نفي الفارق
وتطبيقاته في المغني لابن قدامة
إعداد
الدكتور / حمدان بن عبد الله الشمري
أستاذ الفقه المساعد بقسم الدراسات الإسلامية
عام 1427هـ
نفي الفارق وتطبيقاته في المغني لابن قدامة
حمدان عبد الله الشمري
أستاذ مساعد ـ قسم الدراسات الإسلامية ـ كلية التربية
جامعة الملك سعود ، الرياض، المملكة العربية السعودية
ملخص البحث : إن مصطلح " نفي الفارق " من المصطلحات الأصولية التي يكثر ورودها في كتب الأصول والفقه ، وقد رغبت في دراسة هذا المصطلح وتجليته من الناحيتين التأصيلية والتطبيقية ، ففي الفصل الأول عرَّفت به ، ثم بينت حجيته واعتباره لبناء بعض مسائل الفروع الفقهية عليه ، ثم ذكرت صلته بالقياس من حيث اعتباره أحد أقسامه ، ومن حيث اعتباره أحد مسالك العلة فيه ، كما قرر ذلك كثير من علماء الأصول .
وفي الفصل الثاني أوردت مسائل عديدة ذكرها ابن قدامة المقدسي في كتابه الحافل "المغني" تعدُّ مسائل تطبيقية لهذا الأصل " نفي الفارق " .
فجاء هذا البحث جامعاً بين التأصيل والتطبيق ، ومبيناً حجيَّة هذا الأصل واعتباره عند العلماء ، وأثره على علم الفقه ، مما يوحي بأهميته ، والحاجة إلى العناية به.
مقدمة
إن الحمد لله وحده ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهد الله فهو المهتد ، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدا .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله ، دلَّ أمته إلى طريق الهدى والرشاد، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان ، ومن اتبع سنته ، ودعا بدعوته واهتدى بهداه. وبعد....(1/1)
فإن من لطف الله بعباده ورحمته بهم ، رفعه الحرج عنهم في الدين كما في قوله : { وما جعل عليكم في الدين من حرج } [ الحج : 78 ] ، ولرفع الحرج عن العباد صور كثيرة ، ومظاهر عديدة ، ومن ذلك : عدم تركه سبحانه المسائل والنوازل بلا أحكام شرعية معلومة للمكلفين ليعملوا بموجبها.
... ... فوجود مسائل ونوازل بلا أحكام في الشرع ، من الحرج الذي نفاه الله عن دينه ، فما من مسألة إلا ولها حكم ، قال تعالى : { ما فرطنا في الكتاب من شيء } [ الأنعام : 38 ] .
... ... وإن النصوص الشرعية التي في مصدري التشريع الأساسيين ـ الكتاب والسنة ـ محدودة ومتناهية ، أما المسائل والنوازل فهي غير متناهية ، لا سيما مع تجدّد الزمان ، وتغيّر الأحوال .
... ... ولهذا فإن الله تعالى قد جعل لعباده طرقاً يتوصلون بها إلى الأحكام ، تتفق مع مراده من عباده ، وتتحقق بها للعباد المصالح ، وتندفع عنهم الشرور والمفاسد .
... ... وهذه الأصول والطرق كثيرة ومتنوعة ، ومنها : القياس ، الذي هو أحد الأدلة الشرعية ، منه يتشعَّب الفقه ، وبه تُعرف أساليب الشريعة ، ويوقف على أسرارها ، ودقائق حكمها البديعة. يفزع إليه المجتهد إذا لم يجد نصاً أو إجماعاً في المسألة كما قيل :
إذا أعيا الفقيه وجود نصٍ ** تعلَّق لا محالة بالقياس
فالحاجة إلى القياس في استنباط الأحكام لا تنقطع ، وفوائده لا تنتهي على مرِّ الأزمان ، وتجدد الحوادث لبني الإنسان ، وهذا البحث يجلِّي أحد أقسام القياس ، وصور الإلحاق ، وهو " نفي الفارق " .
ذكره علماء الأصول تأصيلاً وتقعيداً ، وذكره الفقهاء استعمالاً وتطبيقاً ، وهم بين مُقل ومُكثر .(1/2)
ولنفي الفارق أثر بالغ ، ونفع متعدٍ ، في إلحاق فروع فقهية كثيرة بنظائرها المنصوص عليها . والعمل به يحقق وصية عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه في الكتاب المشهور الذي كتبه له وفيه : اعرف الأمثال والأشباه ، ثم قس الأمور عند ذلك(1).
واعتباره يتفق مع ما اتسمت به الشريعة من الجمع بين المتماثلين، والفرق بين المختلفين ، فمن كمالها وحسنها وعدم تعارضها أنها لم تأتِ بالتفريق بين المتماثلين أبداً ، ووجود الفارق يتنافى مع التماثل .
قال ابن القيم : والشيء إذا شابه غيره في وصف وفارقه في وصف ، كان اختلافهما في الحكم باعتبار الفارق مخالفاً لاستوائهما باعتبار الجامع، وهذا هو القياس الصحيح طرداً وعكساً، وهو التسوية بين المتماثلين، والفرق بين المختلفين(2).
ويعدُّ بعض أهل العلم ذلك قاعدة من قواعد الشريعة ، قال الشيخ ابن عثيمين : القاعدة الشرعية في هذه الشريعة : " أنها لا تفرق بين متماثلين ، ولا تجمع بين متفرقين "(3).
وقد اعتمدت في التطبيقات لنفي الفارق على كتاب " المغني شرح مختصر الخرقي " لموفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي ـ رحمه الله ـ المتوفى سنة 620هـ ، كما هو واضح من عنوان البحث .
وسبب هذا الاختيار مكانة المؤلِّف والمؤلَّف كما لا يخفى على المتخصصين بالعلم الشرعي .
ولعلي أشير إلى أهمية كتاب " المغني " فأقول :
__________
(1) أخرجه البيهقي ـ كتاب آداب القاضي ، باب ما يقضي به القاضي 10/197 ، رقم [ 20347] . وقد أورده ابن القيم كاملاً ، ثم قال : وهذا كتاب جليل تلقوه العلماء بالقبول . انظر : إعلام الموقعين 1/85/86.
(2) إعلام الموقعين 2/26 .
(3) الشرح الممتع على زاد المستقنع 2/264 .(1/3)
إن كتاب المغني من أهم وأشهر شروح " مختصر الخرقي " ، وهو ليس كتاب فقه حنبلي فحسب ، بل هو موسوعة فقه مقارن ، يذكر فيه المؤلف آراء المذاهب الأخرى ويقارن بينها ، وكذلك هو حافلٌ بفقه السلف رحمهم الله ، وهو غنيٌ بالاستدلال ، وتوجيه الأقوال ، والتعليل لها ، بأسلوب رصين ، وعرضٍ جميل وأخَّاذ .
ويكفي في مكانة المغني العلمية ما اشتهر عن العز بن عبد السلام أنه قال : لم تطب نفسي بالفتيا حتى صار عندي نسخة المغني(1).
وقد أكثر ابن قدامة من إيراد نفي الفارق لبعض المسائل ، بل صدَّر فصولاً كثيرة به ، مما جعلني أختار من بين تلك المسائل أمثلة تطبيقية لنفي الفارق ، وأتبعت كل مسألة ما تيسر من الاستدلال والتوجيه ، ليعطي الحكم قوة إلى قوته ، وليتبين أن نفي الفارق بين الفرع والأصل مبني على الدليل الشرعي الموجب له ، وقد رتبت هذه المسائل حسب ورودها في كتاب "المغني" ، ولا أقطع بأنني أوردت جميع المسائل الواردة فيه .
هذا وقد قسمت البحث على النحو التالي :
مقدمة .
الفصل الأول : نفي الفارق عند الأصوليين .
ويشتمل على أربعة مباحث :
المبحث الأول : معنى نفي الفارق .
المبحث الثاني : حجيَّة نفي الفارق .
المبحث الثالث : نفي الفارق وأقسام القياس .
المبحث الرابع : نفي الفارق ومسالك العلة .
الفصل الثاني : تطبيقات نفي الفارق في المغني لابن قدامة .
وقد اشتمل على ثمانٍ وثلاثين مسألة .
خاتمة .
أسأل الله العلي القدير أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل ، وأن يتجاوز عن أخطائنا ويعفو عن الزلل ، إذ لا معصوم إلا الرسل .
الباحث
الفصل الأول
نفي الفارق عند الأصوليين
المبحث الأول
معنى " نفي الفارق "
أولاً : تعريفه لغة :
نفي : مصدر نفى الشيء ينفيه نفياً بمعنى : تنحَّى .
__________
(1) انظر : الذيل على طبقات الحنابلة 2/110 .(1/4)
ويقال : نفيت الرجل وغيره نفياً إذا طردته ، ومنه قوله تعالى : (أو ينفوا من الأرض )(1) [ المائدة : 33 ] . قال ابن فارس : النون والفاء والحرف المعتل أصل يدل على تعرية شيء من شيء وإبعاده منه(2) . فإذا أضيف النفي إلى شيءٍ دل على إبعاد ذلك الشيء وإبطاله ، فنفي الفارق أي إبطال الفارق بين شيئين وإلغائه وبالتالي تساويهما ، وعدم الفرق بينهما .
وكلمة " الفارق " مرادفة لكلمة " الفرق " . والفرق خلاف الجمع ، فرَّقه يفرّقه فَرْقاً ، وانفرق الشيء وتفرَّق وافترق.
والفرق : تفريق ما بين الشيئين حين يفترقان ، تقول : فرَّقت بين الشيئين أفرق فرقاً وفرقاناً(3) .
قال ابن فارس : الفاء والراء والقاف أصلٌ صحيح يدل على تمييز وتزييل بين شيئين(4).
والفارق اسم للناقة التي أخذها المخاض ندَّت في الأرض ، والجمع فوارق ، وفُرَّق ، وربما شبهوا السحابة التي تنفرد من السحاب بهذه الناقة ، فيقال : فارق (5) .
ثانياً : تعريفه اصطلاحاً :
عند تتبع مصطلح " نفي الفارق " في مظانِّه في كتب أصول الفقه ، فإننا نجد أن أكثرهم لا يعرفه بتعريف محدد ، إما لوضوحه عندهم ، أو لأنه يرد في بعض مباحث القياس ، كما سيتبين لنا قريباً .
وممن بيَّن معناه اصطلاحاً التلمساني فقال : "قياس لا فارق ، حاصله : بيان إلغاء الفارق بين الأصل والفرع ، والعلة موجودة في الأصل لثبوت حكمها فيه، فوجب كونها مشتركة سواء كانت جملة المشترك أو بعضه" .
__________
(1) انظر : لسان العرب ، مادة : ( نفا ) .
(2) معجم مقاييس اللغة ، مادة [ نفا ] .
(3) انظر : لسان العرب ، مادة : ( فرق ) .
... والصحاح ، مادة : ( فرق ) .
(4) معجم مقاييس اللغة ، مادة : ( فرق ) .
(5) الصِّحاح ، مادة : ( فرق ) .(1/5)
وقد مثَّل له بما إذا استولى الكفار على أموال المسلمين ، فعند الشافعية أنهم لا يملكونها ، قياساً على الغاصب ، فإنه لا يملك ما استولى عليه ، فلا فارق بينهما إلا الكفر في الفرع والإسلام في الأصل ، لكن الإسلام لا يصلح أن يكون مانعاً من المِلك ، والكفر لا يصلح أن يكون مقتضياً للمِلك ، فوجب انتفاء سبب الملك في حق المسلم الغاصب ، وفي حقِّ الكافر المستولي ، فانتقى المِلك(1).
وعرَّفه ابن القيم بقوله : "هو أن لا يكون بين الصورتين فرْقٌ مؤثرٌ في الشرع(2). وعرفه الصنعاني بمثل ذلك"(3) .
وذكره الدكتور سانو في المعجم فقال : "نفي الفارق : أن يبيِّن المجتهد أن الفرع لم يفارق الأصل إلا فيما لا يؤثِّر بما يلزم اشتراكهما في المؤثر" .
ومثَّل له بأن بيَّن المجتهد أن الإسكار في الخمر لا يختلف عن الإسكار في المخدرات ، وبالتالي فإن الإسكار ينبغي عدُّه علة تحريم الخمر(4) .
بعد ذكر هذه التعاريف يتبين لنا أن نفي الفارق عملٌ يقوم به المجتهد ، يتوصَّل به إلى إلحاق فرعٍ لم ينص على حكمه بأصلٍ منصوص أو مجمعٍ على حُكْمه ، وطريق هذا القياس نفي الفارق المؤثِّر بينهما ، إذ يوجب هذا النفي اشتراكهما في الحكم الشرعي ، لأن الشارع الحكيم لا يفرِّق بين المتماثلين، كما أنه لا يسوِّي بين المختلفين ، ولا ينظر في هذا الإلحاق إلى الفارق غير المؤثر في الشرع ، لأن وجوده كعدمه ، وجرت العادة عدم الالتفات إليه ، ولهذا قال الطُّوفي في تعريف القياس في معنى الأصل : هو ما ساوى الأصل فيه الفرع من غير فارق ، أو مع فارق غير مؤثِّر(5).
المبحث الثاني
حجيَّة نفي الفارق
__________
(1) انظر : مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول ، ص 124-125 .
(2) إعلام الموقعين ، 2/4 .
(3) الاقتباس لمعرفة الحق من أنواع القياس ، ص 37 .
(4) معجم مصطلحات أصول الفقه ، ص 462 .
(5) شرح مختصر الروضة ، 3/439 .(1/6)
قبل أن نعرض لحجيَّة نفي الفارق ، يحسن التنبيه إلى أن العلماء لم يتفقوا على تسميته قياساً ، بل اختلفوا في ذلك ، فمنهم من يسمِّيه قياساً كالغزالي والآمدي وابن السبكي والشوكاني ، ومنهم من يسمِّيه استدلالاً كابن الحاجب والأصفهاني.
والسبب في ذلك : أن بعض العلماء لا يرى دخول نفي الفارق في القياس لمنافاته حقيقته ، إذ إن حقيقة القياس اعتبار شيءٍ بغيره ، أو التسوية بين أمرين ، وهذان المعنيان غير موجودين في نفي الفارق ، ويوجدان في القياس الذي يُبنى على العلة ، ولذا يُسمَّى قياساً بالاتفاق(1).
وعند التحقيق يتبين لنا أن جمهور الأصوليين يُدخلون نفي الفارق في القياس. ويعدُّونه قسْماً من أقسامه كما سيأتي في المبحث الآتي ، فليس القياس عندهم مقتصراً على قياس العلة كما قال مخالفوهم ، بل تدخل فيه أقسام أخرى .
وإن نفي الفارق وإن كان الجامع فيه بين الفرع والأصل مجرد نفي الفارق ، إلا أنه لا يخلو من وجود معنىً يشتركان فيه كما يتضح من خلال الأمثلة.
ولهذا قال الغزالي : "اعلم أن حذف تأثير الفارق وإن جوَّزنا الإلحاق به دون تنقيح المناط واستنباط العلة وتعيينها ، ولكن الحق فيه أن ذلك لا يُتجاسر عليه إلا بعد استنشاق رائحة المعنى الذي هو مناط الحكم وإن لم يُطَّلع بعدُ على تحديده أو تعيينه"(2).
وقال أيضاً : "... وهذا يدلُّك على أن هذا الطريق وإن كان راجعاً إلى التعرُّض للفارق فليس يخلو عن توسُّم المعنى الجامع على إجمالٍ من غير تفصيل"(3).
وإن الفرق بين القياس بنفي الفارق وقياس العلة الذي قصر بعض العلماء القياس عليه : أن نفي الفارق لم يصرَّح فيه بالعلة ، وقياس العلة مصرَّحٌ بها فيه(4).
__________
(1) انظر : البحر المحيط 5/50 ؛ شرح مختصر الروضة 3/353 .
(2) أساس القياس ، ص 68-69 .
(3) المصدر نفسه ، ص 69 .
(4) الإحكام في أصول الأحكام 4/4 .(1/7)
فليس عدم التصريح بالعلة مسوغاً لإخراج نفي الفارق عن مُسمَّى القياس ، والله أعلم .
ويمكن الاستدلال على حجية نفي الفارق بما يلي :
1 – أن القياس المعتبر شرعاً الذي يحتج به أهل العلم يشمل نفي الفارق، لأنه عبارة عن إلحاق فرع بأصلٍ في حكمه لعدم الفارق بينهما ، ولهذا قال الشافعي في رسالته : "والقياس من وجهين : أحدهما : أن يكون الشيء في معنى الأصل ، فلا يختلف القياس فيه"(1).
وهذا ينطبق تماماً على القياس بنفي الفارق كما سنبين قريباً أن الجمع بين الفرع والأصل بنفي الفارق يطلق عليه " القياس في معنى الأصل " .
وفي موضعٍ آخر قال :" فإن قال قائل : فاذكر من الأخبار التي تقيس عليها وكيف تقيس ؟
قيل له إن شاء الله : كل حُكمٍ لله أو لرسوله وُجدَت عليه دلالة فيه أو في غيره من أحكام الله أو رسوله بأنه حُكِم به لمعنىً من المعاني فنزلت نازلة فيه نصُّ حكمٍ ، حُكِمَ فيها حكم النازلة المحكومة فيها إذا كانت في معناها"(2).
وهذا أيضاً يدخل فيه القياس بنفي الفارق ، لأنه لا يتم الإلحاق به إلا إذا كان الفرع في معنى الأصل ولا فارق مؤثِّر بينهما .
2 – أن القياس بنفي الفارق اعتبره كثيرٌ من الأصوليين أحد أقسام القياس كما سيأتي ، فلو لم يكن حجة لما اعتبروه كذلك .
3 – أن المحققين من أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم اعتبرا نفي الفارق من القياس الصحيح ، والصحيح هو الذي يحتجُّ به بخلاف الفاسد .
فقال شيخ الإسلام ابن تيمية : والقياس الصحيح نوعان :
أحدهما : أن يُعلم أنه لا فارق بين الفرع والأصل إلا فرق غير مؤثر في الشرع ، ثم قال : والنوع الثاني من القياس : أن ينصَّ على حكم لمعنى من المعاني ويكون ذلك المعنى موجوداً في غيره .
__________
(1) الرسالة ، ص 479 .
(2) المصدر نفسه ، ص 512 .(1/8)
فهذان النوعان كان الصحابة والتابعون لهم بإحسان يستعملونهما ، وهما من باب فهم مراد الشارع ، فإن الاستدلال بكلام الشارع يتوقَّف على أن يُعرف ثبوت اللفظ عنه ، وعلى أن يُعرف مراده باللفظ(1).
وقال ابن القيم مبيناً دخول نفي الفارق في القياس الصحيح : فالقياس الصحيح مثل أن تكون العلة التي عُلِّق بها الحكم في الأصل موجودة في الفرع من غير معارض في الفرع يمنع حكمها ، ومثل هذا القياس لا تأتي الشريعة بخلافه قط ، وكذلك القياس بإلغاء الفارق ، وهو أن لا يكون بين الصورتين فرقٌ مؤثِّر في الشرع ، فمثل هذا القياس لا تأتي الشريعة بخلافه(2).
4 – أن القياس بنفي الفارق أحد طرق إلحاق المسكوت عنه بالمنطوق، فلهذا لا غنى للمجتهد عنه ، قال الغزالي : اعلم أن إلحاق المسكوت عنه بالمنطوق فيه طريقان :
أحدهما : أن لا يُتعرَّض للجامع بينهما ، بل يُتعرَّض للفارق فقط .
الثاني : أن يتعرَّض للجامع وينقَّح مناط الحكم(3).
ولهذا لمَّا ساق الصنعاني قوله صلى الله عليه وسلم : " لا يقضي القاضي وهو غضبان "(4) قال : " فمن قصر النهي على الغضب وحده دون الهمِّ المُزعج، والحُزنْ المُقلق ، والجوع والظمأ الشديد ، وشُغْل القلب المانع من الفهم، فقد قلَّ فهمه وفقهه .
__________
(1) انظر : مجموع الفتاوى 19/285-286 .
(2) إعلام الموقعين 2/3-4 .
(3) انظر : أساس القياس ، ص 65 .
(4) أخرجه البخاري بلفظ " لا يقضين حكمٌ بين اثنين وهو غضبان " عن أبي بكرة رضي الله عنه . كتاب الأحكام ، باب هل يقضي القاضي أو يفتي وهو غضبان ، رقم : [ 7158 ] . ومسلم ـ كتاب الأقضية ـ باب كراهة قضاء القاضي وهو غضبان ، رقم : [ 1717] .(1/9)
فإلحاق ما ذكرناه بالغضب من القياس بنفي الفارق ، وهذا مما فطر الله عباده عليه ، ولذا قالوا في قوله تعالى:{ إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً } [النساء : 10 ] : إنه عام لجميع أنواع الإستهلاك من لبس الثياب وركوب الدواب، إلحاقاً بالأكل لعدم الفارق "(1).
قال القاضي أبو حامد المروزي : " إن إلحاق الشيء بنظائره وإدخاله في مسلكه أصلٌ عظيم "(2).
بعد ذكر هذه النقاط تتضح لنا حجية القياس بنفي الفارق ، ولزوم العمل به ، قال الشوكاني : "... ليس المراد كل قياس ، بل المراد القياسات التي يسوغ العمل بها والرجوع إليها كالقياس الذي علته منصوصة ، والقياس الذي قُطع فيه بنفي الفارق"(3).
وفي موضعٍ آخر قال : "اعلم أن القياس المأخوذ به هو ما وقع النص على علَّته ، وما قُطع فيه بنفي الفارق"(4).
المبحث الثالث
نفي الفارق وأقسام القياس
اعتبر كثيرٌ من الأصوليين " نفي الفارق " أحد أقسام القياس عند تقسيمهم له باعتبار ذكر العلة وعدم ذكرها ، فيقسمونه بهذا الاعتبار إلى ثلاثة أقسام(5):
قياس علة ، وقياس دلالة(6) ، وقياس في معنى الأصل .
والقسم الثالث هو الذي يرادف القياس بنفي الفارق ، ويسمى به ، قال ابن الحاجب: ... أو بنفي الفارق وهو القياس في معنى الأصل(7).
ولما ذكر التلمساني القياس بنفي الفارق قال : ويسمى قياساً في معنى الأصل(8).
__________
(1) الاقتباس لمعرفة الحق من أنواع القياس ، ص 50 .
(2) انظر : قواطع الأدلة 2/170 .
(3) إرشاد الفحول ، ص 202 .
(4) المصدر نفسه ، ص 203 .
(5) انظر : الأحكام في أصول الأحكام 4/7 ، إرشاد الفحول ص 330.
(6) قياس العلة : هو ما صُرِّح فيه بالعلة .
وقياس الدلالة : هو أن لا يذكر فيه العلة بل وصف ملازم لها . انظر : إرشاد الفحول ، ص 222 .
(7) منتهى الوصول والأمل ، ص 186 .
(8) مفتاح الوصول ، ص 124 .(1/10)
وقد عُرِّف القياس في معنى الأصل بتعاريف متقاربة ، ومن هذه التعاريف ما يلي :
عرَّفه ابن السبكي وابن اللحَّام بأنه : الجمع بنفي الفارق(1).
وعرَّفه الأصفهاني والشوكاني بقولهما : أن يجمع بين الأصل والفرع بنفي الفارق(2).
وعرَّفه الطُّوفي بقوله : هو ما لا فارق فيه بين الأصل والفرع ، أو كان بينهما فارق لا أثر له(3).
وعرَّفه أمير بادشاه الحنفي بقوله : أن يجمع بين الأصل والفرع في الحكم بنفي الفارق بينهما(4).
وعند النظر في هذه التعاريف يتبين لنا أن القياس في معنى الأصل يتم فيه الجمع بين الفرع والأصل في الحكم بمجرد نفي الفارق من غير تعرضٍ للعلة الجامعة بينهما(5) ، ولهذا قال الآمدي : وأما إن كان الوصف الجامع لم يصرَّح به في القياس كما في إلحاق الأمة بالعبد في تقويم نصيب الشريك على المعتق بواسطة نفي الفارق بينهما، فيسمَّى " القياس في معنى الأصل " (6).
وأول من أشار إلى هذا النوع من القياس الشافعي رحمه الله إذ قال : والقياس من وجهين : أحدهما : أن يكون الشيء في معنى الأصل، فلا يختلف القياس فيه(7).
وأُطلق عليه " القياس في معنى الأصل " لأن الفرع فيه بمنزلة الأصل ، لنفي الفارق بينهما ، فقوله : القياس في معنى الأصل ، أي : القياس الكائن في معنى الأصل ، أي : بمنزلته(8).
وقال الطُّوفي : القياس في معنى الأصل ، أي : إن الفرع فيه في معنى الأصل ، وهو راجع إلى أن لا أثر للفارق ، ويسمَّى إلغاء الفارق(9).
__________
(1) جمع الجوامع ص 106 ؛ المختصر في أصول الفقه ص 150 .
(2) بيان المختصر 3/141 ؛ إرشاد الفحول ص 222 .
(3) شرح مختصر الروضة 3/436 .
(4) تيسير التحرير 4/77 .
(5) انظر : الاستدلال عند الأصوليين ، ص 178 .
(6) الإحكام في أصول الأحكام 3/3 .
(7) الرسالة ، ص 479 .
(8) انظر : حاشية البناني على شرح المحلي 2/341-342 .
(9) شرح مختصر الروضة 3/353 .(1/11)
ومن أمثلة هذا القسم من القياس : قياس البول في إناءٍ وصبِّه في الماء الراكد على البول فيه في المنع ، بجامع عدم الفارق بينهما في مقصود المنع عن ذلك(1) ، كما في حديث جابر رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم:" أنه نهى أن يُبالَ في الماء الراكد"(2) ، وحصول القطع في القياس الذي فيه الإلحاق بنفي الفارق أكثر من الذي فيه الإلحاق بذكر الجامع ، إلا أن ذلك لا يُعدُّ فرقاً في المعنى بل في الوقوع ، وبالتالي فلا فرق بينهما في المعنى(3).
ويذكر الأصوليون مصطلح " نفي الفارق في تقسيم آخر للقياس ، وهو تقسيمهم له باعتبار قوته وضعفه ، ويمكن أن يُقال : باعتبار القطع بنفي الفارق بين الأصل والفرع وعدمه ، فينقسم بهذا الاعتبار إلى قسمين(4):
الأول : القياس الجلي : وهو ما قُطع فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع .
ومن أمثلته : قياس الأمة على العبد في تقويم حصة الشريك على شريكه المعتق الموسر وعتقها عليه ، لقوله عليه الصلاة والسلام: " من أعتق شركاً له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد قوَّم عليه قيمة عَدْل، فأعطى شركاءه حِصصهم ، وعتق عليه العبد ، وإلا فقد عتق منه ما عتق " متفق عليه(5).
__________
(1) انظر : المصدر نفسه 3/439 ؛ شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع مع حاشية البناتي 2/342.
(2) أخرجه مسلم ـ كتاب الطهارة ، باب النهي عن البول في الماء الراكد ، رقم : [281].
(3) انظر : الإبهاج في شرح المنهاج 3/87 ؛ إرشاد الفحول ص 222 .
(4) انظر : جمع الجوامع ص 105 ؛ نهاية السول 4/27-28 ؛ الإحكام في أصول الأحكام 3/3 ، بيان المختصر 3/140 ، إرشاد الفحول ص 222 ، مباحث العلة في القياس عند الأصوليين ص 56 ، 57 .
(5) البخاري ـ كتاب العتق ، باب إذا أعتق عبداً بين اثنين ، رقم : [ 2522] . ومسلم ـ كتاب العتق ، رقم : [ 1501 ] .(1/12)
فتكون الأمة مثل العبد في هذا الحكم ، لأنهما متساويان في العلة ، وهي تشوّف الشارع الحكيم إلى عتق البعض ، ونقطع بأنه لا فارق بينهما إلا في الذكورة والأنوثة ، وهذا الفارق مما لم يلتفت إليه الشارع في أحكام العتق فلا أثر له(1).
الثاني : القياس الخفي : وهو ما لم يقطع فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع بل يُظن .
ومن أمثلته : قياس القتل بالمثقَّل على القتل بالمحدَّد في وجوب القصاص، بجامع القتل العمد العدوان في كُلٍّ ، فلا فارق بينهما إلا أن أحدهما مُثقَّل والآخر محدَّد ، وهذا الفارق لم يقطع بنفي تأثيره من الشارع ، ولهذا خالف أبو حنيفة وقال بعدم وجوب القصاص في القتل بالمثقَّل(2).
والقياس الجلي اتفق العلماء على حجيته(3) ، وهو أقوى في الاحتجاج من القياس الخفي ، قال أمير بادشاه : " ولا شك أن القياس الذي عُلم فيه نفي اعتبار الفارق أقوى في الاحتجاج من الذي لم يُعلم فيه بل ظُن "(4).
المبحث الرابع
نفي الفارق ومسالك العلة(5)
يعدُّ كثيرٌ من الأصوليين نفي الفارق مسلكاً من المسالك الدالة على العليَّة كالبيضاوي وابن السبكي والزركشي وغيرهم(6).
__________
(1) انظر : تيسير التحرير 4/76 ؛ الإحكام في أصول الأحكام 3/3 ، نهاية السول 4/27-28 .
(2) شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع 3/339 ، نهاية السول 4/139-140 ؛ تذكير الناس بما يحتاجون إليه من القياس ص 95 . ولقول أبي حنيفة انظر : اللباب في شرح الكتاب 3/141 .
(3) شرح المحلي على جمع الجوامع 2/339 ؛ شرح الكوكب المنير 4/207 .
(4) تيسير التحرير 4/76 .
(5) مسالك العلة جمع مسلك ، وهو الطريق الذي يسلكه المجتهد في إثبات العلية .
انظر : تيسير التحرير 4/38 .
(6) انظر : مباحث العلة في القياس عند الأصوليين ص 511 ؛ إتحاف ذوي البصائر 7/60 .(1/13)
وهذا المسلك يسمّيه بعض الأصوليين " تنقيح المناط "(1).
قال البيضاوي : التاسع ـ أي من مسالك العلة ـ : تنقيح المناط بأن يبين إلغاء الفارق(2).
وقال ابن السبكي : العاشر ـ أي من مسالك العلة ـ إلغاء الفارق(3).
ومعنى هذا المسلك : إلحاق الفرع بالأصل بعد بيان إلغاء الفارق بينهما، بأن يقال : لا فرق بين الفرع والأصل إلا كذا وكذا ، وذلك لا مدخل له في الحكم ألبتة ، فيلزم اشتراكهما في الحكم لاشتراكهما في الموجب له(4).
ومثلوا لذلك : بإلحاق الأمة بالعبد في السراية(5)، فإنه لا فارق بينهما إلا الذكورة ، وهذا الفارق مُلغى بالإجماع ، إذ لا مدخل له في العلية ، كما لا مدخل للأنوثة في منع السراية ،فثبتت السراية فيها لما شاركت فيه العبد .
قال الطوفي : إذ لا تأثير للذكورة والأنوثة في هذا الحكم ونحوه في عُرف الشرع وتصرُّفه ، وإن كان للذكورية والأنوثية تأثير في الفرق في بعض الأحكام كولاية النكاح والقضاء والشهادة(6).
__________
(1) تنقيح المناط : هو أن يدل ظاهراً على التعليل بوصف فيحذف خصوصه عن الاعتبار بالاجتهاد ويناط بالأعم ، أو تكون أوصاف فيحذف بعضها ويناط بالباقي .انظر : جمع الجوامع ص 95 .
(2) الإبهاج في شرح المنهاج 3/87 .
(3) جمع الجوامع ص 95 .
(4) انظر : شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع 2/293 ؛ الإبهاج في شرح المنهاج 3/87 ، البحر المحيط 5/255 ؛ إرشاد الفحول ص 222 .
(5) تقدم الحديث الدال على ذلك قريباً ص 14 .
(6) انظر : شرح مختصر الروضة 3/ 352.(1/14)
ومن أمثلة ذلك أيضاً : إلحاق المرأة بالرجل في استحقاق صاحب المتاع لمتاعه إن وجده ، لقوله عليه الصلاة والسلام : " أيُّما رجل أفلس فأدرك الرجل متاعه بعينه فهو أحق به من غيره"(1) ، فالحديث نص على الرجل ، والمرأة بمعناه، إذا لا فارق بينهما مؤثِّر في عدم الاشتراك في الحكم ، فيشتركان فيه(2).
قال الغزالي : خُصِّص الرجل في قوله : " أيما رجل مات أو أفلس " لأن الغالب أن البيع يصدر من الرجال ، فيكون اللفظ خاصاً والمراد به عاماً حتى يسبق إلى الفهم منه الإنسان دون الرجل خاصة(3).
وتنقيح المناط هو القياس في معنى الأصل الذي تقدم ذكره في المبحث السابق، قال الشوكاني : والقياس الذي في معنى الأصل : هو أن يجمع بين الأصل والفرع بنفي الفارق ، وهو تنقيح المناط(4).
الفصل الثاني
تطبيقات نفي الفارق في المغني لابن قدامة
قد أكثر ابن قدامة ـ رحمه الله ـ من ذكر نفي الفارق ، والاحتجاج به لبعض المسائل الفقهية ، وتجدر الإشارة إلى أن نفي الفارق في هذه المسائل يتفق مع أحد الأقوال فيها ولا يتفق مع الأقوال الأخرى ، إذ إن جميع هذه المسائل من مسائل الخلاف ، ومن ذلك المسائل التالية :
__________
(1) أخرجه أبو داود ـ كتاب البيوع والإجارات ، باب في الرجل يفلس فيجد الرجل متاعه بعينه عنده ، رقم : [3519] ، والترمذي ـ كتاب البيوع ، باب إذا أفلس الرجل غريم فيجد عنده متاعه ، رقم : [1262] ، والنسائي ـ كتاب البيوع ، باب الرجل يبتاع البيع فيفلس ويوجد المتاع بعينه ، رقم : [4676] ، وابن ماجه ـ كتاب الأحكام ، باب من وجه متاعه بعينه عند رجل قد أفلس ، رقم : [2358] ، وصححه الألباني ، انظر ، إرواء الغليل ، رقم : [1444] .
(2) انظر : أساس القياس ص 61 ؛ نبراس العقول ص 407 .
(3) أساس القياس ص 62 .
(4) إرشاد الفحول ص 222 .(1/15)
المسألة الأولى : نفي الفارق بين يسير النجاسة وكثيرها في تنجيس ما أصابته، لعموم الأدلة الواردة في ذلك ، والتفريق بينهما تحكُّمٌ لا دليل
عليه (1).
المسألة الثانية : نفي الفارق بين القليل من البول والكثير في تنجيس ما خالطه ، لأن سائر النجاسات لا فرق بين قليلها وكثيرها ، والبول مثلها.
قال مهنا : سألت أحمد عن بئرٍ غزيرة وقعت فيها خرقة أصابها بول ؟
قال : تُنْزح ، وقال في قطرة بول وقعت في ماء : لا يتوضأ منها(2).
المسألة الثالثة : نفي الفارق بين يد الكلب ورجله وشعره وغير ذلك من أجزائه وبين ولوغه في تنجيس ما وقعت فيه (3)، ومعلوم أن النص اقتصر على ذكر الولوغ (4)، فما سواه يلحق به لعدم الفارق ، لأن كل حيوان حكم أجزائه حكم سؤره في الطهارة والنجاسة(5) ، ولأنه إذا نُص على الفم مع أنه أشرف شيء من أجزائه فغيره أولى(6) .
المسألة الرابعة : نفي الفارق بين كون يد المستيقظ من النوم مشدودة بشيء أو في جرابٍ(7) وكونها مطلقة في وجوب غسلها ثلاثاً ، ونفي الفارق أيضاً بين كون النائم عليه سراويله أو لا (8).
__________
(1) انظر : المغني 1/46 ؛ الشرح الكبير 1/118 .
(2) انظر : المغني 1/57 .
(3) انظر : المصدر نفسه 1/78 .
(4) وهو قوله عليه الصلاة والسلام : " إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ثم ليغسله سبع مرات " أخرجه مسلم في صحيحه ـ كتاب الطهارة ، باب حكم ولوغ الكلب ، رقم : [ 279 ] .
(5) انظر : المغني 1/73 ؛ الشرح الكبير 2/284 .
(6) انظر : الممتع في شرح المقنع 1/260 .
(7) الجُراب : وعاء من إهاب الشاء لا يوعى فيه إلا يابس . اللسان ، مادة : [ جرب ] .
(8) انظر : المغني 1/142 .(1/16)
وهذا كله لعموم قوله عليه الصلاة والسلام : " إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً، فإنه لا يدري أين باتت يده " متفق عليه(1).ولأن الحكم هنا معلَّقٌ على المظنَّة فلم تعتبر حقيقة الحكمة ، كوجوب العدة لاستبراء الرحم ، فإنها تجب على الأيسة والصغيرة (2).
المسألة الخامسة : نفي الفارق بين مسِّ الذكر بظهر الكف وبطنه في وجوب الوضوء(3)،لأن قوله عليه الصلاة والسلام : " إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه فليتوضأ "(4) يفيد أن اللمس باليد ينقض الوضوء ، واليد المطلقة في الشرع تنتهي إلى الكوع ، كما في آية السرقة والمحاربة والتيمم (5)، فتشمل ظهر الكف وبطنه ، ولأن ظهر الكف جزء من يده أشبه باطنه(6).
__________
(1) صحيح البخاري ـ كتاب الوضوء ، باب الاستجمار وتراً ، رقم : [ 162 ] .
صحيح مسلم ـ كتاب الطهارة ، باب كراهة غمس المتوضئ وغيره يده ، رقم : [ 278] .
(2) انظر : المغني 1/142 ، وقال ابن قدامة : على أن الظاهر عند من أوجب الغسل أنه تعبد ، لا لعلَّة التنجيس ، ولهذا لم يحكم بنجاسة اليد ولا الماء ، فيعم الوجوب كل من تناوله الخبر ، المصدر نفسه 1/143 .
(3) انظر : المصدر نفسه 1/242 .
(4) أخرجه النسائي ـ كتاب الغسل والتيمم ، باب الوضوء من مس الذكر ، رقم : [ 445 ] .
والبيهقي ـ كتاب الطهارة ، باب الوضوء من مس الذكر ، رقم : [ 616-625] .
(5) انظر : الكافي 1/98 ، شرح العمدة ص 310 .
(6) انظر : الشرح الكبير 2/31 .(1/17)
المسألة السادسة : نفي الفارق بين مسِّ ذكره وذكر غيره في نقض الوضوء، لأن الإنسان قد تدعوه الحاجة إلى مسِّ ذكر نفسه ، فإذا انتقض بمسِّ ذكر نفسه وهو جائز مع الحاجة ، فبمسِّ ذكر غيره مع كونه معصية أولى ، وهذا تنبيهٌ يُقدَّم على الدليل(1)،لا سيما وأن في بعض ألفاظ حديث بُسرة أنها قالت : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يتوضأ منه ؟ فقال : "مِنْ مسِّ الذكر"(2) فلفظ " الذكر " في هذه الرواية يشمل ذكر الماسِّ وذكر غيره(3).
المسألة السابعة : نفي الفارق بين مسِّ ذكر الصغير وذكر الكبير لعموم الحديث ، ولأنه ذكر آدمي متصل به أشبه الكبير(4).
المسألة الثامنة : نفي الفارق بين الأجنبية وذات المحرم والكبيرة والصغيرة في نقض الوضوء بلمس واحدة منهن(5)،لعموم قوله تعالى : { أو لامستم النساء }
[ النساء : 43 ] . ولأن اللمس الناقض هو ما صاحبه شهوة ، فمتى وجدت الشهوة فلا فرق بين الأجنبيات وذوات المحارم ، ولا بين الكبيرة والصغيرة(6).
المسألة التاسعة : نفي الفارق بين سفر الطاعة والمعصية في وجوب التيمم عند وجود شرطه ، لأنه عزيمة لا يجوز تركه ، ولأنه حكمٌ غير مختص بالسفر ، بل يُفعل في الحضر والسفر(7).
__________
(1) انظر : المغني 1/243 .
(2) أخرجه النسائي ـ كتاب الغسل والتيمم ، باب الوضوء من مس الذكر ، رقم : [ 446 ] .
(3) انظر : الشرح الكبير 2/32 .
(4) انظر : المغني 1/243 .
(5) انظر : المصدر نفسه 1/260 .
(6) انظر : المصدر نفسه 1/260 ، شرح العمدة ص 318-319 .
(7) انظر : المغني 1/311 ، شرح الزركشي 1/326 ، شرح العمدة ص 424 .(1/18)
المسألة العاشرة : نفي الفارق بين الجبيرة بسبب كسرٍ أو جرحٍ في جواز المسح عليها(1)،لأن حديث صاحب الشجَّة(2) المسح فيه على عصابة جُرح(3)،والشجة اسمٌ لجرح الرأس خاصة . ولأن الشدَّ على الجرح يعتبر حائلاً على موضعٍ يُخاف الضرر بغسله ، فأشبه الشدَّ على الكسر(4).
__________
(1) انظر : المغني 1/357 .
(2) الشج في الرأس خاصة في الأصل ، وهو أن يضربه بشيء فيجرحه فيه ويشقه ، ثم استعمل في غيره من الأعضاء ، يُقال : شجَّه يشجُّه شجَّاً . انظر النهاية ، مادة : [ شجج ] .
(3) وهو حديث جابر في الذي شُجَّ رأسه ثم احتلم ، فسأل أصحابه فلم يرخصوا له في التيمم فاغتسل فمات ، الحديث ، أخرجه أبو داود ـ كتاب الطهارة ، باب في المجروح بتيمم ، رقم [ 336 ] ، وابن ماجه ـ كتاب الطهارة وسننها ، باب في المجروح تصيبه الجنابة فيخاف على نفسه إن اغتسل ، رقم : [572].
(4) انظر : المغني 1/357 ؛ الكافي 1/87 .(1/19)
المسألة الحادية عشرة : نفي الفارق بين أن تكون أدلة القبلة ظاهرة مكشوفة فاشتبهت على المجتهد في معرفتها ، أو مستورة بغيمٍ أو غيره في عدم وجوب إعادة الصلاة(1)، لما روى عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفرٍ ، في ليلة مُظْلمة ، فلم ندرِ أين القبلة ، فصلى كل رجلٍ منَّا على حِياله ، فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزل : { فأينما تولوا فثمَّ وجه الله } (2) . [ البقرة : 115 ] ، ولأن المجتهد هنا أتى بما أُمر به في الحالين ، وهو الاجتهاد والتحرِّي ، وعَجِز عن استقبال القبلة في كلا الموضعين ، فصار حكمهما واحداً ، وهو صحة الصلاة وعدم إعادتها(3).
المسألة الثانية عشرة : نفي الفارق بين مكة وغيرها من البلدان في المنع من التطوع في أوقات النهي(4)،لعموم الأحاديث الدالة على ذلك ، كقوله عليه الصلاة والسلام : " لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس " متفق عليه(5)، ولأن وقت النهي معنىً يمنع الصلاة، فتستوي فيه مكة وما سواها ، أشبه الحيض(6).
__________
(1) انظر : المغني 2/113؛ الشرح الكبير 3/344 .
(2) أخرجه الترمذي ـ كتاب أبواب الصلاة ، باب ما جاء في الرجل يصلي لغير القبلة في الغيم ، رقم : [345] ، وابن ماجة في سننه ـ كتاب إقامة الصلاة ، باب من يصلي لغير القبلة وهو لا يعلم ، رقم : [1020] . وحسَّنه الألباني ، انظر: إرواء الغليل ، رقم : [291] .
(3) انظر : المغني 2/113 ؛ الكافي 1/260-261 .
(4) انظر : المغني 2/535 .
(5) البخاري ـ كتاب مواقيت الصلاة ، باب لا يتحرى الصلاة قبل غروب الشمس ، رقم : [ 586] .
ومسلم ـ كتاب صلاة المسافرين ، باب الأوقات التي نُهي عن الصلاة فيها ، رقم : [827] .
(6) انظر : المغني 2/535 ؛ الشرح الكبير 4/262 .(1/20)
المسألة الثالثة عشرة : نفي الفارق بين يوم الجمعة وغيره في عدم أداء الصلاة إلا بعد الزوال ، لعموم أحاديث النهي عن أداء الصلاة وقت الزوال ، ولأنه وقت نهي ، فاستوى فيه يوم الجمعة وغيره من الأيام ، كسائر أوقات النهي(1).
المسألة الرابعة عشرة : نفي الفارق بين القريب من الإمام والبعيد في وجوب الإنصات لخطبة الجمعة(2)،لعموم قوله عليه الصلاة والسلام : " إذا قلت لصاحبك : أنصت ، يوم الجمعة ، والإمام يخطب ، فقد لغوت " متفق عليه(3). ولهذا كان عثمان بن عفان رضي الله عنه يقول إذا خطب : إذا قام الإمام يخطب يوم الجمعة فاستمعوا وأنصتوا ، فإن للمُنصت الذي لا يسمع في الحظِّ مثل ما للسامع المُنصت"(4)(5).
المسألة الخامسة عشرة : نفي الفارق بين الدَّين الحال والمؤجل في وجوب زكاته بعد قبضه ، لأن المؤجل تصح البراءة منه ، وتصح الِحوالة به ، فدلَّ على أنه مملوك للدائن كالحال ، فاستويا في الحكم(6).
المسألة السادسة عشرة : نفي الفارق بين كون الفرج الموطوء في نهار رمضان قُبلاً أو دبراً ، من ذكرٍ أو أنثى في فساد الصوم ووجوب الكفارة ، لأنه إفسادٌ للصوم بجماعٍ في الفرج كالوطء في القُبل(7)،ولأنه إذا وجب التكفير بوطءٍ في المحلِّ المملوك ففيما عداه أولى ، ولأن الدُّبر أحد الفرجين أشبه الآخر(8).
__________
(2) انظر : المغني 3/196 .
(3) البخاري ـ كتاب الجمعة ، باب الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب ، رقم : [ 934] .
ومسلم ـ كتاب الجمعة ، بابُ في الإنصات يوم الجمعة في الخطبة ، رقم : [851] .
(4) أخرجه البيهقي ـ كتاب الجمعة ، باب الإنصات للخطبة وإن لم يسمعها ، رقم : [5835] .
(5) انظر : المغني 3/196 ؛ الشرح الكبير 5/304 .
(6) انظر : المغني 4/271 ، الكافي 2/90 ، شرح الزركشي 2/520 .
(7) انظر : المغني 4/375 ؛ الشرح الكبير 7/447 .
(8) انظر : الكافي 2/248 ، الممتع في شرح المقنع 2/263 .(1/21)
المسألة السابعة عشرة : نفي الفارق بين ما قبل الوقوف بعرفة وبعده في فساد الحج بالجماع إذا وقع قبل التحلل الأول(1) . لما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً سأله ، فقال : إني وقعت بامرأتي ، ونحن محرمان ، فقال: أفسدت حجَّك ، ومثله مرويٌ عن ابن عباس وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهم(2)، فقول هؤلاء الصحابة مطلق فيمن واقع وهو مُحرِم . ولأن ما بعد الوقوف وقبل الرمي إحرامٌ تام ، فيفسد الحج بالجماع فيه كما قبل الوقوف(3) . ولأن كل ما أفسد العبادة إذا ورد عليها قبل الخروج منها أفسدها وإن كان مضى معظمها ، كما لو أكل الصائم قُبيل غروب الشمس(4).
المسألة الثامنة عشرة : نفي الفارق بين حال الإكراه والمطاوعة في فساد الحج بالجماع(5)، لما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن رجلاً سأله فقال : إني وقعت بامرأتي ونحن محرمان ، فقال : أفسدت حجَّك. ومثل ذلك مروي عن ابن عباس وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهم (6)، فهؤلاء الصحابة لم يستفصلوا عن حال السائل ، هل كان جِماعه بإكراهٍ أم بمطاوعة ، فدل على عدم الفرق بين الحالين .
__________
(1) انظر : المغني 5/166 .
(2) أخرجها البيهقي ـ كتاب الحج ، باب ما يفسد الحج ، رقم : [ 9783 – 9784 ] .
(3) انظر : الشرح الكبير 8/333 .
(4) انظر : شرح العمدة 2/234 .
(5) انظر : المغني 5/168 .
(6) تقدم تخريجها قريباً .(1/22)
المسألة التاسعة عشرة : نفي الفارق بين الوطء في القُبل والدبر ، من آدمي أو بهيمة في إفساد الحج(1)، لعموم قوله تعالى : {فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج } [ البقرة : 197 ] وقد فسَّر ابن عباس رضي الله عنهما وغيره الرَّفث بالجماع(2). ولأن الوطء في الدبر ووطء البهيمة وطءٌ في فرج يوجب الاغتسال ، فأفسد الحج ، أشبه الوطء في قُبل الآدمية(3)،ولأن هذا النوع من الوطء حرام في غير الإحرام ، فلئن يحرم في الإحرام بطريق الأولى(4).
المسألة العشرون : نفي الفارق بين كون الحصر(5) عاماً بجميع الحاج ، أو خاصاً بشخصٍ واحد ـ كمن حُبس ظلماً ، أو أخذته اللصوص وحده ـ في جواز التحلل(6)،لعموم قوله تعالى:{ فإن أُحصرتم فما استيسر من الهدي } [البقرة : 196] ولأن المعنى موجودٌ في الكل ، فاستويا في الحكم(7).
__________
(1) انظر : المغني 5/168 .
(2) انظر : المصنف لابن أبي شيبة ـ كتاب الحج ، في قوله تعالى ( فلا رفث ولا فسوق) 3/178 رقم : [ 13225]
(3) انظر : الشرح الكبير 8/334 ؛ الكافي 2/264 ، شرح العمدة 2/249 .
(4) انظر : الممتع في شرح المقنع 2/369 .
(5) الإحصار : لغة : المنع والحبس ، يُقال أحصره المرض أو السلطان إذا منعه عن مقصده ، فهو محصر ، وحُصر إذا حبسه فهو محصور . النهاية ، مادة [ حصر ] . وشرعاً : منع الخوف أو المرض من وصول المحرم إلى تمام حجته أو عمرته . أنيس الفقهاء ، ص 143 .
(6) انظر : المغني 5/195 .
(7) انظر : المصدر نفسه 5/195 ؛ الكافي 2/470 ، حاشية ابن قاسم 4/210 .(1/23)
المسألة الحادية والعشرون : نفي الفارق بين من حلق ومن لم يحلق في عدم فساد حجِّه بالوطء بعد الرمي ، وإنما عليه دمٌ وإحرام من الحِل(1)،لأنه أفسد إحرامه ولم يفسد نسكه لقوله عليه الصلاة والسلام:" الحجُّ عرفة " (2)، وتحرم عليه النساء لأنه بالرمي قد تحلَّل التحلُّل الأول ، لقوله عليه الصلاة والسلام : " إذا رمى أحدكم جمرة العقبة فقد حلَّ له كل شيء إلا النساء"(3). فلم يذكر الحلق.
المسألة الثانية والعشرون : نفي الفارق بين إزالة شعر الرأس بالحلق أو النَّورة(4) أو قصِّه أو غير ذلك في وجوب الفدية(5)، لاشتراك الكل في حصول الرفاهية بإزالته(6).
__________
(1) انظر : المغني 5/376 . قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وسواء قلنا : التحلل يحصل بمجرد الرمي ، أو لا يحصل إلا به وبالحلق ، هذا هو المنصوص عن أحمد ، وهو الذي عليه قدماء الأصحاب ، ومن حقق هذا منهم مثل الخرقي ، وأبي بكر ، وابن أبي موسى وغيرهم ، كلهم جعلوا الفرق بين ما قبل رمي جمرة العقبة وما بعدها من غير تعرض إلى الحلق . شرح العمدة 2/235 .
(2) أخرجه أبو داود ـ كتاب المناسك ، باب من لم يدرك عرفة ، رقم : [ 1949 ] . والترمذي ـ كتاب الحج ، باب ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك الحج ، رقم : [ 889 ] . والنسائي ـ كتاب مناسك الحج ن باب فيمن لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بمزدلفة ، رقم : [3044]. وابن ماجه ـ كتاب المناسك ، باب من أتى عرفة قبل الفجر ، رقم : [ 3015 ] . وصححه الألباني ، انظر : إرواء الغليل ، رقم : [ 1064] .
(3) أخرجه أبو داود ـ كتاب المناسك ، باب في رمي الجمار ، رقم : [ 1978] . وصححه الألباني ، انظر : صحيح الجامع الصغير ، رقم : [ 592 ] .
(4) النَّورة : من الحجر الذي يُحرق ويسوَّى منه الكلس ويحلق به شعر العانة . اللسان ، مادة : [ نور ] .
(5) انظر : المغني 5/381 .
(6) انظر : الشرح الكبير 8/230 ؛ الممتع في شرح المقنع 2/345 .(1/24)
المسألة الثالثة والعشرون : نفي الفارق بين العامد والمخطئ ، ومن له عذرٌ ومن لا عذر له في وجوب الفدية على من حلق رأسه وهو مُحرِم(1). لأنه إتلاف ، فاستوى عمده وخطؤه كإتلاف مال الآدمي ، وكقتل الصيد . ولما أوجب الله تعالى الفدية على من حلق رأسه لأذىً به وهو معذور، كما في حديث كعب بن عُجْرة رضي الله عنه(2)،فهو تنبيهٌ على وجوبها على غير المعذور (3).
المسألة الرابعة والعشرون : نفي الفارق بين كون المُحرم مخطئاً في قتل الصيد أو عامداً في وجوب جزائه(4)، لقول جابر رضي الله عنه : جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الضَّبع يصيده المحرم كبشاً(5)،وقال عليه الصلاة والسلام في بيض النعام يصيبه المحرم " ثمنه " (6) ففي هذين الحديثين لم يفرِّق بين المخطئ والعامد ، ولأن جزاء الصيد ضمان إتلاف ، فاستوى عمده وخطؤه كضمان مال الآدمي(7).
__________
(1) انظر : المغني 5/381 .
(2) متفق عليه ، البخاري ـ كتاب المحصر ، باب النسك شاة ، رقم : [ 1818] .
ومسلم ـ كتاب الحج ، باب جواز حلق الرأس للمحرم ، رقم : [1201] .
(3) انظر : المغني 5/382 ، الكافي 2/374 ، الشرح الكبير 8/224 ، شرح العمدة 2/404 .
(4) انظر : المغني 5/396 .
(5) أخرجه أبو داود ـ كتاب الأطعمة ، باب في أكل الضبع ، رقم : [ 3801 ] .
والترمذي ـ كتاب الأطعمة ، باب أكل الضبع ، رقم : [ 1792] وقال : حسن صحيح .
وابن ماجه ـ كتاب المناسك ، باب جزاء الصيد يصيبه المحرم ، رقم : [ 3085 ] .
(6) أخرجه ابن ماجه ـ كتاب المناسك ، باب جزاء الصيد يصيبه المحرم ، رقم : [ 3086] .
والبيهقي ـ كتاب الحج ، باب بيض النعامة يصيبها المحرم ، رقم : [ 10021 ] .
(7) انظر : المغني 5/397 ، الكافي 2/374 .(1/25)
المسألة الخامسة والعشرون : نفي الفارق بين إحرام الحج وإحرام العمرة في وجوب جزاء الصيد على من صاده وهو متلبِّسٌ بأحدهما(1)، لعموم قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حُرُم ومن قتله منكم متعمِّداً فجزاءٌ مثل ما قتل من النَّعم } [ المائدة : 95 ] ولأن الحاج والمعتمر مستويان في الإحرام ، فوجب أن يستويا في ما يترتب على محظوراته(2).
المسألة السادسة والعشرون : نفي الفارق بين الإحرام بنسكٍ واحدٍ أو نسكين في وجوب جزاء الصيد ، لأن الله تعالى لم يفرِّق بينهما ، فاسم الإحرام في الآية يقع على القارن والمفرد(3). ولأن استواءهما في الإحرام يوجب استواءهما فيما يترتب على محظوراته كما تقدم .
المسألة السابعة والعشرون : نفي الفارق بين الماء الملح كالبحر والماء العَذْب كالأنهار والعيون في حلِّ ما صِيد فيهما(4)،لأن لفظ البحر يتناول الكل، كما في قوله تعالى : { وما يستوي البحران هذا عذبٌ فراتٌ سائغ ٌشرابه وهذا ملحٌ أُجاجٌ ومن كلٍّ تأكلون لحماً طريّاً } [فاطر : 12] فسمَّى العَذْب بَحْراً . ولأن الله تعالى قابل صيد البحر بصيد البر في قوله : { أحلَّ لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة وحُرِّم عليكم صيد البر ما دمتم حُرُما } [ المائدة : 96 ] فدلَّ على أن ما ليس من صيد البر فهو من صيد البحر(5).
__________
(1) انظر : المغني 5/397 .
(2) انظر : الكافي 2/390 .
(3) انظر : المغني 5/397 .
(4) انظر : المغني 5/400 .
(5) انظر : المصدر نفسه 5/400 ؛ الشرح الكبير 8/317 ، الممتع في شرح المقنع 2/364 .(1/26)
المسألة الثامنة والعشرون : نفي الفارق بين قليل الجائحة(1) وكثيرها في أنها توضع(2)،لعموم أمره صلى الله عليه وسلم بوضع الجوائح(3)، وما في معناه من الأحاديث ، ويستثنى من ذلك الشيء اليسير الذي لا ينضبط ، وجرت العادة بتلف مثله ، فإنه لا يؤثِّر ، ولا يسمَّى جائحة(4).
المسألة التاسعة والعشرون : نفي الفارق بين الأثمان والمُثْمنات في صحة بيعها جُزافاً(5)،لأن الأثمان في هذا البيع تكون معلومة بالمشاهدة كالمُثْمنَات ، فلا غرر يستلزم وزنها أو عدَّها(6).
المسألة الثلاثون : نفي الفارق بين الهبة والصدقة من الوالد لولده في جواز رجوعه فيهما(7)،لحديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما ، فإن في بعض ألفاظه ، قال : " تصدق عليَّ أبي بصدقة ، وقال : فرجع أبي ، فردَّ تلك الصدقة" متفق عليه(8)،ولعموم قوله عليه الصلاة والسلام : " لا يحل للرجل أن يعطي عطية فيرجع فيها ، إلا الوالد فيما يعطي ولده " (9).
__________
(1) الجائحة : هي الآفة التي تهلك الثمار والأموال وتستأصلها ، النهاية ، مادة : [ جوح ] .
(2) انظر : المغني 6/179 .
(3) أخرجه مسلم ـ كتاب المساقاة ، باب وضع الجوائح ، رقم : [ 1554] .
(4) انظر : المغني 6/180 ، الكافي 3/113 ، الإنصاف 5/74 .
(5) الجزاف : المجهول القدر ، مكيلاً كان أو موزوناً . النهاية ، مادة : [ جزف ] .
(6) انظر : المغني 6/202 ؛ الشرح الكبير 11/143 .
(7) انظر : المغني 8/264 .
(8) البخاري ـ كتاب الهبة ، باب الهبة للولد ، رقم : [ 2587] .
ومسلم ـ كتاب الهبات ، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة ، رقم : [ 1623 ] .
(9) أخرجه أبو داود ـ كتاب البيوع والإجارات ، باب الرجوع في الهبة ، رقم : [ 3539] .
والترمذي ـ كتاب البيوع ، باب ما جاء في الرجوع في الهبة ، رقم : [ 1298] .
وابن ماجه ـ كتاب الهبات ، باب من أعطى ولده ثم رجع فيه ، رقم : [ 2377] .
وأحمد في المسند، رقم : [ 2119] .
قال الحافظ ابن حجر : رجاله ثقات . انظر : فتح الباري 5/261 .(1/27)
المسألة الحادية والثلاثون : نفي الفارق بين الزنا في القُبل والدُّبر في ثبوت تحريم المصاهرة به(1)،لأن التحريم يثبت إن وطئ الرجل زوجته أو أمته في دُبُرها ، فكذلك إن زنى بامرأةٍ في دُبُرها(2).
المسألة الثانية والثلاثون : نفي الفارق بين كون الموطوءة أجنبية أو من ذوات المحارم في استحقاقها المهر بالوطء في نكاحٍ فاسد ، أو وطءٍ بشبهة، لأن الواطئ أتلف منفعة بُضْع ذات المحرم بالوطء فلزمه مهرها كالأجنبية، ولأن البُضْع محلٌ مضمونٌ على غيره إن استباحه بنكاح، فوجب عليه ضمانه كوجوب ضمان المال على مُتلفه(3).
المسألة الثالثة والثلاثون : نفي الفارق بين كون الزوجة مدخولاً بها أو غير مدخولٍ بها في مشروعية ملاعنتها، لظاهر قوله تعالى:{والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين} (4)
[ النور : 6 ] فلفظ " أزواجهم" يعم كل امرأةٍ عُقد عليها، قال ابن المنذر : أجمع على هذا من نحفظ عنه من علماء الأمصار(5).
المسألة الرابعة والثلاثون : نفي الفارق بين الرجال والنساء في وجوب قتل من ارتد منهم عن الإسلام(6)،لعموم قوله عليه الصلاة والسلام : " من بدَّل دينه فاقتلوه" (7)، وقوله : " لا يحل دم امرئٍ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس ، والثيب الزاني ، والمفارق لدينه التارك للجماعة " متفق عليه(8)،
__________
(1) انظر : المغني 9/528 .
(2) انظر : المصدر نفسه 9/528 ، الشرح الكبير 20/291 .
(3) انظر : المغني 10/187 ؛ الشرح الكبير 21/293-294.
(4) انظر : المغني 11/124 .
(5) انظر : الشرح الكبير 23/396 .
(6) انظر : المغني 12/264 .
(7) أخرجه البخاري ـ كتاب الجهاد والسير ، باب لا يعذَّب بعذاب الله ، رقم : [ 3017] .
(8) البخاري ـ كتاب الديات ، باب قول الله تعالى : ( النفس بالنفس ) ، رقم : [ 6878] .
ومسلم ـ كتاب القسامة ، باب ما يباح به دم المسلم ، رقم : [ 1676 ] .(1/28)
فعموم هذين الحديثين يدل على أن المرأة المسلمة إذا ارتدت قُتلت ، ولأن المرأة شخصٌ مكلَّفٌ بدَّل دين الحق بالباطل ، فتقتل كالرجل(1).
المسألة الخامسة والثلاثون : نفي الفارق بين العدل والفاسق من المسلمين وأهل الكتاب في إباحة ذبائحهم (2)، لعموم الأدلة وعدم تفريقها بين العدل والفاسق(3).
المسألة السادسة والثلاثون : نفي الفارق بين الحربي والذمي من أهل الكتاب في إباحة ذبيحته(4)، لعموم الأدلة ، وقد سئل أحمد رحمه الله عن ذبائح نصارى أهل الحرب ، فقال : لا بأس بها ، حديث عبد الله بن مُغَفَّل في الشحم(5) . قال ابن المنذر : أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم(6).
المسألة السابعة والثلاثون : نفي الفارق بين الكتابي العربي وغير العربي في إباحة ذبيحته ، لعموم الأدلة(7).
__________
(1) انظر : الشرح الكبير 27/116 .
(2) انظر : المغني 13/293 .
(3) انظر : حاشية ابن قاسم 7/444 .
(4) انظر : المغني 13/293 .
(5) يستدل الإمام أحمد بحديث عبد الله بن مغفل على جواز ذبائح نصارى أهل الحرب ، فإنه رضي الله عنه قال : أصبتُ جُراباً من شحم يوم خيبر ، قال : فالتزمته ، فقلت : لا أعطي اليوم أحداً من هذا شيئاً ، قال : فالتفتُّ فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مبتسماً .
أخرجه مسلم ـ كتاب الجهاد والسير ، باب جواز الأكل من طعام الغنيمة في دار الحرب ، رقم : [1772].
(6) انظر : المغني 13/293 ؛ الشرح الكبير 27/288-289.
(7) انظر : المغني 13/294 ؛ الشرح الكبير 27/389 .(1/29)
المسألة الثامنة والثلاثون : نفي الفارق بين كون الشركاء في العبد مسلمين أو كافرين أو بعضهم مسلماً وبعضهم كافراً في عتق العبد كلِّه إن أعتقه أحدهم وهو موسر، لعموم قوله عليه الصلاة والسلام : " من أعتق شركاً له في عبد ، فكان معه ما يبلغ ثمن العبد ، قوِّم عليه قيمة العدل ، وأعطي شركاؤه حصصهم ، وعتق جميع العبد ، وإلا فقد عتق منه ما عتق"(1). ولأن سراية العتق ثبتت لإزالة الضرر ، فيستوي في ذلك المسلم والكافر ، كردِّ المبيع بالعيب(2).
خاتمة البحث
الحمد لله أولاً وآخراً ، والشكر له شكراً جزيلاً وافراً ، على ما يسر من إتمام هذا البحث . وبعد :
فإن لهذا البحث فوائد مهمة ، ونتائج جمَّة ، أبرزها ما يلي :
1- رحمة الله بعباده ، ورفعه الحرج عنهم ، بأن يسَّر لهم معرفة طرق الاستنباط، الموصلة إلى العلم بالأحكام ، فقامت بذلك الحجة على الأنام ، ليلتزموا بما في الشرع الحنيف من الأحكام .
2- أن هذه الشريعة الربانية ، لا تفرق بين المتماثلات ، ولا تسوي بين المختلفات ، وما ثبت فيها من جمعٍ أو فرق ، فهو مبنيٌ على حِكَمٍ للشارع بالغة ، ومصالح للعباد راجحة .
3- أن نفي الفارق أحد الطرق الشرعية الموصلة إلى معرفة الحكم الشرعي لمسألة غير منصوصٍ ولا مجمعٍ عليها ، بإلحاقها بمسألة تشبهها ، فتعطى حكمها بناءً على نفي الفارق بينهما .
4- أن نفي الفارق حجة يعتمد عليه ، ويستدل به للمسائل التي يتوصل إلى معرفة أحكامها بناءً عليه .
5- أن نفي الفارق أحد أنواع القياس المعتبرة ، وهو ما يعرف عند الأصوليين بـ " القياس في معنى الأصل " كما قال الشافعي رحمه الله، وتبعه كثيرٌ من الأصوليين .
6- أن نفي الفارق أحد مسالك وطرق الوصول إلى معرفة العلة في القياس.
7- أن المسائل الفقهية التي بُنيت على نفي الفارق كثيرة جداً ، مبثوثة في كتب الفقه .
__________
(1) تقدم تخريجه ص 14 .
(2) انظر : المغني 14/353 ؛ الشرح الكبير 19/46 .(1/30)
8- أن ابن قدامة المقدسي رحمه الله أكثر من ذكر نفي الفارق والاستدلال به لبعض المسائل في كتاب المغني ، كما يتضح من الفصل الثاني في هذا البحث .
9- من خلال هذا البحث يتم الإلمام بمسائل فقهية كثيرة تعد أمثلة تطبيقية لمصطلح " نفي الفارق" . والعلم بالأدلة التي بنى عليها ابن قدامة القول بنفي الفارق في هذه المسائل .
وفي الختام أسأل الله العلي القدير أن يجعل هذا البحث مباركاً ، بأن يكون لكل من قرأه أو اطلع عليه نافعاً .
وأسأله تعالى أن يعلِّمنا ما ينفعنا ، وينفعنا بما علمنا إنه سميع مجيب . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
قائمة المصادر
1 – الإبهاج في شرح المنهاج .
تأليف / علي بن عبد الكافي السبكي وولده عبد الوهاب .
تحقيق وتعليق / الدكتور شعبان محمد إسماعيل .
منشورات مكتبة الكليات الأزهرية ، القاهرة ، 1402هـ ـ 1982م .
2 – إتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر .
تأليف / الدكتور عبد الكريم بن علي النملة .
دار العاصمة للنشر والتوزيع ، الرياض ، ط (1) ، 1417هـ ـ 1996م .
3 – الإحكام في أصول الأحكام .
تأليف / علي بن محمد الآمدي .
تعليق / عبد الرزاق عفيفي .
المكتب الإسلامي ، بيروت ، ط (2) ، 1402هـ .
4 – إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول .
تأليف / محمد بن علي بن محمد الشوكاني .
دار المعرفة للطباعة والنشر ، بيروت ، لبنان ، 1399هـ ـ 1979م .
5 – إرواء الغليل في تخريج منار السبيل .
تأليف / محمد ناصر الدين الألباني .
إشراف / محمد زهير الشاويش .
المكتب الإسلامي ، بيروت ، ط (1) ، 1399هـ ـ 1979م .
6 – أساس القياس .
تأليف / أبي حامد الغزالي .
تحقيق وتعليق / فهد بن محمد السدحان .
مكتبية العبيكان ، الرياض ، 1413هـ ـ 1993م .
7 – الاستدلال عند الأصوليين .
تأليف / الدكتور أسعد عبد الغني السيد الكفراوي .
دار السلام للطباعة والنشر ، القاهرة ، مصر ، ط(1) ، 1423هـ ـ 2002م.(1/31)
8 – الاقتباس لمعرفة الحق من أنواع القياس .
تأليف / محمد بن إسماعيل الصنعاني .
تحقيق / عبد الله بن محمد الحاشدي .
مكتبة السوادي للتوزيع ، جدة ، المملكة العربية السعودية ، ط(1) ، 1416هـ ـ 1995م .
9 – إعلام الموقعين عند رب العالمين .
تأليف / شمس الدين محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية .
تعليق / طه عبد الرؤوف .
دار الجبل ، بيروت ، لبنان .
10 – الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف .
تأليف / علي بن سليمان المرداوي .
تحقيق / محمد حامد الفقي .
دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان ، ط(1) ، 1376هـ ـ 1957م .
11-أنيس الفقهاء في تعريفات الألفاظ المتداولة بين الفقهاء .
تأليف / الشيخ قاسم القونوي .
تحقيق / الدكتور أحمد بن عبد الرزاق الكبيسي .
دار الوفاء للنشر والتوزيع ، جدة ، ط (2) ، 1407هـ -1987م .
12 – البحر المحيط في أصول الفقه .
تأليف / بدر الدين بن محمد بن بهادر الزركشي .
دار الصفوة للطباعة والنشر ، الكويت ، ط(2) ، 1413هـ .
13 – بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب .
تأليف / محمود بن عبد الرحمن بن أحمد الأصفهاني .
تحقيق / الدكتور محمد مظهر بقا .
مركز إحياء التراث الإسلامي بجامعة أم القرى ، مكة المكرمة .
14 – تذكير الناس بما يحتاجون إليه من القياس .
تأليف / الدكتور محمد إبراهيم الحفناوي .
دار الحديث ، القاهرة ، ط(1) ، 1415هـ ـ 1995م .
15- تيسير التحرير .
تأليف / محمد أمين ، المعروف بأمير بادشاه الحسيني .
دار الكتب العلمية ، بيروت .
16 – جمع الجوامع في أصول الفقه .
تأليف / تاج الدين عبد الوهاب بن علي السبكي .
تعليق / عبد المنعم خليل إبراهيم .
دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، ط(1) ، 1421هـ ـ 2001م .
17 – حاشية البناني على شرح الجلال المحلي على متن جمع الجوامع .
دار الفكر ، بيروت ، 1402هـ ، 1982م .
18 – حاشية الروض المربع شرح زاد المستنقع .(1/32)
تأليف / عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي .
ط (2) ، 1403هـ .
19 – الذيل على طبقات الحنابلة .
تأليف / عبد الرحمن بن شهاب الدين أحمد بن رجب الحنبلي .
تعليق / أسامة بن حسن وحازم علي بهجت .
دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، ط (1) ، 1417هـ ـ 1997م .
20 – سنن الترمذي .
تأليف / محمد بن عيسى بن سورة الترمذي .
تحقيق وتعليق / محمد فؤاد عبد الباقي .
دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان .
21 – سنن أبي دواد .
تأليف / الحافظ سليمان بن الأشعث السجستاني الأزدي .
إعداد وتعليق / عزت الدعاس ، وعادل السيد .
دار الحديث للطباعة والنشر ، بيروت ، لبنان ، ط(1) ، 1394هـ ـ 1974م.
22 – السنن الكبرى .
تأليف / أحمد بن الحسين بن علي البيهقي .
تحقيق / محمد عبد القادر عطا .
دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، ط (1) ، 1414هـ ـ 1994م .
23 – سنن ابن ماجه .
تأليف / محمد بن يزيد القزويني .
تحقيق / محمد فؤاد عبد الباقي .
دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان .
24 – سنن النسائي .
تأليف / أحمد بن شعيب بن علي الخراساني .
ضبط وتصحيح / عبد الوارث محمد علي .
دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، ط (1) ، 1416هـ ـ 1995م .
25 – شرح الزركشي على مختصر الخرقي .
تأليف / محمد بن عبد الله الزركشي .
تحقيق / عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين ، ط (1) ، 1410هـ .
26 – شرح العمدة في بيان مناسك الحج والعمرة .
تأليف / شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحريم بن تيمية .
دراسة وتحقيق / صالح بن محمد الحسن .
مكتبة الحرمين ، الرياض ، ط (1) ، 1409هـ ـ 1988م .
27 – شرح العمدة في الفقه .
تأليف / شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية .
تحقيق ودراسة / سعود بن صالح العطيشان .
مكتبة العبيكان ، الرياض ، ط(1) ، 1412هـ ـ 1991م .
28 – الشرح الكبير .
تأليف / عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي .
تحقيق / الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي .(1/33)
مطبوع مع المقنع والإنصاف ، توزيع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف ، المملكة العربية السعودية ، 1419هـ ـ 1998م .
29 – شرح الكوكب المنير .
تأليف / محمد بن أحمد الفتوحي .
تحقيق / الدكتور محمد الزحيلي ، والدكتور نزيه حماد .
طبع ونشر كلية الشريعة بمكة المكرمة .
30 – شرح مختصر الروضة .
تأليف / سليمان بن عبد القوي بن عبد الكريم بن سعيد الطوفي .
تحقيق / الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي .
توزيع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف،المملكة العربية السعودية،ط(2)، 1419هـ ـ 1998م .
31- الشرح الممتع على زاد المستقنع .
تأليف الشيخ / محمد بن صالح العثيمين .
مؤسسة آسام للنشر ، الرياض ، ط (1) 1415هـ - 1994م .
32 – الصِّحاح .
تأليف / إسماعيل حماد الجوهري .
تحقيق / أحمد عبد القادر عطا .
دار العلم ، بيروت ، ط(2) ، 1399هـ .
33 – صحيح البخاري .
تأليف / الإمام محمد بن إسماعيل بن بردزيه البخاري .
مطبوع مع فتح الباري ، دار السلام ، الرياض ، ط(1) ، 1418هـ ـ 1997م.
34 – صحيح الجامع الصغير وزيادته .
تأليف / محمد ناصر الدين الألباني .
المكتب الإسلامي ، بيروت ، ط(3) ، 1402هـ ـ 1982م .
35 – صحيح مسلم .
تأليف / الإمام مسلم بن الحجاج القشيري .
تحقيق / محمد فؤاد عبد الباقي .
دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، 1413هـ ـ 1992م .
36 – فتح الباري شرح صحيح البخاري .
تأليف / أحمد بن علي بن حجر العسقلاني .
دار السلام ، الرياض ، ط (1) ، 1418هـ ـ 1997م .
37 – قواطع الأدلة في الأصول .
تأليف / منصور بن محمد بن عبد الجبار السمعاني .
تحقيق / محمد حسن محمد حسن الشافعي .
دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، ط(1) ، 1418هـ ـ 1997م .
38 – الكافي .
تأليف / عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي .
تحقيق / الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي .
بالتعاون مع مركز البحوث بدار هجر ، ط(2) ، 1419هـ ـ1998م .(1/34)
39 – اللباب في شرح الكتاب .
تأليف / عبد الغني الغنيمي الميداني .
تحقيق / محمود أمين النواوي .
دار الكتاب العربي ، بيروت ، لبنان .
40 – لسان العرب .
تأليف / ابن منظور جمال الدين بن محمد بن مكرم الأنصاري .
41 – مباحث العلة في القياس عند الأصوليين .
تأليف / عبد الحكيم عبد الرحمن أسعد السعدي .
دار البشائر الإسلامية ، بيروت ، ط (1) ، 1406هـ ـ 1986م .
42 – مجموع فتاوي شيخ الإسلام ابن تيمية .
جمع وترتيب / عبد الرحمن بن محمد بن قاسم النجدي .
طبع بإشراف الرئاسة العامة لشئون الحرمين الشريفين بالمملكة العربية السعودية.
43 – المختصر في أصول الفقه .
تأليف / علي بن محمد بن علي البعلي المعروف بابن اللْحام .
تحقيق / الدكتور محمد مظهر بقا .
دار الفكر ، دمشق ، 1400هـ ـ 1980م .
44 – المصنف في الأحديث والآثار .
تأليف / عبد الله بن محمد بن أبي شيبة الكوفي .
تحقيق / كمال يوسف الحوت .
مكتبة الرشد ، الرياض ، ط (1) .
45 – معجم مصطلحات أصول الفقه .
تأليف / الدكتور قطب مصطفى سانو .
دار الفكر المعاصر ، بيروت ، لبنان ، ط(1) ، 1420هـ ـ 2000م .
46 – معجم مقاييس اللغة .
تأليف / أحمد بن فارس بن زكريا .
تحقيق / عبد السلام هارون .
دار الجيل ، بيروت ، ط(1) ، 1411هـ ـ 1991م .
47 – المغني .
تأليف / عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي .
تحقيق / الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي والدكتور عبد الفتاح محمد الحلو .
دار عالم الكتب ، الرياض ، ط(3) ، 1417هـ ـ 1997م .
48 – مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول .
تأليف / محمد بن أحمد التلمساني .
تحقيق / عبد الوهاب عبد اللطيف .
دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، ط(1) ، 1417هـ ـ 1996م .
49 – الممتع في شرح المقنع .
تأليف / زين الدين المنجي التنوخي .
تحقيق / الدكتور عبد الله بن دهيش .
دار خضر ، بيروت ، لبنان ، ط(2) ، 1418هـ ـ 1997م .(1/35)
50 – منتهى الوصول والأمل في علمي الأصول والجدل .
تأليف / عثمان بن عمرو بن أبي بكر المعروف بابن الحاجب .
دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، ط(1) ، 1405هـ ـ 1985م .
51 – نبراس العقول في تحقيق القياس عند علماء الأصول .
تأليف / عيسى منّون الشامي الأزهري .
دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، ط(1) ، 1424هـ ـ 2003م .
52 – نهاية السول في شرح منهاج الأصول .
تأليف / عبد الرحيم بن الحسن الإسنوي .
عالم الكتب ، بيروت ، 1982م .
53- النهاية في غريب الحديث والأثر .
تأليف / مجد الدين أبو السعادات ابن الأثير .
إشراف / علي بن حسن بن عبد الحميد .
دار ابن الجوزي ، الرياض ، ط (3) ، 1425هـ .
محتويات البحث
الموضوع ... رقم الصفحة
مقدمة ... 1
الفصل الأول : ... 5
نفي الفارق عند الأصوليين
المبحث الأول : معنى نفي الفارق ... 5
المبحث الثاني : حجية نفي الفارق ... 8
المبحث الثالث : نفي الفارق وأقسام القياس ... 12
المبحث الرابع : نفي الفارق ومسالك العلة ... 16
الفصل الثاني : ... 18
تطبيقات نفي الفارق في المغني لابن قدامة
المسألة الأولى : حكم يسير النجاسة ... 18
المسألة الثانية : حكم قليل البول ... 18
المسألة الثالثة : حكم يد الكلب ورجله وشعره ... 18
المسألة الرابعة : الحكم إن كانت يد المستيقظ من النوم مشدودة بشيء ... 19
المسألة الخامسة : مسُّ الذكر بظهر الكف ... 19
المسألة السادسة : مسُّ ذكر الصغير ... 19
المسألة السابعة : مسُّ ذكر الصغير ... 20
المسألة الثامنة : لمس ذات المحرم والصغيرة ... 20
المسألة التاسعة : التيمم في سفر المعصية ... 20
المسألة العاشرة : المسح على الجبيرة بسبب جُرْح ... 20
المسألة الحادية عشرة : الحكم إن اشتبهت القبلة مع ظهور أدلتها ... 21
المسألة الثانية عشرة : التطوع في أوقات النهي بمكة ... 21
المسألة الثالثة عشرة : أداء صلاة الجمعة قبل الزوال ... 21
المسألة الرابعة عشرة : إنصات البعيد لخطبة الجمعة ... 22
المسألة الخامسة عشرة : زكاة الدين المؤجَّل ... 22(1/36)
المسألة السادسة عشرة : الوطء في الدبر في نهار رمضان ... 22
المسألة السابعة عشرة : جماع الحاج بعد الوقوف بعرفة ... 22
المسألة الثامنة عشرة : جِماع المُكْرَه في الحج ... 23
المسألة التاسعة عشرة : الوطء في الدبر من آدمي أو بهيمة في الحج ... 23
المسألة العشرون : الإحصار إن كان خاصاً بشخص واحد ... 24
المسألة الحادية والعشرون : الحكم إن وطئ بعد الرمي وقبل الحلق ... 24
المسألة الثانية والعشرون : إزالة المحرم شعر رأسه بالنَّورة أو القص ... 25
المسألة الثالثة والعشرون : حلق المحرم رأسه مخطئاً ... 25
المسألة الرابعة والعشرون : قتل المحرم للصيد مخطئاً ... 25
المسألة الخامسة والعشرون : قتل الصيد من المُحرم بعمرة ... 26
المسألة السادسة والعشرون : قتل الصيد من المُحرم بنسكين ... 26
المسألة السابعة والعشرون : صيد المُحرم من الماء العَذْب ... 26
المسألة الثامنة والعشرون : الجائحة إن كانت قليلة ... 27
المسألة التاسعة والعشرون : حكم بيع الأثمان جُزافاً ... 27
المسألة الثلاثون : رجوع الوالد في صدقته على ولده ... 27
المسألة الحادية والثلاثون : المصاهرة بسبب الزنا في الدبر ... 28
المسألة الثانية والثلاثون : استحقاق المهر في وطء ذات المحرم ... 28
المسألة الثالثة والثلاثون : ملاعنة غير المدخول بها ... 28
المسألة الرابعة والثلاثون : المرأة إن ارتدت عن الإسلام ... 28
المسألة الخامسة والثلاثون : ذبيحة الفاسق من المسلمين وأهل الكتاب ... 29
المسألة السادسة والثلاثون : ذبيحة الحربي من أهل الكتاب ... 29
المسألة السابعة والثلاثون : ذبيحة الكتابي غير العربي ... 29
المسألة الثامنة والثلاثون : الحكم إن كان الشركاء في العبد كفار ... 29
أو بعضهم مسلم وبعضهم كافر
خاتمة البحث ... 31
قائمة المصادر ... 33
محتويات البحث ... 40(1/37)