إهداء
* إلى الأخوات المسلمات.
* والأمهات والمعلمات.
* وإلى بناتنا العفيفات الطاهرات قرة أعيننا.
* نهدي هذه الرسالة وعسى الله سبحانه وتعالى أن ينفع بها كل من يقرؤها أو تقرأ عليه.
د. فريال الأستاذ
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد..
لا شك أيتها الأخوات المسلمات أن هناك عقبات كثيرة تعترض الأمهات المسلمات في تربية أولادهن وخاصة البنات منهم وخصوصًا عند بلوغهن سنًا معينة ألا وهي سن البلوغ.. هذه السن التي تعتبر تغييرًا هامًا عند البنات حيث يحدث تغييرات جوهرية ظاهرة وباطنة عند البنت وهنا تقف الأم عاجزة لا تدري ماذا تفعل وكيف تتصرف مع ابنتها التي أصبحت أنثى من الممكن أن تتزوج وتنجب وتصبح أما مثلها.
وإني لأسوق هذه الرسالة إلى تلك الأمهات المسلمات اللاتي لديهن بنات على أبواب سن البلوغ والمراهقة حتى يتسنى لهن التعامل مع بناتهن بدون حرج وفي نفس الوقت بحرص وحذر شديدين لكون هذه المرحلة من أخطر مراحل العمر في حياة الأولاد والبنات.
أدعو الله العلي القدير أن تنتفع الأمهات بهذه الرسالة.. وتكون لهن نبراسًا نحو تربية وقيادة أفضل لبناتهن.
ولا يفوتني أن أزجي شكري وتقديري لزوجي الفاضل الأستاذ الدكتور/ محمد كامل فرج الذي تفضل بمراجعة ما كتبته وإبداء الملحوظات والتصويبات فجزاه الله خيرًا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
د. فريال الأستاذ
تعريف البلوغ
يمكننا تعريف البلوغ كما يلي:
لغة: (بلغ) المكان وصل إليه وكذا إذا شارف عليه ومنه قوله تعالى: { فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ } أي قاربنه و (بلغ) الغلام أدرك.
شرعًا: فإن بلوغ البنت يحصل بواحد من أمور أربعة (1) :
1- أن تتم خمس عشرة سنة.
2- أن تنبت عانتها.
3- أن تنزل.
4- أن تحيض.
__________
(1) كتاب نور على الدرب فتاوى فضيلة الشيخ محمد العثيمين: إعداد فايز موسى ص65.(1/1)
فإذا حصل واحد من هذه الأربعة فقد بلغت وكلَّفت ووجبت عليها العبادات كما تجب على المكلفة.
طبيًّا: يعرف البلوغ أنه مرحلة انتقالية من مرحلة الطفولة إلى مرحلة النضج. وفي هذه المرحلة تحدث عدة تغييرات للفتيات من أهمها:
1- تغييرات عضوية (جسمانية).
2- تغييرات فسيولوجية (في وظائف الأعضاء).
3- تغييرات سيكولوجية (نفسية).
4- تغييرات اجتماعية (العلاقة بالآخرين أفرادًا وجماعات).
وإن شاء الله سنلقي هنا بعض الضوء بشيء من التفصيل على التغيرات الهامة التي تحدث لابنتك أيتها الأخت المسلمة خلال فترة البلوغ والمراهقة وكيف ستتعاملين مع ابنتك في هذه المرحلة الحرجة من عمرها وبعض النصائح والتوجيهات للأمهات المسلمات المربيات وبناتهن.
ويبدأ سن البلوغ عند البنات عادة في العاشرة من العمر ويمتد حتى سن الثالثة عشرة حيث يطرأ على جسم البنت عدة تغييرات وكذلك يطرأ تغييرًا في تصرفاتها ووظائف أعضائها.
ومن الممكن أن يحدث البلوغ قبل هذه السن «ما قبل الثامنة» ويسمى البلوغ المبكر أو يتأخر لما بعد الرابعة عشرة من العمر ويسمى البلوغ المتأخر وإليك أختي المسلمة بعض البيان لهذين الحديثين بشيء من التفصيل.
البلوغ المبكر
تعريفه: هو بداية حدوث التغيرات الأولى للبلوغ قبل سن الثامنة من العمر (البلوغ العادي يحدث من سن 10-13سنة) ومن هذه التغيرات الأولى التي تحدث في البلوغ المبكر حسب ترتيبها:
1- زيادة نمو الجسم.
2- نمو الثديين.
3- ظهور الحيض وهو آخر حدث يظهر على الفتاة وفي بعض الحالات يكون ظهور الحيض هو أول حدث في حالات البلوغ المبكر مما يؤدي إلى قلق الأم الشديد على ابنتها ومن أسباب البلوغ المبكر.
1- أسباب وراثية.
2- أسباب فسيولوجية.
3- أسباب تتعلق بتغير المناخ.
4- حالات مرضية عند الفتاة كحالات القلق النفسي وحالات التهاب الغدة النخامية وبعض أورام المبيض.(1/2)
ومهما كانت أسباب البلوغ المبكر يجب عليك أختي المسلمة الاهتمام بهذا الحدث وعرض ابنتك فورًا على الطبيبة المختصة لمعرفة التشخيص الصحيح ووصف العلاج المناسب إذا دعت الحاجة ولإزالة أي قلق من هذه الناحية.
البلوغ المتأخر
ويقصد به تأخر ظهور الحيض إلى ما بعد الرابعة عشرة من عمر الفتاة وكذلك تأخر نمو الثديين بعد الثالثة عشرة من العمر.
وفي حالات نادرة جدًا يتأخر ظهور الحيض إلى سنة الثامنة عشرة مما يسبب قلقًا كبيرًا لدى الأم على ابنتها.
ما هي أسباب تأخر نزول الحيض؟
هناك أسباب كثيرة ومتعددة نذكر منها هنا ما يلي:
1- أسباب تشريحية (أسباب خلقية):
ويكون السبب في هذه الحالة وجود غشاء بكارة مصمت (خالي من الثقوب الطبيعية والتي تسمح بمرور دم الحيض من الفرج عند سائر الفتيات).
2- أسباب هرمونية:
ويحدث ذلك نتيجة إصابة إحدى الغدد الصماء (الغدة النخامية وغدة الهيبوثلامس – الغدة الدرقية – المبيضين) بأورام أو التهابات.
3- أسباب مرضية مزمنة:
مثل داء السكري – هبوط القلب – السل الرئوي – الفشل الكلوي المزمن.
4- أسباب غذائية:
سوء التغذية المزمن.
5- أسباب عصبية ونفسية:
مثل الحرمان العاطفي (فقدان أحد الأبوين أو كليهما إما بالطلاق أو الوفاة) – فقدان الشهية العصبي (ويؤدي ذلك إلى إصابة الفتاة بنحافة شديدة) – ضمور بعض أجزاء الجهاز العصبي المركزي.
ملحوظة: (1)
من الجدير بالذكر عند هذه النقطة أن نبين أنواع غشاء البكارة السائدة عند غالبية الفتيات ويتم تقسيم أنواع غشاء البكارة حسب شكله:
1- دائري.
2- هلالي.
3- غير منتظم.
4- ذو الحاجز.
5- عديد الثقوب.
وإذا ما أدركت أختي المسلمة أن هناك تأخر في نزول الحيض عند ابنتك أو تأخر في نمو الثديين فيجب أن تبادري بزيارة الطبيبة المختصة للبحث عن السبب وإجراء الفحوصات اللازمة حتى يمكن وصف العلاج المناسب وإعطاء الإرشادات المفيدة في هذه الحالات.
__________
(1) كتاب تبوزاده ص19.(1/3)
وقد قابلت في عيادة النساء عددًا لا بأس به من الفتيات اللاتي يشكين من تأخر ظهور الحيض ولا يشكين من أي أعراض أخرى باعتبار أن الحيض هو علامة البلوغ الأساسية لدى البنات. ومن أشد هذه الحالات ألمًا فتاة في السابعة عشرة من عمرها ومعها والدتها وهما في قمة الأسى والحزن من عدم نزول الطمث حتى هذه السن وبالكشف الدقيق على هذه الفتاة تبين عدم نمو الثديين وبالأشعة الصوتية ووجد هناك ضمور في المبيضين وصغر في حجم الرحم، وبعمل تحليل هرموني لهذه الفتاة وجد عندها اضطراب واضح في نسب الهرمونات الأنثوية وبتوفيق من الله تم إعطاء الفتاة العلاج اللازم ثم تمت متابعتها شهريًا بتحليل الهرمونات الأنثوية والأشعة الصوتية على الرحم والمبايض وبعد ستة أشهر من العلاج ونزول دم الحيض شهريًا خلال الفترة السابقة أصبحت الفتاة عادية جدًا وتتمتع بالإحساس الأنثوي الذي تتمناه كل فتاة.
* * *
ما هي التغيرات المصاحبة للبلوغ عند الفتاة؟
أولا: التغيرات العضوية (الجسمانية)
تبدأ هذه التغيرات في بداية مرحلة البلوغ قبل ظهور الطمث بحوالي سنتين وهذه التغيرات هي تغيرات مرئية ومحسوسة ويمكن أن نلخصها كالآتي.
1- تغير في صوت البنت تجاه الطبيعة الأنثوية.
2- زيادة في وزن الجسم.
3- امتلاء الجسم واستدارة الأجزاء الخاصة بالأنثى.
4- ظهور شعر العانة وشعر ما تحت الإبطين.
5- نمو الثديين واستدارتهما.
6- زيادة في درجة ذكاء البنت.
وفور ملاحظة الأم لأي من التغيرات السابقة على ابنتها يجب عليها اتباع هذه التوجيهات والنصائح حتى تستطيع هي وابنتها مواجهة هذه التغيرات بدون حرج وبدون أي آثار جانبية على نفسية وسلوكيات البنت.
1- يجب على الأم أن تفهم ابنتها أن هذه التغيرات هي تغيرات طبيعية ولابد من حدوثها لأي بنت عندما تبلغ هذه السن.(1/4)
2- تفهيم البنت أنها من هذه اللحظة أصبحت أنثى كاملة النضج وأنها مكلفة بأداء كافة العبادات المفروضة عليها وعلى الأم أن تقرن أي أمر أو تكليف بآية قرآنية أو بحديث نبوي شريف (يمكن للأم أن تستعين ببعض الأشرطة الإسلامية المناسبة).
3- يجب على الأم أن تلزم ابنتها بالحجاب الشرعي وذلك بتغطية جميع أجزاء جسمها بالملابس الفضفاضة التي لا تشف ولا تصف قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا } [الأحزاب: 59].
وقد قاس بعض العلماء الحجاب للمرأة بالصلاة حيث إن
النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قال: «مروهم بالصلاة لسبع واضربوهم على تركها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع» (1) .
ومن هنا فتؤمر الفتاة بالحجاب الكامل في السابعة من عمرها وإن لزم الضرب عليه فيكون في العاشرة من العمر وذلك لأن الأطفال في هذه السن الصغيرة يمكن ترويضهم وتعويدهم على اكتساب القيم وتدريبهم عليها قبل الدخول إلى مرحلة التمرد والرفض ألا وهي مرحلة البلوغ والمراهقة.
__________
(1) أخرجه أبو داود (494) والترمذي (407).(1/5)
كما يجب عليك أختي المسلمة أن تدربي ابنتك أو بناتك على الحجاب وهن في سن الرابعة وفي الخامسة والسادسة من العمر رغبي فتاتك في لبس الحجاب وعديها بالهدايا إذا حافظت على حجابها وحينما تبلغ السابعة مريها بالحجاب أمرًا رادعًا وأكثري من كلمات الثناء والتشجيع والترغيب إذا ما أطاعت الأمر ولبست الحجاب راضية. كما يجب عليك أن تقرني أوامرك هذه بآيات قرآنية وأحاديث صحيحة وقصص لأمهات المؤمنين والصحابيات بما يتناسب مع فهم فتاتك الصغيرة. أما إذا لم تطع الأمر حتى سن العاشرة فيجب عليك أيتها الأم المسلمة أن تستعملي معها وسيلة الترهيب والتخويف من السفور والاختلاط وعذاب النار وغضب الله سبحانه وتعالى. أما إذا لم ينفع كل ما سبق ذكره فيجب أن تضرب الفتاة ضربًا غير مبرح ووفق ضوابط تربوية شرعية.
4- على البنت أن تحتجب عن الرجال ولا تجلس في مجالسهم قال تعالى: { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } .
فهذه الآية المراد بها أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - لكن الخطاب شامل لبقية نساء الأمة، بل إن نساء الأمة أولى بهذا الخطاب، فإن أزواج
النبي - صلى الله عليه وسلم - أحصن النساء وأبعدهن عن الفواحش وذلك لمكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهن.(1/6)
5- يجب على البنت أن لا تمد يدها لمصافحة أي رجل غريب عنها لأن هذا يؤدي إلى الفتنة والشر سواء كان هذا الرجل عجوزًا أم شابًا. وقد صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إني لا أصافح النساء». وقالت عائشة رضي الله عنها: وقد ندبنا الله للاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } وصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أنه قال: «لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له» (1) .
6- يجب تفهيم البنت من هم المحارم وغير المحارم من الرجال بالنسبة لها حتى تشب وهي ملمة بهذه المعلومات وبذلك يكون من السهل على الأم توجيهها وقيادتها. قال تعالى: { وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ } [النور: 31].
7- يجب على الأم أن تمنع الاختلاط بين بناتها وبين الأولاد المقاربين لها في السن سواء من الجيران أو الأقارب، لأن الاختلاط يؤدي إلى الفتن و «الكوارث»! والفواحش التي من الممكن ألا يكون لها أي حل أو علاج. كذلك تبين الأم لابنتها المصائب التي حلت على المجتمع الأوروبي نتيجة الاختلاط وأن الاختلاط يفقد البنت كرامتها وهيبتها في حين أن الإسلام رفع شأنها وصان عرضها وحافظ على كرامتها وتوعد وهدد من أراد الإساءة إليها.
__________
(1) حديث صحيح رواه الطبراني وغيره وهو في صحيح الجامع (5045).(1/7)
قال - صلى الله عليه وسلم - : «لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما» (1) .
وأيضًا تمنع نوم أولادها الذكور مع الإناث في فراش واحد وخاصة إذا بلغوا سن العاشرة. لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : «مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع» (2) .
وهنا أحب أن ألفت نظرك أختي المسلمة إلى نقطة هامة وأساسية قبل أن تبدئي بتوجيه هذه النصائح لابنتك كوني أنت أولاً القدوة الحسنة لها فحينما تكونين ملتزمة بما أمر الله مثلاً أن تلتزمي الحجاب الشرعي ولا تقابلي الرجال ولا تخالطيهم ونحو ذلك.
وبهذا تتعلم منك ابنتك هذه المثُل عن رضا واقتناع، وربما تطلب منك ابنتك تقليدك في زيك وتصرفاتك منذ صغرها وبدون أمر وبذلك لن تجدي أيتها الأم المسلمة أي صعوبة في سياسة ابنتك وتعليمها وتطبيقها ما تريدينه من أحكام الشريعة الغراء.
ثانيا: التغيرات في وظائف الأعضاء والهرمونات الجنسية
أ- التغيرات الهرمونية في جسم الفتاة:
يولد الإنسان ذكرًا أو أنثى حسب صفاته الجنسية الأولية ألا وهي أعضاؤه التناسلية الخارجية والداخلية، ثم ينمو جسم الطفل تدريجيًّا حتى مرحلة البلوغ حين تبدأ صفاته الجنسية الثانوية في الظهور. هذه الصفات في الإناث – كما أشرنا من قبل – تتلخص في نمو في حجم الثديين واستدارة محيط الجسم خاصة عند منطقة الحوض والكتفين نتيجة امتلائهما بالدهون كذلك ينبت شعر العانة ويصبح الصوت أنثويًّا رقيقًا ويكون الاتجاه العام للفتاة ذا طابع أنثوي، وأخيرًا يبدأ الحيض في النزول وعندها تكون الفتاة مستعدة لإنجاز أعظم وأهم وظائفها التي سخرها الخالق عز زجل من أجلها ألا وهي الإنجاب إذا يسر الله زواجها.
__________
(1) رواه الترمذي (2165) وصححه الشيخ الألباني.
(2) رواه أحمد وأبو داود (495) وسنده حسن.(1/8)
تبدأ الصفات الجنسية الثانوية للفتاة في الظهور قبل عام أو عامين من نزول أول طمث (دورة شهرية)، ويتحكم في هذه الصفات الثانوية مجموعة من الهرمونات (الهرمون هو مادة كيميائية حيوية تفرز مباشرة في الدم بواسطة غدد تسمى الغدد الصماء).
إن الصفات الجنسية الثانوية هو حدث دائم بمعنى أنه بمجرد ظهورها فهي تبقى حتى ولو تم إزالة الغدد الصماء فيما بعد (لأسباب جراحية على سبيل المثال).
أما الهرمونات التي تتحكم في هذه الصفات الثانوية فهي:
1- الهرمونات العصبية:
والتي يفرزها «الهيبوثلامس» وهو جزء من الجهاز العصبي المركزي أسفل المخ، وتسمى أيضًا العوامل المنبهة وتقوم بتنبيه الغدة النخامية (أسفل المخ داخل الجمجمة)، ومن عجائب صنع الله سبحانه وتعالى أن الهيبوثلاموس يقع تحت سيطرة عدد من العوامل تتحكم فيه وبالتالي فهي تؤثر بالتأكيد في عملية البلوغ بأكملها. ومن هذه العوامل:
* قشرة المخ الخارجية.
* نوعية الغذاء.
* الانفعالات والعواطف.
* الهرمونات التي يقوم المبيضان بإفرازها.
ومن ذلك يتضح لنا لماذا يتأثر البلوغ بما يحتويه من حيض وتبويض بعوامل يجب الاحتراز منها في تلك الفترة الحرجة في عمر الفتيات مثل الاكتئاب النفسي (من أمراض العصر التي لم تكن معروفة من قبل) والخوف والصدمات النفسية والعصبية وفقدان الشهية والنحافة الشديدة.
2- هرمونات الغدة النخامية (الفص الأمامي):
وهي عديدة ولغرض التبسيط نورد منها ثلاثة أنواع:
أ- الهرمونات التي تقوم بتنبيه المبيضين وتجهيز البويضات للتلقيح.
ب- الهرمون الذي ينبه الغدة فوق الكلوية (الغدة الكظرية).
جـ- الهرمون الذي ينبه الغدة الجاردرقية.
3- هرمونات المبيض (الإستروجين والبروجيسترون):
وهذه الهرمونات مسئولة مسئولية مباشرة عن:
* ظهور الصفات الجنسية الثانوية (تصبح الفتاة بذلك أنثى مهيأة للزواج).
* نمو وتهيئة المهبل -القناة التي تصل بين الفرج والرحم- لتأدية وظيفتها الطبيعية (الجماع).(1/9)
* نمو الرحم وتهيئته لتأدية وظيفته الطبيعية (حمل الجنين).
ب- الحيض:
يبدأ ظهور الحيض في سن الحادية عشر أو الثانية عشرة تقريبًا ويعتبر الحيض هو آخر حدث من أطوار فترة البلوغ، حينئذ تصبح الفتاة أنثى قادرة على الإنجاب إذا تزوجت.
ما هو الحيض؟
هو دم أحمر يخرج من خلال فتحة الفرج للأنثى، من الغشاء المبطن لجدار الرحم، ومن الممكن أن تصاب الفتاة بالخوف والفزع إذا ما رأت الدم في ملابسها الداخلية.
دور الأم في مرحلة ظهور الحيض:
1- يجب عليك أختي المسلمة، إذا لاحظت التغيرات الجسمية على ابنتك، أن تتوقعي ظهور الحيض بين وقته وآخر، ومن ثم يجب عليك رحمك الله أن تمهدي لفتاتك عن حدوث تغيير آخر في فترة البلوغ وهو ظهور الحيض.
2- يجب عليك أختاه طمأنة ابنتك لحمايتها من الإصابة بالفزع والخوف إذا رأت دمًا أحمر في ملابسها الداخلية وأن تفهميها أن هذا شيء عادي ويحدث لكل فتاة في مثل هذه السن، كما في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما رأى عائشة رضي الله عنها وقد أصابها الحيض في حجة الوداع فحزنت لذلك أنها لن تستطيع إكمال المناسك مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأخبرها - صلى الله عليه وسلم - ، أن هذا الأمر لا يد لها فيه وقال: «إن هذا الأمر كتبه الله على بنات آدم» (1) .
3- ينبغي إعلامها أنها من هذه اللحظة أصبحت أنثى كاملة النضج وأنها بالغة، ومؤهلة للزواج ومن واجبها أداء جميع الفروض الإسلامية المشروعة التي ذكرناها سابقًا.
4- تفهيم البنت أن هذا الدم سوف ينزل كل شهر لمدة تتراوح من 4- 7 أيام.
5- تعليم البنت كيفية وضع الفوط الصحية لامتصاص الدم الخارج من الفرج.
6- المحافظة على نظافة منطقة الفرج باستمرار مع تغيير الفوط الصحية باستمرار للمحافظة على هذه المنطقة الحساسة من الالتهابات الفطرية أو البكتيرية.
__________
(1) طرف من حديث أخرجه مسلم (1213).(1/10)
7- تفهيم البنت أن هذا الدم الخارج من رحمها هو دم نجس، ويجب أن تمتنع عن الصلاة إذا أتاها الحيض كما يجب أن تمتنع عن الصيام إذا جاءها الحيض في رمضان كما في الحديث، أن فاطمة بنت أبي حبيش سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فشكت إليه الدم، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «إنما ذلك عرق فانظري، فإذا أتى قرؤك، فلا تصلي، فإذا مر قرؤك فتطهري ثم صلي ما بين القرء إلى القرء» (1) .
ويبين لها أنه لا يجب عليها قضاء الصلوات التي فاتتها أثناء فترة الحيض ولكن تقضي ما قد يفوتها من صيام أيام رمضان. كما قالت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: «كان يصيبنا ذلك – تعني الحيض – على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فنؤمر بقضاء الصيام ولا نؤمر بقضاء الصلاة» (2) .
ومن الأمور الشائعة والتي تكاد تكون ظاهرة في هذه الأيام أن كثيرًا من مراجعات عيادة النساء والولادة من يأتينا خصيصًا لطلب الحبوب المانعة للدورة الشهرية أو المؤجلة لها أملاً في صيام شهر رمضان الفضيل كاملاً.
وإلى تلك الأخوات المسلمات أود أن أقول أنه لا داعي أبدًا لتلك الحبوب؛ لأنها في الحقيقة عبارة عن هرمونات قد تؤدي إلى اضطراب هرموني بعد ذلك، وبالتالي يؤدي إلى أعراض غير مرغوب فيها، في الدورات التالية، فيجب على النساء الابتعاد عن هذه العادة ويجب عليهن عدم الامتعاض والكآبة من نزول الحيض، خلال الشهر الكريم، فهذا شيء كتبه الله على بنات آدم وحواء ورخص لهم فيه الفطر خلال شهر رمضان الكريم، وما دام هناك قضاء للأيام التي فاتتها بسبب الحيض فلا معنى للألم والامتعاض كما أسلفنا في الحديث السابق.
8- عدم مس المصحف الشريف أو قراءة القرآن الكريم أثناء الحيض:
__________
(1) أخرجه أبو داود (280). والمراد بـ «القرء»: الحيض. انظر «زاد المعاد» 5/600.
(2) رواه مسلم.(1/11)
قال تعالى: { لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ } ، وقد ورد في الحديث في كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن حزم: «وأن لا يمس المصحف إلا طاهر».
9- عدم دخول المسجد وهي حائض:
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب» (1) .
10- كما أنه لا يحل للزوج أن يجامع زوجته في الفرج:
لقول الله تعالى: { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ } (2) ، يعني اعتزال مجامعتهن في الفرج، لكن لا حرج من الاستمتاع بين الزوجين إذا لم يكن في الفرج، فقد ورد عن بعض أمهات المؤمنين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأمرها إذا كانت حائضًا أن تأتزر – ثم يباشرها». وهذا من سماحة دين الإسلام، فهذا الأمر لا يمنع من ملاطفة المرأة واستجلاب مودتها. لا كما يعتقد اليهود وكما يفعلون فإن المرأة عندهم إذا حاضت لم يؤاكلوها ولم يشاربوها ولم يضاجعوها.
11- اعلمي يا أماه، ويا أختاه:
أن نزول الحيض عادة لا يصاحبها أي أعراض مرضية أو آثار جانبية عند معظم الفتيات.
ولكن من الممكن أن يصاحب نزول الدم بعض المشاكل الصحية مثل:
1- آلام في البطن. ... 2- آلام في الظهر والأرجل.
3- الشعور بالغثيان، وقد يصاحبه قيء.
ومثل هذه الحالات لا تحتاج إلى لمسكنات بسيطة للآلام مع الراحة الجسمانية. كما أنه من الممكن للفتاة شرب بعض المشروبات الساخنة مثل القرفة والحلبة والمرامية.
وفي بعض الحالات تكون آلام الظهر والبطن شديدة لدرجة أنها تمنع الفتاة من أداء واجباتها العادية، وفي هذه الحالات تحتاج الفتاة لأخذ حقن مسكنة وراحة تامة مع شرب المشروبات الساخنة، واستشارة طبيبة إذا لزم ذلك.
__________
(1) رواه أبو داود حديث رقم (232).
(2) جزء من الآية 222 من سورة البقرة.(1/12)
في بعض الحالات تشعر الفتاة بآلام في البطن ونزول بعض الدم بعد عشرة أيام تقريبًا من انتهاء الدورة، وهذا سببه في الغالب حدوث التبويض الشهري ولا خوف منه إطلاقًا.
ما العلاقة بين التبويض ودم الحيض؟
التبويض: هو العملية التي يقوم من خلالها المبيضان (أحدهما أو كلاهما) بإعداد وتنمية بويضة لتكون جاهزة للتلقيح بواسطة حيوان منوي من الزوج ينتج عن اتحادهما بإذن الله تعالى نطفة. قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى... } [سورة الحج، الآية: 25].
وقال تعالى: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ } (1) .
بعد ذلك تنغرس النطفة في جدار الرحم وما أشبه ذلك بغرس بذرة النبات في الأرض الخصبة حيث ينبت النبات أما في الرحم فينبت الإنسان ذلك المخلوق الذي فضله الله تبارك وتعالى عن سائر المخلوقات.
__________
(1) سورة المؤمنون الآيات: 12-14.(1/13)
دم الحيض: في أثناء عملية إعداد ونمو البويضة في المبيض تكون هناك في نفس الوقت عملية إعداد وتهيئة في مكان آخر ألا وهو مكان الغرس وهو الرحم حيث سيتم غرس البويضة التي تم تلقيحها بنجاح والتي انتقلت إلى طور «النطفة» والسؤال الآن الذي أكاد أسمعه من الأخت المسلمة: وماذا يحدث إذا لم يتم تلقيح البويضة بواسطة الحيوان المنوي المنتظر وهو الحال عند الفتاة قبل الزواج وعند بعض المتزوجات في فترات قد تطول أو تقصر بحسب ما يقدره الله سبحانه وتعالى.
دعينًا أولا نستعرض الحالب في موقعين:
الأول في المبيض: توجد بويضة معدة وناضجة وجاهزة للتلقيح.
الثاني في الرحم: الجدار المبطن للرحم من الداخل معد ومهيأ لاستقبال البذرة (النطفة) وهذا الإعداد في صورة زيادة سمكه وكثرة الأوعية الدموية الرقيقة به (وكأنه العش الذي يبنيه الطائر ليرقد فيه على البيض لحين الفقس).
فإذا لم يأتي الحيوان المنوي لا يحدث التلقيح ولا تتكون النطفة وبالتالي لا يأتي الغائب المنتظر، ومن ثم يهدم العش الذي بني لهذا الغرض، أي نهار الغشاء المبطن لجدار الرحم من الداخل، وينزل من خلال عنق الرحم والمهبل، ويظهر في هيئة دم الحيض عند الفرج.
ويحدث ذلك شهريًّا (تقريبًا): تهيئة بويضة وتهيئة الرحم فإذا جاء الحيوان المنوي، تم التلقيح وحدث الغرس، وإذا لم يأتِ انهارت تهيئة الرحم، ونزل دم الحيض وكأن الرحم يبكى دمًا لحرمانه من أداء وظيفته التي هيأه لها الخالق سبحانه وتعالى.
كيفية التطهر من الحيض
التطهر من الحيض هو الغسل الكامل ويكون على الصورة الآتية:
1- أن تنوي الغسل بالقلب دون النطق بالنية.
2- التسمية بقولك: باسم الله ثم غسل يديك ثلاثًا بالماء.
3- الوضوء وضوءًا كاملاً.(1/14)
وفي حالة الغسل من الحيض يجب على الأم أن تفهم ابنتها أن تغسل فرجها بحذر، لأن هذه المنطقة من أخطر المناطق في جسم الفتاة على الإطلاق، وأنها تحتوي على ما يسمى بغشاء البكارة، وعلى هذا فيجب عليها أن تغسل هذه المنطقة بحرص وحذر شديدين.
4- تحثي الماء على الرأس فإذا روي بالماء أفيض عليه ثلاث حثيات من الماء.
5- اغسلي سائر بدنك بالماء مبتدئة دائمًا بالجهة اليمنى.
6- اغسلي قدميك في مكان آخر.
وهذا الغسل هو الغسل من الجنابة والحيض وهو للمرأة كما للرجل، ولكن في حالة الغسل من الحيض أو النفاس ينبغي أن تزيلي أثر الدم تمامًا بمطهر له رائحة نفاذة على رائحة الدم، وكما ذكرت أركانه: النية، تعميم الجسد والشعر بالماء.
عن عروة عن عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها -وكانت حائضًا: «انقضي شعرك واغتسلي» رواه الستة إلا الترمذي.
وعن عائشة أن امرأة من الأنصار سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - ، عن غسلها من الحيض فأمرها كيف تغسل ثم قال: «خذي فرصة من مسك فتطهري بها» قالت: كيف أتطهر بها؟ قال: «سبحان الله تطهري بها» فاجتذبتها إليَّ فقلت: تتبعي بها أثر الدم» (1) .
وبعد الانتهاء من التطهر، مرةً أخرى تطمئن الأم ابنتها وتكلمها بحنان وتخبرها بالعودة إلى ممارسة العبادات المكلفة بها بالأخص الصوم والصلاة.
كما يجب على الفتاة بعد التطهر من الحيض أن تقضي ما عليها من صوم لو كان ذلك الحيض في شهر رمضان وليس عليها قضاء للصلاة والدليل على وجوب سقوط الصلاة دون الصوم عن الحائض ما ورد عن معاذة قالت: سألت عائشة فقتل: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ قالت: «كان يصيبنا ذلك على عهد رسول الله فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة» (2) .
ثالثًا: التغيرات السيكولوجية (النفسية)
والتغيرات الاجتماعية
__________
(1) رواه مسلم.
(2) رواه مسلم.(1/15)
هذه التغيرات تشمل سلوك البنت وتصرفاتها وتعاملاتها مع الآخرين. وتنقسم البنات في هذا المجال إلى فئتين:
(أ) من الممكن لهذه التغيرات أن تدفع فئة من الفتيات إلى العزلة والخجل والانطواء وتبعد عن مخالطة الناس حتى لا يلاحظ أحد ما طرأ عليها من تغيير جسماني (وربما تتوارى حتى من أقرب أقربائها كالأب والإخوة الذكور)، وهذا سيؤثر عليها وعلى نفسيتها فيما بعد، إذا لم تقم الأم بالدور المناسب واللازم لتوعية ابنتها لمواجهة هذه المرحلة.
(ب) أما الفئة الأخرى من الفتيات فمن الممكن أن يظهرن رد فعل آخر ومعاكس تمامًا للفئة الأولى وهو الإحساس بالأنوثة وحب الظهور والعمل على لفت أنظار الآخرين وخاصة أقرانهن من الأولاد «أو» البنات، ليلاحظن ما طرأ عليهن من تغيير. وهذه الفئة أيضًا تطرب لكلمات الثناء على جمالها والإعجاب بشعرها أو لبسها.
ومرة أخرى إذا لم تقم الأم بدورها المناسب في توعية ابنتها فإن البنت قد تنزلق إلى الفاحشة دون أن تدري ويجيء بعد ذلك الندم حين لا ينفع الندم.
دور الأم في التهيئة النفسية للبنت:
1- ينبغي في هذه المرحلة بث الأمان والاطمئنان في نفس البنت وتفهيمها مرات ومرات أن هذه التغيرات طبيعية وتحدث لكل بنت تبلغ هذه السن ولا داعي أبدًا للانطواء والعزلة، وعدم الاندفاع وحب الظهور وأن تتصرف بطبيعتها بما يتمشى مع سنها الحالي.
2- ينبغي إلزام البنت في هذه المرحلة بأداء العبادات المفروضة وخاصة الصلاة التي يجب على الفتاة تأديتها في أوقاتها وبخشوع تام.
3- ينبغي إلزام البنت لقراءة القرآن الكريم وحفظ ما تيسر منه كل يوم.
4- ينبغي على الأم تعويد الفتاة على الصوم إذا هل شهر رمضان مدعمة ذلك بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. وقد كان الصحابة - رضي الله عنه - يعودون أبناءهم على الصوم منذ صغرهم كما جاء في سيرهم - رضي الله عنهم - .(1/16)
5- ينبغي تنوير وتنمية أفكار البنات بقصص أمهات المؤمنين زوجات الرسول عليه الصلاة والسلام، وقصص الصحابيات الجليلات وقصص البطولات الإسلامية.
6- في هذه الفترة الحرجة من عمر الفتاة يجب على الأم أن تعامل ابنتها بحنان واهتمام ولا توبخها على كل أفعالها أو تهزأ من بعض تصرفاتها حتى لا تفقد الفتاة ثقتها بنفسها وهذا يؤدي إلى انطوائها والبعد عن الناس.
وهذا كله سيساعد -بإذن الله- على تنقية نفوسهن وسمو فكرهن فيبتعدن عن كل ما هو شاذ أو مخالف لشريعة الإسلام الغراء.
معنى المراهقة عند علماء النفس والعامة من الناس
لقد بالغ بعض علماء النفس وخاصة الغربيون منهم في تعريف المراهقة حتى أنهم وصفوها بأنها مرحلة عواصف نفسية، بل مرحلة جنون ويعتبر أحدهم وهو (ستانلي هول) أن جميع المراهقين مرضى ويحتاجون إلى علاج نفسي وطبي حيث يعرف المراهقة بأنها: «فترة عواصف وتوتر وشدة تكتنفها الأزمات النفسية وتسودها المعاناة والإحباط والقلق والصراعات والمشكلات وصعوبات في التوافق مع الآخرين».
وتمتد فترة المراهقة كما يقدرونها بحوالي 10-12 سنة وتقع معظمها في العقد الثاني من العمر.
ومفهوم العامة للمراهقة أنها فترة توتر واضطراب وعواصف نفسية واجتماعية، وعقيدتهم أن هذه الفترة حتمية، ولابد منها لكل شاب وفتاة وهنا مكمن الخطورة في هذا المفهوم.
ومن الغريب والعجيب، يا أختي المسلمة أن هذا المفهوم قد شاع في مجتمعاتنا المسلمة، بين الآباء والأمهات حتى بين المدرسين والمدرسات، كما أظهرت بعض الدراسات الميدانية، وكان نتيجة ذلك أن المدرسين والمدرسات الذين ضللتهم هذه الأكذوبة أصبحوا ينظرون إلى الشاب أو الفتاة نظرتهم إلى المريض الذي «ليس عليه حرج».(1/17)
وقد ساهم هذا المفهوم المضلل ثم هذه النظرة الخاطئة في تفشي مظاهر الطيش والشغب وعدم الاكتراث لدى كثير من الشباب والفتيات إلا من رحم ربي وذلك ببساطة؛ لأن الكبار من حولهم يبررون تصرفاتهم الطائشة بأنهم مراهقون!!
ويفرق علماء النفس بين البلوغ والمراهقة حيث إن البلوغ يشير إلى البلوغ الجنسي وهو اكتمال الأعضاء والوظائف الجنسية، أما المراهقة فهي التدرج نحو النضج الشامل للإنسان.
ومن ذلك تتضح لنا نظرة علماء النفس للبلوغ على أنه جانب من جوانب المراهقة.
ويرجع اهتمام علماء النفس بالمراهقة إلى حدوث تغيرات عديدة وسريعة في حياة الإنسان تخرجه من عالم الطفولة إلى عالم الرجولة بالنسبة للشباب أو عالم الأنوثة بالنسبة للفتيات. وقد لا يدخل الشاب أو الفتاة إلى عالم الرجولة أو الأنوثة مباشرة بل يبقى في مرحلة انتقالية بينهما تعتمد فترتها الزمنية وتختلف تبعًا لأسباب كثيرة.
نخلص مما سبق أن المراهقة كما يراها علماء النفس هي مرحلة انتقالية بين الطفولة والرشد، ويعترف بعضهم بأن فترة المراهقة ليست بالضرورة مرحلة حتمية للقلق والاضطراب النفسي.
المراهقة من منظور إسلامي
إن الأحكام الشرعية في الإسلام لا تعرف ولا تعترف بفترة انتقالية بين الطفولة والرشد كما في القوانين الوضعية حيث لا يعتبر الإنسان راشدًا يطبق عليه أو عليها القانون قبل الثامنة عشرة من عمره أو عمرها.
وتعتبر الشريعة الإسلامية المرأة متى بلغت راشدة في سائر التكاليف الشرعية وفي إقامة الحدود أيضًا.
ومن الجدير بالملاحظة أن الشريعة الإسلامية أعطت البالغ كل صفات الراشد ما عدا التصرف بالمال فاشترطت فيه الرشد إضافة إلى البلوغ قال تعالى: { وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ } [النساء: 6].
والذي أريد أن أؤكده لك يا أختي المسلمة هو:(1/18)
1- ليست المراهقة مرحلة حتمية كما يدعي معظم علماء النفس.
2- المراهقة بمفهوم العامة تؤدي إلى تعطيل طاقات الشباب والفتيات.. لذلك فإنه ينصح بتوظيف وتوجيه هذه الطاقات المعطلة والاستفادة منها لصالح الشاب أو الفتاة والمجتمع المسلم، وبذلك تكون المراهقة مرحلة سوية وعادية في حياة الشاب أو الفتاة.
3- إن ما يسمى بفترة المراهقة وما يكتنفها من اضطرابات وقلق نفسي، ما هي إلا إفرازات مرضية نتيجة لتعقد الحياة البشرية المعاصرة، بسبب انحرافها عن شريعة الله سبحانه وتعالى.
يقول الدكتور عبد الرحمن العيسوي (1) : «وجدير بالذكر أن النمو الجنسي في المراهقة لا يؤدي بالضرورة إلى أزمات لكن النظم الاجتماعية الحديثة هي المسئولة عن أزمة المراهقة، وكما تقول مارغريت ميد: في المجتمعات البدائية تختفي مرحلة المراهقة وينتقل الفرد من الطفولة إلى الرشد مباشرة، بمجرد إقامة حفل تقليدي له ويعهد إليه بمسئوليات الرجال فيقوم بالصيد والرعي ويتزوج ويكون أسرة».
ويقول الأستاذ محمد قطب (2) : «ثم يأتي البلوغ، والمشكلة الكبرى التي تتحدث عنها كتب التربية وعلم النفس في هذه الفترة، هي مشكلة الجنس، وليس للجنس مشكلة في الإسلام، فقد خلقه الله ككل طاقة حيوية ليعمل لا ليكبت، إنه يقره مثل كل الدوافع، ثم يقيم أمامها حواجز لا تغلق مجراها ولكن ترفعها وتضبط منصرفها، أشبه بالقناطر تقام أمام التيار (النهر) والجاهلية (العالم الغربي) تعترف بضرورة التنظيم والضبط لكل دوافع الفطرة إلا الجنس...».
أمور فقهية تخص الحيض والطهارة والصلاة (3)
س1: هل يجوز للمرأة التي بها حيض أن تقرأ القرآن دون أن تلمسه وهي ملزمة بالقراءة في المدرسة؟
__________
(1) عبد الرحمن العيسوي «سيكولوجية المراهق المسلم المعاصر» دار الوثائق، الكويت، ط1، 1405هـ.
(2) محمد قطب «منهج التربية الإسلامية» الجزء الثاني ص196.
(3) فتاوى المرأة جمع محمد المسند.(1/19)
ج: لا يجوز للحائض أن تمس المصحف لأنه لا يمسه إلى المطهرون، ولا يجوز لها أن تقرأ القرآن ولو عن ظهر قلب ولو بدون لمس، حيث إن القرآن له منزلة رفيعة وقد ورد في الحديث «لا أحل القرآن الحائض ولا جنب». لكن رخص بعض المشايخ لها عند الاختبار في ذلك بقدر الحاجة للضرورة. [الشيخ ابن جبرين].
س2: إذا كانت المرأة عادتها الشهرية ستة أيام أو سبعة أيام ثم استمرت معها مرة أو مرتين أكثر من ذلك فما الحكم؟
ج: إذا كانت المرأة عادتها الشهرية ستة أو سبعة أيام، ثم طالت هذه المدة وصارت ثمانية أو تسعة أيام، أو أحد عشرة يومًا فإنها تبقى لا تصلي حتى تطهر وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، لم يحد حدًا معينًا في الحيض، وقد قال الله تعالى: { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى } ، فمتى كان هذا الدم باقيًا فإن المرأة على حالها حتى تطهر وتغتسل ثم تصلي فإذا جاءها في الشهر الثاني ناقصًا، فإنها تغتسل إذا طهرت، وإن لم يكن على المدة السابقة، والمهم أن المرأة متى كان الحيض معها موجودًا فإنها لا تصلي سواء كان الحيض موافقًا للعادة السابقة أو زائدًا عنها أو ناقصًا، وإذا طهرت تصلي.[الشيخ ابن عثيمين].
س3: دخلت على العادة الشهرية أثناء الصلاة ماذا أفعل؟ وهل أقضي الصلاة عن مدة الحيض؟
ج: إذا حدث الحيض بعد دخول وقت الصلاة، كأن حاضت بعد الزوال بنصف ساعة مثلاً، فإنها بعد أن تتطهر من الحيض تقضي هذه الصلاة التي دخل وقتها وهي طاهرة لقوله تعالى: { إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا } . ولا تقضي الصلاة عن وقت الحيض لقوله - صلى الله عليه وسلم - ، في الحديث الطويل: «أليست إذا حاضت لم تصل ولم تصم»، وأجمع أهل العلم أنها لا تقضي الصلاة التي فاتتها أثناء مدة الحيض. أما إذا طهرت وكان باقيًا من الوقت مقدار ركعة فأكثر، فإنها تصلي ذلك الوقت الذي طهرت فيه(1/20)
لقوله - صلى الله عليه وسلم - : «من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر»، فإذا طهرت وقت العصر أو قبل طلوع الشمس وكان باقيًا على غروب الشمس أو طلوعها، مقدار ركعة فإنها تصلي العصر في المسألة الأولى والفجر في المسألة الثانية. [الشيخ ابن عثيمين]
س4: سمعت أن وضع الحناء على الشعر واليدين في وقتا الدورة الشهرية لا يجوز؟
ج: يجوز للحائض استعمال الحناء في اليدين والشعر حال الحيض ولا إثم في ذلك ولا حرج ومن منعه أو كرهه فلا دليل عليه – فإذا طهرت الحائض اغتسلت وأزالت ما دون البشرة وهو ما يمكن إزالته ولا بأس ببقاء ما يشق إزالته. [الشيخ ابن جبرين]
س5: إذا طهرت المرأة من الحيض في وقت العصر أو العشاء. فهل تصلي معها الظهر والمغرب باعتبارهما يجمعان معًا؟
ج: إذا طهرت المرأة من الحيض أو النفاس في وقت العصر وجب عليها أن تصلي الظهر والعصر جميعًا، في أصح قولي العلماء، لأن وقتهما واحد في حق المعذور كالمريض والمسافر وهي معذورة بسبب تأخر طهرها وهكذا إذا طهرت وقت العشاء وجب عليها أن تصلي المغرب والعشاء جميعًا، لما سبق وقد أفتى جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم - بذلك. [سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز]
س6: ما الفرق بين غسل الجنابة وغسل الحيض بالنسبة للمرأة؟(1/21)
ج: الغسل من الجنابة هو أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات من الماء ثم تفيض الماء على سائر جسدك بحيث تصل الماء إلى منبت الشعر. أما اغتسال المرأة من الحيض فقد اختلف في وجوب نقضها شعرها للغسل منه والصحيح أنه لا يجب عليها نقضه لذلك، لما ورد في روايات أم سلمة عند مسلم أنها قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم - : «إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضه للحيض والجنابة؟ قال: لا، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضي عليك الماء فتطهري» فهذه الرواية نصٌّ في عدم وجوب نقض الشعر للغسل من الحيض ومن الجنابة. لكن الأفضل أن تنقض شعرها في الغسل من الحيض احتياطًا وخروجًا من الخلاف وجمعًا بين الأدلة (1) .
الفهرس
إهداء ... 5
المقدمة ... 6
بسم الله الرحمن الرحيم ... 6
تعريف البلوغ ... 6
البلوغ المبكر ... 6
البلوغ المتأخر ... 6
ما هي أسباب تأخر نزول الحيض؟ ... 6
1- أسباب تشريحية (أسباب خلقية): ... 6
2- أسباب هرمونية: ... 6
3- أسباب مرضية مزمنة: ... 6
4- أسباب غذائية: ... 6
5- أسباب عصبية ونفسية: ... 6
ما هي التغيرات المصاحبة للبلوغ عند الفتاة؟ ... 6
أولا: التغيرات العضوية (الجسمانية) ... 6
ثانيا: التغيرات في وظائف الأعضاء والهرمونات الجنسية ... 6
أ- التغيرات الهرمونية في جسم الفتاة: ... 6
أما الهرمونات التي تتحكم في هذه الصفات الثانوية فهي: ... 6
1- الهرمونات العصبية: ... 6
2- هرمونات الغدة النخامية (الفص الأمامي): ... 6
3- هرمونات المبيض (الإستروجين والبروجيسترون): ... 6
ب- الحيض: ... 6
ما هو الحيض؟ ... 6
دور الأم في مرحلة ظهور الحيض: ... 6
8- عدم مس المصحف الشريف أو قراءة القرآن الكريم أثناء الحيض: ... 6
9- عدم دخول المسجد وهي حائض: ... 6
10- كما أنه لا يحل للزوج أن يجامع زوجته في الفرج: ... 6
11- اعلمي يا أماه، ويا أختاه: ... 6
ما العلاقة بين التبويض ودم الحيض؟ ... 6
كيفية التطهر من الحيض ... 6
ثالثًا: التغيرات السيكولوجية (النفسية) ... 6
والتغيرات الاجتماعية ... 6
__________
(1) اللجنة الدائمة فتاوى المرأة ص21.(1/22)
دور الأم في التهيئة النفسية للبنت: ... 6
معنى المراهقة عند علماء النفس والعامة من الناس ... 6
المراهقة من منظور إسلامي ... 6
أمور فقهية تخص الحيض والطهارة والصلاة() ... 6
الفهرس ... 6(1/23)