بسم الله الرحمن الرحيم
هل سمعت أختي الكريمة برداء الملكات ؟
هل حاولت التعرف على مميزاته التي تميز بها عن غيره ؟
هل جال بخاطرك اقتناؤه وارتداؤه؟
هل حاولت التعرف على أسراره وشروط ارتدائه ؟
هل تعرفين سبل الحفاظ عليه ؟
هيا بنا أختي الفاضلة نتعرف أولا على ميزاته:
إنه رداء الملكة العفيفة ..
نعم الملكة التي عُرفت بعفتها وصون كرامتها.
الملكة التي ترفعت عن لباس الفتنة، لباس الرذيلة، لباس الجاهلية، ممتثلة أمر ربها يوم قال لها: { وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } [الأحزاب: 33].
إن هذا الرداء رداء الستر ...
إنه رداء الحياء والحياء من الإيمان، والحياء كله خير، والحياء لا يأتي إلا بالخير.
رداء الملكات يا له من رداء ذلك الرداء !
رداء ترغبه كل عفيفة .. وتسعى إليه كل كريمة ... وتحبه كل مسلمة ..
رداء الملكات ... رداء الفطرة { فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا } [الروم: 30].
رداء الملكات .. رداء الحفظ والصون عن أعين الناظرين ونزعات الشياطين { ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ } [الأحزاب: 59].
إنه الحصن الحصين من سهام الناظرين وكيد الحاقدين.
رداء الملكات ... هو رداء المؤمنات الصادقات: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } [الأحزاب: 59].
رداء الملكات ... رداء المصليات، العابدات، القانتات، الخاشعات، فهن يخرجن إلى مساجدهن «متلفعات بمروطهن» فيا لهن من ملكات !
عرفن قيمة هذا الرداء فخرجن إلى الصلاة متلفعات به، فكيف بخروجهن إلى غير الصلاة ؟
أترين أنهن يرضين بغيره ؟.
رداء الملكات ... رداء الطهر: { ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ } [الأحزاب: 53].(1/1)
رداء الملكات ... شرعة رب الأرض والسموات.
فيا له من رداء ذلك الرداء ! ويا لها من ملكة تلك الملكة! التي ترتدي ذلك الرداء ..
أيتها الملكة: لقد شرف الملك - العلام العالم بمصالح عباده - بهذا اللباس الساتر لجمالك والحافظ لكرامتك، فهل ترضين بغيره بديلاً ؟ وهل تتخذين غير سبيل الحق سبيلاً ؟
أيتها الملكة: إن هذا الرداء واجب على كل ملكة مثلك، آمنت بالله ربا ، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ... وواجب على كل عفيفة كريمة، حيية، تحب الستر وترتضيه لنفسها.
أيتها الملكة: إن هذا الرداء واجب عليك بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فتعالي نتعرف على بعض تلك الأدلة الواضحة القاطعة الدالة.
قال تعالى: { وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [النور: 31].
قالت قدوة الملكات أم المؤمنين والمؤمنات عائشة رضي الله عنها: (يرحم الله نساء المهاجرات الأول؛ لما أنزل الله : { وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } شققن مروطهن فاختمرن بها ) [رواه البخاري].(1/2)
* وها هو المولى جل جلاله يأمر نبيه الكريم صلوات الله وسلامه عليه بأن يأمر نساءه وبناته ونساء المؤمنين بهذا اللباس فقال تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } [الأحزاب: 59].
وأمر تعالى: بالقرار في البيوت لما فيه من حفظ وصون للملكة ونهاها عن التبرج الجاهلي، قوله تعالى: { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } [لأحزاب: 33].
* وهذه أم عطية رضي الله عنها تروى لنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أمر بإخراج النساء إلى مصلى العيد قلن: يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «لتلبسها أختها من جلبابها» [متفق عليه].
وجه الدلالة من هذا الحديث ظاهرة، وهو أن المرأة لا يجوز لها الخروج من بيتها إلا متحجبة بجلبابها الساتر لجميع بدنها، وأن هذا هو عمل نساء المؤمنين في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - . [حراسة الفضيلة 61].
* وهذه أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها تحكي حال زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - ونساء المؤمنين فتقول: كنا نكون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن محرمات، فيمر بنا الراكب فتسدل المرأة الثوب من فوق رأسها على وجهها. [روه الدراقطني].
أرأيت أيتها الملكة كيف تحافظ الملكات على أن لا يبدو شيء من جمالهن ؟ وكيف حرصهن على الستر والعفاف !!(1/3)
* وها هو سيد الأولين والآخرين يغار عليك ويعرف لك حقوقك، فينهى الرجال الأجانب عن الدخول عليك وعلى أخواتك المسلمات ولو كان الداخل قريبًا للزوج فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إياكم والدخول على النساء» فقال رجل من الأنصار: (يا رسول الله أفرأيت الحمو ؟ قال: «الحمو الموت» [متفق عليه].
نعم إنه الموت المحقق، هذا وهو أقرب شيء للزوج فكيف بغيره؟؟
أيتها الملكة:
إن هذا الرداء من أسهل الأردية صنعًا، وأيسرها ثمنًا، وأجملها منظرًا، وأحسنها شكلاً، وأدقها مقاييس ومواصفات، ولم تعرف البشرية على مر العصور والدهور أفضل ولا أطهر ولا أستر ولا أحفظ للملكات من هذا الرداء.
أختي: بعد هذا وذاك أظن أنك جازمة عازمة على اقتنائه وارتدائه، كيف لا يكون ذلك العزم وتلك الهمة الصادقة، وأنت الملكة التي تحب الستر والعفاف وتتحلى بالحياء !
ولكن !
ولكن ماذا ؟
ولكن لا بد أن تعرفي شروط ارتداءه فهو يختلف عن باقي الأردية.
وحتى لا تخدعي فتعطى غيره ويلبس عليك الأمر فتغتري بما يشابهه لونًا ويخلفه حشمة وسترًا؛ فإني أسوق إليك شروط هذا الرداء ومواصفات:
1- فهو رداء جميل واسع يعطي الجسم راحته ويساعده على المشي بسهولة.
2- وهو ليس بالضيق الذي يشد الجسم ويبين مفاتنه.
3- وهو رداء طويل يبدأ من أعلى الرأس وينزل تحت الكعب شبرًا فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :«من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة»، فقالت أم سلمة رضي الله عنها: فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال: «يرخين شبرًا»، فقالت: إذن تنكشف أقدامهن. قال: «فيرخينه ذارعًا لا يزدن عليه» [رواه أبو داود والترمذي وقال:حسن صحيح].
4- ولا يشبه لباس الرجال ولا لباس الكافرات الفاجرات.
5- ولا يوضع على الكتف.
6- ولا يكون معطرًا.
7- ولا يكون لباس شهرة.(1/4)
هذه مواصفات رداء الملكات، فبادري باقتنائه وارتدائه فلا يناسب الملكات - مثلك - أن يمشين بغير هذا الرداء، ولا يجوز لهن ذلك لحشمتهن وعفتهن، ولعلو قدرهن ورفعة مكانتهن.
أخيه: لا تغتري بأقاويل المغرضين فإنهم يكيدون لك ويضعون أمامك العراقيل والعقبات حتى يصدوك عن ردائك إنهم يخترعون، ويصنعون أردية مزورة، ويحاولون التلبيس عليك ويسعون لإقناعك بأنها هي الأردية الملكية التي تناسب مقامك.
فتارة يأتون برداء مزركش ... وتارة برداء يوضع على الكتف...
وتارة يضيقون اللباس ليبدي ما خفي من زينتك ويبدى مفاتنك التي لا يجوز أن تخرج إلا لزوجك.
وتارة يأتون لك بلباس ساتر لكنه لا يستر أهم شيء وهو الوجه محل الجمال والزينة الكاملة.
وهكذا يسيرون ويخططون كما فعل من قبلهم كذلك ليخرجونك من العزة إلى الذلة ومن الرفعة إلى المهانة.
أختي الملكة:
تعلمين أنه ما من ملكة إلا ولها أعداء، يكيدون لها بالليل والنهار لينغصوا عليها حياتها، ويشتتوا مملكتها،ويذهبوا بعفتها وبجمالها، ثم إلى الهاوية يرموا بها.
وهؤلاء الأعداء على مر العصور يخططون ويجمعون عددهم وعدتهم لغزوك والقضاء على مُلكك.
ولا بد لك أختي أن تتصدى لهذا الغزو الغاشم،وتعُدى العدة للقضاء على كيد الأعداء وصدهم عن مملكتك العامرة بالعفاف والطهر ...
وإليك أختي بعضًا من تلك العدد التي تسهم في تقويتك وصد العداء عنك وتشد من أزرك:
1- الإيمان بالله: الإيمان الجازم الصادق بالله تعالى فهو أفضل غذاء للملكات وخير سلاح معين لهن بعد الله تعالى.
2- احتساب الأجر من الله تعالى: فهو الذي فرض هذا الرداء وهو الذي يجازي عليه أفضل الجزاء وأوفاه.(1/5)
3- تذكري أن عدم ارتداء الحجاب يؤدي إلى عقوبة الله لأن في ذلك مخالفة لأمره تعالى وقد حذرنا تعالى من مخالفة أمره فقال تعالى: { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [النور: 63].
4- إنك بارتدائك هذا الرداء تشابهين ملكات العالم من أمهاتك السابقات أمهات المؤمنين وأخواتك المؤمنات الصادقات «من تشبه بقوم فهو منهم» وأي فضل أن تكوني من أولئك المؤمنات وتحشري في زمرتهم، ففي الحديث: «المرء مع من أحب».
5- الاختلاط بأهل التقى والصلاح من أهل جنسك، ومجانبة أهل الزيغ والفساد.
6- لا تغرنك أقاويل المغرضين واستهزاء المستهزئين فهذا ديدن وسبيل الحاقدين، يكيدون ويستهزئون، وتذكري أن صبرك على استهزائهم سبب لنصر الله وكفايته لك.
7 - تذكري أنه يترتب على عدم لبس هذا الرداء أخطار عليه وعلى مجتمعك ومن ذلك.
* أنك تعصين ربك وخالقك مولاك: { وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ } [النساء: 14].
وتعصين كذلك نبيك - صلى الله عليه وسلم - تعرضين نفسك للعنة والغضب إن معصية الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - يترتب عليها العقوبة العظيمة قال تعالى: { وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ } [النساء: 14]. وقال أيضًا: { وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا } [الجن: 23].(1/6)
ومن عصى الله ورسوله فقد ضل سبيل الرشاد، وأخطأ الطرق الموصلة لرضوان الله، قال تعالى: { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا } [الأحزاب: 36].
وفي الحديث، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «سيكون في آخر أمتي نساء كاسيات عاريات، على رؤوسهن كأسنمة البخت، العنوهن فإنهن ملعونات».
* وعدم ارتداؤك للحجاب سبب لعدم دخولك في رحمة الله وجنته في الحديث قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات ...».
التبرج والسفور فاحشة وسبب للفاحشة وفشوها في أوساط المجتمعات وهو من عمل الشيطان قال تعالى: { الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ } [البقرة: 268].
فيا أيتها الملكة العفيفة التزمي أمر ربك وقولي كما قال أخواتك رضوان الله عليهن، وكما قال المؤمنون كما أخبر عنهم ربهم فقال: { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [النور: 51].
وأمري أهل بيتك، وبنات جنسك، بهذا الرداء وبيني لهن فضائله، فكلنا راع وكلنا مسؤول عن رعيته، في الحديث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «كلكم راع فمسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عنهم والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم، والعبد راع على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته» [متفق عليه].(1/7)
«من تهاون في رعايته لأهله فلم يلزمهن بتغطية عوراتهن، ومن ذلك الوجه واليدان، ولم يأمرهن بذلك أساء في ولايته لأهله وكان شريكًا لهن في الإثم» [فتاوى اللجنة الدائمة 17/103].
* أختي كلنا ذو خطأ وليس من العيب الرجوع إلى الحق والصواب، ولكن العيب كل العيب الاستمرار على الخطأ والتمادي فيه، وعدم قبول الحق، فهيا أخيه نعلنها توبة لربنا وخالقنا، ونقول تبنا إليك ربنا وامتثلنا أمر رسولنا، وهل تعرفين أخيه عاقبة هذه التوبة النصوح؟
إنه محبة الله كما أخبر بذلك ربنا فقال: { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ } [البقرة: 222]، وكما أخبر نبيه صلى الله عليه سلم فقال: «لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم استيقظ على بعيره وقد أضله في أرض فلاة» [متفق عليه].
فلنتب جميعًا قبل فوات الأوان، وقبل أن تغلق الأبواب، فلا تقبل توبة التائبين ولا ندم النادمين.
فالبدار البدار فإن الموت يأتي بغتة والقبر صندوق العمل.
أختاه دونك حاجزٌ وستارُ ... ولديك من صدق اليقين شعارُ
عودي إلى الرحمن عودًا صادقًا ... فبه يزول الشر والأشرارُ
أختاه، دينك منبع يروى به ... قلب التقى وتشرق الأنوار
وتلاوة القرآن خير وسيلة ... للنصر لا دف ولا مزمار
ودعاؤك الميمون في جنح الدجى ... سهم تذوب أمامه الأخطار
في منهج الخنساء درس فضيلة ... وبمثله يسترشد الأخبار
في كفك النشء الذين بمثلهم ... تصفو الحياة وتحفظ الآثارُ
هزي لهم جذع البطولة ربما ... أدمى وجوه الظالمين صغارُ
غذي صغارك بالعقيدة، إنها ... زاد يتزود البرار
لا تستجيب للدعاوى إنها ... كذب وفيها للظنون مثار
لا ترهبي التيار أنت قوية ... بالله مهما استأسد التيارُ
تبقى صروح الحق شامخة وإن ... أرغى وأزبد عندها الإعصار (1)
نسأل الله تعالى أن يتوب علينا وأن يهدينا سبل الرشاد، وأن يجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه، وصلى الله وسلم على نبنيا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
__________
(1) ديون يا أمة الإسلام/ د. العشماوي.(1/8)