة والعقائد المعاصرة في الجامعة الإسلامية، أو جامعة الملك عبد العزيز، أو جامعة الملك سعود. أما المؤسسات الإعلامية والفكرية كالصحف والمجلات ووسائل الإعلام الأخرى من إذاعة وتلفاز فقد نال الاستشراق فيها نصيباً من الاهتمام. وقد ذكر قاسم السامرائي في بحث له عن الاهتمام بالاستشراق في السعودية في الوقت الحاضر أنه استطاع أن يجد أكثر من مائتي كتاب نشرت في السعودية في السنوات الماضية، وكذلك أكثر من ألفي مقالة في الصحف والمجلات (1). وقد خصص الحرس الوطني في مهرجان الجنادرية للثقافة والتراث والفنون ندوتين من ندواته الكبرى للحديث عن علاقة الإسلام بالغرب، وكان الاستشراق محوراً أساسياً في هاتين الندوتين. كما عقدت مكتبة الملك عبد العزيز العامة بالتعاون مع البنك الإسلامي للتنمية ندوة حول مصادر المعلومات حول العالم الإسلامي، كما عقدت ندوة أخرى حول الحوار بين الحضارات.
أولاً: الجامعات:
__________
(1) قاسم السامرائي، "لاهتمام بالاستشراق في السعودية"، مرجع سابق، ص 2، وأشار إلى أن هذه الأرقام حتى عام 1406هـ /1986م، بينما الأرقام الآن تفوق ذلك بكثير.(1/44)
تدرس مادة (الاستشراق والمستشرقون) في العديد من الجامعات السعودية، فهذا فرع جامعة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة (جامعة طيبة حاليّاً) يدرس فيه الاستشراق في المرحلة الجامعية في المستوى الرابع في قسم الدراسات الإسلامية (1). كما أن قسم التاريخ يضم مادة تتناول الاستشراق، وهذه المادة إنما هي مدخل لدراسة الاستشراق يطلع الطالب فيها على الأمور الأساسية حول نشأة الاستشراق وأهدافه ومراحله وعلاقة الاستشراق بالتنصير والاستعمار، كما يدرس بعض آراء المستشرقين في القرآن والسنة والسيرة النبوية. وإن كان يؤخذ على تدريس المادة في بعض الجامعات السعودية أنّه يسند إلى أساتذة معرفتهم بالاستشراق ثانوية؛ أي أنهم لم يطلعوا على هذا المجال المعرفي إلاّ من خلال الكتب المترجمة، كما أن كثيراً منهم ليس لديه تجربة في التعرف إلى الجامعات الغربية والدراسات العربية والإسلامية فيها.
الجامعة الإسلامية:
إن الحديث عن الجامعة الإسلامية إنما هو الحديث عن أول صرح علمي في المملكة العربية السعودية يأخذ على عاتقه محاربة الغزو الفكري والأفكار الهدامة، ذلك أن أكثر من ثمانين في المائة من مقاعد الجامعة مخصص لأبناء المسلمين من جميع بقاع الأرض، وأدركت الجامعة أن معظم البلاد الإسلامية قد تعرضت للغزو الفكري من خلال الاحتلال المباشر الذي عبث بالمناهج الدراسية وكذلك من خلال الغزو الفكري حتى بعد نهاية الاحتلال العسكري، فكانت المناهج الدراسية التي تقدم العلم الشرعي والعقيدة السليمة إنما هي محاربة للفكر المنحرف. كما أن الجامعة قد اهتمت بالاستشراق ومواجهته من خلال الندوات والمؤتمرات والمحاضرات العامة ومن خلال البحوث التي نشرت في مجلة الجامعة خلال أكثر من ثلاثة عقود. وفيما يأتي بعض التفصيل لهذا الاهتمام:
المناهج الدراسية:
__________
(1) موقع جامعة الملك عبد العزيز في الإنترنت.(1/45)
تضمنت المناهج الدراسية محاربة الغزو الفكري للذي يعد الاستشراق جزءاً مهماً منه، وفيما يأتي بعض هذه المناهج:
أ- منهج الغزو الفكري المقرر على السنة الرابعة في المرحلة الجامعية في كلية الدعوة، ويتضمن هذا المنهج في الفصل الدراسي الثاني (التبشير والاستشراق)، حيث يدرس الطالب تعريفهما ولمحة عن تاريخ التبشير والاستشراق وبواعثهما وارتباطهما بالاستعمار، وكذلك دراسة مناهج المستشرقين وعرض أفكارهم وطوائفهم ونماذج من ادعاءاتهم على الإسلام مع تفنيدها، ويدرس الطالب كذلك خطط المبشِّرين في مخططاتهم ومؤتمراتهم ووسائلهم في بلوغ أهدافهم.
كما يدرس الطلاب قضية التغريب ومعناه وأسبابه وآثاره السيئة في بلاد المسلمين(1). وكم كنت أود لو استغني عن استخدام كلمة المبشّرين بالمنصِّرين فهذا المصطلح أقرب إلى واقعهم وحقيقتهم، وإن كان كما يقال: (لا مشاحة في الاصطلاح).
ب- مقرر المذاهب الفكرية المعاصرة. ويكفي أن نقرأ العبارات التي افتتح بها الحديث عن مقرر المادة لنعرف الاهتمام الكبير في هذا الصرح العلمي بالاستشراق؛ حيث تقول المقدمة عن الأهداف إنها: "كشف المؤامرات التي يقوم بها أعداء الإسلام والمسلمين من المستشرقين والمنصِّرين وأصحاب المذاهب الجديدة، ودراسة ما يقوم به أتباعهم من دعاة التغريب في العالم الإسلامي وإطلاع الدارسين عليها وتحذيرهم منها"(2).
وفي قسم الاستشراق من مفردات المقرر نجد أن الطلاب يدرسون الاستشراق من خلال دراسة المقصود بالاستشراق، وحقيقة أمر المستشرقين، وبيان سبب هذه التسمية، وتجلية العلاقة بينهم وبين المنصرين، وكذلك بداية الاستشراق ونشاط المستشرقين وكيدهم للمسلمين وأهدافهم الظاهرة والخفية وأساليبهم المختلفة(3).
__________
(1) منهج الدراسة في كلية الدعوة وأصول الدين المعتمد من مجلس الجامعة بالقرار رقم 163/1407. ص 227- 230.
(2) مقرر المذاهب الفكرية المعاصرة، كلية الدعوة وأصول الدين
(3) المرجع نفسه.(1/46)
جـ - دراسات في الاستشراق والتنصير في برنامج الدراسات العليا مرحلة الدكتوراه في كلية الدعوة وأصول الدين. وفي هذه المادة يدرس الطلاب التعريف بالاستشراق والتنصير وبيان أخطارهما، أما بالنسبة للاستشراق فيدرس الطلاب مفاهيم الاستشراق ونشأته، ومدارسه، ومناهجه، وأهدافه، وشبهاته، والرد عليها(1).
د- المذاهب الفكرية المعاصرة - مرحلة الماجستير في قسم الدعوة بكلية الدعوة وأصول الدين. ويتضمن هذا المقرر المذاهب الفكرية الناشئة كالعولمة، ويهدف مقرر المادة إلى بيان مخاطر المذاهب الفكرية الهدامة على المجتمعات الإسلامية مع إيضاح سبل التصدي لها وتحصين الأمة من شرورها(2).
الندوات والمؤتمرات:
1)الندوة العالمية حول توجيه الدعوة وإعداد الدعاة:
عقد في الجامعة الإسلامية مؤتمر عالمي بعنوان (توجيه الدعوة وإعداد الدعاة) في الفترة من 24-29 صفر 1397هـ، وكان من أبرز محاوره مواجهة الغزو الفكري والأفكار الهدامة، وقد نشرت بحوث هذا المؤتمر في عدد من المجلدات(3).
2)ندوة تحصين شباب الجامعات ضد الغزو الفكري:
عقدت هذه الندوة في الفترة من 12_14 صفر 1414هوكان الاستشراق أحد محاور هذه الندوة- ومنها هذا البحث.
مجلة الجامعة الإسلامية:
كان موضوع الاستشراق أحد أهم العناصر في بحوث ومقالات هذه المجلة، حيث وجدت البحوث الآتية:
1-" الاستشراق وجهوده وأهدفه في محاربة الإسلام والتشويش على دعوته"، لعبد المنعم محمد حسنين (ع 2، س 10، 1397هـ).
2-دور المستشرقين في تشويه الحقائق الإسلامية، لعبد القادر بن حبيب الله السندي، (ع4ن س 4 ، 1392هـ).
__________
(1) برنامج الدراسات العليا، مرحلة الدكتوراه، كلية الدعوة وأصول الدين، قسم الدعوة.
(2) برنامج الدراسات العليا، مرحلة الماجستير قسم الدعوة بكلية الدعوة وأصول الدين.
(3) دليل المؤتمر العالمي لتوجيه الدعوة وإعداد الدعاة، وأهدافه ومحاوره.(1/47)
3-المستشرقون والسيرة النبوية، لعوض عبد الهادي العطا، (ع 57، س 15، 1403هـ).
4-المستشرقون في الميزان، لعبد العزيز القارئ (ع1، س 2، 1394هـ).
المحاضرات العامة:
لا شك في أن هذا الاهتمام بالاستشراق قد جعل هذا الموضوع من بين موضوعات المحاضرات العامة، وفيما يأتي حديث عن إحدى هذه المحاضرات، وهي المحاضرة التي ألقاها الدكتور أكرم ضياء العمري في الموسم الثقافي للجامعة الإسلامية عام 1412هـ بعنوان "الاستشراق هل استنفد أغراضه؟" تحدث فيها عن الآراء التي كان يلقيها الأساتذة في المرحلة الجامعية وكان بعضهم لا يعزو تلك الآراء للمستشرقين بل يعرضها كأنها من اجتهاداته أو أفكاره الخاصة. وذكر العمري في تلك المحاضرة أهمية الاستشراق بالنسبة للغربيين حين قال: "فالمستشرقون هم الذين صوَّروا الشرق أمام الغرب، وهم الذين قالوا: من هم المسلمون، ما هي خصائصهم العقلية، ما هي ثقافاتهم، ما هي أعرافهم وتقاليدهم ، إلى أي شيء يدفعهم دينهم، وكم يؤثر فيهم في الوقت الذي توضع الخطط العسكرية والاقتصادية"(1).
وأكد العمري في ختام محاضرته أن الاستشراق باق ومستمر ولم يستنفد أغراضه بقوله: "الاستشراق حقق كثيراً، لكنه لم يستنفد تلك الأغراض، لذلك هو يواصل التأليف، ويواصل الحوار في الندوات والاجتماعات الإقليمية والاجتماعات الدولية، وهو ماض بمؤسساته الهائلة، وإمكانات نشره الهائلة يصدر دورياته الثلاثمائة التي تتناول المسلمين من شتى النواحي"(2).
__________
(1) أكرم ضياء العمري، " الاستشراق هل استنفد أغراضه؟" محاضرة عامة ألقيت في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عام 1412هـ، ونشرت في جريدة المدينة المنورة، أعدها للنشر مازن مطبقاني في العددين 9106 و 9116 في 28/10/1412هـ و 5/11/1412هـ في ملحق التراث.
(2) المرجع نفسه.(1/48)
ومن جهود الجامعة الإسلامية أن قدمت فيها رسالة ماجستير حول الاستشراق الفرنسي والسيرة النبوية، ناقش فيها الباحث قضايا مختلفة في الاستشراق الفرنسي، منها على سبيل المثال اهتمام فرنسا بالإسلام والدراسات المتعلقة به من فترة عصر النهضة الأوروبية حتى العصر الحديث. وقد هيأت الجامعة للطالب أن يقوم بزيارة عدد كبير من مصادر المعرفة بفرنسا، فهو قد زار المكتبة الوطنية بباريس، ومكتبة المدرسة الوطنية للغات والحضارات، ومكتبة معهد العالم العربي، ومكتبة معهد الدراسات الإسلامية بجامعة السوربون، كما زار بعض دور النشر الاستشراقية. وقد بذل الباحث جهداً كبيراً في ترجمة النصوص والتأكد من النصوص التي سبق ترجمتها ونشرها وأوضح ما في بعضها من أخطاء في الترجمة هي في الغالب مقصودة لترويج كتب المستشرقين بين المسلمين كما حدث في كتاب إميل درمنهجام الذي ترجمه عادل زعيتر(1).
مؤلفات حول قضايا الاستشراق:
ظهر العديد من المؤلفات في المملكة العربية السعودية في السنوات الماضية ينتسب معظم مؤلفيها إلى الجامعات السعودية، ونظراً إلى كثرتها فإننا سنختار بعضاً منها نذكر هنا نبذة عنه.
الاستشراق بين الموضوعية والافتعالية:
__________
(1) مصطفى الحاج مالك بوكاري، الاستشراق الفرنسي وموقفه من تاريخ عهد النبوة، رسالة ماجستير نوقشت في الجامعة الإسلامية عام 1413هـ وأشرف عليها أكرم ضياء العمري. وكم كان مفيداً لو كان أحد المناقشين أو المشرف على علم باللغة الفرنسية لاكتشف أن الطالب كان حرفياً أحياناً في الترجمة وتخطئة المترجمين كما فعل مع عادل زعيتر عند ترجمة ما كتبه المستشرق عن موقف خديجة رضي الله عنها من الرسول صلى الله عليه وسلم دون الاهتمام بالمعنى المجازي للكلمة وأن العبارة التي ذكر أنها تعني دون تبصّر هي في الواقع معناها المجازي "مطلقاً"، والصحيح ما قال به زعيتر.(1/49)
تأليف قاسم السامرائي، صدر هذا الكتاب عام 1403هـ وكان الدكتور قاسم يعمل حينها في قسم المكتبات بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وفي مركز البحوث بعمادة البحث العلمي وحدة الدراسات الاستشراقية بالجامعة نفسها. وقد تناول في هذا الكتاب الاستشراق عموماً بين مادحيه وقادحيه، وأكد على ارتباط الاستشراق بالكنيسة في نشأته، ثم ارتباطه بالاستعمار، وقدم تفصيلات مهمة حول الاستشراق الهولندي؛ لخبرته بهذا الاستشراق، وتحدث عن العالم المسلم ابن رشد وترجمة كتاباته إلى اللغات الأوروبية وما أطلقوا عليه "الفلسفة الرشدية" وكذلك تأثيرها في الفكر الغربي (1).
رؤية إسلامية للاستشراق(2):
تأليف أحمد عبد الحميد غراب أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الملك سعود، وصدر كتابه عام 1408هـ ثم أعيد طبعه عام 1411هـ تناول فيه المؤلف تعريف الاستشراق بالإضافة إلى الحديث عن بعض أبرز المستشرقين المعاصرين. كما اهتم الباحث بخطط المستشرقين للإفادة من الطلاب العرب المسلمين الذين يدرسون في الجامعات الغربية ليقدموا للغرب معلومات دقيقة عن بلادهم، وهو ما أشرت إليه في أحد مؤلفاتي عن خطة معهد الدراسات الإسلامية بجامعة ماقيل بكندا McGill التي رأت أن توجه طلابها العرب المسلمين لدراسة قضايا بلادهم بحجة أنهم سيكونون بعيدين عن تلك المشكلات فيتناولونها بشيء من الحيادية والحرية. وأوضح المؤلف موقف الاستشراق من الصحوة الإسلامية وحرص الاستشراق على وأد هذه الصحوة بشتى الوسائل.
مناهج المستشرقين في الدراسات العربية الإسلامية:
__________
(1) قاسم السامرائي، الاستشراق بين الموضوعية والافتعالية، (الرياض: دار الرفاعي، 1403هـ).
(2) الرياض: دار الأصالة، 1408هـ)، و(بيرمنجهام(بريطانيا): دار المنتدى الإسلامي، 1411هـ).(1/50)
لمجموعة من الباحثين، وقد نشر بالتعاون بين المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، ومكتب التربية العربي لدول الخليج. ويتكون الكتاب من مجلدين تناول الباحثون فيهما معظم القضايا التي كتب فيها المستشرقون. والحقيقة أن الكتّاب العرب والمسلمين في هذا الكتاب من العلماء المشهود لهم بالعلم والباع الطويل في القضايا التي تناولوها. فمن الأمثلة على ذلك بحث الدكتور محمد أنس الزرقا أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبد العزيز حول الزكاة عند شاخت، حيث أوضح الباحث العيوب المنهجية للمستشرق فذكر منها افتقاد الدقة، ويعني بها "إطلاق تعميمات تحتاج إلى تقييد، أو إغفال تفصيلات مهمة تتعلق بمبدأ عام"(1).
الإسلام والمستشرقون:
__________
(1) محمد أنس الزرقا،"الزكاة عند شاخت والقراض عند يودوفيتش، دراسة وتقويم" في مناهج المستشرقين في الدراسات العربية الإسلامية، (الرياض: مكتب التربية العربي لدول الخليج،1405هـ/ 1985م)، ص 203-270.(1/51)
صدر هذا الكتاب عن دار نشر بجدة هي عالم المعرفة، وهو عبارة عن عدد من البحوث التي قدمت في ندوة علمية عقدت في الهند عام 105هـ، وقد شارك في هذه الندوة من المملكة محمد علوي المالكي بينما كان المشاركون الآخرون من الهند ومصر وغيرهما من البلاد الإسلامية. ولعل من أبرز المشاركين الشيخ أبو الحسن الحسني الندوي الذي قدم بحثاً بعنوان: "الإسلاميات بين المستشرقين والباحثين المسلمين"، وقد أشاد في بحثه ببعض المستشرقين الذين بذلوا جهودهم من أجل العمل وكانوا بعيدين عن التعصب والتشويه، وذكر نماذج من هؤلاء، ولكنه في الوقت نفسه أشار إلى خطة يقوم بها بعض المستشرقين حين يذكرون بعض المحاسن في الإسلام ليدسوا السم في الدسم، فكان مما قاله: "إنهم في أغلب الأحيان يذكرون عيباً واحداً ويجودون لتمكينه في النفوس، بذكر عشرة محاسن ليست لها أهمية كبيرة، وذلك كي يقف القارئ خاشعاً مؤدباً أما سعة قلوبهم وسماحتهم ويسيغ ذلك العيب الواحد الذي يكفي لطمس جميع المحاسن"(1).
الرسول صلى الله عليه وسلم في كتابات المستشرقين:
تأليف نذير حمدان الذي كان يدرس في فرع جامعة أم القرى بالطائف. وقد صدرت منه طبعتان، كانت الثانية عام 1406هـ، وقد تناول فيها كثيراً من شبهات المستشرقين ومحاولاتهم تشويه صورة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
مؤلفات علي النملة:
1- (الاستشراق في الأدبيات العربية:عرض للنظرات وحصر وراقي للمكتوب)(الرياض: مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، 1414هـ1993م). تضمن هذا الكتاب عدداً من البحوث العامة عن الاستشراق وتعريفه وأهدافه وعلاقته بالتنصير والصهيونية، ثم رصداً وراقياً لما كتب عن الاستشراق باللغة العربية. وقد صدرت لهذا الكتاب طبعة ثانية مزيدة عام 1422هـ .
__________
(1) أبو الحسن الحسني الندوي، "الإسلاميات بين المستشرقين والباحثين المسلمين"، في الإسلام والمستشرقون. (جدة: عالم المعرفة، 1405هـ/1985م) ص 15- 69.(1/52)
2- (الاستشراق والدراسات الإسلامية: مصادر الاستشراق والمستشرقين ومصدريتهم). وهو عبارة عن عدد من البحوث تناولت قضايا مختلفة من قضايا الاستشراق، منها مصادر معلومات المستشرقين عن الإسلام والمسلمين، وأعمال المستشرقين مصدراً من مصادر المعلومات عن الإسلام والمسلمين، والبحث الثالث مصادر المعلومات عن الاستشراق والمستشرقين .
3- (إسهامات المستشرقين في نشر التراث العربي الإسلامي: دراسة تحليلية،ونماذج من التحقيق والنشر والترجمة). إن الذين يمتدحون الاستشراق غالباً ما يتكئون على هذه القضية، وهي أنهم (المستشرقين) بذلوا جهوداً كبيرة في المحافظة على المخطوطات والتراث الإسلامي وتحقيقه. وجاء النملة هنا ليحقق لنا في هذه المسألة وليخرج بالرأي أن لهم إسهامات مهمة في المحافظة على جزء من التراث الإسلامي، كما أنهم قاموا بتحقيق عدد من المخطوطات المهمة التي كادت تضيع لولا أن قيض الله لها هؤلاء للمحافظة عليها من التلف والضياع، حيث يقول ما نصّه: "كما نخلص إلى أنه ومن باب 'رب ضارة نافعة' قد استفاد التراث العربي الإسلامي في غربته عن دياره وأهله بحفظه مادياً وصيانته وترميمه، ثم استفاد علمياً من حيث تحقيقه ونشره وترجمته"(1).
4- ( المستشرقون والتنصير: دراسة للعلاقة بين ظاهرتين مع نماذج من المستشرقين المنصرين). من المعروف أن الاستشراق نشأ في أحضان الكنيسة، فلا بد أن يتم إعداد المنصّر الذي يتوجه للعمل في العالم الإسلامي إعداداً خاصاً بدراسة اللغة العربية وغيرها من لغات المسلمين، كما يدرس الإسلام والمجتمعات الإسلامية دراسة عميقة، ولذلك ظهر لدينا صلة عميقة بين الاستشراق والتنصير وظهر عدد من المستشرقين المنصرين أمثال صموئيل زويمر وولفرد كانتول سميث وكينيث كراج وغيرهم (2).
__________
(1) إسهامات المستشرقين، (الرياض: 1417هـ/1996م)،ص 43.
(2) المستشرقون والتنصير، (الرياض: مكتبة التوبة، 1418هـ/1998م)(1/53)
5-ظاهرة الاستشراق: مناقشات في المفهوم والارتباطات، (الرياض: دار التوبة، 1424هـ/2003م)، 210 صفحات. وهو القسم الأول من كتاب الاستشراق في الأدبيات العربية مع زيادات وتنقيح.
6-(الشرق والغرب: محددات العلاقات ومؤثراتها)، ومنها الاستشراق .
مؤلفات مازن مطبقاني:
1-(المغرب العربي بين الاستعمار والاستشراق)(1)، وقد تضمن ثلاثة بحوث؛ أحدها حول الحركة الإسلامية في المغرب العربي، والثاني حول الحياة الاجتماعية في المغرب العربي، والثالث حول اهتمام الشيخ عبد الحميد ابن باديس وجمعية العلماء بالتنمية في الجزائر.
2-(من آفاق الاستشراق الأمريكي المعاصر)( (2)، وهو عبارة عن تقرير لرحلة علمية لزيارة جامعة برنستون ومدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن وبعض المؤسسات الاستشراقية الأخرى وبعض النشاطات الاستشراقية في هذه المؤسسات، وحديث عن لقاء المؤلف بالمستشرق برنارد لويس وبعض زملائه بجامعة برنستون بالولايات المتحدة الأمريكية.
3-(الغرب في مواجهة الإسلام) (3)، وفي هذا الكتاب اهتمام بموقف الاستشراق من الحركات الإسلامية في العالم الإسلامي التي تدعو إلى العودة إلى الإسلام وتحكيم شرع الله عز وجل، وموقف هذه الحركات من التغريب والتمدين والتحديث وموقف الاستشراق منها حيث أطلق عليها العديد من التسميات، منها "حركة الإحياء الإسلامي" و"الأصولية" و"الإسلام العسكري" وغيرها.
__________
(1) جدة: دار الريشة، 1409هـ).
(2) المدينة المنورة: مكتبة ابن القيم، 1409هـ)
(3) صدرت الطبعة الأولى عن دار ابن القيم بالمدينة المنورة عام 1409هـ، والثانية عام 1418 هـ، عن الندوة العالمية للشباب الإسلامي بالمدينة المنورة.(1/54)
4-(الاستشراق والاتجاهات الفكرية في التاريخ الإسلامي: دراسة تطبيقية على كتابات برنارد لويس)(1). وهي أول رسالة دكتوراه تتم مناقشتها في قسم الاستشراق بكلية الدعوة بالمدينة المنورة عام 1414هـ، وقد تضمنت دراسة لكتابات لويس حول الإسلام وقضاياه المختلفة ومنها ما كتبه لويس حول القرآن الكريم والسنة النبوية والسيرة والفكر السياسي الإسلامي والمجتمع المسلم والقضايا المعاصرة كالحركات الإسلامية الداعية إلى تحرر الأمة الإسلامية من الاستعمار.
5-تحقيق (نبش الهذيان من تاريخ جرجي زيدان) تأليف محمد حسن حلواني المدني المتوفي 1316هـ(2). تناول المؤلف في هذا الكتاب عدداً من أخطاء جرجي زيدان في كتابه (تاريخ مصر الحديث) وناقشها وصححها، وقد قام المحقق بالتثبت من نصوص جرجي زيدان في كتابه المذكور والرجوع إلى المصادر التي استخدمها الحلواني في تصويب أخطاء زيدان.
6-ترجمة (صراع الغرب مع الإسلام: استعراض للعداء التقليدي في الغرب ضد الإسلام)(3)، تأليف آصف حسين من الكلية الإسلامية بمدينة ليستر ببريطانيا باللغة الإنجليزية، ويتكون الكتاب من خمسة فصول من بينها فصل عن الرحالة والمنصِّرين، وآخر عن المستشرقين، وثالث عن علم الانثروبولوجي، ورابع حول الإعلام وقصور الإعلام.
7- (الاستشراق المعاصر في منظور الإسلام)(4)، ويتألف هذا الكتاب من خمسة بحوث تناولت عدداً من العلوم والمجالات والنشاطات الاستشراقية، ومنها على سبيل المثال: "الأدب العربي الحديث في كتابات المستشرقين"، و"المرأة المسلمة في الكتابات الاستشراقية المعاصرة"، و"مؤتمرات الغربيين حول الإسلام والمسلمين".
__________
(1) الرياض: مكتبة الملك فهد الوطنية، 1416هـ).
(2) المدينة المنورة: مكتبة ابن القيم، 1409هـ).
(3) المدينة المنورة: الندوة العالمية للشباب الإسلامي 1418هـ/1998م).
(4) الرياض: دار إشبيليا، 1420هـ/2000م).(1/55)
* محمد مهر علي (سيرة النبي صلى الله عليه وسلم والمستشرقون مع اهتمام خاص بكتابات وليام ميور ومارغليوث ووليام مونتجمري وات وغيرهم) (1):
صدر هذا الكتاب المهم عن مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف. ويتكون الكتاب من مجلدين تناول فيهما المؤلف كتابات أبرز المستشرقين بالتحليل والنقد، ومن هؤلاء وليام ميور وديفيد مرجليوت ووليام مونتجمري وات وغيرهم. وتتلخص طريقة المؤلف في عرض أحداث السيرة في فترة معينة وفق المصادر الإسلامية المعتمدة، ثم يقدم رؤية المستشرقين لها ويفند مزاعمهم ويرد عليها. وتمثلت ردوده بالأسلوب العلمي المنهجي(2).
*فيليب حتي وكارل بروكلمان في كتاب نقدي(3):
كتب عبد الكريم الباز عن فيليب حتي الباحث اللبناني المسيحي والمستشرق الألماني كارل بروكلمان، وأوضح كيف يكون التشويه المتعمد للتاريخ الإسلامي في كتابات هذين الباحثين، وذكر في مقدمته متأسفاً "أن بعض هذه التهم والريب قد نسجت بمنوال محكم من لدى صنعة مهرة قد تخصصوا في ذلك، فأظهروها للعامة وكأنها حقائق ثابتة اقتنع بها البعض، والبعض الآخر- الأحسن ثقافة- وقف في حيرة من أمره مما جعل الشك يتسرب في بعض الأحيان، إلى الإسلام وجوهره. حتى بدا يخبو بريقه في نفوس الذين بهرتهم الموضوعية.
__________
(1) -Sirat Al-Nabi صلى الله عليه وسلمAnd The Orientalists: with special references to the writings of William Muir, D. S. Margoliouth and W. Montgomery Watt (Al-Madinah, King Fahad Complex for the printing of the holy Quran, 1417 H, 1997 A.D.
(2) انظر عرضاً للكتاب بقلم عاصم عبد الله القريوتي" إضافة كتاب جديد للمكتبة الإسلامية يرد على مزاعم المستشرقين ويفند آراءهم"، المسلمون، عدد (687) 7 ذو الحجة 1418هـ/4 إبريل 1998م.
(3) عبد الكريم الباز .افتراءات فيليب حتّي وكارل بروكلمان على التاريخ الإسلامي.(جدة: تهامة للنشر والتوزيع، 1403هـ/1983م)(1/56)
* محمد مصطفى الأعظمي، دراسات في الحديث النبوي و تاريخ تدوينه، تأليف. - ط1،( بيروت، لبنان: المكتب الإسلامي، 1992، 2 ج.
وهذا الكتاب في أصله هو رسالة الدكتوراه التي قدمها الأعظمي في جامعة كامبريدج البريطانية، وفيها رد على افتراءات وأخطاء المستشرقين في مسألة تدوين الحديث، وبخاصة المستشرق المشهور شاخت؛ حيث إن الأعظمي رأى أن موقف شاخت من الشريعة الإسلامية إنما يقصد إلى تدميرها من جذورها، وذلك بالطعن في الأحاديث النبوية. وتأتي أهمية رد الأعظمي أن شاخت يُعدُّ من أكثر المستشرقين تأثيراً في الكتابات الاستشراقية الحديثة والمعاصرة.
* "المستشرق شاخت والسنة النبوية" بحث في كتاب مناهج المستشرقين في الدراسات الإسلامية، (الرياض: مكتب التربية العربي لدول الخليج، 1405هـ/1985م)، الصفحات 61-110
*منهج النقد عند المحدثين: نشأته وتاريخه،ط،3(الرياض:مكتبة الكوثر، 1410هـ/1990م)، 243صفحة، وقد تناول فيه المؤلف موقف المستشرقين من تدوين الحديث ورد على شبهاتهم وافتراءاتهم، وأوضح منهج المحدثين في نقد الحديث.
The History of The Qur'anic Text From Revelation to Compilation (Leicester:England: UK Islamic Academy, 2003/1424.A.H)
وقد ناقش في هذا الكتاب افتراءات بعض المستشرقين حول أخذ القرآن الكريم من التوراة والإنجيل، كما ناقشهم في مسألة تدوين القرآن الكريم. ومن المستشرقين الذين تناولهم في بحثه المستشرق الفرنسي رجيسر بلاشير وغيره.
*المستشرقون وتوجيه السياسة التعليمية في العالم العربي مع دراسة تطبيقية على دول الخليج العربي "دول مجلس التعاون"(1):
__________
(1) نايف بن ثنيان بن محمد آل سعود، المستشرقون وتوجيه السياسة التعليمية في العالم العربي، (الرياض: دار أمية للنشر والتوزيع، 1414هـ)(1/57)
هذه رسالة ماجستير قدمها نايف بن ثنيان بن محمد آل سعود لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ونشرت عام 1414هـ. وقد تناول فيها الجهد الاستشراقي الكبير في توجيه السياسة التعليمية في العالم العربي الإسلامي عموماً مع التطبيق على دول مجلس التعاون. وقد أوضح المؤلف الصلة الوثيقة بين التنصير والاستشراق في هذا المجال، وهو ما أكد عليه قاسم السامرائي في مقدمته للكتاب. ويؤخذ على المؤلف أنه لم يرجع إلى الوثائق البريطانية وغيرها من الوثائق في هذه القضية الخطيرة. كما يؤخذ علبه المقدمة الطويلة في الموضوعات التي قتلت بحثاً، وهي تعريف الاستشراق ودوافعه وأهدافه وغيرها من الموضوعات المكررة، كما أنه لم يذكر مؤتمر كولورادو الذي عقد في أواخر السبعينات وفي هذا المؤتمر اهتمام خاص بالتعليم.
*المستشرقون ومن تابعهم وموقفهم من ثبات الشريعة وشمولها دراسة وتطبيقا تأليف عابد بن محمد السفياني(1) :
تناول فيه موقف الاستشراق من ثبات الشرعية الإسلامية وشمولها مع تطبيقات تكشف عن مقاصد المستشرقين. وبحث المؤلف في كتابات مَن تأثر بالمستشرقين من العرب والمسلمين، كما حاول توضيح مناهج المستشرقين في البحث والدراسة وهل التزموا بالمنهج العلمي الذي ادعوه وغير ذلك من القضايا.
المستشرقون والإسلام: للأستاذ محمد قطب:
منذ انطلقت محاضرات الأستاذ محمد قطب في قاعة كلية العلوم بجامعة الملك عبد العزيز عام 1394هـ وهو يتناول قضايا الاستشراق في شتى المجالات وبخاصة في مجال التربية وعلم النفس وعلم الاجتماع والتاريخ، وكان يشير إلى كتاب له قريب الصدور عن الاستشراق والإسلام. وأخيراً وفي عام 1420هـ صدر هذا الكتاب القيم الذي قال عن هدفه منه:
__________
(1) مكة المكرمة: مكتبة المنارة ، 1408هـ/1988م)(1/58)
"وكان هدفي من كتابته التصدي لهذه الفتنة الجائحة، وتعريف الشباب خاصة بحقيقة الاستشراق ودوافعه، فقد كنت قد قرأت من كتب المستشرقين ما أكّد لي بعدهم الكامل عن روح الإنصاف، وعن روح (البحث العلمي) التي يدعونها، وكنت قد قرأت كذلك من كتابات المثقفين الذين يحملون أسماء إسلامية ما أكد لي مدى تأثرهم بأفكار المستشرقين"(1).
… ومن أهم مزايا هذا الكتاب- الذي تأخر كثيراً- أنه ناقش نماذج من كتابات عدد من المستشرقين منهم مرجليوث، وفلهوازن وجب، وجرونباوم وولفرد كانتويل سميث ومورو بيرجر وهيرير دكمجيان. كما أن المؤلف تناول كيفية المواجهة بألاّ نسعى إلى تتبع كل ما يكتبون فهو أمر يطول، بل علينا أن نناقش القضايا الكبرى التي يناقشها المستشرقون، وفي ذلك يقول في الخاتمة: "فلا بأس لطمأنة قلوب المؤمنين من الرد على القضايا التي تستحق الرد من الركام الهائل الذي يلقي به المستشرقون والمستغربون في الساحة الإسلامية لفتنة الناس عن دينهم، ولا بأس أن يكون في الجامعات أقسام تبحث في الاستشراق، لكن لا لترد على كل صيحة فارغة من صيحاتهم"(2).
* الفكر العربي والفكر الاستشراقي:
__________
(1) محمد قطب. المستشرقون والإسلام، (القاهرة: مكتبة وهبة، 1420هـ/1999م)، ص 4-5
(2) المرجع نفسه ص 317.(1/59)
أعد هذا الكتاب الدكتور نعمان السامرائي من جامعة الملك سعود قارن فيه بين ما قدمه إدوارد سعيد من آراء في كتابه (الاستشراق) وغيره من الكتب التي تناولت قضايا متشابهة حول العلاقة بين العالم الإسلامي والغرب وبين ما كتبه محمد أركون. وفي الكتاب يتعجب المؤلف من باحث اسمه محمد وينتسب إلى الإسلام ويكتب عنه بأسلوب المستشرقين والحاقدين منهم بصفة خاصة، حيث يقول السامرائي عن أركون: "ومن هنا وجدته يمدح كل فكر منحرف، وكل نحلة هدامة، وفي مقابل ذلك يشن الغارة على كل فكر إسلامي، وعلى الخصوص فكر أهل السنة"(1). ويقول في مكان آخر: "إن الرجل صنع في فرنسا وهو" يجهَّز ليقدَّم كمفكر، بل علم من أعلام الفكر ...،ومحمد أركون يُزَهّد المسلمين بالإسلام، ويحقر المسلمين من أهل السنّة، ويصف علماءهم بأقبح النعوت"(2).
وتناول المؤلف ما كتبه إدوارد سعيد فتعجب أن يكون النصراني العربي أقرب إلى فهم الإسلام والدفاع عنه ويملك الشجاعة والقوة في نقد المستشرقين الذين يعيش بين ظهرانيهم لا يهابهم ولا يتردد في وصفهم على الحقيقة.(3)
مع المفسرين والمستشرقين في زواج النبي صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش:دراسة تحليلية، الرياض:المؤلف، 1403هـ/1983م 127صفحة،تأليف زاهر عواض الألمعي
تعدد الزوجات: إعجاز تشريعي يوقف المد الاستشراقي تأليف محمد بن شتا أبو سعد، ( الرياض:دار المعراج الدولية، د.ت) 152 صفحة.
الرحّالة الغربيون في الجزيرة العربية، تأليف روبن بدول وترجمة عبد الله أدم نصيف، (الرياض، د.ن، 1409هـ/1989م)
__________
(1) نعمان عبد الرزاق السامرائي، الفكر العربي والفكر الاستشراقي بين محمد أركون وإدوارد سعيد، (الرياض: دار صبري للنشر والتوزيع، 1409هـ/1989م)، ص 6
(2) المرجع نفسه ، ص 7.
(3) المرجع نفسه ص 157.(1/60)
الإسلام وموقف علماء المستشرقين:اتهامهم الشريعة بالجمود وعلماءها بالتأثر بالقانون الروماني. تأليف عبد الحميد متولي (جدة: شركة مكتبات عكاظ، 1403هـ/1983م)، 80صفحة.
الإبل على بلاط القيصر، تأليف زيجريد هونكة،نقله إلى العربية حسام الشيميي (الرياض: مكتبة العبيكان، 1421هـ/2001م).
الاستشراق والإعلام:
أولاً: الصحافة:
وجدت وسائل الإعلام في الحديث عن الاستشراق والمستشرقين قضية جذابة تناولتها بعض الصحف بهدف تقديم معلومات للقارئ حول قضية فكرية مهمة، ولكن بعض الصحف حرصت على أن تقدم وجهاً جميلاً للاستشراق والمستشرقين، وذلك انطلاقاً من التوجه الذي يحمله بعض كتاب أو معظم كتاب هذه الصحف، ويكفي أحياناً أن نقرأ بعض العناوين.
صحيفة (المدينة المنورة)
من أقدم الصحف التي تناولت الاستشراق بعمق صحيفة المدينة المنورة في كتابات كل من عاصم حمدان، ومحمد خضر عريف، ومحمد صلاح الدين، وعبد القادر طاش ومازن مطبقاني وغيرهم، كما قدم ملحق التراث رصداً ببليوغرافياً لما كتب عن الاستشراق والمستشرقين في الصحف والدوريات السعودية ثم الدوريات العربية عموماً، ثم تطور هذا الرصد ليشمل الكتب والمؤلفات العربية في هذا المجال (1).
__________
(1) مازن مطبقاني،" الاستشراق والتنصير في الصحف والدوريات السعودية"، صحيفة المدينة المنورة، ملحق ألوان من التراث-العدد 8095 بتاريخ 14شوال 1412هـ .(1/61)
وكتابات عاصم حمدان خريج جامعة مانشستر الذي تتلمذ على يد المستشرق بوزوورث في الأدب العربي، يظهر فيها معرفة عميقة بالاستشراق وخطورته، وقد كتب عن الاستشراق والأدب وكتب أيضاً عن تشويه صورة الإسلام في بعض الكتابات الغربية. وقد اتخذ عاصم حمدان برنارد لويس أنموذجاً لهذا التشويه حيث قال في إحدى مقالاته: "إن القضية تكمن في تجزئة المقاييس التي ينظر من خلالها الغربيون للأديان المختلفة، فهناك مقياس خاص بالإسلام يقوم على الانحراف المتعمد، وتؤثر فيه الأهواء الخاصة، ويخضع لكل المسارات الذاتية المنبعثة من رواسب الحملات الصليبية المتزمتة، والدراسات الاستشراقية الجاهلة"(1).
وسئل عاصم حمدان عن الاستشراق في مقابلة صحفية نشرت عام 1412هـ وقال: "في رأيي أن الاستشراق انتهى من مهمته الأساسية، وهي محاولته لاختراق الإسلام من داخله، بمعنى إنشاء مصداقية معينة لبعض الكتاب المنتسبين إلى الإسلام بهوياتهم، ألا ترى احتفاء جامعات الغرب بكاتب مثل محمد أركون الذي يدعو إلى التعامل مع القرآن كنص بعيداً عن مصدره الإلهي وقدسيته الدينية"(2)
__________
(1) عاصم حمدان، "الإسلام في الكتابات الغربية الحديثة"(2)، المدينة المنورة، العدد 8280، 14جمادى الآخرة 1410هـ
(2) فاروق سلامة." عاصم حمدان يرشق برج الحداثة" في المدينة المنورة، في 6جمادى الأولى 1412هـ(1/62)
ومن كتّاب صحيفة المدينة المنورة الذين تناولوا الاستشراق عبد القادر طاش رحمه الله، الذي كتب عن اهتمام الغربيين بالإسلام مستدلاً بعدد المؤتمرات والندوات التي عقدت في الغرب في زمن قصير حول الإسلام والمسلمين، وذكر من هذه المؤتمرات "ندوة عن انهيار العلمانية والتحدي الإسلامي للغرب" عقدت في لندن في يونيو 1994م، و ندوة ثانية عقدت في باريس في أكتوبر 1994م عن علاقة الإسلام بالغرب. وأشار في مقالته إلى تعدد دوافع الغرب والشرق لدراسة الإسلام، ولكن الأمر الذي ينبغي أن نسعى إليه هو تشجيع اهتمامهم بالإسلام، ولكن في الوقت نفسه "إن الواجب علينا أن نشارك في تلك الفعاليات بجد ونشاط إبراءً للذمة وأداءً لأمانة البلاغ"(1).
وقد كتبتُ في هذه الصحيفة أكثر من ثماني سنوات زاوية أسبوعية، بالإضافة إلى الكتابة في ملحق (ألوان من التراث)، كما كتبتُ مقالة يومية مدة تسعة أشهر كان الاستشراق من أهم الموضوعات التي كتبت فيها. ومنها على سبيل المثال أن رضا لاري كتب ذات مرة يمتدح المدارس الأجنبية في العالم الإسلامي، وبخاصة المدارس الإنجليزية (فيكتوريا)، بأنها تعلم التفكير العلمي والمنطقي، فرددتُ عليه بعدة مقالات أوضحت خطورة هذه المدارس وأنها مطية للفكر الغربي والانحراف العقدي.
كما كتبتُ حول أهمية دراسة الغرب من الداخل، وتناولت مشروع ندوة أصيلة بخصوص إنشاء مراكز للدراسات الأمريكية.
صحيفة (عكاظ )
__________
(1) عبد القادر طاش، "لماذا يهتمون بالإسلام؟" في المدينة المنورة، عدد 11781، في 21 صفر 1416هـ.(1/63)
اهتمت هذه الصحيفة بالاستشراق، فقد قدمت صفحة (فكر إسلامي) ندوة صحفية لعدد من أساتذة قسم الاستشراق بكلية الدعوة منهم محمد خليفة، ومحجوب كردي، ومازن مطبقاني تناول فيها المتحاورون أهمية الدعوة إلى دراسة الغرب عقدياً وتاريخياً وسياسياً واجتماعياً فيما يسمى بعلم الاستغراب، حتى إن المحرر وضع عنواناً كبيراً قال فيه: "المشاركون في الندوة يؤكدون على أن الاستغراب كفيل بردع خطر الاستشراق على الإسلام"(1).
ومن كتّاب هذه الصحيفة الذين تناولوا الاستشراق في العديد من المقالات علي النملة في سلسلة من خمس مقالات بالإضافة إلى مقالات أخرى كثيرة. عُرف علي النملة باحثاً جاداً وكاتباً صحفياً متميزاً، فهذه مقالاته تتوالى في صحيفة عكاظ حول الاستشراق بلغت خمس مقالات تناول فيها أهداف الاستشراق، وهل ثمة مؤامرة يشترك فيها الاستشراق مع التنصير والاستعمار، كما تحدث عن المستشرقين العرب وتأثرهم بالغرب وبأساتذتهم(2).
ونشر علي النملة أيضاً سلسلة أخرى من المقالات عن الإسلام والغرب، وكانت نواة لكتابه الأخير عن الشرق والغرب.
__________
(1) منير عرب، "ندوة الاستشراق" في عكاظ، عدد 9080، 19 ذي القعدة 1411هـ.
(2) على بن إبراهيم النملة، "الاستشراق والمستشرقون"، عكاظ، عدد 10221، 25صفر 1415هـ والأعداد التالية 10224، 10228، 10249، 10256 في2و16و23ربيع الأول، و1ربيع الآخر 1415هـ. وقد أقامت الصحيفة ندوة أخرى في وقت لاحق حول موضوع الاستشراق شغلت أكثر من صفحة.(1/64)
ومن كتّاب صحيفة عكاظ أيضاً عبد الملك مرتاض، وهو أستاذ الأدب العربي في جامعة الجزائر حيث كتب في أحد الأعداد تحت عنوان "الوجه المظلم للاستشراق" يقول: "إن عامة المستشرقين حاولوا أن يتعلموا شيئاً من العربية وفي قلوبهم مرض، فعرفوا الإسلام معرفة بسيطة حتى لا أقول سطحية، فظن من علم بحقيقة ثقافتهم أنهم حجة في الرأي والفهم والتاريخ والحياد، والحق أن ذلك لم يجاوز حدود الحذلقة المنهجية التي تجعل من الحبة قبة، ومن المعرفة القليلة إيهاماً بمعرفة عميقة"(1).
وكما كان معظم الكتاب في الصحافة السعودية يدركون خطورة الاستشراق ويكتبون عن سلبياته استكتبت عكاظ مثلاً الكاتب اللبناني علي حرب أستاذ الفلسفة في إحدى الجامعات في لبنان ليكتب عن نهاية الاستشراق، وأن هذا الفرع المعرفي هو أضعف الأقسام العلمية في الغرب (2). وهذا الرأي أيده رضوان السيد في لقاء صحفي نشرته معه جريدة الشرق الأوسط، حيث يقول: "فالتخصص نفسه في طريقه إلى الزوال، وبعد سنوات قليلة سنجد من جانب الغربيين بحوثاً في التاريخ وأخرى في العلوم السياسية أو الاقتصادية أو الانثروبولوجيا أو السوسيولوجيا، الخ"(3).
صحيفة (المسلمون)
__________
(1) عبد الملك مرتاض،" الوجه المظلم للاستشراق"، عكاظ. العدد (11623) في 24 صفر 1419هـ (18 يونيو 1988م).
(2) علي حرب،" الأنا والآخر بين الاستشراق والاستغراب"، عكاظ، العدد (11603) في 4 صفر 1419هـ( 29 مايو 1998م)
(3) ياسين عبدو، "حوار مع رضوان السيد"، الشرق الأوسط، العدد( 6590)، 13/12/1996م.(1/65)
نشرت هذه الصحيفة العديد من المقالات حول الاستشراق ونظرة الغرب إلى الإسلام والمسلمين، ومنها على سبيل المثال مقالة لحسن عزوزي من المغرب بعنوان "ظاهرة الاستشراق الإعلامي" تحدث فيها عن بعض الصحف الفرنسية وكتاباتهها عن الإسلام والمسلمون، وأِشار بصفة خاصة إلى مقالة مجلة (لوبوان) في عددها الصادر في أول أكتوبر 1994م عن حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وكانن هذه المقالة مليئة "بتكسير وتجريح صارخين لكيان السيرة النبوية الطاهرة". ويؤكد عزوزي أن "الاستشراق الصحفي يعتبر أحد إفرازات المؤسسة الاستشراقية الحديثة التي ينضوي تحت لوائها عدد هائل من الصحفيين المختصين في شؤون الإسلام والمسلمين". ويشير عزوزي إلى أن الصحفيين يستندون إلى أبحاث الكتّاب المسلمين المعروفين باتجاهاتهم العلمانية.(1)
كما نشرت الصحيفة نفسها مقالة مطولة للسيد محمد الشاهد عن المواجهة الحضارية مع الغرب، وأن الخروج من حالة الضعف الذي تعاني منه الأمة الإسلامية "لا يمكن إلاّ بدراسة علمية هادفة لما كتبه أعداؤنا، ولا حرج أن نتعلم من تجاربهم ومناهجهم ونأخذ منها ما ينفعنا ونترك ما عدا ذلك... واقترح إنشاء قسم علمي في الجامعات الإسلامية "يُعْنى بالعلوم الغربية في شتى المجالات وبخاصة الاجتماعية والعصرية، واقترح تسمتيه 'الاستغراب' الذي يعني فهم العقلية والخلفية الفكرية للفكر الغربي وينبغي أن يعمل في هذا القسم العلمي من يجيدون لغة غربية (2).
__________
(1) حسن عزوزي، "ظاهرة "الاستشراق الصحفي"، المسلمون، عدد 510، 8جمادى الآخرة 1415هـ الموافق 11 /11/1994م.
(2) السيد محمد الشاهد، "المواجهة حضارية ..والنقد لا يكفي"، المسلمون، عدد 270، 11-17 رمضان 1410هـ.(1/66)
وإن كان مشروع الشاهد قد نادى به أيضاً باحث آخر هو حسن حنفي، ولكن ما ينبغي الالتفات إليه أن على من يدرس الغرب أن يكون متسلحاً بفهم الإسلام عقيدة وشريعة؛ حتى يكون لديه الميزان والمعيار في النظر في ما يدرسه عن الغرب.
صحيفة الرياض:
ومن كتاب صحيفة (الرياض) الذين تناولوا الاستشراق يحيى محمود ابن جنيد في العديد من مقالاته، ومنها على سبيل المثال ما كتبه عن الجانب الإيجابي من الاستشراق؛ حيث أورد نماذج من دراسات المستشرقين لقضايا في التراث الإسلامي والحضارة الإسلامية تدل دلالة واضحة على أن هؤلاء المستشرقين اهتموا بتراثنا وبذلوا من الجهود الكثير لإبراز كثير من الوجوه المنيرة للحضارة الإسلامية. وقال مختتماً هذا الاستعراض: "ويتضح من هذا التناول الموجز السريع العناية الفائقة لمجموعة من المستشرقين بالقضايا الحضارية التي عكفوا على دراستها دراسة علمية واعية وأبرزوا من خلالها جوانب مشرقة من الجهود العربية الإسلامية القديمة في المجال الحضاري، وكذلك التعرض لأمور منسية تتصل بالتاريخ العربي الإسلامي القريب"(1).
__________
(1) يحي محمود بن جنيد (الساعاتي)، "الجانب المضيء للاستشراق"، قراءات في ملامح الزمن، (الرياض:دار ابن حزم 1417هـ)، ص 80. والمقالة في الأصل نشرت في جريدة الرياض عام 1405هـ .(1/67)
وفي مقالة طويلة حول استنادية الاستشراق في العصر الحاضر تناول كثيراً من الاختلافات بين الاستشراق القديم والاستشراق المعاصر، وكيف أن الاستشراق المعاصر أصبح يعتمد على قواعد معلومات ضخمة يشارك في صنعها أبناء العرب والمسلمين من خلال دراساتهم التي تقدّم لنيل الدرجات العليا في الجامعات الغربية، بالإضافة إلى سيل من الكتابات العربية والإسلامية حول مختلف قضايا الإسلام والمسلمين، بالإضافة إلى ما يكتبه أبناء المسلمين في الغرب وموجّه إلى الغربيين في المقام الأول. ولكن ابن جنيد يخلص في النهاية إلى نصيحة غالية تتمثل فيما يأتي: "إن ما يأمله الإنسان أن يتجنب الدارس العربي والمسلم الخوض في مشكلات مجتمعه الدقيقة والكشف عن جوانب قصوره الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وهو يدرس في الغرب؛ حتى لا يكون عوناً لدوائر عُرفت بعدائها التاريخي للعرب والمسلمين تتربص به وتسعى جاهدة للحصول على معلومات تسهل لها فرص العمل للحد من طموحاته وعرقلة مسيرته الحضارية."(1)
مناظرة صحيفة الشرق الأوسط :
في أكثر من عشر حلقات قدمت الصحيفة عدداً من الأسئلة لأساتذة وعلماء في المملكة العربية السعودية وخارجها حول الاستشراق، وكان من هذه الأسئلة:
1- هل الاستشراق نعمة أو نقمة؟
2- كيف نفرق بين الاستشراق الإيجابي الذي يهدف إلى كشف الحقيقة والاستشراق السلبي الذي يشوه الحقائق؟
3- لماذا لا يستمر الحوار بين المسلمين والمستشرقين، وبخاصة في الموضوعات الجدلية؟
4-هل من الممكن الإفادة من الاستشراق، وبخاصة في جانبه الإيجابي؟ وكيف؟
5-كيف يمكن مواجهة الكم الهائل من التشويه المتعمد؟
__________
(1) المرجع السابق، ص .106 ونشرت هذه المقالة في جريدة الرياض يومي الاثنين 15و 22رمضان 1405هـ.(1/68)
وكان من بين الشخصيات التي أجابت عن هذه التساؤلات رئيس النادي الأدبي بالرياض عبد الله بن إدريس، وعميد البحث العلمي بجامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية الدكتور محمد عبد الرحمن الربيّع، والدكتور علي النملة أستاذ المكتبات بالجامعة نفسها والمهتم بقضايا الاستشراق، كما أجاب عن هذه الأسئلة مصطفى عبد الواحد أستاذ الأدب العربي بجامعة أم القرى بمكة المكرمة حيث ذكر أن الاستشراق كان له فضل على الغرب حين مهد له الطريق للسيطرة على العالم الإسلامي، ولكن من الصعب إصدار حكم نهائي على الاستشراق ككل دون الإشارة إلى بعض الجوانب الإيجابية المتمثلة في الجهود الكبيرة التي بذلها بعض المستشرقين الذين قدموا لنا نفائس المخطوطات والتراث العربي الإسلامي.(1)
وقدمت جريدة (الشرق الأوسط) في إحدى مقالاتها نقداً لمقالة وردت في أحد أعداد مجلة الفيصل للكاتب عبده يونس عبود متهمة إياه بأنه يدافع عن الاستشراق بزعمه أن المستشرقين-كما يراهم-"مجموعة من الباحثين تحركهم في الغالب دوافع ومصالح واهتمامات علمية صرفة، ويدفعهم سبب عاطفي وهو الولع والهيام بالشرق". ويرى عبود أن المستشرقين هم الذين نبهوا الشعوب الغربية إلى تراث الأمة الإسلامية وما لها من إنجازات (2).
صحيفة الحياة :
__________
(1) " مناظرة الاستشراق"، الشرق الأوسط، الأعداد 4226 - 4236في الفترة من 27/7/1992إلى 8/8/1991م.
(2) "مؤامرة أم قناة لحوار الثقافات: دفاع عن الاستشراق في مجلة الفيصل"، في الشرق الأوسط، عدد (6563) في 16 نوفمبر 1996م) ومقالة الفيصل كانت بعنوان "الاستشراق مؤامرة أم قناة لحوار الثقافات؟".(1/69)
اهتمت صحيفة الحياة السعودية كثيراً بالاستشراق، ومن ذلك أنها نشرت عدداً من المقالات المكونة من عدة حلقات حول الاستشراق الروسي، منها سلسلة بعنوان "الاستشراق والاستعراب في الجامعات الروسية (4 مقالات)"(1) وسلسلة أخرى بعنوان "الاستشراق الروسي وتطور دراساته العربية- الإسلامية" (أربع مقالات)"(2)، كذلك ظهرت عدة مقالات عن الاستشراق الألماني كان منها عدة مقالات بلغت ست مقالات بعنوان "الجانب غير المشهور من الاستشراق الألماني "(3).
كما قدمت الصحيفة حواراً مع عميدة المستشرقين الألمان المستشرقة آنا ماري شميل، تناولت فيه تشويه صورة الإسلام في الغرب، وقدمت دفاعاً مباركاً؛ حيث جاء في اللقاء قولها: "إنني أقول دائماً للغربيين الذين يشوهون صورة الإسلام: إن الإسلام منح المرأة حق الاحتفاظ بما كانت تملكه قبل زواجها، وكذلك بما تكسبه أثناء زواجها، وهذا يتضمن أن لها الحق في ممارسة أي مهنة أو تجارة، والمرأة في أوروبا لم تتوصل إلى حق الاحتفاظ بما تملكه بعد زواجها إلاّ منذ وقت قريب"(4).
__________
(1) ميثم الجنابي وريناد سلطانوف، "الاستشراق والاستعراب في الجامعات الروسية، الحياة، عدد 10844-10847، في -15 أكتوبر 18 أكتوبر 1992م.
(2) ميثم الجنابي وريناد سلطانوف، "الاستشراق الروسي وتطور دراساته العربية- الإسلامية"، الحياة (لندن) العدد 10746 في 12محرم 1413 والأعداد التي تليه.
(3) يوسف الناصر،"الجانب غير المشهور من الاستشراق الألماني"، الحياة ، العدد 11468 في 12 /7/1994م.
(4) ثابت عيد،" حوار شامل مع عميدة المستشرقين الألمان آنا ماري شميل" في الحياة (لندن)، العدد 12129 في 11/5/1996م.(1/70)
ونشرت الحياة مقالات متفرقة، منها على سبيل المثال مقالان بعنوان "نصوص استشراقية" تناول فيهما الكاتب تأثر المستشرق بالبيئة والزمن والأوضاع السياسية والاقتصادية في البلد الذي ينطلق منه، وأعطى عدة أمثلة لهذه النصوص منها مثلاً ما كتبه ت. إي. لورانس الذي كتب في زمن كانت الدولة البريطانية إمبراطورية عالمية لا تغيب عنها الشمس، فكتب في زمن انتصار بلاده وتقسيمها الشرق العربي الإسلامي والسيطرة عليه (1).
وتظل صحيفة "الحياة" تسهم في هذا المجال بصورة واضحة تنحو نحو الجدية والعمق في الشأن الثقافي بعامة والاستشراق بخاصة.
صحيفة الجزيرة:
وشاركت صحيفة الجزيرة زميلاتها في الاهتمام بالاستشراق من خلال مقالات كتابها أو حواراتها مع المهتمين بهذا الموضوع أو الأخبار، وفيما يأتي بعض النماذج لهذا الاهتمام:
- نشرت الصحيفة لقاءً صحفياً مع الباحث عبد الله غانم الجهني حول رسالته للماجستير التي كانت حول الاستشراق الإسرائيلي (7جمادى الثانية 1420هـ)، وكان مما تناولته المقابلة الإجابة عن الأسئلة الآتية: ما هو تاريخ الاستشراق الإسرائيلي؟ ومتى نشأ؟ وما أدواره وأهدافه؟ وماذا تعني إضافة كلمة إسرائيل لعلم الاستشراق؟ هذه الجوانب وغيرها تناولتها رسالة بحثية أكاديمية لنيل درجة الماجستير تقدّم بها الطالب في قسم الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عبد الله غانم الجهني، وكان عنوان هذه الرسالة "الاستشراق الإسرائيلي ودوره في الصراع العربي الإسرائيلي"، لذا فإن العلاقة وطيدة بين مراكز البحوث الإسرائيلية والصراع العربي الإسرائيلي، بل إنّك تستطيع القول إنّ تلك المراكز البحثية لم تنشأ إلا لخدمة الاستشراق الإسرائيلي.
__________
(1) وليد نويهض، "نصوص استشراقية: الاستغراب في مواجهة الاستشراق"، الحياة. عدد 11664، في 25 شعبان 1415هـ/26 يناير 1995م.(1/71)
كما أجاب الباحث عن سؤال عن العلاقة بين الاستشراق الإسرائيلي والاستشراق بوجه عام.
- وكتب الدكتور فارس محمد الغزي سلسلة من المقالات بعنوان "من الاستشراق إلى الاستشراف"، وكان أحدها في 18 رجب 1421هـ ذكر فيه أن المستشرقين يعلمون علم اليقين أننا نجهل في الحقيقة حاضرنا، ناهيك عن التخطيط لمستقبلنا، فلماذا إذن يبذلون ما في وسعهم لغرض استشراف ما سوف نكون عليه في المستقبل؟, حسناً، إليكم في البدء بِغَيْض من فَيْضِ جهودهم المبذولة حديثاً وذلك استشرافاً لمستقبل حاضر (لا يشرف!).
وكتب في مقالة أخرى عن الاستشراق (21 ذي الحجة 1422هـ) ذكر فيها "أننا نعرف في قرارة أنفسنا دقة ومصداقية غالب ما جمعه الاستشراق عنا من معلومات، فهو يعرف عنا ما لا نطيق الاعتراف به لأنفسنا عن (أنفسنا!)، ويُذكُّرنا بما نكره أن نتذكر، فقدرنا أن تكون معلوماته صحيحة لكونها تمحورت حول أوضاع كانت (خاطئة!)، ويكفينا اعترافنا بأنه قد تسلل إلينا في غفلة منّا.. وخلال أزمنة تعني لنا (قمة!) الانحطاط الحضاري.. فهي أزمنة استثنائية بالسلب بكافة جوانبها العقدية والثقافية والحضارية".
وكتب الكاتب نفسه في 25 ذي الحجة 1422هـ: "أن نعطي المستشرقين الاحترام الذي يستحقونه كفيل بمدك بالقدرة على مضاهاة قدراتهم أو تجاوزها، وذلك حين تتخلص من عقدة الاستهانة بالآخر، فتأخذه مأخذ الجد، وتتبين أمور تفوقه عليك، وتسخّر الفاعل من أموره في سبيل القضاء عليه، فلا شك في أن المستشرقين قد بذلوا من الجهود ما يثير الإعجاب حقاً، وأجروا من الدراسات الممنهجة ما لم ننفقه علمياً حتى الآن، وتحملوا من الصعاب ما تحملوا، وكل ذلك في سبيل تحقيق أهدافهم المرسومة، بغض النظر عن طبيعة أو حقيقة هذه الأهداف".(1/72)
- وعن الاستغراب كتب الدكتور الغزي أن هذه الحملة، أو بالأحرى فكرة "الاستغراب"، أو الحملة المضادة للاستشراق، ما لم يتسلح العرب بما تسلح به المستشرقون من مناهج بحث وطرائق استقصاء واستقراء؛ فما تم بذله من قِبل المستشرقين في سبيل إنجاز ما أنجزوه يعتبر في عداد المعجزات العلمية والمعرفية الموسوعية، وما أدل على ذلك إلا قطافها الماثل في التفوق الحضاري الغربي بكل ما تحمله مضامين كلمة " التفوق" من دلالات ومعانٍ.
- وحول اهتمامات المستشرقين والاستشراق بالملك عبد العزيز والمملكة العربية السعودية فقد أعد الدكتور علي النملة دراسة سعى فيها إلى تتبع بعض هذه الإسهامات محللاً إياهاومبيناً وجهة نظر الاستشراق في الملك المؤسس، ولا سيما أن عدداً من المستشرقين قد قابلوا الملك عبد العزيز -رحمه الله- وربما جالسوه، وسافروا معه في رحلاته القريبة من الرياض عاصمة البلاد، بل إن منهم من رافقه في حروبه كما هي الحال مع وليام شكسبير الذي رافق الملك عبد العزيز -رحمه الله- في موقعة جراب، وقتل فيها. وقد وصفوا الملك عبدالعزيز - رحمه الله- وصفاً دقيقاً، لا يكاد الكتّاب العرب يصلون إلى ما وصل له المستشرقون في الوصف؛ لأنهم كانوا أمام رمز من الرموز التي كانت تفتقر إليها تلك الفترة, فكانت نظرتهم له نظرة ذلك الشخص الذي يمثل الشرق بما فيه من بطولة وشجاعة وفروسية وصبر على شظف العيش، وإصرار على المبدأ وسعي إلى ترسيخه، وهكذا كان الملك عبد العزيز -رحمه الله- في عيون الجميع, ومع هذا فلم تتمكن هذه الدراسة من الإلمام بكل إسهامات المستشرقين في هذا المجال، فعمدت إلى بعض النماذج التي تعد أمثلة لنظرة المستشرقين للملك عبد العزيز -رحمه الله- وجهوده في توحيد المملكة العربية السعودية، وقد تبين أن هذا الموضوع يحتاج إلى مزيد من الدراسة والتحليل، بالتوسع في إسهامات المستشرقين في تاريخ الدولة السعودية في أدوارها الثلاثة.(1/73)
6-ومن جهود الجريدة عرضها لبعض الكتب التي تتناول الاستشراق ومنها ما قدمته في عددها الصادر في 22 جمادى الآخرة 1422هـ من عرض لكتاب "الغرب والإسلام: قراءات في رؤى ما بعد الاستشراق" لمؤلفه رسول محمد رسول، فذكرت أن الكتاب يتناول الاهتمام الغربي المسيحي واليهودي المعاصر بالإسلام، بل ومخاوفه وقلقه منه، وتمثل ذلك جلياً في إطلاق تسميات مختلفة على الإسلام؛ مثل: (الإسلام السياسي)، (الأصولية الإسلامية)، (الإرهاب الإسلامي). لقد اعتمد الغرب في معرفته عن الإسلام على مؤسساته البحثية المنتشرة في مناطق متعددة من العالم، لذلك تعددت هذه الأبحاث واختلفت في نتائجها سلباً وإيجاباً، وفي فصول هذا الكتاب نقرأ عن (الاتجاهات) الجديدة في النظر إلى الإسلام من خلال المواقف الأمريكية ورؤاها الإيجابية أحياناً تجاه الإسلام، وكذلك مواقف أوروبية مختلفة في نظرها إلى الإسلام المعاصر، تلك المواقف التي تدعو إلى نقض (الحداثة الشمولية) والالتفات إلى (الحداثات الهامشية)، ومنها تجربة الحداثة في البلدان الإسلامية الحديثة والمعاصرة، وهذه الرؤى هي ما يُدعى (ما بعد الاستشراق)؛ كونها تنحو إلى الاختلاف في قراءة الظاهرة الإسلامية من خلال الاستقراء والمعاينة المباشرة لمعطيات هذه الظاهرة.
ومن الكتب التي عرضتها الجريدة كتاب "أمريكا والمزاحمة الإسلامية المعاصرة" لرسول محمد رسول، وهو كتاب مخطوط(1).
__________
(1) رسول محمد رسول، " الغرب والإسلام رؤية في الاستشراق الألماني المعاصر ، "مجلة الكلمة، العدد 30، السنة الثامنة، شتاء 2001م - 1421هـ ،نقلاً عن موقع: www.kalema.net/articles/30a_9.html(1/74)
ومن خلال تتبع المؤلف لفكر (الاختلاف) ومعطيات الفكر الغربي حول الإسلام، أورد قراءة لفكر أحد المنظِّرين الغربيين في هذا الاتجاه: في إطار "فكر المثاقفة Aculturalization" تعرضت المركزية الأمريكية للنقد من داخل كيانها، وخاصة في الستينيات من القرن العشرين. هذه المرحلة شهدت مداخل ومقاربات كان من شأنها نقد "الأنا الغربي" والتحول عن قيم الحداثة الغربية بالنقد والتفكيك إلى ما بعدها، وهذا ما نجده مثلاً عند "مارشال هودغسون" كأنموذج غير حصري، هذا الباحث والجامعي الأمريكي الذي توفي في عام 1968م، والذي انبرى أصدقاؤه لجمع بحوثه وأعماله الفكرية في كتاب ضخم صدر عام 1974م بعنوان (مغامرة الإسلام).(1/75)
- ونشرت الجريدة مقالة للدكتور مازن مطبقاني في 20 ذي القعدة 1423هـ حول المؤتمر العالمي الأول حول دراسات الشرق الأوسط الذي عقد في جامعة جوتنبرج "رائد الطباعة" بمدينة مينزر Mainz بألمانيا، تناول فيها فكرة المؤتمرات الغربية، فكان مما كتبه: "المؤتمرات فن يحذقه الأوروبيون والأمريكيون حتى أصبح لهم فيه القدح المعلى، فهم يعقدونها دون توقف وحول موضوعات كثيرة جداً، يسعون فيها إلى تجنيد كل طاقاتهم العقلية، كما يفيدون من الطاقات العقلية لغيرهم من الأمم. ومن المؤتمرات التي تهمنا في العالم العربي الإسلامي ما يخص بلادنا من اهتمامات عند الغربيين، ويكفي للاطلاع على عدد هذه المؤتمرات وتنوعها الرجوع إلى موقع رابطة دراسات الشرق الأوسط في شمال أمريكا على شبكة المعلومات الدولية "الإنترنت" أو جمعية دراسات الشرق الأوسط البريطانية أو غيرها من المواقع. وفي هذه المقالة سأتناول بالحديث أحد هذه المؤتمرات، وهو "المؤتمر العالمي الأول حول دراسات الشرق الأوسط" الذي عقد في شهر رجب 1422هـ سبتمبر 2002م، فقد بذل الأوربيون والأمريكيون جهوداً ضخمة لعقده؛ حيث شارك في التخطيط له أكثر من عشرين هيئة علمية أوروبية وأمريكية "ليس بينها هيئة واحدة عربية أو إسلامية!!"، وتضمن المؤتمر أكثر من ألف وخمسمائة بحث، بالإضافة إلى المناشط الأخرى للمؤتمر من معارض فنية وعروض سينمائية(1/76)
- ونشرت الصحيفة تقريراً صحفياً من معهد جوته الدولي ببون حول الدراسات العربية والإسلامية والشرقية في الجامعات الألمانية في عدد الأحد 26 ربيع الثاني 1423هـ جاء فيها: "تعدّ ألمانيا من أبرز الدول الأوروبية والأجنبية التي اهتمت بالدراسات الشرقية والعربية والإسلامية وأوائلها؛ إذ يعود تاريخ الاستشراق الألماني إلى أوائل القرن الثامن عشر ووصل إلى قمته خلال القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، ولم يلبث أن تراجع خلال فترة الحرب العالمية الثانية، ولكنه لم يلبث أن عاد إلى الازدهار خلال فترة الستينيات والسبعينيات وما بعدها؛ نظرة لزيادة الاهتمام بالعالمين العربي والإسلامي، لأسباب سياسية واقتصادية، حيث عادت الجامعات ومعاهد الاستشراق الألمانية إلى إحياء نشاطها الثقافي والعلمي والأكاديمي المتعلق بالحضارتين العربية والإسلامية، وفتحت أبوابها للطلبة والباحثين الألمان الراغبين في تعلم اللغة العربية والاطلاع على الثقافة العربية القديمة والمعاصرة وتاريخ الحضارة الإسلامية في العام، في الوقت الذي برز فيه، خلال النصف الثاني من القرن العشرين المنصرم، جيل جديد من الأساتذة والبحاثة الجامعيين الألمان الذين أخذوا على عاتقهم متابعة المهمة الثقافية والعلمية والفكرية التي بدأها رواد الاستشراق الألماني خلال القرنين الماضيين الذين اتصفت أعمالهم بالروح العلمية والتجرد الأكاديمي والبعد عن الغايات السياسية والاستعمارية والدينية تجاه العرب والإسلام والحضارة العربية - الإسلامية.(1/77)
وما زالت فروع الدراسات العربية والإسلامية وعلوم الاستشراق في الجامعات الألمانية، كجامعات برلين وبون وفرانكفورت وفرايبورج وتوبينجن وجوتينجن ولايبزيغ، تدرس لطلابها وطالباتها الألمان الأعمال والإنجازات الخالدة التي ارتبطت بأسماء رواد علم الاستشراق الألمان وساهموا في ترجمة النصوص العربية القديمة ونشرها بالألمانية، وقاموا بفهرسة المخطوطات العربية والاهتمام بمعاجم اللغات الشرقية والدراسات الثقافية والفكرية الإسلامية، وفق المنهج العلمي الدقيق، كيوهان ياكوب رايسكه، ويوريف فون هامر، بورجستال، وهاينريش بارت وفريديش روكرت وتيودور نولدكه وجورج ياكوب وكارل بركلمان وهلموت رايتر.. حتى رواد علم الاستشراق الحديث والمعاصر كالبروفسورة الدكتورة آنا ماري شميل، وأساتذة اللغة العربية والشرقية والحضارتين العربية والإسلامية الذين يعكفون حالياً على تطوير الاستشراق الألماني، واجتذاب المزيد من طلبته ودارسيه في الجامعات والمعاهد الألمانية، بينهم عدد غير قليل من الأساتذة الجامعيين العرب الذين درسوا في ألمانيا ويساهمون اليوم في دعم مسيرة علم الاستشراق جنبا إلى جنب مع زملائهم الألمان".
جامعتا بون ولايبزيغ: ولعل أوضح مثال حي على الجامعات الألمانية التي تجتذب معاهد الاستشراق والدراسات العربية والإسلامية فيها الطلبة الألمان والأجانب للدراسة فيها ومتابعة التخصص في فروع علم الاستشراق هما: جامعتا بون في غرب ألمانيا ولايبزيغ في شرقها، فجامعة بون المعروفة باسم جامعة "فريديش فيلهلم" تحمل اسم ملك بروسيا فريدريش فيلهلم الثاني الذي أنشأها في عام 1818م، وتضم اليوم حوالي 38 ألف طالب وطالبة، بينهم 3700 من الطلبة الأجانب، وترتبط بعلاقات وثيقة مع الجامعات والمراكز العلمية في مختلف أنحاء العالم، وتضم قسماً خاصاً للدراسات الشرقية والعربية والإسلامية واللغات العربية والتركية والفارسية والقبطية والسورية/ الآرامية.(1/78)
ثانياً: أعداد متخصصة من المجلات:
عالم الكتب:
تصدر هذه المجلة عن دار ثقيف للنشر بالرياض، وقد قررت أن تصدر عدداً مخصصاً لمناقشة قضية الاستشراق، ولكن الاهتمام بالاستشراق في ذلك الوقت لم يكن كبيراً فتأخر وصول المشاركات من العلماء والكتّاب في المملكة وخارجها كما أشار المحرر إلى ذلك. وجاء الدعم من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية؛ مما ساعد في الإسراع في صدور العدد. وقد قدم مدير جامعة الإمام الدكتور عبد الله التركي بكلمة لهذا العدد جاء فيها عن الاهتمام بالاستشراق والغزو الفكري في الجامعات والمعاهد الإسلامية أن هذه المؤسسات كان لا بد "أن تلتفت إلى هذا الجانب 'الاستشراق' لترى ماذا صنع هؤلاء بتراثها - الأمة الإسلامية- وكيف أثر غزوهم الفكري في أبناء المسلمين، ولتتبين البحث العلمي الخالص من نتاجهم -إن كان موجوداً- فتميزه عن سائر ما فعلوه، طعناً في الإسلام وتشكيكاً في رسوله صلى الله عليه وسلم، وتزييفاً لتاريخه، وإغراءً لأبنائه بنمط من الحياة يبعد بهم عن دينهم؛ ضماناً لاستمرار السيطرة عليهم، واستئصال مقوماتهم"(1).
__________
(1) تقديم (العدد الخاص بالاستشراق)، عالم الكتب، المجلد الخامس، العدد الأول رجب 1404/ إبريل 1984، ص 4. بالرغم من أن وحدة الاستشراق التابعة لمركز البحوث بعمادة البحث العلمي بجامعة الإمام كانت قد تكون في ذلك الحين إلاّ أن العدد لم يشر إلى ذلك، كما لم يذكر قسم الاستشراق مطلقاً، وربما استغرق الإعداد لهذا العدد وقتاً طويلاً وقبل تأسيس الوحدة والقسم.(1/79)
ويلاحظ أن العدد قد قدم معلومات غزيرة عن الاستشراق مثل الحديث عن جهود المستشرقين في مجال المحافظة على التراث ونشر المخطوطات العربية، وقدم بحثاً عن الدراسات الإقليمية، وقدم مراجعات وعروضاً لعدد من الكتب المهمة في الاستشراق، مثل كتاب إدوارد سعيد وكتاب عبد الكريم الباز حول افتراءات فيليب حتِّي وكارل بروكلمان على التاريخ الإسلامي، وكتاب "المستشرقون" لنجيب العقيقي، بالإضافة إلى تقديمه عدداً من الكشافات المرجعية حول الاستشراق(1).
وصدر عدد ثان من المجلة مخصص للاستشراق عام 1415هـ تناول فيه الباحثون عدداً من الموضوعات المتعلقة بالاستشراق، منها بحث عن مصادر معلومات المستشرقين عن الإسلام والمسلمين، وبحثاً آخر عن المستشرق غوستاف فون غرونباوم وآرائه الأدبية، ورصداً لمؤلفات المستشرق برنارد لويس كما تضمن العدد بعض المراجعات لكتب ورسائل جامعية عن الاستشراق كما تضمن أخباراً عن بعض الإصدارات الحديثة في مجال الاستشراق وما كتب عن الإسلام في أوروبا(2).
المنهل:
__________
(1) المرجع السابق.
(2) عالم الكتب، المجلد الخامس عشر، العدد السادس، الجماديان 1415هـ، نوفمبر- ديسمبر 1994م.(1/80)
أصدرت مجلة المنهل عدداً خاصاً بالتعاون مع قسم الاستشراق بالمعهد العالي للدعوة الإسلامية بالمدينة المنورة (كلية الدعوة حالياً). وقد تكون العدد من العديد من الأقسام، منها دراسات تاريخية تناولت ما كتبه المستشرقون حول الرسول صلى الله عليه وسلم وحول الخلفاء الراشدين وحول الفتوحات الإسلامية. أما المحور الثاني فحول الدراسات الإقليمية والعلاقة بينها وبين الدراسات الاستشراقية، كما تناول العدد قضية إسهام المستشرقين في المحافظة على التراث الإسلامي وتحقيقه ونشره. وفي فصل آخر تناول الباحثون بعض إيجابيات الاستشراق. كما خصص محور للاستشراق والحواضر كُتب فيه عن الاستشراق والأماكن المقدسة، وبحث عن الحياة الاجتماعية في المغرب العربي بين الاستعمار والاستشراق، وكذلك عن الفكر الاستشراقي في نيجيريا. هذا بالإضافة إلى ندوة العدد التي شارك فيها كل من عبد الله عمر نصيف وعبد الرحمن النفيسة ومحمود حمدي زقزوق وغيرهم(1).
ثانياًً: الإذاعة والتلفزيون:
1- الإذاعة:
اهتمت الإذاعة السعودية بموضوع الاستشراق، حيث قدمت تسجيلاً لمناقشات رسائل الدكتوراه في قسم الاستشراق بكلية الدعوة، وفي غيرها من الجامعات السعودية. ما كان للإذاعة دور في التعريف بهذا لموضوع في العديد من البرامج، وفيما يأتي بعض منها:
أ -قدم الدكتور زهير الخالد الأستاذ المتعاون مع كلية التربية بفرع جامعة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة برنامجاً أسبوعياً حول كتابات المستشرقين. ومن هذه الكتب التي ناقشها كتاب توماس آرنولد (الدعوة إلى الإسلام)، وأوضح حقيقة الاعتدال المزعوم في هذا الكتاب، وهو ما سبق إلى توضيحه محمود عزوني في رسالة الماجستير التي قدمها لقسم الدعوة بالمدينة المنورة.
__________
(1) المنهل، العدد السنوي المتخصص، عدد 471، السنة 55، رمضان وشوال 1409هـ/ إبريل ومايو 1989م.(1/81)
ب -ندوة بعنوان "نحن والآخر، والعلاقة بين الإسلام والغرب. شاركتُ فيها مع أستاذين آخري
ج - حديث إذاعي حول الحملات الإعلامية الغربية ضد المملكة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، تناولت فيها دور الاستشراق في هذه الحملات.
2- التلفزيون:
أ -برنامج نافذة على الثقافة والفكر، إعداد وتقديم الدكتور محمد العيد الخطراوي، وكنتُ ضيف البرنامج للحديث حول الدراسات العربية والإسلامية في الغرب، وفي حلقة ثانية حول أهمية دراسة الغرب من الداخل.
ب -ندوة راديو تلفزيون العرب (الإسلام وقضايا المجتمع)، وكانت حول الاستشراق، وعقدت الندوة في تطوان على هامش المؤتمر الدولي حول الدراسات الإسلامية والاستشراق في جامعة عبد المالك السعدي بمدينة تطوان بالمغرب، وشارك في الندوة كل من أنس خالدوف ومحمد اعبود وجعفر الحاج السلمي ومازن مطبقاني. وبثت الندوة في حلقتين، مدة كل حلقة ساعة ونصف الساعة، تناول الاستشراق والدراسات الاستشراقية في الغرب.
جـ- استضاف حمد القاضي في برنامجه التلفزيوني الدكتور علي النملة للحديث عن الاستشراق، ومدة البرنامج ساعة.
د- حلقة من برنامج (مدارات) في قناة اقرأ بعنوان: "هوليود وصورة العرب والمسلمين"، شارك فيها كل من محمد ناصر الشوكاني ومازن مطبقاني، وكان البرنامج على الهواء مباشرة يوم 23 رجب 1419هـ ولمدة ساعتين متواصلتين.
الأندية الأدبية(1):
شاركت الأندية الأدبية في المجهود الثقافي في مواجهة الاستشراق ودعت بعض الأساتذة الجامعيين لتقديم محاضرات فيها, وفيما يأتي نماذج من هذه المحاضرات :
__________
(1) هذه فقط نماذج من نشاطات الأندية الأدبية في هذا المجال، وإلاّ فإن ثمة محاضرات لم أتمكن من ذكرها هنا، منها مثلاً محاضرة للدكتور سعد البازعي، ولي عدد من المحاضرات ألقيت في أندية المدينة المنورة وتبوك وأبها والباحة وجيزان والقصيم ومكة المكرمة حول قضايا استشراقية متنوعة.(1/82)
أ )محاضرة بعنوان "الانطباعية في دراسات المستشرقين" قدمها الدكتور علي النملة في النادي الأدبي بأبها تناول فيها تجربته مع الاهتمام بالاستشراق وتناول مسألة نهاية الاستشراق، وخلص إلى أن الاستشراق لم ينته، وإنما هو مستمر حتى وإن أصر بعض المستشرقين المعاصرين رفض الاسم لكنهم يعتمدون المرجعيات نفسها ولا يستطيعون الفكاك من الاستشراق القديم. كما تناول مواقف المسلمين المختلفة من الاستشراق(1).
ب )محاضرة بعنوان "الجديد في عالم الاستشراق" قدمت في النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية في 15 محرم 1416هـ، وقد تكونت المحاضرة من أربعة محاور؛ أولها: لماذا نهتم بما يقولون عنا؟ والثاني: الاهتمام الأكاديمي الغربي بالإسلام والمسلمين، والثالث: الاستشراق الصحافي أو الإعلامي، والرابع: الاستشراق المضاد أو الاستغراب.(2)
جـ) محاضرة بعنوان "الأدب العربي الحديث في كتابات المستشرقين المعاصرين" قدمها مازن مطبقاني في النادي الأدبي في مدينة جيزان في 10رجب 1418هـ تناول فيها حقيقة اهتمام المستشرقين بالأدب العربي وتركيزهم على الأدب المتأثر بالفكر الغربي وإهمالهم الأدب العربي المتمسك بأصالته وجذوره، وكذلك دعمهم تيارات الحداثة والدعوة إلى اللغة العامية.
د) محاضرة بعنوان: "هل انتهى الاستشراق حقاً؟" وهي محاضرة عامة ألقيت في النادي الأدبي في مدينة الباحة في 27 ربيع الأول 1419هـ (12يوليو 1998م). وقد أكد المحاضر مازن مطبقاني أن الاستشراق لم ينته، ولكنه غيَّر أساليبه ووسائله. كما ناقش المقولات المختلفة سواء من المستشرقين أو من الباحثين العرب والمسلمين التي تزعم أن الاستشراق قد انتهى.
__________
(1) محمد عطية، د. النملة محاضراً في أبها: ظاهرة الاستشراق لم تتوقف"، عكاظ، العدد 10250، 24/ ربيع الأول 1415هـ
(2) "في محاضرة النادي الأدبي بالشرقية المطبقاني يكشف أوراق الاستشراق"، اليوم، العدد 8038 ، 20 محرم 1416 الموافق 18 يونيو 1995م.(1/83)
هـ) محاضرة بعنوان: "بعض قضايا الاستشراق المعاصر" في النادي الأدبي الثقافي في مكة المكرمة، تناول فيها المحاضر مازن مطبقاني الدراسات العربية والإسلامية من خلال تقديم نماذج من المناهج التي يدرسها الطلاب في عدد من الجامعات الأمريكية، كما تناول نماذج من أساتذة هذه الدراسات في الغرب، وأيضاً قدم بعض المعلومات عن النشاطات الأخرى اللامنهجية لهذه الأقسام، كما تناولت المحاضرة مسألة تمويل هذه الدراسات.
نادي جدة الأدبي والترجمة:
بدأ نادي جدة الأدبي يصدر مجلة متخصصة بالترجمة منذ مدة، وإن كان اهتمامها الأول هو الأدب، ولكنها تعد نافذة على الثقافات العالمية، ومنها الأوروبية والأمريكية. ومن أبرز إصدارات النادي ذات العلاقة بالاستشراق كتاب "تاريخ كيمبردج للأدب العربي: الأدب العربي الحديث"، تحرير كل من عبد العزيز السبيل وأبو بكر باقادر ومحمد الشوكاني(1). ويتكون الكتاب من أربعة عشر فصلاً تناولت شتى صنوف الأدب من القصة والرواية والشعر والمسرحية والشعر الشعبي، وأعدَّ البحوث باللغة الإنجليزية عدد من المستشرقين.
__________
(1) تاريخ كيمبردج للأدب العربي: الأدب العربي الحديث، تحرير محمد مصطفى بدوي، وتعريب مجموعة من الأساتذة بتحرير عبد العزيز السبيل و أبو بكر باقادر ومحمد الشوكاني، (جدة: النادي الأدبي الثقافي، 1422هـ).(1/84)
وكم كنت أود لو كلف النادي عدداً من الأساتذة لكتابة دراسة عن هذا الاهتمام الاستشراقي بالأدب العربي الحديث؛ لأن تقديم كتابات المستشرقين كما هي لجمهور المثقفين في العالم العربي قد يكون مضراً إن لم يصحبه دراسة وتقويم ونقد(1).
الجنادرية: المهرجان الوطني للتراث والثقافة والفنون:
اهتم المهرجان فيما اهتم به من موضوعات بمسألة العلاقة بين الإسلام والغرب، فحين ظهرت في الغرب أصوات تنادي باتخاذ الإسلام عدواً بديلاً بعد انهيار الشيوعية وسقوط جدار برلين وسقوط الأنظمة الشيوعية المختلفة في أوروبا، كان لا بد من تناول هذه القضية، فاهتم بها الحرس الوطني في هذا المهرجان وعقدت عدة ندوات في المهرجان الحادي عشر لعام 1416هـ والثاني عشر لعام 1417هـ، وكان من هذه الندوات "ندوة الإسلام والغرب: الجذور التاريخية". وقد شارك في هذه الندوة فهمي جدعان، وعبد الجليل التميمي، ومحمد حرب، وعبد العزيز راشد العبيدي، وقد تناولت المشاركات العلاقات بين الإسلام والغرب في جذورها وفي تطورها عبر القرون، وقد أشاد التميمي على سبيل المثال بالاستشراق وباهتمامه ببعض الرموز الثقافية الإسلامية وأن الغرب خطا بالبحث العلمي خطوات واسعة كان علينا أن نتعلمها، وأشاد بالرحالة الغربيين ودروهم في التقارب بين الشعوب.
__________
(1) لقد حاولت في بحث لي نشر تحت عنوان " الأدب العربي الحديث في الكتابات الاستشراقية المعاصرة" ضمن كتاب الاستشراق المعاصر في منظور الإسلام، (الرياض: دار إشبيليا، 1421هـ)، ص 125-171حاولت نقد النظرة الاستشراقية للأدب العربي وتركيزهم على الأدباء المتأثرين بالفكر الغربي أو يدعون إلى الأخذ بالحضارة والقيم الغربية. أما الأدباء الجادون المتمسكون بهوية الأمة فلم ينالوا اهتماماً حقيقياً من الاستشراق المعاصر.(1/85)
وكانت ندوة أخرى بعنوان "موقف الغرب من الإسلام: رؤية معاصرة"، شارك فيها كل من يون نيلسون من جامعة بيرمنجهام ومركز دراسات الإسلام والعلاقات النصرانية الإسلامية وخالد يحيى بلانكنشب من جامعة تمبل ومراد هوفمان ومايكل وولف (أمريكي مسلم)، وقد تحدث نيلسون عن العلاقات الإسلامية النصرانية، وختم محاضرته بعبارة قال فيها: "فالحركات الإسلامية تمثل رغبة في الاستقلال والكرامة واحترام الذات، وليست تهديداً للغرب. إني أجرؤ على القول أنه من مصلحة أوروبا، على المدى البعيد، أن ترجب بهذه المبادرة حتى وإن بدت بعض هذه التطورات معادية لمصالحها القريبة"(1).
وتحدث في الندوة نفسها مراد هوفمان، فكان واضحاً صريحاً في الموقف العدائي ضد الإسلام في الغرب، فبعد أن ذكر التسامح في الغرب مع جميع الديانات والممارسات العجيبة والغريبة أكّد أنّ الأمر إذا كان يخص الإسلام فهم مختلفون، فقد قال: "وفي الحقيقة فإن هذه التعددية المعاصرة وما تظهره من تسامح لا محدود يختفيان بشكل مفاجئ في وجه الإسلام، فالعادات والممارسات التي تقبل بسهولة من الآخرين تلاقي الشجب والاستنكار إذا صدرت من مسلمين ويتهم أصحابها بأنهم متعصبون، بدائيون، غير دستوريين ورجعيون...كما أن مريم العذراء لم تصور البتة دون غطاء رأس بينما لو أرادت فتاة مسلمة أن تغطي رأسها وتذهب إلى مدرسة في فرنسا فقد تقابل بالرفض"(2).
مؤسسة الملك فيصل الخيرية
مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية.
__________
(1) يون نيلسون، "الإسلام والغرب:رؤية معاصرة"، المهرجان الوطني للتراث والثقافة: الندوات الثقافية: المهرجان الحادي عشر، (الرياض: إصدارات المهرجان، 1417هـ)، ص 127.
(2) مراد هوفمان. الإسلام والغرب:رؤية معاصرة" في المرجع السابق ص 130.(1/86)
لقد اضطلع مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية منذ إنشائه عام 1403هـ/1983م قبل أكثر من عشرين سنة بدور رائد في مجال البحوث والدراسات الإسلامية من خلال تكوين قواعد معلومات في شتى المعارف وتكوين مكتبة مزدهرة من الكتب والدوريات والوثائق والمخطوطات. ولا أعرف باحثاً في قسم الاستشراق بكلية الدعوة - ومنهم كاتب هذه السطور- لم يرجع إلى مكتبة المركز ليقدموا له بحثاً مصدرياً عن مراجع بحثه، ثم يقدموا له مصورات للمقالات والبحوث وأجزاء من كتب يحتاجها.
أما في مجال الاستشراق فقد قدم المركز الكثير، أولاً بمقتنياته من الكتب والدوريات، وثانياً بتكوين قاعدة معلومات لا يوجد مثلها في مكان آخر مثلها داخل المملكة العربية السعودية وربما حتى خارجها، وثالثاً بما نشر من كتب أو عقد من دورات وندوات ومحاضرات. وفيما يأتي بعض ما قدمه المركز من نشاطات:
1- ندوة الدراسات العربية والإسلامية في فرنسا
عقدت هذه الندوة في الفترة من 10-11 شعبان 1407هـ، وكانت عناوين الجلسات كما يأتي:
أ -بول كارتون."معهد العالم العربي" محاضرة، يوم 10شعبان 1407هـ
ب - ندوة قدمها معروف الدواليبي وحسن ظاظا، 10/8/1407هـ
حـ- أندريه ميكيل "الحضارة العربية والإسلامية في القرن الرابع الهجري" يوم11/8/1407هـ
د -أندريه ريمون "الدراسات الأكاديمية عن الإسلام والعالم العربي في فرنسا"، 11/8/1407هـ
هـ- الدراسات العربية والإسلامية في فرنسا (وجهة نظر إسلامية) ندوة شارك فيها محمد العوام وتركي رابح، 11/8/1407هـ
إن مجمل المحاضرات والندوات السابقة كانت محاولة من قبل الجانب الفرنسي إظهار استشراقهم أو استعرابهم بمظهر أجمل مما عرف عنه، وأرادوا أن يرسلوا رسالة مفادها أننا مهتمون بالعالم العربي الإسلامي اهتماماً علمياً موضوعياً، وأنهم في العصر الحاضر لا يتحملون أخطاء الاستشراق الفرنسي أو الأوروبي السابق.(1/87)
ولكن الجانب العربي الإسلامي، وهم مجموعة من أساتذة الجامعات السعوديين وبعض الإخوة العرب والمسلمين الذين شاركوا، كانوا على وعي بهذه الدراسات وقدموا مناقشات علمية جيدة اتسمت بعض الأحيان بشيء من العاطفية، ولكن الروح العلمية كانت أقوى، فهذا الدكتور أحمد التويجري يوضح كيف أن الدراسة في الغرب تظلم الإسلام ظلماً بعيداً، وطالب أن تكون الندوة بعيدة عن الدبلوماسية والمجاملات.
كان بعض المحاضرين الفرنسيين يقدمون محاضراتهم كأنها نشرات دعائية لما تقوم به فرنسا من الاهتمام بالعالم العربي الإسلامي، بل يفخرون بأن فرنسا أفضل من غيرها من الدول الأوروبية. والسبب واضح في ذلك، أن هؤلاء المحاضرين يعملون في وظائف حكومية هناك. كما أن بعض الباحثين العرب المسلمين كانوا يبدون إعجاباً شديداً بفرنسا والفرنسيين، حتى سمّى أحدهم المستشرق ريمون (أخي الدمشقي). وكان من الانتقادات التي وُجهت للمحاضرين الفرنسين ما وجهه الدكتور أحمد التويجري لأندريه ميكيل في محاضرته حول الحضارة العربية والإسلامية في القرن الرابع الهجري، حيث قال له: "أهملت دور المسلمين الرائد في عالم الأفكار؛ حيث جاء في كلام المحاضر أن العرب كانوا موزعين للحيوانات والنباتات والأفكار، فكيف جعلت الأفكار آخر شيء؟ فهل وقعت فيما وقع فيه غيرك من المستشرقين بالنظر إلى الحضارة الإسلامية نظرة الاستعلاء، أو أن الحضارة الإسلامية كانت مجرد ناقل أو موزع"(1).
__________
(1) حضرت هذه الندوات وكتبت تقريراً عنها قدمته لقسم الاستشراق الذي انتدبني للحضور، وكنت حينها أعد خطة بحث الدكتوراه.(1/88)
كما انتقد تركي رابح - أستاذ التربية بجامعة الجزائر- نوعية الموضوعات التي يختارها طلاب الدراسات العليا من العرب والمسلمين، وأنها تتركز على موضوعات تافهة، ولكن لم يقدم رابح نماذج لما يقول. أما محمد سليم العوا فقد طالب أن يهتم معهد العالم العربي في باريس بالشريعة الإسلامية، وألاّ يكون اهتمامه منحصراً في الآداب والفنون والرقص وغير ذلك؛ فالشريعة الإسلامية هي التي توضح موقف الإسلام من هذه الأمور.
2- ندوة العلاقات السعودية البولندية:
عقدت هذه الندوة في الرياض بالتعاون بين مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية والسفارة البولندية بالرياض يوم 16ربيع الأول 1423هـ الموافق 28 مايو/أيار 2002م، وكانت استكمالاً لندوة أخرى عقدت في مكتبة جامعة وارسو في 10 ربيع الأول 1423هـ الموافق 22 مايو 2002م. وما يهمنا هنا بعض البحوث التي تناولت الدراسات العربية والإسلامية في بولندا، وكان من هذه البحوث:
1- يلنوش داينسكي رئيس قسم الدراسات العربية والإسلامية في معهد الاستشراق بجامعة وارسو، "العلاقات التاريخية بين بولندا والبلدان العربية والإسلامية"،وقد تناول فيها الباحث نشأة الدراسات العربية والإسلامية في بولندا وتطورها، وبخاصة بعد استعادة بولندا استقلالها عام 1918م، حيث أصبحت هذه الدراسات دراسات مؤسسية، فتحدث عن الاهتمامات المختلفة للاستشراق البولندي من الشعر العربي والاهتمام بالمجالات الأخرى، كما تناول إصدار مجلة متخصصة حول الدراسات الشرقية.
وأشار الباحث إلى بعض الجهود في هذا المجال منها مثلاً إصدار كتاب من مجلدين حول التاريخ العربي من تأليف دانوتا ماديسكا Danuta Madeyska، وكتاب الدكتورة بوليانا ليويكا Paulina Lewicka.(1/89)
وتناول الباحث أيضاً كرسي الدراسات العربية في وارسو الذي أنشئ عام 1964م ليصبح المركز الرئيس للدراسات العربية في بولندا كلها، حيث يعمل فيه الآن أربعة عشر عالماً ، ويصدر دورية متخصصة في هذا المجال.
كما ذكر أيضاً أنه أنشئ حديثاً في مدينة بوزنان Poznan معهد للدراسات الشرقية.
وأختم هذا الإيجاز بعبارة الباحث عن علاقة بولندا بالإسلام بقوله: "إن موقف البولنديين تجاه الإسلام هو موقف معقَّد ومتنوع ويخصع لتغيرات أحياناً من الصعب تعريفها، ولكن ينبغي دائماً أن يلطّف عن طريق تقديم معرفة أعمق بالحضارة العربية والإسلام"(1).
3-: ندوة ألمانيا والثقافة العربية :
برعاية مشتركة بين السفارة الألمانية في الرياض والمركز عقدت الندوة في الفترة من 20-21 محرم 1426هـ/1-2مارس 2005م، وشارك فيها عدد من الباحثين الألمان والباحثين العرب والمسلمين، وكانت كما يأتي:
الجلسة الأولى: تطور المعرفة الألمانية للثقافة العربية، وقدمت فيها البحوث الآتية:
البحث الأول: "الدراسات العربية والإسلامية في ألمانيا"، قدمه استيفان ليدر Stephan Leder.
البحث الثاني: "المناهج الألمانية في دراسة الثقافة العربية- تجربة خاصة"، قدمه فالح العجمي.
البحث الثالث: "دراسات حول الشرق الأوسط المعاصر"، قدمه توماس فيليب Thomas Philip.
البحث الرابع: "صورة العرب في العلوم الاجتماعية في ألمانيا"، قدمه عبد القادر عرابي.
الجلسة الثانية: العلاقات العربية الألمانية نحو حوار فاعل، وقدمت فيها البحوث الآتية:
البحث الأول: "المعايير والقيم والحوار بين الثقافات"، قدمته الدكتورة غوردون كريمر Gurdan Kramer.
__________
(1) يلنوش داينسكي، "العلاقات التاريخية بين بولندا والبلدان العربية والإسلامية "، ندوة العلاقات السعودية البولندية، (الرياض: مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث الإسلامية، دون تاريخ، ص 29-40.(1/90)
البحث الثاني: "التعاون الثقافي العربي الألماني"، قدمه عبد الراضي محمد عبد المحسن.
البحث الثالث: "المبادرات الألمانية في الحوار بين الثقافات: موقع القنطرة في الإنترنت أنموذجاً: دراسة وتحليل"، قدمه مازن مطبقاني.
الجلسة الثالثة: الجهود الألمانية في دراسة الثقافة العربية، وقدمت فيها البحوث الآتية:
البحث الأول: "المحلية المتنقلة كأساس لنظرة جديدة إلى التاريخ الإسلامي"، قدمته أولريكة فريتاغ Ulrike Freitag.
البحث الثاني: "مساهمة المستشرقين الألمان في نشر أعمال التراث العربي"، قدمه فؤاد فرسوني.
البحث الرابع: "دراسات سياسية حول الشرق الأوسط"، قدمه يوهانس رايسنر Johannes Reissner.
ثانياً: الكتب:
أصدر المركز العديد من الكتب حول قضايا الاستشراق، منها ما يأتي:
1- (الاستشراق في الأدبيات العربية) لعلي النملة، صدر عام 1414هـ. وهو كتاب ضم بعض البحوث حول الاستشراق من حيث تعريفه ونشأته ودوافعه وأهدافه، كما ضمّ بحثاً حول علاقة الاستشراق بالتنصير والاستعمار واليهودية، بالإضافة إلى حصر وراقي للمكتوب حول الاستشراق (الببليوغرافيا).
2-(المعتقدات الدينية لدى الغرب) لعبد الراضي محمد عبد المحسن. (1421هـ/2001م). وفي هذا الكتاب توضيح للمعتقدات السائدة في الغرب. وهو من خلال هذا التوضيح يناقش هذه المعقتدات ويرد عليها بموضوعية ومنهجية سليمة.(1/91)
…3-(مناهج البحث في الإسلاميات لدى المستشرقين وعلماء الغرب) (1422هـ/2002م) تأليف محمد البشير مغلي- رحمه الله-، وقد تناول الباحث مناهجهم التي قسمها إل:ى المنهج التهجيني القائم على الزعم بأن الإسلام أُخِذ من اليهودية والنصرانية أو صورة منهما، والمنهج المادي في فهم الإسلاميات الذي تضمن التفسير الماركسي، والمنهج السيكولوجي، ومنهج المدرسة السوسيولوجية، ومنهج الدراسات التاريخية، ثم المنهج الجدلي القائم على التشكيك في ظاهرة الوحي وظاهرة النبوة والتشكيك في الحديث النبوي الشريف، وأخيراً منهج التمجيد القائم على التقريظ. ولم ينس الباحث منهج المنصفين وهم القلة أو الندرة.
ثالثاً: المحاضرات العامة:
ومنها هذه المحاضرات:
1- "العلاقات الإسلامية السويدية عبر القرون"، قدمها د. بنجت كندستم في 1/6/1409هـ.
2- "الدراسات العربية الإسلامية في جامعات السويد"، للمحاضر نفسه في 3/6/1409هـ.
3- "أقسام الدراسات الإسلامية في الجامعات الغربية"، قدمها جون اسبوزيتو في 23/12/1415هـ.
4- "مفهوم حوار الحضارات"، قدمها فرانسوا بوجارت Françoise Bugart المدير السابق للمعهد الفرنسي للآثار في صنعاء باليمن في 1/8/1423هـ.
5- "الاستشراق وصقور البيت الأبيض"، قدمها مازن مطبقاني في 25/4/1425هـ.
6- "الأرشيف الروسي وأهميته في دراسة تاريخ دول الخليج العربي- الوضع الراهن واستشراف المستقبل"، قدمها ألكسي فاسيليف Alexy Vasiliv مدير معهد الدراسات الإفريقية والعربية التابع لأكاديمية العلوم الروسية. وكانت محاضرته في 26 محرم 1426هـ/7 مارس 2005م .(1/92)
7- "كيف نظر المسلمون إلى الفرنجة في القرن السادس الهجري"، قدمتها كارول هيلينبراد Carol Helenbrand، الفائزة بجائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية عام 1425هـ، وكانت محاضرتها في 3ربيع الأول 1426هـ/4 إبريل 2005م ، وتناولت في هذه المحاضرة نظرة المسلمين إلى الفرنجة في تلك الفترة، حيث تحدثت عن المصادر التاريخية العربية الإسلامية حول هذه الفترة التاريخية الهامة.
8- "المجتمع المدني: اليمن أنموذجاً"، قدمها جون لامبورت (مدير المعهد الفرنسي بصنعاء) ودعا فيها إلى قيام دراسات للغرب في العالم العربي الإسلامي. وكانت في 19 صفر 1426هـ/29 مارس 2005م.
9- "علاقات المستشرق سنوك هورخرونيه الهولندي التجسسية"، قدمها قاسم السامرائي، في 16 ربيع الأول 1426هـ/25 إبريل 2005م، والتي أوضح فيها حقيقة إسلام سنوك وتعاونه مع الحكومة الهولندية الاستعمارية في إندونيسيا، كما تحدث عن حقيقة كتاب سنوك عن مكة الذي استقى معلوماته من رادن أبو بكر دون أن يشير إليه بشيء، وكذلك الصور التي التقطها وطمس الاسم الحقيقي للشخص الذي التقط الصور.
رابعاً: مجلة الفيصل
حفلت مجلة الفيصل بالاستشراق كثيراً، وهناك عدد كبير من المقالات حول الاستشراق يمكن أن نقسمها حسب موضوعها كما يأتي:
1- مقالات حول الاستشراق عموماً من حيث تعريفه ونشأته وأهدافه ودوافعه، وقد كانت معظم هذه المقالات تميل إلى طابع العمومية وموجهة إلى عامة القراء.
2- مقالات حول ارتباط الاستشراق بالاستعمار.
3- مقالات حول المدارس الجغرافية للاستشراق، فهناك مقالات حول الاستشراق الإسباني، وأخرى حول الاستشراق الهولندي، وثالثة حول الاستشراق الألماني، والاستشراق البولندي، والاستشراق الفنلندي وغيرها.
4- مقالات حول أعلام المستشرقين، مثل مقالات حول المستشرقة الألمانية الراحلة آنا ماري شميل وغيرها.
دارة الملك عبد العزيز:(1/93)
تأسست دارة الملك عبد العزيز بموجب المرسوم الملكي رقم م 45 في 5شعبان 1392هـ (1972م) للاهتمام بتاريخ المملكة العربية السعودية وجغرافيتها وآدابها من خلال الإنتاج الفكري والتراث العمراني، وكذلك من خلال ما كتب عن الجزيرة في البلاد العربية والإسلامية. وتقوم الدارة بجمع المصادر التاريخية والوثائقية التي تهتم بتاريخ المملكة وتنظيمها. وهي مؤسسة أكاديمية مستقلة، ويرأس مجلس إدارتها سمو الأمير سلمان بن عبد العزيز.
ومن أهداف الدارة نشر الكتب التي تعتني بتاريخ المملكة العربية السعودية والبلاد العربية والإسلامية عموماً، وإعداد البحوث والدراسات والمحاضرات حول الملك عبد العزيز بخاصة وحكام المملكة بعامة وكذلك الشخصيات المهمة في هذه البلاد.
أما بالنسبة للاهتمام بالاستشراق فيمكن أن نقدم هذه النماذج:(1/94)
"تاريخ مكة (مجلدان)، تأليف سنوك هورخرونيه وترجمة كل من الدكتور محمد محمود السرياني ومعراج نواب مرزا. وقد كتب هذا الكتاب باللغة الألمانية ونشر في لاهاي بهولندا عامي 1888م و1889م.، ويتكون من مجلدين؛ يشمل المجلد الأول دراسة مفصلة لتاريخ مكة المكرمة وحكامها، ويضم أربعة أقسام تناولت الموقع الجغرافي لمكة المكرمة وتضاريسها وأوضاعها الطبوغرافية. أما المجلد الثاني فيتكون من أربعة أقسام تناولت الحياة اليومية في مكة المكرمة وما يتعلق بالحج من أعمال وخدمات، وتناولت الحياة العائلية وبناء الأسرة، و الحياة العلمية والعلماء والتدريس في المسجد الحرام، وللكتاب ملحق فيه أطلس وكثير من الصور لمظاهر الحياة في مكة المكرمة. ويقول المترجمان في مقدمة الترجمة: "لقد جاء الكتاب بجزأيه سفراً كبيراً، يلقي الضوء على تاريخ مكة المكرمة وعلى أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والسكانية خلال الفترة التي عاشها المؤلف. ومن الجدير بالذكر أن هناك نقطة كانت تشغل بالنا أثناء ترجمة الكتاب، فقد عاش المؤلف نصف سنة في مكة، غير أننا نجده يصف الحياة اليومية والاجتماعية في مكة خلال اثني عشر شهراً، متتبعاً جميع ما يحدث في المدينة المقدسة يوماً بيوم، فمن أين حصل على المعلومات للفترة التي لم يكن موجوداً بها؟ الأمر الذي يؤكد أنه اعتمد في كتابه على السماع دون المشاهدة خلال هذه الفترة"(1). و لا بد هنا من الإشارة إلى حقيقة إسلام سنوك هورخرونيه وأهدافه من دخول مكة والتعرف إلى أهلها، وبخاصة إلى الحجاج الاندونيسيين؛ لأنه بعد طرده من مكة توجه إلى إندونيسيا ليعمل في خدمة الحكومة الاستعمارية الهولندية هناك ويقف في وجه تحرر المسلمين من
__________
(1) سنوك هورخرونيه، صفحات من تاريخ مكة المكرمة، ترجمة علي عودة الشيوخ، أعاد الصياغة وعلق عليه كل من محمد محمود السرياني والدكتور معراج نواب مرزا. (الرياض: دارة الملك عبد العزيز، 1419هـ)،ص 53.(1/95)
الاحتلال، وقد ناقش قاسم السامرائي هذه المسائل في كتاب الاستشراق بين الموضوعية والافتعالية(1)، كما زاد الأمر إيضاحاً في محاضرته التي ألقاها في مركز الملك فيصل بعنوان "أوراق سنوك هورخرونيه التجسسية".
ومن الجدير بالذكر أيضاً أن نادي مكة المكرمة الثقافي قام بنشر المجلد الثاني من هدا الكتاب.
رحلة داخل الجزيرة العربية للمستشرق الألماني يوليوس أوتيهج وترجمها وعلق عليها سعيد بن فايز السعيد. وصدر هذا الكتاب عام 1419هـ (1999م)، وقد تمت هذه الرحلة إلى شمال الجزيرة العربية عام 1883- 1884م، وقد زار خلالها كلاً من كاف، والجوف، وحائل، وتيماء، وتبوك، والحجر (مدائن صالح)، والعلا، والوجه، ونقل إلينا صورة اتسمت بدقة الملاحظة وعمق الرؤية عن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية السائدة فيها آنذاك، إضافة إلى معلومات نادرة عن تاريخ وجغرافية تلك البلاد وأحوالها السياسية(2).
__________
(1) السامرائي، مرجع سابق، ص 115 وما بعدها.
(2) وقد جاء في مقدمة الكتاب ما يأتي: لقد اعتمد في هذه الترجمة على النسخة التي قام بتحريرها (كرستين وأوفه بفلمن) ونشرت عام 1993م عن دار سولدي للنشر. وهذه النسخة هي نقل حرفي مختصر عن أصل يوميات رحلة (أويتنج) إلى الجزيرة العربية التي نشرت في جزأين: الأول نشره المؤلف عام 1896م، أما الجزء الثاني فقد عني بنشره المستشرق الألماني (إينوليتمان) بعد وفاة المؤلف بعام، وقد تميزت النسخة الجديدة بتركيزها على سرد وقائع الرحلة منذ أن وطئت قدما المؤلف بلدة كاف في شمال المملكة العربية السعودية إلى أن غادر ميناء الوجه في اليوم الرابع عشر من شهر إبريل من عام 1884م.
"(1/96)
"رحلة استكشافية في وسط الجزيرة العربية. للرحالة فيليب ليبنز ، وترجمة محمد محمد الحنّاش، وراجعها وعلّق عليها فهد بن عبد الله السماري، وصدر الكتاب في 1419هـ، وتحدث فيها الرحّالة البلجيكي عن زيارته لكل من جدة، والطائف، وبيشة، وأبها ونجران وكذلك الربع الخالي ثم اللدام.
"ندوة الرحلات إلى شبه الجزيرة العربية
وقد قدمت في هذه الندوة عدة بحوث تناولت قضايا استشراقية، وهي كالآتي:
1- أبو القاسم سعد الله، "رحلة ليون روش إلى الحجاز، 1841-1842م". وفي هذا البحث قدم سعد الله تعريفاً بحياة هذا الرحالة الفرنسي ومصاحبته للأمير عبد القادر الجزائري وإظهاره إسلامه والقيام برحلة إلى الحجاز ليحصل على تأييد علماء الحجاز على فتوى تمنع الجهاد ضد الفرنسيين. ومن الطريف أن روش عمل مع الأمير عبد القادر مدة طويلة وتزوج امرأة مسلمة، ولكنه هرب بعد ذلك عندما دب الصراع بين فرنسا والأمير عبد القادر، وصرح بأنه لم يكن مسلماً وإنما كان يتجسس على القائد المسلم(1).
2- أسعد عيد فارس "الرحالة الغربيون في شبه الجزيرة العربية وأهدافهم"، وفيه قال: "إن أدب الرحلات الغربي وآثار رحلاتهم يعد امتداداً لحركة الاستشراق والمستشرقين، والاستشراق بحد ذاته هو من تراث الإمبراطوريات الغربية التي كانت ولا تزال تحرص على دوام مصالحها في البلاد الأخرى"(2).
__________
(1) من الرحلة ص 5.
(2) ص 6.(1/97)
3- معراج نواب مرزا ومحمد محمود السرياني، "دوافع رحلة سنوك هورخرونيه وقيمتها العلمية كمصدر من مصادر تاريخ شبه الجزيرة العربية". وفي هذا البحث ذكر المؤلفان أن سنوك هورخرونيه يعد واحداً من القمم الأربعة من بين الرحالة والمستشرقين الذين زاروا مكة المكرمة. ثم تناولا أهداف سنوك من زيارته لمكة وارتباطه بجامعة ليدن التي تعد المعقل الأول للاستشراق في هولندا، كما اتضح ارتباط رحلته بالأهداف السياسية للحكومة الهولندية التي كانت تستعمر إندونيسيا وأرادت معرفة أسباب ثورات الإندونيسيين، وبخاصة بعد كل موسم حج وفي مقاطعة آتشي(1).
مكتبة الملك عبد العزيز العامة :
افتتحت المكتبة في العاشر من رجب عام 1408هـ الموافق 27 فبراير 1987م، ومن أهدافها تشجيع البحث العلمي وعقد الندوات والمؤتمرات العلمية ونشر الكتب. وقد نال الاستشراق اهتماماً كبيراً من المكتبة؛ حيث عقدت أكثر من ندوة كان الاستشراق أحد أبرز محاورها، ومن ذلك ندوة مصادر المعلومات عن العالم الإسلامي بالتعاون مع البنك الإسلامي للتنمية في الفترة من 22-25 رجب 1420هـ الموافق 31 أكتوبر إلى 3 نوفمبر 1999م، وقدمت في هذه الندوة العديد من البحوث التي كان الاستشراق محورها الأساس، ومن هذه البحوث ما يأتي:
- علي بن إبراهيم النملة، وكان بحثه بعنوان: "الاستشراق مصدر من مصادر المعلومات عن العالم الإسلامي المعاصر: قضايا المسلمين المعاصرة - الصحوة الإسلامية".
- عدنان محمد الوزان، وبحثه بعنوان: "الاستشراق مصدر من مصادر المعلومات عن القضايا المعاصرة في العالم الإسلامي".
- عبد الله عبد الرحمن الربيعي، وبحثه بعنوان: "المستشرق رنيه جروسيه مصدراً من مصادر المعلومات عن الشرق العربي والإسلامي".
__________
(1) ص 6. يلاحظ أن في هذه المقاطعة حركة تمرد تريد الانفصال عن إندونيسيا، وتذكر الأخبار أن ثمة دعماً خارجياً للمتمردين.(1/98)
- زكي مبارك، وبحثه بعنوان: "معهد الأبحاث والدراسات حول العالم العربي والإسلامي بجامعة إيكس الفرنسية كمصدر للمعلومات عن العالم العربي والإسلامي (المغرب نموذجاً)".
- مصطفى الحنفي، وبحثه بعنوان: "مصادر المعلومات الفرنسية عن المسلمين بشمال إفريقيا: معطيات السياسة البربرية بالمغرب- دراسة في الأصول والمنطلقات".
- غازي شنيك، وبحثه بعنوان: "معهد الشرق الألماني في هامبورغ كنموذج لمصادر المعلومات عن العالم الإسلامي".
- محمد الشريف، وبحثه بعنوان: "حولية إفريقيا الشمالية أنموذجاً لمصادر المعلومات الفرنسية حول العالم الإسلامي ودول المغرب العربي".
- محمد عبد الله الشرقاوي، وبحثه بعنوان: "كتابات علماء مقارنة الأديان في الغرب كمصدر معلومات عن الإسلام والمسلمين: تحليل وتقويم". وقد
أشار الباحث في المقدمة إلى أن الغرب شعر أن الإسلام يشكل تحدياً له في الجوانب العقدية والسياسية والحضارية، وكان تصرف الغرب كما يقول الباحث "تصرفاً ينسجم مع تعصبه وعنصريته واستعلائه، فراح يرسم لهذا الدين الجديد- الإسلام - صورة مزيفة، قلب فيها خصائص الإسلام وحقائقه رأساً على عقب، رسم له -بعناية وحرص- صورة سوداء كالحة السواد، بغية تسويق هذه الصورة البشعة المنفرة المخيفة للمواطن الغرب بهدف تحصينه ضد الإسلام"(1).
كما عقدت المكتبة ندوة ثانية بعنوان "الإسلام وحوار الحضارات" في الفترة من 3-6 محرم 1423هـ الموافق 17-20 مارس 2002م، وتضمنت الندوة العديد من المحاور والبحوث التي تتناول العلاقة بين الإسلام والغرب وضرورة الحوار بين الجانبين، كما تضمنت بحوثاً حول تسامح الإسلام مع الأديان الأخرى.
__________
(1) محمد عبد الله الشرقاوي، "كتابات علماء مقارنة الأديان في الغرب كمصدر معلومات عن الإسلام والمسلمين: تحليل وتقويم، (الرياض: مكتبة الملك عبد العزيز العامة)، ص 7.(1/99)
وبالإضافة إلى هذه الندوات فإن المكتبة في ظل اهتمامها بالاستشراق نشرت كتاباً بعنوان "الإسلام في تصورات الاستشراق الإسباني: من ريموندس لولوس إلى أسبن بلاثيوس" عام 1424هـ/ 2003م لمحمد عبد الواحد العسري الأستاذ بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان بالمغرب.
وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد وجهودها في مجال الاستشراق:
دعت الوزارة إلى عقد ندوات علمية في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، الأولى بعنوان: "عناية المملكة العربية السعودية بالقرآن الكريم وعلومه" في الفترة من 3-6رجب 1421هـ، وقد كان أحد محاورها حول القرآن الكريم والاستشراق، وكان من البحوث التي قدمت البحوث الآتية:
- عبد الراضي محمد عبد المحسن، "الغارة التنصيرية على أصالة القرآن الكريم".
- محمد مهر علي، "مزاعم المستشرقين حول القرآن الكريم- عرض موجز".
- محمد السعيد جمال الدين، "الشبهات في دائرة المعارف الإسلامية ودائرة المعارف البريطانية".
- على عتيق الحربي،"افتراءات المنصرين على القرآن الكريم أنه يؤيد زعم ألوهية المسيح عليه السلام".
كما أن الندوة الثانية التي كانت بعنوان "ترجمة معاني القرآن الكريم: تقويم للماضي وتخطيط للمستقبل" قدم فيها محور حول الاستشراق وترجمات معاني القرآن الكريم(1). ومن بحوث هذه الندوة البحوث الآتية:
_حسن بن إدريس عزوزي، "ملاحظات على ترجمة معاني القرآن الكريم للمستشرق جاك بيرك".
-محمد خير البقاعي، "ترجمات معاني القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية: رينيه خوام، وأندريه شواركي وجاك بيرك نموذجاً".
- محمد بن حمادي الفقير التمسماتي، "تاريخ حركة ترجمة معاني القرآن الكريم من قبل المستشرقين ودوافعها وخطرها".
- عبد الراضي بن محمد عبد المحسن، "مناهج المستشرقين في ترجمات معاني القرآن الكريم:دراسة تاريخية نقدية".
__________
(1) عقدت الندوة الأولى في الفترة من 3-6 رجب 1421هـ ،والثانية في الفترة من 10-12 صفر 1423هـ(1/100)
- وجيه بن حمد عبد الرحمن، "ترجمات إنجليزية لمعاني القرآن الكريم في ميزان الإسلام".
- فودي سوريباكمارا، "دراسة ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية التي أعدها ريجيس بلاشير".
- هيثم عبد العزيز ساب، "دراسة لترجمة معاني القرآن الكريم إلى الإنجليزية (القرآن مترجما) للمستشرق الإنجليزي آرثر ج. آربري".
…وقد أعلن المجمع عن عزمه عقد ندوة متخصصة بعنوان (القرآن الكريم في الكتابات الاستشراقية) في عام 1427هـ/2006م وتتكون من ثمانية محاور تتناول كتابات المستشرقين المختلفة حول القرآن الكريم.
مركز البحوث والدراسات الإسلامية:
يمكننا أن نتعرف إلى اهتمام هذا المركز بالدراسات الاستشراقية من خلال مجلة الدراسات الإسلامية التي يصدرها المركز، وقد ظهر منها عدة أعداد تناول كتابها بعض قضايا الاستشراق ومنها بحث حول الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتابات بعض المستشرقين.
رابطة العالم الإسلامي:
أنشئت بموجب قرار صدر عن المؤتمر الإسلامي العام الذي عقد بمكة المكرمة في 14من ذي الحجة 1381هـ الموافق 18 من مايو 1962م) .
وتستخدم في سبيل تحقيق أهدافها الوسائل التي لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، وتمثّل الرابطة في كل من:
- هيئة الأمم المتحدة بصفة عضو مراقب بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي بين المنظمات الدولية غير الحكومية ذات الوضع الاستشاري.
- منظمة المؤتمر الإسلامي بصفة مراقب، تحضر مؤتمرات القمة، ومؤتمرات وزراء الخارجية، وجميع مؤتمرات المنظمة.
- منظمة التربية والتعليم والثقافة (اليونسكو) بصفة عضو.
- منظمة الطفل العالمية (اليونيسيف) بصفة عضو (1).
بالإضافة إلى هذه المهمات فإن الرابطة تصدر كتاباً دورياً بعنوان (دعوة الحق) وقد تناول الاستشراق والمستشرقين في بعض أعداده، ومنها الكتب الآتية:
__________
(1) نقلاً عن موقع الرابطة في شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) http://www.themwl.org/Profile/default.aspx?l=AR(1/101)
- عدنان محمد الوزان: "الاستشراق والمستشرقون: وجهة نظر"، (مكة المكرمة: رابطة العالم الإسلامي، 1404هـ/1984م)212، صفحة (سلسلة دعوة الحق: 24).
- سالم عبد العال إسماعيل، "المستشرقون والقرآن"، (مكة المكرمة: رابطة العالم الإسلامي، (سلسلة دعوة الحق: 104).
-سالم عبد العال إسماعيل، "المستشرقون والقرآن 2" (مكة المكرمة: رابطة العالم الإسلامي، (سلسة دعوة الحق: 120)
- أحمد أبو زيد. "الهجوم على الإسلام في الروايات الأدبية"، (مكة المكرمة: رابطة العالم الإسلامي، 1405هـ) سلسلة كتاب دعوة الحق، عدد 145. محرم 1415هـ.
هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية ودورات متخصصة حول الاستشراق:
أدركت اللجنة التعلمية والدعوية بهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية فرع المدينة المنورة أهمية دراسة الاستشراق، وأن طلاب الجامعات بحاجة إلى هذه المعرفة فدعتني لتقديم دورة مدتها خمسة أيام تشمل المعلومات الأساسية حول الاستشراق من حيث تعريفه ونشأته وأهدافه ومجالاته وسبل مواجهة الاستشراق. وكان الطلاب المشاركون في هذه الدورة هم من طلاب المرحلة الجامعية والدراسات العليا في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
وقد قدمت الدورة نفسها في السنة التالية بمشاركة أساتذة آخرين من قسم الاستشراق، ثم قدمت الدورة مرة أخرى في العام التالي(1).
__________
(1) قدمت الدورة الأولى في شهر شوال 1413 هـ في مقر الهيئة بالمدينة المنورة، وحضرها أكثر من ثلاثين طالباً. وقدمت الدورة الثانية في شهر شوال من عام 1415هـ. والثالثة قدمت في الفترة من 18-23 ذوي القعدة 1416هـ. والرابعة في الفترة من 26 رجب حتى 2 شعبان 1417هـ.(1/102)
ولما كانت هذه الدورات قد أصبحت معروفة فقد وجهت الدعوة لي من قِبل مكتب مندوبية الدعوة في أحياء مشرفة والعزيزية والرحاب في جدة لتقديم دورة في الاستشراق مدتها ستة أيام(1). وبعد عدة أعوام قدمت الدورة نفسها لعدد من العاملين في المجال الدعوي حضرها الشيخ أحمد الحمدان -مدير مكاتب الدعوة الإسلامية بمحافظة جدة، وكانت مدة الدورة يومين بمعدل ثلاث ساعات يومياً (2).
وكانت آخر الدورات تقديماً في مكتب التوجيه لتعليم البنات في أحد رفيدة بمنطقة عسير في الفترة من 20-21شعبان 1423هـ؛ حيث حضر الدورة ما يقارب المائة مشاركة من الموجّهات والمعلمات المتخصصات في العلوم الشرعية والدراسات الأدبية. وكانت مدة الدورة يومين بمعدل ثلاث ساعات في كل يوم.
موقع مركز المدينة المنورة لدراسات وبحوث الاستشراق www.medinacenter.com
تعريف بالمركز :
تم إنشاء المركز في رمضان عام 1420هـ على شكل موقع في شبكة الإنترنت من أجل التعرف إلى الدراسات العربية الإسلامية في الغرب من خلال الاطلاع والبحوث والزيارات الميدانية، تمهيداً لأن يتحول الموقع قريباً بإذن الله إلى مركز بحوث يضم عدداً من الباحثين المتخصصين في الدراسات الاستشراقية ليأخذوا على عواتقهم مواصلة البحث والاتصال بالغرب لمعرفته عن قرب وبعمق.
أهداف المركز:
1- تشجيع البحث العلمي في مجال الدراسات الاستشراقية والدراسات العربية الإسلامية في الجامعات الغربية.
2- توفير الإمكانات للباحثين لعرض إنتاجهم العلمي حول الدراسات الاستشراقية وتنسيق المواقف في المؤتمرات الدولية.
3- إنشاء مجلة متخصصة محكّمة للدراسات المتعلقة بالاستشراق.
4- تكوين قاعدة معلومات حول الكتابات العربية والإسلامية حول الدراسات الاستشراقية ونقد الاستشراق.
__________
(1) قدمت الدورة في صيف عام 1421هـ.
(2) قدمت الدورة يومي 11 و12 صفر 1423هـ.(1/103)
5- تكوين قاعدة معلومات عن الباحثين العرب والمسلمين الذين تناولوا الاستشراق، وكذلك قاعدة معلومات أخرى عن الباحثين الغربيين والتعريف بإنتاجهم واتجاهاتهم.
أقسام الموقع :
أولاً : الاستشراق
ويضم هذا القسم ما يأتي:
1-مقالتين؛ إحداهما بعنوان "ماذا تعرف عن الاستشراق؟"، والثانية: بعنوان: "متى ينشأ علم الاستغراب؟"
2-الاستشراق: تعريفه ونشأته وأهدافه وأعلامه.
3-الاستشراق والعلوم الإسلامية: القرآن الكريم والحديث والفقه والسيرة والتاريخ الإسلامي الخ.
4-تقرير عن قسم الاستشراق تضمن التعريف بالقسم وأهدافه، وبرامج الدراسة فيه وقائمة برسائل الماجستير والدكتوراه، ونماذج من إنتاج أعضاء القسم (إنجازات القسم في عشرين سنة)(1)
ثانياً: الإسلام والغرب
…ويتضمن هذا القسم العديد من المقالات التي تتناول العلاقة بين الإسلام والغرب، ومنها مقالات للرد على من زعم أن عداء الغرب للإسلام والمسلمين وهمٌ، وهناك مقالات تحاول دراسة الغرب من الداخل.
ثالثا: الأسئلة المتداولة:
…هذا القسم يضم كثيراً من الأسئلة التي يمكن أن تخطر على بال المهتمين بالاستشراق أو الأشخاص العاديين. وقد قسمت إلى خمسة أقسام، هي:
1-أهمية دراسة الاستشراق.
2-الدعوة والاستشراق.
3-الاستشراق والغرب.
4-جولة في عالم الاستشراق.
5-الاستغراب.
رابعاً: النشرة الشهرية
بعد انطلاقة الموقع بشهرين تقريباً بدأت النشرة الشهرية بالصدور وتتضمن تسعة أبواب ثابتة من أبرزها:
1-آراء الزوار ومقترحاتهم.
2-قضية العدد.
3-شخصية استشراقية، ويتم من خلال هذا الباب التعريف بعدد من المستشرقين، ويتم الحرص على التعريف بمستشرقين لم ينالوا الشهرة بعد.
__________
(1) نشر التقرير في الموقع بناء على طلب من عميد كلية الدعوة بالمدينة المنورة السابق. وقد أضفت إليه بعضاً من إنجازاتي التي لم يكن القسم على علم بها أو أهملها.(1/104)
4-مركز استشراقي، يقدم هذا الباب تعريفاً بمعهد أو مركز أو قسم علمي في الغرب يهتم بالدراسات العربية والإسلامية.
5-كتاب الشهر، ويختار كتاب في كل شهر له علاقة بالدراسات الاستشراقية.
خامساً : المرأة والطفل:
ويضم هذا الباب عدداً من المقالات التي تناولت قضايا تهم المرأة والطفل، وبخاصة تلك التي لها صلة بالاستشراق والتغريب، وفرض الأنموذج الغربي. ومن المقالات المهمة في هذا الباب الحديث عن المؤتمرات الدولية (مؤتمرات الأمم المتحدة) حول المرأة ومحاولة فرض الأنموذج الغربي.
سادساً: المؤتمرات
استطاع المشرف على المركز حضور عدد من المؤتمرات الدولية حول الإسلام والمسلمين وحول الدراسات الاسشتراقية، وفي هذا القسم رصد لهذه المؤتمرات ووقائعها ونتائجها. ومن أبرزها: "المؤتمر العالمي الأول حول الإسلام والقرن الواحد والعشرين "والذي عقد بجامعة ليدن في صيف عام 1416هـ (1996م)، و"المؤتمر العالمي الأول حول دراسات الشرق الأوسط" الذي عقد في مدينة مينز بألمانيا وشارك فيه المشرف على المركز ببحث بعنوان "دراسة الاستشراق في قسم الاستشراق: تقويم ونقد". وتضمن هذا القسم أيضاً تقريراً عن رحلة علمية قام بها المشرف عام 1415هـ(1995م).
إنجازات المركز:
أولاً: تقديم المعلومات الدقيقة والصحيحة حول الاستشراق مفهوماً وتاريخاً وطريقة مواجهته.
وهناك بعض الشهادات التي تلقاها الموقع من بعض الشخصيات البارزة في الساحة الفكرية في العالم العربي والإسلامي مشيدين بما يقدمه الموقع والمركز، وفيما يأتي نماذج من هذه الشهادات(1):
__________
(1) يمكن الاطلاع على آراء الزوار ومقترحاتهم في النشرة الشهرية في الموقع في الباب المخصص لذلك وهي كثيرة والحمد لله وتدل على مدى الاستفادة من هذا الموقع.(1/105)
*كتب البروفيسور خورشيد أحمد من كلية أصول الدين قسم مقارنة الأديان بالجامعة الإسلامية العالمية بباكستان كلمة يقول فيها: "لقد بدأت عملاً جيداً، لقد كانت الحاجة إليه كبيرة، الأعداء يعملون الكثير بينما المسلمون نائمون، لقد جئت لإيقاظهم، شكراً لك".
*كتب البروفيسور قاسم السامرائي من جامعة ليدن بهولندا يقول: "أخيراً استطعت أن أرى صفحتك الجميلة وصورتك البائسة التي تحارب بسيف من طين سيتحول إن شاء الله إلى هدير هادر وصاعقة صاعقة على من يريد هذا الدين القويم أو هذه الأمة وتراثها الناصع بسوء، هذا قدر الغيورين من أمثالك، فامض بعزم أكيد، ولك مني أصدق الأمنيات بالتوفيق والسداد".
* أشاد معالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد بن محمد العنقري بالموقع وذكر أنه زاره أكثر من مرة، كما استفسر عن القائمين على الموقع، واستفسر: هل لديك مساعدون؟ وأجبته بأن الموقع جهد فردي بحت، وإن كان قد ساعدت بعض الجهات في النواحي الفنية. كما اقترح معالي الوزير الكتابة عن المستشرقين المعاصرين غير الشخصيات المشهورة التي كتب عنها الكثير، فوعدت معاليه أن أحاول ذلك متى ما توفرت المساعدة. فشكراً لمعالي الوزير على اهتمامه بجهد أستاذ جامعي.
*رسالة من الدكتور مزهودي مسعود من جامعة باتنة بالجزائر يقول فيها: "يسعدني بعد أن اكتشفت هذا الموقع الهام جداً، لأنني من المهتمين بالدراسات الاستشراقية أن أتصل بكم لأعبر لكم عن جزيل الشكر والتقدير والعرفان للجهد القيم الواضح في هذا الموقع لدرجة أنني وجهت طلبتي في الجامعة إلى ضرورة الاطلاع عليه".(1/106)
*كتب الدكتور عثمان طوالبة من السويد يقول: "لا غرو أن تكون انطلاقة هذا المركز المبارك من مدينة النبي صلى الله عليه وسلم والتي يأرز الإيمان إليها كما تأرز الحية إلى جحرها كما أخبر الصادق صلى الله عليه وسلم، ويقف هذا المركز شامخاً بجهود العلماء وطلبة العلم المشاركين فيه ليسد ثغرة عظيمة افتقرت طويلاً إلى من يذب عنها بشكل منظم ومدروس".
ثانياً: تقديم الاستشارات العلمية للباحثين من طلاب الدراسات العليا في الجامعات العربية والإسلامية.
منذ انطلاقة المركز وهو يقدم الاستشارات والمعلومات عن طريق الرد على الرسائل أو عن طريق غرف الحوار المختلفة، فمن نماذج الطلاب من بعث بنسخة من خطة بحثه بعد إقرارها ليقدم المشرف على الموقع رأيه في الخطة وطريقة تنفيذها(1)، كما كانت طلبات بعض الطلاب مباشرة حول أسماء كتب معينة أو مؤلفين.
وهناك استشارات علمية بخصوص بحوث مختلفة يقوم بها باحثون ومنهم على سبيل المثال الباحثة الجزائرية الاستاذة عقيلة حسين التي كانت تعد لبحث حول المرأة والاستشراق.(2) وقد نشرت بحثها في كتاب.
ثالثاً: نقل بعض محتويات الموقع إلى مواقع أخرى
__________
(1) هذا جزء من رسالة الطالب يقول فيها: "أنا أحد طلاب الدراسات العليا في كلية الشريعة-قسم الثقافة وعنوان رسالتي: منهج المستشرقين في دراسة النظم الاجتماعية من خلال دائرة المعارف الإسلامية وكلي أمل في أن أجد المساعدة ويد العون".
(2) أستميح البحاثة عذراً أن أوردت رسالتها واسمها وهذه فقرة من رسالتها،: "و إنني هذه الأيام بصدد تحضير مداخلة )بحث(لملتقى بكلية الحضارة بوهران حول الاستشراق في شهر إبريل ومداخلتي حول صورة المرأة المسلمة والفكر الاستشراقي، وقد اكتشفت موقعكم اليوم و استفدت منه كثيرا .....،و أرجو تزويدي بكتب و دراسات حول المداخلة التي أنا الآن بصدد إعدادها".(1/107)
نظراً إلى وجود قسم في الموقع حول المرأة والطفل كان بعض مواقع المرأة من أول المواقع اهتماماً بمركز المدينة ومنها موقع (مسلمة) وموقع (لها أون لاين) بالإضافة إلى موقع الكتب، وموقع عن الأديب والشاعر أحمد علي باكثير.
ونضيف هنا أن الموقع قد أدرج ضمن معظم أدلة المواقع العربية والإسلامية، وينصح بالرجوع إليه في مجال دراسة الاستشراق ومواجهة الغزو الفكري وفي مجال المرأة والطفل، بل إن كثيراً من المواقع قد جعلت له رابطاً لديها.
رابعاً: توثيق الصلة بالمسلمين في مختلف بقاع الأرض:
اهتم المركز بقضايا المسلمين المختلفة، ولذلك كان من أول البلاد الإسلامية اتصالاً بالمركز الإخوة في فلسطين من رجال ونساء اهتموا بالموقع وعبروا عن رغبتهم في نشر بعض مشكلاتهم وهمومهم من خلال الموقع، ومن هؤلاء الأستاذ عنان نجيب المدرّس بمدارس القدس الذي قدم للمركز مقالات حول جهود إسرائيل في تهويد أبناء فلسطين عبر برامج منظمة تدعمها المؤسسات والهيئات الدولية المختلفة.
خامساً: المشاركة في معارض وسائل الدعوة الثاني والثالث والرابع:
بدأت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد منذ أكثر من سنتين في إقامة معارض لوسائل الدعوة، وقد وجهت الدعوة من قبل معالي الوزير للمشرف على المركز لإعداد جناح في هذه المعارض حول الاستشراق. وقد لبى المركز الدعوة وشارك بالفعل في المعارض الآتية:
1- المعرض الثاني لوسائل الدعوة الذي أقيم في جدة في المدة من 10 إلى 19 جمادى الآخرة 1422هـ. وتمثلت المشاركة في توزيع بعض المطبوعات، مثل مقالة: "ما ذا تعرف عن الاستشراق؟"، ومقالة "متى ينشأ علم الاستغراب؟"، وبعض أعداد النشرة الشهرية من الموقع، وكذلك عرض لقطات من محاضرات حول الاستشراق لمؤسس الموقع. وكذلك عرض الموقع من خلال جهاز حاسوب، بالإضافة إلى التحدث إلى زوار المعرض والإجابة عن تساؤلاتهم حول أهمية دراسة الاستشراق والرد على المستشرقين.(1/108)
2- المعرض الثالث لوسائل الدعوة الذي أقيم في الرياض في المدة من 24 ربيع الأول حتى 3 ربيع الآخر 1423هـ.
3- المعرض الرابع لوسائل الدعوة بالقصيم - بريدة في المدة من 22 محرم حتى 2 صفر 1424هـ. وقد تضمنت المشاركة توزيع بعض المقالات وكذلك نص محاضرة بعنوان "احذروا خطر الاستشراق"، وكذلك الإعلان عن الدورة المزمع إقامتها بمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في القريب إن شاء الله.
* * *
الخاتمة والتوصيات:
تعد المملكة العربية السعودية من أبرز الدول الإسلامية في مواجهة الغزو الفكري ومحاربته، وبخاصة الاستشراق، من أجل تحصين المجتمع بعامة وطلاب الجامعات بخاصة. وقد قدمنا في الصفحات الماضية قليلاً من كثير من الجهود التي بذلت وما تزال تبذل في دراسة الاستشراق ومواجهته. وتأتي الريادة في أن الاستشراق قد عرف في سائر الدول العربية والإسلامية منذ أكثر من مائة سنة، وجاء الاستعمار وتلاميذ المدارس الأجنبية ليروجوا للكتابات الاستشراقية وأفكار المستشرقين فتصدى لهم عدد من العلماء. وعندما كتب مصطفى السباعي كتابه "السنة ومكانها في التشريع الإسلامي" ثم أتبعه بكتاب آخر "الاستشراق والمستشرقون ما لهم وما عليهم" ثم قام بجولة ميدانية في عدد من المراكز الاستشراقية فكان كأنه يؤسس لمواجهة هذا الفكر.
ولكن بقيت هذه الجهود فردية فلم يتأسس عمل جماعي لهذا الأمر حتى قيض الله عز وجل علماء في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فأسسوا أول وحدة في مركز البحوث بالرياض لدراسة الاستشراق والتنصير، ثم تطور الأمر حتى كان قسم الاستشراق في المدينة المنورة الذي مضى على تأسيسه أكثر من عشرين سنة، ويوشك أن يلفظ أنفاسه، فكأن هذه الريادة بإنشاء هذا القسم ودعمه أكثر من خمس عشرة سنة توشك أن تتوقف، وهي قد توقفت بالفعل حين أصبح القسم ضمن جامعة طيبة وألحق بالعلوم الاجتماعية وأوقفت الدراسة فيه منذ أكثر من خمس سنوات.(1/109)
فهذه دعوة مخلصة لإعادة قسم الاستشراق بشكل جديد وأسلوب جديد؛ حيث إننا بحاجة إلى معرفة الآخر والاهتمام بما يقولون عن الإسلام، كما أننا بحاجة إلى معرفة الأمم والشعوب الأخرى وفي مقدمتها الأمم الأوروبية والأمريكية التي تسيطر حضارتها على العالم في الوقت الحاضر.
وإن الباحث يجدها فرصة مناسبة للمناشدة من هذا المنبر أن تسعى جامعة الإمام صاحبة الريادة في الاهتمام بالاستشراق إلى إعادة الاهتمام من خلال استقطاب عدد من العلماء البارزين المتخصصين في هذا المجال، بل أجد من المناسب أيضاً أن أوصي بالاهتمام بإنشاء أقسام للدراسات الأوروبية والأمريكية في الجامعات السعودية؛ حيث ندرس فيها العالم الغربي دراسة علمية وميدانية، ونشارك نحن في معرفتهم ونقدم لهم الاقتراحات في مشكلاتهم، فإن كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين فالإسلام بالتالي هو الرحمة، وعلى المسلمين أن يعرفوا العالم لأنهم أمة الشهادة، وكيف لنا أن نشهد دون أن نعرف؟
إن العولمة التي انطلقت من الغرب، وبخاصة من الولايات المتحدة الأمريكية، تسعى إلى تشكيل العالم وفقاً للثقافة والحضارة الغربية أو الأمريكية في جميع المجالات. فهل نسعى إلى أن ندعم هذا القسم وهذه الجهود المباركة حتى تؤتي ثمارها؛ فإن الوقت ليس كافياً للحكم على تجربة هذا القسم، بل المرجو إعطائه المزيد من الوقت وتقديم المزيد من الإمكانات ليؤكد ريادة هذا البلد الكريم في هذا المجال، والله الموفق والحمد لله رب العالمين .
* * *
المراجع :
- القرآن الكريم
- أبو الحسن الحسني الندوي، "الإسلاميات بين المستشرقين والباحثين المسلمين" في الإسلام والمستشرقون. (جدة: عالم المعرفة، 1405هـ/1985م) ص 15- 69.
- أحمد هويدي ومازن مطبقاني وآخرون، دليل معلومات الاستشراق والتنصير والدراسات الحضارية، (القسم العربي) (المدينة المنورة: مركز الدراسات الاستشراقية والحضارية، 1422هـ/2001م)(1/110)
- أحمد محمد هويدي، الاستشراق الألماني: تاريخه وواقعه وتوجهاته المستقبلية، (القاهرة: المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، 1420هـ/2000م)
- آصف حسين، "المسار الفكري للاستشراق"، ترجمة مازن مطبقاني، مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. العدد السابع. ربيع الآخر 1413هـ/أكتوبر 1992م.
- أكرم ضياء العمري،" الاستشراق هل استنفد أغراضه؟"، المدينة المنورة ـ ملحق ألوان من التراث، العدد 9116، 15/11/1412هـ
- ثابت عيد، "حوار شامل مع عميدة المستشرقين الألمان آنا ماري شميل"، الحياة (لندن) العدد 12129، 11/5/1996م.
- حسن عزوزي، "ظاهرة "الاستشراق الصحفي"، المسلمون، عدد 510، في 8جمادى الآخرة 1417هـ.
- السيد محمد الشاهد، وحدة الاستشراق والتنصير "، 32/3/1412هـ
- السيد محمد الشاهد، المواجهة حضارية ..والنقد لا يكفي" ، المسلمون ، عدد 270 في 11-17 رمضان 1410هـ
- شوقي أبو خليل، الحوار دائماً وحوار مع مستشرق، (بيروت:دار الفكر المعاصر، ودمشق: دار الفكر، 1415هـ/1995م).
- عاصم حمدان، "الإسلام في الكتابات الغربية الحديثة"(2)، المدينة المنورة، العدد 8280، 14جمادى الآخرة 1410هـ
- عالم الكتب، المجلد الخامس عشر، العدد السادس، الجماديان 1415هـ نوفمبر- ديسمبر 1994م
- عبد الستار فتح الله سعيد. "الغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام"، الغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام، (الرياض: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1404هـ)صفحات 175_280
- عبد القادر طاش، "لماذا يهتمون بالإسلام؟"، المدينة المنورة ، عدد 11781، في 11 صفر 1416هـ
- عبد الكريم الباز، افتراءات فيليب حتّي وكارل بروكلمان على التاريخ الإسلامي، (جدة :تهامة للنشر والتوزيع، 1403هـ/1983هـ).(1/111)
- عبد الكريم يونس الخطيب، "الغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام"، الغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام، (الرياض: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1404هـ/1984م)، الصفحات 391-459.
- عبد اللطيف الطيباوي، المستشرقون الناطقون باللغة الإنجليزية: دراسة نقدية، ترجمة قاسم السامرائي، (الرياض: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1411هـ/1991م).
- عبد الله بن عبد المحسن التركي، "ضرورة الحفاظ على الإسلام في مواجهة حملات التشويش الاستشراقي"، المنهل. (عدد خاص بالاستشراق)، ع 471، رمضان وشوال 1409هـ/أبريل ومايو 1989م. ص 8-10.
- عدنان محمد الوزان، الاستشراق والمستشرقون: وجهة نظر، مكة المكرمة: رابطة العالم الإسلامي، سلسلة دعوة الحق ، س3، عدد 14، ربيع الأول 1404، يناير 1984م.
-علي جريشة ومحمد شريف الزيبق، أساليب الغزو الفكري للعالم الإسلامي، (القاهرة:دار الاعتصام، 1397هـ).
-على بن إبراهيم النملة، "الاستشراق والمستشرقون"، عكاظ، عدد 10221، 25صفر 1415هـ، والأعداد التالية 10228، 10242، 10249، 10256 في2و16 و23 ربيع الأول، و 1ربيع الآخر 1415هـ.
_ فاروق سلامة،" عاصم حمدان يرشق برج الحداثة"، المدينة المنورة، في 6جمادى الأولى 1412هـ.
-فريد هاليداي، الأمة والدين في الشرق الأوسط،ترجمة وتحقيق عبد الإله النعيمي، (لندن:دار الساقي، 2000م).
- " في محاضرة النادي الأدبي بالشرقية المطبقاني يكشف أوراق الاستشراق"، اليوم، العدد 8038 في 20 محرم 1416 الموافق 18 يونيو 1995م.
- قاسم السامرائي، الاستشراق بين الموضوعية والافتعالية، (الرياض:دار الرفاعي، 1403هـ).
-قاسم السامرائي، الفهرس الوصفي للمنشورات الاستشراقية المحفوظة في مركز البحوث بجامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية، (الرياض: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1408هـ/1988م).(1/112)
_ قاسم السامرائي، "الاهتمام بالاستشراق في السعودية في العصر الحاضر. في عالم الكتب، مجلد ،14، عدد4 محرم_صفر 1414هـ يوليو/أغسطس 1993 ص ص 422_431.
-قسم الاستشراق بين الواقع والأمل: تقرير توضيحي. تقرير مطبوع على الآلة الكاتبة أعد عام 1409هـ.
- مازن مطبقاني، "خطاب موجه لعميد البحث العلمي " في 27/4/1410هـ
- مازن مطبقاني، "اهتمامنا بالاستشراق ليس موضة" الأولى في البلاد، العدد 16191، 30شعبان 1421هـ، والثانية في العدد 16198، 7 رمضان 1421هـ
- مازن مطبقاني،" الاستشراق والتنصير في الصحف والدوريات السعودية"، المدينة المنورة، ملحق ألوان من التراث، العدد 8095 بتاريخ 14شوال 1412هـ (نموذج لهذه الببليوغرافيا)
- مازن مطبقاني،" لمحات من الاستشراق الأمريكي المعاصر"، الإسلام اليوم، (الرباط، المؤسسة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، العدد 15، 1419هـ/ 1998م.
_محمد أنس الزرقا، "الزكاة عند شاخت والقراض عند يودوفيتش، دراسة وتقويم"، مناهج المستشرقين في الدراسات العربية الإسلامية، (الرياض: مكتب التربية العربي لدول الخليج، 1405هـ/ 1985م)، ص 203_270.
- محمد رشاد سالم، المدخل إلى الثقافة الإسلامية، (الكويت: دار القلم، 1405هـ/ 1984م)
- محمد عبد العليم مرسي، الثقافة.. والغزو ا لثقافي في دول الخليج العربية: نظرة إسلامية، (الرياض: مكتبة العبيكان، 1415هـ/1995م).
-محمد عبد الفتاح عليان، أضواء على الاستشراق، (القاهرة: دار البحوث العلمية،1400هـ 1980م)
-محمد عبد الله الشرقاوي، "كتابات علماء مقارنة الأديان في الغرب كمصدر معلومات عن الإسلام والمسلمين:تحليل وتقويم"، ( الرياض: مكتبة الملك عبد العزيز العامة) ص 7
-محمد عطية، "د. النملة محاضراً في أبها: ظاهرة الاستشراق لم تتوقف"، عكاظ ، العدد 10250 في 24 ربيع الأول 1415هـ.
- محمد الغزالي، دفاع عن العقيدة والشريعة ضد مطاعن المستشرقين، (القاهرة: نهضة مصر، دون تاريخ ).(1/113)
-محمد مناظر أحسن، "المستشرقون والسنة"، محاضرة منسوخة على الآلة الكاتبة قدمت في قسم الاستشراق بتاريخ 24صفر 1408هـ.
_ ==. "حقائق عن الاستشراق"، محاضرة مخطوطة قام بالترجمة وإعداد النص مازن مطبقاني وعدنان الأماسي، وألقيت المحاضرة في قسم الاستشراق في 25 صفر 1408هـ.
-مراد هوفمان، الإسلام والغرب: رؤية معاصرة"، المهرجان الوطني للتراث والثقافة: الندوات الثقافية : المهرجان الحادي عشر، (الرياض: إصدارات المهرجان، 1417هـ).
-مصطفى الحاج مالك بوكاري، الاستشراق الفرنسي وموقفه من تاريخ عهد النبوة، رسالة ماجستير نوقشت في الجامعة الإسلامية عام 1413هـ وأشرف عليها أكرم ضياء العمري.
- " مناظرة الاستشراق"، الشرق الأوسط، الأعداد 4226 - 4236في الفترة من 27/7/ 1992 إلى 8/8/1991م.
- المنهل، العدد السنوي المتخصص، عدد 471، السنة 55، رمضان وشوال 1409هـ / أبريل ومايو 1989م.
- منير عرب، "ندوة الاستشراق"، عكاظ، عدد 9080، 19 ذي القعدة 1411هـ
-ميثم الجنابي وريناد سلطانوف، "الاستشراق والاستعراب في الجامعات الروسية"، الحياة، عدد 10844-10847، 15-18 أكتوبر 1992م.
-==، "الاستشراق الروسي وتطور دراساته العربية-الإسلامية"، الحياة، (لندن)، العدد 10746، 12محرم 1413 والأعداد التي تليه.
- وليد نويهض،" نصوص استشراقية: الاستغراب في مواجهة الاستشراق"، الحياة، عدد 11664، في 25 شعبان 1415هـ/26 يناير 1995.
- يوسف الناصر، "الجانب غير المشهور من الاستشراق الألماني"، الحياة، العدد 11468 في 12 /7/1994م.
-يون نيلسون، "الإسلام والغرب:رؤية معاصرة، في المهرجان الوطني للتراث والثقافة: الندوات الثقافية: المهرجان الحادي عشر. (الرياض: إصدارات المهرجان، 1417هـ).
الملحق الأول :
أولاً: رسائل الدكتوراه
-إبراهيم عبد الكريم عبد الله،"الإسلام والمسلمون في الفليبين من خلال دراسات المستشرقين في القرن العشرين"، قسم الاستشراق.(1/114)
-اسحق بن عبد الله السعدي، "تميّز الأمة الإسلامية مع دراسة نقدية لموقف المستشرقين"، قسم الثقافة الإسلامية، كلية الشريعة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1418هـ.
-جهاد بلال خليل، "مدرسة الاستشراق اليونانية ونظرتها في الدراسات الشرعية الإسلامية خلال القرنين التاسع عشر والعشرين: دراسة تحليلية نقدية"، قسم الاستشراق، 1424هـ.
-الجيلي محمد يوسف الكباشي، "المستشرق نيكلسون ومفترياته على الإسلام: دراسة ونقد"، قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة، كلية أصول الدين، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1407هـ.
-حميد بن خالد الحميد، "الأخطاء العقدية في دائرة المعارف الإسلامية:دراسة تحليلية نقدية"، قسم الاستشراق 1416هـ.
-خالد بن عبد الله القاسم، "العقيدة الإسلامية في دائرة المعارف الإسلامية: عرض ونقد بحسب الترجمة العربية"، قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة، كلية الدعوة وأصول الدين، جامعة أم القرى بمكة المكرمة، 1416هـ.
-سعيد بن أحمد صغير أحمد هندي،" أثر الاستشراق على المنهج العقدي بالهند للفترة من (1850-1950م)"، قسم الاستشراق، 1422هـ.
-عايض الحجيلي، " أبو بكر الصديق رضي الله عنه في دائرة المعارف الإسلامية"قسم الاستشراق، كلية الدعوة، جامعة طيبة، 1425هـ
-عبد العزيز بن علي المحويتي، "الاستشراق الماروني: دراسة تأصيلية لاتجاهاته ووسائله في النصف الأول من القرن العشرين"، قسم الاستشراق، 1424هـ.
-على بن عتيق الحربي، "منهج البروتستانت في تنصير المسلمين خلال النصف الثاني من القرن العشرين: دراسة تأصيلية تحليلية"، 1417هـ.
-عمر إبراهيم رضوان، "آراء المستشرقين حول القرآن وتفسيره: دراسة ونقد"، قسم القرآن وعلومه، كلية أصول الدين، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1411هـ.(1/115)
-مازن صلاح مطبقاني، "منهج المستشرق برنارد لويس في دراسة الجوانب الفكرية في التاريخ الإسلامي: دراسة نقدية تحليلية"، قسم الاستشراق بكلية الدعوة بالمدينة المنورة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1414هـ.
-المحسن بن علي سويسي،" مؤتمرات المستشرقين العالمية: نشأتها وتكوينها وأهدافها"، قسم الاستشراق، 1419هـ.
-محمد بن سعيد عبد الله السرحاني، "موقف المستشرقين من العبادات في الإسلام من خلال دائرة المعارف الإسلامية:دراسة تحليلية نقدية"، قسم الاستشراق، 1424هـ.
-محمد عامر بن عبد الحميد مظاهري، "مناهج المستشرقين في كتاباتهم عن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في دائرة المعارف الإسلامية: دراسة تحليلية نقدية"، قسم الاستشراق، 1422هـ
-مصطفى بن عمر حلبي، "منابع المستشرقين الثقافية في دراسة السنّة"، قسم الاستشراق، 1416هـ
ثانياً - رسائل الماجستير :
-ابتسام أحمد محمد جمال، "الغزو الفكري وأثره في الوقت الحاضر"، قسم الدراسات العليا الشرعية بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى، 1404هـ.
-إبراهيم عبد الكريم عبد الله، "آراء المستشرق رجيس بلاشيرفي الوحي المكي والمدني"، قسم الاستشراق، 1413هـ.
-أبو سعد الأعظمي بن حافظ جمعة، "مواقف المستشرقين من قدرة اللغة العربية على استيعاب مصطلحات العلوم التجريبية"، قسم الاستشراق، 1412هـ.
-أحمد حسن قاضي."دراسات المستشرقين لتوحيد الأسماء والصفات في الآيات القرآنية"، قسم الاستشراق، 1411هـ.
-أحمد بن حسين شرف الدين، "دعوى المستشرقين أن القرآن من صنع البشر"، قسم الثقافة الإسلامية، كلية الشريعة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1408هـ.
-أقونج أفندي، "كتابة الصحابة للحديث النبوي بين المسلمين والمستشرقين"، قسم الاستشراق، 1409هـ.
-أولاليكي عبد الرشيد عبد العزيز، "الفكر الاستشراقي في نيجيريا"، قسم الاستشراق، 1406هـ.(1/116)
-جمعة مقداد عمر، "الفكر الاستشراقي في تنزانيا"، قسم الاستشراق، 1406هـ.
-حسن محمد نايف عالب، "العلاقة بين التنصير والاستشراق من حيث النشأة والأهداف"، قسم الاستشراق، 1406هـ
-زيد بن أحمد العبلان، "الدراسات الاستشراقية في ضوء العقيدة الإسلامية"، قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة، بكلية أصول الدين، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية،1406هـ.
-سعيد أحمد صغير هندي، "آراء جولدزيهر وشاخت حول الإجماع:دراسة نقدية"، قسم الاستشراق، 1413هـ.
-سلطان بن عمر عبد العزيز الحصيّن، "موقف المستشرق سيديو من السيرة النبوية:دراسة نقدية من خلال كتابه تاريخ العرب العام"، قسم الاستشراق، 1413هـ.
- طلال بن عبد الله ملّوش،"تقويم جهد المستشرق آرثر جيفري في تحقيقه لمقدمة كتاب المباني لنظم المعاني"، قسم الاستشراق، 1409هـ.
-عايض بن رجاء عايض الحجيلي، "موقف المستشرق جولدزيهر من الدولة الأموية"، قسم الاستشراق، 1413هـ.
-عبد عبد الرحمن بن محمد المكي جابري،"أثر التشابه والاختلاف في القواعد والأحكام في شبهة تأثر الشريعة الإسلامية بالقانون الروماني"، قسم الاستشراق، 1415هـ.
- عبد الرحمن بن مهيدب بن عبد الرحمن المهيدب،"موقف المستشرقين من عقوبة الزنا في الأحاديث النبوية: دراسة وصفية نقدية"، قسم الاستشراق ، 1409هـ.
-عبد الكريم علي عبد الكريم الباز، "دراسة نقدية لبعض آراء فيليب حتى وكارل بروكلمان في التاريخ الإسلامي"، قسم التاريخ الإسلامي، كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة أم القرى، 1399هـ.
-عبد العزيز بن صالح المحويتي، "دراسة تحليلية نقدية لمجلة الآباء اليسوعيين الكاثوليكية للفترة من 1898م حتى بداية الحرب العالمية الثانية"، قسم الاستشراق، 1406هـ.
-عبد الله بن عبد العزيز الشعيبي، "الكنيسة القبطية ومنهجها التنصيري خلال القرن العشرين"، قسم الاستشراق، 1407هـ(1/117)
-علي بن عبد الله محفوظ، "أساليب المستشرق جولدزيهرGoldzeiher في عرضه للإسلام"، قسم الاستشراق، 1407هـ.
-علي بن عتيق الحربي، "نصرانية عيسى عليه السلام ونصرانية بولس: دراسة مقارنة في أسفار العهد الجديد"، قسم الاستشراق، 1407هـ.
-فتح الدين محمد أبو الفتح البيانوني، "منهج مقارنة الروايات عند المحدثين:دراسة وصفية نقدية لدعوى المستشرقين اهتمام المحدثين بنقد سند الحديث دون متنه"، قسم الاستشراق، 1409هـ.
-المحسن بن علي سويسي، "مفهوم القدر في دراسات المستشرقين"، قسم الاستشراق، 1411هـ.
-محمد صالح بن رحماني،"توطين التنصير في إندونيسيا"، قسم الاستشراق، 1407هـ.
-محمد عبد الرزاق خير الدين، "دراسة المستشرقين للجوانب العقدية والفكرية من حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب"، قسم الاستشراق، 1411هـ.
-محمد نور الدين عبد السلام منشي، "آراء المستشرق فيليب حتّي حول عهد الخلافة الراشدة"، قسم الاستشراق، 1413هـ.
-محمود حمزة عزوني، "الدعوة إلى الإسلام لتوماس ولكر آرنولد: دراسة نقدية"، قسم الدعوة والاحتساب، كلية الدعوة بالمدينة المنورة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1405هـ.
-مصطفى الحاج مالك بوكاري، "الاستشراق الفرنسي وموقفه من تاريخ عهد النبوة"، قسم التاريخ، كلية الدعوة وأصول الدين بالجامعة الإسلامية، 1413هـ.
-مصطفى بن عمر حلبي، "الخلفية الثقافية لاتجاهات المستشرقين في دراسة شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم"، قسم الاستشراق، 1409هـ
-مصلح بن يحي علي جزاز، "آراء المستشرق كارل بروكلمان في العصر العباسي من خلال كتابه تاريخ الشعوب الإسلامية دراسة نقدية"، قسم الاستشراق، 1413هـ.
-نايف بن ثنيان آل سعود، "المستشرقون البريطانيون وأثرهم في توجيه السياسة التعليمية في العالم العربي"، قسم الثقافة الإسلامية بكلية الشريعة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1411هـ(1/118)
-نصر مقبول الحطامي، "العلاقة بين اليهود والنصارى خلال النصف الأول من القرن العشرين"، قسم الاستشراق، 1407هـ
-هندي بن هندي عبده حوفان، "الحوار الإسلامي النصراني: الأهداف والأبعاد"، قسم الاستشراق 1407هـ.
-يحي بن عبد الهادي محمد، "شبهات المستشرقين حول إسناد الحديث: عرض ونقد"، قسم الاستشراق، 1409هـ.
الملحق الثاني :
الاهتمام بالاستشراق في السعودية في العصر الحاضر(1)
………………بقلم: د. قاسم السامرائي
…………… تقديم وترجمة: د. مازن مطبقاني
عقدت جامعة ليدن الهولندية ندوة حول الدراسات الاستشراقية في الفترة من 2-5 مارس 1991م، وكانت الكلمة الافتتاحية من نصيب الدكتور إدوارد سعيد، وشارك الأستاذ الدكتور قاسم السامرائي بهذا البحث الذي قُدم باللغة الإنجليزية، وهاهي ترجمته التي نشرت في مجلة عالم الكتب سنة 1414هـ/1993م.
لا شك أن السامرائي جدير بتناول هذا الموضوع؛ فخبرته بالاستشراق تعود إلى سنوات دراسته في بريطانيا؛ حيث حصل على الدكتوراه في الدراسات الإسلامية على يد المستشرق الإنجليزي المشهور آربري، واستمرت صلة السامرائي بالاستشراق حينما أخذ يهتم بالمخطوطات وتحقيقها ثم انتقاله للعمل في جامعة ليدن بهولندا.
وعمل الدكتور السامرائي في المملكة العربية السعودية في جامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية في عدة كليات، ثم التحق بمركز البحوث؛ حيث أسس وحدة الاستشراق والتنصير، وكان من إسهاماته في هذه الوحدة ترجمته للعمل الجليل الذي كتبه عبد اللطيف الطيباوي بعنوان "المستشرقون الناطقون باللغة الإنجليزية".
__________
(1) *- مجلة عالم الكتب، مجلد 14، عدد 4، محرم- صفر 1414هـ، يوليو- أغسطس 1993م، ص 422-431.…………(1/119)
وهاهو السامرائي يسهم من جديد في تناول مسألة الاهتمام بالاستشراق في المملكة العربية السعودية بمحاضرة أوجز فيها ملامح هذا الاهتمام، واضطر- لطبيعة المحاضرة والوقت المخصص لها- أن يوجز وأن يحذف الكثير. وكان من الممكن أن يتوقف قليلاً عند قسم الاستشراق بكلية الدعوة بالمدينة المنورة فيتحدث بإيجاز عن تأسيس القسم، والمناهج التي تدرّس فيه، والعلماء الذين عملوا في القسم والإنجازات العلمية لهذا القسم من رسائل علمية أو مشاركات في مؤتمرات عالمية أو إقليمية، وغير ذلك. ولعل باحثاً آخر يهتم بالاستشراق في المملكة العربية السعودية فيعرج على هذه الموضوعات ويوفيها حقها من البحث.
لم يكن عملي في الترجمة صعباً؛ حيث إن معظم النصوص العربية التي استشهد بها المحاضر متوفرة لدي، والحمد لله، وقد عدت إليها، وما بقي من تعليقات وتحليلات للدكتور السامرائي فإن معرفتي الشخصية به وقراءاتي لكتاباته الأخرى أسهمتا في تسهيل المهمة إلى حد ما. ومع ذلك فلا أدّعي الكمال لعملي فأشكر من يقدم إليّ تصويباً أو نقداً، وأشكر الدكتور السامرائي على مراجعته للترجمة وموافقته على نشرها.
وثمة ملاحظة أخيرة في هذه المقدمة أن الدكتور السامرائي أعد محاضرة جديدة عام 1999م عن الاهتمام بالاستشراق في المملكة العربية السعودية وألقيت في ليدن بهولندا، ونظراً إلى التشابه الكبير بين النصين فقد اخترت بعض الفقرات من النص الجديد ودمجتها في هذا النص راجياً أن تتاح الفرصة لي أو لغيري لترجمة النص الجديد كله، وذلك لاطلاع الدكتور قاسم السامرائي على النشاطات الفكرية في المملكة العربية السعودية.
النص المترجَم:(1/120)
لا تكاد توجد جهود أكاديمية (جامعية) في عالم الدراسات الإنسانية أسوأ حظاً في سوابقها من الدراسات الإسلامية في الغرب (1). بهذه العبارة استهل عبد اللطيف طيباوي المقالة الأولى من مقالتيه في نقد المستشرقين الناطقين باللغة الإنجليزية. وبصفتي أول رئيس لوحدة أنشئت حديثاً (1401هـ/1981م) في مركز البحوث بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية باسم وحدة الاستشراق والتنصير، فقد طُلب منّي أن أترجم مقالتي طيباوي إلى العربية. وقد قال مدير الجامعة في تقديمه للترجمة محدداً دوافع إنشاء الوحدة لتصبح قسماً أكاديمياً في المدينة المنورة ضمن كلية الدعوة: "فقد عُنيت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالدراسات الاستشراقية منطلقة في ذلك من رسالتها العلمية التي توجب عليها رصد البحوث والنشاطات العلمية التي تتخذ من الإسلام ولغته وحضارته وشعوبه مجالاً لبحوثها، فكان أن أنشأت وحدة خاصة بتلك الدراسات في مركز البحوث بالرياض وقسماً دراسياً خاصاً بها في المعهد العالي للدعوة الإسلامية (كلية الدعوة حالياً) بالمدينة المنورة"(2).
وواصل معالي المدير حديثه قائلاً: "ولا أريد في هذه المقدمة القصيرة أن أدخل في تفاصيل قضية الاستشراق وموقفنا من المستشرقين، ولكني أشير إلى حقيقة مهمة، وهي أن الخطوة الأولى لمقاومة أي فكر منحرف أو تيار معاد هي التعرف عليه وسبر أغواره، وجمع المعلومات الشاملة عنه، وتحليل تلك المعلومات ونقدها بدقة وأمانة، ومعرفة الأطوار والمراحل التي مر بها، والمنطلقات التي انطلق منها، والأهداف التي يسعى إليها"(3).
__________
(1) عبد اللطيف الطيباوي، المستشرقون الناطقون باللغة الإنجليزية، ترجمة قاسم السامرائي، (الرياض:جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1411هـ/1991م)، ص 8.
(2) المرجع نفسه، تقديم مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً، ص 5.
(3) المرجع نفسه والصفحة نفسها.(1/121)
وفي الحقيقة فإن كلمات المدير في العبارات المقتبسة أعلاه تعكس جزئياً الأجواء الحالية التي تسيطر على الاتجاهات الأكاديمية، والصحافية كذلك، في المملكة العربية السعودية في الوقت الراهن، وموقف الغالبية العظمى من النخبة الفكرية الإسلامية.
وليست هذه هي الصورة كاملة، فمن المؤكد أن الساحة الفكرية ليست خالية تماماً من أولئك الذين يدافعون عن نشاطات المستشرقين الإيجابية بحماسة ومن دون تحفظ، بينما يشيرون في الوقت نفسه إلى سلبياتهم. إن تأثير هؤلاء محدود بشكل يرثى له ، وصوتهم إنما هو صرخة في واد كما سنرى فيما بعد.
وقد لاحظ دونالد ليتل Donald Little بحقٍ عام 1979م أن "ثمة كمية كبيرة من الكتابات حول الاستشراق والمستشرقين كتبت باللغة العربية واللغات الإسلامية الأخرى أعدت خصيصاً للاستهلاك المحلي"(1). ولكن ما عدّه ليتل كميّة كبيرة قد أصبح ضخماً جداً بعد ثلاث عشرة سنة من ظهور مقالته، وللدقة نقول إنّ هذه الكتابات ليست معدة فقط -كما يقول- للاستهلاك المحلي، ذلك أن معظمها قد كتب أو ترجم إلى إحدى اللغات الغربية.
__________
(1) -Donald Little." Istishraq and Mustashrigun" in The Muslim- World. Vol.- LXIX. No.2, 1979, P110.(1/122)
ولإعطاء فكرة حول أهمية موضوع الاستشراق والمستشرقين في الساحة السعودية المعاصرة فمن الكافي أن نذكر أنه وفقاً للمادة الببليوغرافية التي بين يديَّ فقد صدر أكثر من مئتي كتاب، وليس أقل من ألفي مقالة في السنوات الأخيرة إما بأقلام سعودية أو عرب آخرين يعملون في السعودية. وحتى إن بعض الدوريات المهمة قد خصصت أعداداً خاصة لهذا الموضوع مثل "عالم الكتب" و"الفيصل" و"المنهل" ضمت مقالات مؤيدة أو معارضة للاستشراق. (1) وقد أصدر مكتب التربية لدول الخليج العربي كتاباً من جزأين ضم مجموعة بحوث حول "مناهج المستشرقين في الدراسات العربية والإسلامية (2). وقد أسهم في هذا العمل عشرون متخصصاً تقريباً من جامعات ومؤسسات علمية مختلفة في العالم العربي بتقديم بحوثهم حول النتائج التي تم التوصل إليها خلال القرنين الأخيرين من الاستشراق.
__________
(1) عالم الكتب، مجلد 5، عدد 1، إبريل 1984م، والمنهل، مجلد 50، عدد 471، رمضان وشوال 1409، أبريل ومايو 1989م.
(2) مناهج المستشرقين في الدراسات العربية والإسلامية، (الرياض: مكتب التربية العربي، 1405هـ). مجلدان.(1/123)
وبالإضافة إلى ما سبق فإن معظم الجامعات السعودية السبع تنظم سلسلة من المحاضرات من حين إلى آخر يدعى إليها علماء من هيئة التدريس من هذه الجامعات أو من الخارج ( بما في ذلك أوربيون)، وبالطبع فمن موضوعات هذه المحاضرات الاستشراق والمستشرقون. وتُسجَّل هذه المحاضرات عادة - على أشرطة كاسيت، وإما أن توزع مجاناً وإمّا أن تباع لدى المحلات المتخصصة في بيع أشرطة الكاسيت، وتوزع هذه التسجيلات على نطاق واسع. والنقطة التي يجب التأكيد عليها هنا أن كلاً من المثقف والعامي ينجذب بسرعة لدرجة أن عنوان مقالة أو عنوان كتاب يحتوي على مصطلح استشراق أو مستشرقين فإنه يثير حب المعرفة لدى القراء، وذلك ببساطة لأن هذه المصطلحات مرتبطة عادة بسوء تمثيل الإسلام وتشويهه، بل للعداء أو التعصب والتحيز ضده. ومع ذلك فإن تحليل كل العوامل التي ساعدت على إيجاد هذا التصور أو تطويره تقع خارج نطاق البحث. وقد ناقش باحث في السعودية هذا الأمر بقوله: "إن (أزمة) المستشرقين (الفكرية) و(الأخلاقية) والمشكلات الناتجة عنهما قد أساءت إليهم أيما إساءة، فيكاد تشويه الحقيقة الفكرية دينية أو تاريخية أو لغوية أو علمية يصبح ظاهرة عامة في العمل الاستشراقي المبطن والسافر، المباشر وغير المباشر. والنتيجة بسيطة وواضحة: شعور عميق بالنفور مما يخلق موقفاً متسماً بالشك إن لم يكن العداء السافر لأعمال المستشرقين، ونتيجة لذلك فإن ظاهرة الاستشراق كمجال علمي من السهل الشك فيها، كما أن مكانة المستشرق تصبح موضع تساؤل"(1).
__________
(1) أحمد عبد الحميد غراب،رؤية إسلامية للاستشراق، ط2، (برمنجهام: المنتدى الإسلامي، 1411هـ)،ص 7.(1/124)
ويشرح أحمد عبد الحميد غراب (خريج جامعة أكسفورد) في كتابه (رؤية إسلامية للاستشراق) مصطلح استشراق كما يأتي: "إن الاستشراق دراسات (أكاديمية) يقوم بها غربيون كافرون من أهل الكتاب بوجه خاص - للإسلام والمسلمين عن شتى الجوانب: عقيدة وشريعة وثقافة وحضارة وتاريخاً ونظماً، وثروات وإمكانيات… بهدف تشويه الإسلام، ومحاولة تشكيك المسلمين فيه، وتضليلهم عنه، وفرض التبعية للغرب عليهم، ومحاولة تبرير هذه التبعية بدراسات ونظريات تدّعي العلمية والموضوعية، وتزعم التفوق العنصري والثقافي للغرب المسيحي على الشرق الإسلامي"(1).
إن الاهتمام الأساسي لدى المؤلف الذي يشترك فيه مع غيره من الكتّاب السعوديين لا يكمن في الإنتاج الأكاديمي للمستشرقين، ولكن في دورهم الحاسم في التأثير وتوجيه الموقف السياسي في دولهم. وهنا يتهم المؤلف المستشرقين بخيانة مبدأ الأخلاق الأكاديمية الذي يتطلب الحياد على الأقل، فالعالم الأمين يجب ألاّ يسمح لتعصباته أن تكون عقبة في الطريقة التي يقدم بها الحقائق والمعرفة والاستنتاجات(2).
__________
(1) المرجع نفسه والصفحة نفسها.
(2) المرجع نفسه، ص 181.(1/125)
ويبدي جميل المصري من جامعة أم القرى في مكة عدم رضاه عن الطريقة التي درس بها المستشرقون وحللوا التاريخ الإسلامي؛ لأنهم-المستشرقين- في نظره "يميلون إلى النظر إلى التاريخ الإسلامي من خلفية ثقافية غربية، ووفقاً لمناهج البحث عندهم ومعاييره التي لا تصلح للتطبيق إلاّ على ثقافتهم، وبدلاً من ذلك فهم يلجؤون إلى الاقتراحات والتخمينات التي بتكرارها يؤكدون الحقائق المقررة ويطلقون عليها نظريات علمية وينصبون أنفسهم للحكم على التاريخ الإسلامي"(1). ويقتبس المؤلف عبارة رودي بارت لتأييد موقفه، وهذه العبارة هي: "ونحن في هذا نطبق على الإسلام وتاريخه وعلى المؤلفات العربية التي نشتغل بها المعيار النقدي الذي نطبقه على تاريخ الفكر عندنا وعلى المصادر المدونة لعالمنا نحن"(2). ولسوء الحظ يظهر أن المؤلف لم يفهم المعنى العميق لعبارة بارت التي أراد أن يؤكد بوضوح صدقية المعايير النقدية غير الملتزمة بأي ميول ثقافية أو دينية.
__________
(1) جميل عبد الله المصري، دواعي الفتوحات الإسلامية ودعاوى المستشرقين، (دمشق: دار القلم، 1411هـ/1991م)، ص 7 و9.
(2) رودي بارت،الدراسات العربية والإسلامية في الجامعات الألمانية،ترجمة مصطفى ماهر، (القاهرة دون تاريخ)، ص 10.(1/126)
وفقاً لبعض المؤلفين السعوديين فإن المناهج المطبقة من قِبل المستشرقين أدت إلى تشويه التاريخ الإسلامي، وكانت هذه التشوهات هي الفكرة الرئيسية في كتاب نال انتشاراً واسعاً وكتبت حوله عدة عروض، وهو كتاب عبد الكريم باز الذي طبع عام 1403هـ/1983م بعنوان (افتراءات فيليب حتّي وكارل بروكلمان على التاريخ الإسلامي)(1). وقد حاول المؤلف في كتابه أن يوضح كيف أن المستشرقين غير المؤهلين في علم التاريخ يرتكبون أخطاء فادحة في تفسيراتهم للأحداث التاريخية، وينتقدهم بقسوة لتبنيهم دون تفكير التشويهات نفسها. ومما يدعو للدهشة أن الإيجابية الوحيدة التي يراها الباز في الاستشراق تعليمه الممتاز للمنهجية ولا يعرف المؤلف سوى عدد ضئيل من المستشرقين الذين قدموا إسهامات إيجابية في دراسة الحضارات القديمة وفي الفهرسة وتحقيق النصوص تستحق الثناء(2).
ويطرح باحث آخر من السعودية السؤال الآتي: "ما الباعث لكل هذا؟" ودون التفكير بمعنى أو صفات الاستشراق ينقل الباحث بوعي أو من دونه الرأي الذي قال به المؤلف المصري النصراني أن "البواعث التجارية السياسية قادت المستشرقين إلى دراسة الإسلام والشعوب الإسلامية من أجل إخضاعهم للسيطرة الإمبريالية". ويواصل المؤلف قوله: "إنه الباعث الاستعماري المدروس دراسة دقيقة، فهم يقدمون لنا تراثنا محققاً مطبوعاً لقصور باعنا، وبذلك يبسطون نفوذهم الفكري علينا"(3).
__________
(1) عبد الكريم علي باز، افتراءات فيليب حتّى وكارل بروكلمان على التاريخ الإسلامي، (جدة: تهامة للنشر، 1403هـ-1983م).
(2) عبد العزيز محمد اللميلم "افتراءات فيليب حتّي وكارل بروكلمان على التاريخ الإسلامي"، لعبد الكريم باز ،عرض في مجلة عالم الكتب، عدد 1، مجلد 5، إبريل 1984م، ص 208 وما بعدها.
(3) محمد عبد الله مليباري، المستشرقون والدراسات الإسلامية، (الرياض:دار الرفاعي، 1410هـ)، ص 47.(1/127)
وهذا هو الموضوع الذي تناوله العديد من الكتاب في عدد من الكتب والمقالات. ففي مقالة نشرت في مجلة "الفيصل" عام 1989م كتب محمد سعيد فخرو متبنياً موقفاً دفاعياً مشيراً إلى عدد كبير من التشويهات من قبل مستشرقين مثل بروكلمان وكاتياني وجولدزيهر وفلهاوزن وميور وآخرين"(1).
وقد نشر أستاذ سعودي بارز في مجال المخطوطات هو الدكتور عباس صالح طاشكندي مقالة بعنوان "المستشرقون ودورهم في تحقيق النصوص العربية"(2). كرر فيها عيوب الاستشراق الذي ذكرها إدوارد سعيد في كتابه "الاستشراق" وربطها بالنقاش التبريري الذي قدّمه نجيب العقيقي في مجلداته الثلاث حول المستشرقين من الاتهامات في محاولة منه لتبرئة المستشرقين من الاتهامات غير المسنودة بالدليل. وبالإضافة إلى ذلك فإن الطاشكندي _ المتدرب في مجال الببليوغرافيا- عدّد الفهارس التي يعرف للمخطوطات العربية التي أعدها المستشرقون ونشروها في ألمانيا، والمملكة المتحدة، والنمسا، وفرنسا، وإيطاليا، وإسبانيا، وهولندا، والدول الإسكندنافية، وروسيا، والولايات المتحدة. وعلى الرغم من جهد الكاتب لتزيين الأفكار الشائعة حول الاستشراق وبالرغم من إعجابه العميق بعمل المستشرقين في مجالات فهرسة النصوص العربية وتحقيقها -والتي لو تناولناها في المجال الببليوغرافي - فإن الطاشكندي يراها قد أنجزت لفائدة المستشرقين. ويستنتج الطاشكندي في نهاية مقالته الأفكار التي نقابلها عادة في عدة مطبوعات وحتى عكسها بأن أكثر الجهود الإيجابية للمستشرقين في عملهم النقدي لتحقيق ونشر المخطوطات العربية كانت من أكثر الخدمات المفيدة التي قدموها للدراسات العربية والإسلامية.
__________
(1) محمد سعيد فخرو، " الاستشراق والإسلام"، الفيصل، عدد 105، ذي الحجة 1409هـ، يوليه 1989م ص، 95-98.
(2) عباس صالح طاشكندي، " المستشرقون ودورهم في تحقيق المخطوطات العربية"، عالم الكتب، مجلد 5 ، عدد 1، رجب 1404هـ/ إبريل 1984م، ص 5-14.(1/128)
وهذه الجهود الإيجابية ساهمت في الوقت نفسه في زيادة معرفتهم بتراثنا. وهذا يعني أن المعرفة التي حققوها من خلال دراسة الجوانب الفكرية والثقافية ونقدها المبنية على اختيارهم للمواد المتوفرة جعلت الاستشراق يقدم خدمة عظيمة في تحقيق أهداف الاستشراق الدينية والعسكرية وكذلك السياسية والأيديولوجية (1).
ومن الواضح أن الطاشكندي وغيره من المؤلفين الذين ذكرنا لم يستطيعوا أن يخفوا إعجابهم المقنع بالمستشرقين في مجال أو آخر. ولا نستطيع مقاومة فكرة أن النقد الذي وجّه للاستشراق قد أسهم في نهاية المطاف في إشاعة كتابات المستشرقين. وقد أشار ناشر سعودي ووزير سابق بارز لهذا الشيوع في تقديمه لكتابي حول الاستشراق بهذه الطريقة: "إن العملية الاستشراقية عملية معقدة جداً… انعكست آثارها على السياسة والاجتماع والحركة الفكرية، بل على الحياة العربية الإسلامية كافة….واختلفت فيها الآراء وتباينت حتى لقد اختلط الحق بالباطل …وكان من نتاج ذلك كله بلبلة فكرية واجتماعية لا تزال الأمة تعاني من آثارها"(2).
وكتابي هذا الذي طبع في الرياض عام 1403هـ/1983م جذب انتباه اثنين من المستشرقين الأوروبيين، ودون أن يربطا ما كتبته بالنقاش المعاصر للاستشراق في العالم العربي بعامة وفي السعودية بخاصة فقد وصف أحدهما، وهو بروجمان بأنه: "واحد من أكثر الدراسات عداوة سطّره قلم كاتب عربي"(3).
__________
(1) المرجع نفسه.
(2) قاسم السامرائي، الاستشراق بين الموضوعية والافتعالية، (الرياض: دار الرفاعي 1403هـ/1983م)، ص 6 من تقديم الناشر عبد العزيز الرفاعي رحمه الله.
(3) لم يذكر الباحث ( المحاضر) بقية المعلومات الوراقية حول الكتاب الذي هو Brugman .Manuscripts of the Middle East وقد تعجب المحاضر أن يكون الكتاب حول المخطوطات ويتناول كتاباً موضوعاً لصاحب المحاضرة.(1/129)
وبالإضافة إلى ذلك فإن ما كتبه الزميل السابق كان مركزاً على ملاحظاتي النقدية للاستشراق فقط، ولكنه فشل في ملاحظة نقدي للدراسات العربية والإسلامية في الكتاب. وثمة تناول أكثر حيدة لما كتبته في رسالة دكتوراه قدمت لجامعة بون عام 1990م أعدها رودلف بالرغم من أنه فشل في فهم مكانة الاستشراق ضمن النقاش المعاصر في العالم العربي(1).
__________
(1) Rudolph, Westliche. Muslimicher Kritik , Islam wissenschaft in Speigal, Berlin 1991.(1/130)
إن الأعمال التي تم اختيار ها هنا كانت بلا ترتيب، ولا يمكن أن يقال بأنها تمثل كل وجهات النظر حول الاستشراق في المملكة العربية السعودية. وقد كتب باحث سعودي قائلاً: "إنه من المستحيل على الجهد البشري حصر، بله دراسة كل الكتب والمقالات التي كتبت لنقد جانب أو آخر في إنتاج المستشرقين"(1). لقد كتب الدكتور النملة هذه الملاحظة ضمن المناظرة التي نشرتها جريدة الشرق الأوسط السعودية التي تتمتع بتوزيع واسع في المملكة العربية السعودية وشمال أفريقيا ومصر تحت عنوان "قضية الاستشراق"؛ حيث قدمت الصحيفة خمسة أسئلة لعلماء من مختلف التخصصات والقدرات والجنسيات، وهذه الأسئلة هي: (1) هل الاستشراق نعمة أم نقمة؟ (2)كيف نفرق بين الاستشراق الإيجابي الذي يتوخى الحقيقة والاستشراق السلبي الذي يتلاعب بالحق؟ (3) لماذا لا يتصل الحوار بين المستشرقين والمسلمين؟ (4) هل يمكن أن نستفيد من الاستشراق ولاسيما الإيجابي منه؟(5) ما الذي يمكن عمله إزاء التراكم الكمي الهائل عبر القرون لأخطاء الاستشراق ومغالطات المستشرقين ؟(2) وقدمت الأسئلة إلى ستة عشر عالماً؛ ثمانية منهم سعوديون، وسبعة منهم يتسنمون مناصب جامعية، بينما يعمل الأخير رئيساً للنادي الأدبي في الرياض. وحيث إن هذا البحث يتعلق بالاهتمام بالاستشراق في السعودية في الوقت الحاضر فسوف أقتصر على اختيار الآراء الممثلة للأشخاص الثمانية الذين عبروا عن آرائهم حول هذه القضية.
__________
(1) علي إبراهيم النملة، "قضية الاستشراق في مناظرة الشرق الأوسط، الشرق الأوسط، عدد، 4626، 29/7/ 1991.
(2) الشرق الأوسط، عدد 4626، 27/7/1991م ص، 22.(1/131)
يقول عبد الله بن إدريس رئيس النادي الأدبي في الرياض: "يكون الاستشراق نعمة إذا كان مدعماً بالحيادية التامة، والنظرة الشمولية المعمقة، والإنصاف، ونشدان الحق والحقيقة، دون أن يكون مصحوباً بالبواعث النفسية والاحتقانات التاريخية والتضادات الدينية والاستعمارية أو نبرات الاستعلاء والاستكبار أو تمهيداً لبسط النفوذ والهيمنة. ويكون الاستشراق نقمة إذا جاء عكس ذلك"(1). ومع ذلك فإن آراء العلماء السعوديين الآخرين اختلفت اختلافاً واسعاً بخصوص هذه النقطة، فقد مال كل من محمد الربيع- العميد السابق لمركز البحوث بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية - ومصطفى عبد الواحد من جامعة أم القرى بمكة المكرمة لرؤية الاستشراق على أنه "في جوهره حركة استعمارية" كان نعمة على الغرب حيث مهد للغرب الطريق سياسياً للسيطرة على الأمم الأخرى، وبالتالي الاستشراق نعمة على هذه الدول. ومع ذلك فقد أكدا أنه من الصعب إعطاء حكم عام على حركة الاستشراق بعامة دون الإشارة إلى جوانبها الإيجابية بما في ذلك الجهود التي بذلها المستشرقون الذين كرسوا كثيراً من وقتهم وطاقتهم ليقدموا لنا تلك الروائع من تراثنا وفقاً لمنهج جديد في نقد النصوص. وثانياً إن ريادتهم لنظام جديد في تطبيق منهجية علمية حازمة في بحوثهم قد أثْرَت بالفعل طريقتنا في البحث وبالتالي استمالت بالفعل علماءنا ليواجهوا التحديات في العالم الجديد المتغير.(2)
__________
(1) عبد الله بن إدريس، " مناظرة الشرق الأوسط حول الاستشراق"، الشرق الأوسط عدد، 4625، 28/7/1991م.
(2) محمد عبد الرحمن الربيّع ومصطفى عبد الواحد، المرجع نفسه، عدد 4633، 5/8/1991م.(1/132)
وفي الحقيقة فإن معظم العلماء السعوديين الذين شاركوا في النقاش مع أنهم مقتنعون بعيوب دراسة الإسلام كما طورت في أوروبا خلال القرن الماضي إلاّ أنهم مستعدون للاعتراف بالجوانب الإيجابية للاستشراق شريطة أن يلتزم المستشرقون بدرجة معينة من الموضوعية في بحوثهم. ومع ذلك فإن شكوكهم العميقة لم تبدد تماماً حيث إن معظمهم مازال يعتقد بأن المستشرقين مقيدون بميراث من تعصبات القرون الوسطى التي تظهر في معظم أعمالهم التي تتناول العرب كأمة بصفة عامة والإسلام كدين بصفة خاصة. وتظهر الشكوك في خمس مقالات كتبها محمد أحمد مشهور الحداد ونشرت في صحيفة أخبار العالم الإسلامي عام 1988م.(1)
__________
(1) محمد أحمد مشهور حداد، " الاستشراق" في أخبار العالم الإسلامي، مكة المكرمة، الأعداد، 1071-1075.(1/133)
وكتب الدكتور علي شلش ملخصاً النقاش الذي استمر عشر حلقات في "الشرق الأوسط" وبدأ بسرد مفصل لتاريخ الاستشراق معيداً إياه إلى أيام الإمبراطوريتين اليونانية والفارسية واستمر تطوره إلى يومنا هذا وقال:" ومع أن مناظرة " الشرق الأوسط" جاءت من طرف واحد هو طرفنا، ولم تتح للمستشرقين المناقشة والرد، ففيهم من يهتم بها وينتفع بما طرح فيها. الجديد في هذه المناظرة أن المساهمين فيها اعترفوا بما للمستشرقين من فضل على الدراسات الإسلامية الحديثة، ولا سيما في مجالات نشر التراث وتصنيفه وفهرسته ومناهج دراسته (1). وبعد أن كرر شلش سلسلة الانتقادات التي عادة ما يقرأها الإنسان في هذه النقاشات حول المستشرقين انتقد الدكتور شلش المشاركين في النقاش بهذه الطريقة:" وبالرغم من تشوهات الصورة التي رسمها بعض المستشرقين للإسلام والمسلمين فقد أوضح المتناظرون وبينوا مواطن الخلل فيها، بل تمسك أحدهم بأن المستشرقين الذين قاموا بتشويه صورة الإسلام لم يضللونا نحن المسلمين بتلك الصورة المشوهة وإنما يضللون أنفسهم وأقوامهم، ومع ذلك تبقى الحقيقة أن الاستشراق كفرع معرفي يمارس أساساً على المستوى الأكاديمي يجب ألاّ يحكم عليه وفقاً لطريقة تفكيرنا، وكل ما نرجوه هو أن نضع المستشرقين في إطار الثقافة التي تشربوها والعلوم والمناهج التي تربوا عليها، والعقيدة الدينية التي يعتنقونها، والولاء الوطني الذي يناديهم كمواطنين قبل أن يكونوا علماء. وبعد هذا كله علينا أن نصلح ما أفسدوه بأيدينا ، فهم ليسوا مسلمين ولا يهمنا أن يكونوا معنا، أو علينا، وإنما يهمنا - أولاً وأخيراً- أن يكونوا موضوعيين- وفيهم الموضوعيون بالفعل- وأن نساعدهم على هذه الموضوعية"(2).
__________
(1) علي شلش، "تعقيب على قضية الاستشراق"، الشرق الأوسط، عدد 4636في 8/8/1991/
(2) المرجع نفسه.(1/134)
ونظراً لمحدودية الوقت المخصص لهذه المحاضرة فإنني مضطر لممارسة "عملية الحذف" كما يقول إدوارد سعيد، وذلك بحذف كمية كبيرة من المادة التي استطعت جمعها في السنوات القليلة الماضية من عملي في المملكة العربية السعودية، وسأقول أولاً كلمات حول دور المقالات الصحافية في النقاش السعودي للاستشراق وفي النهاية حول تأثير أشرطة الكاسيت.
إن ظاهرة المقالات في الصحافة والدوريات السعودية قد حققت تغييراً ضخماً في اتجاه طريقة النظرة إلى الاستشراق وتحليله. ومن المؤكد أن معظم الكتاب المذكورين هنا علماء ذوو ثقافة عالية وصحافيون محترفون يكتبون إمّا من باريس أو نيويورك أو لندن أو جدة أو الرياض، وكثير منهم من جنسيات مختلفة بما فيهم السعوديون، ومعتقدات متعددة يقدمون إسهامات يومية أو أسبوعية بمراجعة الكتب للمستشرقين أو يكتبون مقالات مستقلة مخصصة لموضوع أو عدة موضوعات محددة. وهكذا ففي عدد واحد اخترته بطريقة عفوية من جريدة "الحياة" التي تصدر في لندن ظهرت ثلاث مراجعات لها تأثير كبير في الاستشراق. وكان الأول مراجعة لكتاب سبق ذكره لأحمد غراب هو "رؤية إسلامية للاستشراق"، وكتب العرض سيد حسان من جدة، والثانية مراجعة لكتاب يوجين يونج "اليقظة العربية الإسلامية"، وكتبه مازن بلال، وجاءت الثالثة بقلم عمّار الجندي من لندن الذي حلل رسالة دكتوراه حديثة قدمت لجامعة وارويك Warwick أعدها جون دكسون John Dickson عنوانها "مصر في كتب الرحالة الإنجليز والفرنسيين بين عام 1789و1882"، وكان العرض بعنوان :تمازج الشرق والغرب: هل أخطأ إدوارد سعيد في معالجة كتب الرحالة الإنجليز والفرنسيين؟". وقد بدأ الكاتب عرضه بتقويم لكتاب إدوارد سعيد "الاستشراق" بالعبارات التالية: "لقد هز ظهور كتاب إدوارد سعيد "الاستشراق" في السبعينيات الأكاديميين الغربيين لدرجة أن القيود المفروضة على مجال أكاديمي قديم كان حتى ذلك الوقت غامضاً أو مشوشاً، وكان إلى(1/135)
درجة كبيرة خاضعاً للنسيان وكان بالتالي محدداً (أي معلوم التعريف، ولكن لم يتم احتواؤه)(1). واستمر الكاتب يقدم للقارئ عرضاً مشوباً بالإعجاب للموضوعات والأفكار التي عالجها دكسون دون إغفال أو إضافة تأييده أو رفضه لردود فعل المؤلف حول بعض النقاط التي تناولها سعيد. ووفقاً للكاتب فإن دكسون قد أساء فهم العلاقة المعقدة بين مسألتي الرحالة من جهة والفرع المعرفي للاستشراق من جهة أخرى الذي خصص له سعيد جزءاً كبيراً في كتابه. إن اتهام دكسون بأن سعيد قدّم تعميمات غير مقبولة وأحكاماً جزافية كان بالنسبة لكاتب العرض تكراراً للاتهامات القديمة التي شنها سابقاً جابرائيلي Gabrieli في كتابه "اعتذار للاستشراق" وصادق جلال العظم في مقالته "الاستشراق معكوساً" وكذلك من قبل آخرين (2).
__________
(1) عمّار الجندي، "مصر في كتب الرحّالة الإنجليز والفرنسيين"، الحياة، عدد، 10612، 27/2/1992م، ص 19.
(2) المرجع نفسه.(1/136)
إن معظم الموضوعات التي تناولها كتّاب الأعمدة والمقالات موضوعات ذات طبيعة معاصرة، وأهم هذه الموضوعات استمرار سوء تمثيل الإسلام كدين في الإعلام الغربي من قبل مستشرقين بسبب أن هؤلاء المستشرقين يقومون حقيقة بدور حاسم في استمرار هذا التشويه؛ لأنهم يحتكرون المعلومات عن الإسلام؛ حيث إن وسائل الإعلام لا تحصل على المعلومات إلاّ عن طريقهم. وقد كتب مازن مطبقاني الذي درس في الجامعات الأمريكية مقالة في صحيفة"المسلمون" بعنوان "لماذا يخوفون الغرب بالإسلام" (1)، جاء فيها قوله: "نشر القس مارستون سبايت Rev. Marston Speight من معهد هارتفورد اللاهوتي مقالة بعنوان "هل يصبح الإسلام الشبح الجديد؟". وفي هذا المقال يتعجب سبايت فيما إذا كان انهيار الشيوعية في الاتحاد السوفيتي (السابق) سيدعو أولئك الأمريكيين الذين عادة ما يسهبون في الحديث عن الخطر المفترض من الشيوعية إلى إبدال الإسلام بالشيوعية كشبح مخيف لأمريكا والعالم بتقديمه كذلك. ويؤكد كاتب المقال ( المطبقاني) بأن مثل هذا الخوف يمكن تبريره عند قراءة مقالة نشرها شارلز كروتهامر Charles Kruthammer في صحيفة أمريكية بعنوان "الإسلام يشن حرباً عالمية" يصف فيها المسلمين في مطالبتهم بالاستقلال السياسي عن الاتحاد السوفيتي سابقاً بأنها حركة مثيرة بقدر إثارة الاتحاد السوفيتي نفسه، ويطلق كروتهامر على هذه المطالبات بأنها "انتفاضة كونية"، ويرى أن ما يجعل هذه الحركة مخيفة أن قوة الإسلام استبدادية وغير متسامحة. وينهي المطبقاني مقالته بقوله "وبعد أيام من اطلاعي على مقالة كروتهامر علمت أن الأستاذ الجامعي البروفيسور برنارد لويس قد قدّم محاضرة في مكتبة الكونجرس الأمريكي حول عداوة المسلمين (المزعومة) لأمريكا. وأعاد المحاضر قراءة محاضرته في معهد هوفر ومرة أخرى في جامعة
__________
(1) مازن مطبقاني، "لماذا يخوفون الغرب بالإسلام؟"، المسلمون، عدد 307، في 4/5 /1411هـ 21/12/1990.(1/137)
ستانفورد. وأخيرا ًنشر المحاضرة نفسها بعنوان جذور الغيظ الإسلامي"(1).
وقد كتب مازن مطبقاني أيضاً بحثاً ممتازاً حول الأدب العربي الحديث في كتابات المستشرقين المعاصرين الذي كان في الأصل محاضرة ألقاها في نادي جيزان الأدبي (جنوب المملكة العربية السعودية) عام 1418هـ/ 1998م، حيث أحصى كل الكتابات الأدبية في اللغة العربية، سواء كانت بأقلام أدباء أو أديبات، التي اهتمت بها الدوائر الفكرية الغربية لسبب أو لآخر، وركز المطبقاني اهتمامه على الروائي المصري الحائز على جائزة نوبل نجيب محفوظ الذي فاز بالجائزة بسبب روايته (أولاد حارتنا)، وبدلاً من أن يقدم مطبقاني حكمه على العمل استشهد بمعاصره أحمد أبو زيد الذي كتب يقول:
"لا غرابة أيضاً أن يهتم بها [أولاد حارتنا] دارسو الأدب العربي من الأجانب والمستشرقين اهتماماً خاصاًَ ويفردون لها جانباً بارزاً من دراساتهم عن نجيب محفوظ؛ فقد وجدوا فيه ضالتهم وأدركوا أنها قصة تحطم كل ما هو مقدس من الأديان والرسل والكتب والغيبيات"(2). وأدى هذا التأثر إلى أن امتلأت قصص نجيب محفوظ ورواياته بالدعوة إلى القيم الهابطة والفساد، ومن ذلك الدعوة إلى اللهو والطرب والسخرية من الحياء، وزعمه أن الحياء موضة قديمة، واحتفاؤه بالمومسات، والتعدي الصارخ على الدين.
__________
(1) -Bernard Lewis ,"The roots of Muslim Rage", in The Atlantic Monthly. September 1992.
(2) أحمد أبو زيد، الهجوم على الإسلام في الروايات الأدبية، (مكة المكرمة: رابطة العالم الإسلامي، 1405هـ)، سلسلة كتاب دعوة الحق، عدد 145، محرم 1415، ص 71(1/138)
ويلخص أحمد أبو زيد ذلك في قوله: "ومعنى هذا فساد الوجهة في مخطط نجيب محفوظ القصصي كله الذي يروج فيه الشك والسخرية والاستهانة بالقيم والاستهزاء بالمقدسات، وليست إذن رواية (أولاد حارتنا) هي وحدها الحاملة للسم، ولكن الكاتب نفسه الذي يتخفى وراء مظهر أنيق وعبارات صحفية مرتبة وكلمات براقة هو في داخل قصصه نتن عجيب وقذارة وفساد يجب أن يعرفه كل من يسأل عنه."(1)
ولكن بالنسبة للمطبقاني تنبع شهرة محفوظ في الغرب ليس من الحقيقة أن رواياته تدعو إلى الانحلال والتفسخ، ولكن فوق كل ذلك إلى تشويه المجتمع المصري بخاصة والمجتمع العربي بعامة. ولتوضيح رأيه يستشهد الكاتب بالباحث الأمريكي صالح جواد الطعمة الذي عبر عنه في بحثه الموسوم: "استقبال نجيب محفوظ في المطبوعات الأمريكية" بأنه على الرغم من أن القليل جداً من الروائيين العرب من تبنّى القيم والأخلاق الغربية فإن الأدب العربي قد همش إلى حد كبير، وبالرغم من المطبوعات المخصصة لدراسة الأدب العربي باللغة الإنجليزية مثل (فصلية الدراسات العربية Arab Studies Quarterly) و(المختار من الدراسات العربية Digest of Middle East Studies). وبالإضافة إلى ذلك يؤكد المطبقاني أن الاهتمام الغربي بالكاتبة البنغلادشية تسليمة نسرين وكوليت خوري ونوال السعداوي وفاطمة مرنيسي والبقية ليس بسبب روعة أساليبهن الأدبية أو إخلاصهن لقضية تحرير المرأة، ولكن لأنهن يعكسن القيم والأخلاق الغربية الداعية للانحلال والفساد في بلادهم.
__________
(1) المرجع نفسه، ص 90.كانت روايات نجيب محفوظ تتسلل إلى المملكة منذ أكثر من ثلاثين سنة، وقد أتيح لي قراءة بعضها -وكنت حينها في المرحلة المتوسطة- وبخاصة الثلاثية، وخان الخليلي وغيرهما وما زلت أذكر أنها تركز على الغريزة الجنسية والمتع الحسية والسخرية دائماً بالمتدينين، وبخاصة في المواجهة مع حكومة الثورة أيام عبد الناصر.(1/139)
وقد نشر المطبقاني قبل تسع سنوات(1989م) كتابه (المغرب العربي بين الاستعمار والاستشراق)، وهو موضوع لم يسبق أن درسه أحد في المملكة العربية السعودية، وأصبح فيما بعد الموضوع الأساس في كتابه حول العالم الجزائري عبد الحميد بن باديس ودوره ضد الاحتلال الفرنسي.
وتناول المطبقاني في رسالته للدكتوراه(1) المستشرق برنارد لويس كمستشرق بريطاني أمريكي كان لكتاباته تأثير كبير في طلابه العرب وعلى الإعلام الأمريكي والبريطاني وكذلك في السياسيين. لقد أشار مطبقاني إلى أن انتماء لويس للصهيونية وتحريف كل ما هو إسلامي يمكن أن يكتشفه الإنسان في معظم إن لم يكن كل كتاباته وبالطريقة نفسها التي يبرر بها كل تصرفات إسرائيل وفي الوقت نفسه يحذر أمريكا والغرب من الخطر الذي يمثله الإسلام للحضارة الغربية.
__________
(1) الاستشراق والاتجاهات الفكرية في التاريخ الإسلامي: دراسة تطبيقية على كتابات برنارد لويس، (الرياض: مكتبة الملك فهد الوطنية، 1995م).(1/140)
ومن نفس المنطلق نجد عاصم حمدان - خريج جامعة مانشستر- الذي يكتب بصفة مستمرة في جريدة "المدينة المنورة"، كتب نقداً عنيفاً ضد الصحافي البريطاني روبرت كيلوري سيلك Robert Kilory Silk من جريدة التايمز اللندنية؛ حيث ظهرت مقالة سيلك في 13فبراير 1989م بعنوان "العقل الدولي سيادتنا"؛ مما دفع عاصم حمدان لكتابة ثلاثة مقالات قوية، لكنها كشفت عن فهم عميق ورائع للفكر الغربي. ففي المقالة الأولى ناقش حمدان ضمن موضوعات أخرى قائلاً: "إنّ المتتبع للحركة الثقافية والعلمية في الغرب يجد أن هذا الموقف المضاد للإسلام والمسلمين إنما مرده لنوعية الثقافة التي يتلقاها الفرد الأوروبي من هذه المصادر الثقافية والوسائل الإعلامية التي لا تترك مناسبة سانحة إلاّ وتوجه من خلالها العديد من الاتهامات للدين الإسلامي، ولكن دون دليل يثبت ما تذهب إليه من تهم أو تبحث من قضايا، إنما هو الحقد المتأصل، والمواقف المتوارثة عن المؤسسات الاستشراقية المتعصبة. وما الذي جعل روبرت سيلك في أثناء مناقشته للأمور التي سيواجهها العالم بعد انهيار الشيوعية يذم الإسلام والمسلمين على أنهم أعظم دعاة لأعظم الشرور التي شاهدها العالم. ويميز الكاتب بين ثلاثة أسباب مسؤولة عن هذه الهجمة الثقافية الشرسة، وهي: "الجهل بطبيعة الدين الإسلامي، والخلفية العنصرية، والأعمال الصهيونية الناجحة وبخاصة من كتّاب يهود تفسح لهم الصحافة الغربية صفحاتها والتي تنسف كل المحاولات الجادة التي يبذلها المسلمون لشرح مواقفهم الحقيقية للمجتمعات المسيحية الغربية"(1). وخصّصت المقالة الثانية للكاتب برنارد لويس على أنه واحد من المنشغلين بتوسيع الفجوة بين المسلمين والغرب.(2)
__________
(1) عاصم حمدان، "الإسلام في الكتابات الغربية الحديثة1"، المدينة المنورة، 11/1/1990 و18/1/1990.
(2) المرجع نفسه.(1/141)
ويشرح كاتب آخر من منظور مختلف كلياً موقف العداء الغربي ضد الإسلام بلفت الانتباه إلى الحقيقة التي مفادها أنه في الأشهر الستة الأولى من عام 1991م، ظهر ما لا يقل عن واحد وثمانين وأربعمئة كتاب في اللغة الإنجليزية وحدها، وأكثر من أربعمئة كتاب في الفرنسية، حول الإسلام وجوانبه المختلفة التي يكفي الملاحظ الأهمية الفريدة بالنسبة للعقل الغربي لفهم الإسلام. ولا يمكن أن يقال: إن هذا من معظم الكتب التي قرأها، ولكن الدافع لكثرة هذه الكتب في نظر الكاتب ليس هدفه فهم الإسلام، "وإنما من الخوف والتوتر والقلق من عدو غامض جديد، فالعلمانيون الغربيون يبدون أنهم الأوغاد الذين يديرون حملة العداء؛ لأن الإسلام يدعو إلى المبادئ الأخلاقية التي تدعو لها النصرانية والتي رفضت منذ زمن بعيد في الغرب"(1).
__________
(1) أمير طاهري، "الكتب الجديدة والعلاقة بين الغرب والإسلام"، الشرق الأوسط، عدد 4521، 15/4/1991م.(1/142)
كما تنعكس جدلية الاستشراق أيضاً في محاضرات تنتشر عن طريق أشرطة الكاسيت ومعظم المتحدثين يسهب في الحديث عن نماذج معروفة سابقاً، وإن الشريط الذي اخترته للنقاش ليس استثناء، ولكنه يصور الاستشراق وفقاً لرؤية جديدة؛ فقد اشتكى الدكتور أكرم ضياء العمري أستاذ التاريخ الإسلامي بالجامعة الإسلامية في محاضرة عامة عام 1986م من سلبية المستشرقين البارزة في دراساتهم لأي أمر يتعلق بالإسلام بالعكس من دراساتهم لأي دين أو معتقد آخر، سواء كان ديناً توحيدياً أو غير ذلك. ومما أزعج العمري كثيراً أن كثيراً من كتابات المستشرقين قد تترجم وتُتَبنّى آراؤهم من قِبل علماء عرب ومسلمين في الماضي والحاضر في أنحاء العالم الإسلامي، وقد حان الوقت أن يبذل العلماء المسلمون جهوداً كبيرة لتحدي سيطرة الهجمة الفكرية الغربية. وقال العمري في ختام محاضرته: إن الاستشراق حركة أكاديمية وقد حققت معظم أهدافها، وإن لم تحقق جميع أهدافها بعد. ويستمر الاستشراق كحركة أكاديمية أساساً موجهة نحو الغرب، وسوف يستمر المستشرقون في الكتابة عنّا في دورياتهم التي بلغت ثلاثمئة دورية محللين أوضاعنا وبالتالي الحكم علينا وتمثيلنا، بدلاً من أن نقوم نحن بتمثيل أنفسنا أمام أنفسنا، وهذا بالفعل واجبنا نحن وليس واجبهم. وإنها بالتالي مسؤولية مؤسساتنا الأكاديمية لممارسة دورها الريادي لتمثيلنا كما نحن للآخرين، وليس ثمة حاجة لمفهوم المستشرقين نحونا (1).
__________
(1) أكرم ضياء العمري، " الاستشراق هل استنفذ أغراضه؟"، مرجع سابق.(1/143)
وفي الختام أود أن أقتبس بعض الملاحظات التي أدلى بها إليّ شخصياً كاتب صحافي من المملكة العربية السعودية يكتب أساساً حول الاستشراق: "ليس خطؤنا أن نكون حريصين على إثبات تفوقنا وأننا عدائيون نحو الاستشراق كفرع أكاديمي، لأننا كتلاميذ سابقين له تعلمنا من المستشرقين أنفسهم ومن خلال كتاباتهم وتدريسهم أن نكون موضوعيين. يجب أن نوجه اللوم إليهم لموقفنا العدائي نحوهم، وهو عداؤهم نحونا، وفوق ذلك المعاملة الشخصية غير العادلة التي عومل بها بعضنا من قبل أحد الأساتذة أو أكثر".
وعلي أي حال فإن عمل المستشرقين وإنجازاتهم قد نوقشت وأنكرت، وحتى إن هذا العمل يثير شعوراً بالتضارب والتناقض المستمر في كل مطبوعة تقريباً. يعترف كل كاتب بطريقته أن المستشرقين قد قدموا إسهامات قيمة لمعرفة الإسلام ككل والتراث العربي بصفة خاصة، ومع ذلك فإن إدراك مصداقية أو عدم مصداقية النقد المتداول في السعودية حالياً والعالم العربي لا يبرر في النهاية إلغاءه كلياً في مواجهة الاتصالات المتنامية، والعلاقات المتبادلة في العالم الحديث. وسواء وافقنا أو لم نوافق مع هؤلاء الكتاب فثمة أسباب جيدة للاعتقاد أن الاستشراق كما هو الآن ليس جامداً كما يعتقد بعض منتقديه، ولا أحد يعترض أن الوقت مناسب الآن للتغيير.
إن اعتراضهم الأساس مركّز على نقص الموضوعية لدى المستشرقين، وسواء كان هذا الاعتراض له ما يبرره أم لا فذلك خارج تماماً عن نطاق هذه المحاضرة ويستحق دراسة منفصلة موسعة.
* * *
الملحق الثالث :
قائمة البحوث في كتاب
مناهج المستشرقين في الدراسات العربية الإسلامية(1/144)
الجزء الأول(1)
الفصل الأول: القرآن الكريم
…القرآن الكريم والمستشرقون: دكتور التهامي نقرة.
الفصل الثاني: السنة النبوية وروايتها
…المستشرق شاخت والسنة النبوية: دكتور محمد مصطفى الأعظمي.
الفصل الثالث: السيرة النبوية
…المستشرقون والسيرة النبوية: بحث مقارن في منهج المستشرق البريطاني المعاصر مونتغمري وات، دكتور عماد الدين خليل.
الفصل الرابع: العقيدة الإسلامية
…منهج مونتغمري واط في دراسة نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - ، دكتور جعفر شيخ إدريس.
الفصل الخامس: القانون والشريعة
…النظام القانوني الإسلامي في الدراسات الاستشراقية المعاصرة: دراسة لمنهج نويل ج. كولسون، دكتور محمد سليم العوا.
الفصل السادس: الفلسفة
…الرؤية الاستشراقية في الفلسفة الإسلامية: طبيعتها ومكوناتها الأيدلوجية والمنهجية، دكتور محمد عابد الجابري.
الفصل السابع: التاريخ
…منهجية الاستشراق في دراسة التاريخ الإسلامي، دكتور محمد بن عبود.
الفصل الثامن: اللغة والأدب
…موقف مرجليوث من الشعر العربي، دكتور محمد مصطفى هدّارة.
الجزء الثاني
الفصل التاسع: العلوم
…آراء بعض المستشرقين حول التراث العلمي العربي والرد عليها، دكتور محمد السويسي.
الفصل العاشر: الجغرافيا
…المستشرقون والجغرافيا العربية، الأستاذ صلاح الدين عثمان هاشم.
الفصل الحادي عشر: النظام السياسي.
…بحث في النظام السياسي الإسلامي رداً على المستشرق الإنجليزي "آرنولد"، دكتور محمد طه بدوي.
الفصل الثاني عشر: الحياة الاجتماعية
…الحياة الاجتماعية الإسلامية كما صورها المستشرقون، دكتور عبد الوهاب بوحديبة.
__________
(1) أضفت قائمة المحتويات لهذا الكتاب ولكتاب "الإسلام والمستشرقون" بناء على اقتراح أحد الفاحصين، ومن الطريف أن الكتابين صدرا في عام واحد؛ أحدهما عن مكتب التربية العربي لدول الخليج في الرياض، والثاني عن عالم المعرفة، وهي دار نشر في جدة صاحبها الشيخ السيد محسن أحمد باروم.(1/145)
الفصل الثالث عشر: الفن الإسلامي
…مناهج المستشرقين في دراسة الفنون الإسلامية، دكتور عبد العزيز الدولاتلي.
الفصل الرابع عشر: الاقتصاد والمعاملات البنكية
…الزكاة عند شاخت والقراض عند يودوفيتش، دكتور محمد أنس الزرقا.
الفصل الخامس عشر: الحضارة العربية في الأندلس
…مواقف المستشرقين من الحضارة الإسلامية في الأندلس، دكتور مصطفى الشكعة.
* * *
الملحق الرابع:
فهرس محتويات كتاب "الإسلام والمستشرقون"
تأليف نخبة من العلماء المسلمين
القسم الأول: دراسات عامة كاشفة
…الإسلام والمستشرقون لماذا؟ الأستاذ سعيد الأعظمي.
…الإسلاميات بين المستشرقين والباحثين المسلمين، سماحة الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي.
…الإسلام والاستشراق، دكتور محمود حمدي زقزوق.
…عهود متعددة لأفكار المستشرقين ونظرياتهم، الأستاذ خليق أحمد نظامي.
…الاستشراق في نطاق العلم وفي نطاق السياسة، دكتور عمر فروخ.
…الأسس الأولية لدراسات المستشرقين والدور الذي قامت به "دار المصنّفين"، السيد صباح الدين عبد الرحمن.
…نظرة خاطفة على موضوع الإسلام والمستشرقين، الشيخ أبو الليث الندوي الإصلاحي.
…المستشرقون بين الإنصاف والعصبية، دكتور محمد علوي المالكي الحسني.
القسم الثاني: دراسات متخصصة تتناول مختلف جوانب الثقافة الإسلامية
…المستشرقون والإسلام، الأستاذ أنور الجندي.
…المستشرقون والقرآن الكريم، الأستاذ أنور الجندي.
…المستشرقون والسنّة، الأستاذ أنور الجندي
…المستشرقون والسيرة النبوية، الأستاذ أنور الجندي.
…المستشرقون والتاريخ، الأستاذ أنور الجندي.
…المستشرقون والسيرة النبوية، الدكتور عماد الدين خليل.
…المستشرقون والتاريخ، عبد العظيم الديب.
…الإسلام انتشر بالسلم لا بالسيف، الدكتور محمود محمد الطنطاوي.
…نبي الإسلام في مرآة بعض المستشرقين المنصفين، الدكتور عبد الله مبشر الطرازي.
…السنّة مع المستشرقين والمستغربين، الدكتور تقي الدين الندوي.(1/146)
…المستشرقون والقرآن الكريم، السيد محمد صدر الحسن الندوي.
…المستشرقون والسنّة النبوية، السيد محمد صدر الحسن الندوي.
…هذا هو الاستشراق فما هي عدتنا نحوه، الأستاذ سعيد الأعظمي.
* * *
-
فهرس المحتويات - -
- العنوان
- الصفحة - -
- تقديم لمعالي مدير الجامعة .................................... - 5 - -
- المقدمة ...................................................... - 7-12 - -
ڑالفصل الأول: موقف المملكة من الغزو الفكري وصلة الاستشراق به ...........................ڑ13-21 - -
ڑ- الجامعات السعودية ومواجهة الغزو الفكري................. ڑ14-15 - -
ڑ- الاستشراق من معاول الغزو الفكري........................ - 16-21 - -
ڑالفصل الثاني: جهود جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في دراسة الاستشراق ..............…...ڑ22-49 - -
ڑ- وحدة الدراسات الاستشراقية ............................ . ڑ22-27 - -
ڑ- مؤلفات صدرت عن الوحدة ...............................ڑ27-32 - -
ڑ- قسم الاستشراق بكلية الدعوة بالمدينة المنورة….............ڑ32-39 - -
ڑ- الأساتذة والأساتذة الزائرون...............................ڑ39-40 - -
ڑ- الرسائل العلمية والمكتبة والنشر............................ڑ41-43 - -
ڑ- الرحلات العلمية والابتعاث................................ڑ44-45 - -
ڑ- المؤتمرات والندوات........................................ڑ46-48 - -
ڑ- مركز الدراسات الحضارية والاستشراقية....................ڑ48-49 - -
ڑالفصل الثالث: مواجهة الاستشراق في المملكة من قبل الجامعات والمؤسسات والهيئات التعليمية والدعوية والثقافية في عهد خادم الحرمين الشريفين.............................ڑ50-120 - -
ڑ- مؤلفات حول الاستشراق.................................ڑ56-68 - -
ڑ- الاستشراق والإعلام......................................ڑ68-89 - -(1/147)
ڑ- الصحافة.....................................ڑ68- 85 - -
ڑ- أعداد متخصصة من مجلات سعودية..........ڑ85-87 - -
ڑ- الإذاعة والتلفاز..............................ڑ87-89 - -
ڑ- الأندية الأدبية.............................................ڑ89-91 - -
ڑ- مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة والفنون.................ڑ92-93 - -
ڑ- مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية..........ڑ93-101 - -
ڑ- مكتبة الملك عبد العزيز العامة بالرياض....................ڑ102-108 - -
ڑ- وزارة الشؤون الإسلامية..................................ڑ108-110 - -
ڑ- هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية..............................ڑ111- 112 - -
ڑ- الدورات المتخصصة.......................................ڑ121- 122 - -
ڑ- موقع مركز المدينة المنورة لدراسات وبحوث الاستشراق في الإنترنت.......................................... ڑ123- 127 - -
ڑالخاتمة والتوصيات ........................................... ڑ121- 122 - -
ڑالمراجع ...................................................... ڑ123-127 - -
ڑالملاحق.......................................................ڑ128-160 - -
ڑالملحق الأول: قائمة بالرسائل العلمية التي قدمت في قسم الاستشراق بكلية الدعوة بالمدينة المنورة وفي الجامعات السعودية خلال العشرين سنة الماضية...................................ڑ128-132 - -
ڑالملحق الثاني: ترجمة دراسة بعنوان ( الاهتمام المعاصر بالاستشراق في المملكة العربية السعودية "نشرت باللغة الإنجليزية في مجلة عالم الكتب، العدد مجلة عالم الكتب ، مجلد 14، عدد 4، محرم-صفر 1414هـ، يوليو- أغسطس 1993م الصفحات 422-431 . ترجمتي ......................................ڑ133- 155 - -(1/148)
ڑالملحق الثالث: فهرس محتويات كتاب: مناهج المستشرقين في الدراسات العربية الإسلامية، وكتاب: الإسلام والمستشرقون.ڑ156- 158 - -
ڑالملحق الرابع : فهرس محتويات كتاب الاسلام والمستشرقون .ڑ159-160
-(1/149)