بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله وحده والصلاة والسلام علي من لا نبي بعده .
أما بعد
لقد جعل الإسلام المحافظة على الأهل في مقام الجهاد في سبيل الله كما روى البخاري ومسلم عن زيد بن خالد الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( من جهز غازياً في سبيل الله فقد غزا ومن خلف غازياً في سبيل الله في أهله بخير فقد غزا )) فيا لها من عناية ربانية عظيمة بالمرأة المسلمة .
وقد جعل الإسلام الدفاع عن العرض بالنفس والنفيس ومن قتل في سبيل ذلك فهو شهيد وبرهان ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( من قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دون عرضه فهو شهيد )) رواه أحمد .
وقد استمرت الحماية والحراسة للمرأة المسلمة حتى أذهلت تلك الحماية الأعداء حتى قال صحفي نصراني مخاطباً أحد زعماء العرب " إلى متى سيظل العرب يحافظون على نسائهم فلا يشهدن الاختلاط بالرجال في المجامع واللقاءات والأعمال " فأجابه الزعيم العربي قائلاً " إنهم لا يحبون أن تلد نساؤهم من غيرهم " فكأنما ألقم الصحفي حجرا .(1/1)
وقد حصلت في عصرنا غفلة من بعض المسلمين والمسلمات مما جعلت اليهود والنصارى يكيدون للمرأة وأطمعتهم فيها , فقاموا بدراسات عميقة يهدفون فيها إلى القضاء على المجتمع المسلم فتوصلوا إلى وضع مؤامرة مدمرة وخلاصتها ما قاله أحد زعماء اليهود " إن المرأة المسلمة هي أقدر فئات المجتمع الإسلامي على جره إلى التحلل والفساد " وجندوا للقيام بهذه المؤامرة من شياطين الإنس , ولكن خيب الله آمالهم وأحبط الله سعيهم , فلم يتحقق لهم إلا الجزء اليسير مما أرادوا فقد عشق بعض المسلمات ما أراده المفسدون في الأرض ومن ذلك وقوعهن في التبرج والسفور والاختلاط بالرجال ولا تزال بعض المسلمات متساهلة في ذلك حتى في حال أداء الحج والعمرة وهذا مؤسف جداً أن تكون المرأة المسلمة في تلك الأماكن المقدسة مستمرة على المخالفات التي ذكرنا , فدفعني هذا إلى كتابة رسالة أخاطب فيها الأخت المسلمة وأنبهها على مواطن الخطأ وأحذرها من الاستمرار عليه وأدعوها إلى التمسك بشرع الله وتصحيح السير إليه وإدامة الإنابة والتوبة إليه.
وقد تضمنت الرسالة بعض الأحكام المتعلقة بحج المرأة وسميت هذه الرسالة " الأخطاء المتعددة في حج المرأة المتبرجة " فالله أسال أن ينفع بها الإسلام والمسلمين إنه ولي ذلك والقادر عليه ,وقد حرصت أني لا أذكر فيها إلا حديثاً ثابتاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكتب / محمد بن عبد الله الإمام
اليمن دار الحديث بمعبر تلفاكس : 430280 /06
التبرج
تعريف التبرج: : قال صاحب "لسان العرب" (3/33) : (هو إبداء المرأة زينتها وإظهار وجهها ومحاسن جسدها للرجال وكل ما تستدعي به شهواتهم، والتبختر في مشيتها ما لم يكن ذلك للزوج .
فالتبرج يكون بأحد أمرين أو بهما جميعاً:
الأول : يكون بإبراز المحاسن كلها أو بعضها كالوجه، والعنق، والكفين، والساعدين , ولهذا أمر الله النساء بقوله : { وليضربن بخمرهن على جيوبهن }(1/2)
الثاني : يكون بالتبختر في المشي، وهذا وإن كان يأتي مقروناً بإبراز المحاسن إلا أنه قد يكون بدون إبراز المحاسن، ويدل على هذا قوله تعالى :{ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن}
مفاسد التبرج
للتبرج مفاسد كثيرة وسأذكر أهمها وأعظمها :
1- : الإضرار العام، روى البخاري رقم 5096 ومسلم رقم 2741عن أسامة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)) وقال حسان بن عطية : (ما أتيت أمة قط إلا من قبل نسائهم) عند أبي نعيم في "الحلية"
والرسول - صلى الله عليه وسلم - بين للأمة في هذا الحديث الفتنة العظمى التي هي خافية على كثير من الناس، لأن الفتنة كلما كانت خفية على الناس كلما كان ضررها أعظم وفسادها أعم، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يجعل فتنة التبرج وغيرها الحاصلة من النساء أعظم فتنة تنزل بالأمة المسلمة. وقوله : ((بعدي)) دليل على أن الفتنة هذه لم تحصل في عصره وقد حصلت بعده فكان في هذا علم من أعلام النبوة , والسبب في ذلك أن كثيرا من المسلمين في أيامنا عظم جهلهم بالإسلام وجهلهم بمؤامرة الشرق والغرب على المرأة المسلمة ـ
وقوله عليه الصلاة والسلام : ((أضر على الرجال)) أضر، أفعل تفضيل تدل على المشاركة وزيادة ، ومعنى هذه الكلمة أن فتنة التبرج تشارك فتناً كثيرة في الضرر بالرجال وتزيد على ذلك ، وجاء لفظ فتنة) في هذا الحديث منكراً مسبوقاً بالنفي ليفيد العموم كما هي القاعدة المعروفة الأصولية ( النكرة في سياق النفي تفيد العموم) ففتنة التبرج فتنة تعم الرجال بما في ذلك الصالحين منهم كما سيأتي إيضاح ذلك، إذاً فمعنى (أضر) أي أن فتنة السرقة والخمر والكذب والخداع والغش والخيانة وغير ذلك من الفتن أقل ضرراَ من فتنة التبرج والسفور واختلاط النساء بالرجال.(1/3)
فانظر ما أعظم هذه الفتنة على الأمة، وبعض الناس يحاول أن يتعامى عن هذه الأخطار، ويلبسها ثوب الحضارة والتقدم، فاتضح من هذا الحديث أن فتنة التبرج من أعظم الفتن لأنها تضر بالناس أجمعين، والمعصوم من عصم الله.
2- فتنة التبرج أعظم من كل فتنة مادية، قال سبحانه :{زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب} [ آل عمران]
فبدأ بذكر النساء لأن الفتنة بهن أشد، قال هذا جمهور المفسرين والآية جاءت للتنفير عن الحظوظ التي يحصل بسببها الشقاء والانحراف، ولهذا قال الله بعدها :{قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها } [آل عمران]، وفي النساء يجتمع تزيينان:
تزيين الله لهن لأن الله فطر الرجال على الميل إليهن، لكن لا بد أن يضبط هذا الميل بالضوابط الشرعية .
التزيين الشيطاني، روى الترمذي رقم 1173وغيره عن ابن مسعود قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان)).وعن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ((ألا لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما)) وعند أحمد وغيره من حديث علي ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((رأيت شاباً وشابة فلم آمن الشيطان عليهما)) فالشيطان يزين المرأة للرجال خصوصاً إذا كانت متبرجة، فإن الشيطان يغريها بالرجال ويغري الرجال بها،
ألا فلتحذر النساء من مخالفة شرع الله تعالى .
تنبيه : حديث (( النساء حبائل الشيطان)) حديث ضعيف .(1/4)
3- التبرج : إحياء للجاهلية التي اعتز بها أبو لهب وأبوجهل ، قال الله مخاطبا نساء نبيه وجميع نساء المؤمنين : {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} [الأحزاب]، وهذه الجاهلية قال فيها الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ((ما بال دعوى الجاهلية دعوها فإنها منتنة)) رواه البخاري رقم 4095 ومسلم رقم 2584. من حديث جابر بن عبد الله.
وإذا كانت الدعوى بالجاهلية منتنة ولو كانت كلمة واحدة فما بالك بالتبرج والسفور الذي تكون المرأة معتادة عليه في الوظائف والدراسة وفي الحج والعمرة وفي الأعياد والزيارات واللقاءات والخروج من البيت لغير حاجات.
4- المرأة المسلمة المتبرجة هي أبغض إلى الله من كثير من عصاة المسلمين ، روى البخاري رقم 6882. وغيره من حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((أبغض الرجال إلى الله ثلاثة ملحد في الحرم ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية ومطلب دم امرئ بغير حق ليهريق دمه)) قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ : (وسنة الجاهلية اسم جنس يعم جميع ما كان أهل الجاهلية يعتمدونه) اهـ.
قلت: والتبرج سنة من سنن الجاهلية المنصوص عليها برأسها ، وانظر إلى لفظ الحديث فقوله : ((مبتغ في الإسلام سنة الجاهلية) أفاد الحديث أن الابتغاء في حد ذاته سنة جاهلية ، والابتغاء هو طلب و إرادة ذلك الشيء، فما بالك إذا كانت المرأة قد قامت بإحياء السنة بالفعل أفلا يكون بغض الله لها أشد؟ بل ما بالك إذا صارت المرأة المتبرجة تدافع عن التبرج وتدعي أنه حضارة وتعترض على الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وتعقب على حكم الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وتصحح ما هي عليه من الخطأ والانحراف .(1/5)
وقال : ((أبغض الناس إلى الله ثلاثة...)) ولم يقل (الله يبغض ثلاثة) لأن ((أبغض)) أبلغ من (يبغض ) لأن لفظ ((أبغض)) هو أفعل تفضيل يدل على المشاركة وزيادة ، أي: أن من يعصي الله من العصاة المسلمين فالله يبغضه ولكن بغضه لمن يحيي سنة الجاهلية أشد .
واعلم أن زوجها مشارك لها في هذا البغض الإلاهي ما دام أنه لا يعلمها ولا يزجرها لأنه مسئوول عنها ، وقوام عليها ، وهو يعلم من الحق مالا تعلم زوجته ، وعنده من العقل ما ليس عندها في الغالب ، وهذا طعن في رجولته وغيرته ، وهذا مما تأباه النفوس أشد الإباء فإن الله فطر الرجل على الحمية والغيرة وخصوصا في هذا الأمر ، وإلى الله المشتكى.
5- التبرج والسفور دعوة يهودية نصرانية ومن الذي يجهل أن التبرج والسفور والاختلاط دعوة يهودية نصرانية سخر اليهود والنصارى قواهم لنشرها وإفساد المسلمين بقبولها , وقد أغنى الله المسلمين بدينهم عما عند اليهود والنصارى من أباطيل .
6- المرأة المتبرجة إن لم تتب إلى الله لا تدخل الجنة ولا تجد ريحها، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا " وهذا الحديث العظيم يبين أنه كلما تبرجت المرأة أكثر كان عليها العذاب أشد إذ أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصف هؤلاء المتبرجات بأوصاف:
أ- قوله : ((كاسيات عاريات )) وأحسن ما قيل في تفسير هذه الكلمة أي كاسيات في الظاهر وعاريات في الحقيقة ، أي ترى من بعيد معها لباس فإذا اقتربت من الرائي رأى جسمها من شفافة لباسها ، وهذا والله موجود ، وحتى عند بيت الله الحرام.(1/6)
ب- وقوله : (( مائلات مميلات)) أحسن ما فسرت به هذه اللفظة أنهن مائلات في المشي لأنهن يمشين متبرجات ، وأيضا لوجود السمن وكثرة الرفاهية فهي لا تمشي إلا متمائلة , و((مميلات)) لغيرهن .
ج- وقوله : ((رؤوسهن كأسنمة البخت)) الأسنمة المراد بها السنام الذي على ظهر البعير ، والبخت جمال طوال الأعناق ، وتمايل رؤوس المتبرجات أمر مشهود للعيان ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
7- المرأة المتبرجة ملعونة : فعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((سيكون في آخر أمتي نساء كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت إلعنوهن فإنهن ملعونات)) رواه الطبراني في "الصغير" وصححه الألباني.
ومن حديث عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على سروج كأشباه الرجال على أبواب المساجد نساؤهم كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العجاف إلعنوهن فإنهن ملعونات)) رواه أحمد 2/223 والحاكم 4/436 ، وقال الهيثمي : (رواه الطبراني في الثلاثة ورجال أحمد رجال الصحيح...))
وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ((في آخر الزمان)) فيه علم من أعلام النبوة حيث إنه قد تحقق هذا في زماننا وقد يتحقق في أزمان متأخرة أكثر مما تحقق في عصرنا .
تنبيه : جمهور العلماء أنه لا يجوز لعن متبرجة بعينها وإنما يلعن بلفظ العموم يقال : لعن الله المتبرجات ، فإذا رأى أحد امرأة متبرجة فلا ينبغي أن يقول لها : لعنك الله ، وهذا الذي ندين الله به ، فلا أراه موفقا من كان كلما رأى متبرجة لعنها .(1/7)
و من الأدلة على ذلك ما جاء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيء إليه برجل شرب الخمر فقال أحد الحاضرين : (لعنه الله ، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ((لا تلعنوه فو الله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله)) رواه البخاري رقم 6780 وغيره من حديث أبي هريرة ، فهذا الحديث فيه النهي عن لعن المعين .
8- المرأة المسلمة المتبرجة عارية من تقوى الله رب العالمين ، قال الله تعالى:{يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون} [الأعراف]، فهنا تلازم بين تقوى الله وبين ستر العورة إذ أن كليهما لباس للابس واحد ، فالتقوى لباس القلب وزينته ، والثياب لباس الجسم لستر عورته ، فمتى كان العبد عنده تقوى لله استقبح التعري والتكشف المادي ، ومتى كان العبد فاقدا للتقوى الذي ينبثق منه الحياء والمراقبة لله ، فهو في أوحال المعاصي يتخبط وفي قلة الحياء يستهتر ، ولله در من قال:
إذا المرء لم يلبس لباسا من التقى * تقلب عريانا ولو كان كاسيا
فخير لباس المرء طاعة ربه * ولا خير فيمن كان لله عاصيا
وحقيقة التقوى كما صح عن ابن مسعود (أن يطاع فلا يعصى وأن يذكر فلا ينسى وأن يشكر فلا يكفر).
وأدق من هذا التعريف قول من قال في تفسيره : (هو العمل بطاعة الله على نور من الله يرجو ثواب الله والابتعاد عن معصية الله على نور من الله يخشى عذاب الله) فأين المتبرجة من هذا؟ فإلى الله المشتكى.
وإذا كانت المرأة المسلمة تتبرج عند بيت الله الحرام وتتكشف هناك فما مدى صلتها بتقوى الله رب العالمين ؟ أليس هذا انتهاكا لحرمات المشاعر المقدسة؟.
9- تبرج المرأة المسلمة قرن بالمعاصي الكبرى كالشرك بالله والسرقة والزنا وقتل الأولاد ، روى الإمام أحمد 2/196 ـ(1/8)
في مسنده بسند حسن عن عبد الله بن عمرو قال جاءت أميمة بنت رقية إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تبايعه على الإسلام فقال : ((أبايعك على أن لا تشركي بالله شيئا ولا تسرقي ولا تزني ولا تقتلي ولدك ولا تأتي ببهتان تفترينه بين يديك ورجليك ولا تنوحي ولا تتبرجي تبرج الجاهلية الأولى)) .
والحديث واضح فيما ذكرنا فاقتران التبرج بهذه المعاصي المذكورة في الحديث يدل على أن التبرج كبيرة من الموبقات خصوصا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يبايع النساء على أن يتبن إلى الله من هذا الذنب .
10- المرأة المتبرجة في الحج فاسقة ، روى البخاري رقم 1521 من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((من حج لله فلم يرفث ولم يفسق عاد كيوم ولدته أمه)) فقوله : ((ولم يفسق)) يشمل فسق القلب واللسان والجوارح ، فأما فسق الجوارح فهو حاصل عند المتبرجة وهو ناتج عن فسق القلب غالبا لأن هذا التبرج ناتج عن إرادة المرأة واختيارها ، وهذا هو فسق القلب ، وإذا كانت المرأة المتبرجة متلبسة بفسق التبرج فأنى ترجع وقد عادت طاهرة من ذنوبها كيوم ولدتها أمها؟.(1/9)
11- المرأة المسلمة المتبرجة تكفر حق زوجها ، روى الإمام أحمد 6/9والحاكم 1/119 وابن حبان رقم 4559.وابن أبي عاصم رقم1060. من حديث فضالة بن عبيد ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((ثلاثة لا تسأل عنهم رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات عاصيا وأمة أو عبدا أبق فمات وامرأة غاب عنها زوجها وقد كفاها مؤنة الدنيا فتبرجت بعده فلا تسأل عنهم)) قوله : ((وامرأة غاب عنها زوجها وقد كفاها مؤنة الدنيا فتبرجت بعده)) هذا الرجل أحسن إلى زوجته أيما إحسان , صار يخدمها ويكرمها ويؤمنها في بيتها فهي في غاية من الإكرام فلما غاب عنها تبرجت في حال غيابه فهي خائنة له إذ لم ترع حقه ولم تعرف فضله عليها ، وتبرجها في حال غيابه من أعظم أنواع الكفر بحق الزوج لأنها أظهرت له السمع والطاعة في حال وجوده عندها،فلما غاب عنها تبرجت , وسواء كان تبرجها بخروجها إلى الأسواق أو الأعمال أو اللقاءات أو الزيارات أوكان بإدخال أناس في بيتها بدون إذنه وتبرجت عندهم أو بظهورها ولو من سقف البيت متبرجة أو من النافذة
والرسول - صلى الله عليه وسلم - قد فسر لنا قوله : ((فلا تسأل عنهم)) بقوله : ((يا معشر النساء تصدقن وأكثرن الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار إنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير)))رواه مسلم رقم 635 من حديث ابن عمر، وأحمد2/76 ومسلم رقم 80 من حديث أبي هريرة ، والبخاري رقم 304ومسلم رقم 80من حديث أبي سعيد الخدري .
ومن حديث زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((يا معشر النساء تصدقن ولو من حليكن فإنكن أكثر أهل جهنم يوم القيامة)) رواه أحمد 6/363 والنسائي رقم 9200وابن حبان رقم 4248والترمذي رقم 635 والحاكم 8845تحقيق الو ادعي .(1/10)
فالرسول - صلى الله عليه وسلم - بين أمرا عظيما كان خافيا على النساء وهو أنهن سيدخلن جهنم بسبب كفران العشير وهو الزوج ، ومن أرادت أن تتدارك نفسها فلتتب إلى الله فقد دعا الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى الصدقة والاستغفار وغير ذلك من أنواع التوبة.
12- المرأة المسلمة المتبرجة هتكت ما بينها وبين الله . فقد جاء عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((أيما امرأة وضعت ثيابها في غير بيت زوجها فقد هتكت ما بينها وبين الله عز وجل)) رواه أحمد 6/199 والحاكم 4/288
قال المناوي ـ رحمه الله ـ : (قوله - صلى الله عليه وسلم - : ((وضعت ثيابها في غير بيت زوجها)) كناية عن تكشفها للأجانب وعدم تسترها منهم ((فقد هتكت ستر ما بينها وبين الله عز وجل)) لأنه تعالى أنزل لباسا ليواري سوآتهن وهو لباس التقوى ، وإذا لم يتقين الله كشفن سوآتهن وهتكن الستر بينهن وبين الله تعالى ، وكما هتكت نفسها ولم تغط وجهها وخانت زوجها يهتك الله سترها ، والجزاء من جنس العمل ، والهتك خرق الستر عما وراءه ، والهتكة الفضيحة)اهـ.
ولا يخفاك ما في تبرج النساء في الحج وغيره من تهتك يندى له الجبين .
ولا يفهم من هذا الحديث أن قوله - صلى الله عليه وسلم - : ((وضعت ثيابها)) أن المراد أنها تخلع جميع ثيابها هذا لا يلزم ، وإذا حصل هذا في غير بيت زوجها بين الرجال الأجانب فهو غاية الهتك والسقوط بل والفضيحة ، ولكن الحديث يشمل نزع الحجاب فإن الحجاب من الثياب التي تغطي به المرأة وجهها . وقد قال الله تعالى :{يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين} [الأحزاب].(1/11)
13- المرأة المسلمة المتبرجة ترتكب أنواعا من المعاصي . روى البخاري رقم 6612 ومسلم رقم 2657 عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((كتب على ابن آدم الزنا مدركا ذلك لا محالة العينان زناهما النظر والأذنان زناهما السمع واليدان زناهما البطش والرجلان زناهما المشي واللسان زناه التكلم والقلب زناه التمني والفرج يصدق ذلك أو يكذبه)) ولفظ ابن آدم يشمل الرجال والنساء ، وهذا الحديث يبين أن التبرج لا يكون مقصورا على ظهور شيء من الجسم بل يكون التبرج بما ذكر في الحديث من تكلم المرأة مع الرجال الأجانب لغير ضرورة شرعية بل قد يكون وقاحة وقلة حياء ، وإذا مشت إلى الرجال وهي متعطرة فهذا تبرج آخر ، وإذا كانت متبخرة ولم تكن متعطرة فهذا تبرج أيضا .
والأجنبي هو : كل رجل يجوز له أن يتزوجها في وقت من الأوقات كابن عمها وابن عمتها ، وكل هذه أنواع من أنواع الزنا توصل إلى الزنا الأكبر الذي هو أدهى وأمر ، والذي هو أخبث الخبائث بعد الشرك بالله ، وعلى هذا فحقيقة التبرج هو كل قول وحركة وفعل ومظهر من المرأة لغير ضرورة شرعية يلفت أنظار الناس إليها ويميل بقلوبهم نحوها . ولا يستبعد أن المرأة في حجها تقع في كثير مما ذكر في الحديث إلى جانب إظهار ما حرم الله إظهاره عليها للأجانب فيكون الذنب أعظم ، وتكون المؤذاة للناس أشد بكثير لأن المتبرجة حينما توجهت وتحركت في الأماكن المقدسة فهي تلاقي في خطواتها رجالا بالعشرات بل بالمئات ، فكيف لا تكون قد ارتكبت أنواعا من المعاصي وفي المشاعر المقدسة.(1/12)
14- المرأة المسلمة المتبرجة تدعو إلى الفواحش بقصد حسن أو بقصد سيء فإن كانت بقصد سيء أي: أنها تبرجت وتريد أن ينتشر التبرج في النساء ويظهر النساء على الرجال متبرجات ، وتريد فتنة الرجال بهن فهذه داخلة في قوله تعالى :{إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة} [النور]، فهذه الآية وإن كانت نزلت في نشر الخبر المفترى على عائشة إلا أنها تشمل بعمومها كل من يريد نشر الفاحشة في المجتمع سواء كان عن طريق التلفاز أو الإذاعة أو الفيديو أو الدش أو الجرائد الخليعة أو الدعوة إلى التبرج ، ويدخل في هذه الآية من يقذف شخصا بالفاحشة لكي يسهل انتشار الأخبار وتتسع دائرة قبول الفاحشة ، وإن كانت لا تريد انتشار التبرج ولكنها عجزت عن إصلاح نفسها فهي أيضا داعية إلى الفاحشة بفعلها هذا ، وإن كان ذنبها في خاصة نفسها أخف من الصورة الأولى ، فإذا كانت تعلم بأن التبرج حرام فهي في الإثم أشد ممن كانت جاهلة وإن كانت قدوة في نظر الناس كان الإثم أشد من الذي قبله ، ويخشى على المرأة المتبرجة أن تكون مشاركة في قضايا الزنا بسبب مشاركتها في الدعوة إليه بطريقة غير مباشرة.
15- التبرج والسفور سبب هلاك الأمم . روى مسلم رقم 2742والترمذي رقم 2191 وغيرهما من حديث أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((...اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)).
ومن عجائب ما صنعته بعض نساء بني إسرائيل ما رواه أحمد 3/4 ومسلم رقم 2252والنسائي 8/151 في "الزينة" من حديث أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((كان في بني إسرائيل امرأة قصيرة فصنعت رجلين من خشب فكانت تسير بين امرأتين قصيرتين واتخذت خاتما من ذهب وحشت فصه أطيب الطيب فكانت إذا مرت بالمجلس حركته فتنفخ ريحه)).(1/13)
والرسول - صلى الله عليه وسلم - عند أن أخبر أمته أن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ، أراد منا أخذ الحذر واليقضة والحزم في أمر النساء ، ولهذا قال الله :{يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم ـ إلى قوله ـ إنما أموالكم وأولادكم فتنة} [التغابن].
وقد أفاد الحديث أن أول فتنة في بني إسرائيل كانت في النساء ولفظ ((فتنة )) يعم أنواعا من الفتن كمثل الطيب بين الرجال أو البخور أو الضرب بالرجلين أو إظهار الوجه أو غيره من الأعضاء أو بالكلام أو بالاختلاط مع الرجال أو الخلوة بالرجال الأجانب إلى غير ذلك من صور فتن التبرج فهذا أول فتنة في بني إسرائيل ، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - لما بين في هذا الحديث أن هذه أول فتنة وقعت في بني إسرائيل نبهنا لننظر إلى الحالة التي وصلت إليها أمة اليهود والنصارى من الانحراف والفسق والفجور مع أنهم كانوا على دين من عند الله مثل هذه الأمة ، وكيف عاقبهم الله أن صاروا عاجزين عن إزالة هذا الشر ودخلوا في الكفر ، وصاروا شر خلق الله على وجه الأرض .
وفي البخاري رقم 7059 ومسلم رقم 2880 عن زينب قالت : استيقظ النبي - صلى الله عليه وسلم - من النوم محمرا وجهه وهو يقول : ((لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وعقد سبعين قيل أنهلك وفينا الصالحون؟ قال : نعم إذا كثر الخبث))
فالله المسئول أن يجنبنا ويدفع عنا كل سوء ومكروه.
نداء للمرأة المسلمة(1/14)
أيتها المرأة المسلمة اعرفي عدوك ، تبرج المرأة المسلمة ليس من اليوم بل هو من عصور غابرة بشكل حقيقي إلا أن أعداءنا اليهود والنصارى عرفوا كيف يغزون هذه الأمة ، وكيف يحطمون كرامتها ، وكيف يجعلونها أمة لا تعرف إلا الرذيلة ولا تحتفل إلا بالدناءات ولا تسير إلا تحت وطأة أقدامهم ولا تنطق إلا بلسانهم ، ولا تعمل إلا بقوانينهم ، ولا تغضب إلا إرضاء لهم ، عرفوا أن هذا كله يتحقق لهم بطريق رفع شعار التبرج والسفور ، تقدم وحضارة ، والحجاب تخلف وخسارة ، وسهلوا للمرأة المسلمة القبول لهذه الأفكار ، وهذه أقوالهم طافحة بين أيدينا ننقل منها نبذة مختصرة:
تقول المبشرة النصرانية "آن ميليغان" : (لقد استطعنا أن نجمع في كلية البنات في القاهرة بنات آباؤهن باشاوات وبكوان ولا يوجد مكان آخر يمكن أن يجتمعن فيه مثل هذا العدد من البنات المسلمات تحت النفود المسيحي وبالتالي ليس هناك طريق أقرب إلى تقويض الإسلام من هذه المدرسة) راجع كتاب "التبشير والاستعمار" (ص870).
سبحان الله هذه امرأة نصرانية بلغ حقدها على الإسلام إلى هذا الحد! فهل يمكن أن تتصور المرأة المسلمة أنها محاربة إلى هذا الحد . القضية ليست صداقة كما قد تظن بعض المغفلات من المسلمات وليست زمالة ووظيفة بل القضية عند الأعداء نريد هدم الإسلام بأيدي المسلمات.
وقال أحد كبار الماسونية : (يجب علينا أن نكسب المرأة فأي يوم مدت يدها إلينا فزنا بالحرام وتبدد جيش المنتصرين للدين)) وفي بروتو كولات حكماء صهيون : (يجب علينا أن نعمل لتنهار الأخلاق في كل مكان فتسهل سيطرتنا...).
ويقول أحدهم : (انزعوا الحجاب من المرأة المسلمة وغطوا به القرآن).
ويقول زويمر في مؤتمر القدس للتبشيريين : (كأس وغانية تعمل في العرب ما لا يعمله خمسون مدفعا فأغرقوهم فيها).
وقال آخر : (لن تنتشر المسيحية ما دام القرآن والحجاب موجود).أهـ(1/15)
فعرفوا أن القرآن يحفظ الأمة ، والحجاب يحفظ المرأة ، فهل تعلم المرأة المسلمة أن المعركة ضدها قائمة , والحقيقة أن الحجاب ما نزع من المرأة المسلمة واستبدلته بالتبرج بسهولة بل بذل الأعداء ما لا يتصور في هذا المجال ،فقد جندوا من حكام المسلمين من يقوم بمنع المرأة المسلمة من الحجاب بالحديد والنار , وسنوا في ذلك القوانين الإجرامية , وأشرفوا على تنفيذها كما حصل هذا في دول كثرة من الدول الإسلامية .
تنبيه : إذا أردت أن تعرف مدى الهجوم الذي قام به أعداء الإسلام وعملاؤهم على الحجاب حتى بلغ بهم الأمر أن طعنوا في الله رب العالمين وفي القرآن وفي النبي - صلى الله عليه وسلم - فارجع إلى كتابنا ( المؤامرة الكبرى على المرأة المسلمة ) .
16- التبرج والسفور خزي في الدنيا . من المسلم به أن الله فطر المرأة على الحياء ، وعلى الغيرة أي: تغار على نفسها . ولا شك أن التجرد من خلق الحياء مدرجة الهلاك والسقوط من درك إلى درك ، ولهذا قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ((إذا لم تستح فاصنع ما شئت)) فالذي سلب الحياء منه فما بقي له رادع يردعه ولا زاجر يزجره بل تعظم جرأته على الفضائل.
وقوله : ((فاصنع ما شئت)) أمر تهديد ووعيد لا أمر إباحة ، وقد جعل الله للمسلم والمسلمة حيائين : حياء فطرة ، وحياء إيمان وصلاح وتقوى ، فالمرأة المتبرجة ضيعت الحيائين كليا أو جزئيا ولهذا قال بعض السلف : (من استحى اختفى ومن اختفى اتقى ومن اتقى وقي)وقال الحراج الحكمي وكان فارس أهل الشام : (تركت الذنوب حياء أربعين سنة ثم أدركني الورع).وعن بعضهم أنه قال : (رأيت المعاصي نذالة فتركتها مروءة). ... ... ... ... ... ...
هذا كله في الحياء الفطري فكيف بالحياء الإيماني ، والحياء الإيماني نور على نور وهو جالب لتعظيم الله وتوقيره والمراقبة له ، والخوف منه ، والعلم بأن الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، ولهذا قال الله مخبرا عن بنت الرجل الصالح
{(1/16)
فجاءته إحداهما تمشي على استحياء} [القصص].
فالحياء تاج المرأة وجمالها ورائدها ، فإذا اجتمع الحياآن اجتمع الخير كله ، وإذا ذهب حياء الإيمان ففي حياء الفطرة خير في هذا الباب ، وإن كان أقل نفعا من حياء الإيمان لكن المصيبة إذا ذهب الحياآن فلا عاصم ولا واقي ولا رادع ولا زاجر.
وصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ يقول ((الحياء لا يأتي إلا بخير)) ((الحياء كله خير )) وقال - صلى الله عليه وسلم - ((...دعه فإن الحياء من الإيمان)).
17- المرأة المسلمة المتبرجة سبب لشقاء أسرتها وفسادها ، أما علمت المرأة عظمة المسئولية التي كلفها الله بها ، روى البخاري رقم 5200 ومسلم رقم 1829 من حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ...والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها...)) فقوله - صلى الله عليه وسلم - : ((المرأة راعية في بيت زوجها)) معنى راعية : أي محافظة مؤتمنة ، قاله ابن الأثير في "النهاية" (2/236) فالمرأة مطالبة أن ترعى في بيت زوجها ثلاثة حقوق :
1- حقوق زوجها.
2- حقوق مال زوجها.
3- حقوق أولادها ، وهذه أهم الحقوق الأسرية , التي لا ينبغي للمرأة المسلمة أن تجهلها فضلا عن أن تفرط فيها
أسباب التبرج والسفور
الأسباب التي أدت إلى الوقوع في فتنة التبرج والسفور كثيرة ومن أهمها:
1- الجهل بأحكام الحجاب ومنافعه : فالوقوع في التبرج والسفور طريقة جاهلية قال تعالى { ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى }(1/17)
2-العجب والغرور . لقد أصيب عدد ليس بالقليل من الدارسين في الجامعات والكليات والمعاهد بالعجب والغرور , حتى صار بعضهم يدعي المعرفة في كل شيء وهو في الحقيقة لم يعرف شيئا من العلوم الشرعية ,وما وضع في أغلب المدارس والمعاهد والجامعات من نبذة يسيرة من العلوم الشرعية إنما وضعت في حقيقة الأمر لإقناع هؤلاء المتعلمين من أبناء المسلمين أنهم قد تعلموا الإسلام .
3- كثير من المسلمين والمسلمات ملئت قلوبهم بعظمة حضارة الغرب حتى احتقروا أنفسهم ورأوا أنهم لا شيء بجانب أعداء الله . وأنهم فقراء إليهم في كل شيء ، وأن كل ما عليه أولئك الكفار لا بد أن يؤخذ به دون تردد وتعديل مهما أدى ذلك إلى عواقب وخيمة ، وغفل وهؤلاء عن قوله تعالى : { يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون }
4- كثرة الطعن في الحجاب الشرعي والتشويه به : فلا يخفى عليك ما يقوم به كثير من أبناء جلدتنا من المحاربة للحجاب الشرعي ومن التزم به , بحسن قصد أو بسوء قصد , وقد وجد أعداء الإسلام بغيتهم في هذا الصنف لتنفيذ ما يريدون , فلا حول ولا قوة إلا بالله .
5- تلقى كثير من المسلمين الشبه من قبل دعاة وعلماء وكُتَّاب عصريين ظنا منهم أنهم دعاة حق وليسوا كذلك , فلا بد للمسلمين من معرفة دعاة الحق من دعاة الباطل وإلا صاروا ضحية للباطل وأهله .
6 حب الدنيا والإقبال عليها جعل كثيرا من المسلمين لا يبالون بما وقعوا فيه من مخالفة الحق , ولذا ترى الأعداء غرروا على المسلمين بأمور كثيرة , من أهمها الإغراء بالمال , فكم تاجر العملاء للأعداء بأعراض المسلمين وجعلوهاسلعة تباع , فإنا لله وإنا إليه راجعون .
7- ابتعاد كثير من المسلمين عن المتمسكين بدين الله وقربهم من أصحاب المعاصي : فأدى بهم ذلك إلى التلاعب بالأحكام الشرعية , وادعاء صعوبة التمسك بها , وصدق الشاعر إذ يقول :
ومن جعل الغراب له دليلا * يمر به على جيف الكلاب(1/18)
الحجاب وأدلته من القرآن الكريم
تعريف الحجاب في اللغة : هو المنع من الوصول إلى شيء ، فكلما حال بينك وبين شيء حائل فهو حجاب ،
وفي الشرع : هو التزام المرأة المسلمة بالأحكام الشرعية التي تمنع من ظهورمحاسنها لمن لا تحل له . ويسمى خمارا لأن المرأة المسلمة تختمر به أي: تغطي وجهها وبقية جسمها ، ويسمى النصيف ، ويسمى الجلباب ، ويسمى الرداء ، ويسمى النقاب ، ويسمى الملاءة ، ويسمى الملحفة، وغير ذلك.
والحجاب الشرعي يكون إما بملازمة البيت وعدم إظهار زينتها أمام الأجانب ، وإما بملازمة ستر البدن كله عند خروج المرأة من البيت ، وإما بستر البدن كله ما عدا الوجه والكفين ، فهذه الأنواع الثلاثة لا خلاف بين أهل العلم في شرعيتها.
ويدل على هذا الكتاب والسنة ، كقوله سبحانه :{وقرن في بيوتكن} [الأحزاب]، وكقوله سبحانه :{وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب}[الأحزاب].
وقال تعالى :{يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن} [الأحزاب]، إلى غير ذلك من الأدلة.
وهذان النوعان للحجاب الشرعي متفق عليهما بين أهل العلم عند المتقدمين والمتأخرين.
والنوع الأول والثالث واجبان عند أهل العلم ، والثاني الذي هو وجوب تغطية الوجه والكفين مختلف فيه ، وإليك ذكر الأدلة الدالة على وجوبه
الدليل الأول : قال الله تعالى :{يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين}.الأحزاب .
وقد قال جماعة من العلماء : بوجوب الحجاب الشامل للمرأة ومن ذلك الوجه والكفان استدلالا بهذه الآية.
ودلالة الآية على وجوب الحجاب واضحة من قوله سبحانه :{قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن} فالأمر بالحجاب لم يكن مقصورا على نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - بل كان عاما لجميع المؤمنات .(1/19)
الدليل الثاني: قوله سبحانه :وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} [الأحزاب]، والعلماء يرون أن هذه الآية تعم تغطية الوجه والكفين ، وقد رأى بعضهم أنها خاصة بأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وهو قول مرجوح ، وذلك أنه تقرر في أصول الفقه أن الخطاب للواحد خطاب لجميع الأمة لأن جميع الأمة مكلفون فلا يخرج أحد من هذا العموم إلا بدليل خاص به.
ومما يدل على أن الخطاب عام قوله سبحانه :{ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} فهذه علة الأمر بالحجاب فطهارة قلوب المؤمنين والمؤمنات لا تتحقق إلا بالامتثال لهذا الأمر ولا تلتفت إلى من يدعي طهارة قلبه وهو مخالف لهذا الأمر الرباني .
الدليل الثالث : قوله سبحانه :{قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون ، وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} [النور]، وهذه الآية دلت على وجوب الحجاب بما في ذلك تغطية الوجه والكفين في مواضع منها:
أ- قوله : {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} وهذا هو الشاهد فقد صح عن ابن مسعود أنه فسر{إلا ما ظهر منها} قال : الثياب. أخرج هذا الأثر ابن جرير الطبري والبيهقي وابن المنذر وابن أبي حاتم.
فالراجح في تفسير {إلا ما ظهر منها} أنها الثياب إذ لم يصح عن الصحابة غيره .(1/20)
وهذا التفسير يتفق مع الآيات والأحاديث التي تفيد وجوب الحجاب لجميع الأعضاء بما في ذلك الوجه والكفان ، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية بوجوب ستر البدن كله بدون استثناء ، راجع "مجموع الفتاوى" (22/118،117،110)
والافتتان بالنظر إلى الوجه أعظم من الفتنة ببقية الأعضاء ، وهذا لا يجهله أحد ، فهل من الحكمة تحريم ظهور قدم المرأة وجواز إبداء وجهها ؟!، أضف إلى ذلك ما هو حاصل من الزينة التي توضع على الوجه فتعظم به الفتنة.
ب – قوله سبحانه :{وليضربن بخمرهن على جيوبهن} فالآية تشمل تغطية الوجه والكفين لأن الله أمر بالاختمار على الجيوب ، وهذا ما فعلته نساء الأنصار والمهاجرين.
ج – قوله سبحانه : {ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن} وهذه الآية ظاهرة الدلالة على وجوب الحجاب للبدن كله بدون استثناء ، وذلك أن فتنة حركة الضرب بالرجل أقل بكثير من فتنة الوجه ، ومع هذا نهى الله المرأة أن تضرب برجليها الأرض .
الدليل الرابع : قوله سبحانه :{والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة} [النور]، وقد فسر جماعة من العلماء الثياب بأنها الجلابيب أو الخمار الذي أمر الله بضربه على الجيوب ،
والآية الكريمة فيها تنبيهات عظيمة:
فالقواعد هن اللاتي بلغن سن اليأس من المحيض , وهذا تنبيه عظيم على أهمية تغطية الوجه لأنه أعظم مكان في المرأة يدعو إلى الفتنة إذ أن الرجل لو رأى أي عضو لبقي متطلعا إلى الوجه فإذا رأى يديها أو رجليها أو غير ذلك لم يقتنع ، فإذا رأى وجهها وأعجبه جمالها حكم على بقية الأعضاء بجمالها
وقوله :{اللاتي لا يرجون نكاحا} زيادة بيان لمن أذن لها بترك الحجاب وهو أن تكون المرأة عازفة عن النكاح
وبعد هذا كله قال:{وأن يستعففن خير لهن} أي: يرتدين الحجاب فلم يجعل الله ترك الحجاب مع هذه الآداب هو القمة في الخيرية ، وإنما القمة في الخيرية هو بقاء الحجاب.(1/21)
الحجاب وأدلته من السنه
1- قوله - صلى الله عليه وسلم - : ((المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان)) رواه الترمذي عن ابن مسعود.
وهذا الحديث يفيد تغطية سائر البدن بما في ذلك الوجه والكفان لأنه عليه الصلاة والسلام لم يستثن شيئا من بدنها انه ليس بعورة ، ولهذا قال الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ : (ظفر المرأة عورة فإذا خرجت فلا تبين منه شيئا...) وهو قول مالك.
والحديث وإن كان ليس بصريح في الوجوب لكنه يدل على ستر كلما يصدق عليه اسم عورة .
2- حديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ((لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين)) رواه البخاري رقم 1838 ومالك في "الموطأ 1/328 والترمذي رقم 833 وأبوداود رقم 1825, 826 والنسائي رقم 2680 وأحمد 2/119.
قال أبو بكر بن العربي المالكي ـ رحمه الله ـ في حديث ابن عمر ((ولا تنتقب المرأة )) : (وذلك أن سترها وجهها بالبرقع فرض إلا في الحج فإنها ترخي شيئا من خمارها على وجهها غير لاصق به وتعرض عن الرجال ويعرضون عنها).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : (وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن ، وذلك ستر وجوههن وأيديهن).
وأفاد الحديث أن المرأة لا تنتقب لأنها محرمة ، والنقاب هو ما شد به على مارن أنفها. وهذا يكون تحت الخمار ويبقى الخمار لتغطي وجهها وجميع أعضائها ، وإذا كانت حال كونها محرمة منعت من النقاب ولم تمنع من الحجاب دل هذا على أن الحجاب ما يزال واجبا عليها .
3- حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة فقالت أم سلمة : فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال : يرخين شبرا ، فقالت : إذا تنكشف أقدامهن فقال: فيرخينه ذراعا لا يزدن عليه)) رواه أحمد 2/55وأبوداود رقم 4117 والترمذي رقم 1731والنسائي رقم 5351 , 5332 ,5353 ,5354 .(1/22)
هذا الحديث استنبط منه بعض العلماء تغطية الجسم كاملا ، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بين أن القدمين عورة عند الظهور على الأجانب ، وأمر عليه الصلاة والسلام بتغطية القدمين ، والقدمان أقل فتنة بكثير من الوجه والكفين بلا ريب ، ومن حكمة التشريع أن ينبه على ما هو أدنى ليدخل الأعلى من باب أولى فنبه على تغطية القدمين ليدخل تغطية الوجه والكفين
4- حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إياكم والدخول على النساء فقال رجل أفرأيت الحمو؟ قال : الحمو الموت)) رواه البخاري رقم 5232 ومسلم رقم 2172.
الحديث استنبط منه العلامة الشنقيطي رحمه الله دليلا على وجوب الحجاب لجميع البدن ، وقد أطال في تقرير ذلك فراجعه في "أضواء البيان" (6/592-593).
وخلاصة الكلام أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - حذر بأبلغ تحذير وهو قوله : ((الحمو الموت)) وهذا التحذير للأجانب من الأقارب لأن الأنصاري سأل عن الحمو فمنعه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأبلغ منع وحذره بتحذير بليغ فالموت أفظع حادث يأتي على الإنسان في الدنيا ،
فشبه دخول على المرأة بالموت .
5- حديث عائشة رضي الله عنها قالت : إن أفلح أخا أبي القعيس جاء يستأذن عليها وهو عمها من الرضاعة بعد أن نزل الحجاب قالت : ((فأبيت أن آذن له فلما جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبرته بالذي صنعت فأمرني أن آذن له)) وفي رواية أنه قال لها : ( أتحتجبي مني وأنا عمك) وفي رواية (وكان أبو القعيس زوج المرأة التي أرضعت عائشة) والحديث رواه البخاري رقم 5103 ومسلم رقم 1445.
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (9/152) : (وفيه وجوب احتجاب المرأة من الرجال الأجانب).اهـ(1/23)
6- حديث حفصة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كنا نمنع عواتقنا أن يخرجن في العيدين فقدمت امرأة فقالت : كنا نداوي الكلمى ونقوم على المريض فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أعلى احدانا بأس إذا لم يكن لها جلباب أن لا تخرج؟ قال - صلى الله عليه وسلم - : ((لتلبسها أختها)) وفي لفظ ((صاحبتها من جلبابها ولتشهد الخير ودعوة المسلمين)) رواه البخاري رقم 1652وغيره.
وهذا الحديث استفيد منه وجوب الاحتجاب الكامل لأن المرأة السائلة أرادت أن تعرف حكم التخلف عن حضور العيدين بعذر عدم وجود الجلباب فهو دليل على ما كن عليه من الالتزام بأمر الحجاب لأن المانع لها من الخروج هو عدم وجود جلباب ، فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بأمرين :
أحدهما: الخروج إلى مصلى العيد.
الثاني : استعارة جلباب . فأمره - صلى الله عليه وسلم - لها باستعارة جلباب يدل على وجوب الحجاب عند إرادة الخروج بين الرجال الأجانب ، ولوكان أمر الحجاب مستحبا فقط لكانت معذورة عنه باعتبار عدم وجوده.
والجلباب يبقى على ما هو المعروف انه الثوب الواسع الذي يغطي البدن كله ، كما هو ظاهر الآية الكريمة {يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين} [الأحزاب].
7- حديث فاطمة بنت قيس ، والقصة طويلة ، وخلاصة القصة أنها طلقت ثلاثا فأرادت أن تعتد عند أم شريك وكانت أم شريك تستضيف الضيفان فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((...انتقلي إلى ابن عمك عبد الله بن أم مكتوم الأعمى فإنك إذا وضعت خمارك لم يرك ، فانتقلت إليه)) رواه مسلم رقم1480.
وشاهدنا من الحديث ((فإنك إذا وضعت خمارك لم يرك)) فمنعه - صلى الله عليه وسلم - لها من بقائها عند أم شريك خشية أن يراها أصحابه عند وضع الخمار ، فدل على وجوب الاحتجاب لجميع البدن ، والخمار ما يغطى به الرأس والوجه والعنق ، كما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية.(1/24)
8- حديث ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها)) رواه البخاري رقم 5240 . ومعنى الحديث لا تتعرف المرأة على عورة المرأة بطريق الملاصقة ثم تذهب تصف المرأة لزوجها ، لأن الواصفة حين تصف المرأة لزوجها ربما شغف بحب الموصوفة واستنقص امرأته التي أخبرته ، وربما طلقها ، وربما ذهب إلى المرأة الموصوفة فتكون الواصفة قد تسببت في وقوعه في أمر لا يحمد عقباه والشاهد من الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم - : ((فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها)) والنعت الوصف ، ويستفاد من هذه اللفظة تحريم وصف المرأة للأقارب لأن القلب يتأثر إما برؤية العين وإما بالوصف ، وإذا كان يتأثر بالوصف إلى حد الفتنة حتى حرم وصف محاسن المرأة للرجال فمن باب أولى أن يحرم التبرج والسفور بما في ذلك الوجه والكفان لأن الرجل يتأثر بنظرة عينه إلى النساء أكثر مما يتأثر بما يخبر به ، ولهذا قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ((ليس الخبر كالمعاينة)) من حديث ابن عباس عند أحمد1/215
تنبيه : بعض الأزواج يصف جمال زوجته للآخرين مما يؤدي إلى عشقها والافتتان بها ، وتنصب شباك الحيل للوصول إليها . وهذه بلادة وقلة غيرة على العرض فالله المستعان .
9- حديث جرير بن عبد الله البجلي ـ رضي الله عنه ـ قال: (( سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن نظر الفجأة فأمرني أن أصرف بصري)) رواه مسلم رقم 2159 .(1/25)
وقد استنبط بعض العلماء من هذا الحديث أن نساء المؤمنين كن في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - يستترن عن الأجانب ويغطين وجوههن عنهم ، وإنما كان يقع النظر عليهن فجأة في بعض الأحايين ولو كن يكشفن دائما لحصلت مشقة عظيمة جدا في صرف البصر ، لأن الرجل إن غض بصره من هذه الجهة جاءت امرأة من هذه الجهة ، ولا يمكن أن يؤمر المسلم بغض البصر عند الفجأة ويسمحله أن ينظر بكل تمعن عند حصول تجمعات النساء وهو فيهن ، فإن تحريم الأخف دليل على تحريم الأثقل . ولا يستطيع المسلم أن يصرف بصره كاملا إلا إذا كانت النساء متحجبات فيحصل فجأة أن يرى امرأة بغير حجاب , فأمر أن يصرف نظره .
تنبيه : لا يفهم من الحديث أن المسلم لا يغض البصر عند كثرة التبرج والسفور كما يوجد في الأسواق ، وفي بعض الأماكن ، والوظائف ، بل الواجب أن يغض بصره بقدر ما يستطيع فإذا رأى امرأة هنا حول بصره ، فإذا جاءت امرأة ثانية من الجهة الأخرى حول بصره ، وهذا فيه مشقة عظيمة ، لكن الأجر كبير فالرسول - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة : ((إنما أجرك على قدر نصبك)) رواه البخاري .
10- حديث سهل بن سعد ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((لو علمت أنك تنظر لطعنت بها في عينيك إنما جعل الاستئذان من أجل البصر)) رواه البخاري ومسلم .
وجه الاستشهاد بهذا الحديث أن من كان خارج البيت حرم عليه أن ينظر إلى من في البيت , وما هذا إلا لكي تبقى المرأة مصانة في بيتها وفي خارجه .
نبذة عن فضائل الحجاب الشرعي
وفضائل الحجاب كثيرة ومزاياه عظيمة تجعل المرأة المسلمة رافعة رأسها ، سيدة بنات جنسها ، مكرمة عند مجتمعها ، مطمئنة على شرفها ، ومن هذه الفضائل:(1/26)
1- أنه يتفق مع الفطرة : فقد فطرنا الله جميعا على حب سترة العورة ، قال سبحانه :{يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله}[الأعراف]، فحب العبد لستر العورة آية من آيات الله ، وإنزال اللباس آية من آيات الله ، وقد قرن الحجاب الشرعي هنا بالتقوى ، فالتقوى زاد الآخرة والحجاب الشرعي عنوان وتاج لهذا التقوى ، فهذه الآية تدلنا على أن الحجاب ليس خرقة تلبس فحسب وإنما هو التمسك بأحكام كثيرة تجعل صاحبها حقا من أهل التقى ، فما هناك مجال للتنكر للحجاب في الفطرة السليمة ، ومن حصل عنده التنكر له فهذا دليل على انحراف فيه وفساد في فطرته .
2- التمسك بالحجاب الشرعي وآدابه طاعة لله وطاعة لرسوله - صلى الله عليه وسلم - : وإذا كانت المرأة طائعة لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فقد وعدت بالمنازل العالية بإذن الله ، وبمرافقة الأنبياء ومن معهم من أتباعهم الطاهرين . قال الله :{ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما} [النساء]، فمعنى هذا أن التزام النساء بالآداب الشرعية يجعلهن مع خيرة خلق الله .
3- بالمحافظة على الحجاب الشرعي تحصل الطهارة للقلوب التي لا يمكن أن تنال إلا بملازمة الحجاب الشرعي :
قال الله :{وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} [الأحزاب]، فمتى ستطهر قلوب المؤمنين والمؤمنات إذا كانت معرضة للفتن كل حين؟ وأولئك الذين يزعمون أن قلوبهم نظيفة وطاهرة , هم في الحقيقة مرضى القلوب ولشدة مرض قلوبهم أصبحوا لا يحسون بهذا المرض , وقد فرض الحجاب في زمن خير القرون وهم الصحابة رضوان الله عليهم .(1/27)
4- المحافظة على الحجاب الشرعي عنوان العفة : والعفاف عطاء رباني واختصاص إلهي، ولهذا كان عليه الصلاة والسلام يقول : ((اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى )) رواه مسلم رقم 2721 عن ابن مسعود .
والعفة صفة الحور العين ، قال الله :{حور مقصورات في الخيام} [الرحمن .
5- الحجاب الشرعي والالتزام به دليل على كمال الإيمان : فقد قال الله :{ يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين}
6- الحجاب الشرعي دليل على وجود الغيرة التي جبل عليها المخلوق البشري ، وعلى الغيرة الإيمانية الشرعية التي يتربى عليها المسلمون ، وعلى هذه الغيرة يضحى بالنفس والمال ، ويجازى فاعل ذلك بدرجة الشهيد في الجنة ، قال عليه الصلاة والسلام : ((من قتل دون ماله فهو شهيد... ومن قتل دون أهله فهو شهيد)) رواه الترمذي رقم 1421 وأبو داود رقم 4772 والنسائي رقم 4105 وابن ماجة رقم 2580 وأحمد4/189 عن سعيد بن زيد.
7- الحجاب الشرعي تتميز به المرأة المسلمة عن غيرها ، من النساء الآتي انحرفن عن هذه الآداب العظيمة .
8- الحجاب الشرعي سبب عظيم لدخول الجنة : فقد روى الإمام أحمد 4/197 والحاكم 4/602 وأبو يعلى رقم 7343
من حديث عبد الله بن عمرو قال : بينما نحن مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : ((انظروا هل ترون شيئا؟ فقلنا : نرى غربانا فيها غراب أعصم أحمر المنقار والرجلين ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((لا يدخل الجنة من النساء إلا من كان منهن مثل هذا الغراب في الغربان)).
وفي الحديث دلالة على أن الآتي يدخلن الجنة من النساء أقل من القليل . وسبب قلة دخولهن الجنة هو كثرة انحرافهن وجريهن وراء المعاصي وترك ما أوجب الله عليهن .
9- الحجاب الشرعي سبب لقبول المرأة في مجتمعها , ولهذا قال عليه الصلاة والسلام للخاطب : ((...فاظفر بذات الدين تربت يداك)) رواه البخاري رقم 5090 ومسلم رقم 1466 من حديث أبي هريرة .(1/28)
10- الحجاب الشرعي سبب لنجاة المرأة من مؤذاة السفهاء لها وقطع أطماعهم فيها : قال الله تعالى : { ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين } وقال جل وعلا : { فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض } فإذا كان المتطلعون إلى النساء يطمعون فيهن عند سماع أصواتهن فكيف إذا رأوا جمالهن .
11- الحجاب الشرعي داع إلى ديمومة النكاح : وذلك أن النساء إذا حافظن على الحجاب الشرعي صار الرجال لا يعرفون إلا نساءهم ويقتنعون يهن , فلا يفتنون بغيرهن , ولو علمت النساء بهذه المزية في الحجاب ما تبرجت امرأة .
12- المرأة المتمسكة بالحجاب تنتصر على قوى الشر على اختلاف وسائلها , وتنوع أساليبها , كيف لا والمرأة المسلمة تدعى إلى التبرج والسفور ليلا ونهارا من قبل الوسائل المرئية والمسموعة والمقروءة إلى جانب ما تواجه من مجتمعها .
13- الحجاب الشرعي من محاسن الشريعة الإسلامية ، يقول الله في كتابه الكريم :{ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير}[الملك]، فهو سبحانه أعلم بمصالح عباده فشرعه سبحانه للحجاب من أعظم محاسن الإسلام كيف لا وفيه صيانة أعراض عباده ، والمحافظة على النسل والأنساب ، وبقاء طهارة المجتمع , ولهذا قال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر } فعدم الالتزام بالحجاب الشرعي وما يدعو إليه خطوات شيطانية تؤدي إلى الفحشاء والمنكر .
14- الحجاب الشرعي يسموا بالمرأة إلى أن تكون قدوة صالحة في مجتمعها , والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده " رواه مسلم عن جرير بن عبد الله البجلي , فما أحوج المرأة المسلمة إلى إحياء التمسك بالحجاب الشرعي .
أختي المسلمة : لقد بان لك من خلال ذكر فضائل الحجاب ومزاياه العظيمة الشيء الكثير فلا تلتفتي إلى دعاة التبرج والسفور والاختلاط الذين هم معاول هدم للقيم والأخلاق .
شروط الحجاب(1/29)
للحجاب شروط :لا يكون حجابا شرعيا إلا بتوافرها ، وسنذكرها باختصار ، وهي كالآتي:
1- أن يكون الحجاب ساترا لجميع البدن حال خروج المرأة بين الرجال الأجانب : والدليل على ذلك قوله تعالى :{يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن} [الأحزاب] ، والجلباب وما شابهه هو ما يكون واسعا يغطي البدن كله بما في ذلك الوجه والكفان.
2- أن لا يكون زينة في نفسه : قال تعالى :{ولا يبدين زينتهن} [النور]، لأنه بعمومه يشمل الثياب الظاهرة إذا كانت زينة تلفت أنظار الرجال إليها .
3- أن يكون صفيقا لا يشف : لأن الشفاف لا يتحقق به الستر بل يزيد المرأة فتنة وزينة لأنه يصف جسمها ويري الناس عورتها.
4- أن يكون فضفاضا غير ضيق : فيصف شيئا من جسمها ، ومن المعلوم أن الغرض من الثوب رفع الفتنة ولا يحصل إلا بالثوب الواسع .
5- لا يكون مبخرا ولا مطيبا : وقد وردت أحاديث منها حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهدن معنا العشاء الآخرة)) رواه مسلم وأبوداود والنسائي وغيرهم ، وحديث أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((أيما امرأة تعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية)) .(1/30)
6- أن لا يشبه لباس الرجال : وقد جاءت أحاديث كثيرة في تحريم التشبه بالرجال من قبل النساء ، وسأكتفي بحديث واحد ، روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ((لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء وقال أخرجوهم من بيوتكم )) وفي لفظ ((فأخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فلانا وأخرج عمر فلانا)) وفي لفظ ((لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال)) وهذا اللعن كاف لزجر المرأة التي تلبس لباسا خاصا بالرجال , وهذا الحديث عام يشمل تحريم تشبه النساء في كل شيء مختص بالرجال من لباس وغيره.
7- أن لا يشبه لباس الكافرات :فمعلوم من ديننا بالضرورة تحريم التشبه بالكفار .
حجاب المرأة في الحج
اعلمي أيتها المسلمة أن كل ما سبق ذكره من خطورة التبرج ، والأدلة على وجوب ملازمة الحجاب الشرعي وفضائله وشروطه هو الدليل على وجوب الحجاب الشرعي عموما في الحج وغيره ، إذ أن الفتنة حاصلة بتبرج المرأة في الحج وغيره ، والحاجة ماسة إلى التوبة والصلاح والعفة والحشمة .والأصل في التشريع العموم لكل مكان وزمان ، وحال ومآل ، فلا يخرج حال أو زمان أو مكان عن هذه القاعدة العظيمة إلا بدليل شرعي يدل على ذلك .
فقضية وجوب الحجاب الشرعي من القضايا الثابتة كما علمت لأنه من أعظم أنواع الأخلاق والعفة والحشمة ، وقضية التبرج من القضايا الثابتة حرمتها لأنها مؤدية إلى الفساد والإفساد في الأمة في أي وقت وفي أي زمان وفي أي حال ، وعلى هذا فلا يجوز أن يقال الحجاب الشرعي موكول إلى الناس على حسب عاداتهم وتقاليدهم وأحوالهم ، بل هو أمر شرعي ثابت إلى قيام الساعة ، لا يغيره زمان أو مكان أو حال أو قانون أو عادة من العادات ، وإلى جانب هذه الأدلة الدالة على وجوب ملازمة الحجاب الشرعي في كل وقت , فقد جاءت أدلة خاصة تبين شرعية الحجاب في الحج ومنها:(1/31)
أ – ما روى مالك في "الموطأ" والحاكم في "المستدرك" وغيرهما عن فاطمة بنت المنذر قالت: (كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق) هذا لفظ مالك ، وعند الحاكم عن أسماء بنت أبي بكر قالت : (كنا نغطي وجوهنا من الرجال وكنا نمشط قبل ذلك في الإحرام) وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي وهو كما قالا ، وله شاهد من حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : (كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا جاوزونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه) رواه أبو داود والبيهقي وأحمد وابن ماجه وابن الجارود والدارقطني
ب - ومن الأدلة الدالة على الحجاب الشرعي في الحج ما جاء في البخاري من حديث عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين)) وهذا الحديث فيه أحكام ، قال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ كما في "مجموع الفتاوى15/ 371-372 :وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللآتي لم يحرمن ، وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن).
وقال أيضا 22/20 : (ووجه المرأة فيه قولان في مذهب أحمد وغيره قيل: إنه كرأس الرجل فلا يغطى ، وقيل: إنه كيديها فلا تغطى بالنقاب والبرقع ونحو ذلك مما صنع على قدره ، وهذا هو الصحيح فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينه إلا عن القفازين والنقاب ، وكن النساء يدنين على وجوههن ما يسترها من الرجال من غير وضع ما يجافيها عن الوجه ، فعلم أن وجهها ويديها كيدي الرجل وذلك أن المرأة كلها عورة كما تقدم فلها أن تغطي وجهها ويديها لكن بغير اللباس المصنوع بقدر العضو كما أن الرجل لا يلبس السراويل ويلبس الازار) اهـ(1/32)
وقال القاضي أبو بكر ابن العربي في "عارضة الأحوذي 2/45" : (قوله في حديث ابن عمر ((ولا تنتقب المرأة)) وذلك لأن سترها وجهها بالبرقع فرض إلا في الحج فإنها ترخي شيئا من خمارها على وجهها غير لاصق به وتعرض عن الرجال ويعرضون عنها.
وقتاوى العلماء قديما وحديثا على شرعية الحجاب في الحج كثيرة , ومنهم من صرح بالوجوب .
وكذا يجب على المرأة المحرمة تغطية قدميها للأدلة الدالة على وجوب الحجاب عموما , وهي كثيرة ومنها : قوله تعالى : { ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن } النور .
فائدة : يجوز للمرأة لبس الخفاف والجوارب في حالة الإحرام .
وقد صحت الفتوى بجواز هذا عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها .
وجوب غض المرأة لبصرها
يجب على المرأة أن تغض بصرها عن الرجال الأجانب قال تعالى (( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن )) .
وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فقال صلى الله عليه وسلم (( اصرف بصرك )) رواه مسلم عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه .
فما أكثر النساء الغافلات عن الالتزام بهذه الأوامر الشرعية فالمطلوب من المرأة أن تحافظ على قلبها .
تحريم الخلوة بالمرأة الأجنبية
والخلوة أن ينفرد الرجل بالمرأة الأجنبية في مكان خاص دون محرم لها , والخلوة محرمة والأدلة على تحريمها كثيرة منها حديث عقبة بن عامر مرفوعاً :(( إياكم والدخول على النساء فقال رجل من الأنصار : أفرأيت الحمو يا رسول الله قال : الحمو الموت )) متفق عليه . ... وحديث ابن عباس مرفوعاً :(( لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها محرم )) متفق عليه .
ولا يخفاك أن الخلوة محرمة تحريماً عاماً في الحج وفي غيره .
اشتراط المحرم للمرأة التي تريد الحج أو العمرة(1/33)
دلت الأدلة المتكاثرة على اشتراط وجود المحرم للمرأة في كل سفر فعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم )) متفق عليه . وفي حديث ابن عباس المتفق عليه مرفوعاً: (( .... ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم )) فلم يستثن النبي صلى الله عليه وسلم سفراً من الأسفار لا سفر الحج ولا غيره فدل على أن وجود المحرم شرط لا بد منه .
ويشترط في المحرم أن يكون مسلماً بالغاً عاقلاً عفيفاً .
تنبيه : لا يجوز العقد الصوري على المرأة التي تريد الحج والذي ينتهي بانتهاء أداء الحج , لأن هذا العقد ليس له صلة بالشرع .
حكم مصافحة المرأة الأجنبية
لا يجوز للمرأة أن تصافح غير المحارم من الرجال والأدلة على هذا متكاثرة منها حديث أميمة بنت رقيقة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إني لا أصافح النساء إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة )) رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة وأحمد .
وحديث عائشة رضي الله عنها قالت : والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط ما بايعهن إلا بقوله : (( قد بايعتك على ذلك)) رواه البخاري .
حكم خروج المرأة متطيبة
لا يجوز للمرأة أن تخرج بين الرجال وهي متطيبة أو متبخرة ولو كان خروجها لأداء العبادة فقد روى مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعاً :(( أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة )) .
ويقول صلى الله عليه وسلم : (( أيما امرأة تعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية )) رواه أحمد والنسائي عن أبي موسى .(1/34)
تنبيه : بعض النساء تخرج من بيتها وقد وضعت على وجهها أنواعاً من المساحيق كالمكياج وغيره , وأعظم من هذا أن ترى بعضهن في المشاعر المقدسة وعليها المكياج وكأنها في غرفة النوم فإنا لله وإنا إليه راجعون وقد ثبت تأثيره على البشرة طبياً فلا يجوز استعماله وكذا بعض النساء ربما طلت الأظافر بطلاء يمنع وصول الماء إلى البشرة وهذا أيضاً لا يجوز ووضؤها باطل .
تعاون الرجل مع امرأته لأداء الحج مطلب شرعي
روى البخاري ومسلم من حديث ابن عباس ــ رضي الله عنهما قال : (( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله : إني اكتتبت في غزوة كذا وكذا , وامرأتي تريد الحج فقال صلى الله عليه وسلم ارجع فحج مع امرأتك )) .
ألا فليتق الله أناس لا يتعاونون مع نسائهم لأداء الحج .
هل يجوز للرجل أن يمنع امرأته من أداء حج الفريضة؟
الجواب: لا يجوز له ذلك لأن أداء الحج فريضة وهي مقدمة على حق الزوج فإذا استطاعت أن تحج ووجد معها محرم فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول : (( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق )) متفق عليه عن علي بن أبي طالب وأما حج النافلة فللزوج أن يمنع امرأته منه إذا كان الداعي لذلك القيام بحقه .
حج المرأة المعتدة عدة الطلاق البائن
يجوز للمرأة المطلقة طلاقاً بائناًَ أن تخرج لأداء الحج في حال عدتها إذا كان معها محرم , لعدم وجود المانع الشرعي من ذلك ,
وأما قوله تعالى : ( واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا يأتين بفاحشة مبينة ) فهي في حق المطلقة طلاقاً رجعياً .
هل تحج المرأة عن قريبها ؟(1/35)
الجواب : يجوز للمرأة أن تحج عن قريبها , والدليل على ذلك ما جاء في البخاري ومسلم عن عبد الله بن عباس ــ رضي الله عنهما ــ قال : جاءت امرأة من خثعم عام حجة الوداع فقالت يا رسول الله إن فريضة الله على عباده أدركت أبي شيخاً كبيرا لا يستطيع أن يستوي على الراحلة أفأحج عنه ؟ قال نعم وذلك في حجة الوداع )) فحج المرأة عن الرجل جائز كما دل على ذلك هذا الحديث ,
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمة الله - كما في " مجموع الفتاوى " (26/13) : ( يجوز للمرأة أن تحج عن امرأة أخرى باتفاق العلماء سواء كانت بنتها أو غير بنتها وكذلك يجوز أن تحج المرأة عن الرجل عند الأئمة الأربعة . وجمهور العلماء .. ) أ .هـ , ولا يخفاك أن وجود المحرم لها أمر لا بد منه .
ويشترط في الذي يحج عن غيره أن يكون مسلماً بالغاً عاقلاً قد حج عن نفسه , ويشترط في المحجوج عنه أن يكون عاجزاً أو ميتاً .
حج المرأة عن المرأة
روى مسلم عن يزيد قال بينا أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتته امرأة فقالت : إن أمي لم تحج قط أفأحج عنها قال : (( حجي عنها )) .
حج الرجل عن المرأة
روى البخاري عن ابن عباس قال : أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال له : إن أختي نذرت أن تحج وإنها ماتت فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لو كان عليها دين أكنت قاضيه ؟ قال : نعم قال : فاقض الله فهو أحق بالوفاء )) .
استحباب غسل المرأة قبل الإحرام
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : من السنة أن يغتسل الرجل إذا أراد أن يحرم .
قال ابن قدامة رحمه الله : وجملة ذلك أن الاغتسال مشروع للنساء عند الإحرام كما يشرع للرجال لأنه نسك...))أهـ
جواز اغتسال المرأة وهي محرمة
فعن عائشة رضي الله عنها قالت : ((...كنا نغتسل ونحن محلات ومحرمات)) رواه أبو داود.(1/36)
وعن عبد الله بن حنين أن أبا أيوب وصف لهم كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغسل رأسه وهو محرم , وفيه أنه قال لإنسان :" اصبب على رأسه ثم حرك رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر وقال هكذا رأيته - صلى الله عليه وسلم - يفعل رواه البخاري ومسلم .
وجمهور العلماء على جواز اغتسال المرأة في حال إحرامها.
تحريم الطيب للمحرمة
فعن ابن عمر رضي الله عنهما وفيه مرفوعا "... ولا يلبس المحرم ثوبا مسه زعفران أو ورس)) متفق عليه .
وجمهور العلماء على أن من تطيب متعمدا وهو محرم أن عليه فدية . فخرج بهذا الجاهل والناسي فلا فدية عليهما , ويجب أن يغسلا الطيب.
فائدة : يستحب للمرأة أن تتطيب قبل إحرامها بما ظهر لونه وخفي ريحه.
حكم رفع صوت المرأة بالتلبية
الأصل رفع الصوت بالتلبية للرجال والنساء إلا أن المرأة إذا كانت بحضرة الأجانب فلا ترفع صوتها بالتلبية خشية الفتنة بل تلبي بصوت تسمع نفسها , ويشرع لها التلبية سواء كانت طاهرة من الحيض والنفاس أم لا لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة
:(( افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت )) متفق عليه .
لباس السراويلات للمحرمة
ولما حصر الرسول - صلى الله عليه وسلم - منع المحرمة من [ النقاب والقفاز ] استنبط العلماء أن ما عدا ذلك من الثياب جائز لبسه للمحرمة بدون كراهة وقد تكاثرت أقوال العلماء في جواز لبس السراويلات للنساء في الإحرام بل نقل الإجماع على ذلك.
لبس الثياب المعصفرة والموردة
قد صحت مجموعة من الآثار عن السلف رضوان الله عليهم بجواز ذلك , ولم يعتبروا مادة المعصفرة والموردة من الطيب , بشرط : أن لا تكون مادة الصباغ من نوع الطيب كالورس والزعفران .
فائدة : يجوز للمرأة المحرمة أن تلبس الحلي من ذهب وفضة مع ملا زمة الحجاب الشرعي , كما يكره لها أن تكتحل وتتخضب بالحناء .ويجوز لها لبس الساعة والنظارة .
أقسام الطواف
أقسام الطواف الواجب على المرأة ثلاثة :ـ(1/37)
طواف العمرة للقارنة أو المتمتعة , وهذا الطواف ركن من أركان العمرة .
طواف الحج وهو المسمى بطواف الإفاضة والزيارة وهو ركن من أركان الحج.
طواف الوداع وهو واجب على الصحيح على الرجال والنساء إلا أنه خفف عن الحائض والنفساء فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال :(( أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض والنفساء )) متفق عليه .
فإذا علم هذا فلا يجوز للمرأة أن تطوف متنفلة حال مزاحمتها للرجال , ولا أخالها إلا آثمة إن فعلت ذلك .
الذكر عند الطواف
لا شك أن الذكر حال الطواف أمر مرغب فيه فقد قالت عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم (( يذكر الله على كل أحيانه )) رواه مسلم , فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه فما بالك بالذكر عند الطواف وقد قالت عائشة (( إنما جعل الطواف والسعي بين الصفا والمروة لإقامة ذكر الله )) رواه ابن أبي شيبة بسند حسن لكن لا يشرع للمرأة أن ترفع صوتها بالذكر حال الطواف .
الأذكار المشروعة بين الصفا والمروة
روى مسلم عن جابر- رضي الله عنه- في وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم : ( ثم خرج من الباب إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ [ إن الصفا والمروة من شعائر الله ] أبدأ بما بدأ الله به , فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره وقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير , لا إله إلا الله وحده , أنجز وعده , ونصر عبده , وهزم الأحزاب وحده , ثم دعا بذلك ثلاث مرات ) .
وعند مسلم من حديث أبي هريرة ــ رضي الله عنه ــ وهو يحكي فتح مكة وطواف النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( فلما فرغ من طوافه أتى الصفا فعلا عليه حتى نظر إلى البيت ورفع يديه فجعل يدعو ويحمد الله بما شاء أن يدعو ).
فالمرأة يشرع لها هذا الذكر وغيره وتدعو بهذا الدعاء وغيره ولكن لا ترفع صوتها وتدعو بمفردها.(1/38)
تنبيه : لا يجوز للمسلم والمسلمة أن يشغل نفسه بالأذكار والأدعية المبتدعة حال الطواف والسعى لما في ذلك من المخالفة العظيمة للشرع , وقد أغنى الله المسلمين بالأذكار والأدعية المشروعة .
طواف المرأة مع الرجال
الأصل أن المرأة تطوف غير مختلطة بالرجال فقد روى البخاري ومسلم عن أم سلمة قالت : (( شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشتكي فقال : طوفي من وراء الناس وأنت راكبة فطفت ورسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ يصلي إلى جانب البيت وهو يقرأ [ والطور وكتاب مسطور ] )) .
والشاهد من هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة : (( طوفي من وراء الناس ... )) قال الحافظ في " الفتح " ( 3/481) : ( وإنما أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تطوف من وراء الناس ليكون أستر لها ولا تقطع صفوفهم أيضاً ...) .
وعند البخاري عن عطاء قال : ( منع ابن هشام النساء الطواف مع الرجال قال : كيف يمنعهن وقد طاف نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال , قلت : أبعد الحجاب أو قبل ؟ قال : إي لعمري لقد أدركته بعد الحجاب قلت : كيف يخالطن الرجال , قال لم يكن يخالطن , كانت عائشة تطوف حجرة من الرجال لا تخالطهم , فقالت امرأة : انطلقي نستلم يا أم المؤمنين , قالت انطلقي عنك وأبت يخرجن متنكرات بالليل فيطفن مع الرجال , ولكنهن كن إذا دخلن البيت قمن حتى يدخلن وأخرج الرجال وكنت آتي عائشة أنا وعبيد بن عمير وهي مجاورة في جوف ثبير ). فإذا لم يتيسر للمرأة أن تطوف غير مختلطة بالرجال فتطوف مع محرمها على حسب الحال التي تستطاع مع التحري لعدم المزاحمة للرجال الأجانب قال تعالى :(( فاتقوا الله ما استطعتم )) .
حكم صلاة النساء المختلطات بالرجال(1/39)
اعلم أنه لا يجوز للمرأة أن تختلط بالرجال حال أداء الصلاة لا في الحرم ولا في غيره لما في ذلك من المخالفة العظيمة للشرع لأن المرأة تصلي منعزلة عن الرجال ولو كان من محارمها وفي صف خاص بها فعن أنس بن مالك قال (( صليت أنا واليتيم خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم والعجوز من ورائنا )) متفق عليه .
فما بالك بما تتعمده بعض النساء من الصلاة في الحرم بجانب الرجال فترى الرجال عن يمينها ويسارها وخلفها فإلى الله المشتكى من غربة الدين .
تنبيه : أحياناً تقام الصلاة في الحرم ولا تزال المرأة في حال الطواف أو السعي ففي هذه الحالة تصلى المرأة مع من استطاعت من بنات جنسها متحرية عدم الالتصاق بالرجال , قال تعالى :(( فاتقوا الله ما استطعتم)) .
هل على المرأة رمل؟
عن ابن عمر قال : ( ليس على النساء رمل ولا بين الصفا والمروة ) أخرجه ابن أبي شيبة وهو صحيح . وعند ابن أبي شيبة أيضاً عن ابن عباس قال : ( ليس على النساء رمل ) وهو يتقوى بالذي قبله , وعنده أيضاً عن الحسن وعطاء قال : ( ليس على النساء رمل ولا بين الصفا والمروة) صحيح عنهما .
وقال ابن المنذر : أجمع أهل العلم أنه لا رمل على النساء حول البيت ولا بين الصفا والمروة . أ. هـ
ليس على النساء حلق في العمرة والحج
روى أبو داود في سننه عن ابن عباس- رضي الله عنهما قال- قال رسول لله صلى الله عليه وسلم : ( ليس على النساء حلق إنما على النساء التقصير ) صحيح .
وقد حكى بعض العلماء الإجماع على هذا .
وما تأخذ المرأة من شعرها قدر أنملة والأولى أن يكون من مجموع شعرها ومن الخطأ أن تتوجه المرأة بعد انتهاء السعى إلى من يقص شعرها من الرجال الأجانب وعلى مرأى من الناس .
تقديم النساء من مزدلفة إلى منى بليل
لقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم للضعفة والنساء أن يتعجلوا بليل من مزدلفة إلى منى , وهاك الأحاديث الواردة في ذلك.(1/40)
روى البخاري ومسلم عن ابن عمر قال : (( أرخص رسول الله صلى الله عليه وسلم للضعفة من مزدلفة إلى منى بليل )) وعن ابن عباس ــ رضي الله عنهما ــ قال :(( بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم من جمع بليل )) وفي لفظ (( أنا ممن قدم النبي صلى الله عليه وسلم ليلة مزدلفة في ضعفة أهله )) متفق عليه.
وعن عائشة ــ رضي الله عنها ــ قالت : ((استأذنت سودة النبي صلى الله عليه وسلم ليلة جمع وكانت ثقيلة ثبطة فأذن لها )) .
فعلم من هذه الأحاديث ترخيص النبي صلى الله عليه وسلم للضعفاء من رجال ونساء بالرحيل من مزدلفة إلى منى ليلاً , والأولى والأفضل أن يرموا بعد طلوع الفجر , وبرمي المرأة لجمرة العقبة يحل لها كل شيء حرم عليها إلا جماع زوجها إياها .
النيابة عن النساء في رمي الجمرات
لا ينبغي التوسع في النيابة عن النساء في الرمي لأن النيابة إنما تكون عند عجزهن عن ذلك, وأما عند القدرة على الوصول إلى محل الرمي فالنيابة هنا غير اضطرارية , ومن الخطأ أن يذهب المسلم مع امرأته الضعيفة ليرموا وقت الزحام الشديد . وهناك أوقات ليس فيها زحام شديد فليتحروا الرمي فيها . وأما الاستدلال بحديث جابر قال : (( حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا النساء والصبيان فلبينا ورمينا عنهم )) فهو ضعيف لأن في سنده أشعث بن سوار وهو ضعيف , وفيه عنعنة أبي الزبير .والحديث أخرجه الترمذي وأحمد وغيرهما .
فلتحرص المرأة على أداء المناسك على أكمل وجه ما وجدت إلى ذلك سبيلا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لعائشة (( إنما أجرك على قدر نصبك ونفقتك )) رواه البخاري وغيره .
أعمال المرأة الحائض يوم التروية
الواجب على المرأة أن تحرم بالحج يوم التروية ولوكانت حائضاً أو نفساء لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لعائشة ـ رضي الله عنها ـ : (( افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت )) متفق عليه .(1/41)
فتذهب المرأة إلى منى ثم إلى عرفة ثم إلى مزدلفة وترمي يوم النحر وأيام التشريق وتمتنع عن الطواف والسعي ما دامت حائضاً .
إذا جامع الرجل زوجته قبل أن تطوف طواف الإفاضة فماذا عليها ؟
الجواب : سئل العلامة / محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية عن حكم الوطء في الحج بعد التحلل الأول فأجاب : ( الوطء في الحج بعد التحلل الأول لا يفسد الحج سواء كان مفرداً أو قارنا وإنما يفسد الإحرام فقط بمعنى أنه لا يصح منه طواف الإفاضة حتى يخرج إلى الحل فيحرم ثم يدخل إلى مكة فيطوف طواف الإفاضة في إحرام صحيح ليجمع بين الحل والحرم , وعليه فدية شاة تذبح في الحرم , وتطعم المساكين , ولا يأكل منها شيئا , وعلى زوجته فدية شاة أخرى إن كانت مطاوعة له , فإن كانت مكرهة فلا شيء عليها ) أهـ من كتاب " فتاوى ورسائل / الشيخ محمد بن إبراهيم " ( 5/228 ) .
امرأة جامعها زوجها بعد طواف الإفاضة وقبل السعي
لا يجوز للمرأة أن تمكن زوجها من مجامعتها قبل أن تسعى , ولا يجوز للرجل طلب ذلك منها لأنها ما تزال في الإحرام ما دام السعي عليها , وقد جاء من حديث عبد الله بن دينار قال : سألت ابن عمر عن رجل طاف بالبيت في عمرة ولم يطف بين الصفا والمروة أيأتي امرأته ؟ فقال : قدم النبي صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت سبعاً وصلى خلف المقام ركعتين فطاف بين الصفا والمروة سبعا لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) وسألنا جابر بن عبد الله ــ رضي الله عنهما ــ فقال : (لا يقربنها حتى يطوف بين الصفا والمروة ) رواه البخاري فالمرأة يفسد إحرامها إن جامعها زوجها قبل سعيها , والرجل كذلك إن كان قبل سعيه , وعليهما أن يذهبا إلى الحل ويحرما من هناك ويأتيا بالسعي الذي عليهما , وعلى كل واحد منهما فدية , وهذا إذا كانت الزوجة مطاوعة لزوجها على ما صنع , وأما إذا كانت مكرهة فلا فدية عليها.
امرأة قبلها زوجها وأنزل قبل طواف الإفاضة(1/42)
سئلت اللجنة الدائمة بما لفظه : شخص حاج وقع في محذور وهو تقبيل زوجته وإنزاله خارج القبل بشهوة بعد رمي جمرة العقبة والحلق وقبل طواف الإفاضة وهي غير حاجة فماذا يجب عليه ؟
الجواب : لا يجوز لمسلم أحرم لحج أو عمرة أو بهما أن يتعرض لما يفسد إحرامه أو ينقص عمله . والقبلة حرام على من أحرم بالحج حتى يتحلل التحلل الكامل , وذلك برمي جمرة العقبة والحلق أو التقصير , وطواف الإفاضة , والسعي إن كان عليه سعي لأنه لا يزال في حكم الإحرام الذي يحرم عليه النساء . ولا يفسد حج من قبَّل امرأته وأنزل بعد التحلل الأول , وعليه أن يستغفر الله , ولا يعود لمثل هذا العمل ويجبر ذلك برأس من الغنم يجزئ في الأضحية يوزعه على فقراء الحرم المكي والواجب المبادرة إلى ذلك حسب الإمكان ) أهـ من فتاوى اللجنة الدائمة (11/188)فتوى رقم (1610) .
امرأة حاضت ورجعت إلى بلادها قبل أن تطوف طواف الإفاضة فماذا عليها ؟
الجواب : يحرم عليها ما يحرم على من تحلل التحلل الأول وبقى عليها التحلل الثاني فيحرم عليها النكاح ودواعيه طالما بقى طواف الإفاضة عليها . وعليها المجيء فورا إلى مكة وتحرم من الميقات بعمرة فإذا أدت أعمال العمرة طافت طواف الإفاضة , ولا يتم حجها إلا بطواف الإفاضة , والسعي إن كان عليها سعي . أهـ من " فتاوى العلامة / محمد بن إبراهيم " ( 6/62 ــ 63 ) .
إذا استمرت المرأة حائضاً أو نفساء حتى جاء الرحيل ولم تطف طواف الإفاضة فماذا تعمل ؟
اعلمي أيتها المسلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة لما حاضت : (( افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت )) متفق عليه من حديث عائشة.(1/43)
وقد صرح الرسول صلى الله عليه وسلم أن المرأة الحائض تحبس رفقتها , فقد روى البخاري ومسلم عن عائشة ــ رضي الله عنها ــ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن ينفر فأخبر أن صفية زوجته قد حاضت فقال : (( عقرى حلقى إنك لحابستنا أما كنت طفت يوم النحر ؟ قالت : بلى , قال : فلا بأس انفرى )) فقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن صفية حبستهم فإذا حصل أن انحبست الرفقة انتظارا لطهر المرأة وطوافها فهذا أمر مطلوب , وهذا هو الذي ينبغي أن يلتزم به كل مسلم ومسلمة في الحج الحابس والمحبوس . وإليك بعض التفاصيل لهذه المسالة :
* إذا جاء وقت الرحيل والمرأة ما تزال حائضا فالمطلوب أمور :
... أ- أن تنتظر حتى تطهر وتحتبس رفقتها معها , وهذا هو المطلوب كما تقدم.
... ب- إذا كانت رفقتها تريد أن تذهب إلى جهة من المملكة ثم تعود إلى الحرم كأن تذهب إلى المدينة أو جدة أو الرياض فلتذهب معهم وتؤخر الطواف حتى ترجع إلى الحرم فتطوف .
... ج- أن تكون الرفقة من المملكة والرفقة لاتوافق على الانتظار لها حتى تطوف فلها أن تذهب إلى بيتها في أي أنحاء المملكة ومتى طهرت رجعت إلى الحرم وطافت طواف الإفاضة , وهذا سهل عليها .
... د- أن تصر رفقتها على الذهاب وهي من خارج المملكة ويكون عند المرأة قدرة على الرجوع إلى الحرم إما لأداء عمرة أو عمل فهنا تؤخر الطواف حتى ترجع .
وفي الأحوال الأربعة المذكورة لا يجوز للمرأة أن تطوف بالبيت حتى تطهر فإن فعلت فقد وقعت في الخطأ الذي نهيت عنه , ونعوذ بالله أن يهون على مسلم أو مسلمة خصوصاً حجاج بيت الله الحرام ارتكاب نهى واحد , فكيف إذا كان النهي متعلقاً بانتهاك حرمة البيت العتيق .
وفي هذه الأحوال الأربع ما تزال المرأة محرمة , فلا يجوز لزوجها إذا طهرت في بلادها أن يجامعها حتى تطوف .(1/44)
... هـ - إذا لم تقدر المرأة أن تحقق شيئاً مما سبق ذكره فهنا تأتي مسألة وهي هل تطوف بالبيت وهي حائض للضرورة الموجودة أم لا ؟ العلماء قديما وحديثا يسدون هذا الباب تعظيما لبيت الله فلا يجيزون للمرأة أن تطوف بالبيت وهي حائض , وقليل من العلماء جعلوها من المسائل التي تصل إلى حد الضرورة , فقالوا : يجوز للمرأة الحائض أن تطوف بالبيت إذا اضطرت إلى ذلك وتشد على فرجها بشيء حتى لا توسخ الحرم عند نزول الدم , وتطوف .
ومن هؤلاء العلماء شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم , ومن المعاصرين الشيخ ابن عثيمين رحم الله الجميع .
شبهات والجواب عنها
الشبهات التي استدل بها على عدم تغطية المرأة وجهها وكفيها كثيرة وسأذكر أهمها مع الرد المختصر عليها :-
الشبهة الأولى : قولهم : إن الدين يسر ومن يسره عدم فرضية الحجاب على المرأة
والجواب : الشريعة الإسلامية هي يسر من جميع النواحي سواء في العقيدة أو العبادة أو السياسة أو الاقتصاد في أمور الفرد أو الجماعة , الذكور والإناث في أحكام العزائم أو الرخص .
فاليسر في أحكام الشريعة نفسها , فتشريع الحجاب هو من يسر الشريعة فلو لم يشرع الله الحجاب لكان في هذا من المشقة العظيمة ما يتنافى مع يسر الشريعة لما في ذلك من التعرض للفتن التي منها ما يؤدي إلى القتل والتشريد وعلى هذا فأصحاب القاعدة المذكورة مخطئون بحسن قصد أو بسوء قصد حيث جعلوا قضية اليسر في الشريعة مردودة إلى آرائهم ولم يجعلوها في الشريعة نفسها .
وكم شغب دعاة الضلال تحت شعار اليسر في الشريعة الإسلامية السمحة فليتنبه لهذا .
الشبهة الثانية : قولهم : الأحكام تبدل بتبدل الأزمان , ومرادهم أن الحجاب الإسلامي وإن كان مشروعاً وسار عليه أمر المسلمين إلا أنه يتنافى مع الحضارة العصرية فلا نقبله .
والجواب عن هذه الشبهة كالآتي :-(1/45)
أولاً : القاعدة باطلة من أساسها لأن الأحكام الشرعية إنما تبدل بالنسخ , والنسخ قد أغلق بابه بكمال الشريعة ثم بموت النبي صلى الله عليه وسلم وعلى هذا كافة المسلمين , فالاستدلال بقواعد تهدم الإسلام أمر خطير جداً فليتنبه لهذا .
ثانياً : الذي سار عليه أهل الإسلام أنه كلما ظهر الفساد حرصوا على ملازمة الآداب الشرعية والأحكام الإسلامية حتى لا يقعوا في شيء من ذلك الفساد فضلاً عن قبولهم له وعلى سبيل المثال قول عائشة :( لو أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن كما منعت نساء بني إسرائيل...) رواه البخاري ومسلم .
ثالثاً : ليس الحجاب الشرعي من الأمور العرفية بحيث إذا تعارف الناس على تركه ترك وإنما هو حكم شرعي فرضه الله على العباد فلا مجال للتلاعب به فضلاً عن رده .
الشبهة الثالثة : قولهم : إن عفة الفتاة كامنة في ذاتها وليست في غطاء يلقى ويسدل على وجهها .
والجواب : هذا ليس بصحيح فقد أمر الله جل وعلا نساء نبيه وبناته بالحجاب فقال جل وعلا : (( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن )) . وقد بلغن القمة في العفاف , فلو كانت هذه الشبهة مستقيمة لما أمر الله نساء نبيه وبناته بالحجاب ولما شرع الله الحجاب في زمن الصحابة وهم خير القرون , وطمع الناس في المرأة المتبرجة كبير وكيدهم لها قديم فالله الله في ملازمة الحجاب الشرعي والحذر الحذر من قبول هذه الأباطيل
الشبهة الرابعة: قولهم : إن الحجاب خاص بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم .(1/46)
والجواب: الخصوصية تحتاج إلى دليل ولا دليل فالله يقول : (( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين )) . فالخطاب لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبناته ونساء المؤمنين فمن أين أخذ هذا القائل الخصوصية مع العلم أنه لو جاء الخطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم لدخل فيه نساء المؤمنين لاستوائهم في أحكام التكليف , وإذا أمرت نساء النبي صلى الله عليه وسلم بالحجاب فمن باب أولى أن يدخل فيه نساء المؤمنين .
الشبهة الخامسة : قولهم: لو كان تغطية الوجه واجبة لما أمر الله المؤمنين بغض أبصارهم لأن الأمر بغض البصر يستلزم كشف النساء عن وجوههن .
قلت: والاستدلال بهذا باطل لأمور : -
منها ـ أن أدلة وجوب تغطية الوجه والكفين من القرآن والسنة كثيرة كما سبق فكيف ترد بمجرد هذا التوهم ؟ .
ومنها ـ أن المجتمع يحصل فيه التبرج من قبل بعض النساء المنحرفات .
ومنها ـ حصول التبرج من قبل النساء الكافرات المتواجدات في وسط المجتمع المسلم .
ومنها ـ حصول كشف الوجه من قبل الإماء .
ومنها ـ حصول ظهور شيء من عورة المرأة عن طريق الغفلة فلهذه وأمثالها أمر الله المؤمنين بغض أبصارهم .
أيها القارئ : لقد بان لك من خلال الإجابة عن هذه الشبه التي أوردها المتنكرون للحجاب بطلان استدلالهم وبعد أفهامهم عن الصواب , فلتكن على حذر من كلام المعترضين على الحق والمناوئين له بالأساليب المردية الخفية والأقوال الشاذة .
الشبهة السادسة: حديث عائشة مرفوعا: ( يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه ) رواه أبو داود , استدلوا بهذا الحديث على جواز كشف الوجه والكفين .(1/47)
والجواب : نقول : ثبت عرشك ثم انقش , فهذا الحديث ضعيف فقد رواه أبو داود من طريق سعيد ابن بشير عن قتادة عن خالد ابن دريك عن عائشة رضي الله عنها به , وقال أبو داود عقبه : هذا مرسل , خالد بن دريك لم يدرك عائشة رضي الله عنها , وأعله أبو حاتم : بالإرسال كما في " العلل " لولده ( رقم /1463) وسعيد بن بشير ضعيف لا سيما في قتادة , وقد خالف غيره من الحفاظ منهم هشام بن أبي عبد الله الدستوائي , فقد رواه الدستوائي عن قتادة مرسلا , والدستوائي أثبت الناس في قتادة .
الشبهة السابعة : استدلالهم بقول جابر رضي الله عنه : ( فقامت امرأة سفعاء الخدين ... ) عند أن كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر النساء بالصدقة وهو متفق عليه , ولا دليل في هذه القصة لأنه يحتمل أنها كانت قبل نزول الحجاب وأيضاً لم يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم رآها وأقرها وإنما الذي في الحديث أن جابراً هو الذي رآها .
الشبهة الثامنة : استدلالهم بحديث سهل بن سعد وفيه أن امرأة قالت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إني وهبت نفسي لك فنظر إليها رسول الله فصعد النظر وصوبه )) متفق عليه , قال بعض العلماء إن هذا كان قبل نزول آيات الحجاب مع العلم أنه يشرع للخاطب أن ينظر إلى المخطوبة .(1/48)
الشبهة التاسعة : استدلالهم بحديث ابن عباس في شأن المرأة الخثمعية التي كان الفضل ابن عباس ينظر إليها والحديث متفق عليه , وهذا من أقوى ما استدل به القائلون بعدم وجوب تغطية المرأة وجهها وقد تنوعت إجابة العلماء عن هذا الحديث وخلاصة كلامهم : أن هذه واقعة حال لا عموم لا لها يتطرق إليها من الاحتمالات ما لا يتركها كمصدر للدليل على جواز كشف المرأة وجهها ومن الاحتمالات القوية صرف النبي صلى الله عليه وسلم لوجه الفضل بن عباس عن النظر إليها إذ لو كان كشف وجه المرأة جائزاً لما منع الفضل منه فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يقر الفضل على النظر إليها ولم يسمح له بذلك فهذا الحديث دليل على وجوب تغطية الوجه من الحديث نفسه.
خاتمة
تم بفضل وحسن توفيقه ما أردت ذكرهُ في هذه الرسالة من نصح وتحذير وبيان أحكام تتعلق بحج المرأة .
فالحمد لله رب العالمين
الفهرس
المقدمة ....................................................................
التبرج......................................................................
مفاسد التبرج ..............................................................
أسباب التبرج والسفور ....................................................
نداء للمرأة المسلمة ........................................................
الحجاب وأدلته من القرآن .................................................
الحجاب وأدلته من السنة ..................................................
نبذة عن فضائل الحجاب ..................................................
شروط الحجاب ...........................................................
حجاب المرأة في الحج ....................................................
وجوب غض المرأة لبصرها ..............................................(1/49)
تحريم الخلوة بالمرأة الأجنبية. .............................................
اشتراط المحرم للمرأة التي تريد الحج أو العمرة. ...........................
حكم مصافحة المرأة الأجنبية. ..............................................
حكم خروج المرأة متطيبة. .................................................
تعاون الرجل مع امرأته لأداء الحج مطلب شرعي. .........................
هل يجوز للرجل أن يمنع امرأته من أداء حج الفريضة. ....................
حج المرأة المعتدة عدة الطلاق البائن . .....................................
هل تحج المرأة عن قريبها ؟ ...............................................
حج المرأة عن المرأة. .....................................................
حج الرجل عن المرأة. .....................................................
استحباب غسل المرأة قبل الإحرام . ........................................
جواز غسل المرأة وهي محرمة. ...........................................
تحريم الطيب للمحرمة. ...................................................
حكم رفع صوت المرأة بالتلبية. ............................................
لباس السراويلات المحرمة. ................................................
لباس الثياب المعصفرة والموردة. ..........................................
أقسام الطواف. ............................................................
الذكر عند الطواف. ........................................................
الأذكار المشروعة بين الصفا والمروة. ....................................
طواف المرأة مع الرجال . .................................................
حكم صلاة النساء المختلطات بالرجال . ....................................(1/50)
هل على المرأة رمل . .....................................................
ليس على المرأة حلق في العمرة والحج. ...................................
تقديم النساء من مزدلفة إلى منى بليل. ......................................
النيابة عن النساء في رمي الجمرات . ......................................
أعمال المرأة الحائض يوم التروية وما بعده . ..............................
إذا جامع الرجل امرأته قبل أن تطوف طواف الإفاضة فماذا عليها ؟ ........
امرأة جامعها زوجها بعد طواف الإفاضة وقبل السعي ......................
امرأة قبلها زوجها وأنزل قبل طواف الإفاضة ..............................
امرأة حاضت ورجعت إلى بلادها قبل أن تطوف طواف الإفاضة فماذا عليها؟ .....................................................................
إذا استمرت المرأة حائضاً أو نفساء حتى جاء الرحيل ولم تطف طواف الإفاضة فماذا تعمل ؟ ......................................................(1/51)