المقدمة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا... أما بعد:
فقد أوجب الله ( لأهل بيت نبيه ص حقوقًا، وخصهم بفضائل، وقد ظهر الفرق جليًا بين أهل السنة وبين مخالفيهم في تلقيهم لهذه الحقوق والفضائل، فأهل السنة أقروا بها وقاموا بها دون أي غلو أو تفريط، أما مخالفوهم فقد كانوا على طرفي نقيض في هذا، فمنهم من زاد على هذه الحقوق أشياء حتى بلغ بأصحابها منزلة رب العالمين، ومنهم من تركها واعترض عليها، حتى جعل أصحابها في منزلة الظالمين الكافرين.
فنسأل الله ( أن يعيننا على بيان هذه الحقوق وأدائها على وجهها الذي أمر به وأمر به نبيه صلوات الله وسلامه عليه.
التعريف اللغوي
- يقال: أهل الرجل زوجه، والتأهل التزويج، قاله الخليل(1).
وأهل البيت سكانه، وأهل الإسلام من يدين به(2).
- أما الآل: فجاء في معجم مقاييس اللغة قوله: "آل الرجل أهل بيته"(3).
- وقال ابن منظور: "وآل الرجل أهله، وآل الله وآل رسوله أولياؤه، أصلها (أهل) ثم أُبدلت الهاء همزة، فصار في التقدير (أأل)، فلما توالت الهمزتان أبدلوا الثانية ألفًا"(4).
وهو لا يضاف إلا فيما فيه شرف غالبًا، فلا يقال: آل الحائك خلافًا لأهل، فيقال: أهل الحائك.
وبيت الرجل داره وقصره وشرفه(5)، وإذا قيل: البيت انصرف إلى بيت الله الكعبة؛ لأن قلوب المؤمنين تهفو إليه والنفوس تسكن فيه، وهو القبلة، وإذا قيل: أهل البيت، في الجاهلية، انصرف إلى سكانه من قريش خاصة، وبعد الإسلام إذا قيل: أهل البيت، فالمراد آل رسول الله ص(6).
*…*…*
التعريف الاصطلاحي
اختلف العلماء في تحديد آل النبي ص على أقوال أشهرها:
القول الأول: هم الذين حرِّمت عليهم الصدقة، وبه قال الجمهور.(1/1)
القول الثاني: هم ذرية النبي ص وأزواجه خاصة، اختاره
ابن العربي(7) وانتصر له، ومن القائلين بهذا القول مَنْ أخرج زوجاته.
القول الثالث: آل النبي ص هم أتباعه إلى يوم القيامة، واختاره الإمام النووي من الشافعية(8) والمرداوي من الحنابلة(9).
القول الرابع: هم الأتقياء من أمته.
والراجح من هذه الأقوال هو القول الأول.
مسألة: من هم الذين حُرِّمت عليهم الصدقة؟
الجواب: هم بنو هاشم وبنو المطلب، وهذا هو الراجح؛
لقول النبي ص: (إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد) (10)، ومن العلماء من قَصَرَ التحريم على بني هاشم فقط دون بني المطلب.
*…*…*
مفهوم آل البيت عند الشيعة الإثني عشرية
جمهور الشيعة يرون أن المراد بأهل البيت هم أصحاب الكساء الخمسة، وأنهم هم الذين نزلت فيهم آية التطهير: * ((((((( ((((((( (((( (((((((((( ((((((( (((((((((( (((((( (((((((((( ((((((((((((((( (((((((((( (((( &[سورة الأحزاب] وهم: محمد ص وعلي وفاطمة والحسن والحسين ي، وقد زادت الجعفرية على أصحاب الكساء بقية الأئمة الاثني عشر، مع أنه لم يرد لهم في حديث الكساء أي ذكر.
وهم يرون عدم دخول أمهات المؤمنين في مسمى آل البيت(11)، واستدلوا على ذلك الحصر بآية التطهير السابقة، ونحن نقول: أين الحصر في الآية الذي بموجبه زعموا أن زوجات الرسول ص لا يدخلن فيه؟ فإن نص الآية وسباقها يدل ولأول وهلة أن المراد بأهل البيت أزواج النبي ص أمهات المؤمنين؛ لأن ما قبل آية التطهير وما بعدها خطاب لهن رضي الله عنهن، ولهذا قال بعد هذا كله:
* (((((((((((( ((( (((((((( ((( ((((((((((( & [الأحزاب:34].
وكذلك تزعم الشيعة أن خطاب التذكير في قوله تعالى: (عنكم) و(يطهركم) يمنع من دخول أمهات المؤمنين في جملة أهل البيت، وهذا مردود؛ وذلك لأنه إذا اجتمع المذكر والمؤنث في جملة غلب المذكر، والآية عامة في جميع آل البيت كما سبق، فناسب أن يعبر عنهم بصيغة المذكر.(1/2)
وإذا كان الشيعة -هداهم الله- قد تشددوا في الاستدلال بدلالة الحصر وخطاب التذكير على عدم دخول أزواج النبي ص
في آل البيت، فإننا نلزمهم الآتي:
أولًا: تركهم ومخالفتهم لاستدلالهم السابق، وذلك لعدم تقيدهم بالحصر، فقد أدخلوا مع أصحاب الكساء غيرهم!! فأين الأدلة والنصوص التي تدل على إدخال غيرهم معهم؟
ثانيًا: حصر آل الرسول ص في علي والحسن والحسين ي، وفي تسعة من أبناء الحسين فقط. فهل هؤلاء هم آل بيت رسول الله ص؟
يا سبحان الله! أين أعمام رسول الله ص؟!
- أليس حمزة بن عبد المطلب ا أسد الله وأسد رسوله شهيد أحد وفارسَ بدر، وعندما استشهد حزن عليه النبي ص حزنًا شديدًا وقال: (سيد الشهداء عند الله يوم القيامة حمزة)(12)؟!
- أليس العباس بن عبد المطلب ا شهد فتح مكة وثبت يوم حنين، وقال فيه النبي ص: (إن العباس مني وأنا منه)(13) وقال: (يا أيها الناس! من آذى عمي فقد آذاني؛ فإنما عم الرجل صنو أبيه)(14).
أين أبناء أعمام النبي ص؟!
- أليس جعفر الطيار ا صاحب المآثر والمحامد، وهو الذي قال له النبي ص: (أشبهت خَلْقي وخُلُقي)(15) وقد كان أحد السابقين إلى الإسلام، وممن هاجر إلى الحبشة، ولم يزل هناك إلى أن هاجر النبي ص إلى المدينة، فقدم إلى المدينة يوم فتح خيبر، ففرح به النبي ص فرحًا شديدًا، وقام إليه وعانقه وقبَّله بين عينيه.
ولما أرسله النبي ص إلى مؤتة نائبًا لزيد بن حارثة ا أبلى بلاءً حسنًا، وقاتل حتى قطعت يداه واستشهد، فعوَّضه الله عن يديه جناحين في الجنة، فكان يقال له بعد قتله: الطيار، ولما بلغ النبي ص نبأ استشهاده حزن عليه حزنًا شديدًا، وقال: (دخلت الجنة البارحة فنظرت فيها وإذا جعفر يطير مع الملائكة)(16) وقال: (مر بي جعفر الليلة في ملأ من الملائكة، وهو مخضب الجناحين بالدم أبيض الفؤاد)(17). فهذه بعض مناقبه التي تدل على عظيم مكانته وعلو شأنه فرضي الله عنه وأرضاه.(1/3)
- أليس عبد الله بن عباس ب حبر الأمة وترجمان القرآن؛ وقد كان يلقب بالحبر والبحر لاتساع علمه وكثرة فهمه، وكمال عقله وسعة فضله؛ فقد لازم النبي ص، ودعا له ص بالفقه في الدين وعلم التأويل، وكان ممن شهد مع علي ا الجمل وصفين، وقد اعترف له بذلك الفضل كبار الصحابة ي والتابعون لهم بإحسان؟
- أين بقية ذرية الحسين ا؛ مثل حفيده شهيد الكوفة زيد بن علي بن الحسين، وسائر ذرية أولاده؟!
- أين ذرية الحسن ا؟
- أين حقوق هؤلاء؟ وهل هم من آل البيت أم ليسوا منهم؟!
وإن لم يكونوا منهم فمن الذي أخرجهم؟ وبأي دليل أخرجهم من آل البيت؟
وقد ذهب بعض الجعفرية إلى عدم حصر آل البيت بهؤلاء، وقال: هؤلاء هم الأئمة المعصومون، وآل البيت أشمل وأعم، وربطها بصفات(18). فجعلها عامة تشمل من اتصف بتلك الصفات أيًا كان نسبه ووطنه وقوميته.
ولكن هذا لا يكاد يوجد إلا في بطون بعض الكتب، أما الواقع فهو كما تشاهد.
إذًا: مما سبق يظهر جليًا الفرق الشاسع بين أهل السنة وبين مخالفيهم في بيان من هم أهل البيت.
فضائل آل البيت عند أهل السنة
أولًا: فضائلهم في القرآن:
مما لا شك فيه أن أهل البيت ورد في شأنهم، وعلو مكانتهم، ورفعة درجاتهم، وتطهيرهم وذهاب الرجس عنهم؛ نصوص واضحة البيان في مواضع متعددة من القرآن، منها:(1/4)
1) قوله تعالى: * (((((((( ((( ((((((((((( (((( (((((((((( (((((((( ((((((((((((((( ((((((((( (((((((((( ((((((((((( (((((((((( ((((((((((( (((((((((( (((( ((((((((((((( ( ((((((( ((((((( (((( (((((((((( ((((((( (((((((((( (((((( (((((((((( ((((((((((((((( (((((((((( (((( & [سورة الأحزاب]، وهذه الآية هي منبع فضائل أهل البيت النبوي، حيث شرَّفهم الله تعالى بها وطهرهم، وأذهب عنهم الرجس من الأفعال الخبيثة والأخلاق الذميمة، وقد جاء في صحيح مسلم(19) عن عائشة ل قالت: (خرج النبي × غداة وعليه مرط مرحّل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: * ((((((( ((((((( (((( (((((((((( ((((((( (((((((((( (((((( (((((((((( ((((((((((((((( (((((((((( (((( & ).
2) قوله تعالى: * (((((( (((((((( ((((( (((( (((((( ((( (((((((( (((( (((((((((( (((((( ((((((((((( (((((( ((((((((((((( (((((((((((((((( ...& [آل عمران:61] الآية.
ففي هذه الآية فضيلة كبرى لأصحاب الكساء، فقد جاء في صحيح مسلم(20) من حديث سعد بن أبي وقاص ا قال: "لما نزلت هذه الآية: * (((((( ((((((((((( (((((( ((((((((((((( (((((((((((((((( & [آل عمران:61] دعا رسول الله × عليًا وفاطمة وحسنًا وحسينًا، فقال: اللهم هؤلاء أهلي".
ثانيًا: فضائلهم في السنة:(1/5)
1- ما ورد في صحيح مسلم(21) عن يزيد بن حيان قال: (انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم، فلما جلسنا إليه قال له حصين: لقد لقيت يا زيد خيرًا كثيرًا، رأيت رسول الله ×، وسمعت حديثه، وغزوت معه، وصليت خلفه، لقد لقيت يا زيد خيرًا كثيرًا، حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله ×، قال: يا ابن أخي، والله لقد كبرت سني، وقدم عهدي، ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله ×، فما حدثتكم فاقبلوا، وما لا فلا تكلفونيه، ثم قال: قام رسول الله × يومًا فينا خطيبًا بماء يدعى خمًا، بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكَّر، ثم قال: أما بعد:
ألا أيها الناس! فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب،
وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما: كتاب الله؛ فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به. فحث على كتاب الله ورغَّب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي...) الحديث.
فهذا الحديث فيه دلالة واضحة على فضيلة أهل بيته ص، حيث جعلهم ص ثقلًا وقرن الوصية بهم بالوصية بالالتزام والتمسك بكتاب الله الذي فيه الهدى والنور، وهذا دليل واضح على عظيم حقهم، وارتفاع شأنهم، وعلو مكانتهم.
2- روى مسلم في صحيحه(22) عن واثلة بن الأسقع قال: سمعت رسول الله ص يقول: (إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم).
3- روى الإمام أحمد في مسنده(23) بإسناده عن رجل من أصحاب النبي ص أنه كان يقول: (اللهم صلِّ على محمد، وعلى أهل بيته، وعلى أزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد، وبارك على محمد، وعلى أهل بيته، وعلى أزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد).(1/6)
قال ابن القيم /: "فجمع بين الأزواج والذرية والأهل، وإنما نص عليهم بتعيينهم ليبين أنهم حقيقون بالدخول في الآل، وأنهم ليسوا بخارجين منه، بل هم أحق من دخل فيه، وهذا كنظائره من عطف الخاص على العام وعكسه؛ تنبيهًا على شرفه، وتخصيصًا له بالذكر من بين النوع؛ لأنه أحق أفراد النوع بالدخول فيه"(24).
هذه بعض الآيات والآثار في فضائل آل البيت †، وسوف يأتي مزيد من ذلك في مبحث حقوق آل البيت †.
وبعد هذا أقول: أيها القارئ الكريم -من غير إلزام- انظر في فهارس صحيح البخاري ومسلم وغيرها من مصادر أهل السنة لكي تدرك الأحاديث التي رواها أهل السنة في كتبهم في مناقب وفضائل أهل البيت، والتي منها ما روي عامًا ومنها ما ورد بذكر الأعيان.
*…*…*
عقيدة أهل السنة والجماعة في آل البيت
عليهم السلام
يتهم الشيعة أهل السنة بأنهم يبغضون أهل البيت؛ لذا يسمونهم بالنواصب أو الخوارج، ولكن الحق أن مذهب أهل السنة مذهب مستقل، ومذهب النواصب والخوارج مذهب آخر..
فأهل السنة وسط في حب آل البيت بين المذاهب:
- فالشيعة يغالون في حب آل البيت، ومنهم من يطوف على قبورهم، ويدعوهم بكشف الضر وجلب النفع، ومنهم من يزعم أنهم يعلمون الغيب... إلخ.
- وأما النواصب! فيبغضون آل البيت ويحاربونهم، والخوارج منهم قتلوا عليًا ا وشنعوا عليه..
- وأما أهل السنة فيحبون آل البيت ويذكرون فضائلهم، ويعتبرون حبهم إيمانًا، وبغضهم نفاقًا، لكنهم لا يغلون فيهم، فلا يطوفون حول قبورهم؛ لأن الله أمر بالطواف حول الكعبة فقط، ولأن الطواف عبادة والعبادة لا تكون إلا لله... وكذلك لا يدَّعون فيهم أنهم يعلمون الغيب؛ لأن الله يقول: * ((( (( (((((((( ((( ((( ((((((((((((( (((((((((( (((((((((( (((( (((( & [النمل:65].(1/7)
كذلك من البدهيات المعروفة لدى عامة المسلمين فضلًا عن علمائهم، أن الإنسان لا يجوز له أن يقتل نفسه، فإذا كان الإمام يعلم الغيب وأن ما يشربه هو سم، فهل يصح هذا مع القاعدة السابقة... قال تعالى: * (((( (((((((((((( ((((((((((( ( (((( (((( ((((( (((((( (((((((( (((( & [النساء:29] وقال رسول الله ×: "ومن تحسى سمًا فقتل نفسه، فسمه في يديه يتحساه في نار جهنم، خالدًا مخلدًا فيها أبدًا"، وهل يصح الخروج بالأولاد الصغار إلى مصارعهم وقد قال تعالى: * (((( (((((((((((( ((((((((((((( & [الإسراء:31]، بل هذا رسول الله × -وهو أفضل خلق الله وأكرمهم عليه- يقول كما أمره ربه: * (((((( ((((( (((((((( (((((((((( (((((((((((((( (((( (((((((((( ((((( (((((((( ((((((((( & [الأعراف:188].
وبهذا لا يمكن القول بأن الائمة يعلمون الغيب؛ لأنه يترتب على ذلك إشكالات كثيرة.
وهذه العقيدة -عقيدة أهل السنة في آل البيت رضوان الله عليهم- موجودة في كتبهم: كتب الحديث، وكتب العقائد، وكتب الفقه، حيث يذكرها كل صاحب مصنف في الموضع الذي يناسبه، ففي كتب الحديث تجد أبوابًا في فضائلهم، وفي كتب العقائد تجد أبوابًا في بيان المعتقد فيهم، وفي كتب الفقه تجد أبوابًا فيما يتعلق بهم من أحكام، كتحريم الصدقة عليهم.. وغير ذلك.(1/8)
وخلاصة الكلام في عقيدة أهل السنة هو ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية(25)، ورسالته هذه مع أنها مختصرة جدًا، إلا أنه قال فيها: "ويحبون أهل بيت رسول الله ×، ويتولونهم، ويحفظون فيهم وصية رسول الله ×، حيث قال يوم غدير خم: (أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي)(26) وقوله × أيضًا للعباس عمه، وقد اشتكى إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشم، فقال: (والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي)(27)، وقال: (إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم)(28)"(29).
أي: من أصول أهل السنة والجماعة محبة آل البيت، وسبب هذه المحبة أمران: إيمانهم وقرابتهم، فإذا اجتمع هذان الأمران لا يكرهونهم أبدًا.
فإن كفروا فإننا لا نحبهم ولو كانوا من أقارب الرسول عليه الصلاة والسلام، فأبو لهب عم النبي ص لا يجوز أن نحبه بأي حال من الأحوال، بل يجب أن نكرهه لكفره ولإيذائه النبي ص(30).
وقد قال الإمام الطحاوي / في العقيدة الطحاوية(31): "ونثبت الخلافة بعد رسول الله ص أولًا لأبي بكر الصديق ا، تفضيلًا له وتقديمًا على جميع الأمة، ثم لعمر بن الخطاب ا، ثم لعثمان ا، ثم لعلي ا".
قال ابن أبي العز / في شرح هذه الجملة: "أي: ونثبت الخلافة بعد عثمان لعلي ب، لما قتل عثمان، وبايع الناس عليًا صار إمامًا حقًا واجب الطاعة، وهو الخليفة في زمانه خلافة النبوة، كما دل عليه حديث سفينة، أنه قال: قال رسول الله ص: (خلافة النبوة ثلاثون سنة، ثم يؤتي الله ملكه من يشاء) (32) وكانت خلافة أبي بكر الصديق سنتين وثلاثة أشهر، وخلافة عمر عشر سنين ونصفًا، وخلافة عثمان اثنتي عشرة سنة، وخلافة علي أربع سنين وتسعة أشهر، وخلافة الحسن ابنه ستة أشهر.(1/9)
وأول ملوك المسلمين معاوية ا، وهو خير ملوك المسلمين، لكنه إنما صار إمامًا حقًا لما فوض إليه الحسن بن علي ب الخلافة..." (33).
فتأمل كيف أن أهل السنة يثبتون الخلافة من أبي بكر إلى تنازل الحسن وصلحه مع معاوية، وأن الملك يبدأ من تولي معاوية الحكم سنة أربعين من الهجرة، وهذا بناءً على الحديث السابق.
ثم قال ابن أبي العز / بعد أن ساق خلاف علي مع معاوية ب: "والحق مع علي ا؛ فإن عثمان ا لما قتل كثر الكذب والافتراء على عثمان، وعلى من كان بالمدينة من أكابر الصحابة، كعلي وطلحة والزبير، وعظمت الشبهة عند من لم يعرف الحال، وقويت الشهوة في نفوس ذوي الأهواء والأغراض ممن بعدت داره من أهل الشام، ومحبي عثمان تظن بالأكابر ظنون سوء، وبُلّغَ عنهم أخبار، منها ما هو كذب، ومنها ما هو محرف، ومنها ما لم يعرف وجهه..."(34).
فتأمل! كيف أن أهل السنة يرون أن الحق مع علي ا؛ لأنهم لا يجاملون أحدًا لكن يقولون الحق.
وأيضًا هم يعتذرون لجميع الصحابة، سواءً كان عليًا أو معاوية
أو غيرهما رضي الله عنهم أجمعين.
ثم إنهم يقولون: إن ما ينسب لعلي ا أو غيره من الصحابة لا يخلو من أحد أربعة أمور:
الأول: إما أنه كذب عليهم ي.
الثاني: وإما أنه محرف عن حقيقته، فزيد فيه أو نقص، وغُيِّر عن وجهه.
الثالث: وإما أن له سببًا لم يعرف.
الرابع: وإما أنهم مخطئون فيه باجتهاد، والله هو الذي سيحاسبهم وليس نحن.
ثم قال / عما جرى من الفتن في عهد علي ا: "والفتن التي كانت في أيامه قد صان الله عنها أيدينا فنسأل الله أن يصون عنها ألسنتنا بمنه وكرمه"(35).
*…*…*
وقفة
من المغالطات الكبرى التي صدّقها كثير من الشيعة وانتشرت واستقرت كحقيقة مسلمة في أذهانهم بلا برهان ولا دليل بينهم وصف أهل السنة بأنهم نواصب.
وأقول بكل ثقة ويقين: لا يمكن ذكر أي نقل عن أهل السنة فيه ذم أو تعرض لآل البيت كعلي وفاطمة وابنيها والعباس وجعفر الطيار وصالحي آل البيت †.(1/10)
بل إن إثبات أن أهل السنة تحدثوا عن هؤلاء بكلام لا يليق من المستحيلات.
ومن له معرفة بكتب أهل السنة يجد نقدهم للنواصب صريحًا واضحًا وكذلك تبديعهم للخوارج بل جعلهم من رؤوس الضلال.
واقرأ معي كلام شيخ الإسلام الذي رمي بالنصب، حيث يقول /: "وأما من قتل الحسين أو أعان على قتله أو رضي بذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين" (36).
وانظر إلى كلامه في نفس المرجع حول هذه القضية.
*…*…*
حقوق آل البيت عليهم السلام
لآل البيت † عند أهل السنة والجماعة حقوق وواجبات:
- منها: حق الموالاة والمحبة، فتجب محبتهم لإيمانهم، وتجب محبتهم لقرابتهم من رسول الله ×؛ حيث قال النبي ص: (أذكركم الله في أهل بيتي)(37)؛ ولحديث: (والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي)(38)، ولقوله تعالى: * ((( (( (((((((((((( (((((((( ((((((( (((( (((((((((((( ((( (((((((((((( & [الشورى:23].
وهذه الآية لها معنيان: أحدهما السابق، والآخر: أن تحبوني لقرابتي فيكم؛ فإنه لا يخلو بطن في قريش إلا وله صلة قرابة به ص.
- ومنها: حق الدفاع والذب عنهم، وتبرئة ساحتهم مما ينسب إليهم كذبًا وزورًا، والدفاع عنهم لا يعني مجرد الرد على من يسبهم، بل يشمل ذلك، ويشمل الرد على من غلا فيهم، وأنزلهم فوق منزلتهم؛ فإن ذلك يؤذيهم، وقد ألف شيخ الإسلام ابن تيمية / كتابه الكبير منهاج السنة في الرد على من غلا فيهم.
ومما يؤكد أن الغلو فيهم يؤذيهم: ما جاء في رجال الكشي(39) عن الإمام زين العابدين علي بن الحسين إ حيث قال: "إن اليهود أحبوا عزيرًا حتى قالوا فيه ما قالوا، فلا عزير منهم ولا هم من عزير، وإن النصارى أحبوا عيسى حتى قالوا فيه ما قالوا، فلا عيسى منهم ولا هم من عيسى، وإنا على سنة من ذلك، إن قومًا من شيعتنا سيحبونا حتى يقولوا فينا ما قالت اليهود في عزير، وما قالت النصارى في عيسى ابن مريم، فلا هم منا ولا نحن منهم" (40).(1/11)
- وقد أنكر جمع من علماء الشيعة على الغلاة منهم، وذكروا أشياء كثيرة من الغلو، لكن مع مضي القرون أصبح هذا الغلو من ضروريات مذهب الشيعة وعقائدهم، حتى قال أحد كبار علمائهم- عبدالله المامقاني أكبر شيوخهم في علم الرجال في هذا العصر-: "إن القدماء -يعني من الشيعة- كانوا يعدون ما نعده اليوم من ضروريات مذهب الشيعة غلوًا وارتفاعًا، وكانوا يرمون بذلك أوثق الرجال كما لا يخفى على من أحاط خبرًا بكلماتهم"(41).
- ومنها: مشروعية الصلاة عليهم، وذلك في عقب الأذان،
وفي التشهد آخر الصلاة، وعند الصلاة على النبي ص... فقد جاء في هذا عدة نصوص؛ كقوله تعالى: * (((( (((( ((((((((((((((((( ((((((((( ((((( (((((((((( ( ((((((((((( ((((((((( (((((((((( ((((((( (((((((( (((((((((((( (((((((((( (((( &[سورة الأحزاب] وكما جاء في الحديث لما سئل النبي × عن كيفية الصلاة عليه في الصلاة؟ قال: (قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم في العالمين إنك حميدٌ مجيد، والسلام كما قد علمتم)(42) فالصلاة على آله من تمام الصلاة عليه وتوابعها؛ لأن ذلك مما تقرُّ به عينه، ويزيده الله به شرفًا وعلوًا.
وقد ألف ابن القيم / كتابًا مستقلًا في فضل الصلاة على النبي ص سماه: "جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على محمد خير الأنام"، وقد بين فيه أن الصلاة على آل البيت حق لهم دون سائر الأمة، بغير خلاف بين الأئمة(43).
لكن قد يورد البعض مسألتين:
الأولى: أن أهل السنة كثيرًا ما يصلون على النبي ص بدون ذكر (الآل) فيقولون: صلى الله عليه وسلم.
والثانية: أن أهل السنة إذا صلوا على النبي ص في بداية الكلام يضيفون مع الآل الأصحاب، فيقولون: صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
والجواب على المسألة الأولى أن يقال:(1/12)
الأمر في ذلك واسع؛ فقد أمر الله في القرآن بالصلاة على النبي ص ولم يذكر الآل؛ كما قال سبحانه: * ((((((((((( ((((((((( (((((((((( ((((((( (((((((( (((((((((((( (((((((((( (((( & [سورة الأحزاب] فإن ذُكر الآل فأمر حسن، وإن لم يُذكروا فالأمر فيه سعة.
وأما الجواب على المسألة الثانية: فإن الله أمر نبيه بالصلاة على أصحابه في قوله: * ((((((( (((((((((( ( (((( (((((((((( (((((( (((((( & [التوبة:103]، ونحن مأمورون بالاقتداء به ص، فذكرهم في الصلاة مع النبي ص فيه سعة، وهو من الاقتداء بالنبي ص.
- ومن حقوق آل البيت † عند أهل السنة، حقهم من الخُمس(44)، كما قال تعالى: * (((((((((((((( ((((((( ((((((((( (((( (((((( (((((( (( ((((((((( (((((((((((( ((((((( (((((((((((( ((((((((((((((( (((((((((((((((( (((((((( (((((((((( & [الأنفال:41] وقوله تعالى: * (((( (((((((( (((( (((((( (((((((((( (((( (((((( (((((((((( (((( (((((((((((( ((((((( (((((((((((( ((((((((((((((( (((((((((((((((( (((((((( (((((((((( & [الحشر:7] وثبت في السنة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: (سمعت عليًا يقول: ولاني رسول الله × خُمس الخُمس، فوضعته مواضعه حياة رسول الله ×، وحياة أبي بكر، وحياة عمر، فأتي بمال فدعاني، فقال: خذه، فقلت: لا أريده، قال: خذه؛ فأنتم أحق به، قلت: قد استغنينا عنه. فجعله في بيت المال) رواه أبو داود(45).
لكنّ أهل السنة -بخلاف الشيعة- يقولون: إنهم يعطون من خمس الغنائم، وليس من خمس الأموال، فليس في الإرث خمس، وكذا في المسكن والسيارة وغيرها؛ لأن الله يقول: * (((((((((((((( ((((((( ((((((((( (((( (((((( (((((( (( ((((((((( & [الأنفال:41] فقال: * ((((((( ((((((((( & ولم يقل: من أموالكم.
ففي الخمس سهم خاص بذي القربى، وهو ثابت لهم بعد وفاة رسول الله ص، وهو قول جمهور العلماء، وهو الصحيح(46).(1/13)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فآل بيت النبي × لهم من الحقوق ما يجب رعايتها؛ فإن الله جعل لهم حقًا في الخمس والفيء، وأمر بالصلاة عليهم مع الصلاة على رسول الله ×"(47).
- ومنها: اليقين الجازم بأن نسب رسول الله × وذريته هو أشرف أنساب العرب قاطبة؛ فإن النبي × يقول: "إن الله اصطفى بني إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشًا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم".
- ومن هذه الحقوق: تحريم الزكاة و الصدقة عليهم؛ وذلك لكرامتهم وتنزيههم عن الأوساخ؛ فقد قال رسول الله ×: "إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس، وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية /: "وأما تحريم الصدقة فحرمها عليه وعلى أهل بيته تكميلًا لتطهيرهم، ودفعًا للتهمة عنه؛ كما لم يورث، فلا يأخذ ورثته درهمًا ولا دينارًا"(48).
والحقوق كثيرة، وقد أشرنا إلى أهم تلك الحقوق؛ فالواجب على كل مسلم مراعاتها ومعرفتها، واتباع ما أمر به النبي × تجاهها، فضلًا عن محبتهم وتوقيرهم.
أما شروط من يستحق هذه الحقوق من آل البيت، فهو من توفر فيه شرطان، وهما:
أولًا: الإسلام؛ فلا يستحق الكافر تلك الحقوق ولو ثبت نسبه، بل لابد من حسن العمل، ولذلك كان رسولنا ص يحذر من الاعتماد على النسب، قال عليه الصلاة والسلام: (يا معشر قريش! اشتروا أنفسكم من الله، لا أغني عنكم من الله شيئًا، يا عباس بن
عبد المطلب! لا أغني عنك من الله شيئًا، يا صفية! عمة رسول الله ×، لا أغني عنكِ من الله شيئًا، يا فاطمة بنت محمد! سليني من مالي ما شئتِ، لا أغني عنك من الله شيئًا)(49)، ومعلوم ما نزل في أبي لهب من الدعاء عليه بالحسرة والندامة بسبب كفره وطغيانه.(1/14)
ثانيًا: ثبوت النسب؛ فلا يجوز الانتساب إلى آل البيت إلا بحق، وقد جاء الوعيد الشديد فيمن انتسب إلى غير أبيه، أو ادعى قومًا ليس له فيهم نسب، فقد جاء في الصحيح(50) عن أبي ذر ا قال: سمعت النبي × يقول: (ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر بالله، ومن ادعى قومًا ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار).
فالواجب على من ينتسب إلى أهل البيت المطهر واللائق به، أن يكون من أولى الناس حظًا بتقوى الله وخشيته، واتباع طريقة وسنة رسول الله ص قولًا وعملًا، باطنًا وظاهرًا، ناظرًا إلى أن التفضيل الحقيقي، إنما هو بتقوى الله (، واتباع نبيه ص.
إذًا: من الحقوق التي اعتقدها أهل السنة والجماعة لآل البيت عليهم السلام:
- حق الموالاة والمحبة.
- حق الدفاع والذب عنهم، وتبرئة ساحتهم مما ينسب إليهم كذبًا وزورًا.
- مشروعية الصلاة عليهم.
- حقهم من الخمس.
- اليقين الجازم بأن نسب رسول الله × وذريته هو أشرف الأنساب.
- تحريم الزكاة والصدقة عليهم.
*…*…*
بشرية آل البيت عليهم السلام(1/15)
أيها القارئ الكريم! لا يخفى عليك غلو اليهود في عزير، كما قال سبحانه: * ((((((((( ((((((((((( (((((((( (((((( (((( & [التوبة:30] فقد رفعوه فوق منزلته، وأعطوه من خصائص الألوهية -كما هو مشهور في كتبهم- من علم الغيب، وتدبير الكون، والإيجاد، وهؤلاء لا شبهة لهم يحتجون بها، والذين لهم شبهات لا حجة لهم بها هم النصارى؛ فإن الحمْل بعيسى وميلاده آية بذاتها، وهو روح من روح الله، قال سبحانه: * (((((((((((((( ((((((((( (((((((( (((((((((( ((((( ((((((( ((((((( (((( ((((((( ((((((( ((((((( (((((((((((((( ((((( ((( ((((( ((((((( (((( ((((( (((((((( (((((( ((((((( ((((((( (((((( (((( (((((((( ((((((( (((( ((((((( (((((( ((((((( ((( ((((((( (((((( ((((((((((( (((((( (((((( (((( ((((((( (((( ((((( ((((((((( ((((( (((((( (((( (((((( ((((((( ( (((((((((((((((( ((((((( ((((((((( (((((((((( (((((( ( ((((((( ((((((( ((((((((( (((( & [سورة مريم].
فهذه الشبهة يحتج بها النصارى في جعلهم المسيح ابن مريم
ابن الله، وإعطائه بعض خصائص المولى (، وزاد الطين بلة عندهم تلك المعجزات والآيات التي أعطاها الله لعيسى ؛، والتي ذكرها سبحانه في محكم التنزيل؛ كما قال سبحانه: * ((((((((( (((((( (((((( (((((((((((( (((((( (((( ((((((((( ((((((((( (((( ((((((((( ( ((((((( (((((((( ((((( ((((( ((((((((( (((((((((( ((((((((( ...& [آل عمران:49].(1/16)
فغلوا في عيسى وجعلوه ابن الله، لا سيما وأن الله ( رفعه إليه، كما قال سبحانه: * (((((((((((( ((((( ((((((((( ((((((((((( (((((( (((((( (((((((( ((((((( (((( ((((( ((((((((( ((((( ((((((((( (((((((( ((((((( (((((( ( (((((( ((((((((( ((((((((((((( ((((( ((((( ((((( ((((((( ( ((( ((((( ((((( (((( (((((( (((( (((((((((( (((((((( ( ((((( ((((((((( (((((((( ((((( ((( (((((((( (((( (((((((( & [سورة النساء].
وقد أخبر النبي ص بأنه سيكون في هذه الأمة من يتشبه باليهود والنصارى، وقد حصل هذا في غلو بعض الناس في بعض آل بيت رسول الله ص.
- وبعضهم خص الغلو بذات رسول الله ص.
وحجتهم أن الرسول ص أفضل من عيسى-وهذا حق- ثم إنهم قالوا: إذا كان كذلك، فإن ما لعيسى ؛ يكون لرسول الله ص مثله أو أكثر منه.
وقد نسي هؤلاء ما ذكره الله سبحانه عن عبودية عيسى وعبودية محمد عليهما صلوات الله وسلامه.
قال سبحانه في حق نبينا ص: * (((( (((((((( (((((( (((((( ((((((((((( ((((((( (((((( (((((((( ((((((((((( ((((((( ((((((( ( ((((( ((((( ((((((((( (((((((( (((((((( (((((((((((( (((((( (((((((( (((( (((((((( ((((((((((( ((((((((( ((((((( ((((( & [سورة الكهف]، وقال عز من قائل: * (((((((((( (( (((((((( ((((((( (((((( (((((((( ((((((((((( & [الكهف:1]، * ((((((((( ((((((( (((((( ((((((((((((( (((((( ((((((((( & [الفرقان:1]، وهذا في مقام الوحي والاصطفاء الذي هو من أرفع مقامات رسول الله ص.
ونحوه في مقام الإسراء، كما قال سبحانه: * ((((((((( (((((((( (((((((( ((((((((((( (((((( ((((( (((((((((((( ((((((((((( ((((( (((((((((((( ((((((((( ((((((( (((((((((( ((((((((( ((((((((((( (((( (((((((((((( ( ((((((( (((( (((((((((( ((((((((((( ((( &[سورة الإسراء](1/17)
وكذلك في مقام التذلل والخضوع والطاعة لله (، كما قال جل ذكره: * ((((((((( ((((( ((((( (((((( (((( ((((((((( & [الجن:19].
وقد بيَّن الله Q ما وقع من الحوار مع عيسى ؛، وهو في غاية الوضوح والبيان، فقال تعالى: * (((((( ((((( (((( ((((((((( (((((( (((((((( ((((((( (((((( (((((((( (((((((((((( ((((((((( ((((((((((( ((( ((((( (((( ( ((((( ((((((((((( ((( ((((((( (((( (((( ((((((( ((( (((((( ((( ((((((( ( ((( ((((( ((((((((( (((((( ((((((((((( ( (((((((( ((( ((( ((((((( (((( (((((((( ((( ((( (((((((( ( (((((( ((((( ((((((( ((((((((((( ((((( ((( (((((( (((((( (((( (((( ((((((((((( (((((( (((( ((((((((((( (((( (((((( (((((((((( ( ((((((( (((((((((( (((((((( ((( (((((( ((((((( ( ((((((( ((((((((((((( ((((( ((((( (((((((((( (((((((((( ( ((((((( (((((( ((((( (((((( ((((((( ((((( ((( ((((((((((((( (((((((((( ((((((((( ( ((((( (((((((( (((((( (((((((( ((((( ((((((((((( ((((((((((( ((((( & [سورة المائدة] .
وفي أكثر من موضع قال الله عن عيسى ؛ ذاكرًا خطابه لقومه: *(((( (((( (((((( (((((((((( ((((((((((((( & [آل عمران:51].
وقال أيضًا: * ((((( (((((( (((((( (((( (((((((((( ((((((((((( ((((((((((( ((((((( (((( & [سورة مريم].. * ((((((( ((((((((((( ((((((((( (((((((((((( ((((((((((( (((( (((((( (((((((((( & [المائدة:72]، * ((( ((((((((((( (((((( (((((((( (((( ((((((( (((( (((((( ((( (((((((( ((((((((( ((((((((( (((((((((( (((((( (((((((((( (((((((((( & [المائدة:75].
فنرجو منك أيها القارئ الكريم أن ترجع إلى الآيات في آخر سورة المائدة، وتتلوها بتدبر وخشوع لتتعرف على حقيقة الأمر.
فهذا مما ورد في حق نبينا محمد وفي حق عيسى عليهما الصلاة والسلام.(1/18)
والعجب كل العجب ممن غلا في الأئمة والأولياء، واختلق الأساطير والأوهام ليسطرها في كتبه، معارضًا بها كلام الله ( بحجة أن الله على كل شيء قدير.
تنبيه:
جرت مناقشات وحوارات مع بعض المنتسبين إلى الحوزة -طلابًا وأساتذة- فكانوا يحتجون بأن الله Q أطلع أئمتهم على بعض علمه، أو أعطاهم قدرة ... ونحو ذلك، كما يحتجون برفع عيسى ؛ على غيبة الإمام المنتظر.
فسبحان الله! هذا خارج محل النزاع والبحث؛ فإن الجميع يؤمن بقدرة المولى، وأن الله على كل شيء قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيء علمًا، وأن الله فعّال لما يريد، كما قال ( في أكثر من موضع: * (((((((( (((((((((( (((((( ((((((( ((((((( ((( ((((((( ((((( ((( ((((((((( (((( & [سورة يس].
فالله سبحانه قد بيَّن في محكم التنزيل أن ما جعله لعيسى
من باب المعجزات، ولم يذكر المولى سبحانه أنه أعطاه لغيره،
فيبقى مختصًا به ؛.
وكذلك المعجزات التي جعلها ( لنبينا محمد ص تبقى له دون غيره؛ فإنه لم يثبت دليل شرعي على أن الله Q جعل للأئمة والأولياء ما جعله سبحانه لمحمد وعيسى إ، ولو افترضنا أن الله سبحانه جعل هذه المعجزات لغير رسله؛ فإن الإعجاز بها يبطل حينئذٍ؛ إذ كيف يقال معجزة وقد شاركهم غيرهم فيها؟!
أما القول بأنها من باب الكرامات فإن الكرامات حق نؤمن به، ولكنها لا تصل إلى المعجزات، والكلام فيها يطول، وليس هذا محله، وراجع إن شئت: كتاب "الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان" لشيخ الإسلام ابن تيمية /.
والمقصود أن كثيرًا من الباحثين والكتاب وغيرهم يجعل النقاش وأصل المسألة في قضية متفق عليها، وهي قدرة الله (، وإنما البحث والنقاش في أن الله سبحانه جعل لهؤلاء الأئمة والأولياء تلك المنازل والخصائص.
فنقول: أين الأدلة على أن الأئمة يعلمون الغيب؟!
وأين الأدلة على أن الأئمة والأولياء يتصرفون بالكون؟
وأين الأدلة على أن هؤلاء بأعيانهم دون غيرهم يملكون الشفاعة؟(1/19)
وأين الأدلة على أن هؤلاء يحيون الموتى؟
وأين الأدلة... وأين الأدلة... فإن المسائل التي غلا فيها هؤلاء كثيرة، فأين الأدلة عليها؟
* (((( (((((((( ((((((((((((( ((( ((((((( (((((((((( ((((( & [سورة البقرة].
وإذا قيل: توجد روايات تدل على ذلك قلنا: هاتوا تلك الروايات وأثبتوا صحتها إن كنتم صادقين!!
فليس كل ما في الكافي صحيحًا عند جمهوركم اليوم، كما أنه
لا يوجد لديكم اهتمام بالتصحيح والتضعيف والنظر في الروايات بدليل عدم وجود مختارات لكم في الأحاديث الصحيحة فضلًا عن كتب ومصنفات في ذلك اتفق عليها علماؤكم.
*…*…*
الخلاصة
لاشك أن أهل السنة قد أصابوا في موقفهم من أهل البيت †؛ حيث أحبوهم واحترموهم ووقروهم، وعرفوا منزلتهم التي جعلها الله لهم، فهم بشر اصطفاهم الله بقربهم من رسول الله ×، ومنهم من نبغ في العبادة والعلم والشجاعة والورع، وحاز صفات الخير، ومنهم من هو دون ذلك.
فتكون محبة أهل السنة لآل البيت حقيقية؛ فقد أحبوهم على طبيعتهم البشرية، وأنهم يصيبون ويخطئون، مثلهم في ذلك مثل سائر الصالحين، حاشا رسول الله؛ فهو المعصوم صلوات الله وسلامه عليه.
أما غير أهل السنة فأحبوا بعض آل البيت بسبب الهالات العظيمة التي جعلوها لهم؛ لذا لا يمكن أن تقبل عقول كثير منهم محبتهم على صفتهم وطبيعتهم من غير غلو!
وقد قال لي كثير ممن حصل بيني وبينهم نقاش: كيف تريد لي أن أحبهم، وهم مثل سائر البشر؟!
وهنا يظهر الفرق بين محبة أهل السنة لآل البيت ومحبة غيرهم.
حيث إن محبة غيرهم إنما هي لهذا الغلو الذي جعلوه للأئمة، وعامته من خصائص المولى (، وليست محبة لذات الأئمة، فتأمل ذلك! وانظر من الصادق في المحبة: الذي أحب الحقيقة أم الذي أحب الخيال؟
وحتى يعلم القارئ الكريم حقيقة هذا الغلو، نذكر بعض الأبواب التي وردت في أصح كتب الشيعة، وهو الكافي للكليني.
من هذه الأبواب:(1/20)
- باب: أن الأئمة † يعلمون متى يموتون، وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم (1/258).
- باب: أن الأئمة † يعلمون علم ما كان وما يكون، وأنه لا يخفى عليهم الشيء صلوات الله عليهم (1/260).
- باب: أن الأئمة † يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء والرسل † (1/255).
- باب: أن الأئمة † خلفاء الله Q في أرضه، وأبوابه التي منها يؤتى (1/193).
- باب: أن الأئمة لو ستر عليهم لأخبروا كل امرئ بما له وعليه (1/264).
- باب: أن الأئمة † عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله Q، وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها (1/227).
وهم لم يكتفوا بذلك، بل جعلوا تعيين الإمام أهم من بعث الرسول ص، وفي ذلك يقول آية الله ميرزا الخراساني: "إن تعيين الإمام أهم من بعث الرسول؛ لأن تركه نقض للغرض وهدم للبناء"(51).
ويقول الخميني مفضلًا الأئمة على الأنبياء والملائكة ‡: "إن للإمام مقامًا محمودًا، ودرجة سامية، وخلافة تكوينية، تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات الكون. وإن من ضرورات مذهبنا أن لأئمتنا مقامًا لا يبلغه ملك مقرب، ولا نبي مرسل" (52).
فهذه بعض النماذج من الغلو والإفراط فيه.
وقد تواتر عن آل البيت † أنهم كانوا يقولون لشيعتهم: "أيها الناس! أحبونا حب الإسلام؛ فما برح بنا حبكم حتى صار علينا عارًا"(53).
وروى المجلسي أيضًا بسنده عن علي بن أبي طالب ا أنه قال: "إياكم والغلو فينا، قولوا: إنا عبيد مربوبون"(54).
وروى الكشي عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله ؛: "إنهم يقولون، قال: وما يقولون؟ قلت: يقولون: تعلم قطر المطر، وعدد النجوم، وورق الشجر، ووزن ما في البحر، وعدد التراب، فرفع يده إلى السماء، وقال: سبحان الله.. سبحان الله! لا والله، ما يعلم هذا إلا الله"(55).(1/21)
فهذه بعض أقوال الأئمة † كما صرحت بذلك كتب الشيعة، وهذا يبيِّن حقيقة ما تعتقده الشيعة في آل البيت، وأنه لا يمكن أن ينطلي على أحد ممن أنعم الله عليه بالعقل السوي والفطرة المستقيمة.
محبة آل البيت بين الادعاء والحقيقة
أخي الكريم! هذا المبحث المختصر هو لب رسالتنا هذه؛ فأمعن نظرك فيه، وليكن ذهنك حاضرًا؛ فإنك بمنزلة القاضي الذي يحكم على صحة الدعوى أو بطلانها، وقد قال رسول الله ×: (لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال دماء رجالٍ وأموالهم، ولكن البينة على المدعي)(56).
نعم! لابد من الأدلة القاطعة، والبراهين الساطعة على صدق المحبة.
فقولك: أنا من شيعة آل البيت، وأحب آل البيت، ومن أتباع آل البيت.. كل هذا لا يكفي؛ بل يبقى: أين الأدلة على صحة كلامك؟
إن الانتساب إلى آل البيت شرف وسؤدد ورفعة منزلة... و... و... حتى إن المنتسب إليهم صار يجد لنفسه منافع ومكاسب كثيرة لا تخفى عليك أيها القارئ الكريم؛ لذا كلٌ يدعي محبتهم وتوقيرهم، فمثلًا:
الزيدية أتباع زيد بن علي بن الحسين ي، وهم الذين قالوا بإمامته بعد أخيه الباقر، ولهم وجود في اليمن ودول أخرى، يرون أن الحق معهم، وأنهم هم الذين فازوا بشرف حب آل البيت واتباعهم.
الإسماعيلية وهم الذين يرون إمامة إسماعيل بن جعفر الصادق، وبقوا على ذلك بعد وفاته، ورفضوا القول بأن الإمامة انتقلت إلى أخيه موسى، وقالوا: بل هي في إسماعيل (الابن الأكبر لجعفر).. هم على اختلاف فرقهم يرون أنهم هم الشيعة أتباع الأئمة دون غيرهم، ولهم وجود في الهند وفي اليمن وفي أنحاء من العالم.
والإثنا عشرية الذين قصروا الإمامة على اثني عشر إمامًا، يرون أنهم أتباع آل البيت، وينبزون غيرهم بأنهم نواصب.
فمن نصدق؟؟
وما هي براهين هؤلاء وأولئك؟؟(1/22)
أما أهل السنة فعلى اختلاف مذاهبهم يرون أنهم قالوا الحق في آل البيت من حيث تعميم معنى آل البيت؛ فإنهم لم يحصروه في أفراد معدودين، بل إن حمزة والعباس وجعفر الطيار عندهم من آل البيت رضي الله عنهم أجمعين، وكذلك ذرية الحسن ا وقد سبق بيان ذلك، وهذا القول هو القول الوسط، وقد سبق ذكر بعض حقوقهم والثناء عليهم.
ومن براهين أهل السنة على ذلك: أن الكمال في رسول الله ص، ومحبة أهل بيته لأجل ذاته ص وبركاته ؛، وقد نال آل البيت † المنزلة بسبب قرابتهم من رسول الله ص، وكذلك أصحابه، فنحن ندافع عن الصحابة ونحبهم، ونذكر فضائلهم، وجهادهم، وصبرهم وبذلهم ونصرتهم لرسول الله ص ... و... و... لكثرة ما ورد فيهم من نصوص في القرآن الكريم والسنة النبوية، ولأنهم أصحاب رسول الله ص؛ فإن صحبة رسول الله ص شرف بذاتها، ولها منزلة خاصة، وهي تاج على رءوس الأصحاب(57).
*…*…*
برهان الإمامة عند أهل السنة
مما سبق نعرف أن الأصل في احترام آل البيت وأصحاب رسول الله ص، هو ذات رسول الله ص، ولما لهم من سبق في الإسلام وجهاد، فالحجة عند أهل السنة هو رسول الله ص إمام أهل البيت.
والاتباع عند أهل السنة هو لرسول الله ص إمام البشر، فهو القدوة عند أهل السنة.
سيد البشر عند أهل السنة هو رسول الله ص.
الشافع يوم الحشر عند أهل السنة هو رسول الله ص.
صاحب لواء الحمد عند أهل السنة هو رسول الله ص.
صاحب المقام المحمود عند أهل السنة هو رسول الله ص.
صاحب الحوض عند أهل السنة هو رسول الله ص.
صاحب المنزلة الرفيعة في الجنة عند أهل السنة هو رسول الله ص.
وقرروا بأن معرفة الله ( لا تكون إلا عن طريق رسول الله ص.
وقرروا بأن القرآن الكريم كلام الله تعالى بلَّغه رسول الله ص، وقرروا بأن عبادة المولى Q تكون وفق شرع رسول الله ص فكلام رسول الله ص حجة على الناس، وكذلك معرفة أسماء الله وصفاته Q إنما هي عن طريق رسول الله ص.(1/23)
والتقرب إلى الله والتعبد للمولى سبحانه لا يتم إلا على وفق شرع رسول الله ص، فنحن معشر أهل السنة نعبد الله وفق عبادة رسول الله ص؛ فإن رسول الله ؛ إمام المتقين وسيد العابدين وقدوتهم، فنسير على هداه في العبادة، فلا نخترع ونحدث عبادة لم يشرعها رسول الله ص؛ لأن كل عبادة لم يأذن بها رسول الله ص مردودة وبدعةً، وقد جاء في قصة النفر الثلاثة الذين سألوا عن عبادة رسول الله ص، ثم قالوا: هذا رسول الله ص غفر الله له ذنبه، وعلينا نحن أن نجتهد في العبادة، ثم نظروا في العبادات القائمة، فقرروا الالتزام بها والزيادة عليها، فالأول التزم إحياء الليل كله، والثاني صيام الدهر، والثالث التبتل وعدم الزواج لكي يتعبد لله، فهذه عبادات لها أصل شرعي: صلاة الليل، وكذلك الصيام، ومثله الزهد في ملذات الدنيا وزينتها، فأنكر الرسول ص صنيعهم هذا، وقال كلمته المشهورة: (من رغب عن سنتي فليس مني)(58).
كما قرر أهل السنة وجوب المحبة القلبية للنبي ص، وأن يكون شخصه أحب إلينا من أنفسنا.
نعم من أنفسنا! فما بالك بسائر الناس، كما في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم(59): (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين).
كما قرر أهل السنة وجوب الصلاة على النبي ص في الصلاة، وهي المعروفة بالصلاة الإبراهيمية، وقد تقدم بسط القول في ذلك في فصل: "حقوق آل البيت †".
وقد قرر أهل السنة مشروعية الصلاة على النبي ص في كل دعاء، وأنه من دواعي استجابة الدعاء، وكذلك الصلاة عليه بعد الفراغ من متابعة المؤذن، والدعاء له ص بالدعاء المشهور: (اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدًا...)(60).
وهو ص خاتم المرسلين وإمامهم وسيد البشر؛ لذلك قرر
أهل السنة قاطبة -ولا خلاف بينهم- أن واجب الاتباع هو
الرسول ص، وأن الحجة في أقواله وأفعاله عليه الصلاة والسلام.(1/24)
فأهل السنة يقولون بأن الاتباع لمن اكتسب آل البيت المنزلة بسبب قرابتهم منه، وهو رسول الله ص.
وهم يقولون بأن الكمال في إمام أهل البيت، وهو رسول الله ص.
ويقولون بأن الحجة في إمام أهل البيت، وهو رسول الله ص.
فكيف يقال بأن أهل السنة لا يحبون أهل البيت، وارتباطهم برسول الله ص يعرفه خصومهم حق المعرفة؟؟
فأهل السنة يقررون أنه لا إيمان للعبد إلا بتصديق رسول الله ص، فلابد من تصديق رسول الله ص فيما أخبر، وكذلك طاعته فيما أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وعبادة الله وفق ما شرع.
أما من عداه من ذريته ؛ ومن أقاربه وأصحابه فمهما بلغت منزلتهم فهم دون رسول الله ص ، فيؤخذ من قولهم ويترك ما لم يكن إجماعًا.
فهل يلام أهل السنة باتباعهم رسول الله ص وترك ما سواه؟!
أيها القارئ الكريم! ضع يدك بيد إخوانك، واجعل قدوتك رسول الله ص دون ما سواه، فهو إمام العترة والتمسك بسنته فيها النجاة.
اخرج من الخلاف في معرفة من هم الأئمة بعد رسول الله ص وتمسك بالإمام الأعظم ودع غيره مهما كان.
طالب بأقوال وأفعال الرسول الأكرم والتزم بها.
اسأل الله أن يرزقك اتباع سيد البشر.
اسأل الله أن يحشرك مع سيد المتقين وإمام المرسلين، فإن الله Q سوف يسألك يوم القيامة عن اتباعك لرسول الله ص.
*…*…*
الثقل الأكبر عند أهل السنة
هذا كلام أهل السنة عن إمام الأئمة، وأما ملخص قولهم في الثقل الأكبر القرآن الكريم فإليك هو:
القرآن الكريم كلام الله.
القرآن الكريم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
القرآن الكريم محفوظ بحفظ الله له.
القرآن الكريم شفاء.
القرآن الكريم فيه المواعظ والذكر الحكيم.
القرآن الكريم هداية.
القرآن الكريم رحمة.
القرآن الكريم نور.
القرآن الكريم صراط الله المستقيم.
القرآن الكريم حجة الله على العالمين.
القرآن الكريم معجزة النبي الكريم الكبرى.
القرآن الكريم تلاوته عبادة.
القرآن الكريم تدبره والتفكر فيه قربة.(1/25)
القرآن الكريم من قال فيه بزيادة أو نقصان كفر.
القرآن الكريم هو الأصل الأول في العقائد والأحكام والفيصل في أمور المسلمين كلها.
واهتمام أهل السنة بالقرآن فوق الوصف والبيان، يحفظه صغارهم وكبارهم ويتلونه، ويحرصون على العمل به، وعندهم القرآن يفسر القرآن، وأحاديث رسول الله ص تفسر القرآن، وما أشكل رجعوا فيه إلى كلام العرب ولغتهم..
أيها القارئ الكريم! لا أريد أن أطيل عليك، لكن أقول لك: عليك أن تجعل القرآن نصب عينيك؛ فإن فيه أبلغ المواعظ، وفيه الأوامر الصريحة بالتأمل والتفكر والتدبر وإعمال العقل. واعلم أن دستور أهل السنة هو القرآن الكريم والاقتداء بسيد آل البيت وسيد المرسلين عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين .
فعليك أن تلحق بركب الرسول ؛ لتنجو في الآخرة.
فإن سئلت يوم القيامة فإن الحجة بين يديك رسول الله ص، فهو إمامك وقدوتك .
اللهم إنا نسألك أن تجمعنا بالحبيب ص في جنات النعيم
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
*…*…*
فهرس الموضوعات
المقدمة…3
التعريف اللغوي…4
التعريف الاصطلاحي…6
مفهوم آل البيت عند الشيعة الإثني عشرية…8
فضائل آل البيت عند أهل السنة…14
عقيدة أهل السنة والجماعة في آل البيت عليهم السلام…19
وقفه…25
حقوق آل البيت عليهم السلام…29
بشرية آل البيت عليهم السلام…39
الخلاصة…47
محبة آل البيت بين الادعاء والحقيقة…51
برهان الإمامة عند أهل السنة…54
الثقل الأكبر عند أهل السنة…59
فهرس الموضوعات…62
*…*…*
(1) انظر: كتاب العين (4/89).
(2) انظر: الصحاح (4/1628)، ولسان العرب (11/28).
(3) معجم مقاييس اللغة (1/161).
(4) لسان العرب (11/31)، ونحوه عن الأصفهاني في المفردات في غريب القرآن (ص:30).
(5) انظر: النهاية لابن الأثير (1/170).
(6) انظر: المفردات في غريب القرآن (ص:29). وقد أطال شيخ الإسلام(1/26)
ابن القيم / الكلام في هذا في مصنفه الخاص بهذا الشأن (جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على محمد خير الأنام) فارجع إليه وإلى مقدمة المحقق، فقد ذكر الكتب التي صنفت في هذا الموضوع، وهذا يدلك على اهتمام علماء السنة بهذا.
(7) انظر: أحكام القرآن (3/623).
(8) انظر: شرح صحيح مسلم (4/368).
(9) انظر: الإنصاف (2/79).
(10) صحيح البخاري (ح:3311).
(11) انظر: شرح الزيارة الجامعة لعبد الله شبر (ص:127-128)، الإمام جعفر الصادق (ع) لعبد الحليم الجندي (ص:73)، مودة أهل البيت ‡. مركز الرسالة (ص:23).
(12) الحاكم في المستدرك (2/130).
(13) الترمذي (3759)، النسائي (8/33).
(14) الترمذي (3758)، أحمد (4/165).
(15) صحيح البخاري (ح:2552).
(16) الحاكم في المستدرك (3/217)، والطبراني في الكبير (2/107).
(17) الحاكم في المستدرك (3/234).
(18) انظر: أهل البيت في الكتاب والسنة، لمحمد الريشهري.
(19) صحيح مسلم (ح:2424).
(20) صحيح مسلم (ح:2424).
(21) المصدر السابق (ح:2408).
(22) صحيح مسلم (ح:2276).
(23) مسند أحمد (5/374).
(24) جلاء الأفهام (ص:338).
(25) وهي العقيدة التي قررها أهل السنة في كتبهم، وانظر على سبيل المثال لا الحصر: الإنصاف للباقلاني (ص:112)، الفرق بين الفرق (ص:360)، التبصير في الدين (ص:196)، شرح العقيدة الطحاوية (ص:737)، منهاج السنة النبوية (2/71)، جواب أهل السنة النبوية (ص:151).
(26) مسلم، كتاب فضائل الصحابة (2/918)، باب فضل علي × (2408).
(27) رواه أحمد في فضائل الصحابة، وأطال محقق الكتاب الكلام فيه، لكن معناه صحيح لدلالة الآية عليه.
(28) رواه مسلم، كتاب الفضائل، فضل نسب النبي × (ح:2276).
(29) مجموع الفتاوى (3/154).
(30) انظر: شرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين (2/274-275).
(31) وعقيدة الإمام الطحاوي هذه من أهم أصول عقائد أهل السنة التي يدرسونها في جامعاتهم ومعهدهم الشرعية.(1/27)
(32) أبو داود (4646)، أحمد (5/220، 221)، ابن حبان (6657).
(33) شرح العقيدة الطحاوية (ص:722).
(34) المصدر السابق (ص:723). وانظر: مجموع الفتاوى (3/406).
(35) شرح العقيدة الطحاوية (ص724-725).
(36) مجموع الفتاوى (4/487).
(37) تقدم تخريجه.
(38) تقدم تخريجه.
(39) أهم وأقدم كتب الرجال عند الشيعة، ألفه أبو عمرو محمد بن عمر الكشي من شيوخهم في القرن الرابع الهجري، وقد هذبه شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي في كتابه (اختيار الرجال) وهو المتداول المشهور.
(40) رجال الكشي (ص:111).
(41) تنقيح المقال (3/23)
(42) مسلم: كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي × بعد التشهد (1/305) رقم (405).
(43) جلاء الأفهام (1/224).
(44) أي خمس الغنيمة والفيء، وهي ما غنمه المسلمون من الكفار من أموال، سواء بحرب أو بدونها، ولا يدخل فيه ما اكتسبه المسلمون من غير هذا الطريق.
(45) أبو داود (2983)، والحاكم (2/140).
(46) انظر: المغني (9/288)، كما توجد رسالة صغيرة لشيخ الإسلام ابن تيمية في حقوق آل البيت اعتنى بها أبو تراب الظاهري.
(47) مجموع الفتاوى (3/407).
(48) مجموع الفتاوى (19/30).
(49) صحيح البخاري (ح:2602)، صحيح مسلم (ح:206).
(50) صحيح البخاري (ح:3317)، صحيح مسلم (ح:61).
(51) هذه الرسالة المعجزة والإسلام (ص:107).
(52) الحكومة الإسلامية (ص:52).
(53) انظر: البداية والنهاية (9/110).
(54) بحار الأنوار (25/270).
(55) رجال الكشي (ص:193).
(56) صحيح مسلم (ح:1711)، مسند أحمد (1/342).
(57) راجع رسالتنا (صحبة رسول الله ص).
(58) صحيح البخاري (ح:4776)، صحيح مسلم (ح:1401).
(59) صحيح البخاري (ح:14، 15)، صحيح مسلم (ح:44).
(60) صحيح البخاري (ح:589).
??
??
??
??
10
…
9(1/28)