فأبو المجد وجماعته يؤذيهم ويقلقهم التميز والعزة التي ارتضاها الله لعباده المسلمين؛ باتباعهم لدينه الحق، وطاعتهم لخاتم رسله. ويؤلمهم –في المقابل- الصَغَار الذي جعله الله لمن خالف أمره، فيحاولون بذلٍ وخنوع إزالة هذا كله، وإذابة الفريقين (المسلم والكافر) في فكرة واحدة موهومة أطلقوا عليها "الوحدة الوطنية"! مفضلينها على أحكام الله، التي يرمونها –وإن لم يصرحوا بذلك- بأنها سبب تفرق أبناء البلد الواحد! وأنها قاصرة عن تحقيق آماله وأهدافه! ولهذا فقد قرروا تشذيبها وإلغاء بعضها مما يرونه عائقاً أمام أهوائهم، نسأل الله العافية. وصدق الله القائل (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقومٍ يوقنون).
6-أبو المجد و"تحرير" المرأة المسلمة :
يقول أبو المجد عن حجاب المرأة المسلمة : "أما الحجاب وما يثار حوله فإنه لا يعدو أن يكون من آداب الزي؛ يصان به العرض ويتميز به أهل الفضل، وتدرأ قالة السوء"(91) فهو من الآداب لا من الواجبات! وهو مجرد "زي" قد يتبدل ويتغير بتغير الأحوال بمقاييس البشر في نظرتهم إلى "الاحتشام" و"العري" دون أي اعتبار للنصوص الشرعية المحددة لشروط الحجاب .
7-أبو المجد والاختلاط:
يقول أبو المجد: "أما مشاركة المرأة الرجل في العمل العام أو الخاص على ملأ وفي صحبة الآخرين فلم يرد فيه نهي يحتج له محتج.." (92).
قلت: وهذا من الكذب الصريح. فالنصوص الشرعية والكثيرة جاءت بتحريم الاختلاط، وسدت كل ذريعة توصل إليه(93).
8-أبو المجد يثني على كتاب "تحرير المرأة في عصر الرسالة" !(37/28)
يقول أبو المجد: "وحديثاً تولى الصديق العزيز الأستاذ عبد الحليم أبو شقة تحقيق وشرح الأحاديث الواردة في شئون المرأة، وذلك في سفر نافع من أربعة أجزاء، اقتصر على الأحاديث الواردة في صحيحي البخاري ومسلم، كاشفاً بهذا التحقيق عن عديد من الأخطاء الشائعة بين عامة المسلمين، وكثير من خاصتهم في شأن المرأة وحقوقها ومكانتها، وعلاقتها بالرجل، وهي أخطاء أدت إلى الخلط بين التصور الإسلامي لقضية المرأة بجوانبها المختلفة، وبين العرف السائد في كثير من مجتمعات المسلمين"(94)
قلت: كتاب أبو شقة أصبح دستور العصرانيين في قضية المرأة، وقد احتوى على انحرافات ومتابعة للأهواء والشهوات بما يفوق ما قام به قاسم أمين!، وقد بينت هذا في مذكرة بعنوان "نقد كتاب تحرير المرأة في عصر الرسالة" تجدها منشورة في موقع "صيد الفوائد" على شبكة الإنترنت. فراجعها غير مأمور.
وانظر أيضًا ما كتبه الأستاذ جمال سلطان عن هذا الكتاب السيئ في "ثقافة الضرار" مقال بعنوان "تحرير المرأة في عصر الضلالة!" (ص 71-74).
9-أبو المجد يبيح الموسيقى والتمثيل ...
يقول أبو المجد: "إن الاهتمام بالفنون المختلفة من شعر ورسم وموسيقى وغناء وتمثيل، وتسخيرها لتثبيت القيم الإنسانية الفاضلة أمر لا يجوز أن يبقى خارج اهتمام الداعين إلى الإسلام"
ثم يقول ساخرًا ممن يقولون بتحريم ما حرم الله: "إن القول بتحريم الفنون مطلقاً قول لا دليل عليه في العقل ولا شاهد له في النقل، وهو أثر بداوة وجفوة وقسوة مزاج وغلظة طبع.." (95) !!(37/29)
قلت: يعلم أبو المجد أن أتباع الكتاب والسنة لا يحرمون "الفنون" "مطلقاً" كما يزعم ! ويعلم –هداه الله- أن ما حرموه؛ كالموسيقى مثلاً إنما اتبعوا فيه النصوص الشرعية ولم يتبعوا فيه المزاج والبداوة!! ومن طالع فتاوى كبار العلماء السلفيين علم هذا(96). ولكن أبا المجد يلجأ إلى هذا الأسلوب الساخر الذي تعلمه من شيخه الغزالي تنفيرًا من الحق وأهله بعد أن أعيته الحجة، وصرفًا لانتباه القارئ عن مطالبته بالأدلة.
10-سخريته بالسلفيين :
كما هي عادة العصرانيين في حمل الحقد والضغينة على أتباع دعوة الكتاب والسنة؛ لأنهم يقفون عقبة أمام أهوائهم، فإنهم لا يخلون أي حديث أو مقال أو كتاب لهم دون أن يسخروا منهم ويتهجموا عليهم، وعلى هذه الطريقة سار أبو المجد –هداه الله-. وقد سبق شيء من تنقصه لهم في دراسة الدكتور القوسي لفكره. وأضيف هنا ما ذكره في ندوته التي عقدها بالأردن بعنوان "من أجل وحدة ثقافية عربية" ونشرتها له مؤسسة عبد الحميد شومان.(37/30)
يقول أبو المجد ساخرًا ممن يسميهم "الحَرْفيين" الذين يقولون "إن النصوص مقدسة"(97): "الشورى غائبة عن أكثر دول العالم الإسلام، التقدم الاقتصادي ناقص جداً، التبعية تكاد تلف العالم الإسلامي: من أوله إلى آخره، الجهل ونسبة الأمية عالية جداً، وتجد دعاة على المنابر لا تهتز في رأسهم شعرة للقمع ولا لغياب الشورى، ولا للتأخّر، ولا للتبعية، مشغولون بقضيتين: تقصير الثوب ومنع الموسيقى! كنا في اجتماع للجنة محترمة تابعة لليونسكو، نناقش موضوع الموسيقى، علماء موسيقى أتوا من المغرب، ومن تونس، ومن ليبيا، ومن الأردن، ومن مصر، ومن سوريا، وإذا بشاب ملتحٍ –بالمناسبة أنا دائماً أقسم اللحى قسمين: لحى ودية ولحى عدوانية- يدخل وبيده ورقة كبيرة جداً قائلاً: أخرجوا أولادكم من المدارس التي تعلم الموسيقى، لماذا؟ من قال لك: إن الموسيقى حرام؟ غلبتني لغة السجع، فقلت له: يا سيدي الموسيقى حلال كالماء الزلال! وعندي فعلاً دليل نصّي وعقلي على ذلك، يطول شرحه.
إن محمد صلى الله عليه وسلم بُعث نبياً ولم يبعث تَرْزياً" !! (98)
قلت: هذا أسلوب إنشائي تهويلي يذكرنا بأسلوب الغزالي شيخ أبي المجد في سخريته المتكررة بأهل السنة.
وإلا فإن كل عاقل يعلم أن غياب الشورى وزيادة نسبة الأمية.. الخ لا يبيح لنا ارتكاب المحرمات أو سماعها والتهاون فيها.
فما علاقة هذا بهذا ؟!
والدكتور يعلم –علي سبيل التنزل معه- بأن ما لا يدرك كله لا يترك جله. فإذا كنا مفرطين فيما ذكره(99)؛ فإن هذا التفريط لا يسوغ لنا أن نفرط في غيره من فعل الواجبات أو ترك المحرمات. وما حال من يفرط في الأمرين إلا كحال من يشرب الخمر ثم يحدث نفسه بأنه ما دام يرتكب هذا المحرم فليتبعه غيره من المحرمات! ليدع الصلاة مثلاً أو يرتكب الفاحشة .. الخ إلى أن يتخلص من هذا المحرم. فهل يفعل هذا عاقل ؟!
بل الواجب : تقليل التفريط بفعل ما يستطيعه الإنسان، ثم إكمال ما نقص.(37/31)
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
_____________________
(1) ... استفدتها من كتاب"الإسلاميون والحوار مع العلمانية والدولة والغرب"لهشام العوضي.وكذا من رسالة الدكتور مفرح القوسي"الموقف المعاصر من المنهج السلفي.."(ص49)،ومن كتاب "من أجل وحدة ثقافية –عربية-حوار مع الدكتور أحمد كمال أبو المجد"إصدار منتدى عبدالحميد شومان الثقافي بالأردن، 1998م.
(2) ... كما في ص 23. وقد فرح العلمانيون بهذه الوثيقة (العصرية) لأنها تحقق لهم أهدافهم بواجهة (إسلامية). يقول العلماني سيد ياسين في كتاب "قضايا المعاصرة والخلافة، ص9" عن هذه الوثيقة: "إنها ترديد لبعض المبادئ الراسخة في النظرية والممارسة الليبرالية الغربية..".
(3) ... العلمانية والممانعة الإسلامية؛ لعلي العميم، ص 164.
(4) ... سبقت ترجمته .
(5) ... حوار لا مواجهة ص 242.
(6) ... المرجع السابق ص 86-87.
(7) ... المرجع السابق ص 89.
(8) ... مقال (مواجهة مع عناصر الجمود في الفكر الإسلامي المعاصر)، مجلة (العربي)، العدد (222) الصادر في مايو 1977م، ص 16.
(9) ... انظر: حوار لا مواجهة ص 7.
(10) ... المرجع السابق ص 8، وانظر: ص 5-6 من المرجع نفسه.
(11) ... المرجع السابق ص 90.
(12) ... المرجع السابق ص 174.
(13) ... المرجع السابق ص 175.
(14) ... مقال (الخيط الرفيع بين التجديد في الإسلام والانفلات منه)، مجلة (العربي)، العدد (225) الصادر في أغسطس 1977م ص 15.
(15) ... حوار لا مواجهة ص 19.
(16) ... المرجع السابق ص 20.
(17) ... سورة النحل الآية 89.
(18) ... حوار لا مواجهة ص 18.
(19) ... مقال (مواجهة مع عناصر الجمود) ص 20.
(20) ... حوار لا مواجهة ص 16.
(21) ... حوار لا مواجهة ص 16.
(22) ... المرجع السابق ص 18.
(23) ... المرجع السابق ص 127.
(24) ... المرجع السابق ص 136.
(25) ... المرجع السابق ص 34.
(26) ... المرجع السابق ص 19.
(27) ... المرجع السابق ص 35.
(28) ... المرجع السابق ص 18.
(29) ... انظر: المرجع السابق ص 47.(37/32)
(30) ... مقال (مواجهة مع عناصر الجمود) ص 19.
(31) ... حوار لا مواجهة ص 46.
(32) ... متفق عليه.
(33) ... انظر: حوار لا مواجهة ص 47.
(34) ... يُنقص أبو المجد من هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم:"إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به". أخرجه مسلم.
(35) ... رواية مسلم بلفظ: "أنتم أعلم بأمر دنياكم" صحيح مسلم، كتاب (الفضائل)، باب (وجوب ما قاله صلى الله عليه وسلم شرعاً) جـ 15/ص 118.
(36) ... مقال (مواجهة مع عناصر الجمود) ص 19-20.
(37) ... مقال (الخيط الرفيع بين التجديد في الإسلام والانفلات منه) ص 16.
(38) ... انظر: حوار لا مواجهة ص 94.
(39) ... المرجع السابق.
(40) ... المرجع السابق ص 96.
(41) ... د. أحمد كمال أبو المجد "حوار لا مواجهة" /82.
(42) ... رواه أبو داود والترمذي من حديث العرباض بن سارية، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(43) ... رواه أبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم وأحمد والبيهقي، وصححه الحافظ: ابن حجر والذهبي والحاكم والترمذي وغيرهم من حديث سفينة أبي عبدالرحمن مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم به مرفوعاً، انظر "السلسلة الصحيحة" /الألباني/ رقم 460.
(44) ... رواه مسلم من حديث عبد الله بن عمر.
(45) ... رواه أحمد وأبو داود الطيالسي والبزار والطبراني من حديث أبي أمامة/ انظر "السلسلة الصحيحة" رقم 5.
(46) ... غزو من الداخل، ص 10.
(47) ... د. أحمد كمال أبو المجد "الديمقراطية ... نظرة جديدة"، العربي الكويتية عدد 306 – شعبان 1404هـ/ مايو 1984م.
(48) ... غزو من الداخل، ص 23.
(49) ... د. أحمد كمال أبو المجد "حوار لا مواجهة" / 10.
(50) ... المصدر السابق/ 11.
(51) ... المصدر السابق / 12.
(52) ... المصدر السابق / 42.
(53) ... المصدر السابق / 44.
(54) ... د. محمد عمارة "المعتزلة وأصول الحكم"/ 330.
(55) ... د. أحمد كمال أبو المجد "حوار لا مواجهة" / 66.
(56) ... انظر محمد عمارة "الأعمال الكاملة للأفغاني" / 107.
(57) ... د. أحمد كمال أبو المجد "حوار لا مواجهة"/ 66.(37/33)
(58) ... راجع ما قرره في ذلك في المصدر السابق/ 65.
(59) ... سورة البقرة/ آية 79.
(60) ... غزو من الداخل، ص 41-44.
(61) ... د. كمال أبو المجد "حوار لا مواجهة" /112.
(62) ... المصدر السابق/ 113.
(63) ... المصدر السابق/ 113.
(64) ... المصدر السابق / 82.
(65) ... المصدر السابق / 82.
(66) ... رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
(67) ... رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وغيرهم، وصححه عدد من الحفاظ، ومر تخرجيه.
(68) ... رواه مسلم من حديث عبد الله بن عمر.
(69) ... "حوار لا مواجهة" / 45.
(70) ... المصدر السابق / 116.
(71) ... المصدر السابق / 214.
(72) ... غزو من الداخل، ص 47 – 50.
(73) ... د. أحمد كمال أبو المجد "حوار لا مواجهة" /45 – 46.
(74) ... سورة آل عمران/ آية: 67.
(75) ... سورة الأعراف / آية 172.
(76) ... د. أحمد كمال أبو المجد "حوار لا مواجهة" / 207.
(77) ... سورة الروم / آية 30.
(78) ... رواه مسلم من حديث عياض بن حمار المجاشعي.
(79) ... متفق عليه من حديث أبي هريرة.
(80) ... راجع ما جمعه الحافظ ابن كثير عن هذه الآية.
(81) ... غزو من الداخل، ص 60-62.
(82) ... بحث "النظام الدستوري لدولة الإمارات.." منشور ضمن كتاب "دولة الإمارات العربية المتحدة – دراسة مسحية شاملة"، ص 26.
(83) ... تطبيق الشريعة الإسلامية في دولة الكويت، للدكتور عبد الرزاق الشايجي، ص 26. ومعلوم تشابه ما بين الدستورين "دستور الكويت" و"دستور الإمارات" بل جميع الدساتير العربية في هذه المادة؛ التي تجعل من الشريعة الإسلامية مجرد مصدر من مصادر كثيرة مساوية لها، يُلجأ إليها، إن لم تكن تلك المصادر تُقدم عليها!.وانظر تأكيداً لهذا:رسالة"الشريعة الإسلامية لا القوانين الجاهلية" للشيخ عمر الأشقر،ص130-137.
(84) ... رؤية إسلامية معاصرة ، ص 47-48.(37/34)
(85) ... انظر على سبيل المثال: "الديمقراطية في الميزان" لسعيد عبد العظيم، و"الديمقراطية الغربية في ضوء الشريعة الإسلامية" للدكتور محمود الخالدي، و"حقيقة الديمقراطية" لمحمد شاكر الشريف، و"خمسون مفسدة جلية من مفاسد الديمقراطية" لعبد المجيد الريمي، وغيرها .
(86) ... ومن أفضل من كتب في هذا من المعاصرين؛ خالد العنبري، في كتابه "فقه السياسة الشرعية في ضوء القرآن والسنة" حيث الاختصار ووضوح العبارة.
(87) ... قال هذا: خالد محمد خالد في مذكراته (487) محاولاً إقناع القارئ بهذا النظام الكفري. كما أن له كتاباً بعنوان "دفاع عن الديمقراطية" وقد بينت شيئاً من انحرافاته في كتابي "خالد محمد خالد في الميزان" لم يطبع بعد. والدكتور القرضاوي يردد نفس مقولة خالد محمد خالد؛ كما في فتاواه المعاصرة (2/646)، وعنه يستقي تلاميذه العصرانيون.
(88) ... دولة الإمارات العربية المتحدة –دراسة مسحية، ص 26.
(89) ... رؤية إسلامية معاصرة، ص 56، وانظر أيضاً: ص 68 وقد سبق في رد الدكتور مفرح القوسي عليه تضجره من استمرار التمايز بين المسلمين والكفار.
(90) ... رؤية إسلامية معاصرة ، ص 56.
(91) ... القيم والتحولات الاجتماعية المعاصرة ، ص 68.
(92) ... المرجع السابق.
(93) ... انظر: "فتاوى الشيخ ابن باز –رحمه الله-" (4/245-258). ورسالة الدكتور مفرح القوسي السابقة (ص 332 – 374).
(94) ... رؤية إسلامية معاصرة، ص 20
(95) ... رؤية إسلامية معاصرة ، ص 55.
(96) ... انظر رسالة : " "
(97) ... النصوص هي: قال الله، وقال رسوله صلى الله عليه وسلم ! وهي مقدسة ومُطَهرة. فهل يرى أبو المجد غير ذلك؟! نعوذ بالله من حال عباد العقول.
(98) ... ص 34.(37/35)
(99) ... وتفريط الأمة في هذه الأمور لا يختص بفرد أو طائفة دون غيرها، بل المسؤلية متعلقة بالجميع ، وعلى رأسهم حكام المسلمين الذين بسبب تقصيرهم في النهوض بالأمة وإعزازها تسلط علينا الأعداء من كل جانب كما هو مشاهد. فليت الدكتور عرَّض بذكرهم، ولم يؤاخذ غيرهم بجريرتهم. لئلا يقال له:
غيري جنى وأنا المعذّب فيكم --- فكأنني سبابة المتندم !(37/36)
::::: المجموعة السادسة :::::
نظرة شرعية في فكر الدكتور محمد سليم العوا
-باحث ومفكر مصري معاصر، ينتمي إلى الاتجاه "العصراني"، متخرج في جامعة الإسكندرية، ومن المختصين بالدراسات القانونية الجنائية.
-عمل أستاذاً لفقه العقوبات بجامعة الرياض (الملك سعود حالياً).
-من مؤلفاته:
1- في أصول النظام الجنائي الإسلام.
2- في النظام السياسي للدولة الإسلامية.
3- الحق في التعبير.
4- أزمة المؤسسة الدينية.
5- الأقباط والإسلام.
6- الفقه الإسلامي في طريق التجديد.
انحرافاته :
هو –كما سبق- واحد من رموز التيار "العصراني" في زماننا، حيث يجتمع معهم في الدعوة إلى عدة أفكار وأصول سبق بيانها في مقدمة هذا البحث. وأبدأ بما قال الدكتور مفرح القوسي –وفقه الله- عن العوا، ثم أتبع ذلك ببعض الإضافات التي تحصلت لي من قراءتي لكتب ومقالات الرجل.
قال الدكتور مفرح القوسي(1) :
"الدكتور محمد سليم العوا: أحد رواد ما يسمى باليسار الإسلامي، وممن قدم العديد من الطروحات التحديثية، والتي من أهمها ما يلي:(38/1)
أ)قسم سنة الرسول صلى الله عليه وسلم تشريعيه وسنة غير تشريعية، وادعى أن أغلب المروي عنه صلى الله عليه وسلم هو من النوع الثاني، وأنه لا يلزمنا العمل به، واستدل على ذلك بحديث تلقيح النخل المروي بروايات عدة، منها ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن رافع بن خديج أنه قال: قدم نبي الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يأبرون النخل –يلقحون النخل- فقال: ما تصنعون؟ قالوا: كنا نصنعه، قال: لعلكم لو لم تفعلوا كان خيراً، فتركوه فنفضت أو فنقصت، قال فذكروا ذلك له، فقال: "إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيء من رأيي فإنما أنا بشر"(2)، حيث يقول العوا عن هذا الحديث: "ولو لم يكن غير هذا الحديث الشريف في تبيين أن سنته صلى الله عليه وسلم ليست كلها شرعاً لازماً وقانوناً دائماً لكفى، ففي نص عبارة الحديث –بمختلف رواياته- تبيين أن ما يلزم اتباعه من سنة رسول الله صلى الله وسلم إنما هو ما كان مستنداً إلى الوحي فحسب، وذلك غالبه متعلق بأمور الدنيا وأقله متعلق بأمور الدين، وليس أوضح في الدلالة على هذا من قوله صلى الله عليه وسلم: "إنما أنا بشر وأنتم أعلم بشؤون دنياكم"، وكان بوسعه أن يقول: إنني لا خبرة لي بالنخل –إذ ليس في مكة نخل- أو لا أحسن الزراعة فبلدي وادٍ غير ذي زرع، ولكنه عليه الصلاة والسلام تخير أحسن العبارات وأجمعها، وجعل من حديثه في هذه المسألة الجزئية قاعدة كلية عامة مؤداها أنه في مالا وحي فيه من شؤون الدنيا فالأمر للخبرة والتجربة والمصلحة التي يُحسن أرباب الأمر معرفتها دون من لا خبرة له به، فلم يكن الجواب قاصراً على مسألة تلقيح النخل، وإنما جاء شاملاً لكل أمر مما لم يأت فيه وحي بقرآن أو سنة"(3).(38/2)
ب)ادعى أن تصرفات النبي صلى الله عليه وسلم في القضاء والإمامة ليست من السنة التشريعية الملزمة، محتجاً بتقسيم الإمام القرافي لتصرفاته صلى الله عليه وسلم إلى أربعة أنواع: تصرفات بالرسالة، وأخرى بالفتيا، وثالثة بالحكم (القضاء)، ورابعة بالإمامة(4).
ج)دعا إلى أنه يجب أن يتبع الحكم الشرعي "المصلحة ويدور معها، فما حقق المصلحة أجريناه، وما عارضها أو ألغاها توقفنا عن إجرائه، وإلا كنا مخالفين للأمر الرباني بطاعة رسول الله(5). ويضرب العوا لذلك مثالين من الأحكام الشرعية التي يجب –في نظره- أن تدور مع المصلحة فعلاً وتركاً، فيقول: "ومن أمثلة هذه السنن التي بنيت على المصلحة القائمة في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله في شأن الزي: "خالفوا المشركين أوفروا اللحى وأحفوا الشوارب"(6) في صيغة النص ما يفيد ارتباط الحكم أو الأمر بزي المشركين وعاداتهم في توفير اللحية والشارب معاً، وأزياء الناس وزينتهم أمور لا استقرار لها، فهو لذلك تشريع زمني روعيت فيه البيئة التي كان يعيش فيها الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يبعد هنا أن يُقال إن الأمر في توفير اللحى للندب يثاب فاعله ولا يلام فضلاً عن أن يعاقب تاركه. ومثله قوله صلى الله عليه وسلم: "إن اليهود [والنصارى] لا يصبغون فخالفوهم"(7). أي لا يصبغون الشعر حين يشيب، فذلك أيضاً مرتبط بعادات اليهود والنصارى، أفنخالفهم إن تغيرت العادة لديهم إدارة منا للحكم مع علته وسببه؟ أم نبقى على تنفيذ الأمر الوارد في هذا الحديث حتى ولو فات بذلك تحقيق مقصوده؟ لا شك أن الأول أولى بنا وأوفق"(8).
ويحتج العوا لضرورة اتباع الحكم الشرعي للمصلحة بفعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في أرض العراق حين فتحها الله على المسلمين عنوة، حيث راعى –آنذاك- مصلحة الأمة فلم يقسمها بين المسلمين قسمة الغنائم كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح الله عليه أرض خيبر عنوة(9).(38/3)
د)ذهب "إلى أن العقوبة التي شرعها الإسلام لجريمة شرب الخمر هي عقوبة تعزيرية المقصود بها ردع الجاني عن العودة لارتكاب الجريمة ومنع غيره من أفراد المجتمع من ارتكابها، ومن ثم فإن هذه العقوبة يمكن أن تتغير بتغير الأحوال والظروف الفردية والاجتماعية"(10).
هـ)كما ذهب إلى "أن عقوبة الردة عقوبة تعزيرية مفوضة إلى السلطة المختصة في الدولة الإسلامية تقرر بشأنها ما تراه ملائماً من أنواع العقاب ومقاديره، ويجوز أن تكون العقوبة التي تقررها الدولة هي الإعدام"(11).
قلت: وانظر لزيادة الرد على العوا: كتاب "العصريون معتزلة اليوم" (ص45، 46، 53، 54، 57).
إضافات :
1-العوا وعقوبة المرتد :
سبق معنا في حديث الدكتور مفرح القوسي أن العوا يجعل عقوبة المرتد من العقوبات التعزيرية التي يمكن أن تتبدل في يوم ما فيكتفى بدلاً من قتل المرتد بسجنه مثلاً. وفي هذا مخالفة صريحة للأحاديث الصحيحة الواردة في وجوب قتل المرتد وعلى هذا أجمعت الأمة(12).
وقد أكد العوا رأيه هذا عندما أثيرت قضية الحكم بالردة على الكاتب المصري "نصر حامد أبو زيد" في السنوات الأخيرة من بعض العلماء، حيث فزع الدكتور لهذا! وقام بتأليف كتابه "الحق في التعبير" ! وقف فيه كما يقول: "ضد محاكمة نصر أبو زيد، وضد طلب التفريق بينه وبين زوجته" (ص13)، مؤكدًا فيه رأيه السابق المخالف للأحاديث الصحيحة بوجوب قتل المرتد والاكتفاء بتعزيره ! (ص67-69).
وانظر للرد عليه في هذه المسألة: رسالة "حقوق الإنسان في الفكر السياسي الغربي والشرع الإسلامي" للدكتور محمد مفتي، والدكتور سامي الوكيل، ص 89-93.
2-عدم تفريقه بين إرادة الله الكونية وإرادته الشرعية :
من المعلوم أن الله عز وجل أراد وقضى "كونًا" أن يختلف الناس ما بين مسلمين مؤمنين وكفار جاحدين، وما بين أهل حق وأهل باطل؛ قال تعالى: (ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك) وقال تعالى: (هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن)(38/4)
ولكنه في المقابل أراد "شرعاً" أن يؤمن الناس ويستقيموا على صراطه (يا أيها الناس اعبدوا ربكم)، (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)؛ ولهذا بعث الرسل وأنزل الكتب.
والسني المؤمن لا يخلط بين الإرادتين، بل يتبع الحق عند اختلاف الناس، وينصح المخالف ويرد عليه.
أما العصرانيون –ومن ضمنهم العوا- فإنهم لم يفرقوا بين الإرادتين، وظنوا –لجهلهم بمذهب السلف- أن كل ما قضاه الله وأراده "كوناً" من اختلاف بني الإنسان فقد رضيه وأراده "شرعاً"؛ ولهذا فقد ارتضوه بل تفاخروا به ودعوا إليه! فتجد في كتاباتهم التمدح بوجود مختلف الطوائف والمشارب داخل الدولة الإسلامية قديمًا!! فرحين بهذا الأمر، مطالبين باستمراره في عصرنا، مطلقين عليه "التعددية في الإسلام"! أو نحو هذا الاسم.
جاهلين أن هذا الأمر الذي فرحوا به قد جاء الكتاب والسنة بذمه والتحذير منه. قال تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) وقال: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم). وقال: (ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً، كل حزبٍ بما لديهم فرحون). وقال: (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله). وقال: (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا)، إلى غير ذلك من الآيات(13). وقال صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالجماعة" وقال: " "
وقد ألف العوا كتابه "التعددية في الإسلام" لإقرار اختلاف المسلمين ما بين أهل سنة وغيرهم من أهل البدع المتنوعة، راضياً ومطالبًا ببقاء هذا الاختلاف أو "التعدد" كما يقول! (14)
مجيزاً لأجل ذلك قيام الأحزاب المختلفة داخل الدولة الإسلامية (ص 9-10)(38/5)
مكذباً –للسبب نفسه- قوله صلى الله عليه وسلم: "افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة"(15). ومن أعجب شيء قوله عن هذا الحديث الصحيح بأن شيخه الدكتور محمد عمارة "قد فحص هذا الحديث ووجده حديث آحاد لا يؤخذ به في العقائد، ووجد أن التاريخ يكذبه" (ص28) !! واصفاً إياه بأنه من "أهل الرواية"!
فمتى كان محمد عمارة عالماً من علماء الحديث ؟! وما عهدناه إلا معتزلياً معظماً للعقل على حساب نصوص الوحي التي تشهد كتاباته –هداه الله- بالإعراض عنها، وعدم التضلع منها.
3-العوا والكفار:
أ-الكفار مساوون للمسلمين عنده ! :
يقول العوا: "المساوة بين الناس أصلها بالخلقة وليس بالدين"(16)
ب-إلغاء عقد "الذمة" واستبداله بالمواطنة !
يقول العوا : "إن عقد الذمة الذي بسببه تثور جميع المشاكل انتهى، انتهى العقد وانقضى بموت أطرافه. الدولة الإسلامية احتُلت وانهدمت، ولم يعد هناك دولة إسلامية، والأطراف الذين أبرموا هذا العقد لم يعودوا موجودين. والعقد هذا هو كأي عقد في الدنيا إذا مات أطرافه وقضوا انقضى. الآن أصبح الجميع في وضع جديد هو وضع المواطنة"(17) ! فانظر –رعاك الله- ضحالة الحجة من هذا العصراني المستكبر. وعقد الذمة –كما سبق في الرد على فهمي هويدي- حكم شرعي ثابت بنصوص الوحي لا يجحده وينكره ويتبرأ منه إلا من اتبع هواه وكره ما أنزل الله.
ج-منع الكفار من الزواج بالمسلمات هو من البر بهم –عند العوا-!!(38/6)
يقول العوا: "منع زواجهم من نسائنا اتخذ براً ورأفة بهم؛ لأن زوج المرأة واجبه أن يأخذها إلى مكان عبادتها.. فبرًا به ورأفة ورحمة منعه الله من زواجها"(18)!!! وهذا من التقول على الله –عز وجل- والتلاعب بشرعه؛ لأجل إرضاء إخوان القردة والخنازير وعباد الصليب، وخجلاً من أن يجهر بالحق الذي يعرفه؛ ليحق فيه قوله تعالى (لا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون). وإلا فهو يعلم أن سبب منعهم من الزواج بالمسلمات هو صيانة المسلمة أن يعلوها العلج الكافر، ويستولدها كفارًا مثله، ويفتنها عن دينها. وفيه من الاحتقار للكفار (شر البرية) ما فيه مما لا يريد العوا الإعتراف به.
د-يؤلف العوا كتاباً بعنوان "الأقباط والإسلام" :
يقدم فيه تنازلات عديدة ويحرف نصوصاً شرعية كثيرة؛ لعله بذلك يرضي عباد الصليب ويطمئنهم أن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون! وكأن هؤلاء النصارى لم يعيشوا أكثر من ألف عام تحت ولاية الدولة الإسلامية آمنين مطمئنين،لم تصبهم نكبات أو اضطهادات. وإن وقع ظلم عليهم من بعض الجهلة فهو كالظلم الذي يقع بين المسلمين أنفسهم؛ لا يقره الإسلام ولا يرضى به.
ومن انحرافاته في هذا الكتاب :
أ-وصفه للنصارى بأنهم "إخوانه" ! (ص 18). ومعلوم لكل مسلم أنه لا أخوة بين المسلم والكافر –كما سبق في الرد على هويدي-.
ب-إلغاؤه للجزية ! (ص 40). يقول العوا : "إن غير المسلمين من المواطنين الذين يؤدون واجب الجندية؛ ويسهمون في حماية دار الإسلام لا تجب الجزية عليهم".
ج-تمدحه بأن المصريين (مسلمهم وكافرهم) لا فرق بينهم ولا تمايز! وأنهم "شعب واحد، وعنصر واحد، وأمة مصرية واحدة"! (ص11). وهذا من الوطنية الضيقة التي ينادي بها هؤلاء العصرانيون في مقابل تهميشهم للإسلام وللأمة الإسلامية التي شرفت وكرمت بحملها لهذا الدين.(38/7)
د-تحريفه لآيات الولاء والبراء؛ فهو عندما ذكر شيئاً منها لا يؤيد رأيه وإخوانه العصرانيين في تذويبهم للفروق بين المسلمين والكفار، كرَّ على هذه الآيات بالتأويل الباطل وحرفها لتتوافق مع هواه .
يقول العوا: "فالنهي ليس عن اتخاذ المخالفين في الدين أولياء بوصفهم شركاء وطن أو جيران دار أو زملاء حياة، وإنما هو عن توليهم بوصفهم جماعة معادية للمسلمين تتخذ من تميزها الديني لواء تستجمع به قوى المناوءة للمسلمين، والمحادة لله ورسوله" (ص 33). فهو قد جعل علة البراءة من الكفار تحزبهم ضد المسلمين ومحاربتهم. أما غيرهم من الكفار فيجوز لنا "موالاتهم" عنده وكل هذا لتسلم له موالاة إخوانه النصارى في مصر!
فهو لم يفرق بين "الموالاة" التي لا تجوز لجميع الكفار للنصوص الصريحة من الكتاب والسنة التي تنهى عن هذا الفعل الشنيع الذي يقدح في إيمان المرء المسلم(19) وبين "البر" و"القسط" الذي يكون لغير المعتدين منهم، وهو الوارد في قوله تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ويخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم). وهذا "البر" و"القسط" لا ينافي معاداتهم لأجل كفرهم. وعدم موالاتهم؛ –كما سبق-
هـ-يردد الدكتور العوا –هداه الله- في كتابه ما يردده العصرانيون من أن للكفار ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين. (ص44) (20). وهذا خلاف دين الإسلام –كما سبق بيانه-.
لماذا تميع الدكتور العوا في موضوع "أهل الذمة" ؟!(38/8)
يقول الدكتور بعد أن طالب بإلغاء كثير من الأحكام المتعلقة بأهل الذمة –وقد مضى شيء منها- قال الدكتور: "هذا الحل يرفع عن كاهل المشرع المسلم المعاصر كثيراً من الحرج الدولي والسياسي والاجتماعي"(21) فالهدف من تقديم هذه التنازلات هو ضغط الواقع والحرج والإنكسار أمام الكفار الذين لن يرضيهم ما جاء في الكتاب والسنة من أحكام شرعية، فلهذا يحاول العوا وإخوانه لأجل إرضائهم والظهور أمامهم بمظهر "المتمدن"! –زعموا- أن يتنصل من أحكام دينه ويخفيها أو يلبسها بالباطل؛ ليصدق فيه قوله تعالى: (لا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون) وقوله (فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم) وقوله : (ودوا لو تدهن) وأوجه نصيحة إلى العوا ومن معه: هي قوله تعالى: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم). فهم لن يرضوا عنك مهما قدمت لهم من التنازلات إلا أن تتنصر، ولا أظنك فاعلاً –إن شاء الله-. ولذا: انج بدينك ولا توهنه أو تثلمه بهذه التنازلات الخطيرة التي لن تؤدي إلى نتيجة (دنيوية)، فضلاً عن تعريضها للمتنازل لعذاب الله.
4-موقف العوا من قضايا المرأة :
لقد اختصر لنا العوا رأيه في قضايا المرأة بجملة واحدة، وهي أنه على طريقة شيخيه الغزالي(22) والقرضاوي! يقول العوا: "في كل القضايا المتعلقة بالمرأة المسلمة أنا منظم انضماماً تاماً لرأي العالمين الجليلين الدكتور يوسف القرضاوي وفضيلة الشيخ محمد الغزالي"(23)، فعلى هذا القول الصريح يلحقه ما يلحق شيخيه من انحرافات في قضايا المرأة؛ كقولهما بجواز سفورها، واختلاطها، ومصافحتها للأجانب، وسفرها لوحدها، وتمثيلها، وغنائها، وانشغالها بقضايا السياسة ... الخ(24)
ومن أقوال وآراء العوا المؤكدة لهذا الأمر:
- "أنا من الذين قالوا منذ زمن ولا زلت أقول إنه لا يجوز الحجر على المرأة عن أي عمل كان"(25) وتأمل "أي عمل" !(38/9)
- يجيز الدكتور للمرأة أن تكون "رئيسة للدولة الإسلامية"(26)! مخالفاً قوله صلى الله عليه وسلم "ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" رواه البخاري.
1- وكشأن أسلافه العصرانيين فإن العوا يمجد الديمقراطية الغربية:
ويرى أنها الحل الأمثل للمسلمين! ويُلبس على الناس بأنها لا تختلف عن مبدأ الشورى في الإسلام!
وقد صرح بهذا في بحثه المعنون بـ"العرب والشورى بعد أزمة الخليج" (ص68-69) (27).
____________________________
(1) ... في رسالة : "الموقف المعاصر من المنهج السلفي في البلاد العربية"، (ص 256-259).
(2) ... صحيح مسلم بشرح النووي، كتاب (الفضائل)، باب (وجوب امتثال ما قاله شرعاً دون ما ذكره صلى الله عليه سولم من معايش الدنيا على سبيل الرأي) جـ15/ص 117.
(3) ... بحث (السنة التشريعية وغير التشريعية)، مجلة (المسلم المعاصر)، العدد الافتتاحي الصادر في شوال 1394هـ/ نوفمبر 1974م ص 33.
(4) ... انظر: المرجع السابق ص 34-37.
(5) ... المرجع السابق ص 37.
(6) ... رواه البخاري في صحيحه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في كتاب (اللباس) الباب (64) الحديث رقم (5892) ج10/349. ورواه مسلم في صحيحه في كتاب (الطهارة)، باب (خصال الفطرة) ج3/ ص 147.
(7) ... رواه البخاري في صحيحه في كتاب (الأنبياء)، الباب (50)، الحديث رقم (3462) ج6/ص496. ورواه مسلم في صحيحه في كتاب (اللباس والزينة) باب (استحباب خضاب الشيب بصفرة أو حمرة) ج14/ص79-80.
(8) ... بحث (السنة التشريعية وغير التشريعية) ص 38.
(9) ... انظر: المرجع السابق ص 41.
(10) ... في أصول النظام الجنائي الإسلامي ص 137، ط عام 1979م، دار المعارف – القاهرة.
(11) ... المرجع السابق ص 155.(38/10)
(12) ... قال ابن قدامة –رحمه الله- في المغني (8/123): "وأجمع أهل العلم على وجوب قتل المرتد". وقال ابن عبد البر –رحمه الله- في التمهيد (5/318) بعد أن ساق الأحاديث في وجوب قتل المرتد: "فالقتل بالردة –على ما ذكرنا- لا خلاف بين المسلمين فيه".
(13) ... انظر رسالة: "واعتصموا بحبل الله جميعاً" للشيخ عبد الله الجار الله –رحمه الله-.
(14) ... إضافة إلى رضاه باختلاف أهل الإسلام مع غيرهم من أهل الأديان والنحل الباطلة!
(15) ... حديث صحيح. انظر تخريجه في السلسلة الصحيحة للشيخ الألباني –رحمه الله- (حديث 203-204). ورسالة : "نصح الأمة في فهم أحاديث افتراق الأمة" للشيخ سليم الهلالي.
(16) ... مقابلة مع مجلة المنطلق، العدد 116.
(17) ... السابق .
(18) ... السابق.
(19) ... انظرها في رسالة : "الموالاة والمعاداة "للشيخ محماس الجلعود. ورسالة: "الولاء والبراء" للدكتور محمد بن سعيد القحطاني.
(20) ... وقال مثل هذا في كتابه: "في النظام السياسي للدولة الإسلامية، ص 54.
(21) ... صحيفة المدينة والشورى النبوية، جزء من وقائع ندوة النظم الإسلامية؛ إصدار مكتب التربية لدول الخليج العربي، ص 65.
(22) ... يسميه العوا "حجة الإسلام" ! كما في كتابه "أزمة المؤسسة الدينية" ، ص 36.
(23) ... مجلة الاقتصاد الإسلامي، العدد 144 ومن الطريف أن هذا القول مخالف لإدعاء العوا أنه لا يرى تقليد العلماء بل يأخذ من حيث أخذوا ! ويطالب المسلمين بهذا! (انظر: دراسات تربوية، العدد 54، ص 55).
(24) ... لمعرفة أقوال القرضاوي والغزالي في هذه القضية انظر ما صدر من ردود عليهما؛ وهي كثيرة مشهورة. ولا فرق لمن تأمل بين آراء هذا التيار العصراني بقيادة شيخيه القرضاوي والغزالي وبين آراء التيار العلماني. فالهدف واحد وهو "تحرير" المرأة المسلمة من شريعة ربها. انظر "العصرانية قنطرة العلمانية" لكاتب هذا البحث.
(25) ... مجلة المنطلق ، العدد 116.
(26) ... السابق .(38/11)
(27) ... البحث منشور في كتاب "أزمة الخليج وتداعياتها على الوطن العربي" إصدار مركز دراسات الوحدة العربية.(38/12)
::::: المجموعة السادسة :::::
نظرة شرعية في فكر طارق البشري
ترجمته(1) :
- هو طارق عبد الفتاح سليم البشري، ولد بالقاهرة عام 1352هـ-1933م.
- حصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة سنة 1953م.
- عمل قاضياً بالقانون الوضعي !! بمجلس الدولة سنة 1954م. ثم مستشاراً بالمجلس سنة 1975م، ثم نائباً لرئيس المجلس سنة 1985م إلى أن تقاعد سنة 1998م.
- رئيس إدارة الفتوى بالعديد من الوزارات، ومستشار قانوني لعدد من الوزارات والمراكز .
- عضو مجالس الوزارات والعديد من الهيئات العامة .
- له عدد من المؤلفات منها :
1- الحركة السياسية في مصر 1945-1952م صدر سنة 1972م.
2- الديمقراطية والناصرية، صدر 1975م.
3- سعد زغلول يفاوض الاستعمار: دراسة في المفاوضات المصرية- البريطانية 20-1924، صدر سنة 1977م.
4- المسلمون والأقباط في إطار الجماعة الوطنية، صدر سنة 1981م.
5- الديمقراطية ونظام 23 يوليو 1952-1970، صدر سنة 1987م.
6- دراسات في الديمقراطية المصرية، صدر سنة 1987م.
7- بين الإسلام والعروبة – القسم الأول، صدر سنة 1988م.
8- بين الإسلام والعروبة – القسم الثاني، صدر سنة 1988م.
9- "بتحرير ومشاركة" في منهج الثقافة الإسلامية بجامعة الخليج العربي وحمل عنوان: "نحو وعي إسلامي بالتحديات المعاصرة"، وصدر سنة 1988م.
10- منهج النظر في النظم السياسية المعاصرة لبلدان العالم الإسلامي، صدر سنة 1990م.
11- مشكلتان وقراءة فيهما، صدر سنة 1992م.
12- شخصيات تاريخية، صدر سنة 1996م.
- سلسلة "في المسألة الإسلامية المعاصرة" وابتدأ صدروها في سنة 1996 وتضم الكتب التالية:
1- ماهية المعاصرة .
2- الحوار الإسلامي العلماني.
3- الملامح العامة للفكر السياسي الإسلامي في التاريخ المعاصر.
4- الوضع القانوني المعاصر بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي.
ما قيل عنه :(39/1)
قال عنه رضوان السيد: "أذكر من المتحولين إلى الفكر الإسلامي نماذج مشرفة مثل أحمد كمال أبو المجد وطارق البشري؛ فالأول مع أنه بدأ إخوانياً لكنه صار في مرحلة من عمره ناصرياً اشتراكياً. ثم عاد إلى موقعه إسلامياً. والآخر كان يسارياً ثم تحول إلى إسلامي"(2).
وقال عنه الدكتور أيمن الظواهري: "طارق البشري كاتب وطني أميل إلى تيار اليسار"(3).
وقال عنه غالي شكري: "أحد أبرز المؤرخين التقدميين المصريين"(4).
قلت: كان طارق البشري مفكرًا وكاتباً يسارياً مع تمجيد كبير للقومية العربية (بصورتها الناصرية)، ثم تحول إلى الاتجاه الإسلامي ضمن من تحولوا من القوميين واليساريين بعد نكسة 67م إلا أنهم –كما سبق في المقدمة- لم يتخلوا وينخلعوا من إرثهم اليساري ويتوبوا إلى الله توبة نصوصاً تحملهم على نبذ كل ما يخالف الإسلام من عقائد وتصورات. بل بقيت معهم "رواسب" يسارية جعلتهم ينتقون من الإسلام ما يوافقها ويسير معها، مشكلين بذلك ما يسمى "اليسار الإسلامي" أو "الفكر الإسلامي المستنير"، محدثين في صفوف أهل الإسلام شرخاً وانقساماً بسبب صنيعهم هذا حيث لم يرتضوا الدخول في السلم كافة.(39/2)
يقول محمد عمارة مؤكدًا هذا: "لقاؤنا –أي هو والبشري- بدأ كما قلت قبل ثلاثة عقود تقريباً من مرحلة السبعينات، وكان لنا لقاء فكري نجتمع خلاله في بيوتنا. وكان محرك هذا اللقاء وهذه الجماعة الفكرية هو عادل حسين. حتى إن البعض أطلق عليه لقبه أمير الجماعة الذي يجمع الجماعة وينظم الاجتماعات. وسرنا في هذه المرحلة ونحن نعاني معاناة شديدة؛ لأننا كنا آنذاك نناقش هموم هذه الأمة التي تناوشها تحديات من الداخل والخارج. وكانت مرحلة من الإنضاج ومن التطور الفكري ومن التحولات في الرؤى والأفكار. أتصور أنه عندما يُكتب سيشار إليها وإلى أبعادها حتى خارج مصر؛ لأن هذا التجمع صار يمثل تيارًا فكرياً تجديدياً. وبالمناسبة: أطلق علينا الماركسيون نحن الثلاثة لقب "التراثيون الجدد"، ولو أنصفوا لقالوا: التراثيون المجددون وليس التراثيون الجدد"(5).
-من يتأمل كتابات طارق البشري يجد أن كثيراً منها يبحث في المسائل التاريخية للحركة السياسية المصرية من وطنية وقومية وإسلامية، وقلة منها التي تبحث في قضايا الشريعة، والذي يظهر لي أن البشري قد اكتفى في هذا بكتابات واجتهادات من يثق بهم من الشيوخ المتنورين الذين لهم باع طويل في العلم الشرعي يجعلهم أقدر منه على طرق تلك القضايا. فهو يذكرني بصنيع صاحبه فهمي هويدي الذي هو مجرد تابع لشيخه الغزالي والقرضاوي. والبشري مثله في هذا الأمر حيث يكتفي عند طرق قضية شرعية ما بالنقل عن شيوخه الذين يعظم أقوالهم وعلى رأسهم الغزالي والقرضاوي، دون أن يكون له رأي مستقل واضح.
يقول البشري عند الحديث عن اجتهادات علماء المسلمين في المسائل الشائكة؛ كمسائل أهل الذمة وغيرها:(39/3)
"لنا أن نشير هنا إلى الجهود الفقهية الكبيرة التي قام بها مفكرون وفقهاء مصريون خلال السنوات الماضية؛ ومنها جهود الشيخ القرضاوي والشيخ الغزالي والدكتور فتحي عثمان والأستاذ فهمي هويدي والدكتور محمد سليم العوا"(6) وجميع هؤلاء على مشربة –كما هو معلوم-.
ويقول الدكتور إبراهيم البيومي غانم :
"صاحب الأثر في أستاذنا طارق البشري هو الشيخ محمد الغزالي" فكان يقول عنه "هذا شيخي وشيخنا"(7).
قلت: ولهذا رثاه بمقال نشره في مجلة "المسلم المعاصر" (العدد 81) تحت عنوان "الراحلون إلينا" ووصفه بأنه شيخه.
انحرافاته :
لهذا كله فقد جاءت انحرافات البشري تبعاً لانحرافات شيوخه العصرانيين في القضايا المشهورة التي كان لهم فيها اجتهادات شاذة .
فعلى سبيل المثال:
1-ينقل البشري عن شيخه الغزالي قوله في قضية أهل الذمة: "قد أجمع فقهاء الإسلام على أن قاعدة المعاملة بين المسلمين ومسالميهم من اليهود والنصارى تقوم على مبدأ (لهم ما لنا وعليهم ما علينا)" (8)!!
وهذه من أكاذيب الغزالي! فليس هناك إجماع ولا هم يحزنون، وقد سبق عند الرد على فهمي هويدي بيان بطلان هذا المبدأ الضال.
2-وينقل عنه –أيضاً- ناقضاً مبدأ الولاء والبراء ومحرفاً للأدلة الشرعية الواردة فيه: "إن الآيات التي وردت بالقرآن الكريم تمنع اتخاذ المؤمنين لليهود أو النصارى أو الكافرين أولياء إنما وردت جميعاً في المعتدين على الإسلام والمحاربين لأهله.." (9)
ثم يؤكد هذا بقوله: "إن مبدأ المساواة القانونية والتواد الاجتماعي مقرر، تسبغ به صفة المواطنة على غير المسلمين"(10).
- بل يزيد : "إن غير المسلم يستطيع تولي كل الوزارات، ويستطيع تولي القضاء، بل ويستطيع تولي رئاسة الجمهورية"(11)!(39/4)
ويكتب بحثاً بعنوان "أحكام الولاية العامة لغير المسلمين"(12) يورد فيه الشبهات التي يراها تؤيد رأيه الشاذ هذا. ملخصها كما يقول: "لقد غدت الغلبة العددية للمسلمين في بلادهم، ولم يعد ثمة موجب للخشية على إسلام المسلم من مساهمة غير المسلمين مع المسلمين في الشؤن العامة"!!
وكأن المانع من توليتهم هو الخوف على إسلام المسلمين، وليس اتباع النصوص الشرعية التي تحذر من هذا الأمر الشنيع الذي يعلم الله ضرره على دولة الإسلام. ولهذا أكد هذا التحذير في آيات كثيرة؛ يأتي في مقدمتها قوله تعالى: (ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً ... ) الآية. قال ابن كثير –رحمه الله- في تفسيرها: "أي من غيركم من أهل الأديان" وقال -بعد أن ذكر أثر عمر في عدم توليتهم الكتابة-: "ففي هذا الأثر مع هذه الآية دليل على أن أهل الذمة لا يجوز استعمالهم في الكتابة التي فيها استطالة على المسلمين واطلاع على دواخل أمورهم التي يُخشى أن يفشوها إلى الأعداء من أهل الحرب".
وشاهد هذا في تاريخ المسلمين كثير، فلا تكاد تجد دولة إسلامية استعانت بهؤلاء اليهود والنصارى في تدبير أمورها إلا كان عاقبة أمرها خسرا، والدكتور البشري لا شك خبير بما صنعه من تولى من النصارى بعض شئون البلاد المصرية عندما احتل نابليون مصر، حيث قلبوا ظهر المجن للمسلمين وأصبحوا عضدًا ونصيراً لإخوانهم في الملة ضد "مواطنيهم"! فكيف يقال بعد هذا بجواز توليتهم الوزارات والقضاء، بل رئاسة الدولة الإسلامية!!! إنَّ هذا لهو الضلال المبين.(39/5)
3-لا يفرق البشري –كغيره من العصرانيين- بين إرادة الله الكونية وإرادته الشرعية، ولهذا يرى أن ما قضاه الله وأراده كوناً فإنه قد أراده شرعاً مما يستلزم محبة ذلك الشيء. ولهذا فهو يرى بأن وجود الفرق في تاريخ المسلمين مصدر فخر ودليل على سماحة الإسلام وقبوله للتعددية! غير مفرق بين "حق" و"باطل" أو "أهل سنة" وغيرهم من أصناف البدع؛ فالجميع سواسية!
يقول البشري مدللاً على سماحة الإسلام!: "إن وجود فرق إسلامية طوال هذا التاريخ، وبقاء الأمة الإسلامية إلى اليوم؛ دليل واضح على نجاح الواقع الإسلامي؛ لأنه استطاع أن يعطي فسحة قوية جدًا وواسعة لوجود تنوع في الرأي بين المسلمين ... "(13).
4-ينقل البشري عن عبد الحميد متولي –مؤيدًا-: "وبالنسبة للإجماع كمصدر للتشريع الإسلامي يلاحظ الدكتور متولي أنه فيما يتعلق بالمسائل الدستورية فإن صدور الإجماع في عصر سابق لا يلزم في عصر لاحق؛ أي لا تكون له حجية شرعية، ولا يعتبر تشريعاً عاماً"(14).
وهذا كلام شنيع ينقض أصول الشريعة؛ وقد بيَّن العلماء أن مخالف الإجماع المعلوم يكفر(15)؛ فكيف بمن اعتقد هذا القول القبيح؟! وانظر للرد على موقف العصرانيين من الإجماع: رسالة "الاتجاه العقلاني لدى المفكرين الإسلاميين المعاصرين" للشيخ سعيد الزهراني، (2/606-617).
ختاماً: أسأل الله أن يهدي هؤلاء العصرانيين إلى التزام الحق، وترك ما هم عليه من انحرافات، وأن يجعل جهودهم مسددة لأعداء الإسلام: من صليبيين ويهود وعلمانيين.. وغيرهم؛ ويصرفهم عن أن يكونوا مطيةً لأولئك الأعداء.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
________________________________
(1) ... استفدتها من الكتاب الصادر بمناسبة إحالته للتقاعد: "طارق البشري، القاضي المفكر"، إعداد الدكتور إبراهيم البيومي غانم. دار الشروق، 1420هـ فمن أراد الزيادة عن حياة الرجل فليرجع إليه.(39/6)
... وكذا من كتاب "الإسلاميون والحوار مع العلمانية والدولة والغرب" لهشام العوضي.
(2) ... العلمانية والممانعة الإسلامية، علي العميم، ص 164.
(3) ... الحصاد المر، ص 176.
(4) ... أقنعة الإرهاب، ص 66.
(5) ... طارق البشري، القاضي المفكر، ص 39.
(6) ... السابق، ص 70.
(7) ... السابق، ص 86.
(8) ... بين الجامعة الدينية والجامعة الوطنية، ص 29.
(9) ... السابق، ص 28.
(10) ... السابق، ص 33.
(11) ... طارق البشري، القاضي والمفكر، ص 37.
(12) ... منشور ضمن كتاب "الشرعية السياسية في الإسلام، مصادرها وضوابطها" إعداد وتحرير: عزام التميمي، نشر: "ليبرتي" للدفاع عن الحريات في العالم الإسلامي!
تنبيه: ... لم يتورط البشري في بحثه السابق فيما تورط فيه غيره من العصرانيين الذين لا يرون كفر اليهود والنصارى!! بل ذكر بعض الآيات الواردة في تكفيرهم، ثم قال: "حكم الله عليهم بالكفر في القرآن، ولا بد أن أطيعه في ذلك ... " ولكنه أكد بأنهم مواطنون يستحقون ما يستحقه المسلم! وكما يقال: بعض الشر أهون من بعض!
(13) ... المجلة العربية، عدد شعبان 1419هـ.
(14) ... بين الجامعة الدينية والجامعة الوطنية..، ص 35.
(15) ... يقول شيخ الإسلام: "الإجماع المعلوم يكفر مخالفه" (الفتاوى 19/270).(39/7)