آفات اللسان في ضوء الكتاب والسنة
تأليف الفقير إلى الله تعالى
سعيد بن علي بن وهف القحطاني(/)
مقدمة الطبعة الثالثة
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}([1]).
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}([2]).
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}([3]).
أما بعد فإن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
لا شك أن الله تعالى منح الإنسان نعماً عظيمة ومن أعظمها بعد الإسلام: نعمة النطق باللسان، وهذا اللسان سلاح ذو حدين: فإن استخدم في طاعة الله: كقراءة القرآن، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونصر المظلوم كان هذا هو المطلوب من كل مسلم، وكان هذا شكراً لله على هذه النعمة.
وإن استخدم في طاعة الشيطان، وتفريق جماعة المسلمين، والكذب وقول الزور، والغيبة والنميمة، وانتهاك أعراض المسلمين وغير ذلك مما حرمه الله ورسوله. كان هذا هو المحرم على كل مسلم فعله وكان كفراناً لهذه النعمة العظيمة.
وفي اللسان آفتان عظيمتان:
1- آفة الكلام بالباطل.(1/1)
2- آفة السكوت عن الحق.
فالساكتُ عن الحق شيطانٌ أخرس، عاصٍ لله، مراءٍ، مداهنٍ، إذا لم يخف على نفسه القتل ونحوه، والمتكلم بالباطل شيطان ناطق، عاصٍ لله، وأكثر البشر منحرف في كلامه وسكوته بين هذين النوعين. وأهل الوسط كفّوا ألسنتهم عن الباطل، وأطلقوها فيما يعود عليهم نفعُه(1).
وآفات اللسان من أخطر الآفات على الإنسان؛ لأن الإنسان يهون عليه التحفظ، والاحتراز من أكل الحرام، والظلم، والزنا، والسرقة، وشرب الخمر، ومن النظر المحرم، وغير ذلك ويصعب عليه التحفظ والاحتراز من حركة لسانه، حتى ترى الرجل يشار إليه: بالدين، والزهد، والعبادة وهو يتكلم بالكلمات من سخط الله، لا يلقي لها بالاً، ينزل في النار بالكلمة الواحدة منها أبعد مما بين المشرق والمغرب، أو يهوي بها في النار سبعين سنة، وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم، ولسانه يقطع، ويذبح في أعراض الأحياء الأموات، ولا يبالي بما يقول(1). ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وَلِخَطَرِ آفات اللسان على الفرد، والمجتمع، والأمة الإسلامية جمعت ما يسر الله لي جمعه – في هذا الموضوع الخطير – من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، وقد قسمته إلى ثلاثة أبواب وخاتمة كالتالي:
الباب الأول
الغيبة والنميمة
الفصل الأول: الغيبة. ويشتمل على تسعة مباحث.
الفصل الثاني: النميمة. ويشتمل على ثمانية مباحث.
الباب الثاني
القول على الله بغير علم
الفصل الأول: الكذب على الله وعلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم ويشتمل على ثلاثة مباحث.
الفصل الثاني: الكذب عموماً. ويشتمل على أربعة مباحث.
الفصل الثالث: شهادة الزور، ويشتمل على ثلاثة مباحث.
الباب الثالث
القذف، والخصومات، وبذاءة اللسان
الفصل الأول: القذف ويشتمل على مبحثين.
الفصل الثاني: الخصومات والجدال ويشتمل على ثلاثة مباحث.
الفصل الثالث: بذاءة اللسان، ويشتمل على خمسة وعشرين مبحثاً.
الفصل الرابع: وجوب حفظ اللسان.(1/2)
وفد اجتهدت في جمع المادة العلمية لهذا البحث من المراجع والمصادر الموثوقة، وأعظمها، وأجلها على الإطلاق: الكتاب العزيز، والسنة المطهرة وهما المنبعان الصافيان اللذان من أخذ بهما وعض عليهما بالنواجذ فاز وأفلح ومن أعرض عنهما وعن هديهما فقد خاب وضل مسعاه...
ثم إني اجتهدت في تخريج جميع الأحاديث وعزوها إلى مصادرها الأصلية، وإذا كان الحديث في غير صحيحي البخاري ومسلم، فإني أذكر ما قاله أهل العلم المحققون في درجة الحديث.
وقد سميته: آفات اللسان في ضوء الكتاب والسنة، هذا ما يسر الله لي جمعه، فما كان من صواب فمن الواحد المنّان، وما كان من أخطاءٍ فمني ومن الشيطان، والله بريءٌ منه ورسولُه.
وأسأل الله العظيم، رب العرش الكريم بأسمائه الحسنى، وصفاته العُلى أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفعني به في حياتي، وبعد مماتي {يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ، إِلاّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}. وأن ينفع به من قرأه، أو سمعه، أو طبعه، أو نشره، أو كان سبباً في نشره، ومُقرِّباً لي ولهم من جنات النعيم، وأن يجعله حجة لنا ولا يجعله حجة علينا، إنه تعالى خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه، نبينا، وإمامنا، وقدوتنا، وحبيبنا محمد بن عبد الله، وعلى آله، وأصحابه، ومن تبعهم إلى يوم الدين.
كتبه العبد الفقير إلى الله تعالى
سعيد بن علي بن وهف القحطاني
يوم الأربعاء 13/11/1410هـ
---
([1]) سورة آل عمران الآية: 102.
([2]) سورة النساء الآية: 1.
([3]) سورة الأحزاب الآيتان: 70، 71.
(1) انظر الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم رحمه الله تعالى ص 281.
(1) انظر المرجع السابق ص 277.(1/3)
الباب الأول الغيبة والنميمة
الفصل الأول: الغيبة
وفيه تسعة مباحث
الفصل الثاني: النميمة
وفيه ثمانية مباحث
الفصل الأول: الغيبة
المبحث الأول تعريف الغيبة
قال الحافظ ابن حجر: (رحمه الله تعالى) (وقد اختلف العلماء في حد الغيبة. فقال الراغب: هي أن يذكر الإنسان عيب غيره من غير محوج إلى ذكر ذلك).
وقال الغزالي: (حد الغيبة أن تذكر أخاك بما يكرهه لو بلغه).
وقال ابن الأثير في النهاية: (الغيبة أن تذكر الإنسان في غيبته بسوء وإن كان فيه).
وقال النووي في كتابه الأذكار تبعاً للغزالي: (الغيبة ذكر المرء بما يكرهه سواء كان ذلك في بدن الشخص، أو دينه، أو دنياه، أو نفسه، أو خَلقه، أو خُلقه، أو ماله، أو ولده، أو زوجه، أو خادمه، أو ثوبه، أو حركته، أو طلاقته، أو عبوسته، أو غير ذلك مما يتعلق به، سواء ذكرته باللفظ أو بالإشارة والرمز).
قال ابن التين: (الغيبة ذكر المرء بما يكره بظهر الغيب).
وقال الإمام النووي (رحمه الله): (ومن ذلك قول كثير من الفقهاء في التصانيف: قال بعض من يدعي العلم، أو بعض من ينسب إلى الصلاح... ممن يفهم السامع المراد به).
ومنه قولهم عند ذكره: (الله يعافينا، الله يتوب علينا، نسأل الله السلامة... فكل ذلك من الغيبة)([1]).
والغيبة لا تختص باللسان فحيثُ ما أفهمتَ الغير ما يكرهه المغتاب ولو بالتعريض، أو الفعل، أو الإشارة، أو الغمز، أو اللمز، أو الكتابة، وكذا سائر ما يتوصل به إلى المقصود كأن يمشي مشيه فهو غيبة بل هو أعظم من الغيبة لأنه أعظم وأبلغ في التصوير والتفهيم.
المبحث الثاني الفرق بين الغيبة والنميمة
قال الحافظ ابن حجر (رحمه الله تعالى): (واختُلِفَ في الغيبة والنميمة هل هما متغايرتان أو متحدتان: والراجع التغاير وأن بينهما عموماً وخصوصاً وجيهاً. وذلك؛ لأن النميمة نقل حال شخص لغيره على جهة الإفساد بغير رضاه سواء كان بعلمه أم بغير علمه.(2/1)
والغيبة ذكره في غيبته بما لا يرضيه فامتازت النميمة بقصد الإفساد ولا يشترط ذلك في الغيبة.
وامتازت الغيبة بكونها في غيبة المقول فيه واشتركا في ما عدا ذلك.
ومن العلماء من يشترط في الغيبة أن يكون المقول فيه غائباً والله أعلم([2]).
المبحث الثالث حكم الغيبة
لاشك ولا ريب أن الغيبة محرمة بإجماع المسلمين وقد تظاهر على تحريمها الدلائل الصريحة من الكتاب والسنة وإجماع الأمة([3]).
المبحث الرابع الترهيب من وقوع في الغيبة
قال الله تعالى: {لاَّ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا}([4]).
وقال سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ}([5]).
وقال سبحانه: {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ}([6]).
وقال عز وجل: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}([7]).
وقال سبحانه: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}([8]).
والغيبة آفة خطيرة من آفات اللسان، ولقد عرفها النبي صلّى الله عليه وسلّم بقوله في حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
"أتدرون ما الغيبة"؟ قالوا الله ورسوله أعلم. قال: "ذكرك أخاك بما يكره" قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول: قال: "إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته"([9]).(2/2)
وعن أبي حذيفة عن عائشة (رضي الله عنها) قالت قلت للنبي صلّى الله عليه وسلّم: حسبك من صفية كذا وكذا – تعني قصيرة – فقال: ”لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته“ قالت: وحكيت له إنساناً فقال: ”ما أحب أني حكيت إنساناً وأن لي كذا وكذا“([10]).
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”لّمّا عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس، يخمشون وجوههم، وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل: قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويعقون في أعراضهم“([11]).
وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”المسلم أخو المسلم لا يخونه، ولا يكذبه، ولا يخذله، كل المسلم على المسلم حرام: عرضه، وماله، ودمه، التقوى هاهنا، بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم“([12]).
وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخواناً. المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى هاهنا“ ويشير إلى صدره ثلاث مرات ”بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه“([13]).
ولا شك أن غيبة المسلم الميت أفحش من غيبة الحي وأشد؛ لأن عفو الحي واستحلاله ممكن بخلاف الميت([14]) فقد روى أبو داود عن عائشة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: ”إذا مات صاحبكم فدعوه ولا تقعوا فيه“([15]).
وعن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمانُ قلبَهُ لا تغتابوا المسلمين ولا تتَّبعوا عوراتهم؛ فإنه من اتّبعَ عوراتِهم يتّبع اللهُ عورتَهُ، ومن يتبع الله عورته، يفضحهُ في بيته“([16]).(2/3)
والحديث فيه تنبيه على أن غيبة المسلم من شعار المنافق لا المؤمن، وفيه الوعيد بكشف الله عيوب الذين يتبعون عورات المسلمين ومجازاتهم بسوء صنيعهم، وكشف مساويهم ولو كانوا في بيوتهم مخفيين من الناس([17]) ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وعن المستورد بن شداد رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ”من أكَلَ برجلٍ مسلمٍ أُكْلةً فإن الله يُطعِمُهُ مثلها من جهنم، ومن كُسِيَ ثوباً برجلٍ مسلمٍ فإن الله يكسوه مثله من جهنم، ومن قام برجلٍ مقام سمعةٍ ورياءٍ؛ فإن الله يقوم به مقام سُمعة ورياء يوم القيامة“([18]).
وهذا الحديث فبه الوعيد لمن أكل أكلةً برجل مسلم: أي بسبب اغتيابه والوقيعة فيه أو بتعرضه له بالأذية عند من يعاديه، أو كُسِيَ ثوباً بسبب إهانته. فإن الله عز وجل يطعمه من جهنم مثل ما طعم بهذا الرجل المسلم، ويكسوه من جهنم مثل ما كُسِيَ؛ لأن الجزاء من جنس العمل(1). والله أعلم.
ومعنى ”من قام برجل مسلم...“ ذكروا له معنيين:
المعنى الأول: أن الباء للتعدية أي قام رجلاً مقام سمعة ورياء ووصفه بالصلاح، والتقوى، والكرامات، وشهره بها وجعله وسيلة إلى تحصيل أغراض نفسه وحطام الدنيا فإن الله يقوم بعذابه وتشهيره، لأنه كان كاذباً.
والمعنى الثاني: أن الباء للسببية وقيل: هو أقوى وأنسب أي من قام برجلٍ من العظماء من أهل المال والجاه مقاماً يتظاهر فيه بالصلاح والتقوى ليعتقد فيه ويصير إليه المال والجاه أقامه الله مقام المرائين ويفضحه ويعذبه عذاب المرائين(1).
وقد يحتمل أن تكون الباء في (برجل) للتعدية والسببية فإن كانت للتعدية يكون معناه: من أقام رجلاً مقام سمعة ورياء يعني من أظهر رجلاً بالصلاح والتقوى، ليعتقد الناس فيه اعتقاداً حسناً ويعزونه ويخدمونه لينال بسببه المال والجاه فإن الله يقوم له مقام سمعة ورياء بأن يأمر ملائكته بأن يفعلوا معه مثل فعله ويظهروا أنه كذاب.(2/4)
وإن كانت للسببية فمعناه: أن من قام وأظهر من نفسه الصلاح والتقوى لأجل أن يعتقد فيه رجلٌ عظيم القدر كثير المال؛ ليحصل له مال وجاه..(2).
وعن أسامة بن شريك رضي الله عنه قال: شهدت الأعراب يسألون النبي صلّى الله عليه وسلّم أعلينا حرج في كذا؟ أعلينا حرج في كذا؟ [لأشياء ليس بها بأس] فقال لهم: ”عباد الله وضع الله الحرج إلا من اقترض من عرض أخيه شيئاً فذلك الذي حرج وهلك..“(1).
ومعنى: اقترض: أي اقتطع. والمراد أنه نال من أخيه المسلم بالطعن فيه.
وعن سعيد بن زيد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ”إن من أربى الرِّبا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق“(2).
بيّن النبي صلّى الله عليه وسلّم أن من أربى الربا إطالة اللسان في عرض المسلم باحتقاره، والترفع عليه, والوقيعة فيه بقذف، أو سب، ونحو ذلك، فإن ذلك أكثر الربا، وأشده تحريماً؛ لأن العرض أعز على النفس من المال.
وقد أدخل صلّى الله عليه وسلّم العرض في جنس المال على سبيل المبالغة وجعل الربا نوعين:
متعارف: وهو ما يؤخذ من الزيادة على ماله من المديون.
وغير متعارف: وهو استطالة الإنسان في عرض المسلم بغير حق وبين أنّ أشد النوعين تحريماً هو الاستطالة في عرض المسلم بغير حق(1). أما إذا كانت الاستطالة بحق فيجوز لصاحب الحق بشروط وبقيود بيّنها أهل العلم وسيأتي بيان ما تجوز فيه الغيبة إن شاء الله تعالى.(2/5)
وفي حديث أبي هريرة عند الحافظ أبي يعلى وغير قصة ماعز الذي جاء إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وطلب منه أن يطهِّره من الزنا فأعرض عنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى قالها أربعاً فلما كان في الخامسة قال: "زنيتَ"؟ قال: نعم. ثم سأله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى ثبت عنده زنا ماعز فأمر برجمه فرجم. فسمع النبي صلّى الله عليه وسلّم رجلين يقول أحدهما لصاحبه: أم ترَ إلى هذا الذي ستر الله عليه فلم تدعه نفسه حتى رُجِمَ رَجمَ الكلب ثم سار النبي صلّى الله عليه وسلّم حتى مر بجيفة حمار فقال: "أين فلان وفلان؟ انزلا فكلا من جيفة هذا الحمار" قلا: غفر الله لك يا رسول الله وهل يؤكل هذا؟ قال صلّى الله عليه وسلّم: "فما نلتما من أخيكما آنفاً أشدُّ أكلاً منه، والذي نفسي بيده إنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها"(1).
وعن جُندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: "من سمّع سمَّع الله به يوم القيامة" قال: "ومن شاق شقق الله عليه يوم القيامة" فقالوا: أوصنا فقال: "إن أول ما ينتن من الإنسان بطنه فمن استطاع أن لا يأكل إلا طيباً فليفعل، ومن استطاع أن لا يُحال بينه وبين الجنة بملء كفٍّ من دم هراقه فليفعل"(1) والمراد بالحديث النهي عن القول القبيح في المؤمنين وكشف مساويهم وعيوبهم وترك مخالفة سبيل المؤمنين ولزوم جماعتهم، والنهي عن إدخال المشقة عليهم والأضرار بهم(2). وقد روى مسلم في صحيحه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: "اللهم من وَلِيَ من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه. ومن وَلِيَ من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفُقْ به"(3).(2/6)
المبحث الخامس ما ينبغي لمن سمع غيبة أخيه المسلم
قال الإمام النووي (رحمه الله تعالى): (اعلم أنه ينبغي لمن سمع غيبة مسلم أن يردها، ويزجر قائلها، فإن لم ينزجر بالكلام زجره بيده، فإن لم يستطع باليد، ولا باللسان فارق ذلك المجلس، فإن سمع غيبة شيخه أو غيره ممن له عليه حق، أو من أهل الفضل والصلاح، كان الاعتناء بما ذكرناه أكثر)(1).
وعن عتبان (رضي الله عنه) في حديثه الطويل المشهور قال: قام النبي صلّى الله عليه وسلّم يصلي، فقالوا أين مالك بن الدخيشن أو ابن الدخشن فقال بعضهم: ذلك منافق لا يحب الله، ورسوله. فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: "لا تقل ذلك ألا تراه قد قال: لا إله إلا الله يريد بذلك وجه الله" قال: قالوا: الله ورسوله أعلم. قال فإنما نرى وجهه ونصيحته للمنافقين. قال: فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "فإن الله قد حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله"(1).
وعن جابر بن عبد الله وأبي طلحة (رضي الله عنهم) قالا: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "ما من امرئٍ يخذل امرءاً مسلماً في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موطنٍ يحب فيه نصرته. وما من امرئٍ ينصر مسلماً في موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطنٍ يحب فيه نصرته"(2).
وعن أبي الدرداء (رضي الله عنه) عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: "من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة"(3).
وعن أسماء بنت يزيد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "من ذب عن لحم أخيه بالغيبة كان حقاً على الله أن يعتقه من النار"(1).(2/7)
وعن كعب بن مالك في حديثه الطويل في قصة توبته قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو جالس في القوم في تبوك: "ما فعل كعب بن مالك"؟ فقال رجل من بني سلمة: يا رسول الله، حبسه برداه والنظر في عطفيه فقال له معاذ بن جبل: (رضي الله عنه) (بئس ما قلت: والله يا رسول الله، ما علمناه عليه إلا خيراً) فسكت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم(2).
المبحث السادس الأسباب الباعثة على الغيبة
عندما ينظر الإنسان المسلم العاقل ويفكر في الأسباب التي تدفع المغتاب إلى الغيبة وتدفع النمام إلى النميمة فسوف يجد لذلك أسباباً منها ما يأتي:
السبب الأول: هو محاولة الانتصار للنفس والسعي في أن يشفي المغتاب الغيظ الذي في صدره على غيره فعند ذلك يغتابه أو يبهته، أو ينقل عنه النميمة.
السبب الثاني: الحقد للآخرين والبغض لهم فيذكر مساوئ من يبغض؛ ليشفي حقده ويبرِّد صدره بغيبة من يبغضه ويحقد عليه. وهذا ليس من صفات المؤمنين كاملي الإيمان نسأل الله العافية.
السبب الثالث: إرادة رفعة النفس وخفض غيره كأن يقول: فلان جاهل، أو فهمه ضعيف، أو سقيم، أو عبارته ركيكة تدرجاً إلى لفت أنظار الناس إلى فضل نفسه وإظهار شرفه بسلامته عن تلك النقائص التي ذكرها في مَنْ اغتابه. وهذا من الإعجاب بالنفس نعوذ بالله من ذلك وهو من المهلكات التي بيّنها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
السبب الرابع: موافقة الجلساء والأصحاب، والأصدقاء ومجاملتهم فيما هم عليه من الباطل؛ لكي يُكسَب رضاهم حتى ولو كان ذلك بغضب الله عز وجل وهذا من ضعف الإيمان وعدم مراقبة الله عز وجل.
السبب الخامس: إظهار التعجب من أصحاب المعاصي:
كأن يقول الإنسان: ما رأيت أعجب من فلان كيف يخطئ وهو رجل عاقل أو كبير أو عالم أو غير ذلك وكان من حقه عدم التعيين.
السبب السادس: السخرية والاستهزاء بالآخرين والاحتقار لهم:(2/8)
السبب السابع: الظهور بمظهر الغضب لله على من يرتكب المنكر فيظهر غضبه ويذكر اسمه مثل أن يقول فلان لا يستحيي من الله يفعل كذا وكذا ويقع في عرضه بالغيبة.
السبب الثامن: الحسد فيحسد المغتاب من يُثني عليه الناس ويحبونه فيحاول المغتاب الحسود قليل الدين والعقل أن يزيل هذه النعمة فلا يجد طريقاً إلى ذلك إلا بغيبته والوقوع في عرضه حتى يزيل نعمته أو يقلل من شأنه عند من يثنون عليه. وهذا من أقبح الناس عقلاً وأخبثهم نفساً نسأل الله العافية.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قيل لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم أي الناس أفضل؟ قال: "كل مخموم القلب صدوق اللسان" قالوا: صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟ قال: "هو التقيُّ النّقيُّ، لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد"(1).
السبب التاسع: إظهار الرحمة والتّصنُّع بمواساة الآخرين كأن يقول لغيره من الناس: مسكين فلان قد غمني أمره وما هو فيه من المعاصي...
السبب العاشر: التصنع، واللعب، والهزل، والضحك فيجلس المغتاب خبيث النفس فيذكر عيوب غيره مما يضحك به الناس فيضحك الناس فعند ذلك يرتاح ويزيد من الكذب والغيبة على سبيل الهزل والنكت والإعجاب بالنفس. وهذا ينطبق عليه حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم الذي قال فيه: "ويلٌ للذي يحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب، ويلٌ له، ويلٌ له"(1).
السبب الحادي عشر: هو أن ينسب إليه فعلاً قبيحاً فيتبرأ منه ويقول: فلان الذي فعله ومحاولة إلقاء اللوم والتقصير على غيره؛ ليظهر بمظهر البريء من العيوب.
السبب الثاني عشر: الشعور بأن غيره يريد الشهادة عليه أو تنقيصه عند كبير من الكبراء، أو صديق من الأصدقاء، أو سلطان فيسبقه إلى هذا الكبير ويغتابه؛ ليسقط من عينه، وتسقط عدالته، أو مروءته(1).(2/9)
المبحث السابع علاج الغيبة
الغيبة لها علاجان:
العلاج الأول: هو أن يعلم الإنسان أنه إذا وقع في الغيبة فهو متعرض لسخط الله تعالى ومقته كما دلت عليه الأحاديث السابقة وغيرها من الأحاديث الصحيحة كقوله عليه الصلاة والسلام: "إن أحدكم ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلُغ ما بلغت فيكتُبُ الله عز وجل له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن أحدكم ليتكلمُ بالكلمة من سخط الله ما يظنُّ أن تبلُغ ما بلغت فيكتُب الله عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه"(1).
ويعلم أن حسناته يؤخذ منها يوم القيامة لمن اغتابه بدلاً عما استباح من عرضه فإن لم تكن له حسنات نقل إليه من سيئات خصمه فربما ترجح كفة سيئاته فيدخل النار وقد يحصل ذلك للإنسان بإذهاب حسنة واحدة من حسناته أو بوضع سيئة واحدة من سيئات خصمه وعلى تقدير أن لا يحصل هذا الرجحان فكفى بنقص الحسنات عقاباً مع المخاصمة والمطالبة، والسؤال، والجواب، والحساب. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فإذا آمن الإنسان المسلم بالأخبار الواردة في الغيبة وتدبرها حق التدبر لم ينطق لسانه بغيبة، وتدبر نفسه، وعيوبها، وتقصيرها، وأن يتدبر في إصلاح نفسه عن عيوب الناس والكلام فيهم، وعلى من به عيب أن يستحيي من الله تعالى الذي لا تخفى عليه خافية حين يرى نفسه على العيوب ويذكر عيوب غيره بل ينبغي له أن يلتمس لأخيه عذراً ومخرجاً ويعلم أن عجزه عن تطهير نفسه من ذلك العيب كعجزه هو عن تطهير نفسه من عيوبها فإن كان الذم له بأمر خَلْقي كان ذماً للخالق؛ فإن ذم الصنعة يستلزم ذم صانعها فليتق الله عز وجل ويصلح نفسه عن عيوبها وكفى بذلك شُغلاً!
العلاج الثاني: عليه أن ينظر في السبب الباعث له على الغيبة فإن علاج العلة إنما يتم بقطع سببها المستمدة هي منه.
فإذا كان سبب الغيبة الغضب فعليه أن يقول: إن أمضيت غضبي عليه فأنا أخشى الله أن يمضي غضبه عليَّ بسبب الغيبة فإن الله قد نهاني عنها فعصيته واستخففت بنهيه.(2/10)
وإذا كان سبب الغيبة موافقة للآخرين وطلب رضاهم فعليك أن تعلم أن الله يغضب عليك إذا طلبت سخطه برضا المخلوقين، فكيف ترضى لنفسك أن تسخط مولاك من أجل إرضاء المخلوقين الذين لا ينفعون ولا يضرون وإن كان الغضب لله فلا تذكر المغضوب عليه بسوء لغير ضرورة بل ينبغي أن تغضب على من اغتابه إلا إذا كان من باب تحذير المسلمين عن الشر. وهذا سيأتي فيما يجوز من الغيبة.
وإذا كان سبب الغيبة: هو تنزيه النفس ونسبة الخيانة إلى غيرك. فاعلم أن التعرض لمقت الله أشد من التعرض لمقت الخلق وأنت بالغيبة قد تعرضت لسخط الله يقيناً ولا تدري هل تسلم من سخط الناس أو لا تسلم والذي يرضي الناس بسخط الله يسخط الله عليه ويسخط عليه الناس...!
وإذا كان: سبب الغيبة هو الرغبة في أن تزكي نفسك بزيادة الفضل وذلك بقدحك في غيرك حتى تشعر الناس أنك تتصف بخلاف ما يتصف به من اغتبته فاعلم أنك بما ذكرته أبطلت فضلك عند الله تعالى إن كان لك فضل وأنت من اعتقاد الناس فضلك لست على يقين وعلى تقدير أنهم يفضلونك فأنت سينقص فضلك أو يزول بالكلية إذا عرفوك بغيبة الناس والوقوع في أعراضهم فأنت بعت ما عند الله يقيناً بما عند الناس وهماً ولو اعتقدوا فضلك لم يغنوا عنك من الله شيئاً لأن قلوبهم بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء فعليك أن تتدبر دقائق الأمور ولا تغتر بظواهرها.
وإذا كان الباعث على الغيبة: هو الحسد فأنت قد جمعت بين عذابين؛ لأنك حسدته على نعمة الدنيا فكنت معذباً بالحسد وذلك لأن الحاسد يجد الهم والغم وضيق الصدر ثم لا يقنع بذلك حتى يضاف إليه عذاباً آخر يوم القيامة فالحاسد قد جمع خسران الدنيا والآخرة وهو في الحقيقة صديق للمحسود عدو لنفسه؛ لأنه يضيف حسناته إلى حسنات المحسود ويتحمل من سيئاته إن لم يكن للحاسد حسنات مع أن الحسد، والغيبة لا تضر المحسود بل ربما كان ذلك سبباً لانتشار فضله.(2/11)
وإذا كان البعث على الغيبة هو الاستهزاء والسخرية فينبغي للحاسد أن يعلم أنه متى استهزأ بغيره عند الناس فإن ذلك يكون مخزياً لنفسه عند الله ثم عند خلقه وهذه هي الخسارة بعينها.
وإذا كان المغتاب يقصد بغيبته الرحمة لغيره فهذا مقصود فاسد؛ لأنه أراد الرحمة فوقع في الغيبة المحرمة فلو كان صادقاً في رحمته لنصح له ووجّهه وأرشده..
أما إذا كان السبب الباعث على الغيبة هو التعجب والضحك، فإنه ينبغي للمغتاب أن يتعجب من نفسه كيف أهلك نفسه بنفس غيره وكيف نقص دينه بكمال دين غيره أو بدنياه. فهو مع ذلك لا يأمن عقوبة الدنيا ويخشى على المغتاب أن يهتك الله ستره ويفضحه في الدنيا قبل الآخرة كما هتك بالتعجب ستر أخيه.
فإذا نظر الإنسان العاقل في أسباب الغيبة وعلاجها واستعمل هذا الدواء الذي ذكر هنا سلم إن شاء الله من ضرر الغيبة وكان ممن اشتغل بعيوبه عن عيوب غيره، وصان لسانه عن النطق إلا بالخير فبذلك يفوز بخيري الدنيا والآخرة. وأسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى أن يجعلنا جميعاً ممن يقول بالحق ويكون أسبق الناس إلى العمل به كما يحب ربنا ويرضى إنه أكرم مسؤول(1).
المبحث الثامن طريق التوبة من الغيبة
وطريق التوبة بالنسبة لمن اغتاب المسلمين هو أن يتحلله ويطلب منه العفو إذا أمِنَ الفتنة أما إذا كان هذا يسبب الشحناء أو يسبب منكراً آخر أو فتنة فإن المغتاب يذكره بالخير الذي فيه في المجالس التي ذكره فيها بسوء ويرد عنه الغيبة بجهده وطاقته فتكون تلك بتلك إن شاء الله مع مراعاة شروط التوبة وبالله التوفيق(1).
المبحث التاسع ما يباح من الغيبة
قال الله تعالى: {لاَّ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا}(2).(2/12)
وعن عائشة (رضي الله عنها) قالت: قالت هند أم معاوية لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إن أبا سفيان رجل شحيح فهل علي جناح أن آخذ من ماله سراً)؟ قال: ”خذي أنت وبنوك ما يكفيك بالمعروف“(1).
وعن فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته فقال: والله مالك علينا من شيء، فجاءت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فذكرت ذلك له فقال: ”ليس لك عليه نفقة“ فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ثم قال: ”تلك امرأة يغشاها أصحابي اعتدي عند ابن أم مكتوم: فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك فإذا حللت فآذنيني“ قالت: (فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني: فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه(2) وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد“ فكرهته ثم قال: ”انكحني أسامة“ فنكحته فجعل الله فيه خيراً واغتبطت“(1).
وعن عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها أخبرته قالت: استأذن رجل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: ”ائذنوا له، بئس أخو العشيرة أو ابن العشيرة“. فلما دخل ألان له الكلام. قلت: يا رسول الله، قلت الذي قلت ثم ألنت له الكلام. قال: ”أي عائشة إن شر الناس من تركه الناس - أو ودعه الناس - اتقاء فحشه“(2).
وقد ترجم البخاري (رحمه الله) في صحيحه بقوله: (باب ما يجوز من ذكر الناس نحو قولهم: الطويل، والقصير، وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ”ما يقول ذو اليدين“ وما لا يراد به شين الرجل)(3).
قال الإمام النووي (رحمه الله تعالى): تباح الغيبة لغرض شرعي... لستة أسباب:
1- التظلم. فيجوز للمظلوم أن يتظلم إلى السلطان أو القاضي. أو غيرهما ممن له ولاية. فيقول: ظلمني فلان أو فعل بي كذا.
2- الاستعانة على تغيير المنكر ورد العاصي إلى الصواب. فيقول. لمن يرجو قدرته: فلان يعمل كذا فازجره عنه أو نحو ذلك.(2/13)
3- الاستفتاء. بأن يقول للمفتي: ظلمني فلان أو أبي، أو أخي... بكذا فهل له ذلك؟ وما طريقي في الخلاص منه؟ ودفع ظلمه عني؟ فهذا جائز للحاجة. والأجود أن يقول: في رجل، أو زوج، أو والد، أو ولد، كان أمره كذا، ومع ذلك فالتعيين جائز لحديث هند وقولها: إن أبا سفيان رجل شحيح...(1).
4- تحذير المسلمين من الشر وذلك من وجوه منها:
أ- جرح المجروحين من الرواة، والشهود والمصنفين، وذلك جائز بالإجماع، بل واجب صوناً للشريعة.
ب- ومنها الإخبار بعيب عند المشاورة(1).
ج – ومنها إذا رأيت من يشتري شيئاً معيباً أو عبداً سارقاً، أو شارباً أو نحو ذلك تذكره للمشتري بقصد النصيحة لا بقصد الإيذاء والإفساد.
د- ومنها إذا رأيت متفقهاً يتردَّدُ إلى فاسقٍ، أو مبتدعٍ يأخذ عنه علماً وخفت عليه ضرره فعليك بنصيحته، ببيان حاله قاصداً للنصيحة.
ه- ومنها أن يكون له ولاية لا يقوم بها على وجهها لعدم أهليته، أو لفسقه، فيذكره لمن له عليه ولاية؛ ليستدل به على حاله فلا يغتر به، ويلزم الاستقامة.
5- أن يكون مجاهراً بفسقه، أو بدعته... فيجوز ذكره بما يجاهر به ولا يجوز بغيره إلا بسبب آخر.
6- التعريف. فإذا كان معروفاً بلقب كالأعمش، والأعرج، والقصير، والأعمى، والأقطع... ونحوها جاز تعريفه به ويحرم ذكره به تنقصاً، ولو أمكن التعريف بغيره كان أولى والله أعلم(1).
قال الإمام البخاري رحمه الله (باب ما يجوز من اغتياب أهل الفساد والريب...)(2) قال الحافظ بعد ذلك: ويستنبط منه(3) أن المجاهر بالفسق والشر لا يكون ما يذكر عنه من ذلك من الغيبة المذمومة... ثم قال: قال العلماء: تباح الغيبة في كل غرض صحيح شرعاً... كالظلم، والاستعانة على تغيير المنكر، والاستفتاء، والمحاكمة، والتحذير من الشر، ويدخل فيه تجريح الرواة، والشهود، وإعلام من له ولاية عامة بسيرة من هو تحت يده، وجواب الاستشارة في نكاح أو عقد من العقود، وكذا من رأى متفقهاً يتردد إلى مبتدع...(1).(2/14)
قلت وقد جمع بعضهم هذه الأمور الستة في قوله:
القدح ليس بغيبة في ستة
متظلم، ومعروف، ومحذر
ومجاهر فسقاً، ومستفت ومن
طلب الإعانة في إزالة منكر(1)
الفصل الثاني: النميمة
المبحث الأول تعريف النميمة
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى نقلاً عن الإمام الغزالي (رحمه الله) ما ملخصه: (النميمة في الأصل نقل القول إلى المقول فيه ولا اختصاص لها بذلك، بل ضابطها كشف ما يكره كشفه سواء كرهه المنقول عنه، أو المنقول إليه، أو غيرهما، وسواء كان المنقول قولاً، أم فعلاً، وسواء كان عيباً أم لا، حتى لو رأى شخصاً يخفي ماله فأفشى كان ينميه)(1).
وقال الإمام النووي (رحمه الله تعالى): (... في رواية لا يدخل الجنة نمام وفي أخرى قتات وهو مثل الأول فالقتات هو النمام. ثم قال: قال الجوهري وغيره يقال: (نم الحديث ينمه، وينُمه، بكسر النون وضمها، نما، والرجل نمّامٌ، وقته يقته بضم القاف قتا. قال العلماء: النميمة نقل كلام الناس بعضهم إلى بعض على جهة الإفساد بينهم)(1).
والنم إظهار الحديث بالوشاية. وأصل النميمة الهمس والحركة(2).
وقد بوب البخاري رحمه الله تعالى باباً قال فيه: (باب ما يكره من النميمة).
ثم قال ابن حجر (رحمه الله تعالى): كأنه أشار بهذه الترجمة إلى بعض القول المنقول على جهة الإفساد يجوز إذا كان المقول فيه كافرًا مثلاً، كما يجوز التجسس في بلاد الكفار ونقل ما يضرهم)(3).
المبحث الثاني حكم النميمة
النميمة محرمة بإجماع المسلمين، وقد تظاهر على تحريمها الدلائل الصريحة من الكتاب والسنة وإجماع الأمة(1).
المبحث الثالث الترهيب من الوقوع في النميمة
قال الله تعالى: {هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ، مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ}(2).
وقال سبحانه: {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ}(3).
وعن حذيفة قال: سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: "لا يدخل الجنة قتات"(4).(2/15)
والقتات هو النمام. ووقع في رواية أبي وائل عن حذيقة عند مسلم(1) وقيل. الفرق بين القتات والنمام أن النمام الذي يحضر القصة فينقلها، والقتات الذي يستمع من حيث لا يعلم به ثم ينقل ما سمعه(2).
وقال حذيفة سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: "لا يدخل الجنة نمام"(3).
قال الحافظ ابن حجر: قوله: "لا يدخل الجنة" أي في أول وهلة كما في نظائره(4).
قلت هذا مذهب أهل السنة والجماعة؛ فإنهم لا يكفرون أحداً من أهل القبلة بشيء من المعاصي ما لم يستحله، إلا ما خصه الدليل.
وعن عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) قال: إن محمداً صلّى الله عليه وسلّم قال: "ألا أنبئكم ما العضه؟ هي النميمة القالة بين الناس" وأن محمداً صلّى الله عليه وسلّم قال: "إنَّ الرجل يصدق حتى يكتب صديقاً. ويكذب حتى يكتب كذاباً"(1).
وذكر ابن عبد البر عن يحيى بن أبي كثير قال: "يفسد النمام والكذاب في ساعة ما لا يفسد الساحر في سنة" والنميمة من أنواع السحر، لأنها تشارك السحر في التفريق بين الناس وتغيير قلوب المتحابين وتلقيح الشرور(2).
وعن ابن عباس (رضي الله عنهما) قال: خرج النبي صلّى الله عليه وسلّم من بعض حيطان المدينة، فسمع صوت إنسانين يعذبان، في قبريهما فقال: "يعذبان وما يعذبان في كبيرة، وإنه لكبير: كان أحدهما لا يستتر من البول، وكان الآخر يمشي بالنميمة، ثم دعا بجريدة فكسرها بكسرتين- أو اثنتين - فجعل كسرة في قبر هذا، وكسرة في قبر هذا فقال: لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا"(1).
وفي رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال مرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على قبرين فقال: "إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير: أما هذا فكان لا يستتر من بوله، وأما هذا فكان يمشي بالنميمة" ثم دعا بعسيب رطب فشقه باثنين فغرس على هذا واحدًا وعلى هذا واحدًا، ثم قال: "لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا"([19]).
المبحث الرابع ما ينبغي لمن حملت إليه النميمة(2/16)
قال الإمام النووي: (وكل من حملت إليه نميمة، وقيل له: فلان يقول فيك، أو يفعل فيك كذا فعليه ستة أمور:
الأول: أن لا يصدق، لأن النمام فاسق.
الثاني: أن ينهاه عن ذلك، وينصحه، ويقبح له فعله.
الثالث: أن يبغضه في الله تعالى؛ فإنه بغيض عند الله تعالى ويجب بغض من أبغضه الله تعالى.
الرابع: أن لا يظن بأخيه الغائب السوء.
الخامس: أن لا يحمله ما حكي له على التجسس والبحث عن ذلك.
السادس: أن لا يرضى لنفسه ما نهى النمام عنه فلا يحكي نميمته عنه فيقول: فلان حكى كذا، فيصير به نماماً، ويكون آتياً ما نهى عنه...)([20]).
المبحث الخامس ذو الوجهين
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "إن شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه"(1). قال ابن حجر وهو من جملة صورة النمام. وإنما كان ذو الوجهين أشر الناس لأن حاله حال المنافق إذا هو متملق بالباطل وبالكذب من مدخل للفساد بين الناس فيأتي كل طائفة بما يرضيها على جهة الإفساد ويظهر له أنه منها ومخالف لضدها وهذا عمل النفاق والخداع وكذب وتحيل على أسرار الطائفتين وهي مداهنة محرمة. فأما من يقصد الإصلاح بين الناس فذلك محمود وهو أنه يأتي كل طائفة بكلام فيه صلاح الطائفة الأخرى ويعتذر لكل واحدة عند الأخرى وينقل إليها من الجمل ما أمكنه ويستر القبيح أما المذموم فهو بالعكس(1).
وعن عمار رضي الله عنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "من كان له وجهان في الدنيا كان له يوم القيامة لسانان من نار"(2).
المبحث السادس الدوافع الباعثة على الوقوع في النميمة
لا شك أن دوافع النميمة هي دوافع الغيبة كما تقدم. ويضاف إلى الدوافع السابقة: الكراهة، والتقرب للمحكي له، والرغبة في إشعال النيران، وإثارة الفتن، وتفريق المجتمعات، وزرع البغضاء في قلوب الناس(3).
المبحث السابع علاج النميمة
علاج النميمة هو علاج الغيبة كما تقدم فارجع إليه(1).(2/17)
المبحث الثامن ما يباح من النميمة
قال الإمام النووي (رحمه الله تعالى): (فإن دعت حاجة... (إلى النميمة) فلا مانع منها وذلك كما إذا أخبره أن إنساناً يريد الفتك به، أو بأهله أو بماله، أو أخبر الإمام، أو من له ولاية بأن إنساناً يفعل كذا ويسعى بما فيه مفسدة. ويجب على صاحب الولاية الكشف عن ذلك وإزالته. فكل هذا وما أشبهه ليس بحرام وقد يكون بعضه واجباً، وبعضه مستحباً على حسب المواطن والله أعلم)(2).
قال الإمام البخاري: (رحمه الله تعالى): (باب من أخبر صاحبه بما يقال فيه) ثم ساق بسنده عن ابن مسعود (رضي الله عنه) قال: قسم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قسمة، فقال رجل من الأنصار: والله ما أراد محمد بهذا وجه الله، فأتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخبرته، فتمعر وجهه وقال: "رحم الله موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر"(1).
والمذموم من نقلة الأخبار من يقصد الإفساد وأما من يقصد النصيحة، ويتحرى الصدق، ويجتنب الأذى فلا، وقل من يفرق بين البابين فطريق السلامة في ذلك لمن يخشى عدم الوقوف على ما يباح من ذلك، مما لا يباح الإمساك عن ذلك...(2).
---
([1]) فتح الباري بشرح صحيح البخاري 10/469، والأذكار للنووي 288-290.
([2]) فتح الباري بشرح صحيح البخاري 10/473.
([3]) انظر الأذكار النووية 289.
([4]) سورة النساء الآية: 148.
([5]) سورة الحجرات الآية: 12.
([6]) سورة الهمزة الآية: 1.
([7]) سورة ق الآية: 18.
([8]) سورة الإسراء الآية: 36.
([9]) مسلم 4/2000 وشرح النووي على مسلم 16/142.
([10]) سنن أبي داود 4/269 وعون المعبود 13/223. وانظر صحيح الجامع 5/31.
([11]) سنن أبي داود 4/269 وعون المعبود 13/223 قال الشيخ عبد القادر الأرنؤوط في تعليقه على الأذكار للنووي ص29 وهو حديث حسن. وانظر صحيح الجامع 5/51.
([12]) مسلم 4/1984 وأبو داود 4/273 والترمذي 4/325.
([13]) مسلم 4/1986 والترمذي 4/325.(2/18)
([14]) انظر عون المعبود شرح سنن أبي داود 13/242.
([15]) أخرجه أبو داود 4/275 وانظر صحيح الجامع 1/279 وسلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني برقم 285.
([16]) أخرجه أبو داود 4/270 وأحمد 4/421، 424 وانظر صحيح الجامع للأ لباني 6/308 برقم 3549.
([17]) انظر عون المعبود شرح سنن أبي داود 13/224.
([18]) أخرجه أبو داود 4/270 وأحمد 4/229 والحاكم وصححه ووافقه الذهبي 4/128 وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة 2/643 برقم 934.
(1) انظر عون المعبود 13/225.
(1) انظر عون المعبود 13/225.
(2) المرجع السابق 13/226.
(1) أخرجه أحمد بنحوه 4/278 والحاكم بلفظه 4/199 و4/499 وصححه ووافقه الذهبي. وابن ماجه بنحوه 2/1137 وأبو داود 2/211 بنحوه والحديث صححه العلامة الألباني انظر صحيح ابن ماجه 2/252 وصحيح الجامع 6/294.
(2) أخرجه أبو داود 4/269 وأحمد 1/190 وانظر صحيح الجامع 2/442.
(1) انظر عون المعبود 13/222.
(1) أبو داود بمعناه 4/148 والبيهقي 8/227 وذكره بلفظه ابن كثير في تفسيره 4/216 وقال: إسناده صحيح وعزاه إلى أبي يعلى.
(1) البخاري مع الفتح 13/128.
(2) فتح الباري 13/130.
(3) أخرجه مسلم 3/1458.
(1) الأذكار للنووي 294.
(1) البخاري 1/110 ومسلم 1/455.
(2) أبو داود 4/271 وأحمد 4/30 وقال الشيخ ناصر الدين الألباني إنه حديث حسن. انظر صحيح الجامع الصغير 5/160.
(3) أخرجه أحمد 6/450 والترمذي 4/327 قال وفي الباب عن أسماء بنت يزيد ثم قال: هذا حديث حسن. وقال الشيخ ناصر الدين الألباني إنه حديث صحيح. انظر صحيح الجامع الصغير 5/295.
(1) أحمد 6/461 وقال الهيثمي في مجمع الزوائد رواه أحمد والطبراني وإسناد أحمد حسن 8/95 وانظر صحيح الجامع برقم 6116، 5/290 فقد رمز إليه بالصحة.
(2) البخاري 5/130 ومسلم 4/2122 وأحمد 3/457.
(1) رواه ابن ماجه برقم 4216 وانظر صحيح ابن ماجه 2/411 والأحاديث الصحيحة برقم 948.(2/19)
(1) أخرجه الترمذي 4/557 وانظر صحيح الترمذي 2/268.
(1) انظر تطهير العيبة من دنس الغيبة لأحمد بن محمد بن حجر المكي الهيتمي ص54 بتحقيق مجدي السيد إبراهيم وانظر فتاوى ابن تيمية 28/236- 238 و28/222 –238.
(1) أخرجه الترمذي 4/559 وابن ماجه 2/1312 ومالك في الموطأ 2/985 وأحمد 3/469 وانظر صحيح الترمذي 2/269 وصحيح ابن ماجه 2/358 وصحيح الجامع 2/63 وعزاه أيضاً للنسائي والحاكم وابن حبان.
(1) انظر تطهير العيبة من دنس الغيبة لأحمد بن محمد بن حجر الهيتمي ص 47.
(1) انظر تطهير العيبة من دنس الغيبة ص62.
(2) سورة النساء الآية 148.
(1) البخاري 3/36 والبخاري مع الفتح 4/405.
(2) فيه تأويلان: أحدهما: أنه كثير الأسفار.
والثاني: أنه كثير الضرب للنساء وهذا أصح. انظر شرح النووي على مسلم.
(1) مسلم 2/114.
(2) صحيح البخاري 7/86/،وصحيح مسلم 4/2002،والفتح 10/471.
(3) صحيح البخاري 7/85 والفتح 10/468.
(1) سبق تخريجه وهو في البخاري 3/36 وانظر البخاري مع الفتح 4/405.
(1) ومن الأدلة على ذلك حديث فاطمة بنت قيس المتقدم ذكره وفيه: (أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه وأما معاوية فصعلوك لا مال له...) الحديث في مسلم 2/1114.
(1) شرح النووي 16/142 والأذكار للنووي ص 292.
(2) سبق تخريج حديث عروة بن الزبير عن عائشة في جواز اغتياب أهل الفساد والريب.
(3) أي من حديث عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها: استأذن رجل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: ”ائذنوا له بئس أخو العشيرة – أو ابن العشيرة –“ فلا دخل ألان له الكلام. قلت: يا رسول الله قلت الذي قلت ثم ألنت له الكلام قال: ”أي عائشة إن شر الناس من تركه الناس أو ودعه الناس اتقاء فحشه“. البخاري 7/86.
(1) الفتح 10/471.
(1) العقيدة الطحاوية ص43.
(1) فتح الباري بشرح صحيح البخاري 10/473، والأذكار للنووي 298.
(1) شرح الإمام النووي على مسلم 2/112.(2/20)
(2) فتح الباري بشرح صحيح البخاري 10/472.
(3) المرجع السابق 10/472.
(1) انظر الأذكار للإمام النووي ص 289.
(2) سورة القلم الآيتان: 11، 12.
(3) سورة الهمزة الآية: 1.
(4) البخاري 7/76 ومسلم 1/101 وانظر اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 1/2، وفتح الباري 10/472.
(1) مسلم 1/101.
(2) فتح الباري 10/473.
(3) مسلم 1/101.
(4) الفتح 10/473.
(1) مسلم 4/2012.
(2) انظر فتح المجيد شرح كتاب التوحيد لمحمد بن عبد الوهاب ص325.
(1) البخاري 7/78 والبخاري مع الفتح الباري 10/472 والترمذي 1/102 وأبو داود 1/6.
([19]) البخاري 7/85 والبخاري مع الفتح الباري 10/469.
([20]) شرح النووي على مسلم 2/113 نقلاً عن الغزالي، وفتح الباري بشرح صحيح البخاري 10/473 نقلاً عن الغزالي كذلك، والأذكر للنووي ص299 نقلاً عن الغزالي كما تقدم.
(1) البخاري مع الفتح 13/170 و6/526 و10/474 ومسلم 4/2511.
(1) انظر فتح الباري 10/475.
(2) أبو داود 4/268 وصححه العلامة الألباني انظر صحيح الجامع برقم 6372، 5/346 وسلسلة الأحاديث الصحيحة 889.
(3) انظر صفحة 31 من هذا الكتاب.
(1) انظر صفحة 35 من هذا الكتاب
(2) انظر شرح النووي على مسلم 2/113.
(1) صحيح البخاري 7/87 وفتح الباري 10/475.
(2) انظر فتح الباري 10/476.(2/21)
الباب الثاني القول على الله بغير علم
الفصل الأول: الكذب على رسول الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -
وفيه ثلاثة مباحث
الفصل الثاني: الكذب عموما
وفيه أربعة مباحث
الفصل الثالث: شهادة الزور وقول الزور
وفيه ثلاثة مباحث
الفصل الأول: الكذب على الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم
المبحث الأول تعريف الكذب
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: (واعلم أن مذهب أهل السنة أن الكذب هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو تعمدت ذلك أم جهلته، لكن لا يأثم في الجهل وإنما يأثم في العمد(1). فالكذب: الإخبار عن الشيء على خلاف ما هو عمداً كان أو سهواً.
المبحث الثاني الترهيب من الكذب على الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم
لا شك أن من كذب على الله وعلى رسوله أشد وأعظم ذنباً، وأقبح فعلاً ممن كذب على من سوى الله ورسوله.
قال الله تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}(1).
وقال سبحانه: {وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَهُم بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}(2).
وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ}(3).
وقال سبحانه: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}(4).
وقال سبحانه وتعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يَصْدِفُونَ}(1).
وقال عز وجل: {قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ}(2).(3/1)
وقال عز وجل: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُوْلئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ}(3).
وقال عز وجل: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ}(4).
وقال سبحانه وتعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ}(1).
وقال عز وجل: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}(2).
وعن علي (رضي الله عنه) قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ”لا تكذبوا علي فإنه من كذب علي فليلج النار“(3).
وعن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: قلت للزبير: إني لا أسمعك تحدث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كما يحدث فلان وفلان قال: أما إني لم أفارقه ولكن سمعته يقول: ”من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار“(1).
قال أنس: إنه ليمنعني أن أحدثكم حديثاً كثيراً أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ”من تعمّد علي كذباً فليتبوأ مقعده من النار“(2).(3/2)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي ومن رآني في المنام في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار"(3).
وعن سلمة بن الأكوع: قال سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: "من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار"(4).
وفي مسلم "من حدَّث عني بحديث يُرَى أنه كذب فهو أحد الكاذبين"(5).
وعن المغيرة بن شعبة قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: "إن كذباً عليَّ ليس ككذب على أحد، فمن كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار"(1).
وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: "إن من أعظم الفِرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه، أو يُريَ عينه ما لم ترَ، أو يقول على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما لم يقل"(2).
وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "كفى بالمرء كذباً أن يحدِّث بكل ما سمع"(3).
وعن عبد الله بن مسعود قال: (ما أنت بمحدّثٍ قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة)(4).
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (بحسب المرء من الكذب أن يحدِّث بكل ما سمع)(1).
وقال ابن وهب: قال لي مالك: اعلم أنه ليس يسلم رجل حدَّث بكل ما سمع. ولا يكون إماماً أبداً وهو يحدِّث بكل ما سمع)(2).
وقال عبد الرحمن بن مهدي: (لا يكون الرجل إماماً يقتدى به حتى يمسك عن بعض ما سمع)(3).
المبحث الثالث ما يمتاز به الكاذب على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الوعيد على من كذب على غيره وحكم الكذب عليه صلّى الله عليه وسلّم
1- تعظيم تحريم الكذب على النبي صلّى الله عليه وسلّم وأنه فاحشة عظيمة وموبقة كبيرة ولكن لا يكفر بهذا إلا أن يستحله وهذا مذهب الجمهور.(3/3)
2- والرأي الثاني أن الكذب عليه صلّى الله عليه وسلّم يكفر متعمده عند بعض أهل العلم. وهو الشيخ أبو محمد الجويني لكن ضعفّه ابنه إمام الحرمين ومن بعده. ومال ابن المنير إلى اختياره. ووجهه بأن الكذب عليه في تحليل حرام مثلاً لا ينفك عن استحلال ذلك الحرام، أو الحمل على استحلاله واستحلال الحرام كفر، والحمل على الكفر كفر. وقال إمام الحرمين عن هذا الرأي - رأي والده - إنه هفوة عظيمة، ورجح الإمام النووي رحمه الله والحافظ ابن حجر رأي الجمهور وهو أنه لا يكفر إلا إذا اعتقد حل ذلك.
3- قال الإمام بن حجر الكذب عليه صلّى الله عليه وسلّم كبيرة، والكذب على غيره صغيرة فافترقا ولا يلزم من استواء الوعيد في حق من كذب عليه أو كذب على غيره أن يكون مقرهما واحداً أو طول إقامتها سواء فقد دل قوله صلّى الله عليه وسلّم "فليتبوأ" على طول الإقامة فيها، بل ظاهره أنه لا يخرج منها؛ لأنه لم يجعل له منزلاً غيره. إلا أن الأدلة القطعية قامت على أن خلود التأبيد مختص بالكافرين، وقد فرق النبي صلّى الله عليه وسلّم بين الكذب عليه وبين الكذب على غيره... فقال عليه الصلاة والسلام: "إن كذباً عليّ ليس ككذب على أحد.."(1).
4- إن من كذب على النبي صلّى الله عليه وسلّم عمداً في حديث واحد فسق وردت رواياته كلها وبطل الاحتجاج بجميعها...(2).
5- قلت والكذب على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كذب على الله؛ لأن الله يقول: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}(3). فيدخل من كذب على الرسول صلّى الله عليه وسلّم في قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ}(4).
الفصل الثاني: الكذب عموماً
المبحث الأول حكم الكذب(3/4)
قال الإمام النووي (رحمه الله تعالى)(1): (قد تظاهرت نصوص الكتاب والسنة على تحريم الكذب في الجملة وهو من قبائح الذنوب وفواحش العيوب وإجماع الأمة منعقد على تحريمه مع النصوص المتظاهرة...
ثم قال رحمه الله: ويكفي في التنفير منه الحديث المتفق على صحته عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم "آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان"(2).
المبحث الثاني الترهيب من الوقوع في الكذب عموماً
قال الله تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}(1).
وعن عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكون صديقاً، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً"(2).
وفي رواية لمسلم "عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة. وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً. وإياكم والكذب. فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار. وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً"(1).
وقد بوب البخاري في صحيحه بترجمة قال فيها: (باب ما يمحق الكذبُ والكتمانُ في البيع) ثم ساق الحديث الذي رواه حكيم بن حزام رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: "البيعان بالخيار ما لم يتفرَّقا- أو قال حتى يتفرَّقا - فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما"(2).
وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: "ويل للذي يحدِّث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب ويلٌ له ويلٌ له"(3).(3/5)
وفي حديث سمرة بن جندب الطويل الذي فيه رؤيا النبي صلّى الله عليه وسلّم قال فيه: "لكني رأيت الليلة رجلين أتياني فأخذا بيدي فأخرجاني إلى الأرض المقدسة فإذا رجل جالس ورجل قائم بيده كلوب من حديد - قال بعض أصحابنا عن موسى: كلوب من حديد يدخله في شدقه- حتى يبلغ قفاه ثم يفعل بشدقه الآخر مثل ذلك ويلتئم شدقه هذا فيعود فيصنع مثله، قلت ما هذا قالا انطلق..." وفي آخر الحديث قال صلّى الله عليه وسلّم: "قلت طوفتماني الليلة فأخبراني عما رأيت قالا: (نعم) أما الذي رأيته يشق شدقه فكذاب يحدِّث بالكذبة فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق فيصنع به ما رأيت إلى يوم القيامة..."(1). وفي رواية للبخاري أنه قيل للنبي صلّى الله عليه وسلّم: ".. وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه؛ فإنه الرجل يغدُ من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق"(2).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: "آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان"(1).
المبحث الثالث الكذب في الرؤيا أو الحلم
عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "من تحلم بحُلم لم يره كُلِّف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل ومن استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون أو يفرُّون منه صُبَّ في أُذنه الآنك يوم القيامة، ومن صور صورة عذب وكلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ"(2).
المبحث الرابع ما يباح من الكذب
عن أم كلثوم بنت عقبة أنها سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: "ليس الكذَّابُ الذي يصلح بين الناس فينمي خيراً، أو يقول خيراً"(1).
وفي رواية لمسلم عن أم كلثوم أيضاً: (ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث: بمثل ما جعله يونس من قول ابن شهاب)(2).(3/6)
قلت: وقول ابن شهاب هو ما رواه مسلم عن ابن شهاب أنه قال: (ولم أسمَعْ يرخص في شيء مما يقول الناسُ كذبٌ إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها)(3).
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: (وهذا الحديث صريح في إباحة بعض الكذب للمصلحة، وقد ضبط العلماء ما يباح منه وأحسن ما رأيته ما ذكر الإمام أبو حامد الغزالي (رحمه الله تعالى) قال: (الكلام وسيلة إلى المقاصد فكل مقصود محمود يمكن التوصل إليه بالصدق والكذب جميعاً فالكذب فيه حرام، لعدم الحاجة إليه، وإن أمكن التوصل إليه بالكذب ولم يكن بالصدق، فالكذب فيه مباح إن كان تحصيل ذلك المقصود مباحاً، وواجب إن كان المقصود واجباً.
فإذا اختفى مسلم من ظالم وسأل عنه وجب الكذبُ بإخفائه، وكذا لو كان عنده أو عند غيره وديعة، وسأل عنها ظالم يريد أخذها وجب عليه الكذب بإخفائها... ولو استحلفه عليه لزمه أن يحلف ويورّي في يمينه... وهذا إن لم يحصل الغرض إلا بالكذب والاحتياط في هذا كله أن يورّي (في يمينه)، ومعنى التورية أن يقصد بعبارته مقصوداً صحيحاً ليس هو كاذباً بالنسبة إليه، وإن كان كاذباً في ظاهر اللفظ ولو لم يقصد هذا بل أطلق عبارة الكذب فليس بحرام في هذا الموضع... وكذا كلما ارتبط به غرض مقصود صحيح له أو لغيره فالذي له مثل: أن يأخذه ظالم ويسأله عن ماله ليأخذه فله أن ينكره، أو يسأله السلطان عن فاحشة بينه وبين الله تعالى فله أن ينكرها... وأما غرض غيره فمثل أن يُسأل عن سر أخيه فينكره ونحو ذلك... وينبغي أن يقابل بين مفسدة الكذب والمفسدة المترتبة على الصدق فإن كانت المفسدة في الصدق أشد ضرراً فله فله الكذب وإن كان عكسه، أو شك، حرم عليه الكذب...)(1).
وقد ذكر ابن القيم (رحمه الله تعالى): بعض ما رُويَ عن السلف من المعاريض التي تخلصوا بها.
فرُويَ عن عمر بن الخطاب أنه قال:(إن في معارريض الكلام ما يغني الرجل عن الكذب)(2).(3/7)
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (ما يسرني بمعاريض الكلام حمر النعم)(1).
وقال بعض السلف كان لهم كلام يدرؤن به عن أنفسهم العقوبة والبلايا(2) وقد لقي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طليعة للمشركين وهو في نفر من أصحابه فقال المشركون: (ممن أنتم؟ فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: "نحن من ماء" فنظر بعضهم إلى بعض فقالوا: أحياء اليمن كثيرة لعلهم منهم وانصرفوا)(3).
وأراد صلّى الله عليه وسلّم بقوله نحن من ماء قوله تعالى: {خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ}(4).
وكان حماد رحمه الله تعالى: إذا جاء من لا يريد الاجتماع به وضع يده على ضرسه ثم قال: (ضرسي ضرسي).
وسُئِل أحمد عن المروزي وهو عنده ولم يرد أن يخرج إلى السائل فوضع أحمد أصبعه في كفه وقال: ليس المروزي هاهنا وماذا يصنع المروزي هاهنا..؟ ثم ذكر رحمه الله تعالى أن الحيل ثلاثة أنواع:
1- نوع قربة وطاعة وهو من أفضل الأعمال عند الله تعالى.
2- ونوع جائز مباح لا حرج على فاعله. ولا على تاركه، وترجح فعله على تركه أو عكس ذلك تابع لمصلحته.
3- ونوع هو محرم، ومخادعة الله تعالى، ورسله متضمن لإسقاط ما أوجبه وإبطال ما شرعه، وتحليل ما حرّمه، وإنكار السلف والأئمة وأهل الحديث إنما هو لهذا النوع...(1).
الفصل الثالث: شهادة الزور
المبحث الأول تعريف الزّور
الأصل في الزور، تحسين الشيء، ووصفه بخلاف صفته، حتى يخيل إلى من يسمعه أو يراه أنه خلاف ما هو به. والشرك قد يدخل في ذلك؛ لأنه محسن لأهله حتى قد ظنوا أنه محق وأنه باطل. ويدخل فيه الغناء؛ لأنه أيضاً مما يحسنه ترجيع الصوت حتى يستحل سَامِعُهُ سَمَاعَه.(3/8)
والكذب أيضاً: قد يدخل فيه لتحسين صاحبه إياه حتى يظن صاحبه أنه حق. فكل ذلك مما يدخل في معنى الزور؛ فإن كان ذلك كذلك فأولى الأقوال بالصواب... أن يقال: إن الزور كل باطل سواء كان ذلك، شركاً، أو غناء، أو كذباً، أو غيره، وكل ما لزمه اسم الزور؛ لأن الله عمّ في وصفه عباد الرحمن أنهم لا يشهدون الزور فلا ينبغي أن يخص من ذلك شيئاً إلا بحجة(1).
المبحث الثاني الترهيب من الوقوع في شهادة الزور
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}(2).
وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}(3).
وقال سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ، أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ}(1).
وقال سبحانه: { وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا}(2).
وقال سبحانه وتعالى: {وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}(3).
وقال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}(4).(3/9)
وقال سبحانه وتعالى: {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا}(5).
وقال سبحانه: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إِلاّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ}(1).
وقال تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}(2).
وقال سبحانه وتعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}(3).
قال الإمام عبد الرحمن بن الجوزي - رحمه الله تعالى -: (قوله تعالى: {وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} عامٌّ في تحريم القول في الدين من غير يقين)(1).
وعن أبي بكرة قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ”ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثاً“، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ”الإشراك بالله، وعقوق الوالدين“ وجلس وكان متكئاً فقال: ”ألا وقَولُ الزور“ فمازال يكررها حتى قلنا ليته سكت(2).
وعن خزيم بن فاتك الأسدي قال: صلى صلّى الله عليه وسلّم الصبح فلما انصرف قام قائماً فقال: ”عدلت شهادة الزور بالإشراك بالله عز وجل ثم تلا هذه الآية {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ، حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ}“(3).
وعن أنس قال: سئلَ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن الكبائر قال: ”الإشراك بالله وعقوق الوالدين، وقتل النفس، وشهادة الزور“(4).(3/10)
وقد ترجم البخاري رحمه الله في صحيحه فقال: (باب ما قيل في شهادة الزور لقول الله عز وجل) والذين لا يشهدون الزور، وكتمان الشهادة لقوله: تعالى: {وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}(1).
وقد ترجم البخاري (رحمه الله) في صحيحه باباً قال فيه: (باب لا يشهد على شهادة جور إذا أُشهِد).
عن النعمان بن بشير (رضي الله عنهما) قال: سألت أمي أبي بعض الموهبة لي من ماله. ثم بدا له فوهبها لي. فقالت: لا أرضى حتى تشهد النبي صلّى الله عليه وسلّم. فأخذ بيدي وأنا غلام فأتى بي النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: إن أمه بنت رواحة سألتني بعض الموهبة لهذا، قال: ”ألك ولد سواه“ قال: نعم، قال فأراه قال: ”لا تشهدني على جور“ وفي رواية ”لا أشهد على جور“(2).
وعن عمران بن حصين (رضي الله عنهما) قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ”خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم“ قال عمران: (لا أدري أذكر النبي صلّى الله عليه وسلّم بَْعُد قرنين أو ثلاثة).
قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ”إن بعدكم قوماً يخونون ولا يؤتمنون ويشهدون ولا يستشهدون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن“(1).
وعن عبيدة عن عبد الله (رضي الله عنه) عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ”خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته“.
قال إبراهيم: (وكانوا يضربوننا على الشهادة، والعهد)(2).
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: جاء أعرابي إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال يا رسول الله ما الكبائر؟ قال: ”الإشراك بالله“ قال ثم ماذا؟ ”ثم عقوق الوالدين“ قال ثم ماذا؟ قال: ”اليمين الغموس“ قلت وما اليمين الغموس؟ قال: ”الذي يقتطع مال امرئٍ مسلم هو فيها كاذب“(1).(3/11)
واليمين الغموس سُمّيت بذلك، لأنها تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار ولا كفارة فيها؛ لأنها يمين غير منعقدة، ولأن المنعقد ما يمكن حله ولا يَتَأتَّى في اليمين الغموس البر أصلاً(2).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "من لم يدع قول الزور والعمل به، والجهل، فليس لله حاجة أن يدع طعامه، وشرابه"(2).
فنجد أن الله تبارك وتعالى حرم شهادة الزور، لكونها سبباً لإبطال الحق، وحرم كتمانها، لكونه سبباً أيضاً لإبطال الحق(1).
المبحث الثالث ما يترتب على شهادة الزور من الجرائم
شهادة الزور عظيمة الخطر والضرر؛ لأنه يترتب عليها جرائم كثيرة منها ما يأتي:
1- تضليل الحاكم عن الحق والتسبب في الحكم بالباطل؛ لأن الحكم ينبني على أمور منها: (البينة على المدعي واليمين على من أنكر فإذا كانت البينة كاذبة أثرت على الحكم فكان بخلاف الحق والإثم على الشاهد ولذلك قال صلّى الله عليه وسلّم: "إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إليَّ ولعل أحدكم ألحن بحجته من الآخر فأقض له نحو ما أسمع"(2).
2- الظلم لمن شهد له لأنه ساق إليه ما ليس بحق بسبب شهادة الزور فوجبت له النار لقوله صلّى الله عليه وسلّم: "إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض فمن قضيت له بحق أخيه شيئاً بقوله فإنما أقطع له قطعة من النار فلا يأخذها"(1).(3/12)
3- الظلم لمن شهد عليه حيث أخذ منه ماله أو حقه بالشهادة الكاذبة فيتعرض الشاهد بذلك لدعوة المشهود عليه بغير الحق ظلماً ودعوة المظلوم مستجابة لا ترد وليس بينها وبين الله حجاب كما قال صلّى الله عليه وسلّم: ”ثلاثة لا تردّ دعوتهم...“ وذكر منهم ”دعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام وتفتح لها أبواب السماء ويقول الربُّ: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين“(2) وقال صلّى الله عليه وسلّم: ”من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرَّم عليه الجنة“ فقال له رجلٌ وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله قال: ”وإن قضيباً من أراك“(3).
4- تخليص المجرمين من عقوبة الجريمة بالشهادة الباطلة وذلك يسبب للناس الرغبة في ارتكاب الجرائم اتكالاً على وجود شهادة الزور.
5- يترتب على شهادة الزور انتهاك المحرمات وإزهاق النفوس المعصومة، وأكل الأموال بالباطل والحاكم والمحكوم له وعليه بالباطل خصماء لشاهد الزور عند أحكم الحاكمين يوم القيامة.
6- يحصل بشهادة الزور تزكية المشهود له وهو ليس أهلاً لذلك، ويحصل بها جرح المشهود عليه بالباطل والتزكية شهادة للمزكى فإذا كان حال المزكى وواقعه بخلاف مضمون التزكية فإن المزكي شاهد بالزور حيث شهد بخلاف الحق أو بما لا يعلم حقيقته.
فكذلك شاهد الزور وهو مزكٍّ للظالم، ومجرِّح للمظلوم.(3/13)
7- يترتب على شهادة الزور القول في دين الله بغير حق وبغير علم فإن ذلك أعظم الفتن ومن أخطر أسباب الصد عن سبيل الله ومن أفحش عوامل الضلال للناس وهو من الجرأة على الله ومن أوضح الأدلة على جهل قائله خاصة إذا تبين له الحق فلم يرجع إليه أو على نفاقه وإلحاده قال الله تعالى: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ}(1). فما أكثر شهادة الزور اليوم ومثلهم الذين يحرمون ما أحل الله لهم من طعام أو غيره. وأخطر من ذلك قوم يكتمون الحق مع علمهم به ويظهرون الباطل ويدعون إليه الناس ويزينونه لهم نسأل الله العافية في الدنيا والآخرة(2).
---
(1) الأذكار للنووي 326 وانظر شرح النووي 1/69.
(1) سورة الأنعام الآية: 144.
(2) سورة الأنعام الآية: 150.
(3) سورة الصف الآيتان:2، 3.
(4) سورة الأنعام الآية: 21.
(1) سورة الأنعام الآية: 157.
(2) سورة يونس الآية: 69.
(3) سورة النحل الآية: 105.
(4) سورة النحل الآية: 116.
(1) سورة الأنعام الآية: 93.
(2) سورة الأعراف الآية: 33.
(3) البخاري 1/35 والبخاري مع الفتح 1/199 ومسلم 1/9 وانظر اللؤلؤ والمرجان 1/1.
(1) البخاري 1/35 والبخاري مع الفتح 1/200.
(2) البخاري 1/35 والبخاري مع الفتح 1/201 ومسلم 1/10 وانظر اللؤلؤ 1/1.
(3) البخاري 1/36 والبخاري مع الفتح 1/202.
(4) البخاري 1/35 والبخاري مع الفتح 1/201.
(5) مقدمة مسلم 1/9 وشرح النووي 1/65.
(1) مقدمة مسلم بلفظه 1/11 ومسلم مع شرح النووي 1/65 والبخاري 8/81 وانظر اللؤلؤ 1/1.
(2) البخاري مع الفتح 6/540.
(3) مقدمة مسلم 1/10 ومسلم مع شرح النووي 1/65.
(4) مقدمة مسلم 1/11 ومسلم مع شرح النووي 1/76.
(1) مقدمة مسلم 1/11 ومسلم مع شرح النووي 1/65.(3/14)
(2) مقدمة مسلم 1/11 ومسلم مع شرح النووي 1/65.
(3) مقدمة مسلم 1/11 ومسلم مع شرح النووي 1/65.
(1) البخاري 2/81 ومسلم 1/10 وانظر اللؤلؤ 1/1.
(2) وهذا البحث من أوله مقتبس من شرح الإمام النووي 1/69 وفتح الباري بشرح صحيح البخاري 1/302.
(3) سورة النجم الآيتان: 3، 4.
(4) سورة يونس الآية: 69.
(1) انظر الأذكار للإمام النووي ص 324.
(2) البخاري 1/14 ومسلم 1/78.
(1) سورة الإسراء الآية 36.
(2) البخاري 7/95 ومسلم 4/2012 وانظر اللؤلؤ 3/198.
(1) مسلم 4/2013.
(2) البخاري 3/11 والبخاري مع الفتح 4/313.
(3) أخرجه الترمذي 4/557 وانظر صحيح الترمذي 2/268.
(1) البخاري 2/104 والبخاري مع الفتح 3/251.
(2) البخاري مع الفتح 12/439.
(1) البخاري 7/95 و1/14 ومسلم 1/78 وانظر اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 1/12.
(2) البخاري مع الفتح 12/427.
(1) البخاري 3/166 ومسلم 4/2011 وانظر اللؤلؤ والمرجان 3/198.
(2) مسلم 4/2012.
(3) مسلم 4/2011 وانظر الأذكار للنووي 324 فهناك فوائد تنير الفهم.
(1) الأذكار للنووي 326.
(2) إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان 1/381.
(1) إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان 1/381.
(2) إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان 1/381.
(3) السيرة النبوية لابن هشام(2/255).
(4) سورة الطارق الآية: 6.
(1) إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان 1/384 وقد استوفى البحث من الحيل والمعاريض الجائزة وغيرها.
(1) جامع البيان 19/31 بتصرف.
(2) سورة النساء الآية: 135.
(3) سورة المائدة الآية: 8.
(1) سورة المعارج الآيات: 33-35.
(2) سورة الفرقان الآية: 72.
(3) سورة البقرة الآية: 283.
(4) سورة البقرة الآية: 140.
(5) سورة الطلاق الآية: 2.
(1) سورة الحج الآية: 30.
(2) سورة الإسراء الآية: 36.
(3) سورة الأعراف الآية 33.
(1) زاد المسير في علم التفسير 3/192.(3/15)
(2) البخاري 3/151 والبخاري مع الفتح 5/261 ومسلم 1/91 وانظر اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 1/16.
(3) مسند الإمام أحمد (رحمه الله) 4/321، و4/178.
(4) البخاري 3/151 ومسلم 1/92 وانظر اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان1/16.
(1) البخاري 3/151.
(2) البخاري 3/151.
(1) البخاري 3/151.
(2) البخاري 3/151.
(1) البخاري مع الفتح 11/555 و12/264 والجملة التي فيها آخر الحديث السائل فيها هو فراس والمسؤول عامر الشعبي انظر فتح الباري 11/556.
(2) انظر فتح الباري 11/556.
(2) البخاري 7/87.
(1) انظر فتح الباري بشرح صحيح البخاري 5/263.
(2) البخاري مع الفتح 5/288.
(1) البخاري مع الفتح 5/288.
(2) أبو داود والترمذي 5/578 وانظر جامع الأصول 4/145.
(3) مسلم، برقم 137، 1/122.
(1) سورة النحل الآية: 116.
(2) انظر مجلة البحوث الإسلامية مجلة دورية تصدرها الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالرياض. العدد السابع عشر، ص 255-272، بحث أعده فضيلة الشيخ عبد الله بن صالح القصير وفقه الله.(3/16)
الباب الثالث القذف والخصومات وبذاءة اللسان
الفصل الأول: القذف
وفيه مبحثان
الفصل الثاني: الجدال والخصومة
وفيه ثلاثة مباحث
الفصل الثالث: بذاءة اللسان بقبيح الكلام
وفيه خمسة وعشرون مبحثاً
الفصل الرابع: وجوب حفظ اللسان
الفصل الأول: القذف
المبحث الأول تعريف القذف
يقال: قذف بالحجارة (أي) رمى بها، والمحصنة رماها بزنية... والتقاذف الترامي...(1).
وهو في الأصل رمي الشيء بقوة ثم استعمل في الرمي بالزنا ونحوه(2).
المبحث الثاني الترهيب من الوقوع في القذف
قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}(3).
وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ، وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ}(1).
وقال سبحانه وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ، يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}(2).(4/1)
وقال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} الآيات(1).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "اجتنبوا السبع الموبقات" قالوا: يا رسول الله ما هن؟ قال: "الشرك بالله والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات"(2).
وعن ابن عمر (رضي الله عنهما) قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم بمنى: "أتدرون أي يوم هذا"؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "فإن هذا يوم حرام. أتدرون أي بلد هذا"؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "بلد حرام. أتدرون أيَّ شهر هذا"؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "شهر حرام" قال: "فإن الله حرم عليكم دمائكم، وأموالكم، وأعراضكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا"(3).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: (والغرض - من هذا الحديث- بيان تحريم العرض - الذي هو موضع المدح والذم من الشخص - أعم من أن يكون في نفسه، أو نسبه، أو حسبه)(1).
وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: "كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وعرضه، وماله"(2).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: "من قذف مملوكه وهو بريء مما قال، جلد يوم القيامة إلا أن يكون كما قال"(3).
وحديث الإفك الطويل فيه أحكام كثيرة لا يتسع المقام لذكره(4).
الفصل الثاني: الخصومات والجدال
المبحث الأول الجدال بالباطل
الجدل اللدد في الخصومة والقدرة عليها(1) يقال: جادل مُجادلةً وجدالاً: إذا خاصم بما يشغل عن ظهور الحق ووضوح الصواب(2) والجدال نوعان:(4/2)
النوع الأول: الجدال المحمود الممدوح: وهو كل جدال أيّد الحق أو أوصل إليه بنية صالحة خالصة وطريق صحيح(3). قال تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}(4). وقال عز وجل: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}(1). والمجادلة بالتي هي أحسن هي التي تكون عن علم، وبصيرة، وبحسن الخلق، ولطف، ورفق، ولين، وحسن خطاب، ودعوة إلى الحق، وتحسينه، ورد الباطل وبيان قبحه بأقرب طريق موصل إلى ذلك، وأن لا يكون القصد منها مجرد المغالبة وحب العلو، بل يكون القصد بيان الحق وهداية الخلق(2).
النوع الثاني: الجدال المذموم: وهو كل جدال أيد الباطل أو أوصل إليه أو كان بغير علم وبصيرة.
وهذا النوع هو من أعظم آفات اللسان قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ، كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ}(1). {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُّنِيرٍ، ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ}(2). {وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنذِرُوا هُزُوًا}(3). {فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ}(4).
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: إن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ”لا تعلموا العلم لتباهوا به العلماء، ولا لتماروا به السفهاء، ولا لتخيروا به المجالس، فمن فعل ذلك فالنار النار“(5).(4/3)
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: (لا تعلموا العلم لثلاث: لتماروا به السفهاء، وتجادلوا به العلماء، ولتصرفوا به وجوه الناس إليكم، وابتغوا بقولكم ما عند الله، فإنه يدوم ويبقى، وينفذ ما سواه)(1).
وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "ما ضلّ قومٌ بعد هُدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل ثم تلا: {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ}"(2).
وقد ضمن النبي صلّى الله عليه وسلّم بيتاً في الجنة لمن ترك الجدال بالباطل من أجل الله عز وجل فقال عليه الصلاة والسلام: "أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وأن كان محقاً، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خُلُقه"(3).
الأسباب الباعثة على الجدال بالباطل
لا شك أن الأسباب الباعثة على الجدال بالباطل كثيرة منها:
1- الغرور، والكبرياء، والخيلاء.
2- إظهار العلم والفضل.
3- الاعتداء على الغير بإظهار نقصه وقصد أذاه.
وعلاج ذلك بالتوبة إلى الله تعالى، وبأن يكسر الكبر الباعث له على إظهار فضله، والعدوان الباعث على احتقار غيره وتنقصه(1).
المبحث الثاني الخصومة والنزاع
قال الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ، وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ، وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ}(1).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصِمُ"(2).
والألدُّ: هو شديد اللدد كثير الخصومة. والخَصِمُ الذي يخصم أقرانه ويحاجهم بالباطل ولا يقبل الحق(3).(4/4)
وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم“(4). فالشيطان يحرش بين المصلين بالخصومات والشحناء، والحروب، والإغراء بين الناس بأنواع المعاصي والفتن وغيرها(5).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”إن الله يبغض كل جعظريّ، جوَّاظ، سخاب في الأسواق، جيفة بالليل، حمار بالنهار، عالم بأمر الدنيا، جاهل بأمر الآخرة“(1).
الجعظري: الفظُّ الغليظُ المتكبر. والجوّاظ: الجموع المنوع. والسخاب: كالصخاب: كثير الضجيج والخصام المتكبر.
جيفة: أي كالجيفة؛ لأنه يعمل كالحمار طوال النهار لدنياه، وينام طوال ليله كالجيفة التي لا تتحرك(2).
عالم بأمر الدنيا: أي بما يبعده عن الله عز وجل من السعي في تحصيلها. جاهل بأمر الآخرة، أي بما يقربه ويدنيه من الآخرة(3).
وقال صلّى الله عليه وسلّم: ”إن الله لا يحب الفاحش المتفحش“(1) والفاحش الذي يرسل لسانه بما لا ينبغي، وذو الفحش وهو القبيح في الأقوال والأفعال. والمتفحش: الذي يتكلف ذلك ويتعاطاه ويستعمله(2).
وقال عليه الصلاة والسلام: ”هلك المتنطعون“ قالها ثلاثاً(3).
التنطع في الكلام: التعمق فيه والتفاصح: فهم المتعمقون، الغالون، المتجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم(4).
وقال عليه الصلاة والسلام: ”إن الله يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه كما تتخلل البقرة بلسانها“(1). وهو الذي يظهر التفاصح تيهاً على الغير، وتفاصحاً واستعلاءً ووسيلة إلى الاقتدار على تصغير عظيم، أو تعظيم حقير، أو بقصد تعجيزه، أو تزيين الباطل في صورة الحق أو عكسه، أو يقصد إجلال الحكام له ووجاهته وقبول شفاعته. وهو يتشدق بلسانه كما تتشدق البقرة بلسانها. ووجه الشبه: إدارة لسانه حول أسنانه وفمه حال التكلم كما تفعل البقرة بلسانها حال الأكل. وهذا كله ما كان على جهة الإعجاب والتعاظم(2).(4/5)
المبحث الثالث علاج الخصومات والغضب
من أسباب السلامة من اللجاج والخصومات كظم الغيظ والابتعاد عن الغضب وأسبابه. وعلاج الغضب بالأدوية المشروعة يكون بطريقتين:
الطريق الأول: الوقاية ومعلوم أن الوقاية خير من العلاج، وتحصل الوقاية من الغضب قبل وقوعه باجتناب أسبابه والابتعاد عنها ومن هذه الأسباب التي ينبغي لكل مسلم أن يطهر نفسه منها: الكبر، والإعجاب بالنفس، والافتخار، والتيه، والحرص المذموم، والمزاح في غير مناسبة، أو الهزل، أو ما شابه ذلك(1).
الطريق الثاني: العلاج إذا وقع الغضب وينحصر في أربعة أنواع كالتالي:
النوع الأول: الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم(2).
النوع الثاني: الوضوء(1).
النوع الثالث: تغيير الحالة التي عليها الغضبان، بالجلوس، أو الاضطجاع، أو الخروج، أو الإمساك عن الكلام، أو غير ذلك(2).
النوع الرابع: استحضار ما ورد في فضل كظم الغيظ من الثواب، وما ورد في عاقبة الغضب من الخذلان العاجل والآجل قال عليه الصلاة والسلام: "من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله عز وجل على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيرهُ من الحور ما شاء"(1).
الفصل الثالث: بذاءة اللسان
المبحث الأول الترهيب من الوقوع في بذاءة اللسان
قال الله تعالى: {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}(1).
قال ابن كثير - رحمه الله -: {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ} يعني كلام الناس(2).
وقال سبحانه: { لاَّ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا}(1).
أي ولا يحب الله الفحش قي القول ولا الإيذاء باللسان، إلا المظلوم فإنه يباح له أن يجهر بالدعاء على ظالمه، وأن يذكره بما فيه من السوء.(4/6)
قال ابن عباس (رضي الله عنهما): (المعنى لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد إلا أن يكون مظلوماً)(2).
وقال الله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}(3). وقال تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ}(4).
وعن أبي موسى الأشعري قال: قلت يا رسول الله، أي المسلمين أفضل؟ قال: ”من سلم المسلمون من لسانه ويده“(1).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ”إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها، ويزل بها في النار أبعد ما بين المشرق“(2).
وفي رواية مسلم: ”إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها، يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب“(3).
وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ”إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يَرفَعُ الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم“(4).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يرى بها بأساً فيهوي بها في نار جهنم سبعين خريفاً“(1).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذه جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه“(2).
وعن سهل بن سعد (رضي الله عنه) عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ”من يضمن لي ما بين لحييه، وما بين رجليه أضمن له الجنة“(3).
وعن المغيرة قال: إني سمعته صلّى الله عليه وسلّم يقول عند انصرافه من الصلاة: ”لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير“ ثلاث مرات، وقد كان ينهى عن: ”قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال، ومنعٍ وهات، وعقوق الأمهات، ووأد البنات“(1).(4/7)
وعن بلال ابن الحارث المزني (رضي الله عنه) أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ”إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه“(2).
وعن عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) قال: (اجتمع عند البيت قرشيان، وثقفي، أو ثقفيان وقرشي، كثيرة شحم بطونهم، قليلة فقه قلوبهم فقال أحدهم: أترون أن الله يسمع ما نقول؟ قال الآخر: يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا. وقال الآخر: إن كان يسمع إذا جهرنا فإنه يسمع إذا أخفينا. فأنزل الله عز وجل {وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ...} الآية(1).
وعن سفيان بن عبد الله (رضي الله عنه) قال: قلت يا رسول الله حدثني بأمر أعتصم به، قال: ”قل ربي الله ثم استقم“ قال قلت: يا رسول الله، ما أخوف ما تخاف علي؟ فأخذ بلسان نفسه ثم قال: ”هذا“(2).
وعن عمر أنه دخل على أبي بكر وهو يجبذ لسانه فقال له عمر: مه غفر الله لك فقال أبو بكر: (إن هذا أوردني الموارد)(2).
وعن جندب أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حدث أن رجلاً قال: والله لا يغفر الله لفلان وإن الله تعالى قال: من ذا الذي يتألَّى عليَّ أن لا أغفر لفلان فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك“ أو كما قال(1). ويُذكر أن أبا هريرة قال: ”والذي نفسي بيده لتكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته“(2).
وعن ابن عمر (رضي الله عنهما) قال:قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله؛ فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله تعالى قسوة للقلب وإن أبعد الناس من الله تعالى القلب القاسي“(3).(4/8)
وعن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر(4) اللسان فتقول: اتق الله فينا فإنما نحن بك فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا"(1).
وعن معاذ بن جبل (رضي الله عنه) في حديثه الطويل وفي عجزه (ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت بلى يا رسول الله، فأخذ بلسانه ثم قال: "كف عليك هذا" قلت يا رسول الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: "ثكلتك أمك وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم"(2).
وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "إن أبغض الرجال إلى الله الألد والخصم"(3) والألد الخصم شديد الخصومة مأخوذ من لديدي الوادي وهما جانباه، لأنه كلما احتج عليه بحجة أخذ في جانب آخر(1).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سُئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة قال: "تقوى الله وحسن الخلق" وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار قال: "الفم والفرجُ"(2).
المبحث الثاني الاسستسقاء بالأنواء
عن زيد بن خالد الجهني قال: صلى بنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال: "هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا الله ورسوله أعلم. قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر. فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكواكب. وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي ومؤمن بالكواكب"(1).
المبحث الثالث الحلف بغير الله تعالى
عن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "من حلف بالأمانة فليس منا"(2).
وعن عمر قال: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم" فوالله ما حلفت بها منذ سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم ذاكراً ولا آثراً(3).(4/9)
وعن ابن عمر أيضاً: أنه أدرك عمر بن الخطاب في ركب وهو يحلف بأبيه فناداهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفاً فليحلف بالله وإلا فليصمت"(1).
وعن ابن عمر (رضي الله عنهما) أنه سمع رجلاً يقول لا والكعبة. فقال ابن عمر: لا يُحلف بغير الله فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك"(2).
وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "من حلف فقال في حلفه: واللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك فليتصدق"(3).
المبحث الرابع الحلف الكاذب والمن بالعطية
قال الله تعال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى} الآية(1).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم. رجل كان له فضل ماء بالطريق فمنعه من ابن السبيل، ورجل بايع إمامه لا يبايعه إلا لدنيا فإن أعطاه منها رضي وإن لم يعطه منها سخط، ورجل أقام سلعته بعد العصر فقال: والله الذي لا إله غيره لقد أعطيت بها كذا وكذا فصدقه رجل ثم قرأ هذه الآية {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً}" الآية(2).
وعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم" قال قرأها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثلاث مرار قال أبو ذر: خابوا وخسروا مَنْ هم يا رسول الله؟ قال: "المسبل إزاره، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب"(1).
وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: "الحلف منفقة للسلعة ممحققة للبركة"(2).(4/10)
المبحث الخامس التسمي بملك الأملاك
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "أخنع الأسماء عند الله رجل تسمى بملك الأملاك"(3).
المبحث السادس سبّ الدّهر
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "قال الله عز وجلَّ يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار"(1).
المبحث السابع النياحة على الميت
عن أم عطية (رضي الله عنها) قالت: (أخذ علينا النبي صلّى الله عليه وسلّم عند البيعة أن لا ننوح فما وفَّتْ منا امرأة غير خمس نسوة: أم سليم، وأم العلاء، وابنة أبي سبرة امرأة مُعَاذ، وامرأتين أو ابنة أبي سبرة وامرأة معاذ وامرأة أخرى)(2).
وعن أبي مالك الأشعري: (رضي الله عنه) أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة" وقال: "النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب"(1).
وقد وجع أبو موسى وجعاً شديداً فغشي عليه ورأسه في حجر امرأة من أهله فلم يستطع أن يرد عليها شيئاً فلما أفاق قال: (أنا بريء ممن برئ منه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم برئ من الصالقة، والحالقة، والشاقة)(2).
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية"(3).
المبحث الثامن النّجش
عن أبي هريرة (رضي الله عنه) أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: "لا تلقوا الركبان، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، ولا تناجشوا ولا يبع حاضر لبادٍ، ولا تصروا الغنم، ومن ابتاعها فهو بخير النظرين بعد أن يحتلبها إن رضيها أمسكها وإن سخطها ردّها وصاعاً من تمرٍ"(1).
المبحث التاسع المدح المذموم الذي يفتن الممدوح أو فيه إفراط(4/11)
عن أبي بكر رضي الله عنه قال: أثنى رجلٌ على رجلٍ عند النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: "ويلك قطعت عنق صاحبك، قطعت عنق صاحبك" مراراً ثم قال: "من كان منكم مادحاً أخاه لا محالة فليقل: أحسب فلاناً والله حسيبه ولا أزكي على الله أحداً أحسبه كذا وكذا إن كان يعلم ذلك منه"(1).
وعن أبي موسى (رضي الله عنه) قال: سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم رجلاً يثني على رجل، ويطريه في مدحه فقال: "أهلكتم أو قطعتم ظهر الرجل"(2).
وقال ابن بطال: (حاصل النهي أن من أفرط في مدح آخر بما ليس فيه لم يأمن على الممدوح العجب، لظنه أنه بتلك المنزلة فربما ضيع العمل والازدياد من الخير اتكالاً على ما وصف به، ولذلك تأول العلماء في الحديث... "احثوا في وجوه المدَّاحين التراب"(3). أن المراد من يمدح الناس في وجوههم بالباطل. وقال عمر- رضي الله عنه - المدح هو الذبح)(1).
وعن همام بن الحارث أن رجلاً جعل يمدح عثمان، فعمد المقداد فجثى على ركبتيه وكان رجلاً ضخماً فجعل يحثو في وجهه الحصباء، فقال له عثمان: ما شأنك؟ فقال: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: "إذا رأيتم المدَّاحين، فاحثوا في وجوههم التراب" وفي رواية عن المقداد أيضاً: (أمرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن نحثي في وجوه المدّاحين التراب)(2).
المبحث العاشر ما يجوز من المدح
لا شك أن المدح من آفات اللسان، إذا كان المدح يعود بالفتنة على الممدوح، أو فيه مجازفة، أو إفراط، أما إذا لم يكن كذلك فلا بأس.
قال الإمام البخاري (رحمه الله تعالى): (باب من أثنى على أخيه بما يعلم).
ثم قال: قال سعد: (ما سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول لأحد يمشي على الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام)(1).
وعن موسى بن عقبة عن سالم عن أبيه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين ذكر في الإزرار ما ذكر، قال أبو بكر: يا رسول الله، إن إزاري يسقط من أحد شقيه. قال: "إنك لست منهم"(2).(4/12)
فهذا جائز ومستثنى من الذي قبله. والضابط أن لا يكون المدح مجازفة ويُؤْمَن على الممدوح الإعجاب والفتنة... ومن جملة ذلك الأحاديث في مناقب الصحابة (رضي الله عنهم) ووصف كل واحد منهم بما وصف به من الأوصاف الجميلة كقوله صلّى الله عليه وسلّم لعمر: "ما لقيك الشيطان سالكاً فجاً إلا سلك فجاً غير فجك"(1). فمن مُدِح بما فيه فلا يدخل في النهي، فقد مُدح النبي صلّى الله عليه وسلّم في الشعر، والخطب، والمخاطبة، ولم يحثُ في وجه مادحه تراباً(2).
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: (قد جاءت أحاديث كثيرة في الصحيحين بالمدح في الوجه، قال العلماء: وطريق الجمع بينها أن النهي محمول على المجازفة في المدح، والزيادة في الأوصاف، أو على من يخاف على فتنته من إعجاب ونحوه إذا سمع المدح. وأما من لا يخاف عليه ذلك لكمال تقواه ورسوخ عقله، ومعرفته، فلا نهي في مدحه في وجهه إذا لم يكن فيه مجازفة؛ بل إن كان يحصل بذلك مصلحة كنشطه للخير والازدياد منه، أو الدوام عليه، والاقتداء به كان مستحباً والله أعلم)(3).
المبحث الحادي عشر هتك الإنسان ستر نفسه
عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين وإن من المجانة أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله فيقول: (يا فلان عمات البارحة كذا ,وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه)"(1) ولفظ مسلم "وإن من الإجهار والمجانة عدم المبالاة بالقول والفعل"(2).
المبحث الثاني عشر السب والشتم، والسخرية بالمؤمنين(4/13)
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}(1).
وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مدّ أحدهم ولا نصيفه“(2).
قال النووي رحمه الله تعالى: (واعلم أن سب الصحابة (رضي الله عنهم) حرام من فواحش المحرمات، سواء من لابس الفتن منهم، وغيره؛ لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون...)(3).
وعن أبي ذر (رضي الله عنه) أنه سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: ”لا يرمي رجل رجلاً بالفسق ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك“(1).
وعن عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ”سباب المسلم فسوق وقتاله كفر“(2).
وعن عبد الله بن عمر (رضي الله عنهما) أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ”أيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما“(3).
وفي رواية مسلم ”أيما امرئ قال لأخيه يا كافر، فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال. وإلا رجعت عليه“(4).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ”المستبان ما قالا فعلى المبتدئ منهما ما لم يعتد المظلوم“(5) ومعنى الحديث أن المتشاتمين الَّلذَين يسب كل منهما الآخر يكون إثمهما على الذي ابتدأ بالشتم ما لم يعتد المظلوم الحد بأن سبه أكثر وأفحش منه أما إذا اعتدى كان إثم ما اعتدى عليه والباقي على البادي. والحاصل إذا سب كل واحد الآخر فإثم ما قالا على الذي بدأ بالسب وهذا إذا لم يعتدِ ويتجاوز المظلوم الحد والله أعلم(1).(4/14)
وعن أبي ذر (رضي الله عنه) أنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ”ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر، ومن ادعى ما ليس له فليس منا وليتبوأ مقعده من النار، ومن دعا رجلاً بالكفر أو قال: عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه“(2). قال الإمام النووي رحمه الله: هذا الحديث مما عده بعض العلماء من المشكلات من حيث أن ظاهره غير مراد، وذلك أن مذهب أهل الحق أنه لا يكفر المسلم بالمعاصي كالقتل، والزنا، وكذا قوله لأخيه يا كافر، من غير اعتقاد بطلان دين الإسلام، وإذا عرف ما ذكرناه فقيل في تأويل الحديث أوجه:
أحدها: أنه محمول على المستحل لذلك وهذا يكفر وعلى هذا معنى باء بها- أي بكلمة الكفر- وكذا حار عليه، وهو معنى رجعت إليه- أي كلمة الكفر – فباء، وحار، ورجع بمعنى واحد.
والوجه الثاني: معناه رجعت عليه نقيصته لأخيه، ومعصية تكفيره.
الوجه الثالث: أنه محمول على الخوارج المكفرين للمؤمنين وهذا نقله القاضي عياض (رحمه الله) عن الإمام مالك وهو ضعيف، لأن المذهب المختار الذي اختاره المحققون أن الخوارج لا يكفرون كسائر أهل البدع.
والوجه الرابع: معناه أن ذلك يؤول به إلى الكفر، وذلك أن المعاصي كما قالوا: بريد الكفر، ويخاف على المكثر منها أن يكون عاقبة شؤمها المصير إلى الكفر...
والوجه الخامس: فقد رجع عليه تكفيره، فليس الراجع حقيقة الكفر بل التكفير لكونه جعل أخاه المسلم كافراً فكأنه كفّر نفسه، إما لأنه كفّر من هو مثله، وإما لأنه كفر من لا يكفره إلا كافر يعتقد بطلان دين الإسلام والله أعلم.
وأما قوله فيمن ادعى لغير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه كفر. فقيل فيه تأويلان:
التأويل الأول: أنه في حق المستحل.
التأويل الثاني: أنه كفر النعمة، والإحسان، وحق الله تعالى، وحق أبيه وليس المراد الكفر الذي يخرجه من ملة الإسلام، وهذا كما قال صلّى الله عليه وسلّم: ”تكفرن“ ثم فسره بكفرانهن الإحسان، وكفران العشير(1).(4/15)
ونص الحديث كما ورد في مسلم: "يا معشر النساء تصدقن وأكثرن الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار" فقالت امرأة منهن جَزْلَةٌ: وما لنا يا رسول الله، أكثر أهل النار؟ قال: "تُكثرن اللعن وتكفرن العشير، وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن" قالت: يا رسول الله، وما نقصان العقل والدين؟ قال: "أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل. فهذا نقصان العقل، وتمكث الليالي ما تصلي، وتفطر رمضان فهذا نقصان الدين"(1).
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: (ومن الألفاظ المذمومة المستعملة في العادة قول الشخص لمن يخاصمه: يا حمار، يا تيس، يا كلب، ونحو ذلك فهذا قبيح من وجهين:
أحدهما: أنه كذب.
والآخر: أنه إيذاء...(2).
والسب والشتم منهي عنه حتى للحيوان أو الطير والبهائم فعن زيد بن خالد قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "لا تسبوا الديك فإنه يوقظ للصلاة"(1).
المبحث الثالث عشر شتم الرجل والديه من كبائر الذنوب
عن عبد الله بن عمرو بن العاص (رضي الله عنهما) أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: "من الكبائر شتم الرجل والديه" قالوا: يا رسول الله، وهل يشتم الرجل والديه؟ قال: "نعم يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه"(2).
المبحث الرابع عشر اللعن
اللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، ومن صفات المؤمن أن لا يكون لعاناً، ولا طعاناً ولا فاحشاً، ولا بذيئاً، إنما ذلك من سمات وأخلاق الفساق ناقصي الإيمان.
عن ثابت بن الضحاك (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "لعن المؤمن كقتله"(1).
وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: "لا ينبغي لصدّيق أن يكون لعّاناً"(2).
وعن أبي الدرداء (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "لا يكون الّلعّانون شفعاء، ولا شهداء يوم القيامة"(3).(4/16)
وعن سمرة بن جندب (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "لا تلاعنوا بلعنة الله، ولا بغضبه، ولا بالنار"(4).
وعن ابن مسعود (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "ليس المؤمن بالطّعّان، ولا الّلعان، ولا الفاحش، ولا البذيء"(5).
وعن أبي الدرداء (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "إن العبد إذا لعن شيئاً صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها. ثم تأخذ يميناً وشمالاً فإذا لم تجد مَسَاغاً رجعت إلى الذي لُعِنَ، فإن كان لذلك أهلاً وإلا رجعت إلى قائلها"(1).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً لعن الريح عند النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال صلّى الله عليه وسلّم: "لا تلعن الريح فإنها مأمورة وإنه من لعن شيئاً ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه"(2).
وعن عمران بن حصين (رضي الله عنه) قال: بينما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في بعض أسفاره وامرأة من الأنصار على ناقة فضجرت فلعنتها فسمعها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: "خذوا ما عليها ودعوها فإنها ملعونة" قال عمران: فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يعرض لها أحد(1).
وعن أبي برزة (رضي الله عنه) قال: بينما جارية على ناقة عليها بعض متاع القوم إذ بصرت النبي صلّى الله عليه وسلّم وتضايق بهم الجبل، فقالت: حل اللهم العنها، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: "لا تصاحبنا راحلة عليها لعنة من الله"(2).
المبحث الخامس عشر جواز لعن أصحاب المعاصي والكفار
عموماً بدون تعيين أحد بعينه
قال الإمام النووي (رحمه الله تعالى): (اعلم أن لعن المسلم المصون حرام بإجماع المسلمين. ويجوز لعن أصحاب الأوصاف المذمومة، كقولك:
(لعن الله الظالمين، لعن الله الكافرين، لعن الله اليهود والنصارى، لعن الله الفاسقين، ولعن الله المصورين ونحو ذلك...)(1).
ثم ساق رحمه الله أدلة كثيرة منها:(4/17)
1- قوله صلّى الله عليه وسلّم: ”لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد“(2).
2- قوله صلّى الله عليه وسلّم: ”لعن الله من ذبح لغير الله ولعن الله من آوى محدثاً ولعن الله من لعن والديه ولعن الله من غير المنار“ وفي رواية ”منار الأرض“(3).
3- وقوله صلّى الله عليه وسلّم: في حديث جابر رضي الله عنه – حينما رأى حماراً قد وسم في وجهه فقال: ”لعن الله الذي وسمه“(4).
4- وقوله صلّى الله عليه وسلّم: ”اللهم العن رعلاً وذكوان، وعصية عصت الله ورسوله“(1). وهذه ثلاث قبائل من العرب.
(وأما لعن الإنسان بعينه ممن اتصف بشيء من المعاصي كيهودي أو نصراني، أو ظالم، أو زانٍ، أو مصور، أو سارق أو آكل ربا فظواهر الأحاديث أنه ليس بحرام. وأشار الغزالي إلى تحريمه إلا في حق من علمنا أنه مات على الكفر، كأبي لهب وأبي جهل، وفرعون، وهامان، وأشباههم، قال: لأن اللعن هو الإبعاد عن رحمة الله تعالى وما ندري ما يختم به لهذا الفاسق أو الكافر قال: ويقرب من اللعن الدعاء على الإنسان بالشر حتى الدعاء على الظالم كقول الإنسان لا أصح الله جسمه، ولا سلمه الله، وما جرى مجراه...)(2).(4/18)
قلت والأصواب والله أعلم ما ذهب إليه الغزالي من أنه لا يجوز لعن من اتصف بشيء من المعاصي إذا كان معلوماً بعينه إلا في حق من عُلِم بعينه، وقد علمنا أنه مات على الكفر وذلك، لأننا لا ندري ما يختم به لهذا الفاسق أو الكافر فكم رأينا وكم سمعنا من أناس كانوا متلبسين بالمعاصي، أو الكفر فهداهم الله وختم لهم بخير فأصبحوا من أنصار الحق بعد أن كانوا من أنصار الباطل(1). ثم أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قد نهى عن سب الأموات وبيّن صلّى الله عليه وسلّم أنهم قد وصلوا إلى ما قدموا لأنفسهم قال عليه الصلاة والسلام: "لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدّموا"(1) وروى الترمذي عن المغيرة بن شعبة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: "لا تسبوا الأموات فتؤذو الأحياء"(3).
المبحث السادس عشر قول: ما شاء الله وشاء فلان، أو لولا الله وفلان
عن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان"(1).
والمراتب في ذلك ثلاث:
1- ما شاء الله وحده، أو لولا الله وحده وهذه أفضل المراتب.
2- ما شاء الله ثم شاء فلان أو لولا الله ثم فلان. وهذه المرتبة لا بأس بها.
3- ما شاء الله وشاء فلان، أو لولا الله وفلان وهذه المرتبة لا تجوز.
المبحث السابع عشر اللو وعدم تفويض الأقدار لله تعالى
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل. فإنَّ لو تفتح عمل الشيطان"(1).
المبحث الثامن عشر قول الرجل هلك الناس(4/19)
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: "إذا قال الرجل هلك الناسُ فهو أهلكهُم"(2). ومعنى الحديث فهو أشدهم هلاكاً، وقد اتفق العلماء على أن هذا الذّمّ إنما هو فيمن قاله على سبيل الإزراء على الناس واحتقارهم، وتفضيل نفسه عليهم، وتقبيح أحوالهم؛ لأنه لا يعلم سر الله في خلقه. فأما من قال ذلك تحزناً لما يرى في نفسه وفي الناس من النقص في أمر الدين فلا بأس عليه(1). وقيل معناه لا يزال الرجل يعيب الناس ويذكر مساويهم ويقول فسد الناس وهلكوا ونحو ذلك فإذا فعل ذلك فهو أهلكهم وأسوأ حالاً منهم بما يلحقه من الإثم في عيبهم والوقيعة فيهم، وربما أوصله ذلك إلى العجب بنفسه وأنه خير منهم والله أعلم(2).
المبحث التاسع عشر الغناء والشعر المحرم
قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ، وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}(1). والصحابة رضي الله عنهم هم أعلم بكتاب الله تعالى ولهذا قال ابن مسعود في تفسير هذه الآية:
(الغناء والله الذي لا إله إلا هو" يرددها ثلاث مرات)(2).
وقال عليه الصلاة والسلام: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحِرَّ والحريرَ، والخمر والمعازف..."(3) {أَفَمِنْ هَذَا الحَدِيثِ تَعْجَبُونَ، وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ، وَأَنتُمْ سَامِدُونَ}(4). والشعر نوعان:
النوع الأول: ما فيه مدح للإسلام والمسلمين، ونصرة للحق وأهله وهذا لا بأس به.
النوع الثاني: ما فيه مدح قوم بباطل، أو ذم قوم بباطل، أو قول زور وبهتان فهذا النوع محرم ومن أعظم آفات اللسان.(4/20)
قال تعالى: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ، وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ، إِلاّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ}(1).
المبحث العشرون الوعد الكاذب
قال عليه الصلاة والسلام: "آية المنافق ثلاثة، إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان"(1) وقال عليه الصلاة والسلام: "أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا ائتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر"(2).
المبحث الحادي والعشرون من يأمر بالمعروف ولا يفعله وينهى عن المنكر ويفعله
عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قيل له: لو أتيت فلاناً فكلمته قال: إنكم لترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم. إني أكلمه في السر دون أن أفتح باباً لا أكون أول من فتحه، ولا أقول لرجل إن كان عليَّ أميراً: إنه خير الناس بعد شيء سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. قالوا: وما سمعته يقول؟ قال: سمعته يقول: "يُجاء بالرجل يوم القيامة فيُلقى في النار، فَتَنْدَلِقُ أقتابه، فيدور كما يدور الحمار برحاه، فيجتمع أهل النار عليه، فيقولون: أي فلان ما شأنك؟ أليس كنت تَأمُرُنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ قال: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه"(1).
وهذا لا يعني أن الإنسان لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن منكر حتى يكون كاملاً فلو لم يأمر بالمعروف إلا من كَمُلَ لما أمر بالمعروف أحد إلا ما شاء الله. والمقصود أن على المسلم واجبان:
الواجب الأول: أن يأمر نفسه بالمعروف وينهاها عن المنكر ويكون عاملاً بما عَلِمَ.(4/21)
الواجب الثاني: أن يأمر غيره بالمعروف وينهى عن المنكر عن علم وبصيرة فإذا قام بأحد الواجبين وترك الآخر بقي عليه ما ترك وسقط عنه ما قام به إذا خلصت نيته والله أعلم.
المبحث الثاني والعشرون إفشاء سر الزوجة أو الزوج
قال عليه الصلاة والسلام: "إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته(1) وتفضي إليه ثم ينشر سرها"(2) وهذا أعظم خيانة الأمانة(3).
المبحث الثالث والعشرون من حلف على ملةٍ غير الإسلام
عن ثابت بن الضحاك عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "من حلف على ملة غير الإسلام كاذباً فهو كما قال، وليس على ابن آدم نذر فيما لا يملك، ومن قتل نفسه بشيء [عذّب به في نار جهنم] ومن لعن مؤمناً فهو كقتله، ومن قذف مؤمناً بكفر فهو كقتله"(4).
المبحث الرابع والعشرون تسويد الفاسق
عن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "لا تقولوا للمنافق سيد، فإنه إن يكُ سيّداً فقد أسخطتم ربكم عز وجل"(1).
المبحث الخامس والعشرون سبّ الحمى
عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دخل على أم السائب أو أم المسيَّب فقال: "مالك يا أم السائب أو أم المسيب تزفرين"(2) قالت: الحُمّى لا بارك الله فيها فقال: "لا تَسُبِّي الحُمَّى فإنها تُذْهِب خطايا بني آدم كما يُذْهِب الكير خبث الحديد"(3).(4/22)
المبحث السادس والعشرون الرّدّة بالقول
الردة بالقول من نواقص الإسلام وهي أخطر آفات اللسان على الإنسان مثل: أن يدعو غير الله، أو يستغيث بغير الله، أو ينذر لغير الله، أو يُكذّب على الله، أو يُكذّب أحداً من رسله عليهم الصلاة والسلام، أو يُكذِّب بعض ما جاء به الرسول صلّى الله عليه وسلّم، أو يستهزئ بالله، أو بأحد من رسله، أو بشيء من دين الرسول صلّى الله عليه وسلّم، أو ثوابه، أو عقابه، أو يسب الله، أو يسب الرسول صلّى الله عليه وسلّم، أو يسب دين الرسول صلّى الله عليه وسلّم، أو يصف الله بالنقص أو العيب أو بما لا يليق به تعالى، أو يقول: إن هدي غير الرسول صلّى الله عليه وسلّم أكمل من هديه أو حكم غيره أحسن من حكمه، أو يساويه، أو يجوِّز الحكم بغير حكم الله تعالى، أو يُصحِّح مذهب المشركين، أو يجوّز الخروج عن شريعة محمد صلّى الله عليه وسلّم(1).
الفصل الرابع وجوب حفظ اللسان
قال الإمام النووي (رحمه الله تعالى): (اعلم أنه ينبغي لكل مكلَّف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام، إلا كلاماً تظهر المصلحة فيه، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة، فالسنة الإمساك عنه؛ لأنه قد ينجز الكلام المباح إلى حرام، أو مكروه، بل هذا كثير أو غالب في العادة، والسلامة لا يعدلها شيء)([1]). وقد قال عليه الصلاة والسلام: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"(2). قال الشاعر:
احفظ لسانك أيها الإنسان
لا يلدغنك إنه ثعبان
كم في المقابر من قتيل لسانه
كانت تهاب لقاءه الشجعان
وقال الآخر:
يموت الفتى من عثرة بلسانه
وليس يموت المرءُ من عثرة الرّجلِ
فعثرته بلسانه تُذْهِبُ رأسه
وعثرته برجله تبراء على مهل(4/23)
فينبغي للإنسان المسلم أن لا يخرج لفظةً ضائعة فعليه أن يحفظ ألفاظه بأن لا يتكلم إلا فيما يرجوا فيه الربح والزيادة في دينه فإذا أراد أن يتكلم بالكلمة نظر: هل فيها ربح وفائدة أم لا؟ فإن لم يتكن فيها ربح أمسك عنها، وإن كان فيها ربح نظر: هل يفوت بها كلمة هي أربح منها؟ فلا يضيعها بهذه، وإذا أردت أن تستدل على ما في القلب فاستدل عليه بحركة اللسان، فإنه يطلعك على ما في القلب شاء صاحبه أم أبى. قال يحيى بن معاذ: (القلوب كالقدور تغلي بما فيها، وألسنتها مغارفها، فانظر إلى الرجل حين يتكلم، فإن لسانه يغترف لك مما في قلبه، حلو وحامض وعذب، وأجاج، وغير ذلك ويبين لك طعم قلبه اغتراف لسانه)(1) أي كما تطعم بلسانك طعم ما في القدور من الطعام فتدرك العلم بحقيقة ذلك، كذلك تطعم ما في قلب الرجل من لسانه فتذوق ما في قلبه من لسانه كما تذوق ما في القدر بلسانك.
ومن العجب: أن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتزاز من أكل الحرام، والظلم، والزنا، والسرقة، وشرب الخمر، ومن النظر المحرم وغير ذلك ويصعب عليه التحرز من حركة لسانه حتى ترى الرجل يشار إليه بالدين، والزهد والعبادة، وهو يتكلم بالكلمات من سخط الله لا يلقى لها بالاً ينزل بالكلمة الواحدة منها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم، ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات ولا يبالي... وإذا أردت أن تعرف ذلك فانظر إلى ما رواه مسلم من حديث جُندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”قال رجل والله لا يغفر الله لفلان فقال الله عز وجل: من ذا الذي يتألى عليّ أن لا أغفر لفلان فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك“(1).
فهذا العابد الذي قد عبد الله ما شاء الله أن يعبده أحبطت هذه الكلمة الواحدة عمله كله.(4/24)
وقد كان السلف يحاسب أحدهم نفسه في قوله "يوم حار ويوم بارد" ولقد رُؤيَ بعض الأكابر من أهل العلم في النوم فسئل عن حاله فقال: أنا موقوف على كلمةٍ قلتها قلت: ما أحوج الناس إلى غيث فقيل لي: وما يدريك أنا أعلم بمصلحة عبادي.
وقال بعض الصحابة لجاريته يوماً: هاتي السفرة نعبث بها ثم قال: أستغفر الله ما أتكلم بكلمة إلا وأنا أخطمها وأزمها إلا هذه الكلمة خرجت مني بغير خطام ولا زمام، أو كما قال(1).
وقال ابن بريدة رأيت ابن عباس رضي الله عنهما آخذ بلسانه وهو يقول: ويحك قل خيراً تغنم أو اسكت عن سوءٍ تسلم وإلا فاعلم أنك ستندم. فقيل له يا ابن عباس لِمَ تقول هذا؟ قال: إنه بلغني أن الإنسان أراه قال: ليس على شيءٍ من جسده أشد حنقاً وغيظاً يوم القيامة منه على لسانه إلا من قال خيراً أو أملى به خيراً(2).
وكان ابن مسعود رضي الله عنه يحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما على الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لساني(1).
وقال يونس بن عبيد: ما رأيت أحداً لسانه منه على بال إلا رأيت ذلك في سائر عمله، ولا فسد منطق رجل قط إلا عرفت ذلك في سائر عمله(2).
واعلم أن أيسر حركات الجوارح حركة اللسان وهي أضرها على العبد. واختلف السلف والخلف هل يكتب جميع ما يلفظ به أو الخير والشر فقط؟ على قولين: أظهرهما القول الأول.
واعلم أن في اللسان آفتان عظيمتان، إن خلص من إحداهما لم يخلص من الأخرى:
آفة الكلام، وآفة السكوت وقد يكون كلُّ منهما أعظم إثماً من الأخرى في وقتها؛ فالساكت عن الحق شيطان أخرس، عاصٍ لله ومراء مداهن إذا لم يخف على نفسه.(4/25)
والمتكلم بالباطل شيطان ناطق عاصٍ لله وأكثر الخلق منحرف في كلامه وسكوته. فهم بين هذين النوعين وأهل الوسط - وهم أهل السراط المستقيم - كفّوا ألسنتهم عن الباطل، وأطلقوها فيما يعود عليهم نفعُه في الآخرة فلا ترى أحدهم يتكلم بكلمة تذهب عليه ضائعة بلا منفعة فضلاً أن تضره في آخرته، وإن العبد ليأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال، فيجد لسانه قد هدمها عليه كلها، ويأتي بسيئات أمثال الجبال فيجد لسانه قد هدمها من كثرة ذكر الله وما اتصل به(1).
ولهذا جاء رجل إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: عظني وأوجز فقال صلّى الله عليه وسلّم: ”إذا قمت في صلاتك فصل صلاة مودع، ولا تكلم بكلام تعتذر منه غداً واجمع اليأس مما في أيدي الناس“(2).
فهذه الوصايا الثلاث يا لها من وصايا إذا أخذ بها العبد تمت أموره وأفلح(1).
ولهذا قال عقبة بن عامر رضي الله عنه يا رسول الله: ما النجاة فقال صلّى الله عليه وسلّم: ”أمسك عليك لسانك وليسعْك بيتُكَ، وابكِ على خطيئتك“(2).
الخاتمة
تم بحمد الله تعالى هذا البحث بعد التحري، والعناية، والتدقيق قدر المستطاع، والموضوع له أهمية كبيرة، وجدير بالعناية من الباحثين، والعلماء المخلصين. فإن اللسان إن استعمل في جمع الأمة ونشر الخير بينها فهو أداة نافعة للمسلمين. إذا به يحصل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وإن استعمل في تفريق الأمة الإسلامية فهو أداة ضارة للفرد والمجتمع، واللسان له آفات خطيرة على المجتمعات الإسلامية بل والأفراد الأسرية، فبه يحصل التفريق بين المرء وزوجه، وبين الأخ وأخيه، والصديق وصديقه، بل والدولة والدولة...(4/26)
وقد اجتهدت في التحري في هذا البحث بأن ألتزم الأمانة العلمية وأن أنسب كل قول إلى قائله، وخَرَّجتُ الأحاديث، واجتهدت على قدر علمي ومعرفتي على أن لا أذكر في هذا البحث حديثاً ضعيفاً إذا تبين لي ضعفه بل أضرب عنه صفحاً: لأن في الكتاب العزيز والسنة النبوية المطهرة ما يغني عن التشبث بالأحاديث الضعيفة والأقوال المرجوحة.
كما قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:
كل العلوم سوى القرآن مشغلة
إلا الحديث وعلم الفقه في الدين
العلم ما قال فيه حدَّثنا
وما سوى ذاك وسواس الشياطين
هذا وأسأل الله العلي العظيم بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى أن يجعل أعمالنا خالصة لوجه الكريم، وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح وأن ينفعنا بما علمنا إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وخيرته من خلقه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
---
(1) القاموس المحيط فصل القاف باب الفاء 3/183.
(2) الروض المربع بشرح زاد المستنقع 3/314.
(3) سورة النور الآيات: 4-6.
(1) سورة النور الآيات: 6-9.
(2) سورة النور الآية: 23-24.
(1) سورة النور الآية: 11.
(2) البخاري 3/195 ومسلم 1/92 وانظر اللؤلؤ والمرجان 1/17.
(3) البخاري 7/83 والبخاري مع فتح الباري 10/463.
(1) الفتح 10/464.
(2) مسلم 4/1986.
(3) البخاري 8/35 ومسلم 3/1282 وانظر اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 2/174.
(4) البخاري 5/54 ومسلم 4/2129 وانظر اللؤلؤ والمرجان 3/254.
(1) انظر القاموس المحيط، فصل الجيم، باب اللام، ص1261 والمصباح المنير ص93 والمعجم الوسيط 1/111.
(2) انظر المصباح المنير ص 93.
(3) انظر منهاج الجدل في القرآن الكريم ص 50.
(4) سورة النحل الآية: 125.
(1) سورة العنكبوت الآية: 46.
(2) انظر تفسير ابن كثير 2/592 و3/416 وتفسير السعدي 4/254 و6/92.(4/27)
(1) سورة الحج الآية: 3-4.
(2) سورة الحج الآيتان: 8، 9.
(3) سورة الكهف الآية: 56.
(4) سورة البقرة الآية: 197.
(5) ابن ماجه 1/93 وانظر صحيح الترغيب والترهيب 1/46 وصحيح ابن ماجه 1/46.
(1) الدارمي موقوفاً على ابن مسعود رضي الله عنه 1/70.
(2) الترمذي 5/378 وابن ماجه 1/19 وأحمد في المسند 5/252 و256 وانظر صحيح الترمذي 3/103.
(3) أبو داود 4/253 وانظر جامع الأصول 11/754.
(1) انظر إحياء علوم الدين للغزالي 3/116 ومنهاج الجدل ص 59.
(1) سورة البقرة الآيات: 204 – 206.
(2) البخاري مع الفتح 5/106 ومسلم 4/2054.
(3) انظر جامع الأصول لابن الأثير 2/752 وفتح الباري 13/181.
(4) مسلم 4/2166.
(5) انظر جامع الأصول لابن الأثير 2/754.
(1) البيهقي في السنن الكبرى 10/194 وابن حبان (موارد) برقم 1975 ص485 وانظر صحيح الجامع برقم 1874، 2/144 وسلسلة الأحاديث الصحيحة برقم 195، 1/171.
(2) انظر الأحاديث الصحيحة [التعليق] 1/172.
(3) انظر فيض القدير شرح الجامع الصغير 2/285.
(1) البخاري مع الفتح بنحوه 10/452 ومسلم بنحوه 4/2002 وأبو داود بلفظه 4/251.
(2) انظر جامع الأصول لابن الأثير 11/739 وفيض القدير شرح الجامع الصغير 2/285.
(3) مسلم 4/2055.
(4) انظر شرح النووي وجامع الأصول لابن الأثير 11/733.
(1) الترمذي 5/141 وأحمد في المسند 2/165، 187 وانظر صحيح الترمذي 2/375.
(2) انظر فيض القير شرح الجامع الصغير لعبد الرؤوف المناوي 2/283.
(1) انظر الدعائم الخلقية والقوانين الشرعية لصبحي محمصاني ص 227.
(2) انظر سورة الأعراف الآية: 200 وسورة المؤمنون الآية: 97 وسورة فصلت الآية: 36، والبخاري مع الفتح 10/518 ومسلم 4/2015.
(1) انظر سنن أبي داود 4/249 وتهذيب السنن 7/165-168 وعون المعبود 13/141 وقال الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله إسناده جيد.(4/28)
(2) دليل ذلك ما أخرجه أحمد في المسند 5/152 وأبو داود 4/249 وابن حبان برقم 484 (موارد) وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رجال أحمد رجال الصحيح 8/70 وانظر شرح السنة للبغوي 13/162 فقد حسنه الشيخ الأرناؤوط.
(1) أبو داود 4/248 والترمذي 4/656 وابن ماجه 2/1400 وانظر صحيح الترمذي 2/305 وصحيح ابن ماجه 2/407.
(1) سورة النساء الآية: 114.
(2) مختصر تفسير ابن كثير 1/437.
(1) سورة النساء الآية: 148.
(2) صفوة التفاسير للصابوني 1/314.
(3) سورة ق الآية: 18.
(4) سورة الفجر: الآية 14.
(1) البخاري 1/9 ومسلم 1/65.
(2) البخاري 7/184 ومسلم 4/2290 وانظر اللؤلؤ والمرجان 3/325 ولفظه عند مسلم ينزل بها في النار.
(3) مسلم 4/2290.
(4) البخاري 7/185.
(1) ابن ماجه بلفظه 2/1313 والترمذي 4/557 وانظر صحيح ابن ماجه 2/358 وصحيح الترمذي 2/268.
(2) البخاري 7/184 ومسلم 1/68.
(3) البخاري 7/184 وفي الترمذي ”من وقاه الله شر ما بين لحييه وشر ما بين رجليه دخل الجنة“ انظر صحيح الترمذي 2/287.
(1) البخاري 7/183 وفي أوله قصة.
(2) موطأ الإمام مالك 2/985 والبخاري 7/185 وأهل السنن وانظر صحيح الترمذي 2/269.
(1) البخاري 6/37 تفسير سورة فصلت ومسلم 4/2141 وانظر اللؤلؤ 3/270.
(2) مسلم 1/65 وأحمد في مسنده 3/413 والترمذي 4/607.
(2) موطأ الإمام مالك 2/988.
(1) أخرجه مسلم 4/2023.
(2) شرح السنة للبغوي 14/385 وأحمد 2/328 وأبو داود برقم 4901.
(3) الترمذي 4/607 وقال حسن غريب وقال عبد القادر الأرنؤوط إسناده حسن انظر الأذكار للنووي بتحقيق الأرنؤوط ص 285.
(4) أي تذل وتخضع.
(1) الترمذي 4/615 وقال عبد القادر الأرنؤوط في تعليقه على الأذكار للنووي إنه حسن. انظر الأذكار 286. وانظر صحيح الترمذي 2/287.
(2) الترمذي 5/11 وقال حديث حسن صحيح.
(3) البخاري 3/100 ومسلم 4/2054 وانظر اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 3/216.(4/29)
(1) تعليق الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي على صحيح مسلم نقلاً عن النووي م4/2054.
(2) أخرجه الترمذي 4/363 وانظر صحيح الترمذي 2/194.
(1) البخاري 1/207 ومسلم 1/83 وانظر اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 1/14.
(2) أبو داود 3/223 وانظر صحيح الجامع 5/282.
(3) البخاري 7/221 ومسلم 3/1266 وانظر اللؤلؤ والمرجان 2/170.
(1) البخاري 7/98 ومسلم 3/1267 وانظر اللؤلؤ والمرجان 2/172.
(2) رواه الترمذي وغيره وانظر صحيح الترمذي 2/99.
(3) البخاري 6/51 ومسلم 3/1267 وانظر اللؤلؤ والمرجان 2/170.
(1) سورة البقرة الآية 264.
(2) البخاري 3/75 ومسلم 1/103 وانظر اللؤلؤ والمرجان 1/20 والآية 77 من سورة آل عمران.
(1) مسلم 1/102.
(2) البخاري 3/12 ومسلم 3/1228 وانظر اللؤلؤ والمرجان 2/156.
(3) البخاري 7/119 ومسلم 3/1688 وانظر اللؤلؤ والمرجان 3/47.
(1) البخاري 6/40 ومسلم 4/1762 وانظر اللؤلؤ والمرجان 3/76.
(2) البخاري 2/87 ومسلم 2/645 وانظر اللؤلؤ والمرجان 1/188.
(1) مسلم 2/644.
(2) البخاري 2/83 ومسلم 1/99 وانظر اللؤلؤ والمرجان 1/20.
(3) البخاري 2/83 ومسلم 1/99 وانظر اللؤلؤ والمرجان 1/19.
(1) البخاري 3/26 ومسلم 3/1154 وانظر اللؤلؤ والمرجان 2/ 134.
(1) البخاري 3/185 ومسلم 4/2296 وانظر اللؤلؤ والمرجان 2/328.
(2) البخاري 3/185 ومسلم 4/2297 وانظر اللؤلؤ والمرجان 3/328.
(3) مسلم 4/2297.
(1) فتح الباري 10/477.
(2) مسلم 4/2297.
(1) البخاري 7/78 والبخاري مع الفتح 10/478.
(2) البخاري 7/78 والبخاري مع الفتح 10/487.
(1) مسلم 4/1864 والبخاري مع الفتح 10/479.
(2) الفتح 10/477.
(3) شرح الإمام النووي على مسلم 18/126.
(1) البخاري 7/89 ومسلم 4/2291 وانظر اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 3/326 ولفظ مسلم ”وإن من الإجهاز“.
(2) من تعليق لمحمد فؤاد عبد الباقي على اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 3/326.(4/30)
(1) سورة الحجرات الآية 11.
(2) مسلم 4/1967 وشرح النووي 16/93.
(3) شرح النووي 16/93.
(1) البخاري مع الفتح 10/464 وأحمد في المسند 5/181.
(2) البخاري 1/17 ومسلم 1/18 وانظر اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 1/13.
(3) البخاري 7/97 ومسلم 1/79 وانظر اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 1/13.
(4) مسلم 1/73.
(5) أخرجه أبو داود 4/274.
(1) انظر عون المعبود شرح سنن أبي داود 13/237.
(2) مسلم 1/80.
(1) شرح النووي 1/49.
(1) صحيح مسلم 1/86.
(2) الأذكار للنووي 314.
(1) أخرجه أبو داود 4/327 وانظر صحيح الجامع 6/161.
(2) البخاري 7/69 ومسلم 1/92 وانظر اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 1/3.
(1) البخاري 7/223 ومسلم 1/104.
(2) مسلم 4/2005 والترمذي 4/371.
(3) مسلم 4/2006 وأبو داود 4/278.
(4) الترمذي وقال حسن صحيح 4/350 وأبو داود 4/277.
(5) الترمذي وحسنه 4/350. وانظر صحيح الترمذي 8/189.
(1) أبو داود 4/277.
(2) أبو داود 4/278 والترمذي 4/351 وهو حديث صحيح كما قال الشيخ عبد القادر في تعليقه على الأذكار للنووي صحيفة 302 وانظر صحيح الترمذي 2/189 وتحفة الأحوذي 6/112.
(1) مسلم 4/2004.
(2) مسلم 4/2005.
(1) الأذكار للنووي 303.
(2) مسلم 1/367 والبخاري 2/90.
(3) مسلم 3/1567.
(4) مسلم 3/1673.
(1) مسلم 4/1953.
(2) الأذكار للنووي 304.
(1) وقد قرر ابن تيمية عدم جواز لعن المعيَّنين؛ لجواز توبتهم، انظر: فتاوى ابن تيمية 21/156 و6/511.
(1) البخاري مع الفتح 3/258 وغيره.
(3) الترمذي 4/353 وانظر صحيح الترمذي 2/190 ورواه أيضاً أحمد.
(1) أبو داود برقم 4980، 4/295 وأحمد في المسند 5/384 وغيرهما.
(1) مسلم برقم 2664، 4/2052.
(2) مسلم برقم 2623، 4/2024.
(1) انظر شرح النووي على صحيح مسلم 16/175.
(2) انظر المرجع السابق 16/176.
(1) سورة لقمان الآيتان: 6، 7.
(2) أخرجه ابن جرير في تفسيره وانظر تفسير ابن كثير 3/442.(4/31)
(3) البخاري مع الفتح برقم 5590، 10/51.
(4) سورة النجم الآيات: 59-61.
(1) سورة الشعراء الآيات: 224-227.
(1) البخاري مع الفتح، 1/89 ومسلم1/78.
(2) البخاري مع الفتح 1/89 ومسلم 1/18.
(1) البخاري 4/90 ومسلم 4/2290 وانظر اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 3/325.
(1) يفضي إلى امرأته: أي يصل إليها بالمباشرة أو المجامعة. انظر شرح النووي.
(2) أخرجه مسلم 2/1060.
(3) انظر صحيح مسلم 2/1061.
(4) البخاري مع الفتح 10/464 و10/514 واللفظ له. ورواه مسلم 1/105.
(1) أبو داود 4/295 والنسائي، وأحمد في المسند 3/346- 347، وانظر صحيح الجامع 6/170.
(2) تزفرين: أي تتحركين حركة شديدة: أي ترتعدين.
(3) أخرجه مسلم، 4/1993.
(1) انظر قضية التكفير للمؤلف ص 95-127.
([1]) الأذكار للإمام النووي ص 284.
(2) أخرجه الترمذي 4/558 وابن ماجه 2/1316 وانظر صحيح الترمذي 2/269 وابن ماجه 2/360.
(1) حلية الأولياء 10/63.
(1) أخرجه مسلم 4/2023 وتقدم في بذاءة اللسان وانظر بقية احاديث الترهيب من أخطار اللسان هناك.
(1) انظر الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم رحمه الله ص 276-281.
(2) ذكره ابن رجب الحنبلي في جامع العلوم والحكم ص 241.
(1) ذكره ابن رجب في جامع العلوم والحكم ص 242.
(2) المرجع السابق ص 242.
(1) الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم رحمه الله ص 276-281.
(2) ابن ماجه وانظر صحيح ابن ماجه 2/405 وأخرجه أحمد 5/412.
(1) انظر بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار لعبد الرحمن السعدي الحديث رقم 74.
(2) أخرجه الترمذي 4/605 وانظر صحيح الترمذي 2/287 وصحيح الجامع برقم 1388.(4/32)
الفهارس
1. فهرس الآيات القرآنية.
2. فهرس الأحاديث والآثار.
3. فهرس المراجع.
4. فهرس الموضوعات.
1- فهرس الآيات القرآنية
طرف الآية
الآية
الصفحة
{ ادع إلى سبيل ربك بالحكمة }.
(النحل 125)
{ أفمن هذا الحديث تعجبون }.
(النجم 59- 61)
{ إن ربك لبالمرصاد }.
(الفجر 14)
{ إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون }.
(النحل 105)
{ إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم }.
(النور 11)
{إن الذين يرمون المحصنات الغافلات}.
(النور 23)
{ إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم }.
(آل عمران 77)
{ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له}.
(الحج 30)
{ فاجتنبوا الرجس من الأوثان }.
(الحج 30)
{ فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً }.
(الأنعام 144)
{ فمن أظلم ممن كذب بآيات الله }.
(الأنعام 157)
{فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج}.
(البقرة 197)
{قل إن الذين يفترون على الله الكذب}.
(يونس 69)
{قل إنما حرم ربي الفواحش }.
(الأعراف 33)
{ ما ضربوه لك إلا جدلاً }.
(الزخرف 58)
{ ما يلفظ من قول إلا لديه }.
(ق 18)
{ هماز مشاء بنميم مناع للخير }.
(القلم 11،12)
{ وأقيموا الشهادة لله ذلكم يوعظ به }.
(الطلاق 2)
{ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع}.
(الإسراء 36)
{ ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب }.
(النحل 116)
{ ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه }.
(البقرة 283)
{ ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا }.
(الأنعام 150)
{ ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا }.
(العنكبوت 46)
{وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي}.
(النجم 4،3)
{وما كنتم تستترون أن يشهد }.
(فصلت 22)
{ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب}.
(الأنعام 21)
{ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو قال}.
(الأنعام 93)
{ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله }.
(البقرة 140)
{ ومن الناس من يجادل في الله بغير علم}.
(الحج 3)
{ومن الناس من يجادل في الله بغير علم}.
(الحج 8،9)(5/1)
{ ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل}.
(لقمان 6، 7)
{ ومن الناس من يعجبك قوله }.
(البقرة 204-206)
{ والذين هم بشهاداتهم قائمون }.
(المعارج 33-35)
{ والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا }.
(الفرقان 72)
{ والذين يرمون المحصنات ثم يأتوا }.
(النور 4 -7)
{ والذين يرمون أزواجهم ولم يكن }.
(النور 7-9)
{ والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر }.
(الشعراء 224-227)
{ ويجادلون الذين كفروا بالباطل }.
(الكهف 56)
{ ويل لكل همزة لمزة }.
(الهمزة 1)
{ لا خير في كثير من نجواهم إلا }.
(النساء 114)
{ لا يحب الله الجهر بالسوء من القول }.
(النساء 148)
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله }.
(آل عمران 102)
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله }.
(الأحزاب 70، 71)
{ يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا }.
(الحجرات 12)
{ يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين }.
(المائدة 8)
{ يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا }.
(البقرة 264)
{ يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم }.
(الحجرات 11)
{ يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين }.
(النساء 135)
{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم }.
(النساء 1)
{ يوم لا ينفع مال ولا بنون }.
(الشعراء 88)
2- فهرس الأحاديث والآثار
طرف الحديث
الصفحة
أتدرون أي يوم هذا.
أتدرون ما الغيبة.
اجتنبوا السبع الموبقات.
احثوا في وجوه المداحين التراب.
أخنع الأسماء عند الله رجل تسمى بملك الأملاك.
إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم.
إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم.
إذا مات صاحبكم فدعوه ولا تقعوا فيه.
إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان.
إذا قمت في صلاتك فصل صلاة مودع.
أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً.
أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن.
اعلم أنه ليس يسلم من حدث بكل ما سمع...[أثر].
ألك ولد سواه ؟.
أمرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن نحثوا.
أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك.(5/2)
أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك.
إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم.
إن أحدكم ليتكلم بالكلمة من رضوان الله.
إن بعدكم قوماً يخونون ولا يؤتمنون.
إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بريء من الصالقة والحالقة.
إن الرجل يصدق حتى يكتب صديقاً.
إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله.
إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما كان.
إن شر الناس ذو الوجهين.
إن الشيطان أيس أن يعبده المصلون في.
إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة.
إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها.
إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها.
إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله.
إن العبد إذا لعن شيئاً صعدت.
إن الله يبغض كل جعظري جواظ.
إن الله يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل.
إن الله لا يحب الفاحش والمتفحش.
إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم.
إن في معاريض الكلام ما يغني الرجل عن الكذب [أثر].
إنك لست منهم.
إن كذباً عليَّ ليس ككذب على أحد.
إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم ألحن.
إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي.
إن من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم.
إن من أشر الناس عند الله منزلة.
إن من أعظم الفري أن يدعي الرجل إلى غير أبيه.
إن هذا أوردني الموارد...[أثر].
إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير.
أهلكتم أو قطعتم ظهر الرجل.
ألا أخبرك بملاك ذلك كله.
ألا أنبئكم بأكبر الكبائر- ثلاثاً-؟.
ألا أنبئكم ما العضة هي النميمة؟.
ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم.
أيما امرئ قال لأخيه يا كافر فقد.
أيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد.
آية المنافق ثلاث.
بحسب المرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع..[أثر].
البيعان بالخيار ما لم يتفرقا.
تقوى الله وحسن الخلق.
تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي.
ثلاثة لا ترد دعوتهم.
ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة.
ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة..(5/3)
الحلف منفقة للسلعة ممحقة للبركة..
خذوا ما عليها ودعوها فإنها ملعونة.
خذي أنت وبنوك ما يكفيك بالمعروف..
خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم.
خير الناس قرني ثم الذين يلونهم.
رحم الله موسى لقد أوذي أكثر من هذا فصبر.
زنيتَ؟ (قاله صلّى الله عليه وسلّم) لماعز.
سباب المسلم فسوق وقتاله كفر..
الإشراك بالله وعقوق الوالدين.
الإشراك بالله قال ثم ماذا ؟.
عباد الله وضع الله الحرج إلا من اقترض.
عدلت شهادة الزور بالإشراك بالله.
عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر.
الغناء والله الذي لا إله إلا هو...[أثر].
فلما نلتما من أخيكما آنفاً أشد أكلاً.
قل ربي الله ثم استقم.
القلوب كالقدور تغلي بما فيها...[أثر].
كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع...[أثر].
كل أمتي معافى إلا المجاهرين.
كل مخموم القلب صدوق اللسان.
كل المسلم على المسلم حرام دمه.
لعن المؤمن كقتله.
لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور.
لعن الله من ذبح لغير الله ولعن.
لعن الله الذي وسمه.
لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته.
لكني رأيت الليلة رجلين أتياني فأخذا بيدي.
لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس.
ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس.
ليس لك عليه نفقه.
ليس من رجل أدعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر.
ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب.
ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش.
ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير..
اللهم العن رعلاً وذكوان..
اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم..
ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا..[أثر]..
ما سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول لأحد على الأرض إنه..[أثر].
ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليها إلا.
ما فعل كعب بن مالك؟..
ما لقيك الشيطان سالكاً فجاً إلا سلك فجاً غير فجك..
ما على الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لساني...[ أثر]..(5/4)
ما يسرني بمعاريض الكلام حمر النعم...[أثر]..
ما من امرئ يخذل امرءاً مسلماً في موضع..
ما يقول ذو اليدين..
من أكل برجل مسلم أكلةً..
من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له.
من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين.
من حدَّثَ عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد..
من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه..
من حلف بالأمانة فليس منا..
من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك..
من حلف على ملة غير الإسلام كاذباً فهو كما قال..
من حلف فقال في حلفه واللات والعزى..
من ذا الذي يتألى عليَّ أن لا أغفر لفلان؟..
من ذب عن لحم أخيه بالغيبة كان حقّاً على الله.
من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار.
من سلم المسلمون من لسانه ويده..
من سمّع سمع الله به يوم القيامة..
من تعمد علي كذباً فليتبوأ مقعده..
من قذف مملوكه وهو بريء مما قال..
من كان له وجهان في الدنيا كان له..
من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل..
من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده..
من الكبائر شتم الرجل والديه..
من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه.
من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة..
من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه..
من يقل عليَّ ما لم أقل فلتبوأ مقعده..
المسلم أخو المسلم..
المستبان ما قالا فعلى المبتدئ منهما..
المدح هو الذبح...[أثر]..
المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف وفي كل خير.
نحن من ماء..
النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة..
هل تدرون ماذا قال ربكم..
هلك المتنطعون..
ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث..
ويحك قل خير تغنم أو اسكت عن سوء تسلم...[أثر]..
ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به القوم..
ويلك قطعت عنق صاحبك..
لا أشهد على جور..
لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا.
لا تعلموا العلم لتباهوا به العلماء.
لا تعلموا العلم لثلاث.(5/5)
لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده.
لا تسبوا الديك فإنه يوقظ للصلاة.
لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا.
لا تسبوا الأموات فتؤذوا الأحياء.
لا تسبي الحمى فإنها تذهب خطايا بني آدم.
لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة.
لا تقل ذلك ألا تراه قد قال لا إله إلا الله.
لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان ولكن قولوا.
لا تقولوا للمنافق سيد فإنه إن يك سيداً.
لا تقولوا الركبان ولا يبع بعضكم على بيع.
لا تكذبوا علي فإن من كذب علي.
لا تكثروا الكلام في غير ذكر الله.
لا تلاعنوا بلعنة الله ولا بغضه ولا بالنار..
لا تلعن الريح فإنها مأمورة..
لا يدخل الجنة قتات.
لا يدخل الجنة نمام..
لا يرمي رجل رجلاً بالفسق ولا يرميه بالكفر..
لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة..
لا يكون الرجل إماماً يقتدى به حتى...[أثر]..
لا ينبغي لصديق أن يكون لعاناً..
يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار.
يؤذني ابن آدم يسب الدهر وأنا.
يعذبان وما يعذبان في كبيرة.
يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان.
يا معشر النساء تصدقن وأكثرن الاستغفار.
3- فهرس المراجع.
1- إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان للإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية بتحقيق محمد حامد الفقي ط مكتبة حميدو. بدون تاريخ.
2- جامع البيان في تفسير القرآن. محمد بن جرير الطبري ط دار المعرفة بيروت 1400هـ.
3- تفصيل آيات القرآن الحكيم وضعه بالفرنسية جول لابوم، ويليه المستدرك، ادوارد مونتيه نقلها إلى العربية محمد فؤاد عبد الباقي ط دار الكتاب العربي.
4- زاد المسير في علم التفسير. عبد الرحمن بن الجوزي ت 596. ط 1 المكتب الإسلامي.
5- الروض المربع لشرح زاد المستقنع ط مكتبة الرياض الحديثة. بدون تاريخ.
6- سنن أبي داود بمراجعة محمد محي الدين عبد الحميد ط دار الفكر.
7- سنن النسائي بشرح جلال الدين السيوطي وحاشية السندي ط 1 دار الفكر 1348هـ.(5/6)
8- سنن الترمذي الطبعة المحققة لمجموعة من العلماء. ط شركة مصطفى البابي.
9- شرح النووي على مسلم ط دار إحياء التراث العربي.
10- صحيح البخاري ط المكتبة الإسلامية- باستانبول -تركيا.
11- صحيح مسلم بتحقيق وترقيم محمد فؤاد عبد الباقي ط دار إحياء التراث العربي.
12- صفوة التفاسير لمحمد علي الصابوني ط 2 دار القرآن الكريم-بيروت.
13- عون المعبود شرح سنن أبي داود. أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم أبادي ط المكتبة السفلية.
14- فتح الباري بشرح صحيح البخاري تصحيح العلامة ابن باز ط مكتبة الرياض الحديثة.
15- القاموس المحيط. مجد الدين محمد بن يعقوب الشيرازي ط دار الفكر.
16- موطأ الإمام مالك بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ط دار إحياء التراث العربي.
17- مسند الإمام أحمد ط المكتب الإسلامي.
18- المعجم الفهرس لألفاظ الحديث النبوي الشريف.
19- المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم وضعه محمد فؤاد ط دار الفكر.
20- تيسير الوصول إلى مواضع الحديث في الكتب الأصول ط الكويت عبد الحميد محمد حسين.
21- اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان. وضعه محمد فؤاد عبد الباقي ط دار إحياء التراث العربي- بيروت.
22- مختصر تفسير ابن كثير للصابوني ط 7 دار القرآن- بيروت.
23- الأذكار للإمام النووي بتحقيق عبد القادر الأرناؤوط طبعة خاصة للدكتور محمد فياض البارودي بالاشتراك مع دار الملاح للطباعة والنشر.
24- الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي للإمام ابن القيم رحمه الله ط دار التراث بالمدينة المنورة الطبعة المحققة 1408هـ.
25- جامع العلوم والحكم لابن رجب رحمه الله.
26- تطهير العيبة من دنس الغيبة لابن حجر الهيتمي.
27- قرة عيون الأخيار للسعدي رحمه الله.(5/7)
4- فهرس الموضوعات
الموضوع
الصفحة
المقدمة
الباب الأول: الغيبة والنميمة
الفصل الأول: الغيبة
المبحث الأول: تعريف الغيبة
المبحث الثاني: الفرق بين الغيبة والنميمة
المبحث الثالث: حكم الغيبة
المبحث الرابع: الترهيب من الوقوع في الغيبة
المبحث الخامس: ما ينبغي لمن سمع غيبة أخيه المسلم
المبحث السادس: الأسباب الباعثة على الغيبة
المبحث السابع: علاج الغيبة
المبحث الثامن: طريق التوبة من الغيبة
المبحث التاسع: ما يباح من الغيبة
الفصل الثاني: النميمة
المبحث الأول: تعريف النميمة
المبحث الثاني: حكم النميمة
المبحث الثالث: الترهيب من الوقوع في النميمة
المبحث الرابع: ما ينبغي لمن حملت إليه النميمة
المبحث الخامس: ذو الوجهين
المبحث السادس: الدوافع الباعثة على النميمة
المبحث السابع: علاج النميمة
المبحث الثامن: ما يباح من النميمة
الباب الثاني: القول على الله بغير علم
الفصل الأول: الكذب على الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم
المبحث الأول: تعريف الكذب
المبحث الثاني: الترهيب من الكذب على الله ورسوله
المبحث الثالث: ما يمتاز به الكاذب على الله ورسوله
الفصل الثاني: الكذب عموماً
المبحث الأول: حكم الكذب
المبحث الثاني: الترهيب من الوقوع في الكذب
المبحث الثالث: الكذب في الرؤيا أو الحلم
المبحث الرابع: ما يباح من الكذب
الفصل الثالث: شهادة الزور
المبحث الأول: تعريف الزور
المبحث الثاني: الترهيب من الوقوع في شهادة الزور
المبحث الثالث: ما يترتب على شهادة الزور من الجرائم
الباب الثالث: القذف والخصومات وبذاءة اللسان
الفصل الأول: القذف
المبحث الأول: تعريف القذف
المبحث الثاني: الترهيب من الوقوع في القذف
الفصل الثاني: الخصومات والجدال
المبحث الأول: الجدال بالباطل
البواعث على الجدال بالباطل
المبحث الثاني: الخصومات والنزاع
المبحث الثالث: علاج الخصومات
الفصل الثالث: بذاءة اللسان
المبحث الأول:الترهيب من الوقوع في بذاءة اللسان
المبحث الثاني:الاستسقاء بالأنواء
المبحث الثالث: الحلف بغير الله
المبحث الرابع: والحلف الكاذب والمن بالعطية
المبحث الخامس: التسمي بملك الأملاك
المبحث السادس: سب الدهر
المبحث السابع: النياحة على الميت
المبحث الثامن: النجش
المبحث التاسع: المدح المذموم
المبحث العاشر: ما يجوز من المدح
المبحث الحادي عشر: هتك الإنسان ستر نفسه
المبحث الثاني عشر: السب والشتم والسخرية بالمؤمنين
المبحث الثالث عشر: من الكبائر شتم الرجل والديه.
المبحث الرابع عشر: اللعن.
المبحث الخامس عشر: جواز لعن أصحاب المعاصي والكفار عموماً بدون تعيين.
المبحث السادس عشر: قول ما شاء الله وشاء فلان أو لولا الله وفلان.
المبحث السابع عشر: الو وعدم تفويض الأقدار لله تعالى
المبحث الثامن عشر: قول الرجل هلك الناس.
المبحث التاسع عشر: الغناء والشعر المحرم.
المبحث العشرون: الوعد الكاذب.
المبحث الواحد والعشرون: من يأمر بالمعروف ولا يفعله وينهي عن المنكر ويفعله
المبحث الثاني والعشرون: إفشاء سر الزوج أو الزوجة.
المبحث الثالث والعشرون: من حلف على ملة غير الإسلام
المبحث الرابع والعشرون: تسويد الفاسق.
المبحث الخامس والعشرون: سب الحمى.
الفصل السادس والعشرون: الردة بالقول.
الفصل الرابع: وجوب حفظ اللسان.
الخاتمة.(5/8)
الفهارس.
فهرس الآيات القرآنية.
فهرس الأحاديث والآثار.
فهرس المراجع.
فهرس الموضوعات.(5/9)