أثر الحلقات القرآنية في
تحقيق الأمن الاجتماعي .
إعداد :
أ.د. علي بن إبراهيم الزهراني .
أستاذ التربية بالجامعة الإسلامية .
1427هـ .
بسم الله الرحمن الرحيم
المبحث الأول : مدخل الدراسة .
المقدمة :
الحمد لله رب العالمين ، اله الأولين والآخرين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .…………أما بعد :
فقد اعتمد منهج التربية القرآنية على مصدر رباني أصيل تمثل في القرآن الكريم المصدر الرئيس الأول للتربية القرآنية، والذي استقى منه المربون عبر القرون المبادئ والقيم والأخلاق التي توجه سلوك النشء، وتوضح المسار الصحيح الذي اختاره الله عزّ وجل لعباده، قال الله تعالى:"إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً كبيراً"(سورة الإسراء- آية 9 ) . يقول ابن القيم :" وليعلم طالب العلم، ودارس القرآن الكريم أنه ليس أنفع له في معاده ومعاشه وحياته الدنيا وأخرته،وأقرب إلى سلامته،ونجاته وسعادته من تدبر القرآن الكريم، وفهمه،وإطالة التأمل فيه،والعمل بمقتضاه "(1) .
__________
(1) ابن القيم، مدارج السالكين، بيروت : دار الفكر، 1402هـ، ج1، ص452 .(1/1)
وعليه فإن القرآن الكريم أعظم منهج تربوي عرفه البشر، وقد طبقّته أمة كانت تعاني من الفرقة والضعف والجهل والتأخر؛ فأصبحت أرقى الأمم وأعلمها وأقواها (1)، كيف لا يكون ذلك وقد نزل القرآن الكريم لهداية الإنسان، وتعليمه، وتنظيم حياته فهو كتاب جاء أساساً للإنسان، ويهدف إلى إصلاحه، حيث اشتمل على وصف أحوال النفس الإنسانية، وأسباب انحرافها ومرضها، وطرق تربيتها وتهذيبها وعلاجها، وكثير من الحقائق عن الإنسان، وحياته النفسية (2) .
يضاف إلى هذا المصدر المبارك مصدر آخر هو السنة النبوية المطهرة، والتي تعد المصدر الثاني للتربية القرآنية تبينه، وتوضحه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه .. الحديث "(3)، وهذا الأثر يعكس أهمية هذين المصدرين في تربية سلوك الفرد، وتقويم أخلاقه، وتزكية نفسه، وقد كانت هذه التربية هي مهمة الرسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إنما بعثت لأتمّم صالح الأخلاق " ((4) .
__________
(1) أحمد عمر، منهج التربية في القرآن والسنة، ط1، دمشق : دار المعرفة، 1416هـ، ص7 .
(2) محمد عثمان نجاتي، منهج التأصيل الإسلامي لعلم النفس، مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، عدد(3)، 1410هـ،ص393 .
(3) أحمد بن حنبل، المسند، د . ط ، القاهرة: مؤسسة قرطبة ،ح (17213)، 4/130 .
(4) المرجع السابق، ح (8939) ، 2/381 .(1/2)
وعليه فإن القرآن الكريم كان النبراس الذي انطلق منه المربون، ومصدر الهداية لكافة جوانب الحياة، والنبع الصافي لتحقيق الخير، ومصدر التلقي الشامل لتوجيه سلوك الإنسان؛ مما جعله أحد وسائل بناء هذه الأمة، والتاريخ يجلي لنا هذه الحقيقة فعندما كانت الأمة مع القرآن، ولم تهجره، أو تتحاكم إلى غيره، عاشت قوية عزيزة، وعندما فرطت واقتصرت على تطبيقه في بعض جوانب الحياة سلّط الله عليها عدوها، ولن ترقى ويرتفع الذل عنها إلّا بهذا الكتاب، ولقد أدرك أعداء الإسلام هذه الحقيقة، يقول ( جلاد ستون) رئيس وزراء بريطانيا " مادام هذا القرآن موجوداً فلن تستطيع أوروبا السيطرة على الشرق الإسلامي، ولا أن تكون هي بنفسها بأمان "(1)، ويقول الدكتور ( واطسون ) أحد قادة التنصير في بلاد المسلمين :" وإننا نرقب سير القرآن في المدارس الإسلامية، ونجد فيه الخطر الداهم، ذلك أن القرآن وتاريخ الإسلام هما الخطران العظيمان اللذان تخشاهما سياسة التبشير " (2) .
__________
(1) محمد أسد، الإسلام على مفترق الطرق، ترجمة: عمر فروخ، بيروت: دار العلم، 1398هـ، ص41 .
(2) أنور الجندي، الخنجر المسموم الذي طعن به المسلمون، القاهرة: دار الاعتصام، د.ت، ص36 .(1/3)
لقد أصلح القرآن الكريم المجتمع الذي نزل فيه وما بعده من المجتمعات المتجددة، والتي أخذت بهديه، واستضاءت بنوره فهو كفيل بأن يصلح المجتمعات المعاصرة، ويعالج القضايا المتجددة؛ لأنه لا يزال وسيظل بحمد الله يحمل كل عناصر النمو والتجدد،والكفيلة بأن تجعله صالحاً للتطبيق في كل مجتمع، وإن اختلفت مقوماته قليلاً أو كثيراً عن مقومات المجتمع الذي نزل فيه القرآن، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلّا بما صلح أولها وسيظل هذا المنهج القرآني على اختلاف الأزمان والأجيال الدواء لكل داء، والحل لكل مشكلة، والعصمة من كل ضلال وذلك بنص حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه:" إني قد تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما : كتاب الله و سنتي و لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض "(1)،(2) .
إن حاجة الأمة اليوم ماسة إلى العناية بالحلقات القرآنية وتفعيل دورها في المجتمع في هذا الوقت أكثر من أي وقت مضى، لا سيما في ظل التحديات المعاصرة حتى تضطلع بمهماتها العظيمة في حفظ هوية الشباب، ودعم أمن المجتمع وسلامته،ووقاية النشء من الزيغ والانحراف،وإرساء القيم التربوية الصالحة ؛ لأنها تستمد رسالتها من رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، قال تعالى :"هو الذي بعث في الأمّيين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين "(سورة الجمعة_ آية 2 ) .
__________
(1) محمد السيد يوسف، منهج القرآن في إصلاح المجتمع، القاهرة: دار السلام، 1422هـ، ص20 .
(2) النيسابوري، المستدرك على الصحيحين،تحقيق: مصطفى عبدالقادر عطا،ط1، بيروت: دار الكتب العلمية،1411هـ،ح(319)، 1/172 .(1/4)
وكانت الحلقات القرآنية المسجدية من أبرز المناشط المؤثرة في تحقيق أمن المجتمع إذ لا تقل أهمية عن الأنشطة العبادية والاجتماعية والتعليمية التي تتم في المسجد الذي ارتبط منذ نشأته الأولى في حياة المسلمين بالتربية والتعليم والإصلاح الاجتماعي، فكل الأعمال المرتبطة بالمسجد تقوي أمن المجتمع، وصلاحه ، وبناء جوانبه على هدي الكتاب والسنة .
وبناءً على ما سبق فإن الباحث قام بتوفيق من الله وفضله في المشاركة في ملتقى الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن والمجتمع الذي نظمته جمعية تحفيظ القرآن الكريم بمنطقة الرياض بالوقوف على أثر الحلقات القرآنية في تحقيق الأمن الاجتماعي، وبيان أثرها في حياة الطلاب الخاصة وسلوكهم العام؛ لأن الإسلام بقيمه الروحية هو العامل الأهم في أية استراتيجية أمنية؛ حيث يمثل الرصيد الروحي المؤثر الذي يحمي قيم الخير والفضيلة والاستقامة، ويحارب ويحرم قيم الشر والرذيلة والانحراف، وكلما ازدادت صلة الفرد بدينه نمت في ضميره إرادة الخير، وبرزت معانٍ إنسانية سامية في نفسه (1)؛ وهذا ما يؤكد أن الحلقات القرآنية تسهم في تكوين نفسية الولد تكويناً سوياً يجعله شخصاً محباً للخير، متعاوناً عليه، محارباً للرذيلة .
ولمّا كانت هذه مكانة القرآن الكريم، ومنزلته العظيمة،و دوره في تحقيق أمن المجتمع؛ فإن جمعيات تحفيظ القرآن الكريم في المملكة قد حملت على عاتقها رسالة عظيمة هي تعليم القرآن الكريم، ونشره بين أبناء المجتمع، وتعليمه وتربية النشء على أخلاقه .
موضوع الدراسة:
__________
(1) محمد فاروق النبهان، الأمن الاجتماعي والمجتمع العربي ، مجلة الأمن، عدد(7)، شوال، 1413هـ، ص19 .(1/5)
إن المؤسسات التربوية المعاصرة التي تتولى تربية النشء على الأخلاق الإسلامية، وحمايته من مظاهر الانحراف السلوكي، وبناء المجتمع على المبادئ الصالحة متعددة، سواءً المؤسسات التربوية الرسمية أو المؤسسات التربوية الخيرية والتي منها الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم التي تسعى إلى العناية بالقرآن الكريم، والعمل على نشره في المجتمع، وتربية النشء على أخلاقه، وغرسه في صدور الجيل المسلم " فهو المقياس الأول والأخير لنجاح الإنسان في هذه الحياة " (1) .
وعليه فإن موضوع هذا البحث ينحصر بالإجابة على السؤال التالي:
* ما أثر الحلقات القرآنية في تحقيق الأمن الاجتماعي ؟
أهمية البحث :
تنبع أهمية هذا البحث من موضوعه حيث يوضح أثر الحلقات القرآنية في تحقيق الأمن الاجتماعي، فعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال :" إن هذا القرآن مأدبة الله، فتعلموا من مأدبته ما استطعتم، إن هذا القرآن هو حبل الله الذي أمر به، وهو النور البيّن، والشفاء النافع، عصمةً لمن اعتصم به، ونجاة لمن تمسك به، لا يَعْوَجُّ فَيُقَوَّم، و لا يزوغ فيستعتب، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق عن كثرة الرّدِ، أتلوه فإن الله عز وجل يأجركم بكل حرف منه عشر حسنات، لم أقل لكم : ألم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف "(2) .
__________
(1) صالح عالم شاه،جمعية تحفيظ القرآن الكريم بمكة المكرمة ومدى تحقيقها لأهدافها التربوية،رسالة ماجستير غير منشورة، أم القرى، 1422هـ ، ص16 .
(2) الطبراني،المعجم الكبير، تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي،ط2، الموصل: مكتبة العلوم والحكم،1983م،ح(8646)،9/130 .(1/6)
إن تعليم القرآن الكريم يحصن الفرد من الانحراف والزيغ والضلال؛ لأنه يعكس المهمة النبوية التربوية كما في قوله تعالى:" هو الذي بعث في الأمّيين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين "(سورة الجمعة_ آية 2 )، والآية تشير إلى أن التعليم في الحلقات القرآنية يحقق المقاصد التربوية التالية :
تلاوة الآيات القرآنية ، وهذه التلاوة تثمر إلى جانب إتقان التلاوة، وتعلم أحكام التجويد الدعامة النفسية والاجتماعية لدى المتعلم في الحلقة القرآنية .
التزكية: وهذا المصطلح من مترادفات التربية، وهما يهدفان إلى إصلاح النفس، وتهذيب الطباع، والارتقاء بالإنسان إلى مدارج الكمال .
والمقصد الثالث هو التعليم، والمعنى أن ما يتلقاه المتلّعم في الحلقة القرآنية "سوف يثمر تنوير الذهن، والحصول على العلم والحكمة بما يحتاج إليه من هدايات سواءً في عالم الغيب أو الشهادة "(1) .
وبهذا يمكن أن نلخص أهمية البحث في الأمور التالية :
إبراز أهمية الجمعيات الخيرية، وأثرها التربوي على سلوك النشء من خلال إنشاء الحلقات القرآنية في أنحاء المملكة وضرورة رعايتها ودعمها مادياً ومعنويا .
بيان أثر الحلقات القرآنية في تحقيق الأمن الاجتماعي بمفهومه الشامل، حيث أن تحقيق أمن المجتمع لا يتم إلّا إذا تحقق الأمن داخل الإنسان نفسه، وهذا لن يتحقق إلّا بالتربية القرآنية؛ ،قال تعالى:" الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب * الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب " ( سورة الرعد_ 28- 29 ) .
أهداف البحث:
يهدف هذا البحث إلى التعرف على ما يلي :
فضل تعليم وتعلم القرآن الكريم في الحلقات القرآنية.
حاجة المجتمع إلى الحلقات القرآنية.
__________
(1) الشيخ محمد الغزالي، بحوث ندوة أسس التربية الإسلامية، مكة المكرمة:جامعة أم القرى، 1400هـ ، ص111 .(1/7)
أهمية الحلقات القرآنية في تحقيق الأمن الاجتماعي .
بيان أثر الحلقات القرآنية في تحقيق الأمن الاجتماعي .
كما يهدف البحث أيضا إلى دعوة الجهات المشرفة على الحلقات القرآنية بالسماح لمعلمي الحلقات القرآنية بممارسة التربية، والتوجيه لطلاب الحلقات،وعدم الاقتصار على الحفظ والتلاوة .
منهج البحث:
اتبع الباحث في دراسته المنهج الوصفي التحليلي الذي يقوم على وصف ما هو كائن وتفسيره، والعمل على تحديد العلاقات بين الواقع والمأمول، إلى جانب المقارنة والاستنباط (1)؛ للوصول إلى معرفة أثر الحلقات القرآنية في تحقيق الأمن الاجتماعي .
مصطلحات البحث:
التربية: ما يبذله المربي من جهد في بناء شخصية المتعلم في ضوء المبادئ والأساليب التربوية التي أشار إليها المنهج الإسلامي؛ ليحقق العبودية لله عز وجل، ويعمر الكون بمقتضى الشهادتين .
الحلقة القرآنية : هو المكان الذي يجتمع فيه معلم القرآن مع المتعلمين في بيئة تربوية صالحة؛ لتعلم أحكام التلاوة، وحفظ القرآن ومدارسته، والعمل بأحكامه .
الأمن الاجتماعي: هو حماية طلاب الحلقات القرآنية من الانحرافات السلوكية، وتلبية احتياجاتهم المباحة من خلال البرامج والتوجيهات التربوية؛ليقوم بواجباته الشرعية، ويحقق العبودية لله عزّ وجل، ويعمر الكون بمقتضى الشهادتين .
المبحث الثاني :أهداف الحلقات القرآنية والأمن الاجتماعي .
تسعى الحلقات القرآنية إلى تحقيق الأهداف التالية :
__________
(1) جابر عبد الحميد جابر، وآخر، مناهج البحث في التربية وعلم النفس، دار النهضة العربية، 1978م، ص136.(1/8)
تقوية الصلة بين الطلاب والقرآن الكريم من خلال ترغيبهم في حفظه، وحثهم على إتقان تلاوته، ومعرفة أحكامه، وترتيله، وتدبر معانيه، وبيان أثره على سلوك المتعلم وما يناله من الأجر والثواب الذي لا يقتصر على المتعلم في الحلقة القرآنية فحسب، بل يتعداه إلى كل من كان سبباً في اجتماع التلاميذ في الحلقات القرآنية، وتعليمهم القرآن الكريم، وتربيتهم على أخلاقه وآدابه .
الامتثال والاستجابة لله تبارك وتعالى؛ حيث حثّ في كتابه الكريم على تلاوة القرآن الكريم وترتيله، وتأسياً بالرسول صلى الله عليه وسلم،وعملاً بهديه، قال تعالى:"ورتِّل القرآن ترتيلا " (سورة المزمل - آية 4 )، يقول ابن كثير في معنى الآية :( أي اقرأه على تمهل؛ فإنه يكون عوناً على فهم القرآن وتدبره، وكذلك كان يقرأ صلوات الله وسلامه عليه، قالت عائشة رضي الله عنها: "كان يقرأ السورة فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها ") (1) .
__________
(1) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، تحقيق: عبد العزيز غنيم وآخرون، القاهرة: دار الشعب، (د.ت)، 8/276 .(1/9)
تعويد التلاميذ في الحلقات القرآنية، وتدريبهم على أدب الإنصات والاستماع حال القراءة؛ حتى تصبح له ملكة وعادة يحسن التعامل بها مع الناس بعامة، ويحسن الأخذ بها وتطبيقها عند سماع القرآن الكريم الذي يثمر الخشوع القلبي، والطمأنينة النفسية،وهما من أعظم صفات عباد الله الصالحين حيث قال تعالى في وصف حالهم عند سماعهم تلاوة القرآن الكريم: " إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون " ( الأنعام _ آية 2 )، ولما كان الإنصات والاستماع إلى كلام رب العالمين ذا أثر بيّن على سلوك المتعلم جاء الأمر من الله تعالى بالاستماع والإنصات حال التلاوة حتى يحصل الخير والرحمة، قال تعالى :" وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون" ( سورة الأعراف – آية 204 )،ويؤكد ما أشرت إليه قول ابن كثير :" ما ذكر تعالى أن القرآن بصائر للناس وهدى ورحمة أمر تعالى بالإنصات عند تلاوته إعظاما له واحتراما لا كما كان يتعمّده كفار قريش المشركون في قولهم { لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه } " (1)، ومع السماع والإنصات والتدبر سوف يتحقق المراد من إقامة هذه الحلقات، ويؤمن التلاميذ بأن هذا القرآن "أعظم المعجزات وأبين الدلالات وأصدق الحجج والبينات فقال { هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون } " (2)، وعليه فإن الطالب الذي يتربى على هذه المعاني الإيمانية، والبصائر التربوية يمتلك مهارة حسن السماع، والتي سوف تجعل منه شخصاً ذا بصيرة في أمره، وقادر على مخاطبة الآخرين، وإقناعهم ومحاورتهم؛ لأن " السمع أبو الملكات اللسانية "(3).
__________
(1) المرجع السابق،3/541 .
(2) المرجع السابق، 3/540 .
(3) ابن خلدون، المقدمة، مكة المكرمة: دار الباز للنشر والتوزيع، 1398هـ ، 1/753 .(1/10)
تحقيق الأمن النفسي لدى طلاب الحلقات القرآنية والسلامة من الأمراض النفسية والخلقية حيث دلت البحوث والدراسات أن الحياة في ظلال القرآن الكريم ـ كما هو حال طلاب الحلقات ـ سوف ( يؤدي إلى سلامة نفوسهم من الأمراض النفسية والخُلُقية؛ حيث أن القرآن الكريم هو الشفاء من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وأدواء الدنيا والآخرة فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القران شفاء للقلوب والنفوس والأبدان جميعا، وفيه الهداية والتوجيه، والإرشاد والحكمة، والموعظة الحسنة، والصلاح والإصلاح للنفس الإنسانية، قال تعالى :" وننزّل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً " الإسراء - آية82)(1)،يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية :" يذهب ما في القلب من أمراض من شك ونفاق وشرك وزيغ وميل فالقرآن يشفي من ذلك كله وهو أيضا رحمة يحصل فيها الإيمان والحكمة وطلب الخير والرغبة فيه وليس هذا إلا لمن آمن به وصدقه واتبعه " (2) .
وبهذا سوف يصبح المتعلم في الحلقة القرآنية صالحاً يرغب فيما عند الله، ويؤمن بما في القرآن من وعد ووعيد، وهذا كله يثمر الطمأنينة القلبية لدى طلاب الحلقات القرآنية.
أهمية الأمن الاجتماعي :
إن الأمن نعمة عظيمة امتن الله بها على عباده، قال تعالى:" فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ*الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ " ( قريش- آية 3-4 )، والأمن يدفع الإنسان إلى القيام بواجبه نحو ربه ودينه ومجتمعه؛الأمر الذي يجعله يطمئن على نفسه ومعاشه وقوته .
__________
(1) ناهد عبد العال الخراشي، أثر القرآن في الأمن النفسي، القاهرة، 1407 ، ص32 .
(2) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم،مرجع سابق، 5/110 .(1/11)
ولذلك كان الأمن غاية الشرائع وهدفها الأسمى، وقد أنزل الله الشرائع متعاقبة متتالية منذ هبط أدم إلى هذه الأرض حيث كانت عناية هذه الرسالات إقامة الأمن الاجتماعي بين بني الإنسان، فالرسالات التي كان آخرها الدين الإسلامي مبينة الحلال والحرام والحق والباطل الذي يؤدي عند الالتزام به إلى الأمن والآمان .
وجاءت الأحاديث النبوية تؤكد هذا المعنى، قال صلى الله عليه وسلم:" المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم"(1)، وفي حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أي المسلمين أفضل ؟ قال: " من سلم المسلمون من لسانه ويده " (2) .
وفي حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه"(3)، ومنها " خيركم من يرجى خيره، ويؤمن شره، وشركم من لا يرجى خيره، ولا يؤمن شره"(4) .
__________
(1) الترمذي، سنن الترمذي، تحقيق: أحمد محمد شاكر وآخرون، بيروت: دار إحياء التراث العربي،د .ت ،ح(2627)،5/17 .
(2) المرجع السابق، ح (2628)، 5/17 .
(3) الإمام مسلم،صحيح مسلم، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي،د.ط،بيروت: دار إحياء التراث العربي،د.ت ،ح(2564)،4/ 1986 .
(4) الترمذي، سنن الترمذي، ح(2263)، 4/528 .(1/12)
إن العاملين في الحلقات القرآنية يحرصون على العمل بمقتضى هذه النصوص الشرعية؛ ، ويربون النشء عليها؛ الأمر الذي يحقق للمجتمع في نهاية الأمر الأمن بمفهومه الشامل المتمثل في الأمن النفسي والأمن الدنيوي، والأمن الأخروي والذي يحقق السعادة والاستقرار والأمن لكل من الفرد والمجتمع وعليه فالتعليم القرآني في الحلقات القرآنية أحد أسباب تحقيق الأمن الشامل في المجتمع إذا اقترن بالتهذيب وحسن التربية، وغرس القيم الإسلامية والترغيب فيها ،وبهذا يتحقق القول: افتح حلقة قرآنية تغلق سجناً، ولو تتبعنا السيرة الذاتية للجانحين والمجرمين في دور الرعاية الاجتماعية والسجون فسوف نجد أن الملتحقين بالحلقات القرآنية لا وجود لهم غالباً ضمن قائمتهم .
وقد نقل عن بعض فلاسفة الإغريق قولهم " أن الإنسان حيوان إذا أغفل تعليمه كان في منتهى التوحش والقوة، وإذا أضيف التعليم إلى طبيعته الخيرة عاد أليفاً منصفاً "(1)، فإذا كان التعليم الوضعي يحدث هذه النقلة الإيجابية فكيف الحال مع تعلم المنهج الرباني الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والذي يحقق الطمأنينة والأمن،قال تعالى:إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً"( الإسراءـ 9 ).
__________
(1) عوض محمد، مبادئ علم الإجرام، مؤسسة الثقافة الجامعية ، الإسكندرية ، 1980م، ص 287 .(1/13)
ومن هنا كان الأمن حاجة إنسانية، تميز الفرد عن بقية الكائنات؛ حيث يصنفها التربويون في الدائرة الثانية بعد الحاجات الأساسية المتمثلة في الطعام والشراب حيث يصعب تحقيق احتياجات الناس في غياب شعورهم بالأمن والآمان (1) ، والأمن الاجتماعي يؤكد على المظاهر الإيجابية المعبرة عن الشعور بالأمن والطمأنينة،والتقبل من الآخرين،والتواد مع أفراد المجتمع"لأن مفهوم الأمن يتمثل في وعي الفرد وإدراكه لواجبه في محيطه الاجتماعي، وما عليه من واجبات بما ينعكس إيجاباً على حياته، وعليه فإن الأمن الاجتماعي يتضمن شعور الفرد بإشباع حاجاته الاجتماعية في محيطه الاجتماعي حيث يشعر الفرد بذاته، ويعرف أدواره الاجتماعية، الأمر الذي يدفع الفرد عندئذ إلى الشعور بالحاجة إلى الانتماء للتمسك بتقاليد الجماعة ومعاييرها لدرجة أن الفرد يتمثلها كما لو كانت معاييره هو الذاتية"(2) فالتربية على الأخلاق الإسلامية، والآداب القرآنية في بيئات الحلقات القرآنية تقوّي انتماء الفرد لمجتمعه ونحقق له الأمن والأمان والطمأنينة النفسية في الحلقات القرآنية حيث يتعلم الأخوة والإيثار والعدل والأمانة وغير ذلك من القيم الإسلامية التي يشعر معها بالأمان وهذا يجعله يعمم هذا الشعور الإيجابي لدى الناس ، فيحب لهم ما يحب لنفسه، ومن ثم يتعاون معهم ، ويكون عطوفاً على الآخرين .
__________
(1) محمد الصايم عثمان وآخر، المسؤولية الأمنية ودور المؤسسات التعليمية في تحقيقها،ندوة المجتمع والأمن،1425هـ،ص1133 .
(2) المرجع السابق، ص1135 .(1/14)
إن الأمن الاجتماعي يتطلب الأخوة ، ولن تحقق الأخوة الصادقة إلاّ بعد الإيمان الأمر الذي يجعل الفرد مستقلاً في شخصيته ولديه القدرة على احتمال الشدائد واحتساب أجرها عند الله لأن المسلم يبتلى على قدر دينه ويكون عظم الجزاء والثواب مرتبطاً بالبلاء وبهذا يترقى الإنسان في مدارج الخير والسعادة من خلال إيمانه بما أعده الله لعباده في الآخرة ،أما إذا فُقد هذا الأمر لدى الفرد فإن ذلك يؤدي إلى الجنوح والجريمة .
إن بيئة الحلقة القرآنية تغرس في نفوس طلابها تعاليم الإسلام التي تؤكد الحفاظ على وحدة المجتمع وتقوي علاقات أفراده على الحب والمودة والتآلف والرحمة وتبعدهم عن الشقاق والاختلاف والعداوة والبغضاء ، والمنهج التربوي الإسلامي اعتمد هذه المنهجية فكانت التربية القرآنية في الحلقات تقوم على توحيد العقيدة أولاً حتى يحدث التجانس الفكري وتتحد المقاييس الخلقية لدى التلاميذ وبالتالي يتوحد مصدر التلقي عندهم فتتوحد قلوبهم ونفوسهم .
إن التربية في الحلقات القرآنية تقوي التواصل بين طلابها وبين المجتمع ؛لأن تعاليم القرآن تؤكد التواصل بين الناس وتوثيق الروابط بينهم وإشاعة المودة والحب والتعاون وإبعاد عوامل الشقاق والتقاطع والتدابر وهذا ما يحتاجه المجتمع البشري في كل زمان ومكان ، وتزداد الحاجة إليه في واقعنا المعاصر الذي سادت فيه قيم الحضارة الغربية وطغيان المادة في حياة الناس، قال تعالى : " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون "(سورة آل عمران - 103) .
المبحث الثالث:أثر الحلقات القرآنية في تحقيق الأمن الاجتماعي :(1/15)
تعد الحلقات القرآنية أحد محاضن التربية المهمة التي يتم من خلالها تربية وتوجيه أبناء المجتمع، وتنشئتهم على أخلاق القرآن وتعاليمه السامية، وآدابه الصالحة؛ فهي امتداد تاريخي لسلف الأمة في عنايتها بكتاب ربها عزّ وجل؛ حيث تؤازر الحلقات القرآنية الميادين التربوية الأخرى كالبيت والمدرسة في تهذيب النشء وتزكيته، فتعليم الصبيان القرآن الكريم يجعلهم ينشئون على الفطرة، وتسبق إلى قلوبهم أنوار الحكمة قبل تمكن الأهواء منها بتكرار المعصية والضلال (1)،فيتربى التلاميذ على العقيدة الصحيحة، والأخلاق الفاضلة فيقوى الوازع الديني لديهم فيصبح الرقيب ذاتياً، فإيمانه وأخلاقه تردعه عن مظاهر الانحراف، وإذا غفل سرعان ما يتذكر، فلديه واعظ في قلبه؛ لأن الدين يربي الفرد على الفطرة، وهو من أهم وسائل ضبط سلوك الفرد .
ومن هنا كانت العقائد والقوانين الاجتماعية وأنماط السلوك واللغة وغيرها من المفاهيم، تكوِّن للفرد إطاراً مرجعياً يحدد من خلاله سلوكه الخلقي وبضبطه عليه، وهذا الأمر لا يمكن أن ينتقل إلى الفرد بصورة صحيحة إلّا من خلال بيئة تربوية مؤثرة (2) .
__________
(1) علي الزهراني، مهارات التدريس في الحلقات القرآنية، المدينة: مكتبة الدار، 1419هـ ،ص50 .
(2) محمد لبيب النجيحي، الأسس الاجتماعية للتربية،بيروت: دار النهضة العربية، د.ت، ص95 .(1/16)
والباحث يرى أن الحلقة القرآنية بيئة تربوية مؤثرة تجعل التلميذ يتشرب المعايير والقيم والأخلاق السائدة داخل الحلقات، ويتربى عليها ومن ثَمّ يقوم بعدئذ ببثِّها من جديد في البيئة الاجتماعية التي ينتمي لها، ويعيش فيها، وقد دلت الدراسات على أن من حسُنت تربيته في البداية، فسوف يكون في الغالب صالحاً، وبيئة الحلقات القرآنية إحدى هذه الوسائل المهمة في التربية التي تعد الأساس في مقاومة الانحرافات السلوكية والظواهر الاجتماعية؛ لأن الفرد سوف يصبح كما جاء في وصف المؤمن :" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " (1) .
وقد أكّد أحد الباحثين أن التربية المستمدة من الأخلاق الإسلامية وسيلة مثلى في حل مشكلة ازدياد الجرائم والشرور بجميع صورها الظاهرة والباطنة في الحياة الاجتماعية، فهي خير وسيلة لبناء خير فرد وخير مجتمع؛حيث ينتفي الشر، وينتشر الأمن والثقة والمحبة والإخاء والمودة، واحترام الحقوق والمشاعر، وتنتشر بقية الفضائل، وهذه الأمور شروط السعادة ووسائل تحقيق الأمن الاجتماعي (2).
إن التربية الدينية في الحلقات القرآنية تجعل مشاعر المتعلم نبيلة تحقق الأمن والطمأنينة للفرد المتدين وتدفعه إلى التفاعل مع الخالق عز وجل بأحسن الأعمال وأجلها وفق ما شرع من العبادات وفي ذات الوقت تدفع الفرد إلى التفاعل الاجتماعي البناء مع أفراد مجتمعه ( (3) .
__________
(1) ابن مسلم ، صحيح مسلم ، مرجع سابق، ح (2586)، 4/1999 .
(2) عبد الرحمن بن عبد الخالق الغامدي، دور الأسرة في تربية أولادها، الرياض، دار الخريجي للنشر والتوزيع، 1418هـ، ص338 .
(3) المرجع السابق، ص62 .(1/17)
وفي ضوء ما سبق فإن الحلقات القرآنية تنمي الشعور بتحمل المسؤولية نحو الله عز وجل لدى المتعلم ونحو الفرد ذاته، وتنمي المسؤولية تجاه المجتمع، فهي تربي التلاميذ تربية اجتماعية سليمة،وقد دلت الدراسات أن معظم حالات الانحراف والإجرام مردها إلى عدم انتظام الفرد الجاني أو المجرم ضمن مسالك الحياة الاجتماعية القويمة (1).وسوف يوضح الباحث بعض آثار الحلقات القرآنية التي تؤكد بمجموعها آثر الحلقات القرآنية في تحقيق الأمن الاجتماعي.
1- تقوية صلة طلاب الحلقة بالله عزّ وجل .
__________
(1) ناصر بن علي الخليفي ، الأمن الاجتماعي وأهميته ، حملة التضامن الوطني ضد الإرهاب ، جامعة الملك فهد للبترول والمعادن ،1426هـ ، ص53.(1/18)
تشتد الحاجة إلى غرس الإيمان بالله تعالى في نفوس الأولاد سواء داخل الأسرة أو في وسائط التربية الأخرى لا سيّما في ظل الانفتاح العالمي المعاصر، وكثرة الشهوات والشبهات التي تهز ثقة الشخص بقيمه ودينه ، لذلك أصبحت الحلقات القرآنية أحد الوسائط التربوية الآمنة التي تقوي صلة التلميذ بربه عز وجل وتزيد إيمانه وتقيه المشكلات النفسية والسلوكيات المنحرفة حيث " إن أهم ما ينبغي تكريسه لمقاومة التيه والاغتراب والتبعية والوهن في شخصية الشباب المسلم هو زرع الإيمان في نفسه بأن له رسالة في الوجود يحملها مع إخوانه المسلين للعالم ويتحملها أمام الله فرداً وحيداً بين يديه ، ومن خلال كشف الصور البئيسة لغير المسلمين" (1).إن ارتياد الطلاب بالحلقات القرآنية سوف يقوي إيمان طلاب الحلقات فيبتعدون عن مظاهر الانحراف المختلفة بل ويدفع التلاميذ إلى التمسك بالآداب الإسلامية والتأسي بالصالحين لأن بيئة الحلقة القرآنية توضح للتلاميذ قيم الخير الفضيلة وترغبهم فيها وتوضح الأجر الذي يترتب عليها ، وتحذرهم من قيم الشر والعقوبة المترتبة عليها .
إن ثمرة استماع القرآن الكريم في الحلقة القرآنية تستوجب الرحمة لمن يستمع وينصت،قال تعالى:" وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتو لعلكم ترحمون" (الأعراف آية 202) ،و(لعلّ) ،من الله تعالى واجبة، قال الليث بن سعد:" يقال: ما الرحمة إلى أحد أسرع منها إلى مستمع القرآن " (2) .
__________
(1) عبد الرحمن الزنيدي ، العولمة الغربية والصحوة الإسلامية ، دار اشبيله ، الرياض ، 1421هـ ، ص107-108.
(2) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1987م، 1/9 .(1/19)
وقد بيّن الرسول صلى الله عليه وسلم أن الرحمة تغشى حلقات القرآن، وتعمّ المتعلمين فيها جميعاً، وأن الملائكة تحيط بهم؛ تشريفاً لهم، فقال صلى الله عليه وسلم :" ... وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عند ه .. " ((1)، بل إن قراءة القرآن الكريم تحدد منزلة المسلم في الآخرة، قال صلى الله عليه وسلم :" يقال لصاحب القرآن أقرا وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها " (2)،وجاء في حديث آخر أن عمار القلوب وخرابها يتوقف على ما تحتويه من القرآن، قال صلى الله عليه وسلم:" إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب"(3)، وعليه فإن ارتياد طلاب الحلقات القرآنية المساجد، وجلوسهم على ذكر الله تعالى، وقراءة القرآن وسماعه، ومراجعته يقوّي صلتهم بالله عزّ وجل.
وتزداد أهمية هذا الأمر في ظل الانفتاح العالمي على شتى الثقافات والمفاهيم، والمؤثرات والمتغيرات المتجددة والمتنوعة مما جعل أفراد المجتمع بأمس الحاجة إلى الإيمان بالله تعالى؛ فهو الذي يعصمهم من الانحراف، ويدفعهم إلى العبادة، ويحميهم من التأثر بالأفكار الوافدة، وممارسة الجريمة، أو الاعتداء على الآخرين أو الممتلكات العامة .إن الطلاب الذين يتربون في الحلقات القرآنية على أخلاق القرآن وأحكامه وآدابه يزداد إيمانهم، وبالتالي تقوى صلتهم بربهم عزّ وجل، وهذا ينعكس أثره على سلوكهم فالتربية القرآنية تمثّل أقوى عوامل حماية النشء من الانحراف، والبعد عن الجرائم التي تهدد أمن المجتمع.
2- المحافظة على الهوية الإسلامية :
__________
(1) الإمام مسلم، صحيح مسلم، ح (2699 )، 4 /2074 .
(2) الترمذي،سنن الترمذي، مرجع سابق، ح(2914)، 5/177. وقال حديث حسن صحيح .
(3) المرجع السابق، ح (2913 )، 5/177 . وقال حديث حسن صحيح .(1/20)
إن الهوية هي دليل وجود الفرد، بل والأمة أيضا؛ إذ أن الأمة التي ليس لها هوية فهي أمة غير موجودة، والإنسان الفاقد للهوية هو إنسان تائه حائر .
والمقصود بالهوية هي " مجموعة الخصائص والمميزات العقدية والأخلاقية والثقافية، والرمزية التي ينفرد بها مجتمع من المجتمعات "(1)، وبهذا يتبين أن موضوع الهوية هو ما يتميز به مجتمع دون آخر، ويختلف به الأشخاص من شخص لآخر؛ لأن الهوية عبارة عن مجموعة سمات تميز الفرد عن غيره باعتبار أن الهوية علامة فارقة بين أمة وأخرى، وفرد وآخر، وعليه ( فإن لكل أمة من الأمم ثوابت تمثل القاعدة الأساسية لبناء الأمة ) وفي طليعة هذه الثوابت تأتي الهوية باعتبارها المحور الذي ترتكز حوله بقية الثوابت ولا تحقق أمة من الأمم وصف الأمة حتى تكون لها هويتها المستقلة والمتميزة عن غيرها من الأمم .
ومن وظائف الهوية المهمة وثمراتها أنها تحفظ تماسك المجتمع وتحقق الأمن الاجتماعي ، وتجعل أفراد المجتمع صغاراً وكباراً ، ينضوون تحت مظلة واحدة .
__________
(1) البدري، الأمة الإسلامية من التبعية إلى الريادة، ، 1414هـ، ص49 .(1/21)
والحقيقة أن الجمعيات الخيرية من خلال الحلقات القرآنية وبرامجها والارتباط بالمسجد ، وحفظ القرآن الكريم والتحلي بأخلاقه ، والعمل بأحكامه تجعل الفرد يشعر الفرد بأهميته وارتباطه بمجتمعه فيتعمق انتماؤه إلى أمته ،ويزيد تفاعله في مجتمعه، وبالتالي يتأكد الولاء بين أفراد المجتمع، ويزداد تعاونهم في الوقوف ضد الباطل .ويتضح أثر الحلقات القرآنية في تحقيق الأمن الاجتماعي كون معظم طلاب حلقات التحفيظ ملتزمون بآداب الإسلام في سلوكهم وأقوالهم في كل مكان وزمان، بل وفي جميع جوانب الحياة لأنه يتلقون المنهج الحق في الحلقات القرآنية ويتربون على أحكامه التي تعد من أقوى وسائل بناء الهوية لدى الفرد وتحقيق " هذه الذاتية الإسلامية التي كونّها القرآن الكريم خلال أربعة عشر قرناً على نحو متميز رباني الوجهة إنساني الغاية من أجل إقامة المجتمع الإسلامي وتبليغ رسالة الله إلى العالمين ، ولذلك فقد كانت المحافظة عليها من الانهيار أو التدهور أو الجمود أو المداخلة أو الانصهار في الفكر البشري العالمي من الغايات الكبرى التي عاش لحمايتها وخدمتها وحراستها جماعة من الأبرار من العلماء والدعاة، ومن أجلها تحمّلوا عزم الأمور والصمود والمصابرة والمرابطة " (1) والحلقات القرآنية اليوم تقوم بهذه المهمة الشريفة، وتربي في نفوس الطلاب الهوية الصالحة، وتحمي التلاميذ من الذوبان في التيارات الوافدة، أو الوقوع في الشبهات المتكاثرة، أو التجاوب مع الأعمال المخلة بالأمن الاجتماعي .
3- الحماية من الجريمة :
يواجه أفراد المجتمع المسلم مخاطر عديدة، وبخاصة في ظل الانفتاح على العالم، وزيادة المخاطر والمتغيرات التي تؤثر في سلوك الفرد، وقد تكون سبباً في انحرافه لا سيما المراحل العمرية المبكرة من حياة الإنسان .
__________
(1) صلاح الحارثي، دور التربية الإسلامية في مواجهة التحديات المعاصرة، جدة: مكتبة السوادي للتوزيع، 1424هـ، ص356 .(1/22)
لذلك أصبحت الحلقات القرآنية اليوم تسهم بدرجة كبيرة في حماية الأولاد، من الانحراف والضلال، وترسخ في نفوسهم القيم الإيمانية، والمبادئ الأخلاقية، والتي تحمي التلميذ في الحلقات من التأثر بالأفكار والأهواء والمبادئ الوافدة والمخالفة للمنهج الإسلامي .
لقد تبين من خلال سلوك طلاب الحلقات القرآنية التزامهم بالمنهج الإسلامي، والاستقامة الذاتية عليه ، والتمسك بالآداب الشرعية؛ رغبة في الأجر والفوز بالجنة والنجاة من النار؛حيث إن طلاب الحلقات القرآنية ينفرون من الجريمة؛ لأنهم عرفوا تلك النصوص القرآنية التي تحذرهم من الوقوع في الجريمة، لاسيّما الآيات القرآنية التي تحذر من أخلاق الانحراف والمنحرفين، وتبيّن العقوبات المترتبة على تلك الأفكار والانحرافات السلوكية ، هذا من جانب ، أما من جانب آخر فإن معلم الحلقات القرآنية يقوم بتوعية طلابه، بخطر الجريمة وآثارها السلبية على الفرد والمجتمع، وخاصة ما يتصل بأمن المجتمع واستقراره .
إن إدارك المعلم والمتعلمين في الحلقات القرآنية لخطر الجريمة على الفرد والمجتمع سوف يسهم في معالجة النفوس، وإصلاح القلوب وتهذيب السلوك والإحساس بخطر الجريمة يؤدي إلى حفظ المجتمع من الجريمة، بل ويجنب التلاميذ طرقها ودواعيها.
إن التربية الإيمانية لطلاب الحلقات تقوى العلاقة بين طلاب الحلقات والمجتمع؛ فالمسجد والحلقة يعملان على التربية الاجتماعية الجادة، من خلال لزوم طريق الخير والفضيلة، والبعد عن الانحراف والجريمة .
وانطلاقاً من هذا الأثر فإن الحلقات القرآنية صمّام أمان للأفراد والمجتمع؛ فهي تحذر التلاميذ من المخاطر والمخالفات الشرعية والأمنية والفكرية، لا سيما الأفكار الوافدة التي تدعوا إلى الشك والإباحية والفساد الخلقي والاجتماعي وتتم حمايتهم من خلال العناية بالجوانب التالية:(1/23)
الجانب العقدي الإيماني: حيث تعمل الحلقة القرآنية على تثبيت الإيمان بالله، وتقوى أركانه في نفوس التلاميذ .
الجانب التعبدي: ويشمل العبادات والفرائض التي يقوم بها التلميذ استجابة لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، مثل : الصلوات والذكر والإخلاص لله رب العالمين .
الجانب الأخلاقي: أن في الحلقة القرآنية تقدم الأخلاق التي ينبغي أن يتحلى بها التلميذ في تعامله مع زملائه، كالتعاون والتقوى والإيثار، وحسن التعامل والصدق وحسن الخلق وسلامة الصدر. .
4- التربية الجماعية :
تربي إن الحلقات القرآنية طلابها على الروح الجماعية عند اجتماعهم في الحلقة القرآنية، ومدارستهم القرآن وأحكامه وآدابه،أومن خلال المناشط التربوية التي يقوم بها الطلاب، وهذا الاجتماع في الحلقة القرآنية يحقق التعاون والتعاطف الذي جاء في وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم للمؤمنين حيث قال :" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " (1) .
__________
(1) ابن مسلم ، صحيح مسلم ، مرجع سابق، ح (2586)، 4/1999 .(1/24)
إن التربية الجماعية في المحاضن التربوية القرآنية لا سيما التي تكون في المسجد الذي لا يعدم مرتادوه الخير والأجر، والعلم والأخوة سوف ترتبط بالمنهج الرباني الذي أمر الله به، وقد كان ابن مسعود - رضي الله عنه - يقول :"( يا أيها الناس، عليكم بالطاعة والجماعة، فإنهما حبل الله الذي أمر به ) (1)، والباحث يرى أن هذا الاجتماع على الخير و تعلم القرآن وأداء الصلاة مع المسلمين في المسجد، والتي تثمر على العبد " انتظام الألفة بين المتجاورين في طرفي النهار وليختموا النهار بالاجتماع على الطاعة ويفتتحوه كذلك " (2)، أي من خلال صلاة الفجر والعشاء)، والخلاصة أن وجود الولد داخل بيئة الحلقة القرآنية وازع أساسي يدفعه إلى التفاعل مع زملائه بروح الجماعة؛ فهو مدني بطبعه بل يبتعد عن الرذائل الخلقية، والسلوكيات المنحرفة، والمخالفات أو التجاوزات الأمنية؛ فهو يريد التفاعل الاجتماعي مع الناس ، ومن هنا كان للتربية الجماعية في الحلقات القرآنية الأثر الإيجابي الفعّال في تقوية العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع .
إن الاجتماع بخاصة مع الصالحين الأسوياء وفي الحلقات القرآنية على مأدبة القرآن، وفي بيت من بيوت الله سوف يجعل هؤلاء الطلاب غالباً يعملون بأخلاق القرآن، ويحاكون المجتمعين عليه، ويتفاعلون مع جماعة المسجد، فيقلدون أفعالهم الحسنة، ويكتسبون أخلاقهم الصالحة ؛ لأن الاجتماع على القرآن، ومجالسة أهل الذكر والخير يثمر حماية الأولاد من الانحراف؛ فهؤلاء القوم هم القوم الذين لا يشقى جليسهم؛ خاصة عندما يتربى التلاميذ على هذه المبادئ في مراحل حياتهم المبكرة ( مرحلة الحلقة القرآنية )، وبهذا يتحقق الأمن الاجتماعي.
__________
(1) السيوطي، الدر المنثور، د.ط، بيروت: دار الفكر، 1993م، 2/285 .
(2) ابن حجر، فتح الباري شرح صحيح البخاري، د.ط، بيروت: دار المعارف،1379هـ ، 2/ 129 .(1/25)
5- الرجوع إلى أهل العلم والخبرة والدعوة عند الحاجة وحدوث الفتن :
إن طلاب الحلقات القرآنية يرتبطون بأهل الخير في المجتمع من خلال انضمامهم للحلقات التي تعقد في المسجد، فيفزعون إليهم إذا واجهتهم أي مشكلة في حياتهم الدينية والدنيوية أو عند حدوث الفتن والمصائب،لذلك لن يتخذ طلاب الحلقات القرآنية موقفاً أو رأياً فيه مخالفة للشرع وقيم المجتمع ونظمه دون معرفة حكمه الشرعي والتربوي والاجتماعي من العلماء والمربون، والمصلحين والدعاة إلى الله عزّ وجل، والذين يكثر تواجدهم في المجتمع بعامة، والمسجد بخاصة ومنهم معلم للقرآن الكريم .ومما يتميز به طلاب الحلقات القرآنية التفافهم حول أساتذتهم،ومشاورتهم، وعدم انفرادهم بالرأي أو التسرع في اتخاذ مواقف دون مشاورتهم؛ لأنهم تربوا في ظلال القرآن الكريم الذي يؤكد على المرجعية الشرعية وسؤال أهل العلم، قال تعالى :" فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون (سورة النحل - 43)، ومشاورتهم وعدم الاستعجال، قال الله تعالى:" وأمرهم شورى بينهم " ( سورة الشورى، آية 38 ) .
وبهذا يتضح أثر هذا الجانب على سلوك التلميذ، لا سيما أن طلاب الحلقات وخاصة الذين تقع أعمارهم ما بين 13- 15 " مظنة غلبة الشهوة لما فيه من قوة الباعث على متابعة الهوى " (1)، ولن يتصدى لهذا الأمر إلّا أهل العلم الذين يبصرون النشء بعيوبهم، ويرشدونهم إلى ما ينفعهم في الدنيا والآخرة، وبيئة الحلقة القرآنية مناسبة لغرس هذا المعنى في نفوس التلاميذ، وتربيتهم عليه .
6- تقوية الوازع الديني لدى الطلاب :
__________
(1) المرجع السابق، 2/145(1/26)
تقدم الحلقات القرآنية لطلابها حصانة فكرية ونفسية وتربوية تحميهم من الأفكار الشاذة، والمخالفات السلوكية والتربوية،وتعصمهم من الانحراف الفكري الذي تروّجه وسائل الإعلام أو أصحاب الأفكار المنحرفة الذين يريدون تشويه صورة الدين والمتدينين؛ كما يتعرف التلاميذ في الحلقات القرآنية على خطر الفساد العقدي والسلوكي على أخلاقهم، ومما لا شك فيه أن في القرآن الكريم طاقة روحية ذات تأثير بالغ في نفس الفرد، فهو يهز وجدانه، ويرهف أحاسيسه ومشاعره، ويصقل روحه، ويوقظ إدراكه وتفكيره، ويجلي بصيرته، فالإنسان الذي يتعلم القرآن الكريم يصبح إنساناً جديداً (1) مطمئن النفس، فالقرآن يغرس قيم التوحيد والخير والفضيلة، والرضا بالقضاء والقدر،وفي دراسة تطبيقية عن أثر سماع القرآن الكريم على الأمن النفسي أكدت هذه الدراسة أن الاستماع للقرآن الكريم يؤدي إلى التوازن النفسي والاستقرار الوجداني، والطمأنينة القلبية (2)
إن قوة الوازع الديني، وصلاح سلوك الولد أحد العواصم المهمة من الانحراف و ارتكاب الجريمة؛ الأمر الذي يؤكد أهمية الحلقات القرآنية وأثرها في صلاح الولد وترغيبه في الخير .
__________
(1) محمد عثمان نجاتي، القرآن وعلم النفس، القاهرة : دار الشروق، 1982م، ص 264.
(2) عدنان العنوم، أثر سماع القرآن الكريم على الأمن النفسي، مجلة جامعة أم القرى، عدد(8)، 1418هـ .(1/27)
أما وسائل تقوية الجانب الإيماني لدى الولد فهي كثيرة يصعب حصرها، لكن حسب الباحث أن يذكر أمثلة توضح أثر الحلقة ومنها: الإيمان بالله تعالى،والإخلاص له،ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم بأقواله وأفعاله، وقراءة القرآن والاهتداء بأحكامه، والخوف من وعيده، والقيام بأوامره، وتعليمه وحفظه ومراجعته، فعن عثمان - رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" خيركم من تعلم القرآن وعلّمه " (1)، وجاء في الحديث عن عائشة -رضي الله عنها- قالت:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران " (2).
وبهذا يتضح لنا أثر الحلقات القرآنية في تقوية الوازع الديني لدى طلاب الحلقات؛ حيث يدفعهم إلى الالتزام بالأخلاق الحسنة مثل العفة والحياء والصدق واحترام الآخرين وبر الوالدين، والحفاظ على الممتلكات العامة.
ومما يؤكد أهمية هذا الجانب أن بعض الدراسات التي أجريت في المجتمع السعودي حول ظاهرة الجريمة دلت على أن التزام المحكوم عليهم بالسجن بمبادئ الإسلام وتعاليمه كانت ضعيفه؛ فهم لا يحافظون على أداء الشعائر الدينية، بالإضافة إلى أن أسرهم وقرابتهم ليس لديهم عناية واهتمام بالتنشئة والتربية الإسلامية .
__________
(1) البخاري، صحيح البخاري، مرجع سابق، ح(4739)، 4/1919 .
(2) المرجع السابق، ح(798)، 1/549 .(1/28)
وفي دراسة عن المجرمين الجنسيين 1414هـ تبين أن غالبية المبحوثين ( 58,4 %) لا يهتمون بالصلاة، ولا يحرصون على إقامتها في الأوقات المحددة لها، وذكر ( 30,2 %) أنهم كانوا يصلون بعض الأوقات في بعض الأيام كما أثبتت الدراسات التي أجريت على مرتكبي الجرائم بالمملكة أن المجرمين يعرضون عن النشاطات الدينية والثقافية الهادفة، ويعرضون بل ويهجرون قراءة القرآن الكريم (1) .
كما جاء في دراسة أخرى أن الغالبية من أقارب المنحرفين والمجرمين ليس عندهم الاهتمام الديني الكافي الذي يجعلهم يراعون أبناءهم دينياً، ويأمرونهم بالالتزام الأخلاقي وإقامة الفروض الشرعية (2).
وفي ضوء ما سبق يتضح أثر ضعف الوازع الديني في سلوك الولد الأمر الذي يعكس لنا أهمية العناية بتقوية هذا الوازع لدى الولد؛ حتى يسلم من الانحرافات السلوكية التي تزعزع أمن المجتمع، وتؤدي إلى الاغتراب، وظهور العدوان والجريمة .
__________
(1) محمد السيف،الظاهرة الإجرامية في ثقافة وبناء المجتمع السعودي، الرياض: دار ابن لعبون،1416هـ ، ص118-120 .
(2) المرجع السابق .(1/29)
والمتأمل لواقع جمعيات تحفيظ القرآن الكريم يلحظ عنايتها بتربية الناشئة على القرآن الكريم الذي يقوي الوازع الديني لديهم، ويعصمهم من الانحراف والزلل، لا سيما أن الكثير من الآباء والأمهات قد لا يعتنون بالتوجيه والإرشاد الديني الذي يحتاجه التلاميذ في هذه المرحلة العمرية إما لضعف الوازع الديني عندهم، أو بسبب جهلهم بالمبادئ الإسلامية وأصول التربية الصالحة، وقد كشفت إحدى الدراسات التطبيقية أن الغالبية من أقارب المنحرفين ليس عندهم الاهتمام الديني الكافي الذي يجعلهم يراعون أبناءهم دينياً، ويأمرونهم بالالتزام الأخلاقي، إقامة الفروض الشرعية حيث أوضحت بعض النتائج أن ( 21,3% ) من الآباء، و (24,1% ) من الأمهات فقط كانوا يبدون النصح والإرشاد الديني لأبنائهم مرتكبي الجرائم ، وهذه النسب توضح أن هناك تفريطا من الوالدين لهذا الجانب المهم (1) .
__________
(1) محمد بن يحيى النجيمي، دور الأسرة في انحراف الأولاد، بحوث ندوة المجتمع والأمن، مركز البحوث والدراسات، كلية الملك فهد الأمنية، الرياض، 1425هـ ، ص359 . والظاهرة الإجرامية في ثقافة وبناء المجتمع السعودي، ص125 .(1/30)
وبناءً على ما سبق يتضح أثر جمعيات تحفيظ القرآن وحلقاتها التربوية في تحقيق الأمن الاجتماعي؛ حيث تتولى تربية المنتسبين لها على مبادئ الإسلام وأخلاقه، ورعايتهم التربوية من خلال برامجها المتعددة التي تقدمها لطلابها، وتربطهم بالمسجد الذي له أثره البارز على سلوك المتعلم في حلقات المساجد هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن الحلقات القرآنية تكمل النقص التربوي لدى الأسر في التربية الإسلامية لأولادها فتقوى علاقة الفرد بدينه؛ لأنها تقدم له الاحتياجات التربوية والنفسية والاجتماعية والدينية وغيرها من الاحتياجات الإيجابية التي تقوّي صلة الولد بدينه ومجتمعه من خلال غرس المبادئ والاتجاهات حول حب المجتمع والتقيد بأنظمته ، والمشاركة في الحفاظ على منجزاته، وهذا كله يؤدي إلى توطيد دعائم الأمن الاجتماعي .
7- الحلقة القرآنية تحفظ الولد من الخلطة الفاسدة، ورفاق السوء :
من المعلوم أن الخلطة الفاسدة، ورفيق السوء يؤثر على سلوك الولد، وقد أكدت البحوث والدراسات على أثر مصاحبة الأشرار ومرافقة الفجار، فسرعان ما يكتسب الولد منهم السلوكيات المنحرفة، ويتطبع بطباعهم إلى درجة ربما صعب رده إلى جادة الطريق الصالح بسبب هذه الرفقة السيئة فيصبح مصدر قلق وإرباك للأمن الاجتماعي، وبهذا يتضح أهمية الحلقات القرآنية، وأثرها على سلوك الولد الإيجابي نظراً لأن غالب التلاميذ في الحلقات يتميزون بالصلاح والاستقامة، وبالتالي يختار أصحابه وأصدقاؤه من هؤلاء، فيسلم من مصاحبة الأشرار .
وقد دلت الدراسات التي أجريت في المجتمع السعودي أن معظم مرتكبي الجرائم والانحرافات يرتبطون بجماعات من الرفاق الذين عندهم ممارسة وأفعال انحرافية (1) .
__________
(1) محمد السيف ، الظاهرة الإجرامية في ثقافة وبناء المجتمع السعودي، مرجع سابق،ص133.(1/31)
هذا وقد أوضحت دراسة مركز أبحاث مكافحة الجريمة على مرتكبي جريمة السرقة المحكوم عليهم في الإصلاحيات، ودور الملاحظة الاجتماعية ورعاية الفتيات بأن (14,1% ) كان السبب الرئيس هو شلة الأصدقاء ورفقة السوء التي كان ينتمي لها المحكوم عليه. وفي دراسة أخرى أجريت على مرتكبي جرائم السكر والمخدرات، والأخلاقيات، والسرقة في إصلاحية الحائر بمدينة الرياض أن 20,6% منهم ذكروا بصراحة أن سبب انحرافهم هو انتماؤهم للرفقة المنحرفة، وفي بحث آخر حول الجرائم الجنسية في الإصلاحيات المركزية بالمملكة عام 1414هـ تبين فيه أن جميع المجرمين من الجنسين يرتبطون بجماعة من الرفاق السئيين، كما أفادت دراسة أخرى أن 40% من العاطلين كان العامل الرئيس وراء تعاطيهم المخدرات هو اختلاطهم بأصدقاء السوء الّذين يتعاطون المخدرات ( (1).
وبهذا يتبين أثر الرفقة السيئة على سلوك الفرد؛ الأمر الذي يعكس أثر الحلقات القرآنية في حفظ الأمن الاجتماعي من خلال إصلاح الأولاد في الحلقات القرآنية، وحمايتهم من رفاق السوء حيث يكون أصحابهم وأصدقاؤهم من طلاب الحلقات الذي يغلب على سمتهم الاستقامة السلوكية .
__________
(1) محمد بن يحيى النجيمي، دور الأسرة في انحراف الأولاد، مرجع سابق، ص377-378 .(1/32)
إن الحلقات القرآنية بمنهجها التربوي المتكامل،سوف تحمي التلميذ في الحلقة من الرفقة السيئة وخلطاء الشر والانحراف؛ فيسلم من التأثر بهم ، وقد جاءت السنة النبوية مؤكدة هذا المعنى، فعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحا خبيثة "( (1)، وفي هذا الحديث الشريف تشبيه بليغ للصاحب السيئ والصديق الصالح، ومدى أثر كل منهم على صاحبه ،وبهذا فإن مصاحبة الأخيار المستقيمة على الطاعة تغري بالفضيلة والأخلاق الحميدة، وتنفّر من الرذيلة والسلوك المنحرف .
إن الصحبة الصالحة تحبّب فعل الخير، وترغّب في العمل الصالح، في حين أن مصاحبة الأشرار والمنحرفين تؤدي إلى الانحراف،وتوقع الولد في الآثام والشرور حتى يقع في المهالك؛لذلك جاء الأمر الإلهي بمصاحبة الصالحين:"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين "(سورة التوبة،آية 119 )
8- طاعة ولاة الأمر ومحبتهم :
تعد طاعة ولاة الأمر،والالتفاف حولهم والسمع والطاعة لهم من الأسس الهامة في تحقيق الأمن الاجتماعي والاستقرار النفسي ، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه :" لا بد للناس من إمارة برة كانت أو فاجرة، فقيل : يا أمير المؤمنين هذه البرة قد عرفناها فما بال الفاجرة ؟ فقال يقام بها الحدود وتأمن بها السبل ويجاهد بها العدو ويقسم بها الفيء "(2) .
وأولو الأمر هم الأمراء والعلماء والدعاة والمربون وكل صاحب مسؤولية،وقد جاء في الحديث :" من أطاعني
__________
(1) البخاري، صحيح البخاري، مرجع سابق، ح(5214)، 5/2104 .
(2) ابن تيمية، السياسة الشرعية في إصلاح الرعي والرعية، بيروت: دار المعرفة،ص 87 .(1/33)
إن طلاب الحلقات فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أميري فقد عصاني " (1) .
وقد أكدت النصوص الشرعية وجوب طاعة ولي الأمر، وحرمت عصيانه أو الخروج عليه؛ لأن طاعة ولاة الأمر تثمر اجتماع كلمة أفراد المجتمع،" وفي العصيان فساد للأحوال في الدارين، وما نزعت يد من طاعة إلّا وصافحها الشيطان، وعرضها لفتن عمياء، ونزاعات وأهواء، واضطرابات هوجاء، والعاقل يدرك خطورة عصيان ولاة الأمر، ويعلم ما في الطاعة من الخير والهدى وتحقيق السعادة، واستتباب وترابط المجتمع وتماسكه....، وحماية الحياة الاجتماعية من الفوضى والاضطراب "( (2) .القرآنية يدركون هذه المعاني أكثر من غيرهم؛ حيث تربوا على الآيات القرآنية،و الأحاديث النبوية التي تؤكد هذا المعنى، كما في قوله تعال :" يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول" (سورة النساء – 59 )، وهذا يدل على أن تربية التلاميذ على السمع والطاعة لولي الأمر يثمر آثاراً تربوية نافعة في معالجة النفوس،وإصلاح القلوب،وتهذيب السلوك والطباع والشعور، بتحمل المسؤولية، وغيرها من مظاهر الطاعة بسبب تربية التلاميذ في الحلقات القرآنية .
__________
(1) البخاري، صحيح البخاري، ح(6718)، 6/ 2611 .
(2) عبد الكريم العمري،دور المسجد في تحقيق الأمن الاجتماعي،الرياض،بحوث ندوة الأمن والمجتمع،كلية الملك فهد الأمنية، عدد(3)، 1425هـ، ص216 .(1/34)
إن الحلقات القرآنية تربي التلاميذ على طاعة ولاة الأمر، ولزوم جماعة المسلمين، وعدم الخروج عليهم، ففي الحديث أن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه- يقول: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت يا رسول الله إنا كنا في الجاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر ؟ قال ( نعم ) . قلت وهل بعد ذلك الشر من خير ؟ قال نعم وفيه دخن ) . قلت وما دخنه ؟ قال: ( قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر ). قلت:فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: ( نعم دعاة إلى أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها).قلت:يا رسول الله صفهم لنا ؟ فقال:( هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ) .قلت:فما تأمرني إن أدركني ذلك ؟قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم. قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ؟ قال:
( فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك " (1) .
وبهذا يتضح أن لزوم جماعة المسلمين، وطاعة ولي الأمر واجب شرعي أكّده منهج التربية الإسلامية ، وأن طلاب الحلقات القرآنية يدركون أثر طاعة ولاة الأمر أكثر من غيرهم فهم يتقربون بذلك إلى الله عزّ وجل، وبالتالي سوف يطيعون حكّامهم، ويناصرونهم ؛ لأن قوة ولاة الأمر والالتفاف حولهم يؤدي إلى إقامة العدل، ورفع الظلم، وحفظ النفوس، وصيانة الأموال، وحماية الأعراض، ورعاية المقدسات، وحصول الطمأنينة والأمن، بل إن قوة السلطان سوف تؤدي إلى الالتزام بتعاليم الإسلام، واحترام حقوق الآخرين، وحماية المجتمع من الجريمة والمجرمين .
9- الرعاية التربوية لطلاب الحلقات القرآنية :
__________
(1) البخاري، صحيح البخاري، مرجع سابق، ح (3411)، 3/1319 .(1/35)
إن رسالة الحلقات القرآنية رسالة كبيرة وشاملة لا تتوقف في الجانب التعبدي بل تشمل جوانب أخرى تساعد على ترسيخ مفهوم الأمن الاجتماعي في المجتمع من خلال البرامج التربوية والثقافية والتوجيهية التي يتلقاها الطالب في الحلقات القرآنية، وهذه الرعاية التربوية بمفهومها الشامل المستمد من منهج التربية الإسلامية تتحقق من خلال :
وجود قدوة صالحة في حياة التلميذ بدءاً من الأسرة مروراً بوسائط التربية الأخرى، فإذا وجد الولد قدوة صالحة في المنزل، ثم قدوة صالحة في الحلقة القرآنية، فهذا في الغالب سوف يسهم في بناء شخصية الفرد، ويحفظه من الانحراف؛ لأن القدوة من عوامل التأثير في سلوك الفرد، ولها أثر بالغ فيما يشب عليه الولد من ميول وعادات وأخلاق .
الرعاية التربوية الشرعية فغرس العقيدة الصحيحة في نفوس الناشئة، وتربيتهم على ذلك، وربطهم بالحلقة القرآنية منذ الصغر يجعلهم يعتادون الالتزام بالطاعة وأداء العبادة، وحفظ القرآن،والتخلق بالأخلاق الحسنة .
الرعاية العقلية، وتتمثل هذه الرعاية في تلقي العلوم المفيدة والنافعة التي لها أثرها في سلوك الإنسان، والتي تكون بعدئذ الدرع الواقي للتلميذ من الانحراف، وخاصة أن حفظ القرآن الكريم،وتعلم أحكامه ومدارسته في المسجد سوف يحفظه في الغالب من الوقوع في جنوح الأحداث بل تلحقه الخيرية كما جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " خيركم من تعلم القرآن وعلّمه " (1) .
وفي ضوء ما سبق يتضح أن الحلقات القرآنية وما تقدمه للتلاميذ من توجيهات متنوعة هي صمّام الأمن الذي يحميهم من الوقوع في الانحرافات الأخلاقية والسلوكية .
__________
(1) البخاري، صحيح البخاري، مرجع سابق، ح(4739)، 4/1919 .(1/36)
وقد دلت إحدى الدراسات الميدانية التي أجريت على الأحداث الجانحين " أن الفشل في الدراسة يظهر دائماً عند المنحرفين في سن مبكرة ، وجاء في دراسة أخرى أن الكثير من الدراسات العلمية تشير إلى أن نسبة جنوح الأحداث تزايد بمقدار سبعة أضعاف بين الأطفال الفاشلين دراسياً وذلك لدى مقارنتها بالأطفال الأسوياء من غير الفاشلين "(1).
وعلى هذا فإن إلحاق الأولاد بالحلقات القرآنية مبكراً ،وربطهم ببرامجها التربوية والتعليمية سوف يسهم في تفوقهم الدراسي وتميزهم الأخلاقي،وبالتالي يسلمون من الانحراف السلوكي بمظاهره المختلفة
لأن الحلقات تقوي الإيمان لدى طلابها من خلال برامجها التي تؤدي إلى إعداد التلميذ الصالح المصلح ،قال تعالى:"وما كان ربك ليهلك القرى وأهلها مصلحون".
وقد أكدت السنة النبوية المطهرة أن لقوة الإيمان أثراً كبيراً في سلوك الفرد،بينما ضعيف الإيمان قد ينزع إلى الانحراف والجريمة ولذلك جاء في الحديث " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن ، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن " (2).
__________
(1) صالح أحمد الريمي ، أساليب وقاية الطلاب من الانحراف كما يراها التربويون في المدارس المتوسطة الحكومية بمدينة الرياض ، جامعة نايف العربية ، 26،27 للعلوم الأمنية ، 1425هـ/1426هـ
(2) البخاري، صحيح البخاري ، ح(2343)، 2/875.(1/37)
وهذا ما دلت عليه الآية القرآنية الكريمة "وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلاّ خطئاً "(النساء ، آية9). فالآية تشير إلى أن الإيمان يمنع صاحبه من الاعتداء والإجرام على الآخرين ، وإذا صدر من المؤمن انحراف أو اعتداء فإنه غير متعمد وإنما يكون عن طريق الخطأ وهذا يعني أن الإيمان والاستقامة التي يكتسبها الفرد ويتربى عليها في الحلقات القرآنية سوف تحول بينه وبين الموبقات والمحرمات والجرائم غالباً وبهذا يتضح أثر التوجيه والإرشاد في الحلقات القرآنية في حماية المجتمع ؛ لأن التربية على الأخلاق الحميدة والآداب السامية بالقدوة والسلوك من جميع القائمين بالتعليم والتربية داخل الحلقات القرآنية يثمر الحرص على الخير، وإشاعة الكلمة الطيبة بين التلاميذ ومن يعايشونهم وزرع المحبة بينهم بل سوف يتوجه الطلاب إلى الخير والصلاح وحب المجتمع والوطن والأمة وولاة الأمر والعلماء ، ولن يصدر منهم في الغالب ما يخل بالأمن الاجتماعي لأن هناك علاقة طردية بين الأمن والتعليم،وبخاص التعليم القرآني،فكلما زاد التعليم الصحيح والاهتمام به، زاد التمسك بالأمن ، وأصبح لدى المتعلم قدرة على مواجهة الانحرافات الفكرية المختلفة (1).
10- الحلقات القرآنية وملئ وقت الفراغ:
__________
(1) محمد شمس الدين خوجة ،الأمن الفكري لدى الطلاب أثره في استقرار المجتمع، وزارة التربية والتعليم،إدارة التعليم بمنطقة المدينة 1426هـ ص52.(1/38)
يؤدي الفراغ غالباً إلى انحراف الولد إذا لم تقدم له برامج نافعة يعمر بها وقته أو تقام بيئات تربوية صالحة كالحلقات القرآنية يقضي فيها وقته ؛ لأن الولد الذي يعيش في بيئة يكثر فيها الفراغ القاتل ، سوف يصبح مصدر إزعاج لوالديه وبيئته بل ربما تحول إلى منحرف أو عابث يعمل على إيذاء الآخرين ويعتدي على ممتلكات المجتمع حيث يُعد الفراغ من العوامل الأساسية التي تؤدي إلى انحراف الأولاد(1).
ومما يؤكد خطر الفراغ على سلوك الولد أن الدراسات الميدانية التي أجريت في مجتمعنا السعودي أكدت أن ظاهرة جنوح الأحداث والوقوع في الجرائم مرتبطة بموضوع الفراغ حيث ذكرت إحدى الدراسات أن معظم المحكوم عليهم في الإصلاحيات ودور الملاحظة الاجتماعية ودور التوجيه الاجتماعي بالمملكة كان لديهم أوقات فراغ كبيرة خلال اليوم. وأن معدل الفراغ عند بعضهم يصل إلى نصف اليوم أو أكثر .
وبينت دراسة أخرى أن أسباب تعاطي المخدرات في إصلاحية الحائر بالرياض أن معظم المتعاطين (36%) يشعرون بوقت فراغ في اليوم يصل إلى خمس ساعات فأكثر وإن (73%) من المبحوثين ذكروا بصراحة أن وقت الفراغ عامل رئيسي في تعاطي المخدرات .
وأثبتت دراسة أخرى عن الإجرام الجنسي أن وقت الفراغ له أثر واضح وعلاقة أكيدة بالجرائم الجنسية بشكل عام في المجتمع فقد تبين أن (40,1%)من المحكوم عليهم بجرائم جنسية لديهم أوقات فراغ طويلة في اليوم تمتد من 7إلى 12ساعة وهناك (35%) من المجرمين يشعرون بفراغ طويل أكثر من 12 ساعة يومياً (2).
__________
(1) عدنان حسن باحارث ، مسؤولية الأب المسلم في تربية الولد في مرحلة الطفولة ،جدة: دار المجتمع، ص567.
(2) محمد السيف،الظاهرة الإجرامية في ثقافة وبناء المجتمع السعودي ، مرجع سابق، ص89.(1/39)
وفي ضوء ما سبق يتضح لنا أهمية الحلقات القرآنية في المجتمع وأثرها في حفظ أفراد المجتمع من الانحراف لا سيّما الصغار حيث تملأ هذه الحلقات القرآنية أوقاتهم بالمفيد النافع من العلم والتوجيه والتأديب ؛ فتضيق مساحة الفراغ لدى طلاب الحلقة حيث أن الطالب أو الطالبة يقرأ ويسمّع ويتابع وبعد عودته إلى المنزل يراجع ويحفظ وهذان الأمران مهمان في استغلال فرصة الفراغ وجعلها نعمة كما جاء في الحديث " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ " (1)، وليس نقمة كما دلت الدراسات والبحوث الميدانية التي سبق الإشارة إليها؛ حيث أدى الفراغ بهؤلاء الأولاد والشباب إلى الانحراف والوقوع في الجريمة.
ولذلك أكد السلف الصالح على العناية بالوقت وعمارته، يقول ابن الجوزي : ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه،وقدر وقته،فلا يضيع منه لحظة في غير قربه ويقدم الأفضل فالأفضل من القول والعمل (2) .
و" لقد أثبتت الدراسات في علم الاجتماع أن ظاهرة الجنوح والجريمة في المجتمع السعودي ترتبط بحجم الفراغ ونمط النشاط الذي يمارس فيه ، وأشارت الدراسة إلى أن معظم المحكوم عليهم في الإصلاحيات ودور الملاحظة الاجتماعية ودور التوجيه الاجتماعي كان لديهم وقت كبير خلال اليوم"(3).
__________
(1) صحيح البخاري ، كتاب الرقاق ، باب ما جاء في الرقاق ح(6412).
(2) ابن الجوزي ، صيد الخاطر ، تحقيق : ناجي الطنطاوي ، دمشق، دار الفكر ، 1398هـ ، ص 05.
(3) أحمد الغنوم ، الآثار الاجتماعية للجريمة المعاصرة ، ندوة الأمن، ص242.(1/40)
وقد أكدت نتائج بعض البحوث "أن الأحداث الجانحين أكثر ممارسة للأنشطة السلبية من الأحداث الأسوياء في وقت الفراغ والوسيلة الترفيهية المتاحة ، كل هذه تعمل ...على تهيئة الجو المناسب للجنوح"(1)، لذلك كان الفراغ ذا أثر سلبي على سلوك الولد إذ لم يوظف بطريقة صحيحة، ويستثمر بما يعود بالنفع عليه من خلال الأنشطة التي يمارسها في أوقات الفراغ، ويشبع من خلالها احتياجاته الجسمية والعقلية والنفسية والاجتماعية .
11- طلاب حلقات التحفيظ متفوقون دراسياً .
يؤدي الالتحاق بالحلقات القرآنية إلى التفوق الدراسي بل أن الحفظ في المراحل المبكرة ينمي مدارك المتعلم ويحقق الاتزان النفسي والاجتماعي وقد دلت على هذا الملحظ التربوي دراسة علمية أجريت في المملكة العربية السعودية حيث أبانت الدراسة أن دفع النشء في سن مبكرة إلى حلقات ومدارس تحفيظ القرآن يمكنهم من التفوق لسهولة الحفظ في هذا السن والقدرة على الاستيعاب السريع والاسترجاع .
__________
(1) سليمان بن قاسم الفالح ،1409هـ ،عوامل تعاطي المخدرات، رسالة ماجستير منشورة، جامعة الإمام محمد بن سعود، كلية العلوم الاجتماعية، الرياض، ص150؛ نقلاً من الآثار الاجتماعية للجريمة المعاصرة، ص242 .(1/41)
كما كشفت الدراسة أن الانتظام في حلقات التحفيظ لا يتعارض مع قدرة الطلاب على التحصيل العلمي في المدارس والجامعات بل إن حفظ القرآن له أثر كبير في زيادة التحصيل الدراسي والتفوق حيث أن أكثر من ( 70% ) من الطلاب الذين بدءوا الحفظ في سن مبكرة متفوقون في دراستهم، ويحصلون على المراكز الأولى في المدارس والجامعات، وأن ما يزيد على (60%) من الحفظة يسلكون طريق التعليم الجامعي بما في ذلك الكليات العلمية مثل الطب والهندسة والصيدلة والعلوم ويتفوقون فيها (1) .
وبهذا يتضح أن طلاب الحلقات يسلمون من الانحرافات السلوكية، أو التأثر بالرفقة السيئة؛ حيث أن جو الحلقة التربوي والاجتماعي والأخلاقي يؤدي إلى ضبط سلوكهم، بل ويتعلمون السلوكيات الحسنة، ويجتنبون السلوكيات المنحرفة، وبهذا يصبح هؤلاء التلاميذ متميزون في دراستهم ؛ بسبب العناية التربوية التي وجدوها في هذه الحلقات، فالولد في الحلقة سوف يكتسب كل سلوك حسن ؛حيث يرتبط بنمط القدوة في ذهن المتعلم،والذي يعد أحد محركات سلوك الإنسان المهمة، وقد تبيّن لي من خلال عنايتي بالحلقات القرآنية، وإقامة الدورات التدريبية للمعلمين والموجهين أن غالب طلاب الحلقات يسلمون من الانحراف بفضل الله تعالى ثم بفضل ما تبذله الجمعيات الخيرية من جهود مع طلاب الحلقات ، ويتفوقون في الدراسة والتحصيل العلمي .
__________
(1) كانت نسبة طالب ثانية متوسط من طلاب الحلقات القرآنية والذي يحفظ (20) جزءاً 99,05، وطالبة أخرى في الصف السادس تحفظ ثلاثة أجزاء نسبتها 99,20، وأخرى في الصف نفسه حصلت على نسبة 96,75، وطالب في المرحلة الثانوية الصف الثاني ثانوي يحفظ (23) جزءاً من كتاب الله عز وجل حصل على نسبة 98,20 ..الخ .انظر ( مجلة مواكب، جمعية تحفيظ القرآن الكريم، جدة، عدد (27)، 1426هـ، ص 9 .(1/42)
وقد أشار سعادة المهندس الشيخ عبدالعزيز الحنفي رئيس جمعية تحفيظ القرآن الكريم بجدة في مقال له بمجلة مواكب عدد (27) 1426هـ ،ص 16، أن هدف الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن يتمثل في تربية الناشئة على حب العلم والتفوق الدراسي، فدورها تربوي تعليمي يغرس في الطلاب أخلاق القرآن الكريم ومقاصده، فالقضية هي تكوين شخصية المسلم المتخلق بأخلاق القرآن ، وعليه فإن الثمرة لجمعيات تحفيظ القرآن الكريم وحلقاتها هي التفوق العلمي، والتميز التربوي، والسلوك السوي.
وقد دلت إحدى الدراسات الميدانية التي أجريت على الأحداث الجانحين أن الفشل في الدراسة يظهر دائماً عند المنحرفين في سن مبكرة، وجاء في دراسة أخرى أن الكثير من الدراسات العلمية تشير إلى أن" نسبة جنوح الأحداث تتزايد بمقدار سبعة أضعاف بين الأطفال الفاشلين دراسياً وذلك لدى مقارنتها بالأطفال الأسوياء من غير الفاشلين"(1) .
وعلى ذلك فإن إلحاق الأولاد بالحلقات القرآنية مبكراً، وربطهم ببرامجها التربوية والتعليمية سوف يكون سبباً في تفوقهم في مدارسهم مستقبلاً، وتحبيبهم بالمدرسة، وجعلها مصدر جذب لهم، وبالتالي يسلمون من الانحراف السلوكي بمظاهره المختلفة .
وقد دلت الدراسات أن من أسباب الغلو والتطرف : الجهل بأحكام الشريعة الإسلامية المبنية على الحكم، وجلب المصلحة، ودرء المفسدة (2) .
12- ارتباط التلميذ بالمجتمع والمحافظة على سلامته وأمنه:
__________
(1) صالح أحمد الريمي، أساليب وقاية الطلاب من الانحراف كما يراها التربويون في المدارس المتوسطة الحكومية بمدينة الرياض، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية ، (26-27)، 1425 / 1426 هـ .
(2) أحمد الغنوم، الآثار الاجتماعية للجريمة المعاصرة، ندوة المجتمع والأمن، مرجع سابق، ص253 .(1/43)
إن التلميذ يتربى على المبادئ والأخلاقية والروحية والاجتماعية في المراحل المبكرة من عمره (مرحلة الحلقة القرآنية) سوف يصبح عنده مناعة إيمانية وحصانة أخلاقية تجعله يتبنى القيم الإسلامية ويرفض ما يخالفها لأنه ارتبط بالروابط التربوية الإيمانية فاكتسب الفضائل وسلم من الرذائل السلوكية؛ وهذه المعاني إذا عمقت في نفوس النشء ورسخت في قلوبهم فسوف يصبحون مصدراً للخير والنفع لأنفسهم ومجتمعهم.
ولأهمية هذا الأمر فقد كان السابقون يؤكدون على تعلم القرآن في المراحل العمرية المبكرة لأن تعليم القرآن وحفظه أساس التعليم ، وشعار الدين الذي يؤدي إلى تثبيت العقيدة ورسوخ الإيمان ،بل يتعلم الولد في الحلقة القرآنية المحبة والرحمة والتعاون والتكافل ولا يزال المسجد وحلقاته القرآنية والصحبة أقوى وسائل التربية الأمينة على مر العصور حيث أن المسجد "يؤدي إلى تهذيب النفوس من شوائب الحقد والضغينة المؤدية إلى التشتت وعدم الاتزان والمثيرة للنزاع والانقسام والشقاق إذ يغرس في الأفراد السلوك الصحيح لتنمية الشعور بأن المجتمع أسرة واحدة ، تجمعهم رابطة الإسلام وتضمهم وشيجة الإيمان من خلال المساواة التي من أبرز القيم من وحدة التي أصلها الإسلام في النفوس والمنبثقة من الأصل الإنساني " (1)، وبهذا فإن التعليم في الحلقة القرآنية يبعث في نفس المتعلم خشية الله تعالى، وحب الحق والخير وقبول العدل ومعاونة الناس وتربية الروح على الأخلاق الصالحة ونفع الآخرين قال صلى الله عليه وسلم "خير الناس أنفعهم للناس".
__________
(1) عبد الكريم العمري ، دور المسجد في تحقيق مفهوم الأمن الاجتماعي ، ندوة المجتمع والأمن ، مرجع سابق، ص20.(1/44)
إن التلميذ الذي يتردد على بيوت الله يومياً للصلاة وقراءة القرآن ومدارسته في الحلقة القرآنية يصبح شخصية سوية لما للحلقة من أثر فعّال في غرس القيم الاجتماعية والأخلاقية في نفوس المتعلمين وحلول السكينة والطمأنينة في قلوبهم وبالتالي انعدام القلق والاضطراب والجنوح في حياتهم .
إن الارتباط بالمسجد وحلقة التحفيظ والمواظبة على قراءة القرآن الكريم مدعاة لارتباط الولد بالمجتمع،ووسيلة فاعلة في تحقيق التعاون والتفاعل الاجتماعي لأن تعليم القرآن في هذه الحلقات يمثل منهجاً شاملاً يقي المسلمين وأبناءهم بل والنشء المراهق الفتن والشرور المختلفة ،بل يسلم المجتمع من النزاع والفرقة بين أفراده ، ولقد عجزت المجتمعات المعاصرة أن تحقق الأمن الاجتماعي بصورة شاملة بالرغم من كثرة إمكاناتها، وتقدم أجهزتها الأمنية؛ وذلك لأن الأمن الحقيقي أول ما يتحقق في نفوس أفراد المجتمع، ثم ينعكس أثره على جوانب حياتهم المختلفة .
إن الحلقة القرآنية المسجدية وسيلة فاعلة في اكتساب الأخلاق الإسلامية حيث أن التربية القرآنية للتلاميذ في الحلقة تساعدهم على الالتزام بالأخلاق الحسنة والابتعاد عن مواطن الانحراف وبالتالي السلامة من الرذائل السلوكية التي تظهر غالباً عند بعض فئات المجتمع الذين لا ينتسبون لحلقات القرآن ؛ إما بسبب رفقة السوء ، أو الفراغ أو ضعف التحصيل العلمي ، والجهل بالقرآن والسنة النبوية وسيرة الصالحين.بينما طلاب الحلقات القرآنية يسلمون من هذه المؤثرات السلوكية المنحرفة وبالتالي يتأثرون بأخلاق القرآن ويستفيدون من البرامج التربوية الإيمانية التي تقدمها الحلقات القرآنية فتعزز القيم الإنسانية في نفوسهم .(1/45)
إن الحلقات القرآنية مصدر مهم للتربية الوقائية للأولاد منذ الصغر حيث يتم توجيه سلوكهم نحو الخير وحمايتهم من الانحراف حيث يحفظون القرآن ، ويقضون وقتهم في المفيد النافع وتدفعهم نحو السلوك السويّ المتفق مع قيم المجتمع ومبادئه المستمدة من منهج التربية الإسلامية من خلال تنشئتهم على حفظ القرآن الكريم .
مراجع البحث :
القرآن الكريم .
أحمد بن حنبل، المسند، د . ط ، القاهرة: مؤسسة قرطبة، د.ت .
أحمد عمر، منهج التربية في القرآن والسنة، ط1، دمشق : دار المعرفة، 1416هـ .
أحمد الغنوم ، الآثار الاجتماعية للجريمة المعاصرة ، الرياض: بحوث ندوة الأمن والمجتمع، كلية الملك فهد الأمنية، 1426هـ .
أنور الجندي، الخنجر المسموم الذي طعن به المسلمون، القاهرة: دار الاعتصام، د.ت .
البخاري، الجامع الصحيح المختصر ( صحيح البخاري)،تحقيق: مصطفى ديب البغا، بيروت: دار ابن كثير- اليمامة، 1407هـ
البدري، الأمة الإسلامية من التبعية إلى الريادة، ، 1414هـ
الترمذي،سنن الترمذي، تحقيق: أحمد محمد شاكر وآخرون، بيروت: دار إحياء التراث العربي، د .ت .
ابن تيمية، السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية، بيروت: دار المعرفة، د.ت .
جابر عبد الحميد جابر، وآخر، مناهج البحث في التربية وعلم النفس، دار النهضة العربية، 1978م .
ابن الجوزي ، صيد الخاطر ، تحقيق : ناجي الطنطاوي ، دمشق، دار الفكر ، 1398هـ .
ابن حجر، فتح الباري شرح صحيح البخاري، د.ط، بيروت: دار المعارف،1379هـ .
ابن خلدون، المقدمة، دار الباز للنشر والتوزيع، مكة المكرمة، 1398هـ .
سليمان بن قاسم الفالح ،عوامل تعاطي المخدرات، رسالة ماجستير منشورة، جامعة الإمام محمد بن سعود، كلية العلوم الاجتماعية، الرياض،1409هـ .
السيوطي، الدر المنثور، د.ط، بيروت: دار الفكر، 1993م .(1/46)
صالح أحمد الريمي، أساليب وقاية الطلاب من الانحراف كما يراها التربويون في المدارس المتوسطة الحكومية بمدينة الرياض، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية ، (26-27)، 1425 / 1426 هـ .
صالح عالم شاه،جمعية تحفيظ القرآن الكريم بمكة المكرمة ومدى تحقيقها لأهدافها التربوية،رسالة ماجستير غير منشورة، أم القرى، 1422هـ .
صلاح الحارثي، دور التربية الإسلامية في مواجهة التحديات المعاصرة، جدة: مكتبة السوادي للتوزيع، 1424هـ .
الطبراني،المعجم الكبير، تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي،ط2، الموصل: مكتبة العلوم والحكم،1983م .
عبد الرحمن الزنيدي، العولمة الغربية والصحوة الإسلامية، دار أشبيليه،الرياض، 1421هـ
عبد الرحمن بن عبد الخالق الغامدي، دور الأسرة في تربية أولادها، الرياض، دار الخريجي للنشر والتوزيع، 1418هـ .
عبد الكريم العمري، دور المسجد في تحقيق الأمن الاجتماعي،الرياض، بحوث ندوة الأمن والمجتمع، كلية الملك فهد الأمنية، عدد(3)، 1425هـ .
عبد الله علوان، تربية الأولاد في الإسلام، بيروت، دار السلام، 1997م .
عدنان حسن باحارث ، مسؤولية الأب المسلم في تربية الولد في مرحلة الطفولة ،جدة: دار المجتمع،د.ت .
عدنان العنوم،أثر سماع القرآن الكريم على الأمن النفسي،مجلة جامعة أم القرى، عدد(8)، 1418هـ .
علي بن إبراهيم الزهراني، مهارات التدريس في الحلقات القرآنية المدينة، مكتبة الدار، 1419هـ .
عوض محمد، مبادئ علم الإجرام، مؤسسة الثقافة الجامعية ، الإسكندرية ، 1980م .
القرطبي، الجامع لأحكام القرآن،القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1987م .
ابن القيم، مدارج السالكين، بيروت : دار الفكر، 1402هـ .
ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، تحقيق: عبد العزيز غنيم وآخرون، القاهرة دار الشعب، (د.ت) .
محمد أسد،الإسلام على مفترق الطرق، ترجمة:عمر فروخ، بيروت: دار العلم،1398هـ .(1/47)
محمد السيد يوسف، منهج القرآن في إصلاح المجتمع، القاهرة: دار السلام، 1422هـ .
محمد السيف،الظاهرة الإجرامية في ثقافة وبناء المجتمع السعودي، الرياض: دار ابن لعبون،1416هـ .
محمد شمس الدين خوجة ،الأمن الفكري لدى الطلاب أثره في استقرار المجتمع،وزارة التربية والتعليم،إدارة التعليم بمنطقة المدينة 1426هـ .
محمد الصايم عثمان وآخر، المسؤولية الأمنية ودور المؤسسات التعليمية في تحقيقها،ندوة المجتمع والأمن،1425هـ .
محمد عثمان نجاتي، القرآن وعلم النفس، القاهرة : دار الشروق، 1982م .
محمد عثمان نجاتي، منهج التأصيل الإسلامي لعلم النفس، مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، عدد(3)، 1410هـ .
محمد الغزالي، بحوث ندوة أسس التربية الإسلامية، مكة المكرمة،جامعة أم القرى، 1400هـ .
محمد فاروق النبهان، الأمن الاجتماعي والمجتمع العربي ، مجلة الأمن، عدد(7)، شوال، 1413هـ .
محمد لبيب النجيحي، الأسس الاجتماعية للتربية، بيروت: دار النهضة العربية، د.ت .
محمد بن يحيى النجيمي، دور الأسرة في انحراف الأولاد، بحوث ندوة المجتمع والأمن، مركز البحوث والدراسات، كلية الملك فهد الأمنية، الرياض، 1425هـ .
ابن مسلم ، صحيح مسلم ، تحقيق : محمد فؤاد عبد الباقي ،د.ط، بيروت : دار إحياء التراث العربي، د.ت .
ناصر بن علي الخليفي ، الأمن الاجتماعي وأهميته ، حملة التضامن الوطني ضد الإرهاب ، جامعة الملك فهد للبترول والمعادن ،1426هـ .
ناهد عبد العال الخراشي، أثر القرآن في الأمن النفسي، القاهرة، 1407هـ .
النيسابوري، المستدرك على الصحيحين،تحقيق: مصطفى عبدالقادر عطا،ط1، بيروت: دار الكتب العلمية،1411هـ .
فهرس الموضوعات .
العنوان ... الصفحة
المبحث الأول : مدخل الدراسة . ... 1
المقدمة . ... 1
موضوع الدراسة . ... 3
أهمية البحث . ... 4
أهداف البحث . ... 5
منهج البحث . ... 5
مصطلحات البحث . ... 5(1/48)
المبحث الثاني : أهداف الحلقات القرآنية والأمن الاجتماعي . ... 7
أهداف الحلقات القرآنية . ... 7
أهمية الأمن الاجتماعي . ... 8
المبحث الثالث : أثر الحلقات القرآنية في تحقيق الأمن الاجتماعي . ... 11
1- تقوية صلة طلاب الحلقة بالله عزّ وجل . ... 12
2- المحافظة على الهوية الإسلامية . ... 14
3- الحماية من الجريمة . ... 15
4- التربية الجماعية . ... 16
5- الرجوع إلى أهل العلم والخبرة والدعوة عند الحاجة وحدوث الفتن . ... 17
6- تقوية الوازع الديني لدى الطلاب . ... 17
7- الحلقة القرآنية تحفظ الولد من الخلطة الفاسدة، ورفاق السوء . ... 20
8- طاعة ولاة الأمر ومحبتهم . ... 21
9- الرعاية التربوية لطلاب الحلقات القرآنية . ... 22
10- الحلقات القرآنية وملئ وقت الفراغ . ... 24
11- طلاب حلقات التحفيظ متفوقون دراسياً . ... 26
12- ارتباط التلميذ بالمجتمع والمحافظة على سلامته وأمنه . ... 28
المبحث الرابع : النتائج والتوصيات . ... 30
مراجع البحث . ... 32
فهرس الموضوعات . ... 35(1/49)