بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسئيات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله :
أما بعد .. فإن صلاح البيوت أمانة عظيمة ومسؤولية جسيمة ينبغي على كل مسلم ومسلمة أداؤها كما أمر الله والسير بها على منهج الله ، ومن وسائل تحقيق ذلك تطهير البيوت من المنكرات ، وهذه تنبيهات على أمور واقعة في بعض البيوت من المنكرات الكبيرة التي أصبحت معاول هدم في محاضن أجيال الأمة ، ومصادر تخريب في أكنان الأسرة المسلمة .
وهذه الرسالة في بيان لبعض تلك المنكرات أضيفت إليها تنبيهات على أمور من المحرمات بصيغة نصائح تحذيرية ، مهداة لكل من أراد الحق وسلوك سبيل التغيير تنفيذاً لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم في صحيحه 1/69 .
وهذه النصائح تفصيل لما سبق إجماله في فصل المنكرات من رسالة أربعون نصيحة لإصلاح البيوت .
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن ينفع بهذه وتلك إخواني المسلمين . والله الهادي إلى سواء السبيل .
المنكرات في البيوت
نصيحة : الحذر من دخول الأقارب غير المحارم على المرأة في البيت عند غياب زوجها :(1/1)
لا تخلو بعض البيوت من وجود أقارب للزوج من غير محارم زوجته ، يعيشون معه في بيته لبعض الظروف الاجتماعية ، كإخوانه مثلاً ، ممن هو طالب أو أعزب ، ويدخل هؤلاء البيت دون غرابة ، لأنهم معروفون بين أهل الحي بقرابتهم لصاحب البيت ، فهذا أخوه أو ابن أخيه ، أو عم أو خال ، وهذه السهولة في الدخول قد تولد مفاسد شرعية تُغضب الله إذا لم تضبط بالحدود الشرعية ، والأصل في هذا حديثه صلى الله عليه وسلم : ( إياكم والدخول على النساء ، فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله ! أفرأيت الحمو ، قال : الحمو الموت ) رواه البخاري ، فتح الباري 9/330 .
قال النووي - رحمه الله - : المراد في الحديث أقارب الزوج غير آبائه أو أبنائه ، لأنهم محارم للزوجة يجوز لهم الخلوة بها ، ولا يوصفون بالموت ، قال : وإنما المراد الأخ وابن الأخ والعم ، وابن العم ، وابن الأخت وغيرهم ممن يحل لها التزوج بها لو لم تكن متزوجة ، وجرت العادة بالتساهل فيه فيخلو الأخ بامرأة أخيه فشبهه بالموت ، وهو أولى بالمنع من الأجنبي . فتح الباري 9/331 .
وقوله الحمو الموت له عدة معان منها :
أن الخلوة بالحمو قد تؤدي إلى هلاك الدين إن وقعت المعصية .
أو تؤدي إلى الموت إن وقعت الفاحشة ، ووجب حد الرجم .
أو إلى هلاك المرأة بفراق زوجها لها إذا حملته الغيرة على تطليقها .
أو المقصود احذروا الخلوة بالأجنبية كما تحذرون الموت .
أو أن الخلوة مكروهة كالموت .
وقيل أي فليمت الحمو ولا يخلو بالأجنبية .
وكل هذا من حرص الشريعة على حفظ البيوت ، ومنع معاول التخريب من الوصول إليها ، فماذا تقول الآن بعد بيانه صلى الله عليه وسلم في هؤلاء الأزواج الذين يقولون لزوجاتهم : ( إذا جاء أخي ولست بموجود فأدخليه المجلس ) ، أو تقول هي للضيف : ( ادخل المجلس وليس معه ولا معها أحد في البيت ) .(1/2)
ونقول للذين يتذرعون بمسألة الثقة ، ويقولون أنا أثق بزوجتي ، وأثق بأخي ، وابن عمي ، نقول : لا ترفعوا ثقتكم ولا ترتابوا فيمن لا ريبة فيه ، ولكن اعلموا أن حديثه صلى الله عليه وسلم : ( لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ) رواه الترمذي 1171 . يشمل أتقى الناس ، وأفجر الناس ، والشريعة لا تستثني من مثل هذه النصوص أحداً .
إضافة :
الآن وفي أثناء كتابة هذه السطور وردت مشكلة ، مفادها أن رجلاً تزوج امرأة فأتى بها إلى بيت أهله ، وعاشت معه سعيدة ، ثم أصبح أخوه الأصغر يدخل عليها في غياب زوجها ويكلمها بأحاديث عاطفية وغرامية ، فنشأ عن ذلك أمران : الأول كرهها لزوجها كرهاً شديداً . والثاني : تعلقها بأخيه ، فلا هي تستطيع أن تطلق زوجها ، ولا هي تستطيع أن تفعل ما تشاء مع الآخر ، وهذا هو العذاب الأليم ، وهذه القصة تمثل درجة من الفساد ، وتحتها دركات تنتهي بعمل الفاحشة وأولاد الحرام .
نصيحة : فصل النساء عن الرجال في الزيارات العائلية :
الإنسان مدني بطبعه ، واجتماعي بفطرته ، والناس لا بد لهم من أصدقاء ، والأصدقاء لابد لهم من مزاورات .
فإذا كانت الزيارة بين العوائل فلابد من سد منافذ الشر بعدم الاختلاط ، ومن أدلة تحريم الاختلاط قوله تعالى : ( وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهم ) الأحزاب /53 .
وإذا تتبعنا الآثار السيئة للجلسات المختلطة في الزيارات العائلية فسنجد مفاسد كثيرة منها :
غالب الناس في مجالس الاختلاط حجابهن معدوم أو مختل فتبدي المرأة الزينة التي نهاها الله عن إبدائها لغير من يحل لها أن تكشف عنده ، في قوله تعالى : ( ولا يبدين زينتهن ) ويحدث أن تتزين المرأة للأجانب في مجلس الاختلاط مالا تتزين به لزوجها مطلقاً .
رؤية الرجل للنساء في المجلس الواحد سبب لفساد الدين والخلق ، والثوران المحرم للشهوات .(1/3)
ما يحدث من التنازع والتقاطع الفظيع ، عندما ينظر هذا إلى زوجة ذاك ، أو يغمز هذا زوجة ذاك ، أو يمازحها ويضاحكها والعكس ، وبعد الرجوع إلى البيت تبدأ تصفية الحسابات .
الرجل : لماذا ضحكت من كلمة فلان ، وليس في كلامه ما يضحك ؟
المرأة : وأنت لماذا غمزت فلانة ؟
الرجل : عندما يتكلم هو تفهمين كلامه بسرعة ، وكلامي أنا لا تفهمينه على الإطلاق ؟
وتتبادل الاتهامات وتنتهي المسألة بعداوات أو حالات طلاق .
يندب بعضهم أو بعضهن حظوظهم في الزواج عندما يقارن الرجل زوجته بزوجة صاحبه ، أو تقارن المرأة زوجها بزوج صاحبتها ، ويقول الرجل في نفسه : فلانة تناقش وتجيب .. ثقافتها واسعة ، وامرأتي جاهلة ، ما عندها ثقافة .. وتقول المرأة في نفسها : يا حظ فلانة زوجها أنيق ولبق ، وزوجي ثقيل الظل يرمي الكلمة دون وزن ، وهذا يفسد العلاقة الزوجية أو يؤدي إلى سوء العشرة .
تزين بعضهم لبعض بما ليس فيهم إدعاء وكذباً ، فهذا يصدر الأوامر لزوجته بين الرجال ويتظاهر بقوة شخصيته ، وإذا خلا بها في البيت فهو قط وديع ، وتلك تستعير ذهباً تلبسه لتري الجلساء أنها تملك كذا وكذا ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور ) رواه البخاري ، الفتح 9/317 .
ما ينتج عن هذه السهرات المختلطة من ضياع للأوقات ، وآفات اللسان ، وترك الأولاد الصغار في البيوت ( حتى لا تُفسد السهرة بالصياح! ) .
وقد تتطور الأمور إلى اشتمال هذه السهرات المختلطة على أنواع عظيمة من الكبائر ، مثل : الخمر والميسر ، وخصوصاً في أوساط ما يسمى بالطبقة المخملية ، ومن الكبائر التي تسري عبر هذه المجالس الاقتداء بالكفار ، والتشبه بهم في الزي والعادات المختلفة ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من تشبه بقوم فهو منهم ) رواه الإمام أحمد في المسند 2/50 وهو في صحيح الجامع 2828 ، وكذلك 6025 .
نصيحة : الانتباه لخطورة السائقين والخادمات في البيوت :(1/4)
السعي لدرء المفاسد من الواجبات الدينية ، وسد أبواب الشر والفتنة من الأولويات الشرعية .
وقد ولج علينا من باب الخدم والسائقين كثير من الفتن والمعاصي ، وكثير من الناس لا ينتبهون ، وإذا انتبهوا لا يتعظون ، وربما لدغ أحدهم مراراً من جحر واحد ولا يتألم ، ويسمع أن قارعة حصلت قريباً من داره ولا يتعلم ، وهذا من ضعف الإيمان وبلادة حس مراقبة الله في قلوب كثير من أهل هذا الزمان ، وفي هذه العجالة نبين بعض مساوئ وجود الخادمات والسائقين في البيوت حتى تكون تذكرة لمن كان له قلب أو أراد أن يسلك في بيته مسلك الإحسان .
فتنة الإغراء والإغواء التي تحصل من الخادمات للرجال في البيوت وخصوصاً الشباب منهم ، بوسائل التزين والخلوة ، وتتوالى القصص في أسباب انحراف بعض الشباب ، والسبب : دخلت عليه أو انتهز خلو البيت فجاء إليها ، وبعضهم يصارح أهله ولا من مجيب ، أو يكتشف بعض الأهل شيئاً فيأتي جواب عديم الغيرة ( يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين ) وتُترك النار بجانب الوقود ، والوضع هو هو لم يتغير ، ولقد وصل الأمر أيضاً ببعض الخادمات إلى نقل الشذوذ لبعض الفتيات في البيوت .
- تخلي ربة الأسرة الأصلية عن واجباتها ونسيانها لمهامها ، وتعوديها الكسل ، فإذا سافرت الخادمة كان العذاب الأليم .
- سوء تربية الأبناء المتمثل في أمور منها :
نقل معتقدات كفرية إلى الأطفال من الخادمات الكافرات ، النصرانيات والبوذيات ، وقد وُجد أطفال يؤشرون بعلامة التثليث على الرأس وجانبي الصدر ، كما يرون النصرانية تصلي ، وتقول للطفل : هذه الحلوى من المسيح ، ويرى الطفل الخادمة تصلي إلى تمثال بوذا ، وأخرى تحتفل بأعياد قومها ، وتنقل الفرح بذلك إلى أطفالنا ، فيعتادون المشاركة في أعياد الكفرة .
حرمان الطفل من حنان أمه اللازم في تربيته ، واستقرار نفسيته ، ولا يمكن للخادمة تعويض من ليس بولدها هذا الحنان .(1/5)
تشويه لغة الطفل العربية بما يشوبها من الكلمات الأجنبية فينشأ بمركب نقص يضره أثناء العملية التعليمية .
- الإرهاق المالي الذي يحصل لبعض أرباب الأسر برواتب ونفقات السائق والخادمة .
ثم النزاعات العائلية التي تحصل في شأن من يدفع تلك النفقات ؟ وخصوصاً بين الزوج وزوجته الموظفة ، ولو جلست المرأة لتعمل في بيتها بدلاً من العمل خارج البيت ، لكفيت شراً كثيراً .
والحقيقة أننا في كثير من الأحيان ، نوجد مشكلات بأنفسنا !! ثم نطلب لها حلاً ، وكثيراً ما تكون الحلول غير حاسمة .
إن التعود على الخادمات قد أفرز أنواعاً من الاتكالية والسلبية في الشخصيات .
وأخرى تشترط خادمة في العقد وثالثة تنوي أخذ خادمة أهلها معها بعد الزواج ، وبالتالي فقدت بناتنا القدرة على الاستقلال بشئون البيت مهما كان صغيراً .
- ولما جلبت ربات البيوت الخادمات صار لديهن وقت كثير لا يدرين كيف يقضينه ، فصارت المرأة تنام كثيراً ، ثم لا تقر في بيتها من كثرة ذهابها إلى مجالس الغيبة والنميمة وضياع الوقت ، والنهاية حسرة يوم القيامة .
- الإضرار بأهل البيت بأمور منها :
السحر والشعوذة التي تفرق بين الرجل وزوجته ، أو تضر بعافية الأبدان .
الإضرار بممتلكات أصحاب البيت بما يحصل من السرقات .
تشويه سمعة أهل البيت فكم من بين شريف كريم تحول خلال غياب أصحابه إلى وكر للفاحشة والفساد ، ولابد أنك سمعت عن بعض الخادمات اللاتي يستقبلن رجالاً في بيوت غاب أصحابها .
الكفر فيه مخالفة صريحة لنهيه صلى الله عليه وسلم عن دخول الكفار لجزيرة العرب خصوصاً وأن الوضع ليس فيه ضرورة كما ترى مع إمكان الإتيان بالمسلمين عند- تقييد حرية الرجال ( الذين يخافون الله ) داخل البيت وكذلك الدعاة الذين يحاولن إصلاح أهليهم .(1/6)
ما يحصل من خلوة المرأة بالسائق الأجنبي في البيت أو السيارة ، وعدم تحفظ النساء من الخروج بالزينة والطيب أمامه ، حتى كأنه أحد المحارم أو أقرب ، وكثرة المحادثات والمشاوير تسقط الحواجز النفسية فيقع المحظور ، والوقائع المتكاثرة في المجتمع تدل أولي الألباب على خطورة الأمر .
جلب الخدم والسائقين من شتى ملل الحاجة ، فكيف إذا أضيف إلى هذا ما يحدث من تقوية اقتصاديات الكفار بتحويلات مرتبات أولئكم الكفرة من السائقين والخادمات ، مع أن المسلمين أولى وأحرى ، وتبلد إحساس المسلم بكثرة مخالطة هؤلاء الكفار يقضي تدريجياً على مفهوم الولاء والبراء في النفس ، أضف إلى ذلك الدور البشع لبعض الذين لا يخافون الله من أصحاب مكاتب الاستقدام الذين يخبرونك بعدم وجود مستخدمين مسلمين ، أو القيام بعمليات الخداع والتمويه ، ليكشف بعض أرباب البيوت بعد وصول السائق أو الخادمة الموسومين بالإسلام في الأوراق الرسمية أن المسألة كذب في تزوير ، وأن التمثيلية قد بدأت من البلد الذي قدم منه المستخدم بتلقينه بعض الكلمات الإسلامية التي يتظاهر بها أمام أهل البيت زوراً .
ما يحصل من تفسخ الأسرة بسبب علاقة صاحب البيت بالخادمة وانظر في الواقع وفكر كم نسبة حوادث الطلاق التي حصلت بسبب الخادمة ؟
وكم خادمة حملت سفاحاً ؟
ثم سائل أقسام الولادة بالمستشفيات ، وسجلات مراكز الشرطة عن المشكلات الناتجة عن أولاد الحرام بسبب الفتنة بالخادمات ، ثم حاول أن تدرك نطاق الأمراض السارية التي انتقلت إلى مجتمعنا من جراء ذلك ، لتعلم حجم الدوامة التي نحن فيها بسبب جلب الخادمات إلى البيوت .
ثم فكر في التصور الذي يأخذه هؤلاء الخدم والسائقين عن الدين الإسلامي ، وهم يرون ويعاينون تصرفات المنتسبين إليه ، واسأل نفسك أي عائق وضعناه أمامهم ، وأي صد عن سبيل الله قد فعلناه بهم ، وهل يمكن أن يدخل هؤلاء في دين هذا حال من يزعمون أنهم حملته ؟!(1/7)
ومن أجل الأسباب المتقدمة وغيرها ، رأى بعض أهل العلم عدم جواز جلب الخادمات على الوجه الحاصل الآن ، وأنه يجب حسم مادة الفتنة وإغلاق منافذ الشر أنظر فتوى الشيخ محمد صالح العثيمين بشأن هذه القضية .
وحتى نكون مسترشدين بقوله تعالى : ( وإذا قلتم فاعدلوا ) فلا بد أن نشير إلى ما يلي :
أولاً : لا ننكر أن عدداً من الخدم والسائقين الكفرة قد أسلموا وحٌسن إسلام بعضهم نتيجة ما رأوه من بعض مظاهر الإسلام في بعض البيوت ، أو نتيجة لشيء من الجهود المخلصة - القليلة مع الأسف - التي بذلت في دعوتهم إلى الله .
ولا ننكر أن بعض الخدم والسائقين مسلمون حقاً ، ربما أكثر من أهل البيت ، وسمعنا عن الخادمة التي تضع مصحفاً فوق رف المطبخ لتقرأ فيه وقت فراغها من العمل ، والسائق المسلم الذي يصلي الفجر في المسجد قبل رب البيت .
ثانياً : لن نتجاهل الحاجة الماسة التي تقع أحياناً لبعض الناس من ضرورة وجود من يخدم في البيت الواسع ، مع كثرة الأولاد أو وجود مرضى مزمنين وأصحاب عاهات ، أو عمل شاق قد لا تطيقه الزوجة وحدها ، لكن السؤال أيها المسلمون : من الذي يطبق الشروط الشرعية ويراعي الاحتياطات الدينية في جلب الخدم والسائقين ؟ وكم عدد الذين سيأتون بسائق وزوجته ( الحقيقية !) ويضمن عدم خلوة إحدى نسائه بالسائق ، وعدم خلوة أحد الرجال بالخادمة ؟ ثم يأمر الخادمة بالحجاب ، ولا يتعمد النظر إلى زينتها ، وإذا جاء إلى البيت وليس فيه إلا الخادمة فلن يدخل ، وأن لا يقبل إلا مستخدمين مسلمين حقاً .. الخ(1/8)
ومن أجل ذلك فإنه لابد لكل من عنده أحد من هؤلاء في بيته أن يتأكد أنه موجود لحاجة شرعية فعلاً ، وأن وجوده بالشروط الشرعية حقاً ، وإن في قصة يوسف عليه السلام ، لعبرة في هذا الموضوع ، وفيها دلالة واضحة على الفتنة التي تحصل بوجود الخدم والسائقين في البيت وأن الشر قد يحصل من أهل المنزل ابتداءً مع كون الخدم ممن يخاف الله . ( وراودته التي هو في بيتها عن نفسه ، وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله ) يوسف/23 .
ونقول للذين يشكون من ظروف صعبة في بيوتهم من جهة الخدمة يمكنكم عمل ما يلي :
شراء الطعام الجاهز من السوق ، استعمال الأواني الورقية وكذا استخدام المغاسل بالأجرة ، وتنظيف البيت بعمال يشرف عليهم الرجل ، والاستعانة بالأقارب لرعاية الأولاد يكون حلاً سريعاً في أوقات الحاجة ، كأن تكون الزوجة مثلاً نفساء في فراشها .
فإن لم يف ذلك بالغرض يمكن الاستعانة بخادمة مؤقتة بالشروط الشرعية ، يتم الاستغناء عنها حال انتهاء الحاجة إليها مع ما في هذا الحل من المخاطر .
الأفضل أن تكون خادمة بالساعة ، مثلاً تقوم بمهمتها ثم تغادر البيت ، وعلى أية حال الضرورة تقدر بقدرها .
وقد طال الحديث في هذه الفقرة لعموم البلاء بها في هذا المجتمع ، وقد يختلف الأمر في مجتمعات أخرى ، وقبل أن نغادر الموضوع نذكر بأمور من تقوى الله .
كل من لديه أسباب فتنة في بيته من هؤلاء وغيرهم أن يتقي الله ويخرجهم من البيت .
على كل من يظن أنه سيضع ضوابط شرعية للإتيان بالخدم أن يتقي الله ، ويعلم أن كثيراً من هذه الضوابط تتلاشى بمرور الزمن .
على كل من يوجد عنده مستخدم كافر في أرض الجزيرة أن يعرض عليه الإسلام بالأسلوب الحسن ، فإن أسلم وإلا أخرجه وأعاده من حيث أتى .(1/9)
وأخيراً نختم موضوع الخدم والسائقين بذكر هذه القصة التي فيها عبر عظيمة في خطورة المستخدمين في البيوت ، وفي التحاكم إلى الكتاب والسنة ، ورفض كل حكم يُخالف الشريعة ، وسؤال أهل العلم ، وتطهير المجتمع الإسلامي بالحدود الشرعية :
عن أبي هريرة وزيد بن خالد رضي الله عنهما قالا : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقام رجل فقال : أنشدك الله إلا ما قضيت بيننا بكتاب الله ، فقام خصمه وكان أفقه منه ، فقال : اقض بيننا بكتاب الله وائذن لي قال : قل ، قال : إن ابني هذا كان عسيفاً ( أي أجيراً ويطلق على الخادم ) على هذا فزنى بامرأته فافتديت منه بمائة شاة وخادم ، ( دفعها كتعويض له عما لحق بعرضه ) ثم سألت رجالاً من أهل العلم فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام ( لأنه غير محصن ) وعلى امرأته الرجم ( لأنها محصنة وراضية ) فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله ، المائة شاة والخادم رد ( أي مردودة عليك ) وعلي ابنك جلد مائة وتغريب عام ، واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها " فغدا عليها فاعترفت فرجمها . رواه البخاري الفتح 12/136 .
تنبيه : ومما يسوء كل مسلم غيور على حرمات الله ما يحدث في بعض البيوت من دخول عمال النظافة والصيانة على النساء وهن بلباس النوم والبيت ، فهل يظن أولئك النسوة أن مثل هؤلاء ليسوا رجالاً أمر الله بالاحتجاب عنهم ؟!
ومن المنكرات كذلك ما يحدث في بعض البيوت من تدريس الرجال الأجانب للفتيات البالغات ، وتدريس بعض النساء للأولاد البالغين دون حجاب .
نصيحة : أخرجوا المخنثين من بيوتكم(1/10)
قال البخاري رحمه الله تعالى باب إخراج المتشبهين بالنساء من البيوت وساق حديث ابن عباس قال : لعن النبي صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء ، وقال : أخرجوهم من بيوتكم قال : فأخرج النبي صلى الله عليه وسلم فلاناً وأخرج عمر فلانة . رواه البخاري في كتاب اللباس باب 62 ، الفتح 10/333 .
ثم ساق حديث أم سلمة الذي أورده في باب : ( ما ينهى من دخول المتشبهين بالنساء على المرأة ) ونصه : عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عندها ، وفي البيت مخنث فقال : المخنث لأخي أم سلمة عبد الله بن أبي أمية إن فتح الله لكم الطائف غداً أدلك على ابنة غيلان فإنها تقبل بأربع وتُدبر بثمان ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يدخلن هذا عليكم ) رواه البخاري باب 113 الفتح 9/333 .
أما تعريف المخنث : فهو من يشبه النساء في خلقته ، أو حركاته وكلامه ، وغير ذلك ، فإذا كان من أصل الخلقة فلا لوم عليه مع أنه يجب عليه أن يسعى ما استطاع لتغير هذا التشبه ، وإن كان يتشبه بالنساء عمداً فيسمى مخنثاً سواء فعل الفاحشة أو لا .
وهذا المخنث – الذي بمثابة الخادم – كان يدخل إلى أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه معدود من غير أولي الإربة من الرجال .
فلما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم من هذا الشخص التدقيق في وصف النساء ، وأنه يصف امرأة بأن لها أربع عكن من الأمام ( وهو ما تثنى من لحم البطن نتيجة السمنة ) وثمان عكن من الخلف ( أربع من كل جانب ) أمر بإخراجه ومنعه من الدخول إلى حجر نسائه ، وذلك لأنه يأتي منه مفاسد مثل احتمال أن يصف النساء اللاتي يراهن للأجانب ، أو أن يتأثر أهل البيت به فيحصل للنساء تشبه بالرجال ، أو للرجال تشبه بالنساء مثل التكسر في المشي والخنوع في الصوت أو يؤدي للوقوع في منكرات أبعد من ذلك .(1/11)
وبعد هذا نتساءل اليوم ونحن نرى كثيراً من أشباه الرجال أو أشباه النساء في هؤلاء الخدم ، وخصوصاً الكفار الموجودين في بيوت المسلمين ، والذين نعلم يقياً آثارهم السيئة على أولاد وبنات المسلمين ، بل لقد ظهرت طبقة تعرف بالجنس الثالث من شباب يضعون أدوات الزينة ويلبسون ملابس النساء ، فما أعظم الرزية وما أشد البلية في أمة يراد منها أن تكون أمة جهاد !!
وإذا أردت المزيد من محاربته صلى الله عليه وسلم لهذا الجنس وغيرة الصحابة على مثل هذا الوضع ، فتدبر هذا الحديث : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بمخنث قد خضب يديه ورجليه ( أي صبغها بالحناء كالنساء ) ، فقيل يا رسول الله ! هذا يتشبه بالنساء ، فنفاه إلى البقيع ( عقاباً له في مكان غربة ووحشة ، وحماية لغيره ) فقيل ألا تقتله ، فقال : ( إني نهيت عن قتل المصلين ) رواه أبو داود 4928 وغيره وأنظر صحيح الجامع 2502
نصيحة : احذر أخطار الشاشة :
لا يكاد يخلو بيت في هذا الزمان من نوع أو أنواع من الأجهزة المحتوية على شاشات ، والقليل من استخدامات هذه الأجهزة مفيد جيد ، والأكثر ضار مدمر وخصوصاً آلات عرض الأفلام ، ومع وصول البث المباشر إلى ديار المسلمين ، وانتشار بيع الأفلام وتبادلها صارت مسألة التحكم في هذه الأجهزة شبه مستحيلة .
وفيما يلي ذكر الأضرار والمفاسد الناتجة عن مشاهدة هذه الأجهزة ، وسيسعى للتغير بعد تأملها كل من أراد رضى الله واجتناب سخطه :
عقائدياً :
إظهار شعائر أهل الكفر ورموز أديانهم الباطلة ، كالصليب ، وبوذا ، والمعابد المقدسة ، وآلهة الحب والخير والشر ، والظلام والنور والشقاء والمطر ، وهكذا الأفلام التبشيرية الداعية إلى تعظيم دين النصارى والدخول فيه .
الإيحاء بقدرة بعض الخلق على مضاهاة الله في الخلق والإحياء والإماتة ، مثل بعض المشاهد المتضمنة لإحياء ميت باستخدام صليب أو عصا سحرية .(1/12)
نشر الدجل والخرافة والشعوذة والسحر ، والعرافة والكهانة ، المنافية للتوحيد .
ما ينطبع في حس المتفرج من توقير ممثلي الأديان الباطلة ، كالأب والقسيس ، والراهبة التي تداوي المرضى وتفعل الخير !
في كثير من التمثيليات حلف بغير الله ، وتلاعب بأسماء الله كما سمى أحدهم الآخر مرة عبد القيساح .
التشكيك في قدرة الله أو خلقه ، أو تصوير الحياة على أنها صراع بين الله والإنسان .
القضاء على مفهوم البراءة من أعداء الله في نفوس المشاهدين بما يرونه من أمور تبعث على الإعجاب بشخصيات الكفار ومجتمعاتهم ، وكسر الحواجز النفسية بين المسلم والكافر ، فإذا زال البغض في الله بدأ التشبه والتلقي عن هؤلاء الكفرة .
اجتماعياً :
الإعجاب بشخصيات الكفرة عند عرضهم أبطالاً في الأفلام .
الدعوة إلى الجريمة ، بعرض مشاهد العنف والقتل والخطف والاغتصاب .
تكوين العصابات على النمط المعروف في الأفلام للاعتداء والإجرام ، وإصلاحيات الأحداث والسجون شاهدة على آثار الأفلام في هذا المجال .
تعليم فن السرقة والاحتيال والاختلاس والتزوير ، وقبض الرشاوي وغيرها من الكبائر.
الدعوة إلى تشبه النساء بالرجال ، والرجال بالنساء ، في مخالفة واضحة لحديثه صلى الله عليه وسلم في لعن من فعل ذلك ، فهذا رجل يقلد امرأة في صوتها ومشيتها ، وقد يلبس الشعر المستعار ، والحلي ويضع الأصباغ وأدوات الزينة ، وتلك امرأة تضع لحية أو شارباً مستعاراً وتخشن صوتها ، وهذا من أسباب نشر الميوعة في المجتمع وظهور الجنس الثالث .
بدلاً من النبي والصحابي والعالم والمجاهد ، صار القدوة الممثل والمغني ، والراقصة واللاعب .
زوال الشعور بالمسؤولية تجاه الأسرة ، واللامبالاة بالطلبات المهمة والولد المريض ، لأن رب السرة متسمّر أما الجهاز وقد يضرب الولد ضرباً مبرحاً إذا قطع على الأب خلوته بالفيلم .(1/13)
تمرد الأبناء على الأباء التي تدعو إلى ذلك ، وعندما أصرَّ أحدهم على قبض ثمن السلعة من أبيه ذكّره الأب بحقه عليه ، فقال الولد في التمثيلية أبي يعني تسرقني ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : " أنت ومالك لأبيك " . رواه أبو داود 3530
قطع الرحم بانشغال المشاهدين بالأفلام عن الزيارات العائلية ، وإن زاروا فلا يتبادلون الأحاديث المفيدة ، ولا يتداولون حلول المشكلات العائلية بقدر ما يتحلّقون حول الشاشة صامتين .
الانشغال عن إكرام الضيف .
إشاعة الكسل والخمول ، وتعطيل الإنتاج بما تستهلكه هذه الأجهزة من أوقات المسلمين .
نشوء الخلافات الزوجية ، والكره المتبادل ، وظهور الغيرة المذمومة ، فهذا رجل يتغزّل بأوصاف امرأة على الشاشة أما زوجته ، وهي ترد عليه بذكر محاسن المذيع والممثل .
ذهاب الغيرة المحمودة من استمراء النظر إلى مشاهد الاختلاط ، وكشف الزوجة على الأجانب ، وسفور البنات والأخوات ، والتأثر بالدعوة إلى تحرير المرأة .
أخلاقياً :
إثارة الشهوات بعرض مناظر النساء للرجال ، وأشكال الرجال الفاتنين للنساء .
دعوة المجتمع إلى إظهار العورات بأنواع الملابس الفاضحة واعتياد الظهور بها .
الدعوة إلى إقامة العلاقات بين الجنسين وتعليم المشاهد كيفية التعرف ، وما هي الكلمات المتبادلة في البداية ، ووسائل تطوير العلاقة المحرمة ، وتبادل أحاديث الحب والغرام وتشابك الأيدي … الخ .
الوقوع في الزنا والفاحشة بفعل الأفلام التي تعرض ذلك ، حتى أن بعضهم يقلّد ما يحدث في الفيلم مع بعض محارمه والعياذ بالله ، أو يمارس عادات سيئة أثناء عرض هذه الأفلام .
تعليم النساء أنواع الرقص مما فيه إظهار للعورات وإغراء للرجال ، وهذا من أنواع الميوعة والانحلال .
اكتساب الشخصية الهزلية ، وانحسار الجدية ، بالإضافة إلى الضحك الكثير المفسد للقلب بفعل أفلام " الكوميديا " .
شيوع الألفاظ البذيئة مما يستخدم في كثير من الأفلام والتمثيليات .(1/14)
تعبدياً :
تضيع صلاة الفجر من جراء السهر على مشاهدة ما يعرض في الشاشة .
التأخر عن أداء الصلوات في أوقاتها فضلاً عن أدائها في المساجد للرجال بسبب تعلق القلب بالمسلسل أو الفيلم أو المباراة .
التسبب في بُغض بعض الشعائر التعبدية ، كما يحدث لبعضهم إذا قطعت المباراة المثيرة بتوقف لأداء الصلاة .
إنقاص أجر بعض الصائمين ، أو ذهابه بالكلية بذنوب هذه المشاهدات المحرّمة .
الطعن في بعض ما جاءت به الشريعة من أحكام كالحجاب وتعدد الزوجات .
تاريخياً :
تشويه التاريخ الإسلامي ، وطمس الحقائق ، وإهمال ذكر منجزات المسلمين في الأفلام التي تحكي تاريخ البشرية .
تحريف الحقائق التاريخية الثابتة ، بإظهار الظالم على أنه مظلوم ، وهكذا كالزعم بأن اليهود أصحاب قضية عادلة .
التقليل من شأن أبطال الإسلام في أعين المشاهدين لبعض التمثيليات التي تمثل فيها أدوار الصحابة وقادة الفتح الإسلامي والعلماء ، وتظهر فيها هذه الشخصيات بهيئة مبتذلة ، والممثلون في الأصل فسقة وفجرة ، وتختلط بالتمثيلية مشاهد غرامية .
إيقاع المسلمين تحت وطأة الهزيمة النفسية ، وإشاعة الرعب في قلوبهم ، بما يعرض من أنواع الآلة الحربية المتقدمة لدى الكفار فيحسّ المسلم أنه لا يمكن هزيمة هؤلاء .
نفسياً :
اكتساب العنف والطبع العدواني من مشاهدة أفلام العنف والمصارعة ، ومشاهد الدماء والرصاص والأسلحة الحادة .
إشاعة الخوف في نفوس مشاهدي أفلام الرعب حتى أن أحدهم ليهب من نومه مذعوراً فزعاً ، وهو يصرخ مما رآه في نومه نتيجة مشهد علق في مخيلته .
إفساد واقعية الأطفال وغيرهم بعض المشاهد المنافية للواقع ، ولما جعله الله من النتائج المترتبة على الأسباب ، ومن أمثلة ذلك بعض ما يعرض في أفلام الكرتون ، وهذه اللاواقعية تؤثر على التصرفات في الحياة العملية .
صحياً :
الإضرار بحاسة البصر ، وهي نعمة سيسأل عنها العبد !(1/15)
تسارع ضربات القلب ، وارتفاع الضغط والتوتر العصبي ونحوه عند مشاهدة أفلام الرعب وسفك الدماء !
السهر المضر براحة الجسد ، الذي سيسأل العبد عنه يوم القيامة فيم أبلاه ؟
ما يحدث من أضرار بأجساد الأطفال الذين يقلدون السوبرمان والرجل الحديدي وغيرهما ، والكبار الذين يقلدون الملاكمين والمصارعين .
مالياً :
صرف المبالغ في شراء الأجهزة والأفلام وأجرة الإصلاح ، وأجهزة التحسين والاستقبال ، وهذا المال سيسأل عنه العبد يوم القيامة فيم أنفقه ؟ !
مسارعة الكثير من الناس إلى شراء كماليات لا يحتاجون إليها ، وتنافس النساء في شراء الأزياء من جراء ما يعرض في الشاشة من المشاهد والدعايات .
نصيحة : الحذر من شر الهاتف
الهاتف من المخترعات المفيدة ، ومن حاجات العصر الحديث . فهو يوفر الأوقات ، ويقصر المسافات ، ويصلك بجميع الجهات ، ويمكن أن يستخدم في الأعمال الصالحات ، كالإيقاظ لصلاة الفجر ، أو سؤال شرعي ، واستحصال فتوى ومواعدة أهل الخير ، وصلة الرحم ، ونُصح المسلمين .
ولكنه في الوقت نفسه وسيلة لأمور من الشر عديدة ، وكم كان الهاتف سبباً لتدمير بيوت بأسرها ، وإدخال الشقاء والتعاسة على سكانها أو جرِّهم وجرِّهنَّ إلى مهاوي الرذيلة والفساد ! وتكمن الخطورة في سهولة استخدامه ، وأنه منفذ مباشر من خارج البيت إلى داخله .
ومن استخدامه في الشر :
ما يحدث بواسطته من المعاكسات المزعجة .
تعرف المرأة بالرجل الأجنبي ، وتطور العلاقة ، قال لي شاب قد هداه الله إلى طريق التوبة : قلما تعرف شاب بفتاة بالهاتف إلا خرجت معه في النهاية ، وما يحدث بعد ذلك من دركات الفواحش المتفاوتة لا يعلمه إلا الله .
ما يحدث فيه من إفساد المرأة على زوجها أو الزوج على زوجته ، أو تأليب الأب على أولاده ، وبناته والعكس ، وذلك نتيجة مكالمات من النمامين والمخربين مبنية على الحسد وحب الشر والتفريق .(1/16)
ضياع الأوقات في المحادثات التافهة المسببة لقسوة القلب ، والالتهاء عن ذكر الله ، وخصوصاً بين النساء ، فتجد المرأة فيه متنفسها .
ومن الحلول في قضايا الهاتف :
متابعة ووعظ من يسيء استعماله من داخل البيت وخارجه .
الحكمة في الرد .
إذا جاءنا خبر في مكالمة من مجهول عرضناها على كتاب الله عز وجل ونفذنا أمر الله ( فتبيَّنوا ) .
والتربية الإسلامية كفيلة بجعل استخدام هذا الجهاز صحيحاً إذا غاب الولي والراعي .
وآخر الدواء الكي بفصل الحرارة إذا صار إثمه أكبر من نفعه .
نصيحة : يجب إزالة كل ما فيه رمز الأديان الكفار الباطلة أو معبوداتهم وآلهتهم .
عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يترك في بيته شيئاً فيه تصاليب إلا نقضه . رواه البخاري ، فتح الباري 10/385 باب نقض الصور .
وقد بلينا في هذا الزمان بمصنوعات جاءتنا من بلاد الكفار فيها تصاوير ونقوشات ، ورسومات لآلهتم ومعبوداتهم ، ومن ذلك الصليب بأشكاله المتنوعة ، وصور مريم وعيسى ، أو صور الكنائس وتماثيل بوذا ، وآلهة الإغريق كآلهة الحب ، وآلهة الخير والشر ، وهكذا .
وبيت المسلم الموحد لا يصلح أن يكون فيه رموز للشرك الذي ينافي التوحيد ، بل ينقضه من أساسه ، ولذلك كان عليه الصلاة والسلام ينقض الصلبان إذا رآها في بيته ، والنقض هو الإزالة سواء بالطمس إذا كانت مرسومة أو منقوشة ، أو الحك والتلطيخ بما يغير هيئتها أو اقتلاعها وإزالتها بالكلية .
وليس هذا من الغلو في الدين ، لأن الذي نهى عن الغلو هو الذي فعل ذلك صلى الله عليه وسلم ولأجل ذلك ينبغي على أهل البيت إذا أرادوا شراء الأواني والفرش وغيرها أن يحذروا من مثل هذا الرموز للأديان الباطلة التي تنافي التوحيد على أننا ننبه إلى أهمية الاعتدال في هذا الأمر فما لم يكن الشكل واضحاً في كونه صليباً مثلاً فلا يجب تغييره .
نصيحة : إزالة صور ذوات الأرواح(1/17)
يعمد كثير من الناس إلى تزيين بيوتهم بصور تعلق على الجدارن أو تماثيل توضع على أرفف في بعض زوايا البيت ، وكثير من هذه الصور المجسمة وغير المجسمة تكون لذوات أرواح كإنسان أو طير أو دابة ونحو ذلك .
وأقوال المحققين من أهل العلم ظاهرة في تحريم صور ذوات الأرواح سواء كانت نحتاً أو رسماً أو مأخوذة بالآلة ما دامت ثابتة ليست كصورة المرآة أو الصورة في الماء ، وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في لعن المصورين وتهديدهم بتكليفهم ما لا يطيقون من نفخ الروح فيها يوم القيامة يشمل كل عامل في حقل التصوير ما لم يكن من باب الإعانة على الضرورة والحاجة كصور الإثباتات الشخصية اللازمة أو تتبع المجرمين ونحو ذلك .
وتعليق صور ذوات الأرواح فيه إثم آخر لأن ذلك يفضي إلى تعظيم صاحب الصورة ، وقد يؤدي إلى الوقوع في الشرك كما حصل في قوم نوح وأقل ما في تعليق من الأضرار تجديد الأحزان أو التباهي والتفاخر بالآباء والأجداد فلا يقل أحد من الناس نحن لا نسجد للصورة ، ومن أراد أن يحرم نفسه من الخير العظيم بدخول الملائكة بيته فليضع الصورة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن البيت الذي فيه صور لا تدخله الملائكة ) رواه البخاري 4/325 .
ولقد جاء في النهي عن التصوير عدة أحاديث فمنها :
( إن أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة المصورون ) رواه البخاري 1/382 . وحديث عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يُقال لهم أحيوا ما خلقتم ) رواه البخاري 1/382 .
وحديث أبي هريرة أنه دخل داراً بالمدينة فرأى في أعلاها مصوراً يصور ( ينقش الصور في حيطان الدار التي تُبنى ) قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا حبة فليخلقوا ذرة ) رواه البخاري 1/385 .
وحديث أبي جحيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المصور رواه البخاري 1/393 .(1/18)
وإليك أيها القارئ الكريم مزيداً من الإيضاح حول هذه المسألة في كلام أهل العلم .
جاء في شرح حديث لا تدخل الملائكة بيتاً : ( المراد بالبيت المكان الذي يستقر فيه الشخص ، سواء كان بناءً أو خيمة أم غير ذلك ) فتح الباري 1/393 .
أما الصور التي تمنع الملائكة عن الدخول بسببها فهي صور ذوات الأرواح مما لم يقطع رأسه أو لم يمتهن الفتح 1/382 ( أي يُهان ويُحتقر بالوطء عليها وغيره ) وصنع صور ذوات الأرواح فعل محدث أحدثه عباد الصور ، وما يُشعر بذلك فعل قوم نوح ، وحديث عائشة في قصة الكنيسة التي كانت بأرض الحبشة ، وما فيها من التصاوير وأنه صلى الله عليه وسلم قال : ( كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصورة ، أولئك شرار الخلق عند الله ) الفتح 1/382 .
ويضيف ابن حجر رحمه الله :
( قال النووي : قال العلماء : تصوير صورة الحيوان ( ذوات الأرواح ) حرام شديد التحريم ، وهو من الكبائر ، لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد ، وسواء صنعه لما يمتهن أم لغيره ، فصنعه حرام بكل حال ، وسواء كان في ثوب أو بساط أو درهم أو دينار أو فلس أو إناء أو حائط أو غيرها ، فأما تصوير ما ليس فيه صورة حيوان فليس بحرام .
قلت : ويؤيد التعميم فيما له ظل وفيما لا ظل له ما أخرجه أحمد من حديث على أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أيكم ينطلق إلى المدينة فلا يدع بها وثناً إلا كسره ، ولا صورة إلا لطخها أي طمسها ) الحديث فتح الباري 1/384(1/19)
وقد كان صلى الله عليه وسلم حريصاً على تطهير بيته من الصور المحرمة ، وهذا مثال على ذلك : تحت عنوان من لم يدخل بيتاً فيه صورة روى البخاري رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها أنها اشترت نمرقة ( وسادة ) فيها تصاوير ، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخل ، فعرفت في وجهه الكراهية ، قالت : يا رسول الله ! أتوب إلى الله وإلى رسوله ماذا أذنبت ؟ قال : ( ما بال هذه النمرقة ؟ ) فقالت : ( اشتريتها لتقعد عليها وتوسدها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ، يقال لهم : أحيوا ما خلقتم ) وقال : ( إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة ) فتح الباري 1/392 .
وقد يقول البعض : ولماذا الإطالة في هذا الموضوع ؟ فنقول : لقد دخلنا بيوتاً وغرفاً فوجدنا صور المغنين وغيرهم ، وبعضها عارية أو شبه عارية ، معلقة على الجدران والمرايا والخزائن والأدراج والطاولات ، ينظر إليها صاحبها صباح مساء ، وصار بعضهم يقبل الصورة ، ويتخيل أموراً منكرة !! فصارت الصورة من أعظم وسائل الانحراف ، وتبين لأولي الألباب شيئاً من حكمة الشارع في تحريم صور ذوات الأرواح .
ولابد في ختام هذه الفقرة أن نشير إلى ما يلي :
يقول بعض الناس : إن الصور اليوم غزتنا في كل شيء في المعلبات الغذائية ، والكتب والمجلات والدفاتر ، وإذا أردنا طمس كل صورة فسنضيع أوقاتنا في ذلك ، فماذا نفعل ؟
نقول : احرص على شراء ما خلا من الصور – إن أمكن – والباقي : يطمس ظاهراً كالصورة على الغلاف ، ويبقى الكتاب يستفاد منه ، وإذا انتهت الفائدة كالجرائد وغيرها تخرج من البيت ، وما يتعذر طمسه كالصورة على المعلبات الغذائية مثلا ، فلا حرج إن شاء الله في تركه كما ذكره أهل العلم لأنه دخل فيما عمت به البلوى والمشقة تجلب التيسير.(1/20)
إن كان ولابد من تعليق شيء لتزيين الجدران فليكن بعض المناظر الطبيعية أو صور المساجد والمشاعر الخالية من المحذورات الشرعية .
على من يعلقون الآيات القرآنية وغيرها أن ينتبهوا إلى أن القرآن لم ينزل لتزين به الجدران ، وأن من العبث تصوير الآيات على هيئة رجل ساجد أو طير ونحو ذلك ، وأن لا يقع من الشخص في المجلس محظورات شرعية تخالف الآية المعلقة فوق رأسه .
نصيحة : امنعوا التدخين في بيوتكم
يكفي دليلاً على تحريم التدخين ( بالنسبة للعقلاء ) قول الله تعالى : ( ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ) سورة الأعراف/157 فقسم الله المطعومات والمشروبات إلى قسمين لا ثالث لهما طيبات مباحة وخبائث محرمة ، ومن الذي يجرؤ أن يقول اليوم إن التدخين طيب ، بالنظر إلى رائحته والأموال التي تصرف فيه والأضرار الجسدية والمادية الناتجة عنه .
والبيت الصالح ليس فيه ولاعات سجائر ولا منافض للسجائر ، لا من الدعايات المجانية ولا غيرها فضلاً عن الشيشة ومشتقاتها .
فإذا خشيت من التدخين في بيتك فضع ملصقات للتلميح ، فإن رأيت أحداً يريد ارتكاب المنكر أمامك فليس لك بد في منع وقوعه بالأسلوب المناسب .
نصيحة : إياكم واقتناء الكلاب في البيوت(1/21)
مما وصلنا من جملة ما وصلنا من عادات الكفار اقتناء الكلاب في البيوت ، وعدد من الذين تطبعوا بطباع الكفرة في مجتمعنا يجعلون في بيوتهم كلاباً يشترونها بمبالغ وثمن الكلب حرام من حديث رواه الإمام أحمد 1/356 وهو في صحيح الجامع 3071 . وينفقون في طعامها ونظافتها أموالاً سيسألون عنها يوم القيامة ، حتى صار من شعار بيوت كثير من الأثرياء وكبار الموظفين وجود كلب في البيت ، ولعاب الكلب نجس ، وهو يلعق أهل المنزل وأمتعتهم ، ولو ولغ الكلب في إناء لوجب غسله سبع مرات إحداهن بالتراب ، فكيف إذا علمت أيها المسلم مقدار ما ينقص من أجر الذين يقتنون الكلاب قال صلى الله عليه وسلم : " ما من أهل بيت يرتبطون كلباً إلا نقص من عملهم كل يوم قيراط ( وفي رواية مسلم قيراطان ) إلا كلب صيد أو كلب حرث أو كلب غنم " رواه الترمذي 1489 وهو في صحيح الجامع 5321 ، فالنهي عن اقتناء الكلاب يستثنى منه كلب الزرع ، والصيد والحراسة ( حراسة البيوت والمنشآت أو المواشي وغيرها ) ويدخل فيه كل ما تدعو إليه الحاجة من تتبع آثار المجرمين ، وكشف المخدرات ونحو ذلك ، كما هو مضمون كلام بعض أهل العلم . التعليق على سنن الترمذي ط.شاكر 3/267
وهذا جبريل عليه السلام يبين لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم السبب الذي منعه من دخول بيته عليه الصلاة والسلام ، حسب الموعد الذي كان بينهما ، قال صلى الله عليه وسلم : (أتاني جبريل فقال : إني كنت أتيتك الليلة فلم يمنعني أن أدخل البيت الذي أنت فيه إلا أنه كان في البيت تمثال رجل وكان في البيت قرام ستر ( مثل الستارة ) فيه تماثيل وكان في البيت كلب ، فمُر برأس التمثال يقطع ، فيُصير كهيئة الشجرة ، ومر بالستر يقطع فيُجعل منه وسادتان توطئان ، ومر بالكلب فيُخرج ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم " . رواه الإمام أحمد ، صحيح الجامع رقم 68
نصيحة : الابتعاد عن تزويق البيوت(1/22)
شاع في بيوت كثير من الناس اليوم أنواع التزويق والتزيين والزخرفة نتيجة الانغماس في الملذات ، والتعلق بالدنيا ، والتباهي والتفاخر .
وبعض البيوت إذا دخلتها تتذكر كلام ابن عباس : ( ليس في الجنة شيء مما في الدنيا إلا الأسماء ) ، ولا نستطيع في هذه العجالة أن نستطرد في ذكر أنواع العجائب والغرائب ، من التحف والزينات والنقوش والزخارف ، التي تزخرف بها بعض البيوت والقصور ، ولكننا نذّكر بما يلي :
قال تعالى : ( ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفاً من فضة ومعارج عليها يظهرون ، ولبيوتهم أبواباً وسرراً عليها يتكون وزخرفاً .. ) الزخرف/33 .
أي ( لولا أن يعتقد كثير من الناس الجهلة أن إعطاءنا المال دليل محبتنا لمن أعطيناه فيجتمعوا على الكفر لأجل المال ) تفسير القرآن العظيم لابن كثير 7/213 . لجعلنا لبيوت الكفار سقفاً وسلالم وأقفالاً على الأبواب من فضة وذهب من متاع الحياة الفانية ، ليوافوا الله وليس عندهم حسنة ، لأنهم أخذوا نصيبهم من الدنيا .
روى الإمام مسلم – رحمه الله – عن عائشة رضي الله عنها : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في غزاة فأخذت نمطاً ( بساط له خمل ) فسترته على الباب ، فلما قدم فرأى النمط عرفت الكراهية في وجهه ، فجذبه حتى هتكه أو قطعه ، وقال : ( إن الله لم يأمرنا أن نكسوا الحجارة والطين ) صحيح مسلم 3/1666
روى الإمام أحمد قصة فاطمة لما قالت لعلي رضي الله عنهما ( وقد صنعوا طعاماً ) لو دعونا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاء فوضع يديه على عضادتي الباب فرأى قراماً ( ثوب رقيق من صوف فيه ألوان ونقوش ) فرجع ، فقالت فاطمة لعلي : ألحقه فقل له لم رجعت يا رسول الله ؟ فقال : ( إنه ليس لي ( وفي رواية : لنبي أن يدخل ) أن أدخل بيتاً مزوقاً ) رواه الإمام أحمد 5/221 وهو في صحيح الجامع 2411 .
ورواه أبو داود تحت باب : الرجل يُدعى فيرى مكروهاً سنن أبي داود 3755 .(1/23)
وتحت باب : هل يرجع إذا رأى منكراً في الدعوة ، روى البخاري رحمه الله تعليقاً : ودعى ابن عمر أبا أيوب ، فرأى في البيت ستراً على الجدار ، فقال ابن عمر : ( غلبنا عليه النساء ) ، فقال : ( من كنت أخشى عليه ، فلم أكن أخشى عليك ، والله لا أطعم لكم طعاماً ) فرجع فتح الباري 9/249
وقد وصل الحديث الإمام أحمد عن سالم بن عبد بن عمر قال : ( أعرست في عهد أبي ، فآذن أبي الناس ، فكان أبو أيوب فيمن آذناه ، وقد ستروا بيتي ببجاد أخضر ، فأقبل أبو أيوب فاطلع فرآه ، فقال : يا عبد الله أتسترون الجدر ، فقال أبي واستحيا : غلبنا النساء يا أبا أيوب ، فقال : من خشيت أن تغلبه النساء … ) الحديث فتح الباري .
روى الطبراني عن أبي جحيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ستفتح عليكم الدنيا حتى تنجدوا بيوتكم كما تنجد الكعبة ، فأنتم اليوم خير من يومئذ ) صحيح الجامع 3614
وخلاصة كلام أهل العلم في زخرفة وتزويق البيوت : أنه إما مكروه أو محرم الآداب الشرعية لابن مفلح 3/421
والله أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .(1/24)
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ... أما بعد :
البيت نعمة
قال الله تعالى : " والله جعل لكم من بيوتكم سكناً " . سورة النحل الآية 80 .
قال ابن كثير - رحمه الله - : " يذكر تبارك وتعالى تمام نعمه على عبيده ، بما جعل لهم من البيوت التي هي سكن لهم يأوون إليها ويستترون وينتفعون بها سائر وجوه الانتفاع " .
ماذا يمثل البيت لأحدنا ؟ أليس هو مكان أكله ونكاحه ونومه وراحته ؟ أليس هو مكان خلوته واجتماعه بأهله وأولاده ؟
أليس هو مكان ستر المرأة وصيانتها ؟! قال تعالى : " وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى " سورة الأحزاب الآية : 33
وإذا تأملت أحوال الناس ممن لا بيوت لهم ممن يعيشون في الملاجئ ، أو على أرصفة الشوارع ، واللاجئين المشردين في المخيمات المؤقتة ، عرفت نعمة البيت ، وإذا سمعت مضطربا يقول ليس لي مستقر ، ولا مكان ثابت ، أنام أحيانا في بيت فلان ، وأحيانا في المقهى ، أو الحديقة أو على شاطئ البحر ، ومستودع ثيابي في سيارتي ؛ إذن لعرفت معنى التشتت الناجم عن حرمان نعمة البيت .
ولما انتقم الله من يهود بني النضير سلبهم هذه النعمة وشردهم من ديارهم فقال تعالى :
" هو الذي أخرج الذين كفروا من ديارهم لأول الحشر " . ثم قال : " يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار " . سورة الحشر ، الآية : 2
والدافع عند المؤمن للاهتمام بإصلاح بيته عدة أمور :
أولا : وقاية النفس والأهل نار جهنم ، والسلامة من عذاب الحريق : " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون " سورة التحريم ، الآية : 6(2/1)
ثانيا : عظم المسئولية الملقاة على راعي البيت أمام الله يوم الحساب :
قال صلى الله عليه وسلم : " إن الله تعالى سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه ، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته " .
ثالثا : أنه المكان لحفظ النفس ، والسلامة من الشرور وكفها عن الناس ، وهو الملجأ الشرعي عند الفتنة :
قال صلى الله عليه وسلم : " طوبى لمن ملك لسانه ووسعه بيته وبكى على خطيئته " .
وقال صلى الله عليه وسلم : " خمس من فعل واحد منهن كان على الله ، من عاد مريضا ، أو خرج غازيا ، أو دخل على إمامه يريد تعزيره وتوقيره ، أو قعد في بيته فسلم الناس منه وسلم من الناس " .
وقال صلى الله عليه و سلم : " سلامة الرجل من الفتنة أن يلزم بيته " .
ويستطيع المسلم أن يلمس فائدة هذا الأمر في حال الغربة عندما لا يستطيع لكثير من المنكرات تغييرا ، فيكون لديه ملجأ إذا دخل فيه يحمي نفسه من العمل المحرم والنظر المحرم ، ويحمي أهله من التبرج والسفور ، ويحمي أولاده من قرناء السوء .
رابعا : أن الناس يقضون أكثر أوقاتهم في الغالب داخل بيوتهم ، وخصوصا في الحر الشديد والبرد الشديد والأمطار وأول النهار وآخره ، وعند الفراغ من العمل والدراسة ، ولا بد من صرف الأوقات في الطاعات ، وإلا ستضيع في المحرمات .
خامسا : وهو أهمها ، أن الاهتمام بالبيت هو الوسيلة الكبيرة لبناء المجتمع المسلم ، فإن المجتمع يتكون من بيوت هي لبناته ، والبيوت أحياء ، والأحياء مجتمع ، فلو صلحت اللبنة لكان مجتمعا قويا بأحكام الله ، صامدا في وجه أعداء الله ، يشع الخير ولا ينفذ إليه شر .
فيخرج من البيت المسلم إلى المجتمع أركان الإصلاح فيه ؛ من الداعية القدوة ، وطالب العلم، والمجاهد الصادق ، والزوجة الصالحة ، والأم المربية ، وبقية المصلحين .
فإذا كان الموضوع بهذه الأهمية ، وبيوتنا فيها منكرات كثيرة ، وتقصير كبير ، وإهمال وتفريط ؛ فهنا يأتي السؤال الكبير :(2/2)
ما هي وسائل إصلاح البيوت ؟.
وإليك أيها القارئ الكريم الجواب ، نصائح في هذا المجال عسى الله أن ينفع بها ، وأن يوجه جهود أبناء الإسلام لبعث رسالة البيت المسلم من جديد .
وهذه النصائح تدور على أمرين : إما تحصيل مصالح ، وهو قيام بالمعروف ، أو درء مفاسد وهو إزالة للمنكر .
وهذا أوان الشروع في المقصود .
تكوين البيت
نصيحة "1" : حسن اختيار الزوجة
" وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم " سورة النور الآية 32
ينبغي على صاحب البيت انتقاء الزوجة الصالحة بالشروط التالية :
" تنكح المرأة لأربع : لمالها ، ولحسبها ، ولجملها ، ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك " متفق عليه .
"الدنيا كلها متاع ، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة " رواه مسلم 1468
" ليتخذ أحدكم قلبا شاكرا ، ولسانا ذاكرا ، وزوجة مؤمنة تعينه على أمر الآخرة " رواه أحمد " 5/282" والترمذي وابن ماجه عن ثوبان صحيح الجامع 5231
وفي رواية " وزوجة صالحة تعينك على أمر دنياك ودينك خير ما اكتنز الناس " رواه البيهقي صحيح الجامع 4285
" تزوجوا الودود الولود إني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة " رواه أحمد و هو صحيح الإرواء 6/ 195
" عليكم بالأبكار فإنهن أنتق رحما ، وأعذب أفواها ، وأرضى باليسير " . وفي رواية " وأقل خبا " أي : خداعا رواه ابن ماجة السلسلة الصحيحة 623
وكما أن المرأة الصالحة واحدة من أربع من السعادة ، فالمرأة السوء واحدة من أربع من الشقاء ، كما جاء في الحديث الصحيح و فيه قوله : " فمن السعادة : المرأة الصالحة تراها فتعجبك ، وتغيب عنها فتأمنها على نفسها ومالك ، ومن السقاء : المرأة التي تراها فتسوؤك ، وتحمل لسانها عليك ، وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها و مالك " رواه ابن حبان وهو في السلسلة الصحيحة 282(2/3)
وفي المقابل لابد من التبصر في حال الخاطب الذي يتقدم للمرأة المسلمة ، والموافقة عليه حسب الشروط التالية :
" إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض".
ولابد في كل ما سبق من حسن السؤال وتدقيق البحث وجمع المعلومات والتوثق من المصادر والأخبار حتى لا يفسد البيت أو ينهدم .
والرجل الصالح مع المرأة الصالحة يبنيان بيتا صالحا لأن البلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه ، والذي خبث لا يخرج إلا نكدا .
نصيحة " 2 " السعي في إصلاح الزوجة
إذا كانت الزوجة صالحة فبها ونعمت وهذا من فضل الله ، وإن لم تكن بذاك الصلاح ، فإن من واجبات رب البيت السعي في إصلاحها . وقد يحدث هذا في حالات منها :
أن يتزوج الرجل امرأة غير متدينة أصلا ؛ لكونه لم يكن مهتما بموضوع التدين هو نفسه في مبدأ أمره ، أو أنه تزوجها على أمل أن يصلحها ، أو تحت ضغط أقربائه مثلا ، فهنا لابد من التشمير في عملية الإصلاح .
ولابد أن يعلم الرجل أولا أن الهداية من الله ، والله هو الذي يصلح ، ومن منه على عبده زكريا قوله فيه : " وأصلحنا له زوجه " سورة الأنبياء ، الآية 90
سواء كان إصلاحا بدنيا أو دينيا ، قال ابن عباس : كانت عاقرا لا تلد فولدت ، وقال عطاء : كان في لسانها طول فأصلحها الله ولاستصلاح الزوجة وسائل منها :
الاعتناء بتصحيح عبادتها لله بأنواعها على ما سيأتي تفصيله .
السعي لرفع إيمانها في مثل :
حضها على قيام الليل .
وتلاوة الكتاب العزيز .
وحفظ الأذكار والتذكير بأوقاتها ومناسباتها .
وحثها على الصدقة .
قراءة الكتب الإسلامية النافعة .
سماع الأشرطة الإسلامية المفيدة ؛ العلمية منها والإيمانية ومتابعة إمدادها بها .
اختيار صاحبات لها من أهل الدين تعقد معهن أواصر الاخوة ، وتتبادل معهن الأحاديث الطيبة والزيارات الهادفة .
درء الشر عنها وسد منافذه عليها ، بإبعادها عن قرينات السوء وأماكن السوء .
الإيمانيات في البيت(2/4)
نصيحة " 3 " : اجعل البيت مكانا لذكر الله
قال صلى الله عليه وسلم : " مثل البيت الذي يذكر الله فيه ، والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت " .
فلابد من جعل البيت مكانا للذكر بأنواعه ؛ سواء ذكر القلب ، وذكر اللسان ، أو الصلوات وقراءة القرآن ، أو مذاكرة العلم الشرعي وقراءة كتبه المتنوعة .
وكم من بيوت المسلمين اليوم هي ميتة بعدم ذكر الله فيها ، كما جاء في الحديث ، بل ما هو حالها إذا كان ما يذكر فيها هو ألحان الشيطان من المزامير والغناء ، والغيبة والبهتان والنميمة ؟! …
وكيف حالها وهي مليئة بالمعاصي والمنكرات ، كالاختلاط المحرم والتبرج بين الأقارب من غير المحارم ، أو الجيران الذين يدخلون البيت ؟!
كيف تدخل الملائكة بيتا هذا حاله ؟! فأحيوا بيوتكم رحمكم الله بأنواع الذكر .
نصيحة " 4 " : اجعلوا بيوتكم قبلة
والمقصود اتخاذ البيت مكانا للعبادة .
قال الله – عز وجل - : " وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين " سورة يونس الآية 87
قال ابن عباس : أمروا أن يتخذوها مساجد .
قال ابن كثير : " وكان هذا - والله أعلم – لما اشتد بهم البلاء من قبل فرعون وقومه ، وضيقوا عليهم ، أمروا بكثرة الصلاة كما قال الله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة " سورة البقرة الآية 153 . وفي الحديث : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى " .
وهذا يبين أهمية العبادة في البيوت وخصوصا في أوقات الاستضعاف ، وكذلك ما يحصل في بعض الأوضاع عندما لا يستطيع المسلمون إظهار صلاتهم أمام الكفار . ونتذكر في هذا المقام أيضا محراب مريم وهو مكان عبادتها الذي قال الله فيه : " كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا " سورة آل عمران الآية 37(2/5)
وكان الصحابة – رضي الله عنهم – يحرصون على الصلاة في البيوت – في غير الفريضة – وهذه قصة معبرة في ذلك : عن محمود بن الربيع الأنصاري ، أن عتبان بن مالك – وهو من أصحاب الرسول صلى الله عليه و سلم ، وهو ممن شهدوا بدرا من الأنصار- أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ! قد أنكرت بصري وأنا اصلي لقومي ، فإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم لم أستطع أن آتي مسجدهم فأصلي بهم ، وددت يا رسول الله أنك تأتيني فتصلي في بيتي فأتخذه مصلى ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سأفعل – إن شاء الله - " . قال عتبان : فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبو بكر حين ارتفع النهار فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأذنت له ، فلم يجلس حتى دخل البيت ، ثم قال : " أين تحب أن أصلي في بيتك ؟ " قال : فأشرت له إلى ناحية من البيت ، فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم فكبر ، فقمنا فصففنا فصلى ركعتين ثم سلم . رواه البخاري الفتح 1/519
نصيحة " 5 " : التربية الإيمانية لأهل البيت
عن عائشة – رضي الله عنها - قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يصلي من الليل فإذا أوتر قال قومي فأوتري يا عائشة " . رواه مسلم ، مسلم بشرح النووي 6/23
وقال صلى الله عليه وسلم : " رحم الله رجلا قام من الليل فصلى فأيقظ امرأته فصلت ، فإن أبت نضح في وجهها الماء " . رواه أحمد وأبو داود ، صحيح الجامع 3488
وترغيب النساء في البيت بالصدقة مما يزيد الإيمان ، وهو أمر عظيم حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، بقوله : " يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار " . رواه البخاري ، الفتح 1/405(2/6)
ومن الأفكار المبتكرة وضع صندوق للتبرعات في البيت للفقراء والمساكين ، فيكون كل ما دخل فيه ملكا للمحتاجين ؛ لأنه وعاؤهم في بيت المسلم . وإذا رأى أهل البيت قدوة بينهم يصوم أيام البيض ، والاثنين والخميس ، وتاسوعاء ، وعاشوراء ، وعرفة ، وكثيرا من المحرم وشعبان ، فسيكون دافعا لهم على الاقتداء به .
نصيحة " 6 " : الاهتمام بالأذكار الشرعية والسنن المتعلقة بالبيوت
ومن أمثلة ذلك :
أذكار دخول المنزل
روى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا دخل الرجل بيته فذكر اسم الله تعالى حين يدخل وحين يطعم ، قال الشيطان : لا مبيت لكم ولا عشاء هاهنا ، وإن دخل فلم يذكر اسم الله عند دخوله قال : أدركتم المبيت ، وإن لم يذكر اسم الله عند مطعمه قال : أدركتم المبيت والعشاء " . رواه الإمام احمد ، المسند 346:3 ، و مسلم 1599:3
أذكار الخروج من المنزل
روى أبو داود في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " إذا خرج الرجل من بيته فقال : بسم الله ، توكلت على الله ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، فيقال له : حسبك قد هديت ، وكفيت ووقيت ، فيتنحى له الشيطان فيقول له شيطان آخر : كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي ؟ " . رواه أبو داود والترمذي ، وهو في صحيح الجامع رقم 499
السواك
روى الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة – رضي الله عنها – قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم ، إذا دخل بيته بدأ بالسواك " رواه مسلم كتاب الطهارة باب 15 رقم 44
نصيحة " 7 " : مواصلة قراءة سورة البقرة في البيت لطرد الشيطان منه
وفي هذا عدة أحاديث ومنها :
فال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تجعلوا بيوتكم قبورا ، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة " رواه مسلم 1/539(2/7)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اقروا سورة البقرة في بيوتكم ، فإن الشيطان لا يدخل بيتا يقرأ فيه سورة البقرة " . رواه الحاكم في المستدرك 1/561 و هو في صحيح الجامع 1170
وعن فضل الآيتين الأخيرتين منها ، وأثر تلاوتهما في البيت قال عليه الصلاة والسلام : " إن الله تعالى كتب كتابا قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام ، وهو عند العرش ، وأنه أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة ، ولا يقرأن في دار ثلاث ليال فيقربها الشيطان " رواه الإمام أحمد في المسند 4/274 و غيره و هو في صحيح الجامع 1799
العلم الشرعي في البيت
نصيحة " 8 " : تعليم أهل البيت
فريضة شرعية لابد أن يقوم بها رب الأسرة إنفاذا لأمره تعالى في الآية الكريمة : " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة " سورة التحريم ، الآية :6 وهذه الآية أصل في تعليم أهل البيت وتربيتهم ، وأمرهم بالمعروف ، ونهيهم عن المنكر ، وإليك أيها القارئ الكريم بعضا مما قاله المفسرون في هذه الآية ، بشأن ما يجب على رب الأسرة :
قال قتادة : يأمرهم بطاعة الله ، وينهاهم عن معصيته ، وأن يقوم عليهم بأمر الله يأمرهم به ، ويساعدهم عليه .
وقال الضحاك ومقاتل : حق على المسلم أن يعلم أهله من قرابته وإمائه ما فرض الله عليهم وما نهاهم عنه .
وقال علي – رضي الله عنه - : علموهم وأدبوهم .
و قال الكيا الطبري – رحمه الله - : فعلينا تعليم أولادنا وأهلينا الدين والخير ، وما لا يستغنى عنه من الأدب . وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حث على تعليم الإماء وهن أرقاء ؛ فما بالك بأولادك وأهلك الأحرار .
قال البخاري – رحمه الله تعالى – في صحيحه : باب تعليم الرجل أمته وأهله . ثم ساق حديثه صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لهم أجران .. ورجل كانت عنده أمة فأدبها فأحسن تأديبها ، وعلمها فأحسن تعليمها ، ثم أعتقها فتزوجها فله أجران "(2/8)
قال ابن حجر – رحمه الله – في شرح الحديث : مطابقة الحديث للترجمة – أي عنوان الباب – في الأمة بالنص ، وفي الأهل بالقياس ، إذ الاعتناء بالأهل الحرائر في تعليم فرائض الله وسنن رسوله آكد من الاعتناء بالإماء .
وفي غمرة مشاغل الرجل ووظيفته وارتباطاته قد يغفل عن تفريغ نفسه لتعليم أهله ، فمن الحلول لهذا أن يخصص يوما يجعله موعدا عاما لأهل البيت ، وحتى غيرهم من الأقرباء لعقد مجلس علم في البيت ، ويعلم الجميع بهذا الموعد ، فينضبط حضورهم فيه ، ويتشجعوا لإتيانه ، ويصبح ملزما أمامهم ، وعند نفسه بالحضور ، وإليك ما حصل منه صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن .
قال البخاري – رحمه الله - : باب هل يجعل للنساء يوم على حده في العلم ، وساق حديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم : " غلبنا عليك الرجال ، فاجعل لنا يوما من نفسك ، فوعدهن يوما لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن "
قال ابن حجر : ووقع في رواية سهل ابن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة بنحو هذه القصة فقال : " موعدكن بيت فلانة ، فأتاهن فحدثهن " . فتح الباري 1/195
ويؤخذ من الحديث تعليم النساء في البيوت ، وحرص نساء الصحابة على التعلم ، وأن توجيه الجهود إلى الرجال فقط دون النساء تقصير كبير من الدعاة وأرباب البيوت .
وقد يقول بعض القراء : هب أننا خصصنا يوما ، وأخبرنا أهلينا بذلك ، فما الذي يقدم في هذه الجلسات ؟ وكيف نبدأ ؟
وجواباً لذلك أعرض عليك أخي القارئ الكريم اقتراحا في هذا الشأن يكون منهجا مبسطا ، لتدريس أهل البيت عموما ، وللنساء خصوصا .
تفسير العلامة ابن سعدي المسمى : " تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " . ويقع في سبعة مجلدات مفصل بأسلوب ميسر ، تقرا أو تقدم منه سور ومقاطع .
رياض الصالحين مع تناول أحاديثه بشيء من التعليقات والعظات ، والفوائد المستنبطة منها ، ويمكن الرجوع في هذا إلى كتاب : نزهة المتقين .(2/9)
" حسن الأسوة بما ثبت عن الله ورسوله في النسوة " للعلامة صديق حسن خان .
كما أن من المهم أن تعلم المرأة بعض الأحكام الفقهية ، كأحكام الطهارة ، والدماء الطبيعية ، وأحكام الصلاة والزكاة ، والصيام والحج إذا استطاعته ، وبعض أحكام الأطعمة والأشربة ، واللباس والزينة ، وسنن الفطرة والمحارم ، وحكم الغناء والتصوير وغيرها ، ومن المصادر المهمة في هذا : فتاوى أهل العلم كمجموعة فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز ( رحمه الله ) ، والشيخ محمد بن صالح العثيمين ، و غيرهما من أهل العلم ، سواء المكتوب منها أو المسجل في الأشرطة .
ومما يتضمن جدول تعليم المرأة وأهل البيت تذكيرهم بالدروس والمحاضرات العامة التي يستطيعون حضورها للعلماء ، أو طلبة العلم الثقات ، لإيجاد عدة مصادر جيدة ومتنوعة للتعليم ، ولا ينسى في هذا المجال الاستماع إلى كثير من أنشطة إذاعة القرآن الكريم ، وتوجيه الاهتمام إليها ، ويدخل في إطار توفير وسائل التعليم أيضا : تذكير أهل البيت بالأيام المخصصة لحضور النساء في معارض الكتاب الإسلامي ، والذهاب بهن إليها بالشروط الشرعية .
نصيحة " 9 " : اصنع نواة لمكتبة إسلامية في بيتك
مما يساعد في تعليم أهل البيت ، وإتاحة المجال لتفقههم في الدين وإعانتهم على الالتزام بأحكام الشريعة ؛ عمل مكتبة إسلامية في البيت . ليس بالضرورة أن تكون كبيرة ، ولكن العبرة بانتقاء الكتب المهمة ، ووضعها في مكان يسهل تناولها وحث أهل البيت على قراءتها.
ركن في مجلس البيت الداخلي نظيف ومرتب ، ومكان مناسب لشيء من الكتب ، في غرفة نوم ، وفي مجلس الضيوف ، يتيح المجال للفرد في البيت كي يقرأ باستمرار .(2/10)
ومن إتقان المكتبة – والله يحب الإتقان – أن تحتوي على مراجع تصلح لبحث المسائل المختلفة ، وتنفع الأولاد في المدارس ، وأن تحتوي على كتب ذات مستويات مختلفة ، تصلح للكبار والصغار ، والرجال والنساء ، وكتب من أجل الإهداء للضيوف وأصدقاء الأولاد ، وزوار العائلة مع الحرص على الطبعات الجذابة المحققة والمخرجة الأحاديث ، ويمكن الاستفادة من معارض الكتاب لإنشاء مكتبة البيت بعد استشارة أهل الخبرة بالكتب . ومما يساعد في العثور على الكتاب ترتيب المكتبة حسب الموضوعات ، فكتب التفسير على رف ، والحديث على آخر .. والفقه على ثالث .. وهكذا ، ويقوم أحد أفراد العائلة بعمل فهرس ألف بائي وموضوعي ، لتسهيل البحث عن الكتب . وقد يتساءل كثير من الحريصين عن أسماء كتب إسلامية لمكتبة البيت .
وهاك أخي القارئ اقتراحات بهذا الشأن :
التفسير : تفسير ابن كثير ، تفسير ابن سعدي ، زبدة التفسير للأشقر ، بدائع التفسير لابن القيم ، أصول التفسير لابن عثيمين ، لمحات في علوم القرآن لمحمد الصباغ .
الحديث : صحيح الكلم الطيب ، عمل المسلم في اليوم والليلة " أو الصحيح المسند من أذكار اليوم والليلة " ، رياض الصالحين وشرحه نزهة المتقين ، مختصر صحيح البخاري للزبيدي ، مختصر صحيح مسلم للمنذري والألباني ، صحيح الجامع الصغير ، وضعيف الجامع الصغير ، صحيح الترغيب والترهيب ، السنة ومكانتها في التشريع ، قواعد وفوائد من الأربعين النووية لناظم سلطان .
العقيدة : فتح المجيد شرح كتاب التوحيد " تحقيق الأرناؤوط " ، أعلام السنة المنشورة للحكمي " محقق " ، شرح العقيدة الطحاوية تحقيق الألباني ، سلسلة العقيدة لعمر سليمان الأشقر "8" أجزاء ، أشراط الساعة د. يوسف الوابل .(2/11)
الفقه : منار السبيل لابن ضويان مع إرواء الغليل للألباني ، زاد المعاد ، المغني لابن قدامة ، فقه السنة ، الملخص الفقهي لصالح الفوزان ، مجموعة فتاوى العلماء " عبد العزيز بن باز ، محمد صالح العثيمين ، عبد الله بن جبرين " ، صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم للشيخ الألباني والشيخ عبد العزيز بن باز ، ومختصر أحكام الجنائز للألباني .
الأخلاق وتزكية النفوس : تهذيب مدارج السالكين ، الفوائد ، الجواب الكافي ، طريق الهجرتين وباب السعادتين ، الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب لابن القيم ، لطائف المعارف لابن رجب ، تهذيب موعظة المؤمنين ، غذاء الألباب .
السير والتراجم : البداية و النهاية لابن كثير ، مختصر الشمائل المحمدية للترمذي اختصار الألباني ، الرحيق المختوم للمباركفوري ، العواصم من القواصم لابن العربي تحقيق الخطيب والاستانبولي ، المجتمع المدني 1-2 للشيخ أكرم العمري ، سير أعلام النبلاء ، منهج كتابة التاريخ الإسلامي لمحمد بن صامل السلمي .(2/12)
كما أن هناك عدد من الكتب الجيدة في المجالات المختلفة ، فمنها : كتب الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، وكتب العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي ، وكتب الشيخ عمر بن سليمان الأشقر ، وكتب الشيخ محمد بن أحمد بن إسماعيل المقدم ، وكتب الأستاذ محمد محمد حسين ، وكتب الشيخ محمد جميل زينو ، وكتب الأستاذ حسين العوايشة في الرقائق ، و كتاب الإيمان لمحمد نعيم ياسين ، والولاء والبراء للشيخ محمد سعيد القحطاني ، والإنحرافات العقدية في القرنين الثاني عشر والثالث عشر لعلي بن بخيت الزهراني ، المسلمون وظاهرة الهزيمة النفسية لعبد الله الشبانة ، المرأة بين الفقه والقانون لمصطفى السباعي ، الأسرة المسلمة أمام الفيديو والتليفزيون لمروان كجك ، المرأة المسلمة إعداداتها ومسئولياتها لأحمد أبا بطين ، مسئولية الأب المسلم في تربية ولده لعدنان باحارث ، وحجاب المسلمة لأحمد البرازي ، وكتاب وجاء دور المجوس لعبد الله محمد الغريب ، وكتب الشيخ بكر أبو زيد ، وأبحاث الشيخ مشهور حسن سلمان .
وغير هذا كثير من النافع الطيب ، وما ذكرناه على سبيل المثال لا الحصر ، وهناك في عالم الكتيبات أشياء كثيرة نافعة ، سيطول بنا المقام إذا أردنا السرد ، فعلى المسلم الاستشارة والتمعن للانتقاء . ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين .
نصيحة " 10 " : المكتبات الصوتية في البيت
المسجل في كل بيت ممكن أن يعمل في الخير أو في الشر ، فكيف نؤثر في استخدامه ليكون مرضيا لله ؟
من الوسائل لتحقيق ذلك : عمل مكتبة صوتية في البيت تحوي طائفة من الأشرطة الإسلامية الجيدة ، للعلماء والقراء والمحاضرين ، والخطباء والوعّاظ .(2/13)
إن سماع أشرطة التلاوة الخاشعة من أصوات بعض أئمة صلاة التراويح مثلا ، له تأثير عظيم على الأهل في البيت ، من جهة تأثرهم بمعاني التنزيل ، أو حفظهم من جراء تكرار ما يسمعون ، وكذلك من جهة حمايتهم بالسماع القرآني عن السماع الشيطاني من الألحان والأغاني ، لأن الآذان والصدور لا يصلح أن يختلط فيها كلام الرحمن بمزمار الشيطان .
وكم لأشرطة الفتاوى من أثر في تفقيه أهل البيت بالأحكام المختلفة ، التي يتعرضون لها يوميا في حياتهم ، ومما يقترح في هذا الجانب سماع الفتاوى المسجلة للعلماء أمثال الشيخ عبد العزيز بن باز ، والشيخ محمد ناصر الدين الألباني ، والشيخ محمد العثيمين والشيخ صالح الفوزان ، وغيرهم من الثقات في العلم والدين .
ولابد أن يعتني المسلمون بالجهة التي يأخذون عنها الفتوى ، لأن هذا دين ، فانظروا عمن تأخذون دينكم ، فالأخذ عمن عُلم بصلاحه وتقواه ، وورعه واعتماده على الأحاديث الصحيحة ، وعدم تعصّبه المذهبي ، وسيره مع الدليل ، والتزامه بالمذهب الوسط فلا تشدد ولا تساهل ، هو الخبير الذي نسأله " الرحمن فاسأل به خبيرا " سورة الفرقان الآية : 59 .
والسماع للمحاضرين الذين يعملون على توعية الأمة ، وإقامة الحجة ، وإنكار المنكر ، أمر مهم في بناء شخصية الفرد في البيت المسلم .
والأشرطة كثيرة والمحاضرين كثر والمهم أن يعرف المسلم سمات المنهج الصحيح للمحاضر حتى يحرص على أشرطته ويطمئن لسماعها . ومن تلك السمات :
أن يكون على عقيدة الفرقة الناجية ، أهل السنة والجماعة ، ملتزما بالسنة مفارقا للبدعة ، وسطا في منهجه لا من الغالين ولا من المفرطين المتساهلين .
أن يعتمد الأحاديث الصحيحة ويحذر من الأحاديث الضعيفة والموضوعة .
أن يكون على بصيرة بحال الناس وواقع الأمّة ، يضع الدواء على موضع الداء ، ويقدّم للناس ما يحتاجون إليه .
أن يكون قوّالا للحق ما أمكنه ، لا يتكلم بالباطل ولا يرضي الناس بسخط الله(2/14)
وكم وجدنا في أشرطة الأطفال من تأثير كبير عليهم ، سواء في حفظهم لسور متعددة من قارئ صغير يتلو ، أو أذكار اليوم والليلة وآداب إسلامية ، وأناشيد هادفة ، ونحو ذلك .
إن وضع الأشرطة في أدراج بطريقة مرتبة تُسهّل الوصول إليها من ناحية ، وتحافظ على الأشرطة من التلف وعبث الأطفال من ناحية أخرى ، ولابد أن نسعى في نشر الشريط الجيد إهدائه أو إعارته للغير بعد سماعه . ووجود مسجل في المطبخ يفيد ربة البيت كثيرا ، وكذا في غرفة النوم يساعد على الاستفادة من الوقت لآخر لحظة .
نصيحة " 11 " : دعوة الصالحين والأخيار وطلبة العلم للزيارة في البيت
" رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا للمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تباراً " سورة نوح الآية : 28
إن دخول أهل الإيمان بيتك يزيده نورا ، ويحصل بسبب أحاديثهم وسؤالهم والنقاش معهم من الفائدة أمور كثيرة ، فحامل المسك إما أن يحذيك ، وإما أن تبتاع منه ، وإما أن تجد منه ريحا طيبة ، وجلوس الأولاد والإخوان والآباء وسماع النساء من وراء حجاب لما يُقال فيه تربية للجميع ، وإذا أدخلت خيّرا منعت سيّئا من الدخول والتخريب .
نصيحة " 12 " : تعلم الأحكام الشرعية للبيوت
ومن ذلك :
الصلاة في البيت :
أما الرجل فيقول صلى الله عليه و سلم في شأنه : " أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة " رواه البخاري ، الفتح رقم 731
فالواجب أن تصلي في المسجد إلا من عذر ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا : " تطوع الرجل في بيته يزيد على تطوعه عند الناس ، كفضل صلاة الرجل في جماعة على صلاته وحده " رواه ابن أبي شيبة ، صحيح الجامع 2953 . وأما المرأة كلما كان مكان صلاتها أعمق كان أفضل ، لقوله صلى الله عليه و سلم " خير صلاة النساء في قعر بيوتهن" رواه الطبراني، صحيح الجامع 3311 .(2/15)
أن لا يؤم غيره في بيته ، ولا يقعد في مكان صاحب البيت إلا بإذن : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا يُؤَمُّ الرجل في سلطانه ، ولا يجلس على تكرمته في بيته إلا بإذنه " رواه الترمذي رقم 2772 . أي لا يتقدم عليه بالإمامة ولو كان غيره أقرأ منه في مكان يملكه ، أو له فيه سلطة كصاحب البيت في بيته أو إمام المسجد ، وكذلك لا يجوز لأحد أن يجلس في الموضع الخاص بصاحب البيت من فراش أو سرير إلا بإذنه .
الاستئذان :
" يا أيها الذي آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون "27" فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم " سورة النور الآيتين 27،28
" وأتوا البيوت من أبوابها " سورة البقرة الآية : 189
جواز دخول البيوت التي ليس فيها أحد بغير استئذان إذا كان للداخل فيها متاع كالبيت المعد للضيف : " ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتاً غير مسكونة فيها متاع لكم والله يعلم ما تبدون وما تكتمون " سورة النور الآية 29
عدم التحرج في الأكل من بيوت الأقرباء والأصدقاء ، وما ملك المرء مفتاحه من بيوت الأقرباء والأصدقاء من بيوت الآخرين إذا كانوا لا يكرهون ذلك : " ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعاً أو أشتاتاً " سورة النور الآية 61(2/16)
أمر الأطفال والخدم بعدم اقتحام غرفة نوم الأبوين بغير استئذان في أوقات النوم المعتادة : قبل صلاة الفجر ، ووقت القيلولة ، وبعد صلاة العشاء ، خشية أن تقع أعينهم على ما لا يناسب ، ولو رأوا شيئاً عرضاً في غير هذه الأوقات فيغتفر ، لأنهم من الطوافين الذين يشق منعهم ، قال تعالى : " يا آيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم " سورة النور الآية 58 .
تحريم الاطلاع في بيوت الآخرين بغير إذنهم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من اطلع في بيت قوم بغير إذن ففقئوا عينه فلا دية له ولا قصاص " رواه أحمد ، المسند 2/385 وهو في صحيح الجامع 6046
عدم خروج ولا إخراج المطلقة الرجعية من بيتها طيلة وقت العدة مع الإنفاق عليها : قال تعالى : " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا " سورة الطلاق الآية 1 .
جواز هجر الرجل لامرأته الناشز في البيت أو في خارج البيت حسب المصلحة الشرعية : فأما هجرها في البيت فدليله قول الله تعالى : " واهجروهن في المضاجع " سورة النساء الآية 34 ، وأما هجرها خارج البيت فكما وقع لرسول الله صلى الله عليه وسلم حينما هجر نسائه في حُجرهن ، وأعتزل في مشربة خارج بيوت نسائه رواه البخاري ، كتاب الطلاق باب في الإيلاء .(2/17)
ولا يبيت وحيداً في البيت : عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوحدة ، أن يبيت الرجل وحده أو أن يسافر وحده رواه أحمد في المسند 2/91 وهذا النهي لما في الوحدة من الوحشة ونحوها ، كهجوم عدو أو لص أو مرض ، فوجود الرفيق معه يدفع عنه طمع العدو واللص ويسعفه عند المرض انظر الفتح الرباني 5/64 .
لا ينام على ظهر بيت ليس له سور حتى لا يسقط : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من بات على ظهر بيت ليس له حجار ، فقد برئت منه الذمة " رواه أبو دود ، السنن رقم 5041 ، وهو في صحيح الجامع 6113 وشرحه في عون المعبود 13/384 وذلك أن النائم قد يتقلب في نومه فإذا كان على سطح ليس له حجار أو حجاب يحجب الإنسان عن الوقوع ويمنعه من التردي والسقوط ، فقد يسقط فيموت ، فعند ذلك لا يؤاخذ أحد بموته فتبرأ منه الذمة ، أو أنه قد تسبب بإهماله في عدم كلاءة الله له وحفظه إياه ، لأنه لم يأخذ بالأسباب .
قطط البيوت لا تنجس الإناء إذا شربت منه ولا الطعام إذا أكلت منه : عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أنه وُضع له وضوءه فولغ فيه السنور " الهر " ، فأخذ يتوضأ ، فقالوا : يا أبا قتادة ! قد ولغ فيه السنور ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " السنور من أهل البيت ، وأنه من الطوافين ، والطوافات عليكم " رواه أحمد في المسند 5/309 وهو في صحيح الجامع 3694 ، وفي رواية : " إنها ليست بنجس إنها من الطوافين والطوافات عليكم " رواه أحمد في المسند 5/309 وهو في صحيح الجامع 2437
الاجتماعات في البيوت(2/18)
نصيحة 13 : إتاحة الفرصة لاجتماعات تناقش أمور العائلة : " وأمرهم شورى بينهم " سورة الشورى الآية 38 . عندما تتاح الفرصة لأفراد العائلة بالجلوس سوياً في وضع مناسب لمناقشة أمور داخلية أو خارجية تتعلق بالعائلة ، فإن ذلك يعد علامة على تماسك الأسرة وتفاعلها وتعاونها ، ولا شك أن الرجل الذي ولاه الله أمور رعيته في بيته هو المسئول الأول ، وصاحب القرار ولكن إتاحة المجال للآخرين - وخصوصاً عندما يكبر الأولاد - يكون فيه تربية لهم على تحمل المسئولية بالإضافة إلى ارتياح الجميع لإحساسهم بأن آراءهم ذات قيمة عندما يُسألون إبداءها ، ومن الأمثلة على ذلك مناقشة الأمور التي تتعلق بالحج أو عمرة رمضان وغير ذلك من الإجازات ، والسفر لصلة رحم ، أو ترويح مباح ، وتنظيم الأعراس ووليمة الزفاف ، أو عقيقة المولود ، أو الانتقال من بيت لآخر ، ومشروعات خيرية ، كإحصاء فقراء الحي ، وتقديم المساعدات ، أو إرسال الطعام لهم ، وكذلك مناقشة أوضاع العائلة ومشكلات الأقارب وكيفية الإسهام في حلها وهكذا .. ، تجدر الإشارة هنا إلى نوع آخر مهم من أنواع الاجتماعات ، وهو جلسات المصارحة بين الأبوين وأولادهما ، فإن بعض المشكلات التي تعرض لبعض البالغين لا يمكن حلها إلا بجلسات انفرادية ، يخلو الأب بابنه يناجيه في مسائل تتعلق بمشكلات الشباب ، وسن المراهقة ، وأحكام البلوغ ، وكذلك تخلو الأم بابنتها لتلقنها ما تحتاج إليه من الأحكام الشرعية ، وتساعدها في حل المشكلات التي تعرض في مثل هذه السن ، واستهلال الأب والأم الكلام بمثل عبارة " عندما كنت في مثل سنك .. " له أثر كبير في التقبل ، وانعدام مثل هذه المصارحات هو الذي يقود هؤلاء لمفاتحة قرناء السوء وقرينات السوء ، فينتج عن ذلك شر عظيم .
نصيحة 14 : عدم إظهار الخلافات العائلية أمام الأولاد :(2/19)
يندر أن يعيش جماعة في بيت دون نوع من الخصومات ، والصلح خير والرجوع إلى الحق فضيلة . ولكن مما يزعزع تماسك البيت ، ويضر بسلامة البناء الداخلي هو ظهور الصراعات أمام أهل البيت ، فينقسمون إلى معسكرين أو أكثر ، ويتشتت الشمل ، بالإضافة إلى الأضرار النفسية على الأولاد وعلى الصغار بالذات ، فتأمل حال بيت يقول الأب فيه للولد : لا تكلم أمك ، وتقول الأم له : لا تكلم أباك ، والولد في دوامة وتمزق نفسي ، والجميع يعيشون في نكد . فلنحرص على عدم وقوع الخلافات ، ولنحاول إخفاءها إذا حصلت ، ونسأل الله أن يؤلف بين القلوب .(2/20)
نصيحة 15 : عدم إدخال من لا يُرضى دينه إلى البيت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ومثل جليس السوء كمثل صاحب الكير " قطعة من رواية أبي داود " 4829 " . وفي رواية البخاري : " وكير الحداد يُحرق بيتك أو ثوبك أو تجد منه ريحاً خبيثة " رواه البخاري الفتح 4/323 . أي والله يحرق بيتك بأنواع الفساد والإفساد ، كم كان دخول المفسدين والمشبوهين سبباً لعداوات بين أهل البيت ، وتفريق بين الرجل وزوجته ، ولعن الله من خبّب امرأة على زوجها ، أو زوجاً على امرأته ، وسبب عداوة بين الأب وأولاده ، وما أسباب وضع السحر في البيوت أو حدوث السرقات أحياناً وفساد الخلق كثيراً إلا بعد إدخال من لا يُرضى دينه ، فيجب عدم الإذن بدخوله ، ولو كان من الجيران ، رجالاً ونساءً ، أو من المتظاهرين بالمصادقة رجالاً ونساءً ، وبعض الناس يسكتون تحت وطأة الإحراج ، فإذا رآه على الباب أذن له ، وهو يعلم أنه من المفسدين . وتتحمل المرأة في البيت جزءاً عظيماً من هذه المسئولية ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أيها الناس أي يوم أحرم ؟ أي يوم أحرم ؟ أي يوم أحرم ؟ ؟ " قالوا : يوم الحج الأكبر ، ثم قال عليه الصلاة والسلام ، في ثنايا خطبته الجامعة في ذلك اليوم : " فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون " رواه الترمذي 1163 وغيره عن عمرو بن الأحوص وهو في صحيح الجامع 7880 . فلا تجدي في نفسك أيتها المرأة المسلمة إذا منع زوجك أو أبوك دخول إحدى الجارات إلى البيت ، لما يرى من أثرها في الإفساد ، وكوني لبيبة حازمة إذا عقدت لك مقارنات بين زوجها وزوجك ، تنتهي بدفعك لمطالبة زوجك بأمور لا يطيقها . والنصح عليك واجب لزوجك إذا لاحظت أن من ندمائه في بيته أناساً يزينون له المنكر .(2/21)
هدية : حاول أن تكون موجوداً في البيت كلما استطعت ، فوجود ولي الأمر في بيته يضبط الأمور ، ويمكنه من الإشراف على التربية وإصلاح الأحوال بالمراقبة والمتابعة ، وعند بعض الناس أن الأصل هو الخروج من البيت ، فإذا لم يجد مكاناً يذهب إليه رجع إلى البيت ، وهذا مبدأ خاطئ ، فإذا كان خروج المرء من بيته لأجل طاعات ، فعليه الموازنة ، وإذا كان خروجه للمعاصي وضياع الأوقات أو الانشغال الزائد بالدنيا ، فعليه أن يخفف من المشاغل والتجارات ، ويحسم اللقاءات الفارغة . بئس القوم يضيعون أهليهم ، ويسهرون في الملاهي .. ، ونحن لا نريد الانسياق وراء مخططات أعداء الله ، وهذه فقرة فيها عبرة : جاء في نشرة المشرق الأعظم الماسوني الفرنسي المنعقدة عام 1923م ما يلي : " وبغية التفريق بين الفرد وأسرته ، عليكم أن تنتزعوا الأخلاق من أسسها ، لأن النفوس تميل إلى قطع روابط الأسرة والاقتراب من الأمور المحرمة ، لأنها تفضل الثرثرة في المقاهي على القيام بتبعات الأسرة " .
نصيحة 16 : الدقة في ملاحظة أحوال أهل البيت
من هم أصدقاء أولادك ؟
هل سبق أن قابلتهم أو تعرفت عليهم ؟
ماذا يجلب أولادك معهم من خارج البيت ؟
إلى أين تذهب ابنتك ومع من ؟
بعض الآباء لا يدري أن في حوزة أولاده صوراً سيئة ، وأفلاماً خالعة ، وربما مخدرات ، وبعضهم لا يدري أن ابنته تذهب مع الخادمة إلى السوق ، وتطلب منها أن تنتظر مع السائق ثم تذهب لموعدها مع أحد الشياطين ، والأخرى تذهب لتشرب الدخان عند قرينة سوء تعبث معها ، وهؤلاء الذين يفلتون أولادهم لن يفلتوا من مشهد يوم عظيم ، ولن يستطيعوا الهرب من أهوال يوم الدين : " إن الله سائل كل راع عما استرعاه ، أحفظ ذلك أم ضيعه حتى يسأل الرجل عن أهل بيته " حسن رواه النسائي 292 ، وابن حبان عن أنس وهو في صحيح الجامع 1775 ، السلسة الصحيحة 1636 .
وهنا نقاط مهمة :
يجب أن تكون المراقبة خفية .
لا لأجواء الإرهاب .(2/22)
يجب أن لا يحس الأولاد بفقدان الثقة .
ينبغي أن يراعى في النصح أو العقاب أعمار الأولاد ومداركهم ودرجة الخطأ .
حذار من التدقيق السلبي وإحصاء الأنفاس . روى لي شخص أن أحد الآباء عنده كمبيوتر يخزن فيه أخطاء أولاده بالتفصيل ، فإذا حصل خطأ أرسل إليه استدعاء وفتح الخانة الخاصة بالولد في الجهاز ، وسرد عليه أخطاء الماضي مع الحاضر .
التعليق : لسنا في شركة ، وليس الأب هو الملك الموكل بكتابة السيئات ، وليقرأ هذا الأب المزيد في أصول التربية الإسلامية .
وأعرف في المقابل أناساً يرفضون التدخل في شئون أولادهم بتاتاً بحجة أن الولد لن يقتنع بأن الخطأ خطأ والذنب ذنب إلا بأن يقع فيه ، ثم يكتشف خطأه بنفسه ، وهذا الاعتقاد المنحرف ناتج عن رضاع من لبن الفلسفة الغربية ، وفطام على مبدأ إطلاق الحريات المذموم فتعست المرضعة ، وبئست الفاطمة ، ومنهم من يفلت الزمام لولده خشية أن يكرهه بزعمه ، ويقول : أكسب حبه مهما فعل ، وبعضهم يطلق العنان لولده كردة فعل عما حصل له مع أبيه في السابق من نوع شدة خاطئة ، فيظن أنه يجب أن يعمل العكس تماماً مع ولده ، وبعضهم يبلغ به السفول لدرجة أن يقول : دع الابن والبنت يتمتعان بشبابهما كما يريدان ، فهل يفكر مثل هؤلاء بأن أبناءهم قد يأخذون بتلابيبهم يوم القيامة فيقول الولد : لِمَ تركتني يا أبي على المعصية ؟!
نصيحة 17 الاهتمام بالأطفال في البيت
ولهذا جوانب عديدة منها :
تحفيظ القرآن والقصص الإسلامية : لا أجمل من جمع الأب أولاده ليقرئهم القرآن مع شرح مبسط ، ويقدم المكافآت لحفظه ، وقد حفظ صغار سورة الكهف من تكرار تلاوة الأب لها كل جمعة ، وتعليم الولد من أصول العقيدة الإسلامية كمثل التي وردت في حديث : " احفظ الله يحفظك " ، وتعليمه الآداب والأذكار الشرعية ، كأذكار الأكل والنوم ، والعطاس والسلام ، والاستئذان ، ولا أشد تنبيهاً وأقوى تأثيراً في الطفل من سرد القصص الإسلامية على مسامعه .(2/23)
ومن هذه القصص : قصة نوح عليه السلام ، والطوفان ، وقصة إبراهيم عليه السلام ، في تكسير الأصنام وإلقائه في النار ، وقصة موسى عليه السلام في نجاته من فرعون وإغراقه ، وقصة يونس عليه السلام في بطن الحوت ، ومختصر قصة يوسف عليه السلام ، وسيرة محمد صلى الله عليه وسلم مثل البعثة والهجرة ، وشيء من الغزوات كبدر والخندق ، وغيرها كقصته صلى الله عليه وسلم مع الرجل والجمل الذي كان يُجيعه ويُجهده ، وقصص الصالحين ، كقصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع المرأة وأولادها الجياع في الخيمة ، وقصة أصحاب الأخدود ، وقصة أصحاب الجنة في سورة "ن" ، والثلاثة أصحاب الغار ، وغيرها كثير طيب ، يلخص ويبسط مع تعليقات ووقفات خفيفة ، يغنينا عن كثير من القصص المخالفة للعقيدة والخرافية أو المخيفة التي تفسد واقعية الطفل ، وتورث فيه الجبن والخوف .
حذار من خروج الأولاد مع من هب ودب : فيرجعون إلى البيت بالألفاظ والأخلاق السيئة ، بل يُنتقى ويُدعى من أولاد الأقرباء والجيران من يلعب معهم في المنزل .
الاهتمام بلعب الأولاد المسلية والهادفة : وعمل غرفة ألعاب أو خزانة خاصة ، يرتب فيها الأولاد ألعابهم ، وتجنب الألعاب المخالفة للشريعة : كالأدوات الموسيقية وما فيه صلبان أو نرد .
ومن الجيد توفير ركن هوايات للفتيان كالنجارة والإلكترونيات ، والميكانيكا ، وبعض ألعاب الكمبيوتر المباحة ، وبهذه المناسبة ننبه إلى خطورة بعض أشرطة الكمبيوتر المصممة لتعرض صور النساء في غاية السوء على شاشة الجهاز ، أو ألعاب فيها صلبان ، حتى ذكر أحدهم أن إحدى الألعاب هي لعبة قمار مع الكمبيوتر ، وينتقي اللاعب صورة فتاة من أربع فتيات يظهرن على الشاشة تمثل الطرف الآخر ، فإذا فاز في اللعبة خرجت له صورة الفتاة في أسوأ منظر جائزة الفوز .
التفريق بين الذكور والإناث في المضاجع : وهذا من الفروق في ترتيب بيوت أهل الدين وغيرهم ممن لا يهتمون بهذا .(2/24)
الممازحة والملاطفة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يداعب الأطفال يمسح رؤوسهم ، ويتلطف في مناداتهم ، ويعطي أصغرهم أول الثمرة ، وربما ارتحله بعضهم . وفيما يلي مثالان على مداعبته صلى الله عليه وسلم للحسن والحسين ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدلع لسانه لحسن بن علي ، فيرى الصبي حُمرة لسانه فيبهش له " أي أعجبه وجذبه فأسرع إليه . رواه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه ، انظر السلسلة الصحيحة رقم 70 . وعن يعلى بن مرة أنه قال : خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ودعينا إلى طعام ، فإذا حسين يلعب في الطريق ، فأسرع النبي صلى الله عليه وسلم أمام القوم ثم بسط يديه فجعل الغلام يفر هاهنا وهاهنا ، ويضاحكه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أخذه فجعل إحدى يديه تحت ذقنه ، والأخرى في فأس رأسه فقبله . رواه البخاري في الأدب المفرد رقم 364 وهو في صحيح ابن ماجه 1/29 .
نصيحة 18 الحزم في تنظيم أوقات النوم والوجبات :
بعض البيوت حالها كالفنادق لا يكاد قاطنوها يعرف بعضهم بعضاً ، وقلما يلتقون .
بعض الأولاد يأكل متى شاء وينام متى شاء ، ويتسبب في السهر ومضيعة الوقت ، وإدخال الطعام على الطعام ، وهذه الفوضوية تتسبب في تفكك الروابط ، واستهلاك الجهود والأوقات ، وتنمي عدم الانضباط في النفوس ، قد تعذر أصحاب الأعذار ، فالطلاب يتفاوتون في مواعيد الخروج من المدارس والجامعات ، ذكوراً وإناثاً ، والموظفون والعمال وأصحاب المحلات ليسوا سواء ، ولكن ليست هذه الحالة عند الجميع ، ولا أحلى من اجتماع العائلة الواحدة على الطعام ، واستغلال الفرصة لمعرفة الأحوال والنقاشات المفيدة ، وعلى رب الأسرة الحزم في ضبط مواعيد الرجوع إلى المنزل ، والاستئذان عند الخروج ، خصوصاً للصغار - صغار السن أو صغار العقل - الذين يُخشى عليهم .
نصيحة 19 : تقويم عمل المرأة خارج البيت(2/25)
شرائع الإسلام يكمل بعضها بعضاً ، وعندما أمر الله النساء بقوله : " وقرن في بيوتكن " الأحزاب /33 ، جعل لهن من ينفق عليهن وجوباً كالأب والزوج .
والأصل أن المرأة لا تعمل خارج البيت إلا لحاجة ، كما رأى موسى عليه السلام ، بنتي الرجل الصالح على الماء تذودان غنمهما تنتظران ، فسألهما : " ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يُصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير " القصص الآية 23 ، فاعتذرتا حالاً عن خروجهما لسقي الغنم ، لأن الولي لا يستطيع العمل لكبر سنه ، لذا صار الحرص على التخلص من العمل خارج البيت حالما تسنح الفرصة " قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين " القصص الآية 26 .
فبينت هذه المرأة بعبارتها رغبتها في الرجوع إلى بيتها لحماية نفسها ، من التبذل والذي قد تتعرض له بالعمل خارج البيت .
وعندما احتاج الكفار في العصر الحديث لعمل النساء بعد الحربين العالميتين ، لتعويض النقص الحاصل في الرجال ، وصار الوضع حرجاً من أجل إعادة إعمار ما خربته الحرب ، وواكب ذلك المخطط اليهودي في تحرير المرأة ، والمناداة بحقوقها بقصد إفساد المرأة ، وبالتالي إفساد المجتمع تسربت مسألة خروج المرأة للعمل .
وعلى الرغم من أن الدوافع عندنا ليست كما هي عندهم ، والفرد المسلم يحمي حريمه وينفق عليهن ، إلا أن حركة تحرير المرأة نشطت ، ووصل الأمر إلى المطالبة بابتعاثها إلى الخارج ، ومن ثم المطالبة بعملها حتى لا تذهب هذه الشهادات هدراً وهكذا ، وإلا فالمجتمعات الإسلامية ليست بحاجة لهذا الأمر على هذا النطاق الواسع الحاصل ، ومن الأدلة على ذلك وجود رجال بغير وظائف مع استمرار فتح مجالات العمل للنساء .(2/26)
وعندما نقول : " على هذا النطاق الواسع " ، فإننا نعني ذلك لأن الحاجة إلى عمل المرأة في بعض القطاعات كالتعليم والتمريض والتطبيب بالشروط الشرعية حاجة قائمة ، وإنما قدمنا تلك المقدمة لأننا لاحظنا أن بعض النساء يخرجن للعمل دون حاجة ، وأحياناً براتب زهيد جداً ، لأنها تحس أنها لا بد أن تخرج لتعمل حتى ولو كانت غير محتاجة ، ولو في مكان غير لائق بها ، فوقعت فتن عظيمة .
ومن الفروق الرئيسية بين المنهج الإسلامي لقضية عمل المرأة ، والنهج العلماني أن التصور الإسلامي للقضية يعتبر أن الأصل هو " وقرن في بيوتكن " والخروج للحاجة " أُذن لكن أن تخرجن في حوائجكن " والنهج العلماني يقوم على أن الخروج هو الأصل في جميع الحالات .
ولأجل العدل في القول نقول : إن عمل المرأة قد يكون حاجة فعلاً ، كأن تكون المرأة هي المعيل للأسرة بعد زوج ميت ، أو أب عاجز ، ونحو ذلك ، بل إنه في بعض البلدان نتيجة لعدم قيام المجتمع على أسس إسلامية تضطر الزوجة إلى العمل لتغطي مصروف البيت مع زوجها ، ولا يخطب الرجل إلا موظفة ، بل اشترط بعضهم على زوجته في العقد أن تعمل !!
والخلاصة : فقد يكون عمل المرأة للحاجة أو لأجل هدف إسلامي ، كالدعوة إلى الله في مجال التعليم ، أو تسلية كما يقع لبعض من ليس لها أولاد .
وأما سلبيات عمل المرأة خارج البيت فمنها :
ما يقع كثيراً من أنواع المنكرات الشرعية ، كالاختلاط بالرجال ، والتعرف بهم والخلوة المحرمة ، والتعطر لهم ، وإبداء الزينة للأجانب ، وقد تكون النهاية هي الفاحشة .
عدم إعطاء الزوج حقه ، وإهمال أمر البيت ، والتقصير في حق الأولاد " وهذا موضوعنا الأصلي " .(2/27)
نقصان المعنى الحقيقي للشعور بقوامة الرجل في نفوس بعض النساء فلنتصور امرأة تحمل شهادة مثل شهادة زوجها ، أو أعلى " وهذا ليس عيباً في ذاته " ، وتعمل براتب قد يفوق راتب زوجها ، فهل ستشعر هذه المرأة بشكل كاف بحاجتها إلى زوجها وتتكامل لديها طاعة الزوج ، أم أن الإحساس بالاستغناء قد يسبب مشكلات تزلزل كيان البيت من أساسه ، إلا من أراد الله بها خيراً ، وهذه مشكلات النفقة على الزوجة الموظفة والإنفاق على البيت لا تنتهي .
الإرهاق الجسدي والضغط النفسي والعصبي الذي لا يناسب طبيعة المرأة .
وبعد هذه العرض السريع لمصالح ومفاسد عمل المرأة نقول : لا بد من تقوى الله ، ووزن المسألة بميزان الشريعة ، ومعرفة الحالات التي يجوز فيها للمرأة أن تخرج للعمل ، من التي لا تجوز ، وأن لا تعمينا المكاسب الدنيوية عن سلوك سبيل الحق ، والوصية للمرأة لأجل مصلحتها ، ومصلحة البيت ، وعلى الزوج ترك الإجراءات الانتقامية وألا يأكل مال زوجته بغير حق .
نصيحة 20 : حفظ أسرار البيوت :
وهذا يشمل أموراً منها :
عدم نشر أسرار الاستمتاع .
عدم تسريب الخلافات الزوجية .
عدم البوح بأي خصوصية يكون إظهارها ضرر بالبيت أو أحد أفراده .
فأما المسألة الأولى فدليل تحريمها : قوله صلى الله عليه وسلم : " إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها " رواه مسلم 4/157 . ومعنى يفضي : أي يصل إليها بالمباشرة والمجامعة كما في قوله تعالى : " وقد أفضى بعضكم إلى بعض " سورة النساء الآية 21 .(2/28)
ومن أدلة التحريم أيضاً حديث أسماء بنت يزيد أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والرجال والنساء قعود فقال : " لعل رجلاً يقول ما يفعله بأهله ، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها " فأرم القوم " أي سكتوا " فقلت : إي والله يا رسول الله ، إنهن ليفعلن ! وإنهم ليفعلون !! قال : " فلا تفعلوا فإنما ذلك مثل الشيطان لقي شيطانة في طريق فغشيها والناس ينظرون " رواه الإمام أحمد 6/457 وهو مخرج في آداب الزفاف للألباني ص 144 . وفي رواية لأبي داود : " هل منكم الرجل إذا أتى أهله فأغلق عليه بابه ، وألقى عليه ستره ، واستتر بستر الله ؟ قالوا : نعم ، قال : ثم يجلس بعد ذلك فيقول فعلت كذا ، فعلت كذا ، فسكتوا ، ثم أقبل على النساء ، فقال : هل منكن من تحدث ؟ فسكتن ، فجثت فتاة كعاب على إحدى ركبتها ، وتطاولت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليراها ويسمع كلامها ، فقالت : يا رسول الله إنهم ليحدثون ، وإنهن ليحدثن ، فقال : هل تدرون ما مثل ذلك ؟ إنما مثل ذلك مثل شيطانة لقيت شيطاناً في السكة ، فقضى حاجته والناس ينظرون إليه " سنن أبى داود 2/627 وهو في صحيح الجامع 7037 .
وأما الأمر الثاني ، وهو تسريب الخلافات الزوجية خارج محيط البيت ، فإنه في كثير من الأحيان يزيد المشكلة تعقيداً ، وتدخل الأطراف الخارجية في الخلافات الزوجية يؤدي إلى مزيد من الجفاء في الغالب ، ويُصبح الحل بالمراسلة بين اثنين هما أقرب الناس لبعضهما ، فلا يلجأ إليه إلا عند تعذر الإصلاح المباشر المشترك وعند ذلك نفعل كما أمر الله : "فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما " سورة النساء الآية 35.(2/29)
والأمر الثالث : وهو الإضرار بالبيت أو أحد أفراده - بنشر خصوصياته - وهذا لا يجوز لأنه داخل في قوله صلى الله عليه وسلم : " لا ضرر ولا ضرار " رواه الإمام أحمد 1/313 وهو في السلسلة الصحيحة رقم 250 . ومن أمثلة ذلك ما ورد في تفسير قوله تعالى : "ضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأت نوح وامرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما " التحريم الآية10 ، فقد نقل ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية ما يلي : " فكانت امرأة نوح تطلع على سر نوح ، فإذا آمن مع نوح أحد أخبرت الجبابرة من قوم نوح به ، وأما امرأة لوط فكانت إذا أضاف لوط أحداً أخبرت أهل المدينة ممن يعمل السوء " تفسير ابن كثير 8/198 . أي ليأتوا فيعملوا بهم الفاحشة .
الأخلاق في البيت
نصيحة 21 : إشاعة خلق الرفق في البيت : عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أراد الله - عز وجل - بأهل بيت خيراً أدخل عليهم الرفق " رواه الإمام أحمد في المسند 6/71 وهو في صحيح الجامع 303 وفي رواية أخرى : " إن الله إذا أحب أهل بيت أدخل عليهم الرفق " رواه ابن أبى الدنيا وغيره وهو في صحيح الجامع رقم 1704 . أي صار بعضهم يرفق ببعض ، وهذا من أسباب السعادة في البيت ، فالرفق نافع جداً بين الزوجين ، ومع الأولاد ، ويأتي بنتائج لا يأتي بها العنف كما قال صلى الله عليه وسلم : " إن الله يحب الرفق ، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ، وما لا يعطي على سواه " رواه مسلم ، كتاب البر والصلة والآداب رقم 2593 .
نصيحة 22 : معاونة أهل البيت في عمل البيت
كثير من الرجال يأنفون من العمل البيتي ، وبعضهم يعتقد أن مما ينقص من قدره ومنزلته أن يخوض مع أهل البيت في مهنتهم .
فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان " يخيط ثوبه ، ويخصف نعله ، ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم " رواه الإمام أحمد في المسند 6/121 وهو في صحيح الجامع 4927 .(2/30)
قالت ذلك زوجته عائشة رضي الله عنها لما سُئلت ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته فأجابت بما شاهدته بنفسها وفي رواية : كان بشراً من البشر يفلي " يُنقي " ثوبه ، ويحلب شاته ويخدم نفسه . رواه الإمام أحمد في المسند 6/256 وهو في السلسلة الصحيحة 671 . وسُئلت رضي الله عنها أيضاً ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته ، قالت : كان يكون في مهنة أهله - تعني خدمة أهله - فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة . رواه البخاري ، الفتح 2/162
فإذا فعلنا ذلك نحن اليوم نكون قد حققنا عدة مصالح :
اقتدينا برسول الله صلى الله عليه وسلم .
ساعدنا أهلينا .
شعرنا بالتواضع وعدم الكبر .
وبعض الرجال يطالب زوجته بالطعام فوراً ، والقدر فوق النار ، والولد يصرخ يريد الرضاع ، فلا هو يمسك الولد ، ولا هو ينتظر الطعام قليلاً ، فلتكن هذه الأحاديث تذكرة وعبرة .
نصيحة 23 : الملاطفة والممازحة لأهل البيت
ملاطفة الزوجة والأولاد من الأسباب المؤدية إلى إشاعة أجواء السعادة والألفة في البيت ، ولذلك نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم جابراً أن يتزوج بكراً ، وحثه بقوله : " فهلا بكراً تُلاعبها وتُلاعبك وتضاحكها وتضاحكك " الحديث في عدة مواضع في الصحيحين ومنها البخاري مع الفتح 9/121 وقال صلى الله عليه وسلم : " كل شيء ليس فيه ذكر الله فهو لهو ولعب إلا أربع ، ملاعبة الرجل امرأته .. " رواه النسائي في عشرة النساء ص 87 وهو في صحيح الجامع . وكان صلى الله عليه وسلم يلاطف زوجته عائشة وهو يغتسل معها ، كما قالت رضي الله عنها : " كنت أغتسل أنا ورسول الله من إناء بيني وبينه واحد ، فيبادرني حتى أقول : دع لي دع لي ، قالت : وهما جنبان " مسلم بشرح النووي 4/6 .(2/31)
وأما ملاطفته صلى الله عليه وسلم للصبيان فأشهر أن تذكر ، وكان كثيراً ما يلاطف الحسن والحسين كما تقدم ، ولعل هذا من الأسباب التي تجعل الصبيان يفرحون بمقدمه صلى الله عليه وسلم من السفر فيُهرعون لاستقباله كما جاء في الحديث الصحيح : " كان إذا قدم من سفر تُلقي بصبيان أهل بيته " صحيح مسلم 4/1885-2772 وانظر الشرح في تحفة الأحوذي 8/56 وكان صلى الله عليه وسلم يضمهم إليه كما قال عبد الله بن جعفر : " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر تُلقي بنا ، فتُلقي بي وبالحسن أو بالحسين ، قال : فحمل أحدنا بين يديه والآخر خلفه حتى دخلنا المدينة " صحيح مسلم 4/1885-2772 ، وانظر الشرح في تحفة الأحوذي 8/56 .
قارن بين هذا وبين حال بعض البيوت الكئيبة لا فيها مزاح بالحق ، وملاطفة ولا رحمة . ومن ظن أن تقبيل الأولاد يتنافى مع هيبة الأب فليقرأ هذا الحديث ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قبّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالساً ، فقال الأقرع : إن لي عشرة من الولد ما قبّلت منهم أحداً ، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : " من لا يرحم لا يُرحم " .
نصيحة 24 : مقاومة الأخلاق الرديئة في البيت :
لا يخلو فرد من الأفراد في البيت من خلق غير سوي كالكذب أو الغيبة والنميمة ونحوها ، ولابد من مقاومة هذه الأخلاق الرديئة .
وبعض الناس يظن أن العقوبة البدينة هي العلاج الوحيد في مثل هذه الحالات ، وفيما يلي حديث صحيح تربوي في هذا الموضوع ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اطّلع على أحد من أهل بيته كذب كذبة لم يزل معرضاً عنه حتى يحدث توبة " انظر مسند الإمام أحمد 6/152 ونص الحديث في صحيح الجامع رقم 4675 .(2/32)
ويتبين من الحديث أن الأعراض والهجر بترك الكلام والالتفات من العقوبات البليغة في مثل هذا الحال ، وربما كان أبلغ أثراً من العقاب البدني ، فليتأمله المربون في البيوت .
نصيحة 25 : ( علقوا السوط حيث يراه أهل البيت ) أخرجه أبو نعيم في الحلية 7/332 وهو في السلسلة الصحيحة برقم 1446 .
التلويح بالعقوبة من وسائل التأديب الراقية ، ولذلك جاء بيان السبب من تعليق السوط أو العصا في البيت ، وفي رواية أخرى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " علقوا السوط حيث يراه أهل البيت ، فإنه آدب لهم " أخرجه الطبراني 10/344-345 وهو في السلسلة الصحيحة برقم 1447 .
ورؤية أداة العقاب معلقة يجعل أصحاب النوايا السيئة يرتدعون عن ملابسة الرذائل خوفاً أن ينالهم منه نائل ، ويكون باعثاً لهم على التأدب والتخلق بالأخلاق الفاضلة ، قال ابن الأنباري : " لم يرد به الضرب به لأنه لم يأمر بذلك أحداً ، وإنما أراد لا ترفع أدبك عنهم". انظر فيض القدير للمناوي 4/325 .
والضرب ليس هو الأصل أبداً ، ولا يلجأ إليه إلا عند استنفاد الوسائل الأخرى للتأديب ، أو الحمل على الطاعات الواجبة ، كمل قوله تعالى : " واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجرهن في المضاجع واضربوهن " النساء الآية 34 . على الترتيب ومثل حديث : " مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين ، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر " سنن أبي داود 1/334 وانظر إرواء الغليل 1/266 .
أما استعمال الضرب دون الحاجة فإنه اعتداء ورسول الله صلى الله عليه وسلم نصح امرأة أن لا تتزوج من رجل لأنه لا يضع العصا عن عاتقه أي ضراب للنساء ، أما من يرى عدم استخدام الضرب مطلقاً تقليداً لبعض نظريات الكفار في التربية ، فرأيه خاطئ يخالف النصوص الشرعية .
المنكرات في البيت
نصيحة 26 : الحذر من دخول الأقارب غير المحارم على المرأة في البيت عند غياب زوجها .
نصيحة 27 : فصل النساء عن الرجال في الزيارات العائلية .(2/33)
نصيحة 28 : الانتباه لخطورة السائقين والخادمات في البيوت .
نصيحة 29 : اخرجوا المخنثين من بيوتكم .
نصيحة 30 : احذر أخطار الشاشة .
نصيحة 31 : الحذر من شر الهاتف .
نصيحة 32 : يجب إزالة كل ما فيه رمز لأديان الكفار الباطلة أو معبوداتهم وآلهتهم .
نصيحة 33 : إزالة صور ذوات الأرواح .
نصيحة 34 : امنعوا التدخين في بيوتكم .
نصيحة 35 : إياك واقتناء الكلاب في البيوت .
نصيحة 36 : الابتعاد عن تزويق البيوت .
البيت من الداخل والخارج
نصيحة 37 : حسن اختيار موقع البيت وتصميمه : لا شك أن المسلم الحق يراعي في اختيار بيته وتصميمه أمراً لا يراعيها غيره .
فمن جهة الموقع مثلاً :
أن يكون البيت قريباً من مسجد وفي هذا فوائد عظيمة لا تخفى ، فالنداء يذكر ويوقظ للصلاة ، والقرب يمكن الرجل من إدراك الجماعة ، والنساء من سماع التلاوة والذكر من مكبر المسجد ، والصغار من إتيان حلقة تحفيظ القرآن وهكذا ..
أن لا يكون في عمارة فيها فساق أو مجمعات سكنية فيها كفار يتوسطها مسبح مختلط ونحو ذلك .
أن لا يكشف ولا يُكشف ، ولو حصل يستعان بالسواتر وتعلية الجدر .
ومن جهة التصميم مثلاً :
أن يراعى فيه فصل الرجال عن النساء من الزوار الأجانب من ناحية المدخل ، وصالات الجلوس ، وإن لم يحصل فيستعين بالستائر والحواجز .
ستر الشبابيك : بحيث لا يظهر من في الغرف للجار ، أو لرجل الشارع ، وخصوصاً في الليل عندما تضاء الأنوار .
أن لا تكون المراحيض باتجاه القبلة عند استخدامها .
أن يختار المسكن الواسع والدار كثيرة المرافق ، وذلك لأمور منها :
" إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده " حديث رواه الترمذي رقم 2819 وقال : هذا حديث حسن .(2/34)
" ثلاثة من السعادة وثلاثة من الشقاء ، فمن السعادة : المرأة الصالحة تراها فتعجبك ، وتغيب عنها فتأمنها على نفسها ومالك ، والدابة تكون وطيئة فتلحقك بأصحابك ، والدار تكون واسعة كثيرة المرافق ، ومن الشقاء : المرأة تراها فتسوؤك ، وتحمل لسانها عليك ، وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها ومالك ، والدابة تكون قطوف ، فإن ضربتها أتعبتك وإن تركتها لم تلحقك بأصحابك ، والدار قليلة المرافق " حديث رواه الحاكم 3/262 وهو في صحيح الجامع برقم 3056 .
الحرص على الأمور الصحية كالتهوية ودخول الشمس ، وهذه وغيرها مقيدة بالقدرة المادية والإمكانات المتاحة .
نصيحة 38 : اختيار الجار قبل الدار
وهذه مسألة تحتاج إلى إفراد لأهميتها .
فالجار في عصرنا له مزيد من التأثير على جاره ، بفعل تقارب المساكن ، وتجمع الناس في البنايات والشقق ، والمجمعات السكنية .
وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أربع من السعادة وذكر منها : الجار الصالح، وأخبر عن أربع من الشقاء وذكر منها : الجار السوء رواه أبو نعيم في الحلية 8/388 وهو في صحيح الجامع 887 . ولخطر هذا الأخير كان صلى الله عليه وسلم يتعوذ منه في دعائه فيقول : " اللهم إني أعوذ بك من جار السوء في دار المقامة " أي الذي يجاورك في مكان ثابت " فإن جار البادية يتحول " رواه الحاكم 1/532 وهو في صحيح الجامع 1290 .
وأمر المسلمين أن يتعوذوا من ذلك فقال : " تعوّذوا بالله من جار السوء في دار المقام ، فإن الجار البادي يتحول عنك " رواه البخاري في الأدب المفرد رقم 117 واللفظ في صحيح الجامع 2967 .(2/35)
ويضيق المجال للحديث عن أثر جار السوء على الزوجين والأولاد ، وأنواع الإيذاء التي تصدر عنه ، ومنغصات العيش بجانبه ، ولكن في تطبيق الأحاديث السابقة على الواقع كفاية للمعتبر ، ولعل من الحلول العلمية ما ينفذه بعض الطيبين من استئجار السكن المتجاور لعائلاتهم ، لحل مشكلة الجيرة ولو على حساب بعض الماديات ، فإن الجيرة الصالحة لا تقدر بمال .
نصيحة 39 : الاهتمام بالإصلاحات اللازمة وتوفير وسائل الراحة
من نعم الله علينا في هذا الزمان ما وهبنا من وسائل الراحة التي تسهل أمور المعيشة في هذه الدنيا ، وتوفر الأوقات كالمكيف والثلاجة والغسالة .. إلخ ، فيكون من الحكمة توفيرها في البيت بالجودة التي يستطيعها صاحب البيت من غير إسراف ولا مشقة ، ولابد من التفريق بين الأمور التحسينية المفيدة والكماليات الزائفة التي لا قيمة لها .
ومن الاهتمام بالبيت إصلاح ما فسد من مرافقه وأجهزته ، وبعض الناس يهملون ، وتشتكي زوجاتهم من بيوت تعج فيها الحشرات ، وتفيض فيها البلاعات ، وتفوح القمامة بالروائح الكريهة ، وتتناثر فيه قطع الأثاث المكسور والتالف .
ولا شك أن هذا مما يمنع حصول السعادة في البيت ، ويسبب مشكلات زوجية وصحية ، فالعاقل من عالج ذلك .
نصيحة 40 : الاعتناء بصحة أهل البيت وإجراءات السلامة
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهل بيته نفث عليه بالمعوذات " رواه مسلم رقم 2192 . " وكان صلى الله عليه وسلم إذا أخذ أهله الوعك " المرض " أمر بالحساء " المرقة المعروفة " فصنع ، ثم أمرهم فحسوا ، وكان بقول : " إنه ليرتق " يشد " فؤاد الحزين ، ويسرو " يكشف " عن فؤاد السقيم ، كما تسرو إحداكن الوسخ عن وجهها " رواه الترمذي رقم 2039 وهو في صحيح الجامع رقم 4646 ،
وعن بعض إجراءات الوقاية والسلامة :(2/36)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أمسيتم فكفوا صبيانكم ، فإن الشياطين تنتشر حينئذ ، فإذا ذهب ساعة من الليل فخلوهم ، فغلقوا الأبواب ، واذكروا اسم الله ، وخمروا آنيتكم واذكروا اسم الله ، ولو أن تعرضوا عليها شيئاً " مثل العود ونحوها " وأطفئوا مصابيحكم " رواه البخاري الفتح 10/88-89 . وفي رواية لمسلم : " أغلقوا أبوابكم ، وخمروا آنيتكم ، وأطفئوها سرجكم ، وأوكئوا أسقيتكم " شدوا رباطها على أفواها " فإن الشيطان لا يفتح باباً مغلقاً ، ولا يكشف غطاء ، ولا يحل وكاء ، وإن الفويسقة تضرم البيت على أهله " " أي تسحب فتيل السراج فيشتعل البيت " رواه الإمام أحمد في المسند 3/301 وهو في صحيح الجامع 1080 .
وقال صلى الله عليه وسلم : " لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون " رواه البخاري ، الفتح 11/85 .
والله أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .(2/37)
محرمات استهان بها الناس
المقدمة
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
أما بعد :
فإن الله سبحانه وتعالى فرض فرائض لا يجوز تضييعها ، وحد حدودا لا يجوز تعديها ، وحرم أشياء لا يجوز انتهاكها .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( ما أحل الله في كتابه فهو حلال ، وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عافية فاقبلوا من الله العافية ، فإن الله لم يكن نسيا ثم تلا هذه الآية [ وما كان ربك نسيا ] . ) [ رواه الحاكم 2/375 وحسنه الألباني في غاية المرام ص: 14 ]
والمحرمات هي حدود الله عز وجل ( ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ) الطلاق/1 وقد هدد الله من يتعدى حدوده وينتهك حرماته فقال سبحانه : ( ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين ) سورة النساء/14
واجتناب المحرمات واجب لقوله صلى الله عليه وسلم ( ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم ) [ رواه مسلم : كتاب الفضائل حديث رقم 130 ط. عبد الباقي]
ومن المشاهد أن بعض متبعي الهوى ، ضعفاء النفوس ، قليلي العلم إذا سمع بالمحرمات متوالية يتضجر ويتأفف ويقول : كل شيء حرام ، ما تركتم شيئا إلا حرمتموه ، أسأمتمونا حياتنا ، وأضجرتم عيشتنا ، وضيقتم صدورنا ، وما عندكم إلا الحرام والتحريم ، الدين يسر، والأمر واسع ، والله غفور رحيم .
ومناقشة لهؤلاء نقول :
إن الله جل وعلا يحكم ما يشاء لا معقب لحكمه وهو الحكيم الخبير فهو يحل ما يشاء ويحرم ما يشاء سبحانه ، ومن قواعد عبوديتنا لله عز وجل أن نرضى بما حكم ونسلم تسليما .(3/1)
وأحكامه سبحانه صادرة عن علمه وحكمته وعدله ليست عبثا ولا لعبا كما قال الله : ( وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم ) الأنعام/115
وقد بين لنا عز وجل الضابط الذي عليه مدار الحل والحرمة فقال تعالى : ( ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ) الأعراف/157 فالطيب حلال والخبيث حرام .
والتحليل والتحريم حق لله وحده فمن ادعاه لنفسه أو أقر به لغيره فهو كافر كفرا أكبر مخرجا عن الملة ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله .. ) الشورى/21
ثم إنه لا يجوز لأي أحد أن يتكلم في الحلال والحرام إلا أهل العلم العالمين بالكتاب والسنة وقد ورد التحذير الشديد فيمن يحلل ويحرم دون علم فقال تعالى : ( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب .. ) سورة النحل/116
والمحرمات المقطوع بها مذكورة في القرآن وفي السنة كقوله تعالى : ( قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق .. الآية ) سورة الأنعام/151
وفي السنة كذلك ذكر لكثير من المحرمات كقوله صلى الله عليه وسلم ( إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام . [ رواه أبوداود 3486 وهو في صحيح أبي داود 977 ]
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه ) . [ رواه الدارقطني 3/7 وهو حديث صحيح ]
وقد يأتي في بعض النصوص ذكر محرمات مختصة بنوع من الأنواع مثلما ذكر الله المحرمات في المطاعم فقال : ( حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام .. الآية ) المائدة/3(3/2)
وذكر سبحانه المحرمات في النكاح فقال : ( حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم .. الآية ) النساء/23
وذكر أيضا المحرمات من المكاسب فقال عز وجل : ( وأحل الله البيع وحرم الربا .. الآية ) البقرة/275
ثم إن الله الرحيم بعباده قد أحل لنا من الطيبات مالا يحصى كثرة وتنوعا ولذلك لم يفصل المباحات لأنها كثيرة لا تحصر وإنما فصل المحرمات لانحصارها وحتى نعرفها فنجتنبها فقال عز وجل : ( وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه ..) الأنعام/119
أما الحلال فأباحه على وجه الإجمال مادام طيبا فقال : ( يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ) البقرة/168 فكان من رحمته أن جعل الأصل في الأشياء الإباحة حتى يدل الدليل على التحريم ، وهذا من كرمه سبحانه وتعالى ومن توسعته على عباده فعلينا الطاعة والحمد والشكر .
وبعض الناس إذا رأوا الحرام معددا عليهم ومفصلا ضاقت أنفسهم ذرعا بالأحكام الشرعية وهذا من ضعف إيمانهم وقلة فقههم في الشريعة فهل يريد هؤلاء يا ترى أن يعدد عليهم أصناف الحلال حتى يقتنعوا بأن الدين يسر ؟ وهل يريدون أن تسرد لهم أنواع الطيبات حتى يطمئنوا أن الشريعة لا تكدر عليهم عيشهم ؟
هل يريدون أن يقال بأن اللحوم المذكاة من الإبل والبقر والغنم والأرانب والغزلان والوعول والدجاج والحمام والبط والوز والنعام حلال وأن ميتة الجراد والسمك حلال ؟.
وأن الخضراوات والبقول والفواكه وسائر الحبوب والثمار النافعة حلال
وأن الماء واللبن والعسل والزيت والخل حلال
وأن الملح والتوابل والبهارات حلال
وأن استخدام الخشب والحديد والرمل والحصى والبلاستيك والزجاج والمطاط حلال
وأن ركوب الدواب والسيارات والقطارات والسفن والطائرات حلال(3/3)
وأن استعمال المكيفات والثلاجات والغسالات والنشافات والطاحونات والعجانات والفرامات والمعاصر وسائر أدوات الطب والهندسة والحساب والرصد والفلك والبناء واستخراج المياه والنفط والمعادن والتنقية والتحلية والطباعة والحاسبات الآلية حلال
وأن لبس القطن والكتان والصوف والوبر والشعر والجلود المباحة والنايلون والبوليستر حلال
وأن الأصل في النكاح والبيع والشراء والكفالة والحوالة والإجارة والمهن والحرف من النجارة والحدادة وإصلاح الآلات ورعي الغنم حلال
وهل يمكن يا ترى أن ينتهي بنا المقام إذا أردنا المواصلة في العد والسرد فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا ؟
أما احتجاجهم بأن الدين يسر فهو حق أريد به باطل فإن مفهوم اليسر في هذا الدين ليس بحسب أهواء الناس وآرائهم وإنما بحسب ما جاءت به الشريعة فالفرق عظيم بين انتهاك المحرمات بالاحتجاج الباطل بأن الدين يسر ـ وهو يسر ولاشك ـ وبين الأخذ بالرخص الشرعية كالجمع والقصر والفطر في السفر ، والمسح على الخفين والجوربين للمقيم يوما بليلته وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن، والتيمم عند الخوف من استعمال الماء وجمع الصلاتين للمريض وحين نزول المطر ، وإباحة النظر إلى المرأة الأجنبية للخاطب ، والتخيير في كفارة اليمين بين العتق والإطعام والكسوة ، وأكل الميتة عند الاضطرار وغير ذلك من الرخص والتخفيفات الشرعية .(3/4)
وبالإضافة لما تقدم فينبغي أن يعلم المسلم بأن في تحريم المحرمات حكما منها : أن الله يبتلي عباده بهذه المحرمات فينظر كيف يعملون ومن أسباب تميز أهل الجنة عن أهل النار أن أهل النار قد انغمسوا في الشهوات التي حفت بها النار وأهل الجنة صبروا على المكاره التي حفت بها الجنة ، ولولا هذا الابتلاء ما تبين العاصي من المطيع . وأهل الإيمان ينظرون إلى مشقة التكليف بعين احتساب الأجر وامتثال أمر الله لنيل رضاه فتهون عليهم المشقة وأهل النفاق ينظرون إلى مشقة التكليف بعين الألم والتوجع والحرمان فتكون الوطأة عليهم شديدة والطاعة عسيرة .
وبترك المحرمات يذوق المطيع حلاوة : من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ويجد لذة الإيمان في قلبه .
وفي هذه الرسالة يجد القارئ الكريم عددا من المحرمات التي ثبت تحريمها في الشريعة مع بيان أدلة التحريم من الكتاب والسنة [ وقد صنف بعض العلماء في المحرمات أو في بعض أنواعها كالكبائر ومن الكتب الجيدة في موضوع المحرمات كتاب تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين لابن النحاس الدمشقي رحمه الله تعالى ] ، وهذه المحظورات مما شاع فعلها وعم ارتكابها بين كثير من المسلمين ، وقد أردت بذكرها التبيان والنصح ، أسأل الله لي ولإخواني المسلمين الهداية والتوفيق والوقوف عند حدوده سبحانه وأن يجنبنا المحرمات ويقينا السيئات والله خير حافظا وهو أرحم الراحمين
المحتويات
الشرك بالله
عبادة القبور
الذبح لغير الله
تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله
السحر والكهانة والعرافة
الاعتقاد في تأثير النجوم والكواكب في الحوادث وحياة الناس
اعتقاد النفع في أشياء لم يجعلها الخالق كذلك
الرياء بالعبادات
الطيرة
الحلف بغير الله تعالى
الجلوس مع المنافقين أو الفساق استئناسا بهم أو إيناسا لهم
ترك الطمأنينة في الصلاة
العبث وكثرة الحركة في الصلاة
سبق المأموم إمامه في الصلاة عمدا(3/5)
إتيان المسجد لمن أكل بصلا أو ثوما أو ماله رائحة كريهة
الزنا
اللواط
امتناع المرأة من فراش زوجها بغير إذن شرعي
طلب المرأة الطلاق من زوجها لغير سبب شرعي
الظهار
وطء الزوجة في حيضها
إتيان المرأة في دبرها
عدم العدل بين الزوجات
الخلوة بالأجنبية
مصافحة المرأة الأجنبية
تطيب المرأة عند خروجها ومرورها بعطرها على الرجال
سفر المرأة بغير محرم
تعمد النظر إلى المرأة الأجنبية
الدياثة
التزوير في انتساب الولد لأبيه وجحد الرجل ولده
أكل الربا
كتم عيوب السلعة وإخفاؤها عند بيعها
بيع النجش
البيع بعد النداء الثاني يوم الجمعة
القمار والميسر
السرقة
أخذ الرشوة وإعطاؤها
غصب الأرض
قبول الهدية بسبب الشفاعة
استيفاء العمل من الأجير وعدم إيفائه أجره
عدم العدل في العطية بين الأولاد
سؤال الناس المال من غير حاجة
الاستدانة بدين لا يريد وفاءه
أكل الحرام
شرب الخمر ولو قطرة واحدة
استعمال آنية الذهب والفضة والأكل والشرب فيها
شهادة الزور
سماع المعازف والموسيقى
الغيبة
النميمة
الاطلاع على بيوت الناس دون إذن
تناجي اثنين دون الثالث
الإسبال في الثياب
تحلي الرجال بالذهب على أي صورة كانت
لبس القصير والرقيق والضيق من الثياب للنساء
وصل الشعر بشعر مستعار لآدمي أو لغيره للرجال والنساء
تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال
صبغ الشعر بالسواد
تصوير ما فيه روح في الثياب والجدران والورق ونحو ذلك
الكذب في المنام
الجلوس على القبر والوطء عليه وقضاء الحاجة في المقابر
عدم الاستتار من البول
التسمع إلى حديث قوم وهم له كارهون
سوء الجوار
المضارة في الوصية
اللعب بالنرد
لعن المؤمن ولعن من لا يستحق اللعن
النياحة
ضرب الوجه والوسم في الوجه
هجر المسلم فوق ثلاثة أيام دون سبب شرعي
الشرك بالله(3/6)
وهو أعظم المحرمات على الإطلاق لحديث أبي بكرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر (ثلاثا) قالوا قلنا بلى يا رسول الله ، قال : الإشراك بالله .. متفق عليه البخاري / رقم 2511 ط. البغا ) وكل ذنب يمكن أن يغفره الله إلا الشرك فلا بد له من توبة مخصوصة قال الله تعالى ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) النساء/48
والشرك منه ما هو أكبر مخرج عن ملة الإسلام ، صاحبه مخلد في النار إن مات على ذلك .
ومن مظاهر هذا الشرك المنتشرة في كثير من بلاد المسلمين :(3/7)
ـ عبادة القبور واعتقاد أن الأولياء الموتى يقضون الحاجات ويفرجون الكربات والاستعانة والاستغاثة بهم والله سبحانه وتعالى يقول : ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ... ) سورة الإسراء/23 ، وكذلك دعاء الموتى من الأنبياء والصالحين أو غيرهم للشفاعة أو للتخليص من الشدائد والله يقول : ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء .. أإله مع الله ) النمل/62 وبعضهم يتخذ ذكر اسم الشيخ أو الولي عادته وديدنه إن قام وإن قعد وإن عثر وكلما وقع في ورطة أو مصيبة وكربة فهذا يقول يا محمد وهذا يقول يا علي وهذا يقول يا حسين وهذا يقول يا بدوي وهذا يقول يا جيلاني وهذا يقول يا شاذلي وهذا يقول يا رفاعي وهذا يدعو العيدروس وهذا يدعو السيدة زينب وذاك يدعو ابن علوان والله يقول : ( إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم ... ) سورة الأعراف/194 وبعض عباد القبور يطوفون بها ويستلمون أركانها ويتمسحون بها ويقبلون أعتابها ويعفرون وجوههم في تربتها ويسجدون لها إذا رأوها ويقفون أمامها خاشعين متذللين متضرعين سائلين مطالبهم وحاجاتهم من شفاء مريض أو حصول ولد أو تيسير حاجة وربما نادى صاحب القبر يا سيدي جئتك من بلد بعيد فلا تخيبني والله عز وجل يقول ( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون ) سورة الأحقاف/5 وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار ) رواه البخاري الفتح 8/176 ، وبعضهم يحلقون رؤوسهم عند القبور ، وعند بعضهم كتب بعناوين مثل : "مناسك حج المشاهد" ويقصدون بالمشاهد القبور وأضرحة الأولياء ، وبعضهم يعتقد أن الأولياء يتصرفون في الكون وأنهم يضرون وينفعون والله عز وجل يقول : ( وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله ...) سورة يونس/107 ، وكذلك من الشرك النذر لغير الله كما يفعل الذين ينذرون الشموع والأنوار لأصحاب القبور .(3/8)
ــ ومن مظاهر الشرك الأكبر الذبح لغير الله والله يقول : ( فصل لربك وانحر ) سورة الكوثر/2 أي انحر لله وعلى اسم الله وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لعن الله من ذبح لغير الله ) رواه الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه رقم 1978 ط. عبد الباقي ، وقد يجتمع في الذبيحة محرمان وهما الذبح لغير الله والذبح على غير اسم الله وكلاهما مانع للأكل منها ، ومن ذبائح الجاهلية - الشائعة في عصرنا - " ذبائح الجن " وهي أنهم كانوا إذا اشتروا دارا أو بنوها أو حفروا بئرا ذبحوا عندها أو على عتبتها ذبيحة خوفا من أذى الجن ( انظر تيسير العزيز الحميد ط. الإفتاء ص : 158 )
ــ ومن أمثلة الشرك الأكبر العظيمة الشائعة تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله أو اعتقاد أن أحدا يملك الحق في ذلك غير الله عز وجل ، أو التحاكم إلى المحاكم والقوانين الجاهلية عن رضا واختيار واعتقاد بجواز ذلك وقد ذكر الله عز وجل هذا الكفر الأكبر في قوله : ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ) التوبة/31 ولما سمع عدي بن حاتم نبي الله صلى الله عليه وسلم يتلوها قال : فقلت : إنهم لم يكونوا يعبدونهم قال : ( أجل ولكن يحلون لهم ما حرم الله فيستحلونه ويحرمون عليهم ما أحل الله فيحرمونه فتلك عبادتهم لهم ) رواه البيهقي السنن الكبرى 10/116 وهو عند الترمذي برقم 3095 وحسنه الألباني في غاية المرام ص:19 ، وقد وصف الله المشركين بأنهم ( لا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق .. ) سورة التوبة/29 ، وقال الله عز وجل : ( قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون ) سورة يونس/59
ــ ومن أنواع الشرك المنتشرة السحر والكهانة والعرافة :(3/9)
أما السحر فإنه كفر ومن السبع الكبائر الموبقات وهو يضر ولا ينفع قال الله تعالى عن تعلمه ( فيتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ) البقرة/102 ، وقال ( ولا يفلح الساحر حيث أتى ) طه/69 ، والذي يتعاطى السحر كافر قال الله تعالى : ( وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر ) البقرة/102
وحكم الساحر القتل وكسبه حرام خبيث ، والجهال والظلمة وضعفاء الإيمان يذهبون إلى السحرة لعمل سحر يعتدون به على أشخاص أو ينتقمون منهم ومن الناس من يرتكب محرما بلجوئه إلى الساحر لفك السحر والواجب اللجوء إلى الله والاستشفاء بكلامه كالمعوذات وغيرها .
أما الكاهن والعراف فكلاهما كافر بالله العظيم لادعائهما معرفة الغيب ولا يعلم الغيب إلا الله وكثير من هؤلاء يستغفل السذج لأخذ أموالهم ويستعملون وسائل كثيرة من التخطيط في الرمل أو ضرب الودع أو قراءة الكف والفنجان أو كرة الكريستال والمرايا وغير ذلك وإذا صدقوا مرة كذبوا تسعا وتسعين مرة ولكن المغفلين لا يتذكرون إلا المرة التي صدق فيها هؤلاء الأفاكون فيذهبون إليهم لمعرفة المستقبل والسعادة والشقاوة في زواج أو تجارة والبحث عن المفقودات ونحو ذلك وحكم الذي يذهب إليهم إن كان مصدقا بما يقولون فهو كافر خارج عن الملة والدليل قوله صلى الله عليه وسلم : " من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد " رواه الإمام أحمد 2/429 وهو في صحيح الجامع 5939 أما إن كان الذي يذهب إليهم غير مصدق بأنهم يعلمون الغيب ولكنه يذهب للتجربة ونحوها فإنه لا يكفر ولكن لا تقبل له صلاة أربعين يوما والدليل قوله صلى الله عليه وسلم : " من أتى عرافا فسأله عن شئ لم تقبل له صلاة أربعين ليلة " صحيح مسلم 4/1751 ، هذا مع وجوب الصلاة والتوبة عليه .(3/10)
ــ الاعتقاد في تأثير النجوم والكواكب في الحوادث وحياة الناس :
عن زيد بن خالد الجهني قال : صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية ـ على أثر سماء كانت من الليلة ـ فلما انصرف أقبل على الناس فقال : " هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : " أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ، فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب . وأما من قال بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي ومؤمن بالكوكب " رواه البخاري أنظر فتح الباري 2/333 . ومن ذلك اللجوء إلى أبراج الحظ في الجرائد والمجلات فإن اعتقد ما فيها من أثر النجوم والأفلاك فهو مشرك وإن قرأها للتسلية فهو عاص آثم لأنه لا يجوز التسلي بقراءة الشرك بالإضافة لما قد يلقي الشيطان في نفسه من الاعتقاد بها فتكون وسيلة للشرك .
ــ ومن الشرك اعتقاد النفع في أشياء لم يجعلها الخالق عز وجل كذلك كما يعتقد بعضهم في التمائم والعزائم الشركية وأنواع من الخرز أو الودع أو الحلق المعدنية وغيرها بناء على إشارة الكاهن أو الساحر أو اعتقاد متوارث فيعلقونها في رقابهم أو على أولادهم لدفع العين بزعمهم أو يربطونها على أجسادهم أو يعلقونها في سياراتهم وبيوتهم أو يلبسون خواتم بأنواع من الفصوص يعتقدون فيها أمورا معينة من رفع البلاء أو دفعه وهذا لاشك ينافي التوكل على الله ولا يزيد الإنسان إلا وهنا وهو من التداوي بالحرام وهذه التمائم التي تعلق في كثير منها شرك جلي واستغاثة ببعض الجن والشياطين أو رسوم غامضة أو كتابات غير مفهومة وبعض المشعوذين يكتبون آيات من القرآن ويخلطونها بغيرها من الشرك وبعضهم يكتب آيات القرآن بالنجاسات أو بدم الحيض وتعليق كل ما تقدم أو ربطه حرام لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من علق تميمة فقد أشرك ) رواه أحمد 4/156 وهو في السلسلة الصحيحة رقم 492 .(3/11)
وفاعل ذلك إن اعتقد أن هذه الأشياء تنفع أو تضر من دون الله فهو مشرك شركا أكبر ، وإن اعتقد أنها سبب للنفع أو الضرر ، والله لم يجعلها سببا ، فهو مشرك شركا أصغر وهذا يدخل في شرك الأسباب
ــ الرياء بالعبادات :
من شروط العمل الصالح أن يكون خالصا من الرياء مقيدا بالسنة والذي يقوم بعبادة ليراه الناس فهو مشرك وعمله حابط كمن صلى ليراه الناس ، قال الله تعالى : ( إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا ) النساء/ 142 ، وكذلك إذا عمل العمل لينتقل خبره ويتسامع به الناس فقد وقع في الشرك وقد ورد الوعيد لمن يفعل ذلك كما جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا : " من سمع سمع الله به ومن راءى راءى الله به " رواه مسلم 4/2289 . ومن عمل عبادة قصد بها الله والناس فعمله حابط كما جاء في الحديث القدسي : " أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه " رواه مسلم رقم 2985
ومن ابتدأ العمل لله ثم طرأ عليه الرياء فإن كرهه وجاهده ودافعه صح عمله وإن استروح إليه وسكنت إليه نفسه فقد نص أكثر أهل العلم على بطلانه .
ــ الطيرة :
وهي التشاؤم قال تعالى : ( فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه ، وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ) الأعراف/131 .
وكانت العرب إذا أراد أحدهم أمرا كسفر وغيره أمسك بطائر ثم أرسله فإن ذهب يمينا تفاءل ومضى في أمره وإن ذهب شمالا تشاءم ورجع عما أراد وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم حكم هذا العمل بقوله : " الطيرة شرك " رواه الإمام أحمد 1/389 وهو في صحيح الجامع 3955 .(3/12)
ومما يدخل في هذا الاعتقاد المحرم المنافي للتوحيد : التشاؤم بالشهور كترك النكاح في شهر صفر ، وبالأيام كاعتقاد أن آخر أربعاء من كل شهر يوم نحس مستمر أو الأرقام كالرقم 13 أو الأسماء أو أصحاب العاهات كما إذا ذهب ليفتح دكانه فرأى أعور في الطريق فتشاءم ورجع ونحو ذلك فهذا كله حرام ومن الشرك وقد برئ النبي صلى الله عليه وسلم من هؤلاء فعن عمران بن حصين مرفوعا : " ليس منا من تطير ولا تطير له ولا تكهن ولا تكهن له ( وأظنه قال :) أو سحر أو سحر له " رواه الطبراني في الكبير 18/162 انظر صحيح الجامع 5435 . ومن وقع في شئ من ذلك فكفارته ما جاء في حديث عبدالله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من ردته الطيرة من حاجة فقد أشرك قالوا يا رسول الله ما كفارة ذلك قال أن يقول أحدهم : " اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك " رواه الإمام أحمد 2/220 السلسلة الصحيحة 1065 .
والتشاؤم من طبائع النفوس يقل ويكثر وأهم علاج له التوكل على الله عز وجل كما في قول ابن مسعود : " وما منا إلا ( أي : إلا ويقع في نفسه شئ من ذلك ) ولكن الله يذهبه بالتوكل " رواه أبو داود رقم 3910 وهو في السلسلة الصحيحة 430 .
ــ الحلف بغير الله تعالى :
الله سبحانه وتعالى يقسم بما شاء من مخلوقاته وأما المخلوق فلا يجوز له أن يقسم بغير الله ومما يجري على ألسنة كثير من الناس الحلف بغير الله والحلف نوع من التعظيم لا يليق إلا بالله عن ابن عمر مرفوعا : " ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت " رواه البخاري انظر الفتح 11/530 . وعن ابن عمر مرفوعا : " من حلف بغير الله فقد أشرك " رواه الإمام أحمد 2/125 انظر صحيح الجامع 6204 . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من حلف بالأمانة فليس منا " رواه أبو داود 3253 وهو في السلسلة الصحيحة رقم 94 .(3/13)
فلا يجوز الحلف بالكعبة ولا بالأمانة ولا بالشرف ولا بالعون ولا ببركة فلان ولا بحياة فلان ولا بجاه النبي ولا بجاه الولي ولا بالآباء والأمهات ولا برأس الأولاد كل ذلك حرام ومن وقع في شيء من هذا فكفارته أن يقول لا إله إلا الله كما جاء في الحديث الصحيح : " من حلف فقال في حلفه باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله .. " رواه البخاري فتح 11/536
وعلى منوال هذا الباب أيضا عدد من الألفاظ الشركية والمحرمة التي يتفوه بها بعض المسلمين ومن أمثلتها : أعوذ بالله وبك ـ أنا متوكل على الله وعليك ـ هذا من الله ومنك ـ مالي إلا الله وأنت ـ الله لي في السماء وأنت لي في الأرض ـ لولا الله وفلان ـ أنا بريئ من الإسلام ـ يا خيبة الدهر ( وكذا كل عبارة فيها سب الدهر مثل هذا زمان سوء وهذه ساعة نحس والزمن غدار ونحو ذلك وذلك لأن سب الدهر يرجع على الله الذي خلق الدهر ) ـ شاءت الطبيعة ـ كل الأسماء المعبدة لغير الله كعبد المسيح وعبد النبي وعبد الرسول وعبد الحسين
ومن المصطلحات والعبارات الحادثة المخالفة للتوحيد كذلك : اشتراكية الإسلام ـ ديموقراطية الإسلام ـ إرادة الشعب من إرادة الله ـ الدين لله والوطن للجميع ـ باسم العروبة ـ باسم الثورة .
ومن المحرمات إطلاق لفظة ملك الملوك وما في حكمها كقاضي القضاة على أحد من البشر ـ إطلاق لفظة سيد وما في معناها على المنافق والكافر ( سواء كان باللغة العربية أو بغيرها) ـ استخدام حرف لو الذي يدل على التسخط والتندم والتحسر ويفتح عمل الشيطان ـ قول اللهم اغفر لي إن شئت ـ [ وللتوسع انظر معجم المناهي اللفظية : بكر أبو زيد ]
الجلوس مع المنافقين أو الفساق استئناسا بهم أو إيناسا لهم :(3/14)
يعمد كثير من الذين لم يتمكن الإيمان من قلوبهم إلى مجالسة بعض أهل الفسق والفجور بل ربما جالسوا بعض الذين يطعنون في شريعة الله ويستهزئون بدينه وأوليائه ولاشك أن هذا عمل محرم يقدح في العقيدة قال الله تعالى : ( وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين ) الأنعام/68
فلا يجوز الجلوس معهم في هذه الحالة وإن اشتدت قرابتهم أو لطف معشرهم وعذبت ألسنتهم إلا لمن أراد دعوتهم أو رد باطلهم أو الإنكار عليهم أما الرضا أو السكوت فلا ، قال الله تعالى : ( فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين ) التوبة/96
ترك الطمأنينة في الصلاة :(3/15)
من أكبر جرائم السرقة السرقة من الصلاة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته قالوا يا رسول الله : وكيف يسرق من صلاته قال : لا يتم ركوعها ولا سجودها " رواه الإمام أحمد 5/310 وهو في صحيح الجامع 997 . وإن ترك الطمأنينة وعدم استقرار الظهر في الركوع والسجود وعدم إقامته بعد الرفع من الركوع واستوائه في الجلسة بين السجدتين كل ذلك مشهور ومشاهد في جماهير المصلين ولا يكاد يخلو مسجد من نماذج من الذين لا يطمئنون في صلاتهم . والطمأنينة ركن والصلاة لا تصح بدونها والأمر خطير قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تجزئ صلاة الرجل حتى يقيم ظهره في الركوع والسجود" رواه أبو داود 1/533 وهو في صحيح الجامع 7224 . ولا شك أن هذا منكر يستحق صاحبه الزجر والوعيد ، عن أبي عبد الله الأشعري قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه ثم جلس في طائفة منهم فدخل رجل فقام يصلي فجعل يركع وينقر في سجوده فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أترون هذا ؟ من مات على هذا مات على غير ملة محمد ينقر صلاته كما ينقر الغراب الدم ، إنما مثل الذي يركع وينقر في سجوده كالجائع لا يأكل إلا التمرة والتمرتين فماذا تغنيان عنه " رواه ابن خزيمة في صحيحه 1/332 وانظر صفة صلاة النبي للألباني 131 ، وعن زيد بن وهب قال رأى حذيفة رجلا لا يتم الركوع والسجود قال : ما صليت ولو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله محمدا صلى الله عليه وسلم رواه البخاري انظر الفتح 2/274 . وينبغي على من ترك الطمأنينة في الصلاة إذا علم بالحكم أن يعيد فرض الوقت الذي هو فيه ويتوب إلى الله عما مضى ولا تلزمه إعادة الصلوات السابقة كما دل عليه حديث ارجع فصل فإنك لم تصل .
العبث وكثرة الحركة في الصلاة :(3/16)
وهذه آفة لا يكاد يسلم منها أعداد من المصلين لأنهم لا يمتثلون أمر الله ( وقوموا لله قانتين ) البقرة/238 ، ولا يعقلون قول الله ( قد أفلح المؤمنون ، الذين هم في صلاتهم خاشعون ) المؤمنون/1-2 ، ولما سئل صلى الله عليه وسلم عن تسوية التراب في السجود قال " لا تمسح وأنت تصلي فإن كنت لا بد فاعلا فواحدة تسوية الحصى " رواه أبو داود 1/581 وهو في صحيح الجامع 7452 ، وقد ذكر أهل العلم أن الحركة الكثيرة المتوالية بغير حاجة تبطل الصلاة فكيف بالعابثين في صلواتهم يقفون أمام الله وأحدهم ينظر في ساعته أو يعدل ثوبه أو يلقم إصبعه أنفه ويرمى ببصره يمينا وشمالا وإلى السماء ولا يخشى أن يخطف بصره وأن يختلس الشيطان من صلاته .
سبق المأموم إمامه في الصلاة عمدا :
الإنسان من طبعه العجلة ( وكان الإنسان عجولا ) الإسراء/11 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( التأني من الله والعجلة من الشيطان ) رواه البيهقي في السنن الكبرى 10/104 وهو في السلسلة 1795 . وكثيرا ما يلاحظ المرء وهو في الجماعة عددا من المصلين عن يمينه أو شماله بل ربما يلاحظ ذلك على نفسه أحيانا مسابقة الإمام بالركوع أو السجود وفي تكبيرات الانتقال عموما وحتى في السلام من الصلاة وهذا العمل الذي لا يبدو ذا أهمية عند الكثيرين قد جاء فيه الوعيد الشديد عن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : " أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار " رواه مسلم 1/320-321 .(3/17)
وإذا كان المصلي مطالبا بالإتيان إلى الصلاة بالسكينة والوقار فكيف بالصلاة ذاتها وقد تختلط عند بعض الناس مسابقة الإمام بالتخلف عنه فليعلم أن الفقهاء رحمهم الله قد ذكروا ضابطا حسنا في هذا وهو أنه ينبغي على المأموم الشروع في الحركة حين تنقطع تكبيرة الإمام فإذا انتهى من ( راء ) الله أكبر يشرع المأموم في الحركة لا يتقدم عن ذلك ولا يتأخر وبذلك ينضبط الأمر وقد كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم في غاية الحرص على عدم استباق النبي صلى الله عليه وسلم فيقول أحدهم وهو البراء بن عازب رضي الله عنه إنهم كانوا يصلون خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا رفع رأسه من الركوع لم أر أحدا يحني ظهره حتى يضع رسول الله صلى الله عليه وسلم جبهته على الأرض ثم يخر من وراءه سجدا ) رواه مسلم رقم 474 ط. عبد الباقي .
ولما كبر النبي صلى الله عليه وسلم وصار في حركته نوع من البطء نبه المصلين خلفه فقال ( يا أيها الناس إني قد بدنت فلا تسبقوني بالركوع والسجود .. ) رواه البيهقي 2/93 وحسنه في إرواء الغليل 2/ 290 ، وعلى الإمام أن يعمل بالسنة في التكبير إذا صلى وهو ما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم ثم يكبر حين يركع .. ثم يكبر حين يهوي ثم يكبر حين يرفع رأسه ثم يكبر حين يسجد ثم يكبر حين يرفع رأسه ثم يفعل ذلك في الصلاة كلها حتى يقضيها ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس ) رواه البخاري رقم 756 ط. البغا ، فإذا جعل الإمام تكبيره مرافقا ومقترنا بحركته وحرص المأموم على الالتزام بالكيفية السابق ذكرها صلح أمر الجماعة في صلاتهم .
إتيان المسجد لمن أكل بصلا أو ثوما أو ما له رائحة كريهة : -
قال الله تعالى : ( يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد ... ) الأعراف/31(3/18)
عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا أو قال : فليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته " رواه البخاري انظر الفتح 2/339 ، وفي رواية لمسلم " من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم " رواه مسلم رواه 1/395 . وخطب عمر بن الخطاب الناس يوم الجمعة فقال في خطبته : " ثم إنكم أيها الناس تأكلون شجرتين لا أراهما إلا خبيثتين : هذا البصل والثوم لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد ريحهما من الرجل في المسجد أمر به فأخرج إلى البقيع فمن أكلها فليمتهما طبخا " رواه مسلم 1/396 .
ويدخل في هذا الباب الذين يدخلون المساجد بعد أعمالهم مباشرة والروائح الكريهة تنبعث من آباطهم وجواربهم .
وأسوأ من هذا المدخنون الذين يتعاطون التدخين المحرم ثم يدخلون المساجد يؤذون عباد الله من الملائكة والمصلين .
الزنا :
لما كان من مقاصد الشريعة حفظ العرض وحفظ النسل جاء فيها تحريم الزنا قال الله تعالى : ( ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا ) الإسراء/32 ، بل وسدت الشريعة جميع الذرائع والطرق الموصلة إليه بالأمر بالحجاب وغض البصر وتحريم الخلوة بالأجنبية وغير ذلك .
والزاني المحصن يعاقب بأشنع عقوبة وأشدها وهي رجمه بالحجارة حتى يموت ليذوق وبال أمره وليتألم كل جزء من جسده كما استمتع به في الحرام والزاني الذي لم يسبق له الوطء في نكاح صحيح يجلد بأكثر عدد في الجلد ورد في الحدود الشرعية وهو مائة جلدة مع ما يحصل له من الفضيحة بشهادة طائفة من المؤمنين لعذابه والخزي بإبعاده عن بلده وتغريبه عن مكان الجريمة عاما كاملا .
وعذاب الزناة والزواني في البرزخ أنهم يكونون في تنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يوقد تحته نار يكونون فيه عراة فإذا أوقدت عليهم النار صاحوا وارتفعوا حتى يكادوا أن يخرجوا فإذا أخمدت رجعوا فيها وهكذا يفعل بهم إلى قيام الساعة .(3/19)
ويزداد الأمر قبحا إذا كان الرجل مستمرا في الزنا مع تقدمه في السن وقربه من القبر وإمهال الله له فعن أبي هريرة مرفوعا : " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم : شيخ زان وملك كذاب وعائل مستكبر " رواه مسلم 1/102-103 . ومن شر المكاسب مهر البغي وهو ما تأخذه مقابل الزنا ، والزانية التي تسعى بفرجها محرومة من إجابة الدعوة عندما تفتح أبواب السماء في نصف الليل [ الحديث في صحيح الجامع 2971 ، وليست الحاجة والفقر عذرا شرعيا مطلقا لانتهاك حدود الله وقديما قالوا تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها فكيف بفرجها .
وفي عصرنا فتح كل باب إلى الفاحشة وسهل الشيطان الطريق بمكره ومكر أوليائه واتبعه العصاة والفجرة ففشا التبرج والسفور وعم انفلات البصر والنظر المحرم وانتشر الاختلاط وراجت مجلات الخنا وأفلام الفحش وكثر السفر إلى بلاد الفجور وقام سوق تجارة الدعارة وكثر انتهاك الأعراض وازداد عدد أولاد الحرام وحالات قتل الأجنة فنسألك اللهم رحمتك ولطفك وسترك وعصمة من عندك تعصمنا بها من الفواحش ونسألك أن تطهر قلوبنا وتحصن فروجنا وأن تجعل بيننا وبين الحرام برزخا وحجرا محجورا .
اللواط :-
كانت جريمة قوم لوط هي إتيان الذكران من الناس قال الله تعالى : ( ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين . أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر ) العنكبوت/29 .
ولشناعة هذه الجريمة وقبحها وخطورتها عاقب الله مرتكبيها بأربعة أنواع من العقوبات لم يجمعها على قوم غيرهم وهي أنه طمس أعينهم وجعل عاليها سافلها وأمطرهم بحجارة من سجيل منضود وأرسل عليهم الصيحة(3/20)
وفي هذه الشريعة صار القتل بالسيف ـ على الراجح ـ هو عقوبة الفاعل والمفعول به إذا كان عن رضا واختيار فعن ابن عباس مرفوعا : " من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به " رواه الإمام أحمد 1/300 وهو في صحيح الجامع 6565 .
وما ظهر في زماننا من الطواعين وأنواع الأمراض التي لم تكن في أسلافنا الذين مضوا بسبب الفاحشة كمرض الإيدز القاتل يدل على شئ من حكمة الشارع في تعيين هذه العقوبة البليغة .
امتناع المرأة من فراش زوجها بغير عذر شرعي :
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح " رواه البخاري انظر الفتح 6/314 .
وكثير من النساء إذا صار بينها وبين زوجها خلاف تعاقبه - بظنها - بمنعه حقه في الفراش وقد يترتب على هذا مفاسد عظيمة منها وقوع الزوج في الحرام وقد تنعكس عليها الأمور فيفكر جادا في الزواج عليها
فعلى الزوجة أن تسارع بإجابة زوجها إذا طلبها امتثالا لقوله عليه الصلاة والسلام : " إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلتجب وإن كانت على ظهر قتب " انظر زوائد البزار 2/181 وهو في صحيح الجامع 547 والقتب ما يوضع على ظهر الجمل للركوب . وعلى الزوج أن يراعي زوجته إذا كانت مريضة أو حاملا أو مكروبة حتى يدوم الوفاق ولا يقع الشقاق .
طلب المرأة الطلاق من زوجها لغير سبب شرعي :-(3/21)
تسارع كثير من النساء إلى طلب الطلاق من أزواجهن عند حصول أدنى خلاف أو تطالب الزوجة بالطلاق إذا لم يعطها الزوج ما تريد من المال وقد تكون مدفوعة من قبل بعض أقاربها أو جاراتها من المفسدات وقد تتحدى زوجها بعبارات مثيرة للأعصاب كقولها إن كنت رجلا فطلقني ومن المعلوم أنه يترتب على الطلاق مفاسد عظيمة من تفكك الأسرة وتشرد الأولاد وقد تندم حين لا ينفع الندم ولهذا وغيره تظهر الحكمة في الشريعة لما جاءت بتحريم ذلك فعن ثوبان رضي الله عنه مرفوعا : " أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة " رواه أحمد 5/277 وهو في صحيح الجامع 2703 . وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه مرفوعا : " إن المختلعات والمنتزعات هن المنافقات " رواه الطبراني في الكبير 17/339 وهو في صحيح الجامع 1934 . أما لو قام سبب شرعي كترك الصلاة أو تعاطي المسكرات والمخدرات من قبل الزوج أو أنه يجبرها على أمر محرم أو يظلمها بتعذيبها أو بمنعها من حقوقها الشرعية مثلا ولم ينفع النصح ولم تجد محاولات الإصلاح فلا يكون على المرأة حينئذ من بأس إن هي طلبت الطلاق لتنجو بدينها ونفسها .
الظهار :-
من ألفاظ الجاهلية الأولى المنتشرة في هذه الأمة الوقوع في الظهار كأن يقول الزوج لزوجته أنت علي كظهر أمي أو أنت حرام علي كحرمة أختي ونحو ذلك من الألفاظ الشنيعة التي استبشعتها الشريعة لما فيها من ظلم المرأة وقد وصف الله ذلك بقوله سبحانه :( الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا وإن الله لعفو غفور ) المجادلة/2(3/22)
وجعلت الشريعة الكفارة في ذلك مغلظة مشابهة لكفارة قتل الخطأ ومماثلة لكفارة الجماع في نهار رمضان لا يجوز للمظاهر من زوجته أن يقربها إلا إذا أتى بالكفارة فقال الله تعالى : ( والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير . فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم ) المجادلة/3-4 .
وطء الزوجة في حيضها :-
قال تعالى : ( ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن) البقرة/222 ، فلا يحل له أن يأتيها حتى تغتسل بعد طهرها لقوله تعالى : ( فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله .. ) البقرة/222 ، ويدل على شناعة هذه المعصية قوله صلى الله عليه وسلم : " من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمد " رواه الترمذي عن أبي هريرة 1/243 وهو في صحيح الجامع 5918 .
ومن فعل ذلك خطأ دون تعمد وهو لا يعلم فليس عليه شيء ومن فعله عامدا عالما فعليه الكفارة في قول بعض أهل العلم ممن صحح حديث الكفارة وهي دينار أو نصف دينار ، قال بعضهم هو مخير فيهما وقال بعضهم إذا أتاها في أول حيضها في فورة الدم فعليه دينار وإن أتاها في آخر حيضها إذا خف الدم أو قبل اغتسالها من الحيض فعليه نصف دينار والدينار بالتقدير المتداول 25,4 غراما من الذهب يتصدق بها أو بقيمتها من الأوراق النقدية .
إتيان المرأة في دبرها :(3/23)
بعض الشاذين من ضعاف الإيمان لا يتورع عن إتيان زوجته في دبرها ( في موضع خروج الغائط ) وهذا من الكبائر وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعل هذا فعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا : " ملعون من أتى امرأة في دبرها " رواه الإمام أحمد 2/479 وهو في صحيح الجامع 5865 ، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمد " رواه الترمذي برقم 1/243 وهو في صحيح الجامع 5918 . ورغم أن عددا من الزوجات من صاحبات الفطر السليمة يأبين ذلك إلا أن بعض الأزواج يهدد بالطلاق إذا لم تطعه ، وبعضهم قد يخدع زوجته التي تستحي من سؤال أهل العلم فيوهمها بأن هذا العمل حلال وقد يستدل لها بقوله تعالى ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) البقرة/223 ، ومعلوم أن السنة تبين القرآن وقد جاء فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه يجوز أن يأتيها كيف شاء من الأمام والخلف مادام في موضع الولد ولا يخفى أن الدبر ومكان الغائط ليس موضعا للولد . ومن أسباب هذه الجريمة الدخول إلى الحياة الزوجية النظيفة بموروثات جاهلية قذرة من ممارسات شاذة محرمة أو ذاكرة مليئة بلقطات من أفلام الفاحشة دون توبة إلى الله . ومن المعلوم أن هذا الفعل محرم حتى لو وافق الطرفان فإن التراضي على الحرام لا يصيره حلالا .
عدم العدل بين الزوجات :-(3/24)
مما وصانا الله به في كتابه العزيز العدل بين الزوجات قال الله تعالى : ( ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما ) النساء/129 ، فالعدل المطلوب هو أن يعدل في المبيت وأن يقوم لكل واحدة بحقها في النفقة والكسوة وليس العدل في محبة القلب لأن العبد لا يملكها وبعض الناس إذا اجتمع عنده أكثر من زوجة ينحاز إلى واحدة ويهمل الأخرى فيبيت عند واحدة أكثر أو ينفق عليها ويذر الأخرى وهذا محرم وهو يأتي يوم القيامة بحال جاء وصفها عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل " رواه أبو داود 2/601 وهو في صحيح الجامع 6491 .
الخلوة بالأجنبية :-
الشيطان حريص على فتنة الناس وإيقاعهم في الحرام ولذلك حذرنا الله سبحانه بقوله : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر .. الآية) النور/21 ، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ومن سبل الشيطان في الإيقاع في الفاحشة الخلوة بالأجنبية ولذلك سدت الشريعة هذا الطريق كما في قوله صلى الله عليه وسلم : " لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان " رواه الترمذي 3/474 انظر مشكاة المصابيح 3118 . وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان " رواه مسلم 4/1711 . فلا يجوز لرجل أن يختلي في بيت أو حجرة أو سيارة بامرأة أجنبية عنه كزوجة أخيه أو الخادمة أو مريضة مع طبيب ونحو ذلك وكثير من الناس يتساهلون في هذا إما ثقة بنفسه أو بغيره فيترتب على ذلك الوقوع في الفاحشة أو مقدماتها وتزداد مأساة اختلاط الأنساب وأولاد الحرام .
مصافحة المرأة الأجنبية :(3/25)
وهذا مما طغت فيه بعض الأعراف الاجتماعية على شريعة الله في المجتمع وعلا فيه باطل عادات الناس وتقاليدهم على حكم الله حتى لو خاطبت أحدهم بحكم الشرع وأقمت الحجة وبينت الدليل اتهمك بالرجعية والتعقيد وقطع الرحم والتشكيك في النوايا الحسنة ... الخ، وصارت مصافحة بنت العم وبنت العمة وبنت الخال وبنت الخالة وزوجة الأخ وزوجة العم وزوجة الخال أسهل في مجتمعنا من شرب الماء ولو نظروا بعين البصيرة في خطورة الأمر شرعا ما فعلوا ذلك . قال المصطفى صلى الله عليه وسلم " لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له " رواه الطبراني 20/212 وهو في صحيح الجامع 4921 . ولا شك أن هذا من زنا اليد كما قال صلى الله عليه وسلم " العينان تزنيان واليدان تزنيان والرجلان تزنيان والفرج يزني " رواه الإمام أحمد 1/412 وهو في صحيح الجامع 4126 ، وهل هناك أطهر قلبا من محمد صلى الله عليه وسلم ومع ذلك قال " إني لا أصافح النساء" رواه الإمام أحمد 6/357 وهو في صحيح الجامع 2509 ، وقال أيضا " إني لا أمس أيدي النساء" رواه الطبراني في الكبير 24/342 وهو في صحيح الجامع 7054 وانظر الإصابة 4/354 ط. دار الكتاب العربي . وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ولا والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط غير أنه يبايعهن بالكلام [ رواه مسلم 3/1489 ] . ألا فليتق الله أناس يهددون زوجاتهم الصالحات بالطلاق إذا لم يصافحن إخوانهم .
وينبغي العلم بأن وضع حائل والمصافحة من وراء ثوب لا تغني شيئا فهو حرام في الحالين .
تطيب المرأة عند خروجها ومرورها بعطرها على الرجال :(3/26)
وهذا مما فشا في عصرنا رغم التحذير الشديد من النبي صلى الله عليه وسلم بقوله " أيما امرأة استعطرت ثم مرت على القوم ليجدوا ريحها فهي زانية " رواه الإمام أحمد 4/418 انظر صحيح الجامع 105 . وعند بعض النساء غفلة أو استهانة يجعلها تتساهل بهذا الأمر عند السائق والبائع وبواب المدرسة ، بل إن الشريعة شددت على من وضعت طيبا بأن تغتسل كغسل الجنابة إذا أرادت الخروج ولو إلى المسجد . قال صلى الله عليه وسلم " أيما امرأة تطيبت ثم خرجت إلى المسجد ليوجد ريحها لم يقبل منها صلاة حتى تغتسل اغتسالها من الجنابة " رواه الإمام أحمد 2/444 وانظر صحيح الجامع 2703 . فإلى الله المشتكى من البخور والعود في الأعراس وحفلات النساء قبل خروجهن واستعمال هذه العطورات ذات الروائح النفاذة في الأسواق ووسائل النقل ومجتمعات الإختلاط وحتى في المساجد في ليالي رمضان وقد جاءت الشريعة بأن طيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه نسأل الله أن لا يمقتنا وأن لا يؤاخذ الصالحين والصالحات بفعل السفهاء والسفيهات وأن يهدي الجميع إلى صراطه المستقيم .
سفر المرأة بغير محرم :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم " رواه مسلم 2/977 . وسفرها بغير محرم يغري الفساق بها فيتعرضون لها وهي ضعيفة فقد تنجرف وأقل أحوالها أن تؤذى في عرضها أو شرفها، وكذلك ركوبها بالطائرة ولو بمحرم يودع ومحرم يستقبل ـ بزعمهم ـ فمن الذي سيركب بجانبها في المقعد المجاور ولو حصل خلل فهبطت الطائرة في مطار آخر أو حدث تأخير واختلاف موعد فماذا يكون الحال والقصص كثيرة . هذا ويشترط في المحرم أربعة شروط وهي أن يكون مسلما بالغا عاقلا ذكرا .(3/27)
عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرا يكون ثلاثة أيام فصاعدا إلا ومعها أبوها أو ابنها أو زوجها أو أخوها أو ذو محرم منها " رواه مسلم 2/977 .
تعمد النظر إلى المرأة الأجنبية :
قال الله تعالى ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون ) النور /30 ، وقال صلى الله عليه وسلم " ...فزنا العين النظر ..." ( أي إلى ما حرم الله ) رواه البخاري انظر فتح الباري 11/26 . ويستثنى من ذلك ما كان لحاجة شرعية كنظر الخاطب والطبيب . ويحرم كذلك على المرأة أن تنظر إلى الرجل الأجنبي نظر فتنة قال تعالى ( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ) ويحرم كذلك النظر إلى الأمرد والحسن بشهوة ، ويحرم نظر الرجل إلى عورة الرجل والمرأة إلى عورة المرأة وكل عورة لا يجوز النظر إليها لا يجوز مسها ولو من وراء حائل . ومن تلاعب الشيطان ببعضهم ما يفعلون من النظر إلى الصور في المجلات ومشاهدة الأفلام بحجة أنها ليست حقيقية وجانب المفسدة وإثارة الشهوات في هذا واضح كل الوضوح .
الدياثة :
عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا : " ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة : مدمن الخمر والعاق والديوث الذي يقر في أهله الخبث " رواه الإمام أحمد 2/69 وهو في صحيح الجامع 3047 .
ومن صور الدياثة في عصرنا الإغضاء عن البنت أو المرأة في البيت وهي تتصل بالرجل الأجنبي يحادثها وتحادثه بما يسمى بالمغازلات وأن يرضى بخلوة إحدى نساء بيته مع رجل أجنبي وكذا ترك إحدى النساء من أهل البيت تركب بمفردها مع أجنبي كالسائق ونحوه وأن يرضى بخروجهن دون حجاب شرعي يتفرج عليهن الغادي والرائح وكذا جلب الأفلام أو المجلات التي تنشر الفساد والمجون وإدخالها البيت .
التزوير في انتساب الولد لأبيه وجحد الرجل ولده :(3/28)
لا يجوز شرعا لمسلم أن ينتسب إلى غير أبيه أو يلحق نفسه بقوم ليس منهم وبعض الناس يفعلون ذلك لمآرب مادية ويثبتون النسب المزور في الأوراق الرسمية وبعضهم قد يفعله حقدا على أبيه الذي تركه وهو في صغره وكل ذلك حرام ويترتب على ذلك مفاسد عظيمة في أبواب متعددة كالمحرمية والنكاح والميراث ونحو ذلك وقد جاء في الصحيح عن سعد وأبي بكرة رضي الله عنهما مرفوعا : " من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام " رواه البخاري انظر فتح الباري 8/45 . ويحرم في الشريعة كل ما فيه عبث بالأنساب أو تزوير فيها وبعض الناس إذا فجر في خصومته مع زوجته اتهمها بالفاحشة وتبرأ من ولده دون بينة وهو قد جاء على فراشه وقد تخون بعض الزوجات الأمانة فتحمل من فاحشة وتدخل في نسب زوجها من ليس منه وقد جاء الوعيد العظيم على ذلك فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لما نزلت آية الملاعنة : " أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء ولن يدخلها الله جنته وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين " رواه أبو داود 2/695 انظر مشكاة المصابيح 3316 .
أكل الربا :
لم يؤذن الله في كتابه بحرب أحد إلا أهل الربا قال الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين ، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ) البقرة / 278-279 ، وهذا كاف في بيان شناعة هذه الجريمة عند الله عز وجل .(3/29)
والناظر على مستوى الأفراد والدول يجد مدى الخراب والدمار الذي خلفه التعامل بالربا من الإفلاس والكساد والركود والعجز عن تسديد الديون وشلل الاقتصاد وارتفاع مستوى البطالة وانهيار الكثير من الشركات والمؤسسات وجعل ناتج الكدح اليومي وعرق العمل يصب في خانة تسديد الربا غير المتناهي للمرابي وإيجاد الطبقية في المجتمع من جعل الأموال الطائلة تتركز في أيدي قلة من الناس ولعل هذا شيء من صور الحرب التي توعد الله بها المتعاملين بالربا .
وكل من يشارك في الربا من الأطراف الأساسية والوسطاء والمعينين المساعدين ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم فعن جابر رضي الله عنه قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم :" آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه " وقال : " هم سواء " رواه مسلم 3/1219 . وبناء عليه لا يجوز العمل في كتابة الربا ولا في تقييده وضبطه ولا في استلامه وتسليمه ولا في إيداعه ولا في حراسته وعلى وجه العموم تحرم المشاركة فيه والإعانة عليه بأي وجه من الوجوه .(3/30)
ولقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تبيان قبح هذه الكبيرة فيما جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مرفوعا : " الربا ثلاثة وسبعون بابا أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه ، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم " رواه الحاكم في المستدرك /37 وهو في صحيح الجامع 3533 . وبقوله فيما جاء عن عبد الله بن حنظلة رضي الله عنهما مرفوعا : " درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ستة وثلاثين زنية " رواه الإمام أحمد 5/225 انظر صحيح الجامع 3375 . وتحريم الربا عام لم يخص بما كان بين غني وفقير كما يظنه بعض الناس بل هو عام في كل حال وشخص وكم من الأغنياء وكبار التجار قد أفلسوا بسببه والواقع يشهد بذلك وأقل ما فيه محق بركة المال وإن كان كثيرا في العدد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " الربا وإن كثر فإن عاقبته تصير إلى قل " رواه الحاكم 2/37 وهو في صحيح الجامع 3542 ومعنى قل أي نقصان المال .
وليس الربا كذلك مخصوصا بما إذا كانت نسبته مرتفعة أو متدنية قليلة أم كثيرة فكله حرام صاحبه يبعث من قبره يوم القيامة يقوم كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس والصرع .
ومع فحش هذه الجريمة إلا أن الله أخبر عن التوبة منها وبين كيفية ذلك فقال تعالى لأهل الربا : "( فإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون ) وهذا عين العدل .(3/31)
ويجب أن تنفر نفس المؤمن من هذه الكبيرة وأن تستشعر قبحها وحتى الذين يضعون أموالهم في البنوك الربوية اضطرارا وخوفا عليها من الضياع أو السرقة ينبغي عليهم أن يشعروا بشعور المضطر وأنهم كمن يأكل الميتة أو أشد مع استغفار الله تعالى والسعي لإيجاد البديل ما أمكن ولا يجوز لهم مطالبة البنوك بالربا بل إذا وضع لهم في حساباتهم تخلصوا منه في أي باب جائز تخلصا لا صدقة فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ولا يجوز لهم الاستفادة منه بأي نوع من الاستفادة لا بأكل ولا شرب ولا لبس ولا مركب ولامسكن ولا نفقة واجبة لزوجة أو ولد أو أب أو أم ولا في إخراج الزكاة ولا في تسديد الضرائب ولا يدفع بها ظلما عن نفسه وإنما يتخلص منها خوفا من بطش الله تعالى .
كتم عيوب السلعة وإخفاؤها عند بيعها :(3/32)
مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على صبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللا فقال " ما هذا يا صاحب الطعام ؟ قال أصابته السماء يا رسول الله قال أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس ؟ من غش فليس منا " رواه مسلم 1/99 ، وكثير من الباعة اليوم ممن لا يخاف الله يحاول إخفاء العيب بوضع لاصق عليه أو جعله في أسفل صندوق البضاعة أو استعمال مواد كيميائية ونحوها تظهره بمظهر حسن أو تخفي صوت العيب الذي في المحرك في أول الأمر فإذا عاد المشتري بالسلعة لم تلبث أن تتلف من قريب وبعضهم يغير تاريخ انتهاء صلاحية السلعة أو يمنع المشتري من معاينة السلعة أو فحصها أو تجريبها وكثير ممن يبيعون السيارات والآلات لا يبينون عيوبها وهذا حرام . قال النبي صلى عليه وسلم " المسلم أخو المسلم ولا يحل لمسلم باع من أخيه بيعا فيه عيب إلا بينه له " رواه ابن ماجة 2/754 وهو في صحيح الجامع 6705 . وبعضهم يظن أنه يخلي مسئوليته إذا قال للمشترين في المزاد العلني .. أبيع كومة حديد .. كومة حديد ، فهذا بيعه منزوع البركة كما قال صلى الله عليه وسلم " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما ". رواه البخاري أنظر الفتح 4/328 .
بيع النجش :(3/33)
وهو أن يزيد في السلعة من لا يريد شراءها ليخدع غيره ويجره إلى الزيادة في السعر، قال صلى الله عليه وسلم "لا تناجشوا" رواه البخاري انظر فتح الباري 10/484 ، وهذا نوع من الخداع ولا شك وقد قال عليه الصلاة والسلام " المكر والخديعة في النار " انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة 1057 . وكثير من الدلالين في الحراج والمزادات ومعارض بيع السيارات كسبهم خبيث لمحرمات كثيرة يقترفونها منها تواطؤهم في بيع النجش والتغرير بالمشتري القادم وخداعه فيتواطؤن على خفض سعر سلعته أما لو كانت السلعة لهم أو لأحدهم فعلى العكس يندسون بين المشترين ويرفعون الأسعار في المزاد يخدعون عباد الله ويضرونهم .
البيع بعد النداء الثاني يوم الجمعة : -
قال الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ) الجمعة/9
وبعض الباعة يستمرون في البيع بعد النداء الثاني في دكاكينهم أو أمام المساجد ويشترك معهم في الإثم الذين يشترون منهم ولو سواكا وهذا البيع باطل على الراجح وبعض أصحاب المطاعم والمخابز والمصانع يجبرون عمالهم على العمل في وقت صلاة الجمعة وهؤلاء وإن زاد ربحهم في الظاهر فإنهم لا يزدادون إلا خسارا في الحقيقة ، أما العامل فإنه لابد أن يعمل بمقتضى قوله صلى الله عليه وسلم : " لا طاعة لبشر في معصية الله " . رواه الإمام أحمد 1/129 وقال أحمد شاكر إسناده صحيح رقم 1065 .
القمار والميسر :-
قال الله تعالى : ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ) المائدة/90 .
وكان أهل الجاهلية يتعاطون الميسر ومن أشهر صوره عندهم أنهم كانوا يشتركون في بعير عشرة أشخاص بالتساوي ثم يَضرب بالقداح وهو نوع من القرعة فسبعة يأخذون بأنصبة متفاوتة معينة في عرفهم وثلاثة لا يأخذون شيئا .
وأما في زماننا فإن للميسر عدة صور منها :(3/34)
ـ ما يعرف باليانصيب وله صور كثيرة ومن أبسطها شراء أرقام بمال يجري السحب عليها فالفائز الأول يعطى جائزة والثاني وهكذا في جوائز معدودة قد تتفاوت فهذا حرام ولو كانوا يسمونه بزعمهم خيريا .
ـ أن يشتري سلعة بداخلها شيء مجهول أو يعطى رقما عند شرائه للسلعة يجري عليه السحب لتحديد الفائزين بالجوائز .
ـ ومن صور الميسر في عصرنا عقود التأمين التجاري على الحياة والمركبات والبضائع وضد الحريق والتأمين الشامل وضد الغير إلى غير ذلك من الصور المختلفة حتى أن بعض المغنين يقومون بالتأمين على أصواتهم .
هذا وجميع صور المقامرة تدخل في الميسر وقد وجد في زماننا أندية خاصة بالقمار وفيها ما يعرف بالطاولات الخضراء الخاصة لمقارفة هذا الذنب العظيم وكذلك ما يحدث في مراهنات سباق الخيول وغيرها من المباريات هو أيضا نوع من أنواع الميسر ويوجد في بعض محلات الألعاب ومراكز الترفيه أنواع من الألعاب المشتملة على فكرة الميسر كالتي يسمونها "الفليبرز" ومن صور المقامرة أيضا المسابقات التي تكون فيها الجوائز من طرفي المسابقة أو أطرافها كما نص على ذلك جماعة من أهل العلم .
السرقة :
قال تعالى : ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم ) المائدة / 38 .
ومن أعظم جرائم السرقة سرقة حجاج وعمار بيت الله العتيق وهذا النوع من اللصوص لا يقيم وزنا لحدود الله في أفضل بقاع الأرض وحول بيت الله وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في قصة صلاة الكسوف : ( لقد جئ بالنار وذلكم حين رأيتموني تأخرت مخافة أن يصيبني من لفحها ، وحتى رأيت فيها صاحب المحجن يجر قصبه [ أمعاءه ] في النار ، كان يسرق الحاج بمحجنه [ عصا معقوفة الطرف ] فإن فطن له قال : إنما تعلق بمحجني ، وإن غفل عنه ذهب به .. ) رواه مسلم رقم 904 .(3/35)
ومن أعظم السرقات السرقة من الأموال العامة وبعض الذين يفعلونها يقولون نسرق كما يسرق غيرنا وما علموا أن تلك سرقة من جميع المسلمين لأن الأموال العامة ملك لجميع المسلمين وفعل الذين لا يخافون الله ليس بحجة تبرر تقليدهم وبعض الناس يسرق من أموال الكفار بحجة أنهم كفار وهذا غير صحيح فإن الكفار الذين يجوز سلب أموالهم هم المحاربون للمسلمين وليس جميع شركات الكفار وأفرادهم يدخلون في ذلك ومن وسائل السرقة مد الأيدي إلى جيوب الآخرين خلسة وبعضهم يدخل بيوت الآخرين زائرا ويسرق وبعضهم يسرق من حقائب ضيوفه وبعضهم يدخل المحلات التجارية ويخفي في جيوبه وثيابه سلعا أو ما تفعله بعض النساء من إخفائها تحت ثيابها وبعض الناس يستسهل سرقة الأشياء القليلة أو الرخيصة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده " رواه البخاري انظر فتح الباري 12/81 . ويجب على كل من سرق شيئا أن يعيده إلى صاحبه بعد أن يتوب إلى الله عز وجل سواء أعاده علانية أو سرا شخصيا أو بواسطة فإن عجز عن الوصول إلى صاحب المال أو إلى ورثته من بعده مع الاجتهاد في البحث فإنه يتصدق به وينوي ثوابه لصاحبه .
أخذ الرشوة وإعطاؤها :
إعطاء الرشوة للقاضي أو الحاكم بين الناس لإبطال حق أو تمشية باطل جريمة لأنها تؤدي إلى الجور في الحكم وظلم صاحب الحق وتفشي الفساد قال الله تعالى : ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنت تعلمون ) البقرة/ 188 . وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا : " لعن الله الراشي والمرتشي في الحكم " رواه الإمام أحمد 2/387 وهو في صحيح الجامع 5069 . أما ما وقع للتوصل لحق أو دفع ظلم لا يمكن إلا عن طريق الرشوة فلا يدخل في الوعيد .(3/36)
وقد تفشت الرشوة في عصرنا تفشيا واسعا حتى صارت موردا أعظم من المرتبات عند بعض الموظفين بل صارت بندا في ميزانيات كثير من الشركات بعناوين مغلفة وصارت كثير من المعاملات لا تبدأ ولا تنتهي إلا بها وتضرر من ذلك الفقراء تضررا عظيما وفسدت كثير من الذمم بسببها وصارت سببا لإفساد العمال على أصحاب العمل والخدمة الجيدة لا تقدم إلا لمن يدفع ومن لا يدفع فالخدمة له رديئة أو يؤخر ويهمل وأصحاب الرشاوي الذين جاءوا من بعده قد انتهوا قبله بزمن وبسبب الرشوة دخلت أموال هي من حق أصحاب العمل في جيوب مندوبي المبيعات والمشتريات ولهذا وغيره فلا عجب أن يدعو النبي صلى الله عليه وسلم على الشركاء في هذه الجريمة والأطراف فيها أن يطردهم الله من رحمته فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لعنة الله على الراشي والمرتشي " رواه ابن ماجة 2313 وهو في صحيح الجامع 5114 .
غصب الأرض :-
إذا انعدم الخوف من الله صارت القوة والحيلة وبالا على صاحبها يستخدمها في الظلم كوضع اليد والاستيلاء على أموال الآخرين ومن ذلك غصب الأراضي وعقوبة ذلك في غاية الشدة فعن عبد الله بن عمر مرفوعا :" من أخذ من الأرض شيئا بغير حقه خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين " رواه البخاري انظر الفتح 5/103 .
وعن يعلى بن مرة رضي الله عنه مرفوعا : " أيما رجل ظلم شبرا من الأرض كلفه الله أن يحفره ( في الطبراني : يحضره ) حتى آخر سبع أرضين ثم يطوقه يوم القيامة حتى يقضى بين الناس " رواه الطبراني في الكبير 22/270 وهو في صحيح الجامع 2719 .
ويدخل في ذلك تغيير علامات الأراضي وحدودها فيوسع أرضه على حساب جاره وهو المشار إليه بقوله صلى الله عليه وسلم : " لعن الله من غير منار الأرض " رواه مسلم بشرح النووي 13/141 .
قبول الهدية بسبب الشفاعة :-(3/37)
الجاه والمكانة بين الناس من نعم الله على العبد إذا شكرها ومن شكر هذه النعمة أن يبذلها صاحبها لنفع المسلمين وهذا يدخل في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : " من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل " رواه مسلم 4/1726 . ومن نفع بجاهه أخاه المسلم في دفع ظلم عنه أو جلب خير إليه دون ارتكاب محرم أو اعتداء على حق أحد فهو مأجور عند الله عز وجل إذا خلصت نيته كما أخبر عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : " اشفعوا تؤجروا " رواه أبو داود 5132 والحديث في الصحيحين فتح الباري 10/450 كتاب الأدب باب تعاون المؤمنين بعضهم بعضا .
ولا يجوز أخذ مقابل على هذه الشفاعة والواسطة والدليل ما جاء عن أبي أمامة رضي الله عنه مرفوعا : " من شفع لأحد شفاعة ، فأهدى له هدية (عليها) فقبلها (منه) فقد أتى بابا عظيما من أبواب الربا " . رواه الإمام أحمد 5/261 وهو في صحيح الجامع 6292 .
ومن الناس يعرض بذل جاهه ووساطته مقابل مبلغ مالي يشترطه لتعيين شخص في وظيفة أو نقل آخر من دائرة أو من منطقة إلى أخرى أو علاج مريض ونحو ذلك والراجح أن هذا المقابل محرم لحديث أبي أمامة المتقدم آنفا بل إن ظاهر الحديث يشمل الأخذ ولو بدون شرط مسبق [ من إفادات الشيخ عبد العزيز بن باز مشافهة ] وحسب فاعل الخير الأجر من الله يجده يوم القيامة . جاء رجل إلى الحسن بن سهل يستشفع به في حاجة فقضاها فأقبل الرجل يشكره فقال له الحسن بن سهل علام تشكرنا ونحن نرى أن للجاه زكاة كما أن للمال زكاة ؟ الآداب الشرعية لابن مفلح 2/176 .
ومما يحسن الإشارة إليه هنا الفرق بين استئجار شخص لإنجاز معاملة ومتابعتها وملاحقتها مقابل أجرة فيكون هذا من باب الإجارة الجائزة بالشروط الشرعية وبين أن يبذل جاهه ووساطته فيشفع مقابل مال فهذا من المحظور .
استيفاء العمل من الأجير وعدم إيفائه أجره :-(3/38)
لقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم في سرعة إعطاء الأجير حقه فقال : " أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه " رواه ابن ماجة 2/817 وهو في صحيح الجامع 1493 .
ومن أنواع الظلم الحاصل في مجتمعات المسلمين عدم إعطاء العمال والأجراء والموظفين حقوقهم ولهذا عدة صور منها :
ــ أن يجحده حقه بالكلية ولا يكون للأجير بينة فهذا وإن ضاع حقه في الدنيا فإنه لا يضيع عند الله يوم القيامة فإن الظالم يأتي وقد أكل مال المظلوم فيعطى المظلوم من حسنات الظالم فإن فنيت أخذ من سيئات المظلوم فطرحت على الظالم ثم طرح في النار .
ــ أن يبخسه فيه فلا يعطيه إياه كاملا وينقص منه دون حق وقد قال الله تعالى : ( ويل للمطففين ) المطففين/1 ، ومن أمثلة ذلك ما يفعله بعض أرباب العمل إذا استقدم عمالا من بلدهم وكان قد عقد معهم عقدا على أجر معين فإذا ارتبطوا به وباشروا العمل عمد إلى عقود العمل فغيرها بأجور أقل فيقيمون على كراهية وقد لا يستطيعون إثبات حقهم فيشكون أمرهم إلى الله ، وإن كان رب العمل الظالم مسلما والعامل كافرا كان ذلك البخس من الصد عن سبيل الله فيبوء بإثمه .
ــ أن يزيد عليه أعمالا إضافية أو يطيل مدة الدوام ولا يعطيه إلا الأجرة الأساسية ويمنعه أجرة العمل الإضافي .(3/39)
ــ أن يماطل فيه فلا يدفعه إليه إلا بعد جهد جهيد وملاحقة وشكاوى ومحاكم وقد يكون غرض رب العمل من التأخير إملال العامل حتى يترك حقه ويكف عن المطالبة أو يقصد الاستفادة من أموال العمال بتوظيفها وبعضهم يرابي فيها والعامل المسكين لا يجد قوت يومه ولا ما يرسله نفقة لأهله وأولاده المحتاجين الذين تغرب من أجلهم . فويل لهؤلاء الظلمة من عذاب يوم أليم روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " قال الله تعالى : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حرا وأكل ثمنه ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره " رواه البخاري انظر فتح الباري 4/447 .
عدم العدل في العطية بين الأولاد :(3/40)
يعمد بعض الناس إلى تخصيص بعض أولادهم بهبات وأعطيات دون الآخرين وهذا على الراجح عمل محرم إذا لم يكن له مسوغ شرعي كأن تقوم حاجة بأحد الأولاد لم تقم بالآخرين كمرض أو دين عليه أو مكافأة له على حفظه للقرآن مثلا أو أنه لا يجد عملا أو صاحب أسرة كبيرة أو طالب علم متفرغ ونحو ذلك وعلى الوالد أن ينوي إذا أعطى أحدا من أولاده لسبب شرعي أنه لو قام بولد آخر مثل حاجة الذي أعطاه أنه سيعطيه كما أعطى الأول . والدليل العام قوله تعالى ( اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله ) والدليل الخاص ما جاء عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن أباه أتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " إني نحلت ابني هذا غلاما ( أي وهبته عبدا كان عندي ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل ولدك نحلته مثله ؟ فقال لا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرجعه " رواه البخاري انظر الفتح 5/211 ، وفي رواية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم " قال فرجع فرد عطيته الفتح 5/211 ، وفي رواية " فلا تشهدني إذا فإني لا أشهد على جور " صحيح مسلم 3/1243 . ويعطى الذكر مثل حظ الأنثيين كالميراث وهذا قول الإمام أحمد رحمه الله [ مسائل الإمام أحمد لأبي داود 204 وقد حقق الإمام ابن القيم في حاشيته على أبي داود المسألة تحقيقا بينا ] . والناظر في أحوال بعض الأسر يجد من الآباء من لا يخاف الله في تفضيل بعض أولاده بأعطيات فيوغر صدور بعضهم على بعض ويزرع بينهم العداوة والبغضاء . وقد يعطي واحدا لأنه يشبه أعمامه ويحرم الآخر لأنه فيه شبها من أخواله أو يعطي أولاد إحدى زوجتيه مالا يعطي أولاد الأخرى وربما أدخل أولاد إحداهما مدارس خاصة دون أولاد الأخرى وهذا سيرتد عليه فإن المحروم في كثير من الأحيان لا يبر بأبيه مستقبلا وقد قال عليه الصلاة والسلام لمن فاضل بين أولاده في العطية " ...أليس يسرك أن يكونوا إليك في البر سواء ..." .(3/41)
رواه الإمام أحمد 4/269 وهو في صحيح مسلم رقم 1623
سؤال الناس المال من غير حاجة :
عن سهل بن الحنظلية رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من سأل وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من جمر جهنم قالوا وما الغنى الذي لا تنبغي معه المسألة قال قدر ما يغديه ويعشيه" رواه أبو داود 2/281 وهو في صحيح الجامع 6280 ، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من سأل وله ما يغنيه جاءت يوم القيامة خدوشا أو كدوشا في وجهه " رواه الإمام أحمد 1/388 انظر صحيح الجامع 6255 . وبعض الشحاذين يقفون في المساجد أمام خلق الله يقطعون التسبيح بشكاياتهم وبعضهم يكذبون ويزورون أوراقا ويختلقون قصصا وقد يوزعون أفراد الأسرة على المساجد ثم يجمعونهم وينتقلون من مسجد لآخر وهم في حالة من الغنى لا يعلمها إلا الله فإذا ماتوا ظهرت التركة. وغيرهم من المحتاجين الحقيقيين يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف لا يسألون الناس إلحافا ولا يفطن لهم فيتصدق عليهم .
الاستدانة بدين لا يريد وفاءه
حقوق العباد عند الله عظيمة وقد يخرج الشخص من حق الله بالتوبة ولكن حقوق العباد لا مناص من أدائها قبل أن يأتي يوم لا يتقاضى فيه بالدينار ولا بالدرهم ولكن بالحسنات والسيئات والله سبحانه وتعالى يقول : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) النساء /58 ، ومن الأمور المتفشية في المجتمع التساهل في الاستدانة وبعض الناس لا يستدين للحاجة الماسة وإنما يستدين رغبة في التوسع ومجاراة الآخرين في تجديد المركب والأثاث ونحو ذلك من المتاع الفاني والحطام الزائل وكثيرا ما يدخل هؤلاء في متاهات بيوع التقسيط التي لا يخلو كثير منها من الشبهة أو الحرام .(3/42)
والتساهل في الاستدانة يقود إلى المماطلة في التسديد أو يؤدي إلى إضاعة أموال الآخرين وإتلافها ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم محذرا من عاقبة هذا العمل : " من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله " رواه البخاري انظر فتح الباري 5/54 . والناس يتساهلون في أمر الدين كثيرا ويحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ، بل إن الشهيد مع ماله من المزايا العظيمة والأجر الجزيل والمرتبة العالية لا يسلم من تبعة الدين ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " سبحان الله ماذا أنزل الله من التشديد في الدين والذي نفسي بيده لو أن رجلا قتل في سبيل الله ثم أحيي ثم قتل ثم أحيي ثم قتل وعليه دين ما دخل الجنة حتى يقضى عنه دينه " رواه النسائي انظر المجتبى 7/314 وهو في صحيح الجامع 3594 . فهل بعد هذا يرعوي هؤلاء المتساهلون المفرطون ؟!
أكل الحرام :
من لا يخاف الله لا يبالي من أين اكتسب المال وفيم أنفقه بل يكون همه زيادة رصيده ولو كان سحتا وحراما من سرقة أو رشوة أو غصب أو تزوير أو بيع محرم أو مراباة أو أكل مال يتيم أو أجرة على عمل محرم ككهانة وفاحشة وغناء أو اعتداء على بيت مال المسلمين والممتلكات العامة أو أخذ مال الغير بالإحراج أو سؤال بغير حاجة ونحو ذلك ثم هو يأكل منه ويلبس ويركب ويبني بيتا أو يستأجره ويؤثثه ويدخل الحرام بطنه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به ... " رواه الطبراني في الكبير 19/136 وهو في صحيح الجامع 4495 . وسيسأل يوم القيامة عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وهنالك الهلاك والخسار فعلى من بقي لديه مال حرام أن يسارع بالتخلص منه وإن كان حقا لآدمي فليسارع بإرجاعه إليه مع طلب السماح قبل أن يأتي يوم لا يتقاضى فيه بالدينار ولا بالدرهم ولكن بالحسنات والسيئات
شرب الخمر ولو قطرة واحدة :(3/43)
قال الله تعالى : ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ) المائدة/90 ، والأمر بالاجتناب هو من أقوى الدلائل على التحريم وقد قرن الخمر بالأنصاب وهي آلهة الكفار وأصنامهم فلم تبق حجة لمن يقول إنه لم يقل هو حرام وإنما قال فاجتنبوه !!
وقد جاء الوعيد في سنة النبي صلى الله عليه وسلم لمن شرب الخمر فعن جابر مرفوعا : " ... إن على الله عز وجل عهدا لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال " قالوا : يا رسول الله وما طينة الخبال ؟ قال : " عرق أهل النار أو عصارة أهل النار " رواه مسلم 3/1587 . وعن ابن عباس مرفوعا : " من مات مدمن خمر لقي الله وهو كعابد وثن " رواه الطبراني 12/45 وهو في صحيح الجامع 6525 .
وقد تنوعت أنواع الخمور والمسكرات في عصرنا تنوعا بالغا وتعددت أسماؤها عربية وأعجمية فأطلقوا عليها البيرة والجعة والكحول والعرق والفودكا والشمبانيا وغير ذلك وظهر في هذه الأمة الصنف الذين أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنهم بقوله : " ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها " رواه الإمام أحمد 5/342 وهو في صحيح الجامع 5453 . فهم يطلقون عليها مشروبات روحية بدلا من الخمر تمويها وخداعا ( يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون ) .
وقد جاءت الشريعة بالضابط العظيم الذي يحسم الأمر ويقطع دابر فتنة التلاعب وهو ما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم : " كل مسكر خمر وكل مسكر حرام " رواه مسلم 3/1587 . فكل ما خالط العقل وأسكره فهو حرام قليله وكثيره [ حديث " ما أسكر كثيره فقليله حرام " قد رواه أبو داود رقم 3681 وهو في صحيح أبي داود رقم 3128 ] ومهما تعددت الأسماء واختلفت فالمسمى واحد والحكم معلوم .(3/44)
وأخيرا فهذه موعظة من النبي صلى الله عليه وسلم لشراب الخمور ، قال عليه الصلاة والسلام : " من شرب الخمر وسكر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا وإن مات دخل النار فإن تاب تاب الله عليه وإن عاد فشرب فسكر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا فإن مات دخل النار فإن تاب تاب الله عليه وإن عاد فشرب فسكر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا فإن مات دخل النار فإن تاب تاب الله عليه وإن عاد كان حقا على الله أن يسقيه من ردغة الخبال يوم القيامة قالوا يا رسول الله وما ردغة الخبال قال : عصارة أهل النار . رواه ابن ماجة رقم 3377 وهو في صحيح الجامع 6313 .
استعمال آنية الذهب والفضة والأكل والشرب فيها :
لا يكاد يخلو محل من محلات الأدوات المنزلية اليوم من الأواني الذهبية والفضية أو المطلية بالذهب والفضة وكذلك بيوت الأثرياء وعدد من الفنادق بل صار هذا النوع من الأواني من جملة الهدايا النفيسة التي يقدمها الناس بعضهم لبعض في المناسبات ، وبعض الناس قد لا يضعها في بيته ولكنه يستعملها في بيوت الآخرين وولائمهم ، وكل هذا من الأمور المحرمة في الشريعة وقد جاء الوعيد الشديد عن النبي صلى الله عليه وسلم في استعمال هذه الأواني فعن أم سلمة مرفوعا : " إن الذي يأكل أو يشرب في آنية الفضة والذهب إنما يجرجر في بطنه نار جهنم " رواه مسلم 3/1634 . وهذا الحكم يشمل كل ما هو من الآنية وأدوات الطعام كالصحون والشوك والملاعق والسكاكين وأواني تقديم الضيافة وعلب الحلويات المقدمة في الأعراس ونحوها .
وبعض الناس يقولون نحن لا نستعملها ولكن نضعها على رفوف خلف الزجاج للزينة ، وهذا لا يجوز أيضا سدا لذريعة استخدامها [ من إفادات الشيخ عبد العزيز بن باز مشافهة ] .
شهادة الزور :(3/45)
قال الله تعالى : ( فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور حنفاء لله غير مشركين به ) الحج/30-31 ، وعن عبد الرحمن بن أبي بكرة رضي الله عنهما عن أبيه قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :" ألا أنبئكم بأكبر الكبائر " ثلاثا " الإشراك بالله وعقوق الوالدين ـ وجلس وكان متكئا ـ فقال : ألا وقول الزور قال فما زال يكررها حتى قلنا : ليته سكت " رواه البخاري انظر الفتح 5/261 .
وتكرار التحذير من شهادة الزور هنا لتساهل الناس بها وكثرة الدواعي إليها من العداوة والحسد ولما يترتب عليها من المفاسد الكثيرة فكم ضاع من الحقوق بشهادة الزور وكم وقع من ظلم على أبرياء بسببها أو حصل أناس على مالا يستحقون أو أعطوا نسبا ليس بنسبهم بناء عليها .
ومن التساهل فيها ما يفعله بعض الناس في المحاكم من قوله لشخص يقابله هناك اشهد لي وأشهد لك فيشهد له في أمر يحتاج إلى علم بالحقيقة والحال كأن يشهد له بملكية أرض أو بيت أو تزكية وهو لم يقابله إلا على باب المحكمة أو في الدهليز وهذا كذب وزور فينبغي أن تكون الشهادة كما ورد في كتاب الله : ( وما شهدنا إلا بما علمنا ) يوسف / 81 .
سماع المعازف والموسيقى:
كان ابن مسعود رضي الله عنه يقسم بالله أن المراد بقوله تعالى ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله ) هو الغناء [ تفسير ابن كثير 6/333 ] وعن أبي عامر وأبي مالك الأشعري رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ... " رواه البخاري انظر الفتح 10/51 . وعن أنس رضي الله عنه مرفوعا : " ليكونن في هذه الأمة خسف وقذف ومسخ وذلك إذا شربوا الخمور واتخذوا القينات وضربوا بالمعازف " انظر السلسلة الصحيحة 2203 وعزاه إلى ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي والحديث رواه الترمذي رقم 2212 .(3/46)
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الكوبة وهي الطبل ووصف المزمار بأنه صوت أحمق فاجر وقد نص العلماء المتقدمون كالإمام أحمد رحمه الله على تحريم آلات اللهو والعزف كالعود والطنبور والشبابة والرباب والصنج ولا شك أن آلات اللهو والعزف الحديثة تدخل في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن المعازف وذلك كالكمنجة والقانون والأورج والبيانو والغيتار وغيرها بل إنها في الطرب والنشوة والتأثير أكبر بكثير من الآلات القديمة التي ورد تحريمها في بعض الأحاديث بل إن نشوة الموسيقى وسكرها أعظم من سكر الخمر كما ذكر أهل العلم كابن القيم وغيره ولاشك أن التحريم يشتد والذنب يعظم إذا رافق الموسيقى غناء وأصوات كأصوات القينات وهن المغنيات والمطربات وتتفاقم المصيبة عندما تكون كلمات الأغاني عشقا وحبا وغراما ووصفا للمحاسن ولذلك ذكر العلماء أن الغناء بريد الزنا وأنه ينبت النفاق في القلب وعلى وجه العموم صار موضوع الأغاني والموسيقى من أعظم الفتن في هذا الزمان .
ومما زاد البلاء في عصرنا دخول الموسيقى في أشياء كثيرة كالساعات والأجراس وألعاب الأطفال والكمبيوتر وبعض أجهزة الهاتف فصار تحاشي ذلك أمرا يحتاج إلى عزيمة والله المستعان .
الغيبة :
صارت فاكهة كثير من المجالس غيبة المسلمين والولوغ في أعراضهم وهو أمر قد نهى الله عنه ونفر عباده منه ومثله بصورة كريهة تتقزز منها النفوس فقال عز وجل : ( ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه ) الحجرات/12 .
وقد بين معناها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : " أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا الله ورسوله أعلم . قال : ذكرك أخاك بما يكره قيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته " رواه مسلم 4/2001 .(3/47)
فالغيبة ذكرك للمسلم بما فيه مما يكرهه سواء كان في بدنه أو دينه أو دنياه أو نفسه أو أخلاقه أو خلقته ولها صور متعددة منها أن يذكر عيوبه أو يحاكي تصرفا له على سبيل التهكم
والناس يتساهلون في أمر الغيبة مع شناعتها وقبحها عند الله ويدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " الربا اثنان وسبعون بابا أدناها مثل إتيان الرجل أمه وإن أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه " السلسلة الصحيحة 1871 .
ويجب على من كان حاضرا في المجلس أن ينهى عن المنكر ويدافع عن أخيه المغتاب وقد رغب في ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : " من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة " رواه أحمد 6/450 وهو في صحيح الجامع 6238 .
النميمة :-
لا يزال نقل كلام الناس بعضهم إلى بعض للإفساد بينهم من أعظم أسباب قطع الروابط وإيقاد نيران الحقد والعداوة بين الناس وقد ذم الله تعالى صاحب هذا الفعل فقال عز وجل : ( ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم ) القلم/11 .
وعن حذيفة مرفوعا : " لا يدخل الجنة قتات " رواه البخاري انظر الفتح 10/472 وفي النهاية لابن الأثير 4/11 : وقيل القتات الذي يتسمع على القوم وهم لا يعلمون ثم ينم .
وعن ابن عباس قال مر النبي صلى الله عليه وسلم بحائط [ بستان ] من حيطان المدينة فسمع صوت إنسانين يعذبان في قبورهما فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " يعذبان ، وما يعذبان في كبير - ثم قال - بلى [ وفي رواية : وإنه لكبير ] كان أحدهما لا يستتر من بوله وكان الآخر يمشي بالنميمة ... " رواه البخاري انظر فتح الباري 1/317 .
ومن الصور السيئة لهذا العمل تخبيب الزوج على زوجته والعكس وهو السعي في إفساد العلاقة بينهما وكذلك قيام بعض الموظفين في نقل كلام الآخرين للمدير أو المسؤول في نوع من الوشاية للإيقاع وإلحاق الضرر وهذا كله من المحرمات .
الاطلاع على بيوت الناس دون إذن :(3/48)
قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها) النور/27 ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم موضحا أن العلة في الاستئذان هي مخافة الإطلاع على عورات أصحاب البيوت : " إنما جعل الاستئذان من اجل البصر" رواه البخاري انظر فتح الباري 11/24 . واليوم مع تقارب المباني وتلاصق العمارات وتقابل النوافذ والأبواب صار احتمال كشف الجيران بعضهم بعضا كبيرا وكثيرون لا يغضون أبصارهم وربما تعمد بعض من في الأعلى الإطلاع من نوافذهم وأسطحهم على البيوت المجاورة أسفل منهم ، وهذه خيانة وانتهاك لحرمة الجيران ووسيلة إلى الحرام ، وحصل بسبب ذلك الكثير من البلاء والفتنة ويكفي دليلا على خطورة الأمر إهدار الشريعة لعين المتجسس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقئوا عينه " رواه مسلم 3/1699 ، وفي رواية " ففقئوا عينه فلا دية له ولا قصاص " [ رواه الإمام أحمد 2/385 وهو في صحيح الجامع 6022 .
تناجي اثنين دون الثالث :
وهذه من آفات المجالس ومن خطوات الشيطان ليفرق بين المسلمين ويوغر صدور بعضهم على بعض وقد قال عليه الصلاة والسلام مبينا الحكم والعلة " إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى رجلان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس أجل ( أي من أجل كما ورد في بعض الروايات ) أن ذلك يحزنه " رواه البخاري انظر فتح الباري 11/83 ، ويدخل في ذلك تناجي ثلاثة دون الرابع وهكذا وكذلك أن يتكلم المتناجيان بلغة لا يفهمها الثالث ولا شك أن التناجي فيه نوع من التحقير للثالث أو إيهامه أنهما يريدان به شرا ونحو ذلك .
الإسبال في الثياب :
مما يحسبه الناس هينا وهو عند الله عظيم الإسبال وهو إطالة اللباس أسفل من الكعبين وبعضهم يمس لباسه الأرض وبعضهم يسحبه خلفه(3/49)
عن أبي ذر رضي الله عنه مرفوعا :" ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : المسبل ( وفي رواية : إزاره ) والمنان ( وفي رواية : الذي لا يعطي شيئا إلا منه ) والمنفق سلعته بالحلف الكاذب " رواه مسلم 1/102 .
والذي يقول إن إسبالي لثوبي ليس كبرا فهو يزكي نفسه تزكية غير مقبولة والوعيد للمسبل عام سواء قصد الكبر أم لم يقصده كما يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم : " ما تحت الكعبين من الإزار ففي النار " رواه الإمام أحمد 6/254 وهو في صحيح الجامع 5571 . فإذا أسبل خيلاء صارت عقوبته أشد وأعظم وهي ما ورد في قوله صلى الله عليه وسلم : " من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة " رواه البخاري رقم 3465 ط. البغا ، وذلك لأنه جمع بين محرمين والإسبال محرم في كل لباس كما يدل عليه حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا : " الإسبال في الإزار والقميص والعمامة من جر منها شيئا خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة " رواه أبو داود 4/353 وهو في صحيح الجامع 2770 . والمرأة يسمح لها أن ترخي شبرا أو شبرين لستر قدميها احتياطا لما يخشى من الانكشاف بسبب ريح ونحوها ولكن لا يجوز لها مجاوزة الحد كما في بعض ثياب العرائس التي تمتد أشبارا وأمتارا وربما حمل وراءها .
تحلي الرجال بالذهب على أي صورة كانت
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه مرفوعا : " أحل لإناث أمتي الحرير والذهب وحرم على ذكورها " رواه الإمام أحمد 4/393 انظر صحيح الجامع 207 .
وفي الأسواق اليوم عدد من المصنوعات المصممة للرجال من الساعات والنظارات والأزرار والأقلام والسلاسل وما يسمونه بالميداليات بعيارات الذهب المختلفة أو مما هو مطلي بالذهب طلاء كاملا ومن المنكرات ما يعلن في جوائز بعض المسابقات : ساعة ذهب رجالي !!(3/50)
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتما من ذهب في يد رجل فنزعه ، فطرحه ، فقال : " يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده ؟! " فقيل للرجل بعدما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ خاتمك انتفع به قال : لا والله لا آخذه أبدا وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه مسلم 3/1655 .
لبس القصير والرقيق والضيق من الثياب للنساء :-
كان مما غزانا به أعداؤنا في هذا الزمان هذه الأزياء والموضات التي وضعوا أشكالها وتفصيلها وراجت بين المسلمين وهي لا تستر العورة لقصرها أو شفافيتها أو ضيقها وكثير منها لا يجوز لبسه حتى بين النساء وأمام المحارم وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ظهور هذه الأنواع من الألبسة على نساء آخر الزمان كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا : " صنفان من أهل النار لم أرهما : قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا " رواه مسلم 3/ 1680 والبخت هي الجمال طوال الأعناق . ويدخل في هذا الألبسة التي تلبسها بعض النساء تكون ذات فتحة طويلة من الأسفل أو مشقوقة من عدة جهات فإذا جلست ظهر من عورتها ما ظهر مع ما في ذلك من التشبه بالكفار واتباعهم في الموضات وما استحدثوه من الأزياء الفاضحة نسأل الله السلامة . ومن الأمور الخطيرة كذلك ما يوجد على بعض الملابس من الصور السيئة كصور المغنين والفرق الموسيقية وقوارير الخمر وصور ذوات الأرواح المحرمة شرعا أو الصلبان أو شعارات الأندية والجمعيات الخبيثة أو العبارات الرديئة المخلة بالشرف والعفة والتي كثيرا ما تكون مكتوبة بلغات أجنبية
وصل الشعر بشعر مستعار لآدمي أو لغيره للرجال والنساء :-(3/51)
عن أسماء بنت أبي بكر قالت جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن لي ابنة عريسا أصابتها حصبة فتمرق ( أي تساقط ) شعرها أفأصله فقال : " لعن الله الواصلة والمستوصلة " رواه مسلم 3/1676 . وعن جابر بن عبدالله قال : زجر النبي صلى الله عليه وسلم أن تصل المرأة برأسها شيئا " رواه مسلم 3/1679 .
ومن أمثلة هذا ما يعرف في عصرنا بالباروكة ومن الواصلات في عصرنا " الكوافيرات " وما تزخر به صالاتهن من المنكرات
ومن أمثلة هذا المحرم أيضا لبس الشعر المستعار كما يفعله بعض من لا خلاق لهم من الممثلين والممثلات في التمثيليات والمسرحيات .
تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال في اللباس أو الكلام أو الهيئة :
من الفطرة أن يحافظ الرجل على رجولته التي خلقه الله عليها وأن تحافظ المرأة على أنوثتها التي خلقها الله عليها وهذا من الأسباب التي لا تستقيم حياة الناس إلا بها وتشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال هو مخالفة للفطرة وفتح لأبواب الفساد وإشاعة للانحلال في المجتمع وحكم هذا العمل شرعا هو التحريم وإذا ورد في نص شرعي لعن من يقوم بعمل فإن ذلك يدل على تحريمه وقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا : " لعن رسول الله المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال " رواه البخاري انظر الفتح 10/332 ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا : " لعن رسول الله المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء " رواه البخاري الفتح 10/333 . والتشبه قد يكون بالحركات والسكنات والمشية كالانخناث في الأجسام والتأنث في الكلام والمشي .(3/52)
وكذلك لا يجوز تشبه كل من الجنسين بالآخر في اللباس ولا فيما هو من خصائصه فلا يجوز للرجل أن يلبس القلائد ولا الأساور ولا الخلاخل ولا الأقراط ونحوها كما هو منتشر عند أصناف الهبيين والخنافس ونحوهم وكذلك لا يجوز للمرأة أن تلبس ما اختص الرجل بلبسه من ثوب أو قميص ونحوه بل يجب أن تخالفه في الهيئة والتفصيل واللون ، والدليل على وجوب مخالفة كل من الجنسين للآخر في اللباس ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا : " لعن الله الرجل يلبس لبسة المرأة ، والمرأة تلبس لبسة الرجل " رواه أبو داود 4/355 وهو في صحيح الجامع 5071 .
صبغ الشعر بالسواد :
والصحيح أنه محرم للوعيد المذكور في قوله عليه الصلاة والسلام " يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة " رواه أبو داود 4/419 وهو في صحيح الجامع 8153 . وهذا عمل منتشر بين كثير ممن ظهر فيهم الشيب فيغيرونه بالصبغ الأسود فيؤدي عملهم هذا إلي مفاسد منها الخداع والتدليس على خلق الله والتشبع بحال غير حاله الحقيقية ولا شك أن لهذا أثرا سيئا على السلوك الشخصي وقد يحصل به نوع من الاغترار وقد صح أنه صلى الله عليه وسلم كان يغير الشيب بالحناء ونحوها مما فيه اصفرار أو احمرار أو بما يميل إلى اللون البني ، ولما أتي بأبي قحافة يوم الفتح ورأسه ولحيته كالثغامة من شدة البياض قال عليه الصلاة والسلام " غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد " رواه مسلم 3/1663 . والصحيح أن المرأة كالرجل لا يجوز أن تصبغ بالسواد ما ليس بأسود من شعرها .
تصوير ما فيه روح في الثياب والجدران والورق ونحو ذلك :-(3/53)
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه مرفوعا : " إن أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة المصورون " رواه البخاري انظر الفتح 10/382 . وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا : " قال الله تعالى : ( ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا حبة و ليخلقوا ذرة ... ) " رواه البخاري انظر فتح الباري 10/385 . وعن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا : " كل مصور في النار ، يجعل له بكل صورة صورها نفسا فتعذب في جهنم " قال ابن عباس : إن كنت لا بد فاعلا فاصنع الشجر وما لا روح فيه " رواه مسلم 3/1671 . فهذه الأحاديث دالة على تحريم صور ذوات الأرواح من الآدميين وسائر الحيوانات مما له ظل أو ليس له ظل سواء كانت مطبوعة أو مرسومة أو محفورة أو منقوشة أو منحوتة أو مصبوبة بقوالب ونحو ذلك والأحاديث في تحريم الصور تشمل ذلك كله .
والمسلم يستسلم لنصوص الشرع ولا يجادل فيقول أنا لا أعبدها ولا أسجد لها !! ولو نظر العاقل بعين البصيرة والتأمل في مفسدة واحدة فقط لشيوع التصوير في عصرنا لعرف شيئا من الحكمة في هذه الشريعة عندما جاءت بتحريم التصوير وهو ما حصل من الفساد العظيم من إثارة الغرائز وثوران الشهوات بل الوصول إلى الوقوع في الفواحش بسبب الصور .(3/54)
وينبغي على المسلم أن لا يحتفظ في بيته بصور لذوات الأرواح حتى لا يكون ذلك سببا في امتناع الملائكة عن دخول بيته فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا تصاوير " رواه البخاري انظر الفتح 10/380 . وتوجد في بعض البيوت تماثيل بعضها لمعبودات الكفار توضع على أنها تحف ومن الزينة فهذه حرمتها أشد من غيرها وكذلك الصور المعلقة أشد من غير المعلقة فكم أفضت إلى تعظيم وكم جددت من أحزان وكم أدت إلى تفاخر ولا يقال الصور للذكرى فإن الذكرى الحقيقية في القلب من عزيز أو قريب من المسلمين يدعى لهم بالمغفرة والرحمة فينبغي إخراج كل صورة أو طمسها اللهم إلا ما كان عسيرا وفيه مشقة بالغة كالصور التي عمت بها البلوى على المعلبات والصور في القواميس والمراجع والكتب التي يستفاد منها مع السعي لإزالتها ما أمكن والحذر مما في بعضها من الصور السيئة وكذلك يمكن الاحتفاظ بالصور التي تدعو الحاجة لها كما في إثباتات الشخصية ورخص بعض أهل العلم في الصور الممتهنة كالموطوءة بالأقدام ( فاتقوا الله ما استطعتم ) التغابن/16 .
الكذب في المنام :
يعمد بعض الناس إلى اختلاق رؤى ومنامات لم يروها لتحصيل فضيلة أو ذكر بين الخلق أو لحيازة منفعة مالية أو تخويفا لمن بينه وبينهم عداوة ونحو ذلك، وكثير من العامة لهم اعتقادات في المنامات وتعلق شديد بها فيخدعون بهذا الكذب وقد ورد الوعيد الشديد لمن فعل هذا الفعل ، قال صلى الله عليه وسلم " إن من أعظم الفرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه أو يري عينه ما لم تر ويقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل " رواه البخاري انظر الفتح 6/540 ، وقال صلى الله عليه وسلم " من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل ...الحديث " رواه البخاري انظر الفتح 12/427 ، والعقد بين شعيرتين أمر مستحيل فكان الجزاء من جنس العمل .
الجلوس على القبر والوطء عليه وقضاء الحاجة في المقابر :(3/55)
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر " رواه مسلم 2/667 . أما الوطء على القبور فطائفة من الناس يفعلونه فتراهم عندما يدفنون ميتهم لا يبالون بالوطء ( وبأحذيتهم أحيانا ) على القبور المجاورة دون احترام لبقية الموتى وفي عظم هذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "لأن أمشي على جمرة أو سيف أو أخصف نعلي برجلي أحب إلي من أن أمشي على قبر مسلم ... " رواه ابن ماجة 1/499 وهو في صحيح الجامع 5038 . فكيف بمن يستولي على أرض مقبرة ويقيم عليها مشروعا تجاريا أو سكنيا . أما التغوط في المقابر وقضاء الحاجة فيها فيفعله بعض من لا خلاق له إذا حضره قضاء الحاجة تسور مقبرة أو دخل فيها فآذى الموتى بنتنه ونجاسته ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم " وما أبالي أوسط القبر قضيت حاجتي أو وسط السوق "[ التخريج السابق ] . أي أن قبح قضاء الحاجة في المقبرة كقبح كشف العورة وقضاء الحاجة أمام الناس في السوق ، والذين يتعمدون إلقاء القاذورات والزبالة في المقابر ( خصوصا المهجورة والتي تهدمت أسوارها ) لهم نصيب من ذلك الوعيد . ومن الآداب المطلوبة عند زيارة المقابر خلع النعال عند إرادة المشي بين القبور .
عدم الاستتار من البول :(3/56)
من محاسن هذه الشريعة أنها جاءت بكل ما يصلح شأن الإنسان ومن ذلك إزالة النجاسة ، وشرعت لأجل ذلك الاستنجاء والاستجمار وبينت الكيفية التي يحصل بها التنظيف والنقاء وبعض الناس يتساهل في إزالة النجاسة مما يتسبب في تلويث ثوبه أو بدنه وبالتالي عدم صحة صلاته وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن ذلك من أسباب عذاب القبر فعن ابن عباس قال مر النبي صلى الله عليه وسلم بحائط [ بستان ] من حيطان المدينة فسمع صوت إنسانين يعذبان في قبورهما فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " يعذبان ، وما يعذبان في كبير - ثم قال - بلى [ وفي رواية : وإنه لكبير ] كان أحدهما لا يستتر من بوله وكان الآخر يمشي بالنميمة ... " رواه البخاري انظر فتح الباري 1/317 . بل أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن : " أكثر عذاب القبر في البول " رواه الإمام أحمد 2/326 وهو في صحيح الجامع 1213 . وعدم الاستتار من البول يشمل من يقوم من حاجته بسرعة قبل أن ينقطع بوله أو يتعمد البول في هيئة أو مكان يرتد عليه بوله أو أن يترك الاستنجاء أو الاستجمار أو يهمل فيهما ، وقد بلغ من التشبه بالكفار في عصرنا أن صارت بعض المراحيض فيها أماكن لقضاء الحاجة مثبتة في الجدران ومكشوفة يأتي إليها الشخص فيبول أمام الداخل والخارج دون حياء ثم يرفع لباسه ويلبسه على النجاسة فيكون قد جمع بين أمرين محرمين قبيحين : الأول أنه لم يحفظ عورته من نظر الناس والثاني أنه لم يستنزه ولم يستبرئ من بوله .
التسمع إلى حديث قوم وهم له كارهون :
قال الله تعالى : ( ولا تجسسوا ... ) الحجرات/11
عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا : " من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون صب في أذنيه الآنك يوم القيامة ... " رواه الطبراني في الكبير 11/248-249 وهو في صحيح الجامع 6004 والآنك هو الرصاص المذاب .(3/57)
فإذا كان ينقل حديثهم دون علمهم لإيقاع الضرر بهم فهو يضيف إلى إثم التجسس إثما آخر بدخوله في حديث النبي صلى الله عليه وسلم " لا يدخل الجنة قتات " رواه البخاري فتح 10/472 والقتات الذي يستمع إلى حديث القوم وهم لا يشعرون به
سوء الجوار
أوصانا الله سبحانه في كتابه بالجار فقال تعالى : ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا ) النساء/36 .
وإيذاء الجار من المحرمات لعظم حقه : عن أبي شريح رضي الله عنه مرفوعا : " والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن ، قيل ومن يا رسول الله ؟ قال : الذي لا يأمن جاره بوائقه " رواه البخاري انظر فتح الباري 10/443
وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم ثناء الجار على جاره أو ذمه له مقياسا للإحسان والإساءة فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله كيف لي أن أعلم إذا أحسنت أو إذا أسأت فقال النبي صلى الله عليه وسلم " إذا سمعت جيرانك يقولون : قد أحسنت فقد أحسنت ، وإذا سمعتهم يقولون : قد أسأت فقد أسأت " رواه الإمام أحمد 1/402 وهو في صحيح الجامع 623 .(3/58)
وإيذاء الجار له صور متعددة فمنها منعه أن يغرز خشبة في الجدار المشترك أو رفع البناء عليه وحجب الشمس أو الهواء دون إذنه أو فتح النوافذ على بيته والإطلال منها لكشف عوراته أو إيذاؤه بالأصوات المزعجة كالطرق والصياح وخصوصا في أوقات النوم والراحة أو ضرب أولاده وطرح القمامة عند عتبة بابه والذنب يعظم إذا ارتكب في حق الجار ويضاعف إثم صاحبه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره .. لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر عليه من أن يسرق من بيت جاره " رواه البخاري في الأدب المفرد رقم 103 وهو في السلسلة الصحيحة 65 ، وبعض الخونة ينتهز غياب جاره في نوبته الليلية ويدخل بيته ليعيث فيه الفساد فالويل له من عذاب يوم أليم .
المضارة في الوصية : -
من قواعد الشريعة أنه لا ضرر ولا ضرار ومن الأمثلة على ذلك الإضرار بالورثة الشرعيين أو ببعضهم ومن يفعل ذلك فهو مهدد بقوله صلى الله عليه وسلم : " من ضار أضر الله به ومن شاق شق الله عليه " رواه الإمام أحمد 3/453 انظر صحيح الجامع 6348 . ومن صور المضارة في الوصية حرمان أحد الورثة من حقه الشرعي أو أن يوصي لوارث بخلاف ما جعلته له الشريعة أو أن يوصي بأكثر من الثلث .
وفي الأماكن التي لايخضع فيها الناس لسلطان القضاء الشرعي يتعذر على صاحب الحق أن يأخذ حقه الذي أعطاه الله له بسبب المحاكم الوضعية التي تحكم بخلاف الشريعة وتأمر بإنفاذ الوصية الجائرة المسجلة عند المحامي فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون .
اللعب بالنرد :-(3/59)
تحتوي كثير من الألعاب المنتشرة والمستعملة بين الناس على أمور من المحرمات ومن ذلك النرد ( المعروف بالزهر ) الذي يتم به الانتقال والتحريك في عدد كثير من الألعاب كالطاولة وغيرها وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا النرد الذي يفتح أبواب المقامرة والميسر فقال : " من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه " رواه مسلم 4/1770 . وعن أبي موسى رضي الله عنه مرفوعا : " من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله " رواه الإمام أحمد 4/394 وهو في صحيح الجامع 6505 .
لعن المؤمن ولعن من لا يستحق اللعن :-
لا يملك كثير من الناس ألسنتهم إذا ما غضبوا فيسارعون باللعن فيلعنون البشر والدواب والجمادات والأيام والساعات بل وربما لعنوا أنفسهم وأولادهم ولعن الزوج زوجته والعكس وهذا أمر جد خطير فعن أبي زيد ثابت بن الضحاك الأنصاري رضي الله عنه مرفوعا : " .... ، ومن لعن مؤمنا فهو كقتله " رواه البخاري انظر فتح الباري 10/465 ولأن اللعن يكثر من النساء فقد بين عليه الصلاة والسلام أنه من أسباب دخولهن النار وكذلك فإن اللعانين لا يكونون شفعاء يوم القيامة وأخطر منه أن اللعنة ترجع على صاحبها إن تلفظ بها ظلما فيكون قد دعا على نفسه بالطرد والإبعاد من رحمة الله .
النياحة :-(3/60)
من المنكرات العظيمة ما تقوم به بعض النساء من رفع الصوت بالصياح وندب الميت ولطم الوجه وكذلك شق الثوب وحلق الشعر أو شده وتقطيعه وكل ذلك يدل على عدم الرضا بالقضاء وعدم الصبر على المصيبة وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك فعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الخامشة وجهها والشاقة جيبها والداعية بالويل والثبور " رواه ابن ماجة 1/505 وهو في صحيح الجامع 5068 . وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مرفوعا : " ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية " رواه البخاري انظر الفتح 3/163 . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب " رواه مسلم رقم 934
ضرب الوجه والوسم في الوجه :-
عن جابر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضرب في الوجه وعن الوسم في الوجه . رواه مسلم 3/1673
أما ضرب الوجه فإن عددا من الآباء والمدرسين يعمدون إليه في معاقبة الأولاد حينما يضربون الوجه بالكف ونحوه وكذا يفعله بعض الناس مع خدمهم وهذا مع ما فيه من إهانة الوجه الذي كرم الله به الإنسان فإنه قد يؤدي أيضا إلى فقد بعض الحواس المهمة المجتمعة في الوجه فيحصل الندم وقد يطلب القصاص .
أما وسم الدواب في الوجه وهو وضع علامة مميزة يعرف بها صاحب كل دابة دابته أو ترد عليه إذا ضلت فهو حرام وفيه تشويه وتعذيب ولو احتج بعض الناس بأنه عرف قبيلتهم وعلامتها المميزة فيمكن أن يجعل الوسم في مكان آخر غير الوجه .
هجر المسلم فوق ثلاثة أيام دون سبب شرعي :-(3/61)
من خطوات الشيطان إحداث القطيعة بين المسلمين وكثيرون أولئك الذين يتبعون خطوات الشيطان فيهجرون إخوانهم المسلمين لأسباب غير شرعية إما لخلاف مادي أو موقف سخيف وتستمر القطيعة دهرا وقد يحلف أن لا يكلمه وينذر أن لا يدخل بيته وإذا رآه في طريق أعرض عنه وإذا لقيه في مجلس صافح من قبله ومن بعده وتخطاه وهذا من أسباب الوهن في المجتمع الإسلامي ولذلك كان الحكم الشرعي حاسما والوعيد شديدا فعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا : " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار " رواه أبو داود 5/215 وهو في صحيح الجامع 7635 .
وعن أبي خراش الأسلمي رضي الله عنه مرفوعا : " من هجر أخاه سنة فهو بسفك دمه " رواه البخاري في الأدب المفرد حديث رقم 406 وهو في صحيح الجامع 6557 .
ويكفي من سيئات القطيعة بين المسلمين الحرمان من مغفرة الله عز وجل فعن أبي هريرة مرفوعا : " تعرض أعمال الناس في كل جمعة مرتين ، يوم الإثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد مؤمن إلا عبدا بينه وبين أخيه شحناء فيقال : اتركوا أو أركوا ( يعني أخروا ) هذين حتى يفيئا " رواه مسلم 4/1988 .
ومن تاب إلى الله من المتخاصمين فعليه أن يعود إلى صاحبه ويلقاه بالسلام فإن فعل وأبى صاحبه فقد برئت ذمة العائد وبقيت التبعة على من أبى ، عن أبي أيوب مرفوعا : " لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام " رواه البخاري فتح الباري 10/492 .
أما إن وجد سبب شرعي للهجر كترك صلاة أو إصرار على فاحشة فإن كان الهجر يفيد المخطئ ويعيده إلى صوابه أو يشعره بخطئه صار الهجر واجبا ، وأما إن كان لا يزيد المذنب إلا إعراضا ولا ينتج إلا عتوا ونفورا وعنادا وازديادا في الإثم فعند ذلك لا يسوغ الهجر لأنه لا تتحقق به المصلحة الشرعية بل تزيد المفسدة فيكون من الصواب الاستمرار في الإحسان والنصح والتذكير .(3/62)
وختاما هذا ما تيسر جمعه من المحرمات المنتشرة [ والموضوع طويل وقد رأيت إتماما للفائدة أن أفرد فصلا خاصا بجملة من المنهيات الواردة في الكتاب والسنة مجموع بعضها إلى بعض ستكون في رسالة مستقلة إن شاء الله ] نسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى أن يقسم لنا من خشيته ما يحول بيننا وبين معاصيه ومن طاعته ما يبلغنا به جنته وأن يغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وأن يغنينا بحلاله عن حرامه وبفضله عمن سواه وأن يتقبل توبتنا ويغسل حوبتنا إنه سميع مجيب وصلى وسلم على النبي الأمي محمد وآله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين(3/63)
المقدمة
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضلّ له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد :
فإن الله قد امتن على عباده بمواسم الخيرات ، فيها تضاعف الحسنات ، وتُمحى السيئات ، وتُرفع الدرجات ، تتوجه فيها نفوس المؤمنين إلى مولاها ، فقد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها . وإنما خلق الله الخلق لعبادته فقال : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) ، ومن أعظم العبادات الصيام الذي فرضه الله على العباد، فقال : ( كتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) ، ورغبهم فيه فقال : ( وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون ) ، وأرشدهم إلى شكره على فرضه بقوله : ( ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون ) ، وحببّه إليهم وخفّفه عليهم لئلا تستثقل النفوس ترك العادات وهجر المألوفات ، فقال عزّ وجلّ: ( أياما معدودات ) ، ورحمهم ونأى بهم عن الحرج والضرر ، فقال سبحانه : ( فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) ، فلا عجب أن تُقبل قلوب المؤمنين في هذا الشهر على ربهم الرحيم يخافونه من فوقهم ويرجون ثوابه والفوز العظيم .
ولما كان قدر هذه العبادة عظيما كان لابدّ من تعلّم الأحكام المتعلقة بشهر الصيام ليعرف المسلم ما هو واجب فيفعله ، وما هو حرام فيجتنبه ، وما هو مباح فلا يضيّق على نفسه بالامتناع عنه .
وهذه الرسالة تتضمن خلاصات في أحكام الصيام وآدابه وسننه كتبتها باختصار عسى الله أن ينفعني بها وإخواني المسلمين والحمد لله رب العالمين
تعريف الصيام
1- الصوم لغة : الإمساك ، وشرعا الإمساك عن المفطّرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس بالنية .
حكم الصيام(4/1)
2- أجمعت الأمة على أن صوم شهر رمضان فرض ، والدليل من الكتاب قول الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا كُتِب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) ، ومن السنة قول الرسول صلى الله عليه وسلم : بُني الإسلام على خمس : وذكر منها صوم رمضان رواه البخاري فتح 1/49 ومن أفطر شيئا من رمضان بغير عذر فقد أتى كبيرة عظيمة ، قال النبي صلى الله عليه وسلم في الرؤيا التي رآها : " حتى إذا كنت في سواء الجبل إذا بأصوات شديدة ، قلت : ما هذه الأصوات ؟ قالوا : هذا عواء أهل النار ، ثم انطلق بي ، فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم ، مشققة أشداقهم ، تسيل أشداقهم دما ، قال : قلت : من هؤلاء ؟ قال : الذين يُفطرون قبل تحلّة صومهم " أي قبل وقت الإفطار صحيح الترغيب 1/420. قال الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى : وعند المؤمنين مقرر أن من ترك صوم رمضان من غير عذر أنه شرّ من الزاني ومدمن الخمر ، بل يشكّون في إسلامه ، ويظنّون به الزندقة والانحلال . وقال شيخ الإسلام رحمه الله : إذا أفطر في رمضان مستحلا لذلك وهو عالم بتحريمه استحلالا له وجب قتله ، وإن كان فاسقا عوقب عن فطره في رمضان . مجموع الفتاوى 25/265
فضل الصيام(4/2)
3- فضل الصيام عظيم ومما ورد في ذلك من الأحاديث الصحيحة : أن الصيام قد اختصه الله لنفسه وأنه يجزي به فيضاعف أجر صاحبه بلا حساب لحديث : " إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به " البخاري فتح رقم 1904 صحيح الترغيب 1/407 ، وأن الصوم لا عِدل له النسائي 4/165 وهو في صحيح الترغيب 1/413 ، وأن دعوة الصائم لا تُردّ رواه البيهقي 3/345 وهو في السلسلة الصحيحة 1797 ، وأن للصائم فرحتين إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربّه فرح بصومه رواه مسلم 2/807 ، وأن الصيام يشفع " للعبد يوم القيامة يقول : أي ربّ منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه " رواه أحمد 2/174 وحسّن الهيثمي إسناده : المجمع 3/181 وهو في صحيح الترغيب 1/411 ، وأن " خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك " مسلم 2/807 ، وأن " الصوم جُنّة وحصن حصين من النار " رواه أحمد 2/402 وهو في صحيح الترغيب 1/411 وصحيح الجامع 3880 ، وأنّ " من صام يوما في سبيل الله باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا " رواه مسلم 2/808 ، وأنّ " من صام يوما ابتغاء وجه الله خُتم له به دخل الجنّة " رواه أحمد 5/391 وهو في صحيح الترغيب 1/412 . وأنّ في الجنة بابا " يُقال له الريان يدخل منه الصائمون لا يدخل منه أحد غيرهم فإذا دخلوا أُغلق فلم يدخل منه أحد " البخاري فتح رقم 1797 .
وأما رمضان فإنه ركن الإسلام وقد أُنزل فيه القرآن ، وفيه ليلة خير من ألف شهر ، و " إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ " رواه البخاري الفتح رقم 3277 ، وصيامه يعدل صيام عشرة أشهر أنظر مسند أحمد 5/280 وصحيح الترغيب 1/421 ، و " من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " رواه البخاري فتح رقم 37 ، و "لله عزّ وجلّ عند كلّ فطر عتقاء " رواه أحمد 5/256 وهو في صحيح الترغيب 1/419 .
من فوائد الصيام(4/3)
4- في الصيام حكم وفوائد كثيرة مدارها على التقوى التي ذكرها الله عز وجل في قوله : " لعلكم تتقون " ، وبيان ذلك : أن النفس إذا امتنعت عن الحلال طمعا في مرضاة الله تعالى وخوفا من عقابه فأولى أن تنقاد للامتناع عن الحرام .
وأن الإنسان إذا جاع بطنه اندفع جوع كثير من حواسه ، فإذا شبع بطنه جاع لسانه وعينه ويده وفرجه ، فالصيام يؤدي إلى قهر الشيطان وكسر الشهوة وحفظ الجوارح .
وأن الصائم إذا ذاق ألم الجوع أحس بحال الفقراء فرحمهم وأعطاهم ما يسدّ جوعتهم ، إذ ليس الخبر كالمعاينة ، ولا يعلم الراكب مشقة الراجل إلا إذا ترجّل .
وأن الصيام يربي الإرادة على اجتناب الهوى والبعد عن المعاصي ، إذ فيه قهر للطبع وفطم للنفس عن مألوفاتها . وفيه كذلك اعتياد النظام ودقة المواعيد مما يعالج فوضى الكثيرين لو عقلوا .
وفي الصيام إعلان لمبدأ وحدة المسلمين ، فتصوم الأمة وتُفطر في شهر واحد .
وفيه فرصة عظيمة للدعاة إلى الله سبحانه فهذه أفئدة الناس تهوي إلى المساجد ومنهم من يدخله لأول مرة ومنهم من لم يدخله منذ زمن بعيد وهم في حال رقّة نادرة ، فلا بدّ من انتهاز الفرصة بالمواعظ المرقِّقة والدروس المناسبة والكلمات النافعة مع التعاون على البرّ والتقوى . وعلى الداعية أن لا ينشغل بالآخرين كليّا وينسى نفسه فيكون كالفتيلة تضيء للناس وتُحرق نفسها .
5- آداب الصيام وسننه
ومنها ما هو واجب ومنها ما هو مستحب ، فمن ذلك :
الحرص على السحور وتأخيره ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " تسحروا فإن في السحور بركة " رواه البخاري فتح 4/139 ، فهو الغداء المبارك ، وفيه مخالفة لأهل الكتاب ، و " نِعمَ سحور المؤمن التمر " رواه أبو داود رقم 2345 وهو في صحيح الترغيب 1/448(4/4)
تعجيل الفطر لقوله صلى الله عليه وسلم : " لا يزال الناس بخير ما عجّلوا الفطر رواه البخاري فتح 4/198 ، وأن يفطر على ما ورد في حديث أنس رضي الله عنه قال : " كان النبي صلى الله عليه وسلم يُفطر قبل أن يصلي على رطبات ، فإن لم تكن رطبات فتميرات ، فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء ." رواه الترمذي 3/79 وغيره وقال حديث حسن غريب وصححه في الإرواء برقم 922 ، ويقول بعد إفطاره ما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أفطر قال : ذهب الظمأ ، وابتلت العروق ، وثبت الأجر إن شاء الله " رواه أبو داود 2/765 وحسن الدارقطني إسناده 2/185 البعد عن الرفث لقوله صلى الله عليه وسلم " .. إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفُث .. " رواه البخاري الفتح رقم 1904 والرفث هو الوقوع في المعاصي ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من لم يدع قول الزور والعمل به ، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه . " البخاري الفتح رقم 1903 ، وينبغي أن يجتنب الصائم جميع المحرمات كالغيبة والفحش والكذب ، فربما ذهبت بأجر صيامه كله ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " رُبّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع . " رواه ابن ماجه 1/539 وهو في صحيح الترغيب 1/453(4/5)
ومما أذهب الحسنات وجلب السيئات الانشغال بالفوازير والمسلسلات ، والأفلام والمباريات ، والجلسات الفارغات ، والتسكع في الطرقات ، مع الأشرار ومضيعي الأوقات ، وكثرة اللهو بالسيارات ، وازدحام الأرصفة والطرقات ، حتى صار شهر التهجد والذكر والعبادة ـ عند كثير من الناس ـ شهر نوم بالنهار لئلا يحصل الإحساس بالجوع ، ويضيع من جرّاء ذلك ما يضيع من الصلوات ، ويفوت ما يفوت من الجماعات ، ثم لهو بالليل وانغماس في الشهوات ، وبعضهم يستقبل الشهر بالضجر لما سيفوته من الملذات ، وبعضهم يسافر في رمضان إلى بلاد الكفار للتمتع بالإجازات !! وحتى المساجد لم تخل من المنكرات من خروج النساء متبرجات متعطرات ، وحتى بيت الله الحرام لم يسلم من كثير من هذه الآفات ، وبعضهم يجعل الشهر موسما للتسول وهو غير محتاج ، وبعضهم يلهو فيه بما يضرّ كالألعاب النارية والمفرقعات ، وبعضهم ينشغل بالصفق في الأسواق والتطواف على المحلات ، وبعضهن بالخياطة وتتبع الموضات ، وتنزل البضائع الجديدة والأزياء الحديثة في العشر الأواخر الفاضلات لتشغل الناس عن تحصيل الأجور والحسنات .
* أن لا يصخب ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم ، إني صائم " رواه البخاري وغيره الفتح رقم 1894 ، فواحدة تذكيرا لنفسه ، والأخرى تذكيرا لخصمه . والناظر في أخلاق عدد من الصائمين يجد خلاف هذا الخُلق الكريم فيجب ضبط النفس ، وكذلك استعمال السكينة وهذا ما ترى عكسه في سرعات السائقين الجنونية عند أذان المغرب .(4/6)
* عدم الإكثار من الطعام ، لحديث " ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنٍ .. " رواه الترمذي رقم 2380 وقال هذا حديث حسن صحيح ، والعاقل إنما يريد أن يأكل ليحيا لا أن يحيا ليأكل ، وإن خير المطاعم ما استخدمت وشرها ما خُدمت . وقد انغمس الناس في صنع أنواع الطعام ، وتفننوا في الأطباق حتى ذهب ذلك بوقت ربات البيوت والخادمات ، وأشغلهن عن العبادة ، وصار ما ينفق من الأموال في ثمن الأطعمة أضعاف ما يُنفق في العادة ، وأصبح الشهر شهر التخمة والسمنة وأمراض المعدة . يأكلون أكل المنهومين ، ويشربون شرب الهيم ، فإذا قاموا إلى صلاة التراويح قاموا كسالى ، وبعضهم يخرج بعد أول ركعتين .
* الجود بالعلم والمال والجاه والبدن والخُلُق ، وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس { بالخير } ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن ، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة " . رواه البخاري الفتح رقم 6 فكيف بأناس استبدلوا الجود بالبخل والنشاط في الطاعات بالكسل والخمول فلا يتقنون الأعمال ولا يحسنون المعاملة متذرعين بالصيام .
والجمع بين الصيام والإطعام من أسباب دخول الجنة كما قال صلى الله عليه وسلم : " إن في الجنة غرفا يُرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ، أعدها الله تعالى لمن أطعم الطعام ، وألان الكلام ، وتابع الصيام ، وصلى بالليل والناس نيام " رواه أحمد 5/343 وابن خزيمة رقم 2137 وقال الألباني في تعليقه : إسناده حسن لغيره ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من فطّر صائما كان له مثل أجره ، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء . " رواه الترمذي 3/171 وهو في صحيح الترغيب 1/451 قال شيخ الإسلام رحمه الله : والمراد بتفطيره أن يُشبعه . الاختيارات الفقهية ص : 109(4/7)
وقد آثر عدد من السلف ـ رحمهم الله ـ الفقراءَ على أنفسهم بطعام إفطارهم ، منهم : عبد الله بن عمر ، ومالك بن دينار ، وأحمد بن حنبل وغيرهم . وكان عبد الله بن عمر لا يفطر إلا مع اليتامى والمساكين .
ومما ينبغي فعله في الشهر العظيم
* تهيئة الأجواء والنفوس للعبادة ، والإسراع إلى التوبة والإنابة ، والفرح بدخول الشهر ، وإتقان الصيام ، والخشوع في التراويح ، وعدم الفتور في العشر الأواسط ، وتحري ليلة القدر ، ومواصلة ختمة بعد ختمة مع التباكي والتدبر ، وعمرة في رمضان تعدل حجة ، والصدقة في الزمان الفاضل مضاعفة ، والاعتكاف في رمضان مؤكد .
* لا بأس بالتهنئة بدخول الشهر ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشّر أصحابه بقدوم شهر رمضان ويحثّهم على الاعتناء به فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتاكم رمضان شهر مبارك ، فرض الله عز وجلّ عليكم صيامه ، تُفتح فيه أبواب السماء ، وتُغلّق فيه أبواب الجحيم ، وتغلّ فيه مردة الشياطين ، فيه ليلة هي خير من ألف شهر ، من حُرم خيرها فقد حُرم " رواه النسائي 4/129 وهو في صحيح الترغيب 1/490
من أحكام الصيام
6- من الصيام ما يجب التتابع فيه كصوم رمضان والصوم في كفارة القتل الخطأ وصوم كفارة الظهار وصوم كفارة الجماع في نهار رمضان وكذلك من نذر صوما متتابعا لزمه .
ومن الصيام ما لايلزم فيه التتابع كقضاء رمضان وصيام عشرة أيام لمن لم يجد الهدي والصوم في كفارة اليمين ) عند الجمهور ( وصوم الفدية في محظورات الإحرام ) على الراجح ) وكذلك صوم النذر المطلق لمن لم ينو التتابع .
7- صيام التطوع يجبر نقص صيام الفريضة ، ومن أمثلته عاشوراء وعرفة وأيام البيض والاثنين والخميس وست من شوال والإكثار من الصيام في محرم وشعبان .(4/8)
8- جاء النهي عن إفراد الجمعة بالصوم البخاري فتح الباري برقم 1985 وعن صيام السبت في غير الفريضة رواه الترمذي 3/111 وحسنه والمقصود إفراده دون سبب ، وعن صوم الدهر ، وعن الوصال في الصوم ، وهو أن يواصل يومين أو أكثر دون إفطار بينهما .
ويحرم صيام يومي العيد وأيام التشريق وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة لأنها أيام أكل وشرب وذكر لله ، ويجوز لمن لم يجد الهدي أن يصومها بمنى .
ثبوت دخول الشهر
9- يثبت دخول شهر رمضان برؤية هلاله أو بإتمام شعبان ثلاثين يوما ، ويجب على من رأى الهلال أو بلغه الخبر من ثقة أن يصوم .
وأما العمل بالحسابات في دخول الشهر فبدعة ، لأن حديث النبي صلى الله عليه وسلم نصّ في المسألة : " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته " ، فإذا أخبر المسلم البالغ العاقل الموثوق بخبره لأمانته وبصره أنه رأى الهلال بعينه عُمل بخبره .
على من يجب الصوم
10- ويجب الصيام على كل مسلم بالغ عاقل مقيم قادر سالم من الموانع كالحيض والنفاس .
و يحصل البلوغ بواحد من أمور ثلاثة : ـ إنزال المني باحتلام أو غيره ، ـ نبات شعر العانة الخشن حول القُبُل ، ـ إتمام خمس عشرة سنة . وتزيد الأنثى أمرا رابعا وهو الحيض فيجب عليها الصيام ولو حاضت قبل سنّ العاشرة .(4/9)
11- يؤمر الصبي بالصيام لسبع إن أطاقه "وذكر بعض أهل العلم أنه " يُضرب على تركه لعشر كالصلاة انظر المغني 3/90 . وأجر الصيام للصبي، ولوالديه أجر التربية والدلالة على الخير ، عن الرُبيِّع بنت معوِّذ رضي الله عنها قالت في صيام عاشوراء لما فُرض : كنا نصوِّم صبياننا ونجعل لهم اللعبة من العهن فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار . البخاري فتح رقم 1960 وبعض الناس يتساهل في أمر أبنائه وبناته بالصيام ، بل ربما صام الولد متحمّسا وهو يُطيق فأمره أبوه أو أمه بالإفطار شفقة عليه بزعمهما ، وما علموا أنّ الشفقة الحقيقية بتعاهده بالصيام ، قال الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شِداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يُؤمرون ) . وينبغي الاعتناء بصيام البنت في أول بلوغها ، فربما تصوم إذا جاءها الدم خجلا ثم لا تقضي .
12- إذا أسلم الكافر أو بلغ الصبي أو أفاق المجنون أثناء النهار لزمهم الإمساك بقية اليوم لأنهم صاروا من أهل الوجوب ، ولا يلزمهم قضاء ما فات من الشهر ، لأنهم لم يكونوا من أهل الوجوب في ذلك الوقت .
13- المجنون مرفوع عنه القلم ، فإن كان يجنّ أحيانا ويُفيق أحيانا لزمه الصيام في حال إفاقته دون حال جنونه . وإن جنّ في أثناء النهار لم يبطل صومه كما لو أغمي عليه بمرض أو غيره لأنه نوى الصيام وهو عاقل . مجالس شهر رمضان ابن عثيمين ص : 28 ومثله في الحكم المصروع .
14- من مات أثناء الشهر فليس عليه ولا على أوليائه شيء فيما تبقى من الشهر .
15- من جهل فرض الصوم في رمضان أو جهل تحريم الطعام أو الوطء فجمهور العلماء على عذره إن كان يُعذر مثله ، كحديث العهد بالإسلام والمسلم في دار الحرب ومن نشأ بين الكفار . أما من كان بين المسلمين ويمكنه السؤال والتعلم فليس بمعذور .
المسافر(4/10)
16- يُشترط للفطر في السفر : أن يكون سفرا مسافة أو عرفا ( على الخلاف المعروف بين أهل العلم ) ، وأن يُجاوز البلد وما اتصل به من بناء وقد منع الجمهور من الإفطار قبل مغادرة البلد وقالوا إن السفر لم يتحقق بعد بل هو مقيم وشاهد وقد قال تعالى ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) ولا يوصف بكونه مسافرا حتى يخرج من البلد . أما إذا كان في البلد فله أحكام الحاضرين ولذلك لا يقصر الصلاة . ، وأن لا يكون سفره سفر معصية ( عند الجمهور) ، وأن لا يكون قصد بسفره التحيّل على الفطر .
17- يجوز الفطر للمسافر باتفاق الأمة سواء كان قادرا على الصيام أم عاجزا وسواء شقّ عليه الصوم أم لم يشقّ ، بحيث لو كان مسافرا في الظلّ والماء ومعه من يخدمه جاز له الفطر والقصر مجموع الفتاوى 25/210
18- من عزم على السفر في رمضان فإنه لا ينوي الفطر حتى يسافر لأنه قد يعرض له ما يمنعه من سفره تفسير القرطبي 2/278
ولا يُفطر المسافر إلا بعد خروجه ومفارقة بيوت قريته العامرة ) المأهولة ( ، فإذا انفصل عن بنيان البلد أفطر ، وكذا إذا أقلعت به الطائرة وفارقت البنيان ، وإذا كان المطار خارج بلدته أفطر فيه ، أما إذا كان المطار في البلد أو ملاصقا لها فإنه لا يُفطر فيه لأنه لا يزال في البلد .
19- إذا غربت الشمس فأفطر على الأرض ثم أقلعت به الطائرة فرأى الشمس لم يلزمه الإمساك لأنه أتمّ صيام يومه كاملا فلا سبيل إلى إعادته للعبادة بعد فراغه منها . وإذا أقلعت به الطائرة قبل غروب الشمس وأراد إتمام صيام ذلك اليوم في السفر فلا يُفطر إلا إذا غربت الشمس في المكان الذي هو فيه من الجوّ ، ولا يجوز للطيار أن يهبط إلى مستوى لا تُرى فيه الشمس لأجل الإفطار لأنه تحايل لكن إن نزل لمصلحة الطيران فاختفى قرص الشمس أفطر . من فتاوى الشيخ ابن باز مشافهة(4/11)
20- من وصل إلى بلد ونوى الإقامة فيها أكثر من أربعة أيام وجب عليه الصيام عند جمهور أهل العلم فالذي يسافر للدراسة في الخارج أشهرا أو سنوات فالجمهور ومنهم الأئمة الأربعة أنه في حكم المقيم يلزمه الصوم والإتمام .
وإذا مرّ المسافر ببلد غير بلده فليس عليه أن يمسك إلا إذا كانت إقامته فيها أكثر من أربعة أيام فإنه يصوم لأنه في حكم المقيمين أنظر فتاوى الدعوة ابن باز 977
21- من ابتدأ الصيام وهو مقيم ثم سافر أثناء النهار جاز له الفطر لأن الله جعل مطلق السفر سببا للرخصة بقوله تعالى : ( ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أُخر ) .
22- ويجوز أن يُفطر مَن عادته السفر إذا كان له بلد يأوي إليه كالبريد الذي يُسافر في مصالح المسلمين ( وأصحاب سيارات الأجرة والطيارين والموظفين ولو كان سفرهم يوميا وعليهم القضاء ) وكذلك الملاّح الذي له مكان في البرّ يسكنه فأما من كان معه في السفينة امرأته وجميع مصالحه ولا يزال مسافرا فهذا لا يقصر ولا يفطر . والبدو الرحّل إذا كانوا في حال ظعنهم من المشتى إلى المصيف ومن المصيف إلى المشتى جاز لهم الفطر والقصر وأما إذا نزلوا بمشتاهم ومصيفهم لم يُفطروا ولم يقصروا وإن كانوا يتتبعون المراعي أنظر مجموع فتاوى ابن تيمية 25/213
23- إذا قدم المسافر في أثناء النهار ففي وجوب الإمساك عليه نزاع مشهور بين العلماء مجموع الفتاوى 25/212 والأحوط له أن يمسك مراعاة لحرمة الشهر ، لكن عليه القضاء أمسك أو لم يمسك .(4/12)
24- إذا ابتدأ الصيام في بلد ثم سافر إلى بلد صاموا قبلهم أو بعدهم فإن حكمه حكم من سافر إليهم فلا يفطر إلا بإفطارهم ولو زاد عن ثلاثين يوما لقوله صلى الله عليه وسلم " الصوم يوم تصومون والإفطار يوم تُفطرون " ، وإن نقص صومه عن تسعة وعشرين يوما فعليه إكماله بعد العيد إلى تسعة وعشرين يوما لأن الشهر الهجري لا ينقص عن تسعة وعشرين يوما . من فتاوى الشيخ عبدالعزيز بن باز : فتاوى الصيام :دار الوطن ص: 15-16
المريض
25- كل مرض خرج به الإنسان عن حدّ الصحة يجوز أن يُفطر به ، والأصل في ذلك قول الله تعالى ( ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) . أما الشيء الخفيف كالسعال والصداع فلا يجوز الفطر بسببه .
وإذا ثبت بالطب أو علم الشخص من عادته وتجربته أو غلب على ظنّه أن الصيام يجلب له المرض أو يزيده أو يؤخر البرء يجوز له أن يُفطر بل يُكره له الصيام . وإذا كان المرض مطبقا فلا يجب على المريض أن ينوي الصوم بالليل ولو كان يُحتمل أن يُصبح صحيحا لأن العبرة بالحال الحاضرة .
26- إن كان الصوم يسبب له الإغماء أفطر وقضى الفتاوى 25/217 ، وإذا أغمي عليه أثناء النهار ثم أفاق قبل الغروب أو بعده فصيامه صحيح ما دام أصبح صائما ، وإذا طرأ عليه الإغماء من الفجر إلى المغرب فالجمهور على عدم صحة صومه . أما قضاء المغمى عليه فهو واجب عند جمهور العلماء مهما طالت مدة الإغماء المغني مع الشرح الكبير 1/412، 3/32 ، والموسوعة الفقهية الكويتية 5/268 ، وأفتى بعض أهل العلم بأن من أغمي عليه أو وضعوا له منوّما أو مخدرا لمصلحته فغاب عن الوعي فإن كان ثلاثة أيام فأقلّ يقضي قياسا على النائم وإن كان أكثر لا يقضي قياسا على المجنون من فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز مشافهة(4/13)
27- ومن أرهقه جوع مفرط أو عطش شديد فخاف على نفسه الهلاك أو ذهاب بعض الحواسّ بغلبة الظن لا الوهم أفطر وقضى لأن حفظ النفس واجب ، ولا يجوز الفطر لمجرد الشدة المحتملة أو التعب أو خوف المرض متوهما ، وأصحاب المهن الشاقة لا يجوز لهم الفطر وعليهم نية الصيام بالليل ، فإن كان يضرهم ترك الصنعة وخشوا على أنفسهم التلف أثناء النهار ، أو لحق بهم مشقة عظيمة اضطرتهم إلى الإفطار فإنهم يُفطرون بما يدفع المشقة ثمّ يُمسكون إلى الغروب ويقضون بعد ذلك ، وعلى العامل في المهن الشّاقة كأفران صهر المعادن وغيرها إذا كان لا يستطيع تحمّل الصيام أن يحاول جعل عمله بالليل أو يأخذ إجازة أثناء شهر رمضان ولو بدون مرتّب فإن لم يتيسّر ذلك بحث عن عمل آخر يُمكنه فيه الجمع بين الواجبين الديني والدنيوي ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب : فتاوى اللجنة الدائمة 10/233،235 . وليست امتحانات الطلاب عذرا يبيح الفطر في رمضان ، ولا تجوز طاعة الوالدين في الإفطار لأجل الامتحان لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق : فتاوى اللجنة الدائمة 10/241
28- المريض الذي يُرجى بُرؤه ينتظر الشفاء ثم يقضي ولا يُجزئه الإطعام ، والمريض مرضا مزمنا لا يُرجى برؤه وكذا الكبير العاجز يُطعم عن كل يوم مسكينا نصف صاع من قوت البلد ( وذلك يعادل كيلو ونصف تقريبا من الرز ) ، ويجوز أن يجمع الفدية فيطعم المساكين في آخر الشهر ويجوز أن يطعم مسكينا كلّ يوم ، ويجب إخراجها طعاما لنصّ الآية ولا يُجزئ إعطاؤها إلى المسكين نقودا فتاوى اللجنة الدائمة 10/198 ، ويُمكن أن يوكّل ثقة أو جهة خيرية موثوقة لشراء الطعام وتوزيعه نيابة عنه .(4/14)
والمريض الذي أفطر من رمضان وينتظر الشفاء ليقضي ثم علم أن مرضه مزمن فالواجب عليه إطعام مسكين عن كل يوم أفطره من فتاوى الشيخ ابن عثيمين ومن كان ينتظر الشفاء من مرض يُرجى برؤه فمات فليس عليه ولا على أوليائه شيء . ومن كان مرضه يُعتبر مزمنا فأفطر وأطعم ثم مع تقدّم الطبّ وُجد له علاج فاستعمله وشفي لا يلزمه شيء عما مضى لأنّه فعل ما وجب عليه في حينه . فتاوى اللجنة الدائمة 10/195
29- من مرض ثمّ شفي وتمكن من القضاء فلم يقض حتى مات أُخرج من ماله طعام مسكين عن كل يوم . وإن رغب أحد أقاربه أن يصوم عنه فيصحّ ذلك ، لما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من مات وعليه صيام صام عنه وليّه " . من فتاوى اللجنة الدائمة مجلة الدعوة 806
الكبير والعاجز والهرم
30- العجوز والشيخ الفاني الذي فنيت قوته وأصبح كل يوم في نقص إلى أن يموت لا يلزمهما الصوم ولهما أن يفطرا مادام الصيام يُجهدهما ويشق عليهما ، وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول في قوله تعالى : ( وعلى الذين يُطيقونه فدية طعام مسكين ) : ليست بمنسوخة ، هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكينا . البخاري كتاب التفسير باب أياما معدودات ..
وأما من سقط تمييزه وبلغ حدّ الخَرَف فلا يجب عليه ولا على أهله شيء لسقوط التكليف ، فإن كان يميز أحيانا ويهذي أحيانا وجب عليه الصوم حال تمييزه ولم يجب حال هذيانه أنظر مجالس شهر رمضان :ابن عثيمين : ص 28
31- من قاتل عدوا أو أحاط العدو ببلده والصوم يُضعفه عن القتال ساغ له الفطر ولو بدون سفر ، وكذلك لو احتاج للفطر قبل القتال أفطر وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه قبل القتال : " إنكم مصبحوا عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطِروا " رواه مسلم 1120ط. عبد الباقي وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وأفتى به أهل الشام وهم في البلد لما نزل بهم التتار .(4/15)
32- من كان سبب فطره ظاهرا كالمريض فلا بأس أن يفطر ظاهرا ، ومن كان سبب فطره خفيا كالحائض فالأولى أن يُفطر خفية خشية التهمة .
النية في الصيام
33- تُشترط النية في صوم الفرض وكذا كلّ صوم واجب كالقضاء والكفارة لحديث : " لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل " رواه أبو داود رقم 2454 ورجح عدد من الأئمة وقفه كالبخاري والنسائي والترمذي وغيرهم : تلخيص الحبير 2/188
ويجوز أن تكون في أي جزء من الليل ولو قبل الفجر بلحظة . والنية عزم القلب على الفعل ، والتلفظ بها بدعة وكل من علم أن غدا من رمضان وهو يريد صومه فقد نوى مجموع فتاوى شيخ الإسلام 25/215 . ومن نوى الإفطار أثناء النهار ولم يُفطر فالراجح أن صيامه لم يفسد وهو بمثابة من أراد الكلام في الصلاة ولم يتكلم ، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يُفطر بمجرد قطع نيته ، فالأحوط له أن يقضي . أما الردّة فإنها تُبطل النية بلا خلاف .
وصائم رمضان لا يحتاج إلى تجديد النية في كلّ ليلة من ليالي رمضان بل تكفيه نية الصيام عند دخول الشهر فإن قطع النية للإفطار في سفر أو مرض ـ مثلا ـ لزمه تجديد النية للصوم إذا زال عذره .
34- النفل المطلق لا تُشترط له النية من الليل لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال هل عندكم شيء فقلنا : لا فقال فإني إذا صائم . رواه مسلم 2/ 809 عبد الباقي وأما النفل المعيّن كعرفة وعاشوراء فالأحوط أن ينوي له من الليل .(4/16)
35- من شرع في صوم واجب ـ كالقضاء والنذر والكفارة ـ فلا بدّ أن يتمّه ، ولا يجوز أن يُفطر فيه بغير عذر . وأما صوم النافلة فإن " الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر " رواه أحمد 6/342 ولو بغير عذر ، وقد أصبح النبي صلى الله عليه وسلم مرة صائما ثم أكل كما جاء في صحيح مسلم في قصة الحيس الذي أهدي إليه عند عائشة رقم 1154 عبد الباقي ، ولكن هل يُثاب من أفطر بغير عذر على ما مضى من صومه ؟ قال بعض أهل العلم بأنه لا يُثاب الموسوعة الفقهية 28/13 ، والأفضل للصائم المتطوع أن يُتمّ صومه ما لم توجد مصلحة شرعية راجحة في قطعه .
36- من لم يعلم بدخول شهر رمضان إلا بعد طلوع الفجر فعليه أن يمسك بقية يومه وعليه القضاء عند جمهور العلماء لقوله صلى الله عليه وسلم : " لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل " . رواه أبو داود 2454
37- السجين والمحبوس إن علم بدخول الشهر بمشاهدة أو إخبار من ثقة وجب عليه الصيام وإلا فإنه يجتهد لنفسه ويعمل بما غلب على ظنّه فإن تبين له بعد ذلك أن صومه وافق رمضان أجزأه ذلك عند الجمهور وإذا وافق صومه بعد رمضان أجزأه عند جماهير الفقهاء وإذا وافق صومه قبل دخول الشهر فلا يُجزيه وعليه القضاء ، وإذا وافق صوم المحبوس بعض رمضان دون بعض أجزأه ما وافقه وما بعده دون ما قبله . فإن استمرّ الإشكال ولم ينكشف له فهذا يجزئه صومه لأنه بذل وسعه ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها . الموسوعة الفقهية 28/84
الإفطار والإمساك
38- إذا غاب جميع قرص الشمس أفطر الصائم ولا عبرة بالحمرة الشديدة الباقية في الأفق لقوله صلى الله عليه وسلم : " إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم " رواه البخاري : الفتح رقم 1954 والمسألة في مجموع الفتاوى 25/216(4/17)
والسنّة أن يعجّل الإفطار ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يصلي المغرب حتى يُفطر ولو على شربة من الماء رواه الحاكم 1/432 السلسلة الصحيحة 2110 فإن لم يجد الصائم شيئا يُفطر عليه نوى الفطر بقلبه ، ولا يمصّ أصبعه كما يفعل بعض العوامّ . وليحذر من الإفطار قبل الوقت فإن النبي صلى الله عليه وسلم رأى أقواما معلقين من عراقيبهم تسيل أشداقهم دما فلما سأل عنهم أُخبر أنهم الذين يُفطرون قبل تحلّة صومهم . الحديث في صحيح ابن خزيمة برقم 1986 وفي صحيح الترغيب 1/420 ، ومن تحقق أو غلب على ظنه أو شكّ أنّ فطره حصل قبل المغرب فعليه القضاء لأنّ الأصل بقاء النهار : فتاوى اللجنة الدائمة 10/287 ، وينبغي الحذر من الاعتماد على خبر الأطفال الصّغار والمصادر غير الموثوقة . وكذلك ينبغي الانتباه لفارق التوقيت بين المدن والقرى عند سماع الأذان في الإذاعة ونحوها .
39- إذا طلع الفجر وهو البياض المعترض المنتشر في الأفق من جهة المشرق وجب على الصائم الإمساك حالا سواء سمع الأذان أم لا . وإذا كان يعلم أنّ المؤذن يؤذن عند طلوع الفجر فيجب عليه الإمساك حال سماع أذانه ، وأما إذا كان المؤذن يؤذن قبل الفجر فلا يجب الإمساك عن الأكل والشرب . وإن كان لا يعلم حال المؤذن أو اختلف المؤذنون ولا يستطيع أن يتبين الفجر بنفسه ـ كما في المدن غالبا بسبب الإنارة والمباني ـ فإن عليه أن يحتاط بالعمل بالتقويمات المطبوعة المبنية على الحسابات والتقديرات مالم يتبين خطؤها .
وأما الاحتياط بالإمساك قبل الفجر بوقت كعشر دقائق ونحوها فهو بدعة من البدع ، وما يلاحظ في بعض التقاويم من وجود خانة للامساك وأخرى للفجر فهو أمر مصادم للشريعة .(4/18)
40- البلد الذي فيه ليل ونهار في الأربع والعشرين ساعة على المسلمين فيه الصيام ولو طال النهار مادام يمكن تمييز ليلهم من نهارهم وفي بعض البلدان التي لا يمكن فيها تمييز ذلك يصومون بحسب أقرب البلدان إليهم مما فيه ليل أو نهار متميز .
المفطرات
41- المفطّرات ماعدا الحيض والنفاس لا يفطر بها الصائم إلا بشروط ثلاثة : ـ أن يكون عالما غير جاهل ، ـ ذاكرا غير ناس ، ـ مختارا غير مضطر ولامُكْرَه
ومن المفطّرات ما يكون من نوع الاستفراغ كالجماع والاستقاءة والحيض والاحتجام ومنه ما يكون من نوع الامتلاء كالأكل والشرب . مجموع الفتاوى 25/248
42- من المفطرات ما يكون في معنى الأكل والشرب كالأدوية والحبوب عن طريق الفم والإبر المغذية وكذلك حقن الدم ونقله .
وأما الإبر التي لا يُستعاض بها عن الأكل والشرب ولكنها للمعالجة كالبنسلين والأنسولين أو تنشيط الجسم أو إبر التطعيم فلا تضرّ الصيام سواء عن طريق العضلات أو الوريد ، فتاوى ابن ابراهيم 4/189 والأحوط أن تكون كل هذه الإبر بالليل ، وغسيل الكلى الذي يتطلب خروج الدم لتنقيته ثم رجوعه مرة أخرى مع إضافة مواد كيماوية وغذائية كالسكريات والأملاح وغيرها إلى الدم يعتبر مفطّرا فتاوى اللجنة الدائمة 10/190 والراجح أن الحقنة الشرجية وقطرة العين والأذن وقلع السنّ ومداواة الجراح كل ذلك لا يفطر مجموع فتاوى شيخ الإسلام 25/233 ، 25/245 ، وبخاخ الربو لا يفطّر لأنه غاز مضغوط يذهب إلى الرئة وليس بطعام وهو محتاج إليه دائما في رمضان وغيره . وسحب الدم للتحليل لا يُفسد الصوم بل يُعفى عنه لأنه مما تدعو إليه الحاجة فتاوى الدعوة : ابن باز عدد 979 ودواء الغرغرة لا يبطل الصوم إن لم يبتلعه ، ومن حشا سنّه بحشوة طبية فوجد طعمها في حلقه فلا يضر ذلك صيامه من فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز مشافهة
وسائر الأمور التالية ليست من المفطّرات :(4/19)
- غسول الأذن ، أو قطرة الأنف ، أو بخاخ الأنف ، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .
الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان لعلاج الذبحة الصدرية وغيرها إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .
ما يدخل المهبل من تحاميل ( لبوس ) ، أو غسول ، أو منظار مهبلي ، أو إصبع للفحص الطبي .
إدخال المنظار أو اللولب ونحوهما إلى الرحم .
ما يدخل الإحليل ، أي مجرى البول الظاهر للذكر أو الأنثى ، من قثطرة ( أنبوب دقيق ) أو منظار ، أو مادة ظليلة على الأشعة ، أو دواء ، أو محلول لغسل المثانة .
حفر السن ، أو قلع الضرس ، أو تنظيف الأسنان ، أو السواك وفرشاة الأسنان ، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .
المضمضة ، والغرغرة ، وبخاخ العلاج الموضعي للفم إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .
الحقن العلاجية الجلدية أو العضلية أو الوريدية ، باستثناء السوائل والحقن المغذية .
غاز الأكسجين .
غازات التخدير ( البنج ) ما لم يعط المريض سوائل ( محاليل ) مغذية .
ما يدخل الجسم امتصاصاً من الجلد كالدهونات والمراهم واللصقات العلاجية الجلدية المحملة بالمواد الدوائية أو الكيميائية .
إدخال قثطرة ( أنبوب دقيق ) في الشرايين لتصوير أو علاج أوعية القلب أو غيره من الأعضاء .
إدخال منظار من خلال جدار البطن لفحص الأحشاء أو إجراء عملية جراحية عليها .
أخذ عينات ( خزعات ) من الكبد أو غيره من الأعضاء ما لم تكن مصحوبة بإعطاء محاليل .
منظار المعدة إذا لم يصاحبه إدخال سوائل ( محاليل ) أو مواد أخرى .
دخول أي أداة أو مواد علاجية إلى الدماغ أو النخاع الشوكي .
43- من أكل أو شرب عامدا في نهار رمضان دون عذر فقد أتى كبيرة عظيمة من الكبائر وعليه التوبة والقضاء وإن كان إفطاره بمحرم كمسكر ازداد فعله شناعة وقبحا والواجب بكل حال التوبة العظيمة والإكثار من النوافل من صيام وغيره ليجبر نقص الفريضة ولعل الله أن يتوب عليه .(4/20)
44- و" إذا نسي فأكل و شرب فليتم صومه ، فإنما أطعمه الله وسقاه" رواه البخاري فتح رقم 1933 وفي رواية : " فلا قضاء عليه ولا كفارة . "
وإذا رأى من يأكل ناسيا فإن عليه أن يذكّره لعموم قول الله تعالى وتعاونوا على البرّ والتقوى ولعموم قول الرسول صلى الله عليه وسلم :"فإذا نسيت فذكّروني " ولأن الأصل أن هذا منكر يجب تغييره . مجالس شهر رمضان : ابن عثيمين ص: 70
45- من احتاج إلى الإفطار لإنقاذ معصوم من مهلكة فإنه يُفطر ويقضي كما قد يحدث في إنقاذ الغرقى وإطفاء الحرائق .
46- من وجب عليه الصيام فجامع في نهار رمضان عامدا مختارا بأن يلتقي الختانان وتغيب الحشفة في أحد السبيلين فقد أفسد صومه أنزل أو لم يُنزل وعليه التوبة وإتمام ذلك اليوم والقضاء والكفارة المغلظة لما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال يا رسول الله هلكت ، قال : مالك؟ ، قال : وقعت على امرأتي وأنا صائم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل تجد رقبة تعتقها ؟ قال : لا ، قال : فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ، قال : لا ، قال : فهل تجد إطعام ستين مسكينا ؟ ، قال : لا ... الحديث رواه البخاري فتح 4رقم 1936 هذا والحكم واحد في الزنا واللواط وإتيان البهيمة .
ومن جامع في أيام من رمضان نهارا فعليه كفارات بعدد الأيام التي جامع فيها مع قضاء تلك الأيام ولا يُعذر بجهله بوجوب الكفّارة : فتاوى اللجنة الدائمة 10/321
47- لو أراد جماع زوجته فأفطر بالأكل أوّلا فمعصيته أشدّ وقد هتك حرمة الشهر مرتين ؛ بأكله وجماعه والكفارة المغلظة عليه أوكد وحيلته وبالٌ عليه وتجب عليه التوبة النصوح . أنظر مجموع الفتاوى 25/262(4/21)
48- والتقبيل والمباشرة والمعانقة واللمس وتكرار النظر من الصائم لزوجته أو أمته إن كان يملك نفسه جائز ، لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبّل وهو صائم ويباشر وهو صائم ولكنه كان أملككم لأَرَبه " ، أما حديث : " يدع زوجته من أجلي " فالمقصود به جماعها ، ولكن إن كان الشخص سريع الشهوة لا يملك نفسه فلا يجوز له ذلك لأنه يؤدي إلى إفساد صومه ولا يأمن من وقوع مفسد من الإنزال أو الجماع قال الله تعالى في الحديث القدسي : " ويدع شهوته من أجلي " . والقاعدة الشرعية : كل ما كان وسيلة إلى محرم فهو محرم .
49- وإذا جامع فطلع الفجر وجب عليه أن ينزع وصومه صحيح ولو أمنى بعد النزع ، ولو استدام الجماع إلى ما بعد طلوع الفجر أفطر وعليه التوبة والقضاء والكفارة المغلّظة .
50- إذا أصبح وهو جُنُب فلا يضرّ صومه و يجوز تأخير غسل الجنابة والحيض والنفاس إلى ما بعد طلوع الفجر وعليه المبادرة لأجل الصلاة .
51- إذا نام الصائم فاحتلم فإنه لا يفسد صومه إجماعا بل يتمّه ، وتأخير الغسل لا يضرّ الصيام ولكن عليه أن يبادر به لأجل الصلاة ولتقربه الملائكة .
52- من استمنى في نهار رمضان بشيء يُمكن التحرز منه كاللمس وتكرار النظر وجب عليه أن يتوب إلى الله وأن يُمسك بقية يومه وأن يقضيه بعد ذلك ، وإن شرع في الاستمناء ثمّ كفّ و لم يُنزل فعليه التوبة وليس عليه قضاء لعدم الإنزال ، وينبغي أن يبتعد الصائم عن كلّ ما هو مثير للشهوة وأن يطرد الخواطر الرديئة . وأما خروج المذي فالراجح أنه لا يُفطّر . وخروج الودي وهو السائل الغليظ اللزج بعد البول بدون لذة لا يُفسد الصيام ولا يوجب الغسل وإنما الواجب منه الاستنجاء والوضوء فتاوى اللجنة الدائمة 10/279(4/22)
53- و" من ذرعه القيء فليس عليه قضاء ومن استقاء عمدا فليقض " . حديث صحيح رواه الترمذي 3/89 ومن تقيأ عمدا بوضع أصبعه أو عصر بطنه أو تعمد شمّ رائحة كريهة أو داوم النظر إلى ما يتقيأ منه فعليه القضاء ، ولو غلبه القيء فعاد بنفسه لا يُفطر لأنه بدون إرادته ولو أعاده هو أفطر . وإذا راجت معدته لم يلزمه منع القيء لأن ذلك يضره مجالس شهر رمضان : ابن عثيمين 67 ، وإذا ابتلع ما علق بين أسنانه بغير قصد أو كان قليلا يعجز عن تمييزه ومجّه فهو تبع للريق ولا يفطّر ، وإن كان كثيرا يمكنه لفظه فإن لفظه فلا شيء عليه وإن ابتلعه عامدا فسد صومه ، المغني 4/47 وأما العلك فإن كان يتحلل منه أجزاء أو له طعم مضاف أو حلاوة حرم مضغه وإن وصل إلى الحلق شيء من ذلك فإنه يفطّر، وإذا أخرج الماء بعد المضمضة فلا يضرّه ما بقي من البلل والرطوبة لأنه لا يمكنه التحرز منه ومن أصابه رعاف فصيامه صحيح وهو أمر ناشئ بغير اختياره فتاوى اللجنة الدائمة 10/264 وإذا كان في لثته قروح أو دميت بالسواك فلا يجوز ابتلاع الدم وعليه إخراجه فإن دخل حلقه بغير اختياره ولا قصده فلا شيء عليه ، وكذلك القيء إذا رجع إلى جوفه بغير اختياره فصيامه صحيح : فتاوى اللجنة الدائمة 10/254 . أما النخامة ـ وهي المخاط النازل من الرأس ـ والنخاعة ـ وهي البلغم الصاعد من الباطن بالسعال والتنحنح ـ فإن ابتلعها قبل وصولها إلى فيه فلا يفسد صومه لعموم البلوى بها فإذا ابتلعها عند وصولها إلى فيه فإنه يُفطر عند ذلك فإذا دخلت بغير قصده واختياره فلا تفطّر . واستنشاق بخار الماء في مثل حال العاملين في محطات تحلية المياه لا يضرّ صومهم : فتاوى اللجنة الدائمة 10/276 ، ويُكره ذوق الطعام بلا حاجة لما فيه من تعريض الصوم للفساد ، ومن الحاجة مضغ الطعام للولد إذا لم تجد الأم منه بدّ، وأن تتذوق الطعام لتنظر اعتداله ، وكذلك إذا احتاج لتذوّق شيء عند شرائه ، عن ابن عباس قال لا بأس أن يذوق(4/23)
الخلّ والشيء يريد شراءه . حسنه في إرواء الغليل 4/86 . وانظر الفتح شرح باب اغتسال الصائم كتاب الصيام
54- والسواك سنّة للصائم في جميع النهار وإن كان رطبا ، وإذا استاك وهو صائم فوجد حرارة أو غيرها من طَعْمِه فبلعه أو أخرجه من فمه وعليه ريق ثم أعاده وبلعه فلا يضره الفتاوى السعدية 245 ويجتنب ما له مادة تتحلل كالسواك الأخضر وما أضيف إليه طعم خارج عنه كالليمون والنعناع ، ويُخرج ما تفتت منه داخل الفم ، ولا يجوز تعمد ابتلاعه فإن ابتلعه بغير قصده فلا شيء عليه .
55- وما يعرض للصائم من جرح أو رعاف أو ذهاب للماء أو البنزين إلى حلقه بغير اختياره لا يُفسد الصوم . وكذلك إذا دخل إلى جوفه غبار أو دخان أو ذباب بلا تعمد فلا يُفطر ، وما لا يُمكن التحرز منه كابتلاع الريق لا يفطّره ومثله غبار الطريق وغربلة الدقيق ، وإن جمع ريقه في فمه ثم ابتلعه قصدا لم يفطّره على الأصح المغني لابن قدامة 3/106 وكذلك لايضره نزول الدمع إلى حلقه أو أن يدهن رأسه أو شاربه أو يختضب بالحناء فيجد طعمه في حلقه ، ولا يفطّر وضع الحنّاء والكحل والدّهن أنظر مجموع الفتاوى 25/233 ، 25/245 وكذلك المراهم المرطّبة والمليّنة للبشرة . ولا بأس بشمّ الطيب واستعمال العطور ودهن العود والورد ونحوها ، والبخور لا حرج فيه للصائم إذا لم يتسعّط به : فتاوى اللجنة الدائمة 10/314. والأحسن أن لا يستخدم معجون الأسنان بالنهار ويجعله بالليل لأن له نفوذا قويا المجالس ابن عثيمين ص72
56- والأحوط للصائم أن لا يحتجم والخلاف شديد في المسألة ، واختار شيخ الإسلام إفطار المفصود دون الفاصد .
57- التدخين من المفطّرات وليس عذرا في ترك الصيام إذ كيف يُعذر بمعصية ؟!(4/24)
58- والانغماس في ماء أو التلفف بثوب مبتلّ للتبرد لابأس به للصائم ولا بأس أن يصبّ على رأسه الماء من الحر والعطش المغني 3/44 ويُكره له السباحة لما فيها من تعريض الصوم للفساد . ومن كان عمله في الغوص أو وظيفته تتطلّب الغطس فإن كان يأمن من دخول الماء إلى جوفه فلا بأس بذلك .
59- لو أكل أو شرب أو جامع ظانا بقاء الليل ثم تبين له أن الفجر قد طلع فلا شيء عليه لأن الآية قد دلّت على الإباحة إلى أن يحصل التبين ، وقد روى عبد الرزاق بإسناد صحيح إلى ابن عباس رضي الله عنهما قال : أحلّ الله لك الأكل والشرب ما شككت فتح الباري 4/135 وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية مجموع الفتاوى 29/ 263
60- إذا أفطر يظن الشمس قد غربت وهي لم تغرب فعليه القضاء ( عند جمهور العلماء ) لأن الأصل بقاء النهار واليقين لا يزول بالشك . ( وذهب شيخ الإسلام إلى أنه لا قضاء عليه )
61- وإذا طلع الفجر وفي فيه طعام أو شراب فقد اتفق الفقهاء على أنه يلفظه ويصح صومه ، وكذلك الحكم فيمن أكل أو شرب ناسيا ثم تذكّر وفي فيه طعام أو شراب صحّ صومه إن بادر إلى لفظه .
من أحكام الصيام للمرأة
62- التي بلغت فخجلت وكانت تُفطر عليها التوبة العظيمة وقضاء ما فات مع إطعام مسكين عن كل يوم كفارة للتأخير إذا أتى عليها رمضان الذي يليه ولم تقض . ومثلها في الحكم التي كانت تصوم أيام عادتها خجلا ولم تقض . فإن لم تعلم عدد الأيام التي تركتها على وجه التحديد صامت حتى يغلب على ظنها أنها قضت الأيام التي حاضت فيها ولم تقضها من الرمضانات السابقة مع إخراج كفارة التأخير عن كل يوم مجتمعة أو متفرّقة حسب استطاعتها .
63- ولا تصوم الزوجة ( غير رمضان ) وزوجها حاضر إلا بإذنه ، فإذا سافر فلا حرج .(4/25)
64- الحائض إذا رأت القصّة البيضاء ـ وهو سائل أبيض يدفعه الرّحم بعد انتهاء الحيض ـ التي تعرف بها المرأة أنها قد طهرت ، تنوي الصيام من الليل وتصوم ، وإن لم يكن لها طهر تعرفه احتشت بقطن ونحوه فإن خرج نظيفا صامت ، فإذا رجع دم الحيض أفطرت ، ولو كان دما يسيرا أو كدرة فإنه يقطع الصيام ما دام قد خرج في وقت العادة فتاوى اللجنة الدائمة 10/154 ، وإذا استمر انقطاع الدم إلى المغرب وكانت قد صامت بنية من الليل صحّ صومها ، والمرأة التي أحست بانتقال دم الحيض ولكنه لم يخرج إلا بعد غروب الشمس صح صومها وأجزأها يومها .
والحائض أو النفساء إذا انقطع دمها ليلا فَنَوَت الصيام ثم طلع الفجر قبل اغتسالها فمذهب العلماء كافة صحة صومها الفتح 4/148
65- المرأة التي تعرف أن عادتها تأتيها غدا تستمر على نيتها وصيامها ولا تُفطر حتى ترى الدم .
66- الأفضل للحائض أن تبقى على طبيعتها وترضى بما كتب الله عليها ولا تتعاطى ما تمنع به الدم وتقبل ما قَبِل الله منها من الفطر في الحيض والقضاء بعد ذلك وهكذا كانت أمهات المؤمنين ونساء السلف ، فتاوى اللجنة الدائمة 10/151 بالإضافة إلى أنه قد ثبت بالطبّ ضرر كثير من هذه الموانع وابتليت كثير من النساء باضطراب الدورة بسبب ذلك ، فإن فعلت المرأة وتعاطت ما تقطع به الدم فارتفع وصارت نظيفة وصامت أجزأها ذلك .
67- دم الاستحاضة لا يؤثر في صحة الصيام .
68- إذا أسقطت الحامل جنينا متخلّقا أو ظهر فيه تخطيط لعضو كرأس أو يد فدمها دم نفاس ، وإذا كان ما سقط علقة أو مضغة لحم لا يتبيّن فيه شيء من خَلْق الإنسان فدمها دم استحاضة وعليها الصيام إن استطاعت وإلا أفطرت وقضت فتاوى اللجنة الدائمة 10/224 . وكذلك إن صارت نظيفة بعد عملية التنظيف صامت . وقد ذكر العلماء أن التخلّق يبدأ بعد ثمانين يوما من الحمل.(4/26)
النفساء إذا طهرت قبل الأربعين صامت واغتسلت للصلاة المغني مع الشرح الكبير 1/360 فإن رجع إليها الدم في الأربعين أمسكت عن الصيام لأنه نفاس ، وإن استمر بها الدم بعد الأربعين نوت الصيام واغتسلت ( عند جمهور أهل العلم ) وتعتبر ما استمر استحاضة ، إلا إن وافق وقت حيضها المعتاد فهو حيض .
والمرضع إذا صامت بالنهار ورأت في الليل نقطا من الدم وكانت طاهرا بالنهار فصيامها صحيح : فتاوى اللجنة الدائمة 10/150
69- الراجح قياس الحامل والمرضع على المريض فيجوز لهما الإفطار وليس عليهما إلا القضاء سواء خافتا على نفسيهما أو ولديهما وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة ، وعن الحامل والمرضع الصوم " . رواه الترمذي 3/85 وقال : حديث حسن ، والحامل إذا صامت ومعها نزيف فصيامها صحيح ولا يؤثّر ذلك على صحة صيامها فتاوى اللجنة الدائمة 10/225
70- المرأة التي وجب عليها الصوم إذا جامعها زوجها في نهار رمضان برضاها فحكمها حكمه وأما إن كانت مكرهة فعليها الاجتهاد في دفعه ولا كفارة عليها ، قال ابن عقيل رحمه الله فيمن جامع زوجته في نهار رمضان وهي نائمة : لا كفارة عليها . والأحوط لها أن تقضي ذلك اليوم . وقد ذهب شيخ الإسلام رحمه الله إلى عدم فساد صومها وأنه صحيح .(4/27)
وينبغي على المرأة التي تعلم أن زوجها لا يملك نفسه أن تتباعد عنه وتترك التزين في نهار رمضان . ويجب على المرأة قضاء ما أفطرته من رمضان ولو بدون علم زوجها ولا يُشترط للصيام الواجب على المرأة إذن الزوج ، وإذا شرعت المرأة في قضاء الصيام الواجب فلا يحلّ لها الإفطار إلا من عذر شرعي ولا يحلّ لزوج المرأة أن يأمرها بالإفطار وهي تقضي وليس له أن يُجامعها وليس لها أن تطيعه في ذلك : فتاوى اللجنة الدائمة 10/353 أمّا صيام النافلة فلا يجوز لها أن تشرع فيه وزوجها حاضر إلا بإذنه لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا تَصُومُ الْمَرْأَةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إِلا بِإِذْنِهِ ." رواه البخاري 4793
وفي الختام هذا ما تيسّر ذكره من مسائل الصيام ، أسأل الله تعالى أن يُعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته ، وأن يختم لنا شهر رمضان بالغفران ، والعتق من النيران .
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم(4/28)
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً ، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً ) ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً )
أما بعد :
فقد وردت إليّ أسئلة من بعض الإخوان في بعض الدروس والمحاضرات تتضمن أموراً مما يُعانون ومشكلات مما يواجهون من أمراض قلبية ومصاعب نفسية وعقبات واقعية .
وكانت الإجابات عن تلك الأسئلة المكتوبة والمشكلات المعروضة في سلسلة دروس بعنوان شكاوى وحلول .
وقد أعدت النظر فيها بعد إعدادها للكتابة وأقدمها اليوم إلى إخواني رجاء الدخول في حديثه صلى الله عليه وسلم : ( من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة .. والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه ) صحيح مسلم والله أسأل أن يوفقني وإخواني المسلمين لفعل الخيرات واجتناب السيئات والنجاة يوم الحسرات إنه خير مسؤول وهو كل شيء قدير .
النوم عن صلاة الفجر
أخ يشتكي ويقول : إن صلاة الفجر تفوتني في كثير من الأيام ، فلا أصليها في وقتها إلا نادراً ، والغالب ألا أستيقظ إلا بعد طلوع الشمس ، أو بعد فوات صلاة الجماعة في أحسن الأحوال ، وقد حاولت الاستيقاظ بدون جدوى ، فما حل هذه المشكلة ؟ .
الجواب : الحمد لله حمداً كثيراً وبعد : فإن حل هذه المشكلة - كغيرها - له جانبان : جانب علمي ، وجانب عملي .
أما الجانب العلمي فيأتي من ناحيتين :(5/1)
الناحية الأولى : أن يعلم المسلم عظمة مكانة صلاة الفجر عند الله عز وجل ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من صلّى الصبح في جماعة فكأنما صلّى الليل كله ) مسلم ص 454 رقم 656 ، الترمذي 221 .
وقال عليه الصلاة والسلام : ( أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً ) رواه الإمام أحمد المسند 2/424 ، وهو في صحيح الجامع 133 ، وقال : ( من صلّى الفجر فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله بشيء من ذمته ) ومعنى في ذمة الله : أي في حفظه وكلاءته سبحانه ، " من كتاب النهاية 2/168" والحديث رواه الطبراني 7/267 ، وهو في صحيح الجامع رقم 6344 . وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم : ( يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ، ثم يعرج الذين باتوا فيكم ، فيسألهم وهو أعلم بهم : كيف تركتم عبادي ، فيقولون : تركناهم وهم يصلون ، وأتيناهم وهم يصلون ) رواه البخاري الفتح 2/33 .
وفي الحديث الآخر : ( أفضل الصلوات عند الله صلاة الصبح يوم الجمعة ، في جماعة ) رواه أبو نعيم في الحلية 7/207 ، وفي السلسلة الصحيحة 1566 . وفي الحديث الصحيح : ( من صلّى البردين دخل الجنة ) رواه البخاري الفتح 2/52 . والبردان الفجر والعصر .
الناحية الثانية : أن يعلم المسلم خطورة تفويت صلاة الفجر ومما يبين هذه الخطورة الحديث المتقدم :(5/2)
( أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ) وفي الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( كنا إذا فقدنا الرجل في الفجر والعشاء أسأنا به الظن ) رواه الطبراني في المعجم الكبير 12/271 ، قال الهيثمي رجال الطبراني موثقون المجمع 2/40 . وإنما تكون إساءة الظن بذلك المتخلف عن هاتين الصلاتين لأن المحافظة عليهما معيار صدق الرجل وإيمانه ، ومعيار يقاس به إخلاصه ، ذلك أن سواهما من الصلوات قد يستطيعها المرء لمناسبتها لظروف العمل ووقت الاستيقاظ ، في حين لا يستطيع المحافظة على الفجر والعشاء مع الجماعة إلا الحازم الصادق الذي يُرجى له الخير .
ومن الأحاديث الدالة على خطورة فوات صلاة الفجر قوله صلى الله عليه وسلم : ( من صلّى الصبح فهو في ذمة الله ، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء ، فإن من يطلبه من ذمته بشيء يدركه ثم يكبه على وجهه في نار جهنم ) رواه مسلم ص 454 ، ومعنى من يطلبه من ذمته بشيء يدركه أي من يطلبه الله للمؤاخذة بما فرط في حقه والقيام بعهده يدركه الله إذ لا يفوت منه هارب ، حاشية صحيح مسلم ترتيب عبد الباقي 455 .
هاتان الناحيتان كفيلتان بإلهاب قلب المسلم غيرة ، أن تضيع منه صلاة الفجر فالأولى منهما تدفع للمسارعة في الحصول على ثواب صلاة الفجر ، والثانية هي واعظ وزاجر يمنعه من إيقاع نفسه في إثم التهاون بها .
وأما الجانب العملي في علاج هذه الشكاية فإن هناك عدة خطوات يمكن للمسلم إذا اتبعها أن يزداد اعتياداً ومواظبة على صلاة الفجر مع الجماعة ، فمن ذلك :
1-التبكير في النوم : ففي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره النوم قبل صلاة العشاء والحديث بعدها ، فلا ينبغي للمسلم أن ينام قبل صلاة العشاء والمُشاهد أن غالب الذين ينامون قبل العشاء يمضون بقية ليلتهم في خمول وكدر وحال تشبه المرضى .(5/3)
ولا ينبغي كذلك أن يتحدث بعد صلاة العشاء ، وقد بين أهل العلم سبب كراهية الحديث بعدها فقالوا : لأنه يؤدي إلى السهر ، ويُخاف من غلبة النوم عن قيام الليل ، أو عن صلاة الصبح في وقتها الجائز أو المختار أو الفاضل .
والمكروه من الحديث بعد صلاة العشاء كما قال الشراح : هو ما كان في الأمور التي لا مصلحة راجحة فيها ، أما ما كان فيه مصلحة وخير فلا يكره ، كمدارسة العلم ، ومعرفة سير الصالحين وحكايتهم ، ومحادثة الضيف ، ومؤانسة الزوجة والأولاد وملاطفتهم ، ومحادثة المسافرين بحفظ متاعهم وأنفسهم ، إلى آخر ذلك من الأسباب المباحة . فما الحال إذا تفكرنا فيما يسهر من أجله كثير من الناس اليوم من المعاصي والآثام إذن فعلى المسلم أن ينام مبكراً ، ليستيقظ نشيطاً لصلاة الفجر ، وأن يحذر السهر الذي يكون سبباً في تثاقله عن صلاة الفجر مع الجماعة .
حقاً إن الناس يتفاوتون في الحاجة إلى النوم ، وفي المقدار الذي يكفيهم منه ، فلا يمكن تحديد ساعات معينة يُفرض على الناس أن يناموا فيها ، لكن على كل واحد أن يلتزم بالوقت الكافي لنوم يستيقظ بعده لصلاة الفجر نشيطاً ، فلو علم بالتجربة والعادة أنه لو نام بعد الحادية عشر ليلاً مثلاً لم يستيقظ للصلاة ، فإنه لا يجوز له شرعاً أن ينام بعد هذه الساعة .. وهكذا .
2- الحرص على الطهارة وقراءة الأذكار التي قبل النوم ، فإنها تعين على القيام لصلاة الفجر .
3- صدق النية والعزيمة عند النوم على القيام لصلاة الفجر ، أما الذي ينام وهو يتمنى ألا تدق الساعة المنبهة ، ويرجو ألا يأتي أحد لإيقاظه ، فإنه لن يستطيع بهذه النية الفاسدة أن يصلي الفجر ، ولن يفلح في الاستيقاظ لصلاة الفجر وهو على هذه الحال من فساد القلب وسوء الطوية .(5/4)
4- ذكر الله تعالى عند الاستيقاظ مباشرة ، فإن بعض الناس قد يستيقظ في أول الأمر ، ثم يعاود النوم مرة أخرى ، أما إذا بادر بذكر الله أول استيقاظه انحلت عقدة من عُقد الشيطان ، وصار ذلك دافعاً له للقيام ، فإذا توضأ اكتملت العزيمة وتباعد الشيطان ، فإذا صلّى أخزى شيطانه وثقل ميزانه وأصبح طيب النفس نشيطاً .
5- لا بد من الاستعانة على القيام للصلاة بالأهل والصالحين ، والتواصي في ذلك ، وهذا داخل بلا ريب في قوله تعالى : ( وتعاونوا على البر والتقوى ) وفي قوله ( والعصر إن الإنسان لفي خسر ، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )
فعلى المسلم : أن يوصي زوجته مثلاً بأن توقظه لصلاة الفجر ، وأن تشدد عليه في ذلك ، مهما كان متعباً أو مُرهقاً ، وعلى الأولاد أن يستعينوا بأبيهم مثلاً في الاستيقاظ ، فينبههم من نومهم للصلاة في وقتها ، ولا يقولن أب إن عندهم اختبارات ، وهم متعبون ، فلأدعهم في نومهم ، إنهم مساكين ، لا يصح أن يقول ذلك ولا أن يعتبره من رحمة الأب وشفقته ، فإن الرحمة بهم والحدَبَ عليهم هو في إيقاظهم لطاعة الله : ( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها )
وكما يكون التواصي والتعاون على صلاة الفجر بين الأهل ، كذلك يجب أن يكون بين الإخوان في الله ، فيعين بعضهم بعضاً ، مثل طلبة الجامعات الذين يعيشون في سكن متقارب ومثل الجيران في الأحياء ، يطرق الجار باب جاره ليوقظه للصلاة ، ويعينه على طاعة الله .
6- أن يدعو العبد ربه أن يوفقه للاستيقاظ لأداء صلاة الفجر مع الجماعة ؛ فإن الدعاء من أكبر وأعظم أسباب النجاح والتوفيق في كل شيء .
7- استخدام وسائل التنبيه ، ومنها الساعة المنبهة ، ووضعها في موضع مناسب ، فبعض الناس يضعها قريباً من رأسه فإذا دقت أسكتها فوراً وواصل النوم ، فمثل هذا يجب عليه أن يضعها في مكان بعيد عنه قليلاً ، لكي يشعر بها فيستيقظ .(5/5)
ومن المنبهات ما يكون عن طريق الهاتف ، ولا ينبغي للمسلم أن يستكثر ما يدفعه مقابل هذا التنبيه ، فإن هذه نفقة في سبيل الله ، وأن الاستيقاظ لإجابة أمر الله لا تعدله أموال الدنيا .
8- نضح الماء في وجه النائم ، كما جاء في الحديث من مدح الرجل الذي يقوم من الليل ليصلي ، ويوقظ زوجته ، فإن أبت نضح في وجهها الماء ، ومدح المرأة التي تقوم من الليل وتوقظ زوجها ، فإن أبى نضحت في وجهه الماء رواه الإمام أحمد في المسند 2/250 وهو في صحيح الجامع 3494 .
فنضح الماء من الوسائل الشرعية للإيقاظ ، وهو في الواقع منشط ، وبعض الناس قد يثور ويغضب عندما يوقظ بهذه الطريقة ، وربما يشتم ويسب ويتهدد ويتوعد ، ولهذا فلا بد أن يكون الموقظ متحلياً بالحكمة والصبر ، وأن يتذكر أن القلم مرفوع عن النائم ، فليتحمل منه الإساءة ، ولا يكن ذلك سبباً في توانيه عن إيقاظ النائمين للصلاة .
9- عدم الانفراد في النوم ، فلقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيت الرجل وحده رواه الإمام أحمد في المسند 2/91 وهو في السلسلة الصحيحة رقم 60 . ولعل من حِكم هذا النهي أنه قد يغلبه النوم فلا يكون عنده من يوقظه للصلاة .
10- عدم النوم في الأماكن البعيدة التي لا يخطر على بال الناس أن فلاناً نائماً فيها ، كمن ينام في سطح المنزل دون أن يخبر أهله أنه هناك ، وكمن ينام في غرفة نائية في المنزل أو الإسكان الجماعي فلا يعلم به أحد ليوقظه للصلاة ، بل يظن أهله وأصحابه أنه في المسجد ، وهو في الحقيقة يغّط في نومه .
فعلى من احتاج للنوم في مكان بعيد أن يخبر من حوله بمكانه ليوقظوه .
11- الهمة عند الاستيقاظ ، بحيث يهب من أول مرة ، ولا يجعل القيام على مراحل ، كما يفعل بعض الناس الذين قد يتردد الموقظ على أحدهم مرات عديدة ، وهو في كل مرة يقوم فإذا ذهب صاحبه عاد إلى الفراش ، وهذا الاستيقاظ المرحلي فاشل في الغالب ، فلا مناص من القفزة التي تحجب عن معاودة النوم .(5/6)
12- ألا يضبط المنبه على وقت متقدم عن وقت الصلاة كثيراً ، إذا علم من نفسه أنه إذا قام في هذا الوقت قال لنفسه : لا يزال معي وقت طويل ، فلأرقد قليلاً ، وكل أعلم بسياسة نفسه .
13- إيقاد السراج عند الاستيقاظ ، وفي عصرنا الحاضر إضاءة المصابيح الكهربائية ، فإن لها تأثيراً في طرد النعاس بنورها .
14- عدم إطالة السهر ولو في قيام الليل ، فإن بعض الناس قد يطيل قيام الليل ، ثم ينام قبيل الفجر بلحظات ، فيعسر عليه الاستيقاظ لصلاة الفجر ، وهذا يحدث كثيراً في رمضان ، حيث يتسحرون وينامون قُبيل الفجر بقليل ، فيضيعون صلاة الفجر ، ولا ريب أن ذلك خطأ كبير ؛ فإن صلاة الفريضة مقدمة على النافلة ، فضلاً عمن يسهر الليل في غير القيام من المعاصي والآثام ، أو المباحات على أحسن الأحوال ، وقد يزين الشيطان لبعض الدعاة السهر لمناقشة أمورهم ثم ينامون قبل الفجر فيكون ما أضاعوا من الأجر أكثر بكثير مما حصلوا .
15- عدم إكثار الأكل قبل النوم فإن الأكل الكثير من أسباب النوم الثقيل ، ومن أكل كثيراً ، تعب كثيراً ، ونام كثيراً ، فخسر كثيراً ، فليحرص الإنسان على التخفيف من العشاء .(5/7)
16- الحذر من الخطأ في تطبيق سنة الاضطجاع بعد راتبة الفجر ، فربما سمع بعض الناس قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا صلّى أحدكم فليضطجع على يمينه ) رواه الترمذي رقم 420 وهو في صحيح الجامع 642 . وما ورد من أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلّى سنة الفجر يضطجع ، ثم يُؤذنه بلال للصلاة ، فيقوم للصلاة ، وربما سمعوا هذه الأحاديث ، فعمدوا إلى تطبيق هذه السنة الثابتة ، فلا يحسنون التطبيق ، بحيث يصلي أحدهم سنة الفجر ، ثم يضطجع على جنبه الأيمن ، ويغط في سبات عميق حتى تطلع الشمس ، وهذا من قلة الفقه في هذه النصوص ، فليست هذه الاضطجاعة للنوم ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنه بلال للصلاة وهو مضطجع ، وكان أيضاً كما في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد وابن حبان إذا عرس ( قبل ) الصبح وضع رأسه على كفه اليمنى ، وأقام ساعده رواه أحمد في المسند 5/298 وهو في صحيح الجامع رقم 4752 ، وهذه الكيفية في النوم تمنع من الاستغراق ؛ لأن رأس النائم في هذه الحالة يكون مرفوعاً على كفه وساعده ، فإذا غفا سقط رأسه ، فاستيقظ ، زد على ذلك أن بلالاً كان موكلاً بإيقاظه صلى الله عليه وسلم لصلاة الفجر .
17- جعل قيام الليل في آخره قبيل الفجر ، بحيث إذا فرغ من الوتر أذن للفجر ، فتكون العبادات متصلة ، وتكون صلاة الليل قد وقعت في الثلث الأخير - وهو زمان فاضل – فيمضي لصلاة الفجر مباشرة وهو مبكر ونشيط .
18- اتباع الهدي النبوي في كيفية الاضطجاع عند النوم ، بحيث ينام على جنبه الأيمن ، ويضع خده الأيمن على كفه اليمنى ، فإن هذه الطريقة تيسر الاستيقاظ ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم بخلاف النوم بكيفيات أخرى ، فإنها تؤثر في صعوبة القيام .
19- أن يستعين بالقيلولة في النهار ، فإنها تعينه ، وتجعل نومه في الليل معتدلاً ومتوازناً .(5/8)
20- ألا ينام بعد العصر ، ولا بعد المغرب ، لأن هاتين النومتين تسببان التأخر في النوم ، من تأخر نومه تعسر استيقاظه .
21- وأخيراً فإن الإخلاص لله تعالى هو خير دافع للإنسان للاستيقاظ للصلاة ، وهو أمير الأسباب والوسائل المعينة كلها ، فإذا وجد الإخلاص الذي يلهب القلب ويوقظ الوجدان ، فهو كفيل بإذن بإيقاظ صاحبه لصلاة الصبح مع الجماعة ، ولو نام قبل الفجر بدقائق معدوادات .
ولقد حمل الإخلاص والصدق بعض الحريصين على الطاعة على استعمال وسائل عجيبة تعينهم على الاستيقاظ تدل على اجتهادهم وحرصهم وتفانيهم ، فمن ذلك أن أحدهم كان يضع عنده عدة ساعات منبهة إذا نام ، ويجعل بين موعد تنبيه كل واحدة والأخرى بضع دقائق ، حتى إذا أطفأ التي دقت أولاً دقت الثانية بعدها بقليل وهكذا ، وكان أحدهم يربط في يده عند النوم خيطاً ، ويدليه من نافذة غرفته ، فإذا مر أحد أصحابه ذاهباً إلى المسجد جذب هذا الخيط فيستيقظ لصلاة الفجر .
فانظر يا رعاك الله ماذا يفعل الإخلاص والتصميم ، ولكن الحقيقة المرة هي أن ضعف الإيمان ، وقلة الإخلاص تكاد تكون ظاهرة متفشية في الناس اليوم ، والشاهد على ذلك ما نراه من قلة المصلين ونقص الصفوف في صلاة الفجر ، بالرغم من كثرة الساكنين حول المسجد في كثير من الأحياء .
على أننا لا ننكر أن هناك أفراداً يكون ثقل النوم عندهم أمراً مرضياً قد يُعذرون به ، لأنه أمر خارج عن الإرادة فمثل هذا عليه أن يلجأ إلى الله بالتضرع ، ويستفيد ما استطاع من الوسائل الممكنة ، وأن يراجع الطبيب لمحاولة إيجاد علاج .
وأخيراً هذا تنبيه على أمر مشتهر بين الناس وهو زعمهم بأن هناك حديثاً مفاده أنّ من أراد الاستيقاظ لصلاة الفجر فعليه أن يقرأ قبل النوم آخر سورة الكهف ، وينوي بقلبه القيام في ساعة معينة ، فيقوم ، ويزعمون أن ذلك مجرب ، ونقول لهم : إنه لم يثبت بذلك حديث ، فلا عبرة به ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم .(5/9)
كثرة الضحك
وهذه شكوى من ظاهرة كثرة الضحك بين الناس ، وبخاصة الشباب يقول السائل :
مجالسنا التي نجلس فيها مع الإخوان والزملاء يكثر فيها الضحك كثرة مفرطة ، وهذه الظاهرة تتفشى وتنتشر فما هو العلاج ؟ .
الجواب : إن علاج هذه الشكوى يأتي من جانبين : جانب علمي ، وجانب عملي .
أما الجانب العلمي : فيضمن أمرين :
أولها : أن نعلم كيف كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الضحك ، فهو خير قدوة في ذلك وفي كل شيء .
فقد ورد في الحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم ان لا يضحك إلا تبسماً رواه أحمد في المسند 5/97 وهو في صحيح الجامع 4861 . في الحديث الآخر أنه صلى الله عليه وسلم كان طويل الصمت قليل الضحك . رواه أحمد في المسند 5/86 وهو في صحيح الجامع 4822 . وقالت عائشة رضي الله عنها : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قط مستجمعاً ضاحكاً ، حتى أرى منه لهواته وإنما كان يتبسم . رواه أبو داود رقم 5098
ففي الحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تكثروا الضحك ، فإن كثرة الضحك تميت القلب ) رواه ابن ماجه رقم 4193 وهو في السلسلة الصحيحة رقم 506 . وفي رواية : ( فإن كثرة الضحك فساد القلب ) وإن من التفريط بعد ذلك أن يركب المسلم ثبجاً يعلم أن فيه العطب .
هذا هو الجانب العملي في الحل بإيجاز .
وقبل الدخول في الجانب العملي لا بد أن نعلم أن الضحك ليس أمراً محرماً أو أن المسلم لا بد أن يكون عبوساً خشناً مكفهر الوجه ؛ فإن الضحك أمر جبلي طبعي : ( وأنه هو أضحك وأبكى ) ولكن المشكلة التي نحن بصدد علاجها والتحذير من آثارها .
- هي أن تكون المجالس مدوية بالقهقهات المتجاوبة .
- هي أن يُفسد المؤمن قلبه بكثرة الضحك وفغر الفم ، بدلاً من أن يكون جاداً سليماً .
- هي أن يجعل الداعية كثرة إضحاك الناس وسيلة كما يزعم لكسب الناس ، من أجل التأثير عليهم وإفادتهم ، وما علم أنهم يلتفون حوله ليضحكوا فقط ، وما أقل استفادتهم منه .(5/10)
إن المشكلة هي أن يجعل بعض الناس كثرة الضحك متنفساً له من همومه وكروبه ، مستبدلاً الذي هو أدنى بالذي هو خير ، أذكر أن شاباً كان يعاني يوماً من هموم تخلفه في دراسته ، ومشكلاته مع أهله ، وغير ذلك ، فخرج من بيته ، فصادفه في الطريق أخ له ، فقال : أين أنت ذاهب ؟ فقال : أنا مهموم مغموم ، وسأذهب إلى فلان الفلاني ، لكي يضحكني وينسيني أحزاني .. هكذا قال ، وما شعر أن إضحاك هذا الشخص له إنما هو بمثابة المخدر ، يُنسي المرء أتراحه ما دام تحت تأثيره ، فإذا انتهى عادت إليه كما كانت .
وكان خليقاً ألا يغفل عن العلاج النبوي للهم والحزن والكرب ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلّى صحيح الجامع 4703 وكان إذا كربه أمر قال : ( يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث ) صحيح الجامع 4777 وفي الحديث الصحيح الآخر : كان إذا نزل به هم أو غم قال : ( يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث ، الله ربي ولا أشرك به شيئاً ) صحيح الجامع 4791 .
وفي دعاء الهم والغم المشهور : ( اللهم إني عبدك ، وابن عبدك ، وابن أمتك .. الخ الحديث )
وهذه وطاءة لابد من الإلمام بها قبل الخوض في الجانب العملي في مداواة ظاهرة الإفراط في الضحك ، ذلك الجانب الذي يمكن تحقيقه بوسائل منها :
1- تذكر الموت ، والقبر ، واليوم الآخر ، وما فيه من الحساب ، الصراط والنار ، وسائر الأهوال ، وتربية هذا التذكر بتدبر النصوص التي تصور هذه المشاهد ، وبالقراءة في شرح تفاصيلها ، وبمجالسة أهل الزهد والقلوب اللينة .
2- التأمل في واقع المسلمين ، وما يعانون منه من ابتعاد عن الدين ، وتخلف في جميع المجالات ، وما يتعرضون له من قهر وإيذاء وإبادة شرسة ، وما يحاك حولهم من تآمر عالمي ، فإذا تأمل المسلم هذه الأحوال تأملاً عميقاً صادقاً ، فلا بد أن يكون له أثر في ضحكه وبكائه .(5/11)
3- أن يستشعر ثقل الأمانة الملقاة على عاتقه تجاه أمته ، فإن أمته تتطلب جهوداً ضخمة لإنقاذهما من أوهاق التردّي والسقوط ، فإذا جعل هذا الأمر همه فإنه سيمضي شُعلة من النشاط لإصلاح أهله وأصدقائه وأحبابه ومجتمعه بقدر المستطاع ، ولن يجد وقتا للتهريج المقيت ، والضحك الكثير والاهتمامات التافهة .
4- تجنب مخالطة الشخصيات الهزلية المعروفة بكثرة الإضحاك والتهريج ، والابتعاد عن المجالس التي تكون فيها ، مع محاولة النصح لهم ولمجالسيهم .
ومرت قبل قليل إشارة إلى أن بعض الدعاة قد يجعل الإضحاك وسيلة لكسب الناس ، حتى قال بعض العامة أين الشيخ الذي يضحك ؟ نريد الشيخ الذي يضحك وهذه دركة نربأ بالأمة أن تهوي فيها ، فإن دين الله عظيم متين : ( إنه لقول فصل وما هو بالهزل ) ( خذوا ما آتيناكم بقوة ) وفي الحديث : ( لو تعلمون ما أعلم ؟ لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله ) لو أننا أدركنا حق الإدراك ماذا يراد منا ، وماذا أمامنا ، لما اكتحلت أجفاننا بنوم هنيء .(5/12)
5- أن يجتهد في رد الضحك ما استطاع عن نفسه وعن غيره فقد يجتمع المجلس مع القوم تعودوا أن يكون غالب وقتهم ضحكاً وقهقهة ، فعليه أولاً أن يكظم الضحك عن نفسه كما يرد التثاؤب ، وثانياً أن يرشد الحاضرين ويُعينهم على أنفسهم ، وهذا يحتاج إلى رجل جاد حازم لبق ، والناس ولله الحمد فيهم خير كثير ، واستعداداً للاستجابة لداعي الإصلاح والتقويم ، وهذا الإرشاد يمكن أن تُسلك إليه سبل مختلفة : كأن تذكر لهم مساوئ الضحك والإضحاك ، مثل أنه يقود إلى الكذب والاختلاق ، حيث يضطر "المهرج" إذا لم يجد قصة أو حادثة حقيقة إلى صناعة قصص من نسج الخيال ، ليجعلها مادة للإضحاك ، وهذا الشخص قد توعده النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك القوم .. ويل له ، ويل له ) صحيح الجامع 7136 . كما أن من مساوئه أنه يؤدي إلى اهتزاز الشخصية وسقوطها من الأعين ، فإن مُضحك القوم وإن ظهر له أنه ذو مكانة بينهم ليس إلا محتقراً لديهم ، ولا يقدرونه ولا يوقرونه ، وقل مثل ذلك في الذي لا تراه إلا مغرقاً من الضحك .
6- تغيير الموضوع الذي قاد إلى الضحك إلى موضوع آخر مفيد ، فإذا رأيت أن الحاضرين قد تجاوزوا حدّ الاعتدال في الضحك ، وأسلموا قيادهم لدواعيه ، فتسلل إلى قلوبهم بالأسلوب المناسب ، لنقلهم إلى عالم الجد واستثمار الوقت ؛ بقراءة في كتاب نافع ، أو بطرح موضوع مهم للنقاش وإبداء الآراء ، أو دعوة للاتفاق على عمل إصلاحي خيري ، أو غير هذا أو ذاك من الأمور التي يحبها الله ويرضاها .
7- فإذا بلغ السيل الزبى ، وجاوز الأمر حده ، بأن أبى الجالسون إلا الإغراق في الضحك ، والمضي في طريق الغفلة ، فإن آخر العلاج الكي ، قم من المجلس وفارقه ، حماية لنفسك ، ووقاية لقلبك من الفساد ، بعد أن أديت ما عليك من واجب التوجيه والنصح ، ( ولا تزر وازرة وزر أخرى )
الوساوس الشيطانية
وهذا سائل يقول :(5/13)
إنني أشكو من كثرة الوساوس المتعلقة بذات الله عز وجل ، تطوف بخاطري أفكار لا أستطيع أن أذكرها ، لأنها لا تليق بالله سبحانه ولكني أعاني من ترددها على ذهني كثيراً ، في الصلاة وخارج الصلاة ، حتى شككت في إيماني ، وارتبت هل أنا مسلم أو لا ، فما علاج هذه المصيبة ؟ .
الجواب : الحمد لله حمداً كثيراً وبعد :
فقد وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم جملة أحاديث فيها حل هذه المشكلة ، وعلاج هذه الشكوى ولله الحمد :
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إن الشيطان يأتي أحدكم فيقول فمن خلق الله فإذا وجد أحدكم ذلك فليقل آمنت بالله ورسله فإن ذلك يذهب عنه ) صحيح الجامع 1657 . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الشيطان يأتي أحدكم فيقول : من خلق السماء ؟ فيقول : الله ، فيقول : من خلق الأرض ؟ فيقول : الله ، فيقول : من خلق الله ؟ فإذا وجد ذلك أحدكم فليقل : آمنت بالله ورسوله ) صحيح الجامع 1656 .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( من وجد من هذا الوسواس ، فليقل : آمنت بالله ورسوله ثلاثاً فإن ذلك يذهب عنه ) صحيح الجامع 6587 .
وقال عليه الصلاة والسلام : ( يأتي الشيطان أحدكم ، فيقول : من خلق كذا ؟ من خلق كذا ؟ حتى يقول : من خلق ربك ؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته ) صحيح الجامع 7993 .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( يوشك الناس يتساءلون ، حتى يقول قائلهم : هذا الله خلق الخلق ، فمن خلق الله ؟ فإذا قالوا ذلك ؛ فقولوا : الله أحد ، الله الصمد ، لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفواً أحد ثم ليتفل عن يساره ثلاثاً ، وليستعذ من الشيطان ) صحيح الجامع 8182 .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( تفكروا في آلاء الله ، ولا تفكروا في الله ) صحيح الجامع 2975 . وقال صلى الله عليه وسلم : ( تفكروا في خلق الله ، ولا تفكروا في الله ) صحيح الجامع 2976 .
من هذه النصوص نستطيع أن نستخلص ست وسائل للتغلب على هذه الوساوس والأفكار :(5/14)
1- أن يقول المرء إذا انتابته هذه الخواطر : آمنت بالله ورسوله .
2- أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ، فيقول مثلاً : ( أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، من همزه ونفخه ونفثه ) .
3- أن يتفل عن يساره ثلاثاً .
4- أن ينتهي عما هو فيه ، كما قال صلى الله عليه وسلم : " ولينته " ، وهذه وسيلة مهمة ؛ فإن الاستطراد مع الشيطان في هذه الوساوس يزيد نارها اشتعالاً وضراماً ، والواجب أن يقطع المسلم هذه الخواطر بقدر المستطاع ، وأن يشغل ذهنه بالمفيد النافع .
5- أن يقرأ سورة الإخلاص ( قل هو الله أحد ) فإن فيها ذكر صفات الرحمن ، ولذلك كانت تعدل ثلث القرآن ، وقراءة هذه السورة العظيمة وتدبرها كفيل بقطع هذه الوساوس .
6- أن يتفكر الإنسان في خلق الله ، وفي نعم الله ، ولا يتفكر في ذات الله ، لأنه لن يصل بعقله القاصر إلى تصور ذات الله ، قال تعالى : ( ولا يحيطون به علماً )
السهر
وهذه شكوى من مشكلة السهر ، وعدة أسئلة تدعو إلى حل هذه المشكلة ، فإن كثيراً من الناس يضيعون أوقاتاً طويلة جداً في السهر .
والجواب : إن السهر ليس نوعاً واحداً ، وإنما ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول : السهر في طاعة الله تعالى وهو سهر محمود ، ومنه السهر في مصالح المسلمين العامة ، كالجهاد والرباط في الثغور ، ومنه السهر في إحياء الليل بالقيام وتلاوة القرآن : ( كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون ، وبالأسحار هم يستغفرون )
ولا ننسى في هذا المقام الصحابي الجليل الذي كان يحرس المسلمين ليلاً ، ويقضي وقت الحراسة في الصلاة ، فرُمي بسهم من المشركين ، فأصابه السهم ، فأخذ دمه يسيل ، وهو مع ذلك ماض في صلاته يتلذذ بمناجاة ربه الكريم .(5/15)
وورد عن بعض أهل العلم أنهم تذاكروا الحديث حتى طلع الفجر ولقد كان الدعاة المخلصون ولا زالوا يسهرون الليل في مناقشة الأمور التي تؤرق الغيورين على الأمة ، وتقض مضاجعهم ، وتطرد الوسن عن عيونهم ، ومن ذلك مثلاً ما كان يجري بين الشيخين : عبد الحميد بن باديس والبشير الإبراهيمي ، مؤسس جمعية العلماء المسلمين بالجزائر ، فقد كانا في فترة وجودهما في المدينة يسهران الليل كله إلى الفجر ، يناقشان أوضاع الأمة الإسلامية ، وما تردت إليه من البدع والخرافات والتخلف ، ويخططان لانتشال المجتمع الجزائري من هذا التردي .
هذا النوع من السهر سهر محمود كله ، إذا لم يؤد إلى تضييع مصلحة راجحة أو واجب شرعي أعلى منه ، فإن بعض الناس قد يسهرون في أمر شرعي ، ثم تفوتهم صلاة الفجر ، وهذا خطأ وخلل .
القسم الثاني : السهر المباح : وهو ما كان على أمر مباح ، شريطة ألا يؤدي إلى تضيع واجب ، فمن ذلك مثلاً محادثة المسافرين لبعضهم لتهوين مشقة السفر على أنفسهم ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتكلم مع بعض نسائه ، يؤانسها وهو في طريق سفر .
ومنه مسامرة الضيف ومؤانسته بالحديث .
ومنه سهر كثير من الناس اليوم في أعمالهم الليلة ، في هذه النوبات التي أوجدتها الأحوال المادية ولا ريب أن بعض مصالح المسلمين تقتضي أن يكون هناك من يعمل ليلاً ، كالعمل في الأمن ، والمستشفيات ، والمطارات ، والكهرباء ، وغير ذلك .
القسم الثالث : السهر في معصية الله عز وجل كالسهر في مشاهدة الأفلام ، والألعاب المحرمة كلعب الورق ، أو في أكل لحوم الناس بالغيبة والشتائم والبهتان وما شابه ذلك من أنواع المعاصي .
وهذا السهر محرم ، يأثم أصحابه ويستحقون العقوبة من الله ، وقد كثروا في هذا الزمان ؛ لأسباب بعضها مذكور في قول الشاعر :
إن الشباب والفراغ والجدَه مفسدة للمرء أيّ مفسده
هذه هي أقسام السهر الثلاثة ، فيجب أن نفرق بين كل قسم والآخر .(5/16)
وفي زماننا هذا انتشر السهر لأسباب منها :
1- السهر للمصالح الدنيوية ، مثل سهر بعض التجار في تدبير أمور تجارتهم ، وسهر بعض الطلاب في مذاكرة المقررات الدراسية ، وينبغي لهؤلاء ومن شاكلهم أن يجتهدوا في ترتيب أوقاتهم ترتيباً يُغنيهم عن السهر المؤدي إلى المفاسد .
2- طبيعة العصر الحاضر التي غيرت الأوضاع الاجتماعية ، فلئن كان القدماء يشرعون في الهدوء والهجعة منذ حلول الظلام ، فإن وجود الكهرباء في عصرنا يحمل الناس على أن يمارسوا كثيراً من الأنشطة والأعمال والعلاقات التي لم يكونوا ليمارسوها في الظلام ، حتى لقد أصبح ليل بعض الناس كنهارهم .
3- انصراف كثير من الناس إلى ما يبث من برامج وفنون في وسائل الإعلام المختلفة : من إذاعة وتلفاز ، وما يسمى الفيديو وغيره .
4- جعل أكثر الناس زياراتهم وبرامجهم وعلاقاتهم العائلية وغير العائلية في الليل بسبب طبيعة الأعمال والدراسة ، فأصبحت تجد من النادر أن يزورك أحد في النهار ، إلا في عطلة الأسبوع ، وحتى مجالس العلم صار كثير منها يقام بعد صلاة العشاء .
5- انهماك بعض الناس في الثرثرة والأحاديث المتداعية الطويلة ، وربما أزعجوا الآخرين بثرثرتهم وضحكاتهم ، ولعل انتشار هذه الظاهرة في أوساط الطلاب في الإسكانات الجامعية أكثر وضوحاً ، حيث يقوم بعض الضيوف الثقلاء بزيارتهم في سكنهم ، ويمضون معهم الليل في القيل والقال ، ويلحقون الضرر بأنفسهم وبغيرهم ، ثم يضيعون كثيراً من الواجبات .
6- الأرق : والأرق يسببه في كثير من الأحيان مقارفة المعاصي والبعد عن الله تعالى ، فإن البعيد عن ربه لا يمكن أن يذوق الطمأنينة والأنس ، وإنما هو في قلق دائم ووحشة واضطراب .
كما أن للمشكلات العائلية والمادية والدراسية والعملية وغيرها أثراً بارزاً في إحداث القلق والأرق لدى الشخص حتى تنجلي أسبابها .(5/17)
على أننا لا ننكر أن هناك من يحرمه الأرق من لذيذ الكرى بسبب خوفه من الله ، وحرصه على صلاح أمته الأسيرة .
وبعد استعراض أقسام السهر وأبرز أسبابه ، نتجه لبيان الأسباب المعينة على علاج هذه الشكوى التي أصبحت وباء فاشياً .
وعلاجها من الناحية العلمية التأملية : أن يتفكر المرء في ما يترتب على السهر من الأضرار الجسمية ، وتفويت المصالح العظيمة ، فمن ذلك :
1- تضييع الواجبات الشرعية ، مثل تضييع صلاة الفجر كما أسلفنا إما بالتخلف عن الجماعة ، أو بقضائها في غير وقتها ، أو بأدائها مع الجماعة لكن دون خشوع وإحساس بسبب الإعياء الشديد الذي يجعله يصارع النعاس ولا يفقه من صلاته شيئاً ، فلا يدري ما قرأ الإمام ، ولا في أي ركعة هو ، ولا يتدبر ما يقوله في سجوده وركوعه وقيامه وقعوده ، ولذلك نهى رسول صلى الله عليه وسلم عن الحديث بعد صلاة العشاء .
2- الأضرار الجسدية : ذلك أن جعل الليل للحركة والنهار للسكون مصادم للطبيعة التي خلقها الله في الأرض والنفوس : ( وجعلنا الليل لباساً وجعلنا النهار معاشاً ) ( قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء ) ( قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه … )
ولهذا فإننا نجد القوم الذين تنكبوا الصراط ، وخالفوا الفطرة ، في حالة صحية سيئة مضطربة ، وإن نوم ساعة من الليل قد يعدل نوم ضعفها في غيره ، كما هو مجرب ومشاهد .
3- تقصير كثير من الموظفين في أعمالهم ، بحيث يأتي الموظف إلى عمله منهكاً متأخراً ، فيكون أداؤه ضعيفاً ، وتعامله مع المراجعين سيئاً ، وربما كان في بعض راتبه شبهة بسبب تقصيره في عمله .(5/18)
وقل مثل ذلك في شأن الطلاب الذين يسهرون ، ثم يأتون للمدرسة أو الجامعة متأخرين ، وقد ضربوا بالمحاضرات الأولى عرض الحائط ، ثم يجلس أحدهم كرسياً على كرسي ، لا يستوعب معلومة ، ولا ينتبه لشرح .
4- أنه يؤدي إلى النوم في غير وقت النوم ، فينام السهران مثلاً بعد العصر ، والنوم بعد العصر لغير الحاجة كرهه السلف ، أما الحاجة فلا بأس به . ثم إن هذا يسبب صداعاً وتفويتاً لوقت حيوي من اليوم .
5- أنه يعيق عن بعض العبادات التطوعية ، فإحياء الثلث الآخر من الليل مثلاً ، كيف يستطيعه السهران ؟! والتسحر لصيام التطوع ، كيف يطيق الاستيقاظ له ؟! ولا شك أن الإعياء والإجهاد سيثنيه عن النهوض ، فيفوت على نفسه خيراً كثيراً .
6- فوات بركة البكور في أول النهار ، فإن الذين يسهرون ينامون بعد صلاة الفجر ، فيحرمون أنفسهم من الوقت الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : ( بورك لأمتي في بكورها ) صحيح الجامع 2841 . ولا يقدرون على المكث في المسجد إلى طلوع الشمس لذكر الله ، ولا يخرجون إلى أرزاقهم مبكرين في وقت البركة والفضيلة ، وقد عم ذلك فينا ، حتى أصبحنا نرى من النادر أن يفتح تاجر متجره في وقت مبكر مثلاً .
إذا علم العاقل بهذه الأضرار الناجمة عن السهر ، وبفداحة الخسارة التي يمنى بها من جرائه ، فلا ريب أنه سيسعى سعياً حثيثاً لتصحيح وضعه ، واستدراك ما فاته ، وبذلك يكون قد وضع رجله في أول طريق العلاج .
وهذه إشارات إلى جوانب عملية في حل المشكلة يسترشد بها من يريد الوصول إلى ذلك العلاج :
1- بذل الوسع في تعويد النفس على النوم المبكر ، فإن السهر في الأصل عادة ، فإذا انبرى المرء لجهاد نفسه بحزم وبتصميم فإنه ينتصر عليها بإذن الله في بضعة أيام ويسير في ركاب المبكرين في النوم .(5/19)
2- الزواج فإن كثيراً من الشباب العزاب غير منضبطين في حياتهم ، بل يسهرون معاً ، ويشجع بعضهم بعضاً على السهر ، إذ ليس وراءهم أولاد ولا زوجات ، أما المتزوج فإنه يشعر أن في عنقه مسؤولية زوجته وأولاده ، فيحرص على العودة إليهم مبكراً لئلا يقلقوا ، أو يخافوا أو يحتاجوا إليه في هجعة الليل ، وهو ليس في البيت ، ومن جرب عرف .
3- تنمية الإحساس بالمسؤولية في شتى المجالات التي تعينه ؛ فإن المرء يحس أن على كاهله حملاً لابد أن يؤديه ، لا يمكن أن يهدر وقته ويفرط فيه ، في حين نجد غير المبالي يبدد كنوز الأوقات في سفاسف الأمور ، ولا يقدرها قدرها .
4- تعويض الحاجة إلى النوم بالقيلولة ، بدلاً من النوم في غير أوقات النوم ، فإن النوم بعد العصر أو قبل العشاء مضر كما أسلفنا وقد أوصى عليه الصلاة أمته بقوله : ( قيلوا فإن الشياطين لا تقيل ) صحيح الجامع 4431 هذه بعض الوسائل العملية لعلاج مشكلة السهر ، والله الهادي إلى سواء السبيل .
سرعة الغضب
وهذه شكوى من شخص يقول : إنني شديد الانفعال ، سريع الغضب ، وإذا حصل لي استفزاز ، فسرعان ما أثور فأكسر وأشتم وألعن وأرمي بالطلاق وقد سببت لي هذه المشكلة حرجاً كبيراً ، وكرهني أكثر الناس ، حتى زوجتي وأولادي وأعز أصدقائي ، فماذا أفعل للتخلص من هذا الداء الوبيل وإطفاء هذه النار الشيطانية ؟ .
الجواب : الغضب نزعة من نزعات الشيطان ، يقع بسببه من السيئات والمصائب ما لا يعلمه إلا الله ، ولذلك جاء في الشريعة ذكر واسع لهذا الخلق الذميم ، وورد في السنة النبوية علاجات للتخلص من هذا الداء وللحد من آثاره ، فمن ذلك :(5/20)
1- الاستعاذة بالله من الشيطان : عن سليمان بن صرد قال : كنت جالساً مع النبي صلى الله عليه وسلم ورجلان يستبان ، فأحدهما احمر وجهه وانتفخت أوداجه ( عروق من العنق ) فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد ، لو قال أعوذ بالله من الشيطان ذهب عنه ما يجد ) . رواه البخاري ، الفتح 6/377 . وقال صلى الله عليه وسلم : ( إذا غضب الرجل فقال أعوذ بالله ، سكن غضبه ) صحيح الجامع الصغير رقم 695 .
2- السكوت : قال رسول صلى الله عليه وسلم : ( إذا غضب أحدكم فليسكت ) رواه الإمام أحمد المسند 1/239 ، وفي صحيح الجامع 693 ، 4027 . وذلك أن الغضبان يخرج عن طوره وشعوره غالباً فيتلفظ بكلمات قد يكون فيها كفر والعياذ بالله أو لعن أو طلاق يهدم بيته ، أو سب وشتم يجلب له عداوة الآخرين ، وبالجملة فالسكوت هو الحل لتلافي كل ذلك .
3- السكون : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس ، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع ) .
وراوي هذا الحديث أبو ذر رضي الله عنه ، حدثت له في ذلك قصة : فقد كان يسقي على حوض له فجاء قوم فقال : أيكم يورد على أبي ذر ويحتسب شعرات من رأسه ؟ فقال رجل أنا فجاء الرجل فأورد عليه الحوض فدقه " أي كسره أو حطمه والمراد أن أبا ذر كان يتوقع من الرجل المساعدة في سقي الإبل من الحوض فإذا بالرجل يسيء في هدم الحوض " وكان أبو ذر قائماً فجلس ثم اضطجع فقيل له : يا أبا ذر لم جلست ثم اضطجعت ؟ قال فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وذكر الحديث " الحديث بقصته في مسند أحمد 5/152 وانظر صحيح الجامع رقم 694 " . وفي رواية كان أبو ذر يسقي على حوض فأغضبه رجل فقعد .. فيض القدير المناوي 1/408 .(5/21)
ومن فوائد هذا التوجيه النبوي منع الغاضب من التصرفات الهوجاء لأنه قد يضرب أو يؤذي بل قد يقتل كما سيرد بعد قليل وربما أتلف مالاً ونحوه ، ولأجل ذلك إذا قعد كان أبعد عن الهيجان والثوران ، وإذا اضطجع صار أبعد ما يمكن عن التصرفات الطائشة والأفعال المؤذية ، قال العلامة الخطابي رحمه الله في شرحه على أبي داود : ( القائم متهيئ للحركة والبطش والقاعد دونه في هذا المعنى ، والمضطجع ممنوع منهما ، فيشبه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمره بالقعود والاضطجاع لئلا يبدر منه في حال قيامه وقعوده بادرة يندم عليها فيما بعد ) . والله أعلم سنن أبي داود ، ومعه معالم السنن 5/141 .
4- حفظ وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني قال : لا تغضب ، فردد ذلك مراراً ، قال : لا تغضب رواه البخاري فتح الباري 10/465 .
وفي رواية قال الرجل : ففكرت حين قال النبي صلى الله عليه وسلم ما قال ، فإذا الغضب يجمع الشر كله . مسند أحمد 5/373
5- لا تغضب ولك الجنة حديث صحيح : صحيح الجامع 7374 ، وعزاه ابن حجر إلى الطبراني ، انظر الفتح 4/465
إن تذكر ما أعد الله للمتقين الذين يتجنبون أسباب الغضب ويجاهدون أنفسهم في كبته ورده لهو من أعظم ما يعين على إطفاء نار الغضب ، ومما ورد الأجر العظيم في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : ( ومن كظم غيظاً ، ولو شاء أن يمضيه أمضاه ، ملأ الله قلبه رضاً يوم القيامة ) رواه الطبراني 12/453 وهو في صحيح الجامع 176 . وأجر عظيم آخر في قوله صلى الله عليه وسلم : ( من كظم غيظاً وهو قادر على أن يُنفذه ، دعاه الله عز وجل على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور العين ما شاء ) رواه أبو داود 4777 وغيره ، وحسنه في صحيح الجامع 6518 .(5/22)
6- معرفة الرتبة العالية والميزة المتقدمة لمن ملك نفسه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليس الشديد بالصرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) رواه أحمد 2/236 والحديث متفق عليه وكلما انفعلت النفس واشتد الأمر كان كظم الغيظ أعلى في الرتبة ، قال عليه الصلاة والسلام : ( الصرُّعة كل الصرعة الذي يغضب فيشتد غضبه ويحمر وجهه ، ويقشعر شعره فيصرع غضبه ) رواه الإمام أحمد 5/367 ، وحسنه في صحيح الجامع 3859 . وينتهز عليه الصلاة والسلام الفرصة في حادثة أمام الصحابة ليوضح هذا الأمر ، فعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقوم يصطرعون ، فقال : ما هذا ؟ قالوا : فلان الصريع ما يصارع أحداً إلا صرعه قال : أفلا أدلكم على من هو أشد منه ، رجل ظلمه رجل فكظم غيظه فغلبه وغلب شيطانه وغلب شيطان صاحبه ) رواه البزار قال ابن حجر بإسناد حسن ، الفتح 10/519 .
7- التأسي بهديه صلى الله عليه وسلم في الغضب :
وهذه السمة من أخلاقه صلى الله عليه وسلم ، وهو أسوتنا وقدوتنا ، واضحة في أحاديث كثيرة ، ومن أبرزها : عن أنس رضي الله عنه قال : كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعليه برد نجراني غليظ الحاشية ، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة ، فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم " أي ما بين العنق والكتف " وقد أثرت بها حاشية البرد ، ثم قال : يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك ، فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وسلم فضحك ، ثم أمر له بعطاء رواه البزار قال ابن حجر بإسناد حسن ، الفتح 10/519 .(5/23)
ومن التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم أن نجعل غضبنا لله ، وإذا انتهكت محارم الله ، وهذا هو الغضب المحمود فقد غضب صلى الله عليه وسلم لما أخبروه عن الإمام الذي يُنفر الناس من الصلاة بطول قراءته ، وغضب لما رأى في بيت عائشة ستراً فيه صور ذوات أرواح ، وغضب لما كلمه أسامة في شأن المخزومية التي سرقت ، وقال : أتشفع في حد من حدود الله ؟ وغضب لما سُئل عن أشياء كرهها ، وغير ذلك ، فكان غضبه صلى الله عليه وسلم لله وفي الله .
8- معرفة أن رد الغضب من علامات المتقين :
وهؤلاء الذين مدحهم الله في كتابه ، وأثنى عليهم رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأعدت لهم جنات عرضها السماوات والأرض ، ومن صفات أنهم : ) ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ) وهؤلاء الذين ذكر الله من حسن أخلاقهم وجميل صفاتهم وأفعالهم ، ما تشرئب الأعناق وتتطلع النفوس للحوق بهم ، ومن أخلاقهم أنهم : ( إذا ما غضبوا هم يغفرون ) .
9- التذكر عند التذكير :
الغضب أمر من طبيعة النفس يتفاوت فيه الناس ، وقد يكون من العسير على المرء أن لا يغضب ، لكن الصدِّيقين إذا غضبوا فذُكروا بالله ذكروا الله ووقفوا عند حدوده ، وهذا مثالهم .(5/24)
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً استأذن على عمر رضي الله عنه فأذن له ، فقال له : يا ابن الخطاب والله ما تعطينا الجزل " العطاء الكثير " ولا تحكم بيننا بالعدل فغضب عمر رضي الله عنه حتى هم أن يوقع به ، فقال الحر بن قيس ، وكان من جلساء عمر : يا أمير المؤمنين إن الله عز وجل قال لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) وإن هذا من الجاهلين ، فو الله ما جاوزها عمر رضي الله عنه حين تلاها عليه ، وكان وقافاً عند كتاب الله عز وجل رواه البخاري الفتح 8/304 . فهكذا يكون المسلم ، وليس مثل ذلك المنافق الخبيث الذي لما غضب أخبروه بحديث النبي صلى الله عليه وسلم وقال له أحد الصحابة تعوذ بالله من الشيطان ، فقال لمن ذكره : أترى بي بأس أمجنون أنا ؟ اذهب رواه البخاري فتح 1/465 نعوذ بالله من الخذلان .
10- معرفة مساويء الغضب :
وهي كثيرة مجملها الإضرار بالنفس والآخرين ، فينطلق اللسان بالشتم والسب والفحش وتنطلق اليد بالبطش بغير حساب ، وقد يصل الأمر إلى القتل ، وهذه قصة فيها عبرة .
عن علقمة بن وائل أن أباه رضي الله عنه حدثه قال : إني لقاعد مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل يقود آخر بنسعة " حبل مضفور " فقال : يا رسول الله هذا قتل أخي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقتلته ؟ قال : نعم قتلته ، قال : وكيف قتلته ، قال : كنت أنا وهو نتخبط ( نضرب الشجر ليسقط ورقه من أجل العلف ) من شجرة ، فسبني فأغضبني فضربته بالفأس على قرنه ( جانب الرأس ) فقتلته .. إلى آخر القصة . رواه مسلم في صحيحه 1307 .
وقد يحصل أدنى من هذا فيكسر ويجرح ، فإذا هرب المغضوب عليه عاد الغاضب على نفسه ، فربما مزق ثوبه ، أو لطم خده ، وربما سقط صريعاً أو أغمي عليه ، وكذلك قد يكسر الأواني ويحطم المتاع .(5/25)
ومن أعظم الأمور السيئة التي تنتج عن الغضب وتسبب الويلات الاجتماعية وانفصام عرى الأسرة وتحطم كيانها ، هو الطلاق ، واسأل أكثر الذين يطلقون نساءهم كيف طلقوا ومتى ، فسينبئونك : لقد كانت لحظة غضب .
فينتج عن ذلك تشريد الأولاد ، والندم والخيبة ، والعيش المر ، وكله بسبب الغضب ، ولو أنهم ذكروا الله ورجعوا إلى أنفسهم ، وكظموا غيظهم واستعاذوا بالله من الشيطان ما وقع الذي وقع ولكن مخالفة الشريعة لا تنتج إلا الخسار .
وما يحدث من الأضرار الجسدية بسبب الغضب أمر عظيم كما يصف الأطباء كتجلط الدم ، وارتفاع الضغط ، وزيادة ضربات القلب ، وتسارع معدل التنفس ، وهذا قد يؤدي إلى سكتة مميتة أو مرض السكري وغيره ، نسأل الله العافية .
11- تأمل الغاضب نفسه لحظة الغضب :
لو قدر لغاضب أن ينظر إلى صورته في المرأة حين غضبه لكره نفسه ومنظره ، فلو رأى تغير لونه ، وشدة رعدته ، وارتجاف أطرافه ، وتغير خلقته ، وانقلاب سحنته ، واحمرار وجهه ، وجحوظ عينيه وخروج حركاته عن الترتيب وأنه يتصرف مثل المجانين لأنف من نفسه ، واشمأز من هيئته ، ومعلوم أن قبح الباطن أعظم من قبح الظاهر ، فما أفرح الشيطان بشخص هذا حاله ! نعوذ بالله من الشيطان والخذلان .
12- الدعاء :(5/26)
هذا سلاح المؤمن دائماً يطلب من ربه أن يخلصه من الشرور والآفات والأخلاق الرديئة ، ويتعوذ بالله أن يتردى في هاوية الكفر أو الظلم بسبب الغضب ، ولأن من الثلاث المنجيات : العدل في الرضا والغضب صحيح الجامع 3039 كان من دعائه عليه الصلاة والسلام : ( اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيراً لي ، وتوفني إذا علمت الوفاة خيراً لي ، اللهم وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة ، وأسألك كلمة الإخلاص في الرضا والغضب ، وأسألك القصد في الفقر والغنى وأسألك نعيماً لا ينفد ، وقرة عين لا تنقطع ، وأسألك الرضا بالقضاء ، وأسألك برد العيش بعد الموت ، وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك ، في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة ، اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين ) . رواه النسائي في السنن 3/55 والحاكم وهو في صحيح الجامع 1301 . والحمد لله رب العالمين .(5/27)
علاج الهموم
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين ، أشهد أن لا إله إلا هو رب الأولين والآخرين وقيوم السماوات والأرضين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من سار على هديه واقتفى أثره إلى يوم الدين، وبعد..
فإن من طبيعة الحياة الدنيا الهموم والغموم التي تصيب الإنسان فيها، فهي دار اللأواء والشدة والضنك، ولهذا كان مما تميزت الجنة به عن الدنيا أنه ليس فيها هم ولا غم " لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين" ، وأهلها لا تتكدر خواطرهم ولا بكلمة " لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاماً " وطبيعة الحياة الدنيا المعاناة والمقاساة التي يواجهها الإنسان في ظروفه المختلفة وأحواله المتنوعة، كما دل عليه قول الحق تعالى : " لقد خلقنا الإنسان في كبد ". فهو حزين على ما مضى، مهموم بما يستقبل ، مغموم في الحال.
والمكروه الوارد على القلب إن كان من أمر ماض أحدث الحزن، وإن كان من مستقبل أحدث الهم، وإن كان من أمر حاضر أحدث الغم.
والقلوب تتفاوت في الهم والغمّ كثرة واستمراراً بحسب ما فيها من الإيمان أو الفسوق والعصيان فهي على قلبين : قلب هو عرش الرحمن ، ففيه النور والحياة والفرح والسرور والبهجة وذخائر الخير، وقلب هو عرش الشيطان فهناك الضيق والظلمة والموت والحزن والغم والهم . من فوائد ابن القيم.
والناس يتفاوتون في الهموم بتفاوت بواعثهم وأحوالهم وما يحمله كل واحد منهم من المسئوليات.(6/1)
فمن الهموم هموم سامية ، ذات دلالات طيبة ، كهموم العالم في حلّ المعضلات التي يحتاج المسلمون فيها إلى جواب وخصوصا إذا استعصت المسألة واستغلقت ، وكذلك همّ إمام المسلمين بمشكلات رعيته وهذا مما أقلق العمرين وغيرهما فكان الأول يجهّز الجيش في الصلاة وهو معذور في ذلك ويحمل همّ الدواب أن تعثر بأرض العراق ، والثاني كان يعبّر عما يعانيه بقوله : إني أعالج أمرا لا يعين عليه إلا الله قد فني عليه الكبير وكبر عليه الصغير وفصح عليه الأعجمي وهاجر عليه الأعرابي حتى حسبوه دينا لا يرون الحقّ غيره.سيرة عمر بن عبد العزيز لابن عبد الحكم ص : 37
وكلما كان القرار أكثر تعلقاً بمصير المسلمين كان الهمّ أعظم ولذلك لما أوكل إلى عبد الرحمن بن عوف اختيار خليفة المسلمين بعد عمر لم يكتحل بنوم ليشاور المسلمين حتى العجائز البخاري الفتح 7207.
ومن الهموم الشريفة همّ الداعية في نشر الدين وحمل الرسالة والأخذ بيد المدعو إلى طريق الهداية، وهموم العابد في تصحيح عبادته في القصد والأداء، وهم المسلم بما يصيب إخوانه في أقطار الأرض..
ومن الهموم ما يكون ناشئاً عن المعاصي ، كالهموم التي تصيب المذنب بعد ذنبه كما يحدث في هم من أصاب دماً حراماً، أو هم الزانية بحملها.
ومن الغموم ما يكون بسبب ظلم الآخرين كظلم الأقرباء كما قال الشاعر :
وظلم ذوى القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند
وكذلك الغموم الحاصلة بسبب مصائب الدنيا ، كالأمراض المزمنة والخطيرة ، وعقوق الأبناء وتسلط الزوجة، واعوجاج الزوج.
ومن الهموم ما يكون بسبب الخوف من المستقبل وما يخبئه الزمان كهموم الأب بذريته من بعده وخاصة إذا كانوا ضعفاء وليس لديه ما يخلفه لهم .
وهكذا تتنوع الغموم والهموم، وفيما يلي شيء من البيان والتفصيل :(6/2)
الهم الذي يعتري الداعية أثناء دعوته لقومه، وقد نال منه الأنبياء النصيب الأوفى، فهذه عائشة رضى الله عنها تحدث ابن أختها عروة أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ قَالَ لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلالٍ فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِي فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا رواه البخاري الفتح 3231(6/3)
وكذلك أصابه الكرب صلى الله عليه وسلم لما كذبه قومه في مسراه فروى مسلم رحمه الله تعالى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي الْحِجْرِ وَقُرَيْشٌ تَسْأَلُنِي عَنْ مَسْرَايَ فَسَأَلَتْنِي عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَمْ أُثْبِتْهَا فَكُرِبْتُ كُرْبَةً مَا كُرِبْتُ مِثْلَهُ قَطُّ قَالَ فَرَفَعَهُ اللَّهُ لِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ مَا يَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلا أَنْبَأْتُهُمْ بِهِ .. صحيح مسلم، ط. عبد الباقي، رقم 172
ومن الهموم هم العبادات ، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يهمه أمر إعلام الناس بالصلاة : فعَنْ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عُمُومَةٍ لَهُ مِنَ الأَنْصَارِ قَالَ اهْتَمَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلصَّلاةِ كَيْفَ يَجْمَعُ النَّاسَ لَهَا فَقِيلَ لَهُ انْصِبْ رَايَةً عِنْدَ حُضُورِ الصَّلاةِ فَإِذَا رَأَوْهَا آذَنَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَلَمْ يُعْجِبْهُ ذَلِكَ قَالَ فَذُكِرَ لَهُ الْقُنْعُ يَعْنِي الشَّبُّورَ وَقَالَ زِيَادٌ شَبُّورُ الْيَهُودِ فَلَمْ يُعْجِبْهُ ذَلِكَ وَقَالَ هُوَ مِنْ أَمْرِ الْيَهُودِ قَالَ فَذُكِرَ لَهُ النَّاقُوسُ فَقَالَ هُوَ مِنْ أَمْرِ النَّصَارَى فَانْصَرَفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ وَهُوَ مُهْتَمٌّ لِهَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُرِيَ الأَذَانَ فِي مَنَامِهِ قَالَ فَغَدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَبَيْنَ نَائِمٍ وَيَقْظَانَ إِذْ أَتَانِي آتٍ فَأَرَانِي الأَذَانَ…" رواه أبو داود في سننه : كتاب الصلاة باب بدء الأذان(6/4)
ومنها همّ الصادق بتكذيبه ، كما وقع للصحابي الجليل زيد بن الأرقم رضي الله عنه لما سمع رأس المنافقين يقول لأَصْحَابِهِ : لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ (يعني بالأعز نفسه، ويقصد بالأذل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه ) ، قَالَ زَيْدٌ : فَأَخْبَرْتُ عَمِّي فَانْطَلَقَ فَأَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَلَفَ وَجَحَدَ قَالَ فَصَدَّقَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَّبَنِي قَالَ فَجَاءَ عَمِّي إِلَيَّ فَقَالَ مَا أَرَدْتَ إِلا أَنْ مَقَتَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَّبَكَ وَالْمُسْلِمُونَ قَالَ فَوَقَعَ عَلَيَّ مِنَ الْهَمِّ مَا لَمْ يَقَعْ عَلَى أَحَدٍ قَالَ فَبَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ قَدْ خَفَقْتُ بِرَأْسِي مِنَ الْهَمِّ إِذْ أَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَرَكَ أُذُنِي وَضَحِكَ فِي وَجْهِي فَمَا كَانَ يَسُرُّنِي أَنَّ لِي بِهَا الْخُلْدَ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَحِقَنِي فَقَالَ مَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ مَا قَالَ لِي شَيْئًا إِلا أَنَّهُ عَرَكَ أُذُنِي وَضَحِكَ فِي وَجْهِي فَقَالَ أَبْشِرْ ثُمَّ لَحِقَنِي عُمَرُ فَقُلْتُ لَهُ مِثْلَ قَوْلِي لأَبِي بَكْرٍ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُورَةَ الْمُنَافِقِينَ رواه الترمذي وقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، السنن ط. شاكر رقم 3313.(6/5)
وفي رواية مسلم للقصة قَالَ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ فَأَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ فَسَأَلَهُ فَاجْتَهَدَ يَمِينَهُ مَا فَعَلَ فَقَالَ كَذَبَ زَيْدٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِمَّا قَالُوهُ شِدَّةٌ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقِي (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ). صحيح مسلم رقم 2772(6/6)
ومنها هم البريء بسبب التهمة الباطلة ، وقد نالت زوجة رسولنا الكريم عائشة رضى الله عنها من هذا الهم نصيبا وافرا فعندما رماها المنافقون في غزوة المريسيع بما رموها به من الفاحشة ، وكانت مريضة، علمت بالخبر من إحدى نساء بيتها فازداد مرضها، وركبها الهم، قَالَتْ فَقُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ أَوَلَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا قَالَتْ فَبَكَيْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ حَتَّى أَصْبَحْتُ أَبْكِي.. ثم قَالَتْ : فَبَكَيْتُ يَوْمِي ذَلِكَ لا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ قَالَتْ فَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا لا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ وَلا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ يَظُنَّانِ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي قَالَتْ فَبَيْنَمَا هُمَا جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَأَذِنْتُ لَهَا فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي قَالَتْ فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ قَالَتْ وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيلَ مَا قِيلَ قَبْلَهَا وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لا يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي قَالَتْ فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَلَسَ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ إِلَى اللَّهِ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ قَالَتْ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى(6/7)
مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً فَقُلْتُ لأَبِي أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا قَالَ قَالَ وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ لأُمِّي أَجِيبِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ فَقُلْتُ وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لا أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ الْقُرْآنِ إِنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَقَدْ سَمِعْتُمْ هَذَا الْحَدِيثَ حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ فَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّي بَرِيئَةٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ لا تُصَدِّقُونِي بِذَلِكَ وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي مِنْهُ بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّي وَاللَّهِ مَا أَجِدُ لَكُمْ مَثَلاً إِلا قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ قَالَ (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ) قَالَتْ ثُمَّ تَحَوَّلْتُ فَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي قَالَتْ وَأَنَا حِينَئِذٍ أَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِي بِبَرَاءَتِي وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ مُنْزِلٌ فِي شَأْنِي وَحْيًا يُتْلَى وَلَشَأْنِي فِي نَفْسِي كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بِهَا قَالَتْ فَوَاللَّهِ مَا رَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلا خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ(6/8)
مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانِ مِنَ الْعَرَقِ وَهُوَ فِي يَوْمٍ شَاتٍ مِنْ ثِقَلِ الْقَوْلِ الَّذِي يُنْزَلُ عَلَيْهِ قَالَتْ فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُرِّيَ عَنْهُ وَهُوَ يَضْحَكُ فَكَانَتْ أَوَّلُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا يَا عَائِشَةُ أَمَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقَدْ بَرَّأَكِ فَقَالَتْ أُمِّي قُومِي إِلَيْهِ قَالَتْ فَقُلْتُ لا وَاللَّهِ لا أَقُومُ إِلَيْهِ وَلا أَحْمَدُ إِلا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسِبُوهُ) الْعَشْرَ الآيَاتِ كُلَّهَا. رواه البخاري الفتح رقم 2661
وكذلك قصة المرأة التي اتُّهمت ظلماً وروت قصتها عَائِشَةُ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : أَسْلَمَتِ امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ لِبَعْضِ الْعَرَبِ وَكَانَ لَهَا حِفْشٌ فِي الْمَسْجِدِ قَالَتْ فَكَانَتْ تَأْتِينَا فَتَحَدَّثُ عِنْدَنَا فَإِذَا فَرَغَتْ مِنْ حَدِيثِهَا قَالَتْ وَيَوْمُ الْوِشَاحِ مِنْ تَعَاجِيبِ رَبِّنَا أَلا إِنَّهُ مِنْ بَلْدَةِ الْكُفْرِ أَنْجَانِي فَلَمَّا أَكْثَرَتْ قَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ وَمَا يَوْمُ الْوِشَاحِ قَالَتْ خَرَجَتْ جُوَيْرِيَةٌ لِبَعْضِ أَهْلِي وَعَلَيْهَا وِشَاحٌ مِنْ أَدَمٍ فَسَقَطَ مِنْهَا فَانْحَطَّتْ عَلَيْهِ الْحُدَيَّا وَهِيَ تَحْسِبُهُ لَحْمًا فَأَخَذَتْهُ فَاتَّهَمُونِي بِهِ فَعَذَّبُونِي حَتَّى بَلَغَ مِنْ أَمْرِي أَنَّهُمْ طَلَبُوا فِي قُبُلِي فَبَيْنَاهُمْ حَوْلِي وَأَنَا فِي كَرْبِي إِذْ أَقْبَلَتِ الْحُدَيَّا حَتَّى وَازَتْ بِرُءُوسِنَا ثُمَّ أَلْقَتْهُ فَأَخَذُوهُ فَقُلْتُ لَهُمْ هَذَا الَّذِي اتَّهَمْتُمُونِي بِهِ وَأَنَا مِنْهُ بَرِيئَةٌ البخاري الفتح 3835
ومنها الهم بما قد يحصل للزوجة والذرية بعد الموت(6/9)
عن عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ إِنَّ أَمْرَكُنَّ مِمَّا يُهِمُّنِي بَعْدِي وَلَنْ يَصْبِرَ عَلَيْكُنَّ إِلا الصَّابِرُونَ قَالَ ثُمَّ تَقُولُ عَائِشَةُ فَسَقَى اللَّهُ أَبَاكَ مِنْ سَلْسَبِيلِ الْجَنَّةِ تُرِيدُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَكَانَ قَدْ وَصَلَ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَالٍ يُقَالُ بِيعَتْ بِأَرْبَعِينَ أَلْفاً رواه الترمذي وقَالَ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ، سنن الترمذى رقم 3682 وحسنه في مشكاة المصابيح رقم 6121
عن عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ إِنَّ أَمْرَكُنَّ مِمَّا يُهِمُّنِي بَعْدِي وَلَنْ يَصْبِرَ عَلَيْكُنَّ إِلا الصَّابِرُونَ قَالَ ثُمَّ تَقُولُ عَائِشَةُ فَسَقَى اللَّهُ أَبَاكَ مِنْ سَلْسَبِيلِ الْجَنَّةِ تُرِيدُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَكَانَ قَدْ وَصَلَ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَالٍ يُقَالُ بِيعَتْ بِأَرْبَعِينَ أَلْفاً رواه الترمذي وقَالَ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ، سنن الترمذى رقم 3682 وحسنه في مشكاة المصابيح رقم 6121(6/10)
ومنها الهمّ بسبب الدَّيْن ومن أمثلة ذلك ما وقع للزبير رضي الله عنه كما روى قصته ولده عَبْدُ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ لَمَّا وَقَفَ الزُّبَيْرُ يَوْمَ الْجَمَلِ دَعَانِي فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَقَالَ يَا بُنَيِّ إِنَّهُ لا يُقْتَلُ الْيَوْمَ إِلا ظَالِمٌ أَوْ مَظْلُومٌ وَإِنِّي لا أُرَانِي إِلا سَأُقْتَلُ الْيَوْمَ مَظْلُومًا وَإِنَّ مِنْ أَكْبَرِ هَمِّي لَدَيْنِي أَفَتُرَى يُبْقِي دَيْنُنَا مِنْ مَالِنَا شَيْئًا فَقَالَ يَا بُنَيِّ بِعْ مَالَنَا فَاقْضِ دَيْنِي وَأَوْصَى بِالثُّلُثِ وَثُلُثِهِ لِبَنِيهِ يَعْنِي بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ يَقُولُ ثُلُثُ الثُّلُثِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْ مَالِنَا فَضْلٌ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ شَيْءٌ فَثُلُثُهُ لِوَلَدِكَ قَالَ هِشَامٌ وَكَانَ بَعْضُ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ قَدْ وَازَى بَعْضَ بَنِي الزُّبَيْرِ خُبَيْبٌ وَعَبَّادٌ وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعَةُ بَنِينَ وَتِسْعُ بَنَاتٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَجَعَلَ يُوصِينِي بِدَيْنِهِ وَيَقُولُ يَا بُنَيِّ إِنْ عَجَزْتَ عَنْهُ فِي شَيْءٍ فَاسْتَعِنْ عَلَيْهِ مَوْلايَ قَالَ فَوَاللَّهِ مَا دَرَيْتُ مَا أَرَادَ حَتَّى قُلْتُ يَا أَبَتِ مَنْ مَوْلاكَ قَالَ اللَّهُ قَالَ فَوَاللَّهِ مَا وَقَعْتُ فِي كُرْبَةٍ مِنْ دَيْنِهِ إِلاّ قُلْتُ يَا مَوْلَى الزُّبَيْرِ اقْضِ عَنْهُ دَيْنَهُ فَيَقْضِيهِ.. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَحَسَبْتُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ فَوَجَدْتُهُ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَمِائَتَيْ أَلْفٍ.. (واستبعد بعض أصحاب الزبير رضي الله عنه إمكان قضاء الدّين من هوله وكثرته ولكن بارك الله في أرض كانت للزبير بركة عظيمة ومدهشة فقسّمت وبيعت وسُدّد الدّين وبقيت بقية) فَلَمَّا فَرَغَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ قَالَ بَنُو الزُّبَيْرِ اقْسِمْ بَيْنَنَا مِيرَاثَنَا(6/11)
قَالَ لا وَاللَّهِ لا أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ حَتَّى أُنَادِيَ بِالْمَوْسِمِ أَرْبَعَ سِنِينَ أَلا مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا فَلْنَقْضِهِ قَالَ فَجَعَلَ كُلَّ سَنَةٍ يُنَادِي بِالْمَوْسِمِ فَلَمَّا مَضَى أَرْبَعُ سِنِينَ قَسَمَ بَيْنَهُمْ قَالَ فَكَانَ لِلزُّبَيْرِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَرَفَعَ الثُّلُثَ فَأَصَابَ كُلَّ امْرَأَةٍ أَلْفُ أَلْفٍ وَمِائَتَا أَلْفٍ فَجَمِيعُ مَالِهِ خَمْسُونَ أَلْفَ أَلْفٍ وَمِائَتَا أَلْفٍ البخاري : الفتح رقم 3129
ومنها الهم للرؤيا يراها المرء، وقد وقع ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : (بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِخَزَائِنِ الأَرْضِ فَوُضِعَ فِي كَفِّي سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ فَكَبُرَا عَلَيَّ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ أَنِ انْفُخْهُمَا فَنَفَخْتُهُمَا فَذَهَبَا فَأَوَّلْتُهُمَا الْكَذَّابَيْنِ اللَّذَيْنِ أَنَا بَيْنَهُمَا صَاحِبَ صَنْعَاءَ وَصَاحِبَ الْيَمَامَةِ البخارى : الفتح رقم 4375(6/12)
ووقع لابن عمر رضي الله عنهما همّ بسبب رؤيا رآها وقد حدثنا عن ذلك فقَالَ كُنْتُ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا لِي مَبِيتٌ إِلا فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَصْبَحَ يَأْتُونَهُ فَيَقُصُّونَ عَلَيْهِ الرُّؤْيَا قَالَ فَقُلْتُ مَا لِي لا أَرَى شَيْئًا فَرَأَيْتُ كَأَنَّ النَّاسَ يُحْشَرُونَ فَيُرْمَى بِهِمْ عَلَى أَرْجُلِهِمْ فِي رَكِيٍّ فَأُخِذْتُ فَلَمَّا دَنَا إِلَى الْبِئْرِ قَالَ رَجُلٌ خُذُوا بِهِ ذَاتَ الْيَمِينِ فَلَمَّا اسْتَيْقَظْتُ هَمَّتْنِي رُؤْيَايَ وَأَشْفَقْتُ مِنْهَا فَسَأَلْتُ حَفْصَةَ عَنْهَا فَقَالَتْ نِعْمَ مَا رَأَيْتَ فَقُلْتُ لَهَا سَلِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَتْهُ فَقَالَ نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ خَالِدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْفَزَارِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَكُنْتُ إِذَا نِمْتُ لَمْ أَقُمْ حَتَّى أُصْبِحَ قَالَ نَافِعٌ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي اللَّيْلَ رواه الدارمي، كتاب الصلاة، باب النوم في المسجد(6/13)
وروى البخاري رحمه الله تعالى القصة عن ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ إِنَّ رِجَالاً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَرَوْنَ الرُّؤْيَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُصُّونَهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ اللَّهُ وَأَنَا غُلامٌ حَدِيثُ السِّنِّ وَبَيْتِي الْمَسْجِدُ قَبْلَ أَنْ أَنْكِحَ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي لَوْ كَانَ فِيكَ خَيْرٌ لَرَأَيْتَ مِثْلَ مَا يَرَى هَؤُلاءِ فَلَمَّا اضْطَجَعْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ قُلْتُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ فِيَّ خَيْراً فَأَرِنِي رُؤْيَا فَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ جَاءَنِي مَلَكَانِ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِقْمَعَةٌ مِنْ حَدِيدٍ يُقْبِلانِ بِي إِلَى جَهَنَّمَ وَأَنَا بَيْنَهُمَا أَدْعُو اللَّهَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ جَهَنَّمَ ثُمَّ أُرَانِي لَقِيَنِي مَلَكٌ فِي يَدِهِ مِقْمَعَةٌ مِنْ حَدِيدٍ فَقَالَ لَنْ تُرَاعَ نِعْمَ الرَّجُلُ أَنْتَ لَوْ كُنْتَ تُكْثِرُ الصَّلاةَ فَانْطَلَقُوا بِي حَتَّى وَقَفُوا بِي عَلَى شَفِيرِ جَهَنَّمَ فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ الْبِئْرِ لَهُ قُرُونٌ كَقَرْنِ الْبِئْرِ بَيْنَ كُلِّ قَرْنَيْنِ مَلَكٌ بِيَدِهِ مِقْمَعَةٌ مِنْ حَدِيدٍ وَأَرَى فِيهَا رِجَالاً مُعَلَّقِينَ بِالسَّلاسِلِ رُؤوسُهُمْ أَسْفَلَهُمْ عَرَفْتُ فِيهَا رِجَالاً مِنْ قُرَيْشٍ فَانْصَرَفُوا بِي عَنْ ذَاتِ الْيَمِينِ فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ لَوْ كَانَ يُصَلِّي(6/14)
مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ نَافِعٌ فَلَمْ يَزَلْ بَعْدَ ذَلِكَ يُكْثِرُ الصَّلاةَ البخاري : الفتح رقم 7029
وفي الشريعة علاجات للهمّ الحاصل بسبب المنامات والأحلام المقلقة. ومنها التفل عن الشمال ثلاثاً والاستعاذة بالله من الشيطان ثلاثاً والاستعاذة بالله من شرّ ما رأى ثلاثاً وأن يغير الجنب الذي كان نائماً عليه أو يقوم يصلي ولا يحدّث برؤياه تلك أحداً من الناس
وبعد هذا العرض لطائفة من أنواع هموم الدنيا فقد آن الأوان للحديث عن العلاج.
ولا شك أن العقيدة تؤثر في المعالجة، فترى كثيراً من الكفار وكذلك ضعفاء الإيمان يُصابون بالانهيار أو يُقدمون على الانتحار للتخلص من الكآبة والحبوط واليأس إذا ما وقعوا في ورطة أو أصابتهم مصيبة وكم ملئت المستشفيات من مرضى الانهيارات العصبية والصدمات النفسية وكم أثرت هذه الأمور على كثير من الأقوياء ، فضلاً عن الضعفاء ، وكم أدت إلى العجز التام أو فقدان العقل والجنون.
أما من اهتدى بهدي الإسلام فإنه يجد العلاج فيما أتى من لدن العليم الخبير الذي خلق الخلق وهو أعلم بما يصلحهم " ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير " .
فهلم إلى استعراض شيء من أنواع العلاجات التي جاءت في هذه الشريعة :
أولاً : التسلّح بالإيمان المقرون بالعمل الصالح
قال الله تعالى: " من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينّه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون "
وسبب ذلك واضح، فإن المؤمنين بالله الإيمان الصحيح، المثمر للعمل الصالح المصلح للقلوب والأخلاق والدنيا والآخرة، معهم أصول وأسس يتعاملون بها مع كلّ ما يرد عليهم من أنواع المسرات والأحزان. فيتلقون النّعم والمسارّ بقبول لها، وشكر عليها، ويستعملونها فيما ينفع، فإذا فعلوا ذلك أحسوا ببهجتها وطمعوا في بقائها وبركتها ورجاء ثواب شكرها وغير ذلك من الأمور العظيمة التي تفوق بخيراتها وبركاتها تلك المسرات.(6/15)
ويتلقون المكاره والمضار والهم والغم بالمقاومة لِما يمكنهم مقاومته وتخفيف ما يمكنهم تخفيفه ، والصبر الجميل لما ليس لهم عنه بد ، فيحصّلون منافع كثيرة من جراء حصول المكاره، ومن ذلك: المقاومات النافعة ، والتجارب المفيدة ، وقوة النفس ، وأيضا الصبر واحتساب الأجر والثواب وغير ذلك من الفوائد العظيمة التي تضمحل معها المكاره، وتحل محلها المسار والآمال الطيبة، والطمع في فضل الله وثوابه، كما عبّر النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا المعنى في الحديث الصحيح بقوله : عَجَباً لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ رواه مسلم في صحيحه رقم 2999
وهكذا يكون النظر الإيجابي إلى الابتلاء ، ومن ذلك :
ثانياً : النظر فيما يحصل للمسلم من تكفير الذنوب وتمحيص القلب ورفع الدرجة ، إذا أصابته غموم الدنيا وهمومها :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ وَلا هَمٍّ وَلا حُزْنٍ وَلا أَذًى وَلا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ رواه البخاري الفتح 5642
وفي رواية مسلم : (مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ وَلا نَصَبٍ وَلا سَقَمٍ وَلا حَزَنٍ حَتَّى الْهَمِّ يُهَمُّهُ إِلا كُفِّرَ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ) صحيح مسلم رقم 2573
فليعلم المهموم أن ما يصيبه من الأذى النفسي نتيجة للهمّ لا يذهب سدى بل هو مفيد في تكثير حسناته وتكفير سيئاته، وأن يعلم المسلم أنه لولا المصائب لوردنا يوم القيامة مفاليس كما ذكر بعض السلف ولذلك كان أحدهم يفرح بالبلاء كما يفرح أحدنا بالرخاء.(6/16)
وإذا علم العبد أن ما يصيبه من المصائب يكفّر عنه سيئاته فرح واستبشر، وخصوصاً إذا عوجل بشيء بعد الذنب مباشرة كما وقع لبعض الصحابة رضي الله عنهم فيما رواه عَبْد اللَّهِ بْن مُغَفَّلٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلا لَقِيَ امْرَأَةً كَانَتْ بَغِيًّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَجَعَلَ يُلاعِبُهَا حَتَّى بَسَطَ يَدَهُ إِلَيْهَا فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ مَهْ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ ذَهَبَ بِالشِّرْكِ وَقَالَ عَفَّانُ مَرَّةً ذَهَبَ بِالْجَاهِلِيَّةِ وَجَاءَنَا بِالإِسْلامِ فَوَلَّى الرَّجُلُ فَأَصَابَ وَجْهَهُ الْحَائِطُ فَشَجَّهُ ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ أَنْتَ عَبْدٌ أَرَادَ اللَّهُ بِكَ خَيْرًا إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعَبْدٍ خَيْراً عَجَّلَ لَهُ عُقُوبَةَ ذَنْبِهِ وَإِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ شَرّاً أَمْسَكَ عَلَيْهِ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَفَّى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ عَيْرٌ رواه أحمد رحمه الله المسند 4/87 والحاكم في المستدرك 1/349 وفي إسناده الحسن عن عبد الله بن مغفل والحسن مدلس وقد عنعن ولكن روى صالح بن أحمد ببن حنبل قال : قال أبي : سمع الحسن من أنس بن مالك ومن ابن مغفل - يعني عبد الله بن مغفل - : كتاب المراسيل لابن أبي حاتم ص: 45 باب ما يثبت للحسن البصري سماعه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الذهبي رحمه الله : قال قائل : إنما أعرض أهل الصحيح عن كثير مما يقول فيه الحسن : عن فلان، وإن كان مما قد ثبت لقيُّه فيه لفلان المعين لأن الحسن معروف بالتدليس ويدلّس عن الضعفاء فيبقى في النفس من ذلك.. السير 4/588(6/17)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله إذا أراد بعبد خيراً عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبد شراً أمسك عنه حتى يوافى يوم القيامة بذنبه ) رواه الترمذي السنن رقم 2396 وهو في صحيح الجامع رقم 308
ثالثاً : معرفة حقيقة الدنيا
فإذا علم المؤمن أن الدنيا فانية، ومتاعها قليل، وما فيها من لذة فهي مكدّرة ولا تصفو لأحد. إن أضحكت قليلاً أبكت طويلاً، وإن أعطت يسيراً منعت كثيراً، والمؤمن فيها محبوس كما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الْكَافِرِ رواه مسلم رقم 2956
وهي كذلك نصب وأذى وشقاء وعناء ولذلك يستريح المؤمن إذا فارقها كما جاء عن أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ الأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ فَقَالَ مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْمُسْتَرِيحُ وَالْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ قَالَ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ وَالْبِلادُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ رواه البخاري : الفتح رقم 6512(6/18)
وموت المؤمن راحة له من غموم دار الدنيا وهمومها وآلامها كما في الحديث : إِذَا حُضِرَ الْمُؤْمِنُ أَتَتْهُ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ بِحَرِيرَةٍ بَيْضَاءَ فَيَقُولُونَ اخْرُجِي رَاضِيَةً مَرْضِيّاً عَنْكِ إِلَى رَوْحِ اللَّهِ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ فَتَخْرُجُ كَأَطْيَبِ رِيحِ الْمِسْكِ حَتَّى أَنَّهُ لَيُنَاوِلُهُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً حَتَّى يَأْتُونَ بِهِ بَابَ السَّمَاءِ فَيَقُولُونَ مَا أَطْيَبَ هَذِهِ الرِّيحَ الَّتِي جَاءَتْكُمْ مِنَ الأَرْضِ فَيَأْتُونَ بِهِ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِينَ فَلَهُمْ أَشَدُّ فَرَحاً بِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ بِغَائِبِهِ يَقْدَمُ عَلَيْهِ فَيَسْأَلُونَهُ مَاذَا فَعَلَ فُلانٌ مَاذَا فَعَلَ فُلانٌ فَيَقُولُونَ دَعُوهُ فَإِنَّهُ كَانَ فِي غَمِّ الدُّنْيَا فَإِذَا قَالَ أَمَا أَتَاكُمْ قَالُوا ذُهِبَ بِهِ إِلَى أُمِّهِ الْهَاوِيَةِ وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا احْتُضِرَ أَتَتْهُ مَلائِكَةُ الْعَذَابِ بِمِسْحٍ فَيَقُولُونَ اخْرُجِي سَاخِطَةً مَسْخُوطاً عَلَيْكِ إِلَى عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَتَخْرُجُ كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ حَتَّى يَأْتُونَ بِهِ بَابَ الأَرْضِ فَيَقُولُونَ مَا أَنْتَنَ هَذِهِ الرِّيحَ حَتَّى يَأْتُونَ بِهِ أَرْوَاحَ الْكُفَّارِ المجتبى من سنن النسائي رقم 1810 وصححه الألباني في صحيح النسائي 1309
إن هذا المعنى الذي يدركه المؤمن لحقيقة الدنيا يهوّن عليه كثيراً من وقع المصاب وألم الغمّ ونكد الهمّ لأنه يعلم أنه أمر لا بدّ منه فهو من طبيعة هذه الحياة الدنيا.
رابعاً : ابتغاء الأسوة بالرسل والصالحين واتخاذهم مثلاً وقدوة(6/19)
وهم أشد الناس بلاءً في الدنيا ، والمرء يبتلى على قدر دينه ، والله إذا أحب عبداً ابتلاه وقد سأل سعد رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً قَالَ الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْباً اشْتَدَّ بَلاؤُهُ وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَمَا يَبْرَحُ الْبَلاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ رواه الترمذي وقَالَ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، السنن : رقم 2398 وهو في صحيح سنن الترمذي للألباني رقم 1956
خامساً : أن يجعل العبد الآخرة همه
لكي يجمع الله له شمله لما رواه أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلا مَا قُدِّرَ لَهُ رواه الترمذي رقم 2389 وصححه الألباني في صحيح الجامع 6510(6/20)
قال ابن القيم رحمه الله: إذا أصبح العبد وأمسى وليس همه إلا الله وحده تحمّل الله عنه سبحانه حوائجه كلها، وحمل عنه كلّ ما أهمّه، وفرّغ قلبه لمحبته، ولسانه لذكره، وجوارحه لطاعته، وإن أصبح وأمسى والدنيا همه حمّله الله همومها وغمومها وأنكادها ووكَلَه إلى نفسه، فشغل قلبه عن محبته بمحبة الخلق، ولسانه عن ذكره بذكرهم، وجوارحه عن طاعته بخدمتهم وأشغالهم، فهو يكدح كدح الوحوش في خدمة غيره.. فكلّ من أعرض عن عبودية الله وطاعته ومحبته بُلِيَ بعبودية المخلوق ومحبته وخدمته. قال تعالى : ( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين). الفوائد ط. دار البيان ص: 159
سادساً : علاج مفيد ومدهش وهو ذكر الموت
لقوله صلى الله عليه وسلم : (أكثروا ذكر هادم اللذات : الموت فإنه لم يذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه عليه ولا ذكره في سعة إلا ضيَّقها عليه) رواه البزار عن أنس وحسنه الألباني كما في صحيح الجامع رقم 1211 وصححه كذلك في إرواء الغليل رقم 682
سابعاً : دعاء الله تعالى
وهذا نافع جداً ومنه ما هو وقاية ومنه ما هو علاج، فأما الوقاية فإن على المسلم أن يلجأ إلى الله تعالى ويدعوه متضرعاً إليه بأن يعيذه من الهموم ويباعد بينه وبينها ، كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فقد أخبرنا خادمه أنس بن مالك رضي الله عنه عن حاله معه بقوله: (كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل فكنت أسمعه كثيراً يقول :( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ) رواه البخاري الفتح رقم 2893
وهذا الدعاء مفيد لدفع الهم قبل وقوعه والدفع أسهل من الرفع.(6/21)
ومن أنفع ما يكون في ملاحظة مستقبل الأمور استعمال هذا الدعاء الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو به عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ رواه مسلم رقم 2720.
فإذا وقع الهم وألمّ بالمرء، فباب الدعاء مفتوح غير مغلق، والكريم عز وجل إن طُرق بابه وسُئل أعطى وأجاب.. يقول جلّ وعلا : " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون " .
ومن أعظم الأدعية في إذهاب الهمّ والغم والإتيان بعده بالفرج : الدعاء العظيم المشهور الذي حثّ النبي صلى الله عليه وسلم كلّ من سمعه أن يتعلّمه ويحفظه :(6/22)
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَصَابَ أَحَداً قَطُّ هَمٌّ وَلا حَزَنٌ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي وَجِلاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي إِلا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجا قَالَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلا نَتَعَلَّمُهَا فَقَالَ بَلَى يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا رواه الإمام أحمد في المسند 1/391 وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة رقم 198
هذا الحديث العظيم الذي يتضمن اعتراف العبد أنه مملوك لله وأنه لا غنى له عنه وليس له سيد سواه والتزام بعبوديته وإعلان الخضوع والامتثال لأمره ونهيه ، وأن الله يصرّفه ويتحكّم فيه كيف يشاء وإذعان لحكم الله ورضى بقضائه وتوسل إلى الله بجميع أسمائه قاطبة ثم سؤال المطلوب ونشدان المرغوب
وقد ورد في السنّة النبوية أدعية أخرى بشأن الغم والهم والكرب ومنها :
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ رواه البخاري، الفتح رقم 6346
وعن أنس رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر قال : (يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث ) الترمذي رقم 3524 وحسنه في صحيح الجامع 4653(6/23)
عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلا أُعَلِّمُكِ كَلِمَاتٍ تَقُولِينَهُنَّ عِنْدَ الْكَرْبِ أَوْ فِي الْكَرْبِ اللَّهُ اللَّهُ رَبِّي لا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا. رواه أبو داود كتاب الصلاة : باب في الاستغفار، وهو في صحيح الجامع 2620
ومن الأدعية النافعة في هذا الباب أيضا ما علمناه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله :.. دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ.. رواه أبوداود في كتاب الأدب رقم 5090.وحسنه في صحيح الجامع 3388 وفي صحيح سنن أبي داود رقم 4246.
فإذا لهج العبد بهذه الأدعية بقلب حاضر، ونية صادقة، مع اجتهاده في تحصيل أسباب الإجابة، حقق الله له ما دعاه ورجاه وعمل له ، وانقلب همه فرحاً وسروراً.
ثامناً : الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
وهي من أعظم ما يفرج الله به الهموم :(6/24)
روى الطُّفَيْلُ بْنُ أُبَيِّ بْنُ كَعْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ قَامَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللَّهَ اذْكُرُوا اللَّهَ جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ قَالَ أُبَيٌّ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلاةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلاتِي فَقَالَ مَا شِئْتَ قَالَ قُلْتُ الرُّبُعَ قَالَ مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ قُلْتُ النِّصْفَ قَالَ مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ قَالَ قُلْتُ فَالثُّلُثَيْنِ قَالَ مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ قُلْتُ أَجْعَلُ لَكَ صَلاتِي كُلَّهَا قَالَ إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ رواه الترمذي وقَالَ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. السنن رقم 2457/وحسنه الألباني في المشكاة 929
تاسعاً : التوكل على الله عز وجل وتفويض الأمر إليه(6/25)
" فمن علم أن الله على كل شيء قدير، وأنه المتفرد بالاختيار والتدبير. وأن تدبيره لعبده خير من تدبير العبد لنفسه وأنه أعلم بمصلحة العبد من العبد وأقدر على جلبها وتحصيلها منه وأنصح للعبد لنفسه وأرحم به منه بنفسه، وأبرّ به منه بنفسه. وعلم مع ذلك أنه لا يستطيع أن يتقدم بين يدي تدبيره خطوة واحدة ولا يتأخر عن تدبيره له خطوة واحدة، فلا متقدم له بين يدي قضائه وقدره ولا متأخر، فألقى نفسه بين يديه وسلم الأمر كله إليه، وانطرح بين يديه انطراح عبد مملوك ضعيف بين يدي ملك عزيز قاهر. له التصرف في عبده بما شاء ، وليس للعبد التصرف فيه بوجه من الوجوه ، فاستراح حينئذ من الهموم والغموم والأنكاد والحسرات. وحمل كل حوائجه ومصالحه من لا يبالي بحملها ولا يثقله ولا يكترث بها. فتولاها دونه وأراه لطفه وبره ورحمته وإحسانه فيها من غير تعب من العبد ولا نصب ، ولا اهتمام منه، لأنه قد صرف اهتمامه كله إليه وجعله وحده همه. فصرف عنه اهتمامه بحوائجه ومصالح دنياه ، وفرغ قلبه منها ، فما أطيب عيشه وما أنعم قلبه وأعظم سروره وفرحه.
وأما من أبى إلا تدبيره لنفسه واختياره لها واهتمامه بحظه دون حق ربه، خلاه وما اختاره وولاه ما تولى فحضره الهم والغم والحزن والنكد والخوف والتعب، وكسف البال وسوء الحال ، فلا قلب يصفو، ولا عمل يزكو، ولا أمل يحصل ، ولا راحة يفوز بها ، ولا لذة يتهنى بها، بل قد حيل بينه وبين مسرته وفرحه وقرة عينه . فهو يكدح في الدنيا كدح الوحش ولا يظفر منها بأمل ولا يتزود منها لمعاد. الفوائد لابن القيم ص : 209(6/26)
" ومتى اعتمد القلب على الله ، وتوكل عليه ، ولم يستسلم للأوهام ولا ملكته الخيالات السيئة ، ووثق بالله وطمع في فضله ، اندفعت عنه بذلك الهموم والغموم ، وزالت عنه كثير من الأسقام القلبية والبدنية ، وحصل للقلب من القوة والانشراح والسرور ما لا يمكن التعبير عنه ، والمعافى من عافاه الله ووفقه لجهاد نفسه لتحصيل الأسباب النافعة المقوية للقلب ، الدافعة لقلقه ، قال تعالى " ومن يتوكل على الله فهو حسبه " أي كافيه جميع ما يهمه من أمر دينه ودنياه .
فالمتوكل على الله قوي القلب لا تؤثر فيه الأوهام ، ولا تزعجه الحوادث لعلمه أن ذلك من ضعف النفس ومن الخور والخوف الذي لا حقيقة له ، ويعلم مع ذلك أن الله قد تكفل لمن توكل عليه بالكفاية التامة، فيثق بالله ويطمئن لوعده ، فيزول همه وقلقه ، ويتبدل عسره يسرا ، وترحه فرحا، وخوفه أمنا فنسأله تعالى العافية وأن يتفضل علينا بقوة القلب وثباته بالتوكل الكامل الذي تكفل الله لأهله بكل خير، ودفع كل مكروه وضير. " الوسائل المفيدة للحياة السعيدة : ابن سعدي
عاشراً : ومما يدفع الهم والقلق الحرص على ما ينفع واجتماع الفكر كله على الاهتمام بعمل اليوم الحاضر ، وقطعه عن الاهتمام في الوقت المستقبل ، وعن الحزن على الوقت الماضي(6/27)
ولهذا استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من الهم والحزن، فالحزن على الأمور الماضية التي لا يمكن ردها ولا استدراكها والهم الذي يحدث بسببه الخوف من المستقبل ، فيكون العبد ابن يومه ، يجمع جده واجتهاده في إصلاح يومه ووقته الحاضر ، فإن جمع القلب على ذلك يوجب تكميل الأعمال، ويتسلى به العبد عن الهم والحزن والنبي صلى الله عليه وسلم إذا دعا بدعاء أو أرشد أمته إلى دعاء فهو يحث مع الاستعانة بالله والطمع في فضله على الجد والاجتهاد في التحقق لحصول ما يدعو لدفعه لأن الدعاء مقارن للعمل ، فالعبد يجتهد فيما ينفعه في الدين والدنيا ، ويسأل ربه نجاح مقصده. ويستعينه على ذلك كما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلا تَعْجَزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ رواه مسلم 2664. فجمع صلى الله عليه وسلم بين الأمر بالحرص على الأمور النافعة في كل حال والاستعانة بالله وعدم الانقياد للعجز الذي هو الكسل الضار وبين الاستسلام للأمور الماضية النافذة ، ومشاهدة قضاء الله وقدره وجعل الأمور قسمين : قسماً يمكن للعبد السعي في تحصيله أو تحصيل ما يمكن منه ، أو دفعه أو تخفيفه فهذا يبدي فيه العبد مجهوده ويستعين بمعبوده. وقسماً لا يمكن فيه ذلك ، فهذا يطمئن له العبد ويرضى ويسلم ، ولا ريب أن مراعاة هذا الأصل سبب للسرور وزوال الهم والغم. الوسائل المفيدة للحياة السعيدة : ابن سعدي(6/28)
والحديث المذكور يدلّ على السعي في إزالة الأسباب الجالبة للهموم وفي تحصيل الأسباب الجالبة للسرور وذلك بنسيان ما مضى عليه من المكاره التي لا يمكنه ردها، ومعرفته أن اشتغال فكره فيها من باب العبث والمحال ، وأن ذلك حمق وجنون ، فيجاهد قلبه عن التفكر فيها وكذلك يجاهد قلبه عن قلقه لما يستقبله ، مما يتوهمه من فقر أو خوف أو غيرهما من المكاره التي يتخيلها في مستقبل حياته . فيعلم أن الأمور المستقبلة مجهول ما يقع فيها من خير وشر وآمال وآلام ، وأنها بيد العزيز الحكيم ، ليس بيد العباد منها شيء إلا السعي في تحصيل خيراتها، ودفع مضراتها ويعلم العبد أنه إذا صرف فكره عن قلقه من أجل مستقبل أمره ، واتكل على ربه في إصلاحه ، واطمأن إليه في ذلك صلحت أحواله ، وزال عنه همه وقلقه. الوسائل المفيدة للحياة السعيدة : ابن سعدي
الحادي عشر : ومن أكبر الأسباب لانشراح الصدر وطمأنينته الإكثار من ذكر الله
فإن لذلك تأثيراً عجيباً في انشراح الصدر وطمأنينته ، وزوال همه وغمه ، قال الله تعالى " ألا بذكر الله تطمئن القلوب " .
وأعظم الأذكار لعلاج الهمّ العظيم الحاصل عند نزول الموت : لا إله إلا الله
وذلك لما حدّث به طلحة عمر رضي الله عنه فال : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ كَلِمَةٌ لا يَقُولُهَا عَبْدٌ عِنْدَ مَوْتِهِ إِلا فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَتَهُ وَأَشْرَقَ لَوْنُهُ فَمَا مَنَعَنِي أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْهَا إِلا الْقُدْرَةُ عَلَيْهَا حَتَّى مَاتَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ إِنِّي لأَعْلَمُهَا فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ وَمَا هِيَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ هَلْ تَعْلَمُ كَلِمَةً هِيَ أَعْظَمَ مِنْ كَلِمَةٍ أَمَرَ بِهَا عَمَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ فَقَالَ طَلْحَةُ هِيَ وَاللَّهِ هِيَ رواه أحمد 1/161
الثاني عشر: اللجوء إلى الصلاة .(6/29)
قال الله تعالى : " واستعينوا بالصبر والصلاة " وعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى رواه أبو داود كتاب الصلاة باب وقت قيام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل وحسنه في صحيح الجامع رقم 4703
الثالث عشر : ومما يفرج الهم أيضا الجهاد في سبيل الله
كما قال عليه الصلاة والسلام : عَلَيْكُمْ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَإِنَّهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يُذْهِبُ اللَّهُ بِهِ الْهَمَّ وَالْغَمَّ رواه أحمد عن أبي أمامة عن عبد الله بن الصامت رضي الله عنهما 5/ 319 وصححه في صحيح الجامع 4063 وعزاه السيوطي للطبراني في الأوسط عن أبي أمامة.
الرابع عشر : التحدث بنعم الله الظاهرة والباطنة
فإن معرفتها والتحدث بها يدفع الهم والغم ، ويحث العبد على الشكر الذي هو أرفع المراتب وأعلاها حتى ولو كان العبد في حالة فقر أو مرض أو غيرهما من أنواع البلايا . فإنه إذا قابل بين نعم الله عليه التي لا تحصى ولا تعدّ وبين ما أصابه من مكروه ، لم يكن للمكروه إلى النعم نسبة ، بل المكروه والمصائب إذا ابتلى الله بها العبد ، وأدى فيها وظيفة الصبر والرضى والتسليم ، هانت وطأتها ، وخفت مؤنتها ، وكان تأميل العبد لأجرها وثوابها والتعبد لله بالقيام بوظيفة الصبر والرضا ، يدع الأشياء المرة حلوة فتنسيه حلاوة أجرها مرارة صبرها.
ومن أنفع الأشياء في هذا الموضع استعمال ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ رواه الترمذي في سننه رقم 2513 وقال : هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ وهو في صحيح الجامع 1507(6/30)
فإن العبد إذا نصب بين عينيه هذا الملحظ الجليل، رأى نفسه يفوق قطعاً كثيراً من الخلق في العافية وتوابعها ، وفي الرزق وتوابعه مهما بلغت به الحال ، فيزول قلقه وهمه وغمه ، ويزداد سروره واغتباطه بنعم الله التي فاق فيها غيره ممن هو دونه فيها .
وكلما طال تأمل العبد في نِعم الله الظاهرة والباطنة ، الدينية والدنيوية ، رأى ربه قد أعطاه خيراً كثيراً ودفع عنه شروراً متعددة ، ولا شك أن هذا يدفع الهموم والغموم ، ويوجب الفرح والسرور. الوسائل المفيدة للحياة السعيدة : ابن سعدي
الخامس عشر : الانشغال بعمل من الأعمال أو علم من العلوم النافعة
فإنها تلهي القلب عن اشتغاله بذلك الأمر الذي أقلقه . وربما نسي بسبب ذلك الأسباب التي أوجبت له الهم والغم ، ففرحت نفسه ، وازداد نشاطه ، وهذا السبب أيضا مشترك بين المؤمن وغيره . ولكن المؤمن يمتاز بإيمانه وإخلاصه واحتسابه في اشتغاله بذلك العلم الذي يتعلمه أو يعلمه ، ويعمل الخير الذي يعمله ، إن كان عبادة فهو عبادة وإن كان شغله دنيوياً أو عادة دنيوية أصحبها النية الصالحة ، وقصد الاستعانة بذلك على طاعة الله ، فلذلك أثره الفعال في دفع الهموم والغموم والأحزان ، فكم من إنسان ابتلي بالقلق وملازمة الأكدار ، فحلت به الأمراض المتنوعة فصار دواءه الناجح : نسيانه السبب الذي كدره وأقلقه، واشتغاله بعمل من مهماته.
وينبغي أن يكون الشغل الذي يشتغل فيه مما تأنس به النفس وتشتاقه ؛ فإن هذا أدعى لحصول هذا المقصود النافع والله أعلم. الوسائل المفيدة للحياة السعيدة : ابن سعدي
السادس عشر : النظر إلى الجوانب الإيجابية للأحداث التي يظهر منها بعض ما يُكره
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقاً رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ رواه مسلم 1469.(6/31)
ومن فوائد هذا الحديث : زوال الهم والقلق وبقاء الصفاء ، والمداومة على القيام بالحقوق الواجبة والمستحبة وحصول الراحة بين الطرفين ، ومن لم يسترشد بهذا الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بل عكس القضية فلحظ المساوىء ، وعمي عن المحاسن ، فلا بد أن يقلق ، ولابد أن يتكدر ما بينه وبين من يتصل به من المحبة ، ويخلّ بكثير من الحقوق التي على كل منهما المحافظة عليها. الوسائل المفيدة للحياة السعيدة : ابن سعدي
السابع عشر : معرفة القيمة الحقيقية للحياة وأنها قصيرة وأنّ الوقت أغلى من أن يذهب في الهمّ والغمّ
فالعاقل يعلم أن حياته الصحيحة حياة السعادة والطمأنينة وأنها قصيرة جداً ، فلا ينبغي له أن يقصرها بالهم والاسترسال مع الأكدار فإن ذلك ضد الحياة الصحيحة ، فيشح بحياته أن يذهب كثير منها نهباً للهموم والأكدار ولا فرق في هذا بين البر والفاجر ، ولكن المؤمن له من التحقق بهذا الوصف الحظ الأوفر ، والنصيب النافع العاجل والآجل . وينبغي أيضا إذا أصابه مكروه أو خاف منه أن يقارن بين النعم الحاصلة له دينية أو دنيوية . وبين ما أصابه من مكروه فعند المقارنة يتضح كثرة ما هو فيه من النعم ، واضمحلال ما أصابه من المكاره وكذلك يقارن بين ما يخافه من حدوث ضرر عليه ، وبين الاحتمالات الكثيرة في السلامة منها فلا يدع الاحتمال الضعيف يغلب الاحتمالات الكثيرة القوية وبذلك يزول همه وخوفه ، ويقدر أعم ما يكون من الاحتمالات التي يمكن أن تصيبه ، فيوطن نفسه لحدوثها إن حدثت ، ويسعى في دفع ما لم يقع منها وفي رفع ما وقع أو تخفيفه.
جعل الأمور النافعة نصب عينيك واعمل على تحقيقها، ولا تلتفت إلى الأمور الضارة لتلهو بذلك عن الأسباب الجالبة للهم والحزن واستعن بالراحة وإجماع النفس على الأعمال المهمة. الوسائل المفيدة للحياة السعيدة : ابن سعدي
الثامن عشر : ومن الأمور النافعة عدم السماح بتراكم الأعمال والواجبات(6/32)
وذلك بحسمها في الحال والتفرغ للمستقبل ، لأن الأعمال إذا لم تُحسم اجتمع عليك بقية الأعمال السابقة ، وانضافت إليها الأعمال اللاحقة ، فتشتد وطأتها ، فإذا حسمت كل شيء في وقته تفّرغت للأمور المستقبلة بقوة تفكير وقوة عمل.
وينبغي أن تتخير من الأعمال النافعة الأهم، فالأهم وميز بين ما تميل نفسك إليه وتشتد رغبتك فيه، فإن ضده يحدث السآمة والملل والكدر ، واستعن على ذلك بالفكر الصحيح والمشاورة ، فما ندم من استشار ، وادرس ما تريد فعله درساً دقيقاً ، فإذا تحققت المصلحة وعزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين الوسائل المفيدة للحياة السعيدة : ابن سعدي، بتصرف.
التاسع عشر : التوقع المستمر والاستعداد النفسي لجميع الاحتمالات
فإن الإنسان إذا استحضر في نفسه فقد عزيز أو مرض قريب أو وقوعاً في دين أو قهر عدو أو أي احتمال سيئ مما لم يحدث بعد - مع استعاذته بالله من ذلك ورجاء السلامة - فإنه لو وقع له شيء من ذلك حقيقة سيكون أهون عليه وأخف وطأة لتوقعه المسبق.
ومما ينبغي التنبّه له أن كثيراً من الناس من ذوي الهمم العالية يوطنون أنفسهم عند وقوع الكوارث والمزعجات على الصبر والطمأنينة . لكن عند الأمور التافهة البسيطة يقلقون ، ويتكدر الصفاء ، والسبب في هذا أنهم وطنوا نفوسهم عند الأمور الكبار ، وتركوها عند الأمور الصغار فضرتهم وأثرت في راحتهم فالحازم يوطن نفسه على الأمور الصغيرة والكبيرة ويسأل الله الإعانة عليها ، وأن لا يكله إلى نفسه طرفة عين فعند ذلك يسهل عليه الصغير ، كما سهل عليه الكبير ويبقى مطمئن النفس ساكن القلب مستريحاً.
العشرين : ومن العلاجات أيضا الشكوى إلى أهل العلم والدين وطلب النصح والمشورة منهم
فإن نصائحهم وآراءهم من أعظم المثبتات في المصائب. وقد شكى الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما كانوا يلقون من تعذيب...(6/33)
فهذا خَبَّاب بْن الأَرَتِّ رضي الله عنه يقول : شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ قُلْنَا لَهُ أَلا تَسْتَنْصِرُ لَنَا أَلا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا قَالَ كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لا يَخَافُ إِلا اللَّهَ أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ البخاري الفتح 3612
وكذلك شكى التابعون إلى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يقول الزبير بن عدي : أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنَ الْحَجَّاجِ فَقَالَ اصْبِرُوا فَإِنَّهُ لا يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رواه البخاري الفتح رقم 7068
فيسمع المسلم من أهل العلم والقدوة ما يسليه ويخفف عنه آلام غمومه وهمومه.(6/34)
ومن هذا الباب أيضا : اللجوء إلى إخوان الصدق والأقرباء العقلاء والأزواج والزوجات الأوفياء والوفيات فهذه فاطمة رضى الله عنها لمّا أصابها الهمّ شكت إلى زوجها عليٍّ رضي الله عنه كما روى القصة عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى فَاطِمَةَ رَضِي اللَّه عَنْهَا فَوَجَدَ عَلَى بَابِهَا سِتْراً فَلَمْ يَدْخُلْ قَالَ وَقَلَّمَا كَانَ يَدْخُلُ إِلا بَدَأَ بِهَا فَجَاءَ عَلِيٌّ رَضِي اللَّه عَنْه فَرَآهَا مُهْتَمَّةً فَقَالَ مَا لَكِ قَالَتْ جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ فَلَمْ يَدْخُلْ فَأَتَاهُ عَلِيٌّ رَضِي اللَّه عَنْه فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَاطِمَةَ اشْتَدَّ عَلَيْهَا أَنَّكَ جِئْتَهَا فَلَمْ تَدْخُلْ عَلَيْهَا قَالَ وَمَا أَنَا وَالدُّنْيَا وَمَا أَنَا وَالرَّقْمَ ( أي النقش والرسم ) فَذَهَبَ إِلَى فَاطِمَةَ فَأَخْبَرَهَا بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ قُلْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَأْمُرُنِي بِهِ قَالَ قُلْ لَهَا فَلْتُرْسِلْ بِهِ إِلَى بَنِي فُلانٍ [ وَكَانَ سِتْراً مَوْشِيّاً ] (أي مزخرفاً منقوشاً) رواه أبو داود كتاب اللباس باب في اتخاذ الستور وهو في صحيح أبي داود 3496.
الحادي والعشرون : أن يعلم المهموم والمغموم أن بعد العسر يسراً ، وأن بعد الضيق فرجاً
فليحسن الظن بالله فإنه جاعل له فرجاً ومخرجاً .
وكلما استحكم الضيق وازدادت الكربة قرب الفرج والمخرج .
وقد قال الله تعالى في سورة الشرح ( فإن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراً ) فذكر عسراً واحداً ويسرين فالعسر المقترن بأل في الآية الأولى هو العسر في الآية الثانية أما اليسر في الآية الثانية فهو يسر آخر غير الذي في الآية الأولى.(6/35)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في وصيته لابن عباس رضي الله عنهما النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً رواه أحمد 1/293 السلسلة الصحيحة 2382 وصححه الألباني في صحيح الجامع برواية الخرائطي عن أنس بلفظ رقم 6806
الثاني والعشرون : ومن علاجات الهموم ما يكون بالأطعمة
فقد روى البخاري رحمه الله عن عَائِشَةَ رَضِي اللَّه عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَأْمُرُ بِالتَّلْبِينِ لِلْمَرِيضِ وَلِلْمَحْزُونِ عَلَى الْهَالِكِ وَكَانَتْ تَقُولُ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ التَّلْبِينَةَ تُجِمُّ فُؤَادَ الْمَرِيضِ وَتَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ الفتح رقم 5689
وروى رحمه الله أيضا عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ مِنْ أَهْلِهَا فَاجْتَمَعَ لِذَلِكَ النِّسَاءُ ثُمَّ تَفَرَّقْنَ إِلا أَهْلَهَا وَخَاصَّتَهَا أَمَرَتْ بِبُرْمَةٍ مِنْ تَلْبِينَةٍ فَطُبِخَتْ ثُمَّ صُنِعَ ثَرِيدٌ فَصُبَّتِ التَّلْبِينَةُ عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَتْ كُلْنَ مِنْهَا فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ التَّلْبِينَةُ مُجِمَّةٌ لِفُؤَادِ الْمَرِيضِ تَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ الفتح 5147
والتلبينة : هي حساء يعمل من دقيق أو نخالة ويجعل فيه عسل وسميت تلبينة لشبهها باللبن ، وهي تطبخ من الشعير مطحوناً .
ومعنى مُجِمَّة : أي تريح وتنشط وتزيل الهمّ(6/36)
وروى أحمد رحمه الله عنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قِيلَ لَهُ إِنَّ فُلانًا وَجِعٌ لا يَطْعَمُ الطَّعَامَ قَالَ عَلَيْكُمْ بِالتَّلْبِينَةِ فَحَسُّوهُ إِيَّاهَا فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَغْسِلُ بَطْنَ أَحَدِكُمْ كَمَا يَغْسِلُ أَحَدُكُمْ وَجْهَهُ بِالْمَاءِ مِنَ الْوَسَخِ رواه أحمد 6/152 .
ورواه الترمذي عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَخَذَ أَهْلَهُ الْوَعَكُ أَمَرَ بِالْحِسَاءِ فَصُنِعَ ثُمَّ أَمَرَهُمْ فَحَسَوْا مِنْهُ وَكَانَ يَقُولُ إِنَّهُ لَيَرْتُقُ (وفي رواية أحمد وابن ماجة : ليرتو) فُؤَادَ الْحَزِينِ وَيَسْرُو عَنْ فُؤَادِ السَّقِيمِ كَمَا تَسْرُو إِحْدَاكُنَّ الْوَسَخَ بِالْمَاءِ عَنْ وَجْهِهَا قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ : السنن رقم 2039
ويرتو أو يرتق : أي يشدّ ويقوي، ويسرو: أي يكشف
وهذا الأمر - وإن استغربه بعض الناس - هو حق وصدق ما دام قد ثبت من طريق الوحي عن المعصوم صلى الله عليه وسلم ، والله خلق الأطعمة وهو أعلم بخصائصها وبالتالي فإن حساء الشعير المذكور هو من الأغذية المفرحة ، والله اعلم . يُراجع زاد المعاد لابن القيم رحمه الله 5/120.
أما عن طريقة طبخه لمريض الجسد ومحزون القلب فيقول ابن حجر رحمه الله : ولعل اللائق بالمريض ماء الشعير إذا طبخ صحيحاً وبالحزين ماؤه إذا طبخ مطحوناً والله أعلم انظر فتح الباري 147.
وقد لخص ابن القيم هذه الأدوية والعلاجات في خمسة عشر نوعاً من الدواء يذهب الله بها الهم والحزن وهي :
الأول: توحيد الربوبية.
الثاني: توحيد الإلهية.
الثالث:التوحيد العلمي الاعتقادي (وهو توحيد الأسماء والصفات).
الرابع : تنزيه الرب تعالى عن أن يظلم عبده ، أو يأخذه بلا سبب من العبد يوجب ذلك .(6/37)
الخامس: اعتراف العبد بأنه هو الظالم.
السادس : التوسل إلى الرب تعالى بأحب الأشياء ، وهو أسماؤه وصفاته ، ومن أجمعها لمعاني الأسماء والصفات : الحي القيوم.
السابع : الاستعانة به وحده .
الثامن : إقرار العبد له بالرجاء .
التاسع : تحقيق التوكل عليه ، والتفويض إليه ، والاعتراف له بأن ناصيته في يده ، يصرفه كيف يشاء ، وأنه ماض فيه حكمه ، عدل فيه قضاؤه .
العاشر: أن يرتع قلبه في رياض القرآن ، ويتعزى به عن كل مصيبة ، ويستشفي به من أدواء صدره ، فيكون جلاء حزنه ، وشفاء همه وغمه .
الحادي عشر : الاستغفار.
الثاني عشر: التوبة.
الثالث عشر : الجهاد.
الرابع عشر : الصلاة.
الخامس عشر : البراءة من الحول والقوة وتفويضهما إلى من هما بيده.
نسأل الله تعالى أن يعافينا من الهموم وأن يفرج عنا الكروب ويزيل عنا الغموم إنه هو السميع المجيب، وهو الحي القيوم.
تذكرة
وبعد ذكر هذه الطائفة من أنواع هموم الدنيا وعلاجها يجدر التذكير بأن هموم الآخرة أعظم وغمومها وكروبها أشدّ ، ومن أمثلة ذلك ما يُصيب الناس في أرض المحشر فقد روى البخاري رحمه الله تعالى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ.. أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهَلْ تَدْرُونَ مِمَّ ذَلِكَ يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ يُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي وَيَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ وَتَدْنُو الشَّمْسُ فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنَ الْغَمِّ وَالْكَرْبِ مَا لا يُطِيقُونَ وَلا يَحْتَمِلُونَ فَيَقُولُ النَّاسُ أَلا تَرَوْنَ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ أَلا تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ عَلَيْكُمْ بِآدَمَ.. رواه البخاري الفتح 4712
ولا علاج لغموم وكربات ذلك اليوم إلا بالإقبال على الله في هذا اليوم .(6/38)
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه خير قوم والحمد لله الذي لا تأخذه سنة ولا نوم .(6/39)
33 Sababun Lil-Khushoo' Fi Salaah
33 Ways of developing Khushoo' in Salaah
Book by Sheikh Muhammed Salih Al-Munajjid
---
Contents
Introduction
Concealment of Khushoo'
Rulings on Khushoo'
The means of developing Khushoo'
Knowing the advantages of Khushoo' in Salaah
Warding off distractions and things that adversely affect khushoo
When a person suffers a great deal of waswaas
Conclusion
---
Introduction
Bismillaah il-Rahmaan il-Raheem
In the Name of Allaah, Most Gracious Most Merciful
Praise be to Allaah, Lord of the Worlds, Who has said in His book (interpretation of the meaning), "…and stand before Allaah with obedience" [al-Baqarah 2:238] and has said concerning the prayer (interpretation of the meaning): "… and truly it is extremely heavy and hard except for al-khaashi'oon…' [al-Baqarah 2:45]; and peace and blessings be upon the leader of the pious, the chief of al-khaashi'oon, Muhammad the Messenger of Allaah, and on all his family and companions.(7/1)
Salaah is the greatest of the practical pillars of Islam, and khushoo’ in prayer is required by sharee’ah. When Iblees, the enemy of Allaah, vowed to mislead and tempt the sons of Adam and said “Then I will come to them from before them and behind them, from their right and from their left…” [al-A’raaf 7:17, interpretation of the meaning], one of his most significant plots became to divert people from salaah by all possible means and to whisper to them during their prayer so as to deprive them of the joy of this worship and cause them to lose the reward for it. As khushoo’ will be the first thing to disappear from the earth, and we are living in the last times, the words of Hudhayfah (may Allaah be pleased with him) are particularly pertinent to us: “The first thing of your religion that you will lose is khushoo’, and the last thing that you will lose of your religion is salaah. There may be a person praying who has no goodness in him, and soon you will enter the mosque and not find anyone who has khushoo’.” (al-Madaarij, 1/521).
Because of what every person knows about himself, and because of the complaints that one hears from many people about waswaas (insinuating thoughts from Shaytaan) during the salaah and the loss of khushoo’, the need for some discussion of this matter is quite obvious. The following is a reminder to myself and to my Muslim brothers, and I ask Allaah to make it of benefit.(7/2)
Allaah says (interpretation of the meaning): “Successful indeed are the believers, those who offer their salaah (prayers) with all solemnity and full submissiveness.” [al-Mu’minoon 23:1-2] – i.e., fearing Allaah and in a calm manner. Khushoo’ means calmness, serenity, tranquillity, dignity and humility. What makes a person have this khushoo’ is fear of Allaah and the sense that He is always watching. (Tafseer Ibn Katheer, Daar al-Sha’b edn., 6/414). Khushoo’ means that the heart stands before the Lord in humility and submission. (al-Madaarij, 1/520).
It was reported that Mujaahid said: “’…and stand before Allaah with obedience” [al-Baqarah 2:238 – interpretation of the meaning]’ – part of obedience is to bow, to be solemn and submissive, to lower one’s gaze and to humble oneself out of fear of Allaah, may He be glorified.” (Ta’zeem Qadr al-Salaah, 1/188).
The site of khushoo’ is the heart, and its effects are manifested in the physical body. The various faculties follow the heart: if the heart is corrupted by negligence or insinuating whispers from Shaytaan, the worship of the body’s faculties will also be corrupt. The heart is like a king and the faculties are like his troops who follow his orders and go where they are commanded. If the king is deposed, his followers are lost, which is like what happens when the heart does not worship properly.
Making a show of khushoo’ is condemned. Among the signs of sincerity are:
Concealment of khushoo’(7/3)
Hudhayfah (may Allaah be pleased with him) used to say: “Beware of the khushoo’ of hypocrisy.” He was asked, “What is the khushoo’ of hypocrisy?” He said, “When the body shows khushoo’ but there is no khushoo’ in the heart.” Fudayl ibn ‘Ayaad said: “It was disliked for a man to show more khushoo’ than he had in his heart.” One of them saw a man showing khushoo’ in his shoulders and body, and said, “O So and so, khushoo’ is here” – and he pointed to his chest, “not here” – and he pointed to his shoulders. (al-Madaarij, 1/521)(7/4)
Ibn al-Qayyim (may Allaah have mercy on him) said, explaining the difference between the khushoo’ of true faith and the khushoo’ of hypocrisy: “The khushoo’ of true faith is when the heart feels aware and humble before the greatness and glory of Allaah, and is filled with awe, fear and shyness, so that the heart is utterly humbled before Allaah and broken, as it were, with fear, shyness, love and the recognition of the blessings of Allaah and its own sins. So no doubt the khushoo’ of the heart is followed by the khushoo’ of the body. As for the khushoo’ of hypocrisy, it is something that is put on with a great show, but there is no khushoo’ in the heart. One of the Sahaabah used to say, ‘I seek refuge with Allaah from the khushoo’ of hypocrisy.” It was said to him, ‘What is the khushoo’ of hypocrisy?’ He said, “When the body appears to have khushoo’ but there is no khushoo’ in the heart.’ The person who truly feels khushoo’ before Allaah is a person who no long feels the flames of physical desire; his heart is pure and is filled with the light of the greatness of Allaah. His own selfish desires have died because of the fear and awe which have filled his heart to overflowing so that his physical faculties have calmed down, his heart has become dignified and feels secure in Allaah the remembrance of Him, and tranquillity descends upon him from his Lord. So he has become humble (mukhbit) before Allaah, and the one who is humble is the one who is assured. Land that is “mukhbit” is land that is low-lying, in which water settles, so the heart that is “mukhbit” is humble and(7/5)
content, like a low-lying spot of land into which water flows and settles. The sign of this is that a person prostrates to his Lord out of respect and humility, and never raises his head until he meets Him. The arrogant heart, on the other hand, is one that is content with its arrogance and raises itself up like an elevated portion of land in which water never settles. This is the khushoo’ of true faith.”
As for overdoing it, and the khushoo’ of hypocrisy, this is the attitude of a person who tries to make a great show of khushoo’, but deep down he is still filled with desires. So on the outside he appears to have khushoo’, but the snake of the valley and the lion of the forest reside within him, watching for prey. (Al-Rooh, p. 314, Daar al-Firk edn., Jordan).
“Khushoo’ in prayer happens when a person empties his heart for it (prayer), and focuses on it to the exlusion of all else, and prefers it to everything else. Only then does he find comfort and joy in it, as the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: ‘… and my joy has been made in salaah.’” (Tafseer Ibn Katheer, 5/456. The hadeeth is in Musnad Ahmad, 3/128 and Saheeh al-Jaami’, 3124).
Allaah has mentioned al-khaashi’eena wa’l-khaashi’aat (men and women who are humble (before their Lord)), and described this quality as one of the qualities of those who are chosen. He tells us that He has prepared for them forgiveness and a great reward (i.e., Paradise). [See al-Ahzaab 33:35].(7/6)
One of the benefits of khushoo’ is that it makes prayer easier for a person. Allaah tells us (interpretation of the meaning): “And seek help in patience and al-salaah (the prayer), and truly it is extremely heavy and hard except for al-khaashi’oon [i.e., the true believers, those who obey Allaah with full submission, fera much from His Punishment, and believe in His Promise and in His Warnings]” [al-Baqarah 2:45]. The meaning is that the burden of prayer is heavy indeed, except for those who have khushoo’. (Tafseer Ibn Katheer, 1/125). Khushoo’ is very important, but it is something that is easily lost and is rarely seen, especially in our own times, which are the last times. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “The first thing to be lifted up (taken away) from this ummah will be khushoo’, until you will see no one who has khushoo’.” (Al-Haythami said in al-Majma’, 2/136: It was reported by al-Tabaraani in al-Kabeer, and its isnaad is hasan. See also Saheeh al-Targheeb, no. 543. He said it is saheeh).
......
Rulings on Khushoo'(7/7)
According to the most correct view, khushoo’ is obligatory. Shaykh al-Islam [Ibn Taymiyah], may Allaah have mercy on him, said: “Allaah, may He be exalted, says (interpretation of the meaning): ‘And seek help in patience and al-salaah (the prayer), and truly it is extremely heavy and hard except for al-khaashi’oon …’ [al-Baqarah 2:45]. This implies condemnation of those who are not khaashi’oon… Condemnation only applies when something obligatory is not done, or when something forbidden is done. If those who do not have khushoo’ are to be condemned, this indicates that khushoo’ is obligatory (waajib)… The fact that khushoo’ is obligatory is also indicated by the aayaat (interpretation of the meaning): ‘Successful indeed are the believers, those who offer their salaah (prayers) with all solemnity and full submissiveness… These are indeed the inheritors, who shall inherit the Firdaws (Paradise). They shall dwell therein forever.’ [al-Mu’minoon 23:1-2, 10-11] Allaah, may He be glorified and exalted, tells us that these are the ones who will inherit Firdaws (Paradise), which implies that no-one else will do so… Khushoo’ is obligatory in prayer, and this includes calmness and khushoo’ [the original says ‘khushoo’; perhaps what is meant is khudoo’ meaning submission, humility]. Whoever pecks like a crow in his sujood (prostration) does not have khushoo’, and whoever does not raise his head fully from rukoo’ (bowing) and pause for a while before going down into sujood is not calm, because calmness implies doing things at a measured pace, so the person who does not do things at a(7/8)
measured pace is not calm. Whoever is not calm does not have khushoo’ in his rukoo’ or sujood, and whoever does not have khushoo’ is a sinner… Another indication that khushoo’ in prayer is obligatory is the fact that the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) warned those who do not have khushoo’, such as the one who lifts up his gaze to the sky (in prayer), because this movement and raising of the gaze goes against the idea of khushoo’…” (Majma’ al-Fataawa, 22/553-558).
Concerning the virtues of khushoo’ and as a warning to the one who neglects it, the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “Five prayers which Allaah has made obligatory. Whoever does wudoo’ properly for them, prays them on time, does rukoo’ properly and has perfect khushoo’, it is a promise from Allaah that he will be forgiven, but whoever does not do this, has no such promise – if Allaah wishes, He will forgive him, and if He wishes, He will punish him.” (Reported by Abu Dawood, no. 425; Saheeh al-Jaami’, 3242).
Concerning the virtues of khushoo’, the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) also said: “Whoever does wudoo’ and does it well, then prays two rak’ahs focusing on them completely [according to another report: and does not think of anything else], will be forgiven all his previous sins [according to another report: will be guaranteed Paradise].” (Al-Bukhaari, al-Bagha edn., no. 158; al-Nisaa'i, 1/95; Saheeh al-Jaami’, 6166).(7/9)
When we look at the things that help us to have khushoo’ in prayer, we find that they may be divided into two types: things that help you to have and to strengthen khushoo’, and warding off the things that reduce and weaken khushoo’. Shaykh al-Islam Ibn Taymiyah (may Allaah have mercy on him) explained the things that help us to have khushoo’:
“Two things help us to [develop khushoo’]: a strong desire to do what is obligatory, and weakness of distractions.
With regard to the first, the strong desire to do what is obligatory:
[this means that] a person strives hard to focus on what he is saying and doing, pondering on the meanings of the Qur’an recitation, dhikr and du’aa’s, and keeping in mind the fact that he is speaking to Allaah as if he sees Him, for when he is standing in prayer, he is talking to his Lord.
Ihsaan means ‘that you worship Allaah as if you see Him, and if you cannot see Him, He can see you.’ The more the slave tastes the sweetness of salaah, the more attracted he will be to it, and this has to do with the strength of his eemaan.
The means of strengthening eemaan are many, and this is why the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) used to say, ‘In your world, women and perfume have been made dear to me, and my joy is in prayer.’ According to another hadeeth, he said, ‘Let us find comfort in prayer, O Bilaal’ – he did not say, ‘Let us get it over and done with.’
With regard to the second, weakness of distractions:(7/10)
This means striving to push away all distractions that make you think of something other than the prayer itself, and warding off thoughts that keep you mind off the purpose of the prayer. This is something which differs from one person to another, because the extent of waswaas has to do with the extent of one’s doubts and desires and the heart’s focus and dependence on what it loves, and its efforts to avoid what it dislikes.” (Majmoo’ al-Fataawa, 22/606-607)
On the basis of this division, we will now discuss some of:
---
The means of developing Khushoo'
1 – Striving to gain that which gives and strengthens khushoo’
This can be achieved in several ways, such as the following:
Preparing oneself for prayer properly
For example:
By repeating the words of the adhaan after the muezzin;
By pronouncing the du’aa’ to be recited after the adhaan: “Allaahummah Rabba haadhihi’l-da’wati’l-taammah wa’-salaati’l-qaa’imah, aati Muhammadan il-waseelata wa’l-fadeelah, wab’ath-hu’l-maqaam al-mahmood alladhi wa’adtah (O Allaah, Lord of this perfect call and the prayer to be offered, grant Muhammad the privilege (of interceding) and also the eminence, and resurrect him to the praised position that You have promised)”;
Reciting du’aa’ between the adhaan and the iqaamah;(7/11)
Doing wudoo’ properly, saying Bismillaah before it and making dhikr and saying the du’aa’ after it, “Ash-hadu an laa ilaaha ill-Allaah wahdahu laa shareeka lah wa ash-hadu anna Muhammadan ‘abduhu wa rasooluhu (I bear witness that there is no god except Allaah alone, with no partner or associate, and I bear witness that Muhammad is His slave and messenger)” and “Allaahummaj’alni min al-tawwaabeena waj’alni min al-mutatahhireen (O Allaah, make me of those who repent and make me of those who purify themselves)”;
Using siwaak to cleanse and perfume the mouth that is going to recite Qur’aan in a short while, because the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “Purify your mouths for the Qur’aan.” (Reported by al-Bazzaar, who said: we do not have it with any better isnaad than this. Kashf al-Astaar, 1/242. Al-Haythami said: its men are thiqaat. 2/99. Al-Albaani said: its isnaad is jayyid. Al-Saheehah, 1213);
Wearing one’s best and cleanest clothes, because Allaah says (interpretation of the meaning): “O Children of Adam! Take your adornment (by wearing your clean clothes) while praying…” [al-A’raaf 7:31]. Allaah is most deserving of seeing us “take our adornment” for Him. Clean, pleasant smelling clothes are also more comfortable and relaxing, unlike clothes for sleeping or working in.
We should also prepare ourselves by covering our ‘awrah properly, purifying the spot where we are going to pray, getting ready early and waiting for the prayer, and making the rows straight and solid, without any gaps, because the shayaateen come in through the gaps in the rows.(7/12)
Moving at a measured pace during prayer
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) used to move at a measured pace during salaah, allowing every bone to return to its place. (Its isnaad is classed as saheeh in Sifat al-Salaat, p. 134, 11th edn. Ibn Khuzaymah also classed it as saheeh as mentioned by al-Haafiz in al-Fath, 2/308). He commanded those who were not doing their prayer properly to do this too. He said, “None of you has prayed properly until he does this.” (Reported by Abu Dawood, 1/536, no. 858).
Abu Qutaadah (may Allaah be pleased with him) said: “The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: ‘The worst type of thief is the one who steals from his prayer.’ He said, ‘O Messenger of Allaah, how can a person steal from his prayer?’ He said, ‘By not doing rukoo’ and sujood properly.’” (Reported by Ahmad and al-Haakim, 1/229; Saheeh al-Jaami’, 997).
Abu ‘Abd-Allaah al-Ash’ari (may Allaah be pleased with him) said: “The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘The one who does not do rukoo’ properly, and pecks in sujood, is like a starving man who eats only one or two dates; it does not do him any good at all.’” (Reported by al-Tabaraani in al-Kabeer, 4/115. In Saheeh al-Jaami’ it says, hasan).
The one who does not move at a measured pace in his prayer cannot have khushoo’ because haste is a barrier to khushoo’ and pecking like a crow is a barrier to reward.
Remembering death whilst praying(7/13)
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “Remember death in your prayer, for the man who remembers death during his prayer is bound to pray properly, and pray the prayer of a man who does not think that he will pray any other prayer.” (al-Silsilat al-Saheehah by al-Albaani, 1421. It was reported from al-Suyooti that al-Haafiz ibn Hajar classed this hadeeth as hasan).
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) also advised Abu Ayyoob (may Allaah be pleased with him): “When you stand up to pray, pray a farewell prayer.” (Reported by Ahmad, 5/412; Saheeh al-Jaami’, no. 742) – meaning the prayer of one who thinks that he will not pray another prayer. The person who is praying will no doubt die, and there is some prayer that will be his last prayer, so let him have khushoo’ in the prayer that he is doing, for he does not know whether this will be his last prayer.
Thinking about the aayaat and adhkaar being recited during the prayer and interacting with them(7/14)
The Qur’aan was revealed to be pondered over. Allaah says (interpretation of the meaning): “(This is) a Book (the Qur’aan) which We have sent down to you, full of blessings that they may ponder over its Verses, and that men of understanding may remember.” [Saad 38:29]. No one can ponder over its verses unless he has some knowledge of the meaning of what he is reciting, so that he can think about it and be moved to tears by it. Allaah says (interpretation of the meaning): “And those who, when they are reminded of the aayaat (proofs, evidences, verses, lessons, signs, revelations, etc.) of their Lord, fall not deaf and blind thereat.” [al-Furqaan 25:73]. Thus the importance of studying Tafseer (Qur’aanic commentary) is quite clear. Ibn Jareer (may Allaah have mercy on him) said: “I am astonished at people who read the Qur’aan and do not know what it means. How can they enjoy reading it?” (Muqaddimat Tafseer al-Tabari by Mahmood Shaakir, 1/10. For this reason it is important for the reader of Qur’aan to look at a Tafseer, even if it is abridged, when he is reading. For example, he could read Zubdat al-Tafseer by al-Ashqar, which is abridged from the Tafseer of al-Shawkaani, and the Tafseer of al-‘Allaamah Ibn Sa’di, entitled Tayseer al-Kareem al-Rahmaan fi Tafseer Kalaam al-Mannaan. At the very least he could consult a book explaining the unusual words such as al-Mu’jam al-Jaami’ li Ghareeb Mufradaat al-Qur’aan by ‘Abd al-‘Azeez al-Seerwaan, which is a compilation of four books of unusual words used in the Qur’aan).(7/15)
Another way of helping oneself to ponder over the meanings is to repeat aayaat, because this will help one to think deeply and look again at the meanings. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) used to do this. It was reported that he spent a night repeating one aayah until morning came. The aayah was (interpretation of the meaning): “If you punish them, they are Your slaves, and if You forgive them, verily You, only You are the All-Mighty, the All-Wise.” [al-Maa’idah 5:118]. (Reported by Ibn Khuzaymah, 1/271 and Ahmad, 5/149; Sifat al-Salaah, p. 102). [Translator’s note: Shaykh al-Albaani’s book Sifat al-Salaah is available in English under the title The Prophet’s Prayer described by Shaikh Muhammad Naasir-ud-Deen al-Albaani, translated by Usama ibn Suhaib Hasan, Al-Haneef Publications, Ipswich, UK, 1993](7/16)
Another way of helping oneself ponder over the meanings is to interact with the aayaat. Hudhayfah said: “ I prayed with the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) one night… he was reciting at length. If he recited an aayah that mentioned tasbeeh, he would say Subhaan Allaah; if it mentioned a question, he would ask a question; if it mentioned seeking refuge with Allaah, he would seek refuge with Allaah.” (Reported by Muslim, no. 772). According to another report, [Hudhayfah] said: “I prayed with the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him), and if he recited an aayah that mentioned mercy, he would ask for mercy; if he recited an aayah that mentioned punishment, he would seek refuge with Allaah, and if he recited an aayah that mentioned deanthropomorphism of Allaah, he would say Subhaan-Allaah.” (Ta’zeem Qadr al-Salaah, 1/327). This was reported concerning qiyaam al-layl (prayer at night).
One of the Sahaabah – Qutaadah ibn al-Nu’maan (may Allaah be pleased with him) – prayed qiyaam at night and did not recite anything but Qul Huwa Allaah Ahad, repeating it and not adding anything more. (Al-Bukhaari, al-Fath, 9/59; Ahmad, 3/43)(7/17)
Sa’eed ibn ‘Ubayd al-Taa’i said: “I heard Sa’eed ibn Jubayr leading them in prayer during the month of Ramadaan, and he was repeating this aayah (interpretation of the meaning): ‘… they will come to know, when iron collars will be rounded over their necks, and the chains, they shall be dragged along, in the boiling water, then they will be burned in the Fire.’ [Ghaafir 40:70-72].” Al-Qaasim said: “I saw Sa’eed ibn Jubayr praying qiyaam al-layl and reciting (interpretation of the meaning): ‘And be afraid of the Day when you shall be brought back to Allaah. Then every person shall be paid what he earned…’ [al-Baqarah 2:281], and repeating it twenty-odd times.” A man of Qays who was known by the kunyah Abu ‘Abd-Allaah said: “We stayed with al-Hasan one night, and he got up to pray qiyaam al-layl. He prayed and did not stop repeating this aayah until just before dawn (interpretation of the meaning): ‘… and if you count the Blessings of Allaah, never will you be able to count them…’ [Ibraaheem 14:34]. When morning came, we said, ‘O Abu Sa’eed, you did not recite any more than this one aayah all night.’ He said, ‘I learn a great deal from it: I do not glance at anything but I see a blessing in it, but what we do not know about Allaah’s blessings is far greater.’” (Al-Tidhkaar li’l-Qurtubi, p. 125).(7/18)
Haroon ibn Rabaab al-Usaydi used to get up at night to pray Tahajjud, and he would repeat this aayah until daybreak (interpretation of the meaning): “… ‘Would that we were but sent back (to the world)! Then we would not deny the aayaat (signs, verses) of our Lord, and we would be of the believers!’” [al-An’aam 6:27], and weeping until daybreak.
Another way of helping oneself to ponder over the meanings is to memorize Qur’aan and various adhkaar to be recited during different parts of the prayer, so that one may recite them and think about their meanings.
There is no doubt that these actions – thinking about the meanings, repeating and interacting with the words – are among the greatest means of increasing khushoo’, as Allaah says (interpretation of the meaning): “And they fall down on their faces weeping and it adds to their humility [khushoo’]’” [al-Isra’ 17:109].(7/19)
The following is a moving story that illustrates how the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) had khushoo’, as well as explaining how it is obligatory to think of the meaning of the aayat. ‘Ataa’ said: “ ‘Ubayd ibn ‘Umayr and I entered upon ‘Aa’ishah (may Allaah be pleased with her) and Ibn ‘Umayr said to her, ‘Tell us of the most amazing thing you saw on the part of the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him).’ She wept and said, ‘He got up one night and said, “O ‘Aa’ishah, leave me to worship my Lord.” I said, “By Allaah, I love to be close to you, and I love what makes you happy.” So he got up and purified himself, then he stood and prayed. He kept weeping until his lap got wet, then he wept and kept weeping until the floor got wet. Bilaal came to tell him that it was time to pray, and when he saw him weeping, he said, “O Messenger of Allaah, you are weeping when Allaah has forgiven you all your past and future sins?” He said, “Should I not be a grateful slave? Tonight some aayaat have been revealed to me; woe to the one who recites them and does not think about what is in them (interpretation of the meaning): ‘Verily! In the creation of the heavens and the earth…’” [Aal ‘Imraan 3:190… or al-Baqarah 2:164].’” (Reported by Ibn Hibaan. He said in al-Silsilat al-Saheehah, no. 68: this is a jayyid isnaad).(7/20)
One example of interacting with the aayaat is to say “Aameen” after al-Faatihah, which brings a great reward. The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “If the imaam says ‘Aameen,’ then say ‘Aameen’ too, for whoever says ‘Aameen’ and it coincides with the ‘Aameen’ of the angels, will have all his previous sins forgiven.” (Reported by al-Bukhaari, no. 747). Another example is responding to the imaam when he says “Sami’ Allaahu liman hamidah (Allaah hears the one who praises Him)”; the members of the congregation should say, “Rabbanaa wa laka’l-hamd (O our Lord, to You be praise).” This also brings a great reward. Rifaa’ah ibn Raafi’ al-Zirqi said: “One day we were praying behind the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him). When he raised his head, he said, ‘Sami’ Allaahu liman hamidah,’ and a man behind him said, ‘Rabbanaa wa laka’l-hamdu hamdan katheeran tayyiban mubaarakan fih (Our Lord to You be much good and blessed praise).’ When he finished, he said, ‘Who is the one who spoke?’ The man said, ‘Me.’ He said, ‘I saw thirty-odd angels rushing to see who would write it down first.’” (Reported by al-Bukhaari, al-Fath, 2/284).
Pausing at the end of each aayah(7/21)
This is more helpful in understanding and thinking about the meaning, and it is the Sunnah of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him), as Umm Salamah (may Allaah be pleased with her) described how the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) would recite, “Bismillah il-Rahmaan il-Raheem”, and according to one report, he would pause, then say, “Al-hamdu Lillaahi Rabbi’l-‘Aalameen, al-Rahmaan, al-Raheem.” Then according to one report, he would pause, then say, “Maaliki yawm il-deen,” and he would break up his recitation aayah by aayah. (Reported by Abu Dawood, no. 4001; classed as saheeh by al-Albaani in al-Irwaa’, where its isnaads are described. 2/60).
Pausing at the end of each aayah is Sunnah even if the meaning continues into the next aayah.
Reciting in slow, rhythmic tones (tarteel) and making one’s voice beautiful when reciting
As Allaah says (interpretation of the meaning): “… and recite the Qur’aan (aloud) in a slow, (pleasant tone and) style.” [al-Muzzammil 73:4]. The recitation of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) was clear, with each letter pronounced distinctly.” (Musnad Ahmad, 6/294, with a saheeh isnaad. Sifat al-Salaah, p. 105).
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) “would recite a soorah in such slow rhythmic tones that it would be longer than would seem possible.” (Reported by Muslim, no. 733).
This slow, measured pace of recitation is more conducive to reflection and khushoo’ than a hurried, hasty reading.(7/22)
Another way of helping oneself to have khushoo’ is by making one’s voice beautiful when reciting. This is something that was advised by the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him), as when he said, “Beautify the Qur’aan with your voices, for a fine voice increases the Qur’aan in beauty.” (Reported by al-Haakim, 1/575; Saheeh al-Jaami’, no. 3581).
Beautifying it with one’s voice does not mean elongating the vowels and giving it a tune in the manner of corrupt people; it means beautifying one’s voice with the fear of Allaah, as the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “Truly, the one who has one of the finest voices among the people for reciting the Qur’aan is the one whom you think fears Allaah when you hear him recite.” (Reported by Ibn Maajah, 1/1339; Saheeh al-Jaami’, no. 2202).
Knowing that Allaah responds to prayers(7/23)
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “Allaah, the Blessed and Exalted has said: ‘I have divided the prayer between Myself and My slave, into two halves, and My slave shall have what he has asked for.” When the slave says ‘Praise be to Allaah, Lord of the Worlds,’ Allaah says, ‘My slave has praised Me.’ When the slave says, ‘The Most Merciful, the Bestower of Mercy,’ Allaah says, ‘My slave has extolled me.’ When the slave says, ‘Master of the Day of Judgement,’ Allaah says, ‘My slave has glorified me.’ When the slave says, ‘It is You alone we worship and it is You alone we ask for help,’ Allaah says, ‘This is between Me and My slave, and My slave shall have what he asked for.’ When the slave says, ‘Guide us to the Straight Path, the path of those whom You have favoured, not the path of those who receive Your anger, nor of those who go astray,’ Allaah says, ‘All these are for My slave, and My slave shall have what he asked for.’” (Saheeh Muslim, Kitaab al-Salaah, Baab wujoob qiraa’at al-Faatihah fi kulli rak’ah). [Words in italics are the translation of the meaning of Soorat al-Faatihah – Translator].
This is a great and important hadeeth. If everyone kept it in mind when he prays, he would attain immense khushoo’ and al-Faatihah would have a great impact on him. How could it be otherwise, when he feels that his Lord is addressing him and giving him what he is asking for?(7/24)
This “conversation” with Allaah must be respected and accorded its proper value. The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “When any one of you stands to pray, he is conversing with his Lord, so let him pay attention to how he speaks to Him.” (al-Haakim, al-Mustadrak, 1/236; Saheeh al-Jaami’, 1538).
Praying with a barrier (sutrah) in front of one and praying close to it
Another thing that will help one to have khushoo’ is paying attention to the matter of having a sutrah and praying close to it, because this will restrict your field of vision, protect you from the Shaytaan and keep people from passing in front of you, which causes a distraction and reduces the reward of the prayer.
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “When any one of you prays, let him pray facing a sutrah, and let him get close to it.” (Reported by Abu Dawood, no. 695, 1/446; Saheeh al-Jaami’, no. 651).
Getting close to the sutrah is very beneficial, as the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “When any one of you prays facing a sutrah, let him get close to it so that the Shaytaan cannot interrupt his prayer.” (Reported by Abu Dawood, no. 695, 1/446; Saheeh al-Jaami’, no. 650).
The Sunnah in getting close to the sutrah is to have three cubits between it and the spot where one prostrates, or to allow enough space for a sheep to pass between the two, as is reported in the saheeh ahaadeeth. (Al-Bukhaari; see al-Fath, 1/574, 579).(7/25)
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) advised the one who is praying not to allow anyone to pass between him and his sutrah. He said: “When any one of you is praying, he should not allow anyone to pass in front of him, and he should prevent him as most as he can. If he insists, he should fight him, for he has a companion [i.e., shaytaan] with him.” (Reported by Muslim, 1/260; Saheeh al-Jaami’, no. 755).
Al-Nawawi (may Allaah have mercy on him) said: “The wisdom in using a sutrah is to lower your gaze and not to look beyond it, and to prevent anyone from passing in front of you… and to prevent the Shaytaan from passing in front of you and trying to corrupt your prayer.” (Sharh Saheeh Muslim, 4/216).
Placing the right hand on the left hand on the chest
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him), when he stood up to pray, used to place his right hand on his left hand (Muslim, no. 401), and place them on his chest (Abu Dawood, no. 759; see also Irwa’ al-Ghaleel, 2/71). The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said, “We Prophets were commanded… to place our right hands on our left hands in prayer.” (Reported by al-Tabaraani in al-Mu’jam al-Kabeer, no. 11485. Al-Haythami said: Al-Tabaraani reported it in al-Awsat and its men are the men of saheeh. Al-Majma’, 3/155).
Imaam Ahmad (may Allaah have mercy on him) was asked about the meaning of placing one hand on top of the other when standing in prayer. He said: “It is humility before the Almighty.” (Al-Khushoo’ fi’l-Salaah by Ibn Rajab, p. 21).(7/26)
Ibn Hajar (may Allaah have mercy on him) said: “The ‘ulamaa’ said: the meaning of this posture is that it is the attitude of the humble petitioner, it is more likely to prevent fidgeting, and it is more conducive to khushoo’.” (Fath al-Baari, 2/224).
Looking at the place of prostration
It was reported from ‘Aa’ishah that “the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) used to pray with his head tilted forward and his gaze lowered, looking at the ground.” (Reported by al-Haakim, 1/479. He said it is saheeh according to the condition of the two Shaykhs [al-Bukhaari and Muslim], and al-Albaani agreed with him in Sifat al-Salaah, p. 89).
When the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) entered the Ka’bah, his eyes never left the place of his prostration until he came out again. (Reported by al-Haakim in al-Mustadrak, 1/479. He said it is saheeh according to the condition of the two shaykhs, and al-Dhahabi agreed with him. Al-Albaani said, It is as they said. Irwaa’ al-Ghaleel, 2/73).
When a person sits for Tashahhud, he should look at the finger with which he is pointing as he is moving it, as it was reported that the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) “would point with the finger next to the thumb towards the qiblah, and focus his gaze upon it.” (Reported by Ibn Khuzaymah, 1/355, no. 719. The editor said: its isnaad is saheeh. See Sifat al-Salaah, p. 139). According to another report he “pointed with his index finger and did not allow his gaze to wander beyond it.” (Reported by Ahmad, 4/3, and by Abu Dawood, no. 990)
Note(7/27)
There is a question in the minds of some people who pray, which is: what is the ruling on closing the eyes during prayer, especially when a person feels that this increases his khushoo’?
The answer is that this goes against the Sunnah that was reported from the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) that was just referred to above. Closing the eyes means that a person misses out on the Sunnah of looking at the place of prostration and at his finger. But there is more to the matter than this, so we should listen to the opinion of an expert, al-‘Allaamah Abu ‘Abd-Allaah Ibn al-Qayyim, which will explain the matter further. He (may Allaah have mercy on him) said: “It is not part of the Prophet’s teaching to close the eyes during prayer. We have already mentioned how he used to look at his finger during the Tashahhud and the du’aa’, and he would not let his gaze wander beyond his finger… Another indication [of the fact that he kept his eyes open] is the fact that he stretched his hand forth to take the bunch of grapes when he saw Paradise, and he also saw Hell and the woman (who had tormented) the cat, and the owner of Stick (al-Mihjan). Likewise, he pushed away the animal that wanted to pass in front of him whilst he was praying, and he pushed back the boy, and the young girl, and the two young girls. He used to wave to those whom he saw greeting him (whilst he was praying). There is also a hadeeth that describes how the Shaytaan tried to tempt him whilst he was praying, so he grabbed him and strangled him, as he had seen him with his own eyes. From these(7/28)
ahaadeeth and others we learn that he did not close his eyes when he prayed.
The fuqahaa’ differ as to whether closing the eyes during prayer is makrooh. Imaam Ahmad and others did count it as makrooh, and said: “This is the action of the Jews,” but others allowed it and did not count it as makrooh. The correct view is that if keeping the eyes open does not affect a person’s khushoo’, then this is better, but if keeping the eyes open affects a person’s khushoo because of decorations, adornments etc. in front of him, which distract him, then it is not makrooh at all for him to close his eyes. The opinion that indeed it is mustahabb in this case is closer to the principles and aims of sharee’ah than saying it is makrooh. And Allaah knows best. (Zaad al-Ma’aad, 1/293, Daar al-Risaalah edn.)
Thus it is clear that the Sunnah is not to close one’s eyes, unless it is necessary to do so in order to avoid something that may adversely affect one’s khushoo’.
Moving the index finger
This is something which is neglected by many worshippers because they are ignorant of its great benefits and its effect on khushoo’.(7/29)
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “It is more powerful against the Shaytaan than iron” (reported by Imaam Ahmad, 2/119, with a hasan isnaad, as stated in Sifat al-Salaah, p. 159), i.e., pointing with the forefinger during the Tashahhud is more painful to the Shaytaan than being beaten with a rod of iron, because it reminds the slave of the Unity of Allaah and to be sincere in his worship of Him alone, and this is what the Shaytaan hates most; we seek refuge with Allaah from him.” (al-Fath al-Rabbani by al-Saa’idi, 4/15).
Because of this great benefit, the Sahaabah, may Allaah be pleased with them, used to enjoin one another to do this and were very keen to remember to do this thing which so many people nowadays take so lightly. It was reported that “the Companions of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) used to enjoin one another, i.e., with regard to pointing with the finger during the du’aa’.” (Reported by Ibn Abi Shaybah with a hasan isnaad, as stated in Sifat al-Salaah, p. 141. See al-Musannaf, no. 9732, part 10, page 381, Dar al-Salafiyyah, India, edn.)
The Sunnah in pointing with the forefinger is that it should remain raised and moving, pointing towards the qiblah, throughout the Tashahhud.
Varying the soorahs, aayaat, adhkaar and du’aa’s recited in prayer(7/30)
This makes the worshipper feel that he is encountering new meanings and moving between different topics mentioned in the aayaat and adhkaar. This is what a person misses out on if he only memorizes a few soorahs (especially the short ones) and adhkaar. Varying what one recites is the Sunnah and is more conducive to khushoo’.
If we study what the Prophet (peace and blessings of Allaah of upon him) used to recite in his prayer, we will see this variation. For example, with regard to the opening du’aa’, we find examples such as the following:
“Allaahumma baa’id bayni wa bayna khataayaaya kamaa baa’adta bayn al-mashriqi wa’l-maghrib. Allaahumma naqqani min khataayaaya kamaa yunaqqaa al-thawb al-abyad min al-danas. Allaahumma’ghsilni min khataayaaya bi’l-maa’ wa’l-thalj wa’l-barad (O Allaah, separate me (far) from my sins as You have separated (far) the East from the West. O Allaah, cleanse me of my sins as white cloth is cleansed from dirt. O Allaah, wash me of my sins with water, snow and ice).”
“Wajahtu wajhi li’lladhi fatara al-samawaati wa’l-ard haneefan, wa maa ana min al-mushrikeen. Inna salaati wa nusuki wa mahyaaya wa mamaati Lillaahi Rabb il –‘aalameen, laa shareeka lahu wa bidhaalika umirtu wa ana awwal al-muslimeen (I have set my face towards the Originator of the heavens and the earth sincerely and I am not among the mushrikeen. Indeed my prayer, my sacrifice, my living and my dying are for Allaah, the Lord of the Worlds: no partner has He. With this I have been commanded, and I am the first of the Muslims (those who submit to Him).”(7/31)
“Subhaanak Allaahumma wa bi hamdika wa tabaaraka ismuka wa ta’aala jadduka wa laa ilaaha ghayruk (Glory and praise be to You, O Allaah, blessed be Your name and exalted be Your majesty. There is no god besides You).”
And other du’aa’s and adhkaar which the worshipper can use at various times.
Among the soorahs which the Prophet (peace and blessings of Allaah of upon him) used to recite during Salaat al-Fajr we find a great and blessed number.
The longer mufassal soorahs (soorahs from the last seventh of the Qur’aan), such as al-Waaqi’ah [56], al-Toor [52] and Qaaf [50], and shorter mufassal soorahs such as Idhaa al-shamsu kuwwirat [al-Takweer 81], al-Zalzalah [99], and al-Mi’wadhatayn [the last two soorahs].
It was reported that he recited al-Room [30], Yaa-Seen [36] and al-Saaffaat [37], and on Fridays he would recite al-Sajah [32] and al-Insaan [76, a.k.a. al-Dhahr] in Fajr prayer.
It was reported that in Salaat al-Zuhr, he would recite the equivalent of thirty aayaat in each of the two rak’ahs, and that he recited al-Taariq [86], al-Burooj [85] and wa’l-layli idhaa yaghshaa [al-Layl, 92].
In Salaat al-‘Asr, he would recite the equivalent of fifteen aayaat in each rak’ah, and he would recite the soorahs already mentioned in connection with Salaat al-Zuhr.
In Salaat al-Maghrib, he would recite short mufassal soorahs such as al-teeni wa’l-zaytoon [al-Teen 95], and he recited Soorat Muhammad [47], al-Toor [52], al-Mursalaat [77] and others.(7/32)
In ‘Ishaa’ he would recite medium-length mufassal soorahs, such as al-shamsu wa duhaahaa [al-Shams 91], idhaa’l-samaa’u inshaqqat [al-Inshiqaaq 84]. He told Mu’aadh to recite al-A’laa [87], al-Qalam [68] and al-layli idhaa yaghshaa [al-Layl, 92].
In qiyaam al-layl, he used to recite the long soorahs. It was reported that he (peace and blessings of Allaah be upon him) used to recite 200 or 150 aayaat, and sometimes he used to shorten the recitation.
He used to vary the adhkaar he recited in rukoo’. In addition to “Subhaana Rabbi al-‘Azeem (Glory be to my Supreme Lord)” and “Subhaana Rabbi al-‘Azeem wa bi hamdih (Glory and praise be to my Supreme Lord)”, he would say: “Subbooh, Quddoos, Rabb il-Malaa’ikati wa’l-Rooh (Perfect, Blessed, Lord of the Angels and the Spirit),” or, “Allaahumma laka raka’tu wa bika aamantu wa laka aslamtu wa ‘alayka tawakkaltu anta Rabbi. Khasha’a sam’i wa basari wa dammi wa lahmi wa ‘azmi wa ‘asabi Lillaahi Rabbi’l-‘Alaameen (O Allaah, to You have I bowed, to You I have submitted, in You I have believed, to You I have submitted and in You I have put my trust. Humbled are my hearing, my seeing, my blood, my flesh, my bones and my nerves for Allaah, Lord of the Worlds).”(7/33)
When standing upright from rukoo’, after saying “Sami’a Allaah liman hamidah (Allaah listens to the one who praises Him)” he would say, “Rabbanaa wa laka’l-hamd (Our Lord, and to You be all praise),” or sometimes, “Rabbanaa laka’l-hamd (Our Lord, to You be all praise),” or, “Allaahumma Rabbanaa [wa] laka’l-hamd (O Allaah our Lord, [and] to You be all praise).” Sometimes he would add the words: “Mil’a al-samawaati wa mil’a al-ard wa mil’a maa shi’ta min shay’in ba’d ([Praise] filling the heavens, filling the earth, and filling whatever else You wish)”, and sometimes he would add, “Ahl al-thanaa’i wa’l-majd, laa maani’a limaa a’tayta wa laa mu’tiya limaa mana’t, wa laa yanfa’u dhaa’l-jaddi minka’l-jadd (Lord of Glory and Majesty! None can withhold what You grant, and none can grant what You withhold; nor can the possessions of an owner benefit him in front of You).”(7/34)
In sujood, in addition to “Subhaan Rabbi al-A’laa (Glory be to my Lord Most High)” and “Subhaana Rabbi al-A’laa wa bi hamdih (Glory and praise be to my Lord Most High),” he would say “Subbooh, Quddoos, Rabb il-Malaa’ikati wa’l-Rooh (Perfect, Blessed, Lord of the Angels and the Spirit),” or “Subhaanak Allaahumma Rabbanaa wa bi hamdik, Allaahumma’ghfir li (Glory and raise be to you O Allaah, our Lord. O Allaah forgive me)” or “Allaahumma laka sajadtu wa bika aamantu wa laka aslamtu, sajada wajhi lilladhi khalaqahu wa sawwarahu wa shaqqa sam’ahu wa basarahu, tabaarak Allaahu ahsaan al-khaaliqeen (O Allaah, to You I have prostrated, in You I have believed and to You I have submitted. My face has prostrated to the One Who created it and gave it shape, then brought forth its hearing and its vision. Blessed be Allaah, the Best to create),” and others.
When sitting between the two prostrations, in addition to “Rabb ighfir li, Rabb ighfir li (Lord, forgive me, Lord, forgive me),” he would say, “Allaahumm aghfir li warhamni wajbarni wa arfa’ni wahdini wa ‘aafini wa arzuqni (O Allaah, forgive me, have mercy on me, strengthen me, raise my rank, guide me, pardon me, sustain me).”(7/35)
A number of versions of the tashahhud have been narrated, such as: “Al-tahiyyaatu Lillaahi wa’l-salawaatu wa’l-tayyibaat al-salaamu ‘alayka ayyuha’l-Nabiyyu …etc. (All compliments, prayers and pure words are due to Allaah. Peace be upon you, O Prophet…)” and “Al-Tahiyyaat al-mubaarakaat al-salawaat al-tayyibaatu Lillaahi, al-salaamu ‘alayka ayyuha’l-Nabiyyu…etc. (All compliments, blessed words, prayers, pure words are due to Allaah. Peace be upon you, O Prophet…)” and “Al-tahiyyaat al-tayyibaat al-salawaatu Lillaahi, al-salaamu ‘alayka ayyuha’l-Nabiyyu… etc. (All compliments, good words and prayers are due to Allaah. Peace be upon you, O Prophet …).”
So the worshipper may use one form one time and another at another time, and so on.
There are a number of versions of the prayers sent upon the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him), such as:
“Allaahumma salli ‘ala Muhammad wa ‘ala aali Muhammad kamaa salayta ‘ala Ibraaheem wa ‘ala aali Ibraaheem, innaka Hameedun Majeed. Allaahumma baarik ‘ala Muhammadin wa ‘ala aali Muhammadin kamaa baarakta ‘ala Ibraaheem wa ‘ala aali Ibraaheem innaka Hameedun Majeed (O Allaah, send prayers on Muhammad and on the family of Muhammad, as You sent prayers on Ibraaheem and the family of Ibraaheem, verily You are Worthy of Praise and Full of Glory; O Allaah, send blessings on Muhammad and on the family of Muhammad, as You sent blessings on Ibraaheem and the family of Ibraaheem, verily You are Worthy of Praise and Full of Glory).”
Or:(7/36)
“Allaahumma salli ‘ala Muhammad wa ‘ala aali baytihi wa ‘ala azwaajihi wa dhuriyatihi kamaa salayta ‘ala aali Ibraaheem, innaka Hameedun Majeed wa baarik ‘ala Muhammadin wa ‘ala aali baytihi wa ‘ala azwaajihi wa dhuriyatihi kamaa baarakta ‘ala aali Ibraaheem innaka Hameedun Majeed (O Allaah, send prayers on Muhammad and on his family, wives and progeny, as You sent prayers on the family of Ibraaheem, verily You are Worthy of Praise and Full of Glory; O Allaah, send blessings on Muhammad and on his family, wives and progeny, as You sent blessings on the family of Ibraaheem, verily You are Worthy of Praise and Full of Glory).”
Or:
“Allaahumma salli ‘ala Muhammad al-Nabiyy al-Ummi wa ‘ala aali Muhammad kamaa salayta ‘ala aali Ibraaheem, wa baarik ‘ala Muhammad al-Nabiyy al-Ummi wa ‘ala aali Muhammadin kamaa baarakta ‘ala aali Ibraaheem fi’l-‘aalameen, innaka Hameedun Majeed (O Allaah, send prayers on Muhammad the Unlettered Prophet and on the family of Muhammad, as You sent prayers on the family of Ibraaheem, and send blessings on Muhammad the Unlettered Prophet and on the family of Muhammad, as You sent blessings on the family of Ibraaheem among the nations, verily You are Worthy of Praise and Full of Glory).”(7/37)
Other similar versions have also been narrated, and the Sunnah is to vary among them, as stated above. There is nothing wrong with reciting one version more than others, because it is more strongly proven and better known in the books of saheeh ahaadeeth, or because the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) taught one version rather than others to his Sahaabah when they asked him about it, and so on.
(All of the above texts etc. have been taken from Sifat al-Salaat al-Nabi (peace and blessings of Allaah be upon him) by Shaykh Muhammad Naasir al-Deen al-Albaani, which he compiled from the books of hadeeth).
Performing sujood al-tilaawah when reciting an aayah where this is required
One of the etiquettes of reciting Qur’aan is to perform sujood al-tilaawah (prostration for recitation) when one recites an aayah containing a “sajdah” (place where a prostration is required). In His Book, Allaah describes the Prophets and the righteous as follows (interpretation of the meaning): “… When the Verses of the Most Beneficent were recited unto them, they fell down prostrating and weeping.” [Maryam 19:58]. Ibn Katheer (may Allaah have mercy on him) said: “The scholars agreed that we should prostrate here [when reciting this aayah] so as to follow their example.” (Tafseer al-Qur’aan al-‘Azeem, 5/238, Daar al-Sha’b edn.)
Sujood al-Tilaawah in prayer is very important because it increases khushoo’. Allaah says (interpretation of the meaning): “And they fall down on their faces weeping and it adds to their humility [khushoo’].” [al-Israa’ 17:109].(7/38)
It was reported that the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) prostrated when he recited Soorat al-Najm [53] in his prayer. Al-Bukhaari (may Allaah have mercy on him) reported in his Saheeh that Abu Raafi’ said: “I prayed ‘Ishaa’ with Abu Hurayrah (may Allaah be pleased with him) and he recited Idhaa al-samaa’u inshaqqat [al-Inshiqaaq 84] and prostrated. I asked him about it, and he said, ‘I prostrated behind Abu’l-Qaasim [the Prophet] (peace and blessings of Allaah be upon him), and I will continue to do so until I meet him again.” (Saheeh al-Bukhaari, Kitaab al-Adhaan, Baab al-Jahr bi’l-‘Ishaa’).
It is important to maintain the practice of sujood al-tilaawah, especially since it causes annoyance to the Shaytaan and suppresses him, thus weakening his hold on the worshipper. Abu Hurayrah said: “The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said: ‘When the son of Adam recites a sajdah, the Shaytaan goes away weeping, saying, “Woe to him! He was commanded to prostrate and he prostrated, so Paradise is his; I was ordered to prostrate and I disobeyed, so Hell is my fate!”’” (Reported by Imaam Muslim in his Saheeh, no. 133).
Seeking refuge with Allaah from the Shaytaan
The Shaytaan is our enemy, and one of the aspects of his enmity is his whispering insinuating thoughts (waswaas) to the worshipper at prayer so as to take away his khushoo’ and confuse him in his prayer.(7/39)
Waswaas is a problem that befalls everyone who turns to Allaah with dhikr and other kinds of worship; it is inevitable, so one has to stand firm and be patient, and persist in the dhikr or salaah, and not give up. His sticking to it will ward off the Shaytaan’s plots from himself. “… Ever feeble indeed is the plot of Shaytaan.” [al-Nisaa’ 4:76 – interpretation of the meaning].
Every time the slave wants to turn his thoughts towards Allaah, thoughts of other matters come sneaking into his mind. The Shaytaan is like a bandit lying in wait to launch an ambush: every time the slave wants to travel towards Allaah, the Shaytaan wants to cut off his route. For this reason, it was said to one of the salaf: “The Jews and Christians say that they do not suffer from the problem of waswaas.” He said, “They are speaking the truth, for what would the Shaytaan want with a house that is in ruins?” (Majma’ al-Fataawa, 22/608).
This is a good analogy. It is as if there are three houses: the house of a king, filled with his treasure and savings, the house of a slave, containing his treasure and savings, and an empty house with nothing in it. If a thief comes to steal from one of the three houses, which one will he choose? (al-Waabil al-Sayib, p. 43).(7/40)
When the slave stands up to pray, the Shaytaan feels jealous of him, because he is standing in the greatest position, one that is closest [to Allaah] and most annoying and grievous to the Shaytaan. So he tries to stop him from establishing prayer in the first place, then he continues trying to entice him and make him forget, and “making assaults on him with his cavalry and infantry” [cf. Al-Isra’ 17:64], until he thinks of prayer as less important, so he starts to neglect it, and eventually gives it up altogether. If the Shaytaan fails to achieve this, and the person ignores him and starts to pray, the enemy of Allaah will come and try to distract him, by reminding him of things that he did not remember or think of before he started praying. A person may have forgotten about something altogether, but the Shaytaan will remind him of it when he starts praying, so as to distract him from his prayers and take him away from Allaah, so that his heart will no longer be in his prayers, and he will lose out on the honour and reward of Allaah turning toward him, which is only attained by the one whose heart is really in his prayer. Thus he will finish his prayer no better off than when he started, with his burden of sins not reduced at all by his salaah, because prayer only expiates for sins when it is done properly, with perfect khushoo’, and the person stands before Allaah in body and soul.” (Al-Waabil al-Sayib, p. 36).
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) taught us the following methods of combatting the wiles of Shaytaan and getting rid of his waswaas:(7/41)
Abu’l-‘Aas (may Allaah be pleased with him) reported that he said, “O Messenger of Allaah, the Shaytaan interrupts me when I pray, and I get confused in my recitation.” The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said, “That is a shaytaan whose name is Khanzab. If you sense his presence, seek refuge with Allaah from him, and spit [dry spitting] towards your left three times.” [Abu’l-‘Aas] said: “I did that and Allaah took him away from me.” (Reported by Muslim, no. 2203)
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) also told us about another of the Shaytaan’s tricks and how to deal with it. He said, “When any one of you gets up to pray, the Shaytaan comes and confuses him – i.e., mixes up his prayer and creates doubts in his mind – so that he does not know how many [rak’ahs] he has prayed. If any one of you experiences that, he should do two prostrations whilst he is sitting.” (Reported by al-Bukhaari, Kitaab al-Sahw, Baab al-Sahw fi’l-Fard wa’l-Tatawwu’).
Another of the Shaytaan’s tricks was described as follows. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “If any one of you is praying and feels some movement in his back passage, and is uncertain as to whether he has broken his wudoo’ or not, he should not end his prayer unless he hears a sound or smells an odour.”(7/42)
Indeed, his tricks may be very strange indeed, as the following hadeeth makes clear. Ibn ‘Abbaas reported that the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) was asked about a man who thought that he had broken his wudoo’ when he had not done so. The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “The Shaytaan may come to any one of you when he is praying and open his buttocks and make him think that he has broken his wudoo when in fact he has not. So if this happens to any one of you, let him not end his prayer unless he hears the sound of it with his ears or smells the odour of it with his nose.” (Reported by al-Tabaraani in al-Kabeer, no.11556, part 11, p. 222. He said in Majma’ al-Zawaa’id, 1/242, its men are the men of Saheeh).
Note
There is a devilish trick which “Khanzab” plays on some worshippers:
He tries to distract them by making them think of acts of worship other than the prayer that they are performing, by making them think of some issues of da’wah or knowledge, so that they start to think deeply about those matters and stop focusing on the prayer they are performing. He even confuses some of them by suggesting to them that ‘Umar used to make plans for the army whilst he was praying. We should let Shaykh al-Islam Ibn Taymiyah explain this matter and set the record straight:(7/43)
“With regard to what was reported, that ‘Umar ibn al-Khattaab said, “I make plans for the army whilst I am praying,” this was because ‘Umar was commanded to engage in jihaad and he was the leader of the believers (ameer al-mu’mineen, i.e., the khaleefah), so he was also the leader of jihaad. So in some respects he was like the one who prays the prayer of fear (salaat al-khawf) whilst also watching out for the enemy, whether or not there is actual fighting. He was commanded to pray, and also to engage in jihaad, so he had to carry out both duties as much as he could. Allaah says (interpretation of the meaning): ‘O you who believe! When you meet (an enemy) force, take a firm stand against them and remember the Name of Allaah much, so that you may be successful.’ [al-Anfaal 8:45]. It is known that one cannot achieve the same peace of mind during jihaad as at times of peace and security, so if it happens that a person’s prayer is lacking because of jihaad, this does not mean that his faith is lacking.
For this reason, standards may be regarded as being slightly relaxed in the case of prayer at times of danger as compared with times of peace. With regard to prayer at times of danger, Allaah says (interpretation of the meaning): ‘… but when you are free from danger, perform al-salaah. Verily, the prayer is enjoined on the believers at fixed hours.’ [al-Nisa’ 4:103]. So the one who is commanded to establish prayer at times of peace is not commanded to do so in the same manner at times of danger.(7/44)
Moreover, people are of varying levels in this regard. If a person’s faith is strong, he will have the proper presence of mind when he prays, even if he thinks of other matters. Allaah had caused the truth to reside firmly in ‘Umar’s heart, and he was al-muhaddith al-mulham (‘the inspired speaker’), so there is nothing strange in a person of his calibre making plans for the army whilst performing the prayer. He was able to do this, whilst others are not, but undoubtedly when he did not have these concerns to think about, his presence of mind in prayer would be greater. And no doubt the prayer of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) at times of safety was even more perfect that at times of danger, in terms of external appearance. If Allaah has made allowances with regard to some of the external movements of the prayer at times of fear, how then about the internal aspects?(7/45)
In conclusion, therefore, if a person who is pressed for time thinks about some obligatory matter whilst he is praying, this is not the same as a person who is not pressed for time thinking during prayer about some matter that is not obligatory. It may be that ‘Umar could not give thought to making plans for the army except at that time, because he was the leader of the ummah with many obligations and responsibilities. Anyone could find himself in a similar situation, according to his position. People always think during prayer about things that they do not think of at other times, and some of this could come from the Shaytaan. A man told one of the salaf that he had buried some money, but he had forgotten where he had buried it. He told him, ‘Go and pray,’ so he went and prayed, and he remembered where it was. It was said [to the salafi], ‘How did you know that?’ He said, ‘I know that the Shaytaan will not leave him alone when he prays without reminding him of something that matters to him, and there is nothing more important to this man than remembering where he had buried his money.’ But the good slave will strive to attain perfect presence of mind in prayer, just as he strives to do everything else properly that he is commanded to do. And there is no help and no strength except in Allaah, the Most High, the Almighty.”
(Majmoo’ al-Fataawa, 22/610)
Thinking of how the salaf were when they prayed(7/46)
This will increase one’s khushoo’ and motivate one to follow their example. “If you were to see one of them when he stood up to pray and started reciting the words of his Master, it would cross his mind that he was standing before the Lord of the Worlds, so he would be filled with overwhelming awe.” (Al-Khushoo’ fi’l-Salaah by Ibn Rajab, p. 22).
Mujaahid (may Allaah have mercy on him) said: “When one of them stood in prayer, he would be too fearful of his Lord to allow his eyes to be drawn to anything, or to turn aside or to fidget by playing with pebbles or anything else or to think of any worldly matter, unless he forgot, during prayer.” (Ta’zeem Qadr al-Salaah, 1/188)(7/47)
When Ibn al-Zubayr stood up to pray, he would be like a stick (i.e., immobile) with khushoo’. Once he was prostrating when a missile from a catapult was launched at him, when Makkah was being besieged, and part of his garment was torn away whilst he was praying, and he did not even raise his head. Muslimah ibn Bashshaar was praying in the mosque when part of it collapsed, and the people got up [and fled], but he was praying and did not even notice. We have heard that one of them was like a garment thrown on the floor; one of them would end his prayer with the colour of his complexion changed because he had been standing before Allaah. One of them would not know who was standing to his right or left when he prayed. One of them would go pale when he did wudoo’ for prayer, and it was said to him, “We see that when you do wudoo’ a change comes over you.” He said, “I know before Whom I am going to stand.” When the time for prayer came, ‘Ali ibn Abi Taalib would be visibly shaken, and the colour of his face would change. It was said to him, “What is the matter with you?’ He said, “By Allaah, there has come the time of the amaanah (trust) which Allaah offered to the heavens and the earth, and the mountains, but they declined to bear it and were afraid of it, but I bore it [cf. Al-Ahzaab 33:72].” When Sa’eed al-Tanookhi prayed, there would be tears rolling down his cheeks onto his beard. We heard that one of the Taabi’een, when he stood up to pray, his colour would change, and he would say, “Do you know before Whom I am going to stand and with Whom I am going to talk?” Who among(7/48)
you has fear and respect like this? (Silaah al-Yaqazaan li Tard al-Shaytaan, ‘Abd al-‘Azeez Sultaan, p. 209)
They said to ‘Aamir ibn ‘Abd al-Qays, “Do you think to yourself during prayer?” He said, “Is there anything I like to think about more than the prayer?” They said, “We think to ourselves during prayer.” He said, “About Paradise and al-hoor (“houris”) and so on?” They said, “No; about our families and our wealth.” He said, “If I were to be run through with spears, it would be dearer to me than thinking to myself about worldly matters during prayer.”
Sa’d ibn Mu’aadh said: “I have three qualities, which I wish I could keep up all the time, then I would really be something. When I am praying, I do not think about anything except the prayer I am doing; if I hear any hadeeth from the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him), I do not have any doubts about it; and when I attend a janaazah (funeral), I do not think about anything except what the janaazah says and what is said to it.” (Al-Fataawa li Ibn Taymiyah, 22/605).(7/49)
Haatim (may Allaah have mercy on him) said: “I carry out what I am commanded; I walk with fear of Allaah in my heart; I start with the [correct] intention; I magnify and glorify Allaah; I recite at a slow and measured pace, thinking about the meaning; I bow with khushoo’; I prostrate with humility; I sit and recite the complete tashahhud; I say salaam with the [correct] intention; I finish with sincerity towards Allaah; and I come back fearing lest [my prayer] has not been accepted from me, so I continue to strive until I die.” (Al-Khushoo’ fi’l-Salaah, 27-28).
Abu Bakr al-Subghi said: “I lived through the time of two imaams (leaders) although I was not fortunate enough to hear them in person: Abu Haatim al-Raazi and Muhammad ibn Nasr al-Marwazi. As for Ibn Nasr, I do not know of any prayer better than his. I heard that a hornet stung him on his forehead and blood started flowing down his face, but he did not move.” Muhammad ibn Ya’qoob al-Akhram said: “I have never seen any prayer better than that of Muhammad ibn Nasr. Flies used to land on his ears, and he did not shoo them away. We used to marvel at how good his prayer and khushoo’ were. His fear [of Allaah] in prayer was so great that he would put his chin on his chest as if he were a piece of wood standing up.” (Ta’zeem Qadr al-Salaah, 1/58). Shaykh al-Islam Ibn Taymiyah (may Allaah have mercy on him), when he started to pray, used to tremble so much that he would lean right and left. (Al-Kawaakib al-Durriyah fi Manaaqib al-Mujtahid Ibn Taymiyah, by Mar’i al-Karami, p. 83, Daar al-Gharb al-Islaami).(7/50)
Compare this with what some of us do nowadays, looking at our watches, adjusting our clothes, fiddling with our noses, thinking of deals and counting our money whilst praying, or tracing the patterns of decorations on carpets and ceilings, or trying to see who is beside us. Think of how anyone would behave before some great leader of this world – would he dare to behave in such a manner then?!
Knowing the advantages of khushoo' in salaah
These include:
- The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “There is no Muslim man who, when the time for a prescribed prayer comes, he does wudoo’ properly, has the proper attitude of khushoo’, and bows properly, but it will be an expiation for all his previous sins, so long as they were not major sins (kabeerah). And this is the case for life” (Reported by Muslim, 1/206, no. 7/4/2)
- The reward recorded is in proportion to the degree of khushoo’, as the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “A slave may pray and have nothing recorded for it except a tenth of it, or a ninth, or an eighth, or a seventh, or a sixth, or a fifth, or a quarter, or a third, or a half.” (Reported by Imaam Ahmad; Saheeh al-Jaami’, 1626).
- Only the parts of his prayer where he focused and concentrated properly will be of any avail to him. It was reported that Ibn ‘Abbaas (may Allaah be pleased with him) said: “You will only have from your prayer that which you focused on.”(7/51)
Sins will be forgiven if you concentrate properly and have full khushoo’, as the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “When a slave stands and prays, all his sins are brought and placed on his head and shoulders. Every time he bows or prostrates, some of them fall from him.” (Reported by al-Bayhaqi in al-Sunan al-Kubraa, 3/10; see also Saheeh al-Jaami’). Al-Manaawi said: “What is meant is that every time a pillar (essential part) of the prayer is completed, part of his sins fall from him, until when he finishes his prayer, all his sins will be removed. This is in a prayer where all the conditions are met and the essential parts are complete. What we understand from the words “slave” and “stands” is that he is standing before the King of Kings [Allaah] in the position of a humble slave.” (Reported by al-Bayhaqi in al-Sunan al-Kubraa, 3/10; see also Saheeh al-Jaami’).(7/52)
- The one who prays with khushoo’ will feel lighter when he finishes his prayer, as if his burdens have been lifted from him. He will feel at ease and refreshed, so that he will wish he had not stopped praying, because it is such a source of joy and comfort for him in this world. He will keep feeling that he is in a constricting prison until he starts to pray again; he will find comfort in prayer instead of wanting just to get it over and done with. Those who love prayer say: we pray and find comfort in our prayer, just as their leader, example and Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said, “O Bilaal, let us find comfort in prayer.” He did not say “Let us get it over and done with.”
- The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said, “My joy has been made in prayer.” So whoever finds his joy in prayer, how can he bear to look for joy anywhere else, or to keep away from it?
(Al-Waabil al-Sayib, 37).
Striving to offer du’aa’ at the appropriate times during the prayer, especially in sujood(7/53)
There is no doubt that talking to Allaah, humbling oneself before Him, asking things from Him and earnestly seeking His help, all help to strengthen the slave’s ties to his Lord and increase his khushoo’. Du’aa’ is an act of worship, and we are commanded to make du’aa’. Allaah says (interpretation of the meaning): “… call upon Him in humility and in secret…” [al-An’aam 6:63]. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “Whoever does not call on Allaah, Allaah will be angry with him.” (Reported by al-Tirmidhi, Kitaab al-Da’waat, 1/426; classed as hasan in Saheeh al-Tirmidhi, 2686).
It was reported that the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) used to make du’aa’ at specific places in the prayer, i.e., in sujood, between the two prostrations and after the Tashahhud. The greatest of these is in sujood, because the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said, “The closest that the slave can be to his Lord is when he is prostrating, so increase your du’aa’ [at that time].” (Reported by Muslim, Kitaab al-Salaah, Baab maa yuqaalu fi’l-rukoo’ wa’l-sujood. No. 215). And he said: “… As for sujood, strive hard to make du’aa’ in it, for it is bound to be answered for you.” (Reported by Muslim, Kitaab al-Salaah, Baab al-Nahy ‘an qiraa’at al-Qur’aan fi’l rukoo’ wa’l-sujood, no. 207).(7/54)
One of the du’aa’s which the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) used to recite in his sujood was: “Allaahumma’ghfir li dhanbi diqqahu wa jillahu wa awwalahu wa aakhirahu wa ‘alaaniyatahu wa sirrahu (O Allaah, forgive me my sins, the minor and the major, the first and the last, the open and the hidden).” (Reported by Muslim, Kitaab al-Salaah, Baab ma yuqaalu fi’l-rukoo’ wa’l-sujood, no. 216). He also used to say, “Allaahumma’ghfir li maa asrartu wa maa a’lantu (O Allaah, forgive me what I have done in secret and done openly).” (Reported by al-Nisaa'i, al-Mujtabaa, 2/569; Saheeh al-Jaami’, 1067).
We have already described some of the du’aa’s that he used to recite between the two sajdahs. (See section 11).
One of the things that he (peace and blessings of Allaah be upon him) used to recite after the Tashahhud is what we learn from the hadeeth: “When any one of you finishes the Tashahhud, let him seek refuge with Allaah from four things, from the punishment of Hell, from the punishment of the grave, from the trials (fitnah) of life and death, and from the evil of the Dajjal (‘Antichrist’).” He used to say,
“Allaahumma innee a’oodhu bika min sharri maa ‘amiltu wa min sharri maa lam a’mal (O Allaah, I seek refuge with You from the evil of what I have done and the evil of what I have not done).”
“Allaahumma haasibni hisaaban yaseeran (O Allaah, make my accounting easy).”(7/55)
He taught Abu Bakr al-Siddeeq (may Allaah be pleased with him) to say, “Allaahumma innee zalamtu nafsi zulman katheeran, wa la yaghfir al-dhunooba illa anta, faghfir li maghfiratan min ‘indaka warhamni innaka anta al-Ghafoor al-Raheem (O Allaah, I have wronged myself very much, and no one can forgive sin but You. Grant me forgiveness from You and have mercy on me, for You are the All-Forgiving, Most Merciful).”
He heard a man saying in his Tashahhud: “Allaahumma inne as’aluka yaa Allaah al-Ahad al-Samad alladhi lam yalid wa lam yoolad wa lam yakum lahu kufuwan ahad an taghfir li dhunoobi innaka anta’l-Ghafoor al-Raheem (O Allaah, I ask You O Allaah, the One, the Self-Sufficient Master, Who begets not neither is begotten, and there is none like unto Him, to forgive me my sins, for You are the All-Forgiving, Most Merciful).” He (peace and blessings of Allaah be upon him) said to his companions: “He has been forgiven, he has been forgiven.”(7/56)
He heard another man saying, “Allaahumma innee as’aluka bi-anna laka’l-hamd, laa ilaaha ill anta wahdaka laa shareeka lak al-Mannaan yaa badee’ al-samawaati wa’l-ard, yaa dhaa’l-jalaali wa’l-ikraam, ya hayyu yaa qayyoom, innee as’aluka al-jannah wa a’oodhu bika min al-naar (O Allaah, I ask You as all praise is due to You, there is no god but You Alone, with no partner or associate, the Bestower, O Originator of the heavens and earth, O Possessor of Glory and Honour, O Ever-Living, O Self-Sustaining, I ask You for Paradise and I seek refuge with You from Hell).” The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said to his companions: “Do you know by what did he ask Allaah?” They said, “Allaah and His Messenger know best.” He said, “By the One in Whose hand is my soul, he asked Allaah by His greatest Name (ismuhu’l-a’zam) which, when He is called by it, He responds, and if He is asked by it, He gives.”
The last thing he would say between the Tashahhud and the Tasleem was: “Allaahumma’aghfir li maa qaddamtu wa ma akhkhartu wa maa asrartu wa maa a’lantu wa maa asraftu wa maa anta a’lam bihi minni anta’l-muqaddim wa anta’l-mu’akhkhir, laa ilaaha illa anta (O Allaah, forgive me what I have done in the past, and what I will do in the future, and what I have concealed, and what I have done openly, and what I have exceeded in, whatever You know about more than I. You are the Bringer-Forward, and You are the Delayer, there is no god except You).”(7/57)
(These du’aa’s and others, along with their isnaads, are to be found in Sifat al-Salaah by al-‘Allaamah al-Albaani, p.163, 11th edn.)
Memorizing du’aa’s like these will solve the problem that some people have of remaining silent behind the imaam when they have finished the Tashahhud because they do not know what they should say.
Adhkaar to be recited after prayer
These also help to strengthen khushoo’ in the heart and reinforce the blessings and benefits of the prayer.
Without a doubt, one of the best ways of preserving and protecting a good action is to follow it up with another. So the one who thinks about the adhkaar that come after the prayer will find that they begin with seeking forgiveness three times, as if the worshipper is seeking forgiveness from his Lord for any shortcomings that may have occurred in his prayer or his khushoo’. It is also important to pay attention to naafil (supererogatory) prayers, because they make up for anything lacking in the fard (obligatory) prayers, including any failure with regard to khushoo’.
Having discussed things that help us to have khushoo’, we now move on to a discussion of
Warding off distractions and things that adversely affect khushoo’
Removing anything that may distract the worshipper
Anas (may Allaah be pleased with him) said: “ ‘Aa’ishah had a decorated, colourful curtain which she used to cover the side of her house. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said to her, ‘Take it away from me, because its decorations keep distracting me when I pray.’” (Reported by al-Bukhaari, Fath al-Baari, 10/391).(7/58)
Al-Qaasim reported that ‘Aa’ishah (may Allaah be pleased with her) had a cloth with decorations on it, which she used to cover a small sunken alcove (used for sleeping or storage). The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) used to pray facing it, and he said, ‘Take it away from me, because its decorations keep distracting me when I pray.’ So she took it away and made pillows out of it.” (Reported by Muslim in his Saheeh, 3/1668).
Another indication of this is the fact that when the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) entered the Ka’bah to pray in it, he saw two ram’s horns. When he had prayed, he told ‘Uthmaan al-Hajabi, “I forgot to tell you to cover the horns, because there should not be anything in the House to distract the worshipper.” (Reported by Abu Dawood, 2030; Saheeh al-Jaami’, 2504).
This also includes avoiding praying in places where people pass through, or where there is a lot of noise and voices of people talking, or where they are engaging in conversations, arguments etc., or where there are visual distractions.(7/59)
One should also avoid praying in places that are very hot or very cold, if possible. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) told us to delay praying Zuhr in summer until the hottest part of the day was over. Ibn al-Qayyim (may Allaah have mercy on him) said: “Praying when it is intensely hot prevents a person from having the proper khushoo’ and presence of mind, and he does his worship reluctantly, so the Prophet wisely told them to delay praying until the heat had lessened somewhat, so that they could pray with presence of mind and thus achieve the purpose of prayer, i.e., having khushoo’ and turning to Allaah.” (Al-Waabil al-Sayib, Daar al-Bayaan edn., p.22)
Not praying in a garment that has decorations, writing, bright colours or pictures that will distract the worshipper
‘Aa’ishah (may Allaah be pleased with her) said: “The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) stood up to pray wearing a checkered shirt, and he looked at the patterns in it. When he had finished his prayer, he said, “Take this shirt to Abu Jaham ibn Hudhayfah and bring me an anbajaani (a garment with no decorations or checks), because it distracted me when I was praying.” According to another report: “These checks distracted me.” According to another report: “He had a checkered shirt, which used to distract him whilst he was praying.” (Reports in Saheeh Muslim, no. 556, part 3/391).(7/60)
It is better not to pray in a garment that has pictures on it, and we should be especially careful to avoid garments with pictures of animate beings, like many garments that are widely available nowadays.
Not praying when there is food prepared that one wants to eat
The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “Do not pray when there is food prepared.” (Reported by Muslim, no. 560).
If food has been prepared and served, or if it is offered, a person should eat first, because he will not be able to concentrate properly and have khushoo’ if he leaves it and gets up to pray when he is wanting to eat. He should not even hasten to finish eating, because the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “If the dinner is served and the time for prayer comes, eat dinner before praying Salaat al-Maghrib, and do not rush to finish your meal.” According to another report: “If dinner has been put out and the iqaamah has been given for prayer, eat dinner first and do not rush to finish it.” (Agreed upon. Al-Bukhaari, Kitaab al-Aadhan, Baab idhaa hadara al-ta’aamu wa uqeemat al-salaah; Muslim, no. 557-559).
Not praying when one needs to answer the call of nature
No doubt one of the things that can prevent proper khushoo’ is praying when one needs to go to the washroom. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) forbade praying when one is suppressing the urge to urinate or defecate. (Reported by Ibn Maajah in his Sunan, no. 617; Saheeh al-Jaami’, no. 6832).(7/61)
If anyone is in this position, he should first go to the bathroom and answer the call of nature, even if he misses whatever he misses of the congregational prayer, because the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “If any one of you needs to go to the toilet, and the prayer has begun, he should go to the toilet first.” (Reported by Abu Dawood, no. 88; Saheeh al-Jaami’, no. 299)
If this happens to a person whilst he is praying, he should stop praying, go and answer the call of nature, purify himself then pray, because the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said, “There is no prayer when there is food prepared or if one is suppressing the urge to expel waste matter.” (Saheeh Muslim, no. 560). Without a doubt, this trying to suppress the urge takes away khushoo’. This ruling also applies to suppressing the urge to pass wind.
Not praying when one feels sleepy
Anas ibn Maalik said, “The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “If any one of you feels sleepy when he is praying, he should sleep until he [is rested enough to] know what he is saying,” i.e., he should take a nap until he no longer feels drowsy. (Reported by al-Bukhaari, no. 210).
This may happen when one is praying qiyaam al-layl, at the time when prayers are answered, and a person may pray against himself without realizing it. This hadeeth also includes fard prayers, when a person is confident that he will still have enough time to pray after taking a nap. (Fath al-Baari, Sharh Kitaab al-Wudoo’, Baab al-wudoo’ min al-nawm).(7/62)
Not praying behind someone who is talking (or sleeping)
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) forbade this; he said: “Do not pray behind one who is sleeping or one who is talking.” (Reported by Abu Dawood, no. 694; Saheeh al-Jaami’, no. 375. He said, a hasan hadeeth).
- because one who is talking will distract the worshipper with his talk, and one who is sleeping may expose something that will distract the worshipper.
Al-Khattaabi (may Allaah have mercy on him) said: “As for praying behind people who are talking, al-Shaafa'i and Ahmad ibn Hanbal considered this to be makrooh, because their talk distracts the worshipper from his prayer.” (‘Awn al-Ma’bood, 2/388).
As regards not praying behind someone who is sleeping, a number of scholars thought that the evidence for this was weak (including Abu Dawood in his Sunan, Kitaab al-Salaah, Tafree’ Abwaab al-Witr, Baab al-Du’aa’, and Ibn Hajar in Fath al-Baari, Sharh Baab al-Salaah khalf al-Naa’im, Kitaab al-Salaah).
Al-Bukhaari, may Allaah have mercy on him, quoted the hadeeth of ‘Aa’ishah in his Saheeh, Baab al-Salaah khalf al-Naa’im: “The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) used to pray whilst I was lying across from him on his bed…” (Saheeh al-Bukhaari, Kitaab al-Salaah).
Mujaahid, Taawoos and Maalik thought it makrooh to pray facing someone who was sleeping, lest he expose something that would distract the worshipper from his prayer. (Fath al-Baari, ibid.)
If there is no risk of that happening, then it is not makrooh to pray behind someone who is sleeping. And Allaah knows best.(7/63)
Not occupying oneself with smoothing the ground in front of one
Al-Bukhaari (may Allaah have mercy on him) reported from Mu’ayqeeb (may Allaah be pleased with him) that the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said concerning a man’s smoothing the ground when he prostrates, “If you have to do that, then do it only once.” (Fath al-Baari, 3/79).
The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “Do not wipe (the ground) when you are praying, but if you have to, then do it only once.” (Reported by Abu Dawood, no. 946; Saheeh al-Jaami’, no. 7452).
The reason for this prohibition is so as to maintain khushoo’, and so that a person will not make too many extra movements in prayer. If the place where one is going to prostrate needs to be smoothed, it is better to do this before starting to pray.(7/64)
This also applies to wiping the forehead or nose when praying. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) used to prostrate in water and mud, which would leave traces on his forehead, but he did not bother to wipe it off every time he raised his head from sujood. It remained there because he was so deeply absorbed in his prayer and his khushoo’ was so strong that he took not notice of it. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “Prayer is an occupation in itself.” (Reported by al-Bukhaari, Fath al-Baari, 3/72). Ibn Abi Shaybah reported that Abu’l-Darda’ said: “Even if I were to get red camels, I would not like to wipe the gravel from my forehead.” ‘Ayaad said: “The salaf did not like to wipe their foreheads before they finished praying.” (al-Fath, 3/79).
Just as a worshipper should avoid anything that will distract him from his prayer, by the same token he should avoid disturbing others. This includes:
Not disturbing others with one’s recitation
The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “All of you are speaking to your Lord, so do not disturb one another, and do not raise your voices above one another when reciting” or he said, “in prayer.” (Reported by Abu Dawood, 2/83; Saheeh al-Jaami’, no. 752). According to another report, he said, “Do not compete with one another in raising your voices when reciting Qur’aan.” (Reported by Imaam Ahmad, 2/36; Saheeh al-Jaami’, 1951).
Not turning around during prayer(7/65)
Abu Dharr (may Allaah be pleased with him) said: “The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said: ‘Allaah continues to turn towards His slave whilst he is praying, so long as he does not turn away, but if he turns away, [Allaah] turns away from him.” (Reported by Abu Dawood, no. 909; Saheeh Abi Dawood).
Turning away during prayer is of two types:
The turning away of the heart to something other than Allaah.
The turning away of the eyes.
Both of them are not allowed, and are detrimental to the reward for the prayer. The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) was asked about turning away during prayer, and he said: “It is something that Shaytaan steals from a person’s prayer.” (Reported by al-Bukhaari, Kitaab al-Adhaan, Baab al-Iltifaat fi’l-Salaah).
The one who turns away with his heart or his eyes during prayer is like a man who is called by the ruler and made to stand before him, and when the ruler starts to address him, he turns away, looking to the right and the left, not listening to what the ruler is saying and not understanding a word of it, because his heart and mind are elsewhere. What does this man think the ruler will do to him?(7/66)
The least that he deserves is that when he leaves the ruler, he is hated and no longer valued. One who prays like this is not equal to one who prays with the proper presence of mind, turning to Allaah in his prayer in such a way that he feels the greatness of the One before Whom he is standing, and he is filled with fear and submission; he feels too shy before his Lord to turn to anyone else or to turn away. The difference between their prayers is as Hassaan ibn ‘Atiyah said: “The two men may be in one congregation, but the difference in virtue between them is as great as the distance between heaven and earth. One of them is turning with all his heart towards Allaah, whilst the other is negligent and forgetful.” (Al-Waabil al-Sayib by Ibn al-Qayyim, Daar al-Bayaan, p. 36).(7/67)
As for turning away for a genuine reason, this is OK. Abu Dawood reported that Sahl ibn al-Hanzaliyyah said: “We started praying – Salaat al-Subh (Fajr) – and the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) was looking at the ravine.” Abu Dawood said: “He had sent a horseman at night to guard the ravine.” This is like when he carried Umaamah bint Abi’l-‘Aas, and when he opened the door for ‘Aa’ishah, and when he came down from the minbar whilst praying in order to teach them, and when he stepped back during Salaat al-Kusoof (prayer at the time of an eclipse), and when he grabbed and strangled the Shaytaan when he wanted to interrupt his prayer. He also ordered that snakes and scorpions should be killed even during prayer, and a person who is praying should stop and even fight one who wants to pass in front of him whilst he is praying. He told women to clap during prayer [if they spot a mistake on the part of the imaam], and he used to wave or gesture to people who greeted him whilst he was praying. These and other actions may be done in cases of necessity, but if there is no necessity, then they are just idle gestures that cancel out khushoo’ and are therefore not allowed during prayer. (Majmoo’ al-Fataawa, 22/559).
Not raising one's gaze to the heavens(7/68)
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) forbade us to do this and issued a warning against it. He said: “When any one of you is praying, he should not lift his gaze to the heavens, lest he lose his sight.” (Reported by Ahmad, 5/294; Saheeh al-Jaami’, no. 762). According to another report, he said: “What is wrong with people who lift their gaze to the heavens whilst they are praying?” According to another report, he said: “that they raise their gaze when they make du’aa’ during salaah?” (Reported by Muslim, no. 429). He spoke out strongly against it, to the extent that he said, “Let them stop it, or their eyesight will be taken away.” (Reported by Imaam Ahmad, 5/258; Saheeh al-Jaami’, 5574).
Not spitting in front of one when praying
This is incompatible with khushoo’ and good manners before Allaah. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “When any one of you is praying, let him not spit in front of himself, for Allaah is before him when he prays.” (Reported by al-Bukhaari in his Saheeh, no. 397).
He also said: “When any one of you stands up to pray, he should not spit in front of himself, because he is talking to Allaah – may He be blessed and exalted – as long as he is in his prayer place; and he should not [spit] to his right, because there is an angel on his right. He should spit to his left, or beneath his feet, and bury it.” (Reported by al-Bukhaari, al-Fath, no. 416, 1/512).(7/69)
He said: “When one of you stands to pray, he is talking to his Lord, and his Lord is between him and the qiblah, so none of you should spit in the direction of his qiblah, but to his left or under his feet.” (Reported by al-Bukhaari, al-Fath al-Baari, no. 417, 1/513).
If the mosque is furnished with carpets and so on, as is the norm nowadays, if a person needs to spit, he can take out a handkerchief or whatever, spit into it, and put it away again.
Trying not to yawn when praying
The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “If any one of you feels the urge to yawn during prayer, let him suppress it as much as he can, lest the Shaytaan enter…” (Reported by Muslim, 4/2293). If the Shaytaan enters, he will be more able to disturb the worshipper’s khushoo’, in addition to laughing at him when he yawns.
Not putting one’s hands on one’s hips when praying
Abu Hurayrah said: “The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) forbade putting the hands on the hips during prayer.” (Reported by Abu Dawood, no. 947; Saheeh al-Bukhaari, Kitaab al-‘Aml fi’l-Salaah, Baab al-Hadhr fi’l-Salaah).
Ziyaad ibn Subayh al-Hanafi said: “I prayed beside Ibn ‘Umar and I put my hand on my hip, but he struck my hand. When he had finished praying, he said, “This is crossing in prayer. The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) used to forbid this.” (Reported by Imaam Ahmad, 2/106 and others. Classed as saheeh by al-Haafiz al-‘Iraaqi in Takhreej al-Ihyaa’. See al-Irwaa’, 2/94).(7/70)
It was reported that the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said that this posture is how the people of Hell rest; we seek refuge with Allaah from that. (Reported by al-Bayhaqi from Abu Hurayrah. Al-‘Iraaqi said, its isnaad appears to be saheeh).
Not letting one’s clothes hang down (sadl) during prayer
It was reported that the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) forbade letting one’s clothes hang down during prayer or for a man to cover his mouth. (Reported by Abu Dawood, no. 643; Saheeh al-Jaami’, no. 6883. He said, this is a hasan hadeeth). In ‘Awn al-Ma’bood (2/347) al-Khattaabi said: “Al-sadl: letting one's clothes hang down all the way to the ground.” It was reported in Marqaat al-Mafaateeh (2/236): “Al-sadl is completely forbidden because it has to do with showing off, and in prayer it is even worse.” The author of al-Nihaayah said: “It means wrapping oneself up in one's garment, leaving one’s hands inside and bowing and prostrating in it.” It was said that the Jews used to do this. It was also said that al-sadl meant putting the garment over one’s head or shoulders, and letting its edges come down in front and over one’s upper arms, so that a person will be preoccupied in taking care of it, which reduces khushoo’, unlike garments that are tied up properly or buttoned, which do not distract the worshipper or affect his khushoo’. These kinds of clothes are still to be found nowadays in some parts of Africa and elsewhere, and in the way some Arabian cloaks are worn, which distract the worshipper and keep him busy adjusting(7/71)
them, retying them if they become loose and so on. This should be avoided.
The reason why it is forbidden to cover one’s mouth was explained by the scholars as being because that prevents a person from reciting Qur’aan and doing sujood properly. (Marqaat al-Mafaateeh, 2/236).
Not resembling animals
Allaah has honoured the son of Adam and created him in the best way, so it is shameful for the son of Adam to resemble or imitate animals. We have been forbidden to resemble or imitate a number of postures or movements of animals when we pray, because that is contrary to khushoo’ or because it is ugly and does not befit the worshipper who is praying. For example, it was reported that the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) forbade three things in prayer: pecking like a crow, spreading one’s forearms like a carnivore, or always praying in the same place like a camel keeping to its own territory. (Reported by Ahmad, 3/428). It was said that when a man always prays in the same place in the mosque, making it his own, it is like a camel keeping to its own territory. (Al-Fath al-Rabaani, 4/91). According to another report: “He forbade me to peck like a cockerel, to sit like a dog or to turn like a fox.” (Reported by Imaam Ahmad, 2/311; Saheeh al-Targheeb, no. 556).
This is what we were able to mention about the means of attaining khushoo’, so that we may strive for them, and about the things that detract from khushoo’, so that we can avoid them.(7/72)
There is another issue that has to do with khushoo’, to which the scholars attached so much importance that it is worthy of mention here:
When a person suffers a great deal of waswaas (insinuating thoughts from Shaytaan) in his prayer, is his prayer valid or does he have to repeat it?
Ibn al-Qayyim, may Allaah have mercy on him, said:
“It was said: what do you say concerning the prayer of one who has no khushoo’, does he have to repeat it or not?
With regard to whether it will count for the purposes of reward, it will not be counted, except for [the parts] where one is focused and has the correct attitude of khushoo’ towards one’s Lord.
Ibn ‘Abbaas said: ‘You will gain nothing from your prayer except the parts where you were focused.’
In the Musnad it is reported that the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “A person may offer a prayer, and nothing will be recorded of it for him except half of it, or a third, or a quarter … or a tenth.”
Allaah has made the success of the worshipper in prayer dependent on his khushoo’, and has indicated that the one who has no khushoo’ will not be among the successful, but if it is counted for him for the purpose of reward, he will be one of the successful. With regard to the matter of whether it counts in terms of worldly rulings and exempts him from having to repeat it, if he focused with proper khushoo’ for most of the prayer, it is OK, according to scholarly consensus. The sunnah prayers and adhkaar recited after prayer make up for anything that is lacking.(7/73)
But in the case where there was no khushoo’ or proper focus for most of the prayer, there is a difference of opinion among the fuqahaa’. Ibn Haamid, one of the companions of Ahmad, thought it obligatory to repeat the prayer. The fuqahaa’ also differed with regard to khushoo’ in prayer, and there are two scholarly opinions on this point. They are to be found in the Hanbali madhhab and others.
These opinions differ as to whether it is obligatory to repeat prayers in which one encountered a great deal of waswaas. Ibn Haamid among the companions of Ahmad said that it was obligatory, but the majority of fuqahaa’ do not share this view.
They take as evidence the fact that the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) commanded the one who gets mixed up in his prayer to do sajdatay al-sahw (two prostrations of forgetfulness); he did not say that the prayer has to be repeated, even though he said, “The Shaytaan comes to any one of you when he is praying and says, ‘Remember such and such, remember such and such,’ about something that he had forgotten, until he misguides him to the extent that he does not know how much he has prayed.”
There is no dispute regarding the fact that there is no reward for the prayer except for the portion in which a person had proper presence of mind, as the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “A person may offer a prayer, and nothing will be recorded of it for him except half of it, or a third, or a quarter … or a tenth.”(7/74)
Ibn ‘Abbaas said: “You will gain nothing from your prayer except what you focus on.” So [the prayer] is not correct if you are looking at it from the point of view that it has to be perfect, but it may be regarded as valid in the sense that we are not commanded to repeat it. (Madaarij al-Saalikeen, 1/112).
It was reported in al-Saheeh that the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “When the muezzin calls the adhaan, the Shaytaan runs away farting, so that he will not hear the adhaan. When the adhaan is over, he comes back. When the prayer starts, he runs away, but once it is in progress, he comes back, until he comes between a man and his own soul, and says, ‘Remember such and such, remember such and such,’ which he had forgotten, until he cannot remember how much he has prayed. If any one of you experiences this, let him do two prostrations of forgetfulness (sajdat al-sahw) whilst he is sitting.”
They said: The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) commanded him, with regard to this prayer in which the Shaytaan made him forget how much he had prayed, to do the two prostrations of forgetfulness. He did not command him to repeat it. If the prayer was invalid – as they claim – he would have told him to repeat it.(7/75)
They said: This is the reason for the two prostrations of forgetfulness – to annoy the Shaytaan for “whispering” insinuating thoughts to a person and coming between him and his own soul when he is praying. For this reason, these two prostrations are also called al-murghimatayn (the two annoying ones). (Madaarij al-Saalikeen, 1/528-530).
If you say that the prayer has to be repeated, so as to gain the benefits and rewards, then that is up to the individual. If he wants to gain those benefits, he can, and if he wants to miss out, he can.
If you say that we have to force people to repeat the prayer and punish them if they do not, applying to them the rulings on those who forsake prayer, then this is not right.
This is the more correct of the two opinions. And Allaah knows best.
Conclusion
Khushoo’ is a serious, major issue, which is impossible to achieve without the help of Allaah. Being deprived of khushoo’ is nothing short of a calamity. Hence the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) used to say in his du’aa’: “Allaahumma innee a’oodhu bika min qalbin laa yakhsha’… (O Allaah, I seek refuge with You from a heart that has no khushoo’…).” (Reported by al-Tirmidhi, 5/485, no. 3482; Saheeh Sunan al-Tirmidhi, 2769).
Those who have khushoo’ are of varying levels or degrees. Khushoo’ is an action of the heart that may increase and decrease. Some people have khushoo’ as great as the clouds of the sky, and others may finish their prayer without having understood anything at all.
“When it comes to prayer, people are of five levels:(7/76)
The first is the level of the one who wrongs himself and is negligent. He does not do wudoo’ properly, or pray at the right time or make sure he does all the necessary parts of prayer.
The second is one who observes the outward essentials of prayer, prays on time and does wudoo’, but he has lost the battle against his own self and is overwhelmed with waswaas.
The third is one who observes the outward essentials of prayer, prays on time and does wudoo’, and also strives against his own self and against waswaas, but he is preoccupied with his struggle against his enemy (i.e. the Shaytaan), lest he steal from his prayer, so he is engaged in salaah and jihaad at the same time.
The fourth is one who when he stands up to pray, he fulfils all the requirements of the prayer, and his heart is fully focused and alert lest he omit anything, and his concern is to do the prayer properly and perfectly. His heart is deeply immersed in his prayer and worship of his Lord.
The fifth is one who does all of that, but he takes his heart and places it before his Lord, looking at his Lord with his heart and focusing on Him, filled with love and adoration, as if he is actually seeing Him. That waswaas and those thoughts diminish, and the barriers between him and his Lord are lifted. The difference between the prayer of this person and the prayer of anyone is else is greater than the difference between heaven and earth. When this person prays, he is preoccupied with his Lord and content with Him.(7/77)
The first type is punishable; the second is accountable; the third is striving so he is not counted as a sinner; the fourth is rewarded and the fifth is drawn close to his Lord, because he is one of those for whom prayer is a source of joy. Whoever finds their joy in prayer in this life, will find their joy in being close to Allaah in the Hereafter, and will also find his joy in Allaah in this world. Whoever finds his joy in Allaah will be content with everything, and whoever does not find his joy in Allaah, will be destroyed by his feelings of grief and regret for worldly matters.”
(al-Waabil al-Sayib, p. 40).
Finally, we ask Allaah to make us among those who have khushoo’ and to accept our repentance. May He reward with good all those who helped to prepare this book and may He benefit all those who read it; Aameen. All praise be to Allaah, Lord of the Worlds.(7/78)
بسم الله الرحمن الرحيم
33 سبباً للخشوع في الصلاة
المقدمة
الحمد لله رب العالمين ، الذي قال في كتابه المبين : { وقوموا لله قانتين } ، وقال عن الصلاة: { وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين } والصلاة والسلام على إمام المتقين وسيد الخاشعين محمد رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد
فإن الصلاة أعظم أركان الدين العملية ، والخشوع فيها من المطالب الشرعية ، ولما كان عدو الله إبليس قد أخذ العهد على نفسه بإضلال بني آدم وفتنتهم ، وقال : { ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم } صار من أعظم كيده صرف الناس عن الصلاة بشتى الوسائل ، والوسوسة لهم فيها لحرمانهم لذة هذه العبادة وإضاعة أجرهم وثوابهم، ولما كان الخشوع أول ما يرفع من الأرض ونحن في آخر الزمان ، انطبق فينا قول حذيفة رضي الله عنه : أول ما تفقدون من دينكم الخشوع ، وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة، ورُبّ مصلٍّ لا خير فيه ، ويوشك أن تدخل المسجد فلا ترى فيهم خاشعا. المدارج 1/521 ومما يلمسه المرء من نفسه ويسمعه من كثرة المشتكين من حوله بشأن قضية الوساوس في الصلاة وفقدان الخشوع ؛ تتبين الحاجة إلى الحديث عن هذا الموضوع ، وفيما يلي تذكرة لنفسي ولإخواني المسلمين أسأل الله أن ينفع بها :
فقد قال الله تعالى : {قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون}
أي خائفون ساكنون و" الخشوع هو السكون والطمأنينة والتؤدة والوقار والتواضع والحامل عليه الخوف من الله ومراقبته. " تفسير ابن كثير ط. دار الشعب 6/414 والخشوع هو قيام القلب بين يدي الرب بالخضوع والذل المدارج 1/520
ويروى عن مجاهد قال : (قوموا لله قانتين) : فمن القنوت : الركوع والخشوع وغض البصر وخفض الجناح من رهبة الله عز وجل تعظيم قدر الصلاة 1/188
ومحل الخشوع في القلب وثمرته على الجوارح.(8/1)
والأعضاء تابعة للقلب فإذا فسد خشوعه بالغفلة والوساوس فسدت عبودية الأعضاء والجوارح فإن القلب كالملك والأعضاء كالجنود له فبه يأتمرون وعن أمره يصدرون فإذا عُزل الملك وتعطّل بفقد القلب لعبوديته ضاعت الرعية وهي الجوارح.
وأما التظاهر بالخشوع ممقوت ، ومن علامات الإخلاص :
إخفاء الخشوع
كان حذيفة رضي الله عنه يقول : إياكم وخشوع النفاق فقيل له : وما خشوع النفاق قال : أن ترى الجسد خاشعا والقلب ليس بخاشع. وقال الفضيل بن عياض : كان يُكره أن يُري الرجل من الخشوع أكثر مما في قلبه. ورأى بعضهم رجلا خاشع المنكبين والبدن فقال : يافلان ، الخشوع هاهنا وأشار إلى صدره ، لا هاهنا وأشار إلى منكبيه. المدارج 1/521(8/2)
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى مبيّناً الفرق بين خشوع الإيمان وخشوع النفاق : " خشوع الإيمان هو خشوع القلب لله بالتعظيم والإجلال والوقار والمهابة والحياء ، فينكسر القلب لله كسرة ملتئمة من الوجل والخجل والحب والحياء و شهود نعم الله وجناياته هو ، فيخشع القلب لا محالة فيتبعه خشوع الجوارح. وأما خشوع النفاق فيبدو على الجوارح تصنعا وتكلفا والقلب غير خاشع ، و كان بعض الصحابة يقول : أعوذ بالله من خشوع النفاق ، قيل له : وما خشوع النفاق ؟ قال : أن يرى الجسد خاشعا والقلب غير خاشع. فالخاشع لله عبد قد خمدت نيران شهوته ، وسكن دخانها عن صدره ، فانجلى الصدر وأشرق فيه نور العظمة فماتت شهوات النفس للخوف والوقار الذي حشي به وخمدت الجوارح وتوقر القلب واطمأن إلى الله وذكره بالسكينة التي نزلت عليه من ربه فصار مخبتا له ، والمخبت المطمئن ، فإن الخبت من الأرض ما اطمأن فاستنقع فيه الماء ، فكذلك القلب المخبت قد خشع واطمأن كالبقعة المطمئنة من الأرض التي يجري إليها الماء فيستقر فيها ، وعلامته أن يسجد بين يدي ربه إجلالا له وذلا وانكسارا بين يديه سجدة لا يرفع رأسه عنها حتى يلقاه. فهذا خشوع الإيمان ، وأما القلب المتكبر فإنه قد اهتز بتكبره وربا فهو كبقعة رابية من الأرض لا يستقر عليها الماء.
وأما التماوت وخشوع النفاق فهو حال عند تكلف إسكان الجوارح تصنعا ومراءاة ونفسه في الباطن شابة طرية ذات شهوات وإرادات فهو يتخشع في الظاهر وحية الوادي وأسد الغابة رابض بين جنبيه ينتظر الفريسة. كتاب الروح ص:314 ط. دار الفكر - الأردن.
" والخشوع في الصلاة إنما يحصل لمن فرّغ قلبه لها ، واشتغل بها عما عداها ، وآثرها على غيرها ، وحيئذ تكون راحة له وقرة عين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (.. جعلت قرة عيني في الصلاة) " تفسير ابن كثير 5/456 والحديث في مسند أحمد 3/128 وهو في صحيح الجامع 3124(8/3)
وقد ذكر الله الخاشعين والخاشعات في صفات عباده الأخيار وأخبر أنه أعد لهم مغفرة وأجرا عظيما سورة الأحزاب 35
ومن فوائد الخشوع أنه يخفف أمر الصلاة على العبد قال تعالى : (واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين) والمعنى : أي مشقة الصلاة ثقيلة إلا على الخاشعين. تفسير ابن كثير 1/ 125
والخشوع أمر عظيم شأنه ، سريع فقده ، نادر وجوده خصوصا في زماننا وهو من آخر الزمان قال النبي صلى الله عليه وسلم (أول شيء يرفع من هذه الأمة الخشوع ، حتى لا ترى فيها خاشعا.) قال الهيثمي في المجمع 2/136 : رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن وهو في صحيح الترغيب رقم 543 وقال : صحيح
" قال بعض السلف الصلاة كجارية تُهدى إلى ملك الملوك فما الظن بمن يُهدي إليه جارية شلاّء أو عوراء أو عمياء أو مقطوعة اليد والرّجل أو مريضة أو دميمة أو قبيحة ، حتى يهدي إليه جارية ميتة بلا روح.. فكيف بالصلاة يهديها العبد ويتقرب بها إلى ربه تعالى ؟ والله طيب لا يقبل إلا طيبا وليس من العمل الطيب : صلاة لا روح فيها. كما أنّه ليس من العتق الطيب عتق عبد لا روح فيه." المدارج 1/526
حكم الخشوع(8/4)
والراجح في حكم الخشوع أنه واجب. قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى : قال الله تعالى (واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين) وهذا يقتضي ذم غير الخاشعين.. والذم لا يكون إلا لترك واجب أو فعل محرّم وإذا كان غير الخاشعين مذمومين دلّ ذلك على وجوب الخشوع.. ويدل على وجوب الخشوع فيها أيضا قوله تعالى : (قد أفلح المؤمنون. الذين هم في صلاتهم خاشعون.. - إلى قوله - أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون) أخبر سبحانه وتعالى أن هؤلاء هم الذين يرثون فردوس الجنة وذلك يقتضي أنه لا يرثها غيرهم.. وإذا كان الخشوع في الصلاة واجبا وهو المتضمن للسكون والخشوع (هكذا في الأصل ولعلها الخضوع) فمن نقر نقر الغراب لم يخشع في سجوده وكذلك من لم يرفع رأسه في الركوع ويستقر قبل أن ينخفض لم يسكن لأن السكون هو الطمأنينة بعينها فمن لم يطمئن لم يسكن ومن لم يسكن لم يخشع في ركوعه ولا في سجوده ومن لم يخشع كان آثما عاصيا.. ويدل على وجوب الخشوع في الصلاة أن النبي صلى الله عليه وسلم توعد تاركيه كالذي يرفع بصره إلى السماء فإنه حركته ورفعه وهو ضد حال الخاشع.. مجموع الفتاوى 22/553-558
وفي فضل الخشوع ووعيد من تركه يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
(خمس صلوات افترضهن الله تعالى ، من أحسن وضوءهن وصلاهن لوقتهن ، وأتم ركوعهن وخشوعهن كان له على الله عهد أن يغفر له ، ومن لم يفعل ، فليس له على الله عهد، إن شاء غفر له وإن شاء عذّبه.) رواه أبو داود رقم 425 وهو في صحيح الجامع 3242
وقال عليه الصلاة والسلام في فضل الخشوع أيضا : (من توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى ركعتين يُقبل عليهما بقلبه ووجهه [ وفي رواية : لا يحدّث فيهما نفسه ] غفر له ما تقدّم من ذنبه [ وفي رواية إلا وجبت له الجنة ]) البخاري ط. البغا رقم 158 والنسائي 1/95 وهو في صحيح الجامع 6166(8/5)
وعند البحث في أسباب الخشوع في الصلاة يتبين أنها تنقسم إلى قسمين ، الأول : جلب ما يوجد الخشوع ويقويه. والثاني دفع ما يزيل الخشوع ويضعفه. وهو ما عبّر عنه شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله في بيانه لما يعين على الخشوع فقال :
- والذي يعين على ذلك شيئان : قوة المقتضى و ضعف الشاغل.
أما الأول : قوة المقتضى :
فاجتهاد العبد في أن يعقل ما يقوله و ما يفعله ، ويتدبر القراءة والذكر والدعاء ، ويستحضر أنه مناجٍ لله تعالى كأنه يراه. فإن المصلي إذا كان قائما فإنما يناجي ربه.
والإحسان : (أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك). ثم كلما ذاق العبد حلاوة الصلاة كان انجذابه إليها أوكد ، وهذا يكون بحسب قوة الإيمان.
والأسباب المقوية للإيمان كثيرة ، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (حبب إليَّ من دنياكم : النساء والطيب ، وجعلت قرة عيني في الصلاة) وفي حديث آخر قال : (أرحنا بالصلاة يا بلال) ولم يقل : أرحنا منها.
أما الثاني : زوال العارض :
فهو الاجتهاد في دفع ما يشغل القلب من تفكر الإنسان فيما لا يعنيه ، و تدبر الجواذب التي تجذب القلب عن مقصود الصلاة ، وهذا في كل عبد بحسبه ، فإن كثرة الوسواس بحسب كثرة الشبهات والشهوات ، وتعليق القلب بالمحبوبات التي ينصرف القلب إلى طلبها ، والمكروهات التي ينصرف القلب إلى دفعها. مجموع الفتاوى 22/606-607
وبناء على هذا التقسيم نستعرض فيما يلي طائفة من أسباب الخشوع في الصلاة :
أولا : الحرص على ما يجلب الخشوع ويقويه
وهذا يكون بأمور منها :
(1) الاستعداد للصلاة والتهيؤ لها(8/6)
ويحصل ذلك بأمور منها الترديد مع المؤذن والإتيان بالدعاء المشروع بعده " اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة ، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته " ، والدعاء بين الأذان والإقامة ، وإحسان الوضوء والتسمية قبله والذكر والدعاء بعده (أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله). (اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين). والاعتناء بالسواك وهو تنظيف وتطييب للفم الذي سيكون طريقا للقرآن بعد قليل لحديث : (طهروا أفواهكم للقرآن) رواه البزار وقال : لا نعلمه عن علي بأحسن من هذا الإسناد كشف الأستار 1/242 وقال الهيثمي : رجاله ثقات 2/99 وقال الألباني إسناده جيد : الصحيحة 1213. وأخذ الزينة باللباس الحسن النظيف ، قال الله تعالى : (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد) والله عز وجل أحقّ من تُزيِّن له ، كما أن الثوب الحسن الطيب الرائحة يعطي صاحبه راحة نفسية بخلاف ثوب النوم والمهنة. وكذلك الاستعداد بستر العورة وطهارة البقعة والتبكير وانتظار الصلاة ، وكذلك تسوية الصفوف والتراص فيها لأن الشياطين تتخلل الفُرَج بين الصفوف.
(2) الطمأنينة في الصلاة
(كان النبي صلى الله عليه وسلم يطمئن حتى يرجع كل عظم إلى موضعه) صحح إسناده في صفة الصلاة ص: 134 ط.11 وعند ابن خزيمة نحوه كما ذكر الحافظ في الفتح 2/308 وأمر بذلك المسيء صلاته وقال له : (لا تتم صلاة أحدكم حتى يفعل ذلك.) رواه أبو داود 1/ 536 رقم 858
عن أبي قتادة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته ، قال يا رسول الله : كيف يسرق صلاته ، قال : (لا يتم ركوعها ولا سجودها). رواه أحمد والحاكم 1/ 229 وهو في صحيح الجامع 997(8/7)
وعن أبي عبد الله الأشعري رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (مثل الذي لا يتمّ ركوعه ، وينقر في سجوده ، مثل الجائع يأكل التمرة والتمرتين ، لا يغنيان عنه شيئا) رواه الطبراني في الكبير 4/115 وقال في صحيح الجامع : حسن
والذي لا يطمئن في صلاته لا يمكن أن يخشع لأن السرعة تذهب بالخشوع ونقر الغراب يذهب بالثواب.
(3) تذكر الموت في الصلاة
لقوله صلى الله عليه وسلم : (اذكر الموت في صلاتك ، فإن الرجل إذا ذكر الموت في صلاته لحريّ أن يحسن صلاته ، وصلّ صلاة رجل لا يظن أنه يصلي غيرها) السلسلة الصحيحة للألباني 1421ونقل عن السيوطي تحسين الحافظ ابن حجر رحمه الله لهذا الحديث
وفي هذا المعنى أيضا وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأبي أيوب رضي الله عنه لما قال له: (إذا قمت في صلاتك فصلِّ صلاة مودِّع) رواه أحمد 5/412 وهو في صحيح الجامع رقم 742 ، يعني صلاة من يظن أنه لن يصلي غيرها وإذا كان المصلي سيموت ولابد ، فإن هناك صلاة مّا هي آخر صلاة له فليخشع في الصلاة التي هو فيها فإنه لا يدري لعلها تكون هذه هي.
(4) تدبر الآيات المقروءة وبقية أذكار الصلاة والتفاعل معها(8/8)
القرآن نزل للتدبر { كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدّبروا آياته وليذكّر أولوا الألباب } ولا يحصل التدبر إلا بالعلم بمعنى ما يقرأ فيستطيع التفكّر فينتج الدمع والتأثر قال الله تعالى : (والذين إذا ذُكِّروا بآيات ربهم لم يخرّوا عليها صمّا وعميانا) وهنا يتبين أهمية الاعتناء بالتفسير قال ابن جرير رحمه الله : " إني لأعجب ممن قرأ القرآن ولم يعلم تأويله (أي : تفسيره) كيف يلتذ بقراءته " مقدمة تفسير الطبري لمحمود شاكر 1/10 ولذلك فمن المهم لقارئ القرآن أن ينظر في تفسير ولو مختصر مع التلاوة مثل كتاب زبدة التفسير للأشقر المختصر من تفسير الشوكاني وتفسير العلامة ابن سعدي المسمى " تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " وإن لم يكن فكتاب في شرح الكلمات الغريبة مثل " المعجم الجامع لغريب مفردات القرآن " لعبد العزيز السيروان فإنه جمع فيه أربعة كتب من كتب غريب القرآن. ومما يُعين على التدّبر كثيرا ترديد الآيات لأنه يعين على التفكّر ومعاودة النظر في المعنى وكان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك فقد جاء أنه صلى الله عليه وسلم " قام ليلة بآية يرددها حتى أصبح وهي : (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم) ". رواه ابن خزيمة 1/271 وأحمد 5/149 وهو في صفة الصلاة ص: 102
وكذلك فإن مما يعين على التدبر التفاعل مع الآيات كما روى (حذيفة قال : صليت مع رسول الله ذات ليلة.. يقرأ مسترسلا ، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح و إذا مر بسؤال سأل و إذا مر بتعوذ تعوذ) رواه مسلم رقم 772 وفي رواية (صليت مع رسول الله ليلة ، فكان إذا مر بآية رحمة سأل ، و إذا مر بآية عذاب تعوذ ، و إذا مر بآية فيها تنزيه لله سبح). تعظيم قدر الصلاة 1/327 وقد جاء هذا في قيام الليل.
وقام أحد الصحابة ــ وهو قتادة بن النعمان رضي الله عنه ــ الليل لايقرأ إلا (قل هو الله أحد) يرددها لا يزيد عليها البخاري : الفتح 9/59 وأحمد 3/43(8/9)
وقال سعيد بن عبيد الطائي : سمعت سعيد بن جبير يؤمهم في شهر رمضان وهو يردّد هذه الآية (فسوف يعلمون. إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يُسحبون. في الحميم ثم في النار يُسجرون.). وقال القاسم رأيت سعيد بن جبير قام ليلة يصلي فقرأ (واتقوا يوما تُرجعون فيه إلى الله ثم تُوفى كل نفس ما كسبت) فرددها بضعا وعشرين مرة. وقال رجل من قيس يُكنى أبا عبد الله : بتنا ذات ليلة عند الحسن فقام من الليل فصلى فلم يزل يردد هذه الآية حتى السّحر : وإن تعدّوا نعمة الله لا تُحصوها) فلما أصبح قلنا : يا أبا سعيد لم تكد تجاوز هذه الآية سائر الليل ، قال : أرى فيها معتبرا ، ما أرفع طرفا ولا أردّه إلا وقد وقع على نعمة وما لا يُعلم من نعم الله أكثر. التذكار للقرطبي ص: 125
وكان هارون بن رباب الأسيدي يقوم من الليل للتهجد فربما ردد هذه الآية حتى يُصبح : (قالوا يا ليتنا نُردّ ولا نكذّب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين) ويبكي حتى يُصبح.
ومما يعين على التدبر أيضا حفظ القرآن والأذكار المتنوعة في الأركان المختلفة ليتلوها ويذكرها ليتفكّر فيها.
ولا شك أن هذا العمل ـ من التدبر والتفكر والترديد والتفاعل ـ من أعظم ما يزيد الخشوع كما قال الله تعالى : (ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا)(8/10)
وفيما يلي قصة مؤثرة يتبين فيها تدبره وخشوعه صلى الله عليه وسلم مع بيان وجوب التفكر في الآيات : عن عطاء قال : دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة رضي الله عنها فقال ابن عمير : حدّثينا بأعجب شيء رأيتيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبكت وقالت : قام ليلة من الليالي فقال: يا عائشة ذريني أتعبّد لربي ، قالت : قلت : والله إني لأحبّ قربك ، وأحب ما يسرّك ، قالت : فقام فتطهر ثم قام يصلي ، فلم يزل يبكي حتى بلّ حجره ، ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بلّ الأرض ، وجاء بلال يؤذنه بالصلاة ، فلما رآه يبكي قال: يا رسول الله، تبكي وقد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر ؟ قال : أفلا أكون عبدا شكورا ؟ لقد نزلت عليّ الليلة آيات ويل لمن قرأها ولم يتفكّر ما فيها : (إن في خلق السموات والأرض... الآية) رواه ابن حبّان وقال في السلسلة الصحيحة رقم 68 : وهذا إسناد جيد.
ومن التجاوب مع الآيات التأمين بعد الفاتحة وفيه أجر عظيم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا أمَّنَ الإمام فأمِّنُوا فإنه مَن وافق تأمِينُهُ تأمين الملائكة غُفر له ما تقدم من ذنبه) رواه البخاري رقم 747 وهكذا التجاوب مع الإمام في قوله سمع الله لمن حمده فيقول المأموم ربنا ولك الحمد وفيه أجر عظيم فعن رفاعة ابن رافع الزرقي قال : كنا يوما نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه من الركعة قال : سمع الله لمن حمده ، قال رجل وراءه : ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ، فلما انصرف قال : من المتكلم ، قال : أنا ، قال : رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أولُ. رواه البخاري الفتح 2/284
(5) أن يقطّع قراءته آيةً آية(8/11)
وذلك أدعى للفهم والتدبر وهي سنة النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكرت أم سلمة رضي الله عنها قراءة رسول الله عليه وسلم (بسم الله الرحمن الرحيم ، وفي رواية : ثم يقف ثم يقول ، الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، وفي رواية : ثم يقف ثم يقول : ملك يوم الدين) يقطّع قراءته آيةً آية رواه أبو داود رقم 4001 وصححه الألباني في الإرواء وذكر طرقه 2/60
والوقوف عند رؤوس الآي سنّة وإن تعلّقت في المعنى بما بعدها.
(6) ترتيل القراءة وتحسين الصوت بها :
كما قال الله عز وجل : (ورتل القرآن ترتيلا) وكانت قراءته صلى الله عليه وسلم (مفسرة حرفاً حرفا.) مسند أحمد 6/294 بسند صحيح صفة الصلاة : ص: 105 (وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ بالسورة فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها) رواه مسلم رقم 733
وهذا الترتيل والترسل أدعى للتفكر والخشوع بخلاف الإسراع والعجلة.
ومما يعين على الخشوع أيضا تحسين الصوت بالتلاوة وفي ذلك وصايا نبوية منها قوله صلى الله عليه و سلم : (زينوا القرآن بأصواتكم فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا) أخرجه الحاكم 1/575 و هو في صحيح الجامع رقم 3581
وليس المقصود بتحسين الصوت : التمطيط والقراءة على ألحان أهل الفسق وإنما جمال الصوت مع القراءة بحزن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن من أحسن الناس صوتا بالقرآن الذي إذا سمعتموه يقرأ حسبتموه يخشى الله) رواه إبن ماجه 1/1339 و هو في صحيح الجامع رقم 2202
(7) أن يعلم أن الله يُجيبه في صلاته :(8/12)
قال النبي صلى الله عليه وسلم : (قال الله عز وجل قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل ، فإذا قال : الحمد لله رب العالمين قال الله : حمدني عبدي فإذا قال : الرحمن الرحيم ، قال الله : أثنى عليّ عبدي ، فإذا قال : مالك يوم الدين ، قال الله : مجّدني عبدي ، فإذا قال : إياك نعبد وإياك نستعين ، قال : هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل ، فإذا قال : إهدنا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ، قال الله : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل.) صحيح مسلم كتاب الصلاة باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة
وهذا حديث عظيم جليل لو استحضره كل مصلٍّ لحصل له خشوع بالغ ولوجد للفاتحة أثرا عظيما كيف لا وهو يستشعر أن ربّه يخاطبه ثم يعطيه سؤله.
وينبغي إجلال هذه المخاطبة وقدرها حقّ قدرها ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن أحدكم إذا قام يصلي فإنما يناجي ربه فلينظر كيف يناجيه) مستدرك الحاكم 1/236 و هو في صحيح الجامع رقم 1538
(8) الصلاة إلى سترة والدنو منها
من الأمور المفيدة لتحصيل الخشوع في الصلاة الاهتمام بالسترة والصلاة إليها فإن ذلك أقصر لنظر المصلي وأحفظ له من الشيطان وأبعد له عن مرور الناس بين يديه فإنه يشوّش ويُنقص أجر المصلي.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : (إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة و ليدن منها) رواه أبو داود رقم 695 1/446 و هو في صحيح الجامع رقم 651
وللدنو من السترة فائدة عظيمة ، قال عليه الصلاة والسلام : (إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته) رواه أبو داود رقم 695 1/446 و هو في صحيح الجامع رقم 650 والسنّة في الدنوّ من السترة أن يكون بينه وبين السترة ثلاثة أذرع وبينها وبين موضع سجوده ممرّ شاة كما ورد في الأحاديث الصحيحة. البخاري أنظر الفتح 1/574 ، 579(8/13)
وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم المصلي بأن لا يسمح لأحد أن يمرّ بينه وبين سترته فقال: (إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدا يمر بين يديه ، و ليدرأه ما استطاع فإن أبى فليقاتله فإن معه القرين) رواه مسلم 1/260 و هو في صحيح الجامع رقم 755
قال النووي رحمه الله تعالى : " والحكمة في السترة كف ّ البصر عما وراءه ومنع من يجتاز بقربه.. وتمنع الشيطان المرور والتعرض لإفساد صلاته " شرح صحيح مسلم 4/216
(9) وضع اليمنى على اليسرى على الصّدر
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام في الصلاة (وضع يده اليمنى على اليسرى) مسلم رقم 401 و (كان يضعهما على الصدر) أبوداود رقم 759 وانظر إرواء الغليل 2/71 وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (إنا معشر الأنبياء أمرنا.. أن نضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة) رواه الطبراني في المعجم الكبير رقم 11485 قال الهيثمي : رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح ؛ المجمع 3/155
وسئل الإمام أحمد رحمه الله تعالى عن المراد بوضع اليدين إحداهما على الأخرى حال القيام فقال : هو ذلّ بين يدي العزيز الخشوع في الصلاة ابن رجب ص:21
قال ابن حجر رحمه الله تعالى : قال العلماء : الحكمة في هذه الهيئة أنها صفة السائل الذليل وهو أمنع من العبث وأقرب إلى الخشوع. فتح الباري 2/224
(10) النظر إلى موضع السجود :
لما ورد عن عائشة (كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا صلى طأطأ رأسه و رمى ببصره نحو الأرض) رواه الحاكم ا/479 وقال صحيح على شرط الشيخين و وافقه الألباني صفة الصلاة ص 89
(و لما دخل الكعبة ما خلف بصره موضع سجوده حتى خرج عنها). رواه الحاكم في المستدرك 1 /479 وقال صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي ، قال الألباني وهو كما قالا ؛ إرواء الغليل 2/73(8/14)
أما إذا جلس للتشهد فإنه ينظر إلى أصبعه المشيرة وهو يحركها لما جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا جلس للتشهد (يشير بأصبعه التي تلي الإبهام إلى القبلة ويرمي ببصره إليها) رواه ابن خزيمة 1/355 رقم 719 وقال المحقق : إسناده صحيح وانظر صفة الصلاة ص: 139 وفي رواية (وأشار بالسبابة ولم يجاوز بصره إشارته) رواه أحمد 4/3 وأبو داود رقم 990.
مسألة
وهنا سؤال يدور في أذهان بعض المصلين وهو : ما حكم إغماض العينين في الصلاة خصوصا وأن المرء قد يحس بمزيد من الخشوع إذا فعل ذلك ؟
والجواب : أن ذلك مخالف للسنة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدّم قبل قليل كما أن الإغماض يفوّت سنة النظر إلى موضع السجود وإلى الأصبع. ولكن هناك شيء من التفصيل في المسألة فلندع الميدان للفارس ولنفسح المكان للعلامة أبي عبد الله ابن القيم يبين الأمر ويجلّيه ، قال رحمه الله تعالى : " ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم تغميض عينيه في الصلاة ، وقد تقدّم أنه كان في التشهد يومئ ببصره إلى أصبعه في الدعاء ولا يُجاوز بصره إشارته...
وقد يدلّ على ذلك مدّ يده في صلاة الكسوف ليتناول العنقود لما رأى الجنة ، وكذلك رؤيته النار وصاحبة الهرة فيها وصاحب المحجن ، وكذلك حديث مدافعته للبهيمة التي أرادت أن تمرّ بين يديه وردّه الغلام والجارية وحجزه بين الجاريتين ، وكذلك أحاديث ردّ السلام بالإشارة على من سلّم عليه وهو في الصلاة ، فإنه إنما كان يشير إلى من يراه ، وكذلك حديث تعرّض الشيطان له فأخذه فخنقه وكان ذلك رؤية عين. فهذه الأحاديث وغيرها يُستفاد من مجموعها العلم بأنه لم يكن يغمض عينيه في الصلاة.(8/15)
وقد اختلف الفقهاء في كراهته ، فكرهه الإمام أحمد وغيره وقالوا : هو فعل اليهود ، وأباحه جماعة ولم يكرهوه... والصواب أن يُقال إن كان تفتيح العين لا يُخلّ بالخشوع فهو أفضل ، وإن كان يحول بينه وبين الخشوع لما في قبلته من الزخرفة والتزويق أو غيره مما يشوّش عليه قلبه فهنالك لا يُكره التغميض قطعا ، والقول باستحبابه في هذا الحال أقرب إلى أصول الشرع ومقاصده من القول بالكراهة ، والله أعلم " زاد المعاد 1/293 ط. دار الرسالة
وبهذا يتبين أن السنة عدم الإغماض إلا إذا دعت الحاجة لتلافي أمر يضرّ بالخشوع.
(11) تحريك السبابة :
وهذا أمر أهمله كثير من المصلين فضلا عن جهلهم بفائدته العظيمة وأثره في الخشوع
قال النبي صلى الله عليه وسلم : (لهي أشد على الشيطان من الحديد.) رواه الإمام أحمد 2/119 بسند حسن كما في صفة الصلاة ص: 159 " أي أن الإشارة بالسبابة عند التشهد في الصلاة أشد على الشيطان من الضرب بالحديد لأنها تذكّر العبد بوحدانية الله تعالى والإخلاص في العبادة وهذا أعظم شيء يكرهه الشيطان نعوذ بالله منه." الفتح الرباني للساعاتي 4/15.
ولأجل هذه الفائدة العظيمة كان الصحابة رضوان الله عليهم يتواصون بذلك ويحرصون عليه ويتعاهدون أنفسهم في هذا الأمر الذي يقابله كثير من الناس في هذا الزمان بالاستخفاف والإهمال ، فقد جاء في الأثر ما يلي : (كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ بعضهم على بعض. يعني : الإشارة بالأصبع في الدعاء) رواه إبن أبي شيبة بسند حسن كما في صفة الصلاة ص: 141 وفي المطبوع من أبي شيبة [بأصبع ] أنظر المصنف رقم 9732 ج10 ص: 381 ط. الدار السلفية - الهند
والسنة في الإشارة بالسبابة أن تبقى مرفوعة متحرّكة مشيرة إلى القبلة طيلة التشهد.
(12) التنويع في السور والآيات والأذكار والأدعية في الصلاة(8/16)
وهذا يُشعر المصلي بتجدد المعاني والانتقال بين المضامين المتعددة للآيات والأذكار وهذا ما يفتقده الذي لا يحفظ إلا عددا محدودا من السور (وخصوصا قصارها) والأذكار ، فالتنويع من السنّة وأكمل في الخشوع.
وإذا تأملنا ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتلوه ويذكره في صلاته فإننا نجد هذا التنوع
ففي أدعية الاستفتاح مثلا نجد نصوصا مثل :
(اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب ، اللهم نقني من خطاياي كما يُنقّى الثوب الأبيض من الدّنس ، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرَد.)
(وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين ، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ، لا شريك له وبذلك أمِرتُ وأنا أول المسلمين.)
(سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جَدُّك ولا إله غيرك.)
وغير ذلك من الأدعية والأذكار والمصلي يأتي بهذا مرة وبهذا مرة وهكذا.
وفي السور التي كان صلى الله عليه وسلم يقرؤها في صلاة الفجر نجد عددا كثيرا مباركا مثل:
(طوال المفصّل كالواقعة والطور و ق ، وقصار المفصّل مثل : إذا الشمس كورت والزلزلة والمعوذتين وورد أنه قرأ الروم ويس والصافات وكان يقرأ في فجر الجمعة بالسجدة والإنسان)
وفي صلاة الظهر ورد أنه كان يقرأ في كلّ من الركعتين قدر ثلاثين آية وقرأ بالطارق والبروج والليل إذا يغشى.
وفي صلاة العصر يقرأ في كل من الركعتين قدر خمس عشرة آية ويقرأ بالسور التي سبقت في صلاة الظهر.
وفي صلاة المغرب يقرأ بقصار المفصّل كالتين والزيتون وقرأ بسورة محمد والطور والمرسلات وغيرها.
وفي العشاء كان يقرأ من وسط المفصّل كـ (الشمس وضحاها) و (إذا السماء انشقت) وأمر معاذا أن يقرأ بـ الأعلى والقلم والليل إذا يغشى.
وفي قيام الليل كان يقرأ بطوال السور وورد في سنته صلى الله عليه وسلم قراءة مائتي ومائة وخمسين آية وكان أحيانا يقصّر القراءة.(8/17)
وأذكار ركوعه صلى الله عليه وسلم متنوعة فبالإضافة إلى (سبحان ربي العظيم) و(سبحان ربي العظيم وبحمده) يقول : (سُبّوح قُدّوس رب الملائكة والروح) ويقول : (اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت وعليك توكلت أنت ربي ، خشع سمعي وبصري ودمي ولحمي وعظمي وعصبي لله رب العالمين).
وفي الرفع من الركوع يقول بعد (سمع الله لمن حمده) : (ربنا ولك الحمد) وأحيانا (ربنا لك الحمد) وأحيانا (اللهم ربنا (و) لك الحمد) وكان يضيف أحيانا (ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد) ويضيف تارة (أهل الثناء والمجد ، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ)
وفي السجود بالإضافة إلى (سبحان ربي الأعلى) و(سبحان ربي الأعلى وبحمده) يقول أيضا : (سُبّوح قدوس رب الملائكة والروح) و (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي) و (اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت ، سجد وجهي للذي خلقه وصوّره وشقّ سمعه وبصره ، تبارك الله أحسن الخالقين) وغير ذلك.
وفي الجلسة بين السجدتين بالإضافة إلى (رب اغفر لي رب اغفر لي) يقول (اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني وارفعني واهدني وعافني وارزقني).
وفي التشهد عدد من الصيغ الواردة مثل (التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي... الخ) وكذلك ورد (التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله ، السلام عليك أيها النبي... الخ) وورد (التحيات الطيبات الصلوات لله ، السلام عليك أيها النبي... الخ).
فيأتي المصلي مرة بهذا ومرة بهذا.
وفي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلّم عدّة صيغ منها : (اللهم صلّ عل محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعل آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد).(8/18)
وورد أيضا (اللهم صلّ على محمد وعلى أهل بيته وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل بيته وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد).
وورد (اللهم صلّ على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد).
ووردت صيغ أخرى كذلك والسنة أن ينوّع بينها كما تقدّم ولا يمنع أن يواظب على بعضها أكثر من بعض لقوة ثبوتها أو اشتهارها في كتب الحديث الصحيحة أو لأن النبي صلى الله عيه وسلم علّمها أصحابه لمّا سألوه عن الكيفية بخلاف غيرها وهكذا. جميع ما تقدّم من النصوص والصيغ من كتاب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم للعلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني الذي اجتهد في جمعها من كتب الحديث.
(13) أن يأتي بسجود التلاوة إذا مرّ بموضعه
من آداب التلاوة السجود عند المرور بالسجدة وقد وصف الله في كتابه الكريم النبيين والصالحين بأنهم (إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجّدا وبكيا) قال ابن كثير رحمه الله تعالى : " أجمع العلماء على شرعية السجود هاهنا اقتداء بهم واتباعا لمنوالهم " تفسير القرآن العظيم 5/238 ط. دار الشعب.(8/19)
وسجود التلاوة في الصلاة عظيم وهو مما يزيد الخشوع قال الله عز وجل : (ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا) وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سجد بسورة النجم في صلاته وروى البخاري رحمه الله في صحيحه (عن أبي رافع قال : صليت مع أبي هريرة رضي الله عنه العتمة [ أي : العشاء ] فقرأ (إذا السماء انشقت) فسجد فقلت له ، قال : سجدت خلف أبي القاسم صلى الله عليه وسلم فلا أزال أسجد بها حتى ألقاه.) صحيح البخاري : كتاب الأذان ، باب الجهر بالعشاء. فينبغي المحافظة على سجود التلاوة في الصلاة خصوصا وأن سجود التلاوة فيه ترغيم للشيطان وتبكيت له وذلك مما يضعف كيده للمصلي. عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (إذا قرأ ابن آدم السجدة ، اعتزل الشيطان يبكي ، يقول : يا ويله ، أمر بالسجود فسجد ، فله الجنة ، وأمرت بالسجود فعصيت ، فلي النار). رواه الإمام مسلم في صحيحه رقم 133
(14) الاستعاذة بالله من الشيطان
الشيطان عدو لنا ومن عداوته قيامه بالوسوسة للمصلي كي يذهب خشوعه ويلبِّس عليه صلاته.
" و الوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله تعالى بذكر أو بغيره ، لا بد له من ذلك ، فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ، و يلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة ولا يضجر ، فإنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان (إن كيد الشيطان كان ضعيفا).
وكلما أراد العبد توجها إلى الله تعالى بقلبه جاء من الوسوسة أمور أخرى ، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق ، كلما أراد العبد السير إلى الله تعالى ، أراد قطع الطريق عليه ، ولهذا قيل لبعض السلف : " إن اليهود والنصارى يقولون : لا نوسوس قال : صدقوا ، وما يصنع الشيطان بالبيت الخرب ". (مجموع الفتاوى 22 / 608).(8/20)
" وقد مثل ذلك بمثال حسن ، وهو ثلاثة بيوت : بيت للملك فيه كنوزه وذخائره وجواهره، وبيت للعبد فيه كنوز العبد وذخائره وجواهره وليس جواهر الملك وذخائره ، وبيت خال صفر لا شيء فيه ، فجاء اللص يسرق من أحد البيوت ، فمن أيها يسرق ؟ (الوابل الصيب ص: 43)
" والعبد إذا قام في الصلاة غار الشيطان منه ، فإنه قد قام في أعظم مقام وأقربه وأغيظه للشيطان ، وأشده عليه فهو يحرص ويجتهد كل الاجتهاد أن لا يقيمه فيه بل لا يزال به يعده ويمنّيه وينسيه ، ويجلب عليه بخيله ورجله حتى يهوّن عليه شأن الصلاة ، فيتهاون بها فيتركها. فإن عجز عن ذلك منه ، وعصاه العبد ، وقام في ذلك المقام ، أقبل عدو الله تعالى حتى يخطر بينه وبين نفسه ، ويحول بينه وبين قلبه ، فيذكّره في الصلاة ما لم يكن يذكر قبل دخوله فيها ، حتى ربما كان قد نسي الشيء والحاجة وأيس منها ، فيذكره إياها في الصلاة ليشغل قلبه بها ، ويأخذه عن الله عز وجل ، فيقوم فيها بلا قلب ، فلا ينال من إقبال الله تعالى وكرامته وقربه ما يناله المقبل على ربه عز وجل الحاضر بقلبه في صلاته ، فينصرف من صلاته مثلما دخل فيها بخطاياه وذنوبه وأثقاله ، لم تُخفَفْ عنه بالصلاة ، فإن الصلاة إنما تكفر سيئات من أدى حقها ، وأكمل خشوعها ، ووقف بين يدي الله تعالى بقلبه وقالبه." الوابل الصيب ص: 36
ولمواجهة كيد الشيطان وإذهاب وسوسته أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى العلاج التالي :
عن أبي العاص رضي الله عنه قال : يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبِّسها عليّ ، فقال رسول الله صلى عليه وسلم : (ذاك شيطان يُقال له خنزب فإذا أحسسته فتعوّذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثا). قال : ففعلت ذلك فأذهبه الله عني. رواه مسلم رقم : 2203(8/21)
ومن كيد الشيطان للمصلي ما أخبرنا عنه صلى الله عليه وسلم وعن علاجه فقال : (إن أحدكم إذا قام يصلي جاء الشيطان فلبس عليه - يعني خلط عليه صلاته وشككه فيها - حتى لا يدري كم صلى. فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس) رواه البخاري ، كتاب السهو ، باب السهو في الفرض والتطوع.
ومن كيده كذلك ما أخبرنا عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم بقوله : (إذا كان أحدكم في الصلاة فوجد حركة في دبره أحدث أو لم يحدث ، فأشكل عليه ، فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا). رواه مسلم رقم 389.
بل إن كيده ليبلغ مبلغا عجيبا كما يوضحه هذا الحديث : عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يخيّل إليه في صلاته أنه أحدث ولم يُحدِث ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الشيطان يأتي أحدكم وهو في صلاته حتى يفتح مقعدته فيخيل إليه أنه أحدث ولم يُحدث ، فإذا وجد أحدكم ذلك فلا ينصرفن حتى يسمع صوت ذلك بأذنه أو يجد ريح ذلك بأنفه) رواه الطبراني في الكبير رقم 11556 ج:11 ص: 222 وقال في مجمع الزوائد 1/242 رجاله رجال الصحيح.
مسألة
وهناك خدعة شيطانية يأتي بها " خنزب " إلى بعض الخيِّرين من المصلين وهي محاولة إشغالهم بالتفكير في أبواب أخرى من الطاعات عن الصلاة التي هم بشأنها وذلك كإشغال أذهانهم ببعض أمور الدعوة أو المسائل العلمية فيستغرقون فيها فلا يعقلون أجزاء من صلاتهم وربما لبَّس عل بعضهم بأن عمر كان يجهِّز الجيش في الصلاة ، ولندع المجال لشيخ الإسلام ابن تيمية يجلي الأمر ويجييب عن هذه الشبهة.(8/22)
قال رحمه الله تعالى : " وأما ما يروى عن عمر بن الخطاب من قوله : (وإني لأجهز جيشي وأنا في الصلاة) فذاك لأن عمر كان مأمورا بالجهاد وهو أمير المؤمنين ، فهو أمير الجهاد ، فصار بذلك من بعض الوجوه بمنزلة المصلي الذي يصلي صلاة الخوف حال معاينة العدو ، إما حال القتال وإما غير حال القتال ، فهو مأمور بالصلاة ، ومأمور بالجهاد ، فعليه أن يؤدي الواجبين بحسب الإمكان. قال تعالى : (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون) ، ومعلوم أن طمأنينة القلب حال الجهاد لا تكون كطمأنينتة حال الأمن ، فإذا قُدِّر أنه نقص من الصلاة شيء لأجل الجهاد لم يقدح هذا في كمال إيمان العبد وطاعته.
ولهذا تخفف صلاة الخوف عن صلاة الأمن ، ولما ذكر الله سبحانه صلاة الخوف قال : (فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) فالإقامة المأمور بها حال الطمأنينة لا يؤمر بها حال الخوف.
ومع هذا : فالناس متفاوتون في ذلك ، فإذا قوي إيمان العبد كان حاضر القلب في الصلاة ، مع تدبره للأمور بها ، وعمر قد ضرب الله الحق على لسانه وقلبه ، وهو المحدَّث المُلهم فلا ينكر لمثله أن يكون مع تدبيره جيشه في الصلاة من الحضور ما ليس لغيره ، لكن لا ريب أن حضوره مع عدم ذلك يكون أقوى ، ولا ريب أن صلاة رسول الله حال أمنه كانت أكمل من صلاته حال الخوف في الأفعال الظاهرة فإذا كان الله قد عفا حال الخوف عن بعض الواجبات الظاهرة فكيف بالباطنة.(8/23)
وبالجملة فتفكر المصلي في الصلاة [في] أمر يجب عليه ، قد يضيق وقته ، ليس كتفكره فيما ليس بواجب أو فيما لم يضق وقته. وقد يكون عمر لم يمكن [ لعلها : يمكنه ] التفكر في تدبير جيشه إلا في تلك الحال ، وهو إمام الأمة والواردات عليه كثيرة ، ومثل هذا يعرض لكل أحد بحسب مرتبته ، والإنسان دائما يذكر في الصلاة ما لا يذكره خارج الصلاة ، ومن ذلك ما يكون من الشيطان ، كما أن بعض السلف ذكر له رجل أنه دفن مالا وقد نسي موضعه ، فقال : قم فصل ، فقام فصلى فذكره ، فقيل له ، من أين علمت ذلك ؟ قال : علمت أن الشيطان لا يدعه في الصلاة حتى يذكره بما يشغله ولا أهم عنده من ذكر موضع الدفن ، لكن العبد الكيِّس يجتهد كمال الحضور مع كمال فعل بقية المأمور ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. مجموع الفتاوى 22 / 610.
(15) التأمل في حال السلف في صلاتهم
وهذا يزيد الخشوع ويدفع إلى الاقتداء فـ " لو رأيت أحدهم وقد قام إلى صلاته فلما وقف في محرابه واستفتح كلام سيده خطر على قلبه أن ذلك المقام هو المقام الذي يقوم الناس فيه لرب العالمين فانخلع قلبه وذهل عقله " الخشوع في الصلاة ابن رجب ص : 22
قال مجاهد رحمه الله : " كان إذا قام أحدهم يصلي يهاب الرحمن أن يشد بصره إلى شيء أو يلتفت أو يقلب الحصى أو يعبث بشيء أو يحدث نفسه من شأن الدنيا إلا ناسيا ما دام في صلاته." تعظيم قدر الصلاة 1/188(8/24)
كان ابن الزبير إذا قام في الصلاة كأنه عود من الخشوع ، وكان يسجد فأتى المنجنيق فأخذ طائفة من ثوبه وهو في الصلاة لا يرفع رأسه ، وكان مسلمة بن بشار يصلي في المسجد فانهدم طائفة منه فقام الناس وهو في الصلاة لم يشعر ، ولقد بلغنا أن بعضهم كان كالثوب الملقى ، وبعضهم ينفتل من صلاته متغير اللون لقيامه بين يدي الله عز وجل. وبعضهم إذا كان في الصلاة لا يعرف من على يمينه وشماله. وبعضهم يصفر وجهه إذا توضأ للصلاة ، فقيل له إنا نراك إذا توضأت للصلاة تغيرت أحوالك ، قال : إني أعرف بين يدي من سأقوم ، وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذا حضرت الصلاة يتزلزل ويتلون وجهه ، فقيل له : ما لك ؟ فيقول : جاء والله وقت أمانة عرضها الله على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملتُها. وكان سعيد التنوخي إذا صلى لم تنقطع الدموع من خديه على لحيته. وبلغنا عن بعض التابعين أنه كان إذا قام إلى الصلاة تغير لونه ، وكان يقول : أتدرون بين يدي من أقف ومن أناجي. فمن منكم لله في قلبه مثل هذه الهيبة ؟ سلاح اليقظان لطرد الشيطان : عبد العزيز السلمان ص: 209
وقالوا لعامر بن عبد القيس : أتحدّث نفسك في الصلاة فقال : أوَ شيء أحبُّ إليّ من الصلاة أحدّث به نفسي ! قالوا : إنا لنحدّث أنفسنا في الصلاة ، فقال: أبالجنة والحور ونحو ذلك ؟ قالوا لا ، ولكن بأهلينا وأموالنا. فقال : لأن تختلف الأسنّة فيّ أحبُّ إليّ [أي لأن يكثر طعن الرماح في جسدي أحبّ إلي من أن أحدّث نفسي في الصلاة بأمور الدنيا]
وقال سعد بن معاذ : فيّ ثلاث خصال لو كنت في سائر أحوالي أكون فيهن ، لكنت أنا أنا : إذا كنت في الصلاة لا أحدث نفسي بغير ما أنا فيه ، وإذا سمعت من رسول الله حديثا لا يقع في قلبي ريب أنه الحقّ ، وإذا كنت في جنازة لم أحدّث نفسي بغير ما تقول ويقال لها الفتاوى لابن تيمية 22/605(8/25)
قال حاتم رحمه الله : أقوم بالأمر ، وأمشي بالخشية ، وأدخل بالنية ، وأكبّر بالعظمة ، وأقرأ بالترتيل والتفكير ، وأركع بالخشوع ، وأسجد بالتواضع ، وأجلس للتشهد بالتمام ، وأسلّم بالنية، وأختمها بالإخلاص لله عز وجل ، وأرجع على نفسي بالخوف أخاف أن لا يقبل مني وأحفظه بالجهد إلى الموت الخشوع في الصلاة 27 - 28
قال أبو بكر الصبغي : أدركت إمامين لم أُرزق السّماع منهما : أبو حاتم الرازي ومحمد بن نصر المروزي ، فأما ابن نصر فما رأيت أحسن صلاة منه ، لقد بلغني أن زنبورا قعد على جبهته فسال الدم على وجهه ولم يتحرك. وقال محمد بن يعقوب الأخرم : ما رأيت أحسن صلاة من محمد بن نصر ، كان الذباب يقع على أذنه.. فلا يذبّه على نفسه ، ولقد كنا نتعجب من حسن صلاته وخشوعه وهيبته للصلاة كان يضع ذقنه على صدره كأنه خشبة منصوبة. تعظيم قدر الصلاة 1/58 وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى إذا دخل في الصلاة ترتعد أعضاؤه حتى يميل يمنة ويسرة. الكواكب الدريّة في مناقب المجتهد ابن تيمية لمرعي الكرمي ص: 83 دار الغرب الإسلامي.
قارن بين هذا وبين ما يفعله بعضنا اليوم هذا ينظر في ساعته وآخر يصلح هندامه وثالث يعبث بأنفه ومنهم من يبيع ويشتري في الصلاة وربما عدّ نقوده وبعضهم يتابع الزخارف في السجاد والسقوف أو يحاول التعرّف على من بجانبيه.
تُرى لو وقف واحد من هؤلاء بين يدي عظيم من عظماء الدنيا هل يجرؤ على فعل شيء من ذلك.
(16) معرفة مزايا الخشوع في الصلاة
ومنها
- قوله صلى الله عليه و سلم : (ما من امريء مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها ، إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة ، وذلك الدهر كله). رواه مسلم 1/206 رقم 2/4/7(8/26)
- أن الأجر المكتوب بحسب الخشوع كما قال صلى الله عليه وسلم : (إن العبد ليصلي الصلاة ما يُكتب له منها إلا عشرها ، تسعها ، ثمنها ، سبعها ، سدسها ، خمسها ، ربعها ، ثلثها ، نصفها) رواه الإمام أحمد 4/321 وهو في صحيح الجامع 1626
- أنه ليس له من صلاته إلا ما عقل منها كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنه : (ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها).
- أن الأوزار والآثام تنحط عنه إذا صلّى بتمام وخشوع كما قال النبي صلى عليه وسلم : (إن العبد إذا قام يصلي أُتي بذنوبه كلها فوضعت على رأسه وعاتقيه فكلما ركع أو سجد تساقطت عنه) (رواه البيهقي في السنن الكبرى 3/10 وهو في صحيح الجامع). قال المناوي : " المراد أنه كلما أتم ركناً سقط عنه ركن من الذنوب حتى إذا أتمها تكامل السقوط وهذا في صلاة متوفرة الشروط والأركان والخشوع كما يؤذن به لفظ " العبد " و" القيام " إذ هو إشارة إلى أنه قام بين يدي ملك الملوك مقام عبد ذليل ". رواه البيهقي في السنن الكبرى 3/10 وهو في صحيح الجامع.
- أن الخاشع في صلاته " إذا انصرف منها وجد خفّة من نفسه ، وأحس بأثقال قد وضعت عنه ، فوجد نشاطا وراحة وروحا ، حتى يتمنى أنه لم يكن خرج منها ، لأنها قرّة عينه ونعيم روحه ، وجنة قلبه ، ومستراحه في الدنيا ، فلا يزال كأنه في سجن وضيق حتى يدخل فيها ، فيستريح بها ، لا منها ، فالمحبون يقولون : نصلي فنستريح بصلاتنا ، كما قال إمامهم وقدوتهم ونبيهم صلى الله عليه وسلم : (يا بلال أرحنا بالصلاة) ولم يقل أرحنا منها.
وقال صلى الله عليه وسلم : (جعلت قرة عيني بالصلاة) فمن جُعلت قرّة عينه في الصلاة ، كيف تقرّ عينه بدونها وكيف يطيق الصبر عنها ؟ " الوابل الصيّب 37.
(17) الاجتهاد بالدعاء في مواضعه في الصلاة وخصوصا في السجود(8/27)
لاشك أن مناجاة الله تعالى والتذلل إليه والطلب منه والإلحاح عليه مما يزيد العبد صلة بربّه فيعظم خشوعه ، والدعاء هو العبادة والعبد مأمور به قال تعالى : (أدعو ربكم تضرعا وخفية) و(من لم يسأل الله يغضب عليه) رواه الترمذي كتاب الدعوات 1/426 وحسنه في صحيح الترمذي 2686 وقد ثبت الدعاء في الصلاة عن النبي صلى الله عليه وسلم في مواضع معينة هي السجود وبين السجدتين وبعد التشهد وأعظم هذه المواضع السجود لقوله صلى الله عليه وسلم : (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء) رواه مسلم كتاب الصلاة باب مايقال في الركوع والسجود رقم 215 وقال : (...أما السجود فاجتهدوا في الدعاء فَقَمَن - أي حريّ وجدير - أن يُستجاب لكم) رواه مسلم كتاب الصلاة باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود رقم 207
ومن أدعيته صلى الله عليه وسلم في سجوده : (اللهم اغفر لي ذنبي دِقَّه وجِلَّه ، وأوله وآخره ، وعلانيته وسره) رواه مسلم : كتاب الصلاة ، باب ما يُقال في الركوع والسجود رقم 216 وكذلك (اللهم اغفر لي ما أسررت وما أعلنت) أخرجه النسائي : المجتبى 2/569 وهو في صحيح النسائي1067 وقد تقدّم بعض ماكان يدعو به بين السجدتين أنظر السبب رقم 11.(8/28)
ومما كان يدعو به صلى الله عليه وسلم بعد التشهد ماعلمناه بقوله : " (إذا فرغ أحدكم من التشهد فليستعذ بالله من أربع ؛ من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن شر المسيح الدجال.) وكان يقول (اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومن شر ما لم أعمل.) (اللهم حاسبني حسابا يسيرا) وعلّم أبا بكر الصديق رضي الله عنه أن يقول : (اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ، ولا يغفر الذنوب إلا أنت ، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم) وسمع رجلا يقول في تشهده : (اللهم إني أسألك يا الله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد أن تغفر لي ذنوبي إنك أنت الغفور الرحيم فقال صلى الله عليه وسلم : قد غُفر له ، قد غُفر له.) وسمع آخر يقول في تشهده : (اللهم إني أسألك بأن لك الحمد ، لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك المنان يا بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه : تدرون بما دعا ؟ قالوا الله ورسوله أعلم قال : والذي نفسي بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب وإذا سُئل به أعطى.) وكان من آخر ما يقوله صلى الله عليه وسلم بين التشهد والتسليم : (اللهم اغفر لي ما قدّمت وما أخّرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المقدِّم وأنت المؤخِّر ، لا إله إلا أنت.) " هذه الأدعية وغيرها وتخريجها في صفة الصلاة للعلامة الألباني ص: 163 ط.11 وحفظ مثل هذه الأدعية يعالج مشكلة صمت بعض الناس وراء الإمام إذا فرغوا من التشهد لأنهم لا يدرون ماذا يقولون.
(18) الأذكار الواردة بعد الصلاة
فإنه مما يعين على تثبيت أثر الخشوع في القلب وما حصل من بركة الصلاة وفائدتها(8/29)
ولاشك أن من حفظ الطاعة الأولى وصيانتها إتباعها بطاعة ثانية ، وكذلك فإن المتأمل لأذكار ما بعد الصلاة يجد أنها تبدأ بالاستغفار ثلاثا فكأن المصلي يستغفر ربه عما حصل من الخلل في صلاته وعما حصل من التقصير في خشوعها فيها ، ومن المهم كذلك الاهتمام بالنوافل فإنها تجبر النقص في الفرائض ومنه الإخلال بالخشوع.
وبعد الكلام عن تحصيل الأسباب الجالبة للخشوع يأتي الحديث عن
ثانيا : دفع الموانع والشواغل التي تصرف عن الخشوع وتكدِّر صفوه
(19) إزالة ما يشغل المصلي من المكان
عن أنس رضي الله عنه قال : كان قِرام (ستر فيه نقش وقيل ثوب ملوّن) لعائشة سترت به جانب بيتها ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : (أميطي - أزيلي - عني فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي) رواه البخاري : فتح الباري 10/391.
وعن القاسم عن عائشة رضي الله عنها أنه كان لها ثوب فيه تصاوير ممدود إلى سهوة (بيت صغير منحدر في الأرض قليلا شبيه بالمخدع أو الخزانة) فكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إليه فقال : (أخّريه عني فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي) فأخرته فجعلته وسائد. رواه مسلم رحمه الله في صحيحه 3/1668
ويدل على هذا المعنى أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل الكعبة ليصلي فيها رأى قرني كبش فلما صلى قال لعثمان الحجبي (إني نسيت أن آمرك أن تخمر القرنين فإنه ليس ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلي.) أخرجه أبو داود 2030 وهو في صحيح الجامع 2504
ويدخل في هذا ؛ الاحتراز من الصلاة في أماكن مرور الناس وأماكن الضوضاء والأصوات المزعجة وبجانب المتحدثين وفي مجالس اللغو واللغط وكل ما يشغل البصر.(8/30)
وكذلك تجنب الصلاة في أماكن الحرّ الشديد والبرد الشديد إذا أمكن ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالإبراد في صلاة الظهر بالصيف لأجل هذا ، قال ابن القيم رحمه الله تعالى : " إن الصلاة في شدة الحر تمنع صاحبها من الخشوع والحضور ، ويفعل العبادة بتكرّه وتضجّر ، فمن حكمة الشارع أن أمرهم بتأخيرها حتى ينكسر الحرّ ، فيصلي العبد بقلب حاضر ، ويحصل له مقصود الصلاة من الخشوع والإقبال على الله تعالى. " الوابل الصيّب ط. دار البيان ص: 22
(20) أن لا يصلي في ثوب فيه نقوش أو كتابات أو ألوان أو تصاوير تشغل المصلي
فعن عائشة رضي الله عنها قالت : قام النبي الله صلى الله عليه و سلم يصلي في خميصة ذات أعلام - أي : كساء مخطط ومربّع - فنظر إلى علمها فلما قضى صلاته قال : (اذهبوا بهذه الخميصة إلى أبي جهم بن حذيفة و أتوني بأنبجانيّه - كساء ليس فيه تخطيط ولا تطريز ولا أعلام -، فإنها ألهتني آنفا في صلاتي " وفي رواية : " شغلتني أعلام هذه " وفي رواية : " كانت له خميصة لها علم ، فكان يتشاغل بها في الصلاة " الروايات في صحيح مسلم رقم 556 ج: 1/391.
ومن باب أولى أن لا يصلي في ثياب فيها صور وخصوصا ذوات الأرواح كما شاع وانتشر في هذا الزمان.
(21) أن لا يصلي وبحضرته طعام يشتهيه
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا صلاة بحضرة طعام) رواه مسلم رقم 560
فإذا وُضع الطعام وحضر بين يديه أو قُدِّم له ، بدأ بالطعام لأنه لا يخشع إذا تركه وقام يصلي ونفسه متعلِّقة به. بل إن عليه أن لا يعجل حتى تنقضي حاجته منه لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا قرِّب العَشاء وحضرت الصلاة ، فابدؤا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب. ولا تعجلوا عن عشائكم.) وفي رواية : (إذا وُضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة فابدؤا بالعشاء ولا يعجلنّ حتى يفرغ منه) متفق عليه ، البخاري كتاب الآذن ، باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة ، وفي مسلم رقم 557-559.(8/31)
(22) أن لا يصلي وهو حاقن أو حاقب
لاشكّ أن مما ينافي الخشوع أن يصلي الشخص وقد حصره البول أو الغائط ولذلك (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل وهو حاقن) والحاقن أي الحابس البول. رواه إبن ماجه في سننه رقم 617 وهو في صحيح الجامع رقم 6832. والحاقب هو حابس الغائط.
ومن حصل له ذلك فعليه أن يذهب إلى الخلاء لقضاء حاجته ولو فاته ما فاته من صلاة الجماعة فإن النبي صلى الله عليه و سلم قال : (إذا أراد أحدكم أن يذهب الخلاء وقامت الصلاة فليبدأ بالخلاء). رواه أبو داود رقم 88 وهو في صحيح الجامع رقم 299
بل إنه إذا حصل له ذلك أثناء الصلاة فإنه يقطع صلاته لقضاء حاجته ثم يتطهر ويصلي لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان.) صحيح مسلم رقم 560 وهذه المدافعة بلا ريب تذهب بالخشوع. ويشمل هذا الحكم أيضا مدافعة الريح.
(23) أن لا يصلي وقد غلبه النّعاس
عن أنس بن مالك قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا نعس أحدكم في الصلاة فلينم حتى يعلم ما يقول) أي فليرقد حتى يذهب عنه النوم. رواه البخاري رقم 210
وقد جاء ذكر السبب في ذلك : فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (إذا نعس أحدكم و هو يصلي فليرقد ، حتى يذهب عنه النوم فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدري لعله يستغفر فيسب نفسه). رواه البخاري رقم 209
وقد يحصل هذا في قيام الليل وقد يصادف ساعة إجابة فيدعو على نفسه وهو لا يدري ، ويشمل هذا الحديث الفرائض أيضا إذا أمِن بقاء الوقت. فتح الباري : شرح كتاب الوضوء : باب الوضوء من النوم
(24) أن لا يصلي خلف المتحدث أو (النائم) :
لأن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن ذلك فقال : (لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث) رواه أبو داود رقم 694 و هو في صحيح الجامع رقم 375 و قال حديث حسن.
لأن المتحدث يلهي بحديثه والنائم قد يبدو منه ما يلهي.(8/32)
قال الخطابي رحمه الله : " أما الصلاة إلى المتحدثين فقد كرهها الشافعي وأحمد بن حنبل وذلك من أجل أن كلامهم يُشغل المصلي عن صلاته. " عون المعبود 2/388
أما أدلة النهي عن الصلاة خلف النائم فقد ضعّفها عدد من أهل العلم منهم أبو داود في سننه كتاب الصلاة : تفريع أبواب الوتر : باب الدعاء ، وابن حجر في فتح الباري شرح باب الصلاة خلف النائم : كتاب الصلاة
وقال البخاري - رحمه الله تعالى - في صحيحه : باب الصلاة خلف النائم ، وساق حديث عائشة : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا راقدة معترضة على فراشه.. صحيح البخاري : كتاب الصلاة
" وكره مجاهد وطاوس ومالك الصلاة إلى النائم خشية أن يبدو منه ما يلهي المصلي عن صلاته.." فتح الباري الموضع السابق.
فإذا أُمن ذلك فلا تُكره الصلاة خلف النائم والله أعلم.
(25) عدم الانشغال بتسوية الحصى :
روى البخاري رحمه الله تعالى عن معيقيب رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الرجل يسوي التراب حيث يسجد قال : إن كنت فاعلا فواحدة) فتح الباري 3/79
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (لا تمسَح وأنت تصلي فإن كنتَ لا بدَّ فاعِلا فواحدة) يعني تسوية الحصى. رواه أبو داود رقم 946 و هو في صحيح الجامع رقم 7452
والعلة في هذا النهي ؛ المحافظة على الخشوع ولئلا يكثر العمل في الصلاة. والأَولى إذا كان موضع سجوده يحتاج إلى تسوية فليسوه قبل الدخول في الصلاة.(8/33)
ويدخل في الكراهية مسح الجبهة والأنف وقد سجد النبي صلى الله عليه وسلم في ماء وطين وبقي أثر ذلك في جبهته ولم يكن ينشغل في كل رفع من السجود بإزالة ما علق فالاستغراق في الصلاة والخشوع فيها ينسي ذلك ويشغل عنه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (إن في الصلاة شغلا) رواه البخاري فتح الباري 3/ 72 ، وقد روى ابن أبي شيبة عن أبي الدرداء قال : ما أحب أن لي حمر النعم وأني مسحت مكان جبيني من الحصى. وقال عياض : كره السلف مسح الجبهة في الصلاة قبل الانصراف. الفتح 3/ 79. يعني الانصراف من الصلاة.
وكما أن المصلي ينبغي أن يحترز مما يشغله عن صلاته كما مرّ في النقاط السابقة فكذلك عليه أن يلتزم بعدم التشويش على المصلين الآخرين ومن ذلك :
(26) عدم التشويش بالقراءة على الآخرين :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (ألا إن كلكم مناج ربه ، فلا يؤذين بعضكم بعضا ، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة) أو قال (في الصلاة) رواه أبو داود 2 /83 و هو في صحيح الجامع رقم 752 وفي رواية (لا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن) رواه الإمام أحمد 2/36 وهو في صحيح الجامع 1951.
(27) ترك الالتفات في الصلاة :
لحديث أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا يزال الله عز وجل مقبلا على العبد وهو في صلاته ما لم يلتفت ، فإذا التفت انصرف عنه) رواه أبو داود رقم 909 وهو في صحيح أبي داود.
والالتفات في الصلاة قسمان :
الأول : التفات القلب إلى غير الله عز وجل.
الثاني : التفات البصر ، وكلاهما منهي عنه وينقص من أجر الصلاة ، وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة فقال : (اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد) رواه البخاري : كتاب الأذان باب : الالتفات في الصلاة.(8/34)
" ومثل من يلتفت في صلاته ببصره أو قلبه مثل رجل استدعاه السلطان فأوقفه بين يديه وأقبل يناديه ويخاطبه وهو في خلال ذلك يلتفت عن السلطان يمينا وشمالا ، وقد انصرف قلبه عن السلطان فلا يفهم ما يخاطبه به لأن قلبه ليس حاضرا معه فما ظنّ هذا الرجل أن يفعل به السلطان ؟.
أفليس أقل المراتب في حقه أن ينصرف من بين يديه ممقوتا مبعدا قد سقط من عينيه ، فهذا المصلي لا يستوي والحاضر القلب المقبل على الله تعالى في صلاته الذي قد أشعر قلبه عظمة من هو واقف بين يديه فامتلأ قلبه من هيبته وذلت عنقه له ، واستحيى من ربه أن يقبل على غيره أو يلتفت عنه وبين صلاتيهما كما قال حسان بن عطية : إن الرجلين ليكونان في الصلاة الواحدة ، وإن ما بينهما في الفضل كما بين السماء والأرض ، وذلك أن أحدهما مقبل بقلبه على الله عز وجل والآخر ساه غافل." الوابل الصيب لابن القيم. دار البيان ص : 36.
و أما الالتفات " لحاجة فلا بأس به ، روى أبو داود عن سهل بن الحنظلية قال : (ثوب بالصلاة - صلاة الصبح - فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو يلتفت إلى الشعب). قال أبو داود : (وكان أرسل فارسا من الليل إلى الشعب يحرس). وهذا كحمله أمامة بنت أبي العاص ،.. وفتحه الباب لعائشة ونزوله من المنبر لما صلى بهم يعلمهم ، وتأخره في صلاة الكسوف ، وإمساكه الشيطان وخنقه لما أراد أن يقطع صلاته ، وأمره بقتل الحية والعقرب في الصلاة ، وأمره بردّ المار بين يدي المصلي ومقاتلته ، وأمره النساء بالتصفيق وإشارته في الصلاة وغير ذلك من الأفعال التي تُفعل لحاجة ، ولو كانت لغير حاجة كانت من العبث - المنافي للخشوع - المنهي عنه في الصلاة ". مجموع الفتاوى 22/559.
(28) عدم رفع البصر إلى السماء :(8/35)
وقد ورد النهي عن ذلك والوعيد على فعله في قوله صلى الله عليه وسلم : (إذا كان أحدكم في الصلاة فلا يرفع بصره إلى السماء ، أن يلتمع بصره) رواه أحمد 5/ 294 وهو في صحيح الجامع رقم 762 وفي رواية : (ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم [ وفي رواية : عن رفعهم أبصارهم عند الدعاء في الصلاة رواه مسلم رقم 429. فاشتد قوله في ذلك حتى قال : لينتهنّ عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم) رواه الإمام أحمد 5/ 258 وهو في صحيح الجامع 5574.
(29) أن لا يبصق أمامه في الصلاة :
لأنه مما ينافي الخشوع في الصلاة والأدب مع الله لقوله صلى الله عليه و سلم : (إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق قِبَل وجهه فإن الله قِبَل وجهه إذا صلى). رواه البخاري في صحيحه رقم 397
و قال : (إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصق أمامه ، فإنما يناجي الله - تبارك و تعالى - ما دام في مصلاه ، ولا عن يمينه فإن عن يمينه ملكا ، و ليبصق عن يساره ، أو تحت قدمه فيدفنها) رواه البخاري : الفتح رقم 416 1/512
وقال : (إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنما يناجي ربه ، وإن ربه بينه و بين قبلته ، فلا يبزقن أحدكم في قبلته ، ولكن عن يساره أو تحت قدمه) رواه البخاري الفتح الباري رقم 417 1/513
وإذا كان المسجد مفروشا بالسجاد ونحوه كما هو الغالب في هذا الزمان فيمكنه إذا احتاج أن يُخرج منديلا ونحوه فيبصق فيه ويردّه.
(30) مجاهدة التثاؤب في الصلاة :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (إذا تثاءَب أحدُكم في الصلاة فليكظِم ما استطاع فإن الشيطان يدخل). رواه مسلم 4/2293. وإذا دخل الشيطان يكون أقدر على التشويش على خشوع المصلي بالإضافة إلى أنه يضحك من المصلي إذا تثاءب.
(31) عدم الاختصار في الصلاة :(8/36)
عن أبي هريرة قال : (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاختصار في الصلاة) رواه أبو داود رقم 947 وهو في صحيح البخاري كتاب العمل في الصلاة ، باب الخصر في الصلاة. والاختصار هو أن يضع يديه على خصره.
فعن زياد بن صبيح الحنفي قال : صليت إلى جنب ابن عمر فوضعت يدي على خاصرتي فضرب يدي فلما صلى قال هذا الصّلب في الصلاة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنه رواه الإمام أحمد 2/ 106 وغيره وصححه الحافظ العراقي في تخريج الإحياء : أنظر الإرواء 2/94
وقد جاء في حديث مرفوع أن التخصّر راحة أهل النار والعياذ بالله رواه البيهقي عن أبي هريرة مرفوعا. قال العراقي : ظاهر إسناده الصحة
(32) ترك السدل في الصلاة :
لما ورد أن رسول الله صلى الله عليه و سلم (نهى عن السدل في الصلاة وأن يغطي الرجل فاه). رواه أبو داود رقم 643 و هو في صحيح الجامع رقم 6883 و قال حديث حسن في عون المعبود 2/347 قال الخطّابي : السدل ؛ إرسال الثوب حتى يصيب الأرض. ونقل في مرقاة المفاتيح 2/236: السدل منهي عنه مطلقا لأنه من الخيلاء وهو في الصلاة أشنع وأقبح. وقال صاحب النهاية : أي يلتحف بثوبيه ويدخل يديه من داخل فيركع ويسجد. وقيل إن كانت اليهود تفعله. وقيل السدل : أن يضع الثوب على رأسه أو كتفه ويرسل أطرافه أمامه أو على عضديه فيبقى منشغلا بمعالجته فيخلّ بالخشوع بخلاف ما لو كان مربوطا أو مزررا لا يُخشى من وقوعه فلا يُشغل المصلي حينئذ ولا ينافي الخشوع. ويوجد في بعض ألبسة الناس اليوم من بعض الأفارقة وغيرهم وفي طريقة لبس بعض المشالح والأردية ما يبقي المصلي مشغولا في أحيان من صلاته برفع ما وقع أو ضم ما انفلت وهكذا فينبغي التنبه لذلك.
أما النهي عن تغطية الفم فمن العلل التي ذكرها العلماء في النهي عنه أنه يمنع حسن إتمام القراءة وكمال السجود مرقاة المفاتيح 2/236
(33) ترك التشبه بالبهائم :(8/37)
لمّا أن الله كرّم ابن آدم وخلقه في أحسن تقويم ، كان من المعيب أن يتشبه الآدمي بالبهائم وقد نهينا عن مشابهة عدد من هيئات البهائم وحركاتها في الصلاة لما في ذلك من منافاة الخشوع أو قبح الهيئة التي لا تليق بالمصلي فمما ورد في ذلك : (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة عن ثلاث : عن نقر الغراب وافتراش السبع وأن يوطن الرجل المقام الواحد كإيطان البعير) رواه أحمد 3/428 قيل معناه أن يألف الرجل مكانا معلوما من المسجد مخصوصا به يصلي فيه كالبعير لا يُغير مناخه فيوطنه الفتح الرباني 4/91 وفي رواية : (نهاني عن نقرة كنقرة الديك ، وإقعاء كإقعاء الكلب ، والتفات كالتفات الثعلب.) رواه الإمام أحمد 2/311 وهو في صحيح الترغيب رقم 556
هذا ما تيسر ذكره من الأسباب الجالبة للخشوع لتحصيلها والأسباب المشغلة عنه لتلافيها
وإن من عِظم مسالة الخشوع وعلوّ قدرها عند العلماء أنهم ناقشوا القضية التالية
مسألة : فيمن كثرت الوساوس في صلاته ، هل تصح أم عليه الإعادة
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
فإن قيل ما تقولون في صلاة من عدِم الخشوع ، هل يعتد بها أم لا ؟
قيل : أما الاعتداد بها في الثواب : فلا يعتد بها ، إلا بما عقل فيه منها ، و خشع فيه لربه.
قال ابن عباس : ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها.
و في المسند مرفوعا : إن العبد ليصلي الصلاة ، و لم يكتب له إلا نصفها ، أو ثلثها أو ربعها حتى بلغ عشرها.
فقد علق الله فلاح المصلين بالخشوع في صلاتهم ، فدل على أن من لم يخشع فليس من أهل الفلاح ، و لو اعْتُدَّ له بها ثوابا لكان من المفلحين. و أما الاعتداد بها في أحكام الدنيا وسقوط القضاء فإن غلب عليها الخشوع و تعقلها اعتد بها إجماعا ، و كانت من السنن و الأذكار عقيبها (بعدها) جوابر و مكملات لنقصها.(8/38)
وإن غلب عليها عدم الخشوع فيها وعدم تعقلها فقد اختلف الفقهاء في وجوب إعادتها ، فأوجبها ابن حامد من أصحاب أحمد. ومن هذا أيضا اختلافهم في الخشوع في الصلاة وفيه قولان للفقهاء ، وهما في مذهب أحمد وغيره.
وعلى القولين : اختلافهم في وجوب الإعادة على من غلب عليه الوسواس في صلاته ، فأوجبها ابن حامد من أصحاب أحمد ولم يوجبها أكثر الفقهاء.
واحتجوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من سها في صلاته بسجدتي السهو ولم يأمره بالإعادة مع قوله : (إن الشيطان يأتي أحدكم في صلاته فيقول : أذكر كذا ، أذكر كذا ، لما لم يكن يذكر ، حتى يُضل الرجل أن يدري كم صلى).
ولكن لا نزاع أن هذه الصلاة لا ثواب على شيء منها إلا بقدر حضور قلبه وخضوعه ، كما قال صلى الله عليه وسلم : (إن العبد لينصرف من الصلاة ولم يكتب له إلا نصفها ، ثلثها ، ربعها ، حتى بلغ عشرها)
وقال ابن عباس : (ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها) فليست صحيحة باعتبار ترقب كمال مقصودها عليها وإن سميت صحيحة باعتبار أنا لا نأمره بالإعادة. مدارج السالكين 1/112
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح أنه قال : (إذا أذن المؤذن بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط ، حتى لا يسمع التأذين ، فإذا قضى التأذين أقبل ، فإذا ثوب بالصلاة أدبر ، فإذا قضى التثويب أقبل ، حتى يخطر بين المرء ونفسه ، يقول : اذكر كذا اذكر كذا ، ما لم يكن يذكر ، حتى يظل لا يدري كم صلى ، فإذا وجد أحدكم ذلك فليسجد سجدتين وهو جالس). قالوا : فأمره النبي في هذه الصلاة التي قد أغفله الشيطان فيها ، حتى لم يدر كم صلى بأن يسجد سجدتي السهو ، ولم يأمره بإعادتها ، ولو كانت باطلة - كما زعمتم - لأمره بإعادتها.
قالوا : وهذا هو السر في سجدتي السهو ، ترغيما للشيطان في وسوسته للعبد ، وكونه حال بينه وبين الحضور في الصلاة ، ولهذا سماها النبي المرغمتين. مدارج السالكين 1/528-530(8/39)
فإن أردتم وجوب الإعادة : لتحصل هذه الثمرات والفوائد فذاك كله إليه إن شاء أن يحصلها وإن شاء أن يفوتها على نفسه.
وإن أردتم بوجوبها أنا نلزمه بها ونعاقبه على تركها ونرتب عليه أحكام تارك الصلاة فلا.
وهذا هو أرجح القولين. والله أعلم.
خاتمة
أمر الخشوع كبير ، وشأنه خطير ، ولا يتأتى إلا لمن وفقه الله لذلك ، وحرمان الخشوع مصيبة كبيرة وخطب جلل ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه : (اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع..) رواه الترمذي 5/ 485 رقم 3482 وهو في صحيح سنن الترمذي 2769
والخاشعون درجات ، والخشوع من عمل القلب يزيد وينقص فمنهم من يبلغ خشوعه عنان السماء ومن يخرج من صلاته لم يعقل شيئا ، " والناس في الصلاة على مراتب خمسة :
أحدها : مرتبة الظالم لنفسه المفرط ، وهو الذي انتقص من وضوئها ومواقيتها وحدودها وأركانها. الثاني : من يحافظ على مواقيتها وحدودها وأركانها الظاهرة ووضوئها ، لكنه قد ضيّع مجاهدة نفسه في الوسوسة ، فذهب مع الوساوس والأفكار.
الثالث : من حافظ على حدودها وأركانها وجاهد نفسه في دفع الوساوس والأفكار ، فهو مشغول بمجهادة عدوه لئلا يسرق صلاته ، فهو في صلاة وجهاد.
الرابع : من إذا قام إلى الصلاة أكمل حقوقها وأركانها وحدودها ، واستغرق قلبه مراعاة حدودها وحقوقها لئلا يضيع شيئا منها ، بل همه كله مصروف إلى إقامتها كما ينبغي وإكمالها وإتمامها ، قد استغرق قلبه شأن الصلاة وعبودية ربه تبارك وتعالى فيها.
الخامس : من إذا قام إلى الصلاة قام إليها كذلك ، ولكن مع هذا قد أخذ قلبه ووضعه بين يدي ربه عز وجل ، ناظرا بقلبه إليه ، مراقبا له ، ممتلئا من محبته وعظمته ، كأنه يراه ويشاهده ، وقد اضمحلت تلك الوساوس والخطرات ، وارتفعت حجبها بينه وبين ربه ، فهذا بينه وبين غيره في الصلاة أعظم مما بين السماء والأرض ، وهذا في صلاته مشغول بربه عز وجل قرير العين به.(8/40)
فالقسم الأول معاقب ، والثاني محاسب ، والثالث مكفّر عنه ، والرابع مثاب ، والخامس مقرّب من ربّه ، لأن له نصيبا ممن جُعلت قرّة عينه في الصلاة ، فمن قرّت عينه بصلاته في الدنيا ، قرّت عينه بقربه من ربّه عز وجل في الآخرة ، وقرّت عينه أيضا به في الدنيا ، ومن قرت عينه بالله قرّت به كل عين ، ومن لم تقرّ عينه بالله تعالى تقطعّت نفسه على الدنيا حسرات " الوابل الصيب ص : 40
وختاما أسأل الله عز وجل أن يجعلنا من الخاشعين وأن يتوب علينا أجمعين وأن يجزي بالخير من ساهم في هذه الرسالة وأن ينفع من قرأ فيها آمين ، والحمد لله رب العالمين.(8/41)
In the Name of Allaah the Most Gracious The Most Merciful
Al-Siyaam
70 Matters Related to Fasting
Book by Sheikh Muhammed Salih Al-Munajjid
---
Contents
Introduction
Definition of Siyaam (fasting)
Ruling on fasting
The virtues of fasting
The benefits of fasting
Etiquette and Sunnah of fasting
What should be done during this great month
Some of the ahkaam (rulings) on fasting
How the onset of Ramadaan is determined
Who is obliged to fast?
Travellers
The sick
The elderly
Niyyah (intention) in fasting
When to start and stop fasting
Things that break the fast
Rulings on fasting for women
---
Introduction
Praise be to Allaah, we praise Him and seek His help and forgiveness. We seek refuge with Allaah from the evil of our own selves and from our evil deeds. Whomsoever Allaah guides cannot be misled, and whomsoever He leaves astray cannot be guided. I bear witness that there is no god except Allaah alone, with no partner or associate, and I bear witness that Muhammad is His slave and Messenger.
Allaah has blessed His slaves with certain seasons of goodness, in which hasanaat (rewards for good deeds) are multiplied, sayi'aat (bad deeds) are forgiven, people's status is raised, the hearts of the believers turn to their Master, those who purify themselves attain success and those who corrupt themselves fail. Allaah has created His slaves to worship Him, as He says (interpretation of the meaning): "And I (Allaah) created not the jinns and humans except that they should worship Me (Alone)." [al-Dhaariyaat 51:56](9/1)
One of the greatest acts of worship is fasting, which Allaah has made obligatory on His slaves, as He says (interpretation of the meaning):
“… Observing al-sawm (the fasting) is prescribed for you as it was prescribed for those before you, that you may become al-muttaqoon (the pious).” [al-Baqarah 2:183]
Allaah encourages His slaves to fast:
“… And that you fast, it is better for you, if only you know.” [al-Baqarah 2:184 – interpretation of the meaning]
He guides them to give thanks to Him for having made fasting obligatory on them:
“… that you should magnify Allaah for having guided you so that you may be grateful to Him.” [al-Baqarah 2:185 – interpretation of the meaning]
He has made fasting dear to them, and has made it easy so that people do not find it too hard to give up their habits and what they are used to. Allaah says (interpretation of the meaning):
“… for a fixed number of days…” [al-Baqarah 2:184]
He has mercy on them and keeps them away from difficulties and harm, as He says (interpretation of the meaning:
“… but if any of you is ill or on a journey, the same number (should be made up) from other days…” [al-Baqarah 2:184]
No wonder then, that in this month the hearts of the believers turn to their Most Merciful Lord, fearing their Lord above them, and hoping to attain His reward and the great victory (Paradise).(9/2)
As the status of this act of worship is so high, it is essential to learn the ahkaam (rulings) that have to do with the month of fasting so that the Muslim will know what is obligatory, in order to do it, what is haraam, in order to avoid it, and what is permissible, so that he need not subject himself to hardship by depriving himself of it.
This book is a summary of the rulings, etiquette and Sunnah of fasting. May Allaah make it of benefit to myself and my Muslim brothers. Praise be to Allaah, Lord of the Worlds.
Definition of Siyaam (fasting)
(1) Siyaam in Arabic means abstaining; in Islam it means abstaining from things that break the fast, from dawn until sunset, having first made the intention (niyyah) to fast.
Ruling on fasting
(2) The ummah is agreed that fasting the month of Ramadaan is obligatory, the evidence for which is in the Qur’aan and Sunnah. Allaah says (interpretation of the meaning):
“O you who believe! Observing al-sawn (the fasting) is prescribed for you as it was prescribed for those before you, that you may become al-muttaqoon (the pious).” [al-Baqarah 2:183](9/3)
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “Islam is built on five [pillars]…” among which he mentioned fasting in Ramadaan. (Reported by al-Bukhaari, al-Fath, 1/49). Whoever breaks the fast during Ramadaan without a legitimate excuse has committed a serious major sin, The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said, describing a dream that he had seen: “… until I was at the mountain, where I heard loud voices. I asked, ‘What are these voices?’ They said, ‘This is the howling of the people of Hellfire.’ Then I was taken [to another place], and I saw people hanging from their hamstrings, with the corners of their mouths torn and dripping with blood. I said, ‘Who are these?’ They said, ‘The people who broke their fast before it was the proper time to do so,’ i.e., before the time of iftaar.” (Saheeh al-Targheeb, 1/420).
Al-Haafiz al-Dhahabi (may Allaah have mercy on him) said, “Among the believers it is well-established that whoever does not fast in Ramadaan without a valid excuse is worse than an adulterer or drunkard; they doubt whether he is even a Muslim at all, and they regard him as a heretic and profligate.” Shaykh al-Islam [Ibn Taymiyah] (may Allaah have mercy on him) said: “If a person does not fast in Ramadaan knowing that it is haraam but making it halaal for himself to do so, kill him; and if he does it because he is immoral [but believes it is haraam], then punish him for not fasting.” (Majmoo’ al-Fataawa, 25/265).
The virtues of fasting(9/4)
(3) The virtues of fasting are great indeed, and one of the things reported in the saheeh ahaadeeth is that Allaah has chosen fasting for Himself, and He will reward it and multiply the reward without measure, as He says [in the hadeeth qudsi]: “Except for fasting which is only for My sake, and I will reward him for it.” (al-Bukhaari, al-Fath, no. 1904; Saheeh al-Targheeb, 1/407). Fasting has no equal (al-Nisaa'i, 4/165; Saheeh al-Targheeb, 1/413), and the du’aa’ of the fasting person will not be refused (reported by al-Bayhaqi, 3/345; al-Silsilat al-Saheeh, 1797). The fasting person has two moments of joy: one when he breaks his fast and one when he meets his Lord and rejoices over his fasting (reported by Muslim, 2/807). Fasting will intercede for a person on the Day of Judgement, and will say, “O Lord, I prevented him from his food and physical desires during the day, so let me intercede for him.” (Reported by Ahmad, 2/174. Al-Haythami classed its isnaad as hasan in al-Majma’, 3/181. See also Saheeh al-Targheeb, 1/411). The smell that comes from the mouth of a fasting person is better with Allaah than the scent of musk. (Muslim, 2/807). Fasting is a protection and a strong fortress that keeps a person safe from the Fire. (Reported by Ahmad, 2/402; Saheeh al-Targheeb, 1/411; Saheeh al-Jaami’, 3880). Whoever fasts one day for the sake of Allaah, Allaah will remove his face seventy years’ distance from the Fire. (Reported by Muslim, 2/808). Whoever fasts one day seeking the pleasure of Allaah, if that is the last day of his life, he will enter Paradise. (Reported by Ahmad,(9/5)
5/391; Saheeh al-Targheeb, 1/412). In Paradise there is a gate called al-Rayyaan, through those who fast will enter, and no one will enter it except them; when they have entered it will be locked, and no-one else will enter through it.” (al-Bukhaari, Fath, no. 1797).
Ramadaan is a pillar of Islam; the Qur’aan was revealed in this month, and in it there is a night that is better than a thousand months. “When Ramadaan begins, the gates of Paradise are opened and the gates of Hell are closed, and the devils are put in chains.” (Reported by al-Bukhaari, al-Fath, no. 3277). Fasting Ramadaan is equivalent to fasting ten months (See Musnad Ahmad, 5/280; Saheeh al-Targheeb, 1/421). “Whoever fasts Ramadaan out of faith and with the hope of reward, all his previous sins will be forgiven.” (Reported by al-Bukhaari, Fath, no. 37). At the breaking of every fast, Allaah will choose people to free from Hellfire. (Reported by Ahmad, 5/256; Saheeh al-Targheeb, 1/419).
The benefits of fasting
(4) There is much wisdom and many benefits in fasting, which have to do with the taqwa mentioned by Allaah in the aayah (interpretation of the meaning):
“… that you may become al-muttaqoon (the pious).” [al-Baqarah 2:183]
The interpretation of this is that if a person refrains from halaal things hoping to earn the pleasure of Allaah and out of fear of His punishment, it will be easier for him to refrain from doing haraam things.(9/6)
If a person’s stomach is hungry, this will keep many of his other faculties from feeling hunger or desires; but if his stomach is satisfied, his tongue, eye, hand and private parts will start to feel hungry. Fasting leads to the defeat of Shaytaan; it controls desires and protects one’s faculties.
When the fasting person feels the pangs of hunger, he experiences how the poor feel, so he has compassion towards them and gives them something to ward off their hunger. Hearing about them is not the same as sharing their suffering, just as a rider does not understand the hardship of walking unless he gets down and walks.
Fasting trains the will to avoid desires and keep away from sin; it helps a person to overcome his own nature and to wean himself away from his habits. It also trains a person to get used to being organized and punctual, which will solve the problem that many people have of being disorganized, if only they realized.
Fasting is also a demonstration of the unity of the Muslims, as the ummah fasts and breaks its fast at the same time.(9/7)
Fasting also provides a great opportunity for those who are calling others to Allaah. In this month many people come to the mosque who are coming for the first time, or who have not been to the mosque for a long time, and their hearts are open, so we must make the most of this opportunity by preaching in a gentle manner, teaching appropriate lessons and speaking beneficial words, whilst co-operating in righteousness and good deeds. The dai’yah should not be so preoccupied with others that he forgets his own soul and becomes like a wick that lights the way for others while it is itself consumed.
Etiquette and Sunnah of fasting
Some aspects are obligatory (waajib) and others are recommended (mustahabb).
We should make sure that we eat and drink something at suhoor, and that we delay it until just before the adhaan of Fajr. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “Have suhoor, for in suhoor there is blessing (barakah).” (Reported by al-Bukhaari, Fath, 4/139). “Suhoor is blessed food, and it involves being different from the people of the Book. What a good suhoor for the believer is dates.” (Reported by Abu Dawood, no. 2345; Saheeh al-Targheeb, 1/448).
Not delaying iftaar, because the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “The people will be fine so long as they do not delay iftaar.” (Reported by al-Bukhaari, Fath, 4/198).(9/8)
Breaking one's fast in the manner described in the hadeeth narrated by Anas (may Allaah be pleased with him): “The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) used to break his fast with fresh dates before praying; if fresh dates were not available, he would eat (dried) dates; if dried dates were not available, he would have a few sips of water.” (Reported by al-Tirmidhi, 3/79 and others. He said it is a ghareeb hasan hadeeth. Classed as saheeh in al-Irwa’, no. 922).
After iftaar, reciting the words reported in the hadeeth narrated by Ibn ‘Umar (may Allaah be pleased with them both), according to which the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him), when he broke his fast, would say: “Dhahaba al-zama’, wa’btallat al-‘urooq, wa thabat al-ajru in sha Allaah (Thirst is gone, veins are flowing again, and the reward is certain, in sha Allaah).” (Reported by Abu Dawood, 2/765; its isnaad was classed as hasan by al-Daaraqutni, 2/185).(9/9)
Keeping away from sin, because the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “When any of you is fasting, let him not commit sin…” (Reported by al-Bukhaari, al-Fath, no. 1904). The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “Whoever does not stop speaking falsehood and acting in accordance with it, Allaah has no need of him giving up his food and drink.” (Al-Bukhaari, al-Fath, no. 1903). The person who is fasting should avoid all kinds of haraam actions, such as backbiting, obscenity and lies, otherwise his reward may all be lost. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “It may be that a fasting person gets nothing from his fast except hunger.” (Reported by Ibn Maajah, 1/539; Saheeh al-Targheeb, 1/453).(9/10)
Among the things that can destroy one’s hasanaat (good deeds) and bring sayi’aat (bad deeds) is allowing oneself to be distracted by quiz-shows, soap operas, movies and sports matches, idle gatherings, hanging about in the streets with evil people and time-wasters, driving around for no purpose, and crowding the streets and sidewalks, so that the months of tahajjud, dhikr and worship, for many people, becomes the month of sleeping in the day so as to avoid feeling hungry, thus missing their prayers and the opportunity to pray them in congregation, then spending their nights in entertainment and indulging their desires. Some people even greet the month with feelings of annoyance, thinking only of the pleasures they will miss out on. In Ramadaan, some people travel to kaafir lands to enjoy a holiday! Even the mosques are not free from such evils as the appearance of women wearing makeup and perfume, and even the Sacred House of Allaah is not free of these ills. Some people make the month a season for begging, even though they are not in need. Some of them entertain themselves with dangerous fireworks and the like, and some of them waste their time in the markets, wandering around the shops, or sewing and following fashions. Some of them put new products and new styles in their stores during the last ten days of the month, to keep people away from earning rewards and hasanaat.(9/11)
Not allowing oneself to be provoked, because the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “If someone fights him or insults him, he should say, ‘I am fasting, I am fasting.’” (Reported by al-Bukhaari and others. Al-Fath, no. 1894) One reason for this is to remind himself, and another reason is to remind his adversary. But anyone who looks at the conduct of many of those who fast will see something quite different. It is essential to exercise self-control and be calm, but we see the opposite among crazy drivers who speed up when they hear the adhaan for Maghrib.
(*) Not eating too much, because the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “The son of Adam fills no worse vessel than his stomach.” (Reported by al-Tirmidhi, no. 2380; he said, this is a hasan saheeh hadeeth). The wise person wants to eat to live, not live to eat. The best type of food is that which is there to be used, not that which is there to be served. But people indulge in making all kinds of food (during Ramadaan) and treating food preparation as a virtual art form, so that housewives and servants spend all their time on making food, and this keeps them away from worship, and people spend far more on food during Ramadaan than they do ordinarily. Thus the month becomes the month of indigestion, fatness and gastric illness, where people eat like gluttons and drink like thirsty camels, and when they get up to pray Taraaweeh, they do so reluctantly, and some of them leave after the first two rak’ahs.(9/12)
(*) Being generous by sharing knowledge, giving money, using one’s position of authority or physical strength to help others, and having a good attitude. Al-Bukhaari and Muslim reported that Ibn ‘Abbaas (may Allaah be pleased with him) said: “The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) was the most generous of people [in doing good], and he was most generous of all in Ramadaan when Jibreel met with him, and he used to meet him every night in Ramadaan and teach him the Qur’aan. The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) was more generous in doing good than a blowing wind.” (Reported by al-Bukhaari, al-Fath, no. 6). How can people exchange generosity for stinginess and action for laziness, to the extent that they do not do their work properly and do not treat one another properly, and they use fasting as an excuse for all this.(9/13)
Combining fasting with feeding the poor is one of the means of reaching Paradise, as the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “In Paradise there are rooms whose outside can be seen from the inside and the inside can be seen from the outside. Allaah has prepared them for those who feed the poor, who are gentle in speech, who fast regularly and who pray at night when people are asleep.” (Reported by Ahmad 5/343; Ibn Khuzaymah, no. 2137. Al-Albaani said in his footnote, its isnaad is hasan because of other corroborating reports). The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “Whoever gives food to a fasting person with which to break his fast, will have a reward equal to his, without it detracting in the slightest from the reward of the fasting person.” (Reported by al-Tirmidhi, 3/171; Saheeh al-Targheeb, 1/451). Shaykh al-Islam [Ibn Taymiyah] (may Allaah have mercy on him) said: “What is meant is that he should feed him until he is satisfied.” (Al-Ikhtiyaaraat al-Fiqhiyyah, p. 109).
A number of the Salaf (may Allaah have mercy on them) preferred the poor over themselves when feeding them at the time of iftaar. Among these were ‘Abd-Allaah ibn ‘Umar, Maalik ibn Deenaar, Ahmad ibn Hanbal and others. ‘Abd-Allaah ibn ‘Umar would not break his fast unless there were orphans and poor people with him.
What should be done during this great month(9/14)
(*) Preparing oneself and one’s environment for worship, hastening to repent and turn back to Allaah, rejoicing at the onset of the month, fasting properly, having the right frame of mind and fearing Allaah when praying Taraaweeh, not feeling tired during the middle ten days of the month, seeking Laylat al-Qadr, reading the entire Qur’aan time after time, trying to weep and trying to understand what you are reading. ‘Umrah during Ramadaan is equivalent to Hajj, and charity given during this virtuous time is multiplied, and I’tikaaf (retreat in the mosque for worship) is confirmed (as part of the Sunnah).
(*) There is nothing wrong with congratulating one another at the beginning of the month. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) used to tell his Companions the good news of the onset of Ramadaan, and urge them to make the most of it. Abu Hurayrah (may Allaah be pleased with him) said: “The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘There has come to you Ramadaan, a blessed month. Allaah has made it obligatory on you to fast (this month). During it the gates of Paradise are opened and the gates of Hell are locked, and the devils are chained up. In it there is a night that is better than a thousand months, and whoever is deprived of its goodness is deprived indeed.’” (Reported by al-Nisaa'i, 4/129; Saheeh al-Targheeb, 1/490)
Some of the ahkaam (rulings) on fasting(9/15)
(6) There is the kind of fasting that must be done on consecutive days, like fasting in Ramadaan, or fasting to expiate for killing someone by mistake, divorcing one’s wife by zihaar [a jaahili form of divorce in which a man says to his wife, “You are to me as the back of my mother” – Translator], or having intercourse during the day in Ramadaan. Also, one who makes a vow to fast consecutive days must fulfil it.
There is also the other kind of fasting which does not have to be done on consecutive days, such as making up days missed in Ramadaan, fasting ten days if one does not have a sacrifice, fasting for kafaarat yameen (according to the majority), fasting to compensate for violating the conditions of ihraam (according to the most correct opinion), and fasting in fulfilment of a vow in cases where one did not have the intention of fasting consecutive days.
(7) Voluntary fasts make up for any shortfall in obligatory fasts. Examples of voluntary fasts include ‘Aashooraa, ‘Arafaah, Ayyaam al-Beed [the 13th, 14th and 15th of the hijri months – Translator], Mondays and Thursdays, six days of Shawwaal, and fasting more during Muharram and Sha’baan.
(8) It is not permitted to single out a Friday for fasting (al-Bukhaari, Fath al-Baari, no. 1985), or to fast on a Saturday, unless it is an obligatory fast (reported and classed as hasan by al-Tirmidhi, 3/111) – what is meant is singling it out without a reason. It is not permitted to fast for an entire lifetime, or to fast for two days or more without a break, i.e., to fast two or three days without a break in between.(9/16)
It is haraam to fast on the two Eid days, or on the Ayyaam al-Tashreeq, which are the 11th, 12th and 13th of Dhoo’l-Hijjah, because these are the days of eating and drinking and remembering Allaah, but it is permissible for the one who does not have a sacrifice to fast them (Ayyaam al-Tashreeq) in Mina.
How the onset of Ramadaan is determined
(9) The onset of Ramadaan is confirmed by the sighting of the new moon, or by the completion of thirty days of Sha’baan. Whoever sees the crescent of the new moon or hears about it from a trustworthy source is obliged to fast.
Using calculations to determine the onset of Ramadaan is bid’ah, because the hadeeth of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) clearly states: “Fast when you see it (the new moon) and break your fast when you see it.” If an adult, sane, trustworthy, reliable Muslim who has good eyesight says that he has seen the crescent with his own eyes, then we should take his word for it and act accordingly (i.e., start fasting).
Who is obliged to fast?
(10) Fasting is an obligation on every adult, sane, settled [i.e., not travelling] Muslim who is able to fast and has nothing such as hayd [menstruation] or nifaas [post-natal bleeding] to prevent him or her from doing so.(9/17)
A person is deemed to have reached adulthood when any one of the following three things occur: emission of semen, whether in a wet dream or otherwise; growth of coarse pubic hair around the private parts; attainment of fifteen years of age. In the case of females, there is a fourth, namely menstruation; when a girl reaches menarche (starts her periods), she is obliged to fast even if she has not yet reached the age of ten.(9/18)
(11) Children should be instructed to fast at the age of seven, if they are able to, and some scholars said that a child may be smacked at the age of ten if he does not fast, just as in the case of salaah. (See al-Mughni, 3/90). The child will be rewarded for fasting, and the parents will be rewarded for bringing him up properly and guiding him to do good. Al-Rubay’ bint Mu’awwidh (may Allaah be pleased with her) said, speaking about Ramadaan when it was made obligatory: “We used to make our children fast, and we would make them a toy made out of wool. If any one of them started to cry for food, we would give them that toy to play with until it was time to break the fast.” (al-Bukhaari, Fath, no. 1960). Some people do not think it is important to tell their children to fast; indeed, a child may be enthusiastic about fasting and may be capable of doing it, but his father or mother may tell him not to fast, out of so-called “pity” for him. They do not realize that true pity and compassion consist of making him get used to fasting. Allaah says (interpretation of the meaning): “O you who believe! Ward off from yourselves and your families a Fire (hell) whose fuel is men and stones, over which are (appointed) angels stern (and) severe, who disobey not, (from executing) the Commands they receive from Allaah, but do that which they are commanded.” [al-Tahreem 66:6]. Extra attention must be paid to the matter of a girl’s fasting when she has just reached maturity, because she may fast when she has her period, out of shyness, and then not make up the fast later.(9/19)
(12) If a kaafir becomes Muslim, or a child reaches puberty, or an insane person comes to his senses during the day, they should refrain from eating for the rest of the day, because they are now among those who are obliged to fast, but they do not have to make up for the days of Ramadaan that they have missed, because at that time they were not among those who are obliged to fast.
(13) The insane are not responsible for their deeds (their deeds are not being recorded), but if a person is insane at times and sane at other times, he must fast during his periods of sanity, and is excused during his periods of insanity. If he becomes insane during the day, this does not invalidate his fast, just as is the case if someone becomes unconscious because of illness or some other reason, because he had the intention of fasting when he was sane. (Majaalis Shahr Ramadaan by Ibn ‘Uthaymeen, p.28). A similar case is the ruling governing epileptics.
(14) If someone dies during Ramadaan, there is no “debt” on him or his heirs with regard to the remaining days of the month.
(15) If someone does not know that it is fard (obligatory) to fast Ramadaan, or that it is haraam to eat or have sexual intercourse during the day in this month, then according to the majority of scholars, this excuse is acceptable, as is also the case for a new convert to Islam, a Muslim living in Daar al-Harb (non-Muslim lands) and a Muslim who grew up among the kuffaar. But a person who grew up among the Muslims and was able to ask questions and find out, has no excuse.
Travellers(9/20)
(16) For a traveller to be allowed to break his fast, certain conditions must be met. His journey should be lengthy, or else be known as travelling (although there is a well-known difference of opinion among the scholars on this matter), and should go beyond the city and its suburbs. (The majority of scholars say that he should not break his fast before he passes the city limits. They say that a journey has not really begun until a person passes the city limits, and a person who is still in the city is “settled” and “present”. Allaah says (interpretation of the meaning): “… So whoever of you sights (the crescent on the first night of) the month (of Ramadaan, i.e., is present at his home), he must observes sawm (fasts) that month…” [al-Baqarah 2:185]. He is not counted as a traveller until he has left the city; if he is still within the city, he is regarded as one who is settled, so he is not permitted to shorten his prayers). His journey should also not be a journey for sinful purposes (according to the majority of scholars), or for the purpose of trying to get out of having to fast.
(17) The traveller is allowed to break his fast, according to the consensus of the ummah, whether he is able to continue fasting or not, and whether is it difficult for him to fast or not. Even if his journey is easy and he has someone to serve him, he is still permitted to break his fast and shorten his prayers. (Majmoo’ al-Fataawaa, 25/210).(9/21)
(18) Whoever is determined to travel in Ramadaan should not have the intention of breaking his fast until he is actually travelling, because something may happen to prevent him from setting out on his journey. (Tafseer al-Qurtubi, 2/278).
The traveller should not break his fast until he has passed beyond the inhabited houses of his town; once he has passed the city limits, he may break his fast. Similarly, if he is flying, once the plane has taken off and has gone beyond the city limits, he may break his fast. If the airport is outside his city, he can break his fast there, but if the airport is within his city or attached to it, he should not break his fast in the airport because he is still inside his own city.
(19) If the sun sets and he breaks his fast on the ground, then the plane takes off and he sees the sun, he does not have to stop eating, because he has already completed his day’s fasting, and there is no way to repeat an act of worship that is finished. If the plane takes off before sunset and he wants to complete that day’s fasting during the journey, he should not break his fast until the sun has set from wherever he is in the air. The pilot is not permitted to bring the plane down to an altitude from which the sun cannot be seen just for the purposes of breaking the fast, because this would just be a kind of trickery, but if he brings the plane down lower for a genuine reason, and the disk of the sun disappears as a result, then he may break his fast. (From the fataawa of Shaykh Ibn Baaz, issued verbally).(9/22)
(20) Whoever travels to a place and intends to stay there for more than four days must fast, according to the majority of scholars. So if a person travels to study abroad for a period of months or years, then according to the majority of scholars – including the four imaams – he is regarded as one who is “settled” there and so he has to fast and pray his prayers in full.
If a traveller passes through a city other than his own, he does not have to fast, unless his stay there is longer than four days, in which case he must fast, because the rulings that apply to those who are settled apply also to him. (See Fataawa al-Da’wah by Ibn Baaz, 977).
(21) Whoever begins fasting while he is “settled” then embarks on a journey during the day is allowed to break his fast, because Allaah has made setting out in general a legitimate excuse not to fast. Allaah says (interpretation of the meaning): “… and whoever is ill or on a journey, the same number [of days on which one did not observe sawm must be made up] from other days…” [al-Baqarah 2:185](9/23)
(22) A person who habitually travels is permitted not to fast if he has a home to which he returns, such as a courier who travels to serve the interests of the Muslims (and also taxi drivers, pilots and airline employees, even if their travel is daily – but they have to make up the fasts later). The same applies to sailors who have a home on land; but if a sailor has his wife and all he needs with him on the ship, and is constantly travelling, then he is not allowed to break his fast or shorten his prayers. If nomadic Bedouins are travelling from their winter home to their summer home, or vice versa, they are allowed to break their fast and shorten their prayers, but once they have settled in either their summer home or their winter home, they should not break their fast or shorten their prayers, even if they are following their flocks.(See Majmoo’ Fataawa Ibn Taymiyah, 25/213).
(23) If a traveller arrives during the day, there is a well-known dispute among the scholars as to whether he should stop eating and drinking. (Majmoo’ al-Fataawa, 25/212). But to be on the safe side, he should stop eating and drinking, out of respect for the month, but he has to make the day up later, whether or not he stops eating and drinking after his arrival.(9/24)
(24) If he starts Ramadaan in one city, then travels to another city where the people started fasting before him or after him, then he should follow the ruling governing the people to whom he has travelled, so he should only end Ramadaan when they end Ramadaan, even if it means that he is fasting for more than thirty days, because the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “Fast when everyone is fasting, and break your fast when everyone is breaking their fast.” If it means that his fast is less than twenty-nine days, he must make it up after Eid, because the hijri month cannot be less than twenty-nine days. (From Fataawa al-Shaykh ‘Abd al-‘Azeez ibn Baaz: Fataawa al-Siyaam, Daar al-Watan, pp. 15-16)
The sick
(25) In the event of any sickness that makes people feel unwell, a person is allowed not to fast. The basis for this is the aayah (interpretation of the meaning): “… and whoever is ill or on a journey, the same number [of days on which one did not observe sawm must be made up] from other days…” [al-Baqarah 2:185]. But if the ailment is minor, such as a cough or headache, then it is not a reason to break one's fast.(9/25)
If there is medical proof, or a person knows from his usual experience, or he is certain, that fasting will make his illness worse or delay his recovery, he is permitted to break his fast; indeed, it is disliked (makrooh) for him to fast in such cases. If a person is seriously ill, he does not have to have the intention during the night to fast the following day, even if there is a possibility that he may be well in the morning, because what counts is the present moment.(9/26)
(26) If fasting will cause unconsciousness, he should break his fast and make the fast up later on. (al-Fataawa, 25/217). If a person falls unconscious during the day and recovers before Maghrib or after, his fast is still valid, so long as he was fasting in the morning; if he is unconscious from Fajr until Maghrib, then according to the majority of scholars his fast is not valid. According to the majority of scholars, it is obligatory for a person who falls unconscious to make up his fasts later on, no matter how long he was unconscious. (Al-Mughni ma’a al-Sharh al-Kabeer, 1/412, 3/32; al-Mawsoo’ah al-Fiqhiyyah al-Kuwaytiyyah, 5/268). Some scholars issued fatwaas to the effect that a person who falls unconscious or takes sleeping pills or receives a general anaesthetic for a genuine reason, and becomes unconscious for three days or less, must make up the fasts later on, because he is regarded as being like one who sleeps; if he is unconscious for more than three days, he does not have to make up the fasts, because he is regarded as being like one who is insane. (From the fataawa of Shaykh ‘Abd al-‘Azeez ibn Baaz, issued verbally).(9/27)
(27) If a person feels extreme hunger or thirst, and fears that he may die or that some of his faculties may be irreparably damaged, and has rational grounds for believing this to be so, he may break his fast and make up for it later on, because saving one’s life is obligatory. But it is not permissible to break one's fast because of bearable hardship or because one feels tired or is afraid of some imagined illness. People who work in physically demanding jobs are not permitted to break their fast, and they must have the intention at night of fasting the following day. If they cannot stop working and they are afraid that some harm may befall them during the day, or they face some extreme hardship that causes them to break their fast, then they should eat only what is enough to help them bear the hardship, then they should refrain from eating until sunset, and they have to make the fast up later. Workers in physically demanding jobs, such as working with furnaces and smelting metals, should try to change their hours so that they work at night, or take their holidays during Ramadaan, or even take unpaid leave, but if this is not possible, then they should look for another job, where they can combine their religious and worldly duties. “And whoever fears Allaah and keeps his duty to Him, He will make a way for him to get out (from every difficulty). And He will provide him from (sources) he could never imagine.” [al-Talaaq 65:2-3 – interpretation of the meaning]. (Fataawa al-Lajnah al-Daa’imah, 10/233, 235)(9/28)
Students’ exams are no excuse for breaking one’s fast during Ramadaan, and it is not permissible to obey one’s parents in breaking the fast because of having exams, because there is no obedience to any created being if it involves disobedience to the Creator. (Fataawa al-Lajnah al-Daa’imah, 10/241).
(28) The sick person who hopes to recover should wait until he gets better, then make up for the fasts he has missed; he is not allowed just to feed the poor. The person who is suffering from a chronic illness and has no hope of recovery and elderly people who are unable to fast should feed a poor person with half a saa’ of the staple food of his country for every day that he has missed. (Half a saa’ is roughly equivalent to one and a half kilograms of rice). It is permissible for him to do this all at once, on one day at the end of the month, or to feed one poor person every day. He has to do this by giving actual food, because of the wording of the aayah – he cannot do it by giving money to the poor (Fataawa al-Lajnah al-Daa’imah, 10/198). But he can give money to a trustworthy person or charitable organization to buy food and distribute it to the poor on his behalf.(9/29)
If a sick person does not fast in Ramadaan, waiting to recover so that he can make the days up later, then he finds out that his sickness is chronic, he has to feed a poor person for every day that he did not fast. (From the fataawa of Shaykh Ibn ‘Uthaymeen). If a person is waiting to recover from his illness and hopes to get better, but then dies, there is no “debt” owed by him or his heirs. If a person’s sickness is considered to be chronic, so he does not fast and feeds the poor instead, then advances in medical science mean that there is now a cure, which he uses and gets better, he does not have to make up the fasts he has missed, because he did what he had to do at the time. (Fataawa al-Lajnah al-Daa’imah, 10/195)
(29) If a person is sick, then recovers, and is able to make up the missed fasts but does not do so before he dies, then money should be taken from his estate to feed a poor person for every day that he missed. If any of his relatives want to fast on his behalf, then this is OK, because it was reported in al-Saheehayn that the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “Whoever dies owing some fasts, let his heir fast on his behalf.” (From Fataawa al-Lajnah al-Daa’imah, volume on Da’wah, 806).
The elderly(9/30)
(30) The very elderly who have lost their strength and are getting weaker every day as death approaches, do not have to fast, and they are allowed not to fast so long as fasting would be too difficult for them. Ibn ‘Abbaas (may Allaah be pleased with him) used to say, concerning the aayah (interpretation of the meaning), “And as for those who can fast with difficulty (e.g., an old man, etc.), they have (a choice either to fast or) to feed a poor person (for every day)” [al-Baqarah 2:184]: “This has not been abrogated. It refers to the old man and the old woman who cannot fast, so they should feed a poor person for every day.” (Al-Bukhaari, Kitaab al-Tafseer, Baab Ayaaman Ma’doodaat…)
Those who have become senile and confused do not have to fast or do anything else, and their family does not have to do anything on their behalf, because such people are no longer counted as responsible. If they are of sound mind sometimes and confused at other times, they have to fast when they are OK and they do not have to fast when they are confused. (See Majaalis Shahr Ramadaan by Ibn ‘Uthyameen, p. 28).(9/31)
(31) For those who are fighting an enemy or are being besieged by an enemy, if fasting would make them too weak to fight, they are allowed to break the fast, even if they are not travelling. If they need to break their fast before fighting, they can break their fast. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said to his Companions once, before fighting: “In the morning you are going to meet your enemy and not fasting will make you stronger, so do not fast.” (Reported by Muslim, 1120, ‘Abd al-Baaqi edn. This is also the preferred opinion of Shaykh al-Islam Ibn Taymiyah. The scholars of Damascus also issued fatwas to the same effect when their city was attacked by the Tatars)
(32) If a person’s reason for not fasting is obvious, such as illness, there is nothing wrong with him eating or drinking openly, but if the reason is hidden, such as menstruation, it is better to eat and drink in secret, so as not to attract accusations and the like.
Niyyah (intention) in fasting
(33) Niyyah (intention) is a required condition in fard (obligatory) fasts, and in other obligatory fasts such as making up missed fasts or fasts done as an act of expiation (kafaarah), because the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “There is no fast for the person who did not intend to fast from the night before.” (Reported by Abu Dawood, no. 2454. A number of the scholars, such as al-Bukhaari, al-Nisaa'i, al-Tirmidhi and others thought it was likely to be mawqoof. See Talkhees al-Hubayr, 2/188)(9/32)
The intention may be made at any point during the night, even if it is just a moment before Fajr. Niyyah means the resolution in the heart to do something; speaking it aloud is bid’ah (a reprehensible innovation), and anyone who knows that tomorrow is one of the days of Ramadaan and wants to fast has made the intention. (Majmoo’ Fataawa Shaykh al-Islam, 25/215). If a person intends to break his fast during the day but does not do so, then according to the most correct opinion, his fast is not adversely affected by this; he is like a person who wants to speak during the prayer but does not speak. Some of the scholars think that he is not fasting as soon as he stops intending to fast, so to be on the safe side, he should make up that fast later on. Apostasy, however, invalidates the intention; there is no dispute on this matter.
The person who is fasting Ramadaan does not need to repeat the intention every night during Ramadaan; it is sufficient to have the intention at the beginning of the month. If the intention is interrupted by breaking the fast due to travel or sickness – for example – he has to renew the intention to fast when the reason for breaking the fast is no longer present.(9/33)
(34) Making the intention the night before is not a condition of general nafl (supererogatory) fasts, because of the hadeeth narrated by ‘Aa’ishah (may Allaah be pleased with her), who said: “The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) entered upon me one day and said, ‘Do you have anything [food]?’ We said, ‘No.’ He said, ‘In that case I am fasting.’” (Reported by Muslim, 2/809, ‘Abd al-Baaqi). But in the case of specific nafl fasts such as ‘Arafaah and ‘Aashooraa’, it is better to be on the safe side and make the intention the night before.(9/34)
(36) If a person embarks on an obligatory fast, such as making up for a day missed in Ramadaan, or fulfilling a vow, or fasting as an act of expiation (kafaarah), he must complete the fast, and he is not permitted to break it unless he has a valid excuse for doing so. In the case of a naafil fast, “the person who is observing a voluntary fast has the choice either to complete the fast or to break it” (reported by Ahmad, 6/342) – even if there is no reason to break it. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) got up fasting one morning, then he ate. (As reported in Saheeh Muslim, in the story of the al-hais (a type of food) that was given to him as a gift when he was in ‘Aa’ishah’s house; no. 1154, ‘Abd al-Baaqi). But will the person who breaks his fast for no reason be rewarded for the fasting that he has already done? Some of the scholars say that he will not be rewarded (al-Mawsoo’ah al-Fiqhiyyah, 28/13), so it is better for the person who is observing a voluntary fast to complete it, unless there is a valid, pressing reason for him to stop fasting.
(36) If a person does not know that Ramadaan has started until after dawn, he has to stop eating and drinking for the rest of the day, and he has to make that day up later on, according to the majority of scholars, because the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “There is no fasting for the one who does not have the intention to fast from the night before.” (Reported by Abu Dawood, 2454).(9/35)
(37) If a prisoner or captive knows that Ramadaan has begun by sighting the moon himself or by being told by a trustworthy person, he has to fast. If he does not know when the month is beginning, he must try to work it out for himself (ijtihaad) and act according what he thinks is most likely. If he later finds out that his fasting coincided with Ramadaan, this is fine according to the majority of scholars, and if his fasting came after Ramadaan, this is fine according to the majority of fuqahaa’, but if his fasting came before Ramadaan, this is not acceptable, and he has to make up the fast. If part of his fasting coincided with Ramadaan and part of it did not, what coincided with it or came after it is fine, but what came before is not OK. If the matter never becomes clear to him, then his fasting is fine because he did the best he could, and Allaah burdens not a person beyond his scope. (Al-Mawsoo’ah al-Fiqhiyyah, 28/84).
When to start and stop fasting
(38) Once the entire disk of the sun has disappeared, the fasting person should break his fast, and not pay any attention to the red glow that remains on the horizon, because the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “Once night comes from there and the day disappears from there, and the sun has set, the fasting person should break his fast.” (Reported by al-Bukhaari, al-Fath, no. 1954; the issue is also mentioned in Majmoo’ al-Fataawa, 25/216).(9/36)
The Sunnah is to hasten in breaking the fast. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) would not pray Maghrib until he had broken his fast, if only with a sip of water. (Reported by al-Haakim, 1/432; al-Silsilat al-Saheehah, 2110). If a fasting person cannot find anything with which to break his fast, he should have the intention in his heart to break his fast, and he should not suck his finger, as some of the common people do. He should beware of breaking the fast before the correct time, because the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) saw some people hanging from their hamstrings with blood pouring from the corners of their mouths, and when he asked about them, he was told that they were people who broke their fast before it was time to do so.” (The hadeeth is in Saheeh Ibn Khuzaymah, no. 1986, and in Saheeh al-Targheeb, 1/420). If a person is certain, or thinks it most likely, or is not sure whether he broke the fast before the proper time, he should make up the fast later on, because the basic principle is that the day is still there and has not ended. (Fataawa al-Lajnah al-Daa’imah, 10/287). He should beware of relying on the word of small children or untrustworthy sources, and he should also beware of the time differences between different cities and villages when he hears the adhaan on the radio and so on.(9/37)
(39) When the dawn comes – which is the white light coming across the horizon in the East – the fasting person must stop eating and drinking straightaway, whether he hears the adhaan or not. If he knows that the muezzin calls the adhaan at dawn, he has to stop eating and drinking as soon as he hears his adhaan, but if the muezzin calls the adhaan before Fajr, he does not have to stop eating and drinking when he hears it. If he does not know the muezzin’s usual practice, or there are differences among the muezzins, and he cannot determine the time of dawn for himself – as is usually the case in cities because of lighting and buildings – he should take the precaution of referring to a printed timetable, so long as he is sure that the calculations on which it is based are not incorrect.
The idea of being on the safe side by stopping eating and drinking a certain time before Fajr, such as ten minutes before, is bid’ah. On some timetables you can see one heading for “imsaak” (stopping eating and drinking) and another for Fajr; this is something that is contrary to Islam.
(40) The Muslims living in cities where there is a distinct alternation of night and day in every twenty-four hour period are obliged to fast, no matter how long the day is, so long as that distinction between night and day is there. In some places there is no such distinction between night and day; Muslims in these places should fast according to the times in the nearest city in which there is a distinct alternation of night and day.
Things that break the fast(9/38)
(41) Apart from hayd (menstruation) and nifaas (post-natal bleeding), other things that can break the fast are only considered to do so if the following three conditions apply: if a person knows that it breaks the fast and is not ignorant; if he is aware of what he is doing and has not forgotten that he is fasting; if he does it of his own free will and is not forced to do it.
Among the things that break the fast are actions that involves the expulsion of bodily fluids, such as intercourse, vomiting, menstruation and cupping, and actions that involve ingesting matter, such as eating and drinking. (Majmoo’ al-Fataawa, 25/148)
(42) Among the things that break the fast are things that are classified as being like eating or drinking, such as taking medicines and pills by mouth, or injections of nourishing substances, or blood transfusions.
Injections that are not given to replace food and drink but are used to administer medications such as penicillin and insulin, or tonics, or vaccinations, do not break the fast, regardless of whether they are intra-muscular or intravenous. (Fataawa Ibn Ibraaheem, 4/189). But to be on the safe side, all these injections should be given during the night.
Kidney dialysis, whereby the blood is taken out, cleaned, and put back with some chemicals or nourishing substances such as sugars and salts added, is considered to break the fast. (Fataawa al-Lajnah al-Daa’imah, 10/190).(9/39)
According to the most correct view, suppositories, eye-drops, ear-drops, having a tooth extracted and treating wounds do not break the fast. (Majmoo’ Fataawa Shaykh al-Islam, 25/233, 25/245).
Puffers used for asthma do not break the fast, because this is just compressed gas that goes to the lungs – it is not food, and it is needed at all times, in Ramadaan and at other times.
Having a blood sample taken does not break the fast and is permissible because it is something that is needed. (Fataawa al-Da’wah: Ibn Baaz, no. 979).
Medicines used by gargling do not break the fast so long as they are not swallowed. If a person has a tooth filled and feels the taste of it in his throat, this does not break his fast. (From the fataawa of Shaykh ‘Abd al-‘Azeez ibn Baaz, issued verbally).
The following things do NOT break the fast:
Having the ears syringed; nose drops and nasal sprays – so long as one avoids swallowing anything that reaches the throat.
Tablets that are placed under the tongue to treat angina and other conditions - so long as one avoids swallowing anything that reaches the throat.
Anything inserted into the vagina, such as pessaries, douches, scopes or fingers for the purpose of a medical examination.
Insertion of a scope or intra-uterine device (IUD or “coil”) and the like into the uterus.
Insertion into the urethra – for males or females – of a catheter, opaque dye for diagnostic imaging, medication or solutions for cleansing the bladder.(9/40)
Dental fillings, tooth extractions, cleaning of the teeth, use of siwaak or toothbrush - so long as one avoids swallowing anything that reaches the throat.
Rinsing, gargling or applying topical mouth sprays - so long as one avoids swallowing anything that reaches the throat.
Subcutaneous, intramuscular or intravenous injections – except for those used to provide nourishment.
Oxygen.
Anaesthetic gases – so long as the patient is not given nourishing solutions.
Medications absorbed through the skin, such as creams and patches used to administer medicine and chemicals.
Insertion of a catheter into veins for diagnostic imaging or treatment of blood vessels in the heart or other organs.
Use of a laparoscope (instrument inserted through a small incision in the abdomen) to examine the abdominal cavity or to perform operations.
Taking biopsies or samples from the liver or other organs – so long as this is not accompanied by the administration of solutions.
Gastroscopy – so long as this is not accompanied by the administration of solutions or other substances.
Introduction of any instrument or medication to the brain or spinal column.(9/41)
(43) Anyone who eats and drinks deliberately during the day in Ramadaan with no valid excuse has committed a grave major sin (kabeerah), and has to repent and make up for that fast later on. If he broke the fast with something haraam, such as drinking alcohol, this makes his sin even worse. Whatever the case, he has to repent sincerely and do more naafil deeds, fasting and other acts of worship, so as to avoid having any shortfall in his record of obligatory deeds, and so that Allaah might accept his repentance.
(44) “If he forgets, and eats and drinks, then let him complete his fast, for Allaah has fed him and given him to drink.” (Reported by al-Bukhaari, Fath, no. 1933). According to another report, “He does not have to make the fast up later or offer expiation (kafaarah).”
If a person sees someone else who is eating because he has forgotten that he is fasting, he should remind him, because of the general meaning of the aayah (interpretation of the meaning): “… Help one another in righteousness and piety…” [al-Maa’idah 5:2], and the hadeeth, “if I forget, remind me”; and because of the principle that this is an evil action (munkar) that must be changed. (Majlis Shahr Ramadaan, Ibn ‘Uthaymeen, p.70)
(45) Those who need to break their fast in order to save someone whose life is in danger, may break their fast and should make it up later on. This applies in cases where someone is drowning, or when fires need to be put out.(9/42)
(46) If a person is obliged to fast, but he deliberately has intercourse during the day in Ramadaan, of his own free will, where the two “circumcised parts” (genitals) come together and the tip of the penis penetrates either the front or back passage, his fast is broken, whether or not he ejaculates, and he has to repent. He should still fast for the rest of the day, but he has to make up the fast later on, and offer expiation (kafaarah), because of the hadeeth narrated by Abu Hurayrah (may Allaah be pleased with him): “Whilst we were sitting with the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him), a man came to him and said: ‘O Messenger of Allaah, I am doomed!’ He said, ‘What is the matter with you?’ He said, ‘I had intercourse with my wife whilst I was fasting.’ The Messenger of Allaah said, ‘Do you have a slave whom you could set free?’ He said, ‘No.’ He said, ‘Can you fast for two consecutive months?’ He said, ‘No.’ He said, ‘Do you have the wherewithal to feed sixty poor people?’ He said, ‘No’…” (Reported by al-Bukhaari, al-Fath, 4, no. 1936). The same ruling also applies in cases of zinaa (adultery or fornication), homosexuality and bestiality.
[Translator's Note: Having Intercourse from the back passage, adultery, homosexuality, and bestiality are major sins in Islam and are magnified if done during the day of Ramadhan.](9/43)
If a person has intercourse during the day on more than one day during Ramadaan, he must offer expiation for each day, as well as repeating the fast for each day. Not knowing that kafaarah is obligatory is no excuse. (Fataawa al-Lajnah al-Daa’imah, 10/321).
(47) If a man wants to have intercourse with his wife but he breaks his fast by eating first, his sin is more serious, because he has violated the sanctity of the month on two counts, by eating and by having intercourse. It is even more certain in this case that expiation is obligatory, and if he tries to get out of it, that only makes matters worse. He must repent sincerely. (See Majmoo’ al-Fataawa, 25/262).
(48) Kissing, hugging, embracing, touching and repeatedly looking at one’s wife or concubine, if a man is able to control himself, is permissible, because it is reported in al-Saheehayn from ‘Aa’ishah (may Allaah be pleased with her) that the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) used to kiss and embrace his wives whilst he was fasting, but he was the most in control of his desire. With regard to the hadeeth qudsi, “he keeps away from his wife for My sake”, this is referring to intercourse. But if a person get aroused quickly and is unable to control himself, then it is not permissible for him to kiss or embrace his wife, because that will lead to him breaking his fast, as he cannot be sure that he will be able to avoid ejaculating or having intercourse. Allaah says in a hadeeth qudsi: “and he leaves his desire for My sake.” The Islamic guideline is that anything that leads to haraam is also haraam.(9/44)
(49) If a person is engaged in the act of intercourse and dawn comes, he is obliged to withdraw, and his fast will be valid even if he ejaculates after withdrawal, but if he continues having intercourse until after dawn, he has broken his fast, and he must repent, make the fast up later, and offer expiation.
(50) If morning comes and a person is in a state of janaabah (impurity following sexual intercourse), this does not affect his fasting. He or she is permitted to delay doing ghusl, whether it is for janaabah or following menstruation or post-natal bleeding, until dawn has appeared (though well before sunrise), but it is better to hasten to do ghusl so that one can pray.
(51) If a person who is fasting sleeps and experiences a wet dream, this does not break his fast, according to scholarly consensus (ijmaa’), so he should complete his fast. Delaying doing ghusl does not break the fast, but he should hasten to do ghusl so that he can pray and so that the anegls will draw close to him.(9/45)
(52) If a person ejaculates during the day in Ramadaan because of something that he could have refrained from, such as touching or repeatedly looking at a woman, he must repent to Allaah and fast for the rest of the day, but he also has to make up that fast later on. If a person starts to masturbate but then stops, and does not ejaculate, then he has to repent but he does not have to make the fast up later on, because he did not ejaculate. The person who is fasting must keep away from everything that may provoke his desire, and he must repel any bad thoughts that come to him. However, according to the most correct opinion, if he emits prostatic fluid (madhiy), this does not break his fast.
The emission of wadiy, a thick sticky substance that comes out after urination, with no sense of physical pleasure, does not break the fast, and a person does not have to do ghusl, but he does have to do istinjaa’ (clean his private parts) and do wudoo’. (Fataawa al-Lajnah al-Daa’imah, 10/279)(9/46)
(53) “Whoever vomits unintentionally does not have to make up the fast later on, but whoever vomits on purpose does have to make up the fast.” (Saheeh hadeeth narrated by al-Tirmidhi, 3/89). A person who vomits deliberately, by sticking his finger down his throat or applying pressure to his stomach, or deliberately smelling a repulsive odour, or looking at something that could make him vomit, is obliged to make up the fast later on. If he feels that he is about to vomit, but then it subsides by itself, this does not break his fast, because it is not something that he can control, but if the vomit comes into his mouth and he swallows it back down, this does break the fast. If a person feels sick in his stomach, he does not have to suppress the urge to vomit, because this could cause him harm. (Majaalis Sharh Ramadaan, Ibn ‘Uthaymeen, 67).
If a person unintentionally swallows something that is stuck between his teeth, or if it is so small that he could not tell it was there or spit it out, this is counted as being part of his saliva and it does not break his fast. But if it is big enough to spit out, he should spit it out. If he spits it out, this is OK, but if he swallows it, this breaks his fast. If it can be diluted in the mouth, in whole or in part, and it has an added taste or sweetness, it is haraam for him to chew it. If any of this substance reaches the throat, this breaks the fast. If a person spits out water after rinsing his mouth, his fast is not affected by any moisture or wetness that is left behind, because he cannot help it.(9/47)
If a person suffers from a nosebleed, his fast is still valid, because this is something that is beyond his control. (Fataawa al-Lajnah al-Daa’imah, 10/264).
If he has gum ulcers or his gums bleed after using the siwaak (tooth stick), it is not permissible for him to swallow the blood; he has to spit it out. However, if some blood enters his throat by accident, and he did not mean for that to happen, there is no need to worry. Similarly, if vomit rises in his throat then goes back down to his stomach without him intending for this to happen, his fast is still valid. (Fataawa al-Lajnah al-Daa’imah, 10/254).
With regard to mucus coming from the head (nose and sinuses) and phlegm coming from the chest by coughing and clearing the throat, if it is swallowed before it reaches the mouth, this does not break a person’s fast, because it is a problem which all people have; but if it is swallowed after it reaches the mouth, this does break the fast. However, if it is swallowed unintentionally, it does not break the fast.
Inhaling water vapours, as may happen to people working in desalination plants, does not break the fast. (Fataawa al-Lajnah al-Daa’imah, 10/276).(9/48)
It is disliked (makrooh) to taste food unnecessarily, because this carries the risk that the fast may be broken. Examples of cases where it is necessary to taste food include a mother chewing food for an infant when she has no other way to feed him, tasting food to make sure that it is OK, and tasting something when making a purchase. It was reported that Ibn ‘Abbaas said: “There is nothing wrong with tasting vinegar or anything that one wishes to buy.” (Classed as hasan in Irwa’ al-Ghaleel, 4/86; See al-Fath, commentary on Baab Ightisaal al-Saa’im, Kitaab al-Siyaam).
(54) Using siwaak is Sunnah for the one who is fasting at all times of the day, even if it is wet. If a person who is fasting uses a siwaak and detects some heat or other taste from it and swallows it, or if he takes the siwaak out of his mouth and sees saliva on it then puts it back in his mouth and swallows the saliva, this does not break his fast. (al-Fataawa al-Sa’diyyah, 245). He should avoid any substance that can be diluted, such as the green siwaak, or siwaak that has any extra flavour added to it, like lemon or mint. He should spit out any small pieces that come off the siwaak in his mouth; he should not swallow them deliberately, but if he swallows them accidentally, there is no harm done.(9/49)
(55) If a fasting person is injured or suffers a nosebleed, or gets water or petrol in his mouth by accident, this does not break his fast. If he gets dust, smoke or flies in his mouth by accident, this does not break his fast either. Things that one cannot avoid swallowing, like one’s own saliva, or dust from grinding flour, do not break the fast. If a person gathers a lot of saliva in his mouth then swallows it on purpose, this does not break the fast, according to the most correct opinion. (al-Mughni by Ibn Qudaamah, 3/106).
If tears reach one’s throat, or if a person applies oil to his hair or moustache, or uses henna, and then detects the taste of it in his throat, this does not break his fast. Using henna, kohl or oil does not break the fast. (See Majmoo’ al-Fataawa, 25/233, 25/245). This also applies to creams used to moisturize and soften the skin.
There is nothing wrong with smelling pleasant fragrances, using perfume or applying scented creams and the like. There is nothing wrong with a fasting person using bukhoor (incense), so long as he does not use it as snuff. (Fataawa al-Lajnah al-Daa’imah, 10/314).
It is better not to use toothpaste during the day, and to leave it till night-time, because it is too strong. (Al-Majaalis, Ibn ‘Uthaymeen, p. 72).
(56) To be on the safe side, it is better for the fasting person not to be treated with cupping (hijaamah). There is a strong difference of opinion on this matter. Ibn Taymiyah suggested that the one who has cupping done breaks his fast, but the one who does it does not break his fast.(9/50)
(57) Smoking breaks the fast, and it cannot be used as an excuse not to fast. How can a sin be taken as an excuse?!
(58) Immersing oneself in water or wrapping oneself in wet clothes in order to cool down does not break the fast. There is nothing wrong with pouring water over one’s head to obtain relief from heat and thirst. Swimming is disliked, because it might make one break the fast (by swallowing water). If a person’s work involves diving and he can be sure that he will not get water in his mouth, there is nothing wrong with this.
(59) If a person eats, drinks or has intercourse, thinking that it is still night, then he realizes that dawn has already broken, there is no harm done, because the aayah clearly states that it is permissible to do these things until one is sure that dawn has come. ‘Abd al-Razzaaq reported with a saheeh isnaad going back to Ibn ‘Abbaas (may Allaah be pleased with him) that he said: “Allaah has permitted you to eat and drink so long as there is any doubt in your mind.” (Fath al-Baari, 4/135; this is also the opinion of Shaykh al-Islam Ibn Taymiyyah, Majmoo’ al-Fataawa, 29/263).
(60) If a person breaks his fast, thinking that the sun has already set when it has not, he must make up the fast later on (according to the majority of scholars), because the principle is that it is still day, and a fact that is certain cannot be rejected in favour of something doubtful. (Shaykh al-Islam Ibn Taymiyah thought that it was not necessary for a person in this situation to make up the fast).(9/51)
If dawn breaks and a person has food or drink in his mouth, the fuqaha’ are agreed that he should spit it out, and his fast is valid. This is like the ruling on one who eats or drinks because he forgets, then remembers he is fasting – if he hastens to spit out the food or drink in his mouth, his fast is still valid.
Rulings on fasting for women
(62) A woman who has reached the age of puberty, but is too shy to tell anyone, so she does not fast, has to repent and make up the days she has missed, as well as feeding a poor person for each day, as an act of expiation for delaying her fast, if the following Ramadaan comes and she has not yet made up those days. Her case is like that of a woman who fasts the days of her period out of shyness, and does not make them up later.
If a woman does not know exactly how many days she has missed, she should fast until she is fairly certain that she has made up the days she had missed and not made up from previous Ramadaans, and offer the expiation for delaying for each day. She can do this at the same time as fasting or separately, depending on what she is able to do
(63) A woman should not fast – except during Ramadaan – if her husband is present without his permission, but if he is travelling then it does not matter.(9/52)
(64) When a menstruating woman sees the white substance – which is discharged by the uterus when the period is finished – by which a woman knows that she has now become taahir (pure), she should have the intention to fast from the night before and should fast. If she does not have a time when she knows she is taahir, she should insert a piece of cotton or something similar, and if it comes out clean, she should fast, and if she starts to bleed again, she should stop fasting, whether the blood is a flow or just spotting, because it breaks the fast as long as it comes at the time of the period. (Fataawa al-Lajnah al-Daa’imah, 10/154).
If the cessation of bleeding continues until Maghrib, and she has fasted with the intention from the night before, then her fast is valid. If a woman feels the movement of menstrual blood inside her, but is does not come out until after the sun has set, her fast is valid and she does not have to make the day up later.
If a woman’s period or post-natal bleeding ceases during the night, and she makes the intention to fast, but dawn comes before she is able to do ghusl, according to all the scholars her fast is valid. (al-Fath, 4/148)
(65) If a woman knows that her period will come tomorrow, she should still continue her intention and keep fasting; she should not break her fast until she actually sees the blood.(9/53)
(66) It is better for a menstruating woman to remain natural and accept what Allaah has decreed for her by not taking any medication to prevent her from bleeding. She should be content with what Allaah accepts from her of breaking her fast during her period and making those days up later. This is how the Mothers of the Believers and the women of the salaf were. (Fataawa al-Lajnah al-Daa’imah, 10/151). Moreover, there is medical evidence to prove that many of the things used to prevent bleeding are in fact harmful, and many women have suffered from irregular periods as a result of taking them. However, if a woman does that and takes something to stop the bleeding, then fasts, this is OK.
(67) Istihaadah (non-menstrual vaginal bleeding) does not have any effect on the validity of the fast.
(68) If a pregnant woman miscarries and the foetus is formed or has a discernible outline of any part of the body, such as a head or hand, then her blood is nifaas; if, however, she passes something that looks like a blood clot (‘alaq) or a chewed piece of meat that has no discernible human features, her bleeding is istihaadah and she has to fast, if she is able, otherwise she can break her fast and make it up later on. (Fataawa al-Lajnah al-Daa’imah, 10/224). Once she becomes clean after having an operation to clean the womb (D&C), she should fast. The scholars stated that the embryo is considered to start taking shape after 80 days of pregnancy.(9/54)
If a woman becomes clean from nifaas before forty days, she should fast and do ghusl so that she can pray. (al-Mughni ma’a al-Sharh al-Kabeer, 1/360). If the bleeding resumes within forty days after the birth, she should stop fasting, because this is still nifaas. If the bleeding continues after the fortieth day, she should make the intention to fast and do ghusl (according to the majority of scholars), and any bleeding beyond the fortieth day is considered to be istihaadah (non-menstrual bleeding) – unless it coincides with the usual time of her period, in which case it is hayd (menstrual blood).
If a breastfeeding woman fasts during the day and sees a spot of blood during the night, although she was clean during the day, her fast is still valid. (Fataawa al-Lajnah al-Daa’imah, 10/150)
(69) According to the most correct opinion, a woman who is pregnant or breastfeeding is regarded as being like one who is ill, so she is permitted not to fast, and she only has to make up the days that she missed, whether she fears for herself or for her child. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “Allaah has lifted the obligation of fasting and part of the prayer from the traveller, and He has lifted the obligation of fasting from the pregnant and breastfeeding woman.” (Reported by al-Tirmidhi, 3/85; he said (it is a) hasan hadeeth). If a pregnant woman fasts and experiences some bleeding, her fast is still valid; this does not affect her fast at all. (Fataawa al-Lajnah al-Daa’imah, 10/225).(9/55)
(70) In the case of a woman who is obliged to fast, if her husband has intercourse with her during the day in Ramadaan with her consent, then the ruling that applies to him also applies to her. If, however, he forces her to do that, she should do her best to resist him, and she does not have to offer expiation. Ibn ‘Aqeel (may Allaah have mercy on him) said: “In the case of a man who has intercourse with his wife during the day in Ramadaan whilst she is sleeping, she does not have to offer expiation.” But to be on the safe side, she should make up that fast later on. (Shaykh al-Islam Ibn Taymiyah (may Allaah have mercy on him) was of the opinion that this did not invalidate her fast at all).
A woman who knows that her husband cannot control himself should keep away from him and not adorn herself during the day in Ramadaan.
Women have to make up the fasts that they miss during Ramadaan, even without their husbands’ knowledge. It is not a condition for an obligatory fast for a woman to have the permission of her husband. If a woman starts to observe an obligatory fast, she is not allowed to break it except for a legitimate reason. Her husband is not permitted to order her to break her fast when she is making up a day that she has missed; he is not allowed to have intercourse with her when she is making up a missed fast, and she is not allowed to obey him in that regard. (Fataawa al-Lajnah al-Daa’imah, 10/353).(9/56)
In the case of voluntary fasts, a woman is not permitted to start a non-obligatory fast when her husband is present without his permission, because of the hadeeth narrated by Abu Hurayrah (may Allaah be pleased with him), according to which the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “No woman should fast when her husband is present except with his permission.” (Reported by al-Bukhaari, 4793).
In conclusion, this is what I was able to write about issues concerning fasting. I ask Allaah to help us to remember Him, thank Him and worship Him properly, and to end our Ramadaan with forgiveness, and to save us from the Fire.
May Allaah bless our Prophet Muhammad, and his family and companions, and grant them peace.(9/57)
بسم الله الرحمن الرحيم
40 نصيحة لإصلاح البيوت
مقدمة
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ... أما بعد :
البيت نعمة
قال الله تعالى : " والله جعل لكم من بيوتكم سكناً " . سورة النحل الآية 80 .
قال ابن كثير - رحمه الله - : " يذكر تبارك وتعالى تمام نعمه على عبيده ، بما جعل لهم من البيوت التي هي سكن لهم يأوون إليها ويستترون وينتفعون بها سائر وجوه الانتفاع " .
ماذا يمثل البيت لأحدنا ؟ أليس هو مكان أكله ونكاحه ونومه وراحته ؟ أليس هو مكان خلوته واجتماعه بأهله وأولاده ؟
أليس هو مكان ستر المرأة وصيانتها ؟! قال تعالى : " وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى " سورة الأحزاب الآية : 33
وإذا تأملت أحوال الناس ممن لا بيوت لهم ممن يعيشون في الملاجئ ، أو على أرصفة الشوارع ، واللاجئين المشردين في المخيمات المؤقتة ، عرفت نعمة البيت ، وإذا سمعت مضطربا يقول ليس لي مستقر ، ولا مكان ثابت ، أنام أحيانا في بيت فلان ، وأحيانا في المقهى ، أو الحديقة أو على شاطئ البحر ، ومستودع ثيابي في سيارتي ؛ إذن لعرفت معنى التشتت الناجم عن حرمان نعمة البيت .
ولما انتقم الله من يهود بني النضير سلبهم هذه النعمة وشردهم من ديارهم فقال تعالى :
" هو الذي أخرج الذين كفروا من ديارهم لأول الحشر " . ثم قال : " يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار " . سورة الحشر ، الآية : 2
والدافع عند المؤمن للاهتمام بإصلاح بيته عدة أمور :(10/1)
أولا : وقاية النفس والأهل نار جهنم ، والسلامة من عذاب الحريق : " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون " سورة التحريم ، الآية : 6
ثانيا : عظم المسئولية الملقاة على راعي البيت أمام الله يوم الحساب :
قال صلى الله عليه وسلم : " إن الله تعالى سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه ، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته " .
ثالثا : أنه المكان لحفظ النفس ، والسلامة من الشرور وكفها عن الناس ، وهو الملجأ الشرعي عند الفتنة :
قال صلى الله عليه وسلم : " طوبى لمن ملك لسانه ووسعه بيته وبكى على خطيئته " .
وقال صلى الله عليه وسلم : " خمس من فعل واحد منهن كان على الله ، من عاد مريضا ، أو خرج غازيا ، أو دخل على إمامه يريد تعزيره وتوقيره ، أو قعد في بيته فسلم الناس منه وسلم من الناس " .
وقال صلى الله عليه و سلم : " سلامة الرجل من الفتنة أن يلزم بيته " .
ويستطيع المسلم أن يلمس فائدة هذا الأمر في حال الغربة عندما لا يستطيع لكثير من المنكرات تغييرا ، فيكون لديه ملجأ إذا دخل فيه يحمي نفسه من العمل المحرم والنظر المحرم ، ويحمي أهله من التبرج والسفور ، ويحمي أولاده من قرناء السوء .
رابعا : أن الناس يقضون أكثر أوقاتهم في الغالب داخل بيوتهم ، وخصوصا في الحر الشديد والبرد الشديد والأمطار وأول النهار وآخره ، وعند الفراغ من العمل والدراسة ، ولا بد من صرف الأوقات في الطاعات ، وإلا ستضيع في المحرمات .
خامسا : وهو أهمها ، أن الاهتمام بالبيت هو الوسيلة الكبيرة لبناء المجتمع المسلم ، فإن المجتمع يتكون من بيوت هي لبناته ، والبيوت أحياء ، والأحياء مجتمع ، فلو صلحت اللبنة لكان مجتمعا قويا بأحكام الله ، صامدا في وجه أعداء الله ، يشع الخير ولا ينفذ إليه شر .(10/2)
فيخرج من البيت المسلم إلى المجتمع أركان الإصلاح فيه ؛ من الداعية القدوة ، وطالب العلم، والمجاهد الصادق ، والزوجة الصالحة ، والأم المربية ، وبقية المصلحين .
فإذا كان الموضوع بهذه الأهمية ، وبيوتنا فيها منكرات كثيرة ، وتقصير كبير ، وإهمال وتفريط ؛ فهنا يأتي السؤال الكبير :
ما هي وسائل إصلاح البيوت ؟.
وإليك أيها القارئ الكريم الجواب ، نصائح في هذا المجال عسى الله أن ينفع بها ، وأن يوجه جهود أبناء الإسلام لبعث رسالة البيت المسلم من جديد .
وهذه النصائح تدور على أمرين : إما تحصيل مصالح ، وهو قيام بالمعروف ، أو درء مفاسد وهو إزالة للمنكر .
وهذا أوان الشروع في المقصود .
تكوين البيت
نصيحة "1" : حسن اختيار الزوجة
" وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم " سورة النور الآية 32
ينبغي على صاحب البيت انتقاء الزوجة الصالحة بالشروط التالية :
" تنكح المرأة لأربع : لمالها ، ولحسبها ، ولجملها ، ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك " متفق عليه .
"الدنيا كلها متاع ، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة " رواه مسلم 1468
" ليتخذ أحدكم قلبا شاكرا ، ولسانا ذاكرا ، وزوجة مؤمنة تعينه على أمر الآخرة " رواه أحمد " 5/282" والترمذي وابن ماجه عن ثوبان صحيح الجامع 5231
وفي رواية " وزوجة صالحة تعينك على أمر دنياك ودينك خير ما اكتنز الناس " رواه البيهقي صحيح الجامع 4285
" تزوجوا الودود الولود إني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة " رواه أحمد و هو صحيح الإرواء 6/ 195
" عليكم بالأبكار فإنهن أنتق رحما ، وأعذب أفواها ، وأرضى باليسير " . وفي رواية " وأقل خبا " أي : خداعا رواه ابن ماجة السلسلة الصحيحة 623(10/3)
وكما أن المرأة الصالحة واحدة من أربع من السعادة ، فالمرأة السوء واحدة من أربع من الشقاء ، كما جاء في الحديث الصحيح و فيه قوله : " فمن السعادة : المرأة الصالحة تراها فتعجبك ، وتغيب عنها فتأمنها على نفسها ومالك ، ومن السقاء : المرأة التي تراها فتسوؤك ، وتحمل لسانها عليك ، وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها و مالك " رواه ابن حبان وهو في السلسلة الصحيحة 282
وفي المقابل لابد من التبصر في حال الخاطب الذي يتقدم للمرأة المسلمة ، والموافقة عليه حسب الشروط التالية :
" إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض".
ولابد في كل ما سبق من حسن السؤال وتدقيق البحث وجمع المعلومات والتوثق من المصادر والأخبار حتى لا يفسد البيت أو ينهدم .
والرجل الصالح مع المرأة الصالحة يبنيان بيتا صالحا لأن البلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه ، والذي خبث لا يخرج إلا نكدا .
نصيحة " 2 " السعي في إصلاح الزوجة
إذا كانت الزوجة صالحة فبها ونعمت وهذا من فضل الله ، وإن لم تكن بذاك الصلاح ، فإن من واجبات رب البيت السعي في إصلاحها . وقد يحدث هذا في حالات منها :
أن يتزوج الرجل امرأة غير متدينة أصلا ؛ لكونه لم يكن مهتما بموضوع التدين هو نفسه في مبدأ أمره ، أو أنه تزوجها على أمل أن يصلحها ، أو تحت ضغط أقربائه مثلا ، فهنا لابد من التشمير في عملية الإصلاح .
ولابد أن يعلم الرجل أولا أن الهداية من الله ، والله هو الذي يصلح ، ومن منه على عبده زكريا قوله فيه : " وأصلحنا له زوجه " سورة الأنبياء ، الآية 90
سواء كان إصلاحا بدنيا أو دينيا ، قال ابن عباس : كانت عاقرا لا تلد فولدت ، وقال عطاء : كان في لسانها طول فأصلحها الله ولاستصلاح الزوجة وسائل منها :
الاعتناء بتصحيح عبادتها لله بأنواعها على ما سيأتي تفصيله .
السعي لرفع إيمانها في مثل :
حضها على قيام الليل .
وتلاوة الكتاب العزيز .(10/4)
وحفظ الأذكار والتذكير بأوقاتها ومناسباتها .
وحثها على الصدقة .
قراءة الكتب الإسلامية النافعة .
سماع الأشرطة الإسلامية المفيدة ؛ العلمية منها والإيمانية ومتابعة إمدادها بها .
اختيار صاحبات لها من أهل الدين تعقد معهن أواصر الاخوة ، وتتبادل معهن الأحاديث الطيبة والزيارات الهادفة .
درء الشر عنها وسد منافذه عليها ، بإبعادها عن قرينات السوء وأماكن السوء .
الإيمانيات في البيت
نصيحة " 3 " : اجعل البيت مكانا لذكر الله
قال صلى الله عليه وسلم : " مثل البيت الذي يذكر الله فيه ، والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت " .
فلابد من جعل البيت مكانا للذكر بأنواعه ؛ سواء ذكر القلب ، وذكر اللسان ، أو الصلوات وقراءة القرآن ، أو مذاكرة العلم الشرعي وقراءة كتبه المتنوعة .
وكم من بيوت المسلمين اليوم هي ميتة بعدم ذكر الله فيها ، كما جاء في الحديث ، بل ما هو حالها إذا كان ما يذكر فيها هو ألحان الشيطان من المزامير والغناء ، والغيبة والبهتان والنميمة ؟! …
وكيف حالها وهي مليئة بالمعاصي والمنكرات ، كالاختلاط المحرم والتبرج بين الأقارب من غير المحارم ، أو الجيران الذين يدخلون البيت ؟!
كيف تدخل الملائكة بيتا هذا حاله ؟! فأحيوا بيوتكم رحمكم الله بأنواع الذكر .
نصيحة " 4 " : اجعلوا بيوتكم قبلة
والمقصود اتخاذ البيت مكانا للعبادة .
قال الله – عز وجل - : " وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين " سورة يونس الآية 87
قال ابن عباس : أمروا أن يتخذوها مساجد .
قال ابن كثير : " وكان هذا - والله أعلم – لما اشتد بهم البلاء من قبل فرعون وقومه ، وضيقوا عليهم ، أمروا بكثرة الصلاة كما قال الله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة " سورة البقرة الآية 153 . وفي الحديث : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى " .(10/5)
وهذا يبين أهمية العبادة في البيوت وخصوصا في أوقات الاستضعاف ، وكذلك ما يحصل في بعض الأوضاع عندما لا يستطيع المسلمون إظهار صلاتهم أمام الكفار . ونتذكر في هذا المقام أيضا محراب مريم وهو مكان عبادتها الذي قال الله فيه : " كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا " سورة آل عمران الآية 37
وكان الصحابة – رضي الله عنهم – يحرصون على الصلاة في البيوت – في غير الفريضة – وهذه قصة معبرة في ذلك : عن محمود بن الربيع الأنصاري ، أن عتبان بن مالك – وهو من أصحاب الرسول صلى الله عليه و سلم ، وهو ممن شهدوا بدرا من الأنصار- أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ! قد أنكرت بصري وأنا اصلي لقومي ، فإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم لم أستطع أن آتي مسجدهم فأصلي بهم ، وددت يا رسول الله أنك تأتيني فتصلي في بيتي فأتخذه مصلى ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سأفعل – إن شاء الله - " . قال عتبان : فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبو بكر حين ارتفع النهار فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأذنت له ، فلم يجلس حتى دخل البيت ، ثم قال : " أين تحب أن أصلي في بيتك ؟ " قال : فأشرت له إلى ناحية من البيت ، فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم فكبر ، فقمنا فصففنا فصلى ركعتين ثم سلم . رواه البخاري الفتح 1/519
نصيحة " 5 " : التربية الإيمانية لأهل البيت
عن عائشة – رضي الله عنها - قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يصلي من الليل فإذا أوتر قال قومي فأوتري يا عائشة " . رواه مسلم ، مسلم بشرح النووي 6/23
وقال صلى الله عليه وسلم : " رحم الله رجلا قام من الليل فصلى فأيقظ امرأته فصلت ، فإن أبت نضح في وجهها الماء " . رواه أحمد وأبو داود ، صحيح الجامع 3488(10/6)
وترغيب النساء في البيت بالصدقة مما يزيد الإيمان ، وهو أمر عظيم حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، بقوله : " يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار " . رواه البخاري ، الفتح 1/405
ومن الأفكار المبتكرة وضع صندوق للتبرعات في البيت للفقراء والمساكين ، فيكون كل ما دخل فيه ملكا للمحتاجين ؛ لأنه وعاؤهم في بيت المسلم . وإذا رأى أهل البيت قدوة بينهم يصوم أيام البيض ، والاثنين والخميس ، وتاسوعاء ، وعاشوراء ، وعرفة ، وكثيرا من المحرم وشعبان ، فسيكون دافعا لهم على الاقتداء به .
نصيحة " 6 " : الاهتمام بالأذكار الشرعية والسنن المتعلقة بالبيوت
ومن أمثلة ذلك :
أذكار دخول المنزل
روى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا دخل الرجل بيته فذكر اسم الله تعالى حين يدخل وحين يطعم ، قال الشيطان : لا مبيت لكم ولا عشاء هاهنا ، وإن دخل فلم يذكر اسم الله عند دخوله قال : أدركتم المبيت ، وإن لم يذكر اسم الله عند مطعمه قال : أدركتم المبيت والعشاء " . رواه الإمام احمد ، المسند 346:3 ، و مسلم 1599:3
أذكار الخروج من المنزل
روى أبو داود في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " إذا خرج الرجل من بيته فقال : بسم الله ، توكلت على الله ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، فيقال له : حسبك قد هديت ، وكفيت ووقيت ، فيتنحى له الشيطان فيقول له شيطان آخر : كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي ؟ " . رواه أبو داود والترمذي ، وهو في صحيح الجامع رقم 499
السواك
روى الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة – رضي الله عنها – قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم ، إذا دخل بيته بدأ بالسواك " رواه مسلم كتاب الطهارة باب 15 رقم 44
نصيحة " 7 " : مواصلة قراءة سورة البقرة في البيت لطرد الشيطان منه
وفي هذا عدة أحاديث ومنها :(10/7)
فال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تجعلوا بيوتكم قبورا ، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة " رواه مسلم 1/539
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اقروا سورة البقرة في بيوتكم ، فإن الشيطان لا يدخل بيتا يقرأ فيه سورة البقرة " . رواه الحاكم في المستدرك 1/561 و هو في صحيح الجامع 1170
وعن فضل الآيتين الأخيرتين منها ، وأثر تلاوتهما في البيت قال عليه الصلاة والسلام : " إن الله تعالى كتب كتابا قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام ، وهو عند العرش ، وأنه أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة ، ولا يقرأن في دار ثلاث ليال فيقربها الشيطان " رواه الإمام أحمد في المسند 4/274 و غيره و هو في صحيح الجامع 1799
العلم الشرعي في البيت
نصيحة " 8 " : تعليم أهل البيت
فريضة شرعية لابد أن يقوم بها رب الأسرة إنفاذا لأمره تعالى في الآية الكريمة : " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة " سورة التحريم ، الآية :6 وهذه الآية أصل في تعليم أهل البيت وتربيتهم ، وأمرهم بالمعروف ، ونهيهم عن المنكر ، وإليك أيها القارئ الكريم بعضا مما قاله المفسرون في هذه الآية ، بشأن ما يجب على رب الأسرة :
قال قتادة : يأمرهم بطاعة الله ، وينهاهم عن معصيته ، وأن يقوم عليهم بأمر الله يأمرهم به ، ويساعدهم عليه .
وقال الضحاك ومقاتل : حق على المسلم أن يعلم أهله من قرابته وإمائه ما فرض الله عليهم وما نهاهم عنه .
وقال علي – رضي الله عنه - : علموهم وأدبوهم .
و قال الكيا الطبري – رحمه الله - : فعلينا تعليم أولادنا وأهلينا الدين والخير ، وما لا يستغنى عنه من الأدب . وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حث على تعليم الإماء وهن أرقاء ؛ فما بالك بأولادك وأهلك الأحرار .(10/8)
قال البخاري – رحمه الله تعالى – في صحيحه : باب تعليم الرجل أمته وأهله . ثم ساق حديثه صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لهم أجران .. ورجل كانت عنده أمة فأدبها فأحسن تأديبها ، وعلمها فأحسن تعليمها ، ثم أعتقها فتزوجها فله أجران "
قال ابن حجر – رحمه الله – في شرح الحديث : مطابقة الحديث للترجمة – أي عنوان الباب – في الأمة بالنص ، وفي الأهل بالقياس ، إذ الاعتناء بالأهل الحرائر في تعليم فرائض الله وسنن رسوله آكد من الاعتناء بالإماء .
وفي غمرة مشاغل الرجل ووظيفته وارتباطاته قد يغفل عن تفريغ نفسه لتعليم أهله ، فمن الحلول لهذا أن يخصص يوما يجعله موعدا عاما لأهل البيت ، وحتى غيرهم من الأقرباء لعقد مجلس علم في البيت ، ويعلم الجميع بهذا الموعد ، فينضبط حضورهم فيه ، ويتشجعوا لإتيانه ، ويصبح ملزما أمامهم ، وعند نفسه بالحضور ، وإليك ما حصل منه صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن .
قال البخاري – رحمه الله - : باب هل يجعل للنساء يوم على حده في العلم ، وساق حديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم : " غلبنا عليك الرجال ، فاجعل لنا يوما من نفسك ، فوعدهن يوما لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن "
قال ابن حجر : ووقع في رواية سهل ابن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة بنحو هذه القصة فقال : " موعدكن بيت فلانة ، فأتاهن فحدثهن " . فتح الباري 1/195
ويؤخذ من الحديث تعليم النساء في البيوت ، وحرص نساء الصحابة على التعلم ، وأن توجيه الجهود إلى الرجال فقط دون النساء تقصير كبير من الدعاة وأرباب البيوت .
وقد يقول بعض القراء : هب أننا خصصنا يوما ، وأخبرنا أهلينا بذلك ، فما الذي يقدم في هذه الجلسات ؟ وكيف نبدأ ؟
وجواباً لذلك أعرض عليك أخي القارئ الكريم اقتراحا في هذا الشأن يكون منهجا مبسطا ، لتدريس أهل البيت عموما ، وللنساء خصوصا .(10/9)
تفسير العلامة ابن سعدي المسمى : " تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " . ويقع في سبعة مجلدات مفصل بأسلوب ميسر ، تقرا أو تقدم منه سور ومقاطع .
رياض الصالحين مع تناول أحاديثه بشيء من التعليقات والعظات ، والفوائد المستنبطة منها ، ويمكن الرجوع في هذا إلى كتاب : نزهة المتقين .
" حسن الأسوة بما ثبت عن الله ورسوله في النسوة " للعلامة صديق حسن خان .
كما أن من المهم أن تعلم المرأة بعض الأحكام الفقهية ، كأحكام الطهارة ، والدماء الطبيعية ، وأحكام الصلاة والزكاة ، والصيام والحج إذا استطاعته ، وبعض أحكام الأطعمة والأشربة ، واللباس والزينة ، وسنن الفطرة والمحارم ، وحكم الغناء والتصوير وغيرها ، ومن المصادر المهمة في هذا : فتاوى أهل العلم كمجموعة فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز ( رحمه الله ) ، والشيخ محمد بن صالح العثيمين ، و غيرهما من أهل العلم ، سواء المكتوب منها أو المسجل في الأشرطة .
ومما يتضمن جدول تعليم المرأة وأهل البيت تذكيرهم بالدروس والمحاضرات العامة التي يستطيعون حضورها للعلماء ، أو طلبة العلم الثقات ، لإيجاد عدة مصادر جيدة ومتنوعة للتعليم ، ولا ينسى في هذا المجال الاستماع إلى كثير من أنشطة إذاعة القرآن الكريم ، وتوجيه الاهتمام إليها ، ويدخل في إطار توفير وسائل التعليم أيضا : تذكير أهل البيت بالأيام المخصصة لحضور النساء في معارض الكتاب الإسلامي ، والذهاب بهن إليها بالشروط الشرعية .
نصيحة " 9 " : اصنع نواة لمكتبة إسلامية في بيتك
مما يساعد في تعليم أهل البيت ، وإتاحة المجال لتفقههم في الدين وإعانتهم على الالتزام بأحكام الشريعة ؛ عمل مكتبة إسلامية في البيت . ليس بالضرورة أن تكون كبيرة ، ولكن العبرة بانتقاء الكتب المهمة ، ووضعها في مكان يسهل تناولها وحث أهل البيت على قراءتها.(10/10)
ركن في مجلس البيت الداخلي نظيف ومرتب ، ومكان مناسب لشيء من الكتب ، في غرفة نوم ، وفي مجلس الضيوف ، يتيح المجال للفرد في البيت كي يقرأ باستمرار .
ومن إتقان المكتبة – والله يحب الإتقان – أن تحتوي على مراجع تصلح لبحث المسائل المختلفة ، وتنفع الأولاد في المدارس ، وأن تحتوي على كتب ذات مستويات مختلفة ، تصلح للكبار والصغار ، والرجال والنساء ، وكتب من أجل الإهداء للضيوف وأصدقاء الأولاد ، وزوار العائلة مع الحرص على الطبعات الجذابة المحققة والمخرجة الأحاديث ، ويمكن الاستفادة من معارض الكتاب لإنشاء مكتبة البيت بعد استشارة أهل الخبرة بالكتب . ومما يساعد في العثور على الكتاب ترتيب المكتبة حسب الموضوعات ، فكتب التفسير على رف ، والحديث على آخر .. والفقه على ثالث .. وهكذا ، ويقوم أحد أفراد العائلة بعمل فهرس ألف بائي وموضوعي ، لتسهيل البحث عن الكتب . وقد يتساءل كثير من الحريصين عن أسماء كتب إسلامية لمكتبة البيت .
وهاك أخي القارئ اقتراحات بهذا الشأن :
التفسير : تفسير ابن كثير ، تفسير ابن سعدي ، زبدة التفسير للأشقر ، بدائع التفسير لابن القيم ، أصول التفسير لابن عثيمين ، لمحات في علوم القرآن لمحمد الصباغ .
الحديث : صحيح الكلم الطيب ، عمل المسلم في اليوم والليلة " أو الصحيح المسند من أذكار اليوم والليلة " ، رياض الصالحين وشرحه نزهة المتقين ، مختصر صحيح البخاري للزبيدي ، مختصر صحيح مسلم للمنذري والألباني ، صحيح الجامع الصغير ، وضعيف الجامع الصغير ، صحيح الترغيب والترهيب ، السنة ومكانتها في التشريع ، قواعد وفوائد من الأربعين النووية لناظم سلطان .
العقيدة : فتح المجيد شرح كتاب التوحيد " تحقيق الأرناؤوط " ، أعلام السنة المنشورة للحكمي " محقق " ، شرح العقيدة الطحاوية تحقيق الألباني ، سلسلة العقيدة لعمر سليمان الأشقر "8" أجزاء ، أشراط الساعة د. يوسف الوابل .(10/11)
الفقه : منار السبيل لابن ضويان مع إرواء الغليل للألباني ، زاد المعاد ، المغني لابن قدامة ، فقه السنة ، الملخص الفقهي لصالح الفوزان ، مجموعة فتاوى العلماء " عبد العزيز بن باز ، محمد صالح العثيمين ، عبد الله بن جبرين " ، صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم للشيخ الألباني والشيخ عبد العزيز بن باز ، ومختصر أحكام الجنائز للألباني .
الأخلاق وتزكية النفوس : تهذيب مدارج السالكين ، الفوائد ، الجواب الكافي ، طريق الهجرتين وباب السعادتين ، الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب لابن القيم ، لطائف المعارف لابن رجب ، تهذيب موعظة المؤمنين ، غذاء الألباب .
السير والتراجم : البداية و النهاية لابن كثير ، مختصر الشمائل المحمدية للترمذي اختصار الألباني ، الرحيق المختوم للمباركفوري ، العواصم من القواصم لابن العربي تحقيق الخطيب والاستانبولي ، المجتمع المدني 1-2 للشيخ أكرم العمري ، سير أعلام النبلاء ، منهج كتابة التاريخ الإسلامي لمحمد بن صامل السلمي .(10/12)
كما أن هناك عدد من الكتب الجيدة في المجالات المختلفة ، فمنها : كتب الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، وكتب العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي ، وكتب الشيخ عمر بن سليمان الأشقر ، وكتب الشيخ محمد بن أحمد بن إسماعيل المقدم ، وكتب الأستاذ محمد محمد حسين ، وكتب الشيخ محمد جميل زينو ، وكتب الأستاذ حسين العوايشة في الرقائق ، و كتاب الإيمان لمحمد نعيم ياسين ، والولاء والبراء للشيخ محمد سعيد القحطاني ، والإنحرافات العقدية في القرنين الثاني عشر والثالث عشر لعلي بن بخيت الزهراني ، المسلمون وظاهرة الهزيمة النفسية لعبد الله الشبانة ، المرأة بين الفقه والقانون لمصطفى السباعي ، الأسرة المسلمة أمام الفيديو والتليفزيون لمروان كجك ، المرأة المسلمة إعداداتها ومسئولياتها لأحمد أبا بطين ، مسئولية الأب المسلم في تربية ولده لعدنان باحارث ، وحجاب المسلمة لأحمد البرازي ، وكتاب وجاء دور المجوس لعبد الله محمد الغريب ، وكتب الشيخ بكر أبو زيد ، وأبحاث الشيخ مشهور حسن سلمان .
وغير هذا كثير من النافع الطيب ، وما ذكرناه على سبيل المثال لا الحصر ، وهناك في عالم الكتيبات أشياء كثيرة نافعة ، سيطول بنا المقام إذا أردنا السرد ، فعلى المسلم الاستشارة والتمعن للانتقاء . ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين .
نصيحة " 10 " : المكتبات الصوتية في البيت
المسجل في كل بيت ممكن أن يعمل في الخير أو في الشر ، فكيف نؤثر في استخدامه ليكون مرضيا لله ؟
من الوسائل لتحقيق ذلك : عمل مكتبة صوتية في البيت تحوي طائفة من الأشرطة الإسلامية الجيدة ، للعلماء والقراء والمحاضرين ، والخطباء والوعّاظ .(10/13)
إن سماع أشرطة التلاوة الخاشعة من أصوات بعض أئمة صلاة التراويح مثلا ، له تأثير عظيم على الأهل في البيت ، من جهة تأثرهم بمعاني التنزيل ، أو حفظهم من جراء تكرار ما يسمعون ، وكذلك من جهة حمايتهم بالسماع القرآني عن السماع الشيطاني من الألحان والأغاني ، لأن الآذان والصدور لا يصلح أن يختلط فيها كلام الرحمن بمزمار الشيطان .
وكم لأشرطة الفتاوى من أثر في تفقيه أهل البيت بالأحكام المختلفة ، التي يتعرضون لها يوميا في حياتهم ، ومما يقترح في هذا الجانب سماع الفتاوى المسجلة للعلماء أمثال الشيخ عبد العزيز بن باز ، والشيخ محمد ناصر الدين الألباني ، والشيخ محمد العثيمين والشيخ صالح الفوزان ، وغيرهم من الثقات في العلم والدين .
ولابد أن يعتني المسلمون بالجهة التي يأخذون عنها الفتوى ، لأن هذا دين ، فانظروا عمن تأخذون دينكم ، فالأخذ عمن عُلم بصلاحه وتقواه ، وورعه واعتماده على الأحاديث الصحيحة ، وعدم تعصّبه المذهبي ، وسيره مع الدليل ، والتزامه بالمذهب الوسط فلا تشدد ولا تساهل ، هو الخبير الذي نسأله " الرحمن فاسأل به خبيرا " سورة الفرقان الآية : 59 .
والسماع للمحاضرين الذين يعملون على توعية الأمة ، وإقامة الحجة ، وإنكار المنكر ، أمر مهم في بناء شخصية الفرد في البيت المسلم .
والأشرطة كثيرة والمحاضرين كثر والمهم أن يعرف المسلم سمات المنهج الصحيح للمحاضر حتى يحرص على أشرطته ويطمئن لسماعها . ومن تلك السمات :
أن يكون على عقيدة الفرقة الناجية ، أهل السنة والجماعة ، ملتزما بالسنة مفارقا للبدعة ، وسطا في منهجه لا من الغالين ولا من المفرطين المتساهلين .
أن يعتمد الأحاديث الصحيحة ويحذر من الأحاديث الضعيفة والموضوعة .
أن يكون على بصيرة بحال الناس وواقع الأمّة ، يضع الدواء على موضع الداء ، ويقدّم للناس ما يحتاجون إليه .
أن يكون قوّالا للحق ما أمكنه ، لا يتكلم بالباطل ولا يرضي الناس بسخط الله(10/14)
وكم وجدنا في أشرطة الأطفال من تأثير كبير عليهم ، سواء في حفظهم لسور متعددة من قارئ صغير يتلو ، أو أذكار اليوم والليلة وآداب إسلامية ، وأناشيد هادفة ، ونحو ذلك .
إن وضع الأشرطة في أدراج بطريقة مرتبة تُسهّل الوصول إليها من ناحية ، وتحافظ على الأشرطة من التلف وعبث الأطفال من ناحية أخرى ، ولابد أن نسعى في نشر الشريط الجيد إهدائه أو إعارته للغير بعد سماعه . ووجود مسجل في المطبخ يفيد ربة البيت كثيرا ، وكذا في غرفة النوم يساعد على الاستفادة من الوقت لآخر لحظة .
نصيحة " 11 " : دعوة الصالحين والأخيار وطلبة العلم للزيارة في البيت
" رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا للمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تباراً " سورة نوح الآية : 28
إن دخول أهل الإيمان بيتك يزيده نورا ، ويحصل بسبب أحاديثهم وسؤالهم والنقاش معهم من الفائدة أمور كثيرة ، فحامل المسك إما أن يحذيك ، وإما أن تبتاع منه ، وإما أن تجد منه ريحا طيبة ، وجلوس الأولاد والإخوان والآباء وسماع النساء من وراء حجاب لما يُقال فيه تربية للجميع ، وإذا أدخلت خيّرا منعت سيّئا من الدخول والتخريب .
نصيحة " 12 " : تعلم الأحكام الشرعية للبيوت
ومن ذلك :
الصلاة في البيت :
أما الرجل فيقول صلى الله عليه و سلم في شأنه : " أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة " رواه البخاري ، الفتح رقم 731
فالواجب أن تصلي في المسجد إلا من عذر ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا : " تطوع الرجل في بيته يزيد على تطوعه عند الناس ، كفضل صلاة الرجل في جماعة على صلاته وحده " رواه ابن أبي شيبة ، صحيح الجامع 2953 . وأما المرأة كلما كان مكان صلاتها أعمق كان أفضل ، لقوله صلى الله عليه و سلم " خير صلاة النساء في قعر بيوتهن" رواه الطبراني، صحيح الجامع 3311 .(10/15)
أن لا يؤم غيره في بيته ، ولا يقعد في مكان صاحب البيت إلا بإذن : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا يُؤَمُّ الرجل في سلطانه ، ولا يجلس على تكرمته في بيته إلا بإذنه " رواه الترمذي رقم 2772 . أي لا يتقدم عليه بالإمامة ولو كان غيره أقرأ منه في مكان يملكه ، أو له فيه سلطة كصاحب البيت في بيته أو إمام المسجد ، وكذلك لا يجوز لأحد أن يجلس في الموضع الخاص بصاحب البيت من فراش أو سرير إلا بإذنه .
الاستئذان :
" يا أيها الذي آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون "27" فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم " سورة النور الآيتين 27،28
" وأتوا البيوت من أبوابها " سورة البقرة الآية : 189
جواز دخول البيوت التي ليس فيها أحد بغير استئذان إذا كان للداخل فيها متاع كالبيت المعد للضيف : " ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتاً غير مسكونة فيها متاع لكم والله يعلم ما تبدون وما تكتمون " سورة النور الآية 29
عدم التحرج في الأكل من بيوت الأقرباء والأصدقاء ، وما ملك المرء مفتاحه من بيوت الأقرباء والأصدقاء من بيوت الآخرين إذا كانوا لا يكرهون ذلك : " ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعاً أو أشتاتاً " سورة النور الآية 61(10/16)
أمر الأطفال والخدم بعدم اقتحام غرفة نوم الأبوين بغير استئذان في أوقات النوم المعتادة : قبل صلاة الفجر ، ووقت القيلولة ، وبعد صلاة العشاء ، خشية أن تقع أعينهم على ما لا يناسب ، ولو رأوا شيئاً عرضاً في غير هذه الأوقات فيغتفر ، لأنهم من الطوافين الذين يشق منعهم ، قال تعالى : " يا آيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم " سورة النور الآية 58 .
تحريم الاطلاع في بيوت الآخرين بغير إذنهم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من اطلع في بيت قوم بغير إذن ففقئوا عينه فلا دية له ولا قصاص " رواه أحمد ، المسند 2/385 وهو في صحيح الجامع 6046
عدم خروج ولا إخراج المطلقة الرجعية من بيتها طيلة وقت العدة مع الإنفاق عليها : قال تعالى : " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا " سورة الطلاق الآية 1 .
جواز هجر الرجل لامرأته الناشز في البيت أو في خارج البيت حسب المصلحة الشرعية : فأما هجرها في البيت فدليله قول الله تعالى : " واهجروهن في المضاجع " سورة النساء الآية 34 ، وأما هجرها خارج البيت فكما وقع لرسول الله صلى الله عليه وسلم حينما هجر نسائه في حُجرهن ، وأعتزل في مشربة خارج بيوت نسائه رواه البخاري ، كتاب الطلاق باب في الإيلاء .(10/17)
ولا يبيت وحيداً في البيت : عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوحدة ، أن يبيت الرجل وحده أو أن يسافر وحده رواه أحمد في المسند 2/91 وهذا النهي لما في الوحدة من الوحشة ونحوها ، كهجوم عدو أو لص أو مرض ، فوجود الرفيق معه يدفع عنه طمع العدو واللص ويسعفه عند المرض انظر الفتح الرباني 5/64 .
لا ينام على ظهر بيت ليس له سور حتى لا يسقط : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من بات على ظهر بيت ليس له حجار ، فقد برئت منه الذمة " رواه أبو دود ، السنن رقم 5041 ، وهو في صحيح الجامع 6113 وشرحه في عون المعبود 13/384 وذلك أن النائم قد يتقلب في نومه فإذا كان على سطح ليس له حجار أو حجاب يحجب الإنسان عن الوقوع ويمنعه من التردي والسقوط ، فقد يسقط فيموت ، فعند ذلك لا يؤاخذ أحد بموته فتبرأ منه الذمة ، أو أنه قد تسبب بإهماله في عدم كلاءة الله له وحفظه إياه ، لأنه لم يأخذ بالأسباب .
قطط البيوت لا تنجس الإناء إذا شربت منه ولا الطعام إذا أكلت منه : عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أنه وُضع له وضوءه فولغ فيه السنور " الهر " ، فأخذ يتوضأ ، فقالوا : يا أبا قتادة ! قد ولغ فيه السنور ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " السنور من أهل البيت ، وأنه من الطوافين ، والطوافات عليكم " رواه أحمد في المسند 5/309 وهو في صحيح الجامع 3694 ، وفي رواية : " إنها ليست بنجس إنها من الطوافين والطوافات عليكم " رواه أحمد في المسند 5/309 وهو في صحيح الجامع 2437
الاجتماعات في البيوت
نصيحة 13 : إتاحة الفرصة لاجتماعات تناقش أمور العائلة :(10/18)
" وأمرهم شورى بينهم " سورة الشورى الآية 38 . عندما تتاح الفرصة لأفراد العائلة بالجلوس سوياً في وضع مناسب لمناقشة أمور داخلية أو خارجية تتعلق بالعائلة ، فإن ذلك يعد علامة على تماسك الأسرة وتفاعلها وتعاونها ، ولا شك أن الرجل الذي ولاه الله أمور رعيته في بيته هو المسئول الأول ، وصاحب القرار ولكن إتاحة المجال للآخرين - وخصوصاً عندما يكبر الأولاد - يكون فيه تربية لهم على تحمل المسئولية بالإضافة إلى ارتياح الجميع لإحساسهم بأن آراءهم ذات قيمة عندما يُسألون إبداءها ، ومن الأمثلة على ذلك مناقشة الأمور التي تتعلق بالحج أو عمرة رمضان وغير ذلك من الإجازات ، والسفر لصلة رحم ، أو ترويح مباح ، وتنظيم الأعراس ووليمة الزفاف ، أو عقيقة المولود ، أو الانتقال من بيت لآخر ، ومشروعات خيرية ، كإحصاء فقراء الحي ، وتقديم المساعدات ، أو إرسال الطعام لهم ، وكذلك مناقشة أوضاع العائلة ومشكلات الأقارب وكيفية الإسهام في حلها وهكذا .. ، تجدر الإشارة هنا إلى نوع آخر مهم من أنواع الاجتماعات ، وهو جلسات المصارحة بين الأبوين وأولادهما ، فإن بعض المشكلات التي تعرض لبعض البالغين لا يمكن حلها إلا بجلسات انفرادية ، يخلو الأب بابنه يناجيه في مسائل تتعلق بمشكلات الشباب ، وسن المراهقة ، وأحكام البلوغ ، وكذلك تخلو الأم بابنتها لتلقنها ما تحتاج إليه من الأحكام الشرعية ، وتساعدها في حل المشكلات التي تعرض في مثل هذه السن ، واستهلال الأب والأم الكلام بمثل عبارة " عندما كنت في مثل سنك .. " له أثر كبير في التقبل ، وانعدام مثل هذه المصارحات هو الذي يقود هؤلاء لمفاتحة قرناء السوء وقرينات السوء ، فينتج عن ذلك شر عظيم .
نصيحة 14 : عدم إظهار الخلافات العائلية أمام الأولاد :(10/19)
يندر أن يعيش جماعة في بيت دون نوع من الخصومات ، والصلح خير والرجوع إلى الحق فضيلة . ولكن مما يزعزع تماسك البيت ، ويضر بسلامة البناء الداخلي هو ظهور الصراعات أمام أهل البيت ، فينقسمون إلى معسكرين أو أكثر ، ويتشتت الشمل ، بالإضافة إلى الأضرار النفسية على الأولاد وعلى الصغار بالذات ، فتأمل حال بيت يقول الأب فيه للولد : لا تكلم أمك ، وتقول الأم له : لا تكلم أباك ، والولد في دوامة وتمزق نفسي ، والجميع يعيشون في نكد . فلنحرص على عدم وقوع الخلافات ، ولنحاول إخفاءها إذا حصلت ، ونسأل الله أن يؤلف بين القلوب .
نصيحة 15 : عدم إدخال من لا يُرضى دينه إلى البيت :(10/20)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ومثل جليس السوء كمثل صاحب الكير " قطعة من رواية أبي داود " 4829 " . وفي رواية البخاري : " وكير الحداد يُحرق بيتك أو ثوبك أو تجد منه ريحاً خبيثة " رواه البخاري الفتح 4/323 . أي والله يحرق بيتك بأنواع الفساد والإفساد ، كم كان دخول المفسدين والمشبوهين سبباً لعداوات بين أهل البيت ، وتفريق بين الرجل وزوجته ، ولعن الله من خبّب امرأة على زوجها ، أو زوجاً على امرأته ، وسبب عداوة بين الأب وأولاده ، وما أسباب وضع السحر في البيوت أو حدوث السرقات أحياناً وفساد الخلق كثيراً إلا بعد إدخال من لا يُرضى دينه ، فيجب عدم الإذن بدخوله ، ولو كان من الجيران ، رجالاً ونساءً ، أو من المتظاهرين بالمصادقة رجالاً ونساءً ، وبعض الناس يسكتون تحت وطأة الإحراج ، فإذا رآه على الباب أذن له ، وهو يعلم أنه من المفسدين . وتتحمل المرأة في البيت جزءاً عظيماً من هذه المسئولية ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أيها الناس أي يوم أحرم ؟ أي يوم أحرم ؟ أي يوم أحرم ؟ ؟ " قالوا : يوم الحج الأكبر ، ثم قال عليه الصلاة والسلام ، في ثنايا خطبته الجامعة في ذلك اليوم : " فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون " رواه الترمذي 1163 وغيره عن عمرو بن الأحوص وهو في صحيح الجامع 7880 . فلا تجدي في نفسك أيتها المرأة المسلمة إذا منع زوجك أو أبوك دخول إحدى الجارات إلى البيت ، لما يرى من أثرها في الإفساد ، وكوني لبيبة حازمة إذا عقدت لك مقارنات بين زوجها وزوجك ، تنتهي بدفعك لمطالبة زوجك بأمور لا يطيقها . والنصح عليك واجب لزوجك إذا لاحظت أن من ندمائه في بيته أناساً يزينون له المنكر .(10/21)
هدية : حاول أن تكون موجوداً في البيت كلما استطعت ، فوجود ولي الأمر في بيته يضبط الأمور ، ويمكنه من الإشراف على التربية وإصلاح الأحوال بالمراقبة والمتابعة ، وعند بعض الناس أن الأصل هو الخروج من البيت ، فإذا لم يجد مكاناً يذهب إليه رجع إلى البيت ، وهذا مبدأ خاطئ ، فإذا كان خروج المرء من بيته لأجل طاعات ، فعليه الموازنة ، وإذا كان خروجه للمعاصي وضياع الأوقات أو الانشغال الزائد بالدنيا ، فعليه أن يخفف من المشاغل والتجارات ، ويحسم اللقاءات الفارغة . بئس القوم يضيعون أهليهم ، ويسهرون في الملاهي .. ، ونحن لا نريد الانسياق وراء مخططات أعداء الله ، وهذه فقرة فيها عبرة : جاء في نشرة المشرق الأعظم الماسوني الفرنسي المنعقدة عام 1923م ما يلي : " وبغية التفريق بين الفرد وأسرته ، عليكم أن تنتزعوا الأخلاق من أسسها ، لأن النفوس تميل إلى قطع روابط الأسرة والاقتراب من الأمور المحرمة ، لأنها تفضل الثرثرة في المقاهي على القيام بتبعات الأسرة " .
نصيحة 16 : الدقة في ملاحظة أحوال أهل البيت
من هم أصدقاء أولادك ؟
هل سبق أن قابلتهم أو تعرفت عليهم ؟
ماذا يجلب أولادك معهم من خارج البيت ؟
إلى أين تذهب ابنتك ومع من ؟
بعض الآباء لا يدري أن في حوزة أولاده صوراً سيئة ، وأفلاماً خالعة ، وربما مخدرات ، وبعضهم لا يدري أن ابنته تذهب مع الخادمة إلى السوق ، وتطلب منها أن تنتظر مع السائق ثم تذهب لموعدها مع أحد الشياطين ، والأخرى تذهب لتشرب الدخان عند قرينة سوء تعبث معها ، وهؤلاء الذين يفلتون أولادهم لن يفلتوا من مشهد يوم عظيم ، ولن يستطيعوا الهرب من أهوال يوم الدين : " إن الله سائل كل راع عما استرعاه ، أحفظ ذلك أم ضيعه حتى يسأل الرجل عن أهل بيته " حسن رواه النسائي 292 ، وابن حبان عن أنس وهو في صحيح الجامع 1775 ، السلسة الصحيحة 1636 .
وهنا نقاط مهمة :
يجب أن تكون المراقبة خفية .
لا لأجواء الإرهاب .(10/22)
يجب أن لا يحس الأولاد بفقدان الثقة .
ينبغي أن يراعى في النصح أو العقاب أعمار الأولاد ومداركهم ودرجة الخطأ .
حذار من التدقيق السلبي وإحصاء الأنفاس . روى لي شخص أن أحد الآباء عنده كمبيوتر يخزن فيه أخطاء أولاده بالتفصيل ، فإذا حصل خطأ أرسل إليه استدعاء وفتح الخانة الخاصة بالولد في الجهاز ، وسرد عليه أخطاء الماضي مع الحاضر .
التعليق : لسنا في شركة ، وليس الأب هو الملك الموكل بكتابة السيئات ، وليقرأ هذا الأب المزيد في أصول التربية الإسلامية .
وأعرف في المقابل أناساً يرفضون التدخل في شئون أولادهم بتاتاً بحجة أن الولد لن يقتنع بأن الخطأ خطأ والذنب ذنب إلا بأن يقع فيه ، ثم يكتشف خطأه بنفسه ، وهذا الاعتقاد المنحرف ناتج عن رضاع من لبن الفلسفة الغربية ، وفطام على مبدأ إطلاق الحريات المذموم فتعست المرضعة ، وبئست الفاطمة ، ومنهم من يفلت الزمام لولده خشية أن يكرهه بزعمه ، ويقول : أكسب حبه مهما فعل ، وبعضهم يطلق العنان لولده كردة فعل عما حصل له مع أبيه في السابق من نوع شدة خاطئة ، فيظن أنه يجب أن يعمل العكس تماماً مع ولده ، وبعضهم يبلغ به السفول لدرجة أن يقول : دع الابن والبنت يتمتعان بشبابهما كما يريدان ، فهل يفكر مثل هؤلاء بأن أبناءهم قد يأخذون بتلابيبهم يوم القيامة فيقول الولد : لِمَ تركتني يا أبي على المعصية ؟!
نصيحة 17 الاهتمام بالأطفال في البيت
ولهذا جوانب عديدة منها :
تحفيظ القرآن والقصص الإسلامية : لا أجمل من جمع الأب أولاده ليقرئهم القرآن مع شرح مبسط ، ويقدم المكافآت لحفظه ، وقد حفظ صغار سورة الكهف من تكرار تلاوة الأب لها كل جمعة ، وتعليم الولد من أصول العقيدة الإسلامية كمثل التي وردت في حديث : " احفظ الله يحفظك " ، وتعليمه الآداب والأذكار الشرعية ، كأذكار الأكل والنوم ، والعطاس والسلام ، والاستئذان ، ولا أشد تنبيهاً وأقوى تأثيراً في الطفل من سرد القصص الإسلامية على مسامعه .(10/23)
ومن هذه القصص : قصة نوح عليه السلام ، والطوفان ، وقصة إبراهيم عليه السلام ، في تكسير الأصنام وإلقائه في النار ، وقصة موسى عليه السلام في نجاته من فرعون وإغراقه ، وقصة يونس عليه السلام في بطن الحوت ، ومختصر قصة يوسف عليه السلام ، وسيرة محمد صلى الله عليه وسلم مثل البعثة والهجرة ، وشيء من الغزوات كبدر والخندق ، وغيرها كقصته صلى الله عليه وسلم مع الرجل والجمل الذي كان يُجيعه ويُجهده ، وقصص الصالحين ، كقصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع المرأة وأولادها الجياع في الخيمة ، وقصة أصحاب الأخدود ، وقصة أصحاب الجنة في سورة "ن" ، والثلاثة أصحاب الغار ، وغيرها كثير طيب ، يلخص ويبسط مع تعليقات ووقفات خفيفة ، يغنينا عن كثير من القصص المخالفة للعقيدة والخرافية أو المخيفة التي تفسد واقعية الطفل ، وتورث فيه الجبن والخوف .
حذار من خروج الأولاد مع من هب ودب : فيرجعون إلى البيت بالألفاظ والأخلاق السيئة ، بل يُنتقى ويُدعى من أولاد الأقرباء والجيران من يلعب معهم في المنزل .
الاهتمام بلعب الأولاد المسلية والهادفة : وعمل غرفة ألعاب أو خزانة خاصة ، يرتب فيها الأولاد ألعابهم ، وتجنب الألعاب المخالفة للشريعة : كالأدوات الموسيقية وما فيه صلبان أو نرد .
ومن الجيد توفير ركن هوايات للفتيان كالنجارة والإلكترونيات ، والميكانيكا ، وبعض ألعاب الكمبيوتر المباحة ، وبهذه المناسبة ننبه إلى خطورة بعض أشرطة الكمبيوتر المصممة لتعرض صور النساء في غاية السوء على شاشة الجهاز ، أو ألعاب فيها صلبان ، حتى ذكر أحدهم أن إحدى الألعاب هي لعبة قمار مع الكمبيوتر ، وينتقي اللاعب صورة فتاة من أربع فتيات يظهرن على الشاشة تمثل الطرف الآخر ، فإذا فاز في اللعبة خرجت له صورة الفتاة في أسوأ منظر جائزة الفوز .
التفريق بين الذكور والإناث في المضاجع : وهذا من الفروق في ترتيب بيوت أهل الدين وغيرهم ممن لا يهتمون بهذا .(10/24)
الممازحة والملاطفة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يداعب الأطفال يمسح رؤوسهم ، ويتلطف في مناداتهم ، ويعطي أصغرهم أول الثمرة ، وربما ارتحله بعضهم . وفيما يلي مثالان على مداعبته صلى الله عليه وسلم للحسن والحسين ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدلع لسانه لحسن بن علي ، فيرى الصبي حُمرة لسانه فيبهش له " أي أعجبه وجذبه فأسرع إليه . رواه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه ، انظر السلسلة الصحيحة رقم 70 . وعن يعلى بن مرة أنه قال : خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ودعينا إلى طعام ، فإذا حسين يلعب في الطريق ، فأسرع النبي صلى الله عليه وسلم أمام القوم ثم بسط يديه فجعل الغلام يفر هاهنا وهاهنا ، ويضاحكه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أخذه فجعل إحدى يديه تحت ذقنه ، والأخرى في فأس رأسه فقبله . رواه البخاري في الأدب المفرد رقم 364 وهو في صحيح ابن ماجه 1/29 .
نصيحة 18 الحزم في تنظيم أوقات النوم والوجبات :
بعض البيوت حالها كالفنادق لا يكاد قاطنوها يعرف بعضهم بعضاً ، وقلما يلتقون .
بعض الأولاد يأكل متى شاء وينام متى شاء ، ويتسبب في السهر ومضيعة الوقت ، وإدخال الطعام على الطعام ، وهذه الفوضوية تتسبب في تفكك الروابط ، واستهلاك الجهود والأوقات ، وتنمي عدم الانضباط في النفوس ، قد تعذر أصحاب الأعذار ، فالطلاب يتفاوتون في مواعيد الخروج من المدارس والجامعات ، ذكوراً وإناثاً ، والموظفون والعمال وأصحاب المحلات ليسوا سواء ، ولكن ليست هذه الحالة عند الجميع ، ولا أحلى من اجتماع العائلة الواحدة على الطعام ، واستغلال الفرصة لمعرفة الأحوال والنقاشات المفيدة ، وعلى رب الأسرة الحزم في ضبط مواعيد الرجوع إلى المنزل ، والاستئذان عند الخروج ، خصوصاً للصغار - صغار السن أو صغار العقل - الذين يُخشى عليهم .
نصيحة 19 : تقويم عمل المرأة خارج البيت(10/25)
شرائع الإسلام يكمل بعضها بعضاً ، وعندما أمر الله النساء بقوله : " وقرن في بيوتكن " الأحزاب /33 ، جعل لهن من ينفق عليهن وجوباً كالأب والزوج .
والأصل أن المرأة لا تعمل خارج البيت إلا لحاجة ، كما رأى موسى عليه السلام ، بنتي الرجل الصالح على الماء تذودان غنمهما تنتظران ، فسألهما : " ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يُصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير " القصص الآية 23 ، فاعتذرتا حالاً عن خروجهما لسقي الغنم ، لأن الولي لا يستطيع العمل لكبر سنه ، لذا صار الحرص على التخلص من العمل خارج البيت حالما تسنح الفرصة " قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين " القصص الآية 26 .
فبينت هذه المرأة بعبارتها رغبتها في الرجوع إلى بيتها لحماية نفسها ، من التبذل والذي قد تتعرض له بالعمل خارج البيت .
وعندما احتاج الكفار في العصر الحديث لعمل النساء بعد الحربين العالميتين ، لتعويض النقص الحاصل في الرجال ، وصار الوضع حرجاً من أجل إعادة إعمار ما خربته الحرب ، وواكب ذلك المخطط اليهودي في تحرير المرأة ، والمناداة بحقوقها بقصد إفساد المرأة ، وبالتالي إفساد المجتمع تسربت مسألة خروج المرأة للعمل .
وعلى الرغم من أن الدوافع عندنا ليست كما هي عندهم ، والفرد المسلم يحمي حريمه وينفق عليهن ، إلا أن حركة تحرير المرأة نشطت ، ووصل الأمر إلى المطالبة بابتعاثها إلى الخارج ، ومن ثم المطالبة بعملها حتى لا تذهب هذه الشهادات هدراً وهكذا ، وإلا فالمجتمعات الإسلامية ليست بحاجة لهذا الأمر على هذا النطاق الواسع الحاصل ، ومن الأدلة على ذلك وجود رجال بغير وظائف مع استمرار فتح مجالات العمل للنساء .(10/26)
وعندما نقول : " على هذا النطاق الواسع " ، فإننا نعني ذلك لأن الحاجة إلى عمل المرأة في بعض القطاعات كالتعليم والتمريض والتطبيب بالشروط الشرعية حاجة قائمة ، وإنما قدمنا تلك المقدمة لأننا لاحظنا أن بعض النساء يخرجن للعمل دون حاجة ، وأحياناً براتب زهيد جداً ، لأنها تحس أنها لا بد أن تخرج لتعمل حتى ولو كانت غير محتاجة ، ولو في مكان غير لائق بها ، فوقعت فتن عظيمة .
ومن الفروق الرئيسية بين المنهج الإسلامي لقضية عمل المرأة ، والنهج العلماني أن التصور الإسلامي للقضية يعتبر أن الأصل هو " وقرن في بيوتكن " والخروج للحاجة " أُذن لكن أن تخرجن في حوائجكن " والنهج العلماني يقوم على أن الخروج هو الأصل في جميع الحالات .
ولأجل العدل في القول نقول : إن عمل المرأة قد يكون حاجة فعلاً ، كأن تكون المرأة هي المعيل للأسرة بعد زوج ميت ، أو أب عاجز ، ونحو ذلك ، بل إنه في بعض البلدان نتيجة لعدم قيام المجتمع على أسس إسلامية تضطر الزوجة إلى العمل لتغطي مصروف البيت مع زوجها ، ولا يخطب الرجل إلا موظفة ، بل اشترط بعضهم على زوجته في العقد أن تعمل !!
والخلاصة : فقد يكون عمل المرأة للحاجة أو لأجل هدف إسلامي ، كالدعوة إلى الله في مجال التعليم ، أو تسلية كما يقع لبعض من ليس لها أولاد .
وأما سلبيات عمل المرأة خارج البيت فمنها :
ما يقع كثيراً من أنواع المنكرات الشرعية ، كالاختلاط بالرجال ، والتعرف بهم والخلوة المحرمة ، والتعطر لهم ، وإبداء الزينة للأجانب ، وقد تكون النهاية هي الفاحشة .
عدم إعطاء الزوج حقه ، وإهمال أمر البيت ، والتقصير في حق الأولاد " وهذا موضوعنا الأصلي".(10/27)
نقصان المعنى الحقيقي للشعور بقوامة الرجل في نفوس بعض النساء فلنتصور امرأة تحمل شهادة مثل شهادة زوجها ، أو أعلى " وهذا ليس عيباً في ذاته " ، وتعمل براتب قد يفوق راتب زوجها ، فهل ستشعر هذه المرأة بشكل كاف بحاجتها إلى زوجها وتتكامل لديها طاعة الزوج ، أم أن الإحساس بالاستغناء قد يسبب مشكلات تزلزل كيان البيت من أساسه ، إلا من أراد الله بها خيراً ، وهذه مشكلات النفقة على الزوجة الموظفة والإنفاق على البيت لا تنتهي .
الإرهاق الجسدي والضغط النفسي والعصبي الذي لا يناسب طبيعة المرأة .
وبعد هذه العرض السريع لمصالح ومفاسد عمل المرأة نقول : لا بد من تقوى الله ، ووزن المسألة بميزان الشريعة ، ومعرفة الحالات التي يجوز فيها للمرأة أن تخرج للعمل ، من التي لا تجوز ، وأن لا تعمينا المكاسب الدنيوية عن سلوك سبيل الحق ، والوصية للمرأة لأجل مصلحتها ، ومصلحة البيت ، وعلى الزوج ترك الإجراءات الانتقامية وألا يأكل مال زوجته بغير حق .
نصيحة 20 : حفظ أسرار البيوت :
وهذا يشمل أموراً منها :
عدم نشر أسرار الاستمتاع .
عدم تسريب الخلافات الزوجية .
عدم البوح بأي خصوصية يكون إظهارها ضرر بالبيت أو أحد أفراده .
فأما المسألة الأولى فدليل تحريمها : قوله صلى الله عليه وسلم : " إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها " رواه مسلم 4/157 . ومعنى يفضي : أي يصل إليها بالمباشرة والمجامعة كما في قوله تعالى : " وقد أفضى بعضكم إلى بعض " سورة النساء الآية 21 .(10/28)
ومن أدلة التحريم أيضاً حديث أسماء بنت يزيد أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والرجال والنساء قعود فقال : " لعل رجلاً يقول ما يفعله بأهله ، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها " فأرم القوم " أي سكتوا " فقلت : إي والله يا رسول الله ، إنهن ليفعلن ! وإنهم ليفعلون !! قال : " فلا تفعلوا فإنما ذلك مثل الشيطان لقي شيطانة في طريق فغشيها والناس ينظرون " رواه الإمام أحمد 6/457 وهو مخرج في آداب الزفاف للألباني ص 144 . وفي رواية لأبي داود : " هل منكم الرجل إذا أتى أهله فأغلق عليه بابه ، وألقى عليه ستره ، واستتر بستر الله ؟ قالوا : نعم ، قال : ثم يجلس بعد ذلك فيقول فعلت كذا ، فعلت كذا ، فسكتوا ، ثم أقبل على النساء ، فقال : هل منكن من تحدث ؟ فسكتن ، فجثت فتاة كعاب على إحدى ركبتها ، وتطاولت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليراها ويسمع كلامها ، فقالت : يا رسول الله إنهم ليحدثون ، وإنهن ليحدثن ، فقال : هل تدرون ما مثل ذلك ؟ إنما مثل ذلك مثل شيطانة لقيت شيطاناً في السكة ، فقضى حاجته والناس ينظرون إليه " سنن أبى داود 2/627 وهو في صحيح الجامع 7037 .
وأما الأمر الثاني ، وهو تسريب الخلافات الزوجية خارج محيط البيت ، فإنه في كثير من الأحيان يزيد المشكلة تعقيداً ، وتدخل الأطراف الخارجية في الخلافات الزوجية يؤدي إلى مزيد من الجفاء في الغالب ، ويُصبح الحل بالمراسلة بين اثنين هما أقرب الناس لبعضهما ، فلا يلجأ إليه إلا عند تعذر الإصلاح المباشر المشترك وعند ذلك نفعل كما أمر الله : "فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما " سورة النساء الآية 35.(10/29)
والأمر الثالث : وهو الإضرار بالبيت أو أحد أفراده - بنشر خصوصياته - وهذا لا يجوز لأنه داخل في قوله صلى الله عليه وسلم : " لا ضرر ولا ضرار " رواه الإمام أحمد 1/313 وهو في السلسلة الصحيحة رقم 250 . ومن أمثلة ذلك ما ورد في تفسير قوله تعالى : "ضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأت نوح وامرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما " التحريم الآية10 ، فقد نقل ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية ما يلي : " فكانت امرأة نوح تطلع على سر نوح ، فإذا آمن مع نوح أحد أخبرت الجبابرة من قوم نوح به ، وأما امرأة لوط فكانت إذا أضاف لوط أحداً أخبرت أهل المدينة ممن يعمل السوء " تفسير ابن كثير 8/198 . أي ليأتوا فيعملوا بهم الفاحشة .
الأخلاق في البيت
نصيحة 21 : إشاعة خلق الرفق في البيت :
عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أراد الله - عز وجل - بأهل بيت خيراً أدخل عليهم الرفق " رواه الإمام أحمد في المسند 6/71 وهو في صحيح الجامع 303 وفي رواية أخرى : " إن الله إذا أحب أهل بيت أدخل عليهم الرفق " رواه ابن أبى الدنيا وغيره وهو في صحيح الجامع رقم 1704 . أي صار بعضهم يرفق ببعض ، وهذا من أسباب السعادة في البيت ، فالرفق نافع جداً بين الزوجين ، ومع الأولاد ، ويأتي بنتائج لا يأتي بها العنف كما قال صلى الله عليه وسلم : " إن الله يحب الرفق ، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ، وما لا يعطي على سواه " رواه مسلم ، كتاب البر والصلة والآداب رقم 2593 .
نصيحة 22 : معاونة أهل البيت في عمل البيت
كثير من الرجال يأنفون من العمل البيتي ، وبعضهم يعتقد أن مما ينقص من قدره ومنزلته أن يخوض مع أهل البيت في مهنتهم .
فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان " يخيط ثوبه ، ويخصف نعله ، ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم " رواه الإمام أحمد في المسند 6/121 وهو في صحيح الجامع 4927 .(10/30)
قالت ذلك زوجته عائشة رضي الله عنها لما سُئلت ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته فأجابت بما شاهدته بنفسها وفي رواية : كان بشراً من البشر يفلي " يُنقي " ثوبه ، ويحلب شاته ويخدم نفسه . رواه الإمام أحمد في المسند 6/256 وهو في السلسلة الصحيحة 671 . وسُئلت رضي الله عنها أيضاً ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته ، قالت : كان يكون في مهنة أهله - تعني خدمة أهله - فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة . رواه البخاري ، الفتح 2/162
فإذا فعلنا ذلك نحن اليوم نكون قد حققنا عدة مصالح :
اقتدينا برسول الله صلى الله عليه وسلم .
ساعدنا أهلينا .
شعرنا بالتواضع وعدم الكبر .
وبعض الرجال يطالب زوجته بالطعام فوراً ، والقدر فوق النار ، والولد يصرخ يريد الرضاع ، فلا هو يمسك الولد ، ولا هو ينتظر الطعام قليلاً ، فلتكن هذه الأحاديث تذكرة وعبرة .
نصيحة 23 : الملاطفة والممازحة لأهل البيت
ملاطفة الزوجة والأولاد من الأسباب المؤدية إلى إشاعة أجواء السعادة والألفة في البيت ، ولذلك نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم جابراً أن يتزوج بكراً ، وحثه بقوله : " فهلا بكراً تُلاعبها وتُلاعبك وتضاحكها وتضاحكك " الحديث في عدة مواضع في الصحيحين ومنها البخاري مع الفتح 9/121 وقال صلى الله عليه وسلم : " كل شيء ليس فيه ذكر الله فهو لهو ولعب إلا أربع ، ملاعبة الرجل امرأته .. " رواه النسائي في عشرة النساء ص 87 وهو في صحيح الجامع . وكان صلى الله عليه وسلم يلاطف زوجته عائشة وهو يغتسل معها ، كما قالت رضي الله عنها : " كنت أغتسل أنا ورسول الله من إناء بيني وبينه واحد ، فيبادرني حتى أقول : دع لي دع لي ، قالت : وهما جنبان " مسلم بشرح النووي 4/6 .(10/31)
وأما ملاطفته صلى الله عليه وسلم للصبيان فأشهر أن تذكر ، وكان كثيراً ما يلاطف الحسن والحسين كما تقدم ، ولعل هذا من الأسباب التي تجعل الصبيان يفرحون بمقدمه صلى الله عليه وسلم من السفر فيُهرعون لاستقباله كما جاء في الحديث الصحيح : " كان إذا قدم من سفر تُلقي بصبيان أهل بيته " صحيح مسلم 4/1885-2772 وانظر الشرح في تحفة الأحوذي 8/56 وكان صلى الله عليه وسلم يضمهم إليه كما قال عبد الله بن جعفر : " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر تُلقي بنا ، فتُلقي بي وبالحسن أو بالحسين ، قال : فحمل أحدنا بين يديه والآخر خلفه حتى دخلنا المدينة " صحيح مسلم 4/1885-2772 ، وانظر الشرح في تحفة الأحوذي 8/56 .
قارن بين هذا وبين حال بعض البيوت الكئيبة لا فيها مزاح بالحق ، وملاطفة ولا رحمة . ومن ظن أن تقبيل الأولاد يتنافى مع هيبة الأب فليقرأ هذا الحديث ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قبّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالساً ، فقال الأقرع : إن لي عشرة من الولد ما قبّلت منهم أحداً ، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : " من لا يرحم لا يُرحم " .
نصيحة 24 : مقاومة الأخلاق الرديئة في البيت :
لا يخلو فرد من الأفراد في البيت من خلق غير سوي كالكذب أو الغيبة والنميمة ونحوها ، ولابد من مقاومة هذه الأخلاق الرديئة .
وبعض الناس يظن أن العقوبة البدينة هي العلاج الوحيد في مثل هذه الحالات ، وفيما يلي حديث صحيح تربوي في هذا الموضوع ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اطّلع على أحد من أهل بيته كذب كذبة لم يزل معرضاً عنه حتى يحدث توبة " انظر مسند الإمام أحمد 6/152 ونص الحديث في صحيح الجامع رقم 4675 .(10/32)
ويتبين من الحديث أن الأعراض والهجر بترك الكلام والالتفات من العقوبات البليغة في مثل هذا الحال ، وربما كان أبلغ أثراً من العقاب البدني ، فليتأمله المربون في البيوت .
نصيحة 25 : ( علقوا السوط حيث يراه أهل البيت ) أخرجه أبو نعيم في الحلية 7/332 وهو في السلسلة الصحيحة برقم 1446 .
التلويح بالعقوبة من وسائل التأديب الراقية ، ولذلك جاء بيان السبب من تعليق السوط أو العصا في البيت ، وفي رواية أخرى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " علقوا السوط حيث يراه أهل البيت ، فإنه آدب لهم " أخرجه الطبراني 10/344-345 وهو في السلسلة الصحيحة برقم 1447 .
ورؤية أداة العقاب معلقة يجعل أصحاب النوايا السيئة يرتدعون عن ملابسة الرذائل خوفاً أن ينالهم منه نائل ، ويكون باعثاً لهم على التأدب والتخلق بالأخلاق الفاضلة ، قال ابن الأنباري : " لم يرد به الضرب به لأنه لم يأمر بذلك أحداً ، وإنما أراد لا ترفع أدبك عنهم". انظر فيض القدير للمناوي 4/325 .
والضرب ليس هو الأصل أبداً ، ولا يلجأ إليه إلا عند استنفاد الوسائل الأخرى للتأديب ، أو الحمل على الطاعات الواجبة ، كمل قوله تعالى : " واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجرهن في المضاجع واضربوهن " النساء الآية 34 . على الترتيب ومثل حديث : " مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين ، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر " سنن أبي داود 1/334 وانظر إرواء الغليل 1/266 .
أما استعمال الضرب دون الحاجة فإنه اعتداء ورسول الله صلى الله عليه وسلم نصح امرأة أن لا تتزوج من رجل لأنه لا يضع العصا عن عاتقه أي ضراب للنساء ، أما من يرى عدم استخدام الضرب مطلقاً تقليداً لبعض نظريات الكفار في التربية ، فرأيه خاطئ يخالف النصوص الشرعية .
المنكرات في البيت
نصيحة 26 : الحذر من دخول الأقارب غير المحارم على المرأة في البيت عند غياب زوجها .
نصيحة 27 : فصل النساء عن الرجال في الزيارات العائلية .(10/33)
نصيحة 28 : الانتباه لخطورة السائقين والخادمات في البيوت .
نصيحة 29 : اخرجوا المخنثين من بيوتكم .
نصيحة 30 : احذر أخطار الشاشة .
نصيحة 31 : الحذر من شر الهاتف .
نصيحة 32 : يجب إزالة كل ما فيه رمز لأديان الكفار الباطلة أو معبوداتهم وآلهتهم .
نصيحة 33 : إزالة صور ذوات الأرواح .
نصيحة 34 : امنعوا التدخين في بيوتكم .
نصيحة 35 : إياك واقتناء الكلاب في البيوت .
نصيحة 36 : الابتعاد عن تزويق البيوت .
البيت من الداخل والخارج
نصيحة 37 : حسن اختيار موقع البيت وتصميمه : لا شك أن المسلم الحق يراعي في اختيار بيته وتصميمه أمراً لا يراعيها غيره .
فمن جهة الموقع مثلاً :
أن يكون البيت قريباً من مسجد وفي هذا فوائد عظيمة لا تخفى ، فالنداء يذكر ويوقظ للصلاة ، والقرب يمكن الرجل من إدراك الجماعة ، والنساء من سماع التلاوة والذكر من مكبر المسجد ، والصغار من إتيان حلقة تحفيظ القرآن وهكذا ..
أن لا يكون في عمارة فيها فساق أو مجمعات سكنية فيها كفار يتوسطها مسبح مختلط ونحو ذلك .
أن لا يكشف ولا يُكشف ، ولو حصل يستعان بالسواتر وتعلية الجدر .
ومن جهة التصميم مثلاً :
أن يراعى فيه فصل الرجال عن النساء من الزوار الأجانب من ناحية المدخل ، وصالات الجلوس ، وإن لم يحصل فيستعين بالستائر والحواجز .
ستر الشبابيك : بحيث لا يظهر من في الغرف للجار ، أو لرجل الشارع ، وخصوصاً في الليل عندما تضاء الأنوار .
أن لا تكون المراحيض باتجاه القبلة عند استخدامها .
أن يختار المسكن الواسع والدار كثيرة المرافق ، وذلك لأمور منها :
" إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده " حديث رواه الترمذي رقم 2819 وقال : هذا حديث حسن .(10/34)
" ثلاثة من السعادة وثلاثة من الشقاء ، فمن السعادة : المرأة الصالحة تراها فتعجبك ، وتغيب عنها فتأمنها على نفسها ومالك ، والدابة تكون وطيئة فتلحقك بأصحابك ، والدار تكون واسعة كثيرة المرافق ، ومن الشقاء : المرأة تراها فتسوؤك ، وتحمل لسانها عليك ، وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها ومالك ، والدابة تكون قطوف ، فإن ضربتها أتعبتك وإن تركتها لم تلحقك بأصحابك ، والدار قليلة المرافق " حديث رواه الحاكم 3/262 وهو في صحيح الجامع برقم 3056 .
الحرص على الأمور الصحية كالتهوية ودخول الشمس ، وهذه وغيرها مقيدة بالقدرة المادية والإمكانات المتاحة .
نصيحة 38 : اختيار الجار قبل الدار
وهذه مسألة تحتاج إلى إفراد لأهميتها .
فالجار في عصرنا له مزيد من التأثير على جاره ، بفعل تقارب المساكن ، وتجمع الناس في البنايات والشقق ، والمجمعات السكنية .
وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أربع من السعادة وذكر منها : الجار الصالح، وأخبر عن أربع من الشقاء وذكر منها : الجار السوء رواه أبو نعيم في الحلية 8/388 وهو في صحيح الجامع 887 . ولخطر هذا الأخير كان صلى الله عليه وسلم يتعوذ منه في دعائه فيقول : " اللهم إني أعوذ بك من جار السوء في دار المقامة " أي الذي يجاورك في مكان ثابت " فإن جار البادية يتحول " رواه الحاكم 1/532 وهو في صحيح الجامع 1290 .
وأمر المسلمين أن يتعوذوا من ذلك فقال : " تعوّذوا بالله من جار السوء في دار المقام ، فإن الجار البادي يتحول عنك " رواه البخاري في الأدب المفرد رقم 117 واللفظ في صحيح الجامع 2967 .(10/35)
ويضيق المجال للحديث عن أثر جار السوء على الزوجين والأولاد ، وأنواع الإيذاء التي تصدر عنه ، ومنغصات العيش بجانبه ، ولكن في تطبيق الأحاديث السابقة على الواقع كفاية للمعتبر ، ولعل من الحلول العلمية ما ينفذه بعض الطيبين من استئجار السكن المتجاور لعائلاتهم ، لحل مشكلة الجيرة ولو على حساب بعض الماديات ، فإن الجيرة الصالحة لا تقدر بمال .
نصيحة 39 : الاهتمام بالإصلاحات اللازمة وتوفير وسائل الراحة
من نعم الله علينا في هذا الزمان ما وهبنا من وسائل الراحة التي تسهل أمور المعيشة في هذه الدنيا ، وتوفر الأوقات كالمكيف والثلاجة والغسالة .. إلخ ، فيكون من الحكمة توفيرها في البيت بالجودة التي يستطيعها صاحب البيت من غير إسراف ولا مشقة ، ولابد من التفريق بين الأمور التحسينية المفيدة والكماليات الزائفة التي لا قيمة لها .
ومن الاهتمام بالبيت إصلاح ما فسد من مرافقه وأجهزته ، وبعض الناس يهملون ، وتشتكي زوجاتهم من بيوت تعج فيها الحشرات ، وتفيض فيها البلاعات ، وتفوح القمامة بالروائح الكريهة ، وتتناثر فيه قطع الأثاث المكسور والتالف .
ولا شك أن هذا مما يمنع حصول السعادة في البيت ، ويسبب مشكلات زوجية وصحية ، فالعاقل من عالج ذلك .
نصيحة 40 : الاعتناء بصحة أهل البيت وإجراءات السلامة
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهل بيته نفث عليه بالمعوذات " رواه مسلم رقم 2192 . " وكان صلى الله عليه وسلم إذا أخذ أهله الوعك " المرض " أمر بالحساء " المرقة المعروفة " فصنع ، ثم أمرهم فحسوا ، وكان بقول : " إنه ليرتق " يشد " فؤاد الحزين ، ويسرو " يكشف " عن فؤاد السقيم ، كما تسرو إحداكن الوسخ عن وجهها " رواه الترمذي رقم 2039 وهو في صحيح الجامع رقم 4646 ،
وعن بعض إجراءات الوقاية والسلامة :(10/36)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أمسيتم فكفوا صبيانكم ، فإن الشياطين تنتشر حينئذ ، فإذا ذهب ساعة من الليل فخلوهم ، فغلقوا الأبواب ، واذكروا اسم الله ، وخمروا آنيتكم واذكروا اسم الله ، ولو أن تعرضوا عليها شيئاً " مثل العود ونحوها " وأطفئوا مصابيحكم " رواه البخاري الفتح 10/88-89 . وفي رواية لمسلم : " أغلقوا أبوابكم ، وخمروا آنيتكم ، وأطفئوها سرجكم ، وأوكئوا أسقيتكم " شدوا رباطها على أفواها " فإن الشيطان لا يفتح باباً مغلقاً ، ولا يكشف غطاء ، ولا يحل وكاء ، وإن الفويسقة تضرم البيت على أهله " " أي تسحب فتيل السراج فيشتعل البيت " رواه الإمام أحمد في المسند 3/301 وهو في صحيح الجامع 1080 .
وقال صلى الله عليه وسلم : " لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون " رواه البخاري ، الفتح 11/85 .
والله أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .(10/37)
Al-Asaaleeb al-Nabawiyyah
The Prophet's Methods for Correcting People's Mistakes
Book by Sheikh Muhammed Salih Al-Munajjid
---
Contents
Introduction
Points to be noted when dealing with mistakes
The Prophet's methods of dealing with people's mistakes
Conclusion
---
Introduction
Bismillaah il-Rahmaan il-Raheem
In the Name of Allaah, Most Gracious, Most Merciful
Praise be to Allaah, Lord of the Worlds, Master of the Day of Judgement, God of the first and the last, Sustainer of heaven and earth, and peace and blessings be upon His trustworthy Prophet, the Teacher of mankind, sent as a Mercy to the worlds.
Teaching people is one of the greatest good deeds whose benefits spread to others. It is the daiy'ahs' and educators' share of the heritage of the Prophets and Messengers. "Allaah and the angels, and even the ant in its nest and the whale in the sea will pray for the one who teaches people the ways of good." (Reported by al-Tirmidhi; Sunan al-Tirmidhi, Ahmad Shaakir edn., no. 2685. Abu 'Eesa said, this is a saheeh ghareeb hasan hadeeth). There are different types and ways of teaching, with different means and methods, one of which is correcting mistakes. Correcting mistakes is a part of education; they are like inseparable twins.(11/1)
Dealing with and correcting mistakes is also a part of sincerity in religion (naseehah) which is a duty on all Muslims. The connection between this and the concept of enjoining what is good and forbidding what is evil, which is also a duty, is quite obvious (but we should note that the area of mistakes is broader than the area of evil (munkar), so a mistake may or may not be evil as such).
Correcting mistakes also formed a part of the wahy (revelation) and the methodology of the Qur’aan. The Qur’aan brought commands and prohibitions, approvals and denunciations and correction of mistakes – even those on the part of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him). So it included rebukes and pointing out of mistakes, for example (interpretation of the meaning):
“(The Prophet) frowned and turned away,
Because there came to him the blind man [‘Abd-Allaah ibn Umm Maktoom, whilst he was preaching to one or some of the chiefs of Quraysh],
But what could tell you that perchance he might become pure (from sins)?
Or that he might receive admonition, and that the admonition might profit him?
As for him who thinks himself self-sufficient,
To him you attend;
What does it matter to you if he will not become pure (from disbelief, you are only a Messenger, your duty is to convey the Message of Allaah).
But as to him who came to you running, And is afraid (of Allaah and His Punishment), Of him you are neglectful and divert your attention to another.” [‘Abasa 80:1-10](11/2)
“And remember when you (Muhammad) said to him (Zayd ibn Haarithah – the freed slave of the Prophet) on whom Allaah has bestowed Grace (by guiding him to Islam) and you (too) have done a favour (by freeing him), ‘Keep your wife to yourself and fear Allaah.’ But you did hide in yourself (what Allaah had already made known to you – i.e. that He will give her to you in marriage) that which Allaah will make mainfest, you did fear the people whereas Allaah had a better right that you should fear Him…” [al-Ahzaab 33:38]
“Not for you (O Muhammad) is the decision; whether He turns in mercy to (pardons) them or punishes them; verily, they are the zaalimoon (polytheists, disobedient, wrong-doers, etc.).” [Aal ‘Imraan 3:128]
Qur’aan was also revealed to correct the mistakes of some of the Sahaabah in some situations. When Haatib ibn Abi Balta’ah (may Allaah be pleased with him) made the mistake of writing to the kuffaar of Quraysh and informing them of the direction in which the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) was headed on a military campaign against them, Allaah revealed the words (interpretation of the meaning):(11/3)
“O you who believe! Take not My enemies and your enemies (i.e., disbelievers and polytheists, etc.) as friends, showing affection towards them, while they have disbelieved in what has come to you of the truth, and have driven out the Messenger and yourselves (from your homeland) because you believe in Allaah your Lord! If you have come forth to strive in My Cause and to seek My Good Pleasure, (then take not these disbelievers and polytheists, etc., as your friends). You show friendship to them in secret, while I am All-Aware of what you conceal and what you reveal. And whosoever of you (Muslims) does that, then indeed he has gone (far) astray, (away) from the Straight Path.” [al-Mumtahinah 60:1]
Concerning the mistake made by the archers at the battle of Uhud, who left the position where the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) had commanded them to stay, Allaah revealed the words (interpretation of the meaning):
“… until (the moment) you lost your courage and fell to disputing about the order, and disobeyed after He showed you (of the booty) which you love. Among you are some that desire this world and some that desire the Hereafter…” [Aal- ‘Imraan 3:152]
When the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) stayed away from his wives in order to discipline them, and some people spread rumours that he had divorced them, Allaah revealed the words (interpretation of the meaning):(11/4)
“When there comes to them some matter touching (public) safety or fear, they make it known (among the people), if only they had referred it to the Messenger or to those charged with authority among them, the proper investigators would have understood it from them (directly)…” [al-Nisa’ 4:83]
When some of the Muslims failed to migrate from Makkah to Madeenah with no legitimate excuse, Allaah revealed the words (interpretation of the meaning):
“Verily! As for those whom the nagels take (in death) while they are wronging themselves (as they stayed among the disbelievers even though emigration was obligatroy for them), they (angels) say (to them): ‘In what (condition) were you?’ They reply: ‘We were weak and oppressed on earth.’ They (angels) say: ‘Was not the earth of Allaah spacious enough for you to emigrate therein?’ …” [al-Nisa’ 4:97]
When some of the Sahaabah believed and repeated the rumours of the munaafiqeen accusing ‘Aa’ishah of something she was innocent of, Allaah revealed aayaat concerning this lie, including (interpretation of the meaning):
“Had it not been for the Grace of Allaah and His Mercy unto you in this world and in the Hereafter, a great torment would have touched you for that whereof you had spoken. When you were propagating it with your tongues and uttering with your mouths that whereof you had no knowledge, you counted it a little thing, while with Allaah it was very great.”
[al-Noor 24:14]
Then Allaah said (interpretation of the meaning):(11/5)
“And why did you not, when you heard it, say – ‘It is not right for us to speak of this. Glory be to You (O Allaah), this is a great lie’?
Allaah forbids you from it and warns you not to repeat the like of it forever, if you are believers.”
[al-Noor 24:16-17]
When some of the Sahaabah argued in the presence of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) and raised their voices, Allaah revealed (interpretation of the meaning):
“O you who believe! Do not put (yourselves) forward before Allaah and His Messenger, and fear Allaah. Verily! Allaah is All-Hearing, All-Knowing.
O you who believe! Raise not your voices above the voice of the Prophet, nor speak aloud to him in talk as you speak aloud to one another, lest your deeds may be rendered fruitless while you perceive not.”
[al-Hujuraat 49:1-2]
When the caravan came at the time of the Friday khutbah, and some of the people left the khutbah and dispersed to engage in trade, Allaah revealed the words:
“And when they see some merchandise or some amusement, they disperse headlong to it, and leave you (Muhammad) standing [while delivering the Friday khutbah]. Say: ‘That which Allaah has is better than any amusement or merchandise! And Allaah is the Best of Providers.’”
[al-Jumu’ah 62:11]
Many other examples also indicate the importance of correcting mistakes and not keeping quiet about them.(11/6)
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) was guided by the Light of his Lord in following the principle of denouncing evil and correcting mistakes with no compromise. From this and other reports the scholars (may Allaah have mercy on them) derived the principle: it is not permitted for the Prophet to delay speaking up and explaining mistakes at the appropriate time.”
Understanding the Prophet’s methodology in dealing with the mistakes of the people he met is of great importance, because the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) was guided by his Lord, and his words and deeds were supported by the wahy, and confirmed or corrected as needed. His methods are wiser and more efficacious, and using his approach is the best way to get people to respond positively. If the one who is in a position to guide and teach others adopts these methods and this approach, his efforts will be successful. Following the method and approach of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) also involves following his example, for he is the best example for us, and this will lead us to a great reward from Allaah, if our intention is sincere.(11/7)
Knowing the methods of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) exposes the failure of the man-made methodology – which is followed everywhere on this earth – and proves to the followers of that methodology that it is a failure. Much of it is clearly a deviation that is based on corrupt theories such as absolute freedom, or it is derived from false heritages such a blind imitation of one's fathers and forefathers.
We must point out that the practical application of this methodology in real life relies heavily on ijtihaad (studying the situation and attempting to determine the best approach) to a great extent. This involves selecting the best methods for a particular situation. Whoever understands people’s nature will be able to notice similarities between real life situations and situations described in the texts, so he will be able to choose the most appropriate method from among the methods of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him).
This book is an attempt to study the methods of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) in dealing with mistakes made by people of different levels and backgrounds, among those who lived with him and with whom he interacted. I ask Allaah to make it successful and free of mistakes, to benefit my Muslim brothers and me through it, for He is in control of all things and He is able to do this, and He is the Guide to the Straight Path.
Points to be noted when dealing with mistakes(11/8)
Before we embark on our discussion we should note some issues and considerations that we should bear in mind before and when dealing with and correcting the mistakes of others.
Sincerity towards Allaah
When correcting the mistakes of others, it is essential that one’s intention be to earn the pleasure of Allaah, not to demonstrate one's superiority or to vent one’s anger or to impress others.
Al-Tirmidhi (may Allaah have mercy on him) reported from Shufayy al-Asbahi that he entered Madeenah and saw a man with people gathered around him. He asked, “Who is this?” They said, “Abu Hurayrah.” [Shufayy said:] “So I approached him and sat down in front of him. He was speaking to the people, and when he finished and they had gone away, I said to him, ‘I ask you by Allaah, to narrate to me a hadeeth that you heard from the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) and understood fully.’ Abu Hurayrah said, ‘I will do that, I will tell you a hadeeth I heard from the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) and understood fully.’ Then Abu Hurayrah began to gasp, and remained in this condition until he recovered, then he said, ‘I will tell you a hadeeth that the Messenger of Allah (peace and blessings of Allaah be upon him) told me in this house when there was no one else present except me and him.’ Then Abu Hurayrah began to gasp again, then he recovered and wiped his face, and said, ‘I will tell you a hadeeth that the Messenger of Allah (peace and blessings of Allaah be upon him) told me in this house when there was no one else present(11/9)
except me and him.’ Then he gasped, then he recovered and wiped his face and said, ‘I will tell you a hadeeth that the Messenger of Allah (peace and blessings of Allaah be upon him) told me in this house when there was no one else present except me and him.’ Then Abu Hurayrah began to gasp severely, and his head fell forward, and I supported him with my shoulder for a long time, then he recovered, and said: ‘The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) told me: ‘When the Day of Judgement comes, Allaah will come down to judge between the people. And every nation will be kneeling in submission. The first people to be called forth will be a man who had learned the Qur’aan by heart, a man who was killed for the sake of Allaah and a man who had a lot of wealth. Allaah will say to the reader, ‘Did I not teach you that which I had revealed to My Messenger?’ He will say, ‘Of course, My Lord.’ Allaah will say, ‘What did you do with what you were taught?’ He will say, ‘I stayed up at night and during the day (to recite it).’ Allaah will say, ‘You have lied,’ and the angels will say, ‘You have lied.’ Allaah will say, ‘You only wanted it to be said that so-and-so is a reader, and it was said.’ The one who had a lot of wealth will be brought and Allaah will say to him, ‘Did I not give generously to you so that you were not in need of anyone?’ He will say, ‘Of course, O Lord.’ Allaah will say, ‘What did you do with what I gave you?’ He will say, ‘I used to give it to my relatives and in charity.’ Allaah will say, ‘You have lied,’ and the angels will say, ‘You have(11/10)
lied.’ Allaah will say, ‘You only wanted it to be said that so-and-so is generous, and it was said. Then the one who was killed for the sake of Allaah will be brought and Allaah will say to him, ‘What were you killed for?’ He will say, ‘I was commanded to fight in jihaad for Your sake so I fought until I was killed.’ Allaah will say, ‘You have lied,’ and the angels will say, ‘You have lied.’ Allaah will say, ‘You only want it to be said that so-and-so was courageous, and it was said.’ Then the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) struck my knees and said, ‘O Abu Hurayrah, these three are the first people for whom the Fire will be heated on the Day of Resurrection.’” (Sunan al-Tirmidhi, no. 2382, Shaakir edn. Abu ‘Eesa said: this is a ghareeb hasan hadeeth).
If the intention of the person giving advice is sincere, he will earn reward and his advice will be accepted and acted upon, by the permission of Allaah.
- Making mistakes is part of human nature.
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “Every son of Adam makes mistakes, and the best of those who make mistakes are those who repent.” (Reported by al-Tirmidhi, no. 2499, and by Ibn Maajah, who narrated this version – al-Sunan, ed. by ‘Abd al-Baqi, no. 4251)(11/11)
Bearing this fact clearly in mind will put things into their proper perspective, so the educator should not expect people to be perfect or infallible or judge them according to what he thinks they should be, and then consider them to have failed if they make a big mistake or err repeatedly. He should deal with them in a realistic manner, based on his knowledge of human nature which is subject to ignorance, negligence, shortcomings, whims and desires and forgetfulness.
Understanding this fact will also prevent an educator from being greatly shocked by the kind of sudden mistake that could lead him to react in an inappropriate fashion. This will remind the da’iyah and educator who is striving to enjoin what is good and forbid what is evil that he too is a human being who could also make the same mistake, so he should deal with him on a footing of compassion rather than harshness, because the basic aim is to reform, not to punish.
But this does not mean that we should leave people who are making mistakes alone, or find excuses for those who are committing sins on the basis that they are only human or that they are just youngsters, or that the modern age is full of temptations and so on. We must denounce the actions and call the people to account, but at the same time we must evaluate their actions according to Islam.(11/12)
- Saying that someone is wrong should be based on shar'i evidence and proper understanding, not on ignorance and that fact that one happens not to like it. Muhammad ibn al-Munkadir reported that Jaabir prayed wearing only an izar (lower garment wrapped around the waist) tied at the back [the reason for this is that they did not have trousers, and they would wear their izar tied at the back because this was more concealing when they did rukoo’ and sujood. Fath al-Baari, al-Salafiyyah edn., 1/467], and his other clothes were on a clothes hook. Someone said to him, ‘Are you praying in one garment?’ He said, ‘I only did it so that some foolish person like you would see me. Who among us had two garments at the time of the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him)?’” (Reported by al-Bukhaari, al-Fath, no. 352). Ibn Hajar (may Allaah have mercy on him) said: “What is meant by ‘foolish’ here is ‘ignorant’… The purpose was to explain that it is permissible to pray wearing only one garment, although wearing two garments is preferable. It is as if he was saying, ‘I did it on purpose to show that it is permissible, so that one who does not know could follow me in that or he could rebuke me so that I could teach him that it is permissible.’ The reason why his answer was so harsh was so that he could teach them not to rebuke the scholars and to urge them to look into shar'i matters themselves.” (al-Fath, 1/467)
- The more serious a mistake is, the more effort should be made to correct it.(11/13)
Efforts to correct mistakes that have to do with ‘aqeedah should be greater than those to correct mistakes that have to do with etiquette, for example. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) was intensely concerned about dealing with and correcting mistakes that had to do with shirk in all its forms, because this was the most important matter. Examples of this follow:
Al-Mugheerah ibn Shu’bah said: “There was an eclipse of the sun on the day that [the Prophet’s infant son] Ibraaheem died, and the people said, ‘This eclipse is because of the death of Ibraaheem.’ The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said: ‘The sun and the moon are two of the signs of Allaah, they do not become eclipsed for the death or life of anyone. If you see them (eclipsed) then call on Allaah and pray to Him until the eclipse is over.’” (Reported by al-Bukhaari, Fath, 1061).
Abu Waaqid al-Laythi reported that when the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) went out to Hunayn, he passed by a tree belonging to the mushrikeen that was called Dhaat Anwaat, on which they used to hang their weapons. They said, ‘O Messenger of Allaah, make for us a Dhaat Anwaat like they have.’ The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘Subhaan-Allaah! This is like what the people of Moosa said, “Make for us a god as they have gods.” By the One in Whose hand is my soul, you will follow the ways of the people who came before you.’” (Reported by al-Tirmidhi, no. 2180. He said, This is a saheeh hasan hadeeth).(11/14)
According to another report narrated by Abu Waaqid, they went out from Makkah with the Messenger of Allaah to Hunayn. He said: “The kuffaar had a lotus-tree to which they were devoted and on which they used to hang their weapons; it was called Dhaat Anwaat. We passed by a big, green lotus-tree, and we said, ‘O Messenger of Allaah, make this a Dhaat Anwat for us.’ The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said: ‘By the One in Whose hand is my soul, you have said what the people of Moosa said to him, “Make for us a god as they have gods,” and he said, “Verily, you are a people who know not.” It is the same thing, and you will follow the ways of the people who came before you, step by step.’” (Reported by Ahmad, al-Sunan, 5/218).
Zayd ibn Khaalid al-Juhani said: “The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) led us in Subh (Fajr) prayer at al-Hudaybiyah just after it had rained in the night. When he finished, he turned to the people and said, ‘Do you know what your Lord says?” They said, ‘Allaah and His Messenger know best.’ He said, ‘This morning one of My slaves became a believer in Me, and one a disbeliever. As for the one who said, we have been given rain by the Grace and Mercy of Allaah, he is a believer in Me and a disbeliever in the stars; and as for him who said, we have been given rain by such-and-such a star, he is a disbeliever in Me and a believer in the stars.’” (Reported by al-Bukhaari, Fath, no. 846).(11/15)
Ibn ‘Abbaas reported that a man said, “O Messenger of Allaah, whatever Allaah and you will.” He said, “Are you making me equal to Allaah? [Say instead:] What Allaah alone wills.” (Reported by Ahmad, al-Musnad, 1/283).
Ibn ‘Umar (may Allaah be pleased with them both) reported that he caught up with ‘Umar ibn al-Khattaab who was with a group of people and was swearing by his father. The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) called them and told them that Allaah had forbidden them to swear by their forefathers; the one who wanted to swear an oath should swear by Allaah or else keep quiet. (Reported by al-Bukhaari, Fath, 6108)
Note: Imaam Ahmad reported in his Musnad: Wakee’ told us that al-A’mash told us from Sa’d ibn ‘Ubaydah who said: “I was with Ibn ‘Umar in a circle and he heard a man in another circle saying, ‘No, by my father.’ So Ibn ‘Umar threw pebbles at him and said, ‘This is how ‘Umar used to swear, and the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) forbade him to do this and said that it was shirk.’” (al-Fath al-Rabbaani, 14/164).(11/16)
Abu Shurayh Haani’ ibn Yazeed said: “A delegation of people came to the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) and he heard them calling one of them Abd al-Hajar (“slave of the stone”). He asked him, ‘What is your name?’ He said, ‘ ‘Abd al-Hajar.’ The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘No, you are ‘Abd-Allaah (slave of Allaah).’” (Reported by al-Bukhaari in al-Adab al-Mufrad, no. 813. Al-Albaani said in Saheeh al-Adab al-Mufrad that it is saheeh, no. 623).
- Taking into account the position of the person who is striving to correct the mistake
Some people’s advice may be more readily accepted than others’ because they have a status that others do not, or because, unlike others, they have authority over the person who has made the mistake, for example, a father with his child or a teacher with his student or a government official with the one whom he is inspecting. One who is older is not like one who is younger, a relative is not like a stranger, a person with authority is not like one with no authority. Understanding these differences will make the reformer put things into perspective and evaluate them properly, so that his rebuke or correction will not lead to a greater evil. The position of the one who is rebuking and the esteem in which he is held by the one who has made the mistake are very important in judging how strong the rebuke should be and deciding how harsh or gentle the tone should be. From this we learn two things:(11/17)
Firstly, that the person to whom Allaah has given status or authority should use that to enjoin what is good and forbid what is evil, and to teach people. He should understand that he has a great responsibility because people will accept more from him than from other people – usually – so he can do more than others can.
Secondly, the person who seeks to enjoin what is good and forbid what is evil should not misjudge the situation and put himself in a higher position than is in fact the case and behave as if he has qualities that he does not have, because this will only put people off.
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) made the most of the position of respect that Allaah had given him when he was rebuking and teaching people. He did things that would not have been appropriate if they were done by anyone else, examples of which follow:(11/18)
Ya’eesh ibn Tihfah al-Ghiffaari reported that his father said: “I was a guest of the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him), one of the poor to whom he played host. The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) came out to check on his guests during the night, and saw me lying on my stomach. He kicked me and said, ‘Don’t lie like this; this is the kind of lying that Allaah hates.’” According to another report: “He kicked him and woke him up, and said, ‘This is how the people of Hell lie.’” (Reported by Ahmad, al-Fath al-Rabbaani, 14/244-245. Also reported by al-Tirmidhi, no. 2798, Shaakir edn.; by Abu Dawood in Kitaab al-Adab in his Sunan, no. 5040, al-Da’’aas edn. The hadeeth is also in Saheeh al-Jaami’, 2270-2271).
This method of rebuking was appropriate for the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) because of his position and status, but it is not appropriate for ordinary people. It is not alright for any person who wants to rebuke another for sleeping on his stomach to kick him whilst he is asleep and wake him up, and then expect him to accept this advice and thank him for it. The same applies to hitting a person who is making a mistake or throwing something like pebbles or whatever at him. Although some of the salaf did that, it was because of their particular status. Some stories of this nature follow:(11/19)
Al-Daarimi (may Allaah have mercy on him) reported from Sulaymaan ibn Yassaar that a man called Sabeegh came to Madeenah and started to ask about the ambiguous texts of the Qur’aan. ‘Umar sent for him, and he had prepared some date palm branches for him (to hit him with). [‘Umar] asked him, “Who are you?’ He said, “I am the slave of Allaah, Sabeegh.” ‘Umar took hold of one of the palm branches and hit him, saying, “I am the slave of Allaah, ‘Umar.” He kept hitting him until his head began to bleed, and he said, “O Ameer al-Mu’mineen, enough! [The ideas that] were in my head have gone!” (Sunan al-Daarimi, ed. by ‘Abd-Allaah Haashim Yamaani, 1/51, no. 146).
Al-Bukhaari (may Allaah have mercy on him) reported that Ibn Abi Layla said: “Hudhayfah was in al-Madaa’in and asked for a drink, and a grandee gave him a vessel of silver. He threw it at him and said, ‘I would not have thrown it, but I told him not to do it and he didn’t stop. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) forbade us from wearing silk and brocade, and from drinking from vessels of gold and silver. He said, ‘These are for them in this world and for you in the Hereafter.’” (al-Fath, no. 5632).(11/20)
According to a report narrated by Ahmad, describing the same incident, ‘Abd al-Rahmaan ibn Abi Laylaa said: “I went out with Hudhayfah to one of these areas, and he asked for something to drink. A grandee brought him a vessel of silver and he (Hudhayfah) threw it in his face. We said, ‘Be quiet, be quiet, if we ask why he did it, he might not tell us.’ So we were quiet, and a little while later he said, ‘Do you know why I threw it in his face?’ We said, ‘No.’ He said, ‘I had told him not to do it. The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said, “Do not drink from vessels of gold,” and Mu’aadh said, “Do not drink from vessels of gold or silver, and do not wear silk or brocade; these are for them in this world and for you in the Hereafter.”’” (al-Musnad, 5/396)
Al-Bukhaari narrated that Seereen asked Anas to write him a contract of manumission, as he had plenty of money, but Anas refused. Seereen went to ‘Umar (may Allaah be pleased with him), who told Anas to write the document, and Anas still refused, so ‘Umar hit him with a whip whilst reciting the words (interpretation of the meaning): “… give them [slaves seeking emancipation] such writing [of a document of manumission], if you know that they are good and trustworthy…” [al-Noor 24:33], so he wrote the document for him. (Al-Fath, 5/184).(11/21)
Al-Nisaa'i reported from Abu Sa’eed al-Khudri that he was praying when a son of Marwaan came in front of him, so he checked him, and when he did not go back, he hit him. The boy went out crying, and went to Marwaan and told him what had happened. Marwaan asked Abu Sa’eed, “Why did you hit the son of your brother?” He said, “I did not hit him, I hit the Shaytaan. I heard the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) say: ‘If any one of you is praying and someone wants to pass in front of him, let him stop him as much as he can, and if he refuses then fight him, for he is a devil.’” (al-Mujtaba min Sunan al-Nisaa'i, 8/61; Saheeh Sunan al-Nisaa'i, no. 4518)
Ahmad (may Allaah have mercy on him) reported from Abu’l-Nadr that Abu Sa’eed al-Khudri was suffering from a sore leg, and his brother came in and saw him lying with one leg crossed over the other, so he hit him on the sore leg, making it hurt even more. He said, “You hurt my leg! Didn’t you know it is sore?” He said, “Of course I knew.” He said, “What made you do that?” He said, “Did you not hear that the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) forbade us to sit like this?” (al-Musnad, 3/42)
Maalik reported from Abu’l-Zubayr al-Makki that a man proposed marriage to another man’s sister, and he [the brother] told him that she had committed zinaa. News of this reached ‘Umar ibn al-Khattaab, so he hit him or nearly hit him, and said, “Why did you tell him?” (Muwatta’ Maalik, no. 1553, report of Abu Mus’ab al-Zuhri, ed. by Bashshaar Ma’roof and Mahmood Khaleel. Mu’sasat al-Risaalah).(11/22)
Muslim reported in his Saheeh from Abu Ishaaq who said: “I was with al-Aswad ibn Yazeed in the Great Mosque, and al-Sha’bi was with us. Al-Sha’bi told us about what Faatimah bint Qays had said about the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) not providing housing or an income for her. Al-Aswad took a handful of pebbles and threw them at him, saying, ‘Woe to you! You talk about something like this? ‘Umar said that we should not leave the Book of Allaah and the Sunnah of our Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) for the words of a woman who we cannot be sure has remembered things properly or not. Women have the right to accommodation and an income. Allaah says (interpretation of the meaning): “… and turn them not out of their homes, not shall they (themselves) leave, except in case they are guilty of some open illegal sexual intercourse…” [al-Talaaq 65:1].’” (Saheeh Muslim, no. 1480).
Abu Dawood reported, with an isnaad in which two men are maqbool, that two men entered from the doors of Kindah, when Abu Mas’ood al-Ansaari was sitting in a circle. The two men said, “Is there any man who will judge between us?” A man in the circle said, “I will.” Abu Mas’ood took a handful of pebbles and threw them at him, saying, “Shut up! It is disliked to hasten to judgement.” (Reported by Abu Dawood, Kitaab al-Aqdiyah, Bab fi talab al-qada’ wa al-tasarru’ ilayhi)(11/23)
We should also note that the Prophet’s rebuking of some of his closest Companions was, on occasions, harsher than his rebuking of a bedouin, for example, or a stranger. All of this has to do with wisdom and proper evaluation in rebuking.
- Making a distinction between one who errs out of ignorance and one who errs despite his knowledge
One of the stories that illustrate this clearly is what happened to Mu’aawiyah ibn al-Hakam al-Salami when he came to Madeenah from the desert, and he did not know that it is forbidden to speak during the salaah. He said: “Whilst I was praying behind the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him), a man sneezed, so I said ‘Yarhamuk Allaah (may Allaah have mercy on you).’ The people glared at me, so I said, ‘May my mother lose me! What is wrong with you that you are looking at me?’ They began to slap their thighs with their hands, and when I saw that they were indicating that I should be quiet, I stopped talking (i.e., I nearly wanted to answer them back, but I controlled myself and kept quiet). When the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) had finished praying – may my father and mother be sacrificed for him, I have never seen a better teacher than him before or since – he did not rebuke me or hit me or put me to shame. He just said, ‘This prayer should contain nothing of the speech of men; it is only tasbeeh and takbeer and recitation of the Qur’aan.’” (Saheeh Muslim, ‘Abd al-Baaqi edn., no. 537).(11/24)
The ignorant person needs to be taught; the one who has doubts needs to have things explained to him; the negligent person needs to be reminded; and the one who wilfully persists in error needs to be warned. It is not right to treat one who knows about a ruling and one who is ignorant of it in the same manner when rebuking them. Treating one who does not know too harshly will only put him off and make him refuse to follow your advice, unlike teaching him with wisdom and gentleness, because an ignorant person simply does not realize that he is making a mistake. It is as if he is saying to the one who is rebuking him: “Why don’t you teach me before you launch an attack on me?”(11/25)
The one who is making a mistake without realizing it may think that he is right, so we should take this into account and deal with him tactfully. Imaam Ahmad (may Allaah have mercy on him) reported in al-Musnad from al-Mugheerah ibn Shu’bah: “The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) ate some food, then got up to pray. He had already done wudoo’ before that, but I brought some water for him to do wudoo’, He rebuffed me and said, ‘Go away!’ I felt upset, by Allaah. He prayed, and I complained to ‘Umar about what had happened. He said, ‘O Prophet of Allaah, al-Mugheerah feels hurt by your rebuff, and he is worried that you may be angry with him for some reason.’ The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: ‘I see only good in him, but he brought me water to do wudoo’ after I had eaten some food, and if I had done wudoo’ then, the people would have followed suit [i.e., they would have thought that they had to do wudoo’ every time they had eaten something].’” (al-Musnad, 4/253)
We should note here that when the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) pointed out the mistakes of these great Sahaabah, it did not have a negative impact on them or put them off; rather, it had a positive effect on them, and having been corrected in this manner by the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him), they would remain anxious and worried, watching their behaviour and feeling concerned until they could be sure that the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) was pleased with them.(11/26)
We may also note from this story that when the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) pointed out al-Mugheerah’s mistake, he was not angry with al-Mugheerah himself; he did this out of mercy to the people and to explain things clearly to them, so that they would not impose something on themselves that was not waajib and that would cause them a great deal of hardship.
- Making a distinction between mistakes stemming from an honest effort to find out what is right (ijtihaad), and mistakes done deliberately, out of negligence or because of shortcomings
There is no doubt that in the first case, a person is not to be blamed; indeed he will earn one reward even if he is mistaken, so long as his intention was sincere and he tried to reach the right conclusion, because the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “If a ruler judges and strives to make the right decision, and his decision is correct, he will have two rewards, and if his decision is wrong, he will still have one reward.” (Reported by al-Tirmidhi, 1326, Shaakir edn. Abu ‘Eesa al-Tirmidhi said it is a ghareeb hasan hadeeth in this version. )
This is a different case from one who errs deliberately or because of shortcomings. In the first instance, the person should be taught and advised; in the second, he should be warned and rebuked.(11/27)
The ijtihaad which may be excused should be done on the part of one who is qualified, not one who gives fatwas without knowledge and without taking circumstances into account. This is why the Prophet severely denounced the people who made the mistake in the case of the man with the head wound. Abu Dawood narrated in his Sunan from Jaabir (may Allaah be pleased with him) who said: “We went out on a journey, and one of the men with us was struck in the head with a stone and started bleeding. Then he slept and when he woke up he needed to do ghusl (he was in state of janaabah or impurity). He asked his companions, ‘Do you think I could get away with doing tayammum?’ They said, ‘We don’t think you have any excuse because water is available.’ So he did ghusl, and he died. When we came to the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) and he was told about this, he said, ‘They have killed him, may Allaah kill them! Why did they not ask if they did not know? The cure of the one who does not know is to ask…’” (Sunan Abi Dawood, Kitaab al-Tahaarah, Baab al-majrooh yatayammam; al-Albaani classed it as hasan in Saheeh Abi Dawood, 325, and indicated that the extra material added at the end of the hadeeth is da’eef)(11/28)
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said that judges are of three types, one will be in Paradise and the other two in Hell. The type that will be in Paradise is a man who knows the truth and judges accordingly. A man who knows the truth but judges unjustly will be in Hell, and a man who judges between people without proper knowledge will also be in Hell. (Sunan Abi Dawood, no. 3573; classed as saheeh by al-Albaani in al-Irwa’, 2164). The third type is not regarded as having any excuse.
Another factor in gauging the degree of rebuking is paying attention to the environment in which the mistake occurred, such as whether it was an environment in which the Sunnah is followed or bid’ah is widespread, or how prevalent evil is, or whether there are ignorant or overly lenient people, whose opinions are widely followed, issuing fatwas to say that it is permissible.
- A good intention on the part of the one who makes the mistake does not mean that he should not be rebuked(11/29)
‘Amr ibn Yahya said: “I heard my father narrating from his father who said: ‘We were at the door of ‘Abd-Allaah ibn Mas’ood before the early morning prayer. When he came out we walked with him to the mosque. Abu Moosa al-Ash’ari came up to us and said, “Did Abu ‘Abd al-Rahmaan come out to you yet?” We said, “No.” He sat down with us until [Abu ‘Abd al-Rahmaan] came out. When he came out, we all stood up to greet him, and Abu Moosa said to him: “O Abu ‘Abd al-Rahmaan, earlier I saw in the mosque something that I have never seen before, but it seems good, al-hamdu Lillaah.” He said, “And what was it?” He said, “if you live, you will see it. I saw people in the mosque sitting in circles waiting for the prayer. In every circle there was a man, and they had pebbles in their hands. He would say, ‘Say Allaahu akbar one hundred times,’ and they would say Allaahu akbar one hundred times; then he would say, ‘Say Laa ilaaha ill-Allaah one hundred times,’ and they would say Laa ilaaha ill-Allaah one hundred times; then he would say, ‘Say Subhaan Allaah one hundred times,’ and they would say Subhaan Allaah one hundred times.’ He asked, ‘What did you say to them?’ He said, ‘I did not say anything to them; I was waiting to see what your opinion would be and what you would tell me to do.’ He said, ‘Why did you not tell them to count their bad deeds and guarantee them that nothing of their good deeds would be wasted?’ Then he left, and we went with him, until he reached one of those circles. He stood over them and said, ‘What is this I see you doing?’ They said, ‘O Abu ‘Abd al-Rahmaan,(11/30)
these are pebbles we are using to count our takbeer, tahleel and tasbeeh.’ He said, ‘Count your bad deeds, and I guarantee that nothing of your good deeds will be wasted. Woe to you, O ummah of Muhammad, how quickly you are getting destroyed! The Companions of your Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) are still alive, his garment is not yet worn out and his vessels are not yet broken. By the One in Whose hand is my soul, either you are following a way that is more guided than that of Muhammad or you have opened the door of misguidance!’ They said, ‘By Allaah, O Abu ‘Abd al-Rahmaan, we only wanted to do good.’ He said, ‘How many of those who wanted to do good failed to achieve it! The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) told us that people recite Qur’aan and it does not go any further than their throats. By Allaah, I do not know, maybe most of them are people like you.’ Then he turned away from them. ‘Amr ibn Salamah said, ‘I saw most of the members of those circles fighting alongside the Khawaarij on the day of Nahrawaan.’” (Reported by al-Daarimi, al-Sunan, no. 210, ed. by ‘Abd-Allaah Haashim al-Yamaani. Al-Albaani classed its isnaad as saheeh in al-Silsilat al-Saheehah under hadeeth no. 2005. See Majma’ al-Zawaa’id by al-Haythami, 1/181).
- Being fair and not being biased when correcting those who make mistakes
Allaah says (interpretation of the meanings):
“And whenever you give your word (i.e., judge between men or give evidence), say the truth…” [al-An’aam 6:152](11/31)
“… and when you judge between men, you [should] judge with justice…” [al-Nisa’ 4:58]
The fact that Usaamah ibn Zayd was the beloved of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) and the son of his beloved [Zayd] did not stop the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) from rebuking him most sternly when he tried to intercede regarding one of the punishments (hudood) prescribed by Allaah. ‘Aa’ishah (may Allaah be pleased with her) reported that Quraysh were concerned about a woman who stole at the time of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him), at the time of the Conquest of Makkah. They said, ‘Who will speak to the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) about her? Who will dare to do this other than Usaamah ibn Zayd, the beloved of the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him)?’ She was brought to the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him), and Usaamah ibn Zayd spoke to him concerning her. The face of the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) changed colour and he said: ‘Are you interceding concerning one of the punishments prescribed by Allaah?’ Usaamah said to him, ‘Pray for forgiveness for me, O Messenger of Allaah.’ When evening came, the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) stood up and addressed the people. He praised Allaah as He deserves to be praised, then he said: ‘The people who came before you were destroyed because if one of their nobles stole, they would let him go, but if one of the weak among(11/32)
them stole, they would carry out the punishment on him. By the One in Whose hand is my soul, if Faatimah the daughter of Muhammad were to steal, I would cut off her hand.’ Then he ordered that the woman who had stolen should have her hand cut off.” (The hadeeth was reported by al-Bukhaari and Muslim; this version was narrated by Muslim, no. 1688).
According to a report narrated by al-Nisaa'i from ‘Aa’ishah (may Allaah be pleased with her), she said: “A woman borrowed some jewellery, claiming that she wanted to lend it to someone else, but she sold it and kept the money. She was brought to the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him). Her family went to Usaamah ibn Zayd, who spoke to the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) concerning her. The face of the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) changed colour whilst Usaamah was speaking, then the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said to him: ‘Are you interceding concerning one of the punishments prescribed by Allaah?’ Usaamah said, ‘Pray for forgiveness for me, O Messenger of Allaah.’ In the evening, the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) stood up, praised Allaah as He deserves to be praised, then said, ‘The people who came before you were destroyed because if one of their nobles stole, they would let him go, but if one of the weak among them stole, they would carry out the punishment on him. By the One in Whose hand is my soul, if Faatimah the daughter of Muhammad were to steal, I would cut(11/33)
off her hand.’ Then he ordered that the woman’s hand should be cut off.” (Sunan al-Nisaa'i, al-Mujtabaa, Dar al-Fikr edn., 8/73. Classed as saheeh by al-Albaani in Saheeh Sunan al-Nisaa'i, no. 4548).
The Prophet’s attitude towards Usaamah (may Allaah be pleased with him) indicates that he was fair and just, and that Islam came before love of people in his view. A person may put up with the personal faults of whoever he wishes, but he has no right to be tolerant or biased towards those whose mistakes transgress the limits set by Islam.
Sometimes, when a relative or friend makes a mistake, a person does not rebuke him as he would a person whom he does not know, so one may see unIslamic bias or discrimination in his dealings because of this, and a person may turn a blind eye to his friend’s mistake while harshly criticizing another person.
[An Arab poet once said:]
“If you are happy with a person, you do not see his mistakes, but if you are angry with him, you see them all.”
This may also be reflected in the way in which actions are interpreted. An action on the part of a person one loves will be taken one way, and the same deed on the part of another person will be taken quite differently.
All of the above applies only when circumstances are the same, otherwise there could be different considerations as we will see below.
- Being careful lest correcting one mistake leads to a bigger mistake(11/34)
It is a well-established fact that Islam allows the lesser of two evils in order to repel a greater evil. So a da’iyah may keep quiet about one mistake lest saying something lead to a more serious mistake.
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) kept quiet about the munaafiqeen and did not execute them, even though their kufr was well-established. He bore their insults with patience, lest people say, “Muhammad is killing his companions,” especially since their true nature was not known to everyone. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) did not destroy the Ka’bah in order to rebuild it on the foundations laid by Ibraaheem, out of consideration towards Quraysh who were still new in Islam and too close to their recent jaahiliyyah. He (peace and blessings of Allaah be upon him) feared that it might be too much for them, so he left it as it was, with part missing, and the door set high up and closed to the masses, even though this contains an element of zulm (wrongdoing or oppression).
Before this, Allaah had told the Muslims not to insult the gods of the mushrikeen, even though this is a form of worship, because this could lead to people insulting Allaah, which is the worst of evil.(11/35)
A dai’yah may keep quiet about a wrong action, or defer rebuking, or change his approach, if he thinks that by doing so he will avoid a greater evil or mistake. This is not considered to be shortcoming or negligence so long as his intention is sincere and he does not fear anyone except Allaah, and it was only concern for the best interests of Islam, not cowardice, that stopped him from saying anything.
We may note that what causes a greater evil when rebuking for one mistake is zealousness which is not checked or controlled.
- Understanding the human nature from which the mistake sprang
There are some mistakes which can never be fully eradicated, because they have to do with the way Allaah has created people. It is possible to reduce them a little, but going to extremes in dealing with them will lead to a disaster. Such is the case of women. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “Woman was created from a rib, and she will not behave consistently towards you. If you enjoy her company, then enjoy it despite her crookedness. If you try to straighten her you will break her, and her breaking is her divorce.” (Reported by Muslim from Abu Hurayrah (may Allaah be pleased with him), no. 1468).
According to another report: “Be kind to women, for they were created from a rib, and the most crooked part of the rib is the top. If you try to straighten it, you will break it, and if you leave it alone, it will stay crooked. So be kind to women.” (Reported by al-Bukhaari from Abu Hurayrah. Al-Fath, no. 5186).(11/36)
Ibn Hajar (may Allaah have mercy on him) said: “The words ‘treat women kindly’ indicate that you should try to put them right gently, because if you go to extremes in trying to straighten them you will break them, and if you leave them they will remain crooked… What we learn from this is that we should not leave them crooked if they go beyond the natural expected shortcomings and commit sins or neglect duties. What is meant is that we can leave them crooked with regard to permissible matters. We also learn from the hadeeth that a gentle approach wins people over and opens their hearts. It also tells us to deal with women by being easy going with them, and to bear their crookedness with patience. Whoever insists on putting them right will not benefit from them, and as a man cannot do without a woman to enjoy the pleasure of living with her and to be his support in life, it is as if he said: you cannot enjoy her company unless you put up with her.” (Fath, 9/954).
- Making a distinction between mistakes that transgress the limits of Islam and mistakes that only affect other people
If Islam is dearer to us than our own selves, we must defend it and protect it and get angry for its sake more than we get angry for our own sakes and defend our own selves. It is a sign of not having religious feelings if we see a man getting angry for his own sake if someone insults him, but not getting angry for the sake of Allaah’s religion if anybody insults it; at most, we may see him feebly defending it in an embarrassed manner.(11/37)
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) often used to forgive those who made mistakes in their interactions with him, especially the hard-hearted Bedouin, in order to soften their hearts. Al-Bukhaari (may Allaah have mercy on him) reported in his Saheeh that Anas ibn Maalik said: “I was walking with the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him), and he was wearing a Najraani cloak with a stiff collar. A Bedouin accosted him, grabbing his cloak in such a manner that the collar left a mark on the Prophet’s neck, and said, ‘O Muhammad! Give me some of the wealth of Allaah that you have!’ The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) turned to him and smiled, then ordered that he should be given something.” (al-Fath, 5809).
But if the mistake had to do with some issue of religion, then the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) would become angry for the sake of Allaah. Examples of this will be given below.
There are some other matters which should also be borne in mind when dealing with people’s mistakes, such as:
- Making a distinction between major mistakes and minor mistakes, just as Islam makes a distinction between major sins (kabaa’ir) and minor sins (saghaa’ir).(11/38)
- Making a distinction between a person who has a track record of many good deeds, which will more or less cancel out the significance of his mistake, and a sinner who transgresses against himself (by doing evil deeds). People may put up with actions on the part of the one with the good track record that they will not put up with on the part of others. This is what happened to al-Siddeeq (Abu Bakr), as the following story illustrates: Asma’ bint Abi Bakr said: “We went out with the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) as pilgrims, and when we reached al-‘Arj, the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) stopped to rest, and we stopped with him. ‘Aa’ishah (may Allaah be pleased with her) sat beside the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him), and I sat beside my father. The riding beast shared by Abu Bakr and the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) was with a slave belonging to Abu Bakr. Abu Bakr sat down, waiting for him to catch up, and when he caught up, the camel was not with him. Abu Bakr said, ‘Where is the camel?’ The slave answered, ‘I lost it yesterday.’ Abu Bakr said, ‘One camel, you lost it?’ and started to hit him. The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) smiled and said, ‘Look at what this muhrim (person in a state of ihraam for Hajj) is doing.’” Ibn Abi Rizmah said, ‘The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) did not do any more than saying, ‘Look at what this muhrim is doing,’ and smiling.” (Reported by Abu(11/39)
Dawood in his Sunan, Kitaab al-Manaasik, Baab al-Muhrim yu’addib ghulaamahu. Classed as hasan by al-Albaani in Saheeh Sunan Abi Dawood, no. 1602)
- Making a distinction between the one who makes mistakes repeatedly and the one who is making a mistake for the first time
- Making a distinction between the one who frequently makes mistakes and the one who rarely does so.
- Making a distinction between the one who makes mistakes openly and blatantly, and one who tries to cover up his mistakes
- Paying attention to cases where a person’s adherence to Islam may not be strong and his heart needs to be opened to the religion, so we should not be too harsh with him
- Taking into account a person’s situation as regards status and authority
The considerations that we have mentioned above do not contradict the fairness and justice referred to earlier.
- Rebuking a youngster who makes a mistake should be done in a manner appropriate to the child’s age.
Al-Bukhaari (may Allaah have mercy on him) reported that al-Hasan ibn ‘Ali took one of the dates that had been given in charity, and put it in his mouth. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said in Persian, “Kikh, kikh, do you not know that we do not eat the sadaqah (things given in charity)?” (Fath, 3072).(11/40)
Al-Tabaraani (may Allaah have mercy on him) reported from Zaynab bint Abi Salamah that she entered upon the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) whilst he was performing ghusl. She said, “he took a handful of water and threw it in my face, saying, ‘Go away, foolish girl!’” (al-Mu’jam al-Kabeer, 24/281. Al-Haythami said, its isnaad is hasan, al-Majma’, 1/269)
From this it is clear that a child’s tender years do not mean that his mistakes should not be corrected; indeed, correcting his mistakes is giving him the best upbringing, as it will be imprinted in his memory and will benefit him in the future. The first hadeeth shows how a child is taught to fear Allaah and restrain himself, and the second hadeeth shows how he is taught good manners, how to seek permission to enter, and to refrain from looking at the ‘awrah (that which should be covered) of others.
Another brilliant example of correcting children is the story of the young boy ‘Umar ibn Abi Salamah. Al-Bukhaari reported that he said: “I was a young boy under the care of the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him), and my hand used to wander all over the plate (at mealtimes). The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said to me: ‘O young boy! Say Bismillah, eat with your right hand, and eat from what is directly in front of you.’ This remained my way of eating from that time on.” (al-Fath, no. 5376)(11/41)
We may note that when the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) advised that young boy who made the mistake of letting his hand go everywhere in the food, his words were short, brief and clear, which made it easy for the child to remember and understand; the effect on the boy’s heart lasted for a lifetime, as he said, “This remained my way of eating from that time on.”
- Exercising caution when advising non-mahram women, so that the advice is not taken wrongly, and so that fitnah (temptation, trouble) is avoided. No young man should use the excuse of speaking to young women in order to correct their mistakes or teach them. How often has this led to disasters! When it comes to correcting women, a large role should be given to ahl al-hisbah (“religious police”) and older people who could help them in this regard. The person who is seeking to enjoin what is good and forbid what is evil must act in accordance with what he thinks will be the outcome of his rebuking. If he thinks that it is likely to be of benefit, he should speak up, otherwise he should refrain from speaking to ignorant women who may make false accusations against him whilst still persisting in their wrongdoing. The state of the society at large and the status of the one who is seeking to enjoin what is good and forbid what is evil play a fundamental role in the success of his efforts to rebuke, convey the message or establish evidence. The following story illustrates this:(11/42)
The freed slave of Abu Raham, whose name was ‘Ubayd, reported that Abu Hurayrah met a woman who was wearing perfume, heading for the mosque. He said, “O female slave of al-Jabbaar (the Compeller), where are you going?” She said, “To the mosque.” He said, “And you have put on perfume for this?” She said, “Yes.” He said, “I heard the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) saying, “If any woman puts on perfume and then goes out to the mosque, Allaah will not accept her prayers until she does ghusl.” (Reported by Ibn Maajah, no. 4002; see also Saheeh Ibn Maajah, 2/367).
According to Saheeh Ibn Khuzaymah: A woman passed by Abu Hurayrah and her perfume was overwhelming. He said to her, “Where are you going, O female slave of al-Jabbaar?” She said, “To the mosque.” He said, “Are you wearing perfume?” She said, “Yes.” He said, ‘Go back and do ghusl, for I heard the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) saying that Allaah does not accept the prayer of any woman who goes out to the mosque with overwhelming perfume, until she goes back and does ghusl.” (Saheeh Ibn Khuzaymah, no. 1682. In his footnote, al-Albaani said, it is a hasan hadeeth. See also al-Musnad, 2/246. Ahmad Shaakir classed it as saheeh with this isnaad in his footnote to al-Musnad, no. 7350)
- Not occupying oneself with putting the symptoms right whilst neglecting to deal with the cause of the mistake
- Not exaggerating about the mistake
- Not going to extremes to prove the mistake happened or trying to force an admission of guilt from the one who made the mistake(11/43)
- Allowing enough time for correcting the mistake, especially in the case of one who has been accustomed to doing it for a long time, whilst still following up the matter and continuing to advise and correct
- Not making the one who makes the mistake feel like an enemy, because the aim is to win people over, not score points against them
Now we will move on to our discussion of the methods used by the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) when dealing with the mistakes of people, as recorded in the saheeh ahaadeeth narrated by the scholars.
The Prophet’s methods of dealing with people’s mistakes
1- Hastening to deal with people’s mistakes and not putting it off
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) used to hasten to deal with people’s mistakes, especially when it was not right for him to delay doing so at the moment when this was needed. His task was to explain the truth to people, teach them to do good, and warn them off from doing evil. So he hastened to correct people on many occasions, as is seen in the stories of the man who was not doing his salaah properly, the Makhzoomi woman, Ibn al-Latbiyyah, Usaamah, the three who wanted to go to extremes in worship, and others. These stories will be related in the course of this discussion, in sha Allaah.
Not hastening to deal with mistakes goes against the interests of Islam and misses out on the opportunity to strike while the iron is hot, as it were.
2 - Dealing with mistakes by explaining the ruling (hukm)(11/44)
Jarhad (may Allaah be pleased with him) reported that the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) passed by him when his thigh was uncovered. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said, “Cover your thigh, for it is part of the ‘awrah.” (Sunan al-Tirmidhi, no. 2796. Al-Tirmidhi said, this is a hasan hadeeth).
3 - Referring people back to Islam when they make mistakes, and pointing out to them the principle that they are breaking(11/45)
When someone is indulging in a mistake, the Islamic principle is far from their minds and is lost in the clamour of the moment. In such cases reiterating the Islamic principle and announcing it loudly can be an effective way of stopping the person in his tracks and making him wake up from the stupor that has overtaken him. When we look at what happened between the Muhaajiroon and Ansaar, because of the flames of fitnah stirred up by the munaafiqoon, we will see an example of how the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) used this tactic. Al-Bukhaari (may Allaah have mercy on him) reported in his Saheeh that Jaabir (may Allaah be pleased with him) said: “We went out on a military campaign with the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him), and some of the muhaajiroon went with him too, and they were very many. Among the muhaajiroon was a man who was very playful (a joker). He shoved an Ansaari (in jest), and the Ansaari got very angry with him and called others to support him, saying, ‘O Ansaar!’ The Muhaajir called out, ‘O Muhaajireen!’ The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) came out and said, ‘What is this call of the people of Jaahiliyyah all about?’ Then he said, ‘What is the matter with him?’ He was told about how the Muhaajir had shoved the Ansaari in jest. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘Let it be, for it (tribalism) is evil.’” (al-Fath, 3518). According to a report narrated by Muslim, he said: “Let a man help his brother whether he is an wrongdoer or the victim of wrongdoing. If he(11/46)
is a wrongdoer, he should stop him, and if he is the victim of wrongdoing, he should come to his aid.” (Saheeh Muslim, no. 2584).
4 - Correcting misconceptions that are due to something not being clear in people’s minds
In Saheeh al-Bukhaari, Humayd ibn Abi Humayd al-Taweel reports that he heard Anas ibn Maalik (may Allaah be pleased with him) saying: “Three people came to the houses of the wives of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him), asking about how the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) worshipped. When they were told about it, they thought that it was little. They said, “Who are we, compared to the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him)? All his sins, past and future, have been forgiven.” (They thought that the one who does not know that his sins have been forgiven needed to go to extremes in worship and do far more than the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him), in the hope that their sins might be forgiven). One of them said, “As for me, I will pray every night from now on.” Another said, “As for me, I will fast for the rest of my life and will never break my fast.” The third said, “As for me, I will have nothing to do with women and I will never marry.” The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) came to them and said, “Are you the people who said such-and-such? By Allaah, I am the one who fears Allaah more than anyone, but I fast and I break my fast, I pray and I rest, and I get married.”(11/47)
Muslim reported from Anas that a group of the Companions of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) asked the wives of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) about what he did in secret. One of them (those Sahaabah) said, “I will never marry women.” Another said, “I will never eat meat.” Another said, “I will never sleep on a bed.” [The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him)] praised and thanked Allaah, then he said, “What is the matter with some people who say such-and-such? But as for me, I pray and I sleep, I fast and I break my fast, and I marry women. Whoever turns away from my Sunnah has nothing to do with me.” (Saheeh Muslim, no. 1041).
Here we may note the following points:
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) came to them and addressed them directly; when he wanted to teach all the people, he did not refer to them by name or expose them, he merely said, “What is the matter with some people…?” In this way he was gentle with them and covered up for them whilst at the same time acting in the common interest by teaching everybody.
The hadeeth describes finding out about the action of good people and seeking to emulate them. Investigating such things is the sign of a sound mind and efforts to improve oneself.
This report indicates that when it comes to useful matters of religion, if it is not possible to learn them from men, it is permissible to learn them from women.(11/48)
There is nothing wrong with a person talking about his deeds so long as there is no element of showing off and it is for the benefit of others.
We also learn that going to extremes in worship may cause a person to get bored, which in turn could lead him to stop worshipping altogether; the best of things are those that are moderate. (see al-Fath, 9/104).
Mistakes generally come about as a result of misconceptions; if the ideas are put right, mistakes will decrease. It is clear from the hadeeth that the reason why those Sahaabah adopted those concepts of extreme worship and monasticism was that they thought they had to go beyond the Prophet’s actions in worship in order to attain salvation, because he had been told that all his sins were forgiven, but they did not have this advantage. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) set them straight, and told them that even though he was forgiven, he was the most fearing of Allaah among mankind, and he commanded them to follow his Sunnah in worship.(11/49)
A similar thing happened to another Sahaabi, whose name was Kahmas al-Hilaali (may Allaah be pleased with him), who narrated his story: “I became Muslim and came to the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) and told him that I had become Muslim. I stayed away for a year, during which I became very skinny, and when I came back, he looked me up and down. I said, ‘Do you not know me?’ he said, ‘Who are you?’ I said, ‘I am Kahmas al-Hilaali.’ He said, ‘What happened to you?’ I said, ‘After I saw you, I never spent a day without fasting, and I never slept at night.’ He said, ‘Who told you to torture yourself? Fast the month of patience [i.e., Ramadaan], and one day of every month besides that.’ I said, ‘Let me do more.’ He said, ‘Fast the month of patience and two days of every month besides that.’ I said, ‘Let me do more, I am able for it.’ He said, ‘Fast the month of patience and three days of every month besides that.’” (Musnad al-Tayaalisi. Reported by al-Tabaraani in al-Kabeer, 19/194, no. 435. Also in al-Silsilat al-Saheehah, no. 2623).(11/50)
Some misconceptions may be based on how one judges people and regards them. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) was very keen to correct this and put people straight in this regard. In Saheeh al-Bukhaari, there is a report from Sahl ibn Sa’d al-Saa’idi who said: “A man passed by the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him), who asked a man sitting by him, ‘What do you think of this man?’ He said, ‘He is one of the noblest of the people. By Allaah, if he proposes marriage he deserves to be accepted and if he intercedes he deserves to have his intercession accepted.’ The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said nothing. Then another man passed by and the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) asked the man with him, ‘What do you think of him?’ The man said, ‘O Messenger of Allaah, he is one of the poor Muslims. If he proposes marriage he does not deserve to be accepted, if he intercedes he does not deserve to have his intercession accepted, and if he speaks he does not deserve to be heard. The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘This man is better than an earth full of men like the other man.’” (al-Fath, 6447).(11/51)
According to a report narrated by Ibn Maajah: a man passed by the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him), and the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said (to his Companions), “What do you think of this man?” They said, “We think that he is one of the noblest of people. If he proposes marriage he deserves to be accepted, if he intercedes he deserves to have his intercession accepted, and if he speaks he deserves to be heard.” The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said nothing. Another man passed by and the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) asked, “What do you think of this man?” They said, “By Allaah, O Messenger of Allaah, he is one of the poor Muslims. If he proposes marriage he does not deserve to be accepted, if he intercedes, he does not deserve to have his intercession accepted, and if he speaks he does not deserve to be heard.” The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said, “This man is better than an earth full of men like the other one.” (Sunan Ibn Maajah, ‘Abd al-Baaqi edn., no. 4120)
5 - Dealing with mistakes by repeatedly reminding people to fear Allaah(11/52)
Jundub ibn ‘Abd-Allaah al-Bajali reported that the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) sent a group of Muslims to fight some mushrikeen, and they met in battle. One of the mushrikeen was ambushing individual Muslims and killing them. One of the Muslims wanted to catch him out and kill him. [Jundub said:] “We used to think that that man was Usaamah ibn Zayd. When he raised his sword, the mushrik said ‘La ilaaha ill-Allaah,’ but he [Usaamah] killed him. A messenger came to the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) and reported to him about what had happened in the battle. When he told him about what had happened to the mushrik who said Laa ilaaha ill-Allaah, the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) sent for Usaamah and asked him, ‘Why did you kill him?’ He said, ‘O Messenger of Allaah, he had caused much grief to the Muslims, he killed So-and-so and So-and-so,’ – and he named a number of people – ‘I attacked him and when he saw the sword he said Laa ilaaha ill-Allaah.’ The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘And then you killed him?’ Usaamah said, ‘Yes.’ He said, ‘What will you do when Laa illaha ill-Allaah comes on the Day of Resurrection?’ He said, ‘O Messenger of Allaah, pray for forgiveness for me.’” The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) simply said, “What will you do when Laa ilaaha ill-Allaah comes on the Day of Resurrection?”; he did not say any more than that. (Reported by Muslim, ‘Abd al-Baaqi edn., no. 97).(11/53)
According to a report narrated by Usaamah ibn Zayd, he said: “The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) sent us out on a military campaign and we reached al-Haraqaat near Juhaynah in the morning. [During the battle] I caught a man and he said, ‘Laa ilaaha ill-Allaah,’ but I stabbed him. Then I felt bad about that, and I mentioned it to the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him). The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘He said Laa ilaaha ill-Allaah and you killed him?’ I said, ‘O Messenger of Allaah, he only said it because he was afraid of my weapon.’ He said, ‘How can you know what is in his heart? How can you be sure whether he was sincere or not?’ He kept repeating this until I wished that I had not become Muslim until that day [because embracing Islam wipes out all sins that came before - Translator].” (Reported by Muslim, no. 69)
One issue that may be included under the heading of reminders is reminding people about the power of Allaah. An example of this follows:(11/54)
Muslim (may Allaah have mercy on him) reported that Abu Mas’ood al-Badri said: “I was beating a slave of mine with a whip, and I heard a voice behind me saying, ‘Listen Abu Mas’ood!’ but I did not pay any attention to the voice because I was so angry. When the voice got nearer to me, I realized that it was the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him), and he was saying, ‘Listen Abu Mas’ood, listen Abu Mas’ood!’ I dropped the whip from my hand (according to another report: the whip fell from my hand out of respect for him). He said, ‘Listen Abu Mas’ood, Allaah has more power over you than you have over this slave.’ I said, ‘I will never hit a slave again.’” According to another report he said: “I said, ‘O Messenger of Allaah, he is free for the sake of Allaah.’ He said, ‘If you did not do this, the Fire of Hell would blow in your face, or the Fire would touch you.’”
According to another report also narrated by Muslim, “the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said: ‘Certainly Allaah has more power over you than you have over him.’ So he freed him.” (Saheeh Muslim, no. 1659)
Abu Mas’ood al-Ansaari said: “I was beating a slave of mine when I heard someone saying from behind me, ‘Listen, Abu Mas’ood, listen, Abu Mas’ood.’ I turned around and saw that it was the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him). He said, ‘Allaah has more power over you than you have over him.’… I never beat any slave of mine after that.” (Reported by al-Tirmidhi, no. 1948. Abu ‘Eesa said, this is a hasan saheeh hadeeth).(11/55)
6 - Showing compassion to the one who is making a mistake
This applies in the case of those who deserve compassion, who feel remorse and show that they have repented, as is sometimes the case when people come to ask questions and find out, as in the following story:
Ibn ‘Abbaas reported that a man who had divorced his wife by zihaar and then had intercourse with her came to the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) and said, “O Messenger of Allaah, I divorced my wife by zihaar then I had intercourse with her before I offered kafaarah (expiation).” He said, “What made you do that, may Allaah have mercy on you?” He said, “I saw her anklets in the moonlight.” He said, “Then do not go near her until you have done that which Allaah commanded you to do.” (Abu ‘Eesa said, this is a hasan ghareeb saheeh hadeeth. Saheeh Sunan al-Tirmidhi, no. 1199)(11/56)
Abu Hurayrah (may Allaah be pleased with him) said: “Whilst we were sitting with the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him), a man came to him and said, ‘O Messenger of Allaah, I am doomed!’ He said, ‘What is the matter with you?’ He said, ‘I had intercourse with my wife whilst I was fasting.’ The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘Are you able to set a slave free?’ He said, ‘No.’ He said, ‘Can you fast for two consecutive months?’ He said, ‘No.’ He said, ‘Do you have the wherewithal to feed sixty poor persons?’ He said, ‘No.’ The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said nothing more about the matter for a while, and whilst we were sitting there like that, a large basket full of dates was brought to the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him). He said, ‘Where is the one who was asking?’ The man said, ‘Here I am.’ He said, ‘Take this and give it in charity.’ The man said, ‘Who is poorer than me, O Messenger of Allaah? By Allaah, there is no family in Madeenah poorer than mine.’ The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) smiled until his eyeteeth were visible, then he said, ‘Feed your family with it.’” (Reported by al-Bukhaari, Fath, 1936).
This person who had made a mistake and came to ask about it was not joking or taking the matter lightly. He felt remorseful and guilty, as is clear from his saying “I am doomed.” For this reason, he deserved pity and compassion. The report narrated by Ahmad (may Allaah have mercy on him) makes the man’s state even clearer:(11/57)
Abu Hurayrah reported that a Bedouin came, hitting his cheeks and tearing out his hair, and saying, “I am sure that I am doomed!” The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said to him, “What makes you doomed?” He said, “I had intercourse with my wife during Ramadaan.” He said, “Can you free a slave?’ He said, “No.” He said, “Can you fast for two consecutive months?” He said, “No.” He said, “Can you feed sixty poor persons?” He said, “No,” and mentioned how poor he was. A large basket containing fifteen saa’ of dates was brought to the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him), and the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said, “Where is that man? … Feed the poor with this.” He said, “O Messenger of Allaah, there is no one in Madeenah who is poorer than my family.” The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) smiled until his eyeteeth were visible and said, “Feed your family.” (Al-Musnad, 2/516. Al-Fath al-Rabaani, 10/89)
7- Not hastening to tell someone he is wrong(11/58)
Something happened to ‘Umar which he himself told about: “I heard Hishaam ibn Hakeem ibn Hizaam reciting Soorat al-Furqaan during the lifetime of the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him). I listened to his recitation, and he was reciting it differently to the way that the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) used to recite it. I nearly interrupted his prayer, but I waited until he had said the salaam, then I grabbed him by his cloak and said, ‘Who taught you to recite this soorah I heard you reciting?’ He said, ‘The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) taught me to recite it.’ I said, ‘You are lying! The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) taught me to recite it differently.’ I took him to the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) and said, ‘I heard him reciting Soorat al-Furqaan differently than the way you taught me to recite it.’ The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘Let him go. Recite, O Hishaam.’ He recited it as I had heard him recite it. The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘This is how it was revealed.’ Then he said, ‘Recite, O ‘Umar.’ So I recited it as he had taught me. The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘This is how it was revealed. This Qur’an was revealed with seven ways of recitation, so recite it in the way that is easiest for you.’” (Reported by al-Bukhaari, al-Fath, 4992).(11/59)
Among the educational methods we learn from this story are the following:
Telling each one to recite in front of the other and approving their recitation was more effective in confirming that both were correct and neither was wrong.
When the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) told ‘Umar to let go of Hishaam, this was preparing both parties to listen in a calm manner. This was an indication that ‘Umar (may Allaah be pleased with him) had been too hasty.
A person who is seeking knowledge should not be too hasty to condemn any opinion that differs from that with which he is familiar; he should first be sure of what he is saying, because that opinion may turn out to be a valid scholarly opinion.
Another relevant point is that one should not hasten to punish someone who makes a mistake, as we see in the following story:(11/60)
Al-Nisaa'i (may Allaah have mercy on him) reported from ‘Abbaad ibn Sharhabeel (may Allaah be pleased with him) who said: “I came with my (paternal) uncles to Madeenah, and we entered one of the gardens of the city. I rubbed some of the wheat, and the owner of the garden came and took my cloak and hit me. I came to the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) asking for his help. He sent for that man and they brought him to him. He said to him, ‘What made you do that?’ He said, ‘O Messenger of Allaah, he went into my garden and took some of my wheat and rubbed it.’ The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘You did not teach him if it was the matter of him not knowing, and you did not feed him if it was the matter of him being hungry. Give him back his cloak.’ And the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) ordered that I should be given a wasq or half a wasq ( measure of wheat).” (Al-Nisaa'i, al-Mujtabaa, Kitaab Aadaab al-Qudaat, Baab al-Isti’daa’; Saheeh Sunan al-Nisaa'i, no. 4999).
From this story we learn that we should find out the circumstances of the one who is making a mistake or acting in an aggressive manner, so that we may know the right way to deal with him.(11/61)
We may also note that the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) did not punish the owner of the garden, because he was in the right, but he had handled the matter wrong. He pointed out to him that the way he had dealt with someone who knew not better was inappropriate in such circumstances, then he taught him how to handle the matter properly, and told him to give back the garment he had taken from the hungry man.
8 - Remaining calm when dealing with people’s mistakes(11/62)
- especially when being too harsh could make matters worse and do more harm than good. We can learn this from looking at how the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) dealt with the mistake made by the Bedouin who urinated in the mosque, as was reported by Anas ibn Maalik, who said: “Whilst we were in the mosque with the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him), a Bedouin came and stood urinating in the mosque. The Companions of the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘Stop it! Stop it!’ But the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘Do not interrupt him; leave him alone.’ So they left him until he had finished urinating, then the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) called him and said to him, ‘In these mosques it is not right to do anything like urinating or defecating; they are only for remembering Allaah, praying and reading Qur’aan,’ or words to that effect. Then he commanded a man who was there to bring a bucket of water and throw it over the (urine), and he did so.” (Saheeh Muslim, no. 285).(11/63)
The principle which the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) followed in dealing with this mistake was to treat the man gently, not to be harsh with him. Al-Bukhaari reported from Abu Hurayrah (may Allaah be pleased with him): “A Bedouin urinated in the mosque, and the people got up to sort him out. The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said to them, ‘Leave him alone, and throw a bucket of water over it. You have been sent to make things easy for people, not to make things hard.’” (Fath, 6128).(11/64)
The Sahaabah, may Allaah be pleased with them, were very keen to denounce the bad thing they had seen and to keep their mosque clean and pure, as is indicated in the various reports of this hadeeth, which describe them as shouting at him, getting up to sort him out, rebuking him and hastening to deal with him, or telling him to “Stop it!” (Jaami’ al-Usool, 7/83-87). But the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) was thinking of the likely consequences of the two options – stopping him or leaving him alone. If they tried to stop him, forcing a man to suppress his urination could do him harm, and if he was unable to stop but moved away because he was afraid of them, the impurity would be spread over a wider area of the mosque and on the man’s body and clothing. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) had the farsightedness to see that leaving the man alone until he had finished urinating was the lesser of two evils, especially since the man had already started doing it, and it was a problem that they would be able to do something about by cleaning it afterwards. So he told his companions to leave him alone and not to interrupt him. He told them to leave him alone because this was in the better interests of all and would ward off a worse evil by putting up with the lesser evil.(11/65)
It was also reported that the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) asked the man the reason for his action. Al-Tabaraani reported in al-Kabeer that Ibn ‘Abbaas (may Allaah be pleased with him) said: “A Bedouin came to the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) and pledged allegiance to him in the mosque. Then he went away and started to urinate. The people wanted to stop him, but the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘Do not stop a man when he is urinating.’ Then he asked him, ‘Are you not a Muslim?’ He said, ‘Of course.’ He said, ‘What made you urinate in our mosque?’ He said, ‘By the One Who sent you with the truth, I thought it was just like any other place so I urinated in it.’ The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) called for a bucket of water and poured it over the urine.” (Reported by al-Tabaraani in al-Kabeer, no. 11552, vol. 11, p.220. Al-Haythami said in al-Majma’: its men are the men of saheeh, 2/10).(11/66)
This wise manner of dealing with the problem had a far-reaching effect on the Bedouin, as is clear from his reaction. Ibn Maajah reported that Abu Hurayrah said: “A Bedouin entered the mosque where the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) was sitting, and said, ‘O Allaah, forgive me and Muhammad, and do not forgive anyone else.’ The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) smiled and said, ‘You are narrowing something vast.’ Then (the Bedouin) went away to the furthest part of the mosque, opened his legs, and began to urinate. After he had learnt better, the Bedouin said, ‘He got up, may my mother and my father be sacrificed for him, he did not rebuke me or insult me. He just said, “We do not urinate in this mosque; it was only built for the remembrance of Allaah and for prayer.” Then he called for a bucket of water and poured it over the urine.’” (Sunan Ibn Maajah, ‘Abd al-Baaqi edn., 529; Saheeh Ibn Maajah, 428).
Ibn Hajar (may Allaah have mercy on him) mentioned in his commentary a number of things we learn from the hadeeth about the Bedouin, among which are the following:
we should be gentle when dealing with one who is ignorant and teach him what he needs to know without rebuking him, so long as he is not acting out of stubbornness, especially if he is one who needs to be won over.
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) was kind and dealt nicely with him.(11/67)
The idea of taking precautions against impurity (najaasah) was well-established in the minds of the Sahaabah, which is why they hastened to denounce it in the presence of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) without first asking his permission. The idea of enjoining what is good and forbidding what is evil was also well-established in their minds.
We should also hasten to remove anything objectionable when there is nothing to stop us from doing so, because when the man had finished urinating, the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) issued instructions that the place should be cleaned with water.
9 - Explaining the seriousness of the mistake(11/68)
Ibn ‘Umar, Muhammad ibn Ka’b, Zayd ibn Aslam and Qutaadah reported (the following is compiled from their reports) that during the campaign of Tabook, a man said, “We have never seen anyone who loves food and tells lies more than our reciters, or anyone who is more cowardly on the battlefield” – referring to the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) and his Companions. ‘Awf ibn Maalik said, ‘You are lying! You are a hypocrite, and I am going to tell the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him).’ ‘Awf went to the Messenger of Allaah to tell him, but found that Qur’aan had already been revealed concerning it. That man came to the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him), who was riding his camel, and said, “O Messenger of Allaah, we were only talking idly and joking, just to pass time on the journey.” Ibn ‘Umar said, “It is as if I can see him hanging onto the reins of the Prophet’s camel, with the stones hitting his feet, saying, “We were only talking idly and joking,” whilst the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) was reciting (interpretation of the meaning), ‘Say: Was it at Allaah and His aayaat (signs) and His Messenger that you were mocking?’ [al-Tawbah 9:65], no more, no less.”(11/69)
Ibn Jareer reported that Ibn ‘Umar (may Allaah be pleased with him) said: “During the campaign of Tabook a man said in a gathering, ‘We have never seen anyone who loves food and tells lies more than our reciters, or anyone who is more cowardly on the battlefield.’ A man who was present said, ‘You are lying! You are a hypocrite, and I am going to tell the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him),’ and Qur’aan was revealed.” ‘Abd-Allaah ibn ‘Umar said, “I saw him hanging on to the reins of the Prophet’s camel, kicking up the stones and saying, ‘O Messenger of Allaah, we were only talking idly and joking,’ and the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) was saying (interpretation of the meaning), “Say: Was it at Allaah and His aayaat (signs) and His Messenger that you were mocking?” [al-Tawbah 9:65]. (Tafseer ibn Jareer al-Tabari, 14/333, Dar al-Kutub al-‘Ilmiyyah, first edn., 1412. Its men are the men of saheeh, except Hishaam ibn Sa’d, from whom Muslim did not report except as a corroborating report, as in al-Meezaan. It was also reported by al-Tabari with his isnaad, and there is a corroborating report with a hasan isnaad recorded by Ibn Haatim from the hadeeth of Ka’b ibn Maalik. Saheeh al-Musnad min Asbaab al-Nuzool, p.71).
10 - Explaining the harmful effects of the mistake(11/70)
Abu Tha’labah al-Khashani said: “Whenever the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) broke his journey in a place, the people would disperse in the valleys and mountains. The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘Your dispersing in these valleys and mountains is from Shaytaan.’ After that he never stopped anywhere but they all stayed close together, so much so that if a cloak was spread over them, it would cover them all.” (Reported by Abu Dawood (may Allaah have mercy on him), in his Sunan, 2286; classed as saheeh by al-Albaani in Saheeh Sunan Abi Dawood, no. 2288). According to another report: “… until you would say that if you were to spread a cloth over them, it would cover them.” (Ahmad, al-Fath al-Rabbaani, 14/44).
Here we may note the Prophet’s concern for his Companions, which was the leader’s concern for his troops. The army’s dispersing when they made camp was a trick of the Shaytaan to make the Muslims scared and to lead the enemy to attack them. (See ‘Awn al-Ma’bood, 7/292). Dispersing in this manner would make it hard for one part of the army to come to the aid of another part. (See Daleel al-Faaliheen, 6/130).
We may also note that the Companions of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) obeyed him in whatever instructions they received from him.(11/71)
Another example of how the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) explained how serious and dangerous a mistake was is to be seen in the hadeeth of al-Nu’maan ibn Basheer, according to which the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “Straighten your rows (for prayer), or Allaah will make you divided.” (Reported by al-Bukhaari in his Saheeh, Fath, no. 717).
Muslim reported in his Saheeh from Sammaak ibn Harb, who said: “I heard al-Nu’maan ibn Basheer saying, ‘The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) used to straighten our rows strictly, until he realized that we had got the message. One day he came out and was about to say takbeer when he noticed a man whose chest was sticking out. He said, “O slaves of Allaah, straighten your rows, or Allaah will make you divided.”’” (Saheeh Muslim, no. 436).
Al-Nisaa'i reported from Anas (may Allaah be pleased with him) that the Prophet of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said, “Make your rows firm and close together, and make your necks in a straight line, for by the One in Whose hand is the soul of Muhammad, I see the shayaateen (devils) coming among your ranks as if they are small black sheep.” (al-Mujtabaa, 2/92. Classed as saheeh by al-Albaani in Saheeh Sunan al-Nisaa'i, no. 785).(11/72)
Explaining bad effects and negative consequences is very important when it comes to convincing people that they are making a mistake. The consequences may affect the person himself, or they may spread to other people. An example of the former is the report narrated by Abu Dawood (may Allaah have mercy on him) in his Sunan from Ibn ‘Abbaas (may Allaah be pleased with them both), in which a man cursed the wind. Muslim said that a man’s cloak was snatched away by the wind at the time of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him), and he cursed the wind. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said, “Do not curse it, for it only does as it is commanded, and if a person curses something that does not deserve to be cursed, his curse will come back upon him.” (Abu Dawood, no. 4908; Saheeh Abi Dawood, no. 4102). An example of the latter was narrated by al-Bukhaari (may Allaah have mercy on him) in his Saheeh from ‘Abd al-Rahmaan ibn Abi Bakrah from his father, who said: “A man praised another man in the presence of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him).” According to a report narrated by Muslim: a man said, ‘O Messenger of Allaah, there is no one other than the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) who is better than him in such-and-such.’ (Saheeh Muslim, no. 3000). [The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him)] said to him, ‘Woe to you! You have cut your companion’s throat! You have cut your companion’s throat!’ several times, then he said, ‘If any one of you insists on praising his brother, let(11/73)
him say, “I think so-and-so is such-and-such, and Allaah knows the exact truth, and I do not confirm anyone’s good conduct before Allaah, but I think him to be such-and-such,” if he knows that this is the case.’” (2662, Kitaab al-Shahaadaat). According to a report narrated by al-Bukhaari in al-Adab al-Mufrad, Mihjan al-Aslami (may Allaah be pleased with him) said: “… until when we were in the mosque, the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) saw a man praying, prostrating and bowing. The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said to me, ‘Who is this?’ I started to praise him and said, ‘O Messenger of Allaah, this is so-and-so, and he is such-and-such.’ (According to another report also in al-Adab al-Mufrad, he said, ‘This is so-and-so and he is one of the best people in Madeenah in prayer.’) He said, ‘Be quiet, lest he hear you and you destroy him.’” (Saheeh al-Adab al-Mufrad, 137; al-Albaani said, it is hasan).
Al-Bukhaari reported that Abu Moosa (may Allaah be pleased with him) said: “The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) heard a man praising another man and going to extremes in that. He said, ‘You have destroyed him’ or ‘You have broken the man’s back.’” (Fath 2663).(11/74)
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) explained that exaggeration when praising someone is a mistake which can have bad consequences. It may make the person who is praised feel proud, so that his heart is filled with arrogance and self-admiration, and he rests on his laurels or starts to show off because he enjoys the praise so much. This in turn may lead to his utimate doom, which is what the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) meant when he said, “You have destroyed him,” or “You have cut the man’s throat,” or “You have broken the man’s back.”
Moreover, if a person goes to extremes in praising someone, and says something he is not certain of, or affirms something he could not possibly know, or maybe even tells lies or says something to please the person he is praising, this will be a disaster, especially if the person he is praising is an oppressor or wrongdoer. (See al-Fath, 10/478).
Generally speaking, it is not forbidden to praise people. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) praised some people in their presence. An important explanation of this topic is to be found in Saheeh Muslim, where there is a chapter entitled Baab al-Nahy ‘an al-Madh idhaa kaana feehi ifraat wa kheefa minhu fitnatan ‘ala’l-mamdooh (Chapter: Prohibition of praising others if it is exaggerated or if there is the danger of fitnah for the one who is praised). (Kitaab al-Zuhd wa’l-Raqaa’iq, Saheeh Muslim).(11/75)
The person who sees himself as falling short will not be damaged by praise, and if he is praised he will not become arrogant, because he knows his own true nature. Some of the salaf said: “If a man is praised to his face, let him say: ‘O Allaah, forgive me for what they do not know, do not hold me responsible for what they say, and make me better than what they think.” (Fath, 10/478).
11 - Practical teaching of the one who is making a mistake
In many cases practical teaching is more effective than theoretical teaching. This is what the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) did. Jubayr ibn Nufayr reported from his father that he came to the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him), who called for water, then said, “Do wudoo’, O Abu Jubayr.” Abu Jubayr started with his mouth, and the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said, “Do not start with your mouth, O Abu Jubayr, for the kaafir starts with his mouth.” Then the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) called for water, and washed his hands until they were clean, then he rinsed his mouth and nose three times, washed his face three times, washed his right arm up to the elbow three times, and his left arm three times, wiped his head and washed his feet. (Reported by al-Bayhaqi in al-Sunan, 1/46; al-Silsilat al-Saheehah, no. 2820).(11/76)
We may note here that the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) deliberately put this Sahaabi off from doing an incorrect action by telling him that the kaafir starts with his mouth; the meaning may be that the kaafir does not wash his hands before putting them in the vessel (I was told this by Shaykh ‘Abd al-‘Azeez Ibn Baaz when I asked him about the interpretation of this hadeeth), and that this is not hygienic. And Allaah knows best.
12 - Offering a sound alternative
‘Abd-Allaah ibn Mas’ood said, “When we prayed with the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him), we used to say, “Peace be upon Allaah from His slaves, peace be upon so-and-so.” (According to a report narrated by al-Nisaa'i, he said, “Pecae be upon Jibreel, peace be upon Mikaa’eel.” Al-Mujtabaa: Kitaab al-Tatbeeq, Baab Kayfa al-Tashahhud al-Awwal. See also Saheeh Sunan al-Nisaa'i, no. 1119). The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said, “Do not say, ‘Peace be upon Allaah,’ for Allaah is ‘The Peace’ (al-Salaam). But you should say, ‘Al-Tahiyyaatu Lillaahi wa’l-salawaatu wa’l-tayyibaat, al-salaamu ‘alayka ayyuha’l-Nabiyyu wa rahmat-Allaahi wa barakaatuhu, wa’l-salaamu ‘alaynaa wa ‘alaa ‘ibaad-Illaah il-saaliheen.’ If you say this, it will include every slave of Allaah in heaven or between heaven and earth. [Then say:] ‘I bear witness that there is no god except Allaah and I bear witness that Muhammad is His slave and Messenger.’ Then choose whichever du’aa’ you like, and recite it.” (al-Bukhaari, Fath, 835).(11/77)
Another report that deals with this topic was narrated by Anas (may Allaah be please with him), who said that the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) saw some sputum in the direction of the qiblah and this upset him so much that his anger could be seen on his face. He stood up and removed it with his hand, then said, “When any one of you stands up to pray, he is talking to his Lord. His Lord is between him and the qiblah, so no one of you should spit in the direction of the qiblah; he should spit to his left or under his feet.” Then he took the edge of his cloak, spat on it and rubbed part of it against another part and said, “Or do like this.” (Reported by al-Bukhaari, Fath, 405).(11/78)
Another example was reported by Abu Sa’eed al-Khudri (may Allaah be pleased with him), who said: “Bilaal came to the Prophet with some good-quality dates, and the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) asked him, ‘Where is this from?’ Bilaal said, ‘We had some poor-quality dates, and I sold two measures of those for one measure of these so that we could give them to the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him).’ When he heard that, the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said, “Oh, oh! The essence of ribaa, the essence of ribaa! Do not do that. If you want to buy, sell your dates for something else, then buy it.’” (Reported by al-Bukhaari, Fath, 2312). According to another report, one day a slave belonging to the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) brought him some fresh dates, but the Prophet’s dates were dry, so the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘Where did you get these dates from?’ He said, ‘We bought a measure of these for two measures of our dates.’ The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘Do not do this, because it is not right. Sell your dates first, then buy whatever dates you want.’ (Musnad Ahmad, 3/67).(11/79)
But in the case of some da’iyahs and people who seek to enjoin what is good and forbid what is evil, we notice that there is a shortcoming in their methods when they denounce some of the mistakes that people make. They only point out the mistakes and denounce them as haraam, without offering an alternative or explaining what must be done if one makes a mistake. It is known that the method of Islam is to offer alternatives to make up for any benefits that may have been gained through the haraam practice. When zinaa (fornication, adultery) was forbidden, marriage was allowed and prescribed; when ribaa (usury, interest) was forbidden, trading was allowed; when pork, dead meat and the flesh of every creature that has fangs or talons were forbidden, the meat of properly-slaughtered cattle and other animals was allowed, and so on. If a person does fall into error, Islam shows him the way out, through repentance and expiation, as is explained in the texts on kafaaraat (acts of expiation). So those who seek to call others to Islam must follow the sharee’ah in offering alternatives and finding acceptable ways out. (Another example of offering an alternative is to quote saheeh ahaadeeth which will replace da’eef and fabricated ahaadeeth).(11/80)
It is worth pointing out here that offering alternatives is something that depends on what is possible. Sometimes a mistake may be something that has to be stopped, but there is no realistic alternative, either because the general situation is bad and people are far removed from the sharee’ah of Allaah, or because the one who is seeking to enjoin what is good and forbid what is evil cannot remember what the alternative is – all he wants to do is denounce the mistake and change it, even if he has no alternative to offer. This happens a great deal in the case of financial dealings and investment organizations, which emerged in kaafir societies and were brought, complete with all their Islamically unacceptable features, to Muslim societies; the Muslims have shortcomings and weaknesses that prevent them from creating Islamic alternatives and applying them everywhere. So those shortcomings and weaknesses remain, even though the divine methodology contains alternatives and ways out that could alleviate the Muslims’ hardships, and there are some who know this and some who do not.
13 - Guiding people to that which will prevent them from making mistakes(11/81)
Abu Umaamah ibn Sahl ibn Haneef reported that his father told him that the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) went out, and they travelled with him in the direction of Makkah, until they reached the ravine of al-Khazzaar near al-Juhfah. Sahl ibn Haneef did ghusl, and he was a white man with a handsome body and beautiful skin. ‘Aamir ibn Rabee’ah, the brother of Banu ‘Adiyy ibn Ka’b looked at him whilst he was doing ghusl and said, ‘I have never seen anything like what I have seen today, not even the skin of the virgin who is hidden away!’ [referring to the whiteness of his skin]. Sahl fell to the ground (he had an epileptic fit). The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) came and it was said to him, ‘Do you want to see Sahl? By Allaah, he cannot raise his head or wake up.’ He asked, ‘Whose fault is this?’ They said, ‘ ‘Aamir ibn Rabee’ah looked at him.’ The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) called ‘Aamir and rebuked him angrily, and said, ‘Why would any one of you kill his brother? If any one of you sees that his brother has something he likes, let him pray for blessing for him.’ Then he said to him, ‘Wash yourself to help him’. So he washed his face, his hands up to the elbows, his knees, the sides of his feet and inside his izaar (lower garment) in a vessel. Then the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘Pour that water over him.’ So he poured the water over his head and back from behind, tilting the vessel, and Sahl went with the people and there was nothing wrong(11/82)
with him.” (Al-Musnad, 3/486. Al-Haythami said, the men of Ahmad are the men of saheeh. Al-Majma’, 5/107)
According to a report narrated by Maalik (may Allaah have mercy on him), Muhammad ibn Abi Umaamah ibn Sahl ibn Haneef said that he heard his father saying: “Abu Sahl ibn Haneef did ghusl in al-Kharraar and took off the garment he was wearing. ‘Aamir ibn Rabee’ah was looking at him, and Sahl was a white man with beautiful skin. ‘Aamir ibn Rabee’ah said to him, ‘I have never seen anything like what I have seen today, not even the skin of the virgin!’. Sahl fell ill on the spot and became seriously ill. The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) came and was told, ‘Sahl has fallen ill, and cannot go with you, O Messenger of Allaah.’ Sahl told him what had happened with ‘Aamir, and the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘Why would any one of you kill his brother? You should have asked for blessing for him. The (evil) eye is real. Do wudoo’ to help him.” So ‘Aamir did wudoo’, and Sahl went with the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him), and there was nothing wrong with him. (Al-Muwatta’, hadeeth no. 1972).
What we learn from this story is:
The teacher (i.e., the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him)) got angry with the one who caused harm to his Muslim brother.
He explained the harmful effects of the mistake and that it could lead to death.
He pointed the way to that which would prevent harm befalling a Muslim.(11/83)
14 - Not confronting people directly with their mistakes and addressing the issue in general terms may be sufficient
Anas ibn Maalik said: “The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘What is the matter with some people who raise their gaze to the heavens whilst they are praying?’ He spoke so harshly about them that he said, ‘They should stop doing that, or else Allaah will take away their sight.’” (Reported by al-Bukhaari, Fath, hadeeth no. 750).
When ‘Aa’ishah wanted to buy a slave-woman whose name was Bareerah, her owners refused to sell her except with the condition that she would still be connected to them. When the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) found out about this, he stood up to address the people, praised and thanked Allaah, then said, “What is wrong with men who impose conditions which are not mentioned in the Book of Allaah? There is no condition that is not mentioned in the Book of Allaah but it is invalid, even if there were one hundred such conditions. The decree of Allaah is more true, the conditions laid down by Allaah are more binding, and wala’ (connection, loyalty, allegiance) is to the one who sets the slave free.” (Reported by al-Bukhaari (may Allaah have mercy on him) in numerous places in his Saheeh. See Fath, 5636).(11/84)
‘Aa’ishah (may Allaah be pleased with her) said: “The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) did something and made it permissible, but some people felt that they were above doing that. News of this reached the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him), so he addressed the people. He praised and thanked Allaah, then he said, ‘What is the matter with people who think themselves above doing the things that I do? By Allaah, I know more about Allaah than they do, and I fear Him more than they do.’” (Fath, 6101).
Abu Hurayrah reported that the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) saw sputum in the qiblah of the mosque, so he turned to the people and said, “What is wrong with one of you that he stands facing his Lord and spits in front of Him? Would any of you like someone to face him and spit in his face? If any one of you wants to spit, let him spit towards his left, under his feet, and if he cannot do this, let him do this” – and al-Qaasim described how he spat on his garment and rubbed one part of it against another part. (Saheeh Muslim, no. 550).(11/85)
Al-Nisaa'i reported in his Sunan that the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) prayed Salaat al-Subh and recited Soorat al-Room, but got mixed up in his recitation. When he had finished praying, he said, “What is the matter with people who pray with us but do not purify themselves properly? Such people are the ones who make us get mixed up when we recite Qur’aan.” (Sunan al-Nisaa'i, al-Mujtabaa, 2/156. Its men are thiqaat, but al-Haafiz said about ‘Abd al-Malik ibn ‘Umayr that he was thiqah but his memory changed and he may have fabricated reports).
Ahmad (may Allaah have mercy on him) reported that Abu Rawh al-Kalaa’i said: “The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) led us in prayer and recited Soorat al-Room, but he got mixed up in part of the recitation. He said, ‘The Shaytaan made us get mixed up in our recitation, because of some people who come to the prayer without wudoo’. When you come to pray, do wudoo’ properly.’”
He also reported from Shu’bah from ‘Abd al-Malik ibn ‘Umayr, who said: “I heard Shabeeb Abu Rawh narrating from a man from among the Companions of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) who said that the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) prayed Salaat al-Subh and recited Soorat al-Room, and got mixed up, and he narrated (the same hadeeth).” (It was also reported from Zaa’idah and Sufyaan from ‘Abd al-Malik. Al-Musnad, 3/473).(11/86)
There are many examples, all of which indicate that the identity of the person who has made the mistake need not be exposed. This indirect approach and avoiding a direct confrontation has a number of benefits, including the following:
It avoids a negative reaction on the part of the person who has made the mistake, and prevents him from being tempted by the Shaytaan to avenge himself or defend himself.
It is more acceptable to people and is more effective.
It conceals the person’s mistake in front of other people.
It increases the status of the educator and makes the advisor more beloved.
It must be pointed out that this method of using hints to convey a ruling to a person who has made a mistake, without exposing him and causing him embarrassment, is only to be used when what he has done is not known to the majority of people. If most of the people do know what he has done, and he knows that they know, then this method would be more in the nature of a rebuke and scolding, and exposing him in the most hurtful manner. The one who has made a mistake would most likely rather be confronted directly than be dealt with in this manner. Among the factors that can make a difference are: who is giving the advice, in the presence of whom the advice is being given, and whether the advice is given in a provocative and aggressive manner, or in a kindly and gentle manner.
Indirect methods of teaching people may be of benefit to the one who has made the mistake and to others, if they are used wisely.
15 - Provoking public opinion against the one who has made the mistake(11/87)
This method is only to be used in very limited circumstances, when a great deal of thought has been given to the matter, to avoid any negative escalation of the situation. There follows an example of how the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) used this method:
Abu Hurayrah said: “A man came to the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) and complained to him about his neighbour. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘Go and put up with him.’ The man came back two or three times, then the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘Go and put your belongings out in the street.’ So he went and put his belongings out in the street. People started to ask him what was going on, so he told them, and the people started to curse (the neighbour), saying, ‘May Allaah do such-and-such to him.’ Then the neighbour came to him and said, ‘Put your stuff back, you will not see anything else from me that you dislike.’” (Reported by Abu Dawood, Kitaab al-Adab, Baab fi Haqq al-Jiwaar, no. 5153; Saheeh Abi Dawood, 4292).
This method has an opposite counterpart which is used in other circumstances to protect people from the public’s harm, as will be explained below:
16 - Avoiding helping the Shaytaan against the one who is making a mistake(11/88)
‘Umar ibn al-Khattaab reported that at the time of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him), there was a man called ‘Abd-Allaah whose nickname was Himaar (donkey), who used to make the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) laugh. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) had him whipped for drinking – he was brought to him one day and the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) gave orders that he should be whipped. One of the men present said, “O Allaah, curse him! How often has he been brought [to be punished because of drinking]!” The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said, “Do not curse him, for by Allaah, all I know of him is that he loves Allaah and His Messenger.” (Reported by al-Bukhaari, Fath, 6780).
Abu Hurayrah said: “A drunkard was brought to the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) and he ordered that he should be beaten, so some of us hit him with our hands, others with shoes and garments. When he went away, a man said, ‘May Allaah put him to shame!’ The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘Do not be a help to the Shaytaan against your brother.’” (Reported by al-Bukhaari, al-Fath, 6781).(11/89)
Abu Hurayrah also said: “A man who had been drinking was brought to the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) and he said, ‘Beat him.’ Some of us hit him with our hands, others with shoes and clothes. When he went away, some of the people said, ‘May Allaah put you to shame!’ The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘Do not speak like this. Do not help the Shaytaan against him.’” (Al-Bukhaari, Fath, 6777)
According to another report: “Then the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said to his Companions, ‘Rebuke him.’ So they turned to him and said, ‘You did not think of Allaah, you did not fear Allaah, you did not feel ashamed before the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him).’ Then they let him go, and the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘Say, “O Allaah, forgive him, O Allaah, have mercy on him”’ and some of them added similar sentiments.” (Abu Dawood, Kitaab al-Hudood, Baab al-Hadd fi’l-Khamr, no. 4478, 4/620. Classed as saheeh by al-Albaani in Saheeh Abi Dawood, no. 3759).
According to another report: “When he went away, some of the people said, ‘May Allaah put you to shame!’ The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘Do not speak like this, do not help the Shaytaan against him. Say “May Allaah have mercy on you.”’” (Reported by Ahmad, 2/300. Ahmad Shaakir said, its isnaad is saheeh. Al-Musnad, ed. by Ahmad Shaakir, no. 7973).(11/90)
What we learn from all of these reports is that if the Muslim falls into sin, he is still basically a Muslim and still basically loves Allaah and His Messenger, and this should not be denied. It is not permitted to pray against him in a manner that helps the Shaytaan against him; rather we should pray for him and ask Allaah to guide him, forgive him and have mercy on him.
17 - Asking the person to stop doing the wrong action
It is very important to make the person stop the wrong deed so that it does not get any worse and so that there is no delay in the denunciation of evil.
‘Umar reported that he said, “No, by my father.” The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said, “Stop! Whoever swears by something other than Allaah, is guilty of shirk.” (Reported by Imaam Ahmad, 1/47. Ahmad Shaakir said, its isnaad is saheeh. No. 329)
Abu Dawood reported in his Sunan that ‘Abd-Allaah ibn Busr (may Allaah be pleased with him) said, “A man came stepping over the necks on the people (in the mosque) one Friday, whilst the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) was delivering the khutbah. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘Sit down! You are causing a disturbance.’”(11/91)
Al-Tirmidhi reported that Ibn ‘Umar said: “A man burped in the presence of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him). He said, ‘Keep your burps away from us! The ones who fill their stomachs most in this world, will be the ones who remain hungry longest on the Day of Resurrection. (Abu ‘Eesa said, this is a ghareeb hasan hadeeth with this isnaad. Sunan al-Tirmidhi, no. 2478; al-Silsilat al-Saheehah, no. 343.)
These ahaadeeth show a direct request to the person who is making the mistake to stop what he is doing.
18 - Explaining to the person who is making a mistake how to put things right
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) did this in a number of ways, including the following:
- Drawing an individual’s attention to his mistake so that he could put it right himself.(11/92)
An example of this is the report narrated by Abu Sa’eed al-Khudri (may Allaah be pleased with him), who said that he was with the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him), and “the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) entered and saw a man sitting in the middle of the mosque, clasping his fingers together and talking to himself. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) gestured towards him, but he did not notice. So he turned to Abu Sa’eed and said, ‘If one of you is praying, he should not clasp his fingers together, because this clasping comes from the Shaytaan, and you are in a state of prayer so long as you are still in the mosque, until you go out.’” (Reported by Ahmad in his Musnad, 3/54. Al-Haythami said in al-Majma’ (2/25): its isnaad is hasan).
- Asking the person to do something again, correctly, if this is possible.(11/93)
Abu Hurayrah (may Allaah be pleased with him) reported that a man entered the mosque whilst the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) was sitting in a far corner. He prayed, then he came and greeted him with salaam. The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said, “Wa ‘alayka al-salaam, go back and pray, because you have not prayed.” So he went back and prayed, then he came back and greeted the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him), who said, “Wa ‘alayka al-salaam, go back and pray, because you have not prayed.” On the second occasion, or subsequently, the man said, “Teach me, O Messenger of Allaah.” He said, “When you stand up to pray, do wudoo’ properly, then face the qiblah and say Takbeer (‘Allaahu akbar’). Then recite whatever is easy for you of Qur’aan, then bow until you are at ease in rukoo’, then stand up until your back is completely straight. Then prostrate until you are at ease in sujood, then sit up until you are at ease in your sitting, then prostrate again until you are at ease in your sujood, then sit up again until you are at ease in your sitting. Do this in all your prayers.” (Reported by all; this version reported by al-Bukhaari, Fath, 6251).(11/94)
We should note that the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) used to pay attention to the actions of the people around him so that he could teach them. According to a report narrated by al-Nisaa'i: “A man entered the mosque and prayed, whilst the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) was watching him and we did not realize. When he finished, he turned and greeted the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him), who told him, ‘Go back and pray, for you have not prayed’…” (2/193 Saheeh Sunan al-Nisaa'i, no. 1008).
Among the qualities of the educator is that he should be aware of the actions of those who are with him.
It is a part of educational wisdom to ask a person who has made a mistake to re-do his action, so that he can notice his mistake and put it right himself, especially when it is an obvious mistake that does not befit him. He may have done it out of forgetfulness, so this will remind him.
If the person who has made a mistake does not realize it, it must be pointed out and explained to him.
Giving information to a person who is interested and has asked about it himself is more effective and is more likely to be remembered than handing it out to someone who has not made any such enquiries.
The methods of teaching are many, and the educator can choose whichever are best suited in any given circumstances.(11/95)
Another example of asking a person to repeat his action correctly is given by Muslim (may Allaah have mercy on him) in his Saheeh, where he reports that Jaabir said: “‘Umar ibn al-Khattab told me that a man did wudoo’, but missed an area on his foot the size of a fingernail. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) saw him and said, ‘Go back and do your wudoo’ properly.’ So he went and did it again, then he prayed.” (Saheeh Muslim, 243).
A third example was narrated by al-Tirmidhi (may Allaah have mercy on him) in his Sunan from Kildah ibn Hanbal, who said that Safwaan ibn Umayyah sent him with some milk, yoghurt and daghaabees [an edible plant] to the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him), when the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) was at the top of the valley. He said, “I entered upon him, and I did not greet him with salaam or ask permission to enter, so the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘Go out and say “Al-salaamu ‘alaykum, may I enter?”’” (Reported by al-Tirmidhi, no. 2710. Al-Tirmidhi said, a ghareeb hasan hadeeth. The hadeeth is also in Saheeh Sunan al-Tirmidhi, no. 2180).
- Asking the person who has made the mistake to correct it as much as he can.(11/96)
Al-Bukhaari (may Allaah have mercy on it) reported from Ibn ‘Abbaas that the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said, “No man should be alone with a woman unless he is a mahram (close blood relative to whom marriage is permanently forbidden).” A man stood up and said, “O Messenger of Allaah, my wife has gone out for Hajj and I have signed up for such-and-such a military campaign.” He said, “Go back and do Hajj with your wife.” (al-Fath, 5233).
- Putting right the consequences of the mistake
Al-Nisaa'i (may Allaah have mercy on him) reported in his Sunan from ‘Abd-Allaah ibn ‘Amr that a man came to the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) and said, “I have come to pledge allegiance to you and to make hijrah (migration) to you. I have left my parents weeping.” He said, “Go back to them and make them smile as you made them weep.” (Al-Majmaa 7/143. Classed as saheeh by al-Albaani in Saheeh Sunan al-Nisaa'i, no. 3881).
- Offering kafaarah (expiation) for the mistake
If some mistakes cannot be corrected or reversed, then there are other ways offered by Islam for wiping out their effects. One of these ways is kafaaraat or acts of expiation, of which there are many types, such as kafaarat al-yameen (expiation for swearing an unfulfilled oath), and expiation for zihaar (a jaahili form of divorce in which one says to one's wife “You are to me as my mother’s back”), manslaughter, having intercourse during the day in Ramadaan, and so on.
19 - Denouncing only the mistake whilst accepting the rest(11/97)
It may be the case that not all of what a person says or does is wrong, so it is wise to limit our denunciation only to that which is wrong, and not to generalize by condemning everything that is said or done as being wrong. This is indicated in the report narrated by al-Bukhaari (may Allaah have mercy on him) in his Saheeh from al-Rubay’ bint Mu’awwadh ibn ‘Afraa’, who said: “The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) came and entered, and sat down on my bed the way you sat down. Some young girls of ours began beating on the daff (hand-drum) and singing songs eulogizing those of our forefathers who had been killed at Badr. Then one of them said, ‘Among us there is a Prophet who knows the future.’ He [the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him)] said: ‘Do not say that; say what you were saying before.’” (Fath, 5147). According to a report narrated by al-Tirmidhi: “… The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said to her: ‘Do not say this; say what you were saying before.’” (Abu ‘Eesa said: this is a saheeh hasan hadeeth. Sunan al-Tirmidhi, Shaakir edn., 1090). According to a report narrated by Ibn Maajah, he said: “Do not say this; no one knows the future except Allaah.” (Sunan Ibn Maajah, ‘Abd al-Baaqi edn., no. 1879. Classed as saheeh by al-Albaani in Saheeh Sunan Ibn Maajah, no. 1539).(11/98)
There is no doubt that this kind of treatment makes the person feel that the one who is striving to point out mistakes and correct them is fair and just, and this makes him more likely to accept his advice. This is in contrast to some of those who want to denounce errors, but get so angry with the mistake committed that they go to extremes in their denunciation and condemn everything done and said by the one who has made the mistake, good and bad alike. This makes the person reject what they say and refuse to follow their advice.(11/99)
In some cases, the mistake consists not of the words themselves, but the occasion or context in which they are uttered. For example, when somebody dies, one person may say, “Al-Faatihah,” and everyone present will recite it. They believe that there is nothing wrong with this because what they are reciting is Qur’aan, not words of kufr. It has to be explained to them that what is wrong with this action is thinking that we should recite al-Faatihah on such occasions as an act of worship without any shar'i evidence for doing so, which is the essence of bid’ah. This is what Ibn ‘Umar (may Allaah be pleased with him) pointed out to a man who sneezed beside him and said, “Al-hamdu Lillaahi wa’l-salaam ‘ala Rasool- Illaah (Praise be to Allaah and peace be upon the Messenger of Allaah).” Ibn ‘Umar said, “I could say ‘Al-hamdu Lillaahi wa’l-salaam ‘ala Rasool- Illaah’, but this is not how the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) taught us. He taught us to say ‘Al-hamdu Lillaahi ‘ala kulli haal (Praise be to Allaah whatever the circumstances).” (Sunan al-Tirmidhi, no. 2738).
20 - Restoring rights and preserving positions(11/100)
Muslim reported that ‘Awf ibn Maalik said: “A man of Humayr killed one of the enemy and wanted to take his possessions as booty, but Khaalid ibn al-Waleed, who was in charge of the campaign, prevented him from doing so. ‘Awf ibn Maalik came to the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) and told him about it. He asked Khaalid, ‘What stopped you from giving him his booty?’ Khaalid said, ‘I thought it was too much, O Messenger of Allaah.’ The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘Give it to him.’ Then Khaalid passed by ‘Awf, who pulled his cloak and said, ‘Did I not do what I told you I would do with regard to the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him)?’ The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) heard him and got angry, and said, ‘Do not give it to him, O Khaalid! Do not give it to him, O Khaalid! Why do you not leave my commanders alone? The likeness of you and them is that of a man who is asked to take care of camels or sheep, so he takes care of them, then when it is time for them to drink, he takes them to a trough and they start to drink, and they drink the clean water and leave the dregs behind. You take the clean water and leave the dregs for them [the commanders].’” (Muslim bi Sharh al-Nawawi, 12/64)(11/101)
Imaam Ahmad transmitted a more complete version of this report from ‘Awf ibn Maalik al-Ashja’i, who said: “We went out on a military campaign on the border of Syria, and Khaalid ibn al-Waleed was appointed as our commander. A man belonging to Humayr came and joined our band, and he had nothing but a sword, no other weapon. One of the Muslims slaughtered a camel and that man kept trying to snatch something until he managed to grab a piece of skin the shape of a shield. He spread it on the ground and cured it until it was dry, then he made a handle for it, like a shield. We met with the enemy, who were a mixed group of Romans and Arabs from (the tribe of) Qudaa’ah. They fought us fiercely. Among them was a Roman on a palomino horse with a golden-coloured saddle and a gold-plated belt, and a sword of similar material. He started attacking and challenging the people, and that Madadi man kept dodging around the Roman until he approached him from behind and struck the horse’s hamstring with his sword. The Roman fell off, and the man followed that with a blow from his sword that killed him. When Allaah granted them victory, the man came asking about the booty, and the people bore witness that he had killed [that Roman], so Khaalid gave him some of the booty and withheld the rest. When he came back to ‘Awf’s band, he told him about it, and ‘Awf said, ‘Go back to him and let him give you the rest.’ So he went back, but [Khaalid] refused to give it to him. ‘Awf went to Khaalid and said, ‘Do you not know that the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) ruled(11/102)
that the booty should go to the one who kills?’ He said, ‘Of course.’ He said, ‘So what is stopping you from giving him his booty?’ He said, ‘I thought it was too much to give to him.’ ‘Awf said, ‘When I see the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) I am going to tell him about this.’ When he came to Madeenah, ‘Awf sent the man and he complained to the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him). The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) called Khaalid, whilst ‘Awf was sitting there, and said: ‘O Khaalid, what stopped you from giving this man his spoils of war?’ He said, ‘I thought it was too much for him, O Messenger of Allaah.’ [The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him)] said, ‘Give it to him.’ [Khaalid] passed by ‘Awf, and ‘Awf pulled on his cloak and said, ‘Wasn’t it enough for you what I told you about the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him)?’ The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) heard him and got angry, and said, ‘Do not give it to him, O Khaalid. Why do you not leave my commanders alone? The likeness of you and them is that of a man who is asked to take care of camels or sheep, so he takes care of them, then when it is time for them to drink, he takes them to a trough and they start to drink, and they drink the clean water and leave the dregs behind. You take the clean water and leave the dregs for them [the commanders].’”(11/103)
We may note here that when Khaalid made a mistake in his decision (ijtihaad) to withhold the large amount of booty from the killer, the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) commanded that the matter should be put right by giving the booty to its rightful owner, but he (peace and blessings of Allaah be upon him) got angry when he heard ‘Awf (may Allaah be pleased with him) making insinuations about Khaalid and poking fun at him by saying, “Did I not do what I told you I would do with regard to the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him)?” and pulling on Khaalid’s cloak when he walked past him, so he (peace and blessings of Allaah be upon him) said, “Do not give it to him, O Khaalid.” This was for the purpose of reinstating and reinforcing the position of the commander and leader, because upholding the leader’s position in front of the people serves an obvious purpose.
But the following question may arise: If the killer had the right to the booty, how could he deny it to him? Al-Nawawi (may Allaah have mercy on him) answered this query with two possible outcomes:(11/104)
Either he gave the booty to the man later on, and he delayed it as a punishment to him and to ‘Awf for saying what they said to Khaalid (may Allaah be pleased with him) and showing disrespect to the commander and the one who had appointed him; or the one who had the right to take it gave it up willingly and donated it for the Muslims, and the point of this was to make Khaalid (may Allaah be pleased with him) feel better for the purpose of upholding the position of leaders. (Al-Fath al-Rabbaani, 14/8 4)(11/105)
Further evidence concerning restoration of the position of the person who has been wronged comes in the report narrated in the Musnad of Imaam Ahmad from Abu Tufayl ‘Aamir ibn Waathilah, that a man passed by a group of people and greeted them with salaam, and they returned the greeting, but when he had gone, one of them said, “By Allaah, I hate this man for the sake of Allaah.” The others present said, “What a bad thing to say! By Allaah, we are going to tell him. Get up, O So-and-So – one of the people present – and tell him.” So their messenger caught up with him and told him what had been said. The man went to the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) and said, “O Messenger of Allaah, I passed by a group of Muslims among whom was So-and-So. I greeted them with salaam and they returned the greeting, and when I had left, one of them caught up with me and told me that So-and-So had said, ‘By Allaah, I hate this man for the sake of Allaah.’ Call him and ask him why he hates me.” So the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) called him and asked him about what the man had said. He admitted it and said, “I did say that, O Messenger of Allaah.” The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said, “Why do you hate him?” He said, “I am his neighbour and I know him very well. By Allaah, I have never seen him pray any prayer except the prescribed prayer which everyone, good and bad alike, prays.” The man said, “Ask him, O Messenger of Allaah, has he ever seen me delaying any prayer, or not doing wudoo’(11/106)
properly, or not doing rukoo’ and sujood properly?” He said, “No,” then he said, “By Allaah, I have never seen him fast at all except this month which everyone, good and bad alike, fasts.” He said, “O Messenger of Allaah, has he ever seen me breaking my fast during [that month], or doing anything to invalidate my fast?” The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) asked him, and he said, “No,” then he said, “By Allaah, I have never seen him giving to any needy person or spending any of his wealth for the sake of Allaah except for this charity [zakaah] which everyone, good and bad alike, gives.” He said, “Ask him, O Messenger of Allaah, have I ever withheld any part of the zakaah or kept it back from the one who asked for it?” The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) asked him and he said, “No.” The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said, “I don’t know, maybe he is better than you.”(11/107)
Immediately following this report in al-Musnad, it says the following: “Ya’qoob told us, my father told us from Ibn Shihaab, that he was told that a man at the time of the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) passed by a group of people. He did not mention Abu al-Tufayl. Abu ‘Abd-Allaah said: I heard that Ibraaheem ibn Sa’d reported this hadeeth from his memory and said concerning Abu al-Tufayl that his son Ya’qoob narrated from his father, but he did not mention Abu al-Tufayl. I think he is mistaken, and the report of Ya’qoob is saheeh, And Allaah knows best.” (Al-Musnad, 5/455. Al-Haythami said: the men of Ahmad are thiqaat. Athbaat al-Majma’, 1/291).
It is very important to maintain a person’s position after he has repented from his mistake and set matters straight, so that he will remain on the right path and live a normal life among people. It was reported in the story of the Makhzoomi woman who had her hand cut off (for stealing), which was reported by ‘Aa’ishah (may Allaah be pleased with her), that “she repented properly later on, and she got married and used to come to me and I would tell the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon her) what she needed.” (Saheeh Muslim, no. 1688).
21 - Addressing both parties in cases where the blame is shared
In many cases, the blame is shared and the person who makes a mistake may himself have been wronged, but the blame is not to be shared equally. In this case both parties must be addressed and advised. There follows an example:(11/108)
‘Abd-Allaah ibn Abi Awfaa said: “‘Abd al-Rahmaan ibn ‘Awf complained about Khaalid ibn al-Waleed to the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him). The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: ‘Do not upset any of those who were present at Badr, for even if you were to spend gold equal to the size of Uhud, your deeds would not equal theirs.’ He said, ‘They insulted me first, and I responded.’ The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: ‘Do not upset Khaalid, for he is one of the swords of Allaah sent against the kuffaar.’” (Al-Haythami said: the men of al-Tabaraani are thiqaat. Al-Majma’, 9/349. See also al-Mu’jam al-Kabeer by al-Tabaraani, hadeeth no. 3801).
22 - Asking the person to forgive the one who wronged him(11/109)
Anas ibn Maalik (may Allaah be pleased with him) said: “The Arabs used to serve one another when they were travelling, and Abu Bakr and ‘Umar had a man with them who was serving them. They fell asleep then woke up, and he had not prepared any food for them. One of them said to the other, ‘This man sleeps too much.’ (This is in Tafseer Ibn Katheer, Daar al-Sha’b edn. According to the version quoted by al-Albaani in al-Silsilat al-Saheehah, no. 2608, …). They woke him up and said, ‘Go to the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) and tell him that Abu Bakr and ‘Umar send their salaams to you and are asking for food.’ He (the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him)) said: ‘Send my salaams to them and tell them that they have already eaten.’ They got worried, so they came to the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) and said, ‘O Messenger of Allaah, we sent word to you asking for food, and you told us that we had already eaten? What have we eaten?’ He said, ‘The flesh of your brother. By the One in Whose hand is my soul, I can see his flesh between your teeth” – meaning the flesh of the one about whom they had backbitten.’ They said, ‘Ask for forgiveness for us.’ He said, ‘Let him ask for forgiveness for you.’” (Al-Silsilat al-Saheehah, no. 2608. It was attributed to al-Kharaa’iti in Masaawa’ al-Akhlaaq and to al-Diya’ in al-Mukhtaarah. Ibn Katheer mentioned it in his tafseer of Soorat al-Hujuraat, 7/363, Dar al-Sha’b edn.)(11/110)
23 - Reminding a person of the good qualities of the one whom he has wronged, so that he will regret what he has done and will apologize
This is what the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) did in the situation that arose between Abu Bakr and ‘Umar, may Allaah be pleased with them. Al-Bukhaari (may Allaah have mercy on him) reported in his Saheeh, Kitaab al-Tafseer, that Abu’l-Darda’ said: “There was a dispute between Abu Bakr and ‘Umar. Abu Bakr made ‘Umar angry, so he went away angry, and Abu Bakr followed him, asking him to seek forgiveness for him, but he did not do that, and he shut his door in his face. Abu Bakr turned around and went to the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him), and we were sitting with him. The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said: ‘This companion of yours has gotten involved in a dispute.’ Then ‘Umar regretted what he had done, so he came, gave the greeting of salaam, and sat down by the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him). He told the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) what had happened. The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) got angry, and Abu Bakr started to say, ‘By Allaah, O Messenger of Allaah, I am more wrong.’ The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘Are you going to leave my companion alone? Are you going to leave my companion alone? I have told the people: I am the Messenger of Allaah to all of you, and you (all) said, “You are a liar,” but Abu Bakr said,(11/111)
“You are telling the truth.”’” (Fath 4640).
Al-Bukhaari also narrated this story in Kitaab al-Manaaqib (the Book of Virtues) in his Saheeh, from Abu’l-Darda’, who said: “I was sitting with the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) when Abu Bakr came along, holding the hem of his garment up in such a way that his knees could be seen. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: ‘Your companion has gotten involved in a dispute.’ [Abu Bakr] gave the greeting of salaam, then said: ‘There is something between me and the son of al-Khattaab. I upset him, then I regretted it, and I asked him to forgive me, but he refused, so I have come to you.’ He said, ‘May Allaah forgive you, O Abu Bakr,’ three times. Then ‘Umar regretted (what he had done), so he came to Abu Bakr’s house, asking, ‘Is Abu Bakr there?’ They said, ‘No.’ So he came to the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) and signs of anger were so visible on the Prophet’s face that Abu Bakr felt sorry. He knelt down and said. ‘O Messenger of Allaah, by Allaah, I was more wrong,’ twice. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘Allaah sent me to all of you, and you (all) said, “He is a liar,” but Abu Bakr said, “He is telling the truth”, and helped me with his self and with his wealth. Are you going to leave my Companion alone?’ He said this twice, and Abu Bakr was never hurt after that.” (Fath, no. 3661).
24 - Intervening to calm people down and put a stop to the fitnah (discord) between those who are making mistakes(11/112)
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) did this on a number of occasions when fighting was about to break out among the Muslims, so he intervened, as was reported in the incident of the slander (al-ifk) against ‘Aa’ishah (may Allaah be pleased with her). She said: “The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) stood up that day and asked for someone to deal with ‘Abd-Allaah ibn Ubayy for him, whilst he was on the minbar. He said, ‘O Muslims! Who will deal with a man who I have heard is attacking me with regard to my family? By Allaah, I know nothing about my family but good, and they have mentioned a man about whom I know nothing but good, and he has never entered upon my family except with me.’ Sa’d ibn Mu’aadh, the brother of Bani ‘Abd al-Ashhal, stood up and said, ‘O Messenger of Allaah, I will deal with him for you. If he is from Aws, I will strike his neck [cut his head off], and if he is from among our brothers of Khazraj, tell us what to do, and we will do it.’ Then a man of Khazraj stood up; Umm Hassaan was his cousin from the same clan, and he was Sa’d ibn ‘Ubaadah the leader of Khazraj. Before that he was known to be a righteous man, but on this occasion a spirit of tribalism took hold of him, and he said to Sa’d [ibn Mu’aadh], ‘You are lying! By Allaah, you will not kill him and you will not be able to kill him. If he were one of your people, you would not like him to be killed!’ Usayd ibn Hudayr, the cousin of Sa’d, stood up and said to Sa’d ibn ‘Ubaadah: ‘You are lying! By Allaah, we will kill him! You are a hypocrite(11/113)
defending the hypocrites!’ The two parties of Aws and Khazraj got so angry that they nearly began to fight whilst the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) was standing on the minbar. The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) kept smoothing things over until they calmed down.” (Agreed upon. Fath, 4141)
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) went to Bani ‘Amr ibn ‘Awf to reconcile between them, and stayed there for that purpose until the time for one of the congregational prayers came, as is reported in al-Saheehayn and in a report narrated by al-Nisaa'i. Sahl ibn Sa’d al-Saa’idi (may Allaah be pleased with him) said: “A dispute arose between two parties among the Ansaar, to the point that they were throwing stones at one another. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) went to reconcile between them, and the time for prayer came, so Bilaal called the Adhaan and waited for the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him), but he did not come. So he made the iqaamah (call immediately preceding congregational prayer) and Abu Bakr, may Allaah be pleased with him) led the prayer…” (Al-Mujtabaa, Kitaab Aadaab al-Qadaah, 8/243). According to a report narrated by Ahmad, Sahl ibn Sa’d al-Saa’idi said: “Someone came to the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) and said: ‘Bani ‘Amr ibn ‘Awf are fighting and throwing stones at one another.’ So the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) went out to them to reconcile between them…”(11/114)
(Al-Musnad, 5/338)
25 - Showing one’s anger about a mistake
When the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) saw or heard about a mistake, he would show his anger, especially if it had to do with matters of belief (‘aqeedah). This includes indulging in disputes about al-qadar (divine decree) and the Qur’aan. In Sunan Ibn Maajah there is a report from ‘Amr ibn Shu’ayb from his father from his grandfather, who said: “The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) came out to his companions, who were disputing about al-qadar, and it was as if a pomegranate seed had burst on his face, i.e., his face was red with anger. He said, ‘Is this what you were commanded to do? Is this what you were created for? Are you using some parts of the Qur’aan to contradict others? The nations before you were destroyed by this!’ ‘Abd-Allaah ibn ‘Amr said: ‘I never felt happy about missing any gathering with the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him), but I was happy about missing that gathering.’” (Reported by Ibn Maajah, no. 85. He said in al-Zawaa’id: this is a saheeh isnaad and its men are thiqaat. It says in Saheeh Ibn Maajah: hasan saheeh. No. 69).(11/115)
According to Ibn Abi ‘Aasim in Kitaab al-Sunnah: “The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) came out to his Companions, and they were disputing about al-qadar, one quoting one aayah and another quoting another aayah. It was as if a pomegranate seed had been thrown in his face [because it was red with anger]. He said, ‘Is this what you were created for? Is this what you were ordered to do? Do not use parts of Allaah’s book against other parts. Look at what you are commanded to do, and do it, and what you are forbidden to do, avoid it.’” (Al-Sunnah by Ibn Abi ‘Aasim, edited by al-Albaani, no. 406. He said: its isnaad is hasan).(11/116)
Another example of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) becoming angry at the denial of one of the basic principles was what happened in the case of ‘Umar (may Allaah be pleased with him), with regard to sources. Ahmad (may Allaah have mercy on him) reported in his Musnad from Jaabir ibn ‘Abd-Allaah that ‘Umar ibn al-Khattaab came to the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) with a book which he had got from some of the People of the Book. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) got angry. He said, “Are you confused about it, O son of al-Khattaab? By the One in Whose hand is my soul, I have brought you [the Message] pure and white, so do not ask them about anything, lest they tell you something true and you reject it, or they tell you something false and you accept it. By the One in Whose hand is my soul, if Moosa (peace and blessings of Allaah be upon him) were alive, he could not but follow me.” (Musnad Ahmad, 3/387. Classed by al-Albaani as hasan because of corroborating reports in al-Irwa’, no. 1589).(11/117)
The hadeeth was also narrated by al-Daarimi, may Allaah have mercy on him, from Jaabir, who said that ‘Umar ibn al-Khattaab came to the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) with a copy of the Tawraat (Torah), and said, “O Messenger of Allaah, this is a copy of the Tawraat.” [The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him)] did not say anything. [‘Umar] began to read it, and the face of the Messenger of Allaah changed [i.e., he was angry]. Abu Bakr said, “May your mother lose you! Do you not see the expression of the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him)?” ‘Umar looked at the face of the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) and said, “I seek refuge with Allaah from the anger of Allaah and the anger of His Messenger (peace and blessings of Allaah be upon him). We are content with Allaah as our Lord, with Islam as our religion and with Muhammad as our Prophet.” The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said, “By the One in Whose hand is the soul of Muhammad, if Moosa were to appear among you and you followed him and left me, you would go astray from the straight path. If he had lived until the time of my Prophethood, he would have followed me.” (Sunan al-Daarimi, no. 441, al-Muqaddimah, Baab maa yutaqqaa min Tafseer Hadeeth al-Nabi (peace and blessings of Allaah be upon him) wa Qawli ghayrihi ‘inda Qawlihi (peace and blessings of Allaah be upon him). The editor, ‘Abd-Allaah Haashim Yamaani, said: it was also narrated by Ahmad with a hasan isnaad, and by Ibn(11/118)
Hibbaan with a saheeh isnaad).
Among the corroborating reports is the hadeeth of Abu’l-Darda’, who said: “‘Umar brought some pages of the Tawraat to the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) and said, ‘O Messenger of Allaah, (these are) some pages of the Tawraat which I took from a brother of mine from Bani Zurayq.’ The face of the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) changed, and ‘Abd-Allaah ibn Zayd – the one who was shown the Adhaan in a dream – said: ‘Have you gone mad? Do you not see [the expression] on the face of the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him)?’ ‘Umar said: ‘We are content with Allaah as our Lord, with Islam as our religion, with Muhammad as our Prophet and with the Qur’aan as our guide. The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) relaxed and said: ‘By the One in Whose hand is the soul of Muhammad, if Moosa were among you, and you followed him and left me, you would go far astray. You are my share among the nations and I am your share among the Prophets.’” (Al Haythami said in al-Majma’: It was reported by al-Tabaraani in al-Kabeer, and it includes Abu ‘Aamir al-Qaasim ibn Muhammad al-Asadi, and I have not seen anyone giving his biography, but the rest of its men are mawthooq. Al-Majma’ 1/174).(11/119)
We may note from these reports that the educator (the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him)) had support from the other people present when they noticed how his expression changed and took their stance based on what they saw. There is no doubt that this combination of events had a great impact on the person who was being reprimanded.
The process went through the following stages:
Firstly, the anger that welled up in the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him), so that his expression changed even before he spoke.
Secondly, [Abu Bakr] al-Siddeeq and ‘Abd-Allaah ibn Zayd noticed this and pointed it out to ‘Umar.
Thirdly, ‘Umar realized his mistake and hastened to put it right and to apologize for what he had done, seeking refuge with Allaah from the anger of Allaah and the anger of His Messenger, and reaffirming the basic principle of being content with Allaah, His Messenger and His Religion.
Fourthly, the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) relaxed and calmed down when ‘Umar retracted and realized his mistake.
Fifthly, the Prophet’s comment confirmed and reinforced this basic principle by reaffirming the obligation to follow the way of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) and warning against taking any other source of guidance.(11/120)
Another example of the Prophet’s anger when he saw something objectionable was reported in Saheeh al-Bukhaari (may Allaah have mercy on him) from Anas ibn Maalik, who said that when the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) saw some spittle in the mosque in the direction of the qiblah, he was so upset that it was clearly visible on his face. He wiped it with his hand and said, “When one of you gets up to pray, he is talking to his Lord, or his Lord is between him and the qiblah, so he should not spit in the direction of the qiblah, but to his left or under his feet.” Then he took the edge of his garment, spat on it and rubbed part of it against another part and said, “or he can do this.” (Fath, 405).
An example of the Prophet’s anger when he heard a mistake that led to wrongdoing was also reported by al-Bukhaari, from Abu Mas’ood al-Ansaari, who said: “A man came to the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) and said, ‘O Messenger of Allaah, I am going to go late to the prayer tomorrow because of so-and-so, who makes the prayer too long for us.’ I never saw the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) more angry in his rebuking than on that day, when he said, ‘O people! Some of you are putting others off. When any of you leads the people in prayer, let him keep it short, for among them are the elderly, the weak and those with pressing needs.’” (Fath, 7159).(11/121)
Another example is for the mufti to show anger towards the person who is asking questions when he starts to nit-pick in a ridiculous fashion. Zayd ibn Khaalid al-Juhani (may Allaah be pleased with him) said: “A Bedouin came to the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) and asked him about lost property that he finds. He said, ‘Announce it for a year. Remember the description of its container and the string with which it is tied, and if someone comes and claims it, and describes it correctly, give it to him, otherwise, utilize it.’ He said, ‘O Messenger of Allaah, what about a lost sheep?’ The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: ‘It is for you, for your brother (i.e., its owner), or for the wolf.’ He said, ‘What about a lost camel?’ The face of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) became red (with anger), and he said, ‘You have nothing to do with it. It has its feet, and access to water, and can eat trees.’” (Reported by al-Bukhaari, Fath, 2436).
The educator may show anger in proportion to the mistake at the time when the mistake is made, or when he sees or hears it, in such a way that the anger may be seen in his face or recognized from his tone of voice. This is a sign that his heart is alert to wrongdoing and will not keep silent about it, so that the others present will feel afraid of making the same mistake. Speaking out when you are angry can have a greater impact than remaining silent and waiting until things have cooled down, because then the impact of your comments will be lost.(11/122)
On the other hand, it may be wise to delay commenting on a regrettable incident or seriously mistaken words until all the people have been called together or until a time when they meet, because of the seriousness of what is involved or because there are not enough people around to understand and convey the information to others. There is nothing wrong with addressing an individual immediately and delaying general discussion of the matter until later. According to Saheeh al-Bukhaari, Abu Humayd al-Saa’idi reported that the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) appointed someone (to collect the zakaah). When he had finished his work, he came and said, “O Messenger of Allaah, this is for you, and this is what was given to me as a gift.” He said, “Why don’t you sit in your parents’ house and see whether anyone brings you a gift or not?” In the evening, the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) stood up after the prayer, pronounced the Shahaadah and praised Allaah as He deserves to be praised, then he said, “What is wrong with an employee whom we appoint, then he comes to us and says, ‘This is for you and this is what I was given as a gift”? Why does he not sit in his parents’ house and see whether anyone brings him a gift or not? By the One in Whose hand is the soul of Muhammad, no one of you unlawfully withholds something from us, except he will come on the Day of Judgement carrying it around his neck: if it is a camel, he will bring it bellowing, if it is a cow he will bring it mooing, and if it is a sheep he will bring it(11/123)
bleating. I have conveyed (the message).” Abu Humayd added, “Then the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) raised his arm so high that we could see his armpit.” (Fath, 6636)
26 - Turning away from the one who has made a mistake, and avoiding argument with him, in the hope that he may come back to the right way
Al-Bukhaari (may Allaah have mercy on him) reported that ‘Ali ibn Abi Taalib (may Allaah be pleased with him) said that the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) came to him and Faatimah’s (peace be upon her, the daughter of the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) one night and said to them, “Are you not coming to pray?” ‘Ali said, “O Messenger of Allaah, our souls are in the hand of Allaah. If He wants to bring us back to life (from sleep), He will do so!” The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) went away when ‘Ali said that to him, and he did not respond to it at all, but ‘Ali heard him as he was walking away, slapping his thigh and saying, “ ‘… But, man is ever more quarrelsome than anything.’ [al-Kahf 18:54 – interpretation of the meaning].” (The words of ‘Ali could be understood in different ways. See al-Fath, 7347).
27 - Rebuking the one who has made a mistake(11/124)
This is what the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) did with Haatib (may Allaah be pleased with him) when he heard that he had sent word to the kuffaar of Quraysh, informing them of the Muslims’ intention to head for Makkah to conquer it. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) asked him, “What made you do that, O Haatib?” He said, “I believe in Allaah and His Messenger and I never changed, but I wanted to make some gesture towards them through which Allaah might protect my family and my wealth. All your other companions have someone there through whom Allaah will protect their families and their wealth.” [The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him)] said: “He has spoken the truth, so do not say anything but good to him.” ‘Umar ibn al-Khattaab said, “But he has betrayed Allaah and Messenger and the believers! Let me strike his neck [cut off his head]!” [The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) ] said: “How do you know? Maybe Allaah looked at the people of Badr and said, ‘Do what you like, for Paradise is guaranteed for you.’” Tears welled up in ‘Umar’s eyes and he said, “Allaah and His Messenger know best.” (Fath, 6259)
There are a number of important educational points we learn from this story:
1 – The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) rebuked the Sahaabi who had make a serious mistake by asking him, “What made you do that?”
2 – Enquiring as to the reason that motivated him to make the mistake undoubtedly has an effect on the way in which he is treated.(11/125)
3 – Those who have an excellent track record are not immune from committing major sins.
4 – The educator must be open-minded in dealing with his companions’ mistakes so that they continue progressing on the straight path. The aim is to reform them, not alienate them.
5 – The educator must appreciate the moments of human weakness that may overcome some of those who are with him, and he should not be shocked by a serious mistake on the part of one who is advanced or senior.
6 – Defending one who deserves to be defended even though he has made a mistake.
7 – If a person who makes a mistake has a great deal of good works to his credit, this should be taken into account when evaluating the level of his mistake and dealing with it.
28 - Blaming the person who has made a mistake(11/126)
An obvious mistake cannot be ignored; blame must be directed at the person who has made the mistake, and he must be rebuked from the outset, so that he will realize that he has made a mistake. Al-Bukhaari narrated in his Saheeh that ‘Ali (may Allaah be pleased with him) said: “I had a she-camel from my share of the booty of Badr, and the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) had given me another she-camel from the khums. When I wanted to marry Faatimah, the daughter of the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him), I made an appointment with a goldsmith from Banu Qaynuqaa’ to go with me to Idhkhur. I wanted to sell him the two gold bracelets and use the money for my waleemah (wedding celebration). Whilst I was gathering together the saddles, sacks, ropes and other gear, my camels were sitting beside a room belonging to one of the Ansaar. After collecting the things I had to collect, I came back and found my camels with their backs cut open, their sides stabbed and their livers removed. I could hardly bear to look at this scene. I said, ‘Who did this?’ They said, ‘Hamzah ibn ‘Abd al-Muttalib. He is in that house drinking with one of the Ansaar.’ I went to the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him), and Zayd ibn Haarithah was with him. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) knew something was wrong from my expression. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: ‘What is the matter with you?’ I said, ‘O Messenger of Allaah, I have never seen anything like today! Hamzah attacked my two(11/127)
she-camels and cut their backs open and stabbed them in their sides. He is in a house, drinking.’ The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) called for his cloak and put it on, then he went walking, and Zayd ibn Haarithah and I followed him, until he reached the house where Hamzah was. He asked permission to enter, and they gave permission. They were drinking, and the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) started to hurl blame at Hamzah for what he had done, but then he noticed that Hamzah was drunk and red-eyed. Hamzah looked at the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him). He looked up at his knees, then at his navel, then at his face, then he said, ‘You are no more than a slave to my father.’ The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) realized that he was drunk, so he turned on his heels and we went out with him.” (Fath, no. 3091). This happened before drinking alcohol was forbidden.
29 - Shunning the one who has made a mistake(11/128)
Imaam Ahmad (may Allaah have mercy on him) reported that Humayd said: “Al-Waleed came to me and a friend of mine and said, ‘Come with me, for you are younger than me and you know more about hadeeth.’ He took us to Bishr ibn ‘Aasim. Abu’l-‘Aaliyah said to him: ‘Will you tell these two your hadeeth?’ He said, ‘ ‘Uqbah ibn Maalik told us, Abu’l-Nadr al-Laythi said, Bahz, who was one of his group, said: the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) sent an expedition to attack some people. A man drifted away from the people, and one of the (Muslim) expedition followed him with his sword unsheathed. The man who had wandered off said, “I am a Muslim,” but the Muslim paid no attention to him, and struck him and killed him. Word of this reached the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him), and he spoke out angrily against it. News of this reached the killer, and whilst the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) was delivering a speech, the killer said, “O Messenger of Allaah, by Allaah he only said that to protect himself.” The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) turned away from him and the people around him, and continued with his speech. The man said again, “O Messenger of Allaah, he only said that to protect himself.” The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) again turned away from him and the people around him, and continued with his speech. The man did not put up with that; a third time he said, “O Messenger of Allaah, by Allaah he only said that to protect himself.” The(11/129)
Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) turned to him, and it was clear from his expression how upset he was. He said, “Allaah scorns the one who kills a believer” three times.’” (al-Musnad, 5/289. See also al-Silsilat al-Saheehah, 2/309)
Al-Nisaa'i (may Allaah have mercy on him) reported from Abu Sa’eed al-Khudri that a man came from Najraan to the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him), wearing a ring of gold. The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) turned away from him and said, “You have come to me with an ember from the Fire of Hell in your hand.” (Al-Mujtaba, 8/170; Saheeh Sunan al-Nisaa'i, 4793). Ahmad reported a more detailed version of this from Abu Sa’eed al-Khudri: a man came from Najraan to the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) wearing a ring of gold. The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) turned away from him and did not ask him about anything. The man went back to his wife and told her about it. She said, “There has to be a reason for that. Go back to the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him).” So he went back, and threw away his ring and the garment he was wearing. When he asked permission to enter, it was given to him. He greeted the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him), who returned the greeting. He said, “O Messenger of Allaah, you turned away from me when I came before.” The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “You came to me with a(11/130)
coal from the fire of Hell in your hand.” He said, “O Messenger of Allaah, I came with a lot of coals.” He had brought some suits of clothing from Bahrain. The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “What you have brought is not going to help us in any way (with regard to the Hereafter). It is no more use than the rocks of al-Harrah, but they are luxuries of this world.” The man said: “I said, ‘O Messenger of Allaah, explain this to your Companions, so that they do not think you were angry with me for some reason.” The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) stood up and explained this, and said that the problem had been with his gold ring.” (al-Musnad, 3/14).
According to a report narrated by Ahmad (may Allaah have mercy on him) from ‘Amr ibn Shu’ayb from his father from his grandfather, the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) saw one of his Companions wearing a ring of gold, and turned away from him. The Sahaabi threw it away and put on a ring of iron, and [the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him)] said, “This is evil, this is the jewellery of the people of Hell,” so he threw it away and put on a ring of silver, and the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said nothing. (al-Musnad, 163. Al-Musnad edited by Ahmad Shaakir, no. 6518. He said its isnaad is saheeh).
30 - Boycotting the one who has made a mistake(11/131)
This is one of the effective methods used by the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) especially when a very serious mistake was made, because of the far-reaching effect that a boycott has on the person concerned. An example of this is what happened to Ka’b ibn Maalik and his two companions who stayed behind from the campaign of Tabook. After the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) had ascertained that they had no valid excuse, and they had admitted it, as Ka’b said:(11/132)
“The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) forbade the Muslims to speak to any of the three of us who had stayed behind. So the people avoided us and their attitude towards us changed so that even the earth I was walking on looked different to what I had known. We stayed like that for fifty days. As for my two companions, they resigned themselves and stayed in their homes, weeping, but I was the youngest and the most determined, so I used to go out and attend the prayers with the Muslims and go around in the market places, and no one would speak to me. I would come to the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) whilst he was in a gathering after prayer, and greet him with salaam, asking myself whether he had moved his lips in response or not. I would pray near him, stealing glances at him. When I would turn to pray, he would turn towards me, and when I would turn towards him, he would turn away from me. When the people’s harshness had gone on too long for me, I went away and climbed over the wall of the garden of Abu Qutaadah, who was my cousin [son of my paternal uncle] and the dearest of people to me. I greeted him with salaam, but by Allaah he did not answer me. I said, ‘O Abu Qutaadah, I ask you by Allaah, do you not know that I love Allaah and His Messenger?’ He remained silent, so I repeated what I had said, pleading with him, but he remained silent. I repeated it again, pleading with him, and he said, ‘Allaah and His Messenger know best.’ My eyes filled with tears and I turned away and went and climbed back over the(11/133)
wall…
When fifty nights had passed since the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) had forbidden anyone to talk to us, after I had prayed Fajr on the morning of the fiftieth day, and I was on the roof of our house, whilst I was sitting as Allaah has described, with my own self straitened to me and the earth, vast as it is, straitened to me [cf. Al-Tawbah 9:118], I heard the sound of someone shouting from the mountain of Sal’ at the top of his voice: ‘O Ka’b ibn Maalik, rejoice!’” (Fath, 4418).
We learn many great lessons from this story, which should not be ignored in any way. We read about some of them in the scholars’ commentaries on this story, as in Zaad al-Ma’aad and Fath al-Baari.
Another indication that the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) used this method was narrated by al-Tirmidhi from ‘Aa’ishah, who said: “No behaviour was more hateful to the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) than lying. If a man told lies in the presence of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him), he would remain upset about it until he knew that he had repented from that.” (Abu ‘Eesa said: this is a hasan hadeeth. Sunan al-Tirmidhi, no. 1973).
According to a report narrated by Ahmad: “ … he would remain upset with him…” (al-Musnad, 6/152)
According to another report: “If it happened that one of the members of his household told a lie, he would keep turning away from him until he repented.” (Reported by al-Haakim. Saheeh al-Jaami’, 4675).(11/134)
It is clear from the reports mentioned above that turning away from the person who is making a mistake until he gives it up is an effective educational method, but in order for it to be effective, the person who is forsaking and turning away from the other must have some status in the eyes of the latter, otherwise it will not have a positive effect, and may even give the person something to be happy about.
31 - Praying against someone who stubbornly persists in making a mistake
Muslim (may Allaah have mercy on him) reported that a man ate with his left hand in the presence of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him). He said, “Eat with your right hand!” The man said, “I cannot” He said, “May you never be able to!” Nothing was stopping him except pride, and he never raised it to his mouth after that. (No. 2021).
According to a report narrated by Ahmad: “Iyaas ibn Salamah ibn al-Akwa’ reported that his father told him: ‘I heard the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) telling a man called Bisr ibn Raa’i al-‘Eer, whom he saw eating with his left hand, to eat with his right hand. He said, ‘I cannot.’ He said, ‘May you never be able to!’ And his right hand never reached his mouth after that.” (4/54)
Al-Nawawi (may Allaah have mercy on him) said: “This hadeeth shows that it is permissible to pray against the one who goes against a shar'i ruling for no good reason. It also demonstrates enjoining what is good and forbidding what is evil in all matters, even in the matter of eating.” (Sharh Saheeh Muslim, 13/192).(11/135)
We may also note here that the du’aa’ against him was not for something that would help the Shaytaan against him, it was for something that was more like a rebuke or telling-off.
32 - Turning a blind eye to some mistakes and being content to just hint about them, out of respect to the person who is making the mistake
“And (remember) when the Prophet disclosed a matter in confidence to one of his wives (Hafsah), so when she told it (to another, i.e., ‘Aa’ishah), and Allaah made it known to him, he informed part thereof and left a part. Then when he told her (Hafsah) thereof, she said: ‘Who told you this?’ He said, ‘The All-Knower, the All-Aware (Allaah) has told me.’” [al-Tahreem 66:3 – interpretation of the meaning]
Al-Qaasimi (may Allaah have mercy on him) said in Mahaasin al-Ta’weel:
“‘And remember when the Prophet’ refers to Muhammad (peace and blessings of Allaah be upon him). ‘To one of his wives’ refers to Hafsah. ‘A matter in confidence’ means that she was not allowed to disclose it, or what he forbade for himself although Allaah had allowed it. ‘When she told it’ means that she told the secret to her companion (‘Aa’ishah). ‘Allaah made it known to him’ means that Allaah told him what Hafsah had told ‘Aa’ishah. ‘He informed part thereof’ means that he told her part of what she had divulged as a rebuke; ‘and left a part’ means that he did not say some of it, out of respect to her.”(11/136)
It is noted in al-Ikleel: “The aayah indicates that there is nothing wrong with speaking in a secretive way to one whom you trust such as a spouse or friend, and that he or she is obliged to keep the secret. The aayah also indicates good treatment of wives, gentleness when rebuking and refraining from seeking out every fault.” (Mahaasin al-Ta’weel, 16/222)
Al-Hasan said: “No noble person will pick on every little fault.” Sufyaan said: “Turning a blind eye is the action of noble people.”
33 - Helping a Muslim to correct his mistake(11/137)
Abu Hurayrah (may Allaah be pleased with him) said: “Whilst we were sitting with the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him), a man came to him and said, ‘O Messenger of Allaah, I am doomed!’ He said, ‘What is the matter with you?’ He said, ‘I had intercourse with my wife whilst I was fasting.’ The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘Are you able to set a slave free?’ He said, ‘No.’ He asked, ‘Can you fast for two consecutive months?’ He said, ‘No.’ he said, ‘Can you feed sixty poor persons?’ He said, ‘No.’ The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said nothing more about the matter for a while, and whilst we were sitting there like that, the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) was brought a large vessel full of dates. He said, ‘Where is the one who was asking just now?’ The man said, ‘Here I am.’ He said, ‘Take this and give it in charity.’ The man said, ‘O Messenger of Allaah, is there anyone poorer between al-Harratayn [i.e., in Madeenah] than my family?’ The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) smiled so broadly that his eyeteeth could be seen, then he said, ‘Feed it to your family.’” (Reported by al-Bukhaari, no. 1936).(11/138)
According to a report narrated by Ahmad from ‘Aa’ishah (may Allaah be pleased with her), whilst the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) was sitting in the shade of a large tree, a man came to him and said, “I am burnt, O Messenger of Allaah!” He said, “What is the matter with you?” He said, “I had intercourse with my wife whilst I was fasting.” ‘Aa’ishah said: this was in Ramadaan. The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said to him, “Sit down.” So he sat down at the edge of the group of people. Then a man brought a donkey on which was a vessel of dates, and said, “This is my sadaqah (charity), O Messenger of Allaah.” The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said, “Where is the burnt one who was here just now?” The man said, “Here I am, O Messenger of Allaah.” He said, “Take this and give it in charity.” He said, “To whom should I give it except myself? By the One Who sent you with the truth, I do not have anything for myself and my children.” He said, “Then take it,” so he took it. (al-Musnad, 6/276)
34 - Meeting with the person who has made the mistake to talk it over(11/139)
In Saheeh al-Bukhaari it is reported that ‘Abd-Allaah ibn ‘Amr said: “My father married me to a woman from a good family. He used to come and check on his daughter in law, and ask her about her husband. She would say, ‘What a good man he is. He has never slept in our bed or disturbed us since we got married.’ When this had gone on for a long time, he mentioned it to the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him), who said, ‘Let me meet with him.’ So I met with him after that, and he said, ‘How often do you fast?’ I said, ‘Every day.’ He said, ‘How often do you complete the Qur’aan?’ I said, ‘Every night.’ He said, ‘Fast three days of every month, and complete the Qur’aan once a month.’ I said, ‘I can do more than that.’ He said, ‘Fast three days every week.’ I said, ‘I can do more than that.’ He said, ‘Don’t fast for two days, then fast for one day.’ I said, ‘I can do more than that.’ He said, ‘Observe the best kind of fast, the fast of Dawood, fasting one day then not fasting the next, and complete the Qur’aan once every seven days.’ I wish that I had accepted the dispensation of the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him), because when I became old and weak I started to read one seventh of the Qur’aan to my family during the day, and whatever I read during the day makes it easier to complete it at night. If I want to help myself, I do not fast for a number of days, then I count the number of days I did not fast and fast the same number of days. I do not want to give up something that I promised the Prophet (peace and blessings of Allaah(11/140)
be upon him) I would do before he died.” Abu ‘Abd-Allaah said: “Some of them said in three, and in five, and most of them said in seven.” (al-Fath, 5052)
A report narrated by Ahmad describes the matter more clearly and contains important lessons: ‘Abd-Allaah ibn ‘Amr said: “My father married me to a woman from Quraysh. When she entered upon me I did not approach her because I was so enthusiastic about worshipping Allaah by fasting and praying. ‘Amr ibn al-‘Aas came to his daughter in law and asked her, ‘How do you find your husband?’ She said, ‘He is the best of men, or he is like the best of husbands among men. He has never disturbed us and he has never slept in our bed.’ So he came to me and told me off. (Ibn al-Atheer said: … according to another hadeeth, ‘Abd-Allaah ibn ‘Amr ibn al-‘Aas said: ‘So my father came to me and told me off.’ Al-Nihaayah 3/200). He said, ‘I married you to a woman from a good family of Quraysh, and you are neglecting her (i.e., not treating her as a wife) and you are doing such and such.’ Then he went to the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) and complained about me. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) sent for me and I came to him. He said to me, ‘Do you fast during the day?’ I said, ‘Yes.’ He said, ‘Do you pray (qiyaam) at night?’ I said, ‘Yes.’ He said, ‘But I fast and I break my fast, I pray and I sleep, and I touch women [my wives]. Whoever turns away from my Sunnah has nothing to do with me.’ He said, ‘Read the Qur’aan once a month.’ I said, ‘I can do more than that.’ He said, ‘Read it once every ten(11/141)
days.’ I said, ‘I can do more than that.’ One of them – either Husayn or Mugheerah – said, ‘Read it every three days.’ He [the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him)] said: ‘Fast three days of every month.’ I said, ‘I can do more than that.’ He kept increasing the number until he said, ‘Fast one day and do not fast the next day. This is the best of fasts, the fast of my brother Dawood.’ Husayn said in his narration of the hadeeth: then the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: ‘Every worshipper has a time when he is motivated and keen, and after every such time comes a time of slackening, where he either follows the Sunnah or follows bid’ah. The one whose slackening follows Sunnah is guided, but the one whose slackening follows bid’ah is doomed.’” Mujaahid said: “When ‘Abd-Allaah ibn ‘Amr grew old and weak, he would fast for several days at a time, so that he could grow stronger, then he would break his fast for a similar number of days. He would read his portion of the Qur’aan in like manner, sometimes reading more, sometimes reading less, so that he would finish the entire Qur’aan in seven days or in three days. After that he would say, ‘I wish that I had accepted the dispensation of the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him), for it would be better for me than what I chose for myself, or I left him saying that I would do something and I would hate to do something else.’” (Al-Musnad, 2/158. Ahmad Shaakir said: its isnaad is saheeh. Tahqeeq al-Musnad, no. 6477).
Among the things we learn from this story are:(11/142)
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) understood the cause of the problem, which was that [‘Abd-Allaah ibn ‘Amr] was exhausting himself in worship to the point that he did not have time to take care of his duties towards his wife, so he was falling short.
The principle of paying due attention to everyone who has rights over one applies to anyone who is preoccupied with matters of worship, such as a student who is giving so many lessons, or a daa’iyah who is so busy with his da’wah that his wife complains of mistreatment. This can lead to a loss of balance in carrying out different acts of worship and dividing one’s time among all those who are making rightful claims on it. So there is nothing wrong with the teacher reducing the number of lessons he gives, or the daa’iyah reducing his activities so as to allow himself enough time to take care of his home, wife and children, and give them their rights as regards guidance, companionship and education.
35 - Speaking bluntly to a person about the mistake he is making(11/143)
Al-Bukhaari (may Allaah have mercy on him) reported that Abu Dharr said: “There was an argument between me and another man. His mother was a non-Arab, and I said something insulting about her. He mentioned this to the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him), who asked me, ‘Did you trade insults with so-and-so?’ I said, ‘Yes.’ He said, ‘Did you say something insulting about his mother?’ I said, ‘Yes.’ He said, ‘You are a man who still has something of jaahiliyyah in you.’ I said, ‘I said what I said because I am getting old.’ He said, ‘Yes, but they are your brothers. Allaah has given you power over them, but whoever is given power over someone, let him feed him as he feeds himself, clothe him as he clothes himself, and not give him more work to do than he is able. If he does give him too much work, let him help him.’” (Fath, 6050)(11/144)
In Saheeh Muslim it is reported that Abu Dharr (may Allaah be pleased with him) said: “I had an argument with one of my brothers. His mother was non-Arab, and I said something insulting to him about his mother. He complained about me to the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him). When the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) met me, he said, ‘O Abu Dharr, you are a man who still has something of jaahiliyyah in him.’ I said, ‘O Messenger of Allaah, whoever insults a person, people will insult his father and mother.’ He said, ‘O Abu Dharr, you are a man who still has something of jaahiliyyah in him. They are your brothers, and Allaah has given you power over them, so feed them as you feed yourself and clothe them as you clothe yourself. Do not give them more work than they can do, and if you give them too much to do, then help them.’” (Saheeh Muslim, no. 1661).
[It appears that the man's mother was a slave. Translator]
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) spoke in this straightforward and open manner to Abu Dharr because he knew he would accept it. Such a blunt approach can be a useful method that saves times and energy, and gets the point across in the easiest manner, but it should only be done when it is appropraite to the situation and the people involved.(11/145)
This direct approach may be better not used if it will lead to something worse or if it means that a greater interest will not be achieved, for example if the person making the mistake is in a position of power and authority and would not accept such frank comments, or if a direct approach would cause too much embarrassment to the person who is doing wrong. It should also not be used if the person is extra sensitive and is likely to react badly. Undoubtedly a direct approach will be too much for a person to take if it is made in a spirit of confrontation and with the aim of causing embarrassment and showing him up at the time when his critic appears superior. Similarly it is essential to be cautious about using “indirect” methods whose multiple negative effects may outweigh the benefits of a direct approach, because they may make the wrongdoer think that the one who is advising him thinks he is stupid or that he is playing about, or because they may offend him because he thinks he is making snide remarks. This way of pointing out what is right may not be effective, because what is being said may not be clear to the person addressed, so he will keep on making the mistake. Generally speaking, people differ when it comes to accepting advice, and the right approach will differ in each case, but a good attitude in discussing mistakes and guiding people will also have the greatest effect in achieving the desired goal.
36 - Persuading a person that he is making a mistake(11/146)
Engaging in a discussion with a wrongdoer with the aim of convincing him may lead to the removal of the blinkers over his eyes and bringing him back to the Straight Path. An example of this is the report narrated by al-Tabaraani (may Allaah have mercy on him) in al-Mu’jam al-Kabeer from Abu Umaamah (may Allaah have mercy on him), who said that a young man came to the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) and said, “O Messenger of Allaah, give me permission to commit zinaa (fornication or adultery).” The people shouted [at him] and [the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him)] said, “Stop it!’ The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said, “Let him calm down. Come here.” He came and sat in front of the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him), who said to him, “Would you like it for your mother?” He said, “No.” He said, “Likewise, people do not like it for their mothers. Would you like it for your daughter?” He said, “No.” He said, “Likewise, people do not like it for their daughters. Would you like it for your sister?” He said, “No.” He said, “Likewise, people do not like it for their sisters. Would you like it for your (paternal) aunt?” He said, “No.” He said, “Likewise, people do not like it for their (paternal) aunts. Would you like it for your (maternal) aunt?” He said, “No.” He said, “Likewise, people do not like it for their (maternal) aunts.” Then the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) put his hand on his chest and said, “O Allaah, forgive his sins,(11/147)
purify his heart and make him chaste.” (Al-Tabaraani, al-Mu’jam al-Kabeer, 7679 and 7759. Additional material is included between square brackets).
37 - Making a person understand that his flimsy excuse is not acceptable
Some people who make mistakes try to offer made-up, unacceptable excuses, especially when they are caught red-handed. Indeed, some of them may appear to be stammering when they give their flimsy excuses, especially those who are not good at lying because they are basically good at heart. How should the educator act when he comes across a situation like this? The following story demonstrates the brilliant attitude of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) when dealing with one of his Companions in a situation of this nature. The story also shows us how the educator should persistently follow up until the person gives up his wrong attitude.(11/148)
Khuwwaat ibn Jubayr (may Allaah be pleased with him) said: “We made camp with the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) at Mar al-Zahraan (a place near Makkah). I came out of my tent and saw some women talking amongst themselves. I liked them, so I went back, got out my trunk and took out a hillah (a suit of clothes). I put it on and came and sat with them. The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) came out and said, ‘O Abu ‘Abd-Allaah!!” (i.e., he was reprimanding him for sitting with those non-mahrem women). When I saw the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him), I got scared and started stammering (trying to come up with an excuse). I said, “O Messenger of Allaah, my camel got lost and I am looking for a rope to restrain it” (i.e., he came up with a false excuse to justify what he had done). He left, and I followed him. He threw his cloak at me and went in among some araak trees – and it is as if I can see the whiteness of his back against the greenness of the araak trees. He answered the call of nature and did wudoo’, and turned (to me) with the water dripping from his beard onto his chest, and said: “O Abu ‘Abd-Allaah, what happened to your lost camel?” Then we continued on our journey, and whenever he caught up with me, he would say, “Assalaamu aleika Abu ‘Abd-Allaah. What happened to that lost camel?” When I realized this, I hastened on to Madeenah and avoided the mosque and gatherings where the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) was present. When this had gone on for a long(11/149)
time, I tried to go to the mosque when no one else was around. I went to the mosque and started to pray, but the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) came out of one of his apartments and started to pray two short rak’ahs. I made my prayer long, hoping that he would go away and leave me. He said, ‘Make it as long as you like, O Abu ‘Abd-Allaah, for I am not leaving until you finish.’ I said to myself, ‘By Allaah, I should apologize to the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) and make him happy.’ When I had finished, he said, ‘Al-salaamu ‘alayka, O Abu ‘Abd-Allaah. What happened to your lost camel?’ I said, ‘By the One Who sent you with the truth, that camel has never gotten lost since the time I became a Muslim.’ He said, ‘May Allaah have mercy on you’ three times, then he never mentioned it again.” (Al-Haythami said: al-Tabaraani reported it with two isnaads. The men of one of them are all saheeh apart from al-Jarraah ibn Mukhallad, who is thiqah. Al-Majma’, 9/401. Upon referring to al-Mu’jam al-Kabeer by al-Tabaraani, 4/203, it becomes clear that the report from Zayd ibn Aslam is talking about Khuwwaat ibn Jubayr, who said, ‘We made camp …’ In the biography of Khuwwaat (may Allaah be pleased with him) in al-Tahdheeb it says: Zayd ibn Aslam reported mursal from him. In al-Isaabah it says that Khuwwaat died in 40 or 42 AH, and in al-Siyar it says that Zayd ibn Aslam died in 136 AH; on this basis there is a break in the isnaad).(11/150)
This is a brilliant study in training and the use of wise strategies to achieve the desired result. We may also learn the following points from this story:
A person who has committed a sin will feel shy of a respected leader when he catches him out.
The way the educator looks at and questions a person – even though it may be very brief – will have a great impact on him.
Not discussing a false excuse at the time of hearing it – even though it is clearly made up – and turning away from the person may be enough to make him realize that his excuse is not acceptable, which will motivate him to repent and apologize. This is what we understand from the phrase “he left.”
The good educator is the one who makes the person who has made a mistake feel too shy of him, so that he tries to hide away from him, but at the same time, his need for him makes him want to come to him. Then the latter takes precedence over the former.
The change of attitude towards the wrongdoer is based – in this case – on the wrongdoer’s admission that he was wrong and his giving up the thing he had done.(11/151)
If the educator or leader is held in high esteem by his companions, then if he rebukes one of them or tells him that he has made a mistake, this will have an effect on him. The leader should pay attention to the interests of others when rebuking one of his companions, so that all may benefit from it. However, this should not mean that he should ignore any negative effect on that particular individual. That can be dealt with and its effects limited in many ways, even though a third party, as al-Mugheerah did when he asked ‘Umar to be a mediator whilst at the same time explaining the situation and affirming how highly the leader thinks of the follower.
38 - Paying attention to things that are inherent in human nature(11/152)
An example of this is the jealousy of women, especially in the case of co-wives, some of whom may make mistakes that, if they were made by anyone else under normal circumstances, would be treated quite differently. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) used to pay special attention to the issue of jealousy among his wives and the mistakes that were made by them as a result, and the patience, justice and fairness with which he handled the matter are plain to see. An example of this is the report narrated by al-Bukhaari (may Allaah have mercy on him) in his Saheeh from Anas, who said: “The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) was with one of his wives when another of the Mothers of the Believers sent a big vessel full of food to him. The wife in whose house the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) was struck the hand of the servant, and the vessel fell and broke in two. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) picked up the pieces and put them together, then he gathered up the food that had been in the vessel and said, ‘Your mother is jealous.’ Then he asked the servant to wait until he was given the vessel belonging to the wife in whose house he was, and he sent the whole vessel to the wife whose vessel had been broken, and kept the broken vessel in the house of the one who had broken it.” (Fath, 5225)(11/153)
According to a report narrated by al-Nisaa'i (Kitaab ‘Ishrat al-Nisaa’), Umm Salamah brought some food in a vessel belonging to her to the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) and his companions, then ‘Aa’ishah came wrapped in a garment, carrying a stone, which she threw and broke the vessel. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) put the two halves back together and said, “Eat, your mother is jealous” twice, then he took ‘Aa’ishah’s vessel and sent it to Umm Salamah, and gave Umm Salamah’s vessel to ‘Aa’ishah.
According to a report narrated by al-Daarimi (Kitaab al-Buyoo’, Baab man kasara shay’an fa ‘alayhi mithluhu) from Anas, he said: “One of the wives of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) sent him a vessel in which was some thareed [a dish of sopped bread, meat and broth], when he was in the house of one of his other wives, who struck the vessel and broke it. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) started to pick up the thareed and put it back into the vessel, saying, ‘Eat, your mother is jealous…’”
Women’s jealousy is an inherent part of their nature, that may cause them to do bad things and prevent them from seeing the consequences of their actions. It was said that when a woman is jealous, she cannot see the bottom of a valley from its top.
Conclusion
Following this exploration of the Sunnah and the methods which the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) used in dealing with people’s mistakes, we should conclude by mentioning the following points:(11/154)
Correcting mistakes is obligatory and very important. It is part of naseehah (giving sincere advice) and forbidding what is evil, but it should be remembered that Islam is not only about forbidding what is evil; we are also commanded to enjoin what is good.
Education and training are not merely the matter of correcting mistakes; they also involve teaching and showing the basic principles of religion and the rules of sharee’ah, and using various methods to establish these concepts firmly in people’s minds and hearts, by example, by exhorting them, by telling stories, by discussing incidents, etc. From this it is clear that some parents and teachers are falling short by confining their efforts only to addressing mistakes without paying due attention to teaching the basics or dealing with mistakes before they happen by instilling that which will protect people from committing mistakes in the first place, or at least reduce their impact.
It is clear from the incidents and stories mentioned above that the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) used different approaches in dealing with different mistakes. This is because circumstances and personalities vary. Whoever understands this and wants to follow suit must compare the situation he is dealing with, with these examples to find the one that most closely resembles it, so that he can determine the most appropriate approach to use.(11/155)
We ask Allaah, may He be glorified and exalted, to guide us and protect us, to make us openers of good and closers of evil, and to guide others through us, for He is the All-Hearing, the Ever-Near, Who answers prayers. He is the Best of supporters and the Best of helpers, and He is the Guide to the Straight Path. May Allaah bless the Unlettered Prophet and all his family and companions. Praise be to Allaah, the Lord of the Worlds.(11/156)
بسم الله الرحمن الرحيم
أخطار تهدد البيوت
مقدمة
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله:
أما بعد.. فإن صلاح البيوت أمانة عظيمة ومسؤولية جسيمة ينبغي على كل مسلم ومسلمة أداؤها كما أمر الله والسير بها على منهج الله، ومن وسائل تحقيق ذلك تطهير البيوت من المنكرات، وهذه تنبيهات على أمور واقعة في بعض البيوت من المنكرات الكبيرة التي أصبحت معاول هدم في محاضن أجيال الأمة، ومصادر تخريب في أكنان الأسرة المسلمة.
وهذه الرسالة في بيان لبعض تلك المنكرات أضيفت إليها تنبيهات على أمور من المحرمات بصيغة نصائح تحذيرية، مهداة لكل من أراد الحق وسلوك سبيل التغيير تنفيذاً لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم في صحيحه 1/69.
وهذه النصائح تفصيل لما سبق إجماله في فصل المنكرات من رسالة أربعون نصيحة لإصلاح البيوت.
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن ينفع بهذه وتلك إخواني المسلمين. والله الهادي إلى سواء السبيل.
المنكرات في البيوت
نصيحة: الحذر من دخول الأقارب غير المحارم على المرأة في البيت عند غياب زوجها:(12/1)
لا تخلو بعض البيوت من وجود أقارب للزوج من غير محارم زوجته، يعيشون معه في بيته لبعض الظروف الاجتماعية، كإخوانه مثلاً، ممن هو طالب أو أعزب، ويدخل هؤلاء البيت دون غرابة، لأنهم معروفون بين أهل الحي بقرابتهم لصاحب البيت، فهذا أخوه أو ابن أخيه، أو عم أو خال، وهذه السهولة في الدخول قد تولد مفاسد شرعية تُغضب الله إذا لم تضبط بالحدود الشرعية، والأصل في هذا حديثه صلى الله عليه وسلم: (إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله ! أفرأيت الحمو، قال: الحمو الموت ) رواه البخاري، فتح الباري 9/330.
قال النووي - رحمه الله -: المراد في الحديث أقارب الزوج غير آبائه أو أبنائه، لأنهم محارم للزوجة يجوز لهم الخلوة بها، ولا يوصفون بالموت، قال: وإنما المراد الأخ وابن الأخ والعم، وابن العم، وابن الأخت وغيرهم ممن يحل لها التزوج بها لو لم تكن متزوجة، وجرت العادة بالتساهل فيه فيخلو الأخ بامرأة أخيه فشبهه بالموت، وهو أولى بالمنع من الأجنبي. فتح الباري 9/331.
وقوله الحمو الموت له عدة معان منها:
أن الخلوة بالحمو قد تؤدي إلى هلاك الدين إن وقعت المعصية.
أو تؤدي إلى الموت إن وقعت الفاحشة، ووجب حد الرجم.
أو إلى هلاك المرأة بفراق زوجها لها إذا حملته الغيرة على تطليقها.
أو المقصود احذروا الخلوة بالأجنبية كما تحذرون الموت.
أو أن الخلوة مكروهة كالموت.
وقيل أي فليمت الحمو ولا يخلو بالأجنبية.
وكل هذا من حرص الشريعة على حفظ البيوت، ومنع معاول التخريب من الوصول إليها، فماذا تقول الآن بعد بيانه صلى الله عليه وسلم في هؤلاء الأزواج الذين يقولون لزوجاتهم: (إذا جاء أخي ولست بموجود فأدخليه المجلس )، أو تقول هي للضيف: (ادخل المجلس وليس معه ولا معها أحد في البيت).(12/2)
ونقول للذين يتذرعون بمسألة الثقة، ويقولون أنا أثق بزوجتي، وأثق بأخي، وابن عمي، نقول: لا ترفعوا ثقتكم ولا ترتابوا فيمن لا ريبة فيه، ولكن اعلموا أن حديثه صلى الله عليه وسلم: (لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما) رواه الترمذي 1171. يشمل أتقى الناس، وأفجر الناس، والشريعة لا تستثني من مثل هذه النصوص أحداً.
إضافة:
الآن وفي أثناء كتابة هذه السطور وردت مشكلة، مفادها أن رجلاً تزوج امرأة فأتى بها إلى بيت أهله، وعاشت معه سعيدة، ثم أصبح أخوه الأصغر يدخل عليها في غياب زوجها ويكلمها بأحاديث عاطفية وغرامية، فنشأ عن ذلك أمران: الأول كرهها لزوجها كرهاً شديداً. والثاني: تعلقها بأخيه، فلا هي تستطيع أن تطلق زوجها، ولا هي تستطيع أن تفعل ما تشاء مع الآخر، وهذا هو العذاب الأليم، وهذه القصة تمثل درجة من الفساد، وتحتها دركات تنتهي بعمل الفاحشة وأولاد الحرام.
نصيحة: فصل النساء عن الرجال في الزيارات العائلية:
الإنسان مدني بطبعه، واجتماعي بفطرته، والناس لا بد لهم من أصدقاء، والأصدقاء لابد لهم من مزاورات.
فإذا كانت الزيارة بين العوائل فلابد من سد منافذ الشر بعدم الاختلاط، ومن أدلة تحريم الاختلاط قوله تعالى: {وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهم} الأحزاب /53.
وإذا تتبعنا الآثار السيئة للجلسات المختلطة في الزيارات العائلية فسنجد مفاسد كثيرة منها:
غالب الناس في مجالس الاختلاط حجابهن معدوم أو مختل فتبدي المرأة الزينة التي نهاها الله عن إبدائها لغير من يحل لها أن تكشف عنده، في قوله تعالى: (ولا يبدين زينتهن ) ويحدث أن تتزين المرأة للأجانب في مجلس الاختلاط مالا تتزين به لزوجها مطلقاً.
رؤية الرجل للنساء في المجلس الواحد سبب لفساد الدين والخلق، والثوران المحرم للشهوات.(12/3)
ما يحدث من التنازع والتقاطع الفظيع، عندما ينظر هذا إلى زوجة ذاك، أو يغمز هذا زوجة ذاك، أو يمازحها ويضاحكها والعكس، وبعد الرجوع إلى البيت تبدأ تصفية الحسابات.
الرجل: لماذا ضحكت من كلمة فلان، وليس في كلامه ما يضحك ؟
المرأة: وأنت لماذا غمزت فلانة ؟
الرجل: عندما يتكلم هو تفهمين كلامه بسرعة، وكلامي أنا لا تفهمينه على الإطلاق ؟
وتتبادل الاتهامات وتنتهي المسألة بعداوات أو حالات طلاق.
يندب بعضهم أو بعضهن حظوظهم في الزواج عندما يقارن الرجل زوجته بزوجة صاحبه، أو تقارن المرأة زوجها بزوج صاحبتها، ويقول الرجل في نفسه: فلانة تناقش وتجيب.. ثقافتها واسعة، وامرأتي جاهلة، ما عندها ثقافة.. وتقول المرأة في نفسها: يا حظ فلانة زوجها أنيق ولبق، وزوجي ثقيل الظل يرمي الكلمة دون وزن، وهذا يفسد العلاقة الزوجية أو يؤدي إلى سوء العشرة.
تزين بعضهم لبعض بما ليس فيهم إدعاء وكذباً، فهذا يصدر الأوامر لزوجته بين الرجال ويتظاهر بقوة شخصيته، وإذا خلا بها في البيت فهو قط وديع، وتلك تستعير ذهباً تلبسه لتري الجلساء أنها تملك كذا وكذا، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور ) رواه البخاري، الفتح 9/317.
ما ينتج عن هذه السهرات المختلطة من ضياع للأوقات، وآفات اللسان، وترك الأولاد الصغار في البيوت (حتى لا تُفسد السهرة بالصياح! ).
وقد تتطور الأمور إلى اشتمال هذه السهرات المختلطة على أنواع عظيمة من الكبائر، مثل: الخمر والميسر، وخصوصاً في أوساط ما يسمى بالطبقة المخملية، ومن الكبائر التي تسري عبر هذه المجالس الاقتداء بالكفار، والتشبه بهم في الزي والعادات المختلفة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من تشبه بقوم فهو منهم ) رواه الإمام أحمد في المسند 2/50 وهو في صحيح الجامع 2828، وكذلك 6025.
نصيحة: الانتباه لخطورة السائقين والخادمات في البيوت:(12/4)
السعي لدرء المفاسد من الواجبات الدينية، وسد أبواب الشر والفتنة من الأولويات الشرعية.
وقد ولج علينا من باب الخدم والسائقين كثير من الفتن والمعاصي، وكثير من الناس لا ينتبهون، وإذا انتبهوا لا يتعظون، وربما لدغ أحدهم مراراً من جحر واحد ولا يتألم، ويسمع أن قارعة حصلت قريباً من داره ولا يتعلم، وهذا من ضعف الإيمان وبلادة حس مراقبة الله في قلوب كثير من أهل هذا الزمان، وفي هذه العجالة نبين بعض مساوئ وجود الخادمات والسائقين في البيوت حتى تكون تذكرة لمن كان له قلب أو أراد أن يسلك في بيته مسلك الإحسان.
فتنة الإغراء والإغواء التي تحصل من الخادمات للرجال في البيوت وخصوصاً الشباب منهم، بوسائل التزين والخلوة، وتتوالى القصص في أسباب انحراف بعض الشباب، والسبب: دخلت عليه أو انتهز خلو البيت فجاء إليها، وبعضهم يصارح أهله ولا من مجيب، أو يكتشف بعض الأهل شيئاً فيأتي جواب عديم الغيرة (يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين ) وتُترك النار بجانب الوقود، والوضع هو هو لم يتغير، ولقد وصل الأمر أيضاً ببعض الخادمات إلى نقل الشذوذ لبعض الفتيات في البيوت.
- تخلي ربة الأسرة الأصلية عن واجباتها ونسيانها لمهامها، وتعوديها الكسل، فإذا سافرت الخادمة كان العذاب الأليم.
- سوء تربية الأبناء المتمثل في أمور منها:
نقل معتقدات كفرية إلى الأطفال من الخادمات الكافرات، النصرانيات والبوذيات، وقد وُجد أطفال يؤشرون بعلامة التثليث على الرأس وجانبي الصدر، كما يرون النصرانية تصلي، وتقول للطفل: هذه الحلوى من المسيح، ويرى الطفل الخادمة تصلي إلى تمثال بوذا، وأخرى تحتفل بأعياد قومها، وتنقل الفرح بذلك إلى أطفالنا، فيعتادون المشاركة في أعياد الكفرة.
حرمان الطفل من حنان أمه اللازم في تربيته، واستقرار نفسيته، ولا يمكن للخادمة تعويض من ليس بولدها هذا الحنان.(12/5)
تشويه لغة الطفل العربية بما يشوبها من الكلمات الأجنبية فينشأ بمركب نقص يضره أثناء العملية التعليمية.
- الإرهاق المالي الذي يحصل لبعض أرباب الأسر برواتب ونفقات السائق والخادمة.
ثم النزاعات العائلية التي تحصل في شأن من يدفع تلك النفقات ؟ وخصوصاً بين الزوج وزوجته الموظفة، ولو جلست المرأة لتعمل في بيتها بدلاً من العمل خارج البيت، لكفيت شراً كثيراً.
والحقيقة أننا في كثير من الأحيان، نوجد مشكلات بأنفسنا !! ثم نطلب لها حلاً، وكثيراً ما تكون الحلول غير حاسمة.
إن التعود على الخادمات قد أفرز أنواعاً من الاتكالية والسلبية في الشخصيات.
وأخرى تشترط خادمة في العقد وثالثة تنوي أخذ خادمة أهلها معها بعد الزواج، وبالتالي فقدت بناتنا القدرة على الاستقلال بشئون البيت مهما كان صغيراً.
- ولما جلبت ربات البيوت الخادمات صار لديهن وقت كثير لا يدرين كيف يقضينه، فصارت المرأة تنام كثيراً، ثم لا تقر في بيتها من كثرة ذهابها إلى مجالس الغيبة والنميمة وضياع الوقت، والنهاية حسرة يوم القيامة.
- الإضرار بأهل البيت بأمور منها:
السحر والشعوذة التي تفرق بين الرجل وزوجته، أو تضر بعافية الأبدان.
الإضرار بممتلكات أصحاب البيت بما يحصل من السرقات.
تشويه سمعة أهل البيت فكم من بين شريف كريم تحول خلال غياب أصحابه إلى وكر للفاحشة والفساد، ولابد أنك سمعت عن بعض الخادمات اللاتي يستقبلن رجالاً في بيوت غاب أصحابها.
الكفر فيه مخالفة صريحة لنهيه صلى الله عليه وسلم عن دخول الكفار لجزيرة العرب خصوصاً وأن الوضع ليس فيه ضرورة كما ترى مع إمكان الإتيان بالمسلمين عند- تقييد حرية الرجال (الذين يخافون الله ) داخل البيت وكذلك الدعاة الذين يحاولن إصلاح أهليهم.(12/6)
ما يحصل من خلوة المرأة بالسائق الأجنبي في البيت أو السيارة، وعدم تحفظ النساء من الخروج بالزينة والطيب أمامه، حتى كأنه أحد المحارم أو أقرب، وكثرة المحادثات والمشاوير تسقط الحواجز النفسية فيقع المحظور، والوقائع المتكاثرة في المجتمع تدل أولي الألباب على خطورة الأمر.
جلب الخدم والسائقين من شتى ملل الحاجة، فكيف إذا أضيف إلى هذا ما يحدث من تقوية اقتصاديات الكفار بتحويلات مرتبات أولئكم الكفرة من السائقين والخادمات، مع أن المسلمين أولى وأحرى، وتبلد إحساس المسلم بكثرة مخالطة هؤلاء الكفار يقضي تدريجياً على مفهوم الولاء والبراء في النفس، أضف إلى ذلك الدور البشع لبعض الذين لا يخافون الله من أصحاب مكاتب الاستقدام الذين يخبرونك بعدم وجود مستخدمين مسلمين، أو القيام بعمليات الخداع والتمويه، ليكشف بعض أرباب البيوت بعد وصول السائق أو الخادمة الموسومين بالإسلام في الأوراق الرسمية أن المسألة كذب في تزوير، وأن التمثيلية قد بدأت من البلد الذي قدم منه المستخدم بتلقينه بعض الكلمات الإسلامية التي يتظاهر بها أمام أهل البيت زوراً.
ما يحصل من تفسخ الأسرة بسبب علاقة صاحب البيت بالخادمة وانظر في الواقع وفكر كم نسبة حوادث الطلاق التي حصلت بسبب الخادمة ؟
وكم خادمة حملت سفاحاً ؟
ثم سائل أقسام الولادة بالمستشفيات، وسجلات مراكز الشرطة عن المشكلات الناتجة عن أولاد الحرام بسبب الفتنة بالخادمات، ثم حاول أن تدرك نطاق الأمراض السارية التي انتقلت إلى مجتمعنا من جراء ذلك، لتعلم حجم الدوامة التي نحن فيها بسبب جلب الخادمات إلى البيوت.
ثم فكر في التصور الذي يأخذه هؤلاء الخدم والسائقين عن الدين الإسلامي، وهم يرون ويعاينون تصرفات المنتسبين إليه، واسأل نفسك أي عائق وضعناه أمامهم، وأي صد عن سبيل الله قد فعلناه بهم، وهل يمكن أن يدخل هؤلاء في دين هذا حال من يزعمون أنهم حملته ؟!(12/7)
ومن أجل الأسباب المتقدمة وغيرها، رأى بعض أهل العلم عدم جواز جلب الخادمات على الوجه الحاصل الآن، وأنه يجب حسم مادة الفتنة وإغلاق منافذ الشر أنظر فتوى الشيخ محمد صالح العثيمين بشأن هذه القضية.
وحتى نكون مسترشدين بقوله تعالى: (وإذا قلتم فاعدلوا ) فلا بد أن نشير إلى ما يلي:
أولاً: لا ننكر أن عدداً من الخدم والسائقين الكفرة قد أسلموا وحٌسن إسلام بعضهم نتيجة ما رأوه من بعض مظاهر الإسلام في بعض البيوت، أو نتيجة لشيء من الجهود المخلصة - القليلة مع الأسف - التي بذلت في دعوتهم إلى الله.
ولا ننكر أن بعض الخدم والسائقين مسلمون حقاً، ربما أكثر من أهل البيت، وسمعنا عن الخادمة التي تضع مصحفاً فوق رف المطبخ لتقرأ فيه وقت فراغها من العمل، والسائق المسلم الذي يصلي الفجر في المسجد قبل رب البيت.
ثانياً: لن نتجاهل الحاجة الماسة التي تقع أحياناً لبعض الناس من ضرورة وجود من يخدم في البيت الواسع، مع كثرة الأولاد أو وجود مرضى مزمنين وأصحاب عاهات، أو عمل شاق قد لا تطيقه الزوجة وحدها، لكن السؤال أيها المسلمون: من الذي يطبق الشروط الشرعية ويراعي الاحتياطات الدينية في جلب الخدم والسائقين ؟ وكم عدد الذين سيأتون بسائق وزوجته (الحقيقية !) ويضمن عدم خلوة إحدى نسائه بالسائق، وعدم خلوة أحد الرجال بالخادمة ؟ ثم يأمر الخادمة بالحجاب، ولا يتعمد النظر إلى زينتها، وإذا جاء إلى البيت وليس فيه إلا الخادمة فلن يدخل، وأن لا يقبل إلا مستخدمين مسلمين حقاً.. الخ(12/8)
ومن أجل ذلك فإنه لابد لكل من عنده أحد من هؤلاء في بيته أن يتأكد أنه موجود لحاجة شرعية فعلاً، وأن وجوده بالشروط الشرعية حقاً، وإن في قصة يوسف عليه السلام، لعبرة في هذا الموضوع، وفيها دلالة واضحة على الفتنة التي تحصل بوجود الخدم والسائقين في البيت وأن الشر قد يحصل من أهل المنزل ابتداءً مع كون الخدم ممن يخاف الله. {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ } يوسف/23.
ونقول للذين يشكون من ظروف صعبة في بيوتهم من جهة الخدمة يمكنكم عمل ما يلي:
شراء الطعام الجاهز من السوق، استعمال الأواني الورقية وكذا استخدام المغاسل بالأجرة، وتنظيف البيت بعمال يشرف عليهم الرجل، والاستعانة بالأقارب لرعاية الأولاد يكون حلاً سريعاً في أوقات الحاجة، كأن تكون الزوجة مثلاً نفساء في فراشها.
فإن لم يف ذلك بالغرض يمكن الاستعانة بخادمة مؤقتة بالشروط الشرعية، يتم الاستغناء عنها حال انتهاء الحاجة إليها مع ما في هذا الحل من المخاطر.
الأفضل أن تكون خادمة بالساعة، مثلاً تقوم بمهمتها ثم تغادر البيت، وعلى أية حال الضرورة تقدر بقدرها.
وقد طال الحديث في هذه الفقرة لعموم البلاء بها في هذا المجتمع، وقد يختلف الأمر في مجتمعات أخرى، وقبل أن نغادر الموضوع نذكر بأمور من تقوى الله.
كل من لديه أسباب فتنة في بيته من هؤلاء وغيرهم أن يتقي الله ويخرجهم من البيت.
على كل من يظن أنه سيضع ضوابط شرعية للإتيان بالخدم أن يتقي الله، ويعلم أن كثيراً من هذه الضوابط تتلاشى بمرور الزمن.
على كل من يوجد عنده مستخدم كافر في أرض الجزيرة أن يعرض عليه الإسلام بالأسلوب الحسن، فإن أسلم وإلا أخرجه وأعاده من حيث أتى.(12/9)
وأخيراً نختم موضوع الخدم والسائقين بذكر هذه القصة التي فيها عبر عظيمة في خطورة المستخدمين في البيوت، وفي التحاكم إلى الكتاب والسنة، ورفض كل حكم يُخالف الشريعة، وسؤال أهل العلم، وتطهير المجتمع الإسلامي بالحدود الشرعية:
عن أبي هريرة وزيد بن خالد رضي الله عنهما قالا: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقام رجل فقال: أنشدك الله إلا ما قضيت بيننا بكتاب الله، فقام خصمه وكان أفقه منه، فقال: اقض بيننا بكتاب الله وائذن لي قال: قل، قال: إن ابني هذا كان عسيفاً (أي أجيراً ويطلق على الخادم ) على هذا فزنى بامرأته فافتديت منه بمائة شاة وخادم، (دفعها كتعويض له عما لحق بعرضه ) ثم سألت رجالاً من أهل العلم فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام (لأنه غير محصن ) وعلى امرأته الرجم (لأنها محصنة وراضية ) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله، المائة شاة والخادم رد (أي مردودة عليك ) وعلي ابنك جلد مائة وتغريب عام، واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها " فغدا عليها فاعترفت فرجمها. رواه البخاري الفتح 12/136.
تنبيه: ومما يسوء كل مسلم غيور على حرمات الله ما يحدث في بعض البيوت من دخول عمال النظافة والصيانة على النساء وهن بلباس النوم والبيت، فهل يظن أولئك النسوة أن مثل هؤلاء ليسوا رجالاً أمر الله بالاحتجاب عنهم ؟!
ومن المنكرات كذلك ما يحدث في بعض البيوت من تدريس الرجال الأجانب للفتيات البالغات، وتدريس بعض النساء للأولاد البالغين دون حجاب.
نصيحة: أخرجوا المخنثين من بيوتكم
قال البخاري رحمه الله تعالى باب إخراج المتشبهين بالنساء من البيوت وساق حديث ابن عباس قال: لعن النبي صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء، وقال: أخرجوهم من بيوتكم قال: فأخرج النبي صلى الله عليه وسلم فلاناً وأخرج عمر فلانة. رواه البخاري في كتاب اللباس باب 62، الفتح 10/333.(12/10)
ثم ساق حديث أم سلمة الذي أورده في باب: (ما ينهى من دخول المتشبهين بالنساء على المرأة ) ونصه: عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عندها، وفي البيت مخنث فقال: المخنث لأخي أم سلمة عبد الله بن أبي أمية إن فتح الله لكم الطائف غداً أدلك على ابنة غيلان فإنها تقبل بأربع وتُدبر بثمان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يدخلن هذا عليكم ) رواه البخاري باب 113 الفتح 9/333.
أما تعريف المخنث: فهو من يشبه النساء في خلقته، أو حركاته وكلامه، وغير ذلك، فإذا كان من أصل الخلقة فلا لوم عليه مع أنه يجب عليه أن يسعى ما استطاع لتغير هذا التشبه، وإن كان يتشبه بالنساء عمداً فيسمى مخنثاً سواء فعل الفاحشة أو لا.
وهذا المخنث – الذي بمثابة الخادم – كان يدخل إلى أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه معدود من غير أولي الإربة من الرجال.
فلما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم من هذا الشخص التدقيق في وصف النساء، وأنه يصف امرأة بأن لها أربع عكن من الأمام (وهو ما تثنى من لحم البطن نتيجة السمنة ) وثمان عكن من الخلف (أربع من كل جانب ) أمر بإخراجه ومنعه من الدخول إلى حجر نسائه، وذلك لأنه يأتي منه مفاسد مثل احتمال أن يصف النساء اللاتي يراهن للأجانب، أو أن يتأثر أهل البيت به فيحصل للنساء تشبه بالرجال، أو للرجال تشبه بالنساء مثل التكسر في المشي والخنوع في الصوت أو يؤدي للوقوع في منكرات أبعد من ذلك.
وبعد هذا نتساءل اليوم ونحن نرى كثيراً من أشباه الرجال أو أشباه النساء في هؤلاء الخدم، وخصوصاً الكفار الموجودين في بيوت المسلمين، والذين نعلم يقياً آثارهم السيئة على أولاد وبنات المسلمين، بل لقد ظهرت طبقة تعرف بالجنس الثالث من شباب يضعون أدوات الزينة ويلبسون ملابس النساء، فما أعظم الرزية وما أشد البلية في أمة يراد منها أن تكون أمة جهاد !!(12/11)
وإذا أردت المزيد من محاربته صلى الله عليه وسلم لهذا الجنس وغيرة الصحابة على مثل هذا الوضع، فتدبر هذا الحديث: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بمخنث قد خضب يديه ورجليه (أي صبغها بالحناء كالنساء )، فقيل يا رسول الله ! هذا يتشبه بالنساء، فنفاه إلى البقيع (عقاباً له في مكان غربة ووحشة، وحماية لغيره ) فقيل ألا تقتله، فقال: (إني نهيت عن قتل المصلين ) رواه أبو داود 4928 وغيره وأنظر صحيح الجامع 2502
نصيحة: احذر أخطار الشاشة:
لا يكاد يخلو بيت في هذا الزمان من نوع أو أنواع من الأجهزة المحتوية على شاشات، والقليل من استخدامات هذه الأجهزة مفيد جيد، والأكثر ضار مدمر وخصوصاً آلات عرض الأفلام، ومع وصول البث المباشر إلى ديار المسلمين، وانتشار بيع الأفلام وتبادلها صارت مسألة التحكم في هذه الأجهزة شبه مستحيلة.
وفيما يلي ذكر الأضرار والمفاسد الناتجة عن مشاهدة هذه الأجهزة، وسيسعى للتغير بعد تأملها كل من أراد رضى الله واجتناب سخطه:
عقائدياً:
إظهار شعائر أهل الكفر ورموز أديانهم الباطلة، كالصليب، وبوذا، والمعابد المقدسة، وآلهة الحب والخير والشر، والظلام والنور والشقاء والمطر، وهكذا الأفلام التبشيرية الداعية إلى تعظيم دين النصارى والدخول فيه.
الإيحاء بقدرة بعض الخلق على مضاهاة الله في الخلق والإحياء والإماتة، مثل بعض المشاهد المتضمنة لإحياء ميت باستخدام صليب أو عصا سحرية.
نشر الدجل والخرافة والشعوذة والسحر، والعرافة والكهانة، المنافية للتوحيد.
ما ينطبع في حس المتفرج من توقير ممثلي الأديان الباطلة، كالأب والقسيس، والراهبة التي تداوي المرضى وتفعل الخير !
في كثير من التمثيليات حلف بغير الله، وتلاعب بأسماء الله كما سمى أحدهم الآخر مرة عبد القيساح.
التشكيك في قدرة الله أو خلقه، أو تصوير الحياة على أنها صراع بين الله والإنسان.(12/12)
القضاء على مفهوم البراءة من أعداء الله في نفوس المشاهدين بما يرونه من أمور تبعث على الإعجاب بشخصيات الكفار ومجتمعاتهم، وكسر الحواجز النفسية بين المسلم والكافر، فإذا زال البغض في الله بدأ التشبه والتلقي عن هؤلاء الكفرة.
اجتماعياً:
الإعجاب بشخصيات الكفرة عند عرضهم أبطالاً في الأفلام.
الدعوة إلى الجريمة، بعرض مشاهد العنف والقتل والخطف والاغتصاب.
تكوين العصابات على النمط المعروف في الأفلام للاعتداء والإجرام، وإصلاحيات الأحداث والسجون شاهدة على آثار الأفلام في هذا المجال.
تعليم فن السرقة والاحتيال والاختلاس والتزوير، وقبض الرشاوي وغيرها من الكبائر.
الدعوة إلى تشبه النساء بالرجال، والرجال بالنساء، في مخالفة واضحة لحديثه صلى الله عليه وسلم في لعن من فعل ذلك، فهذا رجل يقلد امرأة في صوتها ومشيتها، وقد يلبس الشعر المستعار، والحلي ويضع الأصباغ وأدوات الزينة، وتلك امرأة تضع لحية أو شارباً مستعاراً وتخشن صوتها، وهذا من أسباب نشر الميوعة في المجتمع وظهور الجنس الثالث.
بدلاً من النبي والصحابي والعالم والمجاهد، صار القدوة الممثل والمغني، والراقصة واللاعب.
زوال الشعور بالمسؤولية تجاه الأسرة، واللامبالاة بالطلبات المهمة والولد المريض، لأن رب السرة متسمّر أما الجهاز وقد يضرب الولد ضرباً مبرحاً إذا قطع على الأب خلوته بالفيلم.
تمرد الأبناء على الأباء التي تدعو إلى ذلك، وعندما أصرَّ أحدهم على قبض ثمن السلعة من أبيه ذكّره الأب بحقه عليه، فقال الولد في التمثيلية أبي يعني تسرقني، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: " أنت ومالك لأبيك ". رواه أبو داود 3530
قطع الرحم بانشغال المشاهدين بالأفلام عن الزيارات العائلية، وإن زاروا فلا يتبادلون الأحاديث المفيدة، ولا يتداولون حلول المشكلات العائلية بقدر ما يتحلّقون حول الشاشة صامتين.
الانشغال عن إكرام الضيف.(12/13)
إشاعة الكسل والخمول، وتعطيل الإنتاج بما تستهلكه هذه الأجهزة من أوقات المسلمين.
نشوء الخلافات الزوجية، والكره المتبادل، وظهور الغيرة المذمومة، فهذا رجل يتغزّل بأوصاف امرأة على الشاشة أما زوجته، وهي ترد عليه بذكر محاسن المذيع والممثل.
ذهاب الغيرة المحمودة من استمراء النظر إلى مشاهد الاختلاط، وكشف الزوجة على الأجانب، وسفور البنات والأخوات، والتأثر بالدعوة إلى تحرير المرأة.
أخلاقياً:
إثارة الشهوات بعرض مناظر النساء للرجال، وأشكال الرجال الفاتنين للنساء.
دعوة المجتمع إلى إظهار العورات بأنواع الملابس الفاضحة واعتياد الظهور بها.
الدعوة إلى إقامة العلاقات بين الجنسين وتعليم المشاهد كيفية التعرف، وما هي الكلمات المتبادلة في البداية، ووسائل تطوير العلاقة المحرمة، وتبادل أحاديث الحب والغرام وتشابك الأيدي … الخ.
الوقوع في الزنا والفاحشة بفعل الأفلام التي تعرض ذلك، حتى أن بعضهم يقلّد ما يحدث في الفيلم مع بعض محارمه والعياذ بالله، أو يمارس عادات سيئة أثناء عرض هذه الأفلام.
تعليم النساء أنواع الرقص مما فيه إظهار للعورات وإغراء للرجال، وهذا من أنواع الميوعة والانحلال.
اكتساب الشخصية الهزلية، وانحسار الجدية، بالإضافة إلى الضحك الكثير المفسد للقلب بفعل أفلام " الكوميديا ".
شيوع الألفاظ البذيئة مما يستخدم في كثير من الأفلام والتمثيليات.
تعبدياً:
تضيع صلاة الفجر من جراء السهر على مشاهدة ما يعرض في الشاشة.
التأخر عن أداء الصلوات في أوقاتها فضلاً عن أدائها في المساجد للرجال بسبب تعلق القلب بالمسلسل أو الفيلم أو المباراة.
التسبب في بُغض بعض الشعائر التعبدية، كما يحدث لبعضهم إذا قطعت المباراة المثيرة بتوقف لأداء الصلاة.
إنقاص أجر بعض الصائمين، أو ذهابه بالكلية بذنوب هذه المشاهدات المحرّمة.
الطعن في بعض ما جاءت به الشريعة من أحكام كالحجاب وتعدد الزوجات.
تاريخياً:(12/14)
تشويه التاريخ الإسلامي، وطمس الحقائق، وإهمال ذكر منجزات المسلمين في الأفلام التي تحكي تاريخ البشرية.
تحريف الحقائق التاريخية الثابتة، بإظهار الظالم على أنه مظلوم، وهكذا كالزعم بأن اليهود أصحاب قضية عادلة.
التقليل من شأن أبطال الإسلام في أعين المشاهدين لبعض التمثيليات التي تمثل فيها أدوار الصحابة وقادة الفتح الإسلامي والعلماء، وتظهر فيها هذه الشخصيات بهيئة مبتذلة، والممثلون في الأصل فسقة وفجرة، وتختلط بالتمثيلية مشاهد غرامية.
إيقاع المسلمين تحت وطأة الهزيمة النفسية، وإشاعة الرعب في قلوبهم، بما يعرض من أنواع الآلة الحربية المتقدمة لدى الكفار فيحسّ المسلم أنه لا يمكن هزيمة هؤلاء.
نفسياً:
اكتساب العنف والطبع العدواني من مشاهدة أفلام العنف والمصارعة، ومشاهد الدماء والرصاص والأسلحة الحادة.
إشاعة الخوف في نفوس مشاهدي أفلام الرعب حتى أن أحدهم ليهب من نومه مذعوراً فزعاً، وهو يصرخ مما رآه في نومه نتيجة مشهد علق في مخيلته.
إفساد واقعية الأطفال وغيرهم بعض المشاهد المنافية للواقع، ولما جعله الله من النتائج المترتبة على الأسباب، ومن أمثلة ذلك بعض ما يعرض في أفلام الكرتون، وهذه اللاواقعية تؤثر على التصرفات في الحياة العملية.
صحياً:
الإضرار بحاسة البصر، وهي نعمة سيسأل عنها العبد !
تسارع ضربات القلب، وارتفاع الضغط والتوتر العصبي ونحوه عند مشاهدة أفلام الرعب وسفك الدماء !
السهر المضر براحة الجسد، الذي سيسأل العبد عنه يوم القيامة فيم أبلاه ؟
ما يحدث من أضرار بأجساد الأطفال الذين يقلدون السوبرمان والرجل الحديدي وغيرهما، والكبار الذين يقلدون الملاكمين والمصارعين.
مالياً:
صرف المبالغ في شراء الأجهزة والأفلام وأجرة الإصلاح، وأجهزة التحسين والاستقبال، وهذا المال سيسأل عنه العبد يوم القيامة فيم أنفقه ؟ !(12/15)
مسارعة الكثير من الناس إلى شراء كماليات لا يحتاجون إليها، وتنافس النساء في شراء الأزياء من جراء ما يعرض في الشاشة من المشاهد والدعايات.
نصيحة: الحذر من شر الهاتف
الهاتف من المخترعات المفيدة، ومن حاجات العصر الحديث. فهو يوفر الأوقات، ويقصر المسافات، ويصلك بجميع الجهات، ويمكن أن يستخدم في الأعمال الصالحات، كالإيقاظ لصلاة الفجر، أو سؤال شرعي، واستحصال فتوى ومواعدة أهل الخير، وصلة الرحم، ونُصح المسلمين.
ولكنه في الوقت نفسه وسيلة لأمور من الشر عديدة، وكم كان الهاتف سبباً لتدمير بيوت بأسرها، وإدخال الشقاء والتعاسة على سكانها أو جرِّهم وجرِّهنَّ إلى مهاوي الرذيلة والفساد ! وتكمن الخطورة في سهولة استخدامه، وأنه منفذ مباشر من خارج البيت إلى داخله.
ومن استخدامه في الشر:
ما يحدث بواسطته من المعاكسات المزعجة.
تعرف المرأة بالرجل الأجنبي، وتطور العلاقة، قال لي شاب قد هداه الله إلى طريق التوبة: قلما تعرف شاب بفتاة بالهاتف إلا خرجت معه في النهاية، وما يحدث بعد ذلك من دركات الفواحش المتفاوتة لا يعلمه إلا الله.
ما يحدث فيه من إفساد المرأة على زوجها أو الزوج على زوجته، أو تأليب الأب على أولاده، وبناته والعكس، وذلك نتيجة مكالمات من النمامين والمخربين مبنية على الحسد وحب الشر والتفريق.
ضياع الأوقات في المحادثات التافهة المسببة لقسوة القلب، والالتهاء عن ذكر الله، وخصوصاً بين النساء، فتجد المرأة فيه متنفسها.
ومن الحلول في قضايا الهاتف:
متابعة ووعظ من يسيء استعماله من داخل البيت وخارجه.
الحكمة في الرد.
إذا جاءنا خبر في مكالمة من مجهول عرضناها على كتاب الله عز وجل ونفذنا أمر الله (فتبيَّنوا ).
والتربية الإسلامية كفيلة بجعل استخدام هذا الجهاز صحيحاً إذا غاب الولي والراعي.
وآخر الدواء الكي بفصل الحرارة إذا صار إثمه أكبر من نفعه.(12/16)
نصيحة: يجب إزالة كل ما فيه رمز الأديان الكفار الباطلة أو معبوداتهم وآلهتهم.
عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يترك في بيته شيئاً فيه تصاليب إلا نقضه. رواه البخاري، فتح الباري 10/385 باب نقض الصور.
وقد بلينا في هذا الزمان بمصنوعات جاءتنا من بلاد الكفار فيها تصاوير ونقوشات، ورسومات لآلهتم ومعبوداتهم، ومن ذلك الصليب بأشكاله المتنوعة، وصور مريم وعيسى، أو صور الكنائس وتماثيل بوذا، وآلهة الإغريق كآلهة الحب، وآلهة الخير والشر، وهكذا.
وبيت المسلم الموحد لا يصلح أن يكون فيه رموز للشرك الذي ينافي التوحيد، بل ينقضه من أساسه، ولذلك كان عليه الصلاة والسلام ينقض الصلبان إذا رآها في بيته، والنقض هو الإزالة سواء بالطمس إذا كانت مرسومة أو منقوشة، أو الحك والتلطيخ بما يغير هيئتها أو اقتلاعها وإزالتها بالكلية.
وليس هذا من الغلو في الدين، لأن الذي نهى عن الغلو هو الذي فعل ذلك صلى الله عليه وسلم ولأجل ذلك ينبغي على أهل البيت إذا أرادوا شراء الأواني والفرش وغيرها أن يحذروا من مثل هذا الرموز للأديان الباطلة التي تنافي التوحيد على أننا ننبه إلى أهمية الاعتدال في هذا الأمر فما لم يكن الشكل واضحاً في كونه صليباً مثلاً فلا يجب تغييره.
نصيحة: إزالة صور ذوات الأرواح
يعمد كثير من الناس إلى تزيين بيوتهم بصور تعلق على الجدارن أو تماثيل توضع على أرفف في بعض زوايا البيت، وكثير من هذه الصور المجسمة وغير المجسمة تكون لذوات أرواح كإنسان أو طير أو دابة ونحو ذلك.(12/17)
وأقوال المحققين من أهل العلم ظاهرة في تحريم صور ذوات الأرواح سواء كانت نحتاً أو رسماً أو مأخوذة بالآلة ما دامت ثابتة ليست كصورة المرآة أو الصورة في الماء، وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في لعن المصورين وتهديدهم بتكليفهم ما لا يطيقون من نفخ الروح فيها يوم القيامة يشمل كل عامل في حقل التصوير ما لم يكن من باب الإعانة على الضرورة والحاجة كصور الإثباتات الشخصية اللازمة أو تتبع المجرمين ونحو ذلك.
وتعليق صور ذوات الأرواح فيه إثم آخر لأن ذلك يفضي إلى تعظيم صاحب الصورة، وقد يؤدي إلى الوقوع في الشرك كما حصل في قوم نوح وأقل ما في تعليق من الأضرار تجديد الأحزان أو التباهي والتفاخر بالآباء والأجداد فلا يقل أحد من الناس نحن لا نسجد للصورة، ومن أراد أن يحرم نفسه من الخير العظيم بدخول الملائكة بيته فليضع الصورة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن البيت الذي فيه صور لا تدخله الملائكة ) رواه البخاري 4/325.
ولقد جاء في النهي عن التصوير عدة أحاديث فمنها:
(إن أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة المصورون ) رواه البخاري 1/382. وحديث عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يُقال لهم أحيوا ما خلقتم ) رواه البخاري 1/382.
وحديث أبي هريرة أنه دخل داراً بالمدينة فرأى في أعلاها مصوراً يصور (ينقش الصور في حيطان الدار التي تُبنى ) قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا حبة فليخلقوا ذرة ) رواه البخاري 1/385.
وحديث أبي جحيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المصور رواه البخاري 1/393.
وإليك أيها القارئ الكريم مزيداً من الإيضاح حول هذه المسألة في كلام أهل العلم.
جاء في شرح حديث لا تدخل الملائكة بيتاً: (المراد بالبيت المكان الذي يستقر فيه الشخص، سواء كان بناءً أو خيمة أم غير ذلك ) فتح الباري 1/393.(12/18)
أما الصور التي تمنع الملائكة عن الدخول بسببها فهي صور ذوات الأرواح مما لم يقطع رأسه أو لم يمتهن الفتح 1/382 (أي يُهان ويُحتقر بالوطء عليها وغيره ) وصنع صور ذوات الأرواح فعل محدث أحدثه عباد الصور، وما يُشعر بذلك فعل قوم نوح، وحديث عائشة في قصة الكنيسة التي كانت بأرض الحبشة، وما فيها من التصاوير وأنه صلى الله عليه وسلم قال: (كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصورة، أولئك شرار الخلق عند الله ) الفتح 1/382.
ويضيف ابن حجر رحمه الله:
(قال النووي: قال العلماء: تصوير صورة الحيوان (ذوات الأرواح ) حرام شديد التحريم، وهو من الكبائر، لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد، وسواء صنعه لما يمتهن أم لغيره، فصنعه حرام بكل حال، وسواء كان في ثوب أو بساط أو درهم أو دينار أو فلس أو إناء أو حائط أو غيرها، فأما تصوير ما ليس فيه صورة حيوان فليس بحرام.
قلت: ويؤيد التعميم فيما له ظل وفيما لا ظل له ما أخرجه أحمد من حديث على أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أيكم ينطلق إلى المدينة فلا يدع بها وثناً إلا كسره، ولا صورة إلا لطخها أي طمسها ) الحديث فتح الباري 1/384
وقد كان صلى الله عليه وسلم حريصاً على تطهير بيته من الصور المحرمة، وهذا مثال على ذلك: تحت عنوان من لم يدخل بيتاً فيه صورة روى البخاري رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها أنها اشترت نمرقة (وسادة ) فيها تصاوير، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخل، فعرفت في وجهه الكراهية، قالت: يا رسول الله ! أتوب إلى الله وإلى رسوله ماذا أذنبت ؟ قال: (ما بال هذه النمرقة ؟ ) فقالت: (اشتريتها لتقعد عليها وتوسدها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم ) وقال: (إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة ) فتح الباري 1/392.(12/19)
وقد يقول البعض: ولماذا الإطالة في هذا الموضوع ؟ فنقول: لقد دخلنا بيوتاً وغرفاً فوجدنا صور المغنين وغيرهم، وبعضها عارية أو شبه عارية، معلقة على الجدران والمرايا والخزائن والأدراج والطاولات، ينظر إليها صاحبها صباح مساء، وصار بعضهم يقبل الصورة، ويتخيل أموراً منكرة !! فصارت الصورة من أعظم وسائل الانحراف، وتبين لأولي الألباب شيئاً من حكمة الشارع في تحريم صور ذوات الأرواح.
ولابد في ختام هذه الفقرة أن نشير إلى ما يلي:
يقول بعض الناس: إن الصور اليوم غزتنا في كل شيء في المعلبات الغذائية، والكتب والمجلات والدفاتر، وإذا أردنا طمس كل صورة فسنضيع أوقاتنا في ذلك، فماذا نفعل ؟
نقول: احرص على شراء ما خلا من الصور – إن أمكن – والباقي: يطمس ظاهراً كالصورة على الغلاف، ويبقى الكتاب يستفاد منه، وإذا انتهت الفائدة كالجرائد وغيرها تخرج من البيت، وما يتعذر طمسه كالصورة على المعلبات الغذائية مثلا، فلا حرج إن شاء الله في تركه كما ذكره أهل العلم لأنه دخل فيما عمت به البلوى والمشقة تجلب التيسير.
إن كان ولابد من تعليق شيء لتزيين الجدران فليكن بعض المناظر الطبيعية أو صور المساجد والمشاعر الخالية من المحذورات الشرعية.
على من يعلقون الآيات القرآنية وغيرها أن ينتبهوا إلى أن القرآن لم ينزل لتزين به الجدران، وأن من العبث تصوير الآيات على هيئة رجل ساجد أو طير ونحو ذلك، وأن لا يقع من الشخص في المجلس محظورات شرعية تخالف الآية المعلقة فوق رأسه.
نصيحة: امنعوا التدخين في بيوتكم
يكفي دليلاً على تحريم التدخين (بالنسبة للعقلاء ) قول الله تعالى: (ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ) سورة الأعراف/157 فقسم الله المطعومات والمشروبات إلى قسمين لا ثالث لهما طيبات مباحة وخبائث محرمة، ومن الذي يجرؤ أن يقول اليوم إن التدخين طيب، بالنظر إلى رائحته والأموال التي تصرف فيه والأضرار الجسدية والمادية الناتجة عنه.(12/20)
والبيت الصالح ليس فيه ولاعات سجائر ولا منافض للسجائر، لا من الدعايات المجانية ولا غيرها فضلاً عن الشيشة ومشتقاتها.
فإذا خشيت من التدخين في بيتك فضع ملصقات للتلميح، فإن رأيت أحداً يريد ارتكاب المنكر أمامك فليس لك بد في منع وقوعه بالأسلوب المناسب.
نصيحة: إياكم واقتناء الكلاب في البيوت
مما وصلنا من جملة ما وصلنا من عادات الكفار اقتناء الكلاب في البيوت، وعدد من الذين تطبعوا بطباع الكفرة في مجتمعنا يجعلون في بيوتهم كلاباً يشترونها بمبالغ وثمن الكلب حرام من حديث رواه الإمام أحمد 1/356 وهو في صحيح الجامع 3071. وينفقون في طعامها ونظافتها أموالاً سيسألون عنها يوم القيامة، حتى صار من شعار بيوت كثير من الأثرياء وكبار الموظفين وجود كلب في البيت، ولعاب الكلب نجس، وهو يلعق أهل المنزل وأمتعتهم، ولو ولغ الكلب في إناء لوجب غسله سبع مرات إحداهن بالتراب، فكيف إذا علمت أيها المسلم مقدار ما ينقص من أجر الذين يقتنون الكلاب قال صلى الله عليه وسلم: " ما من أهل بيت يرتبطون كلباً إلا نقص من عملهم كل يوم قيراط (وفي رواية مسلم قيراطان ) إلا كلب صيد أو كلب حرث أو كلب غنم " رواه الترمذي 1489 وهو في صحيح الجامع 5321، فالنهي عن اقتناء الكلاب يستثنى منه كلب الزرع، والصيد والحراسة (حراسة البيوت والمنشآت أو المواشي وغيرها ) ويدخل فيه كل ما تدعو إليه الحاجة من تتبع آثار المجرمين، وكشف المخدرات ونحو ذلك، كما هو مضمون كلام بعض أهل العلم. التعليق على سنن الترمذي ط.شاكر 3/267(12/21)
وهذا جبريل عليه السلام يبين لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم السبب الذي منعه من دخول بيته عليه الصلاة والسلام، حسب الموعد الذي كان بينهما، قال صلى الله عليه وسلم: (أتاني جبريل فقال: إني كنت أتيتك الليلة فلم يمنعني أن أدخل البيت الذي أنت فيه إلا أنه كان في البيت تمثال رجل وكان في البيت قرام ستر (مثل الستارة ) فيه تماثيل وكان في البيت كلب، فمُر برأس التمثال يقطع، فيُصير كهيئة الشجرة، ومر بالستر يقطع فيُجعل منه وسادتان توطئان، ومر بالكلب فيُخرج ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ". رواه الإمام أحمد، صحيح الجامع رقم 68
نصيحة: الابتعاد عن تزويق البيوت
شاع في بيوت كثير من الناس اليوم أنواع التزويق والتزيين والزخرفة نتيجة الانغماس في الملذات، والتعلق بالدنيا، والتباهي والتفاخر.
وبعض البيوت إذا دخلتها تتذكر كلام ابن عباس: (ليس في الجنة شيء مما في الدنيا إلا الأسماء )، ولا نستطيع في هذه العجالة أن نستطرد في ذكر أنواع العجائب والغرائب، من التحف والزينات والنقوش والزخارف، التي تزخرف بها بعض البيوت والقصور، ولكننا نذّكر بما يلي:
قال تعالى: (ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفاً من فضة ومعارج عليها يظهرون، ولبيوتهم أبواباً وسرراً عليها يتكون وزخرفاً.. ) الزخرف/33.
أي (لولا أن يعتقد كثير من الناس الجهلة أن إعطاءنا المال دليل محبتنا لمن أعطيناه فيجتمعوا على الكفر لأجل المال ) تفسير القرآن العظيم لابن كثير 7/213. لجعلنا لبيوت الكفار سقفاً وسلالم وأقفالاً على الأبواب من فضة وذهب من متاع الحياة الفانية، ليوافوا الله وليس عندهم حسنة، لأنهم أخذوا نصيبهم من الدنيا.(12/22)
روى الإمام مسلم – رحمه الله – عن عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في غزاة فأخذت نمطاً (بساط له خمل ) فسترته على الباب، فلما قدم فرأى النمط عرفت الكراهية في وجهه، فجذبه حتى هتكه أو قطعه، وقال: (إن الله لم يأمرنا أن نكسوا الحجارة والطين ) صحيح مسلم 3/1666
روى الإمام أحمد قصة فاطمة لما قالت لعلي رضي الله عنهما (وقد صنعوا طعاماً ) لو دعونا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء فوضع يديه على عضادتي الباب فرأى قراماً (ثوب رقيق من صوف فيه ألوان ونقوش ) فرجع، فقالت فاطمة لعلي: ألحقه فقل له لم رجعت يا رسول الله ؟ فقال: (إنه ليس لي (وفي رواية: لنبي أن يدخل ) أن أدخل بيتاً مزوقاً ) رواه الإمام أحمد 5/221 وهو في صحيح الجامع 2411.
ورواه أبو داود تحت باب: الرجل يُدعى فيرى مكروهاً سنن أبي داود 3755.
وتحت باب: هل يرجع إذا رأى منكراً في الدعوة، روى البخاري رحمه الله تعليقاً: ودعى ابن عمر أبا أيوب، فرأى في البيت ستراً على الجدار، فقال ابن عمر: (غلبنا عليه النساء )، فقال: (من كنت أخشى عليه، فلم أكن أخشى عليك، والله لا أطعم لكم طعاماً ) فرجع فتح الباري 9/249
وقد وصل الحديث الإمام أحمد عن سالم بن عبد بن عمر قال: (أعرست في عهد أبي، فآذن أبي الناس، فكان أبو أيوب فيمن آذناه، وقد ستروا بيتي ببجاد أخضر، فأقبل أبو أيوب فاطلع فرآه، فقال: يا عبد الله أتسترون الجدر، فقال أبي واستحيا: غلبنا النساء يا أبا أيوب، فقال: من خشيت أن تغلبه النساء… ) الحديث فتح الباري.
روى الطبراني عن أبي جحيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ستفتح عليكم الدنيا حتى تنجدوا بيوتكم كما تنجد الكعبة، فأنتم اليوم خير من يومئذ ) صحيح الجامع 3614
وخلاصة كلام أهل العلم في زخرفة وتزويق البيوت: أنه إما مكروه أو محرم الآداب الشرعية لابن مفلح 3/421
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(12/23)
Dangers in the Home
Book by Sheikh Muhammed Salih Al-Munajjid
---
In the Name of Allaah, Most Gracious, Most Merciful
Praise be to Allaah. We praise Him and seek His help and forgiveness. We seek refuge with Allaah from the evil of our own selves and from our evil deeds. Whomsoever Allaah guides cannot be led astray, and whomsoever Allaah leaves astray cannot be guided. I bear witness that there is no god but Allaah Alone, with no partner or associate, and I bear witness that Muhammad is His slave and Messenger.
Putting things right in the home is a great trust and huge responsibility which every Muslim man and woman should undertake as Allaah commands; they should run the affairs of their homes in accordance with the rules set out by Allaah. One of the ways of achieving this is by ridding the home of evil things. The following aims to highlight some evil things that actually happen in some homes and that have become tools of destruction for the nests in which the future generations of the Muslim ummah are being raised.(13/1)
This brief paper highlights some of these evil things, explaining about some haraam things in order to warn about them. It is a gift to every seeker of truth who is looking for methods of change, so that he or she can implement the command of the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him): “Whoever of you sees an evil action, let him change it with his hand [by taking action], and if he cannot, then with his tongue [by speaking out], and if he cannot, then with his heart [by feeling that it is wrong] – and that is the weakest of faith.” (Reported by Muslim in his Saheeh, 1/69).
This discussion expands upon some forbidden or evil matters that have already been mentioned in brief in my book The Muslim Home – 40 Recommendations.
I ask Allaah, the Most Generous, Lord of the Mighty Throne, to benefit my Muslim brothers through this book and the previous book. Allaah is the Guide to the Straight Path.
Evil things in the Home
Advice:(13/2)
Beware of allowing non-mahram relatives to enter upon the wife in the home when the husband is absent. Some homes are not free of the presence of relatives of the husband who are not mahram for the wife, who may be living in his home with him because of some social circumstances, such as his brothers who may be students or single. These relatives enter the home without anyone raising an eyebrow, because they are known in the neighbourhood as being relatives of the head of the household, his brothers or nephews or uncles. This relaxed attitude could generate a lot of evil which will earn the wrath of Allaah if it is not controlled and brought within the limits set by Allaah. The basic principle in this matter is the hadeeth of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him), “Beware of entering upon women.” A man from among the Ansaar said, “O Messenger of Allaah, what do you think about the brother-in-law?” He said, “The brother-in-law is death!” (Reported by al-Bukhaari, Fath al-Baari, 9/330).(13/3)
Al-Nawawi (may Allaah have mercy on him) said: “What is referred to in this hadeeth is the husband’s relatives apart from his father and his sons, because those are mahrams for his wife and can be alone with her, so they are not described as death. What is referred to here is his brother, nephew, uncle and cousin, and others who she would be permitted to marry if she were not already married. Usually people take the matter lightly with regard to these relatives, so a brother may be alone with his brother’s wife. Thus he is likened to death, when he should be prevented from being alone with her more than a stranger should.” (Fath al-Baari, 9/331).
The phrase “the brother-in-law is death” has a number of meanings, such as:
That being alone with the brother-in-law may lead to spiritual destruction if she commits sin;
Or it may lead to death if she commits the immoral act (zina or adultery) and the punishment of stoning is carried out on her;
Or it may lead to the woman being destroyed if her husband leaves her because his jealousy leads him to divorce her;
Or it may mean, beware of being alone with a non-mahram woman just as you would beware of death;
Or it may mean that being alone with a non-mahram woman is as bad as death.
It was said that it means, let the brother-in-law die rather than be alone with a non-mahram woman,(13/4)
All of this stems from the concern of Islam to preserve families and households, and to prevent the tools of destruction reaching them in the first place. Having learned what the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said, what do you think now of those husbands who tell their wives, “If my brother comes and I am not here, let him into the sitting room”, or a wife who tells a guest, “Go into the sitting room” when there is no one else present in the house?
To those who raise the issue of trust as an excuse, saying “I trust my wife, and I trust my brother, or my cousin”, we say: your trust is all well and good, and you should not be suspicious when you have no cause to do so, but you should know that the hadeeth of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him), “No man is alone with a non-mahram woman, but the Shaytaan is the third one present with them” (reported by al-Tirmidhi, 1171) includes the most pious of people as well as the most corrupt. Islam does not exempt anyone from such rulings.
Addition:(13/5)
Whilst writing these few lines, we heard about a problematic situation in which, to cut a long story short, a man married a woman and brought her to live in his family home, where she lived happily with him. Then his younger brother began to enter upon her when her husband was absent, and talk to her in a romantic manner, which resulted in two things: firstly, she began to dislike her husband intensely, and secondly, she fell in love with his brother. But she was not able to divorce her husband, nor was she able to do what she wanted with the other man. This is the grievous penalty. This story illustrates one level of corruption, beyond which there are many more which culminate in the immoral action (zinaa/adultery) and the birth of illegitimate children.
Advice:
Segregating men and women in family visits.
Man is naturally gregarious and sociable; he needs friends and friendships entail visiting one another.
When there are visits between families, we should block the path of evil by not mixing. One of the indications that mixing is haraam is the aayah (interpretation of the meaning):
“… And when you ask his wives) for anything you want, ask them from behind a screen, that is purer for your hearts and for their hearts…” [al-Ahzaab 33:53]
If we were to look for the evil results of mixing during family visits, we would find many objectionable things, such as:(13/6)
1. In most cases the hijab of women in these mixed gatherings is non-existent or is not proper, so a woman may display her beauty before someone in front of whom it is not permissible for her to uncover herself. Allaah says (interpretation of the meaning): “And tell the believing women… not to reveal their adornment…” [al-Noor 24:31]. It may happen that a woman adorns herself for strangers in a mixed gathering in a way that she never does for her husband.
2. When men see women in one gathering, this is a cause of corruption in the religion and morals, and provokes desires in a forbidden manner.
3. The spouses may argue and ignore one another in an alarming fashion, when one looks at or winks at another man's wife, or laughs and jokes with her, and she with him. After a couple returns home, the settling of scores begins:
Man: Why did you laugh at what so and so said, when he did not say anything funny?
Woman: And why did you wink at so and so?
Man: When he spoke, you understood him quickly, but you do not understand what I say at all!
Thus they trade accusations and the matter ends in enmity and even divorce.(13/7)
4. Some men and woman may regret their luck in marriage, when a man compares his wife to his friend’s wife, or a woman compares her husband to her friend’s husband. A man may say to himself: “So and so talks and answers questions… she is well-educated and my wife is ignorant, she has no education…” and a woman may say to herself, “So and so is so lucky! Her husband is smart and eloquent, and my husband is so boring and speaks without thinking.” This spoils the marital relationship or leads to bad treatment.
5. Some people may show off to one another by pretending to have things that they don’t really have. So a man may issue instructions to his wife in front of other men and pretend that he has a strong personality, but when he is alone with her at home he is like a tame pussycat. A woman may borrow gold and wear it so that the other people may see that she has such and such. But the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “The one who shows off with something that does not belong to him is like one who wears a garment of falsehood.” (Reported by al-Bukhaari, al-Fath, 9/317)
6. These late-night mixed gatherings result in wasted time, sins of the tongue, and leaving small children home alone (so that they do not disturb the evening with their cries!)(13/8)
7. These late-night mixed gatherings may even develop to the extent of involving many kinds of major sins, such as drinking wine and gambling, especially among the so-called “upper classes”. One of the major sins that occur during these gatherings is following the kuffaar and imitating them in fashions and various customs. The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said, “Whoever imitates a people is one of them.” (Reported by Imaam Ahmad in al-Musnad, 2/50; Saheeh al-Jaami’, 2828, 6025).
Advice:
Beware of the dangers of having (male) drivers and (female) servants in the home.
Striving to ward off evil is a religious duty, and closing the doors of evil and fitnah (temptation) is one of the priorities of sharee’ah. A lot of fitnah and sin has come to us through servants and drivers, but many people do not pay attention to this, and if they do notice it, they do not take it seriously. A person may be stung repeatedly from the same place, but he does not feel the pain, or he may hear of a disaster that happened near his own home, but he does not learn from it. This stems from weak faith and the failure to feel that Allaah is near, failings that affect the hearts of many people in the modern age. We will briefly explain the bad effects of having servants and drivers in the home, so that it will be a reminder to the one who has the eyes to see or who wants to follow the right path in his own home.(13/9)
Having female servants in the home presents men, especially young ones, with fitnah and temptation, through their adornment and being alone with them. We hear so many stories, one after another, of some youth being led astray, and the reason for this is that the servant entered upon a young man, or a young man took advantage of the fact that no one else was home and entered upon the servant. Some young men have told their families frankly about what happened, and the families did not respond; in other cases the family may have discovered something, but their response was bereft of any sense of honour or jealousy. “O Yoosuf! Turn away from this! (O woman!) Ask forgiveness for your sin. Verily, you were of the sinful.” [Yoosuf 12:29 – interpretation of the meaning]. So the fire remains close to the fuel, and the situation is left as it is, with no changes being made. It has also happened that servants have taught misbehaviour to the daughters of the household.
- The lady of the house neglects her duties and forgets her responsibilities, and becomes accustomed to being lazy, then when the servants travels things are very hard indeed for her.
- The children receive a bad upbringing, represented by the following examples:(13/10)
The children learn the beliefs of kufr from kaafir servants, Christians and Buddhists. There have been children who make the sign of the cross on their heads and two sides of their chests, as they have seen a Christian woman doing when she prays, and she tells them, “This is something sweet from Christ.” Or a child may see a servant praying to a statue of Buddha, or another celebrating her people’s festivals and conveying to our children her feelings of joy, so they get used to taking part in festivals of kufr.
The children are deprived of their mother’s love and care, which is an essential part of their upbringing and psychological stability. A servant cannot make up this lack for a child who is not hers.
The child’s Arabic will be corrupted because it is mixed with foreign words, so he grows up lacking something, which will have an adverse effect on his education in school.
Some heads of households feel the financial strain of paying salaries for drivers and servants. Then there are the family disputes that arise over who should pay these salaries, especially in cases where the wife is employed. If the wife would stay at home instead of working outside the home, she would spare herself a lot of trouble. The fact of the matter is that in many cases we create trouble for ourselves, then we demand a solution, and often the solution we come up with is far from decisive.
Getting used to having servants has created dependency and negative character traits.(13/11)
Some women may include having a servant as a condition in their marriage contract; others may plan on bringing their family’s servant with them when they get married. Thus our daughters have lost the ability to deal independently with anything in the home, no matter how small it is.
- When women brought servants into their homes, they started to have a lot of free time and did not know what to do with it. So some women began to sleep a lot, and some are never home because they are always going to gatherings where they gossip and backbite and waste their time. The result will be regret on the Day of Resurrection.
- Harm comes to the members of the family in different ways, for example:
1- Witchcraft and magic, which can cause the separation of husband and wife, or cause physical harm.
2- Harm to the possessions of family members because of theft.
3- Damage to the family’s reputation. How many decent homes have been turned into dens of immorality and corruption in the absence of their owners. You must surely have heard of female servants who receive men when the homeowners are absent.
- The freedom of men (those who fear Allaah) within their own homes is restricted, as is also the case for those who try to call their families to put things in order.(13/12)
- Women end up being alone with drivers who are strangers (non-mahrams) to them, in the house or car, and women do not refrain from going out wearing adornments and perfume in front of the drivers. They act as if he is one of their mahrams or even closer, and because they go out with them so often and talk to them so much, the psychological barrier is broken down and so forbidden things are done. The frequency of such incidents in our society demonstrates to those who have the eyes to see just how serious the matter is.(13/13)
- Bringing servants and drivers from all sorts of kaafir nations clearly goes against the Prophet’s specific orders that kaafirs should not be allowed into the Arabian Peninsula. There is absolutely no need to do this, as it is possible to bring Muslims in if there is a need for workers. Added to this is the fact that employing kaafirs strengthens the economies of kaafir nations, as the employees transfer their salaries to their homelands, even though Muslims should have priority in this matter. By mixing so much with these kaafirs, Muslims can no longer see the difference, which gradually destroys the concept of al-walaa wa’l-baraa’ (loyalty and allegiance vs. enmity and disavowal) in their minds. Added to this is the ugly role played by some agency owners who have no fear of Allaah, who will tell you that there are no Muslim employees. Or they may engage in deceit and trickery, so that after a driver or servant who is described as a Muslim in official papers has arrived, the head of the household discovers that this is a lie, or the new employee may be playing a role that started in his country of origin, where the agency taught him a few Islamic words so that he can pose as a Muslim in front of the family that employs him.
- Family breakup resulting from the householder’s affair with a female servant. Look at what really happens and think how many divorces have happened because of servants, and how many servants have become pregnant with illegitimate children.(13/14)
Then ask the people working in hospital maternity departments, or find out about police reports detailing the problems caused by illegitimate children born as a result of the temptation posed by female servants. Then try to understand the extent of the spread of venereal diseases which have been brought into our society because of that. Now you will understand the vicious circle we are in because of bringing female servants into our homes.
Think about the misconceptions that these servants and drivers have about the Islamic religion when they see the behaviour of those who claim to be Muslim. Ask yourself, what kind of obstacles are we placing in front of them? How are we preventing them from discovering the way of Allaah by what we do to them? How could they possibly enter a religion when this is the state of those who claim to belong to it?
Because of these matters and others, some scholars think that it is not permissible to bring female servants into the home in the manner in which this is done nowadays, and that it is obligatory to put a stop to fitnah and close the door to evil. (See the fatwa of Shaykh Muhammad ibn Saalih al-‘Uthaymeen on this issue).
In order to comply with the command of Allaah (interpretation of the meaning), “… and when you give your word, say the truth…” [al-An’aam 6:152], we should point out the following:(13/15)
Firstly: we do not deny the fact that some servants and drivers are sincere Muslims, possibly more sincere than the members of the household. We have heard of a servant who keeps a Mus-haf (copy of the Qur’aan) on the shelf in the kitchen so that she can read it whenever she finishes her work, and a driver who prays Fajr in the mosque before his employer does.
Secondly: we are not ignoring the real needs that people sometimes have for essential reasons, such as needing the help of servants in a large house, or when a family has a lot of children, or when someone is chronically ill or has disabilities, or when there is hard work that the wife cannot do on her own. But what we Muslims should ask is: who is applying Islamic conditions and taking care of religious precautions when bringing servants and drivers into the home? How many of those who bring drivers into the home (let’s get real!) can guarantee that the driver will not be alone with one of his womenfolk, or that the man will not be alone with a female servant? He should also tell the female servant to observe hijaab, and he should not deliberately look at her adornment. If he comes home and no one is there but the servant, he should not enter. He should not accept any servants except those who are sincerely Muslim… and so on.(13/16)
For this reason, everyone who has one of these servants or drivers in his home should make sure that this person is there for a legitimate need and that the Islamic conditions are being properly fulfilled. The story of Yoosuf (upon whom be peace) contains a lesson for us with regard to this matter. It clearly indicates the fitnah that exists when there are servants and drivers in the house, and that evil may be initiated by members of the household even though the servants are people who fear Allaah. Allaah says (interpretation of the meaning):
“And she, in whose house he was, sought to seduce him (to do an evil act), she closed the doors and said: ‘Come on, O you.’ He said, ‘I seek refue in Allaah (or Allaah forbid)!’…” [Yoosuf 12:23]
We suggest to those who complain that things are too difficult in their homes without servants that they could do the following:
- Buy ready-made food from the market; use paper plates; use laundry services; have the house cleaned by workers who are supervised by the man; ask relatives to help care for the children when necessary, such as when the wife is recovering from childbirth.
- If that is not enough, they could seek the help of a temporary servant, under proper Islamic conditions, and when there is no longer any need she may be dismissed. There are, however, risks attached to this solution.
- It is better if the servant is paid hourly, so that she can do her job then leave the house. Whatever the case, things should be done only as they are needed.(13/17)
- We have discussed this matter at length because the problem is so widespread in our society. It may be different in other countries. Before closing this discussion we should mention some matters that have to do with taqwa or fear of Allaah:
1- Everyone who has sources of fitnah in his home, whether from servants or from anything else, should fear Allaah and remove them from his home.
2- Everyone who thinks that he is going to impose Islamic conditions when bringing a servant to his home should fear Allaah and realize that many of these conditions will become less stringent as time goes by.
3- Everyone who has a kaafir servant in the Arabian Peninsula should present Islam to him or her in the best possible way. If he or she becomes Muslim, all well and good, otherwise the servant should be sent back to wherever he or she came from.
Finally, we will end this discussion on servants and drivers with a story that contains an important lesson about the dangers of having servants in the home, and about referring to the Qur’aan and Sunnah, and rejecting every ruling that contradicts the sharee’ah, and consulting people of knowledge, and purifying the Islamic society through application of the punishments prescribed by Allaah.(13/18)
Abu Hurayrah and Zayd ibn Khaalid (may Allaah be pleased with them) said: “We were with the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) when a man stood up and said, ‘I urge you by Allaah to judge between us according to the Book of Allaah.’ His opposite number, who was more knowledgeable, stood up and said, ‘Judge between us according to the Book of Allaah and give me permission to speak.’ The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘Speak.’ He said, ‘This son of mine was employed as a servant by this man, and committed zina (adultery) with his wife. I gave him one hundred sheep and a servant in compensation [for the damage to his honour], then I consulted some of those who have knowledge, and they told me that my son should be flogged one hundred times and exiled for a year [because he was unmarried], and that the woman should be stoned [because she was married and she consented to the act].’ The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: ‘By the One in Whose hand is my soul, I will judge between you according to the Book of Allaah. Take back the hundred sheep and the servant. Your son is to be flogged one hundred times and exiled for one year. O Unays, go to this man's wife tomorrow and if she confesses, then stone her.’ [Unays] went to her the next day and she confessed, so he stoned her.” (Reported by al-Bukhaari, al-Fath, 12/136).(13/19)
Note: one of the things that upsets every Muslim who cares about the rulings of Islam is what happens in some homes, where cleaners and maintenance workers enter upon women when they are wearing nightdresses and house-dresses. Does these women think that these people are not men in front of whom Allaah has commanded them to observe hijaab?
Another evil thing that happens in some homes is where non-mahram men teach adolescent girls, or some women teach adolescent boys without wearing hijaab.
Advice:
Expelling effeminate men from our homes.
Al-Bukhaari (may Allaah have mercy on him) reported, in his chapter on expelling men who imitate women from our homes, the hadeeth of Ibn ‘Abbaas, who said: “The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) cursed men who imitate women and women who imitate men, and said, ‘Expel them from your homes.’ The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) expelled so and so [a man]. And ‘Umar expelled so and so [a woman].” (Reported by al-Bukhaari in Kitaab al-Libaas, chapter 62, al-Fath, 10/333).
Then al-Bukhaari quoted the hadeeth of Umm Salamah, which he reported under the title “What is forbidden of men who imitate women entering upon women”:(13/20)
“From Umm Salamah, who said that the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) was in her house, where there was also an effeminate man who told her brother ‘Abd-Allaah ibn Abi Umayyah: ‘If Allaah wills that you conquer al-Taa’if tomorrow, I will show you the daughter of Ghaylaan; she has four folds of fat in front and eight behind.’ The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said, ‘This person should not enter upon you.’” (Reported by al-Bukhaari, chapter 113, al-Fath, 9/333).
The definition of “effeminate man” (mukhannath): this is a man who may resemble women physically, or by imitating their movements and speech, and so on. If it is physical, i.e., this is the way that he is made, then there is no blame on him, but he must try as much as he can to change this resemblance. If he is imitating women deliberately, then he is described as mukhannath (effeminate) whether he commits the evil deed (is a homosexual) or not.
The effeminate man referred to here – who was like a servant – used to enter the houses of the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) because he was considered to be “an old male servant who lacked vigour” [cf. al-Noor 24:31].(13/21)
When the Messenger (peace and blessings of Allaah be upon him) realized that this person could describe women very precisely and that he was describing a woman as having four folds of fat in front and eight behind (four on each side), he ordered that he should be thrown out and not allowed to enter his wives’ apartments, because of the mischief that he could cause, such as possibly describing the women he saw to strangers, or having a bad influence on the members of the household, such as leading women to imitate men, or men to imitate women by walking in a coquettish manner or speaking softly, or worse mischief than that.
So how about the situation nowadays, when we see many of these servants imitating the opposite sex, especially the kaafirs who are living in Muslim homes and who we know for sure are having a bad influence on Muslim boys and girls. There is even a group known as “the third sex”, who wear make up and dress in women’s clothes. What a disaster for the nation which is supposed to be the ummah of jihaad!
If you want to know more about how the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) opposed this “third sex” and how his Companions fought with their sense of honour against such things, think about this hadeeth:(13/22)
Abu Hurayrah (may Allaah be pleased with him) reported that an effeminate man who had dyed his hands with henna (as women do) was brought to the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him), and it was said, “O Messenger of Allaah! This man is imitating women.” So he banished him to al-Baqee’ (as a punishment, sending him to an isolated place, and to protect others). It was said, “Why do you not kill him?” He said, “I have been forbidden to kill those who pray.” (Reported by Abu Dawood, 4928, and others. See Saheeh al-Jaami’, 2502).
Advice: Beware of the dangers of the small screen.
Hardly any home nowadays is free of some device that includes a screen [TV and computers], and very few of these machines are used for wholesome or beneficial purposes. Mostly they are used for harmful and destructive things, especially VCRs used for watching movies. With the arrival of satellite dishes which bring shows directly into Muslim homes and the widespread sale and exchange of movies, the matter of controlling these devices has become nearly impossible.
There follows a list of some of the harmful and corrupting effects that result from watching TV etc. After thinking about them, let everyone who wants to earn the pleasure of Allaah and avoid His wrath do what he can to change the situation:
Impact on our faith (‘aqeedah):(13/23)
? Showing the symbols of the kuffaar and their false religious signs, such as the cross, Buddha, their temples, gods and goddesses of love, good, evil, light, distress and rain. There are also missionary movies that call on people to venerate the religion of Christianity and become Christians.
? Giving the impression that some created beings could compete with Allaah in creating and giving life and death, such as some scenes which show people bringing the dead back to life by using a cross or magic wand.
? Spreading lies, myths, legends, witchcraft, fortune-telling and soothsaying, all of which contradict Tawheed.
? Giving the impression that we should show respect to the representatives of false religions, such as the pope, bishops and nuns who treat the sick and do good!
? In many dramas, characters swear by things other than Allaah, or play with the names of Allaah, such as when one character called another ‘Abd al-Qeesaah. [This implies disrespect towards Allaah by toying with names that mean “slave of [Allaah]” – which are among the best names that a person can have. For example, ‘Abd al-Rahmaan means “slave of the Most Merciful”, ‘Abd al-Hakeem means “slave of the Most Wise” and so on, but ‘Abd al-Qeesaah means nothing and makes a mockery of such names. – Translator]
? Causing doubts about Allaah’s power, or His ability to create; or portraying life as a conflict between Allaah and man.(13/24)
? Those who watch such things lose the concept of disavowing oneself and distancing oneself from the enemies of Allaah, because these shows and movies portray things that make them admire the characters of the kuffaar and their societies, and break down the psychological barriers between Muslims and kuffaar. Once the idea of hatred for the sake of Allaah is removed, they begin to imitate these kuffaar and take new ideas from them.
Social impact
? Admiration of kaafir characters when they are shown as heroes in these films.
? Propagation of crime, through showing scenes of violence, murders, kidnap and rape.
? Forming gangs as is shown in films, to commit acts of aggression and crimes. Youth detention centres and jails bear witness to the impact of the movies in this regard.
? Learning the arts of cheating, fraud and forgery, taking bribes, and other kinds of major sins.
? Calling for women to imitate men and vice versa, which clearly goes against the hadeeth of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) in which he cursed those who do such things. So we may see a man imitating the way a woman walks and talks, wearing a wig and jewellery, using dyes and make-up. Or we may see a woman wearing a false beard or moustache, and making her voice deep. This is one of the causes of promiscuity in society and the emergence of the “third sex”.
? Instead of taking the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him), Sahaabah, scholars and mujaahideen as examples, people follow actors, singers, dancers and sports players.(13/25)
? Men no longer feel any sense of responsibility towards their families, so important needs are ignored and sick children are neglected, because the head of the family is glued to the TV and may even hit a child harshly if he dares to interrupt his viewing of a movie.
? Rebellion of children against their parents, as is propagated on TV and in the movies. If a child insists on taking money from his father, and his father reminds him of the rights he has, the child in a TV drama may say, “Just because you are my father does it mean that you can rip me off?!” But the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said, “You and your wealth belong to your father.” (Reported by Abu Dawood, 3530).
? Breakdown of family ties, because people are too busy watching movies to visit one another. When they do visit, they do not have any kind of useful conversation or discuss solutions to family problems because they are gathered around the screen, silently watching.
? People are distracted from taking care of their guests properly.
? Spread of laziness and idleness and reduction in productivity, because the TV takes up the Muslim’s time.
? Marital discord and mutual hatred; outbreaks of reprehensible jealousy, as when a man praises the beauty of a woman on TV in front of his wife, and she responds by mentioning a handsome actor or newscaster.(13/26)
? Absence of the proper kind of jealousy (gheerah), because people get used to watching scenes of mixing, wives being uncovered in front of non-mahram men and unveiling of daughters and sisters, and they are influenced by calls for women’s liberation.
Moral impact
? Provoking desires by showing pictures of women to men, and images of handsome men to women.
? Calling society to show that which should be hidden by promoting revealing clothes and getting people used to seeing them.
? Calling for relationships between the sexes and teaching people how to get to know the opposite sex, what sort of words should be exchanged in the beginning, means of developing the forbidden relationship, telling stories of love and passion and holding hands… etc.
? Falling into immorality and zinaa because of films which portray such things. Some people even reenact what they see in the movies with some of their mahram relatives, may Allaah protect us, or do bad things whilst watching these films.
? Teaching women different kinds of dances which reveal their ‘awraat and are tempting to men. This is a kind of promiscuity and deviation.
? Developing a joking personality and no longer taking anything seriously, in addition to the fact that too much laughter corrupts the heart, because of comedy films.
? Spread of foul language which is used in many movies and TV shows.
? Making people miss Fajr prayers because they stay up late at night to watch what is being shown on the screen.(13/27)
? Causing people to pray late, not to mention causing men to miss the prayers in the mosque, because their hearts are too attached to some soap opera, movie or sports match.
? Causing people to hate some acts of worship, as sometimes happens when an exciting match is interrupted so that people can go and pray.
? Reducing the reward of some of those who fast, or causing their reward to be lost altogether, because of the sin of watching these haraam things.
? Criticism of some of the rulings brought by sharee’ah, such as hijaab and polygyny.
Historical impact
? Distorting Islamic history and covering up the facts; failing to mention the achievements of Muslims in movies that speak about human history.
? Distorting proven historical facts, by showing oppressors as if they are oppressed, such as claiming that the Jews have a just cause.
? Belittling the heroes of Islam in the eyes of viewers, as in some dramas or movies where actors play the roles of Sahaabah, leaders of Islamic conquests or scholars and portray these personalities in an improper manner, mixing the story with love scenes, where the actors are immoral and corrupt in the first place.
? Subjecting the Muslims to psychological defeat and spreading fear among them by showing different kinds of advanced weaponry in the hands of the kaafirs and making the Muslims feel that it is not possible to defeat them.
Psychological impact:
? Acquiring aggressive and violent attitudes from watching wrestling and violent action films with scenes of bloodshed, bullets and sharp weapons.(13/28)
? Instilling fear in the hearts of those who watch horror movies, so that a person may wake up screaming because of the dreams he has seen as a result of some scene that has stuck in his memory.
? Distortion of children’s and adults’ sense of reality by watching unreal scenes, because Allaah has dictated that there should be cause and effect. An example of this is some of the unreal scenes shown in cartoons, which have an effect on children’s behaviour in real life.
Impact on health
? Harm caused to eyesight, which is a blessing about which each person will be questioned.
? Increasing the rate of heartbeat, raising blood pressure and heightening nervous tension and so on, when watching horror movies and scenes of bloodshed.
? Late nights cause harm to the body, and each person will be asked on the Day of Resurrection how he used his body.
? Physical harm caused to children when they imitate Superman and the Man of Iron and others; harm caused to adults when they imitate boxers and wrestlers.
Financial impact:
? Spending money on buying TVs and films, paying for repairs and improvements and receiving equipment [dishes, descrambling devices, etc.]. A person will be asked about this money on the Day of Resurrection: what did he spend it on?
? Many people rush to buy extras that they do not need, or they compete in buying clothes because of the advertisements etc. that they see on the screen.
Advice
Beware of the evils of the telephone(13/29)
The telephone is a useful invention, and is one of the essentials of modern life; it saves time, spans distances and keeps you in touch with everybody. It can be used for good purposes, such as waking people up for Fajr prayers, asking about shar’i matters and seeking fatwas, making appointments with good people, upholding the ties of kinship and advising the Muslims.
But at the same time the telephone may also be a means of doing many evil things. How often has the phone been the cause of complete wrecking of a home, the source of misery and suffering for family members and the impetus for men and women to do evil and cause mischief! The danger lies in the ease of use, for it is a direct route from the outside into the heart of the home.
Among the evil uses to which the telephone may be put are:
1- Disturbing nuisance calls.
2- Women getting to know strange (non-mahram) men, and the development of such relationships. A young man whom Allaah had guided to the path of repentance told me that when a young man gets to know a young woman by phone, she usually ends up going out with him, and whatever immorality follows on from that, only Allaah knows.
3- Wives may be turned against husbands and vice versa, or parents may be turned against their sons and daughters, and vice versa, because of telephone calls from trouble makers, resulting from hasad (destructive envy) and the love of evil and causing division among people.(13/30)
4- Wasting time in idle conversations that harden the heart and turn people away from remembering Allaah. This is a problem especially among women, as they find it a way to get things off their chests.
Solutions to the phone problem include the following:
1- Watching out for misuse of the phone inside and outside the home.
2- Using wisdom when answering the phone.
3- When we hear news from someone we do not know, we should deal with it according to the Book of Allaah and obey His command (interpretation of the meaning): “… verify it…” [al-Hujuraat 49:6].
4- A sound Islamic education will guarantee proper use of the telephone when the person who is in charge is absent. [i.e., if children and youth are taught properly, they will not misuse the telephone when their parents and elders are not around].
5- The last resort is to disconnect the phone if the evils it causes are greater than the benefits it brings.
Nasheehah
We have to remove from our homes all symbols of false kaafir religions and images of their gods and idols.
‘Aa’ishah (may Allaah be pleased with her) reported that the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) would never leave anything in his house that had crosses on it except he would destroy it. (Reported by al-Bukhaari, Fath al-Baari, 10/385, Baab Naqd al-Suwar).(13/31)
Nowadays we are suffering from having manufactured goods which we bring from the kaafir countries, which include images and engravings, and drawings of their gods and idols. This includes various kinds of crosses, pictures of Jesus and Mary, pictures of churches, statues of Buddha, Greek gods like the goddesses of love and good and evil, and so on.
It is not right for the home of the monotheistic Muslim to have in it the symbols of shirk that contradict Tawheed and destroy its foundations. Thus the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) used to destroy crosses if he saw them in his house, by blotting them out if they drawn or engraved, or by scratching them out or covering them in some other way, or getting rid of them altogether.
This is not religious extremism, because the one who forbade people to go to extremes – the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) – did this himself. Hence when family members want to buy vessels or mattresses, etc., they should beware of these symbols of false religions that contradict Tawheed. At the same time we must point out the importance of being moderate in this matter; if the form is not obviously a cross, for example, it does not have to be changed.
Advice
Removing pictures of animate beings
Many people decorate their homes by deliberately hanging pictures on their walls and putting statues on shelves in some corners of the house. Many of these images, whether they are three-dimensional or otherwise, include animate beings such as people, birds, animals and so on.(13/32)
The statements of scholars who are well-versed in the matter clearly state that static images of animate beings are haraam, whether they are engraved or drawn or produced by machines – unlike images reflected by mirrors or in water. The hadeeth of the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) which curses image makers and threatens them with being asked to do something that is beyond them, namely breathing life into their images, on the Day of Resurrection, includes everyone who works in the field of photography, except in cases where images are necessary, such as ID photos and photos used in the hunt for criminals, and so on.
Hanging up pictures of animate beings also comprises another sin which could lead to the person venerating the picture and falling into the sin of shirk, as happened to the people of Nooh. The least harm that hanging up pictures may do is to renew people’s grief or lead them to boast and feel too proud of their fathers and grandfathers. No one should say “We are not prostrating to the picture!”
Whoever wants to deprive himself of the great blessing of having the angels enter his home, let him put pictures up. The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said, “The house in which there are images, the angels will not enter it.” (Reported by al-Bukhaari, 4/325).
There are many ahaadeeth which forbid making images, such as:
“The people who will be most severely punished by Allaah on the Day of Resurrection will be the makers of images.” (Reported by al-Bukhaari, 1/382).(13/33)
‘Abd-Allaah ibn ‘Umar reported that the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “Those who make these images will be punished on the Day of Resurrection. It will said to them, ‘Bring to life that which you have created!’” (Reported by al-Bukhaari, 1/382).
Abu Hurayrah entered a house in Madeenah and saw something hanging on the wall which was engraved with forbidden images. He said, “I heard the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) say, ‘[Allaah says:] Who is more wrong than the one who tries to create something like My creation? Let them create a grain or an ant!’” (Reported by al-Bukhaari, 1/385).
Abu Juhayfah reported that the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) cursed the maker of images. (Reported by al-Bukhaari, 1/393).
If you want more information on this issue, you may consult the books of the scholars.
In the commentary on the hadeeth which says that the angels will not enter a house where there are images, it says: “What is meant by ‘house’ is the place where a person stays, whether it is a building, a tent or anything else.” (Fath al-Baari, 1/393).(13/34)
The images which prevent the angels entering a house are images of animate beings that do not have the heads removed or are not subjected to disrespectful usage (usage such as being stepped on, etc., that makes it clear this image is not being venerated in any way). (al-Fath, 1/382). Making images of animate beings is a new thing innovated by those who worship images, which includes what the people of Nooh did. ‘Aa’ishah narrated a hadeeth in which she told the story of the church in Abyssinia (Ethiopia), and the images inside it; she said that the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “When a righteous man among them died, they used to build a place of worship over his grave and put these images inside it; those are the most evil of people in the sight of Allaah.” (al-Fath, 1/382).
Ibn Hajar (may Allaah have mercy on him) added:
“Al-Nawawi said: the ‘ulama’ said: making images of animate beings is extremely haraam, and is one of the major sins, because the one who does it is issued with a stern threat, whether the image is something that is treated with disrespect or not. It is haraam to make images whatever the case, whether the image is on a garment, a rug, any kind of coin, a vessel, a wall, or anywhere else. As for any picture that does not contain images of animate creatures, this is not haraam.”(13/35)
The general statement regarding images applies to both those that have shadows (three-dimensional images) and those that do not have shadows (two-dimensional images). This is proven by the hadeeth reported by Ahmad from ‘Ali, who said that the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “Which of you will go to Madeenah and not leave any idol without breaking it or any picture without blotting it out?” (Fath al-Baari, 1/348).
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) was always keen to cleanse his house of forbidden pictures, as the following example illustrates:
Under the heading “Man lam yadkhulu baytan fihi surah (The one who does not enter a house in which there is an image)”, al-Bukhaari – may Allaah have mercy on him – narrated the hadeeth of ‘Aa’ishah (may Allaah be pleased with her), in which she said that she bought a pillow which had pictures on it. When the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) saw it, he stood at the door and did not enter, and she could see from his face that he was upset. She said, “O Messenger of Allaah! I repent to Allaah and His Messenger. What have I done wrong?” He said, ‘What is this pillow?” She said, “I bought it so that you could sit on it and recline on it.” The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “The makers of these images will be punished on the Day of Resurrection, and they will be told, ‘Bring to life that which you have created!’” And he said: “The house in which there are images, the angels do not enter it.” (Fath al-Baari, 1/392).(13/36)
Some people may say, why have you spoken at such length about this topic? We say: we have entered homes and rooms where we have seen pictures of singers and other people, some of them appearing naked or almost naked, hanging on walls and mirrors and wardrobes, and placed on tables, so that the owners look at them every morning and evening. Some of them even kiss the pictures and have evil thoughts when looking at them! Thus the picture becomes one of the greatest causes of deviation. Anyone who has the eyes to see will understand at least some of the wisdom behind the Islamic prohibition of making images of animate beings.
We must conclude this discussion by pointing out the following:
1- Some people say: “Pictures are everywhere nowadays, even on tins of food, and in books and magazines and pamphlets. If we want to blot out every picture we will waste all out time doing that. What should we do?
We say: try to buy things that have no images in them – if possible. As for the rest, blot out those that are obvious – like pictures on the covers of books, and the rest of the book can be left and used. If it is something that is no longer useful, like a newspaper and the like, remove it from the home. In the case of pictures that it is difficult to erase – like pictures on cans of food, for example – in sha Allaah it is not a sin to leave them as they are, as the scholars have said, because they are things that are difficult to avoid, and the problem is becoming overwhelming.(13/37)
2- If you have to hang up something to decorate your walls, let it be some scenes of natural views or mosques or things that will not provoke feelings that are haraam.
The one who hangs up verses of the Qur’aan and so on should pay attention to the fact that the Qur’aan was not revealed to decorate walls, and that it is a kind of disrespect to write verses of the Qur’aan in the shape of a man prostrating or a bird and the like. He should also be careful that people sitting in a gathering do not do things that go against the words of the aayah hanging above their heads.
Advice
Do not allow smoking in your home
There is enough evidence (for those who are wise) that smoking is haraam in the words of Allaah (interpretation of the meaning): “… [Allaah] allows them as lawful al-tayyibaat [(i.e., all good and lawful) as regards things, deeds, beliefs, persons, food, etc.] and prohibits them as unlawful al-khabaa’ith (i.e., all evil and unlawful as regards things, deeds, beliefs, persons, food, etc.)…” [al-A’raaf 7:157].
Allaah has divided food and drink into two categories, not three. There are things that are good and permissible , and there are things that are evil and forbidden. Who could dare to say nowadays that smoking is good, when we know how it stinks and we know how much money is wasted on it and how much physical damage is caused as a result of smoking?
The righteous home should have no lighters or ashtrays, not even those that are given away free as promotional gifts, let alone narghiles (“hubble-bubbles”) and the like.(13/38)
If you are afraid that people may smoke in your home, put up stickers to hint to people that you do not want them to smoke. If you realize that someone wants to commit this sin in front of you, you have to stop him in whatever way is appropriate.
Advice
Beware of keeping dogs in your home
One of the habits that have come to us from the kuffaar is the custom of keeping pet dogs in the home. Many of the people in our society who are following the ways of the kuffaar bring a dog into their home. They spend money to buy the dog, although the price of a dog is haraam (according to the hadeeth narrated by Imaam Ahmad, 1/356; see also Saheeh al-Jaami’, 3071). Then they spend money on feeding it and keeping it clean, money which they will be asked about on the Day of Resurrection. Having a dog at home has become a status symbol among many rich people and high-level employees. The dog’s saliva is naajis (unclean, impure), and the dog licks the members of the household and their vessels. If a dog licks a vessel it must be washed seven times, one of which must be with earth. How about if you realize how much reward is lost by those who keep dogs? The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “There is no member of a household where a dog is kept, but their good deeds will be reduced by one qeeraat (according to a report narrated by Muslim, by two qeeraats) every day, except in the case of a dog kept for hunting, agriculture or herding sheep.” (Reported by al-Tirmidhi, 1489; Saheeh al-Jaami’, 5321). The ban on keeping dogs does not apply to working dogs kept for(13/39)
agriculture, hunting or guarding homes, buildings, livestock, etc. This also includes dogs kept for necessary purposes such as pursuing criminals, sniffing out drugs, and so on, as some scholars have explained. (Al-Ta’leeq ‘ala Sunan al-Tirmidhi, Shaakir edn., 3/267).
Jibreel (peace be upon him) explained to our Prophet Muhammad (peace and blessings of Allaah be upon him) the reason why he could not enter his house at a time they had both agreed upon. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “Jibreel came to me and said: 'I was going to come to you tonight, and nothing stopped me from entering the house you were in except the fact that there was a statue of a man in the house, and a curtain on which there were images, and there was a dog in the house. Tell someone to cut the head off the statue, so it will look like a tree; tell someone to cut up the curtain and make it into two pillows; tell someone to get the dog out of the house.’” So the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) did that.” (Reported by Imaam Ahmad; Saheeh al-Jaami’, no. 68).
Advice
Not going to extremes in decorating the house
In many people's houses nowadays there are all kinds of ornaments and decorations, because of their indulging in leisure and being too attached to this world, and their desire to boast and show off.(13/40)
When you enter some homes, you are reminded of the words of Ibn ‘Abbaas: “In Paradise there is nothing of the things of this world except the names.” We have no room in this brief discussion to go into detail about all the weird and wonderful antiques, decorations, ornaments and engravings with which some homes and palaces are adorned, but we will mention the following:
Allaah says (interpretation of the meaning):
“And were it not that all mankind would have become one community (all disbelievers, desiring worldly life only), We would have provided for those who disbelieve in the Most Beneficent (Allaah), silver roofs for their houses, and elevators (and stairways, etc. of silver), whereby they ascend.
And for their houses, doors (of silver), and thrones (of silver) on which they could recline,
And ornaments of gold…”
[al-Zukhruf 43:33-35]
i.e., were it not for the fact that many ignorant people would think that being given wealth was a sign of being loved by Allaah, which would lead to all of them becoming kaafirs for the sake of wealth, Allaah could have given them roofs and staircases and locks of silver and gold from the pleasures of this world, then when they died they would have no hasanah (good deeds) to their credit, because they had already taken their share of pleasure in this world. (Ibn Katheer, Tafseer al-Qur’aan al-‘Azeem, 7/213)(13/41)
Imaam Muslim (may Allaah have mercy on him) reported from ‘Aa’ishah (may Allaah be pleased with her) that the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) went out on a military campaign, and she took a velvet rug and covered the doorway with it. When he came back and saw the rug, she could see from his face that he was upset. He ripped it down and said, “Allaah has not commanded us to cover stones and clay with cloth!” (Saheeh Muslim, 3/1666)
Imaam Ahmad reported the story of Faatimah, when they had made some food and she said to ‘Ali (may Allaah be pleased with him), “Why don’t we invite the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) to join us?” So he came, and put his hands on the sides of the door, and saw a qaraam (a garment made of soft wool, with colourful designs), so he went away. Faatimah said to ‘Ali, “Go and catch up with him, and ask him, ‘Why did you go away, O Messenger of Allaah?’” [The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him)] said, “It is not right for me (according to another report: it is not right for a Prophet) to enter a decorated house.” (Reported by Imaam Ahmad, 5/221; Saheeh al-Jaami’, 2411).
It was also reported by Abu Dawood under the heading: Rajul yud’aa fa yaraa makroohan (when a man is invited and sees something disliked). (Sunan Abi Dawood, 3755).(13/42)
Under the heading, Hal yurja’ idhaa ra’a munkaran fi’l-da’wah? (should he go back if he sees something objectionable in the invitation?), al-Bukhaari (may Allaah have mercy on him) reported that Ibn ‘Umar invited Abu Ayyoob, and he saw a wall-hanging in the house. Ibn ‘Umar said, “The women are having their way.” Abu Ayyoob said, “There are people I was worried about, but you were not one of them! By Allaah, I will never touch your food.” Then he went away. (Fath al-Baari, 9/249).
Imaam Ahmad reported the same story from Saalim ibn ‘Abd-Allaah ibn ‘Umar, who said: “I got married during my father’s lifetime, and my father announced it to the people, and Abu Ayyoob was one of the invited guests. They had covered my house with a striped green cloth, and Abu Ayyoob came and looked at it, then he said, “Are you covering the walls?” My father felt embarrassed, and said, ‘Women are having their way, O Abu Ayyoob.’ He said, ‘Of all the people I feared would be taken over by the women…’” (Fath al-Baari).
Al-Tabaraani reported from Abu Juhayfah that the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “You will have a lot of worldly riches, so much so that you will cover your homes with cloth as the Ka’bah is covered. You are better today than you will be on that day.” (Saheeh al-Jaami’, 3614).
In brief, what the scholars say about ornamentation and decoration of houses is that it is either makrooh or haraam. (al-Aadaab al-Shar’iyyah by Ibn Muflih, 3/421)(13/43)
بسم الله الرحمن الرحيم
أريد أن أتوب ولكن ؟
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
فإن الله أمر المؤمنين جميعاً بالتوبة: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} النور /31.
وقسم العباد إلى تائب وظالم، وليس ثم قسم ثالث البتة، فقال عز وجل: {وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} الحجرات /11 وهذا أوان بعد فيه كثير من الناس عن دين الله فعمت المعاصي وانتشر الفساد، حتى ما بقي أحد لم يتلوث بشيء من الخبائث إلا من عصم الله.
ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره فانبعث الكثيرون من غفلتهم ورقادهم، وأحسوا بالتقصير في حق الله، وندموا على التفريط والعصيان، فتوجهت ركائبهم ميممة شطر منار التوبة، وآخرون سئموا حياة الشقاء وضنك العيش، وهاهم يتلمسون طريقهم للخروج من الظلمات إلى النور.
لكن تعترض طريق ثلة من هذا الموكب عوائق يظنونها تحول بينهم وبين التوبة، منها ما هو في النفس، ومنها ما هو في الواقع المحيط.
ولأجل ذلك كتبت هذه الرسالة آملاً أن يكون فيها توضيح للبس وكشف لشبهة أو بيان لحكم ودحر للشيطان.
وتحتوي هذه الرسالة على مقدمة عن خطورة الاستهانة بالذنوب فشرحاً لشروط التوبة، ثم علاجات نفسية، وفتاوى للتائبين مدعمة بالأدلة من القرآن الكريم والسنة، وكلام أهل العلم وخاتمة.
والله أسأل أن ينفعني وأخواني المسلمين بهذه الكلمات، وحسبي منهم دعوة صالحة أو نصيحة صادقة، والله يتوب علينا أجمعين.
مقدمة في خطر الاستهانة بالذنوب
اعلم رحمني الله وإياك أن الله عز وجل أمر العباد بإخلاص التوبة وجوباً فقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا } التحريم /8(14/1)
ومنحنا مهلة للتوبة قبل أن يقوم الكرام الكاتبون بالتدوين فقال صلى الله عليه وسلم: (إن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات - محتمل أن تكون الساعة الفلكية المعروفة، أو هي المدة اليسيرة من الليل أو النهار، من لسان العرب - عن العبد المسلم المخطئ، فإن ندم واستغفر الله منها ألقاها، وإلا كتبت واحدة) رواه الطبراني في الكبير والبيهقي في شعب الإيمان وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة 1209. ومهلة أخرى بعد الكتابة وقبل حضور الأجل.
ومصيبة كثير من الناس اليوم أنهم لا يرجون لله وقاراً، فيعصونه بأنواع الذنوب ليلاً ونهاراً، ومنهم طائفة ابتلوا باستصغار الذنوب، فترى أحدهم يحتقر في نفسه بعض الصغائر، فيقول مثلاً: وماذا تضر نظرة أو مصافحة أجنبية. الأجانب هم ما سوى المحارم.
ويتسلون بالنظر إلى المحرمات في المجلات والمسلسلات، حتى أن بعضهم يسأل باستخفاف إذا علم بحرمة مسألة كم سيئة فيها ؟ أهي كبيرة أم صغيرة ؟ فإذا علمت هذا الواقع الحاصل فقارن بينه وبين الأثرين التاليين من صحيح الإمام البخاري رحمه الله:
- عن أنس رضي الله عنه قال: (إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر، كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات) والموبقات هي المهلكات.
- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: " إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا – أي بيده – فذبه عنه "
وهل يقدر هؤلاء الآن خطورة الأمر إذا قرأوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إياكم ومحقرات الذنوب، فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد، فجاء ذا بعود، وجاء ذا بعود، حتى حملوا ما أنضجوا به خبزهم، وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه (وفي رواية) إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه) رواه أحمد، صحيح الجامع 2686-2687.(14/2)
وقد ذكر أهل العلم أن الصغيرة قد يقترن بها من قلة الحياء وعدم المبالاة وترك الخوف من الله مع الاستهانة بها ما يلحقها بالكبائر بل يجعلها في رتبتها، ولأجل ذلك لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار.
ونقول لمن هذه حاله: لا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى من عصيت.
وهذه كلمات سينتفع بها إن شاء الله الصادقون، الذين أحسوا بالذنب والتقصير وليس السادرون في غيهم ولا المصرون على باطلهم.
إنها لمن يؤمن بقوله تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} الحجر /49، كما يؤمن بقوله: {وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ} الحجر /50.
شروط التوبة ومكملاتها
كلمة التوبة كلمة عظيمة، لها مدلولات عميقة، لا كما يظنها الكثيرون، ألفاظ باللسان ثم الاستمرار على الذنب، وتأمل قوله تعالى: (وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه) هود /3 تجد أن التوبة هي أمر زائد على الاستغفار.
ولأن الأمر العظيم لابد له من شروط، فقد ذكر العلماء شروطاً للتوبة مأخوذة من الآيات والأحاديث، وهذا ذكر بعضها:
الأول: الإقلاع عن الذنب فوراً.
الثاني: الندم على ما فات.
الثالث: العزم على عدم العودة.
الرابع: إرجاع حقوق من ظلمهم، أو طلب البراءة منهم.
وذكر بعض أهل العلم تفصيلات أخرى لشروط التوبة النصوح، نسوقها مع بعض الأمثلة:
الأول: أن يكون ترك الذنب لله لا لشيء آخر، كعدم القدرة عليه أو على معاودته، أو خوف كلام الناس مثلاً.
فلا يسمى تائباً من ترك الذنوب لأنها تؤثر على جاهه وسمعته بين الناس، أو ربما طرد من وظيفته.
ولا يسمى تائباً من ترك الذنوب لحفظ صحته وقوته، كمن ترك الزنا أو الفاحشة خشية الأمراض الفتاكة المعدية، أو أنها تضعف جسمه وذاكرته.
ولا يسمى تائباً من ترك أخذ الرشوة لأنه خشي أن يكون معطيها من هيئة مكافحة الرشوة مثلاً.
ولا يسمى تائباً من ترك شرب الخمر وتعاطي المخدرات لإفلاسه.(14/3)
وكذلك لا يسمى تائباً من عجز عن فعل معصية لأمر خارج عن إرادته، كالكاذب إذا أصيب بشلل أفقده النطق، أو الزاني إذا فقد القدرة على الوقاع، أو السارق إذا أصيب بحادث أفقده أطرافه، بل لابد لمثل هذا من الندم والإقلاع عن تمني المعصية أو التأسف على فواتها ولمثل هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (الندم توبة) رواه أحمد وابن ماجه، صحيح الجامع 6802.
والله نزّل العاجز المتمني بالقول منزلة الفاعل، ألا تراه صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الدنيا لأربعة نفر، عبد رزقه الله مالاً وعلماً فهو يتقي فيه ربه، ويصل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقاً، فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علماً، ولم يرزقه مالاً، فهو صادق النية، يقول: لو أن لي مالاً لعملت بعمل فلان، فهو بنيته، فأجرهما سواء، وعبد رزقه الله مالاً ولم يرزقه علماً يخبط في ماله بغير علم ولا يتقي فيه ربه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقاً، فهذا بأخبث المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالاً ولا علماً فهو يقول: لو أن لي مالاً لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيته، فوزرهما سواء) رواه أحمد والترمذي وصححه صحيح الترغيب والترهيب 1/9.
الثاني: أن يستشعر قبح الذنب وضرره.
وهذا يعني أن التوبة الصحيحة لا يمكن معها الشعور باللذة والسرور حين يتذكر الذنوب الماضية، أو أن يتمنى العودة لذلك في المستقبل.
وقد ساق ابن القيم رحمه الله في كتابه الداء والدواء والفوائد أضراراً كثيرة للذنوب منها:(14/4)
حرمان العلم – والوحشة في القلب – وتعسير الأمور – ووهن البدن – وحرمان الطاعة – ومحق البركة – وقلة التوفيق – وضيق الصدر – وتولد السيئات – واعتياد الذنوب – وهوان المذنب على الله – وهوانه على الناس – ولعنة البهائم له – ولباس الذل – والطبع على القلب والدخول تحت اللعنة – ومنع إجابة الدعاء – والفساد في البر والبحر- وانعدام الغيرة – وذهاب الحياء – وزوال النعم – ونزول النقم – والرعب في قلب العاصي – والوقوع في أسر الشيطان – وسوء الخاتمة – وعذاب الآخرة.
وهذه المعرفة لأضرار الذنوب تجعله يبتعد عن الذنوب بالكلية، فإن بعض الناس قد يعدل عن معصية إلى معصية أخرى لأسباب منها:
أن يعتقد أن وزنها أخف.
لأن النفس تميل إليها أكثر، والشهوة فيها أقوى.
لأن ظروف هذه المعصية متيسرة أكثر من غيرها، بخلاف المعصية التي تحتاج إلى إعداد وتجهيز، أسبابها حاضرة متوافرة.
لأن قرناءه وخلطاؤه مقيمون على هذه المعصية ويصعب عليه أن يفارقهم.
لأن الشخص قد تجعل له المعصية المعينة جاهاً ومكانة بين أصحابه فيعز عليه أن يفقد هذه المكانة فيستمر في المعصية، كما يقع لبعض رؤساء عصابات الشر والفساد، وكذلك ما وقع لأبي نواس الشاعر الماجن لما نصحه أبو العتاهية الشاعر الواعظ ولامه على تهتكه في المعاصي، فأنشد أبو نواس:
أتراني يا عتاهي تاركاً تلك الملاهي
أتراني مفسداً بالنسك عند القوم جاهي
الثالث: أن يبادر العبد إلى التوبة، ولذلك فإن تأخير التوبة هو في حد ذاته ذنب يحتاج إلى توبة.
الرابع: أن يخشى على توبته من النقص، ولا يجزم بأنها قد قبلت، فيركن إلى نفسه ويأمن مكر الله.
الخامس: استدراك ما فات من حق الله إن كان ممكناً، كإخراج الزكاة التي منعت في الماضي ولما فيها من حق الفقير كذلك.
السادس: أن يفارق موضع المعصية إذا كان وجوده فيه قد يوقعه في المعصية مرة أخرى.(14/5)
السابع: أن يفارق من أعانه على المعصية وهذا والذي قبله من فوائد حديث قاتل المائة وسيأتي سياقه.
والله يقول: (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين) الزخرف /67. وقرناء السوء سيلعن بعضهم بعضاً يوم القيامة، ولذلك عليك أيها التائب بمفارقتهم ونبذهم ومقاطعتهم والتحذير منهم إن عجزت عن دعوتهم ولا يستجرينك الشيطان فيزين لك العودة إليهم من باب دعوتهم وأنت تعلم أنك ضعيف لا تقاوم.
وهناك حالات كثيرة رجع فيها أشخاص إلى المعصية بإعادة العلاقات مع قرناء الماضي.
الثامن: إتلاف المحرمات الموجودة عنده مثل المسكرات وآلات اللهو كالعود والمزمار، أو الصور والأفلام المحرمة والقصص الماجنة والتماثيل، وهكذا فينبغي تكسيرها وإتلافها أو إحراقها.
ومسألة خلع التائب على عتبة الاستقامة جميع ملابس الجاهلية لابد من حصولها، وكم من قصة كان فيها إبقاء هذه المحرمات عند التائبين سبباً في نكوصهم ورجوعهم عن التوبة وضلالهم بعد الهدى، نسأل الله الثبات.
التاسع: أن يختار من الرفقاء الصالحين من يعينه على نفسه ويكون بديلاً عن رفقاء السوء وأن يحرص على حلق الذكر ومجالس العلم ويملأ وقته بما يفيد حتى لا يجد الشيطان لديه فراغاً ليذكره بالماضي.
العاشر: أن يعمد إلى البدن الذي رباه بالسحت فيصرف طاقته في طاعة الله ويتحرى الحلال حتى ينبت له لحم طيب.
الحادي عشر: أن تكون التوبة قبل الغرغرة، وقبل طلوع الشمس من مغربها: والغرغرة الصوت الذي يخرج من الحلق عند سحب الروح والمقصود أن تكون التوبة قبل القيامة الصغرى والكبرى لقوله صلى الله عليه وسلم: (من تاب إلى الله قبل أن يغرغر قبل الله منه) رواه أحمد والترمذي، صحيح الجامع 6132. وقوله صلى الله عليه وسلم: (من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه) رواه مسلم.
توبة عظيمة
ونذكر هنا نموذجاً لتوبة الرعيل الأول من هذه الأمة، صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم:(14/6)
عن بريدة رضي الله عنه: أن ماعز بن مالك الأسلمي أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله إني ظلمت نفسي وزنيت، وإني أريد أن تطهرني فرده، فلما كان من الغد أتاه، فقال: يا رسول الله إني زنيت فرده الثانية، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومه، فقال: (أتعلمون بعقله بأساً ؟ أتنكرون منه شيئاً ؟) قالوا: ما نعلمه إلا وفيّ العقل، من صالحينا فيما نرى، فأتاه الثالثة، فأرسل إليهم أيضاً، فسأل عنه فأخبره أنه لا بأس به ولا بعقله، فلما كان الرابعة حفر له حفرة، ثم أمر به فرجم، قال: فجاءت الغامدية، فقالت: يا رسول الله إني زنيت فطهرني، وإنه ردها، فلما كان الغد، قالت: يا رسول الله لم تردني ؟ لعلك أن تردني كما رددت ماعزاً، فوالله إني لحبلى، قال: (أما لا، فاذهبي حتى تلدي)، قال: فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة، قالت: هذا قد ولدته، قال: (اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه)، فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز، فقالت: هذا يا رسول الله قد فطمته، وقد أكل الطعام، فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين، ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها، وأمر الناس فرجموها، فيقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها فتنضخ الدم على وجه خالد فسبها، فسمع نبي الله سبه إياها، فقال: (مهلاً يا خالد ! فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس "وهو الذي يأخذ الضرائب" لغفر له) رواه مسلم. ثم أمر بها فصلى عليها، ودفنت.
وفي رواية فقال عمر يا رسول الله رجمتها ثم تصلي عليها ! فقال: ( لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة وسعتهم، وهل وجدت شيئاً أفضل من أن جادت بنفسها لله عز وجل. رواه عبد الرزاق في مصنفه 7/325.
التوبة تمحو ما قبلها
وقد يقول قائل: أريد أن أتوب ولكن من يضمن لي مغفرة الله إذا تبت وأنا راغب في سلوك طريق الاستقامة ولكن يداخلني شعور بالتردد ولو أني أعلم أن الله يغفر لي لتبت ؟(14/7)
فأقول له ما داخلك من المشاعر داخل نفوس أناس قبلك من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولو تأملت في هاتين الروايتين بيقين لزال ما في نفسك إن شاء الله.
الأولى: روى الإمام مسلم رحمه الله قصة إسلام عمرو بن العاص رضي الله عنه وفيها: " فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: ابسط يمينك فلأبايعك، فبسط يمينه فقبضت يديّ قال: مالك يا عمرو ؟ قال: قلت أردت أن أشترط، قال (تشترط بماذا؟) قلت: أن يغفر لي. قال: (أما علمت يا عمرو أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله ؟).
والثانية: وروى الإمام مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن أناساً من أهل الشرك قتلوا فأكثروا، وزنوا فأكثروا ثم أتوا محمداً صلى الله عليه وسلم فقالوا: " إن الذي تقول وتدعوا إليه لحسن، ولو تخبرنا أن لما عملنا كفارة، فنزل قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} الفرقان /68. ونزل: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله).
هل يغفر الله لي
وقد تقول أريد أن أتوب ولكن ذنوبي كثيرة جداً ولم أترك نوعاً من الفواحش إلا واقترفته، ولا ذنباً تتخيله أو لا تتخيله إلا ارتكبته لدرجة أني لا أدري هل يمكن أن يغفر الله لي ما فعلته في تلك السنوات الطويلة.(14/8)
وأقول لك أيها الأخ الكريم: هذه ليست مشكلة خاصة بل هي مشكلة كثير ممن يريدون التوبة وأذكر مثالاً عن شاب وجه سؤالاً مرة بأنه قد بدأ في عمل المعاصي من سن مبكرة وبلغ السابعة عشرة من عمره فقط وله سجل طويل من الفواحش كبيرها وصغيرها بأنواعها المختلفة مارسها مع أشخاص مختلفين صغاراً وكباراً حتى اعتدى على بنت صغيرة، وسرق عدة سرقات ثم يقول: تبت إلى الله عز وجل، أقوم وأتهجد بعض الليالي وأصوم الاثنين والخميس، وأقرأ القرآن الكريم بعد صلاة الفجر فهل لي من توبة ؟
والمبدأ عندنا أهل الإسلام أن نرجع إلى الكتاب والسنة في طلب الأحكام والحلول والعلاجات، فلما عدنا إلى الكتاب وجدنا قول الله عز وجل: (قل يا عبادي الذي أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً أنه هو الغفور الرحيم وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له) الزمر الآيتان 53،54
فهذا الجواب الدقيق للمشكلة المذكورة وهو واضح لا يحتاج إلى بيان.
أما الإحساس بأن الذنوب أكثر من أن يغفرها الله فهو ناشيء عن عدم يقين العبد بسعة رحمة ربه أولاً.
ونقص في الإيمان بقدرة الله على مغفرة جميع الذنوب ثانياً.
وضعف عمل مهم من أعمال القلوب هو الرجاء ثالثاً.
وعدم تقدير مفعول التوبة في محو الذنوب رابعاً.
ونجيب عن كل منها.
فأما الأول: فيكفي في تبيانه قول الله تعالى: (ورحمتي وسعت كل شيء) الأعراف /56.
وأما الثاني: فيكفي فيه الحديث القدسي الصحيح: (قال تعالى من علم أني ذو قدرة على مغفرة الذنوب غفرت له ولا أبالي، ما لم يشرك بي شيئاً) رواه الطبراني في الكبير والحاكم، صحيح الجامع 4330. وذلك إذا لقي العبد ربه في الآخرة.(14/9)
وأما الثالث: فيعالجه هذا الحديث القدسي العظيم: (يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم لو أنك أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة) رواه الترمذي، صحيح الجامع 4338.
وأما الرابع: فيكفي فيه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) رواه ابن ماجه، صحيح الجامع 3008.
وإلى كل من يستصعب أن يغفر الله له فواحشه المتكاثرة نسوق هذا الحديث:
توبة قاتل المائة
عن أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: (كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفساً فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب، فأتاه فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفساً فهل له من توبة ؟ فقال: لا، فقتله فكمّل به مائة، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدّل على رجل عالم، فقال: إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة ؟ فقال: نعم، ومن يحول بينه وبين التوبة، انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناساً يعبدون الله تعالى فاعبد معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء، فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه ملك الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائباً مقبلاً بقلبه إلى الله تعالى، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيراً قط , فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم – أي حكماً - فقال: قيسوا ما بين الأرضيين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له، فقاسوا فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد، فقبضته ملائكة الرحمة) متفق عليه. وفي رواية في الصحيح (فكان إلى القرية الصالحة أقرب بشبر فجعل من أهلها) وفي رواية في الصحيح (فأوحى الله تعالى إلى هذه أن تباعدي وإلى هذه أن تقربي وقال: قيسوا ما بينهما، فوجدوه إلى هذه أقرب بشبر فغفر له).(14/10)
نعم ومن يحول بينه وبين التوبة ! فهل ترى الآن يا من تريد التوبة أن ذنوبك أعظم من هذا الرجل الذي تاب الله عليه، فلم اليأس ؟
بل إن الأمر أيها الأخ المسلم أعظم من ذلك، تأمل قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} الفرقان /68 – 70.
ووقفة عند قوله: {فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} الفرقان /70 تبين لك فضل الله العظيم، قال العلماء التبديل هنا نوعان:
الأول: تبديل الصفات السيئة بصفات حسنة كإبدالهم بالشرك إيماناً وبالزنا عفة وإحصاناً وبالكذب صدقاً وبالخيانة أمانة وهكذا.
والثاني: تبديل السيئات التي عملوها بحسنات يوم القيامة، وتأمل قوله تعالى: (يبدل الله سيئاتهم حسنات) ولم يقل مكان كل سيئة حسنة فقد يكون أقل أو مساوياً أو أكثر في العدد أو الكيفية، وذلك بحسب صدق التائب وكمال توبته، فهل ترى فضلاً أعظم من هذا الفضل ؟ وانظر إلى شرح هذا الكرم الإلهي في الحديث الجميل:(14/11)
عن عبد الرحمن بين جبير عن أبي طويل شطب الممدود أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم - وفي طرق أخرى – " جاء شيخ هرم قد سقط حاجباه على عينيه وهو يدّعم على عصا حتى قام بين يديّ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت رجلاً عمل الذنوب كلها فلم يترك منها شيئاً وهو في ذلك لم يترك حاجة ولا داجة أي صغيرة ولا كبيرة إلا أتاها، وفي رواية، إلا اقتطعها بيمينه لو قسمت خطيئته بين أهل الأرض لأوبقتهم أي أهلكتهم فهل لذلك من توبة ؟ قال: (فهل أسلمت) قال: أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. قال: (تفعل الخيرات وتترك السيئات فيجعلهن الله لك خيرات كلهن) قال: وغدراتي وفجراتني، قال: (نعم) قال: الله أكبر فما زال يكبر حتى توارى. قال الهيثمي رواه الطبراني والبزار بنحوه ورجال البزار رجال الصحيح غير محمد بن هارون أبي نشيطة وهو ثقة، المجمع 1/36 وقال المنذري في الترغيب إسناده جيد قوي 4/113 وقال ابن حجر في الإصابة هو على شرط الصحيح 4/149.
وهنا قد يسأل تائب، فيقول: إني لما كنت ضالاً لا أصلي خارجاً عن ملة الإسلام قمت ببعض الأعمال الصالحة فهل تحسب لي بعد التوبة أو تكون ذهبت أدراج الرياح.
وإليك الجواب: عن عروة بن الزبير أن حكيم بن حزام أخبره أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي رسول الله أرأيت أموراً كنت أتحنث بها في الجاهلية من صدقة أو عتِاقة أو صلة رحم أفيها أجر ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أسلمت على ما أسلفت من خير) رواه البخاري.
فهذه الذنوب تغفر، وهذه السيئات تبدل حسنات، وهذه الحسنات أيام الجاهلية تثبت لصاحبها بعد التوبة، فماذا بقي !
كيف أفعل إذا أذنبت
وقد تقول إذا وقعت في ذنب فكيف أتوب منه مباشرة وهل هناك فعل أقوم به بعد الذنب فوراً ؟.
فالجواب: ما ينبغي أن يحصل بعد الإقلاع عملان.
الأول: عمل القلب بالندم والعزم على عدم العودة، وهذه تكون نتيجة الخوف من الله.(14/12)
الثاني: عمل الجوارح بفعل الحسنات المختلفة ومنها صلاة التوبة وهذا نصها:
عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من رجل يذنب ذنباً ثم يقوم فيتطهر ثم يصلي ركعتين ثم يستغفر الله إلا غفر الله له) رواه أصحاب السنن، صحيح الترغيب والترهيب 1/284. ثم قرأ هذه الآية: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} آل عمران /135.
وقد ورد في روايات أخرى صحيحة صفات أخرى لركعتين تكفران الذنوب وهذا ملخصها:
- ما من أحد يتوضأ فيحسن الوضوء (لأن الخطايا تخرج من الأعضاء المغسولة مع الماء أو مع آخر قطر الماء)
ومن إحسان الوضوء قول بسم الله قبله والأذكار بعده وهي: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله – اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين – سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك. وهذه أذكار ما بعد الوضوء لكل منها أجر عظيم.
- يقوم فيصلي ركعتين.
- لا يسهو فيهما.
- لا يحدث فيهما نفسه.
- يحسن فيهن الذكر والخشوع.
- ثم استغفر الله.
والنتيجة:
غفر له ما تقدم من ذنبه.
إلا وجبت له الجنة. صحيح الترغيب 1/ 94، 95
ثم الإكثار من الحسنات والطاعات، ألا ترى أن عمر رضي الله عنه لما أحس بخطئه في المناقشة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الحديبية، قال بعدها فعلمت لذلك أعمالاً أي صالحات لتكفير الذنب.(14/13)
وتأمل في المثل الوارد في هذا الحديث الصحيح قال صلى الله عليه وسلم: (إن مثل الذي يعمل السيئات ثم يعمل الحسنات كمثل رجل كانت عليه درع أي لباس من حديد يرتديه المقاتل ضيقة، قد خنقته، ثم عمل حسنة فانفكت حلقة، ثم عمل أخرى فانفكت الأخرى حتى يخرج إلى الأرض) رواه الطبراني في الكبير، صحيح الجامع 2192. فالحسنات تحرر المذنب من سجن المعصية، وتخرجه إلى عالم الطاعة الفسيح، ويلخص لك يا أخي ما تقدم هذه القصة المعبرة.
عن ابن مسعود قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني وجدت امرأة في بستان ففعلت بها كل شيء غير أني لم أجامعها، قبلتها ولزمتها، ولم أفعل غير ذلك فافعل بي ما شئت، فلم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم شيئاً فذهب الرجل، فقال عمر: لقد ستر الله عليه لو ستر نفسه، فأتبعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بصره، ثم قال: (ردوه علي)، فردوه عليه فقرأ عليه: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ } (114) سورة هود .
فقال معاذ – وفي رواية عمر – يا رسول الله أله وحده، أم للناس كافة ؟ فقال: (بل للناس كافة) رواه مسلم.
أهل السوء يطاردونني
وقد تقول أريد أن أتوب ولكن أهل السوء من أصحابي يطاردونني في كل مكان وما أن علموا بشيء من التغير عندي حتى شنوا عليّ حملة شعواء وأنا أشعر بالضعف فماذا أفعل ؟!
ونقول لك اصبر فهذه سنة الله في ابتلاء المخلصين من عباده ليعلم الصادقين من الكاذبين وليميز الله الخبيث من الطيب.
وما دمت وضعت قدميك على بداية الطريق فاثبت، وهؤلاء شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض لكي يردوك على عقبيك فلا تطعهم، إنهم سيقولون لك في البداية هذا هوس لا يلبث أن يزول عنك، وهذه أزمة عارضة، والعجب أن بعضهم قال لصاحب له في بداية توبته عسى ما شر !!(14/14)
والعجب أن إحداهن لما أغلق صاحبها الهاتف في وجهها لأنه تاب ولا يريد مزيداً من الآثام اتصلت به بعد فترة وقالت عسى أن يكون زال عنك الوسواس ؟
والله يقول: (قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس، من شر الوسواس الخناس، الذي يوسوس في صدور الناس، من الجنة والناس) الناس /1-6.
فهل ربك أولى بالطاعة أم ندماء السوء ؟!
وعليك أن تعلم أنهم سيطاردونك في كل مكان وسيسعون لردك إلى طريق الغواية بكل وسيلة ولقد حدثني بعضهم بعد توبته أنه كانت له قرينة سوء تأمر سائق سيارتها أن يمشي وراءه وهو في طريقه إلى المسجد وتخاطبه من النافذة.
هنالك: {يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ } إبراهيم /27.
سيسعون إلى تذكيرك بالماضي وتزيين المعاصي السابقة لك بكل طريقة، ذكريات.. توسلات.. صور.. ورسائل.. فلا تطعهم واحذرهم أن يفتنوك وتذكر هنا قصة كعب بن مالك الصحابي الجليل، لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة جميعاً بمقاطعته لتخلفه عن غزوة تبوك حتى يأذن الله، أرسل إليه ملك غسان الكافر رسالة يقول فيها: " أما بعد فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة، فالحق بنا نواسك " يريد الكافر استمالة المسلم حتى يخرج من المدينة ويضيع هناك في ديار الكفر.
ما هو موقف الصحابي الجليل قال كعب: " فقلت حين قرأتها وهذه أيضاً من البلاء فتيممت بها التنور أي الفرن فسجرتها أي أحرقتها.
وهكذا اعمد أنت أيها المسلم من ذكر أو أنثى إلى كل ما يرسل إليك من أهل السوء فاحرقه حتى يصير رماداً وتذكر وأنت تحرقه نار الآخرة. (فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذي لا يوقنون)
إنهم يهددونني
أريد أن أتوب ولكن أصدقائي القدامى يهددونني بإعلان فضائحي بين الناس، ونشر أسراري على الملأ، إن عندهم صوراً ووثائق، وأنا أخشى على سمعتي، إني خائف !!(14/15)
ونقول: جاهد أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفاً، فهذه ضغوط أعوان إبليس تجتمع عليك كلها، ثم لا تلبث أن تتفرق وتتهاوى أمام صبر المؤمن وثباته.
واعلم أنك إن سايرتهم ورضخت لهم فسيأخذون عليك مزيداً من الإثباتات، فأنت الخاسر أولاً وأخيراً، لكن لا تطعهم واستعن بالله عليهم، وقل حسبي الله ونعم الوكيل، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خاف قوماً قال: (اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم) رواه أحمد وأبو داود، صحيح الجامع 4582.
صحيح أن الموقف صعب وأن تلك المسكينة التائبة التي اتصل بها قرين السوء يقول مهدداً: لقد سجلت مكالمتك ولديّ صورتك ولو رفضت الخروج معي لأفضحنك عند أهلك !! صحيح أنها في موقف لا تحسد عليه.
وانظر إلى حرب أولياء الشياطين لمن تاب من المغنين والمغنيات والممثلين والممثلات فإنهم يطرحون أسوأ إنتاجهم السابق في الأسواق للضغط والحرب النفسية، ولكن الله مع المتقين، ومع التائبين، وهو ولي المؤمنين، لا يخذلهم ولا يتخلى عنهم، وما لجأ عبد إليه فخاب أبداً، واعلم أن مع العسر يسراً، وأن بعد الضيق فرجاً.
وإليك أيها الأخ التائب هذه القصة المؤثرة شاهداً واضحاً على ما نقول.(14/16)
إنها قصة الصحابي الجليل مرثد بن أبي مرثد الغنويّ الفدائي الذي كان يهرب المستضعفين من المسلمين من مكة إلى المدينة سراً. " كان رجل يقال له: مرثد بن أبي مرثد، وكان رجلاً يحمل الأسرى من مكة، حتى يأتي بهم المدينة، قال: وكانت امرأة بمكة بغي يقال لها عناق وكانت صديقة له، وأنه كان وعد رجلاً من أسارى مكة يحتمله، قال: فجئت حتى انتهيت إلى ظل حائط من حوائط مكة في ليلة مقمرة، قال: فجاءت عناق فأبصرت سواد ظلي بجانب الحائط، فلما انتهت إليّ عرفت، فقالت: مرثد ؟ فقلت: مرثد، قالت: مرحباً وأهلاً، هلم فبت عندنا الليلة، قلت: يا عناق حرم الله الزنا، قالت: يا أهل الخيام هذا الرجل يحمل أسراكم قال فتبعني ثمانية، وسلكت الخندمة (وهو جبل معروف عند أحد مداخل مكة) فانتهيت إلى غار أو كهف، فدخلت فجاءوا حتى قاموا على رأسي وعماهم الله عني قال: ثم رجعوا، ورجعت إلى صاحبي فحملته، وكان رجلاً ثقيلاً، حتى انتهيت إلى الأذخر ففككت عنه أكبله (أي قيوده) فجعلت أحمله ويُعييني (أي يرهقني) حتى قدمت المدينة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله أنكح عناقاً ؟ مرتين، فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرد عليّ شيئاً، حتى نزلت {الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} النور /3 فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا مرثد الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة، والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك فلا تنكحها) صحيح سنن الترمذي 3/80.
هل رأيت كيف يدافع الله عن الذين آمنوا وكيف يكون مع المحسنين؟.
وعلى أسوأ الحالات لو حصل ما تخشاه أو انكشفت بعض الأشياء واحتاج الأمر إلى بيان فوضح موقفك للآخرين وصارحهم، وقل نعم كنت مذنباً فتبت إلى الله فماذا تريدون ؟(14/17)
ولنتذكر جميعاً أن الفضيحة الحقيقة هي التي تكون بين يدي الله يوم القيامة، يوم الخزي الأكبر، ليست أمام مائة أو مائتين ولا ألف أو ألفين، ولكنها على رؤوس الأشهاد، أما الخلق كلهم من الملائكة والجن والإنس، من آدم وحتى آخر رجل.
فهلم إلى دعاء إبراهيم:
(ولا تخزني يوم يبعثون، يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم) الشعراء /87-89
وتحصن في اللحظات الحرجة بالأدعية النبوية: اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا، اللهم اجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من بغى علينا، اللهم لا تشمت بنا الأعداء ولا الحاسدين.
ذنوبي تنغص معيشتي
وقد تقول: إني ارتكبت من الذنوب الكثير وتبت إلى الله، ولكن ذنوبي تطاردني، وتذكري لما عملته ينغص عليّ حياتي، ويقض مضجعي، ويؤرق ليلي ويقلق راحتي، فما السبيل إلى إراحتي.
فأقول لك أيها الأخ المسلم، إن هذه المشاعر هي دلائل التوبة الصادقة، وهذا هو الندم بعينه، والندم توبة فالتفت إلى ما سبق بعين الرجاء، رجاء أن يغفر الله لك، ولا تيأس من روح الله، ولا تقنط من رحمة الله، والله يقول: {وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ} الحجر /56.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: (أكبر الكبائر الإشراك بالله، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله) رواه عبد الرزاق وصححه الهيثمي وابن كثير.
والمؤمن يسير إلى الله بين الخوف والرجاء، وقد يُغلِّب أحدهما في بعض الأوقات لحاجة، فإذا عصى غلَّب جانب الخوف ليتوب، وإذا تاب غلَّب جانب الرجاء يطلب عفو الله.
هل اعترف ؟
وسأل سائل بصوت حزين يقول: أريد أن أتوب ولكن هل يجب عليّ أن أذهب وأعترف بما فعلت من ذنوب ؟
وهل من شروط توبتي أن أقر أمام القاضي في المحكمة بكل ما اقترفت وأطلب إقامة الحد عليّ ؟
وماذا تعني تلك القصة التي قرأتها قبل قليل عن توبة ماعز، والمرأة، والرجل الذي قبّل امرأة في بستان.(14/18)
فأقول لك أيها الأخ المسلم: اتصال العبد بربه دون وسائط من مزايا هذا التوحيد العظيم، الذي ارتضاه الله (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) البقرة /186. وإذا آمنا أن التوبة لله فإن الاعتراف هو لله أيضاً، وفي دعاء سيد الاستغفار: (أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي) أي أعترف لك يا الله.
ولسنا ولله الحمد مثل النصارى، قسيس وكرسي اعتراف وصك غفران.. إلى آخر أركان المهزلة.
بل إن الله يقول: {أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ } التوبة /104 أي عن عباده دون وسيط.
أما بالنسبة لإقامة الحدود فإن الحد إذا لم يصل إلى الإمام أو الحاكم أو القاضي فإنه لا يلزم الإنسان أن يأتي ويعترف، ومن ستر الله عليه لا بأس أن يستر نفسه، وتكفيه توبته فيما بينه وبين الله، ومن أسمائه سبحانه الستِّير وهو يحب الستر على عباده، أما أولئك الصحابة مثل ماعز والمرأة اللذان زنيا والرجل الذي قبل امرأة في بستان فإنهم رضي الله عنهم فعلوا أمراً لا يجب عليهم وذلك من شدة حرصهم على تطهير أنفسهم بدليل أنه صلى الله عليه وسلم لما جاءه ماعز أعرض عنه وعن المرأة في البداية وكذلك قول عمر للرجل الذي قبّل امرأة في بستان لقد ستر الله عليه لو ستر نفسه، وسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم إقراراً.
وعلى هذا فلا يلزم الذهاب للمحكمة لتسجيل الاعترافات رسمياً إذا أصبح العبد وقد ستره ربه، ولا يلزم كذلك الذهاب إلى إمام المسجد وطلب إقامة الحد، ولا الاستعانة بصديق في الجلد داخل البيت، كما يخطر في أذهان البعض.
وعند ذلك تُعلم بشاعة موقف بعض الجهال من بعض التائبين في مثل القصة الآتي ملخصها:(14/19)
ذهب مذنب إلى إمام مسجد جاهل، واعترف لديه بما ارتكب من ذنوب وطلب منه الحل، فقال هذا الإمام لابد أولاً أن تذهب إلى المحكمة وتصدق اعترافاتك شرعاً، وتقام عليك الحدود، ثم ينظر في أمرك، فلما رأى المسكين أنه لا يطيق تطبيق هذا الكلام، عدل عن التوبة ورجع إلى ما كان فيه.
وأنتهز هذه الفرصة لتعليق مهم فأقول: أيها المسلمون إن معرفة أحكام الدين أمانة، وطلبها من مصادرها الصحيحة أمانة، والله يقول: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} النحل /43 وقال: {الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} الفرقان /59.
فليس كل واعظ يصلح أن يُفتي، ولا كل إمام مسجد أو مؤذن يصلح أن يُخبر بالأحكام الشرعية في قضايا الناس، ولا كل أديب أو قاصّ يصلح ناقلاً للفتاوى، والمسلم مسئول عمن يأخذ الفتوى، وهذه مسألة تعبدية، وقد خشي صلى الله عليه وسلم على الأمة من الأئمة المضلين، قال أحد السلف: إن هذا العلم دين فانظروا عمّن تأخذون دينكم، فاحذروا عباد الله من هذه المزالق والتمسوا أهل العلم فيما أشكل عليكم. والله المستعان.
فتاوى مهمة للتائبين
وقد تقول: أريد أن أتوب ولكني أجهل أحكام التوبة، وتدور في ذهني أسئلة كثيرة عن صحة التوبة من بعض الذنوب، وكيفية قضاء حقوق الله التي فرطت فيها، وطريقة إرجاع حقوق العباد التي أخذتها، فهل من إجابات على هذه التساؤلات ؟
وإليك أيها العائد إلى الله ما علّه يشفي الغليل.
س1: إنني أقع في الذنب فأتوب منه، ثم تغلبني نفسي الأمارة بالسوء فأعود إليه ! فهل تبطل توبتي الأولى ويبقى عليّ إثم الذنب الأول وما بعده ؟
جـ1: ذكر أكثر العلماء على أنه لا يشترط في صحة التوبة ألا يعود إلى الذنب، وإنما صحة التوبة تتوقف على الإقلاع عن الذنب، والندم عليه، والعزم الجازم على ترك معاودته، فإن عاوده يصبح حينئذ كمن عمل معصية جديدة تلزمه توبة جديدة منها وتوبته الأولى صحيحة.(14/20)
س2: هل تصح التوبة من ذنب وأنا مصر على ذنب آخر ؟
جـ2: تصح التوبة من ذنب ولو أصر على ذنب آخر، إذا لم يكن من النوع نفسه، ولا يتعلق بالذنب الأول، فمثلاً لو تاب من الربا ولم يتب من شرب الخمر فتوبته من الربا صحيحة، والعكس صحيح، أما إذا تاب من ربا الفضل وأصر على ربا النسيئة فلا تقبل توبته حينئذ، وكذلك من تاب من تناول الحشيشة وأصر على شرب الخمر أو العكس، وكذلك من تاب عن الزنا بامرأة وهو مصر على الزنا بغيرها فهؤلاء توبتهم غير صحيحة، وغاية ما فعلوه أنهم عدلوا عن نوع من الذنب إلى نوع آخر منه. راجع المدارج.
س3: تركت حقوقاً لله في الماضي من صلوات لم أؤدها وصيام تركته وزكاة منعتها، فماذا أفعل الآن؟
جـ3: أما تارك الصلاة فالراجح أنه لا يلزمه القضاء لأنه قد فات وقتها، ولا يمكن استدراكه ويعوضه بكثرة التوبة والاستغفار، والإكثار من النوافل لعل الله أن يتجاوز عنه.
وأما تارك الصيام فإن كان مسلماً وقت تركه للصيام، فإنه يجب عليه القضاء مع إطعام مسكين عن كل يوم أخره من رمضان حتى دخل رمضان الذي بعده، من غير عذر وهذه كفارة التأخير، وهي واحدة لا تتضاعف ولو توالت أشهر رمضان.
مثال: رجل ترك 3 أيام من رمضان سنة 1400 هـ و 5 أيام من رمضان سنة 1401 هـ تهاوناً، وبعد سنين تاب إلى الله، فإنه يلزمه قضاء الصيام ثمانية أيام، وإطعام مسكين عن كل يوم من الأيام الثمانية.
مثال آخر: امرأة بلغت عام 1400 هـ وخجلت من إخبار أهلها، فصامت أيام عادتها الثمانية مثلاً ولم تقضها، ثم تابت إلى الله الآن فعليها الحكم السابق نفسه، وينبغي أن يعلم أن هناك فروقاً بين ترك الصلاة وترك الصيام، ذكره أهل العلم على أن هناك في العلماء من يرى عدم القضاء على من ترك الصيام متعمداً دون عذر.
وأما تارك الزكاة فيجب عليه إخراجها وهي حق لله من جهة، وحق للفقير من جهة أخرى. للمزيد راجع مدارج السالكين 1/383.(14/21)
س4: إذا كانت السيئة في حق آدميّ فكيف تكون التوبة ؟
جـ4: الأصل في هذا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كانت لأخيه عنده مظلمة، من عرض أو مال، فليتحلله اليوم قبل أن يؤخذ منه يوم لا دينار ولا درهم، فإن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له عمل أخذ من سيئات صاحبه فجعلت عليه) رواه البخاري فيخرج التائب من هذه المظالم إما بأدائها إلى أصحابها وإما باستحلالها منهم وطلب مسامحتهم، فإن سامحوه وإلا ردها.
س5: وقعت في غيبة شخص أو أشخاص، وقذفت آخرين بأمورٍ هم بريئون منها فهل يشترط إخبارهم بذلك مع طلب المسامحة وإذا كان لا يشترط فكيف أتوب ؟!
جـ5: المسألة هنا تعتمد على تقدير المصالح والمفاسد.
فإن كان إذا أخبرهم بم اغتابهم أو قذفهم لا يغضبون منه ولا يزدادون عليه حنقاً وغماً صارحهم وطلب منهم المسامحة ولو بعبارات عامة، كأن يقول إني أخطأت في حقك في الماضي، أو ظلمتك بكلام، وإني تبت إلى الله فسامحني، دون أن يفصل فلا بأس بهذا.
وإن كان إذا أخبرهم بما اغتابهم أو قذفهم حنقوا عليه وازدادوا غماً وغيظاً – وربما يكون هذا هو الغالب – أو أنه إذا أخبرهم بعبارات عامة لم يرضوا إلا بالتفاصيل التي إذا سمعوها زادوا كراهية له، فإنه حينئذ لا يجب عليه إخبارهم أصلاً لأن الشريعة لا تأمر بزيادة المفاسد، وإخبار شخص بأمور كان مستريحاً قبل سماعها على وجه يسبب البغضاء وينافي مقصد الشريعة في تأليف القلوب والتحاب بين المسلمين، وربما يكون الإخبار سبباً لعداوة لا يصفو بعدها قلب المغتاب أبداً لمن اغتابه، وفي هذه الحالة يكفي التوبة أمور منها:
1- الندم وطلب المغفرة من الله والتأمل في شناعة هذه الجريمة واعتقاد تحريمها.
2- أن يكذب نفسه عند من سمع الغيبة، أو القذف ويبرئ المقذوف.
3- أن يثني بالخير على من اغتابه في المجالس التي ظلمته فيها، ويذكر محاسنه.
4- أن يدافع عمن اغتابه، ويرد عنه إذا أراد أحد أن يسيء إليه.(14/22)
5- أن يستغفر له بظهر الغيب المدارج 1/291، والمغني مع الشرح 12/78
ولاحظ أيها الأخ المسلم الفرق بين الحقوق المالية وجنايات الأبدان، وبين الغيبة والنميمة، فالحقوق المالية يستفيد أهلها إذا أخبروا بها، وردت إليهم، ويسرون بذلك، ولذلك لا يجوز كتمها بخلاف الحقوق التي في جانب العِرض، والتي لا تزيد من يُخبر بها إلا ضرراً وتهييجاً.
س6: كيف يتوب القاتل المتعمد ؟
جـ6: القاتل المتعمد عليه ثلاثة حقوق:
حق الله، وحق القتيل، وحق الورثة.
فحق الله لا يُقضى إلا بالتوبة.
حق الورثة أن يسلم نفسه إليهم ليأخذوا حقهم، إما بالقصاص أو بالدية أو العفو.
ويبقى حق القتيل الذي لا يمكن الوفاء به في الدنيا، وهنا قال أهل العم إذا حسنت توبة القاتل، فإن الله يرفع عنه حق القتيل ويعوض القتيل يوم القيامة خيراً من عنده عز وجل، وهذا أحسن الأقوال. المدارج 1/299.
س7: كيف يتوب السارق ؟
جـ7: إذا كان الشيء عنده الآن رده إلى أصحابه.
وإن تلف أو نقصت قيمته بالاستعمال أو الزمن وجب عليه أن يعوضهم عن ذلك، إلا إذا سامحوه فالحمد لله.
س8: أشعر بالحرج الشديد إذا واجهت من سرقت منهم، ولا أستطيع أن أصارحهم، ولا أن أطلب منهم المسامحة فكيف أفعل ؟
جـ8: لا حرج عليك في البحث عن طريق تتفادى فيه هذا الإحراج الذي لا تستطيع مواجهته، كأن ترسل حقوقهم مع شخص آخر، وتطلب عدم ذكر اسمك، أو بالبريد، أو تضعها خفية عندهم، أو تستخدم التورية وتقول هذه حقوق لكم عند شخص، وهو لا يريد ذكر اسمه، والمهم رجوع الحق إلى أصحابه.
س9: كنت أسرق من جيب أبي خفية، وأريد الآن أن أتوب ولا أعلم كم سرقت بالضبط، وأنا محرج من مواجهته ؟
جـ9: عليك أن تقدر ما سرقته بما يغلب على ظنك أنه هو أو أكثر منه، ولا بأس أن تعيده إلى أبيك خفية كما أخذته خفية.
س10: سرقت أموالاً من أناس وتبت إلى الله، ولا أعرف عناوينهم ؟
وآخر يقول أخذت من شركة أموالاً خلسة، وقد أنهت عملها وغادرت البلد ؟(14/23)
وثالث يقول سرقت من محل تجاري سلعاً، وتغير مكانه ولا أعرف صاحبه ؟
جـ10: عليك بالبحث عنهم على قدر طاقتك ووسعك، فإذا وجدتهم فادفعها إليهم والحمد لله، وإذا مات صاحب المال فتعطى لورثته، وإن لم تجدهم على الرغم من البحث الجاد فتصدق بهذه الأموال بالنيابة عنهم، وانوها لهم ولو كانوا كفاراً لأن الله يعطيهم في الدنيا ولا يعطيهم في الآخرة.
ويشبه هذه المسألة ما ذكره ابن القيم رحمه الله في المدراج 1/388 أن رجلاً في جيش المسلمين غل (أي سرق) من الغنيمة، ثم تاب بعد زمن، فجاء بما غله إلى أمير الجيش فأبى أن يقبله منه، وقال كيف لي بإيصاله إلى الجيش وقد تفرقوا ؟ فأتى هذا التائب حجاج بن الشاعر يستفتيه فقال له حجاج: يا هذا إن الله يعلم الجيش وأسماءهم وأنسابهم فادفع خمسه إلى صاحب الخمس وتصدق بالباقي عنهم، فإن الله يوصل ذلك إليهم ففعل فلما أخبر معاوية قال لأن أكون أفتيتك بذلك أحب إليّ من نصف ملكي، وهناك فتوى مشابهة لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قريبة من هذه قصة مذكورة في المدارج.
س11: غصبت مالاً لأيتام وتاجرت به وربحت، ونما المال أضعافاً وخفت من الله فكيف أتوب ؟
جـ11: للعلماء في هذه المسألة أقوال أوسطها وأعدلها أنك ترد رأس المال الأصلي للأيتام، زائداً نصف الأرباح، فتكون كأنك وإياهم شركاء في الربح مع إعادة الأصل إليهم.
وهذه رواية عن الإمام أحمد، وهو رأي شيخ الإسلام ابن تيمية وترجيح تلميذه ابن القيم رحمه الله (المدراج 1/392)
وكذلك لو غصب سائمة من إبل أو غنم فنتجت أولاداً فهي ونصف أولادها للمالك الأصلي، فإن ماتت أعطى قيمتها مع نصف النتاج إلى مالكها.
س12: رجل يعمل في الشحن الجوي وتتخلف عندهم بضائع أخذ منها مسجلاً خلسة وبعد سنوات تاب فهل يُرجع المسجل نفسه أو قيمته أو شبيهاً به، علماً بأن هذا النوع قد انتهى من السوق ؟(14/24)
جـ12: يرجع المسجل نفسه زائداً عليه ما نقص من قيمته لقاء الاستعمال أو تقادم الزمن، وذلك بطريقة مناسبة دون أن يؤذي نفسه، فإن تعذر، تصدق بقيمته نيابة عن صاحبه الأصلي.
س13: كان عندي أموال من الربا ولكني أنفقتها كلها، ولم يبق عندي منها شيء، وأنا الآن تائب فماذا يلزمني ؟
جـ13: لا يلزمك إلا التوبة إلى الله عز وجل توبة نصوحاً والربا خطير، ولم يؤذن بحرب أحد في القرآن الكريم إلا أهل الربا وما دامت الأموال الربوية قد ذهبت كلها، فليس عليك من جهتها شيء الآن.
س14: اشتريت سيارة بمال بعضه حلال وبعضه حرام، وهي موجودة عندي الآن فكيف أفعل ؟
جـ14: من اشترى شيئاً لا يتجزأ كالبيت أو السيارة بمال بعضه حلال وبعضه حرام فيكفيه أن يخرج ما يقابل الحرام من ماله الآخر ويتصدق به تطييباً لتلك الممتلكات، فإن كان هذا الجزء من المال الحرام هو حق للآخرين وجب ردّ مثله إليهم على التفصيل السابق.
س15: ماذا يفعل بالمال الذي ربحه من تجارة الدخان، وكذلك إذا احتفظ بأمواله الأخرى الحلال ؟
جـ15: من تاجر بالمحرمات كبيع آلات اللهو والأشرطة المحرمة والدخان وهو يعلم حكمها ثم تاب يصرف أرباح هذه التجارة المحرمة في وجوه الخير تخلصاً لا صدقة، لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً.
وإذا اختلط هذا المال الحرام بأموال أخرى حلال كصاحب البقالة الذي يبيع الدخان مع السلع المباحة، فإنه يقدر هذا المال الحرام تقديراً باجتهاده، ويخرجه بحيث يغلب على ظنه أنه نقى أمواله من الكسب الحرام، والله يعوضه خيراً وهو الواسع الكريم.
وعلى وجه العموم فإن من لديه أموالاً من كسب حرام، وأراد أن يتوب فإن كان:
1- كافراً عند كسبها فلا يُلزم عند التوبة بإخراجها لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُلزم الصحابة بإخراج ما لديهم من الأموال المحرمة لما أسلموا.
2- وأما إن كان عند كسبه للحرام مسلماً عالماً بالتحريم فإنه يُخرج ما لديه من الحرام إذا تاب.(14/25)
س16: شخص يأخذ الرشاوي، ثم هداه الله إلى الاستقامة، فماذا يفعل بالأموال التي أخذها من الرشوة ؟
جـ16: هذا الشخص لا يخلو من حالتين:
1- إما أن يكون أخذ الرشوة من صاحب حق مظلوم اضطر أن يدفع الرشوة ليحصل على حقه لأنه لم يكن له سبيل للوصول إلى حقه إلا بالرشوة، فهنا يجب على هذا التائب أن يرد المال إلى الراشي صاحب الحق لأنه في حكم المال المغصوب ولأنه ألجأه إلى دفعه بالإكراه.
2- أن يكون أخذ الرشوة من راش ظالم مثله تحصل عن طريق الرشوة على أشياء ليست من حقه، فهذا لا يُرجع إليه ما أخذه منه، وإنما يتخلص التائب من هذا المال الحرام في وجوه الخير كإعطائه للفقراء مثلاً، كما يتوب مما تسبب فيه من صرف الحق عن أهله.
س17: عملت أعمالاً محرمة وأخذت مقابلها أموالاً فهل يجب عليّ وقد تبت إرجاع هذه الأموال لمن دفعها إليّ ؟
جـ17: الشخص الذي يعمل في أعمال محرمة، أو يقدم خدمات محرمة، ويأخذ مقابلاً أو أجرة على ذلك إذا تاب إلى الله وعنده هذا المال الحرام فإنه يتخلص منه ولا يعيده إلى من أخذه منه.
فالزانية التي أخذت مالاً على الزنا لا تعيده إلى الزاني إذا تابت، والمغني الذي أخذ أموالاً على الغناء المحرم لا يعيده إلى أصحاب الحفلة إذا تاب، وبائع الخمر أو المخدارت لا يعيدها إلى من اشتروها منه إذا تاب، وشاهد الزور الذي أخذ مقابلاً لا يعيد المال من استخدمه لشهادة الزور وهكذا، والسبب أنه إذا أرجع المال للعاصي الذي دفعه فإنه يكون قد جمع له بين العِوض الحرام والمُعوَّض بالتخلص منه، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وترجيح تلميذه ابن القيم. كما في المدارج 1/390.
س18: هناك أمر يقلقني ويسبب لي إرهاقاً وأرقاً، وهو أني وقعت في الفاحشة مع امرأة فكيف أتوب، وهل يجوز لي أن الزواج منها لستر القضية ؟
وآخر يسأل أنه وقع في الفاحشة في الخارج، وأن المرأة حملت منه فهل يكون هذا ولده، وهل يجب عليه إرسال نفقة الولد.(14/26)
جـ18: لقد كثرت الأسئلة عن الموضوعات المتعلقة بالفواحش كثرة تجعل من الواجب على المسلمين جميعاً إعادة النظر في أوضاعهم وإصلاحها على هدي الكتاب والسنة وخصوصاً في مسائل غض البصر وتحريم الخلوة، وعدم مصافحة المرأة الأجنبية والالتزام بالحجاب الشرعي الكامل وخطورة الاختلاط، وعدم السفر إلى بلاد الكفار والاعتناء بالبيت المسلم والأسرة المسلمة والزواج المبكر وتذليل صعوباته.
أما بالنسبة إلى السؤال فمن فعل الفاحشة فلا يخلو من حالتين:
1- إما أنه زنى بالمرأة اغتصاباً وإكراهاً فهذا عليه أن يدفع لها مهر مثلها، عوضاً عما ألحق بها من الضرر، مع توبته إلى الله توبة نصوحاً، وإقامة الحد عليه إذا وصل أمره إلى الإمام، أو من ينوب عنه كالقاضي ونحوه. انظر المدارج 1/366
2- أن يكون قد زنى بها برضاها، فهذا لا يجب عليه إلا التوبة، ولا يُلحق به الولد مطلقاً ولا تجب عليه النفقة لأن الولد جاء من سفاح ومثل هذا ينسب لأمه، ولا يجوز إلحاقه بنسب الزاني.
ولا يجوز للتائب الزواج منها لستر القضية والله يقول: (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك) التوبة /3.
ولا يجوز العقد على امرأة في بطنها جنين من الزنا، ولو كان منه، كما لا يجوز العقد على امرأة لا يدرى أهي حامل أم لا.
أما إذا تاب هو وتابت المرأة توبة صادقة وتبين براءة رحمها، فإنه يجوز له حينئذ أن يتزوج منها، ويبدأ معها حياة جديدة يحبها الله.
س19: لقد حصل والعياذ بالله أني ارتكبت الفاحشة وعقدت على المرأة الزانية، وقد صار لنا سنوات وقد تبنا أنا وهي إلى الله توبة صادقة فماذا يجب عليّ ؟
جـ19: ما دامت التوبة قد صحت من الطرفين فعليكما إعادة العقد بشروطه الشرعية من الولي والشاهدين، ولا يلزم أن يكون ذلك في المحكمة بل لو حصل في البيت لكان كافياً.(14/27)
س20: امرأة تقول إنها تزوجت من رجل صالح وقد فعلت أموراً لا ترضي الله قبل زواجها، وضميرها يؤنبها الآن، وتسأل هل يجب عليها إخبار زوجها بما حصل منها في الماضي ؟
جـ20: لا يجب على أيٍّ من الزوجين إخبار الآخر بما فعل في الماضي من المنكرات، ومن ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله وتكفيه التوبة النصوح.
وأما من تزوج بكراً ثم تبين له عند الدخول بها أنها ليست كذلك لفاحشة ارتكبتها في الماضي، فإنه يحق له أخذ المهر الذي أعطاها ويفارقها، وإن رأى أنها تابت فستر الله عليها وأبقاها فله الأجر والمثوبة من الله.
س21: ماذا يجب على التائب من فاحشة اللواط ؟
جـ21: الواجب على الفاعل والمفعول به التوبة إلى الله توبة عظيمة، فإنه لا يُعلم أن الله أنزل أنواعاً من العذاب بأمة كما أنزله بقوم لوط لشناعة جريمتهم فإنه:
1- أخذ أبصارهم فصاروا عمياناً، يتخبطون كما قال تعالى: (فطمسنا أعينهم)
2- أرسل عليهم الصيحة.
3- قلب ديارهم، فجعل عاليها سافلها.
4- أمطرهم بحجارة من سجيل منضود، فأهلكهم عن بكرة أبيهم.
ولذلك كان الحد الذي يقام على مرتكب هذه الفاحشة القتل محصناً أو غير محصن، كما قال صلى الله عليه وسلم: (من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وصححه الألباني في إرواء الغليل.
س22: تبت إلى الله ولديّ أشياء محرمة كأدوات موسيقية وأشرطة وأفلام، فهل يجوز لي بيعها خصوصاً وأنها تساوي مبلغاً كبيراً ؟
جـ22: لا يجوز بيع المحرمات وثمن بيعها حرام، قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه) رواه أبو داود وهو حديث صحيح. وكل ما تعلم أن غيرك سيستخدمه في الحرام فلا يجوز لك بيعه إياه، لأن الله نهى عن ذلك فقال: (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) ومهما خسرت من مال الدنيا فما عند الله خير وأبقى، وهو يعوضك بمنه وفضله وكرمه.(14/28)
س23: كنت إنساناً ضالاً أنشر الأفكار العلمانية، وأكتب القصص والمقالات الإلحادية، وأستخدم شعري في نشر الإباحية والفسوق، وقد تداركني الله برحمته، فأخرجني من الظلمات إلى النور وهداني فكيف أتوب ؟
جـ23: هذه والله النعمة الكبرى والمنة العظمى، وهي الهداية فاحمد الله عليها، واسأل الله الثبات والمزيد من فضله.
أما من كان يستخدم لسانه وقلمه في حرب الإسلام ونشر العقائد المنحرفة أو البدع المضلة والفجور والفسق فإنه يجب عليه الآتي:
أولاً: أن يعلن توبته منها جميعاً، ويُظهر تراجعه على الملأ بكل وسيلة وسبيل يستطيعه حتى يُعذر فيمن أضلهم، ويبين الباطل الذي كان لئلا يغتر من تأثر به من قبل، ويتتبع الشبهات التي أثارها والأخطاء التي وقع فيها فيرد عليها، ويتبرأ مما قال وهذا التبيين واجب من واجبات التوبة، قال تعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} البقرة /160.
ثانياً: أن يسخر قلمه ولسانه في نشر الإسلام، ويوظف طاقته وقدراته في نصر دين الله، وتعليم الناس الحق والدعوة إليه.
ثالثاً: أن يستخدم هذه الطاقات في الرد على أعداء وفضحهم وفضح مخططاتهم، كما كان يناصرهم من قبل ويفند مزاعم أعداء الإسلام، ويكون سيفاً لأهل الحق على أهل الباطل، وكذلك كل من اقنع شخصاً ولو في مجلس خاص بأمر محرم كجواز الربا، وأنه فوائد مباحة، فإنه ينبغي عليه أن يعود ويبين له كما أضله حتى يكفّر عن خطيئته والله الهادي.
وختاماً:
يا عبد الله فتح الله باب التوبة فهلا ولجت (إن للتوبة باباً عرض ما بين مصراعيه ما بين المشرق والمغرب، وفي رواية عرضه مسيرة سبعين عاماً، لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها). رواه الطبراني في الكبير، صحيح الجامع 2177.
ونادى الله (يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم) رواه مسلم. فهلا استغفرت.(14/29)
والله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، والله يحب الإعتذار فهلا أقبلت.
فلله ما أحلى قول التائب، أسألك بعزك وذلي إلا رحمتني.
أسألك بقوتك وضعفي، وبغناك وفقري إليك هذه ناصيتي الكاذبة الخاطئة بين يديك، عبيدك سواي كثير وليس لي سيد سواك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، أسألك مسألة المسكين وابتهل إليك ابتهال الخاضع الذليل، وأدعوك دعاء الخائف الضرير سؤال من خضعت لك رقبته ورغم لك أنفه وفاضت لك عيناه وذل لك قلبه.
وتأمل هذه القصة ودلالتها في موضع التوبة:
روي أن أحد الصالحين كان يسير في بعض الطرقات فرأى باباً قد فتح وخرج منه صبي يستغيث ويبكي وأمه خلفه تطرده حتى خرج، فأغلقت الباب في وجهه، ودخلت فذهب الصبي غير بعيد ثم وقف مفكراً فلم يجد له مأوى غير البيت الذي أخرج منه ولا من يؤويه غير والدته، فرجع مكسور القلب حزيناً فوجد الباب مغلقاً فتوسده ووضع خده على عتبة الباب، ونام ودموعه على خديه، فخرجت أمه بعد حين، فلما رأته على تلك الحال لم تملك أن رمت نفسها عليه والتزمته تقبله وتبكي، وتقول: يا ولدي أين ذهبت عني ومن يؤويك سواي، ألم أقل لك لا تخالفني ولا تحملني على عقوبتك بخلاف ما جبلني الله عليه من الرحمة بك والشفقة عليك ثم أخذته ودخلت !!
ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الله أرحم بعباده من هذه بولدها) رواه مسلم.
وأين تقع رحمة الوالدة من رحمة الله التي وسعت كل شيء ؟(14/30)
والله يفرح إذا تاب العبد إليه، ولن نعدم خيراً من رب يفرح (لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من رجل كان في سفر في فلاة من الأرض، نزل منزلاً وبه مهلكة ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه، فأوى إلى ظل شجرة، فوضع رأسه فنام نومة تحتها، فاستيقظ وقد ذهبت راحلته فطلبها، فأتى شرفاً فصعد عليه فلم ير شيئاً، ثم أتى آخر فأشرف فلم ير شيئاً، حتى إذا اشتد عليه الحر والعطش قال: أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته، فينما هو كذلك، رفع رأسه فإذا راحلته قائمة عنده، تجر خطامها، عليها زاده طعامه وشرابه، فأخذ بخطامها، فالله أشد فرحاً بتوبة المؤمن من هذا براحلته وزاده) السياق مجموع من روايات صحيحة، انظر ترتيب صحيح الجامع 4/368.
واعلم يا أخي، أن الذنب يُحدث للتائب الصادق انكساراً وذلة بين يدي الله، وأنين التائبين محبوب عند رب العالمين.
ولا يزال العبد المؤمن واضعاً ذنوبه نُصب عينيه فتُحدث له انكساراً وندماً، فيعقب الذنب طاعات وحسنات كثيرة حتى أن الشيطان ربما يقول: يا ليتني لم أوقعه في هذا الذنب، ولذلك فإن بعض التائبين قد يرجع بعد الذنب أحس مما كان قبله بحسب توبته.
والله لا يتخلى عن عبده أبداً إذا جاء مقبلاً عليه تائباً إليه.
أرأيت لو أن ولداً كان يعيش في كنف أبيه يغذيه بأطيب الطعام والشراب، ويلبسه أحسن الثياب، ويربيه أحسن التربية، ويعطيه النفقة، وهو القائم بمصالحه كلها، فبعثه أبوه يوماً في حاجة، فخرج عليه عدو في الطريق فأسره وكتفه وشد وثاقه، ثم ذهب إلى بلاد الأعداء، وصار يعامله بعكس ما كان يعامله به أبوه، فكان كلما تذكر تربية أبيه وإحسانه إليه المرة بعد المرة تهيجت من قلبه لواعج الحسرات، وتذكر ما كان عليه وكل ما كان فيه من النعيم.(14/31)
فينما هو في أسر عدوه يسومه سوء العذاب، ويريد ذبحه في نهاية المطاف، إذ حانت منه التفاتة نحو ديار أبيه فرأى أباه منه قريباً، فسعى إليه وألقى بنفسه عليه وانطرح بين يديه يستغيث يا أبتاه يا أبتاه يا أبتاه، أنظر إلى ولدك وما هو فيه والدموع تسيل على خديه، وهو قد اعتنق أباه والتزمه وعدوه يشتد في طلبه حتى وقف على رأسه وهو ملتزم لوالده ممسك به.
فهل تقول إن والده سيسلمه في هذه الحال إلى عدوه ويخلي بينه وبينه فما الظن بمن هو أرحم بعبده من الوالد بولده ومن الوالدة بولدها. إذا فر عبد إليه وهرب من عدوه إليه، وألقى بنفسه طريحاً ببابه يمرغ خده في ثرى أعتابه باكياً بين يديه، يقول: يا رب ارحم من لا راحم له سواك، ولا ناصر له سواك، ولا مؤوي له سواك، ولا معين له سواك، مسكينك وفقيرك وسائلك، أنت معاذه، وبك ملاذه، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، فهيا إلى فعل الخيرات، وكسب الحسنات، ورفقة الصالحين، وحذار من الزيغ بعد الرشاد، والضلالة بعد الهداية والله معك.(14/32)
Dealing with Worries and Stress
Book by Sheikh Muhammed Salih Al-Munajjid
---
Introduction
Kinds of Worry and Stress
Islam's Treatment for Anxiety and Worry
Writings of Immam Ibn al-Qayyim on Treating Distress and Grief
Du'aa' (Supplication)
Reminder
---
1. Introduction:
Praise be to Allaah, the Lord of the Worlds, the Most Merciful, the Most Compassionate, the Master of the Day of Judgement. I bear witness that there is no god but He, the Lord of the earlier and later generations and Sustainer of heaven and earth. Peace and blessings be upon the one who was sent as a Mercy to the worlds. I bear witness that he is the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him). Peace and blessings be upon him, upon all his Family and Companions, and upon those who believe in his guidance and follow in his footsteps until the Day of Judgement.
It is the nature of this life that people will suffer from worries and stress, because this world is the place of disease, hardship and suffering. Hence among the things that distinguish Paradise from this world is the fact that there is no worry or stress there: "No sense of fatigue shall touch them, nor shall they (ever) be asked to leave." [al-Hijr 15:48 - interpretation of the meaning]. Nothing ever upsets the people of Paradise, not even the slightest word: "No laghw (dirty, false, evil vain talk) will they hear therein, nor any sinful speech (like backbiting, etc.), but only the saying of Salaam! Salaam! (greetings with peace)." [al-Waaqi'ah 56:25-26 - interpretation of the meaning].(15/1)
It is also the nature of this life that people have to put up with suffering and hardship for various reasons, as is indicated in the Qur’aan (interpretation of the meaning): “Verily, We have created man in toil.” [al-Balad 90:4]. So people feel regret for what has happened in the past, anxious about what may happen in the future, and worried about what is going on in the present.
The things that cross our minds and make us feel distressed are things in the past that have caused grief, things in the future that we are worried about, and things in the present which concern us.
People react differently to stress and worries, depending on how many things are concerning them, whether the worry is continuous or not, and on whether they have faith in their hearts or are rebellious and sinful. We may describe people’s hearts as being of two types: either the heart is the throne of Allaah, filled with light, life, happiness, joy and all the treasures of goodness; or it is the throne of Shaytaan, wherein is distress, darkness, death, grief, worry and anxiety.
People’s worries and concerns will also differ, according to the differences in their motivations, circumstances and individual responsibilities.(15/2)
One type of worry or concern is that which may be described as worthwhile worries that are a good sign, such as a scholar’s anxiety to resolve difficult issues concerning which the Muslims need an answer – especially when the matter is very serious and there appears to be no solution. Another example is the concern of the Muslim leader about the problems of the people under his care. This is what made the two ‘Umars (i.e. ‘Umar ibn al-Khattaab and ‘Umar ibn ‘Abd al-‘Azeez) and other leaders worried and anxious. ‘Umar ibn al-Khattaab used to think about how to prepare the army whilst he was praying, and he was excused for that; he also used to worry about the animals stumbling in the land of ‘Iraaq. ‘Umar ibn ‘Abd al-‘Azeez used to express his suffering thus: “I am dealing with something with which no one could help me except Allaah. The elderly have reached the ends of their lives with it (in this situation), the youth have grown up with it; the foreigners have learnt Arabic and the Bedouin have migrated to the cities in these circumstances. [It is so well-entrenched] that they think this is religion, and they can see the truth nowhere else but in this.” When the khilaafah passed to him and the people gave their bay’ah (oath of allegiance) to him, he came home, feeling anxious and stressed. His freed slave said to him: “Why do I see you so anxious and stressed? This is not how you should be on such an occasion as this.” He said, “Woe to you! How could I not be anxious when there is no one in the East nor the West of this ummah who is not demanding his rights of me or(15/3)
asking me to help settle some matter with another person, whether he writes down his request or not, whether he asks me directly or not?”
The more any decision had to do with the fate of the Muslims, the greater the anxiety and stress involved. Hence when ‘Abd al-Rahmaan ibn ‘Awf was entrusted with the task of selecting the next khaleefah for the Muslims, after the death of ‘Umar, he did not sleep during that period, because he was so busy consulting the Muslims, even the old women.
Other types of commendable concern include: the concern of the dai’yah who is striving to spread Islam and convey the message, guiding others to the path of Guidance; the concern of the worshipper to ensure that his worship is correct both in intention and practice; and the concern of the Muslim for the suffering of his brothers in faith throughout the world…
Kinds of anxieties that may result from committing sin include: the distress suffered after shedding blood wrongfully; or the anxiety of a woman who is pregnant as a result of fornication or adultery.
Kinds of distress that result from wrongful treatment at the hands of others include that suffered because of mistreatment by one's own relatives, as the poet said: “The wrong suffered at the hands of those who are closely-related is more painful to bear than a blow from a powerful sword.”
Distress suffered because of the calamities that happen in this world include: chronic or serious diseases, disobedience of children towards their parents, hostility on the part of one’s wife or mistreatment on the part of one’s husband.(15/4)
Some kinds of anxiety result from fears about what may lie ahead in the future, for example a father may be worried about what will happen to his children after he dies, especially if they are weak and he has nothing to leave behind for them.
These are a few examples of different kinds of stress and worry. We will discuss the matter in further detail below:
2. Kinds of Stress and Worry:
The distress suffered by the dai’yah when he calls his people to Islam. The Prophets had more than their fair share of this kind of stress. ‘Aa’ishah (may Allaah be pleased with her) told her nephew (the son of her sister) ‘Urwah that she asked the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him): “Did you ever suffer any day worse than the day of Uhud?” He said: “I suffered what I suffered at the hands of your people, and the worst that I suffered from them was on the day of ‘Aqabah, when I had made an appeal to Ibn ‘Abd Yaalayl ibn ‘Abd Kalaal and he did not respond in the way I had hoped for. I left him, hardly knowing where I was going, and I did not realize where I was until I had reached Qarn al-Tha’aalib. I raised my head, and saw a cloud which was shading me. I looked in it, and saw Jibraa’eel, who called to me and said: ‘Allaah has heard what your people have said to you, and their response to you. He has sent to you the Angel of the Mountains, to do whatever you tell him to do to them.’ Then the Angel of the Mountains called to me, greeted me, and said, ‘O Muhammad, if you wish, I will crush them between two mountains.’” The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him)(15/5)
said, “Rather, I hope that Allaah will bring forth from their descendents people who will worship Allaah alone and not associate anything with Him.”
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) suffered similar distress when his people disbelieved his account of his Night Journey (Israa’). Muslim (may Allaah have mercy on him) narrated from Abu Hurayrah that the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “I found myself in the Hijr (an area in the Haram in Makkah, near the Ka’bah), and Quryash were asking me about my Night Journey, questions about Bayt al-Maqdis that I was not sure of. I felt more distressed and anxious than I had ever felt, then Allaah raised it for me so that I could see what they were asking me about and answer all their questions…”(15/6)
Concern about acts of worship. The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) was very concerned about telling people about salaat (prayer). Abu ‘Umayr ibn Anas reported from his (paternal) uncles among the Ansaar that the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) was worried about how to gather the people together for prayers. Someone suggested that he set up a flag, so that people would see it and tell one another, but he did not like this idea. Another suggestion was a ram’s horn (the shofar of the Jews), but he did not like this idea, and said, “This belongs to the Jews.” Someone else suggested a bell, but he said, “This belongs to the Christians.” ‘Abd-Allaah ibn Zayd ibn ‘Abd Rabbihi went away, worrying about the concern of the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him), and he was shown the adhaan (call to prayer) in a dream. The next morning he came to the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) and told him about it: “O Messenger of Allaah, whilst I was half asleep and half awake, someone came to me and showed me the adhaan…”(15/7)
The anxiety faced by the truthful person when he is disbelieved. This happened to the great Sahaabi Zayd ibn al-Arqam (may Allaah be pleased with him), when he heard the chief of the munaafiqeen (hypocrites) saying to his colleagues: “When we return to Madeenah, the one who has pride and power will expel the one who is humiliated” (meaning that the “one who has pride and power” was himself, and the “one who is humilated” was the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) and the people with him). Zayd said: “I told my (paternal) uncle, and he went and informed the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him). The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) sent for (the chief of the munaafiqeen, ‘Abd-Allaah ibn Ubayy), who swore that he had said no such thing. The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) believed him and not me. My uncle came to me and scolded me: “All you wanted was for the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) and the Muslims to hate you and disbelieve you!” I felt extreme anxiety and stress, such as no one has ever suffered. When I was on a journey with the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him), I hung my head with worry. Then the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) came up to me, tweaked my ear, and smiled at me. I felt happy in a way that I would not exchange immortal life in this world for that feeling. Then Abu Bakr caught up with me and asked me what the Messenger of Allaah had said to(15/8)
me. I said, ‘He did not say anything, but he tweaked my ear and smiled at me.’ He told me, ‘ Be of good cheer!’ Then ‘Umar caught up with me and I told him what I had told Abu Bakr. The next morning, the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) recited Soorat al-Munaafiqoon to us.’”
According to a report narrated by Muslim, which tells the same story, Zayd said: “I came to the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) and told him about it. He sent for ‘Abd-Allaah ibn Ubayy and asked him about it, but he insisted and swore that he had done no such thing, saying, ‘Zayd is telling lies to the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him).’ I felt very hurt because of what they said, until Allaah revealed words confirming that I had spoken the truth (interpretation of the meaning): ‘When the hypocrites come to you…’ [al-Munaafiqoon 63:1]”(15/9)
The anxiety suffered by an innocent person when false accusations are made. An example of this is what happened to ‘Aa’ishah (may Allaah be pleased with her) when the munaafiqoon accused her of sin during the campaign of Muraysi’. She was ill, and when she heard the news of the rumours from one of the women of her household, she became even sicker, and felt very distressed. She said: “I said, ‘Subhaan-Allaah! Are people talking about that?’ I wept all night, until morning, and never slept; my tears never stopped falling. Then I wept all day, and never slept; my tears never stopped falling. My parents came to me the next morning, after I had cried for two nights and a day, without ceasing and without sleeping. They thought that this weeping would kill me. Whilst they were sitting with me, and I was crying, a woman of the Ansaar asked permission to see me. I gave her permission, and she sat down, weeping with me. Whilst we were sitting thus, the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) came in, greeted us, and sat down. He had not come to visit me since the rumours had started, and for a month there had been no Revelation concerning my situation. Whilst he was sitting there, the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) recited the Shahaadah, then he said: ‘O ‘Aa’ishah, I have heard such-and-such about you. If you are innocent, Allaah will prove your innocence, and if you did commit a sin, then ask for Allaah’s forgiveness and repent to Him, for when the slave admits his sin and repents to Allaah, Allaah will accept his(15/10)
repentance. When the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) had finished what he had to say, my tears stopped completely, and I said to my father: ‘Respond to what the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) has said.’ He said, ‘By Allaah, I do not know what I should say to the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him).’ I said to my mother: ‘Respond to what the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) has said.’ She said, ‘By Allaah, I do not know what I should say to the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him).’ I said: ‘I am only a young girl and I do not know much of the Qur’aan. By Allaah, I have nothing to say to you except the words of the father of Yoosuf: “… So (for me) patience is most fitting. And it is Allaah (Alone) Whose help can be sought against that which you assert.” [Yoosuf 12:18].’ Then I turned away and lay down on my bed. Then Allaah revealed (interpretation of the meaning): ‘Verily! Those who brought forth the slander (against ‘Aa’ishah) are a group among you. Consider it not a bad thing for you…’” [al-Noor 24:11 – see complete passage, aayat 11 to 20].(15/11)
Before ‘Aa’ishah’s time, Maryam bint ‘Imraan had suffered a great deal of stress and anxiety because she became pregnant without being married. Her distress reached such an extent that: “…She said: ‘Would that I had died before this, and had been forgotten and out of sight!’” [Maryam 19:23 – interpretation of the meaning]. She spoke thus because she knew that people would accuse her and not believe her when she came to them with a child in her arms, because she had been one of the devoted female worshippers who lived in seclusion close to the mosque, and she came from a very religious household and was descended from Prophets. Because of all this, she bore such a great burden of anxiety that she wished that she had died before this happened to her, or that she “had been forgotten and out of sight,” in other words, that she had never been created at all.(15/12)
Another example is the story of the women who was accused unjustly. ‘Aa’ishah (may Allaah be pleased with her) told her story: “A black woman who belonged to some of the Arabs became Muslim. She had a cubicle in the mosque. She used to come to us and talk with us, and when she had finished conversing with us, she told us: ‘The day of the wishaah (an ornamented girdle worn by women) was one of the wonders of our Lord. Indeed, it is He Who saved me from the land of kufr (disbelief).’” When she repeated this several times, ‘Aa’ishah asked her, “What was the day of the girdle?” She said: “A young girl who belonged to some of my people went out wearing a girdle made of leather. She dropped it, and a kite (a kind of hawk) came and swooped it up, thinking that it was a piece of meat. They accused me of taking it, and they began to punish me, to the extent that they even searched my private parts. Whilst they were surrounding me and I was in that state of distress, the kite flew back over our heads and dropped the belt. They picked it up, and I said to them: ‘This is what you accused me of, and I was innocent!’”
A man’s worry about what may happen to his wife and children after his death. ‘Aa’ishah (may Allaah be pleased with her) reported that the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) used to say: “One of the things that concerns me is what will happen to you [his wives] after my death, for none will be able to take care of you properly except those who are truly patient.”(15/13)
Anxiety because of a loan. An example of this is what happened to al-Zubayr (may Allaah be pleased with him), whose story was told by his son ‘Abd-Allaah ibn al-Zubayr: “When al-Zubayr stood up to fight at the Battle of the Camel, he called me, so I went and stood by his side. He said: ‘O my son, no-one will be killed today except one who is a wrongdoer or one to whom wrong is done. I can see that I will die today as one to whom wrong is done. My greatest concern is my debts – do you think that any of our wealth will be left after paying off our debts? O my son, sell our property and pay off our debts.’” ‘Abd-Allaah said: “He started to advise me what to do about his debt, and told me: ‘O my son, if you are unable to pay off anything, seek the help of my mawlaa.’ By Allaah, I did not know what he meant until I asked, ‘O my father, who is your mawlaa?’ He said: ‘Allaah.’ By Allaah, every time I felt distress because of difficulty in paying off his debt, I prayed, ‘O Mawlaa of al-Zubayr, pay off his debt,’ and Allaah paid it off…’” ‘Abd-Allaah ibn al-Zubayr said: “I calculated how much he owed, and found it to be two million and two hundred thousand… (some of al-Zubayr’s friends did not think it possible to pay off such a great debt, but Allaah greatly blessed some land belonging to al-Zubayr, and surprisingly enough, when it was divided up and sold off, there was enough to pay off the debt and have something left over)…Al-Zubayr had four wives: one-third of his wealth was put aside for them, and each wife got one million and two hundred thousand. The total sum of his wealth(15/14)
was fifty million and two hundred thousand.”
Anxiety caused by dreams. This happened to the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him), as he said: “Whilst I was sleeping, the treasures of the earth were brought to me, and two armlets of gold were placed on my arms. That distressed me, but Allaah revealed to me that I should blow them away, so I did so, and they disappeared. I interpreted them as being the two liars whom I am facing, the one in Sana’aa’ and the one in al-Yamaamah.”(15/15)
Ibn ‘Umar (may Allaah be pleased with him and his father) also felt distress because of a dream which he saw. He told us about it: “Some men among the Companions of the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) used to see dreams at the time of the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him). They used to tell him about them, and he would say ‘Ma sha’ Allaah.’ I was a young boy, and I used to live in the mosque before I got married. I said to myself, ‘If you were any good, you would have seen something like these people have seen.’ When I lay down that night, I said, ‘O Allaah, if You see any good in me, then let me see a dream.’ Then two angels came to me, each of whom was holding an iron bridle in his hand. They dragged me to Hell, and I was praying, ‘O Allaah, I seek refuge with you from Hell.’ Then I dreamt that I was met by another angel, who was also holding an iron bridle in his hand. He said, ‘Do not worry, you are a good man, if only you prayed more.’ They took me to the edge of Hell, and it was shaped like a well with horns; between every two horns was an angel holding an iron bridle. I saw in it men suspended upside down from chains, and I recognized some men of Quraysh. Then they led me off towards the right. I told Hafsah about it, and Hafsah told the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him). (According to a report narrated by Muslim: “When I woke up, I felt worried and scared about what I had seen, so I asked Hafsah about it, and she said, ‘It is good, what you have seen.’ I said to her, ‘Ask(15/16)
the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) about it,’ so she asked him.”) The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said: ‘ ‘Abd-Allaah is a righteous man, if only he prayed at night.’” Naafi’ said: “After that, he always prayed a great deal.”
Islam prescribes a number of ways to deal with the distress that results from seeing nightmares and frightening dreams.
Having described a number of kinds of distress and anxiety experienced in this world, we will now discuss ways of dealing with them.
Undoubtedly the first thing we should mention when discussing worries and anxiety is: ‘aqeedah (belief) and eeman (faith), and the effects they have on dealing with stress. One can see many of the kuffaar and Muslims who are weak in faith suffering breakdowns and committing suicide in an effort to rid themselves of depression, frustration and despair when they get into trouble or when disaster strikes. Hospitals are full of patients who are suicidal or have suffered nervous breakdowns, or other kinds of psychological trauma. These problems affect many of those who are strong, let alone those who are weak. How often they lead to complete incapacity and loss of sanity!(15/17)
The person who has been guided to Islam, if his ‘aqeedah is sound and his eemaan is strong, will find the cure in that which has come from Allaah, the All-Knowing and All-Aware, Who created all things and Who knows best what befits His creation. “Should not He Who has created know? And He is the Most Kind and Courteous (to His slaves) All-Aware (of everything).” [al-Mulk 67:14 – interpretation of the meaning].
3. Islam's Treatment for Anxiety and Worry
Let us now discuss some of the different kinds of remedies and treatments taught by Islam:
1. Equipping oneself with eemaan (faith), accompanied by righteous deeds.
Allaah says (interpretation of the meaning): “Whoever works righteousness, whether male or female, while he (or she) is a true believer, verily, to him We will give a good life (in this world, with respect, contentment and lawful provision), and We shall pay them certainly a reward in proportion to the best of what they used to do (i.e., Paradise in the Hereafter).” [al-Nahl 16:97](15/18)
The reason for this is clear: the believers in Allaah whose faith is correct and motivates them to do righteous deeds that reform their hearts and characters, and change their status in this world and the next, have the basic principles according to which they deal with every kind of joy and grief that they may face. They receive blessings and joys with acceptance and thanksgiving, and put them to use in beneficial ways. When they do this, they feel happy and hope that it will last and will bring them reward for their gratitude, as well as other things that will supercede the original goodness and blessings.
When faced with distress, harm, worries and anxieties, they try to resist them and reduce them as much as they can, and they react with befitting patience to the things in which they have no choice. They gain a lot of benefits as a result, such as: resilience and toughness as is appropriate; useful experience, strong willpower, patience, the hope of reward, and many other benefits which reduce the distress felt. Thus their anxiety is replaced with joy and the hope of blessings and reward from Allaah, as the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) stated in the saheeh hadeeth: “How marvellous is the affair of the believer! Everything that happens to him is good, and this does not apply to anyone except the believer. If something good befalls him, he gives thanks for it, and that is good for him. If something bad befalls him, he bears it with patience, and that is good for him.”(15/19)
This is the way in which we may view calamities in a positive light. Another example is:
2. Thinking of how the Muslim may earn expiation for his sins, purify his heart and raise his status, when he is stricken with distress and worry in this life.
The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “Nothing of fatigue, illness, distress, worry, grief or harm befalls the Muslim, not even a prick from a thorn, but Allaah will accept it as expiation for some of his sins.”
According to a report narrated by Muslim: “No illness, fatigue, sickness or grief befalls the Muslim, not even worries, but it will be an expiation for some of his sins.”
The one who is distressed or worried should know that whatever psychological pain afflicts him is not wasted, but serves a purpose in increasing his hasanaat (good deeds) and expiating for his sayi’aat (bad deeds). The Muslim should realize that if it were not for disasters and afflictions, we would come empty-handed on the Day of Resurrection, as some of the salaf (early generations of Islam) pointed out, which is why they would rejoice when misfortune struck just as we rejoice at times of ease.(15/20)
When a person understands how the disasters that befall him expiate for his sins, he will rejoice and be of good cheer, especially if that happens to him straight after he has committed a sin, as happened to some of the Sahaabah, may Allaah be pleased with them. ‘Abd-Allaah ibn Mughaffal (may Allaah be pleased with him) reported that a man met a woman who had been a prostitute during the time of Jaahiliyyah. He started to joke with her, then he touched her. She told him, “Watch it! Allaah has destroyed shirk (once ‘Affaan said: has destroyed Jaahiliyyah) and has brought us Islam.” The man went away, and walked into a wall, cutting his face. The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) came along, so the man told him what had happened, and he said: “You are a slave for whom Allah wishes good. When Allaah wishes good for His slave, He hastens the punishment for his sin; when He does not wish good for His slave, he withholds the punishment until the matter is settled on the Day of Resurrection, when all of his sins will be brought forth together.”
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “When Allaah wishes good for His slave, He hastens to bring about his punishment in this world, and if He does not wish good for him, He withholds the punishment until he is dealt with for his sin on the Day of Resurrection.”
3. Understanding the reality of this world(15/21)
The believer knows that this world is only temporary, that its luxuries are few, and that whatever pleasures exist here are always imperfect. If it causes a little laughter, it gives many reasons to weep; if it gives a little, it withholds far more. The believer is only detained here, as the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “This world is the prison of the believer and the paradise of the kaafir.”
This world is also fatigue, pain, misery and suffering, so the believer feels relief when he departs from it. Abu Qutaadah ibn Rib’i al-Ansaari used to say that a funeral passed the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) and he said: “He is now relieved, and people feel relieved of him.” The people asked, “O Messenger of Allaah, how can he be relieved and people feel relieved of him?” He said, “The believing slave (who dies) is relieved of the fatigue and pain of this world and has gone to the mercy of Allaah; when the rebellious slave dies, people, land, trees and animals are relieved of him.”(15/22)
For the believer, death brings a respite from the distress, worries and pain of this life, as is stated in the hadeeth: “When the believer is about to die, the angels of mercy bring white silk and say, ‘Come out content, with the pleasure of Allaah upon you, to the mercy of Allaah and sweet fragrance and a Lord who is not angry.’ So (the soul) comes out like the best fragrance of musk and the angels hand it to one another until they bring it to the gate of heaven. They say, ‘How good is this fragrance that has come from the earth.’ They bring it to the souls of the believers, and they rejoice over it much more than you do when one who has been absent returns. They ask him, ‘What did So-and-so do? What did So-and-so do?’ then (the angels) say, ‘Leave him alone, for he was suffering the distress of the world.’ When he asks, ‘Did not So-and-so come to you?’ they say: ‘He was taken to his home in the Pit (i.e., Hell).’ When the kaafir is about to die, angels of punishment bring sackcloth and say, ‘Come out discontent, with the wrath of Allaah upon you, to the punishment of Allaah.’ So (the soul) comes out like the worst stench of rotten meat, and they take it to the gate of the earth. They say, ‘How foul is this stench,’ until they bring it to the souls of the kuffaar.”
This understanding of the reality of this world makes it easier for the believer to bear afflictions, pains, distress and anxiety, because he knows that they are an inevitable part of the nature of this life.
4. Following the examples of the Prophets and the righteous(15/23)
The Prophets and the righteous suffered more distress in this world than other people. Each person is tested according to the strength of his faith. If Allaah loves a person, He tests him. Sa’d (may Allaah be pleased with him) asked the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him): “O Messenger of Allaah, which of the people suffers the most distress?” He said: “The Prophets, then those who come after them (in terms of status), then those who come after them. A man will be tested according to the strength of his faith. If his faith is strong, then the distress with which he is tried will be greater; if his faith is weak, he will be tested in accordance with the level of his faith. Distress will keep on befalling the slave until he walks on the face of the earth free from sin.”
5. Making the Hereafter one’s main concern
The concerns of this world overwhelm and confuse people, but if the slave makes the Hereafter his main concern, Allaah will help him to focus and be determined, as was narrated by Anas (may Allaah be pleased with him): “The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said: ‘Whoever has the Hereafter as his main concern, Allaah will fill his heart with a feeling of richness and independence; he will be focused and feel content, and this world will come to him in spite of it. Whoever has this world as his main concern, Allaah will cause him to feel constant fear of poverty; he will be distracted and unfocused, and he will have nothing of this world except what was already predestined for him.’”(15/24)
Ibn al-Qayyim (may Allaah have mercy on him) said: “When a person spends his entire day with no other concern but Allaah alone, Allaah, may He be glorified, will take care of all his needs and take care of all that is worrying him; He will empty his heart so that it will be filled only with love for Him, free his tongue so that it will speak only in remembrance of Him (dhikr) and cause all his faculties to work only in obedience to Him. But if a person spends his entire day with no other concern but this world, Allaah will make him bear its distress, anxiety and pain; He will leave him to sort himself out, and cause his heart to be distracted from the love of Allaah towards the love of some created being, cause his tongue to speak only in remembrance of that creation instead of remembering Allaah, and cause his faculties to work in obeying and serving them. So he will strive hard, labouring like some work-animal, to serve something other than Allaah… Everyone who turns away from being a true slave of Allaah and obeying Him and loving Him will be burdened with servitude, love and obedience to some created being. Allaah says (interpretation of the meaning): ‘And whosoever turns away (blinds himself) from the remembrance of the Most Beneficent (Allaah), We appoint for him a shaytaan (devil) to be a qareen (intimate companion) to him.’ [al-Zukhruf 43:36].”
6. A surprisingly effective remedy: remembering death(15/25)
The Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “Remember frequently the one who will destroy all your pleasures: death, for there is no-one who remembers death when in straitened circumstances, but his situation will become easier, and there is no-one who remembers death during times of ease, but his circumstances will become straitened.”
7. Praying to Allaah, may He be exalted
Du’aa’ (prayer or supplication) is very beneficial, and includes both protection and treatment. As far as protection in concerned, the Muslim is obliged to turn to Allaah and pray to Him for refuge from distress and to keep him away from it, as the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) used to do. His servant Anas (may Allaah be pleased with him) tells us: “I used to serve the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) when he stayed in Madeenah (i.e. was not travelling). I often used to hear him saying: ‘Allaahumma inni a’oodhu bika min al-hamm wa’l-hazn wa’l-‘ajz wa’l-kasal wa’l-bukhl wa’l-jubn wa dala’ al-dayn wa ghalbat al-rijaal (O Allaah, I seek refuge with You from distress, grief, incapacity, laziness, miserliness, cowardice, the burden of debt and from being overpowered by men).’”
This du’aa’ is very effective in preventing distress before it happens; prevention is better, and easier, than cure.(15/26)
When one is worried about what may happen in the future, the following du’aa’ is very beneficial. Abu Hurayrah (may Allaah be pleased with him) reported that the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) used to say: “Allaahumma aslih li deeni alladhi huwa ‘ismat amri wa aslih li dunyaaya allati fihaa ma’aashi wa aslih li aakhirati allati fihaa ma’aadi w’aj’al al-hayaata ziyaadatan li fi kulli khayri w’aj’al al-mawta raahatan li min kulli sharr (O Allaah, make me adhere properly to my religion, on which all my affairs depend; make this world good for me in which is my livelihood; make my Hereafter good for me, in which is my ultimate destiny; make my life increase in every good thing and make my death a respite from every evil).”
When distress and pain befall a person, the door of du’aa’ is always open to him; it is never closed. When one calls upon the Most Generous, He will respond and give. Allaah says (interpretation of the meaning): “And when My slaves ask you concerning Me, then (answer them), I am indeed near (to them by My Knowledge). I respond to the invocations of the supplicant when he calls on Me (without any mediator or intercessor). So let them obey Me and believe in Me, so that they may be led aright.” [al-Baqarah 2:186]
One of the greatest du’aa’s which take away distress and anxiety and bring joy is the famous du’aa’ which the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) encouraged everyone who hears it to learn it by heart:(15/27)
The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said: “There is no-one who is afflicted by distress and grief, and says: ‘Allaahumma inni ‘abduka ibn ‘abdika ibn amatija naasyati bi yadika, maada fiyya hukmuka, ‘adlun fiyya qadaa’uka. As’aluka bi kulli ismin huwa laka sammayta bihi nafsaka aw anzaltahu fi kitaabika aw ‘allamtahu ahadan min khalqika aw ista’tharta bihi fi ‘ilm il-ghayb ‘indaka an taj’al al-Qur’aana rabee’ qalbi wa noor sadri wa jalaa’ huzni wa dhihaab hammi (O Allaah, I am Your slave, son of Your slave, son of Your maidservant; my forelock is in Your hand, Your command over me is forever executed and Your decree over me is just. I ask You by every name belonging to You which You have named Yourself with, or revealed in Your Book, or You taught to any of Your creation, or You have preserved in the knowledge of the Unseen with You, that You make the Qur’aan the life of my heart and the light of my breast, and a departure for my sorrow and a release for my anxiety),’ but Allaah will take away his distress and grief, and replace it with joy.” He was asked: “O Messenger of Allaah, should we learn this?” He said: “Of course; everyone who hears it should learn it.”(15/28)
This important hadeeth indicates the following: the slave should admit that he belongs to Allaah and that he cannot do without Him and has no other master than Allaah; that he should be a slave to Allaah, announce his submission to Him, obey His commandments and heed His prohibitions; that Allaah is directing and controlling him as He wills; that he should demonstrate his submission to Allaah and his acceptance of His decree; that he should pray to Allaah, using all His Names, then ask for what he needs.
A number of other du’aa’s to do with distress and anxiety have also been narrated in the Sunnah. They include the following:
Ibn ‘Abbaas reported that when the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) felt distressed, he would say: “Laa ilaaha ill-Allaah al-‘Azeem al-Haleem, laa ilaaha ill-Allaah Rabb al-‘Arsh al-‘azeem, la ilaaha ill-Allaah Rabb al-samawaat wa Rabb al-ard wa Rabb al-‘Arsh al-kareem (There is no god but Allaah, the All-Powerful, the Forbearing; there is no god but Allaah, Lord of the mighty Throne; there is no god but Allaah, Lord of heaven, Lord of earth, and Lord of the noble Throne).”
Anas (may Allaah be pleased with him) reported that when the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) was distressed by something, he would say: “Yaa Hayyu yaa Qayyoom bi rahmatika astagheeth (O Ever-Living, O Eternal, by Your mercy I seek help).”(15/29)
Asmaa’ bint ‘Umayr said: “The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said to me: ‘Shall I not teach you some words which you can say at times of distress? ‘Allaah Allaah rabbee laa ushriku bihi shay’an (Allaah Allaah is my Lord, I do not associate anything with Him).’”
Another of the beneficial du’aa’s which the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) taught us is the one he told us about when he said: “The du’aa’ of the person who is in distress is: ‘Allaahumma rahmataka arjoo fa laa takilni ilaa nafsi tarfat ‘ayn w’aslih li sha’ni kullahu laa ilaaha illa anta (O Allaah, for Your mercy I hope, so do not leave me in charge of my affairs even for the blink of an eye; rectify all my affairs. There is no god except You)’”
If a person thinks about the meaning of these du’aa’s and prays with concentration and a sincere intention, doing all those things that can help to bring about a response, Allaah will fulfil his hopes and do the things asked for; He will turn his distress into joy.(15/30)
If the du’aa’ comes from a heart which is filled with faith, it will dispel worry and bring comfort. The scholars have mentioned many stories of people who prayed to Allaah in times of calamity and distress, and Allaah responded to their prayer and saved them from an enemy, or from drowning, or from starvation or disaster. One example is the story of what happened to the great Sahaabi al-‘Alaa al-Hadrami, who was one of the most prominent scholars and devoted worshippers, one of the close friends (awliyaa’) of Allaah whose du’aa’s are answered. During the campaign against the apostates of Bahrain, he pitched camp, but before the people could settle down, the camels bolted, carrying away all the provisions of the army, including their tents and water, leaving them with nothing but the clothes they were wearing. It was night-time, and they could not restrain even one camel. The people were filled with indescribable distress and alarm, and some of them began making wills to one another (because they felt that death was inevitable). Al-‘Alaa’ called the people together and said: “O people, are you not Muslims? Are you not striving for the sake of Allaah? Are you not the ansaar (supporters) of Allaah?” They said, “Of course.” He said, “Then be of good cheer, for Allaah will not forsake anyone who is in your situation.” When the time for Fajr prayer came, he called the people to pray and led them in prayer, then he knelt up, and the people did likewise. He started to pray (make du’aa’), raising his hands, and the people did likewise. They prayed until the sun rose, and the(15/31)
people began to look at the mirages caused by the sun, shimmering one after another, all the while fervently praying. When he reached the third [??], Allaah created a great stream of fresh water beside them. [‘Alaa’] walked towards it, and the people followed him, then they drank and washed themselves. Before the sun had reached its zenith, the camels started to come back from all directions, bringing the supplies loaded on them, so the people did not lose anything at all, and they were able to give water to the camels. This is one of the signs of Allaah witnessed by the people during that campaign. (Al-Bidaayah wa’l-Nihaayah: Dhikr riddat ahl al-Bahrayn wa ‘awdatihim).
8. Praying for the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) (i.e., saying “Allaahumma salli ‘ala Muhammad,” etc.)
This is one of the greatest ways through which Allaah may relieve worries:(15/32)
Al-Tufayl ibn Ubayy ibn Ka’b reported that his father said: “When two-thirds of the night had passed, the Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) got up and said: ‘O people, remember Allaah, remember Allaah. The first blowing of the Trumpet has come, and will be followed by the second blowing. Death has come, with all that it implies, death has come with all that it implies.’ I said: ‘O Messenger of Allaah, I pray a lot for you. How much of my prayers should I devote to you?’ He said, ‘As much as you want.’ I said, ‘A quarter?’ He said, ‘As much as you want, and if you increase it, it will be good for you.’ I said, ‘Half?’ He said, ‘As much as you want, and if you increase it, it will be good for you.’ I said, ‘Two-thirds?’ He said, ‘As much as you want, and if you increase it, it will be good for you.’ I said, ‘I will devote all my prayer to you.’ He said, ‘Then your worries will be taken care of and your sin will be forgiven.’”
9. Relying upon Allaah and entrusting matters to Him(15/33)
“When a person knows that Allaah is Able to do all things, that He alone makes choices for His slaves and runs their affairs, that the way He runs His slave’s affairs is better than the way the slave would do it for himself, that He knows better about the slave’s interests than the slave does, that He is more able to achieve them, that He is more sincere and more merciful towards His slave than the slave is to himself; and also knows that he cannot progress or regress any further than the limits that Allaah has decreed for him, for nobody can change the will and decree of Allaah – when a person knows all this, he will submit himself to his Lord and hand over his affairs to Him, throwing himself before his Lord like a weak slave throwing himself before a mighty and powerful king. Allaah deals with His slave as He wishes, and the slave has nothing to do with it. Only after he has submitted thus will the slave feel relief from his distress, worries and regrets. He gives the burden of his needs and interests to One Who is not concerned about how heavy or great the burden is. Allaah will take care of it, instead of him, and will show him His kindness and mercy, without the slave getting tired or worried, because all his concern is now focused on Allaah alone. His worry about his needs and interests in this world has been lifted from him and his heart is now free of this concern. How good his life is now, how blessed his heart and how great his happiness and joy!(15/34)
But as for the person who insists on running his own affairs and making his own choices, whose concern is only for his own share and not for his duties towards his Lord, Allaah will leave him alone with the choices he has made, so he will be surrounded by concerns, worries, distress, grief, fear, exhaustion and depression. His thoughts will be confused, none of his deeds will be pure and none of his hopes will be fulfilled. He will gain no respite, and will enjoy no pleasure. He will never feel joy or contentment. He will be labouring like a working-animal, with no hope of gaining anything that could help him in the Hereafter.”
“When a person relies upon Allaah and puts his trust in Him, he is not controlled by bad illusions. He trusts in Allaah and hopes for bounty from Him, which protects him from distress and worry, as well as many psychological and physical diseases. Thus his heart gains indescribable strength, relaxation and joy. The one who is truly free from problems is the one whom Allaah has freed and helped to strive against his own-self (jihaad al-nafs) by seeking beneficial means of strengthening his heart and dispelling anxiety. Allaah says (interpretation of the meaning): “… And whosoever puts his trust in Allaah, then He will suffice him…” [al-Talaaq 65:3] – i.e., He will take care of everything that is of concern to him, whether it has to do with his religion or his worldly affairs.(15/35)
The person who relies on Allaah is strong in heart and is not adversely affected by illusions or things that happen, because he knows that this is a sign of weakness and fear that is unfounded. He also knows that Allaah has guaranteed to take complete care of the one who puts his trust in Him, so he trusts Allaah and has confidence in His promise. Thus his worries and anxiety disappear, hardship is replaced with ease, sadness turns to joy and fear turns to a feeling of security. We ask Allaah to keep us safe and to bless us with strength of heart and steadfastness through complete reliance on Him, for He has guaranteed all goodness and protection from all evil and harm to those who put their trust in Him.”
10. Other ways of dispelling distress and anxiety include paying attention to what is beneficial, focusing on what matters today and no longer worrying about what may happen tomorrow or regretting what happened yesterday(15/36)
Hence the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) sought refuge with Allaah from worry and regret: regret for things that have happened in the past which one cannot go back and change, and worries about what may happen in the future. The slave should think only about the present, focusing his energy on doing his best today, because this is what results in perfect work, and helps him to forget his worries and regrets. When the Prophet (peace and blessings of Allaah be upon him) prayed a du’aa’, or taught it to his ummah, he encouraged them not only to seek the help of Allaah and hope for His blessings, but also to work hard and strive to achieve the protection they prayed for, for du’aa’ goes hand-in-hand with effort. Thus the slave will strive for whatever benefits him in his religion or his worldly affairs, and will ask his Lord to grant him the result for which he is aiming. He asks Allaah for help, just as Abu Hurayrah reported: “The Messenger of Allaah (peace and blessings of Allaah be upon him) said: ‘The strong believer is better and more beloved to Allaah than the weak believer, and both are good. Pay attention to that which could benefit you, seek the help of Allaah and do not feel incapacitated. If anything befalls you, do not say, “If only I had done such-and-such, such a thing would have happened.” Say instead, “It is the decree of Allaah, and what He wills, He does,” for saying “if only…” opens the way for Shaytaan.’”(15/37)