الاختلاط وأثره في التعليم
لفضيلة الشيخ الدكتور
محمد بن عبد الله الهبدان
مؤسسة نور الإسلام
www.islamlight.net
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
فلم يكن ما يسمى بالتعليم النظامي، على النحو المعروف الآن في كافة البلدان من اجتماع كافة الفتيات في مدارس خاصة، معروفا أو معمولا به، بل كان التعليم له طرق أخرى، في البيت، في القصور، في المساجد، هذا بالنسبة للمسلمين، أما غيرهم فكانت نسب التعليم ضعيفة جدا، تبعا للنظرة المهينة التي كان ينظر بها الجاهليون إلى المرأة، بعكس المسلمين الذين يعظمون المرأة ويقدرونها، فتاريخهم حافل بكثير من الشخصيات النسائية المتعلمة، كالمحدثة والفقيهة والشاعرة والقارئة.
ابتدأ التعليم النظامي في أوربا، منذ نحو من قرنين، ومع أن تاريخ المسلمين طويل في تعليم النساء، وهم أسبق في هذا، إلا أنهم لم يفكروا في تنفيذ مشروع كهذا المشروع(التعليم النظامي )، والغالب أن ذلك مرده إلى رسوخ الأمر الإلهي للنساء: (( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ)) (الأحزاب:33) في الذهنية الإسلامية، وحرصها عن البعد عن أسباب الفتن، والعمل على صون الفتاة، التي هي أمانة عند وليها، من أن تلجأ للخروج للتعلم مع إمكانية توفير ذلك لها في البيت، من خلال أحد محارمها أو إحدى النساء ..(1/1)
والمتأمل في تاريخ تعليم المرأة في هذا العصر يعلم أن الغرض لم يكن التعليم في ذاته، إنما كان الغرض إخراج المرأة، لغايات محددة سلفا، معروفة لكل من يفهم، وهو الزج بالمرأة في مجتمع الرجال، لتحقيق التبرج والاختلاط ، وما يتبعه من إفساد الأخلاق، وما يترتب عليه من استعباد المجتمع.. (1)[1]) بطبيعة الحال، لم يكن تمرير هذه الخطة يسيرا، فقد لقي معارضة كبيرة، لكنها تبددت وتلاشت، ليس لأجل إصرار المناصرين للقضية، بل لأن المعارضين ما كانوا ينطلقون من عقيدة وقناعة صحيحة، نعم ربما كان منهم من يرى أن وظيفة المرأة هو بيتها، ويخشى أن يتبع خروجها فساد الأخلاق، إلا أن هؤلاء أيضا لم يكونوا يرون أية أهمية في تعليمها، حتى ولو لم يعارض وظيفتها الأصلية..
__________
(1) أول شرارة قدحت للاختلاط على أرض الإسلام من خلال: المدارس الاستعمارية الأجنبية والعالمية، وتبدأ من رياض الأطفال إلى التعليم الجامعي ، و أول ما فتحت هذه المدارس في بلاد الإسلام في: (لبنان) بإنشاء مدرسة للبنات في الإمبراطورية العثمانية سنة 1830م ؛ لأن البنات سيكن أمهات فإذا تربين في هذه المدارس النصرانية أثرن على أولادهن .. وكانت تُعنَى ببنات الأسر والبيوت الكبيرة اللاتي ستكون لهن السيطرة على الجيل المقبل ، ولهذا قال بعض دعاتهم : إن مدرسة البنات في بيروت هي بؤبؤ عيني . وفي الكويت ، أول مدرسة فُتحت عن طريق الإرسالية الأمريكية للتبشير سنة 1917م ، وقد تولت التدريس فيها مزميلرا ولكن قُوبلت بمعارضة شديدة من قبل الكويتيين مما أضطر إلى إغلاقها ، ثم فُتحت أول مدرسة للبنات سنة 1937م ، وفي عام 1956م انطلقت أول بعثة للطالبات الجامعيات للالتحاق بكليات جامعة القاهرة .( حراسة الفضيلة )(1/2)
تلك المعارضة كانت سببا في تحرز المناصرين للقضية، والذي يبتغون غايات من وراء إخراج المرأة، حملتهم على تأخير ما يريدونه من التعليم زمنا، بل ومن باب التزيين والخداع، وضعوا الضمانات التي تطمئن أولياء الأمور على بناتهم، حتى حصل ما حصل في غالب الدول الإسلامية .
وفي هذه الورقات سنستعرض آثار الاختلاط على التعليم وستكون المحاور على نحو مما يلي :
المبحث الأول : نتائج الدراسات الغربية .
المبحث الثاني : نتائج الدراسات الإسلامية .
المبحث الثالث : أقوال أهل العلم .
المبحث الرابع : آثاره على الطلاب والطالبات .
المبحث الخامس : الفصل بين الجنسين رغبة الغالبية العظمى .
ـ ملحق بفتاوى العلماء .
أسأل الله تعالى التوفيق والسداد وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
وكتبه
محمد بن عبد الله الهبدان
7 /3 /1425هـ
المبحث الأول
نتائج الدراسات الغربية .
تؤكد معظم الدراسات الحديثة بأن الفصل بين الجنسين في المدارس والجامعات والفصول الدراسية يؤدي إلى نتائج إيجابية أفضل من مثيلاتها المختلطة ، ولهذا السبب سنستعرض بعض نتائج الدراسات الحديثة المتعلقة بهذا الموضوع لعلها تساهم في تصحيح المفاهيم .
منذ ظهور دراسة اليزابيث تيدبال في العام 1973م التي أكدت فوائد التعليم غير المختلط ونادت به ، فإن الدراسات حول هذا الموضوع تكاثرت بشكل كبير جدا ومؤيده في معظمها نفس نتائج تيدبال ، ولقد خلصت إحدى الدراسات الحديثة من جامعة هارفرد بأن المدارس النسائية وبمقارنتها بالمختلطة تحقق الآتي :
…ـ أهداف تربوية أعلى .
ـ يحقق الطلبة فيها درجة أعلى من القيم الذاتية ودرجة أفضل لنوعية الحياة .
…ـ درجة أفضل في العلوم والقراءة .
ـ التخلص من النظرة النمطية التقليدية تجاه العلاقة بين الجنسين.
ـ درجة أقل من التغيب الدراسي ومشاكل عدم لانضباط السلوكي .
ـ مراجعة منزلية أفضل ودرجة أقل من ضياع الوقت في مشاهدة التلفزيون .(1/3)
كما أن الباحثة بوني فير ـ بويست من جامعة غرب أونتارو في كندا تقول بأن التعليم المختلط يغش النساء بشعارات المساواة ، بينما الحقيقة تؤكد أن المساواة الحقيقة هي بالفصل وذلك لتمتع الجنسين بخصائص وامتيازات متباينة لا تركز عليها المدارس والجامعات المختلطة أكثر من التركيز على الخصائص والإمكانيات التي يتمتع بها الطلبة دون الطالبات ، وبعد مراجعة الكثير من الدراسات التي تؤكد على مثل النتائج التي توصلت إليها تقول بأن الجامعات والمدارس النسائية تحقق درجة أفضل في شتى العلوم وخاصة العلوم والرياضيات والتكنولوجيا ويصل إلى نفس النتيجة العديد من الباحثين والباحثات مثل الأستاذة ليزا رايرسون رئيسة جامعة ولز والتي تزيد على النتائج السابقة بقولها إن الجامعة النسائية تزيد الثقة بالنفس والطموح عند طلبتها بعكس الجامعات المختلطة ، وتضيف البروفيسوره نانسي بيدي في دراستها المقارنة لمصادر النجاح في أكاديميات القرن التاسع عشر والمنشورة في المجلة الأمريكية للتربية في العام 1999م بأن سر النجاح يكمن في وجود المدارس غير المختلطة وبناء عليه تقترح زيادة الدراسة في إمكانية قيام مدارس على هذا النمط في الوقت الراهن بناء على معطيات متطلبات السوق .
ولعل مثل هذه الدراسات قد فتحت آفاقا جديدة في أساليب التعليم ما حدا بحاكم كاليفورنيا بت ولسون بأن يخصص خمسة ملايين دولار لإنشاء عشر مدارس غير مختلطة كنوع من التجربة العملية للتحقق من النتائج ، ولقد شجعت هذه النتائج على قيام العديد من المدارس الحكومية والخاصة على أساس عدم الاختلاط في الأعوام السابقة في العديد من مناطق الولايات المتحدة الأميركية مثل نيويورك ، فيلادلفيا ، بالتيمور ، ديترويت وكاليفورنيا .(1/4)
وعلاوة على ذلك فإن بحوثا كثيرة منذ الثمانينات قد أكدت إيجابية ومنفعة الجامعات النسائية على وجه الخصوص ، فلقد ذكرت البروفيسورة ليزا ويندل من جامعة كنساس بالولايات المتحدة الأميركية في بحثها القيم ( الوصول إلى القضايا في الجامعات النسائية) العديد من البحوث الحديثة التي تؤكد النتائج السابقة والتي تربو على الخمسين بحثا وكتابا ، وتحققا من نتائج تلك الدراسات فقد قامت بدراسة فريدة من نوعها تقوم على أساس الزيارة والمشاهدة الميدانية حيث خرجت بنتائج باهرة مفادها أن المدارس النسائية تحقق التركيز على العلم أكثر وتحقق درجة أفضل من التوقعات والطموحات عند الطلبة وتحسسهم بأهميتهم الاجتماعية والروح القيادية العالية ، بالإضافة إلى التسلح الأفضل لمواجهة الحياة العملية بعد التخرج ، ولعله من المفيد أيضا الإشارة إلى دراسة البروفيسورة أميلي لانجدون من جامعة نور برت التي قامت بدراسة إحصائية كمية مقارنة بين الجامعات المختلطة والنسائية .(1/5)
وأهمية دراسة ( لانجدون ) تكمن في تفنيدها أحجية المناصرين للمدارس والجامعات المختلطة الذين يقولون إن سبب تحقيق نتائج أفضل في المدارس والجامعات النسائية يرجع إلى الخلفية الاجتماعية والاقتصادية الأفضل التي تتمتع بها طالبات الجامعات النسائية دون غيرهن من الجامعات المختلطة ، فبعد القيام بعمليات استبيانيه وإحصائية تبين بأن ليس هناك فروق في الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية بل على العكس فإن رواد الجامعات المختلطة أعلى بقليل في الدخول الاقتصادية وعندما بحثت في الأسباب الحقيقية الكامنة لاختيار الجامعات غير المختلطة من قبل الطالبات فقد تبين بأنها ترجع إلى درجة الطموح والسمعة الأكاديمية الأفضل ، وعندما سألت الذين أمضوا خمس سنوات على تخرجهم من كلا النوعين في الجامعات فيما إذا ودوا بالرجوع إلى الجامعة نفسها ، فقد استجاب خريجو الجامعات غير المختلطة بنسبة 52 % بينما استجاب خريجو الجامعات المختلطة بنسبة 38،7 % ، وهذا يؤكد حقيقة أن الجامعات غير المختلطة تؤهل خريجيها إلى الانخراط في الحياة العملية بصورة أفضل من الجامعات المختلطة ، والدليل على ذلك أن نسبة الذين يواصلون دراستهم العليا والذين يحصلون على وظائف أرقى وأداء أفضل في الحياة العملية أعلى في الجامعات النسائية من الجامعات المختلطة .(1/6)
وهناك الكثير من الدراسات الأخرى التي أجريت في دول متعددة تكاد النتائج نفسها مثل دراسة مارش ورو المنشورة في دورية australiian journal education في العدد الثاني لسنة 1996م ودراسة أما نويل جيمنز ومار لين لوكهيد المنشورة في دورية Educational evalunation and policy analisis . في العدد الثاني لعام 1989 والتي طبقت في تايلاند ، ولا يسع المجال لذكر العدد الهائل من الدراسات الحديثة التي تؤكد إلى ما ذهبنا إليه . ولا أدعي بأن هناك من الدراسات التي تشير إلى الرأي الآخر مثل دراسة وندي كامينر المعنونة ( بمعضلة التعليم غير المختلط ) ولكن معظمها لا يتطرق إلى سلبيات التعليم غير المختلط أكثر من التشكيك في إيجابيات هذا النوع من المدارس والجامعات ، إضافة إلى المناداة بالمساواة وهو عذر قد فقد محتواه العملي والعقلي عندما تبينت حقائق فوائد التعليم غير المختلط (1)[2]) .
__________
(1) جريدة الرأي العام 22/يونيو /2000 م مقال للدكتور عبد الله بن يوسف سهر ، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الكويت .(1/7)
وصدق الرئيس الأمريكي جورج بوش أخيراً على مشروع قرار يقضي بمنع الاختلاط في المدارس العامة ، وتشجيعاً لهذا القرار الذي يقضي على وضع قائم منذ ثلاثين عاما، قرر إعطاء معونة مادية أكبر للمدارس التي تلتزم بتنفيذ هذا القرار وبالتأكيد فإن الرئيس الأمريكي لم يوافق على هذا القرار إلا بعد أن قدمت له دراسات علمية وعملية تربوية شاملة تبين صحة قراره ، البروفيسور الأمريكي ( اميليو افيانو ) وهو رجل القانون المتخصص في النظام التربوي في أميركا ذكر أن العديد من الدراسات تؤكد أن الفصل بين الجنسين في المجال الدراسي يساعد على اجتياز الفتيان والفتيات بصورة أفضل ، وأن الأولاد يفضلون الفصل في الدراسة حتى لا يتحتم عليهم الالتزام ببعض التصرفات أمام الفتيات ، وكذلك الفتيات يفضلن هذا الأمر حتى لا تضطررن إلى التزين قبل الذهاب إلى المدرسة ؛ لأنه يضيع وقتهن ويعرقل تقدمهن الدراسي .
…الجمعية الوطنية لتشجيع التعليم في أميركا أيضا عرضت الدراسات التي قامت بها جامعة ( ميتشغان ) و التي تؤكد أن الفصل بين الجنسين في المدارس يعطي نتائج أفضل في المستوى التعليمي للبنات وللأولاد (1)[3]) .
و بدأ التربويون في أمريكا يميلون بشكل متزايد إلى تعليم الجنس الواحد. وقد دفعت نتائج بعض الأبحاث في هذا المجال التربويين لاتخاذ مثل هذا التوجه، خاصة تلك القائلة بأن أدمغة الأولاد تتعامل مع بعض أنواع المعلومات بشكل يختلف عن تعامل البنات معها.
__________
(1) جريدة الرأي العام الكويتية /29/07/2002م . محمد الصديقي ، كاتب كويتي . وانظر : مجلة المعرفة ص 149 . 01/10/2002م .(1/8)
تقول « لورا استيب » الباحثة التربوية في دراسة نشرت مؤخراً: " في مرحلة الستينات والسبعينات لم يكن هناك صوت سوى ذلك الداعي إلى التحلل و التفلت من القيود ، فقد انتهز العلمانيون فرصة سيطرتهم على مقاليد التوجيه في البلاد ليذبحوا التجارب التربوية الناجحة مثل كليات البنات والتعليم غير المختلط ، رغم أن الدراسات والواقع اليوم يدحض ويفضح التخبطات العلمانية بعد ارتفاع أسهم كليات البنات في أمريكا ، حيث شهدت هذه الكليات نمواً مطرداً وبلغ عددها 289كلية .
وأضافت: لكن بعد أن بدأت الحرب ضدها بإصدار قوانين تهدف إلى قطع الإعانات الحكومية عنها، لإرغام المجتمع على خوض تجربة التعليم المختلط استجابة لضغوط دعاة تحرير المرأة ، كادت كليات البنات أن تحتضر خصوصاً بعد صدور القانون التعليمي رقم (9) الذي فرض على الجامعات قبول نسبة كبيرة من الطالبات ليتساوى الجنسان في الجامعات الشهيرة مما قلص عدد كليات البنات إلى (124 )كلية عام 1988م .
غير أنه لم يمض عقد من الزمن حتى انقلبت الصورة أو بالأحرى اعتدلت ، فالإقبال على التعليم النسائي يتعاظم منذ عشر سنوات حيث تؤكد « ايلانور ساسفو » الموجهة التربوية باتحاد الكليات الوطنية أن فكرة التعليم غير المختلط تنتشر بسرعة انتشار النار في الهشيم.
وفي عام 1996م تحدثت « كريس ما يكل » الخبيرة التربوية ورائدة التعليم المنفصل في « فينتورا » عن تجربة تعليمية جديدة تجتاح الولايات المتحدة ، وهي تجربة تطبيق الفصول الدراسية المنفصلة في المدارس الثانوية الأمريكية ؛ فقالت : "بعد عامين من التجربة أثبت التطبيق الواسع لهذا النظام أن الطالبة في الفصول المتماثلة أكثر قدرة على التفكير وأسرع استجابة لتقبل المعلومة فضلاً عن أنها أكثر تركيزاً واستيعاباً للمادة بدلاً من الانشغال الذهني بزميلها المجاور .(1/9)
وفي بعض المدارس بولاية فرجينيا أكد المسؤولون أن التجربة أثبتت نجاحها واعترف الطلاب بأنهم يشعرون بالارتياح وهم يدرسون في غياب زميلاتهم ، بينما اعترفت الطالبات أنهن يفضلن الدراسة وإجراء التجارب المعملية في غياب زملائهن، كما أثبتت الأبحاث أن طالبات المدارس غير المختلطة يتميزن بالثقة في النفس والحصول على أعلى الدرجات لا سيما في المواد العلمية.
وتقول الخبيرة التربوية «كريس ما يكل » : لقد نجحت التجربة بصورة أفضل بكثير مما كنا نتوقعه مما يغري المزيد من المؤسسات التعليمية الأمريكية بتبني هذا النمط من التعليم، وهو ما حدث بالفعل؛ فلغة الأرقام تشير إلى أن (12) ولاية أمريكية تتبنى سياسة الفصل بين الطلاب والطالبات، والعدد مرشح للزيادة بعد أن اكتوى الأمريكيون بنيران التعليم المختلط (1)[4]).
…واعترف عدد من الدول الأوربية بفشل سياسة التعليم المختلط ، صرح « كينش بيكر» وزير التعليم البريطاني ، أن بلاده بصدد إعادة النظر في التعليم المختلط بعد أن ثبت فشله ، قال أحد أعضاء لجنة التعليم بالبرلمان الألماني ( البوندستاج ) انه يجب العودة بالأخذ بنظام التعليم المنفصل ـ الجنس الواحد ـ .
…وأثبتت مجموعة من الدراسات والأبحاث الميدانية التي أجريت في كل من ألمانيا الغربية وبريطانيا انخفاض مستوى ذكاء الطلاب في المدارس المختلطة ـ بنين وبنات ـ واستمرار تدهور هذا المستوى ، وعلى العكس من ذلك تبين أن مدراس الجنس الواحد يرتفع الذكاء بني طلابها ، وقد ذكرت الدكتورة « كارلي شوستر » خبيرة التربية الألمانية أن توحد نوع الجنس في المدارس يؤدي إلى اشتعال المنافسة بين التلاميذ وبعضهم البعض أو بين التلميذات .
__________
(1) انظر :موقع لها أون لاين تقرير كتبته سحر الأمير و نوال المجاهد بعنوان : ( التعليم المختلط ) .(1/10)
…أما اختلاط الاثنين معا فيلغي هذا الدافع وأضافت أن الغيرة تشتعل بين أبناء الجنس الواحد عنها إذا اختلط أبناء الجنسين .
…وأكدت دراسة أجرتها النقابة القومية للمدرسين البريطانيين أن التعليم المختلط أدى إلى انتشار ظاهرة التلميذات الحوامل سفاحا وعمرهن أقل من(16) عاما ، كما تبين أن استخدام الفتيات في المدارس لحبوب منع الحمل تزايد كمحاولة للحد من الظاهرة دون علاجها واستئصال جذورها .
…كما أوضحت دراسة نقابة المدرسين البريطانيين تزايد معدل الجرائم الجنسية والاعتداء على الفتيات بنسب كبيرة ، وقالت الدراسة إنه يوجد تلميذ مصاب بالإيدز في كل مدرسة ، كما أشارت إلى ازدياد معدل السلوك العدواني عند فتيان المدارس المختلطة .
…وذكرت دراسة أخرى أجرها معهد أبحاث علم النفس الاجتماعي ببون أن تلاميذ وتلميذات المدارس المختلطة لا يتمتعون بقدرات إبداعية ، وهم دائما محدودو المواهب قليلو الهوايات على العكس من ذلك تبرز محاولات الإبداع واضحة بين تلاميذ مدارس الجنس الواحد .
…وأوضح بحث ميداني أذاعته إحدى قنوات التليفزيون البريطاني أن تلميذات وتلاميذ المدارس المختلطة يعجزون عن التعامل مع العالم الخارجي وأنهم انطوائيون ينتابهم الخجل دائما ولا يحسنون إقامة علاقات اجتماعية مع أقرانهم (1)[5]) .
المبحث الثاني
نتائج الدراسات الإسلامية
قامت عدة دراسات ميدانية في عدة دول عربية وأفريقية لدراسة آثار الاختلاط وقد وقفت على بعضها فمن تلك الدراسات :
الدراسة الأولى : قامت الباحثة فاطمة محمد رجاء مناصرة بدراسة أثر مشكلة الاختلاط على تعليم الفتاة المسلمة في الجامعات الأردنية فخرجت بالنتائج التالية (2)[6]) :
__________
(1) جريدة الوطن الكويتية 12/ يوينو /2000م .
(2) انظر : رسالة ماجستير بعنوان ( أثر مشكلتي الاختلاط والمنهاج التعليمي على تعليم الفتاة المسلمة في الجامعات الأردنية ) ص 32 إلى ص 46 .(1/11)
السؤال الأول : هل يعد الاختلاط في الدراسة بنظرك مشكلة ؟
ـ أجاب 77 % من الطلاب والطالبات بنعم .
السؤال الثاني : إذا كان الاختلاط مشكلة ، أذكر أهم السلبيات التي تعانيها بسببه ؟
فذكرت المشكلات التالية :
أ ـ مشكلات أخلاقية :
…1ـ إثارة الفتنة .
…2ـ التصنع في التصرفات من قبل الجنسين .
…3ـ تعرض الفتيات لمضايقات الشباب .
…4ـ ضعف الوازع الديني بسبب تعود الطلبة على الممارسات الخاطئة واستباحة المنكرات لكثرة تكرارها .
…5 ـ انتشار ظاهرة السفور ، بسبب تبرج الطالبات ولباسهن المخالف للزي الإسلامي ، فطالبات الجامعة اللاتي يرحن ويرجعن بين البيت والجامعة سافرات متبرجات يلبسن ثياب رقيقة قصيرة ..
…6 ـ انتشار الجرائم الأخلاقية مثل الزنا ، فإن كثرة المخالطة مع وجود عوامل الفتنة تؤدي إلى ارتكاب الفاحشة .
…7 ـ فساد الأخلاق عند الطرفين .
ب ـ مشكلات أكاديمية :
…1 ـ عدم الحرية في النقاش أثناء المحاضرات ، وهذا يظهر في عدم رغبة الطلاب والطالبات بالمشاركة في الدرس خيفة أن يخطئ أحدهم فيخرج أمام الجنس الآخر ، فتشوه صورته أمام من يود كسب رضاه من الجنس الآخر .
…2 ـ تعاطف المدرسين مع الطالبات وذلك على حساب الطلاب. …
3 ـ التغيب عن المحاضرات وعدم الالتزام بحضورها بسبب انشغال كل جنس مع الآخر .
…4 ـ صعوبة ممارسة النشاطات الجادة والفاعلة وخاصة التي تمارس في ساحات الجامعة .
…5 ـ تحويل الجامعة عن الغاية الأساسية التي وجدت من أجلها .
…6 ـ فيه قتل للوقت لكثرة التفكير بالجنس الآخر .
…6 ـ ضعف التحصيل العلمي .
ج ـ مشكلات اقتصادية
…وقد حددها الطلبة بما يلي :
…1 ـ محاولة إظهار كل من الجنسين كرمة وسخاءه أمام الجنس الآخر ، وبذلك يتحمل كل منهما مسؤوليات مادية كثيرة قد تضطره لإرهاق نفسه بالديون ، أو اللجوء إلى تصرفات غير مرغوب بها لتحصيل المال .(1/12)
…2 ـ المبالغة في النفقات على اللباس والمظهر الخارجي من قبل الجنسين وخاصة الطالبات .
د ـ مشكلات اجتماعية :
وتتلخص آراء الطلبة فيما يلي :
…1 ـ التقليل من قدر المرأة في المجتمع حيث تصبح عارضة أزياء تلفت الأنظار ، فتعتبر نفسها كسلعة قابلة للعرض .
…2 ـ له آثار سلبية في الحياة الأسرية للطلاب والطالبات المتزوجين ، فقد يكون سببا في دمار هذه الأسرة وتشتيت شملها بسبب تعرف الشاب على فتاة أخرى غير متزوجة مثلا !
…3 ـ عزوف الشباب عن الزواج والاكتفاء بالعلاقات غير المشروعة .
وهذه المشكلات هي جزء من معاناة الشباب ، والضغوطات التي يسببها الاختلاط لهم والمآسي التي تترتب على ذلك .
هـ مشكلات نفسية :
…ولقد ذكر الطلبة بعضاً من المشكلات النفسية منها :
…1 ـ القلق والاضطراب والخوف من الجنس الآخر نتيجة ما يرى من ممارسات خاطئة .
…2 ـ الصراع الداخلي في نفس الشاب .
السؤال الثالث : اذكر أهم المعوقات التي يسببها الاختلاط على تحصيلك العلمي ؟
هناك من اعتبر أن للاختلاط معوقات ، ومنهم من يرى أن ليس للاختلاط معوقات وكانت النسب على النحو التالي :
…ـ أجاب 75 % بأن للاختلاط معوقات .
…ـ وأجاب 25 % ليس للاختلاط معوقات .
ويبدو أن أهم المعوقات في نظر هذه المجموعة التي تعتبر أن للاختلاط معوقات هي :
1ـ الخوف من السؤال بصراحة خوفاً من التعرض لسخرية الآخرين واستهزائهم .
…2 ـ تكرار التغيب عن المحاضرات للانشغال بالجنس الآخر .
…3 ـ عدم المشاركة في المحاضرة خوفا من الوقوع في الخطأ.
4 ـ تعرض الأستاذ للحرج وعدم توضيح الكثير من القضايا لوجود الطالبات .
5 ـ إعطاء الأستاذ أكبر قدر من الاهتمام للطالبات على حساب الطلاب .
6 ـ إذا كان المعلم أنثى ، فهذا يؤثر على نفسية الطلاب ولا يقبلون تلقي العلم من امرأة .
وبالتالي فإن كل هذا يؤدي إلى انخفاض مستوى التحصيل العلمي عند الطلبة .(1/13)
السؤال الرابع : يدعي البعض أن العلاقة التي تنشأ بين الجنسين تحفز على زيادة التحصيل العلمي لكونها باعثاً للتعلم ، فما رأيك في ذلك ؟
…ـ فأجاب 90 % : ليس للاختلاط حافز على التعليم.
ـ أجاب 10 % : الاختلاط يشكل حافزاً باعثاً على التعليم .
السؤال الخامس : هل وجود الجنسين في قاعة واحدة يعيق حرية الأستاذ في إيضاح عناصر الموضوع ؟
…ـ أجاب 86 % يعيق .
…ـ أجاب 14 % لا يعيق .
السؤال السادس : ما الآثار التي يسببها الاختلاط على حياتك الاجتماعية ؟ أذكرها ؟
…ـ أجاب 86 % أن له آثارها سلبية .
فمن تلك الآثار :
…1 ـ عدم الثقة الشباب بالفتيات وبالتالي العزوف عن الزواج .
…2 ـ تفكك الروابط الاجتماعية وبروز المشكلات الأسرية.
…3 ـ عدم قدرة الشباب على الزواج وبالتالي يتعرضوا للانحراف والفساد .
…4 ـ كثرة التفكير في الجنس الآخر وإثارة الشهوة في النفس وتحررها من القيود التي يجب أن يلتزم بها .
…5 ـ البعض يحبذ عند ذلك الانعزال والوحدة والابتعاد عن الآخرين حتى من بني جنسه لقلة ثقته بهم .
…6 ـ قد يؤدي إلى الخجل والخوف من التعامل مع الجنس الآخر.…7 ـ آثار سلبية على علاقاتهم مع أهلهم في البيت ومع الآخرين في المجتمع .
الدراسة الثانية : قام عبد الحليم محمود السيد وآخرون بدراسة المشكلات النفسية والاجتماعية لدى عينة من طلاب جامعة القاهرة حجمها( 3987) طالباً وطالبة ، وكشفت نتائج هذه الدراسة فيما يتعلق بالمشكلات مع الزملاء من الجنس الآخر عن أن أكثر مشكلات الطلبة أهمية مع زميلاتهم تتمثل :
…ـ المبالغة في الملبس .
…ـ عدم الالتزام بتعاليم الدين .
…ـ والتحرر من السلوك .
…ـ والاختلاط الزائد عن الحد بين الجنسين .
…ـ والخروج عن العادات والتقاليد .
أما بالنسبة إلى المشكلات التي تعاني منها الطالبات في علاقتهن بزملائهن من الطلبة الذكور فتتمثل في :
…ـ عدم الالتزام بتعاليم الدين .
…ـ والتحرر في السلوك .(1/14)
…ـ والاختلاط الزائد عن الحد بين الجنسين .
…ـ وعدم مراعاة مشاعر الزملاء .
…ـ وسوء الفهم المتبادل ( (1)[7]) .
الدراسة الثالثة : ( قام فهد الثاقب بدراسة هدفت إلى الكشف عن موقف الكويتيين من مكانة المرأة ، وقد أجريت عام 1975م على عينة حجمها (431) أسرة كويتية ، منها 48% ربات أسر ، و 52 % أرباب الأسر ، وأوضحت نتائجها أن معظم المتعلمين ـ فيما عدا الجامعيين ـ يفضل عدم الاختلاط ، مقابل 36 % أبدوا رغبتهم في هذا الاختلاط ) ( (2)[8] ) .
ومن يتتبع أقوال أهل التربية والتعليم يلحظ أن أقوالهم تكاد تتفق على خطورة الاختلاط على مستوى دين وثقافة الطالب والطالبة ، فمن تلك الأقوال :
__________
(1) انظر : المجلة العربية للتربية المجلد السادس عشر ـ العدد الأول 1417هـ بحث بعنوان ( الاتجاه نحو الاختلاط بين الجنسين لدى عينة من طلاب جامعة الكويت ) د . عبد اللطيف محمد خليفة .
(2) المرجع السابق .(1/15)
ـ يقول الأديب الأريب علي الطنطاوي رحمه الله : ( إني لا أرى الاختلاط بين الجنسين في المدارس، ولا في كليات الجامعة، لا لموانع الدين فقط، فقد يكون من القراء من لا يحرص مع الأسف على تتبع أوامر الدين ونواهيه ، بل لأنَّ هذا الاختلاط إذا قلَّت نتائجه السيئة في فرنسا وانجلترا وأمريكا لطول اعتياد أهلها عليه، فإنَّ خطره شديد في بلاد خرجت رأساً من الحجاب السابغ إلى هذا الاختلاط، على قوة الغريزة، وشدة الرغبة، وطول الحرمان. وهذه مصر جرَّبت الاختلاط في الجامعة قبلنا ولا تزال إلى اليوم تشعر بأضراره، وقد ظهرت فيها رغبة طوية من الطالبات أنفسهن في الانفصال عن الشباب، ومن شاء فليقرأ خبر ذلك في جرائد مصر، وفي آخر عدد وصل إلى الشام من (أخبار اليوم).وأنا مستعد للمناقشة في هذا الموضوع بلسان الواقع والعلم لا بلسان الدين، فمن شاء فليناقشني. أمَّا التسرع إلى الرد عليّ بأنَّ هذه رجعية وجمود، فلا ينفع شيئاً، لأنَّه لو كان كل جديد نافعاً، وكان كل قديم ضاراً، لكان أشدّ الأشياء ضرراً العقل؛ لأنَّ العقل أقدم من التسرع، وكان أنفع الأشياء في هذا الباب مذهب العري وأن نمشي في الجامعة وغيرها مثل الحيوانات ؛ لأنَّ مذهب العري أحدث المذاهب!! ) (1)[9]) .
ـ ويقول رئيس الاتحاد الوطني لطلبة جامعة الكويت محمد الرشيد ( إن الأبحاث العلمية أكدت أن الاختلاط ما بين الجنسين يؤثر سلبا على تحصيل الطلبة دراسيا ..) ( (2)[10]) .
__________
(1) موقع لها أون لاين بعنوان : ( المرأة والتعليم المختلط ) ..وقد نشرت في مجلة المرأة. دمشق. 1948م
(2) جريدة السياسة 2 /أكتوبر /2001م .(1/16)
ـ وقال الدكتور جاسم العمر ـ مرشح الدائرة الانتخابية العاشرة للانتخابات التكميلية ـ : ( إن الاختلاط بجامعة الكويت يعتبر سبباً رئيسيا لتراجع مستوى المخرجات التعليمية من مدرسين ومدرسات ذات تخصصات علمية حيث مازال أولياء الأمور يسعون إلى إدخال بناتهم في كليات التطبيقي كونها بعيدة عن الاختلاط الأمر الذي أدى إلى تكدس الطالبات في كلية التربية الأساسية فأصبحت المخرجات التعليمية للمدرسين من الإناث ) (1)[11]) .
ـ و يقول الأستاذ أحمد مظهر العظمة وقد أوفدته وزارة التربية السورية إلى بلجيكا في رحلة علمية زار فيها المدارس البلجيكية ، وفي إحدى الزيارات لمدرسة ابتدائية للبنات سأل المديرة : لماذا لا تخلطون البنين مع البنات في هذه المرحلة ؟ فأجابته : قد لمسنا أضرار اختلاط الأطفال حتى في سن المرحلة الابتدائية . (2)[12]) .
ـ تقول الدكتورة أسماء الحسين الأستاذ المساعد بكلية التربية : ( إن الاختلاط بين الجنسين لا يستند على قاعدة شرعية أو اجتماعية وهو فكرة غير سائغة. فالمرأة لم تسلم من المشاكسات وهي تحت الحجاب فكيف بالاختلاط ! ) (3)[13]) .
المبحث الثالث
أقوال أهل العلم .
لقد تتابع أهل العلم والفكر في التحذير من الاختلاط عامة ومن الاختلاط في التعليم خاصة ، وذكروا النصوص الشرعية المانعة منه ومن آثاره الخطيرة على الجوانب الدينية والتعليمية لدى الطالب والطالبة . فمن تلك الأقوال :
__________
(1) جريدة السياسة /20/نوفمبر /2000 م .
(2) انظر : مكانك تحمدي ص 89 ـ 90 .
(3) موقع لها أون لاين : مقال بعنوان : ( التعليم المختلط ) .(1/17)
ـ قالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة : ( اختلاط الطلاب بالطالبات والمدرسين بالمدرسات في دور التعليم محرم لما يفضي إليه من الفتنة وإثارة الشهوة والوقوع في الفاحشة ، ويتضاعف الإثم، وتعظم الجريمة ، إذا كشفت المدرسات أو التلميذات شيئا من عوراتهن ، أو لبسن ملابس شفافة تشف عما وراءها ، أو لبسن ملابس ضيقة تحدد أعضاءهن ، أو داعبَّن الطلاب أو الأساتذة ومزحن معهم أو نحو ذلك مما يفضي إلى انتهاك الحرمات والفوضى في الأعراض ) (1)[14]) .
ـ وقال الشيخ حمود بن عبد الله التو يجري رحمه الله : ( أقبح من ذلك ما يفعله بعض المنتسبين إلى الإسلام من خلط النساء بالرجال الأجانب في المدارس وصنوف الأعمال بحيث يجعل لكل رجل وامرأة أجنبية منه مجلس واحد لتتم العلاقة بينهما من قريب وتحصل الفتنة والفاحشة بينهما بأدنى وسيلة . وهذا مما دب إليهم من قبائح الإفرنج ورذائلهم فالله المستعان ) (2)[15]) .
ـ وقال الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد : (حُرِّم الاختلاط، سواء في التعليم، أم العمل، والمؤتمرات، والندوات، والاجتماعات العامة والخاصة، وغيرها ؛ لما يترتب عليه من هتك الأعراض ومرض القلوب، وخطرات النفس، وخنوثة الرجال، واسترجال النساء، وزوال الحياء، وتقلص العفة والحشمة، وانعدام الغيرة.) (3)[16]) .
المبحث الرابع
آثاره على الطلاب والطالبات (4)[17])
للاختلاط آثاره الخطيرة على الطلاب والطالبات ..فمن تلك الآثار :
1 ـ تفكير كل الجنسين بالآخر .
__________
(1) فتاوى النظر والخلوة والاختلاط ص 25 . جمع محمد المسند .
(2) الصارم المشهور ص 91 .
(3) حراسة الفضيلة ص 97 .
(4) استفدت في هذا المبحث من رسالة د . فؤاد آل عبدالكريم الموسومة بـ ( قضايا المرأة في المؤتمرات الدولية ) ص 542 وما بعده .(1/18)
عندما يجلس الطالب بقرب الطالبة فإن جل تفكيره سيكون في الأساليب والطرق التي يكسب بها تلك الطالبة خاصة إذا كانت جميلة ، لقد نشرت مجلة ( المصور) بتاريخ 30مارس 1956م استفتاء أجرته بين طلبة الجامعات المصرية وطالباتها ..جاءت نتيجته أن 65% منهم قرروا أن تفكيرهم في الجنس الآخر أثناء الاختلاط يؤثر على دراستهم ، إذ أن ثلاثة أرباع وقت فراغهم يضيع بحثاً عن الحب واللهو ، لذلك يرون إنشاء جامعات خاصة بالبنات ) (1)[18]) .
وتقول ( أسماء فهمي ) التي كانت تعمل بوزارة المعارف بمصر على إثر رجوعها من رحلتها إلى أمريكا : ( إن الأمريكيين يرون الآن أن الاختلاط يشغل الفتيات عن الجد والنشاط العلمي بالملابس والزينة وما إلى ذلك ، مما لا يفكرون فيه عندما يفتقدون الفتيان) (2)[19]) .
وتقول (دير در ماك كان) البالغة من العمر 15 عاماً أنها تحب مدرسة الفتيات فقط التي تدرس فيها. وتضيف (دير در): كنا نشعر بالخوف عندما كان معنا أولاد... كان علينا أن نرتدي ملابس جميلة ونظهر أنيقات... إننا نشعر بالراحة أكثر الآن بوجودنا في محيط كله بنات (3)[20]) .
2 ـ تخنث الرجال واستر جال النساء .
فعندما يختلط الجنسان في المدارس والجامعات يأخذ كل جنس من صفات وأخلاق الآخر فيتخنث الرجال ويستر جل النساء، وهذا ما لاحظه المسؤولون عن التعليم في الفلبين؛ حيث أعلن وزير التعليم الفلبيني أنه يرغب في تعيين عدد أكبر من المدرسين لتدريس التلاميذ حتى يتحلوا بصفات الرجولة بدلاً من الصفات الأنثوية التي يكتسبونها من مدرساتهم .
__________
(1) مكانك تحمدي ص 91 .
(2) مكانك تحمدي ص 87 .
(3) انظر : جريدة الوطن (595) .(1/19)
يقول الأديب على الطنطاوي رحمه الله : ( إن من تشرف علي تربيته النساء يلازمه أثر هذه التربية حياته كلها ، يظهر في عاطفته ، وفي سلوكه ،في أدبه ، إذا كان أديباُ ، ولا تبعد في ضرب الأمثال ، فهاكم الإمام ابن حزم يحدثكم في كتابه العظيم الذي ألفه في الحب «طوق الحمامة » حديثاً مستفيضاً في الموضوع . خلق الله الرجال والنساء بعضهم من بعض ، ولكن ضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب . فمن طلب الرحمة والمودة واللذة والسكون والاطمئنان دخل من الباب ، والباب هو الزواج . ومن تسور الجدار أو نقب السقف ، أو أراد سرقة متعة ليست له بحق ، ركبه في الدنيا القلق والمرض وازدراء الناس ، وتأنيب الضمير ، وكان له في الآخرة عذاب السعير) (1)[21]) وقد ذكرت الطالبة عزة سيد ـ في كلية الآداب ـ : ( أن الاختلاط في الجامعة ...يؤدي إلى تشبه النساء بالشباب والشباب بالنساء ، فأصبحنا لا نستطيع أن نفرق بين الفتى والفتاة ..) (2)[22]) .
3 ـ انخفاض مستوى الذكاء .
(( أثبتت مجموعة من الدراسات والأبحاث الميدانية التي أجريت في كل من ألمانيا وبريطانيا انخفاض مستوى ذكاء الطلاب في المدارس المختلطة، واستمرار تدهور هذا المستوى، وذكرت خبيرات التربية الألمانية الدكتورة (شوستر) أن توحد نوع الجنس في المدارس يؤدي إلى اشتعال المنافسة بين التلاميذ بعضهم البعض، وبين التلميذات بعضهن البعض. أما اختلاط الاثنين معاً فيلغي هذا الدافع، إضافة إلى أن الغيرة تشتعل بين أبناء الجنس الواحد إذا اختلط أبناء الجنسين)) (3)[23]).
__________
(1) ذكريات الشيخ علي الطنطاوي ( 5/268 – 271 ) .
(2) آفاق عربية 28 / أكتوبر /1999م .
(3) انظر: إلى غير المحجبات أولاً/ محمد سعيد مبيض ص91.(1/20)
وهذه الحكومة البريطانية تعتزم تشجيع المدارس الحكومية المختلطة على إجراء دروس منفصلة للجنسين؛ من أجل تحسين مستويات التعليم لدى الصبيان، ويعتقد الوزراء البريطانيون أن الصبيان يحرزون نتيجة أفضل، إذا أقامت المدارس صفوفاً منفصلة للصبيان والبنات.
وتطالب الحكومة المدرسين بمحاولة إعادة إحياء الاهتمام الأكاديمي لدى الصبيان، باللجوء إلى وسائل مختلفة، وجعل أداء الصبيان له الأفضلية؛ وذلك بعد أن أظهرت نتائج الامتحانات الثانوية تراجع الصبيان خلف الفتيات؛ حيث حقق 53,2 % من الفتيات في إنجلترا وويلز خمس نتائج جيدة - على الأقل -، بالمقارنة مع 42,6 % في الصبيان (1)[24]).
كما حققت سبع مدارس فقط من بين (75) مدرسة بريطانية أفضل النتائج خلال العام الأكاديمي (1412/1413هـ -1992/1993م) ؛ لأن هذه المدارس كانت مختلطة تضم بنين وبنات.
وهذه الأرقام المذهلة جعلت العديد من الأشخاص يفكرون بالرجوع إلى النظام التعليمي السابق، الذي كان قائماً على الفصل بين مدارس البنين والبنات، حتى بلوغ مستوى الجامعة.
وكمثال على هذا الاتجاه قرر مدير مدرسة (شنفيلد) بمقاطعة (إيسكس) في بريطانيا – بعد أن لاحظ النتائج الجيدة التي حققتها المدارس غير المختلطة -، قرر الفصل بين البنين والبنات ابتداء من العام الأكاديمي (1413/1414هـ- 1993/1994م)، في مبان منفصلة.
وأكد مدير هذه المدرسة بأن كلاً من الجنسين سوف يحقق نتائج أفضل؛ حيث لن يكون هناك تشتيت للانتباه بوجود جنس آخر في غرفة الدراسة.
ويدرك مدير هذه المدرسة – كما تقول هذه الصحيفة – بأن قراره يجري في اتجاه معاكس لما يجري حالياً في المجتمع البريطاني.
__________
(1) جريدة الرياض - العدد (( 11447 )) بتاريخ 18/7/1420هـ، الموافق 27/10/1999م.(1/21)
وأضاف بأنه يعتقد أن العديد من الآباء يرغبون في فصل التعليم، وأنه يود أن يتيح لهم هذه الإمكانية، التي لا تعد شيئاً سهلاً في بريطانيا اليوم (1)[25]) .
ولأجل ما سبق فقد دعت مديرة كلية (تشليتنهام) للسيدات في بريطانيا الأستاذة (إينيد كاسل) ، بتفضيل التعليم غير المختلط الذي يدرس فيه الأولاد والبنات كل على حدة، كما جاء ذلك في مقال نشرته بصحيفة (التايمز) اللندنية، حيث قالت فيه: (( إن على الآباء أن يأخذوا في اعتبارهم التعليم غير المختلط عند إلحاق بناتهم بالدراسة، وإن أكثر النساء نجاحاً اليوم هن اللائي تعلمن في مدارس مخصصة للبنات، وهناك أدلة متزايدة، منها: أن نتائج الامتحانات تدل على أن البنات والأولاد يحصلون على نتائج أفضل، إذا تعلم كل منهم على حدة )) (2)[26]) .
(( كما طالبت ((الحركة النسائية في ألمانيا الغربية)) بعودة التعليم غير المختلط ؛ حيث الفتيات يتعلمن أفضل بدون وجود الذكور.
وحسب دراسات أجريت في الولايات المتحدة، والسويد، وألمانيا، تبين أن اللواتي درسن في مدارس غير مختلطة أفضل من اللواتي درسن في مدارس مختلطة)) (3)[27]).
4 ـ ضعف الإبداع ومحدودية المواهب :
(ففي دراسة أجراها معهد أبحاث علم النفس الاجتماعي في "بون" بألمانيا، تبين أن تلاميذ وتلميذات المدارس المختلطة لا يتمتعون بقدرات إبداعية ومواهبهم محدودة وهواياتهم قليلة، وعلى العكس من ذلك تبرز محاولات الإبداع واضحة بين تلاميذ مدارس الجنس الواحد ) (4)[28]) والسبب في ذلك انشغال كل جنس بالآخر مما يلهيه عن الإبداع والابتكار .
__________
(1) انظر: جريدة الرياض – العدد (( 9254 )) بتاريخ 10/5/1414هـ الموافق 25/10/1993م.
(2) جريدة المسلمون – العدد (( 411)) بتاريخ 24/6/1413هـ الموافق 18/12/1992م.
(3) مجلة المجتمع – العدد (( 916 )) بتاريخ 29/7/1411هـ.
(4) جريدة الوطن الكويتية 12/يونيو /2000 م .(1/22)
وقال رئيس الاتحاد الوطني لطلبة جامعة الكويت محمد الرشيد : ( إن الأبحاث العلمية أكدت أن الاختلاط بين الجنسين يؤثر سلبيا على تحصيل الطلبة دراسيا ) (1)[29]) .
5 ـ إعاقة التفوق الدراسي :
حيث أظهرت دراسة أجريت بمعهد (كيل) بألمانيا أن البنين عندما تم فصلهم عن البنات حققوا نتائج أفضل في شهادة الثانوية العامة، وارتفعت درجاتهم بنسبة تزيد أربع مرات عما كان الحال عليه عندما كان الفصل مختلطاً. وكذلك الأمر بالنسبة للبنات . وفي دراسة أخرى لمجلة « نيوزويك » الأمريكية أرقام وإحصاءات تفيد أنَّ الدارسات في الكليات النسائية (غير المختلطة) هن الأكثر تفوقاً ونجاحاً في الدراسة وفي حياتهن العملية بعدها.وقد ثبت بعد التحقيق الذي أجرته مجلة (الإثنين ) المصرية (2)[30]) أن الاختلاط في الجامعة مشغلة للفتيان والفتيات عن الدراسة الفعالة ، والتحصيل العلمي .. (3)[31]) ويقول مراقبون إن المبالغة في السفور والاختلاط بين الشباب والفتيات على مقاعد الدراسة كان السبب الرئيس في تردي مستويات التعليم ومخرجاته على مستوى الجامعات المصرية (4)[32]). وقال البر فسور « اميليو فيانو» وهو رجل قانون متخصص في النظام التربوي في الولايات المتحدة أن " العديد من الدراسات التي أجريت بمساهمة طلاب وطالبات أظهرت انه في بعض مراحل نموهم، ينجز الفتيان والفتيات دراستهم بطريقة أفضل حين لا يكونون مختلطين" .
__________
(1) جريدة السياسة :2/ أكتوبر /2001 .
(2) يناير 1956م .
(3) انظر : مكانك تحمدي ص 89 ـ 90 .
(4) انظر : موقع لها أون لاين ...عنوان المقال / مصر: نائب إخواني يطالب بمنع الاختلاط .(1/23)
…( توجد حالة من الاستياء العام باتت تتزايد في المجتمع الفرنسي إزاء تواجد الذكور والإناث سويا حيث تبين أن مثل هذا الأمر يؤثر بشكل كبير على التركيز بين الفتيان بصفة خاصة ، لذا جرى في الوقت الحالي تجارب في إحدى الأكاديميات حيث يتم تنظيم الدروس الخاصة بالتربية الجنسية في شكل مجموعات غير مختلطة وذلك لتفادي الإحراج الذي قد ينجم عن الانزلاق اللفظي أو بسبب ما تثيره مثل هذه المواضيع من انزعاج طبيعي ) (1)[33]) .
( وقد تبين من الإحصاءات أن الطالبات يتفوقن أكاديمياً في الكليات التي يقتصر فيها الدراسة على البنات وحدهن ) (2)[34]) .
وذكرت الطالبة عزة سيد ـ في كلية الآداب ـ (أن الاختلاط في الجامعة يشغل الفتيان والفتيات عن الدراسة الفعالة والتحصيل العلمي) (3)[35]) .
6 ـ التعرض للكآبة والحزن :
في دراسة أمريكية صادرة عن الوكالة التربوية الوطنية، أفادت نتائج البيانات الإحصائية بأنَّ الفتيات الأمريكيات في الفصول المختلطة أكثر عرضة للقلق والاكتئاب والانتحار !
وفي دراسة أخرى لمجلة "نيوزويك" الأمريكية أرقام وإحصاءات تفيد أنَّ الدارسات في الكليات النسائية (غير المختلطة) هن الأكثر تفوقاً ونجاحاً في الدراسة وفي حياتهن العملية بعدها.
7 ـ قتل روح المنافسة :
ذكرت الدكتورة (كارلي شوستر) خبيرة التربية الألمانية أن توحد نوع الجنس في المدارس يؤدي إلى اشتعال روح المنافسة بين التلاميذ وبعضهم البعض أو بين التلميذات ، أما الاختلاط فيلغي هذا الدافع ) (4)[36]) .
__________
(1) جريدة الرياض 27/9/2003 .
(2) جريدة المساء 29/10/2003م .
(3) آفاق عربية /28/أكتوبر /1999م .
(4) جريدة الوطن الكويتية 12/يونيو /2000م .(1/24)
…( ولذا لاحظ معظم أساتذة في مدرسة ( أوزانام ) الكاثوليكية المتوسطة بمدينة ليموج أن أداء البنات في الفصول المدرسية غير المختلطة يكون أسرع في غياب الأولاد ) (1)[37]) .
8 ـ التحرشات الجنسية بالطالبات :
إذا كانت حالات الاغتصاب متزايدة في المدارس المختلطة ..فهل يتصور أن تقل حالات التحرشات الجنسية بين الطلاب والطالبات من خلال الحركات أو الكلمات البذيئة أو عرض الصور الماجنة للإثارة أو نحو ذلك .
ولذا أصدرت جامعة ((اكسفورد)) نظاما جديداً يعد الأقسى عقوبة والمعمول به في الجامعات البريطانية لمكافحة التحرش غير الأخلاقي داخل الجامعة .وإن دل هذا فإنما يدل على انتشار هذا الأمر في جامعاتهم المختلطة .
وقد بدأت هذه الجامعة العمل بقانون السلوك الجديد، بعد أن أوضح مسح أجري أن الطالبات أكثر عرضة للتحرش من قبل الطلاب منه من قبل الأساتذة.
وكانت (6من كل 10من400) طالبة شاركن في المسح قد ذكرن بأنهن تعرضن لتحرشات غير أخلاقية تتراوح بين النظرات غير المرغوب فيها، وبين التصرفات اللفظية وغير اللفظية.
وسيكون الفصل من الجامعة العقوبة القصوى التي توقع على الطالب الذي يدان بتهمة التحرش، وأقامت الجامعة نظاماً استشارياً لتلقي شكاوى ضحايا التحرش داخل الجامعة.
وتفكر جامعة ((كمبريدج)) في اتخاذ خطوات مماثلة، بعد أن طالبت [لجنة إدارات الجامعات] بتبني سياسات حول التحرشات غير الأخلاقية، ووضع عقوبات رادعة (2)[38]).
__________
(1) جريدة القبس الكويتية/ 03ـ 03 ـ 2004 ، عن صحيفة لوفيغارو الفرنسية
(2) المرجع السابق.(1/25)
وهذه التحرشات غير الأخلاقية ليست مقتصرة على المدارس الأوربية، بل هي - أيضاً - في المدارس الأمريكية : (( فقد أوضحت دراسة بأن التحرشات غير الأخلاقية في مدارس الولايات المتحدة المختلطة، ربما تكون أكبر مما كان يتصوره الناس؛ حيث أوضحت مجلة (سفنتيز) الأمريكية (1)[39]) – التي أجرت الاستطلاع، أن أعداداً كبيرة من الفتيات يتعرضن لتحرشات غير أخلاقية ليست فقط في المدارس الثانوية، وإنما تبدأ – أيضاً – من المدارس الابتدائية؛ حيث يتعرضن لهذه المضايقات من التلاميذ الذكور، وكذلك من المعلمين!!.
وقالت المجلة بأن ما لا يقل عن 89 %من الفتيات المراهقات أوضحن بأنهن تعرضن لمعاملات غير مهذبة من زملائهن الطلاب.
وقالت فتيات المدارس المختلطة أن المضايقات غير الأخلاقية أصبحت الآن تحدث بشكل يومي للعديد من الفتيات، وأضحت سبباً في قلق البنات طيلة العام الدراسي.
وقالت كاتبة التقرير الأمريكية (نان أستين). : إنه أمر مفزع تماماً في اكتشاف حقيقة أن هذا السلوك غير الأخلاقي أصبح جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية ) (2)[40]).
…( وفي استفتاء في جامعة كاليفورنيا في بركلي عام 1977م ظهر أن خمس الطالبات قد تعرضن لنوع من الاعتداء الجنسي من الأساتذة والمشرفين على الدراسات العليا ) (3)[41]) .
( ونشرت جريدة الأخبار في عددها الصادر بتاريخ 15/9/1975م الخبر الآتي :
نظام الاختلاط في المدارس سيتم إلغاؤه في مدينة مغاغة بمحافظة المنيا ، قررت المنطقة التعليمية عزل الطلبة عن الطالبات في مدارس خاصة بكل جنس ، اتخذ القرار بعد أن ضج الأهالي بالشكوى من المعاكسات التي يتعرض لها الطالبات .
__________
(1) انظر: جريدة الرياض – العدد (9150) بتاريخ 26/1/1414هـ الموافق.
(2) المرجع السابق.
(3) عمل المرأة في الميزان ص 191 . د . محمد علي البار .(1/26)
…بدأت المشكلة في مدرسة التجارة الثانوية التي كانت تسير على النظام المختلط ، فبالبرغم من وجود أخصائين اجتماعيين بالمدرسة فإن المشاكل كانت تحدث يوميا من جراء الاختلاط بين الطلبة والطالبات بالإضافة إلى معاكسات الطريق ، فبدأت شكاوى أولياء الأمور تطالب بوضع حد لمتاعب الطالبات ، وزادت الشكاوى حدة بعد أن امتدت المعاكسات لتشمل كل طالبات المدارس بالمدينة ، وبحثت المنطقة التعليمية المشكلة فقررت القيام بعمل عزل بين الجنسين وقامت بإعداد مدرسة ثانوية للبنات تجمع الطالبات في الثانوي العام والتعليم التجاري الذي كان ملحقا بالبنين .
…كما خصصت مدرسة التجارة بنين بجوار الثانوي العام بنين ، كما تقرر أن يمتد نظام منه الاختلاط ليشمل المرحلة الإعدادية في المستقبل ، وقد قوبل القرار بجانب الارتياح من المواطنين . ) (1)[42]) .
9 ـ اغتصاب الطالبات :
من أبرز الحقائق التي أظهرتها دراسة رابطة الجامعات الأمريكية للنساء انتشار جرائم الاعتداء الجنسي على الفتيات بشكل واسع من قبل الأساتذة والطلاب؛ فالإحصاءات تشير إلى أن واحدة من كل أربع طالبات تتعرض للاغتصاب.
وفي جامعة هارفارد قالت إحدى الباحثات في بحث نالت به درجة الدكتوراه : إن الاغتصاب صار هستيريا تعم السكن الجامعي، الأمر الذي جعل التيار الليبرالي الداعي إلى التحلل الأخلاقي يتراجع، مما دفع الكثير من الآباء والأمهات - الذين أصبحوا اليوم أكثر محافظة عن ذي قبل – إلى المطالبة بإيجاد فصول منفصلة لبناتهم لتحسين وضعهن العلمي وتحصينهن من العبث بهن .
__________
(1) كتاب الاختلاط بين الجنسين . ص 41 .(1/27)
إن أكثر حوادث الاغتصاب تحدث في المدارس المختلطة، حيث يترصد الذكور الإناث في دورات المياه، وهناك ملتقى النجاسات الحسية والمعنوية؛ ولأجل ذلك أصدرت إحدى المدارس في نيويورك بلاغاً عممته على جميع المدرسات والطالبات، حذرتهن فيه من الذهاب إلى دورات المياه منفردات؛ وذلك بعد أن تعددت حوادث الاعتداء عليهن من قبل الطلاب الذكور في المدرسة. وعلى إثر ذلك قامت صيحات تنادي بفصل الإناث عن الذكور (1)[43]).
ويقول مسؤول شرطة مدينة ((ستيت كولج)) الجامعية الأمريكية، عن أماكن حوادث الاغتصاب في المدينة الجامعية: (( إن المناطق الخطيرة في الجامعة غير محدودة، وأكثر الحوادث وقعت في أماكن السكن الداخلي، وفي غرف الدراسة، وفي مواقف السيارات، وتدل الإحصاءات على أن 87 % من المجرمين هم من أصدقاء وأقرباء الضحايا ) (2)[44]).
ولعل من أشهر حوادث الاغتصاب الجماعية في المدارس المختلطة الداخلية ما وقع في مدرسة (سان كيزيتو) بمنطقة (ميرو) وسط كينيا؛ حيث أقدم مئات من الطلاب على اقتحام المسكن الذي تقيم به الفتيات – اللاتي تتراوح أعمارهن ما بين (15 و 18) عاماً – بعد منتصف الليل، وقاموا باغتصاب حوالي (71)طالبة ، ولقيت ( 19) طالبة مصرعهن، وأصيبت (75) طالبة من عدد الطالبات البالغ عددهن (271) طالبة.
وقد زار الرئيس الكيني هذه المدرسة، وأمر بإلقاء كل الأضواء على ما أسماه ( الجريمة المجنونة )، بينما أغلقت هذه المدرسة لمدة غير محددة.
كما هاجم - قبل أشهر من هذه الحادثة – عدد من طلبة مدرسة (كيرياني) الواقعة – أيضاً – في (ميرو) خمس فتيات واغتصبوهن، قبل أن يشعلوا النار في المبنى(3)[45]).
__________
(1) مجلة المجتمع الكويتية – العدد (340) – 7/6/1400 - ص11.
(2) أفول شمس الحضارة الغربية/ مصطفى فوزي غزال ص156.
(3) انظر:جريدة الرياض عدد( 8425 ) بتاريخ 8/1/1412.(1/28)
انتشار الاغتصاب للطالبات بالكليات؟ (1)[46]) .
جدول يوضح انتشار الاغتصاب بعدد الضحايا وعدد الحوادث وأنواع الحوادث:
الضحايا ... الحوادث
نوع الاعتداء ... عدد الضحايا في العينة ... النسبة المئوية في العينة ... العدد بين 1000 طالبة ... عدد الحوادث ... العدد بين 1000 طالبة
اغتصاب كامل ... 74 ... 1.7 ... 16.6 ... 86 ... 19.3
محاولة اغتصاب ... 49 ... 1.1 ... 11 ... 71 ... 16
الجملة ... 123 ... 2.8 ... 27.7 ... 157 ... 35.3
من منظور السياسات بالكليات، قد ينزعج الإداريون كثيراً لحقيقة أنَّ بين كلّ 1000 امرأة في معهدهم التعليمي، قد تحدث 35 حالة اغتصاب في فصل دراسي (وفقاً لما ورد في البيان). وهذا يعني أنَّ أعداد الاغتصاب في حرم جامعي به ( 10.000 ) امرأة سيرتفع إلى أكثر من 350 طالبة.
…( ونشرت وكالة CNN بأنه يدرس حالياً في مدينة ( نيوجرسي ) الأمريكية كيفية إجبار الطالبات على تعلم مقاومة الاغتصاب وذلك بعدما كشفت دراسة بأن نصف الطالبات الجدد يتم اغتصابهن في الفصل الأول من الالتحاق بالدراسة وهذا يدل على مدى الانحراف الذي أصاب المجتمعات الغربية كما يدل على خطورة الاختلاط بين الجنسين حيث تم الاغتصاب في مراحل التعليم وفي أماكن العلم التي يفترض بها التجرد والموضوعية !!
وهذا الذي يحدث في أمريكا وهي كما يشاع عنها دولة من دول العالم الأول!! العالم المتقدم المتحضر ؟؟ التي تحترم حقوق الإنسان وترعى المساواة بين البشر ، ولقد تزايدت في الآوانة الأخيرة المطالبة بفصل الإناث عن الذكور بل ذكرت تقارير صادرة عن منظمات حماية الطفولة أن سبب الانحراف هذا يرجع إلى فترة الطفولة حيث يتعرض البنات الإناث إلى ثلاث مرات للاغتصاب أكثر من الأطفال الذكور .
__________
(1) بحوث حول: الاعتداءات الجنسية على الطالبات بالكليات فريق البحث :مايكل جي تيرنز ، فرانسيس تي كولن ص5 .(1/29)
حيث إن الجرائم الأخلاقية التي تحدث في الغرب اليوم نتيجة طبيعية للانحراف عن الفطرة البشرية ودافع الغريزة ذلك ؛ لأن الذكر يميل بطبعه إلى الأنثى والعكس صحيح ، ولا يمنع من وقوع الجريمة كونهم في مجتمع تعليمي كالجامعة والمدرسة وجرائم الاغتصاب التي ارتفعت معدلاتها ارتفاعا ملحوظا في الآونة الأخيرة لم تقع في مجتمع يسود فيه الكبت ومنع الحريات بل تأتي في مجتمع يموج بالفوضى الخلقية والانفلات السلوكي والفكري ومع ذلك فمعدلات الجريمة في تزايد مستمر ) (1)[47]).
…وقد وصل الاغتصاب حتى للمستويات العليا الذي يقال أنهم قد بلغوا مستوى من الإدراك والعلم وهي مرحلة الدكتوراة ، تقول الأستاذة المساعدة لعلم النفس في ولاية نيويورك والتي حصلت على درجة الدكتوراة بعد التضحية بعرضها لرئيسها المباشر ، تقول : ( وقد كنت أول امرأة تدخل إلى هذه الوظيفة ..ولولا رضوخي ذلك لما كانت هناك امرأة في هذه الدرجة !!) (2)[48]) .
…ودعاة السفور والاختلاط يعرفون هذه الحقيقة ولكن يا ترى ما جوابه في ذلك ، يقول الدكتور محمد إسماعيل المقدم : ( لما وقعت فتنة الاختلاط بالجامعة المصرية ، كان ما كان من حوادث يندى لها الجبين ، ولما سئل طه حسين عن رأيه في هذا ، قال : لابد من ضحايا ، ولكنه لم يبين بماذا تكون التضحية ؟ وفي سبيل ماذا ؟ لابد من ضحايا ؟! وأي ثمرة يمكن أن تكون أغلى وأثمن من أعراض المسلمين ؟!! ) (3)[49]) .
10 ـ التمييز على أساس الجنس .
__________
(1) جريدة الوطن الكويتية 21/يناير /2000 م . مقاله كتبه الدكتور / عبد الرحمن الجيران .
(2) عمل المرأة في الميزان ص 192 . د . محمد بن علي البار .
(3) عودة الحجاب (3/59) .(1/30)
ففي المدارس المختلطة يكون الاهتمام، وتكون الحظوة عند المعلمين - في الغالب - للطلاب على حساب الطالبات، وفرص المشاركة في الإجابات، والحصول على المنح، وغيرها من الأمور التي تأتي لصالح الطلاب. ونذكر هنا مثالين من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، للتأكيد على هذا التحيز الجنسي :
- ففي بريطانيا: ( أكدت الباحثة في صحيفة التايم (جانيت ديلي). ، أن اعتماد الاختلاط بين الجنسين في المدارس ما هو إلا مؤامرة معادية للإناث، وذلك في دراسة أشارت فيها إلى عدة أمور، منها:
أ – أن المراقبة المنتظمة على المدرسين في الفصول المختلطة، أظهرت أنهم يعطون قدراً من الوقت والاهتمام لتلاميذهم الذكور، أكثر مما يعطونه للإناث.
ب – في المواد الرياضية والعلمية التي تتطلب استعمالاً مشتركاً للأجهزة، تبين أن الذكور يسيطرون على فرص استخدام الأجهزة، أكثر من الإناث اللاتي يجبرن على التفرج فقط. ويساعد على هذا ميل الإناث إلى الإذعان، وخوفهن من ازدراء الذكور لهن، أو بسبب قابليتهن لإشباع غرور الذكور .
ج – يلاحظ أن العائلات الآسيوية في بريطانيا، تصر على أن تدرس بناتها في مدارس غير مختلطة، استناداً إلى خلفيات دينية – حسب تعبير الباحثة –؛ لذا فإنه ليس من قبيل المصادفة أن تكون الفتيات الآسيويات، أفضل البنات درجات وخيرهن نتائج آخر العام الدراسي.
د – إن تجربة مدرسة (شينفيلد) في مقاطعة (إيسكس) - التي لا يختلط فيها الطلاب من الجنسين - تعتبر تجربة مشرفة، ومع نجاحها فقد هاجمها (الاتحاد الوطني للمعلمين)، الذي قال: إن المدرسة تسهم في إيجاد مناخ مصطنع لا يتواءم وطبيعة المجتمع البريطاني.(1/31)
ثم تؤكد هذه الباحثة إدانتها للمدارس المختلطة، وتقول: (إن المدارس غير المختلطة أقدر على استخراج الذكاء والفطنة من البنات والبنين ، وتريحهم من التكلف التافه في الاختلاط) (1)[50]).
- وفي الولايات المتحدة: ( يواجه الأولاد والبنات توقعات متناقضة حول موضوع تشجيعهم للرياضيات، أو ممارسات الألعاب الرياضية، أو على تعلم الحاسب الآلي، ولكنهم يختلفون – أيضاً – في كمية ونوعية التعليم الذي يتلقونه في المدارس العامة، وذكر التقرير – الذي صدر عن دراسة أجريت على 3000 طالبة من كل أنحاء أمريكا حول هذا الموضوع في عام (1410هـ (1990م ) – أن الأولاد والبنات يدخلون المدارس العامة متساوين تماماً من حيث القدرات، ولكن البنات يظهرن متأخرات 12 عاماً عن زملائهن من الأولاد الذين معهن في نفس الفصل الدراسي، في الرياضيات والعلوم، وحتى على احترام الذات!. وأضاف التقرير يقول: إن الأولاد الذكور يسترعون انتباه مدرسيهم أكثر من البنات، وأن إمكانية حصولهم على منح دراسية جامعية أكثر من اللائي يتساوين معهم في الدرجات العلمية، أو أحسن منهن بقليل.
فقد أشار هذا التقرير إلى أن الاحترام الذاتي لدى البنات انخفض بحوالي 40% فيما بين مرحلتي التعليم الابتدائي والتعليم العالي، مقارنة بنسبة انخفاض 20% لدى الأولاد.
كما أشار هذا التقرير إلى أن البنات يتلقين اهتماماً من مدرسيهن أقل بصورة واضحة مما يتلقاه الأولاد. فالمدرسون – مثلاً – ينصتون عندما يصيح الأولاد في المدارس الابتدائية والمتوسطة بصوت عال، وبلا استئذان، ولكنهم – في المقابل – يوجهون اللوم للبنات إذا فعلن ذلك!!.
__________
(1) جريدة المسلمون – العدد (( 480 )) بتاريخ 4/11/1414هـ الموافق 15/4/1994م.(1/32)
كما أشار التقرير إلى ارتفاع المتوسط للمستوى العلمي في الرياضيات لدى الأولاد بالمدرسة العليا من 2,61 إلى 3,04 من عام (1402هـ /1982م إلى عام 1407هـ/1987م)، ولكن ارتفع المتوسط نفسه لدى البنات من 2,46 إلى 2,93 .
وذكر التقرير أن المنح الدراسية عندما تمنح على أساس حصر اختبارات الجدارة الدراسية، نجد أن الأولاد أكثر جدارة للحصول على المنح الدراسية من البنات اللائي يحصلن على درجات دراسية مساوية، أو أحسن بقليل من الأولاد.
وذكرت رئيسة الاتحاد الأمريكي للاتحاد التعليمي النسائي الجامعي (إليس مكي) ، أن ما تضمنه هذا التقرير من حقائق تعتبر هائلة، فهو يمثل حقيقة دامغة على أن البنات لا يتلقين نفس النوعية والكمية من التعليم التي يتلقاها إخوانهن من الأولاد.
كما أن التحالف الوطني لمدارس البنات قد أشاد بهذا التقرير بقوله: لقد أظهر التقرير - مرة أخرى - أن البنات يعاملن - على الصعيد التعليمي - كمواطنات من الدرجة الثانية في بيئات التعليم المختلط.
وأخيراً فقد ذكرت مجموعة المدارس السبعة والخمسين من المدارس الحكومية والأهلية – التي جميع تلاميذها من البنات فقط – (أن الأبحاث أوضحت أن البنات اللواتي يلتحقن بالمدارس المخصصة للبنات فقط، يكسرن الأفكار المقولبة التقليدية، ويتفوقن على البنات اللواتي يتلقين تعليمهن في مدارس مختلطة) (1)[51]).
11 ـ ترك الدراسة :
قد يصل ببعض الفتيات إلى ترك الدراسة من جراء ما قد يصيبها من تحرشات جنسية أو اغتصاب أو اجحاف في الحقوق ونحو ذلك ، قالت شبكة [سي.إن.إن ] الإخبارية الأمريكية: إنه بسبب كثرة تعرض الفتيات لعمليات اغتصاب، فإن الكثيرات منهن يرفضن الذهاب إلى المدرسة مرة أخرى؛ لأن المئات من هذه الحالات - أي حالات الاغتصاب - توجد الآن في جنوب إفريقيا.
__________
(1) جريدة الرياض – العدد (( 8637 )) بتاريخ 13/8/1412هـ الموافق 16/2/1992م.(1/33)
وأوردت صحيفة المدينة (1)[52]) خبراً جاء فيه: (( إن بعض طالبات إحدى المدارس الثانوية بغرب باريس، رفضن الدراسة في فصول مختلطة مع الشباب، وقررن الانقطاع عن الدراسة؛ حتى يتم تلبية مطالبهن، بإبعادهن عن الاختلاط، ووجهة نظرهن أنه غير مجد.
وقد رضخت السلطات للأمر، وأمرت بإبعاد الطالبات عن الطلبة مؤقتاً؛ ريثما يتم البحث عن حلول كفيلة تجاه المشاكل التي جلبها الاختلاط غير المشروع)).
12 ـ ضعف الحياء أو زواله لدى الطالبات :
يقول الطالب أحمد مصطفى بتقنية المعلومات بالكلية : ( ..إن أهم سلبياته ـ الاختلاط في التعليم الجامعي ـ من وجهة نظري إن «البنت فيه تفقد حياءها» وهذا أهم ما يميز الفتاة: الحياء والخجل لكنك في الاختلاط تجد الفتيات يضحكن ويقهقهن بصوت عال ويتحدثن مع الشباب في كل الموضوعات: الحب والعمل والزواج والطلاق وبشكل صريح وهذا يجعل الفتيات أكثر جرأة وقد تكون أكثر إقبالا على حياة اللهو أو لا قدر الله الانحراف الأخلاقي حيث إنني شاهدت في كليات كثيرة داخل وخارج الإمارات مشاهد لا تليق بالعادات والتقاليد والقيم العربية نتيجة لهذا الاختلاط الذي أحيانا ما يزيد عن حده ولذلك ترفضه الكثير من الأسر في الإمارات، وباختصار فإن للاختلاط الكثير من السلبيات والتي تتصل مباشرة بالأخلاق! (2)[53]) .
13 ـ الحرج من طرح بعض الموضوعات المهمة (3)[54]) .
يحتاج المعلم أو المعلمة أحيانا من طرح موضوعات خاصة بكل جنس مما يجد الحرج من طرحها إذ الجميع في مكان واحد ، مما يثير حياء بعض الطالبات ونظرات بعض الطلاب أو ضحكاتهم ونحو ذلك من التصرفات المريبة .
14 ـ العنف بكافة صوره وأشكاله .
__________
(1) في عددها رقم (( 9250 ))، بتاريخ 14/3/1413هـ.
(2) www.albayan.co.ae/albayan جريدة البيان الإماراتية /الثلاثاء 24 شوال 1422 هـ
(3) وهذا ما أكدت دراسة فاطمة محمد رجا مناصرة وقد تقدم ذكرها في مبحث الدراسات الإسلامية .(1/34)
من آثار الاختلاط الاعتداء على الطالبات إما بالضرب أو القتل وهذا يحدث كثيرا فمن تلك الحقائق :
سبب الاختلاط مخاطر كثيرة تتعرَّض لها الطالبات،ولذا أصدر مجلس النوَّاب الأمريكي قرار حقوق الطلاب لعام 1990م الذي يتضمَّن أمن الكليات والجامعات. وفي عام 1992م عدّل مجلس النواب القرار ليشمل ضحايا الاعتداءات الجنسية، والذي يتطلَّب من الجامعات والكليات أن تشتمل تقاريرهم السنوية، سياساتهم المتعلقة بالتعريف بالاعتداءات الجنسية وكيفية منعها وتوفير الحقوق الأساسية لضحايا الاعتداءات الجنسية.
وعُدِّل القانون مرة أخرى ليشمل الالتزامات بتقديم تقارير إضافية تشمل زيادة الإجراءات الأمنية بالحرم الجامعي ومتطلبات سجل يومي بالجرائم. وفي عام 1999 م قدَّمت وزارة العدل 8.1 مليون دولار إلى 21 كلية وجامعة لمنع ومقاومة الاعتداء الجنسي والعنف والمطاردة، وفي عام 2000م تمّ منح جامعات وكليات أخرى 6.8 مليون دولار (1)[55]) .
ومما يدل على ذلك أن المجتمع الأمريكي ضاعف الإجراءات الأمنية بالحرم الجامعي ، ففي عام 1999م قدَّمت وزارة العدل 8.1 مليون دولار إلى 21 كلية وجامعة لمنع ومقاومة الاعتداء الجنسي والعنف والمطاردة، وفي عام 2000م تمّ منح جامعات وكليات أخرى 6.8 مليون دولار.
( ولعل الحادث المأساوي الذي وقع في يوم 26 مارس 1998 حين قام صبيان أمريكيان بإطلاق النار على عشرات التلاميذ في مدرسة إعدادية بولاية أركنسو الأمريكية مما أدى إلى مقتل 4 تلميذات ومعلمة وإصابة 10 آخرين بجروح ..وأوضحت التقارير الأخبارية أن أسباب إطلاق النار ؛ هو أحدى الفتيات التي تركت صديقها ، فقام بالانتقام منها بهذه الطريقة الوحشية ) (2)[56])
__________
(1) بحوث حول: الاعتداءات الجنسية على الطالبات بالكليات فريق البحث :ما يكل جي تيرنز ، فرانسيس تي كولن.ص3 .
(2) جريدة البيان 2 فبراير 1999 م .(1/35)
…(( وأقدم طالب أمريكي يبلغ من العمر 19 عاماً على إطلاق النار على أستاذه، داخل إحدى قاعات الدروس - في إحدى المدارس – في كاليفورنيا فأرداه قتيلاً على الفور، وذكر بيان لرجال الشرطة أن خلافاً قديماً كان قد نشب بين الطالب وأستاذه بسبب التنافس على حب إحدى الطالبات )) (1)[57]).
15 ـ دراسة موضوعات تكون مناسبة لجنس دون الآخر والعكس .
من المعلوم أن هناك فروقا بين الرجال والنساء فهناك موضوعات مهمة للمرأة لا تناسب الرجل والعكس أيضا ، وإذا صار التعليم مختلطا تولدت هذه المشكلة ، جاء في كتاب ( جنس الدماغ ) : ( عن النساء يتم التحكم باللغة والمهارات المكانية بواسطة مراكز موجودة في كلا الجانبين من الدماغ ولكن أماكن هذه المهارات عند الرجال تكون أكثر تحديدا في موقعها ، فالجانب الأيمن للمهارات المكانية والأيسر للمهارات اللفظية ..ففي النساء يمكن تقسيم وظائف الدماغ بين الجانبين الأيمن والأيسر أقل وضوحا وتمركزاً فكلا جانبي الدماغ يشتركان في القدرات اللفظية والبصرية ..وأدمغة الرجال أكثر تخصصا في وظائفها ) وتؤكد الدراسات بأن ( الفروق في تنظيم الدماغ عند الرجال والنساء يؤدي إلى فروق في الفاعلية التي يستطيعون بها أداء مهمات معينة ) [ص61] ، وكثيرة هي الفروق التي ذكرها المؤلفان في هذا الكتاب ، ثم يؤكدان بأن من مشاكلنا ( نعمد فعليا إلى تعليم الفتيات والأولاد بأسلوب متطابق.........) [ص 144 ] (2)[58])
16 ـ انتشار الزواج العرفي بين الطلاب والطالبات .
__________
(1) جريدة الشرق الأوسط – العدد 147 – بتاريخ 4/12/1978م.
(2) جريدة الوطن الكويتية 12 ، يونيو ، 2000 م .(1/36)
( الزواج العرفي بين طلبة الجامعات أصبح قضية الساعة وأصبح أيضا ظاهرة اجتماعية مفزعة تسئ إلى سمعة الأسر المصرية وتسئ إلى سمعة الجامعات والكليات المختلفة وتزلزل بنيان الأخلاق والفضيلة ؛ لأن الزواج في هذه الحالات ما هو إلا نزوة عابرة تتم دون أخذ رأي الأهل أو الوالدين أو ولي الأمر ويتم دون مهر أو توفير مسكن ودون توفير متطلبات الحياة ؛ لأن الزواج مازال طالبا بالجامعة !! وفي حالة الحمل يتم الإجهاض أو يرمي الطفل في ملاجئ اللقطاء وتكون الضحية هي الفتاة المراهقة التي سلمت نفسها لذئب غادر .
إنها لجريمة أخلاقية ونذير شؤوم بانحلال المجتمع فالظاهرة المفزعة تنتشر كانتشار النار في الهشيم والإحصائيات التي بين يدي تبين أن ما يقرب من 175 ألف طالبة تم زواجهن عرفيا فإلى متى ننتظر ؟!! هل ننتظر إلى أن يبلغ السيل الزنى؟!! ...إن القضاء على هذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة يتمثل في إعادة النظر بالنسبة للتعليم المختلط في الجامعات المصرية فاختلاط الجنسين في الجامعات وفي سن المراهقة واشتعال الغرائز هو أصل الفساد فلا يمكن أن نضع الزيت بجانب النار ونضمن السلامة أو نضع الذئب بجانب الشاة ونضمن السلامة ، والدليل على صحة كلامي أن الزواج العرفي يكاد ينعدم بين طلاب جامعة الأزهر لعدم الاختلاط ) (1)[59]) .
17 ـ الجوع الجنسي لدى الطلاب والطالبات .
…( نقلت جريدة الأحد اللبنانية في العدد [650] عن الفضائح الجنسية في الجامعات والكليات الأمريكية ، ماذا قالت الجريدة بالحرف الواحد ؟ ( الفضائح الجنسية في الجامعات والكليات الأمريكية بين الطلبة والطالبات تتجدد وتزداد كل عام ..وقال عميد الجامعة معقبا على حدث جنسي شاذ قائلا : إن معظم الطلاب والطالبات يعانون جوعاً جنسيا رهيبا ، ولا شك أن الحياة العصرية الراهنة لها أكبر الأثر في تصرفات الطلاب الشاذة )
__________
(1) جريدة الوفد 2 /يونيو /2000 مقال كتبه / محمد سعيد القارح .(1/37)
…ونقلت الجريدة عن المربية الاجتماعية ( مرغريت سميث ) حديثا قالت فيه : ( إن الطالبة لا تفكر إلا بعواطفها ، والوسائل التي تتجاوب مع هذه العاطفة ، إن أكثر من ستين بالمائة من الطالبات سقطن في الامتحانات ، وتعود أسباب الفشل إلى أنهن يفكرن في الجنس أكثر من دروسهن وحتى مستقبلهن ..... وأن 10 % منهن ما زلن محافظات ) (1)[60]) .
18 ـ تقيد حرية الطالبة .
مما لا شك فيه إن ( إحساس المرأة بالحرية وهي وسط مجموعة من بنات جنسها ..واضح لا يحتاج إلى حديث طويل ، وبيان مسهب ، ويلاحظه أي رجل يدخل مجتمعاً نسائيا ، حيث تتوقف النسوة عن الحديث ، ويفتقدن الحرية التي كن يشعرن بها .
…ويظهر جلياً إحساسهن بأن دخول الرجل عليهن ..أوجد ما يشبه القيد على حرية تبادلهن الحديث ..بل وجلوسهن ..وضعهن عامة وهذا ما عبرت عنه قاضية سويدية اسمها ( بر يجيدا أولف هامر ) طافت عواصم الشرق ومدنه وقراه ، ودرست ـ لحساب الأمم المتحدة ـ مشاكل المرأة الشرقية العربية على الطبيعة ، فقد قالت هذه القاضية : إن المرأة الشرقية في قطاعات كثيرة من الحياة ، أكثر حرية من المرأة السويدية ، لأن الحرية ـ كما تقول ـ هي أن يكون للإنسان عالمه الخاص المستقل ، على العكس من حال المرأة السويدية ..التي ليس لها عالم لم يشاركها فيه الرجل ) (2)[61]) .
19 ـ انتشار الأمراض الجنسية بين الطلاب والطالبات .
__________
(1) انظر : كتاب إلى كل أب غيور ص 29 . عبد الله علوان .
(2) من أجل تحرير حقيقي للمرأة . ص 169ـ 170 .(1/38)
…الاختلاط في التعليم أصبح سبباً لانتشار مرض الإيدز، (( ففي سوازيلاند قرر المسؤولون إلقاء اللوم على التنورات القصيرة في انتشار مرض الإيدز. ويدعي هؤلاء المسؤولون أن فتيات المدارس اللاتي يرتدين هذه التنورات القصيرة، يعملن على إغواء مدرسيهن؛ مما يعرض المزيد من الناس لخطر مرض الإيدز. ويقول متحدث باسم وزارة التعليم في سوازيلاند: نحن نعيش في زمن صعب؛ بسبب تفشي فيروس مرض الإيدز، ونحتاج – كذلك – إلى معالجة مسألة اللبس وسط الطلاب والطالبات؛ لأن مرض الإيدز بدأ من هناك (1)[62]).
وبدءاً من العام القادم سيطلب من الطالبات فوق سن العاشرة ارتداء تنورات تغطي الركبتين )) (2)[63]).
المبحث الخامس
الفصل بين الجنسين رغبة الأغلبية العظمى
مما يلاحظ رغبة الطلاب والطالبات بانعزال كل واحد منهما عن الآخر ، فقد قال ( البروفيسور أميليو أفيانو ) : ( أن الأولاد يفضلون الفصل في الدراسة حتى لا يتحتم عليهم الالتزام ببعض التصرفات التي يرونها ضرورية في حضور الفتيات ، والأمر نفسه صحيح بالنسبة للفتيات حيث يعتبرن الاختلاط معرقلا لتقدمهن الدراسي ويضيع ويهدر كثيرا من وقتهن في التزين) (3)[64]) .
وأوردت صحيفة المدينة (4)[65]) خبراً جاء فيه: (( إن بعض طالبات إحدى المدارس الثانوية بغرب باريس، رفضن الدراسة في فصول مختلطة مع الشباب، وقررن الانقطاع عن الدراسة؛ حتى يتم تلبية مطالبهن، بإبعادهن عن الاختلاط، ووجهة نظرهن أنه غير مجد.
وقد رضخت السلطات للأمر، وأمرت بإبعاد الطالبات عن الطلبة مؤقتاً؛ ريثما يتم البحث عن حلول كفيلة تجاه المشاكل التي جلبها الاختلاط غير المشروع)).
__________
(1) لم يتطرق هؤلاء المسؤولون إلى أن الاختلاط بين الجنسين في التعليم، كان السبب في هذه المشاكل.
(2) جريدة الرياض – العدد 11794 – بتاريخ 11/7/1421هـ، الموافق 8/10/2000م.
(3) مجلة المعرفة /1/10/2002 .
(4) في عددها رقم (( 9250 ))، بتاريخ 14/3/1413هـ.(1/39)
كما أوردت وكالات الأنباء العالمية أن ثورة بدأت في معهد ((ميلز أوكلند)) النسائي، الخاص بولاية كاليفورنيا، حيث ترفض الغالبية العظمى من الطالبات القبول بانضمام شبان إلى المعهد ابتداء من العام المقبل.
وكانت هذه المؤسسة الجامعية المعروفة بهدوئها، والمتخصصة في الدراسات الفنية، تعج بالمظاهرات، في وقت بدأ فيه إضراب شامل عن الدروس، واستقبلت رئيسة الجامعة بالاعتراضات وصرخات الاحتجاج.
وسوغ مجلس الإدارة قراره – بوضع حد لسياسة عدم الاختلاط بين الجنسين التي يتبعها منذ 138عاماً – بضرورة رفع عدد الطلاب المسجلين في المعهد، ولا توجد - حالياً – سوى( 777 ) طالبة، في حين أن المطلوب هو( 1000) طالبة على الأقل؛ لتغطية كلفة المعهد.
وقالت إحدى الطالبات –التي عبرت عن معارضتها للقرار بحلق شعرها-: (لم أكن قادرة على التفكير بأنهم سيتجاهلوننا إلى هذا الحد). وأعرب الكثير من الفتيات عن رغبتهن في مغادرة الجامعة )) (1)[66]).
(( وما دامت تغطية تكاليف المعهد هي المبرر الذي ذكر مجلس الإدارة أنه وراء إصداره قرار قبول الطلبة الذكور، فقد استنفرت الطالبات، وبدأن في جمع التبرعات للمعهد، ونجحن خلال أسبوعين من جمع ثلاثة ملايين دولار للجامعة. وكسبن الجولة مع إدارة الجامعة، وعدل مجلس الإدارة عن قراره بفتح أبواب الجامعة أمام الذكور؛ لترجع الجامعة غير مختلطة، مقتصرة على الطالبات فقط.
وهذه الحادثة تشير إلى قوة الدافع في نفوس الطالبات برفض اختلاط الطلبة الذكور بهن في الجامعة. وتتأكد قوة الدافع الفطري في أمور هي:
- الإضراب الشامل عن الدروس.
- تظاهرات احتجاج شديدة وعنيفة.
- بذل جهود كثيفة لجمع ثلاثة ملايين دولار في زمن قياسي.
__________
(1) مجلة الدعوة – العدد رقم (( 1274 )) بتاريخ 24/6/1411هـ الموافق 10/1/1991م.(1/40)
- إعراب كثير من الفتيات عن رغبتهن في مغادرة الجامعة (1)[67]).
ويوجد في كاليفورنيا معهدان نسائيان آخران، في حين أن عدد المعاهد والكليات المماثلة في كل الولايات المتحدة تبلغ المئات، وتلقى إقبالاً كبيراً من الفتيات في متابعة دراستهن فيها (2)[68]).
…( وتقدمت الطالبات في أربع كليات في جامعتي أوكسفورد وكامبردج الشهيرتين في إنجلترا يطلبن المحافظة على وضع الكليات وعدم السماح للطلبة الالتحاق بها ) (3)[69]) .
وفي دولة عربية شقيقة ( الكويت ) جرى فيها حوارات ولقاءات في هذه القضية وكان ( معظم طلبة الجامعة يعارضون الاختلاط ما بين الجنسين وأكبر دليل على ذلك نتائج الانتخابات السنوية التي يصوت فيها الآلاف من الطلبة تجاه ممثليهم من معارضي الاختلاط موضحا أن نتائج التصويت البرلماني على قانوني منع الاختلاط في جامعة الكويت والجامعا الخاصة أكبر دليل على أن التوجه الشعبي مع منع الاختلاط ) (4)[70]) .
ويقول الدكتور بسام خضر الشطي : ( أجري في الجامعة أكثر من استبيان حول الجامعات المختلطة فكانت النتائج أن 93 % لا يرغبون في الاختلاط ، ولو أتيحت لهم فرصة وخيار آخر لجامعة غير مختلطة للجأوا إليها ) (5)[71]) .
وفي دراسة الأستاذة فاطمة مناصرة جاء فيها :
( السؤال الأول : هل يعد الاختلاط في الدراسة بنظرك مشكلة ؟
ـ أجاب 77 % من الطلاب والطالبات بنعم . )
وأخيرا ..وبعد هذا العرض ...أيليق أن يبقى أناس يجرون الأمة إلى مستنقع الاختلاط القاتل للقيم والمبادئ والأخلاق ..وهذه تجارب أقوام ..واعترافاتهم ، فلماذا لا نتعظ من هذا الدرس العملي الذي رأيناه من خلال الدراسات والاعترافات .
__________
(1) من أجل تحرير حقيقي للمرأة/ محمد رشيد العويد ص 168،169.
(2) المرجع نفسه ص 168.
(3) جريدة المساء 29/10/2003 م .
(4) جريدة السياسة /2/اكتو بر /2001 .
(5) جريدة الأنباء 26 /يونيو /2000 م .(1/41)
نسأل الله تعالى أن يهدي ضال المسلمين وأن يكفينا شر أنفسنا وصلى الله وسلم على نبينا محمد و على آله وصحبه .
ملحق بفتاوى العلماء
حكم الاختلاط في التعليم(1)[72])
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فقد اطلعت على ما نشرته جريدة السياسة الصادرة يوم 24 / 7 / 1404 هـ بعددها 5644 منسوبا إلى مدير جامعة صنعاء عبد العزيز المقالح, الذي زعم فيه أن المطالبة بعزل الطالبات عن الطلاب مخالفة للشريعة.
وقد استدل على جواز الاختلاط بأن المسلمين من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يؤدون الصلاة في مسجد واحد، الرجل والمرأة وقال (ولذلك فإن التعليم لا بد أن يكون في مكان واحد)، وقد استغربت صدور هذا الكلام من مدير لجامعة إسلامية في بلد إسلامي يطلب منه أن يوجه شعبه من الرجال والنساء إلى ما فيه السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولا شك أن هذا الكلام فيه جناية عظيمة على الشريعة الإسلامية؛ لأن الشريعة لم تدعُ إلى الاختلاط حتى تكون المطالبة بمنعه مخالفة لها، بل هي تمنعه وتشدد في ذلك كما قال الله تعالى (( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى )) (الأحزاب:33) ، وقال تعالى (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا )) (الأحزاب:59)
__________
(1) 72]) مجلة البحوث الإسلامية العدد 15 ص 6 إلى 11 .(1/42)
وقال سبحانه (( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ )) (النور:31) إلى أن قال سبحانه (( وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ))
وقال تعالى (( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ )) (الأحزاب:53) ، وفي هذه الآيات الكريمات الدلالة الظاهرة على شرعية لزوم النساء لبيوتهن حذرا من الفتنة بهن، إلا من حاجة تدعو إلى الخروج، ثم حذرهن سبحانه من التبرج تبرج الجاهلية، وهو إظهار محاسنهن ومفاتنهن بين الرجال،
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء )) متفق عليه من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه وخرجه مسلم في صحيحه عن أسامة وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل رضي الله عنهما جميعا،(1/43)
وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (( إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء )) ولقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الفتنة بهن عظيمة، ولا سيما في هذا العصر الذي خلع فيه أكثرهن الحجاب، وتبرجن فيه تبرج الجاهلية، وكثرت بسبب ذلك الفواحش والمنكرات وعزوف الكثير من الشباب والفتيات عما شرع الله من الزواج في كثير من البلاد، وقد بين الله سبحانه أن الحجاب أطهر لقلوب الجميع فدل ذلك على أن زواله أقرب إلى نجاسة قلوب الجميع وانحرافهم عن طريق الحق، ومعلوم أن جلوس الطالبة مع الطالب في كرسي الدراسة من أعظم أسباب الفتنة، ومن أسباب ترك الحجاب الذي شرعه الله للمؤمنات ونهاهن عن أن يبدين زينتهن لغير من بينهم الله سبحانه في الآية السابقة من سورة النور، ومن زعم أن الأمر بالحجاب خاص بأمهات المؤمنين فقد أبعد النجعة وخالف الأدلة الكثيرة الدالة على التعميم وخالف قوله تعالى (( ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ )) فإنه لا يجوز أن يقال، إن الحجاب أطهر لقلوب أمهات المؤمنين ورجال الصحابة دون من بعدهم ولا شك أن من بعدهم أحوج إلى الحجاب من أمهات المؤمنين ورجال الصحابة رضي الله عنهم لما بينهم من الفرق العظيم في قوة الإيمان والبصيرة بالحق فإن الصحابة رضي الله عنهم رجالا ونساء ومنهن أمهات المؤمنين هم خير الناس بعد الأنبياء وأفضل القرون بنص الرسول صلى الله عليه وسلم المخرج في الصحيحين، فإذا كان الحجاب أطهر لقلوبهم فمن بعدهم أحوج إلى هذه الطهارة أشد افتقارا إليها ممن قبلهم ولأن النصوص الواردة في الكتاب والسنة لا يجوز أن يخص بها أحد من الأمة إلا بدليل صحيح يدل على التخصيص فهي عامة لجميع الأمة في عهده صلى الله عليه وسلم وبعده إلى يوم القيامة لأنه سبحانه بعث رسوله(1/44)
صلى الله عليه وسلم إلى الثقلين في عصره وبعده إلى يوم القيامة كما قال عز وجل (( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا )) وقال سبحانه (( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا )) وهكذا القرآن الكريم لم ينزل لأهل عصر النبي صلى الله عليه وسلم وإنما أنزل لهم ولمن بعدهم ممن يبلغه كتاب الله كما قال تعالى (( هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ))
وقال عز وجل (( وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ )) الآية وكان النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لا يختلطن بالرجال لا في المساجد ولا في الأسواق الاختلاط الذي ينهى عنه المصلحون اليوم ويرشد القرآن والسنة وعلماء الأمة إلى التحذير منه حذرا من فتنته بل كان النساء في مسجده صلى الله عليه وسلم يصلين خلف الرجال في صفوف متأخرة عن الرجال وكان يقول صلى الله عليه وسلم (( خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها ))
حذرا من افتتان آخر صفوف الرجال بأول صفوف النساء وكان الرجال في عهده صلى الله عليه وسلم يؤمرون بالتريث في الانصراف حتى يمضي النساء ويخرجن من المسجد لئلا يختلط بهن الرجال في أبواب المساجد مع ما هم عليه جميعا رجالا ونساء من الإيمان والتقوى فكيف بحال من بعدهم وكانت النساء ينهين أن يتحققن الطريق ويؤمرن بلزوم حافات الطريق حذرا من الاحتكاك بالرجال والفتنة بمماسة بعضهم بعضا عند السير في الطريق وأمر الله سبحانه نساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن حتى يغطين بها زينتهن حذرا من الفتنة بهن، ونهاهن سبحانه عن إبداء زينتهن لغير من سمى الله سبحانه في كتابه العظيم حسما لأسباب الفتنة وترغيبا في أسباب العفة والبعد عن مظاهر الفساد والاختلاط،(1/45)
فكيف يسوغ لمدير جامعة صنعاء هداه الله وألهمه رشده بعد هذا كله، أن يدعو إلى الاختلاط ويزعم أن الإسلام دعا إليه وأن الحرم الجامعي كالمسجد، وأن ساعات الدراسة كساعات الصلاة، ومعلوم أن الفرق عظيم، والبون شاسع، لمن عقل عن الله أمره ونهيه، وعرف حكمته سبحانه في تشريعه لعباده، وما بين في كتابه العظيم من الأحكام في شأن الرجال والنساء، وكيف يجوز لمؤمن أن يقول إن جلوس الطالبة بحذاء الطالب في كرسي الدراسة مثل جلوسها مع أخواتها في صفوفهن خلف الرجال، هذا لا يقوله من له أدنى مسكة من إيمان وبصيرة يعقل ما يقول، هذا لو سلمنا وجود الحجاب الشرعي، فكيف إذا كان جلوسها مع الطالب في كرسي الدراسة، مع التبرج وإظهار المحاسن والنظرات الفاتنة والأحاديث التي تجر إلى فتنة،
فالله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله قال الله عز وجل (( فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ))
وأما قوله : ( والواقع أن المسلمين منذ عهد الرسول كانوا يؤدون الصلاة في مسجد واحد الرجل والمرأة ولذلك فإن التعليم لا بد أن يكون في مكان واحد )(1/46)
فالجواب عن ذلك أن يقال : هذا صحيح ، لكن كان النساء في مؤخرة المساجد مع الحجاب والعناية والتحفظ مما يسبب الفتنة ، والرجال في مقدم المسجد ، فيسمعن المواعظ والخطب ويشاركن في الصلاة ويتعلمن أحكام دينهن مما يسمعن ويشاهدن ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في يوم العيد يذهب إليهن بعد ما يعظ الرجال فيعظهن ويذكرهن لبعدهن عن سماع خطبته ، وهذا كله لا إشكال فيه ولا حرج فيه وإنما الإشكال في قول مدير جامعة صنعاء- هداه الله وأصلح قلبه وفقهه في دينه- : ( ولذلك فإن التعليم لا بد أن يكون في مكان واحد ) فكيف يجوز له أن يشبه التعليم في عصرنا بصلاة النساء خلف الرجال في مسجد واحد ، مع أن الفرق شاسع بين واقع التعليم المعروف اليوم وبين واقع صلاة النساء خلف الرجال في عهده صلى الله عليه وسلم ، ولهذا دعا المصلحون إلى إفراد النساء عن الرجال في دور التعليم ، وأن يكن على حدة والشباب على حدة ، حتى يتمكن من تلقي العلم من المدرسات بكل راحة من غير حجاب ولا مشقة؛ لأن زمن التعليم يطول بخلاف زمن الصلاة؛ ولأن تلقي العلوم من المدرسات في محل خاص أصون للجميع وأبعد لهن من أسباب الفتنة ، وأسلم للشباب من الفتنة بهن ، ولأن انفراد الشباب في دور التعليم عن الفتيات مع كونه أسلم لهم من الفتنة فهو أقرب إلى عنايتهم بدروسهم وشغلهم بها وحسن الاستماع إلى الأساتذة وتلقي العلم عنهم بعيدين عن ملاحظة الفتيات والانشغال بهن ، وتبادل النظرات المسمومة والكلمات الداعية إلى الفجور .(1/47)
وأما زعمه- أصلحه الله- أن الدعوة إلى عزل الطالبات عن الطلبة تزمت ومخالف للشريعة ، فهي دعوى غير مسلمة ، بل ذلك هو عين النصح لله ولعباده والحيطة لدينه والعمل بما سبق من الآيات القرآنية والحديثين الشريفين ، ونصيحتي لمدير جامعة صنعاء أن يتقي الله عز وجل وأن يتوب إليه سبحانه مما صدر منه ، وأن يرجع إلى الصواب والحق ، فإن الرجوع إلى ذلك هو عين الفضيلة والدليل على تحري طالب العلم للحق والإنصاف . والله المسئول سبحانه أن يهدينا جميعا سبيل الرشاد وأن يعيذنا وسائر المسلمين من القول عليه بغير علم ، ومن مضلات الفتن ونزغات الشيطان ، كما أسأله سبحانه أن يوفق علماء المسلمين وقادتهم في كل مكان لما فيه صلاح البلاد والعباد في المعاش والمعاد ، وأن يهدي الجميع صراطه المستقيم إنه جواد كريم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
الاختلاط بين الرجال والنساء (1)[73])
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يراه ويطلع عليه من إخواني المسلمين وفقني الله وإياهم لفعل الطاعات وجنبني وإياهم البدع والمنكرات . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . أما بعد :
فمن واجب النصح والتذكر أن أنبه على أمر لا ينبغي السكوت عليه بل يجب الحذر منه والابتعاد عنه وهو الاختلاط الحاصل من بعض الجهلة في بعض الأماكن والقرى مع غير المحارم لا يرون بذلك بأسا بحجة أن هذا عادة آبائهم وأجدادهم وأن نياتهم طيبة فتجد المرأة مثلا تجلس مع أخي زوجها أو زوج أختها أو مع أبناء عمها ونحوهم من الأقارب بدون تحجب وبدون مبالاة .
__________
(1) 73])) مجموع فتاوى ومقالات_الجزء الخامس(1/48)
ومن المعلوم أن احتجاب المرأة المسلمة عن الرجال الأجانب وتغطية وجهها أمر واجب دل على وجوبه الكتاب والسنة وإجماع السلف الصالح ، قال الله سبحانه وتعالى : (( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ )) وقال تعالى : (( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ )) ، وقال تعالى : (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا )) والجلباب هو الرداء فوق الخمار بمنزلة العباءة . قالت أم سلمة رضي الله عنها : ( لما نزلت هذه الآية خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها ) .
وفي هذه الآيات الكريمات دليل واضح على أن رأس المرأة وشعرها وعنقها ونحرها ووجهها مما يجب عليها ستره عن كل من ليس بمحرم لها وأن كشفه لغير المحارم حرام . ومن أدلة السنة (( أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر بإخراج النساء إلى مصلى العيد قلن يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب فقال النبي صلى الله عليه وسلم (( لتلبسها أختها من جلبابها )) رواه البخاري ومسلم . فهذا الحديث يدل على أن المعتاد عند نساء الصحابة ألا تخرج المرأة إلا بجلباب . فلم يأذن لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج بغير جلباب .(1/49)
وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر فيشهد معه نساء متلفعات بمروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد من الغلس » وقالت : لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النساء ما رأينا لمنعهن من المساجد كما منعت بنوا إسرائيل نساءها فدل هذا الحديث على أن الحجاب والتستر كان من عادة نساء الصحابة الذين هم خير القرون وأكرمها على الله عز وجل ، وأعلاها أخلاقا وآدابا وأكملها إيمانا وأصلحها عملا ، فهم القدوة الصالحة لغيرهم .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : « كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها من رأسها فإذا جاوزونا كشفناه » رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة ففي قولها ( فإذا حاذونا ) تعني ( الركبان ) سدلت إحدانا جلبابها على وجهها دليل على وجوب ستر الوجه؛ لأن المشروع في الإحرام كشفه فلولا وجود مانع قوي من كشفه حينئذ لوجب بقاؤه مكشوفا .
وإذا تأملنا السفور وكشف المرأة وجهها للرجال الأجانب وجدناه يشتمل على مفاسد كثيرة منها الفتنة التي تحصل بمظهر وجهها وهي من كبر دواعي الشر والفساد ومنها زوال الحياء عن المرأة وافتتان الرجال بها . فبهذا يتبين أنه يحرم على المرأة أن تكشف وجهها بحضور الرجال الأجانب ويحرم عليها كشف صدرها أو نحرها أو ذراعيها أو ساقيها ونحو ذلك من جسمها بحضور الرجال الأجانب ، وكذا يحرم عليها الخلوة بغير محارمها من الرجال ، وكذا الاختلاط بغير المحارم من غير تستر ، فإن المرأة إذا رأت نفسها مساوية للرجل في كشف الوجه والتجول سافرة لم يحصل منها حياء ولا خجل من مزاحمة الرجال ، وفي ذلك فتنة كبيرة وفساد عظيم .(1/50)
وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم من المسجد وقد اختلط النساء مع الرجال في الطريق فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق عليكن بحافات الطريق )) فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى أن ثوبها ليتعلق به من لصوقها . ذكره ابن كثير عند تفسير قوله تعالى : (( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ )) فيحرم على المرأة أن تكشف وجهها لغير محارمها بل يجب عليها ستره كما يحرم عليها الخلوة بهم أو الاختلاط بهم أو وضع يدها للسلام في يد غير محرمها وقد بين سبحانه وتعالى من يجوز له النظر إلى زينتها بقوله : (( وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ))(1/51)
أما أخ الزوج أو زوج الأخت أو أبناء العم وأبناء الخال والخالة ونحوهم فليسوا من المحارم وليس لهم النظر إلى وجه المرأة ولا يجوز لها أن ترفع جلبابها عندهم لما في ذلك من افتتانهم بها فعن عقبة ابن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إياكم والدخول على النساء فقال رجل من الأنصار يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال الحمو الموت )) متفق عليه . والمراد بالحمو أخ الزوج وعمه ونحوهما؛ وذلك لأنهم يدخلون البيت بدون ريبة ولكنهم ليسوا بمحارم بمجرد قرابتهم لزوجها وعلى ذلك لا يجوز لها أن تكشف لهم عن زينتها ولو كانوا صالحين موثوقا بهم؛ لأن الله حصر جواز إبداء الزينة في أناس بينهم في الآية السابقة وليس أخ الزوج ولا عمه ولا ابن عمه ونحوهم منهم وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه : (( لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم )) والمراد بذي المحرم من يحرم عليه نكاحها على التأييد لنسب أو مصاهرة أو رضاع كالأب والابن والأخ والعم ومن يجرى مجراهم " .
وإنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك لئلا يرخي لهم الشيطان عنان الغواية ويمشي بينهم بالفساد ويوسوس لهم ويزين لهم المعصية . وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما )) رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه .(1/52)
ومن جرت العادة في بلادهم بخلاف ذلك بحجة أن ذلك عادة أهلهم أو أهل بلدهم فعليهم أن يجاهدوا أنفسهم في إزالة هذه العادة وأن يتعاونوا في القضاء عليها والتخلص من شرها محافظة على الأعراض وتعاونا على البر والتقوى وتنفيذا لأمر الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى مما سلف منها وأن يجتهدوا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويستمروا عليه ولا تأخذهم في نصرة الحق وإبطال الباطل لومة لائم ولا يردهم عن ذلك سخرية أو استهزاء من بعض الناس فإن الواجب على المسلم اتباع شرع الله برضا وطواعية ورغبة فيما عند الله وخوف من عقابه ، ولو خالفه في ذلك أقرب الناس وأحب الناس إليه . ولا يجوز اتباع الأهواء والعادات التي لم يشرعها الله سبحانه وتعالى؛ لأن الإسلام هو دين الحق والهدى والعدالة في كل شيء ، وفيه الدعوة إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال والنهي عما يخالفها والله المسئول أن يوفقنا وسائر المسلمين لما يرضيه وأن يعيذنا جميعا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا إنه جواد كريم . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .(1/53)
س/ : قام المركز الإسلامي في مدينتنا بتنظيم محاضرة للنساء ، وقام المحاضر بإلقاء المحاضرة مباشرة من دون حاجز أو حجاب رغم معارضة بعض النساء لذلك وعدم رضاهن ، ورغم وجود نساء كاشفات وجوههن وأيديهن ، وكان بالإمكان إلقاء المحاضرة من وراء ستار ونتيجة لذلك حدث نقاش طويل بين بعض المسلمين عندنا ، خصوصاً وان إدارة المسجد ممثلة في اللجنة المنظمة رفضت أن يقوم أحد طلبة العلم في نفس اليوم بإلقاء محاضرة من وراء حجاب ، وقد زاد من الخصومة أن المحاضر قال : ( إن آية (( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ)) خاصة نزولاً وحكماً بزوجات الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يجوز تطبيقها على غيرهن ؟ وقال أيضاً إجابة على سؤال حول الاختلاط : ( إن المحرم شرعاً هو الخلوة فقط ولذلك لا مانع من استضافة المرأة للرجل الأجنبي في حال عدم الخلوة ؟ وقال أيضاًًً : ( أنه لا يرى أن تنتقب المرأة في البلاد الغربية حتى لا تعطي صورة غير مقبولة عن الإسلام )؟
وسؤالنا يا فضيلة الشيخ :
ما رأيكم فيما حدث ؟ وهل يجوز ذلك شرعاً ؟ وما رأيكم فيما قاله المحاضر حول الاختلاط والنقاب ؟ وهل يجوز الإنكار عليه ؟(1/54)
ج: لا شك أن ما فعله هذا المحاضر لا يجوز في الإسلام فإن وقوف الرجل أمام النساء المتبرجات من أعظم أسباب الفتنة ولو أمنه هذا الرجل لم يأمنه غيره ومتى فتح الباب لهم توصلوا إلى المحظور من النظر المحرم وما يجره من الفواحش ، وقد نهى الله تعالى نساء النبي صلى الله عليه وسلم عن التبرج بقوله (( وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)) (الأحزاب:33) وهذا الخطاب يعم كل المؤمنات لأن الوجه هو مجمع محاسن المرأة وبه تحصل الفتنة ويحصل التقارب ، فإن بقية جسدها قد لا يحصل به تفاوت بين النساء ولا شك أن النساء فتنة لكل مفتون ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( اتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء )) ولما أذن لهن في الصلاة في المسجد قال : (( وليخرجن تفلات )).(1/55)
وقال : (( وبيوتهن خير لهن )) وذكرت عائشة أنه يشهد صلاة الفجر نساء متلفعات بمروطهن وقالت عائشة « لو شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدثه النساء لمنعهن المساجد كما منعت نساء بني إسرائيل » ولما أمرهن بالخروج لصلاة العيد قلن : (( إحدانا ليس لها جلباب )) قال : (( لتلبسها صاحبتها من جلبابها)) والجلباب هو الرداء الذي تلتف به امتثالاً لقوله تعالى (( يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ )) (الأحزاب:59) فالمرأة إذا تسترت واحتشمت عرف بصفتها وحيائها ودينها فلا يتجرأ أحد أن يؤذيها معاكسة أو مكالمة أو ممازحة ولذلك نهيت المرأة عن السفر بدون محرم حتى لا تتعرض لأذى من ذوي النفوس الرديئة وأما قوله تعالى (( فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ)) (الأحزاب:53) فهو وإن كان خطاباً لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، وذلك لوجود العلة التي في قوله تعالى (( فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ )) (الأحزاب:32) فإذا كان هذا الطمع في أمهات المؤمنين فلا بد أن يكون في غيرهن بطريق الأولى ، فإن الله اختار لنبيه أفضل النساء وأعفهن ومع ذلك أمرهن بالحجاب ونهاهن عن الخضوع بالقول صيانة لهن ،فغيرهن أولى بالصيانة والتحفظ والبعد عن أسباب العهر والفتنة وعلى هذا فيحرم أن تستضيف المرأة رجلاً أجنبياً ولو كان معه رجال أو معها نساء إذا كان هناك سفور وتبرج وعدم محرم للمرأة ، وقد وردت الأدلة على النهي عن خلوة الرجل بالمرأة إلا مع ذي محرم ، ولم يفرق بين وجود النساء أو الرجال الأجانب ، وعلى هذا فإذا احتيج إلى إلقاء محاضرة للنساء فلا بد من حاجز وستار قوي يمنع من النظر حتى لا تحصل الفتنة ويلزم المرأة أن تستر جميع بدنها بما في ذلك الوجه واليدان أمام الرجال الأجانب ، ولو كانت في بلاد الكفار حتى تظهر شعائر(1/56)
الإسلام وذلك يعطي صورة حسنة عن الإسلام وأهله ولا عبرة بمن استغرب ذلك و أنكره ممن قد يرون المنكر معروفاً والمعروف منكراً والله أعلم .(1)[74])
خطر الاختلاط بين الجنسين في المدارس والجامعات
سئل فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين حفظه الله : شاب يقول إنه من أسرة غنية يدرس في مدرسة مختلط مما ساعده على إقامة علاقات شائنة مع الجنس الآخر وقد غرق في المعاصي . فماذا يفعل حتى يقلع عما هو فيه ؟ وهل له من توبة فماذا يفعل حتى يقلع عما هو فيه ؟ وهل له من توبة ؟ وما شروط هذه التوبة .
فأجاب : في هذا السؤال مسألتان :
الأولى : ما ينبغي أن نوجه للمسئولين في الدول الإسلامية حيث مكنوا شعوبهم من الدراسة في مدارس مختلطة لأن هذا الوضع مخالف للشريعة الإسلامية وما ينبغي أن يكون عليه الملمون .
ولقد قال صلى الله عليه وسلم (( خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها )) وذلك لأن الصف الأول قريب من الرجال والصف الآخر بعيد منهم فإذا كان التباعد بين الرجال والنساء وعدم الاختلاط بينهم مرغباً فيه حتى في أماكن العبادة كالصلاة التي يشعر المصلي فيها بأنه بين يدي ربه بعيداً عما يتعلق بالدنيا فما بالك إذا كان الاختلاط في المدارس ؟ أفلا يكون التباعد وترك الاختلاط أولى ؟ إن اختلاط الرجال بالنساء لفتنة كبرى زينها أعداؤنا حتى وقع فيها الكثير منا .
وفي صحيح البخاري عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه وهو يمكث في مقامه يسيراً قبل أن يقول قالت – نرى والله أعلم – أن ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال .
__________
(1) 74])) النخبة من الفتاوى النسائية لابن جبرين 44-49(37)(1/57)
إن على المسئولين في الدول الإسلامية أن يولوا هذا الأمر عنايتهم وأن يحموا شعوبهم من أسباب الشر والفتنة فإن الله تعالى سوف يسألهم عمن ولاهم عليه وليعلوا أنهم متى أطاعوا الله تعالى وحكموا شرعه في كل قليل وكثير من أمورهم فإن الله تعالى سيجمع القلوب عليهم ويملؤها محبة ونصا لهم وييسر لهم أمورهم وتدين لهم شعوبهم بالولاء والطاعة .
ولتفكر الأمة الإسلامية حكاماً ومحكومين بما حصل من الشر والفساد في ذلك الاختلاط وأحلى مثال لذلك وأكبر شاهد ما ذكره هذا السائل من العلاقات الشائنة التي نحاول الآن التخلص من آثارها وآثامها .
إن فتنة الاختلاط يمكن القضاء عليها بصدق النية والعزيمة الأكيدة على الإصلاح وذلك بإنشاء مدارس ومعاهد وكليات وجامعات تختص بالنساء ولا يشاركهن فيها الرجال .
وإذا كان النساء شقائق الرجال فلهن الحق في تعلم ما ينفعهن كما للرجال لكن لهن علينا أن يكون حقل تعليمهن في منأى عن حقل تعليم الرجال . وفي صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : جاءت امرأة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوماً نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله فقال: (( اجتمعن في يوم كذا وكذا في مكان كذا وكذا)) فاجتمعن فأتاهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمهن مما علمه الله ..الحديث وهو ظاهر في إفراد النساء للتعليم في مكان خاص إذ لم يقل لهن ألا تحضرن مع الرجال . أسأل الله تعالى أن يوفق المسلمين عموماً للسير على ما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لينالوا بذلك العزة والكرامة في الدنيا والآخرة .(1/58)
أما المسألة الثانية : فهي سؤال السائل الذي ذكر عن نفسه أنه غارف في المعاصي بإقامة العلاقات الشائنة بالجنس الآخر ، ماذا يفعل وهل له من توبة وما شروطها فإني أبشره أن باب التوبة مفتوح لكل تائب وأن الله يحب التوابين ويغفر الذنوب جميعاً لمن تاب منها قال الله تعالى (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)) (الزمر:53).
فإذا تبت عن هذا العمل الذي جرى منك فإن الله تعالى يبدل سيئاتك حسنات يقول الله تعالى (( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً * وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً)) (الأحزاب:68-71)
وأما شروط التوبة فهي خمسة :
الشرط الأول : أن تكون التوبة خالصة لله عز وجل لا رياء فيها ولا خشية أحد من المخلوقين وإنما تكون ابتغاء مرضاة الله تعالى لأن كل عمل يتقرب به الإنسان إلى ربه غير مخلص فيه فإنه حابط باطل قال الله تعالى في الحديث القدسي " أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيها أحداً غيري تركته وشركه "
الشرط الثاني : أن يندم على ما فعله من الذنب ويتأثر ، ويرى نفسه خاطئا في ذلك حتى يشعر أنه محتاج لمغفرة الله وعفوه .(1/59)
الشرط الثالث : الإقلاع عن الذنب إن كان متلبساً به لأنه لا توبة مع الإصرار على الذنب فلو قال المذنب إني تائب من الذنب وهو يمارسه لعد ذلك من الاستهزاء بالله عز وجل . إنك لو خاطبت أحداً من المخلوقين وقلت له إنني نادم على ما بدر مني لك من سوء الأدب وأنت تمارس سوء الأدب معه فكأنك تستهزئ به والرب عز وجل أعظم وأجل من أن تدعى أنك تبت من معصية وأنت مصر عليها .
الشرط الرابع : العزم على ألا يعود إلى المعصية في المستقبل .
الشرط الخامس : أن تكون التوبة في وقتها الذي تقبل فيه من التائب بأن تكون قبل أن يعاين الإنسان الموت وقبل أن تطلع الشمس من مغربها فإن كانت بعد طلوع الشمس من مغربها لن تنفع لقوله تعلى : (( هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ)) (الأنعام:158) وهذا البعض هو طلوع الشمس من مغربها كذلك عند حضور الموت لأن الله تعالى قال : (( وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً )) (النساء:18).
هذه الشروط الخمسة إن تحققت فيك فإن توبتك مقبولة إن شاء الله.
الاختلاط بين الرجال والنساء فتنة كبيرة
س/ سئل فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين حفظه الله :
في الجامعات عندنا بمصر اختلاط شديد بين الطلبة و الطالبات فماذا نفعل ونحن في حاجة لهذه الدراسة لخدمة الإسلام والمسلمين في بلدنا وعدم ترك هذه الأماكن لغير المسلمين يتحكموا بعد ذلك في شئون المسلمين الهامة مثل الطب و الهندسة وغيره ؟(1/60)
الاختلاط بين الرجال والنساء فتنة كبيرة فتحرزوا منه ما أمكن وأنكروه ما استطعتم نسأل الله لنا ولكم السلامة .(1)[75])
* * *
س / هناك مدارس في بعض البلاد تدعوا إلى التوحيد وإلى الكتاب والسنة غير أن هناك مشكلة وهي أن مدرسي هذه المدارس يعلمون الفتيات والنساء بدون أي حجاب بينهم وبعضهم كاشفات للوجوه . فما نصيحتكم لهؤلاء ؟ وهل يجوز لهم أن يعلموا أولئك الفتيات والنسوة على هذه الصورة ؟ أفيدونا بارك الله فيكم .
ج/ لا يجوز الجمع بن الفتيان والفتيات في محيط واحد ولو كن صغيرات ولا يجوز جمعهم للدراسة مع كون الفتيات متكشفات إذا وصلن إلى سن البلوغ أو نحو ذلك فإن جمعهن مع الصبيان في محيط واحد وسيلة إلى الفتنة وإلى وقوع الفاحشة و المنكر ونحو ذلك .
ونحن نقول : مادام إن هذه المدارس تعلم التوحيد وتعلم القرآن والسنة وتعلم الدين الصحيح فإن كانت هذه المدارس حكومية بخاصة فإن على القائمين بها أن يسعوا عند الحكومة في الفصل بينهم ولا يتخلون عنها ويقولون : لا نتولاها وهي على هذه الحلة . أو يقولون لأولياء الأمور .لا تدخلوا بناتكم فيه واقتصروا على تعليمهم التوحيد في منازلهن وفي بيوتهن .
وأما إذا كانت هذه المدارس أهلية يقوم عليها الأهالي بتبرعات ، منهم من يتبرع بعمله ومنهم من يتبرع بماله ونحو ذلك فإن تغييرها سهل يسير بأن يتفق الأهالي على أن يجعلوها قسمين كأن يكون العلوي للذكور والسفلي للإناث أو يحجزوا بينهم بحاجز ويفصلوا بينهم بفاصل . ويتولى البنات نساء مأمونات ويتولى الذكور رجال مأمونون.وبذلك تتم المصلحة ويزول المنكر إن شاء الله.(2)[76])
__________
(1) 75]) فتاوى المرأة المسلمة :573-574.
(2) 76]) فوائد وفتاوى تهم المرأة لابن جبرين :ص165-166.(1/61)
س / ما حكم اختلاط الطلبة والطالبات في الدراسة الجامعية في الوقت الحاضر ، وبيان الإضرار التي تنجم عن الاختلاط ؟ (1)[77])
وقد أجاب على هذا السؤال العديد من أهل العلم فمنهم :
ما قاله فضيلة الشيخ علي بن حسن البولاقي ـ عضو هيئة تحرير الموسوعة الفقهية بوزارة الأوقاف بالكويت ـ : ( لا ينبغي أن يشك مسلم في أن الاختلاط المذكور حرام شرعاً لأنه من محركات الشهوات وعوامل إغرائها وتهييجها .
فليس هو أقل من الأمور التي حرمها الإسلام قصداً إلى تطهير الوسط الاجتماعي كالنظر واللمس والخلوة والتكشف وإظهار الزينة والتطيب والخضوع بالقول وإظهار صوت الخلخال ..) إلى أن قال : ( فاختلاط الطلبة والطالبات في الجامعة في الوقت الحاضر ليس كهذا الاختلاط المأذون فيه ، وقد علم بالتجربة أنه لو فتح هذا الباب لم يكن تقييده بالزام الطالبات الملابس الشرعية والأماكن الخلفية ولا بعدم السير مع الطلبة في ساحة الجامعة وبين طرقاتها وفي الصعود والهبوط على درجات السلم ولا بغير ذلك من القيود .
فالذي يفتي بجواز الاختلاط ويقيد فتواه بالقيود التي تجعله متفقاً مع مبادئ الإسلام لا يكون في فتياه ناظراً إلى الواقع لأن هذا الباب متى فتح ضرب بهذه القيود عرض الحائط ، فالفتيا بهذا خيانة لله والرسول والأمانة وقد قال الله تعالى (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ )) ( الأنفال:27)
وأما النقطة الثانية وهي بيان الأضرار التي تنجم عن الاختلاط على ضوء تجارب الجامعات المختلطة فهي :
__________
(1) 77]) هذا السؤال وجهته ( جمعية الإصلاح الاجتماعي في الكويت ) إلى عدد من أهل العلم ننقل طرفا من كلامهم ومن أراد الاستزادة فليرجع إلى الأصل وهو بعنوان ( حكم الإسلام في الاختلاط ) ط/1389هـ .(1/62)
أن يروج في الأمة مستقبلا ما هو رائج في أمم الغرب الآن من فقد الحياء وزوال العفة وغلبة الفواحش فتقع الأمراض السرية كالأوبئة ويتبدد نظام العائلة والبيت ويكثر الطلاق والتفريق ويتربى الشبات والشابات على قضاء الشهوات أحراراً من كل قيد ويضيع الفتية والفتيات خير ما أوتوا من قوة العمل وصحة الجسم في شهواتهم المجاوزة لحدود الاعتدال . )
وقال فضيلة الشيخ أبو الأعلى المودودي ـ رئيس الجماعة الإسلامية في باكستان ـ : ( ..التعليم المختلط قد أسفر في أمريكا وأوربا عن نتائج سيئة تكاد تدمر المجتمعات فيها ، وقد بلغ الأمر فيهما إلى أن ما بين ستين بالمائة وسبعين في المائة من مجموع الفتيات اللواتي يدرسن في المعاهد المختلطة مارسن التجارب الجنسية قبل الزواج ، ونسبة اللواتي يحملن منهن أثناء التعليم مرتفعة جدا ، وكل ذلك بسبب التعليم المختلط ، ونرى الصحف الأمريكية والأوربية تصدر مملوءة بالتقارير والدراسات عن هذه الأحداث ..)
وقال فضيلة الشيخ محمد بن نمر الخطيب ـ رئيس جمعية الرابطة الإسلامية في لبنان ـ : ( إن الاختلاط بهذه الكيفية التي جاء شرحها في السؤال لا يختلف في حرمتها اثنان من المسلمين ولا ينكر مساوئها ومفاسدها من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، وكان ينبغي على إخواننا في الكويت أن يعتبروا بما حصل ويحصل في العالم العربي والإسلامي من فوضى خلقية ومفاسد متعددة لم تترك بيتاً ولا مكانا مما سبب هذا التأخير وهذه النكسات المتواصلة وهذا الذل المخيم على بلاد العرب والمسلمين من جراء مخالفتهم لله عز جل ، ومن أشد هذه المخالفات إثما عند الله هذه الفوضى الخلقية الناشئة من الاختلاط ومن ارتداء النساء للألبسة المغرية تقليدا لفجور الأجانب وانحرافا عن دين الله سبحانه وتعالى ..)(1/63)
وقال فضيلة الشيخ نجم الدين الواعظ ـ مفتي الديار العراقية ـ ( لقد وردنا سؤالكم ...يتضمن إرادة البعض جواز اختلاط الإناث الذكور الذي لا يجوزه دين من الأديان السماوية ولا سيما دين الإسلام دين الغيرة والشهامة والمروءة والإنصاف ..إني لأعجب من العربي الأبي المسلم المملوء غيرة وشهامة أن يتساهل في أمر الاختلاط بين الجنسين وماذا يحدث عند تقارب النار مع البنزين وهذا لا ينكره منصف ولو بلغ من العمر الثمانين سنة ولقد جائتنا هذه العدوى من الأجنبي .
لا تربط الجرباء حول صحيحة خوفي على تلك الصحيحة تجرب فماذا دهاكم وأنتم عرب خلص معزولون عن الأغيار ..)
وقال فضيلة الشيخ عبدالله القلقيلي ـ مفتي المملكة الأردنية سابقا ـ : ( الاختلاط الذي يكون بجلوس الطالب إلى جانب الطالبة في المقاعد التي يستمع فيها الطلاب الدروس وفي الساحات والذي يتمكن فيه الطلاب من خلوة بعضهم ببعض ، هذا الاختلاط مما لا يبيحه الشرع الإسلامي بل يحظره ويكرهه وينكره ، وذلك لما يؤدي إليه من الفساد وذهاب الفضائل وهتك الحرمات وإنمحاء الآداب ومس الكرامات كما أنه يؤدي إلى امتناع الطلاب عن الدرس والجد في سبيل كسب العلوم والمعارف والانقياد إلى هوى النفس وذلك مما لا نزاع فيه ولا ينكره إلا كل مكابر للباطل منقاد ومناصر ، وأن ما كان كذلك فإن الشرع الإسلامي يمنعه ويحاربه ويمقته كما أنه من المعلوم من الإسلام بالضرورة أن من قواعده سد الذرائع إلى الشرور والمفاسد ..)
وقال فضيلة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله : ( إن من الغريب أن يوجد في أمة مسلمة عربية اختلاط الجنسين في الجامعات والمدارس مع أن دين الإسلام الذي شرعه الخالق السموات والأرض على لسان سيد الخلق صلى الله عليه وسلم يمنع ذلك منعاً باتا والشهامة العربية والغيرة الطبيعية العربية المملوءة بالأنفة تقتضي التباعد عن ذلك وتجنبه بتاتاً وتجتنب جميع الوسائل المفضية إليه ...)
فهرس الكتاب(1/64)
المقدمة ..................................................... ... 1
المبحث الأول : نتائج الدراسات الغربية ................... ... 6
المبحث الثاني : نتائج الدراسات الإسلامية ................ ... 17
المبحث الثالث : أقوال أهل العلم ......................... ... 28
المبحث الرابع : آثاره على الطلاب والطالبات .............. ... 30
المبحث الخامس : الفصل بين الجنسين رغبة الغالبية العظمى ... 65
ملحق بفتاوى العلماء ...................................... ... 70
---(1/65)