فشربه. حتّى شرب حلاب سبع شياه. ثمّ أصبح من الغد فأسلم. فأمر له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بشاة فحلبت فشرب حلابها «1» . ثمّ أمر له بأخرى فلم يستتمّها فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «المؤمن يشرب في معى واحد، والكافر يشرب في سبعة أمعاء» ) * «2» .
6-* (عن سهل بن أبي حثمة ورافع بن خديج- رضي الله عنهما- أنّهما قالا: إنّ محيّصة بن مسعود وعبد الله بن سهل انطلقا قبل خيبر. فتفرّقا في النّخل. فقتل عبد الله بن سهل. فاتّهموا اليهود. فجاء أخوه عبد الرّحمن وابنا عمّه حويّصة ومحيّصة إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم. فتكلّم عبد الرّحمن في أمر أخيه. وهو أصغر منهم. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كبّر الكبر» أو قال «ليبدإ الأكبر فتكلّما في أمر صاحبهما. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمّته؟» قالوا: أمر لم نشهده كيف نحلف؟ قال: «فتبرّئكم يهود بأيمان خمسين منهم؟» «قالوا: يا رسول الله! قوم كفّار.
قال: «فوداه «3» رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من قبله» ) * «4» .
7-* (عن أنس- رضي الله عنه- أنّ ناسا من عكل وعرينة قدموا المدينة على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وتكلّموا بالإسلام، فقالوا: يا نبيّ الله إنّا كنّا أهل ضرع ولم نكن أهل ريف، واستوخموا المدينة. فأمر لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بذود وراع، وأمرهم أن يخرجوا فيه فيشربوا من ألبانها وأبوالها. فانطلقوا، حتّى إذا كانوا ناحية الحرّة كفروا بعد إسلامهم، وقتلوا راعي النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، واستاقوا الذّود. فبلغ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فبعث الطّلب في آثارهم فأمر بهم فسمروا أعينهم وقطعوا أيديهم وتركوا في ناحية الحرّة حتّى ماتوا على حالهم» ) * «5» .
8-* (عن جابر- رضي الله عنه- أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم دخل على أمّ مبشّر الأنصاريّة في نخل لها. فقال لها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «من غرس هذا النّخل؟ أمسلم أم كافر؟» فقالت: بل مسلم. فقال: «لا يغرس مسلم غرسا، ولا يزرع زرعا، فيأكل منه إنسان، ولا دابّة ولا شيء، إلّا كانت له صدقة» ) * «6» .
9-* (عن أنس- رضي الله عنه- أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم دخل مكّة في عمرة القضاء، وعبد الله بن رواحة بين يديه يمشي وهو يقول:
خلّوا بني الكفّار عن سبيله ... اليوم نضربكم على تنزيله
ضربا يزيل الهام عن مقيله ... ويذهل الخليل عن خليله
فقال له عمر: يا ابن رواحة بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وفي حرم الله- عزّ وجلّ- تقول الشّعر، فقال له النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «خلّ عنه يا عمر. فلهو أسرع فيهم من نضح النّبل» ) * «7» .
__________
(1) حلابها: الحلاب الإناء الذي يحلب فيه اللبن.
(2) مسلم (2063) والترمذى (1819) واللفظ له.
(3) فوداه: أي دفع ديته.
(4) البخاري- الفتح 12 (6898) . ومسلم (1669) .
(5) البخاري- الفتح 7 (4192) واللفظ له. ومسلم (1671) .
(6) مسلم (1552) .
(7) النسائي (5/ 202) واللفظ له. والترمذي (2847) وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب. قال الحافظ ابن حجر في غير هذا الحديث: إن هذه القصة لكعب بن مالك. وهذا أصح لأن عبد الله بن رواحة قتل بمؤتة وكانت عمرة-(11/5497)
10-* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أنّه عرض له رجل فقال: كيف سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في النّجوى؟ فقال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ الله يدني المؤمن، فيضع عليه كنفه «1» ويستره. فيقول:
أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم.
أي ربّ، حتّى إذا قرّره بذنوبه، ورأى في نفسه أنّه هلك. قال: سترتها عليك في الدّنيا وأنا أغفرها لك اليوم. فيعطى كتاب حسناته. وأمّا الكافر والمنافقون فيقول الأشهاد «2» : هؤلاء الّذين كذبوا على ربّهم، ألا لعنة الله على الظّالمين» ) * «3» .
11-* (عن المقداد بن عمرو- رضي الله عنه- أنّه قال لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم أرأيت إن لقيت رجلا من الكفّار فاقتتلنا فضرب إحدى يديّ بالسّيف فقطعها ثمّ لاذ منّي بشجرة فقال أسلمت لله. أأقتله يا رسول الله بعد أن قالها؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تقتله» .
فقال: يا رسول الله إنّه قطع إحدى يديّ. ثمّ قال ذلك بعدما قطعها. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تقتله فإن قتلته فإنّه بمنزلتك قبل أن تقتله، وإنّك بمنزلته قبل أن يقول كلمته الّتي قال» ) * «4» .
12-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اثنتان في النّاس هما بهم كفر. الطّعن في النّسب، والنّياحة على الميّت» ) *» .
13-* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا كفّر الرّجل أخاه فقد باء بها أحدهما» ) * «6» .
14-* (عن جابر- رضي الله عنه- قال:
سمعت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ بين الرّجل وبين الشّرك والكفر ترك الصّلاة» ) * «7» .
15-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعا. وإنّ ضرسه مثل أحد، وإنّ مجلسه من جهنّم كما بين مكّة والمدينة» ) * «8» .
16-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الله لا يظلم مؤمنا حسنة. يعطى بها في الدّنيا ويجزى بها في الآخرة. وأمّا الكافر، فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدّنيا حتّى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له حسنة يجزى بها» ) * «9» .
17-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الله يزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه» ) * «10» .
__________
- القضاء قبل ذلك وهو ذهول شديد. وغلط مردود وما أدري كيف وقع الترمذي في ذلك مع وفور معرفته. (فتح الباري 7/ 503) .
(1) في كنفه: حفظه وستره.
(2) الأشهاد: الملائكة والنبيون وسائر الإنس والجن.
(3) البخاري- الفتح 5 (2441) واللفظ له. ومسلم (2768) .
(4) البخاري- الفتح 7 (4019) .
(5) مسلم (67) .
(6) البخاري- الفتح 10 (6104) . ومسلم (60) واللفظ له.
(7) مسلم (82) .
(8) الترمذي (2577) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب. وقال الألباني في تعليقة على «مشكاة المصابيح» (3/ 1580) : سنده صحيح، وأورده في «سلسلة الأحاديثة الصحيحة» (3/ 95) .
(9) مسلم (2808) .
(10) البخاري- الفتح 3 (1288) . ومسلم (929) واللفظ له.(11/5498)
18-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: الإيمان يمان. والكفر قبل المشرق، والسّكينة في أهل الغنم. والفخر والرّياء في الفدّادين «1» أهل الخيل والوبر» ) * «2» .
19-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «بادروا بالأعمال فتنا «3» كقطع اللّيل المظلم. يصبح الرّجل مؤمنا ويمسي كافرا. أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا. يبيع دينه بعرض من الدّنيا» ) * «4» .
20-* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «بني الإسلام على خمس. على أن يعبد الله ويكفر بما دونه، وإقام الصّلاة، وإيتاء الزّكاة، وحجّ البيت. وصوم رمضان» ) * «5» .
21-* (عن أنس- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «ثلاث من كنّ فيه وجد بهنّ حلاوة الإيمان من كان الله ورسوله أحبّ إليه ممّا سواهما. وأن يحبّ المرء لا يحبّه إلّا للهّ. وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يقذف في النّار» ) * «6» .
22-* (عن جنادة بن أبي أميّة قال: دخلنا على عبادة بن الصّامت وهو مريض قلنا: أصلحك الله، حدّث بحديث ينفعك الله به سمعته من النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال: دعانا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فبايعناه، فقال فيما أخذ علينا أن بايعنا على السّمع والطّاعة في منشطنا، ومكرهنا وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، إلّا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان» ) * «7» .
23-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: الدّنيا سجن المؤمن، وجنّة الكافر» ) * «8» .
24-* (عن النّواس بن سمعان، قال: ذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الدّجّال ذات غداة. فخفّض فيه ورفّع حتّى ظننّاه في طائفة النّخل. فلمّا رحنا إليه عرف ذلك فينا. فقال: «ما شأنكم؟» قلنا: يا رسول الله ذكرت الدّجّال غداة. فخفّضت فيه ورفّعت. حتّى ظننّاه في طائفة النّخل. فقال: «غير الدّجّال أخوفني عليكم. إن يخرج وأنا فيكم، فأنا حجيجه دونكم. وإن يخرج ولست فيكم، فامرؤ حجيج نفسه. والله خليفتي على كلّ مسلم. إنّه شابّ قطط «9» عينه طافئة. كأنّي أشبّهه بعبد العزّى بن قطن، فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف، إنّه خارج خلّة بين الشّام والعراق. فعاث يمينا وعاث شمالا. يا عباد الله! فاثبتوا» قلنا: يا رسول الله، ومالبثه في الأرض؟ قال
__________
(1) الفدادين: هم الذين تعلوا أصواتهم في إبلهم وخيلهم.
(2) البخاري- الفتح 6 (3301) . ومسلم (52) واللفظ له.
(3) بادروا بالأعمال فتنا: أي بادروا بالأعمال الصالحة قبل تعذرها والاشتغال عنها بما يحدث من الفتن الشاغلة.
(4) مسلم (118) .
(5) البخاري- الفتح 1 (8) . ومسلم (16) واللفظ له.
(6) البخاري- الفتح 1 (16) . ومسلم (43) .
(7) البخاري- الفتح 13 (7055، 7056) . ومسلم (1709) .
(8) مسلم (2956) .
(9) قطط: شديد جعودة الشعر.(11/5499)
«أربعون يوما. يوم كسنة. ويوم كشهر. ويوم كجمعة.
وسائر أيّامه كأيّامكم» قلنا: يا رسول الله فذلك اليوم الّذى كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: «اقدروا له قدره» قلنا: يا رسول الله وما إسراعه في الأرض؟ قال كالغيث استدبرته الرّيح. فيأتي على القوم فيدعوهم، فيؤمنون به ويستجيبون له. فيأمر السّماء فتمطر.
والأرض فتنبت. فتروح عليهم سارحتهم، أطول ما كانت ذرا، وأسبغه ضروعا، وأمدّه خواصر. ثمّ يأتي القوم فيدعوهم فيردّون عليه قوله. فينصرف عنهم.
فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم.
ويمرّ بالخربة فيقول لها: أخرجى كنوزك. فتتبعه كنوزها كيعاسيب النّحل. ثمّ يدعو رجلا ممتلئا شبابا، فيضربه بالسّيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض. ثمّ يدعوه فيقبل ويتهلّل وجهه يضحك، فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقيّ دمشق، بين مهرودتين، واضعا كفّيه على أجنحة ملكين. إذا طأطأ رأسه قطر. وإذا رفعه تحدّر منه جمان كاللّؤلؤ. فلا يحلّ لكافر يجد ريح نفسه إلّا مات. ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه. فيطلبه حتّى يدركه بباب اللدّ فيقتله. ثمّ يأتي عيسى ابن مريم قوم قد عصمهم الله منه. فيمسح عن وجوههم ويحدّثهم بدرجاتهم في الجنّة. فبينما هو كذلك، إذ أوحى الله إلى عيسى: إنّي قد أخرجت عبادا لى، لا يدان لأحد بقتالهم. فحرّز عبادي إلى الطّور. ويبعث الله يأجوج ومأجوج. وهم من كلّ حدب ينسلون «1» . فيمرّ أوائلهم على بحيرة طبريّة. فيشربون ما فيها. ويمرّ آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرّة ماء. ويحصر نبيّ الله عيسى وأصحابه. حتّى يكون رأس الثّور لأحدهم خيرا من مائة دينار لأحدكم اليوم. فيرغب نبيّ الله عيسى وأصحابه. فيرسل الله عليهم النّغف «2» في رقابهم. فيصبحون فرسى «3» كموت نفس واحدة. ثمّ يهبط نبيّ الله عيسى وأصحابه إلى الأرض. فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلّا ملأه زهمهم «4» ونتنهم.
فيرغب نبيّ الله عيسى وأصحابه إلى الله. فيرسل الله طيرا كأعناق البخت «5» . فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله. ثمّ يرسل الله مطرا لا يكنّ «6» منه بيت مدر «7» ولا وبر. فيغسل الأرض حتّى يتركها كالزّلفة «8» . ثمّ يقال للأرض: أنبتي ثمرتك وردّي بركتك. فيومئذ تأكل العصابة «9» من الرّمّانة ... الحديث) * «10» .
25-* (عن عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما- قال: رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليّ ثوبين معصفرين «11» . فقال: «إنّ هذه من ثياب
__________
(1) وهم من كل حدب ينسلون: الحدب: النشز من الأرض والموضع المرتفع، وينسلون: يمشون مسرعين.
(2) النغف: دود يكون في أنوف الإبل والغنم.
(3) فرسى: قتلى. المفرد: فريس.
(4) زهمهم: أي دسمهم.
(5) البخت: الإبل الخراسانية وهي جمال طويلة الأعناق.
(6) لا يكنّ: لا يمنع نزول الماء.
(7) مدر: هو الطين الصلب.
(8) كالزلفة: أي كالمرآة. وقيل: كالروضة.
(9) العصابة: الجماعة.
(10) مسلم (2937) .
(11) معصفرين: أي مصبوغين بعصفر. والعصفر صبغ أصفر اللون.(11/5500)
الكفّار، فلا تلبسها» ) * «1» .
26-* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر» ) * «2» .
27-* (عن أبي أمامة- رضي الله عنه- قال: شرّ قتلى «3» قتلوا تحت أديم السّماء، وخير قتيل من قتلوا «4» ، كلاب أهل النّار. قد كان هؤلاء مسلمين فصاروا كفّارا. قلت: يا أبا أمامة هذا شيء تقوله؟
قال: بل سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم) * «5» .
28-* (عن زيد بن خالد الجهنيّ، قال:
صلّى بنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صلاة الصّبح بالحديبية في إثر السّماء «6» كانت من اللّيل. فلمّا انصرف أقبل على النّاس فقال: «هل تدرون ماذا قال ربّكم؟» قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «قال أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر. فأمّا من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي، كافر بالكوكب. وأمّا من قال: مطرنا بنوء»
كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب» ) * «8» .
29-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين أراد حنينا: «منزلنا غدا إن شاء الله بخيف «9» بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر» ) * «10» .
30-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: قدم وفد عبد القيس على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقالوا:
يا رسول الله، إنّا هذا الحيّ من ربيعة قد حالت بيننا وبينك كفّار مضر. ولسنا نخلص إليك إلّا في الشّهر الحرام. فمرنا بشيء نأخذه عنك وندعو إليه من وراءنا.
قال: «آمركم بأربع، وأنهاكم عن أربع: الإيمان بالله، وشهادة أن لا إله إلّا الله، وعقد بيده هكذا، وإقام الصّلاة، وإيتاء الزّكاة. وأن تؤدّوا خمس ما غنمتم، وأنهاكم عن الدّبّاء «11» والحنتم «12» والنّقير «13» والمزفّت «14» » ) * «15» .
31-* (عن عمرو بن عبسة السّلميّ قال:
كنت وأنا في الجاهليّة أظنّ أنّ النّاس على ضلالة وأنّهم ليسوا على شيء. وهم يعبدون الأوثان. فسمعت برجل بمكّة يخبر أخبارا. فقعدت على راحلتي.
فقدمت عليه. فإذا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مستخفيا، جرآء
__________
(1) مسلم (2077) .
(2) البخاري- الفتح 1 (48) واللفظ له. ومسلم (64) .
(3) شر قتلى: التقدير هم شر قتلى.
(4) من قتلوا: الضمير للخوارج والعائد إلى الموصول مقدر، أي خير قتيل من قتله الخوارج فإنه شهيد.
(5) ابن ماجة (176) ، وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة (146) .
(6) في إثر السماء: أي بعد المطر. والسماء: المطر.
(7) بنوء: النوء في أصله ليس هو نفس الكوكب، فإنه مصدر ناء النجم ينوء أي سقط وغاب.
(8) البخاري- الفتح 7 (4147) . ومسلم (71) واللفظ له.
(9) الخيف: ما ارتفع عن مجرى السيل وانحدر عن غلظ الجبل.
(10) البخاري- الفتح 7 (3882) .
(11) الدباء: الوعاء من القرع اليابس.
(12) الحنتم: الجرار الخضر. والجرار جمع جرة نوع من الأوعية.
(13) النقير: جذع ينقر من وسطه حتى يجوف ويصب فيه النبيذ.
(14) المزفت: الوعاء المطلي بالزفت.
(15) البخاري- الفتح 3 (1398) واللفظ له. ومسلم (17) .(11/5501)
عليه قومه. فتلطّفت حتّى دخلت عليه بمكّة. فقلت له: ما أنت؟ قال: «أنا نبيّ» فقلت: وما نبيّ؟ قال «أرسلني الله» فقلت: وبأيّ شيء أرسلك؟ قال «أرسلني بصلة الأرحام. وكسر الأوثان. وأن يوحّد الله لا يشرك به شيء» قلت له: فمن معك على هذا؟ قال «حرّ وعبد» قال: ومعه يومئذ أبو بكر وبلال ممّن آمن به. فقلت: إنّي متّبعك. قال «إنّك لا تستطيع ذلك يومك هذا. ألا ترى حالي وحال النّاس؟ ولكن ارجع إلى أهلك. فإذا سمعت بي قد ظهرت فأتني» قال:
فذهبت إلى أهلي. وقدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المدينة وكنت في أهلي فجعلت أتخبّر الأخبار وأسأل النّاس حين قدم المدينة. حتّى قدم عليّ نفر من أهل يثرب من أهل المدينة. فقلت: ما فعل هذا الرّجل الّذي قدم المدينة؟
فقالوا: النّاس إليه سراع. وقد أراد قومه قتله فلم يستطيعوا ذلك. فقدمت المدينة. فدخلت عليه.
فقلت: يا رسول الله أتعرفني؟ قال «نعم. أنت الّذي لقيتني بمكّة؟» قال: فقلت: بلى. فقلت: يا نبيّ الله أخبرني عمّا علّمك الله وأجهله. أخبرني عن الصّلاة؟
قال: «صلّ صلاة الصّبح. ثمّ أقصر عن الصّلاة حتّى تطلع الشّمس حتّى ترتفع. فإنّها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان. وحينئذ يسجد لها الكفّار. ثمّ صلّ. فإنّ الصّلاة مشهودة محضورة. حتّى يستقلّ الظّلّ بالرّمح. ثمّ أقصر عن الصّلاة؛ فإنّها حينئذ تسجر جهنّم. فإذا أقبل الفيء فصلّ. فإنّ الصّلاة مشهودة محضورة. حتّى تصلّي العصر. ثمّ أقصر عن الصّلاة.
حتّى تغرب الشّمس. فإنّها تغرب بين قرني شيطان.
وحينئذ يسجد لها الكفّار» قال: فقلت: يا نبيّ الله فالوضوء؟ حدّثني عنه. قال: «ما منكم رجل يقرّب وضوءه فيتمضمض ويستنشق فينتثر إلّا خرّت خطايا وجهه وفيه وخياشيمه. ثمّ إذا غسل وجهه كما أمره الله، إلّا خرّت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء.
ثمّ يغسل يديه إلى المرفقين، إلّا خرّت خطايا يديه من أنامله مع الماء. ثمّ يمسح رأسه، إلّا خرّت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء. ثمّ يغسل قدميه إلى الكعبين إلّا خرّت خطايا رجليه من أنامله مع الماء. فإن هو قام فصلّى، فحمد الله وأثنى عليه، ومجّده بالّذي هو له أهل، وفرّغ قلبه للهّ، إلّا انصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمّه» فحدّث عمرو بن عبسة: بهذا الحديث، أبا أمامة صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال له أبو أمامة:
يا عمرو بن عبسة: انظر ما تقول في مقام واحد يعطى هذا الرّجل؟ فقال عمرو: يا أبا أمامة لقد كبرت سنّي، ورقّ عظمي، واقترب أجلي وما بي حاجة أن أكذب على الله، ولا على رسول الله. لو لم أسمعه من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلّا مرّة أو مرّتين أو ثلاثا (حتّى عدّ سبع مرّات) ما حدّثت به أبدا. ولكنّي سمعته أكثر من ذلك» ) * «1» .
32-* (عن بريدة- رضي الله عنه- قال:
كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا أمّر أميرا على جيش أو سريّة
__________
(1) مسلم (832) .(11/5502)
أوصاه في خاصّته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا. ثمّ قال اغزوا باسم الله، في سبيل الله. قاتلوا من كفر بالله. اغزوا ولا تغلّوا. ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا. وإذا لقيت عدوّك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال (أو خلال) . فأيّتهنّ ما أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم. ثمّ ادعهم إلى الإسلام. فإن أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم. ثمّ ادعهم إلى التّحوّل من دارهم إلى دار المهاجرين وأخبرهم أنّهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين. فإن أبوا أن يتحوّلوا منها، فأخبرهم أنّهم يكونون كأعراب المسلمين. يجري عليهم حكم الله الّذي يجري على المؤمنين. ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء. إلّا أن يجاهدوا مع المسلمين. فإن هم أبوا فسلهم الجزية. فإن هم أجابوك فاقبل منهم، وكفّ عنهم. فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم. وإذا حاصرت أهل حصن، فأرادوك أن تجعل لهم ذمّة الله وذمّة نبيّه. فلا تجعل لهم ذمّة الله ولا ذمّة نبيّه ولكن اجعل لهم ذمّتك وذمّة أصحابك.
فإنّكم إن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمّة الله وذمّة رسوله. وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله، فلا تنزلهم على حكم الله. ولكن أنزلهم على حكمك. فإنّك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا» ) * «1» .
33-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يجتمعان في النّار اجتماعا يضرّ أحدهما الآخر قيل: من هم يا رسول الله؟ قال:
مؤمن قتل كافرا، ثمّ سدّد «2» ) * «3» .
34-* (عن عثمان بن عفّان- رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «لا يحلّ دم امرىء مسلم إلّا بإحدى ثلاث، رجل كفر بعد إسلامه، أو زنا بعد إحصانه، أو قتل نفسا بغير نفس فيقتل بها» فو الله «4» ما زنيت في جاهليّة ولا في إسلام قطّ، وو الله ما أحببت أنّ لي بديني بدلا منذ هداني الله له، ولا قتلت نفسا، فبم تقتلوني؟» ) * «5» .
35-* (عن أسامة بن زيد- رضي الله عنهما- أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم» ) * «6» .
36-* (عن عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه- قال: لمّا كان يوم بدر نظر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا. فاستقبل نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم القبلة ثمّ مدّ يديه فجعل يهتف بربّه «اللهمّ أنجز لي ما وعدتني، اللهمّ آت ما وعدتني، اللهمّ إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض» فما زال يهتف بربّه مادّا يديه مستقبل القبلة، حتّى سقط رداؤه عن منكبيه فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثمّ التزمه من
__________
(1) مسلم (1731) .
(2) سدد: استقام على الطريقة المثلى.
(3) مسلم (1891) .
(4) هذا الجزء من كلام عثمان- رضي الله عنه-.
(5) أخرجه أبو داود (4502) ، والترمذي (4/ 2158) وقال: حديث حسن. والبغوي في شرح السنة (10/ 148) واللفظ له. وقال محققه: إسناده صحيح.
(6) البخاري- الفتح 12 (6764) واللفظ له. ومسلم (1614) .(11/5503)
ورائه، وقال: يا نبيّ الله: كذاك مناشدتك ربّك، فإنّه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله عزّ وجلّ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ (الأنفال/ 9) فأمدّه الله بالملائكة.
قال أبو زميل: فحدّثني ابن عبّاس قال: بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتدّ فى أثر رجل من المشركين أمامه.
إذ سمع ضربة بالسّوط فوقه. وصوت الفارس يقول:
أقدم حيزوم «1» . فنظر إلى المشرك أمامه فخرّ مستلقيا.
فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه، وشقّ وجهه كضربة السّوط. فاخضرّ ذلك أجمع. فجاء الأنصاريّ فحدّث بذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقال: «صدقت، ذلك من مدد السّماء الثّالثة» فقتلوا يومئذ سبعين. وأسروا سبعين.
قال أبو زميل: قال ابن عبّاس: فلمّا أسروا الأسارى قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأبي بكر وعمر: «ما ترون في هؤلاء الأسارى؟» فقال أبو بكر: يا نبيّ الله هم بنو العمّ والعشيرة. أرى أن تأخذ منهم فدية. فتكون لنا قوّة على الكفّار. فعسى الله أن يهديهم للإسلام. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما ترى يا ابن الخطّاب» قلت: لا.
والله يا رسول الله ما أرى الّذي رأى أبو بكر. ولكنّي أرى أن تمكّنّا فنضرب أعناقهم. فتمكّن عليّا من عقيل فيضرب عنقه. وتمكّنّي من فلان (نسيبا لعمر) فأضرب عنقه. فإنّ هؤلاء أئمّة الكفر وصناديدها «2» .
فهوي «3» رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما قال أبو بكر. ولم يهو ما قلت. فلمّا كان من الغد جئت فإذا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبو بكر قاعدين يبكيان. قلت: يا رسول الله أخبرني من أيّ شيء تبكي أنت وصاحبك. فإن وجدت بكاء بكيت. وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أبكي للّذي عرض عليّ أصحابك من أخذهم الفداء. لقد عرض عليّ عذابهم أدنى من هذه الشّجرة» (شجرة قريبة من نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم) وأنزل الله عزّ وجلّ: ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ. إلى قوله فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً (الأنفال: 67، 68) فأحلّ الله الغنيمة لهم) * «4» .
37-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنّته أحد، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرّحمة ما قنط من جنّته أحد» ) * «5» .
38-* (عن أبي ذرّ- رضي الله عنه- أنّه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «ليس من رجل ادّعى لغير أبيه وهو يعلمه، إلّا كفر. ومن ادّعى ما ليس له فليس منّا، وليتبوّأ مقعده من النّار، ومن دعا رجلا بالكفر، أو قال: عدوّ الله، وليس كذلك إلّا حار عليه «6» » ) * «7» .
39-* (عن أنس- رضي الله عنه- قال:
قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «ما بعث نبيّ إلّا أنذر أمّته الأعور
__________
(1) حيزوم: اسم فرس الملك، منادى بحرف نداء محذوف.
(2) صناديدها: يعني أشرافها.
(3) فهوى: أي أحب ذلك واستحسنه.
(4) مسلم (1763) .
(5) مسلم (2755) .
(6) حار عليه: أي باء ورجع عليه.
(7) البخاري- الفتح 6 (3508) . ومسلم (61) واللفظ له.(11/5504)
الكذّاب، ألا إنّه أعور. وإنّ ربّكم ليس بأعور، وإنّ بين عينيه مكتوب: كافر» ) * «1» .
40-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- يرفعه قال: «ما بين منكبي الكافر، في النّار مسيرة ثلاثة أيّام للرّاكب المسرع» ) * «2» .
41-* (عن كعب بن مالك- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «مثل المؤمن كمثل الخامة «3» من الزّرع تفيئها الرّيح تصرعها مرّة وتعدلها أخرى.
حتّى تهيج. ومثل الكافر كمثل الأرزة المجذبة «4» على أصلها. لا يفيئها شيء حتّى يكون انجعافها مرّة واحدة» ) * «5» .
42-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «المراء «6» في القرآن كفر» ) «7» .
43-* (عن عبادة بن الصّامت- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «من أحبّ لقاء الله أحبّ الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه. قالت عائشة أو بعض أزواجه: إنّا لنكره الموت. قال: ليس ذلك، ولكنّ المؤمن إذا حضره الموت بشّر برضوان الله وكرامته، فليس شيء أحبّ إليه ممّا أمامه، فأحبّ لقاء الله وأحبّ الله لقاءه. وإنّ الكافر إذا حضر بشّر بعذاب الله وعقوبته فليس شيء أكره إليه ممّا أمامه.
فكره لقاء الله وكره الله لقاءه» ) * «8» .
44-* (عن ثابت بن الضّحّاك- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من حلف على ملّة غير الإسلام كذبا فهو كما قال، وليس على ابن آدم نذر فيما لا يملك. ومن قتل نفسه بشيء في الدّنيا عذّب به يوم القيامة. ومن لعن مؤمنا فهو كقتله. ومن قذف بكفر فهو كقتله» ) * «9» .
45-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «النّاس تبع لقريش في هذا الشّأن مسلمهم تبع لمسلمهم، وكافرهم تبع لكافرهم» ) *1» .
46-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «هاجر إبراهيم عليه السّلام بسارة فدخل بها قرية فيها ملك من الملوك أو جبّار من الجبابرة فقيل: دخل إبراهيم بامرأة هي من أحسن النّساء. فأرسل إليه أن يا إبراهيم من هذه الّتي معك؟
قال: أختي. ثمّ رجع إليها فقال: لا تكذّبي حديثي فإنّي أخبرتهم أنّك أختي، والله إن على الأرض من مؤمن غيري وغيرك، فأرسل بها إليه، فقام إليها فقامت توضّأ
__________
(1) البخاري- الفتح 13 (7131) واللفظ له. ومسلم (2933) .
(2) مسلم (2852) .
(3) الخامة: الطاقة الغضة اللينة من الزرع.
(4) المجذبة: الثابتة المنتصبة.
(5) البخاري- الفتح 10 (5643) . ومسلم (2810) واللفظ له.
(6) المراء: الجدل.
(7) أبو داود (4603) واللفظ له. وأحمد في المسند (2/ 258) . وقال محقق جامع الأصول (2/ 750) : إسناده حسن.
(8) البخاري- الفتح 11 (6507) واللفظ له. ومسلم (2683) .
(9) البخاري- الفتح 10 (6047) واللفظ له. ومسلم (110) .
(10) البخاري- الفتح 6 (3495) . مسلم (1818) واللفظ له.(11/5505)
وتصلّي. فقالت: اللهمّ إن كنت آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلّا على زوجي فلا تسلّط عليّ الكافر. فغطّ حتّى ركض برجله. قالت: اللهمّ إن يمت يقال هي قتلته. فأرسل ثمّ قام إليها. فقامت تتوضّأ وتصلّي وتقول: اللهمّ إن كنت آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجى إلّا على زوجى فلا تسلّط عليّ هذا الكافر فغطّ حتّى ركض برجله. فقالت: اللهمّ إن يمت فيقال هي قتلته، فأرسل في الثّانية أو في الثّالثة. فقال: والله ما أرسلتم إليّ إلّا شيطانا، أرجعوها إلى إبراهيم وأعطوها آجر. فرجعت إلى إبراهيم- عليه السّلام- فقالت: أشعرت أنّ الله كبت الكافر، وأخدم وليدة» ) * «1» .
47-* (عن أنس- رضي الله عنه- أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يقول: يجاء بالكافر يوم القيامة فيقال له أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبا أكنت تفتدي به؟ فيقول: نعم. فيقال له: قد كنت سئلت ما هو أيسر من ذلك) * «2» .
48-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «يجيء الدّجّال حتّى ينزل في ناحية المدينة ثمّ ترجف المدينة ثلاث رجفات فيخرج إليه كلّ كافر ومنافق» ) * «3» .
49-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة وغبرة، فيقول له إبراهيم: ألم أقل لك لا تعصني؟ فيقول أبوه: فاليوم لا أعصيك.
فيقول إبراهيم: يا ربّ إنّك وعدتني أن لا تخزيني يوم يبعثون، فأيّ خزي أخزى من أبي الأبعد؟ فيقول الله تعالى: إنّي حرّمت الجنّة على الكافرين. ثمّ يقال: يا إبراهيم ما تحت رجليك، فينظر فإذا هو بذيخ «4» ملتطخ، فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النّار» ) * «5» .
الأحاديث الواردة في ذمّ (الكفر) معنى
50-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في مرضه الّذي لم يقم منه:
«لعن الله اليهود والنّصارى. اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد» قالت: فلولا ذاك أبرز قبره غير أنّه خشي أن يتّخذ مسجدا) * «6» .
51-* (عن أبي موسى الأشعريّ- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: لا يموت رجل مسلم إلّا أدخل الله مكانه النّار يهوديّا أو نصرانيّا. وفي لفظ إذا كان يوم القيامة دفع الله- عزّ وجلّ- إلى كلّ مسلم يهوديّا أو نصرانيّا فيقول: هذا فكاكك من
__________
(1) البخاري- الفتح 4 (2217) واللفظ له ومسلم (2371)
(2) البخاري- الفتح 11 (6538) واللفظ له. ومسلم (2805) .
(3) البخاري- الفتح 13 (7124) .
(4) الذيخ: ذكر الضباع.
(5) البخاري- الفتح 6 (3350) .
(6) البخاري- الفتح 3 (1330) . ومسلم (529) واللفظ له.(11/5506)
النّار» ) * «1» .
52-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «يجمع الله النّاس يوم القيامة في صعيد واحد، ثمّ يطّلع عليهم ربّ العالمين فيقول: ألا يتبع كلّ إنسان ما كانوا يعبدون، فيمثّل لصاحب الصّليب صليبه، ولصاحب التّصاوير تصاويره، ولصاحب النّار ناره، فيتبعون ما كانوا يعبدون، ويبقى المسلمون، فيطّلع عليهم ربّ العالمين فيقول: ألا تتّبعون النّاس؟ فيقولون: نعوذ بالله منك، نعوذ بالله منك؛ الله ربّنا، هذا مكاننا حتّى نرى ربّنا، وهو يأمرهم ويثبّتهم، ثمّ يتوارى، ثمّ يطّلع فيقول: ألا تتّبعون النّاس؟ فيقولون: نعوذ بالله منك، نعوذ بالله منك الله ربّنا، وهذا مكاننا حتّى نرى ربّنا، وهو يأمرهم ويثبّتهم، قالوا: وهل نراه يا رسول الله؟ قال:
«وهل تضارّون في رؤية القمر ليلة البدر؟» قالوا: لا يا رسول الله، قال: «فإنّكم لا تضارّون في رؤيته تلك السّاعة» ، ثمّ يتوارى، ثمّ يطّلع فيعرّفهم نفسه، ثمّ يقول: أنا ربّكم فاتّبعوني، فيقوم المسلمون ويوضع الصّراط فيمرّون عليه، مثل جياد الخيل والرّكاب وقولهم عليه سلّم سلّم، ويبقى أهل النّار، فيطرح منهم فيها فوج، ثمّ يقال: هل امتلأت؟ فتقول: (هل من مزيد؟) ثمّ يطرح فيها فوج فيقال: هل امتلأت؟
فتقول: (هل من مزيد؟) حتّى إذا أوعبوا فيها، وضع الرّحمن قدمه فيها وأزوى بعضها إلى بعض، ثمّ قال: قط، قالت: قط قط، فإذا أدخل الله تعالى أهل الجنّة الجنّة، وأهل النّار النّار، أتي بالموت ملبّيا.
فيوقف على السّور الّذي بين أهل الجنّة وأهل النّار، ثمّ يقال: يا أهل الجنّة، فيطّلعون خائفين، ثمّ يقال: يا أهل النّار، فيطّلعون مستبشرين يرجون الشّفاعة، فيقال لأهل الجنّة ولأهل النّار: هل تعرفون هذا؟
فيقولون هؤلاء وهؤلاء: قد عرفناه هو الموت الّذي وكّل بنا، فيضجع فيذبح ذبحا على السّور الّذى بين الجنّة والنّار، ثمّ يقال: يا أهل الجنّة خلود لا موت، ويا أهل النّار خلود لا موت» ) * «2» .
53-* (عن أبي موسى الأشعريّ- رضي الله عنه- قال: أقبلت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومعي رجلان من الأشعريّين أحدهما عن يميني. والآخر عن يساري، ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم يستاك. فكلاهما سأل.
فقال: «يا أبا موسى أو يا عبد الله بن قيس» قال: قلت:
والّذي بعثك بالحقّ ما أطلعاني على ما في أنفسهما. وما شعرت أنّهما يطلبان العمل. فكأنّي أنظر إلى سواكه تحت شفته قلصت. فقال: «لن أو لا نستعمل على عملنا من أراده. ولكن اذهب أنت يا أبا موسى أو يا عبد الله بن قيس إلى اليمن، ثمّ أتبعه معاذ بن جبل، فلمّا قدم عليه ألقى له وسادة قال: انزل، فإذا رجل عنده موثق. قال: ما هذا؟ قال: كان يهوديّا فأسلم ثمّ
__________
(1) مسلم (2767) .
(2) البخاري- الفتح 8 (4730) . ومسلم (2849) . والترمذي (2557) واللفظ له.(11/5507)
تهوّد. قال: اجلس. قال: لا أجلس حتّى يقتل، قضاء الله ورسوله (ثلاث مرّات) . فأمر به فقتل. ثمّ تذاكرا قيام اللّيل. فقال أحدهما: أمّا أنا فأقوم وأنام، وأرجو في نومتي ما أرجو في قومتي» ) * «1» .
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذمّ (الكفر)
1-* (عن عمر- رضي الله عنه- قال: فيم الرّملان اليوم والكشف عن المناكب؟ وقد أطّأ «2» الله الإسلام ونفى الكفر وأهله مع ذلك لا ندع شيئا كنّا نفعله على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم» ) * «3» .
2-* (عن أنس- رضي الله عنه- قال:
خطب أبو طلحة، أمّ سليم فقالت: والله ما مثلك يا أبا طلحة يردّ، ولكنّك رجل كافر، وأنا امرأة مسلمة، ولا يحلّ لي أن أتزوّجك فإن تسلم فذاك مهري، وما أسألك غيره. فأسلم فكان ذلك مهرها) * «4» .
3-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:
«لمّا قدمت على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قلت في الطّريق:
يا ليلة من طولها وعنائها ... على أنّها من دارة الكفر نجّت
وأبق غلام لي في الطّريق. فلمّا قدمت على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فبايعته فبينا أنا عنده إذ طلع الغلام، فقال لي النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «يا أبا هريرة هذا غلامك» فقلت: هو لوجه الله فأعتقته» ) * «5» .
4-* (عن خبّاب- رضي الله عنه- قال:
«كنت قينا «6» في الجاهليّة، وكان لي على العاص بن وائل دين، فأتيته أتقاضاه. قال: لا أعطيك حتّى تكفر بمحمّد صلّى الله عليه وسلّم، فقلت: لا أكفر حتّى يميتك الله ثمّ تبعث. قال: دعني حتّى أموت وأبعث، فسأوتى مالا وولدا فأقضيك. فنزلت أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالًا وَوَلَداً* أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً (مريم/ 77- 78) » ) * «7» .
5-* (عن مصعب بن سعد- رضي الله عنه- قال: «سألت أبي قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا (الكهف/ 103) هم الحروريّة؟ قال: لا. هم اليهود والنّصارى، أمّا اليهود، فكذّبوا محمّدا صلّى الله عليه وسلّم، وأمّا النّصارى، كفروا بالجنّة وقالوا: لا طعام فيها ولا شراب، والحروريّة، الّذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه، وكان سعد يسمّيهم الفاسقين» ) * «8»
__________
(1) البخاري- الفتح 12 (6923) واللفظ له. ومسلم (1733) .
(2) أطّأ الله الإسلام: أي ثبته وأرساه.
(3) أبو داود (1887) واللفظ له. وابن ماجة (2952) وحسنه الألباني، صحيح سنن ابن ماجة (2389) .
(4) النسائي (3133) وصححه الألباني.
(5) البخاري- الفتح 7 (4393) .
(6) قين: أصل القين الحداد ثم صار كل صائغ عند العرب قينا. وقيل القين الذي يصلح الأسنة.
(7) البخاري- الفتح 4 (2091) واللفظ له. ومسلم (2795) .
(8) البخاري- الفتح 8 (4728) .(11/5508)
6-* (عن عديّ بن حاتم- رضي الله عنه- قال: «أتينا عمر في وفد فجعل يدعو رجلا رجلا ويسمّيهم. فقلت: أما تعرفني يا أمير المؤمنين؟ قال:
بلى، أسلمت إذ كفروا، وأقبلت إذ أدبروا، ووفّيت إذ غدروا، وعرفت إذ أنكروا، فقال عديّ: فلا أبالي إذا» ) * «1» .
7-* (عن عكرمة قال: أتي عليّ- رضي الله عنه- بزنادقة فأحرقهم، فبلغ ذلك ابن عبّاس فقال:
لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «لا تعذّبوا بعذاب الله، ولقتلتهم لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من بدّل دينه فاقتلوه» ) * «2» .
8-* (قال ابن القيّم- رحمه الله تعالى-: من شبّه الله بخلقه فقد كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس ما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله تشبيها. فالمشبّه يعبد صنما، والمعطّل يعبد عدما، والموحّد يعبد إلها واحدا صمدا» ) * «3» .
9-* (وقال أيضا- رحمه الله تعالى-: «من قال: ليس لله بيننا كلام فقد جحد» ) * «4» .
من مضار (الكفر)
(1) الكفر الأكبر يخلّد صاحبه فى النّار.
(2) يورث الذّلّ في الدّنيا والهوان على الله في الآخرة.
(3) الكافر خبيث النّيّة فاسد الطويّة.
(4) يورد صاحبه موارد الهلاك والرّدى.
(5) ليس بعد الكفر ذنب.
(6) اشمئزاز النّاس منه وتأذّيهم من شرّه.
(7) معول هدم في المجتمع الّذى يعيش فيه وإن زعم الكافر أنّه مصلح.
(8) نجاسة الكافر وهوانه على الله عزّ وجلّ.
__________
(1) البخاري- الفتح 7 (4394) .
(2) البخاري- الفتح 10 (6922) .
(3) طريق الوصول إلى العلم المأمول بمعرفة القواعد والضوابط والأصول للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي (418) .
(4) المرجع السابق (419) .(11/5509)
الكنز
الكنز لغة:
الكنز مصدر مأخوذ من مادّة (ك ن ز) الّتي تدلّ على تجمّع في شيء، من ذلك ناقة كناز اللّحم أي مجتمعة، وكنزت التّمر في وعائه أكنزه، وكنزت الكنز أكنزه «1» .
يقول الجوهريّ: الكنز المال المدفون، وقد كنّزته أكنزه، وفي الحديث: «كلّ مال لا تؤدّى زكاته فهو كنز» واكتنز الشّيء اجتمع وامتلأ «2» .
ويقال: كنزت البرّ في الجراب فاكتنز، ويقال:
شددت كنز القربة إذا ملأتها، ورجل مكتنز اللّحم وكنيز اللّحم «3» .
وفي حديث أبي ذرّ «بشّر الكنّازين برضف من جهنّم» هم جمع كنّاز، وهو المبالغ في كنز الذّهب والفضّة، وادّخارهما وترك إنفاقهما في أبواب البرّ «4» .
الكنز: اسم للمال إذا أحرز في وعاء، ولما يحرز فيه، ويقال: كنزه يكنزه كنزا واكتنزه، وفي الحديث:
«أعطيت الكنزين الأحمر والأبيض» ، قال العلاء بن عمرو الباهليّ: الكنز: الفضّة في قوله
كأنّ الهبرقيّ غدا عليها ... بماء الكنز ألبسه قراها
قال: وتسمّي العرب كلّ كثير مجموع يتنافس فيه كنزا. وفي الحديث: «ألا أعلّمك كنزا من كنوز الجنّة: لا حول ولا قوّة إلّا بالله» ، وفي رواية: «لا حول ولا قوّة إلّا بالله كنز من كنوز الجنّة» أي أجرها مدّخر لقائلها والمتّصف بها كما يدّخر الكنز، وفي التّنزيل العزيز: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ (التوبة/ 34) .
قال الطّبريّ، اختلف أهل العلم في معنى الكنز: فقال بعضهم: هو كلّ مال وجبت فيه الزّكاة فلم تؤدّ زكاته، وقيل: كلّ ما زاد على أربعة آلاف درهم فهو كنز أدّيت فيه الزّكاة أو لم تؤدّ ... وقيل الكنز كلّ ما فضل بعد المال عن حاجة صاحبه إليه والأصحّ في ذلك ما روي عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أنّ كلّ مال أدّيت زكاته فليس بكنز، ولا يحرم اكتنازه وإن كثر، وكلّ مال لم تؤدّ زكاته فصاحبه مكتنز معاقب مستحقّ وعيد الله- إلّا أن يتفضّل عليه بعفوه- وإن قلّ إذا كان ممّا يجب فيه الزّكاة «5» .
وقال القرطبيّ: الكنز أصله في اللّغة: الضّمّ والجمع، ولا يختصّ ذلك بالذّهب والفضّة، وقيل:
__________
(1) مقاييس اللغة (5/ 141) .
(2) تهذيب اللغة (10/ 98) .
(3) الصحاح (3/ 893) .
(4) النهاية (4/ 203) .
(5) جامع البيان (6/ 357- 359) بتصرف.(11/5510)
الكنز كلّ شيء مجموع بعضه إلى بعض في بطن الأرض كان أو على ظهرها، قال ابن عمر: من كنزها فلم يؤدّ زكاتها فويل له، إنّما كان هذا قبل أن تنزل الزّكاة، فلمّا أنزلت جعلها الله طهرا للأموال، وقيل: الكنز ما لم تؤدّ منه الحقوق العارضة، كفكّ الأسير، وإطعام الجائع وغير ذلك وقيل: الكنز لغة: المجموع من النّقدين، وغيرهما من المال محمول عليهما بالقياس، وقيل:
المجموع منهما ما لم يكن حليّا، لأنّ الحليّ مأذون في اتّخاذه ولا حقّ فيه، والصّحيح ما بدأنا بذكره، وأنّ ذلك كلّه يسمّى كنزا لغة وشرعا والله أعلم «1» .
ويقال: كنز الإنسان مالا يكنزه. وكنزت السّقاء إذا ملأته، ويرى ابن عبّاس- رضي الله عنهما- في قوله تعالى في الكهف: وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما (الكهف/ 82) قال: ما كان ذهبا ولا فضّة ولكن كان علما وصحفا. وروي عن عليّ- رضي الله عنه- أنّه قال: أربعة آلاف وما دونها نفقة، وما فوقها كنز.
والكنز في الأصل المال المدفون تحت الأرض فإذا أخرج منه الواجب عليه لم يبق كنزا وإن كان مكنوزا (أي مختبئا) .
والكنّاز: المبالغ في كنز الذّهب والفضّة وادّخارهما وترك إنفاقهما في أبواب البرّ.
وكنز الشّيء في الوعاء والأرض يكنزه كنزا:
غمره بيده، وشدّ كنز القربة: ملأها، وقد يستعمل الكنز اسما للشّيء المكتنز. فيقال: هذا كنز عظيم أو كبير وما أشبه ذلك، ويرادفه «الخبيئة» بمعنى المخبوءة وهي كلّ شيء ثمين خبّيء في الأرض «2» .
الكنز اصطلاحا:
قال المناويّ: الكنز: جمع المال بعضه على بعض وادّخاره، وقيل: المال المدفون وقد صار في الدّين (الشّرع) اسما لكلّ مال لم يخرج منه الواجب وإن لم يكن مدفونا «3» .
وقال الكفويّ: كلّ مال لم تؤدّ زكاته فهو كنز وإن كان ظاهرا، وكلّ مال أدّيت زكاته فليس بكنز وإن كان مدفونا «4» ، وقيل: كلّ ما زاد على أربعة آلاف درهم فهو كنز، أدّيت منه الزّكاة أو لم تؤدّها، وما دونه نفقة «5» .
وقد يستعمل الكنز في معنى الشّيء المكنوز ويصبح معناه الاصطلاحيّ حينئذ: المال الموضوع في الأرض، قاله الجرجانيّ «6» .
[للاستزادة: انظر صفات: اتباع الهوى- الأثرة- البخل- الشح- البر.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: الإنفاق- الجود الصدقة- السخاء- الكرم- الزكاة- الإحسان] .
__________
(1) القرطبي (4/ 81) .
(2) لسان العرب (7/ 3937) ، المصباح المنير (2/ 541- 542) .
(3) التوقيف (284) .
(4) الكليات (741) بتصرف.
(5) المرجع السابق (742) .
(6) انظر التعريفات (157) .(11/5511)
الآيات الواردة في «الكنز»
1-* يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35) »
2-* إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) «2»
الآيات الواردة في «الكنز» لفظا ولها معنى آخر
3- فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (12) «3»
4- وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (82) «4»
5- وَقالُوا مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً (7) أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها وَقالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً (8) «5»
6-* وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (52) فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (53) إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ (56) فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (57) وَكُنُوزٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ (58) كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ (59) فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ (60) فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قالَ كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) «6»
__________
(1) التوبة: 34- 35 مدنية
(2) القصص: 76 مكية
(3) هود: 12 مكية
(4) الكهف: 82 مكية
(5) الفرقان: 7- 8 مكية
(6) الشعراء: 52- 62 مكية(11/5512)
الأحاديث الواردة في ذمّ (الكنز)
1-* (عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «ما من صاحب إبل لا يفعل فيها حقّها إلّا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت قطّ «1» . وقعد لها بقاع قرقر، تستنّ عليه بقوائمها وأخفافها «2» . ولا صاحب بقر لا يفعل فيها حقّها، إلّا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت. وقعد لها بقاع قرقر.
تنطحه بقرونها وتطؤه بقوائمها. ولا صاحب غنم لا يفعل فيها حقّها. إلّا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت.
وقعد لها بقاع قرقر. تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها، ليس فيها جمّاء «3» ولا منكسر قرنها. ولا صاحب كنز لا يفعل فيه حقّه. إلّا جاء كنزه يوم القيامة شجاعا أقرع «4» . يتبعه فاتحا فاه. فإذا أتاه فرّ منه. فيناديه: خذ كنزك الّذي خبأته. فأنا عنه غنيّ. فإذا رأى أن لا بدّ منه. سلك يده «5» في فيه فيقضمها قضم الفحل «6» » ) * «7» .
2-* (عن سلمان الفارسيّ قال: كنت رجلا فارسيّا من أهل أصبهان من قرية منها يقال لها: جيّ وكان أبي دهقان قريته «8» وكنت أحبّ خلق الله إليه فلم يزل به حبّه إيّاي حتّى حبسني في بيته- أي ملازم النّار- كما تحبس الجارية واجتهدت في المجوسيّة حتّى كنت قطن النّار «9» الّذي يوقدها لا يتركها تخبو ساعة.
قال: وكانت لأبي ضيعة عظيمة. قال: فشغل في بنيان له يوما فقال لي: يا بنيّ إنّي قد شغلت في بنيان هذا اليوم عن ضيعتي فاذهب فاطّلعها، وأمرني فيها بعض ما يريد. فخرجت أريد ضيعته فمررت بكنيسة من كنائس النّصارى فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلّون، وكنت لا أدري ما أمر النّاس لحبس أبي إيّاي في بيته. فلمّا مررت بهم وسمعت أصواتهم دخلت عليهم أنظر ما يصنعون، فلمّا رأيتهم أعجبني صلاتهم، ورغبت في أمرهم، وقلت: هذا والله خير من الدّين الّذي نحن عليه، فو الله ما تركتهم حتّى غربت الشّمس، وتركت ضيعة أبي، ولم آتها، فقلت لهم: أين أصل هذا الدّين؟ قالوا: بالشّام. قال: ثمّ رجعت إلى أبي، وقد بعث في طلبي، وشغلته عن عمله كلّه. قال:
فلمّا جئته قال: أي بنيّ، أين كنت؟ ألم أكن عهدت إليك ما عهدت؟ قال: قلت: يا أبت، مررت بناس يصلّون في كنيسة لهم، فأعجبني ما رأيت من دينهم،
__________
(1) أكثر ما كانت قط: هكذا هو في الأصول بالثاء المثلثة، وفي قط لغات حكاهن الجوهري، والفصيحة المشهورة قطّ.
(2) تستن عليه بقوائمها وأخفافها: أي ترفع يديها وتطرحهما معا على صاحبها.
(3) جمّاء: هي الشاة التي لا قرن لها، كجلحاء، مذكره أجم.
(4) شجاعا أقرع: الشجاع الحية الذكر، والأقرع الذي تمعّط شعره لكثرة سمه، وقيل: الشجاع الذي يواثب الراجل والفارس ويقوم على ذنبه، وربما بلغ رأس الفارس، ويكون في الصحاري.
(5) سلك يده: أي أدخلها.
(6) فيقضمها.. يقال: قضمت الدابة شعيرها إذا أكلته.
(7) مسلم (988) .
(8) دهقان قريته: الدهقان بكسر الدال وضمها: رئيس القرية وصاحب الزراعة، وهو معرّب.
(9) قطن النار: أي خادمها وخازنها، أراد أنه كان ملازما لها.(11/5513)
فو الله، ما زلت عندهم حتّى غربت الشّمس قال: أي بنيّ ليس في ذلك الدّين خير، دينك ودين آبائك خير منه. قال: قلت: كلّا والله إنّه خير من ديننا. قال:
فخافني، فجعل في رجلي قيدا، ثمّ حبسني في بيته.
قال: وبعثت إلى النّصارى فقلت لهم: إذا قدم عليكم ركب من الشّام تجّار من النّصارى فأخبروني بهم. قال:
فقلت لهم: إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الرّجعة إلى بلادهم فآذنوني بهم. قال: فلمّا أرادوا الرّجعة إلى بلادهم أخبروني بهم فألقيت الحديد من رجليّ ثمّ خرجت معهم حتّى قدمت الشّام، فلمّا قدمتها قلت:
من أفضل أهل هذا الدّين؟ قالوا: الأسقف في الكنيسة. قال: فجئته، فقلت: إنّي قد رغبت في هذا الدّين وأحببت أن أكون معك أخدمك في كنيستك، وأتعلّم منك وأصلّي معك قال: فادخل. فدخلت معه قال: فكان رجل سوء يأمرهم بالصّدقة ويرغّبهم فيها، فإذا جمعوا منها شيئا اكتنزه لنفسه ولم يعطه المساكين، حتّى جمع سبع قلال من ذهب وورق. قال: وأبغضته بغضا شديدا لما رأيته يصنع، ثمّ مات فاجتمعت إليه النّصارى ليدفنوه، فقلت لهم: إنّ هذا كان رجل سوء، يأمركم بالصّدقة ويرغّبكم فيها، فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه ولم يعط المساكين منها شيئا، قالوا: وما علمك بذلك؟ قال: قلت: أنا أدلّكم على كنزه. قالوا:
فدلّنا عليه. قال: فأريتهم موضعه قال: فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهبا وورقا فلمّا رأوها قالوا: والله لا ندفنه أبدا، فصلبوه ثمّ رجموه بالحجارة ...
الحديث) * «1» .
الأحاديث الواردة في ذمّ (الكنز) معنى
3-* (عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما- أنّه قال: إنّ امرأة من أهل اليمن أتت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبنت لها، في يد ابنتها مسكتان «2» غليظتان من ذهب فقال: «أتؤدّين زكاة هذا؟» قالت:
لا، قال: «أيسرّك أن يسوّرك الله- عزّ وجلّ- بها يوم القيامة سوارين من نار» ، قال: فخلعتهما فألقتهما إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقالت: هما لله ولرسوله صلّى الله عليه وسلّم) * «3» .
4-* (عن الأحنف بن قيس قال: قدمت المدينة، فبينا أنا في حلقة «4» فيها ملأ من قريش «5» إذ جاء رجل أخشن الثّياب «6» أخشن الجسد، أخشن الوجه.
__________
(1) أحمد (5/ 441- 444) واللفظ له، الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 332- 336) ، وقال: رواه أحمد والطبراني بأسانيد ورجالهما رجال الصحيح غير محمد ابن إسحاق وقد صرح بالسماع. وكذا البزار (3/ 268) .
(2) المسكة- بالتحريك- السوار.
(3) النسائي (5/ 38) واللفظ له. وقال الألباني: حسن (2324) . الترمذي (637) ، وأبو داود (1563) .
(4) فبينا أنا في حلقة: أي بين أوقات قعودي في الحلقة، والحلقة، بإسكان اللام.
(5) ملأ من قريش: الملأ الأشراف، ويقال أيضا للجماعة.
(6) أخشن الثياب ... : هو بالخاء والشين المعجمتين، في الألفاظ الثلاثة، ونقله القاضي هكذا عن الجمهور وهو من الخشونة.(11/5514)
فقام عليهم «1» فقال: بشّر الكانزين «2» برضف «3» يحمى عليه «4» في نار جهنّم، فيوضع على حلمة ثدي أحدهم.
حتّى يخرج من نغض كتفيه «5» ويوضع على نغض كتفيه، حتّى يخرج من حلمة ثدييه يتزلزل «6» . قال:
فوضع القوم رؤسهم، فما رأيت أحدا منهم رجع إليه شيئا «7» . قال: فأدبر، واتّبعته حتّى جلس إلى سارية.
فقلت: ما رأيت هؤلاء إلّا كرهوا ما قلت لهم. قال: إنّ هؤلاء لا يعقلون شيئا، إنّ خليلي أبا القاسم صلّى الله عليه وسلّم دعاني فأجبته. فقال: «أترى أحدا؟» فنظرت ما عليّ من الشّمس «8» وأنا أظنّ أنّه يبعثني في حاجة له فقلت: أراه.
فقال: «ما يسرّني أنّ لي مثله ذهبا «9» أنفقه كلّه إلّا ثلاثة دنانير» ثمّ هؤلاء يجمعون الدّنيا لا يعقلون شيئا. قال:
قلت: مالك ولإخوتك من قريش، لا تعتريهم «10» وتصيب منهم. قال: لا. وربّك لا أسألهم عن دنيا «11» ولا أستفتيهم عن دين حتّى ألحق بالله ورسوله) *1» .
5-* (عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- أنّه قال: أقبل علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهنّ، وأعوذ بالله أن تدركوهنّ: لم تظهر الفاحشة في قوم قطّ حتّى يعلنوا بها إلّا فشا فيهم الطّاعون والأوجاع الّتي لم تكن مضت في أسلافهم الّذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلّا أخذوا بالسّنين وشدّة المئونة وجور السّلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلّا منعوا القطر من السّماء ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله، إلّا سلّط الله عليهم عدوّا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمّتهم بكتاب الله، ويتخيّروا ممّا أنزل الله إلّا جعل الله بأسهم بينهم» ) * «13» .
6-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّه قال: قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «تأتي الإبل على صاحبها على خير ما كانت إذا هو لم يعط فيها حقّها، تطؤه بأخفافها. وتأتي الغنم على صاحبها خير ما كانت إذا لم يعط فيها حقّها تطؤه بأظلافها وتنطحه بقرونها» .
__________
(1) فقام عليهم: أي فوقف.
(2) بشر الكانزين: هم الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله، والمبالغ في ادخارهما يسمى كنّازا.
(3) برضف: الرضف الحجارة المحماة، الواحدة رضفة، مثل تمر وتمرة.
(4) يحمي عليها: أي يوقد عليه.
(5) من نغض كتفيه: النغض هو العظم الرقيق على طرف الكتف، ويقال له أيضا: الناغض.
(6) يتزلزل: التزلزل إنما هو للرضف، أي يتحرك من نغض كتفه حتى يخرج من حلمة ثديه.
(7) رجع إليه شيئا: رجع يتعدى بنفسه في اللغة الفصحى، قال تعالى: فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ ويقال: ليس لكلامه مرجوع أي جواب.
(8) فنظرت ما على من الشمس: يعني كم بقى من النهار.
(9) ذهبا: تمييز، رافع لإبهام المثلية.
(10) لا تعتريهم: أي تأتيهم وتطلب منهم، يقال: عروته واعتريته واعتروته إذا أتيته تطلب منه حاجة.
(11) لا أسألهم عن دنيا: هكذا في الأصول: عن دنيا، وفي رواية البخاري: لا أسألهم دنيا، بحذف عن وهو الأجود، أى لا أسألهم شيئا من متاعها.
(12) البخاري- الفتح 3 (1407) ، مسلم (992) واللفظ له.
(13) ابن ماجة (4019) واللفظ له. وقال في الزوائد: هذا حديث صالح للعمل به، والحاكم (4/ 540) وقال: صحيح ووافقه الذهبي والمنذرى (2/ 568- 570) ، وذكره الألباني في صحيح الجامع (6/ 306) رقم (7855) . والصحيحة (1/ 167- 168) رقم (106) وعزاه أيضا إلي الحلية ومسند الرويانى.(11/5515)
قال: «ومن حقّها أن تحلب على الماء» ، قال: «ولا يأتي أحدكم يوم القيامة بشاة يحملها على رقبته لها يعار فيقول: يا محمّد. قأقول: لا أملك لك شيئا، قد بلّغت.
ولا يأتي ببعير يحمله على رقبته له رغاء فيقول: يا محمّد.
فأقول: لا أملك لك شيئا، قد بلّغت» ) * «1» .
7-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما من صاحب ذهب ولا فضّة لا يؤدّي منها حقّها «2» إلّا إذا كان يوم القيامة، صفّحت له صفائح «3» من نار «4» فأحمي عليها في نار جهنّم، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلّما بردت «5» أعيدت له، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتّى يقضى بين العباد فيرى سبيله «6» ، إمّا إلى الجنّة وإمّا إلى النّار» قيل: يا رسول الله: فالإبل؟ قال: «ولا صاحب إبل لا يؤدّي منها حقّها، ومن حقّها حلبها «7» يوم وردها إلّا إذا كان يوم القيامة، بطح لها بقاع قرقر «8» أوفر ما كانت، لا يفقد منها فصيلا واحد، تطؤه بأخفافها وتعضّه بأفواهها، كلّما مرّ عليه أولاها ردّ عليه أخراها «9» في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتّى يقضى بين العباد. فيرى سبيله إمّا إلى الجنّة وإمّا إلى النّار» قيل: يا رسول الله، البقر والغنم؟ قال: «ولا صاحب بقر ولا غنم لا يؤدّي منها حقّها إلّا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر لا يفقد منها شيئا، ليس فيها عقصاء ولا جلحاء ولا عضباء «10» تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها «11» كلّما مرّ عليه أولاها ردّ عليه أخراها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة. حتّى يقضى بين العباد، فيرى سبيله إمّا إلى الجنّة وإمّا إلى النّار» قيل: يا رسول الله فالخيل؟ قال: «الخيل ثلاثة هي لرجل وزر، وهي لرجل ستر، وهي لرجل أجر،
__________
(1) البخاري- الفتح (3/ 1402) .
(2) لا يؤدي منها حقها: قد جاء الحديث على وفق التنزيل: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ (التوبة/ 34) الآية، فاكتفى ببيان حال صاحب الفضة عن بيان حال صاحب الذهب، لأن الفضة مع كونها أقرب مرجع للضمير أكثر تداولا في المعاملات من الذهب، ولذا اكتفى بها.
(3) صفحت له صفائح: الصفائح جمع صفيحة. وهي العريضة من حديد وغيره أي جعلت كنوزه الذهبية والفضية كأمثال الألواح.
(4) من نار: يعني كأنها نار، لا أنها نار.
(5) كلما بردت: هكذا هو في بعض النسخ: بردت بالباء، وفي بعضها: ردت، وذكر القاضي الروايتين. وقال: الأولى هي الصواب، قال: والثانية رواية الجمهور.
(6) فيري سبيله: ضبطناه بضم الياء وفتحها. وبرفع لام سبيله، ونصبها، ويكون يرى، بالضم، من الإراءة. وفيه إشارة إلى أنه مسلوب الاختيار يومئذ، مقهور لا يقدر أن يذهب حتى يعين له أحد السبيلين.
(7) حلبها: هو بفتح اللام، على اللغة المشهورة، وحكى إسكانها، وهو غريب ضعيف، وإن كان هو القياس.
(8) بطح لها بقاع قرقر: بطح، قال جماعة: معناه ألقى على وجهه. وقال القاضي: ليس من شرط البطح كونه على الوجه، وإنما هو في اللغة بمعنى البسط والمد، فقد يكون على وجهه وقد يكون على ظهره، ومنه سميت بطحاء مكة لا نبساطها.
(9) كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها: هكذا في جميع الأصول قيل: هو تغيير وتصحيف، والصواب ما جاء في الحديث الآخر: كلما رد عليه أخراها رد عليه أولاها.
(10) ليس فيها عقصاء ولا جلحاء ولا عضباء: قال أهل اللغة: العقصاء ملتوية القرنين، والجلحاء التي لا قرن لها، والعضباء التي انكسر قرنها الداخل.
(11) تطؤه بأظلافها: الأظلاف جمع ظلف، وهو للبقر والغنم بمنزلة الحافر للفرس.(11/5516)
فأمّا الّتي هي له وزر «1» فرجل ربطها رياء وفخرا ونواء على أهل الإسلام «2» فهي له وزر، وأمّا الّتي هي له ستر، فرجل «3» ربطها في سبيل الله «4» ثمّ لم ينس حقّ الله في ظهورها ولا رقابها، فهي له ستر. وأمّا الّتي هي له أجر، فرجل ربطها في سبيل الله لأهل الإسلام، في مرج وروضة فما أكلت من ذلك المرج والرّوضة من شيء إلّا كتب له عدد ما أكلت، حسنات وكتب له عدد أرواثها وأبوالها حسنات ولا تقطع طولها فاستنّت شرفا أو شرفين «5» إلّا كتب الله له عدد آثارها وأرواثها حسنات.
ولا مرّ بها صاحبها على نهر فشربت منه ولا يريد أن يسقيها إلّا كتب الله له عدد ما شربت حسنات» قيل: يا رسول الله فالحمر «6» ؟ قال: ما أنزل علىّ في الحمر شيء إلّا هذه الآية الفاذّة الجامعة: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (الزلزلة/ 7، 8)) * «7» .
8-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما من يوم يصبح العباد فيه إلّا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهمّ أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهمّ أعط ممسكا تلفا» ) * «8» .
9-* (عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جدّه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «في كلّ إبل سائمة في كلّ أربعين ابنة لبون، لا يفرّق إبل عن حسابها «9» . من أعطاها مؤتجرا فله أجرها، ومن أبى فإنّا آخذوها وشطر إبله عزمة من عزمات ربّنا «10» لا يحلّ لآل محمّد صلّى الله عليه وسلّم منها شيء» ) * «11» .
10-* (عن عبد الله بن بريدة- رضي الله عنهما- أنّه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما نقض قوم العهد إلّا كان القتل بينهم، ولا ظهرت فاحشة في قوم قطّ إلّا سلّط الله عليهم الموت، ولا منع قوم الزّكاة إلّا حبس الله عنهم المطر» ) * «12» .
11-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من آتاه الله مالا فلم يؤدّ
__________
(1) فأما التي هى له وزر: هكذا هو في أكثر النسخ التي، ووقع في بعضها الذي وهو أوضح وأظهر.
(2) ونواء على أهل الإسلام: أي مناوأة ومعاداة.
(3) فرجل: أي فخيل رجل.
(4) ربطها في سبيل الله: أي أعدها للجهاد، وأصله الربط، ومنه الرباط، وهو حبس الرجل نفسه في الثغر وإعداد الأهبة لذلك.
(5) طولها فاستنت شرفا: الطول: الحبل الطويل، واستنت: جرت، والشرف هو العالي من الأرض.
(6) فالحمر: جمع حمار، أي فما حكمها؟
(7) البخاري- الفتح 3 (1402- 1403) ، مسلم (987) واللفظ له.
(8) البخاري- الفتح 3 (1442) ، مسلم (1010) واللفظ له.
(9) لا يفرق إبل عن حسابها: أي تحاسب الكل في الأربعين لا يترك هزال ولا سمين ولا صغير ولا كبير.
(10) عزمة من عزمات ربنا: أي حق من حقوقه وواجب من واجباته.
(11) النسائي (5/ 15- 17) ، وقال الألبانى (2/ 514) : حسن، وأبو داد (1575) ، أحمد (5/ 2، 4) وهو في جامع الأصول وقال محققه: إسناده حسن (4/ 595) .
(12) كشف الأستار بزوائد البزار (4/ 104) رقم (3299) وقال: ورواه ابن ماجه عن حديث ابن عمر، وقال الهيثمي: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير رجاء بن محمد (شيخ البزار) وهو ثقة (7/ 269) .(11/5517)
زكاته مثّل له يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان يطوّقه يوم القيامة ثمّ يأخذ بلهزمتيه- يعني شدقيه- ثمّ يقول: أنا مالك، أنا كنزك ثمّ تلا (آل عمران/ 180) :
وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ ... الآية) * «1» .
12-* (عن أبي ذرّ- رضي الله عنه- أنّه قال: انتهيت إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو جالس في ظلّ الكعبة فلمّا رآني قال: «هم الأخسرون وربّ الكعبة!» قال:
فجئت حتّى جلست، فلم أتقارّ «2» أن قمت، فقلت:
يا رسول الله فداك أبي وأمّي «3» من هم؟ قال: «هم الأكثرون أموالا، إلّا من قال هكذا وهكذا وهكذا (من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله) وقليل ما هم، ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدّي زكاتها إلّا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمنه، تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها كلّما نفدت أخراها عادت عليه أولاها، حتّى يقضى بين النّاس» ) * «4» .
13-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّه قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عمر على الصّدقة، فقيل:
منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعبّاس عمّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما ينقم ابن جميل إلّا أنّه كان فقيرا فأغناه الله، وأمّا خالد فإنّكم تظلمون خالدا.
قد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله، وأمّا العبّاس فهي عليّ. ومثلها معها» ثمّ قال: «يا عمر! أما شعرت أنّ عمّ الرّجل صنو أبيه» ) * «5» .
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذمّ (الكنز)
1-* (قال عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه-:
«أيّما مال أدّيت زكاته فليس بكنز وإن كان مدفونا في الأرض، وأيّما مال لم تؤدّ زكاته فهو كنز يكوى به صاحبه وإن كان على وجه الأرض» ) * «6» .
2-* (وقال أحمد بن شبيب بن سعيد: «حدّثنا أبي عن يونس عن ابن شهاب عن خالد بن سليم قال:
خرجنا مع عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما-، فقال أعرابيّ: أخبرني عن قول الله: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ (التوبة/ 34) قال ابن عمر- رضي الله عنهما-: من كنزها فلم يؤدّ زكاتها فويل له، إنّما كان هذا قبل أن تنزل الزّكاة، فلمّا أنزلت جعلها الله طهرا للأموال» ) * «7» .
3-* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- أنّه قال: «والّذي لا إله غيره لا يكوى عبد يكنز فيمسّ
__________
(1) البخاري- الفتح 3 (1403) .
(2) فلم أتقار: أي لم يمكنني القرار والثبات.
(3) فداك أبي وأمي: بفتح الفاء في جميع النسخ، لأنه ماضي خبر بمعنى الدعاء ويحتمل كسر الفاء لكثرة الاستعمال، أي يفديك أبي وأمي وهما أعز الأشياء عندى.
(4) البخاري- الفتح 11 (6638) ، مسلم (990) واللفظ له.
(5) البخاري- الفتح 3 (1468) ، مسلم (983) واللفظ له. وصنو أبيه أي مثله ونظيره
(6) تفسير ابن كثير (2/ 364) .
(7) البخاري- الفتح 3 (1404) .(11/5518)
دينار دينارا ولا درهم درهما، ولكن يوسّع جلده فيوضع كلّ دينار ودرهم على حدته» ) *» .
4-* (عن زيد بن وهب قال: «مررت بالرّبذة فإذا أنا بأبي ذرّ- رضي الله عنه-. فقلت له: ما أنزلك منزلك هذا؟ قال: كنت بالشّام فاختلفت أنا ومعاوية في: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ (التوبة/ 34) قال معاوية: نزلت في أهل الكتاب، فقلت: نزلت فينا وفيهم، فكان بيني وبينه في ذاك، وكتب إلى عثمان- رضي الله عنه- يشكوني فكتب إليّ عثمان أن اقدم المدينة، فقدمتها، فكثر عليّ النّاس حتّى كأنّهم لم يروني قبل ذلك، فذكرت ذلك لعثمان، فقال لي: إن شئت تنحّيت فكنت قريبا فذاك الّذي أنزلني هذا المنزل، ولو أمّروا عليّ حبشيّا لسمعت وأطعت» ) * «2» .
5-* (دخل الحسن البصريّ على عبد الله بن الأدهم يعوده في مرضه، فرآه يصوّب بصره في صندوق في بيته ويصعّده، ثمّ قال: أبا سعيد، ما تقول في مائة ألف في هذا الصّندوق، لم أؤدّ منها زكاة، ولم أصل منها رحما؟ قال: ثكلتك أمّك، ولمن كنت تجمعها؟ قال: لروعة الزّمان، وجفوة السّلطان، ومكاثرة العشيرة. ثمّ مات، فشهده الحسن فلمّا فرغ من دفنه. قال: انظروا إلى هذا المسكين، أتاه شيطانه فحذّره روعة زمانه، وجفوة سلطانه، ومكاثرة عشيرته. عمّا رزقه الله إيّاه وغمره فيه، انظروا كيف خرج منها مسلوبا محروبا. ثمّ التفت إلى الوارث فقال: أيّها الوارث لا تخدعنّ كما خدع صويحبك بالأمس، أتاك هذا المال حلالا فلا يكوننّ عليك وبالا، أتاك عفوا صفوا ممّن كان له جموعا منوعا، من باطل جمعه، ومن حقّ منعه، قطع فيه لجج البحار، ومفاوز القفار، لم تكدح فيه بيمين، ولم يعرق لك فيه جبين. إنّ يوم القيامة يوم ذو حسرات، وإنّ من أعظم الحسرات غدا أن ترى مالك في ميزان غيرك، فيالها عثرة لا تقال، وتوبة لا تنال) * «3» .
6-* (قال ابن كثير- رحمه الله تعالى- في معنى قوله تعالى: يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (التوبة/ 35) أي يقال لهم هذا الكلام تبكيتا وتقريعا وتهكّما كما في قوله تعالى: ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ* ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (الدخان/ 48- 49) أي هذا بذاك وهذا الّذي كنتم تكنزون لأنفسكم، ولهذا يقال: من أحبّ شيئا وقدّمه على طاعة الله عذّب به، وهؤلاء لمّا كان جمع هذه الأموال آثر عندهم من رضا الله عنهم عذّبوا بها، كما أنّ هذه الأموال لمّا كانت أعزّ الأموال على أربابها كانت أشرّ الأشياء عليهم في الدّار الآخرة فيحمى عليها في نار جهنّم، وناهيك بحرّها
__________
(1) تفسير ابن كثير (2/ 365) .
(2) البخاري- الفتح 3 (1406) .
(3) تفسير ابن كثير (2/ 351) .(11/5519)
فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم» «1» .
7-* (قال طاوس: بلغني أنّ الكنز يتحوّل يوم القيامة شجاعا يتبع صاحبه وهو يفرّ منه ويقول:
أنا كنزك لا يدرك منه شيئا إلّا أخذه) *.
من مضار (الكنز)
(1) يورث بغض الله- عزّ وجلّ- وكراهية الخلق.
(2) يمنع القطر من السّماء ويمنع البركة والنّماء.
(3) يعرّض صاحبه لأشدّ العقوبة في الآخرة ويتعذّب صاحبه به في الدّنيا.
(4) دليل سوء الظّنّ بالله- عزّ وجلّ-.
(5) دليل شحّ النّفس ولؤم الطّبع.
(6) دليل على عدم حبّ الخير للآخرين.
__________
(1) تفسير ابن كثير (2/ 351) .(11/5520)
[حرف اللام]
اللغو
اللغو لغة:
اللّغو مصدر لغا يلغو، وهو مأخوذ من مادّة (ل غ و) الّتي تدلّ على معنيين: أوّلهما الدّلالة على الشّيء لا يعتدّ به، والآخر على اللهج بالشّيء، فالأوّل اللّغو: ما لا يعتدّ به من أولاد الإبل في الدّيّة، يقال منه لغا يلغو لغوا، وذلك في لغو الأيمان، واللّغا هو اللّغو بعينه، قال تعالى: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ* (البقرة/ 225) أي ما لم تعقدوه بقلوبكم «1» .
ولغا الإنسان يلغو، ولغا يلغى، ولغي يلغى إذا تكلّم بالمطّرح من القول وما لا يعني، وألغى إذا أسقط «2» يقول الطّبريّ في قوله تعالى: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ (البقرة/ 225) اختلف أهل التّأويل في معنى اللّغو، فقال بعضهم لا يؤاخذكم الله بما سبقتكم به ألسنتكم من الأيمان على عجلة وسرعة فيوجب عليكم به كفّارة إذا لم تقصدوا الحلف واليمين، وذلك كقول القائل فعلت هذا والله أو أفعله والله ... إلخ.
وقال آخرون: بل اللّغو من الأيمان الّتي يحلف بها صاحبها في حال الغضب على غير عقد قلب ولا عزم ولكن وصلة للكلام. وقال آخرون: هو الحلف على فعل ما نهى الله عنه وترك ما أمر الله بفعله. وقال آخرون: كلّ يمين وصل الرّجل بها كلامه على غير قصد منه إيجابها
على نفسه. قال: واللّغو من الكلام كلّ كلام كان مذموما وسقطا لا معنى له مهجورا، يقال: منه لغا فلان في كلامه يلغو لغوا إذا قال قبيحا من الكلام، ومنه وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ (القصص/ 55) «3» .
وقال ابن منظور: اللّغو واللّغا: السّقط وما لا يعتدّ به من كلام وغيره. ولا يحصل منه على فائدة ولا نفع.
يقال: لغوت باليمين. ولغا في القول يلغو ويلغى لغوا ولغي- بالكسر- يلغى لغا وملغاة: أخطأ وقال باطلا.
قال رؤبة ونسبه ابن برّي للعجّاج:
وربّ أسراب حجيج كظّم ... عن اللّغا، ورفث التّكلّم
قال الشّافعيّ: اللّغو في لسان العرب، الكلام غير المعقود عليه، وجماع اللّغو هو الخطأ إذا كان اللّجاج والغضب والعجلة.
وقيل: معنى اللّغو الإثم، واللّغو في الأيمان: ما لا يعقد عليه القلب، مثل قولك لا والله وبلى والله.
واللّغو: ما لا يعتدّ به لقلّته أو لخروجه على غير جهة الاعتماد من فاعله كقوله تعالى: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ ومنه قول عائشة- رضي الله عنها-: «إنّ اللّغو ما يجري في الكلام على غير عقد» ،
__________
(1) المقاييس (5/ 255) .
(2) النهاية (4/ 257) .
(3) جامع البيان (2/ 416، 424) .(11/5521)
وألغى: أسقط، واللّاغية: اللّغو، وفي حديث سلمان:
إيّاكم وملغاة أوّل اللّيل يريد به اللّغو. وكلمة لاغية:
فاحشة، وفي التّنزيل العزيز: لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً (الغاشية/ 11) أي: كلمة ذات لغو، وقيل: أي كلمة قبيحة أو فاحشة، وقيل: أي باطلا ومأثما وقيل: شتما، ولغا يلغو لغوا، تكلّم، وفي الحديث «من قال يوم الجمعة والإمام يخطب لصاحبه: صه فقد لغا» أي تكلّم، وقيل: فقد خاب، وألغيته أي خيّبته، وفي الحديث: «من مسّ الحصى فقد لغا» أي تكلّم، وقيل: عدل عن الصّواب، وفي التّنزيل العزيز: وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ (الفرقان/ 72) أي مرّوا بالباطل «1» .
اللغو اصطلاحا:
قال المناويّ: اللّغو: ما تسبق إليه الألسنة من القول على غير عزم قصد إليه «2» .
وقال الجرجانيّ: اللّغو: ضمّ الكلام ما هو ساقط العبرة منه، وهو الّذي لا معنى له في حقّ ثبوت الحكم «3» .
وقال الرّاغب: اللّغو من الكلام: ما لا يعتدّ به، وهو الّذي يورد لا عن رويّة وفكر فيجري مجرى اللّغا «4» ، وقد يسمّى كلّ كلام قبيح لغوا «5» .
وقال الكفويّ: كلّ مطروح من الكلام لا يعتدّ به فهو لغو «6» . أمّا لغو اليمين فقد أوردت له كتب المصطلحات التّعريفات الآتية.
يقول الجرجانيّ: لغو اليمين: هو أن يحلف على شيء ويرى الحالف أنّه كذلك وليس هذا الشّيء كما يرى في الواقع. هذا قول أبي حنيفة.
وقال الشّافعيّ: هو مالا يعقد الرّجل قلبه عليه كقوله لا والله، بلى والله «7» .
وقال المناويّ: اللّغو في الأيمان ما لا يعقد عليه القلب، وذلك ما يجري وصلا للكلام بضرب من العادة كقولهم: كلّا والله «8» . (وهذا يتّفق مع رأى الشّافعيّ- رضي الله عن الجميع-) .
ونخلص ممّا سبق أنّ اللّغو قسمان:
الأوّل: لغو الكلام، وهو ما يراد باللّغو عند الإطلاق.
الثّاني: لغو اليمين، وهو ما لا يعقد عليه القلب (رأى الشّافعيّ) أو الحلف على شيء مطابق لاعتقاد الحالف، لا للواقع (رأي أبي حنيفة) .
الفرق بين اللّغو واللّغط:
قال الخليل:- رحمه الله- اللّغط: كلام ليس من شأنك (أن تتكلّم فيه) واللّغو: كلام بشيء لم ترده «9» .
[للاستزادة: انظر صفات: اللهو واللعب- الافتراء- البهتان- الغيبة- الفحش- الكذب- النميمة- البذاءة- الكذب- الاستهزاء- السخرية.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: الصمت وحفظ اللسان حفظ الأيمان- كتمان السر- الكلم الطيب- تلاوة القرآن- الدعاء- الذكر] .
__________
(1) انظر لسان العرب (15/ 4501) .
(2) التوقيف على مهمات التعاريف (290) .
(3) التعريفات (202) .
(4) اللغا: صوت العصافير ونحوها من الطيور.
(5) المفردات (451) .
(6) الكليات (778) .
(7) التعريفات (202) .
(8) التوقيف (290) ، وقارن بالمفردات للراغب (779) .
(9) المرجع السابق (290) .(11/5522)
الآيات الواردة في «اللغو»
1- لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225) «1»
2- لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (89) «2»
3-* فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً (60) جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61) لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلَّا سَلاماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا (62) تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا (63) «3»
4- الرَّحِيمِ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1)
الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ (2)
وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) «4»
5- وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً (72) «5»
6-* وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (51) الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (54) وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ (55) «6»
7- وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26)
فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ (27) «7»
__________
(1) البقرة: 225 مدنية
(2) المائدة: 89 مدنية
(3) مريم: 59- 63 مكية
(4) المؤمنون: 1- 3 مكية
(5) الفرقان: 72 مكية
(6) القصص: 51- 55 (51 مكية، 52- 55 مدنية)
(7) فصلت: 26- 27 مكية(11/5523)
8- إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (17)
فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (18)
كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (19)
مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (20)
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ (21)
وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (22)
يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ (23) «1»
9- وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10)
أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11)
فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12)
ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13)
وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14)
عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15)
مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ (16)
يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ (17)
بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (18)
لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ (19)
وَفاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20)
وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21)
وَحُورٌ عِينٌ (22)
كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23)
جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (24)
لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً (25)
إِلَّا قِيلًا سَلاماً سَلاماً (26) «2»
10- إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً (31)
حَدائِقَ وَأَعْناباً (32)
وَكَواعِبَ أَتْراباً (33)
وَكَأْساً دِهاقاً (34)
لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً (35) جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً (36) «3»
11- وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ (8)
لِسَعْيِها راضِيَةٌ (9)
فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ (10)
لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً (11) «4»
__________
(1) الطور: 17- 23 مكية
(2) الواقعة: 10- 26 مكية
(3) النبأ: 31- 36 مكية
(4) الغاشية: 8- 11 مكية(11/5524)
الأحاديث الواردة في ذمّ (اللغو)
1-* (عن قيس بن أبي غرزة- رضي الله عنه- قال: أتانا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ونحن في السّوق، فقال: «إنّ هذه السّوق يخالطها اللّغو والكذب فشوبوها بالصّدقة» ) * «1» .
2-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا قلت لصاحبك: أنصت، يوم الجمعة، والإمام يخطب، فقد لغوت» ) * «2» .
3-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: فرض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم زكاة الفطر، طهرة للصّائم من اللّغو والرّفث، وطعمة للمساكين. فمن أدّاها قبل الصّلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أدّاها بعد الصّلاة فهي صدقة من الصّدقات» ) * «3»
4-* (عن عبد الله بن أبي أوفى- رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يكثر الذّكر، ويقلّ اللّغو، ويطيل الصّلاة، ويقصّر الخطبة، ولا يأنف أن يمشي مع الأرملة والمسكين فيقضي له الحاجة» ) * «4» .
5-* (عن عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، أنّه قال: «من اغتسل يوم الجمعة، ومسّ من طيب امرأته- إن كان لها- ولبس من صالح ثيابه، ثمّ لم يتخطّ رقاب النّاس، ولم يلغ عند الموعظة، كانت كفّارة لما بينهما، ومن لغا وتخطّى رقاب النّاس كانت له طهرا» ) * «5» .
6-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من توضّأ فأحسن الوضوء. ثمّ أتى الجمعة فاستمع وأنصت. غفر له ما بينه وبين الجمعة. وزيادة ثلاثة أيّام. ومن مسّ الحصى فقد لغا» ) *» .
7-* (عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال: «يحضر الجمعة ثلاثة نفر:
رجل حضرها يلغو وهو حظّه منها، ورجل حضرها يدعو فهو رجل دعا الله عزّ وجلّ إن شاء أعطاه وإن شاء منعه. ورجل حضرها بإنصات وسكوت، ولم يتخطّ رقبة مسلم ولم يؤذ أحدا، فهي كفّارة إلى الجمعة الّتي تليها وزيادة ثلاثة أيّام، وذلك بأنّ الله عزّ وجلّ يقول: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها (الأنعام/ 160) » ) * «7» .
__________
(1) سنن النسائي (7/ 15) وصححه الألباني صحيح سنن النسائي (3557) .
(2) البخاري- الفتح 2 (394) ، ومسلم (851) .
(3) البخاري- الفتح 3 (1503) ، ومسلم (984) .
(4) سنن النسائي (3/ 109) وصححه الألباني صحيح سنن النسائي (1341) .
(5) أبو داود (347) وحسنه الألباني صحيح أبي داود (335) ، وقال محقق جامع الأصول (9/ 429) : إسناده حسن.
(6) مسلم (857) .
(7) أبو داود (1113) وحسنه الألباني انظر صحيح أبي داود (984) .(11/5525)
الأحاديث الواردة في ذمّ (اللغو) معنى
8-* (عن جابر- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ من أحبّكم إليّ وأقربكم منّي مجلسا يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقا، وإنّ أبغضكم إليّ وأبعدكم منّي مجلسا يوم القيامة، الثّرثارون والمتشدّقون والمتفيهقون «قالوا: يا رسول الله قد علمنا الثّرثارون والمتشدّقون فما المتفيهقون؟ قال: «المتكبّرون» ) * «1» .
من الآثار الواردة في ذمّ (اللغو)
1-* (قال ابن عبّاس- رضي الله عنهما- في قوله تعالى: وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ (الشعرا/ 234 قال: في كلّ لغو يخوضون» ) * «2» .
2-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: لمّا حضر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال- وفي البيت رجال فيهم عمر ابن الخطّاب- رضي الله عنه- قال: هلمّ أكتب لكم كتابا لن تضلّوا بعده» ، قال عمر: إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم غلبه الوجع وعندكم القرآن فحسبنا كتاب الله، واختلف أهل البيت واختصموا فمنهم من يقول:
قرّبوا يكتب لكم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كتابا لن تضلّوا بعده، ومنهم من يقول ما قال عمر. فلمّا أكثروا اللّغط والاختلاف عند النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «قوموا عنّي» ، قال عبيد الله: فكان ابن عبّاس يقول: إنّ الرّزيّة كلّ الرّزيّة ما حال بين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم» ) * «3» .
من مضار (اللغو)
(1) يؤدّي إلى سخط النّاس ومقتهم.
(2) الثّرثارون بعيدون عن الله وعن النّاس.
(3) يورد صاحبه موارد الهلاك والرّدى.
(4) دليل على خفّة العقل وقلّة الفهم.
(5) مظهر من مظاهر سوء الخلق.
__________
(1) الترمذي (2018) وقال حديث حسن، وقال الألباني: حديث صحيح وهو في الصحيحة.
(2) البخاري- الفتح 10 (536، 537) .
(3) البخاري- الفتح 13 (7366) .(11/5526)
اللهو واللعب
اللهو لغة:
اللهو مصدر لها يلهو وهو مأخوذ من مادّة (ل هـ و) الّتي تدلّ على شغل عن شيء بشيء، فاللهو كلّ شيء شغلك عن شيء «1» واللهو: ما شغلك من هوى وطرب، يقال: لها يلهو، واللهو: الصّدوف، يقال:
لهوت عن الشّيء ألهو لهوا، ولهيت عن الشّيء ألهى لهيّا ولهيانا إذا سلوت عنه، وتركت ذكره وأضربت عنه.
وألهاه: أي شغله، يقول ابن عرفة النّحويّ في قول الله جلّ وعزّ لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ (الأنبياء/ 3) : أي متشاغلة عمّا يدعون إليه قال: وهذا من لهي عن الشّيء يلهى إذا تشاغل بغيره، قال: وهذا من قول الله جلّ وعزّ فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (عبس/ 10) : أي تتشاغل، والنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لا يلهو لأنّه قال: ما أنا من دد ولا الدّد منّي «2» .
وأصل اللهو التّرويح عن النّفس بما لا تقتضيه الحكمة «3» .
يقول الطّبريّ في قوله تعالى: وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً (الأنعام/ 70) يقول- تعالى ذكره- لنبيّه محمّد صلّى الله عليه وسلّم: ذر هؤلاء الّذين اتّخذوا دين الله وطاعتهم إيّاه لعبا ولهوا فجعلوا حظوظهم من
طاعتهم إيّاه اللّعب بآياته واللهو والاستهزاء بها إذا سمعوها وتليت عليهم فأعرض عنهم فإنّي لهم بالمرصاد «4» .
وقال القرطبيّ: «أي لا تعلّق قلبك بهم؛ فإنّهم أهل تعنّت، وإن كنت مأمورا بوعظهم. ومعنى لعبا ولهوا أي استهزاءا بالدّين الّذي دعوتهم إليه، وقيل استهزؤوا بالدّين الّذي هم عليه فلم يعملوا به، والاستهزاء ليس مسوّغا في دين، وقيل: «لعبا ولهوا» باطلا وفرحا «5» .
اللهو: ما لهوت به ولعبت به. واللهو: اللّعب.
يقال: لهوت بالشّيء ألهو به لهوا وتلهّيت به إذا لعبت به وتشاغلت وغفلت به عن غيره.
ولهيت عن الشّيء بالكسر، ألهى بالفتح، لهيا ولهيانا إذا سلوت عنه وتركت ذكره وإذا غفلت عنه واشتغلت.
وقوله تعالى: وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً (الجمعة/ 11) . قيل اللهو: الطّبل. وقيل: اللهو كلّ ما تلهّي به، لها، يلهو، لهوا، والتهى، وألهاه ذلك.
ولهت المرأة إلى حديث المرأة تلهو لهوّا ولهوا:
__________
(1) المقاييس (5/ 213) .
(2) التهذيب للأزهري (6/ 427- 429) . والدّد: اللهو واللعب.
(3) المصباح المنير (214) .
(4) جامع البيان للطبري (5/ 228) .
(5) القرطبي (4/ 12) .(11/5527)
أنست به وأعجبها.
وقوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ (لقمان/ 6) وجاء في التّفسير: أنّ لهو الحديث هنا الغناء؛ لأنّه يلهى به عن ذكر الله عزّ وجلّ، وكلّ لعب لهو. وقال قتادة في هذه الآية: أما والله لعلّه أن لا يكون أنفق مالا، وبحسب المرء من الضّلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحقّ، وقد روي عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: أنّه حرّم بيع المغنّية وشراءها «1» .
اللعب لغة:
اللّعب واللّعب ضدّ الجدّ، لعب يلعب لعبا ولعبا، ولعّب وتلاعب وتلعّب مرّة بعد أخرى «2» .
واللّعب كلّ عمل لا يجدي عليه نفعا.
والتّلعاب: اللّعب، صيغة تدلّ على تكثير المصدر وهي كثرة المزح والمداعبة ومنه حديث «أنّ عليّا كان تلعابة) والتّلعابة الكثير اللّعب «3» .
اللهو اصطلاحا:
قال الجرجانيّ: اللهو الشّيء الّذي يتلذّذ به الإنسان فيلهيه ثمّ ينقضي «4» .
وقال المناويّ: اللهو: ما يشغل الإنسان عمّا يعنيه ويهمّه، وقال الطّرطوشيّ: أصل اللهو: التّرويح عن النّفس بما لا تقتضيه الحكمة «5» .
وقال الكفويّ: كلّ باطل ألهى عن الخير وعمّا يعني فهو لهو «6» .
اللعب اصطلاحا:
قال الجرجانيّ: اللّعب: فعل الصّبيان من غير أن يعقب فائدة «7» .
وقال الرّاغب: يقال: لعب فلان إذا فعله غير قاصد به مقصدا صحيحا «8» .
ومن ثمّ يكون اللّعب: هو أن يفعل الإنسان فعلا لا يقصد به مقصدا صحيحا (من جهة الشّرع) .
اللهو واللعب اصطلاحا:
أن ينشغل الإنسان عمّا يعنيه ويهمّه ويمارس من الأفعال مالا فائدة فيه ممّا لا يقصد به مقصد صحيح شرعا «9» ويكون ذلك بالإعراض عن الحقّ والإقبال على الباطل.
الفرق بين اللهو واللعب:
قال الكفويّ: اللهو فيه صرف للهمّ بما لا يحسن أن يصرف به. واللّعب فيه طلب للفرح (أو اللّذّة) بما لا يحسن أن يطلب به.
وقيل اللهو: الاستمتاع بلذّات الدّنيا (من غناء ونحوه) .
__________
(1) لسان العرب (15/ 258- 259) . وانظر المصباح المنير (2/ 223) .
(2) لسان العرب (5/ 4039) .
(3) المقاييس (5/ 253) ، واللسان (5/ 4039) والنهاية لابن الأثير (4/ 253) .
(4) التعريفات (ص 204) وقد نقل ابن المناوي هذا التعريف فى التوقيف (293) .
(5) التوقيف (293) ، وانظر أيضا المفردات للراغب (455) .
(6) الكليات (778) .
(7) التعريفات (202) .
(8) المفردات (450) .
(9) استنبطنا هذا التعريف من جملة أقوالهم في تعريف كل من اللهو واللعب.(11/5528)
واللّعب، العبث (بما لا طائل من ورائه) .
وقيل: اللهو: الميل من الجدّ إلى الهزل، واللّعب: ترك ما ينفع إلى ما لا ينفع.
وقيل: اللهو: الإعراض عن الحقّ، واللّعب:
الإقبال على الباطل «1» .
[للاستزادة: انظر صفات: اللغو- الإعراض انتهاك الحرمات- شرب الخمر- الفجور- الفسوق- التفريط والإفراط- اتباع الهوى.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: التقوى- الذكر الصلاة- الطاعة- العبادة- العمل- تعظيم الحرمات] .
__________
(1) الكليات للكفوي (799) بتصرف.(11/5529)
الآيات الواردة في «اللهو واللعب»
اللهو بسبب حب المال:
1- الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (1) رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ (2)
ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3) «1»
2- وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً قُلْ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11) «2»
3- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (9) «3»
4- أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ (2) كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4) كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ (7) ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8) «4»
اللهو في سياق التحذير من الحياة الدنيا:
5- وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (64) فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ (65) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (66) «5»
6- إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ (36) إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ (37) «6»
7- اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٌ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ (20) «7»
__________
(1) الحجر: 1- 3 مكية
(2) الجمعة: 11 مدنية
(3) المنافقون: 9 مدنية
(4) التكاثر: 1- 8 مكية
(5) العنكبوت: 64- 66 مكية
(6) محمد: 36- 37 مدنية
(7) الحديد: 20- مدنية(11/5530)
اللهو في سياق الاستهزاء بالدين أو الإعراض عنه:
8- وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ (70) «1»
9- الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (51) «2»
10- اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1) ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2)
لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (3) «3»
11- وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (6)
وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (7) «4»
اللهو في سياق تنزيه الله عنه:
12- وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ (16) لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ (17)
بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (18) «5»
__________
(1) الأنعام: 70 مكية
(2) الأعراف: 51 مكية
(3) الأنبياء: 1- 3 مكية
(4) لقمان: 6- 7 مكية
(5) الأنبياء: 16- 18 مكية(11/5531)
الأحاديث الواردة في ذمّ (اللهو واللعب)
1-* (عن عقبة بن عامر- رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ الله- عزّ وجلّ- ليدخل بالسّهم الواحد ثلاثة نفر الجنّة:
صانعه يحتسب في عمله الخير، والرّامي به، والممدّ به»
» وفي رواية: «ومنبله «2» فارموا واركبوا، وأحبّ إليّ أن ترموا من أن تركبوا. كلّ لهو باطل، ليس من اللهو محمود إلّا ثلاثة: تأديب الرّجل فرسه، وملاعبته أهله، ورميه بقوسه ونبله، فإنّهنّ من الحقّ، ومن ترك الرّمي بعد ما علمه رغبة عنه فإنّها نعمة تركها- أو قال: كفرها «3» » ) * «4» .
الأحاديث الواردة في ذمّ (اللهو واللعب) معنى
2-* (عن عليّ بن أبي طالب- رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «ما هممت بشيء ممّا كان أهل الجاهليّة يعملون به غير مرّتين. كلّ ذلك يحول بيني وبين ما أريد من ذلك. ثمّ ما هممت بعدها بشيء حتّى أكرمني الله برسالته» ) * «5» .
3-* (عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى قال: حدّثنا أصحاب محمّد صلّى الله عليه وسلّم: أنّهم كانوا يسيرون مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فنام رجل منهم، فانطلق بعضهم إلى حبل معه فأخذه، ففزع. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يحلّ لمسلم أن يروّع مسلما» ) * «6» .
4-* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه- قال: بينا نحن نسير مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالعرج إذ عرض شاعر ينشد. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «خذوا الشّيطان، أو أمسكوا الشّيطان، لأن يمتلىء جوف
__________
(1) الممد به: أمددت فلانا بكذا: أعطيته إياه. ويقال: مددت القوم: إذا صرت لهم مددا وأمددتهم بغيري.
(2) منبله: هو الذي يناول الرامي النبل، والنبل: السهام الصغار.
(3) وكفرها: من كفران النعمة وهو جحدها.
(4) أخرجه أبو داود. وأخرجه الترمذي إلى قوله «فإنهن من الحق» وأخرجه النسائي إلى قوله «ومنبله» . وله في أخرى مثله، وفي أوله قال خالد بن زيد الجهني: «كان عقبة يمر فيقول: يا خالد، أخرج بنا نرمي. فلما كان ذات يوم أبطأت عنه، فقال: يا خالد، تعال أخبرك بما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأتيته، فقال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله يدخل بالسهم الواحد ... الحديث» . أبو داود (2513) . الترمذي (1637) وقال: هذا حديث حسن. وقال محقق جامع الأصول (5/ 42) واللفظ له: حديث حسن.
(5) الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 226) وقال: رواه البزار ورجاله ثقات.
(6) أبو داود (5004) وقال الألباني (3/ 944) : صحيح. غاية المرام (447) .(11/5532)
رجل قيحا، خير له من أن يمتلىء شعرا» ) * «1» .
5-* (عن هشام بن زيد بن أنس قال: دخلت مع جدّي أنس بن مالك دار الحكم بن أيّوب فإذا قوم قد نصبوا دجاجة يرمونها. قال: فقال أنس «نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن تصبر البهائم» ) * «2» .
6-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأى رجلا يتبع حمامة يلعب بها، فقال:
«شيطان يتبع شيطانة» ) * «3» .
7-* (عن نافع قال: سمع ابن عمر مزمارا، قال: فوضع أصبعيه على أذنيه، ونأى عن الطّريق وقال لي: يا نافع، هل تسمع شيئا؟ قال: فقلت: لا.
قال: فرفع أصبعيه من أذنيه، وقال: كنت مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فسمع مثل هذا فصنع مثل هذا) * «4» .
8-* (عن عبد الله بن عبّاس- رضي الله عنهما- أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا تتّخذوا شيئا فيه الرّوح غرضا «5» » ) * «6» .
9-* (عن جابر- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا ترسلوا فواشيكم «7» وصبيانكم إذا غابت الشّمس حتّى تذهب فحمة العشاء. فإنّ الشّياطين تعبث إذا غابت الشّمس حتّى تذهب فحمة العشاء» «8» ) * «9» .
10-* (عن عمران بن حصين- رضي الله عنهما- أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا جلب «10» ولا جنب «11» زاد يحيى في حديثه «في الرّهان» ) * «12» .
11-* (عن يزيد بن سعيد: أنّه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «لا يأخذنّ أحدكم متاع أخيه لاعبا ولا جادّا» وقال سليمان: «لعبا ولا جدّا» ومن أخذ عصا أخيه فليردّها) * «13» .
__________
(1) البخارى- الفتح 10 (6154/ 6155) من حديث ابن عمر وأبي هريرة. مسلم برقم (2259) وهذا اللفظ له. ولعلّ الشاعر كان يقول شعرا مذموما أو اجتمع عليه الناس فألهاهم عن الذكر أو عما ينفع.
(2) البخاري- الفتح 9 (5513) . مسلم برقم (1956) واللفظ له، وصبر البهائم: أن تحبس وهي حية لتقتل بالرمي ونحوه.
(3) أبو داود (4940) وابن ماجة (376) وقال محقق جامع الأصول (10/ 748) واللفظ له: حديث حسن. وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود (3/ 933) : حديث صحيح.
(4) أبو داود (4924) . وقال الألباني (3/ 930) : صحيح.
(5) غرضا: الغرض الذي يقصد رميه بالسهام من قرطاس أو سواه.
(6) مسلم برقم (1957) .
(7) الفواشي: ما انتشر من المال كالإبل والغنم وسائر البهائم وهي جمع فاشية لأنها تفشو أي تنتشر.
(8) فحمة العشاء: ظلمتها وسوادها.
(9) أحمد (3/ 386) واللفظ له. والبخاري- الفتح 6 (3280) . مسلم برقم (2012) .
(10) لا جلب: جلب على فرسه إذا صاح من خلفه يحثه على السبق.
(11) ولا جنب: أن يجنب فرسا آخر معه فإذا قصر المركوب ركب المجنوب.
(12) أبو داود (2581) . واللفظ له ورواه الترمذي (1123) بلفظ: «لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام، ومن انتهب نهبة فليس منا» وقال: حسن صحيح. ورواه النسائي، ولم يذكر النهبة، وآخر حديث «الإسلام» . وقال محقق جامع الأصول (5/ 39) : وهو حديث حسن.
(13) أبو داود (5003) واللفظ له وقال الألباني (3/ 944) : حسن، والترمذي (2160) .(11/5533)
12-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لست من دد «1» ولا دد منّي» ) * «2» .
13-* (عن أبي عامر- أو أبي مالك- الأشعريّ أنّه سمع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: «ليكوننّ من أمّتي أقوام، يستحلّون الحر «3» والحرير والخمر والمعازف «4» ، ولينزلنّ أقوام إلى جنب علم «5» يروح عليهم بسارحة «6» لهم، يأتيهم- يعني الفقير- لحاجة فيقولوا: ارجع إلينا غدا فيبيّتهم الله «7» ، ويضع العلم، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة» ) * «8» .
14-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه، إلّا قاموا عن مثل جيفة حمار، وكان لهم حسرة» ) * «9» .
15-* (عن عبد الله بن جعفر- رضي الله عنهما- قال: مرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على أناس، وهم يرمون كبشا بالنّبل، فكره ذلك، وقال: «لا تمثلوا «10» بالبهائم» ) * «11» .
16-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من حلف منكم باللّات والعزّى، فليقل لا إله إلّا الله، ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك فليتصدّق» ) * «12» .
17-* (عن الشّريد- رضي الله عنه- قال:
سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من قتل عصفورا عبثا عجّ إلى الله- عزّ وجلّ- يوم القيامة يقول: يا ربّ إنّ فلانا قتلني عبثا، ولم يقتلني لمنفعة» ) * «13» .
18-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال «من قعد مقعدا لم يذكر الله
__________
(1) الدد: اللهو واللعب.
(2) الهيثمي في المجمع (8/ 225) وقال رواه البزار والطبراني في الأوسط وفيه يحيى بن محمد بن قيس وقد وثق. وعند الهيثمي عن معاوية رضي الله عنه نفس اللفظ. انظر مجمع الزوئد (8/ 226) . وانظر ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث (2/ 109) .
(3) الحر: بالحاء المكسورة والراء المخففة وهو الفرج والمعنى: يستحلون الزنا.
(4) المعازف: جمع معزفة وهي آلات الملاهي وقيل: الغناء، وقيل: أصوات الملاهي.
(5) العلم- بفتحتين- وهو الجبل العالي.
(6) يروح عليهم بسارحة: يروح بحذف الفاعل وهو الراعي. والسارحة هي الماشية التي تسرح بالغداة إلى رعيها وتروح أي ترجع بالعشي.
(7) يبيتهم الله: أي يهلكهم ليلا.
(8) البخاري. الفتح 10 (5590) .
(9) أبو داود (4855) واللفظ له وقال الألباني (3/ 920) في صحيح سنن أبي داود: صحيح- الصحيحة (77) ، الكلم الطيب (224 صحيح الكلم 179 ص 78) .
(10) لا تمثلوا: التمثيل بالحيوان: تشويه خلقه، كالجدع ونحوه.
(11) النسائي (7/ 238) واللفظ له وقال محقق جامع الأصول (10/ 751) : صحيح.
(12) البخاري. الفتح 11 (6301) .
(13) النسائي (7/ 239) وقال محقق جامع الأصول (10/ 751) : حديث حسن.(11/5534)
فيه كانت عليه من الله ترة»
، ومن اضطجع مضجعا لا يذكر الله فيه كانت عليه من الله ترة» ) * «2» .
19-* (عن أبي موسى- رضي الله عنه- قال: من لعب بالكعبين «3» ، فقد عصى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم) * «4» .
20-* (عن أبي موسى الأشعريّ- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من لعب بالنّرد، فقد عصى الله ورسوله» ) * «5» .
21-* (عن بريدة بن الحصيب- رضي الله عنه- أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «من لعب بالنّردشير، فكأنّما صبغ يده في لحم خنزير ودمه» ) * «6» .
22-* (عن عبد الله بن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن التّحريش بين البهائم «7» ) * «8» .
23-* (عن عبد الله بن مغفّل المزنيّ قال:
نهى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن الخذف وقال: «إنّه لا يقتل الصّيد، ولا ينكأ العدوّ، وإنّه يفقأ العين، ويكسر السّنّ» ) * «9» .
24-* (عن معاوية بن بهز قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «ويل للّذي يحدّث فيكذب ليضحك به القوم، ويل له، ويل له» ) * «10» .
من الآثار الواردة في ذمّ (اللهو واللعب)
1-* (عن معمر بن راشد قال: بلغني أنّ الصّبيان قالوا ليحيى بن زكريّا: اذهب بنا نلعب. قال:
ما للّعب خلقت. قال: فهو قوله تعالى وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (مريم/ 12)) * «11» .
__________
(1) ترة: قيل: هي النقص، وقيل: التبعة- أي الوزر وهو الأرجح.
(2) أبو داود (4856) وقال الألباني (3/ 920) : حديث حسن صحيح.
(3) الكعبين مثنى الكعب وجمعه الكعاب وهي فصوص النّرد واللعب بها حرام وكرهها عامة الصحابة وقيل: رخص فيه ابن المسيب.
(4) مساويء الأخلاق ومذمومها (259) واللفظ له. وقال محققه: إسناده حسن والحديث صحيح أخرجه أحمد (4/ 392) والحاكم (1/ 50) والبيهقي (10/ 215) وهو فى أحمد مسند إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من لعب بالكعاب فقد عصى الله ورسوله» وكذلك فى الحاكم.
(5) أبو داود (4938) وقال الألباني (3/ 933) : حديث حسن. ورواه ابن ماجه (3762) . الأرواء (2670) صحيح الجامع الصغير (6529) .
(6) مسلم برقم (2260) ، وأخرج أبو داود الأولى برقم (4939) .
(7) التحريش بين البهائم: إغراء بعضها ببعض، كما يفعل بالكبشين لينتطحا، والجملين ليقتتلا.
(8) الترمذي وأبو داود. وأخرجه الترمذي أيضا مرسلا عن مجاهد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، وقال: هو أصح. أبو داود رقم (2562) . والترمذي رقم (1708) و (1709) . وقال: وفي الباب عن طلحة وجابر وأبي سعيد.
(9) البخاري. الفتح 10 (6220) .
(10) أبو داود (4990) وقال الألباني (3/ 942) : حسن. والترمذي (2315) .
(11) مساوىء الأخلاق للخرائطي (258) .(11/5535)
2-* (عن قثم بن العبّاس عن أمّ قثم قالت:
دخل علينا عليّ بن أبي طالب- رضي الله عنه- ونحن نلعب بالأربع عشرة. فقال: ما هذا؟ قلنا: كنّا صياما فأحببنا أن نتلهّى بهذه. فقال- رضي الله عنه: ألا أشتري لكم جوزا بدرهم تلعبون به وتتركون هذا؟
قلنا: نعم. فاشترى لنا جوزا وتركناها) * «1» .
3-* (عن عائشة زوج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه بلغها أنّ أهل بيت في دارها كانوا سكّانا فيها. عندهم نرد.
فأرسلت إليهم لئن لم تخرجوها لأخرجنّكم من داري.
وأنكرت ذلك عليهم) * «2» .
4-* (عن الزّهريّ يقول: دخلت على أنس ابن مالك بدمشق وهو يبكي. فقلت: ما يبكيك؟
فقال: لا أعرف شيئا ممّا أدركت إلّا هذه الصّلاة، وهذه الصّلاة قد ضيّعت «3» ) * «4» وفي رواية: (أليس صنعتم ما صنعتم فيها) «5» .
5-* (قال ابن مسعود- رضي الله عنه-:
إيّاكم وهذه الكعبات الموسومة الّتي تزجر زجرا فإنّها من ميسر العجم) * «6» .
6-* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- وهو يسأل عن قوله تعالى وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ ... (لقمان/ 6) قال: الغناء، والله الّذي لا إله إلّا هو. ويردّدها ثلاث مرّات) * «7» .
7-* (قال ابن عبّاس في قوله تعالى وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ.. (لقمان/ 6) قال:
الغناء والاستماع إليه وفي رواية (ونحوه)) * «8» .
8-* (عن مالك بن أنس- رحمه الله- بلغه أنّ رجلا قال لعبد الله بن عبّاس: إنّي طلّقت امرأتي مائة تطليقة فماذا ترى عليّ؟ فقال ابن عبّاس: طلّقت منك بثلاث، وسبع وتسعون اتّخذت بها آيات الله هزوا) * «9» .
9-* (عن سعيد بن جبير قال: مرّ ابن عمر رضي الله عنهما- بفتيان من قريش قد نصبوا طيرا وهم يرمونه، وقد جعلوا لصاحب الطّير كلّ خاطئة «10» من نبلهم، فلمّا رأوا ابن عمر تفرّقوا، فقال ابن عمر: من فعل هذا؟ لعن الله من فعل هذا، إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعن من اتّخذ الرّوح غرضا) * «11» .
10-* (وفي رواية للبخاريّ قال: دخل ابن عمر على يحيى بن سعيد- وغلام من بني يحيى رابط دجاجة يرميها- فمشى إليها ابن عمر حتّى حلّها، ثمّ أقبل بها وبالغلام معه، فقال: ازجروا غلامكم عن أن
__________
(1) مساوىء الأخلاق (262) .
(2) تنوير الحوالك- الموطأ (3/ 131) . وقال محقق جامع الأصول (10/ 753) إسناده صحيح.
(3) قوله: وهذه الصلاة قد ضيعت: والمراد بتضييعها. تأخيرها عن وقتها متلهين بغيرها عنها.
(4) البخاري- الفتح 1 (530) .
(5) البخاري- الفتح 1 (529) .
(6) مساوىء الأخلاق (260) .
(7) تنزيه الشريعة (13) .
(8) المرجع السابق (3) .
(9) أخرجه الموطأ (2/ 433) الطلاق.
(10) خاطئة: السهم الخاطىء: الذي لا يصيب الغرض.
(11) البخاري- الفتح 9 (5514) ، ومسلم (1958) واللفظ له.(11/5536)
يصبر «1» هذا الطّير للقتل؛ فإنّي سمعت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم نهى أن تصبر بهيمة أو غيرها للقتل) * «2» .
11-* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أنّه رأى رجلا يعبث في صلاته، فقال: لا تعبث في صلاتك، واصنع كما كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصنع، قال محمّد: فوضع ابن عمر فخذه اليمنى على اليسرى، ويده اليسرى على ركبته اليسرى، ووضع يده اليمنى على اليمنى، وقال بإصبعه) * «3» .
12-* (عن نافع مولى ابن عمر- رضي الله عنهما- أنّ ابن عمر كان إذا وجد أحدا من أهله يلعب بالنّرد ضربه وكسرها) * «4» .
13-* (قال ابن عمر- رضي الله عنهما- لأن أضع يدي في دم خنزير أحبّ إليّ من أن ألعب بالنردشير) * «5» .
14-* (قال مجاهد- رحمه الله- في قوله تعالى: وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ قال:
الغناء والمزامير) * «6» .
15-* (قال البخاريّ- رحمه الله تعالى-: كلّ لهو باطل إذا شغله عن طاعة الله تعالى) * «7» .
16-* (قال ابن سيرين- رحمه الله تعالى-:
«الشّرب من الميسر والصّياح من الميسر، والرّيش من الميسر، والقيام من الميسر» .
قال أبو سعيد المؤدّب: هو أن يلاعب على شرب الماء، وغرز الرّيش في الرّأس واللّحية، والقيام حتّى يلعب، ويصيح صياح الحمار وصياح الدّيك وغير ذلك) * «8» .
17-* (قال يحيى: وسمعت مالكا يقول: لا خير في الشّطرنج وكرهها. وسمعته يكره اللّعب بها وبغيرها من الباطل. ويتلو هذه الآية فَماذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ (يونس/ 32)) * «9» .
18-* (قال ابن كثير في قوله تعالى أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً (الشعراء/ 128) : أي معلما بناء مشهورا تَعْبَثُونَ أي وإنّما تفعلون ذلك عبثا لا للاحتياج إليه بل لمجرّد اللّعب واللهو، وإظهار القوّة ولهذا أنكر عليهم نبيّهم عليه السّلام ذلك. لأنّه تضييع للزّمان، وإتعاب للأبدان في غير فائدة، واشتغال بما لا يجدي في الدّنيا ولا في الآخرة) * «10» .
19-* (قال الحسن البصريّ: ألهاكم التّكاثر
__________
(1) يصبر: صبرت الحيوان على القتل: إذا نصبته لتقتله وحبسته على القتل.
(2) البخاري- الفتح 9 (5514) واللفظ له، ومسلم (1958) .
(3) أحمد 2/ 45 وقال الشيخ أحمد شاكر 7/ 99: إسناده صحيح. وأصله عند مسلم (580) .
(4) تنوير الحوالك. الموطأ (3/ 131، 132) . وقال محقق جامع الأصول (10/ 753) : رجاله ثقات.
(5) مساوىء الأخلاق للخرائطي (260) .
(6) تنزيه الشريعة (15) .
(7) فتح الباري (11/ 93) .
(8) مساويء الأخلاق (261) .
(9) تنوير الحوالك (3/ 132) .
(10) تفسير ابن كثير (3/ 354)(11/5537)
في الأموال والأولاد) *» .
20-* (قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى:
أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً أي أفظننتم أنّكم مخلوقون عبثا بلا قصد ولا إرادة منكم ولا حكمة لنا وقيل: للعبث، أي لتلعبوا وتعبثوا كما خلقت البهائم لا ثواب لها ولا عقاب، وإنّما خلقناكم للعبادة وإقامة أوامر الله- عزّ وجلّ- وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ أي لا تعودون في الدّار الآخرة كما قال تعالى أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً يعني هملا) * «2» .
21-* (قال الحسن البصريّ: نزلت هذه الآية وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ (لقمان/ 6) في الغناء والمزامير) * «3» .
22-* (قال ابن كثير- رحمه الله-: وصف الله تعالى الكافرين بما كانوا يعتمدونه في الدّنيا باتّخاذهم الدّين لهوا ولعبا واغترارهم بالدّنيا وزينتها وزخرفها عمّا أمروا به من العمل للآخرة) * «4» .
23-* (قال ابن كثير في قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ... (المنافقون/ 9) يقول تعالى آمرا لعباده المؤمنين بكثرة ذكره وناهيا لهم عن أن تشغلهم الأموال والأولاد عن ذلك، ومخبرا لهم بأنّه من التّلهّى بمتاع الحياة الدّنيا وزينتها عمّا خلق له من طاعة ربّه وذكره فإنّه من الخاسرين الّذين يخسرون أنفسهم وأهليهم يوم القيامة) * «5» .
24-* (قال ابن كثير- رحمه الله: يقول تعالى تحقيرا لأمر الدّنيا وتهوينا لشأنها إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ (محمد/ 36) : أي حاصلها ذلك إلّا ما كان منها لله عزّ وجلّ) * «6» .
25-* (قال ابن حجر في قوله صلّى الله عليه وسلّم: كلّ لهو باطل إذا شغله. أي شغل اللّاهي به (عن طاعة الله) أي كمن التهى بشيء من الأشياء مطلقا سواء كان مأذونا في فعله أو منهيّا عنه كمن اشتغل بصلاة نافلة أو بتلاوة أو ذكر أو تفكّر في معاني القرآن مثلا حتّى خرج وقت الصّلاة المفروضة عمدا فإنّه يدخل تحت هذا الضّابط، وإذا كان هذا في الأشياء المرغوب فيها المطلوب فعلها فكيف حال ما دونها) * «7» .
26-* (قال ابن القيّم- رحمه الله-:
فدع صاحب المزمار والدّفّ والغنا ... وما اختاره عن طاعة الله مذهبا
ودعه يعش في غيّه وضلاله ... على تنتنا «8» يحيا ويبعث أشيبا
__________
(1) تفسير ابن كثير (4/ 582) .
(2) المرجع السابق (3/ 260) .
(3) المرجع السابق (3/ 443) .
(4) المرجع السابق (4/ 228) .
(5) المرجع السابق (4/ 374) .
(6) المرجع السابق (4/ 182) .
(7) فتح الباري (11/ 49) .
(8) كذا في الأصل وفي إغاثة اللهفان على تنتا والتنتنا حكاية صوت الغناء والمعازف.(11/5538)
وفي تنتنا يوم المعاد نجاته ... إلى الجنّة الحمراء يدعى مقرّبا
سيعلم يوم العرض أيّ بضاعة ... أضاع وعند الوزن ما خفّ أو ربا
ويعلم ما قد كان فيه حياته ... إذا حصلت أعماله كلّها هبا
دعاه الهدى والغيّ من ذا يجبيبه ... فقال لداعي الغيّ أهلا ومرحبا
وأعرض عن داعي الهدى قائلا له ... هواي إلى صوت المعازف قد صبا
يراع ودفّ بالصّنوج وشادن ... وصوت مغنّ صوته يقنص الظّبا
فما شئت من صيد بغير تطارد ... ووصل حبيب كان بالهجر عذّبا) * «1» .
27-* (قال الشّاعر محمّد إقبال- رحمه الله-
هي المدنيّة الحمقاء ألقت ... بهم حول المفاسد حائرينا
لقد صنعت لهم صنم الملاهي ... ليحجب عنهم الحرم الأمينا) * «2» .
من مضار (اللهو واللعب)
(1) يقطع الصّلة بين العبد وبين ربّه شيئا فشيئا من حيث لا يشعر.
(2) يقع صاحبه في حبائل الشّيطان ويبتعد عن ذكر الرّحمن.
(3) اللهو بأصنافه وأنواعه يجرّ المسلم إلى الباطل.
(4) سبب لهدر الأموال وإنفاقها بغير حقّها.
(5) يضيّع وقت المسلم بلا فائدة. ويصرفه عن الطّاعات وفعل الخيرات.
(6) يزرع النّفاق في القلب. وينمّيه الشّيطان ويحسّنه ويزيّنه له حتّى يصير منافقا خالصا.
(7) تتضاءل شخصيّة صاحبه بين مجتمعه حتّى يحتقر وينبذ.
__________
(1) اغاثة اللهفان (1/ 256) .
(2) تنزيه الشريعة (67) .(11/5539)
اللؤم
اللؤم لغة:
اللّؤم: شحّ النّفس ودناءة الأصل، وهو مأخوذ من مادّة (ل أم) الّتي تدلّ على ذلك، يقول ابن فارس: «اللّام والألف والميم أصلان: أحدهما:
الاتّفاق والاجتماع والآخر: خلق رديء، فمن الثّاني:
اللّؤم: يقولون: إنّ اللّئيم الشّحيح المهين النّفس الدّنيّ الأصل «1» .
اللّؤم ضدّ الكرم. واللّئيم: الدّنأ الأصل الشّحيح النّفس والمهين ونحوهم. وقد لؤم الرّجل بالضّمّ، يلؤم لؤما على فعل، وملأمة على مفعلة، ولامة على فعالة، فهو لئيم من قوم لئام ولؤماء، وملأمان؛ وقد جاء في الشّعر ألائم على غير قياس؛ قال:
إذا زال عنكم أسود العين كنتم ... كراما، وأنتم ما أقام ألائم
وأسود العين: جبل معروف، والأنثى ملأمانة، وقالوا في النّداء: يا ملأمان خلاف قولك يا مكرمان.
ويقال للرّجل إذا سبّ: يا لؤمان، ويا ملأمان ويا ملأم. وألأم: أظهر خصال اللّؤم. ويقال: قد ألأم
الرّجل إلآ ما إذا صنع ما يدعوه النّاس عليه لئيما فهو ملئم. وألا أم: ولد اللّئام؛ هذه عن ابن الأعرابيّ، واستلأم أصهارا «2» لئاما، واستلأم أبا إذا كان له أب سوء لئيم. ولأّمه: نسبه إلى اللّؤم. وأنشد ابن الأعرابيّ:
يروم أذى الأحرار كلّ ملأّم ... وينطق بالعوراء من كان معورا
والملأم والملآم: الّذي يعذر اللّئام. والملئم:
الّذي يأتي اللّئام. والملئم: الرّجل اللّئيم «3» .
اللؤم اصطلاحا:
لم تزد كتب المصطلحات في تعريفها للّؤم على ما ذكره الكفويّ من أنّ اللّؤم ضدّ الكرم «4» وهو عين ما ذكره اللّغويّون، ويمكننا في ضوء ذلك أن نعرّف اللّؤم بأنّه: شحّة النّفس ومهانتها ودنوّ طبعها يقول ابن فارس: اللّئيم: هو الشّحيح المهين النّفس، الدّنيء «5» .
ويقول الجوهريّ: اللّئيم: الدّنأ الأصل الشّحيح النّفس «6» . قلت: إنّه إذا كان اللّؤم ضدّ الكرم فإنّه يمكن تعريفه بضدّ ما يعرّف به الكرم، فإذا
__________
(1) المقاييس (5/ 226) بتصرف.
(2) واستلأم اصهارا لئاما: هكذا في الأصل، وعبارة القاموس: واستلأم أصهارا اتخذهم لئاما.
(3) لسان العرب (12/ 530) ، والصحاح (5/ 2025) ، والمصباح المنير (2/ 224) .
(4) الكليات للكفوى (800) .
(5) مقاييس اللغة (5/ 226) .
(6) الصحاح (5/ 2025) .(11/5540)
كان الكرم كما يقول الرّاغب: اسم للأخلاق والأفعال المحمودة الّتي تظهر منه «1» (أي الكريم) فإنّ اللّؤم يمكن أن يعرّف بأنّه: اسم للأخلاق والأفعال المذمومة الّتي تظهر من اللّئيم، وكلّ خبث في بابه فهو لؤم كما أنّ كلّ شيء شرف في بابه فهو كرم. وإذا كان الكرم إفادة ما ينبغي لا لغرض كما يقول الجرجانيّ المناويّ «2» ، فإنّ اللّؤم: عدم إفادة ما ينبغي، أو إفادته لغرض كالرّياء وجلب المنفعة والخلاص من الذّمّ ونحو ذلك.
[للاستزادة: انظر صفات: الخبث- الخداع- سوء المعاملة- الغش- المكر- نقض العهد.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: الشهامة- المروءة- النبل- النزاهة- الأمانة] .
__________
(1) المفردات للراغب (429) .
(2) انظر التعريفات للجرجانى (193) ، وو التوقيف على مهمات التعاريف للمناوي (281) .(11/5541)
الأحاديث الواردة في ذمّ (اللؤم)
1-* (عن أبيّ بن كعب- رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إنّه بينما موسى عليه السّلام- في قومه يذكّرهم بأيّام الله. وأيّام الله نعماؤه وبلاؤه. إذ قال: ما أعلم في الأرض رجلا خيرا أو أعلم منّي. قال فأوحى الله إليه. إنّي أعلم بالخير منه. أو عند من هو؟ إنّ في الأرض رجلا هو أعلم منك. قال: يا ربّ! فدلّني عليه. قال: فقيل له: تزوّد حوتا مالحا. فإنّه حيث تفقد الحوت. قال فانطلق هو وفتاه حتّى انتهيا إلى الصّخرة. فعمّي عليه. فانطلق وترك فتاه. فاضطرب الحوت في الماء. فجعل لا يلتئم عليه. صار مثل الكوّة «1» . قال: فقال فتاه: ألا ألحق نبيّ الله فأخبره؟ قال فنسّي. فلمّا تجاوزا قال لفتاه: آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا. قال: ولم يصبهم نصب حتّى تجاوزا. قال: فتذكّر قال: أرأيت إذ أوينا إلى الصّخرة فإنّي نسيت الحوت وما أنسانيه إلّا الشّيطان أن أذكره واتّخذ سبيله في البحر عجبا. قال:
ذلك ما كنّا نبغ فارتدّا على آثارهما قصصا. فأراه مكان الحوت. قال: هاهنا وصف لي. قال: فذهب يلتمس فإذا هو بالخضر مسجّى ثوبا، مستلقيا على القفا. أو قال: على حلاوة القفا «2» . قال: السّلام عليكم.
فكشف الثّوب عن وجهه قال: وعليكم السّلام. من أنت؟ قال: أنا موسى. قال: ومن موسى؟ قال: موسى بني إسرائيل. قال: مجيء ما جاء بك؟ «3» قال: جئت لتعلّمني ممّا علّمت رشدا. قال: إنّك لن تستطيع معي صبرا. وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا. شيء أمرت به أن أفعله إذا رأيته لم تصبر. قال: ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا. قال: فإن اتّبعتني فلا تسألني عن شيء حتّى أحدث لك منه ذكرا. فانطلقا، حتّى إذا ركبا في السّفينة خرقها. قال: انتحى عليها «4» . قال له موسى- عليه السّلام-: أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا. قال: ألم أقل إنّك لن تستطيع معي صبرا؟ قال: لا تؤاخذني بما نسيت، ولا ترهقني من أمري عسرا. فانطلقا حتّى إذا لقيا غلمانا يلعبون. قال: فانطلق إلى أحدهم بادي الرّأي «5» فقتله. فذعر عندها موسى- عليه السّلام- ذعرة منكرة. قال: أقتلت نفسا زاكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا» . فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، عند هذا المكان: «رحمة الله علينا وعلى موسى، لولا أنّه عجّل
__________
(1) الكوة: بفتح الكاف، ويقال بضمها. وهي الطاق.
(2) على حلاوة القفا: وهي وسط القفا. ومعناه لم يمل إلى أحد جانبيه. وهي بضم الحاء وفتحها وكسرها. أفصحها الضم.
(3) مجيء ما جاء بك: قال القاضي: ضبطناه مجيء مرفوع غير منون عن بعضهم وعن بعضهم منونا قال: وهو أظهر. أي أمر عظيم جاء بك.
(4) انتحى عليها: أي اعتمد على السفينة وقصد خرقها.
(5) بادي الرأي: بالهمز وتركه. فمن همزه معناه أول الرأي وابتداؤه. أي انطلق إليه مسارعا إلى قتله من غير فكر. ومن لم يهمز فمعناه ظهر له رأي في قتله. من البداء. وهو ظهور رأي لم يكن. قال القاضي: ويمد البداء ويقصر.(11/5542)
لرأى العجب. ولكنّه أخذته من صاحبه ذمامة «1» .
قال: إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني. قد بلغت من لدنّي عذرا. ولو صبر لرأى العجب- قال:
وكان إذا ذكر أحدا من الأنبياء بدأ بنفسه: «رحمة الله علينا وعلى أخي كذا. رحمة الله علينا- فانطلقا حتّى إذا أتيا أهل قرية لئاما فطافا في المجالس فاستطعما أهلها. فأبوا أن يضيّفوهما. فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقضّ فأقامه. قال: لو شئت لاتّخذت عليه أجرا. قال:
هذا فراق بيني وبينك وأخذ بثوبه. قال: سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً* أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ (الكهف/ 68- 79) . إلى آخر الآية. فإذا جاء الّذي يسخّرها وجدها منخرقة فتجاوزها فأصلحوها بخشبة. وأمّا الغلام فطبع يوم طبع كافرا. وكان أبواه قد عطفا عليه. فلو أنّه أدرك، أرهقهما طغيانا وكفرا «2» . فأردنا أن يبدلهما ربّهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما «3» . وأمّا الجدار، فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته» إلى آخر الآية) * «4» .
2-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «المؤمن غرّ كريم، والفاجر خبّ لئيم) * «5» .
3-* (عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- قال: نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن النّذر. وقال «إنّما يستخرج به من اللّئيم» ) * «6» .
من الآثار الواردة في ذمّ (اللؤم)
1-* (كتب أحمد بن يوسف: أمّا بعد، فإنّي لا أعرف للمعروف طريقا أوعر من طريقه إليك؛ فالمعروف لديك ضائع، والشّكر عندك مهجور. وإنّما غايتك في المعروف أن تحقره، وفي وليّه أن تكفره) * «7» .
2-* (للعتّابي: تأتّينا إفاقتك من سكرتك، وترقّبنا انتباهك من رقدتك، وصبرنا على تجرّع الغيظ فيك، حتّى بان لنا اليأس من خيرك، وكشف لنا الصّبر
__________
(1) أخذته من صاحبه ذمامة: أي حياء وإشفاقا من الذم واللؤم.
(2) أرهقهما طغيانا وكفرا: أي حملهما عليهما وألحقهما بهما. والمراد بالطغيان، هنا، الزيادة في الضلال.
(3) خيرا منه زكاة وأقرب رحما، قيل: المراد بالزكاة الإسلام. وقيل: الصلاح. وأما الرحم فقيل معناه الرحمة لوالديه وبرهما. وقيل المراد يرحمانه.
(4) البخاري- الفتح 8 (4726) . ومسلم (2380) واللفظ له.
(5) أبو داود (4790) وقال الألباني (2/ 909) : حسن. والترمذي (1964) متفق عليه.
(6) البخاري- الفتح 11 (6692- 6693- 6694) . ومسلم (1639) . وابن ماجة (2122) وهذا لفظ ابن ماجة.
(7) العقد الفريد: (4/ 319) .(11/5543)
عن وجه الغلط فيك. فها أنا قد عرفتك حقّ معرفتك في تعدّيك لطورك، واطّراحك حقّ من غلط في اختيارك) * «1» .
3-* (لإبراهيم بن المهديّ: أمّا بعد، فإنّك لو عرفت فضل الحسن لتجنّبت شين القبيح، ورأيتك آثر القول عندك ما يضرّك، فكنت فيما كان منك ومنّا، كما قال زهير بن أبي سلمى:
وذي خطل في القول يحسب أنّه ... مصيب فما يلمم به فهو قائله
عبأت له حلما وأكرمت غيره ... وأعرضت عنه وهو باد مقاتله «2» .
4-* (إنّ مودّة الأشرار متّصلة بالذّلّة والصّغار، تميل معهما، وتتصرّف في آثارهما. وقد كنت أحلّ مودّتك بالمحلّ النّفيس، وأنزلها بالمنزل الرّفيع، حتّى رأيت ذلّتك عند القلّة، وضرعك عند الحاجة، وتغيّرك عند الاستغناء، واطّراحك لإخوان الصّفاء، فكان ذلك أقوى أسباب عذري في قطيعتك عند من يتصفّح أمري وأمرك بعين عدل، لا يميل إلى هوى ولا يرى القبيح حسنا) *» .
5-* (كتب أبو العتاهية إلى الفضل بن معن ابن زائدة: أمّا بعد، فإنّي توسّلت في طلب نائلك بأسباب الأمل، وذرائع الحمد، فرارا من الفقر، ورجاء للغنى، فازددت بهما بعدا ممّا فيه تقرّبت، وقربا ممّا فيه تبعّدت. وقد قسّمت اللّائمة بيني وبينك؛ لأنّي أخطأت في سؤالك وأخطأت في منعي، وأمرت باليأس من أهل البخل فسألتهم، ونهيت عن منع أهل الرّغبة فمنعتهم. وفي ذلك أقول:
فررت من الفقر الّذي هو مدركي ... إلى بخل محظور النّوال منوع
فأعطبني الحرمان غبّ مطامعي ... كذلك من تلقاه غير قنوع
وغير بديع منع ذي البخل ماله ... كما بذل أهل الفضل غير بديع
إذا أنت كشّفت الرّجال وجدتهم ... لأعراضهم من حافظ ومضيع) * «4» .
6-* (وقف رجل خراسانيّ بباب أبي دلف العجليّ حينا فلم يؤذن له، فكتب رقعة وتلطّف في وصولها إليه وفيها:
إذا كان الكريم له حجاب ... فما فضل الكريم على اللّئيم) * «5» .
7-* (ومن أطرف ما يروى في اللّؤم: قيل:
كان عمرو الأعجميّ يلي حكم السّند فكتب إلى موسى الهادي أنّ رجلا من أشراف أهل الهند من آل المهلّب ابن أبي صفرة اشترى غلاما أسود فربّاه وتبنّاه فلمّا كبر وشبّ اشتدّ به هوى مولاته فراودها عن نفسها فأجابته، فدخل مولاه يوما على غفلة منه من حيث لا
__________
(1) العقد الفريد (4/ 320) .
(2) المرجع السابق (4/ 320) .
(3) المرجع السابق (4/ 320) .
(4) المرجع السابق (4/ 319- 320) .
(5) المستطرف (1/ 146) .(11/5544)
يعلم، فإذا هو على صدر مولاته فعمد إليه فجبّ ذكره، وتركه يتشحّط في دمه، ثمّ أدركته عليه رقّة وندم على ذلك، فعالجه إلى أن برأ من علّته، فأقام الغلام بعدها مدّة يطلب أن يأخذ بثأره من مولاه، ويدبّر عليه أمرا يكون فيه شفاء غليله، وكان لمولاه ابنان أحدهما طفل، والآخر يافع كأنّهما الشّمس والقمر، فغاب الرّجل يوما عن منزله لبعض الأمور، فأخذ الغلام الصّبيّين فصعد بهما على ذروة سطح عال فنصبهما هناك، وجعل يعلّلهما بالمطعم مرّة، وباللّعب أخرى إلى أن دخل مولاه فرفع رأسه فرأى ابنيه في شاهق مع الغلام فقال: ويلك عرّضت ابنيّ للموت.
قال: أجل، والله الّذي لا يحلف العبد بأعظم منه ولئن لم تجبّ ذكرك مثلما جببتني لأرمينّ بهما فقال: الله الله يا ولدي في تربيتي لك، قال: دع هذا عنك، فو الله ما هي إلّا نفسي وإنّي لا أسمح بها في شربة ماء، فجعل يكرّر عليه، ويتضرّع له، وهو لا يقبل ذلك ويذهب الوالد يريد الصّعود إليه فيدلّيهما من ذلك الشّاهق. فقال أبوهما: ويلك، فاصبر حتّى أخرج مدية وأفعل ما أردت، ثمّ أسرع وأخذ مدية فجبّ نفسه وهو يراه، فلمّا رأى الغلام ذلك رمى الصّبيّين من الشّاهق فتقطّعا.
وقال: إنّ جبّك لنفسك ثأري، وقتل أولادك زيادة فيه. فأخذ الغلام وكتب بخبره لموسى الهادي، فكتب موسى لصاحب السّند عمرو الأعجميّ بقتل الغلام.
وقال: ما سمعت بمثل هذا قطّ) * «1» .
8-* (قيل لبعض الحكماء: ما الجرح الّذي لا يندمل. قال: حاجة الكريم إلى اللّئيم، ثمّ يردّه بغير قضائها. قيل: فما الّذي هو أشدّ منه، قال: وقوف الشّريف بباب الدّنيء ثمّ لا يؤذن له) * «2» .
9-* (قال الشّاعر:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ... وإن أنت أكرمت اللّئيم تمرّدا
ووضع النّدا في موضع السّيف بالعلا ... مضرّ كوضع السّيف في موضع النّدا) * «3» .
10-* (وقال آخر:
أحبّ بنيّتي ووددت أنّي ... دفنت بنيّتي في جوف لحد
ومالي بغضها غرضا ولكن ... مخافة ميتتي فتضيع بعدي
مخافة أن تصير إلى لئيم ... فيفضح والدي ويشين جدّي) * «4» .
__________
(1) المستطرف (2/ 79- 80) .
(2) المرجع السابق (2/ 145) .
(3) المرجع السابق (2/ 80) .
(4) المحاسن والمساوىء (563) .(11/5545)
من مضار (اللؤم)
(1) يسخط الجبّار ويؤدّي إلى النّار.
(2) اللّئيم مبغوض من الله والملائكة والنّاس أجمعين.
(3) يشعر بالحقد والكراهية للمجتمع.
(4) لا يهنأ له عيش، ولا يقرّ له قرار.
(5) يشوب قلبه الحسد والبغض لمن حوله.
(6) تستحكم فيه أنانية النّفس ودناءتها.(11/5546)
[حرف الميم]
المجاهرة بالمعصية
المجاهرة لغة:
مصدر قولهم: جاهر يجاهر مجاهرة، وهو مأخوذ من مادّة (ج هـ ر) الّتي تدلّ على إعلان الشّيء وكشفه وعلوّه، يقال: جهرت بالكلام، أعلنت به، ورجل جهير الصّوت، أي عاليه، قال الشّاعر:
أخاطب جهرا إذ لهنّ تخافت ... وشتّان بين الجهر والمنطق الخفت «1»
وقولهم: جهرت البئر واجتهرتها معناه نقّيتها وأخرجت ما فيها من الحمأة، وهي بئر مجهورة (أي منقّاة صافية) ، وقول الله تعالى: حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ... (البقرة/ 55) أي عيانا يكشف ما بيننا وبينه «2» ، وأصل الجهر الظّهور، ومن ذلك: الجهر بالقراءة إنّما هو إظهارها والمجاهرة بالمعاصي، المظاهرة بها، ورأيت الأمير جهارا وجهرة أي غير مستتر بشيء «3» ، وقد لخّص الفيروز اباديّ معاني هذه المادّة فقال: المادّة موضوعة لإظهار الشّيء بإفراط لحاسّة البصر أو لحاسّة السّمع، أمّا البصر فنحو
قولك: رأيته جهارا (بفتح الجيم وكسرها) وأمّا للسّمع فنحو قولهم: جهر بالكلام «4» ، ومن الأخير ما جاء في حديث عمر- رضي الله عنه- أنّه كان مجهرا، أي صاحب جهر ورفع لصوته «5» ، أمّا المجاهرون في قوله صلّى الله عليه وسلّم «كلّ أمّتي معافى إلّا المجاهرين» «6» فهم الّذين جاهروا بمعاصيهم، وأظهروها وكشفوا ما ستر الله عليهم منها فيتحدّثون به «7» .
وقال ابن منظور: يقال: جهر بالقول، إذا رفع به صوته فهو جهير، وأجهر فهو مجهر إذا عرف بشدّة الصّوت، وجهر الشّيء علن وبدا، وجهر بكلامه ودعائه وصوته وصلاته وقراءته يجهر جهرا وجهارا، وأجهر بذلك أعلنه وأظهره، وفرّق بعضهم بين جهر وأجهر فقال: جهر: أعلى الصّوت، وأجهر: أعلن، وكلّ إعلان جهر وجاهرهم بالأمر مجاهرة وجهارا:
عالنهم، وأمر مجهر أي واضح بيّن، وقد أجهرته أنا إجهارا أي شهّرته، فهو مجهور به مشهور، والمجهورة
__________
(1) مقاييس اللغة لابن فارس 1/ 487.
(2) الصحاح 2/ 617.
(3) تفسير القرطبي 1/ 404.
(4) بصائر ذوي التمييز 2/ 404.
(5) النهاية لابن الأثير 1/ 321، ووقع في اللسان تصحيف للفظ إذ ورد فيه «مجهرا» بكسر الميم وفتح الهاء، انظر اللسان 4/ 150 (ط: بيروت) .
(6) انظر في تخريج هذا الحديث، هامش (1) في قسم الاحاديث.
(7) النهاية لابن الأثير 1/ 321.(11/5547)
من الآبار: المعمورة عذبة كانت أو ملحة، والجهر أيضا: الاستخراج «1» ومن ذلك ما جاء في حديث خيبر: «وجد النّاس بها بصلا وثوما فجهروه» أي استخرجوه وأكلوه (من قولهم: جهرت البئر إذا كانت مندفنة فأخرجت ما فيها) «2» ، والأجهر من الرّجال الّذي لا يبصر في الشّمس، والمجاهرة بالعداوة: المبادأة بها «3» والمجاهرة بالسّوء من القول في قوله عزّ وجلّ:
لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ..
(النساء/ 148) فقد جاء في تفسيرها: لا يحبّ الله أن يجهر أحد بالسّوء من القول إلّا من ظلم فلا يكره له الجهر به» «4» ، وقال ابن كثير: فيما يرويه عن ابن عبّاس في هذه الآية: المعنى، لا يحبّ الله أن يدعو أحد على أحد إلّا أن يكون مظلوما فقد رخّص له أن يدعو على من ظلمه، وذلك قوله: «إلّا من ظلم» وإن صبر فهو خير له» «5» .
المعصية لغة:
انظر صفة العصيان
المجاهرة بالمعصية اصطلاحا:
أن يرتكب الشّخص الإثم علانية، أو يرتكبه سرّا فيستره الله عزّ وجلّ، ولكنّه يخبر به بعد ذلك مستهينا بستر الله له.
قال ابن حجر: والمجاهر الّذي أظهر معصيته، وكشف ما ستر الله عليه فيحدّث بها «6» ، أمّا المجاهرون في الحديث الشّريف «كلّ أمّتي معافى إلّا المجاهرين «7» فيحتمل أن يكون بمعنى: من جهر بالمعصية وأظهرها، ويحتمل أن يكون المراد: الّذين يجاهر بعضهم بعضا بالتّحدّث بالمعاصي، قال ابن حجر:
وبقيّة الحديث تؤكّد المعنى الأوّل. «8»
أنواع المجاهرة:
ممّا سبق يتّضح أنّ المجاهرة تكون على أنواع ثلاثة:
1- المجاهرة بمعنى إظهار المعصية وذلك كما يفعل المجّان والمستهترون بحدود الله، والّذي يفعل المعصية جهارا يرتكب محذورين: الأوّل: إظهار المعصية والآخر: تلبّسه بفعل المجّان، والمجانة (أي المجون) ، مذمومة شرعا وعرفا» «9» .
2- المجاهرة بمعنى إظهار ما ستر الله على العبد من فعله المعصية، كأن يحدّث بها تفاخرا أو استهتارا بستر الله تعالى وهؤلاء هم الّذين لا يتمتّعون بمعافاة الله عزّ وجلّ.
3- المجاهرة بمعنى أن يجاهر بعض الفسّاق بعضا بالتّحدّث بالمعاصي.
__________
(1) لسان العرب 4/ 152.
(2) انظر النهاية لابن الأثير 1/ 321.
(3) لسان العرب (باختصار وتصرف) 4/ 149- 152.
(4) تفسير القرطبي ج 6 ص 1، وقارن بالآثار التي وردت حول هذه الآية الكريمة في قسم الآثار.
(5) تفسير ابن كثير 1/ 485، وقد ذكر آراء أخرى في تفسير الآية سنذكرها في قسم الآثار، فلتنظر هناك.
(6) فتح الباري 10/ 502.
(7) انظر الحديث رقم «1» .
(8) انظر فتح الباري 10/ 502.
(9) المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.(11/5548)
هجر المجاهرين بالمعاصي:
قال شيخ الإسلام (ابن تيميّة) : إنّ المظهر للمنكر يجب الإنكار عليه علانية، ولا تبقى له غيبة، ويجب أن يعاقب علانية بما يردعه عن ذلك، وينبغي لأهل الخير أن يهجروه ميّتا- إذا كان فيه ردع لأمثاله- فيتركون تشييع جنازته «1» .
وقال صاحب الآداب الكبرى: يسنّ هجر من جهر بالمعاصي الفعليّة والقوليّة والاعتقاديّة، وقيل:
يجب ذلك إن ارتدع به، وإلّا كان مستحبّا، وقيل:
يجب هجره مطلقا إلّا من السّلام بعد ثلاثة أيّام، وقيل ترك السّلام على من جهر بالمعاصي حتّى يتوب فرض كفاية، وظاهر كلام الإمام أحمد (بن حنبل) ترك السّلام والكلام مطلقا «2» .
ونقل ابن حجر عن الإمام النّوويّ قوله: من جاهر بفسقه أو بدعته جاز ذكره بما جاهر به دون ما لم يجاهر به «3» .
[للاستزادة: انظر صفات: التفريط والإفراط الفسوق- الفجور- الكذب- الخداع- المكر.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: التقوى- الصدق- اليقين- محاسبة النفس] .
__________
(1) غذاء الألباب 1/ 259.
(2) المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.
(3) انظر فتح الباري 10/ 502.(11/5549)
الآيات الواردة في «المجاهرة بالمعصية»
1-* لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً (118) «1»
الآيات الواردة في «المجاهرة بالمعصية» معنى
2-* قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) «2»
3- قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (33) «3»
4- إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (19) «4»
__________
(1) النساء: 148 مدنية
(2) الأنعام: 151 مكية
(3) الأعراف: 33 مكية
(4) النور: 19 مدنية(11/5550)
الأحاديث الواردة في ذمّ (المجاهرة بالمعصية)
1-* (عن سالم بن عبد الله قال: سمعت أبا هريرة يقول سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم- يقول: كلّ أمّتي معافى إلّا المجاهرين، وإنّ من المجاهرة أن يعمل الرّجل باللّيل عملا، ثمّ يصبح وقد ستره الله فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربّه، ويصبح يكشف ستر الله عنه» ) * «1» .
الأحاديث الواردة في ذمّ (المجاهرة بالمعصية) معنى
2-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال:
ونهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن تشترى الثّمرة حتّى تطعم «2» ، وقال: إذا ظهر الزّنا والرّبا في قرية فقد أحلّوا بأنفسهم عذاب الله» ) *» .
3-* (عن ابن مسعود- رضي الله عنه- قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لعن الله آكل الرّبا وموكله وشاهديه وكاتبه» ، وقال: «ما ظهر في قوم الرّبا والزّنا إلّا أحلّوا بأنفسهم عقاب الله» ) * «4» .
4-* (عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- قال: أقبل علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فقال: يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهنّ، وأعوذ بالله أن تدركوهنّ: لم تظهر الفاحشة في قوم قطّ، حتّى يعلنوا بها، إلّا فشا فيهم الطّاعون والأوجاع الّتي لم تكن مضت في أسلافهم الّذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلّا أخذوا بالسّنين، وشدّة المئونة، وجور السّلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلّا منعوا القطر من السّماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلّا سلّط عليهم عدوّا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمّتهم بكتاب الله، ويتخيّروا ممّا أنزل الله، إلّا جعل الله بأسهم بينهم» ) * «5» .
5-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال:
__________
(1) البخاري- الفتح 10 (6069) واللفظ له، ومسلم 4 (2990) .
(2) تطعم: يتم نضجها ويبدو صلاحها.
(3) المنذري في الترغيب والترهيب (3/ 8) وقال: رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي كما في (2/ 37) .
(4) أحمد (1/ 402) ، وأبو يعلى (5/ 11) / 4960، وبعضه عند أبي داود (3333) ، وقال المنذري في الترغيب والترهيب (3/ 8) : إسناده جيد، وكذا قال الهيثمي في المجمع (4/ 118) ، وقال الشيخ أحمد شاكر (5/ 309) / 3809: إسناده صحيح.
(5) سنن ابن ماجه 2 (4019) ، وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (3/ 246) / 1414: رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد، وعزاه أيضا إلى البزار والبيهقي.(11/5551)
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لو كنت راجما أحدا بغير بيّنة لرجمت فلانة، فقد ظهر منها الرّيبة في منطقها وهيئتها ومن يدخل عليها» ) * «1» .
6-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يكون في آخر هذه الأمّة خسف ومسخ وقذف» . قالت، قلت: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصّالحون؟ قال: «نعم إذا ظهر الخبث» ) * «2» .
7-* (عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ الله لا يحبّ الفحش، أو يبغض الفاحش والمتفحّش، قال: ولا تقوم السّاعة حتّى يظهر الفحش والتّفاحش، وقطيعة الرّحم، وسوء المجاورة، وحتّى يؤتمن الخائن، ويخوّن الأمين، وقال: ألا إنّ موعدكم حوضي، عرضه وطوله واحد، وهو كما بين أيلة ومكّة، وهو مسيرة شهر، فيه مثل النّجوم أباريق، شرابه أشدّ بياضا من الفضّة، من شرب منه مشربا لم يظمأ بعده أبدا» ) * «3» .
8-* (عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ليأتينّ على أمّتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النّعل بالنّعل، حتّى إن كان منهم من أتى أمّه علانية لكان في أمّتي من يصنع ذلك، وإنّ بني إسرائيل تفرّقت على ثنتين وسبعين ملّة، وتفترق أمّتي على ثلاث وسبعين ملّة، كلّهم في النّار إلّا ملّة واحدة، قالوا: ومن هي يا رسول الله قال: ما أنا عليه وأصحابي» ) * «4» .
من الآثار الواردة في النهي عن (المجاهرة بالمعصية)
1-* (عن عمر بن عبد العزيز- رضي الله عنه- قال: كان يقال: إنّ الله- تبارك وتعالى- لا يعذّب العامّة بذنب الخاصّة، ولكن إذا عمل المنكر جهارا استحقّوا العقوبة كلّهم) * «5» .
2-* (قال النّوويّ- رحمه الله تعالى-: إنّ من جاهر بفسقه أو بدعته جاز ذكره بما جاهر به دون ما لم يجاهر به) * «6» .
3-* (وقال- أيضا- الّذي يجاهر بالمعصية
__________
(1) ابن ماجه برقم 2559 وفي الزوائد: إسناده صحيح ورجاله ثقات.
(2) الترمذي برقم 2185 قال أبو عيسى: هذا حديث غريب من حديث عائشة لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
(3) أحمد 2/ 162 ونسخة شاكر برقم (6514) وقال: إسناده صحيح.
(4) سنن الترمذي 5 (2641) ، وقال: هذا حديث حسن غريب، وانظر السلسلة الصحيحة (1/ 264) / 204.
(5) الموطأ 2/ 991.
(6) الفتح 10/ 502.(11/5552)
يكون من جملة المجّان، والمجانة مذمومة شرعا وعرفا فيكون الّذي يظهر المعصية قد ارتكب محذورين:
إظهار المعصية وتلبّسه بفعل المجّان) * «1» .
4-* (قال ابن بطّال: في الجهر بالمعصية استخفاف بحقّ الله ورسوله وبصالحي المؤمنين وفيه ضرب من العناد لهم، وفي السّتر بها السّلامة من الاستخفاف، لأنّ المعاصي تذلّ أهلها، ومن إقامة الحدّ عليه إن كان فيه حدّ، ومن التّعزير إن لم يوجب حدّا، وإذا تمحّض حقّ الله فهو أكرم الأكرمين، رحمته سبقت غضبه، فلذلك إذا ستره في الدّنيا لم يفضحه في الآخرة، والّذي يجاهر يفوته جميع ذلك) * «2» .
5-* (وقال ابن حجر- رحمه الله تعالى- من قصد إظهار المعصية والمجاهرة بها أغضب ربّه، فلم يستره، ومن قصد التّستّر بها حياء من ربّه، ومن النّاس منّ الله عليه بستره إيّاه) * «3» .
6-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- في قوله تعالى: لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ (النساء- 148) : قال: لا يحبّ الله أن يدعو أحد على أحد إلّا أن يكون مظلوما، فإنّه رخّص له أن يدعو على من ظلمه، وإن يصبر فهو خير له) * «4» .
7-* (وعن الحسن- رضي الله عنه- في الآية نفسها قال: هو الرّجل يظلم فلا يدع عليه (أي على الظّالم) ، ولكن ليقل: اللهمّ أعنّي عليه، اللهمّ استخرج لي حقّي، حل بينه وبين ما يريد ونحو هذا) * «5» .
8-* (وعن قتادة- رضي الله عنه- في الآية نفسها قال: عذر الله المظلوم- كما تسمعون- أن يدعو) * «6» .
9-* (عن مجاهد في قوله تعالى: لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ قال: هو الرّجل ينزل بالرّجل فلا يحسن ضيافته، فيخرج فيقول: أساء ضيافتي ولم يحسن) * «7» .
10-* (وعنه أيضا في الآية نفسها قال: ضاف رجل رجلا فلم يؤدّ إليه حقّ ضيافته، فلمّا خرج أخبر النّاس فقال: ضفت فلانا فلم يؤدّ إليّ حقّ ضيافتي، قال: فذلك الجهر بالسّوء من القول إلّا من ظلم حتّى يؤدّي الآخر إليه حقّ ضيافته) * «8» .
11-* (قال ابنالمنير: إِلَّا مَنْ ظُلِمَ معناه إلّا من أكره على أن يجهر بالسّوء كفرا ونحوه، فذلك
__________
(1) المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.
(2) الفتح 10/ 502.
(3) المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.
(4) الدر المنثور ج 2/ 420.
(5) المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.
(6) المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.
(7) تفسير ابن كثير 1/ 584. وانظر الدر المنثور 2/ 237، والطبري 9/ 346- 347.
(8) تفسير ابن كثير 1/ 584.(11/5553)
مباح) * «1» .
12-* (وقال عبد الكريم بن مالك الجزريّ في الآية نفسها: «هو الرّجل يشتمك فتشتمه ولكن إن افترى عليك فلا تفتر عليه لقوله تعالى: وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (الشورى/ 41)) * «2» .
13-* (وقال القاضي أبو حسين في التّمام:
لا تختلف الرّواية في وجوب هجر أهل البدع وفسّاق الملّة. وظاهر إطلاقه لا فرق بين المجاهر وغيره كالمبتدع والفاسق، فينبغي لك إن كنت متّبعا سنن من سلف أنّ كلّ من جاهر بمعاصي الله لا تعاضده ولا تساعده ولا تقاعده ولا تسلّم عليه، بل اهجره ولاقه بوجه مكفهرّ) * «3» .
14-* (وقال ابن تميم: وهجران أهل البدع كافرهم وفاسقهم، والمتظاهر بالمعاصي، وترك السّلام عليهم فرض كفاية، ومكروه لسائر النّاس) * «4» .
15-* (قال صاحب منظومة الآداب:
وهجران من أبدى المعاصي سنّة ... وقد قيل إن يردعه أوجب وأكّد
وقيل على الإطلاق ما دام معلنا ... ولاقه بوجه مكفهرّ مربّد) * «5» .
16-* (قال السّفارينيّ في شرح البيتين السّابقين: «ولا فرق بين كون المعاصي فعليّة أو قوليّة أو اعتقاديّة ... وهذا الهجر يثاب الإنسان عليه لأنّه هجر لله تعالى وغضب لارتكاب معاصيه أو إهمال أوامره. قال الإمام أحمد- رحمه الله تعالى-: إذا علم أنّه مقيم على معصية وهو يعلم بذلك لم يأثم أن جفاه حتّى يرجع، وإلّا كيف يتبيّن للرّجل ما هو عليه، إذا لم ير منكرا ولا جفوة من صديق) * «6» .
من مضار (المجاهرة بالمعصية)
(1) المجاهر بالمعصية ما جن أثيم يغضب الله عزّ وجلّ.
(2) المجاهر يحرم نفسه من عفو الله تعالى.
(3) المجاهرون بالمعاصي محتقرون من النّاس مهجورون، لا يكلّمهم الصّالحون ولا يسلّمون عليهم.
__________
(1) المرجع السابق 3/ 398.
(2) تفسير ابن كثير 1/ 584.
(3) غذاء الألباب/ شرح منظومة الآداب للسفاريني 1/ 256- 261.
(4) المرجع السابق 1/ 269.
(5) انظر غذاء الألباب 1/ 256- 258.
(6) المرجع السابق، انظر الصفحات 256- 261.(11/5554)
(4) المجاهر بالمعصية يحلّ عرضه بحديث النّاس عنه وعن جرائمه.
(5) الجهر بالمعصية يؤدّي إلى الإخلال بالقيم الدّينيّة والأخلاقيّة في المجتمع.
(6) الجهر بالمعاصي يستوجب ردع المجتمع للمجاهر وإنزال العقوبة اللّائقة به.
(7) المجاهر بالمعصية مفضوح بين الخلق حيّا أو ميّتا، إذ لا يشترك الصّالحون في تشييع جنازته، خاصّة إذا كان في ذلك ردع لأمثاله.(11/5555)
المكر والكيد
المكر لغة:
المكر مصدر قولهم مكر به يمكر، وهو مأخوذ من مادّة (م ك ر) الّتي تدلّ على الاحتيال والخداع «1» .
والمكر: احتيال بغير ما يضمر، والاحتيال بغير ما يبدي: هو الكيد، والكيد فى الحرب حلال، والمكر فى كلّ حلال حرام «2» .
المكر: احتيال في خفية، قال الله تعالى:
وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (النمل/ 50) . وقيل: المكر الخديعة والاحتيال، ويقال، مكر يمكر مكرا ومكر به، ورجل مكّار ومكور: ماكر، وقال ابن سيدة: ولا أنكر أن يكون المكر الّذي هو الخديعة «3» .
وانظر صفة (الأمن من المكر) .
المكر اصطلاحا:
إيصال المكروه إلى الإنسان من حيث لا يشعر «4» .
وعرّفه بعضهم بأنّه: صرف الغير عمّا يقصده بحيلة «5» .
مكر الله- عز وجل-:
وأمّا المكر الّذي وصف به نفسه فهو صفة فعل حقيقيّة على ما يليق بجلاله ومعناه مجازاته
للماكرين بأوليائه ورسله، فيقابل مكرهم السّيّىء بمكره الحسن، فيكون المكر منهم أقبح شيء، ومنه أحسن شيء، لأنّه عدل ومجازاة، وكذلك المخادعة منه جزاء على مخادعة رسله وأوليائه، فلا أحسن من تلك المخادعة والمكر «6» .
وقال الجرجانيّ: المكر من جانب الحقّ تعالى هو إرداف النّعم مع المخالفة، وإبقاء الحال مع سوء الأدب وإظهار الكرامات من غير جهد.
وقال الكفويّ: مكر الله: إمهال العبد وتمكينه من أعراض الدّنيا «7» .
أنواع المكر:
أحدهما: مكر محمود، وذلك أن يتحرّى بذلك فعل جميل، ومنه قوله تعالى وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (آل عمران/ 54) .
والآخر: مذموم، وهو أن يتحرّى به فعل قبيح كما في قوله تعالى: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ (فاطر/ 43) «8» .
حكم المكر:
ذكر الذّهبيّ وابن حجر أنّ المكر السّيّىء من الكبائر، وقد احتجّ الذّهبيّ بقوله تعالى: وَلا يَحِيقُ
__________
(1) المقاييس (5/ 345) .
(2) العين للخليل بن أحمد (5/ 370) .
(3) لسان العرب (5/ 183) .
(4) التعريفات للجرجاني (245) .
(5) التوقيف على مهمات التعاريف (673) .
(6) الفوائد لابن القيم (213) .
(7) التعريفات (245) ، والكليات (771) .
(8) المفردات (471) ، والتوقيف (313) ، والفوائد لابن القيم (213) .(11/5556)
الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ (فاطر/ 43) ، وبقوله صلّى الله عليه وسلّم «المكر والخديعة فى النّار» «1» .
أمّا ابن حجر فقد عدّه من كبائر الباطن، الّتى يذمّ العبد عليها أعظم ممّا يذمّ على السّرقة والزّنا ونحوهما من كبائر الظّاهر، وذلك لعظم مفسدتها وسوء أثرها ودوامه؛ لأنّ آثار هذه الكبائر الباطنة تدوم، بحيث تصير حالا وهيئة راسخة في القلب» .
الكيد لغة:
الكيد مصدر قولهم: كاده يكيده وهو مأخوذ من مادّة (ك ي د) الّتي تدلّ على معالجة شيء بشدّة، ثمّ إنّهم يتوسّعون في ذلك فيسمّون المكر كيدا «3» ، وقال الجوهريّ: المكر الكيد، وكلّ شيء تعالجه فأنت تكيده «4» ، وقال الرّاغب: الكيد ضرب من الاحتيال يكون مذموما وممدوحا، واستعماله في المذموم أكثر وكذلك الاستدراج والمكر، ومن أمثلة المحمود قوله تعالى: كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ (يوسف/ 76) ، وفي قول الله تعالى: وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ (يوسف/ 52) إشارة إلى أنّه قد يهدي كيد من لم يقصد بكيد الخيانة ككيد يوسف لإخوته «5» ، وقال ابن منظور: الكيد: الخبث والمكر، والكيد الاحتيال والاجتهاد وبه سمّيت الحرب كيدا، والكيد التّدبير بباطل أو حقّ، وقول الله تعالى: إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً* وَأَكِيدُ كَيْداً (الطارق/ 15- 16) قال فيه الزّجّاج:
يعني به كيد الكفّار وهو أنّهم يخاتلون النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ويظهرون ما هم على خلافه، أمّا كيد الله تعالى لهم فهو استدراجهم من حيث لا يعلمون، يقال: فلان يكيد أمرا ما أدري ما هو إذا كان يريغه ويحتال له ويسعى له ويختله «6» (أي يدبّره في خفاء) .
الكيد اصطلاحا:
قال الجرجانيّ: هو إرادة مضرّة الغير خفية، وهو من الخلق: الحيلة السّيّئة، ومن الله تعالى: التّدبير بالحقّ لمجازاة أعمال الخلق «7» .
وقال المناويّ: الكيد إرادة مضرّة الغير حقيقة «8» وهو ضرب من الاحتيال
العلاقة بين المكر والكيد:
كلّ من المكر والكيد فيه احتيال وإرادة الأذى بالغير خفية إلّا أنّ الكيد- كما يقول الكفويّ- أقوى من المكر «9» ، كما أنّ الكيد يجمع إلى المكر صفة الخبث «10» وهو على ذلك مكر وزيادة، كما أنّ فى الكيد مراعاة الاجتهاد كما قال عنه ابن الأثير «11» .
[للاستزادة: انظر صفات: الأذى- الأمن من المكر- الخبث- الخداع- اللؤم- النفاق- نقض العهد- الغش- الغدر- الخيانة.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: الإحسان- الإخلاص- مجاهدة النفس- المراقبة- الأمانة- الاستقامة- الوفاء] .
__________
(1) الكبائر للذهبي (235) .
(2) الزواجر (99) .
(3) مقاييس اللغة 5/ 149.
(4) الصحاح 2/ 533.
(5) المفردات ص 443.
(6) لسان العرب 3/ 385 (ط. بيروت) .
(7) التعريفات ص 189.
(8) وقد تصحف على المناوي كلام الجرجاني فقال: وهو من الأخلاق الجبلية السيئة والصواب وهو من الخلق الجبلة السيئة، انظر التوقيف ص 286.
(9) انظر الكليات 4/ 125.
(10) انظر ما نقلناه عن اللسان في الكيد لغة.
(11) قال ابن الأثير في النهاية (4/ 217) : الكيد: الاختيال والاجتهاد فيه.(11/5557)
الآيات الواردة في «المكر»
1- وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (54) «1»
2- وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها وَما يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَما يَشْعُرُونَ (123) وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ (124) «2»
3- وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (30) «3»
4- فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31) «4»
5- ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102) «5»
6- أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (33) «6»
7- وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (42) «7»
8- وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ (46) «8»
9- قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (26) «9»
10- وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (50)
فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) «10»
11- وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (70) «11»
12- وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ
__________
(1) آل عمران: 54 مدنية
(2) الأنعام: 123- 124 مكية
(3) الأنفال: 30 مكية
(4) يوسف: 31 مكية
(5) يوسف: 102 مكية
(6) الرعد: 33 مدنية
(7) الرعد: 42 مدنية
(8) إبراهيم: 46 مكية
(9) النحل: 26 مكية
(10) النمل: 50- 51 مكية
(11) النمل: 70 مكية(11/5558)
الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ (32) «1»
13- مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ (10) «2»
14- اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43) «3»
15- فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ (45) «4»
16- وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً (22) «5»
الآيات الواردة في «الكيد»
17- إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120) «6»
18- الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً (76) «7»
19- ذلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ (18) «8»
20- قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (5) «9»
21- ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ (52) «10»
22- فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى (60) «11»
23- وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70) 1»
24- فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ (25) «13»
25- إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً (15) وَأَكِيدُ كَيْداً (16) «14»
__________
(1) سبأ: 33 مكية
(2) فاطر: 10 مكية
(3) فاطر: 43 مكية
(4) غافر: 45 مكية
(5) نوح: 22 مكية
(6) آل عمران: 120 مدنية
(7) النساء: 76 مدنية
(8) الأنفال: 18 مدنية
(9) يوسف: 5 مكية
(10) يوسف: 52 مكية
(11) طه: 60 مكية
(12) الأنبياء: 70 مكية
(13) غافر: 25 مكية
(14) الطارق: 15- 16 مكية وانظر أيضا الآيات التالية: الأعراف/ 182- 183 الأعراف/ 195 هود/ 54- 55 يوسف/ 28 يوسف/ 33- 34 يوسف/ 50 يوسف/ 76 طه/ 64 طه/ 69 الأنبياء/ 57 الأنبياء/ 70 الحج/ 15 الصافات/ 98 غافر/ 37 الطور/ 4 الطور/ 46 القلم/ 45 المرسلات/ 39 الفيل/ 2- 3(11/5559)
الأحاديث الواردة في ذمّ (المكر)
1-* (عن قيس بن سعد بن عبادة- رضي الله عنهما- قال: لولا أنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:
«المكر والخديعة في النّار» لكنت من أمكر النّاس) * «1» .
الأحاديث الواردة في ذمّ (المكر) معنى
2-* (عن عياض بن حمار المجاشعيّ- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال ذات يوم في خطبته:
«ألا إنّ ربّي أمرني أن أعلّمكم ما جهلتم ممّا علّمني، يومي هذا. كلّ مال نحلته عبدا، حلال ... » الحديث وفيه: «ورجل لا يصبح ولا يمسي إلّا وهو يخادعك عن أهلك ومالك ... الحديث) * «2» .
3-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- أنّ أناسا من عكل وعرينة قدموا المدينة على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وتكلّموا بالإسلام، فقالوا: يا نبيّ الله إنّا كنّا أهل ضرع، ولم نكن أهل ريف، واستوخموا المدينة «3» ، فأمر لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بذود «4» وراع، وأمرهم أن يخرجوا فيه، فيشربوا من ألبانها وأبوالها. فانطلقوا حتّى إذا كانوا ناحية الحرّة «5» ، كفروا بعد إسلامهم، وقتلوا راعي النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، واستاقوا الذّود، فبلغ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فبعث الطّلب في آثارهم فأمر بهم فسمروا أعينهم «6» ، وقطعوا أيديهم، وتركوا في ناحية الحرّة حتّى ماتوا على حالهم) * «7» .
4-* (عن أبي بكر الصّدّيق- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يدخل الجنّة خبّ «8» ، ولا منّان ولا بخيل» ) * «9» .
5-* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ الله تعالى قال: لقد خلقت خلقا ألسنتهم أحلى من العسل، وقلوبهم أمرّ من الصّبر، فبي حلفت: لأتيحنّهم «10» فتنة تدع الحليم منهم حيران، فبي يغترّون أم عليّ يجترئون «11» » ) * «12» .
6-* (عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «لكلّ غادر لواء يوم القيامة يعرف به» ) * «13» .
__________
(1) صحيح الجامع (1057) وقال الألبانى صحيح.
(2) مسلم (2865) .
(3) استوخموا المدينة: أي لم توافقهم وكرهوها لسقم أصابهم.
(4) الذود: الجماعة من الإبل قيل من ثلاثة إلى عشرة.
(5) الحرة: هي أرض ذات حجارة سود معروفة بالمدينة.
(6) سمروا أعينهم: أي كحلوها بمسامير محمية، وقيل هي كسمل أي فقؤوها وأذهبوا ما فيها.
(7) البخاري- الفتح 7 (4192) ، واللفظ له، ومسلم (1671) .
(8) الخب: الرجل الخداع.
(9) الترمذي (1963) واللفظ له، وقال: هذا حديث حسن غريب، والمنذري في الترغيب والترهيب (3/ 380) ، وقال: رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.
(10) لأتيحنّهم: يقال أتاح الله لفلان كذا أي قدّره له.
(11) يجترئون: الاجتراء: الجسارة على الشيء.
(12) الترمذي (2405) ، وقال: هذا حديث حسن غريب، وقال محقق جامع الأصول (4/ 545) واللفظ له: حديث حسن.
(13) البخاري- الفتح 12 (6966) .(11/5560)
الأحاديث الواردة في ذمّ (الكيد)
7- عن عائشة- رضي الله عنها- قالت:
سمعت سعدا- رضي الله عنه- قال: سمعت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: «لا يكيد أهل المدينة أحد إلّا انماع «1» كما ينماع الملح في الماء» ) * «2» .
8- عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لم يكذب إبراهيم ... » الحديث وفيه:
«فأتته «3» وهو قائم يصلّي فأومأ بيده مهيم؟ قالت ردّ الله كيد الكافر أو الفاجر في نحره، وأخدم هاجر» ) * «4» .
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذمّ (المكر)
1-* (قال الغزاليّ- رحمه الله- اعلم أنّ للإنسان أخلاقا وأوصافا كثيرة، لكن تنحصر مثارات الذّنوب في أربع صفات:
أحدها: صفات الرّبوبيّة، ومنها يحدث الكبر والفخر وحبّ المدح والثّناء، والعزّ وطلب الاستعلاء، ونحو ذلك وهذه ذنوب مهلكات، وبعض النّاس يغفل عنها، فلا يعدّها ذنوبا.
الثّانية: صفات شيطانيّة، ومنها يتشعّب الحسد والبغي والحيل والخداع والمكر، والغشّ والنّفاق والأمر بالفساد ونحو ذلك.
الثّالثة: الصّفات البهيميّة، ومنها يتشعّب الشّرّ والحرص على قضاء شهوة البطن والفرج، فيتشعّب من ذلك الزّنى واللّواطة والسّرقة، وأخذ الحطام لأجل الشّهوات.
الرّابعة: الصّفات السّبعيّة، ومنها يتشعّب الغضب والحقد والتّهجّم على النّاس بالقتل والضّرب، وأخذ الأموال، وهذه الصّفات لها تدرّج في الفطرة.
فهذه أمّهات المنابع إلى الجوارح، فبعضها في القلب، كالكفر والبدعة والنّفاق، وإضمار السّوء، وبعضها في العين، وبعضها في السّمع، وبعضها في اللّسان، وبعضها في البطن والفرج، وبعضها في اليدين والرّجلين، وبعضها على جميع البدن.
ثمّ الذّنوب تنقسم إلى ما يتعلّق بحقوق الآدميّين، وإلى ما بين العبد وبين ربّه. فما يتعلّق بحقوق العباد، فالأمر فيه أغلظ، والّذي بين العبد وبين ربّه، فالعفو فيه أرجى وأقرب إلّا أن يكون شركا والعياذ بالله، فذلك الّذي لا يغفر) * «5» .
2-* (قال ابن كثير عند قوله تعالى: وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ
__________
(1) ينماع: أي يذوب.
(2) صحيح البخاري، حديث رقم 1877.
(3) أي أتت سارة إبراهيم عليه السلام.
(4) صحيح البخاري، حديث رقم 3358.
(5) انظر مختصر منهاج القاصدين لابن قدامة (252) .(11/5561)
(النحل/ 127) أي فى كيدك وردّ ما جئت به فإنّ الله مؤيّدك وناصرك ومظهر دينك على من خالفه وعانده فى المشارق والمغارب) «1» .
3-* (وقال عند قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ (فاطر/ 10) قال مجاهد وسعيد بن جبير وشهر بن حوشب هم المراءون بأعمالهم يعني يمكرون بالنّاس يوهمون أنّهم في طاعة الله تعالى وهم بغضاء إلى الله- عزّ وجلّ- يراءون بأعمالهم ... وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ (فاطر/ 11) أي يفسد ويبطل ويظهر زيفهم عن قريب لأولى البصائر والنّهى، فإنّه ما أسرّ أحد سريرة إلّا أبداها الله تعالى على صفحات وجهه وفلتات لسانه، وما أسرّ أحد سريرة إلّا كساه الله تعالى رداءها، إن خيرا فخير وإن شرّا فشرّ) * «2» .
4-* (وقال عند قوله تعالى: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ (فاطر/ 43) أي وما يعود وبال ذلك إلّا عليهم أنفسهم دون غيرهم) * «3» .
5-* (قال محمّد بن كعب القرظيّ: ثلاث من فعلهنّ لم ينج حتّى ينزل به: من مكر أو بغى أو نكث، وتصديقها فى كتاب الله تعالى: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ (فاطر/ 43) إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ (يونس/ 23) فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ (الفتح/ 10)) * «4» .
6-* (قال الماورديّ عند قوله تعالى وَمَكَرُوا مَكْراً ... (النمل/ 50) وفي مكرهم ومكر الله تعالى بهم قولان: أحدهما: قاله الكلبيّ: وهم لا يشعرون بالملائكة الّذين أنزل الله على صالح ليحفظوه من قومه حين دخلوا عليه ليقتلوه، فرموا كلّ رجل منهم بحجر حتّى قتلوهم جميعا وسلم صالح من مكرهم.
الثّانى: قاله الضّحّاك، أنّهم مكروا بأن أظهروا سفرا، وخرجوا فاستتروا فى غار ليعودوا فى اللّيل فيقتلوه، فألقى الله صخرة على باب الغار حتّى سدّه، وكان هذا مكر الله بهم) * «5» .
7-* (أورد الرّاغب عن بعضهم قوله: من وسّع عليه دنياه ولم يعلم أنّه مكر به فهو مخدوع عن عقله) * «6» .
من مضار (المكر)
انظر مضار صفة (الأمن من المكر)
__________
(1) تفسير ابن كثير (3/ 374) .
(2) تفسير ابن كثير (3/ 550) .
(3) المرجع السابق (3/ 563) .
(4) المرجع السابق (3/ 563) .
(5) تفسير الماوردى (4/ 220) .
(6) المفردات للراغب (471) .(11/5562)
المنّ
المن لغة:
المنّ مصدر منّ عليه منّا وهو مأخوذ من مادّة (م ن ن) الّتي تدلّ علي أصلين: أحدهما القطع والانقطاع، والآخر على اصطناع خير، فمن الأوّل:
مننت الحبل: قطعته، قال تعالى: فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (التين/ 6) ومنه: منّ بيد أسداها، إذا قرّع بها.
وهذا يدلّ على أنّه قطع الإحسان. ومن الثّانى: منّ يمنّ منّا، إذا صنع صنعا جميلا «1» .
يقول الرّاغب: والمنّة: النّعمة الثّقيلة، ويقال ذلك على وجهين: أحدهما: أن يكون ذلك بالفعل، فيقال: منّ فلان على فلان إذا أثقله بالنّعمة، وعلى ذلك قوله تعالى: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (آل عمران/ 164) وذلك على الحقيقة لا يكون إلّا لله تعالى. والثّاني: أن يكون ذلك بالقول، وذلك مستقبح فيما بين النّاس إلّا عند كفران النّعمة، ولقبح ذلك قيل: المنّة تهدم الصّنيعة، ولحسن ذكرها عند الكفران قيل: إذا كفرت النّعمة حسنت المنّة، وقوله: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا (الحجرات/ 17) فالمنّة منهم بالقول، ومنّة الله عليهم بالفعل وهو هدايته إيّاهم كما
ذكر «2» .
ومنّ عليه منّا: أنعم، والمنّان من أسماء الله تعالى. ومنّ عليه منّة، أي امتنّ عليه، قال أبو عبيد:
رجل منونة: كثير الامتنان «3» ، ومننت عليه منّا عددت له ما فعلت له من الصّنائع، مثل أن تقول أعطيتك وفعلت لك، وهو تكدير وتغيير تنكسر منه القلوب، فلهذا نهى الشّارع عنه بقوله: لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى (البقرة/ 264) ومن هنا يقال: «المنّ أخو المنّ، أي الامتنان بتعديد الصّنائع أخو القطع والهدم «4» » . وفي الحديث «ثلاثة يشنؤهم الله، منهم البخيل المنّان» وقد يقع المنّان على الّذي لا يعطي شيئا إلّا منّه، واعتدّ به على من أعطاه، وهو مذموم. والمنون من النّساء الّتي تزوّج لمالها فهي أبدا تمنّ على زوجها، والمنّانة كالمنون. وقال بعض العرب: لا تتزوّجنّ حنّانة ولا منّانة «5» » .
وقال أبو حيّان في قوله تعالى: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (البقرة/ 262) ، أصل المنّ القطع، لأنّ
__________
(1) المقاييس (5/ 267) . بتصرف.
(2) المفردات (494) .
(3) الصحاح (6/ 2206) .
(4) المصباح المنير (581) .
(5) اللسان (6/ 4279) .(11/5563)
المنعم يقطع قطعة من ماله لمن ينعم عليه، والمنّ (أيضا) النّقص من الحقّ والبخس له، ومنه المنّ المذموم، وهو ذكر المنّة للمنعم عليه على سبيل الفخر عليه بذلك والاعتداد عليه بإحسانه» .
وقال- رحمه الله تعالى- قيل نزلت (هذه الآية) في عثمان، وقيل: في عليّ، وقيل: في عبد الرّحمن بن عوف- رضي الله عنهم أجمعين- وقد بيّن سبحانه أنّ هذا الجزاء إنّما هو لمن لا يتبع إنفاقه منّا ولا أذى- لأنّهما مبطلان للصّدقة- ولكن يراعي جهة الاستحقاق لا جزاء من المنفق عليه، ولا شكرا له منه، ويكون قصده خالصا لوجه الله تعالى، فإذا التمس بإنفاقه الشّكر والثّناء كان صاحب سمعة ورياء، وإن التمس الجزاء كان تاجرا لا يستحقّ حمدا ولا شكرا، والمنّ من الكبائر لما ثبت في صحيح مسلم وغيره أنّ المانّ أحد الثّلاثة الّذين لا ينظر الله إليهم ولا يزكّيهم ولهم عذاب أليم «2» .
وظاهر الآية يدلّ على أنّ المنّ والأذى يكونان من المنفق على المنفق عليه، سواء أكان الإنفاق في الجهاد على سبيل التّجهيز أو الإعانة فيه، أم كان في غير الجهاد، والأذى يشمل المنّ وغيره، ونصّ على المنّ وقدّمه لكثرة وقوعه من المتصدّق، ومنه (مثلا) أن يقول: قد أحسنت إليك، أو يتحدّث بما أعطى فيبلغ ذلك المعطى فيؤذيه، ومن الأذى أن يسبّ المعطى أو يشتكي منه، أو ما أشبه ذلك «3» .
وقال القرطبيّ في تفسير الآية: المنّ: ذكر النّعمة على معنى التّعديد لها والتّقريع بها، مثل أن يقول: قد أحسنت إليك ونعشتك وشبهه. وقال بعضهم: المنّ: التّحدّث بما أعطى حتّى يبلغ ذلك المعطى فيؤذيه. والمنّ من الكبائر «4» .
منّ عليه يمنّ منّا، أحسن وأنعم، والاسم المنّة ومنّ عليه وامتنّ وتمنّن: قرّعه بمنّة، أنشد ثعلب:
أعطاك يا زيد الّذي يعطي النّعم ... من غير ما تمنّن ولا عدم
وقال أبو بكر في قوله تعالى: مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا (القصص/ 82) يحتمل المنّ تأويلين: أحدهما إحسان المحسن غير معتدّ بالإحسان، يقال: لحقت فلانا من فلان منّة، إذا لحقته نعمة باستنقاذ من قتل أو ما أشبهه.
والثّاني: منّ فلان إذا عظّم الإحسان وفخر به وأبدأ فيه وأعاد حتّى يفسده، ويبغّضه. فالأوّل حسن، والثّاني قبيح، وهو المقصود هنا «5» .
قال القرطبيّ: المنّ غالبا يقع من البخيل والمعجب، فالبخيل تعظم في نفسه العطيّة وإن كانت حقيرة في نفسها، والمعجب يحمله العجب على النّظر لنفسه بعين العظمة وأنّه منعم بماله على المعطى، وإن كان أفضل منه في نفس الأمر، وموجب ذلك كلّه
__________
(1) تفسير البحر المحيط 2/ 313.
(2) انظر هذا الحديث الذي رواه أبو حيان بالمعنى في قسم الأحاديث ص 5568 (الحديث رقم 2 وأيضا الحديث رقم 3) .
(3) تفسير البحر المحيط 2/ 318- 319.
(4) القرطبي (3/ 308) .
(5) لسان العرب (13/ 417، 418) .(11/5564)
الجهل، ونسيان نعمة الله فيما أنعم به عليه، ولو نظر مصيره لعلم أنّ المنّة للآخذ لما يترتّب له من الفوائد «1» .
المن اصطلاحا:
للمنّ اصطلاحا ثلاثة معان:
الأوّل: المنّ في الحرب وقد عرّفه الجرجانيّ فقال: المنّ: هو أن يترك الأمير الأسير الكافر من غير أن يأخذ منه شيئا «2» . أي إطلاقه بلا عوض كما يقول الرّاغب «3» .
وقال المناويّ: المنّ: أن يترك الأسير الكافر ولا يؤخذ منه شيء «4» .
الثّاني: المنّ الفعليّ وهو أن يثقل الإنسان بالنّعمة، وذلك على الحقيقة لا يكون إلّا لله تعالى، ومن ذلك قوله تعالى لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (آل عمران/ 164) وقوله سبحانه: كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ (النساء/ 94) .
الثّالث: أن يكون ذلك بالقول؛ بأن يذكر الإنسان ما يظنّ أنّه أنعم به على أخيه، وذلك مستقبح فيما بين النّاس، إلّا عند كفران النّعمة، ولقبح ذلك قيل: المنّة تهدم الصّنيعة، ولحسن ذكرها عند الكفران قيل: إذا كفرت النّعمة حسنت المنّة «5» .
أحكام المن:
المنّ إذا كان من النّوعين الأوّلين، كان محمودا، أمّا الثّالث فقد يكون محمودا أيضا عند كفران النّعمة، ولكنّه مذموم فيما عدا ذلك.
[للاستزادة: انظر صفات: الأذى- الإساءة- التنفير- الكبر والعجب- اتباع الهوى- النفاق.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: الشهامة- الكلم الطيب- المروءة- النبل- تفريج الكربات- السماحة- الإحسان] .
__________
(1) فتح الباري (3/ 299) والمن هنا يراد به النوع الثالث من أنواع المن، انظر التعريف الاصطلاحي.
(2) التعريفات (254) .
(3) المفردات (474) .
(4) التوقيف (317) .
(5) انظر المفردات للراغب (474) بتصرف وإضافة.(11/5565)
الآيات الواردة في (المن)
منّ مذموم:
1- الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (262) * قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (264) «1»
2- وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ (22) «2»
3- يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (17) «3»
4- وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) «4»
منّ الله على عباده:
5- لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (164) «5»
6- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (94) «6»
7- وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52)
وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (53) «7»
8- فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (88) قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ (89) قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ
__________
(1) البقرة: 262- 264 مدنية
(2) الشعراء: 22 مكية
(3) الحجرات: 17 مدنية
(4) المدثر: 6 مكية
(5) آل عمران: 164 مدنية
(6) النساء: 94 مدنية
(7) الأنعام: 52- 53 مكية(11/5566)
وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90) قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ (91) قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92) «1»
9- قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11)
وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12) «2»
10- قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى (36) وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى (37) إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى (38) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي (39) «3»
11- وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (5) «4»
12- فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ (81) وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ (82) «5»
13- وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلى مُوسى وَهارُونَ (114) وَنَجَّيْناهُما وَقَوْمَهُما مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (115) وَنَصَرْناهُمْ فَكانُوا هُمُ الْغالِبِينَ (116) وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ (117) وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (118) وَتَرَكْنا عَلَيْهِما فِي الْآخِرِينَ (119) سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ (120) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (121) إِنَّهُما مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (122) «6»
14- وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ (34) قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (35) فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ (36) وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ (38) هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ (39) وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ (40) «7»
__________
(1) يوسف: 88- 92 مكية
(2) إبراهيم: 11- 12 مكية
(3) طه: 36- 39 مكية
(4) القصص: 5 مكية
(5) القصص: 81- 82 مكية
(6) الصافات: 114- 122 مكية
(7) ص: 34- 40 مكية(11/5567)
الأحاديث الواردة في ذمّ (المنّ)
1-* (عن عبد الله بن أبي أوفى؛ أنّ أناسا من العرب قالوا: يا رسول الله: أسلمنا ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان، فأنزل الله: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا.. (الحجرات/ 17) الآية) * «1» .
2-* (عن أبي ذرّ- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «ثلاثة لا يكلّمهم الله يوم القيامة:
المنّان الّذي لا يعطي شيئا إلّا منّه، والمنفق سلعته بالحلف الفاجر، والمسبل إزاره» ) * «2» .
3-* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ثلاثة لا ينظر الله- عزّ وجلّ- إليهم يوم القيامة، العاقّ لوالديه، والمرأة المترجّلة، والدّيّوث. وثلاثة لا يدخلون الجنّة، العاقّ لوالديه، والمدمن على الخمر، والمنّان بما أعطى» ) * «3» .
4-* (عن أبي بكر الصّدّيق- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يدخل الجنّة خبّ «4» ، ولا منّان، ولا بخيل» ) * «5» .
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذمّ (المنّ)
1-* (أخرج ابن أبي حاتم: عن ابن عبّاس رضي الله عنهما- قال: لا يدخل الجنّة منّان، فشقّ ذلك عليّ حتّى وجدت في كتاب الله في المنّان: لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى (البقرة/ 264)) * «6» .
2-* (عن أبي مليكة الذّماريّ أنّه كان يقول في هذه الآية: إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (المطففين/ 15) ، قال: المنّان والمختال، والّذي يقطع بيمينه أموال النّاس) * «7» .
3-* (عن الضّحّاك في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى ...
(البقرة/ 264) الآية. قال: من أنفق نفقة ثمّ منّ بها أو آذى الّذي أعطاه النّفقة، حبط عليه أجره، فضرب الله مثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل، فلم يدع من التّراب شيئا، فكذلك يمحق الله أجر الّذي يعطي
__________
(1) أخرجه ابن المنذر والطبراني، وابن مردويه بسند حسن. انظر الدر المنثور (7/ 585) .
(2) مسلم (106) .
(3) النسائي (5/ 80) واللفظ له، وقال الألباني: حديث حسن صحيح- صحيح سنن النسائي (2402) ، والهيثمي في المجمع (8/ 148) ، وقال: رواه البزار بإسنادين ورجالهما ثقات.
(4) الخب: الخادع الغاش.
(5) الترمذي 4 (1963) واللفظ له، وقال: هذا حديث حسن غريب والمنذري في الترغيب والترهيب (3/ 380) ، وقال: رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.
(6) الدر المنثور (2/ 44) .
(7) جامع البيان للطبري (10/ 492) ، ومساوىء الأخلاق للخرائطي (320) .(11/5568)
صدقة ثمّ يمنّ بها كما يمحق المطر ذلك التّراب) * «1» .
4-* (عن السّدّيّ في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ ... (البقرة/ 264) الآية. قال: قال الله تعالى للمؤمنين: لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى (البقرة/ 264) فتبطل كما بطلت صدقة الرّياء، وكذلك هذا الّذي ينفق ماله رئاء النّاس ذهب الرّياء بنفقته، كما ذهب هذا المطر بتراب هذا الصّفا) *» .
5-* (قال ابن كثير- رحمه الله- في قوله تعالى: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً ... (البقرة/ 262) الآية. قال: يمدح الله تبارك وتعالى الّذين ينفقون في سبيله ثمّ لا يتبعون ما أنفقوا من الخيرات، والصّدقات منّا على من أعطوه، فلا يمنّون به على أحد، ولا يمنّون به لا بقول ولا بفعل، وقوله: وَلا أَذىً، أي لا يفعلون مع من أحسنوا إليه مكروها، يحبطون به ما سلف من الإحسان، ثمّ وعدهم الله تعالى الجزاء الجزيل على ذلك، فقال: لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ، أي ثوابهم على الله، لا على أحد سواه وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ، أي فيما يستقبلونه من أهوال يوم القيامة، وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ، أي على ما خلّفوه من الأولاد، ولا ما فاتهم من الحياة الدّنيا وزهرتها، لا يأسفون عليها؛ لأنّهم قد صاروا إلى ما هو خير لهم من ذلك) * «3» .
من مضار (المنّ)
(1) ينقص الأجر وقد يذهب به بالكلّيّة.
(2) آفة من آفات النّفس، ومظهر من مظاهر سوء الخلق.
(3) شدّة الوعيد لمن حصل منه ذلك.
(4) يوغر الصّدور، ويحبط الأعمال.
(5) يستجلب غضب الله سبحانه، ويستحقّ صاحبها الطّرد من رحمته.
(6) إنّها صفة يتشبّه صاحبها بالمنافقين.
(7) يحرم صاحبها من نعمة نظر الله إليه وكلامه معه يوم القيامة.
__________
(1) الدر المنثور (2/ 44) .
(2) المرجع السابق (2/ 44) .
(3) تفسير ابن كثير (1/ 317- 318) .(11/5569)
موالاة الكفار
الموالاة لغة:
ضدّ المعاداة، يقال: ولي الشّيء وولي عليه ولاية بالكسر- وولاية- بالفتح. فبالكسر السّلطان وهو الاسم، وبالفتح النّصرة وهي المصدر. وزعم الفرّاء أنّ الكسر والفتح يطلق على المعنيين جميعا، فكلّ من ولي أمرك فهو وليّ.
ويقال: هو وليّ بيّن الولاية ووال بيّن الولاية، قال ابن الأعرابيّ: المعنى الّذي يوضّحه: أن يتشاجر اثنان فيدخل ثالث بينهما للصّلح، ويكون له في أحدهما هوى فيواليه أو يحابيه. والموالاة ضدّ المعاداة.
وتقول: والى فلان فلانا: إذا أحبّه وناصره.
وروى ابن سلّام عن يونس أنّ المولى له مواضع في كلام العرب، فيطلق على المولى في الدّين، والمولى في العصبة، وعلى الحليف الّذي انضمّ إليك فعزّ بعزّك وامتنع بمنعتك، ويطلق على المعتق الّذي ينتسب بنسبك، وكذا العتيق، وعلى ابن العمّ، والعمّ، والأخ، والابن، ويطلق على النّاصر، وعلى المحبّ، وعلى التّابع والملازم «1» .
الكفار:
الكفّار: جمع كافر، وهو في الأصل اسم فاعل من قولهم كفر بالله يكفر إذا لم يكن به مؤمنا، يقول ابن قتيبة: الكفر في اللّغة من قولك: كفرت الشّيء إذا غطّيته، يقال: اللّيل كافر لأنّه يستر بظلمته كلّ شىء، ومن هذا المعنى أيضا قوله تعالى: كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ (الحديد/ 20) يريد بالكفّار الزّرّاع، سمّاهم كفّارا لأنّهم إذا ألقوا البذر في الأرض كفروه أى: غطّوه وستروه. فكأنّ الكافر بالله ساتر للحقّ ولنعم الله عزّ وجلّ «2» .
الكافر اصطلاحا:
اسم لمن لا إيمان له، فإن أظهر الإيمان فهو منافق، وإن طرأ كفره بعد الإيمان فهو المرتدّ، وإن قال بإلهين أو أكثر فهو المشرك، وإن كان متديّنا ببعض الأديان والكتب المنسوخة فهو الكتابيّ، وإن قال بقدم الدّهر، وإسناد الحوادث إليه فهو الدّهريّ، وإن كان لا يثبت صفات الباري فهو المعطّل، وإن كان مع اعترافه بالنّبوّة يبطن عقائد هي كفر
__________
(1) لسان العرب (8/ 4920- 4926) ، الصحاح (6/ 2528- 2530) ، المصباح المنير (2/ 672- 673) ، بصائر ذوي التمييز (5/ 280- 284) ، نزهة الأعين النواظر (613) .
(2) تفسير غريب القرآن (28) ، وانظر تفصيلا أكثر عن المعنى اللغوي للمادة في صفة الكفر.(11/5570)
بالاتّفاق فهو زنديق «1» .
موالاة الكفار اصطلاحا:
هي التّقرّب إلى أيّ نوع منهم أو جميعهم بإظهار المودّة لهم أو الثّقة فيهم أو التّصادق معهم أو الوقوف في صفّهم على أيّ نحو كان.
وقال بعض المحدثين: موالاة الكفّار: هي التّقرّب إليهم وإظهار الودّ لهم بالأقوال والأفعال والنّوايا «2» .
معنى الولي في القرآن الكريم:
ورد لفظ الوليّ في القرآن على أوجه عديدة منها:
أحدها: الرّبّ، ومنه قوله تعالى: قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا (الأنعام/ 14) ، وفي «الأعراف» : وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ، وفي «حم عسق» : أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ.
والثّاني: النّاصر. ومنه قوله تعالى في «بني إسرائيل» : وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ.
والثّالث: الولد. ومنه قوله تعالى في «مريم» :
فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا.
والرّابع: الوثن. ومنه قوله تعالى في «العنكبوت» : مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ.
والخامس: المانع. ومنه قوله تعالى في «البقرة» :
اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا، وفي «المائدة» إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ «3» .
قال الفيروزابادي- رحمه الله تعالى-: نفى الله الولاية بين المؤمنين والكافرين في غير آية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ (المائدة/ 51) . وجعل بين الكافرين والشّياطين موالاة في الدّنيا ونفى عنهم الموالاة في الآخرة، قال تعالى في الموالاة بينهم في الدّنيا إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (الأعراف/ 27) ، وكما جعل بينهم وبين الشّيطان موالاة جعل للشّيطان في الدّنيا سلطانا فقال: إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ (النحل/ 100) «4» .
معنى الولي في أسماء الله- عز وجل-:
الوليّ: هو النّاصر المحبّ، وقيل: المتولّي لأمور العالم والخلائق القائم بها وهو النّاصر الّذي يقمع أعداء الدّين وينصر أولياءه.
وأمّا اسم الوالي: فهو مالك الأشياء جميعها المتصرّف فيها. قال ابن الأثير: فكأنّ الولاية تشعر بالتّدبير والقدرة والفعل، وما لم يجتمع ذلك فيها لا يطلق عليه اسم الوليّ «5» .
[للاستزادة: انظر صفات: الفتنة- النفاق- الحكم بغير ما أنزل الله- اتباع الهوى- النجاسة.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: الاتباع- الهجرة الولاء والبراء- الفرار إلى الله- الحكم بما أنزل الله] .
__________
(1) الكليات للكفوي (764) ، وانظر صفة الكفر.
(2) الإيمان لنعيم يس.
(3) نزهة الأعين النواظر (613، 614) .
(4) بصائر ذوي التمييز (5/ 281- 282) .
(5) المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى (129، 130) ، لسان العرب (8/ 4920) .(11/5571)
الآيات الواردة في «موالاة الكفار»
الحث على ولاية الله:
1- اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (257) «1»
2- وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121) أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (122) وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها وَما يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَما يَشْعُرُونَ (123) وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ (124) فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (125) وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (126) * لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (127) وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (128) «2»
النهي عن اتخاذ الكفار أولياء:
3- لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28) «3»
4-* فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (88)
__________
(1) البقرة: 257 مدنية
(2) الأنعام: 121- 128 مدنية
(3) آل عمران: 28 مدنية(11/5572)
وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (89) إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا (90) «1»
5- بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً (139) «2»
6- إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (143) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً (144) إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (145) إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً
(146) «3»
7- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57) وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ (58) «4»
8- لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ (78) كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ (79) تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ (80) وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ (81) «5»
__________
(1) النساء: 88- 90 مدنية
(2) النساء: 138- 139 مدنية
(3) النساء: 142- 146 مدنية
(4) المائدة: 57- 58 مدنية
(5) المائدة: 78- 81 مدنية(11/5573)
9- إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ (73) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75) «1»
10- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (23) قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (24) «2»
11- أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلًا (102) «3»
12- لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9) «4»
النهي عن ولاية الشيطان:
13- وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)
فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (170)
* يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)
__________
(1) الأنفال: 72- 75 مدنية
(2) التوبة: 23- 24 مدنية
(3) الكهف: 102 مكية
(4) الممتحنة: 8- 9 مدنية(11/5574)
الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172)
الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)
فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)
إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175) «1»
14- الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً (76) «2»
15- يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)
يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (27)
وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللَّهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (28)
قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29)
فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (30) «3»
16- وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (61) وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ (62) تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (63) «4»
17- فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ (98) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ
__________
(1) آل عمران: 169- 175 مدنية
(2) النساء: 76 مدنية
(3) الأعراف: 26- 30 مكية
(4) النحل: 61- 63 مكية(11/5575)
يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (100) «1»
18- وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50) * ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً (51) «2»
19- وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا (41) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً (42) يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا (43) يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا (44) يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا (45) «3»
النهي عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء:
20-* يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) «4»
21- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ (13) «5»
النهي عن اتخاذ أولياء من دون الله:
22- اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ (3) «6»
23- مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (41) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (42) «7»
24- تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1)
إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (2)
أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ (3)
__________
(1) النحل: 98- 100 مكية
(2) الكهف: 50- 51 مكية
(3) مريم: 41- 45 مكية
(4) المائدة: 51 مدنية
(5) الممتحنة: 13 مدنية
(6) الأعراف: 3 مكية
(7) العنكبوت: 41- 42 مكية(11/5576)
لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ سُبْحانَهُ هُوَ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (4) »
25- حم (1) عسق (2) كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (4) تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (5) وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (6) وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7) وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (8) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (9) «2»
26- وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ (44) وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ (45) وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ (46) «3»
27- وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (8) وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (9) مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ ما كَسَبُوا شَيْئاً وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (10) «4»
28- وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى وَصَرَّفْنَا الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (27) فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْباناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذلِكَ إِفْكُهُمْ وَما كانُوا يَفْتَرُونَ (28) وَإِذْ صَرَفْنا
__________
(1) الزمر: 1- 4 مكية
(2) الشورى: 1- 9 مكية
(3) الشورى: 44- 46 مكية
(4) الجاثية: 7- 10 مكية(11/5577)
إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (31) وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (32) «1»
إتخاذ الظالمين بعضهم أولياء بعض:
29- إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (19) «2»
__________
(1) الأحقاف: 27- 32 مكية
(2) الجاثية: 19 مكية(11/5578)
الأحاديث الواردة في ذمّ (موالاة الكفار)
1-* (عن عليّ- رضي الله عنه- قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنا والزّبير والمقداد، فقال: «ائتوا روضة خاخ «1» فإنّ بها ظعينة «2» معها كتاب. فخذوه منها» فانطلقنا تعادى «3» بنا خيلنا، فإذا نحن بالمرأة، فقلنا: أخرجي الكتاب، فقالت: ما معي كتاب، فقلنا: لتخرجنّ الكتاب أو لتلقينّ الثّياب، فأخرجته من عقاصها «4» . فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فإذا فيه:
من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين، من أهل مكّة، يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «يا حاطب، ما هذا؟» قال: لا تعجل عليّ يا رسول الله، إنّي كنت امرأ ملصقا في قريش (قال سفيان: كان حليفا لهم. ولم يكن من أنفسها) وكان ممّن كان معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم. فأحببت إذ فاتني ذلك من النّسب فيهم، أن أتّخذ فيهم يدا يحمون بها قرابتي، ولم أفعله كفرا ولا ارتدادا عن ديني. ولا رضا بالكفر بعد الإسلام. فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلّم: «صدق» ، فقال عمر: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق، فقال: «إنّه قد شهد بدرا، وما يدريك لعلّ الله اطّلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم» فأنزل الله عزّ وجلّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ (60/ الممتحنة/ 1) * «5» .
2-* (عن جرير بن عبد الله البجليّ- رضي الله عنه- أنّه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلّم سريّة إلى خثعم فاعتصم ناس منهم بالسّجود، فأسرع فيهم القتل فبلغ ذلك النّبيّ صلى الله عليه وسلّم فأمرهم بنصف العقل، وقال: أنا بريء من كلّ مسلم يقيم بين أظهر المشركين» قالوا: يا رسول الله، لم؟ قال: «لا تراءى ناراهما» ) * «6» .
3-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم لأبي ذرّ: «أيّ عرى الإيمان أوثق؟» قال: الله ورسوله أعلم، قال: «الموالاة في الله، والمعاداة في الله، والحبّ في الله، والبغض في الله» ) * «7» .
4-* (عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جدّه رضي الله عنه- أنّه قال: قلت: يا نبيّ الله ما أتيتك حتّى حلفت أكثر من عددهنّ- لأصابع يديه- ألّا
__________
(1) روضة خاخ: هي بخاءين معجمتين، هذا هو الصواب الذي قاله العلماء كافة من جميع الطوائف وفي جميع الروايات والكتب، وهي بين مكة والمدينة، بقرب المدينة.
(2) فإن بها ظعينة: الظعينة: الجارية، وأصلها الهودج، وسميت بها الجارية لأنها تكون فيه.
(3) تعادى: أي تجري.
(4) عقاصها: أي شعرها المضفور. جمع عقيصة.
(5) البخاري. الفتح 8 (4890) ، مسلم (2494) واللفظ له.
(6) أبو داود (2645) واللفظ له، الترمذي (1604) ، وذكره الألباني في الأرواء (5/ 29- 30) وقال: صحيح وعزاه إلى الطبراني وغيره.
(7) الطبراني في الكبير (11/ 215) برقم (11537) ، وقال الشيخ الألباني: حسن صحيح الجامع (1/ 313) رقم (2536) ، والسلسلة الصحيحة (4/ 306- 307) رقم (1728) .(11/5579)
آتيك ولا آتي دينك، وإنّي كنت امرأ لا أعقل شيئا إلّا ما علّمني الله ورسوله وإنّي أسألك بوجه الله- عزّ وجلّ- بما بعثك «1» ربّك إلينا؟ قال: «بالإسلام» قال: قلت: وما آيات الإسلام، قال: «أن تقول أسلمت وجهي إلى الله- عزّ وجلّ- وتخلّيت، وتقيم الصّلاة، وتؤتي الزّكاة، كلّ مسلم على مسلم محرّم، أخوان نصيران لا يقبل الله- عزّ وجلّ- من مشرك بعد ما أسلم عملا، أو يفارق «2» المشركين إلى المسلمين» ) * «3» .
5-* (عن يزيد بن عبد الله بن الشّخّير- رحمه الله تعالى- قال: كنّا بالمربد جلوسا، فأتى علينا رجل من أهل البادية فلمّا رأيناه قلنا: كأنّ هذا رجل ليس من أهل البلد، قال: أجل، فإذا معه كتاب في قطعة أديم، وربّما قال: في قطعة جراب، فقال: هذا كتاب كتبه لى رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فإذا فيه: «بسم الله الرّحمن الرّحيم، هذا كتاب من محمّد النّبيّ صلى الله عليه وسلّم لبني زهير بن أقيش- وهم حيّ من عكل- إنّكم إن أقمتم الصّلاة وآتيتم الزّكاة، وفارقتم المشركين، وأعطيتم الخمس من المغنم، ثمّ سهم النّبيّ والصّفيّ» ، وربّما قال: «وصفيّه، فأنتم آمنون بأمان الله تبارك وتعالى وأمان رسوله) * «4» .
6-* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «بعثت بالسّيف حتّى يعبد الله لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظلّ رمحي، وجعل الذّلّة والصّغار على من خالف أمرى، ومن تشبّه بقوم فهو منهم» ) * «5» .
7-* (عن جرير بن عبد الله البجليّ- رضي الله عنه أنّه قال: قلت: يا رسول الله اشترط عليّ فقال:
«تعبد الله لا تشرك به شيئا، وتصلّي المكتوبة، وتؤدّي الزّكاة المفروضة، وتنصح للمسلم، وتبرأ من الكافر» ) * «6» .
__________
(1) بما بعثك ربك: هكذا هي موجودة في الأصل «بما» بإثبات الألف، والقاعدة تقضي بحذف الألف إذا اقترنت «ما» الاستفهامية بحرف الجر.
(2) أو يفارق: أي إلى أن يفارق. والفعل المضارع منصوب بعد أو.
(3) النسائي (5/ 82- 83) ، وابن ماجه بعضه (2536) وذكره الألباني في الأرواء (5/ 32) ، وقال: صحيح وكذا محقق جامع الأصول وقال: حسن (1/ 234) .
(4) أحمد (5/ 78) واللفظ له، سنن البيهقي (6/ 303) ، وذكره الألباني في الإرواء (5/ 32) وقال: صحيح.
(5) أبو داود (4031) مختصر على الأخير، أحمد (2/ 50) واللفظ له وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح (7/ 121) رقم (5114) ، وذكره ابن تيمية في الاقتضاء وقال: إسناده جيد 1/ 236) ، وعزاه كذلك لأبي يعلى كما في (ص 239) ، وقال الحافظ في الفتح: له شاهد مرسل حسن عند ابن أبي شيبة (6/ 98) ، وقال الهيثمي في المجمع: رواه أحمد وفيه عبد الرحمن بن ثابت وثقه ابن المديني وغيره، وضعفه أحمد وغيره وبقية رجاله ثقات (6/ 49) .
(6) النسائي (7/ 148) ، أحمد (4/ 357) واللفظ له، سنن البيهقي (9/ 13) وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (2/ 230) رقم (636) : إسناده صحيح.(11/5580)
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذمّ (موالاة الكفار)
1-* (قال عمر- رضي الله عنه- لأبي موسى وأمره أن يرفع إليه ما أخذ وما أعطى في أديم واحد وكان له كاتب نصرانيّ- فرفع إليه ذلك فعجب عمر وقال: إنّ هذا لحفيظ، هل أنت قارئ لنا كتابا في المسجد جاء من الشّام؟ فقال: إنّه لا يستطيع، فقال عمر: أجنب هو؟
قال: لا، بل نصرانيّ، قال: فانتهرني وضرب فخذي ثمّ قال: أخرجوه، ثمّ قرأ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ) * «1» .
2-* (قال عبد الله بن عتبة- رضي الله عنه:
ليتّق أحدكم أن يكون يهوديّا أو نصرانيّا، وهو لا يشعر قال ابن سيرين: فظننّاه يريد هذه الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ) * «2» .
3-* (قال ابن جرير- رحمه الله تعالى- عند قوله تعالى: لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ..: هذا نهي من الله- عزّ وجلّ- إلى المؤمنين أن يتّخذوا الكفّار أعوانا وأنصارا وظهورا توالونهم على دينهم وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين وتدلّونهم على عوراتهم؛ فإنّه من يفعل ذلك فليس من الله في شيء، يعني بذلك، فقد برىء من الله تعالى وبرأ الله منه بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر: إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) يعني إلّا أن تكونوا في سلطانهم فتخافوهم على أنفسكم فتظهروا لهم الولاية بألسنتكم وتضمروا لهم العداوة، ولا تشايعوهم على ما هم عليه من الكفر، ولا تعينوهم على مسلم بفعل) * «3» .
4-* (قال القاضي ابن عطيّة- رحمه الله تعالى في معنى قوله تعالى- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ ... (المائدة/ 51) الآية: نهى الله تعالى المؤمنين بهذه الآية عن اتّخاذ اليهود والنّصارى أولياء في النّصرة والخلطة المؤدّية إلى الامتزاج والمعاضدة، وكلّ من هذين الصّنفين له حظّه من هذا المقت الّذي تضمّنه قوله تعالى فَإِنَّهُ مِنْهُمْ وأمّا معاملة اليهود والنّصارى في غير مخالطة ولا ملابسة فلا تدخل في النّهي) * «4» .
5-* (قال القرطبيّ- رحمه الله عند قوله تعالى:
بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً* الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ ... (النساء/ 138- 139) : يقول الله تعالى لنبيّه محمّد صلى الله عليه وسلّم يا محمّد، بشّر المنافقين الّذين يتّخذون أهل الكفر بي والإلحاد في ديني أولياء، يعنى أنصارا وأخلّاء من دون المؤمنين تاركين موالاة المؤمنين معرضين عنها، يطلبون عند هؤلاء الكفّار المنعة والقوّة والنّفوذ، وما علم أولئك السّفهاء البلهاء أنّ العزّة لله جميعا) * «5» .
__________
(1) تفسير ابن كثير (2/ 68) .
(2) المرجع السابق (2/ 68) .
(3) المرجع السابق (3/ 152) .
(4) المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (5/ 126) .
(5) جامع البيان للطبرى (4/ 327) (بتصرف) .(11/5581)
6-* (قال ابن قدامة المقدسيّ- رحمه الله تعالى-: الأفضل لمن أكره على كلمة الكفر أو على موالاة الكفّار والموافقة على دينهم أن يصبر ولا يمتثل حتّى ولو أتى على نفسه) * «1» .
7-* (قال ابن تيميّة- رحمه الله تعالى-: إنّ تحقيق شهادة أن لا إله إلّا الله يقتضي أن لا يحبّ إلّا لله، ولا يبغض إلّا لله ولا يوالي إلّا لله، ولا يعادي إلّا لله، وأن يحبّ ما أحبّه الله، ويبغض ما أبغضه الله) * «2» .
8-* (قال ابن كثير- رحمه الله تعالى- في معنى قوله تعالى: لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ ... (آل عمران/ 28) : نهى الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين أن يوالوا الكافرين وأن يتّخذوهم أولياء يسرّون إليهم بالمودّة من دون المؤمنين ثمّ توعّد على ذلك فقال: وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ أي ومن يرتكب نهي الله في هذا فقد برىء من الله) * «3» .
9-* (وقال أيضا عند قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ ...
(المائدة/ 57) : هذا تنفير من موالاة أعداء الإسلام وأهله من الكتابيّين والمشركين الّذين يتّخذون أفضل ما يعمله العاملون- وهي شرائع الإسلام المطهّرة المشتملة على كلّ خير دنيويّ وأخرويّ- يتّخذونها هزوا يستهزئون بها ولعبا يعتقدون أنّها نوع من اللّعب في نظرهم الفاسد) * «4» .
10-* (قال الشّيخ عبد اللّطيف بن عبد الرّحمن بن حسن- رحمه الله- إنّ الموالاة تنقسم إلى قسمين: موالاة مطلقة عامّة وهذه كفر صريح، وهي بهذه الصّفة مرادفة لمعنى التّولّي، وعلى ذلك تحمل الأدلّة في النّهي الشّديد عن موالاة الكفّار، وأنّ من والاهم فقد كفر. موالاة خاصّة وهي موالاة الكفّار لغرض دنيويّ مع سلامة الاعتقاد وعدم إضمار نيّة الكفر والرّدّة كما حصل من حاطب بن أبي بلتعة في إفشاء سرّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم في غزو مكّة كما هو مذكور في سبب نزول سورة الممتحنة) * «5» .
من مضار (موالاة الكفار)
(1) تخرج المرء من الإسلام، وتلحقه بدين من والاه.
(2) دليل على بغض الله ورسوله ودين الإسلام.
(3) تحرم صاحبها من الجنان، وتورده النّيران مخلّدا فيها.
(4) تعين على هدم الإسلام وتقويض أركانه.
(5) تقوّي الكفر والباطل.
(6) توقع أعلى الأذيّة على المسلمين وعباد الله المؤمنين.
__________
(1) المغني (9/ 24) بواسطة الإيمان لنعيم ياسين (196، 197) كتاب الإيمان أركانه، حقيقته ونواقضه لمحمد نعيم ياسين، مكتبة التراث الإسلامي، القاهرة.
(2) الاحتجاج بالقدر (62) بواسطة الولاء والبراء لمحمد سعيد القحطاني، ط 3، 1409 هـ.
(3) تفسير ابن كثير (1/ 357) .
(4) المرجع السابق (2/ 72) .
(5) الدرر السنية (1/ 235- 236) .(11/5582)
الميسر*
الميسر لغة:
اسم لنوع من لعب الكفّار في الجاهليّة ماخوذ من مادّة (ي س ر) الّتي تدلّ على انفتاح شيء وخفّته «1» . ومن ذلك المعنى أخذ اليسر نقيض العسر، واليسار في معنى الغنى، يقول ابن فارس: ومن الباب الأيسار، أي القوم يجتمعون على الميسر، واحدهم يسر، والميسر: القمار «2» . وهو وجوب الشّيء لصاحبه، يقال:
يسر لي كذا إذا وجب»
. وهو مأخوذ من اليسر «4» وقيل: الميسر قمار العرب بالأزلام، والياسر اللّاعب بالقداح، يقال: يسر الرّجل ييسر.
قال الجوهريّ: ولم تحذف الياء فيه ولا في يينع كما حذفت في يعد وما أشبهها لتقوى إحدى اليائين بالأخرى، واليسر والياسر بمعنى، قال أبو ذؤيب:
وكأنّهنّ ربابة وكأنّه ... يسر يفيض على القداح ويصدع «5» .
ويسر القوم الجزور: اجتزروها واقتسموا أعضاءها.
وقال ابن منظور: يقال يسر الرّجل يسر من باب وعد فهو ياسر وبه سمّي- الميسر على وزن مسجد، واليسر: هم الّذين يتقامرون أو يلون قسمة الجزور المقامر عليها، وقد يقال: يسر ييسر (بإبقاء فاء الفعل) إذا جاء بقدحه للقمار.
والميسر: الجزور نفسه لأنّه يجزّأ أجزاء والياسر الجازر، ثمّ يقال للضّاربين بالقداح والمتقامرين على الجزور: ياسرون، ثمّ أطلق على اللّاعب بالقداح.
وكان العرب إذا أرادوا أن ييسروا اشتروا جزورا نسيئة ونحروه قبل أن ييسرو، وقسّموه ثمانية وعشرين قسما أو عشرة أقسام، فإذا خرج واحد واحد باسم رجل رجل ظهر فوز من خرج لهم ذوات الأنصباء، وغرم من خرج له الغفل «6» .
الميسر اصطلاحا:
إذا كان الميسر هو القمار فإنّه يعرّف بما يعرّف به ومن ثمّ يكون الميسر: هو أن يأخذ المقامر من صاحبه شيئا فشيئا في اللّعب «7»
__________
* الميسر ويدخل فيه المراهنة والمقامرة واللعب بالنرد وغيره من آلات القمار المستحدثة.
(1) ولها معنى آخر هو الدلالة على عضو من الأعضاء. انظر المقاييس (6/ 155) .
(2) المرجع السابق (6/ 156) .
(3) هكذا قال الراغب. المفردات (552) .
(4) انظر تفسير القرطبي (3/ 36) .
(5) الصحاح (2/ 858) .
(6) لسان العرب (5/ 298- 299) . المصباح المنير (2/ 358) . وانظر محيط المحيط (992) .
(7) انظر: تعريف القمار فى التعريفات للجرجانى (187) .(11/5583)
قال الجرجانيّ: وهو في زماننا (أي في القرن الثّامن للهجرة حيث توفّي الجرجانيّ 740 هـ) كلّ لعب يشترط فيه الغالب من المتغالبين أخذ شيء من الملعوب معه «1» .
وذكر الكفويّ أنّ الميسر: كلّ شيء فيه خطر «2» والمعنى كلّ لعب يؤدّي إلى المخاطرة بفقد المال نتيجة لذلك اللّعب، وقد أكّد الذّهبيّ هذا المعنى عندما قال:
الميسر: هو القمار بأيّ نوع كان، مثل النّرد والشّطرنج أو الفصوص، أو الكعاب، أو البيض، أو الجوز، أو الحصى، أو ما شابه ذلك، وهو من أكل أموال النّاس بالباطل «3» .
لماذا نهى الإسلام عن الميسر؟
للقمار أضرار عديدة منها: أنّه يوقع العداوة والبغضاء بين المتقامرين، وأنّه يلهي عن ذكر الله وعن الصّلاة وسائر الأعمال المفيدة، فضلا عن أنّه عادة جاهليّة، من دعا إليها أو مارسها فكأنّه حاكى الكفّار في لعبهم، وقد جاء النّهي عن ذلك عقب النّهي عن الحلف باللّات.
وقال الطّيبيّ: الحكمة من ذكر القمار بعد الحلف باللّات في قوله صلى الله عليه وسلّم أنّ من حلف باللّات وافق الكفّار في حلفهم فأمر بالتّوحيد، ومن دعا إلى المقامرة وافقهم في لعبهم فأمر بكفّارة ذلك بالتّصديق. قال:
وفي الحديث: أنّ من دعا إلى اللّعب فكفّارته أن يتصدّق، ويتأكّد ذلك في حقّ من لعب بطريق الأولى «4» .
قال الحكيم التّرمذيّ: نهى الشّارع عن النّرد وعن اللّعب به، وعن محالفة اللّاعب بالنّرد ونهى عن القمار كلّه وعن اللّعب بالجوز للصّبيان فهذا كلّه من القمار وهو الميسر. قال القاسم بن محمّد: كلّ ما ألهى عن ذكر الله وعن الصّلاة فإنّما نهى عن ذلك كلّه لأنّه الأمر الملهي يدعو إلى القمار، فأمّا بيع الشّطرنج والنّرد فهو شيء لا ثمن له؛ لأنّه لا نفع فيه ولو كسر وأحرق لم يضمن الكاسر شيئا، وقد رخّص ابن عمر للصّبيان في اللّعب بالجوز في أيّام العيد فيما روي عنه؛ لأنّ ذلك منهم غير طلب القمار والّذي جاء من النّهي عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم تأديب لهم، واللّعب كلّه باطل، وما خلق الخلق للّعب «5» .
[للاستزادة: انظر صفات: اللهو واللعب- البغض- شرب الخمر- العصيان- الفسوق- انتهاك الحرمات- اتباع الهوى- التفريط والإفراط.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: الاستقامة- الذكر- الطاعة- العبادة- العمل- تعظيم الحرمات التقوى] .
__________
(1) بتصرف عن التعريفات (187) .
(2) الكليات (803) .
(3) الكبائر للذهبى (88) .
(4) فتح الباري (8/ 11) .
(5) المنهيات (69) .(11/5584)
الآيات الواردة في النهي عن «الميسر»
1-* يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219) «1»
2- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)
إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91) «2»
الآيات الواردة في النهي عن «الميسر» معنى
3- وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188) «3»
4- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً (29) «4»
5-* يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (21) «5»
__________
(1) البقرة: 219 مدنية
(2) المائدة: 90- 91 مدنية
(3) البقرة: 188 مدنية.
(4) النساء: 29 مدنية.
(5) النور: 21 مدنية.(11/5585)
الأحاديث الواردة في ذمّ (الميسر)
1-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- أنّ وفد عبد القيس قالوا: يا رسول الله فيم نشرب؟ قال:
«لا تشربوا في الدّبّاء، ولا في المزفّت، ولا في النّقير، وانتبذوا في الأسقية» . قالوا: يا رسول الله فإن اشتدّ في الأسقية؟ قال: «فصبّوا عليه الماء» قالوا: يا رسول الله فقال لهم في الثّالثة أو الرّابعة: «أهريقوه» ثمّ قال: «إنّ الله حرّم عليّ- أو حرّم- الخمر، والميسر والكوبة» قال: «وكلّ مسكر حرام» قال سفيان: فسألت عليّ ابن بذيمة عن الكوبة، قال: الطّبل) * «1» .
2-* (عن عبد الله يعني ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إيّاكم وهاتان الكعبتان «2» الموسومتان اللّتان تزجران زجرا؛ فإنّها ميسر العجم» ) * «3» .
الأحاديث الواردة في ذمّ (الميسر) معنى
3-* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلى الله عليه وسلّم قال: «الخيل ثلاثة: ففرس للرّحمن، وفرس للإنسان، وفرس للشّيطان، فأمّا فرس الرّحمن، فالّذي يرتبط في سبيل الله عزّ وجلّ فعلفه وبوله وروثه وذكر ما شاء الله، وأمّا فرس الشّيطان فالّذي يقامر عليه ويراهن، وأمّا فرس الإنسان فالفرس يرتبطها الإنسان يلتمس بطنها، فهي ستر من فقر» ) * «4» .
4-* (عن رجل من الأنصار عن النّبيّ صلى الله عليه وسلّم قال: «الخيل ثلاثة: فرس يرتبطه الرّجل في سبيل الله- عزّ وجلّ- قيمته أجر، وركوبه أجر، وعاريته أجر، وفرس يغالق عليه الرّجل ويراهن؛ قيمته وزر، وركوبه وزر، وعاريته وزر، وعلفه وزر، وفرس للبطنة فعسى أن تكون سدادا من الفقر إن شاء الله» ) * «5» .
5-* (عن عبد الرّحمن بن سعيد قال:
سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «مثل الّذي يلعب بالنّرد ثمّ يقوم فيصلّي مثل الّذي يتوضّأ بالقيح ودم الخنزير ثمّ يقوم فيصلّي» ) * «6» .
6-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:
__________
(1) رواه أبو داود (3696) وقال الألباني (2/ 705) : صحيح- الصحيحة (1806 و2425) .
(2) الكعبتان مثنى كعبة وهي الواحد من فصوص النرد.
(3) أحمد (1/ 446) واللفظ له، والهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 113) ، والطبراني ورجال الطبراني رجال الصحيح.
(4) أحمد (1/ 395) ورجاله ثقات، والهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 260- 261) واللفظ له.
(5) رواه أحمد (1/ 395) وقال الشيخ أحمد شاكر (5/ 284) : إسناده صحيح. والهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 260) واللفظ له وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
(6) الهيثمي في المجمع (8/ 113) وقال: رواه أحمد وأبو يعلى وزاد «لا تقبل صلاته» والطبراني وفيه موسى بن عبد الرحمن الخطمي ولم أعرفه، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح.(11/5586)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «من حلف فقال في حلفه:
واللّات والعزّى، فليقل: لا إله إلّا الله. ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك فليتصدّق» ) * «1» .
7-* (قال أبو موسى- رضي الله عنه-: من لعب بالكعاب فقد عصى الله ورسوله) * «2» .
8-* (عن بريدة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «من لعب بالنّردشير فكأنّما صبغ يده في لحم خنزير ودمه» ) * «3» .
من الآثار وأقوال العلماء الواردة في ذمّ (الميسر)
1-* (روي عن عليّ- رضي الله عنه- أنّه قال: الشّطرنج ميسر العجم) * «4» .
2-* (عن نافع أنّ ابن عمر رأى مع بعض أهله أربع عشرة فكسرها على رأسه) * «5» .
3-* (أخرج مالك في الموطّأ، أنّ سعيد بن المسيّب يقول: من ميسر أهل الجاهليّة بيع الحيوان باللّحم بالشّاة والشّاتين) * «6» .
4-* (عن إسماعيل بن أبي أويس قال: كان مالك بن أنس يكره «7» اللّعب بالنّرد والشّطرنج) * «8» .
5-* (قال مجاهد- رحمه الله-: كلّ شيء فيه قمار فهو من الميسر، حتّى لعب الصّبيان بالجوز) * «9» .
6-* (عن ابن سيرين قال: الشّرب من الميسر، والصّياح من الميسر، والرّيش من الميسر والقيام من الميسر) * قال أبو سعيد: هو أن يلاعب على شرب الماء، وغرز الرّيش في الرّأس، واللّحية، والقيام حتّى يلعب، ويصيح صياح الحمار، وصياح الدّيك وغير ذلك «10» .
7-* (قال ابن حجر- رحمه الله: القمار حرام باتّفاق، والدّعاء إلى فعله حرام) * «11» .
__________
(1) البخاري- الفتح 8 (4860) واللفظ له. ومسلم (1647) .
(2) رواه أحمد (4/ 392) والحاكم (1/ 50) واللفظ له وصححه ووافقه الذهبي والبيهقي (10/ 215) وقال محقق كتاب مساوىء الأخلاق (259) : إسناده حسن والحديث صحيح وذكره موصولا أيضا من طريق آخر عن أبي موسى قال: وتشهد له الطرق السابقة والقادمة.
(3) مسلم (2260) .
(4) لسان العرب (5/ 298) .
(5) مساوىء الأخلاق (261) .
(6) تنوير الحوالك (2/ 150) .
(7) الكراهة عند السلف تقتضي التحريم.
(8) مساوىء الأخلاق (262) . والموطأ (3/ 132) .
(9) لسان العرب (5/ 298) .
(10) مساوىء الأخلاق (261) .
(11) فتح الباري (8/ 479) .(11/5587)
من مضار (الميسر)
(1) الميسر مرض للشّيطان مسخط للرّحمن- عزّ وجلّ.-
(2) يوقع العداوة والبغضاء بين النّاس ويوسّع شقّة الخلاف.
(3) يوقد نار الأحقاد والضّغائن بين اللّاعبين به.
(4) يفكّك عرى المجتمع ويجعله مجتمعا ممزّقا لا خير فيه.
(5) يلهي المسلمين عن الصّلاة ويصدّهم عن ذكر الله.
(6) الميسر والخمر من مصائد الشّيطان الّتي يوقع الإنسان فيها بالمعاصي.
(7) المقامر يتبلّد إحساسه ولا يعبأ بما يمسّ العرض والدّين.
(8) يذهل عن نفسه وأهله.(11/5588)
[حرف النون]
النجاسة
النجاسة لغة:
النّجاسة القذارة، وهي مأخوذة من مادّة (ن ج س) الّتي تدلّ على خلاف الطّهارة، وشيء نجس ونجس: قذر، وليس ببعيد أن يكون منها النّاجس: الدّاء لا دواء له. كأنّه إذا طال بالإنسان نجسه (أو نجّسه) أي قذره أو قذّره «1» .
ويقال: نجّسه أي جعله نجسا، ونجّسه أيضا أزال نجسه «2» ، وثوب نجس- بالكسر- اسم فاعل وبالفتح وصف بالمصدر، وقوم أنجاس، وتنجّس الشّيء ونجّسته، والنّجاسة في عرف الشّرع قذر مخصوص وهو ما يمنع جنسه الصّلاة كالبول والدّم «3» .
وتنجّس: فعل فعلا يخرج به عن النّجاسة، كما قيل:
تأثّم، وتحرّج وتحنّث إذا فعل فعلا يخرج به عن الإثم والحرج والحنث. والتّنجيس: اسم شيء كانت العرب تفعله وهو تعليق شيء من القذر أو عظام الموتى، أو خرقة الحائض، كان يعلّق على من يخاف عليه من ولوع الجنّ به، كالصّبيان وغيرهم «4» .
النجاسة اصطلاحا:
النّجاسة في الاصطلاح على ضربين:
الأوّل: النّجاسة الحسّيّة أو العينيّة، وهي الّتي تدرك بالبصر.
الآخر: النّجاسة المعنويّة: وهي الّتي تدرك بالبصيرة «5» وهي النّجاسة العقديّة.
وقد عرّف المناويّ النّوع الأوّل فقال: النّجاسة العينيّة: كلّ عين حرم تناولها على الإطلاق مع الإمكان حال الاختيار لحرمتها لا لاستقذارها ولا لضررها في بدن أو عقل «6» .
أمّا النّجاسة المعنويّة: فهي نجاسة النّفس الّتي لا تدرك إلّا بالبصيرة.
يقول الرّاغب: وإيّاها قصد المولى سبحانه وتعالى بقوله: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ (التوبة/ 28) .
وبقوله جلّ من قائل وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (المدثر/ 5) .
والنّفس النّجسة هي الّتي تتحرّى الخبيث؛ لأنّ من لم يكن طاهر النّفس لم يكن طاهر القول والفعل، فكلّ
__________
* محتويات الصفة: نجاسة الأعيان، والأبدان، ونجاسة معنوية.
(1) المقاييس (5/ 393، 394) .
(2) المفردات (483) .
(3) المصباح المنير (227) .
(4) التاج (9/ 4) .
(5) المفردات للراغب (483) ، وبصائر ذوي التمييز (5/ 19) .
(6) التوقيف (232) .(11/5589)
إناء بما فيه ينضح، ولهذا قيل من طابت نفسه طاب عمله، ومن خبثت نفسه خبث عمله «1» .
وجمع ابن القيّم بين نوعي النّجاسة فقال:
النّجاسة: هي المستقذر الّذي يطلب مباعدته والبعد منه بحيث لا يلمس ولا يشمّ ولا يرى «2» .
بم يتخلّص من النّجاسة؟
تطهر النّفس وتتخلّص من النّجاسة بالعلم والعبادات، أمّا الّذي يطهر به البدن فهو الماء وقد نبّه المولى سبحانه وتعالى على ذلك فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ (الأنفال/ 24) فسمّى العلم والعبادة حياة من حيث إنّ النّفس إذا فقدتهما هلكت هلاك الأبد، وقال تعالى في صفة الماء وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ (الأنبياء/ 30) . وقال ابن عبّاس- رضي الله عنهما- في قوله- عزّ وجلّ- أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها (الرعد/ 17) عنى بالماء القرآن؛ إذ كان به طهارة النّفس، وبالأودية القلوب الّتي احتملته بقدر ما وسعته.
والّذي يلزم تطهيره من النّفس هو قوّة الفكر بتهذيبها حتّى تحصّل الحكمة والعلم، وقوّة الشّهوة بقمعها حتّى تحصّل العفّة والجود، وقوّة الحميّة بإسلاسها حتّى تنقاد للعقل فتحصّل الشّجاعة والحلم، وجميع الرذائل تنبعث من فساد هذه الثّلاث «3» .
الفرق بين الرّجس والنّجس:
قال الكفويّ: الرّجس أكثر ما يقال في المستقذر طبعا. والنّجس أكثر ما يقال في المستقذر عقلا وشرعا «4» .
حكم تناول النّجس:
قال ابن حجر الهيتميّ: تناول النّجس (والمستقذر والمضرّ) من الكبائر، وقد صرّح بذلك بعض المتأخّرين من الفقهاء قياسا للنّجس على الميتة الّتي تحرم لنجاستها، وإذا كانت قد حرّمت للنّجاسة الّتي أسماها الله فسقا فيلحق بها كلّ نجاسة غير معفوّ عنها «5» .
[للاستزادة: انظر صفات: أكل الحرام- الشرك- الفجور- شرب الخمر- العصيان- الفسوق- انتهاك الحرمات.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: الطهارة- أكل الطيبات- النزاهة- تعظيم الحرمات- الإيمان- الصلاة] .
__________
(1) الذريعة (96، 67) باختصار وتصرف.
(2) إغاثة اللهفان (1/ 59) .
(3) بتصرف عن الذريعة (99) وما بعدها.
(4) الكليات (479) .
(5) الزواجر (298) .(11/5590)
الآيات الواردة في «النجاسة»
1- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28) «1»
الآيات الواردة في «النجاسة» معنى
2- فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (125) «2»
3- وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (33) «3»
4- وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) «4»
__________
(1) التوبة: 28 مدنية
(2) الأنعام: 125 مكية
(3) الأحزاب: 33 مدنية
(4) المدثر: 5 مكية(11/5591)
الأحاديث الواردة في ذمّ (النجاسة)
1-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- أنّه قال: لمّا كان يوم خيبر جاء جاء. فقال: يا رسول الله أكلت الحمر. ثمّ جاء آخر. فقال: يا رسول الله أفنيت الحمر. فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلّم أبا طلحة فنادى: «إنّ الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر.
فإنّها رجس أو نجس. قال: فأكفئت القدور بما فيها» ) * «1» .
الأحاديث الواردة في ذمّ (النجاسة) معنى
2-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّه سمع النّبيّ صلى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ ثلاثة في بني إسرائيل:
أبرص «2» وأقرع وأعمى. فأراد الله أن يبتليهم «3» .
فبعث إليهم ملكا. فأتى الأبرص فقال: أيّ شيء أحبّ إليك؟ قال: لون حسن، وجلد حسن، ويذهب عنّي الّذي قد قذرني النّاس. قال: فمسحه فذهب عنه قذره. وأعطي لونا حسنا وجلدا حسنا.
قال: فأيّ المال أحبّ إليك؟ قال: الإبل (أو قال البقر. شكّ إسحاق) إلّا أنّ الأبرص أو الأقرع قال أحدهما: الإبل. وقال الآخر: البقر، قال فأعطي ناقة عشراء «4» . قال: بارك الله لك فيها. قال فأتى الأقرع فقال: أيّ شيء أحبّ إليك؟ قال: شعر حسن، ويذهب عنّي هذا الّذي قذرني النّاس. قال: فمسحه فذهب عنه وأعطي شعرا حسنا. قال: فأيّ المال أحبّ إليك؟ قال: البقر. فأعطي بقرة حاملا. فقال: بارك الله لك فيها. قال: فأتى الأعمى فقال: أيّ شيء أحبّ إليك؟ قال: أن يردّ الله إليّ بصري فأبصر به النّاس.
قال: فمسحه فردّ الله إليه بصره. قال: فأيّ المال أحبّ إليك؟ قال: الغنم. فأعطي شاة والدا «5» . فأنتج هذان وولّد هذا «6» . قال: فكان لهذا واد من الإبل. ولهذا واد من البقر. ولهذا واد من الغنم. قال ثمّ إنّه أتى الأبرص في صورته وهيئته. فقال: رجل مسكين. قد
__________
(1) البخاري- الفتح 9 (5528) . ومسلم (1940) واللفظ له.
(2) أبرص: قال في القاموس: البرص بياض يظهر في ظاهر البدن، لفساد مزاج. برص، كفرح، فهو أبرص. وأبرصه الله.
(3) يبتليهم: أي يختبرهم.
(4) ناقة عشراء: هي الحامل القريبة الولادة.
(5) شاة والدا: أي وضعت ولدها، وهو معها.
(6) فأنتج هذان وولد هذا: هكذا الرواية: فأنتج، ورباعي وهي لغة قليلة الاستعمال. والمشهور نتج، ثلاثي. وممن حكى اللغتين الأخفش. ومعناه تولى الولادة، وهي النتج والإنتاج. ومعنى ولد هذا، بتشديد اللام، معنى أنتج. والنتاج للإبل، والمولد للغنم وغيرها، هو كالقابلة للنساء.(11/5592)
انقطعت بي الحبال «1» في سفري. فلا بلاغ لي اليوم إلّا بالله ثمّ بك. أسألك، بالّذي أعطاك اللّون الحسن والجلد الحسن والمال، بعيرا أتبلّغ عليه في سفري.
فقال: الحقوق كثيرة. فقال له: كأنّي أعرفك. ألم تكن أبرص يقذرك النّاس؟ فقيرا فأعطاك الله؟ فقال: إنّما ورثت هذا المال كابرا عن كابر «2» . فقال: إن كنت كاذبا، فصيّرك الله إلى ما كنت. قال وأتى الأقرع في صورته فقال له مثل ما قال لهذا، وردّ عليه مثل ما ردّ على هذا. فقال: إن كنت كاذبا فصيّرك الله إلى ما كنت. قال وأتى الأعمى في صورته وهيئته فقال:
رجل مسكين وابن سبيل. انقطعت بي الحبال في سفري. فلا بلاغ لي اليوم إلّا بالله ثمّ بك. أسألك بالّذي ردّ عليك بصرك شاة أتبلّغ بها في سفري. فقال:
قد كنت أعمى فردّ الله إليّ بصري. فخذ ما شئت، ودع ما شئت، فو الله لا أجهدك اليوم «3» شيئا أخذته لله.
فقال: أمسك مالك. فإنّما ابتليتم. فقد رضي عنك وسخط على صاحبيك) * «4» .
3-* (عن عبد الله بن أبي أوفى- رضي الله عنهما- عن النّبيّ صلى الله عليه وسلّم أنّه كان يقول: «اللهمّ لك الحمد ملء السّماء وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد. اللهمّ طهّرني بالثّلج والبرد والماء البارد. اللهمّ طهّرني من الذّنوب ونقّني منها كما ينقّى الثّوب الأبيض من الوسخ» ) * «5» .
4-* (عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- أنّه قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلّم فرأى رجلا شعثا قد تفرّق شعره. فقال: «أما كان يجد هذا ما يسكّن به شعره؟» ورأى رجلا آخر وعليه ثياب وسخة. فقال:
«أما كان هذا يجد ماء يغسل به ثوبه؟» ) * «6» .
5-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «أرأيتم لو أنّ نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كلّ يوم خمسا ما تقول ذلك يبقي من درنه «7» ؟» قالوا: لا يبقي من درنه شيئا. قال:
«فذلك مثل الصّلوات الخمس يمحو الله به الخطايا» ) * «8» .
6-* (عن أبي ثعلبة الخشنيّ- رضي الله عنه- أنّه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقلت: يا رسول الله. إنّا بأرض قوم من أهل الكتاب. نأكل في آنيتهم.
وأرض صيد أصيد بقوسي، وأصيد بكلبي المعلّم، أو بكلبي الّذي ليس بمعلّم. فأخبرني ما الّذي يحلّ لنا من ذلك؟ قال: «أمّا ما ذكرت أنّكم بأرض قوم من
__________
(1) انقطعت بي الحبال: هي الأسباب. وقيل: الطرق.
(2) إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر: أي ورثته من آبائي الذين ورثوه من آبائهم، كبيرا عن كبير، في العز والشرف والثروة.
(3) لا أجهدك: معناه لا أشق عليك برد شيء تأخذه.
(4) البخاري- الفتح 6 (3464) . ومسلم (2964) واللفظ له.
(5) مسلم 1 (476) . وأحمد (4/ 354) وهذا لفظ أحمد.
(6) النسائي (8/ 183 184) وقال الألباني: صحيح (3/ 1064) رقم (4832) . وأبو داود (4062) واللفظ له. وأحمد (3/ 357) . والحاكم (4/ 186) . وانظر الصحيحة للألباني (1/ 811) رقم (493) .
(7) الدرن: الوسخ.
(8) البخاري- الفتح 2 (528) واللفظ له. ومسلم (667) .(11/5593)
أهل الكتاب تأكلون في آنيتهم فإن وجدتم غير آنيتهم فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا فاغسلوها ثمّ كلوا فيها.
وأمّا ما ذكرت أنّك بأرض صيد فما أصبت بقوسك فاذكر اسم الله ثمّ كل، وما أصبت بكلبك المعلّم فاذكر اسم الله ثمّ كل، وما أصبت بكلبك الّذي ليس بمعلّم فأدركت ذكاته فكل» ) * «1» .
7-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم على قبرين فقال: «إنّهما يعذّبان وما يعذّبان في كبير: أمّا هذا فكان لا يستنزه من بوله، وأمّا هذا فإنّه كان يمشي بالنّميمة، ثمّ دعا بعسيب رطب فشقّه باثنين فغرس على هذا واحدا، وعلى هذا واحدا ثمّ قال: لعلّه يخفّف عنهما ما لم ييبسا» ) * «2» .
8-* (عن عائشة- رضي الله عنها- أنّها قالت: وقد سألوها عن الغسل يوم الجمعة: إنّما كان النّاس يسكنون العالية فيحضرون الجمعة وبهم وسخ، فإذا أصابهم الرّوح سقطت أرواحهم فيتأذّى بها النّاس. فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال: «أو لا يغتسلون؟» ) *» .
9-* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه- أنّه قال: بينما كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يصلّي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره فخلعوا نعالهم. فلمّا قضى صلاته قال: «ما حملكم على إلقائكم نعالكم؟» قالوا: رأيناك خلعت فخلعنا. قال: «إنّ جبريل أتاني- أو أتى- فأخبرني أنّ فيهما أذى- أو قذرا- فإذا جاء أحدكم المسجد فليقلّب نعليه فإن رأى فيهما أذى فليمط وليصلّ فيهما» ) * «4» .
10-* (عن جبير بن مطعم بن عديّ- رضي الله عنه- أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلّم قال في أسارى بدر: «لو كان المطعم بن عديّ حيّا ثمّ كلّمني في هؤلاء النّتنى لتركتهم له» ) * «5» .
11-* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أنّه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن أكل الجلّالة وألبانها) * «6» .
12-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن الدّواء الخبيث «7» ) * «8» .
__________
(1) البخاري- الفتح 9 (5496) . ومسلم (1930) واللفظ له. قال ابن حجر في الفتح: إنما نهى عن استعمال آنيتهم لأنهم لا يتوقون النجاسات ولا يتدينون باجتنابها ويطبخون فيها الخنزير ويصنعون فيها الخمر وغيرها- (9/ 623) .
(2) البخاري- الفتح 1 (216) . ومسلم (292) وهذا لفظ النسائي (1/ 3029) .
(3) النسائي (3/ 94) واللفظ له. وقال الألباني: صحيح (1/ 298) رقم (1306) . وأبو داود (352) مختصر.
(4) أبو داود (650) . وقال الألباني: صحيح (صحيح أبي داود: 1/ 128 برقم 605) . والدارمي (1/ 370) رقم (1378) واللفظ له.
(5) البخاري- الفتح 6 (3139) .
(6) الترمذي (1824) وقال: حسن غريب. قال شمس الحق العظيم آبادي في عون المعبود: «الجلّالة: الدابة التي تأكل العذرة وهي البعرة، وقال: إن كان أكثر علفها النجاسة فهي جلّالة (10/ 259) .
(7) الدواء الخبيث: قد يكون النجس وقد يكون السم.
(8) أبو داود (3870) واللفظ له. والترمذي (2045) . وابن ماجة (3459) . وأحمد (2/ 446، 478) وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح في الموضع الأول، وهو فيه برقم (8034) (15/ 193) .(11/5594)
13-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- أنّه قال: أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلّم نهى عن المجثّمة «1» ولبن الجلّالة وعن شرب من في السّقاء) * «2» .
14-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- أنّه قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذ جاء أعرابيّ فقام يبول في المسجد فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم: مه مه «3» . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «لا تزرموه.
دعوه فتركوه حتّى بال. ثمّ إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم دعاه فقال له: «إنّ هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول، ولا القذر. إنّما هي لذكر الله- عزّ وجلّ- والصّلاة وقراءة القرآن- أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم-: فأمر رجلا من القوم فجاء بدلو من ماء فشنّه عليه» ) * «4» .
15-* (عن أمّ ولد لإبراهيم بن عبد الرّحمن ابن عوف أنّها سألت أمّ سلمة زوج النّبيّ صلى الله عليه وسلّم فقالت:
إنّي امرأة أطيل ذيلي وأمشي في المكان القذر فقالت أمّ سلمة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «يطهّره ما بعده» ) * «5» .
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذمّ (النجاسة)
1-* (قال ابن عبّاس- رضي الله عنهما-:
إن وطئت على قذر رطب فاغسله، وإن كان يابسا فلا) * «6» .
2-* (أورد ابن حجر في الإصابة في تمييز الصّحابة (في ترجمة أمّ حبيبة زوج النّبيّ صلى الله عليه وسلّم) أنّ أبا سفيان قدم المدينة فأراد أن يزيد في الهدنة فدخل على ابنته أمّ حبيبة، فلمّا ذهب ليجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلّم طوته دونه، فقال: يا بنيّة أرغبت بهذا الفراش عنّي أم بي عنه؟ قالت: بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وأنت امرؤ نجس مشرك. فقال: لقد أصابك بعدي شرّ) * «7» .
3-* (قال ابن إسحاق- رحمه الله تعالى-:
وكان إسلام عمر فيما بلغني أنّ أخته فاطمة بنت الخطّاب وكانت عند سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل كانت قد أسلمت وأسلم زوجها سعيد بن زيد وهم مستخفون بإسلامهم من عمر، وكان نعيم بن عبد الله النّحّام- رجل من بني عديّ قد أسلم أيضا مستخفيا بإسلامه من قومه، وكان خبّاب بن الأرتّ يختلف إلى
__________
(1) المجثمة: الحيوان الذي يصبر ويحبس لا صقا بالأرض ويرمى عليه حتى يموت.
(2) النسائي (7/ 240) . وأبو داود (3719) . والترمذي (1825) وقال: حسن صحيح واللفظ له.
(3) مه مه: كلمة زجر.
(4) البخاري- الفتح 1 (219) واللفظ له. ومسلم (285) . وشنّه عليه: أي صبه عليه.
(5) أبو داود (383) واللفظ له. والترمذي (143) ونقل الشيخ أحمد شاكر كلام القاضي ابن العربي قال فيه: هذا الحديث مما رواه مالك فصح.. وابن ماجه (531) . والدارمي (1/ 206) رقم (742) . وأحمد (6/ 290، 316) .
(6) البخاري- الفتح (1/ 509) .
(7) المرجع السابق (4/ 306) .(11/5595)
فاطمة بنت الخطّاب يقرئها القرآن، فخرج عمر يوما متوشّحا سيفه يريد رسول الله صلى الله عليه وسلّم ورهطا من أصحابه، فذكروا له أنّهم قد اجتمعوا في بيت عند الصّفا، وهم قريب من أربعين من بين رجال ونساء، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلّم عمّه حمزة وأبو بكر بن أبي قحافة الصّدّيق وعليّ بن أبي طالب- رضي الله عنهم- في رجال من المسلمين ممّن كان أقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم بمكّة ولم يخرج فيمن خرج إلى أرض الحبشة. فلقيه نعيم بن عبد الله فقال: أين تريد يا عمر؟ قال: أريد محمّدا هذا الصّابيء الّذي فرّق أمر قريش؟ وسفّه أحلامها، وعاب دينها، وسبّ آلهتها فأقتله. فقال له نعيم: والله لقد غرّتك نفسك يا عمر. أترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض وقد قتلت محمّدا؟
أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم؟ قال: وأيّ أهل بيتي؟ قال ختنك وابن عمّك سعيد بن زيد وأختك فاطمة فقد- والله- أسلما، وتابعا محمّدا صلى الله عليه وسلّم على دينه. فعليك بهما. فرجع عمر عائدا إلى أخته فاطمة وعندها خبّاب بن الأرتّ معه صحيفة فيها (طه) يقرئها إيّاها، فلمّا سمعوا حسّ عمر تغيّب خبّاب في مخدع لهم، أو في بعض البيت، وأخذت فاطمة بنت الخطّاب الصّحيفة فجعلتها تحت فخذها، وقد سمع حين دنا إلى الباب قراءة خبّاب عليها: فلمّا دخل قال ما هذه الهينمة «1» الّتي سمعت؟ قالا له:
ما سمعت شيئا. قال: بلى والله لقد أخبرت أنّكما تابعتما محمّدا على دينه، وبطش بختنه سعيد بن زيد. فقامت إليه أخته فاطمة بنت الخطّاب لتكفّه عن زوجها فضربها فشجّها، فلمّا فعل ذلك قالت له أخته وختنه: نعم قد أسلمنا وآمنّا بالله ورسوله فاصنع ما بدا لك. فلمّا رأى عمر ما بأخته من الدّم ندم على ما صنع، وارعوى «2» ، وقال لأخته: أعطيني هذه الصّحيفة الّتي كنتم تقرأون آنفا أنظر ما هذا الّذي جاء به محمّد- وكان عمر كاتبا- فلمّا قال ذلك قالت له أخته: إنّا نخشاك عليها. قال لا تخافي وحلف لها بآلهته ليردّنّها إذا قرأها إليها. فلمّا قال ذلك طمعت في إسلامه فقالت: يا أخي إنّك نجس على شركك، وإنّه لا يمسّه إلّا المطهّرون. فقام عمر فاغتسل فأعطته الصّحيفة وفيها (طه) ، فقرأها فلمّا قرأ منها صدرا قال:
ما أحسن هذا الكلام وأكرمه! فلمّا سمع ذلك خبّاب ابن الأرتّ خرج إليه فقال له: والله يا عمر إنّي لأرجو أن يكون الله قد خصّك بدعوة نبيّه صلى الله عليه وسلّم؛ فإنّي سمعته أمس وهو يقول: «اللهمّ أيّد الإسلام بأبي الحكم بن هشام أو بعمر بن الخطّاب» . فالله الله يا عمر. فقال عند ذلك: فدلّني يا خبّاب على محمّد حتّى آتيه فأسلم. فقال له خبّاب: هو في بيت عند الصّفا معه نفر من الصّحابة. فأخذ عمر سيفه فتوشّحه ثمّ عمد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأصحابه فضرب عليهم الباب، فلمّا سمعوا صوته قام رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم فنظر من خلل الباب فإذا هو بعمر متوشّحا بالسّيف فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو فزع. فقال: يا رسول الله:
هذا عمر بن الخطّاب متوشّحا بالسّيف. فقال حمزة:
__________
(1) الهينمة: الترتيلة أو الصوت.
(2) ارعوى: ارتد وكف.(11/5596)
فأذن له، فإن كان جاء يريد خيرا بذلناه، وإن كان يريد شرّا قتلناه بسيفه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «ائذن له» فأذن له الرّجل ونهض إليه رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتّى لقيه في الحجرة فأخذ بحجزته أو بمجمع ردائه، ثمّ جذبه جذبة شديدة فقال: «ما جاء بك يا ابن الخطّاب؟
فو الله ما أرى أن تنتهي حتّى ينزل الله بك قارعة «1» » فقال عمر: يا رسول الله جئتك لأومن بالله ورسوله وبما جاء من عند الله. قال: فكبّر رسول الله صلى الله عليه وسلّم تكبيرة فعرف أهل البيت أنّ عمر قد أسلم، فتفرّق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم من مكانهم وقد عزّوا في أنفسهم حين أسلم عمر مع إسلام حمزة، وعلموا أنّهما سيمنعان رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وينتصفون بهما من عدوّهم، قال ابن إسحاق: فهذا حديث الرّواة من أهل المدينة عن إسلام عمر حين أسلم رضي الله عنه) * «2» .
4-* (قال ابن زيد- رحمه الله تعالى- في معنى قوله تعالى وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ: كان المشركون لا يتطهّرون فأمره الله تعالى أن يتطهّر، وأن يطهّر ثيابه) * «3» .
5-* (قال ابن تيميّة- رحمه الله تعالى-:
«الخطايا توجب للقلب حرارة، ونجاسة وضعفا» ) * «4» .
6-* (قال ابن القيّم- رحمه الله تعالى-:
«من تطهّر في الدّنيا ولقي الله طاهرا من نجاساته دخل الجنّة بغير معوّق، ومن لم يتطهّر في الدّنيا- فإن كانت نجاسته عينيّة. كالكافر- لم يدخلها بحال، وإن كانت نجاسته كسبيّة عارضة دخلها بعد ما يتطهّر في النّار من تلك النّجاسة ثمّ لم يخرج منها» ) * «5» .
7-* (قال ابن كثير- رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ (التوبة/ 28) أمر تعالى عباده المؤمنين الطّاهرين دينا وذاتا بنفي المشركين الّذين هم نجس دينا عن المسجد الحرام وأن لا يقربوه بعد نزول هذه الآية- وكان نزولها في سنة تسع- وقال: دلّت هذه الآية الكريمة على نجاسة المشرك كما ورد في الصّحيح «المؤمن لا ينجس» ) * «6» .
من مضار (النجاسة)
(1) النّجاسة المعنويّة تمنع من دخول الجنّة وقد تحرم منها بالكلّيّة.
(2) يبغضها الرّحمن ويحبّها الشّيطان.
(3) تورّث مقت النّاس وازدراءهم.
(4) تسبّب ضيق الصّدر وتعاسة النّفس.
__________
(1) قارعة: كبة مهلكة.
(2) البداية والنهاية (3/ 77- 78) .
(3) تفسير ابن كثير (4/ 441) .
(4) إغاثة اللهفان (1/ 57) .
(5) المرجع السابق (1/ 56) .
(6) تفسير القرآن العظيم (2/ 346) باختصار.(11/5597)
النجوى
النجوى لغة:
اسم مصدر من قولهم تناجى فلان وفلان إذا تسارّا، وقيل: هي مصدر من قولهم نجوت الشّيء أنجوه إذا خلّصته، وهي مأخوذة من مادّة (ن ج و) الّتي تدلّ على السّتر والإخفاء، ومن هذا المعنى قيل: النّجو والنّجوى: السرّ بين اثنين، يقال:
ناجيته، وتناجوا وانتجوا، وهو نجيّ فلان والجمع أنجية، وانتجيته: اختصصته بمناجاتي «1» ، وقال الرّاغب: أصل النّجاء: الانفصال من الشّيء، والنّجو والنّجاة المكان المرتفع المنفصل عمّا حوله، وأصل المناجاة: أن تخلو (بمن تناجيه) في نجوة (مكان مرتفع) من الأرض، وقيل: أصله من النّجاة وهو أن تعاونه على ما فيه خلاصه، وقيل: المراد أن تنجو بسرّك أن يطّلع عليه غيركما، والنّجوى أصله المصدر كما في قوله تعالى: إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ (المجادلة/ 10) وقد يوصف به فيقال: هم نجوى، وهما نجوى (يستوي فيه المثنّى والجمع) . وكذلك النّجيّ بمعنى المناجى، أي الّذي تسارّه يقال للواحد والجمع، وانتجيت فلانا: استخلصته لسرّي «2» والنّجوى في قوله تعالى: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ (النساء/
114) جمع المتناجين خرج مخرج السّكرى والجرحى، قال الطّبريّ: هذا أظهر معانيه، وقال القرطبيّ: أراد ما تفاوض به بنو أبيرق من التّدبير وذكروه للنّبيّ صلى الله عليه وسلّم «3» ، أمّا قوله- عزّ وجلّ-: نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوى (الإسراء/ 47) ، فالمراد بالنّجوى المتناجون في أمره وكانت نجواهم قولهم: إنّه ساحر وإنّه يأتي بأساطير الأوّلين، وقيل نزلت حين دعا عتبة أشراف قريش إلى طعام صنعه لهم، فدخل عليهم النّبيّ صلى الله عليه وسلّم، وقرأ عليهم القرآن ودعاهم إلى الله فتناجوا (أي تسارّوا)
يقولون:
ساحر ومجنون، وقال الزّجّاج: المعنى في وَإِذْ هُمْ نَجْوى أي ذو نجوى أي سرار «4» ، وقال الجوهريّ:
جعلهم هم النّجوى وإنّما النّجوى فعلهم، كما تقول:
قوم رضا، والنّجوى والنّجيّ كلاهما يكون اسما ومصدرا والنّجوة والنّجاء: المكان المرتفع الّذي تظنّ أنّه نجاؤك لا يعلوه السّيل، والنّجو السّرّ بين الاثنين يقال: نجوته نجوا إذا ساررته وكذلك ناجيته «5» .
وقال ابن منظور: والنّجوى والنّجيّ: السّرّ.
والنّجو: السّرّ بين اثنين، يقال: نجوته نجوا: أي ساررته. وكذلك ناجيته، والاسم النّجوى، وناجى
__________
(1) مقاييس اللغة (5/ 398) .
(2) المفردات للراغب (483/ 484) .
(3) تفسير الطبري (5/ 276) ، والقرطبي (5/ 114) .
(4) انظر تفسير القرطبي (10/ 176، 11/ 144) .
(5) الصحاح (6/ 2503) .(11/5598)
الرّجل مناجاة ونجاء: سارّه. وانتجى القوم وتناجوا:
تسارّوا.
والنّجوى والنّجيّ المتناجون: أي المتسارّون.
وفلان نجيّ فلان أي يناجيه دون من سواه. وفي التّنزيل العزيز: فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا (يوسف/ 80) : أي اعتزلوه متناجين، والجمع أنجية.
وفي الحديث: «لا يتناجى اثنان دون الثّالث» وفي رواية «لا ينتجي اثنان دون صاحبهما» : أي لا يتسارران منفردين عنه لأنّ ذلك يسوءه «1» .
النجوى اصطلاحا:
قال القرطبيّ: النّجوى: السّرّ بين الاثنين وتكون أيضا بمعنى المسارّة «2» (بين اثنين أو أكثر) .
وقيل: النّجوى: ما يكون من خلوة اثنين أو أكثر يسرّون شيئا ويتناجون به، والسّرار ما كان بين اثنين «3» .
وقال الإمام البغويّ- رحمه الله- النّجوى:
هي الإسرار في التّدبير. وقيل: النّجوى ما يتفرّد بتدبيره قوم سرّا كان أو جهرا «4» .
حكم التّناجي:
يختلف حكم النّجوى باختلاف الأمر المتناجى فيه، فإن كان أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر، فهذا لا شيء فيه، وقد استثنى المولى- عزّ وجلّ- من فعل ذلك من انعدام الخيريّة الغالبة على النّجوى فقال:
لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ (النساء/ 114) .
وفيما عدا ذلك فالتّسارّ خصوصا في وجود الآخرين أمر مذموم يسوّل به الشّيطان ليقع سوء الظّنّ بين النّاس، مصداق ذلك قوله تعالى أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (المجادلة/ 8) . وقد نزلت هذه الآيات في اليهود والمنافقين «5» ، وقد اشتملت آية أخرى على المحمود والمذموم من التّناجي فقال- عزّ وجلّ- ناهيا عن التّناجي المذموم وآمرا بالتّناجي المحمود يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (المجادلة/ 9) وعلى النّوع الأوّل يحمل قوله تعالى: إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ (المجادلة/ 10) أي من تزيينه وغوايته ولا يكون ذلك منه إلّا فيما يؤذي المؤمنين «6» .
[للاستزادة: انظر صفات: الشك- سوء الظن سوء المعاملة.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: حسن الظن- حسن المعاملة- حسن العشرة- الفطنة- الحكمة- إقامة الشهادة] .
__________
(1) لسان العرب (15/ 308) .
(2) تفسير القرطبي (5/ 114) .
(3) المرجع السابق (17/ 88) .
(4) تفسير البغوي (1/ 479) .
(5) انظر في سبب نزول هذه الآيات تفسير القرطبي (17/ 187) .
(6) كتبت هذه الفقرة اعتمادا على مجمل ما ورد في النجوى من الآيات الكريمة.(11/5599)
الآيات الواردة في «النجوى»
1-* لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (114) »
2- وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً (45) وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً (46) نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً (47) «2»
3- فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى (60)
قالَ لَهُمْ مُوسى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى (61)
فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوى (62) «3»
4- اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1) ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (3) قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (4) «4»
5- أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (8) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (9) إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (10) «5»
__________
(1) النساء: 114 مدنية
(2) الإسراء: 45- 47 مكية
(3) طه: 60- 62 مكية
(4) الأنبياء: 1- 4 مكية
(5) المجادلة: 7- 10 مدنية(11/5600)
الأحاديث الواردة في ذمّ (النجوى)
1-* (عن عبد الله- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر. حتّى تختلطوا بالنّاس من أجل أنّ ذلك يحزنه» ) * «1» .
2-* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه- قال: كنّا نتناوب رسول الله صلى الله عليه وسلّم فنبيت عنده تكون له الحاجة أو يطرقه أمر من اللّيل فيبعثنا فيكثر المحتسبون وأهل النّوب فكنّا نتحدّث فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلّم من اللّيل فقال: «ما هذه النّجوى؟ ألم أنهكم عن النّجوى» قال: فقلنا: نتوب إلى الله يا نبيّ الله، فذكر الحديث) * «2» .
3-* (عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «لا يتناجى اثنان دون صاحبهما، ولا يقيم الرّجل أخاه من مجلسه ثمّ يجلس» ) * «3» .
4-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «لا يتناجى اثنان دون الثّالث؛ فإنّ ذلك يؤذي المؤمن، والله يكره أذى المؤمن» ) * «4» .
5-* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «إذا كانوا ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثّالث» ) * «5» .
الأحاديث الواردة في ذمّ (النجوى) معنى
6-* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «لا يتسارّ اثنان دون الثّالث» ) * «6» .
__________
(1) البخاري- الفتح 11 (6290) . ومسلم (2184) واللفظ له.
(2) الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 315) واللفظ له. وقال: رواه أحمد (3/ 30) ورجاله موثوقون.
(3) رواه أحمد في المسند (2/ 45) . وقال الشيخ أحمد شاكر (7/ 101) : إسناده صحيح وقد ورد مكررا في مواضع كثيرة.
(4) الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 64) وقال: رواه أبو يعلى وفيه من لم أعرفه، والطبراني في الأوسط ورجال أبي يعلى رجال الصحيح غير الحسن بن كثير ووثقه ابن حبان، وعبد الوهاب بن أبي الورد اسمه وهيب بن الورد كما ذكر شيخ الحفاظ المزى.
(5) البخاري- الفتح 11 (6288) .
(6) رواه أحمد (2/ 17) . وقال الشيخ أحمد شاكر (6/ 300) : إسناده صحيح.(11/5601)
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذمّ (النجوى)
1-* (عن مجاهد في قوله تعالي: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ (المجادلة/ 8) قال: اليهود وكذا قال مقاتل بن حيّان وزاد: كان بين النّبيّ صلى الله عليه وسلّم وبين اليهود موادعة وكانوا إذا مرّ بهم الرّجل من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلّم جلسوا يتناجون بينهم حتّى يظنّ المؤمن أنهم يتناجون بقتله، أو بما يكره المؤمن، فإذا رأى المؤمن ذلك خشيهم فترك طريقه عليهم، فنهاهم النّبيّ صلى الله عليه وسلّم عن النّجوى فلم ينتهوا وعادوا إلى النّجوى فأنزل الله أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ) * «1» .
2-* (قال قتادة: قوله: إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا (المجادلة/ 10) كان المنافقون يتناجون بينهم وكان ذلك يغيظ المؤمنين ويكبر عليهم) * «2» .
3-* (وقال أيضا في قوله تعالى: إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ ... أي إنّما المناجاة من الشّيطان وعنى بذلك مناجاة المنافقين بعضهم بعضا) * «3» .
4-* (قال البغويّ في تفسير قوله تعالى: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ (المجادلة/ 7) أي من سرر ثلاثة يعني المسارّة، أي ما من شيء يناجي به الرّجل صاحبيه إلّا وهو رابعهم بالعلم. وقيل معناه: ما يكون من متناجين ثلاثة يسارّ بعضهم بعضا إلّا هو رابعهم بالعلم يعلم نجواهم ... ) * «4» .
5-* (قال البغويّ- رحمه الله- في تفسير قوله تعالى: إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوى (الإسراء/ 47) يتناجون في أمرك يا محمّد. وقيل: ذو نجوى، فبعضهم يقول: هو مجنون، وبعضهم يقول:
كاهن، وبعضهم يقول: ساحر، وبعضهم يقول:
شاعر) * «5» .
6-* (وفي حديث الشّعبيّ: إذا عظمت الحلقة فهي بذاء ونجاء أي مناجاة يعني يكثر فيها» ) * «6» .
7-* (قال الإمام النّيسابوريّ في قوله تعالى إِنَّمَا النَّجْوى الألف واللّام فيه لا يمكن أن تكون للاستغراق أو للجنس، فمن النّجوى ما تكون ممدوحة؛ لاشتمالها على مصلحة دينيّة أو دنيويّة فهي إذن للعهد وهو التّناجي بالإثم والعدوان) * «7» .
8-* (وقال الإمام النّيسابوريّ في قوله تعالى لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ (النساء/ 114) أشار
__________
(1) تفسير ابن كثير (4/ 345) .
(2) جامع البيان (28/ 16) .
(3) المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.
(4) تفسير البغوي (4/ 307) .
(5) المرجع السابق (3/ 118) .
(6) لسان العرب (15/ 308) .
(7) تفسير النيسابوري (28/ 21) .(11/5602)
إلى ما كانوا يتناجون به حيث يبيّتون ما لا يرضى من القول. والنّجوى سرّ بين اثنين وكذا النّجو، يقال نجوته نجوا، أي ساررته وكذلك ناجيته) * «1» .
9-* (قال ابن جرير الطّبريّ في قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ.. المجادلة/ 9) يقول تعالى ذكره: يا أيّها الّذين صدّقوا الله ورسوله إذا تناجيتم بينكم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرّسول ولكن تناجوا بالبرّ..) * «2» .
10-* (قال ابن كثير في قوله تعالى: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ (المجادلة/ 7) أي من سرّ ثلاثة» إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا.. أي مطّلع عليهم يسمع كلامهم وسرّهم ونجواهم) * «3» .
11-* (قال ابن كثير في قوله تعالى وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا (الأنبياء/ 3) أي قائلين فيما بينهم خفية هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلّم) * «4» .
12-* (قال ابن كثير في قوله تعالى وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ (المجادلة/ 8) أي يتحدّثون فيما بينهم بالإثم، وهو يختصّ بهم وَالْعُدْوانِ وهو ما يتعلّق بغيرهم ومنه معصية الرّسول ومخالفته يصرّون عليها ويتواصون بها) * «5» .
من مضار (النجوى)
(1) من رجل الشّيطان وخيله ليحزن المؤمنين.
(2) من عمل المنافقين وأعداء المسلمين من يهود وغيرهم.
(3) النّجوى يمقتها الله- عزّ وجلّ- وينهى أن تكون بين المجتمع المسلم.
(4) تشكّل جيوب الغمز واللّمز، ثمّ التّفرقة والتّمزّق.
(5) هناك نجوى ممدوحة كالأمر بالصّدقة أو بمعروف أو إصلاح بين النّاس فهي مستثناة من النّجوى المذمومة.
__________
(1) تفسير النيسابوري (5/ 173) .
(2) جامع البيان (8/ 181) .
(3) تفسير ابن كثير (4/ 181) .
(4) المرجع السابق (3/ 181) .
(5) المرجع السابق (4/ 346) .(11/5603)
النفاق
النفاق لغة:
النّفاق اسم مأخوذ من مادّة (ن ف ق) الّتي تدلّ على الخروج، فالنّفق سرب في الأرض له مخلص إلى مكان، والنّفق: المسلك النّافذ الّذي يمكن الخروج منه «1» وعلى ذلك نبّه (القرآن الكريم) بقوله إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ (التوبة/ 67) أي الخارجون من الشّرع. وقد جعلهم الله شرّا من الكافرين فقال إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ (النساء/ 145) «2» .
قال ابن منظور: نفق الفرس والدّابّة وسائر البهائم ينفق نفوقا: مات. وفي حديث ابن عبّاس:
«والجزور نافقة» . أي ميّتة من نفقت الدّابّة إذا ماتت.
ونفق البيع نفاقا: راج. ونفقت السّلعة تنفق نفاقا، بالفتح: غلت ورغب فيها، وأنفقها هو ونفّقها.
والنّفقة والنّافقاء: جحر الضّبّ واليربوع، وقيل: النّفقة والنّافقاء موضع يرقّقه اليربوع من جحره.
فإذا أتي من قبل القاصعاء ضرب النّافقاء برأسه فخرج. ونفق اليربوع ونفق وانتفق ونفّق، خرج منه.
ويقال: نافق اليربوع إذا دخل في نافقائه.
وقصّع إذا خرج من القاصعاء، وتنفّق: خرج.
قال أبو عبيد: سمّي المنافق منافقا للنّفق وهو السّرب في الأرض، وقيل: إنّما سمّي منافقا لأنّه نافق كاليربوع وهو دخوله نافقاءه وله جحر آخر يقال له القاصعاء فإذا طلب من النّافقاء قصّع أي خرج من القاصعاء، فهو يدخل في النّافقاء ويخرج من القاصعاء، أو يدخل في القاصعاء ويخرج من النّافقاء، يقال: نفق به ونافق، وهكذا يفعل المنافق، يدخل في الإسلام ثمّ يخرج منه من غير الوجه الّذي دخل فيه.
ومنه اشتقاق المنافق في الدّين. والنّفاق، بالكسر فعل المنافق. والنّفاق: الدّخول في الإسلام من وجه والخروج عنه من آخر، مشتقّ من نافقاء اليربوع، وقد نافق منافقة ونفاقا، وهو اسم إسلاميّ لم تعرفه العرب بالمعنى المخصوص به «3» .
وخلاصة القول: ما قاله ابن رجب: والّذي فسّره به أهل العلم المعتبرون أنّ النّفاق في اللّغة هو من جنس الخداع والمكر، وإظهار الخير وإبطان خلافه «4» .
__________
(1) المقاييس (5/ 454- 455) .
(2) المفردات (524) .
(3) لسان العرب (10/ 359) ، مختار الصحاح (673) ، وجمهرة اللغة (9/ 150) .
(4) جامع العلوم والحكم (375) .(11/5604)
واصطلاحا:
قال الجرجانيّ: النّفاق: إظهار الإيمان باللّسان وكتمان الكفر بالقلب «1» .
أقسام النفاق:
ذكر الحافظ ابن رجب أنّ النّفاق ينقسم شرعا إلى قسمين:
أحدهما: النّفاق الأكبر، وهو أن يظهر الإنسان الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ويبطن ما يناقض ذلك كلّه أو بعضه. وهذا هو النّفاق الّذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ونزل القرآن بذمّ أهله وتكفيرهم، وأخبر أنّ أهله فى الدّرك الأسفل من النّار.
والثّاني: النّفاق الأصغر، وهو نفاق العمل:
وهو أن يظهر الإنسان علانية ويبطن ما يخالف ذلك «2» .
وقال ابن الأثير: قد تكرّر في الحديث ذكر النّفاق «وما تصرّف منه اسما وفعلا» . وهو الّذي يستر كفره ويظهر إيمانه، وإن كان أصله في اللّغة معروفا.
وفى حديث حنظلة «نافق حنظلة» أراد أنّه إذا كان عند النّبيّ صلى الله عليه وسلّم أخلص وزهد في الدّنيا، وإذا خرج عنه ترك ما كان عليه ورغب فيها، فكأنّه نوع من الظّاهر والباطن ما كان يرضى أن يسامح به نفسه.
وفيه: «أكثر منافقي هذه الأمّة قرّاؤها» أراد بالنّفاق ها هنا الرّياء لأنّ كليهما إظهار غير ما في الباطن «3» .
والرّياء داخل في النّفاق العمليّ ويتّضح هذا من قول ابن رجب وقول ابن حجر عليهما رحمة الله:
فالرّياء كما عرّفه ابن حجر: إظهار العبادة لقصد رؤية النّاس لها فيحمدوا صاحبها.
فالمقصود في الرّياء والنّفاق واحد، هو إظهار غير ما في السّرائر. والله أعلم.
وقال ابن حجر: الرّياء بكسر الرّاء وتخفيف التّحتانيّة والمدّ وهو مشتقّ من الرّئية. والمراد به إظهار العبادة لقصد رؤية النّاس لها فيحمدوا صاحبها.
وقال الغزاليّ: المعنى طلب المنزلة في قلوب النّاس بأن يريهم الخصال المحمودة، والمرائي هو العامل.
وقال ابن رجب: ومن أعظم خصال النّفاق العمليّ، أن يعمل الإنسان عملا ويظهر أنّه قصد به الخير، وإنّما عمله ليتوصّل به إلى غرض له سيّىء فيتمّ له ذلك ويتوصّل بهذه الخديعة إلى غرض ويفرح بمكره وخداعه وحمد النّاس له على ما أظهره ويتوصّل به إلى غرضه السّيّىء الّذي أبطنه «4» .
حكم النفاق:
النّفاق إن كان عقديّا فهو كفر صراح، بل هو أشدّ منه، ولذلك جعلت للمنافقين درجة في جهنّم لايصلاها سواهم لعظم ضررهم، وشدّة خطرهم يقول الله تعالى إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ
__________
(1) التعريفات (245) .
(2) جامع العلوم والحكم (375) .
(3) النهاية في غريب الحديث (5/ 98) .
(4) جامع العلوم والحكم (378) .(11/5605)
النَّارِ (النساء/ 145) وقد فضحهم الله تعالى في القرآن الكريم في أكثر من موضع، ووصفهم بأنّهم كذّابون يصدّون عن سبيل الله وأنّهم يستكبرون، كما وصفهم بأنّهم لا يفقهون شيئا ولا يعلمون «1» .
وقد جعل الإمام ابن حجر هذا النّوع من النّفاق من كبائر الباطن قال- رحمه الله-: «ومن الأمراض الّتي تعتور القلب وتعتريه الكفر والنّفاق والكبر والفخر والخيلاء والحسد والغلّ ... » » .
أمّا إذا كان النّفاق عمليّا بمعنى أن يظهر الإنسان خلاف ما يبطن فهذا ينطبق عليه حكم الرّياء، والرّياء من الكبائر أيضا، وقد اتّفق على ذلك الإمامان: الذّهبيّ وابن حجر وذكرا الأدلّة على ذلك في كتابيهما «3» .
المداهنة من النفاق:
المداهنة والإدهان: المصانعة واللّين، وقيل:
المداهنة إظهار خلاف ما يضمر. والإدهان: الغشّ.
ودهن الرّجل إذا نافق.
وقال قوم: داهنت بمعنى واريت، وأدهنت بمعنى غششت.
ومعنى داهن وأدهن أي أظهر خلاف ما أضمر، فكأنّه بيّن الكذب على نفسه «4» .
يقول ابن القيّم- رحمه الله تعالى-: المداهنة لأهل النّفاق من حيث إنّ المداري يتلطّف بصاحبه ليقرّه على باطله ويتركه على هواه «5» .
حكم التعامل مع المنافقين والمداهنين:
ذكر العزّ بن عبد السّلام أنّه ينبغي الإعراض عن المنافقين مستدلّا بقوله تعالى: فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ «6» (التوبة/ 95) .
قلت: وهذا الإعراض يستلزم عدم التّعامل أو التّعاون معهم وذلك لنجاسة معتقداتهم وسوء مقاصدهم، وذكر في موضع آخر أنّ علينا معشر المسلمين مجاهدة هؤلاء والغلظة عليهم وعلى الكافرين مستدلّا بقوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ (التوبة/ 73) «7» .
[للاستزادة: انظر صفات: الرياء- الفسوق- الخيانة- الغدر- الخداع- الكذب- الفجور- العصيان- الافتراء.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: الإخلاص- التقوى- الإسلام- الولاء والبراء- الإيمان- الصدق- الإحسان- الأمانة- كتمان السر- الوفاء- الاستقامة- إقامة الشهادة] .
__________
(1) انظر تفصيل ذلك في سورة «المنافقون» وسورة التوبة (الآية 73 وما بعدها) .
(2) الزواجر لابن حجر (99) .
(3) انظر: الكبائر للذهبي (143- 146) والزواجر لابن حجر (49 64) .
(4) لسان العرب (بتصرف) 3/ 1447 (ط. دار المعارف) .
(5) الروح لابن القيم ص 208 (بتصرف) وانظر صفة المداراة.
(6) شجرة المعارف (95) .
(7) المرجع السابق (270) .(11/5606)
الآيات الواردة في «النفاق»
التعجب من المنافقين أو التعجب من انقسام الرأى إزاءهم:
1- أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيداً (60)
وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) «1»
2-* فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (88)
وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (89) «2»
3-* أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (11) لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (12) «3»
النفاق في سياق العقاب:
4- إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا (137) بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً (139) وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً (140) الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ قالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ
__________
(1) النساء: 60- 61 مدنية
(2) النساء: 88- 89 مدنية
(3) الحشر: 11- 12 مدنية(11/5607)
بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141) إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (143) «1»
5- إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (145) إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً (146) «2»
6- مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23) لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (24) «3»
7- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً (71) إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا (72) لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (73) «4»
8- هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (4) لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَكانَ ذلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً (5) وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً (6) «5»
9- يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ
__________
(1) النساء: 137- 143 مدنية
(2) النساء: 145- 146 مدنية.
(3) الأحزاب: 23- 24 مدنية
(4) الأحزاب: 70- 73 مدنية
(5) الفتح: 4- 6 مدنية(11/5608)
ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ (13) يُنادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قالُوا بَلى وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14) فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (15) «1»
النفاق في سياق بيان لخائن أصحابه أو لتحذير منهم:
10- وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَرِئاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47)
وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ (48)
إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (49) «2»
11- يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِؤُا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ (64) «3»
12- الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ (67)
وَعَدَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ (68) «4»
13-* وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75)
فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (76)
فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللَّهَ ما وَعَدُوهُ وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ (77) «5»
14- الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (97)
__________
(1) الحديد: 12- 15 مدنية
(2) الأنفال: 47- 49 مدنية
(3) التوبة: 64 مدنية
(4) التوبة: 67- 68 مدنية
(5) التوبة: 75- 77 مدنية(11/5609)
وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (98) «1»
15- وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ (101) «2»
16- وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ (10)
وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ (11) «3»
17- وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً (12) وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً (13) وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْها وَما تَلَبَّثُوا بِها إِلَّا يَسِيراً (14) وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ وَكانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُلًا (15) قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا (16) قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (17) * قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا (18) أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (19) يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا
(20) «4»
18- إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ (1) اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (2) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (3)
__________
(1) التوبة: 97- 98 مدنية
(2) التوبة: 101 مدنية
(3) العنكبوت: 10- 11 مدنية
(4) الأحزاب: 12- 20 مدنية(11/5610)
* وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (4) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (5) سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (6) هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ (7) يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ (8) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (9) وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (10) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (11) «1»
المنافقون في سياق التحذير منهم أو تحذيرهم:
19- يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (1)
وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (2)
وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا (3) «2»
20- يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (45)
وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً (46)
وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيراً (47)
وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ وَدَعْ أَذاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا (48) «3»
21-* لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَّا قَلِيلًا (60)
مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا (61) «4»
__________
(1) المنافقون: 1- 11 مدنية
(2) الأحزاب: 1- 3 مدنية
(3) الأحزاب: 45- 48 مدنية
(4) الأحزاب: 60- 61 مدنية(11/5611)
كشف المنافقين والأمر بجهادهم:
22- وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166)
وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالًا لَاتَّبَعْناكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ (167) «1»
23- يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73) يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (74) «2»
24- يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9) «3»
__________
(1) آل عمران: 166- 167 مدنية
(2) التوبة: 73- 74 مدنية
(3) التحريم: 9 مدنية(11/5612)
الأحاديث الواردة في ذمّ (النفاق)
1-* (عن أنس- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلى الله عليه وسلّم قال: «آية الإيمان حبّ الأنصار، وآية النّفاق بغض الأنصار» ) * «1» .
2-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه-: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان» ) * «2» .
3-* (عن أسماء- رضي الله عنها- قالت:
أتيت عائشة وهي تصلّي، فقلت: ما شأن النّاس؟
فأشارت إلى السّماء، فإذا النّاس قيام. فقالت: سبحان الله! قلت: آية، فأشارت برأسها- أي نعم- فقمت حتّى تجلّاني الغشي»
، فجعلت أصبّ على رأسي الماء. فحمد الله- عزّ وجلّ- النّبيّ صلى الله عليه وسلّم وأثنى عليه ثمّ قال: «ما من شيء لم أكن أريته إلّا رأيته في مقامي، حتّى الجنّة والنّار. فأوحي إليّ أنّكم تفتنون في قبوركم مثل، أو قريب- لا أدري أيّ ذلك قالت أسماء- من فتنة المسيح الدّجّال، يقال: ما علمك بهذا الرّجل؟
فأمّا المؤمن، أو الموقن- لا أدري بأيّهما قالت أسماء- فيقول هو محمّد رسول الله جاءنا بالبيّنات والهدى، فأجبنا واتّبعنا، هو محمّد (ثلاثا) . فيقال: نم صالحا، قد علمنا إن كنت لموقنا به. وأمّا المنافق، أو المرتاب- لا أدري أيّ ذلك قالت أسماء- فيقول: لا أدري، سمعت النّاس يقولون شيئا فقلته) * «4» .
4-* (عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «أربع من كنّ فيه كان منافقا خالصا. ومن كانت فيه خلّة منهنّ كانت فيه خلّة من نفاق. حتّى يدعها: إذا حدّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف. وإذا خاصم فجر» غير أنّ في حديث سفيان «وإن كانت فيه خصلة منهنّ كانت فيه خصلة من النّفاق» ) * «5» .
5-* (عن قيس قال: قلت لعمّار: أرأيتم صنيعكم هذا الّذي صنعتم في أمر عليّ. أرأيا رأيتموه أو شيئا عهده إليكم رسول الله صلى الله عليه وسلّم؟ فقال: ما عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلّم شيئا لم يعهده إلى النّاس كافّة.
ولكن حذيفة أخبرني عن النّبيّ صلى الله عليه وسلّم: «في أصحابي اثنا عشر منافقا «6» . فيهم ثمانية لا يدخلون الجنّة حتّى يلج الجمل في سمّ الخياط «7» . ثمانية منهم تكفيكهم الدّبيلة «8» وأربعة. لم أحفظ ما قال شعبة فيهم» ) * «9» .
6-* (عن أبي مسعود- رضي الله عنه- قال:
__________
(1) البخاري- الفتح 1 (17) واللفظ له، ومسلم (74) .
(2) البخاري- الفتح 5 (2682) ، ومسلم 1 (59) واللفظ له.
(3) تجلاني الغشي: الغشي الإغماء: والمعنى كاد أن يغمى عليّ.
(4) البخاري- الفتح 1 (86) واللفظ له، ومسلم (905) .
(5) البخاري- الفتح 1 (34) ، ومسلم 1 (58) واللفظ له.
(6) منافقا: معناه الذين ينسبون إلى صحبتي.
(7) سم الخياط: سم بفتح السين وضمها وكسرها، والفتح أشهر وهو ثقب الإبرة. ومعناه: لا يدخلون الجنة أبدا.
(8) الدبيلة: سراج من نار.
(9) مسلم (2779) .(11/5613)
أمرنا بالصّدقة. قال: كنّا نحامل «1» . قال: فتصدّق أبو عقيل بنصف صاع. قال: وجاء إنسان بشيء أكثر منه.
فقال المنافقون: إنّ الله لغنيّ عن صدقة هذا. وما فعل هذا الآخر إلّا رياء. فنزلت: الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ (التوبة: 79) » ) * «2» .
7-* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه-: أنّ رجالا من المنافقين، في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم كانوا إذا خرج النّبيّ صلى الله عليه وسلّم إلى الغزو تخلّفوا عنه. وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلّم. فإذا قدم النّبيّ صلى الله عليه وسلّم اعتذروا إليه. وحلفوا وأحبّوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا.
فنزلت: لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ (آل عمران: 188) * «3» .
8-* (عن جابر- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قدم من سفر. فلمّا كان قرب المدينة هاجت ريح شديدة تكاد أن تدفن الرّاكب. فزعم أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «بعثت هذه الرّيح لموت منافق» فلمّا قدم المدينة، فإذا منافق عظيم من المنافقين، قد مات) * «4» .
9-* (عن عبد الرّحمن بن عوف: أنّ قوما من العرب أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلّم المدينة، فأسلموا، وأصابهم وباء المدينة، حمّاها، فأركسوا «5» ، فخرجوا من المدينة، فاستقبلهم نفر من أصحابه، يعني أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلّم فقالوا لهم: ما لكم رجعتم؟ قالوا: أصابنا وباء المدينة فاجتوينا «6» المدينة. فقالوا: أما لكم في رسول الله أسوة؟ فقال بعضهم: نافقوا، وقال بعضهم: لم ينافقوا، هم مسلمون، فأنزل الله عزّ وجلّ: فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا ... (النساء/ 88) الآية) * «7» .
10-* (عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إنّ المؤمن يأكل في معى واحد، وإنّ الكافر، أو المنافق، فلا أدري أيّهما قال عبيد الله- يأكل في سبعة أمعاء» ) «8» .
11-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ النّاس قالوا: يا رسول الله، هل نرى ربّنا يوم القيامة؟
قال: «هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب» ؟ قالوا: لا. يا رسول الله. قال: «فهل تمارون في الشّمس ليس دونها سحاب» ؟ قالوا: لا. قال:
فإنّكم ترونه كذلك. يحشر النّاس يوم القيامة فيقول:
__________
(1) نحامل: نحمل على ظهورنا بالأجرة ونتصدق من تلك الأجرة.
(2) البخاري- الفتح 8 (4668) ، ومسلم 2 (1018) واللفظ له.
(3) البخاري- الفتح 8 (4567) ، ومسلم 4 (2777) واللفظ له.
(4) مسلم 4 (2782) .
(5) أركسوا: يقال ركست الشيء وأركسته اذا رددته ورجعته، أركسوا رجعوا إلى ما كانوا عليه.
(6) اجتووا: أصابهم الجوى، وهو المرض. ويقال: اجتويت البلد إذا كرهت المقام فيه.
(7) أحمد (1/ 192) وقال الشيخ أحمد شاكر (3/ 131- 132) : إسناده صحيح.
(8) البخاري- الفتح 9 (5394) واللفظ له، ومسلم (2062) .(11/5614)
من كان يعبد شيئا فليتّبع، فمنهم من يتّبع الشّمس، ومنهم من يتّبع القمر، ومنهم من يتّبع الطّواغيت، وتبقى هذه الأمّة فيها منافقوها، فيأتيهم الله- عزّ وجلّ- فيقول: أنا ربّكم، فيقولون: هذا مكاننا حتّى يأتينا ربّنا، فإذ جاء ربّنا عرفناه. فيأتيهم الله فيقول: أنا ربّكم، فيقولون: أنت ربّنا، فيدعوهم فيضرب الصّراط بين ظهراني جهنّم، فأكون أوّل من يجوز من الرّسل بأمّته، ولا يتكلّم يومئذ أحد إلا الرّسل، وكلام الرّسل يومئذ: اللهمّ سلّم سلّم. وفي جهنّم كلاليب مثل شوك السّعدان «1» ، هل رأيتم شوك السّعدان؟
قالوا: نعم. قال: «فإنّها مثل شوك السّعدان، غير أنّه لا يعلم قدر عظمها إلّا الله، تخطف النّاس بأعمالهم، فمنهم من يوبق بعمله، ومنهم من يخردل «2» ثمّ ينجو. حتّى إذا أراد الله رحمة من أراد من أهل النّار أمر الله الملائكة أن يخرجوا من كان يعبد الله، فيخرجونهم، ويعرفونهم بآثار السّجود، وحرّم الله على النّار أن تأكل أثر السّجود. فيخرجون من النّار، فكلّ ابن آدم تأكله النّار إلّا أثر السّجود، فيخرجون من النّار قد امتحشوا «3» ، فيصبّ عليهم ماء الحياة، فينبتون كما تنبت الحبّة في حميل السّيل «4» ، ثمّ يفرغ الله من القضاء بين العباد، ويبقى رجل بين الجنّة والنّار، وهو آخر أهل النّار دخولا الجنّة مقبلا بوجهه قبل النّار، فيقول: يا ربّ، اصرف وجهي عن النّار، قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها «5» . فيقول: هل عسيت إن فعل ذلك بك أن تسأل غير ذلك؟ فيقول: لا.
وعزّتك. فيعطي الله ما يشاء من عهد وميثاق، فيصرف الله وجهه عن النّار، فإذا أقبل به على الجنّة رأى بهجتها، سكت ما شاء الله أن يسكت، ثمّ قال:
يا ربّ، قدّمني عند باب الجنّة. فيقول الله له: أليس قد أعطيت العهود والميثاق أن لا تسأل غير الّذي كنت سألت؟ فيقول: يا ربّ، لا أكون أشقى خلقك.
فيقول: فما عسيت إن أعطيت ذلك أن لا تسأل غيره.
فيقول: لا. وعزّتك لا أسأل غير ذلك. فيعطي ربّه ما شاء من عهد وميثاق، فيقدّمه إلى باب الجنّة، فإذا بلغ بابها فرأى زهرتها وما فيها من النّضرة والسّرور.
فيسكت ما شاء الله أن يسكت، فيقول: يا ربّ، أدخلني الجنّة. فيقول الله: ويحك يا ابن آدم، ما أغدرك! أليس قد أعطيت العهود والميثاق أن لا تسأل غير الّذي أعطيت؟ فيقول: يا ربّ لا تجعلني أشقى خلقك. فيضحك الله- عزّ وجلّ- منه، ثمّ يأذن له في دخول الجنّة، فيقول: تمنّ، فيتمنّى. حتّى إذا انقطع أمنيّته قال الله- عزّ وجلّ-: زد من كذا وكذا- أقبل يذكّره ربّه- عزّ وجلّ- حتّى إذا انتهت به الأمانيّ قال الله تعالى: لك ذلك ومثله معه» .
__________
(1) السعدان: نبت ذو شوك يكون شوكه كالحا إذا يبس ومنبته سهول الأرض وهو من أطيب مراعي الإبل مادام رطبا.
(2) ومنهم من يخردل: المخردل المصروع المربيّ، وقيل المقطع، تقطعه كلاليب الصراط.
(3) امتحشوا: احترقوا وصاروا فحما.
(4) حميل السيل: ما يحمل من الغثاء والطين.
(5) قشبنى ريحها وأحرقنى ذكاؤها: قشبنى أي آذانى وذكاؤها: شدّة وهج نارها.(11/5615)
قال أبو سعيد الخدريّ لأبي هريرة- رضي الله عنهما- إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «قال الله: لك ذلك وعشرة أمثاله» قال أبو هريرة: لم أحفظ من رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلّا قوله «لك ذلك ومثله معه» قال أبو سعيد الخدريّ: إنّي سمعته يقول: «ذلك لك وعشرة أمثاله) * «1» .
12-* (عن زيد بن ثابت- رضي الله عنهما- أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلّم خرج إلى أحد. فرجع ناس ممّن كان معه.
فكان أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلّم فيهم فرقتين. قال بعضهم:
نقتلهم. وقال بعضهم: لا. فنزلت: فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ (النساء: 88) * «2» .
13-* (عن العلاء بن عبد الرّحمن، أنّه دخل على أنس بن مالك في داره بالبصرة. حين انصرف من الظّهر. وداره بجنب المسجد. فلمّا دخلنا عليه قال:
أصلّيتم العصر؟ فقلنا له: إنّما انصرفنا السّاعة من الظّهر. قال: فصلّوا العصر. فقمنا فصلّينا. فلمّا انصرفنا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «تلك صلاة المنافق. يجلس يرقب الشّمس. حتّى إذا كانت بين قرني الشّيطان. قام فنقرها «3» أربعا. لا يذكر الله فيها إلّا قليلا» ) * «4» .
14-* (عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- أنّه لقي ناسا خرجوا من عند مروان، فقال:
من أين جاء هؤلاء؟ قالوا: خرجنا من عند الأمير مروان، قال: وكلّ حقّ رأيتموه تكلّمتم به وأعنتم عليه، وكلّ منكر رأيتموه أنكرتموه ورددتموه عليه؟ قالوا: لا والله، بل يقول ما ينكر، فنقول: قد أصبت أصلحك الله. فإذا خرجنا من عنده قلنا: قاتله الله، ما أظلمه! وأفجره! قال عبد الله: كنّا بعهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم نعدّ هذا نفاقا لمن كان هكذا) * «5» .
15-* (عن عليّ- رضي الله عنه- قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنا والزّبير والمقداد. فقال: «انطلقوا حتّى تأتوا روضة خاخ «6» ، فإنّ بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها. قال فانطلقنا تعادى بنا خيلنا حتّى أتينا الرّوضة، فإذا نحن بالظّعينة. قلنا لها: أخرجي الكتاب، قالت:
ما معي كتاب. فقلنا: لتخرجنّ الكتاب أو لنلقينّ الثّياب. قال فأخرجته من عقاصها «7» ، فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة- إلى ناس بمكّة من المشركين- يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: يا حاطب، ما هذا؟ قال يا رسول الله، لا تعجل عليّ، إنّي كنت امرأ ملصقا في قريش- يقول: كنت حليفا، ولم أكن من أنفسها- وكان من معك من المهاجرين من لهم بها قرابات يحمون أهليهم وأموالهم، فأحببت إذا فاتني ذلك من النّسب فيهم أن أتّخذ عندهم يدا يحمون قرابتي،
__________
(1) البخاري- الفتح 2 (806) ، واللفظ له ومسلم (182) .
(2) البخاري- الفتح 8 (4589) ، ومسلم (2776) واللفظ لمسلم.
(3) فنقرها: المراد بالنقر سرعة الحركات.
(4) مسلم (622) .
(5) مسند أحمد بتحقيق أحمد شاكر (7/ 5373) وقال محققه: إسناده صحيح وأصله عند البخاري.
(6) روضة خاخ: موضع بين الحرمين.
(7) عقاصها: شعرها أو ضفائر شعرها.(11/5616)
ولم أفعله ارتدادا عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: أما إنّه قد صدقكم.
فقال عمر: يا رسول الله، دعني أضرب عنق هذا المنافق. فقال: إنّه قد شهد بدرا. وما يدريك لعلّ الله اطّلع على من شهد بدرا. قال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. فأنزل الله السّورة (الممتحنة: 1) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ ... إلى قوله فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ» ) «1» .
16-* (عن صفوان بن محرز المازنيّ- رضي الله عنه- قال: بينما أنا أمشي مع ابن عمر- رضي الله عنهما- آخذ بيده إذ عرض رجل فقال: كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم في النّجوى؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره فيقول: أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟
فيقول: نعم. أي ربّ. حتّى إذا قرّره بذنوبه ورأى في نفسه أنّه هلك قال: سترتها عليك في الدّنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، فيعطى كتاب حسناته. وأمّا الكافر والمنافقون فيقول الأشهاد: هؤلاء الّذين كذبوا على ربّهم، ألا لعنة الله على الظّالمين» ) * «2» .
17-* (عن زيد بن أرقم- رضي الله عنه- أنّه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم في سفر، أصاب النّاس فيه شدّة. فقال عبد الله بن أبيّ لأصحابه: لا تنفقوا على من عند رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتّى ينفضّوا من حوله.
قال زهير: وهي قراءة من خفض حوله.
وقال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ. قال: فأتيت النّبيّ صلى الله عليه وسلّم. فأخبرته بذلك.
فأرسل إلى عبد الله بن أبيّ فسأله فاجتهد يمينه ما فعل.
فقال: كذب زيد رسول الله صلى الله عليه وسلّم. قال: فوقع في نفسي ممّا قالوه شدّة. حتّى أنزل الله تصديقي: إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ (المنافقون/ 1) . قال: ثمّ دعاهم النّبيّ صلى الله عليه وسلّم ليستغفر لهم. قال فلوّوا رؤوسهم. وقوله: كأنّهم خشب مسنّدة. وقال: كانوا رجالا أجمل شيء) * «3» .
18-* (عن أنس- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلى الله عليه وسلّم قال: «العبد إذا وضع فى قبره وتولّي وذهب أصحابه- حتّى إنّه ليسمع قرع نعالهم- أتاه ملكان فأقعداه فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرّجل محمّد صلى الله عليه وسلّم؟ فيقول: أشهد أنّه عبد الله ورسوله. فيقال: انظر إلى مقعدك من النّار، أبدلك الله به مقعدا من الجنّة.
قال النّبيّ صلى الله عليه وسلّم فيراهما جميعا. وأمّا الكافر- أو المنافق- فيقول: لا أدري، كنت أقول ما يقول النّاس. فيقال: لا دريت، ولا تليت. ثمّ يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه، فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلّا الثّقلين» ) * «4» .
19-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:
قالوا: يا رسول الله، هل نرى ربّنا يوم القيامة؟ قال: «هل
__________
(1) البخاري- الفتح 7 (4274) ، ومسلم (2494) .
(2) البخاري- الفتح 5 (2441) واللفظ له، ومسلم (2768) .
(3) البخاري- الفتح 8 (4903) ، ومسلم (2772) واللفظ له.
(4) البخاري- الفتح 3 (1338) واللفظ له، ومسلم (2870) .(11/5617)
تضارّون في رؤية الشّمس في الظّهيرة، ليست في سحابة؟» قالوا: لا. قال: «فهل تضارّون في رؤية القمر ليلة البدر ليس فى سحابة؟» قالوا: لا. قال: «فو الّذي نفسي بيده لا تضارّون في رؤية ربّكم إلّا كما تضارّون في رؤية أحدهما» . قال: «فيلقى العبد فيقول: أي فل «1» ، ألم أكرمك، وأسوّدك، وأزوّجك، وأسخّر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول: بلى. قال فيقول:
أفظننت أنّك ملاقيّ؟ فيقول: لا. فيقول: فإنّي أنساك كما نسيتني. ثمّ يلقى الثّاني فيقول: أي فل، ألم أكرمك، وأسوّدك؟، وأزوّجك، وأسخّر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول: بلى. أي ربّ، فيقول:
أفظننت أنّك ملاقيّ؟ فيقول: لا. فيقول: فإنّي أنساك كما نسيتني. ثمّ يلقى الثّالث فيقول له مثل ذلك. فيقول:
يا ربّ، آمنت بك وبكتابك وبرسلك وصلّيت وصمت وتصدّقت، ويثني بخير ما استطاع، فيقول: هاهنا إذا.
قال: ثمّ يقال له: الآن نبعث شاهدنا عليك. ويتفكّر في نفسه: من ذا الّذي يشهد عليّ؟ فيختم على فيه. ويقال لفخذه ولحمه وعظامه: انطقي. فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله. وذلك ليعذر من نفسه، وذلك المنافق.
وذلك الّذي يسخط الله عليه» ) *» .
20-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا أراد أن يخرج سفرا أقرع بين أزواجه، فأيّتهنّ خرج سهمها خرج بها معه. فأقرع بيننا في غزاة غزاها فخرج سهمي فخرجت معه بعد ما أنزل الحجاب، فأنا أحمل في هودج وأنزل فيه. فسرنا حتّى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلّم من غزوته تلك وقفل ودنونا من المدينة آذن ليلة بالرّحيل، فقمت حين آذنوا بالرّحيل فمشيت حتّى جاوزت الجيش، فلمّا قضيت شأني أقبلت إلى الرّحل فلمست صدري، فإذا عقد لي من جزع ظفار قد انقطع، فرجعت فالتمست عقدي، فحبسني ابتغاؤه. فأقبل الّذين يرحلون لي فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الّذي كنت أركب وهم يحسبون أنّي فيه، وكان النّساء إذ ذاك خفافا لم يثقلن ولم يغشهنّ اللّحم، وإنّما يأكلن العلقة من الطّعام. فلم يستنكر القوم حين رفعوه ثقل الهودج فاحتملوه، وكنت جارية حديثة السّنّ، فبعثوا الجمل وساروا، فوجدت عقدي بعد ما استمرّ الجيش، فجئت منزلهم وليس فيه أحد، فأممت منزلي الّذي كنت به فظننت أنّهم سيفقدونني فيرجعون إليّ. فبينا أنا جالسة غلبتني عيناي فنمت، وكان صفوان بن المعطّل السّلميّ ثمّ الذّكوانيّ من وراء الجيش، فأصبح عند منزلي، فرأي سواد إنسان نائم، فأتاني وكان يراني قبل الحجاب- فاستيقظت باسترجاعه حتّى أناخ راحلته فوطىء يدها فركبتها. فانطلق يقود بي الرّاحلة حتّى أتينا الجيش بعد ما نزلوا معرّسين في نحر الظّهيرة. فهلك من هلك.
وكان الّذي تولّى الإفك عبد الله بن أبيّ ابن سلول.
فقدمنا المدينة فاشتكيت بها شهرا، والنّاس يفيضون من قول أصحاب الإفك، ويريبني في وجعي أنّي لا
__________
(1) أي فل: أي يا فلان. قال ابن مالك رحمه الله تعالى في ألفيته: وفل بعض ما يخص بالندا فلا يقال: فل بالتسكين، بل: يا فل أو: يا فل.
(2) مسلم (2968) ، وله أصل عند البخاري برقم (4581) .(11/5618)
أرى من النّبيّ صلى الله عليه وسلّم اللّطف الّذي كنت أرى منه حين أمرض، إنّما يدخل فيسلّم ثمّ يقول: كيف تيكم؟ لا أشعر بشيء من ذلك حتّى نقهت فخرجت أنا وأمّ مسطح قبل المناصع متبرّزنا، لا نخرج إلّا ليلا إلى ليل، وذلك قبل أن نتّخذ الكنف قريبا من بيوتنا، وأمرنا أمر العرب الأول في البرّيّة أو في التّنزّه. فأقبلت أنا وأمّ مسطح بنت أبي رهم نمشي، فعثرت في مرطها فقالت:
تعس مسطح. فقلت لها: بئس ما قلت، أتسبيّن رجلا شهد بدرا؟ فقالت: يا هنتاه، ألم تسمعي ما قالوا؟
فأخبرتني بقول أهل الإفك، فازددت مرضا على مرضي. فلمّا رجعت إلى بيتي دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال: كيف تيكم؟ فقلت: ائذن لي إلى أبويّ- قالت:
وأنا حينئذ أريد أن أستيقن الخبر من قبلهما- فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلّم. فأتيت أبويّ، فقلت لأمّي: ما يتحدّث به النّاس؟ فقالت: يا بنيّة، هوّني على نفسك الشّأن، فو الله لقلّما كانت امرأة قطّ وضيئة عند رجل يحبّها ولها ضرائر إلّا أكثرن عليها. فقلت: سبحان الله! ولقد يتحدّث النّاس بهذا؟ قالت: فبتّ تلك اللّيلة حتّى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم. ثمّ أصبحت. فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلّم عليّ بن أبي طالب وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي يستشيرهما في فراق أهله. فأمّا أسامة فأشار عليه بالّذي يعلم في نفسه من الودّ لهم. فقال أسامة: أهلك يا رسول الله، ولا نعلم والله إلّا خيرا. وأمّا عليّ بن أبي طالب فقال: يا رسول الله، لم يضيّق الله عليك. والنّساء سواها كثير، وسل الجارية تصدقك. فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بريرة فقال: يا بريرة، هل رأيت فيها شيئا يريبك؟ فقالت بريرة: لا والّذي بعثك بالحقّ، إن رأيت منها أمرا أغمصه عليها قطّ أكثر من أنّها جارية حديثة السّنّ تنام عن العجين فتأتي الدّاجن فتأكله. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلّم من يومه.
فاستعذر من عبد الله بن أبيّ ابن سلول. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي؟ فو الله ما علمت على أهلي إلّا خيرا، وقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلّا خيرا، وما كان يدخل على أهلي إلّا معي. فقام سعد بن معاذ فقال: يا رسول الله، والله أنا أعذرك منه، إن كان من الأوس ضربنا عنقه، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا فيه أمرك. فقام سعد بن عبادة وهو سيّد الخزرج- وكان قبل ذلك رجلا صالحا، ولكن احتملته الحميّة- فقال: كذبت لعمر الله، والله لا تقتله ولا تقدر على ذلك. فقام أسيد بن الحضير فقال: كذبت لعمر الله، والله لنقتلنّه، فإنّك منافق تجادل عن المنافقين. فثار الحيّان الأوس والخزرج حتّى همّوا، ورسول الله صلى الله عليه وسلّم على المنبر. فنزل فخفضهم حتّى سكتوا وسكت. وبكيت يومي لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم، فأصبح عندي أبواي وقد بكيت ليلتي ويوما حتّى أظنّ أنّ البكاء فالق كبدي. قالت: فبينا هما جالسان عندي وأنا أبكي إذ استأذنت امرأة من الأنصار فأذنت لها فجلست تبكي معي. فبينا نحن كذلك إذ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلّم فجلس ولم يجلس عندي من يوم قيل فيّ ما قيل قبلها. وقد مكث شهرا لا يوحى إليه في شأني شيء.
قالت: فتشهّد ثمّ قال: «يا عائشة، فإنّه بلغني عنك كذا وكذا. فإن كنت بريئة فسيبرّئك الله، وإن كنت ألممت(11/5619)
بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإنّ العبد إذا اعترف بذنبه ثمّ تاب تاب الله عليه. فلمّا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلّم مقالته قلص دمعي حتّى ما أحسّ منه قطرة، وقلت لأبي: أجب عنّي رسول الله صلى الله عليه وسلّم. قال: والله لا أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلّم. فقلت لأمّي: أجيبي عنّي رسول الله صلى الله عليه وسلّم. قالت: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلّم.
قالت: وأنا جارية حديثة السّنّ لا أقرأ كثيرا من القرآن، فقلت: إنّي والله لقد علمت أنّكم سمعتم ما يتحدّث به النّاس ووقر في أنفسكم وصدّقتم به، وإن قلت لكم إنّي بريئة- والله يعلم أنّي بريئة- لا تصدّقونني بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر- والله يعلم أنّي بريئة- لتصدّقنّي. والله ما أجد لي ولكم مثلا إلّا أبا يوسف إذ قال: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ (يوسف/ 18) . ثمّ تحوّلت على فراشى وأنا أرجو أن يبرّئني الله، ولكن والله ما ظننت أن ينزل في شأني وحيا، ولأنا أحقر في نفسي من أن يتكلّم بالقرآن في أمري.
ولكنّنى كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلّم في النّوم رؤيا تبرّئني، فو الله ما رام مجلسه ولا خرج أحد من أهل البيت حتّى أنزل عليه الوحي. فأخذه ما يأخذه من البرحاء، حتّى إنّه ليتحدّر منه مثل الجمان من العرق في يوم شات. فلمّا سرّي عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو يضحك، فكان أوّل كلمة تكلّم بها أن قال لي: «يا عائشة، احمدي الله، فقد برّأك الله» . قالت لي أمّي: قومي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم. فقلت: لا والله لا أقوم إليه، ولا أحمد إلّا الله.
فأنزل الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ (النور/ 11) الآيات. فلمّا أنزل الله هذا في براءتي، قال أبو بكر الصّدّيق- رضي الله عنه- وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه- والله لا أنفق على مسطح بشيء أبدا بعد أن قال لعائشة، فأنزل الله تعالى وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا إلى قوله غَفُورٌ رَحِيمٌ (النور/ 22) . فقال أبو بكر: بلى والله، إنّي لأحبّ أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح الّذي كان يجري عليه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يسأل زينب بنت جحش عن أمري، فقال:
يا زينب، ما علمت؟ ما رأيت؟ فقالت: يا رسول الله، أحمي سمعي وبصري، والله ما علمت عليها إلّا خيرا. قالت:
وهي الّتي كانت تساميني. فعصمها الله بالورع» ) * «1»
21-* (عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- قال: كان معاذ يصلّى مع النّبيّ صلى الله عليه وسلّم ثمّ يأتي فيؤمّ قومه. فصلّى ليلة مع النّبيّ صلى الله عليه وسلّم العشاء، ثمّ أتى قومه
فأمّهم، فافتتح بسورة البقرة، فانحرف رجل فسلّم، ثمّ صلّى وحده وانصرف، فقالوا له: أنافقت يا فلان؟ قال: لا. والله لآتينّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم فلأخبرنّه، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله، إنّا أصحاب نواضح «2» . نعمل بالنّهار، وإنّ معاذا صلّى معك العشاء، ثمّ أتى فافتتح بسورة البقرة. فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلّم على معاذ فقال: «يا معاذ، أفتّان أنت؟ اقرأ بكذا، واقرأ بكذا» ) * «3» .
__________
(1) البخاري- الفتح 5 (2661) واللفظ له، ومسلم (2770) .
(2) أصحاب نواضح أي نسقى زرعنا بالدّلاء.
(3) البخاري- الفتح 2 (705) ، ومسلم (465) واللفظ له.(11/5620)
22-* (عن بريدة بن الحصيب- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «لا تقولوا للمنافق سيّد فإنّه إن يك سيّدا فقد أسخطتم ربّكم- عزّ وجلّ-» ) * «1» .
23-* (عن البراء يحدّث عن النّبيّ صلى الله عليه وسلّم أنّه قال- في الأنصار-: «لا يحبّهم إلّا مؤمن ولا يبغضهم إلّا منافق. من أحبّهم أحبّه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله» ) * «2» .
24-* (عن حنظلة الأسيديّ «3» قال- وكان من كتّاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم- قال: لقيني أبو بكر فقال:
كيف أنت يا حنظلة؟ قال: قلت: نافق حنظلة. قال:
سبحان الله! ما تقول؟ قال: قلت: نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلّم، يذكّرنا بالنّار والجنّة، حتّى كأنّا رأي عين «4» ، فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلّم عافسنا «5» الأزواج والأولاد والضّيعات «6» فنسينا كثيرا. قال أبو بكر:
فو الله إنّا لنلقى مثل هذا. فانطلقت أنا وأبوبكر حتّى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلّم. قلت: نافق حنظلة، يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «وما ذاك؟» قلت: يا رسول الله، نكون عندك تذكّرنا بالنّار والجنّة، حتّى كأنّا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك، عافسنا الأزواج والأولاد والضّيعات، نسينا كثيرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «والّذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي، وفي الذّكر، لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، يا حنظلة، ولكن ساعة وساعة (ثلاث مرّات) » ) * «7» .
25-* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: لمّا توفّي عبد الله بن أبيّ ابن سلول، جاء ابنه، عبد الله بن عبد الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم. فسأله أن يعطيه قميصه يكفّن فيه أباه. فأعطاه. ثمّ سأله أن يصلّي عليه. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلّم ليصلّي عليه. فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلّم. فقال: يا رسول الله، أتصلّي عليه وقد نهاك الله أن تصلّي عليه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إنّما خيّرني الله فقال: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً (التوبة/ 80) . وسأزيده على سبعين» قال: إنّه منافق.
فصلّى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلّم. فأنزل الله عزّ وجلّ: وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ (التوبة/ 84) » ) * «8» .
26-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:
قال النّبيّ صلى الله عليه وسلّم: «ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء. ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو
__________
(1) أبو داود 4 (4977) واللفظ، وقال محقق جامع الأصول (11/ 731) : وإسناده صحيح.
(2) البخاري. الفتح 7 (3783) ، ومسلم (75) واللفظ له.
(3) الأسيدي: ضبطوه بوجهين: أحدهما واشهرهما ضم الهمزة وفتح السين وكسر الياء المشددة. والثاني كذلك إلا أنه بإسكان الياء. ولم يذكر القاضي إلا هذا الثاني. وهو منسوب إلى بني أسيد، بطن من بني تميم.
(4) حتى كأنا رأي عين: قال القاضي: ضبطوه رأي عين، بالرفع. أي: كإنا بحال من يراها بعينه. قال: ويصح النصب على المصدر، أي نراها رأي عين.
(5) عافسنا: قال الهروي وغيره: معناه حاولنا ذلك ومارسناه واشتغلنا به، أي عالجنا معايشنا وحظوظنا.
(6) والضيعات: جمع ضيعة، وهي معاش الرجل من مال أو حرفة أو صناعة.
(7) مسلم (2750) .
(8) البخاري- الفتح 8 (4672) ، ومسلم (2774) واللفظ له.(11/5621)
حبوا. لقد هممت أن آمر المؤذّن فيقيم، ثمّ آمر رجلا يؤمّ النّاس، ثمّ آخذ شعلا من نار فأحرّق على من لا يخرج إلى الصّلاة بعد) * «1» .
27-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «ليس من بلد إلّا سيطؤه الدّجّال. إلّا مكّة والمدينة. وليس نقب من أنقابها إلّا عليه الملائكة صافّين تحرسها. فينزل بالسّبخة «2» .
فترجف المدينة ثلاث رجفات. يخرج إليه منها كلّ كافر ومنافق» ) * «3» .
28-* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما- عن النّبيّ صلى الله عليه وسلّم قال: «مثل المنافق كمثل الشّاة العائرة «4» بين الغنمين. تعير إلى هذه مرّة، وإلى هذه مرّة» ) * «5» .
29-* (عن كعب بن مالك- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «مثل المؤمن كمثل الخامة من الزّرع، تفيئها الرّياح، تصرعها مرّة وتعدلها، حتّى يأتيه أجله. ومثل المنافق مثل الأرزة المجذية «6» التّي لا يصيبها شيء، حتّى يكون انجعافها «7» مرّة واحدة» ) * «8» .
30-* (عن أبي موسى- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلى الله عليه وسلّم قال: «المؤمن الّذي يقرأ القرآن ويعمل به كالأترجّة «9» طعمها طيّب وريحها طيّب. والمؤمن الذّي لا يقرأ القرآن ويعمل به كالتّمرة طعمها طيّب ولا ريح لها. ومثل المنافق الّذي يقرأ القرآن كالرّيحانة ريحها طيّب وطعمها مرّ. ومثل المنافق الّذي لا يقرأ القرآن كالحنظلة طعمها مرّ أو خبيث وريحها مرّ» ) * «10» .
31-* (عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- يسأل عن الورود فقال: نجيء نحن يوم القيامة عن كذا وكذا انظر أي ذلك فوق النّاس «11» .
قال فتدعى الأمم بأوثانها وما كانت تعبد الأوّل فالأوّل. ثمّ يأتينا ربّنا بعد ذلك فيقول: من تنظرون؟
فيقولون: ننظر ربّنا. فيقول: «أنا ربّكم. فيقولون: حتّى ننظر إليك، فيتجلّى لهم يضحك. قال فينطلق بهم ويتّبعونه. ويعطى كلّ إنسان منهم، منافق أو مؤمن نورا. ثمّ يتّبعونه. وعلى جسر جهنّم كلاليب وحسك، تأخذ من شاء الله. ثمّ يطفأ نور المنافقين، ثمّ ينجو
__________
(1) البخاري. الفتح 2 (657) واللفظ له، ومسلم (651) .
(2) بالسبخة: في القاموس: السبخة، محركة ومسكنة. أرض ذات نزّ وملح: سبخة وسبخة.
(3) البخاري- الفتح 13 (7124) ، ومسلم (2943) واللفظ له.
(4) العائرة: المترددة.
(5) مسلم (2784) .
(6) الأرزة المجذية: المكسورة أو المقطوعة.
(7) انجعافها: أي انقلاعها من الأرض.
(8) البخاري- الفتح 10 (5643) ، ومسلم (2810) واللفظ له.
(9) الأترجّ: فاكهة معروفة.
(10) البخاري- الفتح 9 (5059) واللفظ له، ومسلم (797) .
(11) «يوم القيامة عن كذا وكذا انظر أي ذلك فوق النّاس» : هكذا وقع هذا اللفظ في جميع الأصول من صحيح مسلم، واتفق المتقدمون والمتأخرون على أنه تصحيف وتغيير واختلاط في اللفظ، يقول القاضي عياض وصوابه: «نجيء يوم القيامة على قوم» وفي كتاب ابن خيثمة من طريق كعب بن مالك: «يحشر الناس يوم القيامة على تل، وأمتى على تل» وذكر الطبري من حديث ابن عمر «فيرقى هو- يعني محمد صلى الله عليه وسلّم وأمته على قوم فوق الناس يقول القاضي عياض: وقد أظلم هذا الحرف على الراوي أو امّحى فعبر عنه بكذا وكذا، وفسره بقوله: أي فوق الناس. وكتب عليه: انظر. تنبيها، فجمع النقلة الكل، ونسبوه على أنه من متن الحديث كما تراه.(11/5622)
المؤمنون. فتنجو أوّل زمرة وجوههم كالقمر ليلة البدر.
سبعون ألفا لا يحاسبون. ثمّ الّذين يلونهم كأضوإ نجم في السّماء. ثمّ كذلك. ثمّ تحلّ الشّفاعة، ويشفعون حتّى يخرج من النّار من قال: لا إله إلّا الله.
وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة. فيجعلون بفناء الجنّة. ويجعل أهل الجنّة يرشّون عليهم الماء حتّى ينبتوا نبات الشّيء في السّيل. ويذهب حراقه. ثمّ يسأل حتّى تجعل له الدّنيا وعشرة أمثالها معها» ) * «1» .
32-* (عن عليّ- رضي الله عنه- قال: والّذي فلق الحبّة وبرأ النّسمة، إنّه لعهد النّبيّ الأمّيّ صلى الله عليه وسلّم إليّ:
«أن لا يحبّني إلّا مؤمن، ولا يبغضني إلّا منافق» ) * «2» .
33-* (عن محمود بن الرّبيع الأنصاريّ، أنّ عتبان بن مالك- وهو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم- فقال: يا رسول الله، قد أنكرت بصري وأنا أصلّي لقومي، فإذا كانت الأمطار سال الوادي الّذي بيني وبينهم لم أستطع أن آتي مسجدهم فأصلّي بهم.
ووددت يا رسول الله أنّك تأتيني فتصلّي في بيتي فأتّخذه مصلّى. قال: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلّم: سأفعل إن شاء الله. قال عتبان: فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأبو بكر حين ارتفع النّهار فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلّم فأذنت له، فلم يجلس حتّى دخل البيت ثمّ قال: أين تحبّ أن أصلّي من بيتك؟ قال: فأشرت له إلى ناحية من البيت، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلّم فكبّر. فقمنا فصففنا فصلّى ركعتين ثمّ سلّم، قال: وحبسناه على خزيرة صنعناها له، قال:
فثاب في البيت رجال من أهل الدّار ذوو عدد فاجتمعوا، فقال قائل منهم: أين مالك ابن الدّخيش أو ابن الدّخشن-؟ فقال بعضهم: ذاك منافق لا يحبّ الله ورسوله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «لا تقل ذلك، ألا تراه قد قال لا إله إلّا الله، يريد بذلك وجه الله؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: فإنّ الله قد حرّم على النّار من قال «لا إله إلّا الله يبتغي بذلك وجه الله» قال ابن شهاب:
ثمّ سألت الحصين بن محمّد الأنصاريّ- وهو أحد بني سالم وهو من سراتهم- عن حديث محمود بن الرّبيع، فصدّقه بذلك) * «3» .
الأحاديث الواردة في ذمّ (النفاق) معنى
34-* (عن ابن مسعود- رضي الله عنه- قال: اجتمع عند البيت ثلاثة نفر. قرشيّان وثقفيّ. أو ثقفيّان وقرشيّ. قليل فقه قلوبهم. كثير شحم بطونهم.
فقال أحدهم: أترون الله يسمع ما نقول؟ وقال الآخر:
يسمع، إن جهرنا. ولا يسمع إن أخفينا. وقال الآخر:
إن كان يسمع إذا جهرنا فهو يسمع إذا أخفينا. فأنزل الله- عزّ وجلّ-: وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ (فصلت/ 22) الآية» ) * «4» .
35-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه-: أنّ
__________
(1) مسلم (191) .
(2) مسلم (78) .
(3) البخاري- الفتح 1 (425) واللفظ له، ومسلم (33) .
(4) البخاري- الفتح 8 (4816) ، ومسلم (2775) واللفظ له.(11/5623)
رجلا قال: يا رسول الله، رجل يريد الجهاد في سبيل الله، وهو يبتغي عرضا من عرض الدّنيا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «لا أجر له» فأعظم ذلك النّاس، وقالوا للرّجل: عد لرسول الله صلى الله عليه وسلّم فلعلّك لم تفهمه، فقال:
يا رسول الله، رجل يريد الجهاد في سبيل الله وهو يبتغى عرضا من الدّنيا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «لا أجر له» فقالوا للرّجل: عد لرسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال له الثّالثة) «1» .
36-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «قال الله تعالى: أنا أغنى الشّركاء عن الشّرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه» ) * «2» .
37-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ شرّ النّاس ذو الوجهين الّذي يأتي هؤلاء بوجه، وهؤلاء بوجه» ) * «3» .
38-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «الإيمان يمان، والكفر قبل المشرق.
والسّكينة في أهل الغنم. والفخر والرّياء في الفدّادين «4» أهل الخيل والوبر» ) * «5» .
39-* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه- قال: بعث عليّ بن أبي طالب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم، من اليمن بذهيبة في أديم مقروظ»
، لم تحصّل من ترابها. قال: فقسمها بين أربعة نفر: بين عيينة بن بدر، وأقرع بن حابس، وزيد الخيل، والرّابع إمّا علقمة، وإمّا عامر بن الطّفيل. فقال رجل من أصحابه: كنّا نحن أحقّ بهذا من هؤلاء. فبلغ ذلك النّبيّ صلى الله عليه وسلّم فقال: «ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السّماء، يأتيني خبر السّماء صباحا ومساء» قال: فقام رجل غائر العينين. مشرف الوجنتين. ناشز الجبهة. كثّ اللّحية. محلوق الرّأس.
مشمّر الإزار فقال: يا رسول الله، اتّق الله. فقال: «ويلك أو لست أحقّ أهل الأرض أن يتّقي الله» ؟ قال: ثمّ ولّى الرّجل. قال خالد بن الوليد يا رسول الله ألا أضرب عنقه؟ قال: «لا. لعلّه أن يكون يصلّي» . فقال خالد:
وكم من مصلّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إنّي لم أومر أن أنقب قلوب النّاس. ولا أشقّ بطونهم» قال: ثمّ نظر إليه وهو مقفّ «7» فقال: «إنّه يخرج من ضئضىء هذا «8» قوم يتلون كتاب الله. رطبا لا يجاوز حناجرهم. يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّميّة» وأظنّه قال: «لئن أدركتهم لأقتلنّهم قتل ثمود» ) * «9» .
40-* (عن أبي موسى- رضي الله عنه- قال:
جاء رجل إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلّم فقال: الرّجل يقاتل حميّة ويقاتل شجاعة ويقاتل رياء. فأيّ ذلك في سبيل الله؟
__________
(1) أبو داود (2516) واللفظ له، والحاكم (2/ 85) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
(2) مسلم (2985) .
(3) البخاري- الفتح 13 (7179) .
(4) الفدادين: جمع فداد. وهم الذين تعلو أصواتهم في ابلهم وخيلهم وحروثهم، ونحو ذلك.
(5) مسلم (52) واللفظ له. وأصله عند البخاري- الفتح 7 (4388) .
(6) أديم مقروظ أى مدبوغ بالقرظ وهو حب معروف يخرج فى غلف كالعدس من شجر العضاه.
(7) مقف: أي مولّ.
(8) ضئضئ هذا: أى أصله.
(9) البخاري- الفتح 7 (4351) واللفظ له، ومسلم (1064) .(11/5624)
قال: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله» ) * «1» .
41-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «الخيل لثلاثة: لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر. فأمّا الّذي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله فأطال في مرج «2» أو روضة. فما أصابت في طيلها ذلك من المرج أو الرّوضة كانت له حسنات، ولو أنّها قطعت طيلها فاستنّت شرفا أو شرفين «3» كانت أرواثها وآثارها حسنات له، ولو أنّها مرّت بنهر فشربت منه ولم يرد أن يسقيها كان ذلك حسنات له. وأمّا الرّجل الّذي هي عليه وزر فهو رجل ربطها فخرا ورياء ونواء لأهل الإسلام فهي وزر على ذلك. وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن الحمر فقال: ما أنزل عليّ فيها إلّا هذه الآية الجامعة الفاذّة: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (الزلزلة/ 7- 8) » ) * «4» .
42-* (عن سلمة بن الأكوع- رضي الله عنه- قال: عدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم رجلا موعوكا. قال فوضعت يدي عليه فقلت: والله ما رأيت كاليوم رجلا أشدّ حرّا. فقال نبيّ الله صلى الله عليه وسلّم: «ألا أخبركم بأشدّ حرّا منه يوم القيامة؟ هذينك الرّجلين الرّاكبين المقفّيين «5» «لرجلين حينئذ من أصحابه «6» » ) * «7» .
43-* (عن معاذ بن جبل- رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أنّه قال: «الغزو غزوان، فأمّا من ابتغى وجه الله وأطاع الإمام وأنفق الكريمة، وياسر الشّريك، واجتنب الفساد. فإنّ نومه ونبهه أجر كلّه.
وأمّا من غزا فخرا ورياء وسمعة وعصى الإمام وأفسد في الأرض فإنّه لم يرجع بالكفاف» ) * «8» .
44-* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه- قال: قلنا يا رسول الله، هل نرى ربّنا يوم القيامة؟
قال: «هل تضارّون في رؤية الشّمس والقمر إذا كانت صحوا؟» قلنا: لا، قال: «فإنّكم لا تضارّون في رؤية ربّكم يومئذ إلّا كما تضارّون في رؤيتهما» ، ثمّ قال:
«ينادي مناد ليذهب كلّ قوم إلى ما كانوا يعبدون فيذهب أصحاب الصّليب مع صليبهم، وأصحاب الأوثان مع أوثانهم. وأصحاب كلّ آلهة مع آلهتهم. حتّى يبقى من كان يعبد الله من برّ أو فاجر وغبّرات من أهل الكتاب. ثمّ يؤتى بجهنّم تعرض كأنّها سراب، فيقال لليهود: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنّا نعبد عزيرا ابن الله، فيقال: كذبتم، لم يكن لله صاحبة ولا ولد. فما تريدون، قالوا: نريد أن تسقينا فيقال: اشربوا. فيتساقطون في جهنّم. ثمّ يقال للنّصارى: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون:
__________
(1) البخاري- الفتح 13 (7458) واللفظ له، ومسلم (1904) .
(2) المرج: الأرض ذات النبات والمرعى.
(3) فاستنت شرفا أو شرفين: استنت: أي جرت، والشرف: العالي من الأرض.
(4) البخاري- الفتح 6 (2860) واللفظ له، ومسلم (987) .
(5) المقفيين: المنصرفين، الموليين أقفيتهما.
(6) من أصحابه: سماهما (من أصحابه) لإظهارهما الإسلام والصحبة لا أنهما ممن نالته فضيلة الصحبة.
(7) مسلم (2783) .
(8) أبو داود (2515) واللفظ له، والحاكم في المستدرك (2/ 85) ، وقال: حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.(11/5625)
كنّا نعبد المسيح ابن الله، فيقال: كذبتم، لم يكن لله صاحبة ولا ولد. فما تريدون؟ فيقولون: نريد أن تسقينا:
فيقال: اشربوا. فيتساقطون حتّى يبقى من كان يعبد الله من برّ أو فاجر. فيقال لهم ما يحبسكم وقد ذهب النّاس فيقولون: فارقناهم ونحن أحوج منّا إليه اليوم. وإنّا سمعنا مناديا ينادي: ليلحق كلّ قوم بما كانوا يعبدون وإنّما ننتظر ربّنا. قال: فيأتيهم الجبّار فى صورة غير صورته الّتي رأوه فيها أوّل مرّة، فيقول: أنا ربّكم.
فيقولون أنت ربّنا، فلا يكلّمه إلّا الأنبياء فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه؟ فيقولون السّاق. فيكشف عن ساقه، فيسجد له كلّ مؤمن، ويبقى من كان يسجد لله رياء وسمعة فيذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقا واحدا ثمّ يؤتى بالجسر فيجعل بين ظهري جهنّم، قلنا يا رسول الله، وما الجسر؟ قال: مدحضة مزلة عليه خطاطيف وكلاليب وحسكة مفلطحة لها شوكة عقيفاء «1» تكون بنجد يقال لها السّعدان، المؤمن عليها كالطّرف وكالبرق وكالرّيح وكأجاويد الخيل والرّكاب فناج مسلّم وناج مخدوش ومكدوس في نار جهنّم حتّى يمرّ آخرهم يسحب سحبا فما أنتم بأشدّ لي مناشدة في الحقّ قد تبيّن لكم من المؤمن يومئذ للجبّار، وإذا رأوا أنّهم قد نجوا في إخوانهم يقولون: ربّنا، إخواننا الّذين كانوا يصلّون معنا ويصومون معنا ويعملون معنا، فيقول الله تعالى: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه، ويحرّم الله صورهم على النّار. فيأتونهم وبعضهم قد غاب في النّار إلى قدمه وإلى أنصاف ساقيه فيخرجون من عرفوا، ثمّ يعودون، فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار فأخرجوه فيخرجون من عرفوا ثمّ يعودون، فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرّة من إيمان فأخرجوه فيخرجون من عرفوا.
قال أبو سعيد فإن لم تصدّقوني فاقرأوا: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها (النساء/ 40) فيشفع النّبيّون والملائكة والمؤمنون، فيقول الجبّار بقيت شفاعتي فيقبض قبضة من النّار فيخرج أقواما قد امتحشوا فيلقون فى نهر بأفواه الجنّة يقال له ماء الحياة فينبتون في صافّتيه كما تنبت الحبّة في حميل السّيل قد رأيتموها إلى جانب الصّخرة إلى جانب الشّجرة، فما كان إلى الشّمس منها كان أخضر، وما كان منها إلى الظّلّ كان أبيض فيخرجون كأنّهم اللّؤلؤ فيجعل فى رقابهم الخواتيم فيدخلون الجنّة فيقول أهل الجنّة: هؤلاء عتقاء الرّحمن أدخلهم الجنّة بغير عمل عملوه ولا خير قدّموه، فيقال لهم: لكم ما رأيتم ومثله معه» ) * «2» .
45-* (عن أبي الطّفيل قال: كان بين رجل من أهل العقبة وبين حذيفة بعض ما يكون بين النّاس.
فقال: أنشدك بالله، كم كان أصحاب العقبة «3» ؟ قال:
فقال له القوم: أخبره إذ سألك. قال: كنّا نخبر أنّهم
__________
(1) عقيفاء. هكذا هي موجودة فى الفتح، وهى في صحيح البخارى «عقيفة» .
(2) البخاري- الفتح 13 (7439) واللفظ له، ومسلم (183) .
(3) العقبة: هذه في طريق تبوك يوم غزوة تبوك اجتمع فيها المنافقون للغدر برسول الله صلى الله عليه وسلّم.(11/5626)
أربعة عشر. فإن كنت منهم فقد كان القوم خمسة عشر.
وأشهد بالله أنّ اثني عشر منهم حرب لله ولرسوله في الحياة الدّنيا ويوم يقوم الأشهاد. وعذر ثلاثة. قالوا: ما سمعنا منادي رسول الله صلى الله عليه وسلّم ولا علمنا بما أراد القوم.
وقد كان في حرّة فمشى فقال: «إنّ الماء قليل. فلا يسبقني إليه أحد» فوجد قوما قد سبقوه. فلعنهم يومئذ» ) * «1» .
46- (عن جابر بن عبد الله أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلّم قال:
«لا تعلّموا العلم لتباهوا به العلماء، ولا لتماروا به السّفهاء، ولا تخيّروا به المجالس. فمن فعل ذلك فالنّار النّار» ) * «2» .
47-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت:
قال النّبيّ صلى الله عليه وسلّم: ما أظنّ فلانا وفلانا يعرفان من ديننا شيئا» ) * «3» .
قال اللّيث: كانا رجلين من المنافقين.
48-* (عن جندب- رضي الله عنه- قال:
قال النّبيّ صلى الله عليه وسلّم: ولم أسمع أحدا يقول: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلّم غيره، فدنوت منه فسمعته يقول: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلّم: من سمّع سمّع الله به، ومن يرائي يرائي الله به» ) * «4» .
49-* (عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «من يصعد الثّنيّة، ثنيّة المرار، فإنّه يحطّ عنه ما حطّ عن بني إسرائيل» قال:
فكان أوّل من صعدها خيلنا، خيل بني الخزرج، ثمّ تتامّ النّاس. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «وكلّكم مغفور له، إلّا صاحب الجمل الأحمر» فأتيناه فقلنا له: تعال.
يستغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلّم. فقال: والله لأن أجد ضالّتي أحبّ إليّ من أن يستغفر لي صاحبكم. قال:
وكان رجل ينشد ضالّة له) * «5» .
50-* (عن عليّ- رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: سيخرج في آخر الزّمان قوم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البريّة، يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّميّة، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم، فإنّ في قتلهم أجرا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة» «6» .
51-* (عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما- أنه قال: يا رسول الله، أخبرني عن الجهاد والغزو، فقال: «يا عبد الله بن عمرو، إن قاتلت صابرا محتسبا بعثك الله صابرا محتسبا. وإن قاتلت مرائيا مكاثرا بعثك الله مرائيا مكاثرا، يا عبد الله بن عمرو على أيّ حال قاتلت أو قتلت بعثك الله على تيك الحال» ) * «7» .
__________
(1) مسلم (2779) .
(2) ابن ماجة (مقدمة: 254) ، وفي الزوائد رجال إسناده ثقات. والحاكم في المستدرك (1/ 86) مرفوعا وموقوفا بعدة روايات يدعم بعضها بعضا.
(3) البخاري- الفتح 10 (6067) .
(4) البخاري- الفتح 11 (6499) اللفظ له، ومسلم (2987) .
(5) مسلم (2880) .
(6) مسلم (1066) .
(7) أبو داود (2519) واللفظ له. والحاكم (2/ 85، 86) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.(11/5627)
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذمّ (النفاق)
1-* (روي فيما معناه عن عمر- رضي الله عنه-: «خشوع النّفاق أن ترى الجسد خاشعا والقلب ليس بخاشع» ) * «1» .
2-* (وروي عنه أنّه قال على المنبر: إنّ أخوف ما أخاف عليكم. المنافق العليم، قالوا: كيف يكون المنافق عليما؟ قال: يتكلّم بالحكمة، ويعمل بالجور، أو قال: المنكر» ) * «2» .
3-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت:
«شخص بصر النّبيّ صلى الله عليه وسلّم ثمّ قال: في الرّفيق الأعلى (ثلاثا) وقصّ الحديث. قالت: فما كان من خطبتهما من خطبة إلّا نفع الله بها، لقد خوّف عمر النّاس وإنّ فيهم لنفاقا فردّهم الله بذلك) * «3» .
4-* (عن حذيفة- رضي الله عنه- قال:
«ما بقي من أصحاب هذه الآية إلّا ثلاثة، ولا من المنافقين إلّا أربعة، فقال أعرابيّ: إنّكم أصحاب محمّد تخبروننا فلا ندري، فما بال هؤلاء الّذين يبقرون بيوتنا ويسرقون أعلاقنا؟ قال: «أولئك الفسّاق، أجل، لم يبق منهم إلّا أربعة، أحدهم شيخ كبير لو شرب الماء البارد لما وجد برده» ) * «4» .
5-* (عن حذيفة- رضي الله عنه- قال:
إنّما كان النّفاق على عهد النّبيّ صلى الله عليه وسلّم، فأمّا اليوم فإنّما هو الكفر بعد الإيمان) * «5» .
6-* (عن حذيفة بن اليمان- رضي الله عنهما- قال: إنّ المنافقين اليوم شرّ منهم على عهد النّبيّ صلى الله عليه وسلّم، كانوا يومئذ يسرّون، واليوم يجهرون) * «6» .
7-* (عن الأسود- رضي الله عنه- قال:
كنّا في حلقة عبد الله فجاء حذيفة حتّى قام علينا فسلّم ثمّ قال: لقد أنزل النّفاق على قوم خير منكم، قال الأسود: سبحان الله! إنّ الله يقول: إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ (النساء/ 145) . فتبسّم عبد الله، وجلس حذيفة في ناحية المسجد، فقام عبد الله، فتفرّق أصحابه، فرماني بالحصا فأتيته، فقال حذيفة: عجبت من ضحكه وقد عرف ما قلت، لقد أنزل النّفاق على قوم كانوا خيرا منكم ثمّ تابوا، فتاب الله عليهم) * «7» .
8-* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- قال: من سرّه أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصّلوات حيث ينادى بهنّ، فإنّ الله شرع لنبيّكم صلى الله عليه وسلّم سنن الهدى، وإنّهنّ من سنن الهدى، ولو أنّكم صلّيتم في بيوتكم كما يصلّي هذا المتخلّف في بيته لتركتم سنّة نبيّكم، ولو تركتم سنّة نبيّكم لضللتم، وما من رجل يتطهّر فيحسن الطّهور ثمّ يعمد إلى مسجد من
__________
(1) جامع العلوم والحكم (3770) .
(2) المرجع السابق (3770) .
(3) البخاري- الفتح 7 (3669) .
(4) البخاري- الفتح 8 (4658) .
(5) البخاري- الفتح 13 (7114) .
(6) البخاري- الفتح 13 (7113) .
(7) البخاري- الفتح 8 (4602) .(11/5628)
هذه المساجد إلّا كتب الله له بكلّ خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحطّ عنه بها سيّئة، ولقد رأيتنا وما يتخلّف عنها إلّا منافق، معلوم النّفاق، ولقد كان الرّجل يؤتى به يهادى بين الرّجلين حتّى يقام في الصّفّ) * «1» .
9-* (قال أناس لابن عمر- رضي الله عنهما-:
إنّا ندخل على سلطاننا فنقول لهم بخلاف ما نتكلّم إذا خرجنا من عندهم، قال: كنّا نعدّها نفاقا) * «2» .
10-* (قال عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه-: إنّ النّاس قد أحسنوا القول، فمن وافق قوله فعله فذاك الّذي أصاب حظّه، ومن خالف قوله فعله فذلك إنّما يوبّخ نفسه) * «3» .
11-* (وقال- رضي الله عنه- إنّكم ترون الكافر من أصحّ النّاس جسما وأمرضهم قلبا، وتلقون المؤمن من أصحّ النّاس قلبا وأمرضهم جسما، وايم الله لو مرضت قلوبكم وصحّت أجسامكم لكنتم أهون على الله من الجعلان) *» .
12-* (عن جابر بن سمرة قال: شكا أهل الكوفة سعدا إلى عمر- رضي الله عنه- فعزله، واستعمل عليهم عمّارا، فشكوا حتّى ذكروا أنّه لا يحسن يصلّي، فأرسل إليه فقال: يا أبا إسحاق، إنّ هؤلاء يزعمون أنّك لا تحسن تصلّي، قال أبو إسحاق:
أمّا أنا والله فإنّي كنت أصلّي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلّم ما أخرم عنها، أصلّي صلاة العشاء فأركد في الأوليين وأخفّ في الأخريين، قال: ذاك الظّنّ بك يا أبا إسحاق، فأرسل معه رجلا- أو رجالا- إلى الكوفة فسأل عنه أهل الكوفة، ولم يدع مسجدا إلّا سأل عنه، ويثنون معروفا، حتّى دخل مسجدا لبني عبس، فقام رجل منهم يقال له أسامة بن قتادة يكنى أبا سعدة، قال: أما إذ نشدتنا فإنّ سعدا كان لا يسير بالسّريّة، ولا يقسم بالسّويّة، ولا يعدل في القضيّة، قال سعد، أما والله لأدعونّ بثلاث: اللهمّ إن كان عبدك هذا كاذبا قام رياء وسمعة فأطل عمره، وأطل فقره، وعرّضه بالفتن، وكان بعد إذا سئل يقول: شيخ كبير مفتون، أصابتني دعوة سعد، قال عبد الملك: فأنا رأيته بعد قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر، وإنّه ليتعرّض للجواري في الطّرق يغمزهنّ) * «5» .
13-* (سمع رجل أبا الدّرداء يتعوّذ من النّفاق في صلاته، فلمّا سلّم قال له: ما شأنك وشأن النّفاق؟ فقال: اللهمّ اغفر لي ثلاثا، لا تأمن البلاء، والله إنّ الرّجل ليفتن في ساعة واحدة فينقلب عن دينه) * «6» .
14-* (عن عبد الرّحمن بن أبي حسين قال:
بلغني أنّ لقمان كان يقول: يا بنيّ لا تعلّم العلم لتباهي به العلماء، أو تماري به السّفهاء وترائي به في المجالس) * «7» .
15-* (سئل الإمام أحمد: ما تقول فيمن لا
__________
(1) مسلم 1 (654) .
(2) البخاري- الفتح 13 (7178) .
(3) الفوائد لابن القيم (201) .
(4) المرجع السابق (202) .
(5) البخاري- الفتح 2 (755) .
(6) جامع العلوم والحكم (378) .
(7) أحمد (1/ 190) ، وقال محقق المسند: إسناده صحيح.(11/5629)
يخاف على نفسه النّفاق، قال: ومن يأمن على نفسه النّفاق؟) * «1» .
16-* (قال ابن رجب: الخيانة في الأمانة من خصال النّفاق) * «2» .
من مضار (النفاق)
(1) المنافق لا يقبل الله منه عملا صالحا.
(2) المنافق مريض القلب يفرح إذا أصاب المسلمين ضرّ، ويحزن إذا انتصروا، ويتربّص بهم الدّوائر.
(3) المنافقون بخلاء، ولكن ينفقون أموالهم رئاء النّاس.
(4) المنافق ضالّ باعتقاده وعلمه وعمله.
(5) المنافقون والمراءون يتعذّبون بأموالهم في الدّنيا والآخرة.
(6) الشّدائد والمحن سرعان ما تظهر المنافق على حقيقته.
(7) المنافقون يلتمسون أدنى الأعذار للقعود عن الجهاد.
(8) المنافقون في كلّ مكان وزمان إخوة للكافرين والمشركين والملحدين يشدّون أزر بعضهم.
(9) النّفاق والرّياء يوردان أصحابهما المهالك في الدّنيا وغضب الله وأليم عقابه في الآخرة.
(10) وهو محبط للأعمال مهما كثرت.
وانظر (الآيات، الأحاديث، الآثار) الواردة في الرياء
__________
(1) جامع العلوم والحكم (378) .
(2) جامع العلوم والحكم (377) .(11/5630)
نقض العهد
النقض لغة:
النّقض مصدر نقضته أنقضه نقضا وهو مأخوذ من مادّة (ن ق ض) الّتي تدلّ على نكث شيء، وربّما دلّ على معنى من المعاني وعلى جنس من الصّوت ... والنّقض في الشّعر من هذا كأنّه يريد أن ينقض ما أرّبه صاحبه «1» . ونقض العهد منه أيضا «2» .
يقول الجوهريّ: النّقض: نقض البناء والحبل والعهد ... والانتقاض: الانتكاث، وتنقّضت الأرض عن الكمأة أي تفطّرت.. والنّقض: المنقوض مثل النّكث «3» .
ونقض البناء: هدمه، وجعل الزّمخشريّ نقض العهد من المجاز.. ونقضه ينقضه نقضا وانتقض، وتناقض. وانتقض الأمر بعد التئامه، وانتقض أمر الثّغر بعد سدّه، ونقيضك: الّذي يخالفك، والأنثى بالهاء «4» .
والنّقض اسم البناء المنقوض إذا هدم..
ونقضت الحبل نقضا: حللت برمه، ومنه يقال:
نقضت ما أبرمه، إذا أبطلته، وانتقضت الطّهارة:
بطلت، وانتقض الجرح بعد برئه والأمر بعد التئامه، فسد «5» .
وقال ابن منظور: أصل الكلمة نقض ينقض من باب قتل يقتل، والنّقض والنّقض (بالكسر والضّمّ) مثل الحمل والقفل. واقتصر الأزهريّ على الضّمّ، واقتصر بعضهم على الكسر ومعناه: إفساد ما أبرمت من عقد أو بناء، ويقال: نقض البناء والحبل والعهد يعني غيّره، كما يقال نقض البناء إذا هدم، وأمّا المناقضة في القول: فمعناها أن يتكلّم بما يتناقض معناه. والتّناقض: الانتكاث، ويقال: نقضت ما أبرمه:
إذا حللته «6» .
العهد لغة:
وأمّا العهد فهو: اليمين والأمان والوصيّة والموثق والذّمّة، ومنه قيل للحربيّ يدخل بالأمان: ذو عهد ومعاهد (بكسر الهاء وفتحها) ؛ وذلك لأنّ العهد لا يكون إلّا من اثنين فكلّ واحد يفعل بصاحبه مثل
__________
(1) أرّبه: من قولهم: أرّب العقد: أحكمه، والتأريب: الإحكام فكأن ناقض الشعر ينقض إحكامه الذي صنعه الشاعر.
(2) المقاييس (5/ 470، 471) .
(3) الصحاح (3/ 1110) .
(4) التاج (10/ 169، 171) .
(5) المصباح المنير (238) .
(6) الصحاح (3/ 1110) ، ولسان العرب (8/ 4524) . والمصباح المنير (2/ 621- 622) .(11/5631)
ما يفعله صاحبه به، فكلّ واحد من المتعاهدين فاعل ومفعول- والمعاهدة: المعاقدة والمحالفة، وتقول:
عهدت إليه بكذا: أي أوصيته، ومنه اشتقّ العهد الّذي يكتب للولاة «1» .
النقض اصطلاحا:
قال الرّاغب: النّقض: انتثار العقد من البناء والحبل والعقد، وهو ضدّ الإبرام، ومن نقض الحبل والعقد استعير نقض العهد «2» .
وقال القرطبيّ: النّقض: إفساد ما أبرمته من بناء أو حبل أو عهد «3» .
العهد اصطلاحا:
قال الجرجانيّ: العهد: حفظ الشّيء ومراعاته حالا بعد حال. هذا أصله ثمّ استخدم في الموثق الّذي يلزم مراعاته «4» .
عهد الله اصطلاحا:
قال القرطبيّ في تفسير قوله تعالى: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ (البقرة/ 27) .
اختلف النّاس في تعيين هذا العهد فقيل: هو الّذي أخذه الله على بني آدم حين استخرجهم من ظهره.
وقيل: هو وصيّة الله تعالى إلى خلقه، وأمره إيّاهم بما أمرهم به من طاعته، ونهيه إيّاهم عمّا نهاهم عنه من معصيته في كتبه على ألسنة رسله، ونقضهم ذلك ترك العمل به. وقيل: بل نصب الأدلّة على وحدانيّته بالسّموات والأرض وسائر الصّنعة هو بمنزلة العهد ونقضهم ترك النّظر في ذلك. وقيل: هو ما عهده إلى من أوتي الكتاب أن يبيّنوا نبوّة محمّد صلى الله عليه وسلّم ولا يكتموا أمره. فالآية على هذا في أهل الكتاب. قال أبو إسحاق الزّجّاج: عهده- جلّ وعزّ- ما أخذه على النّبيّين ومن اتّبعهم ألّا يكفروا بالنّبيّ صلى الله عليه وسلّم. ودليل ذلك: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ (آل عمران/ 81) إلى قوله تعالى: وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي» أي عهدي «5» .
وقال الرّاغب: عهد الله تارة يكون بما ركزه في عقولنا، وتارة يكون بما أمرنا به بالكتاب وبالسّنّة، وتارة بما نلتزمه وليس بلازم في أصل الشّرع كالنّذور وما يجري مجراها «6» .
نقض العهد اصطلاحا:
عدم الوفاء بما أعلن الإنسان الالتزام به أو قطعه على نفسه من عهد أو ميثاق، سواء فيما بينه وبين الله تعالى أو فيما بينه وبين النّاس «7» .
الفرق بين العهد والعقد والميثاق:
الميثاق: هو العهد المؤكّد باليمين «8» .
والعهد أيضا: ما أخذه الله على بني آدم من
__________
(1) الصحاح (2/ 516) . ولسان العرب (5/ 3148- 3150) . والمصباح المنير (1/ 435) .
(2) المفردات (504) ، وقد اقتصر كل من الجرجاني والتهانوي على النقض عند الفلاسفة ولا يتعلق ذلك بما نحن فيه، انظر التعريفات (265) . وكشاف اصطلاحات الفنون (3/ 1410) .
(3) تفسير القرطبي (1/ 171) .
(4) التعريفات (165) ، المفردات للراغب (351) .
(5) تفسير القرطبي (1/ 171) .
(6) المفردات (350) .
(7) استنبطنا هذا التعريف مما ذكره اللغويون والمفسرون.
(8) تفسير القرطبي (1/ 171) .(11/5632)
الإقرار بربوبيّته ووحدانيّته، ويشمل أيضا ما أخذه على هذه الأمّة أن يوفّوا به ممّا أحلّ وحرّم وفوّض، ويتضمّن العهد أيضا ما يكون من اتّفاق بين المسلمين والمشركين.
أمّا العقد: فهو ما عقده الإنسان على نفسه للآخرين من بيع وشراء ونحوهما، أو ما عقده لله تعالى من الطّاعات كالحجّ والصّوم وغيرهما من العبادات، وقيل: العهد إلزام (مطلق) ، والعقد إلزام على سبيل الإحكام والاستيثاق. وقيل: العقود ما أحلّ الله وحرّم وفرض وحدّ في جميع الأشياء «1» .
الفرق بين النّقض والخيانة:
أنّ الخيانة تقتضي نقض العهد سرّا «2» ، أمّا النّقض فإنّه يكون سرّا وجهرا، ومن ثمّ يكون النّقض أعمّ من الخيانة ويرادفه الغدر، وضدّ الخيانة الأمانة، وضدّ النّقض: الإبرام.
حكم نقض العهد:
قال الذّهبيّ: الكبيرة الخامسة والأربعون:
الغدر وعدم الوفاء بالعهد، واحتجّ لذلك بقوله تعالى وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا (الإسراء/ 34) وبقوله- عزّ وجلّ-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ... (المائدة/ 1) وبعديد من الأحاديث منها «3» : الحديث الخامس (انظر الأحاديث الواردة في نقض العهد) .
أمّا الإمام ابن حجر فقد ذكر عدم الوفاء بالعهد على أنّه الكبيرة الثّالثة والخمسون، وقال: عدّ هذا من الكبائر هو ما وقع في كلام غير واحد «4» .
[للاستزادة: انظر صفات: الغدر- إفشاء السر الخيانة- التخاذل- التفريط والإفراط- التهاون- اتباع الهوى- الحرب والمحاربة.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: الوفاء- كتمان السر- المسئولية- الأمانة- الرجولة- الشهامة- السلم] .
__________
(1) انظر تفسير القرطبي (6/ 23، 24) ، والكبائر للذهبي 168، والزواجر لابن حجر (14) .
(2) انظر المفردات (163) ، وقارن بصفة الخيانة.
(3) الكبائر للذهبي (168، 169) .
(4) الزواجر لابن حجر (140) ، وفيه تفصيل كثير عن هذه الكبيرة والفرق بينها وبين عدم الوفاء بالوعد، فانظره هناك.(11/5633)
الآيات الواردة في «نقض العهد»
1-* إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ (26)
الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (27) «1»
2- يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ وَآتَيْنا مُوسى سُلْطاناً مُبِيناً (153) وَرَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثاقِهِمْ وَقُلْنا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُلْنا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (154) فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (155) وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً (156) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (158) وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً (159) «2»
3-* وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ (12)
فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ
__________
(1) البقرة: 26- 27 مدنية
(2) النساء: 153- 159 مدنية(11/5634)
مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13)
وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ (14) «1»
4- إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (55)
الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ (56)
فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57)
وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ (58)
وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ (59) «2»
5- أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (19)
الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ (20)
وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ (21)
وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22)
جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ (23)
سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)
وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (25) «3»
__________
(1) المائدة: 12- 14 مدنية
(2) الأنفال: 55- 59 مدنية
(3) الرعد: 19- 25 مكية(11/5635)
الأحاديث الواردة في ذمّ (نقض العهد)
1-* (عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما- أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «أربع من كنّ فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خلّة منهنّ كانت فيه خلّة من نفاق حتّى يدعها: إذا حدّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر» ) * «1» .
2-* (عن أنس- رضي الله عنه- أنّه قال: ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلّا قال: «لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له» ) * «2» .
3-* (عن بريدة- رضي الله عنه- أنّه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «ما نقض قوم العهد إلّا كان القتل بينهم، ولا ظهرت فاحشة في قوم قطّ إلّا سلّط الله عليهم الموت، ولا منع قوم الزّكاة إلّا حبس الله عنهم القطر» ) * «3» .
4-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلى الله عليه وسلّم أنّه قال: «من خرج من الطّاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهليّة، ومن قاتل تحت راية عمّيّة يغضب لعصبة، أو يدعو إلى عصبة، أو ينصر عصبة فقتل فقتلة جاهليّة، ومن خرج على أمّتي يضرب برّها وفاجرها ولا يتحاش من مؤمنها»
، ولا يفي لذي عهد عهده، فليس منّي، ولست منه) * «5» .
5-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «من علامات المنافق ثلاثة:
إذا حدّث كذب. وإذا وعد أخلف. وإذا ائتمن خان» ) * «6» .
6-* (عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- قال: أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال: «يا معشر المهاجرين، خمس إذا ابتليتم بهنّ، وأعوذ بالله أن تدركوهنّ: لم تظهر الفاحشة في قوم قطّ حتّى يعلنوا بها إلّا فشا فيهم الطّاعون والأوجاع الّتي لم تكن مضت في أسلافهم الّذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلّا أخذوا بالسّنين وشدّة المؤونة وجور السّلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلّا منعوا القطر من السّماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلّا سلّط الله عليهم عدوّا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمّتهم بكتاب الله، ويتخيّروا ممّا أنزل الله، إلّا جعل الله بأسهم بينهم» ) * «7» .
__________
(1) البخاري- الفتح 1 (34) . ومسلم (58) واللفظ له.
(2) أحمد (3/ 135) . ومكارم الأخلاق للخرائطي (48) برقم (75) . وذكره المنذري في الترغيب والترهيب (4/ 11) واللفظ له. وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني في الأوسط وابن حبان في صحيحه.
(3) كشف الأستار بزوائد البزار (4/ 104) رقم (3299) وقال: رواه ابن ماجه من حديث ابن عمر (2/ 4019) . وقال الهيثمي في المجمع (7/ 269) واللفظ له: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. وقال الألباني في الصحيحة (1/ 169) حديث (107) : صحيح.
(4) ولا يتحاش: وفي بعض النسخ يتحاشى. والمعنى لا يكترث بما يفعله ولا يخاف عقوبته. وإثبات الياء هو الأصوب.
(5) مسلم (1848) .
(6) البخاري- الفتح 1 (33) . ومسلم (59) واللفظ له.
(7) ابن ماجة (4019) واللفظ له. وقال في الزوائد: هذا حديث صالح للعمل به. والحاكم (4/ 540) وقال: صحيح-(11/5636)
الأحاديث الواردة في ذمّ (نقض العهد) معنى
7-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- أنّ رعلا وذكوان وعصيّة وبني لحيان استمدّوا رسول الله صلى الله عليه وسلّم على عدوّ فأمدّهم بسبعين من الأنصار كنّا نسمّيهم القرّاء في زمانهم كانوا يحتطبون بالنّهار، ويصلّون باللّيل حتى كانوا ببئر معونة قتلوهم وغدروا بهم، فبلغ النّبيّ صلى الله عليه وسلّم فقنت شهرا يدعو في الصّبح على أحياء من أحياء العرب: على رعل وذكوان وعصيّة وبني لحيان. قال أنس: فقرأنا فيهم قرآنا، ثمّ إنّ ذلك رفع: «بلّغوا عنّا قومنا أنّا لقينا ربّنا فرضي عنّا وأرضانا» . وعن قتادة عن أنس بن مالك حدّثه: «أنّ نبيّ الله صلى الله عليه وسلّم قنت شهرا في صلاة الصّبح يدعو على أحياء من أحياء العرب: على رعل وذكوان وعصيّة وبني لحيان» ) * «1» .
8-* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أنّه جمع بنيه وأهله- لمّا خلع النّاس يزيد بن معاوية- ثمّ تشهّد ثمّ قال: أمّا بعد فإنّا قد بايعنا هذا الرّجل على بيع الله ورسوله، وإنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول:
«إنّ الغادر ينصب له لواء يوم القيامة يقال: هذه غدرة فلان. وإنّ من أعظم الغدر- أن لا يكون له الإشراك بالله تعالى- أن يبايع رجل رجلا على بيع الله ورسوله صلى الله عليه وسلّم ثمّ ينكث بيعته فلا يخلعنّ أحد منكم يزيد ولا يسرفنّ أحد منكم في هذا الأمر فيكون صلى الله عليه وسلّم بيني وبينه» ) * «2» .
9-* (قال يزيد بن شريك التّيميّ أبو إبراهيم التّيميّ: خطبنا عليّ- رضي الله عنه- على منبر من آجرّ وعليه سيف فيه صحيفة معلّقة فقال: «والله ما عندنا من كتاب يقرأ إلّا كتاب الله وما في هذه الصّحيفة فنشرها فإذا فيها أسنان الإبل، وإذا فيها:
المدينة حرم من عير إلى كذا، فمن أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا، وإذا فيه: ذمّة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا. وإذا فيه: من ولي قوما بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والنّاس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا) * «3» .
10-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «ألا من قتل نفسا معاهدا له ذمّة الله وذمّة رسوله فقد أخفر بذمّة الله فلا يرح رائحة الجنّة، وإنّ ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفا» ) * «4» .
11-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه-
__________
- ووافقه الذهبي. والمنذري في الترغيب والترهيب (2/ 568- 570) . وذكره الألباني في صحيح الجامع (6/ 306) رقم (7855) . والصحيحة (1/ 167- 168) رقم (106) وعزاه أيضا إلى الحلية ومسند الروياني.
(1) البخاري- الفتح 7 (4090) واللفظ له. ومسلم (677) .
(2) أحمد (2/ 48) رقم (5088) واللفظ له. وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح (7/ 112) . والمرفوع منه في الصحيحين. كما في البخاري (10/ 464) . ومسلم (1735) .
(3) البخاري- الفتح 13 (7300) واللفظ له.. ومسلم (1370) .
(4) الترمذي (1403) وقال: حسن صحيح، وابن ماجه (2687) .(11/5637)
قال: «بعث النّبيّ صلى الله عليه وسلّم سريّة عينا وأمّر عليهم عاصم ابن ثابت- وهو جدّ عاصم بن عمر بن الخطّاب- فانطلقوا، حتّى إذا كان بين عسفان ومكّة ذكروا لحيّ من هذيل يقال لهم بنو لحيان، فتبعوهم بقريب من مائة رام، فاقتصّوا آثارهم حتّى أتوا منزلا نزلوه، فوجدوا فيه نوى تمر تزوّدوه من المدينة فقالوا: هذا تمر يثرب، فتبعوا آثارهم حتّى لحقوهم، فلمّا انتهى عاصم وأصحابه لجؤوا إلى فدفد، وجاء القوم فأحاطوا بهم فقالوا: لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا أن لا نقتل منكم رجلا. فقال عاصم: أمّا أنا لا أنزل في ذمّة كافر.
اللهمّ، أخبر عنّا نبيّك. فقاتلوهم حتّى قتلوا عاصما في سبعة نفر بالنّبل، وبقي خبيب وزيد ورجل آخر فأعطوهم العهد والميثاق فلمّا أعطوهم العهد والميثاق نزلوا إليهم فلمّا استمكنوا منهم حلّوا أوتار قسيّهم فربطوهم بها، فقال الرّجل الثّالث معهما: هذا أوّل الغدر، فأبى أن يصحبهم فجرّروه وعالجوه على أن يصحبهم فلم يفعل فقتلوه، وانطلقوا بخبيب وزيد حتّى باعوهما بمكّة، فاشترى خبيبا بنو الحارث بن عامر بن نوفل- وكان خبيب هو قتل الحارث يوم بدر- فمكث عندهم أسيرا حتّى إذا أجمعوا قتله استعار موسى من بعض بنات الحارث ليستحدّ بها فأعارته. قالت: فغفلت عن صبيّ لي، فدرج إليه حتّى أتاه فوضعه على فخذه، فلمّا رأيته فزعت فزعة عرف ذاك منّي- وفي يده الموسى- فقال: أتخشين أن أقتله؟ ما كنت لأفعل ذلك إن شاء الله. وكانت تقول:
ما رأيت أسيرا قطّ خيرا من خبيب، لقد رأيته يأكل من قطف عنب- وما بمكّة يومئذ ثمرة- وإنّه لموثق في الحديد، وما كان إلّا رزق رزقه الله «1» فخرجوا به من الحرم ليقتلوه فقال: دعوني أصلّي ركعتين، ثمّ انصرف إليهم فقال: لولا أن تروا أنّ ما بي جزع من الموت لزدت فكان أوّل من سنّ الرّكعتين عند القتل هو. ثمّ قال: اللهمّ أحصهم عددا. ثمّ قال:
ما إن أبالي حين أقتل مسلما ... على أيّ شق كان لله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلو ممزّع
ثمّ قام إليه أبو سروعة عقبة بن الحارث فقتله، وبعثت قريش إلى عاصم ليؤتوا بشيء من جسده يعرفونه- وكان عاصم قتل عظيما من عظمائهم يوم بدر- فبعث الله عليه مثل الظّلّة من الدّبر «2» فحمته من رسلهم، فلم يقدروا منه على شيء» ) * «3» .
12-* (عن عبد الرّحمن بن عوف- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلى الله عليه وسلّم قال: شهدت حلف المطيّبين مع عمومتي،- وأنا غلام- فما أحبّ أنّ لي حمر النّعم وأنّي أنكثه» .
قال الزّهريّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «لم يصب
__________
(1) هكذا هو في الأصل. والسياق يقضي بنصب لفظ (رزق) على أنه خبر كان، ولم يتعرض ابن حجر لذلك في شرحه الفتح (7/ 443) ولعله على تقدير مبتدأ والأصل: وما كان القطف إلا وجوده رزق.. الخ والجملة في محل نصب خبر كان.
(2) الظلة من الدبر: أي السحاب من النحل أو الزنابير.
(3) البخاري- الفتح 7 (4086) .(11/5638)
الإسلام حلفا إلّا زاده شدّة، ولا حلف في الإسلام» وقد ألّف رسول الله صلى الله عليه وسلّم بين قريش والأنصار) * «1» .
13-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «الصّلاة المكتوبة إلى الصّلاة الّتي بعدها كفّارة لما بينهما، والجمعة إلى الجمعة، والشّهر إلى الشّهر- يعني رمضان إلى رمضان كفّارة لما بينهما» ثمّ قال بعد ذلك: «إلّا من ثلاث» قال: فعرفت أنّ ذلك الأمر حدث: «إلّا من الإشراك بالله، ونكث الصّفقة، وترك السّنّة» قال: «أمّا نكث الصّفقة أن تبايع رجلا ثمّ تخالف إليه، تقاتله بسيفك، وأمّا ترك السّنّة:
فالخروج من الجماعة» ) * «2» .
14-* (عن رفاعة بن شدّاد أنّه قال: كنت أقوم على رأس المختار فلمّا تبيّنت كذابته هممت وايم الله أن أسلّ سيفي فأضرب عنقه حتّى ذكرت حديثا حدّثنيه عمرو بن الحمق أنّه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «من أمّن رجلا على نفسه فقتله أعطي لواء الغدر يوم القيامة» ) * «3» .
15-* (عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «من أعطى بيعة ثمّ نكثها لقي الله وليس معه يمينه» ) * «4» .
16-* (عن حذيفة بن اليمان- رضي الله عنهما- أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «من شرط لأخيه شرطا لا يريد أن يفي له به فهو كالمدلّي جاره إلى غير منعة» ) * «5» .
17-* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «من صلّى صلاة الصّبح فله ذمّة الله فلا تخفروا الله ذمّته فإنّه من أخفر ذمّته طلبه الله حتّى يكبّه على وجهه» ) * «6» .
18-* (عن عمرو بن عبسة- رضي الله عنه- أنّه قال: كان معاوية يسير في أرض الرّوم- وكان بينه وبينهم أمد- فأراد أن يدنو منهم فإذا انقضى الأمد غزاهم فإذا شيخ على دابّة يقول: الله أكبر، الله أكبر، وفاء لا غدر، إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «من كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلّ عقدة ولا يشدّها حتّى يمضي أمدها أو ينبذ إليهم على سواء» فبلغ ذلك معاوية، فرجع) * «7» .
__________
(1) أحمد (1/ 190) وقال الشيخ أحمد شاكر (3/ 121- 122) : إسناده صحيح. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 172) وقال: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار ورجال حديث عبد الرحمن رجال الصحيح وكذلك مرسل الزهري.
(2) أحمد (2/ 229) برقم (7129) وقال الشيخ أحمد شاكر (12/ 98- 101) : صحيح. والحاكم (1/ 119- 120) وقال: صحيح على شرط مسلم وأقره الذهبي. وذكره في المجمع وقال: بعضه في الصحيحين.
(3) ابن ماجة (2688) وقال في الزوائد: إسناده صحيح ورجاله ثقات. وأحمد (5/ 223) واللفظ له.
(4) ذكره الحافظ ابن حجر في الفتح (13/ 218) وقال: أخرجه الطبراني بسند جيد.
(5) أحمد (5/ 404) وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (4/ 167، 205) : رواه أحمد وفيه الحجاج بن أرطاة وبقية رجاله رجال الصحيح، فهو حديث حسن.
(6) أحمد (2/ 111) رقم (5898) . وقال الشيخ أحمد شاكر (8/ 154) : إسناده صحيح. قال ابن الأثير: أخفرت الرجل إذا نقضت عهده وذمامه.
(7) أبو داود (2759) . والترمذي (1580) وقال: حسن صحيح. وأحمد (4/ 113) . وذكره ابن كثير في التفسير (2/ 320) واللفظ له وعزاه أيضا لأبي داود والطيالسي والنسائي وابن حبان في صحيحه.(11/5639)
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذمّ (نقض العهد)
1-* (قال ابن هشام: كان من حديث بني قينقاع أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم جمعهم بسوق بني قينقاع، ثمّ قال: «يا معشر يهود، احذروا من الله مثل ما نزل بقريش من النّقمة، وأسلموا، فإنّكم قد عرفتم أنّى نبيّ مرسل، تجدون ذلك في كتابكم وعهد الله إليكم» قالوا: يا محمّد، إنّك ترى أنّا قومك؟! لا يغرّنّك أنّك لقيت قوما لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة.
إنّا والله لئن حاربناك لتعلمنّ أنّا نحن النّاس. قال ابن إسحاق: فحدّثني مولى لآل زيد بن ثابت عن سعيد ابن جبير- أو عن عكرمة- عن ابن عبّاس قال: ما نزل هؤلاء الآيات إلّا فيهم: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ* قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا. أي أصحاب بدر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وقريش فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (آل عمران/ 13) . قال ابن إسحاق: وحدّثني عاصم بن عمر بن قتادة: أنّ بني قينقاع كانوا أوّل يهود نقضوا ما بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وحاربوا فيما بين بدر وأحد. قال ابن هشام: وذكر عبد الله بن جعفر بن المسور بن مخرمة عن أبي عون قال: كان من أمر بني قينقاع أنّ امرأة من العرب قدمت بجلب لها، فباعته بسوق بني قينقاع، وجلست إلى صائغ بها، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها فأبت، فعمد الصّائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها، فلمّا قامت انكشفت سوءتها فضحكوا بها، فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصّائغ فقتله وكان يهوديّا وشدّ اليهود على المسلم فقتلوه، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود، فغضب المسلمون، فوقع الشّرّ بينهم وبين بني قينقاع) * «1» .
2-* (قال ابن هشام: إنّه كان من حديث الخندق أنّ نفرا من اليهود، منهم: سلام بن أبي الحقيق النّضريّ، وحييّ بن أخطب النضريّ، وكنانة ابن أبي الحقيق النّضريّ، وهوذة بن قيس الوائليّ، وأبو عمّار الوائليّ، في نفر من بني النّضير، ونفر من بني وائل- وهم الّذين حزّبوا الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلّم- خرجوا حتّى قدموا على قريش مكّة، فدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وقالوا: إنّا سنكون معكم عليه حتّى نستأصله فقالت لهم قريش: يا معشر يهود، إنّكم أهل الكتاب الأوّل والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمّد. أفديننا خير أم دينه؟ قالوا: بل دينكم خير من دينه، وأنتم أولى بالحقّ منه فهم الّذين أنزل الله تعالى فيهم: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا* أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً.. إلى قوله
__________
(1) السيرة لابن هشام (4/ 9- 10) .(11/5640)
تعالى: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ. أي النّبوّة فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً* فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً (النساء/ 51- 55) . قال: فلمّا قالوا ذلك لقريش سرّهم ونشطوا لما دعوهم إليه من حرب رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فاجتمعوا لذلك واستعدّوا له. ثمّ خرج أولئك النّفر من يهود حتّى جاءوا غطفان من قيس عيلان، فدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وأخبروهم أنّهم سيكونون معهم عليه، وأنّ قريشا قد تابعوهم على ذلك، فاجتمعوا معهم فيه. قال ابن إسحاق:
فخرجت قريش، وقائدها أبو سفيان بن حرب، وخرجت غطفان، وقائدها عيينة بن حصن وحذيفة ابن بدر في بني فزارة والحارث بن عوف المرّيّ في بني مرّة، ومسعر بن رخيلة فيمن تابعه من قومه من أشجع. قال: وخرج عدوّ الله حييّ بن أخطب النّضريّ، حتّى أتى كعب بن أسد القرظيّ صاحب عقد بني قريظة وعهدهم- وكان قد وادع رسول الله صلى الله عليه وسلّم على قومه، وعاقده على ذلك وعاهده- فلمّا سمع كعب، بحييّ بن أخطب أغلق دونه باب حصنه.
فاستأذن عليه، فأبى أن يفتح له، فناداه حييّ: ويحك يا كعب افتح لي: قال: ويحك يا حييّ، إنّك امرؤ مشؤوم، وإنّي قد عاهدت محمّدا، فلست بناقض ما بيني وبينه، ولم أر منه إلّا وفاء وصدقا. قال: ويحك افتح لي أكلّمك. قال: ما أنا بفاعل، قال: والله إن أغلقت دوني إلّا عن جشيشتك «1» . أن آكل معك منها، فأحفظ «2» الرّجل ففتح له، فقال: ويحك يا كعب، جئتك بعزّ الدّهر وببحر طام. جئتك بقريش على قادتها وسادتها حتّى أنزلتهم بمجتمع الأسيال من رومة، وبغطفان على قادتها وسادتها حتّى أنزلتهم بذنب نقمى إلى جانب أحد «3» . قد عاهدوني على أن لا يبرحوا حتّى نستأصل محمّدا ومن معه. قال: فقال له كعب: جئتني والله بذلّ الدّهر، وبجهام «4» قد هراق ماءه، فهو يرعد ويبرق ليس فيه شيء. ويحك يا حييّ، فدعني وما أنا عليه، فإنّي لم أر من محمّد إلّا صدقا ووفاء. فلم يزل حييّ بكعب يفتله في الذّروة والغارب «5» حتّى سمح له، على أن أعطاه عهدا من الله وميثاقا: لئن رجعت قريش وغطفان، ولم يصيبوا محمّدا- أن أدخل معك في حصنك حتّى يصيبني ما أصابك. فنقض كعب بن أسد عهده، وبريء ممّا كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
فلمّا انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم الخبر وإلى المسلمين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلّم بسعد بن معاذ بن النّعمان- وهو يومئذ سيّد الأوس- وسعد بن عبادة
__________
(1) الجشيشة: طعام يصنع من البر المطحون خشنا وهو الذي يسميه الناس (دشيش) بالدال والصواب «جشيش» بالجيم.
(2) أحفظ: أغضب.
(3) رومة، ونقمى: موضعان على مقربة من المدينة.
(4) الجهام: السحاب لا ماء فيه.
(5) هذا مثل وأصله في البعير، يستصعب على سائقه فيأخذ القراد من ذروته وغارب سنامه، ويفتل هناك، فيجد البعير لذة فيأنس عند ذلك، فضرب هذا الكلام مثلا في المراوغة والمخاتلة.(11/5641)
ابن دليم، أحد بني ساعدة بن كعب بن الخزرج- وهو يومئذ سيّد الخزرج- ومعهما عبد الله بن رواحة أخو بني الحارث بن الخزرج، وخوّات بن جبير- أخو بني عمرو بن عوف- فقال: انطلقوا حتّى تنظروا أحقّ ما بلغنا عن هؤلاء القوم أم لا؟ فإن كان حقّا فالحنوا لي لحنا أعرفه «1» ، ولا تفتّوا في أعضاد النّاس «2» ، وإن كانوا على الوفاء فيما بيننا وبينهم فاجهروا به للنّاس» .
قال: فخرجوا حتّي أتوهم، فوجدوهم على أخبث ما بلغهم عنهم فيما نالوا من رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وقالوا: من رسول الله؟ لا عهد بيننا وبين محمّد ولا عقد. فشاتمهم سعد بن معاذ وشاتموه- وكان رجلا فيه حدّة- فقال له سعد بن عبادة: دع عنك مشاتمتهم، فما بيننا وبينهم أربى من المشاتمة. ثمّ أقبل سعد وسعد ومن معهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فسلّموا عليه، ثمّ قالوا: عضل والقارة، أي كغدر عضل والقارة بأصحاب الرّجيع «3» ، خبيب وأصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «الله أكبر، أبشروا يا معشر المسلمين» ) * «4» .
3-* (قال ابن هشام: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى بني النّضير يستعينهم في دية ذينك القتيلين من بني عامر اللّذين قتل عمرو بن أميّة الضّمريّ للجوار الّذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم عقد لهما، كما حدّثني يزيد بن رومان، وكان بين بني النّضير وبين بني عامر عقد وحلف. فلمّا أتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم يستعينهم في دية ذينك القتيلين قالوا: نعم يا أبا القاسم. نعينك على ما أحببت ممّا استعنت بنا عليه، ثمّ خلا بعضهم ببعض فقالوا إنّكم لن تجدوا الرّجل على مثل حاله هذه ورسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى جنب جدار من بيوتهم قاعد- فمن رجل يعلو على هذا البيت فيلقي عليه صخرة فيريحنا منه؟ فانتدب لذلك عمرو بن جحاش بن كعب، أحدهم فقال: أنا لذلك. فصعد ليلقي عليه صخرة كما قال ورسول الله صلى الله عليه وسلّم في نفر من أصحابه- فيهم أبو بكر وعمر وعليّ- فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلّم الخبر من السّماء بما أراد القوم، فقام وخرج راجعا إلى المدينة.
فلمّا استلبث النّبيّ صلى الله عليه وسلّم أصحابه «5» ، قاموا في طلبه، فلقوا رجلا مقبلا من المدينة، فسألوه عنه، فقال: رأيته داخلا المدينة. فأقبل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتّى انتهوا إليه صلى الله عليه وسلّم، فأخبرهم الخبر بما كانت اليهود أرادت من الغدر به، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالتّهيّؤ لحربهم، والسّير إليهم) * «6» .
4-* (قال قطبة بن أوس الغطفانيّ الجاهلّي:
أسميّ ويحك هل سمعت بغدرة ... رفع اللّواء لنا، بها في مجمع) * «7» .
5-* (قال أبو العالية: ستّ خصال في المنافقين إذا كانت فيهم الظّهرة على النّاس أظهروا هذه
__________
(1) أي أبلغوني بإشارة أفهم منها أنهم نقضوا العهد وبحيث لا يشعرون بتلك الإشارة.
(2) أي: لا تضعفوا عزائمهم.
(3) هم جماعتان من العرب ينتهي نسبهم إلي خزيمة بن مدركة طلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلّم أن يبعث معهم من يعلمهم الإسلام فأرسل معهم ستة من أصحابه بينهم خبيب بن عدي فغدروا بهم عند ماء لهذيل يسمع (الرجيع) .
(4) السيرة لابن هشام (4/ 166- 173) بتصرف.
(5) استلبثوه: شعروا بطول الوقت الذي استغرق في وجهته.
(6) السيرة لابن هشام (4/ 143- 144) .
(7) المفضليات، المفضل بن محمد بن يعلى الضبي (45) .(11/5642)
الخصال: إذا حدّثوا كذبوا، وإذا وعدوا أخلفوا، وإذا ائتمنوا خانوا، ونقضوا عهد الله من بعد ميثاقه وقطعوا ما أمر الله به أن يوصل، وأفسدوا في الأرض، وإذا كانت الظّهرة عليهم أظهروا الخصال الثّلاث: إذا حدّثوا كذبوا، وإذا وعدوا أخلفوا، وإذا ائتمنوا خانوا) * «1» .
6-* (قال ابن الجوزيّ- رحمه الله تعالى- إنّ نقض العهد من صفات الفاسقين) * «2» .
7-* (قال محمّد بن كعب القرظيّ- رحمه الله تعالى- ثلاث خصال من كنّ فيه كنّ عليه: البغي، والنّكث، والمكر، وقرأ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ (فاطر/ 43) ، يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ (يونس/ 23) ، فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ. (الفتح/ 10)) * «3» .
8-* (وصف أعرابيّ قوما فقال: أولئك قوم أدّبتهم الحكمة، وأحكمتهم التّجارب، ولم تغررهم السّلامة المنطوية على الهلكة، ورحل عنهم التّسويف الّذي قطع النّاس به مسافة آجالهم، فقالت ألسنتهم بالوعد، وانبسطت أيديهم بالإنجاز، فأحسنوا المقال، وشفعوه بالفعال.
كان يقال: آفة المروءة خلف الوعد) * «4» .
9-* (ذكر ابن عطيّة- رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (الفتح/ 10) : أنّ من نكث يعني من نقض هذا العهد فإنّما يجني على نفسه، وإيّاها يهلك، فنكثه عليه لا له) * «5» .
10-* (قال ابن عطيّة- رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ ...
(النحل/ 92) الآية. شبّهت هذه الآية الّذي يحلف أو يعاهد أو يبرم عقدا بالمرأة الّتي تغزل غزلها وتفتله محكما، وشبّه الّذي ينقض عهده بعد الإحكام بتلك الغازلة إذا نقضت قوى ذلك الغزل فحلّته بعد إبرامه) * «6» .
11-* (قال ابن عطيّة- رحمه الله تعالي-:
«كلّ عهد جائز بين المسلمين نقضه لا يحلّ» ) * «7» .
12-* (قال ابن كثير- رحمه الله تعالى- عند قوله تعالى إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ* فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ* وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ (الأنفال/ 55- 58) : أخبر الله تعالى أنّ شرّ ما دبّ على وجه الأرض هم الّذين كفروا فهم لا يؤمنون. الّذين كلّما عاهدوا
__________
(1) تفسير ابن كثير (1/ 67) .
(2) زاد المسير (1/ 56) .
(3) ذم البغي لابن أبي الدنيا (88) .
(4) المنتقى من مكارم الأخلاق (54- 55) .
(5) المحرر الوجيز (15/ 96) .
(6) المرجع السابق (10/ 226) .
(7) المرجع السابق (1/ 156) .(11/5643)
عهدا نقضوه، وكلّما أكّدوه بالأيمان نكثوه، وهم لا يخافون الله في شيء ارتكبوه من الآثام، ثمّ يقول تعالى لنبيّه صلى الله عليه وسلّم: وإمّا تخافنّ من قوم قد عاهدتهم نقضا لما بينك وبينهم من المواثيق والعهد فأعلمهم بأنّك قد نقضت عهدهم حتّى يلتقي علمك وعلمهم بأنّك حرب لهم وهم حرب لك، وأنّه لا عهد بينك وبينهم على السّواء أي تستوي أنت وهم في ذلك. وقد ذكر الإمام عن عمرو بن عبسة- رضي الله عنه- أنّه قال:
كان معاوية يسير في أرض الرّوم وكان بينه وبينهم أمد فأراد أن يدنو منهم فإذا انقضى الأمد غزاهم فقال له عمرو بن عبسة: الله أكبر، الله أكبر وفاء لا غدر. إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «من كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلّنّ عقدة ولا يشدّها حتّى ينقضي أمدها أو ينبذ إليهم على سواء» . فبلغ ذلك معاوية فرجع) * «1» .
13-* (وقال رحمه الله تعالى: إنّ من صفات المنافقين أنّ أحدهم إذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر، وإذا حدّث كذب، وإذا ائتمن خان. ولذلك كان حال هؤلاء الأشقياء ومصيرهم إلى خلاف ما صار إليه المؤمنون كما أنّهم اتّصفوا بخلاف صفاتهم في الدّنيا فأولئك كانوا يوفون بعهد الله ويصلون ما أمر الله به أن يوصل. وهؤلاء ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه) * «2» .
14-* (قال الحافظ ابن حجر- رحمه الله تعالى-: الغدر حرمته غليظة لا سيّما من صاحب الولاية العامّة لأنّ غدره يتعدّى ضرره إلى خلق كثير، ولأنّه غير مضطرّ إلى الغدر لقدرته على الوفاء) * «3» .
15-* (وقال- رحمه الله تعالى-: كان عاقبة نقض قريش العهد مع خزاعة حلفاء النّبيّ صلى الله عليه وسلّم أن غزاهم المسلمون حتّى فتحوا مكّة واضطرّوا إلى طلب الأمان، وصاروا بعد العزّة والقوّة في غاية الوهن إلى أن دخلوا في الإسلام، وأكثرهم لذلك كاره) * «4» .
16-* (قال الشّيخ محمّد الأمين الشّنقيطيّ- رحمه الله تعالى-: إنّ من نقض العهد الّذي أبرمه يضرّ نفسه، كما أنّه يجرّ على نفسه اللّعن لقوله تعالى فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ ... (المائدة/ 13)) * «5» .
من مضار (نقض العهد)
(1) بغض الله له، والوعيد للمنافقين بالنّار.
(2) تسلّط الخلق عليه ونزع الثّقة منه.
(3) من أمارات النّفاق وصفات المنافقين.
(4) يضرّ نفسه قبل أن يضرّ غيره.
(5) تفكّك المجتمع وشيوع البغضاء والفساد فيه.
(6) تسلّط الأعداء على المجتمع، وسومهم إيّاه سوء العذاب.
__________
(1) تفسير ابن كثير (2/ 320) .
(2) المرجع السابق (2/ 511- 512) بتصرف.
(3) فتح الباري (6/ 319) بتصرف يسير.
(4) المرجع السابق (7/ 592) .
(5) أضوء البيان (3/ 320) بتصرف يسير.(11/5644)
النقمة
النّقمة لغة:
هي الاسم من قولهم: انتقم من فلان، وهي أيضا مصدر قولهم: نقم منه، ويراد بها حينئذ النّقم، والنّقوم وكلّ ذلك مأخوذ من مادّة (ن ق م) ، الّتي تدلّ على إنكار شيء وعيبه. ومن ذلك قولهم: نقمت عليه أنقم: أنكرت عليه فعله، أو عاتبته عليه، ومن ذلك النّقمة من العذاب، كأنّه أنكر عليه فعاقبه «1» ، وقال الرّاغب: يقال نقمت الشّيء ونقمته إذا نكرته إمّا باللّسان وإمّا بالعقوبة «2» ، ونقمت الأمر أيضا ونقمته إذا كرهته، وجمع النّقمة نقمات ونقم مثل كلمة وكلمات وكلم «3» ، وقال في القاموس: النّقمة بالكسر وبالفتح (نقمة) ، وكفرحة (نقمة) : المكافأة بالعقوبة، والجمع نقم مثل كلم، ونقم مثل عنب، ونقمات مثل كلمات «4» ، وقال ابن منظور: النّقمة: العقوبة، والنّقمة: الإنكار «5» ، وقول الله تعالى: هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا (المائدة/ 59) ، أي تنكرون، وقيل: تسخطون وقيل: تكرهون «6» ، وفي الحديث: «ما ينقم ابن جميل إلّا أنّه كان فقيرا فأغناه الله» قال ابن الأثير: المعنى: ما ينقم شيئا من منع الزّكاة إلّا أن يكفر النّعمة، فكأنّ غناه أدّاه إلى كفر نعمة الله «7» ، أمّا قول الله عزّ وجلّ:
وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ (البروج/ 8) ، فالمعنى، المبالغة في الكراهية، قيل في تفسيرها: ما نقم الملك وأصحابه من الّذين حرّقهم إلّا التّصديق بالله تعالى «8» أي بالغوا في الكراهية ومن ثمّ في إنزال العقوبة بهم بسبب إيمانهم، وفي معنى الكراهية الشّديدة يقول ابن قيس الرّقيّات:
ما نقموا من بني أميّة إلّا ... أنّهم يحلمون إن غضبوا
يروى بالفتح والكسر (نقموا، نقموا) ، قال ابن برّيّ:
يقال نقمت نقما ونقوما ونقمة ونقمة، ونقمت: إذا بالغت في كراهة الشّيء «9» .
النّقمة اصطلاحا:
قال المناويّ: النّقمة: عقوبة المجرم بمبالغة «10» .
__________
(1) مقاييس اللغة 5/ 464.
(2) المفردات للراغب ص 504، وبصائر ذوي التمييز 5/ 116.
(3) الصحاح 5/ 2045.
(4) القاموس المحيط (نقم) ص 1502 (ط. بيروت) .
(5) لسان العرب (نقم) ص 4530 (ط. دار المعارف) .
(6) تفسير القرطبي 6/ 151.
(7) النهاية لابن الأثير 5/ 111.
(8) تفسير القرطبي 19/ 194.
(9) لسان العرب (نقم) ص 4531 (ط. دار المعارف) .
(10) التوقيف على مهمات التعاريف ص 330.(11/5645)
وهذا التّعريف إنّما هو للنّقمة الّتي هي الاسم من الانتقام، أمّا النّقمة الّتي هي مصدر نقم عليه، وهي المقصود بهذه الصّفة، فيمكن تعريفها بأنّها:
كراهية الشّيء كراهية شديدة تصلى إلى حدّ السّخط «1» ، وقد تستعمل النّقمة ويراد بها ما ينجم عنها وهو الانتقام.
الفرق بين النقمة والانتقام:
يتجلّى الفرق بين النّقمة والانتقام في أنّ النّقمة من أعمال القلوب والانتقام من أعمال الجوارح، كما أنّ النّقمة تسبق الانتقام وهو كالنّتيجة لها، وأيضا فإنّ النّقمة قد لا يعقبها عقوبة ولا انتقام، أمّا الانتقام فلا بدّ أن تسبقه النّقمة.
الفرق بين النقمة والسخط والكراهية:
رغما عن التّقارب بين هذه الصّفات المنهيّ عنها إلّا أنّ بينها- عند التّأمّل- فروقا دقيقة منها:
أنّ النّقمة- كالغضب- تكون بين الأكفاء والنّظراء وبين الكبراء والعظماء أمّا السّخط فلا يكون إلّا من العظماء والكبراء دون الأكفاء والنظراء «2» ، وفيما يتعلّق بالدّرجة فإنّ الكراهية قد تكون شديدة وقد تكون يسيرة، أمّا النّقمة فلا تكون إلّا شديدة، إذ هي المبالغة في الكراهية.
[للاستزادة: انظر صفات: الانتقام- السخط- الغل- الحقد- الغضب- العدوان.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: الرضا- السماحة- الصفح- العفو- التقوى] .
__________
(1) لم تذكر كتب الاصطلاحات التي وقفنا عليها تعريفا للنقمة بهذا المعنى وقد استنبطناه مما ذكره المفسرون وعلماء اللغة.
(2) الكليات للكفوي ص 515.(11/5646)
الآيات الواردة في «النقمة»
1- قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ (59)
قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ (60) «1»
2- قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسى وَهارُونَ (122) قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123) لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124) قالُوا إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ (125) وَما تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ (126) «2»
3- يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (74) «3»
4- وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ (1) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3) قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9) «4»
الآيات الواردة في «النقمة» معنى
انظر الآيات الواردة في السخط
__________
(1) المائدة: 59- 60 مدنية
(2) الأعراف: 121- 126 مكية
(3) التوبة: 74 مدنية
(4) البروج: 1- 9 مكية(11/5647)
الأحاديث الواردة في ذمّ (النقمة)
1-* (عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- قال: كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «اللهمّ إنّي أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحوّل عافيتك، وفجاءة نقمتك «1» ، وجميع سخطك» ) * «2» .
2-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شمّاس إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلّم فقالت: يا رسول الله، ما أنقم على ثابت في دين ولا خلق، إلّا أنّي أخاف الكفر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:
«أتردّين عليه حديقته؟» فقالت: نعم. فردّت عليه، وأمره ففارقها) * «3» .
3-* (عن بشير بن الخصاصية، بشير رسول الله صلى الله عليه وسلّم «4» قال: كنت أماشي رسول الله صلى الله عليه وسلّم آخذا بيده فقال لي: «يابن الخصاصية ما أصبحت تنقم على الله تعالى؟ أصبحت تماشي رسوله صلى الله عليه وسلّم» قال «5» : أحسبه قال: «آخذا بيده» ، قال: قلت: ما أصبحت أنقم على الله شيئا، قد أعطاني الله- تبارك وتعالى- كلّ خير، قال: فأتينا على قبور المشركين فقال: «لقد سبق هؤلاء خيرا كثيرا «6» » ، ثلاث مرّات، ثمّ أتينا قبور المسلمين، فقال: «لقد أدرك هؤلاء خيرا كثيرا.. الحديث» ) * «7» .
4-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلّم عمر على الصّدقة، فقيل منع ابن جميل «8» ، وخالد بن الوليد، والعبّاس عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «ما ينقم ابن جميل «9» إلّا أنّه كان فقيرا فأغناه الله، وأمّا خالد فإنّكم تظلمون خالدا، قد احتبس أدراعه وأعتاده «10» في سبيل الله، وأمّا العبّاس فهي عليّ ومثلها معها «11» » ثمّ قال: «يا عمر، أما شعرت أنّ عمّ الرّجل صنو «12» أبيه» ) * «13» .
5-* (عن أبي طلحة- رضي الله عنه- أنّ نّبيّ الله صلى الله عليه وسلّم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد «14» قريش فقذفوا في طويّ «15» من أطواء بدر خبيث مخبث، وكان إذا ظهر على قوم «16» أقام بالعرصة ثلاث ليال، فلمّا كان ببدر اليوم الثّالث، أمر براحلته
__________
(1) الفجاءة: هي البغتة.
(2) مسلم 4 (2739) ، وأبو داود 1 (1545) .
(3) البخاري- الفتح 9 (5226) .
(4) أي بشير الذي سماه الرسول صلى الله عليه وسلّم بهذا الاسم، وكان اسمه في الجاهلية زحم فسماه الرسول صلى الله عليه وسلّم بشيرا.
(5) القائل هنا هو بشير بن نهيك الذي روى الحديث عن بشير رسول الله صلى الله عليه وسلّم أي ابن الخصاصية.
(6) سبق هؤلاء أي فاتهم ولم يدركوه.
(7) ابن ماجه 1 (1568) ، وقال عبد الله بن عثمان: حديث جيد، وأحمد في المسند (5/ 83- 84) واللفظ له.
(8) منع ابن جميل، أي منع الزكاة وامتنع من دفعها.
(9) ما ينقم ابن جميل.. أي ما يغضب ابن جميل على طالب الزكاة إلّا كفران هذه النعمة وهي أنه كان فقيرا فأغناه الله.
(10) الأعتاد: آلات الحرب من السلاح والدّواب وغيرها، وقيل الخيل خاصة، والمراد أنهم طلبوا من خالد زكاة أعتاده ظنا منهم أنها للتجارة، فقال لهم الرسول إنكم تظلمونه بطلبها لأنه وقفها في سبيل الله، قبل الحول عليها ولا زكاة فيها.
(11) المعنى، أنى تسلفت منه زكاة عامين وليس عليه شيء.
(12) صنو أبيه أي مثله ونظيره.
(13) البخاري- الفتح 3 (1468) ، ومسلم (983) واللفظ له.
(14) الصنديد هو السيد الشجاع، جمعه صناديد.
(15) الطوي: البئر التي بنيت وطويت بالحجارة لتثبت ولا تنهار.
(16) ظهر على قوم أي انتصر عليهم.(11/5648)
فشدّ عليها رحلها، ثمّ مشى واتّبعه أصحابه وقالوا: ما تراه ينطلق إلّا لبعض حاجته، حتّى قام على شفة الرّكيّ «1» ، فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم، يا فلان ابن فلان، ويا فلان ابن فلان أيسرّكم أنّكم أطعتم الله ورسوله؟ فإنّا قد وجدنا ما وعدنا ربّنا حقّا، فهل وجدتم ما وعد ربّكم حقّا؟ قال: فقال عمر: يا رسول الله، ما تكلّم من أجساد لا روح لها «2» ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «والّذي نفس محمّد بيده، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم» قال قتادة: أحياهم الله حتّى أسمعهم قوله توبيخا وتصغيرا ونقيمة «3» وحسرة وندما) * «4» .
6-* (عن جرير- رضي الله عنه- قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «ما من رجل يكون في قوم يعمل فيهم بالمعاصي يقدرون على أن يغيّروا عليه فلا يغيّروا إلّا أصابهم الله بعذاب من قبل أن يموتوا» ) * «5» .
7-* (عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما- أنّ رجلا أتى النّبيّ صلى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله إنّ ابني هذا يقرأ المصحف بالنّهار، ويبيت باللّيل «6» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «ما تنقم أنّ ابنك يظلّ ذاكرا ويبيت سالما» ) * «7» .
8-* (عن عبيد الله بن عياض بن عمرو قال:
جاء عبد الله بن شدّاد فدخل على عائشة ونحن عندها جلوس، مرجعه من العراق «8» ليالي قتل عليّ- كرّم الله وجهه ورضي عنه-، فقالت له: يا عبد الله بن شدّاد، هل أنت صادقي عمّا أسألك عنه؟ تحدّثني عن هؤلاء القوم الّذين قتلهم عليّ «9» ؟ قال: وما لي لا أصدقك! قالت: فحدّثني عن قصّتهم، قال: فإنّ عليّا لمّا كاتب معاوية، وحكم الحكمان، خرج عليه ثمانية آلاف من قرّاء النّاس، فنزلوا بأرض يقال لها حروراء من جانب الكوفة، وإنّهم عتبوا عليه فقالوا: انسلخت من قميص ألبسكه الله تعالى واسم سمّاك الله تعالى به «10» ، ثمّ انطلقت فحكّمت في دين الله، فلا حكم إلّا لله تعالى، فلمّا أن بلغ عليّا ما عتبوا عليه، وفارقوه عليه، أمر مؤذّنا فأذّن ألّا يدخل على أمير المؤمنين إلّا رجل
__________
(1) الرّكيّ: هو البئر قبل أن تطوى، ويبدو أن جانبا من هذه البئر كان مطويا والآخر قد انهار فصار كالرّكيّ.
(2) المعنى، كيف تكلم أجسادا لا روح لها وهو سؤال يفيد الدهشة.
(3) هكذا في المتن، وقد ذكر ابن حجر في الشرح ج 9 ص 353 لفظ نقمة بدلا من نقيمة.
(4) البخاري- الفتح 7 (3976) .
(5) أبو داود رقم (4339) ، وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود (3646) : حسن، وهو عند ابن ماجه رقم (4009) .
(6) المعنى: أي شيء يسخطك ويغضبك من ابنك الذي يظل ذاكرا بالنهار، ويبيت سالما.
(7) أحمد/ المسند 10 (6614) ، بتحقيق الشيخ أحمد شاكر، قال: وإسناده صحيح، ونقله ابن كثير في فضائل القرآن عن هذا الموضع من المسند، انظر فضائل القرآن لابن كثير ص 157، 158.
(8) مرجعه من العراق أي وقت رجوعه منها.
(9) تريد عائشة- رضي الله عنها- السؤال عن الخوارج.
(10) المراد أنه بقبول التحكيم رضي أن يخلع نفسه من الخلافة وإمارة المؤمنين، فكنى عن الخلافة بالقميص وبالاسم عن إمارة المؤمنين.(11/5649)
قد حمل القرآن، فلمّا أن امتلأت الدّار من قرّاء النّاس، دعا بمصحف إمام عظيم «1» ، فوضعه بين يديه، فجعل يصكّه بيده «2» ويقول: أيّها المصحف! حدّث النّاس! فناداه النّاس فقالوا: يا أمير المؤمنين، ما تسأل عنه؟ إنّما هو مداد في ورق، ونحن نتكلّم بما روينا منه! فماذا تريد؟ قال: أصحابكم هؤلاء الّذين خرجوا، بيني وبينكم كتاب الله، يقول الله تعالى في كتابه في امرأة ورجل وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما (النساء/ 35) فأمّة محمّد صلى الله عليه وسلّم أعظم دما وحرمة من امرأة ورجل، ونقموا عليّ أن كاتبت معاوية: كتب عليّ بن أبي طالب «3» ، وقد جاءنا سهيل ابن عمرو ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم في الحديبية حين صالح قومه قريشا، فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «بسم الله الرّحمن الرّحيم» فقال سهيل: لا تكتب بسم الله الرّحمن الرّحيم، فقال:
«كيف نكتب؟» فقال: اكتب باسمك اللهمّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «فاكتب: محمّد رسول الله» ، فقال: لو أعلم أنّك رسول الله لم أخالفك، فكتب: هذا ما صالح محمّد بن عبد الله قريشا، يقول الله تعالى: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ (الأحزاب/ 21) ، فبعث إليهم عليّ عبد الله ابن عبّاس، فخرجت معه «4» ، حتّى إذا توسّطنا عسكرهم، قام ابن الكوّاء يخطب النّاس، فقال: يا حملة القرآن، إنّ هذا عبد الله بن عبّاس فمن لم يكن يعرفه، فأنا أعرّفه من كتاب الله ما يعرفه به، هذا ممّن نزل فيه وفي قومه قَوْمٌ خَصِمُونَ (الزخرف/ 58) ، فردّوه إلى صاحبه «5» ، ولا تواضعوه كتاب الله «6» ، فقال خطباؤهم، والله لنواضعنّه كتاب الله، فإن جاء بحقّ نعرفه لنتّبعنّه، وإن جاء بباطل لنبكّتنّه «7» بباطله، فواضعوا عبد الله الكتاب ثلاثة أيّام، فرجع منهم أربعة آلاف كلّهم تائب، فيهم ابن الكوّاء، حتّى أدخلهم على عليّ الكوفة، فبعث عليّ إلى بقيّتهم فقال: قد كان من أمرنا وأمر النّاس ما قد رأيتم، فقفوا حيث شئتم حتّى تجتمع أمّة محمّد صلى الله عليه وسلّم، بيننا وبينكم ألّا تسفكوا دما حراما، أو تقطعوا سبيلا، أو تظلموا ذمّة «8» ، فإنّكم إن فعلتم فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء «9» ، إنّ الله لا يحبّ الخائنين، فقالت له عائشة: يا ابن شدّاد، فقد قتلهم، فقال: والله ما بعث إليهم حتّى قطعوا السّبيل، وسفكوا الدّم، واستحلّوا أهل الذّمّة، فقالت: آلله؟
قال: آلله الّذي لا إله إلّا هو لقد كان، قالت: فما شيء
__________
(1) المراد مصحف كبير الحجم من تلك المصاحف التي أرسلها عثمان رضي الله عنه- إلى الأمصار.
(2) صك الشيء بيده: أي ضربه بها، والمراد وضع يده عليه.
(3) في الكلام التفات من التكلم الى الغيبة والمراد كتبت.
(4) الخارج مع ابن عباس هو راوي الحديث وهو عبد الله بن شداد.
(5) يريد عليّا كرم الله وجهه.
(6) تواضعوه من المواضعة وأصلها المراهنة، والمراد تحكيم كتاب الله في المجادلة فكأنهم وضعوه حكما بينهم.
(7) لنبكّتنّه: أي لنقرّعنّه ونوبخنّه، من قولهم: بكّته أي قرّعه ووبّخه.
(8) أي أحدا منه أهل الذمة وهم المعاهدون.
(9) نبذنا إليكم الحرب على سواء، أي أظهرنا لكم نبذ العهد وأخبرنا بها (أي الحرب) إخبارا مكشوفا بيّنا.(11/5650)
بلغني عن أهل الذّمّة يتحدّثونه، يقولون: ذو الثّديّ، وذو الثّدى؟ قال: قد رأيته، وقمت عليه مع عليّ في القتلى، فدعا النّاس فقال: أتعرفون هذا؟ فما أكثر من جاء يقول: قد رأيته في مسجد بني فلان يصلّي، ورأيته في مسجد بني فلان يصلّي، ولم يأتوا فيه بثبت «1» يعرف إلّا ذلك، قالت: فما قول عليّ حين قام عليه «2» ، كما يزعم أهل العراق؟ قال: سمعته يقول: صدق الله ورسوله، قالت: هل سمعت منه أنّه قال غير ذلك؟
قال: اللهمّ لا، قالت: أجل، صدق الله ورسوله، يرحم الله عليّا، إنّه كان من كلامه ألّا يرى شيئا يعجبه إلّا قال: صدق الله ورسوله، فيذهب أهل العراق يكذبون عليه، ويزيدون عليه في الحديث) * «3» .
الأحاديث الواردة في ذمّ (النقمة) معنى
انظر صفتي: الانتقام- السخط
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذمّ (النقمة)
1-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلّم نفر من يهود فيهم أبو ياسر بن أخطب ونافع بن أبي نافع وغازي بن عمر وزيد بن خالد وأزار بن أبي أزار وأسقع، فسألوه عمّن يؤمن به من الرّسل؟ قال: «أؤمن بالله وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النّبيّون من ربّهم لا نفرّق بين أحد منهم ونحن له مسلمون» فأنزل الله تعالى الآية الكريمة قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ (المائدة/ 59)) * «4» .
2-* (عن سليمان بن يسار أنّ سائبة أعتقه بعض الحجّاج فقتل ابن رجل من بني عائذ. فجاء العائذيّ، أبو المقتول إلى عمر بن الخطّاب يطلب دية ابنه. فقال عمر: لا دية له. فقال العائذيّ: أرأيت لو قتله ابني. فقال عمر: إذا تخرجون ديته. فقال: هو إذا كالأرقم «5» إن يترك يلقم وإن يقتل ينقم) * «6» .
3-* (قال القرطبيّ في تفسير قوله تعالى:
__________
(1) بثبت: أي بحجة وبينة.
(2) أي حين قام على ذي الثّرى.
(3) أحمد، المسند 2 (656) ، قال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح، وانظر في قضية التحكيم وما قيل فيها العواصم من القواصم ص 172- 181.
(4) الدر المنثور للسيوطي 2/ 522.
(5) الأرقم: الحية كانوا في الجاهلية يزعمون أن الجن تطلب بثأر الجان وهي الحية الدقيقة فربما مات قاتله وربما أصابه الخبل.
(6) الموطأ 2/ 876.(11/5651)
قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا ... (المائدة/ 59) : معنى تنقمون: أي تسخطون، وقيل: تكرهون، وقيل: تنكرون) * «1» .
4-* (وقال- رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى: وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ (التوبة/ 74) :
أي ليس ينقمون شيئا.
قال القشيريّ أبو نصر: قيل للبجليّ: أتجد في كتاب الله تعالى (اتّقّ شرّ من أحسنت إليه) ؟ قال: نعم وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ (التوبة/ 74)) * «2» .
5-* (قال ابن جرير في تفسير قوله تعالى:
وَما تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا (الأعراف/ 126) ، قال:
السّحرة مجيبة لفرعون إذ توعّدهم بقطع الأيدي والأرجل من خلاف والصّلب. إنّا إلى ربّنا منقلبون:
معنى الانقلاب: الرّجوع إليه والمصير وقوله تعالى:
وَما تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا يقول: ما تنكر منّا يا فرعون وما تجد علينا إلّا من أجل أن آمنّا أي صدّقنا بآيات ربّنا) * «3» .
6-* (قال عليّ- كرّم الله وجهه ورضي عنه-:
ما تنقم الحرب العوان منّي ... بازل عامين فتيّ سنّي
) * «4» .
من مضار (النقمة)
(1) دليل شدّة غضب الله على العبد.
(2) نقمة العبد على الشّيء دليل عدم إيمانه بقضاء الله وقدره.
(3) نقمة العبد على العبد دليل الحقد والحسد ووضع للنّفس بإزاء الله في تقسيم الأرزاق.
(4) النّاقم على رزقه مبغض من الله ومن النّاس.
(5) النّقمة من أمراض القلب الّتي تورث صاحبها الهلاك.
(6) النّقمة تدفع بالنّاقم إلى ظلم النّاس وتؤدّي إلى الكراهية.
(7) النّاقم غالبا ما يجاوز الحقّ في نقمته فيصيب بها أهل الخير والإيمان.
__________
(1) تفسير القرطبي 6/ 153.
(2) تفسير القرطبي 8/ 132.
(3) تفسير الطبري 9/ 16.
(4) اللسان 5/ 4531.(11/5652)
نكران الجميل
النكران لغة:
النّكران اسم من أنكر الشّيء ينكره إنكارا فهو منكر، ونكره ينكره نكرا فهو ناكر، واستنكره فهو مستنكر، وهي مأخوذة من مادّة (ن ك ر) الّتي تدلّ على خلاف المعرفة الّتي يسكن إليها القلب. ونكر الشّيء وأنكره لم يقبله قلبه ولم يعترف به لسانه «1» .
ويقول الرّاغب: الإنكار: ضدّ العرفان. يقال:
أنكرت كذا ونكرت، وأصله أن يرد على القلب ما لا يتصوّره، وذلك ضرب من الجهل، قال تعالى: فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ (هود/ 70) ، وقال- جلّ من قائل-: فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (يوسف/ 58) ، وقد يستعمل ذلك فيما ينكر باللّسان، وسبب الإنكار باللّسان هو الإنكار بالقلب، لكن ربّما ينكر اللّسان الشّيء وصورته في القلب حاصلة ويكون في ذلك كاذبا، وعلى ذلك قوله تعالى: يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها (النحل/ 83) .
والمنكر: كلّ فعل تحكم العقول الصّحيحة بقبحه، أو تتوقّف في استقباحه واستحسانه العقول فتحكم بقبحه الشّريعة، وإلى ذلك أشار بقوله:
الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ (التوبة/ 112) «2» .
والنكر: المنكر، قال الله تعالى: لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً (الكهف/ 74) ، والنّكراء مثله. والنّكارة:
الدّهاء، وكذلك النّكر بالضّمّ، يقال للرّجل إذا كان فطنا منكرا: ما أشدّ نكره ونكره أيضا بالفتح.
وقد نكر الأمر بالضّمّ، أي صعب واشتدّ «3» ، وقيل: النّكران والإنكار (واحد) وهو الجحود، وهو نقيض المعرفة، والمناكرة المحاربة، وبينهما مناكرة أي معاداة وقتال، والتّناكر: التّجاهل، فتقول: أنكره إنكارا ونكرا أي جهّله، ومثله أنا أنكره إنكارا ونكرته قال الأعشى:
وأنكرتني وما كان الّذي نكرت ... من الحوادث إلّا الشّيب والصّلعا
قيل: والصّحيح أنّ المصدر الإنكار والاسم النّكر وقد يحرّك مثل عسر وعسر فتقول: نكر ونكر قال الشّاعر:
أتوني فلم أرض ما بيّتوا ... وكانوا أتوني بشيء نكر «4»
__________
(1) المقاييس (5/ 476) .
(2) المفردات (505) .
(3) الصحاح (2/ 837) .
(4) لسان العرب (8/ 4539- 4540) ، والصحاح: (2/ 836 837) .(11/5653)
الجميل لغة:
الجميل في اللّغة وصف مشتقّ من مادّة (ج م ل) الّتي تدلّ على الحسن، ومنه الجمال الّذي هو ضدّ القبح، وقيل: الجمال والحسن، وقيل: الحسن الكثير، ورجل جميل وجمال، أصله- فيما يقول ابن قتيبة- من الجميل وهو ودك الشّحم المذاب، يريد أنّ ماء السّمن يجري في وجهه، ويقال: جمالك أن تفعل ذلك، أي اجمل ولا تفعله، وقالت امرأة لابنتها: «تجمّلي وتعفّفي» أي كلي الجميل (أي الشّحم المذاب) ، «واشربي العفافة» وهي بقيّة اللّبن. ويقال: جمل الرّجل جمالا فهو جميل، والمرأة جميلة وجملاء، وقول أبي ذؤيب:
جمالك أيّها القلب الجريح ... ستلقى من تحبّ فتستريح
معناه: الزم تجمّلك وحياءك، ولا تجزع جزعا قبيحا، وأجملت الصّنيعة عند فلان، وأجمل فلان في صنيعه (أحسن) ، والمجاملة: المعاملة بالجميل، وجمّله: زيّنه، والتّجمّل: تكلّف الجميل، والتّجمّل أيضا: أكل السّمن المذاب «1» ، والجميل كما يكون صفة للأناسيّ يكون وصفا للأفعال والأشياء.
نكران الجميل اصطلاحا:
ألّا يعترف الإنسان بلسانه بما يقرّ به قلبه من المعروف والصّنائع الجميلة الّتي أسديت إليه سواء من الله- عزّ وجلّ- أو من المخلوقين.
وهذا المعنى قريب من كفران نعمة المحسن، ومن معنى الجحود والإنكار «2» .
أسباب كفران النعم وجحودها:
قال الغزاليّ- رحمه الله تعالى-: لم يقصّر بالخلق عن شكر النّعمة إلّا الجهل والغفلة، فإنّهم منعوا بالجهل والغفلة عن معرفة النّعم، ولا يتصوّر شكر النّعمة إلّا بعد معرفة كونها نعمة، ثمّ إنّهم إن عرفوا نعمة ظنّوا أنّ الشّكر عليها أن يقول باللّسان:
الحمد لله، الشّكر لله. ولم يعرفوا أنّ معنى الشّكر أن يستعمل النّعمة في إتمام الحكمة الّتي أريدت بها وهي طاعة الله- عزّ وجلّ- فلا يمنع من الشّكر بعد حصول المعرفتين إلّا غلبة الشّهوة واستيلاء الشّيطان.
أمّا الغفلة عن النّعم فلها أسباب، وأحد أسبابها أنّ النّاس بجهلهم لا يعدّون ما يعمّ الخلق ويسلّم لهم في جميع أحوالهم نعمة، فلذلك لا يشكرون على ما عمّ الله به الخلق من شتّى النّعم في الكون والنّفس كالشّمس والقمر واللّيل والنّهار والحرارة والبرودة واستساغة الطّعام ذلك ممّا لا يحصى كثرة، لأنّها عامّة للخلق، مبذولة لهم في جميع أحوالهم، فلا يرى كلّ واحد لنفسه منهم اختصاصا به فلا يعدّه نعمة، فلا تراهم يشكرون الله على روح الهواء ولو أخذ بمختنقهم لحظة حتّى انقطع الهواء عنهم ماتوا، ولو
__________
(1) مقاييس اللغة (1/ 481) ، والمفردات للراغب (ص 97) ، والصحاح (4/ 1661) وما بعدها.
(2) اقتبس هذا التعريف من جملة الأقوال المذكورة فى كتب اللغة وغيرها.(11/5654)
حبسوا في بيت حمّام فيه هواء حارّ أو في بئر فيه هواء ثقل برطوبة الماء ماتوا غمّا، فإن ابتلي واحد منهم بشيء من ذلك ثمّ نجا ربّما قدّر ذلك نعمة وشكر الله عليها، وهذا غاية الجهل، إذ صار شكرهم موقوفا على أن تسلب عنهم النّعمة ثمّ تردّ عليهم في بعض الأحوال، والنّعمة في جميع الأحوال أولى بأن تشكر في بعضها، فلا ترى البصير يشكر صحّة بصره إلّا أن تعمى (عيناه) فعند ذلك لو أعيد عليه بصره أحسّ به وشكره وعدّه نعمة وهذا الجاهل الّذي لم يقدّر نعمة الله عليه مثل عبد سوء. حقّه أن يضرب دائما حتّى إذا ترك ضربه ساعة تقلّد به منّة. فإن ترك ضربه على الدّوام غلبه البطر وترك الشّكر، فصار النّاس لا يشكرون إلا المال الّذي يتطرّق إليه الاختصاص من حيث الكثرة والقلّة وينسون جميع نعم الله تعالى عليهم. ولو أمعن الإنسان النّظر في أحواله رأى من الله نعما كثيرة تخصّه لا يشاركه فيها النّاس كافّة بل يشاركه عدد يسير من النّاس، وربّما لا يشركه فيها أحد من الخلق، وذلك يتمثّل في ثلاثة أمور يعترف بها كلّ عبد:
أحدها: العقل فإنّه ما من عبد لله تعالى إلّا وهو راض عن الله في عقله يعتقد أنّه أعقل النّاس، وقلّ من يسأل الله العقل، ولذا وجب على كلّ الخلق شكر الله.
والأمر الثّاني: الخلق، فما من عبد إلّا ويرى من غيره عيوبا يكرهها، وأخلاقا يذمّها، وإنّما يذمّها من حيث يرى نفسه بريئا منها فإذا لم يشتغل بذمّ الغير وجب عليه أن يشكر الله إذ حسن خلقه وابتلي غيره بسوء الخلق.
والأمر الثّالث: الّذي يقرّ به كلّ أحد: العلم، فما من أحد إلّا ويعرف بواطن أمور نفسه، وخفايا أفكاره، وما هو منفرد به ولو كشف الغطاء حتّى اطّلع عليه أحد من الخلق لافتضح، فكيف لو اطّلع النّاس كافّة، ألا يوجب ستر القبيح وإخفاؤه عن أعين النّاس شكر هذه النّعمة العظيمة، ولم يصرف الخلق عن شكر هذه النّعمة إلّا الغفلة والجهل، وأعمّ من هذه الأمور أمور أخرى فما من أحد من الخلق إلّا وقد رزقه الله تعالى في صورته أو أخلاقه أو صفاته أو أهله أو ولده أو مسكنه أو بلده أو رفيقه أو زوجه أو عزّه أو جاهه أو في سائر أموره، فإنّه لو سلب ذلك منه وأعطي ما خصّ به غيره فإنّه لا يرضى به. فإذا كان الأمر كذلك فقد وجب على كلّ الخلق أن يشكروه على أن جعلهم على هذه الحالة الّتي هم عليها ولم يجعلهم على حال الآخرين، ولكن غلب عليهم كفر النّعمة. وما سدّ على الخلق طريق الشّكر إلّا جهلهم بضروب النّعم الظّاهرة والباطنة والخاصّة والعامّة أو الغفلة عنها لحصولهم عليها بلا أدنى سبب «1» .
حكم نكران الجميل:
إنّ نكران الجميل أو كفران نعمة المحسن يجيز للمحسن أن يمنّ بنعمته على من أنكرها، يقول الرّاغب: ولحسن ذكرها (النّعمة) عند الكفران قيل:
__________
(1) إحياء علوم الدين (4/ 129- 130) بتصرف، ط الريان.(11/5655)
إذا كفرت النّعمة حسنت المنّة، هذا في الدّنيا أمّا في الآخرة «1» ، فقد عدّها بعض العلماء من الكبائر خاصّة إذا كانت النّعمة من الله سبحانه وتعالى أو ممّن تجب مراعاته كالزّوج. يقول الإمام ابن حجر: ذكر جماعة أنّ كفران نعمة المحسن من الكبائر وهو بعيد، ويتعيّن حمله على كفران نعمة الله- عزّ وجلّ- إذ هو المحسن على الحقيقة، ويمكن حمله أيضا على كفران نعمة محسن تجب مراعاته كالزّوج لما ورد في ذلك من الوعيد الشّديد «2» . وقال- رحمه الله- في موضع آخر: ومن الكبائر كفران نعمة الخلق المستلزم لكفران نعمة الحقّ، وذكر أنّ عدّ ذلك من الكبائر هو ظاهر ما ورد في الحديث الّذي رواه التّرمذي (عن جابر) : «من أعطي عطاء فوجد فليجز به.. ومن كتم فقد كفر (الحديث رقم 14) ومعنى الكفر هنا أنّه يجرّ إلى كفر نعم الله تعالى «3» .
[للاستزادة: انظر صفات: الجحود- الكفر- الغرور- عقوق الوالدين.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: الاعتراف بالفضل- الشكر- الحمد- بر الوالدين] .
__________
(1) المفردات للراغب (475) .
(2) الزواجر لابن حجر (147) .
(3) المرجع السابق (255) .(11/5656)
الآيات الواردة في «نكران الجميل»
1- أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ (28) «1»
2- وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78) أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (79) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ (80) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (81) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (82) يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ (83) «2»
3- وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ (112)
وَلَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ وَهُمْ ظالِمُونَ (113)
فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّباً وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (114) «3»
4- قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40) «4»
__________
(1) إبراهيم: 28 مكية
(2) النحل: 78- 83 مكية
(3) النحل: 112- 114 مكية
(4) النمل: 40 مكية(11/5657)
الأحاديث الواردة في ذمّ (نكران الجميل)
1-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- أنّه قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلّم: «أريت النّار فإذا أكثر أهلها النّساء يكفرن. قيل: أيكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهنّ الدّهر ثمّ رأت منك شيئا قالت: ما رأيت منك خيرا قطّ» ) * «1» .
2-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- أنّه قال: مطر النّاس على عهد النّبيّ صلى الله عليه وسلّم فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلّم:
«أصبح من النّاس شاكر ومنهم كافر. قالوا: هذه رحمة الله. وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا، قال:
فنزلت هذه الآية فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ ...
حتّى بلغ: وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (الواقعة/ 75- 82) » ) * «2» .
3-* (عن رافع بن خديج- رضي الله عنه- أنّه قال: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلّم أبا سفيان بن حرب، وصفوان بن أميّة، وعيينة بن حصن، والأقرع بن حابس، كلّ إنسان منهم مائة من الإبل، وأعطى عبّاس بن مرداس دون ذلك. فقال عبّاس بن مرداس:
أتجعل نهبي ونهب العبي «3» ... د بين عيينة والأقرع
فما كان بدر ولا حابس ... يفوقان مرداس في المجمع
وما كنت دون امرئ منهما ... ومن تخفض اليوم لا يرفع
فأتمّ له رسول الله صلى الله عليه وسلّم مائة) * «4» .
4-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:
أمر رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالصّدقة فقيل: منع ابن جميل، وخالد بن الوليد وعبّاس بن عبد المطّلب، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلّم: «ما ينقم ابن جميل إلّا أنّه كان فقيرا فأغناه الله ورسوله، وأمّا خالد، فإنّكم تظلمون خالدا، قد احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله، وأمّا العبّاس بن عبد المطّلب، فعمّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم فهي عليه صدقة، ومثلها معها» ) * «5» .
5-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ أعرابيّا أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم بكرة «6» فعوّضه منها ستّ بكرات فتسخّط «7» فبلغ ذلك النّبيّ صلى الله عليه وسلّم، فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال: «إنّ فلانا أهدى إليّ ناقة فعوّضته منها ستّ بكرات فظلّ ساخطا، لقد هممت أن لا أقبل هديّة إلّا من قرشيّ أو أنصاريّ أو ثقفيّ أو دوسيّ) * «8» .
__________
(1) البخاري- الفتح 1 (29) واللفظ له. ومسلم (907) .
(2) مسلم (73) وسيأتي من حديث زيد بن خالد الجهني.
(3) العبيد: اسم فرسه.
(4) مسلم (1060) .
(5) البخاري- الفتح 3 (1468) .
(6) بكرة: هي الفتية من الإبل.
(7) فتسخط: أي لم يرض.
(8) الترمذي (3946) ، وقال: هذا حديث حسن. وأحمد (2/ 292) . وذكره في المشكاة (2/ 910) واللفظ له. وعزاه كذلك للنسائي.(11/5658)
6-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّه سمع النّبيّ صلى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ ثلاثة في بني إسرائيل:
أبرص «1» وأقرع وأعمى. فأراد الله أن يبتليهم «2» .
فبعث إليهم ملكا. فأتى الأبرص فقال: أيّ شيء أحبّ إليك؟ قال: لون حسن، وجلد حسن، ويذهب عنّي الّذي قد قذرني النّاس. قال: فمسحه فذهب عنه قذره. وأعطي لونا حسنا، وجلدا حسنا. قال: فأيّ المال أحبّ إليك؟ قال: الإبل (أو قال البقر. شكّ إسحاق) إلّا أنّ الأبرص أو الأقرع قال أحدهما: الإبل.
وقال الآخر: البقر، قال: فأعطي ناقة عشراء «3» . قال:
بارك الله لك فيها. قال: فأتى الأقرع فقال: أيّ شيء أحبّ إليك؟ قال: شعر حسن، ويذهب عنّي هذا الّذي قذرني النّاس. قال فمسحه فذهب عنه، وأعطي شعرا حسنا. قال: فأيّ المال أحبّ إليك؟ قال: البقر.
فأعطي بقرة حاملا. فقال: بارك الله لك فيها. قال فأتى الأعمى فقال: أيّ شيء أحبّ إليك؟ قال: أن يردّ الله إليّ بصري فأبصر به النّاس. قال فمسحه فردّ الله إليه بصره. قال: فأيّ المال أحبّ إليك؟ قال: الغنم. فأعطي شاة والدا «4» . فأنتج هذان وولّد هذا «5» . قال: فكان لهذا واد من الإبل. ولهذا واد من البقر. ولهذا واد من الغنم. قال ثمّ إنّه أتى الأبرص في صورته وهيئته.
فقال: رجل مسكين. قد انقطعت بي الحبال «6» في سفري. فلا بلاغ لي اليوم إلّا بالله ثمّ بك. أسألك، بالّذي أعطاك اللّون الحسن، والجلد الحسن، والمال؛ بعيرا أتبلّغ عليه في سفري. فقال: الحقوق كثيرة. فقال له: كأنّي أعرفك. ألم تكن أبرص يقذرك النّاس؟ فقيرا فأعطاك الله؟ فقال: إنّما ورثت هذا المال كابرا عن كابر «7» . فقال: إن كنت كاذبا، فصيّرك الله إلى ما كنت. قال وأتى الأقرع في صورته فقال له مثل ما قال لهذا. وردّ عليه مثل ما ردّ على هذا. فقال: إن كنت كاذبا فصيّرك الله إلى ما كنت. قال وأتى الأعمى في صورته وهيئته. فقال: رجل مسكين وابن سبيل.
انقطعت بي الحبال في سفري. فلا بلاغ لي اليوم إلّا بالله ثمّ بك. أسألك، بالّذي ردّ عليك بصرك، شاة أتبلّغ بها في سفري. فقال: قد كنت أعمى فردّ الله إليّ بصري.
فخذ ما شئت. ودع ما شئت. فو الله لا أجهدك اليوم «8» شيئا أخذته لله. فقال: أمسك مالك. فإنّما ابتليتم. فقد رضي عنك وسخط على صاحبيك» ) * «9» .
__________
(1) أبرص: البرص بياض يظهر في ظاهر البدن، لفساد مزاج صاحبه، وهو مرض جلدي منفر.
(2) يبتليهم: أي يختبرهم.
(3) ناقة عشراء: هي الحامل القريبة الولادة.
(4) شاة والدا: أي وضعت ولدها، وهو معها.
(5) فأنتج هذان وولد هذا: هكذا الرواية: فأنتج، ورباعي وهي لغة قليلة الاستعمال. والمشهور نتج، ثلاثي. وممن حكي اللغتين الأخفش. ومعناه تولى الولادة، وهي النتج والإنتاج. ومعنى ولد هذا، بتشديد اللام، معنى أنتج. والنتاج للإبل، والمولد للغنم وغيرها، هو كالقابلة للنساء.
(6) انقطعت بي الحبال: هي الأسباب. وقيل: الطرق.
(7) إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر: أي ورثته من آبائي الذين ورثوه من آبائهم، كبيرا عن كبير، في العز والشرف والثروة.
(8) أجهدك: معناه لا أشق عليك برد شيء تأخذه.
(9) البخاري- الفتح 6 (3464) . ومسلم (2964) واللفظ له.(11/5659)
7-* (عن فضالة بن عبيد- رضي الله عنه- أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «ثلاثة من العواقر: إمام إن أحسنت لم يشكر، وإن أسأت لم يغفر، وجار سوء إن رأى خيرا دفنه، وإن رأى شرّا أذاعه، وامرأة إن حضرت آذتك، وإن غبت عنها خانتك» ) * «1» .
8-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «ثلاثة لا يكلّمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم: رجل حلف على سلعة لقد أعطي بها أكثر ممّا أعطي وهو كاذب، ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقتطع بها مال امرىء مسلم، ورجل منع فضل ماء فيقول الله يوم القيامة: اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك» ) * «2» .
9-* (عن أبي سعيد- رضي الله عنه- أنّه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم في أضحى أو في فطر إلى المصلّى فمرّ على النّساء، فقال: «يا معشر النّساء، تصدّقن، فإنّي أريتكنّ أكثر أهل النّار» ، فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: «تكثرن اللّعن، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للبّ الرّجل الحازم من إحداكنّ» ، قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: «أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرّجل؟» قلن: بلى. قال: «فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصلّ ولم تصم؟» قلن:
بلى. قال: «فذلك من نقصان دينها) * «3» .
10-* (عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:
«خصلتان من كانتا فيه كتبه الله شاكرا صابرا، ومن لم تكونا فيه لم يكتبه الله شاكرا ولا صابرا، من نظر في دينه إلى من هو فوقه فاقتدى به، ونظر في دنياه إلى من هو دونه فحمد الله على ما فضّله به عليه، كتبه الله شاكرا صابرا، ومن نظر في دينه إلى من هو دونه، ونظر في دنياه إلى من فوقه فأسف على ما فاته منه، لم يكتبه الله شاكرا ولا صابرا» ) * «4» .
11-* (عن أنس- رضي الله عنه- أنّه قال: قدم على النّبيّ صلى الله عليه وسلّم نفر من عكل فأسلموا، فاجتووا «5» المدينة فأمرهم أن يأتوا إبل الصّدقة فيشربوا من أبوالها وألبانها، ففعلوا فصحّوا، فارتدّوا فقتلوا رعاتها واستاقوا الإبل. فبعث في آثارهم، فأتي بهم، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم «6» ،
__________
(1) ذكره المنذري في الترغيب والترهيب (3/ 358) وقال: رواه الطبراني بإسناد لا بأس به. وذكره الهيثمى فى المجمع (8/ 168) واللفظ له. وقال: رواه الطبراني وفيه محمد بن عصام ذكره ابن أبي حاتم ولم يخرجه ولم يوثقه وبقية رجاله ثقات.
(2) البخاري- الفتح 13 (7446) واللفظ له. ومسلم (108) .
(3) البخاري- الفتح 1 (304) واللفظ له. ومسلم (885) معناه من حديث جابر- رضي الله عنه-.
(4) الترمذي (2512) وقال: حسن غريب وبعضه في مسلم من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه-. وابن ماجة (4142) . وذكره في المشكاة وعزاه إلى الترمذي وسكت عنه الألباني (3/ 1446) برقم (5256) .
(5) اجتووا المدينة: أي كرهوا الإقامة فيها.
(6) سمل أعينهم: أي فقأها.(11/5660)
ثمّ لم يحسمهم «1» حتّى ماتوا) * «2» .
12-* (عن زيد بن خالد الجهنيّ- رضي الله عنه- قال: صلّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم صلاة الصّبح بالحديبية في إثر السّماء كانت من اللّيل فلمّا انصرف أقبل على النّاس فقال: «هل تدرون ماذا قال ربّكم؟» قالوا:
الله ورسوله أعلم، قال: قال: «أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأمّا من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب، وأمّا من قال: مطرنا بنوء «3» كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب» ) * «4» .
13-* (عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «كلّ مولود يولد على الفطرة حتّى يعرب عنه لسانه، فإذا أعرب عنه لسانه إمّا شاكرا وإمّا كفورا» ) * «5» .
14-* (عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «من أعطي عطاء فوجد فليجز به، ومن لم يجد فليثن فإنّ من أثنى فقد شكر، ومن كتم فقد كفر، ومن تحلّى بما لم يعطه كان كلابس ثوبي زور» ) * «6» .
15-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «من تعلّم الرّمي ثمّ نسيه فهي نعمة جحدها» ) * «7» .
16-* (عن النّعمان بن بشير- رضي الله عنهما- أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم على المنبر: «من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير، ومن لم يشكر النّاس لم يشكر الله، التّحدّث بنعمة الله شكر، وتركها كفر، والجماعة رحمة، والفرقة عذاب» ) * «8» .
17-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّه قال: قالوا يا رسول الله، هل نرى ربّنا يوم القيامة؟ قال:
«هل تضارّون في رؤية الشّمس في الظّهيرة ليست في سحابة؟» قالوا: لا. قال: «فهل تضارّون في رؤية القمر ليلة البدر ليس في سحابة؟» قالوا: لا. قال: «فو الّذي نفسي بيده لا تضارّون في رؤية ربّكم إلّا كما تضارّون في رؤية أحدهما» . قال: فيلقى العبد فيقول:
أي فل «9» ، ألم أكرمك، وأسوّدك، وأزوّجك، وأسخّر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس وتربع «10» ؟ فيقول: بلى، قال: فيقول: أفظننت أنّك ملاقيّ؟ فيقول: لا. فيقول:
__________
(1) لم يحسمهم: أي لم يكوهم، والحسم كي العرق بالنار لينقطع الدم.
(2) البخاري- 12 (6802) واللفظ له. ومسلم (1671) .
(3) ناء النجم: سقط النجم أو طلع.
(4) البخاري- الفتح 7 (4147) . ومسلم (71) واللفظ له.
(5) أحمد (3/ 353) ، وقال الهيثمي (7/ 218) : فيه أبو جعفر الرازي وهو ثقة وفيه خلاف، وبقية رجاله ثقات.
(6) أبو داود (4813) وقال الألباني: حسن (3/ 914) . والترمذي (2034) واللفظ له. وقال: حديث حسن غريب. وذكره في المشكاة (2/ 911) . وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية: حديث حسن (1/ 313) .
(7) ذكره المنذري في الترغيب والترهيب (2/ 282) . وقال: رواه البزار والطبراني في الصغير والأوسط بإسناد حسن.
(8) أحمد (4/ 278) ، وقال الألباني في الصحيحة (2/ 272) : حسن.
(9) أي فل: أي يا فلان.
(10) ترأس وتربع: أي تأخذ ربع أموال القوم، والمراد أنك رئيس أو المراد: تركتك مستريحا لا تحتاج إلى مشقة وتعب.(11/5661)
فإنّي أنساك كما نسيتني. ثمّ يلقى الثّاني فيقول: أي فل، ألم أكرمك، وأسوّدك، وأزوّجك، وأسخّر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول: بلى. أي ربّ، فيقول: أفظننت أنّك ملاقيّ؟ فيقول: لا. فيقول: فإنّي أنساك كما نسيتني. ثمّ يلقى الثّالث فيقول له مثل ذلك.
فيقول: يا ربّ، آمنت بك وبكتابك وبرسلك وصلّيت وصمت وتصدّقت ويثني بخير ما استطاع. فيقول:
ههنا إذا. ثمّ يقال له: الآن نبعث شاهدنا عليك.
ويتفكّر في نفسه من ذا الّذي يشهد عليّ؟ فيختم على فيه. ويقال لفخذه ولحمه وعظامه: انطقي فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله. وذلك ليعذر من نفسه. وذلك المنافق. وذلك الّذي يسخط الله عليه) * «1» .
18-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «قال الله- عزّ وجلّ-:
يؤذيني ابن آدم يسبّ الدّهر، وأنا الدّهر، بيدي الأمر، أقلّب اللّيل والنّهار» ) * «2» .
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذمّ (نكران الجميل)
1-* (قال عليّ- رضي الله عنه- «كن من خمسة على حذر: من لئيم إذا أكرمته، وكريم إذا أهنته، وعاقل إذا أحرجته، وأحمق إذا مازجته، وفاجر إذا مازحته) * «3» .
2-* (قال ابن عبّاس- رضي الله عنهما- في تفسير قوله تعالى: إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (العاديات/ 6) : أي كفور) *.
وكذا قاله جماعة. وقال أبو أمامة الباهليّ- رضي الله عنه: الكنود: الّذي يأكل وحده ويضرب عبده، ويمنع رفده.
وقال الحسن البصريّ- رحمه الله تعالى-: الكنود هو الّذي يعدّ المصائب، وينسى نعم الله عليه) * «4» .
3-* (قال سعيد بن جبير- رحمه الله تعالى- عند تفسير قوله تعالى إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ (القلم/ 17) : كان أصحابها من قرية يقال لها ضروان على ستّة أميال من صنعاء، وكان أبوهم قد خلّف لهم هذه الجنّة وكانوا من أهل الكتاب، وقد كان أبوهم يسير فيها سيرة حسنة، فكان ما يستغلّ منها يردّ فيها ما تحتاج إليه ويدّخر لعياله قوت سنتهم ويتصدّق بالفاضل. فلمّا مات وورثه بنوه، قالوا: لقد كان أبونا أحمق إذ كان يصرف من هذه شيئا للفقراء ولو أنّا منعناهم لتوفّر ذلك علينا، فلمّا عزموا على ذلك عوقبوا بنقيض قصدهم فأذهب الله ما بأيديهم بالكلّيّة، رأس المال، والرّبح، والصّدقة، فلم يبق لهم شيء) * «5» .
__________
(1) البخاري- الفتح 13 (7437) . ومسلم (2968) واللفظ له.
(2) البخاري- الفتح 8 (4826) .
(3) الآداب الشرعية (1/ 312) .
(4) تفسير ابن كثير (4/ 542) .
(5) تفسير ابن كثير (4/ 406- 407) ط. دار المعرفة. وقال عقب ذلك ابن كثير رحمه الله تعالى هذا عذاب من خالف أمر الله وبخل بما آتاه الله وأنعم به عليه ومنع حق المسكين والفقير وذوي الحاجات وبدل نعمة الله كفرا.(11/5662)
4-* (قال وهب بن منبّه- رحمه الله تعالى-:
ترك المكافأة من التّطفيف) * «1» .
5-* (قال كعب الأحبار- رحمه الله تعالى-:
ما أنعم الله على عبد من نعمة في الدّنيا فشكرها لله وتواضع بها لله إلّا أعطاه الله نفعها في الدّنيا ورفع له بها درجة في الآخرة. وما أنعم الله على عبد نعمة في الدّنيا، فلم يشكرها لله، ولم يتواضع بها، إلّا منعه الله نفعها في الدّنيا، وفتح له طبقات من النّار يعذّبه إن شاء أو يتجاوز عنه) * «2» .
6-* (كتب ابن السّمّاك إلى محمّد بن الحسن رحمهما الله تعالى- حين ولّي القضاء بالرّقّة: أمّا بعد، فلتكن التّقوى من بالك على كلّ حال، وخف الله من كلّ نعمة أنعم بها عليك من قلّة الشّكر عليها مع المعصية بها، وأمّا التّبعة فيها فقلّة الشّكر عليها، فعفا الله عنك كلّما ضيّعت من شكر، أو ركبت من ذنب أو قصّرت من حقّ) * «3» .
7-* (قال المتنبّيّ:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ... وإن أنت أكرمت اللّئيم تمرّدا) * «4» .
8-* (قال الأصمعيّ- رحمه الله تعالى-:
سمعت أعرابيّا يقول أسرع الذّنوب عقوبة كفر المعروف) «5» .
9-* (قال إبراهيم بن مهديّ مخاطبا المأمون:
البرّ بي منك وطّا العذر عندك لي ... فيما فعلت فلم تعذل ولم تلم
وقام علمك بي فاحتجّ عندك لي ... وقام شاهد عدل غير متّهم
لئن جحدتك معروفا مننت به ... إنّي لفي اللّؤم أحظى منك بالكرم
تعفو بعدل وتسطو إن سطوت به ... فلا عدمتك من عاف ومنتقم
) * «6» .
10-* (قال ابن المبارك- رحمه الله تعالى-:
يد المعروف غنم حيث كانت ... تحمّلها شكور أو كفور
ففي شكر الشّكور لها جزاء ... وعند الله ما كفر الكفور) * «7» .
11-* (قال ابن الأثير في النّهاية: من كان عادته وطبعه كفران نعمة النّاس وترك شكره لهم كان من عادته كفر نعمة الله- عزّ وجلّ- وترك الشّكر له» ) * «8» .
12-* (قال ابن كثير- رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ
__________
(1) الآداب الشرعية (1/ 314) .
(2) عدة الصابرين (145) .
(3) المرجع السابق (130) .
(4) الآداب الشرعية (1/ 312) .
(5) المرجع السابق (1/ 311) .
(6) أدب الدنيا والدين للماوردي (31) .
(7) الآداب الشرعية (1/ 311) .
(8) جامع الأصول (2/ 560) ، ونقله عنه ابن مفلح في الآداب الشرعية (1/ 313) .(11/5663)
كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ (إبراهيم/ 28) : إنّ الله تعالى بعث محمّدا صلى الله عليه وسلّم رحمة للعالمين ونعمة للنّاس، فمن قبلها وقام بشكرها دخل الجنّة، ومن ردّها وكفرها دخل النّار) * «1» .
13-* (قال أهل التّفسير في معنى قوله تعالى: يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ (النحل/ 83) :
قال مجاهد: هي المساكن والأنعام وما يرزقون منها تعرف هذا كفّار قريش ثمّ تنكره بأن تقول هذا كان لآبائنا فورّثونا إيّاه.
وقال عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود:
إنكارهم إيّاها أن يقول الرّجل: لولا فلان ما كان كذا وكذا، ولولا فلان ما أصبت كذا وكذا.
وقال آخرون: إنّ الكفّار إذا قيل لهم: من رزقكم؟ أقرّوا بأنّ الله هو الّذي يرزقهم ثمّ ينكرونه بقولهم: رزقنا ذلك بشفاعة آلهتنا.
وقال ابن كثير: يعني أنّهم يعرفون أنّ الله تعالى هو المسدي إليهم ذلك وهو المتفضّل به عليهم ومع هذا ينكرون ذلك ويعبدون معه غيره ويسندون النّصر والرّزق إلى غيره) * «2» .
14-* (قال بعض الحكماء: لا يزهّدنّك في المعروف كفر من كفره، فإنّه يشكرك عليه من لا تصنعه إليه) «3» .
15-* (ويقال أيضا: إعطاء الفاجر يقوّيه على فجوره، ومسألة اللّئيم إهانة للعرض، وتعليم الجاهل زيادة في الجهل، والصّنيعة عند الكفور إضاعة للنّعمة، فإذا هممت بشيء فارتد الموضع قبل الإقدام عليه أو على التّرك) * «4» .
من مضار (نكران الجميل)
(1) دليل على ضعف الإيمان وسوء الأخلاق ولؤم الطّبع.
(2) من أسباب زوال النّعمة بعد حصولها.
(3) يسبّب غضب الرّبّ وإعراض الخلق.
(4) يجلب الشّقاء ونكد البال وسوء الحال.
__________
(1) تفسير القرآن العظيم، لابن كثير (2/ 538) .
(2) كله من فتح المجيد، شرح كتاب التوحيد (408- 409) - إلا كلام ابن كثير فمن تفسيره (2/ 580) .
(3) الآداب الشرعية (1/ 310) .
(4) المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.(11/5664)
النميمة
النميمة لغة:
النّميمة اسم من نمّ الحديث ينمّه وينمّه نمّا وتدلّ مادّته على أصل صحيح له معنيان: أحدهما:
إظهار شىء وإبرازه، والآخر لون من الألوان. فالأوّل ما حكاه الفرّاء، يقال إبل نمّة: لم يبق في أجوافها الماء، والنّمّام منه، لأنّه لا يبقي الكلام في جوفه، ورجل نمّام «1» ، ونمّ الحديث إذا أظهره، وقيل: نقله. ونمّه ينمّه نمّا، أي قتّه، والاسم: النّميمة، والنّميمة أيضا:
الهمس والحركة، ومنه قولهم: أسكت الله نامّته، أي ما ينمّ عليه من حركته «2» ، ونمّ الرّجل الحديث نمّا من بابي قتل وضرب، سعى به ليوقع به فتنة أو وحشة «3» .
وقال ابن منظور: النّمّ: التحريش والإغراء ورفع الحديث على وجه الإشاعة والإفساد، وقيل:
تزيين الكلام بالكذب، والفعل: نمّ ينمّ وينمّ، والأصل الضّمّ، ونمّ به وعليه نمّا ونميمة ونميما، وقيل:
النّميم جمع نميمة. ورجل نموم ونمّام ومنمّ ونمّ من قوم نمّين وأنمّاء، وامرأة نمّة، وقيل: النّمّام معناه في كلام العرب: الّذي لا يمسك الأحاديث ولا يحفظها، من قولهم جلود نمّة إذا كانت لاتمسك الماء، يقال: نمّ فلان ينمّ نمّا إذا ضيّع الأحاديث ولم يحفظها، وأنشد الفرّاء:
بكت من حديث نمّه وأشاعه ... ولصّقه واش من القوم واضع
ويقال للنّمّام: القتّات، يقال: قتّ إذا مشى بالنّميمة، ويقال للنّمّام قسّاس ودرّاج وغمّاز وهمّاز ومائس وممآس «4» .
واصطلاحا:
هي نقل كلام النّاس بعضهم إلى بعض على جهة الإفساد. وقيل: إفشاء السّرّ، وهتك السّتر عمّا يكره كشفه «5» .
وقال الجاحظ: النّميمة: وهو أن يبلّغ إنسان عن آخر قولا مكروها، استسرّ بذلك أو لم يستسرّ، (والنّوع الأوّل من قبيل إفشاء السّرّ) «6» .
من النّمام؟
قال الجرجانيّ (وتبعه المناويّ) : النّمّام هو الّذي يتحدّث مع القوم فينمّ عليهم فيكشف ما يكره
__________
(1) المقاييس (5/ 358) .
(2) الصحاح (5/ 2045) .
(3) المصباح المنير (239) .
(4) لسان العرب (5/ 2045) .
(5) الأذكار للنووي (299/ 309) ، وانظر النهاية لابن الأثير (5/ 120) .
(6) تهذيب الأخلاق للجاحظ (31) بتصرف.(11/5665)
كشفه، سواء كرهه المنقول عنه أو المنقول إليه أو الثّالث (أي النّمّام) ، وسواء أكان الكشف بالعبارة أو بالإشارة أو بغيرهما «1» .
الفرق بين الغيبة والنميمة:
الغيبة- كما سبق- هي التّكلّم خلف إنسان مستور بما هو فيه ممّا يكرهه. أمّا النّميمة فهي نقل كلام صادر عن الغير بغية الإفساد. وعلى ذلك تكون الغيبة صادرة عن المغتاب في الأصل، أمّا النّميمة فهي كلام صادر عن الغير، ومن الفرق أيضا أنّ الغيبة قد تباح أو تجب في بعض الأحيان لغرض شرعيّ (انظر صفة الغيبة) أمّا النّميمة فلم ينقل جواز إباحتها أحد، ومن الغيبة ما يكون بالقلب بأن تظنّ السّوء بأخيك وتصمّم عليه بقلبك «2» أمّا النّميمة فلا تكون إلّا باللّسان أو ما يحلّ محلّه في الكشف عن السّوءات من كتابة أو رمز أو إيماء.
الباعث على النّميمة:
يبعث على النّميمة أمور منها:
1- إرادة السّوء بالمحكيّ عنه.
2- الحبّ للمحكيّ له (وهذا في ظاهر الأمر وإلّا فإنّ من يجبّ إنسانا على الحقيقة فإنّه لا يبلّغه ما يسوءه) .
3- الفرح بالخوض في الفضول «3» .
علاج النميمة:
تعالج النّميمة بما تعالج به الغيبة، وهو إمّا إجمالي بأن يعلم النّمّام أنّه قد تعرّض بها لسخط الله تعالى وعقوبته وأنّها تحبط حسناته وبأن يتدبّر المرء في عيوبه ويجتهد في التّطهّر منها وأن يعلم أنّ تأذّي غيره بالغيبة أو بالنّميمة كتأذّيه بها فكيف يرضى لغيره ما يتأذّى به؟ وأمّا التّفصيليّ فيتلخّص في النّظر في بواعثها فتقطعها من الأصل؛ إذ علاج العلّة إنّما يكون بقطع سببها، وألّا يعتقد المرء في أخيه سوءا، وأن يبادر إلى التّوبة بشروطها «4» .
كيف تتعامل مع النمام؟
قال الإمام الذّهبيّ: كلّ من حملت إليه نميمة وقيل له: قال فيك فلان، كذا وكذا لزمه ستّة أحوال:
الأوّل: ألّا يصدّقه؛ لأنّه نمّام فاسق، وهو مردود الخبر.
الثّاني: أن ينهاه عن ذلك وينصحه ويقبّح فعله.
الثّالث: أن يبغضه في الله- عزّ وجلّ-، فإنّه بغيض عند الله، والبغض في الله واجب.
الرّابع: ألّا يظنّ في المنقول عنه السّوء لقوله تعالى: اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ (الحجرات/ 12) .
__________
(1) التعريفات (267) . والتوقيف على مهمات التعاريف (330) .
(2) انظر في معني الغيبة بالقلب، الزواجر لابن حجر (387) .
(3) الزواجر (396) .
(4) المرجع السابق (391) بإيجاز.(11/5666)
الخامس: ألّا يحمله ما حكى له على التّجسّس والبحث عن تحقّق ذلك مصداقا لقوله تعالى: وَلا تَجَسَّسُوا (الحجرات/ 11) .
السّادس: ألّا يرضى لنفسه ما نهى النّمام عنه، فلا يحكي نميمته «1» .
حكم النميمة:
قال الذّهبيّ: النّميمة من الكبائر، وهي حرام بإجماع المسلمين، وقد تظاهرت على تحريمها الدّلائل الشّرعيّة من الكتاب والسّنّة، وقد أجاب عمّا يوهم أنّها من الصّغائر وهو قوله صلى الله عليه وسلّم: «وما يعذّبان في كبير» (انظر الحديث رقم 3) بأنّ المراد: ليس بكبير تركه عليهما، أو ليس بكبير في زعمهما، ولهذا قيل في رواية أخرى: «بلى إنّه كبير» «2» ، وقال ابن حجر: وجه كونه أي (النّمّ) كبيرة ما فيه من الإفساد وما يترتّب عليه من المضارّ، والحكم على ما هو كذلك بأنّه كبير ظاهر جليّ، وليس في معناه، بل ولا قريبا منه مجرّد الإخبار بشيء عمّن يكره كشفه من غير أن يترتّب عليه ضرر ولا هو عيب ولا نقص، لأنّ الغيبة لا توجد إلّا مع كون الكلام المنقول نقصا وعيبا، ومن ثّمّ فالنّميمة الأقبح من الغيبة ينبغي ألّا توجد بوصف كونها كبيرة إلّا إذا كان ما ينمّ به مفسدة «3» .
[للاستزادة: انظر صفات: الأذى- الإساءة الإفك- البهتان- الغيبة- الافتراء.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: الستر- الصمت وحفظ اللسان- الكلم الطيب- الثناء- كظم الغيظ- كتمان السر- المحبة- حسن العشرة] .
__________
(1) الكبائر للذهبي (161) ، وانظر الزواجر لابن حجر (396) .
(2) الكبائر للذهبي (160) .
(3) الزواجر (395) .(11/5667)
الآيات الواردة في «النميمة»
1- ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ (1) ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (6) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (7) فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9) وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) «1»
__________
(1) القلم: 1- 12 مكية(11/5668)
الأحاديث الواردة في ذمّ (النميمة)
1-* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- قال: إنّ محمّدا صلى الله عليه وسلّم قال: «ألا أنبّئكم ما العضه «1» ؟ هي النّميمة القالة بين النّاس» . وإنّ محمّدا صلى الله عليه وسلّم قال: «إنّ الرّجل يصدق حتّى يكتب صدّيقا. ويكذب حتّى يكتب كذّابا» ) * «2» .
2-* (عن حذيفة- رضي الله عنه- أنّه بلغه أنّ رجلا ينمّ الحديث، فقال حذيفة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «لا يدخل الجنّة نمّام» ) * «3» .
3-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- أنّه قال: «مرّ النّبيّ صلى الله عليه وسلّم على قبرين، فقال: «إنّهما ليعذّبان، وما يعذّبان في كبير. ثمّ قال: «بلى، أمّا أحدهما فكان يسعى بالنّميمة. وأمّا الآخر فكان لا يستتر من بوله» .
قال: ثمّ أخذ عودا رطبا فكسره باثنتين، ثمّ غرز كلّ واحد منهما على قبر، ثمّ قال: «لعلّه يخفّف عنهما، ما لم ييبسا» ) * «4» .
الأحاديث الواردة في ذمّ (النميمة) معنى
4-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:
قال النّبيّ صلى الله عليه وسلّم: «تجد من شرار النّاس يوم القيامة عند الله ذا الوجهين الّذي يأتي هؤلاء بوجه، وهؤلاء بوجه» ) * «5» .
5-* (عن همّام بن الحارث قال: كان رجل ينقل الحديث إلى الأمير. فكنّا جلوسا في المسجد..
فقال القوم:: هذا ممّا ينقل الحديث إلى الأمير. قال:
فجاء حتّى جلس إلينا. فقال حذيفة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «لا يدخل الجنّة قتّات «6» » ) * «7» .
__________
(1) العضه: رويت هذه اللفظة على وجهين: أحدهما: العضة بكسر العين وفتح الضاد على وزن العدة وهو الأشهر في كتب اللغة. والثاني: العضه- بفتح العين وسكون الضاد- على وزن الوجه وهو الأشهر في كتب الحديث. والمعنى: ألا أنبئكم والعضه الفاحش الغليظ التحريم؟
(2) مسلم (2606) .
(3) البخاري- الفتح 10 (6056) ، ومسلم (105) واللفظ له.
(4) البخاري- الفتح 3 (1378) واللفظ له. ومسلم (292) .
(5) البخاري- الفتح 10 (6058) واللفظ له. ومسلم (2526) والترمذي (2025) وقال: حسن صحيح.
(6) القتات: هو النمام.
(7) البخاري- الفتح 10 (6056) ومسلم (105) واللفظ له، والترمذي (2026) وقال: حسن صحيح.(11/5669)
من الآثار الواردة في ذمّ (النميمة)
1-* (قال لقمان لابنه: «يا بنيّ، أوصيك بخلال، إن تمسّكت بهنّ لم تزل سيّدا: ابسط خلقك للقريب والبعيد، وأمسك جهلك عن الكريم والّلئيم، واحفظ إخوانك، وصل أقاربك، وآمنهم من قبول قول ساع، أو سماع باغ، يريد فسادك، ويروم خداعك، وليكن إخوانك من إذا فارقتهم وفارقوك لم تعبهم ولم يعيبوك» ) * «1» .
2-* (وروي عن عليّ- رضي الله عنه- أنّ رجلا سعى إليه برجل فقال له: «يا هذا، نحن نسأل عمّا قلت، فإن كنت صادقا مقتناك. وإن كنت كاذبا عاقبناك، وإن شئت أن نقيلك أقلناك. فقال: أقلني يا أمير المؤمنين) * «2» .
3-* (روي عن عمر بن عبد العزيز- رحمه الله تعالى-: أنّه دخل عليه رجل فذكر له عن رجل شيئا فقال له عمر: «إن شئت نظرنا في أمرك، فإن كنت كاذبا فأنت من أهل هذه الآية: إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا (الحجرات/ 6) وإن كنت صادقا فأنت من أهل هذه الآية: هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (القلم/ 11) وإن شئت عفونا عنك؟» فقال: العفو يا أمير المؤمنين، لا أعود إليه أبدا) * «3» .
4-* (سعى رجل بزياد الأعجم إلى سليمان ابن عبد الملك فجمع بينهما للموافقة، فأقبل زياد على الرّجل، وقال:
فأنت امرؤ إمّا ائتمنتك خاليا ... فخنت وإمّا قلت قولا بلا علم
فأنت من الأمر الّذي كان بيننا ... لمنزلة بين الخيانة والإثم
«4» 5-* (قال قتادة- رحمه الله-: «ذكر لنا أنّ عذاب القبر ثلاثة أثلاث: ثلث من الغيبة، وثلث من النّميمة، وثلث من البول» ) * «5» .
6-* (قال رجل لعمر بن الخطّاب- رضي الله عنه-: «يا أمير المؤمنين، احذر قاتل الثّلاثة» .
قال: «ويلك، من قاتل الثّلاثة» ؟ قال: الرّجل يأتي الإمام بالحديث الكذب، فيقتل الإمام ذلك الرّجل بحديث هذا الكذّاب، ليكون قد قتل نفسه، وصاحبه، وإمامه» ) * «6» .
7-* (قال الحسن البصريّ- رحمه الله تعالى-: «من نمّ إليك نمّ عليك» ) * «7» .
8-* (قال رجل لعمرو بن عبيد: إنّ الأسواريّ ما يزال يذكرك في قصصه بشرّ، فقال له عمرو: يا هذا ما رعيت حقّ مجالسة الرّجل حيث نقلت إلينا حديثه، ولا أدّيت حقّي حين أعلمتني عن
__________
(1) إحياء علوم الدين للغزالي (3/ 167) ط الريان.
(2) الإحياء للغزالي (3/ 166) ط. الريان.
(3) إحياء علوم الدين، للغزالي (3/ 166) .
(4) المرجع السابق (3/ 152) ط. الريان.
(5) المرجع السابق (3/ 143) .
(6) انظر مساوىء الأخلاق للخرائطي (93) .
(7) إحياء علوم الدين، للغزالي (3/ 166) ط. الريان.(11/5670)
أخي ما أكره، ولكن أعلمه أنّ الموت يعمّنا، والقبر يضمّنا، والقيامة تجمعنا، والله تعالى يحكم بيننا، وهو خير الحاكمين» ) * «1» .
9-* (عن يحيى بن أكثم قال: «أنمّ النّاس ولد الزّنا» ) * «2» .
10-* (قال عمرو بن ميمون الأزديّ: لمّا تعجّل موسى إلى ربّه رأى رجلا تحت العرش فغبطه بمكانه فسأل ربّه أن يخبره باسمه فلم يخبره، وقال:
لكنّي أحدّثك عن عمله بثلاث خصال: كان لا يحسد النّاس على ما آتاهم الله من فضله، ولا يعقّ والديه، ولا يمشي بالنّميمة» ) * «3» .
11-* ( «رفع إنسان رقعة إلى الصّاحب بن عبّاد يحثّه فيها على أخذ مال يتيم وكان مالا كثيرا فكتب على ظهرها: النّميمة قبيحة، وإن كانت صحيحة، والميّت رحمه الله، واليتيم جبره الله، والمال نمّاه الله، والسّاعي لعنه الله» ) * «4» .
12-* (قال الشّاعر:
تنحّ عن النّميمة واجتنبها ... فإنّ النّمّ يحبط كلّ أجر
يثير أخو النّميمة كلّ شرّ ... ويكشف للخلائق كلّ سرّ
ويقتل نفسه وسواه ظلما ... وليس النّمّ من أفعال حرّ) * «5» .
13-* (قال الشّاعر:
لا تقبلنّ نميمة بلّغتها ... وتحفّظنّ من الّذي أنباكها «6»
إنّ الّذي أهدى إليك نميمة ... سينمّ عنك بمثلها قد حاكها
) * «7» .
14-* (قال بعضهم: لو صحّ ما نقله النّمّام إليك لكان هو المجترىء بالشّتم عليك، والمنقول عنه أولى بحلمك لأنّه لم يقابلك بشتمك) * «8» .
من مضار (النميمة)
(1) طريق موصّل إلى النّار.
(2) تذكي نار العداوة بين المتآلفين.
(3) تؤذي وتضرّ، وتؤلم، وتجلب الخصام والنّفور.
(4) تدلّ على سوء الخاتمة، وتمسخ حسن الصّورة.
(5) عنوان الدّناءة والجبن والضّعف والدّسّ والكيد والملق والنّفاق.
(6) مزيلة كلّ محبّة ومبعدة كلّ مودّة وتآلف وتآخ.
__________
(1) إحياء علوم الدين للغزالي (3/ 167) ط. الريان.
(2) مساوىء الأخلاق للخرائطي (96) .
(3) المرجع السابق (94) .
(4) الأذكار للنووي (310) .
(5) موارد الظمآن للشيخ عبد العزيز السلمان (3/ 385) .
(6) أنباكها: أي أخبرك بها.
(7) موارد الظمآن للسلمان (3/ 386) .
(8) إحياء علوم الدين للغزالي (3/ 158) .(11/5671)
[حرف الهاء]
الهجاء
الهجاء لغة:
الهجاء: خلاف المدح، يقال هجوته هجوا وهجاء وتهجاء، قال الشّاعر:
دعي عنك تهجاء الرّجال وأقبلي
وهجاه هجوا وهجاء، شتمه بالشّعر، وعدّد فيه معائبه. قال اللّيث: هو الوقيعة في الأشعار. وأنشد القالي:
وكلّ جراحة توسى فتبرا ... ولا يبرا إذا جرح الهجاء
وفي الحديث «اللهمّ إنّ فلانا هجاني فاهجه، اللهمّ مكان ما هجاني» أي جازه على هجائه إيّاي جزاء هجائه، وهذا كقوله- جلّ وعزّ-: وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها (الشورى/ 40) وفي حديث آخر «اللهمّ إنّ عمرو بن العاص هجاني «1» ، وهو يعلم أنّي لست بشاعر، فاهجه، اللهمّ والعنه عدد ما هجاني أو مكان ما هجاني» أي جازه على الهجاء. ويقال: هجا فلان فلانا: شتمه وسبّه وعابه، والمرأة تهجو زوجها، أي تذمّه وتشكو صحبته، ويقال: بينهم أهجوّة وأهجيّة يتهاجون بها، وهاجيت فلانا: هجوته وهجاني «2» .
الهجاء اصطلاحا:
ما وصف به الإنسان من الأخلاق الذّميمة شعرا «3» .
وقال بعضهم: الهجاء: نزع الصّفات الحميدة عن المهجوّ ووصمه بأضدادها مثل ضعة الأصل، وقلّة عدد القبيل، وبالجبن، والبخل «4» .
دوافع الهجاء والفحش:
قال الغزاليّ- رحمه الله-: إنّ السّبّ والفحش وبذاءة اللّسان مذموم ومنهيّ عنه، ومصدره الخبث واللّؤم، والباعث عليه إمّا قصد الإيذاء، وإمّا الاعتياد
__________
(1) وكان هذا قبل إسلام عمرو- رضي الله عنه-.
(2) الصحاح (6/ 2533) ، التاج (20/ 326) ، النهاية (5/ 248) ، ولسان العرب (6/ 4627) .
(3) استخلصنا هذا التعريف مما ذكره الكفوي في الكليات من أن للإنسان بحسب ما يوصف به أسماء فما وصف به من الشجاعة والشدة في الحرب والصبر في مواطنها يسمى حماسة، وما وصف به من حسب وكرم وطيب محتد يسمى مدحا (إن كان للغير) ، وفخرا (إن كان صادرا من القائل) وما أثني عليه من شيء من ذلك ميّتا يسمى رثاء وتأبينا، وما وصف من أخلاقه الذميمة يسمّى هجاء، وما وصف به النّساء من حسن وجمال وغرام بهن يسمى غزلا ونسيبا. الكليات بتصرف واختصار (960) .
(4) تاريخ الأدب العربي لعمر فروخ (1/ 83) .(11/5672)
الحاصل من مخالطة الفسّاق وأهل الخبث واللّؤم لأنّ من عادتهم السّبّ «1» .
حكم الهجاء:
عدّ ابن حجر من الكبائر الشّعر المشتمل على هجو المسلم، ولو بصدق، وكذا إن اشتمل على فحش أو كذب فاحش. وتردّ شهادة الهاجي لفسقه، وقد صرّح بذلك بعض العلماء فقال: إن هجا مسلما فسق، أو ذمّيّا فلا بأس، وقال آخر: إذا آذى في شعره بأن هجا المسلمين أو رجلا مسلما فسق به لأنّ إيذاء المسلم محرّم، ويستوي في ذلك قليل الهجاء وكثيره لأنّ الشّعر يحفظ ويعلق بالأذهان ويعاود فيبقى على الأعصار والدّهور بخلاف النّثر، وكما يحرم الهجو يحرم إنشاده أيضا، ولكن ليس إثم حاكي الهجو كإثم منشده «2» .
هجاء الكافر والفاسق:
أطلق كثير من العلماء جواز هجو الكافر مستدلّين بأمره صلى الله عليه وسلّم لحسّان- رضي الله عنه- بهجو المشركين. وألحق الغزاليّ وتبعه جمع من العلماء بالكفّار المبتدعين حيث يجوز هجوهم ببدعتهم، ولكن لمقصد شرعيّ كالتّحذير من هذه البدعة، ويجوز أيضا هجو المرتدّ بخلاف الفاسق، فإنّه لا يجوز هجاؤه، وإلّا بما تجاهر به من فسق فقط لجواز غيبته به، ولقصد زجره «3» .
[للاستزادة: انظر صفات: الافتراء- انتهاك الحرمات- البغض- التحقير- السخط- اللغو- الكذب- الخبث- القذف- الإساءة- إفشاء السر السخرية- الاستهزاء.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: الثناء- الحمد- الشكر- الكلم الطيب- تعظيم الحرمات- التقوى حسن الخلق- تكريم الإنسان] .
__________
(1) إحياء علوم الدين (3/ 121) .
(2) الزواجر (663) (بتلخيص وتصرف) .
(3) بتلخيص وتصرف عن الزواجر (665، 666) .(11/5673)
الأحاديث الواردة في ذمّ (الهجاء)
1-* (عن عائشة- رضي الله عنها- أنّها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إنّ أعظم النّاس فرية لرجل هاجى رجلا فهجا القبيلة بأسرها، ورجل انتفى من أبيه، وزنّى أمّه) * «1» .
2-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت:
إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «اهجوا قريشا فإنّه أشدّ عليها من رشق بالنّبل» ، فأرسل إلى ابن أبي رواحة فقال:
«اهجهم» فهجاهم فلم يرض، فأرسل إلى كعب بن مالك، ثمّ أرسل إلى حسّان بن ثابت، فلمّا دخل عليه قال حسّان: قد آن لكم أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضّارب بذنبه، ثمّ أدلع لسانه فجعل يحرّكه فقال:
والّذي بعثك بالحقّ لأفرينّهم بلساني فري الأديم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «لا تعجل، فإنّ أبا بكر أعلم قريش بأنسابها، وإنّ لي فيهم نسبا، حتّى يلخّص لك نسبي» فأتاه حسّان ثمّ رجع فقال: يا رسول الله، قد لخّص لي نسبك، والّذي بعثك بالحقّ لأسلّنّك منهم كما تسلّ الشّعرة من العجين. قالت عائشة: فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول لحسّان: «إنّ روح القدس لا يزال يؤيّدك، ما نافحت عن الله ورسوله» . وقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «هجاهم حسّان فشفى واشتفى» قال حسّان:
هجوت محمّدا فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء
هجوت محمّدا برّا تقيّا ... رسول الله شيمته الوفاء
فإنّ أبي ووالده وعرضي ... لعرض محمّد منكم وقاء
ثكلت بنيّتي إن لم تروها ... تثير النّقع من كنفي كداء
يبارين الأعنّة مصعدات ... على أكتافها الأسل الظّماء
تظلّ جيادنا متمطّرات ... تلطّمهنّ بالخمر النّساء
فإن أعرضتمو عنّا اعتمرنا ... وكان الفتح وانكشف الغطاء
وإلّا فاصبروا لضراب يوم ... يعزّ الله فيه من يشاء
وقال الله: قد أرسلت عبدا ... يقول الحقّ ليس به خفاء
وقال الله: قد يسّرت جندا ... هم الأنصار عرضتها اللّقاء
__________
(1) ابن ماجة (3761) واللفظ له وقال في الزوائد: إسناده صحيح ورجاله ثقات. الأدب المفرد للبخاري نحوه (302) برقم (874) ، وقال الحافظ في الفتح: سنده حسن (10/ 555) ، وذكره الألباني في الصحيحة وقال: إسناد البخاري في الأدب: صحيح وعزاه لابن حبان (2014) ، (2/ 402) برقم (763) وكذا ذكره في صحيح الجامع (2/ 50) رقم (1565) .(11/5674)
لنا في كلّ يوم من معدّ ... سباب أو قتال أو هجاء
فمن يهجو رسول الله منكم ... ويمدحه وينصره سواء
وجبريل رسول الله فينا ... وروح القدس ليس له كفاء) * «1» .
3-* (عن عمّار بن ياسر- رضي الله عنهما- أنّه قال: لمّا هجانا المشركون شكونا ذلك إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «قولوا لهم كما يقولون لكم» ، قال: فلقد رأيتنا نعلّمه إماء أهل المدينة) * «2» .
الأحاديث الواردة في ذمّ (الهجاء) معنى
4-* (عن عائشة- رضي الله عنها- أنّها قالت: استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال: «بئس أخو العشيرة أو ابن العشيرة» فلمّا دخل ألان له الكلام، قلت: يا رسول الله، قلت الّذي قلت له ثمّ ألنت له الكلام. قال: «أي عائشة، إنّ شرّ النّاس من تركه النّاس أو ودعه النّاس اتّقاء فحشه» ) * «3» .
5-* (عن عائشة- رضي الله عنها- أنّها قالت: جلس إحدى عشرة امرأة. فتعاهدن وتعاقدن أنّ لا يكتمن من أخبار أزواجهنّ شيئا. قالت الأولى:
زوجي لحم جمل غثّ «4» . على رأس جبل وعر. لا سهل فيرتقى. ولا سمين فينتقل. قالت الثّانية: زوجي لا أبثّ خبره. إنّي أخاف أن لا أذره. إن أذكره أذكر عجره وبجره «5» . قالت الثّالثة: زوجي العشنّق «6» . إن أنطق أطلّق. وإن أسكت أعلّق «7» . قالت الخامسة: زوجي إن دخل فهد. وإن خرج أسد. ولا يسأل عمّا عهد. قالت السّادسة: زوجي إن أكل لفّ.
وإن شرب اشتفّ. وإن اضطجع التفّ. ولا يولج الكفّ. ليعلم البثّ. قالت السّابعة: زوجي غياياء أو عياياء طباقاء «8» . كلّ داء له داء. شجّك أو فلّك. أو جمع كلّا لك.... الحديث) * «9» .
__________
(1) البخاري- الفتح 6 (3531) ، مسلم (2490) واللفظ له.
(2) أحمد (4/ 263) واللفظ له. وذكره الهيثمي في المجمع وقال: رواه أحمد والبزار بنحوه والطبراني ورجالهم ثقات (8/ 123- 124) .
(3) البخاري- الفتح 10 (6054) واللفظ له، مسلم (2591) .
(4) غث: المراد بالغث المهزول.
(5) عجره وبجره: المراد بهما عيوبه.
(6) العشنق: الطويل. ومعناه ليس فيه أكثر من طول بلا نفع.
(7) إن أنطق أطلق وإن أسكت أعلق: إن ذكرت عيوبه طلقني، وإن سكت عنها علقني فتركني لا عزباء ولا مزوجة.
(8) غياياء أو عياياء: هو الذي لا يلقح. وقيل هو الذي تعييه مباضعة النساء ويعجز عنها.
(9) البخاري- الفتح 9 (5189) . ومسلم (2448) واللفظ له.(11/5675)
6-* (عن عياض بن حمار المجاشعيّ، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال ذات يوم في خطبته: «ألا إنّ ربّي أمرني أن أعلّمكم ما جهلتم ممّا علّمني، يومي هذا ...
إلى أن قال:- وأهل النّار خمسة: الضّعيف الّذي لا زبر له «1» ، الّذين هم فيكم تبعا، لا يتبعون «2» أهلا ولا مالا، والخائن الّذي لا يخفى له طمع وإن دقّ إلّا خانه، ورجل لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك» وذكر البخل أو الكذب «والشّنظير «3» الفحّاش» ) * «4» .
7-* (عن جابر بن سمرة- رضي الله عنهما- قال: كنت جالسا عند النّبيّ صلى الله عليه وسلّم وأبي أمامي فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلّم: «إنّ الفحش والتّفاحش ليسا من الإسلام في شيء، وإنّ أحسن النّاس إسلاما أحاسنهم أخلاقا» ) * «5» .
8-* (عن عقبة بن عامر- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إنّ أنسابكم هذه ليست بسباب على أحد وإنّما أنتم ولد آدم، طفّ الصّاع لم تملؤوه. ليس لأحد فضل إلّا بالدّين أو عمل صالح.
حسب الرّجل أن يكون فاحشا بذيّا بخيلا جبانا» ) * «6» .
9-* (عن عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:
« (إيّاكم والفحش، فإنّ الله تعالى لا يحبّ الفحش ولا التّفحّش» ) * «7» .
10-* (عن أبي الدّرداء- رضي الله عنه- أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إنّ اللّعّانين لا يكونون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة» ) * «8» .
11-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «أتدرون ما المفلس؟» قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: «إنّ المفلس من أمّتي، يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما
__________
(1) لا زبر له: أي لا عقل له يزبره ويمنعه مما لا ينبغي، وقيل: هو الذي لا مال له، وقيل: الذي ليس عنده ما يعمله.
(2) لا يتبعون: مخفف ومشدد من الإتباع، أي يتبعون ويتّبعون وفي بعض النسخ: يبتغون أي يطلبون، إذا سترته وكتمته هذا هو المشهور وقيل: هما لغتان فيهما جميعا.
(3) الشنظير: فسره في الحديث بأنه الفحاش، وهو السّيّىء الخلق.
(4) مسلم (2865)
(5) أحمد (5/ 99) وقال العراقي في تخريج الإحياء: أخرجه أحمد وابن أبي الدنيا بإسناد صحيح، الإحياء (3/ 131) الريان واللفظ له.
(6) أحمد (4/ 145) واللفظ له، والبيهقي في الشعب (5/ 286) / 6677، وقال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني فيه ابن لهيعة. بقية رجاله وثقوا (8/ 84) .
(7) قال العراقي في تخريج الإحياء: رواه النسائي في الكبرى، الإحياء (3/ 130) ط. الريان واللفظ له كما رواه ابن حبان من حديث أبي هريرة. والحديث عند الحاكم من حديث أبي هريرة بلفظ «إياكم والفحش والتفحش فإن الله لا يحب الفاحش المتفحش، وإياكم والظلم فإنه هو الظلمات يوم القيامة، وإياكم والشح فإنه دعا من قبلكم فسفكوا دماءهم ودعا من قبلكم فقطعوا أرحامهم ودعا من قبلكم فاستحلوا حرماتهم» الحاكم (1/ 12) .
(8) مسلم (2598) .(11/5676)
عليه أخذ من خطاياهم، فطرحت عليه، ثمّ طرح في النّار» ) * «1» .
12-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- أنّه قال: إنّ عبد الله بن سلام بلغه مقدم النّبيّ صلى الله عليه وسلّم فأتاه يسأله عن أشياء فقال: إنّي أسألك عن ثلاث لا يعلمهنّ إلّا نبيّ. ما أوّل أشراط السّاعة؟ وما أوّل طعام يأكله أهل الجنّة؟ وما بال الولد ينزع إلى أبيه أو إلى أمّه؟.
قال: «أخبرني به جبريل آنفا» قال ابن سلام: ذاك عدوّ اليهود من الملائكة. قال: «أمّا أوّل أشراط السّاعة فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب، وأمّا أوّل طعام يأكله أهل الجنّة فزيادة كبد الحوت، وأمّا الولد فإذا سبق ماء الرّجل ماء المرأة نزع الولد، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرّجل نزعت الولد» قال: أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّك رسول الله قال: يا رسول الله، إنّ اليهود قوم بهت «2» فاسألهم عنّي قبل أن يعلموا بإسلامي. فجاءت اليهود فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلّم: «أيّ رجل عبد الله بن سلام فيكم؟» قالوا: خيرنا وابن خيرنا، وأفضلنا وابن أفضلنا. فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلّم: «أرأيتم إن أسلم عبد الله بن سلام؟» قالوا:
أعاذه الله من ذلك. فأعاد عليهم، فقالوا مثل ذلك، فخرج إليهم عبد الله فقال: أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله، قالوا: شرّنا وابن شرّنا وتنقّصوه. قال:
هذا كنت أخاف يا رسول الله) * «3» .
13-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: إنّ أعمى كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وكانت له أمّ ولد وكان له منها ابنان وكانت تكثر الوقيعة برسول الله صلى الله عليه وسلّم وتسبّه فيزجرها فلا تنزجر وينهاها فلا تنتهي، فلمّا كان ذات ليلة ذكرت النّبيّ صلى الله عليه وسلّم فوقعت فيه، فلم أصبر أن قمت إلى المغول «4» فوضعته في بطنها فاتّكأت عليه فقتلتها فأصبحت قتيلا، فذكر ذلك للنّبيّ صلى الله عليه وسلّم فجمع النّاس، وقال: أنشد الله رجلا لي عليه حقّ فعل ما فعل إلّا قام، فأقبل الأعمى يتدلدل فقال: يا رسول الله، أنا صاحبها، كانت أمّ ولدي وكانت بي لطيفة رفيقة، ولي منها ابنان مثل اللّؤلؤتين ولكنّها كانت تكثر الوقيعة فيك وتشتمك فأنهاها فلا تنتهي، وأزجرها فلا تنزجر، فلمّا كانت البارحة ذكرتك فوقعت فيك، فقمت إلي المغول فوضعته في بطنها فاتّكأت عليها حتّى قتلتها.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ألا اشهدوا أنّ دمها هدر» ) * «5» .
14-* (عن البراء بن عازب- رضي الله عنهما- أنّه قال في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (الحجرات/ 4) قال: فقام رجل فقال: يا رسول الله، إنّ حمدي زين، وإنّ ذمّي شين، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلّم: «ذاك الله» * «6» .
__________
(1) مسلم (2581) .
(2) أصلها بهت جمع بهوت مثل صبور وصبر ثم سكنت الباء تخفيفا، أي يفترون الكذب.
(3) البخاري- الفتح 7 (3938) .
(4) المغول: سيف قصير أو سكينة.
(5) النسائي (7/ 108) واللفظ له وقال الألباني (3/ 854) : صحيح. وأبو داود (4361) . وقال ابن تيمية: الحديث جيد. الصارم المسلول (52) .
(6) الترمذي (3267) وقال: هذا حديث حسن غريب، وقال الأرناؤوط في تعليقه على «جامع الأصول» (2/ 363) : وله شاهد عند أحمد من حديث الأقرع بن حابس (3/ 488) ، (6/ 393، 394) . والمعنى: أن الرجل يمدح نفسه ويظهر عظمته: يعني إن مدحت رجلا فهو محمود ومزين، وإن ذممت رجلا فهو مذموم ومعيب.(11/5677)
15-* (عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر» ) * «1» .
16-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «الصّيام جنّة، فلا يرفث ولا يجهل، وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إنّي صائم- مرّتين- والّذي نفسي بيده لخلوف فم الصّائم أطيب عند الله من ريح المسك، يترك «2» طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، الصّيام لي وأنا أجزي به والحسنة بعشر أمثالها» ) * «3» .
17-* ( «عن مسروق قال: دخلنا على عبد الله بن عمرو حين قدم مع معاوية إلى الكوفة فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال: لم يكن فاحشا ولا متّفحّشا، وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: إنّ من خيركم أحسنكم خلقا» ) * «4» .
18-* (عن أنس- رضي الله عنه- أنّه قال:
«لم يكن النّبيّ صلى الله عليه وسلّم سبّابا ولا فحّاشا ولا لعّانا. كان يقول لأحدنا عند المعتبة، ما له ترب جبينه» ) * «5» .
19-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: إنّ رجلا وقع في أب للعبّاس كان في الجاهليّة فلطمه، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلّم: «لا تسبّوا أمواتنا، فتؤذوا أحياءنا. ألا إنّ البذاء لؤم.» ) * «6» .
20-* (عن أبي جريّ جابر بن سليم قال:
رأيت رجلا يصدر النّاس عن رأيه، لا يقول شيئا إلّا صدروا عنه. قلت: من هذا؟ قالوا: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، قلت: عليك السّلام يا رسول الله. مرّتين، قال:
«لا تقل عليك السّلام، فإنّ عليك السّلام تحيّة الميّت، قل: السّلام عليك» قال: قلت: أنت رسول الله صلى الله عليه وسلّم؟
قال: «أنا رسول الله الّذي إذا أصابك ضرّ فدعوته كشفه عنك، وإن أصابك عام سنة «7» فدعوته أنبتها لك، وإذا كنت بأرض قفراء، أو فلاة «8» فضلّت راحلتك فدعوته ردّها عليك» قال. قلت اعهد إليّ.
قال: «لا تسبّنّ أحدا» . قال: فما سببت بعده حرّا ولا عبدا ولا بعيرا ولا شاة، قال: «ولا تحقرنّ شيئا من المعروف، وأن تكلّم أخاك وأنت منبسط إليه وجهك، إنّ ذلك من المعروف، وارفع إزارك إلى نصف السّاق، فإن أبيت فإلى الكعبين، وإيّاك وإسبال الإزار فإنّها من المخيلة، وإنّ الله لا يحبّ المخيلة، وإن امرؤ شتمك
__________
(1) البخاري- الفتح 1 (48) واللفظ له، مسلم (64) .
(2) من أول قوله: يترك طعامه ... الخ منسوب إلى الله تعالى كما ورد في مسند أحمد «يقول الله عز وجل: إنما يذر شهوته ... إلخ» ولم يصرح بنسبته إلى الله للعلم به وعدم الإشكال فيه.
(3) البخاري. الفتح 4 (1894) واللفظ له، مسلم (1151) . قال ابن حجر في الفتح: المراد بالرفث الكلام الفاحش (4/ 126) .
(4) البخاري- الفتح 10 (6029) واللفظ له، مسلم (2321) .
(5) البخاري- الفتح 10 (6031) .
(6) ذكره العراقي في تخريج الأحياء وقال: خرجه النسائي بإسناد صحيح (الإحياء (3/ 130) وهو عند النسائي بغير القصة (4/ 53) كما ذكره بمعناه (3318) .
(7) عام سنة: أي عام قحط وجدب.
(8) الفلاة: الصحراء.(11/5678)
وعيّرك بما يعلم فيك فلا تعيّره بما تعلم فيه؛ فإنّما وبال ذلك «1» عليه» ) * «2» .
21-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «لا تهجّروا «3» ، ولا تدابروا، ولا تحسّسوا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا» ) * «4» .
22-* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «ليس المؤمن بالطّعّان ولا اللّعّان ولا الفاحش ولا البذيء» ) * «5» .
23-* (عن أبي الدّرداء- رضي الله عنه- أنّه قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلّم: «ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن وإنّ الله ليبغض الفاحش البذيء» ) * «6» .
24-* (عن أنس- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «ما كان الفحش في شيء قطّ إلّا شانه، ولا كان الحياء في شيء قطّ إلّا زانه» ) * «7» .
25-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت:
أتى النّبيّ صلى الله عليه وسلّم أناس من اليهود فقالوا: السّام عليك يا أبا القاسم، قال: «وعليكم» ، قالت عائشة: قلت بل عليكم السّام والذّام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «يا عائشة، لا تكوني فاحشة» فقالت: ما سمعت ما قالوا؟ فقال: «أو ليس قد رددت عليهم الّذي قالوا؟ قلت وعليكم» ) * «8» .
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذمّ (الهجاء)
1-* (قال ابن عبّاس- رضي الله عنهما-: إذا أردت أن تذكر عيوب صاحبك فاذكر عيوب نفسك) * «9» .
2-* (قال عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه-: ألأم شيء في المؤمن الفحش) * «10» .
3-* (قال الأحنف بن قيس- رحمه الله تعالى-: ألا أخبركم بأدوأ الدّاء: اللّسان البذيء والخلق الدّنيء) * «11» .
__________
(1) وبال ذلك: أي إثمه وذنبه.
(2) رواه أبو داود (4084) واللفظ له، أحمد (5/ 64) ، البيهقي (10/ 236) ، الحاكم (4/ 186) وقال: صحيح ووافقه الذهبي وهو عند الألباني (2/ 769، 770) وقال: صحيح.
(3) لا تهجّروا: أي لا تتكلموا بالهجر وهو الكلام القبيح.
(4) مسلم (2563) .
(5) الترمذي (1977) واللفظ له وقال: حسن غريب، أحمد (1/ 405) وقال شاكر: اسناده صحيح (5/ 322) ، والحاكم (1/ 12) وصححه ووافقه الذهبي وقال محقق جامع الأصول: هو كما قالا (10/ 757) كما عزاه أيضا لابن حبان في الموارد.
(6) الترمذي (2002) وقال: حسن صحيح.
(7) الترمذي (1974) وقال: حديث حسن، أحمد (3/ 165) ، ابن ماجة (4185) واللفظ لأحمد وابن ماجة.
(8) البخاري- الفتح 10 (6030) ، مسلم (2165) واللفظ له.
(9) الأدب المفرد للبخاري (121) رقم (328) .
(10) روضة العقلاء (57) .
(11) الإحياء (3/ 131) ط. الريان.(11/5679)
4-* (قال أبو سلمة بن عبد الرّحمن- رحمه الله-: قذف المحصنات من الموجبات، ثمّ تلا قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (النور/ 23) * «1» .
5-* (عن سعيد بن عبد العزيز- رحمه الله- أنّه قال: رأى أبو الدّرداء- رضي الله عنه- امرأة سليطة اللّسان فقال: لو كانت هذه خرساء كان خيرا لها) * «2» .
6-* (قال الرّبيع بن خيثم- رحمه الله-: ما أنا براض عن نفسي فكيف أذمّ النّاس) * «3» .
7-* (قال إبراهيم بن ميسرة- رحمه الله-:
يقال: يؤتى بالفاحش المتفحّش يوم القيامة في صورة كلب، أو في جوف كلب) * «4» .
8-* (قال الشّاعر:
انطق مصيبا لا تكن هذرا ... عيّابة ناطقا بالفحش والرّيب
وكن رزينا طويل الصّمت ذا فكر ... فإن نطقت فلا تكثر من الخطب
ولا تجب سائلا من غير تروية ... وبالّذي عنه لم تسأل فلا تجب) * «5» .
9-* (قال بعض الشّعراء:
أحبّ مكارم الأخلاق جهدي ... وأكره أن أعيب وأن أعابا
وأصفح عن سباب النّاس حلما ... وشرّ النّاس من يهوى السّبابا
ومن هاب الرّجال تهيّبوه ... ومن حقر الرّجال فلن يهابا) * «6» .
10-* (يقال: إنّ أهجى بيت قاله جرير:
فغضّ الطّرف إنّك من نمير ... فلا كعبا بلغت ولا كلابا* «7» .
من مضار (الهجاء)
(1) دليل ضعف الإيمان.
(2) دليل خبث الطّويّة وسوء الخلق.
(3) يسبّب قلّة الأصحاب وبعد الأهل والأحباب.
(4) الّذي يهجو يكثر اعتذاره لسرعة وقوعه في النّاس.
(5) يؤدّي إلى أن تسود روح العداوة والشّحناء بين أفراد المجتمع.
(6) يؤذي المسلمين بل جميع العالمين لما يصدر عنه من الغلط المبين.
(7) يبعد صاحبه عن الجنان ويعرّضه للنّيران.
__________
(1) الصارم المسلول على شاتم الرسول لابن تيمية (50) .
(2) كتاب الصمت لابن أبي الدنيا (254) .
(3) مساوىء الأخلاق ومذمومها للخرائطي (32) .
(4) الإحياء (3/ 131) ط. الريان.
(5) حسن السمت في الصمت (47) .
(6) أدب الدنيا والدين (303) .
(7) أضواء البيان للشنقيطي (6/ 189) .(11/5680)
الهجر
الهجر لغة:
مصدر قولهم: هجر الشّيء يهجره، وهو مأخوذ من مادّة (هـ ج ر) الّتي تدلّ على القطيعة «1» ، ومن هذا: الهجر ضدّ الوصل وكذلك الهجران، وهاجر القوم من دار إلى دار، تركوا الأولى للثّانية كما فعل المهاجرون حين هاجروا من مكّة إلى المدينة، وتهجّر الرّجل وتمهجر: أي تشبّه بالمهاجرين، ومن الباب الهجر بمعنى الهذيان، والهجر أيضا الإفحاش في المنطق والخنا.
ورماه بالهاجرات، وهي الفضائح، وسمّي هذا كلّه (هجرا) لأنّه من المهجور الّذي لا خير فيه «2» وأهجرت بالرّجل: استهزأت به. وقلت فيه قولا قبيحا.
وقال ابن منظور: يقال: هجره يهجره هجرا وهجرانا: صرمه. وهما يهتجران ويتهاجران والاسم الهجرة: والتّهاجر: التّقاطع. وهجر الشّيء وأهجره:
تركه. والهجر: الاسم من الإهجار. يقال هجر المريض يهجر هجرا بالضّمّ فهو هاجر والكلام مهجور. قال أبو عبيد: يروى عن إبراهيم النّخعيّ ما يثبت هذا القول في قوله تعالى ... إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (الفرقان/ 30) . قال: قالوا فيه غير الحقّ. ألم تر إلى المريض إذا هجر قال غير الحقّ، وعن مجاهد نحوه. والهجر: الكلام المهجور لقبحه.
وفي الحديث: «إنّي كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ولا تقولوا هجرا» . وأهجر فلان: إذا أتى بهجر من الكلام عن قصد. وهجر المريض: إذا أتى بذلك من غير قصد «3» .
وقال ابن الأثير: وفي الحديث «لا هجرة بعد ثلاث» يريد به الهجر ضدّ الوصل، يعني فيما يكون بين المسلمين من عتب وموجدة، أو تقصير يقع في حدود العشرة والصّحبة، دون ما كان من ذلك في جانب الدّين، فإنّ هجرة أهل الأهواء والبدع دائمة على مرّ الأوقات ما لم تظهر منهم التّوبة، والرّجوع إلى الحقّ، ومن ذلك أيضا ما جاء في الحديث لا يذكر الله إلّا هجرا، يريد التّرك له والإعراض عنه، يقال:
هجرت الشّيء إذا تركته وأغفلته، أمّا ما رواه ابن قتيبة من قوله صلى الله عليه وسلّم «ولا يسمعوا القول إلّا هجرا» (بالضّمّ) فالمراد الخنا، والقبيح من القول، وقول الله تعالى:
وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ (النساء/ 34) أي في
__________
(1) لهذه المادة معنى آخر هو شد الشىء وربطه. انظر المقاييس (6/ 34) .
(2) المرجع السابق (6/ 35) .
(3) لسان العرب لابن منظور (5/ 250- 252) .(11/5681)
المنام توصّلا إلى طاعتهنّ «1» ، وقال القرطبيّ في تفسير هذه الآية: قيل الهجر في المضاجع ألّا يضاجعها ويولّيها ظهره ولا يجامعها، وقيل: جنّبوا مضاجعهنّ، أي أبعدوها من الهجران وهو البعد. وقيل:
واهجروهنّ مأخوذ من الهجر وهو القبيح من الكلام، أي غلّظوا عليهنّ في القول، وقيل غير ذلك وهذا الهجر غايته عند العلماء شهر «2» .
أنواع الهجر:
يختلف الهجر باختلاف المهجور ويمكن تلخيص ذلك في الأنواع الآتية:
1- هجر القرآن. وهذا ما سنتحدّث عنه في الصّفة التّالية (انظر هجر القرآن) .
2- هجر الرّجل زوجته، أو نساءه.
3- هجر الأقارب (وهو نوع من قطيعة الرّحم) .
4- هجر أهل البدع والأهواء.
5- هجر المسلمين بعضهم بعضا، ويسمّى بالتّهاجر.
الفرق بين التّهاجر والتّدابر والتّشاحن:
قال ابن حجر:
التّهاجر: أن يهجر المسلم أخاه فوق ثلاثة أيّام لغير غرض شرعيّ.
والتّدابر: هو الإعراض عن المسلم بأن يلقى أخاه فيعرض عنه بوجهه.
والتّشاحن: هو تغيّر القلوب المؤدّي إلى التّهاجر والتّدابر «3» .
حكم الهجر:
يختلف حكم الهجر باختلاف المهجور فإن تعلّق الهجر بالمرأة كان ذلك جائزا، بل مأمورا به في بعض الأحيان وذلك عند النّشوز أو مخافته مصداقا لقوله تعالى: وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ» (النساء/ 34) (انظر الشاهد القرآنى رقم 1) .
وإن تعلّق الهجر بالمسلم فإنّه يعدّ كبيرة كما صرّح بذلك ابن حجر. شريطة أن يكون فوق ثلاث وليس بغرض شرعيّ لما في ذلك من التّقاطع والإيذاء والفساد، ويستثنى من تحريم هذا الهجر مسائل حاصلها أنّه متّى عاد (الهجر) إلى صلاح دين الهاجر والمهجور جاز وإلّا فلا «4» .
وإذا كان المهجور من ذوي الرّحم فإنّه كبيرة حتّى وإن لم تبلغ المدّة ثلاثة أيّام؛ لأنّ الهجر هنا أضيف إليه قطيعة الرّحم، وقد عدّ الإمام الذّهبيّ هجر الأقارب مطلقا من الكبائر «5» ، أمّا هجر أهل البدع والأهواء فإنّه مطلوب على مرّ الأوقات ما لم
__________
(1) النهاية (5/ 244) وما بعدها.
(2) تفسير القرطبى (5/ 112) .
(3) الزواجر (418) .
(4) المرجع السابق (421) .
(5) الكبائر (47) .(11/5682)
تظهر منهم التّوبة والرّجوع إلى الحقّ، كما قال ابن الأثير «1» ، وفيما يتّعلّق بحكم هجر القرآن (انظر صفة هجر القرآن) .
بم يكون الهجر؟
والهجر والهجران: يكون بالبدن وباللّسان وبالقلب، وقوله تعالى وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ (النساء/ 34) أي بالأبدان. وقوله تعالى إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (الفرقان/ 30) باللّسان أو بالقلب. وقوله تعالى وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا (المزمل/ 10) محتمل للثّلاثة. وقوله تعالى وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (المدثر/ 5) حثّ على المفارقة بالوجوه كلّها «2» .
واصطلاحا:
قال المناويّ: الهجر والهجران: مفارقة الإنسان غيره. إمّا بالبدن. أو اللّسان. أو القلب «3» .
وقال الكفويّ:
الهجر بالفتح: التّرك والقطيعة.
والهجر بالضمّ: الفحش في المنطق «4» .
[للاستزادة: انظر صفات: قطيعة الرحم- هجر القرآن- الإعراض.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: صلة الرحم- إفشاء السلام- تلاوة القرآن- التودد- حسن العشرة- الإخاء] .
__________
(1) النهاية (5/ 246) .
(2) المفردات للراغب (537) ، وبصائر ذوى التمييز (5/ 304) .
(3) التوقيف على مهمات التعاريف (242) .
(4) الكليات (961) .(11/5683)
الآيات الواردة في «الهجر»
1- الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً (34)
وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً (35) «1»
2- وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا (41) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً (42) يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا (43) يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا (44) يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا (45) قالَ أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (46) قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا (47) وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا (4) «2»
3- يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلًا (6) إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا (7) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (8) رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا (9) وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا (10) «3»
4- يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1)
قُمْ فَأَنْذِرْ (2)
وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3)
وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ (4)
وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) «4»
__________
(1) النساء: 34- 35 مدنية
(2) مريم: 41- 48 مكية
(3) المزمل: 1- 10 مكية
(4) المدثر: 1- 5 مكية(11/5684)
الأحاديث الواردة في ذمّ (الهجر)
1-* (عن عوف بن مالك بن الطّفيل- هو ابن الحارث وهو ابن أخي عائشة زوج النّبيّ صلى الله عليه وسلّم لأمّها- أنّ عائشة حدّثت أنّ عبد الله بن الزّبير قال في بيع أو عطاء أعطته عائشة: والله لتنتهينّ عائشة أو لأحجرنّ عليها. فقالت: أهو قال هذا؟ قالوا: نعم.
قالت: هو لله عليّ نذر أن لا أكلّم ابن الزّبير أبدا.
فاستشفع ابن الزّبير إليها حين طالت الهجرة، فقالت:
لا، والله لا أشفّع فيه أبدا، ولا أتحنّث إلى نذري. فلمّا طال ذلك على ابن الزّبير كلّم المسور بن مخرمة وعبد الرّحمن بن الأسود بن عبد يغوث- وهما من بني زهرة- وقال لهما: أنشدكما بالله لما أدخلتماني على عائشة، فإنّها لا يحلّ لها أن تنذر قطيعتي. فأقبل به المسور وعبد الرّحمن مشتملين بأرديتهما حتّى استأذنا على عائشة فقالا: السّلام عليك ورحمة الله وبركاته.
أندخل؟ قالت عائشة: ادخلوا. قالوا: كلّنا؟ قالت:
نعم، ادخلوا كلّكم- ولا تعلم أنّ معهما ابن الزّبير- فلمّا دخلوا دخل ابن الزّبير الحجاب فاعتنق عائشة، وطفق يناشدها ويبكي، وطفق المسور وعبد الرّحمن يناشدانها إلّا ما كلّمته وقبلت منه، ويقولان: إنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلّم نهى عمّا قد علمت من الهجرة؛ فإنّه لا يحلّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، فلمّا أكثروا على عائشة من التّذكرة والتّحريج طفقت تذكّرهما وتبكي وتقول:
إنّي نذرت والنّذر شديد. فلم يزالا بها حتّى كلّمت ابن الزّبير. وأعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة.
وكانت تذكر نذرها بعد ذلك فتبكي حتّى تبلّ دموعها خمارها» ) * «1» .
2-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت:
قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إنّي لأعلم إذا كنت عنّي راضية، وإذا كنت عليّ غضبى، قالت: فقلت: من أين تعرف ذلك؟ فقال: «أمّا إذا كنت عنّي راضية فإنّك تقولين: لا، وربّ محمّد، وإذا كنت غضبى قلت: لا، وربّ إبراهيم، قالت: قلت: أجل، والله يا رسول الله، ما أهجر إلّا اسمك» ) * «2» .
3-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم، قال: «تفتح أبواب الجنّة يوم الاثنين، ويوم الخميس. فيغفر لكلّ عبد لا يشرك بالله شيئا إلّا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء. فيقال: أنظروا هذين حتّى يصطلحا. أنظروا هذين حتّى يصطلحا.
أنظروا هذين حتّى يصطلحا» .
وفيه رواية عن عبد العزيز الدّراورديّ: «إلّا المتهاجرين» من رواية ابن عبدة. وقال قتيبة: «إلّا المهتجرين» ) * «3» .
4-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «لا تحلّ الهجرة فوق ثلاثة أيّام، فإن التقيا فسلّم أحدهما فردّ الآخر اشتركا في الأجر، وإن لم يردّ برىء هذا من الإثم، وباء به الآخر،
__________
(1) البخاري- الفتح 10 (6073، 6074، 6075) .
(2) البخاري- الفتح 9 (5228) واللفظ له، ومسلم (2439) .
(3) مسلم (2565) .(11/5685)
وأحسبه قال: وإن ماتا وهما متهاجران لا يجتمعان في الجنّة» ) «1» .
5-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلى الله عليه وسلّم قال: «لا تهجر امرأة فراش زوجها إلّا لعنتها ملائكة الله- عزّ وجلّ-» ) * «2» .
6-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «لا تهجّروا «3» ، ولا تدابروا، ولا تحسّسوا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض. وكونوا عباد الله إخوانا» ) * «4» .
7-* (عن أبي أيّوب الأنصاريّ- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «لا يحلّ لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الّذي يبدأ بالسّلام» ) * «5» .
8-* (عن هشام بن عامر بن أميّة الأنصاريّ رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «لا يحلّ لمسلم أن يهجر مسلما فوق ثلاث ليال، فإنّهما ناكبان عن الحقّ ما داما على صرامهما وأوّلهما فيئا يكون سبقه بالفيء كفّارة له، وإن سلّم فلم يقبل وردّ عليه سلامه ردّت عليه الملائكة، وردّ على الآخر الشّيطان، فإن ماتا على صرامهما لم يدخلا الجنّة جميعا أبدا» ) * «6» .
ورواه أبو بكر بن أبي شيبة إلّا أنّه قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «لا يحلّ أن يصطرما فوق ثلاث، فإن اصطرما فوق ثلاث لم يجتمعا في الجنّة أبدا، وأيّهما بدأ صاحبه كفّرت ذنوبه، وإن هو سلّم فلم يردّ عليه ولم يقبل سلامه ردّ عليه الملك، وردّ على ذلك الشّيطان» .
9-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «لا يحلّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فوق ثلاث فمات، دخل النّار» ) * «7» .
10-* (عن عائشة- رضي الله عنها- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «لا يكون لمسلم أن يهجر مسلما فوق ثلاثة، فإذا لقيه سلّم عليه ثلاث مرار كلّ ذلك لا يردّ عليه، فقد باء بإثمه» ) * «8» .
11-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: لم أزل حريصا أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلّم اللّتين قال الله تعالى: إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما (التحريم/ 4) . حتّى حجّ عمر وحججت معه. فلمّا كنّا ببعض الطّريق عدل عمر وعدلت معه بالإداوة فتبرّز، ثمّ أتاني فسكبت على يديه، فتوضّأ فقلت: يا أمير المؤمنين، من المرأتان من
__________
(1) المنذري في الترغيب (3/ 457) وقال: رواه الطبراني في الأوسط والحاكم في المستدرك (4/ 163) واللفظ له وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.
(2) أحمد (2/ 348) وقال الشيخ أحمد شاكر (16/ 238) : رواه البخاري ومسلم بلفظ قريب منه. ولفظه: «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح، وفي رواية حتى ترجع» .
(3) لا تهجروا: أي لا تتكلموا بالهجر وهو الكلام القبيح.
(4) مسلم (2563) .
(5) البخاري- الفتح 10 (6077) . ومسلم (2560) .
(6) المنذري في الترغيب (3/ 456) وقال: رواه أحمد، ورواته محتج بهم في الصحيح، وأبو يعلى والطبراني وابن حبان في صحيحه إلا أنه قال: لم يدخلا الجنة، ولم يجتمعا في الجنة.
(7) أبو داود (4914) وقال الألباني (3/ 928) : صحيح والإرواء أيضا، المشكاة (5035) .
(8) أبو داود (4913) وقال الألباني (3/ 928) : حسن الإرواء (7/ 94) صحيح الجامع (7775) .(11/5686)
أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلّم اللّتان قال الله- عزّ وجلّ- لهما: إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما (التحريم/ 4) قال عمر:
وا عجبا لك يا ابن عبّاس (قال الزّهريّ: كره، والله ما سأله عنه ولم يكتمه) قال: هي حفصة وعائشة، ثمّ أخذ يسوق الحديث. قال: كنّا معشر قريش قوما نغلب النّساء. فلمّا قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يتعلّمن من نسائهم. قال: وكان منزلي في بني أميّة بن زيد بالعوالي «1» . فتغضّبت يوما على امرأتي فإذا هي تراجعني. فأنكرت أن تراجعني، فقالت: ما تنكر أن أراجعك؟ فو الله إنّ أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلّم ليراجعنه، وتهجره إحداهنّ اليوم إلى اللّيل. فانطلقت فدخلت على حفصة فقلت: أتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلّم؟ فقالت: نعم.
فقلت: أتهجره إحداكنّ اليوم إلى اللّيل؟ قالت: نعم.
قلت: قد خاب من فعل ذلك منكنّ وخسر. أفتأمن إحداكنّ أن يغضب الله عليها لغضب رسوله صلى الله عليه وسلّم فإذا هي قد هلكت؟ لا تراجعي رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ولا تسأليه شيئا، وسليني ما بدا لك، ولا يغرّنّك أن كانت جارتك «2» هي أوسم «3» وأحبّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم منك (يريد عائشة) . قال: وكان لي جار من الأنصار. فكنّا نتناوب النّزول «4» إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فينزل يوما وأنزل يوما، فيأتيني بخبر الوحي وغيره، وآتيه بمثل ذلك، وكنّا نتحدّث أنّ غسّان تنعل الخيل «5» لتغزونا. فنزل صاحبي، ثمّ أتاني عشاء فضرب بابي، ثمّ ناداني، فخرجت إليه فقال: حدث أمر عظيم. قلت: ماذا؟
أجاءت غسّان؟ قال: لا. بل أعظم من ذلك وأطول.
طلّق النّبيّ صلى الله عليه وسلّم نساءه. فقلت: قد خابت حفصة وخسرت. قد كنت أظنّ هذا كائنا. حتّى إذا صلّيت الصّبح شددت عليّ ثيابي. ثمّ نزلت فدخلت على حفصة وهي تبكي فقلت: أطلّقكنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم؟
فقالت: لا أدري. ها هو ذا معتزل في هذه المشربة.
فأتيت غلاما له أسود فقلت: استأذن لعمر. فدخل ثمّ خرج إليّ. فقال: قد ذكرتك له فصمت، فانطلقت حتّى انتهيت إلى المنبر فجلست. فإذا عنده رهط جلوس يبكي بعضهم. فجلست قليلا ثمّ غلبني ما أجد، ثمّ أتيت الغلام فقلت: استأذن لعمر. فدخل ثمّ خرج إليّ فقال:
قد ذكرتك له فصمت. فولّيت مدبرا. فإذا الغلام يدعوني. فقال: ادخل فقد أذن لك. فدخلت فسلّمت على رسول الله صلى الله عليه وسلّم. فإذا هو متّكىء على رمل حصير «6» .
قد أثّر في جنبه. فقلت: أطلّقت، يا رسول الله نساءك؟
فرفع رأسه إليّ وقال: «لا» فقلت: الله أكبر. لو رأيتنا يا رسول الله وكنّا معشر قريش قوما نغلب النّساء، فلمّا قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يتعلّمن من نسائهم، فتغضّبت على امرأتي يوما فإذا هي تراجعني. فأنكرت أن تراجعني فقالت: ما تنكر أن
__________
(1) بالعوالي: موضع قريب من المدينة.
(2) جارتك: أي ضرتك.
(3) أوسم: أي أحسن وأجمل. والوسامة الجمال.
(4) فكنا نتناوب النزول: يعني من العوالي الى مهبط الوحي. والتناوب أن تفعل الشيء مرة، ويفعل الآخر مرة أخرى.
(5) تنعل الخيل: أي يجعلون لخيولهم نعالا لغزونا. يعني يتهيأون لقتالنا.
(6) على رمل حصير: هو بفتح الراء وإسكان الميم. وفي غير هذه الرواية: رمال، بكسر الراء. يقال: رملت الحصير وأرملته، إذا نسجته.(11/5687)
أراجعك؟ فو الله إنّ أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلّم ليراجعنه، وتهجره إحداهنّ اليوم إلى اللّيل. فقلت: قد خاب من فعل ذلك منهنّ وخسر. أفتأمن إحداهنّ أن يغضب الله عليها لغضب رسوله صلى الله عليه وسلّم. فإذا هي قد هلكت؟
فتبسّم رسول الله صلى الله عليه وسلّم. قلت: يا رسول الله، قد دخلت على حفصة فقلت: لا يغرّنّك أن كانت جارتك هي أوسم منك وأحبّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم منك. فتبسّم أخرى، فقلت: أستأنس يا رسول الله؟ قال: «نعم» فجلست، فرفعت رأسي في البيت فو الله ما رأيت فيه شيئا يردّ البصر إلّا أهبا ثلاثة. فقلت: ادع الله يا رسول الله أن يوسّع على أمّتك؛ فقد وسّع على فارس والرّوم- وهم لا يعبدون الله- فاستوى جالسا، ثمّ قال: «أفي شكّ أنت يابن الخطّاب؟ أولئك قوم عجّلت لهم طيّباتهم في الحياة الدّنيا» . فقلت: استغفر لي يا رسول الله، وكان أقسم أن لا يدخل عليهنّ شهرا من شدّة موجدته عليهنّ. حتّى عاتبه الله عزّ وجلّ» ) * «1» .
12-* (عن أبي خراش السّلميّ- رضي الله عنه- أنّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «من هجر أخاه سنة، فهو كسفك دمه» ) * «2» .
13-* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه- قال: هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم رجل من اليمن فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «هجرت الشّرك ولكنّه الجهاد.
هل باليمن أبواك» ؟ قال: نعم. قال: «أذنا لك؟
«قال: لا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «ارجع إلى أبويك فإن فعلا وإلّا فبرّهما» ) * «3» .
14-* (عن معاوية القشيريّ- رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله، ما حقّ زوجة أحدنا عليه؟ قال: «أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت» أو «اكتسبت» «ولا تضرب الوجه، ولا تقبّح، ولا تهجر إلّا في البيت» ) * «4» .
الأحاديث الواردة في ذمّ (الهجر) معنى
15-* (عن أبي واقد اللّيثيّ- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم بينما هو جالس في المسجد والنّاس معه- إذ أقبل نفر ثلاثة فأقبل اثنان إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وذهب واحد. قال: فوقفا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأمّا أحدهما فرأى فرجة «5» في الحلقة «6» فجلس فيها.
وأمّا الآخر فجلس خلفهم، وأمّا الثّالث فأدبر ذاهبا.
__________
(1) البخاري- الفتح 9 (5191) . ومسلم (1479) واللفظ له.
(2) أبو داود (4915) ، وقال الألباني (3/ 928) : صحيح- الصحيحة (3/ 925) .
(3) رواه الهيثمي في المجمع (1/ 138) وقال: رواه أحمد وإسناده حسن.
(4) أبو داود (2142) وقال الألباني (2/ 402) : حسن صحيح. وقال أبو داود «ولا تقبح» أن تقول: قبحك الله. والترغيب (3/ 51) واللفظ لهما. وقال المنذري: رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه.
(5) فرجة: الفرجة بضم الفاء، وفتحها، لغتان. وهي الخلل بين الشيئين. ويقال لها أيضا: فرج. ومنه قوله تعالى وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ (ق/ 6) جمع فرج. وأما الفرجة بمعنى الراحة من الغم، فذكر الأزهري فيها بفتح الفاء وضمها وكسرها. وقد فرج له، في الحلقة والصف ونحوهما، بتخفيف الراء، يفرج، بضمها.
(6) الحلقة: باسكان اللام، على المشهور.(11/5688)
فلمّا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «ألا أخبركم عن النّفر الثّلاثة؟ أمّا أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله «1» ، وأمّا الآخر فاستحيا «2» ، فاستحيا الله منه، وأمّا الآخر فأعرض فأعرض الله عنه» ) * «3» .
16-* (عن جابر- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس:
فمن مستغفر فيغفر له، ومن تائب فيتاب عليه ويردّ أهل الضّغائن «4» بضغائنهم حتّى يتوبوا» ) * «5» .
17-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- في قوله تعالى: عَبَسَ وَتَوَلَّى (عبس/ 1) جاء ابن أمّ مكتوم إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلّم وهو يكلّم أبيّ بن خلف فأعرض عنه فأنزل الله- عزّ وجلّ- عَبَسَ وَتَوَلَّى* أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى (عبس/ 1- 2) فكان النّبيّ صلى الله عليه وسلّم بعد ذلك يكرّمه» ) * «6» .
18-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض. وكونوا، عباد الله إخوانا. المسلم أخو المسلم. لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره. التّقوى هاهنا- ويشير إلى صدره ثلاث مرّات- بحسب امرىء من الشّرّ أن يحقر أخاه المسلم. كلّ المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه» ) * «7» .
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذمّ (الهجر)
1-* (قال أنس بن مالك- رضي الله عنه-:
«التّدابر التّصارم» ) * «8» .
2-* (قال عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه: «ما اهتجر رجلان في الإسلام إلّا خرج أحدهما منه» ) * «9» .
وهذا من باب الزّجر عن المهاجرة.
3-* (عن مجاهد في قوله تعالى وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ (لقمان/ 18) . قال: «هو الرّجل يكون
__________
(1) فأوى الى الله فآواه الله: لفظة أوى بالقصر. وآواه بالمد. هكذا الرواية، وهذه هي اللغة الفصيحة بها جاء القرآن. أي إنه اذا كان لازما كان مقصورا، وإن كان متعديا كان ممدودا. قال الله تعالى: أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ. وقال تعالى: إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ. وقال تعالى، في المتعدي: وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ. وقال تعالى: أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى. قال العلماء: معنى أوى إلى الله أي لجأ إليه.
(2) وأما الآخر فاستحيا: هذا دليل اللغة الفصيحة الصحيحة أنه يجوز في الجماعة أن يقال في غير الأخير منهم: الآخر. فيقال: حضرني ثلاثة: أما أحدهم فقرشي وأما الآخر فأنصاري وأما الآخر فتيمي. وقد زعم بعضهم أنه لا يستعمل الآخر إلا في الآخر خاصة. وهذا الحديث صريح في الرد عليه.
(3) البخاري- الفتح 1 (143، 144) ، ومسلم رقم (2176) .
(4) الضغائن: بالضاد والغين المعجمتين: هي الأحقاد.
(5) المنذري في الترغيب (3/ 459) وقال: رواه الطبراني في الأوسط، ورواته ثقات.
(6) ابن كثير في تفسيره (4/ 470) وهذا لفظه وقال أخرجه أبو يعلى في مسنده. وعند مالك في الموطأ نحوه (1/ 203) ورجاله ثقات. ونحوه من حديث عائشة رضي الله عنها عند الترمذي (3331) وقال: حديث حسن غريب. وانظر جامع الأصول (2/ 422) .
(7) البخاري- الفتح 5 (2442) . ومسلم (2564) واللفظ له.
(8) مساوىء الأخلاق (197) .
(9) المرجع السابق (196) .(11/5689)
بينه وبين الرّجل حنة «1» فيعرض عنه» ) * «2» .
4-* (وعن مجاهد- رحمه الله- قال:
«الأقلف «3» موقوف عمله حتّى يختتن، والصّارم «4» الظّالم موقوف عمله حتّى يفيء» ) * «5» .
5-* (قال ابن مفلح- رحمه الله-: «يسنّ هجر من جهر بالمعاصي الفعليّة والقوليّة والاعتقاديّة» ) «6» .
6-* (عن أبي الحسن المدائنيّ قال: «جرى بين الحسن بن عليّ وأخيه الحسين كلام حتّى تهاجرا فلمّا أتى على الحسن ثلاثة أيّام من هجر أخيه فأقبل إلى الحسين وهو جالس فأكبّ على رأسه فقبّله، فلمّا جلس الحسن قال له الحسين: إنّ الّذي منعني من ابتدائك والقيام إليك أنّك أحقّ بالفضل منّي فكرهت أن أنازعك ما أنت أحقّ به» ) * «7» .
7-* (قال ابن منظور: «إنّ هجرة أهل الأهواء والبدع دائمة على مرّ الأوقات ما لم تظهر منهم التّوبة والرّجوع إلى الحقّ» ) * «8» .
8-* (قال ابن تميم: «هجران أهل البدع كافرهم وفاسقهم والمتظاهرين بالمعاصي، وترك السّلام عليهم فرض كفاية، ومكروه لسائر النّاس، ولا يسلّم أحد على فاسق معلن، ولا مبتدع معلن داعية، ولا يهجر مسلما مستورا غيرهما من السّلام فوق ثلاثة أيّام» ) * «9» .
من مضار (الهجر)
(1) الهجر صفة قبيحة تسخط الله- عزّ وجلّ- على المتهاجرين.
(2) وهو سبب في تأخير المغفرة من الله- عزّ وجلّ-.
(3) الهجر بين الإخوان فوق ثلاث حرام، ويسبّب تفكّكا اجتماعيّا.
(4) هجر المرأة فراش زوجها سبب في لعنة الله والملائكة لها.
(5) الهجر من حبائل الشّيطان. يغوي بها أتباعه حتّى يسوقهم إلى الجحيم.
__________
(1) الحنة: العطف والشفقة.
(2) الخرائطي في مساوىء الأخلاق (199) . والطبري (21/ 48) في تفسيره.
(3) الأقلف: من لم يختتن.
(4) الصارم: من الصرم وهو القطع.
(5) مساويء الأخلاق (198) .
(6) الآداب الشرعية (1/ 229) .
(7) الخرائطي في مساويء الأخلاق (200) .
(8) لسان العرب (5/ 250) .
(9) الآداب الشرعية (237) .(11/5690)
هجر القرآن
الهجر لغة:
انظر صفة الهجر.
تعريف القرآن:
قال القرطبيّ: القرآن اسم لكلام الله تعالى وهو بمعنى المقروء، ويسمّى المقروء قرآنا على عادة العرب في تسميتها المفعول باسم المصدر ثمّ اشتهر الاستعمال في هذا واقترن به العرف الشّرعيّ فصار القرآن اسما لكلام الله وقيل: هو اسم علم لكتاب الله غير مشتقّ كالتّوراة والإنجيل «1» .
وقال الجرجانيّ: القرآن: هو المنزّل على الرّسول، المكتوب في المصاحف، المنقول عنه نقلا متواترا بلا شبهة «2» .
قال أبو إسحاق النّحويّ: يسمّى كلام الله تعالى الّذي أنزله على نبيّه صلى الله عليه وسلّم، كتابا وقرآنا وفرقانا ومعنى القرآن معنى الجمع، وسمّي قرآنا لأنّه يجمع السّور، فيضمّها «3» .
قال الحافظ ابن كثير- عليه رحمة الله-: كان الكفّار إذا تلي عليهم القرآن أكثروا اللّغط والكلام في غيره حتّى لا يسمعونه، فهذا من هجرانه، وترك الإيمان به. وترك تصديقه من هجرانه، وترك تدبّره وتفهّمه من هجرانه، وترك العمل به وامتثال أوامره واجتناب زواجره من هجرانه، والعدول عنه إلى غيره من شعر أو قول أو غناء أو لهو أو كلام أو طريقة مأخوذة من غيره من هجرانه «4» .
هجر القرآن اصطلاحا:
لم تذكر كتب المصطلحات «هجر القرآن» مصطلحا ويمكن فى ضوء ما أوردته كتب الّلغة وما ذكره المفسّرون أنّ هجر القرآن له جانبان: أحدهما يتعلّق بالقرآن دون أخذ له، وهذا صنيع الكفّار والمنافقين، والآخر يتعلّق به بعد الإقرار بأنّه كلام الله الّذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهذا صنيع بعض المسلمين الّذين لا يقرأون القرآن، أو يقرأونه لا يجاوز حناجرهم، فلا يعملون به، ومن هؤلاء صنف يحفظ القرآن أو شيئا منه ثمّ يهجر القراءة حتّى ينسى ما قد يكون حفظه منه. وعلى ذلك فإنّ هجر القرآن: هو الإعراض عنه أو اللّغو فيه والقول فيه بغير الحقّ- كالزّعم بأنّه سحر أو شعر ونحو ذلك من سيّىء القول- وترك تلاوته أو العمل به أو نسيانه بعد الحفظ.
__________
(1) تفسير القرطبي (2/ 298) .
(2) التعريفات للجرجاني (181) .
(3) لسان العرب (1/ 182) .
(4) تفسير القرآن العظيم (3/ 329) .(11/5691)
مظاهر هجر القرآن:
لهجر القرآن مظاهر عديدة منها:
1- القول فيه بغير الحقّ، وهذا صنيع الكفّار الّذين حكي عنهم في قوله تعالى: وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً.
قال القرطبيّ: أي قالوا فيه غير الحقّ من أنّه سحر أو شعر «1» .
وقال الطّبريّ: يعني قولهم فيه السّيّىء من القول، فقالوا غير الحقّ «2» .
2- الإعراض عن القرآن واللّغو فيه.
وقد ورد هذا المعنى في تفسير الآية السّابقة، يقول الطّبريّ: وذلك أنّ الله أخبر عنهم بأنّهم قالوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ (فصلت/ 26) وذلك هجرهم إيّاه «3» .
3- ترك تلاوة القرآن بالكلّيّة، وهذا المعنى قد أورده القرطبيّ في تفسير الآية الكريمة السّابقة عندما ذكر: وقيل معنى مهجورا «متروكا» وما جاء عن ابن عبّاس: «الّذي ليس فى جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب» (الحديث رقم 2) .
4- نسيان القرآن بعد حفظه، وإلى هذا المعنى أشارت الآية الكريمة: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى ... إلى قوله تعالى كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى (طه/ 124- 126) .
5- ترك العمل بالقرآن، ودليل ذلك ما رواه أبو عبيدة عن أنس مرفوعا «القرآن شافع مشفّع وما حل مصدّق، من جعله أمامه قاده إلى الجنّة، ومن جعله خلفه قاده إلى النّار» «4» .
ومعنى أن يجعل الإنسان القرآن خلفه أن يهمل تلاوته أو العمل به.
حكم هجر القرآن:
يختلف حكم هجر القرآن باختلاف نوع الهجر، فإن كان الهجر بالإعراض عنه واللّغو فيه فهذا كفر صراح، وإن كان الهجر بمعنى التّرك المؤدّي إلى النّسيان بعد الحفظ فقد ذكر ابن حجر أنّه من الكبائر، وقال بأنّ ذلك هو ما ذهب إليه الرّافعيّ وغيره، ونقل عن بعض العلماء أنّ محلّ كون نسيان القرآن كبيرة عند من قال به مشروط بأن يكون عن تكاسل وتهاون، وهذا احتراز عمّا لو اشتغل عنه بمرض مانع من القراءة، وعدم التّأثيم بالنّسيان حينئذ واضح، لأنّه مغلوب عليه لا اختيار له فيه.
أمّا إذا كان الهجر متعلّقا بعدم العمل به فذلك معصية يتوقّف كونها كبيرة أو صغيرة على نوع المخالفة ذاتها، وأمّا إذا كان الهجر بمعنى ترك التّلاوة، فإن كان يقدر عليها ولم يفعل فهو كالبيت الخرب وإن لم يكن قادرا فإنّ الله لا يكلّف نفسا إلّا وسعها، هذا إلّا فيما تصحّ به صلاته فإنّه واجب على كلّ مسلم ولا يجوز تركه بحال «5» .
__________
(1) تفسير القرطبي (13/ 20) .
(2) تفسير الطبري (9/ 385) .
(3) الطبري (9/ 385) .
(4) الإتقان في علوم القرآن للسيوطي (2/ 152) .
(5) الزواجر (157) .(11/5692)
أنواع هجر القرآن والحرج منه:
هجر القرآن أنواع: أحدها: هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه. والثّاني: هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه وإن قرأه وآمن به.
والثّالث: هجر تحكيمه والتّحاكم إليه في أصول الدّين وفروعه، واعتقاد أنّه لا يفيد اليقين وأنّ أدلّته لفظيّة لا تحصّل العلم. والرّابع: هجر تدبّره وتفهّمه ومعرفة ما أراد المتكلّم به منه. والخامس: هجر الاستشفاء والتّداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها، فيطلب شفاء دائه من غيره ويهجر التّداوي به، وكلّ هذا داخل في قوله تعالى: وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (الفرقان/ 30) ، وإن كان بعض الهجر أهون من بعض. والسّادس: الحرج الّذي في الصّدور منه، فإنّه تارة يكون حرجا من إنزاله وكونه حقّا من عند الله.
وتارة من جهة المتكلّم به أو كونه مخلوقا من بعض مخلوقاته ألهم غيره أن تكلّم به، وتارة يكون من جهة كفايته وعدمها وأنّه لا يكفي العباد، بل هم محتاجون معه إلى المعقولات والأقيسة أو الآراء أو السّياسات. وتارة يكون من جهة دلالته وما أريد به حقائقه المفهومة منه عند الخطاب، أو أريد به تأويلها وإخراجها عن حقائقها إلى تأويلات مستكرهة مشتركة. وتارة يكون من جهة كون تلك الحقائق وإن كانت مرادة، فهي ثابتة في نفس الأمر أو أوهم أنّها مرادة لضرب من المصلحة.
فكلّ هؤلاء في صدورهم حرج من القرآن، وهم يعلمون ذلك من نفوسهم ويجدونه في صدورهم. ولا تجد مبتدعا في دينه قطّ إلّا وفي قلبه حرج من الآيات الّتي تخالف بدعته. كما أنّك لا تجد ظالما فاجرا إلّا وفي صدره حرج من الآيات الّتي تحول بينه وبين إرادته. فتدبّر هذا المعنى ثمّ ارض لنفسك بما تشاء «1» .
[للاستزادة: انظر صفات: الهجر- الإعراض الغفلة- اللغو- العصيان- انتهاك الحرمات.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: تلاوة القرآن- الذكر- الكلم الطيب- تعظيم الحرمات- الطاعة] .
__________
(1) الفوائد لابن القيم (107- 108) .(11/5693)
الآيات الواردة في «هجر القرآن»
1- حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ (64) لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ (65) قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ (66) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ (67) أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (68) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (69) أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ (70) وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ (71) أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (72) وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (73) وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ (74) «1»
2- وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (30)
وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفى بِرَبِّكَ هادِياً وَنَصِيراً (31)
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا (32) «2»
الآيات الواردة في «هجر القرآن» معنى
3- وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى (124) «3»
4- وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26) «4»
__________
(1) المؤمنون: 64- 74 مكية
(2) الفرقان: 30- 32 مدنية
(3) طه: 124 مكية
(4) فصلت: 26 مدنية(11/5694)
الأحاديث الواردة في ذمّ (هجر القرآن) معنى
1-* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- قال: «إنّ أصغر البيوت بيت ليس فيه من كتاب الله شيء، فاقرؤوا القرآن فإنّكم تؤجرون عليه. بكلّ حرف عشر حسنات، أما إنّي لا أقول الم، ولكنّي أقول ألف، ولام، وميم» ) * «1» .
2-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إنّ الّذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب» ) * «2» .
3-* (عن عمران بن حصين- رضي الله عنهما- أنّه مرّ على قاصّ يقرأ، ثمّ سأل، فاسترجع ثمّ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «من قرأ القرآن، فليسأل الله به، فإنّه سيجيء أقوام يقرؤون القرآن يسألون به النّاس» ) * «3» .
4-* (عن زيد بن وهب الجهنيّ، أنّه كان في الجيش الّذين كانوا مع عليّ- رضي الله عنه- الّذين ساروا إلى الخوارج. فقال عليّ- رضي الله عنه-: أيّها النّاس، إنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «يخرج قوم من أمّتي يقرؤون القرآن، ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء، ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء، ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء، يقرؤون القرآن يحسبون أنّه لهم وهو عليهم، لا تجاوز صلاتهم تراقيهم «4» يمرقون من الإسلام كما يمرق السّهم من الرّميّة» . لو يعلم الجيش الّذين يصيبونهم، ما قضي لهم على لسان نبيّهم صلّى الله عليه وسلّم، لا تّكلوا عن العمل، وآية ذلك أنّ فيهم رجلا له عضد، وليس له ذراع، على رأس عضده مثل حلمة الثّدي، عليه شعرات بيض، فتذهبون إلى معاوية وأهل الشّام وتتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراريكم وأموالكم، والله، إنّي لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم، فإنّهم قد سفكوا الدّم الحرام، وأغاروا في سرح النّاس «5» ، فسيروا على اسم الله.
قال سلمة بن كهيل: فنزّلني زيد بن وهب منزلا «6» حتّى قال: مررنا على قنطرة، فلمّا التقينا وعلى
__________
(1) الترمذي (2910) نحوه، وقال: حسن صحيح، والمنذري في الترغيب والترهيب (2/ 359) ، وقال: رواه الحاكم موقوفا (1/ 566) ومرفوعا واللفظ له، ووافقه الذهبي وقال: رفعه بعضهم.
(2) أحمد (1947) ، والترمذي (2913) واللفظ له، وقال: حسن صحيح، والحاكم (1/ 544) ، وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح (3/ 290) ، والترغيب والترهيب (2/ 359) .
(3) أخرجه الترمذي (2917) ، وقال: حديث حسن، ينظر في الصحيحة (257) وأورده السيوطي في الجامع الصغير وحسن إسناده الشيخ الألباني (6343) .
(4) لا تجاوز صلاتهم تراقيهم: المراد بالصلاة هنا، القراءة، لأنها جزؤها.
(5) وأغاروا في سرح الناس: السرح والسارح والسارحة الماشية، أي أغاروا على مواشيهم السائمة.
(6) فنزلني زيد بن وهب منزلا: هكذا هو في معظم النسخ، منزلا مرة واحدة، وفي نادر منها، منزلا منزلا، مرتين، وهو وجه الكلام، أي ذكر لي مراحلهم بالجيش منزلا منزلا حتى بلغ القنطرة التي كان القتال عندها.(11/5695)
الخوارج يومئذ عبد الله بن وهب الرّاسبيّ، فقال لهم:
ألقوا الرّماح، وسلّوا سيوفكم من جفونها «1» ، فإنّي أخاف أن يناشدوكم «2» كما ناشدوكم يوم حروراء، فرجعوا فوحّشوا برماحهم «3» وسلّوا السّيوف، وشجرهم النّاس برماحهم «4» . قال: وقتل بعضهم على بعض، وما أصيب من النّاس يومئذ إلّا رجلان، فقال عليّ- رضي الله عنه-: التمسوا فيهم المخدج، فالتمسوه فلم يجدوه، فقام عليّ- رضي الله عنه- بنفسه حتّى أتى ناسا قد قتل بعضهم على بعض. قال:
أخّروهم، فوجدوه ممّا يلي الأرض. فكبّر. ثمّ قال:
صدق الله، وبلّغ رسوله. قال: فقام إليه عبيدة السّلمانيّ. فقال: يا أمير المؤمنين، والله الّذي لا إله إلّا هو، لسمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلّم؟
فقال: إي والله الّذي لا إله إلّا هو، حتّى استحلفه ثلاثا «5» وهو يحلف له) * «6» .
5-* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه- قال: بعث عليّ بن أبي طالب- رضي الله عنه- إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم من اليمن بذهيبة في أديم مقروظ لم تحصّل من ترابها، قال: فقسمها بين أربعة نفر بين عيينة بن بدر، وأقرع بن حابس، وزيد الخيل، والرّابع إمّا علقمة، وإمّا عامر بن الطّفيل. فقال رجل من أصحابه: كنّا نحن أحقّ بهذا من هؤلاء قال: فبلغ ذلك النّبيّ صلى الله عليه وسلّم فقال: «ألا تأمنوني وأنا أمين من في السّماء، يأتيني خبر السّماء صباحا ومساء؟» . قال:
فقام رجل غائر العينين، مشرف الوجنتين، ناشز الجبهة، كثّ اللّحية، محلوق الرّأس، مشمّر الإزار.
فقال: يا رسول الله، اتّق الله. قال: «ويلك أولست أحقّ أهل الأرض أن يتّقي الله؟» قال: ثمّ ولّى الرّجل. قال خالد بن الوليد: يا رسول الله، ألا أضرب عنقه؟ قال: «لا. لعلّه أن يكون يصلّي» ، فقال خالد:
وكم من مصلّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إنّي لم أومر أن أنقّب قلوب النّاس.
ولا أشقّ بطونهم» قال: ثمّ نظر إليه وهو مقفّ فقال:
«إنّه يخرج من ضئضىء هذا قوم يتلون كتاب الله رطبا لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّميّة» وأظنّه قال: لئن أدركتهم لأقتلنّهم قتل ثمود» ) * «7» .
6-* (عن سليمان بن يسار قال: تفرّق النّاس
__________
(1) وسلوا سيوفكم من جفونها: أي أخرجوها من أغمادها، جمع جفن وهو الغمد.
(2) فإني أخاف أن يناشدوكم: يقال: نشدتك الله وناشدتك الله أي سألتك بالله وأقسمت عليك.
(3) فوحشوا برماحهم: أي رموا بها عن بعد منهم، ودخلوا فيهم بالسيوف حتى لا يجدوا فرصة.
(4) وشجرهم الناس برماحهم: أي مدوها إليهم وطاعنوهم بها، ومنه التشاجر في الخصومة، وسمي الشجر شجرا لتداخل أغصانه، والمراد بالناس أصحاب علي.
(5) حتى استحلفه ثلاثا: قال الإمام النووي: وإنما استحلفه ليسمع الحاضرين ويؤكد ذلك عندهم ويظهر لهم المعجزة التي أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلّم ويظهر لهم أن عليا وأصحابه أولى الطائفتين بالحق، وأنهم محقون في قتالهم.
(6) مسلم (1066) ، وقد أورده البخاري مختصرا (8/ 5058) من رواية أبي سعيد.
(7) البخاري. الفتح 7 (4351) واللفظ له، ومسلم (1064) .(11/5696)
عن أبي هريرة- رضي الله عنه- فقال له ناتل أهل الشّام «1» : أيّها الشّيخ، حدّثنا حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلّم. قال: نعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ أوّل النّاس يقضى يوم القيامة عليه، رجل استشهد، فأتي به فعرّفه نعمه فعرفها. قال: فما عملت فيها؟
قال: قاتلت فيك حتّى استشهدت. قال: كذبت، ولكنّك قاتلت لأن يقال جريء، فقد قيل. ثمّ أمر به فسحب على وجهه حتّى ألقي في النّار. ورجل تعلّم العلم وعلّمه وقرأ القرآن، فأتي به فعرّفه نعمه فعرفها.
قال: فما عملت فيها؟، قال: تعلّمت العلم وعلّمته وقرأت فيك القرآن. قال: كذبت، ولكنّك تعلّمت العلم ليقال عالم، وقرأت القرآن ليقال هو قارىء، فقد قيل ثمّ أمر به فسحب على وجهه حتّى ألقي في النّار.
ورجل وسّع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كلّه، فأتي به فعرّفه نعمه فعرفها. قال: فما عملت فيها؟ قال:
ما تركت من سبيل تحبّ أن ينفق فيها إلّا أنفقت فيها لك. قال: كذبت، ولكنّك فعلت ليقال هو جواد. فقد قيل، ثمّ أمر به فسحب على وجهه ثمّ ألقي في النّار» ) * «2» .
7-* (عن سهل بن سعد السّاعديّ- رضي الله عنه- قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلّم ونحن نقترأ، فقال: «الحمد لله، كتاب الله واحد، وفيكم الأحمر، وفيكم الأبيض، وفيكم الأسود، اقرؤوه قبل أن يقرأه أقوام يقيمونه كما يقّوّم السّهم، يتعجّل أجره ولا يتأجّله» ) * «3» .
8-* (عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- قال: دخل النّبيّ صلى الله عليه وسلّم المسجد فإذا فيه قوم يقرؤون القرآن قال: «اقرؤوا القرآن وابتغوا به الله- عزّ وجلّ- من قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القدح يتعجّلونه ولا يتأجّلونه» «4» .
9-* (عن أبي موسى الأشعري- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «مثل المؤمن الّذي يقرأ القرآن مثل الأترجّة «5» ، ريحها طيّب، وطعمها طيّب، ومثل المؤمن الّذي لا يقرأ القرآن، مثل التّمرة، لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الّذي يقرأ القرآن مثل الرّيحانة، ريحها طيّب، وطعمها مرّ، ومثل المنافق الّذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة، ليس لها ريح وطعمها مرّ» ) * «6» .
__________
(1) ناتل أهل الشام: هو ناتل بن قيس الخزامي الشامي من أهل فلسطين وهو تابعي وكان أبوه صحابيا، وكان ناتل كبير قومه.
(2) مسلم (1905) .
(3) أبو داود (831) واللفظ له، وقال الألباني (1/ 157) : حسن صحيح، ونحوه عند الترمذي (2917) ، وقال الهيثمي في المجمع: رجاله ثقات.
(4) أحمد (3/ 357) واللفظ له، وقال عنه: سنده حسن وحسنه الألباني في صحيح الجامع وفي الصحيحة (259) ، والآجري في أخلاق أهل القرآن (93) ، وقال محققه: رجال هذا السند رجال مسلم غير ابن علوية وهو ثقة.
(5) الأترجة: هي ثمر جامع لطيب الطعم والرائحة وحسن اللون يشبه البرتقال أكبر منه، ويسميه بعضهم: الكبّاد.
(6) البخاري. الفتح 8 (5020) ، ومسلم (797) واللفظ له، وفي رواية: «ومثل الفاجر» في الموضعين، أخرجه الجماعة إلا الموطأ، إلا أن الترمذي قال في الحنظلة: «وريحها مر» .(11/5697)
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذمّ (هجر القرآن)
1-* (عن عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه- قال: لقد أتى علينا حين وما نرى أنّ أحدا يتعلّم القرآن يريد به إلّا الله، فلمّا كان هاهنا بأخرة. خشيت أنّ رجالا يتعلّمونه يريدون به النّاس وما عندهم، فأريدوا الله بقراءتكم وأعمالكم، وإنّا كنّا نعرفكم إذ فينا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وإذ ينزل الوحي، وإذ ينبّئنا الله من أخباركم، فأمّا اليوم فقد مضى رسول الله صلى الله عليه وسلّم وانقطع الوحي، وإنّما أعرّفكم بما أقول، من أعلن خيرا حببناه عليه وظننّا به خيرا، ومن أظهر شرّا بغضناه عليه وظننّا به شرّا، سرائركم فيما بينكم وبين الله- عزّ وجلّ-) * «1» .
2-* (عن عليّ- رضي الله عنه- قال: من النّاس من يؤتى الإيمان ولا يؤتى القرآن، ومنهم من يؤتى القرآن ولا يؤتى الإيمان، ومنهم من يؤتى القرآن والإيمان، ومنهم من لا يؤتى القرآن ولا الإيمان، ثمّ ضرب لهم مثلا، قال: فأمّا من أوتي الإيمان ولم يؤت القرآن فمثله مثل التّمرة حلوة الطّعم لا ريح لها، وأمّا مثل الّذي أوتي القرآن، ولم يؤت الإيمان فمثل الآسة، طيّبة الرّيح مرّة الطّعم، وأما الّذي أوتي القرآن والإيمان فمثل الأترجّة طيّبة الرّيح حلوة الطّعم، وأمّا الّذي لم يؤت القرآن ولا الإيمان، فمثل الحنظلة مرّة الطّعم لا ريح لها) * «2» .
3-* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال:
لقد عشت برهة من دهري وإنّ أحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السّورة على محمّد صلى الله عليه وسلّم فيتعلّم حلالها وحرامها. وما ينبغي أن يقف عنده منها كما تعلّمون أنتم القرآن، ثمّ لقد رأيت رجالا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان فيقرأ ما بين فاتحة الكتاب إلى خاتمته، ما يدري ما آمره ولا زاجره، وما ينبغي أن يقف عنده منه، ينثره نثر الدّقل) * «3» .
4-* (عن إياس بن عمر يقول: أخذ عليّ بن أبي طالب بيدي ثمّ قال: إنّك إن بقيت سيقرأ القرآن ثلاثة أصناف: فصنف لله، وصنف للجدال، وصنف للدّنيا، ومن طلب به أدرك) * «4» .
5-* (عن معاذ بن جبل- رضي الله عنه- قال: سيبلى القرآن في صدور أقوام كما يبلى الثّوب فيتهافت، يقرءونه لا يجدون له شهوة ولا لذّة، يلبسون جلود الضّأن على قلوب الذّئاب، أعمالهم طمع لا يخالطه خوف، إن قصّروا قالوا: سنبلغ، وإن أساءوا قالوا: سيغفر لنا. إنّا لا نشرك بالله شيئا) * «5» .
6-* (عن أبي كنانة عن أبي موسى الأشعريّ رضي الله عنه- أنّه جمع الّذين قرأوا القرآن فإذا هم
__________
(1) أخلاق أهل القرآن للآجري (90) .
(2) الدارمي (3362) .
(3) الهيثمي في المجمع (1/ 165) ، وقال: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح.
(4) الدارمي (3329) .
(5) الدارمي (3346) .(11/5698)
قريب من ثلاثمائة فعظّم القرآن وقال: إنّ هذا القرآن كائن لكم أجرا، وكائن عليكم وزرا، فاتّبعوا القرآن ولا يتّبعنّكم القرآن، فإنّه من اتّبع القرآن هبط به على رياض الجنّة، ومن تبعه القرآن زخّ في قفاه فقذفه في النّار) * «1» .
7-* (قال عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه-: والّذي نفسي بيده إنّ حقّ تلاوته أن يحلّ حلاله ويحرّم حرامه ويقرأه كما أنزله الله ولا يحرّف الكلم عن مواضعه، ولا يتأوّل منه شيئا على غير تأويله) * «2» .
8-* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه- قال: يكون خلف بعد سنين أضاعوا الصّلاة واتّبعوا الشّهوات فسوف يلقون غيّا، ثمّ يكون خلف يقرأون القرآن لا يعدو تراقيهم، ويقرأ القرآن ثلاثة:
مؤمن ومنافق وفاجر، فقال بشير: فقلت للوليد: ما هؤلاء الثّلاثة؟. فقال: المنافق كافر به، والفاجر يتأكّل به، والمؤمن يعمل به) * «3» .
9-* (عن قتادة- رضي الله عنه- في قول الله عزّ وجلّ-: وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ (الأعراف/ 58) ، قال: البلد الطّيّب: المؤمن سمع كتاب الله فوعاه فأخذ به فانتفع به، كمثل هذه الأرض أصابها الغيث فأنبتت وأمرعت. وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً عسرا، مثل الكافر قد سمع القرآن فلم يعقله، ولم يأخذ به، ولم ينتفع به، كمثل هذه الأرض الخبيثة أصابها الغيث فلم تنبت شيئا ولا تمرع شيئا) * «4» .
10-* (عن قتادة- رضي الله عنه- قال: ما جالس القرآن أحد فقام عنه إلّا بزيادة أو نقصان، ثمّ قرأ: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً (الإسراء/ 82)) * «5» .
11-* (عن زادان قال: من قرأ القرآن يتأكّل به النّاس. جاء يوم القيامة ووجهه عظم ليس عليه لحم) * «6» .
12-* (عن الحسن قال: إنّ هذا القرآن قد قرأه عبيد وصبيان لا علم لهم بتأويله ولم يتأوّلوا الأمر مزاولة. قال الله- عزّ وجلّ-: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ (ص/ 29) وما تدبّر آياته إلّا اتّباعه والله يعلم، وأما والله ما هو بحفظ حروفه، وإضاعة حدوده حتّى إنّ أحدهم ليقول: قد قرأت القرآن كلّه فما أسقطت منه حرفا، وقد والله أسقطه كلّه، ما يرى له القرآن في خلق ولا عمل حتّى إنّ أحدهم ليقول: إنّي لأقرأ السّورة في نفس واحد والله ما
__________
(1) الدارمي (3328) ومسدد في مسنده، كما في المطالب العالية (3/ 297) ، وأبو نعيم في الحلية (1/ 257) ، وقال محقق أخلاق أهل القرآن (41) : سنده صحيح.
(2) جامع البيان في تفسير القرآن للطبري (1/ 567) ، ولابن عباس نحو هذا الكلام أيضا.
(3) أخلاق أهل القرآن (106) .
(4) قال محقق أخلاق أهل القرآن للآجري (156) : رجاله كلهم ثقات.
(5) الدارمي (3344) .
(6) رواه أبو نعيم (4/ 199) ، وقال: سنده حسن ورجاله كلهم ثقات، وورد مرفوعا لكنه ضعيف، وانظر تخريجه عند الآجري ص (130) .(11/5699)
هؤلاء ما هؤلاء بالقرّاء ولا العلماء ولا الحكماء ولا الورعة متى كانت القرّاء تقول مثل هذا؟ لا أكثر الله في النّاس مثل هؤلاء) * «1» .
13-* (قال محمّد بن الحسين الآجريّ: فإذا كان عمر بن الخطّاب قد خاف على قوم قرأوا القرآن في ذلك الوقت ميلهم إلى الدّنيا فما ظنّك بهم اليوم وقد أخبرنا النّبيّ صلى الله عليه وسلّم، إنّه يكون أقوام يقرأون القرآن يقيمونه كما تقيمون القدح يتعجّلونه ولا يتأجّلونه يطلبون به عاجلة الدّنيا ولا يطلبون به الآخرة) * «2» .
14-* (وقال- رحمه الله-: أمّا من قرأ القرآن للدّنيا أو لأبناء الدّنيا، فإنّ من أخلاقه أن يكون حافظا لحروفه مضيّعا لحدوده، قد اتّخذ القرآن بضاعة يتأكّل به الأغنياء ويستقضي به الحوائج ليس للخشوع في قلبه موضع) * «3» .
15-* (وقال أيضا: مرادي نصيحة لأهل القرآن لئلّا يبطل سعيهم إن هم طلبوا به شرف الدّنيا حرموا شرف الآخرة ... ، فينبغي لهم أن يستغنوا بالقرآن عن كلّ أحد من الخلق) * «4» .
16-* (كتب حذيفة المرعشيّ إلى يوسف بن أسباط: اكشف عن رأسك قناع الغافلين، وانتبه من رقدة الموتى، واعلم أنّه من قرأ القرآن ثمّ آثر الدّنيا لم آمن أن يكون بآيات الله من المستهزئين) * «5» .
من مضار (هجر القرآن)
(1) إنّ القلوب إذا لم تعمر بالقرآن سكنتها الشّياطين.
(2) هجر القرآن يضعف الإيمان بالله- عزّ وجلّ- وسائر المغيّبات.
(3) إنّ من هجر القرآن ترك تدبّره وترك العمل به وامتثال أوامره واجتناب زواجره.
(4) الّذي يقرأ القرآن ليتكسّب به الأموال. يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم.
(5) من يقرأ القرآن ولا يعمل بموجبه تكون قراءته عليه لا له.
(6) من قرأ القرآن ليقال إنّه قارىء وليرائي به النّاس فهو منافق، من أوّل من يسحب على وجهه في النّار يوم القيامة.
__________
(1) الآجري في أخلاق أهل القرآن (101) ، وقال محققه: رواه ابن المبارك وهو حديث حسن.
(2) أخلاق أهل القرآن (92) .
(3) المصدر السابق (87) .
(4) المصدر السابق (132- 133) بتصرف.
(5) أخلاق أهل القرآن (104) .(11/5700)
[حرف الواو]
الوسوسة
الوسوسة لغة:
الوسوسة: مصدر قولهم: وسوس يوسوس مأخوذة من مادّة (وس س) الّتي تدلّ على صوت غير رفيع: يقال لصوت الحلي: وسواس، وهمس الصّائد:
وسواس، وإغواء الشّيطان ابن آدم وسواس «1» .
يقال: وسوست إليه نفسه وسوسة ووسواسا بكسر الواو، والوسواس بالفتح الاسم مثل الزّلزال، والزّلزال «2» .
قال أبو عبيدة: الوسوسة في التّنزيل هو ما يلقيه الشّيطان في القلب «3» .
والوسوسة: الكلام الخفيّ في اختلاط.
ووسوس به- بالضّم: اختلط كلامه ودهش.
والموسوس: الّذي تعتريه الوساوس. ووسوس: إذا تكلّم بكلام لم يبيّنه «4» . وفي حديث عثمان- رضي الله عنه- لمّا قبض رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وسوس ناس، وكنت فيمن وسوس، يريد أنّه اختلط كلامه ودهش بموته صلى الله عليه وسلّم، وقول الله تعالى: فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ (الأعراف/ 20) . قال القرطبيّ: معناه وسوس إليهما، قيل داخل الجنّة، وقيل من خارج بالسّلطنة الّتي جعلت له، والوسوسة: الصّوت الخفيّ وهي أيضا حديث النّفس «5» ، وقال ابن منظور: الوسوسة والوسواس: الصّوت الخفيّ، من ريح، والوسواس صوت الحلي، يقال: وسوست إليه نفسه وسوسة ووسواسا بكسر الواو، والوسواس بفتحها الاسم، ويطلق على الشّيطان وكلّ ما حدّثك ووسوس إليك به، والوسوسة: حديث النّفس، والأفكار (السّيّئة الّتي تراودها) ورجل موسوس: غلبت عليه الوسوسة، أو الّذي تعتريه الوساوس، وقولهم: وسوس الرّجل: أي كلّمه كلاما خفيّا، ووسوس الرّجل (بالضم) إذا تكلّم بكلام لم يبيّنه «6» .
الوسوسة اصطلاحا:
الوسوسة والوسواس: ما يلقيه الشّيطان في القلب «7» .
وقال الرّاغب: الوسوسة: الخطرة الرّديئة «8» .
__________
(1) المقاييس (6/ 76) .
(2) الصحاح (3/ 988) .
(3) البصائر (5/ 208) .
(4) التاج (9/ 31) .
(5) تفسير القرطبي (7/ 21) .
(6) لسان العرب (6/ 4830) .
(7) بصائر ذوي التمييز (5/ 208) .
(8) المفردات للراغب (522) ، وانظر التوقيف (337) .(11/5701)
وقال الكفويّ: الوسوسة القول الخفيّ لقصد الإضلال.
والوسواس: ما يقع في النّفس من عمل الشّرّ وما لا خير فيه «1» .
وقيل: الوسواس مرض يحدث من غلبة السّوداء يختلط معه الذّهن «2» .
وقال ابن القيّم- رحمه الله-: الوسوسة:
الإلقاء الخفيّ في النّفس إمّا بصوت خفيّ لا يسمعه إلّا من ألقي عليه، وإمّا بغير صوت كما يوسوس الشّيطان إلى العبد «3» .
أنواع الوسوسة:
قال ابن القيّم- رحمه الله- في قوله تعالى: مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (الناس/ 6) : يعني أنّ الوسواس نوعان: إنس وجنّ، فإنّ الوسوسة الإلقاء الخفيّ، لكنّ الإلقاء الإنسيّ بواسطة الأذن، والجنّيّ لا يحتاج إليها.
ونظير اشتراكهما في الوسوسة اشتراكهما في الوحي الشّيطانيّ في قوله تعالى: وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً ... (الأنعام/ 112) «4» .
الفرق بين الوسوسة والإلهام وما أشبههما مما يقع في النفس:
تقال الوسوسة لما يقع في النّفس من الشّرّ، أما الإلهام فهو لما يقع فيها من الخير، ولما يقع فيها من الخوف إيجاس، ولما يقع من تقدير نيل الخير أمل، ولما يقع من تقدير لا على الإنسان ولا له خاطر «5» .
[للاستزادة: انظر صفات: الشك- سوء الظن الوهم- القلق.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: الطمأنينة- اليقين- الثبات- السكينة] .
__________
(1) الكليات (941) .
(2) المعجم الوسيط (2/ 1044) ومن هذا النوع المرضي ما يسمّى بالوسواس القهري، انظر في معناه وأنواعه معجم علم النفس والتحليل النفسي (182) .
(3) مخطوط هدية المحب (ورقة 124) .
(4) المرجع السابق (الورقة الأخيرة) .
(5) الكليات للكفوي (941) .(11/5702)
الآيات الواردة في «الوسوسة»
1- وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (11) قالَ ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12) قالَ فَاهْبِطْ مِنْها فَما يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13) قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (15) قالَ فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ (17) قالَ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ (18) وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ (19) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ (20) وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21) فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ (22) قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (23) قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (24) «1»
2- وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى (119) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى (120) فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى (121) ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى (122) «2»
3- وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ (17) ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) «3»
4- قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6) «4»
__________
(1) الأعراف: 11- 24 مكية
(2) طه: 119- 122 مكية
(3) ق: 16- 18 مكية
(4) الناس: 1- 6 مكية(11/5703)
الأحاديث الواردة في ذمّ (الوسوسة)
1-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلى الله عليه وسلّم قال: «إنّ الشّيطان إذا سمع النّداء بالصّلاة أحال «1» له ضراط، حتّى لا يسمع صوته فإذا سكت رجع فوسوس. فإذا سمع الإقامة ذهب حتّى لا يسمع صوته. فإذا سكت رجع فوسوس» ) * «2» .
2-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إنّ الله تجاوز لأمّتي عمّا وسوست- أو حدّثت- به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلّم» ) * «3» .
3-* (عن عبد الله- رضي الله عنه- قال:
سئل النّبيّ صلى الله عليه وسلّم عن الوسوسة، قال: «تلك محض الإيمان «4» » ) * «5» .
4-* (عن عبد الله بن مغفّل- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «لا يبولنّ أحدكم في مستحمّه فإنّ عامّة الوسواس منه» ) * «6» .
الأحاديث الواردة في ذمّ (الوسوسة) معنى
5-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلّم قال: «إذا نودي للصّلاة أدبر الشّيطان له ضراط حتّى لا يسمع التّأذين، فإذا قضي التّأذين أقبل، حتّى إذا ثوّب «7» للصّلاة أدبر، حتّى إذا قضي التّثويب أقبل، حتّى يخطر بين المرء ونفسه، يقول له: اذكر كذا.
واذكر كذا، لما لم يكن يذكر من قبل، حتّى يظلّ الرّجل ما يدري كم صلّى» ) * «8» .
6-* (عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال:
«إنّ أحدكم إذا قام يصلّي جاء الشّيطان فلبس عليه حتّى لا يدري كم صلّى، فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس» ) * «9» .
7-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إنّ أحدكم إذا كان في الصّلاة جاءه الشّيطان فأبس «10» به كما يأبس بدابّته فإذا سكن له أضرط بين أليتيه ليفتنه عن صلاته. فإذا وجد شيئا من ذلك فلا ينصرف حتّى يسمع صوتا أو يجد
__________
(1) أحال: ذهب هاربا.
(2) البخاري- الفتح 3 (1231) ، ومسلم (389) واللفظ له.
(3) البخاري- الفتح 11 (6664) .
(4) محض الإيمان: معناه: سبب الوسوسة محض الإيمان، أو الوسوسة علامة محض الإيمان.
(5) مسلم (133) .
(6) أبو داود رقم (27) ، والنسائي (1/ 34) ، وابن ماجة (304) واللفظ للنسائي وابن ماجة وقال محقق جامع الأصول (7/ 118) : حديث حسن.
(7) ثوب: المراد بالتثويب الإقامة. وأصله من ثاب إذا رجع، ومقيم الصلاة راجع إلى الدعاء إليها، فإن الأذان دعاء إلى الصلاة، والإقامة دعاء إليها.
(8) البخاري. الفتح 2 (608) ، مسلم (389) واللفظ له.
(9) البخاري. الفتح 3 (1232) .
(10) أبست به تأبيسا أي ذللته وحقرته وروعته.(11/5704)
ريحا» ) * «1» .
8-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إنّ الله تجاوز لأمّتي ما حدّثت به أنفسها «2» ما لم يتكلّموا أو يعملوا به» ) * «3» .
9-* (عن عائشة زوج النّبيّ صلى الله عليه وسلّم أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم خرج من عندها ليلا، قالت: فغرت عليه فجاء فرأى ما أصنع، فقال: «مالك؟ يا عائشة، أغرت؟» فقلت: وما لي لا يغار مثلي على مثلك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «أقد جاءك شيطانك؟» قالت: يا رسول الله، أو معي شيطان؟ قال: «نعم» قلت: ومع كلّ إنسان؟
قال: «نعم» قلت: ومعك يا رسول الله، قال: «نعم، ولكنّ ربّي أعانني عليه حتّى أسلم» ) * «4» .
10-* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قام فصلّى صلاة الصّبح وهو خلفه فالتبست عليه القراءة. فلمّا فرغ من صلاته قال:
«لو رأيتموني وإبليس فأهويت بيدي فما زلت أخنقه حتّى وجدت برد لعابه بين أصبعيّ هاتين، الإبهام والّتي تليها، ولولا دعوة أخي سليمان لأصبح مربوطا بسارية من سواري المسجد، يتلاعب به صبيان المدينة» ) * «5» .
11-* (عن جابر- رضي الله عنه- قال:
سمعت النّبيّ صلى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ الشّيطان قد أيس أن يعبده المصلّون في جزيرة العرب، ولكن في التّحريش بينهم «6» » ) * «7» .
12-* (عن سبرة بن أبي فاكه- رضي الله عنه- قال: سمعت النّبيّ صلى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ الشّيطان قعد «8» لابن آدم بأطرقه، قعد في طريق الإسلام، فقال: تسلم وتذر دينك ودين آبائك وآباء آبائك؟
فعصاه وأسلم، وقعد له بطريق الهجرة، فقال: تهاجر وتذر أرضك وسماءك؟ وإنّما مثل المهاجر كمثل الفرس في الطّول «9» ، فعصاه فهاجر، ثمّ قعد له بطريق الجهاد، فقال: تجاهد؟ فهو جهد النّفس
__________
(1) الهيثمي في المجمع (1/ 242) وقال: رواه أحمد وهو عند أبي داود باختصار ورجال أحمد رجال الصحيح.
(2) قال النووي ضبط العلماء أنفسها بالنصب والرفع، وهما ظاهران، إلا أن النصب أظهر وأشهر، قال القاضي عياض: أنفسها بالنصب ويدل عليه قوله: إن أحدنا يحدث نفسه، قيل: وأهل اللغة يقولون أنفسها بالرفع يريدون بغير اختيارها، قال تعالى: وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ (ق/ 16) .
(3) البخاري. الفتح 5 (2528) ، مسلم (127) واللفظ له.
(4) مسلم (2815) .
(5) أحمد (3/ 82) والهيثمي في المجمع (2/ 87) واللفظ له وقال: رواه أحمد ورجاله ثقات.
(6) ولكن في التحريش بينهم: أي ولكنه يسعى في التحريش بينهم بالخصومات والشحناء والحروب والفتن وغيرها.
(7) مسلم (2812) .
(8) إن الشيطان قعد: قد جاء في لفظ الحديث، قال: «قعد الشيطان لابن آدم بأطرقه» يريد جمع طريق، والمعروف في جمع طريق: أطرقة، وهو جمع قلة، والكثرة: طرق، فأما «أطرق» في جمع طريق فلم أسمعه ولا رأيته، وأما أفعله في جمع فعيل، فقد جاء كثيرا، قالوا: رغيف وأرغفة، وجريب وأجربة، وكثيب وأكثبة، وسرير وأسرة، فأما أفعل في جمع فعيل: فلم يجىء إلا فيما كان مؤنثا نحو: يمين وأيمن، فإن كان نظر في جمع طريق إلى جواز تأنيثها، فجمعها جمع المؤنث، فقال: طريق وأطرق، فيجوز، فإن الطريق يذكر ويؤنث، تقول: الطريق الأعظم، والطريق العظمى.
(9) الطول: الحبل الطويل تربط به الفرس لترعى.(11/5705)
والمال، فتقاتل فتقتل، فتنكح المرأة ويقسم المال؟
فعصاه فجاهد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «فمن فعل ذلك كان حقّا على الله أن يدخله الجنّة، وإن غرق كان حقّا على الله أن يدخله الجنّة، أو وقصته دابّته كان حقّا على الله أن يدخله الجنّة» ) * «1» .
13-* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إنّ الشّيطان ليلطف بالرّجل في صلاته ليقطع عليه صلاته فإذا أعياه نفخ في دبره، فإذا أحسّ أحدكم من ذلك شيئا فلا ينصرف حتّى يجد ريحا أو يسمع صوتا» ) * «2» .
14-* (عن عليّ بن الحسين- رضي الله عنهما- قال: إنّ صفيّة زوج النّبيّ صلى الله عليه وسلّم أخبرته أنّها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فتحدّثت عنده ساعة.
ثمّ قامت تنقلب. فقام النّبيّ صلى الله عليه وسلّم معها يقلبها، حتّى إذا بلغت باب المسجد عند باب أمّ سلمة مرّ رجلان من الأنصار فسلّما على رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فقال لهما النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: على رسلكما، إنّما هي صفيّة بنت حييّ، فقالا:
سبحان الله يا رسول الله، وكبر عليهما. فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلّم:
«إنّ الشّيطان يبلغ من ابن آدم مبلغ الدّم، وإنّي خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا» ) * «3» .
15-* (عن جابر- رضي الله عنه- قال:
سمعت النّبيّ صلى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ عرش إبليس على البحر.
فيبعث سراياه فيفتنون النّاس. فأعظمهم عنده أعظمهم فتنة» ) * «4» .
16-* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إنّ للشّيطان لمّة «5» بابن آدم، وللملك لمّة، فأمّا لمّة الشّيطان، فإيعاد بالشّرّ، وتكذيب بالحقّ، وأمّا لمّة الملك، فإيعاد بالخير، وتصديق بالحقّ، فمن وجد ذلك، فليعلم أنّه من الله، فليحمد الله، ومن وجد الأخرى، فليتعوّذ بالله من الشّيطان الرّجيم، ثمّ قرأ: الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ ... (البقرة/ 268) الآية» ) * «6» .
17-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلّم سئل عن الرّجل يخيّل إليه في صلاته أنّه أحدث في صلاته ولم يحدث. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إنّ الشّيطان يأتي أحدكم وهو في صلاته حتّى يفتح مقعدته. فيخيّل إليه أنّه أحدث. ولم يحدث، فإذا وجد أحدكم ذلك فلا ينصرف. حتّى يسمع صوت ذلك بأذنه أو يجد ريح ذلك بأنفه» ) * «7» .
18-* (عن عثمان بن عفّان- رضي الله عنه-
__________
(1) النسائي (6/ 21- 22) وقال محقق جامع الأصول (9/ 541) واللفظ له: إسناده حسن، وقال الحافظ في الإصابة: إسناده حسن وصححه ابن حبان.
(2) الهيثمي في المجمع (1/ 242- 243) وقال: رواه الطبراني ورجاله موثقون.
(3) البخاري. الفتح 4 (2035) واللفظ له، مسلم (2175) .
(4) مسلم (2813) .
(5) اللمّة: المرة الواحدة من الإلمام، وهو القرب من الشيء، والمراد بها الهمة التي تقع من القلب من فعل الخير والشر والعزم عليه.
(6) الترمذي (2988) وقال: حسن غريب، وابن حبان في صحيحه رقم (40) .
(7) الهيثمي في المجمع (1/ 242) وقال: رواه الطبراني في الكبير والبزار بنحوه ورجاله رجال الصحيح.(11/5706)
قال: جاء رجل إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله، إنّي صلّيت فلم أدر أشفعت أم أوترت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: إيّاي وأن يتلعّب بكم الشّيطان في صلاتكم، من صلّى منكم فلم يدر أشفع أم أوتر فليسجد سجدتين.
فإنّهما إتمام صلاته» ) * «1» .
19-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: جاء ناس من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلّم فسألوه: «إنّا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا «2» أن يتكلّم به، قال: وقد وجدتموه؟» قالوا: نعم، قال: «ذاك صريح الإيمان» «3» ) * «4» .
20-* (عن قيس بن أبي غرزة، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلّم ونحن نسمّي السّماسرة، فقال: «يا معشر التّجّار، إنّ الشّيطان والإثم يحضران البيع.
فشوبوا بيعكم بالصّدقة» ) * «5» .
21-* (عن عبد الله بن زيد بن عاصم قال:
شكي إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلّم الرّجل يجد في الصّلاة شيئا أيقطع الصّلاة؟ قال: «لا، حتّى يسمع صوتا، أو يجد ريحا» ) * «6» .
22-* (عن جابر بن سمرة قال: صلّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم صلاة الفجر فجعل يهوي بيده فسأله القوم حين انصرف فقال: إنّ الشّيطان هو كان يلقي عليّ شرر النّار ليفتنني عن صلاتي، فتناولته فلو أخذته ما انفلت منّي حتّى يناط إلي سارية من سواري المسجد ينظر إليه ولدان أهل المدينة» ) * «7» .
23-* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا قام من اللّيل واستفتح صلاته وكبّر قال: «سبحانك اللهمّ وبحمدك. وتبارك اسمك. وتعالى جدّك. ولا إله غيرك» ثمّ يقول: «لا إله إلّا الله ثلاثا» ثمّ يقول: «أعوذ بالله السّميع العليم من الشّيطان الرّجيم. من همزه.
ونفخه. ونفثه» ) * «8» .
24-* (عن عقبة بن عامر قال: كانت علينا رعاية الإبل «9» . فجاءت نوبتي فروّحتها بعشيّ، فأدركت رسول الله صلى الله عليه وسلّم قائما يحدّث النّاس، فأدركت
__________
(1) الهيثمي في المجمع (2/ 150) وقال: رواه أحمد من طريقين رجالهما ثقات.
(2) إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم: أي يجد أحدنا التكلم به عظيما لاستحالته في حقه سبحانه وتعالى.
(3) ذاك صريح الإيمان: معناه: استعظامكم الكلام به هو صريح لإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه، ومن النطق به، فضلا عن اعتقاده، إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالا محققا، وانتفت عنه الريبة والشكوك.
(4) مسلم (132) .
(5) الترمذي (1208) واللفظ له. وقال: حديث حسن صحيح. وأبو داود (3326، 3327) والنسائي (7/ 15) وقال محقق جامع الأصول (1/ 433) : إسناده صحيح.
(6) البخاري. الفتح 4 (2056) .
(7) أحمد (5/ 104) واللفظ له والهيثمي في المجمع (2/ 87) وقال: رواه أحمد وله رواية: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم فجعل ينتهر شيئا قدامه» والطبراني ورجاله رجال الصحيح.
(8) الهيثمي في المجمع (2/ 265) واللفظ له. وقال: رواه أحمد ورجاله ثقات.
(9) كانت علينا رعاية الإبل: معنى هذا الكلام أنهم كانوا يتناوبون رعي إبلهم فيجتمع الجماعة ويضمون إبلهم بعضها إلى بعض فيرعاها كل يوم واحد منهم، ليكون أرفق بهم، وينصرف الباقون في مصالحهم والرعاية هي الرعي، ومعنى روحتها بعثي: أي رددتها إلى مراحها في آخر النهار وتفرغت من أمرها ثم جئت إلى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلّم.(11/5707)
من قوله: «ما من مسلم يتوضّأ فيحسن وضوءه، ثمّ يقوم فيصلّي ركعتين، مقبل عليهما بقلبه ووجهه، إلّا وجبت له الجنّة» قال: فقلت: ما أجود هذه «1» ! فإذا قائل بين يديّ يقول: الّتي قبلها أجود، فنظرت فإذا عمر، قال: إنّي قد رأيتك جئت آنفا «2» قال: «ما منكم من أحد يتوضّأ فيبلغ- أو (فيسبغ) «3» - الوضوء ثمّ يقول: أشهد أن لا إله إلّا الله، وأنّ محمّدا عبد الله ورسوله، إلّا فتحت له أبواب الجنّة الثّمانية، يدخل من أيّها شاء» ) * «4» .
25-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «لا يزال النّاس يتساءلون حتّى يقال: هذا، خلق الله الخلق، فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل: آمنت بالله «5» » ) * «6» .
26-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «يأتي الشّيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا وكذا؟ حتّى يقول له: من خلق ربّك؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته «7» » ) * «8» .
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذمّ (الوسوسة)
1-* (نقل ابن كثير عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- في قوله تعالى الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ (الناس/ 4) قال: الشّيطان جاثم على قلب ابن آدم.
فإذا سها وغفل وسوس. فإذا ذكر خنس) * «9» .
2-* (عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما- قال: إنّ في البحر شياطين مسجونة أوثقها سليمان، يوشك أن تخرج فتقرأ على النّاس قرآنا) * «10» .
3-* (قال البغويّ: الشّيطان جاثم على قلب
__________
(1) ما أجود هذه: يعني هذه الكلمة أو الفائدة أو البشارة أو العبادة، وجودتها من جهات: منها أنها سهلة متيسرة يقدر عليها كل أحد بلا مشقة، ومنها أن أجرها عظيم.
(2) آنفا: أي قريبا.
(3) فيبلغ أو يسبغ: هما بمعنى واحد أي يتمه ويكمله فيوصله مواضعه على الوجه المسنون.
(4) مسلم (234) .
(5) فليقل آمنت بالله: معناه الإعراض عن هذا الخاطر والالتجاء إلى الله تعالى في إذهابه. قال الإمام المازري- رحمه الله-: ظاهر الحديث أنه صلى الله عليه وسلّم أمرهم أن يدفعوا الخواطر بالإعراض عنها والرد لها من غير استدلال، ولا نظر في إبطالها، قال: والذي يقال في هذا المعنى إن الخواطر على قسمين: فأما التي ليست بمستقرة ولا أوجبتها شبهة طرأت، فهي التي تدفع بالإعراض عنها، وعلى هذا يحمل الحديث، وعلى مثلها ينطلق اسم الوسوسة، فكأنه لما كان أمرا طارئا بغير أصل دفع بغير نظر في دليل، إذ لا أصل ينظر فيه، وأما الخواطر المستقرة التي أوجبتها الشبهة، فإنها لا تدفع إلا بالاستدلال والنظر في إبطالها.
(6) مسلم (134) .
(7) فليستعذ بالله ولينته: معناه إذا عرض له هذا الوسواس، فليلجأ إلى الله تعالى في دفع شره، وليعرض عن الفكر في ذلك، وليعلم أن هذا الخاطر من وسوسة الشيطان، وهو إنما يسمى بالفساد والإغراء، فليعرض عن الإصغاء إلى وسوسته وليبادر إلى قطعها، بالاشتغال عنها.
(8) مسلم (134) .
(9) تفسير ابن كثير (4/ 575) .
(10) مسلم (7) .(11/5708)
الإنسان، فإذا ذكر الله خنس، وإذا غفل وسوس، وقال: الخنّاس له خرطوم كخرطوم الكلب في صدر الإنسان فإذا ذكر العبد ربّه خنس، ويقال: كرأس الحيّة واضع رأسه على ثمرة القلب يمنّيه ويحدّثه، فإذا ذكر الله خنس، وإذا لم يذكر يرجع ويضع رأسه) * «1» .
4-* (وقال البغويّ في قوله تعالى: الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (الناس/ 5) بالكلام الخفيّ الّذي يصل مفهومه إلى القلب من غير سماع) * «2» .
5-* (وقال البغويّ في قوله تعالى: مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ يعني يدخل في الجنّيّ كما يدخل في الإنسيّ، ويوسوس الجنّيّ كما يوسوس الإنسيّ) * «3» .
6-* (قال بعضهم: ثبت أنّ الوسواس للإنسان من الإنسان كالوسوسة للشّيطان من الشّيطان، فجعل الوسواس من فعل الجنّة والنّاس جميعا. كما قال: وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ (الأنعام/ 112) كأنّه أمر أن يستعيذ من شرّ الجنّ والإنس جميعا) * «4» .
7-* (قال ابن كثير- رحمه الله-: أمر الله المستعيذ أن يتعوّذ بالمتّصف بالرّبوبيّة والملك والألوهيّة من شرّ الوسواس الخنّاس وهو الشّيطان الموكّل بالإنسان. فإنّه ما من أحد من بني آدم إلّا وله قرين يزيّن له الفواحش. ولا يألوه جهدا في الخبال، والمعصوم من عصمه الله) * «5» .
من مضار (الوسوسة)
(1) طريق إلى الشّكّ. والشّك في الله كفر.
(2) تفقد الإنسان ثقته بنفسه وبغيره.
(3) ينفر النّاس من صاحب الوسواس ويبتعدون عنه.
(4) الموسوس لا تكمل له عبادة ولا يستقرّ له فكر.
(5) يشدّد على نفسه حتّى يدخل في دائرة المحظور.
(6) قد يصل الأمر بالموسوس إلى الهلوسة ثمّ الجنون.
__________
(1) تفسير البغوي (30/ 548) .
(2) المصدر السابق نفسه، والصفحة نفسها.
(3) المصدر السابق نفسه، والصفحة نفسها.
(4) تفسير البغوي (10/ 548) .
(5) تفسير ابن كثير (4/ 574) بتصرف.(11/5709)
الوهم
الوهم لغة:
مصدر قولهم: وهم يهم (مثل وعد يعد) ، وهو مأخوذ من مادّة (وه م) الّتي تدلّ- فيما يقول ابن فارس- على معان متفرّقة لا تنقاس (أي لا ترجع إلى أصل واحد) ، فمن ذلك الوهم، وهو البعير العظيم، وقيل الجمل الضّخم العظيم، والوهم: الطّريق، وقيل الطّريق الواسع. والوهم:
وهم القلب، يقال منه: وهمت في الشّيء أهم وهما، إذا ذهب وهمك إليه وأنت تريد غيره، ووهمت (بكسر الهاء) في الحساب أوهم وهما ووهما. إذا غلطت فيه وسهوت، ويقال أيضا أوهم من الحساب مائة، وأوهم من صلاته ركعة أى أسقط. وأوهمت غيري إيهاما ووهّمته توهيما (أي جعلت ذلك في وهمه) وأوهمت الشّيء: تركته كلّه، وأوهمت في كتابي وكلامي: أي أسقطت منه شيئا، وتوهّمت: ظننت، واتّهمت فلانا بكذا (رميته به) ، والاسم التّهمة (بالتّحريك) وأصل التّاء فيه واو مثل تكلة، وأتهم الرّجل: إذا صارت به ريبة، وقولهم لا وهم من كذا، أي لا بدّ منه.
وقال ابن منظور: الوهم: من خطرات القلب، والجمع أوهام، وللقلب وهم.
وتوهّم الشّيء: تخيّله وتمثّله، كان في الوجود أو لم يكن. وقال: توهّمت الشّيء وتفرّسته وتوسّمته وتبيّنته بمعنى واحد، قال زهير:
وقفت بها من بعد عشرين حجّة ... فلأيا «1» عرفت الدّار بعد توهّم
ويقال: وهمت في كذا وكذا أي غلطت.
وأوهمت الشّيء تركته كلّه أوهم. وفي حديث النّبيّ صلى الله عليه وسلّم: أنّه صلّى فأوهم في صلاته، فقيل: كأنّك أوهمت في صلاتك، فقال: كيف لا أوهم ورفغ «2» أحدكم بين ظفره وأنملته؟ أي أسقط من صلاته شيئا. قال الأصمعيّ: أوهم إذا أسقط، ووهم إذا غلط. وفي الحديث: أنّه سجد للوهم وهو جالس أي للغلط.
وأورد ابن الأثير بعض هذا الحديث أيضا فقال: قيل له كأنّك وهمت، قال: وكيف لا إيهم؟ قال: هذا على لغة بعضهم؛ الأصل أوهم بالفتح والواو، فكسرت الهمزة، لأنّ قوما من العرب يكسرون مستقبل- فعل- فيقولون إعلم وتعلم، فلمّا كسر همزة أوهم انقلبت
__________
(1) فلأيا: مشقة.
(2) الرفغ: وسخ الظفر، أي وسخ رفغ أحدكم.(11/5710)
الواو ياء. ووهم في الصّلاة وهما ووهم، كلاهما:
سها. فإذا ذهب وهمك إلى الشّيء قلت: وهمت إلى كذا وكذا أهم وهما. وفي الحديث أنّه وهم في تزويج ميمونة أي ذهب وهمه إليه. وقيل: أوهم ووهم ووهم سواء، وأنشد:
فإن أخطأت أو أوهمت شيئا ... فقد يهم المصافي بالحبيب «1» .
الوهم اصطلاحا:
قال الرّاغب: الوهم: انقياد النّفس لقبول أثر ما يرد عليها «2» .
وقال الجرجانيّ والمناويّ: الوهم: قوّة جسمانيّة للإنسان محلّها آخر التّجويف الأوسط من الدّماغ من شأنها إدراك المعاني الجزئيّة المتعلّقة بالمحسوسات «3» .
وقال الكفويّ: الوهم (كما في القاموس) من خطرات القلب، وقيل: هو (إدراك) مرجوح طرفي المتردّد فيه، وهو عبارة عمّا يقع في الحيوان من جنس المعرفة من غير سبب موضوع للعلم، وهو أضعف من الظّنّ وكثيرا ما يستعمل الوهم في الظّنّ الفاسد «4» .
أمّا التّوهّم فقد عرّفه الجرجانيّ بقوله: التّوهّم هو إدراك المعنى الجزئيّ المتعلّق بالمحسوسات «5» .
الفرق بين الوهم والخاطر والخيال:
قال الرّاغب: الفرق بين الوهم والخاطر أنّ الخاطر يقال فيما لا تقبله النّفس، والوهم لا يقال إلّا فيما تقبله، أمّا الخيال فإنّه يقال اعتبارا بما يكون من جهة الحاسّة وفيما له صورة ما «6» .
الفرق بين الوهم والظن والشك:
قال الكفويّ: الشّكّ هو اعتدال النّقيضين عند الإنسان وتساويهما، بمعنى أن يكون طرف الوقوع واللّاوقوع على السّويّة، وإن كان أحد الطّرفين مرجوحا فالمرجوح هو الوهم، والرّاجح هو الظّنّ «7» .
الفرق بين التوهم والتصور:
يكمن الفرق بينهما- كما يقول العسكريّ- في أنّ تصوّر الشّيء يكون مع العلم به وتوهّمه لا يكون مع العلم به، لأنّ التّوهّم من قبيل التّجويز وهو ينافي العلم، وقال بعضهم: التّوهّم يجري مجرى الظّنون يتناول المدرك وغير المدرك، وقال آخرون: التّوهّم هو تجويز ما لا يمتنع من الواجب والجائز، ولا يجوز أن يتوهّم الإنسان ما يمتنع كونه (وجوده) ، ألا ترى أنّه لا يجوز أن يتوهّم (متوهّم) الشّيء متحرّكا ساكنا في حالة واحدة «8» .
__________
(1) مقاييس اللغة (6/ 149) ، الصحاح (5/ 2054) ، لسان العرب (12/ 643- 644) . والنهاية في غريب الحديث والأثر (5/ 233- 234) .
(2) الذريعة (184) .
(3) التعريفات للجرجاني (276) ، والتوقيف للمناوي (341) .
(4) الكليات (بتصرف) (943) .
(5) التعريفات (75) ، وقد عرف الوهم أيضا بما لا يخرج عن ذلك في (276) . وقد تبعه في هذا التعريف للوهم، الكفوي في الكليات (314) .
(6) الذريعة (184) .
(7) الكليات (528) باختصار.
(8) الفروق في اللغة لابي هلال العسكري (91) باختصار.(11/5711)
التوهم بين المدح والذم:
جعل الرّاغب جودة التّوهّم من توابع العقل عندما قال- رحمه الله-: العقل إذا أشرق في الإنسان يحصل عنه العلم والمعرفة والدّراية والحكمة، كما يحصل عنه الذّكاء، والذّهن، والفهم، والفطنة، وجودة الخاطر، وجودة التّوهّم، والتّخيّل، والبديهة ... » «1»
ومن هنا يكون التّوهّم أو الوهم أمرا محمودا فإذا كان التّوهّم سيّئا كان صادرا عن الهوى لا عن العقل، ومن ثمّ يكون مذموما، أمّا الوهم بمعنى النّسيان أو التّرك لما لا ينبغي تركه فإنّه لا يوصف بمدح أو ذمّ لأنّه لا حيلة للإنسان فيه، ويدخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلّم «رفع عن أمّتي الخطأ والنّسيان وما استكرهوا عليه» .
[للاستزادة: انظر صفات: الشك- الوسوسة سوء الظن- القلق.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: اليقين- حسن الظن- التوكل- الطمأنينة- السكينة] .
__________
(1) الذريعة (183) .(11/5712)
الأحاديث الواردة في ذمّ (الوهم)
1-* (عن أبي روح الكلاعيّ- رضي الله عنه- قال: صلّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم صلاة فقرأ فيها سورة الرّوم فلبّس بعضها، قال إنّما لبّس علينا الشّيطان القراءة من أجل أقوام يأتون الصّلاة بغير وضوء. فإذا أتيتم الصّلاة فأحسنوا الوضوء) *
وعن عبد الملك بن عمير قال: سمعت شبيبا أبا روح يحدّث عن رجل من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلّم عن النّبيّ صلى الله عليه وسلّم أنّه صلّى الصّبح فقرأ فيها الرّوم فأوهم فذكّره) * «1» .
2-* (عن أنس- رضي الله عنه- قال: ما صلّيت خلف أحد أوجز صلاة من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلّم، في تمام، كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلّم متقاربة.
وكانت صلاة أبي بكر متقاربة. فلمّا كان عمر بن الخطّاب مدّ في صلاة الفجر. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا قال «سمع الله لمن حمده» قام. حتّى نقول: قد أوهم.
ثمّ يسجد. ويقعد بين السّجدتين. حتّى نقول: قد أوهم «2» ) * «3» .
من الآثار الواردة في ذمّ (الوهم)
1-* (عن الحكم قال: سمعت أبا وائل يقول: قال عبد الله: من أوهم في صلاته فليتحرّ الصّواب ثمّ يسجد سجدتين بعد ما يفرغ وهو جالس) * «4» .
من مضار (الوهم)
(1) انفاق الجهد فيما لا يفيد.
(2) طاعة الشّيطان في وسواسه.
(3) يؤدّي إلى مرض النّفس والتّذبذب في العقيدة.
__________
(1) أحمد (3/ 471) واللفظ له وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 241) وقال: رجال أحمد رجال الصحيح.
(2) أوهم: أي أسقط ما بعده. من أوهمت في الكلام والكتاب، إذا أسقطت منه شيئا. أو معناه أوقع في وهم الناس- أي في ذهنهم- أنه تركه.
(3) مسلم (473) .
(4) النسائي (3/ 30) .(11/5713)
الوهن
الوهن لغة:
الوهن مأخوذ من مادّة (وه ن) الّتي تدلّ على الضّعف. تقول منه: وهن الشّيء يهن وهنا: ضعف، وأوهنته أنا (أي أضعفته) «1» .
والوهن: الضّعف في العمل وفي الأشياء، وكذلك في العظم ونحوه. وقد وهن العظم يهن وهنا، وأوهنه يوهنه، ورجل واهن في الأمر والعمل، وموهون في العظم والبدن، وقد يثقّل «2» .
يقول الرّاغب: الوهن ضعف من حيث الخلق أو الخلق، قال تعالى: قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي (مريم/ 4) وقال: فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ (آل عمران/ 146) وقال: وَهْناً عَلى وَهْنٍ (لقمان/ 14) أي كلّما عظم في بطنها زادها ضعفا على ضعف «3» . أي لزمها بحملها إيّاه أن تضعف مرّة بعد مرّة، وقيل: وهنا على وهن، أي جهدا على جهد، وفي حديث الطّواف: وقد وهنتهم حمّى يثرب: أي أضعفتهم، وفي حديث عليّ- رضي الله عنه-: «ولا واهنا في عزم» أي ضعيفا في رأي. ورجل واهن:
ضعيف لا بطش عنده، والأنثى واهنة. وقوله- عزّ وجلّ-: فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أي ما فتروا وما جبنوا عن قتال عدوّهم. ويقال للطّائر إذا أثقل من أكل الجيف فلم يقدر على النّهوض قد توهّن توهّنا. والوهنانة من النّساء الكسلى عن العمل تنعّما، والوهنانة الّتي فيها فترة «4» .
وقال ابن الأثير: وفي حديث عمران بن حصين: «أنّ فلانا دخل عليه وفي عضده حلقة من صفر (نحاس) فقال: ما هذا؟ قال: هذا من الواهنة.
قال: أما إنّها لا تزيدك إلّا وهنا، الواهنة: عرق يأخذ في المنكب وفي اليد كلّها فيرقى منها، وقيل: هو مرض يأخذ في العضد وربّما علّق عليها جنس من الخرز يقال لها: خرز الواهنة وهي تأخذ الرّجال دون النّساء، وإنّما نهاه عنها لأنّه إنّما اتّخذها على أنّها تعصمه من الألم فكان عنده في معنى التّمائم المنهيّ عنها «5» .
وقال الفيروزاباديّ: يقال: الوهن والوهن (محرّكة) : والفعل منه: وهن يهن كوعد يعد، ووهن يهن كورث يرث، ووهن يوهن كوجل يوجل، وأوهنه ووهّنه: أضعفه، وهو واهن وموهون: لا بطش عنده، وهي واهنة، والجمع: وهن «6» .
__________
(1) المقاييس (6/ 149) .
(2) العين (4/ 92) .
(3) المفردات (572) .
(4) اللسان (6/ 4935) .
(5) النهاية (5/ 243) .
(6) بصائر ذوي التمييز (5/ 287) .(11/5714)
الوهن اصطلاحا:
قال الفيروز اباديّ: الوهن (والوهن) : الضّعف في العمل «1» .
وقيل: الضّعف في الخلق والخلق «2» .
وقال القرطبيّ: الوهن انكسار الجدّ بالخوف «3» ، وقال في تفسير قوله تعالى: وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا (آل عمران/ 139) أي لا تضعفوا ولا تجبنوا يا أصحاب محمّد عن جهاد أعدائكم لما أصابكم «4» ويؤخذ من ذلك أنّ: الوهن: هو الضّعف والجبن عن جهاد الأعداء عند ما ينزل بالمؤمن نازلة من أعدائه.
الوهن داء يأخذ بالأمم والأفراد:
الوهن بمعنى الضّعف الخلقيّ أمر طبعيّ لا يتعلّق به مدح أو ذمّ إلّا إذا تسبّب فيه الإنسان كأن يتناول ما يضعف قوّته ويسلبه القدرة على العمل وهو فى هذه الحالة يدخل في إطار الأمور المذمومة لأنّه إلقاء للنّفس إلى التّهلكة ودخول تحت ما يسلب عنه الخيريّة وحبّ الله تعالى لما ورد من أنّ المؤمن القويّ خير وأحبّ إلى الله من المؤمن الضّعيف.
وأما الوهن الخلقيّ المصحوب بالتّخاذل والخوف من لقاء الأعداء والجبن عن منازلتهم فهو منهيّ عنه بنصّ الآية الكريمة: وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (آل عمران/ 139) ، وقد أخبر المولى- عزّ وجلّ- عن الأتباع الحقيقيّين للرّسل الّذين جاهدوا معهم فأصابوا وأصيبوا، فلم يفتّ في عضدهم ما أصابهم في سبيل الله وما لحقهم وهن ولا ضعف ولا استكانة، وهكذا ينبغي أن يكون شأن المؤمنين في كلّ زمان ومكان. قال تعالى: وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (آل عمران/ 146) ، وقد نهانا المولى عزّ وجلّ- عن الوهن في قتال الأعداء مهما كان الألم الّذي أصابنا في جهادهم.
قال ابن عبّاس- رضي الله عنهما- في قوله تعالى: وَمَا اسْتَكانُوا (آل عمران/ 146) : تخشّعوا.
وقال قتادة والرّبيع بن أنس- رحمهما الله-: وَمَا اسْتَكانُوا فما ارتدّوا عن نصرتهم ولا عن دينهم أن قاتلوا ما قاتل عليه نبيّ الله حتّى لحقوا به «5» . وقال مقاتل: وَمَا اسْتَكانُوا وما استسلموا وما خضعوا لعدوّهم «6» . وقال أبو العالية: وَمَا اسْتَكانُوا أي لما أصابهم في الجهاد، والاستكانة: الذّلّة والخضوع «7» .
وعن عليّ بن أبي طالب- رضي الله عنه- في قوله تعالى: فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ (المؤمنون/ 76) : أي: لم يتواضعوا في الدّعاء، ولم يخضعوا، ولو خضعوا لله لاستجاب لهم «8» .
__________
(1) بصائر ذوي التمييز (5/ 287) .
(2) المصدر السابق نفسه، والصفحة نفسها.
(3) تفسير القرطبي (4/ 230) .
(4) المصدر السابق نفسه، والصفحة نفسها.
(5) تفسير ابن كثير (1/ 410) .
(6) تفسير البغوي (1/ 117) .
(7) تفسير القرطبي (4/ 230) .
(8) أورده السيوطي في الدر المنثور (5/ 26) ، وعزاه للعسكري في المواعظ.(11/5715)
معالجة الوهن:
أشار القرآن الكريم إلى العوامل الّتي تدفع هذه العلّة وترجع للمسلمين تماسكهم وقوّة عزمهم، من ذلك:
1- أنّ ما أصاب المسلمين من الألم قد أصاب الأعداء مثله.
قال تعالى: إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ (النساء/ 104) .
2- عند تساوي المسلمين وأعدائهم في درجة الألم فإنّ المسلمين يتمتّعون بقوّة إيمانهم ونبل مسلكهم وانتظار الظّفر أو الجنّة.
قال تعالى: وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ (النساء/ 104) .
3- إنّ كيد الكافرين مهما كان قويّا فإنّه لا ينبغي أن يخيف المسلمين لأنّ الله- عزّ وجلّ- موهنه ومضعفه ذلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ (الأنفال/ 18) .
4- أنّ المسلمين هم الأعلون بنصرة الله لهم ومن ثمّ فلا ينبغي أن يطلبوا وقف القتال (أي الدّخول في سلم العدوّ) لأنّ حليفهم وناصرهم لا، ولم، ولن يهزم أبدا، ومن كان الله معه فكيف يخاف من عواقب معركة مهما كانت فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ (محمد/ 35) .
[للاستزادة: انظر صفات: الضعف- الجبن- التخاذل- الكسل- التولي- صغر الهمة- اليأس- القنوط.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: القوة- قوة الإرادة النشاط- علو الهمة- الرجولة- العمل] .(11/5716)
الآيات الواردة في «الوهن»
1- قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137) هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138) وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ (141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143) «1»
2- وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (147) فَآتاهُمُ اللَّهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148) «2»
3- وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (104) «3»
4- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ (15) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16) فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (17) ذلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ (18) إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (19) «4»
__________
(1) آل عمران: 137- 143 مدنية
(2) آل عمران: 146- 148 مدنية
(3) النساء: 104 مدنية
(4) الأنفال: 15- 19 مدنية(11/5717)
5- كهيعص (1)
ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2)
إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا (3)
قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4)
وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5)
يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6) «1»
6- مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (41)
إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (42)
وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ (43) «2»
7- وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) «3»
8- إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ ماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (34)
فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ (35) «4»
__________
(1) مريم: 1- 6 مكية
(2) العنكبوت: 41- 43 مكية
(3) لقمان: 14 مكية
(4) محمد: 34- 35 مدنية(11/5718)
الأحاديث الواردة في ذمّ (الوهن)
1-* (عن ثوبان- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومن قلّة نحن يومئذ؟. قال: «بل أنتم يومئذ كثير، ولكنّكم غثاء كغثاء السّيل، ولينزعنّ الله من صدور عدوّكم المهابة منكم وليقذفنّ الله في قلوبكم الوهن» ، فقال قائل:
يا رسول الله، وما الوهن؟. قال: «حبّ الدّنيا وكراهية الموت» ) * «1» .
الأحاديث الواردة في ذمّ (الوهن) معنى
2-* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزّرع، وتركتم الجهاد، سلّط الله عليكم ذلّا لا ينزعه حتّى ترجعوا إلى دينكم) * «2» .
3-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إنّ أعجز النّاس من عجز عن الدّعاء، وأبخل النّاس من بخل بالسّلام» ) * «3» .
4-* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «بعثت بالسّيف حتّى يعبد الله لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظلّ رمحي، وجعل الذّلّة والصّغار على من خالف أمري، ومن تشبّه بقوم فهو منهم» ) * «4» .
5-* (عن حذيفة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «لا تكونوا إمّعة تقولون: إن أحسن النّاس أحسنّا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطّنوا أنفسكم. إن أحسن النّاس أن تحسنوا. وإن أساءوا فلا تظلموا» ) * «5» .
__________
(1) أبو داود (4297) واللفظ له، أحمد (5/ 278) ، وذكره في جامع الأصول، وقال محققه (10/ 28) : سنده قوي. وذكره الألباني في السلسلة الصحيحة (2/ 683) رقم (958) ، وقال: الحديث بمجموع طرقه صحيح عندي، وهو في صحيح الجامع أيضا (6/ 264) رقم (8035) .
(2) أبو داود (3462) واللفظ له، أحمد (2/ 28) ، وكذا في (2/ 42) وذكره في جامع الأصول، وقال مخرجه (11/ 765) : صحيح. وذكره الألباني في الصحيحة (1/ 15- 17) رقم (11) ، وقال: صحيح بمجموع طرقه، وهو في صحيح الجامع أيضا (1/ 175) رقم (416) .
(3) الطبراني في الدعاء (2/ 811) حديث (60) ، وقال مخرجه: إسناده حسن، مجمع الزوائد (10/ 146) بنفس اللفظ بتقديم وتأخير، وقال: رواه أبو يعلى موقوفا ورجاله رجال الصحيح.
(4) أحمد (2/ 50) وقال الشيخ أحمد شاكر (7/ 121) حديث (5114) : إسناده صحيح.
(5) الترمذي (2007) واللفظ له، وقال: حسن غريب. وقال محقق جامع الأصول: إسناده حسن (11/ 699) .(11/5719)
6-* (عن أبي أمامة الباهليّ- رضي الله عنه- قال: ورأى سكّة «1» وشيئا من آلة الحرث- فقال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم- يقول: «لا يدخل هذا بيت قوم إلّا أدخله الله الذّلّ «2» » ) * «3» .
7-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «المؤمن القويّ خير وأحبّ إلى الله من المؤمن الضّعيف، وفي كلّ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أنّي فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل؛ فإنّ لو تفتح عمل الشّيطان» ) * «4» .
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذمّ (الوهن)
1-* (قال خالد بن برمك: من استطاع أن يمنع نفسه من أربعة أشياء فهو خليق أن لا ينزل به كبير مكروه. العجلة، والّلجاجة، والعجب، والتّواني، فثمرة العجلة النّدامة، وثمرة الّلجاجة الحيرة، وثمرة العجب البغضة، وثمرة التّواني الذّلّ) * «5» .
2- (لقد مرّ على الأمّة أزمنة وهنت قوّتها وضاعت عزّتها، فهانت على أعدائها، وتسلّطوا عليها.
وما حدث للمسلمين من تسلّط التّتار من أوضح الأدلّة الواردة على ذلك ما حدث في سنة ثنتين وتسعين وأربعمائة، حيث أخذت الفرنج- لعنهم الله- بيت المقدس- شرّفه الله-، وقتلوا في وسطه أزيد من ستّين ألف قتيل من المسلمين فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ (الإسراء/ 5) وتبّروا ما عَلَوْا تَتْبِيراً (الإسراء/ 7) .
قال ابن الجوزيّ: وأخذوا من حول الصّخرة اثنين وأربعين قنديلا من فضّة، زنة كلّ واحد منها ثلاثة آلاف وستّمائة درهم، وأخذوا تنّورا من فضّة زنته أربعون رطلا بالشّاميّ، وثلاثة وعشرين قنديلا من ذهب، وذهب النّاس على وجوههم هاربين من الشّام إلى العراق، مستغيثين على الفرنج إلى الخليفة والسّلطان، منهم القاضي أبو سعد الهرويّ، فلمّا سمع النّاس ببغداد هذا الأمر الفظيع هالهم ذلك وتباكوا، وقد نظم أبو سعد الهرويّ كلاما قرأ في الدّيوان وعلى المنابر، فارتفع بكاء النّاس، وندب الخليفة الفقهاء إلى الخروج إلى البلاد ليحرّضوا الملوك على الجهاد، فخرج ابن عقيل- واحد من أعيان الفقهاء- فساروا في النّاس فلم يفد ذلك شيئا، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون، فقال في ذلك أبو المظفّر الأبيورديّ شعرا:
مزجنا دمانا بالدّموع السّواجم ... فلم يبق منّا عرضة للمراحم
__________
(1) السكة: هي الحديدة التي تحرث بها الأرض.
(2) المراد بذلك ما يلزمهم من حقوق الأرض التي تطالبهم بها الولاة، وكان العمل في الأراضي أول ما افتتحت على أهل الذمة، وكان الصحابة يكرهون تعاطي ذلك.
(3) البخاري- الفتح 5 (2321) .
(4) مسلم (2664) .
(5) روضة العقلاء (217) .(11/5720)
وشرّ سلاح المرء دمع يريقه ... إذا الحرب شبّت نارها بالصّوارم
فإيها بني الإسلام إنّ وراءكم ... وقائع يلحقن الذّرى بالمناسم
وكيف تنام العين ملء جفونها ... على هفوات أيقظت كلّ نائم
وإخوانكم بالشّام يضحي مقيلهم ... ظهور المذاكي أو بطون القشاعم
تسومهم الرّوم الهوان وأنتم ... تجرّون ذيل الخفض فعل المسالم
ومنها قوله:
وبين اختلاس الطّعن والضّرب وقفة ... تظلّ لها الولدان شيب القوادم
وتلك حروب من يغب عن غمارها ... ليسلم يقرع بعدها سنّ نادم
سللن بأيدي المشركين قواضبا ... ستغمد منهم في الكلى والجماجم
يكاد لهنّ المستجير بطيبة ... ينادي بأعلى الصّوت يا آل هاشم
أرى أمّتي لا يشرعون إلى العدا ... رماحهم والدّين واهي الدّعائم
ويجتنبون النّار خوفا من الرّدى ... ولا يحسبون العار ضربة لازم
أيرضى صناديد الأعاريب بالأذى ... ويغضي على ذلّ كماة الأعاجم
فليتهمو إذ لم يذودوا حميّة ... عن الدّين ضنّوا غيرة بالمحارم
وإن زهدوا في الأجر إذ حمي الوغى ... فهلّا أتوه رغبة في المغانم) * «1» .
3-* (ثمّ دخلت سنة ستّ وخمسين وستّمائة.
فيها أخذت التّتار بغداد وقتلوا أكثر أهلها حتّى الخليفة، وانقضت دولة بني العبّاس منها.
استهلّت هذه السّنة وجنود التّتار قد نازلت بغداد صحبة الأميرين اللّذين على مقدّمة عساكر سلطان التّتار، هولاكو خان، وجاءت إليهم أمدد صاحب الموصل يساعدونهم على البغاددة وميرته وهداياه وتحفه، وكلّ ذلك خوفا على نفسه من التّتار، ومصانعة لهم- قبّحهم الله تعالى-، وقد سترت بغداد ونصبت المجانيق والعرّادات وغيرها من آلات الممانعة الّتي لا تردّ من قدر الله- سبحانه وتعالى- شيئا، كما ورد في الأثر (لن يغني حذر عن قدر) ، وكما قال تعالى:
إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ (نوح/ 4) ، وقال تعالى إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ (الرعد/ 11) ، وأحاطت التّتار بدار الخلافة يرشقونها بالنّبال من كلّ جانب حتّى أصيبت جارية كانت تلعب بين يدي الخليفة وتضحكه، وكانت من جملة حظاياه، وكانت مولّدة تسمّى عرفة، جاءها سهم من بعض الشّبابيك فقتلها وهي ترقص بين يدي الخليفة، فانزعج الخليفة من ذلك وفزع فزعا شديدا،
__________
(1) البداية والنهاية (12/ 156- 157) . وانظر بصائر ذوي التمييز (5/ 287) .(11/5721)
وأحضر السّهم الّذي أصابها بين يديه فإذا عليه مكتوب، إذا أراد الله إنفاذ قضائه وقدره أذهب من ذوي العقول عقولهم.
ومالوا على البلد فقتلوا جميع من قدروا عليه من الرّجال والنّساء والولدان والمشايخ والكهول والشّبّان، ودخل كثير من النّاس في الآبار وأماكن الحشوش، وقنى الوسخ، وكمنوا كذلك أيّاما لا يظهرون، وكان الجماعة من النّاس يجتمعون إلى الخانات ويغلقون عليهم الأبواب فتفتحها التّتار إمّا بالكسر وإمّا بالنّار، ثمّ يدخلون عليهم فيهربون منهم إلى أعالي
الأمكنة فيقتلونهم بالأسطحة، حتّى تجري الميازيب من الدّماء في الأزقّة، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون. وكذلك المساجد والجوامع والرّبط، ولم ينج منهم أحد سوى أهل الذّمّة من اليهود والنّصارى ومن التجأ إليهم وإلى دار الوزير ابن العلقميّ الرّافضيّ وطائفة من التّجّار أخذوا لهم أمانا بذلوا عليه أموالا جزيلة حتّى سلموا وسلمت أموالهم. وعادت بغداد بعد ما كانت آنس المدن كلّها كأنّها خراب ليس فيها إلّا القليل من النّاس، وهم في خوف وجوع وذلّة وقلّة، وكان الوزير العلقميّ قبل هذه الحادثة يجتهد في صرف الجيوش وإسقاط أسهمهم من الدّيوان، فكانت العساكر في آخر أيّام المستنصر قريبا من مائة ألف مقاتل، منهم من الأمراء من هو كالملوك الأكابر الأكاسر، فلم يزل يجتهد في تقليلهم إلى أن لم يبق سوى عشرة آلاف، ثمّ كاتب التّتار وأطمعهم في أخذ البلاد، وسهّل عليهم ذلك، وحكى لهم حقيقة الحال، وكشف لهم ضعف الرّجال، وذلك كلّه طمعا منه أن يزيل السّنّة بالكلّيّة، وأن يظهر البدعة الرّافضة وأن يقيم خليفة من الفاطميّين، وأن يبيد العلماء والمفتين، والله غالب على أمره، وقد ردّ كيده في نحره، وأذلّه بعد العزّة القعساء، وجعله (حوشكاشا) للتّتار بعد ما كان وزيرا للخلفاء، واكتسب إثم من قتل ببغداد من الرّجال والنّساء والأطفال، فالحكم لله العليّ الكبير، ربّ الأرض والسّماء.
وقد جرى على بني إسرائيل ببيت المقدس قريب ممّا جرى على أهل بغداد كما قصّ الله تعالى علينا ذلك في كتابه العزيز، حيث يقول: وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً* فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولًا (الإسراء/ 4- 5) الآيات. وقد قتل من بني إسرائيل خلق من الصّلحاء وأسر جماعة من أولاد الأنبياء، وخرّب بيت المقدس بعدما كان معمورا بالعبّاد والزّهّاد والأحبار والأنبياء، فصار خاويا على عروشه واهي البناء.
وقد اختلف النّاس في كمّيّة من قتل ببغداد من المسلمين في هذه الوقعة، فقيل ثمانمائة ألف، وقيل ألف ألف وثمانمائة ألف، وقيل بلغت القتلى ألفي ألف نفس، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم.
وكان دخولهم إلى بغداد في أواخر المحرّم، وما زال السّيف يقتل أهلها أربعين يوما، وكان قتل الخليفة(11/5722)
المستعصم بالله أمير المؤمنين يوم الأربعاء، رابع عشر صفر وعفّي قبره، وكان عمره يومئذ ستّا وأربعين سنة وأربعة أشهر، ومدّة خلافته خمس عشرة سنة وثمانية أشهر وأيّام، وقتل معه ولده الأكبر أبو العبّاس أحمد، وله خمس وعشرون سنة، ثمّ قتل ولده الأوسط أبو الفضل عبد الرّحمن وله ثلاث وعشرون سنة، وأسر ولده الأصغر مبارك، وأسرت أخواته الثّلاث: فاطمة وخديجة ومريم، وأسر من دار الخلافة من الأبكار ما يقارب ألف بكر فيما قيل، والله أعلم، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
وقتل أستاذ دار الخلافة الشّيخ محيي الدّين يوسف ابن الشّيخ أبي الفرج ابن الجوزيّ، وكان عدوّ الوزير، وقتل أولاده الثّلاثة: عبد الله، وعبد الرّحمن، وعبد الكريم، وأكابر الدّولة واحدا بعد واحد، منهم الدّيودار الصّغير مجاهد الدّين أيبك، وشهاب الدّين سليمان شاه، وجماعة من أمراء السّنّة وأكابر البلد. وكان الرّجل يستدعى به من دار الخلافة من بني العبّاس فيخرج بأولاده ونسائه فيذهب به إلى مقبرة الخلال، تجاه المنظرة فيذبح كما تذبح الشّاة، ويؤسر من يختارون من بناته وجواريه. وقتل شيخ الشّيوخ مؤدّب الخليفة صدر الدّين عليّ بن النّيّار، وقتل الخطباء والأئمّة، وحملة القرآن، وتعطّلت المساجد والجمعات والمدارس والرّبط مدّة شهور ببغداد، وأراد الوزير ابن العلقميّ قبّحه الله- ولعنه، أن يعطّل المساجد والمدارس والرّبط ببغداد، ويستمرّ بالمشاهد ومحالّ الرّفض، وأن يبني للرّافضة مدرسة هائلة ينشرون علمهم وعلمهم بها وعليها، فلم يقدره الله تعالى على ذلك بل أزال نعمته عنه وقصف عمره بعد شهور يسيرة من هذه الحادثة، وأتبعه بولده فاجتمعا- والله أعلم- بالدّرك الأسفل من النّار.
ولمّا انقضى الأمر المقدّر وانقضت الأربعون يوما بقيت بغداد خاوية على عروشها ليس بها أحد إلّا الشّاذّ من النّاس، والقتلى كأنّها التّلول، وقد سقط عليهم المطر فتغيّرت صورهم وأنتنت من جيفهم البلد، وتغيّر الهواء فحصل بسببه الوباء الشّديد حتّى تعدّى وسرى في الهواء إلى بلاد الشّام، فمات خلق كثير من تغيّر الجوّ وفساد الرّيح، فاجتمع على النّاس الغلاء والوباء والفناء والطّعن والطّاعون «1» .
من مضار (الوهن)
(1) يكسب بغض الله ورسوله.
(2) يدخل العدوّ من كلّ جانب.
(3) يسهّل هتك الأعراض وسفك الدّم واغتصاب الأموال.
(4) يضيّع الأمّة ويشرّد أبناءها.
(5) يملأ الأرض خرابا بعد أن كانت عامرة بأهلها.
__________
(1) البداية والنهاية (200- 203) .(11/5723)
[حرف الياء]
اليأس
اليأس لغة:
مصدر قولهم: يئس ييأس، وهو مأخوذ من مادّة (ي أس) الّتي تدلّ على قطع الأمل، يقال منه:
يئس ييأس (مثل علم يعلم) ، وييئس (مثل حسب يحسب) ، وحكي أيضا يأيس بقلب الياء الثّانية ألفا وكلّه بمعنى انقطع أمله، وليس في كلام العرب ياء في صدر الكلام بعدها همزة إلّا هذه، وتأتي يئس بمعنى علم، قيل: ورد ذلك في لغة بعض العرب، وعلى ذلك قول الله تعالى: أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا (الرعد/ 31) . قال الفيروز ابادي والفرّاء في هذه الآية: أفلم يعلم قال: وهو في المعنى على تفسيرهم لأنّ الله تعالى قد أوقع إلى المؤمنين أن لو شاء لهدى النّاس جميعا، فقال: أفلم ييأسوا علما، يقول يؤيسهم العلم فيه مضمرا، كما تقول في الكلام: قد يئست منك ألّا تفلح، كأنّك قلت: قد علمته علما، وقيل معناه: أفلم ييأس الّذين آمنوا من إيمان من وصفهم الله تعالى بأنّهم لا يؤمنون «1» ، وقال القرطبيّ: والمعنى على ذلك:
أفلم يعلم الّذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى النّاس جميعا من غير أن يشاهدوا الآيات، وقيل هو من اليأس المعروف (أي انقطاع الرّجاء) ويكون المعنى أفلم ينقطع رجاء المؤمنين من إيمان هؤلاء الكفّار لعلمهم أنّ الله تعالى لو أراد هدايتهم لهداهم «2» . أمّا قوله سبحانه: كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ (الممتحنة/ 13) فالمعنى: انقطع رجاء الكفّار في قبورهم من رحمة الله تعالى لأنّهم آمنوا بالغيب بعد الموت فلم ينفعهم إيمانهم حينئذ، وقيل: كما يئسوا أن يحيوا ويبعثوا.
وفي حديث أمّ معبد في صفته صلّى الله عليه وسلّم: «ربعة لا يأس من طول» قال ابن الأثير: معناه أنّه لا يؤيس من طوله، لأنّه صلّى الله عليه وسلّم كان إلى الطّول أقرب منه إلى القصر. وقولهم: أيأسته وآيسته من كذا: قنّطته. وقال ابن منظور: اليأس: قطع الأمل، والقنوط. وهو نقيض الرّجاء، يقال: يئس من الشّيء ييأس. والمصدر اليأس، واليأسة واليأس. وآيسه فلان من كذا فاستيأس منه بمعنى أيس.
قال طرفة بن العبد:
وأيأسني من كلّ خير طلبته ... كأنّا وضعناه إلى رمس ملحد «3»
__________
(1) بصائر ذوي التمييز (5/ 375) .
(2) تفسير القرطبي (9/ 210) .
(3) مقاييس اللغة (6/ 153) انظر الصحاح للجوهري (3/ 992) ، والنهاية لابن الأثير (5/ 291) ، ولسان العرب لابن منظور (6/ 260) ،، وبصائر ذوي التمييز للفيروز آبادي (5/ 274) .(11/5724)
اليأس اصطلاحا:
قال المناويّ: اليأس: القطع بأنّ الشّيء لا يكون، وهو ضدّ الرّجاء «1» .
وقال العزّ: اليأس من رحمة الله: هو استصغار لسعة رحمته- عزّ وجلّ- ومغفرته، وذلك ذنب عظيم وتضييق لفضاء جوده «2» .
وقال الكفويّ: اليأس: انقطاع الرّجاء «3» .
وقال الرّاغب هو انتفاء الطّمع «4» .
وقال ابن الجوزيّ: القطع على أنّ المطلوب لا يتحصّل لتحقّق فواته «5» .
اليأس فى القرآن الكريم:
ذكر بعض المفسّرين أنّ اليأس في القرآن على وجهين:
أحدهما: القنوط: ومنه قوله تعالى وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ (يوسف/ 87) . وإنّما عبّر باليأس عن القنوط، لأنّ القنوط ثمرة اليأس.
الثاني: العلم: ومنه قوله تعالى أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً (الرعد/ 31) : أي أفلم يعلموا «6» .
الفرق بين اليأس والقنوط والخيبة:
قال أبو هلال العسكريّ:
الفرق بين اليأس والقنوط والخيبة: أنّ القنوط أشدّ مبالغة من اليأس، وأمّا الخيبة فلا تكون إلّا بعد الأمل. إذ هي امتناع نيل ما أمّل، وأمّا اليأس فقد يكون قبل الأمل وقد يكون بعده، والرّجاء واليأس نقيضان يتعاقبان تعاقب الخيبة والظّفر «7» ويستفاد ممّا ذكره ابن حجر: أنّ اليأس ألّا يأمل في وقوع شيء من الرّحمة وأنّ القنوط تصميم على عدم وقوعها «8» .
حكم اليأس:
عدّ ابن حجر اليأس من رحمته تعالى من الكبائر مستدلّا بقوله سبحانه: إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ وبعد أن ذكر عددا من الأحاديث المبشّرة بسعة رحمته- عزّ وجلّ- قال: عدّ هذا كبيرة هو ما أطبقوا عليه، وهو ظاهر، لما فيه من الوعيد الشّديد «9» .
[للاستزادة: انظر صفات: القنوط- الحزن- الضعف- الوهن- سوء الظن- التخاذل.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: العزم والعزيمة- الابتهال- الاستغاثة- الرغبة والترغيب- اليقين- النشاط- التفاؤل- العمل- حسن الظن- التوكل] .
__________
(1) التوقيف (346) .
(2) شجرة المعارف والأحوال (120) .
(3) الكليات (985) .
(4) المفردات (552) .
(5) نزهة الأعين النواظر لابن الجوزي (633) .
(6) المرجع السابق (633) .
(7) الفروق اللغوية (240) .
(8) انظر الزواجر (114) ، وقارن بالفقرة التالية.
(9) المرجع السابق (114) .(11/5725)
الآيات الواردة في «اليأس»
1- وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ (9)
وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (10)
إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (11) «1»
2- يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ (87) «2»
3- وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ كانَ يَؤُساً (83)
قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلًا (84) «3»
4- وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ وَلِقائِهِ أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (23) «4»
5- لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ (49) «5»
6- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ (13) «6»
__________
(1) هود: 9- 11 مكية
(2) يوسف: 87 مكية
(3) الإسراء: 83- 84 مكية
(4) العنكبوت: 23 مكية
(5) فصّلت: 49 مكية
(6) الممتحنة: 13 مدنية(11/5726)
الأحاديث الواردة في ذمّ (اليأس)
1-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أنا أوّل النّاس خروجا إذا بعثوا، وأنا خطيبهم إذا وفدوا، وأنا مبشّرهم إذا أيسوا لواء الحمد يومئذ بيدي، وأنا أكرم ولد آدم على ربّي ولا فخر» ) * «1» .
2-* (عن حذيفة- رضي الله عنه- قال:
سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ رجلا حضره الموت، فلمّا يئس من الحياة أوصى أهله: إذا أنا متّ فاجمعوا لي حطبا كثيرا وأوقدوا فيه نارا، حتّى إذا أكلت لحمي وخلصت إلى عظمي فامتحشت «2» فخذوها فاطحنوها ثمّ انظروا يوما راحا «3» فاذروه في اليمّ، ففعلوا. فجمعه الله فقال له: لم فعلت ذلك؟ قال: من خشيتك، فغفر الله له» ) * «4» .
3-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:
سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ الله خلق الرّحمة يوم خلقها مائة رحمة، فأمسك عنده تسعا وتسعين رحمة.
وأرسل في خلقه كلّهم رحمة واحدة، فلو يعلم الكافر بكلّ الّذي عند الله من الرّحمة لم ييأس من الجنّة، ولو يعلم المسلم بكلّ الّذي عند الله من العذاب لم يأمن من النّار» ) * «5» .
4-* (عن حبّة وسواء، ابني خالد- رضي الله عنهم- قالا: دخلنا على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو يعالج «6» شيئا. فأعنّاه عليه. فقال: «لا تيأسا من الرّزق ما تهزّزت رؤوسكما «7» فإنّ الإنسان تلده أمّه أحمر، ليس عليه قشر، ثمّ يرزقه الله- عزّ وجلّ-» ) * «8» .
الأحاديث الواردة في ذمّ (اليأس) معنى
5-* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «لله أشدّ فرحا بتوبة عبده المؤمن من رجل بأرض دوّيّة «9» مهلكة «10» معه راحلته عليها طعامه وشرابه فنام فاستيقظ وقد ذهبت. فطلبها حتّى أدركه العطش. ثمّ قال: أرجع إلى مكاني الّذي كنت فيه. فأنام حتّى
__________
(1) الترمذي (3610) واللفظ له وقال: حسن غريب، وقال محقق جامع الأصول (8/ 528) : حديث حسن.
(2) فامتحشت: أي احترقت.
(3) يوما راحا: أي شديد الريح.
(4) البخاري- الفتح 6 (3452) واللفظ له، ومسلم (2756) من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه-.
(5) البخاري- الفتح 11 (6469) واللفظ له، ونحوه عند مسلم (2755) .
(6) يعالج: أي يصلح.
(7) ما تهززت رؤوسكما: أي ما تحركت وهو كناية عن الحياة.
(8) ابن ماجة (4165) وفي الزوائد: إسناده صحيح.
(9) الدوية: الأرض القفر والفلاة الخالية.
(10) مهلكة: موضع خوف الهلاك. ويقال لها مفازة.(11/5727)
أموت. فوضع رأسه على ساعده ليموت فاستيقظ وعنده راحلته وعليها زاده وطعامه وشرابه. فالله أشّد فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده» ) * «1» .
6-* (عن سهل بن سعد السّاعديّ قال: نظر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى رجل يقاتل المشركين- وكان من أعظم المسلمين غناء عنهم «2» . فقال: «من أحبّ أن ينظر إلى رجل من أهل النّار فلينظر إلى هذا، فتبعه رجل فلم يزل على ذلك حتّى جرح، فاستعجل الموت فقال بذبابة سيفه «3» فوضعه بين ثدييه فتحامل عليه حتّى خرج من بين كتفيه، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ العبد ليعمل فيما يرى النّاس- عمل أهل الجنّة، وإنّه لمن أهل النّار، ويعمل- فيما يرى النّاس- عمل أهل النّار وهو من أهل الجنّة، وإنّما الأعمال بخواتيمها» ) * «4» .
7-* (عن أنس- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يتمنّينّ أحدكم الموت لضرّ نزل به.
فإن كان لا بدّ متمنّيا فليقل: اللهمّ أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفّني إذا كانت الوفاة خيرا لي» ) * «5» .
8-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «يجمع الله النّاس يوم القيامة في صعيد واحد، ثمّ يطّلع عليهم ربّ العالمين فيقول: ألا يتبع كلّ إنسان ما كانوا يعبدونه، فيمثّل لصاحب الصّليب صليبه، ولصاحب التّصاوير تصاويره، ولصاحب النّار ناره، فيتبعون ما كانوا يعبدون، ويبقى المسلمون فيطّلع عليهم ربّ العالمين فيقول: ألا تتّبعون النّاس؟ فيقولون: نعوذ بالله منك، نعوذ بالله منك؛ الله ربّنا، هذا مكاننا حتّى نرى ربّنا، وهو يأمرهم ويثبّتهم، قالوا: وهل نراه يا رسول الله؟ قال:
وهل تضارّون في رؤية القمر ليلة البدر؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: فإنّكم لا تضارّون في رؤيته تلك السّاعة، ثمّ يتوارى ثمّ يطّلع فيعرّفهم نفسه. ثمّ يقول:
أنا ربّكم فاتّبعوني، فيقوم المسلمون ويوضع الصّراط فيمرّون عليه مثل جياد الخيل والرّكاب وقولهم عليه سلّم سلّم، ويبقى أهل النّار فيطرح منهم فيها فوج، ثمّ يقال: هل امتلأت؟، فتقول: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (ق/ 30) ثمّ يطرح فيها فوج فيقال: هل امتلأت، فتقول: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟ حتّى إذا أوعبوا فيها وضع الرّحمن قدمه فيها وأزوى بعضها إلى بعض، ثمّ قال:
قط، قالت: قط، قط، فإذا أدخل الله أهل الجنّة الجنّة وأهل النّار النّار، قال: أتي بالموت ملبّيا، فيوقف على السّور الّذي بين أهل الجنّة وأهل النّار، ثمّ يقال: يا أهل الجنّة، فيطّلعون خائفين، ثمّ يقال: يا أهل النّار،
__________
(1) البخاري، الفتح 11 (6308) ، ومسلم (2744) واللفظ له.
(2) غناء: أى كفاية.
(3) ذبابة سيفه: حده وطرفه.
(4) البخاري. الفتح 11 (6493) واللفظ له، ومسلم (112) .
(5) البخاري- الفتح 10 (5671) ، ومسلم (2680) واللفظ له.(11/5728)
فيطّلعون مستبشرين يرجون الشّفاعة، فيقال لأهل الجنّة ولأهل النّار: هل تعرفون هذا؟ فيقولون هؤلاء وهؤلاء: قد عرفناه، هو الموت الّذي وكلّ بنا، فيضجع فيذبح ذبحا على السّور الّذي بين الجنّة والنّار، ثمّ يقال: يا أهل الجنّة خلود لا موت، ويا أهل النّار خلود لا موت» ) * «1» .
9-* (عن أبي الدّرداء- رضي الله عنه- قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يلقى على أهل النّار الجوع فيعدل ما هم فيه من العذاب فيستغيثون فيغاثون بطعام من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع فيستغيثون بالطّعام فيغاثون بطعام ذي غصّة، فيذكرون أنّهم كانوا يجيزون الغصص في الدّنيا بالشّراب فيستغيثون بالشّراب فيرفع إليهم الحميم بكلاليب الحديد، فإذا دنت من وجوههم شوت وجوههم، فإذا دخلت بطونهم قطّعت ما في بطونهم، فيقولون: ادعوا خزنة جهّنم، فيقولون: قالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى قالُوا فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ (غافر/ 50) . قال: فيقولون:
ادعوا مالكا، فيقولون: وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ؟ قال: فيجيبهم إِنَّكُمْ ماكِثُونَ (الزخرف/ 77) قال الأعمش: نبّئت أنّ بين دعائهم وبين إجابة مالك إيّاهم ألف عام. قال: فيقولون: ادعوا ربّكم فلا أحد خير من ربّكم، فيقولون قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ* رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ قال: فيجيبهم: قالَ اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ (المؤمنون/ 106- 108) قال:
فعند ذلك يئسوا من كلّ خير، وعند ذلك يأخذون في الزّفير والحسرة والويل» ) * «2» .
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذمّ (اليأس)
1-* (عن ابن مسعود- رضي الله عنه- قال:
أكبر الكبائر الإشراك بالله، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله» ) * «3» .
2-* (عن عروة أنّه سأل عائشة- رضي الله عنها- زوج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «أرأيت قول الله حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا (يوسف/ 110) أو كذّبوا؟ قالت: بل كذّبهم قومهم، فقلت: والله لقد استيقنوا أنّ قومهم كذّبوهم وما هو بالظّنّ. فقالت: يا عرّية، لقد استيقنوا بذلك. قلت:
فلعلّها «أو كذبوا» قالت: معاذ الله، لم تكن الرّسل تظنّ ذلك بربّها، وأمّا هذه الآية قالت: هم أتباع الرّسل الّذين آمنوا بربّهم، وصدّقوهم، وطال عليهم البلاء،
__________
(1) البخاري الفتح 8 (4730) ، ومسلم (2849) ، والترمذي (2557) واللفظ له.
(2) الترمذي (2586) .
(3) رواه عبد الرزاق في مصنفه، الدر النضيد (226) .(11/5729)
واستأخر عنهم النّصر. حتّى إذا استيأست ممّن كذّبهم من قومهم وظنّوا أنّ أتباعهم كذّبوهم جاءهم نصر الله» ) * «1» .
3-* (قال مجاهد، في قوله تعالى: كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ (الممتحنة/ 13) قال:
كما يئس الكفّار في قبورهم من رحمة الله تعالى، لأنّهم آمنوا بعد الموت بالغيب فلم ينفعهم إيمانهم حينئذ» ) * «2» .
4-* (قال محمّد بن عبد الملك بن هاشم، قال: سمعت ذا النّون المصريّ يقول في دعائه: اللهمّ، إليك تقصد رغبتي، وإيّاك أسأل حاجتي، ومنك أرجو نجاح طلبتي، وبيدك مفاتيح مسألتي، لا أسأل الخير إلّا منك، ولا أرجوه من غيرك، ولا أيأس من روحك بعد معرفتي بفضلك» ) * «3» .
5-* (قال أبو حاتم السّجستانيّ منشدا:
إذا اشتملت على اليأس القلوب ... وضاق لما به الصّدر الرّحيب
وأوطأت المكاره واطمأنّت ... وأرست في أماكنها الخطوب
ولم تر لانكشاف الضّرّ وجها ... ولا أغنى بحيلته الأريب
أتاك على قنوط منك غوث ... يمنّ به اللّطيف المستجيب
وكلّ الحادثات إذا تناهت ... فموصول بها الفرج القريب) * «4» .
من مضار (اليأس)
(1) دليل الضّعف في الدّين وعدم اليقين.
(2) تعب وعناء بلا فائدة.
(3) اليائس من رحمة الله كافر.
(4) هو آية السّخط على قدر الله.
(5) يضعف القوى ويقتل الأجساد.
__________
(1) البخاري، الفتح 6 (3389) .
(2) بصائر ذوي التمييز (5/ 376) .
(3) حلية الأولياء لأبي نعيم (9/ 333) .
(4) تفسير ابن كثير (4/ 526) .(11/5730)
[مقدمة المجلد الثاني عشر]
موسوعة نظرة النعيم في مكارم أخلاق الرّسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم
الإشراف العام
صالح بن عبد الله بن حميد إمام وخطيب الحرم المكي عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن ملّوح مؤسس ومدير دار الوسيلة للنشر والتوزيع
لجنة الإعداد:
بإشراف الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد أ. محمد أحمد سيد أحمد
أ. صلاح محمد عرفات
أ. محمد إسماعيل السيد أحمد
أ. ناصر مهلل محمد حامد
لجنة المراجعة والضبط:
بإشراف أ. د. على خليل مصطفى أبو العينين أستاذ ورئيس قسم أصول التربية الإسلامية بجامعة الزقازيق، وفرع جامعة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة
أ. د. عبد الفتاح عبد العليم البركاوي
د. عزت عبد الحميد إبراهيم
د. إبراهيم صلاح السيد الهدهد
أ. د. عبد الموجود متولي بهنسي
د. أحمد علي محمود ربيع
د. يس إبراهيم عفيفي
لجنة اللغة والتدقيق والفهرسة:
بإشراف أ. د. عبد الفتاح عبد العليم البركاوي أستاذ أصول اللغة العربية بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، وأستاذ الدراسات العليا بجامعة أم القرى بمكة المكرمة
أ. د. عبد الصبور السيد أحمد الغندور
أ. د. محمد أحمد حسب الله
أ. د. سعيد محمد صوابي
د. أحمد كامل صالح
د. عاصم بدري حسين
أ. أحمد شعبان الباسل
أ. عبد الحميد عبد العليم البركاوي
أ. د. عبد الفتاح عيسى البربري
أ. د. زكريا عبد المجيد النوتي
أ. د. سيد أحمد طهطاوي
أ. د. محمد إبراهيم عبد الرحمن
د. فراج جودة فراج
أ. سبيع حمزة حاكمي
أ. محمود عبد القادر الأرناؤوط
أ. فؤاد محمد نور أبو الخير
إعداد السيرة النبوية:
أ. د. حسام الدين قوام الدين حسن السامرائي
أستاذ الدراسات العليا بجامعة أم القرى سابقا
إعداد المقدمة التربوية:
أ. د. علي خليل أبو العينين أستاذ ورئيس قسم أصول التربية الإسلامية
الإدارة والمتابعة:
عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن ملّوح
فؤاد محمد نور أبو الخير
برامج الحاسب الآلي:
م. ناظم يحيى عبد الرازق
م. نبيل أكرم نوح
الجمع والتنضيد بإشراف: توني نجيب زيدان أحمد
طارق علي بيومي
كمال حمزة أحمد
مصطفى سعد محمد
كمال مصطفي أبو زيد
هاني محمد أحمد فرج
يوسف عبد الباقي محمود
محمد رضا محمد محمود
عبد الإله محمود عساف(مقدمةج12/1)
[من شارك في إعداد هذه الموسوعة]
بعون الله تعالى وتوفيقه شارك في إعداد هذه الموسوعة 1- الشيخ أ. د. صالح بن عبد الله بن حميد خطيب وإمام الحرم المكي، وعضو مجلس الشورى، وعميد كلية الشريعة بجامعة أم القرى سابقا.
2- عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن ملّوح مؤسس ومدير عام مؤسسة بن ملّوح التجارية وفروعها دار الوسيلة للنشر والتوزيع ومؤسسة الصيانة الوقائية الشاملة- جدة.
3- أ. فؤاد محمد نور أبو الخير نائب مدير عام دار الوسيلة للنشر والتوزيع، ونائب مدير عام مدارس الثغر النموذجية سابقا، ومدير القسم المتوسط والثانوي بمدارس دار الفكر سابقا.
4- أ. د. علي خليل مصطفى أبو العينين أستاذ ورئيس قسم أصول التربية الإسلامية بجامعة الزقازيق فرع بنها، وفرع جامعة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة سابقا.
5- أ. د. عبد الفتاح عبد العليم البركاوي أستاذ أصول اللغة بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر بالقاهرة، وأستاذ الدراسات العليا بجامعة أم القرى بمكة المكرمة.
6- أ. د. حسام الدين قوام الدين السامرائي أستاذ الدراسات العليا بجامعة أم القرى سابقا.
7- أ. د. محمد أحمد حسب الله أستاذ التاريخ بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر بالقاهرة، وأستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة بجامعة أم القرى بمكة المكرمة.
8- أ. د. محمد كاظم حسن الظواهري أستاذ الأدب والنقد بكلية اللغة العربية بالمنوفية، وكلية المعلمات بالطائف.
9- أ. د. عبد الموجود متولي بهنسي أستاذ البلاغة بكلية اللغة العربية بالمنوفية.
10- أ. د. عبد الصبور السيد الغندور أستاذ مشارك بكلية التربية بجامعة أم القرى بمكة المكرمة- فرع الطائف.
11- أ. د. عبد الفتاح عيسى البربري أستاذ مشارك بكلية التربية بجامعة أم القرى بمكة المكرمة- فرع الطائف.
12- أ. د. زكريا عبد المجيد النوتي أستاذ الأدب المساعد بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر بالقاهرة، وكلية التربية بالطائف.
13- أ. د. سعيد محمد صوابي أستاذ علوم الحديث المشارك بجامعة الأزهر بالقاهرة، وجامعة أم القرى بمكة المكرمة- فرع الطائف.
14- أ. د. محمد إبراهيم عبد الرحمن أستاذ التربية الإسلامية المشارك بكلية التربية بجامعة عين شمس بالقاهرة، وكلية المعلمين بالطائف.
15- أ. د. السيد أحمد طهطاوي أستاذ أصول التربية المشارك بجامعة أسيوط، وجامعة أم القرى بمكة المكرمة.
16- د. إبراهيم صلاح السيد الهدهد أستاذ البلاغة والنقد المساعد بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر بالقاهرة.
17- د. أحمد علي محمود ربيع أستاذ أصول اللغة المساعد بجامعة الأزهر، وجامعة كوالالامبور بماليزيا.
18- د. أحمد كامل محمد صالح أستاذ التاريخ المساعد بكلية دار العلوم بالقاهرة، وكلية التربية بجامعة أم القرى- فرع الطائف.
19- د. عزت عبد الحميد إبراهيم أستاذ أصول اللغة المساعد بكلية اللغة العربية بالمنوفية، وكلية المعلمين بعرعر بالمملكة العربية السعودية.
20- د. عاصم بدري حسين أستاذ الأدب والنقد المساعد بكلية المعلمات بالطائف.
21- د. فراج جودة فراج أستاذ الأدب المساعد بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة، وكلية التربية بالطائف.
22- د. يس إبراهيم عفيفي دكتوراة في اللغويات من جامعة الأزهر.
23- أ. سمير محمد عبد التواب وكيل وزارة الإعلام بالقاهرة سابقا.
24- أ. صلاح محمد عرفات المدرس بدار الحديث الخيرية بمكة المكرمة.
25- أ. محمد أحمد سيد أحمد المدرس بدار الحديث الخيرية بمكة المكرمة.
26- أ. محمد إسماعيل السيد أحمد المحاضر بجامعة أم القرى بمكة المكرمة.
27- أ. ناصر مهلل محمد حامد خريج معهد الدعاة برابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة.
28- أ. محمود عبد القادر الأرناؤوط محقق تراث، الجمهورية العربية السورية.
29- أ. سبيع حمزة حاكمي محقق تراث، الجمهورية العربية السورية.
30- أ. أحمد شعبان الباسل المحاضر بكلية التربية- فرع جامعة أم القرى- الطائف.
31- أ. عبد الحميد عبد العليم البركاوي تخصص القراءات (دبلوم في الشريعة الإسلامية من كلية الحقوق بالقاهرة) .(مقدمةج12/2)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً(مقدمةج12/3)
فهرس الفهارس
مسلسل الفهرس رقم الصفحة
مقدمة الفهارس 1
1 فهرس المحتويات 6
2 فهرس الشواهد القرآنية 17
3 فهرس الأحاديث النبوية 120
4 فهرس الآثار وأقوال العلماء والمفسرين 256
5 فهرس الأعلام 371
6 فهرس المصطلحات 444
7 فهرس الفروق اللغوية 457
8 فهرس الوجوه والنظائر 459
9 فهرس الأحكام الشرعية وآداب السلوك 461
10 فهرس الحكم والأمثال 464
11 فهرس الأشعار والأرجاز 466
12 فهرس الأمم والقبائل والجماعات 491
13 فهرس الأماكن والبلدان 500
14 فهرس الإحالات 511
15 فهرس المصادر والمراجع 517(مقدمةج12/4)
[المجلد الثاني عشر]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
فهارس الموسوعة [اجمالا]
تقديم:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.. وبعد ... !!
فإن الأعمال العلمية الكبرى خاصة إذا كانت في حجم «نضرة النعيم» لا تتم الإفادة منها على الوجه الأكمل إلا إذا زودت بفهارس فنية دقيقة، تيسر الانتفاع بها، وتجعل في متناول القراء والباحثين ما يبغون الحصول عليه في يسر وسهولة، ومن هنا كان التفكير في تزويد الموسوعة بمجلد خاص يضم الفهارس الآتية:
1- فهرس المحتويات
2- فهرس الشواهد القرآنية
3- فهرس الأحاديث النبوية الشريفة
4- فهرس الآثار وأقوال العلماء والمفسرين
5- فهرس الأعلام
6- فهرس المصطلحات
7- فهرس الفروق اللغوية
8- فهرس الوجوه والنظائر
9- فهرس الأحكام الشرعية وآداب السلوك
10- فهرس الحكم والأمثال
11- فهرس الأشعار
12- فهرس القبائل والأمم والجماعات
13- فهرس الأماكن والبلدان
14- فهرس الإحالات
15- قائمة المصادر والمراجع
لقد أتاحت التقنيات المعاصرة أن يزود الحاسب الآلي بالمعلومات الخاصة بالفهرسة، ومن ثم يتم ترتيبها وإخراجها على نحو دقيق ومنظم، وقد يخالف ذلك- في بعض الوجوه- الطرق العادية المألوفة، مثال ذلك أنه قد جرت عادة المفهرسين بأن يجردوا الكلمات المعرّفة من أداة التعريف «ال» وألا يعتدوا بألفاظ مثل «ابن» و «أبو» التي ترد في صدر الكنى، وليس الأمر كذلك هنا إذ تم الاعتداد بالصورة المكتوبة للكلمة أيا كان ما تبدأ به «1» ، كما أنه لم تراع التفرقة بين الحروف الأصلية والزائدة، وقد رأينا إتماما للفائدة أن نعرف بموضوع كل فهرس وطريقة استخدامه، نظرا لأن بعض هذه الفهارس تظهر لأول مرة. فيما نعلم. وذلك مثل فهرس الإحالات، وفهرس الوجوه والنظائر.. وغيرها. والاستثناء الوحيد لهذه القاعدة هو فهرس الصفات وقائمة المراجع التي تم ترتيبها بالطرق العادية ومن ثم فلم تراع الألف واللام في صدر الصفة أو المرجع.
إننا نسأل المولى جل وعلا أن ينفع بعملنا هذا، وأن يبارك فيه فيحقق الغرض المرجو منه، إنه عز وجل أكرم مسئول، وهو سبحانه نعم المولى ونعم النصير..
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..
دكتور عبد الفتاح البركاوي
المشرف على اللجنة اللغوية والفهرسة
__________
(1) يستثنى من ذلك ترتيب صفات الموسوعة في الفهرس الأول وقائمة المراجع في الفهرس الأخير نظرا لمراعاة ما بعد «أل» كما جرت بذلك عادة المفهرسين.(12/1)
1- فهرس المحتويات:
يتضمن هذا الفهرس إشارة مجملة إلى الموضوعات المتناولة في المجلد الأول، كما يتضمن قائمة بالصفات الواردة في المجلدات (2- 11) وفقا لما تبدأ به هذه الصفات من الحروف الهجائية، بغض النظر عن وجود أداة التعريف من ناحية، وعن أصالة الحروف أو زيادتها من ناحية أخرى.
2- فهرس القرآن الكريم:
تضمن هذا الفهرس آيات الشواهد القرآنية الواردة في الموسوعة، والمقصود بالشاهد القرآني آية واحدة أو أكثر تشتمل على الصفة الواردة فيها، إما صراحة أو ضمنا، وقد اكتفينا بذكر صدر الآية الأولى من هذا الشاهد حتى لو تعددت الآيات الواردة بعد هذه الآية من السورة نفسها، وذكرنا بعدها مباشرة اسم السورة ورقم الآية.
لقد رتبت الآيات الكريمة في هذا الفهرس وفقا لما تبدأ به من حروف الهجاء مع مراعاة الحرفين الثاني والثالث (فما فوقهما إن وجد) ، وهي تلك الطريقة التي اتبعتها المعاجم العربية الحديثة ووضع أسسها الزمخشري في «أساس البلاغة» والفرق الوحيد بين الطريقة المعجمية وطريقة فهرسة الآيات الكريمة هنا هو عدم تجريد الكلمات من الزوائد، والاعتداد بالشكل الكتابي للكلمة بغض النظر عن الأصالة أو الزيادة، ودون مراعاة لرد الحرف المبدل أو المقلوب أو المحذوف إلى أصله.
وبعد أن نذكر صدر الآية وضعنا ثلاث نقاط للإشارة إلى أن للآية الكريمة بقية لم تذكر هنا وإنما في موطنها من الموسوعة، وبعد ذلك أوردنا اسم السورة ثم رقم الآية بعد خط مائل هكذا: ... الملك/ 16، ثم ذكرنا بعد ذلك الصفة ورقم المجلد ثم رقم الصفحة بعد خط مائل أيضا، وإذا تعددت الصفات في مجلد واحد أو أكثر روعي ذكر ما ورد في الموسوعة أولا.
وفيما يتعلق بترتيب الهمزات فقد راعينا البدء بهمزة القطع أولا وذلك على النحو التالي: الهمزة المفردة ثم الهمزة التي ترسم فوق الألف (سواء أكانت مفتوحة أو مضمومة) ثم الهمزة المكسورة (أي التي ترسم أسفل الألف) ، وبعد الانتهاء من همزة القطع، تذكر الكلمات المبدوءة بهمزة الوصل سواء أكانت في الأفعال أو في الأسماء، وتدخل في همزة الوصل في الأفعال، همزات الخماسي مثل: انطلق، والسداسي مثل: استغفر، كما تدخل همزات فعل أمر الثلاثي من نحو: اذهب، والخماسي مثل: انطلق، والسداسي مثل: استغفر، أما همزات الوصل في الأسماء فتشمل المصادر من نحو: انطلاق واستغفار، كما تشمل همزة أداة التعريف مثل: القارعة، الرجال.. إلخ.
وفيما يتعلق بالحرف الثاني الذي روعي في الترتيب فقد جاءت الهمزة أولا، تليها ألف المد، ثم الباء، ثم التاء إلى آخر حروف الهجاء، وقد روعي في الحرف الثالث فما فوقه الترتيب نفسه الذي روعي في الحرف الثاني.
ومن نافلة القول التذكير بأن الألف التي هي حرف مد لم ترد أبدا صدرا في كلمة عربية صحيحة، فإذا ما ورد رسم الألف (بدون همزة) في أول الكلمة فذلك يدل على أن هذه ألف وصل (أو همزة وصل) تثبت في أول الكلام وتنطق همزة، أما في حالة وصل الكلام فإنها تسقط، وسبب كتابتها- كما هو معروف- أن نظام الكتابة العربي يسجل الكلمات مبدوءا بها وموقوفا عليها، وما ورد مخالفا لذلك فإنه لا يعدو أن يكون استثناء له سببه الخاص به كما في كتابة لفظ «ابن» بين علمين مثلا.
3- فهرس الأحاديث النبوية الشريفة:
تضمن هذا الفهرس أطراف الأحاديث النبوية الشريفة، سواء أكانت أقوالا للمصطفى صلّى الله عليه وسلّم أو كانت حكاية عن أفعاله يرويها عنه أحد الصحابة- رضوان الله عليهم- وقد رتبت هذه الأطراف على الطريقة نفسها التي رتبت بها آي الذكر الحكيم، أعني الطريقة الهجائية التي تعتد بالصورة المكتوبة للكلمة بغض النظر عن أصالة الحروف أو زيادتها، وبعد إيراد طرف الحديث يذكر الراوي بعد فاصل من ثلاث نقاط، فإذا لم يكن اسم الراوي مذكورا في الحديث في متن الموسوعة (ويحدث ذلك غالبا في الجزء الخاص بالسيرة النبوية في المجلد الأول) فإننا نذكر صاحب الكتاب الذي ورد فيه الحديث وذلك كالبخاري أو مسلم أو غيرهما، ممن لهم مؤلفات في الحديث أو السيرة النبوية أو التاريخ «1» .
ولقد ذكرنا عقب كل طرف من أطراف الحديث الصفة التي ورد فيها هذا الحديث مقرونة بالجزء والصفحة، فإذا تعدد
__________
(1) مثال ذلك: طلق رسول الله حفصة فأتاه جبريل ... رواه أبو داود المقدمة 1/ 591.(12/2)
ورود الحديث في صفات عديدة في مجلد واحد أو أكثر ذكرنا ذلك وفقا لترتيب وروده في الموسوعة.
إن الحديث الواحد قد تختلف روايته- إن قليلا وإن كثيرا- باختلاف من رواه، من الصحابة- رضوان الله عليهم- كما أنه ليس من النادر أن يكون الراوي واحدا «1» ولكن اللفظ عن مسلم قد يختلف عن لفظ البخاري مثلا. فإذا كان معدو الموسوعة قد أخذوا اللفظ عن مسلم في صفة ما، ولفظ البخاري في صفة أخرى، فإن الفهرس سوف يظهر الروايتين جميعا بذكر الطرفين الذين وردا في الموسوعة.
4- فهرس الآثار وأقوال العلماء والمفسرين:
يحتوي هذا الفهرس على كل ما عدا الأحاديث الشريفة من أقوال الصحابة- رضوان الله عليهم- والتابعين وتابعيهم (رحمهم الله أجمعين) ، كما يضم أيضا أقوال علماء السلف ومن سار على نهجهم، وقد ميزنا في هذا الفهرس بين أربعة أمور:
الأول: أقوال الصحابة أو التابعين وتابعيهم.
الثاني: قول الصحابي أو التابعي المتعلق بتفسير آية من الذكر الحكيم، وقد صورنا ذلك بعبارة قول فلان في قوله سبحانه:
ثم نذكر الآية الكريمة، مثال ذلك: قول ابن عباس في قوله تعالى:....، أو قول مجاهد في قوله عز وجل: ...
الثالث: أقوال المفسرين الذين وردت آراؤهم حول تفسير هذه الآية الكريمة أو تلك، في التفاسير الخاصة بهم وذلك كتفسير ابن كثير أو تفسير القرطبي أو نحو ذلك، ويلحق بهذا القسم ويتصل به أقوال شراح الحديث سواء أكانت لهم مؤلفات خاصة حول شرح الحديث مثل: ابن حجر، أو النووي، أو كانت لهم آراء حول معاني الأحاديث تضمنتها المؤلفات الخاصة بالشروح وذلك مثل ابن بطال، وقد ميزنا هذه الطائفة عن أصحاب التفسير بأن صدرنا القسم الخاص بالمفسرين ب: تفسير فلان لقوله تعالى، والقسم الآخر بقولنا: شرح فلان لحديث كذا.
الرابع: يتعلق بآراء العلماء وأقوالهم المتعلقة بموضوع الموسوعة وذلك كقول ابن تيمية أو ابن القيم من القدماء وقول الشيخ ابن باز أو الشيخ صالح بن حميد من المحدثين.
وفي كل ذلك كنا نذكر عقب صدر ما روي من آثار اسم الصحابي أو التابعي، وإن كان المروي قولا مأثورا لم ينص على صاحبه ذكرنا اسم مؤلف الكتاب الذي ورد فيه ذلك، مثال ذلك أن ينقل ابن القيم عن بعضهم، أو ينقل الأبشيهي عن بعض البلغاء، في هذه الحالة فإننا كنا نكتفي بالإحالة إلى مؤلف الكتاب الذي ورد فيه هذا القول أو ذاك.
وفيما يتعلق بالترتيب فإننا سرنا على الطريقة نفسها التي رتبت بها الآيات والأحاديث وهي الطريقة الهجائية المعروفة.
5- فهرس الأعلام:
ذكرنا في هذا الفهرس كل من عدا الرواة «2» من الصحابة والتابعين والعلماء والمفسرين واللغويين الذين ورد الاستشهاد بأقوالهم في الموسوعة وقد حاولنا. ما وسعتنا المحاولة. أن نذكر اسم العلم كاملا، إلا أنه تعذر ذلك في حالات قليلة لم يرد فيها الاسم تاما في المصدر الأصلي الذي نقلنا عنه، وقد راعينا في الترتيب وجود الألف واللام، وألفاظا مثل ابن ونحوه من الكنى، وقد يرد العلم في الموسوعة بأكثر من طريقة كأن تذكر الكنية في مواضع والاسم الكامل في مواضع أخرى كأن يذكر ابن عباس في بعض المواضع، وعبد الله بن عباس في مواضع أخرى، وفي هذه الحالة فإن صاحب الاسم يظهر في الفهرس مرتين: الأولى تحت اسمه التام والأخرى تحت اسمه المختصر، وفي هذه الحالة الأخيرة فإننا كنا نذكر الاسم التام بعد الاسم المختصر مفصولا بينهما بنقطتين متعامدتين هكذا: ابن عباس: عبد الله بن عباس، مما يعني أن الاسمين لشخص واحد.
6- فهرس المصطلحات:
يراد بالمصطلحات هنا تلك الألفاظ التي اصطلح عليها طائفة من أهل العلم، واستخدموها استخداما خاصّا يختلف- إن قليلا وإن كثيرا- عن استخدامها في اللغة بوجه عام، مثال ذلك أن لفظ الاتباع في اللغة يراد به التلو والقفو أيا كان، ولكنه
__________
(1) السبب في هذا الاختلاف في هذه الحالة هو أن الطريق الذي وصل الحديث بواسطته إلى أحد أئمة الحديث فيه نوع اختلاف.
(2) وذلك لأن أسماء الرواة قد ذكرت مفصلة عقب الأحاديث المروية عنهم في فهرس الأحاديث.(12/3)
عند علماء الشريعة اتباع مخصوص هو: أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه.. كما قال الإمام أحمد بن حنبل، ويدخل في الألفاظ الاصطلاحية تلك الألفاظ التي انتقلت في الإسلام من معانيها اللغوية المتعارف عليها قبلا إلى معان شرعية مثل الصلاة والزكاة والصوم والحج ونحوها.
وقد اعتمدنا في ذلك على ما يزخر به التراث العربي من مؤلفات خاصة بالمصطلحات ومن أهمها: التعريفات للجرجاني، وكشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي، والتوقيف على مهمات التعاريف للمناوي «1» ، وحيث لم يرد لفظ الصفة ضمن كتب المصطلحات فقد كان علينا أن نستنبط هذا التعريف مما ذكره المفسرون وشراح الحديث وعلماء اللغة ولم يكن من النادر أن نجد ألفاظا استعملت في مجال الأخلاق أو القيم التربوية قد بقيت على أصل معناها في الاستعمال اللغوي وهنا كان يتفق المعنيان اللغوي والاصطلاحي.
لقد كان علينا- في بعض الأحيان- أن نرجع إلى كتب المصطلحات المتخصصة التي ظهرت حديثا لنأخذ منها تعريف بعض الألفاظ التي تطورت معانيها الاصطلاحية وذلك مثل: الإحباط أو القلق أو غيرهما مما تناوله علماء التربية وعلم النفس غير مغفلين- بالطبع- ما كتبه الأسلاف حول هذه المصطلحات.
7- فهرس الفروق اللغوية:
يحتوي هذا الفهرس على الألفاظ التي قد يظن أنها مترادفة أي متساوية في الدلالة ولكنها في الحقيقة ليست كذلك، إذ يظهر الاختلاف في معناها إما بحسب الأصل اللغوي كما في التدبر والتأمل والتفكر، وإما بحسب السياق الذي ترد فيه وذلك مثل السنة والحول أو المطر والغيث، وقد أفدنا هذه الفروق من كتب الفروق اللغوية مثل كتاب أبي هلال العسكري، ومن كتب التفسير وشروح الحديث، إضافة إلى ما ذكره علماء اللغة.
لقد رتبت هذه الفروق وفقا للفظ الأول في مجموعة الألفاظ التي يراد التفريق بين معانيها.
8- فهرس الوجوه والنظائر:
الوجوه والنظائر علم مهم من علوم القرآن الكريم يتناول تلك الألفاظ التي تتعدد معانيها بحسب السياق الذي ترد فيه، وقد ألفت فيها كتب كثيرة بعناوين مختلفة مثل «ما اتفق لفظه واختلف معناه من ألفاظ القرآن المجيد» لأبي العباس المبرد ومثل الأشباه والنظائر لمقاتل بن سليمان، والوجوه والنظائر لابن العماد، والتصاريف ليحيى بن سلام، وغيرهم، وقد أفدنا في الموسوعة من جهود هؤلاء العلماء وخاصة نزهة الأعين النواظر لابن الجوزي، وقد تضمن بصائر ذوي التمييز للفيروزابادي قدرا لا بأس به من تلك الوجوه، ولا ندّعي أننا استقصينا كل ألفاظ الوجوه والنظائر وإنما أشرنا فقط إلى الألفاظ القرآنية الواردة في الموسوعة مما يندرج تحت مسمى «الوجوه» أي وجوه استعمال اللفظ الواحد في سياقاته المختلفة وذلك مثل لفظ الهدى، الذي أورد له علماء الوجوه ما ينيف على عشرين معنى، ولا يختلف الترتيب هنا عن الترتيب في الفهارس السابقة.
9- فهرس الأحكام الشرعية وآداب السلوك:
لقد تضمنت الموسوعة في أحيان كثيرة بيان الأحكام الفقهية (الشرعية) من وجوب أو ندب أو إباحة في الصفات أو القيم المأمور بها، ومن نحو الحرمة أو الكراهة في الصفات أو القيم السلبية المنهي عنها، كما تضمنت العديد من آداب السلوك وفقا لما ورد في الكتب المعتمدة مثل المغني لابن قدامة، وغذاء الألباب للسفاريني الحنبلي وغيرهم، وقد أظهر الفهرس ما أوردته الموسوعة من تلك الأحكام وهذه الآداب، مرتبة إياه على حروف المعجم، ولا ندعي بذلك أن في الموسوعة ما يغني عن الرجوع إلى المصادر الأصلية ولكنها يقينا ترشد إلى مواطن هذه الأحكام وتبرز أهمها فتيسر الرجوع إليها من ناحية، وتقدم زادا سريعا لمن يريد الوقوف على الحكم الشرعي من ناحية أخرى، أما آداب السلوك فالمراد بها تلك الأمور التي حث عليها الشارع مثل آداب عيادة المريض أو قراءة القرآن، كما يراد بها أيضا معالجة أمراض السلوك مثل معالجة الوهم.
__________
(1) الإمام عبد الرؤوف المناوي صاحب التعاريف ظهر في الموسوعة أحيانا باسم المناوي وأحيانا باسم: ابن المناوي والسبب في ذلك أن هناك تحقيقين لكتابه التعاريف، وحيث ذكر المناوي فتلك إشارة إلى أن النسخة المستخدمة هي تلك التي حققها عبد الحميد صالح حمدان وظهر عليها عبد الرؤوف بن المناوي.(12/4)
10- فهرس الحكم والأمثال:
تضمنت الموسوعة أقوالا مأثورة عديدة تندرج في إطار ما يسمى بالحكمة أو المثل، وقد اقتصرنا في هذه الناحية على ما يقره الشرع الحكيم وترضاه قيمنا الإسلامية وذلك بغض النظر عن المصدر الأول الذي صدر عنه ذلك المثل أو تلك الحكمة، ولما كانت بعض هذه الحكم أو تلك الأمثال قد صيغت شعرا فإننا ذكرنا الحكم والأمثال النثرية أولا ثم قفينا بالأبيات الشعرية التي تجري مجرى الأمثال أو الحكم.
11- فهرس الأشعار:
احتوت الموسوعة على أشعار كثيرة، منها ما يحض على مكارم الأخلاق، ومنها ما يزود به قائلوه عن حوزة الإسلام (وخاصة في الصدر الأول) مثل أشعار حسان بن ثابت وكعب بن مالك وعبد الله بن رواحة التي وردت في قسم السيرة، ومنها أيضا ما ورد في متن الأحاديث أو الآثار استشهادا أو تمثلا، وقد رتبنا هذه الأشعار وفقا لقوافيها فذكرنا الأشعار التي قافيتها الهمزة أولا، تليها القوافي البائية، ثم التائية ... الخ، كما ذكرنا- إتماما للفائدة- صدر البيت المستشهد به، فإذا تعددت الأبيات اكتفينا بذكر قافية البيت الأول وصدره، وذكرنا عدد الأبيات، وأتبعنا ذلك باسم الشاعر إن كانت المصادر قد ذكرته أو كان مما استطعنا أن نقف على قائله، وإذا لم يكن اسم الشاعر مذكورا في المرجع المنقول عنه، أو لم نستطع العثور على اسم قائله، تركنا بياضا أمام اسم الشاعر ليفتح الله به بعد على من يشاء، وعقب الإشارة إلى الشواهد الشعرية تذكر قافية وصدر البيت وعدد الأبيات واسم الشاعر (إن عرف) ثم ذكرنا الصفة أو الصفات التي ورد فيها مع ذكر الجزء ورقم الصفحة.
12- فهرس القبائل والأمم والجماعات:
في هذه الموسوعة ذكر لعديد من أسماء القبائل والأمم والجماعات، فالقبائل مثل تميم وقريش والأمم مثل الروم وأهل مصر والجماعات مثل أهل السنة والفقهاء وأهل الحديث ونحو ذلك، وقد رتبت كلها وفقا للترتيب الهجائى السابق.
13- فهرس الأماكن والبلدان:
تضمنت الموسوعة إشارة إلى عديد من أسماء الأماكن والقرى والبلدان والأمصار وذلك مثل مكة المكرمة والمدينة المنورة والحجاز ونجد وخيبر وبلاد الروم أو الفرس ونحو ذلك، وقد تضمنت فهارس الموسوعة ثبتا بأسماء كل ذلك مرتبة وفقا للترتيب الهجائي المعروف.
14- فهرس الإحالات:
يظهر هذا الاسم- للمرة الأولى فيما نعلم- ضمن الفهارس الفنية، ويقصد به ما ذيلنا به مقدمة كل صفة من الإحالات على الصفات المقاربة لها، أو تلك التي ترادفها ترادفا جزئيا، أو تلك التي تقع على الضد منها، وذلك حتى يتسنى للقارئ الكريم أن يلم بموضوع الصفة من جميع أطرافه وفي ذلك من التيسير على الباحثين ما لا يخفى، وقد رتب هذا الفهرس وفقا لترتيب الصفات في الموسوعة.
15- فهرس المصادر والمراجع:
لقد اشتملت مصادر الموسوعة ومراجعها على ما ينيف على الألف ومائة مرجع بين مطبوع ومخطوط، قديم وحديث، وقد رتبناها وفقا للعناوين، ثم ذكرنا اسم المؤلف (والمحقق إن وجد) كما ذكرنا مكان وتاريخ النشر (إن تيسر ذلك) ، وإذا ذكر للكتاب الواحد أكثر من عنوان، فإننا نذكره في موضعين، في الموضع الأول نذكر بياناته كاملة ثم نحيل في الموضع الثاني إلى ما ذكرناه آنفا مثال ذلك: تفسير القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، وهذا يعني أن تفسير القرطبي هو نفسه الجامع لأحكام القرآن، وهكذا.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه..
المشرف اللغوي أ. د. عبد الفتاح عبد العليم البركاوي الأستاذ بجامعتي الأزهر وأم القرى(12/5)
فهارس الموسوعة تفصيلا (*)
__________
(*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: ولم تُدرج عامة الفهارس هنا، لإمكانية الوصول للمطلوب بالبحث في الكتاب الإلكتروني، لكن أثبتنا أنواعا محددة من الفهارس لفائدتها(12/17)
فهرس المصطلحات
المصطلح الجزء آل محمد 1/ 588
أسلوب الأحداث الجارية 1/ 161
أسلوب العادة 1/ 162
أسلوب الممارسة والعمل 1/ 162
أسلوب تفريغ الطاقة 1/ 162
أصل الزندقة 10/ 4585
أكل الحرام 9/ 3970
أمان النساء 1/ 373
أهل الأهواء 9/ 3752
أهل الصلاح 6/ 2586
أول المراقبة 8/ 3367
أول النصح 8/ 3490
إخلاص الدين لله 2/ 126
إضاعة الصلاة 9/ 4159
إطلاق البصر 9/ 3905
إفشاء السر 9/ 3946
إفشاء السلام 2/ 432
إقامة الشهادة 2/ 467
اتباع الهوى 9/ 3752
احتكار الانتاج 9/ 3809
استمناء 5/ 1655
الآل 1/ 587
الأبجدية العربية 1/ 217
الأثرة 9/ 3771
الأحرف السبعة 1/ 217
الأحكام القيمية الإسلامية 1/ 75
الأخ 2/ 92
الأخلاق 1/ 61
الأخلاق الإسلامية 1/ 66
الأخلاق السلبية 1/ 75
الأخلاق النوعية 1/ 75
الأخلاق في نظر الإسلام 1/ 66
الأدب 2/ 141
الأذان 1/ 281، 1/ 280
الأذى 9/ 3811
المصطلح الجزء الأسوة 2/ 349
الألفة 2/ 495
الأمانة 1/ 93، 3/ 509
الأمر بالمعروف 3/ 525
الأمر بالمنكر 9/ 3987
الأمل 10/ 4857الأمن من المكر 9/ 3999
الأمية 1/ 279
الأوبة 4/ 1270
الإباحة 1/ 99
الإثبات 4/ 1437
الإثم 9/ 4200
الإجرام 9/ 3781
الإحباط 9/ 3797
الإحسان 2/ 67
الإخاء 2/ 92
الإخبات 2/ 118
الإخلاص 1/ 595، 2/ 124
الإذن 2/ 181
الإرادة 8/ 3196، 7/ 2849
الإرشاد 2/ 171
الإرهاب 9/ 3828
الإرهاب المحمود 9/ 3829
الإرهاب المذموم 9/ 3829
الإساءة 9/ 3838
الإساءة الفعلية 10/ 4674، 9/ 3840
الإساءة القاصرة 9/ 3838
الإساءة القولية 10/ 4674، 9/ 3840
الإسراف 9/ 3885
الإسلام 2/ 321
الإشفاق 6/ 2386
الإصرار 9/ 3897
الإصرار على الذنب 9/ 3896
الإصلاح 2/ 364
الإعراض 9/ 3913(12/444)
الإعراض المذموم 9/ 3913
الإعراض الممدوح 9/ 3913
الإعلام والبيان 1/ 109
الإغاثة 2/ 418
الإغواء 11/ 5144
الإفراط 9/ 4230
الإفساد 11/ 5237
الإفك 9/ 3959
الإكراه 10/ 5019
الإلحاد 9/ 3982
الإلحاد في آيات الله تعالى 9/ 3981
الإلحاد في أسمائه سبحانة 9/ 3981
الإلحاد في الحرم 9/ 3981
الإلزام الخلقي 1/ 100
الإمعة 9/ 3995
الإنابة 3/ 540، 4/ 1270
الإنذار 3/ 549
الإنسان الفاضل 7/ 3108
الإنسانية 5/ 2042
الإنصاف 3/ 577
الإنفاق 3/ 598
الإيثار 3/ 629
الإيجاب 1/ 99
الإيمان 1/ 62، 3/ 641
الإيمان المقترن بالإسلام 3/ 646
الإيمان بالقدر 3/ 645
الإيمان باليوم الآخر 3/ 643، 3/ 644
الابتداع 9/ 3732
الابتلاء 1/ 6، 6/ 2445
الابتهال 2/ 2
الاتباع 2/ 10
الاتكال 4/ 1378
الاجتماع 2/ 42
الاحتكار 9/ 3809
الارتداد 10/ 4532
الاستئذان 2/ 181
الاستبشار 6/ 2261
الاستخارة 2/ 197
الاستغاثة 2/ 241
الاستغاثة والتوسل بغير الله 10/ 4713
الاستغفار 2/ 253
الاستقامة 1/ 33، 2/ 304
الاستهزاء 9/ 3873
الاشمئزاز 9/ 4133
الاعتبار 2/ 380
الاعتداء في الدعاء 5/ 1903
الاعتذار 2/ 389
الاعتصام 2/ 410
الاعوجاج 9/ 3928
الاعوجاج في أمر الدين 9/ 3928
الافتراء 9/ 3935
الاقتضاء 5/ 1708
الانتقام 9/ 4007
البخل 9/ 4029
البدعة 9/ 3733
البدعة التركية 9/ 3735
البدعة الضالة 9/ 3733
البدعة المحمودة 9/ 3733
البديع 9/ 3733
البديع (من أسماء الله تعالى) 3734/ 9
البذاءة 9/ 4047
البذاذة 9/ 4060
البر 3/ 751
البر بالوالدين 3/ 767
البراء 8/ 3689
البراءة 8/ 3689
البركة 1/ 600
البشارة 3/ 780
البشاشة 3/ 812
البصير 7/ 3071
البصيرة 3/ 824، 8/ 3713
البطر 9/ 4069
البعد الاجتماعي للقيم 1/ 84
البعد الجمالي للقيم 1/ 84
البعد الخلقي للقيم 1/ 84
البعد الروحي للقيم 1/ 84
البعد العقلي للقيم 1/ 84
البعد المادي للقيم 1/ 84(12/445)
البعد الوجداني للقيم 1/ 84
البغاء 5/ 1655
البغض 9/ 4073
البغضاء مرادفة للحقد 10/ 4432
البغي 9/ 4085
البكاء 3/ 833
البلادة 9/ 4097
البلاغ 1/ 102، 120
البهتان 9/ 4108
البيئة الاجتماعية 1/ 125
البيان 1/ 10
التأدب 2/ 143
التأديب 2/ 143
التألف 2/ 495
التأمل 3/ 842
التأني 3/ 865
التبتل 3/ 872
التبذل 9/ 4060
التبذير 9/ 4114
التبرج 9/ 4120
التبصير 8/ 3517
التبليغ 3/ 877
التبين 3/ 879
التبيين 3/ 901
التجسس 9/ 4129
التحقير 9/ 4133
التحقيق (في القراءة) 4/ 1179
التخاذل 9/ 4140
التخلف عن الجهاد 9/ 4146
التخنث 10/ 4477
التخيير 5/ 1708
التدابر 11/ 5682
التدبر 3/ 909
التدوير 4/ 1178
التذكر 3/ 916، 3/ 931
التذكير 3/ 969
التراحم 4/ 1344، 7/ 2865
التربية 1/ 54
التربية الخلقية في الإسلام 1/ 75
التربية العملية 1/ 149
الترتيل (في القراءة) 4/ 1178
الترغيب في الجنة 6/ 2127
الترهيب 6/ 2170
التسبيح 3/ 980
التسول 9/ 4168
التشاحن 11/ 5682
التشامل 9/ 4174
التطفيف 9/ 4184
التطير 9/ 4191
التعارف 3/ 1004
التعاطف 4/ 1344، 7/ 2865
التعاليم الاقتصادية الإسلامية 1/ 277
التعاون على الإثم والعدوان 9/ 4202
التعاون على البر والتقوى 3/ 1010
التعبير 10/ 4605
التعزز 7/ 2821
التعزير والعقاب 1/ 112
التعزيرات 1/ 116
التعسير 9/ 4210
التعليم 1/ 279
التعيير 10/ 4605
التفاؤل 3/ 1046
التفرق 9/ 4218
التفريج 4/ 1050
التفريط 9/ 4230
التفكر 4/ 1065
التفويض 4/ 1379
التقوى 1/ 35، 4/ 1080، 8/ 3676
التكاثر 9/ 4238
التكبر 11/ 5353
التكبير 4/ 1123
التكلف 9/ 4250
التكلف المحمود 9/ 4251
التكلف المذموم 9/ 4251
التكلم 3269/ 8
التلاوة 4/ 1176
التميز الخلقي 1/ 124(12/446)
التنابز بالألقاب 10/ 4604
التناجش 9/ 4258
التنازع 9/ 4266
التناصر 4/ 1231
التنشئة الاجتماعية 1/ 122
التنصل والتهرب من المسئولية 9/ 4281
التنفير 9/ 4297
التهاجر 11/ 5682
التهاون 9/ 4301
التهكم 10/ 4605
التهليل 4/ 1246
التواد 7/ 2865
التواصي 8/ 3491
التواضع 4/ 1255
التوبة 4/ 1249
التوبة النصوح 4/ 1270
التوحيد 4/ 1300
التودد 4/ 1343
التورية 11/ 5383
التوسط 4/ 1353
التوسل 4/ 1368
التوكل 4/ 1377
التولي 9/ 4308
التولي يوم الزحف 9/ 4308
التوهم 11/ 5711
التيسير 4/ 1400
التيمن 4/ 1422
الثأر 1/ 278
الثبات 4/ 1437
الثناء 4/ 1450
الجبن 9/ 4320
الجحود 9/ 4326
الجحود بآيات الله 9/ 4328
الجدال 9/ 4339
الجرم 9/ 3781
الجزاء الأخلاقي 1/ 112
الجزاء الإلهي 1/ 116
الجزاء القانوني 1/ 114
الجزع 9/ 4350
الجفاء 9/ 4358
الجهاد 1/ 210، 1/ 272، 1/ 273، 4/ 1482
الجهل 9/ 4367
الجهل البسيط 9/ 4367
الجهل المركب 9/ 4367
الجواد 4/ 1507
الجوار 5/ 1666
الجود 4/ 1507، 6/ 2253، 8/ 3251
الحاجيات 1/ 90
الحبور 6/ 2261
الحج 4/ 1529
الحجاب 4/ 1515
الحجابة 1/ 370
الحد 1/ 279
الحدر (في القراءة) 4/ 1178
الحذر 4/ 1553
الحرام 3/ 1030، 9/ 3970
الحرب المشروعة 10/ 4392
الحرب غير المشروعة 10/ 4392
الحرمة 3/ 1029
الحرية 1/ 111
الحزن 10/ 4407
الحسد 10/ 4417
الحسن 2/ 67
الحصر الأخلاقي 11/ 5339
الحصر العصابي 11/ 5339
الحصر الواقعي 11/ 5339
الحفظ 5/ 1639
الحقد 10/ 4430
الحكم 5/ 1707
الحكم الشرعي 5/ 1708
الحكم الشرعي التكليفي 1/ 99، 5/ 1708
الحكم الشرعي الوضعي 5/ 1708
الحكم بغير ما أنزل الله 10/ 4441
الحكم بما أنزل الله 5/ 1707
الحكم والحكيم (من أسماء الله تعالى) 5/ 1706
الحكمة 5/ 1678(12/447)
الحكمة عند أهل السلوك 5/ 1679
الحكمة عند المحدثين 5/ 1679
الحكمة عند المفسرين 5/ 1679
الحكيم (من أسماء الله تعالى) 5/ 1687
الحلم 5/ 1736
الحلم بالتحلم 5/ 1736
الحليم 5/ 1735
الحمد 4/ 1450، 5/ 1754
الحمد الحالي 5/ 1755
الحمد العرفي 5/ 1755
الحمد الفعلي 5/ 1755
الحمد القولي 5/ 1755
الحمد اللغوي 5/ 1755
الحميد (من أسماء الله تعالى) 5/ 1755
الحمق 10/ 4449
الحميد 1/ 606
الحنان 5/ 1783
الحنان (من أسماء الله تعالى) 5/ 1782
الحوقلة 5/ 1790
الحياء 5/ 1796
الحياء الغريزي 5/ 1798
الحياء المكتسب 5/ 1798
الحياء والإغضاء 1/ 145
الحياة الدنيا 1/ 2
الحياة الآخرة 1/ 4
الحيطة 5/ 1815
الحيي (من صفات الله تعالى) 5/ 1797
الخبث 10/ 4460
الخداع 10/ 4471
الخدمة 7/ 2674
الخذل 9/ 4140
الخذلان 9/ 4140
الخشوع 1/ 32، 5/ 1825
الخشية 1/ 31، 5/ 1838
الخصائص 1/ 447
الخط الحميري 1/ 217
الخط المدني 1/ 217
الخط المسند 1/ 217
الخط المكي 1/ 217
الخلاق 1/ 60
الخلق 1/ 59، 5/ 1570
الخمر 10/ 4696
الخمس 1/ 277
الخنوثة 10/ 4477
الخوف 1/ 31، 5/ 1866
الخيانة 10/ 4483
الخيم 1/ 59
الخلق 1/ 61، 1/ 62، 1/ 63
الداغلة (مرادفة للحمق) 10/ 4432
الدخل (مرادف للحقد) 10/ 4431
الدخن (مرادف للحقد) 10/ 4431
الدعاء 5/ 1901
الدعوة إلى الله 5/ 1945
الدياثة 10/ 4498
الديوث 10/ 4498
الذرية 1/ 594
الذكر 3/ 931، 5/ 1962
الذكر الحقيقي 5/ 1963
الذكر الخفي 5/ 1963
الذكر بالجوارح 5/ 1963، 5/ 1964
الذكر بالقلب 5/ 1963، 5/ 1964
الذل 10/ 4503
الذنب 9/ 3781
الرأفة 5/ 2015
الراهب 6/ 1269
الرؤوف (من أسماء الله تعالى) 5/ 2014
الرؤوف (من صفة الرسول صلى الله عليه وسلّم) 5/ 2014
الربا 1/ 212، 1/ 277، 10/ 4516
الرجاء 1/ 32، 5/ 2022، 5/ 2023
الرجولة 5/ 2041
الرحم 7/ 2614
الرحمة 5/ 2015، 6/ 2061
الرحمن 6/ 2062
الرحيم 6/ 2062
الردة 1/ 274، 10/ 4532
الرشد 2/ 171
الرشوة 10/ 4542، 10/ 4543(12/448)
الرضا 6/ 2103
الرغبة 6/ 2126
الرفق 6/ 2157
الرهبة 4/ 1554، 6/ 2169
الروح 1/ 230
الرياء 10/ 4552
الرياء بالعمل 10/ 4553
الرياء بالقول 10/ 4553
الرياء في الدين 10/ 4553
الزكاة 1/ 276، 6/ 2197
الزمزمة 4/ 1179
الزنا 10/ 4568
الزنادقة 10/ 4584
الزنديق 10/ 4584
الزهد 6/ 2218
الزهد المشروع 6/ 2218
الزور 10/ 4776
الزيارة الشرعية للمقابر 10/ 4715
الزيارة البدعية للمقابر 10/ 4715
الستر 6/ 2236
الستير (من صفات الله عز وجل) 6/ 2235
سجود القلب 1/ ع
والسحر 10/ 4590
السحر حقيقة وتخيل 10/ 4590
السخاء 6/ 2252
السخرية 10/ 4603
السخط 10/ 4615
السر 8/ 3204
السرقة 10/ 4625
السرور 6/ 2260، 7/ 3095
السعر 1/ 77
السفاح 5/ 1655
السفاهة 10/ 4634
السكينة 6/ 2267، 7/ 2703
السلام (من أسماء الله عز وجل) 6/ 2273
السلم 6/ 2273
السماحة 6/ 2287
السمت 5/ 1588
السماع المباح 6/ 2307
السماع المرضي 6/ 2305
السماع المنهي عنه 6/ 2307
السماع (من أسماء الله تعالى) 6/ 2301
السميع (من أسماء الله تعالى) 6/ 2301
السهو عن الصلاة 9/ 4159
السوء 9/ 3838، 10/ 4673
السيئة 9/ 3838
الشجاعة 6/ 2322
الشجاعة البهيمية 6/ 2325
الشجاعة الجهادية 6/ 2325
الشجاعة الحكمية 6/ 2325
الشجاعة السبعية 6/ 2325
الشح 10/ 4686
الشدة 8/ 3189
الشرف 6/ 2344
الشرك 10/ 4710
الشرك الأصغر 10/ 4713
الشرك الأكبر وأنواعه 10/ 4713
الشفاعة 6/ 2366
الشفاعة الشرعية 6/ 2366
الشفاعة الشركية 6/ 2366
الشفاعة العظمى 6/ 2366
الشفقة 6/ 2386
الشك 10/ 4752
الشكر 4/ 1450، 6/ 2393
الشكور (من أسماء الله تعالى) 6/ 2393
الشماتة 10/ 4769
الشهادة 2/ 467
الشهامة 6/ 2420
الشهيد (من أسماء الله تعالى) 2/ 468
الشهيد (من أسماء النبي صلى الله عليه وسلّم) 2/ 468
الشورى 6/ 2426
الصالح 2/ 364
الصبر 6/ 2442
الصبر الجميل 6/ 2441
الصبر على الابتلاء 6/ 2445
الصبور (من أسماء الله تعالى) 6/ 2442
الصدق 6/ 2474
الصدقات 1/ 276(12/449)
الصدقات والجزية 1/ 384
الصدقة 6/ 2518
الصديق 6/ 2475
الصديقون 6/ 2475
الصراط المستقيم 1/ س ح
الصفات السبعية 10/ 4973
الصفات الشيطانية 10/ 4973
الصفح 6/ 2530
الصلاة 1/ 230، 1/ 577، 6/ 2537
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلّم 6/ 2538
الصلاح 2/ 364، 6/ 2585
الصلة 7/ 2614
الصمت 7/ 2633
الصوم 7/ 2645
الضراعة 7/ 2663
الضعف 10/ 4787
الضغينة (مرادف للحقد) 10/ 4431
الضلال 10/ 4796
الطاعة 7/ 2742، 7/ 2673
الطاهر 7/ 2721
الطغيان 10/ 4835
الطلقاء 1/ 376
الطمأنينة 7/ 2702
الطمع 10/ 4846
الطموح 7/ 2713
الطهارة 7/ 2719
الطيب 2/ 485، 8/ 3270
الطيب من القول 8/ 3271
الطيش 10/ 4868
الظالم الأصغر 10/ 4873
الظالم الأعظم 10/ 4873
الظالم الأوسط 10/ 4873
الظلم 10/ 4872
الظن 5/ 1597
الظن المباح 10/ 4654
الظن المحرم 10/ 4654
العبادات 1/ 139
العبادة 7/ 2742، 7/ 2674
العبودية 7/ 2742
العبوس 10/ 4927
العتاب 8/ 3419
العتو 10/ 4933
العجب 11/ 5356
العجلة 10/ 4942
العدل 7/ 2791، 7/ 2792
العدوان 9/ 4202، 10/ 4957
العذر 8/ 388
العزة 6/ 2344، 7/ 2820
العزم 7/ 2849
العزيز (من أسماء الله تعالى) 7/ 2820
العشرة 5/ 1609
العصيان 10/ 4972
العفة 7/ 2872
العفة عن المحارم 7/ 2873
العفو 7/ 2891
العقل والعلم 1/ 143
العقوق 10/ 5012
العقيدة 1/ 76
العلم 1/ 212، 1/ 213، 7/ 2911، 8/ 3436
العلم النافع 7/ 2914
العلي (من أسماء الله تعالى) 7/ 2984
العليم (من أسماء الله تعالى) 7/ 2914
العمرة 4/ 1530
العمل 7/ 3010
العمل الصالح 7/ 3010
العناد والمعاندة 9/ 3898
العنف 10/ 5021
العهارة 5/ 1655
العهد 11/ 5632
العهود والمواثيق 1/ 282
الغدر 11/ 5025
الغرور 11/ 5048
الغريزة 1/ 64
الغش 11/ 5069
الغش القلبي 10/ 4432
الغش في البيوع 11/ 5070
الغش في النصح 11/ 5070(12/450)
الغش للرعية 11/ 5070
الغضب 8/ 3237، 11/ 5077
الغفران 2/ 253، 6/ 2236، 7/ 2891
الغفلة 11/ 5099
الغل (مرادف للحقد) 10/ 4431
الغلظة 11/ 5324
الغلو 11/ 5114
الغلو في الدين 11/ 5114
الغلو في العلم 11/ 5115
الغلو في القرآن 11/ 5115
الغلول 11/ 5130
الغي 11/ 5143
الغيرة 7/ 3077
الغيظ 8/ 3237
الفأل 3/ 1046
الفاحش 11/ 5232
الفاسق 11/ 5262
الفتنة 1/ 7، 11/ 5181
الفتوة 5/ 2042
الفجور 11/ 5220
الفحش 11/ 5232
الفحشاء 11/ 5232
الفرار إلى الله 7/ 3086
الفرج 5/ 1654
الفرح 6/ 2261، 7/ 3093
الفرح المطلق 7/ 3094
الفرح المقيد 7/ 3094
الفساد 11/ 5237
الفساد في الأرض 11/ 5237
الفسوق 11/ 5262
الفضح 11/ 5270
الفضل 7/ 3109
الفضيحة 11/ 5270
الفطنة 8/ 3126
الفظاظة 11/ 5324
الفعل 7/ 3011
الفقه 8/ 3126، 8/ 3138
الفهم 8/ 3126
القتل 11/ 5285
القدوة 11/ 5300
القدوة السيئة 11/ 5300
قرين النفس الأمارة 1/ ع ط
قرين النفس المطمئنة 1/ ع ط
القذف 11/ 5311
القرآن 4/ 1180، 11/ 5691
القساوة 11/ 5323
القسط 8/ 3153
القسوة 11/ 5323
القصاص 8/ 3161
القضاء 1/ 277
القلق 11/ 5338
القلق الاجتماعي 11/ 5338
القلق الشخصي 11/ 5339
القلق المرضي 11/ 5339
القلق الموضوعي (العادي) 11/ 5339
القناعة 8/ 3168
القنوت 8/ 3176
القنوط 11/ 5344
القوة 8/ 3188
القول 8/ 3268
القيم 1/ 63
القيم الإسلامية 1/ 78
القيم المطلقة 1/ 83
القيم النسبية 1/ 83
القيمة عند علماء النفس 1/ 77
القيمة في التربية الإسلامية 1/ 78
القيمة في المجال الاقتصادي 1/ 77
القيمة في المجال السياسي 1/ 77
الكافر 11/ 5570
الكبر 11/ 5353
الكتابة القبطية 1/ 217
الكتمان 8/ 3204
الكتمان المحمود 8/ 3205
الكتمان المذموم 8/ 3205
الكذب 11/ 5382
الكذب بالأفعال 11/ 5382
الكراهة 1/ 99(12/451)
الكرب 11/ 5431
الكربات 4/ 1050
الكرم 8/ 3214
الكريم (من أسماء الله تعالى) 8/ 3215
الكسل 11/ 5438
الكظم 8/ 3236
الكفر 11/ 5444
الكلام 8/ 3268
الكلم 8/ 3268
الكلم الطيب 8/ 3270
الكلمة 8/ 3268
الكلمة الطيبة 8/ 3271
الكليات الخمس 1/ 84
الكنز 11/ 5511
الكيد 11/ 5556
اللؤم 11/ 5540
اللعب 11/ 5528
اللغط 11/ 5523
اللغو 11/ 5522
اللفظ 8/ 3269
اللمز 10/ 4604
اللمزة 10/ 4604
اللهجة 7/ 2634
اللهم (مصطلحا) 1/ 574
اللهو 11/ 5528
اللهو واللعب 11/ 5528
اللواط 5/ 1655
اللين 8/ 3295
المؤاخاة 2/ 93، 1/ 267
المؤلفة قلوبهم 1/ 382
المبادرة إلى الخيرات 8/ 3388
المبارك 1/ 600
المبتدع 9/ 3732
المتابعة 6/ 2446
المتكبر (من أسماء الله تعالى) 11/ 5352
المثابرة 6/ 2446
المثل العليا 1/ 86
المثير والاستجابة 1/ 123
المجادلة 9/ 4339
المجاهرة بالمعصية 11/ 5548
المجد والشرف 6/ 2345
المحارب 10/ 4391
المحاربة 10/ 4391
المحاسبة 8/ 3317
المحبة 8/ 3326
المحروب في الإسلام 1/ 440
المخنث 10/ 4477
المداراة 8/ 3358
المراقبة 8/ 3367
المرض 7/ 3054
المرض الجسماني 7/ 3054
المرض النفساني 7/ 3054
المروءة 5/ 2042، 8/ 3373، 8/ 3377
المسئولية 8/ 3401
المسئولية الأخلاقية 8/ 3403
المسئولية الأخلاقية المحضة 1/ 107
المسئولية الاجتماعية 1/ 107، 8/ 3403
المسئولية الخلقية 1/ 106
المسئولية الدينية 1/ 107، 8/ 3403
المسابقة إلى الخيرات 8/ 3388
المساحقة 5/ 1655
المسارعة في الخيرات 8/ 3388
المساواة 7/ 2795
المستعاذ به 2/ 202
المستعاذ منه 2/ 202
المصابرة 6/ 62443
المصارحة 8/ 3420
المعاتبة 8/ 3419
المعاشرة بالمعروف 5/ 1609
المعاملات 5/ 1623
المعاملة 5/ 1623، 10/ 4673
المعرفة 7/ 2911، 8/ 3335
المعروف 3/ 525
المعز (من أسماء الله تعالى) 7/ 2821
المقام المحمود 1/ 471، 1/ 473
المقسط 8/ 3153
المكابرة 11/ 5353
المكر 11/ 5555(12/452)
الملائكة الكاتبون 1/ 248
الملة 1/ 595
الملكية الفردية 1/ 212
المن 11/ 5565
المن الفعلي 11/ 5565
المن القولي 11/ 5565
المن في الحرب 11/ 5565
المناصرة المتبادلة 1/ 282
المنافقون 1/ 393، 1/ 394، 1/ 395
المنتقم 9/ 4006
المنشط 8/ 3486
المنكر 3/ 525
المواساة 8/ 3459
الموالاة 8/ 3686
الموت 3/ 931
الموعظة والنصح 1/ 142
الميسر 11/ 5583
النبل 8/ 3471
النجاسة 11/ 5589، 11/ 5590
النجاسة الحسية 11/ 5589
النجاسة المعنوية 11/ 5589
النجوى 11/ 5599
الندب 1/ 99
النزاهة 8/ 3475
النشاط 8/ 3486
النصح 8/ 3494
النصيحة 8/ 3489
النصيحة لأئمة المسلمين 8/ 3495
النصيحة لعامة المسلمين 8/ 3495
النصيحة لكتاب الله تعالى 8/ 3494
النصيحة لله تعالى 8/ 3494
النظام 8/ 3509
النظام الإداري 8/ 3509
النظام الاجتماعي 8/ 3509
النظر 8/ 3517
النظر والتبصر 8/ 3518
النفاق 11/ 5605
النفاق الأصغر 11/ 5605
النفاق الأكبر 11/ 5605
النفس 8/ 3304
النفس الأمارة 8/ 3304
النفس الإنسانية 1/ 4
النفس الشهوانية 8/ 3304
النفس العاقلة 8/ 3304
النفس الغضبية 8/ 3305
النفس اللوامة 8/ 3305
النفس المطمئنة 8/ 3305
النفقة 3/ 598
النقض للعهد 11/ 5632
النقمة 11/ 5645
النقمة (مرادف للحقد) 10/ 4431
النمام 11/ 5666
النمو الأخلاقي والنمو المعرفي 1/ 124
النميمة 11/ 5665
النهي عن المعروف 9/ 3987
النهي عن المنكر 3/ 525
النور الشرعي 1/ 106
النور الفطري 1/ 106
الهادي 8/ 3568
الهجاء 11/ 5672
الهجر 11/ 5682، 11/ 5683
الهجران 11/ 5683
الهجرة 8/ 3545
الهجرة إلى الله ورسوله 8/ 3546
الهداية 8/ 3568
الهدى 8/ 3568
الهم 7/ 2849
الهمز 10/ 4604
الهمزة 10/ 4604
الهوى 9/ 3752
الوحدانية المطلقة 1/ 220
الودود من أسماء الله تعالى 4/ 1344
الورع 8/ 3616
الوسواس 11/ 5701، 11/ 5702
الوسوسة 11/ 5701
الوسيلة 1/ 137، 1/ 469، 4/ 1367
الوصية 8/ 3491
الوصية بكتاب الله 8/ 3492(12/453)
الوضع 5/ 1708
الوعظ 8/ 3627
الوفاء 8/ 3639
الوفاء بالعقد 8/ 3640
الوفاء بالعهد 8/ 3640
الوفاء بالوعد 8/ 3640
الوقار 8/ 3669
الوقاية 8/ 3675
الوكيل من أسماء الله تعالى 4/ 1377
الولي 8/ 3686، 8/ 3687
الوهم 11/ 5711
الوهن 11/ 5715
اليأس 11/ 5725
اليتيم 8/ 3247
اليقظة 8/ 3713
اليقين 8/ 3717
اليمين 5/ 1640
اليمين الغموس 5/ 1640
اليمين اللغو 5/ 1640
اليمين المنعقدة 5/ 1640
انتهاك الحرمات 9/ 4016
تأمل القرآن 3/ 843
تدبر القرآن 3/ 909
تذكر الموت 3/ 933
ترك الصلاة 9/ 4159
تسبيح المخلوقات 3/ 980
تعظيم الحرمات 3/ 1029
تفريج الكربات 4/ 1050
تكبير الله في أحكامه 4/ 1123
تكبير الله في أفعاله 4/ 1123
تكبير الله في ذاته 4/ 1123
تكبير الله في صفاته 4/ 1123
تكريم الإنسان 4/ 1135
تمام العفة 7/ 2837، 7/ 2874
توبة الإنابة 4/ 1270
توبة الاستجابة 4/ 1270
توحيد الأسماء والصفات 4/ 1302
توحيد الألوهية 4/ 1301
توحيد الربوبية 4/ 1301
جماعة القرآن 1/ 169
جهاد أرباب المظالم 4/ 1483
جهاد الشيطان 4/ 1483
جهاد الكفار والمنافقين 4/ 1483
جهاد النفس 4/ 1483
حبط العمل 9/ 3797
حد الرشوة 10/ 4542
حسن الخلق 5/ 1570
حسن السمت 5/ 1588
حسن الظن 5/ 1597
حسن العشرة 5/ 1610، 5/ 5160
حسن المعاملة 5/ 1624
حفظ الأيمان 5/ 1640
حفظ الفرج 5/ 1654
حفظ اللسان 7/ 2634
حق الجار 5/ 1666
حق اليقين 8/ 3719
حياء الإجلال 5/ 1799
حياء الاستحقار 5/ 1799
حياء التقصير 5/ 1799
حياء الجناية 5/ 1799
حياء الحشمة 5/ 1799
حياء الشرف 5/ 1799
حياء العبودية 5/ 1799
حياء الكرم 5/ 1799
حياء المحبة 5/ 1799
حياء المرء من نفسه 5/ 1799
خائنة الأعين 1/ 505
خدعة 10/ 4471
خصائص النبي صلى الله عليه وسلّم 1/ 455، 1/ 516
خطوط المصاحف 1/ 217
خفض الصوت 5/ 1858
خيانة الأعين 10/ 4483
درجة النفع 1/ 84
دعاء العبادة 5/ 1902
دعاء المسألة 5/ 1902
ذكر الثناء 5/ 1963
ذكر الدعاء 5/ 1963
ذكر الرعاية 5/ 1963(12/454)
ذكر اللسان 5/ 1963
ربا الفضل 10/ 4517
ربا القرض 10/ 4517
ربا النسيئة 10/ 4517
ربا اليد 10/ 4517
ردة الأفعال 10/ 4533
ردة الأقوال 10/ 4533
ردة الاعتقاد 10/ 4533
ردة الترك 10/ 4533
سدانة البيت العتيق 1/ 371
سدرة المنتهى 1/ 248
سقاية الحاج 1/ 391
سمع الإنسان 6/ 2302
سوء الخلق 10/ 4642
سوء الظن 10/ 4652
سوء الظن بالله تعالى 10/ 4652
سوء الظن بالمسلمين 10/ 4652
سوء المعاملة 10/ 4674
شرب الخمر 10/ 4696
شكر الجوارح 6/ 2396
شكر القلب 6/ 2396
شكر اللسان 6/ 2396
شهادة الزور 10/ 4776
صحف التنزيل الكريم 1/ 217
صدق الأحوال 6/ 2475
صدق الأعمال 6/ 2474
صدق الأقوال 6/ 2475
صغر الهمة 10/ 4782
صلاة الاستخارة 2/ 197
صلاة الخوف 1/ 331، 1/ 335
صلاة الطير والهوام 6/ 2539
صلاة الله عز وجل 1/ 578، 1/ 579، 6/ 2539
صلاة الله والملائكة والإنس والجن 6/ 2539
صلاة المخلوقين 6/ 2539
صلاة الملائكة 6/ 2539
صلة الرحم 7/ 2615
صوم التطوع 7/ 2646
صوم الخصوص 7/ 2646
صوم العموم 7/ 2646
صوم خصوص الخصوص 7/ 2646
طاهر الباطن 7/ 2721
طاهر السر 7/ 2721
طاهر السر والعلانية 2721/ 7
طاهر الظاهر 7/ 2721
طلاقة الوجه 7/ 2699
طهارة الجسم 7/ 2719
طهارة النفس 7/ 2719
طول الأمل 10/ 4857
عبادة الاختيار 7/ 2742
عبادة التسخير 7/ 2742
عدالة الشهود 7/ 2794
عزة الامتناع 7/ 2821
عزة القهر والقوة 7/ 2821
عزة القوة 7/ 2821
عزة الله عز وجل 7/ 2821
عظم الهمة 7/ 2987
عقوق الوالدين 10/ 5011
علم الأدب 2/ 142
علم اليقين 8/ 3720
علو الهمة 7/ 2984
عهد الله 11/ 5632
عيادة المريض 7/ 3054
عين اليقين 8/ 3720
غض البصر 7/ 3071
غيرة الله عز وجل 7/ 3078
فتنة الشبهات 11/ 5182
فتنة الشهوات 11/ 5183
فسق الاعتقاد 11/ 5263
فسق العمل 11/ 5263
فقه الدين 1/ 212
فليتأمل 3/ 843
قدم الصدق 6/ 2477
قطيعة الرحم 11/ 5330
قوة الإرادة 8/ 3196
كبر الهمة 7/ 2987
كتمان السر 8/ 3204
كسل العقل 11/ 5439
كظم الغيظ 8/ 3236(12/455)
كفالية اليتيم 8/ 3247
كفر الإنكار 11/ 5445
كفر الجحود 11/ 5445
كفر المعاندة 11/ 5445
كفر النفاق 11/ 5445
كلمة التوحيد 4/ 1306
كمال الورع 8/ 3617
لسان الصدق 6/ 2477
لغة القرآن 1/ 217
لغو الكلام 11/ 5522
لغو اليمين 11/ 5522
لفظ الجلالة (الله) 8/ 3437
لين القلب 8/ 3296
لين القول 8/ 3296
لين المعاملة 8/ 3296
مجاهدة الشيطان 4/ 1482
مجاهدة الفساق 4/ 1482
مجاهدة الكفار 4/ 1482
مجاهدة النفس 4/ 1482، 8/ 3305
مجلس القضاء 1/ 278
محاسبة النفس 8/ 3317
محبة الله عز وجل 8/ 3326
مدخل الصدق 6/ 2477
مروءة الإحسان والبذل 8/ 3374
مروءة الجاه 8/ 3374
مروءة الخلق 8/ 3373
مروءة الرجل 8/ 3377
مروءة اللسان 8/ 3374
مروءة المال 8/ 3373
مروءة المرء مع الحق سبحانه 8/ 3374
مروءة المرء مع الخلق 8/ 3374
مروءة المرء مع نفسه 8/ 3374
مسئولية الراعي 8/ 3404
مظاهر المصابرة 6/ 2445
معرفة الله عز وجل 8/ 3437
معنى الولي (في أسماء الله تعالى) 11/ 5571
مقعد الصدق 6/ 2477
مكر الله عز وجل 9/ 3999، 11/ 5556
موافقة الإرادة 7/ 2673
موالاة الكفار 11/ 5571
نظام المؤاخاة 1/ 267
نقض العهد 11/ 5632
نكران الجميل 11/ 5654
هجر القرآن 11/ 5691
هدى التأييد 8/ 3569
هدى الدلالة 8/ 3569
وسائل الإعلام 1/ 179
وسطية الشريعة 4/ 1355
وقار الله عز وجل 8/ 3669
يقين الخير 8/ 3719
يقين الدلالة 8/ 3719
يقين الشاهد 8/ 3719
يمين الصبر 5/ 1640(12/456)
فهرس الفروق اللغوية
موضوع الفرق الجزء الفرق بين الأدب والتأدب 2/ 143
الفرق بين الأمانة والتكليف 3/ 510
الفرق بين الأمل والطمع والرجاء 10/ 4857
الفرق بين الإثم والذنب والزور 9/ 4201
الفرق بين الإثم والعدوان 9/ 4202
الفرق بين الإخلاص والصدق 2/ 127
الفرق بين الإسلام والإيمان 1/ 321
الفرق بين الإغاثة والاستغاثة 2/ 418
الفرق بين الإنصاف والعدل 3/ 577
الفرق بين الإنفاق والقرض 3/ 599
الفرق بين الإيثار والأثرة 3/ 631
الفرق بين الإيثار والسخاء 3/ 630
الفرق بين الاستعانة الإيمانية والاستعانة الشركية 2/ 227
الفرق بين الاستغاثة والدعاء 2/ 214
الفرق بين البخس والتطفيف 9/ 4184
الفرق بين البخل والحسد 10/ 4418
الفرق بين البخل والشح 9/ 4030
الفرق بين البر والإيمان 3/ 751
الفرق بين البهتان والإفك 9/ 4108
الفرق بين البهتان والاغتياب 9/ 4108
الفرق بين البهتان والافتراء 9/ 4108
الفرق بين التأمل والتفكر 3/ 845
الفرق بين التبذير والإسراف 9/ 4114
الفرق بين التبيين والتبليغ 3/ 1256
الفرق بين التجسس والتحسس 9/ 4129
الفرق بين التذكر والتفكر 3/ 916
الفرق بين التراحم والتعاطف 7/ 2865
الفرق بين التصدق والإنفاق 8/ 3718
الفرق بين التصديق والإيمان 3/ 647، 3/ 648
الفرق بين التفرق والتنازع 9/ 4266
الفرق بين التفكر والاعتبار 2/ 380
الفرق بين التقوى والورع 4/ 1080
الفرق بين التنفج وصغر الهمة 10/ 4782
الفرق بين التنفير والتبشير 9/ 4297
الفرق بين التهاجر والتدابر 11/ 5682
الفرق بين التواد والتعاطف والتراحم 4/ 1344
موضوع الفرق الجزء الفرق بين التواصي والشورى 8/ 3492
الفرق بين التواضع والذل والمهانة 4/ 1256
الفرق بين التوبة والإنابة والأوبة 4/ 1270
الفرق بين التوكل والاتكال 4/ 1378
الفرق بين التوكل والتفويض 4/ 1379
الفرق بين التوكل والثقة 4/ 1379
الفرق بين التولي والإعراض والصد 9/ 3913
الفرق بين التوهم والتصور 11/ 5711
الفرق بين الثقة بالله والغرور 11/ 5052
الفرق بين الجزع ورقة القلب 9/ 4352
الفرق بين الجهل والغرور 11/ 5048
الفرق بين الجود والتبذير 9/ 4115
الفرق بين الحذر والرهبة 4/ 1554
الفرق بين الحزن والجزع 10/ 4407
الفرق بين الحزن والغضب 11/ 5078
الفرق بين الحزن والكرب 11/ 5431
الفرق بين الحسد والمنافسة 10/ 4418
الفرق بين الحقد والضغينة 10/ 4430
الفرق بين الحلم وكظم الغيظ 5/ 1739
الفرق بين الحمد والثناء والشكر 4/ 1450
الفرق بين الحمد والمدح 4/ 1451
الفرق بين الحمد والمدح والشكر 5/ 1754
الفرق بين الحمق والجنون 10/ 4450
الفرق بين الخشية والخوف 5/ 1838
الفرق بين الخلق والتخلق 10/ 4644
الفرق بين الخلق والعادة 10/ 4643
الفرق بين الدعاء والنداء 5/ 1901
الفرق بين الرجس والنجس 11/ 5590
الفرق بين الرجولة والفتوة والمروءة والإنسانية 5/ 2042
الفرق بين الرجولة والمروءة 5/ 2042، 8/ 3377
الفرق بين الرحمة والرأفة 5/ 2015
الفرق بين الرغبة والابتغاء 6/ 2126
الفرق بين الرغبة والرجاء 6/ 2126
الفرق بين الرياء والسمعة 10/ 4552
الفرق بين الرياء والشرك الأكبر 10/ 4553
الفرق بين الزنديق والدهري 10/ 4586(12/457)
الفرق بين الزنديق والملحد 10/ 4586
الفرق بين الزنديق والمنافق 10/ 4586
الفرق بين الستر والغفران 6/ 2236
الفرق بين السحر والكرامة 10/ 4591
الفرق بين السحر والمعجزة 10/ 4591
الفرق بين السخاء والجود 6/ 2253
الفرق بين السخرية والهزء 10/ 4603
الفرق بين السخط والغضب 10/ 4615
الفرق بين السرقة والنبش 10/ 4626
الفرق بين السرقة والنهب 10/ 4626
الفرق بين السرور والحبور 6/ 2261
الفرق بين السكينة والوقار 8/ 3673
الفرق بين الشاكر والشكور 6/ 2394
الفرق بين الشجاعة والصبر 6/ 2322
الفرق بين الشح والبخل 10/ 4786
الفرق بين الشرف والعزة 6/ 2344
الفرق بين الشفاعة الشرعية والشفاعة الشركية 6/ 2366
الفرق بين الشكر والحمد 6/ 2397
الفرق بين الضلال والغي 10/ 4796
الفرق بين الطاعة والعبادة 7/ 2674
الفرق بين الطاعة وموافقة العادة 7/ 2674
الفرق بين الطغيان والبغي 10/ 4835
الفرق بين الطمأنينة والسكينة 7/ 2702
الفرق بين الطموح وعلو الهمة 7/ 2714
الفرق بين الطيب والحلال 2/ 488
الفرق بين الظلم والجور 10/ 4874
الفرق بين العبث والسفه 10/ 4635
الفرق بين العجب والإدلال 11/ 5356
الفرق بين العجب والكبر 11/ 5356
الفرق بين العدالة والمساواة 7/ 2795
الفرق بين العزم والإرادة والهمّ 7/ 2849
الفرق بين العصيان والابتداع 10/ 4973
الفرق بين العفو والصفح 6/ 2530
الفرق بين العفو والغفران 2/ 253، 7/ 2891
الفرق بين العلم والمعرفة 7/ 3012، 8/ 3436
الفرق بين العمل والفعل 7/ 3011
الفرق بين العهد والعقد والميثاق 11/ 5632
الفرق بين الغي والضلال 11/ 5144
الفرق بين الغيبة والبهتان 11/ 5163
الفرق بين الغيبة والنميمة 11/ 5666
الفرق بين الغيظ والغضب 8/ 3237
الفرق بين الفاسد والباطل 11/ 5238
الفرق بين الفتنة والابتلاء 11/ 5181
الفرق بين الفتنة والابتلاء والاختبار 1/ 8
الفرق بين الفراسة (البصيرة) والظن 3/ 826
الفرق بين الفراسة والغيب 3/ 826
الفرق بين الفرح والسرور 7/ 3095
الفرق بين الفزع والجزع والهلع 9/ 4352
الفرق بين الفساد والظلم 11/ 5238
الفرق بين الفهم والفطنة والفقه 8/ 3126
الفرق بين القراءة والتلاوة 4/ 1176
الفرق بين القلق والهم والخوف 11/ 5339
الفرق بين الكرم والجود 8/ 3215
الفرق بين اللغو واللغط 11/ 5522
الفرق بين الله والإله 8/ 3437
الفرق بين اللهو والغفلة 11/ 5099
الفرق بين اللهو واللعب 11/ 5528
الفرق بين اللين والرفق 8/ 3296
الفرق بين المداراة والمداهنة 8/ 3395
الفرق بين المسارعة والمسابقة 8/ 3888
الفرق بين المكر والكيد 11/ 5556
الفرق بين النصيحة والشورى 8/ 3492
الفرق بين النصيحة والوصية والتواصي 8/ 3492
الفرق بين النفاق والخيانة 10/ 4483
الفرق بين النفاق والرياء 10/ 4552
الفرق بين النفي والجحد 9/ 4326
الفرق بين النقض والخيانة 11/ 5633
الفرق بين النقمة والانتقام 11/ 5646
الفرق بين النقمة والسخط 11/ 5646
الفرق بين الهدية والرشوة 10/ 4546
الفرق بين الهمز واللمز 10/ 4604
الفرق بين الهوى والشهوة 9/ 3753
الفرق بين الواحد والأحد 4/ 1300
الفرق بين الوسوسة والإلهام 11/ 5702
الفرق بين الوقاية والتقوى 8/ 3676
الفرق بين الوهم والخاطر 11/ 5711
الفرق بين الوهم والظن والشك 11/ 5711
الفرق بين اليأس والقنوط 11/ 5344، 11/ 5725
الفرق بين ترك الصلاة واضاعة الصلاة 9/ 4159
الفرق بين فرح القلب وفرح النفس 1/ ع ب
الفرق بين ما يسومه العقل وما يسومه الهوى 9/ 3753
الفرق بين محمد وأحمد 1/ 585(12/458)
فهرس الوجوه والنظائر*
ألفاظ الوجوه الجزء والصفحة استعمال لفظ الواحد في القرآن الكريم 4/ 1298
الإحسان في القرآن الكريم 2/ 69
الإخاء في القرآن الكريم 2/ 93
الإرشاد في القرآن الكريم 2/ 171
الاتباع في القرآن الكريم 2/ 14
الاستعاذة في القرآن الكريم 2/ 203
الإسلام في القرآن الكريم 2/ 323
الإيمان في القرآن الكريم 3/ 645
التأمل في القرآن الكريم 3/ 846
الحكم في القرآن الكريم 5/ 1714
الدعاء في القرآن الكريم 5/ 1904
السكينة في القرآن الكريم 6/ 2227
السمع والسماع في القرآن الكريم 6/ 2302
الصبر والمصابرة في القرآن الكريم 6/ 2446
الفسوق في القرآن الكريم 11/ 5263
القتل في القرآن الكريم 11/ 5285
اليأس في القرآن الكريم 11/ 5725
كلمة السوء في القرآن الكريم 9/ 3841
لفظ الأمانة في القرآن الكريم 2/ 511
لفظ الإسلام في القرآن الكريم 2/ 323
لفظ الإصلاح في القرآن الكريم 2/ 365
لفظ الإنسان في القرآن الكريم 4/ 1139
لفظ الإيمان في القرآن الكريم 3/ 644
لفظ الإخلاص في القرآن الكريم 2/ 127
لفظ الاعتذار في القرآن الكريم 2/ 397
لفظ البر في القرآن الكريم 3/ 752
لفظ البشارة في القرآن الكريم 3/ 78
لفظ التذكر في القرآن الكريم 3/ 917
ألفاظ الوجوه الجزء والصفحة لفظ التوبة في القرآن الكريم 4/ 1271
لفظ التوكل في القرآن الكريم 4/ 1380
لفظ الرجولة في القرآن الكريم 5/ 2044
لفظ السلام في القرآن الكريم 2/ 433
لفظ السيئات في القرآن الكريم 9/ 3842
لفظ السيئة في القرآن الكريم 9/ 3842
لفظ الصبر في القرآن الكريم 8/ 3517
لفظ العزة في القرآن الكريم 7/ 2822
لفظ العفو في القرآن الكريم 7/ 2892
لفظ الفتنة في القرآن الكريم 11/ 5181
لفظ الفضل في القرآن الكريم 7/ 3111
لفظ الكرم في القرآن الكريم 4/ 1138
لفظ الكلمات في القرآن الكريم 8/ 3266
لفظ الكلمة في القرآن الكريم 8/ 3268
لفظ الموت في القرآن الكريم 3/ 933
لفظ الهدى في القرآن الكريم 8/ 3570
لفظ سواء في القرآن الكريم 7/ 2795
معاني الغي والإغواء في القرآن الكريم 11/ 5145
معاني كلمة البهتان في القرآن الكريم 9/ 4108
معاني كلمة الذكر في القرآن الكريم 5/ 1964
معاني كلمة الفساد في القرآن الكريم 11/ 5238
معاني كلمة الكذب في القرآن الكريم
معاني كلمة الكفر في القرآن الكريم 11/ 5445
معنى الولي في القرآن الكريم 11/ 5571
معنى كلمة اليمين في القرآن الكريم 4/ 1421
معنى كلمة السوء في القرآن الكريم 9/ 3841
من معاني الإفك في القرآن الكريم 9/ 3959
من معاني التسبيح في القرآن الكريم 3/ 983
__________
* الوجوه والنظائر هي تلك الكلمات التي تعددت معانيها في القرآن الكريم (انظر مقدمة الفهارس) .(12/459)
من معاني التلاوة في القرآن الكريم 4/ 1177
من معاني الحسنة في القرآن الكريم 2/ 72
من معاني الخبيث والطيب في القرآن الكريم 10/ 4460، 4461
من معاني الزكاة في القرآن الكريم 6/ 2208
من معاني الطغيان في القرآن الكريم 10/ 4836
من معاني العتو في القرآن الكريم 10/ 4933
من معاني الكرم في القرآن الكريم 8/ 3216
من معاني الموالاة في القرآن الكريم 8/ 3687
من معاني النفقة في القرآن الكريم 3/ 598
من معاني كلمة الأذى في القرآن الكريم 9/ 3812
من معاني كلمة البغي في القرآن الكريم 9/ 4086
من معاني كلمة التقوى في القرآن الكريم 4/ 1080
من معاني كلمة الحجاب في القرآن الكريم 4/ 1515
من معاني كلمة الحذر في القرآن الكريم 3/ 1554
من معاني كلمة الحكمة في القرآن الكريم 5/ 1680، 1679
من معاني كلمة الخوف في القرآن الكريم 5/ 1868
من معاني كلمة الخيانة في القرآن الكريم 10/ 4483
من معاني كلمة الرجاء في القرآن الكريم 5/ 2023، 2022
من معاني كلمة الرحمة في القرآن الكريم 6/ 2063
من معاني كلمة الصلاة في القرآن الكريم 6/ 2539
من معاني كلمة الصلاح في القرآن الكريم 6/ 2586
من معاني كلمة الضلال في القرآن الكريم 10/ 4797
من معاني كلمة الطهارة في القرآن الكريم 7/ 2720
من معاني كلمة الظن في القرآن الكريم 10/ 4653
من معاني كلمة العبادة في القرآن الكريم 7/ 2743
من معاني كلمة العدوان في القرآن الكريم 10/ 4957
من معاني لفظ الحرام في القرآن الكريم 9/ 3971
من معاني لفظ الشرك في القرآن الكريم 10/ 4718
وجوه استعمال الخشوع في القرآن الكريم 5/ 1825، 1826
وجوه استعمال كلمة «الحكيم» في القرآن الكريم 5/ 1680(12/460)
فهرس الأحكام الشرعية وآداب السلوك
الحكم الشرعي/ أدب السلوك الجزء والصفحة آداب الدعاء 5/ 1904
آداب الدعوة إلى الله 5/ 1946
آداب عيادة المريض 7/ 3057
آفة العجب 11/ 5357
أحكام البدعة 9/ 3733
أحكام الزنادقة 10/ 4586
أحكام الشرك 10/ 4718
أحكام المسبيات المتزوجات 1/ 384
أحكام حجة الوداع 1/ 401
أضرار المعاصي 10/ 4974
اشتراك الراعي والرعية في المسئولية 8/ 3404
الأمر بالقسط 8/ 3153
الإفراط والتفريط مهلكة 9/ 4230
الإيغال في الدين برفق 11/ 5115
البذاذة والتبذل بين المدح والذم 9/ 4061
البغض بين المدح والذم 9/ 4074
التكاثر بين المدح والذم 9/ 4238
التكلف بين المدح والذم 9/ 4251
التنازع بين المدح والذم 9/ 4266
التوسط في المعاتبة 8/ 3420
التوهم بين المدح والذم 11/ 5712
الجبان لا يكاد ينام 9/ 4320
الحالة التي يجب أن يكون عليها الواعظ 8/ 3628
الذل بين المدح والذم 10/ 4503
الربا 1/ 222
الرخصة في الكذب 11/ 5383
الرشوة محرمة 10/ 4543
الرشوة من الكبائر 10/ 4544
الزنا 1/ 222
السماع المباح 6/ 2307
السماع المرضي 6/ 2305
السماع المنهي عنه 6/ 2307
الطمع بين المدح والذم 10/ 4846
القسوة والغلظة قد يطلبان أحيانا 11/ 5324
الكسل انسلاخ من الإنسانية 11/ 5439
الحكم الشرعي/ أدب السلوك الجزء والصفحة المسئولية شخصية 8/ 3404
الموالاة بين المدح والذم 8/ 3688
الميسر 1/ 222
الهدية للحاكم رشوة أم لا؟ 10/ 4544
الورع عن الحرام والمكروهات 8/ 3617
بم يتخلص من النجاسة؟ 11/ 5590
تحريم الخمر 1/ 222
تغيير الخلق الحسن إلى خلق سيء 10/ 4645
تغيير الخلق السيء إلى خلق حسن 10/ 4644
جناية النظر المحرم 9/ 3906
جواز الصيام والإفطار في نهار رمضان 1/ 373
حث الإسلام على الزواج 5/ 1655
حكم إطلاق البصر 9/ 3905
حكم إفشاء السر بعد موت صاحبه 9/ 3947
حكم إفشاء السلام 9/ 3946
حكم اتباع الهوى 9/ 3753
حكم استرداد الرشوة 10/ 4544
حكم الأمن من المكر 9/ 4000
حكم الإجرام 9/ 3781
حكم الإرهاب 9/ 3829
حكم الإصرار على الذنب 9/ 3897
حكم الإعراض 9/ 3914
حكم الإلحاد 9/ 3982
حكم الإلحاد في الحرم 9/ 3980
حكم الاحتكار في الشريعة 9/ 3809
حكم الاستعاذة 2/ 203
حكم الاستغاثة 1/ 241
حكم الاعوجاج 9/ 3928
حكم الانتقام 9/ 4007
حكم البخل 9/ 4029
حكم البدعة التركية 9/ 3735
حكم البطر 9/ 4108
حكم البغي وأثره 9/ 4108
حكم البهتان 9/ 4108
حكم التبذير 9/ 4115(12/461)
حكم التبرج 9/ 4121
حكم التخلف عن الجهاد 9/ 4146
حكم التسول 9/ 4169
حكم التشديد على النفس 9/ 4210
حكم التطفيف 9/ 4184
حكم التطير 9/ 4192
حكم التعامل مع المنافقين والمداهنين 11/ 5606
حكم التعسير 9/ 4210
حكم التفريط 9/ 4218
حكم التفريط والإفراط 9/ 4230
حكم التكاثر 9/ 4239
حكم التكبير 4/ 1125
حكم التكلف 9/ 4251
حكم التناجش 9/ 4259
حكم التناجي 11/ 5599
حكم التنازع 9/ 4266
حكم التولي يوم الزحف 9/ 4308
حكم الجبن 9/ 4320
حكم الجحود بآيات الله 9/ 4328
حكم الجدال 9/ 4338
حكم الجهاد 4/ 1483
حكم الحرب في الإسلام 10/ 4392
حكم الحسد وفضيلة الابتعاد عنه 10/ 4418
حكم الحقد 10/ 4432
حكم الخيانة 10/ 4483
حكم الدياثة 10/ 4498
حكم الربا 10/ 4518
حكم الزنا 10/ 4569
حكم السحر 10/ 4591
حكم السخرية 10/ 4605
حكم السرقة 10/ 4626
حكم السنن التركية 2/ 13
حكم الشح 10/ 4686
حكم الشدة 8/ 3189
حكم الصوم 4/ 2645
حكم الطاعة 1/ 108
حكم الطمع 10/ 4846
حكم الطيش 10/ 4868
حكم الظلم 10/ 4874
حكم العتو 10/ 4933
حكم العجلة 10/ 4942
حكم العصيان 10/ 4973
حكم العقوق 10/ 5012
حكم الغال في الدنيا 10/ 5132
حكم الغدر 11/ 5026
حكم الغش 11/ 5070
حكم الغضب 11/ 5079
حكم الغفلة 11/ 5099
حكم الغلول 11/ 5131
حكم الغيبة 11/ 5163
حكم الفجور 11/ 5220
حكم الفحش 11/ 5232
حكم الفساد 11/ 5237
حكم القتل 11/ 5285
حكم القدوة السيئة 11/ 5300
حكم القذف 11/ 5312
حكم القسوة 11/ 5324
حكم الكبر 11/ 5355
حكم الكذب 11/ 5385
حكم الكفران 11/ 5445
حكم المبتدع 9/ 3733
حكم المجاهرة بالمعاصي 11/ 5549
حكم المحاربة 10/ 4391
حكم المخنث 10/ 4477
حكم المرتد 10/ 4533
حكم المكر 11/ 5555
حكم المن 11/ 5565
حكم النفاق 9/ 3885، 11/ 5605
حكم النميمة 11/ 5667
حكم الهجاء 11/ 5672
حكم الهجر 11/ 5682
حكم الوقاحة والبذاءة 9/ 4048
حكم اليأس 11/ 2725
حكم انتهاك الحرمات 9/ 4016
حكم انعقاد اليمين 5/ 1641
حكم تبليغ العلم 3/ 879
حكم ترك الصلاة 9/ 4160(12/462)
حكم تناول الحرام 9/ 3970
حكم تناول النجس 11/ 5590
حكم سوء الظن 10/ 4652
حكم شرب الخمر 10/ 4696
حكم شهادة الزور 10/ 4776
حكم معرفة الله عز وجل 8/ 3437
حكم من سبّ النبي صلى الله عليه وسلّم 1/ 513
حكم من يحكم بغير ما أنزل الله 10/ 4441
حكم مهادنة المشركين 6/ 2274
حكم نصح المسلم 11/ 5251
حكم نقض العهد 11/ 5633
حكم نكرن الجميل 10/ 5655
حكم هجاء الكافر والفاسق 11/ 5673
حكم هجر القرآن 11/ 5692
خبث الزنا 10/ 4569
دواء الحسد 10/ 4418
سلبيات الحكم بغير ما أنزل الله 11/ 4447
شروط الإكراه 10/ 5019
شروط المروءة في الغير 8/ 3375
شروط المروءة في نفس المرء 8/ 3375
شروط المستشار 6/ 2426
ضرر الحقد 10/ 4433
عاقبة الجحود 9/ 4328
عدالة الشهود وعلاقتها بالمروءة 7/ 2794
عقوبة أهل الجهل في الحال والمآل 9/ 4368
عقوبة الإعراض في الدنيا والآخرة 9/ 3914
علاج التطير 9/ 4193
علاج الجزع والهلع 9/ 4352
علاج الحقد 10/ 4432
علاج العجب 11/ 5357
علاج الغضب 11/ 5078
علاج الغيبة 11/ 5164
علاج القلق 11/ 5339
علاج طول الأمل 10/ 4598
قبح الدياثة 10/ 4498
قطيعة الرحم من الكبائر 11/ 5330
كفارة التطير 9/ 4193
كمال الورع 8/ 3617
كيف نتعامل مع النمام؟ 11/ 5666
لبس النساء بين التبرج والاحتشام 9/ 4121
لمن تكون النصيحة؟ 8/ 3490
مراتب القبح في الزنا 10/ 4569
مسئولية الراعي 8/ 3404
مظاهر الورع 8/ 3618
معالجة الرياء 10/ 4555
معالجة الشعور بالإحباط 9/ 3738، 9/ 3798
معالجة الوهم 11/ 5715
معالجة الوهن 11/ 5715
من آداب حفظ اللسان 7/ 2636
من المواساة جبر خاطر المسلم 8/ 3460
من يصلح للوعظ؟ 8/ 3627
نهي الإسلام عن الميسر 11/ 5584
هجر المجاهرين بالمعاصي 11/ 5549
هل تحل الغيبة في بعض الأحيان؟ 11/ 5164
هل يجوز إفشاء السر للمصلحة؟ 9/ 3947
هل يجوز الانظلام؟ 10/ 4874(12/463)
فهرس الحكم والأمثال
الحكمة أو المثل الجزء والصفحة آية العقل سرعة الفهم 8/ 3152
أحيوا الحياء بمجالسة من يستحيي منه 5/ 1812
أخنث من دلال 9/ 4477
أساء كاره ما عمل 9/ 4642، 10/ 5019
أشربتني ما لم أشرب 9/ 4695
أشمت رب العالمين عاديك 9/ 4955
أعظم الكرامة لزوم الاستقامة 1/ 319
أعق من ضب 9/ 5011
أنا النذير العريان 2/ 548
أي بني لا تؤاخي أحدا حتى تعرف موارد أمره 1/ 115
إذا أبغضك جارك حول باب دارك 8/ 4083
إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى ... 1/ 215
إذا اعتذر الجاني محا العذر ذنبه ... 1/ 396
إذا المرء كانت له فكرة ... 1/ 385
إذا جاءت السنة جاء معها أعوانها 2/ 1004
إذا ذهب العتاب فليس ود ... 3/ 1350
إذا ضرع القلب خشعت الجوارح 4/ 1824
إذا كفرت النعمة حسنت المنة 10/ 5563
إذا كنت في كل الأمور معاتبا ... 1/ 115
إن أخاك الحق من كان معك ... 1/ 430
إن الحمى أضرعتني لك 6/ 2663
إن المعاذير يشوبها الكذب 1/ 395
إن المودة قرابة مستفادة 3/ 1339
إن مما يجب للأخ على أخيه مودته بقلبه 1/ 115
إن من الحياء وقارا 4/ 1806
إنك لا تشكو إلى مصمت 6/ 2633
إنما العالم من عمل 7/ 3048
إياك وعزة الغضب 10/ 5096
ابل الرجال إذا أردت إخاءهم 1/ 115
احذر فتنة العالم الفاجر والعابد الجاهل 10/ 5183
احذروا من الناس صنفين ... 10/ 5183
ازهد فيما عند الناس 7/ 3174
الحكمة أو المثل الجزء والصفحة استعينوا على الكلام بالصمت 3/ 1077
الإنسان مدني بالطبع 2/ 1009
البخل هو محو صفات الإنسانية 9/ 4046
البخيل حارث نعمته وخازن ورثته 9/ 4045
البخيل ليس له خليل 9/ 4045
البس من الثياب ما يخدمك 9/ 4076
التوكل على الله جماع الإيمان 3/ 1337
الجود بالنفس أقصى غاية الجود 3/ 1513
الحر لا يكفر النعمة ولا يتسخط المصيبة 1/ 409
الحزن كالداء المخزون في فؤاد المحذوف 9/ 4645
الرفق رأس الحكمة 6/ 2176
السماح رباح 6/ 2300
الشجاعة صبر ساعة 6/ 2342
الشكر لله كنز لا نفاد له ... * 1/ 398
الصلاح من الله والأدب من الآباء 1/ 169
الصمت حكمة وقليل فاعله 5/ 1407
الطمع طبع 9/ 4846
الطمع فقر واليأس غنى 9/ 4847
العقل صديق مقطوع والهوى عدو متبوع 9/ 3770
العلم خادم العمل والعمل غاية العلم 6/ 3051
العود أحمد 4/ 1753، 6/ 3052
الغضب على من لا تملك عجز 10/ 5096
الغنى قلة تمنيك ورضاك بما يكفيك 8/ 3174
الفكرة مخ العقل 3/ 1077
المؤمن يغبط والمنافق يحسد 9/ 4417
المن أخو المن 10/ 5563
المنة تهدم الصنيعة 10/ 5563
الهمة راية الجد 7/ 3008
الوجوه مرايا تريك أسرار البرايا 10/ 5384
تفكر ساعة خير من قيام ليلة 3/ 1076
خير الأمور الوسط 3/ 1365
رب أخ لك لم تلده أمك 2/ 115
__________
* ... تشير النقاط إلى أن للحكمة أو المثل بقية تنظر في موضعها من الموسوعة.(12/464)
رضا الناس غاية لا تدرك 2/ 630
رميته بصماته وسكاته 6/ 2633
سيد القوم أشقاهم 6/ 2986
صرحت بجدان 8/ 3420
عذراك لا نذراك 2/ 584
عليك بأوساط الأمور فإنها نجاة 3/ 1365
فلان خير شير 5/ 2426
فلان ما يعرف قبال الأمر من دباره 2/ 909
قد أعذر من أنذر 1/ 388، 2/ 584
كثرة العتاب توجب البغضاء 8/ 4083
لأشكرنك معروفا هممت به ... 1/ 409
لأن ترهب خير من أن ترحم 5/ 2061
لا تتزوجن حنّانة ولا منّانة 10/ 5563
لا مال أعون من العقل 3/ 1512
لا يعد خائفا من لم يكن للذنوب تاركا 4/ 1867
لا يغلب عسر واحد يسرين اثنين 3/ 1418
لا يكن حبك كلفا 8/ 4256
لن يغني حذر عن قدر 11/ 5721
لو استقبل فلان من أمره ما استدبره 2/ 909
مؤنة العاقل على نفسه 10/ 4457
ما أملك فلان لنفسه 11/ 5096
ما خاب من استخار، ولا ندم من استشار 2/ 200
ما عند فلان خل ولا خمر 9/ 4396
ما لفلان ستر ولا حجر 5/ 2235
ما لم تغيبه الأضالع فهو مكشوف ضائع 8/ 3211
مقتل الرجل بين فكيه 10/ 5284
من أشبه أباه فما ظلم 9/ 4871
من أطاع شهوته وغضبه قاداه إلى النار 11/ 5096
من أطاع هواه أعطى عدوه مناه 9/ 3770
من استرعى الذئب فقد ظلم 9/ 4871
من استغضب فلم يغضب فهو حمار 10/ 5077
من العبرة يزيد الحب 1/ 385
من برئ من ثلاث نال ثلاثا ... 9/ 4045
من جادلك بمودته فقد جعلك عديل نفسه 3/ 2701، 7/ 1027
من حفظ بصره أورثه الله نورا في بصيرته 6/ 3076
من رضي بقضاء الله لم يسخطه أحد 10/ 4427
من عز بز 7/ 2820
من كانت الأيام والليالي مطاياه ... 10/ 4866
من لم يركب الأهوال لم ينل الرغائب 7/ 3008
من لم يكن كلامه حكمة فهو لغو 1/ 385
من نظر إلى الدنيا بغير العبرة انطمس من قلبه بقدر تلك الغفلة 2/ 387
من وعظ أخاه سرا فقد نصحه 3/ 526
من يخن يهن 7/ 1873
مودة يوم صلة 4/ 1350
هم بين حاذف وقاذف 11/ 5311
وإني رأيت البخل يزري بأهله ... 4/ 1512
وجدت أطول الناس غما الحسود 8/ 3173
ولرب نازلة يضيق بها الفتى ... 4/ 1419
ولقد أبيت على الطوى وأظله حتى أنال به كريم المأكل 4/ 1513
يا بني لا تتدبروا أعجاز أمور قد ولّت صدورها 3/ 909
يا بني لا يثبت العقل عند الغضب 11/ 5096(12/465)
فهرس الإحالات*
م اسم الصفة رقم الصفحة
أولا: الصفحات المستحبة:
1 الابتهال 2/ 2
2 الاتباع 2/ 14
3 الاجتماع 2/ 44
4 الاحتساب 2/ 56
5 الإحسان 2/ 73
6 الإخاء 2/ 94
7 الإخبات 2/ 120
8 الإخلاص 2/ 127
9 الأدب 2/ 153
10 الإرشاد 2/ 172
11 الاستئذان 2/ 182
12 الاستخارة 2/ 198
13 الاستعاذة 2/ 203
14 الاستعانة 2/ 231
15 الاستغاثة 2/ 242
16 الاستغفار 2/ 253
17 الإستقامة 2/ 306
18 الإسلام 2/ 323
19 الأسوة الحسنة 2/ 351
20 الإصلاح 2/ 365
21 الاعتبار 2/ 380
22 الاعتذار 2/ 389
23 الإعتراف بالفضل 2/ 398
24 الاعتصام 2/ 411
25 الإغاثة 2/ 420
م اسم الصفة رقم الصفحة 26 إفشاء السلام 2/ 433
27 إقامة الشهادة 2/ 469
28 أكل الطيبات 2/ 488
29 الألفة 2/ 498
30 الأمانة 3/ 511
31 الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 3/ 527
32 الإنابة 3/ 541
33 الإنذار 3/ 549
34 الإنصاف 3/ 584
35 الإنفاق 3/ 600
36 الإيثار 3/ 631
37 الإيمان 3/ 651
38 البر 3/ 753
39 بر الوالدين 3/ 769
40 البشارة 3/ 781
41 البشاشة 3/ 813
42 البصيرة والفراسة 3/ 827
43 البكاء 3/ 835
44 التأمل 3/ 847
45 التأني 3/ 86546 التبتل 3/ 873
47 التبليغ 3/ 877
48 التبين (التثبت) 3/ 901
49 التدبر 3/ 910
50 التذكر 3/ 916
51 تذكر الموت 3/ 933
__________
* يقصد بالإحالات تلك الصفات المقاربة أو المضادة التي يحال إليها لتكملة موضوع الصفة، مثال ذلك أن يحال في صفة الابتهال إلى صفات: الدعاء، الضراعة، الاستغاثة ... إلخ. وفي ضد ذلك: الإعراض، اليأس، القنوط ... إلخ.(12/511)
52 التذكير 3/ 969
53 التسبيح 3/ 984
54 التعارف 3/ 1005
55 التعاون على البر والتقوى 3/ 1011
56 تعظيم الحرمات 3/ 1031
57 التفاؤل 3/ 1047
58 تفريج الكربات 4/ 1050
59 التفكر 4/ 1066
60 التقوى 4/ 1081
61 التكبير 4/ 1125
62 تكريم الإنسان 4/ 1147
63 تلاوة القرآن 4/ 1186
64 التناصر 4/ 1232
65 التهليل 4/ 1245
66 التواضع 4/ 1256
67 التوبة 4/ 1272
68 التوحيد 4/ 1309
69 التودد 4/ 1344
70 التوسط 4/ 1355
71 التوسل 4/ 1369
72 التوكل 4/ 1381
73 التيسير 4/ 1400
74 التيمن 4/ 1422
75 الثبات 4/ 1437
76 الثناء 4/ 1451
77 جهاد الأعداء 4/ 1483
78 الجود 4/ 1507
79 الحجاب 4/ 1519
80 الحج والعمرة 4/ 1531
81 الحذر 4/ 1555
82 حسن الخلق 5/ 1572
83 حسن السمت 5/ 1589
84 حسن الظن 5/ 1599
85 حسن العشرة 5/ 1611
86 حسن المعاملة 5/ 1624
87 حفظ الأيمان 5/ 1641
88 حفظ الفرج 5/ 1656
89 حق الجار 5/ 1666
90 الحكمة 5/ 1680
91 الحكم بما أنزل الله 5/ 1714
92 الحلم 5/ 1739
93 الحمد 5/ 1755
94 الحنان 5/ 1783
95 الحوقلة 5/ 1791
96 الحياء 5/ 1803
97 الحيطة 5/ 1815
98 الخشوع 5/ 1827
99 الخشية 5/ 1839
100 خفض الصوت 5/ 1858
101 الخوف 5/ 1868
102 الدعاء 5/ 1904
103 الدعوة إلى الله 5/ 1947
104 الذكر 5/ 1966
105 الرأفة 5/ 2014
106 الرجاء 5/ 2023
107 الرجولة 5/ 2045
108 الرحمة 6/ 2064
109 الرضا 6/ 2105
110 الرغبة والترغيب 6/ 2127
111 الرفق 6/ 2159
112 الرهبة والترهيب 6/ 2170
113 الزكاة 6/ 2198
114 الزهد 6/ 2219
115 الستر 6/ 2236(12/512)
116 السخاء 6/ 2252
117 السرور 6/ 2261
118 السكينة 6/ 2267
119 السّلم 6/ 2274
120 السماحة 6/ 2290
121 السماع 6/ 2307
122 الشجاعة 6/ 2325
123 الشرف 6/ 2345
124 الشفاعة 6/ 2368
125 الشفقة 6/ 2386
126 الشكر 6/ 2397
127 الشهامة 6/ 2420
128 الشورى 6/ 2427
129 الصبر والمصابرة 6/ 2446
130 الصدق 6/ 2479
131 الصدقة 6/ 2518
132 الصفح 6/ 2530
133 الصلاة 6/ 2540
134 الصلاح 6/ 2586
135 صلة الرحم 7/ 2615
136 الصمت وحفظ اللسان 7/ 2636
137 الصوم 7/ 2647
138 الضراعة والتضرع 7/ 2663
139 الطاعة 7/ 2674
140 طلاقة الوجه 7/ 2699
141 الطمأنينة 7/ 2703
142 الطموح 7/ 2714
143 الطهارة 7/ 2721
144 العبادة 7/ 2744
145 العدل والمساواة 7/ 2796
146 العزة 7/ 2822
147 العزم والعزيمة 7/ 2849
148 العطف 7/ 2865
149 العفة 7/ 2874
150 العفو 7/ 2892
151 العلم 7/ 2914
152 علو الهمة 7/ 2993
153 العمل 7/ 3011
154 عيادة المريض 7/ 3058
155 غض البصر 7/ 3071
156 الغيرة 7/ 3078
157 الفرار إلى الله 7/ 3088
158 الفرح 7/ 3095
159 الفضل 7/ 3111
160 الفطنة 8/ 3126
161 الفقه 8/ 3138
162 القسط 8/ 3153
163 القصاص 8/ 3162
164 القناعة 8/ 3168
165 القنوت 8/ 3178
166 القوة والشدة 8/ 3188
167 قوة الإرادة 8/ 3196
168 كتمان السر 8/ 3206
169 الكرم 8/ 3216
170 كظم الغيظ 8/ 3237
171 كفالة اليتيم 8/ 3249
172 الكلم الطيب 8/ 3271
173 اللين 8/ 3296
174 مجاهدة النفس 8/ 3307
175 محاسبة النفس 8/ 3320
176 المحبة 8/ 3330
177 المداراة 8/ 3359
178 المراقبة 8/ 3368
179 المروءة 8/ 3377(12/513)
180 المسارعة في الخيرات 8/ 3388
181 المسئولية 8/ 3408
182 المعاتبة 8/ 3420
183 معرفة الله عز وجل 8/ 3439
184 المواساة 8/ 3460
185 النبل 8/ 3470
186 النزاهة 8/ 3476
187 النشاط 8/ 3487
188 النصيحة 8/ 3495
189 النظام 8/ 3509
190 النظر والتبصر 8/ 3518
191 الهجرة 8/ 3546
192 الهدى 8/ 3572
193 الورع 8/ 3618
194 الوعظ 8/ 3630
195 الوفاء بالعهد 8/ 3640
196 الوقار 8/ 3670
197 الوقاية 8/ 3676
198 الولاء والبراء 8/ 3689
199 اليقظة 8/ 3713
200 اليقين 8/ 3720
ثانيا: الصفات المذمومة:
1 الابتداع 9/ 3735
2 اتباع الهوى 9/ 3755
3 الأثرة 9/ 3772
4 الإجرام 9/ 3781
5 الإحباط 9/ 3798
6 الاحتكار 9/ 3809
7 الأذى 9/ 3812
8 الإرهاب 9/ 3828
9 الإساءة 9/ 3843
10 الاستهزاء 9/ 3872
11 الإسراف 9/ 3885
12 الإصرار على الذنب والعناد 9/ 3898
13 إطلاق البصر 9/ 3906
14 الإعراض 9/ 3914
15 الاعوجاج 9/ 3928
16 الافتراء 9/ 3936
17 إفشاء السر 9/ 3947
18 الإفك 9/ 3959
19 أكل الحرام 9/ 3971
20 الإلحاد 9/ 3982
21 الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف 9/ 3987
22 الإمعة 9/ 3995
23 الأمن من المكر 9/ 4001
24 الانتقام 9/ 4007
25 انتهاك الحرمات 9/ 4017
26 الإهمال 9/ 4026
27 البخل 9/ 4031
28 البذاءة 9/ 4049
29 البذاذة 9/ 4061
30 البطر 9/ 4069
31 البغض 9/ 4074
32 البغي 9/ 4086
33 البلادة (عدم الفقه) 9/ 4097
34 البهتان 9/ 4108
35 التبذير 9/ 4115
36 التبرج 9/ 4121
37 التجسس 9/ 4130
38 التحقير 9/ 4133
39 التخاذل 9/ 4140
40 التخلف عن الجهاد 9/ 4146
41 ترك الصلاة 9/ 4161(12/514)
42 التسول 9/ 4169
43 التشامل 9/ 4174
44 التطفيف 9/ 4184
45 التطير 9/ 4193
46 التعاون على الإثم والعدوان 9/ 4202
47 التعسير 9/ 4210
48 التفرق 9/ 4218
49 التفريط والإفراط 9/ 4231
50 التكاثر 9/ 4239
51 التكلف 9/ 4251
52 التناجش 9/ 4259
53 التنازع 9/ 4267
54 التنصل من المسئولية والتنصل منها 9/ 4281
55 التنفير 9/ 4297
56 التهاون 9/ 4301
57 التولي 9/ 4308
58 الجبن 9/ 4321
59 الجحود 9/ 4328
60 الجدال والمراء 9/ 4339
61 الجزع 9/ 4352
62 الجفاء 9/ 4358
63 الجهل 9/ 4369
64 الحرب والمحاربة 10/ 4392
65 الحزن 10/ 4407
66 الحسد 10/ 4421
67 الحقد 10/ 4433
68 الحكم بغير ما أنزل الله 10/ 4442
69 الحمق 10/ 4450
70 الخبث 10/ 4461
71 الخداع 10/ 4471
72 الخنوثة والتخنث 10/ 4478
73 الخيانة 10/ 4484
74 الدياثة 10/ 4498
75 الذل 10/ 4503
76 الربا 10/ 4518
77 الردة 10/ 4534
78 الرشوة 10/ 4546
79 الرياء 10/ 4555
80 الزنا 10/ 4570
81 الزندقة 10/ 4587
82 السحر 10/ 4591
83 السخرية 10/ 4605
84 السخط 10/ 4615
85 السرقة 10/ 4626
86 السفاهة 10/ 4635
87 سوء الخلق 10/ 4646
88 سوء الظن 10/ 4654
89 سوء المعاملة 10/ 4674
90 الشح 10/ 4687
91 شرب الخمر 10/ 4697
92 الشرك 10/ 4719
93 الشك 10/ 4752
94 الشماتة 10/ 4770
95 شهادة الزور 10/ 4776
96 صغر الهمة 10/ 4782
97 الضعف 10/ 4788
98 الضلال 10/ 4797
99 الطغيان 10/ 4836
100 الطمع 10/ 4847
101 طول الأمل 10/ 4859
102 الطيش 10/ 4868
103 الظلم 10/ 4875
104 العبوس 10/ 4927
105 العتو 10/ 4933(12/515)
106 العجلة 10/ 4942
107 العدوان 10/ 4957
108 العصيان 10/ 4975
109 عقوق الوالدين 10/ 5013
110 العنف والإكراه 10/ 5019
111 الغدر 11/ 5026
112 الغرور 11/ 5052
113 الغش 11/ 5070
114 الغضب 11/ 5079
115 الغفلة 11/ 5099
116 الغل 11/ 5110
117 الغلو 11/ 5115
118 الغلول 11/ 5132
119 الغي والإغواء 11/ 5146
120 الغيبة 11/ 5165
121 الفتنة 11/ 5183
122 الفجور 11/ 5220
123 الفحش 11/ 5232
124 الفساد 11/ 5238
125 الفسوق 11/ 5264
126 الفضح 11/ 5270
127 القتل 11/ 5286
128 القدوة السيئة 11/ 5301
129 القذف 11/ 5312
130 القسوة 11/ 5324
131 قطيعة الرحم 11/ 5330
132 القلق 11/ 5339
133 القنوط 11/ 5344
134 الكبر والعجب 11/ 5358
135 الكذب 11/ 5385
136 الكرب 11/ 5432
137 الكسل 11/ 5439
138 الكفر 11/ 5447
139 الكنز 11/ 5511
140 اللغو 11/ 5522
141 اللهو واللعب 11/ 5529
142 اللؤم 11/ 5541
143 المجاهرة بالمعصية 11/ 5549
144 المكر والكيد 11/ 5557
145 المن بالعطية 11/ 5565
146 موالاة الكفار 11/ 5571
147 الميسر 11/ 5585
148 النجاسة 11/ 5590
149 النجوى 11/ 5599
150 النفاق 11/ 5606
151 نقض العهد 11/ 5633
152 النقمة 11/ 5546
153 نكران الجميل 11/ 5656
154 النميمة 11/ 5667
155 الهجاء 11/ 5673
156 الهجر 11/ 5683
157 هجر القرآن 11/ 5693
158 الوسوسة 11/ 5702
159 الوهم 11/ 5712
160 الوهن 11/ 5716
161 اليأس 11/ 5725(12/516)
فهرس المصادر والمراجع
- القرآن الكريم.
حرف الألف
1- الإبانة الكبرى، ابن بطه، تحقيق: رضا نعسان، ط. أولى، 1409 هـ.
2- الإبداع في مضار الابتداع، للشيخ علي محفوظ، بيروت، دار المعرفة، د. ت.
3- أبعاد متطورة في الفكر التربوي، نبيه يس، القاهرة، مكتبة الخانجي، د. ت.
4- اتجاهات معاصرة في التربية الأخلاقية، ماجد عرسان الكيلاني، عمان، دار البشير، 1991 م.
5- إتحاف الورى بأخبار أم القرى، ابن فهد، تحقيق: محمد شلتوت، القاهرة، مكتبة الخانجي، 1983 م.
6- الإتقان في علوم القرآن، السيوطي، بيروت، د. ت.
7- اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية، ابن قيم الجوزية، تحقيق: عبد الله بن حسن آل الشيخ وإبراهيم الشورى، القاهرة، 1351 هـ.
8- الاجتهاد فيما لا نص فيه، الطيب خضري السيد، ط. 1،
الرياض، مكتبة الحرمين، 1403 هـ/ 1983 م.
9- الاجتهاد في الشريعة الإسلامية، محمد فوزي فيض الله، الكويت، دار التراث، 1404 هـ.
10- لاجتهاد في الشريعة الإسلامية، حسن مرعي، ضمن بحوث مؤتمر الفقه الإسلامي.
11- الاجتهاد في الشريعة الإسلامية، زكريا البري، منشور ضمن بحوث مؤتمر الفقه الإسلامي.
12- الاجتهاد في الشريعة الإسلامية، علي الخفيف، منشور ضمن بحوث مؤتمر الفقه الإسلامي.
13- الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، الأمير علاء الدين علي بن بلبان الفاسي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، ط 1.، بيروت، مؤسسة الرسالة، د. ت، بيروت، دار الكتب العلمية، ج 14، 1412 هـ/ 1991 م.
14- أحكام القرآن، أبو بكر أحمد بن علي الرازي الجصاص، دار الكتاب العربي، بيروت، د. ت.
15- أحكام القرآن، أبو بكر ابن العربي، تحقيق: علي محمد البجاوي، القاهرة، 1957 م.
16- الأحكام السلطانية، أبو الحسن الماوردي، تحقيق: خالد عبد اللطيف العلي، بيروت، دار الكتاب العربي، 1408 هـ.
17- أحكام الجهاد وفضائله، عز الدين بن عبد السلام، تحقيق: نزيه حماد، جدة، مكتبة دار الوفاء، 1406 هـ.
18- الأحكام القيمية الإسلامية، عبد الودود مكروم، رسالة دكتوراه مخطوطة، جامعة المنصورة، كلية التربية، 1987 م.
19- أحوال النفس، رسالة في النفس وبقائها ومعادها للشيخ الرئيس ابن سينا، تحقيق: أحمد فؤاد الأهواني، القاهرة، مطبعة الحلبي، 1952 م.
20- إحياء علوم الدين، أبو حامد محمد بن محمد الغزالي، القاهرة، دار الشعب، كتاب الشعب، د. ت.
بيروت، دار المعرفة، 4 مج، 1 مج ملحق د. ت.
21- أخبار الحمقى والمغفلين، ابن الجوزي، بيروت، المكتب الإسلامي.
22- أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار، أبو الوليد الأزرقي، تحقيق: رشدي الصالح، ط. سادسة، مكة المكرمة، مطابع دار الثقافة، 1414 هـ.
23- الإخلاص، أبو عبد الرحمن المصري الأثري، طنطا، دار الصحابة، 1994 م.
24- الإخلاص، حسين العوايشة، الأردن، المكتبة الإسلامية، 1993 م.
25- الإخلاص والنية، أبو بكر عبد الله ابن أبي الدنيا، تحقيق:
إياد خالد الطباع، دمشق، دار البشائر للطباعة والنشر والتوزيع، ط 1، 1413 هـ- 1992 م.(12/517)
26- الأخلاق، لأحمد أمين- موسوعة أحمد أمين.
27- الأخلاق، لعضد الدين الإيجي، (تحت الطبع) ، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، 1418 هـ- 1998،
28- أخلاق أهل القرآن، أبو بكر محمد بن حسين الآجري، تحقيق: محمد عمرو عبد اللطيف، بيروت، دار الكتب العلمية، 1406 هـ.
29- أخلاق حملة القرآن، محمد بن حسين أبو بكر الآجري، تحقيق: مجدي السيد إبراهيم، مكتبة النهضة، 1987 م.
30- الأخلاق الإسلامية وأسسها، عبد الرحمن حسن حبنكه الميداني، الطبعة الأولى، دمشق، دار القلم، وط ثانية، 1407 هـ.
31- الأخلاق السياسية في الفكر الإسلامي، محمد ممدوح محمد علي العربي، القاهرة، دار المعارف، 1992 م.
32- أخلاق العلماء، أبو بكر محمد بن حسين الآجري، تحقيق:
إسماعيل بن محمد الأنصاري، الإسماعيلية، مصر، د. ت.
33- الأخلاق النظرية، عبد الرحمن بدوي، الطبعة الثانية، الكويت، 1975 م.
34- الأخلاق في الإسلام والفلسفة القديمة، د. أسعد السحمراني، دار النفائس، بيروت، 1988 م.
35- أخلاق النبي صلى الله عليه وسلّم وآدابه، الأصفهاني، تحقيق: أحمد محمد مرسي، القاهرة، دار النهضة المصرية، 1972 م.
36- أخلاق النبي صلى الله عليه وسلّم في القرآن والسنة، د. أحمد بن عبد العزيز ابن قاسم الحداد، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1996 م.
37- الأخلاق والعرف، هنية مفتاح القماطي، بنغازي، تونس، د. ت.
38- الإخوان، ابن أبي الدنيا، تحقيق: محمد عبد الرحمن طوالبة، إشراف ومراجعة: نجم عبد الرحمن خلف، القاهرة، دار الاعتصام، د. ت.
39- آداب الأكل، ابن عماد الأفقهي، تحقيق: عبد الغفار سليمان البنداري، وأبو هاجر محمد السعيد بن بسيوني زغلول، بيروت، دار الكتب العلمية 1986 م.
40- آداب البحث والمناظرة، محمد الأمين الشنقيطي، المدينة المنورة، د. ت.
41- الآداب الشرعية والمنح المرعية، ابن مفلح، القاهرة، مؤسسة قرطبة، 1987 م.
42- آداب العشرة وذكر الصحبة والأخوة، الغزّي، تحقيق:
عبد الغفار سليمان، القاهرة، مكتبة التراث الإسلامي، د. ت.
43- آداب المتعلمين ورسائل أخرى في التربية الإسلامية، أبو حامد الغزالي. نصير الدين الطوسي، تحقيق:
أحمد عبد الغفور عطار، بيروت، 1967 م.
44- الآمرون بالمعروف في الإسلام، صلاح الدين المنجد، ط.
دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت.
45- أدب الدنيا والدين، الماوردي، بيروت، دار الريان للتراث ط 1، 1401 هـ.
46- أدب الدنيا والدين، الماوردي، تحقيق: مصطفى السقا، بيروت، 1978 م.
47- الأدب المفرد، البخاري، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار البشائر الإسلامية، ط 3، 1409 هـ.
48- أدب القاضي، أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي الشافعي، تحقيق: علي محمد البجاوي، ومحيي هلال السرحان، بغداد، 1391 هـ/ 1971 م.
49- أدب الخلق في الإسلام، محمود المرعشي الدمشقي، تحقيق:
علي عبد الحميد، بيروت، 1990 م.
50- أدب الخلافة، صالح بن حميد، مكتبة الضياء، ط 1، 1411 هـ- 1991 م.
51- أدب الكاتب، ابن قتيبة، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، القاهرة، 1963 م.
52- أدب المسلم في اليوم والليلة، الغزالي، تحقيق: محمد عثمان الخشب، القاهرة، مكتبة القرآن، د. ت.
53- الأدب النبوي، محمد الخولي، دار المعرفة، بيروت،(12/518)
1982 م.
54- الأدب والمروءة، صالح اللخمي، طنطا، 1992 م.
55- إدخال السرور على المسلم، مجدي فتحي السيد، ط 2.،
طنطا، دار الصحابة للتراث، 1990 م.
56- الأدلة المادية على وجود الله، الشيخ محمد متولي الشعراوي، القاهرة، 1995 م.
57- الأدوار التربوية للمؤسسات الاجتماعية، سمير عبد اللطيف هوانة، القاهرة، د. ت.
58- الأدوار التربوية للمؤسسات الاجتماعية، منشور ضمن كتاب «مدخل إلى مبادئ التربية» ، الكويت، 1404 هـ.
59- الأذكار: أذكار اليوم والليلة، ابن القيم.
60- الأذكار المنتخبة من كلام سيد الأبرار، النووي، تحقيق:
محيي الدين مستو، دار ابن كثير، مكتبة التراث، ط 1، 1407 هـ.
نسخة أخرى بدون محقق، بيروت، 1979 م.
61- الأذكار المنتخبة من كلام سيد الأبرار، النووي، شرح: ابن علان مختصرا، مراجعة: أحمد البلتاجي، القاهرة دار التراث العربي 1406 هـ.
62- الأذكار النووية، أبو زكريا يحيى بن شرف النووي، تحقيق:
حمزة سبيع حاكمي، بيروت، جدة، 1412 هـ.
63- أذكار اليوم والليلة، ابن قيم الجوزية، القاهرة، د. ت.
64- الأذكياء، ابن الجوزي، دمشق، مكتبة الغزالي، د. ت.
65- أربعون حديثا في اصطناع المعروف، المنذري، تحقيق:
أحمد مصطفى قاسم، القاهرة، 1995 م.
66- الأربعون في فضل الرحمة والراحمين، محمد بن علي بن طولون، تحقيق: السيد أبو عمر، طنطا، دار الصحابة للتراث، ج 11، 1992 م.
67- الأربعون في تصحيح المعاملة، القشيري، تحقيق: أبي محمد السيد، طنطا، دار الصحابة للتراث، 1992 م.
68- الأرج في الفرج، جلال الدين السيوطي، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، بيروت، دار الكتب العلمية، 1988 م.
69- إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، محمد ناصر الدين الألباني، وزهير الشاويش، المكتب الإسلامي، بيروت، ط. أولى، 1399 هـ.
70- أزواج النبي صلى الله عليه وسلّم، محمد بن الحسن بن زيالة، تحقيق: أكرم ضياء العمري، المدينة المنورة، المجلس العلمي، 1401 هـ.
71- الأسئلة والأجوبة الفقهية المقرونة بالأدلة الشرعية، عبد العزيز، ومحمد السلمان، الرياض، 1401 هـ.
72- أساس البلاغة، الزمخشري، بيروت، دار بيروت للطباعة والنشر، 1404 هـ.
73- الاستخراج لأحكام الخراج، ابن رجب الحنبلي، بيروت، دار المعرفة، 1979 م.
74- الاستشارة والاستخارة، عبد الله علوان، طنطا، دار الصحابة للتراث، 1992 م.
75- الاستقامة، ابن تيمية، تحقيق: محمد رشاد سالم، القاهرة، ط 2، مؤسسة قرطبة، د. ت.
76- أسرار البلاغة، عبد القاهر الجرجاني، تحقيق: محمد عبد المنعم خفاجي، القاهرة، 1950 م.
77- الاستيعاب، ابن عبد البر، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار الجيل، بيروت، ط. أولى، 1412 هـ.
78- أسد الغابة، ابن الأثير، تحقيق: محمد إبراهيم البنا وآخرون، بيروت، دار الفكر، د. ت.
(مصورة من طبعة: دار الشعب بالقاهرة) .
79- الأسرة ومشكلاتها، محمود حسن، بيروت، دار النهضة العربية، 1981 م.
80- أسس التربية الإسلامية في السنة النبوية، د. عبد الحميد الصيد الزنتاني، ليبيا، الدار العربية للكتاب، 1984 م.
81- أسس الحضارة الإسلامية ووسائلها، عبد الرحمن حسن الميداني، بيروت، 1980 م.
82- أسس الصحة النفسية، د. عبد العزيز القوصي، ط.
سابعة، القاهرة، 1982 م.(12/519)
83- الأسس النفسية والتربوية لرعاية الشباب، عمر محمد القوصي الشيباني، بيروت. لندن، الدار العربية للكتاب، د. ت.
84- الأسس المنهجية لبناء العقيدة الإسلامية، يحيى هاشم وحسن فرغلي، دار الفكر، 19877 م.
85- الإسلام بين الشرق والغرب، علي عزت بيجوفيتش، ترجمة: محمد يوسف عدس، الكويت، ط. 1، مجلة النور، مؤسسة بافاريا للنشر والإعلان والخدمات، 1414 هـ/ 1994 م.
86- الإسلام والثورة الحضارية، عون الشريف قاسم، بيروت، دار القلم، 1400 هـ/ 1980 م.
87- الإسلام وحقوق الإنسان. دراسة مقارنة، القطب محمد القطب طيلة، القاهرة، دار الفكر العربي، 1984 م.
88- إسلامنا، الشيخ سيد سابق، القاهرة، د. ت.
89- الأسلوب التربوي للدعوة إلى الله في العصر الحاضر، خالد ابن عبد الكريم الخياط، مكة المكرمة، 1991 م.
90- أسلمة مناهج العلوم المدرسية، حمدي أبو الفتوح عطيفة، ط. 1، دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع، 1407 هـ/ 19765 م.
91- الأسماء الحسنى، عز الدين الجمل، ط. رابعة، الرياض، 1413 هـ.
92- الأسماء والصفات في معتقد أهل السنة والجماعة، عمر الأشقر، دار النفائس، ط 1، 1413 هـ- 1993 م.
93- الأشباه والنظائر، السيوطي، دار الحديث، د. ت.
94- الأشباه والنظائر، مقاتل بن سليمان البلخي، تحقيق:
عبد الله محمود شحاته، القاهرة، 1975 م.
95- الإشراف في منازل الأشراف، أبو بكر عبد الله بن أبي الدنيا، تحقيق: نجم عبد الله خلف، الرياض، مكتبة الراشد، ط 1، 1411 هـ- 1990 م.
96- اشتقاق أسماء الله الحسنى، الزجاجي، تحقيق: عبد المحسن المبارك، بيروت، 1986 م.
97- الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر، تحقيق: عادل عبد الواحد وآخرين، دار الكتب العلمية، بيروت، ط. أولى، 1415 هـ.
98- الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر، بهامشه كتاب الاستيعاب في أسماء الأصحاب لابن عبد البر، بيروت، دار الفكر، 4 مج، د. ت.
99- إصلاح المجتمع، محمد بن سالم بن حسين، بيروت، 1972 م.
100- الأصنام، هشام بن محمد الكلبي، تحقيق: أحمد زكي، القاهرة، 1965 م.
101- أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة، اللالكائي، تحقيق: أحمد سعيد حمدان، الرياض، 1402 هـ.
102- الأصول الإسلامية للتربية، سعيد إسماعيل علي، القاهرة، دار الفكر العربي، 1992 م.
103- أصول التربية، إبراهيم عصمت مطاوع، ط 2.، القاهرة، دار المعارف، د. ت.
104- أصول التربية الإسلامية، سعيد إسماعيل علي، دار الثقافة للطباعة والنشر، 1978 م.
105- أصول تربية الطفل في الإسلام، حسن إبراهيم عبد العال، رسالة دكتوراه غير منشورة، جامعة طنطا، كلية التربية، 1400 هـ/ 1980 م.
106- الأصول الثقافية للتربية، محمد عبد الهادي عفيفي، القاهرة، مطبعة الأنجلو المصرية، د. ت.
107- أصول الدعوة، عبد الكريم زيدان، ط 3، بيروت، دار البيان، د. ت.
108- أصول الدعوة، عبد الكريم زيدان، بيروت مؤسسة الرسالة ط 2، 1407 هـ.
109- أصول الدين، عبد القادر البغدادي، بيروت، دار الكتب العلمية، 1981 م (مصورة عن طبعة استانبول) .
110- أصول السنة والديانة، ابن بطة العكبري، تحقيق: رضا نعسان، مكة المكرمة، المكتبة الفيصلية، 1404 هـ.
111- أصول الشريعة الإسلامية، علي جريشة، القاهرة، مكتبة وهبة، 1409 هـ.(12/520)
112- أصول الفكر التربوي الحديث بين الاتجاه الإسلامي والاتجاه التغريبي، علي خليل مصطفى أبو العينين، القاهرة، دار الفكر، د. ت.
113- أصول الفقه، محمد أبو زهرة، القاهرة، دار الفكر العربي، د. ت.
114- أصول الفقه، عبد الوهاب خلاف، القاهرة، د. ت.
115- الأصول الفلسفية للتربية، محمد الهادي عفيفي، القاهرة، الأنجلو المصرية، 1972 م.
116- الأصول من علم الأصول، العثيمين، ط. مكتبة الرياض، د. ت.
117- الأصول والفروع، ابن حزم الأندلسي، تحقيق: محمد عاطف العراقي وآخرين، القاهرة، دار النهضة، 1971 م.
118- الأضداد، لأبي الحسن الصاغاني، تحقيق: أ. هفنر، منشور ذيلا لثلاثة كتب في الأضداد.
انظر: ثلاثة كتب في الأضداد.
119- الأضداد، ابن الأنباري، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، الكويت، 1960 م.
120- الأضداد، ابن السكيت، تحقيق: أ. هفز، ضمن ثلاثة كتب في الأضداد، بيروت، 1913 م.
121- الأضداد، الأصمعي، تحقيق: أ. هفز، ضمن ثلاثة كتب في الأضداد، بيروت، 1913 م.
122- الأضداد، السجستاني، تحقيق: أ. هفز، ضمن ثلاثة كتب في الأضداد.
123- أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، محمد الأمين الشنقيطي، ط. ثانية، القاهرة، 1408 هـ، مكتبة ابن تيمية.
124- أطراف الحديث النبوي الشريف، زغلول، بيروت، المكتبة العلمية، د. ت.
125- الاعتصام، الشاطبي، تحقيق محمد حسنين مخلوف، الطبعة العاشرة، بيروت، دار الكتب العلمية، 1988 م، 2 مج.
126- الاعتصام، أبو اسحاق الشاطبي، تحقيق: محمد رشيد رضا، بيروت، دار المعرفة، د. ت.
127- الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد، البيهقي، تحقيق: كمال يوسف الحوت، عالم الكتب، بيروت، 1403 هـ.
128- إعداد المعلم ودوره في تطبيق منهج التربية الإسلامية، عمر محمد التومي الشيباني، في مؤتمر بحوث خبراء التربية الإسلامية، مكة المكرمة، 1399 هـ/ 1400 هـ.
129- الأعلام، خير الدين الزركلي، بيروت، 1980 م.
130- إعلام الأنام بتاريخ بيت الله الحرام، محمد صالح الشبيبي، تحقيق: إسماعيل أحمد، وإسماعيل حافظ، مكة المكرمة، 1400 هـ.
131- إعلام السائلين عن كتب سيد المرسلين، ابن طولون الصالحي، تحقيق: محمود الأرناؤوط، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1983 م.
132- إعلام الموقعين عن رب العالمين، ابن القيم، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الفكر، بيروت، د. ت.
133- الإعلام والتنمية، محمد سيد محمد، الطبعة الثالثة، القاهرة، دار الفكر العربي، 1405 هـ/ 1985 م.
134- الإعلام والرسالة التربوية، نور الدين عبد الجواد، الرياض، مكتب التربية العربي لدول الخليج العربية، ج 2، 1404 هـ/ 1984 م.
135- أعمال القلوب، أو المقامات والأحوال، ابن تيمية، دار الصحابة للتراث، ط 1، 1400 هـ- 1990 م.
136- إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان، ابن قيم الجوزية، بيروت، دار المعرفة، د. ت.
137- الأغاني، الأصفهاني، ط. دار المعارف، القاهرة، د. ت.
138- آفات اللسان، إبراهيم المشوخي، الأردن، م، 1985
139- آفاق جديدة في التعليم الإسلامي، سيد علي أشرف، ترجمة:
أمين حسن الرباط، السعودية، عكاظ، 1404 هـ.
140- أفعال الرسول صلى الله عليه وسلّم ودلالتها على الأحكام، عبد القادر محمد العروسي، دار المجتمع، جدة، 1984 م.
141- أفعال الرسول صلى الله عليه وسلّم لمحمد سليمان الأشقر.
142- أفعال العباد في القرآن الكريم، عبد العزيز المجدوب،(12/521)
ليبيا، الدار العربية للكتاب، 1987 م.
143- إقامة البراهين على حكم من استعان بغير الله أو صدق الكهنة والعرافين، الشيخ عبد العزيز بن باز، ط. أولى، الرياض، 1416 هـ.
144- اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم، ابن تيمية، تحقيق: ناصر عبد الكريم العقل، ط 1، 1404 هـ.
145- اقتضاء الصراط المستقيم، مخالفة أصحاب الجحيم، ابن تيمية، تحقيق: محمد حامد الفقي، القاهرة، 1950 م.
146- اقتضاء العلم العمل، الخطيب البغدادي، تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني، الكويت، دار الأرقم، د. ت.
147- اقتضاء العلم العمل، الخطيب البغدادي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1404 هـ.
148- أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ابن الطلاع، تحقيق: محمد ضياء الأعظمي، بيروت، 1398 هـ.
149- إكرام الضيف، أبو إسحاق الحربي.
150- الإكراه في الشريعة الإسلامية، فخري أبو صفية، المدينة المنورة، مطابع الرشيد، 1982 م.
151- الأم، محمد بن أدريس الشافعي، تحقيق: محمد زهدي النجار، بيروت، دار المعرفة، 1393 هـ.
152- الأمالي، أبو علي القالي، مراجعة لجنة إحياء التراث العربي، بيروت، دار الآفاق الجديدة، 1981 م.
153- الأمثال لأبي عبيدة، انظر كتاب الأمثال.
154- الأمد الأقصى، عبد الله بن عيسى الدبوسي، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، بيروت، 1405 هـ.
155- الأمر بالاتباع، جلال الدين السيوطي، تحقيق: ذيب بن منصور القحطاني، الرياض، د. ت.
156- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ابن تيمية، تحقيق:
محمد السيد الجليند، المملكة العربية السعودية، جدة، 1404 هـ.
157- الأموال، أبو عبيد القاسم بن سلام، تحقيق: محمد خليل هرّاس، بيروت، دار الكتب العلمية، 1986 م.
158- إنجيل برنابا، ترجمة إلى العربية: د. إبراهيم سعادة، ونشره:
محمد رشيد رضا، القاهرة، د. ت.
159- إنجيل لوقا، منشور ضمن الكتاب المقدس (العهد الجديد) .
160- أنساب الأشراف، البلاذري، تحقيق: محمد حميد الله، دار المعارف بمصر، القاهرة، د. ت.
161- الإنسان بين الجوهر والمظهر، إريك فروم، مراجعة وتقديم:
لطفي فهيم، ترجمة: سعد زهران، عالم المعرفة، العدد 140، ذي الحجة 1409 هـ/ أغسطس 1989 م.
162- الإنسان في القرآن، عباس محمود العقاد، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1996 م.
163- الإنسان وصحته النفسية، د. مصطفى فهمي، القاهرة، مكتبة الأنجلو، 1971 م.
164- الإنسان ومجتمعه، محمد نور، القاهرة، 1984 م.
165- الإنصاف، أبو الحسن ساعد بن عمر بن غازي، الطبعة الأولى، طنطا، دار الصحابة للتراث، 1992 م.
166- إنصاف أهل السنة والجماعة ومعاملتهم لمخالفيهم، محمد بن صالح بن يوسف العلي، المملكة العربية السعودية، جدة، 1416 هـ.
167- أنوار التنزيل وأسرار التأويل، البيضاوي، مطبعة الحلبي، القاهرة، 1388 هـ.
168- أهوال القبور وأحوال أهلها إلى النشور، ابن رجب الحنبلي، القاهرة، دار الهجرة، ط 2، 1407 هـ.
169- أوصاف النفس، الترمذي، تحقيق: سمير عباس، بيروت، مكتبة الجيل، 1407 هـ.
170- أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك، أبو محمد بن هشام الأنصاري، بيروت، دار الندوة الحديثة، ط 6، 1980 م.
171- الأولياء، أبو بكر عبد الله ابن أبي الدنيا، تحقيق: مجدي السيد إبراهيم، مكتبة القرآن، 1987 م.
172- الإيثار (ضمن سلسلة من صفات عباد الرحمن) ، ج 1، محمد فتحي وآخرون، طنطا، 1990 م.
173- أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير، الشيخ أبو بكر الجزائري.(12/522)
174- الإيمان، ابن تيمية، محمد خليل هرّاس، مصر، دار الطباعة المحمدية، د. ت.
175- الإيمان، ابن أبي شيبة، منشور ضمن أربع رسائل في «كنوز السنة» ، تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني، الكويت، 1981 م.
176- الإيمان، ابن أبي الدنيا، تحقيق: محمد عبد الرحمن طلبة، القاهرة، دار الاعتصام، د. ت.
177- الإيمان، محمد نعيم يس، انظر كتاب الإيمان (رقم 809) ، القاهرة، د. ت.
178- الإيمان، ابن منده، تحقيق: علي بن محمد بن ناصر الفقيهي، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1407 هـ.
179- الإيمان بالغيب، بسام سلامة، الأردن، 1993 م.
180- الإيمان والحياة، يوسف القرضاوي، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1981 م.
حرف الباء
181- الباعث على إنكار البدع والحوادث، لأبي شامة، المملكة العربية السعودية، جدة، دار الأصفهاني، د. ت.
182- بحث في نشأة علم التاريخ عند العرب، عبد العزيز الدوري، بغداد، د. ت.
183- البحر المحيط، أبو حيان الأندلسي، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود، وعلي معوض، بيروت، دار الكتب العلمية، 1413 هـ.
184- بحوث مؤتمر الفقه الإسلامي، المنعقد بجامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية، نشرها المجلس العلمي بجامعة الإمام في الرياض، 1404 هـ.
185- بدائع الفوائد، ابن القيم، بيروت، دار الكتاب العربي، د. ت.
186- البدائع: انظر بدائع الصنائع.
187- بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، أبو بكر بن مسعود الطاساني، بيروت، دار الكتاب العربي، 1974 م.
188- بداية السول في تفضيل الرسول صلى الله عليه وسلّم، العز بن عبد السلام، تحقيق: عبد الله بن الصديق الغماري، بيروت، د. ت.
189- البداية والنهاية، ابن كثير، تحقيق: أحمد أبو مسلم وآخرون، القاهرة، دار الريان، 1408 هـ.
190- البدع والنهي عنها، محمد بن وضاح القرطبي، تحقيق:
محمد أحمد دهمان، دار البصائر، دمشق، 1400 هـ.
191- البدعة، تحديدها وموقف الإسلام منها، عزت علي عطية، بيروت، 1980 م.
192- بذل المجهود، شرح سنن أبي داود، خليل أحمد السهارنفوري، تعليق: محمد زكريا الكاندهلوي، الهند، 1392 هـ
193- البر والصلة، ابن الجوزي، تحقيق: عادل عبد الموجود، مكة المكرمة، 1393 هـ.
194- برد الأكباد عند فقد الأولاد، محمد بن عبد الله المعروف بابن ناصر الدين، تحقيق: عادل السعيدان، مصر، دسوق، ط 1، 1409 هـ، الدمام، مكتبة ابن الجوزي.
195- البركة في فضل السعي والبركة، أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن عمر، بيروت، 1992 م.
196- البرهان في تجويد القرآن، محمد الصادق قمحاوي، القاهرة، دار القرآن، د. ت.
197- بستان العارفين، النووي، تحقيق: محمد النجار، محمد نجيب الصابوني، حلب (سوريا) ، د. ت.
198- بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، الفيروزابادي، بيروت، المكتبة العلمية، د. ت.
مصورة من طبعة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، لجنة إحياء التراث الإسلامي، القاهرة، 1383 هـ.
199- بغية الألمعي في تخريج الزيلعي، نشرها المجلس العلمي بالقاهرة، دار المأمون، 1357 هـ.
200- بلوغ المرام من أدب الأحكام، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محمد الفقي، بيروت، دار الفكر، د. ت.
201- البيان والتبيين، الجاحظ، تحقيق: عبد السلام هارون، الطبعة الثالثة، القاهرة، د. ت.
حرف التاء
202- التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول، الشيخ منصور علي ناصف، بيروت، دار الفكر العربي، ط 4، 1935 م.(12/523)
203- تاج العروس من جواهر القاموس، السيد محمد مرتضى الزبيدي، بيروت، دار الفكر، د. ت.
204- التاريخ، للدارمي: انظر تاريخ الدارمي عن أبي زكريا.
205- تاريخ الأدب العربي، أحمد حسن الزيات، بيروت، دار الثقافة، 1981 م.
206- تاريخ الأدب العربي، عمر فروخ، بيروت، 1981 م.
207- تاريخ الإسلام، ووفيات المشاهير والأعلام، الذهبي، تحقيق: عمر تدمري، بيروت، دار الكتاب العربي، 1411 هـ.
208- تاريخ الأمم والملوك، ابن جرير الطبري، محمد أبو الفضل إبراهيم، بيروت، دار سويدان، د. ت.
209- تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي، بيروت، دار الكتب العلمية، د. ت.
مصورة عن طبعة الخانجي، القاهرة، 1349 هـ.
210- تاريخ التراث العربي، فؤاد سزكين، ترجمة: محمود فهمي حجازي وآخرين، السعودية، جامعة الإمام محمد بن سعود، 1983 م.
211- تاريخ دمشق، ابن عساكر، محيي الدين العمروي، بيروت، دار الفكر، 1415 هـ.
212- تاريخ الخلفاء، جلال الدين السيوطي، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، القاهرة، د. ت.
213- تاريخ خليفة بن خياط، ابن خياط، تحقيق: أكرم ضياء العمري، بيروت، 1977 م.
214- تاريخ دمشق، ابن عساكر، تحقيق: محيى الدين العمروي، بيروت، دار الفكر، 1415 هـ.
215- تاريخ الدارمي عن أبي زكريا يحيى بن معين في الجرح والتعديل، عثمان بن سعيد الدارمي، تحقيق: أحمد محمد نور يوسف، دمشق، دار المأمون للتراث، د. ت.
216- التاريخ الصغير، للإمام البخاري، تحقيق: محمود إبراهيم زيد، حلب، 1977 م.
217- تاريخ الطبري: تاريخ الأمم والملوك.
218- تاريخ العرب قبل الإسلام، جواد علي، بغداد، مطبعة المجمع العلمي العراقي، 1376 هـ.
219- تاريخ عمر بن الخطاب، ابن الجوزي، مطبعة التوفيق الأدبية بمصر، د. ت.
220- التاريخ الكبير، للإمام البخاري، بيروت، دار الكتب العلمية، د. ت.
221- تاريخ الكعبة المعظمة، عمارتها، كسوتها، سدانتها، حسين باسلامة، المملكة العربية السعودية، تهامة، ط 2، 1402 هـ.
222- تاريخ المدينة، عمر بن شبة، تحقيق: فهيم شلتوت، المملكة العربية السعودية جدة، 1393 هـ.
223- تاريخ يحيى بن معين: انظر تاريخ الدارمي.
224- تاريخ اليعقوبي، اليعقوبي، بيروت، 1390 هـ.
225- تأويل مشكل القرآن، ابن قتيبة، تحقيق: السيد أحمد صقر، القاهرة، دار التراث، 1973 م.
226- التأويل خطورته وآثاره، عمر الأشقر، عمان، الأردن، دار النفائس، ط 1، 1412 هـ- 1992 م.
227- التبيان في آداب حملة القرآن، أبو زكريا شرف الدين النووي، تحقيق: عبد القادر الأرناؤوط، المملكة العربية السعودية، جدة، 1987 م.
228- تبيين الحقائق، شرح كنز الدقائق، الزيلعي، دار المعرفة، بيروت، د. ت.
229- تتميم التكريم لما في الحشيشة من التحريم، أبو بكر القسطلاني، تحقيق: ياسين بن ناصر الخطيب، السعودية، ط 1، 1411 هـ.
230- تجديد المنهج في تقويم التراث، طه عبد الرحمن؛ المركز الثقافي العربي، د. ت.
231- تحت راية القرآن، مصطفى صادق الرافعي، تحقيق: محمد سعيد العريان، بيروت، دار الكتاب العربي، 1974 م.
232- تخريج أحاديث الهداية: انظر بغية الألمعي.
233- تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف، يوسف المزي وبهامشه النكت الظراف لابن حجر، تحقيق: عبد الصمد شرف الدين، الهند، بومباي، الدار القيمة، د. ت.
234- تحفة الأشراف، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: زهير(12/524)
الشاوس، بيروت، المكتب الإسلامي، د. ت.
235- تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، المباركفوري، تحقيق: عبد الوهاب عبد اللطيف، المدينة المنورة، المكتبة السلفية، ط 2، 1406 هـ.
236- تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي، محمد بن عبد الرحمن المباركفوري، بيروت، دار الكتاب العربي، ط 3، 1404 هـ- 1984 م.
237- التحفة العراقية الأعمال القلبية، ابن تيمية، مكتبة ابن تيمية- ج 1 من الفتاوى.
238- تحكيم القوانين الوضعية، محمد إبراهيم آل الشيخ، جدة، دار الأصفهاني، د. ت.
239- تحليل المحتوى في العلوم الإنسانية، رشدي طعيمه، القاهرة، دار الفكر العربي، د. ت.
240- تخريج أحاديث إحياء علوم الدين، العراقي، وابن السبكي، والزبيدي، إخراج: أبي عبد الله محمود بن محمد الحداد، الرياض، دار العاصمة، 1987 م.
241- تخريج الدلالات السمعية، علي بن محمد بن مسعود الخزاعي، إحسان عباس، بيروت، دار الغرب الإسلامي، 1985 م.
242- التخويف من النار والتعريف بمجال دار البوار، ابن رجب الحنبلي، بيروت، دار الكتب العلمية، ط 2، 1405 هـ.
243- التخويف بالنار، تأليف: ابن رجب، دار الفكر، بيروت، د. ت.
244- التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة، القرطبي، تحقيق:
أحمد حجاز السقا، مطبقة الحلبي، 1405 هـ- 1985 م.
245- التربية الأخلاقية الإسلامية، مقداد يالجن، رسالة دكتوراة منشورة، القاهرة، مكتبة الخانجي، ط 1، 1977 م.
246- التربية الإسلامية، عبد الرحمن النقيب، القاهرة، دار الفكر العربي.
247- التربية الإسلامية، كيف نرغبها لأبنائنا، سراج محمد عبد العزيز وزان، إصدار رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، 1991 م.
248- التربية الإسلامية وتحديات العصر، عبد الغني عبود، القاهرة، دار الفكر العربي، 1990 م.
249- التربية الإسلامية وتنمية المجتمع الإسلامي، علي خليل أبو العينين، المدينة المنورة، ط. الحلبي، 1407 هـ.
250- تربية الأولاد في الإسلام، عبد الله علوان، بيروت، دار السلام، 1414 هـ.
251- التربية في الإسلام، أحمد فؤاد الأهواني، الطبعة الثانية، القاهرة، دار المعارف، 1967 م.
252- التربية وأثرها في رفع المستوى الصحي، محمود طنطاوي دنيا، القاهرة، 1975 م.
253- تربية الإنسان الجديد، محمد فاضل الجمالي، تونس، الشركة التونسية للتوزيع، 1967 م.
254- ترتيب العلوم، محمد بن أبي بكر المرعشي (بساجقلي زاده) ، تحقيق: محمد بن إسماعيل السيد أحمد، بيروت، دار البشائر الإسلامية، ط 1، 1408 هـ- 1988 م.
255- الترغيب والترهيب من الحديث الشريف، المنذري، تحقيق: الشيخ مصطفى عمارة، بيروت، دار الكتب العلمية، 1406 هـ.
256- تزكية النفوس وتربيتها كما يقرره علماء السلف، ابن رجب الحنبلي، تحقيق: ماجد بن أبي الليل، بيروت، 1985 م.
257- تسمية أزواج النبي صلى الله عليه وسلّم وأولاده، أبو عبيدة معمر بن المثنى، تحقيق: كمال الحوت، بيروت، 1985 م.
258- تسهيل النظر وتعجيل الظفر، الماوردي، تحقيق: محيي الدين السرحان، بيروت، 1953 م.
259- التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي، عبد القادر عودة، بيروت، دار الكتاب العربي، د. ت.
260- التصاريف، يحيى بن سلام، تحقيق: هند شلبي، تونس، الشركة التونسية للتوزيع، 1980 م.
261- التصريح لما تواتر في نزول المسيح، الكشميري، تحقيق:
عبد الفتاح أبو ريدة، بيروت، دار المعرفة، د. ت.
262- التصوير القرآني للمجتمع، صلاح الفوال، القاهرة، دار(12/525)
الفكر العربي، د. ت.
263- التطور القيمي وتنمية المجتمعات الدينية، محمد إبراهيم كاظم، القاهرة، د. ت.
264- التعريفات، الجرجاني، بيروت، دار الكتب العلمية، 1403 هـ.
265- تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة، ابن حجر العسقلاني، بيروت، دار الكتب العربية، د. ت.
266- التطور القيمي وتنمية المجتمعات، محمد إبراهيم كاظم، القاهرة، د. ت.
267- تعظيم قدر الصلاة: انظر مختصر قيام الليل.
268- تعظيم قدر الصلاة: محمد المروزي، مكتبة: الدار بالمدينة المنورة، ط 1، 1406 هـ.
269- التعليم الإسلامي أهدافه ومقاصده، محمد النقيب عطاس، ترجمة: عبد الحميد محمد الحديبي، عكاظ، جامعة الملك عبد العزيز، 1404 هـ/ 1984 م.
270- التعليم وتحديات المستقبل، جيمس و. بوتكن، إعداد وتقديم: د. عبد العزيز القوصي، القاهرة، المكتب المصري الحديث، 1981 م.
271- تفسير أسماء الله الحسنى، أبو إسحاق الزجاج، القاهرة، د. ت.
272- تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، بيروت، دار المعرفة ط 1، 1401 هـ.
273- تفسير القرآن العظيم، ابن كثير تقديم: يوسف المرعشلي، بيروت، دار المعرفة، ط 2، 1407 هـ.
274- تفسير البحر المحيط، أبو حيان، ط. ثانية، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1990 م.
275- تفسير البغوي: معالم التنزيل.
276- تفسير البيضاوي: أنوار التنزيل.
277- تفسير التحرير والتنوير، الطاهر بن عاشور، تونس، الدار التونسية للنشر والتوزيع، 1984 م.
278- تفسير الجواهر، الشيخ طنطاوي جوهري، بيروت، دار الفكر، د. ت.
279- تفسير الحسن البصري، الحسن البصري، تحقيق: محمد عبد الرحيم، القاهرة، دار الحديث، 1992 م.
280- تفسير الطبري: جامع البيان.
281- تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان، النيسابوري، مطبوع بهامش جامع البيان للطبري، القاهرة، دار الريان للتراث، 1987 م.
282- تفسير غريب القرآن، ابن قتيبة، تحقيق: السيد أحمد صقر، بيروت، 1978 م.
283- تفسير القرطبي: الجامع لأحكام القرآن.
284- تفسير القرآن، عبد الرزاق بن همام الصنعاني، تحقيق:
مصطفى علم محمد، الرياض، مكتبة الرشد، 1989 م.
285- تفسير القرآن الحكيم، الشيخ محمد رشيد رضا، بيروت، دار المعرفة، 1993 م.
286- تفسير القرآن العظيم، لأبي الفدا إسماعيل بن كثير القرشي، ط. ثانية، دار المعرفة، بيروت، 1987 م، وط. مكتبة الرياض الحديثة، دار الفكر، 1400 هـ.
287- التفسير القيم، ابن قيم الجوزية، تحقيق: محمد حامد الفقي، القاهرة، مكتبة السنة المحمدية، د. ت.
288- التفسير الكبير، الفخر الرازي، بيروت، دار التراث العربي، د. ت.
289- تفسير مجاهد، الإمام أبو الحجاج مجاهد بن بكر التابعي، تحقيق: محمد عبد الرحمن الطاهر بن محمد السوركي، باكستان، اسلام اباد. وبيروت، المنشورات العلمية، د. ت.
290- تفسير المراغي، الشيخ أحمد مصطفى المراغي، القاهرة، مصطفى البابي الحلبي، 1974 م.
291- تفسير المنار: تفسير القرآن الحكيم.
292- تفسير الماوردي: النكت والعيون.
293- تفسير النسائي، لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، تحقيق: سيد الحليمي، وصبري الشافعي، القاهرة، مكتبة السنة، القاهرة، ط 1، 1410 هـ.
294- التفسير الواضح، محمد محمود حجازي، ط 6.، القاهرة، 1969 م.(12/526)
295- تفسير وبيان مفردات القرآن الكريم، إعداد محمد حسن الحمصي، بيروت، مؤسسة الإيمان. دمشق، دار الرشيد، 1984.
296- تفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين، الراغب الإصفهاني، بيروت، 1983 م.
297- تقريب التهذيب، ابن حجر العسقلاني، تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف، بيروت، دار المعرفة، ط 2، 1395 هـ.
298- تكاليف القلب السليم، محمد بن صفوك العلي، الكويت، 1985 م.
299- التلخيص للذهبي بهامش المستدرك، انظر المستدرك على الصحيحين للحاكم.
300- التلخيص للذهبي، بيروت، دار المعرفة، د. ت.
301- تلبيس إبليس، ابن الجوزي، تحقيق: محمود مهدي الاستانبولي، القاهرة، 1976 م.
302- تلقيح فهوم أهل الأثر في عيون التاريخ والسير، عبد الرحمن بن الجوزي، القاهرة، مطبعة الآداب، 1975 م.
303- تمام المنة في التعليق على فقه السنة، محمد ناصر الدين الألباني، الرياض، دار الراية، 1409 هـ.
304- التمثيل والمحاضرة، أبو منصور الثعالبي، القاهرة، دار إحياء الكتب العربية، 1381 هـ.
305- التمهيد في أصول الفقه، أبو الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني الحنبلي، تحقيق: محمد بن إبراهيم، منشورات جامعة أم القرة، مكة المكرمة، 1985 م.
306- تنبيه الطالب لفهم ابن الحاجب، محمد بن عبد السلام المالكي، مخطوط بمركز إحياء التراث الإسلامي بجامعة أم القرى، مكة المكرمة.
307- تنبيه الغافلين، ابن النحاس، تحقيق: نصر السمرقندي، جدة، دار الشروق، 1400 هـ.
308- تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين، أحمد الدمشقي، الرياض، مكتبة الحرمين، ط 2، 1406 هـ.
309- تنزيه الشريعة عن إباحة الأغاني الخليعة، أحمد بن يحيى النجمي، القاهرة، مكتبة ابن تيمية، د. ت.
310- تنزيه الشريعة عن إباحة الأغاني الخليعة، أحمد بن يحيى النجمي، ومعه حكم الإسلام في الموسيقى والغناء لأبي بكر الجزائري، القاهرة مكتبة ابن تيمية، ط 2.
311- تنوير الحوالك (شرح على موطأ مالك) ، جلال الدين السيوطي، بيروت، دار الندوة الجديدة، المكتبة الثقافية، 1988 م.
312- تهذيب الآثار، وتفصيل معاني الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم من الأخبار، الطبري، تحقيق: ناصر الرشيد عبد القيوم، مكة المكرمة، 1402 هـ.
313- تهذيب الأخلاق، ابن مسكويه، الطبعة الثانية، بيروت، دار الكتب العربية، 1401 هـ/ 1981 م.
314- تهذيب الأخلاق، الجاحظ، القاهرة، دار الصحابة للتراث، د. ت.
315- تهذيب الأسماء واللغات، النووي، بيروت، د. ت.
316- تهذيب التهذيب، ابن حجر العسقلاني، بيروت، دار الفكر، 1404 هـ.
317- تهذيب السنن لابن القيم، تحقيق: محمد حامد الفقي، مكتبة السنة المحمدية، 1367 هـ.
318- تهذيب الكمال، المزي، تحقيق: بشار عواد، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1992 م.
319- تهذيب اللغة، أبو منصور الزهري، تحقيق: عبد السلام هارون وآخرون، مراجعة: محمد علي النجار، القاهرة، 1964.
320- تهذيب مدارج السالكين، ابن قيم الجوزية (ابن القيم) ، تحقيق: عبد المنعم العربي وصالح الغشمري، جدة، دار المطبوعات الحديثة، 1408 هـ.
321- التوابين، ابن قدامة المقدسي، تحقيق: علاء عبد الوهاب محمد، القاهرة، دار الأمين، 1993 م.
322- التواضع والخمول، ابن أبي الدنيا، تحقيق: لطفي الصغير، القاهرة، دار الاعتصام، د. ت.
323- التوبة إلى الله ومكفرات الذنوب، أبو حامد الغزالي، تحقيق:
عبد اللطيف عاشور، القاهرة، مكتبة القرآن، د. ت.
324- التوبة، ابن تيمية، دار ابن حزم، بيروت، 1412 هـ-(12/527)
1992 م.
325- توجيهات وذكرى، صالح بن عبد الله بن حميد، جدة، مكتبة الضياء، 1411 هـ.
326- التوحيد أولا، ناصر بن سليمان العمر، تقديم الشيخ:
عبد العزيز بن عبد الرحمن الجبرين، الرياض، دار الوطن، 1413 هـ.
327- التوحيد وإثبات صفات الرب عز وجل، أبو بكر بن خزيمة، دراسة وتحقيق: عبد العزيز بن إبراهيم الشهوان، وتقديم الشيخ/ صالح القوزان، المملكة العربية السعودية، مكتبة الرشد، ط. خاصة، 1414 هـ.
328- التوحيد وإثبات صفات الرب عز وجل، ابن خزيمة، تحقيق: محمد خليل هراس، بيروت، 1982 م.
329- توضيح العقيدة المفيد في علم التوحيد، موسى أحمد اللباد، القاهرة، 1991 م.
330- توضيح الكافية الشافية، الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي، الرياض، د. ت.
331- التوقيف على مهمات التعاريف، محمد عبد الرءوف المناوي، تحقيق: عبد الحميد صالح حمدان، القاهرة، 1410 هـ.
332- التوكل على الله، ابن أبي الدنيا، تحقيق: جاسم الفهد الدوسري، بيروت، دار البشائر الإسلامية، 1407 هـ.
333- تيسير العزيز الحميد، سليمان بن عبد الله بن عبد الوهاب، بيروت، المكتب الإسلامي، د. ت.
334- تيسير الوصول إلى أحاديث الرسول، ابن الديبع الشيباني، القاهرة، 1352 هـ..
حرف الثاء
335- الثقاة، ابن حبان، دار الفكر، بيروت، د. ت.
مصورة عن الطبعة الهندية، حيدر أباد الركن، 1393 هـ.
336- الثقافة الإسلامية، عبد الواحد الفار، جدة، تهامة، سلسلة الكتاب الجامعي، د. ت.
337- ثقافة الداعية، يوسف القرضاوي، بيروت، 1980 م.
338- ثقافة الداعية، يوسف القرضاوي، الكويت، 1981 م.
339- ثقافة الطفل، كافية رمضان، وفيولا البيلاوي، الكويت، كلية التربية، 1983 م.
340- الثقافة الشخصية، د. سامية الساعاتي، بيروت، دار النهضة العربية، ط 2، 1983 م.
341- ثلاثة كتب في الأضداد، الأصمعي، والسجستاني، وابن السكيت، نشرها: أوجست هفنر، بيروت، المطبعة الكاثولوكية للآباء اليسوعيين، 1912 م.
حرف الجيم
342- الجامع، أبو زيد القيرواني، انظر كتاب الجامع في السنة، رقم (817) .
343- جامع الأحاديث (الجامع الصغير وزوائده والجامع الكبير) جلال الدين السيوطي، تحقيق: عباس أحمد صقر، وأحمد عبد الجواد، بيروت، دار الفكر، 1964 م.
344- جامع الأصول في أحاديث الرسول، ابن الأثير، تحقيق:
عبد القادر الأرناؤوط، ويوسف الشيخ، بيروت، دار الفكر، 1403 هـ.
345- جامع الأصول من أحاديث الرسول، ابن الأثير، تحقيق:
محمد حامد الفقي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1987 م.
346- جامع بيان العلم وفضله، ابن عبد البر، دار الفتح، 1978 م.
347- جامع البيان في تفسير القرآن، الطبري، القاهرة، دار الحديث 1407 هـ 12 مج وبهامشه تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان للنيسابوري.
348- الجامع الصحيح، لأبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي، تحقيق وشرح: أحمد محمد شاكر، القاهرة، 1978 م.
349- الجامع الصحيح (سنن الترمذي، لأبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي، تحقيق: كمال يوسف، بيروت، دار الكتب العلمية، 1408 هـ
350- الجامع الصغير في أحاديث البشر النذير، السيوطي، دار الفكر، بيروت، 1401 هـ.(12/528)
351- الجامع الكبير: انظر جامع الأحاديث.
352- جامع العلوم والحكم، ابن رجب الحنبلي، عم ان، مكتبة الرسالة الحديثة، د. ت، القاهرة مؤسسة الكتب الثقافية د. ت.
353- جامع المسانيد والسنن، ابن كثير، تحقيق: عبد المعطي أمين قلعجي، بيروت، دار الكتب العلمية، 1994 م.
354- الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، بيروت، دار الكتب العلمية، 1408 هـ، مصر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1987 م
355- الجامع لشعب الإيمان، البيهقي، تحقيق: عبد العلي عبد الحميد حامد، الهند، بومباي، الدار السلفية، 8 مج، ط 1، 1407 هـ.
356- جدل العقل والنقل في مناهج التفكير الإسلامي، محمد الكناني، بيروت، د. ت.
357- الجرح والتعديل، أبو محمد الرازي، الهند، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، ط 1، د. ت.
358- جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على محمد خير الأنام، ابن القيم، تحقيق: يوسف شاهين، بيروت، دار الكتب العلمية، د. ت.
ونسخة أخرى بتحقيق: محيي الدين نتو، دمشق، بيروت، دار ابن كثير، 1408 هـ.
359- جماع العلم، محمد بن إدريس الشافعي، تحقيق: محمد أحمد عبد العزيز، بيروت، دار الكتب العلمية، د. ت.
360- جمهرة أشعار العرب، أبو زيد محمد بن أبي الخطاب القرشي، تحقيق: محمد علي، القاهرة، 1981 م، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت.
361- جمهرة اللغة، ابن دريد محمد بن الحسن البصري، القاهرة، مؤسسة الحلبي، د. ت.
362- جمهرة أنساب العرب، ابن حزم الأندلسي، دار المعارف، القاهرة، 1962 م.
363- الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، ابن قيم الجوزية، القاهرة، دار الريان، 1408 هـ.
364- الجواب المفيد في بيان أقسام التوحيد، الشيخ محمد صالح العثيمين، دار طويق، ط 2.، 1414 هـ/ 1994 م.
365- الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، ابن تيمية، مطبعة النيل، القاهرة، 1322 هـ.
366- جوامع السيرة، ابن حزم الأندلسي، دمشق، دار ابن كثير، 1986 م.
367- جواهر الأدب، أحمد الهاشمي، بيروت، دار الفكر، د. ت، ط 3.
368- الجهاد والسير، ابن المبارك، تحقيق: نزيه حماد، جدة، د. ت.
حرف الحاء
369- حاشية السندي على سنن الترمذي، (الجامع الصحيح) الإمام السندي، تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة، حلب، مكتب المطبوعات الاسلامية، بيروت، دار البشائر، 4 مج، 1 مج فهارس.
370- حاشية السندي علي صحيح البخاري، السندي، القاهرة، دار التراث العربي، د. ت.
371- حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح، ابن قيم الجوزية، بيروت، دار الكتب العلمية، 1983 م.
372- الحاوي الكبير، أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري الماوردي، تحقيق: محمد مطرحي، بيروت، دار الفكر، 1414 هـ/ 1994 م.
373- الحاوي للفتاوى، جلال الدين السيوطي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1402 هـ.
374- الحث على حفظ العلم وذكر كبار الحفاظ، أبو الفرج بن الجوزي، بيروت، دار الكتب العلمية، 1985 م.
375- الحث على التجارة والصناعة والعمل، أبو بكر الخلال، تحقيق: أبو عبد الله محمد الحداد، الرياض، 1407 هـ.
376- حجاب المرأة المسلمة في الكتاب والسّنّة، الألباني، بيروت، المكتب الإسلامي، ط 5، 1398 هـ.
377- حجة النبي صلى الله عليه وسلّم، محمد ناصر الدين الألباني، ط. سابعة، المكتب الإسلامي، 1405 هـ.
378- الحجة في القراءات السبع، أبو علي الحسن بن أحمد الفارسي، تحقيق: علي النجدي ناصف، ود. عبد الحليم النجار، ود. عبد الفتاح(12/529)
شلبي، القاهرة، 1983 م.
379- حديث الولي: انظر ولاية الله والطريق إليها (رقم 1114) .
380- الحسد والحاسدين، مجدي فتحي السيد، طنطا، دار الصحابة للتراث، 1993 م.
381- حسن التوسل في زيارة أفضل الرسل، عبد الله بن أحمد الفاكهي، منشور بهامش إتحاف الأشراف للشبراوي، المطبعة الأدبية، القاهرة، 1319 هـ.
382- حسن السمت في الصمت، جلال الدين السيوطي، تحقيق: محمد السعيد بن بسيوني زغلول، ط. أولى، مكة المكرمة، دار الباز للنشر والتوزيع/ بيروت، دار الكتب العلمية، ط 1، 1407 هـ.
383- حسن الظن بالله، ابن أبي الدنيا، تحقيق: مخلص محمد، الرياض، دار طيبة، د. ت، ط 1، 1408 هـ.
384- حصول الرفق بأصول الرزق، السيوطي، تحقيق:
أبو الفضل الجويني، طنطا، دار الصحابة للتراث، ط 1، 1990 م.
385- حقوق الجار، الذهبي، تحقيق: مبروك كامل، القاهرة، د. ت.
386- حقوق النساء في الإسلام، محمد رشيد رضا، تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، د. ت.
387- حكم الإسلام في الموسيقى والغناء، أبو بكر الجزائري، ضمن كتاب تنزيه الشريعة في طبعته الثانية.
388- حكم الإسلام فيمن زعم أن القرآن متناقض، سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، المدينة المنورة، 1401 هـ.
389- الحلال والحرام في الإسلام، أحمد محمد عس اف، بيروت، ط 2، 1982 م.
390- الحلال والحرام في الإسلام، يوسف القرضاوي، القاهرة، 1976 م.
391- الحلم، ابن أبي الدنيا، تحقيق: مجدي السيد إبراهيم، القاهرة، 1996 م.
392- حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، أبو نعيم الأصفهاني، القاهرة دار الرياض، ط 5، 1407 هـ، وبيروت، دار الكتاب العربي، 1407 هـ.
393- الحماسة، أبي تمام، تحقيق: عبد الله بن الرحيم عسقلاني، الرياض، منشورات جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، د. ت.
394- الحياء في ضوء القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة، سليم الهلالي، السعودية، الأحساء، مكتبة ابن الجوزي، 1408 هـ- 1988 م.
395- الحياة، محمد رضا الحكمي، محمد الحكمي، علي الحكمي، طهران، مكتب نشر الثقافة الإسلامية، 1408 هـ.
396- حياة الصحابة، الشيخ محمد يوسف الكاندهلوي، تحقيق: الشيخ نايف العباس، ود. محمد علي دولة، دار العلم، دمشق، 1985 م.
397- حياة محمد صلى الله عليه وسلّم، در منحم، ط. ثانية، باريس، 1950 م.
398- حياة محمد صلى الله عليه وسلّم، محمد حسين هيكل، القاهرة، مكتبة النهضة المصرية، 1968 م.
399- حياة القلوب بدعاء علام الغيوب، أبي السمح محمد بن عبد الظاهر بن محمد نور الدين الفقيه، الرياض، دار سفير للطباعة والنشر والتوزيع، 1415 هـ.
حرف الخاء
400- خاتم النبيين صلى الله عليه وسلّم، الشيخ محمد أبو زهرة، بيروت، المكتبة العصرية، د. ت.
401- الخالدون مائة أعظمهم محمد صلى الله عليه وسلّم، مايكل هارت، ترجمة:
أنيس منصور، الطبعة السابعة، دار الزهراء للإعلام الإسلامي، القاهرة، 1986 م.
402- الخراج، القاضي أبو يوسف، بيروت، دار المعرفة، 1979 م.
403- خزانة الأدب، عبد القادر البغدادي، تحقيق: عبد السلام هارون، القاهرة، مكتبة الخانجي، 1989 م.
404- خصائص أفضل المخلوقين، انظر غاية السول.
405- الخصائص العامة للإسلام، يوسف القرضاوي، القاهرة، مكتبة وهبة، ط 1، 1397 هـ/ 1977 م.
406- خصائص الغرر ونفائس العرر، مختار من كتاب غرر الخصائص لمحمد بن إبراهيم بن يحيى المعروف بالوطواط، وهو مخطوط بمكتبة جامعة أم القرى(12/530)
رقم 898 (أدب) .
407- الخصائص الكبرى (وكفاية الطالب اللبيب في خصائص الحبيب) ، جلال الدين السيوطي، تحقيق: محمد خليل هراس، القاهرة، المطبعة الحديثة، د. ت.
408- خصائص التصور الإسلامي، سيد قطب، دار القرآن الكريم، بيروت، دمشق، 1978 م.
409- خصائص النبي صلى الله عليه وسلّم، المحب المكي، تعليق: محمد السيد عفيفي، القاهرة، مكتبة المجد العربي، ط 1، 1411 هـ- 1990 م.
410- خطب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ووصاياه، محمد أحمد عاشور، القاهرة، دار الاعتصام، 1995 م.
411- خلافة الإنسان بين الوحي والعقل، عبد المجيد النجار، دار الغرب الإسلامي، إصدار المعهد العالمي للفكر الإسلامي بأمريكا، 1993 م.
412- خلق المسلم، الغزالي، القاهرة، دار الكتاب الحديثة، 1974 م.
حرف الدال
413- دائرة معارف القرن العشرين، محمد فريد وجدي، بيروت، 1971 م.
414- الداء والدواء، ابن قيم الجوزية، تحقيق: محمد جميل غازي، جدة، دار المازني، 1983 م.
415- دبلوماسية محمد صلى الله عليه وسلّم، عون الشريف قاسم، القاهرة، عالم الكتب، 1987 م.
416- درء تعارض العقل والنقل، ابن تيمية، تحقيق: محمد رشاد سالم، الرياض، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ط 1، 1401 هـ.
417- دراسات إسلامية في العلاقات الإجتماعية والدولية، محمد عبد الله دراز، الكويت، دار القلم، 1400 هـ/ 1980 م.
418- دراسات تراثية في التربية الإسلامية، محمود قمير، الدوحة، دار الثقافة، 1987 م.
419- دراسات في التربية الإسلامية وأصولها النظرية والفلسفية، أحمد إبراهيم كاظم وآخرون، جامعة قطر، مركز البحوث التربوية، المجلد التاسع، 1985 م.
420- دراسات في علوم القرآن ومناهج المفسرين، عبد الغفور مصطفى جعفر، القاهرة، 1987 م.
421- دراسات في علم الأخلاق، عبد الحميد مدكور، مكتبة الشباب، القاهرة، 1990 م.
422- دراسات نفسية في الشخصية، جابر عبد الحميد، وسليمان الخضري، القاهرة، د. ت.
423- دراسات قرآنية، محمد قطب، ط. ثانية، بيروت، دار الشروق، 1982 م.
424- دراسة تحليلية لشخصية الرسول محمد صلى الله عليه وسلّم من خلال سيرته الشريفة، محمد رواس قلعه جي، بيروت، دار النفائس، 1408 هـ/ 1988 م.
425- دراسة في السيرة، عماد الدين خليل، بيروت، مؤسسة الرسالة، ط. سادسة، 1402 هـ.
426- دراسة في المائة الأوائل، مايكل هارت، ترجمة: خالد عيسى وأحمد سبانو، المملكة العربية السعودية، دار ابن قتيبة، ط 2، 1399 هـ.
وقد ترجمه أيضا: أنيس منصور ونشره في القاهرة (دار المعارف) ، بعنوان: العظماء مائة أعظمهم محمد صلى الله عليه وسلّم.
427- دراسات قرآنية، محمد قطب، ط. ثانية، بيروت، دار الشروق، 1982 هـ.
428- دراسات نفسية في الشخصية العربية، جابر عبد الحميد قميحة، القاهرة، عالم الكتب، 1978 م.
429- دراسة لبعض المشكلات التي تعوق الوظيفة الخلقية للمدرسة الثانوية، رسالة ماجستير غير منشورة، عبد الودود مكروم، المنصورة، جامعة المنصورة، كلية التربية، 1983 م.
430- الدر المنثور في التفسير بالمأثور، جلال الدين السيوطي، بيروت، دار الفكر، ط 1، 1403 هـ.
431- الدر المنضود في ذم البخل ومدح الجود، المناوي، تحقيق:
أبو الفضل الأثري، طنطا، دار الصحابة للتراث، 1990 م.(12/531)
432- الدرر في اختصار المغازي والسير، ابن عبد البر، تحقيق:
شوقي ضيف، القاهرة، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، 1996 م.
433- دستور الأخلاق في القرآن الكريم، دراسة مقارنة للأخلاق النظرية في القرآن، محمد عبد الله دراز، تعريب وتحقيق وتعليق: عبد الصبور شاهين، ط. رابعة، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1982 م.
434- الدستور القرآني والسنة في شئون الحياة، محمد عزة دروزة، بيروت/ دمشق، 1981 م.
435- الدعاء، الطبراني، دار البشائر، بيروت، ط سابعة، 1407 هـ.
436- الدعائم الخلقية للقوانين الشرعية، صبحي محمصاني، بيروت، دار القلم، 1393 م.
437- دعوة الإسلام، روجيه جارودي، ترجمة: ذوقان قرقوط، القاهرة، مكتبة مدبولي، 1984 م.
438- الدعوة الإسلامية، أصولها ووسائلها، أحمد غلوش، دار الكتاب المصري ودار الكتاب اللبناني، القاهرة، بيروت، د. ت.
439- الدعوة والدعاة من القرآن وإلى القرآن، محمد محمود الصواف، ط. ثانية، جدة، 1985
440- دفاع عن الحديث والسيرة، محمد ناصر الدين الألباني، بيروت/ دمشق، المكتب الإسلامي، د. ت.
441- دلائل النبوة، أبو نعيم الأصفهاني، تحقيق: محمد رواس قلعجي، وعبد البر عباس، ط 2.، بيروت، دار النفائس، 1406 هـ/ 1986 م.
442- دلائل النبوة، البيهقي، تحقيق: عبد المعطي قلعجي، القاهرة، دار الريان، بيروت، دار الكتب العلمية، 1408 هـ.
443- الدلائل الواضحات علي تحريم المسكرات والمفترات، حمود التويجري.
444- دلالة السياق بين التراث وعلم اللغة الحديث، عبد الفتاح عبد العليم البركاوي، القاهرة، 1992 م.
445- دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين، محمد بن علان الصديقي، القاهرة، دار الريان، 4 مج، 1407 هـ.
446- دليل القارئ إلى مواضع الحديث في صحيح البخاري، عبد الله بن محمد الغنيمان، المدينة المنورة، منشورات الجامعة الإسلامية، د. ت.
447- الدليل إلى مراجع الموضوعات الإسلامية، محمد صالح المنجد، ط 2.، الرياض، دار الوطن، 1414 هـ.
448- دور المسجد في التربية، عبد الله أحمد بن أحمد قادري، دار المجتمع، 1407 هـ/ 1987 م.
449- الدين والحضارة الإنسانية، محمد البهي، الجزائر، الشركة الجزائرية، د. ت.
450- ديوان ابن عثيمين: العقد الثمين.
451- ديوان امرئ القيس، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، القاهرة، دار المعارف، 1969 م.
452- ديوان بشار بن برد، جمع وتحقيق: محمد الطاهر بن عاشور، القاهرة، 1966 م.
453- ديوان بشر بن أبي خازم، تحقيق: عزة حسن، دمشق، 1972 م.
454- ديوان حسان بن ثابت، جمع وتحقيق: سيد حنفي حسنين، القاهرة، دار المعارف، 1983 م.
455- ديوان زهير بن أبي سلمى، تحقيق: كرم البستاني، بيروت، دار صادر، 1960 م.
456- ديوان الشافعي، أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، تحقيق: محمد عفيف الزغبي، حمص، دار المعرفة، وجدة، دار العلم، 1974 م.
457- ديوان الصرصري، مخطوط بمكتبة جامعة أم القرى.
458- ديوان الصنعاني، مخطوط بمكتبة جامعة أم القرى.
459- ديوان طرفة، تحقيق: علي الجندي، القاهرة، دار الفكر العربي، د. ت.
460- ديوان علي- رضي الله عنه-، جمع وترتيب: عبد العزيز الكرم، بيروت، دار كرم، د. ت.
461- ديوان الفرزدق، بيروت، دار صادر، د. ت.
حرف الذال
462- ذاتية الطفل والنظرية التربوية في الإسلام، محمود فهمي(12/532)
قمير، قطر، الدوحة، ضمن دراسات تراث التربية الإسلامية، 1985 م.
463- الذريعة إلى مكارم الشريعة، الراغب الأصفهاني، ط 1.،
بيروت، دار الكتب العلمية، 1980 م.
464- ذم البغي، ابن أبي الدنيا، تحقيق: أبو اليزيد العجمي ونجم عبد الرحمن خلف، القاهرة، دار الصحوة، 1985، الرياض، دار الراية، 1988 م.
465- ذم الدنيا، أبو بكر عبد الله بن أبي الدنيا، تحقيق: مجدي السيد إبراهيم، مكتبة القرآن، 1988 م.
466- ذم قسوة القلب، ابن رجب الحنبلي، تحقيق: الوليد بن عبد الرحمن، مكة المكرمة، دار عالم الفوائد، 1416 هـ.
467- ذم الهوى، أبو الفرج بن الجوزي، تحقيق: مصطفى عبد الواحد ومراجعة محمد الغزالي، القاهرة، دار الكتب الحديثة، 1381 هـ.
468- الذنوب وقبح آثارها على الأفراد والشعوب، محمد بن أحمد سيد أحمد، مكة المكرمة، مكتبة السوادي، ط 3، 1413 هـ- 1993 م.
حرف الراء
469- ربيع الأبرار ونصوص الأخبار، جار الله الزمخشري، العراق، وزارة الأوقاف والشئون الدينية، 1980 م.
470- الرحلة في طلب الحديث، أحمد بن علي بن ثابت: الخطيب البغدادي، تحقيق: نور الدين عتر، بيروت، دار الكتب العلمية، 1975 م.
471- رحمة للعالمين، محمد سليمان المنصور فوري، ط. الهند، بكديودلي، د. ت.
472- الرحيق المختوم، صفي الرحمن المباركافوري، المنصورة، دار الوفاء، 1987 م.
473- الرد على الجهمية والزنادقة، للإمام أحمد بن حنبل، تحقيق: إسماعيل الأنصاري، القاهرة، د. ت.
474- رسائل الإصلاح، الخضر حسين، القاهرة، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، بيروت، دار الفكر، د. ت.
475- رسائل الجاحظ، تحقيق: عبد السلام هارون، القاهرة، د. ت.
476- الرسائل المفيدة، لعبد الله آل الشيخ، المؤسسة السعيدية بالرياض، د. ت.
477- الرسالة، للإمام الشافعي، تحقيق: أحمد محمد شاكر، بيروت، دار الفكر، د. ت.
478- رسالة ابن أبي الدنيا في الورع: الورع.
479- رسالة الزنديق لابن كمال باشا، جزء من مجموع مخطوط بمكتبة مركز إحياء التراث الإسلامي بجامعة أم القرى، مكة المكرمة، الورقات 157- 163.
480- رسالة تحكيم القوانين، للشيخ محمد بن إبراهيم، ط. دار الأصفهاني، جدة، د. ت.
481- الرسول العربي المربي، عبد الحميد الهاشمي، دمشق، دار الهدى، 1985 م.
482- الرسول القائد صلى الله عليه وسلّم، محمد شيت خطاب، بيروت، دار الفكر، 1971 م.
483- رفع الحرج في الشريعة الإسلامية، يعقوب بن عبد الوهاب أبو حسين، البصرة، العراق، 1980 م.
484- رفع الحرج في الشريعة الإسلامية ضوابطه وتطبيقاته:
صالح بن حميد، مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، مكة المكرمة، ط 1، 1403 هـ.
485- الرقة، ابن قدامة المقدسي، تحقيق: مسعد عبد الحميد السعدني، بيروت، 1994 م.
486- الرقة والبكاء، ابن قدامة المقدسي، طنطا، دار الصحابة للتراث، 1992 م.
487- الروح، ابن القيم، تحقيق: عبد الفتاح محمود عمر، دار الفكر، عمان، 1985 م.
488- روح الدين الإسلامي، عفيف عبد الفتاح طبارة، ط 25، بيروت، دار العلم للملايين، 1985 م.
489- روح المعاني، الألوسي، ط 4.، بيروت، دار اصدار التراث، 1985 م.
490- الروض الأنف في شرح السيرة النبوية لابن هشام، أبو عبد الرحمن السهيلي، تحقيق: عبد الرحمن الوكيل،(12/533)
مصر، المطبعة الجمالية، 1914 م/ بيروت، دار المعرفة، 1978 م.
491- الروض الداني إلى المعجم الصغير للطبراني، تحقيق: محمد شكور الحاج، بيروت، المكتب الإسلامي/ عمان، دار عمار، 1985 م.
492- الروض المربع، شرح زاد المستنقع، للبهوتي، المطبعة السلفية، ط. سادسة، القاهرة، 1380 هـ.
493- روضة التعريف بالحب الشريف، لسان الدين بن الخطيب التلمساني، تحقيق: محمد الكتاني، الرباط، الدار البيضاء/ بيروت، 1970 م.
494- روضة التعريف بالحب الشريف، الوزير لسان الدين بن الخطيب، تحقيق: عبد القادر أحمد عطا، دار الفكر العربي، ط 1، 1386 هـ- 1966 م.
495- روضة الطالبين، النووي، المكتب الإسلامي، بيروت، 1386 هـ.
496- روضة الطالبين وعدة السالكين، الغزالي، تحقيق الشيخ محمد نجيب، بيروت، دار النهضة الحديثة، د. ت.
497- روضة العقلاء ونزهة الفضلاء، ابن حبان، تحقيق: علي بن شرف العمري، القاهرة، 1981 م.
498- روضة العقلاء ونزهة الفضلاء، ابن حبان، شرح وتحقيق:
محمد محيي الدين عبد الحميد، محمد عبد الرزاق حمزة، محمد حامد الفقي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1397 هـ/ 1977 م.
499- روضة المحبين ونزهة المشتاقين، ابن القيم، بيروت، دار الكتب العلمية، 1403 هـ- 1983 م.
500- الرياض الأنيقة في شرح أسماء خير الخليقة صلى الله عليه وسلّم، السيوطي، تحقيق: أبو هاجر محمد السعيد، بيروت، دار الكتب العلمية، 1405 هـ.
501- رياض الصالحين، أبو زكريا يحيى بن شرف النووي، تحقيق: عبد العزيز رباح، وأحمد يوسف الدقاق، راجعه: شعيب الأرناؤوط، دار المأمون للتراث، مكتبة المنارة الزرقاء، ودار ياقوت للتراث ط 1، 1409 هـ.
502- الرياض الناضرة والحدائق النيرة الزاهرة في العقائد والفنون المتنوعة الفاخرة، عبد الرحمن بن ناصر السعدي، منشورات المؤسسة السعدية، الرياض، د. ت.
503- الرياضة والحضارة الإسلامية، أمين نور الخولي، القاهرة، دار الفكر العربي، د. ت.
حرف الزاى
504- زاد المعاد في هدي خير العباد، ابن قيم الجوزية، تحقيق:
شعيب الأرناؤوط وعبد القادر الأرناؤوط، بيروت، مؤسسة الرسالة، ط 15، الكويت، مكتبة المنار، 1407 هـ.
505- زاد المسير في علم التفسير، ابن الجوزي، بيروت، المكتب الإسلامي، ط 4، 1407 هـ، 1987 م.
506- الزهد، ابن المبارك، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، بيروت، دار الكتب العلمية، د. ت.
507- الزهد الكبير، أحمد بن حسين البيهقي، تحقيق: فقي الدين الندوي، الكويت، دار القلم، ط 2، 1403 هـ- 1983 م.
508- الزهد، أحمد بن حنبل، القاهرة، دار الريان، 1408 هـ.
509- الزهد، الإمام وكيع بن الجراح، تحقيق: عبد الرحمن بن عبد الجبار الفريوائي، المدينة المنورة، 1404 هـ.
510- الزهد، هناد بن السري الكوفي، تحقيق: عبد الرحمن بن عبد الجبار الفريوائي، الكويت، دار الخلفاء للكتاب الإسلامي، 1406 هـ.
511- الزهد والورع في العبادة، ابن تيمية، تحقيق: حامد سلامة ومحمد عويضة، الأردن، الزرقاء، 1407 هـ.
512- الزهد، المروزي، تحقيق حبيب الله الأعظمي، دار الباز، مكة المكرمة، د. ت.
513- زهر الأكم في الأمثال والحكم، الحسن البوسي، تحقيق:
محمد حجي، ومحمد الأخضر، الدار البيضاء، دار الثقافة، 1981 م.
514- زوائد ابن حبان، أحمد بن حجر الهيثمي، تحقيق: محمد عبد الرازق حمزة، ط. دار الكتب العلمي، بيروت، د. ت.
515- زوائد البزار، أحمد بن حجر الهيثمي، تحقيق: حبيب الرحمن(12/534)
الأعظمي، ط. مؤسسة دار الرسالة، بيروت، د. ت.
516- الزوائد، البوصيري، أحمد بن أبي بكر البوصيري، تحقيق:
عزت علي عطية، ط. دار الكتب الحديثة، بيروت، د. ت.
517- الزواج والعلاقات الأسرية، سناء الخولي، بيروت، دار النهضة العربية، د. ت.
518- الزواجر عن اقتراف الكبائر، أبو العباس أحمد بن محمد الهيثمي: ابن حجر الهيثمي، ضبط: أحمد الشامي، ط 2.، بيروت، دار الكتب العلمية، 1993 م.
519- زيارة القبور الشركية والشرعية، محيي الدين البركوي، مؤسسة النور للطباعة، الرياض، د. ت.
حرف السين
520- سبل السلام شرح بلوغ المرام، الصنعاني، تحقيق: فؤاد أحمد أزمرلي، وإبراهيم محمد الجمل، القاهرة، دار الريان للتراث، ط 4، 1407 هـ.
521- سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد، محمد بن يوسف الشامي، تحقيق: عادل أحمد، وعلي معوض، بيروت، دار الكتب العلمية، 1414 هـ.
522- سراج الملوك، الطرطوشي، تحقيق: محمد فتحي أبو بكر، الدار المصرية اللبنانية، 1994 م.
523- سلسلة الأحاديث الصحيحة، محمد ناصر الدين الألباني، بيروت، المكتب الإسلامي، ط 5، 1405 هـ.
524- سلسلة الأحاديث الضعيفة، محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، دمشق، ط. رابعة، 1398 هـ.
525- السلسلة الذهبية في فهرسة الموضوعات التربوية، مازن بن عبد الكريم الفريحي، جدة، دار الأندلس الخضراء، ط 2، 1417 هـ- 1996 م.
526- السلوك الخلقي الاجتماعي في الإسلام، أبو الوفا مصطفى المراغي، القاهرة، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، سلسلة دراسات في الإسلام، العدد 69، د. ت.
527- السلوك الاجتماعي في الإسلام، حسن أيوب، بيروت، دار الندوة الجديدة، ط 4، 1403 هـ.
528- السنة، ابن أبي عاصم الشيباني، ومعه ظلال الجنة في تخريج السنة لمحمد ناصر الدين الألباني، بيروت، المكتب الإسلامي، ط 2، 1405 هـ.
529- السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، مصطفى السباعي، بيروت/ دمشق، المكتب الإسلامي، 1978 م.
530- السنة، عبد الله بن الامام أحمد بن حنبل، دراسة وتحقيق:
محمد سعيد القحطاني، دار رمادي للنشر، المؤتمن للتوزيع، المملكة العربية السعودية، ط 2، 1994 م.
531- سنن ابن ماجه، أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، بيروت، دار إحياء التراث، 1395 هـ، وطبعة دار الفكر، د. ت.
532- سنن أبي داود، أبو داود سليمان بن الأشعث، نشر وتوزيع:
محمد علي السيد سوريا، حمص، 1388 هـ.
533- سنن أبي داود، مراجعة وضبط وتحقيق وتعليق محمد فؤاد عبد الباقي، بيروت، دار الفكر، د. ت.
534- سنن أبي داود، السجستاني، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، بيروت، دار الفكر، د. ت. القاهرة، دار الريان، 1989 م.
535- سنن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، أبو يعقوب بن شيبة، تحقيق: كمال يوسف، بيروت، 1995 م.
536- سنن الترمذي: وهو الجامع الصحيح، لأبي عيسى محمد ابن عيسى بن سورة الترمذي، تحقيق: عبد الرحمن محمد عثمان، ط. ثانية، دار الفكر، 1964 م.
537- سنن الدارمي، الدارمي، تحقيق: السيد المدني، وفيصل إياد، الرياض، رئاسة إدارة البحوث العلمية، 1404 هـ.
538- سنن الدارمي، الدارمي، تحقيق: فؤاد أحمد أزمرلي، وخالد السبع العلمي، القاهرة، دار الريان للتراث، 1407 هـ، وبيروت، دار الكتاب العربي، ط 1، 1407 هـ.
539- سنن الدارقطني، الدارقطني، بيروت، عالم الكتب، د. ت.
540- السنن الكبرى، البيهقي، تحقيق: محمد عطا، دار الكتب(12/535)
العلمية، بيروت، 1994 م.
541- سنن النسائي، النسائي، أحمد بن شعيب النسائي، بيروت، دار الفكر، والقاهرة، دار الحديث، 1987 م.
542- سنن النسائي بشرح السيوطي وحاشية السندي، اعتناء وترقيم: عبد الفتاح أبو غده، حلب، مكتب المطبوعات الإسلامية، بيروت، دار البشائر، 1406 هـ.
543- سهام الإصابة في الدعوات المستجابة، جلال الدين السيوطي، تحقيق: مجدي فتحي السيد، طنطا، دار الصحابة للتراث، 1995 م.
544- السمت في الصمت، السيوطي، تحقيق: محمد السعيد زغلول، مكة المكرمة- دار الباز للنشر والتوزيع، بيروت، دار الكتب العلمية، ط 1، 1407 هـ.
545- سوانح وتأملات في قيمة الزمن، خلدون بن الأحدب، جدة، دار الوفاء، 1407 هـ.
546- السياسة، ابن سينا، نشره لويس معلوف اليسوعي، مجلة المشرق اللبنانية البيروتية، السنة التاسعة، 1906 م.
547- السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية، ابن تيمية، بيروت، دار الاعتصام، 1969 م.
548- سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، د. ت.
549- السير والمغازي، لابن إسحاق: السيرة لابن إسحاق.
550- السيرة، ابن إسحاق، تحقيق: محمد حميد الله، المغرب، معهد الدراسات والأبحاث للتعريب، 1396 هـ.
551- سيرة ابن هشام، ابن هشام المعافري، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، القاهرة، د. ت.
552- السيرة للشامي: سبل الهدى والرشاد.
553- سيرة الرسول صلى الله عليه وسلّم، محمد عزت دروزه، ط. ثانية، بيروت، 1965 م.
554- سيرة عمر بن عبد العزيز، ابن الجوزي، بيروت، دار الفكر، د. ت.
555- السيرة النبوية، ابن كثير، تحقيق: محمد السعيد الخضراوي ومحيي الدين مستو، دمشق/ بيروت، الطبعة الثالثة، 1403 هـ.
556- السيرة النبوية، للحافظ الذهبي، القاهرة، د. ت.
557- السيرة النبوية، عبد الملك بن هشام، تحقيق: مصطفي السقا وآخرون، بيروت، دار القلم، د. ت، الرياض، دار طيبة، ومكة المكرمة، دار الخير، بيروت/ دمشق، 1412 هـ.
558- السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية، دراسة تحليلية، مهدي رزق الله أحمد، الرياض، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، 1412 هـ.
559- السيرة النبوية الصحيحة، أكرم العمري، ط. أولى، الرياض، 1416 هـ.
560- السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة، محمد بن محمد أبو شهبة، القاهرة، دار الباعة المحمدية، 1970 م.
561- سيرة النبي صلى الله عليه وسلّم المختصرة، أبو الحسين أحمد بن فارس، تحقيق: محمد كمال عز الدين، بيروت، 1989 م.
562- السيرة الواسطية.
563- سيكولوجية الطفولة والشخصية، كوبرو وآخرون، ترجمة:
أحمد سلامة وجابر عبد الحميد، القاهرة، دار النهضة العربية، 1985 م.
564- سيكولوجية القصة في القرآن، التهامي نفره، الجزائر، جامعة الجزائر، الشركة التونسية للتوزيع، 1971 م.
حرف الشين
565- شأن الدعاء، الخطابي، تحقيق: أحمد يوسف الدقاق، دمشق/ بيروت، 1984 م.
566- شجرة المعارف والأحوال، العز بن عبد السلام، تحقيق:
إياد خالد الطباع، دمشق، 1989 م.
567- شخصية الرسول صلى الله عليه وسلّم في ضوء المقاييس الإنسانية، عبد الحليم عويس، المملكة العربية السعودية، جامعة الإمام، إدارة الثقافة والنشر، 1413 هـ/ 1992 م.
568- شخصية المسلم، محمد علي الهاشمي، بيروت، دار البشائر الإسلامية، ط 4، 1410 هـ.
569- شخصية المسلم كما يضعها الإسلام، عبد المنعم النمر، القاهرة، 1987 م.(12/536)
570- شذا العرف في فن الصرف، أحمد الحملاوي، القاهرة، دار الفكر العربي، د. ت.
571- شرح ابن عقيل على ألفية بن مالك، ابن عقيل، تحقيق:
محمد محيي الدين عبد الحميد، القاهرة، 1980 م.
572- شرح أسماء الله الحسنى، الرازي، تحقيق: طه عبد الرءوف سعد، بيروت، 1994 م.
573- شرح أصول الاعتقاد، الطبري اللالكائي، تحقيق: أحمد سعد حمدان، الرياض، دار طيبة، د. ت.
574- شرح حديث «ما ذئبان جائعان..» ، ابن رجب الحنبلي، تحقيق: الحلاق، القاهرة، مكتبة الفرقان، د. ت.
575- شرح شأن الصلاة ومعالمها، الترمذي، مخطوط بمركز إحياء التراث الإسلامي، بجامعة أم القرى، رقم (516) فقه عام، مكة المكرمة.
576- شرح ديوان زهير بن أبي سلمى، أبو العباس ثعلب، القاهرة، الدار القومية للطباعة والنشر، 1384 هـ.
577- شرح السنة، لأبي محمد الفراء، تحقيق: زهير الشاويش، شعيب الأرناؤوط، طبع المكتب الاسلامي، ببيروت 1403 هـ.
578- شرح السنة، للبغوي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، وزهير الشاويش، بيروت، المكتب الإسلامي، 1400 هـ.
579- شرح سنن النسائي، السيوطي، القاهرة، دار الحديث، 1987 م.
580- شرح الشافية لابن الحاجب، للرضى الاستراباذي، تحقيق:
محمد نور الحسن، ومحمد الزفزاف، بيروت، 1975 م.
581- شرح شواهد الشافية، عبد القادر البغدادي، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد وآخرين، القاهرة، د. ت.
582- شرح العقيدة الطحاوية، ابن أبي العز الحنفي، حققه:
جماعة من العلماء، وخرج أحاديثها: محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، ط 7، 1403 هـ.
583- شرح العقيدة الأصفهانية، ابن تيمية، تحقيق: حسين محمد مخلوف، دار الكتب الإسلامية، د. ت.
584- شرح كتاب التوحيد: فتح المجيد.
585- شرح الكرماني على صحيح البخاري، محمد بن يوسف الكرماني، ط. ثانية، القاهرة، 1358 هـ.
586- شرح معاني الآثار، أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي، تحقيق: محمد زهدي النجار، ط. 2،
بيروت، دار الكتب العلمية، 1407 هـ.
587- شرح المواهب اللدنية، الزرقاني، ط. مصر، د. ت.
588- شرح المواهب اللدنية، القسطلاني، ط. ثانية، بيروت، دار المعرفة، 1393 هـ.
589- شرح موطأ مالك، محمد بن يوسف بن عبد الباقي الزرقاني، القاهرة، مكتبة الحلبي، 1961 م.
590- شرح النووي لصحيح مسلم، بيروت، دار الكتب العلمية، 1349 هـ.
591- شرف أصحاب الحديث للبغدادي، تحقيق: محمد سعيد أوغلي، دار إحياء السنة النبوية، د. ت.
592- شعب الإيمان للبيهقي، تحقيق: البسيوني زغلول، بيروت، دار الكتب العلمية، 1990 م.
593- شعب الإيمان، أحمد بن حسين البيهقي، تحقيق: محمد السعيد بسيوني، بيروت، دار الكتب العلمية، ط 1، 1410 هـ.
594- شفاء الغليل، ابن قيم الجوزية، دار الكتب العلمية، 1987 م.
595- الشفا بتعريف حقوق المصطفى، القاضي عياض، تحقيق:
علي محمد البجاوي، بيروت، دار الكتاب العربي، 1404 هـ. مصورة عن طبعة الحلبي في القاهرة، 1977 م.
596- الشفا في مواعظ الملوك، ابن الجوزي، بيروت، دار الفكر، د. ت.
597- الشكر، ابن أبي الدنيا، تحقيق يس السواس ومحمود الأرناؤوط، بيروت، 1985 م.
598- شمائل الرسول صلى الله عليه وسلّم ودلائل نبوته وفضائله وخصائصه، ابن كثير، تحقيق: مصطفى عبد الواحد، ط. ثانية، بيروت، 1987 م.
599- الشهادتان، معناهما وما تستلزمه كل منهما، الشيخ عبد الله(12/537)
ابن عبد الرحمن بن جبرين، جدة، دار الوسيلة، 1415 هـ.
600- الشورى، عبد الله أحمد قادري، جدة، 1986 م.
601- الشورى في الإسلام، مجموعة بحوث في ثلاثة مجلدات، المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية، الأردن، عمان، 1989 م.
602- الشورى وأثرها في الديمقراطية، عبد الحميد إسماعيل الأنصاري، ط. ثانية، بيروت، المكتبة العصرية، د. ت.
حرف الصاد
603- الصاحبي في فقه اللغة، أبو الحسين أحمد بن فارس، تحقيق: السيد أحمد صقر، القاهرة، 1977 م.
604- الصارم المسلول على شاتم الرسول، ابن تيمية، طبعة الحرس الوطني السعودي، إشراف الإدارة العامة للشئون الدينية، د. ت.
605- الصارم المسلول على شاتم الرسول، ابن تيمية، الناشر:
زكريا علي يوسف، مطابع العاصمة بالقاهرة.
606- الصداقة والصديق، أبو حيان التوحيدي، تحقيق: علي متولي صلاح، القاهرة، 1972 م.
607- صبح الأعشى، القلقشندي، نسخة مصورة عن المطبعة الأميرية بالقاهرة، د. ت.
608- الصحاح، تاج اللغة وصحاح العربية، إسماعيل بن حماد الجوهري، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، القاهرة، 1982 م.
609- الصحة النفسية والعلاج النفسي، د. حامد عبد السلام زهران، ط 2، عالم الكتب، القاهرة، 1982 م.
610- الصحة النفسية في ضوء علم النفس والإسلام، د. محمد عودة محمد، د. كمال إبراهيم عيسى، ط 2، الكويت، 1986 م.
611- صحة النفس، د. إبراهيم وجيه محمود، مكتبة دار الفكر، طرابلس، ليبيا، 1974 م.
612- صحيح البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، تحقيق: مصطفى البغا، دمشق، دار ابن كثير، 1407 هـ.
613- صحيح ابن حبان، أبو حاتم البستي، تحقيق: عبد الرحمن محمد عثمان، المدينة المنورة، 1970 م.
614- صحيح ابن خزيمة، ابن خزيمة السلمي، تحقيق: محمد مصطفى الأعظمي، الرياض، شركة الطباعة العربية السعودية، د. ت.
615- صحيح ابن خزيمة، تحقيق: محمد الأعظمي ط 1، المكتب الاسلامي ببيروت، 1400 هـ.
616- صحيح الترمذي، محمد ناصر الدين الألباني، بيروت، 1988 م.
617- صحيح الجامع الصغير وضعيفه، محمد ناصر الدين الألباني، بيروت، المكتب الإسلامي، 1988
618- صحيح الجامع الصغير وزياداته، محمد ناصر الدين الألباني، دمشق، بيروت، المكتب الإسلامي، ط 3، 1400 هـ.
619- صحيح سنن أبي داود، محمد ناصر الدين الألباني، تحقيق:
زهير الشاويش، مكتب التربية العربي لدول الخليج، 1409 هـ.
620- صحيح سنن ابن ماجه، محمد ناصر الدين الألباني، بيروت، المكتب الإسلامي، 1402 هـ.
621- صحيح سنن النسائي باختصار السند، محمد ناصر الدين الألباني، الرياض، مكتب التربية العربي لدول الخليج، 10 مج، ط 1، 1409 هـ.
622- صحيح السيرة النبوية، محمد رزق، دار ابن تيمية، 1410 هـ.
623- صحيح مسلم بشرح النووي، القاهرة، دار الريان للتراث، 1407 هـ، وبيروت، دار الكتب العلمية، 1349 هـ.
624- صحيح مسلم، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، بيروت، دار إحياء التراث العربي، د. ت.
625- صحيح الوابل الصيب من الكلم الطيب، ابن قيم الجوزية، تحقيق: سليم بن عيد الهلالي، السعودية، الدمام، مكتبة ابن الجوزي، 1989 م.
626- صفوة الصفوة، أبو الفرج بن الجوزي، حيدر آباد الدكن،(12/538)
دائرة المعارف العثمانية، 1392 هـ.
627- صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلّم، محمد ناصر الدين الألباني، بيروت، المكتب الإسلامي، 1981 م.
628- صفحات من صبر العلماء على شدائد العلم، عبد الفتاح أبو غدة، بيروت، دار المنارة، د. ت.
629- صفوة الأخبار ومنتقى الآثار، موسى محمد الأسود، الكويت، مكتبة دار التراث، ط 1، 1408 هـ، 1988 م.
630- الصلاة ومقاصدها، أبو عبد الله الترمذي، تحقيق: الشيخ بهيج غزاوي، بيروت، دار إحياء العلوم، 1986 م.
631- الصمت وآداب اللسان، ابن أبي الدنيا، تحقيق: نجم عبد الرحمن خلف، بيروت، ط 1، 1406 هـ.
632- الصمت وحفظ اللسان، أبو بكر عبد الله بن أبي الدنيا، تحقيق: محمد أحمد عاشور، دار الاعتصام، ط 2، 1408 هـ- 1988 م.
633- صيد الخاطر، ابن الجوزي، تحقيق: عبد القادر عطا، دار القبلتين للنشر والتوزيع، د. ت، القاهرة، مكتبة الكليات الأزهرية، د. ت، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت.
حرف الضاد
634- الضعفاء، الدارقطني، تحقيق: موفق بن عبد الله بن عبد القادر، الرياض، مطبعة المعارف، 1404 هـ.
635- ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية، محمد سعيد رمضان، ط 4.، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1402 هـ/ 1982 م.
636- ضوابط التكفير عند أهل السنة والجماعة، عبد الله بن محمد القرني، مؤسسة الرسالة، ط 1، 1413 هـ- 1992 م.
637- الضياء اللامع من الخطب الجوامع، للشيخ محمد بن صالح بن عثيمين، القاهرة، 1988 م.
حرف الطاء
638- الطبقات، خليفة بن خياط العصفري، تحقيق: أكرم ضياء العمري، بغداد، مطبعة العاني، د. ت.
639- طبقات الشافعية، إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي، بغداد، المكتبة العربية، 1356 هـ.
640- الطبقات الكبرى، محمد بن سعد، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، بيروت، دار الكتب العلمية، 1410 هـ.
641- الطبقات الكبرى، محمد بن سعد، بيروت، دار صادر، 1957 م.
642- الطرائف الأدبية، عبد العزيز الميمني، بيروت، دار الكتب العلمية، 1937 م.
643- الطريق إلى الله أو كتاب الصديق لأبي سعيد الخزار، تحقيق:
عبد الحليم محمود، القاهرة، مطبعة حسان، 1975 م.
644- طريق الهجرتين وباب السعادتين، ابن القيم، القاهرة، مكتبة النهضة، 1979 م.
645- طريق الوصول إلى العلم المأمول بمعرفة القواعد والضوابط والأصول، الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي، الرياض، د. ت.
646- طوق الحمامة، ابن حزم الأندلسي، تحقيق: صلاح الدين القاسمي، تونس، 1982 م.
حرف الظاء
647- الظرف والظرفاء، ابن يحيى الوشار، تحقيق: فهمي سعيد، بيروت، 1985 م.
648- ظلال الجنة في تخريج السنة، محمد ناصر الدين الألباني، بيروت، المكتب الإسلامي، ط 2، 1405 هـ.
حرف العين
649- عارضة الأحوزي بشرح صحيح الترمذي، القاضي أبو بكر ابن العربي.
650- عالم السحر والشعوذة، عمر سليمان الأشقر، الكويت، مكتبة الفلاح، ط 2، 1403 هـ.
651- العبادة في الإسلام، يوسف القرضاوي، بيروت، مؤسسة الرسالة، ط 6، 1399 هـ.
652- عبقرية الإسلام في أصول الحكم، منير العجلاني، بيروت، دار النفائس، 1995 م.
653- العبودية، لشيخ الإسلام ابن تيمية، المكتب الإسلامي، ط 3، 1392 هـ.(12/539)
654- عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين، ابن قيم الجوزية، تحقيق: نعيم زوزو، بيروت، دار الكتب العلمية، د. ت.
655- عصر النبي صلى الله عليه وسلّم، محمد عزت دروزه، بيروت، دار اليقظة العربية، ط. ثانية، 1384 هـ.
656- العظة، أبو الشيخ الأصفهاني، تحقيق: رضا الله محمد بن إدريس المباركفوري، 1408 هـ.
657- العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين، أبو الطيب الفاسي، القاهرة، د. ت.
658- العقد الثمين من قصائد ابن عثيمين، محمد بن عثيمين، الرياض، 1400 هـ.
659- العقد الفريد، أحمد بن محمد الأندلسي (ابن عبد ربه) ، تحقيق: محمد سعيد العريان، دار الفكر، د. ت.
660- العقد الفريد، ابن عبد ربه الأندلسي، تحقيق: أحمد أمين وآخرين، القاهرة، مكتبة النهضة المصرية، ط 1، 1381 هـ.
661- العقد الفريد، ابن عبد ربه الأندلسي، تقديم: عمر تدمري، دار الكتاب العربي، بيروت، د. ت.
662- العقل سفينة النجاة، كمال محمد عيسى، بيروت، 1980 م.
663- العقل وفضله واليقين، أبو بكر بن أبي الدنيا، تحقيق:
مجدي السيد إبراهيم، الرياض، مكتبة الساعي، د. ت.
664- العقل وفهم القرآن، الحارث بن أسد المحاسبي، تحقيق:
حسين قواتلي، بيروت، دار الفكر، 1983 م.
665- العقيدة الإسلامية، عبد الرحمن حبنكة الميداني، دار القلم، دمشق، 1986 م.
666- العقيدة الإسلامية سفينة النجاة، كمال محمد عيسيى، بيروت، 1980 م.
667- العقيدة الإسلامية والأيديولوجيات المعاصرة، عبد الغني عبود، القاهرة، دار الفكر العربي، 1976 م.
668- عقيدة أهل السنة والجماعة، الطحاوي، تحقيق: محمد بن مانع، القاهرة، د. ت.
669- عقيدة أهل السنة والجماعة، محمد بن إبراهيم الحمد، تقديم الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الرياض، دار الوطن، ط 1، 1416 هـ.
670- عقيدة السلف، إسماعيل الصابوني، دار الكتب السلفية، الكويت، 1407 هـ.
671- العقيدة الإسلامية من الكتاب والسنة الصحيحة، إعداد محمد بن جميل زينو، مكة المكرمة، د. ت.
672- العقيدة الصحيحة ونواقص الإسلام، لعبد العزيز بن باز، القاهرة، 1993 م.
673- العقيدة الطحاوية، تعليق سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، مكتبة الصديق للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، الطائف، د. ت.
674- العقيدة الواسطية، ابن تيمية، شرح الشيخ صالح الفوزان، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ط 5، 1411 هـ.
675- العلم، أبو خيثمة زهير بن حرب النسائي، منشور ضمن أربع رسائل، حققها: محمد ناصر الدين الألباني، الكويت، 1981 م.
676- العلم، زهير بن حرب النسائي، تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني، دمشق، المكتب الإسلامي، ج 2، 1983 م.
677- العلم في منظوره الجديد، جورج ستانسيو، ترجمة: كمال خلايلي، الكويت، سلسلة عالم المعرفة، 1989 م.
678- علم اجتماع القيم، محمد أحمد بيومي، الإسكندرية، دار المعرفة الجامعية، 1990 م.
679- علم النفس الاجتماعي، حامد زهران، القاهرة، عالم الكتب، 1977 م.
680- علم النفس الاجتماعي، فؤاد البهي السيد، القاهرة، دار الفكر العربي، 1954 م.
681- علم الاجتماع التربوي، في اجتماعيات التربية، محمد مصطفى الشيمي، القاهرة، دار النهضة العربية، 1978 م.
682- علم الأخلاق، النظرية والتطبيق، محمد الخاقاني، بيروت، دار مكتبة الهلال، 1987 م.(12/540)
683- علموا أولادكم محبة رسول الله صلى الله عليه وسلّم، محمد عبده يماني، جدة، دار القبلة، 1987 م.
684- علو الهمة، محمد أحمد، وإسماعيل المقدم، الرياض 1416 هـ.
685- علوم الحديث، ابن الصلاح، تحقيق: نور الدين عتر، المدينة المنورة، 1966 م، وطبعة دار الفكر، 1986 م.
686- علوم الحديث ومصطلحه، صبحي الصالح، بيروت، دار العلم للملايين، 1378 هـ.
687- العمدة بتمييز الكبائر، أبو البراء البرقاوي، تحقيق: أحمد الشريف المصري، الكويت، دار الأرقم، 1985 م.
688- عمدة التفسير، أحمد محمد شاكر، القاهرة، دار الريان، د. ت.
689- عمدة القاري، شرح صحيح البخاري، بدر الدين العيني، القاهرة، المطبعة المنيرية، د. ت.
690- عمدة القاريء، شرح صحيح البخاري، بدر الدين العيني، بيروت، دار الفكر، 1399 هـ.
691- عمل اليوم والليلة، النسائي، تحقيق: فاروق حمادة، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1985 م.
692- عوارف المعارف، السهروردي، مطبوع على هامش إحياء علوم الدين، طبعة الحلبي، 1957 م.
693- العواصم من القواصم، القاضي أبو بكر بن العربي، تحقيق: محيي الدين الخطيب، بيروت، المكتبة العلمية، 1985 م.
694- عون المعبود، شرح سنن أبي داود، أبو الطيب العظيم آبادي، تحقيق: عبد الرحمن محمد عثمان، المدينة المنورة، المكتبة السلفية، ط 2، 1388 هـ.
695- العيال، أبو بكر عبد الله بن أبي الدنيا، تحقيق: نجم عبد الرحمن خلف، القاهرة، دار ابن القيم، ط 1، 1410 هـ- 1990 م.
696- العين، الخليل بن أحمد الفراهيدي، تحقيق: مهدي المخزومي وإبراهيم السامرائي، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، 1988 م.
697- عيون الأثر، في فنون المغازي والشمائل والسير، محمد بن محمد بن سيد الناس، تحقيق: محمد الخطراوي، ومحيي الدين نتو، المدينة المنورة/ بيروت، دار ابن كثير، 1413 هـ.
698- عيون الأخبار، ابن قتيبة الدنيوري، بيروت، دار الكتب العلمية، د. ت.
حرف الغين
699- غاية السول في خصائص الرسول صلى الله عليه وسلّم، لأبي حفص عمر ابن علي الأنصاري الشهير بابن الملقن، تحقيق:
عبد الله بحر الدين بن عبد الله، بيروت، دار البشائر، 1414 هـ.
700- غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام، محمد ناصر الدين الألباني، بيروت/ دمشق، المكتب الإسلامي، 1981 م.
701- غذاء الألباب شرح منظومة الآداب، الإسفراييني الحنبلي، مكة المكرمة، 1393 هـ.
702- غرائب القرآن ورغائب الفرقان، على هامش تفسير الطبري، دار الحديث، القاهرة، 1987 م.
703- غرائب القرآن ورغائب الفرقان، نظام الدين النيسابوري، تحقيق: إبراهيم عطوة عوض، القاهرة، مكتبة ومطبعة الحلبي، 1962 م.
704- الغرابة في الحديث النبوي، عبد الفتاح عبد العليم البركاوي، ط 1، القاهرة، 1407 هـ.
705- الغربة والغرباء، ابن تيمية، دار الهجر، المملكة العربية السعودية، 1989 م.
706- غريب الحديث، ابن قتيبة، تحقيق: عبد الله الحبوري، بغداد، مطبعة العاني، 1977 م.
707- غريب الحديث، ابن قتيبة، تحقيق ودراسة ألسنية لمحمد رضا السويسي، تونس، 1979 م.
708- غريب الحديث، أبو عبيد القاسم بن سلام، تصحيح:
محمد عظيم الدين، الهند، حيدراباد، 1964 م.
709- غريب الحديث، أبو عبيد القاسم بن سلام، تحقيق:
حسين شرف، القاهرة، الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية، 1984 م.(12/541)
710- غريب الحديث، أبو إسحاق الحربي، تحقيق: سليمان بن إبراهيم العابد، جدة، دار المدني، 1985 م.
711- غريب الحديث، أبو الفرج بن الجوزي، تحقيق:
عبد المعطي أمين قلعجي، بيروت، دار الكتب العلمية، 1985 م.
712- غريب الحديث، الخطابي، تحقيق: عبد الكريم الغرباوي، مكة المكرمة، جامعة أم القرى، 1402 هـ.
713- الغريبين، أبو عبيد الهروي، تحقيق: محمود الطناحي، القاهرة، 1970 م.
حرف الفاء
714- الفتاوى، ابن تيمية، مجموع الفتاوى، جمع وترتيب عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، القاهرة، مكتبة ابن تيمية، د. ت.
715- فتاوى الزواج وعشرة النساء، ابن تيمية، تحقيق: فريد بن أمين الهنداوي، القاهرة، مكتبة التراث الإسلامي، 1988 م.
716- فتاوى الخمر والمخدرات، ابن تيمية، إعداد وتعليق، أحمد حرك، دار البشير، د. ت.
717- فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب، رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه: محمد فؤاد عبد الباقي، القاهرة، دار الريان للتراث، 1407 هـ.
718- فتح الخلاق في مكارم الأخلاق، أحمد سعيد الدجوي، تحقيق: عبد الرحيم مرديني، دمشق، 1991 م.
719- الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد، أحمد عبد الرحمن البنا الشهير بالساعاتي، القاهرة، د. ت.
720- فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، محمد بن علي الشوكاني، القاهرة، مطبعة الحلبي، 1964 م/ بيروت، دار الفكر، 1983 م.
721- فتح المجيد شرح كتاب التوحيد، عبد الرحمن آل الشيخ، تحقيق: محمد حامد الفقي، مكة المكرمة، المكتبة التجارية، 1412 هـ.
722- فتح المجيد، شرح كتاب التوحيد، عبد الرحمن آل الشيخ، تحقيق: محمد حامد الفقي، وعليه تنبيهات لعبد العزيز بن باز، مكتبة السنة المحمدية.
723- الفتوة، الشيخ أبو عبد الله محمد بن أبي المكارم (أبو المعمار) ، تحقيق: مصطفى جواد وآخرين، بغداد، مكتبة المثنى، ط 1، 1958 م.
724- الفتوح، ابن أعثم الكوفي، حيدرآباد الدكن، دائرة المعارف العثمانية، 1395 م. ونسخة مصورة عنها، دار الكتب العلمية، بيروت، 1406 هـ.
725- فتوح البلدان، أبو الحسن البلاذري، بيروت، دار الكتب العلمية، 1412 هـ.
726- فتوح البلدان، للإمام أبو الحسن البلاذري، تحقيق:
رضوان محمد رضوان، بيروت، دار الكتب العلمية، 1403 هـ- 1983 م.
727- فتوح مصر وأخبارها، ابن عبد الحكم، بغداد، مكتبة المثنى (مصورة عن طبعة ليدن، 1920 م) .
728- الفرقان بين أولياء الرحمان وأولياء الشيطان، ابن تيمية، تحقيق: شريف محمد هزاع، مصر، دار الصحابة للتراث، ط 1، 1410 هـ- 1990 م.
729- الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، ابن تيمية، تحقيق: زهير الشاويش، بيروت، المكتب الإسلامي، ط 4، 1408 هـ.
730- الفرق بين النصيحة والتعيير، ابن رجب الحنبلي، تحقيق:
نجم عبد الرحمن خلف، القاهرة، د. ت.
731- الفروع، ابن مفلح، ويليه تصحيح الفروع للمرداوي، بيروت، عالم الكتب، د. ت.
732- الفروق اللغوية، أبو هلال العسكري، لجنة إحياء التراث العربي، بيروت، دار الآفاق الجديدة، د. ت.
733- الفصول في اختصار سيرة الرسول صلى الله عليه وسلّم، ابن كثير، تحقيق:
محمد الخطراوي وآخرين، دمشق/ بيروت، دار القلم، 1399 م.
734- فضائل الأعمال، الحافظ المقدسي، المدينة المنورة، المكتبة العلمية، 1983 م.
735- فضائل الصحابة، الإمام أحمد بن حنبل، تحقيق: محمد(12/542)
عباس، مؤسسة الرسالة، 1403 هـ.
736- الفضائل الخلقية في الإسلام، أحمد محمد عبد الرحمن (رسالة دكتوراة غير منشورة) ، كلية دار العلوم، القاهرة، 1977 م.
737- الفضائل في ضوء الكتاب والسنة، محمد سالم محيسن، مصر، الإسكندرية، مؤسسة شباب الجامعة، 1983 م.
738- فضائل القرآن، الحافظ بن كثير، تحقيق: محمد إبراهيم البنا، جدة- بيروت، 1988 م.
739- فضل الله الصمد، في توضيح الأدب المفرد، فضل الله الجيلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب، القاهرة، المكتبة السلفية، 1407 هـ.
740- فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلّم، إسماعيل بن إسحاق القاضي، تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني، بيروت، المكتب الإسلامي، 1977 م.
741- فضل علم السلف على الخلف، ابن رجب، تحقيق: محمد عبد الحكيم قاضي، ط. الدار السلفية، الكويت، 1407 هـ.
742- فقه الزكاة، يوسف القرضاوي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 6، 1410 هـ.
743- فقه السنة، السيد سابق، بيروت، دار الكتاب العربي، 1969 م.
744- فقه السيرة، الشيخ محمد الغزالي، ط. خامسة، دمشق، دار القلم، 1414 هـ.
745- الفقه على المذاهب الأربعة، الجزيري وآخرون، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط 3، د. ت.
746- الفكر التربوي عند ابن القيم، حسن بن علي الحجاجي، جدة، دار حافظ للنشر، 1408 هـ.
747- الفكر التربوي عند الإمام الشافعي، فاطمة محمد السيد، رسالة ماجستير، مصر، المنوفية، كلية التربية، 1401 هـ.
748- الفكر التربوي عند ابن العربي، إبراهيم النجار، والبشير الزريبي، تونس، الدار التونسية للنشر، د. ت.
749- الفكر التربوي في كتاب الجاحظ، محمد سعد القزاز، القاهرة، 1995 م.
750- الفكر المادي الحديث وموقف الإسلام منه، محمود عثمان، القاهرة، مكتبة الأنجلو المصرية، 1972 م.
751- فلسفة التربية الإسلامية، عمر الشيباني، ليبيا/ تونس، الدار المصرية للكتاب،، د. ت.
752- فلسفة التربية الإسلامية في الحديث الشريف، عبد الجواد سيد بكر، القاهرة، دار الفكر العربي، 1973 م.
753- فلسفة التربية عند ابن سينا، عبد الرحمن النقيب، القاهرة، دار الفكر العربي، د. ت.
754- فلسفة التربية عند الفارابي، وانعكاساتها على التربية، سري إسماعيل الكيلاني، رسالة ماجستير غير منشورة، 1983 م.
755- فلسفة التربية في القرآن الكريم، علي خليل أبو العينين، المدينة المنورة، مكتبة إبراهيم حلبي، ط 3، 1408 هـ.
756- الفلاكة والمفلكون، أحمد بن علي الدلجي، بيروت، دار الفكر، د. ت.
757- الفهرست، ابن النديم، تحقيق: رضا تجدد المازنداري، طهران، 1391 هـ/ 1971 م.
758- فهرس مخطوطات الظاهرية، محمد ناصر الدين الألباني، بيروت، المكتب الإسلامي، د. ت.
759- الفوائد: ابن القيم، القاهرة، دار الريان للتراث، 1407 هـ 1987 م.
760- الفوائد، ابن القيم، المكتبة القيمة، توزيع الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء، المملكة العربية السعودية، ط 1، 1400 هـ.
761- في اجتماعيات التربية، منير سرحان، بيروت، دار النهضة العربية، 1981 م.
762- في أصول التربية، الأصول الثقافية للتربية، محمد الهادي عفيفي، القاهرة، مكتبة الأنجلو المصرية، د. ت.
763- في التربية الإسلامية، عبد الغني عبود، القاهرة، دار الفكر العربي، 1977 م.
764- في ضوء القرآن والسنة، التهامي نفرة، تونس، 1976 م.(12/543)
القاهرة، دار الشروق، 1402 هـ.
765- في ظل الشريعة الإسلامية، الشيخ عبد العزيز بن باز، الرياض، 1412 هـ.
766- في فلسفة الحضارة الإسلامية، عفت الشرقاوي، دار النهضة، بيروت، 1981 م.
767- فيض القدير، شرح الجامع الصغير، محمد عبد الرؤوف المناوي، القاهرة، 1938 م.
768- في النمو الأخلاقي، محمد رفقي محمد فتحي، ط 1.،
الكويت، دار القلم، 1403 هـ/ 1983 م.
حرف القاف
769- قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة، ابن تيمية، حققه وخرج أحاديثه: عبد القادر الأرناؤوط، ط. ثانية، دمشق/ الرياض، 1993 م، مكتبة دار البيان، بيروت، دمشق، ط 1، 1405 هـ.
770- قاموس الشريعة الحاوي طرقها الوسيعة، سعد جميل أبو خميس، الأردن، عمان، 1403 هـ.
771- القاموس الفقهي، سعد أبو جيب، دمشق، دار الفكر، 1402 هـ- 1982 م.
772- القاموس المحيط، الفيروزابادي، بيروت، دار الجيل، د. ت.
773- قراءة تربوية في فكر أبي الحسن الماوردي، علي خليل مصطفي أبو العينين، السعودية، دار المجتمع، 1411 هـ، ومصر، دار الوفاء، 1990 م.
774- قرة عيون الموحدين، في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين، الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ، لاهور، د. ت.
775- قصة الحضارة، ول ديوارنت، ترجمة محمد بدران، نشر جامعة الدول العربية، القاهرة.
776- قصص الأنبياء، عبد الرحمن النجار، منشورات دار النصر، بيروت، دمشق، د. ت.
777- قصة الإيمان بين الفلسفة والعلم والقرآن، الشيخ نديم الجسر، ط 3.، بيروت، 1969 م.
778- القصص في الحديث النبوي، محمد بن حسن الزير، ط 3.، بيروت، 1405 هـ/ 1985 م.
779- القصد والرجوع إلى الله، المحاسبي، دراسة وتحقيق:
عبد القادر أحمد عطا، دار التراث العربي، 1400 هـ 1980 م.
780- القضاء في الإسلام ودوره في القضاء على الجريمة، نادية محمد شريف العمري، الرياض، 1412 هـ.
781- القضاء والقدر في الإسلام، فاروق الدسوقي، الإسكندرية، دار الدعوة، 1952 م.
782- قضايا إسلامية معاصرة، عبد الشافي غنيم عبد القادر، مؤسسة غنيمي الشيخ، القاهرة، 1980 م.
783- قلائد الجمان في التعريف بقبائل عرب الزمان، أحمد بن علي القلقشندي، تحقيق: إبراهيم الإبياري، القاهرة، دار الكتب الحديثة، 1383 هـ.
784- قمع الحرص بالزهد والقناعة، أبو عبد الله القرطبي، تحقيق: مسعد عبد الحميد السعدني، بيروت، دار الكتب العلمية، 1994 م.
785- قواعد الأحكام في مصالح الأنام، للعز بن عبد السلام، مكة المكرمة، دار الباز، د. ت.
786- قوت القلوب، أبو طالب المكي، تقديم: عبد المنعم الحفني، القاهرة، دار الرشاد، 1991 م.
787- قوت الحجاج في عموم المغفرة للحجاج، أبو الفضل العسقلاني، شرح وتعليق، سمير حلبي، بيروت، دار الكتب العلمية، ط 1، 1407 هـ.
788- القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع، الحافظ السخاوي، تحقيق: بشير محمد عوف، الطائف، مكتبة المؤيد، د. ت، دار البيان، دمشق.
789- القول السديد في مقاصد التوحيد، محمد بن عبد الوهاب، المدينة المنورة، منشورات الجامعة الإسلامية، 1404 هـ.
790- القياس في التشريع الإسلامي، نادية العمري، القاهرة دار هجر، 1407 هـ.
791- القيم الإسلامية والتربية، علي خليل مصطفى أبو العينين، المدينة المنورة، مكتبة إبراهيم حلبي، 1408 هـ.(12/544)
792- القيم التربوية في القصص القرآني، سيد أحمد طهطاوي، القاهرة، دار الفكر، 1992 م.
793- القيم الحضارية في رسالة الإسلام، محمد فتحي عثمان، الدار السعودية، 1402 هـ.
794- القيم في العملية التربوية، ضياء زاهر، القاهرة، 1984 م.
795- القيم والعادات الاجتماعية، فوزية دياب، القاهرة، دار الكتاب العربي للطباعة والنشر، 1962 م.
796- القناعة، أحمد بن اسحاق الدينوري، تحقيق: عبد الله بن يوسف الجديع، 1409 هـ، الرياض، مكتب الراشد للنشر والتوزيع.
حرف الكاف
797- الكامل في التاريخ، على بن أبي الكرم ابن الأثير، تحقيق:
أبو الفداء عبد الله القاضي، بيروت، دار الكتب العلمية، 1407 هـ.
798- الكبائر، الذهبي، مؤسسة الريان للتوزيع والنشر، لبنان، ط 2، 1417 هـ.
799- الكبائر، محمد بن عبد الوهاب، تحقيق: إسماعيل محمد الأنصاري، وعبد الله عبد اللطيف آل الشيخ، مكة المكرمة، د. ت.
800- الكتاب، سيبويه، تحقيق: عبد السلام هارون، القاهرة، مكتبة الخانجي، 1988 م.
801- كتاب الأربعين في تصحيح المعاملة، انظر (الأربعون في تصحيح المعاملة، رقم 67) .
802- كتاب أصول الدين، انظر (أصول الدين، رقم 109) .
803- كتاب الأضداد، ابن الأنباري، انظر (الأضداد لابن الأنباري، رقم 119) .
804- كتاب الأموال، لأبي عبيد، انظر (الأموال لأبي عبيد، رقم 157) .
805- كتاب الأمثال لأبي عبيد القاسم بن سلام، تحقيق:
عبد المجيد قطامش، بيروت، 1980 م، (منشورات جامعة الملك عبد العزيز بالمملكة العربية السعودية) .
806- كتاب الإخوان إبن أبي الدنيا: انظر الإخوان لابن أبي الدنيا.
807- كتاب الإيمان، ابن أبي شيبة، ومعه ثلاث رسائل: الإيمان لأبي عبيد، العل لأبي خيثمة، اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادي، حققها وخرج أحاديثها:
ناصر الدين الألباني، دار الأرقام، الكويت.
808- كتاب الإيمان، محمد بن منده، انظر (الإيمان لابن منده، رقم 178) .
809- كتاب الإيمان، أركانه. حقيقته. نواقضه، محمد نعيم ياسين، القاهرة، مكتبة التراث الإسلامي، 1987 م.
810- كتاب البر والصلة، ابن الجوزي، انظر (البر والصلة، رقم 193) .
811- كتاب التعريفات للجرجاني، انظر (التعريفات، رقم 264) .
812- كتاب تفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين، انظر (تفصيل النشأتين، رقم 296) .
813- كتاب التوابين، أبو محمد عبد الله بن أحمد المقدسي (ابن قدامة) ، تحقيق: دار الكتب العلمية، بيروت، 1403 هـ- 1983 م.
814- كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب عز وجل، ابن خزيمة، انظر (التوحيد وإثبات صفات الرب عز وجل، رقم 327) .
815- كتاب التوكل على الله، ابن أبي الدنيا، انظر (التوكل على الله لابن أبي الدنيا، رقم 332) .
816- كتاب الثقات، ابن حبان التميمي، انظر (الثقات لابن حبان، رقم 335) .
817- كتاب الجامع في السنن والآداب والمغازي والتاريخ، ابن أبي زيد القيرواني، تحقيق: محمد أبو الأجفان، عثمان بطيح، بيروت، مؤسسة الرسالة، تونس المكتبة العتيقة، ط 3، 1406 هـ.
818- كتاب الجرح والتعديل، انظر (الجرح والتعديل، رقم 357) .
819- كتاب الجهاد، عبد الله بن المبارك، تحقيق: نزيه حماد، السعودية، جدة، د. ت.(12/545)
820- كتاب الدعاء، الطبراني، انظر (الدعاء للطبراني، رقم 435) .
821- كتاب الزهد، ابن السري الكوفي، انظر (الزهد لابن السري الكوفي، رقم 510) .
822- كتاب الزهد للإمام وكيع بن الجراح، انظر (الزهد للإمام وكيع بن الجراح، رقم 509) .
823- كتاب الزهد، عبد الله المروزي، انظر (الزهد، عبد الله المروزي، رقم 512) .
824- كتاب السنة لابن أبي عاصم الضحاك ومعه ظلال الجنة في تخريج السنة محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، ط 2، 1405 هـ.
825- كتاب السنن الكبرى للبيهقي، انظر (السنن الكبرى للبيهقي، رقم 540) .
826- كتاب الشكر، ابن أبي الدنيا، انظر (الشكر لابن أبي الدنيا، رقم 597) .
827- كتاب العلم، النسائي، تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني، بيروت، المكتب الإسلامي، 1983 م.
828- كتاب العيال، ابن أبي الدنيا، انظر (العيال لابن أبي الدنيا رقم 695) .
829- كتاب الغيبة والنميمة، أبو بكر عبد الله ابن أبي الدنيا، تحقيق: عمرو علي عمر، الهند، بومباي، الدار السلفية، ط 1، 1409 هـ- 1988 م.
830- كتاب الفتوح، ابن أعثم الكوفي، انظر الفتوح لابن أعثم الكوفي، رقم 724) .
831- كتاب فضائل الأعمال، الحافظ المقدسي، المدينة المنورة، ط 2.، المكتبة العلمية، 1983 م.
832- كتاب الفروع، انظر (الفروع لابن مفلح، رقم 731) .
833- كتاب فضائل الصحابة، أحمد بن حنبل، انظر (فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل، رقم 735) .
834- كتاب فضائل القرآن، ابن كثير، انظر (فضائل القرآن لابن كثير، رقم 738) .
835- كتاب المعلمين، لأبي عثمان الجاحظ، مصر، مطبعة التقدم، 1323 هـ.
836- كتاب النفقات، أبو بكر الشيباني، تحقيق: أبو الوفا الأفغاني، بيروت، 1994 م.
837- كتاب الورع، ابن أبي الدنيا، انظر (الورع لابن أبي الدنيا، رقم 1105) .
838- كتاب اليقين، ابن تيمية، تحقيق: أبو هاجر محمد السعيد زغلول، بيروت، 1997 م.
839- كشاف اصطلاحات الفنون، محمد بن علي التهانوي، تحقيق: لطفي عبد البديع، القاهرة، 1963 م، (الترجمة العربية) .
840- كشاف اصطلاحات الفنون، أو موسوعة العلوم الإسلامية، محمد بن علي التهانوي، بيروت، شركة خياط، د. ت. (الأصل المكتوب بالفارسية) .
841- الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل، جار الله الزمخشري، بيروت، دار المعرفة، د. ت.
842- كشف الأستار عن زوائد البزار على الكتب الستة، الهيثمي، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، بيروت، مؤسسة الرسالة، ط 2، 1404 هـ.
843- كشف الخفاء ومزيل الإلباس، مما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس، الشيخ إسماعيل بن محمد العجلوني، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1352 هـ.
844- كشف السرائر في معنى الوجوه والأشباه والنظائر، ابن العماد، تحقيق: فؤاد عبد المنعم أحمد، الإسكندرية، مؤسسة شباب الجامعة، د. ت.
845- كشف الشبهات، محمد بن عبد الوهاب، بيروت- دمشق، المكتب الإسلامي، 1978 م.
846- كشف الشبهات والرسالة المفيدة، شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، عل ق حواشيه: محمد بن عبد العزيز بن مانع، طبع ونشر الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، الرياض، 1404 هـ.
847- الكرم والجود والسخاء، سمير حسن حلبي، بيروت، دار الصحابة، 1408 هـ.
848- كلمات في الأخلاق الإسلامية، كمال محمد عيسى، جدة، دار المجتمع للنشر والتوزيع، 1409 هـ.(12/546)
849- الكليات، معجم المصطلحات والفروق اللغوية، أبو البقاء الكفوي، تحقيق: عدنان درويش، ومحمد المصري، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1993 م.
850- كما تحدث الرسول صلى الله عليه وسلّم، خالد محمد خالد، القاهرة، 1968 م.
851- كنز العمال من سنن الأقوال والأفعال، على بن حسام الدين الهندي، بيروت، مؤسسة الرسالة، 17 مج، ط 5، 1401 هـ، 1981 م.
حرف اللام
852- اللآلئ المنثورة في الأحاديث المشهورة، المعروفة بالتذكرة في الأحاديث المشتهرة، الزركشي، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، ط 1.، بيروت، دار الكتب العلمية، 1986 م.
853- الله أو الدمار، سعد جمعة، ط. ثالثة، القاهرة، 1976 م.
854- لسان العرب، ابن منظور، بيروت، دار صادر، 1956 م.
855- لسان العرب، ابن منظور، أعاد ترتيبه: عبد الله علي الكبير، ومحمد أحمد، وهاشم الشاذلي، القاهرة، دار المعارف، 1981 م، بيروت، دار صادر، د. ت.
856- له الأسماء الحسنى، الشرباصي، انظر (موسوعة له الأسماء الحسنى للشبراصي، رقم 1064) .
857- لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية، السفاريني، المكتب الإسلامي، بيروت، مكتبة أسامة، الرياض، ط 2، 1405 هـ.
حرف الميم
858- مباحث في عقيدة أهل السنة والجماعة، ناصر العقل، دار الوطن، ط 1.
859- مباحث في علوم القرآن، عبد الغفور مصطفى جعفر، القاهرة، د. ت.
860- مباحث في علوم القرآن، مناع القطان، ط. سابعة، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1980 م.
861- مبادئ ونماذج في القدوة، الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد.
862- المتحابون في الله، عبد الله بن أحمد المقدسي، تحقيق: مجدي السيد إبراهيم، القاهرة، دار القرآن، د. ت.
863- المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح، للحافظ الدمياطي، تحقيق: عبد الله حجاج، القاهرة، مكتبة دار التراث الإسلامي، د. ت.
864- المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح، للحافظ الدمياطي، تحقيق: رضوان محمد رضوان، القاهرة، مكتبة النهضة، 1403 هـ.
865- متن اللغة، أحمد رضا، بيروت، 1958 م.
866- مجاز القرآن، أبو عبيدة معمر بن المثنى، تحقيق: محمد فؤاد سزكين، القاهرة، مكتبة الخانجي، 1961 م.
867- مجابو الدعوة، أبو بكر عبد الله بن أبي الدنيا، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، بيروت، دار الكتب العلمية، ط 1، 1406 هـ- 1986 م.
868- مجتمع المدينة قبل الهجرة وبعدها، حسن خالد، بيروت، دار النهضة العربية، 1406 هـ/ 1986 م.
869- مجمع الأمثال، الميداني، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، القاهرة، 1956 م.
870- مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، علي بن أبي بكر الهيثمي، القاهرة، دار السعادة، د. ت./ بيروت، ط 3.، دار الكتاب العربي، 1402 هـ.
871- مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، للهيثمي، بتحرير العراقي وابن حجر، القاهرة، دار الريان 1407 هـ.
872- مجمل أصول أهل السنة والجماعة في العقيدة، ناصر العقل، دار الوطن، ط 1، 1411 هـ.
873- المجمل في اللغة، ابن فارس، تحقيق: زهير عبد الحميد سلطان، بيروت، 1984 م.
874- المجموع، شرح المهذب، أبو زكريا يحيى بن شرف النووي، بيروت، دار الفكر، د. ت، 20 مج.
875- مجموع فتاوى ابن تيمية، انظر (الفتاوى لابن تيمية، رقم 714) .
876- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، الشيخ عبد العزيز بن باز، الرياض، الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، ط 1، 1408 هـ.
877- المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث، أبو موسى(12/547)
المديني، تحقيق: عبد الكريم الغرباوي، مكة المكرمة، جامعة أم القرى، مركز إحياء التراث الإسلامي، 1988 م.
878- مجموعة الرسائل الكبرى، ابن تيمية، القاهرة، المطبعة العامرة الشرفية، 1323 هـ.
879- مجموعة رسائل في الحجاب والسفور، الشيخ عبد العزيز بن باز، الرياض، ط. الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
880- مجموعة الرسائل والمسائل النجدية، لبعض علماء نجد، إشراف: عبد السلام بن هبرحس، الرياض دار العاصمة، ط 2، 1409 م.
881- مجموعة الرسائل والمسائل، ابن تيمية، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1403 هـ.
882- مجموعة الوثائق السياسية، محمد حميد الله الحيدرآبادي، ط. خامسة، بيروت، دار النفائس، 1405 هـ.
883- مجلة التضامن الإسلامي (الحج سابقا) ، السعودية، العدد 48، ربيع الأول 1414 هـ.
884- محاسبة النفس والإزراء عليها، ابن أبي الدنيا، تحقيق:
مصطفى بن علي بن عوض، بيروت، 1986 م.
885- محاسن التأويل، جمال الدين القاسمي، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، القاهرة، مطبعة الحلبي، د. ت.
886- المحاسن والمساوئ، للبيهقي، بيروت، دار بيروت، 1399 هـ/ 1948 م.
887- محاضرات الأدباء، ومحاورات الشعراء والبلغاء، الراغب الأصفهاني، بيروت، مكتبة الحياة، د. ت.
888- المحاور الخمسة للقرآن الكريم، الشيخ محمد الغزالي، دمشق/ بيروت، دار القلم، 1411 هـ.
889- المحب ر، ابن حبيب، تصحيح إيلزة ليختن شتيتر، بيروت، المكتب التجاري للطباعة والنشر، د. ت.
890- المحبة، محمد فتحي وآخرون، ضمن سلسلة من صفات عباد الرحمن، المجلد الأول، طنطا، 1990 م.
891- محبة الرسول صلى الله عليه وسلّم بين الاتباع والابتداع، عبد الرؤوف عثمان، مكتبة الضياء، ط 1، 1412 هـ- 1991 م.
892- المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، ابن عطية، تحقيق: المجلس العلمي، المغرب، فاس، د. ت.
893- المحصول في علم أصول الفقه، الرازي، تحقيق: طه جابر علواني، الرياض، مطبوعات جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1410 هـ.
894- المحلى، ابن حزم، بيروت، دار الفكر، د. ت.
895- محمد رسول الله، بشرى زخاري ميخائيل، القاهرة، عالم الكتب، د. ت.
896- محمد رسول الله، محمد الصادق عرجون، جدة، الدار السعودية للنشر والتوزيع، 1403 هـ.
897- محمد رسول الله، محمد رشيد رضا، بيروت، دار الفكر، 1409 هـ.
898- المحيط في اللغة، الصاحب بن عباد، تحقيق: محمد حسين آل ياسين، 1994 م.
899- مختار الصحاح للرازي، ترتيب محمود خاطر، مراجعة لجنة مركز تحقيق التراث بدار الكتب المصرية، القاهرة 1907 م.
900- مختار الصحاح، محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي، دراسة وتقديم: عبد الفتاح عبد العليم البركاوي، القاهرة، دار المنار، 1993 م.
901- مختار الصحاح للرازي، دار القبلة للثقافة الإسلامية، جدة، مؤسسة علوم القرآن، بيروت، 1406 هـ.
902- مختصر تفسير ابن كثير، محمد علي الصابوني، دار القرآن الكريم، 1991 م.
903- مختصر تفسير الطبري، محمد علي الصابوني، بيروت، دار القرآن الكريم، د. ت.
904- مختصر زوائد البزار، ابن حجر العسقلاني.
905- مختصر سنن أبي داود للمنذري، وعليه معالم السنن للخطابي، وتهذيب السنن لابن القيم، تحقيق محمد حامد الفقي، مكتبة السنة المحمدية، 1367 هـ.
906- مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلّم، محمد بن عبد الوهاب، بيروت، دار القلم، 1403 هـ.
907- مختصر شعب الإيمان، عمر بن عبد الرحمن القزويني،(12/548)
تحقيق: عبد القادر الأرناؤوط، دمشق، مكتبة دار البيان، 1403 هـ.
908- مختصر الشمائل المحمدية، الترمذي، تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني، الرياض، د. ت./ الأردن، عمان، 1985 م.
909- مختصر صحيح مسلم، المنذري، تحقيق: محمد نصار الدين الألباني، بيروت، المكتب الإسلامي، 1402 هـ- 1982 م.
910- مختصر العلو للعلي الغفار، الذهبي، تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني، بيروت، المكتب الإسلامي، ط 1، 1401 هـ.
911- مختصر قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر، للمروزي، اختصرها: أحمد بن علي المقريزي، باكستان، فيصل آباد، 1982 م.
912- مختصر منهاج القاصدين، ابن قدامة المقدسي، قدم له:
محمد أحمد دهمان، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، وعبد القادر الأرناؤوط، القاهرة، دار التراث، 1982 م.
913- مختصر نصيحة أهل الحديث، الخطيب البغدادي، تحقيق:
يوسف محمد صديق، دار الصحابة، ط 1، 1408 هـ.
914- المختصر الصغير في سيرة البشير النذير، عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم (ابن جماعة) ، تحقيق: محمد كمال الدين عز الدين، بيروت، عالم الكتب، ط 1، 1408 هـ- 1988 م.
915- مدارج السالكين، ابن قيم الجوزية، ط 2.، بيروت، دار الكتب العلمية، 1408 هـ.
916- مداواة النفوس، ابن حزم، تحقيق: أبو حذيفة بن محمد، مصر، طنطا، مكتبة الصحابة، ط 1، 1407 هـ.
917- المدخل إلى الشرع الشريف، ابن الحاج العبدلي، بيروت، دار الفكر، 1977 م.
918- المدخل إلى القيم الإسلامية، جابر قميحة، القاهرة، دار الكتاب المصري، 1984 م.
919- مدخل إلى مبادئ التربية، محمد عليلة وآخرون، ط 1، الكويت، دار القبس، 1404 هـ/ 1984 م.
920- المدخل للتشريع الإسلامي، محمد فاروق التيهان، الكويت، وكالة المطبوعات، 1977 م/ بيروت، دار القلم، 1977 م.
921- مذكرة في أصول الفقه، مقررة في كلية الشريعة بالرياض، لعام 1395 هـ.
922- مرشد الخطيب، محمد إبراهيم سليم، القاهرة، د. ت.
923- المروءة الغائبة، محمد إبراهيم سليم، القاهرة، د. ت.
924- مروج الذهب، المسعودي، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، القاهرة، مطبعة السعادة، 1964 م.
925- المسائل المنثورة، وهي مقدمة فتاوى النووي.
926- المسائل في الزهد، المحاسبي، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، مكتبة التراث، 1992 م.
927- المسئولية الاجتماعية والشخصية المسلمة، أحمد سيد عثمان، القاهرة، د. ت.
928- المسابقة إلى الخيرات، محمد فتحي وآخرون، سلسلة من صفات عباد الرحمن، طنطا، 1990 م.
929- مساوئ الأخلاق ومذمومها، الخرائطي، تحقيق: مجدي السيد إبراهيم، الرياض، مكتبة الساعي، د. ت./
القاهرة، مكتبة القرآن، 1989 م.
930- المستخلص في تزكية الأنفس، سعيد حوى، القاهرة، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، 1995 م.
931- المستدرك على الصحيحين، الحاكم النيسابوري، الهند، حيدرآباد الدكن،/ بيروت، دار المعرفة، د. ت.
932- المستدرك على الصحيحين، وبذيله التلخيص للذهبي، طبعة فريدة بفهرس الاحاديث باشراف يوسف عبد الرحمن، بيروت، دار المعرفة، د. ت.
933- المستطرف في كل فن مستظرف، الأبشيهي، بيروت، دار مكتبة الحياة، 1988 م، وبيروت دار الفكر.
934- مسند أبي داود، الطيالسي، دار الكتاب اللبناني، ودار التوفيق، 1321 هـ.
935- مسند أبي يعلى، أبو يعلى الموصلي، تحقيق: حسين سليم(12/549)
أسد، ط. ثانية، دمشق، 1410 هـ.
936- مسند الإمام أحمد بن حنبل، رق م أحاديثه: محمد عبد السلام عبد الشافي، بيروت، دار الكتب العلمية، 1414 هـ/ 1993 م.
937- مسند الإمام أحمد بن حنبل، شرحه وصنع فهارسه، أحمد محمد شاكر 10 مج، (غير مكتمل) .
938- مسند الإمام أحمد بن حنبل، بيروت، المكتب الإسلامي، ط 2، 1398 هـ، (ست مجلدات) .
939- المسند، الإمام أحمد بن حنبل، بمقدمته فهرس رواة المسند من الصحابة وضعه: محمد ناصر الدين الألباني، مؤسسة قرطبة، القاهرة.
940- مسند البزار، حافظ بن حجر عمر البزار، تحقيق: محفوظ الرحمن زين الله، ط. مؤسسة علوم القرآن، بيروت.
941- مسند ابن ماجه، تحقيق: عبد الله أنيس الطباع، بيروت، دار القلم، 1981 م.
942- مسند الشافعي، بيروت، دار الكتب العلمية، د. ت.
943- مشاكلة الناس لزمانهم، اليعقوبي، تحقيق: وليم آلورد، بيروت، دار الكتاب اللبناني، 1980 م.
944- مشكاة المصابيح، محمد بن عبد الله الخطيب التبريزي، تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني، ط. ثانية، بيروت/ دمشق، المكتب الإسلامي، ط 3، 1405 هـ.
945- مصابيح السنة النبوية، للبغوي، تحقيق: يوسف المرعشلي، ومحمد سليم إبراهيم، وآخرون، بيروت، دار المعرفة، 1987 م.
946- مصادر التشريع فيما لا نص فيه، عبد الوهاب خلاف، ط. ثالثة، الكويت، 1992 م.
947- المصاحف، ابن أبي داود، تحقيق آرثر جفري، ليدن 1937 م.
948- مصادر السيرة النبوية وتقويمها، فاروق حمادة، المغرب، الدار البيضاء، دار الثقافة، د. ت.
949- المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي، أحمد بن محمد الفيومي، دار الفكر، بيروت، د. ت.
950- المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي، أحمد بن محمد الفيومي، مصر، مطبعة الحلبي، د. ت.
951- المصطفى من أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلّم، العماد طلاس، دمشق، دار طلاس، د. ت.
952- المصنف، لأبي بكر عبد الرزاق الصنعاني، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، بيروت، المكتب الإسلامي، 1983 م.
953- المصنف في الأحاديث والآثار، ابن أبي شيبة، تحقيق: مختار أحمد الندوي، ط 1، الهند، 1403 هـ.
954- المصنف في الأحاديث والآثار، ابن أبي شيبة، تحقيق: كمال يوسف الحوت، بيروت، دار الفكر، 1983 م.
955- المضامين التربوية لفكر الإمام أبي حنيفة، ناجي سالم الصاعدي، المدينة المنورة، جامعة الملك عبد العزيز، كلية التربية، 1408 هـ.
956- المطالب العالية، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، (بدون مكان الطبع وبدون تاريخ) .
957- مع المصطفى، عائشة عبد الرحمن، دار الكتاب العربي، بيروت، ط. ثالثة، 1983 م.
958- مع القرآن، زاد الرحلة الأولى في كتاب الله، حسن العشماوي، بيروت، دار الفتح، 1972 م.
959- معارج القبول، الشيخ حافظ حكمي، القاهرة، المطبعة السلفية، 1404 هـ.
960- معارج القدس في مدارج معرفة النفس، أبو حامد الغزالي، لجنة إحياء التراث العربي، بيروت، الآفاق الجديدة، 1982 م.
961- المعارف، ابن قتيبة، تحقيق: محمد إسماعيل، وعبد الله الصاوي، باكستان، آرام باغ كرامي، 1976 م.
962- المعرفة والتاريخ، أبو يوسف بن سفيان الفسوي، تحقيق:
إكرام ضياء العمري، بغداد، مطبعة الإرشاد، 1975 م.
963- معالم التنزيل، الإمام البغوي، تحقيق: خالد عبد الرحمن العك ومرون سوار، دار المعرفة، ط. ثانية، بيروت،(12/550)
1407 هـ.
964- معالم السنن للخطابي، مكتبة السنة المحمدية، 1367 هـ.
965- معالم السنن للخطاب بهامش مختصر سنن أبي داود، انظر (مختصر سنن أبي داود للمنذري، رقم 905) .
966- معالم الدعوة في قصص القرآن الكريم، عبد الوهاب لطف الديلمي، ط 1. ج 2، جدة، دار المجتمع للنشر والتوزيع، 1406 هـ/ 1986 م.
967- معالم في السلوك وتزكية النفوس، عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف، الرياض، دار الوطن للنشر، 1414 هـ، دار طيبة، ط 1، 1414 هـ.
968- معاني القرآن، الأخفش: أبو الحسن سعيد بن مسعدة البصري، تحقيق: فائز فارس، الكويت، الصفا، 1981 م.
969- معاني القرآن، أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء، تحقيق: محمد علي النجار وآخرين، القاهرة، 1374 هـ.
970- معاني القرآن وإعرابه لأبي إسحاق، تحقيق: عبد الجليل شلبي، بيروت، 1973 م.
971- المعتمد في أصول الفقه، أبو الحسن محمد بن علي الخطيب البصري، تحقيق: محمد حميد الله وزملاؤه، بيروت، دار الكتب العلمية، 1983 م.
972- المعجزة الكبرى للقرآن، محمد أبو زهرة، القاهرة، دار الفكر العربي، د. ت.
973- معجم الأدباء، ياقوت الحموي، مراجعة وزارة المعارف بمصر، القاهرة، د. ت.
974- معجم الأدوات والضمائر في القرآن الكريم، إسماعيل عمايرة، بيروت، مؤسسة الرسالة، د. ت.
975- معجم الأعلام، أحمد زكي بدوي، بيروت، دار الكتاب العربي، 1994 م.
976- المعجم الأوسط للطبراني، تحقيق: محمود الطحان، الرياض، مكتبة المعارف، ط 1.، 1987 م.
977- معجم الآيات القرآنية لحقوق الإنسان، خرشف إدريس، دار الأمان للنشر والتوزيع، الرباط، 1992 م.
978- معجم البلدان، ياقوت الحموي، تحقيق: فريد عبد العزيز الجندي، بيروت، 1410 هـ.
979- معجم الرعاية والتنمية الاجتماعية، أحمد زكي بدوي، بيروت، 1987 م.
980- المعجم الصغير، الطبراني، تصحيح: عبد الرحمن عثمان، المدينة المنورة، المكتبة السلفية، 1388 هـ.
981- معجم علم النفس والتحليل النفسي، فرج عبد القادر وآخرون، بيروت، د. ت.
982- المعجم الفلسفي، عبد المنعم الحفني، القاهرة، الدار الشرقية، 1410 هـ/ 1990 م.
983- المعجم الكبير، الطبراني، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، القاهرة، وزارة الأوقاف، د. ت، مكتبة ابن تيمية، بدون تاريخ أيضا.
984- المعجم الكبير، الطبراني، وزارة الأوقاف، العراق، د. ت.
985- المعجم الكبير، لجنة من مجمع اللغة العربية، المجلد الأول، القاهرة، 1972 م.
986- معجم المؤلفين، عمر رضا كحالة، بيروت، دار إحياء التراث، د. ت.
987- معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب، مجدي وهبة، وكامل المهندس، بيروت، 1984 م.
988- معجم مقاييس اللغة، لأحمد ابن فارس، تحقيق:
عبد السلام هارون، القاهرة، 1969 م.
989- معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية، أحمد زكي بدوي، بيروت، 1991 م.
990- معجم مصطلحات العلوم الإدارية، أحمد زكي بدوي، القاهرة، دار الكتاب المصري، 1994 م.
991- معجم مصطلحات العلوم الإنسانية، أحمد زكي بدوي، بيروت/ القاهرة، 1991 م.
992- معجم مصطلحات العمل، أحمد زكي بدوي، بيروت، 1988 م.
993- معجم مصطلحات الاقتصادية، أحمد زكي بدوي، بيروت، دار الكتاب اللبناني، 1985 م.
994- معجم المغني في الفقه الحنبلي، مستخلص من كتاب المغني في الفقه الحنبلي، لابن قدامة، بيروت، دار(12/551)
الكتب العلمية، د. ت.
995- المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي، أ. ي. فنسنك، ليدن، 1936 م.
996- المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبد الباقي، بيروت، دار التراث العربي/ تركيا، المكتبة الإسلامية، 1982 م.
997- المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم بحاشية المصحف الشريف، محمد فؤاد عبد الباقي، ط. أولى، القاهرة، دار الحديث، 1407 هـ/ 1987 م.
998- المعجم الموضوعي لآيات القرآن الكريم، صبحي عصر، القاهرة، دار الفضيلة، 1990 م.
999- المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، ط 2.، لبنان، بيروت، دار الأمواج، 1410 هـ/ 1990 م.
1000- المعجم الوسيط، الطبراني، انظر (المعجم الأوسط للطبراني، رقم 976) .
1001- المعرفة والتاريخ، الفسوي، تحقيق: أكرم ضياء العمري، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1401 هـ.
1002- معركة الوجود بين القرآن والتلمود، عبد الستار سعيد، القاهرة، د. ت.
1003- معلقة زهير، انظر: ديوان زهير بن أبي سلمى.
1004- المعلم والمناهج، محمد عبد العليم مرسي، ط 1.، الرياض، دار عالم الكتب، 1405 هـ/ 1985 م.
1005- المعلمون للجاحظ، انظر (كتاب المعلمين للجاحظ، رقم 835) .
1006- المغازي، محمد بن عمر الواقدي، ط 3.، بيروت، عالم الكتب، 1404 هـ.
1007- المغني، ابن قدامة المقدسي، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي، وعبد الفتاح محمد الحلو، القاهرة، مركز البحوث والدراسات الإسلامية العربية، ط 1، 1406 هـ.
1008- مفتاح دار السعادة، ابن القيم، بيروت، دار الكتب العلمية، د. ت.
1009- مفتاح كنوز السنة، وضعه بالإنجليزية: أ. ي. فنسنك، ونقله إلى العربية: محمد فؤاد عبد الباقي، بيروت، دار إحياء التراث العربي، د. ت.
1010- مفردات ألفاظ القرآن، الراغب الأصفهاني، تحقيق:
صفوان عدنان داوودي، دار القلم، دمشق، دار الشامية، بيروت، ط 1، 1412 هـ/ 1992 م.
1011- المفردات في غريب القرآن، الراغب الأصفهاني، تحقيق:
محمد سيد كيلاني، القاهرة، 1961 م.
1012- المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، جواد علي، بغداد، طبعة المجمع العلمي العراقي، د. ت.
1013- المفضليات، المفضل بن محمد بن يعلى الضبي، تحقيق:
أحمد محمد شاكر، وعبد السلام هارون، القاهرة، دار المعارف، ط 10، 1992 م.
1014- مفهوم العقل والقلب في القرآن والسنة، محمد علي الجوزو، بيروت، دار العلم للملايين، 1980 م.
1015- مفيد العلوم ومبيد الهموم، زكريا بن محمد القزويني، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، بيروت، دار الكتب العلمية، 1985 م.
1016- المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة، شمس الدين السخاوي، تحقيق: عبد الله محمد الصديق، وعبد الوهاب عبد اللطيف، القاهرة، مكتبة المثنى، 1956 م.
1017- المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة، السخاوي، دراسة وتحقيق: محمد عثمان الخشت، بيروت، دار الكتاب العربي، ط 1، 1405 هـ.
1018- المقاصد العامة للشريعة الإسلامية، يوسف حامد العالم، ط 1.، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1412 هـ/ 1991 م.
1019- مقاييس اللغة، أحمد بن فارس، تحقيق: عبد السلام هارون، القاهرة، 1969
1020- مقدمة ابن خلدون، عبد الرحمن بن خلدون، المدينة المنورة، مكتبة دار المدينة المنورة للنشر والتوزيع، 1984 م.
1021- مقدمة فتاوى النووي، انظر (المسائل المنثورة، رقم 915) .
1022- مقدمة في الأخلاق، مابوث، ترجمة: ماهر عبد القادر محمد(12/552)
علي، بيروت، دار النهضة العربية، 1985 م.
1023- المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى، أبو حامد الغزالي، قبرص، 1407 هـ.
1024- مكارم الأخلاق، ابن أبي الدنيا، تحقيق: ج. أ. بالمي، ألمانيا، بادن بادن، 1973 م.
1025- مكارم الأخلاق، ابن تيمية، إعداد عبد الله بدران، وحمد عمر الحاجي، مكة المكرمة، 1414 هـ.
1026- مكارم الأخلاق، الطبراني، تحقيق: فاروق حمادة، ط.
ثالثة، الدار البيضاء، دار الثقافة، د. ت.
1027- مكارم الأخلاق في القرآن الكريم، يحيى المعلمي، القاهرة، دار الاعتصام، د. ت.
1028- مكارم الأخلاق ومعاليها، الخرائطي، تحقيق: سعاد سليمان الخندقاوي، مصر، مطبعة المدني، 1991 م.
1029- المكاسب والرزق الحلال وحقيقة التوكل على الله، الحارث ابن أسد المحاسبي، دراسة وتحقيق، محمد عثمان الخشت، مكتبة القرآن، 1984 م.
1030- مكاشفة القلوب، أبو حامد الغزالي، بيروت، دار الكتب العلمية، 1992 م.
1031- الممتع، ابن عصفور، تحقيق: فخر الدين قباوة، سورية، حلب، دار القلم العربي، 1392 هـ.
1032- من أعلام التربية العربية الإسلامية، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، مكتب التربية العربي لدول الخليج، 1989 م.
1033- من قضايا الثقافة العربية المعاصرة، محيي الدين صابر، ط 2، بيروت، المكتبة العصرية، 1987 م.
1034- من وصايا الرسول صلى الله عليه وسلّم، طه العفيفي، دار التراث العربي، 1985 م.
1035- مناقب عمر بن الخطاب، ابن الجوزي، بيروت، دار الكتب العلمية، د. ت.
1036- منال الطالب، شرح طوال الغرائب، ابن الأثير، تحقيق:
محمود الطناحي، مكة المكرمة، د. ت.
1037- مناهج العلماء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فاروق عبد المجيد السامرائي، السعودية، جدة، د. ت.
1038- المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، ابن الجوزي، مطبعة دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد الدكن، 1357 م.
1039- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك، ابن الجوزي، تحقيق ودراسة: محمد عبد القادر عطا وآخرين، بيروت، دار الكتب العلمية، ط 1، 1412 هـ- 1992 م.
1040- المنجد في اللغة والأعلام، لويس معلوف اليسوعي، بيروت، 1988 م.
1041- منظومة الآداب، قصيدة تحتوي آداب السلوك وفضائل الأخلاق، العل امة شمس الدين محمد بن عبد القوي المرداوي، منشورة متنا لكتاب غذاء الألباب، انظر (عذاء الألباب، رقم 701) .
1042- مناهج التربية الإسلامية، محمد قطب، ط. دار الشروق، بيروت، 1408 هـ.
1043- منهاج التربية الصالحة، البياتوني، حلب، بيروت، القاهرة، دار السلام، ط 2، 1405 م.
1044- منهاج السنة، ابن تيمية، بيروت، دار الكتب العلمية، د. ت.
1045- منهاج الصالحين، من أحاديث وسنة خاتم الأنبياء والمرسلين، عز الدين بليق، بيروت، دار الفتح، ط 2، 1987 م.
1046- منهاج الطالبين وعمدة المفتين في فقه مذهب الإمام الشافعي، يحيى بن شرف النووي، القاهرة، مطبعة الحلبي، 1338 هـ.
1047- المنهاج في شعب الإيمان، أبو عبد الله الحسن بن الحسن الحليمي، تحقيق: حلمي فودة، القاهرة، دار الفكر، 1979 م.
1048- منهاج اليقين، شرح أدب الدنيا والدين، الأرزنجاني، بيروت، دار الكتب العلمية، 1980 م.
1049- المنهج التربوي للسيرة النبوية، منير محمد الغضبان، المنصورة، دار الوفاء، 1992 م.
1050- منهج الدعوة الإسلامية في البناء الاجتماعي، محمد الأنصاري، الرياض، مكتبة الأنصار، ط 1، د. ت.
1051- منهج القرآن في التربية، محمد عبد الله شديد، بيروت، 1987 م.(12/553)
1052- منهج القرآن في تربية المجتمع، عبد الفتاح عاشور، القاهرة، 1979 م.
1053- منهج القرآن في الدعوة إلى الإيمان، علي بن محمد ناصر الفقيهي، مكة المكرمة، 1984 م.
1054- موارد الظمآن إلى زوائد بن حبان، علي بن أبي بكر الهيثمي، بيروت، دار البشائر الإسلامية، 1407 هـ/ 1987 م.
1055- موارد الظمآن في دروس الزمان، للشيخ عبد العزيز محمد السليمان، الرياض، 1403 هـ.
1056- الموافقات في أصول الشريعة، الشاطبي، تحقيق: محمد عبد الله دراز، ط 4.، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1402 هـ/ 1982 م. (مصورة عن طبعة المكتبة التجارية بالقاهرة) .
1057- الموافقات في أصول الأحكام، الشاطبي، دار الفكر، 1341 هـ.
1058- المواهب اللدنية، القسطلاني، بيروت، دار الكتب العلمية، د. ت.
1059- موازين القرآن الكريم، عز الدين بليق، دار الفتح للطباعة والنشر، ط. ثانية، بيروت، 1984 م.
1060- موسوعة أحمد أمين، كتاب الأخلاق، أحمد أمين، القاهرة، د. ت.
1061- موسوعة علم النفس، أسعد رزق، بيروت، المؤسسة العربية للطباعة والنشر، 1977 م.
1062- موسوعة النظم والحضارة الإسلامية، تاريخ التربية الإسلامية، أحمد شلبي، مكتبة النهضة المصرية، 1973 م.
1063- الموسوعة في سماحة الإسلام، محمد الصادق عرجون، جدة، الدار السعودية، جدة، 2 مج، ط 2، 1404 هـ.
1064- موسوعة له الأسماء الحسنى، الشيخ أحمد الشرباصي، تقديم: عبد الستار زموط، بيروت، دار الجيل، ط 2، 1408 هـ.
1065- الموطأ، مالك بن أنس، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، القاهرة، دار الحديث، 1413 هـ، بيروت، دار إحياء الكتاب العربية.
1066- موطأ الإمام مالك، الإمام مالك بن أنس، تحقيق وتعليق:
عبد الوهاب عبد اللطيف، ط. ثالثة، بيروت، د. ت.
1067- ميزان الاعتدال في نقد الرجال، للذهبي، تحقيق: علي البجاوي، مصر، دار إحياء الكتب العربية، 1382 هـ.
حرف النون
1068- النبأ العظيم، نظرات جديدة في القرآن، محمد عبد الله دراز، القاهرة، 1957 م.
1069- نحو تربية إسلامية، أحمد محمد جمال، القاهرة، دار الفكر، د. ت.
1070- نحو توحيد الفكر التربوي في العالم الإسلامي، محمد فاضل الجمالي، الدار التونسية للطباعة والنشر، 1972 م.
1071- نحو الثقافة الإسلامية، حسن الشرقاوي، القاهرة، دار المعارف، 1979 م.
1072- نحو فلسفة تربوية عربية، عبد الله عبد الدايم، مركز دراسات الوحدة العربية، ط 1.، 1991 م.
1073- نزهة الأعين النواظر، في علم الوجوه والنظائر، ابن الجوزي، تحقيق: محمد عبد الكريم الراضي، بيروت، مؤسسة الرسالة، ط 2، 1405 هـ.
1074- نزهة الفضلاء، سير أعلام النبلاء، للذهبي، تأليف: محمد حسن عقيل موسى، المملكة العربية السعودية، جدة، 1991 م.
1075- نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض، أحمد شهاب الدين الخفاجي، بيروت، دار الكتاب العربي، د. ت
1076- نصب الراية لأحاديث الهداية، جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي، ط. ثالثة، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1407 هـ.
1077- نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق، محمد ناصر الدين الألباني، بيروت/ دمشق، المكتب الإسلامي، د. ت.
1078- نظام الإسلام، الحكم والدولة، محمد المبارك، ط. ثانية،(12/554)
بيروت، دار الفكر، 1974 م.
1079- النظام الاقتصادي في الإسلام، مصطفى الهمشري، الرياض، 1985 م.
1080- نظام الحكومة النبوية، المسمى التراتيب الإدارية، عبد الحي الكناني، بيروت، دار الكتاب العربي، د. ت.
1081- نظرات في القرآن، محمد الغزالي، القاهرة، دار الكتب الحديثة، 1963 م.
1082- نظرية المنهج، جورج بوشامب، ترجمة: ممدوح محمد سليمان وآخرون، القاهرة، الدار العربية للنشر والتوزيع، 1987 م.
1083- النظرية الخلقية، عند ابن تيمية، محمد عبد الله عفيفي، ط 1، الرياض، مطابع الفرزدق التجارية، 1408 هـ 1988 م.
1084- النفس والروح في الفكر الإسلامي، د. يوسف محمود محمد، الدوحة، قطر، 1993 م.
1085- النفقات لأبي بكر الشيباني، انظر (كتاب النفقات لأبي بكر الشيباني، رقم 836) .
1086- نقد الفلسفة الغربية، الأخلاق والعقل، عادل ضاهر، عمان، دار الشرق للنشر والتوزيع، د. ت.
1087- النكت والعيون، أبو الحسن الماوردي، تحقيق: السيد عبد المقصود، بيروت، دار الكتب العلمية، 1992 م.
1088- النمو الأخلاقي، محمد رفعت محمد فتحي، الكويت، دار القلم، 1403 هـ.
1089- نهاية الأرب في فنون الأدب، شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب النويري، نسخة مصورة عن طبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة، بيروت، د. ت.
1090- النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير، تحقيق: طاهر أحمد الزاوي، ومحمود الطناحي، القاهرة، دار إحياء الكتب العربية، 1363 هـ.
1091- نهاية القول المفيد في علم التجويد، كمحمد مكي نصر، باكستان، لاهور، 1391 م.
1092- نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، محمد بن أحمد الرملي، القاهرة، مكتبة الحلبي، 1386 هـ.
1093- النهج السديد في تخريج أحاديث تيسير العزيز الحميد، جاسم المهلل، الكويت، د. ت.
1094- نواقض الإيمان القولية والعملية، عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف، دار الوطن، ط 1، 1414 هـ.
1095- نوادر الأصول في معرفة أخبار الرسول صلى الله عليه وسلّم، الحكيم الترمذي (محمد بن علي) ، القاهرة، د. ت.
1096- نور اليقين من سيرة سيد المرسلين، محمد الخضري، تحقيق: نايف عباس، دار ابن كثير، 1985 م.
1097- نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار، الشوكاني، بيروت، دار الجيل، د. ت.
حرف الهاء
1098- هدية المحب، محمد بن أبي بكر الزرعي، ابن القيم الجوزية، مخطوط بمكتبة مركز إحياء التراث الإسلامي.
1099- هذا هو الإسلام، مصطفى السباعي، ط 1.، بيروت، المكتب الإسلامي، 1979 م.
1100- الهمة العالية، معوقاتها ومقوماتها، محمد بن إبراهيم الحمد، الرياض، دار القاسم للنشر، 1416 هـ.
حرف الواو
1101- الوابل الصيب من الكلم الطيب، ابن القيم، تحقيق:
شعيب الأرناؤوط، مكتبة دار البيان، 1399 م.
1102- الوابل الصيب من الكلم الطيب، ابن القيم، تحقيق: محمد عبد الرحمن عوض، القاهرة، دار الريان للتراث، 1408 هـ.
1103- وجوب الدعوة إلى الله وأخلاق الدعاة، الشيخ عبد العزيز ابن باز، الرياض، دار الوطن للنشر، 1413 هـ.
1104- الوجيز في أصول التشريع، محمد حسن هيتو، ط 1.،
بيروت، مؤسسة الرسالة، 1403 هـ/ 1983 م.
1105- الورع، ابن أبي الدنيا، تحقيق: أبو عبد الله محمد بن حمد الحمود، مطابع القبس، 1408 هـ.
1106- الورع، أحمد بن حنبل، تحقيق: زينب إبراهيم الفاروط، بيروت، دار الكتب العلمية، 1983 م.
1107- الوسطية العربية، عبد الحميد إبراهيم، ط 3، القاهرة، دار(12/555)
المعارف، 1990 م.
1108- الوصايا، المحاسبي، تحقيق: عبد القادر أحمد عطا، بيروت، دار الكتب العلمية، 1986 م.
1109- وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى، السمهودي، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، بيروت، دار إحياء التراث العربي، د. ت.
1110- الوفا بأحوال المصطفى، ابن الجوزي، تحقيق: مصطفى عطا، بيروت، دار الكتب العلمية، 1987 م.
1111- الوفاء بالوعد والصدق في العهد، عادل مختار، طنطا، دار الصحابة للتراث، 1989 م.
1112- وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، ابن خلكان، تحقيق:
إحسان عباس، بيروت، دار صادر، د. ت.
1113- وقائع ندوة النظم الإنسانية، ط. ثانية، أبو ظبي، مكتب التربية العربي لدول الخليج، 1987 م.
1114- ولاية الله والطريق إليها، الشوكاني، القاهرة، د. ت.
1115- ولاية الله والطريق إليها، إبراهيم إبراهيم هلال، وهو تحقيق كتاب: حديث الولي، للشوكاني، القاهرة، دار الكتب الحديثة، د. ت.
1116- الولاء والبراء في الإسلام، محمد سعيد القحطاني، الرياض، دار طيبة للنشر، ط 3، 1409 هـ.
حرف الياء
1117- يحيى بن معين وكتابه التاريخ، تحقيق: أحمد محمد نور سيف، مكة المكرمة، 1399 هـ.
1118- اليقين لابن تيمية، انظر (كتاب اليقين لابن تيمية، رقم 838) .(12/556)