نظرات
في
< معجم المناهي اللفظية >
تأليف
أبي البراء علي رضا بن عبد الله المدني
الطبعة الأولى لمجالس الهدى
1425ه ـ 2004م
رقم الإيداع القانوني: 571 ـ 2004
ردمك: 0 ـ 053 ـ 43 ـ 9961
U
تقريظ الشيخ حمدي السلفي
إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضلَّ له، ومَن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله؛ صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أمَّا بعد؛؛
فقد أطلعني الأخ الشيخ علي رضا على المقالات التي ردَّ بها على فضيلة الشيخ الدكتور بكر أبو زيد حفظه الله في كتابه <معجم المناهي اللفظية>.
إنَّني لم أر هذا الكتاب ولم أطَّلع عليه حتى أعرف ما يقصد المؤلف، وما هو منهجه في هذا الكتاب، إلاَّ أنَّني اطَّلعت على مقالات الشيخ علي رضا، فرأيته ركَّز على الأحاديث والآثار التي استدلَّ بها الشيخ بكر أبو زيد، وبيَّن درجتها من الناحية الحديثية وأنَّها لضعفها وسقمها لا تصحُّ للاستشهاد بها، وكذلك بيَّن أنَّ كثيرًا أو الأكثر منها مع ضعفها ليس فيها النهي اللفظي حتى يستدلَّ بها على المدعى، والشيخ في ردِّه تتبَّع تلك الأحاديث فخرَّجها وبيَّن عِلَلها مِمَّا يدلُّ على اطِّلاعه الواسع في هذا المجال، وكان نقده بنَّاءً مع ذكره أنَّه يحترم فضيلة الشيخ الدكتور المؤلِّف وينَزله مَنْزِلته التي تليق به، وهذا هو شأن علماء السلف رحمهم الله في مناقشاتهم وردودهم.(1/1)
وأستغل هذه المناسبة فأوجِّه دعوتي إلى المشايخ والكتَّاب والمحاضرين والأساتذة والوعَّاظ والخطباء وكلِّ طلاب العلم أن يأخذوا الحيطة والحذر في نسبة الأحاديث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يتحقَّقوا من صحَّتها لئلاَّ يدخلوا فيمَن يتبوَّؤون مقعدهم من النار كما ورد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتواتر، وكذلك لا يدخلوا في حديث <مَنْ حَدَّثَ بِحَدِيثٍ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الكَاذِبَيْنِ> وهو في مقدِّمة صحيح مسلم من حديث صحابيين.
والله من وراء القصد..
حمدي عبد المجيد السلفي
20/8/1421ه
U
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يهد الله فلا مضلَّ له، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أمَّا بعد؛؛
فهذه ملحوظات تنفع بإذن الله تعالى مَن أراد الحقَّ والصواب؛ كنت قد تتبَّعتها من كتاب <مُعْجَمُ المَنَاهِي اللَّفْظِيَّةِ> للشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد، ونشرتها تباعًا في جريدة <المدينة>، ثُمَّ في جريدة <البلاد> في <ملحق التراث> بعناية الأخ الفاضل الدكتور محمَّد يعقوب تركستاني الذي كان له الفضل بعد الله تعالى في إحياء التراث الإسلامي والاهتمام به في <الملحق> الذي يتابعه طلاب العلم وذوي التخصُّص بكلِّ شغف وعناية.
وكتاب <مُعْجَمُ المَنَاهِي اللَّفْظِيَّةِ> قد عقدت في هذه الرسالة عنوانًا يجد القرَّاء الكرام تحته الجوانب الإيجابية أو القوية في الكتاب.(1/2)
ومن المعلوم عند العلماء أنَّ الكتاب متى نُشِر بين الناس فقد وجب بيان ما فيه من ملحوظات وأحاديث واهية أو موضوعة عملاً بقول رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: <الدِّينُ النَّصِيحَةُ>، ولا يجوز السكوت عن بيان تلك الملحوظات وغيرها؛ ففي ذلك غِشٌّ وتلبيس على الناس خاصَّة إذا مسَّت جانب العقيدة [انظر: النهي عن قولهم: سبحانك ما عرفناك حقَّ معرفتك] أو كانت أحاديث مكذوبة وواهية وضعيفة، أو أدَّت إلى تحريم ما أحلَّ الله تعالى، [انظر: هل يُنهَى عن التسمِّي بغير العربية مطلقًا].
ولَمَّا طال انتظار الجواب والردِّ من الشيخ على ما أبديناه من ملحوظات إضافةً إلى رغبة طلاب العلم والمشايخ بأن تُفرَد هذه الملحوظات في رسالة مستقلَّة؛ لأنَّ كثيرًا مِمَّن حدَّثوني بذلك قالوا بأنَّهم لم يتمكَّنوا من متابعة جميع الحلقات: أحببت أن أُجيبهم إلى ما طلبوه وأُلبِّيَ لهم الذي أرادوه.
واللهَ أسأل أن يجعل عملي هذا خالصًا لوجهه سبحانه، ولا يجعل لأحد فيه نصيبًا إنَّه سميع عليم.
وسبحانك اللهمَّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلاَّ أنت أستغفرك وأتوب إليك.
وكتب أبو البراء علي رضا بن عبد الله المدني
في 14/7/1421ه
- - -
نظرات في
<معجم المناهي اللفظية>
تمتاز كتابات الشيخ الفاضل <بكر بن عبد الله أبو زيد> بحسن النظم مع قوَّة الاستدلال ـ عمومًا ـ واختيار المواضيع الطريفة والنافعة.
وكتاب الشيخ الفاضل <معجم المناهي اللفظية> طريقة جديدة نسبيًّا في ترتيب الألفاظ المنهيِّ عنها شرعًا بدلالة النصِّ من كتاب أو سنَّة أو قول صحابي، فمَن بعدُ من سلف الأمَّة (ص 6) حاول فيها المؤلِّف تقييد تلك الألفاظ من بطون كتب متفرِّقة؛ كالتفسير، والحديث، والفقه، والتاريخ، والسير، والمحاضرات (ص 8).
وسأتناول ـ في هذه المقالات ـ بعض الملحوظات على الأدلَّة؛ التي اعتمد عليها الشيخ الفاضل في تقوية جانب النهي عن تِلكُم الألفاظ:(1/3)
- سبحانه وتعالى - ذكر(1) أنَّ <نَضْلَة> من الأسماء المنهيِّ عنها بدليل حديث أبي برزة الأسلمي، وأنَّ اسمه كان: نضلة ابن نيار، فسمَّاه النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الله، وقال: <نيار: شيطان>.
قلت: وعليه ملحوظتان:
الأولى: أنَّ الحديث لا يثبت، فقد رواه الحاكم في <تاريخ نيسابور> كما في <الإصابة>(2) بسنده إلى العباس بن مصعب، قال: حدثني محمَّد بن مالك بن يزيد ابن أبي برزة الأسلمي قال: فذكره.
وهذا إسناد مظلم؛ العباس وشيخه لم أقف لهما على ترجمة فيما بين يديَّ من كتب الرجال؛ حتى في <ثقات ابن حبان> !
ثُمَّ هو إلى ذلك منقطع بين محمَّد هذا وبين والد جدِّه أبي برزة !
والثانية: أنَّ المنهيَّ عنه ـ لو صحَّ الحديث، هو <نيار> لا كما ذكر المؤلف أنَّه: <نضلة> !
- سبحانه وتعالى - وذكر المؤلِّف في نفس الصفحة(3) أنَّ <نعم> هكذا غير مضبوطة، والصواب: <نُعْم> من الأسماء المنهيِّ عنها أيضًا، والدليل: تغيير النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم اسمه إلى <عبد الله> !
قلت: الحديث أخرجه أبو موسى المديني، كما في <أسد الغابة>(4) من رواية أبي إسحاق وهو: السبيعي عن البراء أنَّ النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال لرجل: ما اسمك ؟ قال: نُعْم، قال: أنت عبد الله.
وهذا فيه عنعنة أبي إسحاق، وهو مشهور بالتدليس ـ وكان قد اختلط بأخَرَة ـ ولم أقف على كامل الإسناد؛ لنعرف إن كان فيه علَّة أخرى أم لا ؟
وذكر(5) النهي عن أسماء مثل <نعموش>، و<نغموش>، و<حمدون>، و<علوان> !
وقد وضع المؤلِّف علامة (- سبحانه وتعالى -) أمام اسْمَي <حمدون>، و<علوان>(6) مع أنَّ الحديث الوارد فيها موضوع بلا ريب !!
__________
(1) <معجم المناهي اللفظية> ص (323).
(2) <الإصابة> (3/556).
(3) <معجم المناهي اللفظية> ص (323).
(4) <أسد الغابة> (5/308).
(5) <معجم المناهي اللفظية> ص (324).
(6) <معجم المناهي اللفظية> ص (149)، ص (246).(1/4)
- سبحانه وتعالى - كما ذكر المؤلف(1) أيضًا أنَّ اسم <نكرة> منهيٌّ عنه؛ بدليل حديث فيه أنَّ النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم غيَّر اسمه إلى <معروف> !
قلت: لو صحَّ؛ فكيف وقد رواه ابن شاهين من طريق شيبة بن زيد، وهو في عِدَاد المجاهيل(2) ؟
- سبحانه وتعالى - وذكر(3) أنَّ اسم <نُعَيم> من المنهيِّ عنه؛ لأنَّ أحد الصحابة كان يُسمَّى نُعَيمًا، فسمَّاه النبي - صلى الله عليه وسلم - صالحًا !
قلت: الحديث رواه ابن منده كما في <أسد الغابة>(4)، وأبو نعيم <معرفة الصحابة>(5)، وابن أبي عاصم في <الآحاد والمثاني>(6)؛ كلُّهم من طريق الليث ابن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن إبراهيم بن صالح، واسمه الذي يعرف به: نعيم بن النحّام: وسَمَّاه رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم صالحًا.
وهذا منقطع بلا ريب بين زيد وإبراهيم، وله طريق أخرى فيها الواسطة <عن أبي النضر عن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة>، لكن لم يذكر ابن الأثير بداية الإسناد لننظر فيه !
- سبحانه وتعالى - وذكر الشيخ الفاضل(7) أنَّ قولهم: <من أين أقبلت> منهيٌّ عنه؛ بدليل رواية البخاري في <الأدب المفرد>(8) عن مجاهد قال: <كان يكره أن يُحِدَّ الرجل النظر إلى أخيه، أو يتبعه ببصره إذا قام من عنده، أو يسأله من أين جئت، وإلى أين تذهب> !
قلت: غفر الله للشيخ؛ فهذا من روايات ليث؛ وهو ابن أبي سليم، وكان قد اختلط جدًّا، ولم يتميَّز حديثه فتُرِك(9) !
- - -
متابعات
نظرات في < معجم المناهي اللفظية >
__________
(1) <معجم المناهي اللفظية> ص (324).
(2) <الإصابة> (3/445).
(3) <معجم المناهي اللفظية> ص (324).
(4) <أسد الغابة> (3/5).
(5) <معرفة الصحابة> لأبي نعيم (1/ ورقة 323 ب).
(6) <الأحاديث والمثاني> (2/66)؛ لابن أبي عاصم.
(7) <معجم المناهي اللفظية> ص (324).
(8) <الأدب المفرد>؛ للبخاري: رقم (1157).
(9) <التقريب> للحافظ ابن حجر (5721).(1/5)
نتابع في ـ هذه الحلقة ـ إلقاء الضوء على بعض الأدلَّة التي اعتمد عليها فضيلة الشيخ بكر ابن عبد الله أبو زيد؛ في تأليف كتابه <معجم المناهي اللفظية>:
- سبحانه وتعالى - فقد ذكر في ( ص 19) النهي عن عبارة <أَأَلِجُ> بدليل حديث عمرو ابن سعيد الثقفي: أن رجلاً استأذن على النبي صلَّى الله عليه وآله ـ فقال: أَأَلِجُ ؟ فقال النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ لأَمَةٍ يقال لها: روضة: <قومي إلى هذا فعلِّميه فإنَّه لا يُحسِن يستأذن؛ فقولي له: السلام عليكم، أَأَدْخُل> ؟ فسمعها الرجل فقال: أأدخل ؟ الإصابة (4/308).
قلت: الرواية مرسلة أو معضلة؛ فعمرو هذا من الطبقة الخامسة؛ الذين رأوا من الصحابة الواحد والاثنين؛ ولم يثبت لبعضهم السماع منهم.
ثُمَّ استدلَّ ـ حفظه الله ـ برواية سعيد بن منصور؛ كما في الإصابة (4/311) من حديث ريحانة، عن عمر ـ - رضي الله عنه - ـ موقوفًا.
قلت: لو أنَّ فضيلته وقف على الحديث الصحيح عند أبي داود في السنن (5176) وأحمد في المسند (3/414)، وغيرهم من حديث صفوان بن أُمَيَّة بإسناد صحيح مرفوعًا، ومن حديث رجل من بني عامر عند أبي داود أيضًا (5177) وغيره بإسناد صحيح كذلك؛ أقول لو وقف فضيلته على الحديث الصحيح لَمَا احتاج إلى غيره؛ مِمَّا لم يصحَّ سنده، أو كان موقوفًا.
- سبحانه وتعالى - وذكر في ص (22) النهي عن التسمية ب <أبي بشير> مستدلاًّ برواية البغوي كما في الإصابة (3/302) من حديث كعب بن مالك الأنصاري، وأنَّ كنيته في الجاهلية كانت: <أبا بشير>: فكنَّاه رسول الله ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ب <أبي عبد الله>.
قلت: في إسناده جهالة؛ مع كونه منقطعًا أيضًا.
فإسماعيل ـ من ولد كعب بن مالك ـ لا يُدْرَى مَن هو ؟ وقد أرسله أو أعضله عن النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم.(1/6)
- سبحانه وتعالى - وذكر في ص (44 ـ 45) النهي عن التسمية ب <إسرافيل> وكذا في ص (319) ذكر النهي عن التسمي ب <ميكائيل> ووضع علامة <- سبحانه وتعالى -> أمام <جبرائيل> ص (131).
قلت: لا حجَّة في النهي لعدم صحَّة الحديث.
ثُمَّ لا صحَّة في التفريق الذي اعتمده المؤلف.
أمَّا الحديث فقد أخطأ البيهقي ومَن بعده ابن القيم، وتبعهما المؤلف في زعمهم جميعًا أنَّ البخاري قال عن غير الرواية التي رُوِيَتْ في النهي عن التسمية بأسماء الملائكة: <في إسناده نظر>؛ انظر: (تحفة المودود ص 119)، و(شعب الإيمان 8626) غلطوا جميعًا؛ لأنَّ البخاري روى الحديث في (تاريخه الكبير 3/1/35) رقم (36).
ثُمَّ قال عند هذه الرواية بعينها: <في إسناده نظر>.
قلت: في الإسناد أبو قتادة الشامي ـ وليس بالحراني ـ قال ابن معين: ليس بشيء، كتبنا عنه، ثُمَّ تركناه. (الميزان 4/564).
وأمَّا التفريق فلا وجه له أصلاً؛ كيف والحديث واهٍ جدًّا.
وقد ثبت بإسناد صحيح عند عبد الرزاق في المصنَّف (11/40 ـ 41) رقم (19850) عن معمر. قال: قلت لحمَّاد بن أبي سليمان: <كيف تقول في رجل يُسمَّى بجبريل وميكائيل ؟ قال: لا بأس به>.
وحمَّاد هذا تابعي، قال عنه الذهبي: <ثقة إمام مجتهد كريم جواد>. (الكاشف 1221).
- - -
قراءة في كتاب
< معجم المناهي اللفظية >
نتابع في هذه الحلقة ما بدأناه في حلقات مضت حول بعض الملحوظات على الأدلَّة التي استدلَّ بها الشيخ الفاضل بكر بن عبد الله أبو زيد في كتابه <معجم المناهي اللفظية>.
- سبحانه وتعالى - ذكر(1) النهي عن التسمِّي ب <أكبر>؛ لأنَّ النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم غيَّر اسم صحابي كان يُدعَى: <أكبر الحارثي>، فسمَّاه: <بشيرًا>.
قال الشيخ: <رواه البخاري في تاريخه، وابن السكن، والنسائي في عمل اليوم والليلة> !
__________
(1) <معجم المناهي اللفظية> ص (54).(1/7)
قلت: مدار الإسناد على مجهول حال هو عصام بن بشير الحارثي؛ فإنَّه لم يُوثِّقه مَن يُعتَمد على توثيقه، ولم يرو عنه سوى ثقة واحد، وآخر صدوق، وثالث: يُحسَّن لمثله ! انظر <تهذيب التهذيب>(1).
فلو أنَّ الشيخ الفاضل وضع علامة (- سبحانه وتعالى -) أمام <أكبر> لكان الصواب على حسب قاعدته. انظر <الإصابة>(2)، و<التاريخ الكبير>(3) و<عمل اليوم والليلة>(4).
- سبحانه وتعالى - وذكر في نفس الصفحة أيضًا(5) أنَّ اسم <الأصمِّ> من الأسماء المنهيِّ عنها؛ لأنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم غيَّر اسم صحابي يُدعَى <الأصم> إلى <عبد الرحمن>، وأنَّه كان من أصحاب الصُّفَّة !
قلت: العجب من الشيخ الفاضل كيف يعتمد رواية هشام بن الكلبي، وقد قال عنه الدارقطني وغيره: <متروك>.
وقال ابن عساكر: <رافضي، ليس بثقة>.
وقال أحمد بن حنبل: <إنَّما كان صاحب سَمَر ونَسَب>؛ ما ظننت أنَّ أحدًا يُحدِّث عنه> ! انظر: <ميزان الاعتدال>(6).
- سبحانه وتعالى - وذكر الشيخ(7) عبارة: <اللهمَّ اجعلني من الأقلِّين>، ونقل عن الجاحظ ! أنَّه ذكر عن عمر - رضي الله عنه - النهي عن قولها !!
قلت: الجاحظ غير ثقة ولا مأمون كما قاله ثعلب. وقال الذهبي: <كان من أئمَّة البدع>، وقال الخطابي: <هو مغموص في دينه> !
واتَّهمه بالوضع ابن خشبة في <اختلال الحديث>.
وقال ابن حزم: <كان أحد المُجَّان الضُّلاَّل؛ غلب عليه الهَزَل، ومع ذلك فإنَّا ما رأينا له في كتبه تعمُّد كذبه <يوردها مثبتًا لها؛ وإن كان كثير الإيراد لكذب غيره>.
__________
(1) <تهذيب التهذيب> (7/194).
(2) <الإصابة> (1/160 ـ 161).
(3) <التاريخ الكبير> (1/2/97).
(4) <عمل اليوم والليلة> (313).
(5) <معجم المناهي اللفظية> ص (54).
(6) < ميزان الاعتدال> (4/304 ـ 305).
(7) < معجم المناهي اللفظية> ص (66).(1/8)
ونقل الحافظ ابن حجر في ختام ترجمته من <لسان الميزان>(1) عن ثعلب قوله: <كان كذَّابًا على الله، وعلى رسوله، وعلى الناس> !
وقد وقفت ـ بحمد الله ـ على هذا الأثر في <الدر المنثور>(2) معزوًّا لابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر من رواية إبراهيم التيمي قال: <قال رجل عند عمر - رضي الله عنه - اللهمَّ اجعلني من القليل. فقال عمر - رضي الله عنه -: ما هذا الدعاء الذي تدعو به ؟ قال: إنِّي سمعت الله يقول: { وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ } فأنا أدعو الله أن يجعلني من ذلك القليل. فقال عمر - رضي الله عنه -: كلُّ الناس أعلمَ من عمر>.
وهذا الإسناد منقطع لا ريب في ذلك؛ لأنَّ إبراهيم التيمي لم يسمع من عائشة ولا من حفصة، ولا أدرك زمانهما؛ فهو لم يسمع من عمر من باب أولى. وانظر <جامع التحصيل> للعلائي(3).
وهو إلى ذلك مدلِّس، ولم يُصرِّح بالسماع؛ فالأثر ضعيف بلا ريب.
لكن هل نقل الجاحظ هذا الأثر بكلِّ أمانة ودقَّة ؟
الجواب: لا؛ فقد ذكر في كتابه <الحيوان>(4): <وسمع عمر رجلاً يدعو ويقول: اللهمَّ اجعلني من الأقلين. قال: ما هذا الدعاء ؟ قال: إنِّي سمعت الله عزَّ وجلَّ يقول: { وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ } ، وقال: { وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ } ، قال عمر: عليك من الدعاء بما يعرف> !
من هذا ندرك صِدْقَ مَن كذَّب الجاحظ، وقال بأنَّه غير ثقة ولا مأمون !
- - -
هل هو من المناهي اللفظية
__________
(1) <لسان الميزان> (4/355 ـ 357).
(2) < الدر المنثور> (5/431).
(3) < جامع التحصيل> للعلائي: (ص 167).
(4) <الحيوان> الجاحظ: (1/338).(1/9)
قال الحافظ في <الإصابة في أسماء الصحابة>(1) في ترجمة <مخشي بن حُمَيِّر>: <وفي تفسير ابن الكلبي عن ابن عباس، وبسند آخر إلى ابن مسعود أنَّه مِمَّن نزل فيه: { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ } ، قال: فكان مِمَّن عُفِي عنه مخشي بن حمير. فقال يا رسول الله غيِّر اسمي واسم أبي، فسمَّاه: عبد الله بن عبد الرحمن، فدعا مخشي ربَّه أن يُقتَل شهيدًا حيث لا يُعلَم به، فقُتِل يوم اليمامة، ولم يُعلَم له أثر>.
هذا الإسناد ضعيف جدًّا من أجل ابن الكلبي ـ صاحب التفسير ـ فإنَّه متروك ليس بثقة؛ كما في ترجمته من <لسان الميزان>(2).
وعليه فلا ينبغي لصاحب <معجم المناهي اللفظية>(3) أن يجعله من الألفاظ التي نهى الشارع عنها، كيف والحديث ضعيف جدًّا ؟!
وقد ذكره أيضًا(4)؛ أي بنى على هذا الحديث الواهي حكمًا شرعيًّا في النهي عن اسم <مخشي> واسم <حمير> !
وهل لفظ: <من أين أقبلت ؟> منهي عنه كذلك ؟
هكذا زعم صاحب <المناهي اللفظية>(5) بناءً على أثر ضعيف الإسناد من طريق ليث بن أبي سليم عن مجاهد قال: <كان يكره أن يُحِدَّ الرجل النظر إلى أخيه، أو يتبعه بصره إذا قام من عنده، أو يسأله من أين جئت، وأين تذهب>.
قلت: الأثر ضعيف من أجل ليث ـ وليس هو ابن سعد ـ فإنَّه كان قد اختلط حديثه جدًّا ولم يتميَّز فترك؛ كما في <التقريب>(6).
__________
(1) <الإصابة في أسماء الصحابة> (3/391 ـ 392).
(2) <لسان الميزان> (6/258).
(3) <معجم المناهي اللفظية> ص (24).
(4) <معجم المناهي اللفظية> ص (498).
(5) <معجم المناهي اللفظية> ص (528).
(6) <التقريب> (1/5721).(1/10)
ولو صحَّ هذا الأثر لَمَا كان القول بتحريم ذلك أو النهي عنه مقبولاً، كيف ولا حُجَّة في قول أحد دون رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم ؟ كيف وليس هو بقول صحابي لا يُعرَف له مخالف ؟ والأثر رواه البخاري في <الأدب المفرد> وليس هو <صحيح البخاري>(1).
قلت: ويَردُّ هذا الأثر ما رواه أحمد في <المسند>(2) بإسناد حسن من حديث أم الدرداء أنَّ رسول الله عليه الصلاة والسلام قال لها: <مِنْ أَيْنَ جِئْتِ يَا أُمَّ الدَرْدَاءِ ؟ فقالت: من الحمام. فقال لها رسول الله عليه الصلاة والسلام: <مَا مِنِ امْرَأَةً تَنزِعُ ثِيَابَهَا إِلاَّ هَتَكَتْ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ سِتْرٍ>.
- - -
حديث: إنَّه ليس بكشر، ولكنه شكر ؟!
أورد الشيخ بكر أبو زيد في <معجم المناهي اللفظية> كلمة <كشر>(3) ثُمَّ قال: <في خبر قدوم وفد الأزد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ابن القيم رحمه الله تعالى: وقد كان أهل (جرش) بعثوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلين منهم يرتادان وينظران، فبينما هما عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشيَّةً بعد العصر؛ إذ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: <بأيِّ بلاد الله شكر ؟> فقام الجرشيان فقالا: يا رسول الله؛ ببلادنا جبل يقال له <كشر>، وكذلك تسمية أهل جرش، فقال - صلى الله عليه وسلم -: <إنَّه ليس بكشر، ولكنَّه شكر...> الحديث. انتهى.
قال علي رضا: لا تكفي إحالة المؤلف قُرَّاءه على كتاب <زاد المعاد> في إبراء الذمَّة؛ فإنَّ المحقِّقين من أمثال الشيخ لا يخفى عليهم أنَّ في القُرَّاء مَن يدقِّق الإسناد ليعرف صحَّة الخبر أو الحديث من ضعفه؛ فالأمانة العلمية تقتضي أن يُقال: هذا الحديث لا خطام له ولا زمام !
__________
(1) <الأدب المفرد>؛ للإمام البخاري برقم (1157).
(2) <مسند الإمام أحمد> (6/362).
(3) <معجم المناهي اللفظية> ص (455).(1/11)
فقد أورده ابن إسحاق دون سند ! ولهذا ذكره ابن هشام في <السيرة النبوية>(1) بدون سند أيضًا، وقد رواه أبو نعيم في <معرفة الصحابة>(2) بإسناده إلى ابن إسحاق، وهذا أعضله ولم يسنده !
ثُمَّ وقفت على إسناده (الذي لا يُسمِن ولا يغني من جوع)، فقد أخرجه ابن سعد في <الطبقات>(3) عن شيخه الواقدي الكذَّاب، واسمه محمَّد بن عمر؛ فذكر قصَّة الوفد، وخبر جبل (شكر) لكنَّ سياق القصة مختلف عن سياقه عند ابن إسحاق، فلعلَّه من أكاذيب الواقدي؛ فإنَّه وضَّاع.
ثُمَّ وجدته عند الطبري في <التاريخ>(4) عن شيخه محمَّد بن حميد الرازي (وهو متروك)، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني محمَّد ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، قال: <قدم على رسول الله...> فذكر القصَّة.
فزاد ابن حميد (وهو متَّهَم) عبد الله بن أبي بكر في الإسناد؛ لكنَّها زيادة منكرة لا قيمة لها؛ فابن حميد متَّهَم.
ووالله ! لو كان الإسناد خاليًا من هذين المتروكين المتهمين بالكذب (ابن حميد والواقدي) لَمَا جاز أن نصحِّح هذا الحديث؛ لأنَّه معضل أو مرسل !
بل الأمانة العلمية والنصح لسنَّة سيِّد الأنبياء والمرسلين تقتضي بيان حال الحديث؛ فالحمد لله الذي جعلني ذابًّا عن الحديث والسنَّة، وحشرني تحت لواء صاحبها محمَّد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، آمين.
- - -
لا تقولوا مجنون؛ بل مصاب !
__________
(1) <السيرة النبوية> لابن هشام (4/230).
(2) <معرفة الصحابة لأبي نعيم (3/1528).
(3) <طبقات ابن سعد> (1/337 ـ 338).
(4) <تاريخ الطبري> (3/130 ـ 131).(1/12)
صحَّ عن رسول الله عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم من أوجه مختلفة وبروايات متعددة أنَّه قال للمصاب في عقله أو مَن يَشكُّ في جنونه: <أَمَجْنُونٌ هُوَ> ؟ كما في رواية أبي داود في <السنن>(1) من حديث ابن عباس - أنَّ ماعز ابن مالك أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنَّه زنى فأعرض عنه، فأعاد عليه مرارًا فأعرض عنه، فسأل قومه: <أَمَجْنُونٌ هُوَ> ؟ قالوا: ليس به بأس. الحديث صحيح كما قال شيخنا الألباني رحمه الله تعالى في <صحيح أبي داود>(2).
فالعجب من الشيخ الفاضل بكر أبو زيد ! هل فاته مثل هذا حتى يضع لفظ <مجنون> في < معجم المناهي اللفظية>(3) ؟
إنَّه ينقدح في النفس أنَّ هذا مِمَّا لا يخفى مثلُه على مثلِه !
لكن يعكِّر على هذا كثرة الأوهام والملحوظات والأحاديث الواهية والضعيفة بل الموضوعة التي يُدعِّم بها فضيلته <مناهيه اللفظية>.
فها هو الشيخ يستدلُّ بحديث ضعيف جدًّا على ما زعمه من النهي عن لفظ <مجنون>؛ قال: <عن أنس - رضي الله عنه - قال: مرَّ رجل، فقالوا: هذا مجنون، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: المجنون المقيم على معصية الله، ولكن قولوا: مصاب>. أخرجه تمام في <فوائده> من حديث أبي هريرة، وأبو بكر الشافعي في <الغيلانيات> من حديث أنس. والوصف بالجنون من دأب المشركين المعارضين للرسل، ومنه قوله عن نوح عليه السلام: { مَجْنُونٌ وَازْدُجِرْ } [القمر: 9]. انتهى.
وأقول: هو في <الغيلانيات>(4) وفيه صالح المري، وهو ضعيف جدًّا، وهو في <فوائد تمام>(5) وسيأتي بيان حاله.
__________
(1) < سنن أبي داود> برقم (4421).
(2) < صحيح أبي داود> برقم (3718).
(3) < معجم المناهي اللفظية> (ص 493 ـ 494).
(4) <الغيلانيات> برقم (379).
(5) < فوائد تمام> برقم (1142).(1/13)
ووالله ! إنَّها لإحدى الكبر؛ فكيف يخفى على الشيخ وهو الذي أحال إلى كتاب <الروض البسام بترتيب فوائد تمام>(1) أنَّ مُحقِّقه قال عن الحديث: <إسناده واه، إبراهيم بن الفضل متروك كما في <التقريب>، وأبو إسحاق الصوفي ذكره الخطيب في <التاريخ>(2) ولم يَحْكِ فيه جرحًا ولا تعديلاً> ؟!
ثُمَّ إنَّه يعكِّر على إطلاق الشيخ <والوصف بالجنون من دأب المشركين...>؛ ذلك الحديث الصحيح عن رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم وغيره مِمَّا صحَّ بألفاظ مختلفة؛ كلُّها تدلُّ على جواز إطلاق هذا اللفظ في مكانه كما قاله عليه الصلاة والسلام، وكما جاء عن الصحابة رضوان الله عليهم، بَلْهَ ما سُطِّرَ في كتب الفقه من أحكام المجانين !!
النهي عن التسمية بـ <شادي> !
قال المؤلف في الطبعة الثالثة من الكتاب(3) عند كلامه عن <الأصل الثامن: في الأسماء المحرَّمة !> ثُمَّ قال برقم (5): <التسمِّي بالأسماء الأعجمية !! تركية أو فارسية أو بربرية أو غيرهما مِمَّا لا تتَّسع له لغة العرب ولسانها..> ثُمَّ ذكر منها: <شادي>، قال: <بمعنى القرد عندهم> !!
قال علي رضا: ما أعجب هذا النقل ؟!
قال الإفريقي في <لسان العرب>(4): <شدا من العلم والغناء وغيرهما شيئًا شدوًا: أحسن منه طَرَفًا، وشدا بصوته شدوًا: مدَّه بغناء أو غيره>. ثُمَّ قال: <والشادي الذي تعلَّم شيئًا من العلم والأدب والغناء>... الخ.
فها قد اتَّسعت لغة العرب لاسم <شادي> !!
ثُمَّ لو صحَّ أنَّها لا تتَّسع، فالتحريم صعب دون دليل صحيح صريح !
وقد حدَّثني أحد طلاب العلم بانزعاجه من فعل صاحب المناهي عندما جعله (قردًا)؛ لأنَّ اسمه شادي !!
__________
(1) <الروض البسام بترتيب فوائد تمام> (3/377).
(2) <التاريخ> (6/98).
(3) <معجم المناهي اللفظية> ص (384 ـ 385)، الطبعة الثالثة.
(4) <لسان العرب> للإفريقي (14/425).(1/14)
والعجب من قول صاحب المناهي: <ومن الأسماء الفارسية ما خُتِم بلفظ (ويه)، مثل: سيبويه، وقد أحصى بعضهم اثنتين وتسعين اسمًا مختومةً بلفظ (ويه)> ! انتهى.
فأدخل في التحريم أسماء علماء ومحدثين وفقهاء وغيرهم !
وقد أحصيت لصاحب المعجم عددًا غير قليل من الأحاديث الموضوعة والواهية والضعيفة استدلَّ بها لتحريم ما لا يجوز تحريمه، وقد سبق بيان بعضها في الحلقات السابقة من هذه القراءات !!
- - -
تحريم التسمي بعازب !
قال صاحب <معجم المناهي اللفظية>(1): <عازب: غيَّر النبي - صلى الله عليه وسلم - اسمه إلى عفيف. رواه البخاري في تاريخه>.
العجب من صاحب <المناهي>؛ فهل يظنُّ أنَّ رواية البخاري للحديث في <التاريخ> كروايته للحديث في <الصحيح> !؟
ويزداد عجبي من إصرار المؤلف على إبقائه هذا الاسم ضمن معجمه ! وفي الطبعة الثالثة؛ بعد أن تبيَّن له وللقرَّاء إعادة النظر في (كثير) من المناهي !!
والحديث رواه البخاري في <التاريخ الكبير>(2)، فقال: <وقال هشام ابن عمار، حدثنا ابن عباس، حدثنا محمَّد بن زياد الألهاني، عن عبد الله ابن أبي قيس: <حججتُ مع عطيَّة بن عازب المصري، قالت عائشة: ابن عفيف ؟ وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - سَمَّاه عفيفًا..>.
قال علي رضا: الإسناد لا يجوز تحسينه فضلاً عن تصحيحه، فكيف يُحرِّم صاحب المناهي الأسماء بأحاديث لا تثبت ؟!
وعلَّة الإسناد: هشام بن عمار؛ فإنَّه ضعيف لاختلاطه وسوء حفظه، ورواية البخاري عنه في <الصحيح محمولة عند أهل العلم على كونها قبل الاختلاط(3).
تنبيه: وقع تصحيف في <التاريخ الكبير> في إسناد هذا الحديث عند قوله <حدثنا ابن عباس> ! والصواب: <حدثنا ابن عياش وهو إسماعيل بن عياش الحمصي> فليُصحَّح.
- - -
__________
(1) <معجم المناهي اللفظية> ص (369)، الطبعة الثالثة.
(2) < التاريخ الكبير>؛ للبخاري (5/172 ـ 173).
(3) انظر: <الاغتباط بمن رمي بالاختلاط>؛ مع تحقيقه ص (364 ـ 368).(1/15)
لا تقولوا: لا شيء؛ لأنَّه حرام !
ذكر صاحب <المناهي اللفظية>(1) تحت لفظ <لا شيء>: <قال ابن أبي شيبة في المصنف: <مَن كره أن يقول للشيء: لا شيء>.
ذكر بسنده عن مطرف قال: لا يكذبنَّ أحدكم مرَّتين، يقول لشيء: لا شيء، لا شيء، أليس بشيء ؟>. اه
قال علي رضا: بل إنَّ ما ذكره صاحب المناهي لا شيء !!
إذ يحرم لفظ <لا شيء> بأثر عن مطرف؛ وهو ابن عبد الله بن الشخير تابعي ثقة فاضل كما في <التقريب>؛ ثُمَّ يترك حديثًا صحيحًا عن رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم في جواز قولنا: <لا شيء> !!
فالأثر وإن كان إسناده صحيحًا كما هو في <المصنف>؛ لابن أبي شيبة(2)؛ فإنَّه لا حُجَّة فيه للتحريم لو لم يكن هناك ما يُضادُّه من كلام رسول الله عليه الصلاة والسلام الذي هو الحُجَّة بيننا وبين ربِّنا سبحانه وتعالى؛ لا فلان أو فلان مهما كان !!
أقول: فكيف وقد صحَّ ما يُضادُّه من الحديث، بل من الأحاديث التي يُصرِّح فيها عليه الصلاة والسلام بقوله: <لاشيء> ؟!..
فقد روى البخاري في <صحيحه> ـ مع فتح الباري(3) من حديث أسماء رضي الله عنها أنَّها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: <لاَ شَيْءَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ>، وهو في <صحيح مسلم>(4)، وروى البخاري في <صحيحه>(5) من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - مرفوعًا: <... وَلاَ شَيْءَ أَحَبَّ إِلَيْهِ المَدْحُ مِنَ اللهِ..>، وهو عند مسلم في <صحيحه>(6) بلفظ: <لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ المَدْحُ مِنَ اللهِ..>.
__________
(1) <معجم المناهي اللفظية> ص (571)، الطبعة الثالثة.
(2) <مصنف ابن أبي شيبة> (9/104 برقم 6696).
(3) <فتح الباري بشرح صحيح البخاري> برقم (5222).
(4) <صحيح مسلم> برقم (2762).
(5) <صحيح البخاري> برقم (4634).
(6) <صحيح مسلم> برقم (2760).(1/16)
ثُمَّ إنِّي لأعجب مِمَّن يُنكِر التسمِّي بالأسماء التي لا دليل على تحريمها إلاَّ الرأي المحض، فكيف إذا خالف هذا الرأي نصًّا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟! بل كيف إذا كان المنكِر قد أُنكِر عليه هو ؟!
فقد أخطأ مطرف رحمه الله في زعمه عدم جواز قول الرجل <إنَّ الله يقول> ! فقد جاء في القرآن الكريم: { وَاللهُ يَقُولُ الحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ } ، وصحَّ عن الصحابة قولهم: <يا رسول الله؛ إنَّ الله تعالى يقول: { لَن تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ } >، وراجع كلام النووي رحمه الله في كتابه <الأذكار>(1).
بل إنَّ صاحب <المناهي> خطَّأ مطرفًا رحمه الله تعالى(2) ونقل نصوصًا صحيحةً صريحةً في ذلك، فكيف وافقه على قوله <لا يكذبنَّ أحدكم.. يقول لشيء: لا شيء>، ثُمَّ خالفه في <لا تقل: إنَّ الله يقول> ؟
لا شكَّ عندي أنَّ صاحب المناهي وقف على ما يجيز هذا الأخير؛ لكنَّه لم يقف على ما يجيز الأول.. هذا من جهة؛
ومن جهة أخرى؛ فإنَّ صاحب <المناهي> لم يُفرِّق بين رواية ابن أبي شيبة المجملة، وبين رواية ابن أبي الدنيا المفسرة !
ففي <الصمت وآداب اللسان>(3) وقعت العبارة هكذا: <وأحدهم يكذب مرتين إذا سئل: مَن هذا ؟ قال: لا شيء إلاَّ (كذا ضبطه المحقق) ! شيء ليس بشيء>، وهو عند أبي نعيم في <حلية الأولياء>(4) بلفظ: <يقال له: ما هذا ؟ فيقول: لا شيء، لا شيء؛ أليس بشيء ؟>.
وكذا هو على الصواب كما في <الصمت> بتحقيق البحاثة أبي إسحاق الحويني(5): <لا شيء ألا شيء ليس بشيء>.
__________
(1) <الأذكار> للإمام النووي ص (332).
(2) <معجم المناهي اللفظية> ص (701).
(3) <الصمت وآداب اللسان> برقم (371).
(4) <حلية الأولياء> لأبي نعيم (2/203).
(5) <الصمت> بتحقيق أبي إسحاق الحويني برقم (369).(1/17)
فالمهم أنَّ قول مطرف رحمه الله هو في الإنكار على مَن سئل: ما هذا ؟ أو مَن هذا ؟ فقال: لا شيء، و ليس على ما أراد صاحب <المناهي> من إنكار قوله <لا شيء> مطلقًا ؟ هذا إذا سلَّمنا له بهذا الإنكار ! وقد ثبت عن مجاهد رحمه الله جواز استعمال هذا اللفظ كما هو في <الصمت>(1).
وقد استفاض عن علماء الجرح والتعديل أنَّهم يقولون عن الرجل الضعيف أو الواهي: ليس بشيء !!
وهذه أمثلة لا على سبيل الحصر:
ـ قال الإمام أحمد رحمه الله عن عبد الكريم بن أبي المخارق: <فلان منكر الحديث أو ليس بشيء، شبه أو شبيه بالمتروك>(2).
ـ وكان ابن معين رحمه الله كثيرًا ما يستخدم عبارة <ليس بشيء> عند جرحه للرجال كما قال عن القاسم بن عبد الله العمري: ليس بشيء، كذَّاب(3).
ـ وقال الشافعي رحمه الله عن أحد الكذَّابين: <حديث ليس بشيء>(4).
فهل يجوز لصاحب <المناهي> أن يظلَّ محتفظًا في الطبعات القادمة من الكتاب بهذه المناهي ؟!
- - -
هل ينهى عن قول: <هل فهمت> ؟
أورد عبارة <هل فهمت ؟> واعتبرها من المناهي اللفظية فقال(5):
<في آداب العالم مع طلبته، ذكر ابن جماعة ـ رحمه الله تعالى ـ (الأدب السابع)؛ وهو طرح المسائل على الطلبة، وفيه: شكر الشيخ لمن فهم، قال: ولذلك قيل: لا ينبغي للشيخ أن يقول للطالب: (هل فهمت) إلا إذا أمن من قوله: نعم قبل أن يفهم، فإن لم يأمن من كذبه لحياء أو غيره؛ فلا يسأله عن فهمه؛ لأنه ربما وقع في الكذب بقوله نعم، لما قدمنا من الأسباب...>.
قال علي رضا: وهل يجوز تحريم <هل فهمت ؟> بهذا الدليل ؟ ويا له من دليل !!
__________
(1) <الصمت> برقم (379).
(2) <الجرح والتعديل> لابن أبي حاتم (6/60).
(3) <ميزان الإعتدال> (3/371 ـ 372).
(4) انظر: <فتح المغيث> للسخاوي (2/123)؛ فقد نقل العبارات التالية: <ليس بشيء>، و<لا شيء>، و<حديثه ليس بشيء>.
(5) <معجم المناهي اللفظية> (ص 547)، الطبعة الثالثة.(1/18)
ولو أنَّ صاحب المناهي أورد عبارة <هل فهمت ؟> في <فوائد الألفاظ> الذي ألحقه بآخر <مناهيه اللفظية> لكان له وجه من القبول؛ فإنَّه يذكر في هذا الأخير ما لا يُنْهَى عنه على الصحيح، أو ما يُذْكَر استطرادًا للإفادة(1).
ولو فتحنا باب التحريم بمثل ما يَصْبُو إليه صاحب المناهي لَمَا كان بالإمكان حصر المناهي اللفظية؛ إذ إنَّ ثَمَةَ ألفاظًا كثيرةً مشابهةً لقوله <هل فهمت ؟>؛ كقولنا: <هل وعيت ؟>، و<هل ألممت ؟>، و<هل استوعبت ؟>... و...و... الخ.
وقس على ذلك كثيرًا مِمَّا يورده صاحب المناهي على أنَّه من المناهي ؟!
فمثلاً تحريم قولهم <وقع في خاطري كذا>(2)؛ فهل يسوغ تحريم هذا القول بحُجَّة مشابهته لقول بعض أهل الضلال: <أخبرني قلبي عن ربِّي> ؟!
سبحان الله ! ما أعجب مناهي صاحب المناهي ؟!
وهكذا تحريم لفظ <كوكب>إذا أراد الأرض ونقل كلامًا عجيبًا من <المورد الزلال>(3) في أنَّه يَلزَم من ذلك الباطل، بل الضلال، كما يقوله أهل الهيئة الجديدة(4) ؟!
كل هذا ونحن في عصر قد أصبح القول فيه بدوران الأرض من الحقائق المشاهدة والمصورة للعيان، ويلزم من هذا تضليل أئمة وجهابذة ممن قالوا بأنها تدور وأن ذلك لا يعارض الكتاب والسنة الصحيحة بحال من الأحوال !
بل مَن سَمَّى الشمس نجمًا فهو مخطيء وآثم على مذهب صاحب المناهي الذي التزم ما لا يجوز التزامه !
وقد ذكر الإفريقي في <لسان العرب>(5) بأنَّ الكوكب يقال للماء، وللسيف، ولسيد القوم، بل هناك نبات اسمه: كوكب الأرض !
هل يصح النهي عن اسم <كثير> ؟
__________
(1) انظر: مقدمة الطبعة الأولى لمناهيه اللفظية (ص 8).
(2) <معجم المناهي اللفظية> (ص 566).
(3) <المورد الزلال> (61).
(4) <معجم المناهي اللفظية> (ص 118).
(5) <لسان العرب> للإفريقي (1/720).(1/19)
قال عند لفظ كثير(1): <أسند الحاكم عن عصام بن بشير، حدثني أبي، قال: أوفدني قومي بنو الحارث بن كعب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فلمَّا أتيته قال لي: مرحبًا؛ ما اسمك ؟ قلت: كثير، قال: بل أنت بشير>. قال: <هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. قال الذهبي: صحيح>. انتهى.
قال على رضا: بل إسناده غير صحيح(2) !!
ففيه: عصام بن بشير الحارثي؛ وهو لم يوثقه أحد سوى ابن حبان على عادته في توثيق الضعفاء والمجاهيل كما هو معروف عند أهل الصنعة !
ولهذا قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: <مقبول>؛ يعني عند المتابعة، ولا نعلم له متابعًا أصلاً؛ فعندئذ يكون <ضعيفًا>؛ فأنَّى له بالصحة ؟!
وهذا أحد الأمثلة على أنَّ صاحب المناهي قد جمع في <مناهيه اللفظية> ما لا يجوز الاعتماد عليه في الكراهة فضلاً عن التحريم !
وإنَّه لَمِمَّا يدل على ضعف هذا الراوي وأنَّه لم يضبط مرويه؛ ما رواه البخاري في <التاريخ الكبير>(3)، والنسائي في <السنن الكبرى>(4) من طريق عصام هذا فقال: <أكبر> بدلاً من <كثير> !!
وهذا جعل صاحب المناهي يقع في خطأ آخر بتحريم اسم <أكبر>(5) فارتكب خطأً مزدوجًا فحرَّم بحديث لا يصحُّ اسمين؛ <كثير>، و<أكبر> !!
- - -
هل الصحافة حمالة الحطب ؟!
لعلَّه لا يخفى على أحد أنَّ الإعلام سلاح ذو حدين، وأنَّ صحافتنا بحمد الله تعالى خيرها غالب لِمَا تحتوي عليه من آيات الله تعالى، وسنَّة رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، وبيانهما من قبل العلماء والمشايخ، ولِمَا تتضمنه من أبحاث قيمة من قبل متخصصين، ولِمَا ينشر فيها من قضايا تَهمُّ الأفراد والمجتمع.
__________
(1) <معجم المناهي اللفظية> ص (450 ـ 451).
(2) انظر: مستدرك الحاكم (4/275).
(3) <التاريخ الكبير> (2/97).
(4) <السنن الكبرى> (6/86).
(5) <معجم المناهي اللفظية> (ص 115).(1/20)
وبناءً على ما تقدَّم؛ فإنَّني لن أعلِّق على ما قرأته في كتاب <معجم المناهي اللفظية>؛ فقد جاء فيه ما نصُّه:
<11 ـ مصطلحات إفرنجية، وعبارات وافدة أعجمية، وأساليب مولَّدة لغة، مرفوضة شرعًا، وحمالة الحطب في هذا: صاحب الجلالة: <الصحافة>، فلِجُلِّ الكاتبين من الصحفيين ولع شديد بها، وعن طريقهم استشرت بين المسلمين>. اه.
لكن أرى لزامًا عليَّ أن أسأل المؤلف: أليس إطلاقكم على <الصحافة> لفظ <حمالة الحطب> منهيٌّ عنه شرعًا ؟!
- - -
هل يُنْهَى عن التسمية بغير العربية مطلقًا ؟
من أعجب القواعد الشرعية ما ذكره صاحب <المناهي اللفظية>(1) أنَّ التسمية يُنهَى عنها إذا كانت غير عربية !
وهو في سبيل إثبات هذه القاعدة العجيبة حشد أحاديث موضوعة (باعترافه في الطبعة الثالثة) فقال بالنص:
<نعموش: في ترجمة إسحاق بن نجيح الملطي، ساق الذهبي من موضوعاته: وعن عبادة عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعا: لا تقولوا: مسيجيد، ولا مصيحيف، ونهى عن تصغير الأسماء، وأن يسمى: حمدون، أو علوان، أو نعموش>. اه
قال معقبًا: <الحديث موضوع كما ترى (!) والتصغير للتحقير لا يجوز، وللتلميح لا محذور فيه، ولا يجوز تصغير ما عظَّم الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -. وأمَّا التسمية باسم: (نعموش) فينهى عن التسمية به؛ لأنَّه غير عربي. فتأمل>.
وقد تأمَّلت كما تأمَّل كثيرون متعجبين من هذه القاعدة التي قعدها المؤلف في <مناهيه اللفظية>: وبناءً عليه فهناك مؤاخذات على هذا التأصيل لا يمكن معها تصحيح هذه القاعدة فضلاً عن قبولها وتعميمها لِمَا يأتي:
أوَّلاً: المطالبة بالدليل والحجَّة والبرهان من كتاب ربِّنا سبحانه وتعالى أو من سنَّة نبيِّنا محمَّد عليه الصلاة والسلام الصحيحة على صحة هذه القاعدة ؟
ثانيًا: مَن هم الأئمَّة الذين سبقوا المؤلف إلى تأصيل وتقعيد هذه الدعوى ؟
__________
(1) <معجم المناهي اللفظية> ص (543)، الطبعة الثالثة.(1/21)
ثالثا: ما فائدة ذكر الحديث الموضوع باعتراف المؤلف ؟
هذا وقد كنت وعدت القراء بذكر الأحاديث الموضوعة والواهية جدًّا في <مناهي المؤلف اللفظية> فليكن هذا واحدًا منها.
وحتى ننصف في التتبع أعود إلى باكورة الأحاديث التي استدلَّ بها المؤلف في طليعة كتابه(1)؛ فقد عقد عنوانًا للنهي عن لفظ <أبو فلان>، ثُمَّ ذكر عدة أبحاث في التكني؛ ليس في واحد منها ما يصبو إليه المؤلف من تحريم <أبو فلان>؛ بل فيها ما هو مصرَّح بجواز قولنا: <أبو فلان> كما هو صريح قول النووي في البحث الثالث !
ثُمَّ أورد المؤلف حديثًا موضوعًا من افتراء <محمد القشيري>؛ فإنَّه كذَّاب كما ذكر الحافظ في ترجمته من <لسان الميزان>(2).
استدلَّ به المؤلف في مبحثه السابع: <تكنية الكافر، والمبتدع، والفاسق>: فقال: <وعن جابر - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يُصافَح المشركون أو يُكنَّوْا، أو يُرحَّب بهم. رواه أبو نعيم، وهو في الحلية (1/236)، وفيه عنعنة أبي الزبير، وبقية يدلِّس تدليس التسوية، ولم يصرح إلاَّ عن شيخه>.
وهذا التعليل ضعيف جدًّا عند أهل الصنعة بالحديث الشريف، فكيف تُتْرَكُ علَّة الحديث الحقيقية (وهي كذب القشيري)، وتذكر علَّة هي دونها بكثير ؟!
ثُمَّ إنَّ الطبعة الثالثة وقع فيها (كما يقع دائمًا) أخطاء طباعية، فقوله <الحلية 1/236> منها، والصواب: (الحلية 9/236)، وهذا يذكرني بقول شيخنا الألباني رحمه الله تعالى عن المؤلف في المجلد السادس من الصحيحة ص (383): <كان الأولى به أن لا يدخل نفسه فيما لا يحسنه>؛ قاله أثناء الكلام عن حشر المؤلف لأحاديث ضعيفة مقوِّيًا ما يريده مع تضعيف حديث العجن في الصلاة، ثُمَّ أحال إلى كتابه <تمام المنة> ص (196 ـ 207) لِمَن شاء التوسع.
- - -
__________
(1) <معجم المناهي اللفظية> ص (91)، الطبعة الثالثة.
(2) <لسان الميزان> للحافظ ابن حجر (5/251، 252).(1/22)
لا يصح النهي عن قولهم: <استأثر الله بفلان>
ذكر صاحب <المناهي اللفظية> في كتابه(1): <أنَّ قولهم <استأثر الله به> منهي عنه؛ والدليل على ذلك: عن مجاهد ـ رحمه الله تعالى ـ أنَّه كره أن تقول للميت: <استأثر الله به>: رواه ابن أبي الدنيا>. اه
وبالرجوع إلى كتاب <الصمت وآداب اللسان>؛ لابن أبي الدنيا وجدته فيه برقم (352)، تحقيق الحويني، لكنَّه إسناد ضعيف لا تقوم به الحجَّة؛ ففيه: ليث ابن أبي سليم، وهو ضعيف، ولهذا جزم المحقِّق بضعف الإسناد فَأَحْسَنَ.
ووالله (!) لا ينقضي عجبي مِمَّن يحتجُّ بكلِّ ما وقف عليه من أخبار حتى وإن كانت غير صحيحة كهذا الخبر ! ويزداد عجبي لمخالفة المؤلف في هذا النهي لما هو معلوم في دين الإسلام من أنَّ النهي تشريع، وهو لا يكون إلاَّ من الله سبحانه وتعالى، أو من رسوله الأمين؛ عليه الصلاة والسلام، فهذا الخبر لو صحَّ سنده لَمَا وجب على أحد من المسلمين التقيُّد به؛ لأنَّه خبر عن تابعي رأى رأيًا؛ فهل يصير كلامه فرضًا على الأمَّة أن تعمل بموجبه ؟ اللهمَّ لا !
فكيف وقد جاء في كلام الله تعالى ما يضادُّ هذا ؟
قال تعالى في سورة يوسف مخبِرًا عن قول إخوة يوسف عليه السلام: { قَالُوا تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ } (2). قال الشوكاني رحمه الله في تفسيره <فتح القدير>(3): <أي لقد اختارك وفضَّلك علينا بما خصَّك به من صفات الكمال، وهذا اعتراف منهم بفضله وعظيم قدره، ولا يلزم من ذلك أن لا يكونوا أنبياء؛ فإنَّ درج الأنبياء متفاوتة، قال الله تعالى: { تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ } >. اه
وانظر مادة <أثر> من <لسان العرب>(4).
__________
(1) <معجم المناهي اللفظية> ص (91)، الطبعة الثالثة.
(2) سورة يوسف، الآية: (91).
(3) <فتح القدير> للشوكاني (3/52).
(4) <لسان العرب>؛ لابن منظور (مادة: أثر، 4/5، 8).(1/23)
وفي الحديث: <ما أصاب مسلمًا قطُّ هَمٌّ وَلاَ حَزَنٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكُ ...> الحديث، وفيه: <... أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الغَيْبِ عِنْدَكَ> رواه أحمد في <المسند>(1)، وصححه ابن حبان، والحاكم، وابن تيمية، وابن القيم، وأفاض في بيان ذلك وتخريجه شيخنا الألباني رحمه الله في <الصحيحة>(2)، فليراجعها من شاء الاستزادة.
والخلاصة هي أنَّه لا يصحُّ النهي المزعوم لا عن مجاهد رحمه الله تعالى، ولا عن الله تعالى، ولا عن رسوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، فلو أنَّ صاحب <المناهي> جعل هذا اللفظ في آخر كتابه <فوائد في الألفاظ>؛ لكان خيرًا وأقوم، فلعلَّه يفعل في الطبعة الرابعة.
هل يجوز التحريم بالواهيات
أورد صاحب الفضيلة في <معجم المناهي اللفظية>(3) اسم <الفاكه> في كتابه، ثُمَّ قال: <في ترجمته: الفاكه بن السكن الأنصاري السلمي. قال ابن حجر: ويقال: إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سَمَّاه المؤمن في قصَّة جرت له>(4). اه
أقول: لو جاز الاستدلال بالواهيات في تحريم ما أحلَّ الله لكان هذا مثالاً واضحًا على ذلك؛ فإنَّ على هذا النقل ملحوظات عدَّة:
الأولى: وهم الشيخ في عزو هذا: <ويقال إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سَمَّاه المؤمن في قصَّة جرت له> لابن حجر فإنَّ هذه مقولة ابن الكلبي كما هو ظاهر من السياق.
والثانية: يقال للمؤلف <مؤلف المناهي>: هل يجوز التحريم برواية ابن الكلبي ؟!
__________
(1) <مسند الإمام أحمد> (1/391).
(2) <سلسلة الأحاديث الصحيحة>؛ للشيخ ناصر الدين الألباني، برقم (199).
(3) <معجم المناهي اللفظية> ص (414).
(4) <الإصابة في تمييز الصحابة> (3/198).(1/24)
انظر ترجمته في <الميزان> للذهبي(1)، وكذا <لسان الميزان>(2)، وهو الذي اتّهم بحديثه ابن عباس - : < { وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا } (3) قال: أسرَّ إلى حفصة أنَّ أبا بكر وَلِيُّ الأمرِ من بعده، وأنَّ عمر وَالِيه من بعد أبي بكر، فأخبرت بذلك عائشة>. وقد رواه بعض المتروكين أيضًا؛ كما هو في <تفسير ابن كثير>(4). وابن الكلبي هذا متروك عند أكثر أهل الأئمَّة؛ بل اتَّهمه بعضهم بالكذب والوضع.
والثالثة: لو فرض أنَّ هذه المقولة <ويقال: إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سَمَّاه المؤمن في قصَّة جرت له>؛ هي من تمام كلام الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله تعالى ـ فهل هي في ميزان النقد العلمي الحديثي مقبولة ؟
لا شكَّ عند كلِّ مَن عرف قيمة الإسناد، وأنَّه من الدين <فلو لا الإسناد لقال مَن شاء ما شاء>، أنَّ هذه المقولة غير مقبولة؛ لافتقارها للبرهان، ثُمَّ هي بصيغة التمريض (ويقال) فتدبر وتأمّل. والله الموفق لا ربَّ سواه.
- - -
النهي عن قولهم: <سبحانك ما عرفناك حقَّ معرفتك>
ذكر الشيخ بكر أبو زيد في <معجم المناهي اللفظية>(5) عبارة: <سبحانك ما عرفناك حقَّ معرفتك>، ثُمَّ قال: <لمحمَّد قطب الدين الأزنيقي ـ م سنة 885ه ـ رسالة في شرحها، وبيان موقف الناس منها؛ فمنهم مَن نسب قائلها إلى الكفر، ومنهم مَن نسبه إلى الخطأ والخطل.. وفي مخطوطات جامعة الإمام في الرياض مصورة منها>.
ثُمَّ أحال في الحاشية إلى كتاب <كشف الظنون>(6).
__________
(1) <الميزان> للذهبي (4/304، 305).
(2) <لسان الميزان> (6/258).
(3) سورة التحريم، الآية: (3).
(4) <تفسير ابن كثير> (8/192).
(5) <معجم المناهي اللفظية> ص (295)، الطبعة الثالثة.
(6) <كشف الظنون> (1/871).(1/25)
وأقول: الذي في <كشف الظنون> هكذا: <رسالة في شرح: سبحانك ما عرفناك حقَّ معرفتك وتحقيقه محمَّد قطب الدين الأزنيقي المتوفى سنة 885ه خمس وثمانين وثمانمائة، وهي أي: تشتمل على مقدمة وفصل وخاتمة.
وأوَّلها: الحمد لله الذي غرق في بحار معرفته عقول العقلاء.. قال: وقع ذلك في أوراد المشايخ الكبار؛ فبعضٌ مِنَ الناس نسب قائله إلى الخطأ والخطل، وبعض إلى الكفر والزلل؛ نعوذ بالله تعالى من لفظتهم الشنعاء>.
وها هنا ملحوظات أخصُّها فيما يأتي:
أوَّلاً: قدَّم مؤلف <المناهي اللفظية> قول مَن نسب قائل العبارة إلى الكفر على قول مَن نسب قائلها إلى الخطأ والخطل.
ثانيًا: حذف مؤلف <المناهي> كلام الأزنيقي الأخير، وهو: <نعوذ بالله تعالى من لفظتهم الشنعاء>.
ثالثًا: الأزنيقي هذا أورده ابن العماد في <شذرات الذهب>(1) قائلاً: <وفيها ـ أي: سنة خمس وثمانين وثمانمائة ـ المولى محمَّد قطب الدين الأزنيقي الحنفي الإمام العالم العامل، قرأ العلوم الشرعية والعقلية على المولى الفناري، وتَمهَّر وفاق أقرانه، ثُمَّ سلك مسلك التصوف؛ فجمع بين الشريعة والطريقة والحقيقة، وصنَّف شرحًا لمفاتيح الغيب للشيخ صدر الدين القونوي؛ وهو في غاية الحسن، وشرح أيضًا فصوص الصدر القونوي ـ رحمهما الله تعالى ـ>.
والذي يظهر لي ـ والله أعلم ـ أنَّ الأزنيقي لم يؤلف رسالته إلاَّ للدفاع عن المشايخ الكبار؛ الذين وقع ذلك القول في أورادهم؛ فقام الأزنيقي بتحقيق وشرح هذه العبارة <سبحانك..> وتقريرها، لا الطعن في قائلها؛ بدليل قوله <نعوذ بالله تعالى من لفظتهم الشنعاء> بعد أن ذكر مَن نسب قائلها إلى الخطأ والخطل، أو الكفر والزلل>.
ويؤيِّد ذلك أنَّ الأزنيقي متصوِّف على مذهب <فصوص الحكم> محيي الدين بن عربي ربيبه صدر الدين القونوي، وكلاهما من كبار القائلين بوحدة الوجود كما هو معروف لدى المتخصِّصين.
__________
(1) <شذرات الذهب> (7/343).(1/26)
وإذا كان ذلك كذلك وجب تحرير القول في هذه العبارة وماذا يقصد قائلها بها، كما هو الصحيح من أقوال أهل العلم.
ومهما يكن من شيء فإنَّ الأوراد التي في كتاب الله تعالى وفي سنَّة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فيها الخير كلَّ الخير؛ فلا ينبغي الاستعاضة عنها بِمَا لم يرد في الشرع من أوراد وأذكار:
وكلُّ خير في اتباع مَن سلف ... وكلُّ شرٍّ في ابتداع مَن خلف
- - -
هل يحرم قولنا: <معاوية خال المؤمنين> ؟!
ذكر مؤلف <معجم المناهي اللفظية>(1) عبارة: <خال المؤمنين> في كتابه، ثُمَّ قال: <في إطلاق ذلك على إخوان زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - قولان للعلماء: المنع، والجواز، وحكاهما الكرماني في شرح البخاري، ولم يرجِّح>.
وأقول: كان الأولى بصاحب الفضيلة أن يذكر هذه العبارة في القسم الثاني من كتابه <فوائد الألفاظ>؛ فإنَّ وضعها في القسم الأول <معجم المناهي اللفظية> يؤذن بترجيح المؤلف لجانب المنع على جانب الجواز؛ وهذا مِمَّا لا ينبغي التردُّد في كونه خطأ؛ فإنَّ التفصيل في هذه المسألة هو الصواب كما ذكر ذلك أخونا الفاضل الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد في بحث له جيِّد؛ أسماه <تأمُّلات في قوله تعالى: { وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ } >(2)، فذكر قول المانعين، ثُمَّ أتبعه بحجَّة المجيزين، فنقل كلامًا رصينًا من كتاب القاضي أبي يعلى ـ رحمه الله تعالى ـ: <تنزيه خال المؤمنين معاوية بن أبي سفيان من الظلم والفسق في مطالبته بدم أمير المؤمنين عثمان - > [مخطوط]. قال رحمه الله:
__________
(1) <معجم المناهي اللفظية> ص (245)، الطبعة الثالثة.
(2) تأملات في قوله تعالى: { وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ } ؛ بحث لفضيلة الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد ص (39 ـ 46).(1/27)
<ويسمَّى إخوة أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخوال المؤمنين، ولسنا نريد بذلك أنَّهم أخوال في الحقيقة؛ كأخوال الأمَّهات من النسب؛ وإنَّما نريد أنَّهم في حكم الأخوال في بعض الأحكام، وهو التعظيم لهم..>.. ثُمَّ قال: <ولأنَّه إذا جاز إطلاق تسمية الأمَّهات على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن لم يكونوا أمَّهات في الحقيقة؛ لأنَّه يجوز التزويج بأخواتهنَّ وبناتهنَّ، وإنَّما جاز لأنَّهنَّ في حكم الأمَّهات في تحريم العقد عليهن كذلك جاز إطلاق تسمية الأخوال على أخواتهنَّ في بعض الأحكام؛ وهو التعظيم لهنَّ.
ولا معنى لقولهم: إنَّ هذه التسمية طريقها التوقيف والشرع؛ لم يرد بذلك توقيف ـ كذا في الأصل، ولعلَّ الصواب بزيادة واو: (ولم يرد) ـ لأنَّا قد بينَّا وروده عن جماعة من الصحابة؛ منهم ابن عباس، ومنهم قول معاوية على المنبر، وتصديق الحسن له على ذلك، ولا معنى لقولهم: إنَّهم لو كانوا أخوالاً لَمَا جاز التزويج بهم؛ لأنَّا قد بينَّا أنَّا لا نطلق هذه التسمية حقيقة، وإنَّما نطلقها على وجه التعظيم للحرمة>.
ثُمَّ اختتم الشيخ عبد الرزاق بحثه بقوله: <وعلى كلٍّ؛ فالإطلاق صحيح على وجه الاحترام والتوقير؛ لا على وجه إثبات الحكم، والله أعلم>.
وأقول: هذا التفصيل هو الذي يجب المصير إليه، وعليه يُحمَل كلام الإمام أحمد رحمه الله تعالى في رواية أبي طالب عنه: <معاوية خال المؤمنين، وابن عمر خال المؤمنين>. رواه الخلاَّل في <السنَّة>(1) بسند صحيح. بل ثبت عنه رحمه الله كما في رواية المروزي بسند صحيح عند الخلاَّل(2): <سمعت هارون بن عبد الله يقول لأبي عبد الله ـ أحمد بن حنبل ـ: جاءني كتاب من الرقة أنَّ قومنا قالوا: لا نقول معاوية خال المؤمنين؛ فغضب وقال: ما اعتراضهم في هذا الموضع ؟ يُجْفَوْنَ حتى يتوبوا>.
__________
(1) <السنة> للخلال، برقم (657).
(2) <السنة> للخلال، برقم (658).(1/28)
وإنِّي لأخشى أن يَستغلَّ بعض أهل الأهواء إيراد المؤلّف لعبارة <خال المؤمنين> في <مناهيه اللفظية> فيطعن في معاوية - رضي الله عنه - ويسيء الكلام فيه؛ كما حدث ذلك في عهد الإمام أحمد، وكما تدلُّ عليه هذه القصَّة التالية:
قال الخلاَّل في كتاب <السنَّة>(1): أخبرني محمَّد بن أبي هارون، ومحمَّد ابن جعفر أنَّ أبا الحارث ـ أحمد بن محمَّد الصائغ ـ حدثهم قال: وجهنا رقعة إلى أبي عبد الله: ما تقول رحمك الله فيمَن قال: لا أقول إنَّ معاوية كاتب الوحي، ولا أقول إنَّه خال المؤمنين؛ فإنَّه أخذها بالسيف غصبًا ؟ قال أبو عبد الله ـ الإمام أحمد ـ: هذا قول رديء، يُجانَبُون هؤلاء القوم، ولا يُجالَسون، ونبيِّن أمرهم للناس.
هذا ونسأل الله تعالى أن يُسدِّد خُطانا جميعًا، وأن يُثبِّتنا على السنَّة.
وصلَّى الله وسلَّم وبارك على عبده ورسوله محمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
- - -
مرحبًا بالطيِّب المطيَّب
ذكر الشيخ بكر أبو زيد في <معجم المناهي اللفظية>(2) عند قوله (الطيب): <في ترجمة الطيب بن عبد الله الداري: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سَمَّاه عبد الله> رواه ابن أبي حاتم.
وقال الهيثمي: <وحرَّم الحليمي الطيِّب؛ قال: إنَّ الطيِّب هو الله>. انتهى
ثُمَّ أحال في الحاشية للإصابة، ولنقعة الصيدان، وللفتاوى الحديثية.
وأقول:
أوَّلاً: لم يروه ابن أبي حاتم أصلاً؛ وإنَّما قاله معلقًا دون إسناد؛ ففي الإصابة(3) قال ابن أبي حاتم: <قدم على النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم منصرفة من تبوك، وهو أحد الوفد، فسمَّاه النبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: عبد الله>. اه
ومن المعلوم عند المتخصِّصين أنَّ (رَوَى) إنَّما تقال فيما يرويه الحافظ بسنده، وهذا لم يسنده ابن أبي حاتم؛ أي لم يسقه بسنده ومثل هذا لا يخفى على الشيخ.
__________
(1) <السنة> للخلال، برقم (659).
(2) <معجم المناهي اللفظية> (ص 363).
(3) <الإصابة> (3/236، برقم: 4300).(1/29)
ولعلَّه اختلط على الشيخ الفاضل قول الحافظ ابن حجر (رحمه الله تعالى) بعد ذلك: <وروى أبو نعيم من طريق...>، فكأنَّه سَبْقُ قلم أو سَبْقُ عين.
ثانيًا: هذا الحديث إنَّما رواه أبو نعيم (كما قال الحافظ) في <معرفة الصحابة>(1) من طريق سعد بن زياد بن فائد، عن أبيه، عن جدِّه أبي هند الداري؛ قال: ..فذكر القصة.
وهذا إسناد لا يُعوَّل عليه؛ فإنَّه واهٍ جدًّا؛ من أجل سعيد بن زياد بن فائد هذا؛ فهو متروك الحديث، بل قد روى الموضوعات؛ فقد أورده ابن حبان في <المجروحين>(2)، وساق بإسناده من هذه الطريق بعينها حديثًا لا يَشكُّ المبتديء في صناعة الحديث أنَّه معمول موضوع، ولفظه: <كلوا بسم الله؛ نعم الطعام الزبيب؛ يَشدُّ العصب، ويُذهِب الوصب، ويطفيء الغضب، ويُطيب النكهة، ويُذهِب البلغم، ويُصفِّي اللون> !!
ثُمَّ قال ابن حبان: <فلا أدري البلية فيها ـ أي في النسخة التي يرويها هذا المتروك ـ منه أو من أبيه أو من جدِّه؛ لأنَّ أباه وجدَّه لا يُعرَف لهما رواية إلاَّ من حديث سعيد...>.
ولهذا أصاب برهان الدين الحلبي المعروف بسبط ابن العجمي عندما أورد سعيدًا هذا في <الكشف الحثيث عمَّن رُمِيَ بوضع الحديث>(3)، فقال بعد أن أورد ذاك الحديث المكذوب: <والظاهر أنَّ مراده بالبلية الوضع؛ والله أعلم>.
والعجب لا ينقضي من الشيخ الفاضل؛ كيف يورد بمثل هذا الإسناد الموضوع حديثًا فيه تحريم (أو تغيير) اسم، ثُمَّ يذكره في <المناهي اللفظية>، فَلَيْتَه كلَّف نفسه بالبحث عن سنده أولاً.
ثالثًا: تحريم الهيثمي (نقلاً عن الحليمي) لاسم الطيِّب: وقفت عليه في <الفتاوى الحديثية>(4).
__________
(1) <معرفة الصحابة> (3/1575 ـ 1576).
(2) <المجروحين> لابن حبان (1/327، 328).
(3) <الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث> لسبط بن العجمي، رقم (308).
(4) <الفتاوى الحديثية> ص (132).(1/30)
وهذا التحريم مردود بحديث صحيح رواه الترمذي، وابن ماجة، والحاكم، وصحَّحه من حديث عليٍّ - رضي الله عنه -، قال: <جاء عمَّار بن ياسر يستأذن على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: ائذنوا له؛ مرحبًا بالطيِّب المطيب>.
والحديث ذكرت مَن أخرجه بالتفصيل في تحقيقي ل <مسند عليٍّ - رضي الله عنه ->(1) فالحمد لله كثيرًا على نعمائه وفضله بمعرفة السنَّة، ونسأله الثبات حتى الممات.
رابعًا: حديث <إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا> صحيح، وقد رواه مسلم وغيره، وقد ذكر النووي ـ رحمه الله ـ في شرحه لمسلم أنَّ الطيِّب من صفات الله تعالى(2).
وكذا نقل القاري في <مرقاة المفاتيح>(3) أنَّه إذا وُصِفَ به الباري ـ سبحانه ـ فهو بمعنى المنَزَّه عن النقائص، المقدَّس عن الآفات، وإذا وُصِفَ به العبد مطلقًا أُرِيدَ به التعرِّي عن رذائل الأخلاق، وقبائح الأعمال، والتحلِّي بأضداد ذلك.. انتهى ملخَّصًا.
ولا ريب أنَّ صفاته ـ سبحانه ـ ليس كمثلها شيء من صفات المخلوقين؛ كما هو عقيدة أهل السنَّة والجماعة من السلف الصالح رضوان الله عليهم.
وأخيرًا ليت هذه المادة (الطيِّب) تُنقَل من <معجم المناهي> إلى <فوائد الألفاظ>.
الجوانب القويَّة في معجم المناهي اللفظية
إنَّ جميع الملحوظات التي تقدَّمت في حلقات متتالية على كتاب <معجم المناهي اللفظية> للشيخ الفاضل بكر بن عبد الله أبو زيد إنَّما هي ملحوظات علمية بحتة لا تَمُسُّ شخص المؤلف من قريب ولا من بعيد كما قد يتخيَّله بعض مَن لم يعلم أنَّ <العِلْمَ رَحِمٌ بِهِ أَهْلُهُ> !
__________
(1) <مسند علي - رضي الله عنه -> بتحقيق المؤلف (7/2911) برقم (16828 ـ 16876).
(2) <صحيح مسلم بشرح النووي> (7/100).
(3) <مرقاة المفاتيح> (6/7).(1/31)
ولهذا فقد أحببت أن يعلم المتابعون لهذه الحلقات المتتالية أنَّ كتب الشيخ بكر أبو زيد قيِّمة عمومًا، وفيها فوائد جليلة وكتابه <معجم المناهي اللفظية> احتوى على كثير من الجوانب القويَّة التي وُفِّق فيها المؤلف حفظه الله أيَّما توفيق؛ فالإنصاف يقتضي أن نُشِيدَ بالجوانب الطيِّبة في الكتاب على سبيل الإجمال لا الحصر؛ فإنَّها لو كُتِبَت وأُفرِدت في مقالات متتابعة لم يكن ذلك كافيًا، و<ما لا يُدرَك كلُّه لا يُترَك جُلُّه>. هذا من جهة؛
ومن جهة أخرى؛ فإنَّ الكتاب كبير اشتمل على (1500) لفظ تقريبًا، فكأنَّنا سنُفرِغ الكتاب من جديد في حلقات كثيرة، وهذا ما قد يبعث على الملل من إعادة محتويات كتاب مطبوع !
فلنشرع بإذن الله تعالى في بيان بعض الألفاظ المهمَّة التي ينبغي اجتنابها والحذر من التلفُّظ بها:
- سبحانه وتعالى - قولهم: <بذمَّتي>، قال الشيخ(1): [<الباء من حروف القسم الثلاثة؛ وهي: الباء، والتاء والواو؛ فيكون ما هنا حَلِفًا بالذمَّة، وهي مخلوقة، والحلف بالمخلوق لا يجوز، وهو شرك أصغر؛ لكن إن كان القائل يريد بقوله <بذمَّتي> أي: <في ذمَّتي>؛ أي في عهدي، وأمانتي، إنَّني لصادق فلا يكون حَلِفًا فيجوز>. انتهى.
- سبحانه وتعالى - قولهم: <بالعون>: قال الشيخ(2): <في تقرير الشيخ محمد بن إبراهيم ـ رحمه الله تعالى ـ لَمَّا سئل عن قول <بالعون>؛ أجاب: <هذا صريح في الحلف بغير الله>، وهذا اللفظ منتشر في ديار غامد، وزهران، وعسير.. والله أعلم.
وقيل: <عون>: اسم صنم كان في اليمن، فيكون هذا من القسم به؛ كقول الجاهلية الأولى: <باللات والعزى>، وهذا شرك بيِّن>]. انتهى، وهو كلام قويٌّ.
__________
(1) <معجم المناهي اللفظية> ص (177).
(2) <معجم المناهي اللفظية> ص (181).(1/32)
- سبحانه وتعالى - <تجب الثقة بالنفس>(1): قال: [في تقرير للشيخ محمَّد بن إبراهيم ـ رحمه الله تعالى ـ لَمَّا سئل عن قول مَن قال: تجب الثقة بالنفس، أجاب: <لا تجب، ولا تجوز الثقة بالنفس؛ في الحديث <وَلاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ..>. قال الشيخ ابن قاسم معلِّقًا عليه: <وجاء في حديث رواه أحمد: <وأشهد أنَّك إن تكلني إلى نفسي تكلني إلى ضعف وعورة وذنب وخطيئة، وإنِّي لا أثق إلاَّ برحمتك>] انتهى.
قلت: وكلام الشيخ ابن إبراهيم في غاية الوضوح، وزاده وضوحًا كلام الشيخ ابن قاسم، وأقول: هو حديث حسن كما بيَّن ذلك شيخنا الألباني في <صحيح الترغيب والترهيب>(2)، وإنِّي لأُوصِي بحفظه كما أوصى رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم زيد بن ثابت أن يتعاهده، ويتعاهد به أهله في كلِّ يوم.
- سبحانه وتعالى - <تحيَّاتي لفلان>(3): نقل الشيخ عن أبي طالب الخيمي (ت سنة 742ه) في رسالته <شرح لفظة التحيات> ما خلاصته أنَّ لفظ التحيات لا يجوز إطلاقه لغير الله تعالى؛ فالخلق والأمر والملك كلُّه لله تعالى، ولم يرد في اللغة العربية ما يساعد على إطلاق ذلك لغير الله تعالى.
وأقول: يؤيِّد ما تقدَّم كلام ابن الأثير رحمه الله في <النهاية في غريب الحديث والأثر>(4) فراجعه غير مأمور.
- سبحانه وتعالى - <ربَّنا افتكره>(5): [لا يجوز إطلاقه على الله تعالى؛ لأنَّه سبحانه لا يُوصَف إلاَّ بما وَصَفَ به نفسَه أو وَصَفَهُ به رسوله عليه الصلاة والسلام، ثُمَّ فيه ما يُشعِر بالتذكُّر بعد النسيان، وتعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا].
__________
(1) <معجم المناهي اللفظية> ص (185).
(2) <صحيح الترغيب والترهيب>
(3) <معجم المناهي اللفظية> ص (185).
(4) <النهاية في غريب الحديث والأثر> لابن الأثير (1/183).
(5) <معجم المناهي اللفظية> ص (279).(1/33)
وأقول: في حرف السين من ص (293) يَحسُن وضع لفظ: <يا ساتر> في <المناهي اللفظية>؛ فإنِّي لم أجد الشيخ ذكرها هناك، والصواب الصحيح <يا ستير>؛ فهذا هو الثابت؛ ففي الحديث: <إنَّ اللهَ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ..>، ولم يَرِدْ بسند صحيح قولهم <يا ساتر>؛ مع شهرتها بين الناس، وهذا مِمَّا استفدناه قديمًا من شيخنا الألباني رحمه الله تعالى.
- سبحانه وتعالى - <سيد المرسلين>(1): وأنا لا أوافق الشيخ رعاه الله على إيرادها في <المناهي اللفظية>؛ فإنَّه ضَعَّف الأثر الوارد في ذلك عن ابن مسعود - رضي الله عنه - عند ابن ماجة في <سُنَنِه> فقال: <وفي سنده المسعودي، والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - هو سيِّد ولد آدم من الأنبياء والمرسلين وغيرهم. لكنَّ الذكر بابه التوقيف. والله أعلم> انتهى.
وأقول: فات الشيخ كما فات شيخنا الألباني رحمه الله تعالى وغيرهما أنَّ الطبراني قد رواه في <المعجم الكبير>(2) فقال: حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو نعيم، حدثنا المسعودي، عن عون بن عبد الله، عن أبي فاختة، عن الأسود، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - موقوفًا.
وهذا إسناد صحيح؛ لأنَّ رواية أبي نعيم الفضل بن دكين عن المسعودي كانت قبل اختلاطه، وهذا ما كنتُ قد كتبتُ فيه حلقةً من حلقات <لا تكذب عليه متعمِّدًا>، وبيَّنت هناك بالتفصيل مَن تَتابع من الكبار على تضعيف سنده؛ لأنَّهم لم يقفوا على هذا السند النادر؛ فخُذْها أيُّها المسلم المحبُّ لرسولك وسيِّدك محمَّد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم فائدةً جليلةً لا تُقدَّر بثمن !
__________
(1) <معجم المناهي اللفظية> ص (306).
(2) <المعجم الكبير>، برقم (8594).(1/34)
مع نصحي لك باتباع ما صحَّ من صيغ في الصلاة عليه؛ ـ وهي كثيرة ـ فتلك هي التي علَّمَنَاهَا رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهذا الأثر يفيد في جواز قولنا <سيِّد المرسلين> خارج الصلاة، وفي مثل هذه الصيغة التي عَلَّمَنَاها ابن مسعود - رضي الله عنه - وعن جميع صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام، والحمد لله كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه كما يحبُّ ربُّنا ويرضى.
وانظر لهذا الموضوع الجليل ما كتبه الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى، ونَقَلَه عنه السخاوي في <القول البديع> والقاسمي في <الفضل المبين> وغيرهما، فإذا عرفت الحقَّ عَرفْت الرجال ولا تَعرِف الحقَّ بالرجال !
ولتكن على خُبْرٍ بأنَّ رسولك صلَّى الله عليه وآله وسلَّم لَمَّا قيل له: <أنت سيِّدنا> كما في الحديث الصحيح قال: <السَّيِّدُ اللهُ>.
وفي فتوى ابن حجر رحمه الله تعالى أنَّ عدم ذكر السيادة خارج الصلاة أولى وأرجح لعدم وروده في كثير من الأحاديث والآثار.
وأنا أوافقه على ذلك وأستثني هذا الأثر الصحيح عن ابن مسعود، وأجزم بأنَّه لو وَقَفَ عليه الحافظ ابن حجر وغيره وتأكَّدوا من صحَّته لبادروا بالقول به فالحقُّ أحقُّ أن يُتبَع.
هذا ما أردت أن أشير إليه في هذه المقالة من بيان للجوانب الجيِّدة في كتاب <معجم المناهي اللفظية> وكم كنت أتمنى من فضيلة الشيخ أن يبادر بالردِّ عليَّ وبيان وجهة نظره فيما كتبته من ملحوظات حول كتابه الآنف الذكر؛ لكن <ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن>.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلوات ربِّي وسلامه على خير خلقه وأفضل رسله، رسولنا وسيِّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
- - -
الفهارس والفوائد
الموضوع ... الصفحة
? تقريظ الكتاب ... 3
? المقدمة وسبب تأليف الرسالة ... 5
? نظرات في <معجم المناهي اللفظية> ... 7
? تحريم الشيخ لاسم <نضلة> وما فيه من خطأ ... 7
? تحريم الشيخ لاسم <نعم> مع أنه بإسناد ضعيف ... 8(1/35)
? تحريم المؤلف لاسم <نعموش> و<نغموش> مع أن الحديث فيهما موضوع ... 8
? للشيخ طريقة خاصة في طبعة الكتاب الأولى وبيانها وما فيها من قصور ... 9
? تحريم المؤلف لاسم <نكرة> مع أنه روي بإسناد فيه مجهول ... 9
? تحريم الشيخ لاسم <نعيم> مع أنه بإسناد منقطع ... 9
? لا يصحّ النهي عن قولهم: <من أين أقبلت ؟ وبيان خطأ الشيخ في ذلك ... 10
? الشيخ يترك حديثا صحيحا في النهي عن قولهم <أَأَلِجُ> ويستدل بالضعيف ! ... 11
? تحريم التسمية ب <أبي بشير> لا يصح وبيانه ... 12
? النهي عن التسمية بأسماء الملائكة لا يثبت وبيان خطأ من أخطأ على البخاري في ذلك، وذكر أن الحديث فيه ضعيف جدًّا ! ... 12
? ثبت عن بعض الأئمة جواز التسمية بأسماء الملائكة ... 13
? الشيخ يحرم اسم <أكبر> مع أن مدار الإسناد على مجهول وتعقب راقم هذه الرسالة عليه في ذلك ... 14
? النهي عن اسم <الأصم> روي بإسناد واهٍ جدًّا واستدلال الشيخ برواية الكذَّابين والمتروكين ... 15
? الشيخ يعتمد على الجاحظ المبتدع الضال الذي لا يوثق بدينه ولا بنقله في تحريم قولهم <اللهم اجعلني من الأقلين> ! وتعقب صاحب هذه الرسالة ذلك بما يقطع بصدق من كَذَّب الجاحظ ... 15
? تحريم اسمي <مخشي>، و<حمير> من قبل الشيخ يستند فيه على حديث ضعيف جدًّا ... 18
? التفصيل والبيان لرد زعم الشيخ أن <من أين أقبلت ؟> منهي عنه وعصيان ! ... 19
? تحريم لفظ <كشر> لا يثبت وبيان ذلك ... 20
? النهي عن قولهم <مجنون> مخالف للسنة وتفصيل ذلكم وبيانه بالأدلة، وفيه أن الشيخ كثير الأوهام جماع للأحاديث الضعيفة والواهية بل والموضوعة ... 22
? تحرير ما تقدم بمثال يقطع بضعف الشيخ في الحديث وعلومه والنقل وأصوله ! ... 22
? الشيخ يحرم التسمي بالأسماء الأعجمية؛ تركية كانت أم فارسية أم بربرية، وبيان الخطأ في ذلك بل والخلط الذي وقع فيه نقلاً وعقلاً ! ... 24(1/36)
? تحرير التسمي ب <عازب> لا يصحُّ، وتعجُّب راقم هذه الرسالة من إصرار الشيخ على أخطائه بعد إذ تبين له نقدي إياها في الطبعة الأولى من <مناهيه> ! ... 26
? التنبيه على التصحيف الذي وقع في <تاريخ البخاري الكبير> المطبوع ... 27
? <لا شيء> من الألفاظ المنهية عنها عند الشيخ وبيان الخطأ والخلط في ذلك بالأدلة ... 28
? الشيخ لا يفرق بين الروايات المجملة وتلك التي تفسر الإجمال فيقع بذلك في تحريم ما أحل الله ! ... 30
? علماء الجرح والتعديل يردون على الشيخ بلسان حالهم ومقالهم في جواز استخدام لفظة <لاشيء> ! ... 31
? تحريم <هل فهمت ؟> من أعجب ما يستدرك به على الشيخ وبيان ذلك ! ... 32
? <وقع في خاطري كذا> حرام عند الشيخ التلفظ به؛ لأنه بزعمه يشبه قول الصوفية <أخبرني قلبي عن ربي ؟! وبيان الخلط والأوهام العجيبة التي وقع فيها الشيخ بسبب إفراطه في تحريم ما لم يقم الدليل على تحريمه ! ... 33
? تحريم لفظ <كوكب> إذا أطلق على الأرض وبيان ما فيه من تفريط وإنكار لحقائق ثابتة في هذا العصر ! ... 33
? تحريم اسم <كثير> بحديث لا يصح، وأنه مما يؤخذ على الشيخ في إيراده <كثيرا> من الأحاديث الضعيفة وبيان أن الشيخ حرم اسم <أكبر> بنفس الحديث وبيان الخطأ المزدوج في ذلك ... 34
? هل الصحافة حمالة الحطب ؟ وإلزام الشيخ الخطأ بتعميم ذلك على صحفنا في الجملة ... 36
? قاعدة عجيبة لا أصل لها في تحريم ما أحل الله ! ... 37
? مطالبة الشيخ بالأدلة الشرعية على تحريم التسمي بغير العربية ... 38
? وحتى ننصف في التتبع أعود إلى باكورة الأحاديث التي استدل بها المؤلف في <أبو فلان> من مناهي الشيخ اللفظية ؟ واستدلاله بحديث موضوع على تحريم تكنية الكافر ! ... 38
? الشيخ لا يحسن علم الحديث كما شهد بذلك المحدث الألباني رحمه الله وتأكيد راقم هذه الرسالة لذلك بما لا مفر للشيخ منه ... 39(1/37)
? لا يصح النهي عن قولهم <استأثر الله بفلان> وبيان أن الشيخ يحتج بكل ما وقع بين يديه وبيان مخالفة ذلك للمعلوم من دين الإسلام وتأكيد ذلك من قبل راقم الرسالة من الكتاب والسنة الصحيحة وكتب التفسير واللغة ... 40
? الشيخ يستدل بالواهيات لتحريم ما أحل الله ! ... 42
? من الفواقر العظيمة تكفير من قال: <سبحانك ما عرفناك حق معرفتك> ! وعظيم خطأ الشيخ في النقل من المصادر ... 44
? قف على ترجمة للأزنيقي وحاله ومذهبه ... 45
? هل يحرم قولنا: <معاوية خال المؤمنين ؟!> وذكر أنَّ الشيخ يميل إلى تحريم ذلك وبيان أنَّ التفصيل هو الصحيح في ذلك ... 47
? هل اسم <الطيب> منهي عنه شرعا ؟! ... 50
? الجوانب القوية في معجم المناهي اللفظية ... 53
? استدراك راقم هذه الرسالة لفظة <يا ساتر> على الشيخ وأنه ممَّا يلزمه في ذكره في <معجمه> ... 55
? إيراد <سيد المرسلين> في المناهي اللفظية من عجائب الشيخ، وبيان استدلاله بأثر زعم أنه ضعيف، والرد عليه وبيان مَن تتابع من العلماء على تضعيف الأثر وأنَّ الصواب صحته، وذلك بطرق إسنادها صحيح نادر ... 56
? تفصيل وتحرير لهذه المسألة من كتب العلماء ... 57
? الخاتمة وفيها تمني راقم الرسالة أن يكون الشيخ قد رد عليه إن كان لديه تعقيب ... 57
- - -
- شرح السنة للإمام البربهاري ... [تحقيق: خالد بن قاسم الردادي]
- المورد العذب الزلال فيما انتقد على بعض المناهج الدعوية ... [أحمد بن يحي النجمي]
- تنبيه الغبي في الرد على مخالفات أبي الحسن المأربي ... [أحمد بن يحي النجمي]
- المحجة البيضاء في حماية السنة الغراء ... [أ. د. ربيع بن هادي المدخلي]
- مآخذ منهجية على الشيخ سفر الحوالي ... [أ. د. ربيع بن هادي المدخلي]
- مكانة عيسى عليه السلام في الإسلام ... [أ. د. ربيع بن هادي المدخلي]
- الحدّ الفاصل بين الحقّ والباطل ... [أ. د. ربيع بن هادي المدخلي](1/38)
- العواصم ممّا في كتب سيّد قطب من القواصم ... [أ. د. ربيع بن هادي المدخلي]
- منهج أهل السنّة والجماعة في نقد الرجال والكتب والطوائف
... [أ. د. ربيع بن هادي المدخلي]
- مجموع ردود الشيخ ربيع بن هادي المدخلي على أبي الحسن المأربي.
- انقضاض الشهب السلفية على أوكار عدنان الخلفية ... [أ. د. ربيع بن هادي المدخلي]
- جماعة واحدة لا جماعات وصراط واحد لا عشرات ... [أ. د. ربيع بن هادي المدخلي]
- كشف موقف الغزالي من السنة وأهلها ونقد بعض آرائه ... [أ. د. ربيع بن هادي المدخلي]
- أهل الحديث هم الطائفة المنصورة الناجية ... [أ. د. ربيع بن هادي المدخلي]
- التنكيل بما في لجاج أبي الحسن من الأباطيل ... [أ. د. ربيع بن هادي المدخلي]
- مطاعن سيد قطب في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... [أ. د. ربيع بن هادي المدخلي]
- دحر افتراءات أهل الزيغ والارتياب عن دعوة الإمام محمّد بن عبد الوهاب (نقد لحسن المالكي) ... [أ. د. ربيع بن هادي المدخلي]
- منهج الإمام مسلم في ترتيبه كتاب الصحيح ودحض شبهات حوله
... [أ. د. ربيع بن هادي المدخلي]
- التعصب الذميم وآثاره ... [أ. د. ريبع بن هادي المدخلي]
- النصيحة هي المسئولية المشتركة في العمل الدعوي [أ. د. ريبع بن هادي المدخلي]
- مكانة أهل الحديث ومآثرهم وآثارهم الحميدة في الدين [أ. د. ربيع بن هادي المدخلي]
- الموقف الصحيح من أهل البدع ... [أ. د. ريبع بن هادي المدخلي]
- أصول وقواعد في المنهج السلفي ... [عبيد بن عبد الله بن سليمان الجابري]
- تيسير الإله بشرح أدلة شروط لا إله إلا الله [عبيد بن عبد الله بن سليمان الجابري]
- تنبيه ذوي العقول السليمة إلى فوائد مستنبطة من الستة الأصول العظيمة
... [عبيد بن عبد الله بن سليمان الجابري]
- صد العدوان الشنيع على فضيلة العلامة الشيخ ربيع ... [فالح بن نافع الحربي](1/39)
- النبذ على شرح السنة للبربهاري [عبد الله بن صالح العبيلان، راجعه: آل الشيخ]
- ماذا يريد أهل السنة بأهل السنة ... [فوزي الحميدي الأثري]
- تحذير الأنام من أخطاء أحمد سلام ... [أبو نور بن حسن الكردي]
- الأضواء السلفية على الجماعة الإخوانية ... [أم أيوب نورة]
- الثناء البديع من العلماء على الشيخ ربيع ... [خالد بن ضحوي الظفيري]
- إجماع العلماء على الهجر والتحذير من أهل الأهواء [خالد بن ضحوي الظفيري]
- الاعتناء بتهذيب أدب الإملاء والاستملاء للحافظ السمعاني
... [اعتناء: أبو عبد الرحمن محمود]
- مجموع فيه: (مجموعة رسائل للحافظ الذهبي) ... [اعتنى بها:جمال عزّون]
- إظهار البينات عن محاسن تعدد الزوجات ... [العلامة عبد العزيز بن باز]
- تعليم الصبيان التوحيد ... [العلامة محمد بن عبد الوهاب]
- حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنة ... [سعيد بن علي بن وهف القحطاني](1/40)